صحيح أبي داود - الأم

ناصر الدين الألباني

الجزء الأول جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية محفوظة دار غراس- الكويت وشريكهما ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية إلا بموافقة خطيّة من الناشر. الطبعة الأولى 1423 هـ 2002 م الناشر مؤسسة غراس للنشر والتوزيع الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868 الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030 Website: www.Gheras.com E-mail: [email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الناشر الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتم النبيين، وعلى له وصحبه أجمعين. أما بعد؛ فنقدم إلى القراء الكرام نتاجاً جديداً مما خطّته يراعة شيخنا الإمام الحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله؛ ليفيد منه طلبة العلم بعامة، وطلاب الحديث والتخريج والعلل بخاصة؛ وهو كتاب "صحيح سنن أبي داود"- الكتاب الأم- الذي كان شيخنا الوالد رحمه الله يعزو إليه في كتبه المختلفة عند تخريجاته المختصرة. وخير ما نعرّف به الكتاب أن نورد ما قاله عنه الشيخ نفسه في نهاية مقدمة الطبعة الجديدة للمجلد الأول لكتابه "مختصر صحيح البخاري "؛ حيث قال: " ... سيمرُّ بالقارئ الكريم عزوي كثيراً لكتابي "صحيح أبي داود"، وربما أحياناً لقسيمه " ضعيف أبي داود"- بالأرقام طبعاً- لأحاديثهما؛ فليعلم أنني إنما أعني بكل منهما: (الأم) والأصل الذي أخرّج فيهما الأحاديث، وأتكلم على الأسانيد ورجالها؛ تعديلاً وتجريحاً، وتصحيحاً تضعيفا وأتتبع فيهما الطرق في مختلف المصادر، حتى المخطوطات أحياناً؛ على النحو الذي أنهج عليه في "السلسلتين "، وهما المقصودان أيضا في كل كتبي حين العزو إليهما؛ فاقتضى التنبيه ".

وقال رحمه الله في مقدمة "صحيح سنن أبي داود"- كتابه الأخر باختصار السند -، طبعة مكتبة المعارف: " ... وذلك لأن أحاديث "أبي داود " ... ؛ مخرجة تخريجاً علمياً دقيقاً في مشروعي القديم، الذي كنت بدأت فيه من نحو أربعين سنة، وهو "صحيح أبي داود" و "ضعيف أبي داود"، ولا أزال أعمل فيهما على نوبات متفرقة متباطئة، يسر الله لي إتمامها ... ". وقد بدأ الشيخ مشروعه هذا- كما ذَكَرَ- منذ سنين طويلة، وجعله في دفاتر متعددة، وقد وجدنا على الوجه الداخلي لغلاف دفتره الأول ما يشير إلى تاريخ بداية عمله فيه بعبارة مختصرة: " سنة حجتي الأولى (1368) أواخر صفر (1369 هـ) ". وكان يسجل تاريخ انتهائه من بعض دفاتره، أو متابعته للعمل في بعضها الآخر، ولم يكمل تخريج الكتاب كله- " قدر الله وما شاء فعل "-؛ ولذلك لم يكن رحمه الله يعزم على نشره- على أهميته- إلا بعد الانتهاء منه كاملاً؛ فقد وصل في هذا "الصحيح " إلى الحديث (2734) من كتاب "الجنائز"، (25- باب الجلوس عند المصيبة) ، ومن "الضعيف" إلى الحديث (561) من كتاب "الجنائز" أيضا، (29- باب في النوح) . وهذا الكتاب مما يشهد لشيخنا رحمه الله شهادة تامة ببصره النافذ- الناقد- في علم الحديث ورجاله، ونظرته الفاحصة للأسانيد وعللها، وتيحُّره في معرفة الشواهد- مما لا يستطيعه إلا من كَمَلَت- أو أوشكت- معرفته بعلم الحديث رواية ودراية، مع تضلّع بفهم كلمات الأئمة الجهابذه النقاد في الأسانيد والرجال ومرويّاتهم ...

فهاكَه- أخي القارئ! - غضاً طرياً؛ تتنعَّم بالنظر فيه، وتتمتمّع باسْتِكْناهِ ظواهره وخوافيه. واعلم- أخي القارئ! - أن هذا الكتاب من بواكير أعمال الشيخ الحديثية بعد أن اشتدّ عوده- ولا يزال منذ بدأ شديداً- ولم يبرح الشيخ رحمه الله ينقّح فيه ويصحّح، ويزيد وينقص، ويحوّل من "الصحيح " إلى "الضعيف "- وبالعكس-، كما هي عادته- رحمه الله- فيما يجدّ له من مصادر ومراجع؛ ليمشي على الخط الذي رسمه لنفسه في الحياة العلمية- وهو مما تلقاه عن أسلافه الأئمة الفحول-؛ ليقول- لساناً وحالاً-: (العلم لا يقبل الجمود) ! وهذه سكيكة مطروقة، وسبيل معلومة، وجادة مسلوكة؛ تدل على منهجية شيخنا رحمه الله في البحت العلمي النزيه؛ ليحتل بها المكانة المرموقة التي عرفه بها للقاصي والداني، ولله الحمد والمنة. وعليه؛ كان لا بد لنا في أثناء عماضا لإخراج الكتاب من أمور ضرورية لإتمام العمل في أفضل صورة ممكنة، وهي تنطبق على هذا " الصحيح " وعلى "الضعيف " أيضا، وتتلخص فيما يلي: 1- كان الشيخ رحمه الله قد نسق كتابه هذا بشكل مختصر؛ يورد فيه نصّ الحديث في المنن- الأعلى- مختصرا سنده، ثم يضع حكمه الإجمالي بين هلالين: (قلت:........) ، ثم يورد سنده أسفل- في الحاشية-، ثمِ يتكلم عليه بما تقتضيه الصناعة الحديثية؛ فكان أن جعلنا المتن والحاشيه معاَ على نمط "الصحيحة" و "الضعيفة"، وميّزنا- في سبيل تحقيق هذا- نص الحديث في "السنن "، وأقوال أبي داود بالحرف الأسود؛ لأننا

وجدنا هذا النمط بعد التجربة أنفع للقارئ، وأبعد عن تشتيت ذهنه، وأيسر من النواحي الطباعية الفنية. 2- ضبط عناوين الأبواب الفقهية وترقيمها تسلسلياً لكل كتاب فقهي (1) ؛ اعتماداً منا على نسخة الأستاذ عزت عبيد الدعاس؛ لدفتها- أولاً-، وثانياً؛ فإنه تبين لنا لاحقاً أن شيخنا المصنف رحمه الله كان قد اعتمد على النسخة (التازية) في قريب من ثلاثة أرباع عمله في الكتاب، ثم عدل إلى طبعة (الدعاس) ؛ وذلك لأسباب شرحها فيما يأتي، تحت الحديث (2270) . ثم أدرجنا الأبواب التي كان الشيخ رحمه الله قد حذفها لعدم وجود حديث تحتها على شرطه في هذا الكتاب، وقد كان هذا هو منهجه قديماً؛ إلا أنه عدل عنه أخيراً، وفي ذلك فوائد عدة لا تخفى؛ كما فعل في كتابه "صحيح الترغيب والترهيب " و "ضعيفه "، انظر مثلاً (10- باب الخاتم يكون فيه ذكر الله..) ، و (19- الاستتار في الخلاء) من "كتاب الطهارة"؛ فهما محذوفان في أصل الشيخ "الصحيح " هذا مع أحاديثهما؛ لأنهما ليسا على شرطه فيه، بل هما من شرطه في "الضعيف ". 3- اعتمدنا الترقيم الأصلي للشيخ رحمه الله بما فيه من تكرار في الموضع، أو نقص، وضبطنا العزو من الكتاب- وإليه- نفسه، وكذلك بين الكتابين " الصحيح " و " الضعيف ". ومن الضروري هنا أن نشير إلى أن الشيخ نفسه قد عدّل ترقيمه الخاص؛ تبعاً لما حذف أو أضاف من الأحاديث؛ مما أحدث فارقاً بين الترقيم الجديد

_ (1) بدءاً من (باب 148/كتاب الصلاة/المجلد الرابع) ، ولم يمكن تدارك ما قبله بعد ان تم إعداد المجلدات الثلاثة السابقة.

والقديم يقل أو يزيد، لكنه ظل يعزو غالباً إلى ترقيمه القديم؛ فليكن القارئ من هذا على ذُكْرِ حين يعزو الشيخ من كتبه الأخرى إلى هنا، وليتبعْ ما يتيسّر له من الوسائل الأَخرى للوصول إلى بغيته إن لم يهتدِ إليه. 4- يعزو الشيخ أحياناً إلى أحاديث في هذا الكتاب لم يَصِلْ بعدُ إلى تخريجها وتحقيقها، فيترك مكان أرقامها فارغاً ( ... ) ، لإثباتها حين الوصول إليها، فهذه تركناها كما هي مع الإشارة أحياناً إلى ما يساعد القارئ للاهتداء إلى الأحاديث القصودة بين معقوفتين [] ؛ كذكر الباب مثلاً أو ما شابه، انظر مثلاً (ص 62) . 5- نصوص الأحاديث تركناها كما هي عند الشيخ رحمه الله؛ إلا ما لا بُدَّ منه- من طبيعة البشر- من سبق قلم أو نحوه. 6- الأحاديث التي أشار الشيخ رحمه الله إلى نقلها من "الصحيح " إلى "الضعيف " أو العكس، قمنا بنقلها، وأشرنا إلى ذلك في الحاشية، ووضعنا لها رقماً مكرراً ملحقاً بـ (/م) . مثال الحديث (11/م) . وأخيراً؛ نرجو الله تبارك وتعالى أن يتقبّل منا عملنا، ويغفر لنا زلاتِنا، ونسأله- سبحانه- أن يجزي خيراً كل من أسْهَم معنا في إخراج هذا الكتاب القيم إلى حيّز الوجود؛ بجهد أو فكرة أو دلالة ذيلت باسم (الناشر) ، ويجزي والدنا الشيخ رحمه الله تعالى عنا وعن المسلمين جميعاً خير الجزاء، ويرحمه رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. 26 شوال 1422 هـ - الموافق 1/10/2002 م الناشر

المقدمة الحمد لله رب العالين، وصلى الله تعالى على رسولنا ونبينا محمد، وعلى له وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد اشتهر بين الشتغلين بعلم السئة أنّ الأحاديث الواردة في "سن أبي داود"، وسكت عنها، ولم يتكلم بشيء من الجرح عليها؛ أنها صالحة للاحتجاج بها والاعتماد عليها، والسبب في ذلك هو أبو داود نفسه رحمه الله، حيث وردت عنه جمل وعبارات يستفاد هذا من ظاهرها، بل بعضها نص في ذلك، وقد اجتمع لدي منها أربع عبارات أنا ذاكرها الآن، ثمّ أتكلم عليها بما ظهر لي من الحق فيها، وأدعم ذلك ببعض النقول عن بعض الأئمة الفحول، وعي هذه: (1) قال أبو داود في رسالته الشهورة (1) إلى أهل مكة: " وليس في كتاب "السنن " الذي صنفته رجل متروك الحديث، وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر، وليس على نحوه في الباب غيره "، ثمّ قال: " وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح، وبعضها أصح من بعض ". (2) وعنه أنه قال:

_ (1) يوجد منها نسخة خطية في المكتبة الظاهرية تحت رقم (348- حديث) ، وروى قسما منها الحافط الحازمي في "شروط الأئمة الخمسة" (ص 53- 55) ، وفي النسخة المشار إليها جملة فيما نقلناه عنها لم يظهر لي المراد منها، وهي: " فقد بينته؛ ومنه ما لا يصح سنده] ما لم اذكر فيه ... " إلخ! ولم أجد من ذكرها أيضا فيما نقلوه من الرسالة؛ فتأمل

" كتبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسمائة ألف حديث؛ انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب- يعني: كتاب "السنن "- جمعت فيه أربعة آلاف حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه وما يقاربه " (1) . (3) وروي عنه أنه " يذكر في كل باب أصح ما عرفه فيه " (2) . (4) ويروى عنه أنه قال: " وما سكتَّ عنه؛ فهو حسن " (2) . فالرواية الأخيرة- إن صحت- صريحة فيما اشتهر من الاحتجاج بما سكت عنه، أما الروايتان قبلها؛ فلا تتعرضان لهذه المسألة ببيان، غير أن الثانية قد تشعر بما أفادته هذه الأخيرة؛ لأنّ ما يشبه الصحيح ويقاربه إنما هو الحسن، وما يتكلم عليه وئعله ليس منه كما لا يخفى.

_ (1) رواه الخطيب البغدادي في ترجمة أبي داود من "تاريخمه (9/57) قال: " حدثني أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم للقاري الدينوري- بلفظه- قال: سمعت أبا الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن الفرضي: سمعت أبا بكر بن داسة يقول: سمعت أبا داود يقول: ... " فذكره. وهذا إسناد صحيح: أبو بكر محمد بن علي القاري وأبو الحسين محمد بن عبد الله الفرضي ثقتان ترجمهما الخطيب في "تاريخه "، فقال في الأول منهما (3/106) : " كتبت عنه شيئاً يسيرأ، وكان رجلأ صالحاً ورعاً، كتب معنا الحديث، مات سنة (449) ". وقال في الآخر (5/472) : " كان ثقة، وانتهى إليه قسمة الفرائض والمواريث، فلم يكن في وقته أعلم بذلك منه، وصنف فيه كتبا ًاشتهرت ... مات سنة (402) ". وأما أبو بكر بن دامة؛ فهو أحد رواة "السنن " عن أبي داود رحمه الله (2) أوردهما ابن كثير في "اختصارعلوم الحديث " (ص 30) هكلذا بصيغة التمريض " ويروى "، والثالث ذكره ابن الصلاح أيضأ.

وأمّا الرواية الأولى فمفهوم قوله: " وهن شديد "؛ أنه لا يبين ما فيه وهن غير شديد، وحينئذ ينبغي التوفيق بين هذا المفهوم إذا كان مراداً، وبين صريح قوله: " وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح ": فإما أن يقال: إنّ هذا المفهوم لا اعتداد به؛ لمخالفته لهذا المنطوق! وهذا عندنا- هنا- ضعيف مرجوح، وذلك لإمكان التوفيق بينهما، وهو أن يقال: إن الصالح عند أبي داود يشمل الحديث الضعيف الذي لم يشتد ضعفه، وعليه فلا تعارض بين المنطوق والمفهوم، وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس، وينشرح له الصدر بعد طول تفكر وتدبر، وهو الذي جنح إليه الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله حيث قال (1) : " ولفظ (صالح) في كلامه؛ أعم من أن يكون للاحتجاج أو للاعتبار، فما ارتقى إلى الحسن ثم إلى الصحيح؛ فهو بالمعنى الأول (الاحتجاج) ، وما عداهما؛ فهو المعنى الثاني (الاعتبار) ، وما قصر عن ذلك فهو ما فيه وهن شديد".

_ (1) نقله الشيخ منصور علي ناصف في "التاج الجامع للأصول " (ص 7) ثم أتبعه بقوله: " وسأتبع ذلك في بيان درجة ما رواه بقولي: بسند صالح ". قلت: وعلى ذلك جرى في كتابه هذا، فكلما ذكر فيه: " رواه أبو داود "؛ علق عليه في التعليق بقوله: " بسند صالح "، وقد سبقه بلى هذا بعض المتقدمين كما قال الحافظ العراقي في "شرح المقدمة" لابن الصلاح ما نصه (ص 39) : " وهكذا رأيت الحافظ أبا عبد الله بن المَهاق يفعل في كتابه "بغية النقاد"؛ يقول في الحديث الذي سكت عليه أبو داود: " هذا حديث صالح " ... " ا! وهذا عمل منهما غير صالح؛ لما ذكرنا في الأصل. وليت صاحب "التاج " اقتصر على هذا، ولكنه لم يفعل؛ بل هو يسكت عن احاديث يعزوها بلى أبي داود، وقد صرح هو بتضعيفها في "سننه "! انظر الحديث رقم (،) وله في هذا للكتاب خطيآت كثيرة اخرى قد بينتها في كتابي " نقد التاج " مفصلاً، وأجملتها في مقدمته؛ وعندي منه نقد الأول منه فقط، ولما يَتَسَن لي نشره بعد.

وهذا تحقيق بدبع من الحافظ رحمه الله؛ والنقد العلمي الحديثي الصحيح يشهد بوجود هذه الأنواغ الأربعة في "السنن "، ومنها أحاديث واهية السند ظاهرة الضعف يسكت عليها أبو داود، حتى إن النووي رحمه الله يقول في بعضها (1) ؟ " وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر ". وقال المنذري في مقدمة كتا به "الترغيب والترهيب " (1/8) : " وأنبّه على كثير مما حضرني حال الإملاء مما تساهل أبو داود رحمه الله في السكوت عن تضعيفه "، ثمّ قال: " وكل حديث عزوته إلى أبي داود وسكتًّ عنه؛ فهو كما ذكر أبو داود، ولا ينزل عن درجة الحسن، وقد يكون على شرط الشيخين أو أحدهما " (2) . وعلى هذا؛ فليس يظهر صواباً قول الحافظ ابن الصلاح في "المقدمة"- بعد أن ذكر الروايات الثلاث الأُوَلَ- ما نصه: " فعلى هذا؛ ما وجدناه في كتابه مذكوراً مطلقاً وليس في واحد من "الصحيحين " ولا نص على صحته

_ (1) هو الحديث الأول من أحاديث "أبي داود" الضعيفة، فراجعه في كتابنا. (2) نقل الشيخ علي القاري في "المرقاة" (1/22) عن المنذري أنه قال: " ما سكت عليه لا ينزل عن درجة الحسن "، فهذا إن كان من مصدر آخر فلا كلام، وإن كان اختصر كلامه الذي نقلناه عن "الترغيب "؛ فهو اختصار مخل؛ لأنه أطلق، بينما هو في الأصل مقيد. ثم إن في قود المنذري رحمه الله: " عدى كثير " إشارة إلى أنه لم ينبه على كل ما تساهل فيه أبو داود رحمه الله، وهو كذلك كما بينته في كتابي "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب ". ومن الأمثلة في ذلك حديث ابن عمر (ص 31 رقم 3) وحديث علي (ص 91 رقم 2) من الطبعة المنيرية.

أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن؛ عرفناه بأنه من الحسن عند أبي داود، وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند غيره؛ ولا مندرج فيما حققنا ضبط الحسن به على ماسبق " (1) . وليس لدينا من أقوال أبي داود في هذه المسألة ما يشهد لما ذهب إليه؛ إلا الرواية الأخيرة عنه على جهلنا بصحتها عنه، حتى إن ابن الصلاح- نفسه- أعرض عن ذكرها في كتابه، والظاهر أنه اعتمد على منطوق قوله: " فهو صالح "، ولم يلتفت إلى المفهوم السابق الذكر؛ وهذا منه غير جيد؛ لما أسلفنا، ولما نقله هو- نفسه- عن الحافظ ابن منده أنه قال: " كان أبو داود يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره؛ لأنه أقوى عنده من رأي الرجال ". ولذلك؛ فقد رد على ابن الصلاحِ غير ما واحد من العلماء المحققين، فقال ابن كثير الدمشقي في "مختصره" ردا عليه:

_ (1) في هذا الكلام إشارة إلى ما نقله العراقي وغيره عنه- أعني: ابن الصلاح- أنه لا يجوز للمتأخرين الإقدام على الحكم بصحة حديث لم يصححه أحد من المتقدمين؛ لأن هذا اجتهاد؛ وهو- بزعمه- قد انقطع منذ قرون، كما زعموا مثل ذلك في الفقه أيضا! وليت شعري لمَ ألف هو وغيره في أصول الحديث؟! ولم أئفوا في أصول الفقه؟! للتسلية والفرجة وتضييع الَوقت؟! أم للعمل بمقتضاها وربط الفروع بأصولها؟! وهذا يستلزم الاجتهاد الذي أنكروه؟! ونحمد الله تعالى أننا لا نُعْدَمُ في كل عصر من علماء يردون أمثال هذه الزلات من مثل هذا العالم، وقد رد عليه الحافظ ابن حجر، وشيخه العراقي في شرحه عليه وغيرهما، كالسيوطي في " ألفبته". فقال بعد أن ذكر رأي ابن الصلاح في أحاديث "المستدرك ": جرياً على امتناع أن يصححا ... في عصرناكما إليه جنحا وغيره جوزه وهو الأبر ... فاحكم هنا بماله أذى للنظر

" قلت: الروايات عن أبي داود بكتابه "السنن " كثيرة جدّاً، ويوجد في بعضها من الكلام- بل والأحاديث- ما ليس في الأخرى، ولأبي عبيد الآجري عنه أسئلة- في الجرح والتعديل، والتصحيح والتعليل- كتاب مفيد، ومن ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في "سننه " فقوله: " وما سكت عليه فهو حسن "؛ مما ينبغي التنبيه عليه والتيقظ له ". وقال المناوي في "الفيض "- بعد أن نقل عن أبي داود الرواية الأولى-: " قال الذهبي: قد وفَّى؛ فإنه بيّن الضعيف الظاهر (1) وسكت عن المحتمل، فما سكت عنه لا يكون حسناً عنده ولا بد- كما زعمه ابن الصلاح وغيره-؛ بل قد يكون فيه ضعف. وهذا قد سبقه إليه ابن منده حيث قال ... (قلت: فذكر ما نقلناه عنه آنفاً ثمّ قال) . قال ابن عبد الهادي: هذا رد على من يقول: إن ما سكت عليه أبو داود يحتح به ومحكوم عليه بأنه حسن عنده، والذي يظهر أن ما سكت عنه- وليس في "الصحيحين "- ينقسم إلى صحيح محتج به، وضعيف غير محتج به بمفرده، ومتوسط بينهما، فما في "سننه " ستة أقسام أو ثمانية: صحيح لذاته، صحيح لغيره بلا وهن فيهما، ما به وهن شديد، ما به وهن غير شديد، وهذان قسمان: ما له جابر، وما لا جابر له، وما قبلهما قسمان: ما بين وهنه، وما لم يبين وهنه ". قلت: وهذا تقسيم صحيح أيضا.

_ (1) كذا! وقد علمت مما سبق أنه سكت عن أشياء ظاهرة الضعف، فلو قال: (الشديد الضعف) ؛ لكان اقرب.

فظهر بهذا البيان أنه ليس كل ما سكت عنه أبو داود حسناً صالحاً للاحتجاج به عنده. وأما أن الأمر كذلك عند غيره؛ فمما لا مناقشة فيه؛ حتما عند القائلين بالقول المرجوح، وفي كلام ابن الصلاح السابق إشارة إلى ذلك، وعلى هذا جرى عمل المحققين من الأئمة، فضعفوا كثيراً من الأحاديث التي سكت عليها أبو داود في "سننه "؛ كالحافظ المنذري والنووي والزيلعي والعراقي والعسقلاني وغيرهم، كما ستقف على كلماتهم في ذلك إن شاء الله تعالى في الكتاب المستقل بالأحاديث الضعيفة من "السنن " إن شاء الله (*) .

_ (*) هذا ما كتبه الشيخ رحمه الله في مقدمته لهذا الكتاب، ولو قدر له إتمامها لزاد وأفاد، قدر الله وما شاء فعل، ولا حول ولا قوة إلا بالله. (الناشر)

1- كتاب الطهارة

1- كتاب الطهارة 1- باب التَّخَلِّي عند قضاء الحاجة 1- عن المغيرة بن شعبة: أنّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ذهب المَذْهبَ أبعد. (قلت: إسناده حسن صحيح، وقد صححه الترمذي والحاكم والذهبي والنووي) . إسناده: ثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن محمد- يعني: ابن عمرو- عن أبي سلمة عنه. وهذا إسناد حسن عندي: عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة عابد؛ احتج به الشيخان. وعبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي؛ ثقة يخطئ واحتج به مسلم، وروى له البخاري مقروناً. ومحمد بن عمرو: هو ابن علقمة الليثي؛ وهو صدوق له أوهام، روى له البخاري مقروناً، ومسلم متابعة. وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري؛ ثقة حجة عند الشيخين وغيرهما، ولم يسمع من أبيه. والحديث أخرجه النسائي أيضا، والترمذي والدارمي وابن ماجه وابن خزيمة في "صحيحه " (1/10/1) ، والحاكم، وعنه البيهقي في "سننه الكبرى" (1/93)

من طرق عن محمد بن عمرو به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والحاكم: " صحيح على شرط مسلم "؛ ووافقه الذهبي! وهو من أوهامهما؛ لا علمت من أن مسلماً إنما أخرج لمحمد بن عمرو متابعة. لكن الحديث صحيح، فقد ورد من طريق أخرى عند الدارمي، وأحمد (4/244) عن محمد بن سيرين عن عمرو بن وهب الثقفي عن المغيرة ... به نحوه. وهذا إسناد صحيح: محمد بن سيرين؛ أشهر من أن يذكر. وعمرو بن وهب؛ وثقه النسائي وابن حبان والعجلي وابن سعد. ولهذا قلت فيه: " إسناده حسن صحيح "؛ فهو حسن باعتبار الطريق الأولى، وصحيح بالنظر بلى الطريق الأخرى. 2- عن جابر بن عبد الله: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد البَرَاز انطلق حتى لا يراه أحد. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: أخرجه من طريق إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عنه. وهذا إسناد ضعيف: إسماعيل بن عبد الملك صدوق كثير الوهم، وهو ابن أبي الصفَيْراء- بالقاء-. وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه.

2- باب الرجل يتبوأ لبوله

ومن هذا الوجه: أخرجه ابن ماجه أيضا، والحاكم والبيهقي، وله عنده تتمة. لكن الحديث صحيح لشواهده الكثيرة؛ منها الذي قبله. ومنها: عن عبد الرحمن بن أبي قرَاد: عند النسائي وغيره بسند صحيح. والحديث قال في "المجموع " (2/77) : " فيه ضعف يسير، وسكت عليه أبو داود؛ فهو حسن عنده ". 2- باب الرجل يتبوأ لبوله [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "للضعيف ") ] 3- باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء 3- عن أنس بن مالك قال: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل الخلاء قال: " اللهم! إني أعوذ بك (وفي رواية: أعوذ بالله) من الخُبُثِ والخبائث ". قال أبو داود: " وقال وُهَيْب (1) : فليتعوذ بالله ".

_ (1) هو وهيب بن خالد الباهلي البصري، وروايته هذه لم أقف عليها موصولة، وهو ثقة حجة؛ لكن قال الأجُري عن المصنف: " تغير وهيب بن خالد، وكان ثقة ". وقال يحيى بن سعيد: " إسماعيل أثبت من وهيب ". وإسماعيل: هو ابن علية، أحديواة الحديث، وهو رواه من فعله عليه الصلاة والسلام،=

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجاه دون رواية وهيب، فهي شاذة كالتي قبلها) . إسناده: ثنا مسدد بن مسرهد: ثنا حماد بن زيد وعبد الوارث عن عبد العزيز ابن صهيب عنه. قال حماد: " اللهم! إني أعوذ بك ".

_ - وكذلك رواه كل من حدث به عن عبد العزيز، فهي أولى من رواية وهيب هذه. نعم؛ تابعه عليها عبد العزيز بن الختار عن عبد العزيز بن صهيب بلفظ الأمر؛ قال: " إذا دخلتم الخلاء فقولوا: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث ". قال الحافظ في "الفتح " (1/196) : " رواه العمري، وإسناده على شرط مسلم، وفيه زيادة التسمية، ولم أرها في غير هذه الرواية "! قلت: وهي رواية شاذة؛ لخالفتها لجميع روايات الثقات المتقدمة، وعبد العزيز بن المختار وإن كان ثقة؛ فقد قال ابن حبان: " إنه كان يخطئ ". حتى بالغ ابن معين فقال: "ليس بشيء"! والحق أنه حجة إذا لم يخالف. وبالجملة؛ فالحديث صحيح بالرواية الأولى، دون سائر الروايات فإنها شاذة. وأما قول الحافظ عن التسمية: " إنه لم يرها في غير هذه الرواية "! فهو ذهول؛ فقد رواها ابن السني من طريق قتادة عن أنس؛ لكنها معلولة أيضا كما سيأً تي بيانه إن شاء الله تعالى في الحديث الآتي. ورواها أبو معشر نجيح عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس مرفوعاً به مثل حديث الباب، وزاد التسمية. رواه ابن أبي شيبة. ونجيح ضعيف، وفيها حديث آخر، فانظرإ المشكاة" (358) .

وقال عبد الوارث: " أعوذ بالله ". قال أبو داود: " رواه شعبة عن عبد العزيز: " اللهم! إني أعوذ بك ". وقال مرة: " أعوذ بالله " ". وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجاه في "الصحيحين " من طرق عن عبد العزيز. وأخرجه مسلم، وأبو عوا نة في "صحيحه " (1/216) ، والترمذي، والدارمي من طرق عن حماد بن زيد بلفظه. وتابعه عليه هشيم عن عبد العزيز: أخرجه مسلم، وأحمد (3/99) ، وابن أبي شيبة (1/1) . وسعيد بن زيد: عند البخاري في "الأدب المفرد" (ص 100) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم. وحماد بن سلمة: عند ابن السني في "اليوم والليلة" (رقم 16) ، وهو صحيح أيضا. وشعبة في إحدى الروايتين عنه؛ أخرجه البخاري في "الدعوات "، وأبو عوانة وابن السني. وأما رواية عبد الوارث (1) ؛ فتابعه عليها إسماعيل ابن عُلَية: عند مسلم وابن ماجه، وأحمد (3/101) ، ورواه النسائي لكن بلفظ حماد بن زيد. وأما رواية شعبة باللفظين؛ فأخرجه الترمذي (1/10) ، وأخرجه أحمد (3/282) باللفظ الآخر، والبخاري وغيره باللفظ الأول كما سبق.

_ (1) أخرجه البيهقي (1/95) من طريق مسدد عنه.

وهو الصواب إن شاء الله تعالى؛ لاتفاق أكثر الرواة عليها كما رأيت، ولأن شعبة قد وافقه في إحدى الروايتين عنه، وهي التي اعتمد عليها البخاري؛ فلم يرو الأخرى؛ فالأخذ بها أولى وأحرى. وأيضا فقد قال الإمام أحمد: " حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث وابن علية والثقفي وابن عيينة ". 4- عن زيد بن أرقم عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرَة، فإذا أتى أحدُكم الخلاءَ فليقلْ: أعوذ بالله من الخُبُثِ والخبائث ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وكذلك قال الحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: ثنا عمرو بن مرزوق: نا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد ابن أرقم. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، فقد أخرج لعمرو بن مرزوق في "صحيحه " وبقية الرجال ثقات مشهورون من رجال الشيخين. وقد أخرجه الطيالسي في ادمسنده " (رقم 679) : ثنا شعبة عن قتادة سمع النضر بن أنس به. وهذا صحيح على شرطهما، وفيه فائدة؛ وهي تصريح قتادة بسماعه من النضر. ومن هذا الوجه: رواه ابن ماجه والبيهقي، وأحمد (4/369 و 373) . ولقتادة فيه شيخ آخر، رواه سعيد بن أبي عروبة عنه عن القاسم بن عوف

الشيباني عن زيد بن أرقم به: أخرجه ابن ماجه والبيهقي، وأحمد (4/373) ، وابن أبي شيبة (1/1) . وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الحاكم (1/187) من الوجهين، ثمّ قال: " كلا الإسنادين من شرط "الصحيح " ... " ووافقه الذهبي. والحديث أشار إليه الترمذي في "سننه " (1/11) وأعله بقوله: " في إسناده اضطراب: روى هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة. فقال سعيد: عن القاسم بن عوف الشيباني عن زيد بن أرقم. وقال هشام: عن قتادة عن زيد بن أرقم. ورواه شعبة ومعمر عن قتادة عن النضر بن أنس. فقال شعبة: عن زيد بن أرقم. وقال معمر: عن النضر بن أنس عن أبيه عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قال الترمذي: " سألت محمداً- يعني: البخاري- عن هذا؟ فقال: يحتمل أن يكون قتادة روى عنهما جميعاً ". قلت: وهذا الذي أجاب به البخاري رحمه الله احتمالاً: هو الذي نجزم به ونطمئن إليه؛ وذلك أن قتادة ثقة حافظ ثبت، فليس بكثير عليه أن يكون له في حديث واحد إسنادان فأكثر؛ كما يقع ذلك كثيراً لأمثاله من الحفاظ، كالزهري وغيره، كما يشهد بذلك من له ممارسة واضطلاع بهذا الشأن. ولذلك فإننا لا نرى إعلال الترمذي بما ذكر صواباً! على أننا نقول: إن مجرد الاختلاف في إسناد حديث لا يستلزم إعلاله أو الحكم عليه بالاضطراب؛ ذلك لأن شرط المضطرب من الحديث أن تستوي

الروايات، بحيث لا يمكن ترجيح بعضها على بعض بشيء من وجوه الترجيح؛ كحفظ راويها أو ضبطه أو كثرة صحبته، أوغير ذلك من الوجوه! فأما إذا ترجح لديتا إحدى الروايات على غيرها؛ فالحكم حينئذ لها، والحديث صحيح، ولا يطلق عليه وصف المضطرب، أوعلى الأقل: ليس له حكمه، كما أفاده ابن الصلاح في "المقدمة". وإذا كان لا بد من الترجيح بين الروايات السابقة؛ فرواية من قال: عن قتادة عن القاسم بن عوف عن زيد بن أرقم؛ هي أرجح لدينا؛ وذلك لأن سعيد بن أبي عروبة وهشاماًا لدستوائي أثبت الناس في الرواية عن قتادة، كما قال ابن أبي خيثمة وغيره. ثمّ إن رواية سعيد مقدمة على رواية هشام؛ لما فيها من الزيادة في الإسناد، وهي من ثقة، فيجب قبولها. على أن أبا داود الطيالسي قال في سعيد: " كان أحفظ أصحاب قتادة ". وقد صرح الإمام البيهقي في رواية معمر- التي ذكرها الترمذي- أنها وهم؛ كما في "سننه ". وقتادة بصري وفيما حدث معمر- وهو ابن راشد- بالبصرة شيء من الضعف، كما ذكر الحافظ في "التقريب "، فروايته لا تقاوم رواية أوثق الناس في قتادة عند الاختلاف، فلم يبق ما يقوم للمعارضة إلا رواية شعبه، وهو ثقة حافظ متقن؛ ولذلك فالرأي عندي ثبوت روايته مع رواية سعيد؛ كما جريت عليه في صدر الكلام. لكتي؛ أقول: إن كان لا بد من الترجيح؛ فرواية سعيد مقدمة عليه؛ ومعه متابع له في الجملة كما سبق بيانه؛ والله تعالى أعلم. ثمّ إن الحديث رواه بعض الضعفاء عن قتادة على وجه آخر بلفظ: " هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: بسم الله ".

4- باب كراهية استقبال القبلة عند الحاجة

أخرجه ابن السني (رقم 19) من طريق قَطَن بن نُسَيْر: ثنا عدي بن أبي عمارة الدارع قال: سمعت قتادة عن أنس مرفوعاً به. قال في "الميزان "- في ترجمة عدي هذا-: " قال العقيلي: في حديثه اضطراب، وعنه قطن بن نسير ". زاد الحافظ في "اللسان ": " وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال: روى عنه القاسم بن عيسى الطائي والبصريون. قلت: ومن أغلاطه أنه روى عن قتادة عن أنس في القول عند دخول الخلاء. وإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم. وقيل: عن النضر بن أنس عن أبيه. والأول أصح ". (تنبيه) : قال الحافظ في "التلخيص " (1/461) - أن الحديث-: " أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما "! وذكر في مكان آخر منه (530) أنه في "السنن الأربعة"! وسكت عليه. وفي هذا الإطلاق تساهل أو ذهول، وذلك أن الحديث ليس عند النسائي في "سننه الصغرى" المعروف بـ "المجتبى"، وإنما هو في "سننه الكبرى"؛ كما قيّده صاحب "عون المعبود"، كما أنه ليس عند الترمذي ثاني الأربعة، وإنما أشار إليه إشارة كما سبق أن ذكرنا. والله تعالى هو الموفق. 4- باب كراهية استقبال القبلة عند الحاجة 5- عن سلمان قال: قيل له: لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخِرَاءَةَ؟ قال: أجل؛ لقد نهانا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن لا نستنجي

باليمين، وأن لا يستنجي أحدُنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم (*) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وصححه الترمذي والدارقطني) . إسناده: ثنا مسدد بن مسرهد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ فقد احتج بمسدد بن مسرهد، وبقية رواته متفق عليهم. والحديث أحرجه مسلم والنسائي والترمذي والدارقطني والبيهقي، وأحمد (5/439) كلهم عن أبي معاوية به. وأخرجه مسلم والنسائي والدارقطني، وكذا أبو عوانة في "صحيحه "، وابن ماجه، وأحمد (5/437- 438) من طرق أخرى عن الأعمش ومنصور عن إبراهيم به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والدارقطني: " إسناد صحيح ". 6- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدُكم الغائطَ؛ فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه ".

_ (*) علق في الأصل جانباً بقوله: " تحت (2749) "الصحيحة" ... "؛ أي: أنه مذكور تحت هذا الرقم من "الصحيحة". (الناشر)

وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الرَّوْث والرِّمة. (قلت: إسناده حسن. وقد أخرجه أبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان في "صحاحهم ". وروى مسلم بعضه) . إسناده: ثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْليُّ: تنا ابن المبارك عن محمد بن عجلان عن القَعْقَاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير أن ابن عجلان إنما أخرج له مسلم متابعة. والحديث أخرجه أبو عوانة أيضا في "صحيحه " (1/200) ، والنسائي والدارمي وابن ماجه والبيهقي، وأحمد (2/247- 250) من طرق عن ابن عجلان ورواه ابن خزيمة وابن حجان (128- 130) في "صحيحيهما" كما في "التلخيص " (1/456) . وروى بعضه مسلم (1/155) من طريق سهيل عن القعقاع به بلفظ: " إذا جلس أحدكم على حاجته؛ فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ". والحديث صححه النووي (2/95 و 109) . 7- عن أبي أيوب- روايةً-[قلت: يعني: عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] قال: " إذا أتيتم الغائط؛ فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا".

فَقَدِمْنا الشام؛ فوجدنا مراحيض قد بنيت قِبَل القبلة؛ فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله. (قلت: إسناده على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: ثنا مسدد بن مسَرْهَد: ثنا سفيان عن الزهْري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب. وهذا إسناد على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " (1/396) : ثنا علي بن عبد الله قال: ثنا سفيان به وكذلك أخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/199) ، والنسائي والترمذي والدارمي والبيهقي، وأحمد (5/421) من طرق عن سفيان بن عيينة به. وقال الترمذي- أنّه-: " أحسن شيء في هذا الباب ". ثمّ أخرجه البخاري والنسائي وابن ماجه، وأحمد (5/416 و 417 و 421) من طرق أخرى عن الزهري به. وللحديث إسنادان آخران عن أبي أيوب: أخرج أحدهما مالك (1/199) ، ومن طريقه النسائي، وأحمد عنه (5/414) عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق- مولى لآل الشفاء- عنه.

وهذا إسناد صحيح. وقد تابعه همام: أنا إسحاق ابن أخي أنس عن رافع بن إسحاق به: أخرجه أحمد (5/415) ؛ وهو صحيح أيضا. والآخر: أخرجه الدارقطني في "سننه " (23) من طريق ورقاء عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب مرفوعاً. وهذا إسناد حسن صحيح وللنهي عن الاستقبال شاهد من حديث عبد الله بن الحارث: أخرجه ابن ماجه (317) بسند صحيح، وابن حبان (133) بسند آخر صحيح أيضا. 8- عن مروان الأصفر قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثمّ جلس يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن! أليس قد نُهي عن هذا؟! قال: بلى؛ إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك؛ فلا بأس. (قلت: إسناده حسن، ورجاله رجال "الصحيح ". وقد حسنه الحازمي، والحافظ في "الفتح "، وصححه الد ارقطني والحاكم والذ هبي) . إسناده: ثنا محمد بن يحيى بن قارس: ثنا صفوان بن عيسى عن الحسن بن ذَكوان عن مروان الأصفر.

وهذا إسناد حسن: محمد بن يحيى بن فارس: هو ابن يحيى بن عبد الله بن فارس الذهلي، ثقة حافظ، أحد الأعلام، روى له البخاري. وصفوان بن عيسى ثقة من رجال مسلم. والحسن بن ذكوان ثقة من رجال البخاري، لكن فيه كلام، ولذلك أورده الذهبي في "الميزان "؛ وحكى أقوال الأئمة فيه، واعتمد هو على أنه صالح الحديث. وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق يخطئ ". قلت: فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى؛ ما لم يظهر خطأه. وأما مروان الأصفر؛ فثقة من رجال الشيخين. والحديث أخرجه الدارقطتي أيضا (22) ، والحاكم (1/154) ، والبيهقي (1/92) - من طريقه، ومن طريق أبي داود-؛ كلهم عن صفوان به. وقال الدارقطني: " هذا صحيح، كلهم ثقات ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري؛ فقد احتج بالحسن بن ذكوان "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر من وجهين، يعرقان مما سبق من الكلام على الحديث. والحديث سكت عليه المنذري. وقال الحافظ في "الفتح " (1/199) : " سنده لا بأس به ". ونقل الشوكاني عن "الفتح " أيضا أْنه قال: " إسناده حسن ". وسكت عليه في "التلخيص ". وأخرجه الحازمي في " الاعتبار" (ص 26) وقال:

5- باب الرخصة في ذلك

" حديث حسن ". 5- باب الرخصة في ذلك 9- عن عبد الله بن عمرقال: لقد ارتقيت على ظهر البيت، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على لَبِنَتَيْنِ مستقبلَ بيت المقدس لحاجته. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم "، وصححه الترمذي) . إسناده: ثنا عبد الله بن مَسْلَمَة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حَبّان عن عمه واسع بن حَبَّان عن عبد الله بن عمر. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "موطأ مالك " (1/200) . وأخرجه البخاري (1/198) ، والنسائي، والبيهقي عنه. ورواه مسلم وكذا البخاري وأبو عوانة والدارمي وابن ماجه، وأحمد (2/13، 41) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد به. وتابعه عبيد الله بن عمر عن محمد بن يحيى بن حبان عند الشيخين، وأبي عوانة والترمذي، وأحمد (2/12) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وللحديث إسنادان آخران عن ابن عمر:

الأول: من طريق فُلَيْحٍ عن عبد الله بن عكرمة عن أبي الغيرة رافع بن حنين عنه. أخرجه أحمد (2/96 و 99 و 114) . وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات: رافع بن حنين؛ وثقه ابن حبان. وقال الدارقطني: " ولا أعلمه أسند إلا حديثاً واحداً، ولم يروه غير فليح بن سليمان عن عبد الله ابن عكرمة عنه ". قلت: وعبد الله بن عكرمة؛ ذكره ابن حبان في "الثقات " أيضا، وروى عنه - غيرَ فليح- أسامة بن زيد. وفليح بن سليمان؛ روى له الشيخان، وفيه كلام. والآخر: من طريق أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن نافع عنه. وهذا كالذي قبله: أيوب بن عتبة ضعيف لسوء حفظه؛ فإذْ قد روى ما وافق فيه الثقات؛ فقد حفظ. وبقية رجاله رجال الشيخين. 10- عن جابربن عبد الله قال: نهى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستقبل القبلة بول، فرأيته قبل أن يُقبضر بعام يستقبلها (قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي والبزار وكذ االنووي، وصححه البخاري وابن السكن والحاكم ووافقه الذهبي. درواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما")

إسناده: ثنا محمد بن يشار: ثنا وَهْبُ بن جرير: ثنا أبي قال: سمعت محمد ابن إسحاق يحدث عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر. وهذا إسناد حسن؛ رجاله كلهم ثقات، وفي محمد بن إسحاق- صاحب "المغازي "- كلام لا يضر؛ ولا ينزل حديثه عن درجة الحسن. والحديث أخرجه الترمذي أيضا، وابن ماجه والحاكم والبيهقي، وأحمد (1/3/360) من طرق عن محمد بن إسحاق به. وفي رواية أحمد تصريح ابن إسحاق بالتحديث، وكذا في رواية الحاكم، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وهو من تساهلهما كما سبق. وقال الترمذي: " حديث حسن ". ونقل عنه ابن القيم في "تهذيب السنن " (1/22) أنه قال: " سألت محمداً عنه؟ فقال: حديث صحيح ". وكذا نقله الحافظ في "التلخيص " (1/460) . قلت: ورواه الدارقطني أيضا (22) من هذا الوجه، وقال: " رجاله كلهم ثقات ". ورواه أيضا البزار- وحسنه-، وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان، وصححه أيضا ابن السكن. قال الحافظ: " وتوقف فيه النووي؛ لعنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية

6- باب كيف التكشف عند الحاجة؟

أحمد وغيره. وضعفه ابن عبد البر بأبان بن صالح! ووهم في ذلك؛ فإنه ثقة باتفاق، وادعى ابن حزم أنه مجهول؛ فغلط ". (تنبيه) : ذكر ابن القيم- وتبعه الحافظ- أن الحديث لا حجة فيه؛ لأنه حكاية فعل لا عموم لها، ولا يعلم هل كان في فضاء أو بنيان؟ وهل كان لعذرمن ضيق مكان ونحوه أو اختياراً؟ فلا يجوز أن يقدم على النصوص الصحيحة الصريحة في المنع. 6- باب كيف التكشًّف عند الحاجة؟ 11- عن ابن عمر: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد حاجة؛ لا يرفع ثويه حتى يدنو من الأرض. (قلت: حديث صحيح؛ رواه البيهقي بإسناد صحيح عنه، وصححه السيوطي) . إسناده: ثنا زهير بن حرب: ثنا وكيع عن الأعمش عن رجل عن ابن عمر. قال أبو داود: " رواه عبد السلام بن حرب عن الأعمش عن أنس بن مالك؛ وهو ضعيف ". قلت: وهذا؛ قد وصله الترمذي (1/21) ، والدارمي (1/171) ، وللبيهقي (1/96) من طرق عن عبد السلام به. وإنما ضعفه أبو داود من الوجهين؛ لأن في الأول: الرجلَ الذي لم يسم، وفي الثاني انقطاعاً؛ فقال الترمذي:

" وكلا الحديثين مرسل، ويقال: لم يسمع الأعمش من أنس ولا من أحد من أصحاب النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد نظر إلى أنس بن مالك قال: رأيته يصلي ... فذكر عنه حكاية في الصلاة ". قال المنذري: " وذكر أبو نعيم الأصبهاني أن الأعمش رأى أنس بن مالك، وابن أبي أوفى وسمع منهما، والذي قاله الترمذي هو المشهور ". قلت: لكن الحديث صحيح إن شاء الله تعالى؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق أحمد بن محمد بن أبي رجاء المِصيصِي- شيخ جليل-: ثنا وكيع: ثنا الأعمش عن القاسم بن محمد عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ: كان إذا أراد الحاجة تنحى، ولا يرفع ثيابه ... إلخ. وهذا إسناد صحيح: القاسم بن محمد: هو ابن أبي بكر الصديق؛ وهو ثقة حجة لا يسأل عن مثله. والمصيصي هذا: هو ابن عبيد الله بن أبي رجاء؛ وهو ثقة، كما قال النسائي. وقال مرة: " لا بأس به ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقد أشار السيوطي في "الجامع " لصحته، كما قال المناوي. (تنبيه) : قال في "عون المعبود": " يوجد في بعض النسخ- بعد قول المؤلف: " وهو ضعيف "- هذه العبارة: " قال أبو عيسى الرملي: حدثناه أحمد بن الوليد: ثنا عمرو بن عون: أخبرنا عبد السلام ... به ". قلت: أبو عيسى: هو إسحاق- وزاق أبي داود-، وهذه إشارة من الرملي إلى

7- باب كراهية الكلام عند الخلاء

أنّ الحديث اتصل إليه من غير طريق شيخه أبي داود، فهذه العبارة من رواية أبي عيسى الرملي لا من رواية اللؤلؤي عن أبي داود، فلعل بعض النساخ لرواية اللؤلؤي اطلع على رواية الرملي فأدرجها في نسخة اللؤلؤي، ومراده بذلك أنه لما كانت رواية عبد السحلام غير موصولة؛ أشار بوصلها برواية أبي عيسى الرملي ". قلت: وهذه العبارة وردت في النسخة التازية في صلب الكتاب؛ كأنها من كلام أبي داود! 7- باب كراهية الكلام عند الخلاء 11/م (*) - عن عكرمة بن عمارعن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عِيَاض قال: ثني أبو سعيد قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ يقول: " لا يخرجِ الرجلان يضربان الغائط، كاشفين عن عورتهما يتحدثان؛ فإن الله عز وجل يَمْقُتُ على ذلك ". قال أبو "داود: " لم يسنده إلا عكرمة بن عمار ". (قلت: يشير بذلك إلى ضعف الحديث؛ فقد قال الأجريُ عن أبي داود: " عكرمة بن عمار ثقة، وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضطراب " (1) . وأعئَه المنذري وابن التركماني بجهالة هلال بن عياض هذا) .

_ (*) كرّر الرقم هنا عمداً بسبب نقل هذا الحديث من " الضعيف " إلى هنا حسبما أشار الشيخ رحمه الله في أصله (انظرص 44) . (1) نقله الحافظ في "التهذيب "، ونقل مثله عن الأئمة المحققين، كأحمد وابن معين والبخاري وغيرهم. واعتمد عليه في " التقريب "، فقال: " صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب؛ ولم يكن له كتاب "=

إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: حدثنا ابن مهدي: حدثنا عكرمة بن عمار. والحديث أخرجه ابن ماجه أيضا (1/142) ، والحاكم (1/157- 158) ، والبيهقي (1/99- 100) من طرق عن عكرمة، فقال بعضهم: هلال بن عياض- كما في رواية أبي داود-، وقال بعضهم: عياض بن هلال- على القلب-، وبعضهم قال: عياض بن عبد الله. وهذا اضطراب شديد؛ مما يوهن الحديث؛ دان كان البيهقي روى عن ابن خزيمة أن الصحيح من ذلك قول من قال: عياض بن هلال. قال ابن خزيمة: " وأحسب الوهم فيه عن عكرمة بن عمار حين قال: عن هلال بن عياض "! فقد تعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي " بقوله:

_ = وأجاب المنذري في " مختصره " بما لا طائل تحته، فقال: " وعكرمة: هو أبو عمار عكرمة بن عمار العجْلي اليمامي، وقد احتج به مسلم فما "صحيحه "، وضغف بعض الحفاظ حديث عكرمَة هذا عن يحيى بن أبي كثير، وقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى بن أبي كثير، واستشهد البخاري بحديثه عن يحيى بن أبي كثير"! قلت بأنه لا طائل تحته؛ لأنه إذا ثبت بأنه مضطرب الحديث عن ابن أبي كثير- بشهادة أولئك الأئمة-؛ فما ينفعه احتجاج مسلم به؛ لأسباب كثيرة، منها: أنه يحتمل أنه لم يثبت ذلك عند مسلم، فاحتج به. وأما بعد ثبوته فلا يجوز الاحتجاج به، كما لا يخفى! على أن المنذري رحمه الله قد انشغل ذهنه بالتعقب؛ فذهل بذلك عن علة أخرى في الحديث، قادحة فما الاحتجاج به، تنبه هو لها في كتاب آخر، ألا وهو "الترغيب "، فقال فيه - بعد أن عزاه لأبي داود وابن ماجه وابن خزيمة في "صحيحه "-: " رووه كلهم من رواية هلال بن عياض- أو عياض بن هلال- عن أبي سعيد، وعياض هذا روى له أصحاب "السنن "؛ ولا أعرفه بجرح ولا بعدالة، وهو في عداد المجهولين ". وكذلك قال الذهبي في "الميزان ": " لا يُعرف، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي كثير ". وقال الحافظ فما " التقريب ":إنه " مجهول ".

" قلت: كيف يتعين أن يكون الوهم فيه عن عكرمة؛ وهو مذكور في هذا السند الذي هو فيه على الصحيح، بل يحتمل أن يكون الوهم من غيره. وقد ذكر صاحب "الإمام " أن أبان بن يزيد رواه أيضا عن يحيى بن أبي كثير فقال: هلال ابن عياض؛ فتابع أبان عكرمة على ذلك، وابن القطان أحال الاضطراب في اسمه على يحيى بن أبي كثير. ثم ذكر البيهقي عن أبي داود أنه قال: لم يسنده إلا عكرمة. قلت: تقدم قريباً أن أبان تابعه ". قال: " وبقي فيه علل لم يذكرها؛ منها: أنه سكت عن عكرمة هنا، وتكلم فيه كثيراً في (باب مس الفرج بظهر الكف) ، وفي (باب الكسر بالماء) . ومنها: أن راوي الحديث عن الخدري لا يعرف، ولا يحصل من أمره شيء. ومنها: الاضطراب في مق الحديث، كما هو مبين في كتاب ابن القطان. وأخرجه النسائي من حديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة". قلت: ومن حديث أبي هريرة: رواه الطبراني في "الأوسط ". وزعم الهيثمي في "المجمع " (1/207) : أن " رجاله موثقون "! وصرح المنذري في "الترغيب " (1/85) : بأن " إسناده لين ". فأصاب؛ لأنه- كما ترى- مداره على عكرمة عن ابن أبي كثير؛ وهو ضعيف عنه، كما سبق. وقد خالفه الأوزاعما- وهو الثقة الحجة-؛ فرواه عن يحيى بن أبي كثير عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً معضلا.

أخرجه البيهقي (1/100) (1) . وبالجملة؛ فالحديث ضعيف لا يصح؛ لاضطرابه وجهالة راويه موصولاً، وانقطاعه وتجرده عن شاهد يقويه. (تنبيه) : قال في "عون المعبود": " وفي بعض النسخ- بعد قوله: " إلا عكرمة "- هذه العبارة: " ثنا أبان: ثنا يحيى ... بهذا؛ يعني: حديث عكرمة بن عمار " انتهى. قلت: ليست هذه العبارة للمؤلف أصلاً؛ لأن أبا داود ذكر أنه لم يسنده إلا عكرمة، فلم يقف عليه أبو داود مسنداً من غير رواية عكرمة، فأراد ملحق هذه العبارة الاستدراك على أبي داود؛ بأنه قد أسنده عن يحيى بن أبي كثير: أبان بن يزيد العطار. ولكن لم أقف على نسبة هذه العبارة لأحد من الأئمة "! قلت: قد سبق نسبتها إلى صاحب "الإمام "؛ وهو ابن دقيق العيد رحمه الله. وقد جاءت هذه العبارة في النسخة المطبوعة في المطبعة التازية بمصر. ومما يدل على أنها ليست من أبي داود: أن أبان بن يزيد ليس من شيوخه؛ بل إنما يروي عنه أبو داود بالواسطة. (تنبيه ثان) : ينبغي أن لا تغترَّ بتصحيح الحاكم للحديث؛ لما عُرف من تساهله؛ لا سيما بعد بيان ما فيه من العلل! ولا بموافقة الذهبي له، بعد أن نقلنا لك عنه أن بعض رواته لا يعرف! وكثيراً ما ترى الذهبي يوافق الحاكم في تصحيحه؛ خطأ منهما، وفيها كثير مما يصرح الذهبي نفسه في "الميزان " وغيره بضعفه! ولو أردنا أن نتتبع ذلك عليه؛ لجاء

_ (1) وقد رجحه أبو حاتم، فقال: " الصحيح حديث الأوزاعي؛ وحديث عكرمة وهم "؛ كما في "العلل " (رقم 88) .

8- باب أيزد السلام وهو يبول؟

في كتاب مستقل، وسيأتيك بعض- أو كثير- من ذلك في هذا الكتاب؛ إن شاء الله تعالى (*) . 8- باب أيَزدُّ السلامَ وهو يبول؟ 12- عن ابن عمر قال: مر رجل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يول؛ فسلّم عليه؛ فلم يرد عليه. (قلت: إسناده حسن. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما "، وصححه الترمذي) . قال أبو داود: " وروي عن ابن عمر وغيره: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تيمم ثمّ رد على الرجل السلام ". (قلت: سيأتي في (باب التيمم في الحضر) (رقم 356 و 357)) . إسناده: أخرجه من طريقين عن عمر بن سعد عن يسفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر. وهذا إسناد حسن؛ وهو على شرط مسلم؛ لكن في الضحاك بن عثمان كلام

_ (*) كان هذا الحديث في "الضعيف "، فعلق الشيخ رحمه الله على أوله- في أصله بخطه- قائلاً: "بلى (الصحيح) "اولم يبيِّن سبب نقله ههنا! لكن قد قال في "صحيح الترغيب والترهيب، (1/175- الطبعة الأخيرة) - بعد أن نقل تجهيل المنذري لراويه-: " لكن له شاهد من غيرطريقه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ خرجته- من أجله- في "الصحبحة" (3120) ، ولذلك أوردنه في هذا "الصحيح " ... "؛ فافتضى البيان. (الناشر) .

من قبل حفظه، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقد أخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما"، والنسائي، والترمذي- وصححه- وابن ماجه من طرق عن سفيان به. 13- عن المهاجر بن قنْفذ: أنه أتى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ وهو يبول، فسلّم عليه، فلم يردَّ عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: " إني كرهت أن أذكر الله عزّ وجلّ إلا على طُهْرٍ - أو قال: على طهارة- ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (800) ، والحاكم والذهبي والنووي) . إسناده: ثنا محمد بن الثنى: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضَين بن المنذر أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم رجال الشيخين؛ غير الحضين هذا؛ فمن أفراد مسلم؛ فهو على شرطه. وقد أخرجه النسائي أيضا، والدارمي (2/278) ، وابن ماجه والحاكم، وعنه البيهقي، وأحمد (5/80) من طرق عن قتادة به. وليس عند النسائي والدارمي قوله: 'إني كرهت ... " إلخ. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر من وجهين: الأول: ما علمت من حال أبي ساسان: أن البخاري لم يخرج له.

9- باب في الرجل يذكر الله على غيرطهر

والأخر: أن الذهبي قال في "الميزان "؟ " كان الحسن البصري كثير التدليس؛ فإذا قال في حديث: عن فلان ضعف احتجاجه؛ ولا سيما عمن قيل: إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة ونحوه، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في جملة المنقطع ". لكن الظاهر من سياق كلامه أنه يريد حديثه عن الصحابة دون غيرهم من التابعين؛ فقد أكثر الحافظ من النقول عن العلماء في أن الحسن يروي عمن لم يلقه من الصحابة، فلم يذكر ولا نقلاً واحداً أنه روى عمن لم يلقه من التابعين، ويشهد لهذا إطباق العلماء تقريباً على الاحتجاج بحديث الحسن عن غيره من التابعين، بحيث إنني لا أذكر أنه مر علي حديث واحد من هذا القبيل- لم يصرح فيه الحسن بالسماع- فأعلوه بذلك. هذا ما ظهر لي في هذا المقام؛ والله سبحانه وتعالى أعلم (1) . على أن للحديث شاهداً من حديث ابن عمر، رواه المصنف في (التيمم في الحضر بإسناد حسن؛ لكن فيه جملة مستنكرة؛ أوردناه من أجلها في للكتاب الأخر رقم (58) . والحديث صححه النووي (2/88) . 9- باب في الرجل يذكر الله على غيرطُهْرٍ 14- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر الله عز وجل على كل أحيانه.

_ (1) وقد احتج الشيخان أو أحدهما بأحاديث للحسن عن بعض التابعين رواها بالعنعنة؛ فانظر (رقم 210) .

10- باب الخاتم يكون فيه ذكر الله يدخل به الخلاء

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو، وابن حبان (798) ، وأبو عوانة في "صحاحهم "؛ وقد حسنه الترمذي) . إسناده: ثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة - يعني: الفأًفاء- عن البهِي عن عروة عن عائشة. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، والترمذي وابن ماجه والبيهقي، وأحمد (6/70 و 153) من طرق عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائد، ". قلت: بلى؛ قد عرفناه من طريق غيره، وهو الوليد بن القاسم بن الوليد الهَمْداني، وهو ثقة حسن الحديث: أخرجه الإمام أحمد (6/278) : ثنا الوليد: ثنا زكريا قال: ثنا خالد بن سلمة ... به. وهذا السند فيه فائدة كبرى، وها تصريح زكريا بسماعه من خالد؛ فإنه قد قيل في زكريا: إنه يدلس عن الشعبي، وبعضهم- كالمصنف وغيره- أطلق ولم يقيده بالشعبي، والله أعلم. فبهذا السند زالت شبهة تدليسه. والله الموفق لا رب سواه. 10- باب الخاتم يكون فيه ذكر الله يدخل به الخلاء [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]

11 - باب الاستبراء من البول

11 - باب الاستبراء من البول 15- عن ابن عباس قال: مرَّ رسول على قبرين فقال: " إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير: أما هذا فكان لا يستنزه (وفي رواية: يستتر) من البول. وأما هذا فكان يمشي بالنميمة ". ثمّ دعا بعَسِيب رَطْب، فشقه باثنين، ثمّ غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحداً، وقال: "لعله يخفف عنهماما لم ييبسا". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأبو عوانة في "صحاحهم "، وصححه الترمذي) . إسناده: ثنا زهير بن حرب، وهَناد بن السَّري قالا: ثنا وكيع: ثنا الأعمش قال: سمعت مجاهداً يحدث عن طاوس عن ابن عباس. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. ثمّ قال أبو داود: " قال هناد: " يستتر " مكان: " يستنزه ". حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناه قال: " ... كان لا يستتر من بوله ". وقال أبو معاوية: " يستنزه " ... ". والحديث أخرجه النسائي: أخبرنا هنّاد بن السري عن وكيع ... به؛ إلا أنه قال: " يستنزه " مثل رواية زهير.

وأخرجه الشيخان وأبو عوانة وبقية الأربعة والبيهقي من طرق كثيرة عن وكيع ... به. بعضهم قال: " يستنزه "، والبعض: " يستتر "، إلا رواية البيهقي فبلفظ: " يتوقى "؛ وكذلك هي في "المستخرج على الصحيح " لأبي نعيم. قال الحافظ: " وهي مفسرة للمراد ". وتابعه عبد الواحد بن زياد عن الأعمش ... به باللفط الأول: أخرجه مسلم والدارمي. ومحمد بن خازم ... باللفظ الثاني: عند البخاري. وقد خالف الأعمش: منصور؛ فرواه عن مجاهد عن ابن عباس ... بإسقاط طاوس من بينهما. وكذلك رواه البخاري من طريق جرير كما رواه الصنف. وإيرادهما على الوجهين- دون أي ترجيح- دليل على صحتهما عندهما. ويؤيد ذلك: أن الطيأً لسي رواه (رقم 2646) عن شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ... مثل رواية جرير عن منصور. وشعبة ثقة حجة؛ فروايته تؤيد أن الأعمش رواه على الوجهين معاً؛ كما قال بعض المحققين المتأخرين. 16- عن عبد الرحمن ابن حسَنَة قال: انطلقت أنا وعمرو بن العاص إلى النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فخرج ومعه دَرَقَةٌ، ثمّ استتر بها ثم بال، فقلنا: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة! فسمع ذلك فقال:

" ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل؟! كانوا إذا أصابهم البول؛ قطعوا ما أصابه البول منهم، فنهاهم، فُعُذِّبَ في قبره ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم والذهبي على شرطهما؛ وهو كلما قالا) . إسناده: ثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن ابن حسنة. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " (4/158) ، ومن طريقه ابن ماجه والحاكم والبيهقي وأحمد من طرق عن الأعمش به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. ورواه ابن حبان ايضاً في "صحيحه " كما في "الترغيب " (1/87- رقم 7) ، وسكت عليه في "مختصره "، وقال الحافظ في "الفتح " (1/261) : " وهو حديث صحيح، صححه الدارقطني وغيره ". 17- قال أبو داود: "قال منصور عن أبي وائل عن أبي موسى في هذا الحديث قال: جلد أحدهم ... ". قلت: هذا معلق وموقوف، وقد وصله مسلم (1/157) : ثنا يحيى بن يحيى: أخبرنا جرير عن منصور عن أبي وائل قال: كان أبو موسى يشدد في البول ويبولى في قارورة ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض. فقال حذيفة: لوددت أن صاحبكم

12- باب البول قائما

لا يشدد هذا التشديد؛ فلقد رأيتني أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتماشى، فأتى سباطة خلف حائظ، فقام كما يقوم أحدكم فبال، فانتبذتُ منه، فأشار بلي، فجئت فقمت عند عقبه حتى فرغ. ورواه البخاري (1/263) من طريق شعبة عن منصور بلفظ: " ثوب أحدهم "؛ وهي مفسرة لرواية مسلم. ورواه أحمد (5/382 و 402) من الوجهين بلفط: " أصاب أحدهم "؛ وهي على إطلاقها تشمل اللفظين كما لا يخفى. قال الحافظ في "الفتح ": " قوله: " ثوب أحدهم "؛ وقع في رواية مسلم: " جلد أحدهم ". قال القرطبي: مراده بالجلد واحد الجلود التي كانوا يلبسونها، وحمله بعضهم على ظاهره، وزعم أنه من الإصر الذي حملوه. ويؤيده رواية أبي داود؛ ففيها: " كان إذا أصاب جسد أحدهم "؛ لكن رواية البخاري صريحة في للثياب؛ فلعل بعضهم رواه بالعنى ". قلت: يشير الحافظ برواية أبي داود إلى لفظ آخر في الحديث عن أبي موسى ذكره بعد هذا، لكني جرّدته من هنا، وأودعته في الكتاب الأخر المختص بالأحاديث الضعيفة؛ لأنه منها بهذا اللفظ، فانظر رقم (5) . 12- باب البول قائماً 18- عن حذيفة قال: أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُباطة قوم فبال قائماً، ثم دعا بماء فمسح على خفيه (زاد في رواية: قال: فذهبت أتباعد، فدعاني حتى كنت عند عقبه) .

(قلت: إسناده على شرطهما؛ وقد أخرجاه، والزيادة على شرط البخاري؛ وهي عند مسلم) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: ثنا شعبة. (ح) ، وثنا مسدد: ثنا أبو عوانة- وهذا لفظ حفص- عن سليمان عن أبي وائل عن حذيفة. قال أبو داود عقبه: " قال مسدد: قال: فذهبت ... " إلخ. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وأما الرواية الأخرى؛ فهي على شرط البخاري وحده؛ وإن كان مسلم قد أخرجها دون صاحبه من طريق أخرى عن سليمان؛ وهو الأعمش. والحديث أخرجه الشيخان، وبقية الأربعة والدارمي، وأبو عوانة في "صحيحه "، والبيهقي، وأحمد (5/382 و 402) من طرق عن الأعمش به؛ وليست عند ابن ماجه والدارمي الزياده، وكذا البخاري كما سبق. وقد تابعه منصور عن أبي وائل بدونها أيضا: أخرجاه في "الصحيحين "؛ وقد سبق لفظه في التعليق قريباً. ورواه أبو عوانة أيضا في "صحيحه " (1/197) من طريق الطيالسي؛ وهو في " مسنده " (رقم 407) . وللحديث طريق أخرى مختصراً دون قوله: ثمّ دعا ... إلخ. أخرجه أحمد (5/394) عن نَهِيك بن- وفى الأصل: عن! وهو خطأ- عبد الله السلولي: ثنا حذيفة. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير نهيك هذا، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات "، وقد حكى في "التعجيل " أنه روى عنه يونس بن أبي

13- باب في الرجل يبول بالليل في الاناء ثم يضعه عنده

إسحاق وغيره، ثمّ قال: " قلت: ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أن أبا إسحاق السبيعي روى عنه ". قلت: هذا الحديث من روايته عنه؛ فكأن الحافظ ذهل عنه فلم يستحضره عند الكتابة! 13- باب في الرجل يبول بالليل في الاناء ثمّ يضعه عنده 19- عن حكَيمة بنت اميمة بنت زقيقة عن أمها أنها قالت: كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدح من عَيْدان تحت سريره، يبول فيه بالليل. (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان) . إسناده: ثنا محمد بن عيسى: ثنا حجاج عن ابن جريج عن حكيمة. وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حكيمة هذه، وقد ذكرها ابن حبان في "الثقات "، وقد قال الذهبي في (فصل النسوة المجهولات) من " الميزان ": " وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها ". وغير محمد بن عيسى- وهو ابن نجيح الطباع أبو جعفر-؛ وهو ثقة فقيه، وقد توبع كما يأتي الإشارة إلى ذلك. والحديث أخرجه النسائي أيضا، والحاكم والبيهقي من طرق عن حجاج به؛ وصرح ابن جريج بالتحديث في رواية النسائي. ثمّ قال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!

14- باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فبها

ورواه ابن حبان في "صحيحه " (141) ، وأبو ذر الهروي في "مستدركه " الذي خرّجه على "إلزامات الدارقطني للشيخين "- كما في "التلخيص " (1/183) -، وسكت عليه المنذري (رقم 22) . وللحديث شاهد من حديث عائشة بسند صحيح بنحوه. أخرجه النسائي وغيره. 14- باب المواضع التي نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن البول فبها 20- عن أبي هريرة: انّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اتقوا اللاعِنَيْن ". قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟! قال: " الذي يتخفى في طريق الناس أو في ظلهم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة والحاكم في "صحاحهم ") . إسناده: ثنا قتيبة بن سعيد: ثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وبه أخرجه في "صحيحه " فقال (1/156) : ثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حُجر- جميعاً- عن إسماعيل بن جعفر ... به. وتابعه سليمان بن بلال قال: ثنا العلاء ... به.

وأخرجه الحاكم (1/185- 186) من الوجهين، وقال: " صحيح على شرط مسلم ". ورواه ابن الجارود بلفظ: " أو مجالسهم (1) ". وابن حبان: " وأفنيتهم "؛ كما في "التلخيص ". 21- عن حَيْوَة بن شريح: أن أبا سعيد الحميري حدثه عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل ". (قلت: إسناده ضعيف (*) للانقطاع بين معاذ بن جبل وبين الحميري، وأعله المصنف وغيره، ولجهالة الحميري هذا وضعفه المنذري وابن حجر) . إسناده: أما الانقطاع فنقل المنذري في "الترغيب " (1/83) عن المصنف رحمه الله أنه قال: " هو مرسل. يعني أن أبا سعيد لم يدرك معاذاً "، ونقله الحافظ أيضا في "تهذيب التهذيب " عنه ثم قال: " وقال- يعني المصنف- في كتاب التفرد عقب حديثه- يعني هذا- ليس هذا بمتصل ". وأما الجهالة: فقال أبو الحسن القطان: " أبو سعيد هذا شامي مجهول الحال ". وقال الذهبي:

_ (1) وهو رواية لأبي عوانة بلفظ: " أو في مجلس قوم ". والحديث رواه احمد أيضا (2/372) . (*) انظر نهاية تخريج هذا الحديث (ص 57) . (الناشر) .

" لا يدرى من هو ". وقال الحافظ في "التقريب ": " مجهولْ، وروايته عن معاذ مرسلة ". والحديث أخرجه ابن ماجه أيضا والحاكم وعنه البيهقي من طريق حيوة عن أبي سعيد به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي! وكذا صححه ابن السكن. قال الحافظ في التلخيص (1/461) : " وفيه نظر لأن أبا سعيد لم يسمع من معاذ، ولا يعرف هذا الحديث بغير هذا الإسناد. قاله ابن القطان ". فقول النووي في "المجموع " (2/86) : " إسناده جيد " غير جيد. وللحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً: بلفظ: قيل: ما الملاعن يا رسول الله؟ قال: " أن يقعد أحدكم في ظل يستظل فيه، أو في طريق، أو في نقع ماء ". أخرجه الإمام أحمد (1/299) : ثنا عتاب بن زياد ثنا عبد الله قال: أنا ابن لهيعة قال: ثتي ابن هبيرة قال: أخبرني من سمع ابن عباس. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير الرجل الذي لم يسم. وقال الحافظ في "بلوغ المرام " (1/102) بعد أن ذكر الحديث من رواية معاذ وابن عباس: " وفيهما ضعف "، وبين سبب ذلك في هذا بقوله في "التلخيص": " وفيه ضعف لأجل ابن لهيعة. والراوي عن ابن عباس ميهم ".

15- باب في البول في المستحم

وأشار إلى هذا الهيثمي في "المجمع " (1/204) ، وفيه نظر؛ فإن ابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه عبد الله بن المبارك وغيره من العبادلة؛ كما قال عبد الغني الأزدي وغيره، والحافظ نفسه يقول في ترجمته من "التقريب ": " ورواية ابن المبارل وابن وهب عنه أعدل من غيرهما ". وهذا الحديث من رواية ابن المبارك عنه فإنه هو عبد الله الذي لم ينسب فيه، وعليه فعلة الحديث جهالة التابعي، ولولا ذلك لأوردت الحديث بسبب شاهده هذا في "صحيح المصنف" هـ وقد روى عن أبي هريرة نحوه دون ذكر الموارد، فانظر رقم (20) من "الصحيح ". ثم بدا لي نقل الحديث إلى "صحيح السن " [هنا] لشواهد أخرى أوردتها في "تخريج منار السبيل " (1/100) . 15- باب في البول في المستحمِّ 22- عن حُميد الحِمْيَرِيَ- وهو ابن عبد الرحمن- قال: لقيت رجلاً صحب النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما صحبه أبو هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمتشط أحدنا كلَّ يوم، أو يبول في مُغْتسله. (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال النووي والعسقلاني والعراقي) . إسناده: ثنا أحمد بن يونسر: ثنا زهير عن داود بن عبد الله عن حميد الحميري. وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن عبد الله الأودي؛ وهو ثقة باتفاق النقاد.

وللحديث تتمة تأتي برقم (74) . والحديث أخرجه النسائي أيضا (1/47 و 2/276) ، والحاكم (1/ 168) ، والبيهقي (1/190) من طرق عن داود بن عبد الله الأودي عنه. وقال البيهقي: " رواته ثقات؛ إلا أن حميداً لم يسم الصحابي الذي حدثه؛ فهو بمعنى المرسل "! وتعقبه ابن التركماني فأصاب، حيث قال: " قد قدمنا أن هذا ليس بمرسل، بل هو متصل؛ لأنّ الصحابة كلهم عدول، فلا تضرهم الجهالة ". ولذلك قال النووي في "المجموع " (2/91) ، والعراقي في "التقريب " (2/40) ، والحافظ في "بلوغ المرام " (1/22 من شرحه) : " وإسناده صحيح ". وقال في "الفتح " (1/240) : " رجاله ثقات، ولم أقف لمن أعله على حجة قوية، ودعوى البيهقي أنه في معنى المرسل مردودة؛ لأنّ إبهام الصحابي لا يضر، وقد صرح التابعي بأنه لقيه. ودعوى ابن حزم أن داود- راويه عن حميد بن عبد الرحمن- هو ابن يزيد الأودي، وهو ضعيف: مردودة؛ فإنه ابن عبد الله الأودي، وهو ثقة، وقد صرح باسم أبيه أبو داود وغيره ". والحديث سكت عليه المنذري (رقم 26) . وله شاهد بسند حسن عن عبد الله بن يزيد، خرّجته في "الصحيحة" (2516) في التبوُل.

16- باب النهي عن البول في الجحر

16- باب النهي عن البول في الجُحْر [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 17- باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء 23- عن عائشة رضي الله عنها: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج من الغائط قال: " غفْرانَك ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه أبو حاتم وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والنووي والذهبي) . إسناده: حدثنا عمرو بن محمد الناقد: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا إسرائيل عن يوسف بن أبي بُردة عن أبيه: حدثتني عائشة. وهذ إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير يوسف هذا؛ وقد وثقه ابن حبان والعجلي والحاكم. والحديث أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (100) ، وعنه الترمذي والدارمي وابن ماجه، وابن السني (رقم 22) من طريق النسائي، وابن خزيمة (1/15/1) ، والحاكم (1/158) ، والبيهقي من طرق عن إسرائيل بن يونس به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". والحاكم: " حديث صحيح؛ فإن يوسف بن أبي بردة من ثقات آل أبي موسى "؛ ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في "البلوغ ":

18- باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

" وصححه أبو حاتم "! قلت: ونقل ابنه في "العلل " (1/43/رقم 93) أنه: " أصح حديث في هذا الباب ". وهذا لا يفيد صحة الحديث، كما هو مقرر في المصطلح، وإنما يفيد صحة نسبيَة. وقال المناوي: " وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والنووي في "مجموعه " ... ". قلت: وعزاه النووي فيه (2/75) للنسائي في "اليوم والليلة"، وصححه أيضا في " الأذكار" (ص 35) . وعزاه المنذري (رقم 28) إلى النسائي أيضا، ولكنه أطلق ولم يقيد! فاعترض عليه صاحب "العون " بقوله: " ما أخرجه النسائي في "السنن المجتبى"، بل أخرجه في كتاب "عمل اليوم والليلة"، فإطلاقه من غير تقييد لا يناسب ". وقد أصاب. وعزاه الحافظ في "التلخيص " (1/530) إلى "السنن "، وذكر أنه أشهر ما في الباب. ورواه أحمد أيضا (6/155) . 18- باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء 24- عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا بال احدُكم فلا يمسَّ ذكرَهُ بيمينه، وإذا أتى الخَلاءَ فلا يَتمسحْ

بيمينه، وإذا شَرِبَ فلا يشربْ نَفَساً واحداً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة وابن خزيمة في "صحاحهم "، وصححه الترمذي) . إسناده: ثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا أبان: ثنا يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الشيخان والنسائي والترمذي والدارمي وابن ماجه، وأبو عوانة في "صحيحه "، وابن خزيمة (78 و 79) ، والبيهقي، وأحمد (5/295 و 296 و300 و 309 و 311) من طرق عن يحيى- وهو ابن أبي كثير- ... به، وقد صرح يحيى بالتحديث عند بعضهم. وليس عند الدارمي وابن ماجه الجملة الأخيرة، وليس عند الترمذي إلا الأولى من الثلاث. وهي عند ابن حبان (136) ، وأبي عوانة (5/358) من حديث جابر. 25- عن حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجعل يمينه لِطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك. (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ") . إسناده: ثنا محمد بن آدم بن سليمان المصيصي: ثنا ابن أبي زائده قال: ثتي أبو أيوب- يعني: الإفريقي- عن عاصم عن المسيب بن رافع ومعبد عن حارثة بن

وهب الخزاعي قال: حدثتتي حفصة. وهذا إسناد حسن: محمد بن آدم المصيصي؛ وثقه النسافي وغيره. وعاصم: هو ابن بهدلة، وهو حسن الحديث. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي أيوب الإفريقي- واسمه عبد الله ابن علي-؛ قال أبو زرعة: " لين، في حديثه إنكار، ليس بالمتين ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال ابن معين: " ليس به بأس "، ولخص ذلك الحافظ في "التقريب " فقال: " صدوق يخطئ ". وأمّا المنذري فقال في "مختصره: " فيه مقال "! فما صنع شيئا. والحق أن مثل هذا لا ينزل حديثه عن درجة الحسن إذا لم يخالف. والحديث أخرجه الحاكم أيضا (4/109) من طريق معلى بن منصور: ثنا أبو أيوب الإفريقي ... به، لكن ليس في إسناده (معبد) المقرون مع المسيب بن رافع؛ ووقع فيه تحريف في بعض الأسماء. ثمّ قال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: في سنده مجهول " إ! كذا قال! وليس بصواب؛ فإن رواته كلهم معروفون، ولعله أشكل عليه بعض

الأسماء المشار إليها، فتكون وقعت في نسخته- أيضا- محرفة؛ والله أعلم. وأخرجه البيهقي (1/112- 113) من طريق أخرى عن يحيى ... به مثل رواية الكتاب. والحديث رواه ابن حبان أيضا؛ كما في "التلخيص " (1/518) (1) . ثمّ تبين لي أن فيه اختلافاً على عاصم: فرواه عنه أبو أيوب هكذا. ورواه أبان بن يزيد العطار فقال: ثنا عاصم عن معبد بن خالد عن سواء الخزاعي عن حفصة ... فأسقط من الإسناد (المسيب) قرين (معبد) ؛ وجعل (سواءًا لخزاعي) مكان (حارثة بن وهب الخزاعي) ، وهذا صحابي؛ وذاك تابعي وثقه ابن حبان، وأخرج له ابن خزيمة في "صحيحه ". ورواه حماد بن سلمة: ثنا عاصم بن بهدلة عن سواء الخزاعي عن حفصة ... فأسقط من الإسناد (المسيب) وقرينه؛ وهما الواسطة بين (عاصم) عن (حارثة) أو (سواء) . ورواه زائدة عن عاصم عن المسيمب عن حفصة ... فأثبت (المسيب) ، وأسقط الواسطة بينه وبين حفصة رضي الله عنها. وهذا اضطراب شديد، والظاهر أنه من عاصم؛ فإنه غير قوي في حفظه، وقد أخرج هذه الرويات عنه: أحمد في "مسنده" (6/287- 288) . وعلى كل حال؛ فالحديث صحيح بما بعده.

_ (1) وهو في الموارد (1337) .

26- عن عائشة قالت: كانت يد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليمنى لطُهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لحلائه وما كان من أذى. (قلت: إسناده صحيح، وكلذ اقال النووي، وهو على شرط مسلم) . إسناده: ثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثني عيسى بن يونس عن ابن أبي عَرُوبة (*) عن أبي معشر عن إبراهيم عن عائشة. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي معشر- وهو زياد بن كليب-؛ وهو من رجال مسلم وحده. لكن قال المنذري رقم (31) : " إبراهيم لم يسمع من عائشة؛ فهو منقطع "؛ وكذا قال الحافظ في "التلخيص " (1/518) . ولذلك فقد ساقه المؤلف موصولأ عقب هذا؛ فقال: ثنا محمد بن حاتم بن بزبع: ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقال العرافي في "طرح التثريب " (2/71) : " إسناده صحيح ". والحديث أخرجه الإمام أحمد (6/265) : ثنا عبد الوهاب ... به.

_ (*) كتب شيخنا رحمه الله لنفسه هنا: " يراجع ترجمة سعيد بن أبي عروبة؛ فإن ابن حجر قال فيه: " كئير التدليس واختلط ". فإذا صح هذا؛ فيكون في الحديث علة، وهي عنعنته؛ لاسيما وقد أدخل بينه وبين أبي معشر رجلاً في رواية لأحمد ".

19- باب الاستتار في الخلاء

ورواه مغيرة عن إبراهيم عن عائشة: أخرجه أحمد (6/170) . ورواه محمد بن أبي عدي عن سعيد عن رجل عن أبي معشر عن إبراهيم عن عائشة: أخرجه أحمد أيضا (6/265) ، والبيهقي (1/113) . والصواب عندي الرواية الموصولة؛ لأ نها زيادة من ثقة، وهما مقبولة. والحديث قال النووي في "المجموع " (2/108) : " رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح ". ورواه مسروق عنها بنحوه؛ وسيأتي إن شاء الله رقم ( ... ) في (اللباس) [باب في الانتعال] . 19- باب الاستتار في الخلاء [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر" الضعيف ") ] 20- ومن " باب ما يُنهى عنه أن يُستنجى به " 27- عن شَيْبان القِتْبانيّ: أن مَسلمة بن مُخَلَّد استعمل رُوَبفع بن ثابت على أسفل الأرض، قال شيبان: فَسِرْنا معه من كُومِ شَرِيك إلى عَلْقَمَاء، أو من علقماء إلى كوم شريك- يريد عَلْقَام-، فقال رُوبفع: إن كان أحدنا في زمن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/لَيأخذُ نِضْوَ أخيه؛ على أنَّ له النصف مما يُغنمُ ولنا النصف، وإن كان أحدنا لَيطير له النَّصْلُ والزيش، ولِلآخرِ القِدْحُ، ثمّ قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" يا رويفع! لعلَّ الحياة ستطول بك بعدي؛ فأخبر الناس أنّه من عَقَدَ لحيته، أو تَقلَّدَ وَتَراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم؛ فإنّ محمداً منه بريء". (قلت: حديث صحيح، وقال النووي: إسناده جيد) . إسناده: ثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهَب الهمداني: ثنا المفَضلُ- يعني: ابن فَضَالة المصري- عن عياش بن عباس القِتْبَاتي أن شِيَيْم بن بَيْتان أخبره عن شيبان القتباني. وهذا سند رجاله كلهم ثقات؛ غير شيبان القتباتي؛ فهو مجهول، كما في "التقريب ". لكن قد سمع الحديث شييم بن بيتان من رويفع بن ثابت مباشرة أيضا، كما يأتي؛ كما أن له فيه إسناداً آخر. والحديث أخرجه البيهقي (1/110) من طريق المؤلف بهذا الإسناد، وكذلك أخرجه أحمد (4/109) قال: ثنا يحيى بن غيلان قال: ثنا المفضل ... به. وتابعه ابن لهيعة فقال: ثنا عياش بن عباس عن شييم بن بيتان قال: ثنا رويفع بن ثابت قال: كان أحدنا عْي زمان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ ... الحديث. أخرجه أحمد (4/108) ، وابن لهيعة ثقة يخشى من سوء حفظه. لكن تابعه على روايته هكذا حيوة بن شريح؛ وهو ثقة حجة من رجال الشيخين: أخرجه النسائي (2/277) : أخبرنا محمد بن سلمة قال: ثنا ابن وهب عن حيوة بن شريح- وذكر آخر قبله- عن عياش.

فهذا إسناد صحيح متصل بسماع شِييم من رويفع، وليس عند النسائي إلا المرفوع من قوله عليه الصلاة والسلام: " يا رويفع! لعل الحياة ... " إلخ. والحديث سكت عليه الحافظ في "التلخيص " (1/499- 500) . وقال النووي (2/116) : " رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد ". وقد رواه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/74) من طريق أصبغ بن الفرج قال: ثنا ابن وهب ... به. وسكت عليه المنذري أيضا (رقم 33) . 28- قال أبو داود: " ثنا يزيد بن خالد: ثنا مُفَضَّلٌ عن عياش أن شِيَيْم ابن بَيْتَان أخبره ... بهذا الحديث أيضا عن أبي سالم الجيشاتي عن عبد الله ابن عمرو ... يذكر ذلك وهو معه مرابط بحصن باب (أليُونَ) ". قال أبو داود: " حصن (أليون) على جبل بالفسطاط ". قال أبو داود: " وهو شيبان بن أمية؛ يكنى أبا حذيفة ". (قلت: صحيح الإسناد) . 29- عن جابر: نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نَتَمَسَّحَ بعَظْم أو بَعْر. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو، وأبو عوانة في

"صحيحيهما") . إسناده: ثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا روح بن عبادة: ثنا زكريا بن إسحاق: ثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وهو في "المسند" (3/343، 384) بهذا السند، ورواه البيهقي عن المؤلف به. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة من طرق عن روح ... به. وتابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير: أخرجه أحمد (3/336) . 30- عن عبد الله بن مسعود قال: قَدِمَ وفد الجن على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا محمد! انْهَ أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حمَمَة؛ فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقاً. قال: فنهى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن التركماني) إسناده: ثنا حَيْوة بن شُرَيْح الحِمصي: ثنا ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباتي عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن مسعود. وهذا إسناد صحيِح رجاله كلهم ثقات، وابن عياش: هو إسماعيل الحمصي وشيخه حمصي أيضآ، وابن عياش- إذا روى عن الشاميين- حجة عند البخاري وأحمد وابن معين، وإذا روى عن الحجازيين؛ فهو ضعيف، وقد بين السبب في ذلك محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن يحيى بن معين؛ قال: " هو ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز؛ فإن كتابه

ضاع، فخلط في حفظه عنهم ". ومن ذلك تعلم أن قول المنذري (رقم 35) : " في إسناده إسماعيل بن عياش؛ وفيه مقال "! لا يروى ولا تحقيق فيه. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف، وأخرجه الدارقطتي (21) من طريق هشام بن عمار: نا إسماعيل بن عياش ... به. وقال الدارقطني- وتبعه البيهقي-: " إسناد شامي ليس بثابت "! وقد رد ذلك عليهما ابن التركماني فقال في " الجوهر النقي ": " قلت: ينبغي أن يكون هذا الإسناد صحيحاً؛ فإن عبد الله بن فيروز الديلمي وثقه ابن معين والعجلي، ويحيى بن أبي عمرو وثقه يعقوب بن سفيان، وقال ابن حنبل: ثقة ثقة. وهو حمصي، ورواية ابن عياش عن الشاميين صحيحة، كذا ذكر البيهقي في (باب ترك الوضوء من الدم) ، وحيوة الحمصي أخرج عنه البخاري ". وللحديث طريق أخرى عندهما: عن ابن وهب: ثتي موسى بن علَي عن أبيه عن ابن مسعود ... به. وهذا سند صحيح على شرط مسلم. وأما هما؛ فأً علاّه بأن عُلَيَّ بن رباح لم يثبت سماعه من ابن مسعود! ورده ابن التركماتي أيضا بأن هذا ليس بشرط عند مسلم والجمهور، بل يكفي إمكان اللقاء والسماع؛ وعًلَي هذا؛ ولد سنة خمس عشرة، كذا ذكر أبو سعيد بن يونس، فسماعه من ابن مسعود ممكن بلا شك؛ لأن ابن مسعود توفي سنة (32) ، وقيل: (33) . قلت: وهو لم يذكر بتدليس؛ فلا تضرّ عنعنته.

21- باب الاستنجاء بالحجارة

ومن طريقه: أخرجه الخطابي أيضا في "غريب الحديث " (47/1) . وله شاهد في "مسند البزار" (ص 31- زوائده) عن عبد الله بن الحارث بن جَزْء ... مرفوعاً مختصراً. وطريق آخر عند النسائي (1/35- 36- دار القلم) . 21- باب الاستنجاء بالحجارة 31- عن عائشة: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط؛ فليذهب معه بثلاثة أحجار-، يستطيب بهنّ؛ فإنها تجزئ عنه ". (قلت: حديث حسن، وقال النووي: " صحيح"، وحسن إسناده الدارقطني) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور وفتيبهَ بن سعيد فالا: ثنا يعقوب بن عبد للرحمن عن أبي حازم عن مسلم بن قُرْط عن عروة عن عائشة. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسلم بن قرط؛ قال الذهبي في "الميزان ": " لا يعرف، روى عنه أبو حازم الأعرج ". وقال السيوطي في "حاشيته على النسائي ": " قال الزركشي في "التخريج ": قرط: بضم القاف وسكون الراء وطاء مهملة؛ لم يرو عنه غير أبي حازم، ولا يعرف هذا الحديث بغير هذا الإسناد، ولا ذكر لابن قرط في غيره، ولم يتعرضوا له بمدح ولا قدح، وقال الشيخ ولي للدين: ذكره ابن

حبان في "الثقات "، وقال: يخطئ. ولا نعرفه بأكثر من أنه روى عن عروة ". وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب "- بعد أن نقل قول ابن حبان فيه: " يخطئ "-: " هو مقل جدّاً، وإذا كان مع قلة حديثه يخطئ؛ فهو ضعيف ". قلت: لكن الحديث له شاهد من رواية أبي أيوب الأثصاري رضي الله عنه بلفظ: " إذا تغوط أحدكم فليتمسح بثلاثة أحجار؛ فإن ذلك كافيه ". قال في "مجمع الزوائد" (1/211) : " رواه الطبراني في "الكبيرلما و "الأوسط "؛ ورجاله موثقون، إلا أن أبا شعيب صاحب أبي أيوب لم أر فيه تعديلاً ولا جرحاً ". فالحديث- بهذا الشاهد- حسن إن شاء الله تعالى، بل هو صحيح؛ فإنه بمعنى حديث سلمان المتقدم رقم (5) : " ولا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار ". والحديث أخرجه الدارمي وأحمد (6/133) قالا: ثنا سعيد بن منصور ... به وأخرجه النسائي قال: أخبرنا قتيبة ... به. وأخرجه الدارقطتي (20) ، وكذا أحمد (6/108) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم: نا أبي ... به. وقال الدارقطني: " إسناد حسن ". وفي نسخة:

"صحيح ". ونقل الحافظ في ترجمة ابن قرط عنه أنه حسنه. والزيلعي (1/214 و 215) أنه قال: " إسناد صحيح ". وظاهر أن هذا من اختلاف النسخ. وأها النووي فجمع بين النسختين؛ فقال (2/93 و 96) : " حديث صحيح، قال الدارقطني: إسناده حسن صحمِح "! 32- عن خزيمة بن ثابت قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاستطابة؟ فقال: " بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ". (قلت: حديث حسن أو صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن عموو بن خزيمة عن عمارة بن خزيمة عن خزيمة بن ثابت. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عمرو بن خزيمة؛ قال في " الميزان ": " لم يرو عنه سوى هشام بن عروة، لكنه قد وثق ". قلت: وثقه ابن حبان على قاعدته! وفي "التقريب " أنه مقبول، يعني: إذا توبع؛ وإلا فضعيف.

22- باب في الاستبراء

قلت: لكن الحديث له شواهد يرقى بها إلى درجة الحسن أو الصحيح، فانظر رقم (5 و 27 و 29 و 35) . والحديث سكت عليه المنذري (رقم 37) . وقد أخرجه ابن ماجه (1/132) ، وأحمد (5/213- 215) ، والطبراني (4/ 100/ 3725) من طرق عن هشام ... به. وأخرجه البيهقي من طريق المصنف. ثم قال- أعني: المصنف-: " كذا رواه أبو أسامة وابن نمير عن هشام ". قال البيهقي: " وكذلك رواه محمد بن بشر العبدى ووكيع وعبدة بن سليمان عن هشام. ورواه ابن عيينة عن هشام عن أبي وجزة عن عمارة. وكان على بن المديني يقول: الصواب روايهَ الجماعة عن هشام عن عمرو بن خزيمة ". 22- باب في الاستبراء [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 23- باب في الاستنجاء بالماء 33- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل حائطاً ومعه غلام معه مِيضَآةٌ - وهو أصغرنا-، فوضعها عند السدرة، فقضى حاجته، فخرج علينا وقد استنجى بالماء. (قلت: إسناده صحمِح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ") .

إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد- يعني: الواسطي- عن خالد- يعني: الحذأء- عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " كما سيأتي. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/195) عن المصنف، فقال: ثنا أبو داود السِّجْزِيُّ قال: ثنا وهب بن بقية ... به. و (السِّجْزِيُ) : نسبة إلى سجستان؛ قال المنذري (1/12) : " وهو من عجيب التغيير في النسب، وقد نسب أبو داود وغيره كذلك ". والحديث أخرجه مسلم: ثنا يحيى بن يحيى: أخبرنا خالد بن عبد الله ... به ثمّ أخرجه هو والبخاري والنسائي وللدارمي وأبو عوانة أيضا، والطيالسي (رقم 2134) ، وعنه للبيهقي، وأحمد (3/171) من حديث شعبة عن عطاء ... به. والشيخان، وأحمد (3/112) ، ومن طريقه أبو عوانة عن روح بن القاسم عنه ... به. 34- عن أبي هريرة عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نزلت هذه الأية في أهل فباء: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} ؛ قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الاية". (قلت: حديث صحيح، وصححه النووي والحافظ ابن حجر) . إسناده: ثنا محمد بن العلاء: اْخبرنا معاوية بن هشام عن يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي صالح عن أبي هريرة.

وهذا إسناد ضعيف: يونس بن الحارث ضعيف. وشيخه إبراهيم بن أبي ميمونة مجهول؛ قال الذهبي: " ما روى عنه سوى يونس بن الحارث ". والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والبيهقي عن المصنف ... بهذا الإسناد. وقال الترمذي: " حديث غريب من هذا الوجه ". وقال الحافظ فما "التلخيص " (1/525) - وسبقه النووي في "المجموع " (2/99) -: " إسناده ضعيف ". قلت: لكن الحديث له شواهد كثيرة يرقى بها إلى درجة الصحيح: فمنها: ما عند أحمد (3/422) من طريق أبي أويس: ثنا شُرَحْبِيلُ عن عُويمِ ابن ساعدة الأنصاري أنه حدثه: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتاهم في مسجد قباء، فقال: " إنّ الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم، فما هذا الطُهور الذي تطهرون به؟ ". قالوا: والله يا رسول الله! ما نعلم شيئاً؛ إلا أنه كان لنا جيران من اليهود، فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط؛ فغسلنا كما غسلوا. وهذا إسناد حسن. رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/14/2) . ثم رأيته في "المستدرك " (1/155) ؛ وصححه، ووافقه الذهبي.

ومنها: ما أخرجه الحاكم (1/187) ، وعنه البيهقي من طريق محمد بن إسحاق عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس: {فيه رجال يحيون أن يتطهروا} ؛ قال: لما نزلت هذه الأية؛ بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عُويمِ بن ساعدة فقال: " ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟ ". قالوا: يا نبي الله! ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل دبهره- أو قال: مقعدته-، فقال النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ففي هذا ". وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر من وجهين: الأول: أن مسلماً إنما روى لابن إسحاق مقروناً بغيره. وثانياً: هو مدلس؛ وقد عنعنه. وله شاهد ثالث من حديث جابر وأبي أيوب وأنس جميعاً: رواه ابن ماجه وغيره، وقد صححه النووي (2/99) ، وسوف نخرجه ونتكلم على إسناده في "صحيح ابن ماجه "- إن شاء الله تعالى- رقم ( ... ) . (تنبيه أول) : قد تبين لك أنه ليس في شيء من هذه الأحاديث ذكر الحجارة مع الماء، وقد اشتهر على الألسنة أنهم كانوا يجمعون بينهما؛ بل جاء الحديث في "المهذب " بلفظ: " قالوا: نتبع الحجارة الماء "! فقال النووي: " كذا يقوله أصحابنا وغيرهم في كتب الفقه والتفسير، وليس له أصل في

24- باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

كتب الحديث ". ولعله أراد ليس له أصل صحيح؛ وإلا فقد رواه البزار بلفظ "المهذب" لكن إسناده ضعيف، كما قال الحافظ في "البلوغ "، و "التلخيص ". وأقول: إنه منكر؛ لخالفته لجميع من روى هذا الحديث من الثقات. (تنبيه ثان) : وهم في حديث أبي هريرة- هذا- عالمان فحلان: أحدهما: ابن العربي؛ حيث قال في "تفسيره " (1/415) : " وهذا حديث لم يصح " ا وهذا فيه إسراف ظاهر، فالحديث صحيح لا شك فيه؛ لما سبق من الشواهد وغيرها، ولو قال: (إسناده لم يصح) ؛ لصدق. والآخر: الحافظ ابن حجر؛ حيث قال في "الفتح " (7/195) : إن " إسناده صحيح "! وهو غير صحيح إ! بل ضعيف يشهادة الحافظ نفسه؛ كما نقلناه عنه. 24- باب الرجل يَدْلُكُ يده بالأرض إذا استنجى 35- عن أبي هريرة قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتى الخلاء؛ أتيته بماء في تَور أو رَكوة، فاستنجى ثمّ مسح يدَه على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ ". (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان) . إسناده: أخرجه من طريقين عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن المغيرة عن

أبي زرعهَ عن أبي هريرة. هكذا وقع في أكثر النسخ: (عن المغيرة) ! ولم ترد في بعض النسخ الخطية المصححة، وهذا هو الصواب؛ لوجوه أربعة ذكرها صاحب " العون "، يطول الكلام بإيرادها. وأزيد عليها وجهاً خامساً: أن البيهقي أخرج الحديث في "سننه " (1/106 و157) عن المصنف من الوجهين ... هكذا على الصواب دون ذكر: (عن المغيرة) ؛ وكذلك هو عند كل من أخرج الحديث كما يأتي. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن شريكاً- وهو ابن عبد الله القاضى- سيئ الحفظ، قال الحافظ في "التقريب ": " صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً فاضلأ عابداً شديداً على أهل البدع ". وقد توبع عليه؛ كما يأتي، فالحديث حسن؛ إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه النسائي وابن ماجه، وأحمد (2/311 و 454) ، وابن حبان في "صحيحه " (138 و 1402) من طرق عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة. وتابعه اْبان بن عبد الله بن أبي حازم؛ إلا أنه خالفه في إسناده فقال: حدثنا إبراهيم بن جرير بن عبد الله عن أبيه ... مثله. اْخرجه النسائي والدارمي وابن ماجه والبيهقي. وقال النسائي: " هذا أشبه بالصواب من حديث شريك "! وتعقبه ابن التركماتي بقوله: " قلت: أبان هذا؛ قال ابن حبان: كان ممن فحش خطأه وانفرد بالمناكير. وشريك القاضي ممن استشهد به مسلم. وحديثه هذا؛ أخرجه ابن حبان في

25- باب السواك

"صحيحه "، فلا نسلّم أن حديث أبان أشبه بالصواب منه، ولا يمتنع أن يكون لإبراهيم فيه إسنادان؛ أحدهما: عن أبي زرعة، والآخر: عن أبيه؛ كما مر نطير ذلك ". قلت: ويؤيد أنه ليس أشبه بالصواب: أن أبان قد اضطرب فيه: فمرة رواه هكذا عن إبراهيم عن أبيه. ومرة أخرى قال: ثتي مولى لأبي هريرة قال: سمعت أبا هريرة. أخرجه الدارمي والبيهقي، وأحمد (2/358) . وهذا مما يدل على سوء حفظه الذي وصفه به ابن حبان، وكذلك قال الحافط في "التقريب ": إنه " صدوق في حفظه لين ". والحديث قال النووي (2/102) : " إسناده صحيح؛ إلا أن فيه شريكاً، وقد اختلفوا في الاحتجاج به ". قلت: وللحديث شاهد من حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما في حديث غسل الجنابة: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد غسله فرجه؛ ضرب بيده الأرض فغسلها. وسيأتيان في الكتاب برقم (243 و 244) . 25- باب السواك 36- عن أبي هريرة- يرفعه- قال: " لولا أن أشق على المؤمنين؛ لأمرتهم بتأخير العشاء، وبالسواك عند كل صلاة ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه "

بتمامه. وأخرجاه في "الصحيحين " دون الأ مر بتأخير العشاء. وقال النووي: " إسناده صحيح ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجا بعضه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه "، (1/191) ، والبيهقي (1/37) من طرق عن سفيان بن عيينة ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم، والدارمي دون الأمر بتأخير العشاء. وكذلك أخرجه مالك، وعنه البخاري وكذا النسائي عن أبي الزناد ... به. وهذا القدر له طرق أخرى: عند البخاري ومالك والترمذي- وصححه-، وابن ماجه وأبي عوانة أيضا، والطيالسي (رقم 2328) ، وأحمد (2/287 و 399 و 400 و429 و 460 و 517) . كما أن له- بتمامه- طرقاً أخرى. فقال أحمد (2/250 و 433) : ثنا يحيى: أنا عبيد الله: حدثني ابن أبي سعيد عن أبي هريرة بلفظ: " بالسواك مع الوضوء، ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل- أو شطر الليل- ". وهذا إسناد صحيح على شرط الستة (1) .

_ (1) وقد تابعه عبد الرحمن السراج عن سعيد بن أبي سعيد ... به: أخرجه الحاكم (1/146) ، وقال: " صحيح على شرطهما "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر، وإنما هو على شرط مسلم وحده؛ كما بينته في "التعليق الرغيب ". ورواه الطحاوي (1/26- 27) من طريق عبيد الله

ورواه محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن عطاء مولى أم صفية عن أبي هريرة بلفظ: " كل صلاة "! فزاد في الإسناد (عطاءً) هذا؛ ولا يعرف كما قال الذهبي. طريق ثالث: أخرجه أحمد أيضا (2/258- 259) : ثنا أبو عبيدة الحداد - كوفي ثقة- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء سواك ". وهذا إسناد حسن؛ كما قال المنذري في "الترغيب " (1/99/رقم 3) . ثم إن الحديث؛ قال النووي في "المجموع " (3/56) : " رواه أبو داود بإسناد صحيح " ثمّ قال: " وأما الحديث المذكور في "النهاية " و "الوسيط ": " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة، ولأخرت العشاء إلى نصف الليل ": فهو- بهذا اللفظ- حديث منكر لا يعرف، وقول إمام الحرمين: إنه حديث صحيح؛ ليس بمقبول، فلا يغتر به " إ! قلت: إن كان يعني بقوله: إنه منكر؛ لأنّ فيه: " إلى نصف الليل "- وهو ليس في حديث الباب-؛ فقوله هو المنكر؛ لأنّ هذه الزيادة صحيحة ثابتة؛ فهي عند أحمد على الشك بلفظ: " إلى ثلث الليل- أو شطر الليل- "، كما سبق. وهي عند الحاكم في روايته المذكورة آنفاً من طريق عبد الرحمن الأعرج عن سعيد بن أبي سعيد بلفظ: " إلى نصف الليل " بدون شك.

ولها شاهد من حديث أبي سعيد الخدري بلفط: " لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم؛ لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل ". وإسناده صحيح، كما سيأتي في الكتاب (رقم 449) . 37- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن زيد بن خالد الجُهَنِيّ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لولا أن أشق على أمني؛ لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ". قال أبو سلمة: فرأيت زيداً يجلس في المسجد؛ وإن السواك من أذنه مَوْضِعَ القلم من أذن الكاتب؛ فكلما قام إلى الصلاة استاك. (قلت: حديث صحيح، وكذا قال الترمذي) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى بن يونس: ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه؛ إلا أنه قد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح. وقد أخرجه الترمذي أيضا، والبيهقي من طريق المصنف، وأحمد (4/114 و116 و 5/193) من طرق عن محمد بن إسحاق ... به، وزادا: " ولأخرت صلاة العشاء بلى ثلث للليل ". وقال للترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم إن له طريقاً أخرى عن أبي سلمة؛ فقال أحمد (4/116) : ثنا عبد الصمد

قال: ثنا حرب- يعني: ابن شداد- عن يحيى: ثنا أبو سلمة ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث علقه البخاري في (الصيام) ، ووصله الطحاوي (1/26) من الوجه الأول. 38- عن محمد بن يحيى بن حَبان عن عبد الله بن عبد الله بن عمر قال: قلت: أرأيت تَوَضُؤَ ابن عمر لكل صلاة طاهراً وغير طاهر؛ عَمّ ذاك؟ فقال: حدثتنيه أسماء بنت زيد بن الخطاب: أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدئها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمر بالوُضوء لكل صلاة طاهراً وغيرَ طاهر، فلما شَق ذلك عليه؛ أُمر بالسواك لكل صلاة. فكان ابن عمريرى أن به قوةً؛ فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة. (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وحسنه الحازمي، وصححه ابن خزيمة وابن حَبان) . إسناده: ثنا محمد بن عوف الطائي: ثنا أحمد بن خالد: ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حَبان. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ لكن فيه عنعنة ابن إسحاق؛ بيد أنه قد صرح بالتحديث في غير هذه الرواية، فصح بذلك الحديث. وقد أخرجه البيهقي من طريق المؤلف.

26- باب كيف يستاك؟

ثمّ أخرجه هو والحاكم (1/155- 156) من طرق أخرى عن ابن إسحاق ... به؛ وفي رواية الحاكم تصريح ابن إسحاق بالتحديث. ثمّ قال: " حديث صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي! وفيه ما سبق التنبيه عليه قريباً. وأخرجه الطحاوي أيضا (1/26) ، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما "- كما في " التلخيص " (1/378) -، والدارمي (1/ 168) ، والحازمي في " الاعتبار" (ص 36- 37) ، وقال: "حديث حسن ". وهو في "المسند" (5/225) بتصريح ابن إسحاق بالتحديث. 26- باب كيف يستاك؟ 39- عن أبي ئردة عن أبيه [يعني: أبا موسى] قال: أتينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِفة؛ فرأيته يستاك على لسانه. وفي رواية: قال: دخلت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يستاك، وقد وضع السواك على طَرَفِ لسانه وهو يقول: إه إه؛ يعني: يَتَهَوع (قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح على شرط البخاري، والأخرى على

_ (1) ولفظة البخاري: "أع أع"، والنسائي: " عأ عأ عأ ". قال الحافظ: " والروا ية الأولى- يعني: البخاري- أشهر ".

شرطهما. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") إسناده: حدثنا مسدَّد وسليمان بن داود العَتَكِيُ قالا: حدثنا حماد بن زيد عن غَيلان بن جرير عن أبي ئردة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ثمّ قال أبو داود عقب الحديث: " قال مسدد: فكان حديثاً طويلاًا ختصره ". كذا في بعض النسخ! وفي عامة النسخ: "اختصرته ". وهو الصحيح، كما في "عون العبود"، وسيأتي بعض الحديث في "النذور" رقم ( ... ) . والحديث أخرجه الشيخان، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/192) ، والنسائي، وأحمد (4/417) من طرق عن حماد بن زيد ... به. وكذلك أخرجه البيهقي. وليس عند مسلم وأحمد قوله: وهو يقول ... إلخ. وزاد أحمد: يسن إلى فوق؛ فوصف حماد كأنه يرفع سواكه، قال حماد: ووصفه لنا غيلان قال: كان يسق طولاً. وإسناده صحيح على شرطهما. وتابعه حميد بن هلال عن أبي بردة بلفظ: رأيت النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستاك، فكأنما أنظر إلى السواك قد قلص وهو يستاك. أخرجه أبو عوانة والنساثي، وهو عنده أنم، ويأتي في أول "الحدود".

27- باب الرجل يستاك بسواك غيره

27- باب الرجل يستاك بسواك غيره 40- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إٍ يَسْتَنُّ وعنده رجلان أحدُهُما اكبرُ من الأخر، فأوحي إليه في فضل السواك أنْ كبِّر: أعْطِ السواك أكبرهما. (قلت: إسناده صحيح، وحسنه الحافظ) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا عنبسة بن عبد الواحد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عيسى- وهو ابن نَجِيح الطباع-، وشيخه عنبسة بن عبد الواحد، وهما ثقتان اتفاقاً. وقد تساهل الحافظ ابن حجر في "الفتح " (1/284) ، وفي "التلخيص " (1/381) ؛ فقال: " إسناده حسن "! وللحديث شاهد من حديث ابن عمر قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يسق، فأعطاه أكبر القوم، ثمّ قال: " إن جبريل أمرني أن أكبِّر ". أخرجه أحمد (2/138) ، والبيهقي (1/40) من طريق أسامة بن زيد: أخبرني نافع عنه. وهذا إسناد حسن؛ وهو على شرط مسلم. وقد علقه البحاري (1/284) .

وأخرجه مسلم (7/57 و 8/229) من طريق صخر بن جويرية عن نافع ... به بلفظ: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أراني في المنام أتسوك بسواك، فجذبتي رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر ". وعلقه البخاري أيضا، ووصله البيهقي. (فائدة) : قال الحافظ: " قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام. وقال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس؛ فإذا ترتبوا؛ فالسنّة حينئذ تقديم الأيمن، وهو صحيح؛ وسيأتي الحديث فعه في الأشربة ". قلت: وهو الحديث رقم ( ... ) [كتاب الأشربة/ باب في السافي متى يشرب] . 41- وعن شُرَيْح قال: قلت لعائشة: بأي شيء كان يبدأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أبو داود: ثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى بن يونس عن مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه كما يأتي. (تنبيه) : أبو داود: هو المصنف رحمه الله، والقائل: ثنا أبو داود؛ هو أبو علي محمد بن عمرو لللؤلؤي، أحد رواة "السنن " عن المصنف.

28- باب غسل السواك

ثم إن هذا الحديث لم يرد في النسخة التي شرح عليها صاحب "العون "، ولا في "مختصر المنذري "، وقد عزاه إلى المصنف النابلسيُ في "الذخائر" (4/195/ رقم 10789) . والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه "، وأبو عوانة والنسائي والبيهقي كلهم عن مسعر ... به. وقد تابعه سفيان عن القدام: أخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (6/188- 192) بلفظ: " كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك ". وبهذا اللفظ: أورده الحافظ في "التلخيص " (1/381) ؛ وقال: " رواه ابن حبان في "صحيحه "، وأصله في "مسلم " ... "! فذهل عن كونه عنده بهذا اللفط، وفد عزاه إليه النووي في "المجموع " (1/273) . هذا؛ وتابعه شريك بن عبد الله أيضا: عند ابن ماجه، وأحمد (6/182) . 28- باب غَسْلِ السواك 42- عن عائشة أنها قالت: كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستاك، فيعطي السواك لأغسله؛ فأبدأ به فأستاك، ثم أغسله وأدفعه إليه. (قلت: إسناده حسن، وحسنه النووي) .

إسناده: ثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري: ثنا عنبسة بن سعيد الكوفي الحاسب: حدثني كثير عن عائشة. وهذا إسناد حسن؛ رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير كثير- وهو ابن عُبَيْد. رضيع عائشة-، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع كثير من الثقات. والحديث قال النووي في "المجموع " (1/283) أنه: " حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد جيد ". وسكت عليه الحافظ في "التلخيص " (1/381) ، واحتج به في "الفتح " (1/284) على استحباب غسل سواك الغير؛ إذا أراد أن يستعمله. والحديث رواه البيهقي من طريق المؤلف. وأخرج البخاري، والحاكم (1/145) ، وأحمد (6/200) من طريقين عن هشام بن عروة: أخبرتي أبي عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن! فأعظانيه. فقضمته ثمّ مَضَعتهُ، فأعطيته رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فاسق به وهو مستند إلى صدري. أخرجه البخاري من طريق إسماعيل قال: ثتي سليمان بن بلال قال: قال هشام. فقال الحافظ: " (فائدة) : رجال الإسناد مدنيون، وإسماعيل شيغ البخاري: هو ابن أبي أويس، ولم أره في شيء من الروايات من غير طريق البخاري عنه " قلت: فقد خفيت علمِه رواية الحاكم هذه؛ وهو أخرجها من طريقين آخرين عن إسماعيل بن أبي أويس: ثنا سليمان بن بلال: ثنا هشام ... به.

29- باب السواك من الفطرة

وأما أحمد؛ فرواه من طريق معمر عن هشام ... به. وأخرجه البيهقي (1/39) من طريقين آخرين عن إسماعيل ... به. 29- باب السواك من الفطرة 43- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَشْرٌ من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق بالماء، وقص الأظفار، وغسل الْبَرَاجم، ونتف الابْط، وحلق العانة، وانتقاص الماء "؛ يعني: الاستنجاء بالماء. قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة؛ إلا أن تكون المضمضة. (قلت: حديث حسن، وكذ اقال الترمذي. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وصححه الحافظ) . إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب ابن شيبة عن طَلْق بن حبيب عن ابن الزبير عن عائشة وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكن مصعب بن شيبة هذا؛ تكلموا في حفظه، كما قال ابن عدي. وقال أحمد: " روى أحاديث مناكير ". وقال أبو حاتم: " لا يحمدونه؛ وليس بقوي ". وقال ابن سعد: " كان قليل الحديث ". وقال النسائي: " منكر الحديث ". وقال الدارقطني:

" ليس بالقوي ولا بالحافظ ". وقال ابن معين والعجلي: " ثقة ". وقال الحافظ في "التقريب ": " لين الحديث ". لكن الحديث حسن إن شاء الله تعالى بشواهده التي منها حديث عمار الذي أورده المصنف عقب هذا، وغيره مما سنذكره إن شاء الله تعالى تقوية له. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/191) ، والبيهقي (1/52) من طريق المؤلف. وأخرجه مسلم، والنسائي (2/274) ، والترمذي (2/126- طبع بولاق) ، وابن ماجه والدارقطني، وابن خزيمة (1/14/2) ، والطحاوي في "المشكل " (1/297) ، والعقيلي في "الضعفاء " (417) من طرق عن وكيع ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". وهو في "مسند أحمد" (6/137) : ثنا وكيع ... به. وقد تابعه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه ... به: أخرجه مسلم. ثمّ رواه النسائي من طريق المعتمر عن أبيه، ومن طريق أبي بشر كلاهما عن طلق بن حبيب قال: عشرة من الفطرة ... إلخ. وقال: إنه " أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة ". قال الحافظ في "الفتح " (10/ 277) : " ورجح النسائي الرواية المقطوعة على الموصولة المرفوعة. والذي يظهر لي أنها

ليست بعلة قادحة؛ فإن راويها مصعب بن شيبة وثقه ابن معين والعجلي وغيرهما، ولينه أحمد وأبو حاتم وغيرهما، فحديثه حسن. وله شواهد في حديث أبي هريرة وغيره؛ فالحكم بصحته من هذه الحيثية سائغ. وقول سليمان التيمي: (سمعت طلق بن حبيب يذكر عشراً من الفطرة) يحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها من قِبل نفسه على ظاهر ما فهمه النسائي. ويحتمل أن يريد أنه سمعه يذكرها وسندها، فحذف سليمان السند ". وقال المناوي- بعد أن حكى أقوال بعض الأئمة الذين سبق ذكرهم في مصعب هذا-: " لكن له شاهد صحيح مرفوع "!! ولم أجد هذا الشاهد الصحيح المرفوع؛ وإنما وجدت له شاهدأ صحيحاً، ولكنه موقوف على ابن عباس كما يأتي في الذي بعده، وشاهداً مرفوعاً، ولكنه ضعيف وهو الآتي. نعم؛ لبعضه شاهد بل شاهدان صحيحان من حديث ابن عمر: أخرجه النسائي (1/7) بسند صحيح، وابن حبان (1482) نحو، وكذا البخاري (10/ 295) ، وابن سعد (1/443) . وأبي هريرة، وسيأتي هذا في "الترجل " (رقم ... ) [باب في أخذ الشارب] (تنبيه) : في كل طرق أبي هريرة جاء فيها بلفظ: " قص الشارب "؛ إلا في طريق للنسائي- ذكره الحافظ وغيره، ولم أرها في "الصغرى" له (1/7 و 2/275) ، فالظاهر أنها في "الكبرى" له-؛ فإنها بلفظ: " حلق الشارب " إ! وقد ذكرها السيوطي أيضا في للالزيادة على الجامع الصغير"!

وهي في نقدي شاذة، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في "الفتح " (10/293) ، ولعلي أتمكن من بسط القول في ذلك فيما يأتي. 44- عن عمار بن ياسر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن من الفطرة: المضمضة، والاستنشاق ... "، فذكر نحوه، ولم يذكر: " إعفاء اللحية ". وزاد: " والختان ". قال: " والانتضاح "؛ ولم يذكر: " انتقاص الماء "؛ يعني: الاستنجاء. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب قالا: ثنا حماد عن علي ابن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر- قال موسى: عن أبيه. وقال داود- عن عمار بن ياسر. وهذا إسناد ضعيف من الوجهين، وذلك لأمرين: الأول: ضعف علي بن زيد بن جُدْعان. والثاني: جهالة شيخه سلمة بن محمد بن عمار؛ فإنه مجهول كما في "التقريب ". وأما الذهبي فقال في "الميزان ": " صدوق في نفسه. روايته عن جده مرسلة. روى عنه علي بن جدعان وحده. قال ابن حبان: "لا يحتج به "!! ". قلت: فلا أدري من أين جاء يشهادة الصدق له؛ مع أنه يعترف أنه لم يرو عنه غير ابن جدعان؟!

ثمّ الحديث- على رواية موسى- مرسل؛ لأن محمد بن عمار ليست له صحبة كما قال المنذري (رقم 49) . وعلى رواية داود: منقطع؛ لأن سلمة لم يسمع من جده؛ كما أفاده ابن معين وغيره. والحديث أخرجه ابن ماجه والبيهقي، والطيالسي (رقم 641) ، وأحمد (4/264) من طرق عن حماد بن سلمة ... به مثل رواية داود المنقطعة. ولفظ الحديث بتمامه: " من الفطرة: المضمضة-،، والاستنشاق، والسواك، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، والاستحداد، وغسل البراجم، والا نتضاح، والاختتان ". وهو حديث حسن بما قبله وبما بعده، كما أشار إلى ذلك النووي (1/283) . 45- قال أبو داود: " وروي نحوه عن ابن عباس؛ وقال: خمس كلها في الرأس ... وذكر فيها: الفرق، ولم يذكر إعفاء اللحية ". (قلت: هو موقوف صحيح على شرط الشيخين، وكذا صححه الحاكم والذهبي، وصححه الحافظ) . وصله عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: {وإذ ابتلى إبراهيمَ رثه بكلمات} ؛ قال: ابتلاه بالطهارة: خمس في الرأس وخمس في الجسد. في الرأس: قص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل أثر الغائط والبول بالماء.

وذكره ابن كثير؛ وكذلك عزاه الحافظ (10/277) لعبد الرزاق في "تفسيره "، قال: " والطبري من طريقه بسند صحيح ". قلت: وهو على شرط الشيخين؛ وكذلك صححه الحاكم (2/266) ، ووافقه الذهبي. 46- قال أبو داود: " وروي نحو حديث حماد عن طلق بن حبيب، ومجاهد، وعن بكر المزني ... قولَهم، ولم يذكروا إعفاء اللحية ". (قلت: موقوفات كلها، وهو عن طلق صحيح الاسناد) . قلت: أما الرواية عن طلق بن حبيب؛ فقد وصلها النسائي كما سبقت الإشارة إلى ذلك، قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا المعتمر عن أبيه قال: سمعت طلقاً يذكر: عشرة من الفطرة: السواك، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، وغسل البراجم، وحلق العانة، والاستنشاق، وأنا شككت في المضمضة. وهذا إسناد موقوف صحيح على شرط مسلم؛ لكنها سبعةٌ بالمضمضة فينقصها ثلاثة تمام العشرة. وقد رواها النسائي من طريق أخرى فقال: أخبرنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشرعن طلق بن حبيب قال: عشرة من السنة ... فذكر هذه السبعة وفيها المضمضة إلا أنه قال: الدبر بدل: البراجم، وزا د: وتوفير اللحية، ونتف الإبط، والختان. وإسناده صحيح أيضا على شرط الشيخين.

فقد صح عن طلق: إعفاء اللحية ... ؛ خلافاً لما ذكره المؤلف! فلعل ذلك بناء على رواية وقعت له. وأما الرواية عن مجاهد وبكر المزني؛ فلم أقف عليها! لكن قال الحافظ ابن كثير- بعد أن ساق حديث ابن عباس الذي نقلناه عنه سابقاً-: " قال ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن المسيب ومجاهد والشعبي والنخعي وأبي صالح وأبي الجلد نحو ذلك ". 47- وفي حديث محمد بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: "وإعفاء اللحية". (قلت: صحيح، ولم أقف عليه بهذه الرواية) . قلت: حديث أبي هريرة سيأتي في "الترجل " [باب في أخذ الشارب] (رقم ... ) من رواية سعيد بن المسيب عنه؛ وليس فيه ما ذكر، ولم أقف على هذه الرواية الآن، ولم يوصلها المزي في "التحفة "! نعم؛ رواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب معاً. أخرجه أبو الشيخ؛ كما في "الفتح " (10/276) ، ولم يذكر أن فيه هذه الجملة. وابن أبي مريم هذا ثقة من رجال أحمد. 48- وعن إبراهيم النخعي نحوه وذكر، إعفاء اللحية والختان. (قلت: موقوف صحيح) . انظر كلام ابن أبي حاتم المذكور آنفاً.

30- باب السواك لمن قام من الليل

30- باب السواك لمن قام من الليل 49- عن حذيفة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قام من الليل؛ يَشُوصُ فاه بالسواك. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان عن منصور وحصين عن أبي وائل عن حذيفة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه " (2/300) ... بهذا الإسناد. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة والنسائي والدارمي وابن ماجه والبيهقي وأحمد (5/332 و 390 و 397 و 402 و 407) من طرق عنهما؛ إلا النسائي: فعن منصور وحده، والدارمي: عن حصين وحده. وقد تابعهما الأعمش: عند مسلم وابن ماجه وأحمد. 50- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوضع له وَضُوؤُهُ وسِواكُه، فإذا قام من الليل؛ تخلَّى ثمّ استاك. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد: أخبرنا ابهز بن حكيم عن زُرَارَةَ

ابن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير بهز بن حكيم؛ وهو ثقة، والحديث مختصر الحديث الآتي رقم (1216) . وأخرجه البيهقي من طريق المؤلف. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة وغيرهم من طريق قتادة عن زرارة ... به نحوه. وأصله عند المصنف كما سيأتي هناك (رقم 1213) . وله شاهد من حديث أنس بسند حسن: رواه ابن نصر (ص 44) . 51- عن عائشة: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يرقد من ليل ولا نهار في تية ظ؛ إلا تسوك فبل أن يتوضأ. (قلت، حديث حسن؛ دون قوله: " ولا نهار لما؛ فإنه ضعيف) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف علي بن زيد- وهو ابن جدعان-. وأم محمد: هما زوجة أبيه، وليست بأمه، واسمها أمية بنت عبد الله؛ وكأنها مجهولة؛ فلم يذكر توثيقها أحد. لكن الحديث حسن بما قبله، وله شواهد سنذكر بعضها. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (6/121 و 160) من طرق عن همام ... به.

ومن شواهده: ما في "المسند" (2/117) : ثنا سليمان بن داود: ثنا محمد بن مسلم بن مهران- مولى لقريش-: سمعت جدي يحدث عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا ينام إلا والسواك عنده؛ فإذا استيقظ بدأ بالسواك. وهذا إسناد حسن. ورواه الطبراني في "الكبير" (3/207/2) من طرق أخرى عن ابن عمر. وقد أخرج المصنف حديثاً بهذا الإكمناد، سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى (رقم 1154) . 52- عن عبد الله بن عباس قال: بمت ليلة عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما استيقظ من منامه؛ أتى طَهوره، فأخذ سواكه فاستاك، ثم تلا هذه الآيات: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) ؛ حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها، ثم توضأ، فأتى مُصلاّه فصلى ركعتين، ثمّ رجع إلى فراشه، فنام ما شاء الله، ثمّ استيقظ، ففعل مثل ذلك، ثمّ رجع إلى فراشه فنام، ثمّ استيقظ ففعل مثل ذلك، ثم رجع إلى فراشه فنام ثم استيقظ ففعل مثل ذلك؛ كلَّ ذلك يستاك ويصلّي ركعتين، ثمّ أوتر. (وفي رواية: قال: فتسوك وتوضأ؛ وهو يقول: {إن في خلق السماوات والأرض} حتى ختم السورة) . (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا هشيم (*) : أخبرنا حُصَيْن عن حبيب ابن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله

_ (*) في أصل شيخنا رحمه الله وبخط يده: " هشام "! وهو سبق قلم منه يرحمه الله؛ والتصويب من " تهذيب الكمال" (30/272) ، وكذا هي في "سنن أبي داود".

ابن عباس. قال أبو داود: " رواه ابن فُضَيْل عن حصين قالى: فتسوك.. " إلخ الرواية الأخرى. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن عيسى - وهو ابن الطباع-، وهو ثقة كما مرَّ. غير أن حبيباً هذا قد رمي بشيء من التدلس، وهو من ثقات التابعين، ولحديثه هذا طرق أخرى، سيأتي بعضها في الكتاب (رقم ... ) . والحديث أخرجه مسلم، وأبو عوانه (2/320- 321) ، وابن نصر في "قيام الليل " (49) ، وأحمد (1/373) من طرق عن حصين ... به. ورواه النسائي أيضا (1/249) من هذا الوجه لكن باختصار. وكذلك أخرجه من طرق أخرى عن حبيب. وأخرجه ابن ماجه (1/124) من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس مختصراً بلفظ: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلّي بالليل ركعتين ركعتين، ثم ينصرف فيستاك. وإسناده هكذا: حدثنا سفيان بن وكيع: ثنا عَثَّام بن علي عن الأعمش ... وزعم العراقي في "التقريب " (2/66- 67) أن إسناده صحيح، وتبعه الحافظ في "الفتح "! مع أنه قال في ترجمة سفيان بن وكيع من "التقريب ": " كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوزاقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه ". والرواية الأخرى ستأتي موصولة (رقم 1334) .

31- باب فرض الوضوء

31- باب فرض الوضوء 53- عن أبي المَلِيح عن أبيه [أسامة الهذلي] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقبل الله عر وجل صدقة من كُلول، ولا صلاة بغيرطهور". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثتا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن قتادة عن أبي المليح. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي المليح- وهو ابن أسامة بن عمير-؛ وهو ثقة. والحديث رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده " (رقم 1319) : ثنا شعية ... به، وصرح قتادة بسماعه من أبي المليح عنده. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/235) ، والنسائى وابن ماجه والبيهقى، وأحمد (5/74 و 75) من طرق عن شعبة ... به. وتابعه خالد الحذاء عن أبي المليح، لكن الراوي عنه ضعيف: أخرجه الطبراني في "معجمه الصغير" (19) . وله شاهد من حديث ابن عمر: عند مسلم، وأبي عوانة وغيرهما. ومن حديث أنس: عند أبي عوانة وابن ماجه. 54- عن أبي هريره قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .

وقد أخرجاه، وأبو عوانة في "صحاحهم "، وصححه الترمذي) إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن همام بن منبِّه عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو فما "المسند" (2/308- 318) بهذا اِلإسناد. والحديث أخرجه الشيخان، وأبو عوانة في" صحاحهم "، والترمذي- وصححه- من طرق عن عبد الرزاق ... به. وله عند أبي عوانة أربعة طرق عن أبي هريرة ... بمثل حديث أسامة قبله. وروى له شاهدين من حديث أبي بكر وأبي سعيد؛ وهما ضعيفان. 55- عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مِفتاحُ الصلاة الطُّهورُ، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم وابن السكن وكذا الحافظ، وحسّنه النووي، وأورده المقد سي في "الأ حاديث المختارة ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن سفيان عن ابن عَقيل عن محمد ابن الحنفية عن علي. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن عقيل- وهو عبد الله بن محمد بن عقيل-؛ وقد تكلم فيه من قِبل حفظه، وهو صدوق. وقد قال الذهبي: " حديثه في مرتبة الحسن، كان أحمد وإسحاق يحتجان به ". وقال الحافظ

في " التقريب ": " صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخرة ". والحديث أعاده المصنف رحمه الله في "باب الإمام يحدث بعدما يرفع رأسه من الصلاة "، وسوف لا نعيده في "مختصرنا" هذا؛ لأنه بهذا السند. والحديث أخرجه الترمذي أيضا؛ والدارمي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني، والبيهقي (2/173 و 379) ، وأحمد (2/رقم 1006- 1072) ، والخطيب في "تاريخه " (10/197) من طرق عن سفيان ... به. ورواه ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزار في "مسانيدهم "- كما في "نصب الراية" (1/307) -. ثمّ قال الترمذي: " هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وعبد الله بن محمد بن عقيل صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قِبل حفظه، وسمعت محمد ابن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل. قال محمد: وهو مقارب الحديث ". وقال النووي في "المجموع " (3/289) : " رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح؛ إلا أن فيه عبد الله بن محمد ابن عقيل، قال الترمذي ... " 0 قلت: فذكر ما نقلناه عنه آنفاً. ونقل الزيلعي عنه أنه قال في "الخلاصة": " هو حديث حسن ". وقال الحافظ: " وصححه الحاكم وابن السكن ". وقال في "الفتح " (2/257) : " أخرجه أصحاب "السنن " بسند صحيح "!

32- باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

كذا قال! ولكن الحديث له شواهد يرقى بها إلى درجة الصحيح، وقد أوردتها في كتابنا الكبير في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التكبير إلى التسليم "؛ ويراجع له " نصب الراية " وغيرها. وأما تصحيح الحاكم له؛ فلم أقف عليه! وهو إنما أورد الحديث في "المستدرك " (1/132) تعليقاً بدون تصحيح؛ فلعله صححه في بعض كتبه الأخرى. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1/243) . 32- باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 33- باب ما ينجس الماء 56- عن عبد الله بن عبد الله بن عمرعن أبيه قال: سُئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع؟ فقال " إذا كان الماء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الخَبَثَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي. وقال ابن منده: إنه على شرط مسلم، وصححه أيضا" الطحاوي وابن خزيمة وابن حبان والنووي والحافظ) .، إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي وغيرهم قالوا: ثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن. الزبير عن

عبد الله بن عبد الله بن عمر. قال أبو داود: وهذا لفظ ابن العلاء. وقال عثمان والحسن بن علي: عن محمد بن عباد بن جعفر. قال أبو داود: وهو الصواب! كذا قال المصنف رحمه الله! وخالفه غيره فقال: الصواب: عن محمد بن جعفر بن الزبير. وسيأتي تحقيق الكلام في ذلك، وأن الراجح لدينا صواب الروايتين. وعلى كل حال؛ فالإسناد صحيح، رجاله- على الوجهين- ثقات رجال الشيخين. والحديث أخرجه النسائي والدارمي والطحاوي والدارقطني والحاكم، والبيهقي (2/260) من طرق عن أبي أسامة حماد بن أسامة ... به مثل رواية ابن العلاء. ثمّ أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي من طرق أخرى كثيرة عن أبي أسامة ... به؛ إلا أنهم قالوا: عن محمد بن عباد بن جعفر. وصوّب هذه الرواية المؤلف كما سلف. وخالفه أبو حاتم الرازي فرجح الأولى، فقال ابنه عبد الرحمن في "العلل " (1/44/رقم 96) - بعد أن ساق الحديث على الوجه الثاني-: " فقال أبي: محمد بن عباد بن جعفر ثقة، ومحمد بن جعفر بن الزبير ثقة، والحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه ". وقال ابن منده- كما فى "نصب الراية" (1/106) -: " إن هذا هو الصواب؛ لأنّ عيسى بن يونس رواه عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ". وصحح الروايتين: الدارقطني والحاكم والبيهقي؛ بدليل ما أخرجوه من طريق

شعيب بن أيوب: ثنا أبو أسامة: ثنا الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ... قال الحاكم - ووافقه الآخران على معناه-: " قد ظهر بهذه الرواية صحة الحديث، وظهر أن أبا أسامة ساق الحديث عن الوليد بن كثير عنهما جميعاً؛ فإن شعيب بن أيوب الصرِيفيني ثقة مأمون، وكذلك الطريق له ". وبذلك يزول الاضطراب الذي به أعل بعضهم الحديث فلا تلتفت إليه. والحديث صححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي. وقال ابن منده: إنه " صحيح على شرط مسلم ". وصححه أيضا ًالطحاوي- كما قال ابن القيم في "تهذيب السنن " (1/56) -، وابن خزيمة وابن حبان- كما في "البلوغ "-، وصححه النووي في "المجموع " (1/113) ، والحافظ في "الفتح " (1/277) . ولأبي أسامة- هذا- حديث آخر يعارض عمومه مفهم هذا الحديث؛ فانظر (رقم 59) . والحديث أخرجه الدارقطني (8) من طريق محمد بن وهب السلمي: نا ابن عياش عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه سُئل عن القَلِيبِ يلقى فيه الجيف، ويشرب منه للكلاب والدواب؟ فقال: " ما بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك؛ لم ينجسه شيء ". وقال:

" كذا رواه محمد بن وهب عن إسماعيل بن عياش بهذا الإسناد. والمحفوظ: عن ابن عياش عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله ابن عبد الله بن عمر عن أبيه ". قلت: وابن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها، وقد زاد في متن الحديث ما ليس فيه: " فما فوق ذلك ". 57- عن محمد بن جعفربن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الماء يكون في الفلاه ... فذكر معناه. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا موسى بن إسمماعيل: ثنا حماد. (ح) وثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُربع عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر- قال أبو كامل:- ابن الزبير. وهذا إسناد حسن صحيح، رجاله كلهم ثقات معروفون، وعبيد الله بن عبد الله: هو أخو عبد الله بن عبد الله المذكور في السند السابق، وكلاهما ثقة. والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والدارمي والطحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي، وأحمد (2/12 و 26- 27، 38) من طرق عن ابن إسحاق ... به؛ وصرح ابن إسحاق بسماعه من محمد بن جعفر في رواية للدارقطني. وقد تابعه عاصم بن المنذر عن عبيد الله؛ وهو:

58- عن عاصم بن المنذرعن عبيد الله بن عبد الله بن عمرقال: حدثني أبي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال البيهقي، وقال ابن معين إنه: " جيد الإسناد "، وصححه النووي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا عاصم بن المنذر. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عاصم بن المنذر؛ وهو ثقة بلا خلاف. والحديث أخرجه ابن ماجه والظحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي، والطيالسي (رقم 1954) ، وأحمد (2/23 و 107) من طرق عن حماد ... به. وقال الدارقطني: " في هذه الرواية قوة لرواية محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر ". وكذا قال البيهقي. ونقل النووي (1/112) عنه وعن غيره أن إسنادها صحيح، وصححها هو أيضا (1/115) . وزاد بعض الرواة عن حماد- بعد قوله: " قلتين "-: " أو ثلاثاً "! قال الحاكم: " وقد رواه عفان بن مسلم وغيره من الحفاظ عن حماد بن سلمة؛ ولم يذكروا فيه: " أو ثلاثاً " ... ".

قلت: وهو الصواب؛ لعدم ورودها في شيء من الروايات المتقدمة؛ فهي- على ما فيها من الاختلاف- شاذة؛ فلا يجوز أن يُعل الحديث بها، ويزعم أنه مضطرب من أجلها، كما لا يخفى! نعم؛ أعل الحديثَ المصنفُ بقوله عقبه: " قال أبو داود: حماد بن زيد وقفه عن عاصم "! قال الدارقطني: " وكذلك رواه إسماعيل ابن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل لم يسمه عن ابن عمر موقوفاً ... "! ثمّ ساق إسناده بذلك. فال الحافظ في "التلخيص " (1/115) : " وسئل ابن معين عن هذه الطريق؟ فقال: إسنادها جيد. قيل له: فإن ابن علية لم يرفعه فقال: وإن لم يحفظ ابن علية؛ فالحديث جيد الإسناد ". قلت: وذلك لأنّ الرفع زيادة، وهي من ثقة، فيجب قبولها، لا سيما وأنه قد جاء مرفوعاً من وجه آخر، كما في الإسناد قبله. ومما ينبغي التنبه له: أن الحديث يرويه عن ابن عمر ولداه عبد الله وعبيد الله. ورواه عنهما محمد بن جعفر بن الزبير. وتابعه عن الأول منهما: محمد بن محمد بن عباد بن جعفر. وتابعه عن الآخر: عاصم بن المنذر. وهذا خلاصة ما تقدّم في التخاريج السابقة. (فائدة) : مفهوم الحديث على أن الماء ينجس إذا كان أقل من القلتين، وهو معارض لعموم الحديث الآتي في الباب الذي بعد هذا؛ فلذلك- ولأمور أخرى ذكرها ابن القيم رحمه الله في "التهذيب "-: الأرجح عندنا العمل بهذا العموم وترك هذا المفهوم. والله أعلم.

34- باب ما جاء في بئر بضاعة

34- باب ما جاء في بئر بُضَاعة 59- عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خَديج عن أبي سعيد الخدري: أنه قيل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنتوضأ من بئر بُضاعة؟ وهي بثر يُطرح فيها الحِيَض ولحم الكلاب والنتْن؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الماءطَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ ". قال ابو داود: " وقال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع ". (قلت: حديث صحيح، وكذا قال النووي، وقال الترمذي: " حسن "، وصححه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين) . إسناده: أخرجه من طرق ثلاث عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد ابن كعب عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال للشيخين؛ غير عبيد الله بن عبد الله هذا، وقد قيل في اسمه خمسة أقوال؛ هذا أحدها، وبقيتها تراجع في "نصب الراية" (1/113) ؛ وهو كما قال ابن القطان: " لا يعرف له حال ولا عين ". وقال الحافط في "التقريب ": إنه "مستور". لكن الحديث صحيح ثابت؛ بما له من الطرق والشواهد كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي أيضا، والترمذي والدارقطني والبيهقي، وأحمد

(3/31) من طرق عن أبي أسامة ... به. وقال أحمد: " وقال أبو أسامة مرة: عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج ". قلت: وهي رواية النسائي. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن. وقد جوّد أبو أسامة هذا الحديث؛ فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد ". وكأنه من أجل هذه الطرق التي أشار إليها الترمذي حسّنه هو، وصححه أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين؛ كما في "التلخيص " (1/90) ، واحتج به ابن حزم (1/155) . وقال النووي في "المجموع " (1/82 و 113) : إنه " حديث صحيح ". ومن طرق الحديث: ما أخرجه النسائي والطحاوي والبيهقي، وأحمد (3/15) ، وأبو يعلى في "مسنده " (ق 83/1) عن عبد العزيز بن مسلم عن مُطَرف ابن طَرِيف عن خالد بن أبي نوف عن سَلِيط- وليس عند الطحاوي وأحمد: عن سَلِيط- عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: مررت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ من بئر بضاعة. فقلت: أتتوضأ ... الحديث. وخالد بن أبي نوف؛ قيل: إنه ابن كثير الهَمْدَاني؛ فإن كان كذلك فهو لا بأس به؛ وإلا فهو مقبول. وشيخه سَلِيط- بفتح أوله- مقبول أيضا. وقد رواه عنه ابن إسحاق أيضا، لكن خالف في الإسناد، كما ستراه في الكتاب بعد هذا.

ومنها: ما عند الطحاوي والبيهقي، والطيالسي (رقم 2155) عن طَرِيف بن سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: كا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتينا على غدير فيه جيفة، فتوضأ بعض القوم، وأمسك بعض القوم، حتى يجيء النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ، فجاء النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أخريات الناس؛ فقال: " توضَّأوا واشربوا؛ فإن الماء لا ينجسه شيء ". قال البيهقي: " طريف: هو أبو سفيان، وليس بالقوي؛ إلا أني أخرجته شاهداً لما تقدّم ". قلت: وهو عند الطحاوي من طريق شريك عنه ... به عن جابر أو أبي سعيد ... على الشك. وهو عند ابن ماجه (1/186- 187) عن جابر ... بدون شك. ولأبي سعيد عنده حديث آخر في الباب: رواه البيهقي وضعفه. ومن شواهده: ما أخرجه الطحاوي، والبيهقي من طريق حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن أبي يحيى عن أمه قالت: دخلت على سهل بن سعد الساعدي في نسوة فقال: لو أني أسقيكم من بضاعة لكرهتم ذلك، وقد- والله- سقيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي منها. وقال البيهقي: " وهذا إسناد حسن موصول "! وتعقبه ابن التركماتي بقوله: " أم محمد بن أبي يحيى لم نعرف حالها ولا اسمها بعد الكشف التام ". قلت: وقد أوردها الذهبي في (فصل النسوة المجهولات) ؛ فيمن لم تسم، وذكر أن لها رواية عن أم بلال. وقد سبق أن نقلنا عنه قوله:

" وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها ". ورواه الدارقطني (12) من هذا الوجه مختصراً: شرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بئر بضاعة. وله طريق أحسن من هذه، فقال ابن حؤم (1/155) : حدثنا حُمَامٌ قال: ثنا عباس بن أصبغ: ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن: ثنا محمد بن وضاح: ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة- وهو ثقة-: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم أبو تمام عن أبيه عن سهل بن سعد الساعدي قال: قالوا: يا رسول الله! إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما ينجي الناس والمحايضُ والجِيَفُ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الماء لا ينجسه شيء". احتج به ابن حزم. وأورده الحافظ في "التلخيص " (1/90) فقال عقب الطريق الأولى: " قال ابن القطان: وله طريق أحسن من هذه؛ قال قاسم بن أصبغ في "مصنفه ": ثنا محمد بن وضاح ... به. وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن في "مستخرجه على سن أبي داود": حدثنا محمد بن وضاح ... به. قال ابن وضاح: لقيت ابن أبي سكينة بحلب ... فذكره. وقال قاسم بن أصبغ: هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة. وقال ابن حزم: عبد الصمد ثقة مشهور. قال القاسم: ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها. قلت: ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حؤم أنه مشهور؛ قال ابن عبد البر وغير واحد: إنه مجهول، ولم تجد له راوياً إلا محمد بن وضاح "! وتعقبه بعض الأفاضل من المعاصرين بأنه قد عرفه قاسم بن أصبغ وابن حزم،

ومن عرف حجة على من لم يعرف، وبأن الدارقطني أخرجه في "سننه " (11) من طريق أخرى عن فضيل بن سليمان النميري عن أبي حازم ... به مختصراً بلفظ: "الماءلاينجسه شيء". قال: " فدلت هذه الأسانيد على أن للحديث عن سهل أصلاً صحيحاً ". قلت: وحديث سهل هذا؛ عزاه الحافط (1/100) للدارقطني أيضا، وسكت عليه، مع أن الراوي عن الفضيل: هو علي بن أحمد الجرجاني؛ تركه الحاكم، كما قال الذهبي، وأقره الحافط. ثمّ ذكر له شاهدأ آخر من حديث عائشة بلفظ: "إن االماء لا ينجسه شيء ". رواه الطبراني في "الأوسط "، وأبو يعلى والبزار، وأبو علي بن السكن في "صحيحه " من حديث شريك. وقال الهيثمي (1/214) : " ورجاله ثقات "! قلت: وقد صح عن عائشة موقوفاً، كما سنذكره في الباب الأتي. (تنبيه) : جاء في بعض طرق الحديث زيادة في آخره: " إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه "! وهي زيادة ضعيفة لا تصح باتفاق المحدثين، كما قال النووي؛ وإن كان الإجماع على العمل بها. ووهم ابن الرقِّجْة حيث عزا هذا الاستثناء إلى المصنف؛ فقال: " ورواية أبي داود: " خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شيء؛ إلا ما غير طعمه

أوريحه " ... "! قال الحافظ (1/104) : " ووهم في ذلك؛ فليس هذا في "سنن أبي داود" أصلأ! ". 60- عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثمّ العدوي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقال له: إنه يُستقى لك من بئر بُضاعة، وهي بئريلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعَذِر الناس؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ: "إن الماء طهور لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ ". (قلت: حديث صحيح) . قال أبو داود: " سمعت قتيبة بن سعيد قال: سالت قَيمَ بئر بُضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة ". قال أبو داود: " وقدّرت أنا بئر بُضَاعة بردائي؛ مددته عليها ثم ذرعته؛ فإذا عرضها ستة أذرع. وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غُيّر بناؤها عمّا كانت عليه؟ قال: لا. ورأيت فيها ماة متغير اللون " (1) . إسناده: أخرجه من طريقين عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سَلِيط بن أيوب عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري.

_ (1) قلت: ولما هن الله تعالى علي في العام الماضي (1368) بالحج إلى المسجد الحرام، ثم بزيارة مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام؛ ذهبت يوم الأربعاء 25 محرم 1369 إلى بئر بضاعة للاطلاع، فوجدته لا يزال في البستان شمال المسجد النبوي؛ وقد وضع عليه مضخة. آلية لغزارة =

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات إلى سليط، وأما هذا؛ فلم يوثقه إلا ابن حبان؛ ولم يرو عنه غير اين إسحاق؛ إلا خالد بن أبي نوف وقد اختلفا عليه في هذا الحديث: فابن إسحاق قال: عنه عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن أبي سعيد. وخالد قال: عنه عن ابن أبي سعيد عن أبي سعيد. وقد سبقت هذه الرواية في الذي قبله مع بيان حال عبيد الله هذا، مع الإشارة إلى الاختلاف في اسمه. وفي هاتين الروايتين عند المصنف نوعان من ذلك: ففي الأولى: أنه عبيد الله بن عبد الله بن رافع. وفي هذه: عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، وإليها أشار المؤلف بقوله عقب الرواية السابقة: " قال أبو داود: وقال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع "؛ يعني: في اسم أبي عبيد الله ... ثم ساق هذه الرواية بياناً لذلك. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف. وأخرجه الطحاوي والدارقطني، وأحمد (3/86) من طرق عن ابن إسحاق ... به، وصرح ابن إسحاق بسماعه من سليط: عند الدارقطني. ودلسه مرة؛ فرواه حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبيد الله بن عبد الرحمن ..... به

_ = الماء فيه؛ فإن ارتفاعه من القعر بلى سطح الماء يبلغ نحو (13) ذراعاً، ومن سطحه إلى فوهته نحو (17) ذراعاً، وقد تمكنا من معرفة ذلك بواسطة حبل جاء به إلينا القيم على البستان، فربطنا بطرفه حجراً ثم أدليناه حتى القعر؛ فكانت النتيجة ما ذكر. وأما قطر فُهته فستة أذرع؛ كما ذكر المؤلف رحمه الله. فالظاهر أن الماء زاد كثيراً على ما كان عليه في عهده. والله أعلم.

35- باب الماء لا يجنب

أخرجه الطحاوي، والطيالسي (رقم 2199) . ومرة أخرى قال: حدثني عبد الله بن أبي سلمة أن عبيد الله بن عبد الله بن رافع حدثه ... به. أخرجه الدارقطني (12) ، وعلقه البيهقي. وقد تابعه على ذلك الوليد بن كثير؛ إلا أنه خالفه في اسم تابعيه فقال: ثني عبد الله بن أبي سلمة أن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع حدثه ... به. أخرجه أحمد (3/86) . وعبد الله بن أبي سلمة هذا: هو الماجشون؛ وهو ثقة. ولكن مدار الحديث على عبيد الله هذا؛ وهو مجهول، كما سبق؛ وهذا الاختلاف في اسمه يشعر بذلك. لكن الحديث صحيح لطرقه وشواهده، وقد ذكرنا شيئاً منها فيما سلف؛ فراجعها إن شئت. (تنبيه) : الوليد بن كثير هذا؛ له شيخ آخر في هذا الحديث، قال في الاسم المختلف فيه: عبيد الله بن عبد الله بن رافع، راجع إسناد الحديث السابق؛ فقد اتفقت رواية شيخيه على أنه عبيد الله، واختلفا في اسم أبيه كما ترى، والله تعالى أعلم. 35- باب الماء لا يُجْنِبُ 61- عن ابن عباس قال: اغتسل بعضُ أزواج النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جَفْنَةِ، فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيتوضأ منها أو يغتسل، فقالت له: يا رسول الله اإني كنتَ جنباً؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ:

"إن الماء لا يُجْنِبُ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم ووافقه الذهبي والنووي وابن حجر) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا سِمَاك عن عكرمة عن ابن عباس. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ وأبو الأحوص: هو سلام بن سُليم الحنفي الكوفي. إلا أن سماكاً- وهو ابن حرب- وإن كان من رجال مسلم؛ فقد تُكُلِّم فيه من قبل حفظه؛ لا سيما في روايته عن عكرمة: فقالوا: إنه يضطرب فيها. والذي يتلخص عندي فيه من مجموع كلامهم: أنه حسن الحديث في غير هذا الإسناد، صحيح الحديث برواية سفيان وشعبة عنه مطلقاً. وقد أطال في ترجمته في "الميزان " وقال هو: إنه " صدوق صالح من أوعية العلم ". ثئم نقل عن العجلي أنه قال فيه: " جائز الحديث؛ كان الثوري يضعفه قليلاً ". وقال ابن المديني: " روايته عن عكرمة مضطربة، فسفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة، وأبو الأحوص وإسرائيل يجعلونها عن عكرمة عن ابن عباس ". وفي "التهذيب ": " قال يعقوب: وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح وليس من المتثبتين. ومن سمع منه قديماً مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم ". قلت: فإذا اتفق أبو الأحوص وسفيان في إسناد الحديث عنه عن عكرمة عن

ابن عباس؛ كان دليلاً على صحته، وهذا الحديث من هذا القبيل؛ فإنه رواه سفيان أيضا كما يأتي، وتابعه شعبة أيضا. والحديث أخرجه البيهقي (2/189) من طريق المؤلف. ثمّ أخرجه (2/267) ، والترمذي- وقال: "حسن صحيح "-، وابن ماجه من طرق عن أبي الأحوص ... به. ثم أخرجه أيضا (2/188 و 267) ، وكذا النسائي (1/62) ، وابن الجارود في " المنتقى " (27/48) ، والحاكم (1/159) ، وأحمد (1/235 و 284 و 308) من طريق سفيان عن سماك ... به؛ إلا أنه قال: "لا ينجس ". وكذلك رواه ابن حبان في "صحيحه "- كما في "نصب الراية" (1/95) -. وتابعه شعبة أيضا عن سماك: عند الحاكم، والبزار (1/132/290) . وشريك: عند الدارقطني (19) ، وأحمد (6/300) ، ووهم فيه شريك فقال: عن ابن عباس عن ميمونة زوج النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: أجنبت ... الحديث؛ فجعله من مسندها! وإنما هو من مسند ابن عباس، كما رواه الجماعة. ثمّ قال الحاكم: " قد احتج البخاري بأحاديث عكرمة، واحتج مسلم بأحاديث سماك بن حرب، وهذا حديث صحيح في الطهارة، ولا يحفظ له علة "! ووافقه الذهبي! وقال الحافط في "الفتح " (1/240) : " وقد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة؛ لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم ". ولذلك قال الحافط في مكان آخر (1/273) :

36- باب البول في الماء الراكد

" وهو حديث صحيح؛ رواه الأربعة وابن خزيمة وغيرهم ". قلت: ومنهم الطحاوي في "شرح المعاني " (1/15) - عن سفيان-، والدارمي (1/187) - عنه وعن يزيد بن عطاء-. وله شاهد موقوف: أخرجه أحمد (6/172) ، والبيهقي (2/187) عن شعبة عن يزيد الرٌ شك عن معاذة قالت: سألت عائشة عن الغسل من الجنابة؟ فقالت: إن الماء لا ينجسه شىء، قد كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد، يبدأ فيغسل يديه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. والحديث صححه النووي أيضا (2/190) . ورواه الطبراني في "الأوسط" (2093) من طريق آخر عن عائشة ... مرفوعاً، وفيه شريك؛ وهو القاضي. 36- باب البول في الماء الراكد 62- عن محمد [هو ابن سيرين] عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يبولَنّ أحذكم في الماءِ الدائم، ثمّ يغتسل منه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم " من طرق كثيرة عنه. وصححه الترمذي، وابن حبان (1251)) . إسناده: حدئنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة في حديث هشام عن محمد. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث أخرجه الدارمي (1/187) : أخبرنا أحمد بن عبد الله: ثنا زائدة عن هشام ... به. وأخرجه مسلم والطحاوي، وأحمد (2/362) من طرق عن هشام ... به. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/276) ، والنسائي (1/20) ، وأحمد أيضا (2/265 و 492 و 529) من طرق أخرى عن محمد بن سيرين ... به. وله طرق أخرى كثيرة عن أبي هريرة: فأخرجه البخاري، والطحاوي- عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج- ومسلم وأبو عوانة والترمذي- وصححه- وأحمد (2/316) - عن همام بن منبه-، ومسلم أيضا وأبو عوانة، وابن ماجه (605) ، والطحاوي- عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة-، والنسائي (1/46) ، والطحاوي، وأحمد (2/394 و 464) - عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه- كلهم عن أبي هريرة ... به. وله عند الطحاوي، وأحمد (2/259- 288- 346- 532) طرق أخرى غير هذه عن أبي هريرة. ولفط همام عند الترمذي: " ثمّ يتوضأ منه " مكان: " ثمّ يغتسل منه ". وهو لفظ حديث ابن سيرين: عند أبي عوانة، وكذا النسائي وأحمد في رواية. 63- عن محمد بن عَجْلان قال: سمعت أبي يحدّث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يولَنّ أحدُكم في الماء الدائمِ، ولا يغتسل فيه من الجنابة ".

(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان (1254)) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبي يحدث. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا اْن مسلماً روى لابن عجلان متابعة. والحديث أخرجه أحمد (2/433) : ثنا يحيى ... به. وقد تابعه أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان ... به دون الجملة الأخرى: أخرجه ابن ماجه (1/143) . وخالفهما حيوة بن شُرثح فقال: سمعت ابن عجلان يحدث عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أخًرجه الطحاوي من طريق أبي زرعة وهب الله بن راشد عنه. وأبو زرعة هذا؛ فيه ضعف، فلا يحتج به. لكن رواه البيهقي (1/238) من طريق أخرى عن ابن عجلان ... به. فالظاهر أن لابن عجلان فيه شيخين. وللحديث عن أبي هريرة طرق كثيرة بالشطر الأول فقط؛ وقد سبق ذكر أكثرها. أما الشظر الآخر؛ فقد رواه أبو السائب- مولى هشام بن زهرة- عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب "؛ فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟!

37- باب الوضوء بسؤر الكلب

قال: يتناوله تناولاً: أخرجه مسلم وغيره ممن قرن فيه فيما سبق. وأخرجه ابن ماجه (1/215) ، والدارقطني أيضا (19) ، وقال: " إسناد صحيح ". فهذا شاهد قوي لحديث ابن عجلان. أبي وقد رواه بنحوه إدريس بن يحيى قال: ثنا عبد الله بن عياش عن الأعرج عن هريرة مرفوعاً: أخرجه الطحاوي. وإدريس هذا: هو الخولا ني؛ قال أبو زرعة: " صالح، من أفاضل المسلمين؛ صدوق ". رواه عنه إبراهيم بن منقذ العُصْفُري؛ قال ابن يونس: " ثقة "؛ كما في "كشف الأستار" للسِّندهي. فالإسناد صحيح. 37- باب الوضوء بسؤر الكلب 64- في حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " طُهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب: أن يُغسل سبع مرات، أولاهن بتراب ". قال أبو داود: " وكذلك لمحال أيوب وحبيب بن الشهيد عن محمد ".

(قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة في حديث هشام. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/207) من طريق معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة عن هشام بن حسان ... به. ثمّ أخرجه هو ومسلم، وأحمد (2/265 و 427 و 508) من طرق عن هشام ... به، وليس عند أحمد- في رواية- قوله: " أولاهنّ بالتراب ". والرواية الأخرى له؛ أخرجها البيهقي عنه (1/241) . وأما رواية أيوب التي أشار إليها المؤلف؛ فأخرجها أبو عوانة والطحاوي والبيهقي وأحمد (2/289) من طرق عنه ... به. وتابعه الأوزاعي: عند البيهقي والدارقطني؛ وقال: " الأوزاعي دخل على ابن سيرين في مرضه، ولم يسمع منه ". وأما رواية ابن الشهيد؛ فلم أقف عليها الآن. 65- عن المعتمر بن سليمان وحماد بن زيد جميعا عن أيوب عن/ محمد عن أبي هريرة ... بمعناه، لم يرفعاه، زاد: وإذا ولغّ الهر غسل مرة. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما؛ وهو موقوف. وقد وردد مرفوعاً بإسناد على شرطهما أيضا. وصححه الترمذي والدارقطني والحاكم والذهبي وكذا الطحاوي) .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر- يعني: ابن سليمان-. (ح) وحدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد بن زيد جميعاً. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، وهو موقوف؛ لكن صح رفعه عن أيوب من طرق، كما ذكرنا آنفاً؛ فهو أولى. بل صح رفعه عن المعتمر بن سليمان نفسه؛ فقال الترمذي (1/151) : حدثنا سَوَّار بن عبد الله العنبري: حدثنا المعتمر بن سليمان ... به مرفوعاً؛ وفيه الزيادة، وقال: " حديث حسن صحيح ". وسوار هذا ثقة، غلظ من تكلم فيه، كما في "التقريب ". وقد تابعه المُقَدَّمي- وهو محمد بن أبي بكر الثقفي البصري-: أخرجه الطحاوي. وقد تابعه على هذه الزيادة مرفوعاً: قرة بن خالد قال: ثنا محمد بن سيرين ... به؛ إلا أنه قال: " والهرة مرة أو مرتيهما ". أخرجه الحاكم (1/160- 161) - وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي-، والدارقطني (24) ، وقال: " قرة يشك. هذا صحيح ". واحتج به ابن حزم في "المحلَى" (1/117) ؛ فهو منه تصحيح له- وأخرجه الطحاوي (1/11) ، وقال: إنه

" متصل الإسناد "، ثمّ صححه (1) . وأعل هذه الزيادة: المنذري في "مختصره " (رقم 65) بقوله: " وقال البيهقي: أدرجه بعض الرواة في حديثه عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووهموا فيه، والصحيح أنه في ولوغ الكلب مرفوع، وفي ولوغ الهرة موقوف "! وفي "نصب الراية " (1/136) : " قال في "التنقيح ": وعلة الحديث: أن مسدداً رواه عن معتمر ... فوقفه: رواه عنه أبو داود. قال في "الإمام ": والذي تلخص أنه مختلف في رفعه. واعتمد الترمذي في تصحيحه على عدالة الرجال عنده، ولم يلتفت لوقف من وقفه. والله أعلم ". قال العلامة أحمد محمد شاكر في تعليقه على "الترمذي "- بعد أن نقل هذا الكلام-: " وهذا الذي قال العلامة ابن دقيق العيد في "الإمام " صحيح جيد، وأزيد عليه: أن مسدداً روى الحديث كله موقوفاً في ولوغ الكلب وفي ولوغ الهر. فلو كان هذا علة؛ لكان علة في الحديث كله، ولكنه ليس علة ولا شبيهاً بها؛ بل الرفع من باب زيادة الثقة، وهي مقبولة. فما صنعه الترمذي من تصحيح الحديث: هو الصواب ". 66- عن قتادة أن محمد بن سيرين حدثه عن أبي هريرة: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا ولغ الكلب في الاناء؛ فاغسلوه سبع مرات، السابعة بالتراب ".

_ (1) تنبيه: هكذا رواه جمع من الثقات عن أبي عاصم عن قرة ... به. واختلف فيه على أبي بكرة بكار بن قتية: فرواه مرة هكذا: عند الطحاوي. ومرة قال: " والهرّة مثل ذلك "؛ بدل: " مرّة أو مرتين ": أخرجه الحاكم- وصححه-! وهو شاذ مخالف لرواية الجماعة.

قال أبو داود: " وأما أبو صالح وأبو رزين والأعرج وثابت الأحنف وهما بن منبه وأبو السُّديِّ عبدُ الرحمن؛ رووه عن أبي هريرة ... فلم يذكروا: (التراب) " (1) . (قلت: إسناده صحيح على شرطهما، وصححه الدارقطني، لكن قوله: " السابعة بالتراب " شاذ، والأ رجح- كما قال الحافظ- الرواية الأولى: " أولاهن بالتراب ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا قتادة. وهذا سند صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه من حديث قتادة؛ وإنما أخرجه مسلم من حديث هشام بن حسان عن ابن سيرين بلفظ: " أولاهن بالتراب "؛ وقتادة يقول عنه- كما ترى-: " السابعة بالتراب "! فقد اختلفا عليه؛ والأصح الرواية الأولى؛ لمتابعة أيوب والأوزاعي لهشام عليها

_ (1) فيه نظر! فإن في حديث عبد الرحمن والد السدي ذكر التراب: فيما رواه البزار عنه- كما فما "الفتح " (1/221) -؛ فلعل ما ذكره المولف رواية عنه. ثمّ إن حديث أبي صالح وأبي رزين: عند مسلم وأبي عوانة، وأحمد (2/253 و 480) عنهما معاً. وعند ابن ماجه، وكذا أحمد (2/424) عن أبي رزين وحده. وحديث الأعرج: في "الصحيحين ". وثابت الأحنف: فِي "المسند" (2/271) ، وهو على شرطهما. وهمام: عند مسلم وأبي عوانة، وأحمد (2/314) . وله عنده طريقان آخران (2/360 و 398 و 482) .

كما سبق (رقم 64) . ولأمرين آخرين: الأول: أن قتادة نفسه قد اختلف عليه فيها؛ فقد قيل عنه: " الأولى بالتراب ". والآخر: أن قتادة روى ذلك بإسناد آخر عن أبي هريرة، ويأتي ذلك كله. وهذا يقتضي ترجيح رواية: " أولاهن "؛ لموافقته للجماعة؛ كما قال العراقي في "التثريب " (2/130) . وقال الحافظ في "الفتح " (1/221) : " ورواية: " أولاهن " أرجح؛ من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضا؛ لأن تتريب الأخيرة يقتضي الاحتياج بلى غسلة أخرى لتنظيفه، وقد نص الشافعي في (حرملة) على أنّ الأُولى آوْلى. والله أعلم ". والحديث أخرجه الدارقطني (24) بهذا الإسناد، ثمّ قال: "وهذا صحيح ". ثمّ أخرجه من طريق الحكم بن عبد الملك عن قتادة ... بإسناده مثله. ثمّ أخرجه من طريق سعيد بن بشير عن قتادة ... بإسناده نحوه؛ إلا أنه قال: " الأولى بالتراب ". ثمّ قال الدارقطني: "هذا صحيح ". وأخرجه الطحاوي (1/12) من طريق عبد الوهاب بن عطاء قال: سئل سعيد عن الكلب يلغ في الاناء فأحبونا عن قتادة عن ابن سيربن ... به مثله؛ غير أنه قال ص 9 أولاها- أو السابعة- بالتراب "، شك سعيد. قلت: وسعيد هذا؛ ليس هو ابن بشير؛ بل هو ابن أبي عروبة؛ فقد عرف

عبد الوهاب هذا بصحبته له وملازمته إياه. وقد أخرجه النسائي (1/63) من طريق عبدة بن سليمان عن ابن أبي عروبة عن قتادة ... به وقال: " أولاهنّ بالتراب " بدون شك. فظهر من هذه الرواية أن قتادة كان. يضطرب في هذه اللفظة على ثلاثة وجوه عنه: إحداها على الجادة الوافقة لرواية الجماعة؛ فالزمها. ولقتادة فيه إسنادان آخران عن أبي هريرة ... به على الصواب: الأولى: أخرجه النسائي والدارقطني: عنه عن خِلآس عن أبي رافع ... به. والأخر: أخرجه الدارقطني: عنه عن الحسن ... به. كلاهما عن أبي هريرة مرفوعاً. وإسناد الأول صحيح على شرط الشيخين. 67- عن [عبد الله] ابن مُغَفَّل: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بقتل الكلاب، ثمّ قال: " ما لهم ولها؟! "؛ فرخّص في كلب الصيد وفي كلب الغنم، وقال: " إذا ولغ الكلب في الاناء؛ فاغسلوه سبع مِرَارٍ، والثامنة عفِّروه بالتراب ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" وقال ابن منده: إنه مجمع على صحته) .

38- باب سؤر الهرة

إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة: ثنا أبو التياح عن مُطَرف عن ابن مُغفل. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وأخرجه أبو عوانة من طريق المؤلف. وهو في "المسند" (4/86) بهذا السند. والحديث أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي والدارمي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والبيهقي، وأحمد أيضا (5/56) من طرق عن شعبة ... به. قال ابن التركماني: " وأخرجه ابن منده من طريق شعبة وقال: إسناد مجمع على صحته ". (تنبيه) : في هذا الحديث زيادة غسلة على حديث أبي هريرة الذي قبله؛ فينبغي الأخذ بالزائد من الحديث- كما هي القاعدة-. وقد ثبت القول بذلك عن الحسن البصري، وبه قال أحمد. وحاول بعضهم الجمع بين الحديثين بما فيه تكلف طاهر! ولذلك رده بعض المحققين؛ وتجد شرح ذلك في "الفتح " (1/222- 223) . 38- باب سؤر الهرة 68- عن كَبْشةَ بنت كعب بن مالك- وكانت تحت ابن أبي قتادة-: أنّ أبا قتادة دخل، فسكبت له وَضُوءاً، فجاءتْ هِرّةٌ فشرِبتْ منه، فأصغى لها الاناء حتى شربت. قالت كبشة: فراني أنظر إِليه. فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟! فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

" إنها ليست بنَجَسٍ؛ إنها من الطوَافين عليكم والطّوافات ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الترمذي والبخاري والدارقطني والعقيلي وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والحاكم ووافقه الذهبي والنووي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن حُميدة بنت عبيد بن رقاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخبن؛ غير حميدة هذه، وقد ذكرها ابن حبان في "الثقات "، وقد أشار إلى توثيقها من صحح حديثها هذا، كما يأتي ذكرهم، وهما زوجة إسحاق بن عبد الله هذا؛ وقد روى عنها ابنها يحيى أيضا. والحديث في "موطأ مالك " (1/45- 46) . وأخرجه بقية أصحاب "السنن الأربعة "، وكذا الدارمي والطحاوي والدارقطني والحاكم والبيهقي، وأحمد (5/303 و 309) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". قال: " وقد جود مالك هذا الحديث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ولم يأت به أحد أنم من مالك ". وقال الحاكم: " حديث صحيح، وهو مما صححه مالك، واحتج به في "الموطأً" ... "، ووافقه الذهبي. وصححه أيضا النووي في "المجموع " (1/171) ، ثمّ نقل عن البيهقي أنه قال: " إسناده صحيح "! ولم أجد هذا صريحاً في "سننه الكبرى".

ونقل الحافظ في "التلخيص " تصحيحه عن البخاري والدارقطني والعقيلي. وفي " نصب الراية " (1/137) : " قال الشيخ تقى الدين في "الإمام ": ورواه ابن خزيمة وابن منده في "صحيحيهما"؛ لكن ابن منده قال: وحميدة وخالتها كبشة لا يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، ومحلهما محل الجهالة، ولايثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه. قال الشيخ: وإذا لم يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث؛ فلعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتها؛ مع شهرته بالتثبت ". قلت: وأيضا؛ فإن حميدة قد وثقها ابن حبان كما سبق؛ وهو وإن كان معروفاً بالتساهل في التوثيق؛ غير أنه قد أيده في ذلك تصحيح من صحح الحديث من الأئمة الفحول، كالبخاري وغيره ممن سبق ذكرهم. وأما كبشة فقد قال ابن حبان: " لها صحبة "؛ وتبعه الزبير بن بكار وأبو موسى؛ كما في "قهذيب التهذيب ". ثمّ إن للحديث طرقاً وشاهداً من طرق، لا يبقى معها مجال للشك في صحة الحديث. فمن طرقه: ما قاله الشافعي في "المسند" (ص 3) - بعدما ساق الحديث من طريق مالك-: أنبأنا الثقة عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله أو مثل معناه. والثقة هذا الذي لم يسم: هو همام بن يحيى أبو بكر البصري؛ وهو ثقة، كما قال الشافعي؛ احتج به الشيخان: أخرجه البيهقي (1/246) من طريق عفان عن همام: ثنا يحيى بن أبي كثير. .. به. وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ إذا كان يحيى سمعه من عبد الله بن أبي قتادة.

وتابعه الحجاج عن قتادة عن عبد الله بن أبي قتادة بلفظ: " السنَّوْرُ من أهل البيت، وإنه من الطّوّافين أو الطّوّافات عليكم ". أخرجه أحمد (5/309) . قلت: ورجاله ثقات؛ إلا أن الحجاج- وهو أبن أرطاة- مدلس. ومنها: ما عند الطحاوي من طريق قيس بن الربيع عن كعب بن عبد الرحمن عن جده أبي قتادة قال: رأيته يتوضأ، فجاء الهر فأصغى له حتى شرب من الإناء، فقلت: يا أبتاه! لم تفعل هذا؟! فقال: كان النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله أو قال: " هي من الطّوّافين عليكم ". ورجاله موثقون؛ غير كعب هذا فلم أجد من ذكره (1) . وله عند البيهقي طريقان آخران أحدهما موقوف، ثمّ قال: " وكل ذلك شاهد لصحة رواية مالك ". وأما الشاهد الذي سبقت الإشارة إليه؛ فهو: 69- عن داود بن صالح بن دينار التَّمَّار عن أمه: أنّ مولاتها أرسلتْها بهرِيسةٍ إلى عائشة رضي الله تعالى عنها، فوجدتْها تصلّي، فأشارت إليَّ: أن ضعيها، فجاءت هرة فأكلتْ منها، فلما انصرفت؛ أكلت من حيث أكلت الهرة، فقالت: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

_ (1) ثم وجدتَه في "كشف الأستار" للسندهي فقال: " ذكره ابن حبان في "الثقات ... ". فالأسناد حسن؛ إن شاء الله تعالى.

" إنها ليست بنجَس؛ إنما هي من الطّوّافين عليكم "؛ وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ بفَضْلها. (قلت: حديث صحيح، وقد صحح بعضه ابن خزيمة والحاكم ووافقه الذهبي والحافظ) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا عبد العزيز عن داود بن صالح بن دينار التمار. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أم داود بن صالح؛ أوردها الذهبي في " فصل من لم تسم من فصل النسوة المجهولات ". وقد أغفلها الحافظ في "تهذيب التهذيب "، وفي "التقريب "، والخزرجي في "الخلاصة "، فلم يوردوها في (الكنى) ، ولا أعلم اسمها! لكن الحديث صحيح يشاهده الذي قبله، وبطرقه الأتية. والحديث أحرجه الدارقطني، والبيهقي من طريقين آخرين عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ... به، وقال الدارقطني: " رفعه الدراوردي عن داود بن صالح. ورواه عنه هشام بن عروة موقوفاً على عائشة". قلت: لكن قد جاء عنها مرفوعاً من طرق أخرى؛ مما يدل على أن الحديث مرفوع في الأصل، قصر به بعض الرواة فوقفه: فمن طرقه: ما أخرجه ابن ماجه والدارقطني والطحاوي عن حارثة بن أبي الرِّجال عن عمرة عن عائشة قالت:

كنت أتوضأ أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد، قد أصابت منه الهرة قبل ذلك. وحارثة هذا ضعيف. ومنها: ما عند ابن خزيمة (103) ، والدارقطني والبيهقي وكذا الحاكم من طريق سليمان بن مسافع بن شيبة الحَجَبِيِّ قال: سمعت منصور ابن صفية بنت شيبة يحدث عن أمه صفية عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الهرة: " إنها ليست بنجَس؛ هي كبعض أهل البيت ". وقال الحاكم: إنه " شاهد بإسناد صحيح لحديث أبي قتادة السابق "! ووافقه الذهبي؛ مع أنه قال في ترجمة مسافع هذا في "الميزان ": " لا يعرف؛ وأتى بخبر منكر "! ورد عليه الحافظ في "اللسان "؛ فقال بعد أن ساق الحديث: " وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "؛ وليس فيه نكارة، كما زعم المصنف ". ومنها: ما عند الطحاوي من طريق خالد بن عمرو الخُرَاساني قال: ثنا صالح ابن حيان قال: ثنا عروة بن الزبير عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُصْغِي الإناء للهر، ويتوضأ بفضله. وله طريق أخرى عن عروة: عند الدارقطني؛ وكلاهما ضعيف. وهذه الطرق وإن كان لا يخلو كل منها على انفرادها من مقال؛ فمجموعها مما يقوي الحديث، ولا سيما أن شاهده قوي؛ كما سبق بيانه. والله أعلم.

39- باب الوضوء بفضل وضوء المرأة

39- باب الوضوء بفضل وضوء المرأة 70- عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد، ونحن جنبان. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم "، وله عندهم طرق كثيرة عنها) . إسناده: ثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثني منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ ولم يخرجه بهذا الإسناد. والحديث أخرجه أحمد (6/191) أيضا قال: ثنا يحيى ... به. ثمّ أخرجه هو (6/189- 210) ، والطحاوي (1/15) من طرق عن سفيان ... به. وهو عند النسائي (1/47) من طريق يحيى عن سفيان. وتابعه عنده عَبِيدة بن حُمَيد عن منصور ... نحوه. وأخرجه الشيخان، وأبو عوانة في "صحيحه "، وبقية أصحاب "السنن الأربعة" والدارمي والدارقطني والطحاوي أيضا، والبيهقي، وأحمد (6/30 و 37 و 43 و 64 و 91 و103 و 118 و 123 و 127 و 129 و 153 و 157 و 161 و 168 و 170 و 171 و172 و 173 و 192 و 193 و 199 و 230 و 231 و 235 و 255 و 265 و 281) ، وكذا الطيالسي (رقم 1416 و 1421 و 1438 و 1573) من طرق كثيرة عن عائشهَ رضي الله عنها ... به. (فائدة) : في سبب رواية عائشة رضي الله عنها للحديث؛ قال الحافظ في

"الفتح " (1/290) : " واستدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى: أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: ساكلت عطاءً؟ فقال: سألت عائشة؟ ... فذكرت هذا الحديث بمعناه. وهو نص في المسألة ". قلت: ويؤيد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ... " الحديث. وإسناده ثابت، كما سيأتي في الكتاب (رقم ... ) [كتاب الحمام/ما جاء في التعري] . ثمّ إن النظر يشهد لذلك عند من تأمل، ولا يتسع المقام لتوضيحه وبيانه. وأما ما أخرجه الخطيب في "تاريخه " (1/225) ، وكذا الطبراتا فما "معجمه الصغير" (ص 27) ، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (8/247) عن عائشة أيضا قالت: مارأيت عورة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قط. فقالى الطبراني: " تفرد به بركة بن محمد ". وهو لا بركة فيه؛ فإنه وضاع كذاب، وهذا الحديث من أباطيله؛ كما قال الحافط في "اللسان ". 71- عن أم صُبَيَّةَ الجُهَنِيَّة فالت: اختلفتْ يدي ويدُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوضوء من إناء واحد. (قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه الحافظ العراقي) .

إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُفَيْليّ: ثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن ابن خَرَّبوذ عن أم صبية. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، وفي أسامة بن زيد- وهو الليثي- كلام لا يضر ولا ينزل حديثه من رتبة الحسن؛ على أنه لم يتفرد به، كما يأتي، فالحديث صحيح. وابن خرّبوذ- بفتح الخاء المعجمة، وشدة الراء المهملة مفتوحة، وضم الموحدة، وسكون الواو، ثمّ الذال المعجمة-؛ اسمه: سالم بن سَرْج أبو النعمان، وبعض الرواة يقول فيه: سالم بن النعمان؛ وقد وثقه ابن معين وغيره. والحديث أخرجه ابن ماجه والطحاوي والبيهقي من طرق أخرى عن أسامة ابن زيد ... به. وكذلك أخرجه أحمد (6/367) . ثمّ أخرجه هو، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص 153) - من طريق خارجة ابن الحارث بن رافع بن مَكِيث الجهَني-، والدارقطني (ص 20) - عن خارجة بن عبد الله؛ قال الأول: عن سالم بن سرج، وقال الأخر: نا سالم أبو النعمان- ... به وخارجة بن الحارث هذا ثقة اتفافاً. وأما خارجة بن عبد الله- وهو ابن سليمان بن زيد بن ثابت الأنصاري-؛ فمختلف فيه. قال ابن ماجه: سمعت محمداً يقول: أم صُبية: هي خولة بنت قيس. فذكرت لأبما زرعة؟ فقال: صدق.

قلت: وقد جاء مصرحاً باسمها في رواية الدارقطني، وكذا البخاري. والحديث حسنه العراقي في "التثريب " (2/39) . 72- عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: كان الرجال والنساء يتوضمَّأُون في زمان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (زاد في رواية عن نافع: من الاناء الواحد) جميعاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه بدون الزيادة؛ وهي على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد عن أيوب عن نافع. (ح) ، وثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك. قال مسدد: من الإناء الواحد. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الزيادة- زيادة مسدد-؛ فعلى شرط البخاري؛ وقد أخرجه بدونها كما يأتي والحديث في "الموطأ" (1/46- 47) بهذا السند. والحديث أخرجه البخاري والنسائي وابن ماجه وكذا الإمام محمد في "موطئه " (ص 60) ، والبيهقي، وأحمد (2/113) كلهم عن مالك ... به، وزاد فيه ابن ماجه الزيادة التي عند مسدد عن حماد عن أيوب. وقد أخرجها أحمد أيضا (2/4) من طريق إسماعيل: أنا أيوب ... به. وهي عند عبيد الله عن نافع، كما في الرواية الآتية:

40- باب النهي عن ذلك

73- عن عبيد الله: حدثني نافع عن عبد الله بن عمر قال: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد؛ نُدْلي فيه أيدينا. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثشا مسدد: ثشا يحيى عن عبيد الله. وهذا سند صحيح على شرط البخاري؛ ولم يخرجه من هذا الوجه بهذا اللفط. والحديث أخرجه أحمد (2/103 و 143) من طريق محمد بن عبيد وابن نمير كلاهما عن عبيد الله ... به دون قوله: ندلي فيه أيدينا، لكن معناه عند ابن نمير بلفظ: ويشرعون فيه جميعاً. وهو على شرط الشيخين. ثم رأيته في "المستدرك " (1/162) من طريق أبي خالد عن عبيد الله ... به نحوه؛ دون الزيا دة. وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي. 40- باب النهي عن ذلك 74- عن حُميد الحِمْيَرِيِّ قال: لقيت رجلاً صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع سنين - كما صحبه أبوهريرة- قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو يغتسل الرجل

بفضل المرأة (زاد في رواية: ولْيغترفا جميعاً) . (قلت: إسناده صحيح، كما قال الحافظ، وهو تمام الحديث (رقم 22) ، وذكرنا هناك من صححه) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير عن داود بن عبد الله. (ح) وحدثنا مسدد: ثنا أبو عَوانة عن داود بن عبد الله عن حُميد الحِمْيري- زاد مسدد: " وليغترفا جميعاً "-. وهذا سند صحيح، كما قال الحافظ في "بلوغ المرام "، وهو تمام الحديث المتقدم (برقم 22) ، وقد خرجناه هناك، فراجعه. وهذا القدر؛ أخرجه الطحاوي أيضا (1/14) عن مسدد. وتابعه قتيبة- عند النسائي-، وسُرَيْج- عند أحمد (5/369) - بالزيادة؛ فلم يتفرد بها؛ فلو قال المؤلف: (زاد أبو عوانة) ؛ لكان أقرب إلى الصواب! 75- عن الحكم بن عمرو- وهو الأقرع-: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طَهور المرأة. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي) . إسناده. حدثنا ابن بشار: ثنا أبو داود- يعني: الطيالسي-: ثنا شعبة عن عاصم عن أبي حاجب عن الحكم بن عمرو. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي حاجب- واسمه

سَوَادة بن عاصم العَنَزِي-، وهو ثقة بلا خلاف. والحديث رواه البيهقي (1/191) من طريق المؤلف. وهو في "مسند الطيالسي "- رواية يونس بن حبيب عنه- برقم (1252) ، لكن ليس في روايته تسمية الحكم بن عمرو؛ بل فيه: سمعت أبا حاجب يحدث عن رجل من أصحاب النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ثمّ قال يونس: هكذا حدثنا أبو داود! قال عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة عن عاصم عن أبي حاجب عن الحكم بن عمرو. قلت: ورواه البيهقي عن يونس ... به كما في "المسند". وخالفه جمع من الثقات؛ فرووه كما رواه. المصنف عن ابن يشار. وكذلك رواه الترمذي، وابن ماجه عن محمد بن يشار، وكذا البيهقي. ثمّ أخرجه النسائي (1/64) ، والترمذي أيضا، وأحمد (5/66) من طرق عن أبي داود ... به. فلعل أبا داود الطيالسي كان أحياناً يصرح باسم الصحابي، وأحياناً ييهمه. ثمّ أخرجه أحمد (4/213) ، والطحاوي (14) ، والبيهقي من طرق أخرى عن شعبة ... به مصرحاً باسم الصحابي. وتابعه - عن عاصم-: قيس بن الربيع: عند الطحاوي. وتابع عاصماً- عن أبي حاجب-: سليمان التيمي؛ إلا أنه لم يُسَم الصحابي؛ بل قال: عن رجل من أصحاب النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بني غفار: أخرجه البيهقي، والترمذي، وقال:

" حديث حسن ". وأما البيهقي؛ فيظهر أنه حاول إعلاله بما رواه عن البخاري أنه قال: " سوادة بن عاصم أبو حاجب العنزي؛ يعد في البصريين؛ ويقال: الغفاري، ولا أراه يصح عن الحكم بن عمرو ". وصرح الترمذي في "العلل " عن البخاري أنه قال عن هذا الحديث: "ليس بصحيح "! قلت: وهذا من الإمام جرح مبهم؛ فلا يقبل، ولعل سوادة لم تثبت عنده عدالته، أو لقاؤه للحكم؛ فقد ثبت ذلك عند غيره كما سبق؛ وإنما يشترط التصريح باللقاء عند الجمهور من المدلس فقط؛ خلافاً البخاري، كما مضى. ثم روى البيهقي الحديث من طرق أخرى عن سوادة العنزي عن الحكم ... موقوفاً عليه. وهذا ليس بعلة؛ فقد رفعه عنه ثقتان، وهي زيادة يجب قبولها ولا يجوز هدرها. ولذلك لم يلتفت الحافظ إلى تضعيف الحديث، بل رد على من فعل ذلك، فقال في "الفتح " (1/240) : " أما حديث الحكم بن عمرو؛ فأخرجه أصحاب "السنن "، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وأغرب النووي فقال: اتفق الحفاظ على تضعيفه ". (فائدة) : قد روى عاصم هذا الحديث عن عبد الله بن سَرْجِس أيضا: أخرجه ابن ماجه والطحاوي، والدارقطني (ص 43) ، والبيهقي من طريق عبد العزيز بن المختار عن عاصم الأحول ... به بزيادة؛ ولفظه:

41- باب الوضوء بماء البحر

نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل؛ ولكن يشرعان جميعاً. وإسناده صحيح على شرطهما؛ وليس عند البيهقي الشطر الثاني منه. وكذلك رواه ابن حزم (1/212) ، وجعل ذلك حجة في النهي عن استعمال الرجل فضل المرأة لا العكس! وهذه الروايات ترد عليه؛ لكن عذره أنه لم يقف عليها. وقد أعِل حديث عاصم هذا بما أعِل به سابقه؛ وهو أن شعبة رواه عن عاصم ... موقوفاً. وقال الدارقطني- وتبعه البيهقي-: إنه " أولى بالصواب "! والجواب ما سبق. 41- باب الوضوء بماء البحر 76- عن مالك عن صفوان بن سُلَيْمٍ عن سعيد بن سَلَمة- من آل ابن الأزرق- أن المغيرة بن أبي بُرْدة- وهو من بني عبد الدار- أخبره: أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا؛ أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هو الطَّهورُ ماؤه، الحِلّ مَيْتته ".

(قلت: إسناده صحيح، وصححه البخاري والترمذي والحاكم وابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والطحاوي والبغوي والخطابي وابن منده والبيهقي وعبد الحق والنووي والذهبي وآخرون) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سعيد بن سلمة وشيخه المغيرة بن أبي بردة؛ وهما ثقتان؛ وثقهما النسائي وابن حبان. وقال الآجري عن المؤلف: " المغيرة بن أبي بردة معروف ". والحديث في "موطأ مالك " (1/44- 45) بإسناده هذا. وعنه: أخرجه محمد في "موطئه " (ص 67) ، وبقية أصحاب "السنن الأربعة "، والدارمي والدارقطني والحاكم والبيهقي، وأحمد (2/237 و 393) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وصححه الحاكم، وروى له متابعات لالك عن صفوان. وتابعه- عن المغيرة بن أبي بردة-: الجلاح أبو كثير: أخرجه أحمد (2/378) ، والحاكم، وزاد هو والبيهقي في أوله: " فاغتسلوا ". وقال: " وقد احتج مسلم بالجلاح أبي كثير ". وفي "التلخيص " (1/84) : " وصححه البخاري فيما حكاه الترمذي، وتعقبه ابن عبد البر بأنه لو كان صحيحاً عنده؛ لأخرجه في "صحيحه "! وهذا مردود؛ لأنه لم يلتزم الاستيعاب.

42- ومن " باب الوضوء بالنبيذ "

ثم حكم ابن عبد البر- مع ذلك بصحته- لتلقي العلماء له بالقبول ... ورجح ابن منده صحته، وصححه أيضا ابن المنذر، وأبو محمد البغوي ". وقال في " التهذيب " (10/257) : " وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والخظابي والطحاوي وابن منده والحاكم وابن حزم والبيهقي وعبد الحق وآخرون ". قلت: ابن حزم قد صرح بضعفه في "المحلّى" فقال (1/221) : " الخبر: " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " لا يصح؛ ولذلك لم نحتج به "! فلعله صح عنده بعد ذلك؛ فأورده في بعض كتبه الأخرى؛ وإلا فهو من أوهام الحافظ رحمه الله تعالى! وقال النووي في "المجموع " (1/82) : " هو حديث صحيح ". وله طرق وشواهد كثيرة، يطول الكلام بإيرادها والتكلم على أسانيدها، فراجعها في "التلخيص "، و "نصب الراية". ومنها: حديث جابر: عند أحمد (3/373) ، وعنه ابن ماجه (388) ، وابن حبان (120) . وسنده جيد. 42- ومن " باب الوضوء بالنبيذ " 77- عن علقمة قال: قلت لعبد الله بن مسعود: من كان منكم مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الجن؟ فقال:

ما كان منا معه أحد. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ". وصححه الترمذي والدارقطني والطحادي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب عن داود عن عامر عن علقمة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (رقم 281) قال: حدثنا وهيب بن خالد ويزيد بن زرَبع عن داود بن أبي هند ... به أتم منه، ولفظه: قال: قلت لابن مسعود: إن الناس يتحدثون أنك كنت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الجن؟ فقال: ما صحيه منا أحد، ولكنا فقدناه بمكة فطلبناه في الشعاب وفي الأودية؛ فقلنا: اغتيل، استطير إ! فبتنا بشر ليلة بات فيها قوم! فلما أصبحنا رأيناه مقبلاً فقلنا: يا رسول الله بتنا الليلة بشر ليلة بات فيها قوم، فقدناك؟! فقال: " إنه أتاني داعي الجن، فانطلقت أقْرِئهم القرآن ". فانطلق بنا؛ فأرانا بيوتهم ونيرا نهم، وسألوه الزاد فقال: " كل عظم لم (1) يذكر عليه اسم الله؛ يقع في أيديكم أوفر ما كان لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم ". فنهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستنجى بهما وقال: " هما زاد إخوانكم من الجن ". وأخرجه مسلم (2/36) ، والترمذي (2/219 طبع بولاق) - وقال: " حديث حسن صحيح "- والطحاوي (1/57) - وصححه- والدارقطني (28) والبيهقي

_ (1) بدون " لم ": عند مسلم!

وأحمد (1/436) من طرق عن داود بن أبي هند ... به نحوه. وتابعه أبو معشر- وهو زياد بن كلَيْبِ- عن إبراهيم عن علقمة ... به مختصراً بلفط: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووددت أني كنت معه. أخرجه مسلم والطحاوي والبيهقي. ثمّ قال الدارقطني: " هذا الصحيح عن ابن مسعود ". (تنبيه) : قد يقول قائل: ما وجه المناسبة بين الباب والحديث؛ وليس فيه ما ترجم له المصنف؟! والجواب: أنه إنما أورده هنا؛ ليشير به إلى ضعف حديث أخر لابن مسعود ساقه قبيل حديثه هذا؛ ولفظه: أنّ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له ليلة الجن: " ما في إداوتك؟. قال: نبيذ. قال: " تمرة طيبة وماء طهور "؛ زاد غير المصنف: فتوضأ به. فببن المصنف أن هذا الحديث لا يصح؛ من أجل أن ابن مسعهد لم يكن ليلة الجن مع النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كما شهد نفسه بذلك في هذا الحديث للصحيح؛ وقد أشار إلى ذلك أيضا الدارقطني بكلامه الذي ذكرناه آنفاً. ثمّ إن الحديث المشار إليه ضعيف من قبل إسناده أيضا؛ ولذلك أوردناه في كتابنا الآخر، وذكرنا هناك اتفاق العلماء على تضعيفه، فراجعه (رقم 11) .

هذا؛ ومما سبق نعلم مناسبة إيراد المصنف الأثرين عن عطاء وأبي العالية؛ كما يأتي. 78- عن ابن جريح عن عطاء: أنه كره الوضوء باللبن والنبيذ؛ وقال: إن التيمم أعجب إليَّ منه. (قلت: إسناده ثقات؛ فهو أثر ثابت إذا كان ابن جريح سمعه منه) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا عبد الرحمن: ثنا بشر بن منصور عن ابن جريج. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ فهو صحيح؛ إذا كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه عنه. وعبد الرحمن هذ - وفي الإسناد الذي بعده-: هو ابن مهدي. وهذا الأثر؛ أخرجه البيهقي من طريق المؤلف. وتابعه عبد الرزاق (1/179) عن ابن جريج ... به دون قوله: والنبيذ ... وعلق عليه المتعصب الأعظمي بقوله: " روى ابن أبي شيبة عن علي وعكرمة جواز الوضوء بالنبيذ " إ! فأقول: لقد جمع الشيخ- هداه الله- في هذا التخريج: بين تحريف النص، وكتمان العلم! أما الأول: فإن عكرمة لم يطلق ذلك؛ بل قيده بمن لا يجد الماء؛ فإنه قال: الوضوء بنبيذ لمن لم يجد الماء!

وأما الأخر: فإنه لا يصح إسناده عن علي؛ لأنه من رواية حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي. وهذا إسناد واهً بمرة: الحارث: هو الأعور، ضعيف اتهمه بعضهم. والحجاج- وهو ابن أرطاة-، وأبو إسحاق- وهو السبيعي- مدلسان، مع اختلاط السبيعي. 79- عن أبي خَلْدة قال: سألت أبا العالية عن رجل أصابته جنابة، وليس عنده ماءٌ، وعنده نبيذ؛ أيغتسلُ به؟ قال: لا. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا عبد الرحمن: ثنا أبو خلدة. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وأبو خلدة: اسمه خالد بن دينار. وهذا الأثر؛ أخرجه البيهقي من طريق المؤلف. ورواه ابن أبي شيبة (1/26) ، والدارقطني (29) من طريق مروان بن معاوية: نا أبو خلدة ... به، وزاد الدارقطني في آخره: فذكرت له ليلة الجن؟ فقال: آنْبِذَتُكًمْ هذه الخبيثةُ؟! إنما كان ذلك زبيب وماء. قلت: يعني: أنه لم يكن خرج بذلك عن كونه ماءً مطلقاً. وقد قال الطحاوي:

43- ومن " باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟ "

" وقد أجمع العلماء أن نبيذ التمر إذا كان موجوداً في حال وجود االماء: أنه لا يتوضأ به؛ لأنه ليس ماءً، فلما كان خارجاً من حكم الياه في حال وجود الماء؛ كان كذلك هو في حال عدم الماء ". وهو بذلك يرد على أبي حنيفة إمامه الذي قال بجواز الوضوء بالنبيذ إن لم يجد غيره! وتمام كلامه يراجع في "شرح المعاني " له. 43- ومن " باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟ " 80- عن زهير: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم: انه خرج حاجّاً أو معتمراً، ومعَه الناس وهو يؤمّهم، فلما كان ذات يوم؛ أقام الصلاة- صلاة الصبح- ثمّ قال: لِيتقدّم أحدكم- وذهب الخلاءَ-؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة؛ فليبدا بالخلاء ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه الترمذي أيضأ، وكذا ابن خزيمة (932) ، وابن حبان (2068)) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إلى ابن الأرقم. وزهير هذا: هو ابن محمد التميمي. والحديث أخرجه الحاكم (1/168) عن زهير ... به.

وأخرجه الترمذي، والطحاوي في "مشكل الأثار" (2/403- 404) - عن أبي معاوية الضرير-، والدارمي- عن محمد بن كُنَاسة-، وأحمد (3/483) - عن يحيى بن سعيد-، و (4/35) - عن عبد الله بن سعيد-، والطحاوي أيضا- عن عيسى بن يونس وعبد الله بن نمير الهمداتي-، وابن حزم (4/47) - عن معمر وحماد بن سلمة-؛ كلهم عن هشام بن عروة ... به. وكذلك رواه مالك (1/174) ، ومن طريقه النسائي (1/137) ، وابن خزيمة في "صحيحه "- عن حماد بن زيد (1/1/174) -؛ كلهم عن هشام ... به. وفي رواية معمر ما يشعر أنه سمع الحديث من عبد الله بن الأرقم؛ فإن لفظه: كنا مع عبد الله بن أرقم فأقام الصلاة ... إلخ. ومثلها رواية عبد الرزاق عن ابن جريج عن أيوب بن موسى عن هشام بن عروة ... به؛ بلفظ: خرجنا في حج أو عمرة مع عبد الله بن الأرقم الزهري، فأقام الصلاة ... الحديث. قال ابن عبد البر- فيما نقله في "التعليق على الترمذي "-: " فهذا الإسناد يشهد بأن رواية مالك ومن تابعه؛ متصلة؛ لتصريحه بأن عروة سمعه من عبد الله بن الأرقم، وابن جريج وأيوب ثقتان حافظان ". وخالف هؤلاء بعضهم؛ فقال المصنف عقب الحديث: " روى وهيب بن خالد وشعيب بن إسحاق وأبو ضمرة هذا الحديث: عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل حدثه عن عبد الله بن أرقم. والأكثر الذين رووه عن هشام قالوا كما قال زهير ". ورواية وهيب هذه؛ وصلها الطحاوي؛ وبها أعل الحديث، فقال عقيها:

" وفيه ما قد دل على فساد إسناد هذا الحديث من أصله؛ لأنه أدخل بين عروة وعبد الله بن الأرقم رجلاً مجهولاً "! وقال الترمذي في "العلل الكبير" عن البخاري:! ن " هذا أشبه عندي "؛ نقله في "التهذيب" (5/146) ! ونحن نرى أن هذه الروايه لا تعل الأولى؛ بل كل منهما صحيح، والظاهر أن عروة رواه أولاً عن رجل عن ابن أرقم، ثم رواه عنه مباشرة بدون واسطة. ولهذا أمثلة كثيرة في الأسانيد؛ كما لا يخفى على المشتغل بهذا العلم الشريف. ولذلك نرى الترمذي الذي نقل إعلال البخاري له لم يأخذ هو به، بل صحح الحديث بقوله: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم. " صحيح على شرط الشيخين "؛ ووافقه الذهبي. 81- عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر- أخي القاسم بن محمد- قال: كنا عند عائشة، فجيء بطعامها، ققام القاسم يصلّي فقالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يُصلّى بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المؤلف. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه مسلم في "صحيحه "، وكذا ابن حبان (2070 و 2071)) .

إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد- المعنى- قالوا: ثنا يحيى بن سعيد عن أبي حَزْرَةَ: ثنا عبد الله بن محمد- قال ابن عيسى في حديثه- ابن أبي بكر- ثمّ اتفقوا- أخو القاسم بن محمد. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو عوانة (1/268) عن المصنف. وهو في "المسند" (6/43- 54) بهذا المسند. وأخرجه الحاكم (1/168) من طريقه ومن طريق مسدد أيضا شاهدالحديث عبد الله بن الأرقم الذي قبله، وصححه هو، والذهبي. وأخرجه مسلم (1/78- 79) ، وأبو عوانة أيضا، وأحمد (6/73) عن إسماعيل ابن جعفر قال: أخبرتي أبو حزرة القاص عن عبد الله بن أبي عتيق عن عائشة ... المرفوع منه فقط. وعبد الله بن أبي عتيق هذا: هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، يعرف بابن أبي عتيق، وأبو عتيق كنية أبيه محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق وهو ابن عم القاسم بن محمد وأخيه عبد الله هذا. فقد اختلف على أبي حزرة في اسم شيخه. فيحيى- وهو ابن سعيد- يقول: عنه عن عبد الله بن محمد. وإسماعيل يقول: عنه عن عبد الله بن أبي عتيق. قال الحافظ في " التهذيب ": " وهو المحفوظ "! كذا قال!

44- باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

ونحن نرى أن كليهما محفوظ، وأن لأبي حزرة فيه شيخين؛ بل ثلاثة. والثالث: هو القاسم أخو عبد الله: أخرجه الطحاوي في "المشكل " (2/404) من طريق يحيى بن أيوب عن يعقوب بن مجاهد أن القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد نبآه عن عائشة ... به وتابعه عنده: حسين بن علي الجعفي عن أبي حزرة عن القاسم وحده. 44- باب ما يجزئ من الماء في الوضوء 82- عن عائشة: أن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمُد. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد قال المصنف عقبه: " رواه أبان عن قتادة فال: سمعت صفية ". فهو متصل. والحديث أخرجه ابن ماجه، وأحمد (6/121 و 234 و 238- 239) من طرق عن همام ... به. وأخرجه النسائي (1/64) ، والدارقطني (35) ، وأحمد (6/234) من طريقين

آخرين عن قتادة ... به. ورواية أبان؛ وصلها أحمد (6/121 و 249) ، والبيهقي (1/195) من طريق عفان: ثنا أبان: ثنا قتادة قال: حدثني صفية. ولقتادة فيه إسناد آخر: أخرجه النسائي، وأحمد (6/280) من طريق شيبان عنه عن الحسن عن أمه عن عائشة ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وأم الحسن- وهو البصري-؛ اسمها خيرة. وللحديث إسناد ثالث: أخرجه أحمد (6/133) من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء قال: قالت عائشة ... فذكره. وهذا إسناد صحيح بما قبله: عطاء: هو ابن أبي رباح. وابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد للرحمن، وهو ثقة، لكنه سيئ الحفظ مع فقهه وجلالته. 83- عن جابر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد. (قلت: حديث صحيح، وصحح إسناده الحافظ، وصححه ابن القطان أيضا) . إسناده: حلتنا أحمد بن محمد بن حنيل: ثنا هشيم: أخبرنا يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد عن جابر. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي

مولاهم الكوفي-؛ قال في "التقريب ": " ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن ". وقال المنذري في "مختصره ": " يعد في الكوفيين، ولا يحتج به ". ومنه تعلم أن قول الحافظ في "الفتح " (1/244) : إن " إسناده صحيح "! غير صحيح. نعم؛ الحديث صحيح باعتبار طرقه وشواهده؛ التي منها حديث عائشة قبله، ومنها عن سفينة مثله: عند مسلم وغيره. وإنما الكلام على خصوص هذا الإسناد، وقد خولف في لفظه يزيد بن أبي زياد كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (3/303) بهذا السند. وأخرجه الطيالسي في "مسنده " (رقم 1732) : حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد ... به. فقد اتفق أبو عوانة وهُشيم على روايته عن يزيد هكذا، وهما ثقتان. وخالفهما- في اللفظ والمعنى- علي بن عاصم عنه؛ فرواه بلفظ: عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: " يجْزىُ من الوضوء المد من الماء، ومن الجنابة الصاع ". فقال رجل: ما يكفيني! فقال جابر: قد كفى من هو خير منك وأكثر شعراً: رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أحرجه أحمد (3/370) . فجمع عاصم عنه بين قوله عليه الصلاة السلام وفعله، وهو وإن كان سيئ

الحفظ؛ فالظاهر أن يزيد بن أبي زياد هو الذي كان يضطرب في رواية الحديث. والصواب من ذلك رواية علي بن عاصم؛ فقد رواه هكذا محمد بن فضيل عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يجزى من الوضوء المد، ومن الجنابة الصاع ". فقال له رجل ... الحديث مثل رواية علي بن عاصم. أخرجه الحاكم (1/161) ، والبيهقي (1/195) ، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وفي "البخاري " و"النسائي " و"البيهقي " أيضا بإسناد أخر؛ فيه اغتسال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصاع. وبالجملة؛ قالحديث صحيحِ مرفوعاً إلى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله ومن فعله؛ فكان يزيد بن أبي زياد يروي أحيانآ كله وأحياناً بعضه. فمتابعة حصين- وهو ابن عبد الرحمن- له في الكل دليل على أنه قد حفظ (1) . وللحديث عن جابر من فعله عليه السلام طريق آخر: عند ابن ماجه، فيه الربيع بن بدر؛ وهو متروك. 84- عن أم عمارة: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ؛ فأُتي بإناء فيه ماء قَدْر َثلثي المُدِّ. (قلت: إسناده صحيح، وصححه أبو زرعة، وحسنه النووي والعراقي) .

_ (1) ثمّ رأيت الحافظ في "التلخيص " (1/199) يعزوه لأبي داود وابن ماجه وابن خزيمة. وقال: " وصححه ابن القطان ".

إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن حبيب الأنصاري قال: سمعت عَبَّاد بن تميم عن جدته- وهي أم عمارة-. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حبيب الأنصاري - وهو ابن زيد-؛ وهو ثقة اتفاقاً. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف؛ ثمّ قال: " هكذا رواه محمد بن جعفر غندر عن شعبة. وخالفه غيره في إسناده ". قلت: حديث محمد هذا؛ وصله النسائي (1/58- دار القلم) . ثمّ أخرج البيهقي من طريق الحاكم، وهذا في "المستدرك " (1/661) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة: ثنا شعبة. عن حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتي بثلثي مد من ماء فتوضأ؛ فجعل يدلك ذراعيه. ثم أخرج من طريق أبي خالد الأحمر: ثنا شعبة عن حبيب بن زيد الأنصاري عن عباد بن تميم عن ابن زيد الأنصاري: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأً بنحو من ثلثي المد. وكذلك رواه معاذ عن شعبة. قال أبو زرعة الرازي: " الصحيح عندي حديث غندر ". وقول أبي زرعة هذا؛ رواه ابن أبي حاتم في "العلل " (1/25/رقم 39) عنه. ثمّ إن رواية أبي خالد الأحمر: هي عند البيهقي من طريق عبد الملك بن محمد: ثنا سليمان بن داود: ثنا أبو خالد الأحمر.

وسليمان بن داود هذا: هو أبو داود الطيالسي صاحب "المسند" الذي يرويه عنه يونس بن حبيب، وقد روى هذا الحديث عنه برقم (1099) فقال: ثنا أبو داود قال: ثنا شعبة ... به. وأبو داود هذا معروف بكثرة روايته عن شعبة، فالظاهر أنه رواه عن شعبة بالواسطة أيضا. ثمّ إننا لا نرى مانعاً من صحة الحديث عن أم عمارة وابن زيد معاً؛ فإن الراوي عنهما ثقة حجة، وكذا من رواه عنه، فلا وجه لترجيح إحدى الروايتين على الأخرى. وقد صحح كلاً منهما بعض الأئمة؛ ففي " التلخيص " (2/192) : أن الحديث: " أخرجه ابن خزيمة وابن حبان من حديث عبد الله بن زيد، ورواه أبو داود والنسائي من حديث أم عمارة الأنصارية ". وكذلك عزاه للنسائي: النووي (2/190) ، والعراقي في " التثريب " (2/90) ، وحسناه! وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي! فوهما؛ فإن حبيباًا لأنصاري لم يخرج له مسلم شيئاً. 85- عن أنس قال: كان النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ بإناء يسع رطلين (وفي رواية: يتوضأ بمَكُّوك؛ ولم يذكر رطلين) ، ويغتسل بالصاع. (قلت: الرواية الثانية إسنادها صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاها

في "الصحيحين "، وكذا أبو عوانة في "صحيحه ") إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاح البزاز: ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبرعن أنس. وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ إلا أنّ شريكاً- وهو ابن عبد الله القاضي- سيئ الحفظ، وقد أخطأ في قوله: رطلين! والصواب: مكوك؛ كما في الرواية الثانية ويأتي تخريجها. وعبد الله بن عيسى: هو عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ وهو ثفة من رجال الشيخين. وعبد الله بن جبر: هو عبد الله بن عبد الله بن جبر، كما يأتي، نسبه شريك لجده. والحديث أحرجه الترمذي (2/507) ، وأحمد (3/506) من طريقين آخرين عن شريك ... به. وقال الترمذي: " حديث غريب ". قلت: ولفظه عنده: " يجزى في الوضوء رطلان من ماء "؛ وهو رواية لأحمد. فقد اضطرب فيه شريك: فمرة يجعله من فعله عليه الصلاة والسلام، وتارة من قوله. لكنه قد توبع عليه باللفظين؛ كما سترى. ثمّ قال المؤلف عقب الحديث: " رواه يحيى بن آدم عن شريك قال: عن ابن

جبر بن عَتِيك ". قلت: وكذلك قال أحمد عن وكيع عن شريك. ثمّ قال: " ورواه سفيان عن عبد الله بن عيسى: حدثني جبر بن عبد الله ". قلت: يعني: على القلب. وقال الحافظ في "التهذيب ": " هذا من مقلوب الأسماء ". قلت: ولعل هذا رواية عن سفيان؛ وإلا فقد أخرجه أبو عوانة (1/233) من طريق معاوية بن هشام قال: ثنا سفيان [عن عبد الله بن عيسى] عن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنس بن مالك يقول سمعت النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يكفي من الوضوء المد، ويكفي من الغسل الصاع ". وما بين القوسين زيادة من عندنا، سقطت من الأصل المطبوع، وهي ضرورية؛ فإن الحديث من رواية سفيان عن عبد الله، لا من رواية سفيان عن ابن جبر. ثمّ قال المصنف في بعض الروايات عنه: " ورواه شعبة قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر: سمعت أنساً؛ إلا أنه قال: يتوضأ بمكوك، ولم يذكر: رطلين ". وقد وصل هذه الرواية: مسلم؛ وأبو عوانة في "صحيحيهما"، والنسائي والدارمي والبيهقي، والطيالسي (رقم 2102) ، وأحمد (3/112 و 116 و 259 و282 و 290) من طرق عن شعبة ... به بلفط: كان يغتسل بخمس مكاكيك، ويتوضأ بمكوك. ورواه مسعر قال: حدثني ابن جبر قال: سمعت أنساً يقول:

45- باب الإسراف في الماء

كان النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد. أخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ". (تنبيه) : رواية شعبة إنما هي في النسخة المطبوعة في مصر من رواية لللؤلؤي "للسنن "، وهي أيضا في "مختصر المنذري " (رقم 86) ؛ وليست في نسخة "السنن " التي شرح عليها صاحب "العون "؛ بل فيها زيادة أخرى وهي: قال أبو داود: " سمعت أحمد بن حنبل يقول: الصاع خمسة أرطال ". قال أبو داود: " وهو صاع ابن أبي ذئب، وهو صاع النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وسيأتي نحوه في "باب في مقدار الماء الذي يجزيه في الغسل " من النسختين (رقم 239) . 45- باب الإسراف في الماء 86- عن أبي نَعامة: أن عبد الله بن مغفَّل سمع ابنه يقول: اللهم! إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتُها! فقال: أي بُنَيَّ! سلِ الله الجنة، وتعوذ به من النار؛ فإني. سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطُّهور والدعاء ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي، وصححه ابن حبان (6745) ، والحاكم والحافظ، وقال ابن كثير: " إسناده حسن لا بأس به ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا سعيد الجريري عن أبي نعامة.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أبي نعامة- واسمه قيس بن عبَاية الحنفي الرماني-، وهو ثقة اتفاقاً. وحماد: هو ابن سلمة. والحديث أخوجه الحاكم والبيهقي- من طريق موسى بن إسماعيل-، وأخرجه ابن ماجه (2/439- 449) ، وابن حبان (171) ، وأحمد (4/87 و 5/55) - من طرق- عن حماد بن سلمة ... به. وقال الحاكم: "صحيح ". وتعقبه الذهبي بقوله: " فيه إرسال "!! ولم يظهر لي وجهه؛ فإن أبا نعامة هذا لم يرم بتدليس؛ ولقاؤه لابن مغفل ممكن؛ فإن هذا مات نحو المستين من الهجرة، وذاك فيما بعد سنة عشر ومالْة، فبين وفاتيهما نحو خمسين سنة، وليس لدينا دليل ينفي أن يكون أبو نعامة عاش أكثر من هذه المدة حتى لا يمكن له السماع من ابن مغفل! ولذلك صحح الحديث النووي في " المجموع "؛ (2/190) ، فقال: " رواه أبو داود بإساد صحيح ". وقال الحافظ في "التلخيص " (2/191) : " وهو صحيح؛ رواه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وغيرهم ". قلت: وليس عند ابن ماجه فيه الاعتداء في الطهور. وكذلك روي من طريق أخرى عن أبي نعامة، كما سيأًتي في آخر الصلاة (1330)

46- باب في إسباغ الوضوء

46- باب في إسباغ الوضوء 87- عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى قوماً وأعقابُهم تلوح؛ فقال: " وبل للأعقاب من النار! أسبغوا الوضوء ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وأخرجه البخاري في "صحيحه "؛ دون قوله: " أسبغوا الوضوء ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثني منصور عن هلال بن يِسَاف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد؛ فإنه من رجال البخاري وحده. وأبو يحيى: اسمه مِصْدع الأعرج. والحديث أخرجه النسائي وابن ماجه والبيهقي، وأحمد (2/193) من طرق عن سفيان ... به. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" والدارمي والطحاوي، والطيالسي (رقم 2290) ، وأحمد (2/201) من طرق أُخر عن منصور ... به. وله عنه طريق آخر: أخرجاه في "الصحيحين "، وكذا أبو عوانة والطحاوي، وأحمد (2/205 و 211 و 226) من طريق أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو ... به نحوه؛ دون قوله: " أسبغوا الوضوء ".

47- باب الوضوء في أنية الصفر

وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة في "الصحيحين " وغيرهما. 47- باب الوضوء في أنية الصفْرِ 88- عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تَوْرٍ من شَبَه. (قلت: حديث صحيح ". إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرني صاحب لي عن هشام بن عروة أن عائشة قالت. وهذا سند ضعيف؛ لجهالة صاحب حماد، وللانقطاع بين هشام بن عروة وعائشة؛ فإنه لم يدركها. لكن وصله المصنف بعدُ من طريق إسحاق بن منصور عن حماد بن سلمة عن رجل عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه. وفيه الرجل الذي لم يسم. أخرجه عن شيخه محمد بن العلاء- وهو أبو كريب- عنه. وقصر به الحسين بن محمد بن زياد؛ فرواه عن أبي كريب ... به؛ إلا أنه أسقط الرجل بين حماد وهثام؛ فصار ظاهر إسناده الصحة: أخرجه الحاكم (1/169) شاهداً للحديث الأتي بعده، ولم يصححه هو ولا الذهبي ولعله؛ للجهالة التي بيَّنتها الطرق الأخرى! لكن جوده حَوْثَرَةُ بن آشْرَسَ فقال: ثنا حماد بن سلمة عن شعبة عن هشام ... به.

أخرجه البيهقي (1/31) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل عن حوثرة. وأخرجه الطبراني في "الصغير" (ص 123) : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل.0. به. وحوثرة ثقة؛ فصح بذلك الإسناد. 89- عن عبد الله بن زيد قال: جاءنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخرجنا له ماءً في تورمن صُفر فتوضأ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك صححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو الوليد وسهل بن حماد قالا: ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (1/168) من طريق أبي عَتَّاب سهل بن حماد: ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ... به. وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وفيه: أن سهل بن حماد لم يخرج له البخاري؛ فهو على شرط مسلم وحده بهذا السند، وإنما صححناه على شرطهما؛ لأن المصنف قرن به أبا الوليد- وهو الطيالسي-، وهو من رجالهما. وقد أخرجه البخاري (1/241- 242) ، وكذا ابن ماجه (1/174) ، والبيهقي (1/30) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس قال: ثنا عبد العزيز بن أبي

48- باب التسمية على الوضوء

وله عند البخاري والبيهقي تتمة بلفظ: فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه مرتين مرتين، ومسح برأسه؛ فأقبل به وأدبر، وغسل رجليه. وهذه الزيادة عند المصنف من طريق أخرى عن عمرو بن يحيى، تأتي في "باب صفة وضوء النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (رقم 109) . (فائدة) : وأما حديث معاوية قال: أمرتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا آتي أهلي في غرة الهلال، وأن لا أتوضأ من النحاس، وأن أسق كلما قمت من سِنَتِي! فضعيف جدّاً؛ بل/موضوع: رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه عبيدة بن حسان؛ وهو منكر الحديث، كما قال الهيثمي في "المجمع " (1/215) . والحديث قال النذري في "مختصره " (رقم 90) : " وأخرجه ابن ماجه "! فقصَّر؛ حيث لم يعزه البخاري. 48- باب التسمية على الوضوء 90- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ". (قلت: حديث صحيح، وقواه المنذ ري، والحافظ العسقلاني، وحسنه ابن الصلاح، وقال الحافظ ابن كثير: إنه حديث حسن أو صحيح، وقال ابن أبي

شيبة: إنه ثبت) إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا محمد بن موسى عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف؛ يعقوب بن سلمة: هو الليثي مولاهم؛ قال الذهبي في " الميزان ": " شيخ ليس بعمدة، ووالده سلمة الليثي لا يعرف، ولا روى عنه سوى ولده هذا ". وقال الحافظ في "التقريب ": " يعقوب مجهول الحال، ووالده سلمة لين الحديث ". وقال في "التهذيب ": " لا يعرف إلا في هذا الحديث ". والحديث أخرجه الحاكم و (1/146) ، والبيهقي (1/ 43) ، وأحمد (2/418) عن قتيبة ... به. وأخرجه ابن ماجه، والدارقطني (29) ، والحاكم أيضا من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن محمد بن موسى عن يعقوب بن سلمة الليثي ... به ووهم الحاكم في إسناده؛ فقال من الوجهين: " يعقوب بن أبي سلمة"! وبنى على ذلك فقال: " هذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة دينار "! وفد اتفقوا على تخطئته في ذلك؛ فقال الذهبي في "تلخيصه ":

" قلت: صوابه: يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة؛ وهو في (هنا بياض) ؛ وإسناده فيه لين ". وقال الحافظ في "التلخيص " (1/386) : " والصواب أنه الليثي، قال البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه، ولا لأبيه من أبي هريرة، وأبوه ذكره ابن حبان في "الثقات " وقال: ربما أخطأ، وهذه عبارة عن ضعفه؛ فإنه قليل الحديث جدّاً، ولم يرو عنه سوى ولده، فاذا كان يخطئ مع قلة ما روى؛ فكيف يوصف بكونه ثقة؟! قال ابن الصلاح: انقلب إسناده على الحاكم فلا يحتج لثبوته بتخريجه له. وتبعه النووي. وقال ابن دقيق العيد: لو سُلِّمَ للحاكم أنه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي سلمة دينار؛ فيحتاج إلى معرفة حال أبي سلمة، وليس له ذكر في شيء من كتب للرجال؛ فلا يكون أيضا صحيحاً". وللحديث طريقان آخران عن أبي هريرة: أحدهما: عن عبد الرحمن بن حرملة أنه سمع أبا ثِفَالِ المُري يقول: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب يقول: حدثتني جدتي أنها سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره. أخرجه الطحاوي (1/15) ؛ ورجاله موثقون؛ لكن اختلف فيه على أبي ثفال؛ كما سوف نبينه إن شاء الله تعالى في "صحيح الترمذي ". وللطريق الأخر: عن أيوب بن النجار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه، وما صلى من لم يتوضأ ". أخرجه الدارقطني (26) ، ومن طريقه البيهقي، ثم قال: " لا يعرف من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه،

وكان أيوب بن النجار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثاً واحداً وهو حديث: " التقى آدم وموسى "، ذكره يحيى بن معين فيما رواه عنه ابن أبي مريم، فكان حديثه هذا منقطعاً. والله أعلم ". وللحديث شواهد كثيرة: من حديث أبي سعيد الخدري، وسعيد بن زيد، وسهل بن سعد وعائشة وأبي سبرة وأم سبرة وعلي وأنس، ويطول الكلام جدّاً لو أردنا تخريجها، فنكتفي بالإحالة على "التلخيص "؛ فإنه قد استوفى الكلام عليها؛ ولا سيما أن أحاديث الثلاثة الأولين في "سنن الترمذي "، و"ابن ماجه "؛ وسوف نتكلم عليها في أماكنها من "صحاحهم " إن شاء الله تعالى. وبالجملة؛ فالحديث- بطرقه وشواهده المشار إليها- تطمئن النفس إلى ثبوته وصحته؛ وقد جنح إلى ذلك الحافظ في خاتمة التخريج المشار إليه، فقال: " والظاهر أن مجموع الأحاديث يَحْدُثُ منها قوة، تدل على أن له أصلاً. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثبت لنا أن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاله ". وقال المنذري في "الترغيب " (1/100) : " ولا شك أن الأحاديث التي وردت فيها- وإن كان لا يسلم شيء منها عن مقال-؛ فإنها تتعاضد بكثرة طرقها وتكتسب قوة ". وفي "العون ": " قال ابن كثير: وقد روي من طرق أخر يشد بعضها بعضاً؛ فهو حديث حسن أو صحيح. وقال ابن الصلاح: يثبت لمجموعها ما يثبت بالحديث الحسن ". 91- عن الدراوردي قال: وذكر ربيعة أن تفسير حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ": أنه الذي يتوضأ ويغتسل؛ ولا ينوي وُضوءاً للصلاة ولا غسلأ للجنابة.

49- باب في الرجل يدخل يده في الاناء قبل أن يغسلها

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن الدراوردي. وهذا سند صحيح على شرط مسلم. 49- باب في الرجل يُدْخِلُ يده في الاناء قبل أن يغسلها 92- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قام أحدكم من الليل؛ فلا يغمس يده في الاناء؛ حتى يغسلها ثلاث مرات (وفي رواية: مرتين أو ثلاثاً) ؛ فإنه لا يدري أين باتت يده! ". (قلت: إسنادهما صحيح على شرط البخاري. والرواية الأولى أخرجها مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". والأخرى صححها الترمذي، والأكثرون من الرواة على الأولى، وهو في "صحيح البخاري " بدون ذكر العدد؛ وهو ثابت) . إسناده: حدثنا مسدد: تنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رَزِين وأبي صالح عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. وكذلك إسناد الرواية الأخرى: وإسنادها هكذا: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني بهذا الحديث-: قال: " مرتين أو ثلاثاً "؛ ولم يذكر أبا رزين.

والحديث أخرجه البيهقي (1/45) عن المصنف من الوجهين. ثمّ أخرجه هو- من طريق أحمد بن عبد الجبار الغطَاردي-، ومسلم- من طريق أبي كريب-؛ كلاهما قالا: ثنا أبو معاوية ... به. ورواه أحمد (2/253) عن أبي معاوية ... به؛ لكنه لم يذكر أبا رزين. وتابعه وكيع عن الأعمش ... به مثل رواية مسدد عن أبي معاوية. أخرجه أحمد أيضا (2/253 و 471) قال: ثنا وكيع: ثنا الأعمش ... به. وكذلك أخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/264) ، والبيهقي من طرق عنه. وتابعه أبو شهاب أيضا عن الأعمش ... به؛ غير أنه قال: " فليغسل يديه مرتين أو ثلاثاً ". أخرجه الطحاوي (1/13) ؛ وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع: وهو ثقة من رجال الشيخين. وبالجملة؛ فذِكْر أبي رزين في الإسناد ثابت برواية هؤلاء الثقات عن الأعمش عنه، ولا يضر عدم وروده في رواية غيرهم عنه. وأما رواية عيسى بن يونس؛ فتابعه عليها زائدة بن قدَامة- عند الطحاوي-، وشعبة- عند الطيالسي (رقم 2418) - بلفظ: " مرتن أو ثلاثاً ". وقال شعبة: " صَبّاً أو صبتين ". وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة. فأخرجه مسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/4 و 37 و 75) ، والترمذي والطحاوي

وابن ماجه أيضا، وأحمد (2/241 و 259 و 265 و 348 و 382) من حديث أبي سلمة وسعيد بن المسيب كلاهما عنه. ورواه الدارمي ووالبيهقي عن أبي سلمة وحده؛ وهو عندهم بالروايتين؛ والأكثرون على الأولى. ثمّ أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي من طريق بشر بن المُفَضلِ عن خالد الحَذأء عن عبد الله بن شقيق عنه. وأخرجه الدارقطني (18) - من طريقين- والبيهقي- من طريق ابن خزيمة-؛ ثلاثتهم عن محمد بن الوليد: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن خالد ... بهذا الإسناد مثله وقال: " أين باتت يده منه؟ ". قال البيهقي: " وقوله: " منه " تفرد به محمد بن الوليد البُسْرِي وهو ثقة ". قال الحافظ في "الفتح " (1/212) : " إن أراد عن محمد بن جعفر فمسَلم، وإن أراد مطلقاً فلا؛ فقد قال الدارقطني: تابعه عبد الصمد [ابن عبد الوارث] عن شعبة، وأخرجه ابن منده من طريقه "! قلت: وما سلمه الحافظ غير مسلم أيضا؛ فقد أخرجه أحمد (2/455) عن شيخه محمد بن جعفر هذا ... بإسناده بهذه الزيادة؛ فهي زيادة صحيحة على شرط مسلم. ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة، والبيهقي (1/47) ، وأحمد (2/403) من حديث أبي الزبير عن جابر عن أبي هريرة.

وصرح أبو الزبير بسماعه: عند أحمد. وأخرجه أبو عوانة من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء عن أبي هريرة. وفي حديث هؤلاء جميعاً عنه ذكر الثلاث. ثمّ أخرجه مسلم، وأحمد (2/271 و 395 و 500 و 507) ، ومالك (1/43- 44) ، ومن طريقه البخاري، وأحمد (2/465) ، ومحمد بن الحسن في "الموطأ" (ص 48) من طرق أخرى عن أبي هريرة دون ذكر العدد، وهو ثابت في رواية الأكثرين عنه؛ فلا يضر تركهم له؛ لأنها زيادة من ثقات يجب قبولها. وقد وجدت للحديث شاهداً من حديث عائشة مرفوعاً بلفظ: " من استيقظ من منامه؛ فلا يغمس يده في طَهوره حتى يُفْرغَ على يده ثلاث غَرَفات ". ولم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استيقظ يفعل ذلك حتما يفرغ على يده ثلاثاً. أخرجه الطيالسي (رقم 1487) : ثنا ابن أبي ذئب: حدثني من سمع أبا سلمة يحدث عن عائشة. وهذا سند صحيح؛ لولا الرجل الذي لم يسم. 93- عن أبي مريم قال: س مه، ت ابا هريرة يقول:. سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا استيقظ أحدكم من نومه؛ فلا يُدْخِلْ يده في الاناء حتى يغسلها ثلاث مرات؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟! أو أين كانت تطوف به؟! ". (قلت: إسناده صحيح، وحسنه الدارقطني، وصححه ابن حبان (1058)) .

إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْح ومحمد بن سلمة المرادي قالا: ثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي مريم. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أبي مريم- وهو الأنصاري الشامي-، وهو ثقة كما في "التقريب ". والحديث سكت عليه المنذري. وأخرجه الدارقطني (19) من طريق بَحْرِ بن نَصْرِ: نا عبد الله بن وهب ... به؛ وقال: " هذا إسناد حسن" وأخرجه البيهقي من طريق المؤلف. ثمّ أخرج من طريق الدارقطني، وهو في "سننه " (18) ، وابن ماجه من طريق ابن وهب أيضا عن ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل الحضرمي عن عقَيْل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره. وهذا شاهد لا بأس به. وقال الدارقطني: " إسناد حسن " قال البيهقي: " لأن جابر بن إسماعيل مع ابن لهيعة في إسناده ". قلت: وجابر من رجال مسلمِ، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وأخرج ابن خزيمة حديثه في "صحيحه " مقرونآ بابن لهيعة، وقال: " ابن لهيعة لا أحتج به، وإنما أخرجت هذا الحديث؛ لأن فيه جابر بن إسماعيل ".

كذا في "التهذيب "؛ ولعل الحديث المشار إليه هو هذا. وله شاهد آخر عن أبي الزبير عن جابر بزيادة: " ولا على ما وضعها ". رواه الدارقطني وقال: " إسناده حسن "؛ كذا قال! وفيه نظر؛ لأنه من رواية زياد البَكّائي عن عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير ... به. وهكذا رواه ابن ماجه (395) . ووجه النظر: أن زياداًا لبَكّائي- وهو ابن عبد الله- فيه لين في روايته عن غير ابن إسحاق؛ كما في "التقريب ". وشيخه عبد الملك بن أبي سليمان صدوق له أوهام؛ كما قال الحافظ؛ وقد وهم هو أو البكائي في سنده ومتنه: أما السند؛ فهو أنه جعله من (مسند جابر) ! وإنما هو من مسند أبي هريرة: رواه عنه جابر. كذلك رواه معقل عن أبي الزبير عن جابر عن أبي هريرة: أخرجه مسلم (1/161) ، وأبو عوانة (1/263- 264) . وتابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير قال: أخبرني جابر ... به: أخرجه أحمد (2/403) . وأمّا المتن؛ فهو أنه زاد فيه: " ولا على ما وضَعَها ". فهي زيادة منكرة؛ لتفرد البَكّائي بها عن عبد الملك، ومخالفة معقل وابن لهيعة ولكل من روى الحديث عن أبي هريرة من الثقات.

50- باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

وقد ساق أسانيدهم: مسلم وأبو عوانة وغيرهما، وزاد عليهم الإمام أحمد (2/241 و 253 و 259 و 265 و 271 و 284 و 316 و 382 و 395 و 403 و 455 و465 و 471 و 500) ، وتقدّم بعضها. فكل هؤلاء الثقات لم يذكروا تلك الزيادة؛ فهي منكرة يقيناً. 50- باب صفة وضوء النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 94- عن عطاء بن يزيد الليثي عن حُمران بن أبان مولى عثمان بن عفان قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ؛ فأفرغ على يديه ثلاثاً، فغسلها ثم مضمض واستنثر، ثمّ غسل وجهه ثلاثاً، وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثاً، ثمّ اليسرى مثلَ ذلك، ثمّ مسح رأسه، ثئم غسل قدمه اليمنى ثلاثاً، ثم اليسرى مثلَ ذلك، ثمّ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مثل وضوئي هذا ثمّ قال: "من توضأ مثل وضوئي هذا، ثمّ صلّى ركعتين لا يُحَدثُ فيهما نفسه؛ غفر الله له ما تقدّم من ذنبه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي الحُلْوَاني: ثنا عبد للرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه.

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/239- 240) ، والبيهقي (1/57- 58) عن عبد الرزاق ... به. وأخرجه أحمد أيضا (1/59/رقم 421) : حدثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه البخاري (4/128) ، والبيهقي أيضا (1/56) من طريق عبد الله- وهو ابن المبارك-: أخبرنا معمر ... به نحوه. وأخرجه البخاري (1/208 و 210 و 214) ، ومسلم وأبو عوانة والنسائي والدارمي، والدارقطني (35) ، والبيهقي أيضا (1/48 و 49 و 53 و 86) ، وأحمد (1/339 رقم 418 و 428) من طرق عن للزهري ... به نحوه. وله عندهم طرق أخرى أخصر منه عن عثمان. 95\- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: حدثني حًمْران قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ ... فذكر نحوه؛ ولم يذكر المضمضة والاستتشاق؛ وقال فيه: ومسح رأسه ثلاثاً، ثمّ غسل رجليه ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ هكذا وقال: " من توضأ دون هذا كفاه "؛ ولم يذكر أمر الصلاة. (قلت: إسناده حسن صحيح، ومال ابن الجوزي إلى تصحيحه، وقال ابن الصلاح: إنه حديث حسن، وقال النووي: إسناده حسن، وربما ارتفع من الحسن إلى الصحة بشواهده وكثرة طرقه، وصححه ابن خزبمة، وقواه الحافظ) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا الضحاك بن مَخْلَد: ثنا عبد الرحمن بن وَرْدَان: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن.

وهذا إسناد حسن؛ رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن وردان؛ قال ابن معين: " صالح ". وقال أبو حاتم: " ما بحديثه بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الدارقطني: " ليس بقوي ". والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف. ثمّ أخرجه هو والدارقطني (34) من طريقين آخرين عن الضحاك بن مخلد ... به ورواه البزار في "مسنده " بإسناد المصنف هذا، وقد ساقه الزيلعي في "نصب الراية " (1/32) . وقال النووي في "المجموع " (1/434) : " رواه أبو داود بإسناد حسن، وقد ذكر أيضاا لشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله أنه حديث حسن، وربما ارتفع من الحسن إلى الصحة بشواهده وكثرة طرقه؛ فإن البيهقي وغيره رووه من طرق كثيرة غير طريق أبي داود ". وللحديث طريق أخرى عن حمران؛ فقال الحافظ في "التلخيص "- (1/411) بعد أن ذكره من هذا الوجه-: " وتابعه هشام بن عروة عن أبيه عن حمران: أخرجه البزار. وأخرجه أيضا من طريق عبد الكريم عن حمران؛ وإسناده ضعيف. ورواه أيضا من حديث أبي علقمة مولى ابن عباس عن عثمان؛ وفيه ضعف ". قلت: وله طريق أخرى عن عثمان؛ ستأتي في الكتاب قريباً رقم (98) ؛ وقد صححها ابن خزيمة، كما في "الفتح " (1/209) ؛ ونصه:

" وقد روى أبو داود من وجهين؛ صحح أحدهما ابن خزيمة وغيره؛ في حديث عثمان بتثليث مسح الرأس، والزيادة من الثقة مقبولة ". وسيأتي هناك أن ابن خزيمة رواه من ذلك الوجه. ثمّ قال الحافظ في "التلخيص ": " ومال ابن الجوزي في "كشف المشكل " إلى تصحيح التكرير ". 96- عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي قال: سئل ابن أبي مُليكة عن الوضوء؟ فقال: رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء؟ فدعا بماء؛ فأُتى بميضأة فأصغاها على يده اليمنى، ثمّ أدخلها في الماء؛ فتمضمض ثلاثاً، واستنثر ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ثمّ غسل يده اليمنى ثلاثاً، وغسل يده اليسرى ثلاثاً، ثمّ أدخل يده فأخذ ماءً؛ فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة، ثمّ غسل رجليه؛ ثمّ قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذ ارأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن داود الإسكندراني: ثنا زياد بن يونس: حدثني سعيد بن زياد المؤذن عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي. وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات مشهورون؛ غير سعيد بن زياد المؤذن؛ فوثقه ابن حبان وحده، لكن روى عنه جمع من الثقات؛ وقد توبع عليه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (1/64) من طريق المؤلف.

وللحديث طرق أخرى: فرواه ابن ماجه (1/167) مختصراً من طريق حجاج عن عطاء عن عثمان قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ؛ فمسح رأسه مرة. وهذا إسناد ضعيف. وأخرجه أحمد (1/264/رقم 472) ؛ لكن ليس فيه: (مرةً) . وكذلك رواه ابنه عبد الله في "زوائد" (رقم 527) . وأخرج الدارقطني (34) من طريق زيد بن الحبَاب: حدثني عمر بن عبد الرحمن بن سعيد الخزومي: حدثني جدي: أن عثمان بن عفان خرج في نفر، من أصحابه حتى جلس على المقاعد، فدعا بوَضوء ... الحديث نحو رواية ابن أبي مليكة؛ وفيه: ومسح برأسه مرة واحدة، ولم يذكر الأذنين. وقال المعلق عليه الشيخ شمس الحق: " هذا إسناد صالح؛ ليس فيه مجروح "! قلت: لكن فيه مجهول؛ وهو عمر بن عبد الرحمن بن سعيد الخزومي؛ فإني لم أجد له ذكراً في شيء من الكتب التي عندي، ولم يذكره الحافظ في الرواة عن أبيه عبد الرحمن بن سعيد، ولا في الرواة عن جده سعيد! وفي هذا إشارة إلى أنه غير مشهور؛ وإلا لاشتهر بالرواية عن أبويه. والله أعلم. ثمّ أخرج الدارقطني (31) ، وأحمد (1/372/رقم 489) من طريق محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن حمْران بن أبان مولى عثمان بن عفان قال:

رأيت عثمان بن عفان دعا بوَضوء ... الحديث نحو حديث الزهري المتقدم عن عطاء بن يزيد الليثي، وفيه: ثمّ غسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثمّ مسح برأسه وآمَر بيديه على ظاهر أدْنيه، ثمّ مر بهما على لحيته ... الحديث. وهذا إسناد حسن، رجاله رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق؛ وهو حسن الحديث. وقال الحافظ في "الفتح " (1/234) : " إسناده حسن ". وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/223) من طريق زيد بن أسلم عن حمران ... به نحوه بلفظ: ومسح برأسه وأذنيه. وإسناده صحيح على شرطهما، وأصله في "مسلم ". والحديث إنما ساقه المؤلف؛ ليشير به إلى ضعف رواية أبي سلمة السابقة، التي فيها أنه مسح رأسه ثلاثاً؛ وليدل به على صحة ما عفبه بقوله: " أحاديث عثمان رضي الله عنه الصحاح؛ كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة؛ فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثاً، وقالوا فيها: ومسح رأسه، لم يذكروا عدداً كما ذكروا في غيره "! وقد أجاب النووي رحمه الله عن قول المصنف هذا من وجهين؛ قال: " أحدهما: أنه قال: " الأحاديث للصحاح "؛ وهذا حديث حسن- يعني: الذي قبل هذا- غير داخل في قوله.

والثاني: أن عموم إطلاقه مخصوص بما ذكرناه من الأحاديث الحسان وغيرها ". وقد سبق جواب الحافظ أن زيادة الثلاث زيادة من ثقة؛ يعني: فيجب قبولها. ويؤيد ذلك: أن حديث عثمان هذا قد جاء من طرق كثيرة؛ وفي بعضها ما ليس في الأخرى من المعاني. ألا ترى فيما سبق أن بعضهم روى المسح على الأذنين، وبعضهم روى كيفية ذلك، فلم يلزم من ترك الآخرين من الرواة وإعراضهم عن ذلك ضعفه؛ ما دام الرواة ثقات؛ فكذلك الأمر فيما نحن فيه. والله أعلم. 97- عن أبي علقمة: أن عثمان دعا بماء فتوضأ؛ فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى؛ ثمّ غسلها إلى الكوعين، قال: ثمّ مضمض واستنشق ثلاثاً، وذكر الوضوء ثلاثاً، قال: ومسح برأسه، ثمّ غسل رجليه، وقال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَاِ إٍ توضأ مثل ما رأيتموني توضأت ... ثمّ ساق نحو حديث الزهري وأتم. (قلت: إسناده حسن صحيح وحسنه (*) . إسناده: حدثثا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى: أخبرنا عبيد الله- يعني: ابن أبي زياد- عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبي علقمة. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبيد الله بن أبي زياد- وهو القَدَاح أبو الحصين المكي-؛ وهو حسن الحديث إذا لم يخالف، وقد وافق (*) كذا الأصل، لم يكمل الشيخ رحمه الله العبارة. (الناشر) .

في هذا الحديث غيره من الثقات. وعيسى: هو ابن يونس. وأبو علقمة هو المصري مولى بني هاشم؛ لا يعرف اسمه. والحديث؛ أخرجه الدارقطني (31) من طريق محمد بن بكر: نا عبيد الله بن أبي زياد القداح ... به بتمامه. 98- عن شَقيق بن سلمة قال: رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح رأسه ثلاثاً ثمّ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعل هذا. (قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه البخاري، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، والضياء في "المختاره ") . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا يحيى بن آدم: ثنا إسرائيل عن عامر ابن شقيق بن جمرة عن شقيق بن سلمة. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عامر بن شقيق بن جمرة، وهو مختلف فيه، كما قال الحافظ في "التلخيص " (1/410) . وهذه أقوال الأئمة ديه: قال ابن معين: " ضعيف الحديث ". وقال أبو حاتم: " ليس بقوي وليس من أبي وائل بسبيل ". وقال النسائي: "ليس به بأس ".

وذكره ابن حبان في "الثقات ". قلت: ووثقه من صحح حديثه؛ ويأتي ذكرهم؛ فأقل أحوال حديثه أن يكون حسناً إذا لم يظهر فيه علة قادحة؛ ولم يَرْوِ في هذا الحديث شيئاً مستنكراً؛ فكان حجة. والحديث أخرجه الدارقطني (32 و 34) ، والبيهقي (1/63) ، والطحاوي أيضا (1/19) ، والحاكم (11/49) ، والضياء في "المختارة " (325- 329 بتحقيقي) عن إسرائيل ... به أتم منه. والظاهر أن المصنف اختصره؛ فإنه عند الدارقطني في بعض الروايات من طريق هارون بن عبد الله- شيخ المصنف فيه- بلفظ: رأيت عثمان بن عفان توضأ؛ فمضمض واستنشق ثلإثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وخلل لحيته ثلاثاً، وغسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح رأسه ثلاثاً، وغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثمّ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل هذا. وزاد البيهقي بلفظ: ومسح برأسه ثلاثاً، وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. وهو رواية الحاكم، ويواية للدارقطني. وعند الطحاوي هذا القدر منه فقط. وسيأتي له شاهد برقم (114) . والحديث رواه ابن خزيمة أيضا؛ كما في "التلخيص " (1/411) . وروى منه الترمذي (1/46) ، والدارمي (1/178- 179) ، وابن ماجه (11/65) : تخليل اللحية فقط.

وكذلك رواه ابن حبان في "صحيحه " (رقم 154- موارد الظمآن) . ثمّ قال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح ". وقال في "العلل الكبير": " قال محمد- يعني. البخاري-: أصح شيء في التخليل عندي حديث عثمان. قلت: إنهم يتكلمون في هذا؟ فقال: هو حسن ". نقله الحافظ في "التهذيب ". ثم قال: " وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم ". ونص الحاكم: " وهذا إسناد صحيح، قد احتجا بجميع رواته؛ غير عامر بن شقيق؛ ولا أعلم فيه طعناً بوجه من الوجوه "! وتعقبه الذهبي بقوله: " ضعفه ابن معين "! قلت: لكن وثقه من سبق ذكرهم! ومن ضعفه لم يبين سببه، وكفى بالبخاري حجة في توثيقه وتحسين حديثه. وقد جاءت أحاديث كثيرة في تخليل اللحية شاهدة له؛ كما سيأتي (برقم 133) . كما أن له طريقاً أخرى عن عثمان؛ فيه مسح الرأس ثلاثاً؛ وقد مضى (برقم 95) . وله طريق ثالثة أخرجها أحمد (رقم 436) : " حدثنا صفوان بن عيسى عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم قال: دخلت على ابن دارة مولى عثمان، قال: فسمعني أمَضمض قال: فقال: يا محمد اقال: قلت: لبيك، قال: ألا أخبرك عن وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: رأيت عثمان وهو بالقاعد دعا بوَضوء فمضمض ...

الحديث وفيه: ومسح برأسه ثلاثاً. ثمّ قال: من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فهذا وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك أخرجه الدارقطني (34) ، والطحاوي (1/21) ، والبيهقي (1/62- 63) . وهذا إسناد حسن: صفوان بن عيسى ثقة من رجال مسلم. ومحمد بن عبد الله بن أبي مريم ثقة؛ وقد مضى له في الكتاب حديث معلق (رقم 47) . وابن دارة؛ سماه البخاري زيداً، وكذلك وقع عند الطحاوي مسمى، وروى عنه جمع من الثقات؛ ووثقه ابن حبان، ونقل الحافظ في "التعجيل " (رقم 1450) : أن الدارقطني قال عقب الحديث: " إسناده صالح ". وليس هذا في نسختنا من "سننه "، فلعله في بعض النسخ! 99- قال أبو داود: " رواه وكيع عن إسرائيل قال: توضأ ثلاثاً فقط ". (قلت: إسناده حسن أيضا، وهو مختصر الذي قبله) . وصله الإمام أحمد (1/57/برقم 413) قال: حدثنا وكيع عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ توضأ ثلاثاً تلاثاً. وهذا إسناد حسن أيضا؛ وقد اختصره وكيع.

100- عن أبي عوانة عن خالد بن علقمة عن عبد خير قال: أتانا علي رضي الله تعالى عنه وقد صلّى فدعا بطَهور، فقلنا: ما يصنع بالطَّهوروقد صلّى؟! ما يريد إلا لِيُعَلِّمنا! فأني بإناء فيه ماء، وَطَسْتٍ، فأفرغ من الاناء على يمينه، فغسل يده ثلاثاً، ثمّ تمضمض واستنثر ثلاثاً، فمضمض ونثر من الكف الذي يأخذ فيه، ثمّ غسل وجهه ثلاثاً، ثمّ غسل يده اليمنى ثلاثاً، وغسل يده الشمال ثلاثاً، ثمّ جعل يده في الاناء؛ فمسح برأسه مرة واحدة، ثمّ غسل رجله اليمنى ثلاثاً، ورجله الشمال ثلاثاً، ثمّ قال: من سرّه أن يعلم وضوء رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فهو هذا. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي) . إسناده: حدثنا مسدد. ثنا أبو عوانة. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير خالد بن علقمة وعبد خير؛ وهما ثقتان اتفاقاً. وقال النووي (1/347 و 352) : " إسناده صحيح ". والحديث أخرجه البيهقي (1/50) من طريق المؤلف. ثم أخرجه (1/68) من طريق أخرى عن مسدد. وأخرجه النسائي (1/27) ، وأحمد (1/154/رقم 1324) ، وابنه في "زوائد المسند" (1/141/رقم 1198) من طرق أخرى عن أبي عوانة ... به. وله في "ابن ماجه " (404) ، وفي "المسند" طرق أخرى عن خالد بن علقمة،

بعضها مختصر، فانظر (رقم 928 و 943 و 945 و 998 و 1025 و 1027 و1197) . وفي بعضها التصريح أيضا بأنه مسح رأسه مرة واحدة. وخالف أبو حنيفة فقال: عن خالد: ومسح برأسه ثلاثاً. أخرجه الدارقطني (33) ، والبيهقي (1/63) ، وضعفاه بسبب مخالفته لرواية الجماعة عن خالد. قال البيهقي: " وكذلك رواه الجماعة عن علي؛ إلا ما شذ منها ". وكأنه يشير إلى ما وقع في بعض الروايات في حديث أبي إسحاق عن أبي حية؛ كما سيأتي ذكره عند الكلام عليه (رقم 105) ، وانظر (108) . 101- عن زائدة: ثنا خالد بن علقمة الهَمْدَاني عن عبد خير قال: صلّى علي رضي الله تعالى عنه الغداه، ثمّ دخل الزحْبة. فدعا بماء، فأتاه الغلام بإناءٍ فيه ماءٌ وطَست، قال: فأخذ الاناء بيده اليمنى، فأفرغ على يده اليسرى وغسل كفيه ثلاثاً، ثمّ أدخل يده اليمنى في الاناء، فمصمص ثلاثاً واستنشق ثلاثاً ... ثمّ ساق قريباً من حديث أبي عَوانة، ثمّ مسح رأسه مُقَدمهُ ومُؤخَّره مرة ... ثمّ ساق الحديث نحوه. (قلت: إسناده صحيح، وصححه الدارقطني، وابن حبان (1076)) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي الحلواني: ثنا الحسين بن علي الجعفي عن زائدة وهذا سند صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير خالد وعبد خير؛ وهما ثقتان

كماسبق. والحديث أخرجه الدارقطني (33 و 35) ، والبيهقي (1/48) من طريق شعيب ابن أيوب: ثنا حسين بن علي الجعفي ... به. وأخرجه النسائي (1/27) مختصرأ: أخبرنا موسى بن عبد الرحمن قال: حدثنا حسين بن علي ... به. وأخرجه الدارمي (1/178) ، والطحاوي (1/17 و 21) ، والدارقطني أيضا، والبيهقي (1/47 و 59) ، وأحمد (1/135/رقم 1133) من طرق أخرى عن زائدة ... به. وهو عند أحمد أتم وأكمل من جميع الروايات. وقال الدارقطني إنه: "صحيح ". ثمّ أخرجه البيهقي (1/58) من طريق الحسن بن علي بن عفان: ثنا الحسين الجعفي. وابن عفان غير الحلواني. قلت: وقد تابع زائدة: أبو عوانة كما سبق، وقد أحال المصنف عليه في بعضه. وتابعه أيضا حسن بن عقبة المرادي- عند الدارمي-؛ ولم أجد له ترجمة. وتابعه آخرون كما سبقت الإشارة إليه في الذي قبله. وتابعه شعبة، لكنه أخطأ في اسم خالد بن علقمة؛ فسماه: مالك بن عرْفطَةَ! وهو:

102- عن شعبة قال: سمعت مالك بن عرْفطَةَ [قلت: وهو خالد بن علقمة؛ أخطأفيه شعبة] : سمعت عبد خيرقال: رأيت عليّاً رضي الله تعالى عنه أتي بكرسي فقعد عليه، ثمّ أتي بكوزٍ من ماء، فغسل يديه ثلاثاً، ثمّ تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد ... وذكر الحديث. (قلت: إسناده صحيح أيضا) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني محمد بن جعفر: حدثني شعبة. وهذا إسناد صحيح كسابقه؛ لكن وهم فيه شعبة فقال: مالك بن عرفطة! وإنما هو خالد بن علقمة، كما في رواية زائدة وأبي عوانة المتقدمتين، وكما في رواية كل من رواه عنه غيرهما ممن سبقت الإشارة إليه؛ وقد اتفق الحفاط- كأحمد والبخاري والترمذي وابن حبان وأبي حاتم وغيرهم- على توهيمه في ذلك؛ وحاول بعض الأفاضل المعاصرين تخطئتهم؛ ولكنه لم يأت بحجة قوية في ذلك فيُعْتَمدَ عليها! وفي "عون المعبود" ما نصه: " واعلم أنه ذكر الحافط المزي في "الأطراف " ههنا [أي: في آخر الحديث] عبارات من قول أبي داود، ليست موجودة في النسخ الحاضرة عندي؛ لكن رأينا إثباتها لتكميل الفائدة، وهي هذه: قال أبو داود: " ومالك بكلرفطة؛ إنما هو خالد/بن علقمة/، أخطأ فيه شعبة ". قال أبو داود: " قالد أبو عوانة يوماً: حدتنا مالك بحرفطة عن عبد خير، فقال له عمرو الأغضف: رحمك الله اْبا عوانة! هذا خالد بن علقمة؛ ولكن شعبة مخطئ فيه، فقال أبو عوانة: هو في كتابي: خالد بن علقمة؛ ولكن قال شعبة:

هو مالك بن عرفطة ". قال أبو داود: " حدثا عمرو بن عون قال: حدثنا أبو عوانة عن مالك بن عرفطة". قال أبو داود: " وسماعه قديم ". قال أبو داود: " حدثا أبو كامل قال: حدثا أبو عوانة عن خالد بن علقمة؛ وسماعه متأخر، كأنه بعد ذلك رجع إلى الصواب. انتهى ". قال المزي في آخر الكلام: " من قول أبي داود: (مالك بن عرفطة) إلى قول: (رجع إلى الصواب) : في رواية أبي الحسن بن العبد، ولم يذكره أبو القاسم. انتهى". قلت: ورواية أبي الحسن بن العبد هذه؛ ذكرها الحافظ أيضا في ترجمة خالد ابن علقمة من "التهذيب ". والحديث أخرجه النسائي (1/27) ، والطيالسي (رقم 149) ، وعنه البيهقي (1/50- 51) ، وأحمد (2/رقم989 و 1178) من طرق عن شعبة ... به. وللحديث طرق أخرى عن عبد خير، انظرها في "المسند" (رقم 737 و 876 و910 و 918 و 1263) ، وفي "زيادات ابنه عبد الله " عليه (رقم 1007 و 1008 و1013 و 1014- 1016 و 1047) ، وسيأً تي بعضها في الكتاب (رقم 153) . 103- عن زز بن حُبَيْشٍ: أنه سمع عليّاً رضي الله تعالى عنه وسئل عن وضوء رسول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث، وقال: ومسح على رأسه؛ حتى لَمَّا يَقْطُرْ، وغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثمّ قال:

هكذا كان وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح، وقواه ابن القيم، ورواه الضياء في "المختارة") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ننا أبو نُعيم: ثنا ربيعة الكِنَاني عن المنهال بن عمرو عن زِز بن حُبيش. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير ربيعة الكناني - وهو ابن عتبة؛ ويقال: ابن عبيد-، وهو ثقة اتفاقاً. والحديث أخرجه البيهقي (1/74) من طريقين آخرين عن أبي نعيم الفضل ابن دُكَين ... به. وأحرجه أحمد (2/رقم 873) من طريق غيره فقال: حدثنا مروان بن معاوية الفَزَارِي: حدثنا ربيعة بن عتبة الكناني ... به مختصراً. وقال ابن القيم فما " التهذيب ": " ولا أعلم لهذا الحديث علة ". 104- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عليّاً رضي الله تعالى عنه توضأ؛ فغسل وجهه ثلاثاً، وكسل ذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه واحدة، ثمّ قال: هكذا توضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ) . إسناده: حدثنا زياد بن أيوب الطوسِيُّ: ثنا عبيد الله بن موسى: ثنا فطْر عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير أن فطراً- وهو ابن خليفة- هو عنده مقرون بآخر. وأبو فروة هذا: هو مسلم بن سالم النهْدِي الكوفي. والحديث صحح إسناده الحافظ في "التلخيص " (1/452) . 105- عن أبي حَيَة قال: رأيت عليّاً رضي الله تعالى عنه توضأ ... فذكر وضوءه كله ثلاثاً ثلاثاً. قال: ثمّ مسح رأسه، ثمّ غسل رجليه إلى الكعبين، ثمّ قال: إنما أحببت أن أرَيكم طُهور رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن صجيح ") . إسناده: حدثنا مسدد وأبو توبة قالا: ثنا أبو الأحوص. (ح) : وثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي حية. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حية هذا- وهو ابن قيس الوادعي-؛ قال الذهبي: " لا يعرف، تفرد عنه أبو إسحاق. قال أحمد: شيخ. وقال ابن المديني. وأبو الوليد الفرضي: مجهول ". وقال ابن القطان: وثقه بعضهم. وصحح حديثه ابن السكن وغيره. وقال ابن الجارود في "الكنى ": وثقه ابن نمير ". وفي "التقريب ": أنه " مقبول "؛ أي: إذا توبع. وقد تابعه جمع من الثقات، كما سبق؛ فحديثه صحيح

وأبو الأحوص: هو سَلام بن سُليم. وأبو إسحاق: هو السُّبيعي. والحديث أخرجه النسائي (1/28) ، والترمذي (1/67- 68) ، والببهقي (1/75) من طرق عن أبي الأحوص ... به. وكذلك أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (رقم 1046 و 1351) . ورواه النسائي (1/31 و 33) من طرق أخرى عن أبي إسحاق. ورواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق ... به مختصراً: أخرجه أحمد (رقم 971 و 1204 و 1272) ، وابنه (رقم 1344) . ورواه ابن ماجه (1/167) أخصر منه من طريق هَنادِ بن السرِي: ثنا أبو الأحوص ... به بلفظ: عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مسح رأسه مرة. وله طريق ثالثة عن أبي إسحاق فيه زيادة منكرة: أخرجه عبد الله في "زوائده " (رقم 1359) من طريق العلاء بن هلال الرقِّي: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق ... به وفيه: ومسح برأسه ثلاثاً. وعلته: العلاء بن هلال الرقي؛ وهو ضعيف جدّاً. واعلم أن المصنف رحمه الله قد جمع أكثر طرق الحديظ عن علي رضي الله عنه. وله طرق أخرى عنه؟

منها: عن النزَّال بن سَبْرة ... وفيه الشرب بعد الوضوء قائماً: عند البخاري (10/67) ، والبيهقي (1/75) ، والطيالسي (رقم 148) ، وأحمد (2/رقم 583 و1005 و 1173 و 1222 و 1315 و1366) ، وسيأتي عند الصنف مختصرا في "الأشربة" (رفم ... ) [باب في الشرب قائماً] . ومنها: الحسين بن علي رضي الله عنه: عند النسائي (1/27-28) بسند صحيح. ومنها عن أبي مطر: عند أحمد (رقم 1355) : ثلاثتهم عن علي رضي الله عنه، وفي حديث الأخيرين عنه: ثم مسح برأسه مسحة واحدة. وحديث الحسن يأتي في الكتاب معلقاً (رقم 107) . 106- عن ابن عباس قال: دخل عليَّ علي- يعني: ابن أبي طالب- وقد أهراق الماء، فدعا بوَضوء، فأتيناه بتَور فيه ماء، حتى وضعناه بين يديه، فقال: يا ابن عباس! ألا أريك كيف كان يتوضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قلت: بلى. قال: فأصغى الاناء على يده فغسلها، ثمّ أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى، ثمّ غسل كفَّيه، ثمّ تمضمض واستنثر، ثمّ أدخل يديه في الاناء جميعاً؛ فأخذ بهما حَفْنة من ماء، فضرب بها على وجهه، ثمّ ألقم ابهاميه ما أقبل من أذنيه، ثمّ الثانية، ثمّ الثالثة مثل ذلك، ثمّ أحذ بكفه اليمنى قبضة من ماء؛ فصبها على ناصيته، فتركها تُسْتَن على وجهه، ثمّ

غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثاً ثلاثاً، ثمّ مسح رأسه وظهور أذنيه، ثمّ أدخل يديه جميعاً، فأخذ حَفْنَة من ماء، فضرب بها على رجله وفيها النعل فَفَتَلها بها، ثمّ الأخرى مثلَ ذً لك. قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين. قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين. قال: قلت: ويْر النعلين؟ قال: وفي النعلين. (قلت: إسناده حسن. ورواه مختصرا ًابن حبان في "صحيحه " (1075)) . إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَراتي: ثنا محمد- يعني: ابن سلمة- عن محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكَانة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس. وهذا إسناد حسن، وابن إسحاق قد سمعه من ابن طلحة، كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (1/53) عن المؤلف. ثم أخرجه هو (1/74) ، والطحاوي (19 و 20- 21) ، وأحمد (2/رقم 625) من طرق عن ابن إسحاق ... به، وصرح ابن إسحاق بسماعه في رواية أحمد، وابن حبان (1075) . ثمّ قال البيهقي: " وقال أبو عيسى الترمذي: ساعيت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: لا أدري ما هذا الحديث؟! ". وقال الحافظ في "التلخيص " (1/402) : " رواه أبو داود مطولاً والبزار وقال: لا نعلم أحداً روى هذا هكذا إلا من حديث عبيد الله الخولاني، ولا نعلم أن أحداً رواه عنه إلا محمد بن طلحة بن يريد بن

ركانة. وقد صرّح ابن إسحاف بالسماع فيه، وأخرجه ابن حبان من طريقه مختصراً. وضعّفه البخاري فيما حكاه الترمذي ". قلت: وليس في هذه الحكاية ما يبين أن تضعيف البخاري للحديث إنما هو من قبل إسناده؛ كيف وابن إسحاف حسن الحديث عنده؟ وابن طلحة ثقة اتفاقاً؟ وعبيد الله الخولاتي من رجال "صحيحه "؟! بل فيها إشارة إلى أن تضعيفه إنما هو من قبل متنه؛ وهو قوله: فأخذ حفنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعل! فإنه يشعر أنه مسح عليها ولم يغسلها، وليس ذلك بمراد؛ لقوله بعد ذللك: ففتلها بها؛ يعني: لِيَسيلَ الماء فيعم القدم. وبالجملة؛ فليس في الحديث- في متنه أو سنده- ما يقتضي تضعيفه، لا سيما وقد ثبت الرش على الرجل في "صحيح البخاري " من حديث ابن عباس، وسيأتي في الكتاب بعد باب (رقم 126) . وثبت التوضو في النعلين. أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، وسيأتي في الكتاب في "باب وقت الإحرام " من " الحج " (رقم 1554) . فمثل ما أولوا وفسروا هذين الحديثين يفسر حديثما ابن عباس عن علي، وبيان ذلك في المطولات كـ "الفتح " وغيره، كـ "تهذيب السنن " لابن القيم؛ وقد أطال النَّفَسَ فيه وأجاد بما لا يوجد مجموعاً في كتاب؛ فراجعه. 107- قال أبو داود: " وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي؛ لأنه قال فيه حجاج بن محمد عن ابن جريج: ومسح برأسه مرة واحد، ".

(قلت: وصله النسائي بإسناد صحيح) . وصله النسائي (1/27) قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسن المِقْسَمِي قال: أنبأنا حجاج قال: قال ابن جريج: حدثني شيبة أن محمد بن علي أخبره قال: أخبرني أبي علي أن الحسين بن علي قال: دعاني أبي علي بوَضوء، فقربته، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وَضوئه، ثمّ مضمض ثلاثاً واستنثر ثلاثاً، ثمّ غسل وجهه ثلاث مرات، فمّ غسل يده اليمنى إلى الرفق ثلاثاً، ثمّ اليسرى كذلك، ثمّ مسح برأسه مسحة واحدة، ثمّ غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثاً، ثمّ اليسرى كذلك، ثمّ قام قائماً فقال: ناولني، فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه، فشرب من فضل وضوئه قائماً، فعجبت! فلما رآني قال: لا تعجب؛ فإتي رأيت أباك النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع مِثلَما رأيتتي صنعت؛ يقول؛ لوضوئه هذا وشُرْبِ فضلِ وَضوئه قائماً. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وشيبة هذا: هو ابن نَصاح؛ فإن أبا قره موسى بن طارق روى هذا الحديث عن ابن جريج فقال: حدثني شيبة بن نصاح- كما في "التهذيب "-؛ وهو ثقة. 108- وقال ابن وهب فيه: عن ابن جريج: ومسح برأسه ثلاثاً. (قلت: وصله البيهقي بإسناد صحيح؛ وذكر أنه شاذ بهذا اللفظ، وأن الصواب قول حجاح الذي قبله) . وصله البيهقي (1/63) من طريق إبراهيم بن المنذر: ثنا ابن وهب عن ابن جريج ... بإسناده السابق بلفظ: ثلاثاً. ثم قال: " هكذا قال ابن وهب:

ومسح برأسه ثلاثاً ". وقال فيه حجاج عن ابن جريج: ومسح برأسه مرة. قلت: وقد ذكر البيهقي أنه أحسن ما روي عن علي في المسح على الرأس ثلاثاً، لكنه شاذ؛ لخالفتها لرواية حجاج عن ابن جريج، ولرواية الجماعة عن علي؛ وقد سبق ذكرهم، فكلهم لم يذكروا: ثلاثاً، وبعضهم صرح بأنه مسح مرة واحدة كما سبق. لكن ثبت المسح عليه ثلاثاً من حديث عثمان رضي الله عنه؛ كما تقدّم برقم (98) . 109- عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه (1) : أنه قال لعبد الله ابن زيد بن عاصم- وهو جدّ عمرو بن يحيى المازني-، هل تستطيع أن تُرَيني كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم؛ فدعا بوَضوء، فأفرغ على يديه فغسل يديه، ثمّ تمضمض واستنثر ثلاثاً، ثمّ غسل وجهه ثلاثاً، ثمّ غسل يديه

_ (1) هو يحيى بن عمارة بن أبي حسن- واسمه تميم- ابن عبد بن عمرو. ولجده أبي حسن صحبة. ثمّ الظاهر أنه هو القائل لعبد الله بن زيد، وأن عبد الله جد يحيي هذا. وكلاهما غير مراد: أما الأول؛ فلما في رواية البخاري عنه: أن رجلاً قال لعبد الله بن زيد. وفي رواية أخرى له من طريق وهيب عن عمرو عن أبيه: شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما الأخر؛ فلأن عبد الله بن زيد ليس جد يحيى؛ لا حقيقة ولا مجازاً، كما في "الفتح "، وتمام للبحث يراجع فيه.

مرتين مرتين إلى المرفقين، ثمّ مسح رأسه بيديه؛ فأقبل بهما وأدبر؛ بدأ بمقدم رأسه ثمّ ذهب بهما إلى قفاه، ثمّ ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثمّ غسل رجليه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: إنه أصح شيء في الباب وأحسن؛ يعني: باب المسح على الرأس) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك. وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه. والحديث في "موطأً مالك " (1/39- 49) ، وعنه أخرجه الشيخان، وأبو عوانة والنسائي والترمذي وابن ماجه، وابن خزيمة (157) ، والبيهقي، وأحمد (4/38) ، ومحمد (47) كلهم عن مالك ... به، وقال الترمذي: إنه " أصح شيء في الباب وأحسن ". وله عن عمرو بن يحيى طرق أخرى، سيأتي في الكتاب بعضها. (تنبيه) : روى سفيان بن عيينة هذا الحديث مختصراً عن عمرو بن يحيى ... به وقال: وغسل رجليه مرتين. أخرجه الترمذي (1/66- تحقيق أحمد شاكر) . وقال المحقق: " قال الشارح: أخرجه البخاري ومسلم مطولاً "! فأقول: أولاً: روايتهما كرواية المؤلف؛ ليس فيها: مرتين.

ثانياً: هذه الزيادة شاذة؛ لخالفة ابن عيينة لرواية مالك ومن وافقه من أصحاب عمرو بن يحيى المازني؛ وهم: وهيب بن خالد بن عجلان، وسليمان بن بلال، وخالد بن عبد الله- عند الشيخين-، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون- عند أحمد (4/40) -؛ فكلهم لم يذكر في الرِّجلين: مرتين. وأيضا؛ فابن عيينة كان يضطرب فيها: فمرة يذكرها، كما في رواية الترمذي هذه، وعي عند ابن خزيمة أيضا (172) ، وابن الجارود (70) . وتارة لا يذكرها، وهي رواية الحميدي في " مسنده " (417) . وتارة كان يذكرها في المسح فيقول: ومسح برأسه مرتين: رواه أحمد (4/40) ؛ وقال: سمعته من سفيان ثلاث مرات يقول: غسل رجليه مرتين. وقال مرة: مسح برأسه مرة. وقال مرتين: مسح برأسه مرتين. وهذا اضطراب شديد من سفيان؛ يدل على أنه لم يحفظ هذا الحرف من الحديث، ولم يضبطه. (تنبيه آخر) : زعم الحافظ في "الفتح" (1/291) : أنّ مالكاً خالف الحفاظ في قوله في اليدين: مرتين؛ وهم وهيب ومن ذكر معه آنفاً فقالوا: ثلاثاً! وهو وهم منه رحمه الله؛ فإنهم جميعاً قالوا: مرتين؛ كما قال مالك. نعم؛ رواه مسلم بهذا اللفظ: ثلاثاً؛ من طريق أخرى عن عبد الله بن زيد، وهي عند أحمد (4/41) . فلعلها سبب الوهم، وإسناده الأ ول أصح. والله أعلم.

110- عن خالد عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم ... بهذا الحديث قال: فمضمض واستنشق من كف واحدة؛ يفعل ذلك ثلاثاً ... ثمّ ذكر نحوه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " عن شيخ المؤلف ومسلم وأبو عوانة) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في "صحيحه " (1/237 - 238) بهذا الإسناد. وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/242) عن المؤلف. وأخرجه البيهقي (1/50) من طريق أخرى عن مسدد. ثم أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة والدارمي (1/177) ، وأحمد (4/39 و 42) من طرق أخرى عن خالد ... به. وتابعه وهيب عن عمرو بن يحيى: عند الشيخين وأبي عوانهْ والبيهقي. وله متابعات أخرى بنحوه عند مسلم والدارمي وأحمد وغيرهم. وأخرجه الحاكم أيضا (1/182) عن خالد؛ وقال: " صحيح على شرطهما ". ووافقه الذهبي.

111- عن حَبَّان بن واسع: أن أباه حدثه: أنه سمع عبد الله بن زيد ابن عاصم المازني يذكر: أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر وضوءه؛ وقال: ومسح رأسه بماءٍ غير فَضْلِ يديه، وغسل رجليه حتى أنقاهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " عن شيخ المصنف، ورواه أبو عوانة في "صحيحه "، وقال البيهقي: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح: ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن حبان بن واسمع حدثه. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه في "صحيحه " (1/146) بهذا السند. وابن السرح: كنيته أبو الطاهر. وأخرجه البيهقي (1/65) من طريق المؤلف، وقال: " إسناد صحيح ". وكذا قال النووي (1/414) . والحديث أخرجه مسلم أيضا، وأبو عوانة (1/249) وأحمد (4/41) من طرق عن ابن وهب ... به. وتابعه عن عمرو: حجاج بن إبراهيم الأزرق عند أبي عوانة، وإسناده صحيح، وتابعه عن حبان بن واسع: ابن لهيعة: عند أحمد (4/39 و 40 و 41 و 42) . وإسناده صحيح؛ فإن من الرواة عنه عبد الله بن المبارك، وهو صحيح الحديث عن ابن لهيعة.

وخالف الهيثم بن خارجة؛ فرواه عن ابن وهب بلفظ: فأخذ لأذنيه ماءً خلاف الماء الذي أخذ لرأسه: أخرجه البيهقي، وقال: " إسناده صحيح. وكذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص وحرملة ابن يحيى عن ابن وهب ... "؛ ثمّ ساق لفظ الكتاب من طريق المؤلف، ثمّ قال: " وهذا أصح ". وقال الحافظ: " وهو المحفوظ "؛ أي: وخلافه شاذ؛ وهو الصواب. 112- عن المقدام بن مَعْدِيكَرِبَ الكِنْدِي قال: أُتِيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوَضوء؛ فتوضأ فغسل كفيه ثلاثاً، ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ثمّ غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثمّ تمضمض واستتشق ثلاثاً، ثمّ مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. (قلت: إسناد صحيح، وقال النووي والعسقلاني: حسن، والشوكاني: صالح، وأخرجه الضياء في "المختارة". إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا ابو المغيرة قال: ثنا حَرِيز قال: حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي قال: سمعت المقدام بن معديكرب الكندي. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عبد الرحمن بن ميسرة؛ وهو ثقة. قال المصنف: " شيوخ حريز كلهم ثقات ". وقال للعجلي: " شامي تابعي ثقة ".

والحديث في "المسند" (4/132) بهذا السند واللفظ؛ وزاد في آخره: وغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً. والحديث قال النووي (1/411) والحافظ (1/427) : " وإسناده حسن ". وقال الشوكاني (1/125) : " إسناده صالح، وقد أخرجه الضياء في "المختارة" ... ". (تنبيه) : يلاحظ أن المضمضة في هذا الحديث وقعت بعد غسل الذراعين. نعم؛ وقعت في النسخة التازية- المطبوعة في مصر- بعد غسل الكفين؛ كما في سائر الأحاديث، لكن الصواب في هذا الحديث: الأول؛ لأمرين: الأول: أنه كذلك وقع في النسخة التي عليها شرح "عون المعبود". الثاني: أن الحديث في "المسند" كما سبق، وقد جاءت فيه المضمضة بعد الذراعين؛ وعلى هذا قال السيوطي- كما في "العون "-: " احتج به من قال: الترتيب في الوضوء غير واجب؛ لأنه أخر المضمضة والاستنشاق عن غسل الذراعين وعطف عليه ب (ثمّ) . قلت: هذه رواية شاذة، لا تعارض الرواية المحفوظة التي فيها تقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه "! قلت: إن كان يعني بالرواية المحفوظة من هذا الحديث كما هو الظاهر؛ فإني لم أقف عليها فيما عندي من كتب السنة؛ غير ما علمت من اختلاف نسخ ، "السنن "؛ فلعل السيوطي وقف على النسختين؛ فرخح النسخة الأولى؛ لموافقتها لسائر الأحاديث. وقد رأيت الزيلعي نقل الحديث (1/12) عن المصنف موافقاً لها، فدل ذلك على أن النسخ مختلفة، لكن الراجح النسخة الأخرى؛ لما ذكرنا من موافقتها

ل "المسند". والله أعلم. 113- وفي رواية قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ، فلما بلغ مسح رأسه؛ وضع كفيه على مقدم رأسه؛ فأمَرهما حتى بلغ القفا، ثمّ ردّهما إلى المكان الذي منه بدأ. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد ويعقوب بن كعب الأنطاكي- لَفْطه- قالا: ثنا الوليد بن مسلم عن حَرِيز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة ... به. قال محمود: أخبرني حريز. وهذا سند صحيح كسابقه؛ قد صرح الوليد بالتحديث في رواية محمود هذه، وفي رواية غيره كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (1/59) من طريق المؤلف. وأخرجه الطحاوي (1/19) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قال: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا حريز بن عثمان ... به وزاد في آخره: ومسح بأذنيه: طاهرهما وباطنهما مرة واحدة. وهذا إسناد صحيح، ومحمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي: هو أبو بكر الأسكندراني، له ترجمة في "تاريخ بغداد" (5/426) ، وقال: " قال ابن أبي حاتم: هو صدوق ثقة ". وأما اللفظ الأخر وهو:

114- وفي لفظ قال: ومسح بأذنيه: ظاهرهما وباطنهما (زاد في رواية) ، وأدخل أصابعه في صِمَاخِ أذنيه. (قلت: إسناده صحيح) . فإسناده هكذا: حدثنا محمود بن خالد وهشام بن خالد- المعنى- قالا: ثنا الوليد ... بهذا الإسناد قال: زاد هشام: وأدخل أصابعه ... إلخ. وهشام ثقة؛ وكذلك محمود. وتابعهما هشام بن عمار قال: ثنا الوليد: ثنا حريز بن عثمان ... به. أخرجه ابن ماجه (1/168) . وأخرجه البيهقي (1/65) من طريق المؤلف. 115- عن أبي الأزهر المغيرة بن فروة وبزيد بن أبي مالك: أن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ، فلما بلغ رأسه؛ غرف غرفة من ماء؛ فتلقاها يشماله حتى وضعها على وسط رأسه؛ حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثمّ مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا مُؤَمَّل بن الفضل الحَرَّاني: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا عبد الله

ابن العلاء: ثنا أبو الأزهر الغيرة بن فروة ويزيد بن أبي مالك. وهذا إسناد صحيح: مؤمل بن الفضل؛ قال الأخري عن المصنف: " أمرتي النفيلي أن أكتب عنه ". وبقية رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير المغيرة بن فروة؛ وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات، وحديثه هنا مقرون بـ (يزيد بن أبي مالك) - نسب إلى جده؛ واسمه هاني، واسم أبي يزيد عبد الرحمن-، وهو ثقة. (تنبيه) : أشار الحافظ في ترجمة المغيرة بن فروة أنه من أفراد المصنف، ثمّ قال: " له في "السنن " حديثه عن معاوية في الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، ولم يسم ثَم "! وهذا من أوهامه؛ فإنه مسمى كما ترى. وكذلك رواه البيهقي (1/59) من طريق المؤلف. وله حديث آخر في "الصيام "؛ سيأتي إن شاء الله في "باب التقدّم " في الكتاب الأخر (رقم 397) . والحديث أخرجه أحمد (4/94) : ثنا علي بن بحر: ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا عبد الله بن العلاء عن أبي الأزهر وحده ... نحوه. وكذلك أخرجه الطحاوي (1/18) . 116- وفي رواية: قال: فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، وغسل رجليه بغير عدد. (قلت: إسنادها صحيح) .

إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد ... بهذا الإسناد. قال: " وهذا صحيح أيضا ". وقد تابعه علي بن بحر عن الوليد: ثنا عبد الله بن العلاء أنه سمع يزيد- يعني: ابن أبي مالك- وأبا الأزهر يحدثان عن وضوء معاوية قال: يريهم وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فتوضأ ... إلخ. أخرجه أحمد أيضا. 117- عن الرُبَيِّع بنت مُعَوِّذ ابن عفراء قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتينا، فحدثتنا أنه قال: " اسكبي لي وَضوءاً "؛ فذكرت وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قالت فيه: فغسل كفيه ثلاثاً؛ ووضَّأ وجهه ثلاثاً، ومضمض واستنشق مرة، ووضَّأ يديه ثلاثاً ثلاثاً، ومسمح برأسه مرتيها: يبد أبمؤخر رأسه ثم بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما وبطونهما، ووضَّأ رجليه ثلاثاً ثلاثاً. (قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: حديث حسن، وقواه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا مُسَدَّد: ثنا بشر بن المُفَضَّل: ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عبد الله بن محمد ابن عقيل، وقد تُكلم فيه من قِبل حفظه، وهو حسن الحديث كما ذكرنا فيما سلف (رقم 55) .

والحديث روى الحاكم (1/152) منه، والبيهقي (1/64) - عنه-: مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما ... أخرجاه عن شيخ المصنف. وأخرجه الترمذي (1/48) من طريق قتيبة بن سعيد: حدثنا بشر بن المفضل ... به مختصراً بلفظ: أن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح برأسه مرتين ... الحديث إلى قوله: وبطونهما. وأخرجه البيهقي (1/64) بتمامه من طريق محمد بن يحيى الزماني: ثنا بشر بن المفضل ... به؛ إلا أنه قال: يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه، كرره مرتين. فأفسد حديث مسدد ومن تابعه؛ لأن حديثهم يوافق حديث عبد الله بن زيد المتقدم (برقم 110) في الإقبال والإدبار مرة مرة. وأما الزماني؛ فجعل كلأ منهما مرتين! ولذلك قال البيهقي عقبه: " ورواه غيره عن بشر ... لم يذكر قوله: ثم مؤخر رأسه ثم مقدمه ". قلت: والزماني ثقة، فالزيادة التي تفرد بها شاذة. ثمّ قال الترمذي: " حديث حسن، وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسناداً ". وهو كما قال، لكن لا تعارض بينهما؛ لأنهما في حادثتين مختلفتين، فيجوز البدء بمؤخر الرأس على هذا الحديث، ويجوز البدء بمقدمه على حديث ابن زيد السابق؛ وكل سنة. وقال الحاكم: " ابن عقيل مستقيم الحديث مقدم في الشرف "! ووافقه الذهبي!

قلت: ولكنه قد جاء بزيادة منكرة في آخر الحديث: أخرجه ابن ماجه (458) والبيهقي (1/72) من طريقين عنه عن الربيع قالت: أتاني ابن عباس، فسألني عن هذا الحديث؟ [تعني: حديثها الذي ذكرت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ وغسل رجليه] فقال ابن عباس: إن الناس أبَوا إلا الغَسْل، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح؟! وأشار البيهقي إلى عدم صحته بقوله: "إن صح ". 118- وفي لفظ مغاير لبعض ما سبق: قال فيه: وتمضمض واستنثر ثلاثاً. (قلت: إسناده حسن أيضا، لكن قوله في المضمضة، والاستنثار: ثلاثاً؛ شاذ) . إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان عن ابن عقيل ... بهذا الحديث يغير بعض معاني بشر. قال فيه: وتمضمض واستنثر ثلاثاً. وهذا إسناد حسن أيضا؛ وإسحاق بن إسماعيل: هو أبو يعقوب الطالْقَانِي؛ وهو ثقة. وسفيان: هو ابن عيينة، ثقة حجة من رجال الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (6/358) : ثنا سفيان بن عيينة قال: حدثني عبد الله ابن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال:

أرسلني علي بن حسين إلى الربيع بنت معوذ ابن عفراء، فساءلتها عن وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأخِرجت له- يعني- إناءً يكون مُدا أو نحو مُد وربع- قال سفيان: كأنه يذهب إلى الهاشمي- قالت: كنت أخرج له الاء في هذا؛ فيصب على يديه ثلاثاً- وقال مرة: يغسل يديه قبل أن يدخلهما-، ويغسل وجهه ثلاثاً، ويمضمض ثلاثاً، ويستنشق ثلاثاً، ويغسل يده اليمنى ثلاثاً، واليسرى ثلاثاً، ويمسح برأسه، وقال: مرة أو مرتين؛ مقبلاً ومدبراً، ثمّ يغسل رجليه ثلاثاً ... الحديث. وأخرجه البيهقي في (1/72) من طريق العباس بن يزيد: ثنا سفيان بن عيينة ... به. لكنه لم يسق لفظه. لكن قوله: وتمضمض واستنثر ثلاثاً؛ قد خالف فيه بشر بن المفضل- كما في الرواية السابقة-، وسفيان الثوري- كما سنذكره في الرواية الأتية (رقم 121) -. فهو شاذ؛ والصواب قولهما. 119- وعنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ عندها، فمسح الرأس كله: من قرن الشعر، كل ناحية لمنصب الشَّعر، لا يحرِّك الشعر عن هيئته. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد الهَمْداني قالا: ثنا الليث عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الزَبيع بنت معوذ ابن عفراء. وهذا إسناد حسن؛ وليث: هو ابن سعد المصري، ثقة حجة. وابن عجلان: هو محمد؛ وهو حسن الحديث.

وابن عقيل كذلك كما سبق. والحديث أخرجه أحمد (6/359) قال: ثنا يونس قال: ثنا ليث ... به. وكذلك أخرجه البيهقي (1/60) عن يحيى بن بكير: ثنا الليث ... به. ولفظهما مثل لفظ الكتاب سواءً؛ غير أنهما قالا: فوق، بدل: قرن. وقد أشار البيهقي إلى هذه الرواية. 120- وعنها قالت: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ؛ قالت: فمسح رأسه؛ ومسح ما أقبل منه وما أدبر، وصُدْ غَيْهِ وأذنيه مرة واحدة. (قلت: إسناده حسن. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا بكر- يعني: ابن مضر- عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن ربيع بنت معوذ ابن عفراء أخبرته. وهذا إسناد حسن كسابقه. والحديث أخرجه أحمد (6/360) والترمذي (1/49) قالا: حدثنا قتيبة بن سعيد ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه الطحاوي (1/19) من طريق أبي الأسود قال: حدثني بكر بن مضر ... به، ولم يسق لفظه. وأبو الأسود: هو المرادي المصري، مشهور بكنيته، واسمه النضر بن عبد الجبار، وهو ثقة.

(تنبيه) : وقع في النسخة التازية: (عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبيه أن رُبيع بنت معوذ ... إلخ) ! فأدخل بينها وبين عبد الله: والده! وليست هذه الزيادة في النسخة الصحيحة من الكتاب، ولا عي مذكورة في شيء من الروايات التي وقفنا عليها. 121- وعنها: انّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح برأسه من فضل ماء كان في يده. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن سفيان بن سعيد عن ابن عقيل عن الربيع. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم رجال البخاري؛ غير ابن عقيل. وعبد الله بن داود: هو ابن عامر الهَمْداني. والحديث رواه البيهقي (1/237) من طريق المؤلف. ورواه الدارقطني (32) من طريقين آخرين عن عبد الله بن داود. وتابعه وكيع عن سفيان ... به أنم منه نحو رواية سفيان بن عيينة التي ذكرناها قريباً رقم (118) ؛ إلا أنه قال: ومضمض واستنشق مرة مرة، ثمّ قال: ومسح رأسه بما بقي من وَضوئه في يديه مرتين؛ بدأ بمؤخره ... إلخ. وروى ابن ماجه (1/167) منه مسح الرأس مرتبن.

122- وعنها: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فأدخل أصبعيه في حُجْرَيْ أذنيه. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن سعيد: ثنا وكيع: ثنا الحسن بن صالح عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ. وهذا إسناد حسن أيضا، رجاله- غير ابن عقيل- رجال مسلم. وابن سعيد: هو الجوهري. والحديث أخرجه البيهقي (1/65) من طريق المؤلف. وأخرجه ابن ماجه (1/168) من طريقين آخرين عن وكيع ... به. 123- عن أبي أمامة- وذكر وضوء النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح المَأْقَيْن. قال: وقال: " الأذنان من الرأس ". قال سليمان بن حرب (أحد رواته عن حماد) : يقولها أبو أمامة. وقال حماد: لا أدري هو من قول النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أبي أمامة؟ يعني: قصة الأذنين. (قلت: حديث صحيح دون (مسح المأقين) ، وحسنه الترمذي في بعض نسخ "السنن "، وقواه المنذري وابن دقيق العيد وابن التركماني والزيلعي) .

إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد. (ح) وثنا مسدد وقتيبة عن حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة. قال المصنف عقبه: قال سليمان بن حرب: يقولها أبو أمامة. قال قتيبة: قال حماد: لا أدري هو من قول النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أبي أمامة؟! يعني: قصة الأذنن. قال قتيبة: عن سنان أبي ربيعة. قال أبو داود: وهو ابن ربيعة؛ كنيته أبو ربيعة. قلت: وهذا سند لا بأس به في الشواهد. سنان بن ربيعة أبو ربيعة وشيخه شهر بن حوشب مختلف فيهما. والأول؛ أخرج له البخاري مقروناً. وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق فيه لين ". وشهر؛ صدوق كثير الإرسال، وروى له مسلم مقروناً أيضا؛ كما في "الترغيب " (4/284) . وبقية رجال الإسناد رجال الشيخين، وقد مَروا مِراراً. والحديث أخرجه البيهقي (1/66) من طريق مسدد وأبي الربيع قالا: حدثنا حماد ... به بلفظ: توضأ فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً، ومسح برأسه، وقال: " الأذنان من الرأس "؛ وكان يمسح المأقين. ثمّ أخرجه من طريق يوسف بن موسى القطان: ثنا سليمان بن حرب ... به بلفظ: " أنه وصف وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:

كان إذا توضأ مسح مأقيه بالماء. وقال أبو أمامة: الأذنان من الرأس. قال سليمان بن حرب: الأذنان من الرأس؛ إنما هو من قول أبي أمامة، فمن قال غير هذا؛ فقد بدل؛ أو كلمة قالها سليمان؛ أي: أخطأ. أخرجه من طريق الدارقطني، وهو في "سننه " (38) . وأخرجه الترمذي (1/53) : حدثنا قتيبة ... به ولفظه: توضأ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً، ومسح برأسه، وقال: " الأذنان من الرأس ". قال قتيبة: قال حماد: لا أدري ... إلخ. وقال: " هذا حديث [حسن] ، ليس إسناده بذاك القائم ". ولفظة: " حسن " ثبتت في بعض النسخ، كما ذكر المحقق أحمد محمد شاكر. وقد تابعه على هذا السياق بتمامه: يونس: ثنا حماد- يعني: ابن زيد -.. به. وفي آخره قول حماد: فلا أدري ... إلخ. ورواه عفان بن حماد عن زيد بلفظ: عن أبي أمامة قال: وصف وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر ثلاثاً ثلاثاً، ولا أدري كيف ذكر المضمضة والاستنشاق، وقال: " والأذنان من الرأس ". قال: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح المأقين، وقال بأصبعيه- وأرانا حماد- ومسح مأقيه.

أخرجه أحمد (5/258) . ثمّ أخرجه (5/268) من طريق يحيى بن إسحاق: أنا حماد بن زيد بلفظ: توضأ فمضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه، وكان يمسح المأقين من العين، قال: وكان النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح رأسه مرة واحدة، وكان يقول: " الأذنان من الرأس ". وأخرجه الطحاوي (1/19) عن يحيى بن حسان عن حماد ... به مختصراً بلفظ: توضأً فمسح أذنيه مع الرأس، وقال: " الأذنان من الرأس ". وأخرجه ابن ماجه (1/168) ، والدارقطني من طريق محمد بن زياد الزيادي: أخبرنا حماد بن زيد بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الأذنان من الرأس "، وكان يمسح رأسه مرة، وكان يمسح المأقين. ثمّ أخرجه الدارقطني عن الهيثم بن جميل ومحمد بن أبي بكر وأبي عمر كلهم عن حماد ... به مرفوعاً مقتصرين على قوله عليه الصلاة والسلام: " الأذنان من الرأس ". وقال الدارقطني: " أسنده هؤلاء عن حماد، وخالفهم سليمان بن حمرب؛ وهو ثقة حافظ ". قلت: هؤلاء الذين رفعوه: أيو الربيع- وهو سليمان بن داود العتَكي-، ويحبي ابن إسحاق ويحيى بن حسان ومحمد بن زياد والهيثم بن جميل ومحمد بن أبي بكر وأبو عمر- وهو حفص بن عمر الحوضي- كلهم ثقات محتج بهم في

"الصحيح "؛ فتخظئتهم ورد روايتهم- وهم بهذه الكثرة والمنزلة في الثقة والعدالة- لمجرد جزم سليمان بن حرب بوقفه، أو لتوقف غيره في رفعه؛ مما لا ينشرح له الصدر، ولا تقبله قواعد هذا الفن الشريف؛ بل الظاهر من مجموع هذه الروايات عن حماد: أن حمادا نفسه كان تارة يرفع الحديث، وتارة يوقفه، وتارة يتردد في ذلك، فروى كل عنه ما سمعه منه. فكل الروايات عنه صحيحة ثابتة، لكن يبقى النظر في أصل الحديث؛ هل هو مرفوع أم موقوف؟ ويترجح عندنا الأول؛ وذلك لأمور: الأول: ما قاله ابن التركماني في رده على البيهقي- بعد أن ذكر شيئاً من الخلاف السابق في رفعه ووقفه- قال: " وإذا رفع أحد حديثاً ووقفه آخر، أو فعلهما شخص واحد في وقتين؛ يرجح الرافع؛ لأنه أتى بزيادة، ويجوز أن يسمع الإنسان حديثاً فيوقفه في وقت، ويرفعه في وقت آخر، وهذا أولى من تغليط الراقع ". وذكره الزيلعي (1/19) بتصرف يسير في بعض الألفاظ؛ دون أن ينسبه إلى ابن التركماني، وقد لاحظت ذلك منه غير مرة، وليس بجيد؛ فإن من أمانة العلم نسبةَ كل قول إلى قائله! الأمر الثاني: أن قوله عليه الصلاة السلام: " الأذنان من الرأس "؛ روي عن أبي أمامة من وجهين آخرين: أخرجهما الدارقطني (38- 39) وضعفهما. الثالث: أن الحديث ورد مرفوعاً عن جمع كثير من الصحابة؛ وهم: 2- عبد الله بن زيد 3- عبد الله بن عباس 4- أبو هريرة 5- أبو موسى 6- عبد الله بن عمر 7- عائشة 8- أنس.

51- باب الوضوء ثلاثا ثلاثا

وذكرها الحافظ في "التلخيص " (1/431- 432) ، وخرجها؛ وجُلها عند الدارقطني؛ وأعلها كلها. لكنه قد نورع في بعضها، كحديث عبد الله بن زيد؛ وهو عند ابن ماجه، وقد ذكر الحافظ نفسه أنه قواه المنذري، وابن دقيق العيد، وكذلك قواه ابن التركماتي، والزيلعي؛ بل ذكرا أنه أمثل إسناد في هذا الباب. وسوف نتكلّم عليه إن شاء الله تعالى في "صحيح ابن ماجه ". وبالجمله؛ فالحديث عندنا صحيح بهذه الطرق والشواهد للكثيرة؛ التي منها ما يأتي بعد باب من حديث ابن عباس في مسح الرأس والأذنيهأ بماء واحد، انظر (رقم 126) ، وأصرح منه ما سأذكره في الحديث (129) . 51- باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً 124- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [عبد الله بن عمرو بن العاص] : أن رجلاً أتى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! كيف الطُّهور؟ فدعا بماء في إناء، فغسل كفيه ثلاثاً، ثمّ غسل وجهه ثلاثاً، ثمّ غسل ذراعيه ثلاثاً، ثمّ مسح برأسه، فأدخل أصبعيه السَّبَّاحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثمّ غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: " هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص؛ فقد أساء وظلم- أو ظلم وأساء- ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه".

وصححه النووي. غير أن قوله: " أو نقص " شاذ، بل هو وهم من بعض الرواة، كما عليه المحققون، ويعارضه ما يأتي في البابين التالين من وضوئه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة مرة، ومرتين مرتين) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب. وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عمرو بن شعيب، وأبيه شعيب- وهو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي-؛ قال الذهبي: " قلت: شعيب والده لا مغمز فيه، ولكن ما علمت أحداً وثقه، بل ذكره ابن حبان في "تاريخ الثقات ". وقد روى عن جده عبد الله، وعن معاوية، وعن والده محمد بن عبد الله إن كان ذلك محفوظاً. وقد ذكر البخاري وأبو داود وغير واحد أنه سمع من جده، وهذا لا ريب فيه. أمّا رواية شعيب عن أبيه محمد بن عبد الله؛ فما علمتها صحت؛ فإن محمداً قديم الوقاة؛ وكأنه مات شابّاً ". قلت: ورواية شعيب عن أبيه ستأتي في "البيوع " [باب الرجل يبيع ما ليس عنده] . وأمّا عمرو بن شعيب؛ فوثقه الجمهور، كما صرح به الحافظ في "تهذيب التهذيب "، وقال في " التقريب ":إنه: " صدوق ". قلت: لكنهم اختلفوا في الاحتجاج بروايته عن أبيه عن جده: فقال ابن عدي " عمرو بن شعيب في نفسه ثقة؛ إلا إذا روى عن جده عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكون مرسلاً؛ لأنّ جده عنده محمد بن عبد الله بن عمرو؛ ولا صحبة له "! قال

الذهبي: " قلت: هذا لا شيء؛ لأنّ شعيبأ جده عبد الله فإذا قال: " عن أبيه " ثمّ قال: " عن جده "؛ فإنما يريد بالضمير في جده أنه عائد إلى شعيب ". وذكر ابن حبان في "الضعفاء " نحو ما ذكر ابن عدي؛ وزاد: " وإن أراد جده عبد الله بن عمرو؛ فيكون الخبر منقطعاً؛ فإن شعيبأ لم يلق عبد الله "! ورده الذهبي أيضا بقوله: " قلت: قد مر أنّ محمداً قديم الموت، وصح أيضا أن شعيباً سمع من معاوية، وقد مات معاوية قبل عبد الله بن عمرو بسنوات، فلا ينكر له السماع من جده؛ سيما وهو الذي رباه وكفله " (1) . قلت: فثبت بذلك أن شعيباً سمع من جده عبد الله بن عمرو، وأن الإسناد ليس بمنقطع ولا بمرسل. بيد أنه قد مرت الإشارة إلى أنّ شديباً قد روى عن أبيه محمد أيضا، فإذا قال في الإسناد: عن أبيه عن جده؛ فلقائل أن يقول: يحتمل أن يكون الضمير في (أبيه، جده) يعود إلى عمرو، وحينثذٍ فجده هو محمد بن عبد الله بن عمرو؛ وعليه يكون

_ (1) قلت: ويؤيد هذا ما روى المصنف في "باب الملتزم " من طويق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: طفت مع عبد الله ... الحديث. وروى الحاكم (2/65) قصة من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، فيها التصريح باجتماعه بابن عمرو. ئم قال الحاكم: " هذا حديث ثقات رواته حفاظ، وهو كالأخذ باليد في صحة سماع شعيب بن محمد عن جده عبد الله بن عمرو ".

الحديث مرسلاً؛ كما قال ابن عدي! لكنا نقول: إن هذا احتمال بعيد؛ لقلة رواية شعيب عن أبيه محمد، حتى إن الحافظ ليقول في "التهذيب ": " ولم يأت التصريح بذكر محمد بن عبد الله بن عمرو في حديثه؛ إلا في هذين الحديثين ". يعني بأحدهما: ما سبقت الإشارة إليه أنه يأتي في "البيوع ". والآخر: عند النسائي في النهي عن الحمر الأهلية. وأيضا؛ فإني قد تتبعت أحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في "مسند أحمد" وفي هذا الكتاب؛ فوجدتها على أربعة أنواع: الأول: ما إسناده على نسق إسناد هذا الحديث: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ مما ليس فيه التصريح بما يلزم منه الوصل؛ وأن جده عبد الله بن عمرو. وهذا النوع هو الأكثر؛ وسيأتي في الكتاب منه نحو عشرين حديثاً أو أكثر. الثاني: مثله؛ إلا أن فيه التصريح بمثل قوله: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو رأيته، ونحو ذلك مما يلزم منه الصحبة والمشاهدة، ويلزم منه دفع الاحتمال السابق. ومن أمثلته: ما سيأتي في "باب الصلاة في النعل " (رقم 660) ، وانظر "المسند" (2/181 و 185 و 186 و 203 و 205 و 215 و 216) ، و (رقم 701) من هذا الكتاب. الثالث: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو؛ وهذا فيه بيان أن جده هو عبد الله بن عمرو؛ ليس هو ابنه محمد بن عبد الله.

ومن أمثلته ما سيأً تي فى "اللقطة " (رقم 1504) ، وفي "الطلاق " (رقم 1968) ، وفي "الفرائض " (رقم 2586) ، وفي "الحدود" (باب ما لا قطع فيه) . النوع الرابع: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو. ومن أمثلته ما يأتي (رقم 375) ، وفي "الجمعة" (رقم 1019) ، وفي " العيدين " (رقم 1045) ، وفي " البيوع "، (رقم ... و ... ) [في خيار المتبايعين، والرجوع في الهبة] ، وفي "الحدود" (رقم ... ) ] العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان] ، وفي " الديات " (رقم ... ) [ديات الأعضاء] ، وفي " الأدب " (رقم ... ) . فهذه الأنواع الثلاثة الأخيرة تشير إلى أن المراد من الجد المطلق في النوع الأول: إنما هو عبد الله بن عمرو؛ حملاً للمطلق على المقيد. ولذلك ساق الإمام أحمد أحاديث هذا النوع في (مسند عبد الله بن عمرو) إشارةً إلى أنها موصولة. وكذلك فعل يونس بن حبيب في روايته لـ " مسند الطيالسي " (298- 299) . وبذلك جزم الحافظ فقال: " وأمّا روايته عن أبيه عن جده؛ فإنما يعني بها الجد الأعلى عبد الله بن عمرو، لا محمد بن عبد الله، وقد صرح شعيب بسماعه من عبد الله في أماكن، وصح سماعه منه كما تقلّم، وكما روى حماد بن سلمة عن تابت البناني عن شعيب قال: سمعت عبد الله بن عمرو ... فذكر حديثاً. أخرجه أبو داود من هذا الوجه ". قلت: لا يوجد عند المصنف بهذا الإسناد غير حديث واحد؛ سيأتي إن شاء الله تعالى في "الأطعمة" (رقم ... ) [الأكل متكئاً] ؛ لكن ليس فيه التصريح بالسماع من عبد الله؛ بل هو معنعن، وكذلك رواه أحمد (2/165 و 166) ، وروى به حديثاً آخر. فلعل ما ذكره الحافظ هو رواية عن المصنف، أو هو في بعض النسخ من "السنن ".

هذا؛ وقد بقي علينا الجواب عن علة أخرى أعل بها هذا الإسناد مع ثبوت سماع شعيب من جده عبد الله؛ فقال الترمذي (1/140) - عقب حديث يأتي (برقم 991) -: " ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب؛ إنما ضعفه لأنه يحدث عن صحيفة جده، كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده "! وقال ابن معين: " وجد شعيب كتب عبد الله بن عمرو، فكان يرويها عن جده إرسالاً، وهي صحاح عن عبد الله بن عمرو، غيرأنه لم يسمعها "! قال الحافظ: " فإذا شهد له ابن معين أن أحاديثه صحاح؛ غير أنه لم! يسمعها وصح سماعه لبعضها؛ فغاية الباقي أن يكون وجاده صحيحة؛ وهو أحد وجوه التحمل ". قلت: وجواب الحافظ هذا؛ خير من جواب الذهبي؛ حيث قال: " أما كونها وجادة أو بعضها سماع وبعضها وجادة؛ فهذا محل نظر، ولسنا نقول: إن حديثه من أعلى أقسام الصحيح؛ بل هو من قبيل الحسن "! فقد تبين بهذا التحرير صلاحية الاحتجاج بالأحاديث المروية بهذا الإسناد. وأمّا اشتراط بعضهم أن يكون الراوي عن عمرو ثقة؛ فمما لا حاجة إلى التنبيه عليه؛ لأنه شرط ضروري في جميع الرواة، لا يختص به عمرو؛ كما قال الحافظ. من ذلك: قال البخاري في "تاريخه ": " رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن

شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين ". قال البخاري: " من الناس بعدهم؟ " (1) . وبالغ بعض المتقدمين فقال: " إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثقة؛ فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر "! وقد أحرج له ابن خزيمة في "صحيحه ". والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام " على سبيل الاحتجاج. ومن رام زيادة توسع في "هذه الترجمة؛ فليراجع "التهذيب "، و "الميزان "، وتحقيق أحمد محمد شاكر في تعليقه على "سنن الترمذي " (1/140- 144) ؛ وقد أجاد. ثمّ إن الحديث أخرجه البيهقي (1/79) من طريق المؤلف. وأخرجه الطحاوي (1/22) من طريق شيخه أحمد بن داود قال: ثنا مسدد ... به؛ دون قوله في آخره: " أو ظلم وأساء ". وأحمد بن داود: هو ابن موسى السدوسي؛ وثقه ابن يونس؛ فلعل الشك جاء من المصنف. وأخرجه أحمد (2/180) : ثنا يعلى [قلت: هو ابن عُبَيْد الطنَافِسيَ] : ثنا

_ (1) وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين " (1/116) : " وقد احتج الأئمة الأربعة والفقهاء قاطبة بصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولا يعرف في أئمة الفتوى إلا من احتاج بليها واحتج بها، وإنما طعن فيها من لم يتحمل أعباء الفقه؛ كأبي حاتم البستي وابن حزم وغيرهما "

سفيان عن موسى بن أبي عائشة ... به؛ ولفظه: جاء أعرابي إلى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو يسأله عن الوضوء؟ فأراه ثلاثاً ثلاثاً، قال: " هذا الوضوء؛ فمن زاد على هذا؛ فقد أساء وتعدى وظلم ". وكذا أخرجه النسائي (1/33) ، وابن ماجه (1/163- 164) من حديث يعلى ... به، ليس فيه: " أو نقص ". فقد اختلف فيها سفيان وأبو عوانة- واسمه الوضاح- فأثبتها هذا، ولم يذكرها سفيان؛ والقول قوله؛ لأمور ثلاثة. الأول: أنه أحفظ من أبي عوانة، قال الدوري: " رأيت يحيى بن معين لا يقدم على سفيان في زمانه أحداً في الفقه والحديث والزهد وكل شيء ". وقال المصنف: " بلغني عن ابن معبن قال: ما خالف أحد سفيان في شيء؛ إلا كان القول قول سفيان ". وأبو عوانة تكلم في حفظه؛ على ثقته وجلالته، فقال أحمد: " إذا حدث من كتابه فهو أثبت، وإذا حدث من غير كتابه ربما وهم ". وذكر نحوه أبو حاتم؛ إلا أنه قال: " وإذا حدث من حفظه غلط كثيراً ". ثمّ وجدت في "مصنف ابن أبي شيبة" ما يعكر على هذا، فقال (1/8- 9) : حدثنا أبو أسامة عن سفيان ... بزيادة " أو نقص ". لكن أبو أسامة- وهو حماد بن أسامة- وإن كان ثقة ثبتاً؛ فقد قال الحافظ: " ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره ".

الأمر الثاني: أنني وجدت للحديث شاهداً من حديث ابن عباس ... مثل رواية سفيان عن موسى: أخرجه الطبراني في "الكبير" (11/75/11091) ؛ وفيه سويد بن عبد العزيز؛ قال الهيثمي (1/231) : " وضعفه أحمد ويحيى وجماعة، ووثقه دحيم ". الأمر الثالث: إذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام الوضوء مرتين مرتين، والوضوء مرة مرة- كما في البابين التاليين- فكيف يكون ذلك ظلماً وإساءة! ولذلك قال المحقق السندي في " حاشيته على ابن ماجه ": " وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث: " أو نقص "، والمحققون على أنه وهم؛ لجواز الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين ". قلت: وأما جواب النووي رحمه الله في "المجموع " (1/440) بقوله: " إِن ذلك الاقتصار منه عليه الصلاة والسلام كان لبيان الجواز؛ فكان في ذلك الحال أفضل؛ لأن البيان واجب "! وهذا عندي لا شيء؛ فإنه إذا كان لبيان الجواز؛ فمن فعل الجائز اتباعاً له عليه الصلاة واللام كيف يقال فيه: " فقد أساء وظلم "؟! ثم هل يستوي هذا مع الذي يزيد فوق الثلاث؛ الذي لم يفعله عليه الصلاة والسلام ألبتة؛ مع أنه قال في كليهما: " فقد أساء وظلم "؟! اللهم! إنهما لا يستويان؛ فذاك متبع وهذا مبتدع، وهو المراد بهذا الوعيد! وقوله: " أو نقص "؛ شاذ ووهم من أبي عوانة؛ وسبحان من لا ينسى ولا يسهو!

52- باب الوضوء مرتين

" قال الشيخ تقي الدين في "الإمام ": وهذا الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ لصحة الإسناد إلى عمرو"؛ كذا في " نصب الراية " (1/29) . قلت: وممن صححه من المتقدمين: ابن خزيمة؛ حيث أخرجه- أعني: في "صحيحه "؛ كما في "التلخيص " (1/408) -، ومن التأخرين النووي في "المجموع " (1/431- 438) ، وهو- كما قال- باعتبار شاهده المذكور آنفاً عن ابن عباس. 52- باب الوضوء مرتين 125- عن أبي هريرة: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرتين مرتين. (قلت: إسناده حسن صحيح، وكذا قال الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا زيد بن الحُبَاب: ثنا عبد الرحمن بن ثوبان: ثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الأعرج عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن ثوبان؛ وهو جده؛ واسم أبيه ثابت؛ وهو حسن الحديث، وقد تكلم فيه من قبل حفظه، وأعدل الأقوال فيه قول المصنف: " كان فيه سلامة، وليس به بأس، وكان مجاب الدعوة ". قلت: وقد صحح له الحافط العراقي حديثاً، سيأتي في الكتاب (رقم ... ) ،

وحسنه الحافط وغيره؛ كما سنبينه هناك إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه الترمذي (1/62) قال: حدثنا أبو كرَيب [وهو محمد بن العلاء] ومحمد بن رافع قالا: حدثنا زيد بن حباب. وأخرجه أحمد (2/288 و 644) : ثنا زيد بن الحباب ... به. وأخرجه الدارقطني (34) ، والبيهقي (1/39) عن زيد. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن ثوبان عن عبد الله بن الفضل، وهو إسناد حسن صحيح ". وصححه ابن حبان، كما في "الفتح " (1/208) . ثم رأيت الحاكم أخرج الحديث في "المستدرك " (1/150) من هذا الوجه، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! فوهما. وله شاهد من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري بهذا اللفظ: أخرجه البخاري، والدارقطني (35) ، وأحمد (4/41) ، وهو حديث آخر لعبد الله غير حديثه المتقدّم (رقم 110) ؛ وإسناده غير إسناده. 126- عن عطاء بن يسارقال: قال لنا ابن عباس: أتحبُون أن أُرَيكم كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ؟ فدعا بإناء فيه ماء، فاغترف غرفة بيده اليمنى، فتمضمض واستنشق،

ثمّ اخذ أخرى، فجمع بها يديه، ثثم غسل وجهه، ثمّ أخذ أخرى، فغسل بها يده اليمنى، ثمّ أخذ أخرى فغسل بها يده اليسرى، ثمّ قبض قبضة من الماء، ثمّ نفض يده، ثمّ مسح رأسه وأذنيه، ثمّ قبض قبضة أخرى من الماء، فرشّ على رجله اليمنى وفبها النعل؛ ثمّ مسحها بيديه: يد فوق القدم ويد تحت النعل، ثمّ صنع باليسرى مثل ذلك. (قلت: إسناده حسن. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، يوافقه الذهبي. لكن ذكر مسح النعلين من قوقهما ومن تحتهما شاذ في هذه الرواية. وقد أخرجه ابن حبان في "صحيحه " بدون المسح على النعلين، وصححه ابن خزيمة، وابن منده، وري ى الترمذي منه- مسح الرأس والأذنين- وصححه أيضا، ورواه البخاري في "صحيحه " دون مسح الأذنين) . إسناده: ثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن بشر: ثنا هشام بن سعد: ثنا زيد عن عطاء. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن سعد؛ فمن رجال مسلم وحده؛ لكن قال الذهبي في "الميزان ": " قال الحاكم: أخرج له مسلم في الشواهد "! وهو ثقة؛ لا سيما في روايته عن زيد بن أسلم. فقد قال الآجري عن المؤلف: " هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم "! لكن قد تكلموا فيه من قبل حفظه؛ ولذلك فهو حجة إذا لم يخالف، وهو كما قال العجلي: " حسن الحديث ". وقال الحافظ في "التقريب ": إنه

" صدوق له أوهام ". والحديث أخرجه الحاكم (1/147) من طريق خلاد بن يحيى السلَمِي: ثنا هشام بن سعد ... به، لكنه لم يذكر مسح النعل من فوق؛ بل قال: ومسح أسفل النعلين. وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! كذا! مع أنه نقل عنه كما سلف أن مسلماً إنما أخرج لابن سعد في الشواهد؛ فإذا صح هذا؛ فلا يصح قولهما. وإن صح هذا؛ فلا يصح ذاك. ثم إنني أرى أن ذكر المسح على النعلين- من فوقهما ومن تحتهما- لا معنى له مع رش الرجلين الذي هو كناية عن غسلهما، بل ذلك من أوهام هشام بن سعد؛ فقد تابعه على هذا الحديث جمع من الثقات، فلم يذكر أحد منهم المسح على النعلين. لا أقول هذا إنكاراً لثبوت المسح على النعلين؛ كلأ؛ فذلك ثابت عن النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكن في غير هذا الحديث، كما سيأتي في الكتاب (برقم 147، وغيره) . وقال الحافظ في "الفتح ": " وأما ما وقع عند أبي داود والحاكم: فرش على رجله اليمنى ... إلخ؛ فالمراد بالمسح تسييل الماء حتى يستوعب العضو، وقد صح أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتوضأ في النعل؛ كما سيأتي من حديث ابن عمر. وأما قوله: تحت النعل؛ فإن لم يحمل على التجوز عن القدم؛ وإلا فهي رواية شاذة، وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما تفرد به؛ فكيف إذا خالف "!

كذا قال! وفي كلامه في ابن سعد مبالغة لا تخفى! ثم عي لا تتفق مع ما نقلناه آنفاً عن كتابه "التقريب "؛ فتأًمل! والوضوء في النعل سبق من حديث ابن عباس عن علي رضي الله عنه في الكتاب (رقم 107) ؛ وإليك أسماء الذين تابعوا هشاماً؛ دون الزيادة المشار إليها: فمنهم: سليمان بن بلال؛ بلفظ: عن ابن عباس: أنه توضأ فغسل وجهه، ثمّ أخذ غرفة من ماء، فمضمض واستنشق، ثمّ أخذ غرفة من ماء فجعل هكذا؛ أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بهما وجهه، ثمّ أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليمنى، ثمّ غرف غرفة من ماء، فغسل بها يده اليسرى، ثمّ مسح برأسه، ثمّ أخذ غرفة من ماء، فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثمّ أخذ غرفة أخرى، فغسل بها رجله- يعني: اليسرى-، ثمّ قال: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ. أخرجه البخاري (1/194) ، وأحمد (1/268) ، ومن طريقه البيهقي (1/53) . ومنهم: محمد بن عجلان؛ بلفظ: توضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فغرف غرفة، فمضمض واستنشق ... الحديث نحو رواية هشام؛ إلا أنه قال: ثمّ مسح برأسه وأذنيه: باطنهما بالسباحتين، وظاهرهما بإبهاميه، ثمّ غرف غرفة؛ فغسل رجله اليمنى، ثمّ غرف غرفة؛ فغسل رجله اليسرى. أخرجه النسائي (1/29) ، والبيهقي (1/55 و 67) ، وابن حبان في "صحيحه ". قال الحافظ في "التلخيص " (1/430) : " وصححه ابن خزيمة وابن منده ".

قلت: وروى منه الترمذي (1/52) - وصححه-، وابن ماجه (1/167) مسح الرأس والأذنين. ومنهم: عبد العزيز بن محمد الدراوردي؛ ولفظه: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ؛ فغسل يديه، ثمّ تمضمض واستنشق من غرفة واحدة، وغسل وجهه، وغسل يديه مرة مرة، ومسح رأسه وأذنيه مرة- قال عبد العزيز: وأخبرني من سمع ابن عجلان يقول في ذلك-، وغسل رجليه. أخرجه النسائي، وإسناده صحيح. وأخرجه الدارمي (1/177) ، وابن ماجه (403) ، والحاكم (1/150) ، والبيهقي (1/50) مختصراً دون قوله: وغسل وجهه ... إلخ. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وصححه النووي في "المجموع " (1/ ... ) . ومنهم: ورقاء- وهو ابن عمر اليَشْكُرِيُّ-؛ بلفظ: ألا أريكم وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فغسل يديه مرة مرة، ومضمض مرة، واستنشق مرة، وغسل وجهه مرة، وذراعيه مرة مرة، ومسح رأسه مرة، وغسل رجليه مرة مرة، ثم قال: هذا وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه البيهقي (1/67) ، وقال: " هذا إسناد صحيح ". (تنبيه) : ظاهر حديث الباب: أنه عليه الصلاة والسلام مسح أذنيه بماء الرأس، فهو شاهد قوي لحديث أبي أمامة المتقدّم (رقم 123) :

53- باب الوضوء مرة مرة

" الأذنان من الرأس ". ثمّ إنّ الحديث لا مناسبة له بالباب، بل محله في الباب الذي يليه؛ فلو أورده المصنف فيه؛ لأصاب! 53- باب الوضوء مرة مرة 127- عن ابن عباس قال: ألا أخبركم بوضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فتوضأ مرة مرة. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه، وقال الترمذي: إنه أحسن شيء في الباب وأصح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثني زيد بن أسلم عن عطاء ابن يسار عن ابن عباس. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/25) ، والترمذي (1/60) ، وابن ماجه (1/161) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان. .. به. وأخرجه البخاري (1/207) ، والترمذي أيضا، والدارمي (1/177) ، والطحاوي (7/11) ، وأحمد (1/233 و 365) عن سفيان ... به. وتابعه معمر وداود بن قيس: عند البيهقي (1/80) ، وأحمد (1/332 و336) . وأخرجه الحاكم (1/150- 151) عن داود وقال: إنه

54- باب في الفرق بين المضمضة والاستتشاق

" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وله متابعات أخرى عن زيد؛ فانظر الذي قبله. ثمّ قال الترمذي: إنه " أحسن شيء في هذا الباب وأصح ". وتابعه عمرو بن دينار عن عطاء ... به: رواه الطبراني (3/120/1) . ورواه (3/99/2) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن إسماعيل بن إبراهيم عن يعقوب بن خالد عن ابن عباس عن النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال: " الوضوء مرة مرة "! هكذا جعله من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو منكر تفرد به ابن لهيعة بهذا السند؛ وهو ضعيف سيئ الحفط. ويعقوب بن خالد؛ الظاهر أنه ابن المسيب، لكنهم لم يذكروا له رواية عن الصحابة، انظر "الجرح والتعديل " (4/2/207) . 54- باب في الفرق بين المضمضة والاستتشاق [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 55- باب في الاستنثار 128- عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا توضأ أحدكم؛ فليجعل في أنفه ماء، ثمّ لْيَنْثُرْ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة

في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/41- 42) بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه البخاري وأبو عوانة في "صحيحيهما"، والنسائي والبيهقي وأحمد (2/278) ، ومحمد في "موطئه " (43) كلهم عن مالك ... به وزادوا: " من استجمر فليوتر ". وتابعه سفيان الثوري عن أبي الزناد. أخرجه مسلم وأحمد (2/242) . وتابعه ابن شهاب: أخبرني أبو إدريس الخولاني أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد الخدري يقولان: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره بالزيادة. أخرجه ابن حبان (2/ 352/ 1435) . وله في "المسند" (2/277 و 308 و 316 و 352) وكذا في "مسلم " طرق أخرى. وله عند أحمد (2/289) طريق أحرى من فعله عليه الصلاة والسلام؛ قال: ثنا عتاب بن زياد: ثنا عبد الله بن مبارك: أنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان إذا استنشق؛ أدخل الماء منخريه.

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير عَتاب بن زياد، وهو ثقة. 129- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " استتثروا مرتين بالغتين أو ثلاثاً ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن القطان في " بيان الوهم والإيهام " (2/156/1) ، وقال الحافظ: " إسناده حسن ") . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: ثنا وكيع: ثنا ابن أبي ذئب عن قارظ عن أبي غطفان عن ابن عباس. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم رجال مسلم؛ غير قارظ- وهو ابن شيبة-؛ قال النسائي: " ليس به بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". والحديث أخرجه ابن ماجه عن وكيع ... به. ثمّ أخرجه هو والبخاري في "التاريخ " (4/1/201) ، والحاكم (1/148) ، وأحمد (1/315) من طريق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به. ورواه عنه الطيالسي قال (رقم 2724) : ثنا ابن أبي ذئب ... به؛ ولفظه: عن أبي غظفان قال: رأيت ابن عباس توضأ، فمضمض واستنشق مرتين مرتين، وقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا مضمض أحدكم واستنثر؛ فليفعل ذلك مرتبن بالغتين أو ثلاثاً ".

وعنه أخرجه البيهقي (1/49) . وأورده الحاكم شاهدالحديث (لَقِيط) الذي بعده؛ وسكت عليه، وصححه ابن القطان، كما في "التلخيص " (1/405) . وقال في "الفتح " (1/210) : " وإسناده حسن ". وقال في "التهذيب " في ترجمة (قارظ) : " له عندهما حديث ابن عباس في الطهارة. قلت: أخرجه النسائي أيضا، ولم يذكر ذلك المزي "! قلت: ولم أره في "سننه الصغرى"! وهو نفسه لم يعزه في "التلخيص " للنسائي؛ بل جعل مكانه: ابن الجارود، فالظاهر أنه يعني "السنن الكبرى" له! ورواه الطبراني في " الكبير" (3/98/1) ، وزاد: " والأذنان من الرأس ". وسنده صحيح؛ وهو من شواهد حديث أبي أمامة المتقدم برقم (123) . 130- عن لَقِيطِ بن صَبِرَةَ قال: كنت وافد بني المُنْتَفِق- أو في وفد بني المنتفق- إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم نصادفه في منزله، وصادفنا عائشة أم المؤمنين، قال: فأمرت لنا بخَزيرة فصنعت لنا، قال: وأتينا بقناع - والقناع: الطبق- فيه تمر، ثمّ جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " هل أصبتم شيئاً أوأُمِرَ لكم بشيء؟ ". قال: قلنا: نعم يا رسول الله! قال: فبينا نحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

جلوس؛ إذ دفع الراعي غنمه إلى المُراح؛ ومعه سخلة تَيْعِر. فقال: " ما وَلّدْتَ يا فلان؟ ا ". قال: بَهمة. قال: " فاذبح لنا مكانها شاة ". ثمّ قال: " لا تحْسِبَن- ولم يقل: لا تحسَبَن- أنَّا من أجلك ذبحناها، لنا غنم مائة لا نريد أن تريد، فإذا وَلَّد الراعي بَهمة ذبحنا مكانها شاة ". قال: قلت: يا رسول الله! إن لي امرأة، وإن في لسانها شيئاً- يعني: البَذاء؟ - قال: " فطلقْها إذاً ". قال: قلت: يا رسول الله! إنّ لها صحبة ولي منها ولد؟! قال: " فمرها- يقول: عِظها-؛ فإن يك فيها خير فستفعل، ولا تضرب -ظعينتك كضربك أًمَيتَكَ ". فقلت: يا رسول الله! أخبرني عن الوضوء؟ قال: " أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق؛ إلا أن تكون صائماً ". (قلت: إسناده صحيح. وروى بعضه الترمذي، والحاكم، وصححاه، وكذا صححه ابن خزبمة وابن الجارود وابن حبان والبغوي وابن القطان والنووي والذهبي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد في آخرين قالوا: ثنا يحيى بن سُلَيْم عن إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرة عن أبيه لَقِيط بن صَبِرة. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إسماعيل بن كثير، وعاصم بن لقيط، وهما ثقتان بلا خلاف.

والحديث أخرجه النسائي (1/26) بهذا الإسناد مختصراً مقتصرا على قوله في آخره: أخبرني عن الوضوء ... إلخ. وأخرجه الترمذي (1/150- طبع بولاق) ، وابن ماجه (1/160) ، والحاكم (1/148) ، وعنه البيهقي (1/76) من طرق أخرى عن يحيى بن سليم ... به مختصراً. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه على هذا القدر: الحسن بن علي أبو جعفر: عند الطيالسي (رقم 1341) وزاد في آخره: " ولا تضرب طَعِينتَك كما تضرب أمتك ". وداود بن عبد الرحمن العطار: عند الحاكم (1/148) ... مثله، كلاهما عن إسماعيل بن كثير. وتابعهم سفيان الثوري ... قال: أتيت النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذبح لنا شاة وقال: " لا تحسبن ... " الحديث. إلى قوله: " فإذا بلغت مائة ذبحنا شاة ": أخرجه أحمد (4/33) . ثم روى من طريقه بإسناده قوله عليه الصلاة والسلام: " إذا توضأًت فأبلغ الاستنشاق؛ ما لم تكن صائماً ". وروى منه الترمذي (1/56/رقم 38) : " إذا توضأًت فخلل الأصابع ". وقال: " حديث حسن صحيح ".

وصححه ابن خزيمه وابن الجارود وابن حبان- كما في "التهذيب "-، والبغوي وابن القطان، والنووي في "المجموع ". والأمر بإسباغ الوضوء؛ ورد من حديث ابن عمرو عند مسلم والنسائي وأحمد. ومن حديث ابن عباس عند الدارمي (1/178) بسند صحيح. 131- وفي رواية: ذكر معناه ... قال: فلم ينْشَبْ آنْ جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتقلَّعُ يتكفَّأ ... وقال: عَصيدة، مكانَ: خَزِيره. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عقبة بن مُكرَم: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا ابن جريج: حدثني إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه وافد بن المنتفق: أنه أتى عائشة ... فذكر معناه، قال: فلم ننشب ... إلخ. وهذا إسناد صحيح أيضا. والحديث أخرجه أحمد (4/211) : ثنا يحيى بن سعيد ... به؛ وقال: على يده شملة. وأخرجه الحاكم (1/148) ، وعنه البيهقي من طريق مسدد عن يحيى، ومن طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج ... به ببعضه اختصاراً. وأحمد أيضا (4/33) .

56- باب تخليل اللحية

132- وفي أخرى ... بهذا الحديث قال فيه: " إذا توضأت فمضمض". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحافظ) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا أبو عاصم: ثنا ابن جريج ... بهذا الحديث. وهذا إسناد صحيح أيضا، وكذلك قال الحافظ في "فتح الباري " (1/211) . والحديث أخرجه الدارمي (1/179) مختصراً: أخبرنا أبو عاصم ... به بلفظ: " إذا توضأت؛ فأسبغ وضوءك، وخلِّل بين أصابعك ". 56- باب تخليل اللِّحية 133- عن أنس [يعني: ابن مالك] : أنّ رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا توضأ؛ أخذ كفّاً من ماء؛ فأدخله تحت حَنَكه، فخلَّل به لحيته، وقال: " هكذا أمرني ربي عزّ وجلّ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن القطان أيضا) .

إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا أبو المَلِيح عن الوليد بن زوران عن أنس- يعني: ابن مالك-. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير الوليد بن زَوْرَان؛ قال المصنف عقب الحديث: " ابن زوران روى عنه حجاج بن حجاج، وأبو المليح الرقي ". قلت: وروى عنه جعفر بن برقان أيضا، وعبد الله بن مُعَية الجَزَرِي، وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الآجُرِّي عن المصنف: " لا ندري سمع من أنس أولا؟ ". وقال الذهبي في "الميزان ": " ليس بحجة؛ مع أن ابن حبان وثقه ". وقال الحافط في "التقريب ": إنه " لين الحديث ". وأما في "التلخيص " (1/415) فقال: " مجهول الحال ". وتبع في ذلك ابن القطان؛ فقد قال ابن القيم في "التهذيب " (1/107) : " قال أبو محمد بن حزم: لا يصح حديث أنس هذا؛ لأنه من طريق الوليد بن زوران، وهو مجهول. وكذا أعله ابن القطان بأن الوليد هذا مجهول الحال. وفي هذا التعليل نظر؛ فإن الوليد هذا روى عنه جعفر بن برقان وحجاج بن منهال وأبو المليح الحسن بن عمرو الرقي وغيرهم؛ ولم يعلم فيه جرح ". فكأنه مال إلى تقوية هذا الإسناد! وهو محتمل. والحديث صحيح على كل حال؛ لطرقه وشواهده كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (1/54) من طريق المؤلف.

وله طرق أخرى عن أنس؛ فقال ابن القيم: " وقد روى هذا الحديث: محمد بن يحيى الذهلي في كتاب "علل حديث الزهري " فقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن خالد الصفار- من أصله، وكان صدوقاً-: حدثنا محمد بن حرب: حدثنا الزبَيْدِي عن الزهري عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ، فأدخل أصابعه تحت لحيته، فخللها بأصابعه، ثم قال: " هكذا أمرنى ربي عزّ وجلّ ". وهذا إسناد صحيح "! هكذا ذكره ابن القيم- بعد كلامه السابق في رده على ابن القطان-، فأوهمني أن هذا كلام ابن القيم نفسه، وأن التصحيح منه! ثمّ تبين لي أنه ليس كذلك؛ فقد قال بعد صفحة (109) : " قلت: وتصحيح ابن القظان لحديث أنس من طريق الذهلي؛ فيه نظر! فإن الذهلي أعله فقال في "الزهريات ": وحدثا يزيد بن عبد ربه: حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي أنه بلغه عن أنس بن مالك ... فذكره. قال الذهليٍ: هذا هو المحفوظ. قال ابن القطان: وهذا لا يضره؛ فإنه ليس من لم يحفظ حجة على من حفظ، والصفار قد عين شيخ الزبيدي فيه، وبين أنه الزهري، حتى لو قلنا: إن محمد بن حرب حدث به تارة فقال فيه: عن الزبيدي: بلغني عن أنس ... لم يضره ذلك، فقد يراجع كتابه؛ فيعرف منه أن الذي حدث به الزهري فيحدث به عنه، فأخذه عنه الصفار هكذا ". قال ابن القيم: " وهذه التجويزات لا يلتفت إليها أئمة الحديث وأطباء علله، ويعلمون أن الحديث معلول بإرسال الزبيدي له، ولهم ذوق لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات "! ونحن نرى أن الحق مع ابن القطان؛ لأن الاحتمال الذي أبداه؛ إنما هو في سبيل الجمع بين روايات الثقات؛ وإلا لزم توهيم الثقة بدون دليل؛ بل بمجرد

الذوق! وهذا ليس من العلم في شيء! ويدلك على ما ذهبنا إليه أمران: الأول: أن محمد بن عبد الله الصفار إنما روى الحديث من أصل كتابه، وهذا مما يبعد الظن بخطئه. الثاني: أنه قد تابعه على وصله: محمد بن وهب بن أبي كريمة- وهو ثقة بلا خلاف-: أخرجه الحاكم (1/149) ، وقال: إنه " صحيح ". ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في " التلخيص " (1/416) - بعد أن ساقه-: " رجاله ثقات؛ إلا أنه معلول ... "؛ ثمّ ساقه عن الذهلي من الوجه المنقطع، ثم قال: " وصححه الحاكم قبل ابن القطان؛ ولم تقدح هذه العلة عندهما فيه ". وللحديث طرق أخرى: عند ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن أنس. وله شواهد منها: عن عثمان رضي الله عنه: أن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخلل لحيته. أخرجه الترمذي، وصححه؛ وهو عند البخاري أصح شيء في الباب، وقد تقدّم تخريجه والكلام على إسناده في الحديث (رقم 98) . ومنها: عن عائشة رضي الله عنها: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا توضأ خلل لحيته بالماء. أخرجه الحاكم (1/150) ، وأحمد (6/234) ، وأبو عبيد في كتاب "الطهور"

من طرق أربعة عن عمر بن أبي وهب الخزَاعي: حدثني موسى بن ثروان عن طلحة ابن عبيد الله بن كَرِيزٍ الخزَاعي عنها. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمر بن أبي وهب الخزاعي؛ ولم أجد له ترجمة فيما عندي من كتب الرجال (1) ! والظاهر أنه في "ثقات ابن حبان "؛ فقد قال الهيثمي في "المجمع " (1/235) : " رواه أحمد، ورجاله موثقون ". فقد لاحظنا أن الهيثمي كثيراً ما يقول هذه العبارة: " ورجاله موثقون " في إسناد فيه بعض من تفرد ابن حبان بتوثيقه. والله أعلم. وقال الحافظ في "التلخيص " (1/416) : " رواه أحمد؛ وإسناده حسن "! وسكت عليه ابن القيم في "التهذيب " (1/108 و 112) . ومنها: عن ابن عمر ... نحوه. رواه ابن ماجه (432) بسند فيه ضعف؛ وصحح بعضهم وقفه. وأعله ابن أبي حاتم (1/31) بالإرسال. وللحديث شواهد أخرى كثيرة؛ وفيما ذكرنا كفاية، فمن أراد الزيادة؛ فليرجع إلى المصدرين الآخرين لابن القيم والحافظ.

_ (1) ولم يورده الحافظ في "التعجيل " مع أنه من شرطه! ثم رأيت ابن أبي حاتم قد نقل (3/ 1/140) توثيقه عن ابن معين وغيره. فالحديث صحيح.

57- ومن "باب المسح على العِمَامة" 134- عن ثوبان قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً؛ فأصابهم البَرْدُ، فلما قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين. (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال النووي، وصححه الحاكم والذهبي والزيلعي) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ثور عن راشد بن سعد عن ثوبان. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير راشد بن سعد؛ وهو ثقة. وكذلك قال النووي (1/408) : " إسناده صحيح ". وأعله الحافظ في "التلخيص " (1/426) بقوله: " وهو منقطع "! وكأن مستنده في ذلك ما ذكره في ترجمة راشد هذا من "التهذيب "؛ فقال: " وقال أبو حاتم والحربي: لم يسمع من ثوبان. وقال الخلال عن أحمد: لا ينبغي أن يكون سمع منه ". ونقل الزيلعي (1/165) قول أحمد هذا، وزاد في آخره: " لأنه مات قديماً ". ثمّ تعقبه بقوله: " وفي هذا القول نظر؛ فإنهم قالوا: إن راشداً شهد مع معاوية صفين؛ وثوبان

58- باب غسل الرجلين

مات سنة أربع وخمسين، ومات راشد سنة ثمان ومائة. ووثقه ابن معين وأبو حاتم والعجلي ويعقوب بن شيبة والنسائي. وخالفهم ابن حزم فضعفه. والحق معهم ". والحديث أخرجه البيهقي (1/60) - من طريق المؤلف-، والحاكم (1/169) من طريق- أحمد بن حنبل، وهو في "المسند" (5/277) بهذا السند-. ثمّ قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقد وهما. قال الزيلعي؛ متعقبا ًالحاكم: " وفيه نظر؛ فإن ثوراً لم يرو له مسلم، بل انفرد به البخاري، وراشد بن سعد لم يحتج به الشيخان ". وللحديث عند أحمد (5/281) طريق آخر عن ثوبان؛ فيه عتبة أبو أمية الدمشقي؛ قال الحسيني: " مجهول؛ كما في (الكنى) من "التعجيل " ". 58- باب غسل الرِّجْلَيْنِ 135- عن المُسْتَوْرِدِ بن شَدَّاد قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ يَدْ لُكُ أصابع رجليه بخِنصره. (قلت: حديث صحيح، وقال مالك: " حديث حسن "، وصححه ابن القطان) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِي عن المستورد بن شداد.

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أن ابن لهيعة سيئ الحفظ؛ لكنه قد توبع عليه؛ فهو بذلك حديث صحيح. ثمّ استدركت فقلت: حديث قتيبة عنه صحيح أيضا؛ كما أفاده الذهبي والحديث أخرجه الترمذي (1/57) بهذا السند. وأخرجه ابن ماجه، والطحاوي (1/21) ، والبيهقي (1/76) ، وأحمد (4/229) من طريق أخرى عن ابن لهيعة ... به. ثمّ قال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة "! كذا قال! وهو ما وصل إليه علمه، وبناءً على ذلك قال النووي في "المجموع " (1/424) : " وهو حديث ضعيف؛ فإن ابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث "! وذكر نحوه المنذري في "مختصره " (رقم 135) ! قال الحافط (1/436) : " لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث: أخرجه البيهقي وأبو بشر الدوْلابي والدارقطني في "غرائب مالك " من طريق ابن وهب عن الثلاثة. وصححه ابن القطان ". قلت: وهو عند البيهقي من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: سمعت عمي يقول: سمعت مالكاً ئسْأل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: ليس ذلك على الناس. قال: فتركته حتى خف الناس. فقلت له: يا أبا عبد الله! سمعتك تفتي في مسألة تخليل أصابع الرجلين: زعمت أن ليس ذلك على الناس، وعندنا في ذلك سنة! فقال: وما هي؟ فقلت: ثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المَعَافري

59- باب المسح على الخفين

عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه. فقال: إن هذا حديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة! ثمّ سمعته يُسْأل بعد ذلك؟ فأمر بتخليل الأصابع. قال عمي: ما أقل من يتوضأ إلا ويحيطه الخط الذي تحت الإبهام في الرجل؛ فإن الناس يثنون إبهامهم عند الوضوء؛ فمن تفقد ذلك سَلِمَ. قال ابن التركماني: " أحمد ابن أخي ابن وهب وإن أخرج عنه مسلم؛ فقد قال أبو زرعة: أدركناه ولم نكتب عنه. وقال ابن عدي: رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم مجمعين على ضعفه "! قلت: وتمام كلام ابن عدي- كما في "التهذيب " وغيره-: " ومن ضعفه أنكر عليه أحاديث، وكثرة روايته عن عمه، وكل ما أنكروه عليه محتمل- وإن لم يروه غيره عن عمه، ولعله خصه به ... "، ثمّ ذكر الحافظ أحاديث مما أنكرت عليه ورجع عنها؛ وليس هذا منها. والله أعلم. 59- باب المسح على الخفين 136- عن عَبَّاد بن زياد: أن عروة بن المغيرة بن شعبة أخبره: أنه سمع أباه المغيرة يقول: عَدَل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا معه في غزوة توك قبل الفجر، فعدَلت معه، فأناخ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتبرَّز، ثمّ جاء، فسكبت على يده من الاداوة؛ فغسل

كفيه، ثمّ غسل وجهه، ثمّ حسر عن ذراعيه؛ فضاق كُما جُبته، فأدخل يديه فأخرجهما من تحت الجبة، فغسلها إلى المرفق، ومسح برأسه، ثمّ توضأ على خفيه؛ ثمّ ركب، فأقبلنا نَسِيرُ حتى نَجِد الناس في الصلاة قد قدّموا عبد الرحمن بن عوف، فصلّى بهم حين كان وقت الصلاة؛ ووجدنا عبد الرحمن وقد ركع بهم ركعة من صلاة الفجر، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فصفّ مع المسلمين فصلّى وراء عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية، ثمّ سلّم عبد الرحمن، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته، ففزِع المسلمون؛ فأكثروا التسبيح؛ لأنهم سَبقوا النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلاة، فلما سلّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: " قد أصبتم- أوقد أحسنتم- ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال أبو حاتم: إنه أصح حديث في الباب) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب: حدثني عباد بن زياد. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير أحمد بن صالح؛ فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد ذكر ابن أبي حاتم في "العلل " (1/33/رقم 65) أنه أصح حديث في الباب. والحديث أخرجه ابن حبان في "صحيحه " (3/320/2221- الإحسان) من طريق حرملة بن يحيى قال: ثنا ابن وهب ... به. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وكذا ابن خزيمة (3/9/1515) ،

والبيهقي (1/274 و 295- 296) ، وأحمد (4/251) ، والطبراني في " المعجم الكبير" (20/ 376/ 880) من طريق ابن جريج: حدثني ابن شهاب ... به؛ وزاد في آخره: يغبطهم؛ أن صلوا الصلاة لوقتها. وكذلك رواه صالح عن ابن شهاب؛ أخرجه أبو عوانة، وأحمد (4/249) ، وزادوا أيضا في رواية لهم: قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن، فقال النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعه ". ورواه مالك (1/57- 58) عن ابن شهاب؛ لكنه أخطأ في إسناده كما بينه الحافظ وغيره. وكذلك أخطأ فيه جعفر بن برقان، فقال: عن الزهري عن حمزة وعروة ابني المغيرة بن شعبة عن أبيهما المغيرة ... فذكره نحوه؛ وزاد في آخره: " قد أصبتم وأحسنتم! إذا احتبس إمامكم وحضرت الصلاة؛ فقدموا رجلاً يؤمكم ". أخرجه ابن حبان (3/321/2222) . قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكنه معلول! وقد كشف عن علته: ابن حبان بنفسه، فقال عقبه: " قصر جعفر بن برقان في سند هذا الخبر؛ فلم يذكر (عباد بن زياد) فيه؛ لأن الزهري سمع هذا الخبر من عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة بن شعبة، وسمعه عن حمزة بن المغيرة عن أبيه ".

قلت: أما رواية الزهري عن عباد؛ فقد رواها عنه يونس بن يزيد وابن جريج، كما تقدم. وأما روايته عن حمزة بن المغيرة؛ فلم أرها إلا مختصرة جدّاً: عند الطبراني في "المعجم الكبير" (20/377/881) من طريق عبد الله بن صالح: حدثني الليث: حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عباد بن زياد عن حمزة بن المغيرة عن أبيه قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومعح على خفيه. وأخرجه أحمد (4/251) من طريق عبد الرزاق، وهذا في "المصنف " (1/191- 192) من طريق ابن جريج المتقدمة: حدثني ابن شهاب عن عباد بن زياد ... بإسناده فساقه بطوله. قال ابن شهاب: فحدثني إسماعيل بن محمد بن سعد عن حمزة بن المغيرة ... مثل حديث عباد بن زياد. ومن هذا الوجه: هو عند مسلم (2/26- 27) وغيره. والمقصود: أن (ابن برقان) خالف الثقات في إسقاطه (عباداً) من الإسناد؛ فلا غرابة- إذن- في تضعيف أحمد وابن معين وغيرهما روايته عن الزهري خاصة. ومن هنا: نستطيع أن نحكم على زيادته في آخر الحديث بالشذوذ والنكارة؛ لخالفته الثقات! 137- عن يحيى بن سعيد عن التيمي: ثنا بكر عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة: عن المغيره بن شعبة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح ناصيته، وذكر فوق العمامة.

(إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن سعيد. (ح) وثنا مسدد: ثنا العتمر عن التيمي: ثنا بكر عن الحسن ... به. قال عن المعتمر: سمعت أبي يحدث عن بكر بن عبد الله عن الحسن ... باللفظ الذي بعده. قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. وقول بكر هذا؛ هو في الروايتين- رواية يحيى بن سعيد، ورواية المعتمر- كلاهما عن التيمي. والحديث أخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحهيما"، والنسائي (1/29- 30) ، والترمذي (1/170) ، وأحمد (4/255) عن يحيى بن سعيد القطان ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 138- (وفي رواية) : عن المعتمر: سمعت أبي يحدث عن بكر بن عبد الله عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن المغيرة: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلان يمسح على الخفين، وعلى ناصيته على عمامته. قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة. (إسناده صحيح على شرط البخاري أيضا. وأخرجه مسلم) . إسناده: سبق في الذي قبله.

والحديث أخرجه مسلم أيضا عن المعتمر ... به. وقد تابعه عن أبيه: يحيى بن سعيد القطان؛ كما في الرواية الأولى. وتابعه أيضا يزيد بن هارون: عند أبي عوانة والبيهقي؛ ولم يقع عندهم جميعاً تسمية ابن المغيرة. وقد سماه غير التيمي- وهو حميد الطويل- قال: ثنا بكر بن عبد الله المزني عن حمزة بن المغيرة بن شعبة ... به أنم منه، وفيه قصة صلاة النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤتماً وراء عبد الرحمن بن عوف. أخرجه أبو عوانة والنسائي، والبيهقي (1/58- 60) ، وأحمد (4/248) من طرق عن حميد. وهو عند مسلم من هذا الوجه؛ لكن قال: عروة بن المغيرة! وهي وهم من مسلم أو شيخه محمد بن عبد الله بن بزبع؛ كما بينه النووي. نعم روى الحديث عن المغيرة ابنه عروة أيضا؛ وهو: 139- عن الشئعْبي قال: سمعت عروة بن المغيرة بن شعبة يذكر عن أبيه قال: كلنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رَكْبِهِ؛ ومعي إداوة، فخرج لحاجته ثمّ أقبل، فتلقيته بالإداوة؛ فأفرغت عليه، فغسل كفيه ووجهه، ثمّ أراد أن يُخرج ذراعيه- وعليه جُبّة من صوف من جِبَابِ الروم ضيقةُ الكمين- فضاقت؛ فادرعهما ادِّراعاً، ثمّ أهويت إلى الخفين لأنزعهما، فقال لي: " دع الخفين؛ فإني ادخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان ". فمسح

عليهما. قال الشعبي: شهد لي عروة على أبيه، وشهد أبوه على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدئنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثني أبي عن الشعبي. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (4/255) قال: ثنا وكيع: ئنا يونس بن أبي إسحاق: سمعته من الشعبي ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/256) من طريقين آخرين عن يونس ... به ثمّ رواه من طريق ابن عيينة عن حصين وزكريا ويونس عن الشعبي ... به مختصراً. وحديث زكريا- وهو ابن أبي زائدة-: عند البخاري (10/220) ، ومسلم (1/158) ، وأبي عوانة أيضا (1/255) ، والدارمي (1/181) ، والبيهقي (1/281) ، وأحمد أيضا (4/255) من طرق عنه ... به تامآ غير مختصر، لكن البخاري اختصره في "الطهارة" (1/247) . وصرح زكريا بالتحديث في رواية أبي عوانة؛ ولم يقف عليها- أو لم

يستحضرها- الحافظ حين الكلام على الحديث فقال: " وزكريا مدلس، ولم أره من حديثه إلا بالعنعنة. لكن أخرجه أحمد عن يحيى القطان عن زكريا، والقطان لا يحمل من حديث شيوخه المدلسين إلا ما كان مسموعاً لهم؛ صرح بذلك الإسماعيلي "! وتابعه عمر بن أبي زائدة عن الشعبي؛ وهو اْخو زكريا: أخرجه مسلم وأبو عوانة. وإسماعيل بن أبي خالد: عند البيهقي، وزاد- بعد قوله: " إني قد أدخلتهما طاهرتين "-: " لم اْجنب بعد ". ورجاله رجال الشيخين؛ غير أن الراوي عن يحيى بن صالح- وهو عيسى بن غيلان-؛ لم أجد له ترجمة. وتابعه مجالد عن الشعبي؛ وزاد- مكان: " لم أجنب بعد "-: " ثم لم أمش حافياً ". وهذه زياده منكرة؛ لتفرد مجالد- وهو ابن سعيد- بها دون جميع من رواه عن للشعبي، ودون من رواه غيره عن عروة وغيره؛ إلا ما سيأتي التنبيه عليه في الباب الذي يليه (رقم 145) . 140- عن الحسن وعن زرارة بن أوفى أن المغيرة بن شعبة قال: تخلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر هذه القصة، قال: فأتينا الناس وعبد الرحمن بن عوف يصلّي بهم الصبح، فلما رأى

النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد أن يتأخر؛ فأومأ إليه أن يَمضي، قال:،فصليت أنا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلفه ركعة، فلما سلّم؛ قام النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلّى الركعة التي سُبِقَ بها، ولم يزد عليها شيئاً. (إسناده صحيح، وكذا قال الشوكاني) . إسناده: حدثنا هُدْبة بن خالد: ثنا همَّام عن قتادة عن الحسن وعن زرارة بن أوفى. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، وهذا من طريق زرارة. وأما من طريق الحسن عنه؛ فإنه منقطع؛ كما في "التلخيص " (2/294) . وصحح إسناده الشوكاني أيضا، ولكنه جعله لحديث للمصنف آخر، إسناده ضعيف كما بينت ذلك في الكتاب الأخر (رقم 21) . والحديث أخرجه البيهقي (2/352) من طريق المؤلف. 141- قال أبو داود: " أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر يقولون: من أدرك الفرد من الصلاة؛ عليه سجدتا السهو ". (قلت: لم أقف على أسانيدها) . قال في "عون المعبود": " وهذه الآثار قد تتبعت في تخريجها؛ لكن لم أقف [على] من أخرجها موصولأ ". قلت: قال البيهقي عقيها:

" وحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى أن يتبع ". وذلك لتصريحه أنه لم يزد على الركعة شيئاً. قال ابن رسلان: " وبه قال أكثر أهل العلم. ويؤيد ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وما فاتكم فأتموا ". وفي رواية: " فاقضوا ". ولم يأمر بالسهو ". 142- عن أبي عبد الرحمن: أنه شهد عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالا عن وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: كان يخرج يقضي حاجته، فآتيه بالماء، فيتوضأ ويمسح على عمامته ومُوقيه. (قلت: حديث صحيح. أخرج منه أحمد، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة": المسح على الموقين والخمار. وأخرجه ابن خزبمة أيضا في "صححه ") . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن أبي بكر- يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد- سمع أبا عبد الله عن أبي عبد الرحمن. قال أبو داود: " هو أبو عبد الله مولى بتي تيم بن مرة ". قلت: وهو كشيخه أبي عبد الرحمن؛ كلاهما مجهول لا يعرف؛ كما قال ابن عبد البر. وتبعه الذهبي في "الميزان ". والحافظ في "التقريب". والحديث أخرجه الحاكم (1/170) من طريق يحيى بن محمد: ثنا عبيد الله

ابن معاذ العنبري ... به. ثم أخرجه من طريق آدم بن أبي إياس: ثنا شعبة ... به. وأخرجه البيهقي (1/288) من طريقه، ثمّ قال الحاكم: " حديث صحيح؛ فإن أبا عبد الله مودى بتي تيم معروف بالصحة والقبول "! ووافقه الذهبي! فذهل عما ذكره في "الميزان " من الجهالة في بعض رجال إسناده، كما أشرنا إليه آنفاً. والحديث رواه ابن جريج أيضا عن أبي بكر، لكن قلب إسناده فقال: أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر: أخبرني أبو عبد الرحمن عن أبي عبد الله أنه سمع عبد الرحمن بن عوف ... به. وقال: خفية بدل: موقيه! أخرجه أحمد (6/12) . وأبو بكر بن حفص: اسمه عبد الله؛ قال الحافظ في "التهذيب ": " وأخرج النسائي أيضا حديثه في الطهارة، ولم يرقم له المزي؛ وهو ثابت في رواية ابن الأحمر وابن حيوة ". قلت: وليس هو في النسخة المطبوعة في مصر. ولذلك لم يعزه النابلسي (1/116) في الذخائر إلا للمصنف وحده. والحديث بهذا الإسناد ضعيف. لكتي وجدت له طريقاً أخرى قوية؛ وهي ما أخرجه أحمد (6/15) قال: ثنا عفان: ثنا حماد- يعني: ابن سلمة-: ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي إدريس عن

بلال قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الموقين والخمار. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وأبو إدريس: هو عائذ الله بن عبد الله. وأبو قلابة: اسمه عبد الله بن زيد؛ وهما ثقتان من رجال الشيخين. وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة"- كما في "النَيل " (1/158) -، وابن خزيمة في "صحيحه "- كما في "نصب للراية" (1/183) -. وهو في "صحيح مسلم "، و"أبي عوانة" وغيرهما من طريق أخرى عن بلال بلفظ: مسح على الخفين والخمار. وهو كذلك في "المسند"، و "الطبراني الكبير". وأما تقديم الماء إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فهو شيء معهود في السنة؛ فانظر ما سبق (رقم 33 و35) . ولذلك؛ فالحديث صحيح ثابت. ثم وجدت لحديث أبما إدريس عن بلال شاهداً من حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح على الموقين والخمار. أخرجه البيهقي قال: وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق: ثنا أبو جعفر محمد ابن محمد بن نصير الصوفي: ثنا علي بن عبد العزيز: نا الحسن بن الربيع: ثنا أبو شهاب الحناط عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات معرفون؛ غير الصوفي والراوي عنه؛ فإني لم أجد لهما الآن ترجمة فيما عندي من كتب الرجال! 143- عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير: أن جريراً بال ثمّ توضأ؛ فمسح على الخفين، وقال: ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح؟! قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة! قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة. (قلت: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة والحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا علي بن الحسين الدِّرْهَمِيُ: ثنا ابن داود عن بُكَيْرِ بن عامر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير. وهذا إسناد حسن في المتابعات، رجاله كلهم ثقات؛ غير بكير بن عامر؛ وهو مختلف فيه. وقد قال الآجري عن المؤلف: " ليس بالمتروك ". وقال ابن عدي: " ليس كثير الرواية، ورواياته قليلة، ولم أجد له متناً منكراً، وهو ممن يكتب حديثه ". والحديث أخرجه الحاكم (1/169) من طريق جعفر بن أحمد بن نصر: ثنا علي بن الحسين الدرهمي: ثنا عبد الله بن داود ... به. ثمّ أخرجه، ومن طريقه البيهقي (1/270) من طريق أبي الحسن محمد بن غسان القزاز: ثنا عبد الله بن داود ... به. وقال الحاكم:

" حديث صحيح؛ وبكير بن عامر العجلي كوفي ثقة عزيز الحديث، يجمع حديثه في ثقات الكوفيين "! ووافقه الذهبي. قال الزيلعي (1/162) : " بهذا السند والمتن؛ رواه ابن خزيمة في "صحيحه " ... ". وللحديث طريق أخرى: عند الدارقطني (71) ، والبيهقي (1/273 و 274) عن شهر بن حوشب عن جرير بن عبد الله ... به. فهذا مما يقوّي الطريق الأولى؛ فيكون الحديث حسناً. وهو في "الصحيحبن " وغيرهما بنحوه؛ دون قوله: قالوا ... إلخ. 144- عن ابن بريدة عن أبيه: أن النجاشي أهدى إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفين أسودين ساذجين، فلبسهما، ثم توضأ ومسح عليهما. (قلت: حديث حسن، وكذا قال الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن أبي شعيب الحَراني قالا: ثنا وكيع: ثنا دلْهَم بن صالح عن حُجَيْر بن عبد الله عن ابن بريدة. وهذا إسناد حسن في الشواهد، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير دلهم بن صالح؛ فضعفوه؛ غير المصنف فقال: " ليس به بأس ". وقال أبو حاتم: " هو أحب إلي من بكير بن عامر وعيسى بن المسيب ". وشيخه حجير بن عبد الله؛ قال ابن عدي: "لا يعرف ".

وذكره ابن حبان في "الثقات "، وحسن له الترمذيُ هذا الحديث كما يأتي. ثم قال المصنف عقبه: " قال مسدد: عن دلهم بن صالح. قال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل البصرة "! قلت: وقد تعقب السيوطي المصنف في قوله: " هذا مما تفرد به أهل البصرة "؛ بما حاصله- كما في "عون المعبود "-: أنه ليس في رواة هذا الحديث بصري؛ سوى مسدد، ولم يتفرد به، فنسبة التفرد إلى أهل البصرة وَهَمٌ من المؤلف الإمام رضي الله عنه! والله أعلم. والحديث أخرجه أحمد (5/352) : ثنا وكيع: ثنا دلهم بن صالح ... به. وكذلك أخرجه الترمذي في "سننه " (2/134- طبع بولاق) ، وفي "الشمائل " أيضا (1/156) ، وابن ماجه (1/95) عن وكيع. وأخرجه البيهقي (1/282- 283) من طريقين آخرين عن دلهم ... به. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث دلهم ". وقد ساق له البيهقي شاهداً من طريق الشعبي عن المغيرة بن شعبة: أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على خفعه. قال: فقال رجل عند المغيرة بن شعبة: يا مغيرة! ومن أين كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفان؟ قال: فقال المغيرة: أهداهما إليه النجاشي. قال البيهقي: " والشعبي إنما روى حديث المسح عن عروة عن المغيرة عن أبيه. وهذا شاهد لحديث دلهم بن صالح ".

60- باب التوقيت في المسح

وحديث الشعبي عن عروة مضى (برقم 139) ؛ ليس فيه: يامغيرة ... بلخ. لكن إسناد هذه الزيادة صحيح؛ فهو شاهد قوي لهذا الحديث. والله أعلم. 60- باب التوقيت في المسح 145- عن خزيمة بن ثابت عن النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة ". (قلت: حديث صحيح، وكذا قال النووي، وقال الترمذي: " حديث حسن، وذكر عن يحيى بن معين أنه صححه ". ورواه أبو عوانة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجَدلمِي عن خزيمة بن ثابت. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبا عبد الله الجدلي؛ وهو ثقة؛ غير أن فيه انقطاعاً، قال المصنف: " إبراهيم- وهو النخعي- لم يسمع من أبي عبد الله الجدلي "! وحفص: هو ابن عمر بن الحارث الحوضي البصري. وحماد: هو ابن أبا سليمان الكوفي؛ وفيه كلام من قبل حفظه؛ لكن حديثه هذا مقرون. وقد جاء الحديث موصولأ، كما سنبينه؛ فهو حديث صحيح. والحديث في "مسند الطيالسي " (رقم 1219) : ثنا شعبة ... به.

وأخرجه الطحاوي (1/49) ، وأحمد (5/214) ، والطبراني في "معجمه الكبير"، وفي "الصغير" (ص 238) من طرق عن شعبة ... به؛ وقرن في "الصغير"- مع الحكم وحماد-: مغيرة ومنصوراً. وقد تابعه سفيان- وهو الثوري- عن حماد ومنصور عن إبراهيم ... به. أخرجه أحمد. وهشام الدستُوائي عن حماد وحده: أخرجه أحمد والطحاوي. وأخرج البيهقي (1/277) من طريق زائدة بن قدامة قال: سمعت منصوراً يقول: كنا في حجرة إبراهيم النَّخَعِي، ومعنا إبراهيم التيمي، فذكرنا المسح على الخفين، فقال إبراهيم التيمي: تنا عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت قال: جعل لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثاً؛ ولو استزدته لزادنا- يعني: المسح على الخفين للمسافر-. قلت: وإسناد هذه الرواية صحيح؛ وهي تشير إلى ما سبق عن المؤلف أن النخعي لم يسمعه من أبي عبد الله الجدلي. والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي والطيالسي (رقم 1218) وأحمد من طرق عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي ... به. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/262) . وقال الترمذي: " وذكِر عن يحيي بن معين أنه صحح حديث خزيمة في المسح ".

ثم قال: " هذا حديث حسن صحيح ". ورواه ابن حبان أيضا- كما في "التلخيص " (2/396) -. وقال النووي: إنه " حديث صحيح ". قلت: وقد أُعل هذا الحديث بما لا يقدح؛ ولو أردنا بسط للكلام في ذلك لطال؛ فليراجع لذلك "نصب الراية " (1/175- 177) . وللحديث شواهد كثيرة: من حديث علي بن أبي طالب- في "صحيح مسلم "، و"أبي عوانة"-، وصفوان بن عَسال وأبي بكرة والمغيرة بن شعبة- وهي عند الطحاوي والبيهقي وبعض أصحاب "السنن "-. وفيها- ما عدا الأول- من الزيادات ما ليس في حديث الباب؛ فأرى من الفائدة ذكرها؛ مع التنبيه على ما لا يصح منها. ففي حديث صفوان: " إلا من جنابة؛ ولكن من غائط وبول ونوم ". وفي حديث أبي بكرة: " إذا تطهر ولبس خفيه ". وفي حديث المغيرة: " ما لم يخلع ". قال البيهقي: " تفرد به عمرو بن رديح؛ وليس بالقوي ". قلت: وفي معناها ما في بعض طرقه بغير هذا اللفظ عند أحمد بلفظ: " ثمّ لم أمش حافياً "؛ وهي ضعيفة أيضا؛ لما سبق بيانه عند الحديث (رقم 139) . وقد صح عن علي رضي الله عنه:

أنه مسح على نعليه، ثمّ خلعهما، ثم صلّى. كما سيأتي في الكلام على الحديث (رقم 156) . وهذا يؤيد قول من قال: إنْ نَرع الخفين بعد المسح عليهما لا يضره، ولا يلزمه إعادة وضوء، ولا غسل رجليه، بل هو طاهر كما كان، ويصلي كذلك. وبه قال الحسن وابن أبي ليلى وجماعة؛ كما في "الفتح " (1/248) . وإليه ذهب ابن حزم (2/105) . وقال: " وهذه قول طائفة من السلف ... "؛ ثمّ روى ذلك عن هشام بن حسان، وعن إبراهيم النخعي. وهذه فائدة تعرضنا لذكرها بالمناسبة، ولقِلَّة ما تراها في كتاب من كتب الفقه المشهورة. (فائدة أخرى) : ظاهر حديث الباب- ومثله الأ حاديث الأخرى-: أن مدة المسح تبتدىء من حين يمسح بعد الحدث. وبه قال الأوزاعي وأبو ثور. قال النووي في "المجموع " (1/487) : " وهو رواية عن أحمد وداود وهو المختار الراجح دليلاً. واختاره ابن المنذر؛ وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ". 146- وفي رواية: ولو استزدناه لزادنا. (قلت: إسناد صحيح، وصححه ابن حبان وأبو عوانة) . إسناده: علقه المصنف فقال: رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي ... بإسناده: ولو استزدناه لزادنا.

وقد وصله الإمام أحمد (5/213) : ثنا أبو عبد الصمد العَمِّي: ثنا منصور: ثنا إبراهيم بن يزيد التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت الأنصاري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " امسحوا على الخفاف ثلاثة أيام ". ولو استزدنا لزادنا. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الجدلي؛ وهو ثقة كما سبق في الرواية الأولى. ثم قال أحمد: ثنا سفيان عن منصور ... به بلفط: سألنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المسح على الخفين؟ فرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، والمقيم يوماً وليلة. قال أحمد: سمعته من سفيان مرتين يذكر: للمقيم، ولو أطنب السائل في مسألته لزادهم. وكذلك رواه الطحاوي، وأبو عوانة عن سفيان ... به؛ لكن أبا عوانة لم يسق لفظه بتمامه. وقد تابعه سعيد بن مسروق- والد سفيان- الثوري عن إبراهيم التيمي. أخرجه ابن ماجه (1/196) ، وأحمد (5/214 و 215) عن سفيان عن أبيه عن إبراهيم التيمي ... به. ولفظه: ولو مضى السائل على مسألته؛ لجعلها خمساً. فقد اتفق على هذه الزيادة- عن التيمي- ثقتان: منصور وسعيد بن مسروق؛ فهي زيادة صحيحه ثابتة؛ وإن كان لا يؤخذ منها حكم زائد على أصل الحديث.

وقد سبق أن نقلنا عن النووي أنه صحح الحديث. وأما بهذه الزيادة؛ فزعم (1/485) أنه ضعيف بالاتفاق! وضعفه من وجهين: أحدهما: أنه مضطرب. والثاني: أنه منقطع؛ قال شعبة: " لم يسمع إبراهيم من أبي عبد الله الجدلي ". وقال البخاري: " ولا يعرف للجدلي سماع من خزيمة "! قلت: أما الاضطراب؛ فهو من النوع الذي لا يقدح، كما تجد تفصيله في "نصب الراية"؛ وليس هو في هذه الزيادة فقط؛ بل هو واقع في أصل الحديث أيضا. ولو كان قادحاً؛ لا صححه من سبق ذكرهم، وفيهم النووي! وأما الانقطاع؛ فإنما هو بالنسبة بلى سند المصنف في الرواية الأولى؛ لأنها من طريق إبراهيم النخعي عن أبي عبد الله الجدلي. وأما الزيادة؛ فإنها من طريق إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي؛ وقد صرح التيمي بسماعه عن عمرو، كما سبق في الكلام على الرواية الأولى. وأما قول البخاري المذكور؛ فإنما هو على قول من يشتر' في الاتصال اللقاء والسماع؛ ولو مرة! والجمهور على خلافه؛ وهو أنه يكفي إمكان اللقاء، وهو ثابت هنا، فلا انقظاع. ولو صح لما جاز للنووي أن يصحح أصل الحديث؛ لأنه من هذا الطريق أيضا. وبالجملة؛ فالنووي قد تناقض في هذا الحديث تناقضاً ظاهراً، وأوقع غيره في الغلظ عليه؛ فقد قال الحافظ في "التلخيص " (2/396) - بعد أن ذكر أنّ هذه

61- باب المسح على الجوربين

الزيادة رواها كأصلها ابن حبان-، قال: " وادّعى النووي في "شرح المهذب" الاتفاق على ضعف هذا الحديث، وتصحيح ابن حبان له يَرُد عليه، مع نقل الترمذي عن ابن معين أنه صحيح أيضا؛ كما تقدّم "! قلت: الترمذي إنما ذكر ذلك بعد أن ساق الحديث بدون الزيادة؛ فهو غير وارد على النووي؛ لأنه صرح بصحة الحديث بدون الزيادة كما سبق؛ بل إنه نقل قول الترمذي فيه: " حديث حسن صحيح ". والحق والعدل: أن من صحح أصل الحديث يلزمه أن يصحح هذه الزيادة؛ لأنه من طريقه؛ وهو الذي نراه وتجزم به. ومن ضعف الزيادة يلزمه أن يضعف الحديث من أصله، لا كما فعل النووي رحمه الله. والله تعالى هو الموفق. 61- باب المسح على الجوربين 147- عن هًزيلِ بن شُرَحْبيل عن المغيرة بن شعبة: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن حبان، وقال الترمذي: إنه " حديث حسن صحيح "، واحتج به ابن حزم) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان الثوري عن أبي قيس الآوْدِي عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة.

وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (4/252) : ثنا وكيع ... به. وكذلك أخرجه الترمذي. وابن ماجه عن وكيع. وأخرجه الطحاوي (1/58) ، والبيهقي (1/283) من طريق أبي عاصم عن سفيان الثوري. ثم قال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". واعلم أن هذا الحديث مما اختلفت فيه آراء علماء الحديث تصحيحاً وتضعيفاً: فصححه الترمذي وغيره كما يأتي، وضعفه البيهقي وغيره كالمصنف؛ حيث قال عقبه: " كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث؛ لأن المعروف عن المغيرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين "! وذكر البيهقي عن مسلم وغيره تضعيفه؛ بسبب ما أشار إليه المصنف عن ابن مهدي من المخالفة! وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: هذا الخبر أخرجه أبو داود وسكت عنه؛ وصححه ابن حبان، وقال الترمذي: حسن صحيح. وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان؛ وثقه ابن معين. وقال العجلي: ثقة ثبت. وهزيل؛ وثقه العجلي، وأخرج لهما معاً البخاري في "صحيحه ". ثم إنهما لم يخالفا الناس مخالفهَ معارضة؛ بل رويا أمراً زائداً على ما رووه بطريق مستقل غير معارض؛ فيحمل على أنهما حديثان. ولهذا صحح الحديث كما مر ". وذكر بعضَ هذا: ابنُ دقيق العيد رحمه الله؛ ففي "نصب الراية" (1/185) :

" قال الشيخ تقي الدين في "الإمام ": ومن يصححه يعتمد- بعد تعديل أبي قيس- على كونه ليس مخالفاً لرواية الجمهور مخالفة معارضة، بل هو أمر زائد على ما رووه، ولا يعارضه؛ ولا سيما وهو طريق مستقل برواية هزيل عن المغيرة؛ لم يشارك المشهورات في سندها " وهذا هو التحقيق في هذا الحديث. وأوضح ذلك الأستاذ الفاضل الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على "الترمذي "؛ فقال (1/168) - بعد أن ذكر بعض كلمات المضعفين-: " وليس الأمر كما قال هؤلاء الأئمة؛ والصواب صنيع الترمذي في تصحيح هذا الحديث، وهو حديث آخر غير حديث المسح على الخفين، وقد روى الناس عن المغيرة أحاديث المسح في الوضوء؛ فمنهم من روى المسح على الخفين، ومنهم من روى المسح على العمامة، ومنهم من روى المسح على الجوربين، وليس شيء منها بمخالف للآخر؛ إذ هي أحاديث متعددة، وروايات عن حوادث مختلفة، والمغيرة صحب النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو خمس سنين؛ فمن العقول أن يشهد مع النّبيّ وقائع متعددة في وضوئه ويحكيها؛ فيسمع بعض الرواة منه شيئاً، ويسمع غيره شيئاً آخر؛ وهذا واضح بديهي ". وللحديث شاهد وهو: 148- قال أبو داود: " وروي هذا أيضا عن أبي موسى الأشعري عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه مسح على الجوربين. وليس بالمتصل ولا بالقوي ". (قلت: انقطاعه غير مسفم، ثمّ هو قوي بما قبله) . إسناده: هو كما ترى معلق، وقد وصله ابن ماجه والطحاوي والبيهقي من طريق عيسى بن يونس عن أبي سنان عيسى بن سنان عن الضحاك بن عبد الرحمن

عن أبي موسى قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الجوربين والنعلين. وأعله المصنف بما تراه في الأعلى؛ وأوضح ذلك البيهقي فقال: " الضحاك بن عبد الرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى. وعيسى بن سنان ضعيف لا يحتج به "! قال ابن التركماني: " قلت: هذا أيضا كما تقدّم: أنه على مذهب من يشترط للاتصال ثبوت السماع، ثمّ هو معارض بما ذكره عبد الغني؛ فإنه قال في "الكمال ": سمع الضحاك من أبي موسى. وابن سنان وثقه ابن معين وضعفه غيره، وقد أخرج الترمذي في (الجنائز) حديثاً في سنده عيسى بن سنان هذا؛ وحسنه ". قلت: الحق: أن عيسى بن سنان ضعيف عند جمهور المحدثين من قبل حفظه؛ دون أن يتهم؛ فمثله قد يكون حسن الحديث إذا توبع أو كان له شاهد. وأما سماع الضحاك من أبي موسما؛ فهو الظاهر؛ لأن المثبت مقدّم على النافي. وكأنه لذلك ذكر له الزي في "التهذيب " رواية عن أبي موسما، وتبعه الحافظ في "تهذيبه ". ولو كانا يريان عدم سماعه منه؛ لقالا بعد أن ذكرا روايته عنه: " ولم يسمع منه "! كما هي عادتهما في مثل ذلك. والله أعلم. وبالجملة؛ فالحديث قوي يشاهده الذي قبله. 149- قال أبو داود: " ومسح على الجوربين: علي بن أبي طالب وأبو مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو ابن حُريث. وروي ذلك عن عمر برق الخطاب، وابن عباس ".

(قلت: قد وقفنا على أثر علي بن أبي طالب؛ وفي سنده من لم نجد له ترجمة وعلى أثر أبي مسعود؛ وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وعلى أثر البراء بن عازب؛ وإسناده صحيح على شرط مسلم. وأنس بن مالك؛ وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وأبي أمامة؛ وإسناده حسن. وعمر بن الخطاب؛ وإسناده ضعيف) . قلت: أما أثر علي؛ فوصله عبد للرزاق في "مصنفه "- كما في "نصب الراية" (1/186) - فقال: أخبرنا للثوري عن الزبرِقَانِ عن كعب بن عبد الله قال: رأيت عليّاً بال؛ فمسح على جوربيه ونعليه، ثمّ قام يصلّي. وكذا أخرجه البيهقي (1/258) من طريق إسرائيل عن الزبرقان. وخالفهما شعبة فقال: عن أبي الورقاء سمع رجلاً من قومه- يقال له: عبد الله بن كعب- يقول ... فذكره: أخرجه البيهقي. فقلب اسم كعب بن عبد الله؛ فقال: عبد الله بن كعب. والصواب الأول، وقد بحثت عن ترجمته كثيراً؛ فلم أجد من ذكره! وأما أبو الورقاء؛ فإن كان هو فائد بن عبد الرحمن الكوفي العطار؛ فهو متروك. وإن كان غيره؛ فلم أعرفه! وأما أثر أبي مسعود؛ فوصله عبد للرزاق أيضا قال: أخبرنا الثوري عن منصور عن خالد بن سعد قال: كان أبو مسعود الأنصاري يمسح على جوربين له- من شعر- ونعليه. أخبرنا الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن أبي مسعود ... نحوه.

وهذا إسناد صحيح. والذي قبله صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي عن شعبة عن منصور. (تنبيه) : كذا في نسخة: " أبو مسعود ". وفي نسخة "عون المعبود": " ابن مسعود "؛ وقد وصله عنه عبد الرزاق أيضا: أخبرنا معمر عن الأعمش عن إبراهيم: أن ابن مسعود كان يمسح على خفيه، ويمسح على جوربيه. ورجاله ثقات رجال الستة؛ لكنه منقطع؛ فإن إبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي- لم يلق ابن مسعود. بيد أنه رواه الطبراني في "الكبير"؛ قال في "المجمع " (1/258) : " ورجاله موثقون ". وأها أثر البراء؛ فقال عبد الرزاق: أخبرنا الثوري عن الأعمش عن إسماعيل ابن رجاء عن أبيه قال: رأيت البراء يمسح على جوربيه ونعليه. وأخرجه البيهقي من طريق ابن نميرعن الأعمش. وهذا سند صحيح على شرط مسلم. وأما أثر أنس؛ فله عنه طرق: (1) قال عبد للرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك: أنه كان يمسح على الجوربين.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. (2) أخرجه البيهقي من طريق الأعمش- أظنه- عن سعيد بن عبد الله قال: رأيت أنس بن مالك أتى الخلاء، فتوضأ ومسح على قلنسوه بيضاء مزرورة، وءلى جوربين أسودين مِرعَزييْنِ. وسعيد بن عبد الله؛ الظاهر أنه ابن عبد الله بن ضرار؛ قال أبو حاتم: " ليس بقوي "؛ كما في "الميزان ". (3) ذكر ابن حزم (2/85) من طريق الضحاك بن مخلد عن سفيان الثوري: حدثني عاصم الأحول قال: رأيت أنس بن مالك مسح على جوربيه. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. (4) ومن طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك قالا جميعاً: كان أنس بن مالك يمسح على الجوربين والخفين والعمامة. وهذا إسناد أو إسنادان صحيحان على شرط مسلم. وأما أثر أبي أمامة؛ فذكره ابن حزم عن حماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة الباهلي: أنه كان يمسح على الجوربين والخفين والعمامة. وهذا إسناد حسن.

وأما أثر عمر؛ فذكره ابن حزم من طريق وكيع عن أبي جَنَاب عن أبيه عن خِلاس بن عمرو عن ابن عمر قال: بال عمر بن الخطاب يوم الجمعة، ثم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين، وصلّى بالناس الجمعة. وهذا إسناد ضعيف؛ أبو جناب: هو يحيى بن أبي حية، كان يحيى بن سعيد يتكلم فيه وفي أبيه. وأما بقية الأثار- وهما عن سهل بن سعد، وعمرو بن حريث، وابن عباس-؛ فلم أقف عليها! نعم؛ ذكر المعلق على "نصب الراية" أن أثر سهل: عند ابن أبي شيبة (ص 116) ، لكن هذا الكتاب لم يصل إلينا بعد، وإنما وقفنا على الجزء الرابع منه. وروى الطبراني في "الكبير" عن عمرو بن حريث: أنه مسح على نعليه ثمّ قام فصلّى. قال في "المجمع " (1/258) : " ورجاله ثقات ". (فائدة) : لم يرد شيء يدل على اعتبار اشتراط الثخانة في الجوربين لجواز المسح عليهما، بل قال النووي في "المجموع " (1/500) : " وحكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود ". قلت: وهو مذهب ابن حزم.

62- باب

62- باب 150- عن يعلى بن عطاء عن أبيه: أخبرني أوس بن أبي أوس الثقفي: أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى كِظَامة قوم- وفي لفظ: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى كظامة- يعني: الِميضأة-؛ فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه". وصححه ابن القطان من حديث ابن عمر) . إسناده: حدثنا مسدد وعباد بن موسى قالا: ثنا هشيم عن يعلى بن عطاء. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير عطاء والد يحيى؛ قال الحافظ في "التهذيب ": " قال أبو الحسن بن القطان: مجهول الحال، ما روى عنه غير ابنه يعلى. وتبعه الذهبي في "الميزان ". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات "، وروى له هذا الحديث ". والحديث أخرجه البيهقي (1/286) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (4/8) : ثنا هشيم ... به مختصراً؛ بلفظ: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى كظامة قوم فتوضأ. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي: نا عثمان بن أبي شيبة: نا هشيم ... به؛ بلفظ:

_ (1) الجزء الأول، وهو في المكتبة الظاهرية تحت رقم (282- حديث) .

أتى كظامة- يعني: مطهرة-؛ فتوضأ ومسح على قدميه. وهكذا أخرجه الحازمي في "الاعتبار" (ص 42) من طريق سعيد بن منصور: أنا هشيم ... به، وزاد: بالطائف. قال هشيم: كان هذا في أول الإسلام. وقد تابعه شعبة عن يعلى: أخرجه الطبراني قال: حدثنا معاذ بن المثنى: نا مسدد: نا يحيى بن سعيد عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن أوس بن أبي أوس قال: رأيت النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ، ومسح على نعليه، وقام إلى الصلاة. وأخرجه أحمد أيضا قال: ثنا يحيى ... به؛ لكن وقع في سنده تحريف مطبعي. ثم قال الطبراني: حدثا عبدان بن أحمد: نا زيد بن الحُريش: حدثني يحيى ابن سعيد ... به. وأخرجه الحازمي؛ لكن وقع في نسختنا: " يحيى بن سعيد عن يعلى بن عطاء "! فكأنه سقط منها شعبة من بينهما. ثمّ قال الحازمي: " لا يعرف هذا الحديث مُجَوَداً متصلاً إلا من حديث يعلى بن عطاء، وفيه اختلاف أيضا "! والاختلاف الذي يشير إليه: هو أن حماد بن سلمة رواه عن يعلى بن عطاء عن أوس الثقفي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضاً ومسح على نعليه.

أخرجه الطيالسي (رقم 1113) : ثنا حماد بن سلمة ... به. وأخرجه الطحاوي (1/58) ، وأحمد (4/9) ، والطبراني من طرق عن حماد ... به، لكنهم خالفوه فجعلوه من (مسند أبي أوس) لا من (مسند ابنه) فقالوا: عن أوس بن أبي أوس قال: رأيت أبي يوماً توضأ فمسح على النعلين. فقلت له: أتمسح عليهما؟ فقال: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل. وكذلك رواه شريك عن يعلى بن عطاء عن أوس بن أبي أوس قال: كنت مع أبي على ماء من مياه العرب، فتوضأ ومسح على نعليه، فقيل له؟ فقال: ما أزيدك على ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع. أخرجه الطحاوي وأحمد والطبراني من طرق عنه. فقد اتفق حماد- في رواية الأكثرين- وشريك على إسقاط عطاء من الإسناد، وعلى أن الحديث من (مسند أبي أوس) ليس من (مسند ابنه أوس) ؛ خلافاً لرواية هشيم وشعبة، وهي عندي أصح وأولى؛ لأنهما أوثق وأحفظ من حماد وشريك. وقد أخرجه البيهقي من طريق الطيالسي، ثم قال: " وهذا الإسناد غير قوي "! فتعقبه ابن التركماتي بقوله: " الوجه الأول أحرجه الحازمي في "الناسخ والمنسوخ " وقال: لا يعرف مجوداً متصلاً إلا من حديث يعلى بن عطاء، وأخرجه أيضا ابن حبان في "صحيحه "؛ قالاحتجاج به كافً "! أقول: الإنصاف أن تقول: إن الاحتجاج به وحده لا يكفي؛ لأنه- وإن سلم من الاضطراب المخل-؛ فإنه من رواية عطاء أبي يعلى، وقد عرفت أنه مجهول الحال، وقد اشتهر ابن حبان بتوثيق أمثاله من المجهولين.

63- ومن "باب كيف المسح؟ "

لكن الحديث صحيح بما له من الشواهد التي منها: ما أخرجه أبو بكر البزار في "مسنده ": ثنا إبراهيم بن سعيد: ثنا روح بن عبادة عن ابن أبي ذئب عن نافع: أن ابن عمر كان يتوضأ ونعلاه في رجليه، ويمسح عليهما، ويقول: كذلك كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل. وقد قال ابن القطان: إنه حديث صحيح. كما في "شرح علوم الحديث " (ص 12) للحافظ العراقي. قلت: وهو صحيح على شرط مسلم. وابن سعيد هذا: هو الجوهري البغدادي، من شيوخ المصنف الذين تقدموا في الكتاب. وبقية شواهده تراجع في "الجوهر النقي "؛ ويأتي بعضها في الباب الذي يلي. 63- ومن "باب كيف المسح؟ " 151- عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح على الخفين. إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاح البزاز: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: ذكره أبي عن عروة بن الزبير عن المغيرة بن شعبة. وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات؛ غير عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو مختلف فيه، ويظهر لنا من النظر في كلمات من تكلم فيه: أن ذلك من أجل حفظه، فهو من الذين يكتب حديثهم ويحتج به؛ ما لم يخالف أو يشذ؛ فهو حسن الحديث. وقد ترجمه الذهبي في "الميزان " ترجمة واسعة، ثمّ قال

في آخرها: " قلت: قد مشاه جماعة وعدلوه، وكان من الحفاظ المكثرين؛ ولا سيما عن أبيه وهشام بن عروة، حتى قال يحيي بن معين: هو أثبت الناس في هشام، وذكر محمد بن سعد أنه كان مفتياً، وقد روى أرباب "السنن الأربعة". له، وهو إن شاء الله تعالى حسن الحال، وقد صحح له الترمذي ". وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق، تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيهاً ". والحديث أخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط " بهذا الإسناد عن هذا الشيخ- كما في "التلخيص " (2/391) -، ولفظه: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على خفيه ظاهرهما. قال: " وهذا أصح من حديث رجاء عن كاتب المغيرة ". قلت: يشير إلى حديث آخر للمغيرة، رواه المصنف أيضا بلفط: فمسح أعلى الخفين وأسفله! وهو معلول، ولذلك أودعناه في الكتاب الآخر (رقم 23) . وأخرجه الترمذي- عن علي بن حجْرٍ -، والدارقطني (71) - عن سليمان بن داود الهاشمي-، وأحمد (4/254) - عن إبراهيم بن أبي العباس-؛ ثلاثتهم عن ابن أبي الزناد ... به، وكلهم قالوا: على ظهر الخفين؛ إلا علي بن حجر فقال: على ظاهرهما. وقال الترمذي: " حديث حسن، وهو حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة

عن المغيرة، ولا نعلم أحداً يذكر عن عروة عن المغيرة: على ظاهرهما ... غيره "! قلت: لكن الأحاديث الأخرى التي وردت في مسح الخفين؛ كلها أو جُلّها تقول: مسح على الخفين، وهي نصوص ظاهرة في معنى اللفظ الذي رواه ابن أبي الزناد، بل هو نص في ذلك؛ لأنه لا يحتمل- ولو احتمالاً بعيداً- المسح أسفله، فهي شواهد صحيحه لهذا الحديث؛ فهو على هذا صحيح. فتأمل! ثم الحديث؛ أخرجه الطيالسي (رقم 192) : ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن المغيرة عن المغيرة بن شعبة: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على طاهرخفيه. فخالف الجماعة؛ حيث قال: عروة بن المغيرة. قال البيهقي (1/291) - بعد أن رواه من طريق الطيالسي-: " كذا رواه أبو داود الطيالسي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد. وكذلك رواه إسماعيل بن موسى عن ابن أبي الزناد. ورواه سليمان بن داود الهاشمي ومحمد ابن الصباح وعلي بن حجر عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة ". قال الشيخ أحمد محمد شاكر: " فإن كانت الروايتان محفوظتين؛ وإلا كانت إحداهما وهماً والأخرى صواباً، ولا ضرر في ذلك؛ لأنه تردد بين راويين ثقتين: عروة بن الزبير، وعروة بن المغيرة ". قلت: والرواية الأولى أرجح؛ لاتفاق الأكثر عليها. والله أعلم. وللحديث طريق أخرى: عند البيهقي عن الحسن عن المغيرة.

وهو منقطع، كما قال الحافظ (2/394) . 152- وفي رواية: على ظهر الخُفين (1) . (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن ") . 153- عن علي رضي الله عنه قال: لو كان الدين بالرأي؛ لكان أسفل الخف أولى بالمسح من اعلاه، وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على ظاهر خفيه. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا حفص بن غِيَاث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد خير؛ وهو ثقة، وقد مر. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف. وكذلك رواه ابن حزم (2/111) . ثمّ أخرجه البيهقي، والدارقطني (73) من طرق أخرى عن حفص ... به. وقال الحافظ في "التلخيص " (2/392) - بعد أن عزاه للمصنف-: " وإسناده صحيح ". وقال في "البلوغ ": " إسناده حسن "!

_ (1) هي رواية [كذا أصل الشيخ لم يكمل العبارة. (الناشر) ] .

والصواب الأ ول. 154- وفي رواية: قال: ما كنت أرى باطن القدمين إلا أحقَّ بالغَسْل؛ حتى رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على ظهرخفيه. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن رافع: ثنا يحيى بن آدم قال: ثنا يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش ... بإسناده قال. وهذا إسناد صحيح كالسابق. والحديث أخرجه البيهقي من طريق الصنف ... بهذا السند والمتن. 155- وفي لفظ: قال: لو كان الدين بالرأي؛ لكان باطن القدمين أحق بالمسج من ظاهرهما، وقد مسح النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظهر خفيه. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: هو إسناد الرواية الأولى (رقم 153) ؛ وهو ثابت في "مختصر المنذري " (رقم 154) ، وليس هو في نسخة "عون المعبود". 156- وفي رواية: قال: كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، حتى رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ يمسح ظاهرهما.

قال وكيع: يعني: الخفين. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: علقه المصنف بقوله: " ورواه وكيع عن الأعمش بإسناده ". وهو في " السند" (1/95/رقم 737) موصولاً: ثنا وكيع ... به. ووصله ابنه عبد الله فقال (رقم 1013) : ثنا إسحاق بن إسماعيل وأبو خيثمة قالا: حدثنا وكيع ... به؛ وليس عندهما قول وكيع في آخره: يعني: الخفين. وقد تابعه إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق ... به؛ ولفظه: حتى رأيت رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على ظهر قدميه على خفْيه ... والباقي مثله سواءً. أخرجه البيهقي. وتابعه يونس؛ ولفظه: رأيت عليّاً توضأ ومسح على النعلين، ثمّ قال: لولا أني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل كما رأيتموني فعلت؛ لرأيت أن باطن القدمين هو أحق بالمسح من ظاهرهما. أخرجه أحمد (رقم 1263!، والدارمي (1/181) : حدثنا- وقال الدارمي: أخبرنا- أبو نعيم: حدثنا يونس عن أبي إسحاق ... به. وهذا إسناد صحيح. ولم ينفرد أبو إسحاق بذكر المسح على النعلين: عن علي مرفوعاً، بل تابعه السدِّيُّ:

أخرجه أحمد (رقم 943 و 970) : حدثنا ابن الأشجعي: حدثنا أبي عن سفيان عن السدي عن عبد خير عن علي: أنه دعا بكوز من ماء، ثمّ قال: أين هؤلاء الذين يزعمون أنهم يكرهون الشرب قائماً؟ قال: فأخذه فشرب وهو قائم، ثم توضأ وضوءا خفيفاً، ومسح على نعليه، ثمّ قال: هكذا وصْوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للطاهر؛ ما لم يُحْدِثْ. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات. وابن الأشجعي يعرف بكنيته: أبو عبيدة بن عبيد الله بن عبيد الرحمن. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " عن سفيان- كما في "نصب الراية" (1/189) -. ورواه شريك عن السدي ... نحوه؛ وفيه: ثمّ قال: لولا أني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على ظهر قدميه؛ رأيت أن بطونهما أحق ... الحديث: أخرجه أحمد أيضا (رقم 943) . (قائدة) : واعلم أن بعض العلماء فهموا من قوله في هذه الرواية: للطاهر ما لم يحدث؛ أي: حدثاً أصغر، وبناءً على ذلك قالوا: (إنما يجوز المسح على النعلين لمن كان على وضوء، ثم أراد تجديده) إ! وليس يظهر لنا هذا المعنى؛ بل المراد ما لم يحدث حدثاً أكبر؛ أي: ما لم يُجْنِب؛ فهو بمعنى حديث صفوآن بن عسال بلفظ: " إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو نوم ". وقد سبق ذكره عند الحديث (رقم 145) . والدليل على ما ذهبنا إليه أمور: الأول: أن راوي الحديث نفسه- أعتي: عليّاً رضما الله عنه- قد مسح على

نعليه بعد أن بال؛ ثمّ صلّى إماماً، وهو أدرى بمعنى كلامه، وأعلم بحديثه عليه السلام. فروى الطحاوي (1/58) من طريقين عن شعبة عن سلمة بن كُهَيْل عن أبي ظَبْيَانَ: أنه رأى عليّاً بال قائماً، ثمّ دعا بماء فتوضأ، ومسح على نعليه، ثم دخل المسجد، فخلع نعليه ثمّ صلّى. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأبو ظبيان هذا: هو حصين بن جندب. وأخرجه البيهقي (1/287) من طريق سفيان عن سلمة بن كهيل ... به نحوه؛ وفيه: أنه صلّى الظهر. ثمّ أخرجه البيهقي من طريق الأعمش عن أبي ظبيان قال: رأيت علي بن أبي طالب بالرَّحْبَة بال قائماً، حتى أرغى، فأتي بكوز من ماء، فغسل يديه، واستنشق وتمضمض، وغسل وجهه، وذراعيه، ومسح برأسه، ثمّ أخذ كفاً من ماء فوضعه على رأسه، حتى رأيت الماء ينحدرعلى لحيته، ثمّ مسح على نعليه، ثمّ أقيمت الصلاة، فخلع نعليه؛ ثمّ تقدّم فأم الناس. قال ابن نمير: قال الأعمش: فحدثت إبراهيم، قال: إذا رأيت أبا ظبيان فأخبرني، فرأيت أبا ظبيان قائماً في الكناسه، فقلت: هذا أبو طبيان، فأتاه فسأله عن الحديث. وإسناده صحيح أيضا. وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الكبرى" (ق 18/1) :

" وقال عبد الرزاق في "مصنفه ": أخبرنا معمر عن يزيد بن أيي زياد عن أبي زياد عن أبي طبيان الحنَيْتِيِّ قال: رأيت علياً بال قائماً حتى أرغى، ثمّ توضأ ومسح على نعليه، ثمّ دخل المسجد، فخلع نعليه، ثمّ جعلهما في كمه ثم صلّى. وقال معمر: وأخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس عن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثل صنيع علي هذا ". قلت: وسكت عبد الحق عليه؛ مشيراً لصحة الإسناد، كما نص عليه في مقدمة الكتاب. الثاني: أنه ثبت السح على النعلين مرفوعاً في غيرعا حديث؛ كما صح المسح على الخفين، فهما في الحكم سواءٌ؛ والتفريق بينهما بدون دليل لا يجوز. الثالث: أننا لا نعلم وضوءاً تصح به النافلة دون الفريضة؛ فتأمل! 157- ورواه عيسى بن يونس عن الأعمش كما رواه وكيع. (قلت: لم أقف عليه موصولاً) . إسناده: لم أقف عليه موصولاً. 158- ورواه أبو السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه قال: رأيت عليّاً توضأ؛ فغسل ظاهر قدميه، وقال: لولا أني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله ... وساق الحديث. (قلت: وبقية الحديث: لظننت أن بطونهما أحق بالغسل. وسنده صحيح) . إسناده: ذكره كما ترى معلقاً، وهو في بعض روايات الكتاب موصول، ففي

64- باب الانتضاح

"العون": " واعلم أن هذا الحديث هكذا معلقاً في رواية اللؤلؤي. وأما في رواية أبي بكر ابن داسة؛ فموصول. وهذه عبارته: حدثنا حامد بن يحيى: نا سفيان عن أبي السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه قال: رأيت عليّا توضأ ... الحديث ". قلت: ووصله عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (رقم 918 و 1014) قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان ... به؛ وتتمة الحديث منه. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وأبو السوداء: اسمه عمرو بن عمران النهدي الكوفي. وابن عبد خير: اسمه المسيب. 64- باب الانتضاح 159- عن سفيان- هو الثوري- عن منصورعن مجاهد عن سفيان بن الحكم الثقفي- أو الحكم بن سفيان- قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بال؛ يتوضأ ينتضح. قال أبو داود: " وافق سفيانَ جماعةٌ على هذا الإسناد. وقال بعضهم: الحكم- أو ابن الحكم- ". (قلت: إسناده ضعيف؛ لاضطرابه الشديد؛ وقد ذكر المصنف رحمه الله شيئاً منه. لكن الحديث صحيح لشواهده) . إسناده: ثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان- هو الثوري-.

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكن له علتان تمنعان من الحكم عليه بالصحة: الاضطراب، والاختلاف في صحبة سفيان بن الحكم- أو الحكم بن سفيان- كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (1/161) من طريق أحمد بن سيار: ثنا محمد بن كثير ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم أيضا (1/171) ، وقال: " صحيح على شرطهما؛ وإنما تركاه للشك فيه؛ وليس ذلك مما يوهنه؛ وقد رواه جماعة عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان ". وأخرجه النسائي (1/33) ، وأحمد (3/410 و 4/212 و 5/408 و 409) من طرق أخرى عن سفيان ... به. قال البيهقي: " وكذا رواه معمر وزائدة عن منصور ". قلت: ومن طريق زائدة: أخرجه أحمد أيضا؛ وهو في الكتاب (رقم 161) ؛ لكن زاد فيه: عن أبيه. ثمّ روى بإسناده الصحيح عن شريك قال: ساكلت أهل الحكم بن سفيان؟ فذكروا أنه لم يدرك النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: فعلى هذا؛ فهو مرسل. وصحح إبراهيم الحربي وأبو زرعة وغيرهما: أن للحكم بن سفيان صحبة! فالله أعلم. وقد اضطربوا في هذا الحديث اضطراباً كثيراً على نحو عشرة وجوه؛ لخصها الحافظ في "تهذيب التهذيب "، وذكر المصنف بعضها كما يأتي، ويتبين من ذلك

أن اضطرابه شديد محير، لا يمكن ترجيح وجه منها على آخر، حتى إن ابن أبي حاتم نقل في "العلل " (1/46) ، تصحيحين متناقضين في ذلك! فال: (فقال أبو زرعة: الصحيح: مجاهد عن الحكم بن سفيان؛ وله صحبة. وسمعت أبي يقول: الصحيح: مجاهد عن الحكم بن سفيان عن أبيه؛ ولأبيه صحبة"! وكذا قال الترمذي في "العلل " عن البخاري، والذهلي عن ابن المديني: مثل قول أبي حاتم. وبالجملة: فهذا الاضطراب يستلزم ضعف الإسناد. لكن الحديث صحيح باعتبار ما له من الشواهد: فمنها: عن ابن عباس: أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرة مرة، ونضح فرجه. أخرجه الدارمي (1/180) : أخبرنا قبيصة: آبَنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسارعنه. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي (1/162) من طريق العباس الدوري: ثنا قبيصة ... به. وقال: " قوله: ونضح ... تفرد به قبيصة عن سفيان. رواه جماعة عن سفيان دون هذه الزيادة ". قلت: كذلك رواه البخاري وغيره بدون الزيادة، وقد مضى في الكتاب (رقم 127) ، ولكنها زيادة من ثقة غير منافية لرواية الجماعة؛ فيجب قبولها. ومنها عن زيد بن حارثة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" علمني جبريل الوضوء، وأمرني أن أنضح تحت ثوبي؛ لما يخرج من البول بعد الوضوء". أخرجه ابن ماجه والدارقطني (41) ، والبيهقي، وأحمد (4/161) . وهو حديث حسن؛ فقد تابع ابنَ لهيعة على متنه: رشدين بن سعد؛ دون الأمر: عند الدارقطني، كما سنبينه في "صحيح ابن ماجه " إن شاء الله، وانظر "الضعيفة" (1312) . 160- عن سفيان عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد عن رجل من ثَقيف عن أبيه قال: ً رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال، ثمّ نضح فرجه. إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان. وهذا وجه آخر من الاضظراب، وهو مثل الآتي بعده؛ إلا أن فيه التصريح باسم شيخ مجاهد فيه على الشك. وأخرجه أحمد (4/69) ، والحاكم، والبيهقي عن سفيان ... هكذا. 161- عن زائدة عن منصور عن مجاهد عن الحكم- أو ابن الحكم- عن أبيه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال، ثمّ توضأ ونضح فرجه. إسناده: حدثنا نصر بن المهاجر: ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة. ونصر بن المهاجر ثقة حافظ.

65- باب ما يقول الرجل إذا توضأ

وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين. ولم أجد رواية زائدة على هذا الوجه عند غير المصنف؛ وهي في المسند أحمد" (5/408) مقرونة مع رواية سفيان الثوري المذكورة في أول الباب (رقم 159) ؛ وليس فيها: عن أبيه. وكذلك علقها البيهقي، كما سبق ذكره هناك؛ فلعل منصوراً رواه مرة هكذا ومرة هكذا! ورواه شعبة عن منصور فقال: عن مجاهد عن الحكم- أو أبي الحكم- رجل من ثقيف- عن أبيه: أخرجه الطيالسي (رقم 1268) وعنه البيهقي. وأخرجه النسائي عن خالد بن الحارث عن شعبة ... به؛ لكنه لم يقل: أو أبي الحكم. ثم رواه البيهقي عن حفص بن عمر: ثنا شعبة ... به مثل رواية الطيالسي؛ ثم قال: " وكذلك رواه وهيب عن منصور ". قلت: وكذلك رواه جرير عن منصور: أخرجه أحمد (3/410، 4/412) . 65- باب ما يقول الرجل إذا توضأ 162- عن عقبة بن عامر قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خُدامَ انفسنا؛ نتناوب الرعاية- رعاية إبلنا-؛ فكانت علي رعاية الابل، فروَحتها بالعَشِيِّ، فأدركت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يخطب الناس، فسمعته يمَول: " ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يقوم فيركع ركعتين، يقبل عليهما بقلبه ووجهه؛ إلا قد أوجب ". فقلت: بَخ بَخ! ما أجود هذه! فقال رجل بين يدي: التي قبلها يا عقبة! أجود منها. فنظًرت فإذا هو عمر بن الخطاب. قلت: ما هي يا أبا حفص؟! قال: إنه قال آنفاً قبل أن تجيء: " ما منكم من أحد يمَوضأ فيحسن الوضوء، ثمّ يقول حين يَفْرُع من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و [أشهد] (1) ان محمداً عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن سعيد الهَمْداني: ثنا ابن وهب: سمعت معاوية - يعني: ابن صالح- يحدث عن أبي عثمان عن جبيرِ بن نُفَيْرٍ عن عقبة بن عامر. ثم قال المصنف عقب الحديث: قال معاوية: وحدثني ربيعةُ بن يزيد عن أبي إدريس عن عقبة بن عامر. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن سعيد الهمداني- وهو ابن بر أبو جعفر المصري-؛ وهو ثقة.

_ (1) زيادة في بعض النسخ؛ كنسخة "عون المعبود"، وليست هي في "مختصر المنذري ".

وأما أبو عثمان؛ فاختلف في من هو؟! قال أبو بكر بن منجويه: يشبه أن يكون سعيد بن هانئ الخولاتي المصري. وقال ابن حبان: يشبه أن يكون حريز بن عثمان الرحَبِيّ. قلت: وكلاهما ثقة؛ فالتردد بينهما لا يضر. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/225) : حدثنا بحر بن نصر قال: ثنا ابن وهب ... به؛ وزاد في آخره: قال معاوية- وهو ابن صالح-: وحدثني عبد الوهاب بن بُخْت عن ليث بن سليم [وفي الأصل: ابن أبي سليم] ! والظاهر أنه خطأ مطبعي- عن عقبة بن عامر. فللحديث عن عقبه ثلاثة أسانيد؛ يرويها جميعاً معاوية بن صالح برواية ابن وهب عنه. وقد تابعه عن معاوية: ليث- وهو ابن سعد-: أخرجه أحمد (4/145- 146) : ثنا أبو العلاء الحسن بن سَوار قال: ثنا ليث عن معاوية.. به. وتابعه أيضا عبد الله بن صالح الجهني قال: حدثني معاوية بن صالح الحمصي ... به: أخرجه البيهقي (1/78) ؛ ووقع ليث بن سليم منسوباً عندهما فقالا: (الجهني) . وليث بن سليم الجهني مجهول؛ كما في "التعجيل ". وتابعهم عن معاوية- بإسناديه المذكورين عند المصنف-: عبد الرحمن بن

مهدي: عند مسلم (11/44) ، وأحمد (4/153) ، وعنه البيهقي (1/78 و2/280) ؛ لكن وقع عنده ذكر الإسناد الثالث أيضا؛ وليس هو في "المسند". وتابعه زيد بن الحباب أيضا: عند مسلم، وأبي عوانة (1/224- 225) ، والبيهقي؛ واقتصرا على القول بعد الوضوء. وروى منه النسائي (1/36) صلاة الركعتين بعده. وقد كان زيد بن الحباب يضطرب في إسناده أحياناً؛ فقد روى منه القول بعد الوضوء: النسائي (1/25) - من طريق محمد بن علي بن حرب المروزي-، والبيهقي (1/78) - من طريق العباس بن محمد الدوري- قالا: ثنا زيد بن الحباب قال: ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة- وقال الدوري: حدثني ربيعة- بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عقبه بن عامر ... وليس عند الدوري: عن أبي إدريس الخولاني؛ إنما عنده عن أبي عثمان وحده. فهذا منقطع؛ أخطأ فيه زيد؛ حيث جعله من رواية أبي عثمان عن عقبة! والصواب أن بينهما جبير بن نفير؛ كما في روايته الأخرى الموافقة لرواية الجماعة. فهذا وجه من الاضطراب عنه. ووجه ثان معاكس لهذا؛ فقد أخرج المصنف فيما يأتي (رقم 841) قطعة منه من طريق عثمان بن أبي شيبة: ثنا زيد بن الحباب: ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة ابن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن جبير بن نفير الحضرمي عن عقبة بن عامر الجهني. وهذا خلاف الذي قبله؛ فقد أدخل بين أبي إدريس وعقبة: جبير بن نفير! والصواب حذفه؛ فإنما رواه أبو إدريس عن عقبة بدون واسطة؛ كما في رواية الجماعة والرواية الصحيحة عن زيد.

ووجه ثالث؛ وهو ما أخرجه الترمذي (1/37) : حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي: حدثنا زيد بن حباب عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر بن الخطاب مرفوعاً: " من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ... " الحديث، وزاد في آخره: " اللهم! اجعلني من التوابين، واجعلتي من المتطهرين ". فهذا مثل رواية النسائي المضطربة؛ لكنه أشد اضطراباً منها؛ حيث جعل عمر ابن الخطاب مكان عقبة بن عامر. فالصواب أنه من رواية ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس، ومن رواية أبي عثمان عن جبير؛ كلاهما عن عقبة بن عامر عن عمر بن الخطاب؛ كما في رواية الجماعة. ثم قال الترمذي: " وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا للباب كبير شيء"! كذا قال وهو بعيد عن الصواب؛ فقد تبين لك مما حررنا أنفاً أن الاضطراب إنما هو في رواية زيد بن الحباب وحده، وأن رواية الجماعة- عند مسلم وأبي عوانة والمصنف وغيرهم- سالة منه؛ فلا يجوز تضعيف الحديث لمجرد اضطراب راوٍ واحد فيه، قد وافق الجماعة المتابعين له على الصواب. ولذلك قال الحافظ في "التلخيص " (1/454) - متعقباً كلام الترمذي المذكور-: " لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض؛ والزيادة التي عنده؛ رواها البزار، والطبراني في "الأوسط " من طريق ثوبان ولفظه: " من دعا بوَضوء فتوضأ، فساعة

فرغ من وضوئه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم! اجعلني من التوابين واجعلتي من المتطهرين ... " الحديث ". قلت: حديث ثوبان هذا؛ سكت عليه الحافظ! وقد أورده الهيثمي في "المجمع " (1/239) بهذا اللفط؛ ثمّ قال: " رواه الطبراني في "الأوسط "، و "للكبير" باختصار، وقال في "الأوسط ": " تفرد به مِسْوَرُ بن مُوَرع "؛ ولم أجد من ترجمه. وفيه أحمد بن سهيل الوراق؛ ذكره ابن حبان في "الثقات ". وفي إسناد " الكبير" أبو سعيد (1) البقال؛ والأكثر على تضعيفه، ووثقه بعضهم "! قلت: ورواه ابن السني أيضا (رقم 30) من طريق أبي سعد الأعور عن أبي سلمة عن ثوبان مرفوعاً. والأعور: هو البقال؛ وهو ضعيف مدلس، كما في "التقريب ". ثم ذكر الحافظ أن لفظ رواية البزار عن ثوبان: " من توضأ فأحسن الوضوء، تمّ رفع طرفه إلى السماء ... " الحديث. قلت: وهذه الزيادة- أعني: رفع الطرف إلى السماء- رويت من طريق أخرى عن عقبة بن عامر أيضا. لكن الراوي لها عنه مجهول؛ من أجل ذلك أوردناها في الكتاب الأخر (رقم 24) . والشاهد المذكور لا يقويه؛ لما بينا هناك فليراجعه من شاء.

_ (1) كذا في "المجمع "! وكذلك وقع في ابن السني؛ وهو خطأً! والصواب: أبو سعد.

66- باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد

66- باب الرجل يصلّي الصلوات بوضوء واحد 163- عن عمرو بن عامر البَجَلِي- هو أبو أسد بن عمرو- قال: سألت أنس بن مالك عن الوضوء؟ فقال: كان النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ لكل صلاة، وكنا نصلّي الصلوات بوضوء واحد. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا شَرِيكٌ عن عمرو بن عامر البجلي- قال محمد: هو أبو أسد بن عمرو-. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات: غير أن شريكاً- وهو ابن عبد الله القاضي- كان سيئ الحفظ؛ لكنه لم يتفرد به كما يأتي فدل ذلك على أنه فد حفظ؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/183) ، وأحمد (3/154) عن شريك ... به. وتابعه سفيان الثوري: عند البخاري (1/252) ، والترمذي (1/88) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي (1/183) ، وأحمد أيضا (3/122 و123) ؛ وزاد في آخره: ما لم نحدث. وشعبة: عند النسائي (1/32) ، والطحاوي (1/26) ، وأحمد (3/190 و260) ؛ وفيه الزيادة.

وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو عند الطيالسي (رقم 2117) ؛ دون قوله: وكنا نصلّي ... إلخ. وللحديث طريق أخرى عند الترمذي (1/86) . من طريق محمد بن إسحاق عن حميد عن أنس. قلت: وسنده ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق، ولأن شيخ الترمذي فيه- محمد ابن خميد الرازي- ضعيف. فالاعتماد على الطريق الأولى. (تنبيه) : عمرو بن عامر البجلي أبو أسد بن عمرو؛ أورده المِزي في "التهذيب " تمييزاً بعد ترجمة عمرو بن عامر الأنصاري الذي أشار إلى أنه من رجال الستة! وتبعه على ذلك الحافظ في "التهذيب "، و"التقريب "! وقد وهما؛ فإنه من رجال الصنف كما ترى، وأشارا بذلك إلى أن البجلي غير الأنصاري، وذكرا في ترجمة هذا الأنصاري أنه روى عن أنس، وعنه جماعة فيهم شريك، ثمّ لم يذكرا في ترجمة البجلي ذلك! بل قال المزي فيها " وذكر الآجري عن أبي داود: " الذي يروي عن أنس: هو والد أسد بن عمرو "؛ وكذا قال ابن عساكر في "الأطراف " في الرواة عن اْنس: " عمرو بن عامر الأنصاري والد أسد بن عمرو "؛ فكأًنه تبع في ذلك أبا داود، وذلك وهم؛ فإن والد أسد بجلي؛ وهو متأخر عن طبقة الأنصاري. والله أعلم "! لكن الحافظ تعقبه في "تهذيب التهذيب " بقوله: " قلت: مثل أبي داود لا يرد قوله بلا دليل ". قلت: ويؤيد ما ذهب إليه المصنف رحمه الله: أن شريكاً- في رواية أحمد عنه-

قال: عمرو بن عامر الأنصاري. وفي رواية المصنف: عمرو بن عامر البجلي. فدل على أنهما واحد، ويبعد جدّاً أن يكونا اثنين، يروي شريك عن كل منهما هذا الحديث الواحد! والله أعلم. 164- عن سليمان بن بُريدة عن أبيه قال: صلّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد، ومسح على خفيه. فقال له عمر: إني رأيتك صنعت شيئاً لم تكن تصنعه؟ قال: "عمداً صنعته ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان وأبو عوانة في " صحاحهم "، والترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: أخبرنا يحيى عن سفيان: حدثني علقمة بن مَرْثَد عن سليمان بن بريدة. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد؛ فمن رجال البخاري وحده. وسليمان بن بريدة؛ فمن رجال مسلم فقط، وقد أخرج حديثه هذا في "صحيحه "، كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (1/160) ، والنسائي عن يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/237) ، والترمذي (1/89) - وقاد: " حديث حسن صحيح "-، والطحاوي (1/25) ، وابن حبان (1703

67- باب تفريق الوضوء

و 1754) ، والبيهقي، وأحمد (5/350 و 358) من طرق أخرى عن سفيان ... به وقد تابعه قيس- وهو ابن الربيع- عن علقمة بن مرثد ... به مختصرأ؛ بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلّى الصلوات بوضوء واحد. أخرجه الطيالسي (رقم 805) . وقيس بن الربيع ثقة؛ لكنه سيئ الحفظ، وقد اختصر الحديث اختصاراً مخلاً، كما ترى. ولسفيان فيه إسناد آخر: أخرجه ابن ماجه (1/184) عنه عن محارب بن دئار عن سليمان بن بريدة ... به. وإسناده صحيح على شرط مسلم. وأعله الترمذي بالإرسال! وليس كذلك عندنا؛ كما سنبينه في "صحيح ابن ماجه " إن شاء الله تعالى. وفي الباب: عن عبد الله بن حنطلة بن أبي عامر، وقد مضى في الكتاب (رقم 38) ؛ فراجعه. 67- باب تفريق الوضوء 165- عن أنس بن مالك: أن رجلاً جاء إلى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظُّفْرِ، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

" ارجع؛ فآحسن وُضوءك ". (قلت: إسناده صحيح. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه". وسكت عليه الحافظ) . إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا اين وهب عن جرير بن حازم أنه سمع قتادة بن دِعَامة قال: ثنا أنس بن مالك. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ولكن المصنف أشار إلى إعلاله بقوله عقبه: " وهذا الحديث ليس بمعروف عن جرير، ولم يروه إلا ابن وهب "! قلت: ابن وهب- وهو عبد الله- ثقة حافظ؛ فلا يضر تفرده به. وكذلك جرير ابن حازم؛ حتى قال الذهبي في ترجمته من "الميزان ": " هو أحد الأئمة الكبار، ولولا ذكر ابن عدي له لما أوردته ". ثمّ ذكر بعض أقوال الأئمة فيه، وفي بعضها التكلم في روايته عن قتادة خاصة، كقول عبد الله بن أحمد: "سألت يحيى عن جرير بن حازم؟ فقال: ليس به بأس. فقلت: إنه يحدث عن قتادة عن أنس بمناكير؟ فقال: هو عن قتادة ضعيف ". ولذلك قال الذهبي: " وفي الجملة؛ لجرير عن قتادة أحاديث منكرة ". وقال الحافظ: " هو ثقة؛ لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه ".

قلت: ونحن نرى أن الحديث صحيح؛ فإن جريراً ثقة حجة بالاتفاق؛ إلا في روايته عن قتادة؛ وليس عندنا ما يدل على أنه وهم في روايته هذه عنه؛ بل الأحاديث في الباب تشهد له. وكذلك صحح الحديث من يأتي ذكره. والحديث أخرجه أحمد (3/146) وابنه عبد الله بهذا السند. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/253) ، والبيهقي (1/83) عن المؤلف. ثمّ أخرجه أبو عوانة وابن ماجه، والدارقطني (40) من طرق عن ابن وهب. وقال الدارقطني: " تفرد به جرير بن حازم عن قتادة، وهو ثقة ". ورواه ابن خزيمة أيضا؛ كما في "التلخيص " (1/441) (*) 166- قال أبو داود: " وقد روي عن معقل بن عبيد الله الجزري عن أبي الزبير عن جابر عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه، قال: ارجع فأحسن وضوءك ". (قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: أورده هكذا معلقاً، وقد وصله مسلم في "صحيحه " (1/148) ، وأبو عوانة (1/252) من طريق الحسن بن محمد بن أعْيَن قال: ثنا معقل بن عبيد الله ... به.

_ (*) سجل الشيخ رحمه الله هنا تاريخ انتهاء عمله في الدفتر الأول من هذا "الصحيح "، وهو 5/2/1369 هـ.

قلت: وفي آخره زيادة: فرجع ثم صلى. وقد تابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر ... به. أخرجه أبو عوانة، وابن ماجه (1/227) ، وأحمد (1/رقم 134 و 153) . وهذا إسناد صحيح؛ لولا ما يخشى من تدليس أبي الزبير؛ فقد عنعنه في الروايتين عنه. 167- عن الحسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعنى قتادة. (قلت: هو مرسل، وإسناده صحيح بما قبله) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا يونس وحميد عن الحسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال مسلم، لكنه مرسل. لكنه شاهد قوي للموصولين قبله. والحسن: هو البصري. 168- عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يصلي، وفي ظهر قدمه لُمْعَة قَدْرَ الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيد الوضوء والصلاة. (قلت: حديث صحيح. وقال الامام أحمد: " هذا إسناد جيد "، وقوّاه ابن التركماني وابن القيم وابن حجر". إسناده: حدثنا حيوة بن شريح: ثنا بقية عن بَحِيرٍ - هو ابن سعد- عن خالد

عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد رجاله ئقات؛ غير أن بقية مدلس وقد عنعنه، لكن قد ورد عنه مصرحاً بالتحديث كما يأتي؛ فالحديث صحيح. وخالد: هو ابن معدان. والحديث أخرجه البيهقي (1/83) من طريق المؤلف وقال: " وهو مرسل "! وقال الذهبي في "مختصره ": " ما أراه إلا متصلا ". قلت: وهذا هو الحق؛ وقد بينه ابن التركماني بقوله: " قلت: تسميته هذا مرسلاً ليس بجيد؛ لأن خالداً هذا أدرك جماعة من الصحابة، وهم عدول؛ فلا يضرهم الجهالة. قال الأثرم: قلت- يعني: لابن حنبل-: إذا قال رجل من التابعين: حدثني رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمه؛ فالحديث صحيح؟ قال: نعم.. ثم إن في سند الحديث بقية، وهو مدلس، وقد عنعن، والحاكم أورد هذا الحديث في "المستدرك " من طريقه؛ ولفظه: قال: حدثني بحير ... فكان الوجه أن يخرجه البيهقي من طريق الحاكم؛ ليسلم الحديث من تهمة بقية. وأعله المنذري في "مختصره " بأن: " في إسناده بقية؛ وفيه مقال "! قال ابن القيم رحمه الله في "تهذيبه ": " هكذا علل أبو محمد المنذري وابن حزم هذا الحديث برواية بقية له؛ وزاد ابن حزم تعليلا آخر؛ وهو أن راوبه مجهول لا يدرى من هو؟! والجواب على هاتين العلتين:

أما الأولى؛ فإن بقية ثقة في نفسه صدوق حافظ، وإنما نقم عليه التدليس مع كثرة روايته عن الضعفاء والمجهويئ، وأما إذا صرح بالسماع فهو حجة، وقد صرح في هذا الحديث بسماعه له. قال أحمد في "مسنده ": حدثنا إبراهيم بن أبي العباس: ثنا بقية: ثنا بحير [وفي الأصل: يحيى وهو خطأ واضح] بن سَعْد عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث، وقال: فأمره أن يعيد الوضوء. قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: هذا إسناد جيد؟ قال: جيد. وأما العلة الثانية؛ فباطلة أيضا على أصل ابن حزم وأصل سائر أهل الحديث؛ فإن عندهم جهالة الصحابي لا تقدح في الحديث؛ لثبوت عدالة جميعهم، وأما أصل ابن حزم؛ فإنه قال في كتابه في أثناء مسالمة: كل نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثقات فواضل عند الله عز وجل مقدسات بيقين. قلت: والعلة الثانية إنما هي باطلة على أصل ابن حزم بالنسبة إلى الرواية التي نقلها ابن للقيم عن "المسند". وأما بالنسبة للرواية التي أوردها ابن حزم في "المحلى" (2/70- 71) ثم أعلها بما سبق؛ فليست بواردة إلا على أصل سائر الحدثين؛ لأنها كراوية المصنف: عن بعض أصحاب رسولى الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الحافظ في "التلخيص " (1/442) : " وأعله المنذري بأن فيه بقية، وقال: عن بحير؛ وهو مدلس. لكن في "المسند"، و"المستدرك " تصريح بقية بالتحديث؛ وفيه: (عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : وأجمل النووي القول في هذا فقال في "شرح المهذب" [1/455] : " هو حديث ضعيف الإسناد ". وفي هذا الإطلاق نظر؛ لهذه الطرق ".

68- باب إذا شك في الحدث

قلت: ولم أجد الحديث في "المسند "؛ ولا في "المستدرك " بعد أن راجعته في مظانه (*) ، وقد مررت على (كتاب الطهارة) و (كتاب الصلاة) من "المستدرك "؛ فلم أعثر عليه! والله أعلم. 68- باب إذا شك في الحدث 169- عن سعيد بن المسيب وعَبَّاد بن تميم عن عمه: شُكِيَ إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل يجد الشيء في الصلاة حتى يُخَيَّلُ إليه؟ فقال: " لا ينفتلُ حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين البخاري ومسلم. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في " صحاحهم ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن أحمد بن أبي خلف قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعباد بن تميم. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف من رجال مسلم وحده؛ لكنه مقرون مع قتيبة، وهو من رجالهما. والحديث أخرجه النسائي (1/37) : أخبرنا قتيبة عن سفيان ... به. ثم أخرجه هو والشيخان في "صحيحيهما"، وابن ماجه والبيهقي من طرق عن سفيان بن عيينة ... به.

_ (*) هو في "المسند" (3/424) وفيه تصريح بقية بالتحديث كما قال الحافظ ابن حجر! (الناشر) .

وهو في "مسند الشافعي " (ص 3- 4) ، وأحمد (4/40) قالا: حدثنا سفيان ... به؛ لكنهما لم يذكرا سعيد بن المسيب في السند. وكذلك أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/238) من طريق الشافعي ومن طريق يونس بن عبد الأعلى: ثنا سفيان ... به. وتابعه محمد بن أبي حفصة قال: ثنا ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعباد ابن تميم ... به مختصراً بلفط: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا وضوء إلا فيما وجدت الريح أو سمعت الصوت ". وإسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم؛ لكن رواية سفيان أصح؛ لأن ابن أبي حفصة- وإن كان ثقة من رجالهما- فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، وهذا المتن الذي رواه إنما هو من حديث أبي هريرة الآتي في بعض الروايات عنه؛ فلعله اشتبه عليه به، أو رواه بالمعنى! والله أعلم. 170- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان أحدكم في الصلاة، فوجد حركة في دبُرِه- أحدث أو لم يحدث - فأشكل عليه؛ فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في " صحيحه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه أبو عوانة أيضا في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه في "صحيحه " كما يأتي.

وحماد: هو ابن سلمة. والحديث أخرجه الدارمي (1/183) ، وأحمد (2/414) من طريقين آخرين عن حماد ... به. وأخرجه أبو عوانة في " صحيحه " (1/267) ، وكذا مسلم والترمذي والبيهقي من طرق أخرى عن سهيل ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه الطيالسي (رقم 2422) : ثنا شعبة عن سهيل بن أبي صالح ... به مختصراً بلفظ: " لا وضوء إلا من صوت أو ريح ". وكذلك رواه الترمذي أيضا وابن ماجه وأحمد (2/410 و 435) من طرق عن شعبة ... به. وله شاهد من حديث السائب بن خَبَاب: في "المسند" (3/426) ، وابن ماجه، وسوف نتكلم عليه في "صحيحه " إن شاء الله. ثم قال الترمذي أيضا: " هذا حديث حسن صحيح ". وآخر من حديث أبي سعيد الخدري: أخرجه أحمد (3/96) ، وأبو يعلى (1249) ، وابن عدي (5/199) من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عنه. وعلي بن زيد- وهو ابن جدعان- حسن الحديث في الشواهد. ورواه ابن ماجه (514) من وجه آخر عن سعيد ... به مختصرا؛ ولكنه معلول.

69- باب الوضوء من القبلة

69- باب الوضوء من القُبلة 171- عن إبراهيم التيمي عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبَّلها ولم يتوضأ. قال أبو داود: " وهو مرسل: إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة ". (قلت: وهو كما قال، لكن الحديث صحيح؛ لأنه جاء موصولاً عنها وهو [التالي] ) . إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا يحيى وعبد الرحمن قالا: ثنا سفيان عن أبي رَوْق عن إبراهيم التيمي. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي روق هذا - واسمه عطية بن الحارث-، وهو صالح كما قال ابن معين. وقال غيره: " ليس به بأس ". فالإسناد صحيح لولا ما فيه من الانقظاع الذي صرح به المؤلف في الكتاب. لكن يقويه أنه جاء موصولاً من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها؛ وهو المذكور بعده، ولذلك صححه السيوطي في آخر "الجامع الكبير". والحديث رواه النسائي (1/39) ، والدارقطني (51) ، والبيهقي (1/126- 127) ، وعبد الرزاق (1/135/511) ، وأحمد (6/210) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وفي لفظ للدارقطني: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ، ثم يقبل بعدما يتوضأ، ثم يصلي ولا يتوضأ. وأعله هو والبيهقي بما سبق ذكره من الانقطاع؛ وزاد البيهقي:

" وأبو روق ليس بقوي، ضعفه يحيى بن معين وغيره "! قلت: كذا نقل البيهقي عن يحيى! وقد نقلنا عنه آنفاً أنه قال فيه: " صالح "؛ وهو الذي ذكره في "التهذيب "، ولم يَحْكِ عن ابن معين غيره؛ كما أنه لم يذكر عن أحد من الأئمة تضعيفه؛ فلا أدري أفات هذا الذي ذكره البيهقي على الزي ثم الحافظ؟! أم أنهما تركاه عمداً؟! أم أن البيهقي وهم في نقله عن يحيى وغيره؟! والله أعلم. والحديث قال المصنف عقبه: "كذا رواه الفريابي وغيره، وهو مرسل ... " إلخ. قلت: والفريابي: هو محمد بن يوسف الضَبِّي، وهو ثقة من رجال الشيخين، روى عن الثوري ولازمه، ويعني المصنف أنه رواه كغيره عن سفيان منقطعاً. وقد روي موصولأ، فقد قال الدارقطني: " وقد روى هذا الحديث: معاوية بن هشام عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة؛ فوصل إسناده ". قال ابن التركماني (1/125) : " ومعاوية هذا؛ أخرج له مسلم في "صحيحه "، فزال بذاك انقطاعه ". 172- عن عروة عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبّل امرأة من نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. قال عروة: فقلت لها: من هي إلا أنت؟! فضحكت. (قلت: حديث صحيح، وعروة: هو ابن الزبير، وقد صححه ابن التركماني والزيلعي وقال: " وقد مال ابن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث،

فقال: صححه الكوفيون وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له ") إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع: ثنا الأعمش عن حبيب عن عروة. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وعروة: هو ابن الزبير، كما جاء منسوباً في بعض الروايات الصحيحة في هذا الإسناد وغيره، كما يأتي بيانه. ومع ذلك؛ فإن لهذا الإسناد علةً تمنع من الحكم عليه بالصحة؛ إذا ما تجردنا عن العصبية المذهبية، وحكمنا فيه القواعد الحديثية المحكمة. وهذه العلة: هي عنعنة حبيب بن أبي ثابت؛ فإنه موصوف بالتدليس، وصفه بذلك ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما، ولذلك قال الحافظ في "التقريب": " ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس ". وعلى ذلك أورده في كتابه "طبقات المدلسين " في المرتبة الثالثة، وهي مرتبة مَن أكثر من التدليس فلم يَحْتَجَّ الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مظلقاً، ومنهم من قبلهم؛ كأبي الزبير المكي. كذا ذكر في المقدمة، ثم قال (ص 12) : " حبيب بن أبي ثابت الكوفي تابعي مشهور يكثر التدليس، وصفه بذلك ابن خزيمة والدارقطني وغيرهما، ونقل أبو بكر بن عياش عن الأعمش عنه أنه كان يقول: لو أن رجلاً حدثني عنك ما باليت إن رويته عنك؛ يعني: وأسقطه من الوسط ". وقد ذهل عن هذا كله بعض المحققين من المعاصرين؛ فقال: إنه " لم يعرف بالتدليس "!

هذا هو علة هذا الإسناد، ومرجع ذلك أنه منقطع، وقد أعله بذلك البخاري وغيره كما يأتي. وقد أُعل بعلل أخرى جرى حولها جدل طويل بين المتقدمين والمتأخرين، كان للعصبية المذهبية حظ وافر في ترجيح الصحة والضعف، وشرح ذلك مما يطول به الكلام جدّاً، فمن شاء الوقوف على ذلك؛ فليراجع "الجوهر النقي في الرد على البيهقي " (1/123- 127) ، و "نصب الراية" (1/71- 75) ، وتعليق المحقق أحمد محمد شاكر على "سنن الترمذي " (1/133- 139) ، وعلى "المحلى" (1/245- 246) . وقد جنح هؤلاء كلهم إلى تصحيح الحديث؛ وهو الحق كما سيأتي بيانه، مع ذكر بعض العلل المشار إليها. ثم قال المصنف عقب الحديث: " هكذا رواه زائدة وعبد الحميد الحِماني عن سليمان الأعمش ". قلت: حديث زائدة لم أقف عليه! وأما عبد الحميد الحِمَّاتي- وهو ابن عبد الرحمن أبو يحيى-؛ فأخرج حديثه الدارقطني (ص 50) من طرق شتى عنه قال: نا الأعمش ... به ولفظه: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبح صائماً، ثم يتوضأ للصلاة، فَتَلْقَاهُ المرأة من نسائه، فيقبِّلها ثم يصلي. قال عروة: من ترينها غيرك؟ فضحكت. ورواه من طريق علي بن هاشم وأبي بكر بن عياش عن الأعمش ... به دون ذكر الصوم. ثم أخرجه هو، والترمذي (1/133) ، وابن ماجه (1/181) ، وأحمد (6/210) من طرق عن وكيع ... به؛ إلا أن أحمد وابن ماجه قالا: عروة بن الزبير ... فعيًنا وبيَّنا ما أُبهم في رواية الآخرين؛ وقد ذكرنا آنفاً ما يؤيد- من المعنى- أنه عروة بن الزبير. ولذلك قال الزيلعي (1/72) :

" أخرجه ابن ماجه بسند صحيح "! كذا قال! وفيه ما علمت من التدليس. ثم قال: " وقد مال أبو عمر بن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث؛ فقال: صححه الكوفيون وثبتوه؛ لرواية الثقات من أئمة الحديث له، وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة؛ لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتاً. وقال في موضع آخر: لا شك أنه أدرك عروة. انتهى "! قلت: وهذا كلام صحيح قويم؛ لولا أن حبيباً عرف بالتدليس كما سبق؛ فلا بد من الوقوف على تصريح بالسماع في هذا الحديث لتزول شبهة التدليس؛ لاسيما وأن الترمذي قال عقب الحديث: " وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث، وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة ". وقال ابن أبي حاتم في كتاب "المراسيل " عن أبيه: " أهل الحديث اتفقوا على ذلك [يعني: على عدم سماعه منه، قال] واتفاقهم على شيء يكون حجة ". كذا في "تهذيب التهذيب ". فتصحيح هذا الإسناد لذاته- كما فعل ابن التركماني والزيلعي وغيرهم- ليس بصحيح! ومن العحيب أن هؤلاء ومخالفيهم لم يتعرضوا لهذه العلة- علة التدليس - لا طعناً ولا دفعاً؛ بل سودوا صحائف كثيرة في إيراد علل أو دفعها؛ الحديث في منجىً منها، وذهلوا جميعاً عن العلة الحقيقية فيه، والمعصوم من عصمه الله! لكن هذه العلة لا تقلأخ في صحة الحديث؛ لأن حبيباً لم يتفرد به، فقد تابعه هشام بن عروه عن أبيه عروة بن الزبيو؛ فقال الدارقطني (50) : حدثنا أبو بكر النيسابوري: تا حاجب بن سلمِمان: نا وكيع عن هشام بن عروهَ عن أبيه عن عائشة قالت:

قئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ؛ ثم ضحكت. وهذا إسناد صحيح: أبو بكر النيسابوري ثقة إمام مشهور. وحاجب بن سليمان ثقة عند النسائي وابن حبان وغيرهما، ولم يتكلم فيه أحد إلا الدارقطني من أجل هذا الحديث. وبقية رجاله ثقات مشهورون رجال الستة. قال الدارقطني عقبه: " تفرد به حاجب عن وكيع، ووهم فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبّل وهو صائم. وحاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدث من حفظه "! ورد عليه الزيلعي- تبعاً لابن التركماتي- بما خلاصته: أن حاجباً ثقة، وتوهيمه بمجرد مخالفته للأكثرين لا يجوز؛ لأنه جاء بزيادة غير منافية لروايتهم. قلت: ويؤيد ذلك: أن الحماني روى الحديث عن الأعمش، وجمع فيه بين التقبيل وهو صائم، وبين الصلاة بعد ذلك كما سبق. فالظاهر أن هذا هو أصل الحديث، فروى بعضهم منه التقبيل وهو صائم، وبعضهم ترك الوضوء من التقبيل؛ وكل ثقة، فما رواه هذا لا يعارض رواية ذاك وبالعكس. ومما يدفع دعوى الدارقطني هذه: أن حاجباً لم يتفرد به؛ بل تابعه أبو أويس: حدثني هشام بن عروة ... به. أخرجه الدارقطني أيضا: حدثنا الحسين بن إسماعيل: نا علي بن عبد العزيز الوَراق: نا عاصم بن علي: نا أبو أويس ... به، ولفظه: أنها بلغها قول ابن عمر: (في القبلة الوضوء) . فقالت: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّل وهو صائم ثم لا يتوضأ. وهذا يؤيد ما ذكرت آنفاً أن أصل الحديث: الجمع بين القضيتين.

وهذا إسناد حسن صحيح؛ وأبو أويس: اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي؛ وهو ثقة تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، وأنه يخالف في بعض حديثه، وهو هنا لم يخالف أحداً؛ بل وافق وكيعاً في رواية هذا الحديث عن هشام ابن عروة. وبقية رجاله ثقات؛ ولم يستطع الدارقطني أن يتكلم عليه بشيء غير قوله: " ولا أعلم حدث به عن عاصم بن علي هكذا غير علي بن عبد العزيز "! قلت: وهذا لا شيء؛ فإن علي بن عبد العزيز: هو البغوي، وهو إمام مشهور، والدارقطني نفسه يروي عنه كثيراً، وقد قال فيه: " ثقة مأمون ". فمثله لا يتوقف في قبول ما تفرد به؛ بل ينظر فيما يخالفه فيه غيره من الثقات، فلعله يكون أحفط منهم وأرجح رواية، كما قال بعض المحققين. وأما عاصم بن علي؛ فيكفي فيه أنه من شيوخ البخاري في "صحيحه ". وقد تابعه آخرون عن هشام بن عروة عن أبيه: عند الدارقطني وغيره؛ وفيما ذكرنا كفاية لمن أنصف. وقد جاء الحديث عن عائشة بإسناد آخر صحيح؛ فقال ابن التركماني- وتبعه الزيلعي-: " قال أبو بكر البزار في "مسنده ": حدثما إسماعيل بن يعقوب بن صَبِيح: حدثنا محمد بن موسى بن آعْيَنَ: حدثنا أبي عن عبد الكريم الجَزرِيِّ [عن عطاء] عن عائشة: أنه عليه الصلاة والسلام كان يقبِّل بعض نسائه ولا يتوضأ.

وعبد الكريم روى عنه مالك في "الموطأً"، وأخرج له الشيخان وغيرهما، ووثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم. وموسى بن أعين مشهور، وثقه أبو زرعة وأبو حاتم، وأخرج له مسلم. وابنه مشهور، روى له البخاري. وإسماعيل روى عنه النسائي ووثقه، وأبو عوانة الإسفراييني، وأخرج له ابن خزيمة في "صحيحه "، وذكره ابن حبان في "الثقات ". وأخرج الدارقطني هذا الحديث من وجه آخر عن عبد الكريم. وقال عبد الحق بعد ذكره لهذا الحديث من جهة البزار: لا أعلم له علة توجب تركه، ولا أعلم فيه مع ما تقدم أكثر من قول ابن معين: حديث عبد الكريم عن عطاء حديث رديءٌ؛ لأنه غير محفوظ. وانفراد الثقة بالحديث لا يضره ". وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية" (ص 20) : " رجاله ثقات ". وإسناده عند الدارقطني (50) هكذا: حدثنا عثمان بن أحمد الدُّفاق: نا محمد بن غالب: نا الوليد بن صالح: نا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري ... به. وهذا إسناد صحيح. وأما الدارقطني؛ فقد أعله- على طريقته في إعلال كل إسناد لهذا الحديث، ولو بدون حجة ناهضة- فقد قال: " يقال: إن الوليد بن صالح وهم في قوله: عن عبد الكريم؛ وإنما هو حديث غالب "! يريد ما ساقه قبل هذا بإسناده إلى جَنْدَل بن وَالِق: نا عبيد الله بن عمرو عن غالب عن عطاء عن عائشة ... به. قال:

" غالب: هو ابن عبيد الله؛ متروك " إ! أقول: إن عجبي من الدارقطني لا يكاد ينتهي؛ فكيف يجرز رد رواية الثقة أو تخطئته بمجرد قوله: "يقال: إن الوليد بن صالح وهم "؟! ليس هذا من الممكن أن يقال في كل حديث مهما كان شأن رجاله في الثقة والعدالة؟! فإن الوليد هذا متفق على توثيقه، واحتج به الشيخان، ولم يتكلم فيه أحد بضعف في روايته. ثم إن الأغرب من ذلك: أنه يخطئه بمخالفة من هو دونه في الثقة والحفظ بدرجات؛ وأعني به، جندل بن والق، الذي جعل (غالب بن عبيد الله المتروك) مكان (عبد الكريم الجزري) ! وإليك ترجمته من "تهذيب التهذيب ": " ذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال مسلم: متروك. وقال البزار: ليس بالقوي ". فكيف يجوز ترجيح رواية من هذا شأنه على رواية الثقة اتفاقاً؟! يضاف إلى ذلك أنه لم ينفرد بهذا الإسناد؛ بل تابعه محمد بن موسى بن أعين عن أبيه عن عبد الكريم؛ كما سبق في رواية البزار. وبالجملة؛ فهذا الحديث صحيح لا شك فيه؛ ولو لم يكن له من الأسانيد إلا هذا لكفى حجة؛ فكيف وله طرق أخرى كما سبق؟! وله طرق أخرى وشواهد؛ فراجعها في "نصب الراية". 173- عن عبد الرحمن بن مَغْراء: ثنا الأعمش: إخبرنا إصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة ... بهذا الحديث. (قلت: هذا إسناد ضعيف؛ أصحاب الأعمش مجهولون، والراوي عنه ابن

مغراء ضعيف في روايته عن الأعمش خاصة، وقد تفرد عنه بقوله: عروة المزني؛ وإنما هو عروة بن الزبير، كما قال وكيع عن الأعمش وعن هشام بن عروة) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن مَخْلَد الطَالْقَاني: ثنا عبد الرحمن " يعني: ابن مغراء-. وهذا إسناد ضعيف؛ لأمرين: الأول: جهالة أصحاب الأعمش. والآخر: أن ابن مغراء- بفتح الميم وإسكان المعجمة- ضعيف في روايته عن الأعمش خاصة، وهو في غيره صدوق. قال ابن المديني: " ليس بشيء، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث، تركناه، لم يكن بذاك ". قال ابن عدي: " وهو كما قال علي؛ إنما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها عن الأعمش، لا يتابعه عليها الثقات، وله عن غير الأعمش، وهو من جمنة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ". وقال الحافظ: " صدوق ئكُلمَ في حديثه عن الأعمش ". قلت: وقد خالفه كل الثقات الذين رووا هذا الحديث عن الأعمش؛ فلم يقل أحد منهم في عروة: إنه " المزني " بل بعضهم أطلق فقال: "عروة"، وبعضهم نسبه فقال: "عروة بن الزبير"؛ كما في رواية أحمد وابن ماجه؛ وهو الصحيح كما سبق بيانه. فالتمسك بهعذه الرواية الضعيفة في تأييد أن راوي الحديث عن عائشة هو عروة

المزني- وهو مجهول-، وإعلال الحديث بذلك- كما فعل البيهقي- لا يجوز عند المنصفين! وقد أشار المصنف رحمه الله إلى أن هذه الرواية مرجوحة، حيث قال عقيها: " قال: يحيى بن سعيد القطان لرجل: احك عني أن هذين- يعني: حديث الأعمش هذا عن حبيب، وحديثه بهذا الإسناد في المستحاضة أنها تتوضأ لكل صلاة- قال يحيى: احك عني أنهما شبه لا شيء " إ! قلت: وهذا من هذا الإمام جرح مبهم؛ فلا يقبل، والظاهر أنه لم يقف على الأسانيد الأخرى للحديث! ثم قال المصنف: " وروي عن الثوري قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني؛ يعني: لم يحدثهم عن عروة بن الزبير يشيء "! قلت: وهذا لا حجة فيه؛ لأن المصنف لم يسنده؛ بل أشار إلى أنه لم يرضه، حيث قال عقيبه: " وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثاً صحيحاً". فهذا يدل على أن عروة في هذا الإسناد: هو عروة بن الزبير، كما سبق في رواية أحمد. وتصحيح المؤلف لهذا الحديث يدل على أنه يرى صحة رواية حبيب عن عروة! وفيه ما سبق من التدليس. وهو- على كل حال- يدل على أن الحديث لابن الزبير. ويؤيد ذلك قوله:

70- باب الوضوء من ممس الذكر

174- قال أبو داود: " وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثاً صحيحاً ". (قلت: يشير إلى ما أخرجه الترمذي في "الدعوات " من هذا الوجه عنها) . قال العلماء: يشير إلى حديث أخرجه الترمذي في "الدعوات " (2/261- طبع بولاق) قال: حدثنا أبو كرَيْب: حدثنا معاوية بن هشام عن حمزة الزيات ... به قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " اللهم عافتي في جسدي، وعافتي في بصري، واجعله الوارث متي، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين ". وقال الترمذي: " هذا حديث غريب- وفي بعض النسخ: حسن غريب- " قال: " سمعت محمداً يقول: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئاً"! 70- باب الوضوء من مَمسِّ الذَّكرِ 175- عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع عروة يقول: دخلت على مروان بن الحكم، فذكرنا ما يكون منه الوضوء. فقال مروان: ومِنْ مَس الذكر. فقال عروة: ما علمت ذلك! فقال مروان: أخبرتني بسْرَةُ بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من مَس ذكره فليتوضأ ".

(قلت ت إسناده صحيح على شرط البخاري، وكذلك صححه الحاكم والبيهقي، وصححه أيضا الترمذي، ونقل عن البخاري أنه أصح شيء في الباب. وصححه أحمد أيضا وابن معين وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني ثم النووي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلمة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر. وهنا إسناد صحيح على شرط البخاري، فقد أخرج في "صحيحه " لمروان بن الحكم، وانتقد ذلك عليه، فأورده الذهبي في "الميزان " فقال: " وله أعمال موبقة، نسأل الله السلامة، ورمى طلحة بسهم، وفعل وفعل ". وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب ": " وعاب الإسماعيلي على البخاري تخريج حديثه، وعد من موبقاته: أنه رمى طلحة أحد العشرة يوم الجمل، وهما جميعاً مع عائشة، فقتله، ثم وثب على الخلافة بالسيف، واعتذرت عنه في مقدمة "شرح البخاري ". وقول عروة بن الزبير: كان مروان لا يتهم في الحديث؛ هو في رواية ذكرها البخاري في قصة نقلها عن مروان عن عثمان في فضل الزبير ". قلت: ولم يوثقه الحافظ في "التقريب " ولا جرحه؛ بل قال: " لا تثبت له صحبة ". وكيفما كان حال مروان في الرواية؛ فإن حديثه هذا صحيح؛ لأن عروة قد سمعه بعد ذلك من بُسْرة مشافهة كما يأًتي؛ فالحديث- من طريقه صحيح لا شك فيه. وياُتي قريباً كلام ابن حزم في مروان.

والحديث في "الموطأ" (1/64) ، ورواه الشافعي في "مسنده " (ص 4) ، ومن طريقه الحازمي (ص 28) ، والنسائي (1/37) ، والبيهقي، 11/28) كلهم عن مالك ... به. وقد تابعه الزهري قال: أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ... به؛ وزاد في آخره: قال عروة: فلم أزل أماري مروان، حتى دعا رجلاً من حرسه، فأرسله إلى بسرة، فساعيها عمّا حدثت مروان؟ فأرسلت إليه بسرة بمثل الذي حدثني عنها مروان. أخرجه النسائي، وأحمد (6/407) . ثم أخرجه من طريق سفيان- وهو ابن عيينة- عن عبد الله بن أبي بكر ... نحوه. ومن طريق إسماعيل بن علي قال: ثنا عبد الله بن أبي بكر بن حزم ... به نحو رواية مالك؛ دون الزيادة. وفي هذه الزيادة ما يفيد أن عروة لم يَكْتَفِ برواية مروان للحديث، حتى دفعه إلى أن يرسل رسولاً، فجاء عن بسرة موافقاً لما حدثه مروان عنها، وكأن ذلك لم يقنعه أيضا تمامَ الإقناع؛ حيث ذهب بنفسه إلى بسرة، فحدثته بذلك. روى هذا ابنه هشام؛ فقال أحمد (6/407) : ثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال: ثنا أبي أن بسرة بنت صفوان أخبرته أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من مس ذكره؛ فلا يصَل حتى يتوضأً ". وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ متصل بسماع هشام من أبيه، وسماع أبيه

عروة من بسرة. وفيه رد على من زعم انقظاعه بين هشام وأبيه من جهة، وبين عروة وبسرة من جهة أخرى. وأخرجه الترمذي من طريق يحيي بن سعيد القطان ... به. وقال: " حديث حسن صحيح ". ثم قال: " قال محمد: وأصح شيء في هذا الباب حديث بسرة ". وأخرجه الدارقطني (ص 53) ، والحاكم (1/137) ، ومن طريقه البيهقي (1/129) من طريق شعيب بن إسحاق: حدثني هشام بن عروة ... به؛ وزاد في آخره: قال عروة: فسألت بسرة؟ فصدقته بما قال. وقال الدارقطني: " هذا صحيح، تابعه ربيعة بن عثمان والمنذر بن عبد الله الحِزَامي وعنبسة بن عبد الواحد وحميد بن الأسود؛ فرووه هكذا عن أبيه عن مروان عن بسرة، قال عروة: فساعيت بسرة بعد ذلك؟ فصدقته ". قلت: وقد أخرج هذه المتابعاتِ كلها: الحاكمُ؛ وصححه على شرط الشيخين. ففي رواية هؤلاء عن هشام التصريح بذهاب عروة بنفسه إلى بسرة، وسؤاله إياها عن الحديث، وتصديقها لما روى مروان عنها، فبرئت عهدته منه. ولذلك قال ابن حبان في "صحيحه " (2/220- الإحسان) : " ومعاذ الله أن نحتج بمروان بن الحكم في شيء من كتبنا، ولكن عروة لم يقنع بسماعه من مروان حتى بعث مروان شرطياً له إلى بسرة فسألها، ثم أتاهم فأخبرهم بما قالت بسرة، ثم لم يقنعه ذلك، حتى ذهب عروة إلى بسرة فسمع منها؛ فالخبر

عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع؛ وصار مروان والشرطي كأنهما زائدان في الإسناد "؛ ثم أخرجه بهذه الزيادة الأخيرة. والحديث أخرجه الترمذي أيضا، وابن ماجه، والطحاوي (1/43- 44) ، وكذا الدارمي، والطيالسي (رقمِ 1657) ، والظبرا ني في " الصغير" (ص 230) ، وابن حزم (1/235) - محتجّا به - كلهم عن عروة ... به؛ بعضهم يذكر مروان بينه وبين بسرة، وبعضهم لا يذكر. والكل صحيح لما سبق، فمن أعل الحديث بالانقطاع لم يصب، وكذلك من أعله بمروان؛ فقد قال ابن حزم: " مروان ما نعلم له شيئاً يجرح به قبل خروجه على أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه؛ ولم يلقه عروة قط، لا قبل خروجه على أخيه ولا بعد خروجه؛ هذا مما لا شك فيه "! وأقره الحافظ في "التلخيص " (2/39) ؛ ولذلك صحح الحديث من سبق ذكرهم. قال الحافظ: " وصححه أيضا يحيى بن معين فيما حكاه ابن عبد البر، وأبو حامد بن الشرقي والبيهقي والحازمي، وقال البيهقي: هذا الحديث وإن لم يخرجه الشيخان - لاختلاف وقع في سماع عروة منها أو من مروان- فقد احتجا بجميع رواته؛ واحتج البخاري بمروان بن الحكم في عدة أحاديث؛ فهو على شرط البخاري بكل حال ". وروى المصنف في كتابه "مسائل الإمام أحمد" (ص 309) أنه سأل أحمد عن هذا الحديث؟ فقال: "هو صحيح ". (تنبيه) : عرفت من التخريج المذكور أنه رواه مالك والزهري عن عبد الله بن

71- باب الرخصة في ذلك

أبي بكر عن عروة، كذلك رواه جمع من الثقات عنهما؛ وبلفظ: " من مس ذكره فليتوضأ ". وخالفهم عبد الرحمن بن نمر اليِحْصبِيُ فقال: عن الزهري عن عروة ... به، فأسقط منه عبد الله بن أبي بكر، وزاد فما المق فقال: " والمرأة مثل ذلك "! أخرجه ابن حبان (214- موارد) والبيهقي في "السنن " (1/132) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنا عبد الرحمن ... ويمكن أن يكون الإسقاط من الوليد؛ لأنه كان يدلس تدليس التسوية، وقد أثبته في رواية للبيهقي، فالعلة من عبد الرحمن بن نمر هذا؛ فإنه مختلف فيه: فمن موثق، ومن مضعف. وقد أنكر عليه هذه الزيادة في المق: ابن معين، وابن عدي في "الكامل " (4/292- 293) ، واستظهر البيهقي أنها من قول الزهري، أدرجت في الحديث، وأستدل لذلك برواية أخرى للوليد عن ابن نمر؛ فيها ما استظهره. 71- باب الرخصة في ذلك 176- عن عبد الله بن بدرعن قيس بن طَلْقٍ عن أبيه قال: قَدِمنا على نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله! ما ترى في مَسِّ الرجلِ ذَكَرَة بعد ما يتوضأ؟ فقال: " هل هو إلا مضْغَةٌ منه- أوقال: بَضْعَةٌ منه؟! - ".

(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والطحاوي وقال: " صحيح مستقيم الاسناد "، وصححه أيضا عمرو بن علي الفَلاس والطبراني وابن حزم، وحسن الترمذي بهذا الاسناد ثلاثة أحاديث أخرى، وقال في هذا: إنه " أحسن شيء في الباب ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا ملازم بن عمرو الحنفي: ثنا عبد الله بن بدر. وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد تكلم بعضهم في قيس بن طلق بغير حجة نعلمها! وقد وثقه ابن معين والعجلي وابن حبان. وقال الذهبي في "الميزان "- بعد أن ذكر قول من جرحه-: " قال ابن القطان: يقتضي أن يكون خبره حسناً لا صحيحاً " 0 قلت: وعلى ذلك جرى الترمذي، فروى له ثلاثة أحاديث بإسناد واحد من طريق هَناد: حدثنا ملازم بن عمرو ... به: الأول في "الوتر"، وسيأتي في الكتاب (رقم 1293) . والثاني في " الصوم "، وسيأتي (رقم 2033) . والثالث في "النكاح " (1/217- طبع بولاق) ؛ وحسنها كلها. وصحح له الحاكم في "المستدرك " (4/146) حديثاً رابعاً في الرقية، ووافقه الذهبي على تصحيحه. والحديث أخرجه النسائي (1/38) ، والطحاوي (1/416) ، والدارقطني (ص 54) ، والبيهقي (1/134) ، وابن حبان في "صحيحه " (2/ 423/1116 و 1117) من طرق عن ملازم بن عمرو ... به. واْخرجه الترمذي (1/131) : حدثنا هناد: ثنا ملازم بن عمرو ... به

مختصراً. وقال: " وهذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب ". وقال الطحاوي: " حديث صحيح مستقيم الإسناد ". قال في "التلخيص " (1/48- 49) : " وصححه عمرو بن علي الفلاس وقال: هو عندنا أثبت من حديث بسرة. وروي عن ابن المديني أنه قال: هو عندنا أحسن من حديث بسرة. وصححه أيضا ابن حبان والطبراني وابن حزم [1/239] ". قلت: ولست أشك أن حديث بسرة أصح من هذا؛ لأن إسناده أشهر، ولأن له شواهد قوية؛ بخلاف هذا، فليس له إلا شواهد ضعيفة الأسانيد، كما يتببن لك ذلك بمراجعة "نصب الراية " و "التلخيص ". ولكن الحديث على كل حال صحيح، ولا ضرورة لادعاء للنسخ في أحدهما؛ لأنه يمكن الجمع بينهما بأن يقال: إن كان المس بدون شهوة فهو لا ينقض؛ لأنه يكون كما لو مسّ بضعة أخرى من بدنه، وإن كان المس بشهوة؛ فالعمل على حديث بسرة، ولا يخالفه هذا؛ لأنه لا يكون المس حينئذ كما لو مس بضعة أخرى. وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الجمع بين الحديثين، وتبعه بعض المحققين من المتأخرين. قلت: ومما يؤيد ذلك أن: الحديث صدر جواباً لمن سأله عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة؛ كما في روايتين عن قيس بن طلق: لابن حبان. ولا يخفى أن هذه قرينة قوية جداً للجمع المذكور؛ لأنه لا يتصور وقوع المس بشهوة في الصلاة، وقد أشار إلى ذلك من قاله من السلف: سواءً مَسسْتهُ أو مَسسْتُ أنفي. قلت: روايتين.. وأعني بإحداهما: روايته من طريق عبد الله بن بدر،

والأخرى: من طريق عكرمة بن عمار عن قيس بن طلق عن أبيه: عند ابن حبان (1118- الإحسان) . وقول البيهقي (1/135) أن عكرمة أرسله عن قيس لم يذكر أباه ... لعله في رواية وقعت له. والرواية الأولى: عند الدارقطني أيضا بإسناد جيد، رجاله ثقات معروفون؛ غير الراوي عن ملازم بن عمرو: محمد بن زياد بن فَرْوة البَلَدِي أبي روح، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات " (9/84) برواية محمد بن طاهر البلدي وأهل الجزيرة عنه. قلت: والحافظ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي الراوي لهذا الحديث عنه؛ فهو صدوق إن شاء الله تعالى. 177- عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق ... بإسناده ومعناه قال: " في الصلاة ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا محمد بن جابر. وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات؛ فإن رجاله كلهم ثقات؛ غير محمد بن جابر- وهو أبو عبد الله اليمامي- وهو صدوق؛ لكنه ضُغفَ من قبل حفظه، وقد فضله أبو حاتم على ابن لهيعة. قلت: وقد تابعه عبد الله بن بدر في الإسناد السابق؛ فحديثه هذا صحيح. وتابعه غيره أيضا كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/177) من طريق وكيع: ثنا محمد بن

جابر ... به. وأخرجه الطحاوي (1/46) عن مسدد ... به. وقد قال المصنف عقب الحديث السابق: " رواه هشام بن حسان وسفيان الثوري وشعبة وابن عيينة وجرير الرازي عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق ". قلت: وحديث ابن عيينة: عند الطحاوي والحازمي. وأخرجه الدارقطني (54) عن إسحاق بن أبي اسرائيل. وأحمد (4/23) عن موسى بن داود، وقُرَّان بن تَمام ثلاثتهم عن محمد بن جابر ... به. وتابعه أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق؛ فقال الإمام محمد في "موطئه " (ص 50) : أخبرنا أيوب بن عتبة التيمي- قاضي اليمامة- عن قيس بن طلق. وكذا أخرجه الطيالسي (رقم 1096) ، وعنه الحازمي عن أيوب ... به. ورواه الطحاوي من طرق أخرى عن أيوب ... به. وأيوب حاله كحال قرينه محمد بن جابر؛ بل قال أبو حاتم: " أيوب أعجب إلي من عبد الله بن بدر ". قال: " وهو أحب إلي من محمد بن جابر ". وبالجملة؛ فالحديث صحيح، وقد سبق ذكر من صححه في الكلام على الأسناد قبله.

72- باب في الوضوء من لحوم الأبل

72- باب في الوضوء من لحوم الأبل 178- عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوضوء من لحوم الابل؟ فقال: " توضأوا منها ". وسئل عن لحوم الغنم؟ فقال: " لا توضأوا منها ". وسئل عن الصلاه في مبارك الأبل؟ فقال: " لا تصلوا في مبارك الابل؛ فإنها من الشياطين ". وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم؟ فقال: " صلوا فيها؛ فإنها بركة ". (قلت: إسناده صحيج. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما "، وصححه أحمد وإسحاق بن راهويه. وقال ابن خزيمة: " لم أر خلافاً بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرّازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عبد الله الرازي، وهو ثقة اتفاقاً.

والحديث أخِرجه أحمد (4/288) : ثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه الترمذي (1/122- 123) ، وابن ماجه (1/179) مختصراً من طرق عن أبي معاوية ... به. وتابعه سفيان- عند أحمد (4/303) -، وشعبة- عند الطيالسي (رقم 734- 735) ، وعنه البيهقي (1/159) - كلاهما عن الأعمش ... به. وتابعهم أيضا عبد الله بن إدريس: عند الطحاوي (1/224) . ثم قال الترمذي: " قال إسحاق: صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حديث البراء وحديث جابر بن سمرة ". قلت: وقد رواه الحجاج بن أرطاة عن عبد الله بن عبد الله الرازي؛ لكنه جعله من (مسند أسيد بن حضير) ؛ كما أخرجه الطحاوي؛ وهو خطأ، والصواب رواية الأعمش، كما قال الترمذي. والحجاج مدلس، وقد عنعنه، ومن طريقه: رواه ابن ماجه مختصراً بلفظ: " لا توضأوا من ألبان الغنم، وتوضأوا من ألبان الإبل ". والحديث رواه ابن حبان وابن الجارود أيضا وابن خزيمة في "صحيحه "، وقال: " لم أر خلافاً بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة للنقل؛ لعدللة ناقليه ". ونقل البيهقي تصحيحه عن أحمد وإسحاق. قلت: وروي من حديث ابن عمر؛ وفيه الأمر بالوضوء من ألبان الأبل. أخرجه ابن ماجه (497) بسند ضعيف.

73- باب في الوضوء من مس اللحم النيء وغسله

73- باب في الوضوء من مس اللحم النِّيءِ وغسله 179- عن مروان بن معاوية: أخبرنا هلال بن ميمون الجهَنِي عن عطاء ابن يزيد الليثي- قال هلال: لا أعلمه إلا- عن أبي سعيد (وفي رواية: وأراه عن أبي سعيد) : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بغلام يسلخ شاة، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَنَحَّ حتى أرَيكَ "؛ فأدخل يده بين الجلد واللحم، فَدَحَسَ بها حتى توارت إلى الإبط، ثم مضى فصلى للناس ولم يتوضأ (زاد في رواية: يعني: لم يمس ماءً) . (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وأيوب بن محمد الرقيَ وعمرو بن عثمان الحمصي- المَعْنَى- قالوا: ثنا مروان بن معاوية. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وفي هلال بن ميمون الجهتي كلام لا يضر؛ وفي " التقريب ": " صدوق ". والحديث أخرجه ابن ماجه (2/284) : حدثنا أبو كريب: ثنا مروان بن معاوية ... به؛ وزاد- بعد قوله: إلى الإبط-: وقال: " يا غلام! هكذا فاسلخ "، ثم مضى وصلى ... إلخ. وأبو كريب: هو محمد بن العلاء أحد شيوخ المصنف فيه.

74- باب ترك الوضوء من مس الميتة

180- قال أبو داود: " رواه عبد الواحد بن زياد وأبو معاوبة عن هلال عن عطاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً؛ لم يذكر أبا سعيد ". (قلت: لم أقف عليه، وهو يقوي الذي قبله) . إسناده: لم أقف عليه مرسلاً، وهو لا يعل الموصول قبله؛ لأن مروان بن معاوية ثقة حافظ، وقال المصنف عن أحمد: " ثقة ما كان أحفظه! ". وهو قد حفظ الحديث على وجهه فوصله؛ وهي زيادة منه يجب قبولها. ثم إن من رواه مرسلا يقوي الموصول؛ لأن الراوي قد يرسل الحديث أحياناً وقد يوصله؛ فروى كل ما سمعه منه. 74- باب ترك الوضوء مِنْ مَسِّ الميتة 181- عن جابر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرّ بالسوق داخلاً من بعض العالية والناس كَنَفَتَيْه فَمر بِجَدْي آسَكَّ ميت، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: " أئكم يحب أن هذا له ... " وساق الحديث. (قلت: وتمامه: " بدرهم؟ ". فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟! قال: " أتحبون أنه لكم؟ ". قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه؛ لأنه أسلث، فكيف وهو ميت؟!

فقال: " فو الله؛ للدنيا أهون على الله من هذا عليكم ". (قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بتمامه بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان- يعني: ابن بلال- عن جعفرعن أبيه عن جابر. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وجعفر: هو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب؛ المعروف ب (جعفر الصادق) . والحديث أخرجه مسلم في "صحيحه " (8/210- 211) ... بهذا الإسناد؛ والتتمة نقلناها منه. ثم أخرجه هو، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص 140- طبع الهند) ، وأحمد (3/365) من طرق أخرى عًن جعفر ... به؛ وزاد البخاري- بعد قوله: " لأنه أسك "-: " والأسك الذي ليس له أذنان ". (تنبيه) : هنا في النسخة التي شرح عليها صاحب "عون المعبود" ما نصه: " تم الجزء الأول، وبتلوه الجزء الثاني من تجزئة الخطيب البغدادي؛ وأوله (باب ترك الوضوء مما مست النار) . فلله الحمد والمنة ".

75- باب في ترك الوضوء مما مست النار

75- باب في ترك الوضوء مما مسّت النار 182- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: ثنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء ابن يسار عن ابن عباس. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/48) ، وأخرجه الشيخان، وأبو عوانة (1/269) ، ومحمد في "موطئه " (ص 58) ، والبيهقي، وأحمد (1/226) كلهم عن مالك ... به. وقد تابعه هشام- وهو ابن سعد- ومعمر عن زيد بن أسلم: أخرجهما أحمد (1/356 و 365) . وتابعه أيضا: خارجة بن مصعب: عند الطيالسي (رقم 2662) . وتابعه عن عطاء بن يسار: محمد بن يوسف- وهو الأعرج- أخرجه النسائي (1/40) . وللحديث في "المسند" طرق أخرى كثيرة عن ابن عباس؛ فانظر (1/226 و227 و 241 و 244 و 253 و 254 و 258 و 264 و 267 و 272 و 281 و 326- 327 و 336 و 351 و 353 و 361 و 363 و 366) ؛ وبعضها عند مسلم وأبي عوانة.

183- عن المغيرة بن شعبة قال: ضِفْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة، فأمر بجَنْبِ فَشُوِيَ، وأخذ الشفرة فجعل يَحز لي بها منه، قال: فجاء بلال فآذنه بالصلآة، قال: فألقى الشفرة وقال: " ما له؟ تَرِبَتْ يداه! ". وقام يصلي (زاد الأنباري:) ، وكان شاربي وَفَى؛ فَقَصه لي على سواك- أو قال: " أقصَه لك على سواك؟ "-. (قلت: إسناده صحيح، وهو بدون الريادة على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن سليمان الأنباري- المعنى- قالا: ثنا وكيع عن مسعر عن أبي صخرة جامع بن شداد عن المغيرة بن عبد الله عن المغيرة بن شعبة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا الزيادة؛ فإن محمد بن سليمان ليس من رجاله؛ ولكنه ثقة، فزيادته صحيحة، وقد توبع عليها كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/252 و 255) قال: ثنا وكيع ... به مع الزيادة. وأخرجه الترمذي في "الشمائل " (1/258) قال: حدثنا محمود بن غيلان: أنبأنا وكيع ... به. ورواه الطبراني (20/435) . وتابعه على الزيادة: سفيان- وهو ابن عيينة- عن مسعر ... به. أخرجه الطحاوي (2/333) بلفظ:

قال: أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شاربي على سواك. ورواه للطبراني. وتابعه عليها أبو عون الثقفي محمد بن عبيد الله عن المغيرة بن شعبة بلفظ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلأ طويل للشارب، فدعا بسواك وشفرة، فوضع السواك تحت الشارب، فقص عليه. أخرجه الطيالسي (رقم 698) : حدثنا المسعودي قال: أخبرني أبو عون الثقفي ... به. وأخرجه البيهقي (1/150) من طريق الطيالسي، والطحاوي عن عبد الله بن رجاء قال: ثنا المسعودي ... به. وهذا إسناد صحيح؛ فإن المسعودي ثقة؛ إنما تكلموا فيه من أجل حفظه. وهذه الزيادة أوردها الغزالي في "الإحياء" (1/125) ؛ فقال الحافظ العراقي في تخريجه: "رواه أبو داود والنسائي والترمذي في "الشمائل " ... "! وقال المنذري في "مختصره " (رقم 176) : " وأخرجه الترمذي وابن ماجه "! قلت: ولم أجده عندهما ولا عند النسائي! ولم يعزه النابلسي في "الذخائر" إلا للمصنف؛ فلعله عند النسائي في "الكبرى".

184- عن ابن عباس قال: أكل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتفاً، ثم مسح يده بِمِسْح كان تحته، ثم قام فصلى. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان (1159)) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أنهم تكلموا في رواية سماك عن عكرمة؛ فذكروا أنها مضطربة، لكنهم استثنوا من ذلك رواية سفيان وشعبة عن سماك عن عكرمة، فصححوها، كما سبق بيانه في الكلام على هذا الإسناد نفسه لحديث أخر (رقم 61) . فهذا الحديث من صحيح حديثه؛ لأنه قد رواه سفيان أيضا عنه كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجه أيضا (1/178) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو الأحوص ... به. وأخرجه أحمد (1/326) قال: ثنا عبد الله بن الوليد: ثنا سفيان عن سماك ... به؛ بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ للصلاة؛ فقال له بعض نسائه: اجلس فإن القدر قد نضجت، فناولته كتفآ، فأكل، ثم مسح يده، فصلى ولم يتوضأ. وهذا إسناد صحيح، وعبد الله بن الوليد: هو أبو محمد المكه المعروف بالعدني؛ وهو صدوق ربما أخطأ، كما قال الحافظ في "التقريب ". وقد تابعه أيوب عن عكرمة ... به مختصراً؛ ولفظه:

انتهس عرقاً، ثم صلى ولم يتوضأً. أخرجه أحمد (1/273) قال: حدثنا حسين: ثنا جرير عن أيوب ... به. وهذا سند صحيح أيضا، وهو على شرط البخاري، وحسين: هو ابن محمد بن بَهْرام أبو أحمد المؤذب المروزي. وجرير: هو ابن حازم. وكذلك رواه زهير عن سماك بن حرب عن عكرمة ... به مختصراً. أخرجه أحمد أيضا (1/267) . 185- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَسَ من كتفٍ، ثم صلى ولم يتوضأ. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيُ: ثنا همام عن قتادة عن يحيى بن يَعْمَر عن ابن عباس. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (1/361) : ثنا بهز: ثنا همام ... به. 186- عن جابر بن عبد الله قال: قَرّبتُ للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبزاً ولحماً؛ فأكل، ثم دعا بوَضُوء فتوضأ، ثم صلى الظهر، ثم دعا بفضل طعامه؛ فأكل، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ.

(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن الخثعمي: ثنا حجاج: قال ابن جويج: أخبرني محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن الحسن الخثعمي، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/322) : ثنا عبد الرزاق: أنا ابن جريج. ومحمد ابن بكر: أخبرني ابن جريج: أخبرني محمد بن المنكدر ... به أتم منه. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه ابن حبان (221- موارد) . وأخرجه الترمذي (1/116- 117) عن سفيان بن عيينة قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل: سمع جابراً. قال سفيان: وحدثا محمد بن المنكدر عن جابر ... به أتم منه. مع بعض مغايرة في اللفظ والمعنى. وهو في "المسند" (3/307) عن سفيان ... به نحوه مختصراً. وكذلك رواه في مكان آخر (3/381) من طريق ابن عقيل، وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/178- 179) من طريق سفيان عن محمد بن المنكدر وعمرو بن دينار وعبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر ... به. وتابعه- عن ابن المنكدر-: علي بن زيد: عند أحمد (3/304) . وقد رواه ابن إسحاق عن عبد الله بن محمد بن عقيل ... به، وهو أتم الروايات جميعها وأكملها.

أخرجه أحمد (3/374- 375) ؛ وإسناده حسن. ونحوه رواية زائدة عن ابن عقيل: أخرجه الطيالسي (رقم 1670) . وأخرجه ابن حبان (220) من طريق معمر عن ابن المنكدر؛ وفيه ذكر أبي بكر وعمر. ورواه أبو الزبير عن جابر ... مختصراً: أخرجه الطيالسي (رقم 1758) . 187- عن جابر أيضا قال: كان آخرَ الأمرين من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تركُ الوضوء مما غيرت النار. (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال النووي وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحهما") (1) . قال أبو داود: " هذا اختصار من الحديث الأول " (2) .

_ (1) ورواه الحاكم في "علوم الحديث " (ص 85) ؛ واحتج به على نسخ الأحاديث الواردة في الباب الأتي بعده. (2) وبنحو هذا أعله أبو حاتم؛ كما ذكره ابنه في "العلل " (رقم 168 و 174) ! ورد ذلك ابن حزم فقال (1/243) : " وقد ادعى قهم أن هذا الحديث مختصر من الحديث الذي حدثنا ... "؛ ثم ساق الحديث الأول، ثم قال: " القطع بأن ذلك الحديث مختصر من هذا؛ قول بالظن؛ والظن أكذب الحديث، بل هما حديثان كما وردا ". وهذا هو للظاهر؛ فإن توهيم الرواه الثقات بدون دليل أو برهان لا يجوز، وقد أيد ما ذهب إليه ابن حزم: المحقق أحمد محمد شاكر في تعليقه على "الترمذي " (1/121- 122) ، وأيد ذلك ببعض النقول؛ فراجعه فإنه نفيس.

(قلت: كذا قال! ورده ابن حزم؛ وجزم أنه حديث آخر مستقل عن الأول؛ وهو الظاهر) . إسناده: حدثنا موسى بن سهل أبو عمران الرملي: ثنا علي بن عياش: ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدرعن جابر. وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير موسى بن سهل أبي عمران الرملي، وهو ثقة، وقد توبع. والحديث أخرجه النسائي (1/40) ، ومن طريقه ابن حزم (1/243) ، وكذا الحازمي (ص 32) ، والطحاوي (1/40) ، والطبراني في " الصغير" (ص 140) ، والبيهقي (1/155) من طرق عن علي بن عياش ... به. وقال الطبراني: " لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا شعيب ". قلت: وهو ثقة اتفاقاً. وقال الخليلي: " كان كاتب الزهري، وهو ثقة متفق عليه، حافظ، أثنى عليه الأئمه ". ولذلك قال النووي (4/57) : " حديث صحيح؛ رواه أبو داود والنسائي وغيرهم بأسا نيد صحيحة "! كذا قال! وليس له- بهذا اللفظ- إلا إسناد واحد؛ فتنبه! وكثيراً ما يطلق النووي رحمه الله مثل هذه العبارة على حديث وحيد الإسناد؛ فكن من ذلك على ذكْرٍ وبينة! وقال الحافظ في "التلخيص " (2/6) : " رواه الأربعة وابن خزيمة وابن حبان "! وقد سها في عزوه إياه للأربعة؛ فليس هو عند الترمذي وابن ماجه؛ وإنما لهما

الحديث الذي قبله. 188- عن عبد الله بن الحارث بن جَزْء قال: لقد رأيتُني سابعَ سبعة أو سادسَ ستة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دار رجل؛ فمرَّ بلال فنادى بالصلاة، فخرجنا فمررنا برجل وبُرْمَتُهُ على النار؛ فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أطابت بُرْمَتُكَ؟ ". قال: نعم بأبي أنت وأمي! فتناول منها بَضْعَةً فلم يزل يَعْلُكُها، حتى أحرم بالصلاة وأنا أنظر إليه. (قلت: إنما يصح من حديثه بلفظ: قال: كنا يوماً عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصُفَّةِ، فوُضِعَ لنا طعام؛ فأكلنا، فأقيمت الصلاة، فصلينا ولم نتوضأ. أخرجه أحمد بسند صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا عبد الملك بن أبي كريمة- قال ابن السرح: ابن أبي كريمة من خيار المسلمين- قال: حدثني عبيد بن ثُمامة المرادي قال: قدم علينا مصرَ عبد الله بن الحارث بن جَزْء من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعته يحدث في مسجد مصر لمحال. وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبيد بن ثمامة المرادي- ويقال: عتبة-؛ لم يرو عنه غير ابن أبي كريمة هذا- كما في "الميزان "-، ولم يوثقه أحد؛ فهو مجهول. والحديث سكت عليه المنذري في "مختصره " (رقم 181) ! ورواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (300) بسند المؤلف.

76- باب التشديد في ذلك

وله طريق أخرى باللفط المذكور آنفاً: عند أحمد (4/190) وإسناده هكذا: ثنا هارون- قال ابنه عبد الله: وسمعته أنا من هارون- قال: ثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني حيوة بن شريح قال: أخبرني عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزُّبَيْدِيّ. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عقبة بن مسلم، وهو ثقة اتفاقاً. وله إسنادان آخران عن عبد الله بن الحارث: رواهما ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران وسليمان بن زياد الحضرمي عنه بلفظ: " أكلنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِواءً في المسجد، ثم أقيمت الصلاة، فضربنا أيدينا في الحصى، ثم قمنا فصلينا ولم نتوضأ لما. أخرجه أحمد (4/191) . وأخرجه الطحاوي (1/40) من هذا الوجه، لكنه لم يذكر خالد بن أبي عمران في الإسناد، وهو رواية لأحمد (4/190) . وهذا إسناد صحيح في المتابعات. ورواه ابن ماجه (2/310) مختصراً. 76- باب التشديد في ذلك 189- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الوضوء مما أنضجت النار". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في

"صحيحيهما") إسناده: حدثنا مسدد: قال: ثنا يحيى عن شعبة قال: حدثني أبو بكر بن حفص عن الأغر عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو من رجال البخاري، فهو على شرطه. وأبو بكر بن حفص: اسمه عبد الله. والأغر: اسمه سلمان أبو عبد الله. والحديث أخرجه أحمد (2/458) : ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة ... به. وهذا على شرطهما. وأخرجه مسلم (11/87) ، وأبو عوانة (1/268- 269) ، والطحاوي (1/38) ، والبيهقي، والحا زمي، والطيالسي (رقم 2376) ، وأحمد أيضا (2/265 و 271 و427 و 470 و 479) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن قارظ: أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على السجد، فقال: إنما أتوضأ من أثْوارِ آقِط أكلتها؛ لأني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " توضأوا مما مست النار ". وأخرجه الترمذي (1/114- 115) ، وابن ماجه (1/178) ، والطحاوي، وأحمد (2/503) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... به نحوه؛ وزاد الأولان: قال: فقال له ابن عباس: يا أبا هريره! أنتوضأ من الدهن؟! أنتوضأ من الحميم؟! قال: فقال أبو هريرة: يا ابن أخي! إذا سمعت حديثاً عن رسول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/فلا تضرب له مثلاً. وهذا إسناد حسن. وهو عند الطحاوي من طريق الزهري عن أبي سلمة ... به. وإسناده صحيح. وللحديث شواهد كثيرة جداٌ، استوعب أكثرَها النسائي والطحاوي. ومنها عن زيد بن ثابت: عند مسلم وأبو عوانة. 190- عن أبي سفيان بن سعيد بن المغيرة: أنه دخل على أم حبيبة، فسقته قدحاً من سَوِيق، فدعا بماء فمضمض، قالت: يا ابن أُختي! ألا توضأ؟ إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " توضأوا مما غيَّرت النار- أو قال: مما مَسَّتِ النار" (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أبا سفيان بن سعيد بن المغيرة حدثه: أنه دخل. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي سفيان هذا، فقال الذهبي: " ما روى عنه سوى أبي سلمة بن عبد الرحمن ". قلت: ومع ذلك؛ وثقه ابن حبان على قاعدته! لكن الحديث صحيح بما قبله. والحديث أخرجه أحمد (6/326) : ثنا يونس: ثنا أبان- يعني: ابن يزيد العطار- ... به.

77- باب في الوضوء من اللين

وأخرجه الطحاوي (1/38) من طريق حرب بن شداد عن يحيي بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ... به. (تنبيه) : في بعض النسخ عقب الحديث زيادة: " قال أبو داود: في حديث الزهري: يا ابن أخي! ". قلت: أخرجه أحمد (6/327- 328) من طريق معمر عن للزهري عن أبي سلمة ... به. والطيالسي (رقم 1592) من طريق زمعة عن الزهري. وخالفهما بكر بن سَوَادة، فرواه عن الزهري بلفظ: يا ابن أخني! أخرجه النسائي (1/40) ، والطحاوي. ثم أخرجه من طريق عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب ... فذكر مثله بإسناده. فقد اختلف على الزهري في هذه اللفظة، وكذلك اختلف فيها على يحيى بن أبي كثير، ففي رواية المصنف: يا ابن أختي! وفي رواية أحمد والطحاوي المتقدمة: يا ابن أخي! وخالف هؤلاء كلهم: ابنُ إسحاق؛ فقال عن الزهري: آيْ بنَي! 77- باب في الوضوء من اللين 191- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب لبناً، فدعا بماء فتمضمض ثم قال:

78- باب الرخصة في ذلك

" إن له دسماً ". (قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن حبان (1155) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقد رووه- إلا أبا عوانة- بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن عُقَيْل عن الزهري عن عبيد الله ابن عبد الله عن ابن عباس. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث أخرجه الشيخان والنسائي والترمذي كلهم عن قتيبة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه الشيخان أيضا وأبو عوانة وابن ماجه والبيهقي من طرق أخرى عن الزهري ... به نحوه. 78- باب الرخصة في ذلك 192- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب لبناً؛ فلم يمضمض ولم يتوضأ، وصلى. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ، وقوّاه ابن شاهين) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن زيد بن الحُبَاب عن مُطيع بن راشد عن تَوْبة العنبري أنه سمع أنس بن مالك. قال زيد: دَئَتي شعبة على هذا الشيخ.

قلت: يعني: مطيع بن راشد هذا. وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب ": " قلت: وقال أبو داود: أثنى عليه شعبة ". قال في "عون المعبود": " فدلالة شعبة لزيد على مطيع بن راشد لأخذ الحديث منه؛ تدل على أن شعبة كان حسن الرأي في مطيع بن راشد؛ وإلا لم يدل على من كان مستور الحال أو ضعيفاً عنده. قال السيوطي: قال الشيخ ولي الدين: ومطيع بصري. قال الذهبي: إنه لا يعرف. لكن قال زيد بن الحباب: إن شعبة دله عليه؛ وشعبة لا يروي إلا عن ثقة؛ فلا يدل إلا على ئقة، وهذا هو المقتضي لسكوت أبي داود عليه.انتهى". قلت: ويؤيد ذلك ما نقلناه آنفاً عن "التهذيب " من ئناء شعبة عليه. ولذلك سكت المنذري عليه في "مختصره " (رقم 185) . وقال الحافظ في "الفتح " (1/250) : " إسناده حسن ". والله سبحانه وتعالى أعلم. وأما سائر رواة الإسناد؛ فثقات مشهورون من رجال الشيخين. وقد قوّاه ابن شاهين؛ حيث قال الحافظ: " وأغرب ابن شاهين فجعل حديث أنس ناسخالحديث ابن عباس (يعني: الذي في الباب قبله) ؛ ولم يذكر من قال فيه بالوجوب؛ حتى يحتاج إلى دعوى النسخ ". قلت: ولولا أن ابن شاهين يرى أن الحديث قوي ثابت؛ لما ادعى أنه ناسخ؛ وهذا بَينٌ لا يخفى!

79- باب الوضوء من الدم

79- باب الوضوء من الدم 193- عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ يعني: في غزوة ذات الرقَاع، فأصاب رجلٌ امرأةَ رَجل هن المشركين؛ فحلف أن: لا أنتهي حتى أهريق دماً في أصحاب محمد، فخرج يتَّبع أثر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منزلاً؛ فقال: " من رجل يكلأُنا؟ "، فانتدب رجل هن المهاجرين ورجل من الأنصار فقال: " كونا بِفَمِ الشعبِ ". قال: فلما خرج الرجلان إلى فم الشِّعْب؛ اضطجع المهاجر فيُ وقام الأنصاري يصلي، وأتى الرجل؛ فلما رأى شخصه عرف أنه رَليئَةٌ للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه؛ حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبه، فلما عرف أنهم قد نَذرُوا به هرب، فلما رأى المهاجريُ ما بالأنصاري هن الدماء قال: سبحان الله! ألا أنهتني أول ما رمى؟! قال: كنت في سورة أقرأها؛ قلم أحب أن اقطعها. (قلت: إسناده حسن، وكذ اقال النويي، وصححه ابن خريمة وابن حبان (1093) والحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع فال: ثنا ابن المبارك عن محمد بن إسحاق قال: حدثني صدقة بن يسار عن عَقِيل بن جابر عن جابر.

وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عقيل بن جابر، فقال الذهبي في " الميزان ": " فيه جهالة؛ ما روى عنه سوى صدقة بن يسار "! كذا قال! وقد قال الحافظ في "التهذيب ": " وقد روى جابر البياضيُّ عن ثلاثة من ولد جابر عن جابر؛ فيحصل لنا راو آخر- وإن كان ضعيفا عن عقيل مع صدقة؛ لأن جابراً له ثلاثة أولاد رووا الحديث: هذا وعبد الرحمن ومحمد ". وعقيل وثقه ابن حبان وغيره ممن صحح حديثه؛ كما يأتي. والحديث قال النووي في "المجموع " (2/55) : " رواه أبو داود بإسناد حسن، واحتج به أبو داود ". قلت: ومن طريقه: أخرجه البيهقي (1/140) . وأخرجه الإمام أحمد (3/343- 344) قال: ثنا إبراهيم بن إسحاق: ثنا ابن المبارك ... به أتم منه. ثم أخرجه أحمد (3/359) : ثنا يعقوب: ثنا أبي عن محمد بن إسحاق: حدثني صدقة بن يسار ... به. وأخرجه الدارقطني (ص 82- 83) ، والحاكم (11/56- 157) ، وعنه البيهقي (9/150) من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق ... به. وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد؛ فقد احتج مسلم بأحاديث محمد بن إسحاق. فأما عقيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري؛ فإنه أحسن حالأ من أخويه محمد

80 باب الوضوء من النوم

وعبد الرحمن "! ووافقة الذهبي! لكن ابن إسحاق لم يحتجَّ به مسلم، بل استشهد به في خمسة أحاديث، كما قال الذهبي نفسه في "الميزان ". والحديث ذكره البخاري في "صحيحه " تعليقاً (1/225) مختصراً؛ فقال الحافظ: " وصله ابن إسحاق في "المغازي " قال: حدثني صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن أبيه مطولاً. وأخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم؛ كلهمِ من طريق ابن إسحاق. وشيخه صدقة ثقة. وعقيل- بفتح العين- لا أعرف راويآ عنه غير صدقة "! قلت: قد عرف له الحافظ في "التهذيب " راويا ًآخر كما سبق، ثم قال: " وأخرجه البيهقي في "الدلائل " من وجه آخر؛ وسمى الأنصاري المذكور: عَباد بن بشر، والمهاجري: عمار بن ياسر، والسورة: الكهف ". قلت: ولعل هذا الوجه هو من طريق أولاد جابر الثلاثة الذين ذكرهم الحاقظ في كلامه السابق! وعليه؛ فالحديث يقوى به. والله أعلم. ثم قلت: فيه عنده (3/378) : الواقدي؛ وهو متروك! فالعمدة على ما تقدم. والله أعلم. 80 باب الوضوء من النوم 194- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عنها ليلةً؛ فأخَّرها حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم خرج علينا؛ فقال:

" ليس أحد ينتظر الصلاة غيركم ". (قلت: اسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: ثنا عبد الرزاق: ثنا ابن جريج قال: أخبرني نافع قال: ثتي عبد الله بن عمر. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث في "مسند أحمد" (2/88) ... بهذا السند. وهو في "الصحيحين "، و "أبي عوانة" (1/368) من طرق عن عبد الرزاق ... وأخرجه أبو عوانة، والنسائي (1/93) من طريق منصور عن الحكم عن نافع..- به نحوه؛ وكذلك رواه مسلم. وأخرجه أحمد (2/126) من طريق فليح عن نافع، وزاد: وإنما حَبَسَنا لِوَفْد جاءه. وهوعلى شرطهما. 195- عن قتادة عن أنس قال: كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم؛ ثم يصلون ولا يتوضأون. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، والدارقطني ثم النووي: " صحيح ") .

إسناده: حدثنا شَاذُ بن فَيَّاض قال: ثنا هشام الدسْتُوائي عن قتادة عن أنس. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير شاذ بن فياض، وهو ثقة؛ وتكلم فيه بعضهم من قِبَلِ حفظه. والحديث رواه المصنف أيضا في كتابه " مسائل الإمام أحمد"؛ فقال (ص 317) : حدثنا هلال بن فياض- وهو يعرف يشاذ- قال ... إلخ، وأخرجه البيهقي (1/119) من طريق المؤلف. وأخرجه الدارقطني (ص 48) من طريق وكيع: نا هشام الدستوائي ... به- وقال: "صحيح ". ورواه مسلم وأبو عوانة والترمذي- وصححه- من طريق شعبة عن قتادة-.. نحو، ويأتي بعده. ورواه الشافعي في "مسنده " (ص 3) : أخبرنا الثقة عن حميد عن أنس بلفظ: فينامون- أحسبه قال- قعوداً حتى تخفق ... إلخ قال الحاكم: " أراد بالثقة: ابن عُلَية "؛ كذا في "التلخيص " (2/22) . قلت: وقد أخرجه المصنف في "المسائل " (ص 318) عن إسماعيل- وهو ابن علية-؛ إلا أنه لم يَسُق لفظه، ولكنه أحال على الحديث الأني (رقم 197) . قلت: فهو إسناد آخر صحيح، والأوإل صححه النووي أيضا (2/13) .

196- قال أبو داود: " زاد فيه شعبة عن قتادة: فال: كنا نخفق على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: وصله المصنف في كتابه "مسائل الامام أحمد" بسند صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: ذكره معلقاً كما ترى؛ وقد وصله المؤلف في "المسائل " (ص 317) فقال: حدثنا ابن بشار قال: ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة ... به، ولفظه: كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينامون، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضأون على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وبهذا الإسناد: أخرجه الترمذي (1/113) بهذا اللفظ تماماً؛ دون قوله: على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال: " حديث حسن صحيح ". وكذلك رواه أحمد (3/277) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وكذلك أخرجه مسلم (1/196) ، وأبو عوانة (1/266) ، من طريق خالد بن الحارث وأبي عامر العقدي قالا: ثنا شعبة ... به، دون الزيادة، وزاد خالد في آخره: قال: قلت: سمعته من أنس؟ قال: إي والله. لكن أخرجه البيهقي من طريق تمتام: ثنا محمد بن يشار ... به مثل رواية المصنف في "المسائل ". وتمتام؛ هذا لقبه، واسمه: محمد بن غالب بن حرب أبو جعفر الضبي، له

ترجمة في "تاريخ بغداد" (3/143- 145) ، وفي "اللسان " (5/337- 338) ، وقال الخطيب: " وكان كثير الحديث صدوقاً حافظاً ". فالحديث إذن محفوظ بهذه الزيادة. وفيه زيادة أخرى، رواها قاسم بن أصبغ: ثنا محمد بن عبد السلام الخُشَنِيَّ: ثنا محمد بن يشار ... به، ولفظه: كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظرون الصلاة، فيضعون جنوبهم؛ فمنهم من ينام ثم يقوم بلى الصلاة. ذكره في "نصب الراية " (1/47) ، وفي " التلخيص ". وقد رواه ابن حزم (1/224) بإسناده عن قاسم. وقد تابعه عبد الأعلى عن شعبة ... به: رواه البزار والخلال. وقال ابن القطان: " هذا صحيح ". وقال الحافظ في "الفتح " (1/251) : " إسناده صحيح ". قلت: وكذلك رواه عبد الأعلى عن ابن أبي عروبة؛ كما يأتي في الذي بعده، وهو: 197- قال أبو داود: " ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة ... بلفظ اخر ". (قلت: وصله المصنف في "المسائل "، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، ولفظه:

كان اصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُو جنوبهم فينامون، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ. ورواه شعبة أيضا عن قتادة بهذا اللفظ، وصححه ابن القطان والحافظ) . إسناده: هو معلق كما ترى، وقد وصله المؤلف في "المسائل " (ص 318) فقال: حدثنا ابن المثنى قال: ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضعون جنوبهم فينامون؛ فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. وقد تابعه شعبة عن قتادة في بعض الروايات عنه كما ذكرنا في الذي قبله. وابن المثنى: هو محمد. وقد رواه معمر أيصاً عن قتادة ... به، ولفظه: لقد رأيت أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوقَظُون للصلاة، حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطاً، ثم يصلون ولا يتوضأون. أخرجه الدارقطني (ص 48) ، والبيهقي (1/120) ، من طريق محمد بن حُمَيد: نا ابن المبارك: أنا معمر. ورجاله كلهم ثقات؛ غير محمد بن حميد- وهو الرازي- وهو ضعيف؛ لكن قال أحمد: " حديثه عن ابن المبارك وجرير صحيح "! وهذا من حديثه عن ابن المبارك؛ فهو عند أحمد صحيح.. والله أعلم.

(تنبيه) : وقع للحافظ ابن حجر وهمان في هذا الحديث؛ فقد عزا في "التلخيص " (2/22) هذه الرواية- أو هذا اللفظ- للترمذي! وليس كذلك، فلم يروه غير من ذكرنا. وذكر أن رواية تمتام عند البيهقي ليس فيها: يضعون جنوبهم! وهو وهم؛ فإنها ثابتة عنده، كما سبق أن ذكرنا في الرواية الثانية (رقم 196) . وقلّده على الوهم الأول: الصنعاني (1/81) ، وكذا الشوكاني (1/169) . وأما الوهم الآخر؛ ففي نقل الشوكاني ما يفيد أن الخظأ مطبعي؛ حيث قال: " وأخرجه بتلك الزيادة البيهقي والبزار والخلال ". وهو إنما نقل كلام الحافظ دون أن ينسبه إليه؛ كما هي عادته، فلست أدري هل هو تصرف منه حين رأى خطأ الحافظ، أم أنه نقل من نسخة صحيحة؟ فمن كان عنده علم بذلك؛ فليبده ونحن له من الشاكرين. (فائدة) : قال المصنف في "المسائل " (ص 317) : " سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول: اختلف شعبة وسعيد وهشام في حديث أنس: كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضأون في اللفظ-؛ وكلهم ثقات ... د. ثم ساق روايتهم على ما سبق. وهو يدل على أن أحمد يرى صحتها جميعاً؛ وهو الصواب؛ ويدل مجموعها على أنهم كانوا ينامون مضطجعين ثم يصلون دون أن يجددوا الوضوء. وعليه؛ فلا يجوز الاحتجاج بهذا الحديث على أن نوم الجالس لا ينقض كما هو ظاهر؛ لأنه ورد في (المضطجع) .

198- عن ثابت البُناني: أن أنس بن مالك قال: أقيمت صلاة العشاء، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن لي حاجةً، فقام يناجيه حتى نَعَسَ القوم أو بعض القوم، ثم صلى بهم.. ولم يذكر وُضوءاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحهما") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب قالا: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وداود بن شبيب من رجال البخاري؛ لكنه مقرون مع من هو من رجالهما. والحديث أخرجه المصنف في "المسائل " (ص 318) ... بهذا الإسناد، وأخرجه البيهقي (1/120) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/196) ، وأبو عوانة (2/266) ، وأحمد (3/160 و 268) من طرق أخرى عن حماد ... به، وليس عند مسلم: ولم يذكر وضوءاً. وتابعه الزهري عن ثابت بلفظ: كانت الصلاة تقام، فيكلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجلُ في حاجة تكون له، فيقوم بينه وبين القبلة، فما يزال قائماً يكلمه، فربما رأيت بعض القوم لَيَنْعَسُ من طول قيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له. أخرجه أحمد (3/161) : ثنا عبد للرزاق: أنا معمر عن الزهرى.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ورواه الترمذي (518) عن عبد الرزاق ... به؛ إلا أنه لم يذكر الزهري؛ وقال: "حسن صحيح ". وأخرجه البخاري (2/98) ، ومسلم وأبو عوانة، وأحمد (3/129- 130) من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس ... نحوه. وكذلك أخرجه المصنف في "المسائل " (ص 318) . ئم أخرجه هو، والبخاري، وأحمد (3/114 و 182 و 199 و 205 و 232) من حديث حميد عن أنس ... نحوه. ورواه جرير بن حازم عن ئابت ... به نحوه؛ ولكنه قال: في صلاة الجمعة! وهو وهم؛ كما يأتي بيانه في الكتاب الآخر (208) . 199- عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وِكَاء ًالسهِ العينان؛ فمن نام فليتوضأ ". (قلت: إسناده حسن، وكذا قال النووي، وحسنه المنذري وابن الصلاح) . إسناده: حدثنا حيوة بن شُرَيح الحمصي- في آخرين- قالوا: ثنا بَقِية عن الوَضِبنِ بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن علي بن أبي طالب. وهذا إسناد حسن؛ حيوة وبقية ثقتان تقدما؛ وإنما يخشى من بقية التدليس،

وقد صرح بالتحديث في غير هذه الرواية كما يأتي. والوضين بن عطاء مختلف فيه؛ وقد وثقه أحمد وابن معين ودُحَيم وغيرهم. وقال الأجري عن المؤلف: إنه " صالح الحديث ". وضعفه ابن سعد والجوزجاني وغيرهما. وقال ابن عدي: " ما أرى بأحاديثه بأساً ". قلت: فهو حسن الحديث على أقل الدرجات إذا لم يظهر خطأُه. ومحفوظ بن علقمة وشيخه عبد الرحمن بن عائذ؛ وثقهما النسائي وابن حبان، ووثق الأول ابن معين أيضا ودحيم وغيرهما. والآخر قيل: إنه صحابي؛ لكن قال الحافظ في "التلخيص " (2/20) : " وهو تابعي معروف عن علي، لكن قال أبو زرعة: لم يسمع منه. وفي هذا النفي نظر؛ لأنه يروي عن عمر، كما جزم به البخاري ". والحديث أخرجه ابن ماجه (1/176) عن محمد بن المُصَفى الحمصي، والدارقطني (ص 59) عن سليمان بن عمر الأقطع، والبيهقي (1/118) عن أبي عتبة- وأسمه أحمد بن الفرج (1) -، وكذا الحاكم في "علوم الحديث " (ص 133) عن إبراهيم بن موسى الفراء، وأحمد (1/111/رقم 887) عن علي بن بحر، كلهم عن بقية ... به. ثم قال الحاكم: " هذا حديث مروي من غير وجه؛ لم يَذْكُر فيه: " فمن نام فليتوضأ " غير إبراهيم بن موسى الرازي؛ وهو ثقة مأمون "!

_ (1) وقد وهم المزي في "التهذيب " والحافظ في "التقريب "، وتبعهما الخزرجي في "التذهيب "؛ فأوردوه في "الكنى" فيمن تقدم اسمه، ولم يتقدم!! وهو في " تهذيب الحافظ "،و "" " الميزان ".

81- باب في الرجل يطأ الأذى

كذا قال! وهذه الزيادة ثابتة من جميع الوجوه التي سقناها إلى بقية، وقد صرح بالتحديث في رواية علي بن بحر، وهو ثقة اتفاقاً، وجعله بعضهم من أقران أحمد في الفضل والصلاح؛ فزالت بذالك شيهة تدليسه. ولذلك قال النووي في "المجموع " (2/13 و 18) : " إسناده حسن "، وحسنه من قبلُ: المنذريّ وابن الصلاح، كما ذكره الحافظ. وأما قول الصنعاني (1/82) فيه: "حسنه الترمذي "! فما أراه إلا وهماً؛ لأنه لم يذكر ذلك أحد غيره، كالحافظ والزيلعي وغيرهما، وليس الحديث في "سنن الترمذي ". والله أعلم. وللحديث شاهد من حديث معاوية، سوف نتكلم عليه إن شاء الله في "صحيح الدارمي"، وقد قال أحمد: " حديث علي أثبت من حديث معاوية في هذا الباب ". 81- باب في الرجل يطأ الأذى 200- عن عبد الله [هو ابن مسعود] قال: كنا لا نتوضأ من مَوْطِئ؛ ولا نكفُّ شعراً ولا ثوباً. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما، وكذلك صححه الحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا هَناد بن السَرِي وإبراهيم بن أبي معاوية عن أبي معاوية. (ح)

وثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثني شريك وجرير وابن إدريس عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله. قال أبو داود: قال إبراهيم بن أبي معاوية فيه: عن الأعمش عن شقيق عن مسروق- أو حدثه عنه- قال: قال عبد الله. وقال هناد: عن شقيق- أو حدثه عنه-[قال: قال عبد الله] . ومقصود المؤلف من ذلك بيان اختلاف وقع فيه على أبي معاوية: فابنه إبراهيم يرويه عنه عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عبد الله؛ فأدخل بين شقيق وعبد الله: مسروقاً. وخالفه هناد؛ فأسقطه من بينهما موافقاً في ذلك ابن أبي شيبة. ثم اتفقا- أعني: إبراهيم وهناداً- في الشك في التحديث بدل العنعنة لكنهما اختلفا في محله: فإبراهيم جعله في رواية شقيق عن مسروق؛ أي: هل قال شقيق: حدثني مسروق، أم قال: عن مسروق؟! وهناد جعله في رواية الأعمش عن شقيق. هذا هو الظاهر مما ذكره المصنف رحمه الله؛ وقد فهم صاحب "العون " خلاف ما بينا من تعيين مكان الشك! وهو خطأً واضح لاحاجة لبيانه؛ فنكتفي بالإشارة إليه، فمن شاء التحقق؛ فليراجعه بنفسه، ثم ليقابله بما ذكرنا؛ يتبين له صواب ما ذهبنا إليه. وقد تابع هناداً: محمد بن حماد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق- أو حدثه عنه-.

أخرجه البيهقي (1/139) من طريق الحاكم، وهو في "المستدرك " (1/139) والصواب رواية ابن أبي شيبة؛ لأنه لا اضطراب فيها، ولأن أبا معاوية قد وافقه عليها: في رواية أحمد بن مَنِيع وأحمد بن عبد الجبار كلاهما عن أبي معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد الله. أخرجه الحاكم (1/139 و 171) . وقد تابعه على الصواب: سفيان بن عيينة عن الأعمش ... به. أخرجه الحاكم، وعنه البيهقي. فالحديث صحيح على شرط الشيخين؛ وكذلك صححه الحاكم، ووافقه الذهبي. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف. وأخرجه الحاكم من طريق موسى بن إسحاق الأنصاري: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا شريك وجرير عن الأعمش ... به. ثم أخرجه، هو وابن ماجه (1/323) من طريقين آخربن عن عبد الله بن إدريس ... به؛ ولفظ ابن ماجه: قال: أمرنا أن لا نكف شعراً ولا ثوباً، ولا نتوضأ من موطئ. ورواه الترمذي (1/267) تعليقاً؛ بلفظ: قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نتوضأ من المَوْطَأ. قلت: وهذا لفظ ابن عيينة عند الحاكم والبيهقي. (تنبيه) : بعض أسانيد هذا الحديث عند الحاكم: من طريق عبد الله بن أحمد ابن حنبل، وليس الحديث في "مسند أبيه " ولا في "زوائده " عليه!

82- باب من يحدث في الصلاة

82- باب من يُحدِثُ في الصلاة [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 83- باب في المذي 201- عن علي رضي الله تعالى عنه قال: كنت رجلاً مَذَّاءً؛ فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو ذُكِرَ له-؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تفعل؛ إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك، وتوضأ وضوءك للصلاة، فإذا فَضَخْت الماء فاغتسل ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه النووي. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "، وهو في "صحيح البخاري " و "مسلم " و "أبي عوانة"؛ دون قوله: " فاذا فضخت ... " إلخ) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عَبِيدَةُ بن حمَيْد الحَذأء عن الركَيْنَ بن الربيع عن حصَيْنِ بن قَبِيصةَ عن علي رضي الله عنه. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير حصين بن قبيصة؛ وهو ثقة بلا خلاف. والحديث أخرجه البيهقي (1/169) من طريق المؤلف. وأحمد (1/109/رقم 868) : حدثنا عبيدة بن حميد التيمي أبو عبد الرحمن: حدثني ركين ... به.

وأخرجه النسائي (1/41) عن قتيبة وعلي بن حجْرٍ معاً. وتابعه زائدة عن الركين: أخرجه الطيالسي (رقم 145) : حدثنا زائدة ... به، ومن طريقه: أخرجه البيهقي (1/167) . وأخرجه الطحاوي (1/28) ، وأحمد (رقم 1028 و 1029) من طرق أخرى عن زائدة. وكذا أخرجه النسائي. وتابعه أيضا سفيان وشريك عن ركين: أخرجه أحمد (رقم 1028 و 1238) ؛ ولفظ شريك: كنت رجلاً مَذاءً؛ فاستحييت أن أسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجل ابنته، فأمرت المقداد، فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يجد المزي؟ فقال: " ذلك ماء الفحل، ولكل فحل ماء، فليغسل ذكره وأنثييه، وليتوضأ وضوءه للصلاة". فزاد فيه: "وأنثييه "! وهو سيئ الحفظ؛ لكنه قد توبع عليه من طريق أخرى يأتي بعد هذا بحديث. وله شاهد من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري وهو الأتي (رقم 206) . والحديث أخرجه البخاري (1/185 و 227 و 302) ، ومسلم (1/169- 175) ، وأبو عوانة (1/272- 273) ، والنسائي (1/36- 37 و 75) ، وابن ماجه (1/182- 183) ، والطحاوي، والبيهقي (115) ، والترمذي أيضا (1/193) ، والطيالسي (رقم 144) ، وأحمد (رقم 618 و 662 و 847 و 856 و 890 و 977 و1026 و 1071 و 1182) ، وابنه عبد الله في "زوائده " (رقم 606 و 811 و 823

و 893) ، وابن حزم في "المحلى" (1/106- 107) من طرق أخرى كثيرة عن علي ... به دون قوله: " فإذا فضخت ... إلخ ". وفي رواية لأحمد: " فقال: "إذا خذفت فاغتسل من الجنابة، وإذا لم تكن خاذفاً فلا تغتسل ". وسنده حسن أو صحيح. (فائدة) : في حديث الباب عند أحمد زيادة: في الشتاء- بعد قوله: فجعلت أغتسل-. وكذلك رواه ابن خزيمة- كما في "الفتح " (1/302) -، وصححه النووي في "المجموع " (2/143) . 252- عن المقداد بن الأسود: أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أمره أن يسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل إذا دنا من أهله، فخرج منه المذي؛ ماذا عليه؟ فإن عندي ابنته، وأنا أستَحيْي أن أسأله! قال المقداد: فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فقال: " إذا وجد أحدكم ذلك؛ فلينضح فرجه، وليتوضأ وضوءه للصلاة ". (قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه (1098)) إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو النضر: هو سالم المدني. وقد اختلف في سماع سليمان بن يسار عن المقداد، كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/62- 63) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه محمد في "موطئه " (ص 65) ، وكذا الشافعي في "مسنده " (ص 4) ، والنسائي (1/37 و 75) ، وابن ماجه (1/182) ، والبيهقي (1/115) ، وأحمد (6/4- 5) ، وابن حزم (1/106) كلهم عن مالك.... به. قال المنذري في "مختصره": " وقال الشافعي: حديث سليمان بن يسار عن المقداد مرسل، لا نعلمه سمع منه شيئاً. قال البيهقي: هو كما قال ". وقال ابن عبد البر: " هذا إسناد ليس بمتصل؛ لأن سليمان بن يسارلم يسمع من المقداد ولا من علي، ولم ير واحداً منهما؛ فإنه ولد سنة أربع وثلاثين؛ ولا خلاف أن المقداد توفي سنة ثلاث وثلاثين ". قال: " وبين سليمان وعلي في هذا الحديث: ابن عباس؛ أخرجه مسلم والنسائي ". وخالفهما ابن حبان؛ فإنه قال الحافط في ترجمة سليمان بن يسار من " التهذيب ": " قال ابن حبان: وكان مولده سنة (24) . وأخرج في "صحيحه " حديثه عن المقداد؛ وقال: قد سمع سليمان من المقداد وهو ابن دون عشر سنين. وقال البيهقي: ولد سليمان سنة (27) أو بعدها؛ فحديثه عن المقداد مرسل. قاله الشافعي وغيره ". قلت: فقد اختلفوا في سنة ولادة ابن يسار؛ فإذا صح ماذكره ابن حبان؛

فيكون قد أدرك المقداد. ومن الممكن حينئذ أن يكون قد سمع منه! وقد جزم ابن حبان بسماعه منه! ولا أدري أذلك منه لمجرد المعاصرة؛ أم لشيء زائد على ذلك وقف هو عليه؟! فالله أعلم. وعلى كل حال؛ قالحديث صحيح؛ لأنه قد جاء موصولاً- كما سبق عن ابن عبد البر-: أخرجه مسلم (1/170) ، وأبو عوانة (1/273) ، والنسائي والبيهقي، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (رقم 823) من طريق مَخْرمة بن بُكَير عن أبيه عن سليمان بن يسارعن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله عن المذي ... الحديث نحوه. وتابعه الليث بن سعد عن بكير بن الأشح عن سليمان: عند النسائي؛ لكنه أسقط: (ابن عباس) من الإسناد. 203- عن عروة: أن علي بن أبي طالب قال للمقداد ... وذكر نحو هذا، قال: فسأله المقداد؟ فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليغسل ذكره وأُنثييه ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير عن هشام بن عروة عن عروة. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ وقد أعل بالأرسال والانقطاع؛ ففي " التهذيب ": " قال ابن أبي حاتم عن أبيه: عروة بن الزبير عن علي مرسل ".

قال المحقق أحمد محمد شاكر في تعليقه على "المسند" (2/218) : " وهذا نقل خطأ؛ فليس موجوداً في "المراسيل " لابن أبي حاتم (ص 55) ! ثم هو في نفسه خطأ؛ لأن عروة ولد في خلافة عمر، وكان يوم الجمل ابن ثلاث عشرة سنة. وفي "التهذيب " عن مسلم بن الحجاج في كتاب "التمييز": " حج عروة مع عثمان، وحفظ عن أبيه فمن دونهما من الصحابة ". وهذا الثبت ". قلت: أما كونه في نفسه خطأً؛ فهو الظاهر. وأما كون النقل خطأً؛ فغير ظاهر؛ لاحتمال وجوده في كتاب آخر لابن أبي حاتم؛ كـ"العلل " أو غيره مما لم يصل إلينا. ثم قال المصنف عقب الحديث: " قال أبو داود: ورواه الثوري وجماعة عن هشام عن أبيه عن المقداد عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "! قلت: ولم أجد هذه الرواية موصولةً! وهي عندي شاذة؛ لخالفتها لجميع الروايات السابقة واللاحقة التي فيها أن المقداد هو الذي أرسله علي رضي الله عنه؛ فسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكيف يروي عن الذي أرسله؟! ثم إن الحديث أخرجه الإمام أحمد (1035) قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام: أخبرني أبي: أن علياً قال للمقداد: سل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يدنو من المرأة فيمذي؛ فإني أستحمِي منه؛ لأن ابنته عندي؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يغسل ذكره وأئثييه ويتوضأ ". ثم أخرجه أحمد (رقم 1009) : حدثنا وكيع: حدثنا هشام بن عروه عن أبيه

قال: قال علي ... فذكره. فقد اتفق زهير ويحيى بن سعيد ووكيع على رواية عن هشام عن أبيه عن علي: أنه أرسل المقداد. وكذلك رواه غير عروة عن علي: في "الصحيحين " وغيرهما. وذلك كله يدل على شذوذ رواية سفيان ومن معه. على أن سفيان قد رواه أيضا على الصواب، كما سيذكره المؤلف معلقاً. 204- عن هشام بن عروة عن أبيه عن حديث حِدثه عن علي بن أبي طالب قال: قلت للمقداد ... فذكر بمعناه. (قلت: إسناد صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: ثنا أبي عن هشام بن عروة. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مسلمة القعنبي- واسم أبيه قعنب-؛ قال المصنف في رواية الأجري: " كان له شأن وقدر ". وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال: " مستقيم الحديث ". قلت: وقد تابعه زهير ويحيى بن سعيد ووكيع؛ كما سبق. ثم قال المصنف عقب الحديث: " قال أبو داود: رواه المُفَضل بن فَضَالة والثوري وابن عيينة عن هشام عن أبيه عن علي ". قلت: لم أقف على رواية هؤلاء! والظاهر أنها مثل رواية زهير ومن معه ممن ذكرنا فيما سلف. إلا أن صاحب "عون العبود" فهم منه أن المصنف يعني بذكره

لهذه الرواية: أنها تدل على أن السائل هو علي! قلت: وهذا محتمل، ولكنها لا تنفي ما استظهرناه؛ لأن الروايات السابقة يصح أن يقال فيها أيضا: إنها عن علي رضي الله عنه؛ ولكنها عنه أنه أرسل المقداد ... فيحتمل أن تكون هذه مثلها. ويؤيده قول الصنف عقيها: " ورواه ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن المقداد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لم يدْكر: " أنثييه ".. " فإنها لا تنفي أيضا أن يكون علي قد أرسل المقداد؛ بل هذا مما ثبت في هذه الرواية نفسها؛ فقد وصلها أحمد (4/79 و 6/2) فقال: حدثنا يزيد بن هارون: أنا محمد بن إسحاق ... به؛ بلفظ: قال: قال لي علي: سل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يلاعب أهله؛ فيخرج منه المذي من غير ماء الحياة؛ فلولا أن ابنته تحتي لساكته! فقلت: يا رسول الله! الرجل يلاعب أهله ... إلخ. وأما عدم ذكر ابن إسحاق: " أنثييه "؛ فليس ذلك بعلة، بعد أن اتفق جماعة من الثقات الحفاظ على إثباتها في الحديث عن هشام بن عروة، كما أنها وردت من الطريق الأولى عن علي (رقم 201) في بعض الروايات كما بينا هناك. وقد وجدت له طريقين آخرين: أخرج أحدهما: أبو عوانة (1/273) من طريق عَبِيدة السلماني عن علي بن أبي طالب قال: كنت رجلاً مَذَّاءً ... الحديث وفيه: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يغسل أنثييه وذكره، ويتوضأ وضوءه للصلاة ".

وإسناده صحيح. وأما الطريق الأخرى؛ فستذكر عند الكلام على الحديث (رقم 206) . 205- عن سهل بن حُنَيْف قال: كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أُكثر منه الاغتسال، فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فقال: " إنما يجزئك من ذلك الوضوءُ ". قلت: يا رسول الله! فكيف بما يُصيب ثوبي منه؟ قال: " يكفيك بأن تأخذ كفّاً من ماء؛ فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه ". (قلت: إسناده حسن. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1100) في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسدد قال: ثنا إسماعيل- يعني: ابن إبراهيم- قال: نا محمد بن إسحاق قال: حدثني سعيد بن عُبَيْدِ بن السباق عن أبيه عن سهل بن حُنَيْف. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير اين إسحاق، وهو حسن الحديث؛ وقد صرّح بالتحديث. والحديث أخرجه أحمد (3/485) : قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ... به. وأخرجه للبيهقي (2/410) من طريق المؤلف.

وأخرجه الترمذي وابن ماجه، والطحاوي (1/28) ، وابن حزم (1/106- 107) من طرق عن ابن إسحاق ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح " 0 ورواه ابن خزيمة يعني في "صحيحه "؛ كما في "الفتح، (1/302) . 206- عن عبد الله بن سعد الأنصاري قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يوجب الغُسْلَ، وعن الماء يكون بعد الماء؟ فقال: " ذلك المذي؛ وكلُّ فَحْل- يُمْذِي؛ فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي. وقد سقط من بعض الرواة- فيما يظهر- الجواب عما يوجب الغسل، ونصه - كما في "سنن البيهقي "-: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله لا يستحبي من الحق- وعائشة إلى جنبه-: فأمّا أنا؛ فإذا كان مني وَطْءٌ جئت فتوضأت ئم اغتسلت ") . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا عبد الله بن وهب قال: ثنا معاوية- يعني: ابن صالح- عن العلاء بن الحارث عن حَرَامِ بن حكيم عن عَمه عبد الله بن سعد الأنصاري.

وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير حرام بن حكيم؛ قال دحيم والعجلي: " ثقة". وكذا قال الحافظ في "التقريب ". وضعفه ابن حزم؛ فأخطأ! ويأتي كلامه في الذي بعده. وكأن الحافظ اغتر به، فقال في "التلخيص " (1/117) : " وفي إسناده ضعف "! وانظر كلامه الآتي في الرد على ابن حزم. والحديث قال النووي في "المجموع " (2/145) : " رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح ". وكأنه سقط من بعض الرواة الجواب عن السؤال الأول؛ وقد أخرجه البيهقي (2/411) كاملاً وأتم منه من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح: حدثني معاوية ابن صالح ... به بلفظ: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، وعن الصلاة في بيتي، وعن الصلاة في المسجد، وعن مؤاكلة الحائض؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله لا يستحيي من الحق- وعائشة إلى جنبه-: فأما أنا؛ فإذا كان مني وطء جئت فتوضأت ثم اغتسلت. وأما الماء يكون بعد الماء؛ فذلك المذي؛ وكل فحل يمذي؛ فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة. وأما الصلاة في المسجد والصلاة في بيتي؛ فقد ترى ما أقرب بيتي من المسجد؛ فلأن أصلي في بيتي أحب إلي من أصلي في المسجد؛ إلا أن يكون صلاة مكتوبة. وأما مؤاكلة الحائض فواكلها ". وأخرجه الإمام أحمد (4/342) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية- يعني

ابن صالح- ... به نحوه. وروى الترمذي (1/240) منه، وكذا ابن ماجه (1/224) مؤاكلة الحائض فقط؛ وهو رواية لأحمد (4/242 و 5/293) . وقال الترمذي: " حديث حسن ". ثم أخرج هو في "الشمائل " (2/114- 115) ، وابن ماجه أيضا (1/416) قطعة أخرى منه؛ وهي الصلاة في البيت. وقال البوصيري في "الزوائد": " إسناده صحيح، ورجاله ثقات ". وللحديث شاهد من حديث علي رضي الله عنه قال: كنت أجد مذياً، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؛ واستحييت أن أسأله؛ لأن ابنته عندي، فساكله؟ فقال: " إن كل فحل يمذي؛ فإذا كان المني ففيه الغسل، وإذا كان المذي ففيه الوضوء ". أخرجه الطحاوي (1/28) من طريق محمد ابن الحنفية عنه. وإسناده صحيح. ورواه أحمد من طريق أخرى عنه؛ وزاد فيه: " وأنثييه "؛ وقد ذكرناه بتمامه عند الكلام على حديثه في الكتاب (201) . 207- وفي رواية عنه: أنه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يَحِل لي من امرأني وهي حائض؟ قال: " لك ما فوق الازار " ... وذكر مؤاكلة الحائض ... وساق الحديث.

(قلت: إسناده صحيح. وروى الترمذي منه: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مؤاكلة الحائض؟ فقال: " وَاكِلْها لما. وقال: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا هارون بن محمد بن بَكَّار: قال: ثنا مروان- يعني: ابن محمد- قال: ثنا الهيثم بن حميد قال: ثنا العلاء بن الحارث عن حَرَام بن حكيم عن عمه. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وفي الهيثم بن حميد كلام لا يضر؛ وفي " التقريب " أنه: " صدوق ". والحديث أخرجه البيهقي (1/312) من طريق المؤلف. وأخرج الترمذي القَدْرَ المذكور في الأعلى، وكذا أخرجه ابن ماجه وأحمد، كما سبق في الكلام على الذي قبله. والحديث ضعفه ابن حزم بغير حجة، فقال (2/180- 181) : " لا يصح؛ لأن حرام بن حكيم ضعيف، وهو الذي روى غسل الأنثيين من المذي، وأيضا؛ فإن مروان بن محمد ضعيف "!! قلت: حرام بن حكيم؛ وثقه دحيم والعجلي كما سبق فيما قبل. وقال الحافظ في "التهذيب ": " ونقل بعض الحفاظ عن الدارقطني أنه وثق حرام بن حكيم. وقد ضعفه ابن حزم في "المحلى" بغير مستند. وقال عبد الحق عقب حديثه: لا يصح هذا. وقال فما موضع آخر: ضعيف. فكأنه تبع ابن حزم! وأنكر عليه ذلك ابن القطان الفاسي فقال: بل مجهول الحال. وليس كما قالوا: [بل هو] ثقة؛ كما قال العجلي وغيره ".

84- باب في الإكسال

وأما مروان بن محمد- وهو الطَاطَرِي-؛ فثقة أيضا، وثقه أبو حاتم وابن معين وغيرهما. وقال الحافظ: " وضعفه ابن حزم فأخظأ؛ لأنا لا نعلم له سلفاً في تضعيفه؛ إلا ابن قانع، وقول ابن قانع غير مقنع ". 84- باب في الإكسال 208- عن أبي بن كعب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام؛ لقلة الثياب، ثم أمر بالغُسْل ونهى عن ذلك. قال أبو داود: " يعني: الماء من الماء ". (قلت: حديث صحيح، وكذا قال النووي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه ابن خزيمة وابن حبان (1170) في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو- يعني: ابن الحارث- عن ابن شهاب قال: ثني بعض مَنْ أرضى: أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن أبي بن كعب أخبره. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير شيخ ابن شهاب الذي فيه؛ فإنه لم يسمه؛ ولكنه قد رضيه الزهري، وما نظن أنه يرضيه غير ذي ثقة وحفظ. ومع ذلك؛ فقد ساقه المولف- فيما بعد- من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد. ولذلك قال ابن خزيمة- كما في "التلخيص " (2/122) -: " هذا الرجل الذي لم يسمّه الزهري: هو أبو حازم- ثم ساقه من طريقه؛ كما

يأتي في الكتاب -؛ وقد وقع في رواية لابن خزيمة من طريق معمر عن الزهري: أخبرني سهل ... فهذا يدفع قول من جزم بأنه لم يسمعه منه؛ لكن قال ابن خزيمة: أهاب أن تكون هذه اللفظة غلطاً من محمد بن جعفر؛ الراوي له عن معمر. قلت: أحاديث أهل البصرة عن معمر يقع فيها الوهم، لكن في "كتاب ابن شاهين " من طريق مُعَلى بن منصور عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري: حدثني سهل. وكذا أخرجه بقي بن مخلد في "مسنده " عن أبي كريب عن ابن المبارك. وقال ابن حبان: يحتمل أن يكون الزهري سمعه من رجل عن سهل، ثم لقي سهلاً فحدثه به، أو سمعه من سهل ثم ثبته فيه أبو حازم ". والحديث أخرجه الترمذي (1/183- 184) ، والدارمي (1/194) ، وابن ماجه (1/211- 212) ، والبيهقي (1/165) ، وأحمد (5/115- 116) من طرق عن الزهري عن سهل بن سعد ... به. وهو- عند الترمذي والبيهقي ورواية لأحمد- عن ابن المبارك عن يونس عنه. وعند ابن ماجه وأحمد أيضا من طريق عثمان بن عمر: أنا يونس ... به. وكذلك رواه ابن جريج وشعيب عن الزهري: قال سهل. فيظهر أن من قال فيه: ثني سهل؛ فقد شذ. والله أعلم. ثم قال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه أحمد من طريق رِشْدين: حدثني عمرو بن الحارث ... به مثل رواية الكتاب. وأخرجه البيهقي من طريق المؤلف.

209- وفي رواية عنه: أن الفتيا التي كانوا يفتون: إن الماء من الماء؛ كانت رخصة رخصها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في- بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعدُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقال الاسماعيلي: " صحيح على شرط البخاري "، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (1176) والبيهقي، وقال الحافظ: " هو إسناد صالح لأن يحتج به "، وصححه الدارقطني أيضا وأبو حاتم الرازي؛ حيث جعله ناسخالحديث أبي سعيد الخدري الأتي (رقم 211)) . إسناده: حدثنا محمد بن مهران البزاز الرازي قال: ثتا مُبشر الحلبي عن محمد أبي غسان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: ثني أُبي بن كعب. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات أثبات من رجال الشيخين. والحديث أخرجه بهذا الإسناد: الدارمي (1/194) ، وابن خزيمة في "صحيحه "- كما سبق في الذي قبله-، وابن حبان أيضا في "صحيحه "- كما في " نصب الراية " (1/83) -. وأخرجه البيهقي (1/166) من طريق المؤلف، ومن طريق موسى بن هارون: ثنا محمد بن مهران الجمال ... به. وقال: " إسناد صحيح موصول ". وقال الحافظ في "الفتح " (1/316) : " صححه ابن خزيمة وابن حبان. وقال الإسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري. كذا قال؛ وكأنه لم يطلع على علته، فقد اختلفوا في كون الزهري سمعه من سهل. نعم؛ أخرجه أبو داود وابن خزيمة أيضا من طريق أبي حازم عن سهل، ولهذا الإسناد أيضا علة أخرى ذكرها ابن أبي حاتم. وفي الجملة؛ هو إسناد صالح

لأن يحتج به ". قلت: وممن صححه أيضا: الدارقطني، فقال بعد أن أخرجه (ص 46) من الطريقين عن محمد بن مهران-: "صحيح ". والعلة التي أشار إليها الحافظ؛ لعلها قول ابن أبي حاتم في "العلل " (1/41/ رقم 86) : " سمحت أبي قال: ذكرت لأبي عبد الرحمن الحبلي ابن أخي الإمام- وكان يفهم الحديث- فقلت له: تعرف هذا الحديث [قلت: فذكره بإسناد المصنف] ؟ فقال لي: قد دخل لصاحبك حديث في حديث؛ ما نعرف لهذا الحديث أصلاً " إ! وهذا توهيم للثقات بدون حجة؛ فلا يقبل. ولذلك لم يجعلها الحافظ علة قادحة، فصرح بأن الحديث صالح يحتج به؛ بل أرى أن أبا حاتم نفسه لم يرفع إليها رأساً، فقد قال ابنه فيما بعد (رقم 114) : " سمعت أبي وذكر الأحاديث المروية في: " الماء من الماء " فقال: هو منسوخ، نسخه حديث سهل بن سعد عن أبي بن كعب ". فلو لم يكن الحديث عنده صحيحاً؛ لما جعله ناسخاً، وهذا واضح والحمد لله. 210- عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا قعد بين شعبها الأربع، وألزق الختان بالختان؛ فقد وجب الغسل ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكلذا ابن حبان (1175) ، وأبو عوانة في "صحاحهم "، وصححه عبد الحق في "الأحكام

الكبرى " (رقم 415)) إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم الفراهيدي قال: ثنا هشام وشعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث أخرجه البيهقي (1/163) من طريق عثمان بن سعيد: ثنا مسلم ابن إبراهيم ... به. وأخرجه أبو داود الطيالسي (رقم 2449) قال: حدثنا شعبة وهشام عن قتادة ... به بلفظ: " إذا قعد الرجل بين شعبها الأربع، ثم اجتهد؛ فقد وجب الغسل ". قال: وزاد حماد بن سلمة في هذا الحديث: " أنزل أو لم ينزل ". ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " والحازمي في "الاعتبار". وأخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم " والدارمي وابن ماجه والطحاوي (1/34) ، والبيهقي من حديث هشام ... به. وأخرجه مسلم وكذا البخاري تعليقاً والنسائي والطحاوي والبيهقي من حديث شعبة ... به. وكذلك أخرجه أبو عوانة، وصرح قتادة بسماعه من الحسن في رواية النسائي، وكذا في رواية أخرى البخاري عن قتادة تعليقاً. وأخرجه اًحمد (2/347) : ثنا عفان: ثنا همام وأبان قالا: حدثنا قتادة ...

به، وزاد في آخره؟ " أنزل أو لم ينزل ". وهي صحيحة على شرط الشيخين. وهكذا أخرجه الطحاوي والبيهقي وابن أبي خيثمة أيضا في "تاديخه "- كما في "الفتح " (1/314) - عن عفان. ورواه عنه الدارقطني في "سننه " (ص 42) ؛ لكنه لم يذكر أبان في الإسناد مع همام؛ وذكر الحافظ أنه صححه! وليس هذا في النسخة المطبوعة في الهند من "السنن "! وتابعه على هذه الزيادة: سعيد بن أبي عروبة عن قتادة؛ ولفظه: " إذا التقى الختان الختان؛ وجب الغسل؛ أنزل أو لم ينزل ": أخرجه البيهقي. وتابع قتادة عليها: مطرٌ - وهو ابن طَهَمان الورَاق- بلفظ: " وإن لم ينزل ". أخرجه مسلم وأبو عوانة والدارقطني والبيهقي. 211- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري: ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الماء من الماء ". وكان أبو سلمة يفعل ذلك. (قلت: إسناده صحيح؛ كما قال الحافظ، وهو على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان (1165) في "صحاحهم " لكن قال أبو حاتم الرازي: " هو منسوخ، نسخه حديث سهل بن سعد عن أُبي ابن كعب "، وهو (رقم 208)) .

إسناده: حدثنا أحمد بن صالح قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. وهذا إساد صحيح على شرط البخاري؛ وفي أحمد بن صالح- وهو المصري- كلام لا يضر؛ بل قأل الذهبي فيه: " هو الحافط الثبت، أحد الأعلام، آذى النسائي نفسه بكلامه فيه ". والحديث قال الحافط في "الفتح " (1/316) : " إسناده صحيح ". وقال في "التلخيص " (2/113) : " رواه أبو داود وابن خزيمة وابن حبان ". قلت: وأخرجه مسلم (1/186) ، والطحاوي (1/33) ، وأحمد (3/29) من طرق عن عمرو بن الحارث ... به. وله طريقان آخران: الأول: أخرجه مسلم، وأبو عوانة (1/285- 286) عن شَريك بن أبي نَمِرٍ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: خرجت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الاثنين إلى قُباء، حتى إذا كنا في بني سالم؛ وقف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على باب عِتْبانَ فصرخ به، فخرج يجر إرْاره، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أعجلنا الرجل! ". فقال عتبان: يا رسول الله! أرأيت الرجل يُعْجَلُ عن امرأته ولم يُمْنِ؛ ماذا عليه؟ قأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إنما الماء من الماء ". وروى أحمد (3/36) الجملة الأخيرة منه. الطريق الثاني؛ قال الطيالسي (رقم 2185) : حدثنا شعبة عن الحكم عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ على رجل من الأنصار، فأرسل إليه، فخرج ورأسه يقطر فقال: " لعلنا أعجلناك؟ ". قال: نعم يا رسول الله! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أعجلت أو قحطت؛ فلا غُسْلَ عليك، وعليك الوضوء ". وأخرجه البخاري (1/227) ، ومسلم وأبو عوانة وابن ماجه والطحاوي من طرق عن شعبة. ورواه الأعمش عن ذكوان ... به مختصراً، ولفظه: " إذا عَجِلَ أحدكم أو أقحط؛ فلا يغتسلن ". أخرجه أحمد (3/94) ؛ وإسناده صحيح على شرطهما. قال ابن أبي حاتم في "العلل " (1/49/رقم 114) : " سمعت أبي- وذكر الأحاديث المروية في: " الماء من الماء "؛ حديث هشام ابن عروة- يعني: عن أبيه. زياد عن أبي أيوب عن أبي بن كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث شعبة عن الحكم عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في: " الماء من الماء "؟ فقال: هو منسوخ، نسخه حديث سهل بن سعد عن أبي ابن كعب "

85- باب في الجنب يعود

قلت: حديث شعبة عن الحكم؛ ليس فيه قوله: " الماء من الماء "؛ وإنما هو في الطريق الأولى عن أبي سعيد؛ وإنما في هذه معناه كما رأيت! وحديث سهل بن سعد عن أُبي بن كعب؛ سبق في أول الباب (رقم 208) . 85- باب في الجنب يعود 212- عن حميد الطويل عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف على نسائه ذات يوم في غُسْل واحد. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسدد قال: ثنا إسماعيل قال: ثنا حميد الطويل. وهذا سند صحيح على شرط البخاري. لكن ذكر غير واحد من الأئمة أن حميداً كان يدلس عن أنس؛ قالوا: إنما رواها عن ثابت عن أنس، واختلفوا هل سمع من أنس شيئاً أم لا؟! والصواب الأول؛ فقد صرح حميد بسماعه من أنس يشيء كثير؛ وفىِ "صحيح البخاري " من ذلك جملة، كما قال الحافظ في "التهذيب ". وينتج من ذلك: أنه صحيح الحديث عن أنس على كل حال؛ سواءً صرح بسماعه أو عنعن. أما على الأول فواضح؛ لأنه ثقة اتفاقاً. وأما على الثاني؛ فلأنه إن لم يكن سمعه من أنس؛ فقد سمعه من ثابت

عنه، وثابت ثقة أيضا اتفاقاً. ولذلك قال الحافظ أبو سعيد العلائي: " فعلى تقدير أن تكون أحاديث حميد مدلسة؛ فقد تبين الواسطة فيها؛ وهو ثقة محتج به ". وقد صح من حديث ثابت، كما نذكره قريباً. والحديث أخرجه أحمد (3/189) : ثنا إسماعيل ... به. وأخرجه للنسائي (1/51- 52) ، والبيهقي (1/204) من طرق أخرى عن إسماعيل ... به. وقد تابعه هشيم عن حميد. اْخرجه أحمد (3/99) ، والطحاوي (1/77) . وقد رواه ثابت عن أنس. أخرجه أحمد (3/111) - عن معمر-، وهو (3/135 و 160 و 252) ، والطحاوي- عن حماد- كلاهما عن ثابت ... به. (تنبيه) : فوله: (ذات يوم) ليست في بعض النسخ، ولا في " مختصر المنذري "؛ وهي ثابتة في نسخة "العون ". 213- قال أبو داود: " وهكذا رواه هشام بن زيد عن أنس ". (قلت: وصله مسلم في "صحيحه" بلفظ: كان يطوف على نسائه بِغُسْل واحد. ورواه أبو عوانة في "صحيحه " أيضا) .

إسناده: هو معلق كما ترى؛ وقد وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، والبيهقي، وأحمد (3/225) من طريق شعبة عن هشام بن زيد. وكذا أخرجه الطحاوي. 214- قال: " ومعمر عن قتادة عن أنس ". (قلت: وصله أحمد بلفظ: كان يُطِيفُ على نسائه في غسل واحد. وسنده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "صحيح البخاري " من طريق سعيد- وهو ابن أبي عروبة- عن قتادة ... به، ولفظه: كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة. وقال الترمذي عن طريق معمر: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: هو معلق أيضا؛ وقد وصله الترمذي (1/259) ، وابن ماجه (1/206) ، وكذا النسائي، وأحمد (3/161، 185) من طرق عن معمر ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقد تابعه سعيد- وهو ابن أبي عروبة- عن قتادة ... به. أخرجه البخاري (1/311، 9/259) باللفظ المذكور أعلاه. ورواه أحمد (3/166) ؛ دون قوله: وله يومئذ تع نسوة. لكنه أخرجه هو (3/291) ، والبخاري (5/301) من طريق معاذ بن هشام

قال: حدثني أبي عن قتادة: ثنا أنس بن مالك: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار؛ وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس:، وهل كان يطيق ذلك؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلائين. ورواية سعيد أرجح؛ لأنه لم يجتمع عنده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الزوجات أكثر من تسع؛ كما بينه الحافظ في "الفتح "؛ فراجعه. 215- قال: " وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري؛ كلهم عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". (قلت: وصله الطحاوي، وكذا ابن ماجه، ولفظه: قال: وضعت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِسْلاً؛ فاغتسل من جميع نسائه في ليلة. وابن أبي الأخضر سيئ الحفظ) . إسناده: معلق؛ وقد وصله ابن ماجه والطحاوي ولفظه: أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف على نسائه بغسل واحد. ولفظ ابن ماجه هو المذكور في الأعلى، وذكر فيه أن أنساً وضع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِسلا. وهو غريب؛ وصالح بن أبي الأخضر ضعيف من قبل حفظه. وقد تابعه على اللفظ الأول- الموافق لرواية الجماعة عن أنس-: معمر عن الزهري. أخرجه الطبراني في "الصغير" (ص 143) .

86- باب الوضوء لمن أراد أن يعود

وله في "المسند" (3/239) طريق خامس أو سادس: أخرجه عن مطر الورّاق عن أنس؛ وهو منقطع. 86- باب الوضوء لمن أراد أن يعود 216- عن أبي رافع: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف ذات يوم على نسائه، يغتسل عند هذه وعند هذه، قال: فقلت له: يا رسول الله! ألا تجعله غسلاً واحداً؟ قال: " هذا أزكى وأطيب وأطهر ". قال أبو داود: "حديث أنس أصح من هذا ". (قلت: وهو كما قال؛ فإن هذا إسناده حسن، ولكن لا تعارض بينهما؛ بل كان يفعل تارة هذا، وتارة ذلك، كما قال النسائي وغيره. والحديث قواه الحافظ ابن حجر) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته سلمى عن أبي رافع. وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى؛ سلمى عمة عبد الرحمن بن أبي رافع؛ روى عنها أيضا أيوب بن الحسن بن علي بن أبي رافع وزيد بن أسلم والقعقاع بن حكيم، وذكرها ابن حبان في "الثقات "؛ فهي حسنة الحديث إن شاء الله. وكذلك ابن أخيها عبد الرحمن بن أبي رافع؛ قال في "التهذيب ": " روى عن عبد الله بن جعفر، وعن عمه عن أبي رافع. وعن عمته سلمى عن أبي رافع. وعنه حماد بن سلمة. قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: صالح. له

عند الترمذي في التختم في اليمين، وآخر حديث في دعاء الكرب، وعند الباقين [يعني: من أصحاب "السنن الأربعة"] حديث في تعدد الغسل للطواف على النساء". قلت: حديثه في دعاء الكرب؛ راجعته في (كتاب الدعاء) عند الترمذي؛ فلم أجده! وأما حديثه في التختم في اليمين؛ فأخرجه في (1/324- طبع بولاق) باب (ما جاء في لبس الخاتم في اليمين) من (كتاب اللباس) ثم قال عقيبه: " وقال محمد بن إسماعيل: هذا أصح شيء روي في هذا الباب ". فقول البخاري هذا- مع العلم أن في الباب أحاديث أخرى صحيحة الأسانيد، بعضها في "صحيح مسلم "- يفيد أن ابن رافع هذا ثقة عنده. وقد قوى الحديثَ الحافظُ ابن حجر في "الفتح " (1/299) ؛ حيث استدل به على استحياب الغسل بعد كل جماع. وقول المصنف: " حديث أنس أصح منه "! ليس بطعن فيه؛ لأنه لم ينفِ الصحة عنه؛ كما قال في "عون المعود"؛ خلافاً لما صرح به الحافظ في "التلخيص " (2/159) ! ثم قال في " العون ": " قال النسائي: ليس بينه وبين حديث أنس اختلاف؛ بل كان يفعل هذا، وذلك أخرى. وقال النووي في "شرح مسلم ": هو محمول على أنه فعل الأمرين في وقتين مختلفين. والذي قالاه حسن جذاً، ولا تعارض بينهما؛ فمرة تركه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بياناً للجواز وتخفيفاً على الأمة، ومرة فعله؛ لكونه أزكى وأطهر ". ثم إن الحديث أخرجه ابن ماجه (1/206) ، والطحاوي (1/77) ، والبيهقي (1/204) ، وأحمد (6/8 و 9- 10) من طرق عن حماد ... به.

وعزاه الحافظ للنسائي؛ فالظاهر أنه في "الكبرى" له. 217- عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أتى أحدكم أهله، ثم بدا له أن يعاود؛ فليتوضأ بينهما وضوءاً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان (1208) ، والحاكم في "صحاحهم ". وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما "، وأقره الذهبي. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم منهما. وأبو المتوكل: اسمه علي بن داود- ويقال: دواد بضم الدال- الناجي البصري. والحديث أخرجه مسلم (1/171) ، والترمذي (1/261) ، والبيهقي (1/203) ، وابن أبي شيبة (1/51/2) ، وأبو نعيم في "الطب " (2/12/1) من حديث حفص بن غياث ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه مسلم، والنسائي (1/51) ، وابن ماجه (1/205) ، والطحاوي (1/77) ، وابن حبان، والحاكم (1/152) ، والبيهقي أيضا، والطيالسي (رقم 2215) ، وأحمد (3/7 و 21) من طرق عن عاصم الأحول ... به نحوه، وزاد الحاكم والبيهقي في آخره:

87- باب الجنب ينام

" فإنه أنشط للعَوْدِ ". وهي عند ابن خزيمة وابن حبان اْيضاً كما في "التلخيص " (2/158) . وزاد أحمد في رواية أخرى: " وضوءه للصلاة ". وإسناده هكذا قال (3/28) : ثنا محاضر بن المورع: ثنا عاصم بن سليمان ... به. وهذا على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/280) . 87- باب الجنب ينام 218- عن عبد الله بن عمر أنه قال: ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه تصيبه الجنابة من الليل؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ واغسل ذكرك؛ ثُمَّ نَمْ ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينارعن عبد الله بن عمر. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث في "الموطأ" (1/67- 68) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه محمد في "موطئه " (ص 71) ، وكذا الشيخان والنسائي

88- باب الجنب يأكل

(1/50) ، والطحاوي (1/76) ، والبيهقي (1/199) ، وأحمد (2/64) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه الدارمي (1/193) ، والطحاوي، وأحمد (2/56) من طريق سفيان - وهو الثوري- عن عبد الله بن دينار ... به، ولفظه: قال: سأل عمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قال: تصيبتي الجنابة من الليل؟ فأمره أن يغسل ذكره، ويتوضأ، ثم يرقد. وتابعه شعبة عن ابن دينار: أخرجه الطيالسي (رقم 17 و 1878) ، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/278) . وأخرجاه في "الصحيحين "، وابن ماجه في "سننه " (1/205) ، وأحمد (2/17 و36 و 102) والطحاوي، والبيهقي من حديث نافع عن ابن عمر ... به نحوه؛ دون قوله: " واغسل ذكرك ". 88- باب الجنب يأكل 219- عن عائشة قالت: ان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن ينام وهو جنب؛ توضأ وضوءه للصلاة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وابن حبان (1214) ، وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الدارقطني. والبخاري معناه) . إسناده: حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وسفيان: هو ابن عيينة. والحديث أخرجه أحمد (6/36) قال: ثنا سفيان ... به. ثم أخرجه هو (6/119 و 200 و 279) ، ومسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي وكذا الدارقطني من طرق عن الزهري ... به. وقال الدارقطني: " صحيح "؛ وفيه عنده زيادة كما فما الرواية الآتية في الكتاب. وتابعه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ... به نحوه. أخرجه البخاري، والطيالسي (رقم 1485) ، والطحاوي، وأحمد (6/121) . وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، ولفظه، قال: قلت لعائشة: أي أمه! أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينام وهو جنب؟ قالت: نعم؛ لم يكن ينام؛ حتى يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة. أخرجه الطحاوي، وأحمد (6/216 و 237) ؛ وإسناده حسن. وله في "الصحيحين " و "أبي عوانة " والنسائي والدارمي (1/193) ، والطحاوي والبيهقي وأحمد (6/91 و 120 و 224 و 235 و 260 و 273) طرق كثيرة عن عائشة. 220- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ زاد: وإذا أراد أن يأكل وهو جنب؛ غسل يديه. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقال الدارقطني والبغوي: "صحيح ") .

إسناده: حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: ثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري ... بإسناده ومعناه؛ قلت: يعني: الذي قبله. وهذا إسناد صحيح أيضا على شرطهما. والحديث أخرجه النسائي (1/50) ، والدارقطني (46) ، وأحمد (6/118- 119 و 279) ، والبغوي في "شرح السنة" (2/34) من طرق عن عبد الله بن المبارك ... به إلا أنه قال: وإذا أراد أن يأكل ويشرب. وليس عند الدارقطني: ويشرب؛ بل عنده: غسل كفيه ومضمض فاه، ثم طَعِمَ. وقال هو والبغوي: " صحيح ". ثم قال المصنف: " قال أبو داود: ورواه ابن وهب عن يونس؛ فجعل قصة الأكل قولَ عائشة مقصوراً. ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري كما قال ابن المبارك؛ إلا أنه قال: عن عروة أو أبي سلمة. ورواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري عن للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال ابن المبارك ". قلت: رواية الأوزاعي هذه، ورواية ابن وهب قبلها؛ لم أقف على من أخرجهما. وأما رواية صالح بن أبي الأخضر؛ فأخرجها أحمد (6/192) قال: حدثنا وكيع قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة وأبي سلمة عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يأكل وهو جنب؛ غسل يديه.

89- باب من قال: يتوضأ الجنب

قلت: هكذا في "المسند": (عروة وأبي سلمة) بالواو العاطفة لا بالشك! وأرى أنها رواية صحيحة؛ فقد أخرجه الدارقطني (46) من طريق أبي ضمرة عن يونس عن ابن شهاب عن عروة وأبي سلمة ... به. وأبو ضمرة: هو أنس بن عياض، وهو ثقة من رجال "الصحيحين ". وقد قال الدارقطني عقيبه: "صحيح ". نعم؛ حالفه طلحة بن يحيى؛ فرواه عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة أو عروة ... هكذا على الشك. لكن طلحة بن يحيى- وهو ابن النعمان الزُّرَقِي الأنصاري- وإن كان من رجال الشيخبن؛ فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه؛ فرواية أنس بن عياض مقدمة على روايته. ومما يقوي ذلك: أن لحديث عروة عن عائشة أصلاً في "صحيح البخاري " (1/312) وغيره؛ وإن كان ليس فيه الوضوء للأكل؛ فهذا زيادة من ثقة، وهي مقبولة، كما في الحديث الثاني من الباب. 89- باب من قال: يتوضأ الجنب 221- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يأكل أو ينام؛ توضأ؛ يعني: وهو جنب. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى: ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ والأسود: هو ابن يزيد النخعي. والحديث أخرجه أحمد (6/191) : حدثنا يحيى ... به. وأخرجه النسائي عن يحيى أيضا. ثم أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحسحيهما" والطحاوي والبيهقي وأحمد (6/192) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وقال أحمد: " قال يحيى: ترك شعبة حديث الحكم في الجنب إذا أراد أنْ يأكل توضأ ". قلت: وقول يحيى هذا- وهو القطان-؛ ذكره الحافظ في "التلخيص " (2/152) برواية ابن أبي خيثمة، ثم عقبها بقوله: " قلت: قد أخرجه مسلم من طريقه؛ فلعله تركه بعد أن كان يحدث به؛ لتفرده بذكر الأكل، كما حكاه الخلال عن أحمد ". قلت: والحكم- وهو ابن عُتَجبة- ثقة ثبما؛ فتفرده لا يضر. وحديثه يفيد استحباب الوضوء من الجنب للأكل، ولا يعارض الحديث المتقدم في الباب قبله (رقم 220) ؛ فإنه يدل على جواز ترك الوضوء والاكتفاء بغسل اليدين والفم، كما في رواية صحيحة. والحديث رواه عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه عن عائشة، زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ساعيتها: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع إذا كان هو جنب؛ وأراد أن ينام قبل

أن يغتسل؟ قالت: كان يتوضأ وضوءه للصلاة ثم ينام. أخرجه أحمد (6/273) ، والدارمي (11/93) ، وإسناده حسن. فإنه من رواية ابن إسحاق عن عبد الرحمن، وقد صرح بالتحديث عند أحمد. وتابعه حجاج عنه: أخرجه أحمد (6/224 و 235 و 260) نحوه. وفي لفظ له: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجْنِبُ من الليل، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة حتما يصبح ولا يمس ماءً. والحجاج هذا؛ الظاهر أنه ابن أرطاة، وهو مدلس، وقد عنعنه. 222- قال أبو داود: " وقال علي بن أبي طالب وابن عمر وعبد الله بن عمرو: الجنب اذا أراد أن يأكل توضأ ". هذه آثار معلقة، ولم أقف على من خرجها؛ إلا أثر ابن عمر؛ فقد أخرجه أحمد (2/36) عقب حديثه المتقدم في الكتاب (رقم 218) ؛ لكن من طريق نافع قال: فكان ابن عمر إذا أراد أن يفعل شيئاً من ذلك؛ توضأ وضوءه للصلاة؛ ما خلا رجليه وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه مالك (1/68) . ومن طريقه البيهقي (1/200) ، عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أراد أن ينام أو يَظْعَمَ وهو جنب؛ غسل وجهه ويديه إلى المرفقبن، ومسح برأسه، ثم طَعِمَ أو نام.

90- باب الجنب يؤخر الغسل

ورواه الطحاوي (1/77) من طريق أيوب عن نافع ... به، لكنه جعله من قول ابن عمر لا من فعله؛ وقال في آخره: وغسل فرجه، ولم يغسل قدميه. وإسناده صحيح. وقد خالفته عائشة أيضا رضي الله عنها، فقالت: إذا أصاب أحدُكم المرأةَ، ثم أراد أن ينام قبل أن يغتسل؛ فلا يَنَمْ حتى يتوضأ وضوءه للصلاة. أخرجه مالك وعنه الطحاوي (1/75) . وإسناده صحيح على شرطهما. 90- باب الجنب يؤخر الغسل 223- عن غُضَيْفِ بن الحارث قال: قلت لعائشة: أرايتِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل من الجنابة في أول الليل أو في آخره؟ قالت: ربما اغتسل في أول الليل، وربما اغتسل في اخره. قلت: الله أكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سَعَةً. قلت: أرأيتِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ كان يوتر في أول الليل أم في اخره؟ قالت: ربما أوتر في أول الليل، وربما أوتر في آخره. قلت: الله اكبر! الحمد لله الذي جعل في الأمر سَعَةً.

قلت: أرأيتِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجهر بالقرآن أو يخفت به؟ قالت: ربما جهر به، وربما خَفَتَ. قلت: الله أكبر! الحمد دلّه الذي جعل في الأمر سَعَةً! (قلت: إسناده صحيح. وروى مسلم وأبو عوانة في "صحيحهما" الفصل الأول منه) . إسناده: حدثنا مسدد قال: ثنا مُعتمر. (ح) وثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قالا: ثنا برْدُ بن سنان عن عُبَادة بن نُسَي عن غُضَيْفِ بن الحارث. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث في "مسند أحمد" (6/47) ... بإسناده هذا. وروى البيهقي (1/199) الفصل الأول منه من طريق المؤلف، وابن ماجه (1/408) الفصل الأخير الثالث منه من طريق إسماعيل ابن عُلَية- وهو ابن إبراهيم-. ورواه أحمد (6/138) من طريق سفيان عن برد ... به دون الفصل الأخير. وروى منه الحاكم (1/153) الفصل الأول. ثم رواه هو، والنسائي (1/70) ، وكذا البيهقي من طرق أخرى عن برد. وله في "المسند" (6/73 و 149) طريق أخرى عن معاوية بن صالح عن عبد الله ابن أبي قيس عنها ... به بتمامه. وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " (1/171) ،

لكنه لم يسق من لفظه إلا الفصل الأول منه. وهذا القدر، أخرجه أبو عوانة أيضا في "صحيحه " (1/278) ، والنسائي (1/70) ، والحاكم (1/153) . وأخرجه المصنف فيما يأتي في "الوتر" (1291) بنحو ما هنا. وله في "المسند" (6/167) طريق ثالث، ورجاله ثقات رجال مسلم، لكن فيه انقطاع. 224- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينام وهو جنب؛ من غير أن يمسَّ ماءً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه أبو العباس بن شُرَيح والحاكم والبيهقي إسناده: حدثنا محمد بن كثير قال: أنا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1397) : حدثنا سفيان ... به. ومن طريقه: أخرجه البيهقي (1/201) ، وكذلك أخرجه الترمذي (1/202) وابن ماجه (1/205) ، والطحاوي (1/74) ، وابن حزم (1/87) من طرق عن سفيان ... به. ثم أخرجه الترمذي وابن ماجه والطحاوي وأحمد (6/43، 171) من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به؛ وزادوا- إلا الترمذي-:

حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل. ثم أخرجه أحمد (6/102) من طريق حسن- وهو ابن موسى- ومن طريق أبي كامل- واسمه فضيل بن حسين-، والبيهقي من طريق يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس وعمرو بن خالد؛ كلهم عن زهير عن أبي إسحاق قال: سالمت الأسود بن يزيد- وكان لي جارا وصديقاً- عما حدثته عائشة عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: قالت: كان ينام أول الليل ويحيى آخره، ثم إن كانت له إلى أهله حاجة قضى حاجته، ثم نام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول قالت: وثب- فلا والله ما قالت: قام- وأخذ الماء- ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد-، وإن لم يكن له حاجة؛ توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتبن. وفي رواية أحمد: وإن لم يكن جنباً بدل: وإن لم يكن له حاجة. وهي أوضح في المعنى. وقد أخرجه مسلم (2/167) من طريق أحمد بن يونس ويحيى بن يحيى عن زهير ... به، دون قوله: قبل أن يمس ماء. وكذلك رواه الطيالسي (رقم 1386) ، ومن طريقه أبو عوانة في "صحيحه " (2/308) من طريق شعبة عن أبي إسحاق. ثم قال البيهقي: " أخرجه مسلم في "الصحيح " دون قوله: قبل أن يمس ماءً وذلك لأن الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها مأخوذة عن غير الأسو، وأن أبا إسحاق ربما دلس، فرأوها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية إبراهيم النخعي وعبد الرحمن ابن الأسود عن الأسود بخلاف رواية أبي إسحاق "!

قلت: وفي حديثيهما: كان إذا أراد أن ينام وهو جنب؛ توضأ وضوءه للصلاة، وقد مضى في الباب قبله (رقم 219) . ثم قال البيهقي: " وحديث أبي إسحاق ال هبيعي صحيح من جهة الرواية، وذلك أن أبا إسحاق ببن سماعه من الأسود في رواية زهير بن معاوية عنه؛ والمدلس إذا بين سماعه ممن روى عنه، وكان ثقة؛ فلا وجه لرفَه "، ثم ذكر عن الحاكم وأبي العباس ابن شريح أنهما صححا الحديث. وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى؛ فإن أبا إسحاق السبيعي- واسمه عمرو بن عبد الله- ثقة حجة، وقد رماه بعضهم بالتدليس؛ فتصريح زهير بن معاوية بسماعه من الأسود قد دفع شيهة تدليسه. وفيه شبهة أخرى؛ وهو أنه كان قد شاخ ونسي؛ ولكنه لم يختلط، كما قال الذهبي. وأما الحافظ فقال في "التقريب ": إنه " اختلط بآخره "! وأئاً ما كان؛ فإن هذا الحديث قد رواه عنه جماعة؛ منهم سفيان الثوري، وهو أثبت الناس فيه، كما قال الحافط نفسه في "التهذيب ". فما رواه المصنف عقب الحديث فقال: ثنا الحسن بن علي الواسطي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: " هذا الحديث وهم؛ يعني: حديث أبي إسحاق "! وقال الترمذي: " وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث: شعبة والثوري وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق "!

فهذا وغيره من النقول مما لا تطمئن النفس للأخذ بها، والطعن في رواية الثقة بدون حجة؛ إلا أنه روى ما لم يرو غيره من الثقات! وهذا ليس بعلة؛ فقلما يخلو ثقة لا يتفرد بما لا لم يروه غيره. ومن ذلك ما في "سنن ابن ماجه " عقب الحديث: قال سفيان: فذكرت الحديث يوماً، فقال لي إسماعيل: يا فتى! تمثمد هذا الحديث يشيء؟! قلت: وقد وجدنا ما يشهد له؛ فقال الحافظ في "التلخيص " (2/156) : " ويؤيده ما رواه هشيم عن عبد الملك عن عظاء عن عائشة مثل رواية أبي إسحاق عن الأسود (1) ، وما رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" عن ابن عمر: أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: " نعم، ويتوضأ إن شاء "، وأصله في "الصحيحين " دون قوله: " إن شاء " ... ". قلت: وكذلك رواه المصنف- كما مضى (رقم 218) - مثل رواية "الصحيحين "؛ لكن الحديث عندهم من حديث عمر، وهو السائل، لا ابنه عبد الله. والله أعلم. وبالجملة؛ فهذه طريق أخرى للحديث، وهو صحيح أيضا على شرط مسلم؛ فهو شاهد قوي لرواية أبي إسحاق، تشهد أنه قد حفط ولم يهم كما زعموا! (تنبيه) : لا تعارض بين هذا الحديث وبين أحاديث البابين قبله؛ فإن هذا يدل على

_ (1) قلت: وقد أخرجه أحمد (6/230) : ئنا ابن نمير عن عبد الملك ... به، ولفظه: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تصيبه الجنابة هن الليل وهو يريد الصيام، فينام ويستيقظ، ويصبح جنباً، فيفيض عليه من الماء، ثم يتوضأ. وهذا سند صحيح على شرط مسلم.

91- باب في الجنب يقرأ القران

أنه عليه الصلاه والسلام كان ينام قبل أن يغتسل؛ بياناً للجواز وترخيصاً للأمة، وتلك تدل على أن الأفضل الوضوء قبل النوم؛ ولهذا أمثلة كثيرة في الأحاديث النبوية. (تنبيه ثان) : زعم الطحاوي أن أبا إسحاق غلط في هذا الحديث، فاختصره من حديث طويل أخطأ في اختصاره إياه؛ وذلث أن فهداً حدثنا قال: ثنا أبو غسان قال: ثنا زهير ... قلت: فذكر الحديث مثل رواية البيهقي المتقدمة؛ إلا أنه قال- بعد قوله: ويحيي آخره-: ثم إن كانت له حاجة؛ قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يمس ماءً ... الحديث. فقد سقط من روايته قوله: إلى أهله ... فتغير من أجل ذلك المعنى من أصله! ثم أخذ يؤول الجملة ويفسرها بما يعارض رواية أبي إسحاق المختصرة إ! وذلك خطأ منه مبني على خطأ روايته الخالفة لرواية الجماعة كما سبق؛ وقد تبعه على هذا الخطأً جماعة من المتأخرين! والسبب في ذلك: عدم تتبع طرق الحديث ولفاظه. والله الموفق. 91- باب في الجنب يقرأ القران [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 92- باب في الجنب يصافح 225- عن حذيفة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فأهوى إليه، فقال: إني جنب! فقال: " إن المسلم لا يَنْجُسُ ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسدد قال: ثنا يحيى عن مِسْعَرٍ عن واصل عن أبي وائل عن حذيفة وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/275) عن مسدد. وأخرجه أحمد (5/384) عن يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه أبو عوانة أيضا، والنسائي (1/51) ، وابن ماجه (1/191) من طرق عن يحيى. وقد تابعه وكيع عن مسعر بن كِدَام. أخرجه مسلم (1/194) ، والبيهقي (1/189- 190) . وله طريق أخرى عند النسائي قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا جرير عن الشيباني عن أبي بردة عن حذيفة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لقي الرجل من أصحابه؛ مَاسَحَه ودعا له؛ قال: فرأيته يوماً بُكرةً؛ فحِدْتُ عنه، ثم أتيته حين ارتفع النهار، فقال: " إتي رأيتك؛ فحِدْتَ عنِّي؟! ". فقال: إتي كنت جنباً؛ فخشيت أن تمسَّني! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن المسلم لا ينجس ".

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وصححه ابن حبان فأخرجه في "صحيحه " (2/276- 277) ، وأقره في "الفتح " (1/310) . 226- عن أبي هريرة قال: لقيني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ في طريق من طرق المدينة وأنا جنب، فاختنست، فذهبت فاغتسلت ثم جئت، فقال: " أين كنت يا أبا هريرة؟! لما. قال: قلت: إني كنت جنباً، فكرهت أن أجالسك على غير طهارة! فقال: " سبحان الله! إن المسلم لا ينجس ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد قال: ثنا يحيى وبشر عن حميد عن بكر عن أبي رافع عن أبي هريرة. قال: وفي حديث بشر: قال: ثنا حميد قال: ثتي بكر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أبو عوانه (1/275) من طريق مسدد قال: ثنا بشر بن المُفَضَل قال: ثنا حميد الطويل ... به. وأخرجه أحمد (2/471) ... عن يحيى به؛ وفيه أيضا تصريح حميد بالتحديث.

93- باب في الجنب يدخل المسجد

وكذلك أخرجه الشيخان عن يحيى. وأخرجه الترمذي (1/207- 208) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه النسائي من طريق بشر بن المفضل. ثم أخرجه الشيخان أيضا وابن ماجه والطحاوي (1/7) ، وأحمد (2/235 و382) من طرق أخرى عن حميد ... به. 93- باب في الجنب يدخل المسجد [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 94- باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس 227- عن أبي بكرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل في صلاة الفجر؛ فأومأ بيده أنْ: مكانَكُمْ، ثم جاء ورأسه يقطر؛ فصلى بهم. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والبيهقي. وقال النووي والعراقي: " إسناده صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبىِ بكرة. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ". ولذلك قال النووي في "المجموع " (4/261) ، والعراقي في "تخريج الإحياء" (1/157) :

" إسناده صحيح ". لكن أعله ابن التركماني بالانقطاع؛ فقال: (2/397) : " وفي كتاب "المتصل والمرسل والقطوع " للبرديجي: الذي صح للحسن سماعاً من الصحابة: أنس، وعبد الله بن مُغَفل، وعبد الرحمن بن سَفرة، وأحمر بن جَزْءِ. فدل هذا على أن حديث الحسن عن أبي بكرة مرسل "! قلت: وهذا خظأ؛ فإن الحسن- وهو البصري- قد سمع من غير هؤلاء المذكورين، وقد سرد أسماعصم الزيلعيُ في " نصب الراية " (1/90) نقلاً عن البزار في "مسنده "؛ وفيهم أبو بكرة هذا، وله في "مسند أحمد" أحاديث برواية الحسن عنه، صرح في بعضهأ بسماعه منه، فانظر (5/37 و 41-42 و 44 و 48- 51) ، وأحدها في "صحيح البخاري " (2704) ؛ وقال عقيبه: " قال لي علي بن عبد الله- يعني: ابن المديني-: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث ". قلت: وسيأتي هذا في "السنة" (13- باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة) ، ويأتي له آخر في "الأدب " (رقم ... ) وا نظر "الصلاة" (رقم 685) . فقد صح سماع الحسن من أبي بكرة؛ لكن هذا لا ينفي أن يكون روى عنه بالواسطة أيضا؛ فإن بينهما في بعض الأحاديث: الأحنفَ بن قيس؛ كما في الحديث الأني في "الفتن " (رقم ... ) [باب في النهي عن القتال في الفتنة] . وقد سبق أن ذكرنا عند الحديث رقم (13) أن الحسن البصري موصوف بالتدليس؛ فإذا عنعن في حديث؛ تُوُقفَ عن الاحتجاج به، حتى يتبين سماعه فيه، أو الواسطة الثقة.

ولما كان حديثه هنا قد رواه بالعنعنة؛ لم نستطع أن نحكم بصحة إسناده لذلك؛ وإن كان الحديث في نفسه صحيحاً؛ لطرقه وشواهده التي سنذكر بعضها إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه البيهقي (2/397) مع الرواية الآتية بعده من طريق المؤلف؛ وحكم عليه بالصحة في كتاب "المعرفة"، كما قال ابن التركماني وغيره، وصححه ابن حبان (272) بلفظ: وكبَّر في صلاة الفجر ... وأخرجه أحمد (5/41 و 45) من طريق أبي كامل وعفان قالا: ثنا حماد- زاد عفان- بن سلمة ... به. ثم أخرجه عن شيخه يزيد- وهو ابن هارون-: نا حماد ابن سلمة ... به. وأخرجه المصنف عنه؛ وهو: 228- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ وقال في أوله: فكبر ... وهو رواية ابن حبان بلفظ: كبَّر في صلاة الفجر ... وقال في آخره: فلما قضى الصلاة قال: " إنما أنا بشر، وإني كنت جنباً ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة ... بإسناده ومعناه. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "، كالذي قبله، وقد سبق فيه الكلام بإيضاح. وقد قال الحافظ في "التلخيص " (2/324) :

" وصححه ابن حبان والبيهقي، واختلف في إرساله ووصله "! قلت: إنما جاء مرسلاً من حلرق أخرى غير هذه الطريق؛ فليس فيه اختلاف؛ بل إن تلك الطرق المرسلة تقويه وتشهد له؛ كما أشار إلى ذلك البيهقي فيما يأتي. والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/171/1) من طريق أخرى عن يزيد بن هارون ... به. وقد جاءت له شواهد: الأول: عن أنس قال: دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته، فكبَّر وكبَّرنا معه، ثم أشار إلى القوم: كما أنتم؛ فلم نزل قياماً حتى أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد اغتسل ورأسه يقطر. أخرجه الظبرا تي في " الأ وسظ " (4104- بترقيمي) ، والدارقطني (ص 138) ، والبيهقي من طريق عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة عن أنس. وهذا إسناد صحبح على شرط الشيخين. ثم قال الدارقطني: " خالفه عبد الوهاب الخفاف ... "، ثم ساقه من طريقه: ثنا سعيد عن قتادة عن بكر بن عبد الله المُزَني. أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل في صلاة، فكبَّر وكبَّر من خلفه ... الحديث. قال عبد الوهاب: وبه نأخذ. قلت: عبد الوهاب تُكُلِّمَ فيه من قبل حفظه؛ فإن كان حفظ هذا فهو إسناد

آخر لقتادة مرسل؛ وإلا فرواية معاذ والد عبيد الله أصح؛ لأنه ثقة حجة اتفاقاً، حتى قال محمد بن عيسى بن الطباع: " ما علمت أن أحداً قدم بغداد إلا وقد تُعُفَقَ عليه في شيء من الحديث؛ إلا معاذاً العنبري؛ فإنه ما قدروا أن يتعلقوا عليه بشيء مع شغله بالقضاء ". وقال يحيى القطان: " ما بالبصرة ولا بالكوفة ولا بالحجاز أثبت من معاذ بن معاذ ". قلت: وفي هذا غاية المدح بالضبط والحفط والإتقان؛ فمثله- إذا خولف- فهو المقدم، وروايته هي الراجحة بلا شك. وحديث أنس هذا؛ أورده الهيثمي في "المجمع " (2/69) ، وقال: " رواه الطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال (الصحيح) ". الشاهد الثاني: عن علي بن أبي طالب قال: بينما نحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصلي؛ إذ انصرف ونحن قيام، ثم أقبل ورأسه يقطر، فصلى لنا الصلاة ثم قال: " إني ذكرت أني كنت جنباً- حين قمت إلى الصلاة- لم أغتسل؛ فمن وجد منكم في بطنه رِزّاً، أو كان على مثل ما كنت عليه؛ فلينصرف حتى يفرغ من حاجته أو غسله، ثم يعود إلى صلاته ". أخرجه الإمام أحمد (1/88/رقم 668 و 669) من طريق حسن بن موسى ويحيى بن إسحاق عن ابن لهيعة: حدثنا الحارث بن يزيد عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن زُريرٍ الغافقي عن علي بن أبي طالب.

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، لكن ابن لهيعة سيئ الحفظ؛ إلا أنه صحيح الحديث فيما وافق فيه غيره (*) ؛ وقد زاد في هذه القصة: " فمن وجد منكم ... إلخ،! ولم تجدها في شيء من طرق الحديث؛ فهي ضعيفة. وأما أصل الحديث فصحيح. الثالث: عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى الصلاة، فلما كبّر انصرف وأومأ إليهم؛ أي: كما أنتم، ثم خرج فاغتسل، ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم، فلما/صلى قال: " إني كنت جنباً، فنسيت أن أغتسل ". أخرجه أحمد (2/ 448) ، والدارقطني (138) ، والبيهمَي (2/397- عن وكيع-، وابن ماجه (1/368) - عن عبد الله بن موسى التيمي- كلاهما عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ فهو على شرطه، وأسامة بن زيد هذا: هو الليثي مولاهم أبو زيد المدني، وليس هو العدوي مولاهم المدني! هدا ضعيف. ولعل صاحب "الزوائد" ظنَّه هو هذا؛ فقال: " إسناده ضعيف؛ لضعف أسامة بن زيد "! وقال الحافظ في "التلخيص " (2/324) : " وفي إسناده نظر "!

_ (*) هذا رأي شيخنا رحمه الله قديماً في رواية ابن الهيعة، أما أخيراً؛ فإنه كان يممثئي رواية ابن لهيعة فيما كان من رواية القدماء عنه، ومنهم: يحمس بن إسحاق؛ كما في "الصحيحة" (1/654 و 6/576) ، وعليه؛ فحديثه هنا ثابت. والله أعلم.

قلت: ولعل وجه النظر: أن أسامة بن زيد الليثي- وإن كان ثقة من رجال مسلم-؛ فإن في حفظه بعض الضعف! وقد جاء الحديث في "الصحيحين " وغيرهما عن أبي هريرة من طريق أخرى باللفظ الأتي في الكتاب بعد هذا؛ وفيه أن انصرافه كان قبل الدخول فى الصلاة بالتكبير؛ فهذا خلاف ما روى أسامة! قلت: لكن أسامة لم يتفرد بهذا اللفظ عن أبي هريرة؛ بل جاء عنه من طريق أخرى، كما جاء مرسلاً من وجوه تأتي في الكتاب. فالظاهر: أن لأبي هريرة في الباب حديثين: أحدهما مثل حديث أبي بكرة. والأخر حديثه الأتي. 229- قال أبو داود: " رواه الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: فلما قام في مُصَلاه وانتظرنا أن يكبر؛ انصرف ثم قال: " كما أنتم " ". (قلت: وصله البخاري في "صحيحمدا، وكذ اأبو عوانة، ووصله المؤلف بعد أربعة أحاديث، لكن بلفظ آخر) . إسناده معلق، وقد وصله البخاري (2/96) ، وأبو عوانة (2/29) ، وأحمد (2/238- 239) من طريق صالح عن ابن شهاب ... به؛ إلا أنهم قالوا: " مكانكم ". ويأتي بتمامه عند الحديث (رقم 234) . 230- ورواه أيوب وابن عون وهشام عن محمد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فكبّر ثم أومأ بيده إلى القوم؛ أن: اجلسوا، فذ هب واغتسل.

(قلت: محمد: هو ابن سيرين؛ فهو مرسل، كما صرح به المصنف في بعض نسخ الكتاب، وقد وصله الطبراني في "المعجم الصغير" والبيهقي في "سننه " من طريق ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة؛ غير أن البيهقي قال: " المرسل هو المحفوط، وكل ذلك شاهد لحديث أبي بكرة ". قلت: لكن رواه أحمد وكيره من طريق أخرى عن أبي هريرة؛ وإسناده حسن على شرط مسلم) . إسناده معلق، وكذلك ذكره البيهقي. وقد أخرجه هو والطبراني في "معجمه الصغير" (ص 166) من طريق أبي الربيع عبيد الله بن محمد الحارثي: ثنا الحسن بن عبد الرحمن العريان الحارثي: ثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كبَّر بهم في صلاة الصبح، فأومأ إليهم، ثم انطلق؛ فرجع ورأسه يقطر فصلى بهم، فقال: " إنما أنا بشر، وإني كنت جنباً فنسيت ". ثم قالا: " تفرد به الحسن بن عبد الرحمن الحارثي ". قلت: ولم أجد من ترجمه، وكذلك الراوي عنه عبيد الله بن محمد الحارثي؛ لم أجده. ثم قال البيهقي: " ورواه إسماعيل ابن علَيَّةَ وغيره عن ابن عون عن محمد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.

وكذلك رواه أيوب وهشام عن محمد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً. وهو المحفوظ؛ وكل ذلك شاهد لحديث أبي بكرة ". قلت: لكن جاء موصولاً من طريق أخرى عن أبي هريرة بإسناد حسن، وقد ذكرناه تحت الرواية (رقم 228) ؛ فراجعه. 231- وكذلك رواه مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كبّر في صلاة. (قلت: هو في "موطأ مالك "، وهو مرسل أيضا صحيح الاسناد، وكذا رواه المؤلف) . إسناده: قلت: هو في "الموطأ" (1/69) ، وعنه رواه محمد (ص 120) . وهو موسل صحيح الإسناد. 232- عن الرليع من محمد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كبَّر. (قلت: والربيع هذا تابعي مجهول؛ لكن حديثه هذا مقرون) . إسناده: قال المؤلف عقب الذي سبق: " وكذلك حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: ثنا أبان عن يحيى عن الربيع بن محمد". وهذا مرسل، رجاله كلهم رجال الشيخين؛ غير الربيع هذا؛ فهو تابعي

مجهول، كما في " التقريب ". 233- عن أبي هريرة قال: اقيمت الصلاة وصَفَّ الناس صفوفهم، فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى إذا قام في مقامه؛ ذكر أنه لم يغتسل؛ فقال للناس: " مكانَكم "، ثم رجع إلى بيته، فخرج علينا ينطف رلسه قد اغتسل؛ ونحن صفوف. 234- وفي رواية: فلم نزل قياماً ننتظره؛ حتى خرج علينا وقد اغتسل. (قلت: إسنادهما صحيح. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم " بنحو الرواية الأولى، وعند مسلم أيضا الرواية الأخرى) . إسنادهما: حدثنا عمرو بن عثمان قال: ثنا محمد بن حرب قال: ثنا الربَيْدِيً. (ح) وحدثنا عياش بن الأزرق قال: أخبرنا ابن وهب عن يونس. (ح) وحدثنا مَخْلَدُ بن خالد قال: ثنا إبراهيم بن خالد- إمام مسجد صنعاء- قال: ثنا رَبَاح عن معمر. (ح) وثنا فؤَفَل بن الفضل قال: ثنا الوليد عن الأوزاعي؛ كلهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: أقيمت الصلاة ... إلخ؛ وهذا لفظ ابن حرب. وقال عياش في حديثه: فلم نزل قياماً ... إلخ الرواية الثانية.

قلت: فهذه أربعة أسانيد للمؤلف رحمه الله إلى الزهري: الأول: من طريق عمرو بن عثمان عن محمد بن حرب عن الزُبيدي عن الزهري. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم رجال الشيخين؛ غير عمرو بن عثمان، وهو ثقة. ومحمد بن حرب: هو أبو عبد الله الخولاني؛ وكلاهما حمصي. وقد أخرجه النسائي (1/128) ... بهذا الإسناد عن هذا الشيخ. الثاني: من طريق عياش بن الأزرق عن ابن وهب عن يونس عنه. وهذا إسناد صحيح كالأول. وأخرجه مسلم (2/101) ، والنسائي (1/130) ، والبيهقي (2/398) ، من طرق عن ابن وهب ... به. وأخرجه البخاري (1/305) ، وأبو عوانة (2/29) ، والبيهقي، وأحمد (2/518) عن عثمان بن عمر عن يونس. الثالث: عن مَخْلَدِ بن خالد عن إبراهيم بن خالد عن رَبَاح عن معمر عنه. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير إبراهيم بن خالد، وهو ثقة. وقد أخرجه أحمد (2/283) : ثنا إبراهيم بن خالد ... به؛ ولفظه مثل لفظ ابن حرب تقريباً. الرابع: عن مُؤَمل بن الفضل عن الوليد عن الأوزاعي عنه. وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة.

وسيأتي من طريق غيره عن الوليد مختصراً (رقم 553) . وأخرجه البخاري (1/305) ، ومسلم، وأبو عوانة من طرق أخرى عن الوليد ... به. وله إسناد خامس عن الزهري؛ رواه عنه صالح بن كَيْسان بلفط: خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلَت الصفوف، حتى إذا قام في مصلاه، انتظرنا أن يكبر انصرف، قال: " على مكانكم "؛ فمكثنا على هيئتنا؛ حتى خرج إلينا ينطف رأسه ماءً، وقد اغتسل. رواه البخاري وغيره، وعلقه المصنف فيما سبق (رقم 229) ، وقد خرّجناه هناك. وهذه الرواية صريحة في أن الانصراف كان قبل التكبير، وكذلك في رواية ابن وهب، وهي تخالف روايه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ومحمد بن سيرين المتقدمتبن عن أبي هريره؛ ففيها أن الانصراف كان بعد التكبير، وكذلك في حديث أبي بكرة في أول الباب، وحديث أنس وعلي اللذين أوردناهما هناك. وقد قال البيهقي: " ورواية أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أصح من رواية ابن ثوبان عنه؛ إلا أن مع رواية ابن ثوبان عنه: رواية أبي بكرة مسندةً، ورواية عطاء بن يسار وابن سيرين مرسلةً؛ وروي أيضا عن أنس ... "؛ ثم ساق حديث أنس بإسناده المتقدم. ولا تعارض بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى في الباب؛ لأنهما واقعتان مختلفتان، كما جزم به ابن حبان، وتبعه النووي في "المجموع " (4/261) ؛ فقال:

95- باب في الرجل يجد البلة في منامه

" إنهما قضيتان؛ لا نهما حديثان صحيحان، فيجب العمل بهما إذا أمكن، وقد أمكن بحملهما على قضيتين ". وأما حمل قوله في حديث أبي بكرة ومن معه: (كبّر) على: (أراد أن يكبر) ! فهو مع أنه حلاف الظاهر؛ فإنه باطل بالنظر إلى مجموع الروايات؛ فقد اتفقت جميعاً- خلاقالحديث أبي سلمة- على أنه عليه الصلاة والسلام لم يتكلم حين انصرف من الصلاة، بل إنما أشار إليهم بيده، ولو أنه كان قبل الدخول فيها؛ لكلمهم عليه الصلاة والسلام، كما فعل في القصة الأخرى في رواية أبي سلمة، ولما أخر قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما أنا بشر، وإني كنت جنباً "؛ لأنه ليس في التأخير فائدة؛ بل هي في الإصراغ بالبجان؛ ولكن منعه من ذلك أنه في الصلاة، ولذلك عاد فأتمها دون أن يكلمهم. وأيضا؛ فإن في حديث أنس: دخل في صلاته، فكئر وكبرنا معه ... وأصرح منه حديث علي: بينما نحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصلي؛ إذ انصرف ... فهذا كله يدفع ذلك التأويل ويبطله. 95- باب في الرجل يجد البِلَةَ في منامه 235- عن عائشة قالت: سئِلَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يجد البَلَلَ ولا يذكر احتلاماً؟ قال: "يغتسل ". وعن الرجل يرى أنْ قَدِ احتلم ولا يجد البلل؟ قال:

"لاغُسْلَ عليه ". 95- الرجل يجد البِلَّة في منامه فقالت أم سليم: المرأة ترى ذلك؛ أعليها غُسل؟ قال: " نعم؛ إنما النساء شقائق الرجال ". (قلت: حديث حسن. وقول أم سليم: المرأة ترى ... إلخ؛ أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من حديث أنس. وقال ابن القطان: إنه " صحيح ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا حماد بن خالد الخَياط قال: ثنا عبد الله العمري عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكنه ضعيف من أجل العمري هذا- وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب؛ وهوأخو عبيد الله هذا الذي روى عنه هذا الحديث-؛ وهو وإن كان ثقة في نفسه- ومن رجال مسلم- فإنَّه ضعيف من قِبَلِ حفظه؛ ولذلك ضعَّفه النسائي وأبو حاتم ويحيى بن سعيد والبخاري وأحمد- في رواية-، حتى قال ابن حبان: " كان ممن غلب عليه الصلاح، حتى غفل عن الضبط، فاستحق الترك "! وأعدل الأقوال فيه- عندي- قول الخليلي: " ثقة؛ غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه ". وقال الخطّابي في شرحه لهذا الحديث من "المعالم " (رقم 228) : " ليس بالقوي عند أهل الحديث ". وقال النووي (2/142) : " وهو ضعيف عند أهل العلم، لا يحتج بروايته ". وقال الحافظ في " التقريب ":

"ضعيف عابد". والحديث أخرجه البيهقي (1/168) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (6/256) : ثنا حماد بن خالد ... به. وأخرجه الترمذي (1/189- 190) ، والبيهقي أيضا (1/167) - مقتصراً على السؤال عن الرجل- من طرق أخرى عن حماد ... به. وأخرجه الدارمي (1/195) من طريق عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر ... به مختصراً مثل رواية البيهقي الأخرى. وكذا أبو يعلى في "مسنده " (3/1153- مصورة المكتب الإسلامي) . وقال الترمذي: " وإنما روى هذا الحديثَ: عبدُ الله بن عمر عن عبيد الله بن عمر ... حديث عائشة في الرجل يجد البلَل ولا يذكر احتا، ماً. وعبد الله بن عمر؛ ضعَفه يحيى ابن سعيد من قبل حفظه في الحديث ". وقال الشوكاني- بعد أن ذكر كثيراً من أقوال الأثمة فيه توثيقاً وتجريحاً-: " وقد تفرد به المذكور، ولم تجده عند غيره، وهكذا رواه أحمد وابن أبي شيبة من طريقه؛ فالحديث معلول بعلتين: الأولى: العمري المذكور. وللثانية: التفرد وعدم المتابعات. فقصر عن درجة الحسن والصحة ". وتعقبه الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على "الترمذي " فقال- بعد أن نقل كلامه المذكور-: " ولم يفعل الشوكاني شيئاً فيما قال؛ فإن العمري أقل أحواله أن يكون حديثه حسناً. وأما زعم التعليل بالتفرد؛ فإنه غير صواب؛ لأن العبرة في ذلك بمخالفة

الراوي غيره من الرواة ممًن يكون مثله أو أوثق منه، وهناك ينظر في الجمع أو الترجيح، وأما الانفراد وحده؛ فليس بعلّة. ومع ذلك؛ فإن العمري لم يتفرد بأصل القصة؛ وهي معروفة في "الصحيحين " وغيرهما من حديث أم سلمة " إ! قلت: فذكر حديثها؛ وهو الآتي (رقم 237) ؛ ثم ذكره من حديث أم سليم، ومن حديث أنس!! ونحن نرى أن الحق ما ذهب إليه الشوكاني؛ لما عرفت من حال العمري في سوء الحفظ. والشوكاني رحمه الله لما كان يرى ذلك، ورأى أنه انفرد بالحديث- يعني: بتمامه- جعل ذلك علة أخرى؛ بمعنى أنه لو توبع فيه- ولو من مثله في الحفظ- لكان ربما حكم على الحديث بالحسن أو الصحة، فلما تفرد به؛ جعله علّة أخرى، وهو لا يريد بذلك أن التفرد- مطلقاً- علّة؛ بل أراد ذلك من مثل (العمري) في ضعفما حفظه. ولذلك فلا يرد عليه كلام الشيخ: " وأما الانفراد وحده؛ فليس بعلّهَ " إ! وقوله هذا حق؛ لكن ليس على إطلاقه، كما عرفت! وأما عطفه على ذلك أن (العمري) لم يتفرد بأصل القصة!! فهو من الحجة للشوكاني على الشيخ؛ لأن الروايات المذكورة ليس في شيء منها ما في رواية العمري هذه؛ من السؤال عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً؛ وقد أشار الترمذي في كلامه السابق إلى أنه تفرد بهذا القدر من الحديث. فهذا التفرد- مع ثبوت سوء حفظه- ممَّا يزيد وَهَنَ الحديث ويضغفه، كما هو واضح، والحمد لله! وأما القدر الآخر من الحديث- والذي فيه: " إنمأ النساء شقائق الرجال "-؛ فهو حديث صحيح، جاء من غير هذه الطريق؛ من حديث أنس وأم سليم

ثم رأيت للشطر الأول من الحديث شاهداً من حديث خولة بنت حكيم: عند ابن ماجه؛ فهو به حسن. أما حديث أنس؛ فأخرجه الدارمي (1/195) قال: أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال: دخلَتْ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم سليم وعنده أم سلمة، فقالت: المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقالت أم سلمة: تَرِبَتْ يداك يا أم سليم! فضحت النساء! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منتصراً لأم سليم: " بل أنت تربت يداك! إن خيركن التي تسأل عما يعنيها، إذا رأت الماء فلتغتسل ". قالت أم سلمة: وللنساء ماءٌ يا رسول الله؟! قال: " نعم؛ فأين يشبههن الولد؟ إنما هن شقائق الرجال" وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/290) : حدثنا أبو الأزهر قال: ثنا محمد بن كثير ... به. ورواه البزار أيضا؛ كما في " المقاصد الحسنة "؛ وقال: " قال ابن القطان: هو من طريق عائشة ضعيف، ومن طريق أنس صحيح ". قلت: ورجال هذه الطريق ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن كثير- وهو أبو يوسف الصنعاني المِصِّيصِيّ- وهو صدوق كثير الغلط، كما في "التقريب ". ولعل البزار رواه من غير طريقه حتى جاز لابن القطان أن يصححه (1) ! أو لعله إنما صححه لأنه قد توبع فيه عن الأوزاعي، مع شيء من المخالفة في إسناده:

_ (1) ثم رايت الحديث في "زوائد البزار" (ح 38) من طريق أخرى عن أبي سعد عن أنس ... به؛ دون: " إنما النساء ... ". وأبو سعد: هو البقال؛ ضعيف مدلس.

فقد قال الإمام أحمد (6/377) : ثنا [أبو] المغيرة (ما بين المربعين ساقط من الطبعة القديمة من "المسند") قال: ثنا الأوزاعي قال: ثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن جدته أم سليم قالت: كانت مجاورة أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكانت تدخل عليها، مدخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت أم سليم: يا رسول الله! أرأيت إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام؛ أتغتسل؟ فقالت أم سلمة: تربت يداك يا أم سليم! فضحت النساء عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فقالت أم سليم: إن الله لا يستحيي من الحق، وإنا أنْ نسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما أشكل علينا خيرٌ من أن نكون منه على عمياء-! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأم سلمة: " بل أنت تربت يداك! نعم يا أم سليم اعليها الغسل إذا وجدت الماء ". فقالت أم سلمة: يا رسول الله! وهل للمرأة ماء؟! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فأنّى يشيهها ولدها؟! هن شقائق الرجال،. ورجال إسناده ثقات رجال الشيخين كلهم؛ وأبو المغيرة: اسمه عبد القدوس ابن الحجاج الخولاني. وسكت عليه الحافظ في "الفتح " (1/309) . وأعله الهيثمي في "مجمع الزوائد " بالانقطاع؛ فقال (1/268) : " وإسحاق لم يسمع من أم سليم "! قلت. لكن دلت الرواية الأولى على أن إسحاق إنما رواه عن أنس، وهو عن أمه أم سليم، وقد صرح بسماعه من أنس في رواية عكرمة بن عمار عنه بهذا الحديث؛ دون قوله: " هن شقائق الرجال ". أخرجه مسلم (1/171- 172) ، وأبو عوانة.

96- باب المرأة ترى ما يرى الرجل

وكذلك أخرجه مسلم وابن حبان (1161) من طريق قتادة عنه. فعاد الحديث- بمجموع هذه الأسانيد- إلى أنه من رواية إسحاق عن أنس؛ فزالت شيهة الانقظاع، وثبت بذلك صحة الحديث. 96- باب المرأة ترى ما يرى الرجل 236- عن ابن شهاب قال: قال عروة: عن عائشة: أن أم سليم الأنصاربة- وهي أم أنس بن مالك- قالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحبي من الحق؛ أرأيت المرأة إذا رأت في النوم ما يرى الرجل؛ أتغتسل أم لا؟ قالت عائشة: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نعم؛ فلتغتسل إذا وجدت الماء ". قالت عائشة: فأقبلتُ عليها فقلت: أُف لك! وهل ترى ذلك المرأة؟! فأقبل علي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " تربت يمينك يا عائشة! ومن أين يكون الشَبَهُ؟! ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم، وابن حبان (1163) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح قال: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب قال: قال عروة: عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إلا أنه أخرج لعنبسة- وهو ابن خالد بن يزيد الأموي؛ مولاهم- مقروناً بغيره؛ وذكره ابن حبان

في "الثقات "، وأثنى عليه غير واحد، وبالغ المصنف؛ فقال في روايته الأخرى عنه: " عنبسة أحب إلينا من الليث بن سعد ". وفي الطرف الآخر؛ قول يحيى بن بكير: " إنما يحدث عن عنبسة مجنون أحمق! كان يجيئني؛ ولم يكن موضعاً للكتابة أن يكتب عنه " إ! قلت: ولم نجد ما يسقط الاحتجاج بحديثه، ولولا أن البخاري قرنه بغيره لصححنا حديثه. وقد قال الحافظ عنه في "التقريب ": " صدوق ". على أن حديثه هذا صحيح؛ فقد توبع عليه، ذكره أبو عوانة في "صحيحه " (1/292) من طريق ابن وهب ثنا يونس ... به. وتابعه جماعة عن ابن شهاب؛ فقال المصنف عقيبه: " وكذا روى الزبيدي وعُقَيل ويونس وابن أخي الزهري عن الزهري، وابن أبي الوزير عن مالك عن الزهريَ، ووافق الزهرفيَ مسافعٌ الحَجَبِيُ قال: عن عروة عن عائشة. وأما هشام بن عروة ... " إلخ المذكور آنفاً. قلت: أما رواية الزبيدي؛ فأخرجها أبو عوانة والنسائي (1/41) . وأما رواية عُقَيل؛ فوصلها مسلم وأبو عوانة والدارمي (1/195) ، والبيهقي (1/168) . وأما رواية ابن أخي الزهري وابن أبي الوزير؛ فلم أقف عليهما الأن! وقد رواه مالك في "الموطأ" (1/70) عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير: أن أم

سليم ... وهذا منقطع؛ قال ابن عبد البر: " وكل من روى هذا الحديث عن مالك؛ لم يذكر فيه عنه عائشة- فيما علمت- إلا ابن أبي الوزير وعبد الله بن نافع؛ فإنهما روياه عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة أن أم سليم ... "، ثم أسنده من طريقهما؛ قال: " وقال الدارقطني: تابع ابنَ أبي الوزير على إسناد هذا الحديث عن مالك: حباب بن جَبَلَةَ وعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون ومَعْن بن عيسى ". ذكره السيوطي في "تنوير الحوالك ". وأما رواية مسَافع الحَجَبِي؛ فوصلها مسلم وأبو عوانة والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/276) ، والبيهقي وأحمد (6/92) . 237- قال أبو داود: " وأما هشام بن عروة فقال: عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة: أن أم سليم جاءت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". (قلت: وصله الشيخان وابن حبان (1162) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وفي هذه الرواية أن القائلة: وهل ترى ذلك المرأة؟ هي أم سلمة. وفي الرواية الأولى: أنها عائشة. وكلاهما صحيح، كما قال الذّهْلِي، واستحسنه الحافظ) . وصله الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم "، والترمذي (1/209) ، وابن ماجه (1/208) ، والطحاوي في " المشكل " (3/276) ، والبيهقي، وأحمد (6/292 و302 و 306) من طرق عن هشام ... به نحو حديث الزهري؛ إلا أن فيه أن القائلة: وهل ترى ذلك المرأة؟ هي أم سلمة لا عائشة.

فهذا اختلاف في المتن. والمصنف إنما أشار إلى الاختلاف الذي وقع في إسناده؛ ففي هذه الرواية: أن عروة رواه عن زينب بنت أبي سلمة عن والدتها أم سلمة؛ رواه عنه ابنه هشام. وفي تلك: رواه عن عائشة؛ رواه عنه الزهري ومسافع الحجبي. وكأن المصنف رحمه الله أشار إلى ترجيحه هذه الرواية لاتفاق الثقتين عليها. قال الحافظ: " فظاهر صنيع البخاري: ترجيح رواية هشام ... لكن نقل ابن عبد البر عن الذٌهلي أنه صحَّح الروايتين ... وقال النووي في "شرح مسلم ": يحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة جميعاً أنكرتا على أم سليم ". قال الحافظ: " وهو جمع حسن؛ لأنه لا يمتنع حضورأم سلمة وعائثة عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلس واحد ". قال في "عون المعبود"- تعليقاً على قول الحافظ: " وهو جمع حسن "-: " قلت: بل هو متعين؛ لصحة الروايتين في ذلك ". قلت: وليست رواية هشام عن أبيه وحيدة في المعنى؛ فقد أخرج أحمد (6/308) ، والطحاوي (3/276) من طريق عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ... عن أم سلمة ... مثل حديث هشام. وإسناده صحيح على شرط مسلم. وورد مثله من حديث أنس وأم سليم نفسها؛ وقد ذكرناهما عند حديث عائشة الأول في الباب. فقد وجد لكل من الروايتين شواهد؛ كا يدل على أن القصتين صحيحتان،

97- باب مقدار الماء الذي يجزى به الغسل

كما ذهب إليه الذهلي؛ وهو الحق إن شاء الله تعالى. 97- باب مقدار الماء الذي يُجْزِى به الغُسْل 238- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغتسل من إناء واحد- هو الفَرَقُ- من الجنابة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن حبان (198)) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث في "الموطأ" (1/66) ... بهذا السند. ومن طريقه: أخرجه مسلم (1/175) ، وكذا النسائي (1/47) ، والبيهقي (1/194) . ورواه البخاري (1/289) ، والطيالسي (رقم 1438) من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري ... نحوه. وأخرجه البيهقي (1/193) عن الطيالسي. 239- قال ابو داود: " قال معمر عن الزهري في هذا الحديث: قالت: كنت أغتسل انا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد فيه قدر الفَرَقِ ".

(قلت: وصله أحمد والبيهقي بإسناد صحيح على شرطهما، وأبو عوانة في "صحيحه ") . قال أبو داود: " سمعت أحمد بن حنبل يقول: الفَرَقُ: ستةَ عشرَ رطلاً، وسمعته يقول: صاع ابن أبي ذئب خمسة أرطال وثلث (1) . قال: فمن قال: ثمانية أرطال؟ قال: ليس ذلك بمحفوظ (2) ". قال: " وسمعت أحمد يقول: من أعطى في صدقة الفطر برطلنا هذا خمسة أرطال وثلثاً فقد أوفى. قيل: الصيحاني ثقيل؟ قال: الصيحاني أطيب؟ قال (3) : لا أدري ". إسناده معلق كما ترى؛ وقد وصله أحمد (6/199) قال: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر وابن جريج عن الزهرىِ ... به. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. وأخرجه البيهقي. ثم أخرجه هو ومسلم من طريق الليث بن سعد عن الزهري ... به نحوه مثل

_ (1) زاد المصنف في كتابه "مسائل أبي داود" (ص 85) : " يعني: برطل العراق ". (2) يشير بلى الرد على أبي حنيفة؛ فإنه هو القائل بذلك من بين الأئمة، ووافقه صاحبه محمد بن الحسن! وخالفهما صاحبهما أبو يوسف، فرجع بلى القول الصحيح؛ فقد روى الطحاوي في "شرح المعاني " (1/324) بإسناد صحيح عن أبي يوسف قال: قدمت المدينة، فأخرج إلي من أثق به صاعاً، ففال: هذا صاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقدرته فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل. قال الطحاوي: " وسمعت ابن أبي عمران يقول: يقال: [ن الذي أخرج هذا لأبي يوسف هو مالك بن أنس ". (3) قوله: " الصيحاني أطيب؟ قال "؛ لا يوجد في "مسائل المصنف ".

98- باب في الغسل من الجنابة

حديث ابن عيينة الآتي؛ مع تقديم وتأخير. ثم قال المصنف: " وروى ابن عيينة نحو حديث مالك ". قلت: وصله أحمد (6/37) : ثنا سفيان عن الزهري ... به، ولفظه: كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد؛ وكان يغتسل من القَدَحِ، وهو الفَرَقُ. وأخرجه مسلم، وزاد: قال سفيان: والفَرَق ثلاثة آصُعً. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " أيضا (1/295) من الطرق جميعها؛ إلا طريق مالك. 98- باب في الغُسْل من الجنابة 240- عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ: أنهم ذكروا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغُسْل من الجنابة؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما أنا؛ فأفيض على رأسي ثلاثاً "؛ وأشار بيديه كلتيهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفَيْلِيُ قال: ثنا زهير قال: ثنا أبو إسحاق قال: أخبرني سليمان بن صرَدَ عن جبير بن مطعم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وهو من رواية الصحابي عن مثله.

والحديث أخرجه البخاري والبيهقي (1/176) من طرق أخرى عن زهير ... به؛ وزاد البيهقي: هكذا وصف زهير؛ قال: فجعل باطن كفيه مما يلي السماء، وظهرهما مما يلي الأرض. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة (1/297) ، والنسائي (1/49) ، وابن ماجه (1/203) ، وأحمد (4/81 و 84 و 85) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به؛ وزاد أحمد في رواية: " ثم أفيضه بَعْدُ على سائر جسدي ". وإسنادها صحيح على شرطهما؛ وصححه النووي (2/181) . وله شاهد عن جابر: عند الطيالسي (1/60/224- منحة العبود) . 241- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اغتسل؛ دعا بشيء من نحو الحِلابِ؛ فأخذ بِكَفَّيْهِ، فبدأ بِشِقِّ رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ثم أخذِ بكَفَّيّهِ؛ فقال بهما على رأسه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بسند المؤلف. ورواه أبو عوانة) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى فال: ثنا أبو عاصم عن حنظلة عن القاسم عن عائشة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وحنظلة: هو ابن أبي سفيان

الجُمَحِيّ المكي. والحديث أخرجه البخاري (1/293) ، ومسلم (1/175) ، والنسائي (1/72) عن شيخ المصنف محمد بن المثنى ... به، وكذلك أخرجه البيهقي (1/184) . ثم أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحه " (1/296) من طريق أخرى عن أبي عاصم الضحاك بن مَخْلَدٍ ... به، وزاد البيهقي: قَدْرَ هذا؛ وأرانا أبو عاصم قَدْرَ الحِلاب بيده؛ فإذا هو كقدر كوز يسع ثمانية أرطال. وإسنادها صحيح. 242- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اغتسل من الجنابة؛ يبدأ فيفرغ بيمينه (وفي رواية: غسل يديه) يصُمبّ الاناء على يده اليمنى، فيغسل فرجه (وفي الرواية الأخرى: يفرغ على شماله، وربما كَنَت عن الفَرْجِ) ، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يُدْخِلُ يده في الإناء فيُخَلِّلُ شعره، حتى إذا رأى أنه قد أصاب البَشَرَةَ- أو أنقى البشرة- أفرغ على رأسه ثلاثاً؛ فإذا فَضَلَ فَضْلَةٌ صَبَّهَاعليه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم " نحوه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب الواشِحِي. (ح) وثنا مسدد قالا: نا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وحماد: هو ابن زيد. والحديث أخرجه أحمد (6/101) ، والبيهقي (1/175) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة عن هشام. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم "، والنسائي (1/48 و 49 و 72) ، والترمذي (1/174) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، ومالك أيضا (1/65- 66) ، والدارقطني (ص 42) ، وأحمد (6/52) من طرق أخرى عن هشام ... به نحوه. وقد تابعه قتادة عن عروة بن الزبير ... مختصراً بلفظ: كان إذا أراد أن يغتسل من جنابة؛ توصأ وضوءه للصلاة ثم صَب على رأسه ثلاث مرار يخلل بأصابعه أصول الشعر. أخرجه أحمد (6/252) ؛ وإسناده صحيح على شرطهما. وله عند مسلم (1/176) ، وأبي عوانة، والنسائي (1/48) ، وأحمد (6/71 و96 و 115 و 143 و 161 و 173) طريق أخرى عن عائشة. 243- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يغتسل من الجنابة؛ بدأ بكَفيْهِ فغسلها ثم غسل مرافِغَهُ، وأفاض عليه الماء، فإذا أنقاهما؛ أهوى بهما إلى حائطٍ، ثم يستقبل الوضوء، ويفيض الماء على رأسه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا عمرو بن علي الباهلي: ثنا محمد بن أبي عدي: ثني سعيد

عن أبي معشر عن النَّخَعِيِّ عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأبو معشر: هو زياد بن كلَيْب. وسعيد: هو ابن أبي عروبة. والحديث أخرجه أحمد (6/171) : ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا سعيد. وعبد الوهاب عن سعيد ... به. وقد جاء ضرب اليدين على الحائط من حديث ميمونة أيضا في رواية عنها؛ كما سنذكره فيما يليه. 244- عن ميمونة قال: وضعت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غسْلاً يغتسل به من الجنابة؛ فأكفأ الإناء على يده اليمنى، فغسلها مرتين أو ثلاثاً، ثم صَبَّ على فرجه فغسل فرجه بشماله، ثم ضرب بيده الأرض فغسلها، ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه ويديه، ثم صَبَّ على رأسه وجسده، ثم تنحَّى ناحية فغسل رجليه، فناولته المنديل؛ فلم يأخذه، وجعل ينفض الماء عن جسده. فذكرت (1) ذلك لإبراهيم؟ فقال: كانوا لا يرون بالمنديل بألمماً؛ ولكن كانوا يكرهون العادة. (ِقلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .

_ (1) القائل؛ هو الأعمش أحد رواة الحديث. وإبراهيم: هو النخعي.

قال أبو داود: " قال مسدد: قلت لعبد الله بن داود: كانوا يكرهونه للعادة؟ فقال: هكذا هو؛ ولكن وجدته في كتابي هكذا ". إسناده: حدثنا مُسَلَّدُ بن مُسَرْهَدٍ: تنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن سالم عن كرَيْب قال: نا ابن عباس عن خالته ميمونة. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وسالم: هو ابن أبي الجعد. وعبد الله بن داود: هو ابن عامر الهَمْدَاني؛ المعروفط بالخُريبِي. والحديث أخرجه البخاري (1/288 و 296 و 298 و 299 و 304 و 305 و308) ، ومسلم (1/174- 175) ، وأبو عوانة (1/299- 350) ، والنسائي (1/49- 50) ، والترمذي (1/173- 174) - وقا ل: " حسن صحيح "-، والدارمي (1/191) ، وابن ماجه (1/202) ، والدارقطني (ص 42) ، والبيهقي (1/174- 177 و 184) ، وأحمد (6/335- 336) من طرق عن الأعمش ... به، دون قوله: فذكرت ذلك لإبراهيم ... إلخ؛ فليس هو إلا عند البيهقي وأحمد في رواية. ولفظ أحمد: قال سليمان: فذكرت ذلك لإبراهيم؟ فقال: هو كذلك ولم ينكره. وقال إبراهيم: لا بأس بالمندبل؛ إنما هي عادة. ولفظ البيهقي: فقال: إنما كره ذلك مخافة العادة. وقال الترمذي في روايته: ثم دلك بيده الحائط أو الأرض. وهو رواية البخاري وأبي عوانة. وفي رواية لهما: على الحائط ... بدون شمك.

99- باب الوضوء بعد الغسل

99- باب الوضوء بعد الغسل 245- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل ويصلي الركعتين وصلاة الغداة؛ ولا أراه يُحْدِثُ وُضوءاً بعد الغسل. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وحسنه المنذري) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه الحاكم (1/153) ، والبيهقي (1/179) ، وأحمد (6/119 و154) من طرق عن زهير ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. وأخرجه الطيالسي (رقم 1390) مختصراً؛ فقال: ثنا شريك وزهير عن أبي إسحاق ... بلفظ: كان لا يتوضأ بعد الغسل. وأخرجه من طريق شريك: النسائي (1/49 و 83) ، والترمذي (1/179) ، وابن ماجه (1/204) ، وأحمد أيضا (6/68 و 258) . وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". وزاد ابن ماجه: من الجنابة. وحسنه المنذري في "مختصره ". وتابعهما الحسن بن صالح عن أبي إسحاق: عند النسائي، وأحمد (6/253) . *** انتهى بحمد الله وفضله المجلد الأول من " صحيح سنن أبي داود "، ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثاني، وأوله: 100- باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل؟ و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".

الجزء الثاني جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية محفوظة دارغراس- الكويت وشريكهما ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية الا بموافقة خطيّة من الناشر. الطبعة الأولى 1423 هـ 2002 م الناشر مؤسسة غراس للنشر والتوزيع الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868 الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030 Website: www.Gheras.com E-mail: [email protected]

100- باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل؟

100- باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل؟ 246- عن أم سلمة قالت: إن امرأة من المسلمين (وفي رواية: أنها) قالت: يا رسول الله! إني إمرأة أشدُّ ضَفْرَ رأسي؛ أفأنقضه للجنابة؟ قال: " إنما يكفيك أن تَحْفِني عليه ثلاثاً (وفي رواية: تحثي عليه ثلاث حثيات) من ماء، ثم تُفِيضي على جسدك؛ فإذا أنت قد طَهُرْتِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا زهير بن حرب وابن السرح قالا: نا سفيان بن عيينة عن أيوب ابن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة. قلت: والرواية الأخرى في الموضعين لزهير. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه مسلم (1/178) ، وأبو عوانة (1/301) ، والنسائي (1/47) ، والترمذي (1/175) - وقال: " حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/209) ، والدارقطني (42) ، والبيهقي (1/178) ، وأحمد (6/289) من طرق عن ابن عيينة ... به. وقد تابعه الثوري عن أيوب بن موسى ... به.

أخرجه أحمد (6/314- 315) ، ومسلم- عن يزيد بن هارون-، وهو والبيهقي (1/181) - من طريق عبد الرزاق- قالا: أخبرنا الثوري ... به. وفي حديث عبد الرزاق: أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ وأخرجه أبو عوانة من الطريقين عن الثوري؛ ليس فيه: للحيضة. وتابعه رَوْحُ بن للقاسم قال: ثنا أيوب بن موسى ... به؛ ولم يذكر الحيضة. فذِكْرُ: الحيضة في الحديث شاذ؛ لأنها لم ترد في رواية ابن عيينة وللثوري ورَوْح عن أيوب؛ إلا في رواية عن عبد الرزاق عن الثوري. وقال ابن للقيم في "تهذئب السنن " (1/167- 168) : " أما حديث أم سلمة؛ فالصحيح فيه: الاقتصار على ذكر الجنابة دون الحيض؛ وليست لفظة الحيض بمحفوطة ... "، ثم ساق الروايات المتقدمة؛ ثم قال: " فقد اتفق ابن عيينة وروح بن القاسم عن أيوب؛ فاقتصرا على الجنابة. واختُلف فيه عن الثوري؛ فقال يزيد بن هارون عنه كما قال ابن عيينة وروح. وقال عبد الرزاق عنه: أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ ورواية الجماعة أولى بالصواب؛ فلو أن الثوري لم يختلف عليه؛ لترخحت رواية ابن عيينة وروح، فكيف وقد روى عنه يزيد بن هارون مثل رواية الجماعة؟! ومن أعطى النظر حقه؛ علم أن هذه اللفظة ليست محفوظة في الحديث ". 247- وفي رواية عنها: إن امرأة جاءت إلى أم سلمة ... بهذا الحديث، قالت. فسألت لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ قال فيه: " واغْمِزِي قرونَكِ عند كل حَفْنَة ".

(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح: ثتي ابن نافع- يعني: الصائغ- عن أسامة عن المَقْبُرِي عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد حسن؛ وهو على شرط مسلم. لكن قد خالف أسامة في إسناده؛ فأسقط- من بين المقبري وأم سلمة-: عبد الله بن رافع؛ وقد صزَح في رواية بسماع المقبري من أم سلمة كما يأتي! فإن كان أسامة قد حفظه: فهو؛ وإلا فالرواية التي قبلها أصح. والحديث أخرجه الدارمي (1/263) ، والبيهقى (1/181) من طرق أخرى عن أسامة ... به. وقال البيهقي: " وقضر بإسناده أسامة بن زيد في رواية ابن وهب عنه أن سعيدا سمعه من أم سلمة، وذلك فيما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ... ". قلت: فساق إسناده بذلك، ثم قال: " ورواية أيوب بن موسى أصح من رواية أسامة بن زيد؛ وقد حفظ في إسناده ما لم يحفظ أسامة بن زيد ". 248- عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا أصابتها جنابة؛ أخذت ثلاث حَفَنات هكذا- تعني: بكفيها جميعاً-؛ فتصبُّ على رأسها، وأخذت بيد واحدة فصبتْها على هذا الشق، والأخرى على الشق الآخر. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في

"صحيحه " (. إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا يحيى بن أبي بكَيْرٍ: نا إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (1/306) : حدثنا خَلاد بن يحيى قال: ثنا إبراهيم ابن نافع ... به. وقال: على شقها الأيمن ... ، على شقها الأيسر. 249- عن عائشة قالت: كنا نغتسل وعلينا الضِّماد، ونحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محِلات ومُحْرِمات (قلت: إسناده صحيح. وقال المنذري: "إسناده حسن ") . إسناده: حدثنا نصر بن علي: نا عبد الله بن داود عن عمر بن سويد عن عائشة بنت طلحة عن عائشة. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عمر بن سويد، وهو ثقة، كما في "التقريب "، وثقه ابن معين وابن حبان. فقول المنذري: " إسناده حسن "! قصور. والحديث أخرجه البيهقي (1/181- 182) "من طريق نصر بن علي.

250- عن شُريحِ بن عُبَيْدٍ قال: أفتاني جُبَيْرُ بن نُفَيْرٍ عن الغسل من الجنابة: أن ثوبان حدثهم: أنهم استفتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فقال: " أما الرجل؛ فليَنْشُر رأسه، فليغسله حتى يَبْلُغَ أصول الشعر. وأما المرأة؛ فلا عليها أن لا تنقضه، لِتَغْرِفْ على رأسها ثلاث غَرَفَات بكفَّيها ". (قلت: إسناده صحيح. وقواه ابن القيم والشوكاني) . إسناده: حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في أصل إسماعيل بن عياش. قال ابن عوف: ونا محمد بن إسماعيل عن أبيه: ثني ضمضم بن زرعة عن شريح ابن عبيد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ غير محمد بن إسماعيل؛ فقال المصنف: " لم يكن بذاك، قد رأيته ودخلت حمص غير مرة وهو حي؛ وسألت عمرو بن عثمان عنه؟ فذمه ". وقال أبو حاتم: " لم يسمع من أبيه شيئاً، حملوه على أن يحدِّث فحدث ". قلت: وإنما اعتمدنا في تصحيحه على قول محمد بن عوف: " قرأت في أصل إسماعيل بن عياش ". وهذه وجادة صحيحة من ثقة في أصل ثقة؛ وهي حجة على المعتمد؛ انظر "مقدمة ابن الصلاح " (ص 169) . وأعله المنذري بقوله: " في إسناده محمد بن إسماعيل بن عياش وأبوه؛ وفيهما مقال "! ورد عليه ابن القيم، فقال: " وهذا إسناد شامي؛ وأكثر أئمة الحديث يقول: حديث إسماعيل بن عياش

101- باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك؟

عن الشاميين صحيح؛ ونص عليه أحمد بن حنبل رضي الله عنه ". وقال الشوكاني (1/217) : " وأكثر ما علل به: أن في إسناده إسماعيل بن عياش. والحديث من روايته عن الشاميين، وهو قوي فيهم، فيُقْبَلُ ". قلت: وأعله صاحب "العون " بالانقطاع؛ قال: "لأن ابن عوف ومحمد بن إسماعيل؛ كلاهما لم يسمع من إسماعيل بن عياش "! وهذا منه بناءً على القول المرجوح في ترك العمل بالوجادة! وليس عليه العمل؛ وما علومنا وما روايتنا إلا من طريق الوجادة! ولذلك لم يعلَّ الحديثَ بها: المنذري وابنُ القيم والشوكاني؛ فتنبه. 101- باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك؟ 102- باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء [ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 103- باب مواكلة الحائض ومجامعتها 251- عن أنس بن مالك قال: إن اليهود كانت إذا حاضت منهم المرأة؛ أخرجوها من البيت، ولم يُواكِلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت. فسُئِلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فأنزل الله تعالى ذِكْرُة: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا

النساء في المحيض ... } إلى آخر الآية. فقال رسول الله: " جامعوهن في البيوت، واصنعوا كلَّ شيء غيرَ النكاح ". فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئاً من أمرنا إلا خالَفَنَا فيه! فجاء أُسَيْدُ بن حضَيْرٍ وعَبَّادُ بن بِشْرٍ إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا وكذا، أفلا نَنْكِحهنَّ في المحيض؟! فتَمعَّرَ وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى ظنَنَّا أنْ قَدْ وجد عليهما! فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لَبَنٍ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعث في آثارهما، فسقاهما؛ فظننا أنه لم يجد عليهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (1359) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسمأعيل: نا حماد: نا ثابت البناني عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه الطيالسي (2052) قال: حدثنا حماد بن سلمة ... به. وأخرجه مسلم، وابن حبان (1359) وأبو عوانة في "صحاحهم "، والنسائي والدارمي والبيهقي، وأحمد (3/246) عن حماد. وكذا الترمذي (2/162- طبع بولاق) ؛ وقال: " حديث حسن صحيح ". وروى ابن ماجه بعضه.

252- عن عائشة قالت: كنت آتَعَرَّق العظم وأنا حائض؛ فأعطيه النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيضع فَمَة في الموضع الذي فيه وضعته، وأشرب الشراب؛ فأناوله، فيضع فَمَه في الموضع الذي كنت أشرب منه. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، وابن حبان (1357) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". والحديث أخرجه مسلم، وابن حبان (1357) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/54 و67) ، وأحمد (6/62 و 64 و 192 و " 21) من طرق عن مسعر ... به. وتابعه سفيان الثوري عندهم. وشعبة: عند ابن ماجه، والطيالسي (رقم 1514) ، وأحمد (6/127 و 214) . وله عند النسائي وابن ماجه (643) ، والبيهقي (1/312) طرق أخرى عن المقدام. 253- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يضع رأسه في حَجْرِي؛ فيقرأ وأنا حائض. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") .

104- باب الحائض تناول من المسجد

إسناده: حدثنا محمد بن كثير: نا سفيان عن منصور بن عبد الرحمن عن صفية عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (13/446) ، وأبو عوانة والنسائي وابن ماجه، وأحمد (6/148 و 190 و 204) من طرق عن سفيان ... به. وأخرجه مسلم (1/169) ، وأحمد (6/158 و 258) - من طريق داود بن عبد الرحمن المكي-، والبخاري (1/319) ، وأحمد أيضا (6/117) - من طريق زهير- كلاهما عن منصور ... به. وله في "المسند" متابعة أخرى (6/135) ، وطريق أخرى (6/68- 69) . 104- باب الحائض تُنَاوِلُ من المسجد 254- عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ناوليني الحُمْرَةَ "؛ من السجد. قلت: إني حائض! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن حيضتك ليست في يَدِكِ ". (قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ". وقد أخرجه مسلم، وابن حبان (1353) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .

إسناده: حدثنا مسدد بن مسرهد: نا أبو معاوية عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم عن عائشة. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ". والحديث أخرجه أحمد (6/45 و 229) : ثنا أبو معاويهّ ... به. وأخرجه مسلم والبيهقي من طرق عن أبي معاوية. ثم أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحيحه "، والنسائي (1/52- 53 و 68) ، والترمذي، والطيالسي (رقم 1430) ، وأحمد (6/101 و 173) ، من طرق عن الأعمش ... به. ثم أخرجه مسلم، وأحمد (6/114) من طرق أخرى عن ثابت بن عبيد. ثم قال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طريق أخرى عن عائشة: أخرجه ابن ماجه (1/218) ، وابن حبان (1353) ، وأحمد (6/106 و 110 و179 و 245) من وجوه عن عبد الله البَهِي عنها. وانظر "الإرواء " (194) . وله شاهد من حديث أبي هريرة: في "صحيحي مسلم وأبو عوانة" و "سنن النسائي " و "أحمد ". وعن أنس: عند البزار في "مسنده" (1/ 163/323) من طريق شبيب بن بشر عنه. وإسناده حسن.

105- باب في الحائض لا تقضي الصلاة

105- باب في الحائض لا تقضي الصلاة 255- عن مُعَاذةَ قالت: إن امرأة سألت عائشة: أتقضي الحائض الصلاة؟ فقالت: أحَرُورِيَّةٌ أنت؟! لقد كنَّا نحيض عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلا نقضي ولا نؤمر بالقضاء. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن حبان (1346) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا وهيب: نا أيوب عن أبي قلابة عن معاذة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي والترمذي- وقال: " حسن صحيح "- والدارمي والبيهقي، وأحمد (6/32 و 232) من طرق أخرى عن أيوب ... به. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة، والنسائي (1/319) ، وابن ماجه والبيهقي، والطيالسي (رقم 1570) ، وأحمد (6/97 و 120 و 143 و 185) من طرق عن معاذة. وفي لفظ: ... فأمرهن أن يَجْزِينَ؟! أخرجه مسلم وأحمد من طريقما يزيد الرشْكِ عن معاذة.

وللحديث طريق أخرى عن عائشة بلفظ: كنا نحيفعند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فما يأمر امرأة منا بِرد الصلاة. أخرجه الدارمي (1/233) ؛ وسنده لا بأس به في المتابعات والشواهد. 256- وفي رواية عنها عن عائشة ... بهذا الحديث؛ وزاد فيه: فنُؤْمَرُ بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. (قلت: إسنادها صحيح. وقد أخرجها مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") . إسناده: حدثنا الحسن بن عمرو: أنا سفيان- يعني: ابن عبد الملك- عن ابن المبارك عن معمر عن أيوب عن معاذة العدوية. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحسن بن عمرو - وهو السَّدُوسِيُ البصري-؛ روى عنه جمع من الثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات لما. وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق، لم يصب الأزدي في تضعيفه ". والحديث أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي وأحمد من طريق عاصم الأحول عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟! فقالت: أحرورية أنت؟! قلت: لستُ بحروريةٍ؛ ولكتي أسأًل! قالت: كان يصيبنا ذلك؛ فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. وأخرجه النسائي (1/319) من طريق قتادة عن معاذة ... نحوه.

106- باب في إتيان الحائض

106- باب في إتيان الحائض 257- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: " يتصدق بدينار أو نصف دينار ". قال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة قال: "دينار أو نصف دينار". (قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري. وصححه أيضا الحاكم، ووافقه الذهبي وابن القطان وابن دقيق العيد وابن التركماني وابن حجر العسقلاني. وذكر الحلال عن أحمد قال: ما أحسن حديث عبد الحميد- يعني: هذ االحديث-. قيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم؛ إنما هو كفارة. وقوّاه ابن القيم) . إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن شعبة قال: حدثني الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مِقْسم عن ابن عباس ... وربما لم يرفعه شعبة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ والحكم: هو ابن عتيبة. والحديث أخرجه أحمد (1/229- 231) : ثنا يحيى عن شعبة. ومحمد بن جعفر: ثنا شعبة ... به. ثم أخرجه (1/286) من طريق محمد بن جعفر أيضا. وأخرجه ابن ماجه (1/220) : حدثنا محمد بن يشار: ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدي عن شعبة ... به. وأخرجه النسائي (1/55 و 66- 67) : أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا

يحيى عن شعبة ... به. وأخرجه الدارمي (1/254) ، والبيهقي (1/314) من طريق أخرى عن شعبة ... به. وقال الدارمي- في بيان نسب عبد الحميد هذا-: " عبد الحميد بن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب؛ وكان واليَ عمر ابن عبد العزيز على الكوفة ". قلت: كذا في نسختنا: " عبد الحميد بن زيد ... "! وأرى أن (ابن زيد) زيادة من بعض النساخ أو الطابع افإنه إعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب (، كما في كتب القوم؛ وكنيته أبو عمر المدني. ثم أخرجه الحاكم (1/171- 172) من طريق مسدد ... به، وقال: " حديث صحيح؛ فقد احتجا جميعا ًبـ (مقسم بن نجدة) . فأما عبد الحميد بن عبد الرحمن؛ فإنه أبو الحسن عبد الحميد بن عبد الرحمن الجزري، ثقة مأمون "! وقد أخطأً الحاكم في موضعين: الأول: قوله: إن مقسم بن تجدة احتج به الشيخان! وليس كذلك فإن مسلماً لم يروله البتة. والآخر: فوله أن عبد الحميد بن عبد الرحمن هذا هو أبو الحسن الجزري! بل هو أبو عمر المدني؛ كما سبق عن الدارمي. وأما أبو الحسن الجزري؛ فهو شامي مجهول. وقد أشار الحافط في "التهذيب " إلى خطأًا لحاكم في قوله: إنه عبد الحميد بن عبد الرحمن! وصرح بذلك في " التقريب ". والسبب في وقوع الحاكم في هذا الخطأ: أن أبا الحسن الجزري هذا ممن روى

هذا الحديث عن مقسم، كما يأتي بعد هذا؛ فظن الحاكم أنه عبد الحميد بن عبد الرحمن. ثم إن البيهقي أخرج الحديث من طرق عن شعبة ... به موقوفاً على ابن عباس؛ وقد أشار إليه المؤلف كما سبق. ولا يخدج هذا في روايته المرفوعة؛ لأن الرفع زيادة منه قد حفظها. وأيضا؛ فقد بين السبب في وقفه له، فيما أخرجه الدارمي: أخبرنا سعيد بن عامر عن شعبة ... بإسناده عن ابن عباس: في الذي يغشى امرأته وهي حائض: يتصدق بدينار أو نصف دينار. قال شعبة: أما حفظي فهو مرفوع، وأما فلان وفلان فقالا: غير مرفوع. فقال بعض القوم: حدِّثنا بحفظك ودَعْ ما قال فلان وفلان! فقال: والله ما أحب أني غمِّرْت في الدنيا عمرَ نوح؛ د ني حدثمت بهذا أو سكتّ عن هذا. وسعيد بن عامر: هو الضّبَعِيُّ، وهو ثقة حجة؛ وقد أبان في روايته عن شعبة سبب إيقافه للحديث أحياناً، وأن ذلك ليس منه مباشرة؛ بل بسبب الذين أوقفوه! وذلك مما لا يضره إن شاء الله تعالى. على أن شعبة لم يتفرد برفعه؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق قتادة: حدثني الحكم بن عُتَيْبَة. .. به ولفظه: أن رجلاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزعم أنه أتى- يعني- امرأته وهي حائصْ؟ فأمره نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتصدق بدينار؛ فإن لم يجد فنصف دينار. وقد رواه قتادة أيضا عن مقسم ... به. أخرجه أحمد (1/237 و 312) ، والبيهقي، وقال: " لم يسمعه قتادة من

مقسم "! ثم أخرجه البيهقي من طريق مَطَرِ الورَّاق عن الحكم بن عتيبة عن مقسم ... به. وقال: " هكذا رواه جماعة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم. وفي رواية شعبة عن الحكم دلالة على أن الحكم لم يسمعه من مقسم؛ إنما سمعه من عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن مقسم "! قلت: ولا دلالة على ما ذكره البيهقي؛ لأن الحَكَمَ كان معاصراً لمقسم؛ فجائز أن يكون قد سمعه منه مباشرة. وقد جزم أحمد ويحبي القطان بأنه لم يسمع منه إلا خمسة أحاديث؛ ذكرها الحافظ في "التهذيب كا، وفيها هذا الحديث في إتيان الحائض. وهذا أولى بالقبول لأمرين: الأول: أنه مثبت، والبيهقي نَافٍ؛ والمثبت مقدم على النافي. والآخر: أنهما أجلُّ من البيهقي وأعلم بالحديث ورجاله. وقد تابع عبدَ الحميد بن عبد الرحمن على أصل الحديث غيرُ واحد عن مقسم؛ لكن خالفوه في لفظه؛ وفي حفظهم ضعف، ولذلك أوردنا حديثهم في الكتاب الآخر (رقم 41) ؛ ولكنها على كل حال تشهد على أن أصل الحديث مرفوع ليس بموقوف. ورواه يعقوب بن عطاء عن مقسم ... به مثل رواية عبد الحميد. أخرجه الدارقطني (ص 410) ، والبيهقي (1/318) من طريق أبي بكر بن عياش عن يعقوب. وقال البيهقي: " ويعقوب بن عطاء لا يحتج بحديثه ". وتعقبه ابن التركماني بقوله:

" قلت: أخرج له ابن حبان في "صحيحه "، والحاكم في "المستدرك "، وذكر ابن عدي أنه ممن يكتب حديثه؛ فأقل أحواله أن يتابع بروايته ما تقدم ". وبعد؛ فإن الكلام على طرق هذا الحديث وأسانيده وألفاظه طويل جدّاً، وفي القدر الذي ذكرنا كفاية في إثبات صحة إسناده. وأما من حيثُ متنه؛ فالصواب فيه رواية عبد الحميد هذه؛ وهي التي رجَّحها المصنف على غيرها وصححها كما رأيت، والألفاظ الأخرى المخالفة لها؛ في أسانيدها مقال؛ فلا تصلح للمعارضة، ولا يجوز التمسك بها في دعوى الاضطراب في متنه، كما سنبيِّن ذلك إن شاء الله تعالى في الكتاب الآخر. وقد قال الحافظ في "التلخيص " (2/426) : " والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير جدّاً ". قال: " وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث والجواب عن طرق الطعن فيه بما يراجع منه. وأقر ابنُ دقيق العيد تصحيحَ ابن القطان، وقوّاه في "الإمام "، وهو الصواب؛ فكم من حديث قد احتجوا به؛ فيه من الاختلاف أكثر مما في هذا، كحديث بئر بضاعة [رقم 59 و 60] ، وحديث القلتين [رقم 56- 58] ونحوهما. وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في "شرح المهذب " و "التنقيح " و"الخلاصة": أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه، وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم. وتبع النوويُ في بعض ذلك ابنَ الصلاح ". قلت: وقوّاه ابن التركماني؛ ومنه نقلنا ما ذكرنا في الأعلى عن أحمد. وكذا قوّاه ابن القيم في "التهذيب ". وتجد تفصيل الكلام على هذا الحديث وطرقه وألفاظه في تعليق الشيخ أحمد

محمد شاكر على "الترمذي " (1/246- 254) . وفيه تحقيق دقيق، لا تجده في كتاب؛ إلا أنه وهم في بعض الشيء، لكنه لا يخدج في تحقيقه لصحة الحديث، فانظر كلامنا على الحديث الآتي. 258- عن ابن عباس قال: إذا أصابها في الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار. (قلت: هو بهذا التفصيل موقوف صحيح) . إسناده: حدثنا عبد السلام بن مُطَهّر: نا جعفر- يعني ابن سليمان- عن علي ابن الحكم البُنَاتي عن أبي الحسن الجَزَرِيِّ عن مقسم عن ابن عباس. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال " الصحيح "؛ غير أبي الحسن الجزري؛ وهو مجهول، وزعم الحاكم أنه عبد الحميد بن عبد الرحمن راوي الحديث السابق! وهو وهم منه، كما سبق بيانه هناك. لكنه لم يتفرد به كما يأتي؛ فكان الحديث صحيحاً موقوفاً. والحديث أخرجه البيهقي (1/318) من طريق المؤلف. وأخرجه الحاكم (1/172) من طريق أخرى عن عبد السلام ... به. وقال: " قد أُرسل هذا الحديث وأُوقف أيضا. ونحن على أصلنا الذي أصلناه: أن القول قول الذي يسنده ويصل؛ إذا كان ثقة ". قلت: وهو كما قال الحاكم رحمه الله. ويشير بذلك بلى حديث عبد الحميد السابق؛ فإنه أورد عقيبه هذا الحديث الموقوف. وله طريق أحرى عن مقسم؛ وهو:

259- قال أبو داود: " وكذلك قال ابن جريج عن عبد الكريم عن مقسم ". (قلت: وصله الدارمي؛ لكنه قال: عن عبد الكريم عن رجل ... لم يسمِّ مقسماً) . إسناده: هو معلق كما ترى، ولم أجده موصولاً عن ابن جريج هكذا. نعم؛ أخرجه الدارمي (1/254) من طريق سفيان عن ابن جريج عن عبد الكريم عن رجل عن ابن عباس ... به موقوقاً. فلعل هذا الرجل الذي لم يسَمَّ وقع مسمَّى عند المصنف. وقد رواه ابن جريج أيضا عن عطاء عن ابن عباس. قال البيهقي: " وقد قيل: عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس موقوفاً. وإن كان محفوظاً؛ فهو من قول ابن عباس يصح ... "، ثم ساق إسناده إلى سفيان الثوري عن ابن جريج ... به. قال: " والمشهور: عن ابن جريج عن عبد الكريم أبي أمية عن مقسم عن ابن عباس، كما تقدم ". وتعقبه ابن التركماني في موضعين: الأول؛ قوله: " إن كان محفوظاً "؛ فقال: " رجال إسناده ثقات؛ فلا وجه لتمريضه بقوله: فإن كان محفوظاً ". والموضع الآخر؛ قوله: " والمشهور عن أبن جريج ... " إلخ، فقال ابن التركماني: " وكأنه يقصد بذلك أيضا الاستضعاف لرواية ابن جريج عن عطاء؛ وليست

تلك الرواية معارضة لهذه، فيحمل على أن ابن جريج روى عنهما: أعني عبد الكريم وعطاء "! قلت: ولعل وجه تمريض البيهقي لرواية ابن جريج عن عطاء: أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه. على أن ابن جريج قد رواه عند عبد الكريم مرفوعاً؛ وهما التي أشار إليها البيهقي بقوله: " كما تقدم ". وقد أخرجها أحمد (1/367) قال: ثنا عبد الرزاق: أنا ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم وغيره عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث أن ابن عباس أخبره: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل في الحائض نِصَابَ دينار، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل؛ فنصف ديار. كل ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والبيهقي أخرجه (1/316) من طريق نافع بن يزيد عن ابن جريج عن أبي أمية عبد الكريم البصري ... به نحوه مرفوعاً. وأخرجه الدارقطني (ص 411) من طريق ابن لهيعة عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن عبد الكريم البصري أنه أخبره ... به. وأخرجه البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن عبد الكريم أبي أمية عن عكرمة عن ابن عباس ... مرفوعاً نحو الرواية الأولى في الباب؛ وزاد: وفسره مقسم فقال. إذا كان في إقبال الدم فدينار ... الحديث فجعله من تفسير مقسم. ثم رواه من طريق أبي جعفر الرازي عن عبد الكريم عن مقسم ... به مرفوعاً

مفسراً. ثم رواه من طريق هشام الدَّسْتوائي: ثنا عبد الكريم أبو أمية عن مقسم ... به موقوفا مثل الرواية الأولى. ثم قال البيهقي: " هذا أشبه بالصواب. وعبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية غير محتج به ". وقال الحافظ في "التلخيص " (1/424) : " وهو مجمع على ضعفه ". واعلم أن في الرواة من طبقة واحدة رجلين؛ اسم كل منهما عبد الكريم: أحدهما ضعيف؛ وهو عبد الكريم بن أبي الخارق أبو أمية البصري. والآخر ثقة من رجال الشيخين؛ وهو عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد الحَرَاني. فاختلفوا في راوي هذا الحديث؛ هل هو الأول أم الآخر؟! فجزم البيهقي أنه الأول- كما رأيت-، وتبعه الحافظ ابن حجر، وسبقهما الإمام أحمد فقال في "المسند" (1/237) - عقب رواية قتادة عن مقسم المتقدمة في الحديث الأول-: " ورواه عبد الكريم أبو أمية ... مثله بإسناده ". وخالفهم ابن التركماني- تبعاً للمزي-؛ فذهبا إلى أنه ابن مالك الجزري الثقة! وتبعهما الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على " الترمذي " (1/247) ؛ وصحح إسناده من أجل ذلك! والحق: أنه الأول؛ لأن ابن جريج صرح بأنه أبو أمية البصري في رواية نافع

107- باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع

ابن يزيد عنه، ووافقه ابن لهيعة عنه في أنه البصري، وكذلك صرح هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة بأنه أبو أمية. فبعد اتفاق هؤلاء الثلاثة على أنه أبو أمية البصري الضعيف؛ لا مجال للقول بأنه ابن مالك الجزري الثقة؛ لا سيما وأنه لم يأتِ مصرَّحاً بذلك في شيء من الروايات؛ إلا في رواية عبد الله بن مُحَزر عنه؛ فقال: عبد الكريم بن مالك. لكن ابن محرر هذا متروك؛ بل كذبه بعضهم. ومما يدل على أنه عبد الكريم الضعيف: اضطرابه في إسناد هذا الحديث، وفي متنه: أما الأول؛ فرواه الجمهور عنه عن مقسم عن ابن عباس، ورواه سعيد- في رواية- عنه عن عكرمة عن ابن عباس. وأما اضطرابه في متنه؛ فهو أنه تارة يرويه مرفوعاً، وتارة موقوفاً. ثم إنه تارة يروي كلا منهما مفسراً، وأخرى غير مفسرٍ، وتارة يجعل التفسير من كلام مقسم! وتجد هذا كله أو جله فيما سبق من التخريج. والصواب من ذلك: المرفوع غير مفسر؛ لمتابعة عبد الحميد له.. وأن المفسر من قول ابن عباس؛ لمتابعة أبي الحسن الجزري وعطاء له؛ كما قد سبق بيانه. 107- باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع 260- عن ميمونة قالت: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض؛ إذا كان عليها إزار إلى أنصاف الفخذين أو الركبتين؛ تحتجز به.

(قلت: حديث صحيح، وكذا قال أبو الحسن السِّنْدِي، وصححه ابن حبان (1362) وقوّاه ابن القيم وحسنه المنذري) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن مَوْهَب الرَّمْلي: ثتي الليث بن سعد عن ابن شهاب عن حبيب مولى عروة عن نُدْبَة مولاة ميمونة عن ميمونة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير ندبة- بضم أولها؛ ويقال: بفتحها، وسكون الدال بعدها موحدة، ويقال: بموحدة أولها مع التصغير- مقبولة، ويقال: إن لها صحبة؛ كذا في "التقريب ". وفي "التهذيب ": " ذكرها ابن حبان في "الثقات "، وذكرها ابن منده وأبو نعيم في "الصحابة" ... ". وأما ابن حزم؛ فقال في "المحلى" (2/179) : " وهي مجهولة لا تعرفط ". قلت: لكن الحديث له طريق آخر وشواهد؛ فهو بها صحيح بلا شك. ولذلك قال ابن القيم رحمه الله- راداً على ابن حزم-: " فأما تعليله حديث ندبة بكونها مجهولة؛ فإنها مدنية روت عن مولاتها ميمونة، وروى عنها حبيب، ولم يعلم أحد جرحها، والراوي إذا كانت هذه حاله؛ إنما يخشى من تفرده بما لا يتابع عليه، فأما إذا روى ما رواه الناس، وكانت لروايته شواهد ومتابعات؛ فإن أئمة الحديث يقبلون حديثاً مثل هذا، ولا يردونه ولا يعللونه بالجهالة، فإذا صاروا إلى معارضة ما رواه بما هو أثبت منه وأشهر؛ عللوه بمثل هذه الجهالة وبالتفرد. ومن تأمل كلام الأئمة رأى فيه ذلك، فيظن أن ذلك تناقض منهم، وهو مَحْضُ العلم والذوق والوزن المستقيم. فيجب التنبه لهذه النكتة؛ فكثيراً ما تمر بك في الأحاديث، ويقع الغلط بسببها ".

قلت: وهذه قاعدة مهمة، نبه عليها الحافظ ابن القيم رحمه الله. وعليها جرينا ونجري في كتابنا وفي الكتب الأخرى إن شاء الله تعالى، وعلى ذلك أئمة الحديث كما قال ابن القيم؛ ومنهم خاتمة الحفاظ المحققين: الحافظ ابن حجر. وأقرب مثال منه على ذلك قوله في (ندبة) هذه: إنها "مقبولة"؛ أي: حيث تتابع؛ وإلا فهي لينة الحديث، كما قد نص عليه في "المقدمة" والحديث أخرجه النسائي (1/54- 55 و 67) ، والدارمي (1/246) ، والبيهقي (3/311) ، وأحمد (6/332 و 335- 336) من طرق عن الليث ... به. وكذا أخرجه الطحاوي (2/21) . وقد تابعه شعيب بن أبي حمزة- عند البيهقي-، ومحمد بن إسحاق- عند أحمد- كلاهما عن الزهري ... به نحوه. وتابعهم يونس: عند الطحاوي. وأما الطريق الآخر؛ فهو عند مسلم (1/167) ، وأبي عوانة (1/359- 310) ، والدارمي (1/244) ، وأحمد (6/335) عن عبد الله بن شداد عن ميمونة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يباشر نساءه فوق الإزار وهن حُيَّضٌ. وأخرجه البخاري أيضا (1/321) ، والمصنف نحوه. ويأتي برقم (1883) . وله عنها طريق ثالث: عند مسلم وأبي عوانة. ومن شواهده: ما أخرجه ابن ماجه (1/219) من طريق ابن إسحاق عن يزيد ابن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حُدَيْج عن معاوية بن أبي سفيان عن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سالتها: كيف كنتِ تصنعين مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحيضة؟ قالت: كانت

إحدانا في فورها- أولَ ما تحيض- تشد عليها إزاراً إلى أنصاف فخذيها، ثم تضطجع مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا إسناد حسن، لولا عنعنة ابن إسحاق. ولكنه صحيح مَعْنىً؛ بحديث الباب، كما قال السندي. ومن شواهده: أحاديث عائشة في الباب. 261- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر إحد انا- إذا كانت حائضاً- أن تَتَّزِرَ، ثم يضاجعها زوجها (وقال مرة: يباشرها) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا ابن حبان (1361) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: نا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث أخرجه أحمد (6/174) : ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة ... به وأخرجه الطيالسي (رقم 1375) . وأخرجه الشيخان وأبو عوانة والنسائي والترمذي- وقال: " حديث حسن صحيح "- والدارمي وابن ماجه والبيهقي والطيالسي أيضا، وأحمد (6/134

و 189 و 209) من طرق عن منصور ... به. 262- حديث وقد تابعه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه. ويأتي أخر الباب. 262- عن خِلاس الهَجَرِيَ قال: سمعت عائشة تقول: كنت أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبيت في الشِّعَارِ الواحد؛ وأنا حائض طامث؛ فإن أصابه منه شيء،؛ غسل مكانه ولم يَعْده، ثم صلى فيه، وإن أصاب- تعني- ثوبه مني شيء؛ غسل مكانه ولم يَعْدُه، ثم صلى فيه.؟ (قلت: إسناده صحيح. وقال المنذري: " هو حسن ") إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن جابر بن صُبْح قال: سمعت خلاساً الهَجَرِي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير جابر بن صُبح؛ قال ابن معين: "ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال المنذري عقب الحديث: " وهو حسن ". والحديث أخرجه النسائي (1/67) : أخبرنا محمد بن المثنى قال: ثنا يحيي ... به. ورواه البيهقي عن المؤلف.

263- عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان إذا أراد من الحائض شيئاً؛ ألقى على فرجها ثوياً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال الحافظ: " إسناده قوي ". وقال ابن عبد الهادي: " إسناده صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن أيوب عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقال الحافظ في "الفتح " (1/321) : " إسناده قوي ". وقال ابن عبد الهادي- كما في "فيض القدير"-: " إسناده صحيح ". والحديث أخرجه البيهقي (1/314) : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: ثنا أبو بكر ابن إسحاق: ثنا أبو مسلم: ئنا أبو عمر: ثنا حماد ... به؛ وزاد: ثم صنع ما أراد. قال أبو بكر: " وكل أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثقات ". 264- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا- في فَوْح حيضتنا- أن نتزر ثم يباشرنا. وأيكم يملك إرْبه كما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يملك إربه؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة

108- باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام

في "صحاحهم ". وصححه الحاكم أيضا على شرطهما ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا جرير عن الشيباني عن عبد الرحمن ابن الأسود عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وكذا قال الحاكم (1/172) - وقد أخرجه عن عثمان-، ووافقه الذهبي. والحديث أخرجه الشيخان وأبو عوانة وابن ماجه والبيهقي من طريق- علي ابن مُسْهر-، وأبو عوانة وابن ماجه، وأحمد (6/33) - من طرق أخرى- كلهم عن أبي إسحاق الشيباني ... به. وله طريق أخرى عن عائشة: رواه أبو إسحاق- وهو السبِيعي- عن أبي ميسرة عنها ... به. أخرجه أحمد (6/113 و 160- 161 و 182 و 204) ، والطحاوي (2/21) ، والبيهقي (1/314) من طرق عنه. وهذا إسناد صحيح أيضا على شرطهما. 108- باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض 265- عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: إن امرأة كانت تُهْرَاقُ الدمَاءَ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فاستفتت لها أمّ سلمة رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:

" لتنظرْ عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، ولتتركِ الصلاة قدرَ ذلك من الشهر، فإذا خَلَفَتْ ذلك؛ فلتغتسل ثم لتستثفرْ بثوب، ثم لتصلِّ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال النووي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وكذا قال النووي في "المجموع " (2/415) . وقد أعل بالانقطاع! ويأتي الجواب عنه. والحديث في " الموطأً" (1/80- 81) . ومن طريقه: رواه محمد في "موطئه " (ص 79) ، وكذا النسائي (1/65) ، والبيهقي (1/332) ، وأحمد (6/325) كلهم عن مالك ... به. وكذا رواه عنه في "الحلية" (9/157) . وقد تابعه عبيد الله بن عمر قال: أخبرني نافع ... به: أخرجه النسائي وابن ماجه (1/215) ، والدارقطني (ص 80) - عن أبى أسامة-، وأحمد (6/293) - عن ابن نمير- كلاهما عنه. وأخرجه أبو بكر بن أبي شيجة عنهما كليهما في "المصنف "؛ كما في "الجوهر النقي ". وخالفهما أنس بن عياض عنه؛ فأدخل بين سليمان بن يسار وأم سلمة رجلاً.

أخرجه المصنف بعد الرواية الاتية. قال ابن التركماني: " وأبو أسامة أجل من أنس بن عياض؛ وقد تابعه عبد الله بن نمير؛ فروايتهما مرجحة بالحفظ والكثرة ". وتابعه عن سليمان بن يسار: أيوبُ السَّخْتِياني: أخرجه الدارقطني (ص 76) ، والبيهقي (334) ، وأحمد (6/322) ؛ ولم يختلف عليه فيه؛ بخلاف رواية نافع. فقول البيهقي: " إن سليمان بن يسارلم يسمعه من أم سلمة "! غير قوي؛ وإن كان احتج على ذلك برواية الليث وغيره عن نافع ... مثل رواية أنس بن عياض عن عبيد الله. وقد ذكر المؤلف رواياتهم- فيما بعد- وقد اختلف فيه على الليث أيضا، كما سنبينه في الرواية الآتية. فترجيح ما اختُلِفَ فيه على مالم يُخْتَلَفْ فيه؛ مما لايخفى ضعفه؛ لاسيما وأن سليمان بن يسار ثقة جليل، أحد الفقهاء السبعة، ولم يعرف بتدليس، وقد أدرك أم سلمة حتماً؛ فحديثه عنها محمول على الاتصال. فإن كان لا بد من الترجيح؛ فرواية أيوب أصح من رواية نافع؛ وإلا فالروايتان ثابتتان، ويكون ابن يسار سمعه منها مباشرة (1) ، ومرة بالواسطة. وقد قال ابن التركماني: " وذكر صاحب "الكمال " أن سليمان سمع من أم سلمة؛ فيحتمل أنه سمع هذا الحديث منها، ومن رجل عنها ".

_ (1) وقد روى له أحمد (6/306) حديثاً آخر، صرح فيه بسماعه منها.

قلت: وقد ذكر الحافظ (أم سلمة) في جملة من سمع منهم سليمان بن يسار. ولذلك صحح النووي إسناد الحديث كما سبق؛ ولم يعرِّج على إعلال البيهقي له بالانقطاع أو جهالة الواسطة. ويقؤي الحديث: أن له طريقاً أخرى عن أم سلمة؛ سنورده عند الكلام على الرواية الأخيرة للحديث (رقم 269) . 266- وفي رواية عنها: أن امرأة كانت تُهراق الدمَ ... فذكر معناه؛ قال: " فإذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة؛ فلتغتسل.... " بمعناه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب قالا: ثنا الليث عن نافع عن سليمان بن يسار أن رجلاً أخبره عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ لولا الرجل الذي لم يسمَ. لكن قد رواه سليمان عن أم سلمة؛ دون هذه الواسطة، كما في الرواية الأولى؛ وقد ذكرنا عندها أنها أرجح من هذه، فراجعها. والحديث أخرجه الدارمي (1/199) ، والبيهقي (1/333) من طرق عن الليث ... به. وقد اختلف فيه على الليث: فأخرجه المصنف- ومن ذكرنا- هكذا. ورواه آسِيدٌ عن الليث ... مثل رواية مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن

أم سلمة. ورواه آسِيدٌ أيضا عن أبي خالد الأحمر سليمان بن حيان والحجاج بن أرطاة كلاهما عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة. كذا في "الجوهر النقي ". وقد تابع ليثاً على الوجه الأول: عبيد الله بن عمر، وصخر بن جويرية، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، وجويرية بن أسماء عن نافع: أما حديث عبيد القه فهو: 267- وفي رواية عن سليمان بن يسار عن رجل من الأنصار: أن امرأة كانت تهْرَاق الد ماءَ ... فذكر معنى حديث الليث؛ قال: " فإذا خَلَفَتْهنَّ وحضرت الصلاة؛ فلتغتسل ... "، وساق معناه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا أنس- يعني: ابن عياض- عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار. والكلام على هذا الإسناد كالكلام على الذي قبله. والحديث أخرجه البيهقي (1/333) من طريق المؤلف. وقد خولف فيه أنس بن عياض؛ فرواه أبو أسامة وابن نمير عن عبيد الله ... مثل رواية مالك عن نافع؛ وقد سبق تخريجها عند تخريج الرواية الأولى. وأما حديث صخر بن جويرية؛ فهو:

268- وفي رواية عن نافع ... بإسناد الليث ومعناه؛ قال: " فلتترك الصلاة قدر ذلك، ثم إذا حضرت الصلاة؛ فلتغتسل وَلْتَسْتَذْفِرْ بثوب، ثم تصلي ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: نا عبد الرحمن بن مهدي: نا صخر بن جويرية عن نافع. وأخرجه البيهقي من طريق المؤلف. والدارقطني (ص 80) من طريق أخرى عن ابن مهدي. وأما حديث إسماعيل بن إبراهيم وجويرية بن أسماء؛ فأخرجهما البيهقي، وسبق تحقيق الكلام على هذا الحديث. 269- عن وهيب: نا أيوب عن سليمان بن يسار عن أم سلمة ... بهذه القصة؛ قال فيه: " تدع الصلاة، وتغتسل فيما سوى ذلك، وتستذفر بثوب وتصلي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا وهيب ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 76) - عن مُعَلَّى بن أسد-، والبيهقي (1/334) - عن عفان- كلاهما عن وهيب ... به، وفي روايتهما تسمية المرأة.

ولفظه من طريق عفان: عن أم سلمة: أن فاطمة- وقال معلى- بنت أبي حُبَيْمثيل استحيضت، فكانت تغتسل من مِرْكَن لها، فتخرج وهي غالبة الصفرة، فاستفتت لها ام سلمة رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: " لتنظر أيام أقرائها وأيام حيضتها؛ فتدع فيها الصلاة وتغتسل ... " الحديث. وقد أخرجه أحمد أيضا (6/322- 323) : ثنا عفان ... به. وقد تابع أيوبَ عن سليمان: نافغ في بعض الروايات عنه؛ وقد سبق بيان اختلاف الروايات عليه في ذلك. 270- قال أبو داود: " وسمى المرأةَ التي كانت استحيضت حمادُ بن زيد عن أيوب ... في هذا الحديث؛ قال: فاطمة بنت أبي حُبَيْش ". (قلت: وصله الدارقطني عنه بإسناد صحيح) . إسناده معلق؛ وقد وصله الدارقطني (ص 67) . وإسناده صحيح. ثم أخرجه الدارقطني من طريق إسماعيل عن أيوب ... به؛ وفيه التسمية أيضا؛ وإسماعيل: هو ابن علية. وللحديث طريق أخرى: أخرجه أحمد (6/304) : ثنا سريج: ثنا عَبْدُ الله - يعني: ابن عمر- عن سالم أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة قالت: جاءت فاطمةُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: إني أُسْتَحاضُ ... الحديث نحوه.

ورواه البيهقي (1/335) مختصراً، وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ لكن عبد الله بن عمر- وهو العمري- سيئ الحفظ؛ غير أنه صحيح الحديث في المتابعات. 271- عن عائشة أنها قالت: إن أم حبيبة سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الدم- فقالت عائشة: فرأيت مِرْكَنَهَا ملآنَ دماً-؟ فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " امكثي قَدْرَما كانت تحبسك صيئ. خُلث،، ثم اغتسلي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". ولمسلم فيه شيخان؛ أحدهما شيخ المصنف فيه) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: نا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر عن عِرَاك عن عروة عن عائشة. قالى أبو داود: " ورواه قتيبة بين أضعاف حديث جعفر بن ربيعة في آخرها. ورواه ابن عياش ويونس بن محمد عن الليث فقالا: جعفر بن ربيعة. قلت: ومقصود المؤلف من هذا التعليق: أن جعفراًا لذي وقع غير منسوب في إسناده؛ إنما هو جعفر بن ربيعة؛ لأمرين ذكرهما: الأول: أن قتيبة روى هذا الحديث في أتناء أحاديث يرويها لجعفر بن ربيعة، ووقع هذا في آخرها هكذا: (جعفر) غير منسوب، وهو جعفر بن ربيعة، كما جاء منسوباً في الأحاديث التي قبلها عند قتيبة. والأمر الأخر: أن ابن عياش ويونس روياه عن الليث فقالا: جعفر بن ربيعة.

والحديث أخرجه مسلم (1/181) ، والنسائي (1/65) عن قتيبة ... بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي (1/331) من طريق أحمد بن سلمة عنه. ثم قال النسائي: وأخبرنا به قتيبة مرة أخرى؛ ولم يذكر فيه: جعفر بن ربيعة. قلت: يعني: أنه أسقطه من الإسناد. والصواب إثباته؛ فقد تابعه على ذلك محمد بن زمْح: عند مسلم، ويونس بن محمد وشعيب بن الليث: عند أبي عوانة (1/322) ً، ويحبي بن بكير: عند البيهقي؛ كلهم قالوا: عن الليث عن يزيد عن جعفر عن عراك ... به. ورواه بكر بن مضر أيضا عن جعفر بن ربيعة: أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي. 272- عن المنذر بن المغيرة عن عروة بن الزبير: أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته: أنها سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فشَكَتْ إليه الدم؟ فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما ذلك عرق؛ فانظري إذا أتى قرْؤك فلا تصلِّي، فإذا مَرّ قُرْؤًكِ فتطهَّري؛ ثم صلِّي ما بين القرْءِ إلى القرْءِ ". (قلت: حديث صحيح. وقد صححه عبد الحق "الأحكام الكبرى" (521) ، وهو بمعنى حديث عروة عن عائشة الاتي في الباب الذي يلي (رقم 281)) .

إسناده: حدثنا عيسى بن حماد: أنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن ئكَيْرٍ ابن عبد الله عن المنذر بن المغيرة. قلت: رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المنذر بن المغيرة؛ قال المنذري في "مختصره " (رقم 271) : " سئل عنه أبو حاتم الرازي؟ فقال: هو مجهول ليس بمشهور ". وقال الذهبي في " الميزان ": " لا يعرف؛ وبعضهم قوّاه. وقال أبو حاتم: مجهول ". قلت: وهذا (البعض) الذي أشار إليه الذهبي؛ إنما هو ابن حبان؛ فقد أورده في "الثقات "- كما في "التهذيب "-. وقال في "التقريب ": " مقبول "؛ حيث يتابع؛ وإلا فلين الحديث. والحديث أخرجه النسائي (1/65) : أخبرنا عيسى بن حماد ... به. وأخرجه البيهقي (1/331) - عن يحيى بن بكير-، وأحمد (6/420 و 463) - عن يونس بن محمد-؛ وكلاهما عن الليث ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/214) : حدثنا محمد بن رمح: أنا الليث ... به، كلاهما عن الليث.... به. وقال النسائي عقيبه: " وقد روى هذا الحديث: هشام بن عروة عن عروة ... ولم يذكر فيه ما ذكر المنذر "؛ يعني: من سماع عروة للحديث من فاطمة، وحديث هشام يأتي في الباب للذي يلي (رقم 281) . وقال البيهقي:

" وفي هذا ما دل على أنه لم يحفظه، وهو سماع عروة من فاطمة بنت أبي حبَيْش؛ فقد بين هشام بن عروة ان أباه إنما سمع قصة فاطمة بنت أبي حُبَيْش من عائشة. وروايته في الإسناد والمق جميعاً أصح من رواية المنذر بن المغيرة ". وتعقبه ابن التركماني بقوله: " رواه هشام عن أبيه عنها، وليس في روايته هذا الحصر الذي ذكره البيهقي؛ وهو أنه بين أن أباه إنما سمع القصة منها. وقد زعم ابن حزم أن عروة أدرك فاطمة، ولم يَسْتَبْعِد ْأن يسمعه من فاطمة ". وجزم بسماع عروة من عائشة وفاطمة: ابنُ القيم رحمه الله؛ فقال في "للتهذيب " (1/82- 183) - رداً على إعلال ابن القطان للحديث؛ بقوله: " المغيرة مجهول. قاله أبو حاتم الرازي، والحديث عند غير أبي داود معنعن، لم يقل فيه: إن قاطمة حدثته "-. قال ابن القيم: [" إن عروة قد أدرك عائشة وفاطمة] كلتيهما، وسمع منهما بلا ريب، ففاطمة بنت عمه وعائشة خالته؛ فالانقطاع الذي رمى به الحديث مقطوع دابره، وقد صرح بأن فاطمة حدثته. وقوله: إن المغيرة جهله أبو حاتم؛ لا يضره ذلك؛ فإن أبا حاتم الرازي يجهل رجالاً وهم ثقات معروفون، وهو متشدد في الرجال، وقد وثق المغيرةَ جماعة وأثنوا عليه وعرفوه. وقوله: الحديث عند غير أبي داود معنعن؛ فإن ذلك لا يضره؛ ولا سيما على أصله في زيادة الثقة، فقد صرح سهيل عن الزهري عن عروة قال: حدثتتي فاطمة. [قلت: يعني: الرواية الآتية (رقم 273) ] . وحَمْلة على سهيل وأن هذا مما ساء حفظه فيه: دعوى باطلة، وقد صحح مسلم وغيره حديث سهيل "! قلت: وفي هذا الرد نظر من وجهين: الأول: قوله: " وقد وثق المغيرة جماعةٌ "، وهذا وهم تبع فيه ابن القطان؛ وإنما

هو (المنذر بن المغيرة) . وقوله: "وثقه جماعة"! غير صحيح؛ فلم يوثقه غير ابن حبان كما سبق؛ وهو معروف بتساهله في التوثيق. وقد أشار إلى ذلك الذهبي فيما سبق، وجزم بأنه لا يعرف. والوجه الأخر: أن سهيلاً قد تردد في إسناده بين أن يكون سمعه من قاطمة أو من أسماء- كما يأتي-؛ فلا حجة فيه؛ لاسيما وأنه قد خالفه غيره؛ فجزم أنه من (مسند أسماء) ؛ كما سيأتي في الكتاب. والحق: أن علة الحديث جهالة (المنذر) هذا. ولكن لما كان له طرق أخرى وشواهد يأتي ذكرها في الكتاب؛ حكمنا عليه بالصحة. منها: ما عند الحاكم (4/62) من طريق أبي قلابة: ثنا أبو عاصم عن عثمان ابن الأسود عن ابن أبي مليكة: أن خالته فاطمة بنت أبي حُبَيْش أتت عائشة فقالت: إتي أخاف أن أكون من أهل النار! لم أصل منذ نحوٍ مِنْ سَنَتَينِ! فمساكت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال ... فذكره نحوه. 273- عن الزهري عن عروة بن الزبير قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ: أنها أمرت أسماءَ- أو أسماء حدثتني-: أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حُبَيْش أن تسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل. (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح "، والتردد المذكور في

إسناده لا يُعِلهُ، على أن الصواب فيه أنه من رواية عروة عن أسماء بنت عميس. كذلك رواه خالد بن عبد الله عن سهيل عن الزهري. وسيأتي في الكتاب (رقم 308)) إسناده: حدثنا يوسف بن موسى: نا جرير عن سهيل- يعني: ابن أبي صالح- عن الزهري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". 274- قال أبو داود: " رواه قتادة عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أم سلمة: أن أم حبيبة بنت جَحْش اسْتًحيِضَتْ، فأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي ". قال أبو داود: " لم يسمع قتادة من عروة شيئاً ". (قلت: لكنه بمعنى حديث عائشة السابق (رقم 271)) إسناده معلق؛ ولم أقف عليه موصولاً! وقد ذكره البيهقي (1/332) عن المؤلف هكذا معلقاً؛ ثم قال: " ورواية عراك بن مالك عن عروة عن عائشة في شأن أم حبيبة أصح من هذه الرواية ". قلت: حديث عائشة هذا قد سبق في الباب (رقم 271) ؛ وهو مثل هذا في المعنى؛ فإنه قال لها فيه: " امكثي قَدْرما كانت تحبسك حيضتك "؛ فهذا مثل قوله هنا: فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها.

275- وزاد ابن عيينة في حديث الزهري عن عمرة عن عائشة قالت: إن أم حبيبة كانت تستحاض، فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها. قال أبو داود: " وهذا وهم من ابن عيينة، ليس هذا في حديث الحفاط عن الزهري؛ إلا ما ذكر سهيل بن أبي صالح. وقد روى الحميدي هذا الحديث عن ابن عيينة؛ لم يذكر فيه: تدع الصلاة أيام أقرائها ". (قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وابن عيينة ثقة حافظ متقن، وقد تابعه الأوزاعي وغيره من الثقات، فانظر الحديث الأتي (رقم 283) . وقد خالف الحميديَّ: محمدُ بن المثنى ومحمدُ بن الضباح ومحمدُ بن إدريس الشافعي الامام وموسى بن عبد الرحمن المسروقي؛ فكلهم رووه عن ابن عيينة؛ فذكروا فيه هذه الزيادة. ورواية هؤلاء مقدمة على رواية الحميدي) . إسناده معلق؛ وقد وصله مسلم (1/181) - عن محمد بن المثنى-، وأبو عوانة (1/322) - عن محمد بن الصباح-، والنسائي (1/45) - عن موسى-، والطحاوي (1/60) - عن محمد-؛ كلهم عن سفيان بن عيينة عن الزهري ... به. ولم يَسُقْ مسلم والطحاوي لفظه. ومحمد عند الطحاوي: هو ابن إدريس الشافعي الإمام. وأما موسى عند النسائي- وهو شيخه فيه-؛ فلم يتبين لي من هو؟! وفيمن روى عنهم النسائي في "سننه " كثيرون بهذا الاسم؛ وهم: 1- موسى بن حزام الترمذي أبو عمران الفقيه.

2- موسى بن سعيد بن النعمان أبو بكر الطرَسُوسِيُ المعروف بالدندَاني. 3- موسى بن سليمان بن إسماعيل أبوالقاسم المَنْبِجِي. 4- موسى بن عبد الله بن موسى بن موسى الخُزَاعي أبو طلحة البصري. 5- موسى بن عبد الرحمن بن سعيد المسروقي أبو عيسى الكوفي. 6- موسى بن محمد الشامي أبو محمد. ولم يذكر الحافظ في "التهذيب " فيمن روى عنه هؤلاء: سفيان بن عيينة! فلذلك لم نستطع تعيين المراد منهم! ويغلب على الظن أنه موسى بن عبد الرحمن المسروقي؛ فإنه كوفي مثل ابن عيينة؛ ثم تأكد ذلك عندي حين راجعت الأحاديث المتقدمة على هذا؛ فوجدته قد أخرج له حديثين آخرين (1/27 و36) ، قال في الأول منهما: " أخبرنا موسى بن عبد الرحمن ". وقال في الأخر: " أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي ". ثم روى له هذا الحديث فقال: " أخبرنا موسى "؛ فلم ينسبه اعتماداً على ما سبق، كما جرت عليه عادة المحدثين. وقد أخرجه (1/44) من طريق محمد بن المثنى أيضا. ثم إن المصنف قد أعل الحديث بتفرد ابن عيينة به عن الزهري دون سائر أصحابه، وبأن الحميدي رواه عن ابن عيينة؛ فلم يذكر فيه: تدع الصلاة أيام أقرائها!! وهذا ليس بشيء عندي؛ وذلك أن الحميدي قد خالفه الجماعة الذين سبق ذكرهم؛ فرووه عن ابن عيينة بإثبات هذه الزيادة. والمثبت مقدم على النافي؛ لا سيما وأنهم جماعة.

ومن هذا تعلم أن قول صاحب "عون العبود": " ولقائل أن يقول: إن الوهم ليس من ابن عيينة؛ بل من راويه أبي موسى محمد بن المثنى؛ فهو ذكر هذه الجملة في روايته عن ابن عيينة. وأما الحميدي فلم يذكرها؛ فالقول قول الحميدي "!! فهذا ليس بشيء أيضا؛ لأنه ظن أنه تفرد به محمد بن المثنى؛ وإنما جاءه ذلك من عدم تتبع الروايات والمتابعات. ثم إن ابن عيينة لم يتفرد به؛ بل تابعه الأوزاعي بلفظ: " إذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة "، وسيأتي في الكتاب (رقم 283) ؛ وادعى المصنف هناك أنه وهم فيه الأوزاعي أيضا! وليس كذلك؛ فقد تابعه حفص بن غيلان عن الزهري. وتابع الزهريَّ: أبو بكر بن محمد بن عمرو، بن حزم عن عمرة، كما سنذكره هناك إن شاء الله تعالى. 276- وروت قَمِيرُ بنت عمرو- زوج مسروق- عن عائشة: المستحاضة تترك الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل. (قلت: هو موقوف معلق. وقد وصله الدارمي وغيره بإسناد صحيح، وقد رواه المصنف وغيره مرفوعاً؛ لكنه خطأ؛ ولذ لك أوردناه في الكتاب الأخر (رقم 52)) . إسناده معلق؛ وقد وصله الدارمي (1/202) : أخبرنا جعفر بن عون: ثنا إسماعيل عن عامر عن قَمِيرَ ... به موقوفاً بلفظ:

تنتظر أيامها التي كانت تترك الصلاة فيها؛ فإذا كان يَوْمُ طُهْرِها الذي كانت تطهر فيه؛ اغتسلت ثم توضأت عند كل صلاة، وصلت. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير قمير، وهي ثقة. ثم أخرجه هو (1/203) ، والطحاوي (1/63) ، والبيهقي (1/329 و 335 و345) من طرق أخرى عن عامر- وهو الشعبي- ... به نحوه. وسيأتي في الكتاب أيضا (رقم 316) . وقد روي من طريق أخرى عن قمير عن عائشة مرفوعاً. أخرجه المصنف وغيره عن أيوب أبي العلاء عن عبد الله بن شُبْرُمة عنها. وأيوب هذا؛ فيه ضعف من قبل حفظه، وقد خالفه جماعة فأوقفوه؛ وهو الصواب، ولذلك أوردنا حديثه هذا في الكتاب الآخر فانظره (رقم 52) . 277- وفال عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها. (قلت: هو معلق مرسل؛ وقد وصله وأسنده النسائي وغيره عن سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن زينب بنت جَحْش قالت: إنها مستحاضة؟ فقال: " لتجلس أيام أقرائها ثم تغتسل، وتؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل وتصلي، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل وتصليها جميعاً، وتغتسل للفجر". قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أنه منقطع بين القاسم وزينب،

وقد صح إسناده موصولاً بذكر عائشة بينهما؛ لكن ليس فيه القدر الذي علقه المصنف منه، وهو الحديث الأتي (رقم 307)) إسناده معلق؛ وقد وصله الطحاوي (1/60) ، والبيهقي (1/353) من طريق سفيان- وهو ابن عيينة- عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن امرأة استحيضت من المسلمين؛ فساعيوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ثم ذكر نحوه [قلت: يعني: نحو حديث الثوري الذي ذكرنا لفظه آنفاً] ؛ إلا أنه قال: " تعد أيامها ". ثم أخرجاه من طريق نُعَيْم بن حَمّاد فال: ثنا ابن المبارك قال: أنا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن زينب بنت جحش قالت: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها مستحاضة؟ فقال ... الحديث؛ وزاد البيهقي بلفظ: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحمنة فقلت: إنها مستحاضة ... ولعلها سقطت من الطابع أو الناسخ للطحاوي؛ فإن سياقه يدل لذلك كما ترى. لكن نعيم بن حماد ضعيف. وأخرجه النسائي (1/65) : أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله عن سفيان ... به؛ ولفظه قد سقناه في الأعلى. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لولا أنه منقطع بين القاسم بن محمد وزينب؛ غير أنه قد جاء موصولأ بذكر عائشة بينهما.

324- وروى أبو بشر جعفر بن أبي وَحْشِيَّةَ عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إن أم حبيبة بنت جحش استحيضت ... فذكر مثله. (قلت: قد وصله المصنف بعد سبعة أبواب؛ فانظره بالرقم الموضوع له هنا؛ إشارةً إلى أنه مكرر) . 312- وروى شَرِيك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي ". (قلت: يأتي موصولاً بعد أربعة أبواب بهذا الرقم) . 278- وروى سعيد بن جبير عن علي وابن عباس: المستحاضة تجلس أيام أقرائها. (قلت: وصله الطحاوي من طريق قتادة عن أبي حسان- واسمه مسلم بن عبد الله- عن سعيد بن جبير: أن امرأة أتت ابن عباس رضي الله عنه بكتاب بعدما ذهب بصره، فدفعه إلى ابنه فَتَرْتَرَ فيه، فدفعه إلي فقرأته، فقال لابنه: ألا هَذْرَمْتَهُ كما هَذْرَمَهُ الغلام المصري؟ افإذا فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم: من امرأة من المسلمين: أنها استحيضت فاستفتَت عليّا ً؟ فأمرها أن تغتسل وتصلي)

فقال: اللهم لا أعلم القول إلا ما قال علي؛ ثلاث مرات. قال قتادة: وأخبرني عَزْرَةُ عن سعيد أنه قيل له: إن الكوفة أرض باردة، وإنها يشق عليها الغسل لكل صلاة؟ ققال: لو شاء الله لابتلاها بما هو أشد منه. وإسناده صحيح) . إسناده معلق، وقد وصله الطحاوي (1/60) قال: حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخَصِيب بن ناصح قال: همام عن قتادة. وهذا إسناد صحيح. ثم أخرجه (1/61) من طريق إسماعيل بن رجاء عن سعيد بن جبير ... به نحوه. وإسناده صحيح أيضا. وذكره ابن حزم (2/213) من طريق عبد الرزاق عن معمرعن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير ... نحوه. وسيأتي لفظ إسماعيل (رقم 305) . 279- وكذلك رواه عمار مولى بني هاشم وطَلْقُ بن حبيب عن ابن عباس. (قلت: وصله من طريق الأول: الدارمي بلفظ: المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتستثفر، ثم تصلي. فقال الرجل: وإن كانت تَسِيلُ؟ فال: وإن كانت تسيل مثل هذا المِثْعَب.

وإسناده صحيح على شرط مسلم. ووصله البيهقي من طريق طلق بن حبيب قال: كتبت امرأة إلى ابن عباس في الدم منذ سنتين، فكتبت إليه تعظِّم عليه إن كان عنده علم؛ إلاّ أنبأها به؟ فقال: تجلس وقت أقرائها، ثم تغتسل وتصلي. فما أتى عليها شهران حتى طهرت) . إسناده معلق؛ وقد وصله الدارمي من طريق عمار؛ فقال (1/201) : أخبرنا أسود بن عامر: ثنا شعبة عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عباس في المستحاضة ... إلخ. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البيهقي (1/335) من طريق طلق؛ وإسناده هكذا: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشْران العَدْل- ببغداد-: أبنَا إسماعيل بن محمد الصفار: ثنا محمد بن عبد الملك: ثنا يزيد بن هارون: ثنا سليمان- يعني: التيمي- عن طلق- يعني: ابن حبيب- قال ... فذكره. وهذا إسناد صحيح؛ علي بن محمد بن عبد الله بن بشران من شيوخ الخطيب البغدادي؛ وقد ترجمه في "تاريخه " (12/98- 99) ، وقال: " وكان ثقة ثبتاً ". وإسماعيل الصفار؛ قال الدارقطني: "ثقة".

وبقية الرجال ثقات معروفون. 280- وكذلك رواه مَعْقِل الخَثْعَمِيّ عن علي. (قلت: لم أقف عليه موصولاً! ومعقل الخثعمي مجهول؛ لكنه قد توبع كما سبق. ثم رأيت المصنف قد وصله فيما يأتي؛ فانظره (رقم 55) من الكتاب الآخر) . 276- وكذلك روى الشَّعبي عن قَمِيرَ امرأة مسروق عن عائشة. (قلت: قد سبق بهذا الرقم) . قال أبو داود: " وهو قول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء ومكحول وإبراهيم وسالم والقاسم: أن المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ". (قلت: أخرج خلَّ هذه الأثار الدارميّ (1/201 و 202 و 204 و 205) بأسانيده إليهم) . 281- عن زهير: نا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: إن فاطمة بنت أبي حبَيْشٍ جاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: إني امرأة أُستحاض فلا أطهر؛ أفأدع الصلاة؟ قال: " إنما ذلك عِرْقٌ وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة، فإذا أدبرت؛ فاغسلي عنك الدم ثم صلَي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في

"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس وعبد الله بن محمد النفيلي قالا: ثنا زهير ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (1/340) قال: حدثنا أحمد بن يونس عن زهير ... به مختصراً. قال الحافظ: " وقد أخرجه أبو نعيم في "المستخرج " من طريقه تاماً ". وهكذا بتمامه: أخرجه البخاري أيضا (1/264 و 334 و 338) ، ومسلم (1/180) ، وأبو عوانة (1/319) ، والنسائي (1/43 و 45 و 65) ، والترمذي (1/217- 219) ، والدارمي (1/198) ، وابن ماجه (1/214) ، والطحاوي (1/61- 62) ، والدارقطني (ص 76) ، والبيهقي (1/116 و 323 و 330 و 343) ، وأحمد (6/194) من طرق كثيرة عن هشام بن عروة ... به. وزاد البخاري في آخره، وكذا الترمذي والدارقطني: قال هشام: قال أبي: " ... ثم توضّئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وعي عندهم من طريق أبي معاوية. وهي أيضا عند الطحاوي من طريق أبي حنيفة. وعند ابن حبان في "صحيحه "- كما في "نصب الراية" (1/203) - من طريق أبي حمزة.

وعنده أيضا- كما في المصدر المذكور (1/202) - وعند الطحاوي في "كتاب الرد على الكرابيسي "- كما في "الجوهر النقي " (1/343- 344) - من طريق أبي عوانة؛ كلهم عن هشام ... به؛ دون قوله: " حتى يجيء ذلك الوقت ". وهي أيضا عند النسائي والبيهقي من حديث حماد بن زيد؛ وهو عند مسلم؛ ولكنه لم يسق لفظه. وعند الدارمي والطحاوي من حديث حماد بن سلمة؛ كلاهما عن هشام ... به مختصراً بلفظ: "وتوضّئي ". وقد أعل النسائي- ثم البيهقي- هذه الزيادة بتفرد حماد بن زيد بها! ويرد ذلك ما سبق من المتابعات، فلا نطيل الكلام بالرد عليهما! وقد كفانا مؤنة ذلك ابن التركماني في "الرد على البيهقي "، ثم الحافظ ابن حجر وغيرهما. ولهذه الزيادة شواهد؛ فانظر ما سيأتي (رقم 312 و 313) . 282- عن مالك عن هشام ... بإسناد زهير ومعناه؛ قال: " فإذا أقبلت الحيضة؛ فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها؛ فاغسلي الدم عنك وصلِّي ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجه البخاري وأبو عوانة في " صحيحيهما "، وهو في " الموطأ" (1/79- 80)) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك.

109- باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "الموطأ" (1/79- 80) . وأخرجه البخاري (1/324) ، وأبو عوانة (1/313) ، والنسائي (1/45 و 66) ، والطحاوي (1/62) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه هؤلاء وغيرهم من طرق أخرى عن هشام بن عروة، وقد سبق تخريجه في الذي قبله. ورواه البيهقي أيضا عن مالك (1/321 و 329) ، وكذا الدارقطني (75) . 109- باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة 283- عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزيير وعمرة عن عائشة قالت: إن أم حبيبة بنت جحش- خَتَنَةَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتحت عبد الرحمن ابن عوف- استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عِرْقٌ؛ فاغتسلي وصلِّي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المؤلف، وأخرجه البخاري أيضا وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وكذا الحاكم وقال: " صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: أنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وابن أبي عقيل؛ لم أعرفه، ولم يورده الخزرجي في "الخلاصة "، ولا الحافظ في "التهذيب "، وفي "التقريب "؛ لم يوردوه في باب من نسب إلى أبيه أو جده ... إلخ! ولعله يأتي في حديث آخر في الكتاب (1) ، وقد أعاد المصنف الحديث بهذا الإسناد (رقم 294) لزيادة فيه. والحديث أخرجه مسلم (1/181) فقال: حدئنا، والنسائي (1/44) قال: أخبرنا- ثم اتفقا-: محمد بن سلمة ... به. وأخرجه أبو عوانة (1/321- 322) ، والبيهقي (1/348) من طرق أخرى عن عبد الله بن وهب ... به (2) ؛ وكذلك أخرجه الحاكم (1/173) ، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه البخا ري (1/338) ، والطحاوي (1/59) ، والطيالسي (رقم 1439 و1583) ، وأحمد (16/41) من حديث ابن أبي ذئب عن ابن شهاب ... به. وأخرجه أبو عوانة أيضا (1/321) . ثم أخرجه هو ومسلم، والطحاوي (1/60) ، والبيهقي وأحمد (6/187) ، والدارمي أيضا (1/200) - من طريق إبراهيم بن سعد-، والنسائي (1/65) ، والطحاوي- عن سفيان- كلاهما عن الزهري عن عمرة وحدها. وأخرجه النسائي، والترمذي (1/229) - من طريق الليث-، والنسائي (1/65) - من طريق الأوزاعي-، وأحمد (6/237) - عن محمد بن إسحاق-؛ ثلائتهم عن الزهري عن عروة وحده.

_ (1) انظر رقم (375) . (2) وفي اخره عندهم زيادة من قول عائشة؛ سيذكره المصنف مرة أخرى معها رقم (294) ؛ وهي عند البخاري أيضا.

والحديث صحيح عنهما جميعاً، كما قال البيهقي. وقال الترمذي: " وروى الأوزاعي عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة ". قلت: هو رواية عن الأوزاعي، وقد علقه المصنف أيضا؛ وهو: 284- قال أبو داود: " زاد الأوزاعي في هذا الحديث عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة: استحيضت ام حبيبة بنت جحش- وهي تحت عبد الرحمن بن عوف- سبع سنين، فأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أقبلت الحيضة؛ فد عي الصلاة، فإذا أدبرت؛ فاكتسلي وصلِّي ". (قلت: وصله أبو عوانة في "صحيحه " وأحمد في " مسنده" وغيرهما، وهو صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم ووافقه الذهبي) . قال ابو داود: " ولم يذكر هذا الكلامَ أحدٌ من أصحاب الزهري غيرَ الأوزاعي، ورواه عن الزهري عمرو بن الحارث والليث ويونس وابن أبي ذئب ومعمر وإبراهيم بن سعد وسليمان بن كثير وابن إسحاق وسفيان بن عيينة، ولم يذكروا هذا الكلام ". (قلت: يعني: قوله: " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة "! وليس الأمر كما قال المصنف رحمه الله؛ فقد تابع الأوزاعيَّ على ذكر هذا الكلام النعمانُ ابن المنذر وأبو معبد حفص بن غيلان كلاهما عن الزهري: أخرجه من طريقهما أبو عوانة في "صحيحه " والنسائي وغيرهما. وتابعهم ابن عيينة كما سبق (رقم 275) ، وسيشير إليه المؤلف قريباً ".

قال أبو داود (1) : " وإنما هذا لفط حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة". (قلت: يعني: في قصة فاطمة بنت أبي حُبَيْش، وقد مضى الحديث (رقم 281) . وأقول: إن هذا اللفظ ثابت صحيح في قصة أم حبيبة هذه أيضا؛ بدليل رواية الثقات له عن الزُّهري كما سبق. وتركُ الأخرين له من أصحاب الزّهري ممن ذكرهم المؤلف لا يُعِلُّهُ؛ لأنهم نفاةٌ وهم مثبتون. وأيضا فقد رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة مثل

_ (1) وكذا قال البيهقي، فقد ساق الحديث، ثم قال: " وقوله: " إذا أقبلت الحيضهَ ... وإذا أدبرت ... " تفرد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري. والصحيح أن أم حبيبة كانت معتادة، وأن هذه اللفظة إنما ذكرها هشم بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حُبَيْش. وقد رواه بشر بن بكر عن الأوزاعي كما رواه غيره من الثقات.. طا، ثم ساق إسناده إليه بذلكً! وقد تعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: ذكر أبو عوانة في "صحيحه " حديث بشر هذا [1/320] على موافقة ما رواه الأوزاعى أولاً؛ بخلاف ما ذكره البيهقي، فأخرج- أعني: أبا عوانة- من جهة عمرو بن أبي سلمة ويشر بن بكر عن الأوزاعي عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة؛ وفيه: " إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي ثم صلي ... " الحديث، ثم قال عقبه: ثنا إسحاق الطحان: أنا عبد الله بن يوسف: نا الهيثم بن حميد: ثنا النعمان بن المنذر والأوزاعي وأبو معبد عن الزهري ... بنحيه. فظهر من هذا أن النعمان وأبا معبد وافقا الأ وزاعي على روايته في الإقبال والإدبار. وقد وثق أبو زرعة النعمانَ. وأمّا أبو معبد حفص بن غيلان؛ فقد وثفه ابن معين ودُحَيْم، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان: من ثقات أهل الشام وفقهائهم. وهذا مخالف لقول البيهقي: (قوله: " إذا أقبلت الحيضة ... وإذا أدبرت.. " تفرد به الأوزاعى من بين ثقات أصحاب الزهري ... ) ".

رواية الأوزاعي. ومن تابعه عن الزهري عن عمرة وعروة عنها، أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " والنسائي وغيرهما بإسناد صحيح على شرط الشيخين، ولا علة له؛ وهو يثبت ما نفاه المؤلف) ثم قال: " قال ابو داود: وزاد ابن عيينة فيه أيضا: أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها. وهو وهم من ابن عيينة، وحديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء، ويقرب من الذي زاد الأوزاعي في حديثه ". (قلت: قد مضى حديث ابن عيينة (رقم 275) ، وهو حديث صحيح، لم يهم فيه ابن عيينة؛ لما ذكرناه آنفاً) . إسناده معلق؛ وقد وصله الإمام أحمد (6/83) قال: ثنا أبو المغيرة قال: ثنا الأوزاعي قال: حدثني الزهري ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ووصله أيضا ًالنسائي (1/43) ، والبيهقي (1/327) من طرق أخرى عن الأوزاعي ... به. ووصله الدارمي (1/196) ، وابن ماجه (1/215) ، والحاكم (1/173) ، بإسناد أحمد. وقد زعم المؤلف رحمه الله أن الأوزاعي تفرد بقوله في هذا الحديث: " إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة " إ! وليس كذلك؛ فقد تابعه النعمان بن المنذر وأبو معبد حفص بن غيلان: أخرج حديثهما: أبو عوانة (1/321) ، والنسائي (1/43) ، والطحاوي

(1/59) من طريق الهيثم بن حُمَيْد قال: أخبرني النعمان بن المنذر والأوزاعي وأبو معبد حفص بن غيلان عن الزهري ... به. وهذه متابعات قوية: النعمان بن المنذر وحفص بن غيلان ثقتان. وكذا الراوي عنهما الهيثم بن حميد؛ ولم يتفرد به عن الأوزاعي، كما يأتي بعد قليل. وتابعهم ابن عيينة- كما سبق-؛ وسيشير إليه المصنف قريباً. وقد تابع الزهريَ على هذه الجملة في هذا الحديث: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة ... به. أخرجه أبو عوانة (1/323) ، والنسائي (1/44 و 65) ، والطحاوي، وأحمد (6/128- 129) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد عنه. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. 285- عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حُبَيْش قالت: إنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كان دم الحيض؛ فإنه دَمٌ أسود يعْرِف، فإذا كان ذلك؛ فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضَّئي وصلِّي؛ فإنما هو عِرْق ". 286- وفي رواية عن عروة عن عائشة قالت: إن فاطمة كانت تستحاض، فذكر معناه. (قلت: إسناده حسن، ورواية ابن أبي عدي له على الوجهين لا يُعِله؛ بل

هو محمول على ثبوتهما عنده؛ وهو ثقة حجة، ولذلك قال الحاكم: " إسناده صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي وصححه ابن حزم والنوور؛ ومن قبلهم ابن حبان (1345)) إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: نا محمد بن أبي عدي عن محمد- يعني: ابن عمرو- قال: ثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حُبَيْشٍ. قال أبو داود: " قال ابن المثنى: ثنا به ابن أبي عدي من كتابه هكذا، ثم ثنا به بَعْدُ حفظاً قال: ثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: إن فاطمة كانت تستحاض ... فذكر معناه ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عمرو، وهو حسن الحديث كما تقدم مرارأ، وأخرج له البخاري مقروناً، ومسلم متابعة. ورواية محمد بن أبي عدي له مرة من كتابه عن عروة عن فاطمة، وأخرى من حفظه عن عروة عن عائشة ... لا يعله؛ لأنه- أعني: ابن أبي عدي هذا- ثقة جليل، كما قال الذهبي في "الميزان "، وقد احتج به الشيخان. فروايته على الوجهين محمول على ثبوتهما عنده. وقد تابعه المنذر بن المغيرة؛ فرواه عن عروة أن فاطمة بنت أبا حُبَيْشٍ حدثته ... به نحوه. وقد مضى (رقم 272) ، فصرح في روايته بسماع عروة من فاطمة. من أجل ذلك؛ صحح الحديث غيرُ ما واحد من العلماء المحققين، كما يأتي ذكره قريباً إن شاء الله تعالى.

وأما المصنف رحمه الله؛ فقد أشار إلى ضعف هذا الحديث، فقال فيما مضى في الكتاب قريباً: "فيه شيء"! وكذلك ضعفه أبو حاتم؛ فقال ابنه في "العلل " (1/49/رقم 117) : " سألت أبي عن حديث رواه محمد بن أبي عدي عن محمد بن عمرو عن ابن شهاب عن الزهري عن عروة عن فاطمة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: " إذا رأيت الدم الأسود؛ فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الأحمر فتوضئي "؟ فقال أبي: لم يتابَعْ محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر "! قلت: محمد بن عمرو ثقة؛ وفيه ضعف يسير في حفظه؛ وإنما ينظر فيه إذا خالف؛ وروايته هذه ليست بالخالفة لرواية الأوزاعي ومن معه عن الزهري من حيث المعنى؛ بل هما موافقة ومبينة لها. ثم إنه قد عُرِفَ أن الحديث المنكر إنما هو الحديث يتفرد به الراوي الضعيف دون سائر الثقات؛ وليس محمد بن عمرو ضعيفاً، فلا يكون حديثه منكراً فتأمل! والحديث أخرجه البيهقي (1/325) من طريق المصنف. وأخرجه النسائي (1/45 و 66) بإسناد المصنف هذا على الوجهين. وأخرج الطحاوي في "مشكل الآثار" (3/306) من طريقه الوجه الثاني منهما. ومن طريق صالح بن أبان البصري عن محمد بن المثنى؛ الوجه الأول. وأخرجهما الدارقطني (ص 76) من طرق أخرى عن محمد بن المثنى.

وأخرج الحاكم (1/174) - الوجه الثاني فقط- من طريق محمد بن زياد عن ابن المثنى. وأخرج الوجه الأولى البيهقي، وابن حزم (2/163- 164) من طريق أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن أبي عدي ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". كذا قال! ووافقه الذهبي! وصححه ابن حبان أيضا (1345) ، وابن حزم في "المحلى" (2/199) ، والنووي في " المجموع " (2/403) . وأعله الطحاوي وغيره؛ فقالوا: إن ابن أبي عدي اضطرب فيه؛ فرواه مرة عن عائشة، ومرة عن فاطمة كما سبق! قال ابن حزم (2/168) : " هذا كله قوة للخبر، وليس هذا اضطراباً؛ لأن عروة رواه عن فاطمة وعائشة معاً، وأدركهما معاً؛ فعائشة خالته أخت أمه، وفاطمة بنت أبي حُبَيْش بن المطلب ابن أسد: ابنة عمه، وهو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد. ومحمد بن أبي عدي الثقة الحافظ المأمون. ولا يعترض بهذا إلا المعتزلة الذين لا يقولون بخبر الواحد؛ تعللاً على إبطال السنن ". وقد أجاب بنحو هذا ابن القيم رحمه الله في "التهذيب "؛ ونقلنا كلامه في ذلك مختصراً عند حديث المنذر بن المغيرة، الذي سبقت الإشارة إليه آنفاً. وللحديث شاهد: أخرجه الدارقطني (ص 80- 81) ، والبيهقي (1/326) من طريق عبد الملك: سمعت العلاء قال: سمعت مكحولاً يحدث عن أبي أمامة مرفوعاً بلفظ: " ودم الحيض لا يكون إلا دماً أسود عبيطاً، تعلوه حمرة، ودم المستحاضة رقيق تعلوه صفرة ... " الحديث. وقال الدارقطني:

" عبد الملك هذا رجل مجهول. والعلاء: هو ابن كثير، وهو ضعيف الحديث. ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئاً ". وله شاهد آخر من حديث ابن عباس: أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ وضعفه الهيثمي في "المجمع " (1/280) . 287- قال أبو داود: " وروى أنس بن سيرين عن ابن عباس: في المستحاضة قال: إذا رأت الدم البَحْرَانيَّ؛ فلا تصلِّي، وإذا رأت الطهر- ولو ساعة-؛ فلتغتسل وتصلِّي ". (قلت: وصله الدارمي بإسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن حزم: " إنه أصح إسناد يكون ") . وصله الدارمي (1/203) قال: أخبرنا محمد بن عيسى: ثنا ابن عُلَيَة؛ أنا خالد عن أنس بن سيرين قال: استحيضت امرأة من آل أنس؛ فأمروتي فسألت ابن عباس؟ فقال: أما ما رأت الدم البحراني.... إلخ. وهذا سند صحيح. وقد ذكره ابن حزم (2/166) من طريق أحمد بن حنبل: ثنا إسماعيل ابن علية ... به. ثم قال (2/198) : " إنه أصح إسناد يكون ". وقال البيهقي (1/340) - بعد أن ذكره من طريق المؤلف معلقاً-:

" وقرأته فما "كتاب ابن خزيمة" عن زياد بن أيوب عن إسماعيل ابن علية ... " بلفظ الدارمي. ثم أخرجه- أعني- الدارمي من طريق يزيد بن زربع: ثنا خالد ... به نحوه. وهذا إسناد صحيح، رجأله كلهم ثقات رجال الشيخين. 288- قال أبو داود: " وروى حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القعقاع بن حكيم عن سعيد بن المسيب: في المستحاضة: إذا أقبلت الحيضة تركت الصلاة، وإذا أدبرت اغتسلت وصلت ". (قلت: وصله الدارمي والبيهقي من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا يحيى ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد وصله المصنف من طريق آخر يأتي (رقم 319)) . وصله الدارمي (1/201) قال: أخبرنا يزيد بن هارون ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (1/230) . وهو على شرط مسلم. 289- وروى سُمَي وغيره عن سعيد بن المسيب: تجلس أيام أقرائها. (قلت: وصله الدارمي بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن سمي قال: سألت سعيد بن المسيب عن المستحاضة؟ فقال: تجلس أيام أقرائها وتغتسل من الظهر إلى الظهر، وتستذ فر بثوب، ويأتيها زوجها وتصوم. فقلت: عمن هذا؟ فأخذ الحصا) .

وصله الدارمي (1/205) قال: أخبرنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان عن سُمَي. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وانظر رقم (319) . 290- وكذلك رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب. (قلت: لم أره موصولاً من هذا الوجه بهذا اللفظ) . لم أره موصولاً من هذا الوجه بهذا اللفط! وإنما أخرجه الدارمي (1/205) بلفظ آخر فقال: أخبرنا أبو المغيرة: ثنا الأوزاعي: ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المسيب قال: تغتسل من ظهر إلى ظهر، وتتوضأ لكل صلاة، فإن غليها الدم استثفرت. وكان الحسن يقول ذلك. وهذا إسناد صحيح على شرطهما. 291- قال أبو داود: " وروى يونس عن الحسن: الحائض إذا مَد بها الدم؛ تمسك بعد حيضتها يوماً أو يومين؛ فهي مستحاضة". (قلت: وصله الدارمي. وإسناده صحيح على شرط مسلم) . وصله الدارمي (1/210) قال: أخبرنا حجاج: ثنا حماد عن يونس ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

292- وقال التيمي عن قتادة: إذا زاد على أيام حيضها خمسة أيام فلتصل. قال التيمي: فجعلت أنقص حتى بلغت يومين. فقال: إذا كان يومين فهو من حيضها. وسئل ابن سيرين عنه فقال: النساء أعلم بذلك. (قلت: وصله الدارمي بإسناد صحيح نحوه) . وصله الدارمي (1/202) قال: أخبرنا محمد بن عيسى: ثنا معتمر عن أبيه: ... به نحوه. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. 293- عن حَمْنَةَ بنت جحش قالت: كنت أُستحاضر حيضةً كثيرةً شديدةً، فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله! إني امرأة أستحاضر حيضة كثيرة شديدة؛ فما ترى فيها؟ قد منعتني الصلاة والصوم! فقال: " أنعت لك الكُرْسُفَ؛ فإنه يُذْهِبُ الدَّمَ ". قالت: هو أكثر من ذلك! قال: " فاتخذي ثوباً ".

فقالت: هو أكثر من ذلك؛ إنما أثج ثخا! قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سآمرك بأمرين؛ أتهما فعلت أجزأ عنك من الأخر؛ فإن قَوِيتِ عليهما فأنت أعلم ". فقال لها: " إنما هذه رَكْضَةٌ من رَكَضَاتِ الشيطان، فتحيَّضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله تعالى ذِكْرهُ، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طَهُرْتِ واستنقأت؛ فصلِّي ثلاثاً وعشرين ليلة أو أربعاً وعشرين ليلة وأيامَها، وصومي؛ فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كلَّ شهر؛ كما يحضن النساء وكما يطهرن، مِيقاتَ حيضهن وطهرن، فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر، ووتغتسلي وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخِّرين المغرب وتعجِّلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك ". قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وهذا أعجب الأمرين إليَّ ". (قلت: إسناده حسن. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". قال: " وسألت محمدا ً [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن صحيح. وهكذ اقال أحمد ". وقال ابن العربي والنووي: " حديث صحيح "، وقوّاه ابن القيم) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب وغيره قالا: نا عبد الملك بن عمرو: نا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي ابن عقيل كلام من قِبَلِ حفظه لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، كما سبق بيانه عند الحديث (رقم 55) ؛ وقد صحح حديثه هذا وحسنه جماعة يأتي ذكرهم. والحديث أخرجه أحمد (6/439) : ثنا عبد اللك بن عمرو ... به. وأخرجه الترمذي (1/221- 225) ، والطحاوي في "مشكل الأثار" (3/299) ، والدارقطني (ص 29) ، والحاكم (1/172) ، وعنه البيهقي (1/338) كلهم من طرق عن عبد اللك بن عمرو أبي عامر العقدي ... به. وقد تابعه شريك بن عبد الله عن ابن عقيل. أخرجه أحمد (6/381 و 439- 440) ، وابن ماجه (1/216) ، والطحاوي (3/300) ، والدارقطني. وتابعه أيضا عبيد الله بن عمروٍ الرقي: عند الدارقطني والحاكم، وعنه البيهقي أيضا. وإبراهيم بن أبي يحيى: عند الدارقطني. وابن جريح: عند ابن ماجه (1/214- 215) ؛ وكلهم قالوا: عن ابن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمران بن طلحة؛ إلا ابن جريج فإنه قال: عمر بن طلحة! وهو وهم منه أو ممن دلَسه؛ فقد رواه عن ابن عقيل بالعنعنة، وقد قيل: إن بينهما النعمان بن راشد، كما في "المحلى" (2/194) ؛ عن الإمام أحمد، قال: " والنعمان يعرف فيه الضعف ". ولذلك قال الترمذي: " والصحيح: عمران بن طلحة ".

وقد غفل ابن حزم عن هذه الرواية الصحيحة؛ فأعل الحديث بالرواية الرجوحة؛ قال: " فعمر بن طلحة غير مخلوق، لا يعرف لطلحة ابن اسمه عمر "! وأعله أيضا بأن الذين رووه عن ابن عقيل؛ كلهم ضعيف؛ حاشا عبيد الله بن عمرو الرقي؛ فإن الذي رواه عنه ضعيف؛ وهو الحارث بن أبي أسامة إ! وهذا نقد خاطئ؛ فإن هؤلاء الذين رووه عن ابن عقيل؛ أكثرهم ثقات غير متهمين؛ وإنما ضُعِّفوا من قبل حفظهم، فمثل هولاء إذا اجتمعوا على رواية حديث؛ دل ذلك على صحته؛ لأنه يبعد جدّاً أن يكون كل منهم أخطأه حفظه موافقاً زميله في ذلك؛ لا سيما وإن فيهم زهير بن محمد؛ وقد احتج به الشيخان، وصرح البخاري أنه صحيح الحديث فيما رواه أهل البصرة عنه. وهذا الحديث من هذا القبيل؛ فإنه من رواية عبد الملك بن عمرو أبي عامر العقدي، وهو بصري؛ فيكون- على قول البخاري- صحيحاً كما قال ابن القيم في "التهذيب "، وقد صرح بصحة الحديث في رواية الترمذي عنه كما ذكرت آنفاً (ص 510) . فتضعيف رواية زهير مطلقاً؛ خطأ واضح لا يجوز أن يُغْتَز به! وقد أطال ابن القيم رحمه الله في الرد على ابن حزم وغيره ممن ضعفوا الحديث، وأجاب عن كل ما أعلوه به؛ فراجعه (1/183- 187) . وممن صحح الحديث من المتأخرين: النووي رحمه الله؛ فقال في "المجموع " (2/377 و 397) : " حديث صحيح ". وكذا قال ابن العربي- كما في "نيل الأوطار" (1/238) -، ثم نقل النووي كلامَ الترمذي المذكور (ص 510) ، ثم قال:

110- من باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

" قال الخطابيُ: وقد ترك بعض العلماء الاحتجاج بهذا الحديث؛ لأن راويه عبد الله بن محمد بن عقيل ليس بذاك. قلت: هذا الذي قاله هذا القائل؛ لا يقبل؛ فإن أثمة الحديث صححوه كما سبق! وهذا الراوي وإن كان مختلفاً في توثيقه وجرحه؛ فقد صحح الحفاظ حديثه هذا؛ وهم أهل هذا الفن، وقد علم من قاعدتهم في حد الحديث الصحيح والحسن: أنه إذا كان في الراوي بعض الضعف انجُبر حديثه يشواهد له أو متابعة؛ وهذا من ذلك ". قلت: كأنه يشير إلى ما سيأتي (رقم 306 و 307 و 308) ؛ فإن فيها الغُسْل للثلاث صلوات جميعاً. وقد ذهل عن هذا كفَه النوويّ؛ فأنكر- فيما بعدُ (2/536) - ثبوت شيء من الأحاديث في الأمر بالغُسْلِ لكل صلاة؛ مع أنه ثابت فيما صححه هو!! ومما ينبغي التنبيه عليه: أنَّ جميع من روى الحديث عن ابن عقيل؛ رواه مرفوعاً كله؛ إلا عمرو بن ثابت؛ فإنه أوقف الجملة الأخيرة منه: " وهذا أعجب الأمرين إلي "! رواه المصنف معلقاً! ولما كان (عمرو) هذا ضعيفاً؛ فقد أوردنا حديثه في الكتاب الأخر (رقم 49) ، ولبعضه شاهد من حديث فاطمة بنت أبي حبيش عند أحمد (6/464) ، وفيه جملة الركضة. 110- من باب ما روي أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة 294- عن عروهْ بن الزبير وعمرهْ بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت:

إن أم حبيبة بنت جحش- خَتَنَة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتحت عبد الرحمن ابن عوف- استحيضت سبع سنين فاستفتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك؟ فقال رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عِرْن فاغتسلي وصلي ". قالت عائشة: فكانت تغتسل في مِرْكَن في حجرة أختها زينب بنت جحش؛ حتى تعلو حمرة الدم الماء ". (قلت: قد سبق هذا (رقم 283) ؛ دون قوله: قالت عائشة ... إلخ. والاسناد واحد، وهو صحيح على شرط مسلم!) . إسناده: حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة الرادي قالا: ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن. قلت: قد مضى هذا الإسناد بهذا الحديث مع الكلام عليه وتخريجه؛ فراجعه (283) . 295- وفي رواية عن عمرة بنت عبد الرحمن عن أم حبيبة ... بهذا الحديث؛ قالت عائشة: فكانت تغتسل لكل صلاة. (قلت: الحديث صحيح؛ لكن الصواب فيه أنه من (مسند عائشة) كما في الرواية التي قبلها وكما يأتي بعدها) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا عنبسة: نا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم رجال البخاري؛ لكن اختلف فيه على يونس: فرواه عنه عنبسة- وهو ابن خالد- هكذا؛ جعله من (مسند أم حبيبة) برواية عمرة عنها، وأسقط من بينهما عائشة. وقد تابعه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، كما يأتي في الكتاب (رقم 297) . وخالفه القاسم بن مبرور- كما علقه الصنف بعد هذه الرواية- فقال: عن يونس عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة عن أم حبيبة ... فأدخل بينهما عائشة. وهذا هو الصواب: أنه من رواية عمرة عن عائشة، لكن هو من (مسندها) لا من (مسند أم حبيبة) ؛ كذلك رواه الثقات الحفاظ من أصحاب الزهري؛ منهم عمرو بن الحارث وابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد وسفيان والأوزاعي؛ كلهم قالوا: عن الزهري عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة ... وقد سبق تخريج أحاديثهم عند الحديث (رقم 283) . 296- قال أبو داود: " قال القاسم بن مبرور عن يونس عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة عن أم حبيبة بنت جحش ". (قلت: لم أجد من وصله! والصواب فيه أنه عن عائشة أن أم حبببة ... كما سبق) . 297- وكذلك رواه معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة. وربما قال معمر: عن عمرة عن أم حبيبة ... بمعناه.

(قلت: هذه الرواية الأخيرة وصلها أحمد (6/434) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري عن عمرة عن أم حبيبة ... والصواب رواية معمر الأولى؛ فقد تابعه عليها جماعة؛ وقد أشار إلى ذلك المصنف بقوله: 298- " وكذلك رواه إبراهيم بن سعد وابن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة ... وقال ابن عيينة في حديثه: ولم يقل: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها أن تغتسل ". (قلت: وصله عن إبراهيم بن سعد: مسلم وغيره. وأما رواية ابن عيينة؛ فقد وصلها أبو عوانة وغيره كما ذكرنا عند رواية ابن عيينة؛ وقد علقها المصنف فيما مضى (رقم 275) ، لكن ليس عندهم هذه الزيادة التي ذكرها المصنف هنا: " ولم يقل: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها أن تغتسل ". وكأنه: يعني عند كل صلاة؛ وإلا فإن مطلق الغسل قد قاله ابن عيينة عن الزهري؛ لكن قد ثبت أمر المستحاضة بالغسل عند كل صلاة، فانظر الأحاديث الآتية: (رقم 301- 303) . كما ثبت الغسل لكل صلاتين كما يأتي (رقم 306 و 308)) . قد سبق أن علق المصنف رواية ابن عيينة (رقم 275) ؛ وقد ذكرنا من وصله هناك. وأما رواية ابراهيم بن سعد؛ فقد خرجتها عند الكلام على الحديث المتقدم (رقم 283) ، لكن ليس عند الذين خرجوه قول ابن عيينة: " ولم يقل ... " إلخ؛ بل عند أبي عوانة ما نصه: فأمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها، ثم تغتسل وتصلي، تقول: ثم يأمرها أن تغتسل لكل صلاة.

وهذا طاهره خلاف ما نقل المصنف عن ابن عيينة! وفي معناه قول الليث بن سعد- عقب روايته للحديث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن معاً: قال ابن شهاب: لم يأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تغتسل عند كل صلاة؛ إنما فعلته هي. أخرجه مسلم والترمذي والطحاوي، وأحمد (6/82) . وقد أخرج الطحاوي- إثر هذه الرواية- رواية إبراهيم بن سعد سمع ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها ... مثله، ولم يذكر قول الليث. ثم ساقه من طريق سفيان، فقال فيه: عن عائشة ... مثله. فهذا يدل على أن حديث سفيان ليس فيه ما ذكره المصنف رحمه الله فلعل؛ ذلك وقع في رواية له إ! 299- عن عائشة قالت: إن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، فأمرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تغتسل، فكانت تغتسل لكل صلاة. (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن إسحاق المسَيبِي: ثني أبي عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجالهم كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير إسحاق المُسَيِبيَ، وهو ابن محمد بن عبد الرحمن؛ قال الذهبي:

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجالهم كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير إسحاق المُسَيبِي، وهو ابن محمد بن عبد الرحمن؛ قال الذهبي: " صالح الحديث ". وقال الحافظ: " صدوق؛ فيه لين ". قلت: وقد تابعه مَعْنَ عند البخاري. وغيرُه عند غيرِه؛ وقد ذكرنا مَنْ خَرجَهُ عن ابن أبي ذئب قريباً، وعند الحديث (رقم 283) . 300- وكذلك رواه الأوزاعي أيضا ... قالت عائشة: فكانت تغتسل لكل صلاة. (قلت: وصله أبو عوانة وغيره؛ وقد سبق معلقاً أيضا (رقم 284)) . 301- عن عائشة قالت: إن أم حبيبة بنت جحش استحيضت في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأمرها بالغسْلِ لكل صلاة ... وساق الحديث. (قلت: وتمامه: فإن كانت لَتَدْخلُ المِرْكنَ مملوءاً ماءً؛ فتغتمس فيه ثم تخرج منه؛ وإن الدم لَغَالِبُهُ، فتخرج فتصلي. وهو حديث صحيح) . إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي عن عَبْدة عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكنه أخرج لابن إسحاق مقروناً؛ ثم هو مدلس، وقد عنعنه.

لكن الحديث صحيح؛ لأن له متابعاً وشواهد يأتي ذكرها. وعبدة: هو ابن سليمان الكِلآبي أبو محمد الكوفي. والحديث أخرجه الدارمي (1/259) ، والطحاوي (1/59) ، وأحمد (6/237) من طرق عن ابن إسحاق ... به. وأخرجه البيهقي (1/350) من طريق المؤلف، وابن حزم (2/212) من طريقه أيضا ومن طريق أحمد بسند آخر له عن ابن إسحاق. وقد تابعه سليمان بن كثير؛ وهو: 302- قال أبو داود: " ورواه أبو الوليد الطيالسي- ولم أسمعه منه- عن سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: استحيضت زينب بنت جحش، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اغتسلي لكل صلاة ... " وساق الحديث ". (قلت: حديث صحيح، لكن قوله: (زينب بنت جحش) وَهَم من سليمان ابن كثير؛ فإنه ضعيف في روايته عن الزهري خاصة، والصواب: (أم حبيبة بنت جحش) ، كما في الرواية التي فبل هذه، وفي غيرها مما سبق. وقد قيل: إن أم حبيبة اسمها (زينب) وقيل: (حبيبة) ، قال الدارقطني: " وهو الصواب ". والله أعلم) . علقه الصنف، ولم أجد من وصله! وقد رواه البيهقي (1/350) من طريق المؤلف. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنهم تكلموا في سليمان بن كثير في روايته عن الزهري خاصة، فقال النسائي:

" ليس به بأس؛ إلا في الزهري؛ فإنه يخطئ عليه ". وقال العقيلي: " مضطرب الحديث عن ابن شهاب، وهو في غيره أثبت ". وقال الذهلي نحو ذلك قبله. وقال ابن حبان: " كان يخطئ كثيراً، فأما روايته عن الزهري؛ فقد اختلطت عليه صحيفته، فلا يحتج يشيء ينفرد به عن الثقات ". وقال الحافظ في "التقريب ": " لا بأس به في غير الزهري ". قلت: ومما وهم فيه على الزهري قوله: (زينب بنت جحش) ؛ فإنه لم يتابعه على قوله هذا أحد من أصحاب الزهري؛ اللهم إلا ابن أبا ذئب في رواية الطيالسي عنه (رقم 1439 و 1583) . وخالفه معن- وهو ابن عيسى بن يحيى الأشجعي مولاهم-، وحسين المَرْوُرذي؛ وأسد- وهو ابن موسى- ويزيد- وهو ابن هارون- كلهم قالوا عن ابن أبي ذئب: (أم حبيبة بنت جحش) . وهذا هو الصواب! وأبو داود الطيالسي- مع جلالة قدره وكثرة حفظه-؛ فقد نسب إلى الخطأ! وهكذا على الصواب رواه سائر أصحاب الزهري: عمرو بن الحارث والأوزاعي وابن عيينة، وقد مضت أحاديثهم في الكتاب (رقم 275 و 283 و 284) ، والليث ابن سعد: عند أحمد (6/82) ، وإبراهيم بن سعد، وقد علقها المصنف قريباً (رقم 298) . وقد قال ابن القيم في "التهذيب ": " وقد رد جماعة من الحفاظ هذا، وقالوا: زينب بنت جحش زوجة النبي

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تكن مستحاضة، وإنما المعروف أن أختيها أم حبيبة وحمنة هما اللتان استحيضتا. وقال أبو القاسم السُّهَيْلي: قال شيخنا أبو عبد الله محمد بن نجاح: أم حبيبة كان اسمها زينب؛ فهما زينبان، غلبت على إحداهما الكنية، وعلى الأخرى الاسم. ووقع في "الموطأ": أن زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، واستشكل ذلك بأنها لم تكن تحت عبد الرحمن، وإنما كانت عنده أختها أم حبيبة. وعلى ما قال السهيلي عن ابن تجاح؛ يرتفع الإشكال ". قلت: لكن الروايات عن مالك لم تتفق على هذا؛ ففي بعض الروايات عنه قال: (ابنة جحش؛ لم يُسَمِّها) ؛ وقال القاضي عياض: " وهذا هو الصواب " (1) . كما في "تنوير الحوالك "؛ ونقل عن الدارقطنى أن الصواب في اسمها: (حبيبة) . والله أعلم. ثم إن الحديث قد أعله البيهقي بالمخالفة، فقال: " ورواية أبي الوليد أيضا غير محفوظة؛ فقد رواه مسلم بن إبراهيم عن سليمان ابن كثير، كما رواه سائر الناس عن الزهري ... ". قلت: ثم ساق إسناده إليه بذلك مثل الرواية الأولى في الباب (رقم 294) ، ليس فيه الأمر بالغسل لكل صلاة؛ ثم قال: " وهذا أولى؛ لموافقته سائر الروايات عن الزهري، ورواية محمد بن إسحاق عن الزهري غلط؛ لخالفتها ساثر الروايات عن الزهري "! وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: الخالفة على وجهين: مخالفة ترك، ومخالفة تعارض وتناقض. فإن

_ (1) قلت: وهكذا- على الصواب- أخرجه الدارمي (1/221) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة.

أراد مخالفة الترك؛ فلا تناقض في ذلك. وإن أراد مخالفة التعارض؛ فليس كذلك؛ إذ الأكثر فيه السكوت عن أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها بالغسل عند كل صلاة، وفي بعضها أنها فعلته هي. وقد تابع ابنَ إسحاق: سليمانُ بن كثير، كما ذكره البيهقي قريباً؛ وخبر ابن الهاد المتقدم شاهد لذلك ". قلت: وخبر ابن الهاد المشار إليه؛ قد سبق تخريجه عند الكلام على الحديث (رقم 284) ، وهو يرويه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وأنها استحيصْت لا تطهر، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليست بحيضة؛ لتنظر قدر قرئها التي كانت تَحَيضُ له، فتترك الصلاة، ثم تنتظر- ما كان- بعد ذلك، وتغتسل لكل صلاة ". وهذا شاهد قوي لرواية ابن إسحاق وسليمان بن كثير؛ فقد ذكرنا هناك أن إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأما البيهقي؛ فقد أعله بمجرد الدعوى؛ فقال: " قال أبو بكر- يعني: الفقيه-: قال بعض مشايخنا: خبر ابن الهاد غير محفوظ "!! وقد رد عليه ابن التركماني، فقال: " قلت: إن أراد غير محفوظ عنه؛ فليس كذلك؛ فإن البيهقي أخرجه فيما مَر من طريق ابن أبي حازم عنه. وأخرجه النسائي من طريق بكر بن نصر عنه. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق عبد العزيز الدراوردي عنه. فهؤلاء ثلاثة رووه عنه. وإن أراد أنه غير محفوظ منه؛ فليس كذلك أيضا؛ لأن ابن الهاد من الثقات المحتج بهم في "الصحيح " ... ".

قلت: ويشهد لذلك أيضاالحديث الآتي: 303- عن زينب بنت أبي سلمة: ان امرأة كانت تُهْرَاقُ الدمَ- وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف-: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي. (قلت: حديث صحيح؛ وإسناده مرسل صحيح. وصححه ابن حزم، وقؤاه ابن القيم والحافظ) . إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر: نا عبد الوارث عن الحسين عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: حدثتني زينب بنت أبي سلمة ... قلت: فذكر الحديث، ثم قال إثره: وأخبرني أن أم بكر أخبرته أن عائشة قالت ... قلت: فذكر الحديث المذكور بعده (رقم 304) . وإسناد الأول صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكنه شبه المرسل؛ وبذلك أعله ابن القطان، فقال ابن القيم في "التهذيب ": " وقد أعل ابن القطان هذا الحديث بأنه مرسل، قأل: لأن زينب ربيبةَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معدودةٌ في التابعيات، وإن كانت ولدت بأرض الحبشة، فهي تروي عن عائشة وأمها أم سلمة، وحديث: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحِد إلا على زوج "؛ ترويه عن أمها وعن أم حبيبة وعن زينب أزول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكل ما جاء عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مما لم تذكر بينها وبينه أحداً- لم تذكر سماعاً منه، مثل حديثها هذا، أو حديثها: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الدباء والحَنْتَم، وحديثها في تغيير اسمها ". قال ابن القيم: " وهذا تعليل فاسد؛ فإنها معروفهَ الرواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن أمها وأم حبيبة وزينب، وقد أخرج النسائي وابن ماجه هذا الحديث من روايتها عن أم

سلمة، والله أعلم. وقد حفظت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودخلت عليه وهو يغتسل، فنضح في وجهها؛ فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كَبِرَتْ ". قلت: والحق أن أحاديث زينب هذه مرسلة كما ذهب إليه ابن القطان؛ فإننا لم تجد لها رواية فيها التصريح بسماعها منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي وإن كانت ثبت لها رؤية، فهي- من هذه الحيثية- صحابية في أصح الأقوال، ولكنها من حيث الرواية تابعية؛ لأنها لم تكن قد بلغت سن التمييز حين وفاته عليه السلام، فقد كان عمرها آنئذِ بين السادسة والسابعة؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قد تزوج أمها أم سلمة في السنه الرابعَة من الهجرة على الصحيح، كما في "التهذيب "، وكانت زينب حينئذ لا تزال ترضع، كما روى الحاكم (4/16- 17) ، وأحمد (6/295 و 313- 314) ً من طريق عمر بن أبي سلمة عن أم سلمة في قصة وفاة زوجها أبي سلمة، ثم تَزَوُجِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها؛ قالت: فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتيها وهي ترضع زينب، فكانت إذا جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذتها فوضعتها في حجرها ترضعها ... الحديث. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي، والحافظ في " التهذيب ". وله طريقان آخران عن أم سلمة: أخرجهما أحمد (6/307 و 320 و 321) ، ولفظه في أحدهما: قالت: فلما وضعتُ زينبَ؛ جاءتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخطبتي ... (1) الحديث نحوه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. فقول ابن القيم: أنها " قد حفظت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "! مع أنه مما لا دليل عليه؛ لا تساعده هذه

_ (1) وهذا الحديث يرد قول الواقدي أن زينب بنت أبي سلمة ولدت بأرض الحبشة

الرواية الصحيحة؛ ثم هو معارض بقول الحافظ ابن حجر في "الإصابة": " وأطن أنها لم تحفظ ". ولذلك ذكرها العجلي في "ثقات التابعين ". قال الحافظ: " كأنه كان يشترط للصحبة البلوغ، وأطن أنها لم تحفظ ". قال: " وذكرها ابن سعد فيمن لم يرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيثاً، وروى عن أزواجه ". وأما دخول زينب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يغتسل؛ فقد أشار ابن عبد البر في "الاستيعاب" إلى ضعف الرواية بذلك. وقد ذكره الحافظ من طريق عَطاف بن خالد عن أمه عن قلنب. وأم عطاف هذه؛ لم أعرفها، ولم أجد من ذكرها! والله أعلم. ثم إن قول ابن القيم: إن " النسائي وابن ماجه أخرجا هذا الحديث من رواية زينب عن أم سلمة "! فخطأ بيِّن؛ فليس عندهما هذا الحديث البتَّة من رواية زينب عنها؛ بل ولا هو عند غيرهما من هذا الوجه؛ وإنما لأم سلمة حديث آخر في الاستحاضة، وليس فيه الغسل لكل صلاة، وهو الذي أخرجه النسائي وابن ماجه؛ وهو من طريق سليمان بن يسار عنها- وأدخل بعضهم بينهما رجلاً-، وقد مضى في الكتاب أيضا (رقم 265- 269) . وأدخل آخر بينهما مرجانة. أخرجه البيهقي (1/350) . فالظاهر أن هذه الرواية هي منشأ خطأ ابن القيم رحمه الله ظن أنها من رواية زينب عن أم سلمة، والمعصوم من عصمه الله!

وبعد هذا كله؛ فإني أرى جازماً أن الحديث صحيح على كل حال؛ لأنه مرسل صحيح الإسناد، وقد جاء موصولاً من وجوه أخرى كما سبق. ثم أرى أن زينب أخذت الحديث من صاحبة القصة أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها؛ وذلك لأمرين: الأول: أن هشام بن عروة روى عن أبيه عنها: أنها رأت زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وكانت تستحاض، فكانت تغتسل وتصلي. أخرجه مالك (1/81) ، وإسناده صحيح على شرطهما. وزينب بنت جحش: هي أم حبيبة؛ أخطأ بعض الرواة في تسميتها، كما سبق بيانه عند الكلام على الحديث السابق، فلا يبعد أن تكون أم حبيبة قد حدثتها بقصتها، وآمْر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياها بالغسل لكل صلاة. ويؤيد ذلك: الأمر الآخر: وهو أن أم حبيبة قد حدثت بالحديث، فرواه عنها جماعة؛ منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن، الذي روى هذا عنها بواسطة زينب هذه كما يأتي. ثم استدركت فقلت: إن أبا سلمة لم يسمعه منها، كما سنذكره، فالاعتماد على الوجه الأول فقط. ولذلك قوَّى الحافظ في "الفتح " (1/339) هذا الحديث، وجعله شاهداً للرواية التي قبله، واستدرك به على من ضعفها، ثم قال: فيحمل الأمر- يعني: بالغسل لكل صلاة- على الندب؛ جمعاً بين الروايتين: هذه ورواية عكرمة؛ يعني: الأتية

(رقم 324) . والحديث أخرجه البيهقي (1/351) من طريق المصنف. ثم أخرجه هو وابن حزم (2/211) من طرق أخرى عن أبي معمر. ثم قال ابن حزم (2/213) : إنه في غاية الصحة. ثم أخرجاه من طريق هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم حبيبة ... به. وأعله البيهقي بالإرسال- يعني: الانقطاع-. وقد قال أبو حاتم: " إن أبا سلمة لم يسمع من أم حبيبة ". والله أعلم. وأخرجه الدارمي أيضا (1/221) . 304- عن عائشة قالت: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال- في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر-: " إنما هي - أو قال: إنما هو- عِرْقٌ - أو قال: عروق- ". (قلت: حديث صحيح) . قال أبو داود: " في حديث ابن عقيل الأمراق جميعاً، قال: " إن قويت فاغتسلي لكل صلاة؛ وإلا فاجمعي "؛ كما قال القاسم في حديثه ". (قلت: يعني: حديث القاسم بن عبد الرحمن الأتي في الباب الذي يلي. وحديث ابن عقيل مضى (رقم 293) ؛ لكن ليس فيه الغسل لكل صلاة، وإنما فيه الجمع) . إسناده: هو مقرون مع إسناد الحديث السابق؛ وهو من رواية عبد الله بن عمرو

ابن أبي الحجاج أبي معمر عن عبد الوارث عن الحسين عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أم بكر أخبرته أن عائشة قالت. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أم بكر؛ قال الذهبي والعسقلاني: " لا تعرف ". قلت: لكن حديثها هذا صحيح؛ فقد تابعها عليه: عروة عن عائشة، وهو وعمرة عنها أيضا، وقد تقدم في الكتاب حديثهما (رقم 280- 282) بأتم من هذا. والحديث أخرجه أحمد (6/71) : ثنا عبد الصمد قال: ثتي أبي: ثنا حسين ... به. ثم أخرجه هو (6/279) ، وابن ماجه (1/223) ، والبيهقي (1/337) ، من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به. وقال صاحب "الزوائد". " إسناده صحيح، ورجاله ثقات "! كذا قال! وقد اغتر بتوثيق ابن حبان لأم بكر هذه، وقد عرفت حالها. 305- وقد روي هذا القول عن سعيد بن جبير عن علي وابن عباس (قلت: وصله الطحاوي بإسناد صحيح بلفظ: اغتسلي عند كل صلاتين مرة وصلَي) . وصله الطحاوي (1/61) : ثنا ابن أبي داود قال: ثنا أبو معمر قال: ثنا عبد الوارث قال: ثنا محمد بن جَحَادة عن إسماعيل بن رجاء عن سعيد بن جبير

111- من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا

عن ابن عباس قال: جاءته امرأة مستحاضة تسأله؟ فلم يُفْتِها، وقال لها: سَلِي غيري! قال: فأتتِ ابن عمر فساءلته؟ فقال لها: لا تصلي ما رأيتِ الدم. فرجعت إلى ابن عباس فأخبرته؟ فقال: رحمه الله! إن كاد ليكفًرك. قال: ثم سألت علي بن أبي طالب؟ فقال: تلك ركزة من الشيطان أو قُرْحة في الرحم! اغتسلي عند كُلِّ صلاتين مرةً وصلي. قال: فلقيتِ ابن عباس بعدُ فسألتْهُ؟ فقال: ما أجدُ لكِ إلا ما قال علي رضي الله عنه. وهذا إسناد صحيح؛ رجاله رجال مسلم؛ غير ابن أبي داود- واسمه إبراهيم-، وهو ثقة حافظ. 111- من باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسْلاً 306- عن عائشة قالت: استحيضت امرأة على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأُمرتْ أن تعجل العصر وتؤخر الظهر؛ وتغتسل لهما غُسْلاً، وتؤخر المغرب وتُعجِّل العشاء؛ وتغتسل لهما غُسْلاً، وتغتسل لصلاة الصبح غُسْلاً، فقلت لعبد الرحمن: عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: لا أحدثك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقوّاه ابن التركماني. وقوله: فأُمرت ... محمول عند المحدِّثين والأصوليين على أن الآمر هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومما يشهد له ما بعده) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثني أبي: نا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1419) قال: حدثنا شعبة ... به بلفظ: فأُمِرت. قلت: من أمرها؟ لنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: لست أحدثك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً. قالت: فأمرت ... الحديث. وهكذا أخرجه الدارمي (1/198- 199) من طريق هاشم بن القاسم: ثنا شعبة ... به. وأخرجه البيهقي (1/352) من طريق الطيالسي. وأخرجه النسائي (1/65) ، والطحاوي (1/60) ، وأحمد (6/172) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن شعبة ... به، دون قوله: فقلت لعبد الرحمن ... إلخ. وفي رواية للبيهقي: فأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فصرح بأن الآمر هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكن البيهقي حكم بخطأ هذه الرواية، ثم قال: قال أبو بكر بن إسحاق: قال بعض مشايخنا: لم يسند هذا الخبر غير محمد ابن إسحاق. وشعبة لم يذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنكر أن يكون الخبر مرفوعاً. قلت: وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: امتنع عبد الرحمن من إسناد الأمر إلى النبي عليه السلام صريحاً. ولا شك أنه إذا سمع: فأمِرَتْ ... ليس له أن يقول: فأمرها النبي عليه السلام؛ لأن اللفظ الأول مسند إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطريق اجتهادي لا بالصريح؛ فليس له أن ينقله بلى ما هو صريح، ولا يلزم من امتناعه من صريح بالنسبة إلى النبي عليه

السلام أن لا يكون مرفوعاً بلفظ: أُمِرَتْ ... على ما عرف من ترجيح أهل الحديث والأصول في هذه الصيغة أنها مرفوعة، فتأمله! فقد يتوهم من لا خبرة له من كلام البيهقي وغيره أنه من الموقوف الذي لا تقوم به الحجة. وبهذا يُعْلَمُ أن ابن إسحاق لم يخالف شعبة في رفعه، بل رفعه ابن إسحاق صريحاً، ورفعه شعبة دلالة، ورفعه هو أيضا صريحاً في رواية الحسن بن سهل عن عاصم عنه ". قلت: ورواية ابن إسحاق؛ قد أخرجها المصنف عقيب هذا الحديث؛ لكن ابن إسحاق عنعنه؛ وهو مدلس، وقد زاد فيه بعض الأحرف مما لم ترد في هذا الحديث؟! ولا في حديث ابن عيينة الآتي بعد هذا؛ ومن أجل ذلك أوردناه في الكتاب الآ خر (رقم 51) . 307- قال أبو داود: " ورواه ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: إن امرأة استحيضت، فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأمرها ... بمعناه ". (قلت: وصله الطحاوي والبيهقي، وهو مرسل صحيح الإسناد شاهد لما قبله) . قلت: قد مضى معلقاً أيضا (رقم 277) عن عبد الرحمن، ووصلناه هناك من طريق الطحاوي والبيهقي، وهو مرسل صحيح الإسناد، وهو يقوي رواية شعبة عن عبد الرحمن مسنداً، ويؤيد أن الحديث مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكأنه- للدلالة على ذلك- عقبها المصنف رحمه الله بهذا التعليق. والحديث أسنده الثوري أيضا؛ لكن خالف شعبة في إسناده فقال: عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن زينب بنت جحش قالت: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحمنة، فقلت: إنها مستحاضة ... الحديث نحوه.

وقد خرجناه هناك، وبينا أنه منقطع، والعمدة على رواية شعبة؛ فإنه قد حفظه وأجاده. 308- عن أسماء بنت عُمَيْس قالت: قلت: يا رسول الله! إن فاطمة بنت أبي حُبَيْش استحيضت منذ كذا وكذا؛ فلم تُصَل؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سبحان الله! إن هذا من الشيطان، لتجلسْ في مِرْكَنٍ؛ فإذا رأت صفرة فوق الماء؛ فلتغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر غسلاً واحداً، وتَوَضأُ فيما بين ذلك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال ابن حزم: " إنه في غاية الصحة ". وقال المنذري: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أنا خالد عن سهيل- يعني: ابن أبي صالح- عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسماء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (1/353) ، وابن حزم (2/212- 213) من طريق المؤلف. وأخرجه الحاكم (1/174) من طريق أخرى عن وهب بن بقية ... به.

ثم أخرجه هو، والدارقطني (ص 80) - من طريق علي بن عاصم-، والطحاوي (1/60- 61) ، والدارقطني (ص 79) ، والبيهقي- من طريق خالد بن عبد الله- كلاهما عن سهيل بن أبي صالح ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وقال ابن حزم: " إنه في غاية الصحة ". ونقل الصنعاني في "سبل السلام " (1/140) ، وصاحب "عون المعبود" عن المنذري أنه قال: " حديث حسن ". قلت: هذا في النسخة المطبوعة في مِصْرَ مِنْ "مختصر السنن " للمنذري. والحديث رواه جرير أيضا عن سُهَيل؛ لكنه خالفه في المتن وشك في إسناده: أما المتن؛ فإنه قال: فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل. هذا هو الحديث عنده لا غير؛ فليس عنده ما رواه خالد بن عبد الله وعلي بن عاصم، كما أنه ليس عندهما ما عنده. فإذا ضمت الروايتان إلى بعضهما تَم الحديث وكَمَلَ. وأما الاسناد؛ فإنه قال فيه: عن عروة بن الزبير قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حُبَيْش أنها أمرت أسماء- أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حُبَيْش-: أن تسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والصواب من ذلك: أسماء حدثتني ... إلخ؛ كما تدل عليه رواية خالد وعلي. وحديث جرير مضى في الكتاب (رقم 273) .

وفيما سبق من الكلام على أسانيد أحاديث الباب وبعض أحاديث الباب السابق؛ يتبين لك خظأ قول النووي رحمه الله في "المجموع " (2/536) : ولم يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أمرها [يعني. الستحاضة] بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع الحيض، وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي "؛ وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل. وأما الأحاديث الواردة في "سنن أبي داود" و"البيهقي " وغيرهما: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها بالغسل لكل صلاة؛ فليس فيهاشيءثابت " إ! ومن الغريب: أنه غفل عن حديث ابن عقيل الذي صححه جماعة- ومنهم النووي نفسه-؛ وفيه الغسل أكثر من مرة واحدة، وقد سبق أن نيهنا على هذا عند الحديث المشار إليه فراجعه (رقم 293) . والأمر في هذا الحديث ليس للوجوب، بل للاستحباب. 309- قال أبو داود: " يرواه مجاهد عن ابن عباس: لما اشتدَّ عليها الغسل؛ أمرها أن تجمع بين الصلاتين ". (قلت: وصله الطحاوي من طريق قيس بن سعد عنه قال: قيل لابن عباس: إن أرضنا أرض باردة،؟ قال: تؤخر الظهر وتعجل العصر؛ وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء؛ وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر غسلاً ". وإسناده صحيح، وقد وصله الدارمي أيضا، وإسناده على شرط مسلم، وانظر ما تقدم (رقم 278)) .

وصله الطحاوي (1/61) قال: حدثنا ابن خزيمة قال: ثنا حجاج قال: ثنا حماد عن قيس بن سعد. وهذا إسناد صحيح. ثم وجدت الدارمي قد أخرجه فقال (1/221) : أخبرنا حجاج بن منهال ... به فهو صحيح على شرط مسلم. 310- قال أبو داود: " ورواه إبراهيم عن ابن عباس ". (قلت: لم أقف عليه) . 311- وهو قول إبراهيم النَّخَعِي وعبد الله بن شداد. (قلت: وصله عنهما الدارمي بإسنادين صحيحين. والأول على شرط الشيخين، والآخر على شرط البخاري) . وصله عنهما الدارمي، فقال (1/2044) : أخبرنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: المستحاضة تجلس أيام أقراثها، ثم تغتسل للظهر والعصر غسلاً واحداً، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وللفجر غسلاً واحداً، ولا تصوم، ولا يأتيها زوجها، ولا تمس المصحف. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ثم قال الدارمي (1/205) : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا أبو زُبَيْد: ثنا حصين عن عبد الله بن شداد قال:

112- باب من قال: تغتسل من طهر إلى طهر

المستحاضة تغتسل، ثم تجمع بين الظهر والعصر، فإن رأت شيئاً؛ اغتسلت وجمعت بين المغرب والعشاء. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وأبو زُبيد: اسمه عَبْثَرُ بن القاسم. 112- باب من قال: تغتسل من طُهْرٍ إلى طهْرٍ 312- عن عَدِيَ بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المستحاضة: " تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلِّي، والوضوء عند كل صلاة (زاد في رواية: وتصوم وتصلي) ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن جعفر بن زياد، وأنا عثمان بن أبي شيبة قال: نا شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت. قال أبو داود: " وزاد عثمان: " وتصوم وتصلي " ". وهذا إسناد ضعيف: شريك سيئ الحفظ. وأبو اليقظان اسمه عثمان بن عمَيْر، وهو ضعيف. وثابت- والدعدي- مجهول الحال، كما في "الميزان "، و " التقريب ". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات " على قاعدته. وأما جد عدي؛ فلم يعرف! وقد ذكر في "التهذيب " خمسة أقوال عن العلماء في اسمه، ولم يستقر الخلاف على شيء يطمئن القلب إليه؛ فلا نطيل الكلام

بذكر أقوالهم! ويأتيك قريباً كلام البخاري وابن معين في ذلك. والحديث أخرجه الترمذي (1/220) ، والدارمي (1/202) ، وابن ماجه (1/215) ، والطحاوي (1/61) ، والبيهقي (1/347) من طرق عن شريك ... به. وقال الترمذي: " تفرد به شريك عن أبي اليقظان ". قال: " وسألت محمدأ عن هذا الحديث؛ فقلت: عدي بن ثابت عن أبيه عن جده. جد عدي ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه. وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين: إن اسمه دينار؟ فلم يعبأ به ". وأما نقل مجد الدين ابن تيمية في "المنتقى" (1/239) عن الترمذي أنه قال: "حسن "! فخطأ؛ بل كلامه السابق يشير إلى تضعيفه له. وقال ابن سيد الناس في شرحه: " وسكت الترمذي عن هذا الحديث، فلم يحكم بشيء، وليس من باب الصحيح، ولا ينبغي أن يكون من باب الحسن؛ لضعف راويه عن عدي بن ثابت ". قلت: لكنه من باب الصحيح لغيره؛ لأن له شاهداً من حديث عائشة رضي الله عنها؛ وهو: 313- عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيْش إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر خبرها [قلت: انظره (رقم 281) ] ؛ قال:

" ثم اغتسلي، ثم توضَّئي لكل صلاة وصلي ". (قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه البخاري وابن حبان في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة. قلت: قد سبق هذا الإسناد بحديث آخر (رقم 172) ، وقد تكلمنا عليه هناك بما فيه كفاية. وخلاصة ذلك: أن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعنه؛ وقد اتفق علماء الحديث على أنه لم يسمع من عروة - وهو ابن الزبير- شيئاً؛ فعلة الحديث الانقطاع ليس إلا. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/215) ، والطحاوي (1/61) ، والدارقطني (1/78) ، والبيهقي (1/344) ، وأحمد (6/42 و 204 و 262) من طرق عن الأعمش ... به، وزا دوا: " وإن قطر الدم على الحصير". وقد بين ابن ماجه في روايته- من طريق وكيع- والدارقطني- من طريقه ومن طريق عبد الله بن داود- جميعاً عن الأعمش أن عروة. هو ابن الزبير. وتابعهما محمد بن ربيعة عن الأعمش: عند الدارقطني؛ كلهم قالوا: عنه عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير. فهذا يدفع (القيل) الذي ذكره المنذري، وهو أن عروة هذا إنما هو المزني؛ وهو مجهول! وقد قيل هذا في الحديث المشار إليه آنفاً؛ والصواب أنه عروة بن الزبير في

هذا الحديث وفي ذلك؛ كما تقدم بيانه هنا وهناك. ومما يؤيد ذلك في هذا الحديث: ما أخرجه الدارقطني بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قال: جئنا من عند عبد الله بن داود الخرَيْبِى إلى يحيى بن سعيد القطان. فقال: من أين جئتم؟ قلنا: من عند عبد الله بن داود. فقال: ما حدثكم؟ قلنا: حدثنا عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة ... الحديث. فقال يحيي: أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا: زعم أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئاً. قلت: فهذه الرواية تدل على أن يحيى القطان كان يرى أن عروة في الحديث: هو ابن الزبير؛ ولكنه أعله بالانقطاع، وكذلك ابن حزم أعله في "المحلى" (1/253) بالانقطاع. وهو علة هذا الإسناد، كما ذكرنا فيما سلف. وأما المصنف رحمه الله؛ فقد أعله بعلة أخرى، وهي الوقف، فقال عقب رواية عائشة الآتية- وقد ساقها موقوفاً ومرفوعاً، والمرفوع ليس على شرطنا، فأوردناه في الكتاب الآخر (رقم 52) - قال المصنف: " قال أبو داود: وحديث عدي بن ثابت، والأعمش عن حبيب، وأيوب أبي العلاء: كلها ضعيفة لا تصح. ودل على ضعف حديث الأعمش عن حبيب؛ هذا الحديث؛ أوقفه حفص بن غياث عن الأعمش، وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعاً، وأوقفه أيضا أسباط عن الأعمش ... موقوف عن عائشة ". قال أبو داود: " ورواه ابن داود عن الأعمش ... مرفوعاً أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء

عند كل صلاة. ودل على ضعف حديث حبيب هذا: أن رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فكانت تغتسل لكل صالأة في حديث المستحاضة. وروى أبو اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن علي، وعمار مولى بني هاشم عن ابن عباس. وروى عبد الملك بن ميسرة وبيان ومغيرة وفراس ومجالد عن الشعبي عن حديث قمير عن عائشة: " توضأ لكل صلاة ". ورواية داود وعاصم عن الشعبي عن قمير عن عائشة: " تغتسل كل يوم مره ". وروى هشام بن عروة عن أبيه: المستحاضة تتوضأً لكل صلاة. وهذه الأحاديث كلها ضعيفة؛ إلا حديث قمير، وحديث عمار مولى بني هاشم، وحديث هشام بن عروة عن أبيه. والمعروف عن ابن عباس الغسل ". وهو كما قال المصنف رحمه الله؛ لكننا لا نوافقه على ضعف حديث عائشة المرفوع هذا، ولا على ضعف حديثها الآتي بعده موقوفاً. أما المرفوع؛ فلأن إعلاله بالوقف غير مسلَّم؛ لأنه قد رواه جماعة من الثقات مرفوعاً عن الأعمش؛ منهم وكيع: عند المصنف وابن ماجه والدارقطني والبيهقي وأحمد. وقال البيهقي. " وهكذا رواه علي بن هاشم وقرة بن عيسى ومحمد بن ربيعة وجماعة عن الأعمش. واختلف فيه على عبد الله بن داود الخريبي. ورواه حفص بن غياث وأبو أسامة وأسباط بن محمد عن الأعمش؛ فوقفوه على عائشة واختصروه ". قلت: ورواية الآ خرين المرفوعة؛ أخرجها كلَّها الدارقطني. ورواية علي بن هاشم عند أحمد أيضا. وممَن رفعه أيضا عن الأعمش: يحيى بن عيسى: عند الطحاوي، وسعيد بن محمد الوراق: عند الدارقطني. فهؤلاء ستة- أكثرهم أئمة كبار- زادوا عن الأعمش الرفع؛ فوجب على

مذاهب الفقهاء وأهل الأصول ترجيح روايتهم، لأنها زيادة ثقة، وكذا على مذاهب أهل الحديث؛ لأنهم أكثر عدداً، وتحمل رواية من وقفه على عائشة أنها سمعته من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فروته مرة، وأفتت به مرة أخرى، كما قال ابن التركماني. ثم استدل المصنف على ضعف الحديث بأن في رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فكانت تغتسل لكل صلاة في حديث المستحاضة! قلت: يعني: الحديث الى، لى م (رقم 295) ! وهذاليس بشيء؛ لأن المستحاضة المشار إليها هي أم حبيبة، ولا يلزم من عدم ذكر الوضوء في قصتها أن لا يكون صحيحاً في غيرها، كقصة فاطمة في هذا الحديث؛ فإن ذكر الوضوء فيه ثابت صحيح لم يتفرد بذكره حبيب عن عروة؛ بل قد تابعه ابنه هشام؛ فرواه عن أبيه مثل رواية حبيب هذه. أخرجه البخاري وغيره، وقد ذكرنا لفظه فيما مضى عند الكلام على حديث هشام هذا؛ المذكور في الكتاب (رقم 281) . وسنذكره بنصه قريباً (رقم 318) . وفي هذا رد واضح على المؤلف؛ حيث ضعَّف الحديث؛ وقد صححه من ذكرنا (ص 95) . وأما قوله: " وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعاً "! فقد وصله الدارقطني (ص 78) من طريق أحمد بن أبي خيثمة: نا عمر بن حفص: ثنا أبي: ثنا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة: في المستحاضة تصلي وإن قطر الدم على حصيرها. وقال ابن أبي خيثمة: لم يرفعه حفص. وتابعه أبو أسامة. قلت: فليس فيه إنكار حفص رفع الحديث؛ وغاية ما فيه أنه رواه موقوفاً؛ وتابعه على ذلك أبو أسامة، وقد خالفهم من سمبق ذكرهم؛ فروايتهم هي المقدمة.

وأما قوله: " وأنكر ابن داود أن يكون فيه الوضوء لكل صلاة "! فهو من تساهل المصنف أيضا؛ وسيأتي الجواب عنه عند رواية ابن داود هذه (رقم 315) . 314- عن عائشة في المستحاضة: تغتسل مرة واحدة، ثم تَوَضَّأُ إلى أيام أقرائها. (قلت: حديث صحيح موقوف) . إسناده: حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي: نا يزيد عن أيوب بن أبي مسكين عن الحجاج عن أم كلثوم عن عائشة. قلت: هذا إسناد ضعيف؛ أم كلثوم لا يدرى من هي؟ والحجاج: هو ابن أرطاة، وهو ثقة، لكنه مدلس. وأيوب بن أبي مسكين ثقة؛ لكن في حفظه ضعف. وفي "التقريب " أنه " صدوق له أوهام ". قلت: وقد اضطرب في هذا الحديث؛ فمرة أوقفه، ومرة رفعه بإسناد آخر عن عائشة. والصواب الموقوف؛ ولذلك أوردنا المرفوع في الكتاب الآخر، كما سبقت الإشارة إليه. والمصنف رحمه الله ضعفه مرفوعاً وموقوفاً! ولكن لمّا رأينا الموقوف قد جاء من وجه آخر صحيح، صححناه كما هو شرطنا في الكتاب، فانظر ما يأتي (رقم

316) . 315- قال أبو داود: " ورواه [قلت: يعني: حديث عائشة المرفوع (رقم 313) ] : ابن داود عن الأعمش مرفوعاً أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كل صلاة ". (قلت: وصله الدارقطني من طريق الفضل بن سهل: ثنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: يا رسول الله! إني امرأة أُستحاض فلا أطهر؛ أفأع الصلاة؟ فقال: "دعي الصلاة أيام أقرائك، ثم اغتسلي وصلِّي، وإن قطر الدم على الحصير". قلت: وليس فيه- كما ترى- إنكار ابن داود كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى! ومجرد السكوت عن هذه الريادة وترك روايتها؛ لا ينبغي أن يستنتج منه أن التارك لها استنكرها؛ فإنه إنما روى ما ذُكِرَ له، أو ما حفظ! كيف وقد رواه جماعة من الثقات عن الأعمش؛ فأثبتوها؟! كما في الرواية الأولى! كيف وقد ثبتت من رواية هشام بن عروة عن أبيه؟ !) . إسناده: وصله الدارقطني (ص 78) : حدثنا الحسين بن إسماعيل: نا الفضل ابن سهل: ثنا عبد الله بن داود ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى حبيب؛ والحسين هذا: هو أبو عبد الله الضَّبي المحاملي؛ وهو ثقة فاضل، له ترجمة في "تاريخ بغداد" (8/19- 23) .

وبقية الرجال ثقات معروفون. وليس في سياقه ما يدل على الإنكار الذي ادعاه المصنف رحمه الله؛ كما بيناه أعلاه. ويجوز أن يكون الأعمش كان يختصره أحياناً؛ مراعاةً لحال السؤال أو البيان للمسألة،. ويؤيد ذلك: أن وكيعاً روى الحديث- كما سبق في الكتاب- دون قوله في آخره: " وإن قطر الدم على الحصير "، ورواه غير المصنف عنه بإثبات هذه الزيادة، كما ذكرنا فيما تقدم. ثم أخرجه أحمد (6/137) عنه أيضا مختصراً جدّاً؛ بلفظ: " تصلي المستحاضة، وإن قطر الدم على الحصير ". فهذا الاختلاف في إتمام الحديث واختصاره؛ ليس له وجه إلا ما ذكرنا من المراعاة؛ فلا يكون رواية من اختصره حجة على من أتمه؛ لا سيما إذا كانوا جماعة، كما في هذا الحديث! وهذا بين لايخفى. والحمد لله. 316- وروى عبد الملك بن ميسرة وبيان ومغيرة وفراس ومجالد عن الشعبي عن حديث قمير عن عائشة: توضأ لكل صلاة. (قلت: وصل أحاديثهم- دون حديث مغيرة-: الدارمي والطحاوي والبيهقي، وهو حديث صحيح موقوفاً، وصححه المؤلف. وقد روي من حديث

قمير مرفوعاً، ولكن إسناده ضعيف لا يصح، وقد أوردناه في الكتاب الاخر (رقم 52) ، إلا أنه صحيح من وجه آخر عن عائشة، كما سبق (رقم 313) ، ويأتي بعد حديث) وصل أحاديثهم- إلا حديث المغيرة-: الطحاوي والدارمي والبيهقي: فأخرجه الطحاوي (1/63) ، والبيهقي (1/335) من طريق شعبة قال: ثنا عبد الملك بن ميسرة والمجألد بن سعيد وبيان قالوا: سمعنا عامرا ًالشعبي يحدث عن قمير امرأة مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في المستحاضة: تدع الصلاة أيام حيضها، ثم تغتسل غسلاً واحداً، وتتوضأ عند كل صلاة. وأخرجه البيهقي (1/329) من طريق أخرى عن شعبة عن عبد الملك وحده. وأخرجه الدارمي (1/201) - عن مجالد-، و (1/202) - عن إسماعيل؛ وهو ابن أبي خالد-، وهو (1/203) ، والطحاوي- عن فراس- كلهم عن عامر ... به. وهذا إسناد صحيح. وقد رواه المصنف وغيره من طريق أخرى عن قمير ... مرفوعاً. ولكنه لا يصح، ولذلك أوردناه في الكتاب الآخر؛ واستغنينا عنه بحديث حبيب السابق، وحديث هشام عن أبيه الآتي. هذا؛ ولفظ حديث فراس: المستحاضة تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل غسلأ واحداً، وتتوضأ لكل صلاة. وروى البيهقي (1/351) من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة:

أنها لم تكن ترى على المستحاضة إلا غسلأ واحداً. وهذا سند صحيح في الشواهد والمتابعات. 317- ورواية داود وعاصم: عن الشعبي عن قمير عن عائشة: تغتسل كل يوم مرة. (قلت: وصله الدارمي من طريق داود- وهو ابن أبي هند-. وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صححه المؤلف) . قلت: وصله الدارمي (1/206) من طريق داود؛ فقال: أخبرنا حجاج: ثنا حماد عن داود عن الشعبي عن قمير امرأة مسروق أن عائشة قالت في المستحاضة: وتغتسل كل يوم مرة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. 318- وروى هشام بن عروة عن أبيه: المستحاضة تتوضأ لكل صلاة. (قلت: وصله أحمد عقب حديث هشام المتقدم (رقم 281) فقال: قال يحيى- هو ابن سعيد القطان-: قلت لهشام: أغسل واحد تغتسل، وتوضأ عند كل صلاة؟ قال: نعم. وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه المؤلف. وقد صح مرفوعاً من طريق أبي معاوية: عند البخاري والترمذي وغيرهما، ومن طريق أبي حمزة وأبي عوانة: عند ابن حبان في "صحيحه " (1351) ، ومن طريق حماد بن زيد: عند مسلم والنسائي والبيهقي، ومن طريق حماد بن سلمة: عند الدارمي والطحاوى، ومن طريق أبي حنيفة: عنده؛ كلهم قالوا:

عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ... مرفوعاً به. وقواه الحافظ. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") أخرجه أحمد (6/194) من طريق يحيى ووكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش جاءت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث. وقال عقيبه: قال يحيى ... إلى آخره. وأخرجه البخاري والترمذي والدارقطني، والبيهقي (1/344) من طريق أبي معاوية عن هشام ... به. وقال في آخره: قال: وقال أبي: " ثم توضئي لكل صلاة؛ حتى يجيء ذلك الوقت ". ثم قال البيهقي: " وقول عروة فيه صحيح ". قلت: وهو- أعني: عروة- قد رفع الحديث؛ حيث قال: " ثم توضئي ". وهذا من فوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتماً؛ لأنه هو الذي كان يخاطب المستحاضة لا عروة، كما هو واضح بين. وحينئذ فقول البيهقي: " والصحيح: أن هذه الكلمة من قول عروة بن الزبير "! ليس بصحيح. وقد رد عليه الحافظ في "الفتح " (1/265) ؛ حيث قال: " وادعى بعضهم أن قوله: " ثم توضئي " من كلام عروة موقوفاً عليه! وفيه نظر؛ لأنه لو كان كلامه لقال: ثم تتوضأ، بصيغة الإخبار. فلما أتى به بصيغة الأمر؛ شاكله الأمر الذي في المرفوع، وهو قوله: " فاغسلي " ... ". قلت: ويؤيد ذلك: أن هذه الزيادة من تمام الحديث- عند غير أبي معاوية- وصلوه بالحديث.

113- باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

وكذلك رواه البيهقي من طريق عبد الله بن عثمان: ثنا أبو حمزة قال: سمعت هشاماً يحدث عن أبيه: أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله! إني أستحاض فلا أطهر ... الحديث، وقال فيه: " فاغتسلي عند طهرك وتوضَّئي لكل صلاة كا. قلت: وهذا مرسل لم يذكر فيه عائشة! والصحيح أنه موصول بذكرها فيه؛ فقد أخرجه كذلك ابن حبان (1351) من حديث محمد بن علي بن الحسن بن شقيق: سمعت أبي يقول: ثنا أبو حمزة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش ... الحديث. وهكذا هو موصول عند أبي معاوية ومن تابعه؛ وقد سبق تخريج أحاديثهم عند حديث هشام المتقدم؛ فلا داعي للإعادة. 113- باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر 319- عن سُمَي مولى أبي بكر: أن القعقاع وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله: كيف تغتسل المستحاضة؟ فقال: تغتسل من ظهر إلى ظهر، وتوضأ لكل صلاة؛ فإن غَلَبَها الدم استثفرت بثوب. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سُمَيَ مولى أبي بكر.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "الموطأ" (1/81) ، ومن طريقه رواه محمد في "موطئه " (ص 80) بلفظ: طهر.. بالإهمال، ويأتي قريباً ما نقله المؤلف عن مالك في ذلك. وأخرجه الدارمي (1/205) قال: أخبرنا يزيد بن هارون: حدثنا يحيى أن سُمَيّا مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أخبره ... به. وهذا صحيح أيضا على شرطهما. ومن طريق يزيد: أخرجه البيهقي (1/330) ؛ لكنه لم يذكر فيه: زيد بن أسلم. وقد علقه المصنف فيما مضى من طريق حماد بن زيد عن يحيى ... به (رقم 288) . ورواه سفيان أيضأ عن سمَي، وقد ذكرنا لفظه فيما سبق (رقم 289) . 320- قال أبو داود: " وروى عن ابن عمر وأنس بن مالك: تغتسل من ظهر إلى ظهر ". (قلت: وصله عن ابن عمر الدارمي: من طريق نافع عنه؛ وإسناده حسن. وأما أثر أنس؛ فلم أجده) . وصله من طريق ابن عمر: الدارمي فقال (1/206) . أخبرنا مروان عن بكير ابن معروف عن مقاتل بن حيان عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر. قال مروان: وهو قول الأ وزاعي. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير بكير بن

معروف؛ فقال الآجري عن المصنف: " ليس به بأس ". وكذا قال النسائي، ونحوه أحمد في رواية. وقال في رواية أخرى: " ذاهب الحديث ". وقال ابن عدي: " أرجو أنه لا بأس به، وليس حديثه بالمنكر جداً ". وفي "التقريب ": " صدوق، فيه لين ". 317- وكذلك روى داود وعاصم عن الشعبي عن امرأته عن قمير عن عائشة؛ إلا أن داود قال: كل يوم. وفي حديث عاصم: عند الظهر. (قلت: كذا في هذه الرواية: (عن امرأته) ! وهي- إن ثبتت في جميع نسخ الكتاب- شاذة، وقد سبق أن ذكره المصنف معلقاً على الصواب: عن الشعبي عن قمير. ووصلناه هناك بهذا الرقم من طريق داود. وأما طريق عاصم؛ فلم أقف عليه موصولاً) . سبق بهذا الرقم، وزيادة امرأة الشعبي في الإسناد شاذ؛ كما ذكرت أعلاه. ويؤيد ذلك: أنه قد رواه عبد الملك بن ميسرة وبيان والمغيرة وفراس ومجالد عن الشعبي عن قمير ... وقد مضى (رقم 316) . 321- وهو قول سالم بن عبد الله والحسن وعطاء. (قلت: وصله الدارمي من طريق الحسن وعطاء. وهو عن الحسن صحيح على شرط مسلم، وعن عطاء ضعيف.

قال أبو داود: " قال مالك (1) : أني لأظن حديث ابن المسيب: " من ظهر إلى ظهر "، قال فيه: إنما هو: " من طهر إلى طهر "، ولكن الوهم دخل فيه، فقلبها الناس فقالوا: " من ظهر إلى ظهر ". ورواه مسور بن عبد الملك بن سعيد بن عبد الرحمن بن ينلوع؛ قال فيه: " من طهر إلى طهر "، فقلبها الناس: " من ظهر إلى ظهر " (2) ". (قلت: وظن مالك هذا ليس بصحيح؛ مسور بن عبد الملك ليس بالقوي. وقد رواه يحيى بن سعيد القطان عن سمي باللفظ الأول: " من ظهر إلى ظهر " بالاعجام؛ اْخرجه الدارمي بإسناد صحيح على شرط الشيخين. وتابعه سفيان عن سمي؛ وقد ذكر لفظه فيما سبق من الكتاب (رقم 289) . وهكذا صححه

_ (1) قول مالك هذا ليس في "الموطأ"! وهو ظن غير صحيح؛ كما سأذكر تالياً. والمسور هذا أورده الحافظ في " التهذيب " من أجل هذه الرواية، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلا. وقال في " التقريب ": " مقبول ". وفي " الميزان ": " مسور بن عبد الملك، حدث عنه معن القزاز؛ ليس بالقوي. قاله الأزدي ". فالظاهر أنه هذا! ثم تأكد فلك لدي حين رجعت إلى "اللسان "؛ فإذا به يقول: " وسمى ابن أبي حاتم جده سعيد بن يربوع، وذكر في الرواة عنه أيضا ابن وهب وأشهب وعبد الله بن الحكم ". (2) قال أبو الحسنات في "التعليق الممجد على موطأ محمد ": " قال ابن سيد الناس: اختلف فيه: فمنهم من روإه بالطاء المهملة، ومنهم من رواه بالظاء المعجمة. وقال ابن العراقي: المروي إنما هو بالإعجام، وأما الإهمال؛ فليس رواية مجزوماً بها. وقال ابن عبد البر: قال مالك: ما أرى الذي حدثني به: " من ظهر " إلا وقد وهم. وليس ذلك بوهم؛ لأنه صحيح عن سعيد، معروف من مذهبه، وقد رواه كذلك السفيانان عن سُمَي ... به بالإعجام،.

114- باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر

ابن عبد البر وغيره أنه بالاعجام) . وصله من طريق الحسن- وهو البصري-: الدارمي فقال (1/206) : حدثنا حجاج بن منهال: ثنا حماد عن حميد عن الحسن قال: المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها من الشهر، ثم تغتسل من الظهر إلى الظهر، وتوضأ عند كل صلاة، وتصوم، وتصلي، ويأتيها زوجها. قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم. ثم قال: حدثنا حجاج بن منهال: ثنا حماد عن عباد بن منصورعن الحسن وعطاء ... مثل ذلك. قلت: وعباد بن منصور فيه ضعف، وهو مدلس. 114- باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا.) انظر "الضعيف " (] 115- باب من قال: تغتسل بين الأيام 322- عن محمد بن عثمان: أنه سأل القاسم بن محمد عن المستحاضة؟ قال: تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل في الأيام. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا القعنبي: نا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن محمد بن عثمان.

116- باب من قال: توضأ لكل صلاة

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن عثمان- وهو ابن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع الخزومي-، وهو ثقة بلا خلاف. 116- باب من قال: توضأ لكل صلاة ............... (1) 323- قال أبو داود: " وريي عن العلاء بن المسيب وشعبة عن الحكم عن أبي جعفر- قال العلاء- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأوقفه شعبة على أبي جعفر-: " تَوضأ لكل صلاة ". (قلت: الموقوف إسناده صحيح؛ فقد وصله الدارمي من طريق أخرى عن أبي جعفر. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وأما المرفوع؛ فهو حديث صحيح؛ صح مسنداً من حديث عائشة، وقد مضى (رقم 318)) . هو معلق كما ترى؛ وهو من طريق العلاء بن المسيب مرفوع مرسل، ومن طريق شعبة موقوف. أما المرسل؛ فقد علقه المصنف أيضا في باب سابق بلفظ آخر، وقد أوردناه في الكتاب الأخر (رقم 46) ، وذكرنا هناك أن ابن خزيمة وصله مرسلاً أتم من لللفظ المذكور هناك، كما قال البيهقي، ولم نقف على لفظه؛ فلعل فيه ما ذكره المؤلف هنا! على أن هذا القدر منه صحيح مرفوعاً؛ لأنه صح إسناده مسنداً من حديث عائشة، وقد تقدم (رقم 318) .

_ (1) هنا في بعض النسخ حديث تقدم بإسناده ومتنه برقم (285 و 286) .

117- باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

وأما الموقوف؛ فقد وصله الدارمي من طريق أخرى عن أبي جعفر، فقال (1/203) : أخبرنا محمد بن يوسف: أنا إسرائيل: ثنا أبو إسحاق عن محمد أبي جعفر (وفي الأصل: محمد بن أبي جعفر، وهو خطأ مطبعي) : أنه قال في المستحاضة: تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتحتشي كُرْسُفاً، وتوضأ لكل صلاة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين (1) . 117- باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث 324- عن عكرمة قال: إن أم حبيبة بنت جحش استحيضت، فأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تنتظر أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلِّي، فإن رأت شيئاً من ذلك توضأت وصلت. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه عبد الحق في "أحكامه " (522)) . إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: نا هشيم: نا أبو بشر عن عكرمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أعل بالانقطاع، ويأتي الجواب عنه. والحديث أخرجه البيهقي (1/351) من طريق يحيى بن يحيى: أنا هشيم ... به؛ إلا أنه قال:

_ (1) تنبيه: أورد المصنف في الباب حديث: " دم الحيض أسود يعرف "؛ وقد اختصرناه؛

توضأت واستثفرت واحتشت وصلت ". وأعله بقوله: " وهذا منقطع "! وتبعه المنذري والخطابي؛ وزاد: " وعكرمة لم يسمع من أم حبيبة بنت جحش "! قال ابن التركماني: " وفي تسميته هذا منقطعاً نظر". قلت: ولعل وجهه أن عكرمة- وهو أبو عبد الله المدني البربري؛ مولى ابن عباس- تابعي مات سنة (107) ؛ وهو غير معروف بالتدليس، فروايته محمولة على السماع إلا إذا وجد ما يدل على الانقطاع؛ وليس لدينا شيء من ذلك. وقول الخطابي: " إن عكرمة لم يسمع من أم حبيبة "! لا ندري ما مستنده في ذلك؟! ولم يذكره أحد ممن ترجم لأم حبيبة وعكرمة! نعم؛ هناك مجال للشك في سماع عكرمة منها، كما فعل الحافظ في "الفتح " (1/340) ، وسيأتي نص كلامه في ذلك (رقم 328) . فلو كان صحيحاً ما ذكره الخطابي من نفي السماع؛ لجزم الحافظ بذلك ولم يشك! على أن الشك المذكور خلاف الأصل؛ لما ذكرنا. والله تعالى أعلم. (فائدة) : هذا الحديث كالمخصص أو المقيد لحديث عائشة المشار إليه في الباب قبله: أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة. فإنه- بإطلاقه- يدل على أنها تتوضأ لكل صلاة؛ سواءً رأت الدم أو لم تره! وأما هذا الحديث؛ فإنه يدل على أن فلك إنما يجب إذا رأت الدم.

فدل على أن المستحاضة إذا لم تر الدم؛ تصلي بالوضوء الواحد ما شاءت من الصلوات، حتى ينتقض وضوؤها؛ سواءً بخروج الدم أو غيره من النواقض. هذا هو المراد من الحديث، ولا يحتمل غيره من المعنى؛ لا سيما على رواية البيهقي المذكورة عند تخريج الحديث. وقد ذكر صاحب "العون " وجها ًآخر من المعنى، وهذا- وإن كان قد ذكره احتمالاً، ورجح المعنى الأول-؛ فإن المعنى المشار إليه باطل إذا ما قوبل برواية البيهقي، والله أعلم. 325- عن ربيعة: أنه كان لا يرى على المستحاضة وضوءاً عند كل صلاة؛ إلا أن يصيبها حدث غير الدم؛ فتوضأ (1) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . قال أبو داود: " وهذ اقول مالك- يعني: ابن أنس- " (2) .

_ (1) قال الخطابي: " وقول ربيعة شاذ، ليس عليه العمل ". قلت: وهو قول باطل؛ لخالفته لحديث الباب، ولحديث عائشة المشار بليه في الباب قبله. (2) فال في "عون المعبود": " هذه العبارة في النسختين، وليست في أكثر النسخ. قال ابن عبد البر: لشى في حديث مالك في "الموطأً" ذكر الوضوء لكل صلاة على المستحاضة، وذكر في حديث غيره، فلذلك كان مالك يستحبه لها ولا يوجبه؛ كما لا يوجبه على صاحب التسلسل. ذكره الزرقاني ". قلت: لكن الحديث بوجوب الوضوء لكل صلاة؛ قد صح عند البخاري وغيره كما سبق؛ فوجب الأخذ به، ولا عذر بعد ذلك لن يصر على تقليد غير المعصوم إ!

118- باب في المرأة ترى الصفرة والكدرة بعد الطهر

(قلت: وهو قول باطل؛ لخالفته لحديث الباب، ولحديث عائشة المشار إليه في الباب قبله) . إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب: ثني عبد الله بن وهب: ثني الليث عن ربيعة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. 118- باب في المرأة ترى الصّفْرة والكُدْرة بعد الطهْر 326- عن أم الهُذَيْلِ عن أم عطية- وكانت بايعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: كنا لا نَعُذ الكُدْرة والصفْرة بعد الطُّهْرِ شيئاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن قتادة عن أم الهذيل. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه البيهقي (1/337) من طريق المصنف. وأخرجه الدارمي (1/215) ، والحاكم (1/174) من طريق حجاج بن منهال: ثنا حماد بن سلمة ... به. وقد تابعه أبان: عند البيهقي، وأيوب: عند ابن ماجه (1/223) كلاهما عن حفصة به ... وحفصة: هي بنت سيرين أم الهذيل، كما ذكره المصنف فيما بعد. وقد رواه أيوب عن ابن سيرين أيضا، وهو:

327- عن محمد بن سيرين عن أم عطية ... بمثله. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وكذ اقال النووي. وقد أخرجه في "صحيحه "، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي) . قال أبو داود: " أم الهُذَيل: هي حفصة بنت سيرين، كان ابنها اسمه هذيل، واسم زوجها عبد الرحمن ". إسناده: حدثنا مسدد: نا إسماعيل: نا أيوب عن محمد بن سيرين. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وكذا قال النووي في " المجموع " (2/388) . وإسماعيل: هو ابن عُلَيَةَ. والحديث أخرجه الحاكم (1/174) ، ومن طريقه البيهقي (1/337) من طريق أخرى عن مسدد. وأخرجه البخاري (1/338) ، والنسائي (1/66) ، والدارمي (1/214) من طرق أخرى عن إسماعيل ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/223) من طريق معمر عن أيوب. والحاكم من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ... به؛ وقال: " صحيح على شرط الشيخين "؛ ووافقه الذهبي. (تنبيه) : ليس في حديث ابن سيرين قوله: بعد الطهر؛ كما في حديث أم الهذيل؛ فقول المصنف في حديث ابن سيرين: "بمثله " إفيه مسامحة!

119- باب المستحاضة يغشاها زوجها

119- باب المستحاضة يغشاها زوجها 328- عن عكرمة قال: كانت أم حبيبة تُسْتَحَاضُ؛ فكان زوجها يغشاها. (قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح ") . إسناده: حدثنا إبراهيم بن خالد: نا معَفَى بن منصور عن علي بن مًسْهِرٍ عن الشيباني عن عكرمة. قال أبو داود: " قال يحيى بن معين: فعَلَّى ثقة، وكان أحمد بن حنبل لا يروي عنه؛ لأنه كان ينظر في الرأي ". قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "، وإبراهيم بن خالد: هو أبو ثور صاحب الشافعي. والشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان. وعكرمة: هو أبو عبد الله البربري. وقال الحافظ: " هو حديث صحيح؛ إن كان عكرمة سمعه منها "! قلت: ولم تجد ما ينفي سماعه منها! وانظر الحديث التقدم (رقم 324) . والحديث أخرجه البيهقي (1/329) من طريق المؤلف. 329- عن عكرمة عن حَمْنَةَ بنت جحش: أنها كانت مستحاضة؛ وكان زوجها يجامعها. (قلت: إسناده حسن) .

120- باب ماجاء في وقت النفساء

إسناده: حدثنا أحمد بن أبي سُريج الرازي: نا عبد الله بن الجَهْمِ: نا عمر بن أبي قيس عن عاصم عن عكرمة. قلت: هذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وفي عمرو بن أبي قيس- وهو الرازي-، وشيخه عاصم- وهو ابن أبي النَّجود- كلام لا ينزل حديثهما عن رتبة الحسن. وأحمد بن أبي سريج؛ هو ابن الصَّبَّاح أبو جعفر الرازي المقري، وهو ثقة حافظ من شيوخ البخاري. وقال النووي في "المجموع " (2/372) : " رواه أبو داود وغيره بهذا اللفط بإسناد حسن ". والحديث أخرجه البيهقي (1/329) من طريق المؤلف. 120- باب ماجاء في وقت النفساء 330- عن مُسَّة عن أم سلمة قالت: كانت النفَسَاءُ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْئذ بعد نِفَاسِها أربعين يوماً أو أربعين ليلة، وكنا نَطَّلِي على وجوهنا الوَرْسَ- تعني: من الكَلَفِ-. (قلت: إسناده حسن صحيح. وصححه الحاكلم، ووافقه الذهبي، وقوّاه البيهقي. وقال النووي: " حديث حسن جيد "، وأقره الحافظ) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: نا زهير: نا علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل عن مُسَّةَ. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات؛ غير مسَّةَ - بضم أولها والتشديد-؛ قال ابن القيم في "التهذيب ": " وقد روى عنها أبو سهل كثير بن زياد والحكم بن عتَيبة ومحمد بن عبيد الله

العرزمي وزيد بن علي بن الحسين ". وهو يشير بذلك إلى ارتفاع جهالة عينها برواية هؤلاء عنها؛ وكأنه يرد بذلك على ابن القطان؛ حيث قال- كما في "نصب الراية" (1/205) -: " لا يعرف حالها ولا عينها، ولا تعرف في غير هذا الحديث "! قال في "عون المعبود ": " وأجاب عنه في "البدر المنير"، فقالى: ولا نسلِّم جهالة عينها، وجهالة حالها مرتفعة؛ فإنه روى عنها جماعة: كثير بن زياد والحكم بن عتيبة وزيد بن علي بن الحسين. ورواه محمد بن عبيد الله العزرمي عن الحسن عن مسة أيضا؛ فهؤلاء رووا عنها، وقد أثنى على حديثها البخاري، وصحح الحاكم إسناده. فأقل أحواله أن يكون حسناً. انتهى ". وقال الخطابي في "المعالم ": " وحديث مسة أثنى عليه محمد بن إسماعيل، وقال: مسة هذه أزدية (*) . واسم أبي سهل: كثير بن زياد؛ وهو ثقة؛ وعلي بن عبد الأعلى ثقة ". وقال النووي في "المجموع " (2/525) : " حديث حسن ". ثم قال: " وذهب بعض أصحابنا إلى تضعيف الحديث، وهو مردود؛ بل الحديث جيد كما سبق، وإنما ذكرت هذا لئلا يغتر به ". وأقره الحافظ في "التلخيص " (2/574) قال: " وأغرب ابن حبان، فضعفه بكثير بن زياد؛ فلم يصب ". والحديث أخرجه الحاكم (1/175) من طريق أخرى عن أحمد بن يونس ... به.

_ (*) سجل الشيخ هنا تاريخ انتهائه من دفتره الثاني:22/6/1369 هـ.

وأخرجه الدارمي (1/229) ، وأحمد (6/300 و 304 و 309- 310) من طرق أخرى عن زهير بن معاوية ... به. وهكذا أخرجه البيهقي (1/341) . ثم أخرجه هو، والترمذي (1/256) ، وابن ماجه (1/223) ، والدارقطني (ص 82) ، وأحمد (6/303) من طريق شجاع بن الوليد عن علي بن عبد الأعلى ... به. وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مسة الأزدية عن أم سلمة. قال محمد بن إسماعيل: علي بن عبد الأعلى ثقة، وأبو سهل ثقة ". وقال البيهقي: " وقد روي فيها أحاديث مرفوعة كلها- سوى ما ذكرناه- ضعيفة ". قلت: وفي هذا إشارة منه إلى أن حديث الباب عنده قوي ثابت. والأحاديث المشار إليها: هي من روايهَ أنس وأبي هريرة وأبي الدرداء وعثمان بن أبي العاص وعائشة؛ وهي وإن كان أفرادها ضعيفة؛ فمجموعها يعطي الحديث قوة. قلت: وأما قول البوصيري في حديث أنس- عند ابن ماجه (1/224) -: " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات "! فمن أوهامه؛ لأن الحديث عنده- وكذا عند أبي يعلى (3/952) - من طريق المحاربي عن سَلأم بن سُلَيْمٍ عن حميد عن أنس. وذلك أنه توهم أن سلام بن سليم هذا: هو أبو الأحوص! وليس به؛ وإنما هو سلام الطويل المتهم. وبه أعله الدارقطني (1/220/66) ، والبيهقي (1/343) .

121- من باب الاغتسال من الحيض

331- وفي رواية عنها قالت: حججتُ، فدخلتُ على أُمِّ سلمة فقلت: يا أم المؤمنين! إن سَمُرة بْنَ جُنْدُبٍ يأمر النساءَ يَقْضِينَ صلاةَ المحيض؟ فقالت: لا يقضين؛ كانت المرأة من نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! تقعد في النفَاسِ اربعين ليلة، لا يأهرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقضاء صلاة النفاس. (قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا الحسن بن يحيى: نا محمد بن حاتم- يعني: حِبي-: نا عبد الله بن المبارك عن يونس بن نافع عن كثجر بن زياد قال: حدثتني الأزدية - يعني: مُسة-. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير مُسةَ، وقد تقدم الكلام عليها في الرواية الأولى. والحديث أخرجه الحاكم (1/175) ، ومن طريقه البيهقي (1/341) عن عَبْدان: ثنا عبد الله بن البارك ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! 121- من باب الاغتسال من الحيض 332- عن عائشة قالت: دَخَلَتْ أسماءُ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله! كيف تغتسل إحدانا إذا طَهُرَتْ من المحيض؟ قال:

" تأخذ سِدْرَها وماءَها فَتَوَضَأُ، ثم تغسل رأسها وتدلكُهُ، حتى يبلغَ الماءُ أصولَ شعرها، ثم تُفيضُ على جسدِها، ثم تأخذ فِرْصَتها فتطَّهًرُ بها ". قالت: يا رسول الله! كيف آتطهَّرُ بها؟ قالت عائشة: فعرفتُ الذي يَكْنِي عنه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت لها: تَتَبَّعيِنَ آثار الدم. (قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأخرجه البخاري نحوه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا سلاّم بن سُلَيْم عن إبراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛- غير إبراهيم بن مهاجر؛ فمن رجال مسلم وحده، وقد تُكُلمَ فيه من قِبَل حفظه، وقال الحافظ: " صدوق، لَينُ الحفط ". قلت: ولم يتفرد بالحديث كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (1/180) من طريق أبي الأحوص ... به؛ وأبو الأحوص كنية سلام بن سليم. ثم أخرجه، والمصنف فيما بعد، وأبو عوانة (1/316- 318) ، والدارمي (1/197) ، وابن ماجه (1/221) ، والبيهقي (1/185) ، والطيالسي (رقم 1563) ، وأحمد (16/47 و 188) من طرق أخرى عن إبراهيم ... به.

وقد تابعه منصور بن صفية عن أمه: أخرجه البخاري (1/329 و 331 و 13/281- 282) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة، والنسائي (1/49 و 72- 73) ، والبيهقي (1/183) ، وأحمد (6/122) من طرق عنه ... نحوه. 333- وفي رواية عنها: أنها ذكرت نساء الأنصار، فأثنتْ عليهنَّ، وقالت لهنّ معروفاً. قالت: دخلت امرأة منهن على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر معناه؛ إلا أنه قال: " فِرْصة مُمسكَةً ". (قلت: إسناده حسن. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مُسَدَد بن مُسَرْهَد: نا أبو عوانة عن إبراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة. قال مسدد: كان أبو عوانة يقول: "فِرصةً "، وكان أبو الأ حوص يقول: " قَرْصَة ". قلت: وهذا إسناد حسن كالذي قبله، ورجاله رجال "الصحيح ". والحديث أخرجه أبو عوانة (1/318) من طريق أبي المثنى قال: ثنا مسدد ... به؛ دون الثناء عليهن. ثم أخرجه هو، وأحمد (6/188) من طرق أخرى عن أبي عوانة ... به؛ وفيه عند أحمد ذكر نزول سورة (النور) ومبادرة نساء الأنصار رضي الله تعالى عنهم جميعاً إلى اتخاذ الخُمُرِ من حجَزِ مناطقهن، وسيأتي هذا في كتاب "اللباس " [33- باب] (رقم ... ) .

334- وفي رواية أخرى عنها: أن أسماء سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ قال: " فِرصة ممسَّكة "، فقالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: " سبحان الله! تطهَّري بها، واستتري بثوب "، وزاد: وسألته عن الغسل من الجنابة؟ قال: " تأخذين ماءك، فَتَطَّهَّرين أحسنَ الطهور وأبلَغَهُ، ثم تصبِّين على رأسك الماء، ثم تَدْلُكِينَه حتى يبلغ شؤونَ راسك، ثم تُفِيضِين عليك الماء ". وقالت عائشة: نِعْمَ النساءً نساء الأنصار؛ لم لِكن يمنعهن الحياءُ أن يسألْنَ عن الدين وأن يتفقهن فيه! (قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه بتمامه؛ هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأخرجه البخاري في "صحيحه دون قول عائشة: نِعْمَ النساء نساء الأنصار ... إلخ؛ فإن هذا القدر منه أخرجه معلقاً مجزوماً به) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: نا أبي. نا شعبة عن إبراهيم- يعني: ابنَ مهاجر- عن صفية بنت شيبة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن كسابقه، وهو على شرط مسلم. والحديث، أخرجه مسلم في "صحيحه " (1/179- 180) ، وأبو عوانة (1/316- 317) ، وابن ماجه (1/221- 222) ، وأحمد (6/147- 148) من طرق عن شعبة ... به. وأخرجه البيهقي (1/180) عن المصنف وغيره عن عبيد الله بن معاذ.

122- باب التيمم

122- باب التيمم 335- عن عائشة قالت: بعثَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إأُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ وأُناساً معه في طَلَبِ قِلادةٍ أضَفتها عائشةُ، وحضرتِ الصلاةُ، فصلَوْا بغير وضوء، فآتَوُا النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكروا ذلك له، فأُنزِلت اية التيمم (زاد في رواية: فقال لها أُسيد: يرحمُكِ اللهُ! ما نزل بكِ آمْرٌ تكرهينه؛ إلا جعلَهُ الله للمسلمين ولكِ فَرَجاً) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المصنف، وأخرجه البخاري ومسلم وابن حبان (1297)) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: نا أبو معاوية. (ح) وحدثنا عثمان ابن أبي شيبة: نا عَبْدَةُ- المعنى واحد- عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائْشة. زاد ابن نفيل: فقال لها أُسَيْد ... إلخ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبدة: هو ابن سليمان الكِلآبِي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/303) عن المصنف ... بالإسنادين. وأخرجه النسائي (1/61) من طريق إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا أبو معاوية ... به. والبخاري (8/203 و 10/ 282) من طريقين آخرين عن عبدة ... به.

وهو (1/349) ، وأحمد (6/57) - عن عبد الله بن نُمَيْر-، وهو أيضا (7/85 و9/186- 187) ، ومسلم (1/192) ، والدارمي (1/190) ، وابن ماجه (1/" 20) ، والبيهقي (1/214) - من طرق عن أبي أسامة- كلاهما عن هشام ... به. وللحديث طريقان آخران: أخرج الأول منهما مالك: في "موطّئه " (1/74) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره؛ حتى إذا كنا بالبَيْدَاء أو بذات الجيش؛ انقطع عِقْد لي، فأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على التماسه وأقام الناس معه ... الحديث نحوه أتم منه، وفي آخره: قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته. وهكذا أخرجه الشيخان، وأبو عوانة في "صحاحهم "، والنسائي (1/59) ، ومحمد في " موطّئه " (ص 76) ، والبيهقي (1/204 و 223) ، وأحمد (6/179) ؛ كلهم عن مالك ... به. وأخرجه البخاري (12/146) ، والبيهقي من طريق عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم ... حدثه به مختصرا نحوه. والطريق الآخر: أخرجه أحمد (6/272) عن ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عَباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: أقبلنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره؛ حتى إذا كنا بِتُرْبَانَ- بلد بينه وبين المدينة بريد وأميال؛ وهو بلد لا ماء به-، وذلك من السحر؛ انسَلتْ قلادة لي من عنقي، دوقعتْ، فحُبِسَ ردسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لالتماسها حتى طلع الفجر ... الحديث نحوه.

وإسناده حسن. وقد فات هذا الحافظ؛ فعزاه في "الفتح " (1/345) للطبراني من طريق عَبُّاد ابن عبد الله بن الزبير عن عائشة ... نحوه! ثم قال: " وفي إسناده محمد بن حميد الرازي، وفيه مقال "! قلت: وليس هو في سند أحمد! 336- عن عمار بن ياسر: أنه كان يحدِّث: أنهم تمسَّحُوا وهم مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصعيد لصلاة الفجر، وضربوا بآكُفِّهِمُ الصعيدَ، ثم مسحوا وجوهَهم مَسْحَة واحدة، ثم عادوا فضرلوا بأكُفِّهِمُ الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيدِيهم كفَها إلى المناكبِ والأباطِ من بُطون أيديهم. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا عبد الله بن وهب: حدثني يونس عن ابن شهاب قال: إن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حدثه عن عمار بن ياسر. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ لكن قال المنذري: " وهو منقطع: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لم يدرك عمار بن ياسر ". قلت: لكن وصله المصنف وغيره بذكر ابن عباس بينهما، وهو الأتي بعد الرواية الأخرى، وجاء موصولاً على وجه آخر، سنذكره قريباً إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/201) - عن ابن وهب-، وأحمد (4/321) : ثنا عثمان بن عمر قال: ثنا يونس ... به.

وأخرجه الطحاوي (1/66) ، والطيالسي (رقم 637) ، وأحمد (4/320) - عن ابن أبي ذئب-، وابن ماجه (1/199) - عن الليث بن سعد-، وأحمد- عن معمر- كلهم عن ابن شهاب ... به منقطعاً. وقد وصله النسائي (1/60) ، والطحاوي، والبيهقي (1/208) - عن مالك- وابن ماجه (1/200) ، والطحاوي- عن عمرو بن دينار- كلاهما عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه أخبره عن أبيه عن عمار بن ياسر ... مختصراً. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقول البيهقي: " وأما سفيان بن عيينة؛ فإنه شك في ذكر أبيه في إسناده "! فلا يضره بعد متابعة مالك له على ذكره. 337- وفي رواية عنه ... نحو هذا الحديث؛ قال: قام المسلمون فضربوا بأكُفِّهم الترابَ، ولم يقبضوا من التراب شيئاً ... فذكر نحوه؛ ولم يذ كلر: المناكب والآباط (وفي رواية: إلى ما فوق المرفقين) . (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ وعبد الملك بن شعيب عن ابن وهب ... نحو هذا الحديث. قال ابن الليث: إلى ما فوق المرفقين. قلت: يعني: بإسناده السابق. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لولا ما فيه من الانقطاع الذي

ذكرناه فيما قبل؛ إلا أننا قد ذكرنا أيضا أنه صَح موصولاً من وجهين، ذكرنا أحدهما. وأما الآخر فهو: 338- عن عمار بن ياسر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرَس بأُولاتِ الجيشِ، ومَعَهُ عائشةُ، فانقطع عِقدٌ لها من جَزْعِ ظِفَارٍ، فحُبِس الناس ابتغاءَ عِقْدِها ذلك، حتى أضاء الفجر وليسر مع الناس ماءٌ، فتغَيَّظ عليها أبو بكر؛ وقال: حَبَسْتِ الناس وليس معهم ماء؟! فأنزل الله تعالى ذكره على رسوله رُخْصَةَ التطهرِ بالصعيد. الطيَب، فقام المسلمون مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وضربوا بأيديهم إلى الأرض، ثم رفعوا أيديَهُمْ ولم يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بها وجُوهَهُم وأيديَهُمْ إلى المناكب، ومن بُطُون أيديهم إلى الأباط. (زاد في رواية: قال ابن شهاب في حديثه: ولا يعتبرً بهذا الناسُ) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ومحمد بن يحيى النيسابوري- في آخرين- قالوا: نا يعقوب: نا أبي عن صالح عن ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر. زاد ابن يحيى في حديثه: قال ابن شهاب ... إلخ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ فإن رجاله كلهم من رجال "صحيحيهما"؛ غير محمد بن يحيى النيسابوري؛ فهو من رجال البخاري وحده؛ لكن قرن به محمد بن أبي خلف، وهو من رجال مسلم. والحديث أخرجه النسائي (1/60) : أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله ... به.

وأخرجه أحمد (4/263- 264) : ثنا يعقوب ... به؛ إلا أنه قال- عقب قوله: إلى الأباط-: ولا يغتر بهذا الناس، وبلغنا أن أبا بكر قال لعائشة رضي الله تعالى عنهما: والله؛ ما علمت إئكِ لَمُباركة! وأخرجه البيهقي (1/208) من طريق أحمد. 339- قال أبو داود: " وكذلك رواه ابن إسحاق قال فيه: عن ابن عباس ... وذكر ضربتين كما ذكر يونس ". (قلت: وصله الطحاوي بإسناد صحيح إلى ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله عن عبد الله بن عباس عن عمار؛ لكن ابن إسحاق مدلس) . قال الطحاوي (1/66) : حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا الوَهْبِيُ قال، ثنا ابن إسحاق. وابن إسحاق مدلس. 340- ورواه معمر عن الزهري: ضربتين. (قلت: وصله أحمد عنه؛ وليس فيه: عن ابن عباس) . قال أحمد (4/320) : حدثنا عبد الرزاق: ثنا معمر ... به. 341- وقال مالك: " عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار". (قلت: وصله النسائي وغيره عن مالك ... به مختصراً؛ بلفظ: تَيممْنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتراب، فمسحنا بوجُوهِنا وأيدِينا إلى المناكب. وإسناده

صحيح على شرط الشيخين) . وصله النسائي (1/60) ، والطحاوي (1/66) ، وابن حبان (1307) ، والبيهقي (1/208) عن مالك ... به. وقد تابعه عن الزهري: عمرو بن دينار؛ كما مضى، ويأتي. وتابعه أبو أويس؛ كما علقه المصنف بعد هذا؛ ولكني لم أجده موصولاً! 342- وكذلك قال أبو أويس عن الزهري. (قلت: لم أجد من وصله) . 343- وشك فيه ابن عيينة، قال مرة: عن عبيد الله عن ابيه، أو عن عبيد الله عن ابن عباس. ومرة قال: عن أبيه. ومرة قال: عن ابن عباس. اضطرب ابن عيينة فيه، وفي سماعه عن الزهري. (قلت: الصحيح من ذلك الروايتان الأخيرتان: عن أبيه. وعن ابن عباس. وقد وصله ابن ماجه وكيره عن سفيان بن عيينة قال: ثنا عمرو بن دينار عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبيه. وتابعه على هذه الرواية مالك، كما سبق (رقم 341) . وأبو أوشر كما في التي بعدها. وأما الرواية الأخرى: عن ابن عباس؛ فلم اجد من وصلها عن ابن عيينة! لكن تابعه عليها ابن إسحاق كما مضى (رقم 339) . وصالح بن كيسان- وهي الرواية المتقدمة (رقم 338) -. فهذا الاضطراب لا يضر في الحديث؛ بل يزيده قوة لموافقة ابن عيينة في الروايتين الراجحتين رواية من ذكرنا من الثقات، لكن اختلفوا فيه على الزهري في متن الحديث؛ كما بينه المصنف بقوله:)

" ولم يذكر أحد منهم في هذا الحديث الضربتين إلا من سَميْتُ "! (قلت: وهم يونس في الرواية الأولى (رقم 336) والتي بعدها، وابن إسحاق (رقم 339) ، ومعمر (رقم 340) ؛ والحكم لهؤلاء؛ لأ نهم ثقات حفظوا في الحديث ما لم يحفظ غيرهم. لكن العمل ليس عليه؛ لأن الصحابة لم يفعلوا ذلك بتعليم من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وإنما العمل على حديثه الآخر الآتي بعده. قلت: واضطراب ابن عيينة في إسناد هذا الحديث ليس من الاضطراب الذي يعل الحديث به؛ لأنه رواه على ثلاثة وجوه، وافق- في الوجهين الأخيرين منها- غيره من الثقات كما بيناه في الأعلى، وهما وجهان صحيحان ثابتان كما سبق بيانه، فهو صحيح عن عبيد الله عن أبيه وعن ابن عباس؛ كلاهما عن عمار. ولعل ابن عيينة كان يظن أن الحديث إنما هو من طريق أحدهما؛ مع أنه قد حدث به عن كليهما؛ فكان يقع في هذا التردد والشك. ولكن متابعة غيره له قد رفع هذا الشك، ورجح الروايتين الأخيرتين كما ذكرنا. والله أعلم. 344- عن شقيق قال: كنت جالساً بين عبد الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن! أرأيت لو أن رجلاً آجْنَبَ فلم يجد الماء شهراً؛ أما كان يتيمم؟ قال: لا، وإن لم يَجِدِ الماء شهراً. فقال أبو موسى: كيف تصنعون بهذه الآية التي في سورة المائدة: {فلم تجدوا ماءً فتيفَموا صعيداً طيباً} ؟ فقال عبد الله: لو رُخِّصَ لهم في هذا؛ لآوْشَكُوا إذا بَرَدَ عليهم الماءُ أن يتيمموا بالصعيد. فقال له أبو موسى: وإنما كرهتم هذا لهذا؟ قال: نعم. فقال له أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لِعُمَرَ: بعثني رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في

حاجة، فآجْنَبْتُ، فلم أجد الماء، فتمَرَّغْتُ في الصعيد كما تَتَمَزع الدابَّةُ، ثم أتيتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرتُ ذلك له؟ فقال: " إنما كان يكفيكَ آنْ تصنع هكذا "؛ وضرب بيده على الأرض، فنفضها، ثم ضرب بشماله على يمينه، ويمينه على شماله على الكفين، ثم مسح وجهه؟ فقال له عبد الله: أفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لم يَقْنَعْ بقولِ عمار؟! (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم، وابن حبان (1301 و1302) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: نا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن شقيق. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير محمد بن سليمان الأنباري، وهو ثقة. والحديث أخرجه أحمد (4/264) : ثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه البخاري (1/362) ، ومسلم (1/192) ، والنسائي (1/61) ، والدارقطني (ص 66) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به؛ وزاد أحمد: لم يُجِزِ الأعمش الكفين. وزاد مسلم: ضربة واحدة. ثم أخرجه هو، وأحمد (4/265) ، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/303- 304 و304- 305) ، والبيهقي (1/211- 226) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وقال البيهقي:

" لا يشك حديثي في صحة إسناده ". وزاد أحمد إثر الأية: قال: فما درى عبد الله ما يقول! وفال: لو رخصنا ... إلخ. وإسناده صحيح على شرطهما. 345- عن عبد الرحمن بن أبْزَى قال: كنتُ عند عمر، فجاءه رجل فقال: إئا نكون بالمكان الشهرَ أو الشهرين؟ فقال عمر: اما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء. قال: فقال عمار: يا أمير المؤمنين! أما تذكر إذ كنتُ أنا وأنت في الابل، فأصابتنا جنابة؛ فأما أنا فتمعّكتُ، فأتينا النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكرت ذلك له؟ فقال: " إنما كان يكفيك أن تقول هكذا "؛ وضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخهما، ثم مس بهما وجهَهُ ويديه إلى نصف الذراغ؟! فقال عمر: يا عمار! اتقِ الله! فقال: يا أمير المؤمنين! إن شئت- والله- لم أذكره أبداً، فقال عمر: كلا؛ والله لنوَلِّيَنَّكَ من ذلك ما توئَيْتَ. (قلت: إسناده صحيح، لكن قوله: إلى نصف الذراغ ... شاذ؛ ولذلك لم يخرجه الشيخان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير العَبْدِي: نا سفيان عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل عن أبي مالك عن عبد الرحمن بن أبزى. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي مالك - واسمه غزوان الغفاري-، وهو ثقة. وقد تابعه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، كما يأتي.

لكن قوله في الحديث: إلى نصف الذراغ ... شاذ؛ تفرد به سلمة بن كهيل، وكان يشك في هذه الزيادة، فمرة يثبتها كما في هذه الرواية والرواية الآتية، ومرة يشك فيها كما في الرواية الآتية (رقم 347) من طريق أخرى، وبإسناد آخر له عن عبد الرحمن بن أبزى، ومرة ينفيها فلا يذكرها، كما سنذكره (رقم 348) . وقد تابعه على ذلك: الحكم بن عتيبة وغيره، كما يأتي، فانظر (رقم 351) . فهذا هو الصحيح في هذا الحديث: الاقتصار على ذكر الكفين فقط، وهو الذي ثبت من طريق شقيق المتقدمة (رقم 344) ، وهو الذي رجحه البيهقي؛ فقال في "عون المعبود": " قال البيهقي في "المعرفة": واختلفوا فيه على أبي مالك حبيب بن صهبان؛ فقيل: عنه عن عبد الرحمن بن أبزى: إلى نصف الذراغ. وقيل: عنه عن عمار نفسه: وجهه وكفيه. والاعتماد على رواية الحكم بن عتيبة؛ فهو فقيه حافظ لم يشك في الحديث. وسياقه أحسن "! قلت: كذا قال البيهقي: " أبي مالك حبيب بن صهبان "! وهو من طبقة أبي مالك غزوان الغفاري، كلاهما من التابعين، وهما- وإن كانا اشتركا في الرواية عن عمار بن ياسر- فإتي أرى أن الراوي لهذا الحديث إنما هو غزوان الغفاري كما ذكرت آنفاً؛ وذلك لأمور: أولاً: أنهم ذكروا في ترجمته في الرواة عنه: سلمة بن كهيل وحصين بن عبد الرحمن، وهما من رواة هذا الحديث عنه؛ بخلاف حبيب بن صهبان؛ فلم يذكروا ذلك في ترجمته.

ثانياً: أنهم ذكروا أنه من رجال "السنن الثلاثة". وأما حبيب؛ فمن رجال البخاري في "الأدب المفرد" وحده (1) . ثم إن الحديث أخرجه الطحاوي (1/67) ، والبيهقي (1/210) من طرق أخرى عن محمد بن كثير ... به. وأخرجه النسائي (1/60) ، وأحمد (4/319) عن عبد الرحمن بن مهدي: ثنا سفيان عن سلمة عن أبى مالك وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن عبد الرحمن بن أبزى ... به. وزادا: ولا تجد الماء. وهذه متابعة قوية؛ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى؛ ذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال أحمد عنه وعن أخيه سعيد- الآتي حديثه (رقم 348) -: " كلاهما حسن الحديث ". 346- عن ابن أبزى عن عمار بن ياسر ... في هذا الحديث؛ فقال: " يا عمار! إنما كان يكفيك هكذا "، ثم ضرب بيديه الأرض، ثم ضرب إحداهما على الأخرى، ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعد- ولم يبلغ المرفقين- ضربةً واحدةً. (قلت: حديث صحيح دون قوله: والذراعين ... إلى قوله: ولم يبلغ المرفقَيْنِ؛ فإنه شاذ، والصواب: والكفين، وبه حكم البيهقي، وهو الذي لم يَرْوِ

_ (1) ثم رأيت ابن أبي حاتم أورد الحديث في "العلل " (1/11) ، ثم قال: " قلت لأبي زرعة: ما اسم أبي مالك؟ قال: لا يسمى، وهو الغفاري ". فهذا يؤيد ما ذهبنا إليه؛ فإن حبيب بن صهبان ليس غفاريًا؛ بل هو أسدي كاهلي!

صاحبا "الصحيحين " غيره) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: نا حفص: نا الأعمش عن سلمة بن كهَيْل عن ابن أبزى. قلت: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ ولكنه منقطع بين سلمة وابن أبزى، والصواب أن بينهما سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، كما يأتي بعد رواية. 347- قال أبو داود: " ورواه وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن أبزى ". (قلت: هذا منقطع بين سلمة وعبد الرحمن؛ بينهما ابنه سعيذ بن عبد الرحمن؛ وهو التالي) . هو معلق كما ترى، ولم أجد من وصله من هذا الوجه! وهو منقطع أيضا كسابقه؛ والصواب رواية جرير وغيره، وهي: 348- ورواه جرير عن الأعمش عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزى- يعني- عن أبيه) . (قلت: وصله أبو عوانة بإسناد صحيح إلى جرير، وسائر رجاله على شرط الشيخين، وليس في حديثه: الذراعين) . هو معلق أيضا؛ وقد وصله أبو عوانة في "صحيحه " قال (1/305) : حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا الحسن بن عمر بن شقيق قال: ثنا جرير ... به؛ ولفظه: قال:

جاء رجل إلى عمر ... فذكر الحديث: " إنما كان يكفيك كذا وكذا "؛ ووضع يده بالصعيد، ثم مسح يديه ووجهه ... وذ كر الحديث. هكذا ساقه أبو عوانة إثر حديث شقيق المتقدم (رقم 344) ! فالظاهر أنه أحال عليه بقوله: " فذكر الحديث ". وعليه؛ فليس في حديث جرير ذكر الذراعين. وقد تابعه على ذلك عيسى بن يونس: عند الطحاوي (1/67) ؛ ولفظه: ثم مسح وجهه وكفيه. وإسناد أبي عوانة صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن سنان - وهو ابن يزيد بن الذَّيَّال الأموي، مولى عثمان، أبو خالد القزاز البصري-؛ وهو ثقة بلا خلاف. 349- عن عمار. .. بهذه القصة؛ فقال: " إنما كان يكفيك "، وضرب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ بيده إلى الأرض، ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه وكَفَّيْهِ ... شكَّ سلمة، قال: لا أدري؛ فيه إلى المرفقين- يعني- أو: إلى الكفين؟!. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ والصحيح أنه ليس فيه: إلى المرفقين.. كما سبق ويأتي) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: نا محمد- يعني: ابن جعفر-: نا شعبة عن سلمة عن ذَرّ عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 639) قال: ثنا شعبة ... به؛ إلا أنه قال: ثم شكَّ سلمة، فلم يدر: إلى الكوعين، أو: إلى المرفقين. ومن طريقه: أخرجه البيهقي (1/209- 210) ، والطحاوي (1/67) . وأخرجه أحمد (4/265) : ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ... به مثل رواية المصنف. وقد بين السببَ في شك سلمة الروايةُ الآتية: 350- وفي رواية ... بهذ االحديث؛ قال: ثم نَفَخَ فيها، ومسح بها وجهه وكَفيْهِ إلى المرفقين والذراعين. قال شعبة: كان سلمة يقول: الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور ذات يوم: انظر ما تقول؛ فإنه لا يذكر الذراعين غيرك! (قلت: إسناده صحيح، ومن أجل قول منصور هذا؛ كان سلمة ربها لا يذكر فيه: الذراعين؛ كما في رواية عيسى بن يونس: عند الطحاوي، ولعلى بن عبيد: عند الدارقطني؛ كلاهما عن الأعمش عنه. وهذا هو الصحيح؛ فقد تابعه على ذلك ذرّ، في حديثه التالي) . إسناده: حدثنا علي بن سهل الرملي: نا حجاج- يعني: الأعور-: حدثني شعبة ... بإسناده بهذا الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير علي بن سهل الرملي، وهو ثقة.

والحديث أخرجه النسائي (1/61) : أخبرنا عبد الله بن محمد بن تميم قال: ثنا حجاج ... به؛ وزاد في آخره: فشك سلمة فقال: لا أدري؛ ذكر الذراعين أم لا! قلت: وهذا هو السبب في اضظراب سلمة في هذه الزيادة؛ حيث كان مرة يثبتها، ومرة ينفيها، كما سبق بيانه (رقم 345) ، وتارة يشك، كما في هذه الرواية وغيرها. وقد مضت رواية جرير عن الأعمش بدون ذكر الذراعين (رقم 348) . وكذلك رواه عيسى بن يونس ويعلى بن عبيد عن الأعمش: أما الأولى: فأخرجها الطحاوي (1/67) : حدثنا محمد بن الحجاج قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن ... به؛ بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " إنما يكفيك أن تقول هكذا "؛ وضرب الأعمش بيديه الأرض، ثم نفخهما ومسح بهما وجهه وكفيه. ورجاله ثقات، غير محمد بن الحَجاج؛ فلم أجد من وثقه أو جرحه! وأما الرواية الأخرى: فأخرجها الدارقطني (ص 67) قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، نا يوسف بن موسى: نا جرير. (ح) وحدثنا الحسين: نا ابن كرامة: نا ابن نمير. (ح) وحدثنا الحسين: نا أحمد بن منصور: ثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش ... به. وهذه أسانيد صحيحة إلى الأعمش؛ غير أتي لم أعرف ابن كَرَامَةَ هذا! وقد تابعه الحسن بن عفان- وهو الن علي بن عفان-: عند أبي عوانة

(1/305) . كما تابعه الحسن بن عمر بن شقيق عن جرير: عنده. 351- حديث 351- عن عمار ... في هذا الحديث؛ قال: فقال- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ: " إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك إلى الأر ض، وتمسح بهما وجهك وكفيك ... " وساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن شعبة: حدثني الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 638) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه مسلم (1/193) : حدثني عبد الله بن هاشم العبدي: حدثنا يحيى - يعني: ابن سعيد القطان- ... به؛ وزاد في آخره: فال الحكم: وحدثنيه ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه ... مثل حديث ذر، قال: وحدثني سلمة عن ذر. ثم أخرجه هو، والبخاري (1/351 و 353 و 354) ، وأبو عوانة (1/305- 306) ، والنسائي (1/61) ، وابن ماجه (1/200- 201) ، والطحاوي (1/67) ، والبيهقي (1/209) ، وأحمد (4/265) من طرق عن شعبة ... به. وابن عبد الرحمن بن أبزى: هو سعيد؛ كما صرح به في "الصحيحين "

وغيرهما. ثم قال البيهقي: " هذا الاختلاف في متن حديث ابن أبزى عن عمار؛ إنما وقع أكثره من سلمة بن كهيل؛ لشك وقع له. والحكم بن عتيبة فقيه حافظ، قد رواه عن ذر بن عبد الله عن سعيد بن عبد الرحمن، ثم سمعه من سعيد بن عبد الرحمن، فساق الحديث على الإثبات من غير شك فيه، وحديث قتادة عن عَزْرَة يوافقه [يعني: حديثه الأتي (رقم 354) ] ، وكذلك حديث حصين عن أبي مالك "؛ يعني: الحديث الآتي: 352- ورواه شعبة عن حصين عن أبي مالك قال: سمعت عماراً يخطب ... بمثله؛ إلا أنه قال: لم ينفخ. (قلت: وصله الدارقطني من طريق شبابة عن شعبة ... به؛ إلا أنه لم يقل: لم ينفخ، وإسناده صحيح. ثم رواه من طريق زاثدة: نا حصين بن عبد الرحمن ... به نحوه؛ إلا أنه قال: ثم نفخ فيها. وهو المحفوط) . قال الدارقطني (ص 67) : حدثنا أبو عمر: نا الحسن بن محمد: ثنا شبابة: نا شعبة ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي عمر- وهو محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي الأزدي، مولى آل جرير بن حازم- وهو ثقة فاضل-، كما قال الخطيب، وله في "تاريخه " (3/401- 405) ترجمة حافلة بالفضائل والكمالات رحمه الله تعالى- ثم قال الدارقطني: حدثنا الحسين بن إسماعيل: ثنا جعفر بن محمد: ثنا معاوية: نا زائدة: نا حصين بن عبد الرحمن ... به؛ بلفظ: عن عمار:

أنه غمس باطن كفيه في التراب، ثم نفخ فيها، ثم مسح وجهه ويديه إلى المفصل، وقال عمار: هكذا التيمم. وهذا إسناد صحيح أيضا؛ الحسين بن إسماعيل: هو المحاملي. وجعفر بن محمد: هو ابن شاكر الصاء؛ من شيوخ المصنف، وهما ثقتان. ومعاوية: هو ابن عمرو الأزدي، وهو ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وأخرجه الطحاوي (1/67) من طريق الطيالسي عن زائدة وشعبة معاً عن حصين ... به. وإسناده صحيح أيضا. ثم أخرجه الدارقطني من طريق إبراهيم بن طهمان عن حصين ... به مرفوعاً نحوه، وقال: " لم يروه عن حصين مرفوعاً غير إبراهيم بن طهمان. ووقفه شعبة وزائدة وغيرهما. وأبو مالك في سماعه من عمار نظر؛ فإن سلمة بن كهيل قال فيه: عن أبي مالك عن ابن أبزى عن عمار. قاله الثوري عنه "! قلت: حديث الثوري مضى في الكتاب (رقم 345) ؛ ولا يلزم منه أن لا يكون أبو مالك سمعه من عمار؛ لا سيما وقد صرح بسماعه منه في رواية شعبة المتقدمة (رقم 352) ؛ لاحتمال أن يكون رواه عن عمار على الوجهين: بالواسطة وبدونها. ومثله حديث الحكم المتقدم (رقم 351) ؛ فإنه رواه عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن، ثم رواه عن ابن عبد الرحمن مباشرة، فكذلك الشأن هنا. ثم إن إبراهيم بن طهمان ثقة حجة، وقد زاد الرفع؛ فهو منه مقبول؛ لا سيما وأصل الحديث مرفوع، كما سبق.

353- وذكر حسين بن محمد عن شعبة عن الحكم ... في هذا الحديث؛ قال: فضرب بكفيه الأرض ونفخ. (قلت: هو في " الصحيحين " وكيرهما من طرق شتى عن شعبة ... به) . قلت: لم أجد من وصله من طريق حسين! ولكن هذه الزيادة وردت من طرق شتى عن شعبة عند جميع الذين أخرجوا الحديث، وقد سبق ذكرهم قريباً (رقم 351) . 354- عن عمار بن ياسر قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التيمم؟ فأمرني ضربة واحدة للوجه والكفين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الدارمي: " صح إسناده "، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، ونقل مثله عن ابن راهويه) . إسناده: حدثنا محمد بن المنهال: نا يزيد بن زرَبْع عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن إبزى عن أبيه عن عمًار بن ياسر. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الترمذي (1/268) ، والدارقطني (ص 67) من طرق أخرى عن يزيد بن زربع ... به. ثم أخرجه الطحاوي (1/67) ، والبيهقي (1/210) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد ... به. وأخرجه أحمد (4/263) : ثنا عفان ويونس قالا: ثنا أبان: ثنا قتادة ... به. وأخرجه الدارمي (1/190) ، والدارقطني من طريق عفان وحده؛ لكن الدارمي

123- باب التيمم في الحضر

ليس عنده: عن عزرة. ثم قال: " صح إسناده ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم نقل (1/270) مثله عن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي- وهو ابن راهويه-. 123- باب التيمُّمِ في الحضر 355- عن عُمَيْر مولى ابن عباس أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى دخلنا على أبي الجُهَيْم بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصاريِّ، فقال أبو الجهيم: أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نحو بئر جَمَلٍ، فلقيَهُ رجلٌ، فسلم عليه، فلم يَرُد رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه السلام؛ حتى أتى على جدارٍ، فمسح بوجهه ويديه، ثم ردَ عليه السلامَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد علقه في "صحيحه". وأخرجه البخاري وأبو عوانة في "صحيحيهما" موصولا) . حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: ثني أبي عن جدي عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد علقه في "صحيحه " (1/194) ، فقال:

وروى الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة ... به. والحديث أخرجه النسائي (1/59) : أخبرنا الربيع بن سليمان قال: ثنا شعيب ابن الليث ... به. وبهذا الإسناد: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/307) ، والطحاوي (1/51) . وأخرجه البخاري (1/350) ، والبيهقي (1/205) من طريق يحيى بن بكير قال: ثنا الليث ... به. وقد تابعه عن عبد الرحمن بن هرمز: ابن إسحاق: عند الطحاوي (1/52) ، والدارقطني (ص 64 و 65) ؛ وصرح عنده بسماعه منه. وابن لهيعة: عند أحمد (4/169) ؛ وكلهم قالوا: ويديه. وخالف أبو صالح- وهو عبد الله بن صالح-؛ فرواه عن الليث ... به بلفظ: وذراعيه. أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي. ثم روى من طريق الشافعي: ثنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال: مررت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول، فسلَّمْتُ عليه، فلم يَرُد عليّ حتى قام إلى جدار، فَحَته بعصاً كانت معه، ثم وضع يديه على الجدار؛ فمسح وجهه وذراعيه؛ ثم رد عليّ. ثم قال البيهقي: " وهذا شاهد لرواية أبي صالح كاتب الليث؛ إلا أن هذا منقطع: عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج لم يسمعه من ابن الصمة؛ إنما سمعه من عمير مولى ابن عباس

عن ابن الصمة، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وأبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قد اختلف الحفاظ في عدالتهما؛ إلا أن لروايتهما بذكر (الذراعين) فيه شاهداً من حديث ابن عمر "! قلت: في هذا الكلام كثير من التساهل؛ فإن حديث ابن عمر- وهو المشار إليه في الكتاب عقيب هذا- حاله كحال حديث أبي صالح هذا؛ فكما تفرد أبو صالح بذكر الذراعبن في هذا الحديث عن الليث دون سائر الثقات؛ فكذلك تفرد بذلك محمد بن ثابت عن نافع عن ابن عمر دون سائر الثقات. وقد رواه مالك عن نافع موقوفاً؛ وهو الصحيح، كما قال الحافظ (1/351) . وأبو صالح تكلم فيه غير واحد من قبل حفظه، فحديثه عند المخالفة شاذ اتفاقاً! فلا أدري كيف استساغ البيهقي تقوية الخطأ بالخطأ؟! ثم إن ما رواه عن الشافعي لا يصلح شاهداً؛ لما ذكر هو من حال الراويين، لا سيما وقد خالفا الجماعة: جعفرَ بنَ ربيعة ومحمدَ بنَ إسحاق وابنَ لهيعة سنداً ومتناً؛ ولذلك قال الحافظ (1/351) : " والثابت في حديث أبي جهيم أيضا بلفظ: يديه، لا: ذراعيه؛ فإنها رواية شاذة، مع ما في أبي الحويرث وأبي صالح من الضعف ". 356- ساق المصنف هنا هذه القصة من حديث ابن عمر بزيادة: ثم ضرب ضربةً أخرى، فمسح ذراعيه. وهي زيادة منكرة، أوردناه من أجلها في الكتاب الآخر (رقم 58) ، ثم قال المصنف: " لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَوْهُ فِعْلَ ابنِ عمر ". (قلت: رواه كذلك موقوفاً الإمام مالك (1/76) عن نافع: أنه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجُرُف، حتى إذا كان بالمِرْبَد نزل عبد الله، فتيمم صعيداً طيباً، فمسمح وجهه وبديه إلى المرفقين، ثم صلى. وهو صحيح على شرطهما. قال الحافظ: " وهو الصحيح "؛ يعني: موقوفاً) . 357- عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغائط، فلقيَهُ رجلٌ عند بئر جمل، فسلّم عليه، فلم يَرُدَّ عليه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط، ثم مسح وجهه ويديه، ثم رَدَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرجل السلامَ. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وقال المنذري: " حسن ") . إسناده: حدثنا جعفر بن مسافر: نا عبد الله بن يحيى البُرُلُّسِيَ: أنا حيوة بن شريح عن ابن الهاد قال: إن نافعاً حدثه عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير جعفر بن مسافر، وهو ثقة، وقد توبع. ونقل صاحب "العون " عن المنذري أنه قال: " حسن ". وفي النسخة المطبوعة حديثاً من "مختصره ": " مرسل "! وهو خطأ ا والحديث أخرجه البيهقي (1/206) من طريق المصنف.

124- باب الجنب يتيمم

وأخرجه الدارقطني (ص 65) قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن عَتاب: نا الحسن بن عبد العزيز: أخبرنا عبد الله بن يحيى المَعَافِري ... به. وهذا إسناد صحيح؛ الحسن بن عبد العزيز: هو الجَروِيّ أبو علي المصري؛ ثقة من شيوخ البخاري. وعبد الله بن أحمد بن عتاب ثقة أيضا؛ وثقه الخطيب في "تاريخه " (9/382 - 383) ، وذكر وفاته (سنة 318) . وأخرجه ابن حبان (1313) من طريق أخرى عن المعافري. والحديث رواه الضحاك بن عثمان عن نافع مختصراً، وقد مضى في الكتاب مختصراً (رقم 12) . 124- باب الجنب يتيمم 358- عن أبي ذر قال: اجتمعتْ غُنَيْمَةٌ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " يا أبا ذر! ابْدُ فيها ". فبدَوْتُ إلى الربَذَة، فكانت تُصِيبني الجنابة، فأمكث الخمسَ والسِّتَّ، فأتيتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " أبو ذر؟ ". فسكتّ، فقال: " ثكلتْكَ امّك أبا ذر! لأُمِّلى الويلُ ". فدعا لي بجارية سوداء، فجاءت بِعُس فيه ماء، فسَتَرَتْنِي بثوبٍ، واستترت بالراحلة واغتسلت، فكأني ألقيتُ عَنِّي جَبلاً، فقال:

" الصعيدُ الطيبُ وَضُوءُ المسلم ولو إلى عشْرِ سنين، فإذا وجدتَ الماءَ؛ فأمِسه جِلْدَك؛ فإن ذلك خير. (وفي رواية: غُنَيْمَة من الصدقة) ". (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، والحاكم: " حديث صحيح "، ووافقه الذهبي والنووي، وصححه أيضا أبو حاتم وابن حبان والدارقطني) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: نا خالد. (ح) وحدثنا مسدد قال: نا خالد - يعني: ابن عبد الله الواسطي- عن خالد الحَناء عن أبي قلابة عن عمرو بن بُجْدَانَ عن أبي ذر. قلت: وهذا إسناد صحيح إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عمرو بن بُجْدان- بضم الموحدة وسكون الجيم-، وقد وثقه ابن حبان. وقال العجلي: " بصري تابعي ثقة ". ووثقه أيضا جماعة ممن صححوا حديثه هذا، ويأتي ذكرهم. ولذلك قال الحافظ في "التلخيص" (2/339) : " وغفل ابن القطان فقال: إنه مجهول ". قلت: يعني: مجهول الحال؛ كما صرح به الزيلعي (1/149) عنه. ثم غفل الحافظ ابن حجر نفسه؛ فقلّد ابن القطان، فقال في "التقريب ": " لا يعرف حاله "! ثم رأيت الذهبي قال: " مجهول الحال "!

وذلك لأنه لم يرو عنه غير أبي قلابة. والحديث أخرجه ابن حبان (106) ، والحاكم (1/176) ، ومن طريقه البيهقي (1/220) عن أبي المثنى: ثنا مسدد ... به. وأخرجه البيهقي من طريق أخرى عن مسدد ... به نحوه؛ وقال: غنم من غنم الصدقة. وأخرجه الطيالسي (رقم 484) قال: حدثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر قال: رأيت أبا ذر فرب مسجد فيأء، فصلى وعليه رداء قِطْرِي، فسلّمت عليه، فلم يَرُد عليّ، فلما قضى صلاته رد علي، قلت: أنت أبو ذر؟ قال: نعم، اجتويتُ المدينة، فآمَرتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذوْدٍ، وأمرني أن أشرب من ألبانها وأبوالها ... الحديث نحو الرواية الآتية في الكتاب. وأخرجه الترمذي (1/212) من طريق سفيان عن خالد الحذاء ... به مختصراً دون القصة. وكذلك أخرجه النسائي (1/61) من طريق مخلد عن سفيان أيضا عن أيوب عن أبي قلابة عن عمرو بن بُجْدان ... به. وهو صحيح من طريق سفيان عن خالد وأيوب معا. فقد أخرجه البيهقي (1/212) من طريق مخلد أيضا- وهو ابن يزيد- عن سفيان عن أيوب السَّخْتِيَانِيِّ وخالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان ... به. لكن قال البيهقي: " تفرد به مخلد هكذا. ويره يرويه عن الثوري عن أيوب السختياني عن أبي

قلابة عن رجل عن أبي ذر، وعن خالد عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر، كما رواه سائر الناس ". يعني: أن الصواب من رواية أيوب عن أبي قلابة أنه قال: عن رجل؛ لم يسمه، ومن رواية خالد عنه: عن عمرو بن بجدان؛ سمّاه. وهكذا أخرجه أحمد (5/155) : ثنا عبد الرزاق: أنا سفيان عن أيوب السختياني وخالد الحذاء عن أبي قلابة كلاهما؛ ذكره خالد: عن عمرو بن بجدان؛ وأيوب: عن رجل عن أبي ذر. ثم أخرجه أحمد (5/180) من طريق سفيان عن خالد وحده؛ مثل رواية الترمذي. وتابعه يزيد بن زربع عن خالد: عند الدارقطني (ص 68) . ثم قال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والحاكم: " حديث صحيح "، ووافقه الذهبي، وكذا النووي (2/244 و 294) . وقال الحافظ في "الفتح " (1/354) : " وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني ". زاد في "التلخيص ": " وصححه أبو حاتم أيضا ". 359- عن رجل من بني عامر [هو عمرو بن بُجْدان] قال: دخلتُ في الاسلام، فأهمَّني دينِي، فأتيت أبا ذر، فقال أبو ذر: إني اجْتَويتُ المدينةَ. فَآمَرَ لي رسول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وبِغَنَم، فقال لي: " اشرب من ألبانها "- قال حماد: وأشك في: أبوالها- فقال أبو ذر: فكنتُ آعْزُبُ

عن الماء؛ ومعي أهلي، فتُصِيبني الجنابةُ، فأصلّي بغير طُهور، فأتيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنصف النهار وهو في رَهْط من أصحابه، وهو في ظِل المسجد، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبو ذر؟ ". فقلت: نعم؛ هلكتً يا رسول الله! قال: " وما أهلكك؟! ". قلت: إني كنت أعْزُبُ عن الماء ومعي اهلي، فتصيبني الجنابةُ، فأصلي بغيرطُهُور! فأمَرَ لي رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بماء، فجاءت به جاريةٌ سوداءُ- بعُس يتخَضْخَضُ، ما هو بملان؛ فتسترتُ إلى بعير، فاغتسلتُ، ثم جئت، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا ذر! إن الصعيد الطيب طَهورٌ؛ وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين؛ فاذا وجدتَ الماء فأمِسَّهُ جِلْدَكَ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والدارقطني) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الرجل من بني عامر- وهو عمرو بن بجدان-، كما في الحديث قبله؛ سماه خالد الحذاء عن أبي قلابة، وسماه سفيان الثوري عن أيوب في رواية مخلد بن يزيد عنه، كما تقدم. والحديث أخرجه البيهقي (1/217) من طريق المصنف. وأخرجه الطيالسي (رقم 484) : حدثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن أيوب ... به؛ بلفظ:

وأمرني أن أشرب من ألبانها وأبوالها. ولا أدري إذا كان السياق للحمادين، أو لابن سلمة وحده؟! فإن كان الأول؛ ففيه رَد لا ذكره المؤلف عقيب الحديث. والله أعلم. وقد تابعهما عن أيوب: إسماعيل- وهو ابن عُلَيَّةَ-؛ وليس في حديثه ذكر الألبان والأ بوال. أخرجه أحمد (5/146) . ثم أخرجه من طريق سعيد- وهو ابن أبي عَرُوبة- عن أيوب ... به؛ إلا أنه قال: عن رجل من بتي قشير. وهذا الرجل هو الأول نفسه؛ لأن بتي قشير من بتي عامر؛ كما نقله بعضهم عن "الاشتقاق " لابن دُرَيْدٍ (ص 181) ؛ وهو عمرو بن بجدان نفسه. وأخرجه ابن حبان (196- 198) . ثم إن الحديث قال ابن القيم في "التهذيب ": " وصححه الدارقطني. وفي "مسند البزار" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصعيد الطيب وَضُوُء المسلم؛ وإن لم يجد الاء عشر سنين، فإذا وجد الاء، فلْيَتَّقِ اللهَ ولْيُمِسَّه يشْرَتَهُ؛ فإن ذلك خير ". وذكره ابن القطان في (باب أحاديث، ذكَرَ أن أسانيدها صحاح) ". قلت: فهذا شاهد قوي لحديث الباب، وقد ذكر إسناده الزيلعي في "نصب الراية " (1/149) ، فرأيناه إسناداً صحيحاً على شرط البخاري. ثم ذكر أن الطبراني رواه فما "الأوسط " من هذا الوجه؛ لكن مطولاً، وساق فيه قصة أبي ذر.

125- باب إذا خاف الجنب البرد؛ أيتيمم؟

ثم أخرجته في "الصحيحة" (3029) . 360- قال أبو داود: " رواه حماد بن زيد عن أيوب ... لم يذكر: أبوالها، هذا ليس بصحيح، وليس في أبوالها إلا حديث أنس؛ تفرد به أهل البصرة " ا (قلت: وصله الطيالسي (رقم 484) قال: حدثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن أيوب ... فذكر: أبوالها؛ لكن يحتمل أن يكون السياق لحماد بن سلمة وحده. والله أعلم. وحديث أنس المشار إليه يأتي في "الحدود" (برقم ... ) [باب ما جاء في المحاربة] . 125- باب إذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ؛ أيتيمم؟ 361- عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السًّلاسل؛ قأشفقتُ أن أغتسل فأهْلِكَ، فتيممت ثم صليتُ بأصحابي الصبحَ، فذكروا ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: " يا عمرو! صَفيْتَ بأصحابكَ وأنت جنبٌ؟! ". فأخبرتُه بالذي منعني من الاغتسال، وقلتُ: إني سمعتُ الله يقول: {ولا تَقْتُلوا آنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رحِيْماً} ! فضحك رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يقل شيئاً. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، وقال الحافظ: " وإسناده قوي ". وعلقه البخاري)

إسناده: حدثنا ابن المثنى: نا وهب بن جرير: نا أبي قال: سمعت يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص. قال أبو داود: " عبد الرحمن بن جبير مصري، مولى خارجة بن حذافة، وليس هو ابن جبير بن نفير ". قلت: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع؛ فقد ذكر البيهقي في "الخلافيات " أن عبد الرحمن بن جبير لم يسمع الحديث من عمرو بن العاص. قلت: وبينهما أبو قيس مولى عمرو بن العاص؛ كما في الرواية الأتية، ويظهر لي أنه سقط من رواية يحيى بن أيوب للحديث؛ فإنه وإن كان ثقة من رجال الشيخين؛ فقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة من قبل حفظه. وقال أحمد: إنه "سيئ الحفظ ". وقد خالفه من هو أوثق منه وأحفظ؛ وهو عمرو بن الحارث؛ فوصله بذكر أبي قيس بينهما. وتابعه ابن لهيعة كما يأتي، فزالت بذلك علة الحديث، وصار حديثاً صحيحاً. والحديث علقه البخاري (1/360) فقال: ويذكر: أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة،؟ فتيمم، وتلا: (ولا تقتلوا أنفسَكم ... ) الآية، فذُكر للنبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلم يُعَنِّفْ. وقد وصله الدارقطني أيضا (ص 65) من طريق أبي موسى- وهو محمد بن

المثنى؛ شيخ المصنف فيه-. ثم أخرجه هو، والحاكم (1/177- 178) ، ومن طريقه البيهقي (1/225) من طرق أخرى عن وهب بن جرير ... به. وقال الحافظ في "شرح البخاري ": " وإساده قوي، لكنه علقه بصيغة التمريض؛ لكونه اختصره ". 362- وفي رواية عنه: كان على سَرِّيةٍ ... وذكر الحديث نحوه؛ قال: فغسل مَغَابِنَهُ، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى بهم ... فذكر نحوه، ولم يذكر التيمم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي! وقال النووي: إن " الحديث حسن أو صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن سلمة: نا ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص: أن عمرو بن العاص كان ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا ابن لهيعة، ولكنه مقرون بعمروٍ. والحديث رواه ابن حبان (1312) ، والدارقطني (ص 65) ، والحاكم (1/177) ، ومن طريقه البيهقي (1/226) من طرق أخر عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!

وقد وهما؛ فإنه على شرط مسلم وحده؛ لأن عمران بن أبي أنس وعبد الرحمن ابن جبير المصري؛ لم يخرج لهما البخاري في "صحيحه ". وقال النووي في "الخلاصة"- كما في "نصب الراية" (1/157) -: " إن الحديث حسن أو صحيح ". ولا مبزر عندي لهذا التردد؛ فالحديث صحيح لا شك فيه بهذا الإسناد، والاختلاف الذي وقع فيه من بعض الرواة- ممن هو سيئ الحفظ- لا يُعِله، بعد أن جوده عمرو بن الحارث، وهو ثقة حجه كما سبق؛ وقد تابعه ابنُ لهيعه كما رأيت. ولكن قد بدا لي رأي، وهو أنه يجوز أن تكون هذه المتابعة في الجملة لا في التفضيل: إسناداً ومتناً، وذلك وإن كان خلاف الظاهر؛ فإنه هو الراجح بعد البحث؛ فقد رأيتُ الإمامَ أحمد قد أخرج حديث ابن لهيعة مستقلاً عن قرينه عمرو، فساق إسناده ومتنه مخالفاً لعمرو فيهما، وموافقاً لرواية يحيى بن أيوب المتقدمة؛ فقال أحمد (5/203- 204) : ثنا حسن بن موسى: قال: ثنا ابن لهيعة قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص أنه قال: لما بعثه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام ذات السُلاسل قال: احتلمت ... الحديث، وفيه: فتيمصت وصليت ... والبافي نحوه. فقد اتفقت رواية ابن لهيعة مع رواية ابن أيوب في إثبات التيمم؛ ولم يتعرضا لغسل الغابن والوضوء. ووافقهما على ذلك رواية الأوزاعي عن حسان بن عطية؛ التي علقها المؤلف، ولم أجد من وصلها كما يأتي.

126- باب المجروح يتيمم

وهذا بخلاف رواية عمرو هذه؛ فإنه عكَس ذلك! قال الحافظ: " ورواها عبد الرزاق من وجه اخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ولم يذكر التيمم ". فقد توبع عمرو بن الحارث، ولم ينفرد بذكر التيمم، فيجب ضم ذلك إلى ما رواه ابن لهيعة ومن معه. وهذا ما جنح إليه البيهقي، فقال: " يحتمل أن يكون قد فعل ما نقل فىِ الروايتين جميعاً: غَسَلَ ما قدر على غسله، وتيمم للباقي ". قال النووي (2/283) : " وهذا الذي قاله البيهقي متعين؛ لأنه إذا أمكن الجمع بين الروايتين تعين ". وأقرّه الحافظ. 363- قال أبو داود: " وروى هذه القصةَ: الأوزاعي عن حسان بن عطية ... قال فيه: فتيمم ". (قلت: لم أجد من وصله) . 126- باب المجروح يتيمم 364- عن جابر قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجرٌ فشجَّهُ في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء. فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُخبر بذلك، فقال:

" قتلوه؛ قاتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاءُ العِيِّ السؤال! إنما كان يكفيه أن يتيمَّم، وَبعْصِرَ- أو يَعْصِبَ؛ شك موسى- على جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثم يمسحَ عليها، وبغسلَ سائر جسده ". (قلت: حديث حسن؛ إلا قوله: " إنما كان ... إلخ "؛ فإنه ضعيف؛ لأنه ليس له شاهد معتبر، وصححه ابن السكن) . إسناده: حدثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي: ثنا محمد بن سلمة عن الزبَيْرِ بن خُرَيْق عن عطاء عن جابر. قلت: هذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير الزبير بن خريق؛ وثقه ابن حبان. وقال الدارقطني: " ليس بالقوي ". وقال الحافظ في "التقريب ": " لين الحديث ". ولذلك قال في "بلوغ المرام ": " رواه أبو داود بسند فيه ضعف ". وقال في "التلخيص " (2/288) : " وصححه ابن السكن ". وأما قوله في ترجمة الزبير هذا من " التهذيب ": " روى له أبو داود حديثاً واحداً في التيمم ". ثم قال: " قال أبو داود عقب حديثه في كتاب "السنن ": ليس بالقوي "! قلت: وليس هذا في نسخة "عون المعبود"، ولا في النسخة التي صححها وطبعها حديثاً الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد من "السنن "! فلعل ذلك في بعض النسخ القديمة من الكتاب!

والحديث أخرجه البيهقي (1/227) من طريق المؤلف. ثم أخرجه هو (1/228) ، والدارقطني (ص 69) من طريق أبي بكر عبد الله ابن سليمان بن الأشعث: ثنا موسى بن عبد الرحمن الحلبي ... به. وقال الدارقطني: " قال أبو بكر: هذه سنة تفرَّد بها أهل مكة. وحملها أهل الجزيرة؛ لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق؛ وليس بالقوي. وخالفه الأوزاعي؛ فرواه عن عطاء عن ابن عباس. واختلف على الأوزاعي؛ فقيل: عنه عن عطاء، وقيل: عنه بلغني عن عطاء. وأرسل الأوزاعي آخره عن عطاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو الصواب ". قلت: وقيل أيضا: عنه: ثنا عطاء؛ ويأتي بيان ذلك عند حديث ابن عباس المشار إليه؛ وهو في الكتاب عقب هذا. وأبو بكر عبد الله بن سليمان: هو ابن المصنف رحمه الله، وقد شارك أباه في السماع من كثير من شيوخه، منهم هذا. وقد ضعف الحديثَ من سبق ذكرهم، وضعفه أيضا البيهقي، فقال (1/228) : " ولا يثبتُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء، وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي قد تقدم، وليس بالقوي ". قلت: لكن الزبير بن خريق قد توبع على القسم الأكبر من الحديث كما يأتي، فهو بذلك يَقْوى ويَرْقَى إلى درجة الحسن على أقل الدرجات. لكن قوله في آخره: " ويعصر ... " إلخِ. من أفراده؛ كما قال الحافظ في "التلخيص" (1/292- 295) ؛ فكان ضعيفآ.

(تنبيه) : عزا الشوكاني في "النيل " (1/224) حديث جابر هذا إلى ابن ماجه. وتبعه على ذلك الشيخ أبو الطيب شمس الحة في تعليقه على "الدارقطني "! وهو وهم منهما؛ فإنه ليس عند ابن ماجه؛ وإنما عنده حديث ابن عباس الأتي، وهو: 365- عن ععد الله بن عباس قال: أصاب رجلاً جُرْحٌ في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم احتلم، فأُمِرَ بالاغتسال، فاغتسل، فمات، فبلغ ذلك رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " قتلوه؛ قاتلهم الله! ألم يَكُنْ شِفاءُ العِيِّ السؤالَ؟! ". (قلت: حديث حسن. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحبهما"، وقال الحاكم: " حديث صحيح "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي: ثنا محمد بن شعيب: أخبرني الأوزاعي أنه بلغه عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عبد الله بن عباس. قلت: هذا إسناد صحيح- لولا جهالة الإ اسطة بين الأوزاعي وعطاء-، رجاله كلهم ثقات إن شاء الله تعالى؛ وقد ذكر العقيلي نحعر بن عاصم في "الضعفاء"، وأورد له حديثاً، ثم قال: " لا يتابع على حديثه "! قال الذهبي عقيبه: " قلت: نصر بن عاصم محدث رَحَّال، ذكره ابن حبان في "الثقات " ... ". والحديث أخرجه الدارقطني (ص 70) ، والبيهقي (1/227) من طريق العباس ابن الوليد بن مَزْيَدٍ: ثنا أبي قال: سمعت الأوزاعي يقول: بلغني عن عطاء ...

به؛ وزاد: قال عطاء: فبلغنا أدْ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن ذلك؟ فقال: " لو غسل جسده، وترك رأسه حيث أصابه الجرح ". ثم أخرجه الدارقطني، والدارمي أيضا (1/192) من طريق أبي المغيرة: ثنا الأوزاعي ... به. ثم أخرجه أيضا هو، والحاكم (1/178) من طريق هِقْلِ بن زياد عن الأوزاعي قال: قال عطاء ... به؛ وزاد في آخره: " أجرأه ". وأخرجه ابن ماجه (1/252) ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم " (1/88) - عن عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين-، والدارقطني- عن أيوب بن سويد- كلاهما عن الأورْاعي عن عطاء ... به. ثم أخرجه الدارقطني من طريق أخرى عن الأوزاعي عن رجل عن عطاء ... به. وخالف هؤلاء كلَّهم: بشرُ بنُ بكر فقال: ثني الأوزاعي: ثنا عطاء ... به؛ فصرح بسماع الأوزاعي من عطاء! وهو شاذ. أخرجه الحاكم، ثم قال: " وقد رواه الهِقْلُ بن زياد، وهو من أثبت أصحاب الأوزاعي، ولم يذكر سماع الأوزاعي من عطاء ... "، ثم ساق إسناده بذلك كما ذكرته آنفاً. وقد قال ابن أبي حاتم في "العلل " (1/37) : " سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه هِفْل والوليد بن مسلم وغيرهما عن

الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس: أن رجلا أصابته جراحة ... وذكرت لهما الحديث؟ فقالا: روى هذا الحديث: ابنُ أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل ابن مسلم عن عطاء عن ابن عباس، وأفسد الحديث ". قلت: حديث ابن أبي العشرين عند ابن ماجه كما سبق، وليس فيه: عن إسماعيل بن مسلم! فلعله اختلف فيه على ابن أبي العشرين، وهو متكلم فيه من قبل حفظه، فيبعد أن يحفط ما لم يحفظه الثقات من أصحاب الأوزاعي، ولذلك قالا: إنه أفسد الحديث. وبالجملة؛ فالإسناد منقطع؛ ولكن قد جاء موصولاً؛ فقد أخرجه ابن حبان في "صحيحه "- كما في ادموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان " (1) -، والحاكم (1/165) من طريق عمر بن حفص بن غياث: حدثني أبي: أخبرني الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح أن عطاء حدثه ... به؛ إلا أنه قال: " ما لهم قتلوه! قتلهم الله (ثلاثاً) ! قد جعل الله الصعيد- أو التيمم- طهوراً ". وقال الحاكم:

_ (1) هو كتاب قيم للحافظ نور الدين الهيثمي مؤلف " مجمع الزوائد"، اختصر به "صحيح ابن حبان "، وأورد فيه ما فيه من الزوائد على "الصحيحين " دون ان يجردها من اسانيدها، مرتباً لها على ترتيب كتب الفقه والسنن. رأيت هذا الكتاب في (المكتبة المحمودية) في المدينة المنورة، حين سافرت إليها من مكة لزيارة المسجد النبوي، أواخر شهر المحرم من هذه السنة (1369) ، وقد مررت على الكتاب كله، وكتبت منه بعض المنتخبات من أحاديئه. ومما يؤصف له: أن هذه المكتبة مغلقة الأبواب، ليس لها راع ولا قيم! ومفتاحها مع رئيس المحكمة الشرعية هناك: الشيخ ابن مزاحم، وبواسطته- جزاه الله خيراً- تمكنت من مطالعة فهرسها المملوء بالكتب القيمة، وقد فقد غير قليل من كتيها القيمة!! ولما كنت اطالع فيها كان يلقى القفل على الباب وأنا في داخلها، من الصلاة إلى الصلاة، حتى يأتي الشيخ يصلي فيها، فيفتح علي!

" صحيح "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة أيضا- كما في "التلخيص " (2/292) -، والبيهقي (1/226) من طريق الحاكم، وقال: " حديث موصول ". ثم قال الحافظ: " والوليد بن عبيد الله؛ ضعفه الدارقطني، وقؤاه من صحح حديثه هذا ". ثم رأيت الحديث في "صحيح ابن خزيمة" (273) ، وعنه ابن حبان، وابن الجارود (126) . وله شاهد يرويه جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ رفعه: في قوله عز وجل: {وإن كتم مرضى أو على سفر} ؛ قال: " إذا كان بالرجل الجراحة في سبيل الله، أو القروح، أو الجدَرِي، فيجْنِب، فيخاف- إن اغتسل- أن يموت؛ فَلْيَتَيَممْ ". أخرجه ابن خزيمة (1/138/272) ، والدارقطني (1/77/9) ، والحاكم (1/165) ، والبيهقي (1/224) . وقال ابن خزيمة: "لم يرفعه غيرعطاء بن السائب ". وذكر البيهقي أنه رواه عنه جمع موقوفاً. قلت: وقال الدارقطني: " وهو الصواب ". ولكنه في حكم المرفوع؛ لأنه في التفسير، ولا سيما أنه من ترجمان القرآن: ابن عباس رضا الله عنهما.

127- باب المتيمم يجد الماء بعدما يصلي في الوقت

قلت: وهو شاهد لا بأس به لحديث جابر قبله؛ فإن فيه- كما في هذا- ذكر التيمم. 127- باب المتيمِّمُ يجد الماء بعدما يصلي في الوقت 366- عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفر، فحضرتِ الصلاة وليس معهما ماء، فتيمَّما صعيداً طيِّباً، فصلَّيا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يُعِدِ الآخر، ثم أتيا رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرا ذلك له؟ فقال للذي لم يُعِدْ: " أصبتَ السُنَّة، وآجْزَآتْكَ صلاتُك ". وقال للذي توضأ وأعاد: " لك الأجر مرتين ". (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقوّاه النووي. وأخرجه ابن السكن في "صحيحه") . إسناده: حدثنا محمد بن إسحاق المُسَيَّبي: نا عبد الله بن نافع عن الليث بن سعد عن بكر بن سَوَادة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري. قلت: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أن عبد الله بن نافع - وهو ابن أبي نافع الصاخ- في حفظه ضعف؛ فقال أحمد: " لم يكن صاحب حديث؛ كان ضعيفاً فيه ". وقال أبو حاتم: " ليسِ بالحافظ، هو ليّن في حفظه، وكتابه أصح ". وذكره ابن حبان في

" الثقات "، وقال: " كان صحيح الكتاب، وإذا حلث من حفظه ربما أخطأ ". وقال أبو أحمد الحاكم: " ليس بالحافط عندهم ". وفال الخليلي: " لم يرضوا حفظه، وهو ثقة، أثنى عليه الشافعي ". وقال الحافظ: " ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين ". قلت: وقد دل على سوء حفظه إسناده لهذا الحديث؛ فقد خالفه من هو أحفظ منه كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/74) ، والدارمي (1/90) ، والدارقطني (69) ، والحاكم (1/178) ، والبيهقي (1/231) من طرق عن عبد الله بن نافع ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخبن "! ووافقه الذهبي! وأعله المصنف، فقال عقب الحديث: " وغير ابن نافع يرويه عن الليث عن عَمِيرَةَ بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسارعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قال: " وذكر أبي سعيد في هذا الحديث ليس بمحفوظ؛ هو مرسل ". وقال الدارقطني: " تفرد به عبد الله بن نافع عن الليث بهذا الإسناد متصلاً. وخالفه ابن المبارك وغيره ".،

ثم ساقه من طريق عبد الرزاق عن عبد الله بن المبارك عن ليث عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار ... مرسلا. وأخرجه النسائي من طريق سُوَيد بن نصر عن عبد الله ... به؛ إلا أنه قال: عن ليث بن سعد قال: حدثني عميرة وغيره عن بكر بن سوادة. وهكذا رواه يحيى بن بكير عن الليث؛ إلا أنه لم يقل: وغيره. أخرجه البيهقي. قال ابن القطان- كما في "نصب الراية" (1/160) -: " فالذي أسنده أسقط من الإسناد رجلاً- وهو عميرة-، فيصير منقطعاً، والذي يرسله؛ فيه مع الإرسال عميرة، وهو مجهول الحال ". قال: " لكن رواه- أبو علي بن السكن: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي: ثنا عباس بن محمد: تنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء عن أبي سعيد: أن رجلين خرجا في سفر ... الحديث. قال: قوصله ما بين الليث وبكر: بعمروٍ بن الحارث- وهو ثقهْ- وقرنه بعميرة، وأسنده بذكر أبي سعيد. قلت: وعميرة ثقة أيضا؛ وليس بمجهول الحال، كما زعم ابن القطان! وقد أشار الحافظ بالرد عليه كما يأتي في الكلام على الرواية الآتية. فقد ثبت الحديث مسنداً ومرسلاً. وقد قال النووي في "المجموع " (2/306) : " ومثل هذا المرسل يحتج به الشافعي وغيره، كما قدَمنا في مقدمة الكتاب: أن الشافعي يحتج بمرسل كبار التابعين إذا أسند من جهة أخرى، أو يرسل من جهة أخرى، أو يقول به بعض الصحابة، أو عوام العلماء، وقد وجد في هذا

الحديث شيئان من ذلك: أحدهما: ما قدمناه قريباً عن ابن عمر رضي الله عنه: أنه أقبل من الجُرُفِ، حتى إذا كان بالمربد؛ تيمم وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة، فلم يُعِدِ الصلاة. وهذا صحيح عن ابن عمر كما سبق. الثاني: روى البيهقي بإسناده عن أبي الزناد قال: كان مَنْ أدركتُ من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم؛ منهم سعيد بن المسيب- وذكر تمام فقهاء المدينة السبعة- يقولون: من تيمم وصلى، ثم وجد الاء وهو في الوقت أو بعده؛ لا إعادة عليه ". (تنبيه) : الحديث؛ عزاه الأستاذ الدعَّاس- في تعليقه على الحديث (338) -: البخاري! وهو من أوهامه. 367- عن عطاء بن يسار: أن رجُلينِ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا ابن لهيعة عن بَكْرِ بن سَوَادة، عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عُبَيْدٍ عن عطاء بن يسار. قلت: هذا إسناد ضعيف؛ أبو عبد الله هذا لا يعرف، كما قال الذهبي. وقال الحافظ: "مجهول ". وابن لهيعة سيئ الحفظ، وقد خالفه غيره؛ فلم يُدْخِلْ بين بكر وعطاء أحداً كما سبق. وقال الحافظ في "التلخيص " (2/353) :

128- باب في الغسل للجمعة

" وابن لهيعة ضعيف، فلا يلتفت لزيادته ولا يُعَلُ بها رواية الثقة عمرو بن الحارث ومعه عميرة بن أبي ناجية، وقد وثقه النسائي ويحبي بن بكير وابن حبان، وأثنى عليه أحمد بن صالح وابن يونس وأحمد بن سعيد بن أبي مريم ". والحديث أخرجه البيهقي (1/231) من طريق المصنف. 128- باب في الغسل للجمعة 368- عن أبي هريرة: أنَّ عمر بن الخطاب بينا هو يخطب يوم الجمعة؛ إذ دخل رجل، فقال عمر: آتَحْتَبِسُون عن الصلاة؟! فقال الرجل: ما هو إلا أنْ سمعتُ النداءَ فتوضأْتُ! قال عمر: والوُضوءَ أيضا؟! أوَلَمْ تسمعوا رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا أتى أحدُكم الجمعةَ فلْيغتسِلْ "؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: نا معاوية عن يحيى: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة أخبره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ ومعاوية: هو ابن سلاّم- بالتشديد-. ويحيى: هو ابن أبي كثير- والحديث أخرجه أحمد (رقم 91 و 319 و 320) من طرق أخرى عن يحيى ... به.

وأخرجه البخاري (2/296) من طريق شيبان عنه، وهو رواية لأحمد. وأخرجه مسلم (3/3) ، والدارمي (1/361) ، والبيهقي (1/294- 295) من طريق الأوزاعي قال: حدتني يحيى بن أبي كثير ... به؛ وسمى مسلم والبيهقي الرجلَ: عثمان بن عفان. وأخرج الطحاوي (1/69) المرفوع منه. وللحديث طريق أخرى عن عمر. أخرجه الشيخان وغيرهما. 369- عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "غُسْل يومِ الجمعة واجبٌ على كل مُحْتَلِمٍ ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه في "الصحيحين ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب عن مالك عن صفوان بن سلَيْم عن عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدري. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "الموطأ" (1/124) ... بهذا السند. ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/287) ، ومسلم (3/3) ، والنسائي (1/204) ، والبيهقي (1/294) ، وأحمد (3/60) ، ومحمد في "موطئه " (72) كلهم عن مالك ... به. وقد تابعه ابن عيينة؛ فقال أحمد (3/6) : ثتا سفيان عن صفوان بن سليم ... به.

وأخرجه البخاري (2/275) ، والدارمي (1/361) ، وابن ماجه (1/338) ، والطحاوي (1/69) كلهم عن سفيان ... به. وقد أبعد الحافظ النُجْعَة؛ حيث قال- عقب رواية البخاري عن مالك-: " وقد تابع مالكاً على روايته: الدراوردي عن صفوان: عند ابن حبان "! وكأنه ذهل عن رواية سفيان هذه! وفي رواية الدراوردي زيادة شاذة، نيهت عليها في "الضعيفة " (3958) . ولأبي سعيد حديث آخر أنم من هذا، يأتي قريباً (رقم 372) . 370- عن حفصة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " على كل مُحْتَلِمٍ رَوَاحً الجُمًعَةِ، وعلى كل مَنْ راحَ الجمعةَ الغُسْل ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (1217) ، وقال المنذري: " حسن "، والمناوي: " صالح ") . قال أبو داود: " إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر؛ أجزاه من غسل الجمعة، وإن أجنب ". إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرملي: نا المُفَضًلُ بن فَضَالة عن عَياشِ بن عَبًاس عن بُكَيْرٍ عن نافع عن ابن عمر عن حفصة. قلت. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير يزيد بن خالد، وهو ثقة. وقال المناوي في " فيض القدير": " إسناده صالح "!

وكأنه اعتمد على سكوت المصنف عليه. وفي "عون المعبود": " قال المنذري: حسن، وأخرجه النسائي ". قلت: وليس في النسخة المطبوعة من "مختصر السنن " قوله: " حسن "! والحديث أخرجه الطحاوي (1/69) ، وابن خزيمة (1721) من طرق عن المفضل ... به. وأخرج النسائي (1/203) الشطر الأول منه. وإسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال النووي في "المجموع " (4/483) . 371- عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومَسَّ من طيب- إن كان عنده-، ثم أتى الجمعة، فلم يَتَخَطَّ أعناقَ الناس، ثم صلَّى ما كَتَبَ الله له، ثم أنصتَ إذا خرج إمامُه حتى يفرغ من صلاته؛ كانت كفارةً لما بينها وبين جُمْعَتِهِ التي قَبْلها " قال: ويقول أبو هريرة-، وزيادةٌ ثلاثةُ أيام - ويقول-؛ إن الحسنة بعشر أمثالها. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال النووي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأخرج مسلم بعضه وبأتي (رقم 964)) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن مَوْهَب الرملي الهَمْدَاني. (ح) وحدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَراني قالا: نا محمد بن سًلمة. (ح) وحدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد- وهذا حديث محمد بن سلمة- عن محمد بن

إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن- قال يزيد وعبد العزيز في حديثيهما: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل- عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة. قال أبو داود: " وحديث محمد بن سلمة أتم، ولم يذكر حماد كللام أبي هريرة ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ واين إسحاق مدلس وقد عنعنه؛ لكنه قد صرَح بالتحديث في بعض الروايات الصحيحة عنه، كما يأتي، فزالت شبهة تدليسه. ولذلك قال النووي في "المجموع " (4/537) : " إسناده حسن ". والحديث أخرجه أحمد (3/81) : ثنا يعقوب: ثنا أبي عن محمد بن إسحاق: ثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف وأبي أمامة بن سهل بن خنَيْفٍ ... به. وأخرجه الحاكم (1/283) من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق: ثتي محمد بن إبراهيم ... به. وأخرجه أيضا من طريق حجاج بن المنهال عن حماد بن سلمة ... به. وقال: " حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وليس كما قالا، كما نبَّهنا عليه مراراً. ورواه أيضا ابن حبان، والبيهقي- كما في " التلخيص " (2/619) -، ورواه الطحاوي (1/216) . ورواه مسلم (3/8) ، وأحمد (2/424) عن أبي صالح عن أبي هريرة ... مرفوعاً نحوه ببعضه.

وأحمد (3/39) من طريق عطية عن أبي سعيد ... به. وقد جعل أبو صالح قول أبي هريرة: " وزيادة ثلاثة أيام " من صلب الحديث. وسيأتي عند المصنف في " الجمعة " (964) من رواية الأعمش عنه. وتابعه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ... مرفوعاً. أخرجه ابن حبان (566- موارد) ؛ دون ذكر التخطي وما بعده. 372- عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قال: " الغُسْلُ يوم الجمعة على كل محتلم، والسواكُ، وَيمَس مِنَ الطِّيبِ ما قدّرَ له (زاد في رواية: ولو من طِيب المرأة) ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه". وأخرجه البخاري بنحوه) . إسناده: حدثنا محمد بن سلمة المرادي: نا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال وبكير بن الأشَج حدثاه عن أبي بكر بن المنكدر عن عمرو بن سلَيْم الزرَقِي عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه؛ إلا أن بكيراً لم يذكر عبد الرحمن؛ وقال في (الطيب) : " ولو من طيب المرأة ". قلت: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه النسائي (1/254) بهذا الإسناد قال: أخبرنا محمد بن سلمة ... به.

وأخرجه مسلم (3/3) : حدثنا عمرو بن سَوَاد العامري: حدثنا عبد الله بن وهب ... به. قلت: فقد اختلف سعيد بن أبي هلال وبكير بن الأشج في إسناده، فالأول زاد فيه عبد الرحمن بن أبي سعيد، وأسقطه الآخر. وعندي أن الروايتين صحيحتان؛ لأن كلآ منهما ثقة. وقد تابع بكير بن الأشج على إسقاطه شعبة: عند البخاري (2/290) . ومحمد بن المنكدر أخو أبي بكر: أخرجه ابن خزيمة من طريقه. قال الحافظ (2/292) : " والذي يظهر: أن عمرو بن سليم سمعه من عبد الرحمن ابن أبي سعيد عن أبيه، ثم لقي أبا سعيد فحلَّثه، وسماعه منه ليس بمنكر؛ لأنه قديم وُلِدَ في خلافة عمر بن الخطاب، ولم يوصف بالتدليس. قلت: وقد رواه اين لهيعة عن بكير مثل رواية ابن أبي هلال ... بزيادة عبد الرحمن في الإسناد. أخرجه أحمد (3/30) . لكن ابن لهيعة سيئ الحفظ، فلا يحتج به. ثم أخرجه (3/69) من طريق خالد بن زيد عن سعيد ... به. وأخرجه (3/65) عن فلَيْحٍ قال: سمعت أبا بكر بن المنكدر عن أبي سعيد ... به نحوه. وهذا منقطع وفليح سيئ الحفظ أيضا.

373- عن آوْسِ بن آوْسٍ الثَّقَفِي قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من غَسَّلَ يوم الجمعة واغتسل، ثم بَكَّر وابْتَكَرَ، ومشى ولم يركب، ودنا من الامام، فاستمعَ ولم يَلْغُ؛ كان له بكل خُطْوةٍ عملُ سَنَة أجْرُ صيامها وقيامها". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2770) في "صحيحيهما"، وقال الحاكم: " إسناده صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي: " حديث حسن "، ووافقه النووي) . إسناده: حدثنا محمد بن حاتم الجَرْجَرَائي- حِبي-: نا ابن المبارك عن الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية: حدثني أبو الأشعث الصنعاني: حدثني أوس ابن أوس الثقفي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، رجال مسلم؛ غير محمد بن حاتم الجرجرائي، وهو ثقة. وأبو الأشعث الصنعاني: اسمه شَرَاحيل بن آدَةَ، وهو ثقة كما في "التقريب "، وثقه العجلي وابن حبان، واحتج به مسلم، وأخرج له البخاري في "الأدب المفرد". والحديث أخرجه ابن ماجه (1/337- 338) ، والحاكم (1/282) ، وأحمد (4/9 و 9- 10 و 104) من طرق عن ابن المبارك ... به. وقد رواه عن أبي الأشعث: يحيى بنُ الحارث الذمَارِيُ وعبد الرحمن بن يزيد ابن جابر. أما حديث يحيى: فأخرجه النسائي (1/205) ، والترمذي (2/367- 368) ،

والدارمي (1/362) ، والحاكم (1/281) ، وعنه البيهقي (3/227) ، وأحمد (4/10) ، والطحاوي أيضا (1/316) من طرق عنه. وقال الترمذي: " حديث حسن "! وو] فقه النووي في "المجموع " (4/542) ! وهذا من تساهلهما؛ فإن رجاله كلهم ثقات لا خلاف فيهم. وقد صحح النووي في "الرياض " (ص 428) حديثاً آخر لأوس هذا من رواية عبد الرحمن - المذكور- عن أبي الأشعث الصنعاني عنه، وسيأتي في الكتاب في "الجمعة" (رقم 962) ! وقال الحاكم: " قد صح هذا الحديث بهذه الأسانيد على شرط الشيخين "! كذا قال، ووافقه الذهبي! وفيه ما ذكرنا في ترجمة أبي الأشعث. وأما حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: فأخرجه النسائي، والحاكم، وأحمد (4/9 و 104) من طرق عنه. وهو صحيح أيضا على شرط مسلم. والحديث رواه ابن خزيمة أيضا، وابن حبان في "صحيحيهما"- كما في "الترغيب " (1/247) -. وله طريق أخرى صحيحة عن أوس؛ وهو: 374- عن أوس الثقفي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من غَسَلَ رأسَهُ يوم الجمعة واغتَسَلَ ... " وساق نحوه.

(قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: نا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عُبَادة بن نُسَيً عن أوس الثقفي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبادة بن نُسَي وهو ثقة بلا خلاف. وللحديث طريق أخرى عن أوس بلفظ آخر، وهو الذي قبله. 375- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من اغتسل يوم الجمعة، ومَسَّ من طيب امرأته إن كان لها، ولَبِسَ من صالح ثيابه، ثم لم يتَخَطَّ رقاب الناس، ولم يَلْغُ عند الموعظةِ؛ كانت كفارةً لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس؛ كانت له ظُهْراً ". (قلت: إسناده حسن، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1810)) . إسناده: حدثنا اين أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: نا ابن وهب- قال ابن أبي عقيل- قال: أخبرني أسامة- يعني: ابن زيد- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب وأبيه؛ وهما ثقتان، كما سبق تحقيق ذلك (رقم 124) . وغير ابن أبي عقيل؛ فإتي لم أعرفه إلى الآن، كما سبق أيضا (رقم 283) مقروناً مع ابن سلمة، كما هو هنا. والحديث سكت عليه الحافظ في "التلخيص " (4/623) !

ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1810) . وأخرجه الطحاوي (1/216) : حدثنا إبراهيم بن مُنْقِذ قال: ثنا ابن وهب ... به، دون قوله: " ومن لغا ... إلخ ". وإبراهيم هذا: هو أبو إسحاق العُصْفُرِيُ؛ قال ابن يونس: "ثقة". ورواه البيهقي (3/231) من طريق المؤلف. 376- عن علي بن حوشب قال: سألت مكحولاً عن هذا القول: " غسل واغتسل "؟ قال: غَسَّلَ رأسَهُ وجَسَدَهُ. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي: نا مروان: نا علي بن حوشب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ ومروان: هو ابن محمد. 377- عن سعيد بن عبد العزيز في: " غسّل واغتسل "؛ قال: قال سعيد: غَسَل رأسَه، وغَسَل جَسَده. (قلت: إسناده صحيح، وهو والذى قبله تفسير لحديث أوس المتقدم (رقم 373)) . إسناده: حدثنا محمد بن الوليد الدمشقي: نا أبو مُسْهِرٍ عن سعيد بن عبد العزيز. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات؛ وأبو مُسْهِر: هو عبد الأعلى بن

مُسْهِرٍ الغَسَّاني الدمشقي. 378- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قال: " من اغتسل يوم الجمعة غُسْلَ الجنابةِ، ثم راحَ؛ فكأنما قَربَ بَدَنَةً، ومَنْ راحَ في الساعةِ الثانية؛ فكأنما قَرَّبَ بقرةً، ومَنْ راحَ في الساعة الثالثة؛ فكأنما قَرَّبَ كبشاً آقْرَنَ، ومن راح في الساعة الرابعة؛ فكأنما قرب دجَاجَةً، ومن راح في الساعة الخامسة؛ فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الامام حضرتِ الملائكة يستمعون الذكْرَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "الصحيحين ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن سُمَي عن أبي صالح السَّمَّان عن أبي هريرة. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث في " الموطأ" (1/121- 122) . وأخرجه البخاري (2/292- 293) ، ومسلم (3/4) ، والنسائي (1/206) ، والترمذي (2/372) ، وأحمد (2/460) كلهم عن مالك ... به. وقد تابعه ابن عجلان عن سُمَيً. أخرجه النسائي. وله طرق أخرى عن أبي هريرة: عند البخاري (2/325) ، ومسلم (3/7- 8

129- باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة

و 8) ، والنسائي، والدارمي (1/362 و 363) ، وابن ماجه (1/339) ، وأحمد (2/280 و 239 و 259 و 282 و 457 و 483 و 491 و 505 و 512) ... بنحوه مختصراً ومطولاً. 129- باب الرخصة في ترك الغُسْلِ يوم الجمعة 379- عن عائشة قالت: كان الناسُ مُهَّانَ أنفسِهِم، فيَرُوحُون إلى الجمعة بهيئتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم! (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في "الصحيحين ") إسناده: حدثنا مسدد: نا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (6/62) عن سفيان- وهو الثوري-، ومحمد في "الموطأً" (ص 75) ، والبخاري (2/309) - عن عبد الله بن المبارك-، ومسلم (3/3) - عن الليث- كلهم عن يحيي بن سعيد ... به نحوه. ثم أخرجه مسلم من طريق أخرى عنها ... أنم منه. والنسائي (1/204) من طريق ثالث عنها. والحديث أخرجه الطحاوي (1/70) أيضا من طرق عن يحيى.

380- عن عكرمة: أن أناساً من اهل العراق جاؤوا، فقالوا: يا ابن عباس! أترى الغُسْلَ يوم الجمعة واجباً؟ قال: لا؛ ولكنه أطهر وخيرٌ لمن اغتسل، ومَنْ لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبِزكُم كيف بدأ الغُسْل: كان الناسُ مجهودينَ، يلْبَسُونَ الصُّوفَ، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيِّقاً مقَارِبَ السقْفِ؛ إنما هو عَرِيشٌ، فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يوم حار، وعَرِقَ الناسُ في ذلك الصّوف، حتى ثارَتْ منهم رياحٌ آذى بذلك بعضئهُم بعضاً، فلما وَجَدَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك الريحَ قال: " ايها الناس! إذا كان هذ االيوئم؛ فاغتسلوا، ولْيَمس أحدُكم أفضلَ ما يجد مِنْ دهنهِ وطِيبِه ". قال ابن عباس: ثم جاء الله تعالى بالخير، ولبسوا غَيْرَ الصوف، وكفُوا العمل، وَوسعَ مسجدهم، وذهب بعضُ الذي كان يُؤْذي بعضُهم بعضاً من العَرَقِ. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال النووي والعسقلاني، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط البخاري "! يوافقه الذهبي ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: نا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ". وقال الحافظ في "الفتح " (2/289) :

" إسناده حسن " (1) والحديث أخرجه الطحاوي (1/69- 70) من طريق القَعْنَبِي، ومن طريق ابن أبي مريم: أنا الدراوردي ... به. وأخرجه الحاكم (1/280) ، وأحمد (1/268) من طريق سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو ... به. وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. ثم استدركت فقلت: إن الحديث إسناده حسن؛ لأن مداره على عمرو بن أبي عمرو، وهو وإن كان قد خرحَ له في "الصحيحين " محتجّاً به؛ فقد تكلم فيه غير واحد من قبل حفظه؛ فقال ابن معين: " في حديثه ضعف؛ ليس بالقوي ". وقال أبو زرعة: " ثقة ". وقال أبو حاتم: " لا بأس به ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وقال ابن عدي: " لا بأس به ". وقال ابن حبان في "الثقات ": " ربما أخطأ ". فيتلخَّص من أقوالهم هذه أنه في نفسه ثقة، وأن في حفظه ضعفاً. ولذلك قال الحافظ في "التقريب ":

_ (1) وكذا قال النووي (4/536) .

" ثقة، ربما وهم ". فمثله لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إذا لم يظهر خطؤه، ولذلك حسن النووي والحافظ حديثه هذا كما سبق. وقال الذهبي في ترجمته من "الميزان "- بعد أن ذكر بعض الأقوال المتقدمة فيه-: " حديثه صالح حسن، فنْحَطٌ عن الدرجة الغليا من الصحيح "! قال الحافظ: " كذا قال! وحق العبارة: أن يحذف (العُليا) ". 381- عن سَفرَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ توضأ؛ فبها ونِعْمَتْ، ومَنِ اغتسل؛ فهو أفضل ". (قلت: حديث حسن، وكذ اقال الترمذي، يوافقه النووي. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ". وقوّاه البيهقي لكثرة طرقه) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: نا همَّام عن قتادة عن الحسن عن سَمرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكن الحسن- وهو البصري- مدلس، وقد عنعن. وأبو الوليد الطيالسي: اسمه هشام بن عبد الملك. وقد اختلفوا في سماع الحسن من سمرة، ويأتي تحقيق الحق من ذلك إن شاء الله تعالى. وهذا الإسناد- وإن كان معلولاً-؛ فالحديث صحيح؛ لأن له شواهد كثيرة، سنذكرها قريباً إن شاء الله. والحديث أخرجه الطحاوي (1/71) : حدثنا فهد قال: ثنا أبو الوليد ... به.

ثم أخرجه هو، والدارمي (1/362) ، وأحمد (5/8 و 11 و 16 و 22) من طرق عن همام ... به. وكذلك أخرجه البيهقي (1/295) . ثم أخرجه هو، والنسائي (1/204- 205) ، والترمذي (2/369) ، والخطيب في "تاريخه " (2/352) من حديث شعبة عن قتادة ... به. وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث؛ بسبب اختلافهم في سماع الحسن من سمرة بن جندب؛ فقال النسائي عقيب هذا الحديث: " الحسن عن سمرة؛ كتاب، ولم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة "! وكذا قال ابن حزم في "المحلى" (2/12) : " ولا يصح للحسن سماع من سمرة؛ إلا حديث العقيقة وحده ". وهو قول البزار والدارقطنىِ، كما في "نصب الراية "! وقال الحافظ في "التلخيص " (4/614) : " وقال في "الإمام ": من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث. قلت: وهو مذهب علي بن المديني؛ كما نقله عنه البخاري والترمذي والحاكم وغيرهم ". قال الزيلعي: " والظاهر من الترمذي أنه يختار هذا القول، فإنه صحح في كتابه عدة أحاديث من رواية الحسن عن سمرة. واختار الحاكم هذا القول، فقال في كتابه "المستدرك "- بعد أن أخرج حديث الحسن عن سمرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت له سكتتان ... الحديث-: ولا يُتَوَهَّمْ أن الحسن لم يسمع من سمرة؛ فإنه سمع منه. وأخرج في كتابه عدة أحاديث من رواية الحسن عن سمرة، وقال في بعضها: على شرط البخاري ".

قلت: وهذا الحديث من الأ حاديث التي صححها الترمذي، فقال: " حديث حسن صحيح "؛ في نقل الريلعي عنه. والذي في نسخة "جامعه " - التي صححها المحقق أحمد محمد شاكر-: " حديث حسن "؛ فقط، ليس فيها: " صحيح "؛ ولم يشر المحقق أن هذه الزيادة وردت في شيء من النسخ التي وقف عليها! والله أعلم. فهذان قولان متقاربان: أنه سمع منه مطلقاً، وأنَّه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وسيأتي- إن شاء الله تعالى- في "الأضاحي " (رقم 2527 و 2528) ، وسنذكر هناك الحجة في سماعه لهذا الحديث منه. وثمة قول ثالث مباين لهذين القولين، وهو أنه لم يسمع منه شيئاً! واختاره ابن حبان في "صحيحه "! وقال في "التنقيح ": " قال ابن معين: الحسن لم يلق سمرة. وقال شعبة: الحسن لم يسمع من سمرة"! وهذا القول غير صحيح؛ ففي "صحيح البخاري " (9/487) وغيره- كما سيأتي هناك- تصريح الحسن بسماعه لحديث العقيقة من سمرة. وأيضا؛ فإن في "مسند أحمد" (5/12) : ثنا هشيم: ثنا حميد عن الحسن قال جاءه رجل فقال: إن عبداً له أبق، وإنه نذر- إن قدر عليه- أن يقطع يده؟ فقال الحسن: ثنا سمرة قال: قلّما خطب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبة؛ إلأ أمر فجها بالصدقة؛ ونهى فيها عن المثْلَةِ. قال الحافظ:

" وهذا يقتضي سماعه منه لغير حديث العقيقة ". قلت: لكن رواه قتادة عن الحسن فقال: عن الهَيَاح بن عمران: أن عمران أبق له غلام، فجعل لله عليه: لئن قدر عليه ليقطعن يده، فأرسلني لأسأل، فأتيت سمرة بن جندب فقال ... فذكر الحديث نحوه. أخرجه المصنف في "الجهاد"، وسيأتي- إن شاء الله تعالى- (رقم 2393) . قد أدخل قتادة بين الحسن وسمرة: الهياج بن عمران؛ وهذا يخدج فيما ادّعاه الحافظ رحمه الله، وسيأتي تحقيق الكلام فيه هناك إن شاء الله تعالى! فتبين مما تقدم صحة القول الأول، وبطلان القول الأخير، وبقي النظر في القول الثاني- وهو أنه سمع منه مطلقاً- وهو أيضا غير صحيح عندي؛ وذلك لأمرين: الأول: أننا لم تجد تصريح الحسن بالسماع من سمرة في غير ما سبق من الحديث. ثانياً: أنه قد ثبت أن بينه وبين سمرة- في بعض الأحاديث- واسطة كما تقدم. ومن ذلك ما رواه الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 18) من طريق قتادة أيضا عن الحسن عن سعد بن هشام عن سحرة بن جندب مرفوعاً: " خير أمتي؛ القرن الذي بعثت فيهم ... " الحديث. فإذ الأمر كذلك- وكان الحسن معروفاً بالتدليس، كما سبق مراراً-؛ فلا يكفي في تصحيح مطلق حديثه عن سمرة: أنه سمع منه بعض الأحاديث؛ لاحتمال أن يكون بينهما في الأحاديث الأخرى بعض الرواة ممن دلسهم! ألا ترى أن الحاكم قد روى (4/367) بهذا الإسناد- الحسن عن سمرة مرفوعاً-:

" من قتل عبده قتلناه ... " الحديث، ثم حكم بصحته؛ فقال: " صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي! وليس كما قالا؛ فإن الحسن لم يسمع هذا الحديث من سمرة؛ كما صرح بذلك قتادة أيضا في رواية عنه، كما أخرجه أحمد (5/10) عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة- ولم يسمعه منه- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره. لذلك؛ كان الصواب من الأقوال الثلاثة القول الأول. وعليه؛ فكل حديث تفرد بروايته الحسن عن سمرة معنعناً غير مصرح بالتحديث؛ فهو في حكم الأحاديث الضعيفة، وسيكون من نصيب الكتاب الآخر؛ ما لم نجد له متابعاً أو شاهداً معتبراً، كهذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه؛ فإن له شواهد تقويه، وكالحديث المشار إليه آنفاً، فسيأتي في "الدياتِ ". والحديث قال النووي في "المجموع " (4/533) : " حديث حسن، رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد حسنة "! ورواه ابن خزيمة في "صحيحه "؛ كما في "الجامع الصغير". وأما شواهد الحديث؛ فكثيرة؛ فمنها: عن أنس. وله عنه طرق: 1- عن يزيد الرقاشي عنه: أخرجه الطيالسي (رقم 2110) : حدثنا الربيع عن يزيد ... به.

وأخرجه البيهقي (1/296) من طريقه، ومن طريق أخرى عن الربيع ... به. وبهذا الإسناد: أخرجه الإمام محمد في "الموطأً" (ص 73) وفي "كتاب الحجج "؛ إلا أنه زاد فقال: عن أنس بن مالك وعن الحسن البصري كلاهما يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكذلك أخرجه الطحاوي (1/71) من طريق يعقوب الحضرمي قال: ثنا الربيع ابن صَبِيح عن الحسن وعن يزيد الرقاشي عن أنس. ثم قال الطحاوي: حدثنا أحمد بن خالد البغدادي قال: ثنا علي بن الجعد قال: أنا الربيع بن صبيح وسفيان الثوري عن يزيد الرقاشي عن أنس ... به مرفوعاً. وهذا إسناد صحيح إلى الرقاشي، رجاله كلهم ثقات معروفون. والربيع بن صبيح ثقة، ولكنه سيئ الحفظ؛ لكن قد تابعه- كما ترى- سفيان الثوري. وتابعه أيضا إسماعيل بن مسلم المكي عن يزيد الرقاشي. أخرجه ابن ماجه (1/339) . وإسماعيل هذا ضعيف؛ فالعمدة على رواية الثوري. ومدار الحديث على يزيد الرقاشي، وهو ضعيف لسوء حفظه، لا لتهمة في صدقه، فقد قال الأجُري عن المصنف: " هو رجل صالح، سمعت يحيى يقول: رجل صدق ". وقال ابن عدي: " له أحاديث صالحة عن أنس وغيره، وأرجو أنه لا بأس به؛ لرواية الثقات

عنه ". وقال أبو حاتم: " كان واعظاً بكاءً، كثير الرواية عن أنس بما فيه نظر، وفي حديثه ضعف ". لكنه لم يتفرد به؛ فقد فال الحافظ في "التلخيص " (4/614) : " ورواه الطبراني من حديثه- يعني: أنساً- في "الأوسط " بإسناد أمثل من ابن ماجه ". 2- قلت: وإسناده في "الأوسط " هكذا- كما في " نصب الراية" (1/92) -: حدثنا محمد بن عبد الرحمن المروزي: ثنا عثمان بن يحيى القرساني (*) : ثنا مُؤَمل بن إسماعيل: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير محمد بن عبد الرحمن المروزي وعثمان بن يحيى القرساني فإني لم أجد من ترجمهما! وهذا هو الطريق الثاني عن أنس. 3- والطريق الثالث: أخرجه الطحاوي (1/71) ، والبزار في "مسنده " من طريق الضحاك بن حُمْرَة الأُمْلُوكي عن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن المهاجر عن الحسن بن أبي الحسن عن أنس. وهذا إسناد رجاله موثقون؛ فهو إسناد لا بأس به؛ لولا عنعنة الحجاج والحسن ابن أبي الحسن- وهو البصري-. والضحاك بن حمرة سيئ الحفظ.

_ (*) كذا في أصل الشيخ إ! وليس في الرواة من هذه نسبته! وإنما هو (عثمان بن يحيى القرقساني) ؛ وهو في "ثقات" ابن حبان (8/455) و "أنساب" السمعانىِ. ثم رأيت الشيخ يوثقه في "الصحيحة" (6/293) . (الناشر) .

ومنها: عن جابر: أخرجه الطحاوي (1/71) من طريق عُبَيْدٍ بن إسحاق العَطار قال: أنا قيس ابن الربيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر. وهذا إسناد رجاله موثقون؛ غير عبيد بن إسحاق العظار؛ ضعفه يحيى والبخاري والدارقطني. وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات "! وقال: " يُغْرِب". ورضيه أبو حاتم فقال: " ما رأينا إلا خيراً، وما كان بذاك الثبت، في حديثه بعض الإنكار ". وقال الهيثمي في "المجمع " (2/175) : " رواه البزار، وفيه قيس بن الربيع؛ وثقه شعبة والثوري، وضعفه جماعة "! قلت: إعلال الحديث بـ (عبيد بن إسحاق) أولى؛ لكنْ لعل البزار رواه من طريق أخرى عن الربيع، فلذلك لم يعله الهيثمي به! والله أعلم. وله طريق أخرى؛ فرواه عبد بن حميد في "مسنده ": حدثنا عمر بن سعد عن النَوري عن أبان عن أبي نضرة عن جابر مرفوعاً. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه ": أخبرنا الثوري عن رجل عن أبي نضرة ... به. وأبان: هو ابن أبي عياش، وحاله كحال يزيد بن أبان الرقاشي في الضعف. وأما قول الزيلعي (1/92) : " والحسن لم يسمع من أنس؛ كما قال البزار "؛ فوهم منه وذهول؛ فقد نقل هو قبل صفحة (ص 90) كلام البزار في سماع الحسن من الصحابة، وفيه أن البزار قال:

" فأما الذين سمع منهم؛ فهو أنس بن مالك ... " إلخ. وقد جزم بسماعه منه أحمد وأبو حاتم، ولكن علته أنه معنعن، كما سلف. وفي الباب: عن ابن عباس، وأبي سعيد الخدري: عند البيهقي. وهذه الأحاديث وإن كانت أفرادها ضعيفة؛ فمجموعها مما يعطي الحديث قوة، ويرقيه إلى درجة الحسن على أقل الدرجات. وقد حسنه الترمذي والنووي كما سبق، وقوّاه البيهقي؛ فقال الزيلعي (1/93) : " قال البيهقي: والآثار الضعيفة إذا ضمَّ بعضها إلى بعض؛ أحدثت قوة فيما اجتمعت فيه من الحكم. انتهى ". لكن الحديث ليس نصّاً فيما بوب له المصنف؛ لأن غاية ما فيه: أن الوضوء نِعْمَ العملُ، وأن الغسل أفضل، وهذا مما لاشكَّ فيه، وقد قال الله تعالى: (ولو آمن أهلُ الكتاب لكان خيرا لهم) . قال ابن حزم رحمه الله (2/14) : " فهل دل هذا اللفظ على أن الإيمان والتقوى ليس فرضاً؟! حاشا لله من هذا! ". قال: " ثم لو كان في جميع هذه الأحاديث نصٌّ على أن غسل الجمعة ليس فرضاً؛ لما كان في ذلك حجة؛ لأن ذلك كان يكون موافقاً لما كان الأمر عليه قبل قوله عليه السلام غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ". و " على كل مسلم ". وهذا القول منه عليه السلام شرع وارد، وحكم زائد ناسخ للحالة الأولى بيقين لا شك فيه، ولا يحل ترك الناسخ بيقين والأخذ بالمنسوخ ". قلت: والحق أن غسل الجمعة واجب؛ لأن الأحاديث الواردة في الباب قبله صريحة في ذلك لا تقبل التأويل إلا بتكلف واضح؛ لكنها لا تفيد الشرطية، فمن اغتسل يوم الجمعة؛ فقد أدى الواجب الذي عليه، ومن تركه فقد أثم؛ لكن صلاة

130- باب الرجل يسلم فيؤمر بالغسل

الجمعه صحيحة. والله تعالى أعلم (1) . 130- باب الرجل يُسْلِمُ فيُؤْمَرُ بالغُسْل 382- عن قيس بن عاصم قال: أتيتُ النبيَّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريد الإسلامَ، فآمَرَني أن أغتسل بماءٍ وسِدْرٍ. (قلت: إسناده صحيح. وقال الترمذي: " حديث حسن "! ووافقه النووي! وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1237) في "صحيحيهما". وصححه ابن السكن) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير العبدي: أنا سفيان: نا الأغَرَ عن خليفة بن حُصَيْن عن جده قيس بن عاصم. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه النسائي (1/45) ، والترمذي (2/502- 503) ، والبيهقي (1/171) ، وأحمد (5/61) كلهم من طرق عن سفيان ... به. ورواه ابن خزيمة، وابن حبان (1237) كما في "التلخيص " (4/617) ، قال: " وصححه ابن السكن، ووقع عنده: عن خليفة بن حصين عن أبيه عن جده قيس بن عاصم. وعند غيره: عن خليفة عن جده. قال أبو حاتم في " العلل ": الصواب هذا، ومن قال: عن أبيه عن جده؛ فقد أخطأ ".

_ (1) كتب الشيخ رحمه الله- ههنا- قوله: " آخر الجزء الثاني، ويتلوه الجزء الثالث من تجزثة الإمام الخطيب البغدادي ".

قلت: رواه ابن أبي حاتم: في "العلل " (1/24) عن أبيه، وقد ذكر الحديث من طريق قَبِيصة عن سفيان ... بزيادة: عن أبيه، ثم قال: " أخطأ قبيصة ". وقد وصله من طريقه: البيهقي. وتابعه وكيع عند أحمد. لكن رواه البيهقي من طريقه دون هذه الزيادة: عن أبيه. فقد اختلف فيه على وكيع، والصواب رواية الجماعة عن سفيان، كما تقدم. ثم قال الترمذي: " حديث حسن "! ووافقه النووي في "المجموع " (2/152) ! 383- عن عثَيْمِ بنِ كُلَيْبٍ عن أبيه عن جده: أنه جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قد أسلمت. فقال له النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آلْقِ عنك شَعْرَ الكُفْرِ "؛ يقول: "احلق ". قال: وأخبرني آخرُ: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لآخرَ معه: " آلقِ عنك شَعْرَ الكُفْرِ واخْتَتِنْ ". (قلت: حديث حسن، وقوٌ اه شيخ الاسلام ابن تيمية) . إسناده: حدثنا مخلد بن خالد: نا عبد الرزاق: نا ابن جريج قال: أخبِرْت عن عُثَيْمِ بن كلَيْبٍ-

قلت: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة الواسطة بين ابن جريج وعُثيم، ولجهالة عثيم وأبيه كليب أيضا. وقد ادعى الحافظ في "تهذيب التهذيب ": أن كُلَيْباً هذا هو صحابيَ هذا الحديث، وأنه جد عثيم، لا أبوه؛ فقال: " ذكر ابن منده وغيره أن اسم والد كُلَيْب: الصلْت، وترجم له في "الصحابة" بناءً على ظاهر الإسناد! وليس الأمر كذلك؛ بل هو عثيم بن كثير بن كليب، والصَحبة لكليب، وكأن من حدَّث ابن جريج نسب عثيماً إلى جده، فصار الظاهر أن الصحابي والد كليب؛ وإنما كليب هو الصحابي، ولا نعرف لأبيه صحية، وقد روى ابن منده الحديث من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن عثيم على الصواب، وكذا رواه أحمد في "المسند" ... "! قلت: ولم أجد الحديث في "المسند" هكذا على الصواب؛ وإنما رواه كما رواه المصنف، ويأتي قريباً، وما أظن إلا أن الحافظ قد وهم في هذا العزو، وكلامه في "التعجيل " يشير إلى هذا؛ فقد قال في ترجمة كثير بن كليب هذا- عقب قول الحُسَيني: " روى عن أبيه، وله صحبة، وعنه: ابنُه عُثيم مجهول "-: " قلت: وقع في حديثه اختلاف؛ فعند أحمد وأبي داود: عن عثيم بن كليب عن أبيه. ولا ذكر عندهما لكثير في السند ... "، ثم ذكر رواية ابن منده المتقدمة، ثم قال: " فقيل إن ابن جريج حَمَلَه عن إبراهيم بن أبي يحيى؛ فأبهمه، ونسب عُثيماً إلى جده ". قلت: وعلى ما صوَّبه الحافظ؛ كان عليه أن يُفْرِد لكثير هذا ترجمةً خاصة في "التهذيب "، وفي "التقريب "، ولم يفعل ذلك، لا هو ولا الخزرجي! وهذا مما يُسْتَدرك عليهم.

والحديث أخرجه البيهقي (1/172) من طريق المؤلف. وأحْرجه أحمد (3/415) : ثنا عبد الرزاق ... به. والحديث قال النووي في "المجموع " (2/154) : " وإسناده ليس بقوي؛ لأن عثيماً وكليباً ليسا بمشهورين ولا وثقا، ولكن أبا داود رواه ولم يضعفه، فهو عنده حسن "! قلت: وهو حديث حسن لغيره؛ فقد وجدت له شاهدا من حديث قتادة أبي هشام قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي: " يا قتادة! اغتسل بماءٍ وسِدْرٍ، واحلق عنك شعر الكفر ". وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر من أسلم أن يختتن وإن كان ابن ثمانين. قال الهيثمي (1/283) : " رواه الطبراني [14/19] في " الكبير"، ورجاله ثقات "! كذا قا لى! وأما الحافظ؛ فقال في "التلخيص " (4/618) : " وإسناده ضعيف ". قلت: ولكنه- على كل حال- يعطي الحديث قوة. ولعله من أجل ذلك جزم بنسبته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيح الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله في "الفتاوى" (1/44) ، واحتجَّ به على أنه يجوز للجنب أن يقص شعره وظفره، فقال: " وما أعلم على كراهية إزالة شعر الجنب وظفره دليلاً شرعياً؛ بل قد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذي أسلم: " ألْقِ عنك شعر الكفر واختنن ". فأمر الذي أسلم أن يغتسل،

131- باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها

ولم يأمر بتأخير الاختتان وإزالة الشعر عن الاغتسال؛ فإطلاق كلامه يقتضي جواز الأمرين ". تْم إن لبعض الحديث شاهدا آخر من حديث واثلة بن الأسقع قال: لما أسلمت أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي: " اغتسل بماء وسِدْر، واحْلِقْ عنك شعر الكفر ". أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 183) ، وفي "الكبير" أيضآ، والحاكم في "المستدرك " (3/570) . وإسناده ضعيف؛ كما قال الحافظ. 131- باب المرأة تَغْسِلُ ثوبَها الذي تَلْبَسُه في حَيْضِها 384- عن معَاذَةَ قالت: سألت عائشةَ عن الحائض يُصيب ثوبَها الدمُ؟ قالت: تَغْسِله، فإن لم يذهب آثَرُهُ؛ فَلْتغَيِّرْهُ بشيء مِنْ صُفْرة. قالت: ولقد كنتُ أحيضُ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث حِيَض جميعا لا أغسل لي ثوباً. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: نا عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثني أبي: حدثتني أم الحسن- يعني: جدة أبي بكر العدوي- عن معاذة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أم الحسن هذه؛ قال

الذهبي والعسقلاني: "لا تعرف ". وأحمد بن إبراهيم: هو ابن كثير الدوْرَقِيُ أبو عبد الله البغدادي؛ وله ترجمة في "التاريخ " (4/6-7) . والحديث أخرجه البيهقي (2/408) من طريق المصنف. وقد وجدت للحديث بعض المتابعات والطرق؛ فهو بها صحيح: فقد أخرج الدارمي (1/238) من طريق ثابت بن يزيد: ثنا عاصم عن معاذة العدوية عن عائشة قالت: " إذا غسلتِ المرأةُ الدمَ فلم يذهب؛ فَلْتغَيرْهُ بصُفرة ورس أو زعفران ". وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وثابت هذا: هو الأحول أبو زيد البصري. ثم أخرجه من طريق يزيد الرشْك قال: سمعت معاذة العدوية عن عائشة: قالت لها امرأة: الدم يكون في الثوب، فأغسله، فلا يذهب فأقطعه؟ قالت: الماء طهور. وإسناده صحيح أيضا على شرطهما. ثم أخرجه (1/240) من طريق كريمة قالت: سمعت عائشة؛ وسألتها امرأة تصيب ثوبها من دم حيضها؟ قالت: لتغسِلْهُ بالماء. قالت: فإنا نغسله فيبقى أثره؟! قالت: إن الماء طهور. ورجاله رجال الشيخين؛ غير كريمة هذه، وهي بنت همام، وهي مجهولة الحال.

وأما الشطر الثاني من الحديث؛ فهو بمعنى حديثها الآتي: 385- عن مجاهد قال: قالت عائشة: ما كان لإحدانا إلا ثوبٌ واحدٌ تحيص فيه، فإذا أصابه شيءٌ مِنْ دم؛ بَلَّتْه بريقها، ثم قَصَعَتْة بريقها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير العبدي: أنا إبراهيم بن نافع قال: سمعت الحسن- يعني: ابن مسلم- يذكر عن مجاهد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لكن اختلفوا في سماع مجاهد من عائشة؛ فقال ابن معين وأبو حاتم: " لم يسمع منها ". وقال علي بن المديني: " لا أنكر أن يكون مجاهد لقي جماعة من الصحابة، وقد سمع من عائشة ". قال الحافظ في "الفتح " (1/328) : " وقد وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في غير هذا الإسناد، وأثبته على ابن المديني؛ فهو مقدم على مَنْ نفاه ". والحديث أخرجه البيهقي (2/405) من طريق المؤلف. ولإبراهيم بن نافع فيه شيخ آخر عن مجاهد: أخرجه البخاري (1/327) من طريق أبي نعيم قال: حدثنا إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نَجِيحٍ عن مجاهد ... به.

ولابن أبي نَجِيح فيه شيخ آخر عن عائشهَ، ويأتي في الكتاب قريباً (رقم 390) . 386- عن أسماءَ بنت أبي بكر قالت. سمعتُ امرأةً تَسْألُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف تصنع إحدانا بثويها إذا رأتِ الطّهْرَ؛ أتُصَلِّي فيه؟ قال: "تنظرُ، نجإنْ رأتْ فيه دماً؛ فَلْتَقْرُصه بشيء من ماء، ولْتَنْضَحْ ما لم تَرَ، ولْتصَلِّ فيه ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النقيلي: نا محمد بن سلمة عن محمد ابن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر. قلت: هذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أن ابن إسحاق قرنه بغيره، وقد صرَّح بسماعه من فاطمة في غير هذه الرواية؛ كما في "الفتح ". والحديث أخرجه الدارمي (1/239) : أخبرنا محمد بن عبد الله الرقَاشي: ثنا يزيد- هو ابن زربع-: ثنا محمد- هو ابن إسحاق-: حدثتني فاطمة بنت المنذر. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم رجال مسلم؛ مع القيد السابق. ثم أخرجه هو (1/197) ، والبيهقي (2/406) من طريق أخرى عن ابن إسحاق عن فاطمة. وله شاهد من حديث عائشة قالت: كانت إحدانا تحيض، ثم تقترص الدم من ثوبها عند طهرها، فتغسله، وتنضح على سائره، ثم تصلي فيه.

أخرجه البخاري (1/326) ، وابن ماجه (1/217) ، والبيهقي (2/406- 407) . 387- وعنها أنها قالت: سألتِ امرأة رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالتْ: يا رسول الله! أرأيتَ إحد انا إذا أصابَ ثوبَهَا الدمُ مِنَ الحَيْضَةِ؛ كليف تصنع؟ قال: " إذا أصابَ إحْدَاكنَ الدم من الحيضِ؛ فلْتَقْزصْهُ، ثم لتنضَحْة بالماء، ثمَّ لتُصَلِّ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "الصحيحين ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن حبان (1393)) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذرعن أسماء بنت أبي بكر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث في " موطأً مالك" (1/79) . وروإه البخاري (1/325) ، ومسلم (1/166) عن مالك، وكذلك رواه البيهقي (1/13) . تم أخرجه البخاري (1/264) ، ومسلم أيضا، والنسائي (1/69) ، والترمذي (1/254- 255) ، والدارمي (1/239) ، وابن ماجه (1/217) ، وأحمد (6/345 و346 و 353) من طرق عن هشام ... به.

ويأتي بعض طرقه في الكلام على الرواية الآتية: 388- وفي رواية عنها: " حُتِّيه، ثم اقْرُصِيه بالماء، ثم انْضَحِيه". (قلت: إسنادها صحيح على شرطهما. وأخرجاه في "الصحيحين ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد. وحدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس. (ح) وحدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد- يعني: ابن سلمة- عن هشام ... بهذا المعنى قالا: "حُتيه ... "إلخ. قلت: إسناده من طريق عيسى بن يونس صحيح على شرط البخاري، ومن طريق حماد على شرط مسلم؛ فالحديث على شرطهما. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1638) : حدثنا حماد بن سلمة ... به؛ إلا أنه قال: " وانضحي ما حوله ". وأخرجه النسائي (1/69) من طريق حماد. وأخرجه الشيخان وأحمد- من طريق يحيى بن سعيد-، والترمذي والدارمي - عن سفيان بن عيينة- عن هشام ... به. 389- عن أم قَيْسٍ بنت مِحْصَن: سألتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن دم الحيضِ يكون في الثوب؟ قال:

" حُكيهِ بِضِلَع، واغْسِليه بماءٍ وسِدْرٍ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن القطان. وأخرجه ابن خزبمة (277) ، وابن حبان (1392) في "صحيحيهما". وقال الحافظ: " إسناده حسن ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن سعيد القطان عن سفيان قال: ثني ثابت الحداد: ثني عَدِيَ بن دينار قال: سمعت أم قيس بنت محصن تقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ثابت الحداد - وهو ابن هُرْمُزٍ -، أبو المقدام-؛ وعدي بن دينار؛ وهما ثقتان. وأما الحافظ فقال في "الفتح " (1/266) : " إسناده حسن ". والحديث أخرجه أحمد (6/355) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه النسائي (1/69) ، وابن ماجه (1/217) ، وابن حبان (1392) ، وابن خزيمة (277) من حديث يحيى. ثم قال الإمام أحمد (6/356) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا سفيان ... به. ومن طريق عبد الرحمن: أخرجه الدارمي (1/239) ، وابن ماجه أيضا. وقد تابعه إسرائيل عن ثابت: أخرجه أحمد. والحديث أخرجه البيهقي (2/407) من طريق المؤلف. وذكر الحافظ في "التهذيب ": أنه أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وصححه ابن القطان، وقال عقبه:

" لا أعلم له علة، وثابت ثقة، ولا أعلم أحداً ضعفه غير الدارقطني ". 390- عن عائشة قالت: قد كان يكون لإحد انا الدِّرْعُ؛ فيه تحيضُ، وفيه،تصيبها الجنابةُ، ثم ترى فيه قَطْرَةً من دم؛ فَتَقْصَعُهُ بِريِقها. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا سفيان عن ابن أبي نَجِيج عن عطاء عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الدارمي (1/238) ، وعبد الرزاق في "المصنف " (1/230/ 1229) عن ابن عيينة ... به. وتابعه إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح، فقال البيهقي في "السنن " (2/405) - بعد أن ساق الحديث المتقدم (385) من طريق إبراهيم هذا عن الحسن ابن مسلم عن مجاهد عن عائشة ... به-؛ قال البيهقي: " والمشهور: عن إبراهيم عن الحسن بن مسلم بن يَنَّاق عن مجاهد، وعن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها ... فهو صحيح من الوجهين جميعاً". ثم إن الحديث أخرجه البيهقي (1/14) من طريق المؤلف رحمهما الله. 391- عن أبي هريرة: أن خَوْلَةَ بنتَ يسارٍ أتت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله! إنه ليس لي إلا ثوبٌ واحدٌ؛ وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال:

" إذا طَهُرْتِ فاغسلِيه، ثم صفي فيه!. فقالت: فإنْ لم يخرجِ الدمُ؟ قال: " يكفيكِ غَسْلُ الدمِ؛ ولا يضُرًكِ آثَرُهُ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: نا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن لهيعة، وهو ثقة؛ لكنه سيئ الحفظ؛ إلا أنه قد روى عنه هذا الحديث: ابن وهب أيضا كما يأتي، وهو صحيح الحديث عنه؛ فقد قال عبد الغني بن سعيد الأرْدي: " إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: ابنُ المبارك وابن وهب والمقري، وذكر الساجي وغيره مثله ". فحدينَه هذا صحيح (1) . والحديث أخرجه أحمد (2/380) : حدثنا قتيبة بن سعيد ... به. وأخرجه البيهقي (2/408) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح. ثنا أبي: ثنا ابن لهيعة: حدثني يزيد بن أبي حبيب ... به. ومن طريق ابن وهب عن ابن لهيعة عن ابن أبي حبيب ... به. وقال: " تفرد به ابن لهيعة ".

_ (1) وإسناده هذا- أيضا- صحيح، فرواية قتيبة بن سعيد عنه ملحقة برواية العبادلة عنه؛ كما حققه الشيخ رحمه الله في غير ما موضع من كتبه، فانظر- على سبيل المثال- ما حرره الشيخ رحمه الله في "الصحيحة" (2/646 و 6/825- 826) . (الناشر) .

132- باب الصلاة في الثوب الذي يصيب أهله فيه

قلت: وقد رواه عنه موسى بن داود الضبِّيَ، فخالف في إسناده؛ فقال: حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفرعن عيسى بن طلحة ... به. أخرجه أحمد (2/344) . فإن كان ابن لهيعة قد حفظه؛ فهو إسناد آخر له صحيح؛ وإلا فهو من سوء حفظه، والصواب رواية ابن وهب ومن تابعه عنه. 132- باب الصلاة في الثوب الذي يُصيبُ أهلَهُ فيه 392- عن معاوية بن أبي سفيان: أنه سأل أختَهُ أمَّ حبيبةَ زَوْجَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلِّي في الثوب الذي يجامِعُها فيه؟ فقالت: نعم؛ إذا لم يَرَ فيه آذىً. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2325)) . إسناده: حدثنا عيسى بن حماد المصري: أنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويدِ بن قيس عن معاوية بن حُدَيْج عن معاوية بن أبي سفيان. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وفيه ثلاثة من الصحابة: أم حبيبة ومعاوية بن أبي سفيان ومعاوية بن حُدَيْج؛ وقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان (2325) ؛ كما في "الفتح " (1/370) . والحديث أخرجه النسائي (1/56) ، والدارمي (1/319) ، وابن ماجه (1/192) ، والبيهقي (2/410) من طرق عن الليث ... به؛ وقد قرن البيهقي - مع الليث- عبدَ الله بنَ لهيعة وعمرو بن الحارث.

وتابعهم عبد الحميد بن جعفر: عند الدارمي. وابن إسحاق: عند أحمد (6/325) . والحديث أخرجه الطحاوي أيضا (1/30) . وله في "المسند" (6/325 و 426) طريق أخرى من حديث معاوية بن صالح قال: ثنا ضَمْرة بن حبيب أن محمد بن أبي سفيان الثقفي حدثه أنه سمع أم حبيبة تقول: رأيت النبي عَنه! يصلي وعَلَيَّ وعليه ثوب واحد؛ فيه كان ما كان. ورجاله ثقات؛ غير محمد بن أبي سفيان؛ قال الحافظ في "التقريب ": " مقبول، وقيل: الصواب: عنبسة بن أبي سفيان ". قلت: وجزم بذلك الخزرجي في "الخلاصة ". فإذا صح هذا فالإسناد صحيح؛ لأن عنبسة ثقة من رجال مسلم. وللحديث شاهد من رواية عائشة رضي الله تعالى عنها بلفط: كان يصلًي في الثوب الذي يجامع فيه. أخرجه أحمد (6/217) ، ورجاله ثقات، لكنه منقطع. وآخر من حديث أبي الدرداء: رواه ابن ماجه (541) بسند ضعيف. وثالث: عنده (542) عن جابر بن سمرة، وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (236) .

133- باب الصلاة في شعر النساء

133- باب الصلاة في شُعُر النساء 393- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يصلِّي في شئعُرِنا أو ئخفِنَا- شك معاذ؛ يعني: العنبريَّ-. (قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح "، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: نا أبي: نا الأشعث عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة. قال عبيد الله: شك أبي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الأشعتَ - وهو ابن عبد الملك الحًمْرَاني؛ كما في بعض الروايات الآتية-، وهو ثقة، روى له البخاري تعليقاً، وقد قال ابن معين فيه: " لم أدرك أحداً من أصحابنا أثبت عندي منه، ولا أدركت أحداً من أصحاب ابن سيرين بعد ابن عَوْن أثبت منه ". ومن طريق معاذ- وهو ابن معاذ العنبري-: أخرجه ابن حبان (4/38/2330- الإحسان) . والحديث أخرجه النسائي (2/302) ، والترمذي (2/496) ، وابن الجارود (134) ، والطحاوي (1/30) ، والبيهقي (2/409) ، والبغوي في "شرح السنة " (2/429) من طرق أخرى عن الأشعث ... به بلفظ: لحفنا؛ بدون شك. وفي رواية للنسائي:

ملاحفنا. وأخرجه الحاكم (1/252) ، ومن طريقه البيهقي من طريق أخرى عن عبيد الله بن معاذ. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وليس كما قالا. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح " ثم إن ابن سيرين نَسِي؛ فروى الحديث مرسلاً- بلفظ آخر- ومنقطعاً. أما المرسل؛ فأخرجه أحمد (6/129) : ثنا همام قال: ثنا قتادة عن ابن سيرين: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِه الصلاة في ملاحف النساء. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ ولكنه مرسل؛ وهو بهذا اللفظ شاذ. وأما المنقطع؛ فهو: 394- وفي رواية عنها: أنّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يصلِّي في مَلاحِفِنَا. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن حرب: نا حماد عن هشام عن ابن سيرين عن عائشة. قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال: سألت محمداً عنه؟ فلم

يحدثني، وقال: سمعته منذ زمان، ولا أدري أسمعته من ثبت أولا، فسلوا عنه! والحديث أخرجه البيهقي (2/415) من طريق المصنف. وكذلك رواه سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عن عائشة رضي الله عنها - لم يذكر ابن شقيق- قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يصلي في شُعُرِنا. أخرجه البيهقي من طريق ؤهَيْب عن سلمة. وأخرجه أحمد (6/101) : ثنا عفان قال: ثنا بشر- يعني: ابن مُفَضل- قال: ثنا سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين قال: نُبِّئْست أن عائشة ... به. قال بشر: هو الثوب الذي يُلْبَسُ تحت الدِّثار. فهذه الرواية صريحة في أن ابن سيرين لم يسمعه من عائشة. ورواية سعيد ابن أبي صدقة صريحة بأن ابن سيرين نسي لبعْدِ العَهْد. وقد حفظ الأشعثُ الحديثَ عنه، فأدخل بينه وبينها عبدَ الله بنَ شقيق، كما في الرواية الأولى، فاتصل بذلك الإسناد وصح، وقد صححه من سبق ذكرهم هناك. (تنبيه) : هكذا وقع الحديث في جميع المصادر المتقدمة بلفظ: كان لا يصلي ... إلخ؛ إلا في رواية لابن حبان (2324) ؛ فهي بلفظ: كان يصلي ... ! بحذف (لا) النافية! وهي عنده من طريق أشعث بن سَوَّار عن ابن

134- باب الرخصة في ذلك

سيرين ... به. وأشعث هذا ضعيف، ودونه أحد المجهولين؛ كما بينته في "الصحيحة" (3321) تحت حديث عائشة الصحيح هذا. 134- بابُ الرُّخْصَةِ في ذلك 395- عن ميمونة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى وعليه مِرْطٌ، وعلى بعض أزواجه منه وهي حائض، وهو يصلِّي وهو عليه. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، وأخرجه الشيخان وأبو عوانة أيضا بنحوه، وسيأتي (رقم 663)) . إسناده: حدننا محمد بن الصَّباح بن سفيان: نا سفيان عن أبي إسحاق الشيباني سمعه من عبد الله بن شَدَاد يحدثه عن ميمونة. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن الصَّبًاح بن سفيان، وهو ثقة. وأبو إسحاق الشيباني: اسمه سليمان بن أبما سليمان. والحديث أخرجه البيهقي (2/409) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (6/330) : ثنا سفيان بن عيينة ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/224) ، والبيهقي (2/239) من طرق أخرى عن سفيان.

وكذلك أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/53) . ثم أخرجه هو، والبخاري (1/341 و 388) ، ومسلم (2/61) ، وأحمد (6/330 و 331) من طرق أخرى عن الشيباني؛ بلفط: كان يصلي وأنا حذاءَه، وأنا حائض، وربما أصابني ثوبه إذا سجد. وسيأتي في الكتاب. انظر ابن خزيمة (2/104- 106) . 396- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ يصلِّي بالليل وأنا إلى جنبه، وأنا حائض، وعلي مِرْطٌ وعليه بعضُه. (قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأخرجه الحاكم مختصراً، وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقوّاه البيهقي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا وكيع بن الجراح: نا طلحة بن يحيى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير طلحة بن ، يحيى- وهو ابن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني-؛ فمن رجال مسلم وحده، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد القطان والبخاري وغيرهما. ووثقه ابن معين ويعقوب بن شيبة والعجلي وابن حبان، وقال: " كان يخطئ ". وقال أبو حام: " صالح الحديث، حسن الحديث، صحيح الحديث ". وقال المصنف:

" ليس به بأس ". وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق يخطئ ". قلت: فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى؛ حيث إنه ثقة في نفسه، ولم يشتد ضَعْف حِفظِه ليسقط الاحتجاج بحديثه. وقد توبع على الحديث كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/204) : ثنا وكيع ... به. وأخرجه مسلم (2/61) ، والنسائي (1/125) ، وابن ماجه (1/224) ، والبيهقي (2/409) ؛ كلهم عن وكيع. وقال البيهقي (2/239) : " إنه ثبت عن عائشة ". وقد تابعه سفيان الثوري عن يحيى ... نحوه؛ بلفظ: ... مرط من هذه المُرَحَلات. أخرجه أحمد (6/99 و 199) ، وأبو عوانة في "صحيحه " (2/60) ؛ وزاد أحمد: " المرط من أكْسِيَة سُود ". زاد أبو عوانة: " والمرحَّلات المخطَّطة ". وتابعه أيضا أبو يحيى الحِمَّاني ... مختصراً: عند أبي عوانة. وللحديث طريق أخرى: عند أحمد (6/129 و 146) ، والحاكم (4/188) عن قتادة عن كثير بن أبي كثير عن أبي عِياض عنها ... مختصراً؛ بلفظ: كان نبي الله يصلي؛ وإن بعض مِرْطي عليه. وقال الحاكم:

135- باب المني يصيب الثوب

" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير كثير هذا- وهو مولى عبد الرحمن بن سَمُرة-؛ وثقه العجلي. وله طريق ثالث مختصر- نحو رواية الحاكم- عند المصنف (رقم 642) . 135- باب المني يُصيب الثوبَ 397- عن هَمام بن الحارث: أنه كان عند عائشة، فاحتلم، فأبصَرَتْهُ جارية لعائشة وهو يغسل أثر الجنابة من ثوبه- أو يغسل ثوبه-، فأخبرتْ عائشة؟ فقالتْ: لقد رأيتُنِي وأنا آفْرُكُهُ من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في " صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن هَمام بن الحارث (1) . قلت: هذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1401) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه أحمد (16/25 و 263) ، والطحاوي (1/29) من طرق عن شعبة ... به؛ وكلهم قالوا:

_ (1) ورواه الأعمش كما رواه الحكم.

لقد رأيتني وما أزيد على أن أفركه ... إلخ. وهذا القدر منه؛ أخرجه النسائي (1/56) . وأما رواية الأعمش التي أشار إليها المصنف؛ فوصلها مسلم (1/164- 165) ، وأبو عوانة (1/205- 206) ، والترمذي (1/198- 199) ، وابن ماجه (1/192) ، والطحاوي أيضا، وأحمد (6/43) من طرق عنه عن إبراهيم ... به نحوه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه النسائي أيضا مختصراً. وهو رواية لابن ماجه، وأحمد (6/193) . ورواه منصور أيضا عن إبراهيم ... به. أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي والطحاوي والبيهقي (2/417) ، وأحمد (6/135) . وللحديث طرق أخرى مطولاً ومختصراً: عند مسلم وأبي عوانة والنسائي والطحاوي والبيهقي والطيالسي (رقم1420) ، وأحمد (6/67 و 255 و280) . وفي رواية لأ بي عوانة والطحاوي وكذا الدارقطني (ص 46) من طريق الحميدي: ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: كنت أفْرُكُ المتي من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان يابساً، وأمسَحُه- أو أغسله؛ شك الحميدي- إذا كان رطباً.

قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد شك الحميدي في المسح أو الغسل، وكلاهما ثابت: أما المسح؛ فرواه عكرمة بن عمار عن عبد الله بن عبَيْدِ بن عُمَيْر عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر، ثم يصلي فيه، ويَحُته من ثوبه يابساً، ثم يصلي فيه. أخرجه أحمد (6/243) ، والبيهقي (2/418) . وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم. وأخرجه ابن خزيمة (294) . وأما الغسل؛ فيأتي بعد هذا بحديث. 398- عن عائشة قالت: كنتُ آفْرًكً المنيَّ من ثوبِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيصلِّي فيه. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن حماد عن إبراهيم عن الأسود: أن عائشة قالت ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أن حماداً - وهو ابن أبي سليمان الأشعري مولاهم أبو إسماعيل الكوفي الفقيه- قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وقال الحافظ في "التقريب ":

" صدوق له أوهام ". فهو حسن الحديث على أقل الدرجات. وقد أورده الذهبي في "الميزان "، وقال: " تكُلمَ فيه للإرجاء، ولولا ذكر ابن عدي له في "كامله " لما أوردته ". وهذا إشارة منه إلى توثيقه. وحماد الآخر- شيخ موسى بن إسماعيل-: هو ابن سلمة. والحديث أخرجه البيهقي (2/416) من طريق المصنف. وأخرجه الطحاوي (1/31) ، وأحمد (6/125- 132 و 213) من طرق عن حماد بن سلمة ... به. وقال المصنف عقب الحديث: " ووافقه مغيرة وأبو معشر وواصل ". قلت: يعني: عن إبراهيم. وقد وصله عنهم: مسلم (1/165) ، والطحاوي (1/30 و 31) ، وأحمد (6/35 و 97 و 101 و 239) عن الأخيرين. وأبو عوانة (1/204 و 205) عن واصل ومغيرة. والنسائي (1/56) ، وابن ماجه (1/192) عن مغيرة. والبيهقي (2/416) عن واصل. فهذه طرق مستفيضة، تشهد بصحة الحديث عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة؛ فليس صواباً قولُ الترمذي- عقب حديث الأعمش عن إبراهيم عن همام ابن الحارث عنها، وقد تقدم-:

" وروى أبو معشر هذا الحديث عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. وحديث الأعمش أصح "! قلت: وأبو معشر ثقة، وهو زياد بن كُلَيْب التميمي الحنظلي الكوفي. فلو تفرد بهذا الاسناد لكان حجة؛ فكيف وقد تابعه الثًلاثة الذين سبق ذكرهم؟! بل تابعه الأعمش نفسه، فرواه حفص عنه عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد وهمام عن عائشة. أخرجه مسلم (1/164- 165) ، والطحاوي (1/29) . فهذا كله يدل على صحة الإسنادين، وأن لإبراهيم فيه شيخبن. بل له شيخ ثالث؛ فقد رواه خالد- وهو الحَذَّاء- عن أبا معشر عن إبراهيم عن علقمة والأسود: أن رجلا نزل بعائشة، فأصبح يغسل ثوبه ... الحديث نحو حديث الأعمش السابق. أخرجه مسلم (1/164) . 399- عن عائشة: أنها كانت تَغْسِلُ المنيَّ من ثوبِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: ثم أراه فيه بُقْعَةً أو بُقَعاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: نا زهير. (ح) وثنا محمد بن

عبيد بن حِسَاب البصري: نا سُليم- يعني: ابن أخضر؛ المعنى؛ والأخبار في حديث سليم- قالا: نا عمرو بن ميمون بن مهران قال: سمعت سليمان بن يسار يقول: سمعت عائشة تقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد صَرحَ سُلَيْمٌ في حديثه بسماع سليمان بن يسار من عائشة، وهو ثقة من رجال مسلم. وكذلك الراوي عنه محمد بن عبيد بن حِسَاب البصري. وزهير: هو ابن معاوية الجُعْفي. والحديث أخرجه البخاري (1/267) : حدثنا عمرو بن خالد قال: حدثنا زهير ... به. وأخرجه أحمد (6/142 و 235) : ثنا يزيد قال: أنا عمرو بن ميمون قال: ثنا سليمان بن يسار قال: أخبرتتي عائشة. وهذا إسناد صحيح متصل بالسماع على شرط الشيخين. وقد أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/203) ، والبيهقي (2/418) ، وكذا الطحاوي (1/30) من طرق عن يزيد بن هارون ... به. وأخرجه البخاري (1/266) عن قتيبة قال: ثنا يزيد ... به؛ فلم ينسب يزيد كما فعل أحمد، وهو عنده يزيد بن هارون حتماً. وأما عند البخاري؛ فقيل: إنه هذا، وقيل: إنه ابن زريع، ورجحه الحافط. والله أعلم. ثم أخرجه البخاري، ومسلم (1/165) ، والنسائي (1/56) ، والترمذي (1/201) ، وابن ماجه (1/191- 192) ، والطحاوي، والبيهقي، وأحمد

136- باب بول الصبي يصيب الثوب

(6/162) من طرق عن عمرو بن ميمون ... به نحوه، وليس عند الترمذي قولها: ثم أراه ... إلخ. وقال: " حديث حسن صحيح ". ولفظ ابن ماجه: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصيبُ ثوبَهُ، فيغسلُهُ من ثوبه، ثم يخرج في ثوبه إلى الصلاة؛ وأنا أرى آثَرَ الغسلِ فيه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو رواية لمسلم والبيهقي. وأخرجه الدارقطني (ص 46) ، وقال: "صحيح" 136- باب بول الصبيِّ يصيبُ الثوبَ 400- عن أم قيس بنت مِحْصَن: أنها أتت بابْن لها صغير- لم يأكلِ الطعام- إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأجْلَسَهُ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حِجْرِه، فبالَ على ثوِبهِ، فدعا بماء، فنضحه ولم يُغْسِلْهُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أم قيس بنت محصن. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث في "الموطألما (1/83) بإسناده هذا ولفظه. وأخرجه البخاري (1/260) ، وأبو عوانة (1/252- 3-20) ، والنسائي (1/56) ، والدارمي (1/189) ، والطحاوي (1/55) ، والبيهقي (2/414) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه البخاري (10/121) ، ومسلم (1/164) ، وأبو عوانة أيضا، والترمذي (1/105- 106) . وابن ماجه (1/188) ، والطحاوي، والبيهقي، والطيالسي (رقم 1636) ، وأحمد (6/355 و 356) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. 401- عن لُبابة بنت الحارث قالت: كان الحسين رضي الله تعالى عنه في حجْرِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبال عليه، فقلتُ: الْبَسْ ثوباً وآعْطِني إزارَكَ حتى أغسِلَهُ. قال: " إنما يُغْسَل مِنْ بَوْل الأُنثى، وُينْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذكَرِ ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد بن مسرهد والربيع بن نافع أبو توبة- المعنى- قالا: نا أبو الأحوص عن سِمَاك عن قابوس عن لبابة بنت الحارث. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير مسدد فمن رجال البخاري وهو مقرون بأبي توبة، وهو من رجالهما. لكنّ سماكاً- وهو ابن حرب- فيه كلام من قبل حفظه، وهو حسن الحديث في غير روايته عن عكرمة، كما سبق بيانه.

والحديث أخرجه ابن ماجه (1/187) ، والطحاوي (1/55) ، والحاكم (1/166) ، ومن طريقه البيهقي (2/414) من طرق أخرى عن أبي الأحوص ... به. وقال الحاكم: " صحيح "، ووافقه الذهبي. وصححه ابن خزيمة أيضا، كما في "الفتح " (1/260) . وقال البيهقي: " وكذلك رواه إسرائيل وشريك عن سماك: ولبابة هي أم للفضل ". قلت: وحديث إسرا ثيل: أخرجه أحمد (6/339) ؛ وفيه: فضربت بين كتفيه فقالى: " ارفقي بابتي رحمك الله- أو أصلحك الله-! أوجعت ابني ". قالت: قلت يا رسول الله! اخلع إزارك ... الحديث. وحديث شريك: أخرجه الطحاوي (1/56) . ثم قالى البيهقي: وروي عن علي بن صالح عن سماك بن حرب عن قابوس عن أبيه قال: جاءت أم الفضل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.... فذكر قصة، وفيها: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما يغْسَلُ ... " الحديث؛ ثم ساق إسناده بذلك بلى علي بن صالح. أخرجه من طريق حَسَنُونَ البَناء الكوفي: ثنا عثمان بن سعيد المري عنه. وحَسَنُونَ هذا؛ لم أعرفه الآن. وعثمان بن سعيد؛ ليس بالمشهور. وقال الحافظ في "التقريب ": "مقبول ". وقد رواه ابن ماجه بإسناد أصح منه عن علي؛ فلم يذكر في سنده: عن أبيه..... فقال (2/456) : ثنا أبو بكر: ثنا معاذ بن هشام: ثنا علي بن صالح عن

سماك عن قابوس قال: قالت أم الفضل ... وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إلى علي بن صالح. وهو الصحيح عنه، ليس فيه: عن أبيه؛ لتابعة الثقات له كما سبق. وقابوس قديم الوفاة، فقد ذكره ابن يونس فيمن قَدِمَ مع محمد بن أبي بكر مصر في خلافة علي، فلا يمتنع إدراكه لأم الفضل؛ كما قال الحافظ في "التهذيب ". وقد وجدت للحديث طريقين آخرين صحيحين عن لُبابة: أحدهما: من طريق حماد بن سلمة قال: أنا عطاء الخراساني عن لبابة أم الفضل. أخرجه أحمد (6/339) : ثنا عَفان وبهز قالا: ثنا حماد بن سلمة. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع بين عطاء ولبابة. لكن قد جاء موصولاً: أخرجه أحمد والبيهقي (2/515) من طريق عفان قال: ثنا حماد قال حميد: كان عطاء يرويه عن أبي عياض عن لبابة. وأبو عياض هذا: هو عمرو بن الأسود العَنْسِيُ، وهو ثقة من رجال الشيخين، فعاد الحديث صحيحاً موصولاً على شرط مسلم. والطريق الآخر: أخرجه أحمد أيضا (6/339- 340) : ثنا عفان: ثنا وُهَيْبٌ قال: ثنا أيوب عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم الفضل. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

402- عن أبي السَّمْحِ قال: كنتُ أخْدُمُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: " ولني قَفَاك ". قال: فأُوَلِّيهِ قفايَ، فأسْتُرُهُ به، فأُتِيَ بِحَسَن أو حسَين رضي الله تعالى عنهما، فبال على صدره، فجئت أغسله، فقال: " يُغْسَل من بول الجارية، وُيرَشّ من بول الغلام ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم، يوافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة أيضا، وفال البخاري: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا مجاهد بن موسى وعباس بن عبد العظيم العنبري- المعنى- قالا: نا عبد الرحمن بن مهدي: حدثني يحيى بن الوليد: حدثني مُحِلَ بن خليفة: حدثني أبو السمح. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير يحيى بن الوليد، وهو ثقة، وهو أبو الزعْراءِ الكوفيَ؛ قال النسائي: " ليس به بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". والحديث أخرجه البيهقي (1/415) من طريق المصنف. وأخرجه ابن ماجه (1/188- 189) : حدثنا عمرو بن علي ومجاهد بن موسى والعباس بن عبد العظيم قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ... به. وأخرجه النسائي (1/46، 57) - عن مجاهد بن موسى وحده-، والدارقطني (ص 57) ، وابن حزم (1/100) - عن عمرو بن علي وحده-، وأخرجه الحاكم

(1/166) - من طريق أحمد بن حنبل-: ثنا عبد الرحمن بن مهدي به. وقال: " صحيح "، ووافقه الذهبي. وقال البخاري: " حديث حسن "؛ كما في "التلخيص " (1/254) وغيره. وصححه ابن خزيمة أيضا، كما في "الفتح " (1/260) . 403- عن علي رضي الله تعالى عنه قال: يُغْسَل بولُ الجارية، وبُنْضَحُ بول الغلام؛ ما لم يَطْعَمْ. (قلت: إسناده صحيح، وهو موقوف، وقد صح عنه مرفوعاً، وهو التالي) . إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن ابن أبي عَرُوبة عن قتادة عن أبي حَرْب ابن أبي الأسود عن أبيه عن علي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم رجال الشيخين؛ غير مسدد؛ فمن رجال البخاري وحده، وأبي حرب بن الأسود؛ فمن رجال مسلم فقط. والحديث أخرجه البيهقي (2/415) من طريق المصنف، ثم قال: " وفيما بلغني عن أبي عيسى [يعني: الترمذي] أنه قال: سألت البخاريَّ عن هذا الحديث؟ فقال: سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه. وهشام الدشْتُوائي يرفعه، وهو حافظ. قلت: إلا أن غير معاذ بن هشام رواه عن هشام مرسلاً ". قلت: ثم ساق إسناده بذلك من طريق مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن قتادة عن ابن أبي الأسود عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره.

وهذا لا يضر أيضا؛ فإن معاذ بن هشام تقة، وقد احتج به الشيخان، ولم يتفرد بوصله ورفعه كما قد يُوهِمُ ذلك كلام البيهقي؛ بل قد توبع عليه؛ كما سنبينه عند حديثه الآتي، وهو: 404- عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: ان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكر معناه، ولم يذكر: " ما لم يَطْعَمْ "؛ زاد: قال قتادة: هذا ما لم يَطْعَمَا، فإذا طَعِمَا غُسِلا. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرطهما "! يوافقه الذهبي! وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقال الحافظ: " إسناده صحيح، وقد رَجَّحَ البخاري صحته، وكذا الدارقطني "، ورواه ابن حبان في "صحيحه " (1372) ، وكذا ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا ابن الثنى: نا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه عن علي بن أبي طالب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه أحمد (1/97/رقم 757) : ثنا معاذ بن هشامء.. به. وأخرجه الترمذي (2/509) ، وابن ماجه (1/188) ، والطحاوي (1/55) ، والدارقطني (47) ، والحاكم (1/165- 166) ، ومن طريقه البيهقي (2/515) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائده " على "المسند" (رقم 1148) من طرق عن معاذ بن هشام ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والحاكم: " حديث صحيح على شرطهما "! ووافقه الذهبي!

وإنما هو على شرط مسلم وحده كما ذكرنا؛ لأن أبا حرب بن أبي الأسود ليس من رجال البخاري. وقال الحافظ في "الفتح " (1/260) : " وإسناده صحيح. ورواه سعيد عن قتادة فوقفه؛ وليس ذلك بعلة قادحة ". قلت: ورواية سعيد الموقوفة هي الني في الكتاب قبل هذا. وقال في "التلخيص ": " إسناده صحيح؛ إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، وفي وصله وإرساله، وقد رجح البخاري صحته، وكذا الدارقطني. وقال البزار: " تفرد برفعه معاذ بن هشام عن أبيه. وقد روي هذا الفعل من حديث جماعة من الصحابة، وأحسنها إسناداً حديث علي ". وقد تبع البزارَ في قوله: " تفرد برفعه معاذ بن هشام عن أبيه ": البيهقي، وقد ذكرنا كلامه في ذلك في الحديث السابق! وليس هذا القول بصحيح؛ فقد قال الدارقطني: " تابعه عبد الصمد عن هشام ". قلت: أخرجه من طريقه: أحمد (رقم 563 و 1149) : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا هشام ... به. وأخرجه ابنه عبد الله في "زوائده " مقروناً مع رواية معاذ (رقم 1148) . وأخرجه الدارقطني أيضا (ص 47) . 405- عن الحسن عن أمه قالت: إنها آبصَرَتْ أم سَلَمَةَ تَصُبُ الماءَ على بول الغلام ما لم يَطْعَم، فإذا طَعِمَ غسلته، وكانت تغسل بول الجارية.

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو موقوف، وصححه البيهقي والحافظ ابن حجر) . إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر: نأ عبد الوارث عن يونس عن الحسن. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأم الحسن- وهو البصري-: اسمها خَيْرَة. وقال الحافظ في "التلخيص " (1/255) : " وسنده صحيح. ورواه البيهقي من وجه آخر عنها موقوفاً أيضا، وصححه ". قلت: إنما أخرجه البيهقي (2/416) من طريق المصنف بإسناده هذا. وأما الوجه الأخر عنها؛ فأخرجه (2/415) مرفوعاً من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز بن صادر: ثنا الفضيل بن سليمان النّمَيْري: ثنا كثير بن قارْوَنْدا: آبَنا عبد الله بن حزم عن معاذة بنت حُبَيْش عنها. وقال: " وهذا الحديث صحيح عن أم سلمة من فعلها ... "، ثم ساقه موقوفاً عليها من طريق المصنف. وفي إسناد هذا المرفوع جماعة لم أجد لهم ترجمة! وهم: عبد الرحمن بن عبد العزيز- ويعرف بابن صادر- وعبد الله بن حزم ومعاذة بنت حُبَيْش. وقد روي مرفوعاً من وجه آخر ضعيف أيضا. رواه الطبراني في " الأوسط " عنها. والحديث صحيح مرفوعاً؛ ورد كذلك عن جماعة من الصحابة بأسانيد قوية، كما سبق.

137- باب الأرض يصيبها البول

137- باب الأرض يصِيبها البول 406- عن أبي هريرة: ان أعرابيّاً دخل المسجد ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس، فصلى (زاد في رواية: ركعتين) ، ثم قال: اللهمِ ارْحَمْنِي ومحمد اً، ولا تَرْحَمْ معنا أحد اً! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَحَجَّرْت واسعاً ". ثم لم يَلْبَثْ أن بال في ناحية المسجد؛ فأسرعَ الناسُ إليه، فنهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: " إنما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، ولم تُبْعَثُوا مُعَسِّرينَ! صُبوا عليه سَجْلا من ماء - أو قال: ذَنوباً من ماء-" (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه ابن حبان في "صحيحه " نحوه، والبخاري مفرقاً) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرْحِ وابن عَبْدة- في آخرين؛ وهذا لفظ ابن عبدة-: قال: أنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. قال ابن عبدة: ... ركعتين..... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وابن عبدة: هو أحمد أبو عبد الله الضبِّي. والحديث أخرجه أحمد (2/239) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه الترمذي (1/275- 276) ، والبيهقي (2/428) من طرق عن سفيان ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

وللحديث طرق أخرى؛ فقال أحمد (2/503) : ثنا يزيد: أنا محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... نحوه. وهذا إسناد حسن. وأخرجه ابن ماجه (1/189) ، وابن حبان في "صحيحه " (2/ 339/1399) من طريق محمد - وهو ابن عمرو - ... به. ورواه البخاري (10/360) من طريق الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ... به مختصراً، دون قصة البول في المسجد. لكنه أخرج هذه القصة من طريق الزهري أيضا قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة قال ... فذكره دون قصة الدعاء. أخرجه في موضعين (1/258 و 10/432) . وأخرجه النسائي أيضا (1/20 و 63) ، والبيهقي (2/428) ، وأحمد (2/282) . وله شاهد في "ابن حبان " (982) من حديث ابن عمر؛ دون قصة البول. ورجاله ثقات. 407- عن عبد الله بن مَعْقِل بن مُقَرن قال: صَلى أعرابي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذه القصة؛ قال فيه: وقال- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " خُذوا ما بال عليه من التراب فألقوه، وأهْرِيقُوا على مكانه ماءً ". قال أبو داود: " هو مرسل؛ ابن معقل لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".

(قلت: وكذا قال الدارقطني. والحديث صحيح، وقوّاه الحافظ) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا جرير- يعني: بن حازم- قال: سمعت عبد اللك- يعني: ابن عمير- يحدث عن عبد الله بن مَعْقِلِ بن مُقَرن. قال أبو داود: " هو مرسل؛ ابن معقل لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت: وهو مرسل صحيح الإسناد، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. وقد جاء مرسلا وموصولا من طرف أخرى، فالحديث بها صحيح كما يأتي. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 48) ، والبيهقي (2/428) كلاهما عن المصنف ... به. ومن شواهده: مرسل آخر؛ فقال الطحاوي (1/8) : " وروى طاوس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بمكانه أن يُحْفَرَ. حدثنا بذلك أبو بكرة بَكار ابن قتيبة البكراوي قال: ثنا إبراهيم بن يشار قال: ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو ابن دينار عن طاوس ... بذلك ". قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد أيضا. وكذا رواه سعيد بن منصور عن ابن عيينة- كما في "التلخيص " (1/250) -، وعبد الرزاق في للمصنفه "- كما في "نصب الراية" (1/212) -. وقد روي عنه موصولا من حديث أنس، بإسناد رجاله ثقات، كما قال الحافظ: " قال الدارقطني: ثنا ابن صاعد: ثنا عبد الجبار بن العلاء: ثنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس: أن أعرابياً بال في المسجد، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احفروا

مكانه، ثم صُبّوا عليه ذَنوباً من ماء ". وأعله الدارقطني بأن عبد الجبار تفرد به دون أصحاب ابن عيينة الحفاظ، وأنه دخل عليه حديث في حديث، وأنه عند ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس مرسلاً، وفيه: " احفروا مكانه "، وعن يحيى ابن سعيد عن أنس موصولاً، وليست فيه الزيادة "! قال الحافط: " وهذا تحقيق بالغ؛ إلا أن هذه الطريق المرسلة- مع صحة إسنادها- إذا ضُمت إلى أحاديث الباب؛ أخذت قوة ". وأقول: عبد الجبار- مع كونه ثقة من رجال مسلم-؛ فقد تابعه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي: عند الترمذي (148) ، وصححه؛ لكنه لم يَسُقْ لفظه. ثم قال الحافط: " وله إسنادان موصولان: أحدهما: عن ابن مسعود: رواه الدارمي والدارقطني ولفظه: فأمر بمكانه فاحتفر، وصب عليه دَلواً من ماء؛ وفيه سمعان بن مالك؛ وليس بالقوي، قاله أبو زرعة. وقال ابن أبي حاتم في "العلل " عن أبي زرعة: وهو حديث منكر. وكذا قال أحمد. وقال أبو حاتم: لا أصل له. ثانيهما: عن واثلة بن الأسقع: رواه أحمد والطبراني؛ وفيه عبيد الله بن أبي حميد الهذَلي، وهو منكر الحديث. قاله البخاري وأبو حاتم " إ! قلت: حديث ابن مسعود؛ أخرجه الدارقطني (ص 48) ، وأخرجه الطحاوي أيضا (1/8) . ولم أجده في "سنن الدارمي "؛ فليراجع! ورواه أبو يعلى أيضا- كما في "المجمع " (1/286 و 2/11) -، وقال: " وروى أبو يعلى عقبه بإسناد رجاله رجال "الصحيح " عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... مثله ". وأما حديث واثلة؛ فلم أجده أيضا في "المسند"! وأحاديثه في موضعين منه

138- باب في طهور الأرض إذا يبست

(3/490- 491 و 4/106-107) ! وأكاد أجزم أن الحافظ وهم في عزوه لـ "المسند"؛ بل أظن أنه ليس لواثلة حديث في هذا الباب! وذلك لأمور: أولاً: أنني لم أجد أحداً من الجامعين- كالحافظ الزيلعي- ذكره في الباب؛ بل الحافظ نفسه لم يذكره في "الفتح "، ونص كلامه فيه ملخصاً، قال (1/259) : " إن الحديث جاء من ثلاث طرق: أحدها موصول من حديث ابن مسعود. أخرجه الطحاوي؛ لكن إسناده ضعيف قاله أحمد وغيره. والآخران: مرسلان ... ". إلخ كلامه. ثانياً: أن الحافظ الهيثمي لم يذكره في الموضعين المشار إليهما سابقاً من كتابه "مجمع الزوائد"، وهو من شرطه. ثالثاً: أنني لم أجده في أحاديث واثلة من "المسند"، كما سبق! والله أعلم. 138- باب في طهُور الأرضِ إذا يَبِسَتْ 408- عن ابن عمر قال: كنتً آبِيتُ في المسجد في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنتُ فتىً شابّاً عَزَباً، وكانت الكلاب تبول، وتُقْبِلً وتدْ بِرُ في المسجد، فلم يكونوا يَرشُّون شيئاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد رواه في "صحيحه " معلقاً) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس عن ابن

139- باب الأذى يصيب الذيل

شهاب: ثني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: قال ابن عمر ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه البيهقي (2/429) من طريق هارون بن معروف: ثنا ابن وهب ... به. ورواه البخاري (1/223) تعليقاً فقال: وقال أحمد بن شبيب: حدثنا أبي عن يونس ... به. وقد وصله البيهقي، وأبو نعيم أيضا من طريق أحمد بن شبيب. 139- باب الأذى يصيبُ الذَّيْلَ 409- عن أم وَلَدٍ لابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: أنها سألت أم سلمة زوجَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: إني امرأة أُطِيل ذَيْلِي وأمشي في المكان القذر؟ فقالت أم سلمة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُطَهرُهُ ما بعدَهُ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن العربي، وقال ابن حجر الهيتمي: " حديث حسن "، وقال العقيلي: " إسناده صالح جيد ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن محمد بن عمارة بن عمرو ابن حزم عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. قلت، وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أم ولد إبراهيم هذه؛ فإنها مجهولة،

وقد سماها النسائي في "مسند مالك ": " حميدة " ففي "التهذيب " مانصه: " كن- حميدة: أنها سألت أم سلمة فقالت: إني امرأة طويلة للذيل. وعنها محمد بن إبراهيم بن الحارث. وقيل: عنه عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة، وهو المشهور ". قال الحافظ: " يجوز أن يكون اسم أم الولد حميدة؛ فيلتئم القولان ". قلت: وبذلك جزم الذهبي في "الميزان " فقال: " حميدة. سألت أم سلمة: هي أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. تفرد عنها محمد بن إبراهيم التيمي ". وقال الشيخ علي القاري في "المرقاة" (1/356) : " قال ابن حجر- يعني: الهيتمي-: ومَرَّ أنها مجهولة، ومع ذلك الحديث حسن. وهو غير صحيح؛ إلا أن يقال: إنه حسن لغيره؛ فيتوقف على إسناد آخر ليس فيه المجهولة، فيعتضد به؛ وهو غير معلوم؛ فتأمل "! قلت: قد تأملنا، فوجدنا كلام الهيتمي صحيحاً؛ لأن مراده أنه حسن لغيره، وقد علمنا له إسناداً آخر، وقد أخرجه المصنف بعد هذا، وهو إسناد صحيح، فيعتضد به، كما أن له شاهداً آخر من حديث أبي هريرة يأتي ذكره. والحديث في "الموطأ" (1/47) . ومن طريقه: أخرجه الإمام محمد (ص 159) ، والترمذي (1/266) ، والدارمي (1/189) ، وابن ماجه (1/190) ، والبيهقي (2/506) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه أحمد (6/290، 316) من طرق أخرى عن محمد بن عمارة ... به.

والحديث سكت عليه الترمذي! وضعفه الخطابي والمنذري والنووي، فقال في "المجموع " (2/96) : إنه " ضعيف؛ لأن أم ولد إبراهيم مجهولة "! وأما الخطابي؛ فقال- عقب حديثي الباب-: " وفي إسناد الحديثين مقال؛ لأن الأول عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن، وهي مجهولة لا يعرف حالها في الثقة والعدالة. والحديث الأخر عن امرأة من بني عبد الأشهل، والمجهول لا تقوم به الحجة في الحديث "! قال المنذري: " وما قاله في الحديث الأول ظاهر. وأما ما قاله في الحديث الثاني؛ ففيه نظر؛ فإن جهالة اسم الصحابي غير مؤثرة في صحة الحديث ". قلت: وهذا هو الذي تقرر في المصطلح: أن جهالة اسم الصحابي لا تضر؛ وعليه جمهور أهل العلم من المحدثين وغيرهم. وقال أبو بكر بن العربي: " هذا الحديث مما رواه مالك؛ فصح، وإن كان غيره لم يَرَة صحيحاً "! وقد اغتر بهذا بعض المعاصرين، وهو صاحب "التاج "، فقال في الحديث: " رواه أبو داود ومالك والترمذي بسند صالح، وسند مالك صحيح "! وهذا - مع ما فيه من إيهام أن إستادي المصنف والترمذي غير إسناد مالك، وليس كذلك؛ لأنهما أخرجاه من طريقه كما سبق-؛ فليس صحيح الإسناد؛ لجهالة أم ولد هذه كما تقدم! على أن العقيلي قال عقبه (2/256) : " إسناد صالح جيد "! نعم؛ الحديث صحيح باعتبار أن له شاهدين:

أحدهما: عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله! إنا نريد المسجد، فنطأ الطريق النجسة؟ فقال: " الأرض يظهرُ بعضُها بعضاً ". أخرجه ابن ماجه والبيهقي من طريق إبراهيم بن إسماعيل اليَشْكُرِيِّ عن ابن أبي حبيبة عن داود بن الحُصَين عن أبي سفيان عنه. وهذا إسناد ليس بالقوي، كما قال البيهقي. 410- عن امرأة من بني عبد الله الأشْهَل قالت: قلت: يا رسول الله! إن لنا طريقاً إلى المسجد مُنْتِنَة فكيف نفعل إذا مطِرْنَا؟ قال: " أليس بعدها طريقٌ هي أطيبُ منها؟ ". قالت: قلت: بلى. قال: " فهذه بهذه ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه المنذري وعبد الحق الإشبيلي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وأحمد بن يونس قالا: نا زهير: نا عبد الله بن عيسى عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن امرأة من بني عبد الأشهل. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير موسى بن عبد الله بن يزيد؛ فمن رجال مسلم وحده. وأعله الخطابي بجهالة المرأة الصحابية! وردَّه المنذري بأن ذلك لا يوثر في صحة

140- باب الأذى يصيب النعل

الحديث؛ يعني: لأن الصحابة كلهم عدول، وقد ذكرنا نص كلامهما في ذلك في الحديث قبله. والحديث أخرجه البيهقي (2/434) من طريق أبي الوليد: ثنا زهير ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/190) من طريق شريك عن عبد الله بن عيسى ... به. وزهير: هو ابن معاوية. 140- باب الأذى يصيبُ النعْلَ 411- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا وَطِئَ أحدُكُم بِنَعْلِهِ الأذى؛ فإنَّ الترابَ له طَهُورٌ ". (قلت: حديث صحيح، وقد صححه من سنذكر في الرواية الآتية) : إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: نا أبو المغيرة. (ح) وحدثنا عباس بن الوليد ابن مَزْيَد: أخبرني أبي. (ح) وحدثنا محمود بن خالد: نا عمر- يعني: ابن عبد الواحد- عن الأوزاعي- المعنى- قال: أنبئت آنّ سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِي حدث عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ لولا جهالة من أنبأ الأوزاعي. وقد سماه محمد بن كثير الصنعاني عن الأوزاعي فقال: عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد ... به نحوه؛ وهو في الكتاب بعد هذا. لكن محمد بن كثير سيئ الحفظ؛ فلايحتج به؛ لا سيما فيما خالف فيه الثقات، وسيأتي زيادة بيان لهذا.

والحديث أخرجه الحاكم (1/66) ، والبيهقي (2/430) من طريق العباس بن الوليد بن مَزْيَد ... به. 412- وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ قال: " إذا وطئ الأذى بخُفَّيْهِ؛ فَطَهُورُهُمَا الترابُ ". (قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (1400 و1401) . وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال ابن تيمية: إنه: " حسن ") . إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: حدثني محمد بن كثير- يعني: الصنعاني- عن الأوزاعي عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ لكن محمد بن كثير سيئ الحفظ، فلا يحتج به؛ لا سيما وقد خولف في إسناده: فرواه جماعة من الثقات عن الأوزاعي فقالوا: عنه قال: أبِئْتُ أن سعيد بن أبي سعيد ... به. فرجع الحديث إلى أنه عن مجهول. هكذا أخرجه المصنف وغيره كما سبق. ولذلك قال النووي في "المجموع " (1/97) : " رواه أبو داود من طرق كلها نحعيفة ". وقال الحافظ في "التلخيص " (4/44) : " وهو معلول؛ اختلف على الأوزاعي، وسنده ضعيف ". وأما الزيلعي؛ فنقل في "نصب الراية" (1/207) عن النووي أنه قال في

"الخلاصة ": " رواه أبو داود بإسناد صحيح "! فإذا صح هذا عن النووي؛ فقد تناقض! ثم قال الزيلعي: " وقال ابن القطان: هذا حديث رواه أبو داود من طريق لا يظن بها الصحة؛ فإنه رواه من حديث محمد بن كثير عن الأوزاعي ... به؛ إذ محمد بن كثير- الصنعاني الأصل المصيصي الدار أبو يوسف ضعيف وأضعف ما هو: عن الأوزاعي؛ قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي: هو منكر الحديث؛ يروي أشياء منكرة. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: قال أبي: هو عندي ليس بثقة ". قلت: لكن الحديث صحيح؛ لأن له شاهدين يأتي ذكرهما. ولذلك قال ابن تيمية في "الفتاوى" (2/28) : أنه "حسن ". والحديث أخرجه الطحاوي (1/31) ، والحاكم (1/166) ، والبيهقي (2/430) من طرق أخرى عن محمد بن كثير ... به. وقال الحاكم: " حديثَ صحيح على شرط مسلم؛ فإن محمد بن كثير الصنعاني هذا صدوق، وقد حفط في إسناده ذِكْرَ ابن عجلان "! قلت: كذا قال! ولم يتعقبه الذهبي يشيء! فكأنه أقره ووافقه! وفي ذلك نظر من وجهين: الأول: أن الصنعاني هذا ليس بالحافظ؛ بل هو سيئ الحفظ كما سبق، فلا تقبل زيادته في الإسناد. والأخر: أن مسلماً لم يخرج للصنعاني شيئاً، كما أنه إنما أخرج لابن عجلان

متابعة. والحديث رواه أيضا ابن حبان في "صحيحه " (1400 و 1401) ، وابن السكن؛ كما في "التلخيص " وله شاهدان يشهدان له بالصحة: الأول: من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً؛ بلفظ: " إذا جاء أحدكم إلى المسجد؛ فلينظر، فإن رأى في نَعْلَيْهِ قذرا أو أذىً؛ فَلْيَمْسَحْة، ولْيُصَلِّ فيهما". أخرجه المصنف وغيره بإسناد صحيح، وسيأتي في (الصلاة في النعل) (رقم 657) . وأما الشاهد الأخر؛ فهو من حديث عائشة، وهو: 413- عن عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. (قلت: إسناده صحيح، وقال المنذري: " حديث حسن "، وأقره ابن تيمية) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: نا محمد- يعني: ابن عائذ-: حدثني يحيى بن حمزة عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد: أخبرني أيضا سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. وقد أعله البيهقي بالانقطاع؛ فقال ابن التركماني: " سكت- يعني: البيهقي- عن هذا الحديث؛ وقال في "الخلافيات ":

141- باب الاعادة من النجاسة تكون في الثوب

القعقاع لم يسمع من عائشة ". قلت: وقد رجعت إلى ترجمة القعقاع من "التهذيب "؛ فإذا به يقول: " روى عن أبي هريرة- وقيل: لم يلقه-، وجا بر، وعائشة، وابن عمر، وعلي ابن الحسين ... " إلخ. فلم ينفِ سماعه منها، والقعقاع لم يعرف بتدليس، فروايته محمولة على الاتصال. ولذلك؛ فإنا نرجح صحة هذا الإسناد عن عائشة، وأنه متصل غير منقطع؛ والله تعالى أعلم. ولذلك قال المنذري في "مختصره " (رقم 363) : " وأما حديث عائشة؛ فحديث حسن ". وأقره ابن تيمية في "الفتاوى" (2/28) ، فقال: " وقد قيل: حديث عائشة حديث حسن ". والحديث أخرجه البيهقي (2/430) من طريق المصنف. 141- باب الاعادة من النجاسة تكون في الثوب [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 142- باب البُزَاق يصيبُ الثوبَ 414- عن أبي نَضْرَةَ قال: بَزَقَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثوبه، وحَكَّ بعضَه ببعض.

(قلت: حديث صحيح، وهو مرسل صحيح الاسناد) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد: أنا ثابت البُناني عن أبي نضرة. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكنه مرسل؛ فإن أبا نضرة تابعما- واسمه المنذر بن مالك بن قُطَعَةَ؛ بضم القاف وفتح المهملة. ويشهد له حديث أنس بن مالك، وهو: 414/م- عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن حميد عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة. والحديث أخرجه النسائي (1/58) من طريق إسماعيل عن حميد ... به؛ ولفظه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ طرف رداءه، فَبَصَقَ فيه، فردَّ بعضه على بعض. وهذا مختصر؛ فقد أخرجه البخاري (1/403- 404) ، والبيهقي (2/292) من طريق إسماعيل أيضا- وهو ابن جعفر- ... به؛ بلفظ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى نُخَامة في القبلة، فشقَّ ذلك عليه، حتى رُئيَ في وجهه، فقام، فحكه بيده، فقال: " إن أحدكم إذا قام في صلاته؛ فإنه يُنَاجي ربه- أو: إن ربه بينه وبين

القبلة-؛ فلا يَبْزُقَن أحدُكُم قِبَل قِبْلَتِهِ، ولكنْ عن يساره أو تحت قدميه "، ثم أخذ طرف ردائه، فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض فقال: " أو يفعل هكذا ". وأخرجه أحمد (3/199) : ثنا يزيد: ثنا حميد ... به. وللحديث شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، سيأتي (رقم 499) . آخر كتاب الطهارة من "صحيح سنن أبي داود "

2- أول كتاب الصلاة

2- أول كتاب الصلاة 415- عن طلحة بن عبَيْدِ الله: جاء رجلٌ إلى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل نَجْدِ، ثائرَ الرأس، يسْمَع دَوِيّ صوته، ولا يفْقَه ما يقول؛ َ حتى دنا، فإذا هو يَسأل عن الاسلام؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَمس صلوات في اليوم والليلة ". قال: هل علي غيرهنَّ؟ قال: " لا؛ إلا أن تَطَّوَّع ". قال: وذكر له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صيامَ شهر رمضان. قال: هل عليَّ غيره؟ قال: " لا؛ إلا أن تَطَّوَّعَ ". قال: وذكر له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصدقةَ. قال: فهل عليَّ غيرهُا؟ قال: " لا؛ إلا أن تَطَّوَّعَ ". فأدبر الرجلُ وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أفلحَ إنْ صدق ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عَمِّهِ أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول ...

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "الموطأ" (1/188- 189) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/87- 88 و 5/320) ، ومسلم (1/31- 32) ، وأبو عوانة (1/417 و 2/310- 311) ، والنسائي (1/79- 80) ، وابن الجارود (144) ، والبيهقي (2/466) ، وأحمد (1/162) ، وابن منده في "الايمان " (ق 2/17) كلهم عن مالك ... به. وقال ابن منده: "مجمع على صحته ". (تنبيه) : زاد مسلم- وكذا المؤلف في الرواية الأتية- في رواية: ".. وأبيه "! وهي شاذة، وبيان ذلك في "الضعيفة" (4992) ، وستأتي هذه الزيادة في رواية المؤلف في ("الضعيف " في الأيمان والنذور) . 416- وفي رواية؛ قال: " أفلح- وابيه- إن صدق، دخل الجنة- وأبيه- إن صدق ". (قلت: إسنادها صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما". وقال الحافظ ابن حجر: " وهو صحيح لا مرية فيه "؛ لكن قوله: " وأبيه " شاذ) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود: نا إسماعيل بن جعفر المدني عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر ... بإسناده- يعني: الذي قبله-.

1- باب في المواقيت

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين (1) ؛ وسليمان بن داود؛ هو العَتَكِي أبو الربيع الزهْراني البصري الحافظ. والحديث أخرجه البخاري (4/82 و 12/ 278) ، ومسلم (1/32) ، والبيهقي (2/466) من طرق عن إسماعيل بن جعفر ... به. وقال الحافظ في "الفتح " (1/89) : " وهو صحيح لا مرية فيه ". قلت: لكن قوله: " وأبيه " شاذ؛ كما تقدم التنبيه عليه آنفاً. 1- باب في المواقيت 417- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آمّني جبريل عليه السلام عند البيت مَرَّتين، فصلى بي الظهرَ: حين زالت الشمسُ وكانت قَدْرَ الشِّرَاك، وصلَّى بي العَصْرَ: حين كان ظِلَّهُ مثلَهْ، وصلَّى بي- يعني- المغربَ: حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاءَ: حين غاب الشَّفَقُ، وصلَّى بي الفَجْرَ: حين حَرُمَ الطعامُ والشرابُ على الصائم. فلما كان الغَدُ؛ صلَّى بي الظهْرَ: حين كان ظِلَهُ مِثْلَهُ، وصلَّى بي العَصْرَ: حين كان ظِلهُ مِثْلَيْهِ، وصلَّى بي المغربَ: حين أفطر الصائم، وصلَّى بي العشاءَ: إلى ثلث الليل، وصلَّى بي الفَجْرَ فَأسْفَرَ، ثم التفتَ إليَّ فقال: يا محمد! هذا وقت الأنبياءِ من قبلك، والوقتُ: ما بين هذين

_ (1) كتب الشيخ رحمه الله فوق هذه العبارة: " يعاد النظر ".

الوقتين ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، والحاكم: " صحيح "! وأقرهُ الذهبي! وكذا قال النووي! وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "، وصححه أيضا أبو بكر بن العربي، وابن عبد البر) . إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن سفيان: حدثني عبد الرحمن بن فلان ابن أبي ربيعة- قال أبو داود: هو عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة- عن حَكِيمِ بن حَكِيم عن نافع بن جُبَيْرٍ بن مُطْعِمٍ عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عبد الرحمن بن الحارث ضعف يسير من قبل حفظه، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن؛ وقد وثقه ابن سعد وابن حبان والعجلي. وقال ابن معين: " صالح ". وقال أبو حاتم: " شيخ ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وقال أحمد: "متروك ". وضعفه ابن المديني. وقال ابن نمير: " لا أُقْدِمُ على ترك حديثه ". وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق له أوهام ". والحديث أخرجه الطحاوي (1/87) ، والدارقطني (ص 96) ، والحاكم (11/93) ، والبيهقي (1/364) ، وأحمد (1/333 و 354) من طرق أخرى عن

سفيان ... به. وأخرجه الترمذي (1/279- 282) ، والطحاوي أيضا، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وعبد الرزاق (2028) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن الحارث ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والحاكم: " صحيح "! وأقره الذهبي! وكذا قال النووي في "المجموع " (3/23) ! وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (1) ، كما في "نصب الراية" (1/221) ، و " التلخيص " (3/5) ، وقال: " وفي إسناده عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة؛ مختلف فيه؛ لكنه توبع: أخرجه عبد الرزاق [رقم 2029] عن العمري عن عمر بن نافع بن جبير ابن مطعم عن أبيه عن ابن عباس ... نحوه. قال ابن دقيق العيد: هي متابعة حسنة. وصححه أبو بكر بن العربي وابن عبد البر ". قلت: وأخرجه الدارقطني من طريق محمد بن حِمْيَرٍ عن إسماعيل عن عبد الله بن عمر عن زياد بن أبي زياد عن نافع بن جبير ... به بطوله. وإسماعيل هذا؛ الظاهر أنه ابن عياش. وعبد الله بن عمر: هو العمري. وأما زياد بن أبي زياد؛ فإن كان هو الجَصَّاص؛ فهو ضعيف. وإن كان الخزومي المدني مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة- وهو الأقرب-؛ فهو ثقة من رجال مسلم.

_ (1) ليس هو في، صحيح ابن حبانط، وإنما في "صحيح ابن خزيمة" (325) فقط.

وقد تابعه عبيد الله بن مقسم عن نافع: أخرجه الدارقطني. وهذه متابعة قوية؛ لولا أن في طريقها الواقدي؛ وهو متروك! ثم أخرجه الدارقطني من طريق محمد بن إسماعيل البخاري: ثنا أيوب بن سليمان: حدثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن الحارث ومحمد بن عمرو عن حكيم بن حكيم ... به مختصراً بلفظ: أن جبريل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلَّى به الصلوات وقتين؛ إلا المغرب. وهذه متابعة قوية؛ فإن محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة- ثقة حسن الحديث أيضا. ومثلهما حكيم بن حكيم؛ لكنه قد توبع كما سبق، فالحديث صحيح، لا سيما وأن له شواهد تأتي في الكتاب، ومنها: حديث أبي مسعود، وهو: 418- عن ابن شهاب: أن عمر بن عبد العزيز كان قاعداً على المنبر، فأخرَ العصر شيئاً، فقال له عروةُ بنُ الزبير: أما إنّ جبريل عليه السلام قد أخبر محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوقت الصلاة! فقال له عمر: اعلم ما تقول! فقال عروة: سمعتُ بَشِيرَ بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " نزل جبريل، فأحبرني بوقت الصلاة، فصلَّيت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صلَّيت معه، ثم صليت معه"؛ يحسب بأصابعه خمس صلوات، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى الظهر حين تزول الشمس،

وربما أخرها حين يشتدُ الحرُ، ورأيته يصلِّي العصر والشمس مرتفعةٌ بيضاءُ قبل أن تَدْخُلَهَا الصُفْرةُ؛ فيَنْصَرِفُ الرَّجَلُ من الصلاة، فيأتي ذا الحُلَيْفَةِ قبل غروبِ الشمسِ، ويصلي المغرب حين تسقط الشمس، ويصلي العشاء حين يَسْوَدَ الأفق، وربَّما أخرها حتى يجتمع الناس، وصلى الصبح مَرةً بِغَلَس، ثم صلى مرة أخرى فأسْفَرَ بها، ثم كانت صلاته بَعْدَ ذلك التغليسَ حتى مات، ولم يَعُدْ إلى أن يُسْفِرَ. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال النووي، وهو على شرط مسلم. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (1492) . وقال الحاكم: " صحيح "، وأقره الذهبي، وقال الخطابي: " هو صحيح الإسناد "، وقوَاه المنذري، والعسقلاني، وصححه ابن خزيمة أيضا) . إسناده: حدثنا محمد بن سلمة المرادي: نا ابن وهب عن أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره (1) . قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وفي أسامة بن زيد كلام لا يضر. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 93) ، والبيهقي (1/363- 364 و 435) من طريق الربيع بن سليمان: ثنا عبد الله بن وهب ... به. وأخرجه الحاكم (1/192) ، ومن طريقه البيهقي (1/455) من طريق يزيد بن

_ (1) قال أبو داود: " روى هذا الحديث عن الزهري: معمر ومالك وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة والليث بن سعد وغيرهم ... لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه، ولم يفسروه. وكذلك أيضا روى هشام بن عروة وحبيب بن أبي مرزوق عن عروة ... نحو رواية معمر وأصحابه؛ إلا أن حبيباً لم يذكر بشيرأ ".

أبي حبيب عن أسامة بن زيد ... به. وقال الحاكم: إنه " صحيح ". وأقره الذهبي. وقال النووي في "المجموع " (3/52) : " رواه أبو داود بإسناد حسن، قال الخطابي: هو صحيح الإسناد ". وقوّاه المنذري، كما يأتي. وقول الخطابي هذا؛ في "المعالم " (1/245) . وقد أفاد المصنف رحمه الله أن أسامة بن زيد تفرد بتفسير الأوقات في هذا الحديث دون أصحاب الزهري الذين ذكرهم! ونحن نذكر مَنْ خَرجَ أحاديثهم على الترتيب الذي أوردهم. الأول: معمر- وهو ابن راشد-: أخرجه أحمد (4/120- 121) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري ... به. وأخرجه أبو عوانة (1/343) من طريق عبد الرزاق. الثاني: مالك: وقد أخرجه هو نفسه في "موطّئه " (1/13- 19) ، وهو أول حديث فيه. ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/2- 5) ، ومسلم (2/103) ، والبيهقي (1/363) ، وأحمد (5/274) ، وأبو عوانة أيضا (1/340- 341) ، والدارمي (1/268) . الثالث: ابن عيينة- وهو سفيان-: أخرجه الشافعي في "مسنده " (ص 9) : حدثنا سفيان عن الزهري. ومن طريق الشافعي: أخرجه أبو عوانة (1/341) . ثم أخرجه هو، والبيهقي (1/363) من طريقين آخرين عن سفيان.

الرابع: شعيب بن أبي حمزة: أخرجه البخاري (7/254) ، والبيهقي (1/441) . الخامس: الليث بن سعد: أخرجه البخاري (6/238) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة (1/342) ، والنسائي (1/86) ، وابن ماجه (1/228) . وأخرجه أبو عوانة من حديث ابن جريج أيضا قال: حدثني ابن شهاب ... به وأما رواية هشام؛ فأخرجها سعيد بن منصور. وأما رواية حبيب؛ فأخرجها الحارث بن أبي أسامة في " مسنده "- كما في "الفتح " (2/4) -، قال: " وقد وجدت ما يعضد رواية أسامة، ويزيد عليها أن البيان من فعل جبريل، وذلك فيما رواه الباغندي في " مسند عمر بن عبد العزيز"، والبيهقي في "السنن الكبرى" [1/365] من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي بكر بن حزم أنه بلغه عن أبي مسعود ... فذكره منقطعاً. لكن رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر عن عروة، فرجع الحديث إلى عروة. ووضح أن له أصلاً، وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصاراً. وبذلك جزم ابن عبد البر. وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة، فلا توصف- والحالة هذه- بالشذوذ ". وقال المنذري في "مختصره " (رقم 370) : " وهذه الزيادة في قصة الإسفار؛ رواتها عن آخرهم ثقات، والزيادة من الثقة مقبولة". والحديث صححه ابن خزيمة أيضا؛ كما في "الفتح " (2/4) .

419- قال أبو داود: " وروى وهب بن كَيْسان عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وقت المغرب، قال: ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس؛ يعني: من الغد؛ وقتاً واحداً ". (قلت: وصله النسائي وغيره والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، والحاكم: " حديث صحيح مشهور ". وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1470) . وقال البخاري: إنه " أصح شيء في المواقيت "؛ يعني: في إمامة جبريل) . قلت: وصله النسائي (1/91) ، والترمذي (1/281) ، والدارقطني (ص 95) ، والحاكم (11/95- 196) ، ومن طريقه البيهقي (1/368) ، وأحمد (3/330- 331) من طرق عن عبد الله بن المبارك عن حسين بن علي بن حسين قال: أخبرني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " آمني جبريل ... " فذكر نحو حديث ابن عباس الذي سبق في الباب. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح غريب ". وقال الحاكم: " حديث صحيح مشهور "، ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالوا؛ فإن إسناده صحيح، رجاله-، كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حسين بن علي بن حسين- وهو أخو أبي جعفر الباقر-، وهو ثقة؛ وثقه النسائي وابن حبان، وأخرج حديثه هذا في "صحيحه " (1470) . قال الترمذي: " قال محمد [يعني: البخاري] : حديث جابر أصح شيء في المواقيت ".

يعني: في إمامة جبريل؛ كما قال عبد الحق؛ على ما في "التلخيص " (3/11) . ثم قال الترمذي في "سننه " (1/283) : " وحديث جابر في المواقيت؛ قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو حديث وهب بن كيسان عن جابرعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت: فوصف الترمذي فيما سبق للحديث بأنه غريب؛ لا يتمشى مع المعروف في "المصطلح ": أن الغريب ما تفرَّد به راوٍ واحد! وهذا قد رواه عن جابر جماعة، ورواه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة أيضا؛ فكيف يكون غريباً؟! إلا أن يكون أراد الغرابة النسبية! وحديث عطاء بن أبي رباح عنه: أخرجه النسائي (1/88) ، وأحمد (3/351 - 352) ، والطحاوي (1/88) من طريق عبد الله بن الحارث: حدتني ثور بن يزيد عن سليمان بن موسى عن عطاء بن أبي رباح. وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال " الصحيح ". ثم أخرجه النسائي (1/89) ، والدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق بُرْدِ بن سنان عن عطاء بن أبي رباح ... به. وهو إسناد صحيح أيضا؛ وقد علقه المصنف من الطريق الأولى، كما يأتي رقم (428) . 420- قال أبو داود: " وكذلك روي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ... ثم صلى بي المغرب؛ يعني: من الغد؛ وقتاً واحداً ". (قلت: وصله النسائي وغيره بإسناد حسن عنه؛ كما قال الحافظ، وصححه

ابن حبان (1491) ، والحاكم، ووافقه الذهبي، والحاكم، وصححه ابن السكن أيضا، وقال الترمذي: " حسن ") . قلت: وصله النسائي (1/89) ، والطحاوي (1/88) ، والدارقطني (ص 97) ، والحاكم (194) ، وعنه البيهقي (1/369) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... نحو حديث ابن عباس المتقدم. وهذا إسناد حسن؛ كما قال الحافظ في "التلخيص " (3/10) ؛ قال: " وصححه ابن السكن، وقال الترمذي في "العلل ": حسن ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر بيَّناه فيما سبق من الكتاب مراراً. ثم أخرج له الحاكم طريقاً أخرى من حديث عمر بن عبد الرحمن بن آسِيد عن محمد بن عَبَّاد بن جعفر المؤذن أنه سمع أبا هريرة ... به مختصراً. وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي، وأقره الحافظ في "التلخيص " (3/10) . ثم قال الحاكم: " ولم يخرجاه؛ فإنهما لم يُخَرجا عن محمد بن عباد بن جعفر "! قلت: محمد بن عباد بن جعفر: هو المخزومي المكي، وقد أخرج له الشيخان! أما الذي لم يخرجا له؛ فإنما هو للراوي عنه: عمر بن عبد الرحمن بن أسيد، ولم أجد له ترجمة! ثم رأيت البيهقي أخرج الحديث (1/369) من طريق الحاكم ... بإسناده. هذا؛ إلا أنه قال:

عمر بن عبد الرحمن بن أسيد عن محمد أنه سمع أبا هريرة. ثم قال البيهقي عقبة: " محمد: هو ابن عمار بن سعد المؤذن ". وهكذا أخرجه الدارقطني (ص 97) عن محمد بن عمّار بن سعد المؤذن ... مصرِّحاً به في صُلب الإسناد. قلت: فهذا اختلاف عظيم بين ما في "المستدرك "- ويبعد أن يكون قد خرِّف من قبل النساخ هذا التحريفَ الفاحشَ! -، وبين ما رواه البيهقي عنه! ويغلب على الظن أن روايته هي الصواب؛ بدليل قول الحاكم في محمد هذا: " لم يخرجا له "؛ فقد علمت أن ابن عباد بن جعفر هو من رجالهما. وأما محمد بن عمار بن سعد المؤذن؛ فهو من رجال الترمذي وحده! وهذا يؤيد قول من ذهب من العلماء إلى أن الحاكم صنف "المستدرك " في آخر عمره، وكان إذ ذاك حصل له تَغَيّرٌ وغفلة، كما ذكره الحافظ في "اللسان "، والله أعلم. 421- وكذلك روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص: من حديث حسان بن عطية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: وصله البيهقي بإسناد حسن) . إسناده معلق؛ وقد وصله البيهقي (1/369) من طريق عبد الرحمن بن أبي حاتم: أخبرني محمد بن عقبة بن علقمة- فيما كتب إلي-: ثنا أبي: ثنا الأوزاعي: ثنا حسان بن عطية: حدثني عمرو بن شعيب ... به. وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله ثقات معروفون؛ غير محمد بن

عقبة بن علقمة- وهو ابن خُدَيْج البيروتي المَعَافري؛ قال ابن حبان في "الثقات " - في ترجمة عقبة بن علقمة-: " يعتبر حديثه من غير رواية ابنه محمد عنه؛ لأن محمداً كان يُدْخِلُ عليه الحديثَ، ويكذب فيه ". وقال أبو محمد بن أبي حاتم: " كتب إلي ببعض حديثه، وهو صدوق، وسئل أبي عنه؟ فقال: صدوق ". كذا في "اللسان ". 422- عن أبي موسى: أنْ سائلاً سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يَرُدَّ عليه شيئاً، حتى أمر بلالاً فأقام الفجر حين انشق الفَجْرُ؛ فصلَّى حين كان الرجل لا يعرف وجه صاحبه- أو أن الرجل لا يعرف مَنْ إلى جنبه-، ثم أمر بلالاً فأقام الظهر حين زالت الشمس، حتى فال القائل: انتصف النهار؟ وهو أعلم! ثم أمر بلالاً فأقام العصرَ؛ والشمسُ بيضاءُ مرتفعةٌ، وأمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس، وأمر بلالاً فأقام العشاء حين غاب الشفق. فلما كان من الغد؛ صلَّى الفجر وانصرف، فقلنا: طلعت الشمس! فأقام الظهر في وقت العصر الذي كان قبله، وصلَّى العصر وقد اصفرَّت الشمس- أو وقال: أمسى-، وصلَّى المغرب قبل أن يغيبَ الشفق، وصلَّى العشاء إلى ثلث الليل، ثم قال: " أينَ السائلُ عن وقتِ الصلاة؟ الوقتُ فيما بَيْنَ هَذَيْن ". (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .

إسناده: حدثنا مسدد: نا عبد الله بن داود: نا بدر بن عثمان: نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". والحديث أخرجه البيهقي (1/374) من طريق المصنف. وأخرجه هو (1/366- 367 و 370- 371) ، ومسلم (09/12- 110) ، وأبو عوانة (1/375) ، والنسائي (1/91) ، والطحاوي (1/88) ، والدارقطني (ص 98) ، وأحمد (4/416) من طرق عن بدر بن عثمان ... به. 423- قال أبو داود: " وروى سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... في المغرب نحو هذا؛ قال: ثم صلى العشاء، قال بعضهم: إلى ثلث الليل، وقال بعضهم: إلى شطره ". (قلت: وصله أحمد وغيره بإسناد صحيح عنه) . وصله الامام أحمد (3/351- 352) : حدثنا عبد الله بن الحارث: حدثني ثور ابن يزيد عن سليمان بن يسار ... به نحو حديث أبي موسى. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال " الصحيح ". وأخرجه النسائي (1/88) ، والطحاوي (1/88) - عن عبد الله بن الحارث. والبيهقي (1/372) من طريق أحمد. ولجابر حديث آخر في إمامة جبريل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه: أنه صلى به المغرب في اليومين في وقت واحد؛ حين غابت الشمس. رواه بُرْدُ بن سنان عن عطاء بن أبي رباح عنه.

ورواه وهب بن كيسان أيضا عن جابر؛ وقد علقه المصنف فيما تقدم (رقم 419) . واعلم أنه لا تعارض بين حديثي جابر رضي الله عنه، كما لا تعارض بين أحاديث الباب؛ فإن في حديثه هذا، وحديث أبي موسى قبله، والأحاديث الأخرى الآتية حكماً زائداً على الأحاديث المتقدمة في إمامة جبريل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ففي هذه: أن وقت المغرب يمتذُ إلى أن يغيب الشفق، فوجب الأخذ بها ولا سيما أنها متأخرة عن تلك؛ لأن سؤال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المواقيت كان في المدينة، في مسجده عليه السلام، وإمامة جبريل له عليهما السلام كانت بمكة عند البيت؛ كما سبق في حديث ابن عباس. هذا إذا كان حديث جبريل عليه السلام إنما ورد في بيان وقت الجواز؛ فقد قيل: إنه إنما أراد بيان وقت الاختيار، لا وقت الجواز. واستحسنه النووي في "المجموع " (3/131) . والله أعلم. 424- وكذلك روى ابن بُريدَةَ عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: وصله مسلم، وابن حبان (1490) ، وأبو عوانة في "صحاحهم "، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقال البخاري: " حديث حسن ") . وصله مسلم (2/106) ، وأبو عوانة (1/373- 374) ، والنسائي (1/90) ، والترمذي (1/286) ، والطحاوي (1/88) ، والدارقطني (ص98) ، والبيهقي (1/371 و 374) ، وأحمد (5/349) من طرق عن علقمة بن مرثد عن سليمان ابن بريدة عن أبيه. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب صحيح ". وقال البيهقي: " وفي "علل الترمذي " عن البخاري أنه قال: حديث أبي موسى حسن ".

425- عن عبد الله بن عمروعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أئه قال: " وقت الظهر ما لم تَحْضُر العصر، ووقت العصر ما لم تَصْفَرَّ الشمس، ووقت المغرب ما لم يسقطْ فَوْر الشَّفَقِ، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر ما لم تَطْلُعِ الشمسُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الخطابي: " هو حديث حسن ") . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: نا أبي: نا شعبة عن قتادة أنه سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، فهو على شرطهما وأبو أيوب: هو المَرَاغِي الأزدي العَتَكِيُ البصري، اسمه يحيى- ويقال: حبيب- بن مالك. والحديث أخرجه مسلم (2/104) عن هذا الشيخ ... بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي (1/367) من طريقين آخرين عن عبيد الله بن معاذ ... به. وأخرجه الطيالسي رقم (2249) قال: حدثنا شعبة وهمام عن قتادة ... به. قال أبو داود: " قال شعبة: أحياناً يرفعه وأحياناً لا يرفعه ". ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة (1/371) ، والنسائي (1/90) ، وابن خزيمة (354 و 355) ، وابن حبان (1471) ، والطحاوي (1/90) ، والبيهقي أيضا (1/371) ، وأحمد (2/213) من طرق عن شعبة ... به؛ وزاد مسلم وأحمد والطحاوي:

2- باب وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يصليها

" قال شعبة: رفعه مرة، ولم يرفعه مرتين ". ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة والطحاوي، والبيهقي (1/365 و 371 و 374 و378) ، وأحمد (2/210 و 223) من طرق أخرى عن قتادة ... به مرفوعاً. وقال الخطابي في "المعالم " (1/233) : " وهو حديث حسن ". 2- باب وقت صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكيف كان يصليها 426- عن محمد بن عمرو- وهو ابن الحسن بن علي بن أبي طالب- قال: سألنا جابراً عن وقت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: كان يصَلي الظهْرَ بالهَاجِرَة، والعصرَ والشمس حَيةٌ، والمغربَ إذا غربتِ الشمس، والعشاء: إذا كَثرَ الناسُ عَجَّلَ، وإذا قَلوا أخر، والصبحَ بغَلَسً. (قلت: اسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما" عن شيخ المصنف بإسناده، وأخرجه أبو عوانة أيضا في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: نا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد ابن عمرو- وهو ابن الحسن بن علي بن أبي طالب-. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (1/449) من طريق المصنف.

وأخرجه البخاري (2/37) ، ومسلم (2/104) عن هذا الشيخ ... بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (رقم 1722) : حدثنا شعبة ... به. ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/367) ، والطحاوي (1/104) . ئم أخرجه البيهقي (1/434) من طريق آخر عن مسلم بن إبراهيم. ئم أخرجه هو (1/455) ، والبخاري (2/33) ، ومسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/92) ، وأحمد (3/369) من طرق أخرى عن شعبة.... به. وللحديث طريق أخرى: أخرجه أحمد (3/302) عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: الظهر كاسمها، والعصر بيضاء حَيةٌ، والمغرب كاسمها، وكنا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المغرب، ثم نأتي منازلنا وهي على قدر مِيلٍ، فنرى مواقع النبْلِ، وكان يعَجِّلُ العشاءَ وئؤَخز، والفجر كاسمها، وكان يغلِّس بها. وإسناده حسن. 427- عن أبي بَرْزَةَ قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلِّي العصر؛ وإنَّ أحدنا لَيَذْهَب إلى أقصى المدينة وبرجع؛ والشمس حَيّةٌ - ونسيت المغرب (1) -، وكان لا يبالي تأخير العشاء إلى ثلث الليل، قال: ثم قال: إلى شطر الليل. قال: وكان يَكْره النومَ قبلها والحديثَ بعدها، وكان يصلي

_ (1) القائل: " ونسيت المغرب"! هو راوي الحديث عن اْبي برزة، وهو أبو المنهال سَيار بن سلامة؛ كما بينه أحمد في روايته.

الصبح؛ وبعرف أحدنا جليسه الذي كان يعرفه، وكان يقرأ فيها الستين إلى المئة. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " عن شيخ المصنف بإسناده، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المؤلف، ورواه مسلم بتمامه، والترمذي بعضه، وقال: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: نا شعبة عن أبي المنهال عن أبي برزة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وحفص بن عمر: هو ابن الحارث الحَوْضِيُّ. والحديث أخرجه البيهقي (1/436) ، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/366) من طريق المؤلف. وأخرجه البخاري (2/17) عن هذا الشيخ ... بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (رقم " 92) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه مسلم (2/121) ، وأبو عوانة أيضا، والنسائي (1/86) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأخرجه أحمد (4/425) : ثنا حجاج ثنا شعبة ... به، وفيه: والمغرب- قال سيار: نسيتها-. وفي آخره: قال سيار: لا أدري في إحدى الركعتين أو في كلتيهما؟! وقد تابعه عوف بن أبي جميلة عن أبي المنهال: أخرجه البخاري (2/21) ، والبيهقي (1/450 و 454) ، وأحمد (4/420، 423) من طرق عنه.

3- باب وقت صلاة الظهر

وروى منه ابن ماجه (1/231) ، والطحاوي (1/109) - وقت الظهر-، والترمذي (1/313) قوله: كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. وقال: " حديث حسن صحيح ". وتابعه حماد بن سلمة عن سَيَّار بن سلامة- وهو أبو المنهال- ... به مختصراً؛ بلفط: كان يؤخر العشاء الآخرة إلى ثلث الليل، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان يقرأ في الفجر ما بين المئة إلى الستين، وكان ينصرف- حين ينصرف- وبعضنا يعرف وجه بعض. أخرجه أحمد (4/424) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم. وتابعه على الجملة الأخيرة منه: معتمر قال: أنبأًني أبي عن أبي المنهال ... به أخرجه أحمد أيضا (4/123) ، وسنده صحيح على شرطهما. 3- باب وقت صلاة الظهر 428- عن جابر بن عبد الله قال: كنت أصلِّي الظهر مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فآخذ قبضةً من الحصى؛ لِتَبْرُدَ في كَفِّي، أضعُهَا لِجَبْهَتِي؛ أسجدُ عليها؛ لشدة الحرِّ. (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي!) .

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: نا عَباد بن عَباد: نا محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارت الأنصاري عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد حسن. رجاله كلهم ثقات رجال " الصحيح "؛ غير أن محمد ابن عمرو- وهو ابن علقمة- أخرج له البخاري مقروناً، ومسلم متابعة، وهو حسن الحديث، كما تقدم مراراً. وعباد بن عباد: هو ابن حبيب أبو معاوية البصري. والحديث أخرجه البيهقي (1/439) من طريق المصنف. وأخرجه النسائي (1/164) : أخبرنا قتيبة قال: حدثنا عباد ... به؛ وزاد - بعد قوله: كَفِّي-: ثم أحوله في كفي الآخر. وقد أخرجه أحمد في "المسند" (3/327) ... بهذا الإسناد؛ لكن رواه عن عَباد بالواسطة، فقال: ثنا خلف بن الوليد: ثنا عباد بن عباد ... به. فيظهر أن أحمد رحمه الله رواه عن عباد بواسطة خلف هذا، ثم رواه عنه مباشرة بلا واسطة؛ فقد أخرجه الحاكم أيضا (1/195) - مثل رواية المصنف- من طريق أبي المثنى: ثنا مسدد. ومن طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي قالا: ثنا عباد بن عباد ... به. لكن ليس هو في "المسند" إلا من طريق خلف كما ذكرنا. ثم قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر. ثم إن الحديث أخرجه أحمد (3/327) ، والطحاوي (1/109) من طرق أخرى عن محمد بن عمرو ... به.

429- عن عبد الله بن مسعود قال: كانت قَدْرُ صلاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصيف ثلاثةَ أقْدَام إلى خمسةِ أقدام، وفي الشتاء خمسةَ أقدام إلى سبعةِ أقدام. (قلت: إسناد صحيح) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا عَبِيدَةُ بن حُمَيْد عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق عن كثير بن مُدْرِك عن الأسود أن عبدًا لله بن مسعود قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير سعد بن طارق وكثير بن مدرك؛ فإنهما من رجال مسلم؛ لكن الأول أخرج له البخاري تعليقاً، والآخر أخرج له مسلم حديثاً واحداً في المتابعات، وهما ثقتان. والحديث أخرجه البيهقي (1/365) من طريق المصنف. وأخرجه النسائي (1/87- 88) من طريق أخرى عن عَبيدة بن حميد ... به. 430- عن أبي ذَرٍّ: كنّا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأراد المؤذن ان يؤذِّن الظهْرَ، فقال: " أبرد ". ثم أراد أن يؤذن، فقال: " أبرد "؛ مرتين أو ثلاثاً؛ حتى رأينا فَيْءَ التُلُول، ثم قال: " إن شدة الحَر من فَيْحِ جهنم؛ فإذا اشتد الحَرُ فأبرِدُوا بالصلاة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في

"صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: نا شعبة: أخبرني أبو الحسن- قال أبو داود: أبو الحسن: هو مهاجر- قال: سمعت زيد بن وهب يقول: سمعت أبا ذر يقول ... قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (1/438) من طريق المؤلف. وأخرجه البخاري (6/256) عن شيخ المصنف ... بهذا السند. وأخرجه الطيالسي (رقم 445) : حدثنا شعبة ... به. وقال: ثلاثاً ... بدون شك. وأخرجه البخاري أيضا (2/14 و 16 و 88) ، ومسلم (2/108) ، وأبو عوانة (1/347) ، والطحاوي (1/110) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (5/155 و 162 و176) من طرق عن شعبة ... به. وأخرجه الترمذي (1/297- 298) من طريق الطيالسي، ثم قال: " هذا حديث حسن صحيح ". 431- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا اشتد الحَر؛ فأبردوا عن الصلاة (وفي رواية: بالصلاة) ؛ فإن شدة الحَرِّ من فَيْحِ جهنم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .

إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن مَوْهَبِ الهَمْداني وقتيبة بن سعيد الثقفي أن الليث حدثهم عن ابن شهاب عن سعيد بنَ المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة. قال ابن موهب: " بالصلاة ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (1/437) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (07/12) ، والنسائي (1/87) ، والترمذي (1/295) عن قتيبة ... به. ثم أخرجه مسلم، والدارمي (1/274) ، وابن ماجه (1/233) من طرق أخرى عن الليث ... به. وقد تابعه عن الزهري: يونس وعمرو: عند مسلم. ومعمر وابن جريج: عند أحمد (2/266 و 285) . وأسامة بن زيد الليثي: عند الطحاوي (1/110) . وزَمْعَةَ: عند الطيالسي (رقم 2302 و 2352) . وتابعهم. سفيان- وهو ابن عيينة- عن الزهري عن سعيد وحده. أخرجه أحمد (2/238) ، والبخاري (2/14) ، وأبو عوانة (1/346- 347) . وله في "المسند" (2/501) ، والطحاوي طرق أخرى عن أبي سلمة. وفي مسلم وأبي عوانة والطحاوي والبيهقي وأحمد (2/229 و 256 و 318 و348 و 377 و 393 و 394 و 411 و 462 و 507 و 3/53) ومالك (1/38) طرق أخرى كثيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وله شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، يطول الكلام بتخريجها وذكر أسانيدها وطرقها؛ فنكتفي بالإشارة إلى مواطنها؛ تسهيلا لمن أراد مراجعتها، فانظر "الصحيحبن " و "صحيح أبي عوانة" و "سنن النسائي " و "ابن ماجه " والطحاوي والبيهقي وأحمد (3/9 و 52 و 53 و 59) و (4/250، 262) و (5/368) . 432- عن جابر بن سَمًرَةَ: أن بلالاً كان يؤذن الظهر؛ إذا دَحَضَتِ الشمس. (قلت: إسناده حسن صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سِمَاك بن حرب عن جابر ابن سمرة. قلت: هذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وفي سِمَاك بن حرب كلامٌ لا يضر، وهو صحيح الحديث في رواية سفيان وشعبة عنه، وهذا الحديث مما رواه شعبة عنه كما، سنذكر. والحديث أخرجه أحمد (5/106) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا حماد ... به. ولابن مهدي فيه إسناد آخر عن سماك؛ فقال أحمد: ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا شعبة عن سماك ... به. وأخرجه مسلم (1/109) - عن عبد الرحمن-، وهو، وابن ماجه (1/231) ، والبيهقي (1/436) - عن يحيى بن سعيد- كلاهما عن شعبة ... به.

4- باب وقت العصر

4- باب وقت العصر 433- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي العصرَ؛ والشمسُ بيضاءُ مرتفعةٌ حَيةٌ، ويذهبُ الذاهبُ إلى العَوَالي والشمس مرتفعةٌ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في " صحاحهم ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: نا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أنه أخبره. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (1/440) من طريق المؤلف. وأخرجه مسلم (2/109) ، والنسائي (1/88) عن قتيبة ... به. ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة (1/352) ، وابن ماجه (1/232) ، والطحاوي (1/112) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (3/223) من طرق أخرى عن الليث ... به. وقد تابعه مالك عن ابن شهاب: أخرجه في "موطئِه " (1/26) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/23) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة (1/351) ، والطحاوي. ثم أخرجه البخاري (2/22- 23) ، ومسلم، وأبو عوانة، والطحاوي،

والبيهقي، والدارمي أيضا (1/274) ، والطيالسي (رقم 2093) ، وأحمد (3/161 و" 21 و 217) من طرق أخرى عن الزهري. وله طرق أخرى عن أنس: في "الصحيحين " و "أبي عوانة " والنسائي والطحاوي والبيهقي والطيالسي (رقم 2132 و 2138) ، وأحمد (3/131 و 169 و184 و 209 و 228 و 232 و 236- 237) . 434- عن الزهري قال: والعوالي على مِيلين أو ثلاثة. قال: وأحسبه قال: أو أربعة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا عبد الرزاق: نا معمر عن الزهري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ والحسن بن علي: هو أبو علي الخَلآل الحلواني. وهذا الأثر؛ أخرجه أحمد (3/161) : ثنا عبد الرزاق ... به؛ إلا أنه قال: وثلاثة. أحسبه قال:- وأربعة بالواو العاطفة-؛ أخرجه عقب حديثه عن أنس متصلاً به. وهكذا أخرجه البيهقي (1/440) عن عبد الرزاق. وكذلك أخرجه الطحاوي (1/112) من طريق ابن المبارك قال: أنا معمر ... به وأخرجه البخاري (2/22- 23) ، والبيهقي (1/" 44) من طريق شعيب عن الزهري ... به، إلا أنه أدرجه في الحديث، ولم يصرِّح بأنه من قول الزهري، ولفظه:

وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه. وكذلك أخرجه البيهقي من طريق يونس عن الزهري. ثم قال البيهقي: " وهذا من قول الزهري؛ ذكره معمر عنه من قوله ". وجزم الحافط بأنه مدرج من كلام الزهري، قال: " ولم يقف الكرماني على هذا، فقال: هو إما كلام البخاري أو أنس أو الزهري، كما هي عادته "! 435- عن خيثمة قال: حَيَاتُهَا أن تَجِدَ حَرَّها. (قلت: إسناده صحيح كما قال الحافظ، وهو على شرط البخاري. وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن) . إسناده: حدثنا يوسف بن موسى: نا جرير عن منصور عن خيثمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن ابن أبي سَبْرة، وهو من التابعين. وقال الحافظ في "الفتح " (2/21) : " إسناده صحيح ". 436- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي العصرَ والشمسُ في حُجْرَتها قبل أن تظهر. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه"

بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") إسناده: حدثنا القعنبي قال: قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب: قال عروة: ولقد حدثتني عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث أخرجه البخاري (2/2- 5) عن عبد الله بن مسلمة- وهو القعنبي-. وأخرجه عنه البيهقي أيضا (1/441) . وهو في "الموطأ" (1/13- 19) . ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/103) أيضا، وأبو عوانة (1/340- 341) ، والدارمي (1/268) ، والبيهقي (1/363) أيضا، والطحاوي (1/113) . ثم أخرجه البخاري (2/20) ، ومسلم (2/194) ، وأبو عوانة (1/350- 351) ، والنسائي (1/88) ، والترمذي (1/298) ، وابن ماجه (1/232) ، والطحاوي، وأحمد (6/37 و 85 و 199) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقد تابعه هشام بن عروة عن أبيه: أخرجه الشيخان وأبو عوانة والطحاوي وأحمد (6/204 و 278- 279) من طرق عنه؛ وزاد أحمد في رواية: وكان الجدار بَسْطَةً؛ وأشار عامر بيده. لكنْ عامر هذا- وهو ابن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير- ضعيف لا يحتج به، وقد تفرد بهذه الزيادة، فهي منكرة.

437- عن علي رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم الخندق: " حَبَسُونا عن صلاةِ الوسطى: صلاة العصر؛ ملأ اللهُ بيوتَهم وقورَهم ناراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا يحيى بن زكريا بن أبي زاثدة ويزيد ابن هارون عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عَبِيدَةَ عن علي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (1/144/رقم 1220) : " حدثنا يزيد به ". وهكذا أخرجه الدارمي (1/280) عن يزيد ... به. وأخرجه البخاري (6/80 و 7/325 و 8/157 و 11/162) ، ومسلم (2/111) ، وأحمد (رقم 994) من طرق أخرى عن هشام. ثم أخرجه مسلم، والنسائي (1/83) ، والترمذي (2/163- طبع بولاق) ، وأبو عوانة أيضا (1/355) ، وأحمد أيضا (رقم 591 و 1134 و 1150 و 1151 و 1307 و1313 و 1326) من طريق قتادة عن أبي حسان الأعرج عن عبيدة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن علي ". قلت: ومن تلك الوجوه: ما أخرجه ابن ماجه (1/232- 233) ، والطيالسي

(رقم 164) ، وأحمد (رقم 1287) من طرف عن عاصم ابن بهدلة عن زر بن حُبَيْش عن علي. وأخرجه الطحاوي (1/103) من طريق أخرى عن عاصم ... به. لكن أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (رقم 990) ، وابن أبي حاتم وابن جرير- كما في "تفسير ابن كثير" (1/291) - من طريق سفيان عن عاصم عن زِرَ بْنِ حبَيْش عن عَبِيدَةَ السَّلْمَاني عن علي ... به. ولفظ ابن أبي حاتم: عن زر قال: قلت لعبيدة: سل عليّاً عن الصلاة الوسطى، فسالمه؟ فقال: كنا نراها الفجر أو الصبح؛ حتى سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكر الحديث. وأخرجه ابن حزم أيضا (4/252) . فلعلَّ سؤال عبيدة كان بحضرة زز؛ فسمعه من علي! فعلى ذلك فالروايتان ثابتتان. والله أعلم. وللحديث طرق أخرى عن علي رضي الله عنه، تُراجع في "مسلم " و"أبي عوانة " والطحاوي والبيهقي وأحمد (رقم 617 و 911 و 1036 و 1132 و 1245 و1298 و 1305) . كما أن للحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة؛ أخرح كثيراً منها الطحاويُّ، ثم قال: " فهذه آثار تواترت، وجاءت مجيئاً صحيحاً عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن الصلاة الوسطى هي العصر ".

438- عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مُصْحَفاً، وقالت: إذا بَلَغْتَ هذه الآيةَ فآذِنِّي: (حَافِظوا عَلى الصَّلَوَاتِ والصَّلاةِ الوُسْطى) . فلما بلغْتُهَا آذَنْتُهَا، فأمْلَتْ عليَّ: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقُوموا لله قانتين) ، ثم قالت عائشة: سمعتها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حَكِيمٍ عن أبي يونس مولى عائشة. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم. والحديث في "الموطأ" (1/157- 158) . ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/112) ، وأبو عوانة (1/353) ، والنسائي (1/82- 83) ، والترمذي (2/163- طبع بولاق) ، والطحاوي (1/102) ، والبيهقي (1/462) ، وأحمد (6/178) ، كلهم من طرق عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقد تابعه سعيد- وهو ابن أبي هلال- عن زيد بن أسلم؛ إلا أنه قال: عن زيد ابن أسلم أنه بلغه عن أبي يونس مولى عائشة. أخرجه ابن جرير في "تفسيره " (2/349) .

ولزيد فيه إسناد آخر: أخرجه مالك أيضا (1/158) عنه عن عمرو بن رافع أنه قال: كنت أكتب مصحفاً لحفصة أم المؤمنين، فقالت: إذا بلغتَ هذه الأية ... الحديث بلى قوله: (وقوموا لله قانتين) . وأخرجه الطحاوي (1/102) عن مالك عنه ... بإسناديه. وأخرجه ابن جرير (2/349) من طريق ابن أبي هلال عن زيد ... به، وزاد في أخره: أشهد أني سمعتها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم أخرجه ابن جرير (2/348 و 349) ، والطحاوي (1/102) ، من طرق أخرى عن عمرو بن رافع ... به. وفي رواية لابن جرير (2/344 و 349) من طريق عبيد الله عن نافع: أن حفصة أمرت مولى لها ... الحديث مثل رواية أسامة؛ وزاد: قال نافع: فقرأت ذلك المصحف، فوجدت فيه الواو؛ يعني: في قوله: وصلاة العصر. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد وردت هذه القصة عن أم سلمة أيضا من طريق عبد الله بن أبي رافع مولى أم سلمة قال: أمرتني أم سلمة أن أكتب لها مصحفاً، وقالت: إذا انتهيت إلى أية الصلاة فأعلمني. فأعلمتهَا، فآمْلَتْ عليّ: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى؛ هي العصر)

أخرجه ابن جرير (2/343) : حدثنا أبو كرَيب قال: ثنا وكيع عن داود بن قيس قال: ثني عبد الله بن رافع مولى أم سلمة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد ذكره ابن حزم في "المحلى" (4/254) من طريق عبد الرزاق عن داود بن قيس ... به. ثم إن للحديث طرقاً أخرى عن عائشة رضي الله عنها: فأخرج الطحاوي وابن جرير (2/343) من طريق ابن جريج: أخبرني عبد الملك بن عبد الرحمن عن أمه أم حُمَيْدٍ بنت عبد الرحمن: سألت عائشة عن قول الله عز وجل: (والصلاة الوسطى) ؟ فقالت: كنا نقرأها على الحرف الأول على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) . وفي رواية لابن جرير: صلاة العصر ... بدون الواو. وعبد الملك هذا؛ قال ابن حبان في "الثقات ": " عبد الملك بن عبد الرحمن بن خالد بن أسيد القرشي، من أهل مكة. يروي عن أمه عن عائشة رضي الله عنفا. روى عنه ابن جريج ". كذا في "اللسان ". وأما أمه أم حميد بنت عبد الرحمن؛ فقال في "التهذيب ": " ويقال: أم حميدة بنت عبد الرحمن. عن عائشة. روى ابن جريج عن أبيه عنها ". وقال في "التقريب ":

" لا يعرف حالها ". قلت: وقد استفدنا من هذه الرواية أنه روى عنها غير والد ابن جريج، وهو ابنها عبد الملك هذا، وهي فائدة نادرة. ثم أخرج ابن جرير من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال: كان في مصحف عائشة: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى؛ وهي صلاة العصر) . وإسناده صحيح على شرط مسلم. وهذه الروايه- ورواية أم سلمة- تبين أن الواو في حديث الباب: (وصلاة العصر) : أنها للتفسير والبيان، وليست للعطف المفيد للمغايرة. ثم إن هذه العبارة: (وصلاة العصر) من منسوخ التلاوة؛ فقد روى مسلم (2/112) وغيره عن البراء بن عازب قال: نزلت هذه الآية (حافظوا على الصلوات وصلاة العصر) ، فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله، فنزلت: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) . 439- عن زيد بن ثابت قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاةً أشدَّ على أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها، فنزلت (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) ، وقال: إن قبلها صلاتين، وبعد ها صلاتين. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن حزم) . إسناده: حدثنا محمد بن الثنى: حدثني محمد بن جعفر: نا شعبة:

حدثني عمرو بن أبي حَكِيم قال: سمعت الزِّبْرِقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن أبي حكيم، وشيخه الزبرقان- وهو ابن عمرو بن أمية الضمْرِي-، وهما ثقتان. والحديث أخرجه أحمد (5/183) : ثنا محمد بن جعفر ... به. وأخرجه ابن جرير (2/348) : حدثنا محمد بن المثنى: ثنا محمد بن جعفر ... به. وأخرجه الطحاوي (1/99) ، والبيهقي (1/458) من طريق عمرو بن مرزوق قال: ثنا شعبه ... به. وأخرجه الطحاوي من طريق خالد بن عبد الرحمن قال: ثنا ابن أبي ذئب عن الزبرقان قال: إن رهطاً من قريش اجتمعوا، فمرّ بهم زيد بن ثابت، فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى؟ فقال: هي الظهر ... إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي الظهر بالهجير، فلا يكون وراعه إلا الصف والصفان، والناس في قائلتهم وتجارتهم، فأنزل الله تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليَنْتَهين رجال؛ أو لأخَرِّقَن بيوتهم ". وإسناده حسن؛ لكن اختلف فيه على ابن أبي ذئب: فأخرجه ابن جرير (2/348) من طريق يزيد بن هارون: قال أخبرنا ابن أبي ذئب ... به؛ إلا أنه جعل المرفوع منه من مسند أسامة بن زيد. وكذلك رواه أبو داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب؛ إلا أنه قال: عن الزبرقان

عن زَهْرَةَ قال: كنا جلوساً عند زيد بن ثابت ... الحديث. فأدخل- بين الزبرقان وزيد-: زهرة هذا، وجعله من مسند أسامة أيضا. أخرجه البيهقي، ثم قال: " ورواه غيره عن ابن أبي ذئب عن الزبرقان عن زيد بن ثابت وأسامة نحوه ". 440- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أدرك من العصر ركعة فبل أن تَغْرُبَ الشمس؛ فقد أدرك، ومن أدرك من الفجر ركعة قبل أن تَطْلُعَ الشمس؛ فقد أدرك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه البخاري وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا الحسن بن الربيع: حدثني ابن المبارك عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وابن طاوس: اسمه عبد الله. والحسن بن الربيع: هو أبو علي الكوفي البُورَانِيّ. والحديث أخرجه مسلم (2/103) عن الحسن بن الربيع ... به. وأخرجه البيهقي (1/368) من طريق محمد بن أحمد بن النضر: ثنا الحسن

ابن الربيع ... به. ثم أخرجه من طريق أخرى عن عبد الله بن مبارك ... به. ثم أخرجه مسلم، والنسائي (1/90) - من طريق معتمر- وأحمد (2/282) - من طريق رباح كلاهما عن معمر. وللحديث طرق أخرى كثيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه. فقد أخرجه مالك في "الموطأ" (1/22- 23) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج كلهم يحدثونه عن أبي هريرة ... به. ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/44) ، ومسلم، وأبو عوانة (1/358) ، والنسائي والترمذي (1/353) ، والدارمي (1/277) ، والطحاوي (1/90) ، والبيهقي (1/367) ، وأحمد (2/462) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقد تابعه عن زيد بن أسلم: عبدُ العزيز بن محمد الدراوردي: عند ابن ماجه (1/237) . وحفص بن ميسرة: عند أبي عوانة، وقرن مع زيد: موسى بنَ عقبة، وذكر مكان عطاء بن يسار: " أبا صالح ". وكذلك رواه زهير بن محمد عن زيد بن أسلم: أخرجه الطيالسي. وقد أخرجه الطحاوي، وأحمد (2/459) ، وكذا الطيالسي (رقم 2431) (1) من

_ (1) ولفظه: " من صلى من العصر ركعتين ... ،.

طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه. ثم أخرجه أحمد (2/399 و 474) من طريق أخرى عن عبد الرحمن- وهو الأعرج- عن أبي هريرة. وأخرجه الدارقطني (ص 196) . وأخرجه البخاري (2/30 و 45) ، ومسلم والنسائي والدارمي وابن ماجه والطحاوي، وأحمد (2/254 و 260 و 348) من طرق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. وانظر " الصحيحة " (66) . 441- عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال: دخلْنا على أنس بن مالك بعد الظّهر، فقام يصلي العصر، فلما، فرغ من صلاته؛ ذَكَرْنَا تعجيل الصلاة- أو ذَكَرَها-، فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " تلك صلاةُ المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين. يجلس أحدُهم حتى إذا اصفرّت الشمس، فكانت بين قرني شيطان- أو على قرني الشيطان-؛ قام فَنَقَرَ أربعاً، لا يذكز اللهَ عز وجل فيها إلا قليلاً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

والحديث في "الموطأ" (1/221) ... بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي (1/444) من طريق المؤلف. وأخرجه أبو عوانة (1/356) ، والطحاوي (11/13) ، وأحمد (3/185) ، من طرق عن مالك ... به. وأخرجه مسلم (2/110) ، والنسائي (1/89) ، والترمذي (1/301) ، والبيهقي أيضا من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وانظر " الصحيحة " (1745) . 442- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الذي تفوته صلاة العصر، فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا ابن حبان (1450) ، وأبو عوانة وابن خزيمة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر. قال أبو داود: " قال عبيد الله بن عمر: " أُتر ". واختلف على أيوب فيه. وقال الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " وتر " ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث في "الموطأ" (1/29) ... بهذا الإسناد. ومن طريقه أخرجه البخاري (2/24) ، ومسلم (2/111) ، وأبو عوانة (1/354 - 355) ، والبيهقي (1/445) ، وأحمد (2/64) ، كلهم عن مالك ... به. وأخرجه الدارمي (1/280) ، وأحمد (2/54 و 102) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع بلفظ: " وتر ". وكذلك أخرجه أحمد أيضا (2/48 و 124) - عن أيوب-، و (2/75) - عن يحيى، وهو ابن أبي كثير- و (12/48) - عن ابن جريج- و (2/13 و 27 و 76) - عن حجاج وهو ابن أرطاة- كلهم عن نافع ... به. وأخرجه الترمذي (1/330- 331) عن الليث بن سعد عن نافع ... به وقال: " حديث حسن صحيح ". وزاد ابن جريج: قلت لنافع: حتى تغيب الشمس؟ قال: نعم. وسنده صحيح على شرطهما. وزاد حجاج- بعد قوله: " صلاة العصر "-: متعمداً حتى تغرب الشمس ". لكن حجاج مدلس، وقد عنعنه. وأما حديث الزهري عن سالم عن أبيه: فقد وصله مسلم، والنسائي (1/89) ، والدارمي، وابن ماجه (1/233) ، والبيهقيي (1/444- 445) ، والطيالسي (رقم 1803 و 1808) ، وأحمد (2/8 و 134 و 145) من طرق عنه. (تنبيه) : روى المصنف عقب هذا الحديث من طريق الوليد قال: قال أبو عمرو - يعني: الأوزاعي-: وذلك أن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء!

5- باب وقت المغرب

قلت: يعني: وقت فوات العصر. وهذا مع عدم ثبوته عن الأوزاعي- لأن الوليد مدلسى، ولم يصرح بسماعه-؛ فإنه مخالف لما رواه ابن جريج عن نافع، كما سبق، حيث قال: حتى تغيب الشمس. وهذا أولى من تفسير الأوزاعي؛ لأن نافعاً من رواة الحديث عن ابن عمر وتفسيره أولى؛ لا سيما وقد روي معناه مرفوعاً كما سبق. 5- باب وقتِ المغرب 443- عن أنس بن مالك قال: كنا نصلِّي المغرب مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم نرمي؛ فيرى أحدُنَا مَوْضعَ نَبْلِهِ. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا داود بن شبيب: ثنا حماد عن ثابت البناني عن أنس. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير حماد بن سلمة؛ فمن رجال مسلم وحده. والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (338) - عن يحيى بن إسحاق-، وأبو يعلى (3308) عن إبراهيم بن الحجاج-، والبيهقي (1/447) - من طريق موسى بن إسماعيل-: ثنا حماد ... به. وقال: " غريب بهذا الإسناد ". وقد أخرجه أحمد (3/114 و 189 و 199 و 205) من طرق عن حميد عن أنس ... به نحوه.

وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وللحديث شواهد في " الصحيحين " وغيرهما (1) (1513) ، وغيره: من حديث رافع بن خَدِيج كجابر: عند ابن حبان (271) ، أخرجه من طريق غسان بن الربيع: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر ... نحوه. وغسان هذا؛ ذكره ابن حبان في "الثقات " (9/2) . لكن قال الذهبي: " ليس بحجة في الحديث ". قلت: والظاهر أنه كان سيئ الحفظ؛ فقد خرجت له حديثاً في "الضعيفة" (6058) ؛ لزيادة زادها فيه على الثقات، فراجع. وهذا مثال آخر لسوء حفظه؛ فإنه خالف الثقات عن حماد؛ فقال: عن أبي الزبير عن جابر! وهو عندهم عن حماد عن ثابت عن أنس. وللحديث أصل عن جابر بإسناد آخر عنه. أخرجه ابن خزيمة وغيره، فانظر " صحيح ابن خزيمة" (337) ؛ فإنه عنده من طريق القعقاع بن حكيم عن جابر. ثم رأيته في "مسند البزار" (190/1/374- كشف) وغيره من طريق عبد الله ابن محمد بن عَقِيل عن جابر. وقال: " لا نعلم له عن جابرطريقاً غير هذا "! كذا قال! وطريق القعقاع يردُّه. وابن عقيل حسن الحديث.

_ (1) وهو في " صحيح ابن حبان" (1515- إحسان المؤسسة) .

444- عن سَلَمَةَ بن الأكوع قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي المغرب ساعةَ تغربُ الشمس؛ إذا غاب حاجِبُهَا. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عمرو بن علي عن صفوان بن عيسى عن يزيد بن أبي عُبَيْد عن سلمة بن الأكوع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه أحمد (4/51) : ثنا صفوان ... به. وأخرجه الدارمي (1/275) ، وأبو عوانة (1/360) من طريق صفوان. وإسناد أحمد ثلاثي. وكذلك أخرجه البخاري (2/33- 34) فقال: ثنا المَكيّ بن إبراهيم قال: ثنا يزيد بن أبي عبيد ... به. وبهذا الإسناد: أخرجه أحمد أيضا (4/54) . وأخرجه أبو عوانة، والبيهقي (1/446) من طرق عن المكي. وأخرجه مسلم (2/115) ، والترمذي (1/304) ، والبيهقي- عن حاتم بن إسماعيل-، وابن ماجه (1/233) - عن المغيرة بن عبد الرحمن- كلاهما عن يزيد ابن أبي عبيد ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (7/ 35/6289) من طريق أخرى عن

يزيد ... به. وعبد بن حميد في "مسنده " (ق 58/2) . 445- عن مَرْثَدِ بن عبد الله قال: قَدِمَ علينا أبو أيوب غازياً؛ وعقبةُ بنُ عامر يومئذ على مصر، فأخرَ المغرب، فقام إليه أبو أيوب فقال: ما هذه الصلاة يا عقبة؟! فقال: شُغِلْنَا، قال: أما سمعتَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تزالُ أمتي بخير- أو قال: على الفطرة- ما لم يؤخِّروا المغرب إلى أن تَشْتَبِكَ النجُوم "؟! (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم، يوافقه الذهبي، وقال النووي: " إسناده حسن ") . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: نا يزيد بن زُرَيْع: نا محمد بن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مَرْثَدِ بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن إسحاق، وهو ثقة مدلس، وقد صرَّحَ بالتحديث، فأمنا شيهة تدليسه. وعبيد الله بن عمر: هو ابن مَيْسَرَةَ القواريري أبو سعيد البصري. وقال النووي في "المجموع " (3/35) : " رواه أبو داود بإسناد حسن، وهو حديث حسن ". والحديث أخرجه الحاكم (1/190) ، ومن طريقه البيهقي (1/370) من طريق الحارث بن أبي أسامة: ثنا يزيد بن هارون ... به.

وأخرجه أحمد (5/417) من طريق إسماعيل- وهو ابن عُلَيةَ- ومحمد بن أبي عدي عن محمد بن إسحاق ... به؛ وصرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية ابن أبي عدي عنه. وكذلك في رواية إسماعيل عنه: في رواية الحاكم من طريق أحمد عنه، وفي رواية البيهقي عن الحاكم، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر، كما نبهنا عليه مراراً. ثم أخرجه أحمد (4/147) : ثنا يعقوب قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: ثني يزيد بن أبي حبيب المصري ... به نحوه؛ وزاد في آخره: قال: فقال: بلى. قال: فما حملك على ما صنعت؟! قال: شُغلْتُ! قال: فقال أبو أيوب: أما- والله- ما بي إلا أن يظن الناس أنك رأيت رسول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع هذا! وللحديث طريق أخرى: رواه ابن أبي ذئب عن يزيد بن أبي حبيب عن رجل عن أبي أيوب مرفوعاً؛ بلفط: " صَلُوا المغرب لفطر الصائم، وبادِرُوا طلوع النجوم ". أخرجه أحمد (5/421) : ثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب. وقد تابعه في إسناده، وخالفه في متنه: أبو داود الطيالسي؛ فقال في "مسنده " (رقم 600) : ثنا ابن أبي ذئب ... به؛ بلفظ: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلَي المغرب فِطرَ الصائم؛ مبادرةَ طلوعِ النجْمِ. والصواب اللفظ الأول؛ فقد رواه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن آسْلَمَ

6- باب وقت العشاء الآخرة

أبي عمران التُجِيبِي عن أبي أيوب ... مرفوعاً به؛ ولفظه: " بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم ". أخرجه أحمد (5/415) ، والدارقطني (ص 96) ، والطبراني في "معجمه الكبير" من طرق عنه. وهو إسناد حسن في التابعات والشواهد. وللحديث شواهد: من حديث عباس بن عبد المطلب والسائب بن يزيد، وقد تكلمت عليها في تعليقي على "المعجم الصغير" للطبراني، عند حديث العباس هذا رقم (365) ؛ فالحديث- بطرقه وشواهده- صحيح. 6- باب وقت العشاء الآخرة 446- عن النعمان بن بشير قال: أنا اعْلَمُ الناس بوقت هذه الصلاة- صلاة العشاء الأخرة-: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يصلِّيها لِسُقُوط القمر لِثَالِثَة. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، يوافقه الذهبي، وقال ابن العربي: " حديث صحيح "، وقال النووي كما قلنا) . إسناده: حدثنا مسدد: نا أبو عَوانة عن أبي بِشْر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير بشير بن ثابت، وهو ثقة؛ قال ابن معين:

"ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وأبو بشر: اسمه جعفر بن إياس. والحديث أخرجه البيهقي (1/448) من طريق أبي المثنى: ثنا مسدد ... به. وأخرجه النسائي (1/92) ، والترمذي (1/306) ، والدارمي (1/275) ، والحاكم (11/94) ، وعنه البيهقي (1/373) ، وأحمد (4/274) من طرف عن أبي عوانة ... به. وهو عند الدارمي: من طريق يحيى بن حماد: ثنا أبو عوانة؛ وقال في آخره: قال يحيى: أملاه علينا من كتابه عن بشير بن ثابت. وقد تابعه شعبة عن أبي بشر: أخرجه أحمد (4/272) : ثنا يزيد: نا شعبة عن أبي بشر ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم أيضا. وخالفهما هشيم ورَقَبَةُ؛ فروياه عن أبي بشر عن حبيب بن سالم عن النعمان ابن يشير ... به؛ فأسقطا من الإسناد: يشير بن ثابت. أخرجه عن الأول: الطيالسيُ (رقم 797) ، وأحمد (4/270) قالا: ثنا هشيم ... به. وأخرجه عن رقبة- وهو ابن مَصْقَلَة-: النسائيّ فقال: أخبرنا محمد بن قدامة قال: حدثنا جرير عن رقبة ... به. ورجح الترمذي الرواية الأولى؛ فقال:

" وحديث أبي عوانة أصح عندنا؛ لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة ". وتبعه على ذلك ابن العربي في "شرحه على الترمذي "، فصرح بأن هشيما أخطأ في روايته! ولكن متابعة رقبة بن مصقلة له- وكلاهما ثقة- تبعد احتمال الخطأ! فالأقرب أن الروايتين صحيحتان، وأن أبا بشر سمعه من حبيب كما سمعه من بشير بن ثابت عن حبيب؛ فكان يرويه مرة هكذا، ومرة هكذا كما نراه في كثير من الأسانيد برواية الثقات الأثبات؛ والإسناد صحيح في الحالتين. وفد قال ابن العربي: " إن الحديث صحيح ". وقد أعله ابن حزم في "المحلى" (3/181) ! فأخطأ. وقال النووي (3/56) : " إسناده صحيح ". 447- عن عبد الله بن عمرقال: مَكَثْنَا ذاتَ ليلة ننتظر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثُلُثُ الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شَغَلَهُ أم غير ذلك؟! فقال حين خرج: " أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تَثْقلَ على امتي؛ لصليْتُ بهم هذه الساعةَ "، ثم أمر المؤذِّن فأقام الصلاة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأخرجه البخاري بنحوه) .

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا جرير عن منصور عن الحكم عن نافع عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مسلم (2/116) ، والنسائي (1/93) ، والبيهقي (1/450) من طريق جرير ... به. وكذلك أخرجه الطحاوي (1/93) . وأخرجه أبو عوانة (1/368) من طريق زائدة عن منصور. وأخرجه البخاري (2/40) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة، وأحمد (2/88) ، والسراج في "مسنده " (ق 96/2) من طريق ابن جريج: أخبرني نافع به نحوه. وأخرجه أحمد (2/126) من طريق فليح عنه. وزاد: وإنما حبسنا لوفد جاءه. وله في "المسند" (2/28) طريق أخرى عن ابن عمر قال: ثنا أسود: أنا أبو إسرائيل عن فضيل عن مجاهد عن ابن عمر. وأبو إسرائيل سيئ الحفظ، واسمه إسماعيل بن خليفة العبسي. 448- عن معاذ بن جبل: أبقَيْنا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة العَتَمَة، فتأخَّر حتى ظَن الظان أنه ليس بخارج، والقائل منا يقول: صلَّى؛ فإنَّا لَكَذَلِكَ حتى خرج النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا له كما قالوا. فقال: " آعْتِمُوا بهذه الصلاة؛ فإنكم قد فُضِّلتم بها على سائر الأم، ولم تُصَلها أُمةُ قبلكم ".

(قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان الحِمْصي: نا أبي: نا حَويز عن راشد بن سعد عن عاصم بن حميد السَّكُوني أنه سمع معاذ بن جبل يقول ... قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. وفي هذا الإسناد رد على البزار حيث قال في ترجمة عاصم بن حميد هذا: " روى عن معاذ، ولا أعلم سمع منه "! فقد صرح بسماعه منه في هذا الحديث؛ بل هو من أصحابه، كما قال الدارقطني، وقد جاء ذلك في بعض طرق الحديث كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (1/451) ، وأحمد (5/237) من طرق أخرى عن حريز ... بإسناده عن عاصم بن حميد السَّكوني- وكان من أصحاب معاذ-: سمعت معاذاً ... به. 449- عن أبي سعيد الخدري قال، صلَّينا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة العَتَمَة، فلم يَخْزج حتى مضى نحوٌ مِنْ شَطْرِ الليل، فقال: " خذوا مقاعِدَكم ". فأخذنا مقاعد نا. فقال: " ان الناسَ قد صَلَوا وأخذوا مضاجعهم؛ وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، ولولا ضَعْف الضعيفِ وسَقَم السَقيمِ؛ لأخرْت هذه الصلاةَ إلى شَطْرِ الليلِ ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ، وابن خزيمة) .

7- باب وقت الصبح

إسناده: حدثنا مسدد: نا بشر بن المُفَضَّل: نا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ وأبو نضرة: اسمه المنذر بن مالك بن قُطَعَةَ. والحديث أخرجه النسائي (1/93) ، وابن ماجه (1/234- 235) ، وابن خزيمة (345) ، والبيهقي (1/451) ، وأحمد (3/5) من طرق عن داود بن أبي هند ... به. وقال الحافظ في "التلخيص " (3/29) : " وإسناده صحيح ". وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً: أخرجه الطبراني (3/149/2) . ولجملة الانتظار شاهد من حديث أنس. أخرجه النسائي بسند صحيح على شرط الشيخين. وهو عند البخاري (572) . ورواه مسلم (2/116) من طريق أخرى عن أنس. وكذا أبو عوانة (1/362- 363) ، وأحمد (3/467) . 7- باب وقت الصبح 450- عن عائشة أنها قالت: إنْ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ، فينصرفُ النساءُ متلفعاتٍ بمزوطهنَّ؛ ما يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَس.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا للقعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (2/278) : حدثنا عبد الله بن مَسْلمة عن مالك. وعبد الله هذا: هو القعنبي. ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة أيضا، والبيهقي. ثم أخرجه هو، ومسلم (2/119) ، وأبو عوانة (1/370) ، والنسائي (1/94) ، والترمذي (1/287) ، والطحاوي (1/104) ، والبيهقي (1/، 45) ، وأحمد (6/178- 179) كلهم من طرق عن مالك ... به. وهو في " الموطأ" (1/21- 22) . وله طريقان آخران عن عائشة: أحدهما: من طريق الزهري عن عروة عنها. أخرجه البخارى (2/43- 44) ، ومسلم، وأبو عوانة؟ والنسائي، والدارمي أيضا (1/277) ، وابن ماجه (1/229) ، والطحاوي، والبيهقي، والطيالسي (رقم 1459) ، وأحمد (6/33 و 37 و248) من طرق عنه. والطريق الأخر: من رواية فُلَيْحٍ عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن

محمدعنها. أخرجه الطحاوي، والبيهقي، وأحمد (6/258- 259) . وهو إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد عزاه البيهقي في "سننه " البخاري! 451- عن رافع بن خَديج قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أصْبِحُوا بالصُبْحِ؛ فإنّه أعظم لأجوركم- أو أعظم للأجر- ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقال الحازمي: " حديث حسن "، وقال ابن تيمية: " حديث صحيح ") . إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: نا سفيان عن ابن عجلان عن عاصم ابن عمر بن قتادة بن النعمان عن محمود بن لَبِيدٍ عن رافع بن خَدِيج. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي ابن عجلان كلام لا يضر؛ وقد توبع كما يأتي. وإسحاق بن إسماعيل: هو الطَّالْقَاني: وهو ثقة. وسفيان: هو ابن عيينة. ومحمود بن لبيد: صحابي صغير. والحديث أخرجه أحمد (4/140) : ثنا سفيان.... به. وأخرجه الدارمي (1/277) ، وابن ماجه (1/230) ، والحازمي في "الاعتبار" (ص 75) من طرق عن سفيان ... به. وقال الحازمي:

" حديث حسن ". وأخرجه النسائي (1/94) - عن يحيى-، والطحاوي (1/105) - عن سفيان الثوري-، وأحمد (3/465) - عن محمد بن إسحاق-، و (4/142) - عن أبي خالد الأحمر - كلهم عن ابن عجلان ... به؛ بلفظ: " أسفروا ... "؛ إلا ابن إسحاق فرواه؛ بلفظ سفيان. وقد دلَّسه مَزَةًا بنُ إسحاق؛ فقال الطيالسي (رقم 959) : حدثنا شعبة عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة ... به. وهكذا أخرجه الدارمي عن شعبة. والترمذي (1/289) ، والطحاوي (06/11) من طرق أخرى عن ابن إسحاق ... به. وقد بيَّنَتْ روايةُ أحمد السابقة عنه: أن بينه وبين عاصم بن عمر: محمدَ بنَ عجلان، وقد صزح فيها بسماعه منه. ثم قال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال ابن القطان: " طريقه طريق صحيِح، وعاصم بن عمر؛ وثقه النسائي وابن معين وأبو زرعة وغيرهم، ولا أعرف أحدا ضعفه، ولا ذكره في جملة الضعفاء " انتهى. ورواه ابن حبان في "صحيحه"؛ كما في " نصب الراية" (1/235) ، و"التلخيص " (3/56) . وقد تابعه زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر: أخرجه النسائي (1/91) : أخبرني إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا ابن أبي

8- باب المحافظة على الصلوات

مريم قال: أخبرنا أبو غسان قال: حدثني زيد بن أسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من قومه من الأنصارأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما أسفرتم بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر ". قال الزيلعي (1/238) : " سنده صحيح ". قلت: ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن يعقوب- وهو الجُوزَجَاني-، وهو ثقة حافظ. وأبو غسان: هو محمد بن مُطَرِّف المدتي؛ وقد أقام إسناده عن زيد بن أسلم؛ فقد اضطربوا عليه فيه، كما بينته في "الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب ": عند المسألة، الرابعة من أحكام صلاة الفجر. وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة، لا تخلو أسانيدها من مقال، وقد خرَّجها الزيلعي في "نصب الراية"، فراجعها فيه (1/235- 239) . وقد قال ابن تيمية في "الفتاوى" (1/67) : " إنه حديث صحيح ". 8- باب المحافظة على الصلوات 452- عن عبد الله بن الصُّنَابِحِي قال: زَعَمَ أبو محمد أن الوتر واجب! فقال عبادةُ بن الصامت: كَذَبَ أبو محمد؛ أشهد أني سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " خمسُ صلواتٍ افترضهن الله عز وجل؛ مَنْ أحسن وُضُوءهن، وصلاهنّ لوقتِهن، وأتجَّ ركوعَهُن وخُشوعهن؛ كان له على الله عهد أن يغفر

له، ومَنْ لم يفعل؛ فليس له على الله عهد: إن شاء غَفَرَ له، وإن شاء عذبه ". (قلت: حديث صحيح، وكذا قال النويي، وصححه ابن عبد البر. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه ") . إسناده: حدتنا محمد بن حرب الواسطي: نا يزيد- يعني: ابن هارون-: أنا محمد بن مُطَرِّف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسارعن عبد الله بن الصنابحي (*) . قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن الصنابحي؛ مختلف في صحيته، ولم يتبين لنا حقيقة أمره! ولكن الحديث صحيح؛ لأن له طرقاً أخرى عن عبادة، وشواهد. والحديث أخرجه أحمد (5/317) : ثنا حسين بن محمد: ثنا محمد بن مطرف ... به. وللحديث طريق ثان: أخرجه الطيالسي (رقم 573) : حدثنا زَمْعَة عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني قال: كنت في مجلس من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فيهم عبادة بن الصامت، فذكروا الوتر، فقال بعضهم: واجب. وقال بعضهم: سنة. فقال عبادة بن الصامت: أمّا أنا؛ فأشهد أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره نحوه. وزمعة ضعيف من قبل حفظه. وله طريق ثالث، سيأتي في الكتاب (رقم 1276) . وبالجملة؛ فالحديث- بهذه الطرق- صحيح، وقد صححه ابن عبد البر في

_ (*) كذا في أصل الشيخ والنسخ التي بين أيدينا لـ "سنن أبي داود". وفي "التهذيب " و"تقريب التهذيب ": أبو عبد الله الصنابحي (عبد الرحمن بن عسيلة) . (الناشر) .

"التمهيد" (4/239) . وأخرجه ابن حبان في "صحيحه "، كما يأتي هناك. وقال النووي في "المجموع " (4/20) : " حديث صحيح ". وانظر "السنة" (967) لابن أبي عاصم. 453- عن أم فَرْوَةَ (زاد في رواية: قد بايعت النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قالت: سُئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: " الصلاة في أول وقتها ". (قلت: حديث صحيح. أخرجه الحاكم وكذا ابن خزيمة في "صحيحهما" من حديث عبد الله بن مسعود. وقال الحاكم: " وهو صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وهو في "الصحيحين " بمعناه) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله الخُزَاعي وعبد الله بن مَسْلَمَةَ قالا: ثنا عبد الله بن عمر عن القاسم بن غَنَّام عن بعض أمهاته عن أم فروة. قال الخزاعي في حديثه: عن عمة له- يقال لها: أم فروة- قد بايَعَتِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل ... قلت: هذا سند ضعيف؛ عبد الله بن عمر: هو العمري المُكبرِ-، وهو سيئ الحفظ. وشيخه القاسم بن غنام؛ ليس بالمشهور، روى عنه أيضا عبيد الله بن عمر - المصغر- والضحاك بن عثمان الحِزَامي؛ ذكره ابن حبان في "الثقات ". وذكره العقيلي في "الضعفاء "، وقال:

" في حديثه اضطراب ". وفي "التقريب ": " صدوق مضطرب الحديث ". وبعض أمهاته مجهولة؛ لم تُسَمَ. والحديث أخرجه أحمد (6/375) : ثنا الخزاعي: أنا عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غَنَّام عن جدته الدنْيَا عن أم فروة- وكانت قد بايعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخرجه الترمذي (1/319) - عن الفضل بن موسى-، والحاكم (1/189) ، ومن طريقه البيهقي (1/434) - عن منصور بن سلمة الخزاعي-، والدارقطني (ص 92) - عن إسحاق بن سليمان ووكيع والليث بن سعد- كلهم عن عبد الله بن عمر ... به؛ إلا أن الليث ومنصوراً قالا: عن جدته الدنيا أم أبيه عن جدته أم فروة. ولم يقل منصور: أم أبيه. ولفظ وكيع مثل لفظ عبد الله بن مسلمة عند المصنف: عن بعض أمهاته. ولفظ الفضل بن موسى: عن القاسم بن غنام عن عَمته أم فروة! فأسقط من بينهما جدته. وكذلك رواه الوليد بن مسلم ومعتمر بن سليمان: عند الدارقطني. والليث: عند أحمد؛ إلا أنهم قالوا: عن جدته أم فروة. وهذا اضطراب شديد؛ مما يزيد في ضعف الإسناد! وقد قال الترمذي: " لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري؛ وليس هو بالقوي عند أهل الحديث، واضطربوا عنه في هذا الحديث ".

قلت: ولكن هذا الاضطراب ليس من قبل العمري هذا؛ فقد تابعه عليه أخوه عبيد الله- المصغر- عن القاسم بن غنام عن بعض أهله ... به. وتابعه الضحاك بن عثمان عن القاسم بن غَنَّام البَيَاضي عن امرأة من المبايعات. أخرجهما الدارقطني. فهذه المتابعات تبين أنَّ الاضطراب إنما هو من قبل القاسم هذا. وفي كلام العقيلي السابق ما يشير إلى ذلك. وبالجملة؛ فعلة هذا الإسناد: القاسم بن غَنَّام هذا واضطرابه فيه، وجهالة الواسطة بينه وبين أم فروة رضي الله عنها. ولكن الحديث صحيح؛ فإن له شواهد. منها عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيّ العمل أفضل؟ قال.: " الصلاة في أول وقتها ... " الحديث. أخرجه الطبراني (3/1/50) ، والدارقطني (ص 91) ، والحاكم (1/188- 189) ، وعنه البيهقي (1/434) من طريقين عن أبي عمروٍ الشيباني عنه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وأخرجه ابن حبان (280) ، وابن خزيمة أيضا في "صحيحه "، كما في "الفتح " (2/8) .

وهو في "الصحيحين " وغيرهما بلفظ: " ... على وقتها". والمعنى واحد عندنا. والله أعلم. 454- عن عبد الله بن فَضَالة عن أبيه قال: علَمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان فيما عَلَّمني: " وحَافِظْ على الصلواتِ الخَمْسِ ". قال: قلتُ: إن هذه ساعاتٌ لي فيها أشغال، فمُرْني بأمر جَامع؛ إذا أنا فعلته أجْزَآ عني؟ فقال: " حافظ على العَصْرَين ". وما كانت لُغَتَنَا! فقلتُ: وما العصران؟! فقال: " صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والسيوطي) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أنا خالد عن داود بن أبي هند عن أبي حرب ابن أبي الأسود عن عبد الله بن فضالة. قلت: وهذا إسناد صحيح إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الله بن فضالة؛ ذكره ابن حبان في "الثقات "، وكان على قضاء البصرة، وقيل: إن له صحبة. قال ابن عبد البر في "الاستيعاب ": " واختلف في إتيانه النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، ثم قال: " ما رواه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو عندهم مرسل؛ على أنه قد أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

وقد رآه ". قال: " ولا يختلف في صحبة أبيه فضالة ". وقال ابن أبي حاتم: " إسناده مضطرب، مشايخ مجاهيل "! وتعقبه الحافظ في "الإصابة"؛ فقال: " كذا قال! ولعبد الله رواية عن أبيه في "سنن أبي داود"، وصححها ابن حبان من طريق داود بن أبي هند ... "؛ ويعني هذا الحديث. والحديث أخرجه البيهقي (1/466) - من طريق يعقوب بن سفيان-، والحاكم (3/628) - من طريق علي بن عبد العزيز- كلاهما عن عمرو بن عون ... به. ثم أخرجه البيهقي من طريق علي بن عاصم: آبَنا داود بن أبي هند ... به. وقد اختلف فيه على ابن أبي هند: فرواه عنه خالد- وهو ابن عبد الله الطحان- وعلي بن عاصم هكذا. ورواه هشيم فقال: أخبرنا داود بن أبي هند قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود عن فضالة الليثي قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلمت، وعلَّمني ... الحديث. فأسقط من الإسناد: عبد الله بن فضالة، ووافقهما في أن الحديث من مسند فضالة. وخالفهم جميعاً: مسلمة بن علقمة فقال: عن داود عن أبي حرب عن عبد الله بن فضالة: أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...

فجعله من مسند عبد الله، لا من مسند أبيه! قال أبو حاتم- كما في " الإصابة "-: " وقول من قال فيه: عن أبيه أصح ". وقال ابن عبد البر: " وهو أصح إن شاء الله تعالى ". وهذا هو الحق إن شاء الله؛ لاتفاق ثقتين عليه؛ مع أن مسلمة بن علقمة في حفظه ضعف؛ لا سيما في روايته عن ابن أبي هند. والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 113) من طريق خالد ... مختصراً. 455- عن أبي بكر بن عُمَارة بن رُؤيبَة عن أبيه قال: سأله رجلٌ من أهل البصرة، فقال: أخْبِرْني ما سمعتَ من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يَلِجُ النارَ رجلٌ صلَّى قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ أن تغرب ". قال: أنت سمعته منه؟ ثلاث مرات! قال: نعم، كلّ ذلك يقول: سمعته أدنَايَ وَوَعَاة قلبي! فقال الرجل: وأنا سمعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك. (قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ". وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد: نا أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أبي بكر

ابن عمارة؛ وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات الأثبات، واحضج به مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وهو من التراجم التي سقطت من كتاب الحافظ "تهذيب التهذيب "! ثم استدركها في "التقريب"، فقال: "مقبول "! كذا قال وهو ثقة؛ لما سبق. والحديث أخرجه أحمد (4/261) : ثنا يحيى ... به. ثم قال: ثنا وكيع: ثنا ابن أبي خالد. قال: وثنا للسعر. قال: وثنا الْبَخْتَرِيّ ابن المختار عن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة ... به. وهكذا أخرجه مسلم (1/114) ، وأبو عوانة (1/376) ، والنسائي (1/82) من طريق وكيع ... به. وأخرجه البيهقي (1/466) من طريق أخرى عن باسماعيل بن أبي خالد ... به وهو، ومسلم، وأحمد (4/136) من طريق عبد الملك بن عمير عن ابن عمارة ابن رؤيبة ... به. وله طريق أخرى: أخرجه أبو عوانة (1/376- 377 و 377) من وجهين عن أبي الأحوص قال: ثنا أبو إسحاق قال: سمعت عمارة بن رؤيبة الثقفي يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها؛ لن يَلِجَ النار ". وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

456- عن أبي قتادة بن ربعِي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قال الله عز وجل: إني فرضت على أُمَّتِكَ خمسَ صلوات، وعهدتُ عندي عَهْداً: أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن؛ أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ علبهن؛ فلا عهدَ لهُ عندي ". (قلت: حديث حسن) . إسناده: قال أبو سعيد بن الأعرابي: حدثنا محمد بن عبد الملك بن يزيد الرواس- يكنى: أبا أسامة- قال: أنبأنا أبو داود: نا حَيْوَةُ بن شُريح المصري: نا بَقِية عن ضبَارة بن عبد الله بن أبي سُلَيْكِ الألهاني قال: أخبرني ابن نافع عن ابن شهاب الزهري قال: قال سعيد بن المسيبَ أن أبا قتادة بن رِبْعِي أخبره. قلت: هكذا جاء إسناد هذا الحديث والذي بعده مبتدَأً بأبي سعيد الأعرابي في نسخة الكتاب التي اعتمدنا عليها! وقد ذكر في الشرح أنها ليست في رواية أبي القاسم- يعني: ابن عساكر-. قلت: وهذا الإسناد ضعيف؛ فإن ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني؛ ذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال: " يعتبر حديثه من رواية الثقات عنه ". وذكره ابن عدي في "الكامل "، وساق له ستة أحاديث مناكير. ولذلك؛ قال الذهبي في "الميزان ": " فيه لين ". وأما الحافظ؛ فذهب إلى أنه: "مجهول ".

وابن نافع: اسمه دُوَيْدُ، وهو ثقة عند الذهلِي والعجلي. وقال أبو حاتم: " شيخ". وقال ابن حبان: " مستقيم الحديث إذا كان دونه ثقة ". وأما أبو سعيد بن الأعرابي؛ فهو الإمام الحافظ أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري، صاحب "التصانيف "، وكان ثقة ثبتاً، مات سنة أربعين وثلاث مئة، كما في "تذكرة الحفاظ " (3/66) . وأما شيخه محمد بن عبد الملك بن يزيد الرَّوَّاس؛ فلم أجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال التي عندي! وبقية رجال الإسناد ثقات؛ إلا أن بقية مدلس، وقد عنعنه؛ بيد أنه قد صرح بالتحديث في بعض الروايات عنه، كما يأتي. والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 113) : حدثنا محمد بن يحيى. ثنا حيوة بن شريح الحضرمي ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/428) : ثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي: ثنا بقية بن الوليد ثنا ضباره بن عبد الله بن أبي السليل ... به. وقد وجدت للحديث شاهداً من رواية كحب بن عُجْرة، وله عنه طريقان: الأول: أخرجه أحمد (4/244) : ثنا هاشم: ثتا عيسى بن المسيب البَجَلي عن الشعبي عن كعب بن عجرة قال: بينما أنا جالس في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدي ظهورِنا إلى قبلة مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعةَ رهط: أربعة موالينا وثلاثة من عربا-؛ إذ حْرج إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاةَ الظهر، حتى انتهى إلينا، فقال.

" ما يجلسكم ههنا؟ ". قلنا: يا رسول الله! ننتظر الصلاة. قال: فأرَم قليلاً، ثم رفع رأسه، فقال: " أتدرون ما يقول ربكم عز وجل؟ ". قال: قلنا: الله ورسوله أعلم! قال: " فإن ربكم عز وجل يقول: من صلى الصلاة لوقتها، وحافظ عليها، ولم يضيعها استخفاقاً بحقها؛ فله عليَّ عهد أن أدخله الجنة، ومن لم يصلِّ لوقتها، ولم يحافظ عليها، وضيَعها استخفافاً بحفها؛ فلا عهد له: إن شئت عَذبته، وإن شئت غفرت له ". وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عيسى بن المسيب- وهو البجلي الكوفي-، وهو مختلف فيه؛ قال أبو حاتم وأبو زرعة: " ليس بالقوي ". وقال المصنف: " هو قاضي الكوفة، ضعيف ". وقال يحيى بن معين: " ليس يشيء ". وقال ابن حبان: " كان يقلب الأخبار، ولا يفهم، ويخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به ". وقال ابن عدي والدارقطني: " صالح الحديث ". وقال الحاكم- بعد أن ساق له حديثاً-: إنه " صحيح، عيسى صدوق لم يجَرَّحْ قط "! كذا قال! هذا كله جاء في ترجمته من "الميزان ". ومنها يتبين أنه من الضعفاء الذين لم يتهموا، وإنما ضغَف من قبل حفظه؛ فهو ممن يكتب حديثهم ويحتجُّ به في

المتابعات والشواهد. الطريق الاخر: أخرجه الدارمي (1/278) : أخبرنا أبو نعيم: ثنا عبد الرحمن - هو ابن النعمان الأنصاري-: حدثني إسحاق بن سعد بن كعب بن عجْرة الأنصاري عن أبيه عن كعب ... به. هكذا هو في نسختنا: إسحاق بن سعد بن كعب! وهو خطأ، والصواب: سعد بن إسحاق بن كعب. وليس في الرواة: إسحاق ابن سعد بن كعب، ولا سعد بن كعب! والظاهر أنه انقلب على بعض النساخ. وأما سعد بن إسحاق؛ فهو ثقة. وأما إسحاق بن كعب فمجهول الحال. وبقية رجاله فهو َئقة. فالحديث- بهذا الشاهد من طريقيه- يأخذ قوة؛ ويرقى إلى درجة الحسن على أقل الدرجات. 457- عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خمسٌ من جاء بهنَّ- مع إيمان- دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس؛ على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وأعطى الزكاة طيبةً بها نفْسُهُ، وأدّى الأمانة ". قالوا: يا أبا الدرداء! وما أداء الأمانة؟ قال: الغُسْلُ من الجَنَابة. (قلت: إسناده حسن، وقال المنذري والهيثمي: " إسناده جيد ") .

إسناده: قال ابن الأعرابي: حدثنا محمد بن عبد الملك الرؤاس: نا أبو داود: نا محمد بن عبد الرحمن العنبري: نا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد: أنا عمران القطان: نا قتادة وأبان كلاهما عن خلَيْد العَصَرِي عَنَ أم الدرداء عن أبي الدرداء. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى؛ محمد بن عبد الرحمن العنبري - وهو ابن عبد الصمد البصري- ثقة، قال علي بن الجنَيْد: " كان ثقة ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وأبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد وقتادة ثقتان من رجال الشيخين. وأما أبان بن أبي عياش؛ فهو متروك؛ لكنه مقرون هنا بقتادة، فلا يضر. وخليد العَصَرِيُ؛ ثقة، روى له مسلم. وأما عمران القطان؛ فهو ابن داور- بفتح الواو- العَمي أبو العوام البصري، وهو مختلف فيه؛ ويترجح عندي من النظر في أقوالهم: أنه حسن الحديث إذا لم يظهر خطؤه. وإليك ملَخّص ما جاء في "التهذيب " عنه: قال أحمد: " أرجو أن يكون صالح الحديث ". وقال ابن معين: " ليس بالقوي ". وقال مرة: "ليس يشىء، لم يرو عنه يحيى بن سعيد ". وقال عمرو بن علي: " كان يحيى لا يحدث عنه، وقد ذكره يوماً، فأحسن الثناء عليه ". وقال الأخري عن المصنف:

" هو من أصحاب الحسن، وما سمعت إلا خيراً ". وقال مِرة: " ضعيف، أفتى في أيام إبراهيم بن عبد الله بن حسن بفتوى شديدة، فيها سفك الدماء ". وقال النسائي: " ضعيف ". وقال ابن عدي: " هو ممن يكتب حديثه ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الساجي: " صدوق، وثقه عفان ". وقال ابن شاهين في "الثقات ": " كان من أخص الناس بقتادة ". وقال الدارقطني: " كان كثير المخالفة والوهم ". وقال العجلي: " بصري ثقة ". وقال الحاكم: " صدوق ". وكذا قال البخاري، وزاد: "يهم ". وقد تبنى هذا القولَ الحافظُ في "التقريب ". وقال المنذري في خاتمة " الترغيب " (4/289) : " ومشاه أحمد، واحتج به ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم ". ولذلك حسن المنذري- وكذا الهيثمي- حديثه هذا، كما يأتي. وحسن له الترمذي حديثاً في "الدعاء" (2/242- طبع بولاق) . والحديث أخرجه ابن الأعرابي في الجزء الأول من "معجمه " أيضا فقال: ثنا

9- باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت

محمد بن إسماعيل: نا عبيد الله بن عبد المجيد ... به. وأخرجه ابن جرير في "تفسيره " (22/39) ، والطبراني في "المعجم الصغير" (ص 160) ، وابن نصر في " قيام الليل " (ص 113) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به؛ وليس عند الطبراني: قالوا ... إلخ. وهي عند الباقين. وزاد ابن جرير: فإن الله لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره. وقد أورده الهيثمي في "المجمع " (1/47) ، وسبقه المنذري في "الترغيب " (1/141) بهذه الزيادة مرفوعةً، بلفظ: قالوا: يا نبي الله! وما أداء الأمانة ... إلخ. وقالا: " رواه الطبراني في "الكبير"، وإسناده جيد "! قلت: لكن رفع هذه الجملة شاذ؛ لاتفاق الجماعة عن عبيد الله على وقفها، ولم نقف على سند "المعجم الكبير"لننظر في حال من رفعها؛ فلعله مظعون فيه؛ فتكون الزيادة حينئذ منكرة؛ أعتي: رفعها! والله تعالى أعلم. 9- باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت 458- عن أبي ذز قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا ذر! كيف أنت إذا كانت عليك أمراة يميتُون الصلاة-، أو قال: يؤخرون الصلاة؟ - ". قلت: يا رسول الله! فما تأمرني؟ قال: " صَل الصلاة لوقتها؛ فإن أدركتها معهم؛ فصلهْ؛ فإنها لك نافلةً ".

(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المؤلف، وأخرجه مسلم أيضا. وقال الترمذى: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا مسدد: نا حماد بن زيد عن أبي عمران- يعني: الجَوْنِي- عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عبد الله ابن الصامت؛ فهو ثقة من رجال مسلم. وأبو عمران الجوني: اسمه عبد الملك بن حبيب الأزدي أو الكندي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/344) من طريق المؤلف، فقال: حدثنا أبو داود السجْزِيُ قال: ثنا مسدد ... به. وأخرجه مسلم (2/120) من طرف أخرى عن حماد ... به. ثم أخرجاه، وكذا الدارمي (1/279) ، والترمذي أيضا (1/332) ، والطحاوي (1/213) ، والطيالسي (رقم 449) ، ومن طريقه البيهقي (2/301) ، وأحمد (5/149 و 163 و 169) من طرق أخرى عن أبي عمران الجوني ... به. وقال الترمذي: "حديث حسن ". تم أخرجاه أيضا، والنسائي (1/126 و 138) ، والدارمي، والطحاوي، والبيهقي (2/300) ، وكذا البخاري في "الأدب المفرد" (ص 138 و 139) ، والطيالسي (رقم 454) ، وأحمد (5/147 و 160 ولملأ 1) من طرق أخرى عن عبد الله بن الصامت ... به نحوه.

وللحديث شواهد من رواية ابن مسعود وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وعامر بن ربيعة؛ وقد خرجتها في "الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب"، ويأتي حديث الأوليْنِ منهم في الكتاب عقب هذا. 459- عن عمرو بن ميمون الأوْدِي قال: قَدِمَ علينا معاذُ بن جبل اليمنَ رسولَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فسمعت تكبيرَهُ مع الفجر، رجلٌ آجَشّ الصوت، قال: فألقِيَت عليه مَحَبتِي، فما فارقته حتى دَفَنْته بالشام مَيِّتاً، ثم نظرتُ إلى أفقه الناس بعدُ، فأتيت ابنَ مسعود، فلَزِمْتُه حتى مات، فقال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيفَ بكم إذا أتتْ عليكم أمراءُ يصلّون الصلاة لِغَيْر ميقاتها؟ ". قلت: فما تأمرني إذا أدركني ذلك يا رسول الله؟! قال: " صَلِّ الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سُبْحَةً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (1479) ، وقال المنذري: " حسن "!) . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْمٌ الدمشقي: نا الوليد: نا الأوزاعي: حدثني حسان- يعني: ابن عطية- عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وللوليد: هو ابن مسلم، وهو مشهور بأنه كان يدلس عن الأوزاعي تدليس التسويهْ؛ وصورته: أنه كان إذا سمع حديثاً عن الأوزاعي سمعه هذا من شيخ

ضعيف عن شيخ ثقة؛ فيسقظ هذا الشيخ الضعيف من بينهما، ويجعله من رواية الأوزاعي عن الشيخ الثقة بلفظ محتمل، كالعنعنة ونحوها؛ فيصير الإسناد كله ثقات، ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه؛ لأنه قد سمعه؛ فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله؛ إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل! وبما أن الوليد في هذا الإسناد قد صرح بسماع الأوزاعي من حسان بن عطية؛ فقد أمنا حشية تدليسه، وحكمنا على إسناد الحديث بالصحة. وأما المنذري فقال في "مختصره " (رقم 405) : إنه "حسن "! وللحديث طرق أخرى، فقال الإمام أحمد (1/379) : ثنا أبو بكر: ثنا عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعاً بلفظ: " لعلكم ستدركون أقواماً يصلُّون صلاة لغير وقتها، فإذا أدركتموهم؛ فصلوا في بيوتكم في للوقت الذي تعرفون، ثم صلُوا معهم؛ واجعلوها سُبْحَةً ". وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لكنَّ أبا بكر- وهو ابن عياش-؛ فيه ضعف من قبل حفظه. وعاصم مثله، وهو ابن بهدلة. ورواه النسائي (1/126) ، وابن ماجه (1255) . طريق أخرى: أخرجه ابن ماجه (2/202) ، وأحمد (1/399- 400) من طريق عبد الله بن عثمان بن خُثَيْمِ عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن جده عبد الله بنَ مسعود مرفوعاً: " سيلي أموركم بعدي رجال يظْفِئُون السُّنَّة، ويُعَجِّلون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها ". فقلت: يا رسول الله! إن أدركتهم؛ كيف أفعل؟ قال:

" تسألتي يا ابن أم عَبْد! كيف تفعل؟! لا طاعة لمن عصى الله ". وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح ": وقد قيل: إن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه؛ لكن قد ذكر الحافظ في "التهذيب ": " وروى البخاري في "التاريخ الكبير" وفي "الأوسط" من طريق ابن خثَيم عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: إني مع أبي ... فذكر الحديث في تأخير الصلاة. وزاد في "الأوسط" شعبة: يقولون لم يسمع من أبيه. وحديث ابن خُثَيم أولى عندي. وقال ابن المديني: سمع من أبيه حديثين، وحديث تأخير الوليد للصلاة". قلت: يعني هذا. وقد روى أحمد (1/450) من طريق عبد الله بن عثمان أيضا عن القاسم عن أبيه: أن الوليد بن عقبة أخر الصلاة مرة، فقام عبد الله بن مسعود، فَثَربَ بالصلاة، فصلى بالناس، فأرسل إليه الوليد: ما حملك على ما صنعت؟ أجاءك من أمير المؤمنين أمر فيما فعلت؛ أم ابتدعت؟ قال: لم يأتني أمر من أمير المؤمنين، ولم أبتاع؛ ولكن أبى الله عز وجل علينا ورسولُه أن ننتظرك بصلاتنا وأنت في حاجتك. وسنده صحيح أيضا. 460- عن عُبَادة بن الصامت قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنها ستكون عليكم بعدي أمراءُ، تَشْغَلُهم أشياءُ عن الصلاة لوقتها، حتى يذهبَ وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها ". فقال رجل: يا رسول الله! أُصلي معهم؟ قال:

" نعم؛ إن شئت ". (وفي رواية: إن أدركتها معهم؛ أصلي معهم؟ قال: " نعم؛ إن شئت ") . (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن قُلامة بن آعْيَنَ: نا جرير عن منصور عن هلال بن يِسَاف عن أبي المثنى عن ابن أخت عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت. (ح) وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري: نا وكيع عن سفيان- المعنى- عن منصور عن هلال بن يِساف عن أبي المثنى الحمصي عن أبي أُبي ابن امرأة عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت. قلت: قد ساقه المصنف رحمه الله من وجهين عن منصور؛ ليبين ما فيه من الاختلاف: فجرير قال: عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثنى عن ابن أخت عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت. وسفيان- وهو الثوري- قال: عن منصور عن هلال عن أبي المثنى عن أبي أبي ابن امرأة عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت. قلت: وهذا هو الصحيح: أنه أبو أبيً ابن امرأة عبادة بن الصامت؛ وذلك لأمرين: الأول: أن سفيان الثوري أحفظ من جرير- وهو ابن عبد الحميد-. والأخر: أن الثوري قد تابعه سفيان بن عيينة وشعبة؛ إلا أن شعبة جعله من مسنده- أعني: أبا أبيّ هذا- لا من مسند عبادة بن الصامت، وهو رواية عن الثوري كما يأتي.

وهو صحابي، كان صلى إلى القبلتين. وأما الراوي عنه أبو المثنى؛ فاسمه: ضَمْضَم الأمْلوكِي الحمصي، وهو ثقة؛ وثقه العجلي وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم. وبقية رجال الإسنادين ثقات. فالحديث صحيح الإسناد. والحديث أخرجه أحمد (5/315) : ثنا وكيع ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/379) من طريق أبي أحمد: ثنا سفيان بن عيينة عن منصور ... به مثل رواية الثوري. ثم أخرجه أحمد من طريق عبد الله- وهو ابن المبارك: أنا سفيان ... به؛ إلا أنه قال: عن أبي أبيّ ابن امرأة عبادة بن الصامت قال: كنا جلوساً عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال ... فذكر الحديث، فجعله من مسند أبي أُبي! وقال أحمد عقبه: " وهو الصواب ". قلت: ويؤيده أن شعبة رواه كذلك عن منصور: أخرجه أحمد (5/314) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن منصور ... به. ثم قال: ثنا حجاج: ثنا شعبة. ثم جمع الروايتين تحت (حديث ابن ألي بن امرأة عبادة رضي الله عنهما) ؛ فقال (6/7) : ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا: ثنا شعبة ... به. ومن هذا تعلم أنَ ما وقع في مكان آخر من "المسند"، وهو قوله (5/215)

- عقب حديث ابن المبارك عن سفيان المتقدم-: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... فذكره، قال: عن ابن امرأة عبادة عن عبادة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله! فزاد هنا: (عن عبادة) ؛ فهى زيادة شاذة عن شعبة، أو أنها خطأً من بعض النساخ! والله أعلم. قلت: ورواه أبو عمران الجونى عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا ذر! إنه سيكون بعدي أمراء يميتون الصلاة، فصَل الصلاة لوقتها، فإن صليت لوقتها؛ كانت لك نافلة؛ وإلا كنتَ قد أحرزْتَ صلاتك ". أخرجه مسلم (2/120) ، والترمذي (176) ، وأحمد (5/149) . وله طرق أخرى عن عبد الله بن الصامت، وهي مخرجة في "الإرواء" (483) ، وبعضها في "صحيح ابن خزيمة" (3/66/1637) . وله شاهد من حديث ابن عمروٍ، عند الطبراني في "الأوسط " (958) بسند حسن في الشواهد. ورواه في "الكبير" أيضا كما في "المجمع " (1/325) . 461- عن قَبِيصَةَ بن وَقّاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تكون عليكم أُمراء من بعدي، يؤخرون الصلاة، فهي لكم وهي عليهم، فصلُوا معهم ما صَلّوا القِبْلَةَ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: نا أبو هاشم- يعني: الزعفراني-:

10- باب من نام عن صلاة أونسيها

حدثني صالح بن عًبَيْد عن قَبِيصة بن وقاص. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير صالح بن عبيد؛ قال ابن القطان وغيره: " لا يعرف حاله ". وقبيصة بن وقاص، صحابي له هذا الحديث. وأبو هاشم الزعفراني: اسمه عَمار بن عمارة، وهو ثقة. لكن الحديث تشهد له الأحاديث التي قبله فهو صحيح لغيره. والحديث أخرجه ابن سعد (7/56) ... بإسناد المصنف. 10- باب من نام عن صلاة أونَسِيَها 462- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قَفَلَ من غزوة خيبر، فسار ليلة، حتى إذا أدْرَكَنَا الكَرَى عَرَّس، وقال لبلال: " اكلأْ لنا الليل ". فال: فغلبت بلالاً عيناه وهو مستندَ إلى راحلته، فلم "يستيقظ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا بلالَ. ولا أحدٌ من أصحابه؛ حتى ضَرَبتهم الشمس، فكانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أؤلهم استيقاظاً، فَمزِعَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " يا بلال! ". فقال: أخذ بِنَفْسي الذي أخذ بِنَفْسك يا رسول الله! بأبي أنت وأمي! فاقتادًوا رواحِلَهم شيئاً، ثم توضأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمر بلالاً فأقام لهم الصلاة، وصلًى لهم الصبح، فلما قضى الصلاة قال:

" مَنْ نسي صلاة، فليصلها إذا ذكرها؛ فإن الله تعالى قال: (آقِمِ الصلاة للذِّكرى) ". وكان ابنُ شِهَابٍ يقرأُها كذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المصنف، ورواه مسلم أيضا) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة. قال يونس: وكان ابن شهاب يقرؤُها كذلك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/253) من طريق المصنف؛ فقال: حدثنا أبو داود السجْزِيُّ: ثنا أحمد بن صالح ... به. وأخرجه البيهقي أيضا (2/217) من طريقه. ئم أخرجه هو، ومسلم (2/138) ، وابن ماجه (1/235) من طريق حرملة بن يحيى التُجِيبِي عن ابن وهب ... به. وأخرجه النسائي (1/101) من طريق أخرى عن ابن وهب ... به مختصراً دون القصة. ئم أخرجه كذلك مختصراً من طريق عبد الله عن معمر عن للزهري ... به؛ وزا د: قلت للزهري: هكذا قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم- يعنى: " للذِّكرى؟ -. وأخرجه الترمذي (2/198- طبع بولاق) من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري ... به نحوه مع القصة، وقال:

" هذا حديث غير محفوظ، رواه غير واحد من الحفاظ عن للزهري عن سعيد ابن المسيب أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... - ولم يذكروا فيه: عن أبي هريرة- وصالح بن أبي الأخضر يضَعَّف في الحديث؛ ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه "! قلت: لكن قد تابعه يونس ومعمر عن ابن شهاب كما سبق؛ فالحديث محفوظ. ولا يعله رواية من أرسله ولم يذكر أبا هريرة فيه؛ لأن من وصله ثقة، فيجب قبولها. ولعل الترمذي رحمه الله لم يقف على هذه المتابعات؛ وإلا لما ساق الحديث من طريق ابن أبي الأخضر الضعيف، ولما ترك رواية يونس ومعمر الثقتين! وللحديث طريق آخر: أخرجه مسلم، وأبو عوانة (2/251- 252) ، والنسائي (1/102) ، والبيهقي (2/218) عن يزيد بن كَيْسَان: حدثنا أبو حازم عن أبي هريرة قال: عَرسْنَا مع نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس ... الحديث نحوه؛ دون قوله: " من نسي ... " إلخ. وهكذا أخرجه الطحاوي (1/234) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ... به. 463- وفي رواية ... في هذا الحديث: " لذكري ". قال أحمد (هو ابن صالح شيخ المؤلف فيه) : الكَرَى: النّعَاسُ. (قلت: إسناده حسن؛ لكن هذا اللفظ منه شاذ! والأصح: " للذِّكرى "،

كما في الرواية الأولى) . إسناده: قال أحمد: قال عنبسة- يعني- عن يونس ... في هذا الحديث. قلت: ظاهره أنه مُعَلَّق؛ لكن المصنف ذكره هكذا بعد أن ساق الرواية الأولى من طريق أحمد مصرحاً بسماعه منه كما تقدم، ثم قال: قال أحمد ... فالظاهر حينئذ أنه موصول! والله أعلم. ثم إن الإسناد حسن رجاله رجال البخاري؛ غير أنه أخرج لعنبسة- وهو ابن خالد- مقروناً بغيره، وهو حسن الحديث كما تقدم. قلت: وهذه الرواية بلفظ: " لذكري " توافق رواية حرملة بن يحيى المتقدمة: عند مسلم وغيره؛ فإنها بهذا اللفظ. وكذلك لفظ رواية صالح بن أبي الأخضر: عند الترمذي؛ بخلاف رواية أحمد ابن صالح عن ابن وهب المتقدمة، ورواية معمر عن الزهري؛ فإنها بلفظ: " للذكرى ". وهذا هو الأصح إن شاء الله تعالى، وهو المناسب لسياق الحديث؛ فإن معناها: للتذكر؛ أي: لوقت الذكر. وأما الرواية الأخرى: " لذكري "؛ فلا تناسب السياق؛ لأن المعنى إما: لتذكرني فيها! وإما: لأذكرك عليها! ولذلك صرح القاضي عياض بأن هذه الرواية تغيير من بعض الرواة، وأن- الحديث إنما هو: " للذكرى "، وأن استدلاله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما كان بهذه القراءة. انظر كلامه في ذلك في " تنوير الحوالك " (1/34- 35) .

464- وفي أخرى: عن أبي هريرة ... في هذ االحديث؛ قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَحَوَّلوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغَفْلَةُ ". قال: فأمر بلالاً، فأذَّن وأقام وصلَّى. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المصنف) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا أبان: نا معمر عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة. قال أبو داود: " رواه مالك وسفيان بن عيينة والأوزاعي وعبد الرزاق عن معمر وابن إسحاق، لم يذكر أحد منهم الأذان في حديث الزهري هذا، ولم يسنده منهم أحد إلا الأوزاعي وأبان العطار عن معمر ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبان: هو ابن يزيد العطار، وقد ذكر المصنف رحمه الله أنه تفرد بإسناد الحديث؛ يعني: بذكر أبي هريرة فيه، وبذكر الأذان فيه، وأنه تابعه على إسناده الأوزاعي! والجواب: أن أبان ثقة محتج به في "الصحيحين "؛ فزيادته مقبولة؛ سواءً كانت في المتن أو السند، لا سيما وأن للزيادة في المنن شواهد عن جماعة من الصحابة، قد ذكرها المصنف في الباب كما يأتي. وقد تابع معمراً على إسناده: يونس؛ كما في الحديث الذي قبله، وصالح بنُ أبي الأخضر، كما ذكرته هاك. ثم إن أبان لم يذكر في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: " من نسي ... "

إلخ! وقد رواه عبد الله بن المبارك عن معمر ... به منفردأ عن القصة؛ بلفظ: " من نسي صلاة؛ فلْيُصَلِّها إذا ذكرها؛ فإن الله تعالى يقول: (أقم الصلاة للذكرى) ". قلت للزهري: هكذا قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم. أخرجه النسائي (1/101- 192) . وللحديث طريقان آخران عن أبي هريرة، ذكرتهما عند الحديث السابق، وليس فيهما الأذان؛ لكن يشهد له الحديث الآتي بعد هذا. وقد أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/253) : حدثتا أبو داود السِّجْزِيُ وأبو أمية قالا: ثنا أبو سلمة المنقري.. به. وأبو داود: هو المصنف. وأبو سلمة: هو موسى بن إسماعيل. وأخرجه البيهقي أيضا (2/218) من طريق المصنف، ثم قال: " وهذا الخبر رواه مالك بن أنس وجماعة عن الزهري عن ابن المسيب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً. ورواه مالك عن زيد بن أسلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... منقطعاً، ومن وصله ثقة ". قلت: وروايتا مالك في "الموطأ" (1/32- 34 و 34- 36) . وفي حديث زيد ابن أسلم: وأمر بلالأ أن ينادي بالصلاة أو يقيم. وممن وصل الحديث عن الزهري: محمدُ بنُ إسحاق، كما سبقت الإشارة إلى

ذلك في كلام المصنف. وقد وصله النسائي (1/101) من طريق ابن إسحاق عن الزهري ... به؛ ولفظه: " إذا نسيتَ الصلاة؛ فصَلِّ إذا ذكرتَ، فإن الله تعالى يقول: {أقم الصلاة لذكري) ". 465- عن أبي قتادة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سَفَرٍ له، فمال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومِلْتُ معه، فقال: " انظر؛ هذا راكب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة "؛ حتى صِرْنَا سَبْعَةً، فقال: " احفظوا علينا صلاتنا "؛ يعني: صلاةَ الفجر. فَضرِبَ على اذانهم، فما أيقظهم إلا حَر الشمس، فقاموا، فساروا هُنَيَّةً، ثم نزلوا فتوضؤوا وأذَّن بلال فصلَّوْا ركعتَي الفَجْرِ، ثم صلوا الفجرَ ورَكِبُوا، فقال بعضهم لبعضٍ: قد فَرَّطْنَا في صلاتنَا! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنه لا تفريط في النوم؛ إنما التفريط في اليقظة، فإذا سها أحدكم عن صلاة؛ فليصلِّها حين يذكرها، ومن الغَدِ للوقت ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الخطابي: " وإسناده جيد ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن ثابت البنَاني عن عبد الله

ابن رَبَاحٍ الأنصاري: أخبرنا أبو قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة، وقد تابعه حماد بن زيد، كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (5/298) : ثنا يزيد بن هارون: أنا حماد بن سلمة ... به أتم منه؛ وزاد في آخره: قال عبد الله: فسمعتي عمران بن حصين وأنا أُحَدِّث هذا الحديث في المسجد الجامع، فقال: من الرجل؟ قلت: أنا عبد الله بن رباح الأنصاري. قال: القوم أعلم بحديثهم، انظر كيف تحدث؛ فإني أحد السبعة تلك الليلة، فلما فرغت قال: ما كنتُ أحسب أن أحداً يحفظ هذا الحديث غيري. قال حماد: وثنا حميد الطوبل عن بكر بن عبد الله المزني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.... بمثله. قلت: وأخرجه الطحاوي (1/233) ، والدارقطني (ص 148) من طريق يزيد ابن هارون ... به؛ لكنه عند الدارقطني مختصر جداً، وليس عنده: قال عبد الله ... إلخ. ثم أخرجه أحمد من طريق إبراهيم بن الحجاج عن حماد بن سلمة ... به نحوه. وبه عن حماد عن حميد عن بكر بن عبد الله عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه. وأخرجه مسلم (2/138- 139) ، وأبو عوانة (2/257- 260) ، والدارقطني (ص 148) ، والبيهقي (2/216) من طريق سليمان بن المغيرة: ثنا ثابت ... به نحوه؛ وقال؟

" إنما التفريط على مَنْ لم يُصَلِّ الصلاةَ حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك؛ فلْيُصَلِّها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد؛ فليصلها عند وقتها ". وهذا القدر- مع شيء من الاختصار- أخرجه النسائي أيضا (1/101) من هذا الوجه، وكذلك المصنف كما يأتي (رقم 468) . ثم أخرجه النسائي (1/100- 101) ، والترمذي (1/335) ، وابن ماجه (1/236- 237) ، والطحاوي (1/270) عن حماد بن زيد عن ثابت ... بهذا. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه أحمد (5/302) من طريق قتادة عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة ... نحوه مطولا. وإسناده صحيح على شرط مسلم. وله طريق أخرى عن أبي قتادة، وهو: 466- عن أبي قتادة ... في هذا الخبر؛ قال: فقال: " إن الله قبض أرواحكم حيث شاء، وردَّها حيث شاء، قُمْ فآذّنْ بالصلاة "، فقاموا فتَطَهَّروا؛ حتى إذا ارتفعت الشمس؛ قام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلَى بالناس. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم. وقد أخرجه الأول منهما في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أنا خالد عن حُصين عن ابن أبي قتادة عن

أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وابن أبي قتادة: اسمه عبد الله. وحصين هو ابن عبد الرحمن السّلَمي، وخالد: هو الحذاء. والحديث أخرجه البخاري (13/384) ، والطحاوي (1/233) ، والبيهقي (2/216) ، وأحمد (5/307) من طريق هُشيم: أنا حصين ... به نحوه. ثم أخرجه البخاري (2/53) ، والطحاوي من طريقين آخرين عن حصين ... به أتم منه. وله عن حصين طريق خامسة عند المصنف، وهي: 467- وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ قال: فتوضأ حين ارتفعت الشمس، فصلَّى بهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري نحوه) . إسناده: حدثنا هناد: نا عَبْثَرٌ عن حُصَيْنِ عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وبهذا الإسناد: أخرجه النسائي (1/135) . والحديث أخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن حصين ... به نحوه؛ وقد سبق ذكرها في الذي قبله.

468- وفي أخرى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس في النوم تفريط؛ إنما التفريط في اليقظة: ان تؤخر الصلاة حتى يدخل وقت اخرى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي والحافظ. وهو في "صحيح مسلم " وأبي عوانة مطولاً، وقد سبق نحوه (رقم 465)) . إسناده: حدثنا العباس العنبري: نا سليمان بن داود- وهو الطيالسي-: نا سليمان- يعني: ابن المغيرة- عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وكذا قال النووي في "المجموع " (4/25) ، والحافظ في "التلخيص " (4/31) . والحديث أخرجه أحمد (5/309) : ثنا سليمان بن داود الطيالسى: ثنا شعبة عن ثابت ... به مختصراً؛ بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه لما قاموا إلى الصلاة فصلوا؛ قال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلوها الغدَ لوقتها ". وهكذا أخرجه النسائي (1/101) عن عمرو بن علي قال: حدثنا أبو داود ... به وأبو داود: هو الطيالسي صاحب "المسند"، ولم أر هذا الحديث فيه! ويظهر أن له شيخين، يرويه كل منهما عن ثابت. وقد أخرجه النسائي من طريق أخرى عن سليمان بن المغيرة ... به.

وأخرجه مسلم أيضا، وأبو عوانة في "صحيحيهما" مطولأ، وقد سبق تخريجه عند الحديث (رقم 465) . 469- عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " مَنْ نَسِيَ صلاةً؛ فلْيصَلِّها إذا ذكرها؛ لا كفارةَ لها إلا ذلك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أنا همام عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (2/56- 57) ، ومسلم (2/142) ، والطحاوي (2/270) ، والبيهقي (2/218) ، وأحمد (3/269) من طرق عن همام ... به: وصرح قتادة بسماعه من أنس في إحدى روايتي أحمد والبخاري. ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة (2/269- 261) ، والنسائي (1/100) ، والترمذي (1/335) ، والدارمي (1/280) ، وابن ماجه (1/235) ، والطحاوي، والبيهقي، وأحمد (3/216 و 243 و 267 و 282) من طرق أخرى عن قتادة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 470- عن عمران بن حصين: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في مَسِيرٍ له، فناموا عن صلاة الفجر، فاستيقظوا بحَرِّ الشمسِ، فارتفعوا قليلاً حتى اسْتَقَلَّتِ الشمس، ثم آمَرَ

مؤذِّناً، فأذّن، فصلَّى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام، ثم صلى الفجر. (قلت: حديث صحيح، وكذ اقال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حزم أيضا. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " وابن حبان (2641) ، وهو في "صحاح البخاري ومسلم وأبي عوانة"، دون ذكر الركعتين) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن يونس بن عُبَيْد عن الحسن عن عمران بن حصين. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وخالد: هو ابن عبد الله الطَّحان. لكن أعله ابن حزم في "الإحكام في أصول الأحكام " (7/108) ، فقال: " قد تُكلم في سماع الحسن من عمران بن حصين، فقيل: سمع منه، وقيل: لم يسمع منه ". قلت: وهذا قول يحيى القطان وأحمد وأبي حاتم؛ قالوا: " لم يصح أنه سمع منه ". وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي " (2/216) : " ذكر البيهقي في باب (من جعل في النذر كفارة يمين) حديثاً من رواية الحسن عن عمران، ثم قال: منقطع، ولا يصح عن الحسن عن عمران من وجه صحيح يثبت مثله. وخالفه ابن خزيمة، فأخرج في "صحيحه " حديث الباب من رواية هشام عن الحسن عن عمران. فدلّ ذلك على صحة سماعه من عمران ". قلت: وجزم بسماعه منه: الحاكمُ، فقال في "المستدرك" (1/29) - عقب حديث أخرجه من طريق الحسن عن عمران-:

" هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه؛ خشية الإرسال، وقد سمعِ الحسن من عمران بن حصين "، ووافقه الذهبى. ولذلك صححا هذا الحديث أيضآ كما يأتي. وممن جزم بذلك أيضا البزار؛ حيث ذكر عمران بن حصين في الصحابة الذين سمع منهم الحسن، كما في "نصب الراية"! 1/90) . وجنح إلى هذا ابن حزم؛ حيث صحح الحديث، كما ستراه قريباً. وهو الذي نرجِّحه ونميل إليه: أن الحسن سمع من عمران في الجملة؛ ولكننا لا نرى صحة حديثه عنه إذا لم يصرح بسماعه منه، كما ذكرنا مراراً: أن الحسن معروف بالتدليس، فلا يحتجُّ به إذا عنعن. وهذا الحديث من الأحاديث التي وقفنا على تصريحه فيه بالتحديث؛ فكان حديثاً صحيحاً. وأما الأحاديث الأخرى؛ فهي في "المسند" فأخرج (4/440 و 445) من طريق البارك عن الحسن: أخبرني عمران بن حصين مرفوعآ حديثين: أحدهما: في النهي عن المثلة، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الجهاد من هذا الكتاب (رقم 2393) . والآخر: في النهي عن الحلقة من أجل الواهنة، وهو في الطب من "سنن ابن ماجه "، و "المستدرك " (4/216) معنعناً، وصححه هو والذهبي! لكن البارك- وهو ابن فَضَالة- مشهرر بالتدليس، ولم يصرح بسماعه من الحسن. ثم أخرج أحمد (4/436) من طريق شريك بن عبد الله عن منصور عن خيثمة عن الحسن قال:

كنت أمشي مع عمران بن حصين، أحدنا آخذ بيد صاحبه، فمررنا بسائل يقرأ القرآن؛ فاحتبستي عمران وقال: قف نستمع القرآن! فلما فرغ ساممه، فقال عمران: انطلق بنا! إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " اقرأوا القرآن، وسلوا الله تبارك وتعالى به ... " الحديث. لكن خيثمة- وهو ابن أبي خيثمة- لين الحديث كما في "التقريب ". ثم إن فيه شريك بن عبد الله- وهو القاضي-، وهو سيئ الحفظ. وقد خالفه سفيان الثوري؛ فرواه عن الأعمش عن خيثمة عن الحسن عن عمران بن حصين: أنه مر على قاص قرأ، ثم سأله، فاسترجع وقال ... الحديث. أخرجه الترمذي (2/151- طبع بولاق) ، وأحمد (4/439) . وقال الترمذي: " ليس إسناده بذاك "؛ كأنه يعني من أجل خيثمة هذا. وبالجملة؛ فليس في هذه الأسانيد ما تقوم به الحجة، وكأنه لذلك قال أحمد وغيره ممن سبق: " لم يصح أنه سمع الحسن من عمران ". لكننا نقول: إنه صح ذلك بإسناد آخر؛ فانتظر قليلاً. والحديث أخرجه ابن حزم (3/24) من طريق المؤلف محتجاً به. ثم صرح فيما بعد (ص 202) أنه صحيح. وأخرجه الدارقطني (ص 147) ، والحاكم (1/274) من طريق إسحاق بن شاهين أبي بشر: نا خالد بن عبد الله ... به. وقال الحاكم:

" حديث صحيح على ما قدمنا ذكره من صحة سماع الحسن عن عمران "، ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد (4/444) : ثنا عبد الوهاب بن عطاء: أنا يونس ... به. وأخرجه الطحاوي (1/233) ، والبيهقي (1/404) - من طريق عبد الوهاب-، وأحمد (4/431) ، والدارقطني- من طريقين آخرين- عن يونس ... به. وقد تابعه هشامُ بنُ حسان عن الحسن ... به أتم منه؛ وزاد في آخره: فقالوا: يا رسول الله! ألا نعيدها في وقتها من الغد؟! قال: " أينهاكم ربكم تبارك وتعالى عن الربا ويقبله منكم؟! ". أخرجه أحمد (4/441) ، والطحاوي، وابن حبان (2641) ، والدارقطني، والبيهقي (2/217) ، وابن حزم في "الإحكام " (7/108) من طرق عنه. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " كما سبق. وأعله ابن حزم بالاختلاف في سماع الحسن من عمران، وذكرنا كلامه في ذلك آنفاً؛ لكن قد صرح الحسن بسماعه في رواية عن هشام عنه، فقال أحمد عقيب هذه الرواية: ثنا معاوية: ثنا زائدة عن هشام قال: زعم الحسن أن عمران بن حصين حدتْه قال: أسرينا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة ... فذكر الحديث. وكذلك أخرجه البيهقي من طريق علي بن الحسن بن بيان المُقْرِي: ثنا معاوية ابن عمرو بن المُهَلَّب: ثنا زائدة بن قدامة ... فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. وقال ابن التركماني:

لا وقال صاحب "] لإمام ": رواه الطبراني عن زائدة عن هشام. ورجال إسناده ثقات ". فثبت بذلك أن الحديث موصول، وأنه صحيح، والحمد لله على هدايته وتوفيقه. والحديث رواه الطيالسي (رقم 837) مرسلاً؛ فقال: حدثنا أبو حُرة عن الحسن: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سفر ... وللحديث طريق آخر: أخرجه البخاري (1/354- 360) ، ومسلم (2/140- 142) ، وأبو عوانة (2/254- 257) ، والطحاوي (1/233) ، والبيهقي (1/404) ، وأحمد (4/434) من طريق أبي رجاء العطَاردي: حدثني عمران بن حصين قال: كنا في سفر مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ ... الحديث نحوه، وليس فيه ذكر الإقامة وسنة الفجر. وقد رواه الطيالسي (رقم 857) : حدثنا عقبة بن خالد- أو خالد بن عقبة؛ الشك من أبي داود- قال: ثنا أبو رجاء العطَاردي ... به؛ وزاد فيه ذكر الركعتين. لكن عقبة هذا- أو خالد- لم أعرفه! والله أعلم. 471- عن عمرو بن امَيَّة الضَّمْري قال: كنَّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره، فنام عن الصبْحِ حتى طلعت الشممس، فاستيقظ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " تَنَحَّوْا عن هذا المكان ". قال: ثم آمَرَ بلالاً، فأذَّن، ثم توضمَّؤوا وصلَّوا ركعتي الفجر، ثم آمَرَ

بلالاً، فأقام الصلاة، فصلى بهم صلاة الصبح. (قلت: إسناده صحيح، وقال المنذري: " حسن "!) . إسناده: حدثنا عباس العنبري. (ح) وحدثنا أحمد بن صالح- وهذا لفظ عباس- أن عبد الله بن يزيد حدثهم عن حيوة بن شريح عن عياش بن عباس - يعني: القتْبَاني- أن كُلَيْب بن صُبْح حدثهم أن الزبرِقان حدثه عن عمِّه عمرو بن أمية الضمْرِي. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ والزبرقان: هو ابن عبد الله الضمري، وقيل: إنه الزبرقان بن عمرو بن أمية الضمري. وقال أحمد بن صالح: " الصواب فيه: الزبرقان بن عبد الله بن عمرو بن أمية ". وقال غيره: " هما اثنان ". قال الحافظ في ترجمة الزبرقان بن عمرو: " قلت: لم يفرق البخاري- فمن بعده- بينهما؛ إلا ابن حبان؛ ذكر هذا في ترجمة مفردة عن الذي روى عنه كليب بن صبح. وفي كتاب ابن حبان من هذا الجنس أشياء، يضيق الوقت عن استيعابها؛ من ذكره الشخص في موضعين وأكثر، فلا حجة في تفرقته؛ إذ لم ينصَّ على أنهما اثنان ". وذكر أنه ثقة عند يحيى بن سعيد والنسائي وغيرهما. قلت: وسواءً كان الصواب في نسبه: أنه الزبرقان بن عبد الله بن عمرو بن أمية، أو الزبرقان بن عمرو بن أمية؛ فإنه لا يتفق مع قوله في هذا الحديث: عن عمه عمرو بن أمية "؛ فإن عمراً على القولين ليس هو عَمَّ الزبرقان، بل هو إما والده أو جده! فإذا صح قوله هذا: عن عمه عمرو، ولم يكن وهماً من بعض الرواة؛ فهو دليل واضح على صواب ما صنع ابن حبان من التفريق. والله أعلم.

والحديث قال المنذري في "مختصره " (رقم 417) : "حسن ". وقد أخرجه أحمد (4/139) : ثنا أبو عبد الرحمن المقري: ثنا حيوة.. به؛ وأبو عبد الرحمن هذا: هو عبد الله بن يزيد في إسناد المصنف. ومن طريقه- أعتي: أبا عبد الرحمن-: أخرجه البيهقي أيضا (1/404) . 472- عن ذي مِخْبَرٍ الحَبَشِي- وكان يَخْدُمُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... في هذا الخبر؛ قال: فتوضأ- يعني: النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعوءًا لم يَلُت مَنه الترابُ، ثم أمرَ بلالاً، فأذَّن، ثم قام النبيُّء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فركع ركعتين غيْرَ عَجِل، ثم قال لبلال: " أقم الصلاة "، ثم صلى وهو غير عَجِلٍ. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن: نا حجاج- يعني: ابن محمد-: ثنا حريز. (ح) وحدثنا عبيد بن أبي الوزير: ثنا مبَشِّر- يعني: الحلبي-: حدثنا حريز- يعني: ابن عثمان -: حدثني يزيد بن صالح عن ذي مخبر الحبشي. قال عن حجاج: (عن يزيد بن صليح) : حدثني ذو مخبر رجل من الحبشة. وقال عبيد: " يزيد بن صالح ". قلت: وهذا إسناد صحيح، ذكره المصنف من طريقين عن حريز بن عثمان - وهو ثقة من رجال البخاري- عن يزيد بن صالح- أو صليح-؛ وقد ذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال المصنف:

" شيوخ حريز كلهم ثقات ". وقد اختلف على حريز في اسم والد يزيد هذا، فسمّاه عنه عبيد بن أبي الوزير: (صالحاً) . وسماه حجاج بن محمد: (صليحاً) ؛ وهو الصواب؛ لأنه قد تابعه على ذلك: الوليد بن مسلم؛ كما في الرواية الآتية في الكتاب. وأبو النضر- واسمه هاشم بن القاسم البغدادي-: عند أحمد؛ كما يأتي. ثم إن مخالفهم عبيد بن أبي الوزير لا يعرف حاله، فكانت روايته مرجوحة. ولذلك قال الحافظ في "التهذيب ": " وصحح المزي في "الأطراف " أن اسم أبيه (صليح) . وبه جزم البخاري وابن أبي خيثمة ويعقوب بن سفيان وغير واحد ". والحديث أخرجه أحمد (4/90- 91) : ثنا أبو النضر: ثنا حريز عن يزيد بن صليح ... به بطوله؛ وزاد في آخره: فقال له قائل: أفَرَطْنا؟ قال: " لا، قبض الله عز وجل أرواحنا، وقد ردَّها إلينا، وقد صلَّينا ". وقال في "المجمع " (1/320) : " رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، ورجال أحمد ثقات ". وللحديث طريق أخرى؛ لكن فيه زيادة منكرة. أخرجه الطحاوي (1/269) من طريق مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن العباس بن عبد الرحمن- مولى بني هاشم- عن ذي مخبر ابن أخي النجاشي

قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر ... الحديث مختصراً؛ قال: فصلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما كان من الغد حين برعْ الشمس؛ أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام، فصلَّى بنا الصلاة، فلما قضى الصلاة قال: " هذه صلاتنا بالأمس ". وهذا إسناد ضعيف؛ مسلمة بن علقمة صدوق له أوهام. والعباس بن عبد الرحمن مستور؛ كما في "التقريب ". وقد أورده الهيثمي في "المجمع " (1/320) بلفظ: بَرَق الفجر، وزاد في آخره: ثم ائتنف صلاة يومه ذلك. وقال: " رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه العباس بن عبد الرحمن، وروى عنه داود ابن أبي هند، ولم أر له راوياً غيره، وروى هو عن جماعة من الصحابة ". وفي هذه الرواية أنه عليه السلام صلى الفائتة مرتين: الأولى وقتَ الانتباه، والأخرى في اليوم الثاني! وهذا منكر؛ لضعف إسنادها، ولخالفتها لسائر الأحاديث المتقدمة في الباب وغيرها؛ فإنها لم ترد في شيء منها! اللهم إلا في رواية من حديث أبي قتادة من قوله عليه السلام بلفظ: " فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غدٍ صالحاً؛ فليقض معها مثلَها "! وهذا منكر أو شاذ؛ لما ذكرنا، ولإنكاره عليه السلام ذلك على الصحابة حين قالوا له: ألا نعيدها في وقتها من الغَد؟!:

" أينهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم؟! ". وهو حديثٌ صحيح، كما سبق بيانه (رقم 479) ؛ فراجعه. ولذلك أوردنا حديث أبي قتادة المشار إليه في الكتاب الآخر (رقم 65) . 473- وفي رواية عن ذي مِخْبَرِ ابن أخي النجاشي ... في هذا الخبر؛ قال: فأذَّن، وهو غير عَجِلٍ. (قلت: هو بهذا اللفظ شاذ. والصحيح ما في الرواية الأولى: فركع ركعتين غير عجل) . إسناده: حدثنا مُؤَمل بن الفضل: ثنا الوليد عن حَرِيزٍ - يعنى: ابن عثمان- عن يزيد بن صليح عن ذي مخبر ابن أخي النجاشي. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ لكن الوليد مدلس، وقد عنعن؛ لكنه قد توبع كما تقدم في الرواية السابقة. لكن قوله في الحديث: فأذن وهو غير عجل؛ شاذ لخالفتها للرواية التي قبلها، وقد اتفق عليها حجاج بن محمد وعبيد بن أبي الوزير وهاشم بن القاسم البغدادي، فروايتهم هي الصحيحة. 474- عن عبد الله بن مسعود قال: أقبلتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِية، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يكلؤنا؟ ". فقال بلال: أنا. فناموا حتى طلعت الشمس؛ فاستيقظ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " افعلوا كما كنتم تفعلون ". قال: ففعلنا. قال:

" فكذلك فافعلوا؛ لمن نام أو نسي ". (قلت: إسناده صحيح، وقال المنذري: " حسن "!) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن جامع ابن شداد: سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة: سمعت عبد الله بن مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن أبي علقمة- ويقال: ابن علقمة-؛ قال في "التقريب ": " يقال: له صحبة. وذكره ابن صحبان في ثقات التابعين " قلت: وقد روى عنه عبد الملك بن محمد بن بشر أيضا، وعون بن أبي جحيفة. والحديث قال المنذري: " حسن. وأخرجه النسائي "! قلت: ولم أجده عند النسائي في "المجتبي "! فلعله في "سننه الكبرى". نعم؛ هو في "الصغرى" له من طريق أخرى مختصراً، كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/464) : ثنا محمد بن جعفر ... به؛ وفيه قصة الناقة، ونزول) {إنا فتحنا ... } . وقال (1/386) : حدثنا يحيى: ثنا شعبة ... به. وأخرجه ابن جرير، والطيالسي (1/49- 50) عن شعبة، وقرن به الطيالسي: المسعودي.

11- باب في بناء المساجد

وعنه: أخرجه أحمد أيضا، فقال (1/391) : ثنا يزيد: أنبأنا المسعودي ... به نحوه، وقال الهيثمي: " رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير". وأبو يعلى باختصار عنهم؛ وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وقد اختلظ في آخر عمره ". ولشعبة فيه إسناد آخر مختصراً: أخرجه النسائي (1/100) عنه عن إبراهيم ابن محمد بن المنتشر عن أبيه: أنه كان في مسجد عمرو بن شرَحْبِيل، فأقيمت الصلاة، فجعلوا ينتظرونه، فقال: إني كنت أوتر. قال: وسئل عبد الله: هل بعد الأذان وتر؟ قال: نعم، وبعد الإقامة. وحدث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس، ثم صلى. ورجاله ثقات؛ لكتي أخشى أن يكون منقطعاً بين محمد بن المنتشر وابن مسعود! 11- باب في بناء المساجد 475- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أُمِرْتُ بتشْيِيدِ المساجد ". قال ابنُ عباس: لَتُزَخْرِفُنها كما زَخْرَفَتِ اليهودُ والنصارى! (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1613) . وقول ابن عباس؛ عَلقَهُ البخاريَ في "صحيحه "، وهو موقوف في حكم المرفوع، وقد روي مرفوعاً) . إسناده: حدثنا محمد بن الصَبَاح بن سفيان: نا سفيان بن عيينة عن سفيان الثوري عن أبي فَزَارة عن يزيد بن الأصَم عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن الصباح، وهو ثقة. وأبو فزارة: اسمه راشد بن كَيْسان. وصححه ابن حبان (1613) . والحديث أخرجه البيهقي (2/438- 439) ، وابن حزم (4/440) من طريق المؤلف. ورواه البيهقي من طريق علي بن قادم: ثنا سفيان الثوري ... به. وقول ابن عباس منه؛ علقه البخاري في "صحيحه " (1/428) . قال الحافظ: " وإنما لم يذكر البخاري المرفوع منه؛ للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله ". قلت: وقد وصله أبو فزارة، وهو ثقة، فيجب قبول زيادته. وقول ابن عباس هذا؛ قال الشيخ القاري في "المرقاة" (1/459) : " وهو موقوف؛ لكنه في حكم المرفوع ". قلت: وقد روي مرفوعاً؛ لكن بسند ضعيف: أخرجه ابن ماجه من طريق أخرى عن ابن عباس، وقد تكلمنا عليه في "الثمر المستطاب ". 476- عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تقومُ الساعةُ حتى يتباهى الناس في المساجد ".

(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1611) في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله الخزَاعي: ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس. وقتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كَلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن عبد الله الخزاعي، وهو ثقة؛ وثقه ابن المديني وأبو حاتم وغيرهما. والحديث أخرجه الطبراني في " معجمه الصغير" (ص 125) : ثنا معاذ بن المثنى بن معاذ العنبري أبو المثنى: ثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ... به، وقال: " لم يروه عن قتادة إلا حماد. تفرد به الخزاعي ". قلت: وأخرجه النسائي (1/112) ، والدارمي (1/327) ، وابن ماجه (1/250) ، والبيهقي (2/439) ، وأحمد (3/134 و 145 و 152 و 230 و 283) ، وأبو يعلى (2/2703) ، وعنه ابن حبان (308) من طرق عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ... به. وقال البخاري في "صحيحه " (1/428) : وقال أنس: يتباهون بها، ثم لا يَعْمرونَهَا إلا قليلاً. قال الحافظ: " وهذا التعليق زؤيناه موصولاً في "مسند أبي يعلى " و "صحيح ابن خزيمة" من طريق أبي قلابة أن أنساً قال: سمعته يقول: " يأتي على أمتي زمان يتباهون بالمساجد، ثم لا يعمرونها إلا قليلا "، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان مختصراً من طريق أخرى عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تقوم الساعة ... "! إلخ

وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/1/142- 2) من طريق أبي عامر الخزاز قال: قال أبو قلابة الجرمي: انطلقنا مع أنس يريد الزاوية قال: فمررنا بمسجد، فحضرت صلاة الصبح، فقال أنس: لو صلينا في هذا المسجد؛ فإن بعض القوم يأتي المسجد الأخر! قالوا: أي مسجد؟ فذكرنا مسجداً. قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يأتي على الناس ... " إلخ. قال ابن خزيمة: الزاوية: قصر من البصرة على شبه من فرسخين. وأبو عامر الخزاز: هو صالح بن رستم، صدوق كثير الخطأ. ومن طريقه: أخرجه أبو يعلى أيضا (2/746) . والحديث أخرجه ابن حبان أيضا (307) من طريق عفان: حدثنا حماد بن سلمة ... بلفظ: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتباهى الناس بالمساجد. وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. 477- عن عبد الله بن عمر: أن المسجد كان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبنيّا باللَّبِن وعَمَده (وفي رواية: وعمُده) من خشب النخيل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر، وبناه على بنائه في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باللَبِن والجريد، وأعاد عَمَدَه (وفي الرواية الأخرى: عُمُدَه) خشباً، وغيَّرَهُ عثمان، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقَصَّة، وجعل عَمَدَة من حجارة منقوشة، وسَقْفَه بالساج (وفي الرواية الأخرى: وسَقَّفَهُ الساجَ) .

قال أبو داود: " القَصَّةُ: الجص (1) ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخارى) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ومجاهد بن موسى- وهو أتم- قالا: ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي عن صالح قال: نا نافع أن عبد الله بن عمر أخبره. والرواية الأخرى لمجاهد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ فإن رجاله كلهم من رجالهما؛ غير محمد بن يحيى؛ فهو من رجال البخاري وحده. ومجاهد بن موسى؛ فمن رجال مسلم وحده. والحديث أخرجه أحمد (2/130) : ثنا يعقوب ... به. ومن طريق أحمد: أخرجه البيهقي (2/438) . وأخرجه البخاري (1/428) : حدثنا علي بن عبد الله: ثنا يعقوب بن إبراهيم ... به. (تنبيه) : لم يَعْزُ المنذري في "مختصره " الحديث إلى البخاري! فأوهم أنه لم يخرجه، وذلك أنّ من عادة المنذري عزوه الحديث إلى من أخرجه من أصحاب الكتب الستة، فإذا لم يفعل؛ فقد أوهم، فلزم التنبيه عليه! 478- عن أنس بن مالك قال: قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، فنزل في عُلْوِ المدينةِ في حَي- يقال لهم: بنو عمرو بن عوف-، فأقام فيهم أربعَ عشْرةَ ليلةً، ثم أرسل إلى بني

_ (1) كذا قال المصنف! وقال الخطابي في "المعالم ". " والقصة. شيء يثبه الجص، وليس به ".

النجار، فجاؤوا متقلدي سمِوفهم. فقال أنس: فكأني أنظر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على راحلته؛ وأبو بكر رِدْفَة، ومَلأُ بني النجار حوله؛ حتى ألقى بفِنَاء أبي أيوب، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي حيث أدركَتْه الصلاةُ، ويصلِّي في مرابض الغنم، وإنه آمَرَ ببناءِ المسجد، فأرسل إلى بني النجار قال: " يا بني النَّجَّار! ثامِنُوني بحائطكم هذا ". فقالوا: والله لا نطلبُ ثَمَنَه إلا إلى الله. قال أنس: وكان فيه ما أقول لكم: كانت فيه قور المشركين، وكانت فيه خِرَبٌ، وكانت فيه نخلٌ، فأمررسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَر بقبور المشركين فَنبِشَتْ، وبالخرَبِ فسُويَت، وبالنخيل فَقطعَ، فَصُفِّفَ النخلُ قِبْلَةَ المسجدِ، وجعلوا عَضَادَتَيْه الحجارة، وجعلوا ينْقُلُون الصَخْرَ؛ وهم يَرْتَجِزُونَ والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معهم يقول: " اللهمَّ لا خَيْرَ إلا خير الآخِرَة ... فانصُر ِالأنصارَ والمهَاجِرَة". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " بسند المؤلف. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأخرج الترمذي منه الصلاةَ في المرابض، وقال: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن أبي التَّيَّاح عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وأبو التياح: اسمه يزيد بن حمَيْد الضبَعِيَ.

والحديث أخرجه البيهقي (2/438) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (1/416- 417) ... بإسناده. وأخرجه الطيالسي (رقم 2085) قال: حدثنا حماد بن سلمة وعبد الوارث وشعبة؛ أحسيهم كلهم: حدثنا عن أبي التجاح ... به. ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/397- 398) . ثم أخرجه هو، ومسلم (2/65) ، والنسائي (1/114- 115) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (3/211- 212) من طرق أخرى عن عبد الوارث ... به. وحديث شعبة مختصر: أخرجه مسلم بلفظ: كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبنى المسجد. وكذا أخرجه الترمذي (2/186) ، دون قوله: قبل أن يبنى المسجد. وقال: " حديث حسن صحيح ". وأما حديث حماد بن سلمة؛ فقد أخرجه المصنف أيضا وغيره، وهو: 479- وفي رواية عنه قال: كان مَوْضِعُ المسجد حائطاً لبني النجار؛ فيه حَرْثٌ ونخلٌ وقبورُ المشركين، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَامِنُوني به ". فقالوا: لا نبغي به ثمناً، فقطع النخلُ، وسوي الحَرْثُ، ونُبِشَ قبور المشركين ... وساق الحديث، وقال: " فاغفر ". مكان: " فانصر ".

12- باب اتخاذ المساجد في الدور

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد بن سلمة عن أبي التيُّاح عن أنس بن مالك. قال موسى: حدثنا عبد الوارث ... بنحوه. وكان عبد الوارث يقول: خرب، وزعم عبد الوارث أنه أفاد حماداً هذا الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وأما رواية عبد الوارث؛ فقد تقدمت قبله. والحديث أخرجه مسلم أيضا، وابن ماجه (1/251) ، وابن حبان (9/ 190/ 7215) ، وأحمد (3/118 و 123 و 244) من طرق عن حماد بن سلمة ... به. وهو في "الصحيحين " من طريق عبد الوارث، كما سبق. 12- باب اتخاذ المساجد في الدُور 480- عن عائشة قالت: آمَر َرسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ببناءِ المساجد في الدُّور، وأن تُنَطفَ وتُطَيبَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه "، وكذا ابن حبان (1632)) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه ابن حزم (4/44) من طزيق المؤلف. وأخرجه ابن ماجه (1/256) من طريق أخرى عن زائدة بن قدامة. ثم أخرجه من طريقين عن مالك بن سُعَيْر: أنبأنا هشام بن عروة ... به. وأخرجه أحمد (6/279) : ثنا عامر بن صالح قال: ثني هشام بن عروة ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه الترمذي (2/490) . ثم أخرجه من طريق عبدة ووكيع وابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه ... مرسلاً؛ لم يذكر عائشة. وقال: " هذا أصح من الحديث الأول ". قلت: لا شك أن رواية هؤلاء الثلاثة أصح من رواية عامر بن صالح- وهو الزبيري-؛ فإنه ضعيف. لكن قد تابعه زائدة بن قدامة، ومالك بن سعير، وهما ثقتان حجتان، فوصلوه بذكر عائشة فيه، فعاد الحديث صحيحاً موصولاً. ومن رواه مرسلاً لا يعِفه؛ لأن مَنْ حفظ حجة على من لم يحفظ، ولأن الراوي قد يرسل الحديث تارة وبوصله أخرى؛ فروى كل ما سمع، وكل ثقة؛ فوجب الأخذ بالزيادة. ثم إن الحديث رواه ابن خزيمة في "صحيحه "؛ كما في "الترغيب " (1/120) ، وابن حبان أيضا في "صحيحه " (1632) . 481- عن سَمرَة: أنه كتب إلى بنيه: أما بعد؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرنا بالمساجد أن: نصنعها في دورنا، ونًصْلِحَ صِنْعَتَها، ونطَهرَها.

(قلت: حديث صحيح، وصححه الحافط الهيثمي والشوكاني) . إسناده: حدثنا محمد بن داود بن سفيان: ثنا يحيى- يعني: ابن حسان-: ثنا سليمان بن موسى: ثنا جعفر بن سعد بن سمرة: ثني خُبَيْب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن أبيه سمرة. قال ... وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن داود بن سفيان لم يوثقه أحد، ولا ذكروا عنه راوياً غير المصنف؛ فهو مجهول. وفي " التقريب ": أنه "مقبول ". ويحبي بن حسان: هو التنيسي. وسليمان بن موسى: هو الأموي؛ وهما ثقتان. ثم استدركت ففلت: وسليمان بن موسى ليس هو الأموي؛ فقد ساق المصنف بهذا الإسناد حديثا ًآخر جاء فيه:.. ثنا سليمان بن موسى أبو داود ... وسليمان ابن موسى أبو داود؛ كوفي، والأ موي دمشقي، والكوفي فيه كلام كثير، حتى قال فيه البخاري: (منكر الحديث ". وفي " التقريب ": "لين ". وأما جعفر بن سعد بن سمرة؛ فليس بالقوي، كما في "التقريب ". وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"! وقال ابن حزم: " مجهول ". وقال عبد الحق في "الأحكام ": " ليس ممن يعتمد عليه ". وقال ابن عبد البر:

" ليس بالقوي ". وقال ابن القطان: " ما من هؤلاء من يُعْرَفُ حاله- يعني: جعفراً وشيخه وشيخ شيخه-، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وهو إسناد يروى به جملة أحاديث، قد ذكر البزار منها نحو المئة ". وخبيب بن سليمان بن سمرة؛ لا يعرف، كما قال الذهبي. وقال العسقلاني: "مجهول ". وكذا قال ابن حزم. وقال عبد الحق: "ليس بقوي ". وأما ابن حبان: فذكره على عادته في "الثقات ". وقال ابن القطان- كما سبق-: " لا يعرف حاله ". وكذا قال في أبيه سليمان بن سمرة. وذكره ابن حبان في "الثقات " أيضا. وقال الحافظ: " مقبول ". ولما سبق؛ قال الذهبي: " وبكل حال؛ هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم ". لكن الحديث له طريق أخرى وشاهد؛ سنذكرهما قريباً. والحديث أخرجه البيهقي (2/440) من طريق المؤلف. وللحديث طريق أخرى: فقال أحمد (5/17) نل ثنا سُرثج بن النعمان: ثنا بقية عن إسحاق بن ثعلبة عن مكحول عن سمرة بن جندب قال:

أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتخذ المساجد في ديارنا، وأمرنا أن ننظفها. وهذا إسناد ضعيف أيضا؛ إسحاق بن ثعلبة مجهول، كما قال أبو حاتم. وبقية رجاله ثقات؛ لكن بقية مدلس، وقد عنعنه. ومكحول لم يسمع من سمرة؛ كما قال الحافظ في "التعجيل ". وقد أورده مجد الدين ابن تيمية في "المنتقى" (2/128- يشرح الشوكاني) بلفظ أحمد هذا، ثم قال: " رواه أحمد، والترمذي وصححه "! وعلق عليه الشوكاني بقوله: " رواه أحمد بإسناد صحيح "! وهذا غير صحيح كما علمت مما سبق! ويظهر لي أن الشوكاني لم يقف على إسناد أحمد هذا؛ وإنما وقف على هذه العبارة في "المجمع " للهيثمي؛ قد قالها في رواية أخرى لأحمد عن غير سمرة- كما يأتي-؛ على أنها غير صحيحة أيضا، فنقلها الشوكاني، وجعلها تحت حديث سمرة، فأوهم أن إسناده عند أحمد صحيح! ثم إنني لم أجد الحديث في "سنن الترمذي "؛ ولم يعزه إليه المنذري في "مختصره "، ولا النابلسي في "الذخائر"! فهو وهم آخر من ابن تيمية أيضا! وقد سبقه إلى ذلك المنذري في "الترغيب " (1/120) ! وللحديث شاهد قوي: أخرجه أحمد (5/371) قال: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن أبي إسحاق (كذا! والصواب: ابن إسحاق) : ثني عمرو بن عبد الله بن عروة بن الزبير (كذا: عمرو! والصواب بدون الواو) عن جده عروة عمن حدثه من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

13- باب في السرج في المساجد

كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا أن نصنع المساجد في دورنا، وأن نصلح صنعتها، ونطهرها. وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق- وقد روى له مسلم مقروناً، وهو حسن الحديث، كما سبق. وأما قول الهيثمي (2/11) : " رواه أحمد، وإسناده صحيح "! ففيه شيء من التساهل. وقد أخطأ الشوكاني فنقل هذا القول إلى "المنتقى"، وجعله تحت حديث سمرة كما سبق آنفاً؛ وإنما هذا إسناد آخر كما ترى! ثم قال الشوكاني إثر ذلك: " وكذا رواه غيره بأسانيد جيدة "! كذا قال! ولم أجد له أي إسناد جيد فيما بين يدي من كتب السنة غير هذا! والله أعلم. 13- باب في السّرُج في المساجد [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 14- من باب في حصى المسجد 482- عن أبي صالح قال: كان يقال: إن الرجل إذا أخْرَج الحصاة من المسجد يُنَاشِدُه. (قلت: إسناده صحيح. وقد روي مرفوعاً عن أبي هريرة، وهو في الكتاب الأخر رقم (70)) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية ووكيع قالا: نا الأعمش

15- باب كنس المسجد

عن أبي صالح. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إلى أبي صالح- وهو ذَكْوان السمان، وهو من التابعين الثقات المكثرين عن أبي هريرة. وقد رواه شريك: ثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة. قال أبو بدر - وهو شجاع بن الوليد الراوي له عن شريك-: أراه قد رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الحصاة لتناشد الذي يخرجها من المسجد " لكن شريك سيئ الحفظ، وقد خالف، ولذلك أوردنا حديثه هذا في الكتاب الآخر (رقم 70) ، والصواب رواية الأعمش هذه عن أبي صالح: كان يقال ... إلخ؛ ليس فيه ذكر أبي هريرة، ولا رفعه. 15- باب كنس المسجد [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 16- من باب اعتزال النساء في المسجد عن الرجال 483- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو تَرَكْنَا هذا الباب للنساء! ". قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو أبو معمر: ثنا عبد الوارث: ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر. وقال غير عبد الوارث: قال عمر. وهو أصح.

17- باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأعله المصنف بأن غير عبد الوارث رواه موقوفاً على عمر. ثم أخرجه من طريق إسماعيل عن أيوب عن نافع قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمعناه، قال: " وهو أصح ". ثم رواه من طريق بكير عن نافع قال: إن عمر بن الخطاب كان ينهى أن يدخل من باب النساء. قلت: عبد الوارث- وهو ابن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم- ثقة ثبت، وقد رواه مرفوعاً عن ابن عمر؛ فهي زيادة منه يجب قبولها، ورواية غيره عن عمر لا يعله؛ بل لنافع روايتان: الأولى: عن ابن عمر مرفوعاً، وهي هذه. والأخرى: عن عمر موقوفاً، وهي رواية إسماعيل عن أيوب وبكير عن نافع. ولذلك قال في "عون المعبود": " والأشبه أن يكون الحديث مرفوعاً وموقوفاً، وعبد الوارث ثقة تقبل زيادته، والله أعلم ". قلت: على أن الرواية عن عمر منقطعة؛ ولذلك أوردناها دي الكتاب الآخر (رقم 72) . 17- باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد 484- عن أبي حمَيد- أو أبي اسَيد- الأنصارى قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا دخل أحدُكم المسجدَ؛ فَلْيُسَلِّم على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ليقل: اللهم

افتح لي أبواب رحْمَتِكَ، وإذا خرج، فليقل: اللهم إني أسألُكَ من فضلك ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وزاد أبو عوانة: التسليم عند الخروج أيضا) . إسناده: حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي: ثنا عبد العزيز- يعني: الدراوردي- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سُويد قال: سمعت أبا حميد- أو أبا أسيد- الأنصاري يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن عثمان الدمشقي- وهو أبو الجمَاهر التَّنُوخي الكَفْرَسوسِيّ-، وهو ثقة اتفاقاً. والحديث أخرجه البيهقي (2/442) من طريق المصنف، ومن طريق عبَيْد بن شَرِيك عن أبي الجمَاهر. وأخرجه الدارمي (1/324) : حدثنا يحيى بن حسان: أنا عبد العزيز بن محمد ... به. وقد تابعه سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أخرجه مسلم (2/155) ، والبيهقي (2/441) - عن يحيى بن يحيى-، والدارمي (2/293) - عن عبد الله بن مسلمة-، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/414) - عن ابن أبي مريم-، والنسائي (1/119) ، وأحمد (3/197 و 5/425) - عن أبي عامر- كلهم عن سليمان ... به، وكلهم قالوا: عنه عن أبي حميد أو أبي أسيد؛ على الشك؛ غير أبي عامر فقال: سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقولان! وهي رواية شاذة، والصحيح رواية الجماعة. وتابعه أيضا عَمارة بن غَزِية: عند مسلم وأبي عوانة والبيهقي من طريق بشر

بن مُفَضَّل ويحيى بن عبد الله بن سالم عنه. وتابعهما عنه إسماعيل بن عياش؛ لكنه قال: عن أبي حميد وحده. وإسماعيل ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها. هذا؛ وليس في حديث سليمان بن بلال التسليم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو ثابت في سائر الروايات. وفي حديث عمارة بن غزية- عند أبي عوانة-: التسليم عند الخروج أيضا. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح على شرط مسلم، وفيه التسليم في الموضعين، وقد خرجته في " الثمر المستطاب "، وصححه ابن خزيمة (1/62/1) ، وابن حبان (321) . ثم إن الحديث رواه بعض الثقات عن عبد العزيز من فعله عليه السلام بلفظ آخر: أخرجه أبو عوانة قال: حدثني محمد بن النعمان بن يَشِير- ببيت المقدس- قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويْسي قال: ثنا عبد العزيز عن ربيعة عن عبد الملك بن سوَيد عن أبي حميد الساعدي: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول إذا دخل المسجد: " اللهم "! افتح لنا أبواب رحمتك، وسَهِّلْ لنا أبواب رزقك ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لكنه شاذ سنداً ومتناً. ولعل الوهم فيه من الأويسي؛ فهو وإن كان ثقة؛ فقد روى الأجُري عن المصنف أنه " ضعيف ". والله أعلم.

18- باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد

485- عن حَيْوة بن شريح قال: لَقِيث عقْبةَ بنَ مسلم، فقلت له: بلغني أنك حَدّثْتَ عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان إذا دخل المسجد قال: " أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم "؟! قال: آقَطْ؟ قلت: نعم. قال: " فإذا قال ذلك؛ قال الشيطان: حُفِظ منِّي سائرَ اليوم ". (قلت: إسناده صحيح، وقال النووي: " حديث حسن، إسناده جيد! ") . إسناده: حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وقوّاه النووي كما ذكرنا آنفاً، وهو في "الأذكار" له. والحديث من أفراد المؤلف رحمه الله. ووهم الحافظ ابن كثير رحمه الله؛ حيث عزاه في "تفسيره " (3/293) لى "صحيح البخاري "! 18- باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد 486- عن أبي قتادة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا جاء أحدُكم المسجدَ؛ فَلْيُصَل سجدتين من قبل أن يجلس ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة

في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو ابن سُلَيْم الزرَقي عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث في " الموطأ" (1/176- 177) . ومن طريقه أيضا: أخرجه محمد في "موطَّئه " (ص 150) ، والبخاري (1/426) ، ومسلم (2/155) ، وأبو عوانة (1/415) ، والنسائي (1/119) ، والترمذي (2/129) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي (1/323) ، وابن ماجه (1/317) ، والطحاوىِ (1/217) ، وابن حبان (4/90/2488) ، وأحمد (5/295 و303) ، والخطيب في " تاريخه " (5/236 و 12/318) ؛ كلهم من طريق مالك ... به. وقد تابعه عن عامر عبد الله بن سعيد. عند البخاري (3/37) . وعثمان بن أبي سليمان وابن عجلان معاً: عند أبي عوانة، والطحاوي، وأحمد (5/296 و 305) . وفليح بن سليمان: عند الدارمي. ويحيى بن سعيد الأنصاري: عند ابن حبان (2486) ، والطبراني في "الصغير" (صفحة 76) . وسهيل بن أبي صالح: عند الطحاوي، والخطيب (3/47) كلهم عن عامر ... به؛ إلا سهيل بن أبي صالح فقال: عن جابر بن عبد الله. قال الخطيب: " وهو وهم؛ خالف سهيلٌ الناسَ في روايته، والصواب: عن أبي قتادة ".

وذكر نحوه الترمذي، وحكاه عن ابن المديني. وتابعهم- عند ابن حبان (2490) -: ابنُ جريج عن عامر ... به؛ وزاد: " أو يستخبر "! وهي شاذة؛ تفرد بها ابن جريج؛ مع العنعنة. وتابع عامراً: محمد بن يحيى بن حَبَّان بلفظ: عن أبي قتادة صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: دخلت المسجد ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس بين ظهرانَي الناس، قال: فجلست، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟! ". قال: فقلت: يا رسول الله! رأيتك جالساً والناس جلوس! قال ... فذكره نحوه. أخرجه مسلم، وأبو عوانة، واحمد (5/305) . وفيه فائدة عزيزة؛ وهي سبب ورود الحديث. وللحديث طريق أخرى؛ فقال الحافظ بعد أن ذكر سبب الورود: " وعند ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أبي قتادة: " أعْطُوا المساجد حقها ". قيل له: وما حقها؟ قال: " ركعتين قبل أن تجلس " ... ". قلت: وقد أخرجه الخطيب (14/440) من طريق عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه مرفوعاً: " إذا دخلت المسجد؛ فَحَيِّهِ ركعتين قبل الإمام ". وإسناده ضعيف؛ فيه جماعة لا يعْرَفون.

19- باب فضل القعود في المسجد

487- وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه؛ زاد: "ثُمَّ لْيَقْعُدْ بَعْدُ إن شاء، أولِيَذْهَبْ لحاجته ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: أنا أبو عميس عُتْبةُ بن عبد الله عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن رجل من بني زريق عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ والرجل من بني زريق: هو عمرو بن سُلَيْم في الرواية الأولى؛ فإنه منهم (1) . والحديث أخرجه أحمد (5/311) : ثنا وكيع عن أبي العُمَيْس ... به دون الزيادة. وهذا على شرطهما. وقد أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن عامر ... به، وقد سبق بيانها عند الرواية الأولى. 19- باب فضل القعود في المسجد 488- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الملائكة تُصَلِّي على أحدِكم ما دام في مُصَلاه الذي صلَّى فيه- ما لم يحدث؛ أو يقومَ-: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ".

_ (1) فقول المنذري في "مختصره ": " رجل من بني زريق مجهول "! ذهول عما ذكرنا! ويؤيده أن في رواية أحمد الآتية: عن الزرقي ... وقد ساق قبل هذا الحديث حديثاً آخر بإسناده هذا، وفيه: عن الزرقي يقال له: عمرو بن سليم-. فثبت بذلك ما ذهبنا إليه، والحمد لله على توفيقه.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وإسناده عند البخاري إسناد المؤلف) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث أخرجه البيهقي (2/185) من طريق المصنف. وبإسناده: أخرجه البخاري (2/112) . وأخرجه أبو عوانة (2/22) من طريق القعنبي. ثم أخرجه هو، والنسائي (1/120) من طرق أخرى عن مالك ... به. وهو في " الموطأ" (1/175) . وله طرق أخرى عن أبي هريرة: منها: عن أبي صالح عنه: أخرجه الشيخان وغيرهما، وسيأتي في الكتاب رقم 568) . ومنها: عن ابن سيرين عنه: رواه مسلم وأبو عوانة. ومنها: عن همام بن فنَبِّهٍ: عندهما وعند الترمذي (2/151) ؛ وقال: "حسن صحيح ". ومنها: عن أبي سلمة: عند الدارمي (1/327) . ومنها: عن أبي رافع، ويأتي بعد حديث.

489- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يزال أحدُكم في صلاةِ؛ ما كانتِ الصلاةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمْنَعُه أن ينقَلِبَ إلى أهلِهِ إلا الصلاة ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجه البخاري بإسناد المصنف، ورواه مسلم أيضا وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما. والحديث أخرجه البخاري (2/112- 113) ... بإسناد المصنف؛ لكنه قرنه بالحديث الذي قبله، وجعلهما حديثاً واحداً. وهو في "الموطَّأ" (1/175) مفرقاً. قال الحافظ: " قوله: " لا يزال أحدكم "؛ هذا القدر أفرده مالك في "الموطأ" عما قبله، وأكثر الرواة ضموه إلى الأول، فجعلوه حديثاً واحداً، ولا حَجْرَ في ذلك ". قلت: وكذلك أخرجه أبو عوانة (2/22) من طريق ابن وهب والقعنبي عن مالك؛ مضموماً إلى الأول. وأخرجه مسلم (2/129) ؛ هذا القدر وحده. ومما ذكرنا؛ تعلم أن عزو المنذري الحديث لمسلم وحده! قصور أو دْهول! 490- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يزال العبد في صلاة؛ ما كان في مُصَلآه ينتظز الصلاةَ، تقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه؛ حتى ينصرفَ أو يُحْدِثَ ".

فقيل: ما يُحْدِثُ؟ قال: يَفْسُو أو يَضْرِطُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح شرطهما؛ وحماد: هو ابن زيد. وأبو رافع: هو نُفَيْعٌ الصائغ. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/23) من طريق المصنف، ومن طريق أبي الوليد، والحسن بن موسى قالوا: ثنا حماد بن زيد ... به. وقد تابعه: حماد بن سلمه عن ثابت. أخرجه مسلم (2/129) . وله طرق أخرى عن أبي هريرة؛ سبق ذكرها قبله بحديث. 491- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أتى المسجدَ لشيءٍ فهو حَظُّه ". (قلت: إسناده حسن، ورمز له بذلك السيوطي) . إسناده: حدثنا هشام بن عمار: ثنا صدقة بن خالد: نا عثمان بن أبي العاتكة الأزدي عن عمير بن هانئ العَنْسِي عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال

البخاري؛ لكنه إنما أخرج لعثمان بن أبي العاتكة في "الأدب المفرد"، وهو مختلف فيه؛ قال ابن معين والنسائي: " ليس بالقوي ". وقال أبو مُسْهِر وإسحاق ويعقوب بن سفيان: " ضعيف الحديث ". وقال ابن عدي: " مع ضعفه يكتب حديثه ". وساق له من طريق هشام عن صدقة عنه عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة ثلاثين حديثاً، عامتها ليست مستقيمة. قلت: علي بن يزيد: هو ابن أبي زياد الألهاني؛ قال الساجي: " اتفق أهل العلم على ضعفه ". فالحمل في هذه الأحاديث عليه، فلا يقدح بها على عثمان بن أبي العاتكة. ولذلك قال أبو حاتم عن دُحَيْمً: " لا بأس به، كان قاصَّ الجند، ولم ينكر حديثه عن غير علي بن يزيد، والأمر من علي بن يزيد ". وقال أحمد: " لا بأس به، بليَّته من علي بن يزيد ". وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: " لا بأس به، بأسه من كثرة روايته عن علي بن يزيد، فأما روايته عن غير علي؛ فهو مقارب، يكتب حديثه ". وقال المصنف: " صالح ". وقال خليفة: " ثقة؛ كثير الحديث ". وقال ابن سعد: " كان ثقة في الحديث ". وقال العجلي:

" لا بأس به ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". ويتلخص عندي مما سبق: أن الرجل ثقة في نفسه غير متهم في روايته؛ لكن في حفظه ضعف يسير إن شاء الله تعالى؛ فهو حسن الحديث حين لا يظهر خطؤه؛ وفي غير روايته عن علي بن يزيد الألهاني. ولذلك لم يضعفه الحافظ في روايته عن غيره؛ فقال في "التقريب ": " ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني ". والحديث رمز السيوطي في "الجامع " لحسنه، وعزاه للمصنف وحده. وقال الشارح المناوي: " ورواه عنه: ابن ماجه أيضا "! قلت: وأظن أنه وهم؛ فإني لم أجده عند ابن ماجه! ولم يعزه إليه المنذري في "مختصره " (رقم 443) ! ولا النابلسي في "ذخائره " (رقم 8547) ! ولا صاحب " المشكاة" رقم (725) ! ثم إن الحديث يشهد له أحاديث كثيرة في إخلاص النيهَ في العبادة: منها الحديث المتفق عليه: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... ". الحديث. ................................. (*)

_ (*) هنا سجل الشيخ رحمه الله تاريخ انتهائه من دفتره الثالث: " 19/8/1369 هـ ".

20- باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد

20- باب في كراهية إنشاد الضالّة في المسجد 492- عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من سمع رجلاً ينشد ضالّة في المسجد؛ فليقل: لا أدّاها الله إليك؛ فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر الجُشَمِيُّ: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا حيوة - يعني: ابن شريح- قال: سمعت أبا الأسود- يعني: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل- يقول: أخبرني أبو عبد الله مولى شداد أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وأبو عبد الله مولى شداد: اسمه سالم بن عبد الله النصْري. والحديث أخرجه أحمد (2/349) : حدثنا أبو عبد الرحمن القرى ... به. وأبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد شيخ شيخ المصنف فيه. ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/82) ، وأبو عوانة (1/406) في " صحيحيهما "، والبيهقي (2/447) . ثم أخرجوه هم، وابن ماجه (1/258) ، وابن الستي في "عمل اليوم والليلة" (رقم 148) ، وأحمد (2/420) من طريق ابن وهب عن حيوة ... به. ورواه أبو عوانة من طريق أبي زرعة المصري قال: ثنا حيوة ... به. وأبو زرعة هذا: هو وهب الله بن راشد؛ وفيه ضعف.

21- باب في كراهية البزاق في المسجد

وله شاهد من حديث بريدة: عند مسلم وأبي عوانة وابن حبان وابن ماجه. 21- باب في كراهية البُزاق في المسجد 493- عن أنس بن مالك: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " التفْلُ في المسجد خطيئة، وكفّارته أن يوارَيهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجا نحوه) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام وشعبة وأبان عن قتادة عن أنس. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1988) : ثنا شعبة ... به. وأخرجه البخاري (1/456) ، ومسلم (2/77) ، وأبو عوانة (1/404) ، والدارمي (1/324) ، والبيهقي (2/291) ، وأحمد (3/277) من طرق عن شعبة ... به، وصرح بسماع قتادة من أنس. ثم أخرجه مسلم، والنسائي (11/18) ، والترمذي (2/461- 462) ، والبيهقي أيضا من طريق أبي عوانة عن قتادة ... به. وأخرجه المصنف أيضا كما يأتي. وأما حديث هشام؛ فأخرجه أحمد (3/232 و 277) : ثنا محمد بن يزيد الواسطي عن هشام الدَّسْتُوائي وشعبة جميعاً عن قتادة ... به. وأخرجه أبو عوانة، وأحمد أيضا (3/183 و 274) من طرق أخرى عن هشام ... وحده.

وأما حديث أبان؛ فأخرجه أحمد أيضا، فقال (3/289) : " ثنا بهز: ثنا أبان بن يزيد: ثنا قتادة ... به. وهذا على شرطهما. (تنبيه) : الحديث عند جميع من ذكرنا بلفظ: " دَفْنها "؛ كما في رواية المصنف الأتية؛ بدل قوله: " أن تواريه ". ويظهر لي أن هذا لفظ رواية هشام الدستوائي؛ فإنه عند أحمد في رواية عنه بهذا اللفظ. فقول المنذري في "مختصره ": " رواه مسلم "! إنْ كان يعني بهذا اللفظ- كما هو الظاهر-؛ فهو وهم. وإن كان يعني بالمعنى؛ فتخصيصه لمسلم دون البخاري وغيره؛ ليس له معنى! 494- وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دَفْنها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه مسلم (2/76- 77) ، والنسائي (11/18) ، والترمذي (2/461 - 462) ، والبيهقي (2/291) من طرق عن أبي عوانة ... به. وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". وقد أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من طريق شعبة عن قتادة ... بهذا اللفظ؛ وقد سبق تخريجه في الرواية الأولى. وقول المنذري: " رواه البخاري والترمذي والنسائي "! قصور؛ فقد رواه مسلم أيضا. 495- وفي أخرى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الئخَاعةُ في المسجد ... " فذكر مثله. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُريع عن سعيد عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو كامل: هو فُضَيْل بن حسين الجَحْدَرِيُ. والحديث أخرجه أحمد (3/109 و209 و 231) من طرق عن سعيد ... به. 496- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من دخل هذا المسجد، فبزق فيه أوتَنَخَّمَ؛ فليحفِرْ وليدفِنْة، فإن لم يفعل؛ فليبزُق في ثوبه، ثم ليخرج به ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا أبو مودود عن عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي قال: سمعت أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير عبد الرحمن بن أبي حدرد

الأسلمي؛ قال الدارقطني: " لا بأس به ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وأبو مودود: واسمه عبد العزيز بن أبي سليمان الهُذَلي مولاهم؛ وثقه المصنف وجماعة. فقول الحافظ فيه: "مقبول "! غير مقبول! والحديث أخرجه البيهقي (2/291) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (2/260 و 471- 472) من طريق زيد بن الحُبَاب ووكيع كلاهما عن أبي مودود ... نحوه. وأخرجه ابن خزيمة (1310) عن أبي عامر عن أبي مودود. وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعاً بلفظ: " إذا تنخم أحدكم في المسجد؛ فَلْيُغَيِّبْ نخامته؛ أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فيؤذيَة ". أخرجه أحمد (1/179) بإسناد حسن، كما قال الحافظ في "الفتح " (1/406) - ورواه أبو يعلى أيضا، كما في "المجمع " (2/18) ، وقال: " ورجاله موثقون ". ولبعضه شواهد أخرى تأتي في الباب.

497- عن طارق بن عبد الله المُحَاربي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قام الرجل إلى الصلاة- أو: إذا صلَّى أحدكم-؛ فلا يَبْزُقَن أمامه، ولا عن يمينه، ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغاً، أو تحت قدمه اليسرى، ثم ليقُلْ به ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: لـ " حديث صحيح "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا هَئاد بن السَّرِيِّ عن أبي الأحوص عن منصور عن رِبْعِي عن طارق بن عبد الله المحاربي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو الأحوص: هو سلاّم بن سلَيم الحنفي. ومنصور: هو ابن المعتمر. وَربْعِي: هو ابن حِراش. والحديث أخرجه النسائي (1/119) ، والترمذي (2/460- 461) ، وابن ماجه (1/319) ، والحاكم (1/256) ، والبيهقي (2/292) ، وأحمد (6/396) من طريق سفيان الثوري عن منصور ... به. وصححه الترمذي والحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه الطيالسي (رقم 1275) : قال: حدثنا شعبة وورقاء وسلام وقيس كلهم عن منصور ... به. وأخرجه أحمد من طريق شعبة ومن طريق عَبِيدة بن حُمَيد كلاهما عن منصور.

498- عن ابن عمر قال: بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب يوماً؛ إذ رأى نُخامة فى قبلة المسجد؛ فَتَغَيَّظَ على الناس، ثم حكَّها- قال: وأحسبه قال-؛ فدعا بزعْفران فَلَطَخَة به، وقال: " إن الله تعالى قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلى؛ فلا يَبْزُقْ بين يديه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم "؛ دون ذكر اللطخ بالزعفران؛ وهي زيادة ثابتة، وقد رواها الاسماعيلي في "مستخرجه على البخاري ") . إسناده: حدثنا سليمان بن داود: ثنا حماد: ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر. قال أبو داود، " ورواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب عن نافع. ومالك وعبيد الله وموسى ابن عقبة عن نافع ... نحو حماد؛ إلا أنه لم يذكروا: الزعفران. ورواه معمر عن أيوب؛ وأثبت: الزعفران فيه. وذكر يحيى بن سُلَيم عن عبيد الله عن نافع: الخلوق. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وسليمان بن داود: هو أبو الربيع الزهراني العَتَكي. وحماد: هو ابن زيد. والحديث أخرجه البيهقي (2/293) من طريق سليمان بن حرب: ثنا حماد ابن زيد ... به. وأخرجه البخاري (3/65) : ثنا سليمان بن حرب ... به؛ لكن ليس فيه: وأحسبه قال: ... فَلَطَخَه به.

وقد رواها الإسماعيلي في "مستخرجه على البخاري " من طريق حماد بن زيد؛ كما في "الفتح " (1/404) . وكذلك أخرجه الدارمي (1/324) عن سليمان. وأما رواية إسماعيل- وهو ابن عُلَيةَ-؛ فأخرجها أحمد (2/6) : ثنا إسماعيل: أنا أيوب ... به. وأخرجه مسلم (2/75) . وأما رواية مالك؛ فهي في "الموطأ" (1/200) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/404) ، ومسلم، وأبو عوانة (1/403) ، والنسائي (1/118) ، وأحمد (2/66) كلهم عن مالك عن نافع. وأما رواية عبيد الله بن عمر؛ فأخرجها مسلم، وأبو عوانة، وأحمد (2/29 و53) . وأما رواية موسى بن عقبة؛ فأخرجها مسلم أيضا، وأبو عوانة، وعلقها للبخاري (2/187) . وليس في هذه الروايات ذكر: (الزعفران) كما ذكر المصنف. وكذلك رواه الليث بن سعد عن نافع. أخرجه البخاري (2/187) ، ومسلم، وابن ماجه (1/257) ، وأحمد (2/72) . وجويرية- عند البخاري (10/425) -، وصخر بن جويرية- عند الطيالسي (رقم 1843) -، ومحمد بن إسحاق- عند أحمد (2/32 و 114) -؛ كلهم عن نافع.

وأما سائر الروايات التي علقها المصنف؛ فلم أقف على من خرجها! نعم ذكر الحافظ إثر رواية الإسماعيلي المتقدمة: " زاد عبد الرزاق عن معمر عن أيوب: فلذلك صُنع الزعفران في المساجد ". وأخرج أحمد (2/34) من طريق ابن أبي رَوَّاد عن نافع ... به نحوه؛ وفيه: ثم دعا بحَلُوق فَخَضَبَهُ. وعلقه البخاري (2/187) . وبالجملة؛ فذِكْرُ الزعفران في هذا الحديث محفوظ؛ وله شواهد تأتي في الباب. 499- عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يحب العراجين، ولا يزال في يده منها؛ فدخل المسجد، فرأى نخامة في قبلة المسجد، فحكها ثم أقبل على الناس مُغْضَباً، فقال: " آيَسُزُ أحدَكم أن يُبصَق في وَجْهِهِ؟! إنّ أحدكم إذا استقبل القبلة؛ فإنما يستقبل ربه عز وجل، والملَك عن يمينه، فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه، فإن عَجِلَ به أمر؛ فليقل هكذا "؛ ووصف لنا ابن عجلان ذلك: أن يتفل في ثوبه ثم يردَ بعضه على بعض (قلت: إسناده حسن صحيح. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ". وصححه الحاكم ورافقه الذهبي. وهو في "الصحيحين " مختصر) . إسناده: حدثنا يحيى بن حبيب بن عَرَبِي: ثنا خالد- يعني: ابن الحارث-

عن محمد بن عجلان عن عِيَاضِ بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لابن عجلان متابعة، وهو حسن الحديث كما سبق. وعياض بن عبد الله: هو القُرَشي العامري المكي. والحديث أخرجه أحمد (3/24) : حدثنا يحيى عن ابن عجلان ... به. وأخرجه الحاكم (1/257) من طريق يحيى بن سعيد ... به، وقال: " حديث صحيح على شرط مسلم "! كذا قال! ووافقه الذهبي! وفيه ما سبق. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2/46) . وله طريق أخرى؛ أخرجها أحمد (3/65) من طريق فُلَيْح عن سعيد بن الحارث عن أبي سلمة عن أبي سعيد ... به نحوه. وهو على شرط الشيخين؛ على ضعف في فليح! وقد أخرجاه مختصراً من طريق أخرى عن أبي هريرة وأبي سعيد معاً. 500- عن عمادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: أتينا جابراً - يعني: ابن عبد الله- وهو في مسجده، فقال: أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجدنا هذا وفي يده عُرْجون ابنِ طاب، فنظر فرأى فا قبلة المسجد نخامة، فأقبل عليها، فحتّها بالعرجون ثم قال: " أيُّكم يحبُّ أن يُعْرِضَ الله عنه بوجهه؟! "، ثم قال:

" إن أحدكم إذا قام يصلي؛ فإن الله قِبل وجهه؛ فلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة؛ فليقل بثوبه هكذا "؛: ووضعه على فيه ثم دَلَكَهُ، ثم قال: أروني عَبيراً "، فقام فتىً من الحي يشتدُّ إلى أهله، فجاء بخَلوق في راحته، فأخذه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعله على رأس العرجون، ثم لَطَخَ به على أثر النخامة. قال جابر: فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم. (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال " الصحيح ". وأخرجه مسلم في "صحيحه "مطولاً) . إسناده: حدثنا يحيى بن الفضل السِّجِسْتاني وهشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان- بهذا الحديث، وهذا لفظ يحيى بن الفضل السجستاني- قالوا: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا يعقوب بن مجاهد أبو حَزْرَةَ عن عبادة بن الوليد ابن عبادة بن الصامت. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي حزرة فمن رجال مسلم؛ وأخرج له البخاري في "الأدب المفرد". وغير يحيى بن الفضل السجستاني؛ فهو من شيوخ المصنف وحده، وهو مجهول الحال لم يوثقه أحد، لكن حديثه هذا مقرون مع ثقتين من رجال البخاري. والحديث أخرجه مسلم (8/231- 236) : حدثنا هارون بن معروف ومحمد ابن عَبَّاد- وتقاربا في لفط الحديث؛ والسياق لهارون- قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل ... به مطولاً. ورواه البيهقي (2/294) من طريق هارون مختصراً؛ مثل رواية المصنف.

501- عن أبي سَهْلَةَ السائب بن خَلأد- من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أن رجلاً أمّ قوماً، فبصق في القبلة ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين فرغ: " لا يصلِّي لكم! ". فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم؛ فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: " نعم- وحسبت أنه قال-؛ إئك آذيت الله ورسوله ". (قلت: حديث حسن. وقال العراقي: " إسناده جيد ". ورواه ابن حبان في "صحيحه " (1634)) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو عن بكر بن سَوَادة الجُذَافمي عن صالح بن خَيْوانَ عن أبي سهلة السائب بن خلاد. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير صالح بن خيوان - بالمعجمة؛ ويقال بالمهملة-، ذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال العجلي: " تابعي ثقة "! وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: ما روى عنه سوى بكر "! وقال عبد الحق: "لا يُحْتَجّ به ". وعاب ذلك عليه ابن القطان، وصحح حديثه، كما في "التهذيب "! قلت: وما ذهب إليه عبد الحق هو الحق- إن شاء الله تعالى-، وتوثيق العجلي وابن حبان فيه لين؛ كما قد سبق.

لكن الحديث حسن أو صحيح؛ لوجود شاهد له من حديث عبد الله بن عمر (*) رضي الله عنه؛ أورده المنذري في "الترغيب " (1/122) بمعناه، ثم قال: " رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد جيد ". وقال الهيثمي في "المجمع " (2/20) : " ورجاله ئقات ". ثم إن الحديث سكت عليه المنذري في "مختصره " (رقم 453) ! وكذا الحافظ في "الفتح " (1/402) ! وقال شيخه العرافي في "شرح التقريب " (1/380) : " إسناده جيد ". وأخرجه الإمام أحمد (4/56) : ثنا مئرَيْجُ بن النعمان قال: ئنا عبد الله بن وهب ... به. ورواه ابن حبان في "صحيحه " (1634) . 502- عن مُطَرِّف عن أبيه [هو عبد الله بن الشخِّير] قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فبزق تحت قدمه اليسرى. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه بزيادة وهو التالي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ئنا حماد: أنا سعيد الجُرَيري عن أبي العلاء عن مُطَرِّف. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.

_ (*) الصواب: (عبد الله بن عمرو) ، كما نبه عليه الشيخ رحمه الله في حاشية "صحيح الترغيب والترهيب " (1/236/رقم 289) . (الناشر) .

وسعيد: هو ابن إياس. وأبو العلاء: هو يزيد بن عبد الله بن الشخير. ومطرف: أخوه. والحديث أخرجه أحمد (4/25- 26) : ثنا عفان قال: ثنا حماد بن سلمة قال: أنا الجريري ... به نحوه. وهذا على شرط مسلم أيضا. وقد رواه غير حماد عن الجريري عن أبي العلاء عن عبد الله بن الشخير بإسقاط (مطرف) من بينهما؛ وهو صحيح أيضا، وهو: 503- عن أبي العلاء عن أبيه [هو عبد الله بن الشِّخير] ... بمعناه؛ زاد: ثم دلكه بنعله. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زرَيع عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه مسلم (2/77) : حدثني يحيى بن يحيى: أخبرنا يزيد بن زريع ... به، ولفظه: انه صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فتنخع فدلَكه ... الحديث. وأخرجه البيهقي (2/293) من طريق أخرى عن مسدد.

22- باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد

وأخرجه أبو عوانة (1/405) ، والنسائي (1/119) ، وأحمد (4/25) من طرق أخرى عن الجريري ... به. وكذلك أخرجه الحاكم (1/256) وقال: " صحيح على شرطهما لمه. ووافقه الذهبي. وقد تابعه كَهْمَس عن أبي العلاء ... به. أخرجه مسلم وأبو عوانة. 22- باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد 504- عن أنس بن مالك قال: دخل رجل على جمل، فأناخه في المسجد ثم عَقَلَهُ، ثم قال: أيّكم محمدٌ؟ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متَّكئ بين ظهرانَيْهم، فقلنا له: هذا الأبيض المتَّكئ، فقال له الرجل: يا ابن عبد المطلب! فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قد أجبتك ". فقال له الرجل: يا محمد! إني سائلك ... وساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري في "صحيحه " بتمامه، وهو: ... فمشدِّد عليك في المسألة، فلا تجد عليّ في نفسك، فقال: " سل عمّا بدا لك ".

فقال: أسألك بربك ورب من قبلك: الله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال: " اللهم! نعم ". قال: آنْشُدك بالله: آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال: "اللهم! نعم ". قال: أنشدك بالله: آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: "اللهم! نعم ". قال: أنشدك بالله: آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم! نعم ". فقال الرجل: امنت بما جئت به، وأنا رسولُ مَن ورائي من قومي، وأنا ضِمَامُ بن ثعلبة، أخو بني سعد بن بكر. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" بأتم منه، وزادا في آخره: ثم ولى، قال: والذي بعثك بالحق؛ لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لئن صدق ليدخُلَنَ الجنة ") . إسناده: حدثنا عيسى بن حماد: أنا الليث عن سعيد المَقْبُرِي عن شَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِرٍ أنه سمع أنس بن مالك يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه البيهقي (2/444) من طريق المصنف.

وبإسناده: أخرجه النسائي (1/297) ، وابن ماجه (1/427- 428) بتمامه. وأخرجه البخاري (1/122- 124) ، وأحمد (3/168) من طرق أخرى عن الليث ... به. وللحديث طريق أخرى بأتم منه: أخرجه مسلم (1/32) ، وأبو عوانة (1/2- 3) ، وأحمد (3/143 و 193) من طرق عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس. وعلقه البخاري (1/125) . 505- عن ابن عباس قال: بَعَثَتْ بنو سعد بن بكر ضِمَامَ بن ثعلبة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقدِم عليه، فأناخ بعيره عند باب المسجد ثم عقله، ثم دخل المسجد ... فذكر نحوه، قال: فقال: أتكم ابنُ عبد المطلب؟ فقال: " انا ابن عبد المطلب ". قال: يا ابن عبد المطلب! ... وساق الحديث. (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي؛ وتمامه عنده: إني سائلك ومغلِّط عليك في المسألة، فلا تجدنَّ عليّ في نفسك؛ فإني لا أجد في نفسي (1) ، قال:

_ (1) كذا في للالمستدرك "! وفي "المسند": قال: فإني لا أجد في نفسي؛ فَسَلْ ... إلخ؛ ولعله الصواب!

" سل عما بدا لك ". قال: أنشدك اللهَ إلهَك وإلهَ مَنْ قَبْلك وإلهَ من هو كائن بعدك: آلله بعثك إلينا رسولا؟ قال: " اللهم! نعم ". قال: أنشدك الله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك: الله أمرك أن نعبده ولا نشرك به شيئاً، وأن نخلع هذه الأوثان والأنداد التي كان آباؤنا يعبدون؟ فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم! نعم ". ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة: الصلاة والزكاة والصيام والحج، وفرائض الإسلام كلها؛ ينشده عند كل فريضة كلما أنشده في التي كان قبلها، حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وساؤدي هذه الفرائض، واجتنب ما نهيتني عنه، لا أزيد ولا أنقص، ثم انصرف راجعاً إلى بعيره، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين ولّى-: " إنْ يصدقْ ذو العَقِيصتين يدخلِ الجنة ". وكان ضمامٌ رجلاً جلداً أشعر ذا غديرتين، ثم أتى بعيره فأطلق عقاله؛ حتى قدم على قومه، فاجتمعوا إليه، فكان أولَ ما تكلم به، وهو يَسب اللات والعزّى، فقالوا:

_ (1) وفي "المسند": وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله والظاهر ان لفظة (سيد) مُقْحمة من بعض النساخ؛ فإنها لم ترد في المكانْ الأخر من "المسند"؛ مع أن الإسناد واحد!

مَهْ يا ضِمَام!! اتق البَرَصَ والجُذ ام والجنون! فقال: ويلكم! إنهما- والله- لا يضزَان ولا ينفعان. إن الله قد بعث رسولاً، وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإني فد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. فوالله ما أمسى ذلك اليوم من حاضرته رجل ولا امرأة إلا مسلماً. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضِمامِ بن ثعلبة رضي الله تعالى عنه (. إسناده: حدثنا محمد بن عمرو: ثنا سَلَمَةُ: حدثني محمد بن إسحاق: حدثني سَلَمَةُ بن كُهَيْل ومحمد بن الوليد بن نوَيْفع عن كُرَيْبٍ عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، محمد بن عمرو: هو ابن بكر بن سالم أبو غسان الرازي الطيالسي المعروف بـ (زنَيْج) ؛ وهو ثقة من رجال مسلم. وشيخه سلمة: هو ابن الفضل؛ وهو مختلف فيه، ويظهر من مجموع أقوال الأثمة فيه: أنه في نفسه ثقة، ولكنه سيئ الحفظ؛ فينظر فيما تفرد به. لكن له اختصاص في الرواية عن ابن إسحاق؛ فقد ذكره الذهبي في " الميزان ": " وقال زُنيج: سمعت سلمة الأبرش يقول: سمعت المغازي من ابن إسحاق مرتين، وكتبت عنه من الحديث مثل المغازي ". وقال علي الهِسِنْجَانِي عن ابن معين: سمعت جريراً يقول: " ليس من لَدُنْ بغداد إلى خراسان أثبث في ابن إسحاق من سلمة ". فهو عن ابن إسحاق حسن الحديث إن شَاء الله تعالى.

23- باب في المواضمع التي لا تجوز فيها الصلاة

ومحمد بن الوليد بن نويفع؛ ذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الدارقطني: " يُعْتَبَرُ به ". وقال الذهبي في "الميزان ": " ما روى عنه سوى ابن إسحاق ". قلت: لكن حديثه هذا مقرون مع سلمة بن كُهَيل، وهو ثقة من رجال الشيخين؛ كشيخهما كريب. وأما ابن إسحاق؛ فقد صرح بالسماع، وهو حسن الحديث، كما سبق ذكره مرارا. والحديث أخرجه الحاكم (3/54- 55) ، وأحمد (1/250 و 264- 265 و265) من طرق أخرى عن ابن إسحاق: ثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب ... به؛ ليس فيه: سلمة بن كهيل. وقال الحاكم: " صحيح "، ووافقه الذهبي. 23- باب في المواضمع التي لا تجوز فيها الصلاة 506- عن أبي ذر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جُعِلَتْ لي الأرض طَهوراً ومسجداً ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وهو عندهما وكذا أبي عوانة من حديث جابر بن عبد الله) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ عن أبي ذر.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبيد بن عمير: هو ابن قتادة الليثي. والحديث أخرجه أحمد (5/148) : ثنا عفان: ثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش ... به مطولاً؛ ولفظه: " أعطيت خمساً لم يُعْطَهُنَّ أحد قبلي: بُعِثْتُ إلى الأحمر والأسود، وجعِلَت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأحِفَتْ لي الغنائم ولم تَحِل لأحد قبلي، ونصِرْت بالرّعْبِ فَيرْعَب العدو وهو مني مسيرة شهر، وقيل لي: سلْ تعْطَه؛ واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي؛ فهي نائلة منكم- إن شاء الله تعالى- مَنْ لم يشرك بالله شيئاً". وهذا على شرطهما أيضا. ورواه ابن إسحاق: حدثني سليمان الأ عمش ... به؛ وزاد في آخره: فكان مجاهد يرى أن الأ حمر: الإنس، والأسود: الجن. رواه أحمد (5/145) ؛ وسنده حسن. وقد خالفه واصل الأحدب فقال: عن مجاهد عن أبي ذر ... فأسقط من بينهما: عبيد بن عمير. أخرجه الطيالسي (رقم 472) : حدثنا شعبة عن واصل ... به. وهكذا أخرجه أحمد (5/161) من طرق عن شعبة ... به. قلت: وواصل الأحدب ثقة ثبت، كما في "التقريب "؛ فلعل مجاهداً سمعه عن عبيد أولاً، ثم سمعه من أبي ذر مباشرة؛ فإنه قد أدركه؛ فإن أبا ذر رضي الله عنه توفي سنة (32) في خلافة عثمان، وولد مجاهد سنة (18) - على قول يحيى

ابن بكير-، وسنة (21) - على قول ابن حبان-؛ فعليه كان عمره (11) سنة على الأقل حين وفاة أبي ذر؛ فكان له ممكناً لقياه أو السماع منه. والله أعلم. والحديث له شواهد كثيرة؛ منها: عن جابر بن عبد الله: عند البخاري (1/346- 348) ، ومسلم (2/62) ، والنسائي (1/74 و 120) ، وأبي عوانة أيضا في " صحيحه " (1/395- 396) ، والدارمي (1/323) ، والبيهقى (2/433) ، وأحمد (4/303) ، وصححه ابن حبان (6364) . 507- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأرض كلُها مسجدٌ؛ إلا الحمامَ والمقبرةَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه أيضا ابن خزيمة وابن حبان، وقوّاه ابن حزم وابن دقيق العيد وابن التركماني، وقال شيخ الاسلام ابن تيمية: " أسانيده جيدة ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد. (ح) وحدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال موسى في حديثه: فيما يحسب عمرو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح عاس شرط الشيخين؛ وحماد: هو ابن سلمة. وقد تابعه عبد الواحد- وهو ابن زياد-، وهو من رجالهما. والحديث أخرجه أحمد (3/83) : ثنا يزيد: أنا سفيان الثوري وحماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه- قال حماد في حديثه: عن أبي سعيد الخدري ... -؛ ولم يجز سفيان أباه. وهكذا أخرجه ابن ماجه (1/251- 252) ، والبيهقي (2/434- 435) ، عن

يزيد. وهو ابن هارون-. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (4/27) من طريق حجاج بن منهال: ثنا حماد ابن سلمة ... به موصولاً. وأخرجه البيهقي (2/435) من طريق أخرى عن مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد ... به ثم أخرجه هو، وابن خزيمة (2/7/391) ، وابن حبان (338 و 339) ، والحاكم (1/251) ، وابن حزم، وأحمد، (3/96) من طرق أخرى عن عبد الواحد. وقد تابعهما عبد العزيز بن محمد الدراوردي: ثنا عمرو بن يحيى ... به. أخرجه الترمذي (1/323) ، وابن خزيمة (792) ، والحاكم أيضا، والبيهقي. وتابعهم محمد بن إسحاق؛ لكنه شذ في لفظه؛ فقال: " كل الأرض مسجد وطهور؛ إلا المقبرة والحمام ". أخرجه أحمد (3/83) . وقال البزار: " أسنده أيضا عن عمرو بن يحيى: أبو طُوالة عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري "؛ ذكره ابن حزم. ثم قال الحاكم: " هذه الأسانيد كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم "؛ ووافقه الذهبي. وأما الترمذي؛ فقد أعله برواية الثوري المتقدمة مرسلا! فقال: " وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أثبت وأصح ... مرسلاً "! قلت: وهذا ترجيح عجيب! فكيف تكون رواية سفيان- وهو فرد- أصح من

رواية الجماعة وهم ثقات عدول ومعهم زيادة؟! ولو عكس ذلك؛ لكان أقرب بلى الصواب! على أننا نقول: لعل عمرو بن يحيى أو والده كان أحياناً يرسله؛ فرواه الثوري كذلك؛ فذلك لا ينفي صحة الموصول؛ بل كلاهما صحيح ثابت. وقال ابن حزم: " قال بعضهم: هذا حديث أرسله سفيان الثوري، وشك في إسناده موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة. قال علي [يعني: ابن حزم] : فكان ماذا؟! وأي منفعة لهم في شَك موسى ولم يَشُك حجاج؟! وإن لم يكن فوق موسى فليس دونه! أو في إرسال سفيان؛ وقد أسنده حماد وعبد الواحد وأبو طوالة وابن إسحاق؛ وكلهم عدل؟! ". وقال صاحب "الإمام ": " حاصل ما عُللَ به: الإرسال، وإذا كان الواصل له ثقة؛ فهو مقبول. وأفحش ابن دِحْيَة، فقال في كتاب "التنوير" له: هذا لا يصح من طريق من الطرق. كذا قال؛ ولم يصب "؛ كذا في "التلخيص " (4/39) . قلت: على أن للثوري قد اختلف عليه فيه: فرواه يزيد بن هارون عنه مرسلاً؛ كما تقدم. ورواه أبو نعيم وقَبِيصة: ثنا سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد ... به موصولاً. رواه الدارقطني في "العلل " قال: حدثنا جعفر بن محمد المؤذن- ثقة-: ثنا السرِيَ بن يحيى: ثنا أبو نعيم وقبيصة ... به، وقال: " المرسل المحفوظ ". وقد أشار إلى هذا البيهقي؛ حيث قال عقب رواية يزيد بن هارون:

" حديث الثوري مرسل؛ وقد روي موصولاً؛ وليس بشيء. وحديث حماد بن سلمة موصول؛ وقد تابعه على وصله: عبد الواحد بن زياد والدراوردي ". وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: إذا وصله ابن سلمة، وتوبع على وصله من هذه الأوجه؛ فهو زيادة ثقة؛ فلا أدري ما وجه قول البيهقي: ليس يشيء؟! "! قلت: وهذا التعقُب لا شيء! فإن قول البيهقي هذا إنما أراد به حديث الثوري خاصة لا أصل الحديث؛ كأنه يقول: وقد روي حديث الثوري موصولاً وليس يشيء؛ فهو بمعنى قول الدارقطني المتقدم: " المرسل المحفوظ "؛ يعني: المرسل عن الثوري هو المحفوظ، لا الوصول عنه. ويدل على ما ذهبنا إليه؛ قول البيهقي عقب ذلك: " وحديث ابن سلمة موصول ... " إلخ؛ فإنه كالصريح على أنه أراد بذلك الكلام حديثَ الثوري وحده. ولذلك لا يمكن القول- كما فعل الحافظ في "التلخيص "-: " إن البيهقي رجح المرسل أيضا "! والله أعلم. وثَم وهَم آخر يجب التنبيه عليه أيضا؛ فقد قال الأستاذ الفاضل الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي (2/133) - إثر قول البيهقي المذكور آنفاً-: " ولا أدري كيف يزعم الترمذي ثم البيهقي أن الثوري رواه مرسلاً؛ في حين أن روايته موصولة أيضا؟! ثمِ الذي وصله عن الثوري: هو يزيد بن هارون، وهو حجة حافظ، وأنا لم أجده مرسلآ من رواية الثوري؛ إنما رأيته كذلك من رواية سفيان بن عيينة؛ فلعله اشتبه عليهم سفيان بسفيان "إ! قلت: لو وقف الأستاذ الفاضل على رواية أحمد المتقدمة عن يزيد بن هارون

عن الثوري؛ لما قال ما قال، ولما رمى الأئمة بالوهم! ذلك لأنها صريحة في أنها مرسلة. ثم إن رواية سفيان التي زعم أنها موصولة؛ إنما عنى بها رواية البيهقي عن يزيد، فهي ليست صريحة فيما ادعى؛ بل هي تحتمل الوصل والإرسال؛ حيث إن سياقها هكذا: ... ثنا يزيد بن هارون: آبَنا سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه. وحماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... حديث الثوري مرسل وقد روي موصولاً ... إلخ. فهذا- كما ترى- محتمل للوجهين الذين ذكرنا؛ لكن قول البيهقي: " حديث الثوري مرسل " دليل على أنه وقع عنده كذلك؛ وإلا فمن غير المعقول أن تكون الرواية عنده موصولة، ثم يقول: إنها مرسلة دون أن يبين وجه ذلك! ويؤيد ذلك تصريح أحمد بأنها مرسلة كما سبق. ثم إن الفاضل المذكور قد وقع في وهم آخر؛ حيث قال عند تخريج الحديث: " ورواه أبو داود (ج 1/ص 184) ، والشافعي في "الأم " (ج 1/ص 79) عن سفيان بن عيينة عن عمرو ... مرسلاً "! وهذه الرواية ليست عند المصنف رحمه الله! وقد أشار بالجزء والصفحة إلى موضعها من النسخة التي عليها شرح "عون العبود"، والتي منها ننقل، وعليها نعتمد في هذا الكتاب، وليس في هذه الصفحة ولا في غيرها منها هذه الرواية؛ فهو وهم واضح! نسأل الله تعالى التوفيق. ثم إن للحديث طريقاً أخرى هو في منجىِ من ذلك الاختلاف؛ فقد أخرجه الحاكم، ومن طريقه البيهقي: عن عُمَارة بن غزِية عن يحيى بن عمارة الأنصاري عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً ... به.

24- باب النهي عن الصلاة في مبارك الابل

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم " (ص 160) : " أسانيده جيدة، ومن تكلم فيه؛ فما استوفى طرقه ". 24- باب النهي عن الصلاة في مبارك الابل [تحت هذا الباب في الكتاب حديث للبراء بن عازب، وقد مضى بنفس الإسناد في "الطهارة " (رقم 178) بأتم مما هنا؛ ولذلك حذفناه] . 25- باب متى يؤْمَرُ الغلام بالصلاة؟ 508- عن عبد الملك بن الربيع بن سَبْرَةَ عن أبيه عن جده قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُرُوا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين؛ فاضربوه عليها". (قلت: إسناده حسن صحيح. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ورافقه الذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقال النووي: " حديث صحيح ". ورواه ابن خزيمة؛ يعني: في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى- يعني: ابن الطباع-: ثنا إبراهيم بن سعد عن عبد الملك بن الربيع بن سَبْرَةَ عن أبيه عن جده. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير عبد الملك بن الربيع بن سبرة؛ وقد أخرج له مسلم في "صحيحه " (4/132-133) حديثاً في نسخ متعة النكاح بهذا السند، لكنه عنده متابعة؛ فإنه أخرجه- بعد أن ساقه- من طريق

الليث وعُمَارة بن غَزِيَّة وعبد العزيز بن عمر كلهم عن الربيع بن سبرة ... به؛ وقد وتقه العجلي، وروى عنه جماعة من الثقات، وقد صحح له من يأتي ذكره؛ فهو كما قال الذهبي: " صدوق إن شاء الله. ضعفه يحيى بن معين فقط، فقال ابن أبي خيثمة: سئل ابن معين عن أحاديثه عن أبيه عن جده؟ فقال: ضعاف ". وقال أبو الحسن ابن القطان: " لم تثبت عدالته، وإن كان مسلم أخرج له؛ فغير محتج به ". قال الحافظ في "تهذيب التهذيب ": " ومسلم إنما أخرج له حديثاً واحداً- في المتعة- متابعة، وقد نبه على ذلك المؤلف "؛ يعني: المزي. والحديث أخرجه الترمذي (2/259) ، والدارمي (1/333) ، وابن خزيمة في " صحيحه " (1002) ، والطحاوي في " المشكل " (3/231) والدارقطني (ص 85) ، والحاكم (1002) ، والبيهقي (2/14 و 3/83- 84) ، وأحمد (3/404) من طرق عن عبد الملك ... به. وقد صححه من ذكرنا آنفاً، وكلام النووي في "المجموع " (3/10) - وتمام كلام الحاكم-: " فقد احتج- يعني: مسلماً- بعبد الملك بن الربيع بن سَبْغ عن أبائه "! كذا قال، وأقره الذهبي! وقد علمت أنه إنما روى له متابعة. ويقويه ما بعده، وحديث أبي هريرة مرفوعاً نحوه. أخرجه البزار (ص 41- زوائده) بسند حسن في الشواهد.

509- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين؛ وفرَقوا بينهم في المضاجع ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وقال النووي: " إسناده حسن ") . إسناده: حدثنا مُؤَمل بن هشام اليَشْكُرِيُ: ثنا إسماعيل عن سَوارٍ أبي حمزة - قال أبو داود: هو سَوار بن داود أبو حمزة المزَنِيُ الصيْرفِي- عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات- على الخلاف الشهور في عمرو بن شعيب، وقد سبق تحقيق الحق فيه، وأنه حسن الإسناد-؛ غير سوار بن داود أبي حمزة المزني الصيرفي، وهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى. وإليك ترجمته من "تهذيب التهذيب ": " قال أبو طالب عن أحمد: شيخ بصري لا بأس به، روى عنه وكيع فقلب اسمه، وهو شيخ يوثق بالبصرة، لم يرْوَ عنه غير هذا الحديث ". قلت: يعني هذا: وقال ابن معين: " ثقة ". وقال الدارقطني: " لا يتابع على أحاديثه، فيعتبر به ". وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال: " يخطئ ". ولخَّص ذلك الحافظ في "التقريب "، فقال: " صدوق له أوهام ".

وهذا معناه أنه حسن الحديث على أقل تقدير؛ إذا لم يظهر وهمه فيه. ولذلك قال النووي في "المجموع " (3/10) ، وفي "الرياض " (ص 148) : " رواه أبو داود بإسناد حسن ". وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّةَ. والحديث أخرجه أحمد (2/187) : ثنا محمد بن عبد الرحمن الطُفَاوي وعبد الله بن بكر السهْمِيُ- المعنى واحد- قالا: ثنا سوار أبو حمزة ... به؛ وفيه الزيادة الأتية في الكتاب في الرواية الأخرى؛ بلفظ: " إذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره؛ فلا ينظرن إلى شيء من عورته؛ فإن ما أسفل من سُرته إلى ركبتيه من عورته ". وأخرجه من طريق عبد الله بن بكر السَّهْمِي: الدارقطني (ص 85) ، وعنه البيهقي (2/228- 229) ، والحاكم (11/97) ، والخطيب في "تاريخه " (2/278) ؛ وليس عند الحاكم الزيادة. وأخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي (2/229) من طريق النضْرِ بن شُمَيْل: أنا أبو حمزة الصيرفي- وهو سوار بن داود- ... به، ولفظها عنده: " وإذا زوج أحدُكم عبدَه آمَتَةُ أو أجيره؛ فلا تنظرِ الأمَةُ بلى شيء من عورته؛ فإن ما تحت السرة إلى الركبة من العورة ". والحديث أخرجه البيهقي (2/226) من طريق المؤلف. وقد رواه وكيع أيضا عن سَوَّارٍ؛ لكنه قلب اسمه كما سبق؛ وقد أخرجه المصنف وهو:

510- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ وزاد: " وإذا زوَّج احدكم خادمه عبده أو أجيره؛ فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة ". (قلت: إسناده حسن، وكذا قال النووي) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا وكيع: حدثني داود بن سَوارٍ المزني ... بإسناده ومعناه؛ وزاد: قال أبو داود: وَهِمَ وكيع في اسمه، وروى عنه أبو داود الطيالسي هذا الحديث؛ فقال: ثنا أبو حمزة سوار الصيرفي. قلت: وهذا إسناد حسن كما سبق. والحديث أخرجه أحمد (2/180) : ثنا وكيع ... به دون الزيادة، قال: وقال الطفاوي محمد بن عبد الرحمن في هذا الحديث: سوار أبو حمزة ... وأخطأ فيه! قلت: هكذا في رواية عبد الله بن أحمد عن أبيه. وخالفه أبو طالب فقال عن أحمد " سوار أبو حمزة لا بأس به، روى عنه وكيع فقلب اسمه "؛ كما تقدم ذكره في الرواية الأولى. وهذا يوافق كلام المصنف هنا، وهو الصواب؛ لأن الطفاوي قد تابعه عبد الله ابن بكر السهمي وإسماعيل فقالوا: سوار أبو حمزة. وكذلك قال الطيالسي عنه، فيما ذكره المصنف، وليست هذه الرواية في "مسنده".

26- باب بدء الأذان

26- باب بَدْءِ الأذان 511- عن أبي عمَيْرِ بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال: اهتم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصلاة؛ كيف يجمع الناس لها؟! فقيل له: انصبْ راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً، فلم يُعْجِبْهُ ذلك. قال: فذُكر له القُنْعُ؛ يعني: الشبور- وفي رواية: شَبُّور اليهود-، فلم يعجبه ذلك، وقال: " هو من أمر اليهود ". قال: فذكر له الناقوس؟ فقال: "هو من أمر النصارى ". فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه - وهو مهتم لِهَم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأريَ الأذانَ في منامِهِ، قال: فغدا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، فقال: يا رسول الله! إني لَبَيْنَ نائم ويقظان؛ إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب قد رأى قبل ذلك، فكتمه عشًرين يوماً، قال: ثم أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: " ما منعك أن تخبرني؟ ". فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا بلال! قم؛ فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله "

قال: فأذن بلال. قال أبو بشر: فأخبرني أبو عُمير: أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضاً؛ لجعله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذناً. (قلت: إسناده صحيح. وقال الحافظ: " سنده صحيح إلى أبي عمير بن أنس. وقال ابن عبد البر: روى قصة عبد الله بن زيد جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة ومعان متقاربة، وهي من وجوه حسان، وهذ اأحسنها ") . إسناده: حدثنا عَبًاد بن موسى الخُتُلي وزياد بن أيوب- وحديث عباد أتم- قالا: ثنا هُشَيْم عن أبي بشر- قال: قال زياد: أنا أبو بشر- عن أبي عمير بن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أبي عمير ابن أنس، وهو ثقة كما في "التقريب "، وصحح حديثه أبو بكر بن المنذر وغير واحد. وقال ابن سعد: " كان ثقة قليل الحديث ". وذكره ابن حبان في "الثقات. وقول ابن عبد البر فيه: " مجهول لا يحتج به "! مما لا يلتفت إليه ولا يحتج به؛ فقد عرفه من وثقة ومن صحح حديثه. وقد قال الحافظ في "الفتح " (2/64) : " أخرجه أبو داود بسند صحيح إلى أبي عمير بن أنس.. وقال أبو عمر بن عبد البر: روى قصة عبد الله بن زيد جماعة من الصحابة بألفاظ.. " إلخ كلامه المذكور في أعلاه. فهذا يفيد أن أبا عُمَيْرٍ حجة عنده؛ فلعله رجع عن قوله السابق! والله أعلم. والحديث أخرجه البيهقي (1/390) من طريق المؤلف. ثم أخرجه (1/399- 400) من طريق آخر عن هشيم.

27- باب كيف الأذان؟

27- باب كيف الأذان؟ 512- عن عبد الله بن زيد قال: لما أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناقوس يعْمَلُ ليُضْرَبَ به الناس لجمع الصلاة؛ طاف بي وانا نائم رَجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ فال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟! فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غيرَ بعيد، ثم قال: ثم تقول إذا أقمتَ الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله الا الله. فلما أصبحت؛ أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بما رأيت؛ فقال: " إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال؛ فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به؛ فإنه أندى صوتاً منك ". فقمت مع بلال، فجعلت أُلقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته؛ فخرج يجرًّ رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله! لقد رأيت مثل ما أُري! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ: "فلله الحمد ".

(قلت: إسناده حسن صحيح. وقال النووي: " إسناده صحيح ". وقال البخاري وابن خزيمة: " حديث صحيح ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ". وقال محمد بن يحيى الذهليُ: " ليس في أخبارعبد الله بن زيد في قصة الأذان أصح من هذا ". ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن منصور الطوسِيُ: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التَيْمِي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه: حدثني أبي عبد الله بن زيد. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث. والحديث أخرجه أحمد (4/43) : ثنا يعقوب ... به. ومن طريق أحمد: أخرجه الدارقطني (ص 89) ، والبيهقي (1/391) . وأخرجه الدارمي (1/269) ، والبيهقي (1/390- 391) من طرق أخرى عن يعقوب ... به. وابن ماجه (1/239- 241) - عن محمد بن سلمة الحَراني-، والدارمي- عن سلمة؛ وهو ابن الفضل الأبرش- كلاهما عن ابن إسحاق ... به نحوه. وأخرجه الترمذي (1/358- 360) من طريق أخرى عنه ... مختصراً، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" من حديث يعقوب بن إبراهيم ... به. وكذلك رواه البخاري في "أفعال العباد" (ص 76) .

ثم روى البيهقي عن محمد بن يحيى- وهو الذهْلي- أنه قال: " ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان أصح من هذا. وفي كتاب "العلل " لأبي عيسى الترمذي قال: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؛ يعني: حديث محمد ابن إبراهيم التيمي؟ فقال: هو عندي حديث صحيح ". وقال ابن خزيمة في "صحيحه ": " هذا حديث صحيح ثابت من جهة النقل؛ لأن محمداً سمع من أبيه، وابن إسحاق سمع من التيمي؛ وليس هذا مما دلسه ". وقال الخَطابي في "المعالم ": " روي هذا الحديث والقصة بأسانيد مختلفة، وهذا الإسناد أصحها ". وقال النووي في " المجموع " (3/76) : " إسناده صحيح ". وقال الحافظ في "الفتح " (2/62) : " وشاهده: حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب ... مرسلاً، ومنهم من وصله عن سعيد عن عبد الله بن زيد، والمرسل أقوى إسناداً ". قلت: والموصول هذا؛ قد علقه المصنف؛ وهو: 513- قال أبو داود: " هكذا رواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد؛ وقال فيه ابن إسحاق عن الزهري: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر " (قلت: وصله أحمد من طريق ابن إسحاق، وهو حديث صحيح) .

إسناده: علقه المصنف كما ترى؛ وقد وصله الإمام أحمد (4/42- 43) : ثنا يعقوب قال: أنا أبي عن ابن إسحاق قال: وذَكَرَ محمد بن مسلم الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: لما أجمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يضرب بالناقوس، يجمع للصلاه الناس- وهو له كاره؛ لموافقته النصارى-؛ طاف بي من الليل طائف ... الحديث نحو الرواية السابقة؛ وفي آخره زيادة في قول: " الصلاة خير من النوم " في صلاة الفجر. ومن طريقه: رواه البيهقي (1/415) . وقال الحاكم في (مناقب عبد الله بن زيد) من " المستدرك " (3/336) : " وهو الذي أُري الأذان الذي تداوله فقهاء الإسلام بالقبول ... وأمثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيب، وقد توهم بعض أئمتنا أن سعيداً لم يلحق عبد الله بن زيد؛ وليس كذلك؛ فإن سعيد بن المسيب كان فيمن يدخل بين علي وبن عثمان في التوسط، وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان. وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب مشهور؛ رواه يونس بن يزيد ومعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة ومحمد بن إسحاق وغيرهم ". قال الشوكاني (2/31) : " ومتابعة هؤلاء لمحمد بن إسحاق عن الزهري ترفع احتمال التدليس الذي تحتمله عنعنة ابن إسحاق ". ومما يشد في عضده: روايته الأخرى السابقة؛ وقد صرح فيها بالسماع، وفي كلتيهما تربيع التكبير؛ خلافاً له!

514- وقال معمر ويونس عن الزهري فيه: " الله أكبر الله أكبر " لم يثنِّيا. (قلت: وصله عبد الرزاق عن معمر، والبيهقي عن يونس عن الزهري عن سعيد مرسلاً. ورواه بعضهم عن سعيد موصولاً. قال الحافظ: " والمرسل أقوى إسناداً "، وقال البيهقي: " وسعيد بن المسيب أصح التابعين إرسالاً ". والحديث- على كل حال- صحيح، لكن الأصح تربيع التكبير فيه؛ كما في الروايتين المتقدمتين) . هو معلق، وقد سبق أن ذكرنا عن الحافظ أن عبد الرزاق رواه عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلاً. ورواه البيهقي (1/414- 415) من طريق عبد الله بن المبارك: أنا يونس عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن النداء: أن أول من أُمر به في النوم رجل من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج؛ يقال له: عبد الله بن زيد، قال عبد الله بن زيد: بيْنا أنا نائم ... الحديث بطوله. وهذا ليس صريحاً في الإرسال؛ لاحتمال أن يكون سعيد بن المسيب قد سمعه من عبد الله بن زيد، وقد لَحِقَه، كما نقلناه قريباً عن الحاكم. وأما قوله- أعني: الحاكم؛ فيما نقله ابن التركماني وغيره- أن الصحيح أن عبد الله بن زيد قتل بأحد، وأن الروايات عنه كلها منقطعة! فهو- بالرغم من مخالفته لقوله المتقدم -؛ فهو غير صحيح؛ لأمرين: الأول: أنه مبني على قصة عن ابنة عبد الله بن زيد مع عمر بن عبد العزيز لا تصح؛ لانقطاعها، كما ذكره ابن التركماني، والحافط في "التلخيص " (3/162) .

والآخر: لو صح قول الحاكم؛ للزم أن يكون ابن عبد الله بن زيد صحابيّاً؛ وذلك أنه سبق في الكتاب (رقم 512) من طريق محمد بن عبد الله بن زيد - هذا-: حدثني أبي ... فصرَح بسماعه من أبيه؛ وهو ليس صحابيَّا، ولم يدرك الزمن الذي زعم الحاكم أن أباه توفي فيه. وإذ قد بطل قوله هذا؛ لم يبق صحيحاً إلا قوله السابق؛ وإليه مال ابن دقيق العيد وابن التركماني والحافط وغيرهم. وأما البيهقي؛ فجزم بأن الحديث هذا مرسل؛ قال (1/421) : " وسعيد بن المسيب أصح التابعين إرسالاً ". قلت: لكن قد ثبت موصولاً من طريق أخرى- كما قد سبق-؛ وفيه تربيع التكبير؛ فهو أصح من تثنيته؛ لأنه مرسل- ويؤيد ذلك: أن التربيع جاء من طريق أخرى لهذه القصة بإسناد صحيح؛ كما يأتي (رقم 523) . 515- عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذدرة عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله! عفَفني سنة الأذان، قال: فمسح مقدَّم رأسي؛ قال: " تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، ترفع بها صوتك، ثمِ تقول: أشهد ان لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدآ رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد

أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلتَ: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ". (قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (1680)) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة. قلت: وهذا إسناد ضعيف. وقال عبد الحق: " لا يحتج بهذا الإسناد ". وبينه ابن القطان؛ فقال: " محمد بن عبد اللك بن أبي محذورة مجهول الحال، لا نعلم روى عنه إلا الحارث ". وقال الذهبي في "الميزان ": " ليس بحجة؛ يكتب حديثه اعتباراً، قد روى عنه الثوري وآخر، وذكره ابن حبان في "ثقاته " ... ". ووالده عبد اللك بن أبي محذورة ليس بالمشهور أيضا؛ وقد روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقد قال الحافظ في كل منهما: " مقبول "؛ يعني: عند المتابعة. وقد توبعا كما يأتي. والحارث بن عبيد: هو أبو قدامة الإيادي البصري، وهو ضعيف من قبل حفظه؛ وقد فزق ابن حبان بين الحارث بن عبيد هذا- الذي روى عن محمد بن عبد الملك، وعنه مسدد-، وبن الحارث بن عبيد أبي قدامة الإيادي؛ فأورد الأول

في "الثقات "، وضعف الآخر! والحق أنهما واحد؛ فقد جاء في بعض روايات هذا الحديث مكنيّاً بأبما قدامة كما ياتي. لكن الحديث صحيح؛ لأن له طرقاً كثيرة عن أبي محذورة؛ وقد ساقها المصنف. والحديث أخرجه البيهقي (1/394) من طريق المصنف. ثم أخرجه من طريق أبي الثنى: ثنا مسدد: ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة ... به وأخرجه أحمد (3/408- 409) من طريق أخرى عن الحارث ... به. ورواه ابن حبان (رقم 288 و 289) . 516- وفي رواية عن أبي محذورة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو هذا الخبر؛ وفيه: " الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح ". قال أبو داود: " وحديث مسدد أبين [قلت: يعني: الرواية الأولى] ، قال فيه: وعلمني الإقامة مرتين مرتين: " الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، (زاد في رواية: وإذا أقمت الصلاة فقلها مرتين: قد قامت الصلاة؛ أسمعت؟) ". قال: فكان أبو محذورة لا يَجُز ناصيته ولا يفرقها؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مسح عليها. (قلت: حديث صحيح، دون قوله: فكان أبو محذورة لا يَجُر ... إلخ؛ فإنه من حصهَ الكتاب الآخر (رقم 79)) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عثمان بن السائب: أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان بن السائب؛ قال ابن القطان: " غير معروف ". ووالده السائب؛ قال الذهبي: " لا يعرف ". وذكرهما ابن حبان في "الثقات "! وأم عبد الملك بن أبي محذورة؛ لم أعرفها ولم أعرف اسمها؛ وقد أغفلوها فلم يوردوها في (فصل الكنى من النساء) . والحديث أخرجه البيهقي (1/422) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (3/408) : ثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه البيهقي أيضا (1/393- 394) من طريق أخرى عن عبد الرزاق. وأخرجه الطحاوي (1/78 و 80) : ثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو عاصم ... به. وأخرجه النسائي (1/104) ، والطحاوي أيضا (78 و 80- 82) ، والدارقطني (ص 86) ، والبيهقي (1/418) ، وأحمد (3/408) من طرق أخرى عن ابن

جريج ... به؛ غير أن الطحاوي وأحمد ذكرا التكبير في أوله مرتين لا أربعاً! والصحيح في حديث أبي محذورة: التربيع، كما في أكثر للروايات عن ابن جريج في هذا الحديث، وكما في الحديث السابق، والآتي عن أبي محذورة. ثم اعلم أن في الرواية السابقة: " فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم "؛ فهذا مطلق. وفي هذه الرواية تقييد ذلك بـ: " الأولى من الصبح ". وهذا هو الصواب: أن السنة جعل هذه الجملة في الأذان الأول للفجر، وعلى ذلك جاءت الأحاديث من طرق شتى، وقد ذكرتها في "الثمر المستطاب "؛ وليس في شيء منها أنها في الأذان الثاني للفجر. فما عليه الناس اليوم خلاف السنة، وتخصيصها الأذان الأول بها دون الثاني معقول جدّاً؛ للتفريق بينهما؛ فإن الأول لا يحرم طعاماً ولا يُحِلّ الصلاة؛ بخلاف الاخر. وإنما حكمنا بصحة الحديث مع ضعف إسناده؛ لكترة طرقه عن أبي محذورة وقد مضى واحد منها، ويأً ني سائرها. ولما كانت الجملة الأخيره منه لا شاهد لها في جميع الطرق التي وقفت عليها؛ فقد حكمنا عليها بما يقتضيه إسنادها، فأوردناها في الكتاب الأخر (رقم 79) . 517- وعنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه الأذان تسع عشره كلمةً، والاقامة سبع عشرة كلمةً: الأذان: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد

أن محمداً رسول الله، أشهد أن محصد رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله) . والاقامة: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله) (قلت: إسناده حسن صحح، وهو على شرط مسلم، وصححه ابن دقيق العيد على شرطه. وقد أخرجه هو وأبو عرانة في "صحيحيهما"- دون ذكر الاقامة-، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"- مختصراً-، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح " (. إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عفان وسعيد بن عامر وحجاج- المعنى واحد- قالوا: ثنا همام: ثنا عامر الأحول: حدتني مكحول أن ابن مُحَيْرِيز حدثه أن أبا. حذورة خدثه. قلت: وهذا إسناد حسن وهو على شرط مسلم؛ لكنْ عامر الأحول- وهو ابن عبد الواحد- فيه كلام من قِبَلِ حفظه؛ قال أحمد: " ليس بقوي ". وكذا قال النسائي. وقال ابن معين: " ليس به بأس ". وقال أبو حاتم:

" ثقة لا بأس به ". وقال ابن عدي: " لا أرى برواياته بأساً ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الساجي: " يُحْتمل لصدقه، وهو صدوق ". وقال الحافظ: " صدوق يخطئ ". قلت: فهو حسن الحديث- إن شاء الله تعالى- إذا لم يخالف ولم يتبين خطؤه. والحديث أخرجه أحمد (3/409) : ثنا عفان ... به. وأخرجه الدارمي (1/271) : أخبرنا سعيد بن عامر ... به. ثم قال: أخبرنا أبو الوليد الطيالسي وحجاج بن المنهال قالا: ثنا همام ... به مختصراً. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/330- 331) من هذه الطرق؛ إلا طريق الحجاج. وأحرجه الترمذي (1/367) ، وابن ماجه (1/243- 244) ، والطحاوي (1/78 و 80- 81) من طريق عفان؛ بعضهم مختصراً. وأخرجه البيهقي (1/416- 417) - من طريق سعيد بن عامر-، وهو، والطحاوي، والدارقطني (ص 87- 88) - من طريق أبي الوليد- ... به. وأخرجه النسائي (1/103) ، والطحاوي أيضا، وأبو عوانة، وابن حزم (3/150) من طرق أخرى عن همام ... به مطولأ ومختصراً. وخالفهم في إسناده أبو داود الطيالسي؛ فقال في "مسنده " (رقم 1354) : ثنا همام عن عامر الأحول عن مكحول عن ابن أبي محذورة عن أبيه ... به

مختصراً. قال: " وذكروا أنه عن مكحول عن أبي [كذا! ولعله: ابن] محيريز عن ابن أبي محذورة عن أبيه "! قلت: وهذا من أوهام الطيالسي رحمه الله؛ فليس هو من رواية ابن أبي محذورة عن أبيه؛ بل هو من رواية ابن محيريز عن أبي محذورة؛ سمعه منه؛ كما في رواية المصنف وغيره. نعم؛ قد رواه ابن أبي محذورة عن أبيه- كما تقدم برقم (515) ، ويأتي بعد هذا بحديث-؛ لكن ليس هو من حديث همام عن مكحول عنه! فلعله اختلظ عليه أحدهما بالآخر؛ والله أعلم. وتابعه معاذ بن هشام عن أبيه عن عامر الأحول ... به دون الإقامة. أخرجه مسلم (2/3) ، وأبو عوانة، والنسائي، والبيهقي من طرق عنه ... به، لكن مسلماً ذكر التكبير في أوله مرتين فقط! قال الحافظ (3/160) : " وقال ابن القطان: الصحيح في هذا تربيع التكبير، وبه يصح كون الأذان تسع عشرة كلمة، وقد قيدَ بذلك في نفس الحديث [يعني: حديث الباب] قال: وقد وقع في بعض روايات مسلم بتربيع التكبير، وهي التي ينبغي أن تعد في الصحيح. انتهى. وقد رواه أبو نعيم في "المستخرج " والبيهقي من طريق إسحاق بن إبراهيم عن معاذ بن هشام بسنده؛ وفيه تربيع التكبير، وقال بعده: أخرجه مسلم عن إسحاق ". قلت: وكذلك أخرجه النسائي عن إسحاق؛ فرواية مسلم بالتثنية شاذة. ثم قال أبو عوانة عقب الحديث: " هذا لفظ هشام، وزاد همام في حديثه ذِكْرَ الإقامة، فتركته؛ لأن هشاماً

أحفظ وأتقن منه، ولأن إجماع أهل الحرمين على خلاف زيادته "! قلت: وبنحو هذا أعلّه البيهقي (1/417) ! والجواب كن الأول: أن هذا الاختلاف ليس اختلاف تعارض حتى يصار إلى ترجيح رواية الأحفظ؛ بل هو من قبيل زيادة الثقة على الثقة، وهي مقبولة. وأيضا؛ فإن هماماً لم يتفرد بذكر الإقامة فيه؛ بل قد تابعه سعيد بن أبي عروبة عن عامر ... بسنده؛ ولفظه: علمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عثرة. أخرجه الطبراني؛ كما في " الجوهر النقي " وغيره. والجواب عن الآخر: أنه لا حجة في إجماع طائفة بعد ثبوت الحديث؛ ولذلك قال الحافظ (3/164) : " وتكلم البيهقي عليه بأوجه من التضعيف، ردَّها ابن دقيق العيد في "الإمام "، وصحح الحديث ". قلت: وتفصيل هذا في "الزيلعي " (1/268) . 518- وفي رواية عنه قال: ألقى عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التأذين هو بنفسه، فقال: " قل: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، مرتين مرتين - قال:- ثم ارجع فَمُدَّ مِنْ صوتك: أشهد أن لا إله إلا الل هـ، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن

محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وقال الترمذي: " حديث صحيح ". ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ") . إسناده: حدئنا محمد بن يشار: ئنا أبو عاصم: ثنا ابن جريج: أخبرني ابن عبد الملك بن أبي محذورة- يعني: عبد العزيز- عن ابن محيريز عن أبي محذورة. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد العزيز بن عبد الملك، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه- غير ابن جريج-: ابنه إبراهيم وأبو سعيد محمد بن سعيد الطائفي، وصحح له الترمذي وابن خزيمة، كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/241- 242) : حدثنا محمد بن يشار ومحمد ابن يحيى قالا: ثنا أبو عاصم ... به أتم منه؛ وزاد في آخره: قال: وأخبرني ذلك مَن أدرك أبا محذورة على ما أخبرني عبد الاأد بن محيريز. وكذلك أخرجه الدارقطني (ص 86) ، والبيهقي (1/393) ، وأحمد (3/409) . وروراه النسائي (1/103- 104) ، ومن طريقه ابن حزم (3/151) ، والطحاوي (1/78) دون الزيادة؛ كلهم أخرجوه من طرق عن ابن جريج. وعنه: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " كما في "التهذيب " (6/347) . وأخرجه الترمذي (1/366) من طريق إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعاً عن أبي محذورة.-. به مختصراً.

وكذلك أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق الشافعي عن إبراهيم، فقال الشافعي: وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... معنى ما حكى ابن جريج. وروى منه البخاري في "أفعال العباد" (ص 76) الترجيع. ثم قال الترمذي: " حديث صحيح ". 519- وفي رواية أخرى عنه قال: ألقى عَلي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأذان حرفاً حرفاً: " الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدأ رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح ". قال: وكان يقول في الفجر: " الصلاة خير من النوم ". (قلت: حديث صحيح، كما قال الترمذي. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه ". وصححه عبد الحق الاشبيلي) . إسناده: حدثنا النفَيْلِى: نا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: سمعت جدي عبد الملك بن أبى محذورة يذكر أنه سمع أبا محذورة يقول ... قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي

محذورة مجهول. وضعفه الأزدي، كما في "التقريب ". وجده عبد الملك بن أبي محذورة ليس بالمشهور، كما سبق (رقم 515) . لكن الحديث صحيح؛ بما له من الطرق، وقد سبق أكثرها. والحديث أخرجه الطبراني في "الأوسط " (2/57/1/1025) من طريق أخرى عن أبي جعفر النفيلي. 520- وعنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّمه الأذان؛ يقول: " الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله ... "، ثم ذكر مثل أذان حديث ابن جريج عن عبد العزيز بن عبد الملك ومعناه (1) .

_ (1) قال في "عون المعبود": " أي: في حديث نافع بن عمر تثنية التكبير في أول الأذان؛ بخلاف رواية ابن جريج؛ فإن فيها تربغ التكبير في أول الأذان. وأما باقي الأذان في رواية نافع بن عمر مثل ألفاط الأذان لرواية ابن جريج التي مضت، ومعنى روايته مع إثبات الترجغ (وفي حديث مالك بن دينار ... بلخ) يعني: في رواية مالك بن دينار أيضا تثنية التكبير في أول الأذان، كما في رواية نافع بن عمر الجمحي عن عبد اللك، و (قط) ؛ بمعنى: حسب (وكذلك) ؛ أي: مثل رواية نافع بن عمر بتثنية التكبير وباقي الألفاظ مثل رواية ابن جريج (إلا أنه قال) ؛ أي: جعفر بن سليمان في حديثه: (ثم ترجع فترفع صوتك) . وفي حديث ابن جريج: " ثم ارجع فمد من صوتك ". (الله أكبر الله أكبر) : هذا بيان التشبيه؛ أي: وكذلك حديث جعفر بتثنية التكبير: الله أكبر الله أكبر ". قلت: يفهم منه أن في هذه الروايات الثلاث الترجغ، كما في حديث ابن جريج؛ وهذا حق لا مناقشة فيه.

(قلت: يعني: الحديث رقم (518) . والحديث صحيح؛ لكن الأصح تربيع التكبير في أوله، كما في سائر الروايات المتقد مة) . إسناده: حدثنا محمد بن داود الإسكندراني: ثنا زياد- يعني: ابن يونس- عن نافع بن عمر- يعني: الجُمَحِي- عن عبد الملك بن أبي محذورة أخبره عن عبد الله بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل عبد الملك هذا، وبقية رجاله ثقات كلهم. لكن الحديث صحيح؛ لما سبق بيانه في الرواية السابقة؛ إلا أن الأصح فيه تربيع التكبير في أوله. كذلك رواه مكحول عن عبد الله بن محيريز، وقد سبقت روايته (رقم 517) ، وهو أوثق من روى الحديث عن ابن محيريز، وعليه أكثر الرواة عن أبي محذورة، كماسلف.

_ - لكن قوله في السطر الأخير: " هذا بيان التشبيه ... " إلخ! خطأ واضح عندي؛ بل هو بيان للمخالفة الني وقعت في رواية جعفر هذه، خلافاً للروايات قبلها التي هي- فيما عدا التكبير- مثل رواية ابن جريج، وقد سبق أن فيها: " ثم ارجع فمُد من صوتك: أشهد ... " إلخ. وليست المخالفة هذه هي ما أشار إليه الشارح بقوله: " وفي حديث ابن جريج: " ثم ارجع فمد من صوتك " ... "؛ فإن هذا اختلاف في اللفظ دون المعنى، وهذا قلما يُعْنَى المصنف ببيانه، وإنما الخالفة الحقيقية في مبتدأ الترجيع، ففي حديث ابن جريج أنه من الشهادتين، وفي حديث جعفر أنه من التكبير؛ إذ إن معنى حديثه: " فترفع صوتك قائلأ: الله أكبر الله أكبر "، فالتكبير إنما هو من صلب الحديث؛ ليس هو بياناً من المصنف كما زعم الشارح! وقد أشار إلى هذا الحديث وضعفه: البيهقي في "سننه "؛ وقد ذكرنا نص كلامه في الكتاب الآخر؛ فراجعه.

521- قال أبو داود: " وفي حديث مالك بن دينار قال: سألت ابن أبي محذورة، قلت: حدِّثْني عن اذان أبيك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فذكر فقال: الله أكبر الله أكبر ... قط ". إسناده معلق كما ترى، ولم أجد من وصله؛ لا هذا، ولا الذي بعده (1) . والحديث صحيح لكن بتربيع التكبير في أوله لما سلف ذكره. 522- وكذلك حديث جعفر بن سليمان عن ابن أبي محذورة عن عمه عن جده؛ إلاّ أنه قال: " ثم ترجع فترفع صوتك: الله أكبر، الله أكبر ". (قلت: لم أجد من وصله! والحديث صحيح؛ لكن بترليع التكبير في أوله كما تقدم قريباً. وأما الرجوع إلى التكبير بعد الشهادتين- كما في هذه الرواية الأخيرة-؛ فمنكر. ولذلك أوردناها في الكتاب الأخر (رقم 80)) .

_ (1) ثم وجدت الحديث قد وصله الدارقطني (ص 90) من طريق داود بن أبي عبد الرحمن القرشي: ثنا مالك بن دينارقال: صعدت بلى ابن أبي محذورة فوف المسجد الحرام بعد ما أذن، فقلت له: أخبرني عن أذان أبيك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: كان يبدأ فيكبر، ثم يقول: أشهد أن لا لله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، مرة، ثم يرجع فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حتى يأتى على آخر الأذان: الله أكبر الله أكبر، لا بله إلا الله. وقال: " تفرد به داود ". قلت: ولم أجد من ترجمه!

523- عن ابن أبي ليلى [هو عبد الرحمن أقال: أُحِيلَت الصلاةُ ثلاثةَ أحوال. قال: وحدَّثنا أصحابنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين- أو قال: المؤمنين- واحدة، حتى لقد هممت أن آبُثَّ رجالاً في الدّورينادون الناس بحين الصلاة، وحتى هممت أن امر رجالاً يقومون على الآطام؛ ينادون المسلمين بحين الصلاة "، حتى نَقَسوا أو كادوا أن يَنْقُسُوا، قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله! إني لما رجعتُ- لِمَا رأيت من اهتمامك- رأيت رجلاً كأنَّ عليه ثوبين أخضرين، فقام في المسجد فأذَّن، ثم قعد قَعْدَةً، ثم قام فقال مثلها؛ إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة، ولولا أن يقول الناس (وفي رواية: أن تقولوا) لقلت: إني كنت يقظاناً غير نائم! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (زاد في الرواية المذكورة: " لقد أراك الله خيراً) ، فمُرْ بلالاً فليؤذن ". قال: فقال عمر: أما إني قد رأيت مثل الذي رأى، ولكن لمَّا سُبقت استحييت! قال: وحدثنا أصحابنا: قال: كان الرجل إذا جاء يَسأل؟ فيُخبر بما سُبِق من صلاته، وأنهم قاموا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ من بين قائم وراكع وقاعد ومُصَلٍّ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال ابن المثنى: قال عمرو: وحدثني بها حُصَيْن عن ابن أبي ليلى-؛ حتى

جاء معاذ- قال شعبة: وقد سمعتها من حصين؛ فقال: لا آراه على حال ... إلى قوله: " كذلك فافعلوا ". قال أبو داود: ثم رجعت إلى حديث عمرو بن مرزوق. قال: فجاء معاذ فأشاروا إليه- قال شعبة: وهذه سمعتها من حصين- قال: فقال معاذ: لا آراه على حال إلا كنتُ عليها؛ قال: فقال: " إن معاذاً قد سَنَّ لكم سُنَّةً؛ كذلك فافعلوا ". قال: وحدثنا أصحابنا: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قدم المدينة؛ أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أُنزل رمضان، وكانوا قوماً لم يتعؤدوا الصيام، وكان الصيام عليهم شديداً، فكان من لم يصم آطعم مسكيناً، فنزلت هذه الأية: {فمن شهد منكم الشهر فلْيَصًمْهً} ؛ فكانت الرخصة للمريض والمسافر؛ فأمروا بالصيام. قال: وحدثنا أصحابنا: قال: وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل؛ لم يأكل حتى يصبح. قال: فجاء عمر فأراد امرأته؛ فقالت: إني قد نمت فظن انها تَعْتَل؛ فأتاها، فجاء رجل من الأنصار فأراد الطعام، فقالوا: حتى نُسَخنَ لك شيئاً؛ فنام، فلما أصبحوا أُنزلت علبهم هذه الآية؛ فيها: {احِلً لكم ليلةَ الصيامِ الرَّفَثً إلى نسائكم} . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقول ابن أبي ليلى: (حدثنا أصحابنا) ؛ يريد به أصحاب النبي عليه السلام. وقد حهءحه ابن حزم وابن

دقيق العيد وابن التركماني (. إسئاده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى. (ح) وحدثنا ابن المثنى: ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى. والرواية الأخرى لابن المثنى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقول ابن أبي ليلى: (حدثنا أصحابنا) إنما أراد به الصحابة رضي الله عنهم، كما صرح به الأعمش عن عمرو ابن مرة، كما يأتي. وقد تردد في ذلك المنذري، فقال في "مختصره " (رقم 477) : " وقول ابن أبي ليلى: (حدثنا أصحابنا) ؛ إن أراد الصحابة؛ فهو قد سمع من جماعة من الصحابة، فيكون الحديث مسنداً؛ وإلا فهو مرسل "! والرواية المشار إليها تعين الاحتمال الأول، كما قال الحافظ في "التلخيص " (3/174) . قال: "ولهذا صححها ابن حزم وابن دقيق العيد ". وقال الزيلعي في "نصب الراية" (1/267) : " أراد به الصحابة؛ صرَّح بذلك ابن أبما شيبة في " مصنفه "، فقال: حدثنا وكيع: ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء بلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران، فقام على حائط، فأذن مثنما مثنى، وأقام مثنى مثنى. انتهى. وأخرجه للبيهقي في "سننه " عن وكيع ... به. قال في "الإمام ": وهذا رجال "الصحيح "، وهو متصل على مذهب الجماعة في عدالة الصحابة، وأن جهالة اسمهم لا تضر ". قلت: وكذا قال ابن التركماني في "الجوهر النقي " نحو ما قال ابن دقيق العيد

في "الأمام " أنه على شرط "الصحيح ". إلخ. وكذلك أخرجه الطحاوي (1/79 و 80) - عن يحيى بن يحيى النيسابوري-، والبيهقي (1/420) - عن عبد الله بن هاشم-، وابن حزم في "المحلى" (3/157) - عن موسى بن معاوية- كلهم عن وكيع ... به. وقال ابن حزم: " وهذا إسناد في غاية الصحة ". ثم إن الحديث قد روى قسماً منه: عمرو بن مرة أيضا عن حصين عن ابن أبي ليلى وتابعه عليه شعبة عن حصين، كما قد ذكر ذلك المصنف في تضاعيف الحديث. وقد رواه ابن حزم في " الإحكام" (6/70- 71) من طريق ئنْدَار: ثنا غُنْدَرٌ - لقب محمد بن جعفر-: ثنا شعبة: ثنا عمرو بن مرة عن حصين ... به من قوله: قال: وحدثنا أصحابنا إلى قوله: " كذلك فافعلوا ". والحديث فيه تربيع التكبير في أول الأذان، فهو يؤيد رواية ابن إسحاق المتقدمة عن عبد الله بن زيد (رقم 512) ؛ ولذلك رجحنا هناك أنه أصح من تثنية التكبير في هذه القصة. وأما رواية المسعودي عن عمرو بن مرة بالتثنية- كما في حديث معاذ الأتي-؛ فلا تصلح للمعارضة؛ لأن المسعودي ضعيف، كما يأتي. 524- عن معاذ بن جبل قال: أُحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال ... وساق نص الحديث بطوله، واقتصَّ ابن المثنى منه قصة صلاتهم نحو بيت المقدس قط، قال:

الحال الثالث: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم المدينة فصلَّى- يعني: نحو بيت المقدس- ثلاثة عشر شهراً، فأنزل الله هذه الآية: (قَدْ نَرى تَقَلُبَ وَجْهِكَ في السَّماءِ فَلنُولينكَ قِبلة ترضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُما كُنْتُمْ فَوتَوا وُجُوْهَكُم شَطْرَه) ؛ فوجَّهه الله عز وجل إلى الكعبة ... وتم حديثه. وسمى نصر صاحب الرؤيا. قال: فجاء عبد الله بن زيد- رجل من الأنصار- ... وقال فيه: فاستقبل القبلة. قال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة- مرتين-، حي على الفلاح- مرتين-، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. ثم أمهل هُنَيَّةً، ثم قام فقال مثلها؛ إلا أنه قال: زاد- بعدما قال: حي على الفلاح-: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقِّنْها بلالاً "؛، فأذَّن بها بلال. وقال في الصوم: قال: فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويصومِ يوم عاشوراء، فأنزل الله: {كُتِبَ عَليكُمُ الصِّيامُ كمَا كُتِبَ على الذين مِنْ قَبْلِكُمْ لَعفكُم تَتَّقون. آياماً مَعْدوداتٍ، فَمنْ كانَ مِنْكُمْ مَريْضاً أو على سَفَرٍ فعِدَّة مِنْ أيامٍ أُخَر وعلى الذينَ يُطيقونَهُ فِدْية طَعَامُ مِسْكِين} ؛ فكان من

شاء أن يصوم صام، ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكيناً أجزأه ذلك، فهذا حَوْلٌ. فأنزل الله: {شهرُ رمضانَ الذي أُنْزِلَ فيه القرانُ هُدىً للناس وَبينات مِنَ الهُدى والفُرقان فَمنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَهْرَ فليصمه وَمَنْ كانَ مريضَاً أو على سَفَر فَعِدة مِنْ أيام أُخَر} ؛ فثبت الصيام على من شهد الشهر، وعلى المسافر أن يقضي، وثبت الطعام للشيخ الكبير والعجوز اللذَيْنِ لا :يستطيعان الصوم، وجاء صِرْمَةُ وقد عمل يومه ... وساق الحديث. (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكلم: " صحيح الاسناد "، ورافقه الذهبي. وعلق البخاري بعضه في "صحيحه ". وقوّاه الحافظ؛ لكن الأصح تربيع التكبير في أوله) . إسناده: حدثنا ابن المثنى عن أبي داود. (ح) وثنا نصر بن المهاجر: ثنا يزيد ابن هارون عن المسعودي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ لكن المسعودي- واسمه عبد الرحمن بن عبد الله- كان قد اختلط. لكن قد تابعه شعبة عن عمرو بن مرة؛ لكن خالفه في إسناده ومتنه. أما الإسناد؛ فقال المسعودي: عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل ... فَأُعِل بالانقطاع، قال المنذري في "مختصره ": " ذكر الترمذي وابن خزيمة أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل. وما قالاه ظاهر جدّاً؛ فإن ابن أبي ليلى قال: وُلِدْتُ لست بَقِين من خلافة عمر؛ فيكون مولده سنة سبع عشرة من الهجرة، ومعاذ توفي في سنة سبع عشرة أو

ثمان عشرة. وقد قيل: إن مولده لست مضين من خلافة عمر؛ فيكون مولده على هذا بعد موت معاذ ". وبذلك أعله الدارقطني أيضا؛ فقال في "السنن " (ص 89) : " وقال الأعمش والمسعودي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل ... ولا يثبت، وللصواب ما رواه الثوري وشعبة عن عمرو بن مرة وحصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى مرسلاً "! كذا قال! وفيه نظر من وجهين: الأول: دعواه أن الأعمش رواه كرواية المسعودي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ! فلعل ذلك في بعض الروايات عن الأعمش؛ وإلا فقد رواه وكيع عنه عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ثنا أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فهذا متصل صحيح الإسناد، كما سبق ذكره في حديث ابن أبي ليلى (رقم 523) . والوجه الأخر: زعمه أن رواية شعبة عن عمرو بن مرة وحصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى إنما هي مرسلة وأنها الصواب! وقد سبقت هذه الرواية؛ وليست هي صريحة في الإرسال؛ بل هي- عند التحقيق- موصولة؛ فإن فيها أن ابن أبي ليلى قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... الحديث. وقد بينت رواية وكيع عن الأعمش المذكورة آنفاً: أن الأصحاب فما هذه الرواية إنما هم أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فعاد الحديث موصولاً صحيح الإسناد.

ولا يعله أن المسعودي رواه منقطعاً؛ لما سبق من ضعف حفظه، ولأن من وصله ثقة جاء بزيادة، وهي مقبولة. ولذلك علق البخاري في "صحيحه " (4/152) قسماً من الحديث من طريق الأعمش فقال: وقال ابن نمير: حدثنا الأعمش: حدثنا عمرو بن مرة: حدثنا ابن أبي ليلى: حدثنا أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نزل رمضان، فشَقَّ عليهم؛ فكان من أطعم كل يوم مسكيناً؛ ترك الصوم ممن يطيقه، وزخصَ لهم في ذلك، فنسختها: (وَآن تصوموا خَيْرٌ لَكُم) ؛ فأمِروا بالصوم. فقال الحافظ: " قوله: وقال ابن نمير ... إلخ؛ وصله أبو نعيم في "المستخرج " والبيهقي من طريقه ". قال: " وهذا الحديث أخرجه أبو داود من طريق شعبة والمسعودي عن الأعمش ... مطولاً في الأذان والقِبْلَةِ والصيام. واختلف في إسناده اختلافاً كثيراً؛ وطريق ابن نمير هذه أرجحها ". وقوله: " عن الأعمش "! وهم منه رحمه الله، أو سبق قلم؛ والصواب: " عن عمرو بن مرة "، كما سبق. والحديث أخرجه أحمد (5/246- 247) : ثنا أبو النضْرِ: ثنا المسعودي. ويزيد ابن هارون: أخبرنا المسعودي- قال أبو النضر في حديثه-: حدثني عمرو بن مرة ... به بتمامه. وكذلك أخرجه البيهقي (1/391 و 420- 421) .

وأخرج منه الحاكم (2/274) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم أحوال الصيام فقط؛ وقال: " حديث صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وليس بجيد؛ لما علمت من حال المسعودي. والصواب أن يقال: حديث صحيح؛ لمتابعة شعبة له، كما في الرواية التي قبلها. وقال أحمد (5/232) : ثنا أسود بن عامر: أنبأًنا أبو بكر- يعني: ابن عياش- عن الأعمش عن عمرو بن مرة ... به مقتصراً على قصة الأذان، وفيه: فأذن مثنى مثنى، ثم جلس، ثم أقام فقال: مثنى مثنى. وكذلك أخرجه الدارقطني (ص 89- 90) من طريق الأسود. فقد تابع الأعمشُ السعوديَّ في روايته عن عمرو عن ابن أبي ليلى عن معاذ، وقد سبق أن الدارقطني أشار إلى هذه المتابعة. لكن أبو بكر بن عياش- الراوي عن الأعمش- هو سيئ الحفظ أيضا. وقد خالفه وكيع؛ فقال: عن الأعمش عن عمرو عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... كما تقدم. قالقول في هذه الرواية؛ ما قلنا في رواية المسعودي عن عمرو بن مرة. وبالجملة؛ فالحديث صحيح، ورواية من رواه مقطوعاً لا تعل رواية من رواه موصولاً. لكن الأصح فيه تربيع التكبير في أوله، كما في رواية الأعمش هذه، وروايته الأخرى المشار إليها آنفاً، وقد ذكرنا لفظها عند الكلام على الحديث السابق.

28- باب في الإقامة

ثم إن القدر المتعلق بالصوم منه؛ له شواهد كثيرة، ستأني في "الصوم "؛ فانظر الأرقام الأتية (2003 و 2005 و 2006 وغيرها) . 28- باب في الإقامة 525- عن أنس قال: أُمِرَ بلالٌ أن يَشْفَعَ الأذان وُبوتِرَ الإقامة- زاد في رواية- إلا الإقامة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وكذا ابن حبان (1673) ، وأبو عوانة في "صحاحهم " الرواية الأولى. وأخرج الأخرى: البخاريُ بإسناد المصنف، ومن طريقه أخرجه أبو عوانة) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وعبد الرحمن بن المبارك قالا: ثنا حماد عن سِمَاكِ بن عطية. (ح) وحدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا ؤهَيْبٌ - جميعاً- عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس؛ زاد حماد في حديثه: إلا الاقامة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجهين؛ وحماد: هو ابن زيد والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/327) عن المؤلف. وكذلك أخرجه بيهقي (1/413) . وأخرجه البخاري (2/65- 66) ، والدارمي (1/271) قالا: حدثنا سليمان ابن حرب: ثنا حماد بن زيد ... به. ثم أخرجه أبو عوانة والبيهقي (1/412) والطحاوي ايضاً من طرق أخرى عن سليمان بن حرب ... به.

ثم أخرجه البيهقي من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل ... به أنم منه؛ ولفظه: قال: لما كثر الناس ذكروا أن يُعْلِمُوا وقت الصلاة يشيء يعرفونه، فذكروا أن يوقدوا ناراً، أويضربوا ناقوساً؛ فأمر بلال ... الحديث. وهكذا على التمام: أخرجه مسلم (2/3) من طريق بَهْزٍ: حدثنا وهيب ... به وأخرجه أبو عوانة (1/326- 327) من طريق عفان عنه؛ لكن شيخ وهيب عندهم جميعاً: هو خالد الحَذاء؛ ليس هو أيوب! فلعله كان له فيه شيخان عن أبي قلابة. وقد رواه جماعة عن خالد، كما يأتي. وقد تابع وهيباً: عبدُ الوهاب الثقفي: أخرجه أحمد (3/103) : ثنا عبد الوهاب: ثنا أيوب ... به. ومن طريق عبد الوهاب: أخرجه مسلم، والنسائي (1/103) ، والبيهقي (1/412 و 413) ؛ لكن النسائي قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بلالاً ... فصرح بالآمر. وهو رواية البيهقي. وأخرجه الحاكم (1/198) ، وقال: " لم يخرجاه بهذه السياقة؛ وهو على شرطهما "، ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو عوانة أيضا (1/328) .

وتابعه شعبة أيضا: عند أبي عوانة. ولشعبة فيه إسناد آخر، نذكره في للرواية الآتية: 526- وفي رواية عنه مثل حديث وهيب (يعني: الرواية الأولى) . قال إسماعيل: فحدَّثت به أيوب؛ فقال: إلا الاقامة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري في "صحيحيهما"، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " عن المؤلف) . إسناده: حدثنا خمَيْذ بن مَسْعَدَةَ: ثنا إسماعيل عن خالد الحَذُّاء عن أبي قلابة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن علية. والحديث أخرجه أحمد (3/189) : ثنا إسماعيل ... به. وأخرجه البخاري (2/67) ، ومسلم (2/2) ، والطحاوي (1/79) ، والبيهقي (1/412) من طرق عن إسماعيل ... به. وأخرجه أبو عوانة (1/328) عن المؤلف. وقد بين إسماعيل أن زيادة: إلا الإقامة؛ ليست في حديث خالد؛ وإنما هي في حديث أيوب. فهذا يؤيد رواية حماد بن زيد عن أيوب المتقدمة بهذه الزيادة. ثم إن حديث خالد؛ أخرجه الطيالسي (رقم 2095) : ثنا شعبة عن خالد الحذاء ... به. وأخرجه الدارمي (1/270) ، وأبو عوانة (1/327) من طرق أخرى عن

شعبة ... به. ثم أخرجاه، وكذا الشيخان، والترمذي (1/369- 370) ، وابن ماجه (1/248) ، والطحاوي (1/79) ، وابن حبان (1674) ، والبيهقي من طرق عن خالد ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ولشعبة فيه إسناد آخر: أخرجه الطبراني في "الصغير" (ص 222) من طريق عبد الملك بن إبراهيم الجدي: ثنا شعبة عن قتادة عن أنس ... به. وقال: " لم يروه عن شعبة إلا عبد الملك الجُدِّيُ ". قلت: ورواه أبان بن يزيد عن قتادة: أن أنس بن مالك كان أذانه مثنى مثنى، وإقامته مرة مرة. أخرجه البيهقي. ورواه معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ... من فعل بلال؛ وسنذكر لفظه في الكلام على الحديث الآتي: 527- عن ابن عمر قال: إنما كان الأذان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين مرتين، والاقامة مرة مرة؛ غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فإذا سمعنا الإقامة؛ توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة. (قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه الذهبي، وقال النووي: " إسناده صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في

"صحيحيهما". وقال المنذري: " حسن ". وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"؛ دون قوله: غير أنه ... إلخ. وقال ابن الجوزي: " إسناده صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة قال: سمعت أبا جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى عن ابن عمر. قال شعبة: لم أسمع عن أبي جعفر غير هذا الحديث. حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا أبو عامر- يعني: العَقَدِي- عبد الملك ابن عمرو: ثنا شعبة عن أبي جعفر- مؤذن مسجد العُرْيَانِ- قال: سمعت أبا المثنى - مؤذن مسجد الأكبر- يقول: سمعت ابن عمر ... وساق الحديث. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبي جعفر- واسمه محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى، ويقال في نسبه غير ذلك؛ وهو كوفي، ويقال: بصري-، وهو حسن الحديث على أقل الدرجات؛ قال ابن معين: " ليس به بأس ". وقال الدارقطني: " بصري يحدث عن جده [يعني: مسلماً أبا المثنى] ولا بأس بهما ". وقال ابن حبان في "الثقات ": " كان يخطئ ". وقال ابن عدي: " ليس له من الحديث إلا اليسير؛ ومقدار ما له لا يتبين صدقه من كذبه ". وقال الحافظ: " صدوق يخطئ ". قلت: وحسن له الترمذي حديثاً في (الصلاة قبل العصر) ، سيأتي في

الكتاب- إن شاء الله تعالى- (رقم 1154) . وقد زعم الحاكم- ووافقه الذهبي-: أن أبا جعفر هذا: هو عمير بن يزيد بن حبيب الخَطْمِي، كما يأتي! وهو وهم منهما؛ لأمور: أولأ: أن أبا جعفر الخظمي عميراً هذا؛ لم يذكروا في ترجمته أنه كان مؤذناً؛ بخلاف أبي جعفر محمد بن إبراهيم؛ فهو مؤذن مسجد (العريان) ، كما في رواية المصنف الثانية عن شعبة. ثانياً: أنهم لم يذكروا له رواية عن مسلم أبي المثنى؛ بل ذكروا ذلك لمحمد بن إبراهيم. ثالثاً: أن شعبة يقول: إنه لم يسمع من أبي جعفر غير هذا الحديث، وهو قد روى عن أبي جعفر الخطمي غير هذا؛ من ذلك: حديث توسل الأعمى بدعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو عند الترمذي (2/277- طبع بولاق) وغيره. فدل على أن أبا جعفر راوي هذا الحديث: هو غير الخطمي. وأما مسلم أبو المثنى؛ فهو مسلم بن المثنى- ويقال: ابن مهران بن المثنى-؛ قال أبو زرعة: "ثقة". وذكره ابن حبان في " الثقات ". وفي "التقريب " أنه: " ثقة " وهو جد أبي جعفر الذي روى هذا الحديث عنه، كما تقدم. والحديث أخرجه أحمد (2/85/رقم 5569) : حدثنا محمد بن جعفر ... به ثم قال (رقم 5570) : حدثنا حجاج: حدثنا شعبة: سمعت أبا جعفر- مؤذن

الغرْيَانِ في مسجد بني هلال- عن مسلم أبي المثنى- مؤذن مسجد الجامع- ... فذكر هذا الحديث. وأخرجه الحاكم (1/195- 196) من طريق أحمد من الوجه الأول. وأخرجه الطيالسي (رقم 1923) : حدثنا شعبة قال: أخبرني أبو جعفر- وليس بالفَرَّاء- عن أبي المثنى ... به. وخالفه وهب بن جرير فقال: ثنا شعبة عن أبي جعفر الفراء ... به. أخرجه الطحاوي (1/79- 80) . وتابعه أبو النضر: ثنا شعبة عن أبي جعفر - يعني: الفراء- ... به. أخرجه البيهقي (1/413- 414) ؛ ثم قال. " رواه غندر [وهو محمد بن جعفر] وعثمان بن جَبَلَةَ عن شعبة عن أبي جعفر المدني عن مسلم بن المثنى. ورواه أبو عامر عن شعبة عن أبي جعفر مؤذن مسجد العريان قال: سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر ". فقد اختلف الرواة في أبي جعفر هذا: فأبو عامر العقدي وحجاج قالا: إنه مؤذن العريان- أو العربان-؛ وهو كوفي أو بصري كما سبق. وقال وهب بن جرير وأبو النضر: إنه أبو جعفر الفَرَاء؛ وهو غير مؤذن العريان، وهو كوفي أيضا، اختلف في اسمه. وأما الطيالسي؛ فنفى أن يكون هو. وقال غندر وعثمان بن جبلة عن شعبة: إنه أبو جعفر المدني؛ وفي الرواة بهذه

الكنية ثلاثة: أحدهم: أبو جعفر عمير بن يزيد الخطمي المدني، وقد سبق. ثانيهم: أبو جعفر القاري المدني الخزومي مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، اختلفوا في اسمه أيضا، روى عن مولاه وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم، وعنه مالك وغيره. والثالث: أبو جعفر الأنصاري المدتي المؤذن، روى عن أبي هريرة أيضا، وعنه يحيى بن أبي كثير فقط. وكل هؤلاء ثقات؛ غير هذا الأخير؛ فإنه مجهول. والراجح عندنا من ذلك: أنه مؤذن العريان؛ لاتفاق ثقتين عليه، وعدم الاختلاف فيه، ولأنهم لم يذكروا غيره في الرواة عن مسلم بن المثنى. والله أعلم. ثم إن الحديث أخرجه النسائي أيضا (1/103) ، والدارمي (1/270) ، والدارقطني (ص 88) ، والحاكم أيضا، والبيهقي من طرق أخرى عن شعبة عن أبي جعفر ... به. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"- كما في "نصب الراية" (1/262) -، وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد؛ فإن أبا جعفر هذا: عمير بن يزيد بن حبيب الخطمي، وقد روى عنه سفيان الثوري وشعبة وحماد بن سلمة وغيرهم من أثمة المسلمين "! ووافقه الذهبي! وليس لدينا ما يدل على أن أبا جعفر هذا هو الخطمي؛ بل هو مؤذن العريان كما تقدم. وقال المنذري:

29- باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

" حسن ". والنووي (3/95) : " إسناده صحيح ". وللحديث طريق أخرى مختصراً: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/329) ، والدارقطني من طريق سعيد بن المغيرة الصياد قال: ثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله ابن عمر عن نافع عن ابن عمر. فال ابن الجوزي: " وهذا إسناد صحيح: سعيد بن المغيرة؛ وثقه ابن حبان وغيره ". قلت: وممن وثقه أبو حاتم؛ كما في "التلخيص " (3/159) . وله عندهما شاهد من حديث أنس بن مالك قال: كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة؛ إلا قوله: قد قامت الصلاة. وإسناده صحيح على شرطهما؛ وقد سبقت الإشارة إليه في منتهى الكلام على الحديث الذي قبله. 29- باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر اللضعيف ") ] 30- باب رفع الصوت بالأذان 528- عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المؤذن يُغْفَرُ له مَدَى صوته، ويشهد له كل رَطْب ويابس، وشاهد الصلاة يُكْتَبُ له خمس وعشرون صلاةً، ويكَفرُ عنه ما بينهما ".

(قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1664) في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر النمَري: ثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي يحيى عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله ثقات معروفون؛ غير موسى ابن أبي عثمان وهو الكوفي؛ قال ابن أبي حاتم عن أبيه: "شيخ ". قلت: وقد روى عنه شعبة هذا الحديث، وهو لا يروي إلا عن ثقة كما ذكروا، وروى عنه الثوري أيضا وغيرهما. وشيخه أبو يحيى؛ قال المنذري في "مختصره " (رقم 484) : " لم ينسبْ فيعْرَفَ حاله "! قلت: هكذا هو في أكثر الروايات غير منسوب، وقد قال في "التهذيب ": " أبو يحيى المكي، روى عن أبي هريرة حديث: " المؤذن يغفر له مدى صوته "؛ وعنه موسى بن أبي عثمان؛ ذكره ابن حبان في "الثقات "، وزعم أفه سمعان الأسلمي. قلت: قال ابن عبد البر: أبو يحيى المكي؛ اسمه: سمعان، سمع من أبي هريرة، روى عنه بعض المدنيين في الأذان. وقال ابن القطان: لا يعرف أصلأ، وقد ذكره ابن الجارود، فلم يزد على ما أخذ من هذا الإسناد، ولم يسمه. وقال المنذري والنووي [في الأصل: الثوري! وهو تصحيف] : إنه مجهول ". ثم قال في "التهذيب ": " أبو يحيى مولى آل جعدة بن هبيرة الخزومي المدني، روى عن أبي هريرة: ما

عاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعاماً قط ... الحديث، وعنه الأعمش ". وفي "الميزان " ما " أبو يحيى عن أبي هريرة فثقة (!) وعنه موسى بن أبي عثمان، قال ابن القطان: لا يعرف ". قال: " فأما أبو يحيى مولى جعدة عن أبي هريرة؛ فثقة. وأبو يحيى اسمه: قيس عن أبي هريرة، حدث عنه بكير بن الأشج. وآخر عن أبي هريرة من شيوخ صفوان ابن سليم "! وأخشى أن يكون في هذه العبارة زيادات من الناسخ أو الطابع؛ ومن ذلك لفظة: " فثقة " الأولى؛ فإن إثباتها لا يتناسب مع سياق الكلام! والله أعلم. فقد جزم الحافظ أن راوي الحديث عن أبي هريرة: هو أبو يحيى المكي المجهول! وأنا أرى أنه ليس به؛ بل هو الآخر أبو يحيى مولى آل جعدة؛ فقد صرح بذلك يحيى بن سعيد- وهو القطان الحافظ الحجة الثقة الثبت- في روايته لهذا الحديث عن شعبة؛ فقال الإمام أحمد (2/429) : ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال: ثني موسى بن أبي عثمان قال: حدثني أبو يحيى مولى جعدة قال: سمعت أبا هريرة؛ أنه سمع من فم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره. وأبو يحيى مولى جعدة هذا: هو أبو يحيى مولى آل جعدة نفسه؛ فقد روى له الإمام أحمد الحديث المذكور في ترجمته آنفاً- نقلاً عن "التهذيب "-؛ فقال في "مسنده" (2/427 و 495) : ثنا أبو معاوية قال: ثنا الأعمش عن أبي يحيى مولى جعدة بن هبيرة عن أبي هريرة قال: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاب طعاماً ... الحديث. وقد رواه مسلم (6/134) من طرق عن أبي معاوية فقال: عن أبي يحيى مولى

آل جعدة. وإذ قد ثبت أنه هو راوي حديث الباب؛ فلا بد من الوقوف قليلاً؛ لنعرف منزلته في الرواية؟! وإنه ليسبق إلى النظر أن مقتضى كونه من رجال "صحيح مسلم ": أنه ثقة عنده على الأقل! غير أن الحديث عنده قد اختلف في إسناده على أبي معاوية؛ فقد رواه عنه جماعة كما سبق. وخالفهم أبو كريب ومحمد بن المثنى فقالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة ... فأسقطا منه أبا يحيى مولى آل جعدة، وجعلا مكانه: أبا حازم. وهذه الرواية هي الصواب؛ فقد تابع أبا معاوية عليها: جرير وزهير وسفيان: عند مسلم، وسفيان أيضا وشعبة ووكيع: عند أحمد (2/474 و 479 و 481) ؛ فقالوا كلهم: عن الأعمش عن أبي حازم. وسفيان وشعبة أثبت في الرواية عن الأعمش من أبى معاوية، كما قال ابن معين وغيره؛ فروايته الوافقة لروايتهما هي الصواب حتماً. ولذلك أنكر الدارقطني على مسلم إسناد أبي معاوية الأول، وقال: " هو معلل "، كما في "شرح مسلم " للنووي. فإذا كان الأمر كما ذكرنا؛ فلا يمكن حينئذ الاعتماد على تخريج مسلم لهذا الرجل في توثيقه، ولم تجد من نص على توثيقه من المتقدمين! نعم؛ وثقه الذهبي فيما تقدم.

ثم وجدت له سلفاً؛ وهو ابن معين؛ فانظر "الصحيحة" (190) . والحديث صحيح على كل حال. وقد أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص 76) بإسناد المصنف هذا. ثم أخرجه هو، والنسائي (1/106) ، وابن ماجه (1/246- 247) ، وأحمد (2/458) من طرق عن شعبة ... به؛ وكلهم قالوا: عن أبي يحيى ... غير منسوب. لكن أخرجه الطيالسي (رقم 2542) : حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان - قال شعبة: وكان يؤذن على أطول منارة بالكوفة- قال: حدثني أبو يحيى- وأنا أطوف معه؛ يعني: حول البيت- قال سمعت أبا هريرة ... به. وأخرجه البيهقي (1/397) من طريق الطيالسي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"؛ كما في "الترغيب " (1/107/رقم 5) . وله طرق أخرى عن أبي هريرة: عند البيهقي (1/431) ؛ لكن فيها ضعف (1) . وله شواهد: فمنها عن ابن عمر مرفوعاً ... به، دون قوله: " وشاهد الصلاة ... " إلخ. أخرجه الإمام أحمد (2/136) : ثنا أبو الجَوَّاب: ثنا عمار بن رزيق عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر. وهذا سند صحيح، كما قال المنذري، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" والبزار والبيهقي أيضا.

_ (1) وقد بينت ذلك في كتابنا " نقد التاج الجامع للأصول " (رقم 91) .

ومنها: عن البراء بن عازب مرفوعاً مثله؛ وزاد: " وله مثل أجر من صلى معه ". أخرجه النسائي، وأحمد (4/284) من طريق معاذ بن هشام قال: ثني أبي عن قتادة عن أبي إسحاق الكوفي عنه. وهذا صحيح أيضا على شرطهما، وصححه ابن السكَن- كما فى "التلخيص " (3/184) ، و " الفتح " (2/70) -. وقال المنذري: " إسناده حسن جيد". وأما بقية الحديث؛ فشواهده مشهورة؛ وانظر ما سيأتي (رقم ... ) . 529- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا نودي بالصلاة؛ آدبَرَ الشيطان وله ضُراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا فضي النداء أقبل؛ حتى إذا ثوِّب بالصلاة أدبر؛ حتى إذا فضِي التثويِب أفبل؛ حتى يَخطُر بين المرء ونفسه؛ ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا - لما لم يكن يذكر-؛ حتى يظلّ الرجل إنْ يدري كم صلى! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/89- 91) .

ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/67- 69 و 3/81) ، وأبو عوانة في "صحيحه " (1/434) ، والنسائي (1/108- 109) ، وأحمد (2/460) كلهم عن مالك ... به. ثم أخرجه البخاري (3/70) ، وكذا مسلم (2/6) من طرق أخرى عن الأعرج ... به. وله طرق أخرى عن أبي هريرة: فأخرجه البخاري (6/261- 262) ، والدارمي (1/273- 274) ، والطيالسي (رقم 2345) ، وأحمد (2/و 483 و 503- 504 و522) - من طريق أبي سلمة-، ومسلم (2/5) وأحمد (2/ما 3 و 531) والبيهقي (1/432) - من طريق أبي صالح-، ومسلم أيضا (2/6) ، وأحمد (2/313) - من طريق همام بن منبه-، ورواه البيهقي أيضا، وأحمد (2/411) - من طريق العلاء؛ وهو ابن عبد الرحمن عن أبيه-، كلهم عن أبي هريرة مطولاً ومختصراً. وأخرجه أبو عوانة أيضا من حديث أبي صالح مختصراً. *** انتهى بحمد الله وفضله المجلد الثاني من " صحيح سنن أبي داود "، ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثالث، وأوله: 31- باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".

الجزء الثالث جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية محفوظة دارغراس- الكويت وشريكهما ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية الا بموافقة خطيّة من الناشر. الطبعة الأولى 1423 هـ 2002 م الناشر مؤسسة غراس للنشر والتوزيع الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868 الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030 Website: www.Gheras.com E-mail: [email protected]

31- باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت

31- باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت 530- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الامام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم! أرشد الأئمة، واكفر للمؤذنين ". (قلت: حديث صحيح. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما". وصححه اليَعْمَرِيُّ) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن فُضَيْل: ثنا الأعمش عن رجل عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الذي لم يُسَم، لكن قد ثبت أن الأعمش سمعه من أبي صالح، كما سمعه منه غيره من الثقات، كما يأتي بيانه، فالحديث صحيح لا شبهة فيه. والحديث في "مسند أحمد" (2/232) ... بهذا السند. وأخرجه البيهقي (1/430) من طريق المصنف عنه. وأخرجه الترمذي (1/403) معلقاً فقال: " وروى أسباط بن محمد عن الأعمش قال: حُدثْتُ عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". ثم أخرجه هو (1/402) ، والشافعي في "الأم " (1/141) ، والطيالسي (رقم 2404) ، وأحمد (2/284 و 424 و 461 و 472) ، والطبراني في "معجمه الصغير" (ص 59 و 123 و 164) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/118) ، والخطيب في "تاريخه " (3/242 و 4/387 و 9/413 و 1/3061) من طرق أخرى

كثيرة عن الأعمش عن أبي صالح ... به. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"- كما في "الترغيب " (1/108) ، و"التلخيص " (3/193) -. ورواه البيهقي أيضا (1/435) ؛ وقال: " وهذا الحديث لم يسمعه الأعمش باليقين من أبي صالح؛ وإنما سمعه من رجل عن أبي صالح ... "! ثم ساق إسناده من طريق المصنف هذه. قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/29) : " فيجاب عنه بأن ابن نمير قد قال: عن الأعمش عن أبي صالح؛ ولا أراني إلا قد سمعته منه [قلت: وهو عند المصنف عقب هذه الرواية] . وقال إبراهيم بن حميد الرّؤَاسيّ: قال الأعمش: وقد سمعته من أبي صالح. وقال هشيم: عن الأعمش: حدثنا أبو صالح عن أبي هريرة. ذكر ذلك الدارقطني [يعني: في "العلل "] . فبينت هذه للطرق أن الأعمش سمعه عن غير أبي صالح، ثم سمعه منه. قال اليعمري: والكل صحيح، والحديث متصل ". قلت: ويؤيده أن الحديث رواه ثقتان آخران عن أبي صالح موصولاً: الأول: سهيل بن أبي صالح. أخرجه الشافعي في "مسنده " (ص 21) ، وأحمد (2/419) ، والخطيب (6/167) ، والبيهقي (1/430) - عن الشافعي- من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد قال الحافظ:

" قال ابن عبد الهادي: أخرج مسلم بهذا الإسناد نحواً من أربعة عشر حديثاً". ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"؛- وهو فى "زوائد ابن حبان " (363) -. وأعله البيهقي بقوله: " وهذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه؛ إنما سمعه من الأعمش "! ثم أخرج البيهقي- من طريق محمد بن جعفر-، والطبراني في "الصغير" (ص 123) - من طريق روح بن القاسم- كلاهما عن سهيل بن أبي صالح عن الأعمش عن أبي صالح ... به. قلت: وليس في هذه الرواية ما ينفي أن يكون سهيلٌ سمع الحديث من أبيه؛ فإنه ثقة كثير الرواية عن أبيه، وهو لم يعرف بالتدليس، فروايته محمولة على الاتصال- كما هو مقرر في الأصول-، ولا مانع أن يكون سمعه من الأعمش عن أبيه، وعن أبيه مباشرة؛ فكان يحدث به مرة هكذا، ومرة هكذا، كما يقع ذلك في كثير من الأسانيد. والأخر: أبو إسحاق السَّبيعي- واسمه عمرو بن عبد الله الهَمْداني-: أخرج حديثه الإمام أحمد فقال (2/377- 378 و 514) : ثنا موسى بن داود: حدثنا زهير عن أبي إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة ... به. وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ لكن زهير- وهو ابن معاوية- سمع من أبي إسحاق في حالة اختلاطه؛ لكن هو شاهد قوي للأسانيد الأخرى. وقد أخرجه الطبراني أيضا (ص 155) ؛ وقال: " تفرد به موسى بن داود ".

وقد خالفهم محمد بن أبي صالح أخو سهيل، فقال: عن أبيه أنه سمع عائشة تقول ... فذكر الحديث. أخرجه الطحاوي في "مشكل الأثار" (3/53) ، وابن حبان (362) ، وأحمد (6/65) ، والبيهقي (1/431) من طريق أبي عبد الرحمن المقري: ثنا حيوة: حدثني نافع بن سليمان أن محمد بن أبي صالح حدثه ... به. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " من رواية ابن وهب عن حيوة ... بسنده. وقال ابن خزيمة في "صحيحه "- بعد أن أخرجه من رواية الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة-: " رواه محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة. والأعمش أحفظ من مائتين مثل محمد بن أبي صالح ". قلت: ومحمد هذا؛ ليس بالمشهور؛ بل قال الذهبي: " لا يعرف ". ولذلك فالصواب قول أبي زرعة: " حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة ". 531- وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا ابن نمير عن الأعمش قال: نُبِّئْتُ عن أبي صالح- قال: ولا أراني إلا قد سمعته منه- عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح موصول، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد ذكر الأعمش أنه سمعه من أبي صالح فيما يظن، وقد جزم بسماعه منه في غير هذه الرواية، كما سبق ذكره في الرواية الأولى، فكان الإسناد موصولاً صحيحاً. والحديث أخرجه البيهقي (1/430) من طريق المصنف.

32- باب الأذان فوق المنارة

وأخرجه الإمام أحمد (2/382) : ثنا عبد الله بن نمير ... به. وقد سبق الكلام على الحديث وتخريجه في الرواية الأولى. 32- باب الأذان فوق المنارة 532- عن امرأة من بني النَّجار قالت: كان بيتي من أطول بيت حول المسجد؛ فكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بِسَحَر، فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم! إني أحمدك؛ أستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن. قالت: والله! ما علمته تركها ليلة واحدة. (قلت: إسناده حسن، كما قال الحافظ، وقال ابن دقيق العيد: " هذا الخبر حسن ") . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب: ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه- ولذلك قال النووي في "المجموع " (3/106) : " إسناده ضعيف ". فقول الحافظ في "الفتح " (2/81) : " وإسناده حسن "! غير حسن.

ولو سكت عليه كما فعل في "التلخيص "؛ (3/175) ؛ لكان أحسن. نعم؛ هو حسن لغيره، فقد وجدت له طريقاً أخرى، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.. والحديث أخرجه البيهقي (1/425) من طريق المصنف رحمه الله تعالى. قلت: ثم وجدث الحديث في "سيرة ابن هشام " (2/20) : قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ... به. فاتصل السند- والحمد لله-، فهو حسن. وأما الطريق الآخر للحديث؛ فهو ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات " (8/307) قال: أخبرنا محمد بن عمر: ثني معاذ بن محمد عن يحيى بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: أخبرني من سمع النوارَ أم زيد بن ثابت تقول: كان بيتي أطول بيت حول المسجد؛ فكان بلال يؤذن فوقه- من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجده-، فكان يؤذن- بعدُ- عدى ظهر المسجد؛ وقد رفع له شيء فوق ظهره. ومحمد بن عمر: هو الواقدي؛ ضعيف. وقال ابن دقيق في "الإمام ": " هذا الخبر حسن " (1) . وفي الباب أحاديث أوردتها في "الثمر المستطاب "؛ فلتراجع. وانظر "المجموع " أيضا.

_ (1) انظر تمام كلامه على الحديث فيما يأتي من الكلام على الحديث (رقم 542/ص 35) .

33- باب المؤذن يستدير في أذانه

33- باب المؤذن يستدير في أذانه 533- عن أبي جُحَيْفة قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة وهو في قُبَّةِ حمراء من أدَم، فخرج بلال فأذّن، فكنت أتتبّعَ فمه ههنا وههنا، قال: ثَم خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه حُلَةٌ حمراءُ بُرُودٌ يَمانِيَةٌ قِطْريٌّ (وفي رواية: قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح، فأذن، فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة) ... وساق حديثه. (قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح. وقد أخرجها مسلم في "صحيحه " تامّاً، والبخاري وأبوعوانة مختصراً. والرواية الأخرى صحيحة؛ لكن قوله فيها: (ولم يستدر) شاذ بل منكر. والحديث قال الترمذي: " حسن صحيح "، وتمام الحديث سيأتي برقم (689)) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا قيس- يعني: ابن الربيع-. (ح) وثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان جميعاً عن عون بن أبي جُحيَفة عن أبيه. وقال موسى: قال: رأيت بلالاً ... إلخ. قلت: الإسناد الأول ضعيف؛ لأن قيس بن الربيع- وإن كان ثقة- فهو سيئ الحفظ، لكن يقويه متابعة سفيان له؛ وإسناد روايته صحيح؛ غير أن قوله: ولم يستدر ... مما تفرد به قيس بن الربيع؛ فهي شاذة. وأما قول النووي في "المجموع " (3/104) : " وفي رواية أبي داود: فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر. وإسناده صحيح "!

فغير صحيح؛ بل هو من أوهامه رحمه الله تعالى! ولعله اختلطت عليه رواية سفيان الخالية من الاستدارة برواية قيس هذه. وقد جاءت الاستدارة عن سفيان في بعض الروايات الثابتة عنه؛ كما سنذكره. والحديث أخرجه البيهقي (1/395) من طريق المصنف برواية قيس بن الربيع فقط، وقال: " هكذا رواه قيس. وخالفه الحجاج بن أرطاة فقال: واستدار في أذانه ... "؛ ثم ساق إسناده بذلك، ثم قال: " ويحتمل أن يكون الحجاج أراد بالاستدارة التفاته في: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ فيكون موافقاً لسائر الرواة؛ والحجاج بن أرطاة ليس بحجة ". قلت: وهذا الجمع هو الذي يجب المصير إليه؛ فإن الاستدارة قد ثبتت في الحديث من طرق أخرى عن عون: فروى الطبراني من حديث إدريس الآوْدِي عن عون عن أبيه ... الحديث؛ وجعل يستدير. وروى أبو الشيخ الأصيهاني الحديث من جهة حماد بن سلمة وهشيم عن عون عن أبيه؛ وفيه: فجعل يستدير يميناً وشمالاً. ذكره ابن التركماني، والحافظ في "التلخيص " (3/179) .

وقد ثبت في بعض الروايات عن سفيان أيضا، كما يأتي. ثم إن الحديث أخرجه أحمد (4/308- 309) : ثنا وكيع ... به. ومن طريق أحمد: أخرجه البيهقي (1/395) . وأخرجه مسلم (2/56) من طرق أخرى عن وكيع ... به. ثم قال أحمد: ثنا عبد الرزاق: أنا سفيان ... به، ولفظه: رأيت بلالاً يؤذن ويدور، وأتتبع فاه ههنا وههنا، وإصبعاه في أذنيه، قال: ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبة له حمراء- أراها من أدم-، قال: فخرج بلال بين يديه بالعنزة، فركزها، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عبد الرزاق: وسمعته بمكة قال- بالبطحاء، يمر بين يديه الكلب والمرأة والحمار؛ وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه. قال سفيان: نراها حِبَرَةً. ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/202!، وعنه البيهقي. وأخرجه الترمذي (1/375) من طريق أخرى عن عبد الرزاق، وقال: " حديث حسن صحيح ". وروى البخاري (2/91) ، والدارمي (1/271- 272) ، من طريق محمد بن يوسف قال: ثنا سفيان ... به مختصراً؛ بلفظ: أنه رأى بلالاً يؤذن، فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان. ثم قال الحاكم: " حديث صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا.

وفيه إثبات الدوران في الأذان؛ وهو مما يدل على ضعف رواية قيس بن الربيع الذي نفى الدوران. لكن قد ذكر البيهقي أن هذه اللفظة: (ويدور) رواها عبد الرزاق إجازةً عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة ... مدرجاً في الحديث. وبيَن ذلك الحافظ في "الفتح " (2/91) ، فقال: " فأما قوله: (ويدور) فهو مدرج في رواية سفيان عن عون، بيَن ذلك يحيى ابن آدم عن سفيان عن عون عن أبيه قال: رأيت بلالاً أذَن، فأتبع فاه ههنا وههنا، والتفتَ يميناً وشمالاً. قال سفيان: كان حجاجِ- يعني: ابن أرطاة- يذكر لنا عن عون أنه قال: فاستدار في أذانه، فلما لقينا عونآ؛ لم يذكر فيه الاستدارة. أخرجه الطبراني وأبو الشيخ من طريق يحيى بن آدم. وكذا أخرجه البيهقي من طريق عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان، لكن لم يُسَمَ حجاجاً، وهو مشهور عن حجاج. أخرجه ابن ماجه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وغيرهم من طريقه. ولم يتفرد به؛ بل وافقه إدريس الأودي ومحمد العرزمي عن عون، لكن الثلاثة ضعفاء. وقد خالفهم من هو مثلهم أو أمثل، وهو قيس بن الربيع، فرواه عن عون فقال في حديثه: ولم يستدر. أخرجه أبو داود ". قلت: ثم ذكر الحافط الجمع بين الروايتين بنحو ما نقلناه عن البيهقي آنفاً، ثم قال: " وأما وضع الإصبعين في الأذنين؛ فقد رواه مُؤَفَلٌ عن سفيان. أخرجه أبو عوانة. وله شواهد ذكرتها في "تغليق التعليق "، أصحها ما رواه أبو داود واين حبان من طريق أبي سلام الدمشقي أن عبد الله الهوزني حدثه قال: قلت لبلال: كيف كانت نفقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث، وفيه: قال بلال: فجعلت أصبعي في أذني فأذنت ".

قلت: الحديث عند المصنف في "الخراج "، وسيأتي إن شاء الله تعالى (رقم ... ) ؛ لكن ليس فيه هذا المقدار؛ إلا أن المصنف قد أشار إلى أنه لم يسق الحديث بتمامه؛ فالظاهر أن هذا مما اختصره، وهو في الطبراني "الكبير" (1/56/1) ؛ لكن ظاهره أنه ليس في الأذان. ثم إن كلام الحافظ هذا يشعر أن الاستدارة تفرد بها الثلاثة الضعفاء عن عون، وعبد الرزاق عن سفيان عنه! وليس كذلك. أما الأول؛ فقد نقلنا- فيما سبق- عن الحافظ نفسه: أن حماد بن سلمة وهشيماً قد رويا الاستدارة أيضا. وأما الآخر؛ فقال ابن التركماني: " وروى أبو نعيم الحافظ في "مستخرجه "على كتاب البخاري قال: وثنا أبو أحمد: ثنا المُطَرِّزُ: ثنا بُنْدار ويعقوب قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن عون عن أسامة [كذا! والصواب عن أبيه] : رأى بلالاً يؤذن ويدور ... إلى آخره ". فهذه الطرق تبين أن الاستدارة صحيحة عن عون، وأن نفيها من قيس بن الربيع وهم منه؛ فكان شاذّاً بل منكراً. لكن المراد منها الالتفات يميناً وشمالاً، كما سبق عن البيهقي والحافظ. ورواية حماد وهشيم المتقدمة صريحة في ذلك. ثم إن الحديث أخرجه أبو عوانة أيضا في "صحيحه " (1/329) مختصراً كالبخاري؛ لكن من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان. ثم رواه أتم منه من طريق مؤمل عن سفيان؛ وفيه الزيادة التي عزاها الحافظ

34- باب في الدعاء بين الأذان والإقامة

إليه آنفاً. ورواه ابن حبان في "صحيحه " (4/52) من طريق إسحاق الأزرق عن سفيان. 34- باب في الدعاء بين الأذان والإقامة 534- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يُرَدّ ًالدعاءُ بين الأذان والإقامة ". (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". أخرجه ابن خزيمة وابن حبان (1694) في "صحيحيهما") . إسناده: ثنا محمد بن كثير: نا سفيان عن زيد العَمي عن أبي إياس عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير زيد العمي- وهو ابن الحَوَارِي-، وهو مِمَّن اختلفت فيه أقوال الأئمة؛ لكن الجمهور على تضعيفه؛ وذلك لضعف في حفظه. وقد قال ابن عدي: " عامة ما يرويه ضعيف، على أن شعبة قد روى عنه، ولعل شعبة لم يرو عن أضعف منه ". ولذلك جزم الحافظ في "التقريب " بأنه: " ضعيف "، لكن لم يتفرد بهذا الحديث كما يأتي؛ فكان صحيحاً. وأبو إياس: هو معاوية بن قرة. وسفيان: هو الثوري. والحديث أخرجه البيهقي (1/410) من طريق المصنف.

وأخرجه الترمذي (1/415- 416) و (2/279- طبع بولاق) ، وأحمد (3/119) من طرق عن سفيان ... به. وخالفهم يحيى بن اليمان عن سفيان؛ فزاد في آخره: قالوا: فماذا نقول يا رسول الله؟! قال: " سَلُوا الله العافية في الدنيا والآخرة ". أخرجه الترمذي، وقال: " حديث حسن ". قلت: كلا؛ فهو بهذه الزيادة ضعيف؛ لأنه تفرد بها ابن اليمان، وهو ضعيف الحفظ وأما الحديث بدونها فصحيح. وقد قال الترمذي أيضا: " حديث حسن صحيح. وقد رواه أبو إسحاق الهمداني عن بُرلدِ بن أبي مريم عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثل هذا "؛ يعني رواية الجماعة عن سفيان. وزاد في الكان الأخر: " وهذا أصح ". وقال المنذري في " مختصره ": " وأخرجه الترمذي والنسائي في "اليوم والليلة "، وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه النسائي من حديث يزيد [كذا بالمثناة! وهو تصحيف، والصواب: بريد، بضم الباء الموحدة] بن أبي مريم عن أنس؛ وهو أجود من حديث معاوية بن قُرة، وقد روي عن قتادة عن أنس موقوفاً ". قلت: وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/274) :

" رواه أبو داود والنسائي في " اليوم والليلة " والترمذي- وحسنه- من حديث أنس. وضعفه ابن عدي وابن القطان. ورواه في "اليوم والليلة"- بإسناد آخر جَيد- وابن حبان في "صحيحه " والحاكم- وصححه- ". قلت: وقد أخرجه ابن السُّنِّيِّ في "اليوم والليلة" (رقم 155) من طريق النسائي، وإسناده هكذا: أخبرنا أبو عبد الرحمن: أخبرنا إسماعيل بن مسعود: ثنا يزيد بن زُرَبْع: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن بُرَيْدِ بن أبي مريم ... به؛ وزاد في أخره: ً " فادعوا ". وكذا أخرجه أحمد (3/155) من طريقين عن إسرائيل. وهذا إسناد صحيح، فإن بريداً ثقة بلا خلاف. وبقية الرجال ثقات مشهورون. وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَبيعي. وقد تابعه ابنه يونس فقال: ثنا بريد بن أبي مريم ... به. أخرجه أحمد أيضا (3/225) ؛ وهو صحيح أيضا. والحديث عزاه المنذري في "الترغيب " (1/115) لابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"! وإنما أخرجاه من هذه الطريق الصحيح، كما في "التلخيص " (3/206) . وعزاه العراقي- كما سبق- للحاكم! ولم أجده عنده بهذا اللفظ؛ وإنما أخرجه بلفظ "الدعاء مستجاب ما بين النداء!.

35- باب ما يقول إذا سمع المؤذن

وسنده ضعيف جداً. وأشار إلى حديث الباب (1/198) . وله طريق رابع عند الخطيب في " تاريخه " (8/70) . 35- باب ما يقول إذا سمع المؤذن 535- عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سمعتم النداء؛ فقولوا مثل ما يقول المؤذن ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وكذا ابن حبان (1684) ، وأبو عوانة في " صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في " الموطأً" (1/86- 87) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/72) ، ومسلم (2/4) ، وأبو عوانة (1/337) والنسائي (1/109) ، ومن طريقه: ابن السني (رقم 88) ، والترمذي (1/407- 408) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/245) ، والطحاوي (1/85) ، وأحمد (3/6 و 53 و 78) ، والبيهقي (1/408) ، والخطيب (9/335) كلهم عن مالك ... به. وقد تابعه يونس بن يزيد عن الزهري: عند الدارمي (1/272) ، وأبي عوانة، والطحاوي، والطيالسي (رقم 2214) ، وأحمد (3/90) .

وابن جريج ومعمر: عند أبي عوانة. وخالفهم في إسناده: عَبَّاد بن إسحاق- أو عبد الرحمن بن إسحاق-، فقال: عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... مرفوعاً نحوه. أخرجه ابن ماجه والطحاوي. وذكره الترمذي معلقاً، وقال: " ورواية مالك أصح ". وكذا قال أحمد بن صالح وأبو حاتم وأبو داود؛ كما في "الفتح ". 536- عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا. سمعتم المؤذن؛ فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُوا علي؛ فإنه مَنْ صلى عليَ صلاة؛ صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة؛ حلَّت عليه الشفاعة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" بإسناد المصنف. ومن طريقه أبو عوانة في "صحيحه "، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمة: ثنا ابن وهب عن ابن لهيعة وحَيوَة وسعيد ابن أبي أيوب عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبَيْرٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/337) من طريق المصنف؛ إلا

أنه لم يقع في إسناده ابن لهيعة. وأخرجه مسلم (2/4) ... بهذا الإسناد، لكن لم يصرح باسم ابن لهيعة، بل قال: عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب وغيرهما. ثم أخرجه أبو عوانة من طريق أخرى عن ابن وهب عن حيوة وحده. وكذلك أخرجه النسائي (1/110) ، ومن طريقه ابن السني (ص 33 رقم 91) ، والترمذي (2/282- طبع بولاق) ، والطحاوي (1/85) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/218- 219) ، وكذا ابن حبان (3/99/1688- 1690) ، وأحمد (2/168) من طرق أخرى عن حيوة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 537- عن عبد الله بن عمرو: أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن المؤذنين يَفْضلوننا؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ كما يقولون؛ فإذا انتهيت؛ فَسَلْ تعْطَهْ ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه") . إسناده: حدثنا ابن السَّرْح ومحمد بن سلمة قالا: ثنا ابن وهب عن حَيي عن أبي عبد الرحمن- يعني: الحبلِيَّ- عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد محتمل للتحسين، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير حيي - بضم أوله ويائين من تحت، الأولى مفتوحة-، وهو ابن عبد الله بن شُريح المَعَافِرِي المصري؛ وهو مختلف فيه. فقد جاء في ترحمته من "التهذيب " ما نصه:

" قال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال البخاري: ديه نظر. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة ... وذكره ابن حبان في "الثقات " ". قلت: وقال الذهبي في "الميزان ": " قلت: ما أنصفه ابن عدي؛ فإنه ساق في ترجمته عدة أحاديث من رواية ابن لهيعة عنه، كان ينبغي أن تكون في ترجمة ابن لهيعة ". وقد ذكر الذهبي أن الترمذي حسن له، وكذا حسن له المنذري في "الترغيب " (1/211 و 214) ، والهيثمي في "المجمع " (2/254 و 10/122) ، وصحح له ابن حبان كما يأتي، والحاكم في "المستدرك " (1/321) ، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق يهم ". قلت: فهو- إن شاء الله تعالى- حسن الحديث ما لم يظهر خطؤه؛ كغيره من الثقات الذين في حفظهم ضعف غير شديد، وقد مر منهم جماعة. والحديث أخرجه البيهقي (1/410) من طريق المصنف. وقال المنذري في "مختصره ": " وأخرجه النسائي في "اليوم والليلة " ... "، وزاد في "الترغيب " (1/113) : " وابن حبان في "صحيحه " ". وليعلم أن الحديث يشهد لمعناه الحديثان المتقدمان في الباب، وحديث أنس في الباب الذي قبله، فهو صحيح.

537/ م- عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد اً عبده ورسوله، رضيت بالله ربّاً، وبمحمد رسولاً، وبالاسلام ديناً؛ غُفِرَ له ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وبه أخرجه في "صحيحه "، وكذا ابن حبان (1691) ، وأبو عوانة في "صحيحه ". وقال الحاكم: " صحيح "، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن الحُكَيْمِ بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد بن أبي وقاص. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ورجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه البيهقي (1/410) من طريق المصنف. وأخرجه بإسناده مسلم (2/5) . والنسائي (1/110) . ومن طريقه ابن السني (رقم 95) ، وأحمد (1/181) ، والترمذي (1/411- 412) ، وقال: " حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث الليث بن سعد عن حُكَيْم بن عبد الله بن قيس ". وأخرجه الحاكم (1/203) من طرق عن قتيبة ... به، وقال: " صحيح، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي! وقد وهما في الاستدراك على مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما رأيت.

ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة أيضا (1/340) ، وابن ماجه (1/245) ، والطحاوي (1/87) من طرق أخرى عن الليث ... به. وفي كلام الترمذي السابق ما يشير إلى أن الليث تفرد به! وليس كذلك؛ فقد تابعه عبيد الله بن الغيرة: عند الطحاوي، وإسناده هكذا: ثنا روح بن الفرج قال: ثنا سعيد بن كثير بن عُفَيْر قال: ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن المغيرة عن الحُكَيْمِ بن عبد الله بن قيس ... فذكر مثده بإسناده؛ وزاد أنه قال: " من قال حين يسمع المؤذن يتشهد ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات مترجم لهم في "التهذيب ". وفيه هذه الزيادة التي عَيَنَتْ مكان هذا القول، وهو بعد تشهد المؤذن، لا بعد فراغه من أذانه كما استظهره السندي؛ ففيه إشارة إلى عدم وجوب المتابعة في كل ما يقوله المؤذن؛ كما ذكرته في "الثمر المستطاب ". 538- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سمع المؤذن يتشهد قال: " وأنا وأنا ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والنووي، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (1681)) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن مهدي: ثنا علي بن مُسْهِر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن مهدي، وهو ثقة. وقال النووي في "الأذكار" (ص 49) : " إسناد صحيح ". والحديث أخرجه البيهقي (1/409) من طريق المصنف. وأخرجه الحاكم (1/204) ، والطبراني في "الأوسط" (1/291/1) من طريق سهل بن عثمان العسكري: ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة ... به. وقال الحاكم: " إسناد صحيح ". قلت: وهو على شرط مسلم؛ فإن سهلاً هذا من شيوخه، وسائر الرواة من رجالهما. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (3/96- 97/1681) ، وسقط من "الموارد": عن سهل. وله في "المسند" (6/124) طريق أخرى بلفظ آخر. وسنده صحيح على شرط مسلم. وله شاهد من حديث عبد الله بن سلام: أخرجه أحمد أيضا (5/451) ، ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير يحيى بن عبد الرحمن- وهو الثقفي-؛ قال الذهبي: " تفرد عنه سعيد بن أبي هلال ".

قلت: ومع ذلك؛ أورده ابن حبان في "الثقات" على قاعدته! وقال الحافظ في " التقريب ": "مقبول ". 539- عن عمر بن الخطاب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فإذا قال: أشهد أن محمداً رسول الله، قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم فال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله- من قلبه-، دخل الجنة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان (1683) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا محمد بن جَهْضَم: ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمَارةَ بن غَزِيَّةَ عن خُبَيْبِ بن عبد الرحمن بن إسًاف عن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه مسلم (2/4) ، وأبو عوانة (1/339) ، والبيهقي (1/408- 409) من طرق عن محمد بن جهضم ... به.

36- باب ماجاءفي الدعاء عند الأذان

ثم أخرجه أبو عوانة، والطحاوي (1/86) من طريق إسحاق بن محمد الفَرْوِيِّ قال: ثنا إسماعيل بن جعفر ... بإسناده مثله. وعزاه المنذري في كتا بيه "مختصر السنن " و "الترغيب " (1/112) للنسائي! ولم أجده عنده؛ ولم يعزه إليه النابلسي في "الذخائر" رقم (5588) ! فالظاهر أنه في "سننه الكبرى"، أو في "عمل اليوم والليلة" له! 36- باب ماجاءفي الدعاء عند الأذان 540- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قال حين يسمع الند اء: اللهم! ربَ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة! أت محمداًا لوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته؛ إلا حَلَّتْ له الشفاعة يوم القيامة " (1) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حديث صحيح حسن ". ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا علي بن عياش: ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدرعن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث في "مسند أحمد" (3/354) ... بهذا السند.

_ (1) تم الجزء الثالث من تجزثة الخطيب، ويتلوه الجزء الرابع.

وبه أخرجه البخاري في "صحيحه " (2/75- 76) وفي "أفعال للعباد". (ص 74) . وأخرجه النسائي (1/110- 111) ، وعنه ابن السني (رقم 93) ، والترمذي (1/413- 414) ، وابن ماجه (1/245) ، والطحاوي (1/87) ، والطبراني في "المعجم الصغير" (ص 140) ، والبيهقي (1/410) من طرق عن علي بن عياش ... به. وقال الترمذي: " حديث صحيح حسن غريب، لا نعلم أحداً رواه غير شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر "! وكذا قال الطبراني أنه: " لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا شعيب "! قال الحافظ: " وقد توبع ابن المنكدر عليه عن جابر: أخرجه الطبراني في "الأوسط من طريق أبي الزبير عن جابر نحوه ". قلت: والظاهر أنه يعني ما أخرجه أحمد (3/337) ، وابن السني (رقم 94) وغيرهما من طريق الحسن بن موسى: ثنا ابن لهيعة: ثنا أبو الزبير عن جابر مرفوعاً؛ بلفظ: " من قال حين ينادي النادي: اللهم! ربَّ هذه الدعوة التامة وللصلاة القائمة! صَل على محمد، وارْضَ عنه رضاً لا تسخط بعده؛ استجاب الله دعوته ". وهذا السياق مخالف لحديث الباب! والظاهر أن ذلك من ابن لهيعة؛ فقد كان سيئ الحفظ. فحديثه هذا يصلح شاهداً ومتابعة في الجملة.

(تنبيهات) : الأول: زاد البيهقي من طريق محمد بن عوف عن علي بن عياش زيادتين: الأولى: " اللهم! إني أساكك بحق هذه الدعوة "، والأخرى في آخره: " إنك لا تخلف الميعاد "! وهاتان زيادتان شاذتان عندي؛ لأنهما لم تردا في سائر الطرق عن علي بن عياش، ولا في الطريق الأخرى عن جابر، اللهم إلا الزيادة الأخرى؛ فإنها مما ثبت للكشميهني في "صحيح البخاري "- كما في "المقاصد الحسنة" للسخاوي-، ولكنها شاذة أيضا؛ لأنها لم تثبت في غير رواية الكشميهني لـ "الصحيح "! وكأنه لذلك لم يعرج عليها الحافظ في "شرحه ". ويؤيد ذلك: أنها لم ترد في الكتاب الآخر البخاري ألا وهو "أفعال العباد"؛ مع أن إسناده فيهما واحدا الثاني: قال الحافظ في "التلخيص " (3/203) - وتبعه السخاوي في "المقاصد"-: " وليس في شيء من طرق الحديث ذكر الدرجة الرقيعة ". قلت: قد وقعت في رواية ابن السني لحديث الباب؛ لكن الظاهر أنها مدرجة من قبل بعض النساخ؛ فقد علمت مما سبق في تخريج الحديث أنه عنده من طريق النسائي؛ وليست هي في "سننه "! وقد وقعت أيضا في كتاب "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ معزواً البخاري! وهو وهم فاحش- من قبل بعض النساخ حتماً-. ومن الغريب: أن السيد رشيد رضا رحمه الله تعالى مر عليها دون أي تنبيه! والمعصوم من عصمه الله وحده! الثالث: رواية المصنف والبخاري والجمهور: " مقاماً محموداً " بالتنكير.

37- باب ما يقول عند أذان المغرب

وأما النسائي والبيهقي فقالا: " المقام المحمود " بالتعريف؛ وهي رواية الطحاوي أيضا، والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، كما في "الفتح ". والصحيح رواية البخاري ومن معه؛ لوجوه كثيرة؛ أوردها المحقق ابن القيم في " بداخ الفوائد" (4/105) ؛ فراجعها. 37- باب ما يقول عند أذان المغرب [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 38- باب أخذ الأجر على التأذين 541- عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت (وفي رواية: أن عثمان ابن أبي العاص قال) : يا رسول الله! اجعلني إمام قَوْمِي. قال: " أنت إمامهم، واقْتَدِ بأضعفهم، واتَّخِذْ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " نحوه بتمامه، ومسلم: الفصل الأول منه، والترمذي: الفصل الأخير، وقال: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أنا سعيد الجُريري عن أبي العلاء عن مُطَرف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت ... وقال موسى في موضع آخر: إن ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجأله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.

وقد تابعه حماد بن زيد، كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/9؟ ا) ، والطحاوي (2/270) ، والحاكم (1/199 و 201) ، وعنه البيهقي (1/429) ، وأحمد (4/21 و 217) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. ثم أخرجه أحمد من طريق عفان قال: ثنا حماد بن زيد: أنا سعيد الجريري ... به. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. وللحديث طريق أخرى: أخرجها أبو عوانة في "صحيحه " (2/86- 87) من طريق عمرو بن عثمان بن مَوْهَبٍ عن موسى بن طلحة عن عثمان بن أبي العاص قال: قال النبي عَبيصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمَّ قومَكَ، وصلِّ بهم صلاة أضعفهم. .. " الحديث، وزاد في رواية: " واتخذ مؤذناً ... " إلخ. وإسنادها صحيح. وهو في " مسلم " (2/43- 44) بدونها. وقد أخرجها وحدها: الترمذيّ (1/409- 410) ، وابن ماجه (1/244) ، والحميدي في " مسنده " (906) ، وابن حزم (3/145) من طريق أشعث بن عبد الملك الحُمْرَاني عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

39- باب في الأذان قبل دخول الوقت

وله شاهد: يرويه الوليد بن مسلم عن سعيد القطيعي عن المغيرة بن شعبة قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجعلتي إمام قومي، فقال ... فذكره نحوه. أحرجه الطبراني في "الكبير" (20/434- 435) . ورجاله ثقات؛ غير سعيد هذا، ويمكن أن يكون الذي في "الجرح " (2/1/56/245) : " سعيد بن قطن القطعي.. شيخ "! فإن كان هو؛ فهو- في ظني- منقطع بينه وبين المغيرة، أو بينه وبين الوليد! 39- باب في الأذان قبل دخول الوقت 542- عن ابن عمر: أن بلالاً أذَّن قبل طلوع الفجر؛ فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يرجع فينادي: ألا إن العبد نام، ألا إن العبد نام (زاد في رواية: فرجع فنادى: ألا إن العبد نام) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد قواه ابن التركماني والحافظ ابن حجر العسقلاني) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب- المعنى- قالا: ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر. قال أبو داود: " وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة "!

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أُعل بما لا يقدح، كما يأتي. والحديث أخرجه الطحاوي (1/83) ، والبيهقي (1/383) من طرق أخرى عن موسى بن إسماعيل ... به. ثم أخرجاه من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وأخرجه الدارقطني أيضا (ص 90) . وقد علمت أن الحديث صحيح الإسناد. لكن أعلَّه الأئمة بعلتين: الأولى: تفرد حماد به. والأخرى: مخالفة الحديث للحديث الصحيح الوارد من طرق؛ منها: عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفط: " إن بلالأ يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ". أخرجه مسلم (3/129) وغيره! أما العلة الأولى: فقد أعله بها المصنف كما سبق؛ وقال عقب حديث نافع الآخر الآتي بعد هذا: " وهذا أصح من ذاك "؛ يعني من حديث حماد هذا! وقال ابن أبي حاتم في "العلل " (1/114/رقم 308) عن أبيه: " ولا أعلم روى هذا الحديث عن أيوب ... إلا حماد بن سلمة، وشيئاً حدثنا عمر بن علي الإسْفَذْنِيُ قال: حدثنا ابن أبي محذورة عن عبد العزيز بن أبي رود عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: والصحيح عن نافع عن ابن عمر: أن

عمر أمر مسروحاً: أذِّن قبل الفجر، وأمره أن يرجع. وفي بعض الأحاديث: أن بلالاً أذن قبل الفجر "! وأما العلة الأخرى: فقد أعلَّه بها أبو حاتم؛ فقال- وهو تمام كلامه السابق-: " فلو صح هذا الحديث؛ لدفعه حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والقاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إنَّ بلالأ يؤذن بليل، وكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم "؛ فقد جوَّز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الأذانْ قبل الفجر، مع أن حديث حماد بن سلمة خطأ. قيل له: فحديث ابن أبي محذورة؟ قال: ابن أبي محذورة شيخ "! وقال الترمذي- بعد أن علق الحديث (1/394) -: " هذا حديث غير محفوظ. والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن بلالاً يؤذن بليل ... " ... " الحديث. قال: " ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث " قال: " ولو كان حديث حماد صحيحاً؛ لم يكن لهذا الحديث معنى؛ إذ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن بلالاً يؤذن بليل "؛ فإنما أمرهم فيما يستقبل، ولو أنه أمره بإعادة الأذان حين أذن قبل طلوع الفجر؛ لم يقل: " إن بلالاً يؤذن بليل ". قال علي بن المديني: حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. هو غير محفوظ؛ وأخطأ فيه حماد بن سلمة "! أقول: وهاتان العلتان غير قادحتين عندنا في صحة الحديث؛ وإليك البيان: أما الأولى: فذلك لأن حماد بن سلمة لم يتفرد بالحديث؛ بل تابعه عن أيوب: سعيد بن زَرْبِيَ، كما قال الدارقطني والبيهقي، وهو وإن قالا فيه: إنه ضعيف؛ فقد رواه معمر بن راشد عن أيوب قال:

أدْن بلال مرة بليل ... فذكره مرسلاً. أخرجه الدارقطني (ص 91) . ثم إنه لم يتفرد به أيوب عن نافع؛ بل قد تابعه ابن أبي رواد؛ كما سبق في كلام أبي حاتم. وقد أخرجه البيهقي (1/383) من طريق أخرى عن إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة عن ابن أبي رواد. وهذ اإسناد- على انفراده- قوي حسن؛ فإن إبراهيم هذا؛ ذكره ابن حبان في "الثقات "، وصحح له الترمذي حديثاً في الأذان، وقد ذكرناه فيما مضى (رقم 518) . وابن أبي رواد، وهو ثقة. ولا يلتفت إلى طعن ابن حبان فيه؛ فإنه بدون بينة؛ كما قال الذهبي. ولذا قال الحافظ في "التقريب ": " صدوق عابد ربما وهم ". وقال ابن التركماني- بعد أن وثق إبراهيم المذكور-: " وباقي السند صحيح أيضا ". ثم إن إبراهيم لم يتفرد به؛ فقد أخرجه الدارقطني (91) من طريق عامر بن مُدْرَكٍ: ثنا عبد العزيز بن أبي رواد ... به. وقال: " وهم فيه عامر بن مدرك، والصواب ما تقدم عن شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن مؤذن عمر عن عمر ... قوله "! قلت: يعني: الأثر الآتي عقب الحديث! وزعْمُهُ أن عامراً وهم فيه؛ يرده متابعة ابن أبي محذورة له؛ ويظهر أنه لم يقف عليها. ثم إن عامراً قد ذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال: " ربما أخطأ ".

وأخرج له في "صحيحه "، والحاكم في " المستدرك "، كما قال ابن التركماني. ثم إن للحديث شواهد: فمنها: ما أخرجه الدارقطني من طريق أبي يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس: أن بلالاً أذن قبل الفجر، فأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان يصعد فينادي ... الحديث. وقال: " تفرد به أبو يوسف عن سعيد. وغيره يرسله عن سعيد. عن قتادة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم رواه من طريق عبد الوهاب عن سعيد ... به مرسلأ. قال ابن التركماني: " قلت: أبو يوسف؛ قد وثقه البيهقي وابن حبان، وقد زاد الرفع، فوجب قبول زيادته "! كذا قال: الرفع! وهو سبق قلم، والصواب " الوصل "، كما يدل عليه السياق. ثم هب أن الصواب أنه مرسل؛ فهو مرسل قوي الإسناد- كالأتي بعده- يصلح شاهدالحديث الباب، كما لا يخفى. ومنها: ما أخرجه الدارقطني- من طريق يونس بن عبيد-، والبيهقي (1/384 - 385) - من طريق سليمان بن المغيرة- كلاهما عن حميد بن هلال قال: أذن بلال بليل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارجع ... " الحديث. قال البيهقي: " هكذا رواه جماعة عن حميد مرسلاً ". قال الزيلعي (1/284) : " قال في "الإمام ": لكنه مرسل جيد، ليس في رجاله مطعون فيه ". وبالجملة؛ فالحديث لا شك في صحته بعد هذه المتابعات والشواهد؛ وهي ترد

دعوى وهم حماد بن سلمة فيه؛ مهما كان شأن قائلها. وذلك من الأدلة على أنه ليس من السهل رد رواية الثقة لمجرد مخالفته لرواية غيره من الثقات؛ لأنه قد تكون الخالفة مخالفة تعدد لا تعارض، كما هو الحال في هذا الحديث، على ما سنبينه في كلامنا الآتي؛ وهو: وأما الجواب عن العلة الأخرى: فهو أنه لا تعارض ولا مخالفة بين حديث الباب والحديث الآخر: " إن بلالاً يؤذن بليل ... " إلخ؛ إلا على افتراض أن بلالاً بقي طيلة حياته يؤذن بليل قبل انشقاق الفجر، ودون إثبات ذلك خَرْط القَتَادِ! بل قد ثبت حلافه، وهو أن بلالاً رضي الله تعالى عنه كان يؤذن برْهة من الزمن عند طلوع الفجر؛ وذلك في عهد النبي عليه الصلاة والسلام. والدليل على ما ذهبنا إليه أحاديث. الأول: الحديث المتقدم في الكتاب (رقم 532) ؛ وفيه أن بلالاً كان ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى ثم يؤذن. والكلام على إسناده سبق تحقيقه هناك فراجعه. قال الزيلعي (1/287) - بعد أن ساق الحديث-: " قال عبد الحق: والصحيح أن بلالاً كان يؤذن بليل. وقال ابن القطان: وهذا أيضا صحيح على أصله؛ فإن ابن إسحاق عنده ثقة، ولم يعرض له المصنف إلا من جهة معارضة غيره له. قال الشيخِ في "الإمام ": والتعارض بينهما لا يتحقق إلا بتقدير أن يكون قوله: " إن بلالآ يؤذن بليل " في سائر العام؛ وليس كذلك؛ إنما كان ذلك في رمضان. والذي يقال في هذا الخبر: إنه حسن. انتهى ". الثاني: عن أبي ذر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال: " أنت يا بلال تؤذن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء؛ فليس ذلك بالصبح؛ إنما الصبح هكذا معترضاً "؛ ثم دعا بسحوره فتسخَر.

أخرجه أحمد (5/172) ، والطحاوي (1/84) . وفي رواية لأحمد: ثم أذن بلال للصلاة، فقال: " أفعلت؟! ". قال: نعم. قال: " يا بلال! إنك لتؤذن إذا كان ... " الحديث. وهو حسن أو صحيح، كما سيأتي تحقيقه بعد، فانظر الحديث (رقم 545/م) . الثالث: عن ابن عمر قال: تسحر رسول الله ذات ليلة؛ وعنده قوم، فجاء علقمة ابن عُلآثة العامري، فدعا له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأس، فجاء بلال ليؤذن بالصلاة، فقالى: " رويدك يا بلال! يَتَسَحرْ علقمة ". قال في "المجمع " (3/153) : " رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه قيس بن الربيع؛ وثقه شعبة وسفيان الثوري، وفيه كلام ". قلت: ومن طريقه: أخرجه الطيالسي في "مسنده " (ص 258 رقم لمه 18) ، وإسناده هكذا: حدثنا قيس عن زهير بن أبي ثابت الأعمى عن تميم بن عياض عن ابن عمر. وزهير هذا؛ قال الذهبي في "الميزان ": "ثقة". وأما تميم بن عياض؛ فلم أعرفه. الرابع: عن أنس بن مالك مرفوعاً:

" لا يمنعنكم أذان بلال من السحور؛ فإن في بصره شيئاً ". أخرجه الطحاوي (1/84) ، وأحمد (3/140) من طريق محمد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن التركماني (1/385) : " سنده جيد ". الخامس: عن سمرة بن جندب مرفوعاً: " لا يغرئكم نداء بلال؛ فإن في بصره سوءاً ". أخرجه أحمد (5/9) : ثنا عفان: ثنا همام: حدثني سوادة قال: سمعت سمرة بن جندب. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " (3/130) من طريق سوادة هذا- وهو ابن حنظلة-؛ دون قوله: " فإن ... " إلخ. وقد ذكره الزيلعي (1/284) بتمامه، وذكر أنه رواه أبو داود والنسائي والترمذي وأحمد! وعزوه لغير أحمد وهم أو تساهل؛ فإنه عندهم كرواية مسلم؛ وسيأتي في الكتاب إن شاء الله تعالى (رقم 2031) . السادس: عن شيبان: أنه غدا إلى السجد.. فرأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتغدَّى؛ قال:

" هَلُمَ إلى الغداء ". فقال: يا رسول الله! إني أريد الصيام! قال: " وأنا أريد الصيام؛ إن مؤذننا في بصره سوء؛ أذن قبل الفجر ". أخرجه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط "؛ وفيه قيس بن الربيع أيضا. والظاهر أن هذا المؤذن هو بلال؛ المصزح به في الأحاديث المتقدمة. السابع: عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن ابن أم مكتوم يؤذن بلمل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال "؛ وكان بلال لا يؤذن حتى يرى الفجر. أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "- كما في "نصب الراية" (1/289) -. وللحديث طريقان: الأول: أخرجه النسائي (1/105) من طريق خُبَيْبِ بن عبد الرحمن عن عمته أُنَيْسَةَ. والطريق الثاني: أخرجه أحمد (6/185) : ثنا إسماعيل بن عمر قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد قال: قلت لعائشة أم المؤمنين: أيَّ ساعة توترين؟ لعله قالت: ما أوتر حتى يؤذنون، وما يؤذنون حتى يطلع الفجر. قالت: وكان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذنان: بلال وعمرو ابن أم مكتوم؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أذن عمرو فكُلُوا واشربوا؛ فإنه رجل ضرير البصر، وإذا أذن بلال فارفعوا أيديكم؛ فإن بلالاً لا يؤذن- كذا قال- حتى يصبح ". وهذا رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه منقطع بين يونس بن أبي إسحاق والأسود بن يزيد؛ فإن بين وفاتيهما (84) سنة. ولعل يونس رواه عن أبيه عن

الأسود؛ فسقط ذكر الأب من الناسخ أو الطابع (*) ! ومما يؤيد هذا الاحتمال: أن أبا إسحاق معروف بالرواية عن الأسود بن يزيد. والله أعلم. ثم رأيت للحديث طريقاً ثالثاً: أخرجه البيهقي (1/382) من طريق يعقوب ابن محمد بن عيسى المدني: ثنا عبد العزيز بن محمد: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ... مرفوعاً به نحوه؛ وزاد: قالت عائشة: وكان بلال يبصر الفجر. قال هشام: وكانت عائشة تقول: غلط ابن عمر! وقال البيهقي: " كذا روي بإسناده. وحديث عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة أصح ". قلت: وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات، رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن يعقوب ابن محمد بن عيسى المدتي قدتكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وحديث عبيد الله بن عمر الذي أشار إليه البيهقي ورجحه على هذا؛ قد أخرجه هو (1/382 و 429) ، ومسلم (13/29) من طرق عن عبيد الله ... به؛ بلفظ حديثه عن نافع عن ابن عمر، وقد تقدم في صدر هذا البحث. ورواية الجماعة عنه أصح كما قال البيهقي؛ لكن رواية حفص قوية أيضا؛ لأنه قد شهد لها الطريقان الآخران للحديث، ويشهد له أيضا الحديث الآتي، وهو: الثامن: عن أنيسة بنت خبيب قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

_ (*) كذا قال الشيخ رحمه الله، والذي يبدو- والله أعلم- أن (يونس عن أبي إسحاق) في السند تحرف إلى (يونس بن أبي إسحاق) في بعض الطبعات ومنها طبعة الشيخ، فإنها على الصواب في بعض الطبعات الأخرى، وبذا يكون السند متصلاً.

(إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا ". قالت: وإن كانت المرأة ليبقى عليها من سحورها؛ فتقول لبلال: أمْهِلْ حتى أفرغ من سحوري. أخرجه أحمد (6/433) : ثنا هشيم: ثنا منصور- يعني: ابن زاذان- عن خبيب بن عبد الرحمن عنها. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الطحاوي (1/83) ، وكذا النسائي (1/105) ، والطبراني. وقد تابعه شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن ... به. أخرجه البيهقي (1/382) بإسناد صحيح عنه. لكن اختلف فيه أيضا على شعبة؛ كما بينته في "الثمر المستطاب". لكن الأصح عندي: هذه الرواية؛ لمتابعة منصور له عليها ولا اختلاف فيها. وقد أخرجه ابن حبان (رقم 887) ، وابن خزيمة وابن المنذر من طرق عن شعبة ... به، كما في "الفتح " (2/81) ، وقال: " وادعى ابن عبد البر وجماعة من الأئمهَ بأنه مقلوب، وأن الصواب حديث الباب [قلت: يعني: حديث ابن عمر من طريق عبد الله بن دينار عنه] . وقد كنت أميل إلى ذلك، إلى أن رأيت الحديث في "صحيح ابن خزيمة" من طريقين آخرين؛ وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه، وهو قوله: " إذا أذن عمرو؛ فإنه ضرير البصر؛ فلا يغرئكم، وإذا أذن بلال فلا يطعَمَنَّ أحد ". وأخرجه أحمد. وجاء عن عائشة أيضا: أنها كانت تنكر حديث ابن عمر، وتقول: إنه غلط. أخرج ذلك البيهقي من طريق الدراوردي عن هشام عن أبيه عنها ... فذكر

الحديث؛ وزاد: قالت عائشة: وكان بلال يبصر الفجر. قال: وكانت عائشة تقول: غلط ابن عمر ". انتهى. وقد جمع ابن خزيمة والضبعي بين الحديثين بما حاصله: أنه يحتمل أن يكون الأذان كان نوَباً بين بلال وابن أم مكتوم، فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّم الناس أن الأذان الأول منهما لا يحرِّم على الصائم شيئاً، ولا يدل على دخول وقت الصلاة؛ بخلاف الثاني. وجزم بذلك ابن حبان؛ ولم يبْدهِ احتمالاً. وأنكر ذلك عليه الضياء وغيره. وقيل: لم يكن نوباً؛ وإنما كانت لهمَا حالتان مختلفتان؛ فإن بلالاً كان في أول ما شرع الأذان يؤذن وحده، ولا يؤذن للصبح حتى يظلع الفجر. وعلى ذلك تحمل رواية عروة عن امرأة من بتي النجار قالت: كان بلال يجلس على بيتي وهو أعلى بيت في المدينة؛ فإذا رأى الفجر تمطَّى ثم أذن. أخرجه أبو داود، وإسناده حسن. ورواية حميد عن أنس: أن سائلاً سأل عن وفت الصلاة؟ فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلالاً، فأذن حين طلع الفجر ... الحديث. أخرجه النسائي، وإسناده صحيح (1) . ثم أردف بابن أم مكتوم، وكان يؤذن

_ (1) الحديث في "سننه الصغرى" (1/94) بإسناد صحيح كما قال الحافظ؛ لكن ليس فيه أن المأً مور هو بلال! فلعل ذلك في "سننه الكبرى"! وقد أخرجه البيهقي (1/377-388) ، وأحمد (3/113) . ومعناه في "صحيح مسلم " ولا أبي عوانة" من حديث أبي موسى وبريدة؛ وقد مضيا في الكتاب (رقم 422و 424) .

بليل، واستمر بلال على حالته الأولى. وعلى ذلك تنزل رواية أنيسة وغيرها. ثم في آخر الأمر؛ أخر ابن أم مكتوم لضعفه، ووكل به من يراعي له الفجر، واستمر أذان بلال بليل، وكان سبب ذلك ما روي أنه ربما كان أخطأ الفجر، فأذن قبل طلوعه وأنه أخطأ مرة، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرجع فيقول: ألا إن العبد لْام، يعني: أن غلبة النوم على عينيه منعته من تبيّن الفجر. وهو حديث أخرجه أبو داود وغيره من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موصولاً مرفوعاً، ورجاله ثقات حفاظ؛ لكن اتفق أئمة الحديث - علي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري والذّهْلِيّ وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والأثرم والدارقطني- على أن حماداً أخطأ في رفعه، وأن الصواب وقفه على عمر ابن الخطاب، وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه، وأن حماداً تفرد برفعه. ومع ذلك؛ فقد وجد له متابع. أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن زَرْبِيّ- وهو بفتح الزاي، وسكون الراء، بعدها موحدة، ثم ياء كياء النسب-؛ فرواه عن أيوب موصولاً؛ لكن سعيد ضعيف. ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أيضا؛ لكن أعضله فلم يذكر نافعاً ولا ابن عمر. وله طريق أخرى عن نافع: عند الدارقطني وغيره، اختلف في رفعها ووقفها أيضا. وأخرى مرسلة من طريق يونس بن عبيد وغيره عن حميد بن هلال. وأخرى من طريق سعيد عن قتادة مرسلاً. ووصلها يونممى عن سعيد بذكر أنس. وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً قؤةً ظاهرةً. فلهذا- والله أعلم- استقر أن بلالاً يؤذن الأذان الأول.

فتبين مما تقدم أن حديث الباب حديث صحيح، وأن ما أعلّوه به- من التفرُد والمخالفة- غير صحيح؛ فلا يغتر بذلك أحد؛ فإن المعصوم من عصمه الله الواحد الأحد! 543- عن نافع عن مؤذنٍ لعمر- يقال له: مسروح-: أذن قبل الصبح، فأمره عمر ... فذكر نحوه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أيوب بن منصور: ثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد: نا نافع. وهذا إسناد رجاله موثقون؛ غير مسروح؛ ففيه جهالة، كما قال الذهبي في " الميزان ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الحافط: "مقبول ". وقد خولف ابن أبي رؤَاد في إسناده، فقال عبيد الله بن عمر: عن نافع عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن ... الحديث نحوه، كما يأتي عقب هذا. وقال المصنف: إنه أصح. وذلك لأن عبيد الله بن عمر أحفظ من ابن أبي رواد، وهذا موصول. ولذلك صححه أبو حاتم، كما سبق في الحديث الذي قبله. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 90) ، والبيهقي (1/384) من طريق المصنف.

544- قال أبو داود: " وقد رواه حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع أو غيره: أن مؤذناً لعمر- يقال له: مسروح- ... ". (قلت: وهذا منقطع بين نافع وعمر، لكنه صح موصولاً بذكر ابن عمر بينهما؛ وهو الذي بعده) . إسناده: لم أجد من وصله! وعلقه الترمذي أيضا، فقال (1/394- 395) : " وروى عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع: أن مؤذناً لعمر أذن بليل، فأمره عمر أن يعيد الأذان. وهذا لا يصح؛ لأنه عن نافع عن عمر منقطع "! قلت: ورواية ابن أبي رواد؛ قد وصلها المصنف كما سبق، وهي ليست منقطعة؛ بل هي موصولة بذكر مسروح بين نافع وعمر، وإنما علتها جهالة مسروح هذا، كما نقلناه عن الذهبي هناك. 545- قال أبو داود: " ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن- يقال له: مسعود ... وذكر نحوه. وهذا أصح من ذاك ". (قلت: لم أجد من وصله- كالذي قبله-؛ وقد صححه أبو حاتم) . إسناده: لم أجد من وصله! وفي هذه الرواية زيادة (ابن عمر) بين نافع وعمر، فعادت بذلك موصولة، وزالت بذلك شبهة الانقطاع أو الجهالة. ولذلك صححه أبو حاتم، كما تقدم ذكره قريباً. واعلم أن هذه القصة لا تردّ قصة بلال المذكورة في الباب، ولا تدل على ضعفها، كما توهم بعضهم! بل كلا القصتين صحيح. ومما يدل على ذلك: أن ابن أبي رواد- الذي هو من رواة هذه- قد روى القصة الأخرى أيضا عن نافع عن ابن

عمر؛ كما سبق ذكره عند الكلام على حديث بلال؛ فتنبه لهذا؛ فإنه يفيدك- إن شاء الله تعالى- قناعة زائدة على ما تقدم في صحة حديث بلال. 545/م- عن بلال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا "؛ ومدَّ يديه عرضاً. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا وكيع: ثنا جعفر بن بُرْقان عن شداد مولى عياض بن عامر عن بلال. قال أبو داود: " وشداد مولى عياض لم يدرك بلالاً ". قلت: وكذا قال الهيثمي (3/152) ؛ فهو إسناد منقطع. وبذلك أعله البيهقي في "المعرفة". وقال ابن القطان: " وشداد أيضا مجهول، لا يعرف بغير رواية جعفر بن برقان عنه ". نقله الزيلعي (1/284) . وقال الذهبي في ترجمة شداد: " لا يعرف ". وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات " على قاعدته! وقال الحافظ: " مقبول يرسل ". وبقية رجال الإسناد ثقات رجال مسلم. لكن الحديث عندي حديث حسن؛ لأن له شاهداً من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال:

40- باب الأذان للأعمى

" أنت يا بلال! تؤذن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء؛ فليس ذلك بالصبح؛ إنما الصبح هكذا معترضاً ... " الحديث؛ وقد ذكرناه بتمامه فيما مضى من الكلام على حديث ابن عمر في الباب (رقم 542) . أخرجه أحمد (5/172) ، والطحاوي (1/84) من طريق ابن لهيعة عن سالم ابن غَيْلان عن سليمان بن أبي عثمان عن عدي بن حاتم الحمصي عنه. وله طريق أخرى عن ابن أبي عثمان؛ فقال أحمد (5/171) : ثنا يحيى بن غَيْلان: ثنا رشدين- يعني: ابن سعد-: حدثني عمرو بن الحارث. قال: وحدئني رشدين عن سالم بن غيلان التُجِيبي حدثه أن سليمان بن أبي عثمان حدثه ... به وسليمان بن أبي عثمان؛ قال أبو حاتم: " مجهول "؛ كما في " التعجيل " و " الميزان ". وقد يشهد له أيضا حديث سَمُرَةَ: " لا يمنعن من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق الذي هكذا؛ حتى يستطير". أخرجه مسلم وغيره، وسيأتي في "الصيام " (رقم 2031) . 40- باب الأذان للأعمى 546- عن عائشة: أن ابن أم مكتوم كان مؤذناً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو اعمى. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه " بإسناد

المصنف. وعنه رواه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن سلمة: ثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر، وسعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وسعيد بن عبد الرحمن هذا: هو ابن عبد الله بن جميل بن عامر الجمَحِيُّ أبو عبد الله المدني قاضي بغداد، وهو ثقة، وفيه ضعف يسير من قبل حفظه. على أن حديثه هذا مقرون برواية يحيى بن عبد الله بن سالم؛ وهو تقة من رجال مسلم أيضا؛ ولم يتفردا به. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (1/335) عن المصنف. وكذلك أخرجه البيهقي (1/427) . وأخرجه مسلم (2/3) بإسناد المصنف. ثم أخرجه- من طريق محمد بن جعفر-، وأبو عوانة- من طريق الدراوردي- كلاهما عن هشام ... به. وللحديث طريق أخرى عنها: أخرجه مسلم (3/129) ، والدارمي (1/270) ، والبيهقي (1/382) من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة. وعن نافع عن ابن عمر قالا: كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن بلالاً يؤذن بليل ... " الحديث. وله طريق ثالث بلفظ: كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة مؤذنين: بلال وأبو محذورة وابن أم مكتوم.

41- باب الخروح من المسجد بعد الأذان

أخرجه البيهقي (1/429) من طريق أبي إسحاق عن الأسود عنها. وإسناده صحيح. وقال البيهقي: " قال أبو بكر بن إسحاق: والخبران صحيحان- يعني: هذا وما تقدم-، فمن قال: كان له مؤذنان؛ أراد اللذين كانا يؤذنان بالمدينة. ومن قال: ثلاثة؛ أراد أبا محذورة الذي كان يؤذن بمكة ". 41- باب الخروح من المسجد بعد الأذان 547- عن أبي الشعثاء قال: كنا مع أبي هريرة في المسجد؛ فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر؛ فقال أبو هريرة: أمَّا هذا؛ فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان (2059) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أنا سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء. وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وفي إبراهيم بن المهاجر كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، وقد مر الكلام فيه عند الكلام على إسناد الحديث رقم (331) ، ثم إنه لم يتفرد به- كما سنبينه-؛ فكان حديثه هذا صحيحاً. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/8) ، والترمذي (1/398) ، وأحمد (2/471) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم (2/124- 125) ، والدارمي (1/274) ، وابن ماجه (1/248) ، وأحمد أيضا (2/410- 416) من طرق أخرى عن ابن المهاجر ... به وقد تابعه أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه: أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/111) ، وأحمد (2/506) من طرق عنه ... به. ورواه شريك عن أشعث بزيادة: ثم قال: أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كنتم في المسجد، فنودي بالصلاة؛ فلا يخرج أحدكم حتى يصلي ". أخرجه الطيالسي (رقم 2588) ، وأحمد (2/537) . وقال المنذري في " الترغيب " (1/115) : " وإسناده صحيح "! وقال الهيثمي (2/5) : " ورجاله رجال (الصحيح) "! كذا قالا! وذلك غير صحيح؛ لأن شريكاً قد تفرد بهذه الزيادة، وهو سيئ الحفظ، ولم يحتجَّ به مسلم؛ وإنما أخرج له متابعة؛ كما صرح به الذهبي في "الميزان ". وتابعه أيضا أبو صخرة جامع بن شداد عن أبي الشعثاء: أخرجه أبو عوانة والنسائي. وقد وجدت له طريقاً أخرى عن أبي هريرة؛ فقال الطبراني في "معجمه

42- باب في المؤذن ينتظر الإمام

الصغير" (ص 168) : ثنا محمد بن الديني- فُسْتُقَةُ- البغدادي: ثنا سُرَيْجُ بن يونس: ثنا أبو حفص الآبَّارُ عن محمد بن جُحَادة عن أبي صالح عنه. وقال: " لم يروه عن محمد بن جُحَادة إلا أبو حفص الآبَّار ". قلت: وهو ثقة حافظ؛ واسمه عمر بن عبد الرحمن. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير فستقة هذا، وهو لقبه، وهو محمد بن علي بن الفضل أبو العباس، وهو ثقة مات سنة (289) ، كما في "تاريخ بغداد" (3/61) . فهذا إسناد صحيح أيضا. 42- باب في المؤذن ينتظر الإمام 548- عن جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذن، ثم يُمْهِلُ، فإذا رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد خرج؛ أقام الصلاة. (قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه"، ورواه أبو عوانة في "صحيحه " أيضا. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا شَبَابَةُ عن إسرائيل عن سِمَاك عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وفي سماك كلام لا يضر إن شاء الله تعالى.

43- باب في التثويب

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/" 3- 31) من طريق المصنف. وأخرجه الترمذي (1/391) ، وأحمد (5/86 و 87 و 91 و 105) من طريق إسرائيل: أخبرني سماك بن حرب سمع جابر بن سمرة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم (02/12) ، وأبو عوانة أيضا (2/31) ، والبيهقي (1/385) و (2/19) ، وأحمد أيضا (5/91) من طريق زهير بن معاوية عن سماك ... به نحوه. 43- باب في التثويب 549- عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر؛ فثوّب رجل في الظهر أو العصر، قال: اخرج بنا؛ فإن هذه بدعة. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أنا سفيان: ثنا أبو يحيى القَتاتُ عن مجاهد. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي يحيى القتات؛ وهو ضعيف؛ ضعفه أحمد وابن معين- في رواية- والنسائي. وقال ابن معين- في رواية-: "ثقة". وفصَّل أحمد رحمه الله، فقال- في رواية الأثرم عنه-:

44- باب في الصلاة تقام ولم يأت الامام؛ ينتظرونه قعودا

" روى إسرائيل عن أبي يحيى القتات أحاديث مناكير جداً كثيرة. وأما حديث سفيان عنه فمُقَارَب ". قلت: وهذه الرواية- على أنها ليست حديثاً مرفوعاً- من رواية سفيان عنه، كما ترى؛ فهي حسنة الإسناد إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه البيهقي (1/424) من طريق المصنف. ورواه الترمذي (1/381) معلقاً، فقال: " وروي عن مجاهد قال: دخلت مع عبد الله بن عمر مسجداً وقد أذن فيه، ونحن نريد أن نصلي فيه، فثوب المؤذن، فخرج عبد الله بن عمر من السجد، وقال: اخرج بنا من عند هذا المبتدع، ولم يُصَلِّ فيه ". 44- باب في الصلاة تقام ولم يأت الامام؛ ينتظرونه قعوداً 550- عن أبي قتادة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أقيمت الصلاة؛ فلا تقوموا حتى تروني ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا أبان عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. قال أبو داود: " هكذا رواه أيوب وحجاج الصواف عن يحيى. وهشام الدستوائي قال: كتب إليَّ يحيى ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ويحيى: هو ابن أبي كثير،

وقد صرُّح بسماعه للحديث من عبد الله كما سنبينه. ومراد المصنف بهذا القول: أن أيوب وحجاجاً وافقا أبان في روايته الحديث عن يحيى بصيغة: (عن) . وأما هشام فقال في روايته: " كتب إلي يحيى "؛ يعني: بهذا الحديث. وقد وصله من طريق هشام: الدارمي (1/289) ، وأحمد (5/309 و 310) ، والبخاري أيضا (2/94) . ووصله من طريق حجَّاج الصوَّاف: مسلم (2/101) ، وأبو عوانة (2/27) ، والنسائي (1/127- 128) - وقرن به هشاماً-، وأحمد (5/496 و 3؟ 3 و 304) . ووصله من طريق أيوب: أبو عوانة وحده. وأخرجه من طريق أبان: أحمد أيضا (305 و 357) . وأخرجه الشيخان، وأبو عوانة، والترمذي (2/487) ، والنسائي (1/111) ، والدارمي، وأحمد (308) من طرق أخرى عن يحيى ... به؛ وصرح الدارمي في روايته بسماع يحيى من عبد الله بن أبي قتادة. وإسنادها صحيح على شرطهما. وقد ثبت ذلك أيضا عند أبي نعيم في "الستخرج " من وجه آخر عن هشام، كما في "الفتح "؛ قال: " فأُمِنَ بذلك تدليس يحيى ". والحديث أخرجه البيهقي أيضا (2/20- 21) . وفي بعض الروايات المتقدمة زيادات في متن الحديث، وقد علَّق المصنف

رحمه الله إحداها؛ وهي: 551- (زاد في رواية: " حتى تروني وعليكم السكيثة ") . (قلت: هي صحيحة. وقد وصلها البخاري وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: علقها المصنف فقال: " ورواه معاوية بن سلام وعلي بن المبارك عن يحيى وقالا فيه: " حتى تروني وعليكم السكينة " ... ". قلت: وقد وصله من طريق علي بن المبارك: البخاري (2/313) ، وأبو عوانة (2/28) ، وأحمد (5/310) - وقرن به شيبان-. وروايته- عند البخاري (2/95- 96) أيضا، وكذا أبي عوانة-: منفصلة. ووصله الإسماعيلي من طريق الوليد بن مسلم عن معاوية بن سلام وشيبان جميعاً عن يحيى؛ كما في "الفتح " (2/96) . 552- (وفي رواية اُخرى: " حتى تروني قد خرجت ") . (قلت: إسنادها صحيح على شرطهما. وأخرجها مسلم وابن حبان (4420) ، وأبو عوانة في "صحاحهم " وصححها الترمذي) إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أنا عيسى عن معمر عن يحيى ... بإسناده مثله؛ قال: " حتى تروني قد خرجت ". قال أبو داود: " لم يذكر: " قد خرجت " إلا معمر. ورواه ابن عيينة عن معمر، لم يقل فيه: " قد خرجت " ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما أيضا؛ وإبراهيم بن موسى: هو ابن

يزيد التميمي أبو إسحاق الرازي المعروف بالصغير. وشيخه عيسى: هو ابن يونس. ومعمر: هو ابن راشد؛ وهم ثقات من رجال الشيخين، وكذلك من فوقهم، كما تقدم ذكره عند الكلام على الرواية الأولى. والحديث أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/111) ، والترمذي (2/487) - وقال: " حسن صحيح "-، والبيهقي من طرق عن معمر ... به. وأما إعلال المصنف لهذه الزيادة بأن أحداً من رواة الحديث عن يحيى لم يذكرها غير معمر! فليس بشيء؛ فإنما تكلم على قدر ما بلغه من الرواية؛ وإلا فقد تابعه عليها غيره من الثقات. ولذلك قال البيهقي عقبها: " وكذلك رواه الوليد بن مسلم عن شيبان عن يحيى: " حتى تروني قد خرجت ". وكذلك قاله الحجاج الصواف عن يحيى من رواية محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد عنه. ورواه سفيان بن عيينة عن معمر، وأبو نعيم عن شيبان وعبيد الله بن سعيد عن يحيى القطان عن الحجاج دون قوله: " قد خرجت " ... ". قلت: ورواية شيبان بهذه الزيادة: هي عند مسلم مقروناً برواية معمر؛ وصرح بأنها في روايتيهما. فهي زيادة صحيحة ثابتة؛ لأنها من ثقتين عن يحيى. ولا يضر ذلك أن ابن عيينة رواه عن معمر، دون قوله: " قد خرجت "؛ فقد رواه جماعة- كما سبقت الإشارة إليه- عن معمر بإثباتها؛ فهي مقدمة على روايته. هذا لو تفرد به معمر؛ فكيف وقد توبع؟!

553- عن أبي هريرة: أن الصلاة كانت تقام لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وهو عند البخاري بمعناه، وقد مضى في الكتاب (رقم 233)) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد قال: قال أبو عمرو. (ح) وثنا داود ابن رشيد: ثنا الوليد- وهذا لفظه- عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح؛ وهو على شرطهما من طريق شيخه الثاني فيه: داود بن رشيد. والوليد: هو ابن مسلم الدمشقي وهو ثقة يدلس تدليس التسوية، لكنه قد صرح بسماعه من الأوزاعي، وبسماع هذا من الزهري في روايته في هذا الحديث؛ كما أنه قد توبع عليه؛ على ما سنذكره. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/29- 30) ؛ وقال: " أظنه لم يروه إلا الوليد "! ويعتي بهذا اللفظ؛ فقد رواه غيره عن الأوزاعي بمعناه. وأخرجه مسلم (2/101) ، وأبو عوانة أيضا من طرق أخرى عن الوليد ... به. ثم أخرجه مسلم من طريق زهير بن حرب: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا أبو عمرو- يعني: الأوزاعي-: حدثنا الزهري ... به نحوه.

وكذلك أخرجه البخاري (2/97) ، وأبو عوانة (2/28) من طرق أخرى عن الأوزاعي ... بمعناه. وقد رواه المصنف من طريق أخرى عن الأوزاعي، وقد مضى (رقم 233) ، ورواه من طرق كثيرة عن الزهري، قد تكلمنا عليها وخرجناها هناك؛ فأغنى عن الإعادة هنا. 554- عن حمَيْد قال: سألت ثابتاً البناني عن الرجل يتكلم بعدما تقام الصلاة؟ فحدثني عن أنس بن مالك قال: أقيمت الصلاة، فعرض لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل، فحبسه بعد ما أقيمت الصلاة. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه") . إسناده: حدثنا حسين بن معاذ: ثنا عبد الأعلى عن حميد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الحسين ابن معاذ، وهو ثقة بلا خلاف، وقد توبع كما يأتي. وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي- بالمهملة-. والحديث أخرجه البخاري (2/98) : حدثنا عَياش بن الوليد قال: ثنا عبد الأعلى ... به. وللحديث طريقان آخران عن أنس؛ مضى أحدهما في "الطهارة" (رقم 198) ، ويأتي الأخر عقب هذا.

45- باب التشديد في ترك الجماعة

555- عن أنس قال: أقيمت الصلاة؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجي في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه البخأري (2/98) ، ومسلم (2/195) من طريقين آخرين عن عبد الوارث ... به. ثم أخرجه البخاري (11/71) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/30) ، والنسائي (1/128) ، والبيهقي (2/22) ، وأحمد (3/101) من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به نحوه. 45- باب التشديد في ترك الجماعة 556- عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما من ثلاثة- في قرية ولا بَدْو- لا تقام فيهم الصلاة؛ إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئبُ من الغنم القاصيةَ ". قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة ".

(قلت: إسناده حسن، وقال النووي: " إسناده صحيح كه، وقال الحاكم: " صدوق رواته "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2098) في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة. ثنا السائب بن حُبَيْش عن مَعْدان ابن أبي طلحة اليَعْمَرِي عن أبي الدرداء. وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير السائب بن حبيش، وهو الكَلاعي الحمصي، وقد وثقه العجلي وابن حبان. وقال الدارقطني: " صالح الحديث من أهل الشام، لا أعلم حدث عنه غير زائدة ". قلت: وقال الحاكم بعد أن أخرج الحديث: " وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات ". ووافقه الذهبي. وهذه فائدة لا تجدها في كتب الرجال؛ فينبغي أن تقيد. هذا وقد ذكر في "التهذيب " راوياً آخر عنه؛ وهو حفص بن عمر بن رواحة الحلبي،. والحديث أخرجه النسائي (1/135) ، والحاكم (1/211) ، وأحمد (5/196 و6/446) من طرق عن زائدة بن قدامة ... به. وقال الحاكم: " حديث صدوق رواته، متفق على الاحتجاج بهم؛ إلا السائب بن حبيش؛ وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات "، ووافقه الذهبي. ثم أخرجه الحاكم في موضع آخر (1/246) ، وقال: " حديث صحيح "، ووافقه الذهبي أيضا.

وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2098) في "صحيحيهما"؛ كما في " الترغيب " (1/156) . وقال النووي في " المجموع " (4/183) : " إسناده صحيح ". وأما في "الرياض "؛ فقال- كما قلنا نحن-: " إسناده حسن ". وللحديث طريق أخرى: عند أحمد (6/445) . وفيه حاتم بن أبي نصر؛ وهو مجهول. 557- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد هممت أن آمُرَ بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم انطلق معي برجال- معهم حُزَمٌ من حَطَب- إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأُحَرِّق عليهم بيوتهم بالنار ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مسلم (2/123) ، وابن ماجه (1/265) ... بإسناد المصنف. وأخرجه أبو عوانة (2/5) عن شيخ آخر عن أبي معاوية.

ثم أخرجه هو، ومسلم، والبخاري (2/111- 112) من طرق أخرى عن الأعمش ... به نحوه. وللحديث- في "الصحاح الثلاثة: البخاري ومسلم وأبا عوانة "، والنسائي (1/135) ، والترمذي، والدارمي (1/292) ، و " المسند " (2/244 و 292 و 314 و376) - طرق أخرى عن أبي هريرة؛ ومنها ما يأتي في الكتاب عقب هذا. وله فما "مسند الطيالسي " (رقم 1717) شاهد من حديث جابر رضي الله تعالى عنه. 558- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد هممت أن آمر فِتْيَتِي، فيجمعوا حزماً من حطب، ثم أنيَ قوماً يصلُون في بيوتهم- ليست بهم علة-، فأحرقها عليهم ". قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عوف! الجمعةَ عَنَى أو غيرها؟ قال: صُمتَا أُذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يَأْثِرُهُ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ذكر جمعة ولا غيرها. (قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: " ليست بهم علة "؛ وإن كانت صحيحة المعنى، والصحيح: " يسمعون النداء ". وأخرجه مسلم مختصراً. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا النفَيْلِي: ثنا أبو المَلِيح: حدثني يزيد بن يزيد: حدثني يزيد ابن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير يزيد بن يزيد؛ وهو يزيد بن يزيد بن

جابر، شيخ من أهل الزَقَةِ: كذا رواه الطبراني في "المعجم الأوسط": عن أحمد بن عبد الرحمن بن عفان عن أبي جعفر النفيلي عن أبي المليح قال: حدثنا ... فذكره؛ كما في "تهذيب التهذيب "؛ وهو غير يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي؛ فإن هذا ثقة مشهور. والمترجم- كما في " التقريب "- مجهول؛ وقال: " قيل: هو الذي قبله- يعني: الأزدي-. وقيل: آخر من أهل الرقة مجهول ". قلت: لكنه لم يتفرد بالحديث؛ بل قد تابعه عليه غيرما واحد؛ فكان حديثه هذا صحيحاً، كما يأتي بيانه. والحديث أخرجه البيهقي (3/56) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد من طريق أخرى عن ابن الأصم، فقال: (2/539) : ثنا كثير: ثنا جعفر: ثنا يزيد بن الأصم ... به نحوه؛ وقال: " يسمعون النداء ثم لا يأتون الصلاة ". فسئل يزيد: أفي الجمعة هذا أم في غيرها؟ قال: ما سمعت أبا هريرة يذكر جمعة ولا غيرها؛ إلا هكذا. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وكثير: هو ابن هشام أبو سهل الرقيُ. وجعفر: هو ابن برقان. وقد أخرجه البيهقي (3/55- 56) من طريق أبي نعيم: ثنا جعفر بن برقان ... به. دون سؤال يزيد.

وكذلك أخرجه مسلم (2/123) ، والترمذي (2/422- 423) ، وأحمد (2/472) من طريق وكيع عن جعفر ... به؛ وليس عندهم: " يسمعون النداء ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". قلت: فقد اختلف جعفر بن برقان في جملة من الحديث مع يزيد بن يزيد؛ فقال هذا: " ليست بهم علة ". وقال جعفر في رواية أحمد الصحيحة والبيهقي: " يسمعون النداء ". وهذا هو الصحيح؛ لما علمت من جهالة يزيد، وإن كانت روايته- من حيث المعنى- صحيحة. وإنما كلامنا من حيث الإسناد والمبنى. ثم إن الروايتين اتفقتا على أن أبا هريرة لم يذكر في الحديث نوع الصلاة التي هدَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتخلفين عنها بالحرق. فذلك مما يدل على شذوذ ما رواه البيهقي من طريق عبد الرزاق: ثنا معمر عن جعفر بن برقان ... به؛ إلا أنه قال: " لا يشهدون الجمعة "! وقال البيهقي عقبها: " كذا قال: " الجمعة ". وكذلك روي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود. والذي يدل عليه سائر الروايات: أنه عبربـ " الجمعة " عن الجماعة، والله أعلم ". وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: التعبيربـ " الجمعة " وإرادة الجماعة بعيد؛ وفيه تلبيس على

المخاطبين. والوجه أن يقال: لا منافاة بين رواية: " لا يشهدون الجمعة "، ورواية: " لا يشهدون الصلاة "؛ فيعْمَل بالروايتين، ويتوجه الذم إلى من ترك الجمعة، وإلى من ترك الجماعة! قلت: هذا الجمع إنما يصح أن يقال في حق حديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود- الذي أشار إليه البيهقي، وهو في "صحيح مسلم " وغيره، ويأتي-، ولكنه لا يصح أن يقال في الجمع بين روايتي حديث أبي هريرة؛ لأن في بعض طرقه- في "الصحاح الثلاثة " و "مسند أحمد" (2/292) -: " إنها صلاة النساء "! ولذلك رجح الحافظ في "الفتح " أنها لا تختص بصلاة الجمعة. والله أعلم. 559- عن عبد الله بن مسعود قال: حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيثُ يُنادى بهن؛ فإنهن من سنن الهدى، وإن الله عز وجل شرع لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنن الهدى، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق بيِّن النفاق، ولقد رأيتُنا وإن الرجل ليُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته، ولو صلَّيتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم؛ تركتم سنة نبيكم، ولوتركتم سنة نبيكم لكفرتم. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"؛ إلا أنهما قالا: لضللتم؛ بدل: لكفرتم) . إسناده: حدثنا هارون بن عَبَّاد الأزدي: ثنا وكيع عن المسعودي عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ هارون بن عباد الأزدي لم يذكروا توثيقه عن أحد؛ وقد روى عنه محمد بن وضاح القرطبي أيضا؛ فهو مجهول الحال. والمسعودي ضعيف؛ لاختلاطه كما قد سبق. لكن قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: " سماع وكيع من المسعودي قديم، وأبو نعيم أيضا ". فهذا من صحيح حديثه؛ لأنه من يواية وكيع عنه كما ترى؛ لولا أن الراوي عن وكيع مجهول. لكن قد توبع عليه كما يأتي؛ فالحديث صحيح على كل حال. والحديث أخرجه النسائي (1/136) - من طريق عبد الله بن المبارك-، وأحمد (1/455) - من طريق أبي قَطَن (واسمه عمرو بن الهيثم) - كلاهما عن المسعودي ... به. وأخرجه الطيالسي في "مسنده " (رقم 313) : حدثنا المسعودي ... به. وقد تابعه أخوه أبو العميس- واسمه عتبة بن عبد الله المسعودي- عن علي ابن الأقمر ... به. أخرجه مسلم (2/124) ، وأبو عوانة (2/7) ، والبيهقي (3/58- 59) ، وأحمد (1/414-415) . وتابع علياً عن أبي الأحوص: إبراهيم بن مسلم الهَجَرِي: عند ابن ماجه (1/261) ، وأحمد (1/382) . وكل هؤلاء قالوا: لضللتم؛ بدل: لكفرتم.

فقد تفرد بها المؤلف. 560- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر- قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض-؛ لم ئقْبَل منه الصلاة التي صلَّى ". (قلت: حديث صحيح؛ لكن بلفظ: " من سمع النداء، فلم يأته؛ فلا صلاة له إلا من عذر ". وقال النووي: " حديث صحيح "، وقال الحاكم: " هو صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه (2061) . وصححه أيضا عبد الحق في "أحكامه"، وأبو محمد بن حزم في " المحلى") . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا جرير عن أبي جناب عن مَغْراءَ العبدي عن عدي ابن ثابت عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي جناب - واسمه: يحيى بن أبي حية الكلبي-، وقد اتفقت كلمات الأئمة على تضعيفه، وهم على طائفتين: منهم من أطلق فيه الضعف، ومنهم من ضعفه بسبب تدليسه. وقال الحافظ: " ضعفوه؛ لكثرة تدليسه ". وشيخه مغراء العبدي- وكنيته أبو الخارق الكوفي-؛ قال الذهبي: "تكلم فيه ". وذكره ابن حبان في "الثقات".

وقد روى عنه جماعة من الثقات. ونقل أبو العرب التميمي وابن خُلْفون عن العِجْلي أنه قال: " لا بأس به ". وقال ابن القطان: " لم أره في كتاب الكوفي "؛ يعني: العجلي. قال: " ولا يعرف فيه تجريح "، وأنكر على عبد الحق طعنه في حديثه. كذا في "تهذيب التهذيب ". وفي " التقريب ": " مقبول ". والله أعلم. وقال المنذري في "مختصره " (رقم 519) : " في إسناده أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي؛ وهو ضعيف". وزاد الحافظ في "التلخيص " (4/304) : ".. ومدلس؛ وقد عنعن "، وقال النووي (4/191) : " إسناده ضعيف ". والحديث أخرجه البيهقي (3/75) من طريق المصنف ومحمد بن داود بن دينار: ثنا أبورجاء قتيبة بن سعيد ... به. وأخرجه الدارقطني (161) من طريق المصنف أيضا. والحاكم (1/245- 246) من طريق أخرى عن قتيبة، ومن طريق سليمان بن قرم عن أبي جناب ... به. - لكن الحديث له طريق أخرى صحيحة عن عدي بن ثابت: أخرجه ابن ماجه (1/265) ، والدارقطني، والحاكم، وابن حبان في "صحيحه " (2061) - عن

عبد الحميد بن بيان-، والحاكم أيضا- عن عمرو بن عون-، والبيهقي (3/174) - من طريق أحمد: ثنا أبو معمر- ثلاثتهم قالوا: ثنا هُشَيْمُ بن يَشِير: ثنا شعبة ثنا عدي بن ثابت: ثنا سعيد بن جبير ... مرفوعاً باللفظ الذي أوردناه آنفاً (ص 66) وقال الحاكم: " هو صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وقال الحافظ في "بلوغ المرام " (2/27) : " وإسناده على شرط مسلم؛ لكن رجح بعضهم وقفه "! قلت: يأتي الجواب عن هذا الترجيح. ثم إن هشيماً لم يتفرد به؛ بل تابعه قُرَادٌ - واسمه: عبد الرحمن بن غزوان-: عند الدارقطني والحاكم. وسعيد بن عامر وأبو سليمان داود بن الحكم: عند الحاكم؛ وقال: " هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وهشيم وقراد أبو نوح ثقتان؛ فإذا وصلاه؛ فالقول فيه قولهما ". وقال الحافظ في "التلخيص ": " وإسناده صحيح؛ لكن قال الحاكم: وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة "! قلت: لكن الحاكم قد أجاب عن ذلك، وهو جواب صالْب، مبني على القاعدة المسلمة المشهورة: أن زيادة الثقة مقبولة! فكان الأولى بالحافظ أن ينقل تمام كلام الحاكم على سبيل الحكاية، إذا كان لا يريد أن يتبناه كله! هذا؛ ومن الغرائب قول الدارقطني: " رفعه هشيم وقراد- شيخ من البصريين مجهول- "!

ولعله خفي عليه أن قراد إنما هو لقبه وأن اسمه ما ذكرنا آنفاً، وهو ثقة كما قال الحاكم؛ بل الدارقطني نفسه وثقه في "الجرح والتعديل "، كما نقله في "التهذيب "؛ وهو من رجال البخاري. ومتابعه سعيد بن عامر ثقة أيضا؛ وهو الضُّبَعي، من رجال "الصحيحين ". ولشعبة فيه شيخ آخر: أخرجه قاسم بن أصبغ في كتابه فقال: ثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي: ثنا سليمان بن حرب: ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير ... به مرفوعاً. قال ابن التركماني: " ذكره عبد الحق في "أحكامه "؛ وقال: حسبك بهذا الإسناد صحة ". قلت: ورواه ابن حزم في "المحلى" (4/190) من طريق قاسم بن أصبغ، ثم صححه (ص 191) . وأخرجه الخطيب في "تاريخه " (6/285) ، والبيهقي (3/174) من طرق أخر عن إسماعيل بن إسحاق ... به. وقال الخطيب: " قال لنا أبو بكر البرقاني: تفرد به إسماعيل بن إسحاق عن سليمان بن حرب ". قلت: وهما ثقتان إمامان حافظان؛ فلا يضر تفردهما بالحديث بهذا الإسناد. ولذلك صححه ابن حزم وابن عبد الحق. وقد خلط الأستاذ الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المحلى" بين إسناد شعبة هذا: عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير، وبين إسناده المتقدم: عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير، فجعلهما إسناداً واحداً من روايته عن عدي عن سعيد! وهو وهم، تبعته عليه في كتابي "نقد التاج "؛ فليصحح.

كما أن صاحب "التاج " خلط أيضا بين إسناد المصنف للحديث وبين إسناد ابن ماجه فيه، فجعلها إسناداً واحداً؛ حيث قال (1/268) : " رواه أبو داود، وابن ماجه؛ قال: بسند ضعيف "! وهذا خلط فاحش؛ حيث أدّى إلى تضعيف الإسناد الصحيح. وله مثل هذا كثير في الكتاب المذكور ذلك؛ مما حملنا على نقده، وقد فرغنا من الجزء الأول فيه منذ أمد، ولما يَتَسَنَّ لنا الاستمرار في نقده بلى نهايته! ومن الله تعالى التوفيق، ومنه نرجو العصمة من الخطأً والزلل. هذا؛ وللحديث شواهد: منها: ما أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي حَصِين عن أبي برْدة بن أبي موسى عن أبيه مرفوعاً بلفظ: " من سمع النداء فارغاً صحيحاً، فلم يجب؛ فلا صلاة له ". وهو على شرط البخاري؛ لولا أن أبا بكر بن عياش سيئ الحفظ. لكنه قد توبع؛ فقال الحافظ: " ورواه البزار من طريق قيس بن الربيع عن أبي حَصِين أيضا ". قلت: فهو صحيح أيضا مرفوعاً؛ وإن صح موقوفاً. ومن شواهده: ما روى في "الحلية" (9/250) ... بإسناده عن ابن عمر مرفوعاً: " من سمع الفلاح، فلم يجبه؛ فلا هو معنا، ولا هو وحده ". وقال: "غريب ".

قلت: وفيه من لم أعرفه! 561- عن ابن أم مكتوم: أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله! إني رجل ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني؛ فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء؟ ". قال: نعم. قال: " لا أجد لك رخصة ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال النووي: " إسناده صحيح أو حسن ". ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبي رَزِين عن ابن أم مكتوم. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه روى لعاصم مقروناً بغيره؛ وهو حسن الحديث كما سبق. وأبو رزين: اسمه مسعود بن مالك الآسَدي الكوفي، وقد أنكر ابن القطان سماعه من ابن أم مكتوم؛ كما في "التهذيب ". لكن قد ذكر أيضا أن أبا رزين هذا كان غلاماً على عهد عمر، وأن ابن أم مكتوم مات في آخر خلافة عمر. ومعنى هذا أن أبا رزين قد أدرك ابن أم مكتوم وهو غلام يعقل؛ فروايته عنه محمولة على الاتصال عند الجمهور؛ فإنكار ابن القطان لسماعه منه؛ لا ندري ما وجهه؟! فإن ثبت فالإسناد منقطع.

لكن الحديث صحيح على كل حال؛ لما له من الطرق والشواهد، كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/265) - عن زائدة-، وأحمد (3/423) - عن شيبان- كلاهما عن عاصم ... به. وقال النووي في "المجموع " (4/191) - بعد أن عزاه للمصنف: " إسناده صحيح أو حسن ". وأخرجه أيضا الطبراني في "الصغير" (ص 150) ، والحاكم (1/246- 247 و3/635) ، والبيهقي (3/58) من طرق عن عاصم. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه "، كما في "الترغيب " (1/157) . وللحديث طريقان آخران: الأول: أخرجه الدارقطني (ص 146) ، وأحمد (3/423) من طريقين عن حُصَيْنِ بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن ابن أم مكتوم ... به؛ إلا أنه قال: " أتسمع الإقامة؟ " بدل: " النداء ". وهذا إسناد صحيح على شرطهما. وقال المنذري: " إسناده جيد ". وأخرجه الحاكم من طريق ثالثة عنه؛ وصححه، ووافقه الذهبي. وأما الطريق الأخرى؛ فتأتي في الكتاب عقب هذا. وله شاهد من حديث أبي هريرة في "صحيح مسلم " (2/124) ، و "أبي عوانة " (2/6) .

وشواهد أخرى؛ تراجع في "مجمع الزوائد" (2/42- 43) . 562- وعنه قال يا رسول الله! إن المدينة كثيرة الهوامِّ والسباع؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تسمع: حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ فحيّ هلاً ". (قلت: إسناده صحيح، وقال النويي: " إسناده حسن ") . إسناده: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي: نا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم. قال أبو داود: " وكذا رواه القاسم الجَرْمِيّ عن سفيان، ليس في حديثه: "حي هلاً" ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هارون بن زيد بن أبي الزرقاء وأبيه؛ وهما ثقتان بلا خلاف. والحديث أخرجه البيهقي (3/58) من طريق المصنف. وبإسناده: أخرجه النسائي (1/136- 137) . وأخرجه الحاكم (1/246- 247) من طريق علي بن سهل الرملي: ثنا زيد بن أبي الزرقاء ... به؛ إلا أنه سقط من روايته: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فصارت عنده هكذا: عن عبد الرحمن بن عابس عن ابن أم مكتوم! ولذلك قال: " حديث صحيح الإسناد؛ إن كان ابن عابس سمع من ابن أم مكتوم "! قلت: لكن الحديث موصول برواية ابن زيد بن أبي الزرقاء؛ حيث ذكر بينهما: عبد الرحمن بن أبي ليلى.

46- باب في فضل صلاة الجماعة

وقد تابعه على ذلث غيره عن غير أبيه: فأخرجه النسائي قال: وأخبرني عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: ثنا قاسم بن يزيد قال: ثنا سفيان ... به. وهذا إسناد صحيح أيضا كالأول؛ والقاسم هذا: هو الجرمي الذي علقه المصنف عنه. هذا؛ وقد ذكر المنذري في "مختصره " (رقم 521) أن النسائي قال: " وقد اختلف على ابن أبي ليلى في هذا الحديث: فرواه بععضهم عنه مرسلاً "! وليس هذا القول في "سننه الصغرى"! فلعله في "الكبرى" له، أو في غيرها من كتبه. وللحديث طريقان آخران: أحدهما الذي قبله، وقد ذكِرَ الأخر عند الكلام عليه؛ فراجعه إن شئت. 46- باب في فضل صلاة الجماعة 563- عن أُبَيَ بن كعب قال: صلَّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً الصبح، فقال: " أشاهدٌ فلانٌ؟ ". قالوا: لا. قال: " أشاهدٌ فلانٌ؟ ". قالوا: لا. قال: " إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما؛ لأتيتموهما ولو حَبْواً على الرً كَبِ، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته؛ لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل ".

(قلت: حديث حسن، وصححه علي بن المديني وابن السكن والعقيلي والحاكم. وأخرجه ابن خزيمة، وابن حبان (2054) في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: نا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بَصِير عن أُبيّ بن كعب. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عبد الله بن أبي بصير؛ قال في "التهذيب ": " لا يعرف له راوِ غير أبي إسحاق. ذكره ابن حبان في "الثقات " ... ". وقال فيه العجلي: " كوفي تابعي ثقة ". وقال الذهبي في "الميزان ": " لا يعرف إلا من رواية أبي إسحاق عنه ". وقد اختلف فيه على أبي إسحاق على أربعة أوجه؛ كما يأتي بيانه. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 554) : ثنا شعبة ... به. وكذلك أخرجه الدارمي (1/291) ، والحاكم (1/247) ، والبيهقي (3/67- 68) ، وأحمد (5/140) من طرق عن شعبة ... به. وقال الحاكم: " هكذا رواه الطبقه الأولى من أصحاب شعبة- يزيد بن زربع ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر وأقرانهم-. وهكذا رواه سفيان بن سعيد عن أبي إسحاق ". قلت: ورواية سفيان هذه: أخرجها هو، وأحمد عنه عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أُبيّ بن كعب ... نحو حديث شعبة. ثم قال:

" وهكذا رواه زهير بن معاوية وَرَقَبَهُ بن مَصْقَلَةَ ومطرفٌ وإبراهيم بن طهمان وغيرهم ". قلت: وقد أخرجه البيهقي (3/61) - عن إبراهيم بن طهمان-، وأحمد (5/141) - عن الحجاج بن أرطاة- كلاهما عن أبي إسحاق ... به. فهذا وجه من أوجه الاختلاف على أبي إسحاق. والوجه الثاني: أخرجه الحاكم (1/248) ، وعنه البيهقي (3/68) من طريق عبد الله بن المبارك عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي بصير عن أُبيّ بن كعب ... به؛ فجعل (أبا بصير) مكان (ابنه عبد الله) . قال الحاكم: " وهكذا قال إسرائيل بن يونس وأبو حمزة السُّكَّرِيُّ وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وجرير بن حازم؛ كلهم قالوا: عن أبي إسحاق عن أبي بصير عن أبي ". ورواية جرير بن حازم: أخرجها أحمد (5/141) مثل رواية ابن المبارك عن شعبة عنه. ورواية المسعودي: أخرجها البيهقي (3/102) . والوجه الثالث: أخرجه النسائي (1/135) ، وأحمد، والحاكم (1/249) ، والبيهقي (2/68) من طريق خالد بن الحارث: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه- قال أبو إسحاق: وقد سمعته منه ومن أبيه- قال: سمعت أبيّ بن كعب يقول: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح يوماً ... فذكر الحديث. وتابعه معاذ بن معاذ العنبري ويحيى بن سعيد عن شعبة: عند الحاكم والبيهقي.

ورواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه عن أُبي. أخرجه الدارمي والبيهقي وأحمد. قال البيهقي: " وكذلك رواه خالد بن ميمون وجماعة عن أبي إسحاق ". ورواية خالد: أخرجها الدارمي. وكذلك رواه الأعمش عن أبي إسحاق ... به. أخرجه أحمد، وابن ماجه (1/265) عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه؛ بلفظ: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاة الرجل وحده أربعاً وعشرين- أو خمساً وعشرين- درجة "! وقوله: " أربعاً وعشرين "! منكر؛ لم أره إلا في هذه الرواية. والوجه الرابع: أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن العَيْزارِ بن حُرَيْثٍ عن أبي بصير قال: قال أبيّ ... الحديث. قال الحاكم: " فقد اختلفوا في الحديث على أبي إسحاق من أربعة أوجه؛ والرواية فيها عن أبي بصير وابنه عبد الله؛ كلها صحيحة، والدليل عليه رواية خالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ العنبري ويحيى بن سعيد عن شعبة ". ثم قال: " وقد حكم أئمة الحديث- يحيى بن معين وعلي بن المديني ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهم- لهذا الحديث بالصحة ... ".

ثم ذكر النقول عنهم في ذلك؛ وليست صريحة في تصحيحهم الحديث! وإنما صححوا رواية أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه، وروايته عن أبي بصير مباشرة، ولا يلزم منه صحة الحديث، كما لا يخفى! اللهم إلا ما نقله عن ابن المديني؛ ففيه التصريح بذلك؛ حيث قال: " وما أرى الحديث إلا صحيحاً ". قلت: وترجيح هؤلاء الأئمة للوجه الثالث؛ يقتضي أن الوجه الأول فيه انقطاع بين ابن أبي بصير وأبيّ؛ لأن الوجه الثالث قد بيَّن أن بينهما أبا بصير. وأيضا؛ فليس في شيء من الروايات تصريح ابن أبي بصير بسماعه من أبيّ؛ فقد عاد الحديث إلى أنه من رواية أبي إسحاق عن أبي بصير- سمعه منه- عن أُبيّ- سمعه منه-. وهذا إسناد متصل؛ إلا أنه يبقى النظر في حال أبي بصير هذا! ويظهر أنه كحال ابنه لا يعرف؛ فإنهم لم يذكروا توثيقه عن غير ابن حبان، ولم يذكروا في الرواة عنه غير من دار الحديث عليهم عنه، وهم: أبو إسحاق- وهو ثقة-، وابنه عبد الله بن أبي بصير- وهو مجهول-، والعيزار بن حريث- وهو ثقة-؛ لكن الرواية عنه شاذة فيما يظهر: رواها عنه أبو الأحوص- كما تقدم- عن أبي إسحاق عنه. وقد روى البيهقي عن محمد بن يحيى- وهو الذهلي- أنه قال: " في رواية خالد بن الحارث ويحبي بن سعيد دلالة أن هذه الروايات محفوظة - من قال: عن أبيه، ومن لم يقل-؛ خلا حديث أبي الأحوص؛ ما أدري كيف هو؟ ". لكن الحديث له شاهد يأتي ذكره، فيرقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى؛ لا سيما وقد صححه من عرفت، وصححه أيضاا بن السكن والعقيلي - كما في "التلخيص " (4/284) -.

وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (2054) ؛ كما في "الترغيب " (1/152) و (1/155) . وأما الشاهد؛ فهو ما أخرجه البيهقي (3/61) من طريق عيسى بن يونس عن ثور. ومن طريق الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وثور بن يزيد عن يونس بن سيف الكلاعي عن قباث بن آشْيَمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة الرجل- جمم أحدهما صاحبه- أزكى عند الله ... " الحديث نحوه. قال البيهقي: " هذا حديث الوليد بن مسلم. وقال عيسى بن يونس في روايته عن ثور: عن يونس عن عبد الرحمن بن زياد عن قُباث. وكذلك رواه البخاري في "التاريخ " عن عبد الله بن يوسف عن الوليد عن ثور عن يونس عن عبد الرحمن بن زياد عن قُباث ". قلت: وكذلك رواه معاوية بن صالح عن يونس عن عبد الرحمن ... به. أخرجه الحاكم (3/625) . وقال الحافظ: " في إسناده نظر ". والله أعلم. 564- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " من صلى العشاء في جماعة؛ كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة؛ كان كقيام ليلة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: نا إسحاق بن يوسف: نا سفيان عن أبي

47- باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

سهل- يعني: عثمان بن حكيم-: ثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان بن عفان رضي الله عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم. والحديث في "مسند أحمد" (رقم 491) ... بهذا السند. وأخرجه هو (رقم 408) ، ومسلم في "صحيحه " (2/125) ، وأبو عوانة (2/4) ، والترمذي (1/433) ، من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقد تابعه عبد الواحد بن زياد عن عثمان بن حكيم: عند مسلم وأبي عوانة. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وهو في "الموطأ" (1/152- 153) من طريق محمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ... به موقوفاً على عثمان. لكن أخرجه أحمد (رقم 409) من طريق أحرى عن محمد بن إبراهيم عن عثمان بن عفان ... به مرفوعاً، لكنه منقطع؛ إلا أن رواية مالك قد بينت أن بين محمد بن إبراهيم وعثمان: عبد الرحمن بن أبي عمرة، وعنه رواه عثمان بن حكيم أيضا كما سبق؛ فالحديث موصول مرفوع. 47- باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة 565- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الأبعد فالأبعد من المسجد: أعظم أجراً ". (قلت: حديث صحيح، وكذ اقال الحاكم، ووافقه الذهبي) .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن أبى ذئب عن عبد الرحمن بن مهران عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير عبد الرحمن بن مهران- وهو المدني مولى بتي هاشم-؛ لم يذكروا في الرواة عنه غير ابن أبي ذئب؛ ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات " على قاعدته! وقال أبو الفتح الأزدي: " فيه نظر ". وقال الحافظ في "التقريب ". "مجهول ". والحديث أخرجه الحاكم (1/208) ، ومن طريقه البيهقي (3/64- 65) من طريق أخرى عن مسدد ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/263) ، وأحمد (2/351) من طريقين آخرين عن ابن أبي ذئب ... به. ثم قال الحاكم: " هذا حديث صحيح رواته مدنيون"! ووافقه الذهبي! لكن الحديث صحيح لغيره؛ فإنه يشهد له حديث أبي موسى مرفوعاً: " أعظم الناس أجراً في الصلاة: أبعدهم فأبعدهم ممشى ... " الحديث. أخرجه البخاري (2/109) ، ومسلم (2/130) ، وأبو عوانة (1/388 و 2/10) ، والبيهقي (3/64) . (فائدة) : وأما الحديث الذي أخرجه أحمد (5/399) من طريق بكر بن عمرو: أن أبا عبد الملك علي بن يزيد الدمشقي حدثه: أنه بلغه عن حذيفة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:

" إن فضل الدار القريبة- يعني: من المسجد- على الدار البعيدة؛ كفضل الغازي على القاعد ": فهو حديث منكر جدّاً؛ وعلي بن يزيد هذا: هو الألهاني، وهو متروك؛ وقد رواه بلاغاً عن حذيفة، فبينهما مجهول. وقد أسقطه ابن لهيعة في روايته عن بكر بن عمرو. أحرجه أحمد أيضا (5/387) ، وهو من سوء حفظ ابن لهيعة. 566- عن أُبيّ بن كعب قال: كان رجل، لا أعلم أحداً من الناس- ممن يصلي القبلة من أهل المدينة- أبعد منزلاً من المسجد من ذلك الرجل، وكان لا تخطئه صلاة في المسجد، فقلت: لو اشتربتَ حماراً تركبه في الرَّمْضَاءِ والظلمة؟ فقال: ما أُحِب أن منزلي إلى جنب المسجد! فَنُمِي الحديث إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله عن قوله ذلك؟ فقال: أردت يا رسول الله! أن يُكْتَبَ لي إقبالي الى المسجد، ورجوعي إلى أهلي إذا رجعت! فقال: " أعطاك الله ذلك كله، أنطاك الله ما احتسبت كله أجمع ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: نا زهير. نا سليمان التيمي أن أبا عثمان حدثه عن أُبيّ بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه أبو عوانة (1/389) من طريق يحيى بن أبي بكير قال: ثنا زهير ... به. ثم أخرجه هو، ومسلم (2/130) ، والدارمي (1/294) ، وأحمد (5/133) من طرق أخرى عن سليمان التيمي ... به. ثم أخرجه أربعتهم- إلا الدارمي-، وابن ماجه (1/263) من طريق عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي ... به نحوه. وأخرجه البيهقي (3/64) عن سليمان. وله شاهد- عند ابن ماجه- من حديث أنس مختصراً. وسنده صحيح. 567- عن أبي أمامة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة؛ فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرح إلى تسبيح الضحى لا يُنصِبُه إلا إياه؛ فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة- لا لغو بينهما- كتاب في عِلِّيينَ ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أبو توبة: نا الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن في القاسم هذا- وهو ابن عبد الرحمن الشامي الدمشقي- اختلافاً، وقد وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب ابن سفيان والترمذي، وصحح له وغيرهم. وقال البخاري:

" روى عنه العلاء بن الحارث وابن جابر وكثير بن الحارث ويحيى بن الحارث وسليمان بن عبد الرحمن أحاديث مقاربة. وأما من يُتكلم فيه- مثل جعفر بن الزبير ويشر بن نمير وعلي بن يزيد وغيرهم- ففي حديثهم عنه مناكير واضطراب ". وقال أبو حاتم: " حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به، وإنما ينكر عنه الضعفاء ". وأما أحمد فخالف حيث قال: " في حديث القاسم مناكير مما يرويها الثقات، يقولون: من قبل القاسم "! وقال أيضا: " روى عنه علي بن يزيد أعاجيب، وما أراها إلا من قبل القاسم "! قلت: فإذا كانت هذه الأعاجيب من رواية علي بن يزيد- وهو متروك كما ذكرنا قريباً في الحديث الذي قبله-؛ فلا يمكن الحمل فيها على القاسم! ولئن صح أن في حديثه مناكير من رواية الثقات عنه؛ فينبغي اجتنابها إذا تبين ذلك؛ وإلا فالرجل في نفسه ثقة، ولا يسقط ذلك الاحتجاج به، ولا حديثه عن مرتبة الحسن. ولذلك قال الحافظ في ترجمته من "التقريب ": " صدوق ". فلم يلتفت إلى من جرحه، ولم يعتدَّ به. والحديث أخرجه أحمد (5/263 و 268) ، وابن عدي (1/202) ، وابن عساكر (16/56/5) من طريقين آخرين عن القاسم. وأخرجه البيهقي (3/63) عن المؤلف. 568- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة؛ تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمساً وعشرين درجة، وذلك بأن أحد كم إذا توضأ فأحسن

الوضوء، وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، ولا يَنْهَزُهُ- يعني- إلا الصلاة، ثم لم يَخْطُ خطوه؛ إلا رفع له بها درجة، وحُطَّ بها عنه خطيئة؛ حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد؛ كان في صلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلّون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، فيقولون: اللهم! اغفر له، اللهم! ارحمه، اللهم! تب عليه؛ ما لم يؤذِ فيه، أو يحدث فيه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه البخاري (1/447- 448) بإسناد المصنف. وأخرجه مسلم (2/128- 129) ، وأبو عوانة (1/288 و 1/21- 22) ، وابن ماجه (1/260 و 264 و 265) - مفرقاً-، والبيهقي (3/61) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. ورواه عنه أحمد (2/252) . ثم أخرجه البخاري (2/106- 107) من طريق عبد الواحد قال: ثنا الأعمش قال: سمعت أبا صالح ... به، فقد صرح بسماع الأعمش له من أبي صالح. وكذلك صرح شعبة في روايته عن الأعمش بسماعه منه.

أخرجه الطيالسي (رقم 2400 و 2412 و 2414 و 2415) . وروى- من طريقه بعضه-: أبو عوانة (2/22) ، والترمذي (2/499) ، وقال: "حسن صحيح ". وقد تقدم بعض الحديث من طريق أخرى (رقم 488 و 489) ، وذكرنا هناك طرقه. وللجملة الأولى منه طرق أخرى في "الصحيحين " وغيرهما: عن أبي هريرة وغيره؛ وفي بعض الروايات عن أبي هريرة بلفظ: " صلاة مع الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده ". أخرجه مسلم (12/22) ، وأبو عوانة (2/3) ، وأحمد (2/273 و 529) . 569- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الصلاة في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة، فأتم ركوعها وسجودها، بلغت خمسين صلاة ". قال أبو داود: " قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: " صلاة الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة ... " وساق الحديث ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الزيلعي: " إسناده جيد". وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (2053) . وأخرج البخاري منه الشطر الأول) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري.

قال أبو داود: " قال عبد الواحد في هذا الحديث: " صلاة الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة ... " وساق الحديث ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وفي هلال كلام لا يضر. ولذلك قال الزيلعي في "نصب الراية" (2/23) : " إسناده جيد ". وسكت عليه الحافظ في "التلخيص " (4/283) . والحديث أخرجه اين ماجه (1/264) : حدثنا أبو كريب: ثنا أبو معاوية ... به الشطر الأول منه فقط؛ بلفط: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته خمساً وعشرين درجة ". وأخرجه الحاكم (1/208) بتمامه؛ لكن وقع في إسناده خطأ؛ فقد رواه من طريق يحيى بن يحيى: ثنا أبو معاوية ... به؛ إلا أنه قال: هلال بن أبي ميمونة! ثم قال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ فقد اتفقا على الحجة بروايات هلال بن أبي هلال- ويقال: ابن أبي ميمونة، ويقال: ابن علي، ويقال: ابن أسامة-، وكله واحد "! ووافقه الذهبي! قلت: راوي هذا الحديث؛ إنما هو هلال بن ميمونة؛ ليس هو هلال بن أبي ميمونة؛ وهذا محتج به في "الصحيحين "؛ بخلاف الأول وإن كان ثقة، ولا أدري ممن الوهم؟! وإن كان يغلب على الظن أنه من الحاكم نفسه؛ فإن له أوهاماً كثيرة في هذا الكتاب؛ كما ظهر لنا ولغيرنا بالتتبع! والحديث أخرجه ابن حبان أيضا في "صحيحه " (2053) .

48- باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم

وأخرج الشطر الأول منه: البخاري (2/106) ، والبيهقي (3/60) ، وأحمد (3/55) من طريق أخر عن أبي سعيد. 48- باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظّلَم 570- عن بُرَيْدة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " بشِّرِ المشَّائين في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ". (قلت: حديث صحيح، وصححه النووي) . إسناده: حدثنا يحيى بن معبن: نا أبو عبيدة الحداد: نا إسماعيل أبو سليمان الكَحال عن عبد الله بن أوس عن بريدة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير إسماعيل أبي سليمان الكحال - وهو ابن سليمان-؛ قال أبو حاتم: " صالح الحديث ". واختلف فيه قول ابن حبان؛ فقد ذكره في "الثقات "، وقال: " يخطئ ". وذكره في " الضعفاء " وقال: " ينفرد عن المشاهير بمناكير ". ولخص ذلك الحافط في "التقريب "، فقال: " صدوق يخطئ ". فمثل هذا قد يكون حديثه حسناً؛ لا سيما إذا كان له شواهد؛ كهذا الحديث على ما يأتي. ولكن شيخه عبد الله بن أوس؛ لم يرو عنه غيره- كما في "الميزان "- ولذلك

قال ابن القطان: " مجهول الحال، ولا نعرف له رواية إلا بهذا الحديث من هذا الوجه ". وأما ابن حبان؛ فأورده في "الثقات " على قاعدته! ولا أدري كيف وافقه الذهبي في هذه الترجمة؛ حيث قال- عقب قول القطان: " مجهول "-: " قلت: صدوق "! وهذا ما لا تساعد القواعد الحديثية على الأخذ به؛ ما دام لا يعرف إلا في هذا الحديث! ولذلك قال الحافظ فيه: " لين الحديث ". ومن ذلك تعلم أن قول المنذري في "الترغيب " (1/129) : " ورجال إسناده ثقات "! ليس بصواب. وصنيعه في "مختصر السن " (رقم 529) أقرب إلى الصواب؛ حيث قال: " وأخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب. وقال الدارقطني: تفرد به إسماعيل بن سليمان الضبي البصري الكحال عن عبد الله بن أوس ". فقد نقل عن الترمذي تضعيفه للحديث ثم أقره؛ لكننا- على الرغم من ذلك كله- نرى أن الحديث حسن أو صحيح لغيره؛ نظراً لكثرة شواهده. والحديث أخرجه الترمذي أيضا (1/435) من طريق يحيى بن كثير أبي غسان العنبري عن إسماعيل الكحال ... به، وقال ما نقله المنذري آنفاً عنه؛ إلا أنه زاد - كما في بعض النسخ الصحيحة-:

" ... من هذا الوجه ". وفي هذا إشارة إلى أنه قد يصح من وجه آخر أو لوجوه أخر؛ وهذا ما ذهبنا إليه آنفاً. ولعله لذلك أورد 5 النووي رحمه الله في دارياض الصالحن " (ص 404) - الذي قال في مقدمته (ص 3) -: " وألتزم فيه أن لا أذكر إلا حديثاً صحيحاً ". فالحديث عنده صحيح؛ وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى. وقد أخرجه البيهقي أيضا (3/63- 64) من طريق أخرى عن الكحال. وعزاه الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف " (ص 6/رقم 34) للبزار أيضا من طريق إسماعيل، ثم قال: " وله شاهد من رواية ثابت عن أنس وسهل بن سعد رضي الله عنه: أخرجه ابن ماجه والحاكم. وأخرجه ابن حبان عن أبي الدرداء رضي الله عنه. والطبراني من رواية ابن عباس، وابن عمر، وزيد بن حارثة، وأبي موسى، وأبي أمامة رضي الله عنهم بأسانيد ضعيفة. وحديث زيد: في "الكامل " لابن عدي. وحديث أبي موسى: عند البزار. ورواه الطبراني في "الأوسط " من حديث عائشة في ترجمة (أحمد بن محمد بن صدقة) وقال: تفرد به قتادة بن الفضل عن الحسن بن علي البيروتي. ورواه الطيالسي وأبو يعلى من حديث أبي سعيد، وإسناده ضعيف أيضا. ورواه عمر بن شاهين في "الترغيب "- له- من حديث حارثة بن وهب الخزَاعي ". قلت: حديث أنس؛ علته أن فيه- عند ابن ماجه (1/262) ، والحاكم (1/212) ، والبيهقي أيضا (3/63) - سليمان بن داود- وهو ابن مسلم الصاغ-، وقد نسب عند غير ابن ماجه إلى جده؛ قال العقيلي: " لا يتابع على حديثه "؛ يعني: هذا. وقال الحاكم:

" رواية مجهولة عن ثابت ". وحديث سهل بن سعد: رواه البيهقي من طريق الحاكم، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وغمزه المنذري، فقال: " كذا قال "! وبيانه أنه من رواية إبراهيم بن محمد الحلبي البصري: ثنا يحيى بن الحارث الشيرازي؛ وليسا من رجال الشيخين! والأول منهما؛ روى عنه ابن ماجه وجمع، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال: " يخطئ " وفي " التقريب ": " صدوق يخطئ ". والآخر لا يعرف توثيقه إلا في رواية الحاكم لهذا الحديث؛ ففيها: أن إبراهيم هذا قال: آبَنا يحيى بن الحارث الشيرازي- وكان ثقة، وكان عبد الله بن داود يثتي عليه-. فهو في عداد المجهولين. وفي "التقريب " أنه: " مقبول "؛ يعني: إذا توبع؛ وإلا فهو لين الحديث. ومن هذا يتبين أن قول البوصيري في "الزوائد": " إسناده حسن "! غير حسن؛ إلا أن يقصد أنه حسن لغيره؛ فهو حق. وأما حديث أبي الدرداء: فرواه الطبراني أيضا في "الكبير" بإسناد؛ قال المنذري: " حسن "! وقال الهيثمي في "المجمع " (2/30) :

" ورجاله ثقات "! قلت: ويخطر في البال أن فيهم من تفرد بتوثيقه ابن حبان، كمثل من سبق؛ وإلا لما صرح الحافظ بتضعيف إسناده وهو يستحق التحسين، وهو عندنا أقعد في الحديث وأعلم به ممن حسنه ووثقه. وحديث ابن عباس؛ فيه- كما قال الهيثمي-: " العباس بن عامر الضَّبي؛ ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون ". وحديث ابن عمر؛ فيه داود بن الزبرقان، وهو ضعيف. وحديث زيد بن حارثة؛ فيه ابن لهيعة؛ وما ضعفه إلا من قبل حفظه، فيحتج به في الشواهد. وحديث أبي موسى؛ فيه محمد بن عبد الله بن عمير بن عبيد، وهو منكر الحديث. وحديث أبي أمامة؛ فيه رجل مجهول، وآخر لم يسَم. وحديث عائشة؛ فيه رجل لا يعرف. وحديث أبي سعيد. الخدري؛ فيه عبد الحكم بن عبد الله، وهو ضعيف. وهو عند الطيالسي في "مسنده" (رقم 2212) . وفي الباب أيضا عن أبي هريرة؛ قال المنذري- وتبعه الهيثمي-: " رواه الطبراني في "الأوسط " بإسناد حسن ". وبالجملة فالحديث يرتقي إلى درجة الصحة بهذه الشواهد الكثيرة، الني بلغت اثتي عشر شاهداً، وفيها ما هو حسن عند بعضهم، وفيها ما هو محتج به في

49- باب ما جاء في الهدي في المشي إلى الصلاة

الشواهد كما سبقت الإشارة إليه. والله تعالى أعلم. 49- باب ما جاء في الهَدْي في المشي إلى الصلاة 571- عن أبي ثُمَامةَ الحَنَّاط: أن كعب بن عُجْرَةَ أدركه وهو يريد المسجد، أدرك أحدهما صاحبه، قال: فوجدني وأنا مُشَبِّكٌ بيديَّ؛ فنهاني عن ذلك وقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى المسجد؛ فلا يشبكنَّ يديه؛ فإنه في صلاة ". (قلت: حديث صحيح، وقال المنذري: " إسناده جيد "، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2034)) . إسناده: محمد بن سليمان الأنباري أن عبد الملك بن عمرو حدثهم عن داود ابن قيس: ثتي سعد بن إسحاق: ثني أبو ثمامة الحناط قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي ثمامة الحناط؛ ذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الدارقطني: " لا يعرف، يترك ". ووافقه الذهبي، فقال في "الميزان ": " لا يعرف، وخبره هذا منكر ". وقال الحافظ في "التقريب ": " مجهول الحال ". ومن هنا تعلم أن قول المنذري في "الترغيب " (1/123) : " رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد "! غير جيد؛ لجهالة أبي ثمامة هذا.

والحديث أخرجه الدارمي (1/326- 327) ، والبيهقي (3/230) ، وأحمد (4/241) من طرق عن داود بن قيس ... به. وفي الحديث علة أخرى، وهي الاضطراب؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق الضحاك بن عثمان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي ثمامة ... به نحوه. ثم قال: " ورواه أيضا عيسى بن يونس عن سعد بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي ثمامة، فعاد الحديث إلى المقبري عن أبي ثمامة ". وقد اختلف فيه على سعيد المقبري على أوجه أخرى؛ فقد أخرجه الترمذي (2/228) من طريق الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن رجل عن كعب ابن عجرة. وأخرجه أحمد (4/242) عن ابن جريج: أخبرني محمد بن عجلان عن سعيد القبري عن بعض بتي كعب بن عجرة عن كعب. وقال ابن أبي ذئب: عن سعيد المقبري عن رجل من بني سالم عن أبيه عن جده عن كعب. أخرجه أحمد (4/242) ، والطيالسي (رقم 1063) ؛ إلا أنه ليس فيه: عن جده. وهكذا رواه البيهقي من طريقه. وأخرجه الدارمي، وابن ماجه (1/6 " 3) ، وأحمد (2/242 و 243- 244) من طرق عن ابن عجلان عن المقبري عن كعب بن عجرة؛ فأسقط الواسطة من بينهما.

وثمة اختلاف آخر عليه، فقال يحيى بن سعيد عن ابن عجلان: ثنا سعيد عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لكعب بن عجرة: " إذا توضأت ... " الحديث نحوه. وقال شريك: عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره أخرجهما الحاكم (1/206- 207) وعلَّق الترمذي حديث شريك، وقال: " إنه غير محفوظ ". وأخرجه الدارمي (1/327) من طريق إسماعيل بن أمية عن المقبري عن أبي هريرة ... به. وإسناده صحيح. وأخرجه في "المستدرك " من طريقين قالا: ثنا عبد الوارث: ثنا إسماعيل بن أمية ... به. وقال: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافمه الذهبي! وتعقبه المنذري بقوله: " وفيما قاله نظر ". ولعل وجهه هذا الاختلاف على سعيد المقبري، وهو اختلاف شديد، يحار الباحث في استخرل الصواب منه. ولذلك ضعّفَ الحديثَ بعضُهم، كما ذكره الحافظ في "الفتح " (1/448) . لكتي وجدت للحديث طريقاً عن كعب، هي في منجاة من هذا الاضطراب؛

وهو ما أخرجه البيهقي (3/230- 231) من طريق الحسن بن علي: ثنا عمرو بن قُسَيْط: ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن ابن أبيَ ليلى عن كعب بن عجرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " يا كعب! إذا توضأت فأحسنت الوضوء، ثم خرجت إلى المسجد؛ فلا تشبكن بين أصابعك؛ فإنك في صلاة ". وقال: " هذا إسناد صحيح؛ إن كان الحسن بن علي الرَّقي هذا حفظه، ولم أجد له بعد متابعاً "! قلت: وقد توبع عليه؛ فقد قال ابن التركماني عقبه: " قلت: أخرجه ابن حبان في "صحيحه "؛ فقال: ثنا أبو عروبة: ثنا محمد ابن معدان الحَراني: ثنا سليمان بن عبيد الله عن عبيد الله بن عمرو ... فذكره بسنده". قلت: وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير سليمان بن عبيد الله- وهو أبو أيوب الرقي-؛ قال أبو حاتم: " صدوق، ما رأيت إلا خيراً ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وقال ابن معين: "ليس يشيء". وذكره العقيلي في "الضعفاء". وقال الحافظ: " صدوق ليس بالقوي ".

قلت: لكن يقويه متابعة عمرو بن قسيط له عند البيهقي، وهو صدوق، كما قال الحافظ. فالحديث- بهذا الإسناد، مع المتابعة- صحيح إن شاء الله تعالى. وقد قال الحافظ: " وصححه ابن خزيمة وابن حبان ". وله شاهد من حديث أبي سعيد: في "المسند" (3/42- 43) ، حسنه المنذري! وفيه نظر بينته في "التعليق الرغيب ". 572- عن سعيد بن المسيَّب قال: حضر رجلاً من الأنصار الموتُ، فقال: إني مُحَدِّثُكم حديثاً ما أحدِّثكموه إلا احتساباً، سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا توضأ أحد كم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة؛ لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حَطَّ الله عز وجل عنه سيئة، فليُقَرِّبْ أحدكم أو ليُبَعِّدْ، فإن أتى المسجد فصلى في جماعة؛ غُفِرَ له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض؛ صلى ما أدرك وأتم ما بقي؛ كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلّوا، فأتم الصلاة؛ كان كذلك ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن معاذ بن عَبَّاد العنبري: أنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن معبد بن هُرمُزعن سعيد بن المسيب.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة معبد هذا؛ قال الذهبي: " لا يعرف. ذكره ابن حبان في "ثقاته "، وتفرد عنه يعلى بن عطاء ". وقال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". وفي "التقريب ": "مجهول ". وبقية رجال الإسناد ثقات رجال مسلم. والحديث أخرجه البيهقي (3/69) من طريق المصنف. وأخرجه ابن نصر في "الصلاة" (156/1/162) ، والطحاوي في "مشكل الأثار" (3/107) من طريقين آخرين قالا: ثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء. لكن الحديث صحيح لغيره؛ فقد ورد معناه مفرقاً في أحاديث: الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: " من تطهر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله؛ كانت خطوتاه؛ إحداهما تحظ خطيئته، والأخرى ترفع درجة ". أخرجه مسلم (2/131) ، وأبو عوانة (1/390) ، والبيهقي (3/62) . ورواه النسائي (1/115) ، والحاكم (1/217) ، وأحمد (2/319 و 431 و478) من طريق أخرى مختصراً؛ بلفظ: " مِنْ حينِ يخرج أحدكم من منزله إلى مسجده؛ فرِجْل تكتب حسنة، وأخرى تمحو سيئة ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

50- باب من خرج يريد الصلاة فسبق بها

ورواه ابن حبان في "صحيحه "- كما في "الترغيب " (1/125) -، والبيهقي أيضا. وله طريق ثالث بنحو الأول: في "الصحيحين " وغيرهما، وقد مضى في الكتاب قريباً (رقم 568) . الثاني: عن عثمان رضي الله عنه مرفوعاً: " من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة، فصلاها مع الناس، أو مع الجماعة، أو في المسجد؛ غفر الله له ذنوبه ". أخرجه مسلم (1/144) ، وأحمد (رقم 483) ، وابن خزيمة أيضا في "صحيحه "- كما في "الترغيب، (1/126 و 159) -. ورواه النسائي أيضا (1/137) ، وأبو عوانة (2/79) . الثالث: عن أبي هريرة أيضا، وهو الآني في الكتاب عقب هذا. 50- باب من خرج يريد الصلاة فسبق بها 573- عن أبي هريرة قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلَّوا؛ أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها، لا يَنقص ذلك من أجرهم شيئاً ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: نا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن محمد- يعني: ابن طَحْلاء- عن مُحصِن بن علي عن عوف بن الحارث عن أبي هريرة.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير محمد بن طحلاء؛ فقال أبو حاتم: " ليس به بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات "، وروى عنه جمع من الثقات. وغير محصن بن علي- وهو الفِهْرِي الدني-؛ فلم يوثقه غير ابن حبان، وقد روى عنه ثقتان آخران: عمرو بن أبي عمرو، وسعيد بن أبي أيوب، فهو كما قال ابن القطان: " مجهول الحال "؛ كما نقله الذهبي وغيره. واعتمده الحافظ، فقال في "التقريب ": "مستور". والحديث أخرجه الحاكم (1/208) - من طريق عبد الله بن مسلمة-، والنسائي (1/137) - من طريق إسحاق بن إبراهيم-: ثنا عبد العزيز بن محمد ... به. وأخرجه البيهقي (3/69) - من طريق المصنف-، والحاكم، ثم قال- أعني: الحاكم-: " حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وهو من أوهامهما؛ فقد علصت مما ذكرنا أن في الإسناد راويين ليسا من رجال "الصحيح "، وأن أحدهما مجهول الحال؛ باعتراف الذهبي نقسه! لكن الحديث عندي صحيح؛ فإنه يشهد له حديث سعيد بن المسيب الذي قبل هذا؛ وفيه:

51- باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

" فإن أتى المسجد فصلى في جماعة؛ غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلّوا وبقي بعض، صلى ما أدرك وأتم ما بقي؛ كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا، فإن أتم الصلاة؛ كان كذلك لا. ويشهد له أيضا عموم قوله عليه الصلاة والسلام: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ". 51- باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد 574- عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ قال: " لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، لكن ليخرجْنَ وهن تَفِلاتٌ ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه النووي. وأخرجه ابن خريمة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أن محمد بن عمرو أخرج له مسلم متابعة، وفيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن كما تقدم. وذهل عن هذا كله النوويُ في "المجموع "، فقال (4/199) : " رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم "! كما أخطأ الحافظ العراقي؛ حيث عزا الحديث لمسلم في "التقريب "، وشرحه "طرح التقريب " (1/314 و 316) !

وحماد: هو ابن سلمة. والحديث أخرجه الدارمي (1/293) ، والبيهقي (3/134) ، وأحمد (2/438 و475 و 528) من طرق أخرى عن محمد بن عمرو ... به. ورواه ابن خزيمة اْيضاً؛ كما في "الفتح " (2/279) . والحديث صحيح؛ لأن له شاهدين بهذا اللفظ: الأول: عن زيد بن خالد الجُهَني: أخرجه أحمد (5/192 و 193) بإسناد؛ قال الهيثمي في "المجمع " (2/33) : " حسن "! وفيه نظر بينته في "الثمر المستطاب ". ورواه ابن حبان أيضا (رقم 326) . والاخر: عن عائشة رضي الله عنها: أخرجه أحمد أيضا (6/69- 70) . وإسناده حسن، وقد بينته في الكتاب المشار إليه آنفاً. 575- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما"، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " عن المصنف) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وحماد: هو ابن زيد؛ كما

صرح به أبو عوانة في روايته عن المصنف، كما يأتي؛ وقد اشتركا في الرواية عن أيوب، كما اشترك في الرواية عنهما سليمان بن حرب؛ فلزم التنبيه على ذلك. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/59) : حدثنا أبو داود السجْزِيُّ قال: ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد عن أيوب ... به. وأخرجه أحمد (رقم 4932 و 5045) من طريقين آخرين عن أيوب ... به. وأخرجه البخاري (2/306) ، ومسلم (2/32) ، وأحمد (4655) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع ... به. وعند البخاري زيادة في أوله، ونصها: قال: كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد، فقيل لها: لِمَ تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟! قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟! قال: يمنعه قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث. وللحديث طريقان آخران عن ابن عمر؛ بلفظ: " لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد ". أخرجه مسلم (2/33) ، والبخاري في "التاريخ " (4/2/357) . وطريق أخرى بزيادة، فيه وهو: 576- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تمنعوا نساءَكم المساجدَ؛ وبيوتُهن خير لهن ". (قلت: حديث صحيح، وكذ اقال الحاكم، وزاد: " على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة أيضا، وقال النووي والعراقي: " إسناده صحيح "، وزاد الأول منهما: " على شرط البخاري ") .

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: أنا العَوام بن حَوْشَبٍ: حدثني حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقد أثبتوا لحبيب بن أبي ثابت سماعاً من ابن عمر؛ لكن وصفه غير واحد بالتدليس، كما قد سبق؛ فلولا ذلك وعنعنته في هذا الإسناد؛ لقلت إنه: صحيح على شرط الشيخين؛ كما فعل من قبلي؛ على ما يأتي. والحديث أخرجه الإمام أحمد (رقم 5468) : حدثنا يزيد ... به. وأخرجه الحاكم (1/209) ، وعنه البيهقي (3/131) من طريق أخرى عن يزيد. ثم قال الإمام أحمد (رقم 5471) : حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن حوشب..... به؛ وزاد يزيد عند أحمد: قال: فقال ابن لعبد الله بن عمر: بلى والله لَنَمْنَعَهنَّ!، فقال ابن عمر: تسمعني أحدث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وتفول ما تقول؟!. ثم قال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وقال النووي في "المجموع " (4/197) ، والعراقي في "التقريب " (1/314) - بعد أن عزواه للمصنف-: " إسناده صحيح "؛ وزاد الأول: " على شرط البخاري ". وصححه ابن خزيمة كما في "الفتح " (2/279) . قلت: والحق من ذلك قول الحاكم والذهبي؛ لولا التدليس الذي أشرت إليه!

لكن الحديث صحيح؛ فقد صح عن ابن عمر من طرق تقدم بعضها قبل هذا، ويأتي بعضها عقبه، دون قوله: " وبيوتهن خير لهن ". وهذه الزيادة لها شواهد، منها ما يأتي في الباب التالي: " صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها ... " الحديث. 577- عن مجاهد قال: قال عبد الله بن عمر: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل ". فقال ابن له: والله لا نأذن لهن؛ فيتخذنه دَغَلاً، والله لا نأذن لهن! قال: فَسَبَّهُ وغضب وقال: أقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِ: " ائذنوا لهن "؛ وتقول: لا نأذن لهن؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه في "صحيحيهما". ورواه أبو عوانة في "صحيحه " عن المصنف. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وليس عند البخاري قصة الابن) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جَرِير وأبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد. قلت. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/58) من طريق المؤلف. وأخرجه مسلم (2/33) من طريق أبي معاوية وحده.

ثم أخرجاه هما، والترمذي (2/459) ، والطيالسي (رقم 1894) ، وعنه البيهقي (3/132) ، وأحمد (رقم 5021 و 5101 و 6101) من طرق أخر عن الأعمش ... به. وقال الترمذي: "حسن صحيح ". وأخرجه البخاري (2/306) ومسلم أيضا من طريق عمرو بن دينار عن مجاهد ... به. وهو عند الطيالسي (رقم 1994) من طريق أخرى عن عمرو بن دينار عن ابن عمر؛ بإسقاط مجاهد من بينهما. وكذلك أخرجه أبو عوانة (2/58) من طريق الطيالسي؛ وقد سمع عمرو من ابن عمر. وله في " المسند" (رقم 4933 و 5101 و 5725) طرق أخرى عن مجاهد؛ وزاد في بعضها: فما كلَّمه عبدُ الله حتى مات. وإسنادها صحيح. ورواه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم " من طريق سالم بن عبد الله عن ابن عمر. ومسلم وأبو عوانة من طريق بلال بن عبد الله بن عمر عن أبيه؛ وفيه أن القائل: لا نأذن لهن. . . هو ابنه بلال هذا. وكذلك في رواية لهما عن سالم.

52- باب التشديد في ذلك

وأخرجها أحمد أيضا (2/140) ، لكن في رواية عمرو بن دينار- عند مسلم-: أن اسم الابن: (واقد) ! لكن هذه الرواية شاذة، كما أشار إلى ذلك الحافظ في " الفتح " (2/278) ، وقال: " والراجح أن صاحب القصة بلال؛ لورود ذلك من روايته نفسه، ومن رواية أخيه سالم، ولم يختلف عليهما في ذلك ". قال: " فإن كانت رواية عمرو بن دينار عن مجاهد محفوظة في تسميته (واقدا) ؛ فيحتمل أن يكون كل من بلال وواقد وقع منه ذلك؛ إما في مجلس أو في مجلسين، وأجاب ابن عمر كلاً منهما بجواب يليق به ". 52- باب التشديد في ذلك 578- عن عائشة رضي الله تعالى عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: لو أدرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أحْدَث النساءُ؛ لمنعهن المسجد كما مُنِعَه نساءُ بني إسرائيل. قال يحيى: فقلت لعمرة: أمُنِعه نساء بني إسرائيل؟ قالت: نعم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن عائشة رضي الله عنها ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (2/278- 282) من طريق أخرى عن مالك.

وأخرجه مسلم (2/34) ، وأبو عوانة (2/59) ، والبيهقي (3/133) ، وأحمد (6/91) من طرف أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وله طريق أخرى عن عمرة: في "المسند" (6/69- 70) : ثنا الحكم: ثنا عبد الرحمن بن أبي الرِّجَال فقال أبي: يذكره عن أمه عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات ". قالت عائشة: ولو رأى حالهن اليوم؛ منعهن! وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن أبي الرجال، وهو ثقة، فيه كلام قليل من قبل حفظه. والحكم: هو ابن موسى القنطري. وأم أبي الرجال: هي عمره بنت عبد الرحمن هذه. والحديث في " الموطأ" (1/203) . 579- عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ قال: " صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدَعها أفضل من صلاتها في بيتها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا ابن المثنى أن عمرو بن عاصم حدثهم قال: ثنا همام عن قتادة عن موَرقٍ عن أبي الأحوص عن عبد الله.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وكذا قال النووي في "المجموع " (4/198) . والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (3/136- 137) من طريق المؤلف؛ لكنه قال- مكان: " مخدعها "-: " مسجدها"! وهو تصحيف؛ فقد أخرجه هكذا على الصواب: الحاكم (1/209) ، وعنه البيهقي (3/131) من طريق أخرى عن عمرو بن عاصم الكلابي ... به، وقال: " حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقد وهما؛ فإن أبا الأحوص- واسمه عوف بن مالك بن نَضْلَةَ- ما أخرج له البخاري في "صحيحه "؛ وإنما روى له في " الأدب المفرد". وللحديث شواهد: من حديث أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي، وله عنها طريقان: أخرج أحدهما: أحمد (6/371) ، وابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما". ومن حديث أم سلمة، وله طريقان أيضا؛ أحدهما في "المسند" (6/301) ، و"المستدرك " (1/209) ، وابن خزيمة في "صحيحه ". وقد تكلمنا عليها في "التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب " (1/134- 135) ، وانظر "مجمع الزوائد" (2/33- 34) . ..................... (1)

_ (1) هنا في الأصل حديث ابن عمر: " لو تركنا هذا الباب للنساء! ، وقد سبق (رقم 483) ، فحذفناه؛ لأنه هو هو بسنده ومتنه.

53- باب السعي إلى الصلاة

53- باب السعي إلى الصلاة 580- عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا أقيمت الصلاة؛ فلا تأتوها تَسْعَون، وَأْتُوها تمشون وعليكم السكينةُ؛ فما أدركتم فصلًّوا، وما فاتكم فَآتِمُّوا ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . قال أبو داود: " وكذا قال الزبيدي وابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد ومعمر وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري: " وما فاتكم فاتموا ". وقال ابن عيينة عن الزهري وحده: " فاقضوا " ... ". إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: أخبرني يونس عن ابن شهاب: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إلا أنه إنما أخرج لعنبسة- وهو ابن خالد بن يزيد الأموي- مقروناً، وقد مرّت ترجمته؛ ولم يتفرد بالحديث كما يأتي؛ فهو صحيح. والحديث أخرجه مسلم (2/100) من طريق ابن وهب: أخبرني يونس ... به؛ إلا أنه لم يذكر فيه: سعيد بن المسيب. ثم أخرجه هو، وأبو عوانة (2/83) ، وابن ماجه (1/260) ، والبيهقي (2/297) من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب ... به.

وهكذا أخرجه البخاري (2/92 و 319) ، والطحاوي في "شرح المعاني " (1/231) ، والطيالسي (رقم 2338) ، وأحمد (2/532) من طريق ابن أبي ذئب قال: حدثنا الزهري ... به. وأخرجه الترمذي (2/149) عن معمر عن الزهري عنهما ... مفرقاً. ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد (2/270) عن ابن المسيب وحده. وأخرجه البخاري (9/312) ، والبيهقي (2/297 و 3/228) - من طريق شعيب بن أبي حمزة-، والطحاوي، وأحمد (2/270) - عن يزيد بن الهاد-، وهو أيضا (2/452) - عن عقيل- ثلاثتهم عن الزهري عن أبي سلمة وحده. وأخرجه النسائي (1/138) ، والترمذي أيضا، وكذا مسلم (2/99) ، والدارمي (1/293- 294) ، والطحاوي والبيهقي، وأحمد (2/238) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب وحده ... به نحوه. وقد علَّق المصنف رحمه الله أحاديث هؤلاء كلهم- غير حديث ابن الهاد وعقيل-، وقد علقه من حديث الزُّبيدي أيضا؛ ولم أجد الأن من وصله! ومقصوده من هذه التعليقات واضح، وهو بيان أن قول ابن عيينة في هذا الحديث عن الزهري: " فاقضوا "؛ شاذ أو خطأ؛ لخالفتها لرواية جمهور أصحاب الزهري الذين قالوا فيه عنه: " فأتموا "؛ وأن هذه اللفظة عي الصواب. وقد نقل البيهقي عن مسلم أنه قال: " أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة". قلت: وكأن فيه إشارة إلى أن الخطأ لفظي ليس معنوياً، وهو كذلك؛ فإن القضاء هو الأداء في الأصل، بشهادة القرآن فما غير آية، كقوله تعالى: (فإذا قضيت الصلاة) ؛ قال السندي رحمه الله:

" والفرق بينهما اصطلاح الفقهاء، وهو حادث؛ فلا فرق بين الروايتين ". فالاختلاف في هذه اللفظة في هذه الرواية وغيرها- كما يأتي- ليس له كبير شأن؛ فلا حاجة للإطالة. 581- وقال محمد بن عمرو: عن أبي سلمة عن أبي هريرة. (قلت: وصله الطحاوي وغيره، وإسناده حسن صحيح) . قلت: وصله الطحاوي والبيهقي من طرق عن محمد بن عمرو ... به مختصراً؛ بلفظ: " إذا ثوِّبَ بالصلاة فعليكم بالسكينة؛ فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا ". وقد تابعه عمرو بن أبي سلمة عن أبيه. أخرجه أحمد (2/387 و 472) . 582- وجعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة: " فأتموا ". (قلت: لم أقف على من وصله من هذا الوجه. ووصله مسلم وغيره من وجه آخر) . لم أقف على من وصله من هذا الوجه! وقد وصله مالك (1/88) عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه وإسحاق بن عبد الله أنهما أخبراه أنهما سمعا أبا هريرة ... به مثل لفظ محمد بن عمرو سواءً، وزاد: " فإن أحدكم في صلاة؛ ما كان يَعْمِد إلى الصلاة ". ومن طريق مالك: رواه أبو عوانة (1/413) ، والطحاوي، وأحمد (2/460) .

ورواه مسلم (2/100) من طريق أخرى عن العلاء عن أبيه وحده. وهي رواية للطحاوي وأحمد (2/237 و 529) عن مالك. 583- وابن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. (قلت: لم أقف عليه موصولاً) . لم أقف على من وصله! 584- وأبو قتادة وأنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كلهم قالوا: " فأتِفُوا ". (قلت: أما حديث أبي قتادة؛ فقد وصله الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ". وأما حديث أنس؛ فوصله أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين. ووصله المصنف في "الاستفتاح " (رقم 741) ؛ لكن بلفظ: " وليقضِ ما سبمَه ". وكذا أخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") . قلت: أما حديث أبي قتادة، فقد وصله البخاري (2/92) ، ومسلم (2/100- 101) ، وأبو عوانة (2/83) ، والدارمي (1/294) ، والبيهقي (2/298 و 3/228) ، وأحمد (5/306) من طرق عن يحيى بن أبي كثير: أخبرني عبد الله بن أبي قتادة أن أباه أخبره قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسمع جَلَبَةً، فقال: " ما شأنكم؟! " قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال: " فلا تفعلوا؛ إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة؛ فما أدركتم فصلوا، وما سُبِقْتُمْ فَأتِمّوا ". لكن قد اختلف في هذه اللفظة منه: " فَأتِمّوا ":

فرواه هكذا الجمهور، كما في "الفتح " (2/94) ، قال: " ووقع لمعاوية بن هشام عن سفيان: " فاقضوا "، كذا ذكره ابن أبي شيبة عنه. وأخرج مسلم إسناده في "صحيحه " عن ابن أبي شيبة، فلم يسق لفظه ... "، ثم ذكر روايات المصنف الآتية، ثم قال: " والحاصل: أن أكثر الروايات ورد بلفظ: " فَآتِمّوا "؛ وأقلها بلفظ: "قاقضوا " ... ". قلت: وقد ذكرنا قريباً أنه لا فرق بينهما في المعنى؛ فالاختلاف لفظي. وأما حديث أنس؛ فوصله أحمد (3/229) : ثنا سليمان بن حَيان: ثنا حميد عن أنس ... مرفوعاً. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد وصله المؤلف فيما يأتي، وأبو عوانة (2/99) من طرق أخرى عن حميد ... به أتم منه؛ لكن بلفظ: " وليقضِ ما سبقه "؛ فقد اختلف فيه أيضا. 585- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ائتوا الصلاة وعليكم السَّكينةُ؛ فصلوا ما أدركتم، واقضوا ما سبقكم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبا سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 2350) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه الطحاوي (1/231) ، وأحمد (2/382 و 386) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ لكن الطحاوي قال: " فأتموا "؛ فلا أدري أهي محفوظة أم لا؟! 586- قال أبو داود: " وكذا قال ابن سيرين عن أبي هريرة: "وليقض ".... " (قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . قلت: وصله مسلم (2/100) ، وأبو عوانة (2/10) ، والطحاوي (1/231) ، والبيهقي (2/298) ، وأحمد (2/382 و 427) من طرق عن محمد بن سيرين ... به؛ ولفظه: " إذا ثُوَبَ بالصلاة؛ فلا يَسْعَ إليها أحدكم؛ ولكن ليمشِ وعليه السكينةُ والوقار، صل ما أدركت، واقض ما سبقك ". 587- وكذا قال أبو رافع عن أبي هريرة. (قلت: لم أجده موصولاً من هذا الوجه) . قلت: لم أجد من وصله من هذا الوجه! وقد وصله أحمد من طريق آخر فقال (2/318) : ثنا عبد الرزاق بن همام: ثنا معمر عن همام بن مُنَبهٍ قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قلت: بهذا السند أحاديث كثيرة؛ منها هذا؛ بلفظ: " إذا نودي بالصلاة؛ فأْتوها وأنتم تمشون وعليكمُ السكينةُ؛ فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم قاقضوا "!

54- باب في الجمع في المسجد مرتين

لكن قد أخرجه مسلم (2/150) ، وأبو عوانة (1/413- 414 و 2/10) ، والبيهقي (2/298) من طرق عن عبد الرزاق ... به بلفظ: " فأتموا ". وعلى هذا أكثر الرواة لحديث أبي هريرة وغيره كما سبق. والله أعلم. 558- وأبو ذر روى عنه: " فأتِمّوا "، و: " اقضوا "؛ واختلف فيه. (قلت: لم أقف عليه موصولاً) . لم أقف عليه موصولاً! 54- باب في الجمع في المسجد مرتين 589- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبصر رجلاً يصلي وحده، فقال: " ألا رجل يتصدق على هذا فيصليَ معه؟! ". (قلت: إسناده صحيح، وقوّاه ابن حزم، وابن حجر، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهيب عن سليمان الأسود عن أبي المتوكل عن أبي سعيد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير سليمان الأسود- ويقال: ابن الأسود-؛ وهو الناجي أبو محمد البصري، وهو ثقة اتفاقاً. والحديث أخرجه الحاكم (2/209) من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل.

وأخرجه الدارمي (1/318) ، والبيهقي (3/69) ، وأحمد (3/64) ، والطبراني في "الصغير" (ص 126 و 138) من طرق أخرى عن وهيب بن خالد ... به. وقال الدارمي والطبراني: سليمان بن الأسود. وأخرجه الترمذي (1/427- 428) ، والبيهقي وأحمد (3/5 و 45) وابن حزم في "المحلى" (4/238) من طريق سعيد بن أبي عروبة قال: ثنى سليمان الناجي ... به؛ وزاد في آخره: فقام رجل من القوم فصلى معه. ثم أخرجه أحمد (3/85) : ثنا علي بن عاصم: أنا سليمان الناجي ... به بلفظ: قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه الظهر، قال: فدخل رجل من أصحابه، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما حبسك يا فلان! عن الصلاة؟ ". قال: فذكر شيئاً اعتلّ به، قال: فقام يصلي، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث مثل رواية ابن أبي عروبة. وقال الهيثمي في "المجمع " (2/45) : " رواه أحمد. وروى أبو داود والترمذي بعضه، ورجاله رجال (الصحيح) "! كذا قال! وعلي بن عاصم لم يرو له الشيخان، وهو صدوق، مع ضعف فيه من قبل حفظه. وسليمان الأسود لم يخرجا له أيضا كما علمت. ثم قال الترمذي: " حديث حسن ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم؛ سليمان الأسود هذا: هو سليمان بن سُحَيم، احتج به مسلم "! ووافقه الذهبي!

وقد أخطآ؛ وإنما هو سليمان بن الأسود الناجي البصري، كما سبق في مجموع الروايات. والحديث أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"؛ كما في "نصب الراية" (2/27) . وقوّاه ابن حزم؛ حيث قال- وهو يرد على خصومه-: " لو ظفروا بمثل هذا؛ لطاروا به كل مطار "؛ يعني: أنه صحيح عنده لا مطعن فيه. والحافظ ابن حجر؛ فقال في "التلخيص " (4/299) : " وقد ورد ما هو نص في إعادتها في جماعة لمن صلى جماعة على وجه مخصوص؛ وذلك في حديث أبي المتوكل عن أبي سعيد قال ... ". قلت: فذكره. ثم روى البيهقي من طريق المصنف بإساده الصحيح عن الحسن في هذا فقام أبو بكر رضي الله عنه، فصلّى معه؛ وقد كان صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وللحديث شواهد كثيرة أوردها الهيثمي في "المجمع " (2/45- 46) وفيها: " وعن ثابت- لعله- عن أنس: أن رجلاً جاء وقد صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام يصلي وحده، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يتَّجِر على هذا فيصلي معه؟! ". رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن الحسن؛ فإن كان ابن زبالة فهو ضعيف "! قلت: ليس به؛ وإنما هو محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي- لقبه: التلُ-: فقد أخرجه الدارقطني (1/103) من طريق عمر بن محمد بن الحسن الأسدي: ثنا أبي: نا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس ... به.

55- باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة؛ يصلي معهم

وهذا إسناد جيد، كما قال الزيلعي، وتبعه العسقلاني. 55- باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة؛ يصلي معهم 590- عن يزيد بن الأسود، أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو غلام شاب، فلما صلى؛ إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما، فجيء بهما تُرْعَدُ فرائصُهما. فقال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟! ". قالا: قد صلينا في رحالنا. فقال: " لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الامام ولم يصلِّ؛ فليصل معه؛ فإنه له نافلة ". (قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن السكن. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، وصححه ابن خزيمة أيضا) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة: أخبرني يعلى بن عطاء عن جابر ابن يزيد بن الأسود عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير جابر بن يزيد ابن الأسود؛ وقد قال النسائي: إنه "ثقة".

وذكره ابن حبان في "الثقات "- وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق ". والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1247) : حدثنا شعبة ... به. ومن طريقه: أخرجه الطحاوي (1/213) . وأخرجه الدارمي (1/317) ، وابن خزيمة (1638) ، وابن حبان (435) ، والدارقطني (ص 159) ، والبيهقي (2/300) ، وأحمد (4/161) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأخرجه النسائي (1/137) ، والترمذي (1/424- 425) ، وابن خزيمة وابن حبان، والدارقطني، والحاكم (1/244- 245) ، والبيهقي (2/301) ، وابن أبي شيبة (2/274- 275) ، وأحمد (4/160- 161) من طرف أخرى عن يعلي بن عطاء ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم. " هذا حديث رواه شعبة وهشام بن حسان وغَيْلان بن جامع وأبو خالد الدالاني وأبو عوانة وعبد اللك بن عمير ومبارك بن فَضَالة وشريك بن عبد الله وغيرهم: عن يعلي بن عطاء؛ وقد احتج مسلم بيعلى بن عطاء "! قلت: فماذا كان؟! ومن فوقه لم يحتج به مسلم ولا البخاري؟! وقال البيهقي: " وقال الشافعي رحمه الله في (القديم) : وهذا إسناد مجهول. وإنما قال ذلك - والله أعلم-؛ لأن يزيد بن الأسود ليس له راوٍ غير ابنه جابر بن يزيد، ولا لجابر ابن يزيد راوٍ غير يعلى بن عطاء. وهذا الحديث له شواهد، فالاحتجاج به وبشواهده صحيح ". قال الحافظ في "التلخيص " (4/297) :

" قلت: يعلى من رجال مسلم. وجابر وثقه النسائي وغيره. وقد وجدنا لجابر ابن يزيد راوياً غير يعلى: أخرجه ابن مندة في "المعرفة" من طريق بقية عن إبراهيم ابن ذي حِماية عن عبد الملك بن عمير عن جابر ". قلت: وأخرجه الدارقطني أيضا (ص 159) عن بقية. والحديث صححه ابن السكن عن يعلى، كما قال الحافظ. ومن شواهده التي أشار إليها البيهقي: حديث أبي ذر: " صَلِّ الصلاة لوقتها؛ فإن أدركتها معهم فصل؛ فإنها لك نافلة ". أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأصحاب "السنن "، وقد مضى في أوائل " الصلاة " (رقم 458) . ومنها: عن محجن: عند النسائي بسند حسن لغيره. وعن عبد الله بن سَرْجِس: عند الطبراني في "الكبير"؛ وفيه ضعف أو جهالة.انظر " المجمع " (2/45) . 591- (وفي رواية عنه قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح بمنى ... بمعناه) . (قلت: إسنادها صحيح أيضا) . إسناده: حدثنا ابن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير جابر بن يزيد، وهو ثقة كما ذكرنا في الإسناد قبله.

56- باب إذا صلى ثم أدرك جماعة؛ يعيد

وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري. والحديث سبق تخريجه والكلام عليه قبل؛ وإنما ساقه المصنف من طريق أخرى عن شعبة بهذه الزيادة التي فيه؛ وهي أن الصلاة هي صلاة الصبح، وفي منى؛ وهي ثابتة عند الحاكم وغيره. وفيها دلالة على أن الإعادة مع الجماعة مشروعة؛ ولو بعد الصبح وكذا العصر؛ وهو الحق وإليه ذهب الشافعية وغيرهم. 56- باب إذا صلى ثم أدرك جماعة؛ يعيد 592- عن سليمان- يعني: مولى ميمونة- قال: أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلّون، فقلت: الا تصلي معهم؟! قال: قد صليت؛ إتي سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول: " لا تصلوا صلاة في يوم مرتين "! (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن السكن. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2389) في "صحيحيهما". وقال النووي: " إسناده حسن ") . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُرَبْع: ثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن سليمان- يعني: مولى ميمونة-. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن شعيب، وهو ثقة، وفيه كلام لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، كما تقدم، وقد صحح حديثه هذا من يأتي ذكره. والحديث أخرجه النسائي (1/138) ، والدارقطني (ص 159- 160) ،

والبيهقي (303) ، وكذ االطحاوي (1/187) ، وأحمد (رقم4689و 4994) وأبو نعيم في "الحلية" (8/385 و 9/231) من طرق أخرى عن حسين المعلم ... به. وقال الدارقطني: " تفرد به حسين العلم عن عمرو بن شعيب ". قلت: حسين ثقة احتج به الشيخان في "صحيحيهما". وعمرو قد عرفت حاله. وقال أبو الطيب فهب تعليقه على "الدارقطني ": " ورواه ابن حبان في "صحيحه"، وقال: عمرو بن شعيب في نفْسه ثقة، يحتج بخبره إذا روى عن غير أبيه ". ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ". قال الخووي في "الخلاصة ": " إسناده صحيح ". ونقل المناوي عن ابن السكن أنه صححه. ولعمرو بن شعيب فيه إسناد آخر بزيادة فيه: أخرجه الطحاوي من طريق عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن خالد بن أيمن المَعَافِرِيِّ قال: كان أهل العوالي يصلون في منازلهم ويصلون مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فنهاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيدوا الصلاة في يوم مرتين. قال عمرو: قد ذكرت ذلك لسعيد بن المسيب؟ فقال: صدق. قلت: وهذا إسناد مرسل حسن بمتابعة سعيد بن المسيب. وأما خالد بن أيمن المعافري؛ فقال الحافظ ابن حجر: " تابعي أرسل، وذكره ابن حبان في "الثقات "؛ كما في "كشف الأستار".

واعلم أن هذا الحديث عام، مخصوص بالحديث المتقدم في الباب السابق وما في معناه؛ فإنه يدل على جواز- بل استحباب- إعادة الصلاة مع الجماعة بنية النفل. وإلى هذا ذهب ابن عمر نفسه؛ فقد روى الطحاوي عن عثمان بن سعيد ابن أبي رافع قال: أرسلني محَررُ بن أبي هريرة إلى ابن عمر أساله: إذا صلى الرجل الظهر في بيته، ثم جاء إلى المسجد والناس يصلون، فصلى معهم؛ أيتهما صلاته؟ فقال ابن عمر: صلاته الأولى. فلو كان يرى أن الصلاة الأخرى منهيٌّ عنها مطلقاً؛ لنهاه ولما أقره عليها، ولما كان لبيانه له أن الصلاة المفروضة من الصلاتين هي الأولى ا وأصرح من ذلك ما أخرجه مالك (1/153) عن نافع: أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر، فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة مع الإمام؛ أفأصلي معه؟ فقال له عبد الله بن عمر: نعم. فقال الرجل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال ابن عمر: أو ذلك إليك؟! إنما ذلك إلى الله، يجعل أيتهما شاء! وحينئذ فتَرْكُ ابن عمر إعادة الصلاة في حديث الباب؛ إنما هو ليدل على أن الإعادة ليست حتماً؛ وإنما هي على الاختيار أو الاستحباب، كما قال البيهقي رحمه الله (2/303) . هذا؛ وفي رواية مالك: أن ابن عمر توقف في تعيين الفريضة من الصلاتين؛ بينما جزم في رواية الطحاوي بأنها الأولى. وهذا هو الحق؛ لموافقته للحديث المتقدم؛ والظاهر أنه كان لم يبلغه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما بلغه جزم به. والله أعلم.

57- باب جماع الامامة وفضلها

57- باب جُمَّاع الامامة وفضلها 593- عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أمّ الناس فأصاب الوقت؛ فله ولهم، ومن انتَقَصَ من ذلك شيئاً؛ فعليه ولا عليهم ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيٌ: ثنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علي الهَمْدَاني قال: سمعت عقبة بن عامر يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ لكن في عبد الرحمن بن حرملة كلام من قبل حفظه؛ إلا أنه لم يفحش؛ فقد قال ابن عدي: " لم أر في حديثه حديثاً منكراً ". فهو حسن الحديث محتج به؛ ما لم يظهر خطؤه، وقد روى له مسلم متابعة. وقال فيه الحافظ: " صدوق ربما أخطأ ". وأبو علي الهمداني: اسمه ثمَامة بن شفَي، وهو ثقة من رجال مسلم. وأعله بعضهم بـ (يحيى) ابن أيوب؛ وهو المصري؛ قال المناوي: " قال عبد الحق: فيه يحيى بن أيوب، لا يحتج به. وقال ابن القطان: لولا هو؛ لكنا نقول: الحديث صحيح "!

قلت: وهذا ذهول عن كونه لم يتفرد بالحديث؛ بل تابعه عليه جماعة، كما يأتي! على أنه في نفسه ثقة محتج به في "الصحيحين "؛ وإن كان في حفظه ضعف؛ فهو في ذلك نحو شيخه عبد الرحمن بن حرملة. والحديث أخرجه الحاكم (1/210) - عن حرملة بن يحيى-، و (1/313) - عن أحمد بن صالح المصري-، والطحاوي في "المشكل " (3/54) : ثنا يونس بن عبد الأعلى- قالوا: ثنا ابن وهب ... به. وأخرجه البيهقي (3/127) من طريق سعيد بن أبي مريم: آبَنا يحيى بن أيوب ... به. وقد تناقض فيه الحاكم؛ فقال في الموضع الأول: " حديث صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي! وقال في الموضع الآخر: " صحيح؛ فقد احتج مسلم بعبد الرحمن بن حرملة، واحتج البخاري بـ (يحيى) ابن أيوب "! وقوله هذا أقرب إلى الصواب، وإن كان أخطأ في قوله: " احتج مسلم بعبد الرحمن "! فإنما روى له متابعة كما سبق، وصرح بذلك الحافظ في "التهذيب ". وأخرجه ابن ماجه (1/311) - عن ابن أبي حازم-، والحاكم أيضا- عن وهيب-، وأحمد (4/146) - عن عَطاف-، و (4/201) - عن علي بن عاصم- كلهم عن عبد الرحمن بن حرملة ... به، ولم يسم عَطَّاف شيخَ ابن حرملة؛ وإنما

قال: عن رجل من جهينة! وقد تابعه عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي علي المصري ... به نحوه: أخرجه أحمد (4/154 و 156) . وعبد الله هذا ضعيف؛ لسوء حفظه، وهو ممن يكتب حديثه كما قال ابن عدي. ومن طريقه: رواه الطيالسي أيضا (رقم 1004) ؛ ولكنه لم يُسَمهِ. وللحديث شاهد من حديث أبي هريره مرفوعاً بلفظ: " يصلون لكم؛ فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم ". أخرجه البخاري (2/149) ، وأحمد (2/355 و 536- 537) ، ومن طريقه البيهقي (3/126-127) من طريق عطاء بن يسارعنه. ورواه الشافعي في "الأم " (1/141) من طريق أخرى تعليقاً مجزوماً به. فقال: " روى صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يأتي قوم فيصلون لكم؛ فإن أتموا كان لهم ولكم، وإن نقصوا كان عليهم ولكم " ... ". وقال الحافظ في "الفتح ": " وقد أخرج ابن حبان حديث أبي هريرة من وجه آخر، ولفظه: " يكون أقوام يصلون الصلاة؛ فإن أتموا فلكم ولهم " ... ". قلت: وتمامه: " وإن انتقصوا فعليهم ولكم "؛ كما في "موارد الظمآن ". عن أبي علي الإفريقي عن صفوان بن سُلَيْم. وله شاهد آخر من حديث سهل بن سعد: أخرجه ابن ماجه، والحاكم

58- باب في كراهية التدافع على الامامة

(1/216) ، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأخطآ؛ فإن في إسناده عبد الحميد بن سليمان أخا فليح؛ وقد ضعفه الجمهور، ولم يخرج له مسلم! 58- باب في كراهية التدافع على الامامة [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 59- باب من أحق بالإمامة،؟ 594- عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءةً، فإن كانوا في القراءة سواءً؛ فليؤُمَّهم أقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً؛ فليؤمهم أكبرهم سنّاً، ولا يُؤَمُّ الرجل في بيته، ولا في سلطانه، ولا يُجْلَسُ على تَكْرِمَتِهِ إلا بإذنه ". قال شعبة: فقلت: لإسماعيل: ما تكرمته؟ قال: فراشه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة: أخبرني إسماعيل بن رجاء قال: سمعت أوس بن ضَمْعَج يحدث عن أبي مسعود البدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/125) من طريق المصنف.

وأخرجه الطيالسي أبو داود في "مسنده " (رقم 618) قال: حدثنا شعبة ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/36) ، والبيهقي من طريقه. وأخرجه مسلم (2/133) ، وأبو عوانة أيضا، وابن ماجه (1/310) ، وأحمد (4/118 و 121) من طريق أخرى عن شعبة 000 به؛ وزاد حجاج- عند أبي عوانة-: " فليؤمهم أعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً؛ فأقدمهم هجرة ... " وذكر الحديث. وقد تابعه المسعودي عن إسماعيل بن رجاء؛ وفيه: " وأقدمهم قراءة ... " والباقي مثل رواية الجماعة عن شعبة. وتابعه الأعمش أيضا عن إسماعيل؛ ولكنه ليس فيه: " وأقدمهم قراءة "؛ وإنما فيه ما في رواية حجاج عن شعبة: " فإن كانوا في القراءة سواءً؛ فأعلمهم بالسنة ... " الحديث، ويأتي في الكتاب. فالزيادتان صحيحتان عندي؛ خلافاً للخطابي في "المعالم " (1/302) ؛ حيث قال: " والصحيح رواية سفيان عن إسماعيل بن رجاء ... "، ثم ساق إسناده، ثم قال: " وهذا هو الصحيح المستقيم في الترتيب ... "، ثم فصل القول في بيان ذلك! وقد خفيت عليه رواية الحجاج عند أبي عوانة؛ فإنها موافقة في الترتيب لرواية سفيان! لكن هنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن الحديث ليس من رواية سفيان عن

إسماعيل- كما وقع عند الخطابي-؛ وإنما هو من رواية سفيان عن الأعمش عن إسماعيل! كذلك أخرجه البيهقي (3/119) من طريق الحميدي عن سفيان. وكذلك رواه غيره عنه، كما يأتي. وللجملة الأولى شاهد من حديث أنس مرفوعاً. أخرجه أحمد (3/163) بسند صحيح. 595- (وفي رواية عن شعبة ... بهذا الحديث؛ قال فيه: " ولا يَؤُم الرجل الرجلَ في سلطانه ") . (قلت: إسنادها صحيح على شرط مسلم أيضا) . إسناده: ثنا ابن معاذ: ثنا أبي عن شعبة ... بهذا الحديث. قلت: وهذا صحيح كالذي قبله. 596- قال أبو داود: " وكذا قال يحيى القطان عن شعبة: " أقدمهم قراءةً" ... ". (قلت: وصله أحمد: ئنا يحيى عن شعبة ... به) . قلت: وصله أحمد (4/121- 122) : ثنا يحيى عن شعبة ... به. 597- وفي رواية أخرى عن أبي مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الحديث؛ قال: " فإن كانوا في القراءة سواءً؛ فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة

سواءً؛ فأقدمهم هجرة ... "؛ ولم يقل: " فأقدمهم قراءة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان (2124) في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الله بن نُمير عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج الحضرمي قال: سمعت أبا مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ والحسن بن علي: هو ابن محمد الخَلاّل الحَلْواني. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/35) من طريق الحسن بن عفان- وهو ابن علي ابن عفان- قال: ثنا عبد الله بن نمير ... به؛ ولفظه: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله؛ فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة؛ فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سناً، ولا يُؤَم الرجل في سلظانه، ولا يجْلَسُ على تكرمته في بيته إلا بإذنه ". وهكذا أخرجه مسلم (2/133) ، والنسائي (11/23) ، والترمذي (1/458- 459) ، والبيهقي (3/119و 125) ، وأحمد (4/121 و 5/272) ، من طرق أخرى عن الأعمش ... به. ورواه ابن حبان في "صحيحه " (2124) . وقد تابعه السّديّ عن أوس: عند الخطيب (7/451) . وأخرجه الدارقطني (ص 104) ، والحاكم (1/243) ، والبيهقي (3/199) من طريق جرير بن حازم عن الأعمش ... به؛ إلا أنه قال: " يؤم القوم أكثرهم قرآناً؛ فإن كانوا في القرآن واحداً فأقدمهم هجرة؛ فإن كانوا

في الهجرة واحداً فأفقههم فقهاً؛ فإن كانوا في الفقه واحداً فأكبرهم سناً ". فرواه بالمعنى؛ أعني: قوله: " فأعلمهم بالسنة؛ فإن كانوا في السنة سواء ... " فقال: " فأفقههم فقهاً ... " إلخ! وجعلها في المنزلة الثالثة، ومنزلتها الثانية. ولذلك فإنها رواية شاذة. وقد أشار إلى هذا البيهقي؛ حيث قال عقبه: " ورواه جماعة عن الأعمش على اللفظ الأول ". وقال الحاكم: " وهذه لفظة غريبة عزيزة بهذا الإسناد الصحيح "! ثم ذكر له شاهداً؛ وهو: 598- قال أبو داود: " رواه حجاج بن أرطاة عن إسماعيل قال: " ولا تَقْعدْ على تَكْرِمَةِ أحد إلا بإذنه " ... ". (قلت: وصله الدارقطني والحاكم عن الحجاج، وهو مدلس، وقد عنعنه، وفي متنه نكارة ومخالفة للروايات السابقة؛ لكن هذا القدر المعلق منه صحيح) . إسناده: وصله الدارقطني (ص 154) ، والحاكم (1/243) من طريق أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي: ثنا المنذر بن الوليد الجارودي: ثنا يحيى بن زكريا بن دينار الأنصاري: ثنا الحجاج عن إسماعيل بن رجاء ... به؛ ولفظه: " يؤم القوم أقدمهم هجرة؛ فإن كانوا في الهجرة سواءً فأفقههم في الدين؛ فإن كانوا في الدين سواءً فأقرؤهم للقرآن، ولا يُؤَمّ الرجل في سلطانه، ولا يقْعَد على تكرمته إلا بإذنه ". قال الزيلعي (2/25) : " وهو معلول بالحجاج بن أرطاة ". قلت: وذلك لأنه مدلس؛ وقد عنعنه.

وبقية رجاله ثقات؛ غير يحيى بن زكريا بن دينار الأنصاري؛ فلم أجد له ترجمة! وقد أورده في شيوخ المنذر بن الوليد: صاحب "التهذيب "؛ إلا أنه سمّى جده زياداً؛ ولم أجد من ترجمه أيضا! والله أعلم. وحديث الحجاج هذا شاذ أيضا؛ بل منكر مخالف لسياق حديث شعبة والأعمش السابقين تقديماً وتأخيراً، كما هو واضح. ولكن الجملة الأخيرة منه- التي من أجلها علقها المصنف- صحيحة؛ لموافقتها في المعنى لسائر الروايات. 599- عن عمرو بن سَلِمة قال: كنا بحاضر، يمرُّ بنا الناس إذا أتوُا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكانوا إذا رجعوا مرُوا بنا، فأخبرونا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال كذا وكذا، وكنت غلاماً حافظاً، فحفظت من ذلك قرأناً كثيراً، فانطلق أبي وافداً إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفر من قومه، فعلًمهم الصلاة، وقال: " يؤمكم أقرؤكم ". فكنت أقرأهم لِمَا كنت أحفظ، فقدَّ موني، فكنت أؤمُهم وعلي بردة صغيرة صفراء، فكنت إذا سجدت تكشفت عني. فقالت امرأة من النساء: وارُوا عنا عورة قارِئكم! فاشتروا لي قميصاً عُمَانيّاً، فما فرحت يشيء بعد الاسلام فرحي به، فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع- أوثمان- سنين. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري في "صحيحه " نحوه) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أنا أيوب عن عمرو بن

سَلمَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلَمة، كما ذكر الحافظ في "الفتح " (8/18) . وقد رواه عن أيوب: حمادُ بن زيد أيضا كما يأتي. والحديث أخرجه ابن حزم (4/218) من طريق المصنف. وأخرجه ابن منده والطبراني من طريق حماد بن سلمة؛ وفما روايتهما ما يدل على أنه وفد مع أبيه أيضا؛ كما في "الفتح ". وأخرجه البخاري (8/18- 19) : حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب ... نحوه. وأخرجه الدارقطني (ص 179) ، والبيهقي (3/91) من طرق أخرى عن سليمان بن حرب ... به. وأخرجه النسائي (1/127) من طريق سفيان عن أيوب قال: حدثني عمرو بن سَلِمَةَ الجَرْمي ... به مختصرأ، وفيه: وأنا ابن ثمان سنين ... بدون شك. وأخرجه أيضا (1/105) من طريق سليمان بن حرب ... بإسناده مختصراً. 600- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ قال: فكنت أؤمهم في بُردة مُوَصَّلة فيها فَتْق؛ فكنت إذا سَجَدتُ خَرَجَت اسْتِي! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .

إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة ... بهذا الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وزهير: هو ابن معاوية بن حُدَيج الجُعْفِي. والحديث أخرجه البيهقي (3/91) من طريق يزيد بن هارون: آبَنا عاصم ... به، ولفظه: قال: لما رجع قومي من عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قالوا: إنه قال لنا: " ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن ". قال: فدعوتي فعلموني الركوع والسجود؛ فكنت أصلي بهم وأنا غلام؛ وعلي بردة مفتوقة؛ فكانوا يقولون لأبي: ألا تغطي عنا است ابنك؟! 601- وفي أخرى عنه عن أبيه: أنهم وفد وا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أرادوا أن ينصرفوا قالوا: يا رسول الله! من يَؤُمنا؟ قال: " أكثركم جمعاً للقرآن- أو أخذاً للقرآن- ". فلم يكن أحد من القوم جمع ما جمعتُ، فقدَّموني وأنا غلام وعليَّ شَمْلَةٌ لي. قال: فما شهدت مَجْمَعاً من جَرْم إلا كنت إمامهم، وكنت أصلي على جنائزهم إلى يومي هذا. (قلت: إسناده صحيح؛ غير أن قوله: (عن أبيه) شاذ! والصواب ما يأتي بعده) .

إسناده: أخبرنا قتيبة: ثنا وكيع عن مِسْعَرِ بن حبيب الجَرْمي: ثنا عمرو بن سلمة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيحين "؛ غير مسعر ابن حبيب الجرمي، وهو ثقة أيضا اتفاقاً، لكن قوله: عن أبيه! شاذ؛ لم يوافقه عليه أحد ممن رواه عن عمرو، كما تقدم. على أنه قد رواه عنه غير وكيع على الجادة، وهو: 602- قال أبو داود: " ورواه يزيد بن هارون عن مسعر بن حبيب عن عمرو بن سلمة قال: لما وفد قومي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لم يقل: عن أبيه ". (قلت: وهذا هو الصحيح، وكذلك وصله البيهقي عن يريد) . قلت: وصله البيهقي (3/225) من طريق العباس بن محمد الدوري: ثنا يزيد ابن هارون ... به بلفظ: ثنا عمرو بن سلمة: أن أباه ونفرأ من قومه وفدوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أسلم الناس ليتعلموا القرآن، فلما قضوا حاجتهم قالوا: من يصلي بنا- أو لنا- ... الحديث نحو الرواية المتقدمة. وإسناده صحيح، رجالهم ثقات. وقد رواه من طريق الحاكم؛ ولم أجده الآن في "مستدركه "! 603- عن ابن عمر أنه قال: لما قدم المهاجرون الأولون؛ نزلوا العُصْبَة قبل مَقْدَمِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان يؤمُهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآناً. (وزاد في رواية:

وفيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة بن عبد الأسد) . (قلت: إسنادهما صحيح، والأولى على شرط مسلم والبخاري. وقد أخرجها في "صحيحه "، وأخرج الرواية الأ خرى بنحوها) إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا أنس- يعني: ابن عياض-. (ح) وحدثنا الهيثم ابن خالد الجهني- المعنى- قالا: ثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: والإسناد الأول صحيح على شرط الشيخين، والآخر صحيح؛ فإن الهيثم بن خالد هذا- وإن كان ثقة- فلم يخرج له الشيخان. والحديث أخرجه البيهقي (3/89) عن المؤلف. وأخرجه البخاري (2/148) : حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: ثنا أنس بن عياض ... به. ثم أخرج (13/143) ، والبيهقي من طريق ابن جريج أن نافعاً أخبره أن ابن عمر رضي الله عنه أخبره ... به مختصراً نحوه وزاد: في مسجد قباء؛ فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة. قال البيهقي: " كذا قال: (وفيهم أبو بكر) ! ولعله في وقت آخر؛ فإنه إنما قدم أبو بكر رضي الله عنه مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويحتمل أن تكون إمامته إياهم قبل قدومه وبعده. وقول الراوي: (وفيهم أبو بكر) أراد بعد قدومه ". قلت: وهذا التأويل لا بد منه وإن لم يرتضه الحافظ؛ وذلك لأن الرواية الأولى صريحة بأنه كان يؤمهم قبل مَقْدَمِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فليست تشمل أبا بكر؛ للسبب الذي ذكره البيهقي، ولذلك لم ينص فيها على أبي بكر.

وأما الرواية الأخرى؛ فليس فيها ما في الأولى؛ فإن لفظها: كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأوفي وأصحابَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجد قباء؛ فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة. فليس فيها أن الإمامة الواردة فيها كانت قبل القدوم حتى يرد الإشكال؛ بل فيها عكس ذلك؛ فإن من المعلوم أن مسجد قباء إنما بناه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد قدومه إلى المدينة؛ كما في "صحيح البخاري " (7/195) . وفي هذه الرواية: أن إمامته بأبي بكر إنما كانت فيه؛ فهي كالنص على أن ذلك كان بعد القدوم، فإذا ضممت هذا إلى ما أفادته للرواية الأولى- كما هو الواجب في أمثاله- ينتج منه أن سالماً رضي الله عنه كان يؤمهم قبل القدوم وفيهم عمر؛ وغيره، وبعد القدوم وفيهم أبو بكر وغيره. وبذلك يطيح الاشكال من أصله. والله تعالى ولي التوفيق. (تنبيه) : قال المنذري في "مختصره ": " وأخرجه البخاري؛ وليس فيه ذكر عمر وأبي سلمة "! وهذا النفي خطأ، كما عرفت مما سبق. 604- عن مالك بن الحويرث: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له- أو لصاحب له-: " إذا حضرت الصلاة؛ فأذِّنا ثم أقيما، ثم ليؤفَكما أكبركما ". (زاد في رواية: قال: وكنا يومئذ متقاربين في العلم) . (وفي الرواية الأولى: قال خالد: قلت لأبي قلابة: فأين القرآن؟ قال: إنهما كانا متقاربين) . (قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجها هو

ومسلم وأبو عوانة وابن خزيمة في " صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وليس عندهم- إلا ابن خزيمة-: قال خالد ... إلخ. أما الزيادة في الرواية الأخرى؛ فإنها مدرجة. والصواب أنها من قول أبي قلابة، كما في الرواية الأولى) إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. (ح) وثنا مسدد: ثنا مسلمة بن محمد - المعنى واحد- عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث. والزيادة في حديث مسلمة. قلت: الإسناد الأول صحيح على شرط البخاري. والآخر ضعيف؛ من قبل مسلمة بن محمد- وهو الثقفي البصري-؛ وهو مختلف فيه؛ قال ابن معين: " ليس حديثه بشيء ". وقال أبو حاتم: " شيخ ليس بالمشهور، يكتب حديثه ". وقال الآخرِّي عن المصنف: " حدثنا عنه مسدد أحاديث مستقيمة ". قال: فقلت لأبي داودِ: إنه حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " إياكم والزَّنْجَ؛ فإنه خلق مُشوة "؟ فقال: " من حدث بهذا فاتهمه " وقال الساجي في ترجمته في هذا الحديث: " رفعه عنه بعضهم، ووقفه بعضهم ". قال الحافظ: " وروي من طرق واهية ". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات "! قلت: وهذا الحديث مما يدل على ضعفه؛ حيث أدرج في الحديث:

وكنا يومئذ متقاربين في العلم! وإنما هي من كلام أبي قلابة، كما في حديث إسماعيل- وهو ابن علَيَّة-؛ وقال الحافظ في "الفتح " (2/135) - بعد ذكر رواية مسلمة هذه من طريق المصنف-: " وأظن في هذه الرواية إدراجاً؛ فإن ابن خزيمة رواه من طريق إسماعيل بن عُلَيَة عن خالد قال: قلت لأبي قلابة: فأين القراءة؟ قال: إنهما كانا متقاربن. وأخرجه مسلم من طريق حفص بن غياث عن خالد الحذاء، وقال فيه: قال الحذاء: وكانا متقاربن في القراءه. ويحتمل أن يكون مستند أبي قلابة في ذلك هو إخبار مالك بن الحويرث، كما أن مستند الحذاء هو إخبارأبي قلابة له به، فينتفي الإدراج عن الإسناد. والله أعلم ". قلت: وهذا جمع حسن، لو ثبتت رواية مسلمة؛ وإذ ليس؛ فلا مسوغِّ لهذا الجمع! والحديث أخرجه البيهقي (3/121) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (3/436) : ثنا إسماعيل عن خالد ... به. وأخرجه النسائي (1/108) من طريق أخرى عن إسماعيل؛ وليس عنده قول خالد: قلت ... إلخ. وكذلك رواه سفيان عن خالد ... به. أخرجه البخاري (2/88- 89) و (6/41) ، وأبو عوانة (1/332 و 2/8 و349) ، والنسائي أيضا (1/104 و 126) ، والترمذي (1/399) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه البخاري (2/112) ، ومسلم وأبو عوانة (2/8- 9) ، وابن ماجه

60- باب إمامة النساء

(1/309- 310) ، والبيهقي (3/67) ، وأحمد (5/53) من طرق أخرى عن خالد ... به؛ وزاد أحمد في آخره من طريق شعبة: " وصلوا كما رأيتموني أصلي ". وتابعه أيوب عن أبي قلابة ... به أتم منه. أخرجه البخاري (11/359 و 13/198- 199) ، ومسلم وأبو عوانة والشافعي في "الأم " (1/140) ، والدارمي (1/286) ، والبيهقي (3/120) ، وأحمد (3/436 و 5/53) من طرق عنه. وأخرجه النسائي (1/104- 105) ، والبخاري أيضا (2/87- 88و 89 و 135 - 136 و 239) ؛ وزاد في رواية- والشافعي والبيهقي- الزيادة التي عند أحمد عن شعبة. وكذا رواه الدارقطني (101) . 60- باب إمامة النساء 605- عن أم ورقة بنت نوفل: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما غزا بدراً؛ قالت: قلت له: يا رسول الله! ائذن لي في الغزو معك، أُمَرِّضْ مرضاكم؛ لعل الله أن يرزقني الشهادة! قال: " قِرِّي في بيتك؛ فإن الله عز وجل يرزقك الشهادة ". قال: فكانت تسمى (الشهيدة) . قال: وكانت قد قرأت القرآن؛ فاستأذنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تتخذ في

دارها مؤذناً، فآذِنَ لها، قال: وكانت دَبَّرت غلاماً وجاربة، فقاما إليها بالليل فغمّاها بقطيفة لها، حتى ماتت وذهبا، فأصبح عمر، فقام في الناس فقال: من عنده من هذين علم، أو من رآهما؛ فليجئ بهما! فآمر بهما فصُلبا، فكانا أول مصلوب بالمدينة. (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن خزيمة، وأقره الحافظ، دوافقه العيني) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع بن الجراح: ثنا الوليد بن عبد الله بن خمَيع: حدثتتي جدَّني وعبد الرحمن بن خَلاّد الأنصاري عن أم ورقة بنت نوفل. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله موثقون من رجال مسلم؛ غير جدة الوليد - واسمها ليلى بنت مالك؛ كما في بعض الروايات-، وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري، وهما مجهولان؛ قال الحافظ عن الأولى: " لا تعرف ". وعن الآخر: " مجهول الحال ". وهذا قد ذكره ابن حبان في "الثقات "؛ على قاعدته! ولكن أحدهما يقوي رواية الآخر؛ لا سيما وأن الذهبي قال في "فصل النسوة المجهولات ": " وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها ". ولعله لذلك قال الحافط: في "بلوغ المرام " (2/48) - بعد أن عزاه للمصنف-: " وصححه ابن خزيمة "؛ وأقره.

وأما المنذري؛ فأعله في "مختصره " بقوله: " فيه الوليد بن عبد الله بن جُميع الزهري الكوفي؛ وفيه مقال، وقد أخرج له مسلم "! قلت: لكن هذا المقال لا يسقط حديثه عن درجة الحسن؛ فإنه- بالإضافة إلى تخريج مسلم له- فقد قال ابن معين فيه: " ثقة ". وكفى به توثيقاً! وكذا قال العجلي. وقال أحمد والمصنف: " ليس به بأس ". وقال أبو زرعة: " لا بأس به ". وقال أبو حاتم: " صالح الحديث ". وتناقض فيه ابن حبان. وقال ابن سعد: " كان ثقة له أحاديث ". وقال الحافظ: " صدوق يهم ". وقال العيتي في "شرح الهداية"- كما في "التعليق المغني "-: " فالحديث إذاً صحيح؛ أما الوليد، فإن مسلماً أخرج له، وكفى هذا في عدالته وثقته ". والحديث أخرجه أحمد (6/405) : ثنا أبو نعيم قال: ثنا الوليد بن عبد الله ابن جميع ... به أتم منه. ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (3/130) .

61- باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون

606- (وفي رواية عنها ... بهذا الحديث- والأول أتم-؛ قال: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها، وأمرها أن تَؤُمَّ أهل دارها. قال عبد الرحمن: فأنا رأيت مؤذنها شيخاً كلبيراً) . (قلت: حديث حسن، وصححه من سبق ذكره) . إسناده: حدثنا الحسن بن حماد الحضرمي: ثنا محمد بن الفضيل عن الوليد ابن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث ... بهذ الحديث. قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ وقد سبق الكلام عليه في الذي قبله. والحديث أخرجه الدارقطني (154- 155) ، والحاكم (1/203) ، وعنه البيهقي من طرق أخرى عن الوليد ... به؛ إلا أنه قرن مع عبد الرحمن بن خلاد: ليلى بنت مالك- وهي جدة الوليد بن جميع- كما سبق في الإسناد قبله. ورواه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 94) عن الجدة وحدها. وكذلك رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1676) . 61- باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون 7"6- عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دِباراً- والد بار: أن يأتبها بعد أن تفوته، ورجل اعتَبَد مُحَرَّرَه ".

(قلت: الجملة الأولى منه صحيحة، والباقي ضعيف، ولذلك أوردناه في الكتاب الآخر أيصاً (رقم 93)) . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد اللد بن عمر بن غانم عن عبد الرحمن بن زياد عن عمران بن عبدٍ المعافري لخن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد ضعيف كما بيناه في الكتاب الآخر، وقد ذكرنا هناك أقوال العلماء في بعض رواته، وتضعيف من ضعف الحديث؛ فأغنى عن الإعادة. والمهم هنا إثبات صحة الجملة الأولى منه؛ فأقول: إنها وردت من حديث ابن عباس وأبي أمامة، ومن حديث قتادة وعطاء بن دينار مرسلاً. أما الأول: فأخرجه ابن ماجة (1/317) وابن حبان فى "صحيحه ". وقال النووي (4/274) : " إسناده حسن ". وقال البوصيري: " إسناده صحيح "؛ ولفظه. " ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً (ولفظ ابن حبان مثل لفظ حديث ابن عمرو في الباب؛ والباقي اتفقا عليه) : رجل أمً قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان ". والثاني: أخرجه الترمذي (2/193) ، وقال: " حديث حسن "،وهو كما قال، ولفظه حديث ابن عباس؛ إلا أنه قال: " العبد الأبق "؛ بدل: " وأخوان متصارمان ".

62- باب إمامة البر والفاجر

والثالث: أخرجه البيهقي (3/128) عن قتادة ... مرسلاً مثله. وإسناده صحيح. والرابع: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "- كما في "الترغيب " (1/171) -، وأشار إليه البيهقي، قال: " وروي في الإمامة والمرأة: عن عطاء بن ديار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، وعن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن أنس بن مالك يرفعه ". فهذه طرق أربعة- بل خمسة- للجملة الأولى من الحديث، تدل على صحتها. وأما بقية الحديث؛ فإني لم أجد ما يشهد له، فبقا على الضعف الذي شهد به سنده؛ فأوردناه لذلك في الكتاب الآخر. 62- باب إمامة البر والفاجر [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 63- باب إمامة الأعمى 608- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استخلف ابن أم مكتوم؛ يؤم الناس وهو أعمى. (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2131 و 2132)) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري أبو عبد الله: ثنا ابن مهدي: ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عمران القطان كلام لا يضر؛ وهو حسن الحديث كما قد مر. والحديث أخرجه البيهقي (3/88) من طريق المؤلف، وله فيه شيخ آخر: أخرجه عنه في "الخراج "، وسيأتي (رقم ... ) [باب في الضرير يولّى] ؛ وزاد فيه. مرتين. ولفظه هناك: استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين. وهكذا أخرجه أحمد (3/132) قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي ... به. ثم أخرجه (3/192) : ثنا بهز: ثنا أبو العوام القطان ... به؛ ولفظه مثل لفظ ابن مهدي عنده، وزاد: يصلي بهم وهو أعمى. وقال الحافظ في "التلخيص " (4/328) : " ورواه ابن حبان في "صحيحه "، وأبو يعلى، والطبراني من حديث هشام عن أبيه عن عائشة. ورواه الطبراني من حديث عطاء عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة وغيرها من أمر المدينة. وإسناده حسن ". قلت: وهذان شاهدان قويان للحديث يرتقي بهما إلى درجة الصحة. وقد أوردهما الهيثمي في "المجمع " (2/65) ، وقال في الأول: " ورجال أبي يعلى رجال (الصحيح) ". وفي الآخر- وعزاه للبزار أيضا-: " وفيه عُفَيْرُ بن مَعْدان، وهو ضعيف ". قلت: وكذا قال الحافظ أيضا فى (عُفَير) ؛ فلعل تحسينه لحديثه من أجل شواهده. والله أعلم.

64- باب إمامة الزائر

64- باب إمامة الزائر 609- عن أبي عطية قال: كان مالك بن حويرث يأتينا إلى مُصَلاّنا هذا، فأقيمت الصلاة، فقلنا له: تقدَّمْ فَصَلِّهْ. فقال لنا: قَدِّموا رجلاً منكم يصلي بكم، وسأحدثكم لِمَ لا أصلي بكم؛ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من زار قوماً فلا يَؤُمَّهم، ولْيَؤُمَّهم رجلٌ منهم ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان عن بُدَيْل: حدثني أبو عطية مولى منا. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال سسلم؛ غير أبي عطية- وهو مولى بني عُقيل-؛ قال أبو حاتم: " لا يعرف ولا يسمى ". وقال ابن المديني: " لا يعرفونه ". وقال أبو الحسن القطان: " مجهول ". وقال الذهبي: " لا يدرى من هو؟! روى عنه بديل بن ميسرة ". وقال الحافظ: "مقبول ". قلت: فهو بهذا الإسناد ضعيف؛ لكن يشهد له حديث أبي مسعود البدري

65- باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان القوم

المتقدم في الكتاب رقم (594) ؛ بلفظ: " لا يُؤَم الرجلُ في بيته ولا في سلطانه ". فهو بهذا الشاهد صحيح، وقد صححه ابن خزيمة كما يأتي، والترمذي كما يأتي. لكن زاد مسلم وغيره في حديث أبي مسعود: " إلا بإذنه "؛ فهذه تقيد عموم حديث الباب بمن لم يؤذن له؛ على خلاف ما فهم منه راويه مالك بن الحويرث! والحديث أخرجه البيهقي (3/126) من طريق المولف. وأخرجه النسائي (1/127) - مختصراً-، والترمذي (1/187) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/161) ، وأحمد (3/436 و 436- 437 و 5/53) من طرق أخرى عن أبان بن يزيد العطار ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح " 65- باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم 610- عن همام: أن حذيفة أمّ الناس بالمدائن على دُكَّان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فَجَبَذَهُ، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلمً أنهم كانوا يُنْهَون عن ذلك؟! قال: بلى؛ قد ذكرت حين مددتني. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال النووي: " إسناده صحيح "، وكذا قال عبد الحق) . إسناده: حدثنا أحمد بن سنان وأحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي- المعنى- قالا: ثنا يعلى: ثنا الأعمش عن إبراهيم عن همام.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، رجاله كلهم من رجالهما؛ غير أحمد بن الفرات، وهو ثقة، وهو متابع. وهمام: هو ابن الحارث النَّخَعِيُّ الكوفي. وإبراهيم: هو النخعي. والحديث أخرجه الحاكم (1/210) ، وعنه البيهقي (3/108) من طريق أخرى عن يعلى بن عبيد ... به، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه الإمام الشافعي في "الأم " (1/152) من طريق أخرى عن الأعمش؛ فقال: أخبرنا ابن عيينة قال: أخبرنا الأعمش ... به. وقال النووي في "المجموع " (4/295) : " وإسناده صحيح ". وصححه ابن خزيمة وابن حبان، كما في "التلخيص " (4/427) ، وهو في "صحيح ابن خزيمة" (1523) ، وعنه ابن حبان (373) . وأخرجه الدارقطني (ص 197) ، والحاكم أيضا من طريق زياد بن عبد الله ابن الطفيل عن الأعمش ... به نحوه؛ وفيه: قال له أبو مسعود: لمِ تعلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يقوم الإمام فوق، ويبقى الناس خلف؟ قال: فَلمْ تَرَني أجبتك حين مددتتي؟! وليس عند الدارقطني منه إلا قول أبي مسعود: نهى رسول الله ... إلخ؛ وزاد في آخره: يعني: أسفل منه. وقال: " لم يروه غير زياد البكاء "!

قلت: يعني: بهذا اللفظ الصريح في رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وإلا فقد رواه غيره كما عرفت بنحوه. وهذا إسناد حسن. 611- عن عدي بن ثابت الأنصاري: حدثني رجل: أنه كلان مع عمار بن ياسر بالمد ائن، فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار، وقام على دكلان يصلي والناس أسفلَ منه، فتقدم حذيفة، فأخذ على يديه، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته؛ قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا أمّ الرجل القوم؛ فلا يَقمْ في مكان أرفع من مقامهم "؛ أو نحو ذلك؟ قال عمار: لذلك اتَّبعتك حين أخذت على يَدَي. (قلت: حديث حسن؛ إلا قوله أن الإمام كان عمار بن ياسر، وأن الذي جذبه كان حذيفة؛ فإنه منكر. والصواب: أن الإمام كان حذيفة، والذي جبذه كان أبا مسعود، كما في الحديث الأول. قال الحافظ: " وهو أقوى ") . إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا حجاج عن ابن جريج: أخبرني أبو خالد عن عدي بن ثابت. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي خالد؛ قال الحافظ: " يحتمل أن يكون هو الدالاني أو الواسطي. وقال الذهبي: لا يعرف " قلت: الواسطي: اسمه عمرو بن خالد؛ وهو متهم بالكذب، ويبعُد عندي أن يكون هو هذا؛ فإنه متأخر عنه.

66- باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

وأما الدالاني- واسمه يزيد بن عبد الرحمن-؛ فهو ضعيف من قبل حفظه، واحتمال كونه هذا قائم، ولكنه احتمال! وشيخ شيخه رجل لم يسَمَّ؛ فهو مجهول. فالإسناد ضعيف؛ وإنما أوردناه في هدا الكتاب؛ لشاهده الذي قبله، فهو به صحيح. لكن قول: أن عمار بن ياسر هو الإمام على الدكان، وأن الذي أنكر عليه هو حذيفة بن اليمان: منكر! والصواب: أن حذيفة هو الإمام، وأن الذي جبذه وأنكر عليه هو أبو مسعود، كما في الحديث المتقدم. قال الحافظ في "التلخيص " (4/427) : " وهو أقوى ". والحديث أخرجه البيهقي (3/109) من طريق المصنف. 66- باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة 612- عن جابر بن عبد الله: أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء، ثم يأتي قومه فيصلي بهم تلك الصلاة. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: تنا يحيى بن سعيد عن محمد ابن عجلان: ثنا عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن عجلان روى له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعة؛ وهو حسن الحديث كما تقدم مراراً، وحديثه هذا من صحاح الأحاديث؛ لأنه لم يتفرد به، كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/86) من طريق محمد بن أبي بكر: ثنا يحيى ابن سعيد ... به. وأخرجه الشافعي في "الأم " (1/153) : أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان ... به؛ وزاد: وهي له نافلة. وإبراهيم هذا ضعيف. لكن هذه الزيادة صحيحة ثابتة من طريق أخرى عن جابر، في بعض الروايات عنه، وهو الآتي عقب هذا. وللحديث شاهد: رواه الإسماعيلي من حديث عائشة قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رجع من المسجد؛ صلى بنا. وقال: " حديث غريب ". قال في "التلخيص " (4/366) : " وهذا أحد الأحاديث الزائدة في " مستخرج الإسماعيلي " على ما في " البخاري " ... ". 613- وعنه: أن معاذاً كلان يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يرجع فيؤم قومه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وللحديث عند

الأولين تتمة، وقد أخرجها المصنف فيما يأتي (رقم 756)) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وسفيان: هو ابن عيينة. والحديث أخرجه الإمام الشافعي في "الأم " (1/152- 153) ، وأحمد (3/308) قالا: ثنا سفيان ... به، وله عندهما تتمة، قد أخرجها المصنف فيما يأتي في "تخفيف الصلاة" (رقم 756) من طريق أحمد. وأخرجه مسلم (2/41- 42) ، وأبو عوانة (2/156) ، والنسائي (1/134) ، والطحاوي (1/126) ، والبيهقي (3/85- 86) من طرق أخرى عن سفيان ... به بتمامه. وأخرجه البخاري (2/153 و 10/424) ، ومسلم أيضا (2/42) ، وكذا أبو عوانة والترمذي (2/477) ، والدارمي (1/297) ، وللدارقطني (ص 102) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (3/369) من طرق أخرى عن عمرو بن دينار ... به مختصراً ومطولاً. وفي رواية لمسلم زيادة: العشاء الأخرة. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وزاد الدارقطني، وكذا الشافعي (11/53) ، والطحاوي (1/237- 238) من طريق ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار ... به وزاد: هي له نافلة، ولهم فريضة. قال الحافظ (4/156) - وقد عزاها لعبد الرزاق أيضا-:

67- باب الإمام يصلي من قعود

" وهو حديث صحيح، رجاله رجال "الصحيح "، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه، فانتفت تهمة تدليسه. فقول ابن الجوزي: إنه لا يصح؛ مردود. وتعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة؛ ليس بقادح في صحته، لأن ابن جريج أسن وأجل من ابن عيينة، وأقدم أخذاً عن عمرو منه. ولو لم يكن كذلك؛ فهي زيادة من ثقة حافظ، ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه، ولا أكثر عدداً، فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها. وأما رد الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة؛ فجوابه: أن الأصل عدم الإدرل حتى يثبت التفصيل، فمهما كان مضموماً إلى الحديث؛ فهو منه، ولا سيما إذا روي من وجهين. والأمر هنا كذلك؛ فإن الشافعي أخرجها من وجه آخر عن جابر متابعاً لعمرو بن دينار عنه ". قلت: ورواية الشافعي؛ قد مضت في الحديث المتقدم قبله. 67- باب الإمام يصلي من قعود 614- عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركب فرساً، فَصُرع عنه؛ فجُحِش شِقه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد، فصلينا وراءه قعوداً، فلما انصرف قال: " إنما جعل الامام ليؤتم به؛ فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: ربنا! ولك الحمد، وإذا صلى جالساً؛ فصلوا جلوساً أجمعون ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة

في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مالك في "الموطأً" (1/155) ، وعنه الإمام محمد في "موطئه " (ص 113) ، وكذا الشافعي في " الأم " (1/151) ، والبخاري (2/142- 143) ، ومسلم (2/18- 19) ، وأبو عوانة (2/106) ، والدارمي (1/286- 287) ، والطحاوي (1/235) ، والبيهقي (3/79) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه البخاري أيضا (2/467) ، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/128 و162) ، والترمذي (2/194) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/374) والطحاوي، والبيهقي (3/302 و 3/78- 79) ، والطيالسي (رقم 2090) ، وأحمد (3/110 و 162 و 217 و 235) من طرق أخرى عن الزهري ... وأخرجه الطحاوي، وأحمد (3/355) من طريق أخرى من طريق حميد: ثنا أنس ... به. وهو على شرطهما؛ وإسناده عند أحمد ثلاثي من الوجهين أيضا. وأخرجه البخاري أيضا (1/387- 388) من طريق حميد. 615- عن جابر قال: ركب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرساً بالمدينة، فصرعه على جِذْمِ نخلة، فانفكت قدمه، فأتيناه نعوده، فوجد ناه في مَشْربة لعائشة رضي الله تعالى عنها يسبح جالساً، قال: فقمنا خلفه، فسكت عنا، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده،

فصلى المكتوبة جالساً، فقمنا خلفه، فأشار إلينا، فقعدنا، قال: فلما قضى الصلاة قال: " إذا صلى الامام جالساً؛ فصلوا جلوساً؛ وإذا صلى الامام قائماً؛ فصلوا قياماً، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها ". (قلت: إسناده صحيح كما قال الحافظ، وهو على شرط مسلم. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه "، وكذا ابن حبان) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير ووكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن البخاري أخرج لأبي سفيان- واسمه طلحة بن نافع القرشي مولاهم- مقروناً بغيره؛ وقد تابعه أبو الزبير وغيره. والحديث أخرجه أحمد (3/300) : ثنا وكيع: ثنا الأعمش ... به. وأخرجه الدارقطني (ص 162) ، والبيهقي (3/79- 80) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. قال الحافظ في "الفتح " (2/140) : " أخرجه أبو داود وابن خزيمة [3/53] بإسناد صحيح ". قلت: وهو على شرط مسلم كما علمت. وأخرجه البخاري في "الأدب" (ص 140) . قلت: وله إسنادان آخران عن جابر: أحدهما: عن أبي الزبير عنه:

أخرجه مسلم وأبو عوانة نحوه؛ ويأتي في الباب (رقم 619) . والآخر: عن سالم بن أبي الجعد عنه: أخرجه أحمد (3/395) : ثنا أبو جعفر محمد بن جعفر المدائني: أنا ورقاء عن منصور عنه. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه ابن حبان أيضا في "صحيحه " (364) ، من الطريق الأول. وأخرجه ابن ماجه (3485) ، والمؤلف في "الطب "- كما سيأتي- من طريق أخرى عن جابر مختصراً؛ بلفظ: احتجم على وركه من وَثٍْ، كان به. ورواه النسائي. وله عنده شاهد صحيح عن أنس. 616- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما جعل الامام ليؤتم به؛ فإذا كبّر فكبِّروا؛ ولا تكبروا حتى يُكبّر، وإذا ركع فاركعوا؛ ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد (وفي رواية: ولك الحمد) ، وإذا سجد فاسجدوا؛ ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون ". (قلت: إسناده صحيح، وحسنه الحافظ ") .

إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسلم بن إبراهيم- المعنى- عن وهيب عن مصعَب بن محمد عن أبي صالح عن أبي هريرة. والرواية الأخرى لمسلم. قال أبو داود: " " اللهم ربنا! لك الحمد "؛ أفهمني بعض أصحابنا عن سليمان " قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مصعَب بن محمد، وهو ثقة عند ابن معين وغيره. وحسنه الحافظ في "الفتح " (2/142) . والحديث رواه الإمام أحمد (2/341) : ثنا عفان: ثنا وهيب ... به؛ إلا أنه قال: " ربنا! ولك الحمد "، لم يذكر: " اللهم! ". ورواه زيد بن أسلم عن أبي صالح ... به نحوه؛ وزاد فيه زيادة صحيحة، وهو: 617- وعنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنما جعل الإمام ليؤتَمَّ به ... " بهذ االخبر؛ وزاد:! وإذا قرأ فأنصتوا ". (قلت: حديث صحيح، وكذا قال ابن حزم، وصححه أيضا مسلم في "صحيحه "، ولم يخرجه، وأحمد وابن خزيمة. ويأتي شاهده من حديث أبي موسى (رقم 893 و 894)) . إسناده: حدثنا محمد بن آدم المِصِّيصِيُّ: نا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد ابن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة. قال أبو داود: " هذه الزيادة: " وإذا قرأ فأنصتوا "؛ ليست بمحفوظة؛ الوهم عندنا من أبي خالد ".

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي ابن عجلان كلام لا يضر، كما قد مضى مراراً. ثم استدركت فقلت: هو حسن الحديث ما لم يخالف من هو أحفظ منه وأكثر، وليس الأمر في هذا الحديث كذلك؛ فقد خالفه جماعة من الثقات؛ رووه عن أبي صالح؛ منهم: مصعب بن محمد كما تقدم، ومنهم: الأعمش: عند أبي عوانة (2/110) ، وابن ماجه (1/305) ، وأحمد (2/440) بإسناد صحيح على شرط الشيخين، كلاهما روياه عن أبي صالح ... به بدون هذه الزيادة. وكذلك أخرجه البخاري (2/166 و 172) ، ومسلم (2/19 و 25) ، وأبو عوانة أيضا (2/109- 115) ، وابن ماجه (1/374) ، والدارمي (1/300) ، وأحمد (2/230 و 314 و 411 و 438) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... به دون الزيادة. فاتفاق هؤلاء الثقات على ترك هذه الزيادة؛ مما يجعل القلب لا يطمئن لصحتها بهذا الإسناد. ولذلك قال ابن أبي حاتم في "العلل " (رقم 465) : " سمعت أبي- وذكر حديث أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا قرأ فأنصتوا "-، قال أبي: ليس هذه الكلمة بالمحفوظ؛ وهو من تخاليط ابن عجلان، وقد رواه خارجة بن مصعب أيضا وتابع ابن عجلان؛ وخارجة أيضا ليس بالقوي ". ورواه البيهقي (2/157) بإسناده عن ابن أبي حاتم ببعض اختصار، ثم قال: " وقد رواه يحيى بن العلاء الرازي كما رواه؛ ويحيى بن العلاء متروك ". قلت: فلم يتابَع ابنُ عجلان على هذه الزيادة ممن يعْتَدّ به! وقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن معين أنه قال- في حديث ابن

عجلان: " إذا قرأ فأنصتوا "-: "ليس بشيء". فلو أن هذا الحديث لم يرد إلا من هذا الوجه؛ لكان نصيبه الكتاب الأخر، ولكن له شاهدا من حديث أبي قتادة بإسناد صحيح، سيأتي لفظه في "التشهد" (رقم 894) ؛ فهو حديث صحيح لغيره. ولعله لذلك صححه مَنْ صححه مِنَ الأئمة؛ فمنهم الإمام مسلم؛ فقال في "صحيحه " (2/15) : " هو صحيح "، وسيأتي تمام كلامه في ذلث عند حديث أبي قتادة. ومنهم ابن حزم، فقال في "المحلى" (3/240) : " هو حديث صحيح ". ومنهم الإمام أحمد وابن خزيمة؛ كما نقله أبو الحسنات في "إمام الكلام ". وبعد؛ فقد علمت أن علة الحديث إنما هي من ابن عجلان، كما صرح بذلك أبو حاتم وابن معين كما سبق. وخالفهما المصنف رحمه الله، فقال كما تقدم: " الوهم عندنا من أبي خالد "! وهذا خطأ منه رحمه الله؛ لأمرين ذكرهما المنذري في "مختصره "؛ فقال: " وفيما قاله نظر؛ فإن أبا خالد هذا: هو سليمان بن حيان الأحمر، وهو من الثقات الذين احتج البخاري ومسلم بحديثهم في "صحيحيهما". ومع هذا؛ فلم ينفرد بهذه الزيادة، بل قد تابعه عليها أبو سعد محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي المدني نزيل بغداد، وقد سمع من ابن عجلان، وهو ثقة، وثقه يحيى بن معين ومحمد بن عبد الله المُخرَّمي والنسائي ". والحديث أخرجه النسائي (1/146) ، وابن ماجه (1/279) ، والطحاوي

(1/128) ، والدارقطني (ص 124) ، وأحمد (2/420) من طرق أخرى عن أبي خالد ... به. وقد تابعه محمد بن سعد الأشهلي عن ابن عجلان: أخرجه النسائي، وعنه الدارقطني (ص 125) ، والخطيب في "تاريخه " (5/320) . وتابعه إسماعيل بن أبان؛ إلا أنه قال: عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم ومصعب بن شُرَحْبِيل عن أبي صالح ... به. أخرجه الدارقطني، والبيهقي (2/156) . وقال الدارقطني: " إسماعيل بن أبان ضعيف ". وتابعه محمد بن مُيَسر؛ إلا أنه قال: عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ... به ". أخرجه أحمد (2/376) ، والدارقطني، وقال: " محمد بن ميسر ضعيف ". والخلاصة: أن الوهم في الحديث من ابن عجلان لا من أبي خالد؛ لمتابعة محمد بن سعد الأنصاري الثقة؛ وأن الحديث صحيح لما سبق بيانه. 618- عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها قالت: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته وهو جالس، فصلى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم؛ أن اجلسوا، فلما انصرف قال: " إنما جعل الامام ليؤتم به؛ فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالساً فصلُّوا جلوساً ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في " الموطأ" (1/155) . وأخرجه البيهقي (3/79) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (2/138 و 467) ، وأبو عوانة (08/12) ، والطحاوي (1/235) ، وأحمد (6/148) من طرق أخرى عن مالك ... به. وأخرجه مسلم (2/19) ، وأبو عوانة أيضا، وابن ماجه (1/374) ، والطحاوي أيضا، والبيهقي (2/261 و 304) ، وأحمد (6/51 و 57 و68و 194) من طرق أخرى عن هشام ... به. 619- عن جابر قال: اشتكى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر رضي الله تعالى عنه يكبر؛ ليسمع الناس تكبيره ... ثم ساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وابن حبان (2119) وأبو عوانة في "صحاحهم "، وتمامه عندهم، فالتفت إلينا فرآنا قياماً؛ فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعوداً، فلمّا سلّم قال: " إن كدتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم؛ يقومون على ملوكهم وهم قعود،

فلا تفعلوا! ائتموا بأئمتكم؛ إن صلى قائماً فصلّوا قياماً، وإن صلّى قاعداً فصلَوا قعوداً "؛ وقد مضى من طريق أخرى نحوه (رقم 615)) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن مَوْهَب- المعنى- أن الليث حدثهم عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ ويزيد بن خالد ليس من رجاله؛ وهو ثقة، وروايته متابعة. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/108) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/19) ، والنسائي (1/128) عن قتيبة بن سعيد وحده. ومن طريقه: رواه البيهقي أيضا (2/261) . وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص 136- 137) ، وابن ماجه (1/374- 375) ، وأحمد (4/333) ، وابن خزيمة أيضا (486) من طرق أخرى عن الليث ... به. وقد تابعه عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي عن أبي الزبير ... به نحوه. أخرجه مسلم، والنسائي (1/128) ، والطحاوي (1/234) ، وابن حبان (2120) . 620- عن أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ: أنه كان يؤمهم، قال: فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعوده، فقالوا: يا رسول الله! إن إمامنا مريض! فقال: " إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً ".

(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الأسناد "، دوافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا عبدة بن عبد الله: نا زيد- يعني: ابن الحُبَاب- عن محمد ابن صالح: ثنى حُصَيْنٌ - من ولد سعد بن معاذ- عن أسيد بن حضير. قال أبو داود: " وهذا الحديث ليس بمتصل ". قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ إلا أنه ليس بمتصل كما قال المصنف. وقال المنذري: " وما قاله ظاهر؛ فإن حصيناً هذا إنما يروي عن التابعين، لا تحفظ له رواية عن الصحابة؛ سيما أسيد بن حضير؛ فإنه قديم الوفاة، توفي سنة عشرين، وقيل: إحدى وعشرين ". قلت: وقد وجدته موصولآ من وجه آخر عن الحصين: أخرجه الحاكم (3/289) من طريق محمد بن طلحة التيمي عن محمد بن الحصين بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ عن أبيه عن جده عن أسيد بن حضير: أنه كان تَآؤهَ، وكان يؤمنا، فصلى بنا قاعداً، فعاده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا رسول الله! إن أسيداً إمامنا، وإنه مريض، وإنه صلى بنا قاعداً؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فصلوا وراءه قعودأ؛ فإن الإمام ليؤتم به؛ فإذا صلى قاعداً فصلوا خلفه قعوداً ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! قلت: ومحمد بن الحصين هذا؛ لم أجد من ترجمه! وقد ذكره الحافظ في الرواة عن أبيه الحصين.

68- باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه؛ كيف يقومان؟

ثم رأيته في "ثقات ابن حبان " (9/33) وغيره. ولبعضه طريق أخرى: أخرجه الدارقطني (ص 152) عن محمود بن لَبِيد قال: كان أسيد بن حضير قد اشتكى عرق النسا، وكان لنا إماماً، وكان يخرج إليناً فيشير بلينا بيده؛ أن اجلسوا، فنجلس. فيصلي بنا جالساً ونحن جلوس. وفي سنده ضعف؛ لكن ذكره ابن حزم (3/75) من طريق أخرى مختصراً. وأورده الحافظ (2/145) أتم منه، وقال: " رواه ابن المنذر بإسناد صحيح ". وبالجملة؛ فالحديث- بهذه الطرق، وشواهده التي تقدمت في الباب- صحيح. 68- باب الرجلين يَؤُمّ أحدُهما صاحبَه؛ كيف يقومان؟ 621- عن أنس قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على أُم حَرَامٍ، فآتَوْهً بسمن وتمر، فقال: " رًدّوا هذا في وعائه، وهذا في سقائه؛ فإني صائم ". ثم فام فصلى بنا ركعتين تطوعاً، فقامت أم سًليم وأم حَرام خلفنا- قال ثابت: ولا أعلمه إلا قال-؛ أقامني عن يمينه على بساط. (قلت: سنده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري، وابن حبان (2204) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا ثابت عن أنس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة. والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/248) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به. وله عنده تتمة في دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنس أن يكثر الله له ماله وولده. وهكذا أخرجه الطيالسي (رقم 2027) : ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت ... به نحوه. ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/76- 77) . وأخرجه أحمد (3/193- 194) ، ومسلم مفرقاً (2/127- 128 و 7/159) من طرق أخرى عن سليمان ... به. ورواه النسائي (1/129) دون التتمة؛ وهو رواية لأحمد (3/217) . وأخرجه البخاري (4/185) ، وأحمد (13/58) من طريق حميد عن أنس ... به نحوه، وهو أتم من حديث سليمان. وحميد مدلس، وقد عنعنه، ولكنهم قالوا: إن عامة ما يرويه عن أنس معنعناً إنما سمعه من ثابت؛ فالظاهر أن هذا منها. وللحديث طريق أخرى عن أنس مختصراً؛ وهو: 622- عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَّهُ وامرأةً منهم، فجعله عن يمينه، والمرأة خلف ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في

"صحيحيهما") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عبد الله بن المختار عن موسى ابن أنس يحدث عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/128) ، وأبو عوانة (2/75) ، والنسائي (11/29) ، والبيهقي (3/95) ، وأحمد (3/258 و 261) من طرق أخرى عن شعبة ... به. ولأنس رضي الله عنه قصة أخرى في الباب؛ ستأتي في الكتاب- إن شاء الله تعالى- (برقم 625) . (تنبيه) : عزا المنذري في "مختصره " الحديث لابن ماجه؛ ولم أجده الأن عنده! ثم وجدته عنده (1/308) . 623- عن ابن عباس قال: بِت في بيت خالتي ميمونة، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل، فأطلق القربة، فتوضأ، ثم أوكأ القِرْبة، ثم قام إلى الصلاة، فقمت فتوضأت، كما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخذني بيميني فأدارني من ورائه، فأقامني عن يمينه، فصليت معه. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وهو في "الصحيحين " من وجه آخر عنه بنحوه، وسيأتي (رقم 1237))

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح "؛ وفي عبد الملك بن أبي سليمان كلام لا يضر؛ فإنه ما من أحد إلا ويخطئ، وقد احتج به مسلم في "صحيحه "، وأخرج له هذا كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/183) ، وأبو عوانة (2/76) ، والنسائي (1/135) ، والبيهقي (3/99) ، وأحمد (رقم 2245) من طرق أخرى عن عبد الملك ... به. وقد تابعه عن عطاء: ابن جريج: عند مسلم، وأحمد (رقم 3479) . وقيس بن سعد: عند مسلم، وأبي عوانة. وهو في "الصحيحين " وغيرهما من طريق كُرَيْبِ عن ابن عباس ... نحوه أتم منه، وسيأتي في "صلاة الليل " (رقم 1245) ، ومنَ طرقه هناك ما أورده المصنف هنا عقب هذا. ومن طرقه ما في "المسند" برقم (2325 و 2413 و 2572 و 3243 و 3359 و3451) ، وفي " البخاري " (2/169) . 624- (وفي رواية عنه في هذه القصة قال: فأخذ برأسي أو بِذُؤَابتي، فأقامني عن يمينه) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وسيأتي نحوه تاماً (برقم 1237)) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: نا هُشَيْمٌ عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن

69- باب إذا كانوا ثلاثة؛ كيف يقومون؟

عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وأبو بشر: اسمه جعفر بن إياس. والحديث أخرجه البيهقي (3/95) من طريق أخرى عن هشيم ... به. وأحمد (رقم 2652) من طريق شعبة عن أبي بشر ... به. ولشعبة فيه شيخ آخر عن سعيد بن جبير؛ وسيأتي في "صلاة الليل " (رقم 1228) . وله في "المسند" طريقان آخران عن ابن جبير (رقم 3389 و 3490 و 3552) . وثالث: عند المصنف فيما يأتي. 69- باب إذا كانوا ثلاثة؛ كيف يقومون؟ 625- عن أنس بن مالك قال: إن جدته مُلَيْكَة دعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: " قوموا فلأصلي لكم ". قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِسَ، فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا؛ فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/168) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/388- 389) ، ومسلم (12/27) ، وأبو عوانة (2/73) ، والنسائي (1/129) ، والترمذي (1/454- 455) ، والطحاوي (1/181) ، والبيهقي (3/96) ، وأحمد (3/129 و 164) من طرق أخرى عن مالك ... به. وللدارمي منه (1/319) : الصلاة على الحصير فقط؛ وهو رواية لأحمد (3/179) من طريق أخرى عن إسحاق. ثم أخرجه هو (1453 و 226) ، والبخاري (2/168) ، وأبو عوانة (2/75) من طرق أخرى عن إسحاق ... به مختصراً أتم من حديث الدارمي. ولأنس قصة أخرى نحو هذه، سبقت قبل باب (رقم 621 و 622) . 626- عن الأسود [وهو ابن يزيد النَّخَعِي ُ] قال: استأذن علقمة والأسود على عبد الله، وقد كنا آطلنا القعود على بابه، فخرجت الجارية، فاستأذنت لهما، فأذن لهما، ثم قام فصلى بيني وبينه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل. (قلت: إسناده صحيح. وأخرح المرفوع منه: مسلم وأبو عوانة في

"صحيحيهما" إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن فُضَيْل عن هارون بن عنترة عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هارون بن عنترة؛ وهو ثقة. وتناقض فيه ابن حبان! واختلف النقل عن الدارقطني؛ ففي "التهذيب ": " وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن عبد الملك بن هارون بن عنترة؟ فقال: متروك يكذب، وأبوه يحتج به، وجلّه يعتبر به "! وكذا في "الميزان " في ترجمة هارون هذا. وأما في ترجمة ابنه عبد الملك؛ فقال: إنه " يروي عن أبيه. قال الدارقطني: هما ضعيفان ". وأقره في "اللسان ". وأما ما نقله الزيلعي (2/33) عن النووي أنه قال: " فيه هارون بن عنترة، وهو وإن وثقه أحمد وابن معين؛ فقد قال الدارقطني: هو متروك كان يكذب "! فإنه نقل خطأ عن الدارقطني؛ فإنما قال هذا في (عبد الملك) ابن المترجم، كما نقلناه آنفاً من الكتب الموثوقة! والله أعلم. وقال المنذري في "مختصره": " وفي إسناده هارون بن عنترة، وقد تكلم فيه بعضهم. وقال أبو عمر النمَري: وهذا الحديث لا يصح رفعه، والصحيح فيه عندهم التوقيف على ابن مسعود: أنه كذلك صلى بعلقمة والأسود. وهذا الذي أشار إليه أبو عمر؛ قد أخرجه مسلم في "صحيحه "، وهو موقوف ".

قلت: قد أخرجه مسلم مرفوعاً أيضا كما سنبينه. وهارون بن عنترة؛ لم يتكلم فيه غير الدارقطني وابن حبان؛ مع أنهما وثقاه أيضا؛ فالأخذ بتوثيقهما إياه أولى؛ لأمرين: الأول: أنه جرح غير مفسر. والأخر: أنه موافق لحكم الأئمة الأخرين عليه بالثقة. ثم إنه لم يمرد به؛ بل قد تابعه محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود، ومنصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود، كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (رقم 4030) : حدثنا ابن فضيل ... به. وأخرجه النسائي (1/128- 129) من طريق أخرى عن ابن فضيل ... به؛ لكن لم يقل: عن أبيه! فصار ظاهره الانقطاع! وليس كذلك؛ بل هو متصل؛ بدليل رواية المصنف والنسائي؛ وفيه عنده زيادة في أوله. وأخرجه الطحاوي (1/181) ، والبيهقي (3/98) ، وأحمد (رقم 4311) من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود. فهذه متابعة قوية لهارون بن عنترة. وقد أعله النووي- كما في "نصب الراية" (2/34) - بقوله: " وابن إسحاق مشهور بالتدليس، وقد عنعن، والمدلس إذا عنعن لا يحتج به بالاتفاق "! قلت: قد صرح بسماعه في رواية لأحمد (رقم 4386) : حدثنا يعقوب:

حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: وحدثني عبد الرحمن بن الأسي بن يزيد النخعي قال: دخلت أنا وعمي علقمة على عبد الله بن مسعود بالهاجرة، قال: فأقام الظهر ليصلي، فقمنا خلفه، فأخذ بيدي ويد عمي، ثم جعل أحدنا عن يمينه والأخر عن يساره، ثم قام بيننا، فصففنا خلفه صفاً واحدأ، قال: ثم قال: هكذا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع إذا كانوا ثلاثة ... الحديث. فزالت شيهة التدليس، وعاد الحديث صحيحاً لا شبهة فيه. وتابعه أيضا أبو إسحاق عن ابن الأسود عن علقمة والأسود: أنهما كانا مع ابن مسعود، فحضرت الصلاة، فتأً خر علقمة والأسود، فأخذ ابن مسعود بأيديهما، فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ثم ركعا، فوضعا أيديهما على ركبهما وضرب أيديهما، ثم طبَّق بين يديه وشبك، وجعلهما بين فخذيه، وقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله. أخرجه أحمد (رقم 3927 و 3928) من طريق إسرائيل عنه. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي؛ وأبو إسحاق هو جده. ولإسرائيل فيه إسناد آخر: رواه مسلم (2/69) ، وأبو عوانة (2/166) من طريق عبيد الله بن موسى عنه عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود ... به مثل حديثه عن جده؛ إلا أنه قال في آخره: فلما صلى قال: هكذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

70- باب الامام ينحرف بعد التسليم

فهذا صريح- أو كالصريح- في أن كلاً من الميامنة والمياسرة، والتطبيق: مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولا يعكر على هذا: أن الأعمش رواه عن إبراهيم ولم يصرح برفع الأمر الأول منهما؛ لما عرف أن زيادة الثقة مقبولة؛ لا سيما إذا جاءت من طريق أخرى، كما في حديث الباب. وحديث الأعمش سيأتي بعضه في الكتاب (رقم 814) . وبالجملة؛ فالحديث صحيح مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن من أعله بالوقف مخطئ؛ لأنه لم يتتبع طرقه، ولم يتوسع في تخريجه! 70- باب الامام ينحرف بعد التسليم 627- عن يزيد بن الأسود قال: صليت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان إذا انصرف انحرف. (قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن سفيان: ثتي يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير جابر بن يزيد الأسود؛ وهو ثقة كما تقدم. والحديث أخرجه البيهقي (2/182) من طريق المصنف. وأخرجه النسائي (1/196) من طريق أخرى عن يحيى. وأخرجه الترمذي (1/424- 425) ، والنسائي (1/137) ، والد ارقظني (ص

158) ، وابن أبي شيبة (1/352) ، وأحمد (4/165) من طريق هشيم: أخبرنا يعلى بن عطاء؛ بلفظ: قال: شهدت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخَيْفِ، فلما قضى صلاته وانحرف؛ إذا هو برجلين ... الحديث؛ وقد مضى في الكتاب (رقم 590) ، دون هذا القدر الذي أورده المصنف هنا. ثم أخرجه أحمد من طرق أخرى عن يعلى بن عطاء ... نحوه. ورواية هشيم هذه تدل على أن قوله في رواية الكتاب: كان ... ليس على بابه؛ فإنها تدل صراحة على أن ذلك إنما كان منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة واحدة في صلاة الصبح في مسجد الخيف! لكن هذا لا ينفي أن يكون ذلك من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إذا قام الدليل عليه من رواية غير يزيد بن الأسود، كما في حديث البراء الأني بعده، وهو: 628- عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: كُنا إذا صلينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ آحْبَبْنا أن نكون عن يمينه، فيُقْبِلَ علينا بوجهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") إسناده: حدثنا محمد بن رافع: ثنا أبو أحمد الزُّبَيْرِي: نا مِسْعَز عن ثابت بن عبَيْد عن عبَيْد بن البراء عن البراء بن عازب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي. وذهل المنذري في "مختصره " (رقم 586) عن ذلك؛ فعزاه للنسائي وابن ماجه وحدهما!

71- باب الامام يتطوع في مكانه

والحديث أخرجه أبو عوانة (2/250) من طريق أخرى عن أبي أحمد الزبيري ... به؛ وزاد في آخره: فسمعته يقول: " رب! قِني عذابك يوم تبعث عبادك ". ثم أخرجه هو، ومسلم (2/153) ، وابن ماجه (1/315) ، والبيهقي (2/182) ، وأحمد (4/290 و 304) من طرق أخرى عن مسعر ... به؛ وليس عند ابن ماجه الزيادة، ولا قوله: فيُقْبِلَ علينا بوجهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والحديث عزاه المنذري للنسائي كما سبق، وكذلك فعل النابلسي في "الذخائر" (رقم 892) ، وذكر أنه أخرجه في " الصلاة" عن شيخه سُوَيْدِ بن نَصْرٍ! وقد فتشت فيه عنه؛ فلم أعثر عليه! فلعله في "السنن الكبرى" له! وإن كان النابلسي إنما يعزول "السنن الصغرى"، كما نص عليه في المقدمة؛ ولكنه لم يقف عند هذا؛ فقد وجدناه كثيراً ما يعزو أحاديث إليه، لا نجدها في "الصغرى"! بل إنه يعزوها أحياناً إلى كتاب من "السنن " للنسائي، ليس ذلك الكتاب في "الصغرى" له؛ وإنما هي في "الكبرى"، كما في الحديث (رقم 4968) من "الذخائر"، وكذا الذي بعده؛ فإنه عزاه لى "المحاربة " من "النسائي "، وليس هذا الكتاب في "الصغرى" له؛ وإنما فيه "تحريم الدم "؛ والحديثان فيهما (2/163 و 166) . 71- باب الامام يتطوَّع في مكانه 629- عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يصلِّي الامام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا عبد العزيز بن عبد الملك القُرَشي:

ثنا عطاء الخراساني عن المغيرة بن شعبة. قال أبو داود: " عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة ". قلت: قال المنذري: " وما قاله طاهر؛ فإن عطاءً الخراساني ولد في السنة التي مات فيها المغيرة بن شعبة، وهي سنة خمسين من الهجرة على المشهور، أو يكون ولد قبل وفاته بسنة على القول الآخر ". قلت: ورجال إسناده ثقات رجال مسلم؛ غير عبد العزيز بن عبد الملك القرشي؛ وهو مجهول، كما قال ابن القطان، وتبعه الحافظ وغيره. لكن الحديث صحيح بما له من الشواهد كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/190) من طريق المصنف. وأخرجه ابن ماجه (1/436) من طريقين عن عثمان بن عطاء عن أبيه ... به وعثمان هذا ضعيف. غير أن للحديث شاهدين، ينجبر بهما ضعف إسناده، ويرتقي بهما إلى الصحة. أحدهما: حديث أبي هريرة مرفوعاً: " أيعْجِزُ أحدكم- إذا صلى- أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله؟! "؛ يعني: السُّبْحَةَ. وسيأتي الكلام عليه في موضعه من الكتاب إن شاء الله تعالى (رقم 922) .

72- من باب الإمام يحدث بعدما يرفع رأسه من آخر الركعة

والاخر: عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعاً: " لا تُوصَلُ صلاة بصلاة؛ حتى يتكلم أو يخرج ". أخرجه مسلم، والمصنف فيما يأتي في "الجمعة " (رقم 1034) وغيرهما. وقد أشار إلى ما ذهبنا إليه- من تقوية الحديث- الحافظُ ابن حجر؛ حيث قال في "الفتح " (2/267) - بعد أن أورد حديث الباب وشاهده الأول وضعفهما-: " فإن قيل: لم يثبت الحديث في التنحِّي؛ قلنا: قد ثبت في حديث معاوية: " أو تخرج ... " ... ". 72- من باب الإمام يُحْدِثُ بعدما يرفع رأسه من آخر الركعة 630- عن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مفتاحُ الصلاةِ الطهورُ، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ " (1) 73- باب ما يُؤْمَرُ به المأمومُ من اتباع الإمام 631- عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُبادروني بركوع ولا سجود؛ فإنه مهما أسبقْكم به إذا ركعت؛ تدركوني به إذا رفعت؛ إني قد بدَّنْت ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان (2226)) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن عجلان: حدثني محمد بن يحيى ابن حبان عن ابن مُحَيْرِيزٍ عن معاوية بن أبي سفيان.

_ (1) هذا الحديث قد مضى في "الطهارة " (رقم 55) بإسناده ومتنه؛ فأغنى عن إعادته.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ وابن محيريز: اسمه عبد الله. والحديث أخرجه الإمام أحمد (4/92) : حدثنا يحيى بن سعيد ... به؛ وزاد - بعد قوله: " إذا رفعت "-: " ومهما أسبقكم به إذا سجدت؛ تدركوني إذا رفعت؛ إتي قد بدنت ". وأخرجه كذلك ابن ماجه (1/305- 306) من طريق أخرى عن يحيى بن سعيد. وأخرجه هو، وأحمد (4/98) - من طريق سفيان-، وللدارمي (1/301- 302) ، والبيهقي (2/92) - من طريق الليث بن سعد- كلاهما عن ابن عجلان ... به تاماً. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " من طريق يحيى وسفيان وغيرهما. وروى له البيهقي شاهداً من حديث أبي هريرة مرفوعاً مختصراً. وإسناده حسن؛ فيه ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث؛ فالحديث به صحيح. وله شاهد آخر: عند ابن ماجه من حديث أبي موسى مرفوعاً نحوه. وفيه دارم؛ وهو مجهول. 632- عن عبد الله بن يزيد الخَطْمِي قال: ثنا البراء- وهو غير كذوب-: أنهم كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قاموا قياماً، فإذا رأوه قد سجد سجدوا.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الله بن يزيد الخَطْمِيَّ يخطب الناس قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وعبد الله بن يزيد صحابي صغير، شهد الحُدَيبية، وهو ابن سبع عشرة سنة. وقال الحافظ في " الفتح ": " وفيه لطيفة، وهي رواية صحابي ابن صحابي عن صحابي ابن صحابي؛ كلاهما من الأنصار ثم من الأوس، وكلاهما سكن الكوفة ". وأبو إسحاق: هو السَّبِيعي واسمه عمرو بن عبد الله. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 718) : ثنا شعبة ... به. وأخرجه البخاري (2/184) ، والنسائي (1/132) ، وأحمد (4/284 و 285 و285- 286) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/178) من طريق الطيالسي وغيره عن شعبة. وأخرجه البخاري أيضا (2/144) ، ومسلم (2/46) ، وأبو عوانة، والترمذي (2/70) ، وأحمد أيضا (4/300 و 304) مق حديث سفيان الثوري عن أبي إسحاق ... به نحوه. وأخرجه البخاري (2/236) ، ومسلم، والبيهقي (2/92) من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به نحوه. وله طريق أخرى عن عبد الله بن يزيد الخطمي، تأني بعد حديث.

وطريق آخر عن البراء، وهو: 633- عن البراء قال: كنَّا نصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلايَحْنو أحد منا ظهره، حتى يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه" عن شيخين أحدهما شيخ المصنف فيه) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب وهارون بن معروف- المعنى- قالا: ثنا سفيان عن أبان بن تَغْلِبَ- قال أبو داود: قال زهير: ثنا الكوفيون أبان وغيره- عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/46) ... بإسناد المصنف وغيره، فقال: حدثنا زهير بن حرب وابن نمير قالا: ثنا سفيان ابن عيينة: حدثنا أبان وغيره ... به - فقال زهير: حدثنا سفيان قال: حدثنا الكوفيون أبان وغيره- ... قال: حتى نراه يسجد. وأخرجه البخاري وغيره من طريق أخرى عن البراء، وقد سبق الكلام عليه في الذي قبله؛ فراجعه. 634- عنه: أنهم كانوا يصلُّون مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا ركع ركعوا، وإذا قال: " سمع الله لمن حمده "؛ لم نزل قياماً حتى يرونه قد وضع جبهته بالأرض،

74- باب التشديد فيمن يرفع قبل الامام أو يضع قبله

ثم يتبعونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدئنا الربيع بن نافع: ثنا أبو إسحاق- يعني: الفَزَاري- عن أبي إسحاق عن مُحَارِب بن دِثَارٍ قال: سمعت عبد الله بن يزيد يقول على المنبر: حدثني البراء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وأبو إسحاق الفَزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث. وشيخه أبو إسحاق: هو الشيباني؛ واسمه سليمان بن أبي سليمان. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/179) من طريق المصنف. ئم أخرجه هو، ومسلم (2/46) ، والبيهقي (2/92) من طرق أخرى عن الفزاري ... به. وأخرجه البخاري وغيره من طريق أخرى عن عبد الله بن يزيد ... نحوه، وقد تقدم لفظه قبل هذا بحديث. 74- باب التشديد فيمن يرفع قبل الامام أو يضع قبله 635- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمَا يخشى- أو ألا يخشى- أحد كم إذا رفع رأسه والامام ساجد: أن يُحَوِّل اللهُ رأسَهُ رأسَ حمارٍ - أو صورته صورة حمار-؟! ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم "؛ دون قوله: " والامام ساجد "، وهي زيادة صحيحة محفوظة. وأخرجها ابن خزيمة في "صحيحه ". وقوله: " أو صورته صورة حمار "؛ شك من شعبة، والصواب: " رأس حمار " بد ون تردد) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه دون قوله: " والإمام ساجد "؛ وهي زيادة صحيحة كما يأتي. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 2491) : ثنا شعبة وحماد بن سلمة عن محمد بن زياد ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/137) من طريق الطيالسي عن شعبة وحده. وكذلك أخرجه البخاري (2/145) ، ومسلم (2/29) ، والدارمي (1/302) ، وأحمد (2/456 و 504) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ وفيه عند أحمد الزيادة من ثلاثة طرق: محمد بن جعفر وحجاج ويزيد عن شعبة. وأخرجها الخطيب (4/398) من طريق هشَيْم عن شعبة ... به. وقد ثبتت من طرق أخرى عن ابن زياد، كما سنذكره. وأخرجه البيهقي (2/93) من طريق عبد الملك بن إبراهيم الجدِّيِّ: ثنا حماد ابن سلمة وحماد بن زيد وشعبة وإبراهيم بن طَهْمان عن محمد بن زياد ... به دون الزيادة، وبلفظ: " أن يجعل الله رأسه رأس حمار ". قال شعبة في حديثه: " أو صورته صورة حمار ".

ففيه تصريح بأن الشك من شعبة. وبه جزم الحافظ في "الفتح "، فقال: " الشك من شعبة؛ فقد رواه الطيالسي عن حماد بن سلمة، وابن خزيمة من رواية حماد بن زيد، ومسلم من رواية يونس بن عبيد والربيع بن مسلم كلهم عن محمد بن زياد بغير تردد: فأما الحمادان فقالا: " رأس ". وأما يونس فقال: " صورة ". وأما الربيع فقال: " وجه ". والظاهر أنه من تصرّف الرواة. ورواة: " الرأس " أكثر، وهي أشمل؛ فهي المعتمدة!. قلت: رواية الطيالسي تَقَدَّم نقلها من "مسنده ". ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة. وأخرجه أحمد (2/469 و 472) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ... به، وفيه الزيادة في رواية. وحديث حماد بن زيد: أخرجه النسائي أيضا (1/132) ، والترمذي (2/475 - 476) ، وابن ماجه (1/305) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة أيضا؛ وفيه عنده الزيادة، كما في "الفتح ". وحديث يونس: أخرجه أبو عوانة أيضا، وأحمد (2/260 و 425) . وحديث الربيع: أخرجه أبو عوانة؛ لكن بلفظ: "رأس ". وكذلك أخرجه هو- من حديث أيوب بن أبي تميمة وعَياد بن منصور-، وأحمد (2/271) - عن معمر-، والطبراني في "الصغير" (ص 10) - عن الحسن

75- باب فيمن ينصرف قبل الامام

ابن أبي جعفر-، وأبو نعيم (8/43) ، والخطيب (3/155) - عن إبراهيم بن أدهم - كلهم عن محمد بن زياد ... به؛ وفي حديث إبراهيم الزيادة أيضا. وبالجملة؛ قالصواب في الحديث لفظ: " رأس "؛ لأنه الذي اتفق عليه جمهور الرواة. 75- باب فيمن ينصرف قبل الامام 636- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَّهُمْ على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه "، ولمسلم منه النهي عن الانصراف) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أنا حفص بن بُغَيْل الدهني (*) : ثنا زائدة عن المختار بن فلْفُل عن أنس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير حفص بن بغيل؛ قال ابن حزم: " مجهول ". وقال ابن القطان: " لا يعرف له حال ". قلت: لكنه قد توبع على هذا الحديث، فهو صحيح كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/240) : ثنا أبو سعيد: ثنا زائدة ... به أتم منه؛

_ (*) كذا في الأصل، وفي النسخ التي بين أيدينا و"التهذيب " و"التقريب ": المرهبي، وهو الصواب. (الناشر) .

ولفظه: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " والذي نفسي بيده؛ لو رأيتم ما رأيت؛ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرأ ". قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟! قال: " رأيت الجنة والنار "؛ وحضهم على الصلاة، ونهاهم أن يسبقوه بالركوع والسجود، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة، وقال: " إني أراكم من أمامي ومن خلفي ". وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أحمد أيضا (3/217) - عن عبد الرحمن بن مهدي-، وأبو عوانة (2/136) ، والبيهقي (2/192) - عن معاوية بن عمرو-، وأبو عوانة (2/251) - عنه وعن يحيى بن أبي بكير-، والدارمي (1/302) - عن أبي الوليد الطيالسي- كلهم عن زائدة ... به؛ وليس عند الدارمي إلا قوله: حضهم على الصلاة ... إلخ. وهو عند البيهقي مختصر مثل حديث الباب. وأخرجه هو (2/91- 92) ، ومسلم (2/28) من طرق أخرى عن المختار بن فلفل ... به نحو حديث أبي سعيد عن زائدة، لكن ليس فيه الحض على الصلاة. وكذلك هو في "المسند" (3/154 و 245 و 290) ؛ لكن ليس عنده أيضا الانصراف. وهو رواية لمسلم.

76- باب جماع أثواب ما يصلى فيه

76- باب جُمَّاعِ أثواب ما يُصَلى فيه 636/م- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عن الصلاة في ثوب واحد؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آوَلِكُلِّكُمْ ثوبان؟! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث فما " الموطأ" (1/158) . ومن طريقه: أخرجه الإمام محمد في "موطّئه " (ص 113) ، والبخاري (1/374) ، ومسلم (2/61) ، والنسائي (1/124) ، والطحاوي (1/221) ، وابن حبان (2292) ، والبيهقي (2/237) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/334) ، وأحمد (2/238) من حديث ابن عيينة عن الزهري ... به. وكذلك رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/ 373/758) ؛ وزاد- هو وأحمد-: قال أبو هريرة للذي سأله: أتعرف أبا هريرة؟ فإنه يصلي فما ثوب واحد،

وثيابه موضوعة على المِشْجَبِ. وخالف الوليد بن مسلم فقال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري ... به؛ إلا أنه رفع قول أبي هريرة، وجعله جواب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للسائل بلفظ: فقال: "ليتوشح به ثم ليُصَلِّ فيه!. أخرجه ابن حبان (4/28/2300) . وقد أشار الحافظ- في شرحه لرواية الشيخين- إلى رواية ابن حبان هذه، قال: " فيحتمل أن يكونا حديثين، أو حديثاً واحداً فرقه الرواة، وهو الأظهر "! وأقول: بل الصواب الأول؛ لأن رواية ابن حبان شاذة؛ لخالفتها لكل الطرق عن أبي هريرة وغيره، ولأن الوليد بن مسلم لم يصرح بتحديث الأوزاعي عن الزهري- والوليد معروف بأنه كان يدلس تدليس التسوية-. ولذلك فقد أخطأ المعلق على "الإحسان "- ولا أقول: إنه شعيب! - بقوله: " إسناده صحيح " ا وله طريقان آخران عن أبي هريرة: الأول: عن محمد بن سيرين عنه: أخرجه البخاري (1/378) ، ومسلم، والدارمي (1/318) ، والطحاوي، والدارقطني (ص 105) ، والبيهقي (2/236) ، والطيالسي (رقم 2496) ، وأحمد (2/230 و 495 و 498- 499) ، والطبراني في "الصغير" (ص 28 و 231) من طرق كثيرة عنه. والاخر: أخرجه مسلم، والطحاوي، وأحمد (2/265 و 285 و 345) من

طرق عن الزهري أيضا عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة: أخرجه الطحاوي، وأحمد (2/501) . وله شاهد من حديث طَلْقِ بن علي، يأتي في الباب. 637- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على مَنْكِبَيْهِ منه شيء ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه من طريق أخرى عن أبي الزناد كما يأتي. وسفيان: هو ابن عيينهَ. والحديث أخرجه أحمد (2/243) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه مسلم (2/61) ، وأبو عوانة (2/61) ، والنسائي (1/125) ، والدارمي (1/318) ، والطحاوي (1/223) ، والبيهقي (2/238) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وتابعه مالك، فقال الشافعي في "الأم " (1/77) : أخبرنا مالك عن أبي الزناد ... به. ومن طريق مالك: أخرجه البخاري (1/374- 375) ، وأبو عوانة أيضا.

وتابعه عنده: شعيب؛ وهو ابن أبي حمزة. وللحديث طريق أخرى بلفظ آخر، وهو: 638- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا صلى أحدكم في ثوب؛ فليخالف بطرفيه على عاتقيه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسدد: أنا يحيى. (ح) وحدثنا مسدد: ثنا إسماعيل- المعنى- عن هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه من طريق أخرى عن يحيى بن أبي كثير. وهشام: هو الدَسْتوائي. وإسماعيل: هو ابن علَيَّة. ويحيي: هو ابن سعيد. والحديث أخرجه أحمد (2/427) : ثنا إسماعيل: ثنا هشام الدستوائي ... به وأخرجه (2/255) من طريق يزيد بن هارون: أنا هشام ... به. وأخرجه البخاري (1/375) ، والبيهقي (2/238) من طريق شيبان عن يحيى ابن أبي كثير عن عكرمة قال: سمعته- أو كنت ساممته- قال: سمعت- أبا هريرة ... به.

639- عن عمر بن أبي سَلَمَةَ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي في ثوب واحد، ملتحفاً مخالفاً بين طرفيه على منكبيه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن أبي أمامة ابن سهل عن عمر بن أبي سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم عن قتيبة وغيره. والليث: هو ابن سعد. وأبو أمامة: اسمه أسعد. والحديث أخرجه مسلم (2/62) : حدثنا قتيبة بن سعيد وعيسى بن حماد قالا: حدثنا الليث ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/63) ، والطحاوي (1/222) ، وأحمد (4/27) من طرق أخرى عن الليث ... به. وله طريق أخرى: أخرجه مالك (11/58) ، والبخاري (1/373) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة، والنسائي (1/124) ، والترمذي (2/166) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/324) ، والطحاوي أيضا، والبيهقي (2/237) ، وأحمد (4/26) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن سلمة ... به نحوه.

640- عن قيس بن طَلْق عن أبيه قال: قَدِمْنَا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجل فقال: يا نبي الله! ماترى في الصلاة في الثوب الواحد؟ قال: فأطلق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إزاره، طَارَقَ به رداءَهُ، فاشتمل بهما، ثم قام فصلى بنا نبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما أن قضى الصلاة قال: " آوَكلُكُمْ يجد ثوبين؟! ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا مُلازم بن عمرو الحنفي: ثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وفي قيس بن طلق كلام لا يضر، وقد مضى بيان ذلك في حديث آخر للمصنف بهذا الإسناد (رقم 176) . والحديث أخرجه الطحاوي (1/222) ، وابن حبان (2294) ، والبيهقي (2/240) ، وأحمد (4/22) من طرق أخرى عن ملازم ... به. وله طرق أخرى عن قيس؛ فقال الطيالسي (رقم 1098) : حدثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق ... به مختصراً؛ بلفظ: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيصلي الرجل في ثوب واحد؟ فسكت حتى حضرت الصلاة، فصلى في ثوب واحد، طارَقَ بين كتفيه. وأخرجه الطحاوي، وأحمد من طريق عيسى بن خُثَيْم عن قيس: أن أباه شهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وساكله رجل عن الصلاة في الثوب الواحد، فلم

77- باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي

يقل له شيئاً، فلما أقيمت الصلاة؛ طارق رسول الله بين ثوبيه، فصلى بهما. وأيوب بن عتبة وعيسى بن خُثَيم؛ لا بأس بهما في المتابعات. 77- باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي 641- عن سهل بن سعد قال: لقد رأيت الرجال عاقدي أُزُرِهِمْ في أعناقهم- من ضيق الأزُرِ- خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة؛ كلأمثال الصبيان. فقال قائل: يا معشر النساء! لا ترفعن رؤوسكن حتى يرفع الرجال. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة وابن خربمة وابن حبان في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنباري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/433) : ثنا وكيع ... به. وأخرجه مسلم (2/32) ، وأبو عوانة (2/60) ، والبيهقي (2/241) من طرق أخرى عن وكيع ... به. وأخرجه البخاري (1/376 و 2/237) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/125) ، وابن خزيمة (1695) ، وابن حبان (508) ، والبيهقي، وأحمد (5/331) من طرق أخرى عن سفيان ... به.

78- باب الرجل يصلي في ثوب بعضه على غيره

(فائدة) : قال الحافظ في شرح قوله: (فقال قائل) : " فكأًن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر من يقول لهن ذلك، ويغلب على الظن أنه بلال. وإنما نهى النساء عن ذلك؛ لئلا يلمحن- عند رفع رووسهن من السجود- شيئاً من عورات الرجال بسبب ذلك عند نهوضهم، وعند أحمد وأبي داود التصريح بذلك من حديث أسماء بنت أبي بكر ". قلت: حديث أسماء يأتي في "السجود " برقم (797) ؛ وفيه رجل لم يُسَمَّ؛ لكن له في "المسند" طريق آخر صحيح، كما سنبينه هناك. 78- باب الرجل يصلِّي في ثوب بعضه على غيره 642- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى في ثوب؛ بعضه عليَّ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه مسلم وأبو عوانة أتمَّ منه، وقد مضى) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا زائدة عن أبي حَصِين عن أبي صالح عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو صالح: اسمه دْكوان السان. وأبو حَصِين- بالفتح-: عثمان بن عاصم بن حصين الآسَدِي الكوفي. وللحديث طريقان أخران عن عائشة رضي الله عنها، أخرج أحدَهما: مسلمٌ وأبو عوانة وغيرهما بأتم من هذا، وقد مضى في الكتاب (رقم 395) ؛ فراجعه إن شئت.

79- باب الرجل يصلي في قميص واحد

79- باب الرجل يصلِّي في قميص واحد 643- عن سَلَمَة بن الأكوع قال: ل قلت: يا رسول الله! إني رجل أصيد؛ أفأصفَي في القميص الواحد؟ " نعم، وازْرُرْه ولو يشوكة ". (قلت: إسناده حسن، وكذ اقال النووي، وقال الحاكم: " حديث صحيح "! ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2291) في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال مسلم؛ غير موسى بن إبراهيم- وهو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة الخزومي-؛ وهو حسن الحديث؛ قال ابن المديني فيه: "وسط ". وذكره ابن حبان في "الثقات "، وأخرج له في "صحيحه "، وكذا شيخه ابن خزيمة كما يأتي. ولذا قال النووي في "المجموع " (3/174) : " إسناده حسن ". والحديث أخرجه الحاكم (1/250) ، والبيهقي (2/240) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد ... به.

وأخرجه النسائي (1/124- 125) ، وأحمد (4/49) من طريق عَطاف بن خالد عن موسى بن إبراهيم ... به. وأخرجه الشافعي في "الأم " (1/78) من الطريقين فقال: أخبرنا العَطاف بن خالد وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة. وقد صرح العطاف بسماع موسى بن إبراهيم من سلمة في رواية عند أحمد، وكذلك أخرجه البخاري في "تاريخه "، كما في "الفتح " (1/270) . وهو رواية الدراوردي: عند الحاكم. وشذ عن ذلك ما أخرجه الطحاوي (1/222) من طريق ابن أبي قَبِيلَة قال: أنا الدراوردي عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة بن الأكوع ... به! فأخطأً ابن أبي قبيلة في موضعين من إسناده: الأول: قوله: موسى بن محمد بن إبراهيم! وإنما هو موسى بن إبراهيم؛ ليس في آبائه: محمد، كما تقدم. والأخر: قوله: عن أبيه! فزاد فيه رجلاً. وقد تابعه على هذا: إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة: أخرجه البخاري في "التاريخ ". ولعله من أجل هذا الاختلاف؛ قال البخارب في "صحيحه " (1/370) - بعد أن ذكر المرفوع من الحديث-: " في إسناده نظر ". وقال الحافظ في "شرحه "- بعد أن ذكر رواية ابن أبي أويس وعَطاف بن خالد من "تاريخ البخاري "-:

80- باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به

" يحتمل أن تكون رواية أبي أويس من (المزيد في متصل الأسانيد) ، أو يكون التصريح في رواية عظاف وهماً؛ فهذا وجه النظر في إسناده. وأما من صححه؛ فاعتمد رواية الدراوردي، وجعل رواية عطاف شاهدة لا تصالها ". قلت: والراجح عندي أن رواية عطاف هي الصواب؛ لمتابعة الدراوردي له، وموافقته له بالتصريح بالسماع: عند الحاكم كما تقدم. وإسماعيل بن أبي أويس وأبوه- واسمه: عبد الله بن عبد الله- وإن كانا من رجال "الصحيح "؛ فقد تكلم فيهما بعض الأئمة؛ لضعف في حفظهما؛ فلا تطمئن النفس لا تفردا به؛ لا سيما إذا كان من رواية الابن عن أبيه، كما هنا. والله أعلم. والحديث أخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2291) في "صحيحيهما"، كما في " الفتح "، و " التهذيب ". 80- باب إذا كان الثوب ضيِّقاً يتَّزِرُ به 644- عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: أتينا جابراً- يعني: ابن عبد الله- قال: سِرْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة، فقام يصلي، وكانت علي بُرْدَةٌ ذهبت أُخالف بين طرفيها، فلم تبلغ لي، وكانت لها ذَبَاذِبُ، فَنَكَسْتُها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تَسْقُطُ، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعاً حتى أقامنا خلفه. قال: وجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمُقني وأنا لا أشعُرُ، ثم فطِنْتُ به، فأشار إلي

أن آئزِرَ بها. فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فال: " يا جابر! فلما قلت: لبيك يا رسول الله! قال: " إذا كان واسعاً؛ فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً؛ فاشد ده على حَقْوِكَ ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه "، وأخرجه البخاري نحوه مختصراً) . إسناده: حدثنا هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن الفضل السجِسْتَاني قالوا: ثنا حاتم- يعني: ابن إسماعيل-: ثنا يعقوب بن مجاهد أبو حَزْرَةَ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجاله "الصحيح "؛ غير سليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن الفضل السجستاني، وهما ثقتان، وروايتهما متابعة كما ترى. والحديث أخرجه مسلم (8/231- 236) ، والبيهقي (2/239) من طريقين آخرين عن حاتم بن إسماعيل. وأخرجه البخاري (1/375) ، والبيهقي من طريق سعيد بن الحارث عن جابر ... به نحوه مختصراً. وله طريق ثالثة في "المسند! (3/335) ؛ وفيه من اختلط آخر عمره. 645- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو قال: قال عمر-: " إذا كان لأحدكم ثوبان؛ فليصلِّ فيهما؛ فإن لم يكن إلا ثوب واحد؛

فليتزِرْ به، ولا يشتمل اشتمال اليهود ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال النووي: " إسناده صحيح ". والتردد في رفعه إنما هو من نافع؛ لكنه رجح رفعه في بعض الروايات الصحيحة عنه. وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو قال: قال عمر ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال النووي في "المجموع " (3/173) ، وابن تيمية في "الاقتضاء" (ص 42) : " إسناده صحيح ". وقد تردد نافع في رفعه، لكنه رجح رفعه في بعض الروايات الثابتة عنه، كما سنبينه. والحديث أخرجه البيهقي (2/236) من طريق أخرى عن سليمان بن حرب ... به. ثم أخرجه من طريق أبي الربيع: ثنا حماد بن زيد ... به، وزاد بعد قوله: أو قال: قال عمر: " وأكثر ظني أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليصل أحدكم في ثوبين؛ فإن لم بجد ... " الحديث ". ثم قال: " ورواه الليث بن سعد عن نافع هكذا بالشك ". وأخرجه هو، وابن خزيمة (766) من طريق سعيد- وهو ابن أبي عروبة- عن أيوب ... به، إلا أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بدون شك في رفعه.

وكذلك أخرجه الطحاوي (1/221) من طريق حفص بن ميسرة عن موسى ابن عقبة عن نافع ... به. وأخرجه البيهقي من طريق أنس بن عيا كعن موسى بن عقبة ... به؛ إلا أنه قال: ولا يرى نافع إلا أنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره؛ بلفظ: " إذا صلى أحدكم؛ فليلبس ثوبحن؛ فإن الله أحق من تُرئنَ له "، ثم قال: قال ... وأخرجه الطحاوي، وأحمد (2/148) من طريق ابن جريج قال: أخبرني نافع: أن ابن عمر كساه وهو غلام، فدخل المسجد فوجده يصلي متوشحاً. فقال: أليس لك ثوبان؟ قال: بلى. فال: أرأيت لو استعنت بك وراء الدار أكنت لابسَهُما؟ قاد: نعم. قال: فالله أحق أن تزين له أم الناس؟ قال نافع: بل الله. فأخبره عن رسول الله- أو عن عمر. قال نافع: قد استيقنت أنه عن أحدهما، وما أراه إلا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ... فذكر الحديث نحوه. وأخرج أحمد (رقم 96) من علريق ابن إسحاق قال: حدثني نافع قال: كان عبد الله بن عمر يقول: إذا لم يكن للرجل إلا توب واحد؛ فليأتزر به ثم ليصلِّ؛ فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول ذلك، ويقول: لا تلتحفوا بالثوب إذا كان وحده كما تفعل اليهود. قال نافع: ولو قلت لك: إنه أسند ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لرجوت أن لا

أكون كذبت. وأخرجه الطحاوي، وابن حبان (348) ، وابن عدي (7/38) ، والبيهقي من طريق شعبهَ عن تَوْبَةَ العنبري عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا صلى أحدكم؛ فليتَّزِرْ وليَرْتَدِ ". وكل هذه الأسانيد إلى نافع صحيحة. ويظهر أنه كان يتردي الجزم برفعه؛ لكنه قد صرح في رواية ابن جريج وما في محناها أنه كان يغلب على ظنه رفعه؛ وغلبة الظن في مثل هذا الأمر كافية في الاحتجاج به. والله أعلم. (تنبيه) : وقع هذا الحديث والذي يليه- في بعض نسخ الكتاب- تحت باب آخر يتلو الباب الآتي، وهو (باب من قال: يتزر به إذا كان ضيقاً) ! وعليها جرى المنذري في "مختصره "! ومن الغريب أن القائمين على طبع المختصر قد وضعوا بجانب هذا الباب رقم [1: 242] يشيرون بذلك إلى أن الباب يوجد في الجزء والصفحة المشار إليهما من شرح "عون المعبود"! مع أنه ليس فيه إلا الباب الذي تراه هنا في الكتاب، وهو وإن كان بمعنى الباب الآخر؛ فإن إشارتهم تلك تنميد أن البابين كليهما في الشرح المذكور! وليس كذلك؛ فَلْيُعْلَمْ. 646- عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي في لحاف لا يَتَوَشَّحَ به، والآخر: أن يصلِّيَ في سراويل وليس عليه رداءٌ. (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي: ثنا سعيد بن محمد: ثنا أبو تُمَيْلَةَ

يحيى بن واضح: ثنا أبو المُنِيب عبيد الله العَتَكِيُّ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي المنيب عبيد الله - وهو ابن عبد الله العَتَكي-؛ وفيه مقال لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إذا لم يخالف؛ وقد وثقه ابن معين والنسائي والحاكم وغيرهم. وقال الآجُرِّي عن المصنف: " ليس به بأس ". وأنكر أبو حاتم على البخاري ذكره أبا المنيب في "الضعفاء"، وقال: " هو صالح الحديث ". وقال الحافظ: " صدوق يخطئ ". وقال المنذري في "مختصره " (رقم 608) : " في إسناده أبو تميلة يحيى بن واضح الأنصاري المروزي، وأبو المنيب عبيد الله ابن عبد الله العَتَكي المروزي؛ وفيهما مقال "! قلت: أما أبو المنيب؛ فقد عرفت أن القال الذي فيه لا يضر. وأما أبو تميلة؛ فهو ثقة حجة من رجال الشيخين، وقد وثقه ابن معين وجماعة، ولم يتكلَّمْ فيه أحد بحُجَّة. والذهبي لما أورده في "الميزان "؛ قال: " ولولا أن ابن الجوزي أورده في " الضعفاء "؛ لما أوردته ". على أنه لم يتفرد به؛ بل تابعه علي بن الحسن بن شقيق- كما ذكر الذهبي في "الميزان "-، وزيد بن الحباب: عند الطحاوي، كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (1/250) ، وعنه البيهقي (2/236) من طريق أخرى عن سعيد بن محمد الجَرميَ ... به.

81- من باب الإسبال في الصلاة

وأخرجه الطحاوي (1/224) من طريق زيد بن الحُبَاب عن أبي المنيب ... به نحوه. ثم قال الحاكم: " حديث صحيح عل شرط الشيخين، واحتجا بأبي تميلة. وأما أبو المنيب المروزي؛ فإنه من ثقات المراوزة، وممن يجمع حديثه في الخراسانيين "! ووافقه الذهبي! وقد وهما؛ فإن أبا المنيب ليس من رجال الشيخين كما علمت. وللشطر الثاني من الحديث شاهد من حديث جابر: أخرجه الخطيب (5/138) بسند رجاله ثقات. ثم إن الحديث يشهد له حديث أبي هريرة المتقدم (637) ؛ فلا وجه لتضعيف ابن عبد البر إياه في "التمهيد" (6/374) ؛ فتنبه! 81- من باب الإسبال في الصلاة 647- عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أسبل إزاره في صلاته خُيَلاءَ؛ فليس من الله جَل ذِكْرُهُ في حِل ولا حرام". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا زيد بن أخزم: ثنا أبو داود عن أبي عوانة عن عاصم عن أبي عثمان عن ابن مسعود. قال أبو داود: " روى هذا جماعة عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود، منهم حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأبو الأحوص وأبو معاوية ".

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ وأبو داود: هو الطيالسي صاحب "المسند"؛ وقد أخرجه فيه كما يأتي. وأبو عوانة: هو الوضَّاح بن عبد الله اليَشْكُرِيّ. وعاصم: هو ابن سليمان الأحول. وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن مُلّ- بلام ثقيلة والميم مثلثة- النَّهْدِيُ- بفتح النون وسكون الهاء-. وقد أشار المصنف رحمه الله إلى إعلال الحديث بالوقف بأن الجماعة الذين سمى بعضهم رووه موقوقاً! وهذا ليس بعلة قادحة؛ فإن أبا عوانة ثقة ثبت- كما في "التقريب "-، وقد رفعه؛ فهي زيادة من ثقة واجب قبولُها؛ ولا سيما والوقوف لا يقال بالرأي - كما في "الفتح " (10/257) -. وأثر حماد بن سلمة: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9/315/9368) ، وإسناده جيد، ولفظه: المسبل إزاره في الصلاة؛ ليس من الله عز وجل في حِلَ ولا حرام. والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (رقم 351) هكذا: حدثنا أبو عوانة وثابت أبو زيد عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن ابن مسعود- رفعه أبو عوانة ولم يرفعه ثابت-: أنه رأى أعرابيّاً عليه شَمْلَةٌ، نشر ذيلها وهو يصلي، فقال له: " إنّ الذي يَجُرُ ذيله من الخُيَلاءِ في الصلاة؛ ليس من الله في حِل ولا حرام ".

82- باب في كم تصلي المرأة؟

ومن طريقه: أخرجه البيهقي أيضا (2/242) . وأورده صاحب "المهذب " (3/176) موقوقاً على ابن مسعود. فقال النووي في تخريجه: " ذكره البغوي في "شرح السنة" بغير إسناد عن ابن مسعود ". قال: " وبعضهم يرويه عن ابن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكأن النووي رحمه الله لم يقف عليه في المصادر المتقدمة؛ وإلا لما أبعد النّجْعَةَ! (تنبيه) : يظهر- من رواية المصنف والشاهد المتقدم- أن ذكر (الجَر) في رواية الطيالسي شاذ، والمحفوظ (الإسبال) . ويؤيده من جهة المعنى: أن (الجر) إنما يكون في المشي، فكيف يجمع في سياق واحد بين الجَر والصلاة؟! وهذا بين لا يخفى. وقد خفي هذا على صاحب "تنبيه القاري لتقوية ما ضعفه الألباتي " (ص 10 - 11) ؛ جرياً منه على ظاهر إسناد الطيالسي! ومثله كثير في عصرنا الحاضر ممن لا معرفة عندهم بعلل الحديث! 82- باب في كم تصلي المرأة؟ [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 83- باب المرأة تصلي بغير خمار 648- عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لا يقبلُ الله صلاةَ حائض إلا بخمار ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن "، والحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، يوافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا حَخاج بن مِنْهال: ثنا حماد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه الحاكم (1/251) ، وعنه البيهقي (2/233) من طريق علي ابن عبد العزيز: ثنا حجاج بن المنهال ... به. وأخرجه الترمذي (2/215- 216) ، وابن ماجه (1/224) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (6/150 و 218 و 259) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (3/219) من طريق حماد بن زيد: ثنا قتادة ... به. ثم قال الترمذي: " حديث حسن ". وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأظن أنه لخلاف فيه على قتادة "، ووافقه الذهبي. ثم ساق الحاكم رواية ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن ... مرسلأ مرفوعاً به، وقد علقها المصنف عقب هذه؛ كأنه يشير بذلك إلى تعليل هذه الرواية الموصولة! وليس ذلك بعلة قادحة في صحتها؛ فإن حماد بن سلمة ثقة، قد وصله عن

قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية؛ لا سيما وقد تابعه على ذلك حماد بن زيد كما سبق؛ فزيادتهما مقبولة بلا شك. وأما الرواية الأخرى عن قتادة عن الحسن مرسلاً؛ فهي طريق أخرى لقتادة في هذا الحديث مرسلاً، تقوي طريقه الأولى الموصولة، كما لا يخفى. وللحديث شاهد عن أبي قتادة رضي الله عنه ... مرفوعاً نحوه. أخرجه الطبراني في " الصغير" (ص 190) ، وفي "الأوسط" أيضا بسند ضعيف. والحديث رواه ابن خزيمة (رقم 775) ، وابن حبان (1758- 1759) ، وابن الجارود (173) . 649- قال أبو داود: " رواه سعيد- يعني: ابن أبي عروبة- عن قتادة عن الحسن عن النبي َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". (قلت: وصله الحاكم من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد، وهو مرسل قوي، شاهد لما قبله) . قلت: وصله الحاكم (1/251) ، ومن طريقه البيهقي (2/233) من طريق عبد الوهاب بن عطاء: آبَنا سعيد ... به. وهذا مرسل صحيح الإسناد، وكأن المصنف رحمه الله أورده هكذا معلقاً؛ إشارة إلى إعلال حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث ... عن عائشة ... مرفوعاً، وقد تقدم قبل! ونحن نرى أن هذا الرسل لا يُعِل الموصول؛ بل يعطيه قوة كما ذكرنا آنفاً، وبخاصة أنه جاء من طريق آخر عن الحسن.

84- باب السدل في الصلاة

84- باب السَّدْل في الصلاة 650- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن السَّدْلِ في الصلاة، وأن يُغَطيَ الرجل فاه. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ العراقي، وهو على شرط البخاري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (رقم 478)) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى عن ابن البارك عن الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء- قال إبراهيم- عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ وفي الحسن بن ذكوان- وهو أبو سلمة البصري- كلام لا ينزل حديثه عن الرتبة التي ذكرنا؛ وقد توبع على الشطر الأول منه كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (2/253) ، والبيهقي (2/242) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك ... به. وأخرج ابن ماجه (1/306) - الشطر الثاني منه- من طريق محمد بن راشد عن الحسن بن ذكوان ... به. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/140) - بعد أن عزاه إليه وإلى المصنف-: "سنده حسن ". وأخرجه ابن حبان في "صحيحه "- بتمامه- (478) ، وقال الحاكم:

" حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وإنما حكما بهذا لأنه وقع في إسناد الحاكم: الحسين- مصغراً- بن ذكوان! بدل: الحسن بن ذكوان! ووقع في "تلخيص الذهبي ": حسين المعلم! والحسين هذا ثقة من رجال الشيخين؛ ولكن ذكره في إسناد هذا الحديث خطأ من الحاكم. وقد رواه البيهقي من طريقه على الصواب. وقد تبع الحاكم على خطئه هدا- وزاد عليه- الحافظ الزيلعي؛ حيث قال في " نصب الراية ": " وسند أبي داود؛ فيه الحسن بن ذكوان العلم؛ ضعفه ابن معين وأبو حاتم. وقال النسائي: ليس بالقوي. لكن أخرج له البخاري في "الصحيح "، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به "! فقد وصف الزيلعي الحسن- مكبرا- بـ (المعلم) ! وهذا خطأ بيِّن؛ فقد علمت مما سلف أن (المعلم) إنما هو لقب الحسين- المصغر-. فإما أن يكون سقطت (الياء) من قلم الناسخ أو المؤلف، فصار: الحسن. وإما أن يكونا الأصل هكذا مكبرأ، ويكون لقب (المعلم) سَبْقَ قلم. من أحدهما. ويؤيد هذا: أن الأقوال التي نقلها عن الأئمة إنما قالوها في الحسن- الكبر لا المصغر-! والله أعلم. وقد ذكرنا آنفاً أن الحسن بن ذكوان قد توبع على بعضه؛ وهو:

651- قال أبو داود: " ورواه عِسْلٌ عن عطاء عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن السدل في الصلاة ". (قلت: هذه طريق أخرى عن عطاء. وقد وصله الترمذي وغيره إلى (عِسْل) ، فهذا القدر من الحديث صحيح، وقوّاه البيهقي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (479)) . قلت: وصله الترمذي (2/217) ، والدارمي (1/320) ، والبيهقي (2/242) ، وأحمد (2/295 و 341 و 345 و 348) من طرق عن عِسْلِ بن سفيان ... به. وقال الترمذي: " لا نعرفه من حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً إلا من حديث عسل بن سفيان "! كذا قال! ورواية الحسن بن ذكوان المتقدمة ترذُ عليه. وعسل هذا ضعيف. وقد تابعه أيضا عامر الأحول؛ لكن في الطريق إليه ضعف: أخرجه الطبراني في "الأوسط " عن أبي بَحْرٍ البَكْراوي- واسمه عبد الرحمن ابن عثمان-: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عطاء عن أبي هريرة ... مرفوعاً فذكره. قال الزيلعي: " ورجاله كلهم ثقات؛ إلا البكراوي؛ فإنه ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما، وكان يحيى بن سعيد حسن الرأي فيه، وروى عنه. قال ابن عدي: وهو ممن يكتب حديثه ". قلت: وقد رواه غيره عن عامر عن عطاء ... مرسلاً: أخرجه البيهقي من طريق هشيم: آبَنا عامر الأحول قال:

سألت عطاءً عن السدل فكرهه. فقلت: أعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: نعم. وهذا مرسل صحيح الإسناد. وقال للبيهقي: " وهذا الإسناد وإن كان منقطعاً؛ ففيه قوّة للموصولين قبله ". ثم قال: " وقد روي من أوجه أخر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... "، ثم ساقها من حديث ابن مسعود وأبي جحيفة، ومن حديث أبي عظية الوادعي مرسلأ؛ وفيها ضعف، وإذا ضمت إلى ما سبق؛ ارتقى الحديث إلى درجة الصحيح. 652- عن ابن جريج قال: اكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً. (قلت: إسناده صحيح إلى عطاء، وقد صح الحديث عنه مرفوعاً على خلاف فعله، والعمدة على ما روى، لا على فعله أو ما رأى، وقد قال الببهقي: " وكأنه نسي الحديث، أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء، وكان لا يفعله خيلاءَ") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى بن الطَبَّاع: ثنا حَخاج عن ابن جريج. قال أبو داود: " وهذا يضعف ذلك الحديث "! قلت: كلا؛ بل الحديث صحيح، ولا يضعفه أنَّه صح عن أحد رواثه- وهو عطاء- مخالفته فعلاً؛ لما تقرر في الأصول: أن العبرة برواية الراوي لا برأيه أو فعله المخالف لها، لا سيما وقد صح عن عطاء نفسه الإفتاء بما يوافق الحديث، وهو ما تقدم قريباً أنه سئل عن السُّدْل؟ فكرهه. ولما قيل له: أعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم.

85- باب الصلاة في شعر النساء

فهذا يدل على أن الحديث عنده صحيح، وأنه محكم غير منسوخ؛ فلا يجوز حينئذ البتة تضعيف الحديث؛ بمجرد مخالفة عطاء له فعلاً؛ لاحتمال أن له في ذلك عذراً، كالنسيان أو غيره، كما بينه البيهقي في "سننه " (2/242) ، وترى نص كلامه في هذا مذكورا آنفاً. 85- باب الصلاة في شُعر النساء [تحته حديث واحد، تقدم بالنص، فأغنى عن إعادته، فانظر (رقم 393) ] 86- باب الرجل يصلِّي عاقصاً شَعْرَهُ 653- عن أبي سعيد المقبري: أنه رأى أبا رافع مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ بحسن بن علي عليهما السلام، وهو يصلي قائماً، وقد غرز ضفره في قفاه، فحلَّها أبو رافع، فالتفت حسن إليه مغضباً، فقال أبو رافع: أقْبِلْ على صلاتك ولا تغضب؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ذلك كِفْلُ الشيطان "؛ يعني: مغرز ضفره. (قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وقال الحافظ ابن حجر: " إسناده جيد "، وصححه ابن حبان (653)) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج: حدثني عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري يحدث عن أبيه. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال

الشيخين؛ غير عمران بن موسى؛ وقد وثقه ابن حبان وروى- عنه غير ابن جريج-: إسماعيل ابن عُلَيَة، وحسن له الترمذي وغيره كما يأتي. والحسن بن علي: هو ابن محصد الخلال الحُلْواني. واسم أبي سعيد المقبري: كَيْسَان بن سعيد. وكنية ابنه سعيد: أبو سعد المدني. والحديث أخرجه الترمذي (2/223) ، والبيهقي (2/109) من طرق أخرى عن عبد الرزاق. وأخرجه ابن خزيمة (911) ، وابن حبان (رقم 474) ، والبيهقي من طريق حجاج قال: قال لي ابن جريج ... به. وقال الترمذي: "حديث حسن ". ونقل الشوكاني (2/286) عنه أنه صححه. وقال الحافظ في "الفتح " (2/238) - بعد أن عزاه للمصنف: " إسناده جيد ". وأخرجه ابن ماجه (1/323) من طريقين عن شعبة: أخبرني مُخَول قال: سمعت أبا سعد- رجلاً من أهل المدينة- يقول: رأيت أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى الحسن بن علي وهو يصلي، وقد عقص شعره، فأطلاقه أو نهى عنه، وقال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره. ورواه الدارمي (1/329) من طريق أخرى عن شعبة ... به عن أبي رافع قال:

رآني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ساجد؛ وقد عقصت شعري- أو قال: عقدته-، فأطلقه. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي سعد هذا؛ فقال الذهبي: " لا يعرف ". وقال الحافظ: " قيل: هو شُرَحْبِيلُ بن سعد ". قلت: ويدور في خَلَدِي أنه سعيد بن أبي سعيد المقبري؛ فإن كنيته أبو سعد المدني كما تقدم. وقد وجدت ما يؤيد ذلك من كلام المتقدمين، ففي "العلل " لابن أبي حاتم (رقم 289) : " سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مُخَول عن سعيد المقبري عن أم سلمة قالت: نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلي الرجل ورأسه معقوص؟ قال أبي: إنما روي عن مخول عن أبي سعيد [كذا] عن أبي رافع، وكنية سعيد المقبري: أبو سعيد [كذا] ، وأخطأ مؤمل؛ إنما الحديث عن أبي رافع ". قلت: كذا في الموضعين: (أبو سعيد) ! والظاهر أنه خطأ مطبعي، والصواب: (أبو سعد) ؛ فإنها كنيته كما ذكرنا آنفاً. والمقصود: أن أبا حاتم جزم أن حديث مخول: عن سعيد المقبري أبي سعد، وأن مؤملاً أصاب في ذلك، لكنه أخطأ في قوله: عن أم سلمة! وإنما الصواب: عن أبي رافع. وقد رواه هكذا على الصواب: الإمام أحمد (6/8) - عن عبد الرزاق-، وسحنون في "المدونة" (1/96) - عن وكيع- كلاهما عن سفيان عن مخول عن رجل عن أبي رافع ... به مختصراً.

وأخرجه أحمد أيضا (6/391) عن وكيع. فإذا ثبت أن أبا سعد هذا هو سعيد المقبري؛ فينتج من ذلك أن للحديث عنه راويين: أحد هما: عمران بن موسى. والأخر: مخول- وهو ابن راشد-. وبذلك يرتقي الحديث إلى الصحة، لولا أنهما اختلفا في شيء من متنه وسنده: أما الأول: فليس في حديث مخول: " ذلك كفل الشيطان "؛ بل فيه النهي عن ذلك. والأمر فيه يسير، والقاعدة أن يضم هذا إلى ذلك. وأما الآخر: فهو أن مخولاً لم يذكر بين أبي سعد وأبي رافع: أبا سعيد المقبري! ولعل الأصح إثباته؛ أخذاً بالزيادة. والله أعلم. ثم إن حديث أم سلمة أورده الهيثمي في "المجمع " (2/86) ، وقال: " رواه الطبراني في " الكبير"، ورجاله رجال (الصحيح) "! ولست أدري؛ أهو عند الطبراني من طريق مؤمل بن إسماعيل- الذي في طريق أبي حاتم- أم عن غيره؟ فإن كان الأول؛ فقوله: " ورجاله رجال (الصحيح) "! فيه نظر؛ لأن مؤملأ هذا إنما أخرج له البخاري تعليقاً. وإن كان الآخر؛ فهو دليل على أن لحديث أم سلمة أصلاً؛ ففيه قوة أخرى للحديث والله أعلم. ثم وجدت له شاهداً من حديث علي مرفوعاً: " ولا تصَلِّ وأنت عاقص شعرك؛ فإنه كفل الشيطان ".

أخرجه أحمد (رقم 1243) بسند ضعيف. 654- عن كريبِ مولى ابن عباس: أن عبد الله بن عباس رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوصٌ من ورائه، فقام وراءه، فجعل يَحلَّه، وأقزَ له الآخر. فلما انصرف؛ أقبل إلى ابن عباس فقال: ما لك ورأسي؟! قال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إنما مَثَل هذا مَثَل الذي يصلِّي وهو مكتوف ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن سلمة: ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكيراً حدثه أن كريباً مولى ابن عباس حدثه: أن عبد الله بن عباس ... قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/102) من طريق المصنف. وأخرجه هو، ومسلم (2/53) ، وأبو عوانة (2/74) ، والنسائي (1/167) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وأخرجه الدارمي (1/320) ، وأحمد (رقم 2768 و 2904) من طرق أخرى عن ابن الحارث ... به؛ وقرن أحمد في رواية بـ (كريب) : شعبة مولى ابن عباس. ثم أخرج (رقم 2905) - المرفوع منه فقط- من طريق ابن لهيعة عن بكير.

87- باب الصلاة في النعل

87- باب الصلاة في النَّعْلِ 655- عن عبد الله بن السائب قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي يوم الفتح؛ ووضع نعليه عن يساره. (قلت: إسناده صحيح، ورجاله رجال "الصحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن جريج: حدثني محمد بن عَباد بن جعفر عن ابن سفيان عن عبد الله بن السائب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد؛ فمن رجال البخاري. وابن سفيان- واسمه عبد القه بن سفيان الخزومي-؛ فمن رجال مسلم. والحديث أخرجه أحمد (3/410- 411) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه النسائي (1/125- 126) ، وابن ماجه (1/437) من طريقين آخرين عن يحيى. وأخرجه الحاكم (1/259) ، ومن طريقه البيهقي (2/432) من طريق عثمان ابن عمر: ثنا ابن جريج ... به " وقال الحاكم: " هذا حديث يعرف تجحمد بن عباد بن جعفر، أخرجته شاهداً "! ووافقه الذهبي! وهذا تشدد منهما؛ على خلاف عادتهما! وكان من حقهما أن يقولا: إنه صحيح على شرط مسلم! فقد أخرج في "صحيحه " بهذا الإسناد حديثاًآخر لعبد الله بن السائب هذا، وهو الآتي عقبه.

ووهم الحافظ العرافي في "تخريج الإحياء" (1/170/رقم 2 و 4) ؛ فعزا هذا الحديث إلى مسلم! وإنما له ما أشرنا إليه، وهو: 656- عن عبد الله بن السائب قال: صلَّى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون- أو ذِكْرُ موسى وعيسى؛ ابن عباد يَشُكُّ، أو اختلفوا-؛ أخذت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْلةٌ، فحذف فركع، وعبد الله بن السائب حاضر لذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وعلقه البخاري في "صحيحه ". وقال الحافط: " إسناده مما تقوم به الحجة") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق وأبو عاصم قالا: أنا ابن جريج قال: سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول: أخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد الله بن المسيِّب العابدي وعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن السائب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأًتي. وعبد الله بن عمرو: هو ابن العاص. وأبو سلمة بن سفيان: اسمه عبد الله، كما تقدم قريباً. والحديث أخرجه أحمد (3/411) : ثنا عبد الرزاق وروح قالا: أنا ابن جريج ... به. وأخرجه مسلم (2/39) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به.

وأخرجه هو، وأبو عوانة (2/161) ، والنسائي (1/156) ، والبيهقي (2/59- 60 و 389) ، وأحمد من طرق أخرى عن اين جريج ... به؛ لكن النسائي لم يذكر في سنده: عبد الله بن المسيب وعبد الله بن عمرو، وزاد في متنه: فصلى في قِبَلِ الكعبة، فخلع نعليه، فوضعهما عن يساره. وهي عند أحمد أيضأ في رواية؛ وسندها صحيح أيضا على شرط مسلم. ولعل هذا الذي غَر الحافظ العراقي، فعزا هذا القدر من الحديث إلى مسلم كما تقدم؛ ظنّاً منه أنها عنده في صلب هذا الحديث؛ وإنما هي عند من ذكرت فقط. ورواه ابن ماجه (1/273) - مختصراً- من طريق ابن عيينة عن ابن جريج عن ابن مُلَيكة عن ابن السائب. وعلقه البخاري (2/203) ، وقؤاه الحافظ، كما ذكرنا آنفاً. 657- عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصفَي بأصحابه؛ إذ خلع نعليه فوضعها عن يساره، فلما رأى ذلك القومُ؛ ألقَوْا نِعَالَهم، فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته قال: " ما حملكم على إلقائكم نِعالَكم؟ ا ". قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن جبريل عليه السلام أتاني، فأخبرني أن فيهما قذراً- أو قال: أذىً- ". وقال:

" إذا جاء أحدكم إلى المسمجد فلينظر؛ فإن رأى في نعليه قذراً أو أذىً فليمسحه، وليصلِّ فيهما ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال النووي: " إسناده صحيح "، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم!، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة (1017) ، وابن حبان في "صحيحيهما "، وقوّى إسناده ابن التًّرْكُماني) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد بن زيد عن أبي نَعَامَةَ السعْدي عن أبي نَضْرَةَ عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وهكذا وقع في بعض النسغ المعتمدة: (حماد بن زيد) ! ووقع في البعض الأخرى: (حماد) غير منسوب. ويغلب على ظتي أن هذا هو الصواب؛ وذلك لأمور: الأول: أن عادة المصنف جرت- فيما سبق من هذا الكتاب-: أنه إذا روى عن شيخه موسى هذا عن حماد؛ فإنما يقول: عن حماد؛ لا ينسبه إلا نادراً؛ فانظر الأحاديث رقم (44، 50 و 57 و 58 و 86 و 88 و 167 و170 و 216 و 227 و 263 و 326 و 359 و 398 و 414 و 415 و 432 و 465 و490 و 502 و 507 و 541 و 542 و 599 و 621) . وإذا نسبه فإنما يقول: حعكاد بن سلمة؛ كالأحاديما (رقم 198 و 388 و479) . وقد تبين لنا بالتتبع: أنه في كل تلك الأحاديث التي لم يُنْسَبْ فيها؛ إنما هو

حماد بن سلمة؛ حاشا الحديث (رقم 490) ؛ فقد ترجح عندي أنه ابن زيد؛ لما ذكرته هناك، مع أنه يحتمل أن يكون هو ابن سلمة؛ ويكون ابن زيد قد تابعه عليه. وأيّاً ما كان؛ فإن موسى بن إسماعيل غير مشهور الرواية عن حماد بن زيد، حتى إن الحافظ في "التهذيب " لم يذكره في شيوخه؛ وإنما ذكر فيهم ابن سلمة. فعلى ذلك؛ ينبغي أن يكون هو المراد هنا. ويؤيد ذلك: الأمر الثاني: وهو أن البيهقي روى الحديث من طريق المصنف ... بإسناده هذا؛ فقال: حماد بن سلمة. الأمر الثالث: أن الحديث إنما يعرف هكذا موصولاً من حديث حماد بن سلمة؛ كذلك أخرجه كل من يأتي ذكره. الرابع: أنهم لم يذكروا في شيوخ ابن زيد: أبا نعامة هذا؛ وإنما ذكروه في شيوخ ابن سلمة؛ فتعين أنه هو. الخامس: أن حماد بن زيد إنما يروي هذا الحديث عن أيولب عن أبي نعامة عن أبي نضرة ... مرسلا، كما يأتي. فكل هذه الأمور تؤيد أن حماداً إنما هو ابن سلمة. والله أعلم. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 2154) : حدثنا حماد بن سلمة ... به. وأخرجه البيهقي (2/431) من طريق المصنف عن موسى عن حماد بن سلمة .......... به وكذلك أخرجه الدارمي (1/320) ، وابن خزيمة (1017) ، والحاكم (1/260) ، والبيهقي أيضا (2/402 و 431) ، وكذا الطحاوي (1/294) ، وأحمد

(3/20 و 92) من طرق عن حماد بن سلمة ... به. وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وقال النووي في "المجموع " (2/179 و 3/132 و 156) : " إسناده صحيح ". ورواه ابن خزيمة وابن حبان؛ يعني: في "صحيحيهما" على ما في "التلخيص " (4/69) ، قال: " واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم في "العلل " الموصول ". قلت: ونص كلامه في " العلل " لابنه (رقم 330) : " سألت أبي عن حديث رأ اه حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه صلى في نعليه، ثم خلع نعليه؛ فخلع الناس ... وذكر الحديث؟ فقال أبي: رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي نعامة عن أبي نضرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسل. قال أبي: أيوب أحفظ. وقد وَهَّنَ أيوب رواية هذا الحديث حديث حماد بن سلمة. ورواه إبراهيم بن طهمان عن حَخاج الأحول عن أبي نعامة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والمتصل أشبه؛ لأنه اتفق اثنان عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت: وأما البيهقي؛ فقد حاول تضعيف الحديث بما لا طائل تحته؛ فلا حاجة لنقل كلامه وبيان بطلانه؛ وقد رد عليه ابن التركماني في "الجوهر النقي "؛ فأجاد.

والحديث روى له البيهقي نفسه شاهداً من حديث أنس، وقال: " إسناده لا بأس به ". وأخرجه الحاكم (1/139- 140) أيضا، وقال: " حديث صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وله شواهد أخرى، ذكرها في "التلخيص ". ومن شواهده: 658- عن بكربن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا؛ قال: " فيهما خَبَثٌ "؛ قال في الموضعين: " خبث ". (قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل صحيح) . إسناده: حدثنا موسى- يعني: ابن إسماعيل-: ننا أبان: ثنا قتادة: حدثني بكر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ وبكر بن عبد الله: هو أبو عبد الله المُزَني البصري التابعي. والحديث أخرجه البيهقي (2/431) من طريق المصنف؛ وهو من شواهد حديث أبي سعيد الذي قبله. 659- عن شدَّاد بن أوس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خالفوا البهود؛ فإنهم لا يُصَلون في نِعالهم ولا خِفافهم ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم ووافقه الذهبي، وقال العراقي: " إسناده حسن "، وقال الشوكاني: " لا مطعن في إسناده ". وأخرجه ابن

حبان في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا مروان بن معاوية الفَزَاري عن هلال بن ميمون الرَّمْلي عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح: رجاله كلهم ثقات. ونقل الناوي في "الفيض " عن الحافظ العراقي أنه قال في "شرح الترمذي ": " إسناده حسن ". وقال الشوكاني (2/109) : " أخرجه ابن حبان في "صحيحه "، ولا مطعن في إسناده ". والحديث أخرجه الحاكم (6/260) ، وعنه البيهقي من طريق قتيبه ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. 660- عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي حافياً ومتنعلاً. (قلت: إسناده حسن صحيح) إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا علي بن المبارك عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده خلاف، والحق: أنه حسن الحديث، كما سبق بيانه مفصلا عند الحديث (رقم 124) . وهذا الإسناد: من الأدلة على أن المراد بجده فيه؛ إنما هو عبد الله بن عمرو بن

88- باب المصلي إذا خلع نعليه؛ أين يضعها؟

العاص؛ لتصريحه برؤيته للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه ليس يريد جده الأدنى: محمد بن عبد الله بن عمرو؛ لأنه لا رؤية له. ففيه رد على من يقول: إن رواية عمرو بن شعيب عن أبيه مرسلة أو منقطعة! وقد فصلنا هذه المسألة، في المكان المشار إليه؛ فلتراجع. والحديث أخرجه البيهقي (2/431) من طريق المصنف. وأخرجه ابن ماجه (1/322) ، والطحاوي (1/294) ، وأحمد (2/174 و215) من طرق أخرى عن حسين المعلم ... به. وأخرجه أحمد (2/178 و 190) من طرق أخرى عن عمرو ... به. وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة؛ منهم أبو هريرة: في "المسند" (2/248) بسند صحيح، فالحديث صحيح. وبقية الشواهد؛ قد أوردتها في كتابنا الكبير "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها " 88- باب المصلِّي إذا خلع نَعْلَيْهِ؛ أين يضعها؟ 661- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا صلى أحدكم؛ فلا يضع نعليه عن يمينه، ولا عن يساره؛ فتكونَ عن يمين غيره؛ إلا أن لا يكون عن يساره أحد، وليضعها بين رجليه ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال العراقي: " سنده صحيح "، وصححه الحاكم، يوافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عثمان بن عمر: ثنا صالح بن رستم أبو

عامر عن عبد الرحمن بن قيس عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، فهو على شرطه. ولولا ما في صالح بن رستم من الكلام من قبل حفظه؛ لقلت- كما قال العراقي في "تخريج الإحياء" (1/130) -: " سنده صحيح ". ثم استدركت فقلت: إنه ليس على شرط مسلم؛ لأن عبد الرحمن بن قيس هذا ظننت أولاً أنه أبو صالح الحنفي الكوفي- وهو من رجال مسلم-، ثم تيقنت أنه ليس به، بل هو أبو رَوْح العَتَكِيّ البصري، روى له المصنف هذا الحديث فقط؛ وقد روى عنه جماعة من الثًقات، منهم يحيى القطان. وذكره ابن حبان في "الثقات "، وأخرج هو وشيخه ابن خزيمة حديثه هذا في "صحيحيهما"- كما في "التهذيب "-، وصححه الحاكم والذهبي كما يأتي. وأما قول المنذري في "مختصره " (رقم 624) : " ويشبه أن يكون الزعفرانيَّ البصريَّ، كنيته أبو معاوية، ولا يحتج به "! فغير سديد. قال الحافظ في "التهذيب ". " وليس كما ظن؛ فإن الزعفراني يَصْغُر عن إدراك يوسف بن ماهك. وأيضا؛ فقد ذكره ابن حبان في "الثقات ". وأما الزعفراني؛ فواهي الحديث كما ترى ". ولذلك قال العراقي- بعد أن صححه كما قلناه آنفاً-: " وضعفه المنذري؛ وليس بجيد ". والحديث أخرجه الحاكم (1/259) من طريق الحسن بن مُكْرَم: ثنا عثمان ابن عمر ... به.

وأخرجه البيهقي (2/432) من طريقه، ومن طريق المصنف أيضا. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وهو من تساهلهما أو من أوهامهما؛ فإن صالح بن رستم لم يخرج له البخاري في "صحيحه "، وإنما روى له فيه تعليقاً. ثم إن عبد الرحمن بن قيس قد علمت أنه لم يرو له غير المصنف؛ لكنه قد سقط من إسناد الحاكم؛ فلا أدري أذلك منه أم ممن بعده؟! والحديث: عند ابن خزيمة (1016) من طريقين عن عثمان بن عمر ... به. وله شاهد من حديث أبي بكرة بنحوه؛ بلفظ: " ولكن ليخلعهما بين ركبتيه ". رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه ضعف، كما في "المجمع " (2/55) . وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه؛ وهو: 662- عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا صلى أحدكم فخلع نعليه؛ فلا يؤذ بهما أحداً؛ ليجعلهما بين رجليه، أو ليُصَل فيهما ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدة: ثنا بقية وشعيب بن إسحاق عن الأوزاعي: حدثني محمد بن الوليد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه الحاكم (1/260) عن عبد الوهاب بن نجدة. وأخرجه البيهقي (2/432) من طريق بشر بن بكر: ثنا الأوزاعي ... به. وخالفه في إسناده عن سعيد: عياض بن عبد الله القُرَشي فقال: عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة ... مرفوعاً به، وزاد: " ولا يؤذي بهما غيره "؛ فلم يذكر القرشيُّ بين سعيد المقبري وأبي هريرة: أبا سعيد المقبري. أخرجه ابن خزيمة (1999) . وقد تابعه على هذا: عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد- وهو المقبري-: أخرجه ابن ماجه (1/437- 438) ؛ ولفظه: " ألزم نعليك قدميك، فإن خلعتهما؛ فاجعلهما بين رجليك، ولا تجعلهما عن يمينك، ولا عن يمين صاحبك، ولا وراءك فتؤذي من خلفك ". لكن عبد الله بن سعيد هذا ضعيف جدَّاً. وأما عياض بن عبد الله القرشي؛ فثقة من رجال الشيخين. وقد شارك سعيد المقبري أباه في الرواية عن أبي هريرة والسماع منه في غير ما حديث؛ فلعله سمعه من أبيه عن أبي هريرة أولاً، ثم سمعه منه مباشرة. والله أعلم. وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة: في "معجم الطبراني الصغير" (رقم 1051- من ترتيبه) .

89- باب الصلاة على الخمر

89- باب الصلاة على الخمُرِ 663- عن ميمونة بنت الحارث قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي؛ وأنا حذاءه وأنا حائض، وربما أصابني ثوبه إذا سجد، وكان يصلي على الخمْرَةِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أنا خالد عن الشيباني عن عبد الله بن شداد: حدثتني ميمونة بنت الحارث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه كما يأتي. وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي. والشيباني: هو أبو إسحاق، مشهور بكنيته؛ واسمه سليمان بن أبي سليمان. والحديث أخرجه البخاري (1/388) - عن مسدد-، ومسلم (2/66 و 128) - عن يحيى بن يحيى التميمي- كلاهما عن خالد ... به. وأخرجه البخاري (1/341) ، وابن خزيمة (2/104) ، وأبو عوانة (2/53) ، وأحمد (0/336- 331 و 331) من طرق أخرى عن الشيباني ... به. ورواه شعبة عنه- الجملة الأخيرة منه-: كان يصلي على الخمرة: أخرجه الطيالسي (رقم 1626) ، والبخاري (1/390) ، وابن خزيمة (2/104) ، وأبو عوانة (2/73) ، والدارمي (1/319) ، والبيهقي (2/421) .

90- باب الصلاة على الحصير

وتابعه عَبَّاد بن العوَّام: عند ابن ماجه (1/320) . ورواه سفيان بن عيينة بتمامه نحوه؛ دون الجملة الأخيرة منه؛ وقد مضى في الكتاب (رقم 395) . وانظر "صحيح ابن خزيمة" (2/155- 106) بطرق أخرى. 90- باب الصلاة على الحصير 664- عن أنس بن مالك قال: قال رجل من الأنصار: يا رسول الله! إني رجل ضَخْمٌ - وكان ضخماً- لا أستطيع أن أصلِّيَ معك- وصنع له طعاماً ودعاه إلى بيته-؛ فصَلِّ حتى أراك كيف تصلي؛ فأقتديَ بك. فنضحوا له طرفَ حصير لهم، فقام فصلى ركعتين. قال فلان ابن الجارود لأنس بن مالك: أكان يصلي الضحى؟ قال: لم آرَهُ صَلى إلا يَوْمَئِذٍ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه منهما البخاري، دون قوله: فَصَلِّ حتى أراك كيف تصلي؛ فأقتديَ بك) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (2/125- 126 و 3/44- 45) ، وأحمد (3/130-

131 و 184 و 291) من طرق عن شعبة ... به. وروى الطيالسي (رقم 2097 و 2098) منه: صلاة الركعتين على الحصير، وسؤال أنس عن الضحى. وليس عندهم جميعاً: فصل.. فأقتديَ بك. وكذلك رواه خالد الحذاء عن أنس بن سيرين ... به نحوه. أخرجه البخاري (10/410- 411) . وذكر الحافظ في "شرحه ": أن ابن ماجه وابن حبان أخرجاه من رواية عبد الله ابن عون عن أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس. قال: " فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعاً. وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين عنده بسماعه من أنس. فحينئذ رواية ابن ماجه إما من (المزيد في متصل الأسانيد) ، وإما أن يكون فيها وهم؛ لكًون ابن الجارود كان حاضراً عند أنس لما حدث هذا الحديث، وسالى عما سالى من ذلك، فظن بعض الرواة أن له فيه رواية ". قدت: وقفت عدى الحديث عند ابن ماجه (رقم 756) والله أعلم. وقد ذكر الحافظ أيضا أن في رواية عبد الحميد هذه: وإني أحب أن تأكل في بيتي، وتصلي فيه. وقد أخرجها أحمد (3/112 و 128- 129) ؛ وإسناده صحيح. 665- عن أنس بن مالك: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يزور أم سُلَيْمٍ، فتدركه الصلاة احياناً، فيصلي على بساط لنا؛ وهو حصير تنضحه بالماء.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه بنحوه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا المثنى بن سعيد: حدتْتي قتادة عن أنس قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه. والحديث رواه الطبراني في "الصغير" (ص 121) من طريق هشام الدَسْتوَائي عن قتادة ... مختصراً بلفظ: كان يصلي على الخمرة. وله طريق أخرى عن أنس، فقال الإمام أحمد (3/190) : ثنا بَهْزٌ: حدثني موسى بن سعيد عن أبي التَّيَّاح عن أنس ... به، ولفظه: كان يزور أم سليم أحياناً، ويتحدث عندها، فتدركه الصلاة، فيصلي على بساط؛ وهو حصير؛ ينضحه بالماء. ورجاله رجال الشيخين؛ غير موسى بن سعيد هذا؛ فلم أعرفه، ولم يورده الحافظ في "التعجيل "! وقد توبع؛ فأخرجه البخاري (10/480) ، ومسلم (2/127) ، وأحمد أيضا (3/212) من طريق عبد الوارث عن أبي التياح ... به نحوه. ورواه شعبة أيضا عن أبي التياح ... به مختصراً. أخرجه الترمذي (2/154) ، وأحمد (3/119 و 171) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

91- باب الرجل يسجد على ثوبه

وله شاهد عن ابن عباس مختصراً: رواه ابن ماجه، وابن خزيمة (2/110) ، والضياء في "المختارة" (67/100/1) . 91- باب الرجل يسجد على ثوبه 666- عن أنس بن مالك قال: كلنَّا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِفي شدة الحرِّ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكِّن وجهه من الأرض؛ بسط ثوبه فسجد عليه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذ اأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل رحمه الله: ثنا بشر- يعني: ابن المُفَضلِ-: ثنا غالب القطان عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث رواه أحمد في "المسند" (3/100) ... بهذا السند. وأخرجه البخاري (1/392 و 3/62) ، ومسلم (12/59) ، وأبو عوانة (1/346) ، والدارمي (1/308) ، وابن ماجه (1/321) ، والبيهقي (2/6؟ 1) من طرق أخرى عن بشر بن المفضل ... به. وقد تابعه خالد بن عبد الرحمن السّلَمِيُّ س ت غالب ... به مختصراً؛ بلفظ: كنا إذا صلينا خلف رسول الله عباإٍ بالظهائر؛ سجدنا على ثيابنا؛ اتقاء الحر. أخرجه البخاري (2/18) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/167- لملأ 1) ، والترمذي (2/479) ، وقال:

92- باب تسوية الصفوف

" حديث حسن صحيح ". وتابعه أيضا عِمْران القطان: كما في "كامل ابن عدي " (6/2034) ، وأعله بغالب؛ فأخطأ! وليس هذا مجال بيان ذلك؛ فانظر "الضعيفة" (1379) . تفربع أبواب الصفوف 92- باب تسوية الصفوف 667- عن جابر بن سَمُرَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا تَصُفّونَ كما تَصُفُّ الملائكة عند ربهم؟! ". قلنا: وكيف تَصُفُ الملائكة عند ربهم؟ قال: " يُتِمون الصفوف المقدمة، ويتراصُّون في الصف ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سممرة في الصفوف المتقدَّمة؟ فحدثنا عن المسيَب بن رافع عن تميم بن طَرَفة عن جابر بن سَمُرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ رجال الشيخين؛ غير تميم بن طرفة؛ فمن رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. وزهير: هو ابن معاوية؛ وقد صرَّح (*)

_ (*) كذا أصل الشيخ رحمه الله. لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .

والحديث أخرجه مسلم (2/29) ، وأبو عوانة (2/39) ، والنسائي (1/131) ، وابن ماجه (1/313) ، والبيهقي (2/101) ، وأحمد (5/101 و 106) من طرق أخرى عن الأعمش ... به؛ وله عند مسلم تتمة، يأتي بعضها في الكتاب برقم (918) . ورواه جابر بن عبد الله الأنصاري مختصراً جداً مرفوعاً؛ بلفظ: " إن من تمام الصلاة إقامةَ الصف ". أخرجه عبد الرزاق (2/44/2425) ، ومن طريقه أحمد (3/322) ، وكذا الطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 198/1744) ... بسنده عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عنه. قلت: وهذا إسناد حسن. وله شاهد من حديث أذس، يأتي برقم (674) . 668- عن النعمان بن بشير قال: أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الناس بوجهه، فقال: " أقيموا صفوفكم- ثلاثاً-، والله لَتُقِيمُنَّ صُفوفَكم، أو ليُخالِفَنّ الله بين قلوبكم ". قال: فرأيت الرجل يلزق مَنْكِبَة بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه. (قلت: إسناده صحيح، وقال النووي: " حديث حسن إسناده جيد ". وقال الحافظ: " حديث صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في

"صحيحيهما"، وللشيخين منه: " لتُسَوُّن صفوفكم، أو ليخالفَنَ الله بين وجوهكم ". وعلق البخاري مختصراً قوله: فرأيت ... إلخ، وأسنده من قول أنس) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. ثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي القاسم الجَدَلِيِّ قال: سمعت النعمان بن بشير. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله ثقالت رجال الشيخين؛ غير أبي القاسم الجدلي- واسمه: الحسين بن الحارلسا الكوفعب-؛ روى عنه جماعة من الثقات. وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات". وصحح له الدارقطني حديثاً، يأتي في الكتاب (رقم 2026) . وعلَقه البخاري في "صحيحه " (2/167) - القدر المذكور في الحديث بصيغة الجزم، فقال: " وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل يُلْزِقن كعبه بكعب صاحبه ". وقال الحافظ في "شرحه ": " وصححه ابن خزيمة ". وقال في مونححع آخر (1/235) : " حديث صحيح ". وقال النووي في "المجمرع " (1/421) : " حديث حسن، رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما بأسانيد جيدة "! وقوله: " بأسانيد "! فيه نظر؛ فإنه لا إسناد له إلا هذا؛ ولكن النووي رحمه الله جرى في كتبه على هذا الاستعمال، في الأحاديث التي تكثر الأسانيد إلى بعض رواتها ممن دون الصحابي؛ وهذا اصطلاح خاص به، لا ينبغي أن يغْتَرَّ به!

والحديث أخرجه البيهقي (3/100- 101) من طريق المصنف. وأخرجه الإمام أحمد (4/276) : ثنا وكيع ... به. وأخرجه البيهقي ايضاً (1/76) من طريق أبى بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ثنا سَلْم بن خنَادة: ثنا وكيع ... به. وابن خزيمة هذا: هو صاحب "الصحيح " المعروف به؛ وقد أخرجه في "صحيحه "- كما في "التلخيص " (1/357) -، وأشار إلى ذلك في "الفتح "، كما نقلناه آنفاً عنه. ورواه ابن حبان أيضا في "صحيحه "، كما في "الترغيب " (1/176) . ورواه الطبراني في "الكبير"؛ على ما في "التلخيص ". وأخرجه الدارقطني (ص 105) من طريق أخرى عن زكريا بن أبي زائدة. ولبعضه طرق أخرى: أحدهما: عن شعبة: أخبرني عمرو بن مرة: سمعت سالم بن أبي الجَعْدِ يقول: سمعت النعمان بن بشير يقول: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَتُسَوُّنَّ صفوفكم؛ أو ليخالفَنَّ الله بين وجوهكم ". أخرجه البخاري (2/164) ، ومسلم (2/31) ، وأبو عوانة (2/40) ، والبيهقي (3/100) ، والطيالسي (رقم 799) ، وأحمد (277) من طرق عن شعبة ... به. والطريق الأخرى تأتي في الكتاب عقب هذا الحديث. ولبعضه الأخر شاهد من حديث أنس مرفوعاً: " أقيموا صفوفكم؛ فإني أراكم من وراء ظهري ". وكان أحدنا يلزق منكبه

بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. أخرجه البخاري (2/167- 168) من طريق حميد عنه. قال الحافظ: " رواه سعيد بن منصور عن هُشَيْم؛ فصرح فيه بتحديث أنس لحميد، وفيه الزيادة التي في آخره، وهي قوله: وكان احدنا ... إلى آخره. وصرح بأنها من قول أنس. وأخرجه الإسماعيلي من رواية معمر عن حميد بلفظ: قال أنس: فلقد رأيت أحدنا ... إلى اخره. فأفاد هدْا التصريح: أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وقال: " وزاد معمر في روايته. ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم؛ لَنَفَر كأنه بَغْل شَمُوسن ". 669- عن النعمان بن بَشِير قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوِّينا في الصفوف؛ كما يُقَوٌمُ القِدْحُ، حتى إذا ظنَّ أنْ قدْ أخذنا ذلك عنه وفَقِهْنا؛ أقبل ذات يوم بوجهه؛ إذا رجل مُنْتَبِذٌ بصدره فقال: " لَتُسَونَّ صفوفكم؛ أو ليخالفن الله بين وجوهكم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والبخاري المرفوع منه) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن يشير يقول ...

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/276) : ثنا بهز: ثنا حماد بن سلمة ... به. وأخرجه هو (4/272 و 276 و 277) ، ومسلم (2/31) ، وأبو عوانة (2/40 و41) ، والنسائي (1/130) ، والترمذي (1/438) ، وابن ماجه (1/313) ، والبيهقي (3/100) من طرق أخرى عن سماك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه البخاري وغيره من طريق أخرى عن النعمان ... مختصراً، وقد ذكرناه في الذي قبله. 670- عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتخلَّلُ الصَّفَّ من ناحية إلى ناحية، يمسح صدورنا ومناكبنا، وبقول: " لا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم ". وكان يقول: " إن الله عز وجل وملائكته يُصَلون على الصفوف الأُوَلِ ". (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال النووي. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا هَنَّاذ بن السثَرِيِّ وأبو عاصم بن جَوَّاس الحنفي عن أبي الأحوص عن منصور عن طلحة اليَافِي عن عبد الرحمن بن عَوْسَجَةَ عن البراء بن عازب. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن

ابن عوسجة، وهو ثقة. وأبو عاصم: اسمه أحمد. وأبو الأحوص: هو سملاّم بن سُلَيْم الحنفي. وقال النووي في "المجموع " (4/226) ، وفي " الرياض " (ص 413) :ً " رواه أبو داود بإسناد حسن "! وقال في موضع آخر من "المجموع " (4/301) : " رواه أبو داود بإسناد صحيح "؛ فأصاب. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 741) : ثنا شعبة عن طلحة بن مُصَرِّف ... به ومن طريقه. أخرجه البيهقي (3/103) . وأخرجه أحمد (4/285 و 304) ، والدارمي (1/289) من طرق أخرى عن شعبة ... به. ولابن ماجه منه: " إن الله وملائكته ... " إلخ. وأخرجه النسائي (1/130) من طريق قتيبة بن سعيد قال: ثنا أبو الأحوص ... به. ثم أحرجه البيهقي، والحاكم (1/573 و 574 و 575) ، وأحمد (4/285) عن طلحة بن مصرف ... به. وأخرجه أحمد (4/297 و 299) من طريق أبي إسحاق الهَمْدَاني: حدثني عبد الرحمن بن عوسجة ... به. وأخرجه أحمد (4/296- 297) ، والحاكم (1/217) ، ومن طريقه البيهقي

(3/101) من طريق الحسن بن عبَيْد الله النَخَعِيِّ عن طلحة بن مُصَرِّف عن عبد الرحمن بن عوسجة ... به مرفوعآ؛ بلفظ: " تراصوا في الصف؛ لا يَتَخَللكم أولاد الحَذَفِ ". قلت: يا رسول الله! ما أولاد الحذف؟ قال: " ضَأْنٌ جرد سودٌ، تكون بأرض اليمن ". وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وهو من أوهامهما! فإن ابن عوسجة قد مزَ قريباً أنه ليس من رجالهما. ثم إن الحديث رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، كما في " الترغيب " (1/176) . 671- عن النعمان بن بَشير قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسَوِّي- يعني- صفوفنا إذا قمنا للصلاة؛ فإذا استوينا كبّر. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بمعناه) . إسناده: حدثنا ابن معاذ: ثنا خالد- يعني: ابن الحارث-: ثنا حاتم بن أبي صَغِيرة عن سماك قال: سمعت النعمان بن بشير قال ... قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ وأخرجه بمعناه. والحديث قال المنذري في مختصره ": " هو طرف من الحديث المتقدم ".

قلت: يعني: الحديث رقم (669) ؛ وقد ذكرت هناك من خرجه غير المصنف، ومنهم الإمام مسلم، ولفظه عنده: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسَوِّي صفوفنا، حتى كأنما يُسَوِّي بها القِداح، حتى رأى أنا قد عَقَلْنا عنه، ثم خرج يوماً، فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلاً بادياً صدره ... الحديث. 672- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكبِ، وسُدّوا الخَلَلَ، ولِينُوا بأيدي إخوانكمِ، ولا تَذَرُوا فُرُجات للشيطان، ومن وصل صفّاً وصله الله، ومن قطع صفّا قطعه الله ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي. وروى ابن خزيمة منه في "صحيحه" قوله: " من وصل ... " إلخ. وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا) . قال أبو داود: " ومعنى: " وَلِينوا بأيدي إخوانكم ": إذا جاء رجل إلى الصف، فذهب يدخل فيه؛ فينبغي أن يلِينَ له كل رجل مَنْكِبَيْه، حتى يدخل في الصف ". إسناده: حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافِقِيّ: ثنا ابن وهب. (ح) وحدثنا قتيبة ابن سعيد: ثنا الليث- وحديث ابن وهب أتم- عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرَّةَ عن عبد الله بن عمر. قال قتيبة: عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة ... لم يذكر ابن عمر. قال أبو داود: " أبو شجرة: كثير بن مرَّةَ ".

قلت: إسناده الأول- وهو الموصول- صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عيسى بن إبراهيم الغافقي؛ وهو ثقة. وإسناده الآخر- وهو المرسل- صحيح أيضا، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ ولا يعل هذا الأولَ؛ لما تقرر أن زيادة الثقة مقبولة. وقال المصنف- عقب قوله في الحديث: " ولينوا بأيدي إخوانكم "-: " لم يقل عيسى: " بأيدي إخوانكم " ... ". فأفاد أن هذه الزيادة في الإسناد المرسل. لكن قد ثبت في الموصول أيضا عند غير المصنف، كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/101) من طريق المصنف. وأخرجه الإمام أحمد (رقم 5724) : حدثنا هارون بن معروف: حدثنا عبد الله ابن وهب ... به؛ وفيه الزيادة: " ولينوا بأيدي إخوا نكم "؛ وزاد أيضا- بعد: " أقيموا الصفوف "-: " فإنما تَصُفُّونَ بصفوف الملائكة ". وهذا إسناد على شرط مسلم. وأخرج الجملة الأخيرة منه: النسائي (1/131) ، والحاكم (1/213) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وعزاها المنذري في "الترغيب " (1/174) لابن خزيمة أيضا في "صحيحه ". ثم قال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، والحافظ

في "الفتح " (2/211) . وصححه النووي في "الرياض " (997/1413) ، و "المجموع " (4/227) . وروى عبد الرزاف في "المصنف " (2/48/2441) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه وعن موسى بن عقبة: أن رسول الله كان يقول: " أقيموا الصفوف، وحاذوا الناكب، وأنصتوا؛ فإن أجر المُنْصِتِ الذي لا يسمع؛ كأجر المُنْصِتِ الذي يسمع ". قلت: وعبد الرحمن بن زيد ضعيف جدّاً. 673- عن أنس بن مالك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " رُصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأ عناق؛ فوالذي نفسي بيده؛ إتي لأرى الشيطان يدخل من خَلَلِ الصف كأنها الحَذَفُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال النووي: " إسناده صحيح على شرط مسلم "! وهو قصور. إسناده: مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان عن قتادة، عن أنس. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقول النووي في "المجموع " (4/227) : " صحيح على شرط مسلم "! قصور. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف (3/100) . وأخرجه النسائي (1/131) ، وأحمد (3/260 و 283) من طرق أخرى عن

أبان ... به؛ وصرح قتادة بالتحديث عن أنس: عند النسائي ورواية لأحمد. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما". وله في "مسند الطيالسي " (رقم 2108) طريق ثان عن أنس ... مختصراً. وفي " مسند أحمد" (3/154) طريق ثالث أخصر منه؛ بلفظ: " فإن الشياطين تقوم في الخلل ". وفيه عطاء بن السائب؛ مختلط. وله عنده (5/262) شاهد من حديث أبي أمامة. ورواه الطبراني أيضا. وقال المنذري (1/172) : " إسناد أحمد لا بأس به "! كذا قال! وله شاهد آخر من حديث البراء ... مرفوعاً نحوه. أخرجه أحمد (4/297) ، وصححه الحاكم (1/217) على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم وحده؛ لأن الحسن بن عبيد الله النخعي لم يخرج له البخاري. 674- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفِّ من تمام الصلاة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") .

إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب قالا: ثنا شعبة عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/99- 100) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (2/166) : حدثنا أبو الوليد قال: ثنا شعبة ... به؛ إلا أنه قال: " من إقامة الصلاة ". وأخرجه الطيالسي (رقم 1982) : حدثنا شعبة ... به مثل لفظ الكتاب. ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة (2/38- 39) . وكذلك رواه الإسماعيلي من طريق أبي داود الطيالسي- كما في "الفتح "-، قال: " وزاد: قال- يعني: الطيالسي-: سمعت شعبة يقول: داهنت في هذا الحديث؛ لم أسأل قتادة: أسمعته من أنس أم لا؟! ". قلت: وهذه الزيادة عند أبي عوانة أيضا من طريق آسَدِ بن موسى قال: سمعت شعبة يقول: " كان هِمَّتي من الدنيا شَفَتَيْ قتادة، فإذا قال: سمعت؛ كتبت. وإذا قال: قال؛ تركت، وإنه حدثني بهذا عن أنس [قلت: فذكره مثل لفظ الكتاب] فلم أسأله: أسمعته؟! مخافة أن ئفْسِدَة عَلَيَّ ". وروى أبو نعيم (9/33) عن ابن مهدي عن شعبة ... نحوه. قلت: يعني: بعد تصريحه بالسماع. قال الحافظ:

" ولم أره عن قتادة إلا معنعناً! ولعل هذا هو السر في ايراد البخاري لحديث أبي هريرة معه في الباب؛ تقويةً له ". نعود إلى تمام تخريج الحديث؛ فأقول: وأخرجه البيهقي من طريق عثمان بن سعيد: ثنا أبو الوليد الطيالسي ... به مثل لفظ الكتاب. وكذلك أخرجه مسلم (2/30) ، وأحمد (3/177) - عن محمد بن جعفر-، والدارمي (1/289) - عن هاشم بن القاسم وسعيد بن عامر-، وابن ماجه (1/313) - عن يحيى بن سعيد وعلي بن نصر وبشر بن عمر-، وأحمد أيضا (3/177) - عن حجاج-، و (3/274) - عن وكيع-، و (3/291) - عن بهز-، وابنه عبد الله في "زواثده " (3/279) - عن رجل-، والخطيب (1/2271) - عن شعيب بن حرب- كلهم عن شعبة ... به. وقال وكيع- في رواية عند أحمد (3/179 و 274) -: " ... من حسن الصلاة ". وهذه الرواية- ورواية البخاري المتقدمة: " من إقامة الصلاة "- شادْة عندي؛ لخالفتهما لرواية الجماعة عن شعبة. لكن يشهد لرواية وكيع هذه: أن هماماً رواه عن قتادة عن أنس ... مرفوعاً بلفظ: " إن من حسن الصلاة إقامة الصف ". أخرجه أحمد (3/122) ؛ وهو صحيح على شرطهما. ويشهد له أيضا حديث أبي هريرة للذي سبقت الإشارة إليه؛ وهو بلفط: " أقيموا الصف في الصلاة؛ فإن إقامة الصف من حسن الصلاة ". أخرجه الشيخان، وأبو عوانة، وأحمد (3/314) من طرق عن عبد الرزاق:

أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة. وفي رواية لأبي عوانة من طريق محمد بن إسحاق بن الصَّبَّاح عن عبد الرزاق: " من تمام الصلاة ". وهي شاذة أيضا. ويشهد لرواية الجماعة: حديث جابر بن عبد الله ... مرفوعاً: " إن من تمام الصلاة إقامة الصف ". أخرجه أحمد (3/322) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل عنه. وهذا إسناد حسن. 675- عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتِفوا الصفَّ المقدمَ، ثم الذي يليه، فما كان من نقص فَلْيَكُنْ في الصفِّ المؤخَّرِ ". (قلت: إسناده صحيح، وقال النووي: " إسناده حسن " إ) . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عبد الوهاب- يعني: ابن عطاء- عن سعيد عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الأنباري هذا؛ وهو ثقة. وقال النووي في " المجموع " (4/351) ، وفي " الرياض " (ص 414) : " رواه أبو داود بإسناد حسن "!

والحديث أخرجه أحمد (3/233) : ثنا عبد الوهاب ... به. وأخرجه البيهقي (3/102) من طريق أخرى عن عبد الوهاب. وأخرجه هو، والنسائي (1/131) ، وأحمد (3/132 و 215 و 233) من طرق أخرى عن سعيد ... به. 676- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خيارُكم أليَنُكُمْ مناكبَ في الصلاة ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا أبو عاصم: ثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان: أخبرني عمي عُمَارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس. قال أبو داود: " جعفر بن يحيى؛ من أهل مكة ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن جعفر بن يحيى وعمه عمارة بن ثوبان مجهولان. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين؛ لكن الحديث صحيح؛ لما له من الشواهد، كما سنذكر. والحديث أخرجه البيهقي (3/101) من طريق المصنف. وبإسناده: أخرجه ابن خزيمة (3/ 29/1566) ، وعنه ابن حبان (3/ 126/1753- الإحسان) . وأما شواهده التي وقفت عليها؛ فثلاثة: الأول: من حديثما ابن عمر ... مرفوعاً به.

93- باب الصفوف بين السواري

أخرجه البزار بإسناد حسن؛ كما قال المنذري (1/175) ، وتبعه الهيثمي (2/90) . ورواه ابن حبان في "صحيحه ". الثاني: من حديث فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعاً به. أخرجه الخطيب في "تاريخه " (12/50) ؛ وفيه ليث بن أبي سليم؛ وهو ضعيف. الثالث: رواه زيد بن أسلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً. كذا علقه البيهقي. 93- باب الصفوف بين السواري 677- عن عبد الحميد بن محمود قال: صَلَّيْتُ مع أنس بن مالك يوم الجمعة، فدُفعنا إلى السواري، فتقدمنا وتأخرنا، فقال أنس: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال الحاكم، والذهبي، والعسقلاني، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا عبد الرحمن: ثنا سفيان عن يحيى بن هانئ عن عبد الحميد بن محمود. وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات؛ وقد تكلم عبد الحق في عبد الحميد

94- باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر

ابن محمود بغير حجة! ووثقه النسائي والدارقطني وابن حبان. وعبد الرحمن: هو ابن مهدي. والحديث أخرجه أحمد (3/131) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ... به. وأخرجه النسائي (1/131- 132) ، والترمذي (1/443) ، وكذا ابن خزيمة (1568) ، وابن حبان (399- موارد) ، والحاكم (1/210 و 218) ، والبيهقي (3/104) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الحاكم: " حديث صحيح ". وفي الوضع الآخر: " إسناده صحيح "، ووافقه الذهبي، وكذا العسقلاني في "فتح الباري " (1/458) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وللحديث شاهد من حديث معاوية بن قُزَة عن أبيه ... نحوه. وإسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقد تكلمت عليه وخرّجته في " الثمر المستطاب ". وأخرجه ابن خزيمة أيضا (1567) ، وعنه ابن حبان (400) . 94- باب من يَسْتَحِبُّ أن يَلِيَ الإمامَ في الصف وكراهية التأخُّر 678- عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيَلِنِي منكم أُولُو الأحلام والنُّهَى، ثم الذين يَلُونهم، ثم الذين

يَلُونهم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") . إسناده: حدثنا ابن كثير: أنا سفيان عن الأعمش عن عُمارة بن عُمَيْرٍ عن أبي مَعْمَرٍ عن أبي مسعود. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم. وسفيان: هو ابن عيينة. وأبو معمر: اسمه عبد الله بن سَخْبَرَةَ. وابن كثير: هو محمد العَبْدي البصري. والحديث أخرجه مسلم (2/30) ، وابن ماجه (1/308- 309) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وأخرجه مسلم أيضا، وأبو عوانة (2/41- 42 و 42) ، والنسائي (1/129- 130) ، والبيهقي (3/97) ، والطيالسي (رقم 612) ، وأحمد (4/122) من طرق أخرى عن الأعمش ... به؛ وزادوا كلهم في أوله: كان يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: " استووا ولا تختلفوا ... " إلخ. وقوله: "استووا "؛ ليس إلا عند مسلم و"المسندين ". وزادوا في آخره: قال أبو مسعود:

فأنتم اليوم أشد اختلافاً. قلت: وتابعه حبيب بن أبي ثابت عن عمارة؛ بلفظ: " لِيَلِيَتِّي منكم الذين يأخذون عني- يعني: الصلاة- ". أخرجه الحاكم (2/219) . وهذا اللفط- مع شذوذه عن رواية الجماعة عن الأعمش-؛ فيه عنعنة حبيب. 679- عن عبد الله [هو ابن مسعود] عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله؛ وزاد: " ولا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم؛ وإياكلم وهَيْشَاتِ الأسواق ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَبْع: ثنا خالد عن أبي مَعْشَر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. ً "ً قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ وخالد: هو الحَذأءُ. وأبو معشر: اسمه زياد بن كُلَيْب. وإبراهيم: هو النَّخَعِيّ. والحديث أخرجه مسلم (2/30) ، وأبو عوانة (2/42) ، والترمذي (1/440) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والبيهقي (3/96- 97) ، وأحمد (رقم 4373) من طرق عن يزيد بن زربع ... به.

والحديث عزاه المنذري في "مختصره " (رقم 646) للنسائي أيضا! ولم أجده في "سننه الصغرى"، ولم يعزه إليه في "الذخائر" رقم (4909) ! فالظاهر أنه في "سننه الكبرى". وأخرجه الحاكم (2/8) ، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! فوهما؛ لأن أبا معشر هذا لم يخرج له البخاري. ورواه الطبراني (10/178/10260) من طريق أبي عبيدة عن عبد الله. 680- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله وملائكته يصلّون على ميامن الصفوف " (قلت: إسناده حسن، وكلذا قال المنذري والعسقلاني، وهو على شرط مسلم، كما قال النووي. لكن أخطأ في متنه بعض رواته؛ حيث قال: " على ميامن الصفوف "! والصواب فيه ما رواه جماعة من الثقات بلفظ: " على الذين يَصِلُونَ الصفوف ". وقال البيهقي: " إنه المحفوظ ". وبهذا اللفظ: أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما". وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. ومن أجل الخطأ المذكور؛ أوردنا الحديث في الكتاب الآخر أيضا (رقم 104)) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا معاوية بن هشام: ثنا سفيان عن أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة عن عروه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، كما قال المنذري في "الترغيب " (1/174) ،

والحافظ في "الفتح " (2/199) ؛ وهو على شرط مسلم؛ كما قال النووي في " الرياض " (ص 414) ؛ وزاد: " وفيه رجل مختلف في توثيقه ". وهو يشير بذلك إما إلى معاوية بن هشام؛ داما إلى أسامة بن زيد- وهو الليثي-؛ فإنهما من رجال مسلم، وفي كل منهما مقال، ولكن التحقيق أنهما ثقتان، في حفظهما شيء من الضعف، الذي لا يمنع من الاحتجاج به، ولا ينزل حديثهما عن رتبة الحسن؛ كما حكم بذلك الحافظان المذكوران: المنذري والعسقلاني. وهذا كله مالم يتبين خطؤهما. وقد ظهر لي أن معاوية بن هشام قد أخطأ على سفيان في بعض متن هذا الحديث؛ وهو قوله: " على ميامن الصفوف "! وذلك لأنه رواه جماعة من الثقات - وهم قَبِيصَة الآشْجَعِيّ وأبو أحمد والحسين بن حفص وعبد الرزاق وعبد الله بن الوليد العَدَني- عن سفيان بلفظ: " على الذين يَصِلون الصفوف ". وكذلك رواه ابن وهب وغيره عن أسامة بن زيد. وإسماعيل بن عَيّاش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ... به. وقد خرجت هذه الروايات في الكتاب الآخر؛ فلتراجع هناك. والمقصود هنا: الإشارة إلى أن حديث الباب خطأ، وأن الصواب فيه رواية الجماعة. وقد رواه بهذا اللفظ: الحاكم وصححه- كما ذكرنا (ص 255) -، وكذلك رواه ابن خزيمة، وابن حبان في "صحيحيهما"؛ كما في "الترغيب " (1/174) .

95- باب مقام الصبيان من الصف

95- باب مقام الصبيان من الصف [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 96- بابُ صفِّ النساء، والتأخُّرِ عن الصئفِّ الأول 681- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها، وشرُّها أخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرُها أولُها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما" وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَاح البَزَّاز: ثنا خالد وإسماعيل بن زكريا عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/37) عن المصنف. وأخرجه هو، ومسلم (2/32) ، والنسائي (1/131) ، والترمذي (1/435- 436) ، وابن ماجه (1/314) ، والبيهقي (3/97) ، والطيالسي (رقم 2408) ، وأحمد (2/336 و 354 و 485) من طرق أخرى عن سهيل ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طريق أخرى عن أبي هريرة: أخرجها الدارمي (1/291) "، والبيهقي من

طريقين عن محمد بن عجلان عن أبيه عنه ... به. وهذا إسناد حسن. وأخرجه أحمد (2/247) من طريق سفيان- وهو ابن عيينة- عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة. فهذا إسناد آخر لابن عجلان؛ إن كان حفظه. وله شاهد من حديث عائشة: أخرجه البيهقي (3/102) بإسناد صحيح. وآخر من حديث جابر: عند ابن ماجه بسند حسن. وشواهد أخرى؛ انظرها في "المجمع " (2/43) - إن شئت-. 682- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يزال قومٌ يتأخَّرون عن الصفِّ الأولِ حتى يؤخرهم الله في النار ". (قلت: حديث صحيح، دون قوله: " في النار". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا عبد الرزاق عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثيرعن أبي سلمة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ لكن المحققين من العلماء- ومنهم المصنف- ضعفوا رواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير، فقالوا: في حديثه عن يحيى اضطراب كثير، كما بينا ذلك في الكتاب الآخر (رقم 3) (*) . وكأنه

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من "الضعيف " إلى "الصحيح "، وقد نُقل؛ فراجعه في المجلد الأول برقم (11/م) .

لذلك عقَبه المصنف بحديث أبي سعيد الخدري؛ إشارة إلى تقويته، لكن قوله: " في النار " منكر، فانظر "الضعيفة" (6442) . والحديث أخرجه البيهقي (3/103) . ورواه ابن خزيمة وابن حبان (392) في "صحيحيهما"، كما في "الترغيب " (1/176) . 683- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في أصحابه تأخُّراً فقال لهم: " تقدموا فَأْتَفُوا بي، وليأتم بكم مَنْ بعدَكم، ولا يزال قوئم يتأخَّرون حتى يؤخِّرهم الله عز وجل ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن عبد الله الخزَاعي قالا: ثنا أبو الأشهب عن أبي نَضْرة عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأخرجه كما يأتي. وأبو الأشهب: اسمه جعفر بن حَيًان السَّعْدي الغطَاردي. وأبو نضرة: اسمه المنذر بن مالك العبدي. والحديث أخرجه مسلم (2/31) ، وأبو عوانة (2/42- 43) ، والنسائي (1/128) ، وابن ماجه (1/309) ، والبيهقي (03/13) ، وأحمد (3/19 و 34 و54) من طرق أخرى عن أبي الأشهب ... به؛ وزاد أحمد في رواية في آخره:

97- باب مقام الإمام من الصف

" يوم القيامة ". ورواه مسلم وأبو عوانة من طريق الجُريري عن أبي نضرة ... به قال: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوماً في مؤخر المسجد ... فذكر مثله. وللمصنف بهذا الإسناد حديث آخر، يأتي في "الزكاة" (رقم 1466) . 97- باب مقام الإمام من الصف [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 98- باب الرجل يصلِّي وحده خَلْفَ الصف 683/م- عن وابصة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يصلّي خلف الصف وحده؛ فأمره أن يعيد (زاد في رواية: الصلاة) . (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه أحمد وإسحاق بن راهويه وابن خزيمهْ وابن حبان وابن حزم) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وحنهص بن عمر قالا: ثنا شعبة عن عمرو ابن مرة عن هلال بن يِسَاف عن عمرو بن راشد عن وابصة. قال سليمان بن حرب: ... الصلاه. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن راشد؛ وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه نُسَيْرُ بن ذُعْلُوقِ. وقال ابن حزم في "المحلى" (4/54) : " وعمرو بن راشد ثقة، وثقه أحمد بن حنبل وغيره ".

قلت: فإن صح هذا النقل عن الإمام أحمد؛ فالإسناد صحيح. وما أراه يصح؛ لأني لم أجده في شيء من كتب التراجم التي عندي، وأجمعها "تهذيب التهذيب "؛ وانما نقلوا توتيقه عن ابن حبان وحده. ولو صح ذلك؛ لما اقتصر الحافظ على قوله في ترجمته من "التقريب ": "مقبول ". نعم؛ قد نقل الحافظ وغيره عن الإمام أحمد أنه صحح هذا الحديث كما يأتي؛ فلعل ابن حزم استلزم من ذلك توثيقه لرجال إسناده؛ وإلا لما صححه! ولا يخمْى أن هذا غير لازم، لأن الحديث قد يُصَحَّحُ لغير إسناده؛ لطرقه وشواهده، كما هو الأمر في هذا الحديث عندي، فإني- وإن لم أذهب إلى صحة إسناده هذا-؛ فهو صحيح، لأن له طرقاً أخرى عن وابصة، وله شاهد أو شواهد، كما سنبينه إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه ابن حزم (4/52) من طريق المصنف ... بإسناده الأولى عن وأخرجه الطيالسي (رقم 1201) قال: ثنا شعبة ... به. ومن طريقه: أخرجه الطحاوي (1/329) ، والبيهقي (3/104) . وأخرجه الطحاوي، والترمذي (1/448) ، وأحند (4/228) من طرق أخرى عن شعبة ... به. ولهلال فيه شيخ آخر عن وابصة: رواه حصين في، عبد الرحمن عنه قال: أخذ زياد بن أبي الجَعْدِ بيدي- ونحن بالرقةِ-؛فقام بي علي شيخ- يقال له: وابصة بن معبد- هن بني أسَد، فقال زياد: حدثني هذا الشيخ:

أنَّ رجلاً صلى خلف الصف وحده- والشيخ يسمع- فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُعِيدَ الصلاة. أخرجه الترمذي (1/445- 446) - والسياق له-، وابن ماجه (1/315) ، والدارمي (1/294- 295) ، والطحاوي والبيهقي وأحمد، والخطيب في "تاريخه " (4/123) . وزياد بن أبي الجعد هذا؛ حاله كحال متَابعِهِ: عمرو بن راشد؛ فإنه وثقه ابن حبان أيضا، وروى عنه- غير هلال- أخوه عبيد بن أبي الجعد. ومهما يكن من حالهما؛ فإن اتفاقهما على رواية الحديث عن وابصة؛ مما يعطيه قوة، ويدل على أن له أصلا. وقد أخرجه ابن حبان في "صحيحه " من طريقيهما. ثم قال- كما في "نصب الراية " (2/38) -: " وهلال بن يِسَاف سمعه من عمرو بن راشد ومن زياد بن أبي الجعد عن وابصة. فالخبران محفوظان، وليس طذا الخبر مما تفرد به هلال بن يِسَاف ". ثم أخرجه عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عمه عبيد بن أبي الجعد عن أبيه زياد بن أبي الجعد عن وابصة ... فذكره قلت: ورواية يزيد بن زياد بن أبي الجعد: أخرجها الدارمي أيضا، والبيهقي، وأحمد من طرق عنه. وقال الدارمرب: " كان أحمد بن حنجل يثبِّت حديث عمرو بن مرة. وأنا أذهب إلى حديث يزيد بن زياد بن أبي الجعد ". قلت: وفي هذا الكلام إشارة إلى ما صَرخَ به الترمذي؛ من أن الأئمة اختلفوا

في ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى، وهما رواية (عمرو بن مرة عن هلال بن يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة) ، ورواية (حصين عن هلال عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة) : فذهب أحمد إلى ترجيح الرواية الأولى. وذهب الدارمي إلى الأ خرى؛ ووافقه الترمذي فقال: " وهذا عندي أصح من حديث عمرو بن مرة؛ لأنه قد روي من غير حديث هلال بن يساف عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة ". وكأنه يشير بهذا بلى رواية يزيد بن زياد بن أبي الجعد- المتقدمة آنفاً-. وأما ما وقع في بعض نسخ "الترمذي لما المطبوعة- عقب جملة الترمذي هذه- من زيادة: (حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن رْياد بن أبي الجعد عن وابصة قال ... ) ! فهي زيادة لا أصل لها؛ أي: في نسخ "الترمذي " الخطوطة المعتمدة، وهي خطأ؛ كما صرح المحقق أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي (1/448) ، وإن كان هو نفسه كان قد اغتر بهذه الزيادة، وأكتمد عليها في تعليقه على "المحلى" (4/54) ! والحق الذي يجب القول به: أنه لا اختلاف بين الروايتيْ؛ بل إن إحداهما تشد من عضد الأخرى، وذلك لأن راويهما- هلال بن يساف- ثقة؛ وقد قال مرة: عن عمرو بن راشد عن وابصة، ومرةً: عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة. وهل هذا إلا كما لو جمعهما في رواية واحدة، فقال: عن عمرو بن راشد وزياد بن أبي الجعد عن وابصة؟! لا فرق في ذلاث البتة.

ثم رواه عنه على الوجه الأول: عمرو بن مرة، وهو ثقة حجة، ورواه عنه على الوجه الآخر: حصين بن عبد الرحمن، وهو حجة كذلك، وتوبع هلال على هذا الوجه- كما تقدم- فكانت الروايتان صحيحتين. ولذلك قال ابن حزم: " ورواية هلال بن يساف حديث وابصة مرة عن زياد بن أبي الجعد ومرة عن عمرو بن راشد قوة للخبر". هذا؛ وإن في رواية حصين هذه عن هلال فائدةً مهمة، يتعلق عليها الجزم بصحة الحديث عن وابصة؛ وهي: أن زياد بن أبي الجعد حدث هلالاً بالحديث في حضرة وابصة وهو يسمع- كما سبق -، وأقر به ولم ينكره؛ فهو من باب العرض على الشيخ، وهو حجة- كالسماع- عند علماء هذا الشأن. وعلى هذا؛ يمكن القول بأن هلالاً قد سمع الحديث من وابصة مباشرة. وإذا عرفت هذا؛ هان عليك أن تعلم صواب ما أخرجه أحمد- بإسناد صحيح على شرطهما- عن شِمْرِ بن عَطِيَةَ عن هلال بن يِسَاف عن وابصة بن معبد قال ... فذكر الحديث نحوه. فهذا إسناد صحيح متصل، لا تدليس فيه ولا انقطاع. ويؤيد ما ذكرنا قول الترمذي: " وفي حديث حصين ما يدل على أن هلالاً قد أدرك وابصة ". وقال: " حديث وابصة حديث حسن ". وصححه أحمد وابن خزيمة وغيرهما، كما في "الفتح " (2/213) . وقال النووي في " المجموع " (4/298) : " قال ابن المنذر: ثبَّت هذا الحديثَ أحمد وإسحاقُ ".

99- باب الرجل يركع دون الصف

وأما شاهد الحديث؛ فهو من حديث علي بن شَبْبان. أخرجه ابن ماجه وغيره بسند صحيح. 99- باب الرجل يركع دون الصف 684- عن الحسن أن أبا بكرة حَدَّث: أنه دخل المسجد؛ ونبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكع. قال: فركعت دون الصف. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " زادك الله حرصاً؛ ولا تَعدْ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا حميد بن مَسعَدة أن يزيد بن زريع حدثهم: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن رْياد الآعلم: ثنا الحسن. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غيرحميد بن مسعدة، فهو من رجال مسلم. والحسن: هو البصري، وقد صرح بسماعه من أبي بكرة؛ فإن قوله: حَدَّث ... المراد به: حدث أبو بكرة الحسن. وقد جاء في بعض الروايات عن المصنف- كما يأتي-: حدثه؛ وكذا عند غيره، فزالت شبهة تدليسه. والحديث أخرجه البجهقي (6/153) ، وابن حزم (4/57) من طريق المصنف؛ وقع عندهما: حدثه. غير أن مصجح "المحلى" أفسد الأصل؛ فجعله: حدث! وعلق

عليه بقوله: " في الأصل: (حدثه) ، وصححاه من "أبي داود" (1 ص 254) "! وهذا تسرع منه؛ فإنه جائز أن يكون في بعض أصول "السنن "، كما وقع في أصل "المحلى"! ويؤيد ذلك رواية البيهقي هذه. ويزيده تأييداً: أن الحافظ قال في "الفتح ": " وقد أعله بعضهم بأن الحسن عنعنه. وقيل: إنه لم يسمع من أبي بكرة، وإنما يروي عن الأحنف عنه. ورُدَ هذا الإعلال برواية سعيد بن أبي عروبة عن الأعلم قال: حدثني الحسن أن أبا بكرة حدثه: أخرجه أبو داود والنسائي ". فهذا يدل على أنه قد وقع في بعض الأصول المعتمدة من "السنن ": حدثه؛ كما في رواية البيهقي وابن حزم عن المصنف؛ فإن الحافظ ما كان لينقل عن نسخة غير صحيحة ومعتمدة. ويؤيد صحة ذلك: أن النسائي قد أخرج الحديث في " سننه " (1/139) ... بإسناد المصنف هذا، مصرحاً بالتحديث، كما نقله الحافظ عنه؛ فإذا ثبت ذلك؛ فهي زيادة معتبرة، يجب قبولها؛ وبها يندفع الإعلال السابق. وأما دعوى أن الحسن لم يسمع من أبي بكرة شيئاً؛ فهي باطلة؛ فقد سمع منه غيرما حديث، كما أثبتنا ذلك في حديث آخر للحسن عن أبي بكرة، تقدم (رقم 227) . ثم إن الحديث أخرجه الطحاوي (1/230) من طريق الحِماني قال: ثنا يزيد ابن زربع ... به. وأخرجه البخاري (2/213) ، والبيهقي (2/90 و 3/106) ، وأحمد (5/45) من طريق هَمّام عن الأعلم ... به.

وأخرجه أحمد (5/39) من طريق أشعث عن زياد ... به. ثم أخرجه هو (5/46) ، والطيالسي (رقم 876) ، والبخاري في "جزء القراءة" (ص 17) ، والطبراني في "الصغير" (ص 214) من طرق أخرى عن الحسن ... به نحوه. وله في "المسند" (5/42 و 50) طريقان آخران عن أبي بكرة؛ بسندين حسنين. وقد ورد الحديث عن الأعلم من طريق آخر بزيادة فيه؛ وهو: 685- عن الحسن: أن أبا بكرة جاء؛ درسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف. فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته قال: " أيكُمُ الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف؟ " فقال أبو بكرة: أنا. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " زادك الله حرصاً؛ ولا تَعُدْ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: تنا حماد: أنا زياد الأعلم عن الحسن. قال أبو داود: " زياد الأعلم: زياد بن فلان بن قرة؛ وهو ابن خالة يونس بن عبيد". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم أيضا؛ وحماد: هو ابن سلمة.

100- باب ما يستر المصلي

لكني في شك من صحة قوله: ثم مشى إلى الصف؛ لأنها زيادة مخالفة لرواية الثقات المتقدمة، ولحديث ابن الزبير الصريح في جواز الركوع دون الصف ثم المشي إليه، وهو مخرج في "الصحيحة" (229) . ثم وجدت لهذه الزيادة طريقاً أخرى: في " صحيح ابن حبان " (2191- الاحسان) . والحديث أخرجه البيهقي (3/105- 106) من طريق المصنف. وأخرجه هو، والطحاوي (1/230) ، وأحمد (5/45) ، وابن حزم (4/58) من طرف أخرى عن حماد ... به. وأخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن الأعلم ... به ببعض اختصار؛ وهو الذي في الكتاب قبله. وقد ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (2/39) بسياق فيه زيادات، لا توجد في الروايات المتقدمة، وعزاه للبخارى في "صحيحه "! وليس هو فيه بتلك الزيادات؛ وإنما هو في "جزء القراءة " له من طريق أخرى عن الحسن، كما سبق، وإسناده ضعيف؛ فليعلم ذلك! تفريع أبوابِ السُّتْرَةِ 100- باب ما يستر المصلِّي 686- عن طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جعلت بين يديك مِثْلَ مُؤْخِرَة الرَّحْلِ؛ فلا يَضُرّكَ مَنْ مَز بين يَدَيْكَ ". (قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في

"صحيحيهما ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير العبدي: أنا إسرائيل عن سماك عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وسماك: هو ابن حرب، وهو حسن الحديث في غير روايته عن عكرمة. وأما إذا روى عنه سفيان أو شعبة؛ فهو صحيح الحديث، كما تقدم. والحديث أخرجه مسلم (2/54) ، والترمذي (2/156) ، والبيهقي (2/269) - عن أبي الأحوص-، ومسلم، وابن ماجه (1/301) ، والبيهقي- عن عمر بن عُبَيد الطنَافِسِيِّ-، وأبو عوانة (2/45- 46) ، وابن الجارود (166) ، وأحمد (رقم و1398) - عن زائدة- كلهم عن سماك ... به. ورواية الطنافسي- عند أحمد- بينه وبين سماك: زائدة. وأخرجه الطيالسي (231) من طريقين آخرين عن سماك ... نحوه. وللحديث شاهد عن عائشة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه سئل في غزوة تبوك عن ستره المصلي؟ فقال: " مثلُ مُؤْخِرَةِ الرجلِ ". رواه مسلم وأبو عوانة وغيرهما. 687- عن عطاء قال: آخِرَة الرَّحْلِ: ذراع فما فوقه. (قلت: رجاله ثقات رجال الشيخين، وقال النووى: " إسناده صحيح ". وعطاء: هو ابن أبي رباح)

إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، ولولا عنعنة ابن جريح؛ لصرحت بصحته على شرطهما. وأما النووي؛ فقال في "المجموع " (3/246) : " إسناده صحيح "! وهو عطاء بن أبي رباح. وهذا الأثر رواه البيهقي (2/269) من طريق المصنف. ثم رواه من طريق عبد الرزاق: آبَنا ابن جريج ... به، دون قوله: فما فوق. وروى من طريق معمر عن قتادة: ذراغ وشبر. 688- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج يوم العيد؛ أمر بالحربة فتوضع بين يديه، فيصلِّي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمِنْ ثَم اتخذها الأمراء. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا ابن نُمَيْرٍ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه.

والحديث أخرجه أبو عوانة (2/48) ، والبيهقي (2/269) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (2/142) : ثنا ابن نمير ... به. وأخرجه البخاري (1/454) ، ومسلم (2/55) من طرق أخرى عن ابن نمير ... به. وأخرجه أبو عوانة، وابن ماجه (1 / 392) من طريق علي بن مسْهِر: ثنا عبيد الله بن عمر ... به. وأخرجه مسلم، والنسائي (1/332) ، وابن ماجه (1/301) ، وأحمد (رقم 5734) ، وصححه ابن خزيمة (43أ 14) من طرق أخرى عن عبيد الله ... مختصراً. وله عند ابن ماجه طريق أض قما عن نافع ... بزيادة: وذلك أن المُصَلَّى كان فضاءً ليس فيه شيء يُسْتَتَرُ به. وسنده صحيح على شرطهما. ورواه ابن خزيمة (1435) . 689- عن أبي جُحَيْفَةَ: أن النبي صلَّى بهم بالبَطْحاء- وبين يديه عَنَزَةٌ - الظهرَ ركعتين، والعصر ركعتين؛ يمر خلف العَنَزَةِ المرأةُ والحمارُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمدْي. حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن كصر: ثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح علرع شرط البخاري؛ وأخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (1/454-455) ، ومسلم (2/56- 57) ، وأحمد (4/307 و 308) من طرق أخرى عن شعبة به.

101- باب الخط إذا لم يجد العصا

وأخرجه البخاري (10/210) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/49 و 49- 50 و 50) ، والترمدْي (1/375) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (1/125) ، والبيهقي (2/270) ، وأحمد (4/307 و 308) ، وابن حبان (4/52) من طرق أخرى عن عون ... به، بعضهم مطولاً وبعضهم مختصراً. وقد رواه المصنف فيما تقدم (رقم 533) ؛ ولكنه لم يسقه بتمامه، وهذا تمامه. 101- باب الخَطِّ إذا لم يجد العصا قال أبو داود: " وسمعت أحمد- يعني: ابن حنبل رحمه الله- سئل عن وَصْفِ الخطِّ غير مرة؟ فقال: هكذا عرضاً؛ مثل الهلال (1) ". قال أبو داود: " وسمعت مُسددا " قال: قال ابن داود (2) : الخطّ بالطّول ". قال أبو داود: " وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة؛ فقال: هكذ ا- يعني: بالعرض- حوراً دورأ مثل الهلال؛ يمني: منعطفاً ".

_ (1) أورده المصنف في كتاب " مسائل الإمام أحمد" أيضا (ص 44) بنحو هذا، ثم قال: " وسمعته- يعني: أحمد- مره أحرى سئل عن الخط؟ فقال: قال بعضهم- أشار برأسه؛ يعني: بالطول- وقال بعضهم: هكذا، يعني: بالعرض فعطف مثل الهلال ". قلت: وما دام أن الحديث لم يثبت- كما فصلناه في الكتاب الآخر-؛ فلا حاجة إلى معرفة كيفية الخط. والحق قول الشافعي في الجديد، فقال في كتاب البوَيْطي: " ولا يخط المصلي بين يديه خطا، إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع ". نقله البيهقي في "سننه " (2/271) . (2) هو عبد الله بن داود بن عامر الخُرَيْبِي، وهو ثقة من رجال البخاري. وقد روى هذا الأثر والذي قبله: البيهقي عن المصنف

102- باب الصلاة إلى الراحلة

690- عن سفيان بن عيينة قال: رأيت شريكاً صلى بنا- في جنازةٍ- العصرَ، فوضع قلنسوته بين يديه؛ يعني: في فريضة حضرت. (قلت: هذه آثار صحيحة كلها، أدردها المصنف عقب حديث الخط في الباب، ولما لم يكن على شرط الكتاب؛ فقد أوردناه في الكتاب الآخر (رقم 107)) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري. ثنا سفيان بن عيينة. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى شريك؛ وهو ابن عبد الله القاضي. 102- باب الصلاة إلى الراحلة 691- عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي إلى بعيره. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وهو عند البخاري بمعناه، ورواه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المصنف. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ووهب بن بقية وابن أبي خلف وعبد الله ابن سعيد،- قال عثمان-: ثنا أبو خالد. ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/51) من طريق المصنف.

103- باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها؛ أين يجعلها منه؟

وأخرجه مسلم (2/55) - من طريق أبي بكر بن أبي شيبة وابن نمير-، والدارمي (1/328) - عن الحكم بن المبارك وعبد الله بن سعيد- أربعتهم عن أبي خالد ... به. وأخرجه الترمذي (2/183) من طريق سفيان بن وكيع عن أبي خالد. وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه أحمد (2/26) عن شريك عن عبيد الله ... به. وأخرجه البخاري (1/459- 460) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة، والبيهقي (2/269) ، وأحمد (2/129) من طرق أخرى عن عبيد الله ... بلفظ: كان يُعَرِّض راحلته، فيصلي إليها. 103- باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها؛ أين يجعلها منه؟ [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 104- باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام 691/م- عن عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عن من حدثه عن محمد بن كعب القرظي قال: قلت له- يعني لعمر بن عبد العزيز-: حدثني عبد الله بن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث ". (قلت: إسناده ضعيف (*) مسلسل بالمجاهيل، عبد الملك بن محمد وعبد الله

_ (*) انظر تعليق الشيخ رحمه الله (ص 277) ؛ فالحديث منقول من "الضعيف " إلى هنا.

ابن يعقوب وشيخه الذي لم يسمِّه، وقال الخطابي: " حديث لا يصح لضعف سنده "، وقال النووي: " إنه ضعيف باتفاق الحفاظ، وممن ضعفه أبو داود "، وممن ضعفه من المتأخرين الحافظ ابن حجر العسقلاني) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي: ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن. قلت: وهذا إسناد ضعيف: عبد الملك بن محمد بن أيمن- وهو حجازي- قال ابن القطان: " حاله مجهولة ". وقال الحافظ. " مجهول "، وكذا قال في شيخه عبد الله بن يعقوب بن إسحاق- وهو مدني-، وشيخه عبد الله هذا مجهول؛ لأنه لم يسمه. فهو إسناد مسلسل بالمجاهيل. وقصر المنذري تبعاً للخطابي حيث قالا: " في إسناده رجل مجهول " ونص كلام الخطابي: " قلت: هذا حديث لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لضعف سنده، وعبد الله بن يعقوب لم يسمِّ من حدثه عن محمد بن كعب، وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلانْ؛ كلاهما ضعيفان: تمام بن بَزبع وعيسى بن ميمون، وقد تكلم فيهما يحيى ابن معين والبخاري، ورواه أيضا عبد الكريم أبو أمية عن مجاهد عن ابن عباس، وعبد الكريم متروك الحديث، وليس بالجزري " ا. هـ ملخصاً. قلت: وقد نقل غير واحد عن المصنف أنه ضعف هذا الحديث؛ فلعله في غير كتاب "السنن "، فقال المزي في ترجمة عبد الملك بن محمد بن أيمن: " روى له أبو داود حديثاً منقطعاً، وضعفه ". وقال النووي في "المجموع " (3/251) :

" إنه ضعيف باتفاق الحفاظ، وممن ضعفه أبو داود، وفي إسناده رجل مجهول لم يسم ". وقال الحافظ في "الفتح " (1/465- 466) : " أخرجه أبو داود وابن ماجه، وقال أبو داود: " طرقه كلها واهية. يعني حديث ابن عباس " انتهى، وفي الباب عن ابن عمر؛ أخرجه ابن عدي، وعن أبي هريرة؛ أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وهما واهيان أيضا ". والحديث أخرجه البيهقي (2/279) من طريق المصنف، وأورده من طريقهما السيوطي في "الجامع الصغير"، ورمز له بالحسن، فتعقبه شارحه المناوي بقوله: " رمز المصنف لحسنه، وليس بصواب؛ فقد جزم الحافظ ابن حجر في "تخريج الهداية " بضعف سنده ". وأخرجه ابن ماجه (1/305) من طريق أبي المقدام عن محمد بن كعب ... به، ولفظه: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلى خلف المتحدث والنائم. وأبو المقدام هذا اسمه هشام بن زياد، وهو متروك، كما قال البيهقي وابن حجر. ثم إن حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الحافظ آنفاً قد أورده الهيثمي في "المجمع " (2/62) بلفظ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نهيت أن أصلي خلف التحدثين والنيام ". وقال: " رواه الطبراني في "الأوسط "، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، واختلف في الاحتجاج به ". قلت: ومحمد هذا حسن الحديث عندنا، فإذا لم يكن قد أخطأ فيه، أو لم يكن للحديث علة أخرى، فأنا أرى أن الحديث أقل أحواله أن يكون حسناً، فينقل

105- باب الدنو من السترة

حينئذ من هنا إلى الكتاب الآخر، غير أن تصريح الحافظ بأن إسناده واه قد يشعر بأن فيه علة أخرى. والله أعلم (1) وأخرج الدارقطني (ص 196) من طريق عبد الأعلى أنه سمع محمد ابن الحنفية يقول: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يصلي إلى رجل، فأمره أن يعيد الصلاة، قال: يا رسول الله! قد أتمصتُ الصلاة؟ فقال: " إنك صليت وأنت تنظر إليه مستقبله ". وعبد الأعلى هو ابن عامر الثعلبي، ثم هو مرسل؛ لكن وصله البزار من طريقه بذكرعلي رضي الله عنه فيه؛ كما في "المجمع ". 105- باب الدُّنُوِّ من السّتْرة 692- عن سهل بن أبي حَثْمة يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا صلى أحدكم إلى سُترة؛ فليدن منها؛ لا يَقْطَعِ الشيطانُ عليه صلاتَهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرطهما "، يوافقه الذهبي، وقال النووي: " إسناده صحيح "، قال ابن القيم: " رجال إسناده رجال مسلم "، وقوّاه البيهقي. وأخرجه ابن حبان وابن خزيمة في "صحيحيهما") .

_ (1) قلت: ثم وقفت على إسناده. فإذا هو حسن؛ لا علة قادحة فيه؛ كما بينته في " االارواء " (375) . فلينقل.

إسناده: حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان: نا سفيان. (ح) وحدثنا عثمان ابن أبي شيبة وحامد بن يحيى وابن السَّرْح قالوا: ثنا سفيان عن صفوان بن سُلَيْم عن نافع بن جبيرعن سَهْلِ بن أبي حثمة. قال أبو داود: " ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أوعن محمد بن سهل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال بعضهم: عن نافع بن جُبَيْر عن سهل بن سعد. واختلف في إسناده ". قلت: إسناده صحيح على شرطهما، ولا يعله رواية من رواه على خلاف رواية سفيان- وهو ابن عيينة- كما علقه المصنف؛ فقد قال البيهقي- بعد أن نقل ذلك عنه، ووصل بعضه-: " فد أقام إسناده سفيانُ بن عيينة، وهو حافظ حجة ". والحديث أخرجه البيهقي (2/272) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (2/4) : ثنا سفيان بن عيينة ... به. ورواه النسائي (1/122) ، والطحاوي (1/265) ، وابن حبان في "صحيحه " (رقم 409- موارد) ، وابن خزيمة (503) ، والحاكم (1/251) - وقال: " حديث صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي- من طرق عن سفيان ... به. وصححه النووي (3/245) ، وابن القيم في "التهذيب ". 693- عن سهل [وهو ابن سعد الساعدي] قال: كان بين مَقَامِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين القبلة مَمَرُّ عَنْزٍ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وكذا أبو عوانة في

"صحاحهم "؛ بلفظ: مصَلَّى؛ وهو الصواب) . إسناده: حدثنا القعنبي والنفيلي: قالا: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم: أخبرني أبي عن سهل. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (1/455) ، ومسلم (2/58- 59) ، وابن خزيمة (804) ، والبيهقي (2/272) من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به؛ بلفظ: مصلى؛ بدل: مقام. وكذلك أخرجه أبو عوانة (2/55- 57) . فهذا اللفظ- الذي عند المصنف- شاذ عندي! ويؤيد ذلك: أن (المقام) : هو الكان الذي كان يقوم فيه عليه الصلاة والسلام؛ فعلى هذا؛ لا يمكنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يسجد وبينه وبين الجدار ممر عنز أو شاة، كما عند الآخرين؛ لأنها مسافة ضيقة قدر ذراع وأما على رواية الجماعة: مصلى؛ فلا إشكال فيه؛ لأنه يمكن تفسيره بموضع السجود. وبذلك جزم النووي في "شرح مسلم ". وأما الحافظ؛ فقد أبعد النجْعَة، وأفسد معنى هذه الرواية؛ حيث جعل الرواية الشاذة مفسرة لها! وقد ثبت في "البخاري " وغيره: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صلى في الكعبة؛ كان بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع. وهذا هو الممكن العقول.

106- باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه

106- باب ما يؤْمر المصلِّي أن يَدْرأ عن المَمَرِّ بين يديه 694- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان أحدكم يصلي؛ فلا يَدع أحداً يمرَ بين يديه؛ وليد رأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه مالك في "موطئه " (1/170) . ومن طريقه أيضا: أخرجه مسلم (2/57) ، وأبو عوانة (2/43) ، والنسائي (1/123) ، والدارمي (1/328) ، والطحاوي (1/266) ، والبيهقي (2/267) ، والطحاوي أيضا في "الشكل " (3/250) ، وأحمد (3/34 و 43) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه أبو عوانة، والطحاوي، وأحمد (3/57 و 93) من طرق أخرى عن زيد ابن أسلم ... به. رواه أحمد (3/49) من طريق زهير- وهو ابن محمد التميمي- عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ... به. ولا أدري إن كان قوله: (زيد بن أبي أنيسة) محفوظاً أم لا؟

وله طريقان آخران عن أبي سعيد، ويأتيان في الباب بعد حديث. وورد الحديث بزيادة فيه، وهو: 695- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا صلى أحدكم؛ فليُصَلِّ إلى سترة، وليَدْنُ منها ... " ثم ساق معناه. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن محمد ابن عجلان روى له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعهً. وقد تابعه جماعة من الثقات عن زيد بن أسلم- كما سبق في الذي قبله-؛ لكن لم يقل أحد منهم: " وليدن منها ". إلا أنه قد شهد لهذه الزيادة: حديث سهل بن أبي حَثْمه المذكور في الباب قبله (رقم 692) . والحديث أخرجه البيهقي (2/267) من طريق المصنف. وأخرجه ابن ماجه (1/304) . ثنا أبو كريب ... به. فإسناده إسناد المصنف؛ لأن أبا كريب كنية محمد بن العلاء. 696- عن أبي عبَيْدٍ حاجب سليمان قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائماً يصلِّي، فذهبت أمر بين يديه، فردَّني، ثم قال: حدَّثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من استطاع منكم أن لا يَحولَ بينه وبين قبلته أحد؛ فليفعل ".

(قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي سرَيْجِ الرازي: ثنا أبو أحمد الزّبَيْرِي: أنا مَسَرّة ابن مَعْبَد اللخْمِي- لقيته بالكوفة-: حدثنَي أبو عبيد حاجب سليمان. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير مسرة بن معبد؛ فقال أبو حاتم: " شيخ ما به بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات " وقال: " كان ممن يخطئ ". ثم تناقض فأورده في "الضعفاء"، وقال: " لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات ". قلت: ولم ينفرد بهذا الحديث؛ بل قد توبع عليه، كما سبق ويأتي. وأحمد بن أبي سريج: هو ابن صَبَّاح النَّهْشَلِي. وقال الحافظ في ترجمة مَسَرةَ: " صدوق له أوهام ". والحديث أخرجه أحمد (3/83) : ثنا أبو أحمد ... به. 697- عن حمَيْدٍ- يعني: ابن هلال- قال: قال أبو صالح: أحدِّثك عمَّا رأيت من أبي سعيد وسمعته منه؟! دخل أبو سعيد على مروان فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد احد أن يجتاز

107- باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي

بين يديه؛ فليدفع في نحره؛ فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخارى وأبو عوانة في "صحاحهم ") . " قال أبو داود: " قال سفيان الثوري: يَمُرّ الرجل يتبختر بين يديَّ وأنا أصلي؛ فأمنعه، ويمر الضعيف؛ فلا أمنعه ". إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا سليمان- يعني: ابن المغيرة- عن حميد- يعني: ابن هلال قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن البخاري أخرج لسليمان بن المغيرة مقروناً وتعليقاً، وهذا مما أخرجه له مقروناً، كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (1/461- 462) ، ومسلم (2/97) ، وأبو عوانة (2/44) ، والطحاوي (1/267) ، وفي " المشكل " (3/250- 251) ، والبيهقي (2/267) ، وأحمد (3/63) من طرق عن سليمان ... به؛ وهو في "الصحيحين " أتم مما هنا. وأخرجه البخاري (1/461 و 6/259) من طريق يونس عن حميد بن هلال ... به؛ المرفوع منه فقط. 107- باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي 698- عن بُسْر ِبن سعيد: أن زيد بن خالد الجُهَنِيَّ أرسله إلى أبي جُهَيْمِ يسأله: ماذا سمع من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المارِّ بين يدي المصلي؟ فقال أبوَ جُهَيْم: قال رسول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه؛ لكان أن يقف أربعين خيرٌ له من أن يَمُرَّ بين يديه ". قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يوماً، أو شهراً، أو سنة؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضْرِ مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وأخرجاه. والحديث في "الموطأ " (1/170) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/463) ، ومسلم (2/58) ، وأبو عوانة (2/44) ، ومحمد في " موطئه " (ص 148) ، والنسائي (1/123) ، والترمذي (2/158) ، والدارمي (1/329) ، والطحاوي في " المشكل " (1/18) ، والبيهقي (2/268) ، وأحمد (4/169) عن مالك ... به. وتابعه سفيان الثوري: عند مسلم، وأبي عوانة، وابن ماجه (1/302) ، والطحاوي. وتابعهما سفيان بن عيينة: عند أبي عوانة، والطحاوي؛ إلا أنه خالفهما في إسناده، فقال: عن بسر: أرسله أبو الجهيم ابن أخت أُبي بن كعب إلى زيد بن خالد يسأله: ما سمعت من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث! فجعله من مسند زيد بن خالد! قال الحافظ:

" قال ابن عبد البر. هكذا رواه ابن عيينة مقلوباً: أخرجه ابن أبي خيثمة عن أبيه عن ابن عيينة. ثم قال ابن أبي خيثمة: مئل عنه يحيى بن معين؟ فقال: هو خطأ، إنما هو أرسلني زيد إلى أبي جهيم ". قلت: وكذا قال الطحاوي. وأما الحديث الذي أخرجه ابن ماجه، والطحاوي، وأحمد (1/371) من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوْهَبٍ عن عَمِّه عن أبي هريرة ... مرفوعاً بلفظ: " لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضاً؛ كان لأن يُقيمَ مائةَ عام خير له من الخُطْوة التي خطاها "! فإن إسناده ضعيف؛ من أجل عبيد الله هذا؛ فإنه مختلف فيه. وقال في "التقريب ": " ليس بقوي ". وعمه- واسمه عبيد الله بن عبد الله بن موهب- مجهول عند الشافعي وأحمد وغيرهما. ووثقه ابن حبان على قاعدته! وعليه: أخرج حديثه هذا هو، وشيخه ابن خزيمة في "صحيحيهما"- كما في "الترغيب " (1/194) -! وقال- بعد أن عزاه لابن ماجه-: " بإسناد صحيح "! كذا قال!

108- باب ما يقطع الصلاة

تفريع أبواب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها 108- باب ما يقطع الصلاة 699- عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يقطع صلاةَ الرجل (وفي رواية قال: قال أبو ذر: يقطع صلاة الرجل) - إذا لم يكن بين يديه قِيدُ أخِرَةِ الرَحْلِ-: الحمارُ، والكلبُ الأسودُ، والمرأة ". فقلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟! فقال: يا ابن أخي! سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سألتني؟ فقال: " الكلبُ الأسودُ شيطان ". (قلت: إسناده- مرفوعاً وموقوفاً- صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة. (ح) وحدثنا عبد السلام بن مُطَهر وابن كثير- المعنى- أن سليمان بن المغيرة أخبرهم عن حميد بن هلال عن عبد الله ابن الصامت عن أبي ذر. قال حفص: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يقطع صلاة الرجل ". وقالا: عن سليمان قال: قال أبو ذر: يقطع صلاة الرجل. قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ سواءٌ المرفوع منه والموقوف. على اْن هذا في حكم المرفوع، كما سيأتي بيانه. وابن كثير: هو محمد بن كثير البصري العبدي.

والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 453) . قال: حدثنا شعبة ... به. وأخرجه مسلم (2/59) ، وأبو عوانة (2/47) ، والدارمي (1/329) ، وابن ماجه (1/303) ، والبيهقي (2/274) ، وأحمد (5/149 و 161) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأما حديث سليمأن بن المغيرة؛ فأخرجه أحمد (5/155) : ثنا بَهْزٌ: ثنا سليمان بن المغيرة ... به عن أبي ذر قال: يقطع صلاة الرجل- إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل-: المرأة، والحمار، والكلب الأسود. قال: قلت لأبي ذر: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر؟! قال: يا ابن أخي! سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سألتتي؟ فقال: " الكلب الأسود شيطان ". وهكذا أخرجه البيهقي من طريق شَيْبَان بن فَروخ عن سليمان. وفي هذا السياق دلالة على أن أصل الحديث عند أبي ذر مرفوع؛ لأنه لما سئِلَ عن الكلب الأسود؛ أجاب بما مفاده أنه لما سمع الحديث منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ سأله نفس السؤال الذي وجهه إليه عبد الده بن الصامت، فأجابه بنفس جوابه عليه الصلاة والسلام. وكأنه من أجل ما ذكرنا؛ أحال مسلم رحمه الله- وكذا أبو عوانة- بحديث سليمان بن المغيرة على حديث يونس عن حميد الآني؛ وهو مرفوع كله صراحةً. وتعقبه البيهقي رحمه الله بقوله، " وهذا منه- رحمنا الله وإياه- تَجَوّزٌ "! ولا تجوز فيه عندنا؛ لا ذكرنا. والله أعلم.

وفي حديث يونس- المشار إليه آنفاً- زيادة في أوله؛ بلفظ: " إذا قام أحدكم يصلي؛ فإنه يستره إذا كان بين يديه مثلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل؛ فإنه يقطع صلاته: الحمار ... " الحديث. أخرجه مسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/122) ، والترمذي (2/161- 162) ، والطحاوي (1/265) ، وأحمد (5/151 و 160) ؛ وقد قرن به منصوراً: عند أبي عوانة، والترمذي- وصححه-، والطحاوي؛ ولفظه عندهم: " لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديه كآخرة الرحل "، وقال: " يقطع الصلاة ... " إلخ 0 وللحديث طرق أخرى مرفوعة عن حميد بن هلال: أخرجها الطبراني في "الصغير" (ص 38 و 103 و 239) ، وأبو نعيم (16/32) . وتابعه علي بن زيد بن خدْعان عن عبد الله بن الصامت ... به مثل رواية سليمان بن المغيرة؛ إلا أنه قال: أحسبه قال: " والمرأة الحائض ". قلت: وابن جدعان فيه ضعف؛ وقد تفرد بذكر الحائض فيه. لكن هذه الزيادة ثابتة في حديث ابن عباس الآتي، وهو: 700- عن ابن عباس رفعه قال: " يقطع الصلاةَ: المرأةُ الحائضُ والكلب ". (قلت: إسناده صحيح كما قال النووي، وهو على شرط البخاري، وصححه أبو حاتم وابن خزيمة وابن حبان (411 و 412- موارد))

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: ثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس- رفعه شعبة- قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، كما قال النووي في "المجموع " (3/250) ، وهو على شرط البخاري؛ ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وإن كان المصنف قد غمزه بقوله عقبه: " قال أبو داود: وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس "! قلت: ولا يعله؛ فإن شعبة ثقة حجة حافظ؛ وقد زاد عليهم الرفع، فهي زيادة مقبولة. ولذلك قال ابن أبي حاتم (1/210) عن أبيه: " هو صحيح عندي "؛ قاله رداً على ما ذكره عن يحيى بن سعيد قال: أخاف أن يكون وهم! وصححه ابن خزيمة (832) ، وابن حبان (2380- الإحسان) . والحديث أخرجه أحمد (رقم 3241) : حدثنا يحيى ... به. وأخرجه الطحاوي (1/265) من طريق أخرى عن مسدد. وأخرجه النسائي (1/122- 123) ، وابن ماجه (1/302- 303) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (832) ، والبيهقي (2/274) من طرق أخرى عن يحيى ... به. (تنبيه) : هذا الأثر؛ ذكره ابن حزم في "المحلى " (4/10) بزيادة: (الحمار) فيه، واحتج بها في مكان آخر (4/13) ! وهي من أوهامه؛ فليست عند أحد ممن ذكرنا.

109- باب سترة الإمام سترة من خلفه

وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس؛ ولكنه معلول، وفيه زيادات منكرة بتصريح المصنف؛ ولذلك أوردناه في الكتاب الآخر (رقم 115) . 109- باب سُترة الإمامِ سترة مَنْ خلفه 701- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: هبطنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ثنية آذَاخِرَ، فحضرت الصلاة- يعني-، فصلى إلى جَدْرٍ، فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بَهْمة تمرُ بين يديه؛ فما زال يدارِئها حتى لَصِقَ بَطْنُهُ بالجَدْرِ، ومَرَّتْ من ورائه- أو كما قال مسدد) (قلت: إسناده حسن صحيح) إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كلام لا يضر، كما فصلنا ذلك فيما مضى (رقم 124) . والحديث أخرجه البيهقي (2/268) من طريق أخرى عن مسدد ... به دون قوله: أو كما قال مسدد. فهو من قول المصنف؛ احتياطاً منه كما هو ظاهر، ولفظه مطابق للفظ البيهقي؛ إلا في أحرف يسيرة. وأخرجه أحمد (2/196) قال: ثنا أبو مغيرة: ثنا هشام بن الغاز ... به؛ وفي أوله عنده زيادة، ستأتي مستقلة في الكتاب بإسناده هذا في "لللباس " رقم ( ... )

[باب في الحمرة] ورواه البزار أيضا (1/ 283/587- الكشف) عن أبي المغيرة ... مثل رواية المؤلف. وللحديث شاهد من رواية ابن عباس يقوِّيه، وهو: 702- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي؛ فذهب جَدْي يمرُّ بين يديه؛ فجعل يئقِيهِ. (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط البخارى "، ووافقه الذهبي) إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر قالا: ثنا شعبة عن عمرو ابن مرة عن يحيى بن الجَزَّار عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع بين ابن عباس ويحيى بن الجزارة فقد صرح هذا بأنه لم يسمعه منه. إلا أنه قد رواه عنه بواسطة رجل ثقة في رواية أخرى عن شعبة، كما يأتي؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه أحمد (رقم 2653) قال: حدثنا عفان: حدثنا شعبة قال: أخبرني عمرو قال: سمعت يحيى بن الجزار عن ابن عباس- لم يسمعه منه- ... فذكر الحديث. وذكره الحافظ في "التهذيب " (11/192) برواية ابن أبي خيثمة عن عفان ... به؛ إلا أنه قال: ولم أسمعه منه. قال:

110- باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة

" وكذلك رواه ابن أبي شيبة [1/283] " ثم أخرجه أحمد (رقم 3174) ، والطبراني (12/201/12891) ، وأبو يعلى (2422) من طرق أخرى عن شعبة ... مثل رواية الكتاب. وكذلك رواه أبو يعلى (2423) من طريق علي بن الجعد، وهذا في " حديثه " (1/288/92) ؛ وزا دا: فقال رجل: أكان بين يديه عنزة؟ قال: لا. وقد وصله البيهقي (2/268) من طريق يحيى بن أبي بكير: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن صُهَيْب البصري عن ابن عباس ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وتابعه الطيالسي في "مسنده " (2762) ، وعنه البيهقي، وابن الجعد (1/163) ، وأبو يعلى (4/422) . وللحديث طريق أخرى: عند الحاكم (1/254) ، وابن حبان (2365- الإحسان) من طريق ابن خزيمة، وهذا في "صحيحه " (827) عن عكرمة عن ابن عباس ... بمعناه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي؛ وقد أصابا. 110- باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة 703- عن عائشة قالت: كنت بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين القبلة- قال شعبة: وأحسِبُها قالت:- وأنا حائض. (قلت: إسناده صحيح على شرط الئيخين؛ إلا أن قوله: وأحسبها ... إلخ

شاذ، وقدأشار إلى ذلك المصنف بقوله) : إسناده: حدثتا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ لكن قوله: قال شعبة: وأحسبه ... إلخ! شاذ، كما بيناه آنفاً. ثم إن الظاهر أن هذا من قول شعبة! وليس كذلك؛ بل هو من قول شيخه سعد بن إبراهيم، كما يأً ني. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1457) : حدثنا شعبة ... به؛ إلا أنه قال: قال شعبة: قال سعد: وأحسبه ... إلخ. وهذا هو الصواب: أن هذا القول إنما هو لسعد بن إبراهيم لا لشعبة. وهكذا أخرجه البيهقي (2/275) من طريق الطيالسي. وكذلك أخرجه أحمد (6/94 و 98 و 176) من طرق عن شعبة ... به. 704- قال أبو داود: " رواه الزهرى وعطاء وأبو بكر بن حفص وهشام ابن عروة وعِراك بن مالك وأبو الأسود وتميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة. وإبواهيم عن الأسود عن عائشة. وأبو الضحى عن مسروق عن عائشة. والقاسم بن محمد وأبو سلمة عن عائشة ... لم يذكروا: وأنا حائض " (قلت: رواية الزهرى؛ وصلها الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ". ورواية عطاء- وهر ابن أبي رباح -؛ وصلها الطيالسي وأحمد في "مسنديهما". ورواية

أبي بكر بن حفص؛ وصلها مسلم وأبو عوانة. ورواية هشام بن عروة؛ وصلها الشيخان وكذا المصنف عقب هذا. وبقية المعلقات عن عروة؛ لم أقف على من وصلها! ورواية أبي الضحى؛ وصلها البخاري وأبو عوانة. ورواية القاسم وأبي سلمة؛ وصلها الشيخان والمصنف، وتأتيان عقب الحديث الاتي) . قلت: مقصود المصنف بقوله هذا؛ بيان شذوذ ما في الرواية المتقدمة: وأحسبها قالت: وأنا حائض! فإن اتفاق هؤلاء الرواة الثقات جميعاً على تركها؛ مما يدل على شذوذها؛ لا سيما وأن راويها الذي تفرد بها لم يجزم بها، وإنما أوردها ظناً منه، لا خبراً ولا جزماً. ثم إن بعض هذه العلقات قد وصلها المصنف؛ كرواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والقاسم وأبي سلمة عنها، وتأتي عقب هذا. وأما رواية الزهري؛ فوصلها البخاري (1/467) ، ومسلم (2/60) ، وأبو عوانة (2/51) ، وابن ماجه (1/304) ، والبيهقي (2/275) ، وأحمد (6/37 و 86 و199) من طرق عنه. وأما رواية عطاء- وهو ابن أبي رباح-؛ فوصلها أحمد (6/64 و 86 و 154 و200) ؛ وهو على شرط الشيخين. ورواه الطيالسي أيضا (رقم 1452) . ورواه أحمد (6/95 و 146) من طريق قتادة عن عطاء عن عائشة ... مختصراً. وعطاء: هو ابن أبي رباح؛ فإن كان هذا محفوظاً؛ فقد سمعه عطاء من عائشة أيضا دون واسطة عروة.

ورواية أبي بكر بن حفص؛ وصلها الطيالسي (رقم 1458) : حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص قال: سمعت عروة بن الزبير ... به. وأخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي، وأحمد (6/126 و 134) من طرق عن شعبة ... به. وأما بقية المعلقات عن عروة؛ فلم أقف عليها الآن! ثم وجدت رواية عراك؛ قد وصلها البخاري (1/391) . وأما رواية إبراهيم عن الأسود عنها؛ فوصلها البخاري (1/460 و 466) ، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/123) ، والطحاوي (1/267) ، والبيهقي (2/276) ، والطيالسي (رقم 1379) ، وأحمد (6/42 و 125 و 132 و 174 و230 و 266) من طرق عنه. وأما رواية أبي الضحى- واسمه مسلم بن صَبِيح-؛ فوصلها البخاري (1/465) ، وأبو عوانة والطحاوي، وأحمد (6/41 و 230) . 705- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة، راقدة على الفراش الذي يَرْقُدُ عليه، حتى إذا أراد أن يوتر؛ أيقظها فأوترت. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه. والحديث أخرجه البخاري (1/465) ، ومسلم (2/60) ، وأبو عوانة (2/52) ، والنسائي (1/124) ، والطحاوي (1/267) ، وأحمد (6/50 و 192 و 231) من طرق عن هاشم ... به. 706- عن عائشة قالت: بئس ما عَدَلْتُمُونا بالحمار والكلب! لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي وأنا معترضة بين يديه، فإذا أراد أن يسجد؛ غمز رجلي،،فضممتها إلي؛ ثم يسجد. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (6/44 و 54) : ثنا يحيى ... به. وأخرجه البخاري (1/470) ، والنسائي (1/38) من طرق عن يحيى ... به. وأخرجه البخاري أيضا (2/391) ... بإسناد المصنف هذا نحوه مختصراً. وله طريق أخرى عن القاسم؛ فقال الإمام أحمد (6/260) : ثنا يونس قال: ثنا ليث عن يزيد- يعني: ابن الهاد- عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم ... به؛ بلفط: إنْ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراضَ الجنازة؛ حتى

إذا أراد أن يوتر مسني برجله، فعرفت أنه يوتر؛ تأخرت شيئاً من بين يديه. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه النسائي (1/38) من طريق شعيب عن الليث ... به دون قوله: فعرفت ... ! لخ. 707- عن عائشة أنها قالت: كنت أكون نائمة؛ ورجلاي بين يدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلِّي من الليل، فإذا أراد أن يسجد؛ ضرب رجلي فقبضتها فسجد. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة عن المصنف، وهو في " الصحيحين " بنحوه) . إسناده: حدثنا عاصم بن النضر: ثنا المعتمر: ثنا عبيد الله عن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو النضر: اسمه سالم بن أبي أمية. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/54) عن المصنف. وأخرجه مالك في "الموطأ" (1/139) عن أبي النضر ... به. ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/391 و 466) ، ومسلم (2/61- 61) ، وأبو عوانة أيضا، والنسائي (1/38) ، والطحاوي (1/267) ، والبيهقي (2/276) ، وأحمد (16/48 و225 و 255) كلهم عن مالك ... به نحوه؛ وزاد: فإذا قام بسطتهما؛ والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح.

111- باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة

وله طريق أخرى عن أبي سلمة؛ وهو: 708- عن عائشة أنها قالت: كنت أنام وأنا معترضة في قِبْلَةِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فيصلِّي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا آمَامَهُ، إذا أراد أن يوتر (زاد في رواية: غمزني فقال: " تَنَخَيْ ") . (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن بشر. (ح) وحدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد؛ وهذا لفظه- عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة ... زاد عثمحان: غمزتي- ثم اتفقا-، فقال: "تَنَخيْ ". قلت: وهذا إسناد حسن؛ لأن مداره على محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة ابن وقاص المدني-؛ لكنه قد توبع كما سبق؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه البيهقي (2/276) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (6/182) : ثنا يزيد قال: أنا محمد بن عمرو ... به نحو رواية عثمان، وزاد: برجله. وأخرجه الطحاوي (1/267) من طريق زائدة عنه. 111- باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة 709- عن ابن عباس قال: جئت على حمار (وفي رواية: أقبلت راكباً على أتان) ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنىً، فمررت بين يدي

بعض الصَفَ، فنزلت، فأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم يُنْكِرْ ذلك آحَدٌ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه هما وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . قال أبو داود: " وهذا لفظ القعنبي، وهو أتم. قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة " (1) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: جئت على حمار. (ح) وثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أنه قال: أقبلت راكباً على أتان؛ وأنا يومئذٍ ... قال أبو داود: " وهذا لفظ القعنبي، وهو أتم ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث ساقه المصنف من وجهين عن الزهري: الأول: عن سفيان عنه. والأخر: عن مالك عنه، وهذا قد أخرجه في "الصلاة" من "الموطأ" (1/171)

_ (1) قلت: ونص مالك في " الموطأ" عقب الحديث: " عن مالك: أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص كان يمر بين يدي بعض الصف والصلاة قائمة. قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعاً إذا أقيصت الصلاة، وبَعْدَ أن يُحْرِمَ الإمام، ولم يجد المرء مدخلاً إلى المسجد إلا بين الصفوف "

ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/139- 140 و 453) ، ومسلم (2/57) ، وأبو عوانة (2/55) ، والطحاوي (1/266) ، والبيهقي (2/277) ، وأحمد (رقم 3184 و 3185) من طرق عن مالك ... به. وزاد البخاري في رواية من طريق إسماعيل بن أبي أويس عنه: يصلي بمنى إلى غير جدار. وعزا البيهقي هذه الرواية إلى كتاب "المناسك " من "الموطأ"! ولم أجدها فيه في "موطأ يحيى بن يحيى الليثي "، فلعله في " موطأ" غيره. وروى البزار هذه الزيادة بلفظ: والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي المكتوبة ليس شيء يستره. ثم تبين أنها بسند آخر لا يصح، كما بينته في "الضعيفة" (رقم 5814) . وأما الوجه الأ ول: فأخرجه أحمد (رقم 1891) : حدثنا سفيان ... به؛ ولفظه: جئت أنا والفضل؛ ونحن على أتان؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بعرفة، فمررنا على بعض الصف، فنزلنا عنها وتركناها ترنع، ودخلنا في الصف، فلم يقل لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً. وكذا رواه مسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/123) ، والدارمي (1/329) ، والطحاوي، والبيهقي من طرق عن سفيان ... به؛ إلا أن الدارمي قال: بمنى أو بعرفة. وهذا يدل على أن سفيان كان يتردد بين اللفظبن. والصواب منهما اللفظ الأول؛ لموافقته لرواية مالك وغيره كما يأتي. ولذلك جزم الحافظ في "الفتح " بأن قول ابن عيينة: بعرفة! شاذ.

وأخرجه مسلم وأبو عوانة والطحاوي من طريق يونس عن ابن شهاب بلفظ مالك، وزاد: في حجة الودل. ورواه معمر عن الزهري فقال: في حجة الوداع أو يوم الفتح. أخرجه مسلم وأبو عوانة والترمذي (2/160- 161) - وصححه-، وأحمد (رقم 3454) من طرق عنه. قال الحافظ: " وهذا الشك من معمر لا يُعَوَّل عليه؛ والحق أن ذلك كان في حجة الوداع ". وأخرجه البخاري (4/57) ، وأحمد (رقم 2376) من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال: أخبرني عبيد الله.. به؛ بلفظ: 710- عن أبي الصَّهْبَاء قال: تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس، فقال: جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فنزل ونزلتُ، وتركنا الحمار أمام الصف، فما بالاه. وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب، فدخلتا بين الصف؛ فما بالى ذلك. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن الحكم عن يحيى الجَزَّار عن أبي الصهباء.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال " الصحيح "؛ غير أبي الصهباء - واسمه: صهيب-؛ وهو ثقة كما قال أبو زرعة. وذكره ابن حبان في "الثقات "، وله ذكر في "صحيح مسلم " (5/49) . وأما النسائي فقال: "ضعيف "! وهذا جرح ميهم، فلا يُقْبَل. والحديث أخرجه ابن خزيمة (2/24/837) ، وأبو يعلى (5/ 133/2749) ، وعنه ابن حبان (2374- الإحسان) ، والطبراني في "الكبير" (12/201/ 12892) من طرق عن منصور ... به. ورواه الطيالسي (رقم 2762) قال: حدثنا شعبة عن الحكم ... به نحوه. ومن طريقه: أخرجه البيهقي (2/277) . وأخرجه النسائي (1/123) ، وأحمد (3167) - بتمامه-، والطحاوي (1/266) - القصة الأولى منه-، وأحمد أيضا (2095) - القصة الأخرى- من طرق أخرى عن شعبة ... به. ولشعبة فيه شيخ آخر: رواه أحمد (2258 و 2295) من طريقبن عنه عن عمرو بن مرة عن يحيى الجزار قال: قال ابن عباس ... به. وهذا منقطع؛ لأنه إنما يرويه ابن الجزار عن أبي الصهباء عنه، كما رواه الحكم عنه عند المصنف وغيره. وروى أحمد (1965) من طريق الحجاح عن الحكم عن يحيى الجزار عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو صلى في فضاء، ليس بين يديه شيء.

والحجاج: هو ابن أرطاة؛ وهو مدلس. وقد خالفه في إسناده: منصور وشعبة وجرير أيضا، كما يأتي؛ فرووه عن الحكم ... به موصولاً بذكر صهيب في إسناده، لكنهم لم يذكروا في حديثهم: ليس بين يديه شيء. لكن يشهد لها ما تقدم في الكلام على الحديث من طريق البخاري بلفظ: يصلي بمنى إلى غير جدار. فإنه بمعناها في الظاهر (1) . والله أعلم. وللحديث طريق أخرى في "المسند" (رقم 2222) من طريق الحسن العُرَتي قال: ذكر عند ابن عباس: " يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة ... " الحديث نحوه؛ وفيه قصة أخرى ثالثة. وأخرجها ابن ماجه (1/304) من هذا الوجه، وهو منقطع، وتقدمت في الكتاب (رقم 702) من طريق آخر صحيح. وللقصة الأولى طريق ثالثة: عند أحمد (3019 و 3306) ؛ وهو حسن. 711- وفي رواية ... بهذا الحديث بإسناده؛ قال: فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا؛ فأخذهما- قال عثمان-، ففرّع بينهما- وقال داود: فنزع إحد اهما من الأخرى-، فما بالى ذلك (2) . (قلت: إسناده صحيح) .

_ (1) وهو مرجوعٌ عنه؛ كما شرحه المؤلّف رحمه الله في المصدر المذكور- قريباً- (ص 300) ؛ فليراجع. (الناشر) . (2) تم الجزء الرابع، ويتلوه الجزء الخاص من تخزئة الخطيب رحمه الله.

112- باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وداود بن مِخْراق الفِرْيابي قالا: ثنا جرير عن منصور ... بهذا الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن مخراق، وهو مقرون، وهو ثقة. وغير أبي الصهباء، وهو ثقة، كما بينا آنفاً. والحديث أخرجه البيهقي (2/277) من طريق علي بن عبد الله المديني: ثنا جرير بن عبد الحميد ... ولفظه: قال: كنا عند ابن عباس؛ فذكروا عنده ما يقطع الصلاه، فقال [كذا! ولعله: فقالوا، أو نحوه] الكلب والمرأة والحمار، فقال ابن عباس: جئت أنا وغلام من بني هاشم- أو بني عبد الطلب- مرتدفين على حمار؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس في خلاء، فنزلنا عن الحمار، وتركناه بين أيديهم فما بالاه. قال: وجاءت جاريتان من بني هاشم تشتدان، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس، فاقتتلتا، فأخذهما فنزع إحداهما عن الأخرى؛ فما بالاه. وقد رواه شعبة عن الحكم ... به نحوه، وقد ذكرنا آنفاً مَنْ أخرجه من الأئمة. 112- باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة 113- باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء [ليس تحتهما حديث على شرط كتابا هذا. (انظر "الضعيف ") ]

114- باب رفع اليدين في الصلاة

تفربع أبواب استفتاح الصلاة 114- باب رفع اليدين في الصلاة 712- عن سالم عن أبيه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استفتح الصلاة؛ رفع يديه حتى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وإذا أراد ان يركع، وبعد ما يرفع رأسه من الركوع- قال سفيان مرة: وإذا رفع رأسه، وأكثر ما كان يقول: وبعدما يرفع رأسه من الركوع-، ولا يرفع بين السجدتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه البخاري نحوه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن الزهري عن سالم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما، وسفيان: هو ابن عيينة. وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. والحديث في " مسند أحمد" (رقم 4540) ... بهذا السند والسياق. وأخرجه مسلم (2/6) ، وأبو عوانة (2/90 و 91) ، والترمذي (2/35) - وقال: " حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/281- 282) ، والطحاوي (1/130) ، والبيهقي (2/69) من طرق أحرى عن سفيان ... به. وأخرجه النسائي أيضا (1/158 و 172) . وأخرجه البخاري (2/174 و 174- 175 و 176) ، ومسلم وأبو عوانة،

والنسائي (1/140 و 161 و 162 و 165) ، والطحاوي، والدارقطني (ص 107- 108 و 108) ، ومالك (1/97- لما) ، وعنه الدارمي (1/300) ، وأحمد (رقم 4674 و 5081 و 5279) ، والبيهقي أيضا (2/70) من طرق أخرى عن الزهري ... به وله طريق أخرى: أخرجه البخاري (2/176) ، والبيهقي (2/70) ، وأحمد (رقم 5762) عن نافع عن ابن عمر ... به، دون قوله: ولا يرفع بين السجدتين، وراد البخاري والبيهقي: وإذا قام من الركعتين؛ رفع يديه. وسيأتي هذا في الكتاب (رقم 728) . 713- عن عبد الله بن عمرقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة؛ رفع يديه حتى تكونا حذوَ منكبيه، ثم كبَّر وهما كذلك، فيركع، ثم إذا أراد أن يرفع صُلبه؛ رفعهما حتى تكونا حذو منكبيه، ثم قال: " سمع الله لمن حمده "، ولا يرفع يديه في السجود، ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع؛ حتى تنقضي صلاته. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي إلا أنه زاد: " أو حسن ") . إسناده: حدثنا محمد بن المصفى الحمصي: ثنا بقية: ثنا الزبَيْدِيُّ عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وبقية إنما يخشى من عنعنته لأنه مدلس؛ وقد صرح بالتحديث كما ترى، فزالت شبهة تدليسه. ولذلك قال

النووي في " المجموع " (3/308) : " رواه أبو داود بإسناد صحيح أو حسن!. ولعل تردده هذا؛ من أجل أن بعضهم قد تكلم في حفظ بقية أيضا، ونسبه إلى الوهم، ولكن الجمهور قد قَوَّوْا روايته بالشرط السابق؛ لا سيما إذا كانت عن الشاميين، وهذه منها؛ فإن شيخه الزُّبَيْدِيَّ: هو محمد بن الوليد القاضي الحمصي؛ وهو من أثبت أصحاب الزهري. والحديث أخرجه البيهقي (2/83) من طريق المصنف. وأخرجه الدارقطني (ص 108) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج: ثنا بقية: ثنا الزبيدي ... به. وقد تابعه ابن جريج وغيره عن الزهري ... نحوه بلفظ: ثم كبر ... دون قوله: وهما كذلك. أخرجه مسلم (2/6) ، وأبو عوانة (2/91) ، والنسائي (1/140) ، والدارقطني، والبيهقي (2/26 و 69) . وتابعه ابن أخي الزهري- وهو محمد بن عبد الله بن مسلم-؛ وفيه الزيادة. أخرجه أحمد (2/133- 134) بسندٍ صحيح على شرطهما. 714- عن وائل بن حجْرٍ قال: صَلَّيْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان إذا كبَّر رفع يديه، قال: ثم الْتَحَف، ثم أخذ شماله بيمينه، وأدخل يديه في ثوبه، قال: فإذا أراد أن يركع؛ أخرج يديه، ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع؛ رفع يديه ثم

سجد، ووضع وجهه بين كَفَّيْهِ، وإذا رفع رأسه من السجود أيضا؛ رفع يديه، حتى فرغ من صلاته. قال محمد (هو ابن جُحادة) : فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن (هو البصري) ؛ فقال: هي صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فعله مَن فعله، وتركه مَن تركه! (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجُشَمِيُ: ثنا عبد الوارث بن سعيد: ثنا محمد بن جُحَادة: حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي؛ فحدثني وائل بن علقمة عن أبي وائْل بن حُجْرٍ ... قال أبو داود: " روى هذا الحديث: همامٌ عن ابن جُحَادة ... لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود "! قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أعله المصنف بأن هماماً رواه عن ابن جحادة؛ فلم يذكر فيه رفع اليدين عند الرفع من السجود! وهذه علة غير قادحة، كما سبق التنبيه عليه مراراً: أن زيادة الثقة مقبولة، وقد زادها عبد الوارث بن سعيد، وهو ثقة ثبت، كما في "التقريب ". فكيف ترد زيادته. لمجرد ترك همام لها- وهو ابن يحيى بن دينار الأزدي- وهو ثقة ربما وهم، كما في "التقريب " أيضا؟! فمن كان من شأنه؟! أن يهم- ولو أحياناً-؛ كيف ترد بروايته زيادة الثقة الثبت؟!

على أن هذه الزيادة قد جاءت من طريق أخرى عن عبد الجبار، ولها شواهد، كما سنذكر قريباً. وقد يُعَلُّ هذا الإسناد بعلة أخرى، وهي الانقطاع؛ فقد ذكر في "التهذيب " عن ابن معين أنه قال: " علقمة بن وائل عن أبيه مرسل "! واعتمده الحافظ، فقال في ترجمته من "التقريب ": " صدوق؛ إلا أنه لم يسمع من أبيه "! قلت: وهذا عندنا غير صحيح؛ فقد ثبت سماع علقمة من أبيه لهذا الحديث وغيره، فقال البخاري في "جزء رفع اليدين " (ص 6- 7) : حدثنا أبو نعيم الفضل ابن دُكَيْنٍ: أنبأنا قيس بن سُلَيْم العنبري قال: سمعت علقمة بن وائل بن حجر: حدثني أبي قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكبَّر حين افتتح الصلاة، ورلمحعْ يديه، ثم رفع يديه حين أراد أن يركع، وبعد الركوع. وهذا إسناد صحيح متصل مسلسل بالسماع. وأخرج مسلم (5/109) حديثاًا خر من طريق أخرى عن علقمة بن وائل أن أباه حدثه قال: إني لقاعد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث. وسيأتي في الكتاب "الديات " (رقم ... ) [باب الإمام يأمر بالعفو في الدم] . فقد صح سماع علقمة من أبيه، وزالت بذلك هذه العلة، وعاد الحديث صحيحاً لا شبهة فيه؛ ولذلك أخرجه مسلم نحوه، كما يأتي.

والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (4/91) من طريق المصنف؛ إلا أنه قال: علقمة بن وائل بدل: وائل بن علقمة. وهو الصواب كما بينه في "التهذيب " (11/110) . ويؤيده رواية قيس بن سليم المتقدمة انفاً. وأورده الحافظ في "التلخيص " (3/279) - برواية المصنف وابن حبان- من حديث محمد بن جُحَادة عن عبد الجبار بن وائل قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي، فحدثتي علقمة بن وائل عن وائل بن حجر ... به، دون قوله: وإذا رفع رأسه من السجود ... حتى فرغ من صلاته. ثم قال: " ورواه ابن خزيمة بلفظ: وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره ". وأخرج أحمد (4/317) : حدثنا يزيد: أنا أشعث بن سَرار عن عبد الجبار بن وائل بن حُجْر عن أبيه قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فكان لي من وجهه ما لا أحب أن لي به من وجه رجل من بادية العرب: صليت خلفه، وكان يرفع يديه كلما كبر ورفع ووضع بين السجدتين، ويسلم عن يمينه وعن شماله. ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع؛ لأن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، كما يدل عليه قوله في حديث الكتاب: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي، فحدثتي علقمة بن وائل. لكن قوله هذا يدل على أنه قد أخذ الحديث هذا عن أخيه علقمة عن أبيهما؛ فعاد الحديث بذلك موصولاً.

فهو شاهد قوي للزيادة التي تفرد بها عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جُحَادة؛ وهي رفع اليدين عند الرفع من السجود؛ فإن فيه الرفعَ مع كل تكبيرة. وله طرق أخرى: فأحرج الدارمي (1/285) ، والطيالسي (رقم 1021) من طريق شعبة قال: أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البَخْتَرِيِّ يحدث عن عبد الرحمن اليَحْصبِي عن وائل الحضرمي: أنه صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان يكئر إذا خفض وإذا رفع، ويرفع يديه عند التكبير، ويسلم عن يمينه وعن يساره. وأخرجه أحمد أيضا (4/316) ، وإسناده حسن. وفي رواية له: مع التكبير. ويأتي الكلام عليها في الحديث الأتي عقب هذا. وبقية طرق الحديث ذكرتها في "التعليقات الجياد "؛ فلا ضرورة للإعادة، وفيما أوردناه كفاية. وأما شواهد الحديث؛ فكثيرة أوردتها هناك أيضا، وسيأتي بعضها في الباب الآتي، وأقتصر هنا على شاهد واحد، وهو سن حديث مالك بن الحويرث: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود؛ حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. أخرجه النسائي (11/65) ، وعنه ابن حزم (4/92) ، وأحمد (3/436 و 437 و5/53) من طريق قتادة عن نصر بن عاصم عنه. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأصله عنده في "صحيحه "، ويأتي في "الكتاب " بعد باب (رقم 730) .

وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/95) مختصراً بلفظ: كان يرفع يديه حِيَالَ أذنيه في الركوع والسجود. وقال الحافظ في "الفتح " (2/177) : " وهو أصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود ". فثبت من كل ما تمدم: أن حديث عبد الوارث بن سعيد- في رفع اليدين عند الرفع من السجود- صحيح محفوظ؛ خلافاً لما ذهب إليه المصنف رحمه الله كما سبق! وحديث همام؛ وصله مسلم (2/13) ، وأبو عوانة (2/97) ، والبيهقي (2/28 و71) ، وأحمد (4/317) ... قال: حدثنا محمد بن جُحَادة: حدثني عبد الجبار ابن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه حين دخل في الصلاة كَبَّر- وصف همام- حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع؛ أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبَّر فركع، فلما قال: " سمع الله لمن حمده "؛ رفع يديه، فلما سجد؛ سجد بين كَفَّيْهِ. 715- عن عبد الجبار بن وائل: حَدَّثني أهل بيتي عن أبي أنه حدثهم: أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مع التكبير. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد- يعني: ابن زُريع-: ثنا المسعودي: ثنا عبد الجبار بن وائل.

قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ إلا أن فيه جهالة بين عبد الجبار وأبيه. لكن الحديث صحيح؛ لأن له طرقاً أخَرَ كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/26) - عن أبي النضر-، وأحمد (4/316) - عن وكيع- كلاهما عن المسعودي ... به. وله طريق أخرى، فقال أحمد: ثنا وكيع: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البَخْتَرِيِّ عن عبد الرحمن بن اليَحْصبِيِّ عن وائل بن حجر الحضرمي قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مع التكبير. وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن اليحصبي، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه ثقتان. ورواه الدارمي والطيالسي ... نحوه أتم منه، وقد ذكرنا لفظهما قريباً في الحديث المتقدم. وبقية الطرق؛ أوردتها في كتابنا المفرد في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها"- ونحن الآن في صدد طبع متنه، وسيصدر قريباً إن شاء الله تعالى (*) ، ونرجو أن نوفق لطبعه مع شرحه وتخريجه-، وذكرت فيه للحديث شواهد، منها حديث ابن عمر قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتتح التكبير في الصلاة، فرفع يديه حين يكبر؛ حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: " سمع الله لمن حمده " فعل مثله ... الحديث. أخرجه البخاري (2/176) وغيره.

_ (*) كُتب هذا منذ سنوات طويلة، فقد طُغ الكتاب- بفضل الله تعالى- مرات عديدة؛ آخرها طبعة مكتبة المعارف. (الناشر) .

716- عن وائل بن حُجر قال: قلت: لأنظرَنَّ إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يصلي؟ قال: فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستقبل القبلة فكبر؛ فرفع يديه حتى حاذتا أُذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع؛ رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلمارفع رأسه من الركوع؛ رفعهما مثل ذلك، فلما سجد؛ وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحَد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحَفقَ حلقة، ورأيته يقول هكذا، وحلق بشر (وهو ابن المُفَضَّل) الابهامَ والوسطى، وأشار بالسبابة. (قلت: إسناده صحيح، وقد صححه جماعة، يأتي ذكرهم في الرواية التالية والحديث يأتي برقم (884)) : إسناده: حدثنا مسدد: نا بشر بن المُفَضَّلِ عن عاصم بن كلَيْب عن أبيه عن وائل بن حجر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير كليب- وهو ابن شهاب الجرمي الكوفي-، وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر، وفد قيل: إنه صحابي! وبين خطأ ذلك: الحافظ في "الإصابة". والحديث أخرجه النسائي (1/186) : أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: أنبأنا بشر بن المفضل ... به. وروى منه ابن ماجه (1/270- 271) - من طريق أخرى عن بشر- قوله: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، فأخذ شماله بيمينه.

ورواه زائدة بن قدامة عن عاصم ... به نحوه. 717- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ قال فيه: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفِّهِ اليسرى والرَّسْغِ والساعد ... وقال فيه: ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد، فرأيت الناس عليهم جُلُّ الثياب، تَحرَّكُ أيديهم تحت الثياب. (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال النووي، وقال ابن القيم: " حديث صحيح ". وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا أبو الوليد: نا زائدة عن عاصم بن كليب ... بإسناده ومعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير كليب، وهو ثقة كما تقدم. ولذا قال النووي في "المجموع " (3/312) : " رواه أبو داود بإسناد صحيح ". وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/85) : " حديث صحيح ". والحديث أخرجه النسائي (1/141 و 187) ، والدارمي (1/314- 315) ، وابن الجارود (208) ، وابن حبان (485) ، والبيهقي (2/27- 28 و 28 و 132) ، وأحمد (318) من طرق عن زائدة ... به. ورواه ابن خزيمة وابن حبان؛ أي: في "صحيحيهما"؛ كما في "التلخيص " (3/280- 281) . وقال في " الفتح " (2/178) : " وصححه ابن خزيمة وغيره ".

وأخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 11) من هذا الوجه ببعض اختصار. وأخرجه النسائي أيضا (11/26 و 173 و 186) ، وابن ماجه (1/270- 271) ، والشافعي في "الأم " (1/90- هامش) ، وفي "اختلاف الحديث " (7/) - المطبوع على هامش "الأم "-، والطيالسي (رقم 1020) ، والبيهقي (2/111 و 131) ، وأحمد (4/316 و 317 و 318 و 319) ، والبخاري في "رفع اليدين " (ص 10) من طرق أخرى عن عاصم ... به؛ بعضهم مختصراً وبعضهم مطولاً نحوه. قلت: وفي حديث زائدة بيان صفة الإشارة، قال: فرأيته يحركها؛ يدعو بها. (تنبيه) : لِيُعَلَمْ أن قوله في الحديث: وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ... لازمه أنه وضعهما على صدره، وهذا قد صَرحَ به علقمة عن أبيه وائل: عند ابن خزيمة في "صحيحه "؛ كما نقلناه عند الكلام على حديثه المتقدم (رقم 714) (ص 310) . (تنبيه آخر) : في حديث زائدة هذا زيادة في آخره بلفظ: ثم رفع أصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها. وعند أحمد ومن قبله من طرق كثيرة عن زائدة. وعند ابن حبان (1857) : من طريق أبي الوليد الطيالسي شيخ شيخ المصنف عنه. وقد روي من حديث عبد الله بن الزبير: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يحركها.

وهو حديث معلول؛ ولذلك أوردته في الكتاب الأخر رقم (175) . ولم يتتئه لعلته المعلقُ على"شرح السنة" للبغوي، فجرى على ظاهر إسناده؛ فقوّاه! ولو أنه تتبع طرقه، ولم يقلد في ذلك غيره؛ لتبينت له علته إن شاء الله تعالى! 718- عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين افتتح الصلاة؛ رفع يديه حِيالَ أُذنيه. قال: ثم أتيتهم؛ فرأيتهم يرفعون أيديَهُمْ إلى صدورهم في افتتاح الصلاة؛ وعليهم برانِسُ وأكسية. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن شريكاً- وهو ابن عبد الله القاضي- سيئ الحفظ؛ لكنه لم يتفرد بمعنى هذا الحديث؛ بل تابعه غيره كما يأتي، فكان الحديث من الصحيح لغيره. والحديث رواه زائدة عن عاصم ... به نحوه، وهو الذي في الكتاب قبل هذا. ورواه ابن عيينة، فقال الشافعي (1/90) : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب قال: سمعت أبي يقول: حدثني وائل بن حجر قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا افتتح الصلاة يرفع يديه ... الحديث؛ وفيه قال وائل: ثم أتيتهم في الشتاء؛ فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.

115- باب افتتاح الصلاة

وأخرجه البيهقي (2/24 و 28) عن الشافعي. وأخرجه النسائي (1/173) . وأخرجه أحمد (4/318- 319) من طريق زهير بن معاوية عن عاصم بن كليب ... به؛ نحو حديث بِشْرِ بن المفضل المتقدم (716) ؛ وفيه: قال زهير: قال عاصم: وحدثني عبد الجبار عن بعض أهله أن وائلاً قال: أتيت مرة أخرى؛ وعلى الناس ثياب، فيها البرانس وفيها الأكسية؛ فرأيتهم يقولون- هكذا- تحت الثياب. 115- باب افتتاح الصلاة 719- عن وائل بن حجر قال: أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الشتاء؛ فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: نا وكيع عن شريك عن عاصم ابن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن شريكاً سيئ الحفظ؛ لكنه لم يتفرد بالحديث كما تقدم بيانه في حديثه المتقدم؛ غير أنه قد خالف في إسناده هنا؛ حيث قال: عن عاصم عن علقمة، وقالى هناك: عن عاصم عن أبيه. وهو المحفوظ الذي رواه عن عاصم: زائدة وابن عيينة كما سبق. والحديث أخرجه أحمد (4/16) عن شريك ... به، وقد سقط من الطابع أو

الناسخ شيخ أحمد فيه؛ بينه وبين شريك! والظاهر أنه وكيع شيخ شيخ المصنف فيه. والله أعلم. 720- عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حُمَيْد الساعدي في عَشَرةٍ من أصحاب رسول الله- منهم أبو قتادة-، قال أبوحميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالوا: فَلِمَ؟! فوالله ما كنتَ بأكثرنا له تَبِعَةً، ولا أقد منا له صحبةً! قال: بلى. قالوا: فَاعْرِض. قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة؛ يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكئر حتى يَقِرَّ كل عظم في موضعه معتدلاً، ثم يقرأ، ثم يكبر، فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضَع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصُبُّ رأسه ولا يُقْنعُ، ثم يرفع رأسه فيقول: " سمع الله لمن حمده "، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: " الله أكبر "، ثم يهوي إلى الأرض، فئجَافِي يَدَيْه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه، وَيثْنِي رجله اليسرى فيقعد عليها، وبفتخ آصابع رجليه إذا سجد، ثم يسجد، ثم يقول: " الله أكبر "، ويرفع رأسه، ويَثْنِي رجله اليسرى فيقعد عليها؛ حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك. ثم إذا قام من الركعتين؛ كبَّر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبَّر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخّر رجله اليسرى، وقعد متورِّكاً على شِقِّهِ الأيسر.

قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن حبان، وقال الخَطابي وابن القيم: " حديث صحيح ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: أنا أبو عاصم الضحاك بن مَخْلَد. (ح) ، وثنا مسدد: نا يحيى- وهذا حديث أحمد- قال: أنا عبد الحميد- يعني: ابن جعفر-: أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذا قال النووي في "المجموع " (3/407 و 443) . وقال الخطابي في " المعالم " (8/354) : " حديث صحيح ". وكذا قال ابن القيم في "التهذيب " (1/355) ، وزاد: " مُتَلَقّىً بالقبول، لا علة له. وقد أعله قوم بما برأه الله وأئمة الحديث منه، ونحن نذكر ما عللوه به، ثم نبين فساد تعليلهم وبطلانه بعون الله ". وقد فعل ذلك رحمه الله ووفَى في بحث واسع مستفيض، وفيه تحقيق بالغ كعادته رحمه الله، فراجع (ص 356- 365) ؛ فقلما تجده في غيره؛ ولعلنا نتعرض لذكر تلك العلل أو بعضها ثم نذكر بطلانها. فمن ذلك؛ قول بعضهم: إن محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع الحديث من أبي حميد؛ بل بينهما رجل! وهذا يرقُه تصريح محمد بن عمر بسماعه من أبي حميد في رواية الكتاب. والحديث لم أجده في "مسند أحمد" عن أبي عاصم! وإنما رواه من الطريق الثاني كما يأتي.

وأخرجه الدارمي (1/313- 314) : أخبرنا أبو عاصم ... به. وأخرجه الترمذي (12/57- 108) ، وابن ماجه (1/283) ، والطحاوي (1/131) ، وابن الجارود (192 و 193) ، وابن حبان (491 و 495) ، والبيهقي (2/24 و 72 و129) من طرق أخرى عن أبي عاصم ... به. ورواه ابن حزم (4/91) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 5) بإسناد المصنف الثاني فقال: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى بن سعيد ... به نحوه. ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد في "المسند" (5/224) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه الترمذي أيضا (2/105- 107) ، والنسائي (1/159 و 166 و 176) - بعضه مفرقاً- من طرق عن يحيى ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وفي حديث يحيى عند البخاري- بعد قوله: ولا أقدمنا له صحبة-: قال: بل راقبته. ولم يتفرد بالحديث عبد الحميد بن جعفر؛ بل تابعه محمد بن عمرو بن حَلْحَلَةَ، وهو: 721- عن محمد بن عمرو العامري قال: كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتذاكروا صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو حميد ... فذكر بعض هذا الحديث؛ وقال: فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه، وفرَّج بين أصابعه، ثم هَصَر ظهره غَيْرَ

مقْنع رأسَهُ ولا صَافِح بِخَدهِ ... وقال: فإذا قعد في الركعتين؛ قعد على بطن قدمه اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة؛ أفضى بِوَرِكِهِ اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة. (قلت: حديث صحيح؛ غير قوله: ولا صافح بِخَدِّه؛ فإنه ضعيف) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن لهيعة عن يزيد- يعني: ابن أبي حبيب- عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن لهيعة وهو سيئ الحفط (1) ، لكنه قد وافق الثقات في هذا الحديث؛ إلا في قوله: ولا صافح بِخَده! فإني لم أجد له فيه متابعاً؛ فكان حديثه هذا- بغير هذه الزيادة- صحيحاً. والحديث أخرجه للبيهقي (2/84- 85) من طريق المصنف. وأخرجه (2/102 و 128) من طرق أخرى عن ابن لهيعة. وقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب؛ وهو: 722- عن محمد بن عمرو بن عطاء ... نحو هذا؛ قال: فإذا سجد؛ وضع يديه غيرَ مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة. (قلت: إسناده صحيح، وأخرجه البخاري في "صحيحمه بتمامه) .

_ (1) قلت: بل يواية قتيبة عنه صحيحة (*) ، كما قال الذهبي. (*) وعليه؛ فالحديث- بتمامه؛ بالزيادة- صحيح. والله أعلم. (الناشر) .

إسناده: حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري: نا ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن محمد القرشي ويزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء ... وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عيسى بن إبراهيم المصري، وهو ثقة. والحديث أخرجه البخاري (2/243- 246) فقال: حدثنا يحيى بن بكَيْرٍ قال: حدثنا الليث عن خالد عن سعيد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد ابن عطاء. وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة ... به بتمامه. وأخرجه البيهقي (2/128) من طريق البخاري. وأخرجه (2/84 و 97 و 116) من طرق أخرى عن ابن بكير ... بإسناده الثاني؛ إلا أنه لم يذكر فيه: يزيد بن محمد القُرَشِيَّ. وأخرجه الطحاوي (1/152) : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب ... به، وزاد. (ح) قال: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد ابن أبي حبيب وعبد الكريم بن الحارث عن محمد بن عمرو بن عطاء ... به. ثم أخرجه من طريق عبد السلام بن حفص عن محمد بن عمرو بن حلحلة ... به. قلت: ولفظ الحديث عند البخاري: عن محمد بن عمرو بن عطاء: أنه كان جالساً مع نمْر من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذى نا صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رأيته إذا كبر جعل يديه حِذاءَ منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا

رفع رأسه استوى حتى يعود كل فَقَارٍ مكانه، فإذا سجد وضع يديه؛ غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين؛ جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الأخرة؛ قَدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته. 723- عن عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة؛ فذكروا صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر بعض هذا؛ قال: ثم ركع، فوضع يديه على ركبتيه- كأنه قابضٌ عليهما-؛ ووتر يديه، فتجافى عن جنبيه، قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته، ونحى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حَذْوَ منكبيه، ثم رفع رأسه حتى يرجع كل عظم في موضعه؛ حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بأصبعه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، لكنه مختصر؛ ليس فيه ذكر الركعتين الأخيرتين ولا التورُك فيهما. درواه ابن خزيمة في "صحيحه "، وروى ابن حبان منه الافتراش بين السجدتين) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: نا عبد الملك بن عمرو: أخبرني فليح: حدثني عباس بن سهل.

قال أبو داود: " روى هذا الحديث: عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل ... لم يذكر التورك؛ وذكر نحو حديث فليح. وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وفي فليح- وهو ابن سليمان- كلام من قبل حفظه؛ لكنه يتقوى بما قبله. والحديث لم أجده في "مسند أحمد"! وأخرجه البيهقي (2/85 و 112 و 121) من طريق المصنف. وأخرجه هو (2/73) ، والبخاري في "رفع اليدين " (ص 5- 6) ، وابن ماجه (1/283) ، والطحاوي (1/131 و 153) ، والسَّراج في "مسنده " (ق 25/1) من طرق أخرى عن عبد الملك بن عمرو ... به مطولاً ومختصرأ عن هذا. ولكن الحديث مختصر على كل حال؛ فإنه ليس فيه ذكر الركعتين الأخيرتين، ولا التورك فيهما، كما يدل على ذلك حديث محمد بن عمرو بن عطاء عند البخاري، وقد نقلنا لفظه قريباً. ومثله حديث الكتاب (رقم 721) . ورواه ابن خزيمة أيضا في "صحيحه "- كما في "الفتح " (2/245) ، و "النيل " (1/216) -. وروى ابن حبان منه: وكان إذا جلس بين السجدتين؛ افترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته. والحديث أخرجه الترمذي أيضا (2/45- 46 و 86- 87) ، وكذا الدارمي (1/299) عن عبد الملك بن عمرو ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

ورواه عبد الله بن المبارك عن فليح: سمعت عباس بن سهل يحدث فلم أحفظه، فحدثنيه- أراه ذكر- عيسى بن عبد الله أنه سمعه من عباس بن سهل حضرت أبا حميد الساعدي ... بهذا الحديث. علقه المصنف؛ وهو في الكتاب الآخر (120) . وقد رواه عن عيسى بن عبد الله: عتبة بن أبي حكيم أيضا. ورواه عنه الحسن ابن الحر؛ إلا أنه أدخل بينه وبين عباس بن سهل: محمد بن عمرو بن عطاء، وزاد في متنه ونقص؛ كما بيناه في الكتاب الآخر (118 و 119) . 724- عن ميمون المكي: أنه رأى عبد الله بن الزبير- وصلى بهم- ئشيرُ بكفيه حين يقوم، وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم آرَ أحداً يصلبها؟!. فوصَفْتُ له هذه الإشارة! فقال: إن أحببتَ أن تنظر إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فاقتد بصلاة عبد الله ابن الزبير. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: نا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي قلت: وهذا سند ضعيف؛ ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه.

وميمون المكي مجهول؛ كما في "التقريب " وغيره. وأبو هبيرة: اسمه يحيى بن عباد بن شيبان؛ وهو ثقة من رجال مسلم. وأعله المنذري في "مختصره " بابن لهيعة؛ فقال: " في إسناده عبد الله بن لهيعة، وفيه مقال ". قلت: لكن الحديث له شواهد كثيرة، تدل على أن له أصلا، فيرقى بها إلى درجة الحسن؛ بل الصحيح لغيره؛ فإن فيه الرفع في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند السجود، وعند القيام. أما الموضعان الأولان: فقد وردا في حديث ابن عمر المتقدم (رقم 712 و713) ، وفي حديث وائل بن حجر (رقم 714- 717) ، وحديث أبي حميد الساعدي (رقم 720) وغيرهما، كحديث علي الآتي برقم (729) . وأما الرفع عند السجود: فورد في حديث مالك بن الحويرث بلفظ: وإذا سجد. وإسناده صحيح، كما تقدم بيانه عند الحديث (رقم 714) (ص 311) . وفي بعض طرق حديث وائل بن حجر: أخرجه الدارقطني (109) بسند صحيح على شرط مسلم. وأما الرفع عند القيام؛ فهو يشمل الرفع من السجدة، ومن التشهد. أما الأول: فورد في حديث مالك المشار إليه بلفظ: إذا رفع رأسه من السجود؛ حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. وأما الأخر: ففي حديث ابن عمر الآتي بعد هذا بحديث. ويشهد للحديث: الأحاديث الأخرى في الرفع مع كل تكبيرة، لكن في أسانيدها مقال، وقد أوردتها في "التعليقات الجياد على زاد المعاد"، لكن بعضها

يقوِّي بعضاً، ومنها حديث وائل المتقدم برقم (715) . والحديث أخرجه أحمد (رقم 2308) ... بإسناد المصنف ومتنه. ثم أخرجه (رقم 2627) من طريق موسى بن داود قال: حدثنا ابن لهيعة ... به 725- عن النَّضْرِ بن كَثِيرٍ - يعني: السَّعْدِي- قال: صَلى إلى جَنْبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخَيْف، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها؛ رفع يديه تِلْقَاءَ وجهه. فأنكرت ذلك، فقلت لوهيب بن خالد! فقال له وهيب بن خالد: تصنع شيئاً لم أر أحد اً يصنعه؟! فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه، ولا أعلم إلا أنه قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنعه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن آبَان- المعنى- قالا: نا النضر بن كثير- يعني: السعدي-. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير النضر بن كثير السعدي، وهو ضعيف الحديث، كما قال المنذري في "مختصره "، ونقل عن الحافظ أبي أحمد النيسابوري أنه قال: " هذا حديث منكر من حديث ابن عباس ". قلت: لكن يشهد له الحديث الذي قبله، والشواهد التي أوردناها تحته. والحديث أخرجه النسائي (1/172) ، ومن طريقه الدوْلابي في "الكنى"

(1/198) ، وابن حزم (4/94) من طرق أخرى عن النضر ... به. 726- عن نافع عن ابن عمر: أنه كان إذا دخل في الصلاة؛ كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وإذا قال: " سمع الله لمن حمده "، وإذا قام من الركلعتين؛ رفع يديه، ويرفع ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري في "صحيحه ". وأشار البيهقي والمنذري إلى تقويته) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: أنا عبد الأعلى: نا عبيد الله عن نافع. قال أبو داود: " الصحيح قول ابن عمر، ليس بمرفوع "! قال أبو داود: " وروى بقية أوئَه عن عبيد الله وأسنده. ورواه الثقفي عن عبيد الله؛ أوقفه على ابن عمر، وقال فيه: وإذا قام من الركعتين؛ يرفعهما إلى ثدييه. وهذا هو الصحيح ". قال أبو داود: " ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج موقوفاً. وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب، لم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره الليث في حديثه. قال ابن جريج: قلت لنافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى أرْفعهن قال: لا، سواءً. قلت: أشر لي، فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أعله المصنف بالوقف؛ محتجّاً باًن الثقفي- يعني: عبد الوهاب- رواه عن عبيد الله موقوفاً، وبأن الليث بن سعد وأيوب وابن جريج رووه عن نافع موقوفاً أيضا!

وخالفه الدارقطني؛ فإنه حكى في "العلل " الاختلاف في وقفه ورفعه، وقال: " الأشبه بالصواب قول عبد الأعلى ". وتبعه على ذلك البيهقي، فقال (2/137) : " وعبد الأعلى ينفرد برفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو ثقة". وقال المنذري في "مختصره ": " وعبد الأعلى ممن اتفقا على الاحتجاج بحديثه، ورفعه حماد عن أيوب، وقد ذكر الزيادة الليث بن سعد في حديثه، وفي ذلك كفاية ". وحديث حماد بن سلمة؛ علقه البخاري أيضا في "صحيحه " (2/177) ، ووصله هو في "رفع اليدين " (ص 17) ، وأحمد (2/100) . كما وصل فيه حديث الثقفي (ص 20) . وحديث الليث (ص 17) ، وحديث مالك (ص 19) . وحديث ابن جريج (ص 14) . والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه " (2/176) ، وفي "رفع اليدين " (ص 16) ، ومن طريقه ابن حزم (4/90) ، والبيهقي (2/136) من طرق أخرى عن عبد الأعلى ... به. وقد وهم ابن القيم في "الزاد" (1/88) ؛ حيث عزا الحديث لمسلم أيضا! ثم رأيت المعتمر قد تابع عبد الأعلى، لكن خالفه في إسناده، فقال: سمعت عبيد الله- وهو ابن عمر- عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ... به. أخرجه النسائي (1/176) : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: حدثنا المعتمر ... به.

116- باب [من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين] (1)

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والله أعلم. وللجملة الأخيرة منه طريق آخر عن ابن عمر؛ وهو الآتي بعده: 727- عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة؛ يرفع يديه حَذْوَ منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع؛ رفعهما دون ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع. قال أبو داود: " ولم يذكر رَفْعَهما دون ذلك أحدٌ غير مالك فيما أعلم "! . قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وتفرد مالك بهذه الزيادة لا يضرّ؛ لأنه ثقة حجة. 116- باب [مَنْ ذَكَرَ أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين] (1) 728- عن ابن عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام في الركعتين؛ كبّر ورفع يديه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه البخاري) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبيد المحاربي قالا: ثنا محمد ابن فُضَيْل عن عاصم بن كُلَيْبٍ عن محارب بن دِثَارٍ عن ابن عمر.

_ (1) ما بين المربعين في بعض نممخ "أبي داود"

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه أحمد (2/145) : ثنا محمد بن فضيل ... به أتم منه؛ ولفظه: قال: رأيت ابن عمر يرفع يديه كلما ركع، وكلما رفع رأسه من الركوع. قال: فقلت له: ما هذا؟ قال ... فذكره. وأخرجه البخاري في "جزء رفع اليدين " (ص 10) من طريق أخرى عن ابن فضيل ... به أخصر منه. وقال الحافظ في "الفتح " (2/177) : " وصححه البخاري في الجزء المذكور ". وكأنه يشير بذلك إلى قول البخاري فيه (ص 23) : " وهذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". ورواه عبد الواحد بن زياد: حدثنا مُحَارِبُ بن دِثَارٍ ... به مثل رواية أحمد؛ دون المرفوع منه. أخرجه البخاري (ص 16) . وأخرجه ابن حزم (4/90) من طريق المصنف. 729- عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حَذْوَ منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يَدَيْهِ في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من

السجدتين؛ رفع يديه كذلك. (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقال النووي: " حديث صحيح "، وصححه أحمد والبخاري وابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن داود الهاشمي: نا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب. قال أبو داود: " وفي حديث أبي حميد الساعدي- حين وصف صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا قام من الركعتين؛ كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما كبر عند افتتاح الصلاة ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو حسن الحديث كما تقدم غير ما مرة. وقال النووى في "المجموع " (3/447) : " وهو حديث صحيح ". وسئل الإمام أحمد عنه؟ فقال: " صحيح "، كما في "نصب الراية" (1/412) ، و "التلخيص " (3/271) . وصححه البخاري أيضا في "جزء الرفع " (ص 3 و 6 و 23) . وصححه ابن خزيمة وابن حبان، كما في "الفتح " (2/177) . والحديث أخرجه أحمد (رقم 717) : حدثنا سليمان بن داود ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/283- 284) ، والبيهقي (4/22 و 137) من طرق

أخرى عن سليمان ... به. وأخرجه البخاري (ص 3 و 6) ، والطحاوي (1/131) ، والبيهقي أيضا (2/74) من طرق أخرى عن ابن أبي الزناد ... به. وهو عند الترمذي (2/251- طبع بولاق) من طريق سليمان ... به، وله عنده تتمة تأتي (برقم 739) . ويشهد للحديث: حديث ابن عمر الذي قبله، وحديثه المتقدم برقم (712) ، وغيره مما سبقت الإشارة إليه قريباً. 730- عن مالك بن الحويرث قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه إذا كبَّر، وإذا رفع رأسه من الركوع؛ حتى يَبْلُغَ بهما فُروعَ أذنيه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، ورواه البخاري في "صحيحه " نحوه) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: نا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الطيالسي (رقم 1253) قال: حدثنا شعبة ... به. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/94) ، وأحمد (5/53) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ وليس عندهم: حتى يبلغ ... إلخ. وكذلك أخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 6) .

وله معناها في رواية (ص 23) ؛ بلفظ: حذاء أذنيه. وأخرجه النسائي (1/164- 165) ، ومن طريقه ابن حزم (4/92) ؛ إلا أنه لم يذكر تكبيرة الإحرام ولا الرَّفْعَ عندها، وزاد: وإذا سجد، وإذارفع رأسه من السجود. وقد ذكرنا لفظه بتمامه فيما سبق عند الحديث (رقم 714) . وقد ثبتت هذه الزيادة من غير طريق شعبة، كما سنبينه إن شاء الله. وأخرجه مسلم (2/7) ، والبخاري في جزئه (ص 18) ، والنسائي (1/140- 141 و 158 و 161 و 165) ، والبيهقي (2/25) ، وأحمد (3/436 و 437 و5/53) - عن سعيد بن أبي عروبة-، ومسلم- عن أبي عوانة-، وأبو عوانة (2/94) ، والنسائي (1/165 و 172) ، وابن ماجه (1/282) ، وأحمد (5/53) - عن هشام الدَّسْتوَائي-، والبخاري فيه (ص 17) - عن حماد بن سلمة- كلهم عن قتادة ... به، وصرح سعيد عند البخاري بسماع قتادة من عاصم، وزاد في رواية النسائي وأحمد، وكذا معاذ الدستوائي في رواية النسائي الزيادة التي عند النسائي من طريق شعبة؛ أعني: رفع اليدين عند السجود والرفع منه. ومعناه عند همام عن قتادة ... به مختصراً؛ بلفظ: كان يرفع يديه حيال فروع أذنيه في الركوع والسجود. أخرجه أبو عوانة (2/95) ، وأحمد (5/53) . وللحديث طريق أخرى: أخرجه البخاري (2/175) ، ومسلم عن أبي قلابة:

أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى؛ كبر ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع؛ رفع يديه، وإذا رفع رأسه من الركوع؛ رفع يديه، وحدث أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنع هكذا. وأخرجه البيهقي (2/27 و 71) . (تنبيه) : قد عرفت مما سبق: أن الرفع عند السجود وعند الرفِع منه قد اتفق على روايته عن قتادة: شعبة وابن أبي عروبة والدستوائي وهمام. فرَد هذه الزيادة؛ لعدم ورودها في حديثما أبي عوانة وغيره عن قتادة، وفي حديث أبي قلابة هذا - كما صنع صاحب "عون المعبود" (1/275) -؛ ليس بصواب، ولا متفقاً مع المتقرر في " مصطلح الحديث " من وجوب الأخذ بالزيادة؛ لا سيما إذا كان قد اتفق عليها جماعة من الثقات الأثبات؛ فتنبه! 731- عن بَشِيرِ بن نَهِيك قال: قال أبو هريرة: لو كُنْتَ قُدَّام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرأيت إبطيه. (زاد في رواية: قال لاحق- وهو ابن حميد أبو مِجْلَزٍ -: ألا ترى أنه في الصلاة، ولا يستطيع أن يكون قُدامَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) ، (زاد في الرواية الأخرى: يعني: إذا كبر رفع يديه) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا ابن معاذ: نا أبي. (ح) وحدثنا موسى بن مروان: نا شعيب - يعني: ابن إسحاق-؛- المعنى- عن عمران عن لاحق عن بشير بن نهيك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من الوجه الأول، والوجه الآخر صحيح أيضا؛ وعمران: هو ابن حُدَير. وابن معاذ: هو عبيد الله. والحديث أخرجه النسائي (1/126) من طريق معتمر بن سليمان عن

عمران ... به. 732- عن علقمة قال: قال عبد الله: علَمَنا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاةَ؛ فكبريرفع يديه، فلما ركع طَبَقَ يديه بين ركبتيه. قال: فبلغ ذلك سعداً، فقال: صدق أخي؛ قد كنا نفعل هذا؛ ثم أمرنا بهذا، يعني: الامساك على الركبتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذ اقال الحاكم، وواققه الذهبي، وقال الدارقطني: " إسناد ثابت صحيح "، ويأتي تحت الحديث (رقم 814)) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا ابن إدريس عن عاصم بن كُلَيب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه البيهقي (2/78- 79) من طريق المؤلف. وأخرجه البخاري في "رفع اليدين " (ص 12 و 19) ، والنسائي (1/159) ، والدارقطني (ص 129) ، والحاكم (1/224) ، وأحمد (رقم 3974) ، والحازمي في "الاعتبار" (ص 61- 62) من طرق أخرى عن عبد الله بن إدريس ... به، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وقال الدارقطني: " إسناد ثابت صحيح ".

117- باب من لم يذكر الرفع عند الركوع

117- باب من لم يذكر الرفع عند الركوع 733- عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود: ألا أُصَلي بكم صلاةَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال: فصلى؛ فلم يرفع يديه إلا مَرة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وقال ابن حزم: إنه " صحيح "، وقوّاه ابن دقيق العيد والزيلعي والتركماني) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: نا وكيع عن سفيان عن عاصم- يعني: ابن كليب- عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة. قال أبو داود: " هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ "! قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أعله المصنف رحمه الله بما رأيت، ووافقه على ذلك غير ما واحد كما يأتي! ولم تجد في كلماتهم ما ينهض على تضعيف الحديث. فالحق أنه حديث صحيح، كما قال ابن حزم في "المحلى" (4/88) ، وحسنه الترمذي كما يأتي. ولعل المصنف يشير بالحديث الطويل: إلى حديث عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب، الذي تقدم في الباب السابق، يعني: أنه ليس فيه: أنه لم يرفع إلا مرة. فقوله: إلا مرة؛ غير صحيح عنده. وقال البخاري في "رفع اليدين " (ص 11-12) : ويروى عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه ... فذكره. وقال أحمد بن حنبل عن

يحيى بن آدم قال: نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب، ليس فيه: ثم لم يعد. فهذا أصح لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم؛ لأن الرجل يحدث يشيء ثم يرجع إلى الكتاب، فيكون كما في الكتاب ". قلت: ثم ساق البخاري بإسناده حديث ابن إدريس المشار إليه؛ ثم قال: " وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود ". وقال ابن أبي حاتم في "العلل " (1/96) : " سألت أبي عن حديث رواه الثوري عن عاصم بن كليب [قلت: فذكره بلفظ: (فرفع يديه ثم لم يعد) ، ثم قال أ؟ قال أبي: هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري. وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتتح، فرفع يديه، ثم ركع فطبَّق وجعلها بين ركبتيه، ولم يقل أحد ما رواه الثوري ". قلت: فقد أفصح أبو حاتم عن علة الحديث عنده؛ وهو ما يشير إليه كلام البخاري؛ وهو تفرد سفيان الثوري به! والجواب: أن سفيان ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة؛ كما في "التقريب "؛ فتفرده حجة، وتوهيمه- لمجرد أنه روى ما لم يرو غيره- جرأة في غير محلها! لا سيما وأن الظاهر أن حديثه هذا حديث مستقل عن حديث عبد الله بن إدريس؛ وإن شاركه في إسناده. وقد أعله بعض المتأخرين بتفرد وكيع به! وهذا خطأ أبين؛ فإن وكيعاً- مع أنه ثقة-؛ فقد تابعه عبد الله بن المبارك ومعاوية بن هشام وموسى بن مسعود النهْدي وغيرهم؛ كما يأتي. وقد أعل الحديث بعلتين أُخريين، لا نسوِّدُ الصفحة بحكايتهما وردهما؛ لظهور

بطلانهما. فمن أراد الوقوف على ذلك؛ فليراجع "نصب الراية" (1/394- 396) ، و"الجوهر النقي " (2/77- 78) ، وقد ذكرا فيهما كلام ابن دقيق العيد في "الإمام "؛ وفيه يذهب إلى تقوية الحديث، وتبعاه في ذلك. والحديث أخرجه أحمد (رقم 3681 و 4211) : حدثنا وكيع ... به. وأخرجه الترمذي (2/40) - وقال: " حديث حسن "-، والطحاوي (1/132) ، والبيهقي (2/78) ، وابن حزم (4/87) من طرق أخرى عن وكيع ... به. وأخرجه النسائي (1/158) من طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان ... به. 734- وفي رواية ... بإسناده بهذا؛ قال: فرفع يديه في أول مرة (وقال بعضهم: مرة واحد،) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صححه من ذكرنا في الرواية الأولى) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا معاوية وخالد بن عمرو وأبو حذيفة قالوا: نا سفيان ... بإسناده. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وتقدم الكلام عليه في الرواية المتقدمة؛ والحسن بن علي: هو الخَلال الحُلْواني. ومعاوية: هو ابن هشام القَصَّار الآزْدي. وأبو حذيفة: هو موسى بن مسعود النهدي. وخالد بن عمرو: هو أبو سعيد الكوفي؛ وقد اتهم بالكذب.

735- عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل في الصلاة؛ رفع يديه مدّاً. (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال الحاكم، دوافقه الذهبي، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: نا يحيى عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير سعيد بن سمعان، وهو ثقة. والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/434) : ثنا يحيى عن ابن أبي ذئب. ويزيد ابن هارون قال: أنا ابن أبي ذئب- المعنى- قال: ثنا سعيد بن سمعان قال: أتانا أبو هريرة في مسجد بني زُرَيْق قال: ثلاث كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعمل بهن؛ تركهن الناص: كان يرفع يديه مدّاً إذا دخل في الصلاة، ويكبِّر كلما ركع ورفع، والسكوت قبل القراعة يسأل الله من فضله- قال يزيد: يدعو ويسأل الله من فضله-. وهكذا أخرجه النسائي (1/141) ، والحاكم (1/215) - وقال: " إسناده صحيح "، ووافقه الذهبي- من طرق أخرى عن يحيى ... به. وأخرجه الطيالسي (رقم 2374) : حدثنا ابن أبي ذئب ... به. ومن طريقه وطريق الحاكم: أخرجه البيهقي (2/27) . وأخرجه الحاكم (1/234) ، وأحمد (2/509) من طرق أخرى عن ابن أبي

118- باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

ذئب ... به. وأخرجه الترمذي (2/6) ، والطحاوي (1/115) من طرق أخرى عنه ... به - القدر الذي روى المصنف منه-. وقال الترمذي: "حديث حسن ". ولابن أبي ذئب فيه إسناد آخر؛ فقالى الطيالسي (رقم 2562) : حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مدّاً؛ يعني: في الصلاة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ومن طريق الطيالسي: أخرجه البيهقي. وأخرجه هكذا: الدارمي (1/281) ، وأحمد (2/500) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به. 118- باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة 736- عن ابن مسعود: أنه كان يصلي؛ فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرأه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فوضع يده اليمنى على اليسرى. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ ابن حجر، وهو على شرط مسلم، وقال النووي: " إسناده صحيح على شرط مسلم "! وأخرجه ابن السكن في "صحيحه ") .

إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّار بن الرَئان عن هشَيْمِ بن بَشِيرٍ عن الحَجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد حسن- كما قال الحافظ في "الفتح " (2/187) -، ورجاله رجال مسلم؛ غير أن الحجاح بن أبي زينب فيه كلام من قبل حفظه، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق يخطئ ". وقال النووي فما "المجموع " (3/312) : " إسناده صحيح على شرط مسلم "! والحديث أخرجه البيهقي (2/28) من طريق المؤلف. وأخرجه النسائي (1/141) ، وابن ماجه (1/271) ، وابن حزم (4/112- 113) من طرق أخرى عن هشيم ... به؛ وصرح هشيم بالتحديث عند ابن ماجه، فزالت شيهة تدليسه. وأخرجه الدارقطني أيضا (ص 107) ، وابن السكن في "صحيحه "- كما في "الفتح "-. وللحجاج بن أبي زينب فيه إسناد آخر: أخرجه الإمام أحمد (3/381) : ثنا محمد بن الحسن الواسطي- يعني: المزني-: ثنا أبو يوسف الحَخاجُ- يعني: ابن أبي زينب الصيْقَلَ- عن أبي سفيان عن جابر قال: مر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل وهو يصلي ... الحديث نحوه. وأخرجه الدارقطني عن يحيى بن معين: ثنا محمد بن الحسن ... به. ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن الحسن هذا؛ فمن رجال البخاري. وقال الهيثمي في "المجمع " (2/104) :

" رواه أحمد والطبراني في " الأوسط "؛ ورجاله رجال (الصحيح) ". 737- عن طاوس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يَشُد بينهما على صدره وهو في الصلاة. (قلت: هذا حديث مرسل، وهو حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أبو توبة: ثنا الهيثم- يعني: ابن خمَيْد- عن ثور عن سليمان ابن موسى عن طاوس. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الهيثم بن حميد، وهو ثقة. وسليمان بن موسى: كان خولِط قبل موته بقليل، كما في "التقريب ". ثم إن الحديث مرسل؛ لأن طاوساً تابعي، لكنه حديث صحيح؛ فإنه قد جاء له شاهدان موصولان من وجهين آخرين: أحدهما: عن وائل بن حجر: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " من طريق محمد بن خحَادة عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل عن أبيه ... في حديث حكايته لصلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه: وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. نقلناه- فيما تقدم- عن ابن حجر عند الحديث (714) ؛ وهو معنى حديث عاصم بن كليب المتقدم برقم (717) عن أبيه عن وائل؛ كما نبهنا عليه هناك. ورواه البيهقي (2/30) من طريق أخرى عن عاصم.

119- باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

ومن طريق أخرى عن وائل بن حجر. وأما الحديث الآخر: فهو عن قَبِيصَةَ بن هلْبٍ عن أبيه قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته- قال- يضع هذه على صدره- وصف يحيى اليمنى على اليسرى فوق الفصل-. أخرجه أحمد (5/226) ، وإسناده محتمل للتحسين؛ وحسنه الترمذي، وقد تكلمنا عليه في الكتاب المفرد في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وذكرنا هناك أنه لم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في محل وضع اليدين إلا هذا (الصدر) . واما الوضع تحت السرة فلا يصح. وانظر الكتاب الآخر. 119- باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء 738- عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام إلى الصلاة؛ كبر ثم قال: " وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، لا يغفر الذنوبَ إلا أنت، واهدِني لأحسن الأخلاق، لا يهدني لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئَها، لا يصرف سيِّئَها إلا أنت، لبَّيْك وسعديك! والخيرُ كلُّه في يديك، والشر ليس إليك، وأنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك ".

وإذا ركع قال: " اللهم! لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومُخِّي وعظامي وعصبي ". وإذا رفع قال: " سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مِلْءَ السماوات والأرض، ومِلْءَ ما بينهما، ومِلْء َما شئت من شيء بعْدُ". وإذا سجد قال: " اللهم! لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره فاًحسن صورته، وشق سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الحالقين " وإذا سلّم من الصلاة قال: " اللهم! اغفر لي ما قدَّ مت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدِّم والمؤخِّر، لا إله إلا أنت ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: نا أبِي: نا عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ عن عَمه الماجِشُون بن أبي سَلَمَةَ عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن عَلي بن أبي طالب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/100- 101) من طريق المصنف. وأخرجه الطيالسي (رقم 152) : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ... به. وأخرجه مسلم (2/185- 186) ، وأبو عوانة أيضا، والترمذي (2/250- 251 - طبع بولاق) ، والدارقطني (ص 111) ، والبيهقي (2/32) ، وأحمد (رقم 729 و3 " 8) من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه النسائي (1/142 و 161 و 169) مفرقاً، دون الذكر بعد الركوع وبعد السلام. وروى الدارمي (1/282 و 351) منه دعاء الاستفتاح والذكر بعد الركوع. والخرائطي في "مكارم الأخلاق " (ص 6) دعاء الاستفتاح إلى قوله: " لا يصرف سيئها إلا أنت ". ورواه الطحاوي (1/117) إلى قوله: اوأنا أول المسلمين ". 739- عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته، وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين؛ رفع يديه كلذلك وكبر ودعا ... نحو حديث عبد العزيز (يعني: الذي قبله) في الدعاء يزيد وينقص الشيء، ولم يذكر: " والخير كله في يديك، والشر ليس إليك "؛ وزاد فيه: وبقول عند انصرافه من الصلاة:

" اللهم اغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وهو تمام الحديث المتقدم (رقم 729) ؛ وقد ذكرنا هناك من صححه من الأئمة) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن داود الهاشمي: نا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب. قلت: وهذا إسناد حسن، وقد تقدم بهذا الحديث مختصراً (رقم 729) مع الكلام عليه وتخريجه؛ فلا داعي للإعادة. والحديث أخرجه الترمذي (2/251) ... بهذا السند عن هذا الشيخ، وقال: "حسن صحيح ". وأخرجه أبو عوانة (2/102) ، والدارقطني (112) ، والبيهقي (2/32- 33) من طريق ابن جريج قال: أخبرني موسى بن عقبة ... به مثل حديث عبد العزيز الذي قبله؛ إلا أنه قال في أوله: وكان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة قال ... الحديث؛ وليس فيه رفع اليدين. وأخرج الشافعي في "الأم " (1/91- 92) دعاء الاستفتاح، وزاد- بعد قرله: " وبذلك أمرت "-: وقال أكثرهم: " وأنا أول المسلمين ". قال ابن أبي رافع: وشككت أن يكون أحدهم قال: " وأنا من المسلمين ".

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وفي هذه الرواية- كرواية الكتاب- التصريح بأنه عليه الصلاة والسلام كان يقول ذلك في الفريضة. قال الشوكاني: " وأما مسلم؛ فقيده بصلاة الليل، وزاد لفظ: من جوف الليل ". وذكر نحوه الحافظ في " بلوغ المرام " (1/231) ، وفي "الفتح " (2/183) ! وهذا وهم منهما؛ فليس هذا القيد في هذا الحديث عند مسلم ولا عند غيره. والزيادة المذكورة إنما هي عند مسلم (2/184) من حديث ابن عباس الآتي قريباً في الكتاب (رقم 745) ؛ وهو في "مسلم " قبيل هذا الحديث؛ فلعل نظر الحافظ انتقل إليه حين كلامه على هذا فوهم؛ وتبعه عليه الشوكاني! والله أعلم. 740- عن شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي ابن المنكدر وابن أبي فروة وكيرهما من فقهاء أهل المدينة: قإذا قلت انت ذاك؛ فقل: " وأنا من المسلمين "؛ يعني قوله: " وأنا أول المسلمين ". (قلت: إسناده صحيح، ولكنا لا نرى جواز هذا التبديل؛ لأنه وهم منشؤه توهمُ أن معنى: " وأنا أول المسلمين ": أني أول شخص أتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به، ونظيره: {قل إن كان للرحمن وَلَد فأنا أول العابدين} ) إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: نا شُرَيْحُ بن يزيد: حدثني شعيب بن أبي حمزة.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 112) من طريق يزيد بن عبد ربه: ثنا شريح ابن يزيد ... بإسناده عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله كان إذا استفتح الصلاة قال: " إن صلاتي ونسكي ومَحْيَاي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقِتِي سيىء الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلا أنت ". قال شعيب: قال لي محمد بن المنكدر ... إلخ. وأخرج النسائي (1/142) ... بإسناد المصنف: المرفوع منه ففط. قلت: وهذا التبديل الذي ذهب إليه محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء المدينة؛ قد تبعهم عليه الإمام الشافعي، فقال في "الأم " (1/92) - بعد أن ساف الحديث من رواية علي وأبي هريرة-: " وبهذا كله أقول وآمر، وأحبّ أن يأتي به كما يروى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يغادر منه شيئاً، ويجعل مكان: " وأنا أول المسلمين ": " وأنا من المسلمين " ... "! قال الشوكاني في "النيل " (2/162) : " قال في "الانتصار": إن غير النبي إنما يقول: " وأنا من المسلمين "! وهو وهم منشفه تَوَهَم أن معنى: {وأنا أول المسلمين ": أني أول شخص أتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة والامتثال لما أمر به، ونظيره: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} ، وقال موسى: {وأنا أول المؤمنين} ".

وليعْلَمْ أن قوله في الحديث: " وأنا أول المسلمين ": هو الراجح ثبوته عندنا، وأما رواية: " وأنا من المسلمين "؛ فهي مرجوحة؛ لا بيناه في كتابنا "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". ويؤيد ذلك قول ابن أبي رافع المتقدم- ومدار الحديث عليه-: وشككت أن يكون أحدهم قال: " وأنا من المسلمين ". فهذا يدل على وهم من قال عنه: " وأنا من المسلمين "، أو أنه تأول، كما فعل محمد بن النكدر وغيره؛ فتأمل! 741- عن أنس بن مالك: أن رجلاً جاء إلى الصلاة، وقد حَفَزَهُ النَّفَسً فقال: الله أكبر، الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته؛ قال: " أيّكُم المتكلمُ بالكلمات؛ فإنه لم يقل بأساً؟ ". فقال الرجل: أنا يا رسول الله! جئت وقد حَفَزَني النفَسُ، فقلتها. فقال: " لقد رأيت اثنيْ عشر ملكاً يبتدرونها؛ أيهم يرفعها؟! - وزاد حميد فيه - وإذا جاء أحدكم؛ فليَمْشِ نَحْوَ ما كان يمشي؛ فليصل ما أدرك، وليَقْضِ ما سَبَقَه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه " دون الزيادة، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " بتمامه) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن قتادة وثابت وحميد عن أنس قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/99) من طريق المصنف. وأخرجه هو، وأحمد (3/99) من طريق عفان قال: ثنا حماد بن سلمة ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (2/99) بدون الزيادة. وكذلك أخرجه النسائي (1/143) من طريق حجاج قال: حدثنا حماد ... به. وأخرجه أحمد (106) من طريق ابن أبي عدي وسهل بن يوسف- المعنى- عن حميد وحده ... بتمامه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو ثلاثي. ثم روى (3/229) - منه الزيادة فقط- من طريق سليمان بن حيان: ثنا حميد ... به، بلفظ: " فما أدركه صلى، وما سبقه أتم "؛ وقد علقه المصنف بنحو هذا فيما تقدم؛ فانظر رقم (584 و 585) . وأخرجه الطيالسي (رقم 2001) : حدثنا همام عن قتادة عن أنس ... به نحوه دون الزيادة. 742- عن عاصم بن حُمَيْد قال: سُئِلَتْ عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيام الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك؛ كان إذا قام؛ كبر عشراً، وحمِدَ اللهَ عشراً، وسبَّح عشراً، وهلَّل عشراً، واستغفر عشراً، وقال

" اللهم! اغفر لي واهد ني، وارزقني وعافني "؛ ويتعوذ من ضيق المُقَام يوم القيامة. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن رافع: نا زيد بن الحبَاب: أخبرني معاوية بن صالح: أخبرني أزهر بن سعيد الحَرَازِيُّ عن عاصم بن حميد. قال أبو داود: " رواه خالد بن مَعْدان عن ربيعة الجُرَشِي عن عائشة ... نحوه ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، غير أزهر بن سعيد الحرازي- وهو أزهر ابن عبد الله الحرازي في قول البخاري، ووافقه عليه جماعة-؛ وقد وثقه العجلي، وروى عنه جماعة. وقال الحافظ في "التقريب!: " صدوق ". والحديث أخرجه النسائي (1/240) ، وابن ماجه (1/409- 410) من طرق أخرى عن زيد بن الحباب ... به. ويشهد له ويقؤيه: الطريق الأخرى التي علَّقها المصنف، وقد وصلها الإمام أحمد في "المسند" (6/143) : ثنا يزيد قال: أنا الأصبغ عن ثور بن يزيد عن خالد ابن معدان قال: حدثني ربيعة الجُرَشي قال: سألت عائشة فقلت: ما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا قام من الليل؟ وبِمَ كادْ يستفْتح؟ قالت: كان يكبر عشراً ... الحديث نحوه. وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 44) : ثنا محمد بن يحيى: ثنا يزيد ابن هارون ... به. وهذا إسناد صحيح. وله طريق ثالث، يأتي في "الأدب ".

743- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة: بأي شيء كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته: " اللهم! ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل! فاطرَ السماوات والأ رض! عالمَ الغيب والشهادة! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون: اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك؛ إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ". (قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا ابن الثنى: نا عمر بن يونس: نا عكرمة: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى؛ وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي؛ وفي عكرمة- وهو: ابن عمار- كلام من قبل حفظه. والحديث أخرجه البيهقي (3/5) من طريق المصنف. وبإسناده: أخرجه مسلم في "صحيحه " (2/185) عن هذا الشيخ- وهو محمد بن المثنى- وغيره. وأخرجه النسائي (1/241- 242) ، والترمذي (2/250- طبع بولاق) - وقال: " حديث حسن "-، وابن ماجه (1/410) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن

عمر بن يونس ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/304-305 و 305) من طريقين آخرين عن عكرمة ... وله عنه طريق رابع، وهو: 743/م- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ قال: كان إذا قام بالليل؛ كبَّر وبقول ... (قلت: إسناده حسن، وفيه التصريح أن هذا الدعاء كان بعد التكبير) . إسناده: حدثنا محمد بن رافع: أنا أبو نوح قُراد: نا عكرمة ... بإسناده بلا إخبار، ومعناه قال. قلت: وهذا إسناد حسن أيضا؛ وأبو نوح: اسمه عبد الرحمن بن غزوان، وقراد: لقبه، وهو ثقة، وقد رْاد في الحديث لفظة: كبر؛ وهي منه مقبولة، وهي زيادة مفيدة؛ حيث عينت موضع قول هذا الدعاء، بينما هو غير واضح في الرواية الأولى، ولذلك عقَيها المصنف رحمه الله بهذه الرواية. والحديث أحْرجه أحمد (6/156) : ثنا قراد أبو نوح: أنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ... به. 744- عن مالك قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة: في أوله وأوسطه وفي آخره؛ في الفريضة وغيرها. (قلت: إسناده عنه صحيح) .

إسناده: حدثنا القعنبي قال: قال مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى مالك رحمه الله. قال في "عون المعبود": " هذا نص صريح من الإمام مالك رحمه الله على أنه لا بأس عنده بقراءة دعاء الاستفتاح بين التكبير والقراءة، لكن المشهور عنه خلافه ". قلت: وهو الذي نص عليه في "المدونة" (1/62) أنه لا يقول: " سبحانك اللهم وبحمدك ... إلخ "؛ قال: " وكان لا يعرف "! وهذا لا حجة فيه؛ فإن من عرف حجة على من لم يعرف وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ اثنا عشر نوعاً من أدعية الاستفتاح، أوردتها في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 52- 57) ؛ وقد نم طبعه قريباً، وأورد المصنف قسماً منها في هذا الباب. 744/م- عن رِفَاعة بن رافع الزرَقي قال: كنا يوماً نصلِّي وراء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلما رفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه من الركوع قال: " سمع الله لمن حمده "؛ قال رجل وراء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم ربَّنا! ولك الحمدُ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما انصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من المتكلم بها آنفاً؟ ". فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد رأيت بضعة وثلاثين مَلَكاً يبتدرونها؛ أيُّهم يكتبها آؤلُ؟! ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ". وقال الحاكم: " حديث صحيح "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نُعَيْمِ بن عبد الله الُمجْمِر عن علي بن يحيى الزُرَقِي عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزرَقي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مالك في " الموطأً " (1/214) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/227- 228) ، والنسائي (1/162) ، والحاكم (1/225) ، والبيهقي (2/95) ، وأحمد (4/340) كلهم عن مالك ... به. وهو عند البخاري من طريق القعنبي عبد الله بن مسلمة شيخ المصنف فيه. ومن طريقه: أخرجه البيهقي في إحدى روايتيه. ثم قال الحاكم: " حديث صحيح، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي! وقد وهما في الاستدراك على البخاري؛ فقد أخرجه! وللحديث طريق أخرى عن رقاعة بن رافع، ويأتي في الكتاب بعد حديث. وله شواهد، خرجتها في كتابنا المفرد في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "؛ وعسى أن يُيَسرَ لنا طبعه مع تخريجه؛ بعد أن طبع دون تخريج. 745- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ى ن إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: " اللهم! لك الحمد؛ أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت قَيّام السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت رب السماوات والأرض ومن

فيهن، أنت الحق، وقولك حق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم! لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي؛ لا إله إلا أنت ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه البخاري نحوه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/217) . ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/184) ، وأبو عوانة (2/300- 301) ، والترمذي (2/249- طبع بولاق) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وأحمد (2710 و 2813) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه الطبراني في " معجمه الكبير" من طريق جنادة بن سَلْم عن عبيد الله ابن عمر عن أبي الزُّبَيْرَ ... به، بلفظ: كان يقول- بعد التكبير، وبعد أن يقول: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً "-: " اللهم! لك الحمد ... " الحديث. وجنادة هذا؛ قال الحافظ:

" صدوق له أغلاط ". وبقية رجال إسناده رجال مسلم؛ غير شيخ الطبراني عبد الرحمن بن سَلْم الرازي؛ فإني لم أقف له على ترجمة! وذكر: " وجهت وجهي ... " في هذا الحديث غريب، ولعله من أغلاط جُنادة! وأما قوله بعد التكبير؛ فقد توبع عليه، كما تراه في الرواية الثانية في الكتاب. وقد تابع أبا الزبير: سليمان بن أبي مسلم الأحول: أخرجه البخاري في "صحيحه " (3/2- 4 و 11/99 و 13/366- 367 و399) ، وفي "أفعال العباد" (ص 96) ، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/240) ، والدارمي (1/348) ، وابن ماجه (08/41- 409) ، وأحمد (رقم 3368) ، والطبراني في "معجمه الكبير" كلهم أخرجوه من طريق سليمان الأحول عن طاوس ... به. وأخرجه البيهقي أيضا (3/4- 5) . وتابعه قيس بن سعد المكي بزيادة فيه؛ وهو: 746- وفي رواية عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في التَّهَجدِ يقول- بعدما يقول: " الله أكبر "- ... فذكر معناه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن خزيمة في "صحاحهم ") .

إسناده: حدثنا أبو كامل: نا خالد- يعني: ابن الحارث-: نا عمران بن مسلم أن قيس بن سعد حدثه قال: نا طاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو كامل: هو الجَحْدرِيَ فُضَيْل ابن حسين. والحديث أخرجه مسلم (2/184- 185) ، وأبو عوانة (2/301) ، وابن نصر في " قيام الليل " (ص 44) من طريق مَهْدِيِّ بن ميمون: حدثنا عمران القصير ... به بتمامه؛ إلا أن مسلماً لم يسق لفظه؛ وانما أحال به على الرواية الأولى. والحديث أخرجه ابن خزيمة أيضا في "صحيحه "، كما في "الفتح ". وأخرجه الطبراني أيضا في "الكبير". 747- عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه قال: صلَّيْتُ خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعطس رفاعة- لم يقل قتيبة: رفاعة-، فقلت: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه كما يحب ربنا ويرضى. فلما صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ انصرف فقال: " من المتكلم في الصلاة؟ " ... ثم ذكر نحو حديث مالك وأتم منه. (قلت: يعني: حديث رفاعة (رقم 744/م) ، وهذ اإسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد [وسعيد] بن عبد الجبار ... نحيه- قال قتيبة-: نا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع.

120- باب من رأى الاستفتاح ب: " سبحانك اللهم وبحمدك "

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير رفاعة بن يحيى؛ وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات. وقال الحافظ فيه: " صدوق ". وأما معاذ بن رفاعة؛ فقد تكلم فيه الأزدي بغير حجة؛ مع أن البخاري قد أخرج له! والحديث أخرجه النسائي (11/47) ، والترمذي (2/254- 255) عن قتيبة. وأخرجه البيهقي (2/95) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: ثنا سعيد ابن عبد الجبار البصري - من كتابه-: أخبرني رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع الزرقي أبو يزيد إمام المسجد ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". 120- باب من رأى الاستفتاح ب: " سبحانك اللهم وبحمدك " 748- عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام من الليل كبَّر، ثم يقول: " سبحانك اللهم! وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك "، ثم يقول: " لا إله إلا الله " ثلاثاً، ثم يقول: " الله أكبر كبيراً "- ثلاثاً- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم؛ من همزه ونفخه ونفثه " ثم يقرأ. (قلت: إسناده صحيح) .

إسناده: حدثنا عبد السلام بن مطَهر: نا جعفر عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري. قال أبو داود: " وهذا الحديث؛ يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسن ... مرسلأ، الوهم من جعفر "! قلت: وهذا إسناد صحيح عندي، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير علي ابن علي الرفاعي، وهو ثقة كما قال ابن معين وأبو زرعة ووكيع وغيرهم. وقال أحمد: " لم يكن به بأس؛ إلا أنه يرفع أحاديث ". قلت: وهذا لا يسقط الاحتجاج بحديثه؛ لأن غاية ما فيه: أنه أخطأ أحياناً فرفع أحاديث موقوفة، ومن ذا الذي لا يخطئ؟! قالحق أنه صحيح الحديث؛ إلا إن ظهر خطؤه. وجعفر: هو ابن سليمان الضبَعِي. والمصنف رحمه الله أعل الحديث بأنه روي مرسلاً، وأن جعفر بن سليمان وهم فيه فرواه موصولأ! وهذا ليس بشيء عندنا؛ لأن جعفراً ثقة عند ابن معين وابن سعد وابن المديني وغيرهم، وغاية ما قيل فيه: أنه كان يتشيع. وهذا لا يضر في روايته بعد ثبوت عدالته وصدقه. وقد قال البزار: " لم أسمع أحداً يطعن عليه في الحديث، ولا في خطأ فيه؛ إنما ذكرت عنه شيعيته، وأما حديثه فمستقيم ". والحديث أخرجه الطحاوي (1/116) : حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ئنا

أبو ظَفَرٍ عبد السلام بن مطهر ... به. ثم أخرجه هو، والنسائي (1/143) ، والترمذي (2/9- 10) ، والدارمي (1/284) ، وابن ماجه (1/268) ، والدارقطني (ص 112) ، والبيهقي (2/34) ، وأحمد (3/50) ، وابن خزيمة (467) من طرق أخرى عن جعفر ... به. وقال الترمذي: " وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب ". قال: " وقد تُكُلم في إسناده، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي. وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث "! قلت: لا شك عندنا في أن الحديث صحيح، وقد عرفت الجواب عمَّا أُعِل به، لا سيما وأن له شواهد كثيرة تقويه؛ منها حديث عائشة، وقد أورده المصنف عقبه، وهو: 749- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا استفتح الصلاة قال: " سبحانك اللهم! وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا حسين بن عيسى: نا طَلْقُ بن غَنّام: نا عبد السلام بن حَرْبٍ المُلائي عن بُدَيْلِ بن مَيْسَرةَ عن أبي الجَوْزَاء عن عائشة. ً قال أبو داود: " وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، لم

يروه إلا طلق بن غَنام. وقد روى قصة الصلاة عن بديل: جماعة؛ لم يذكروا فيه شيئاً من هذا "! قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ لكنه منقطع؛ فان أبا الجوزاء لم يسمع من عائشة، كما قال البزار، وسنذكر نص كلامه في ذلك عند حديث عائشة الآخر (رقم 752) . وقال الحافظ في "التلخيص " (3/303) : " ورجال إسناده ثقات؛ لكن فيه انقطاع ". قلت: فهذا هو علة الحديث الحقيقية؛ ولولاها لكان إسناده صحيحاً. وأما إعلال المصنف بتفرد طلق بن غَنَّام به؛ فليس بعلة قادحة؛ قال ابن التركماني: " وقال صاحب "الإمام " ما ملخصه: طلق؛ أخرج له البخاري في "صحيحه "، وعبد السلام وثقه أبو حاتم، وأخرج له الشيخان في "صحيحيهما"، وكذا من فوقه إلى عائشة، وكونه ليس بمشهور عن عبد السلام؛ لا يقدح فيه، إذا كان راويه عنه ثقة، وكون الجماعة لم يذكروا عن بديل شيئاً من هذا؛ قد عرف ما يقوله أهل الفقه والأصول فيه، ويحتمل أن يقال: هما حديثان؛ لتباعد لفاظهما ". والحديث الآخر: هو حديث عائشة الذي أشرنا إليه آنفاً. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 112) من طريق المصنف، وقال: " قال أبو داود: لم يروه عن عبد السلام غير طلق بن غَنام. وليس هذا الحديث بالقوي "! وأخرجه الحاكم (1/235) ، وعنه البيهقي (2/33- 44) من طريق العباس بن محمد الدوري: ثنا طلق بن غَنَّام ... به. وقال الحاكم:

121- من باب السكتة عند الافتتاح

" صحيح الإسناد "! وفي "التلخيص ": " على شرطهما "! كذا! وله طريق أخرى: أخرجه الترمذي (2/11) ، وابن ماجه (1/269) ، والطحاوي (1/117) ، والدارقطني أيضا (ص 113) ، والحاكم، والبيهقي (2/34) من طريق أبي معاوية عن حارثة بن محمد عن عمرة عنها ... به. وقال الحاكم والذهبي: " صحيح، وفي حارثة لين ". وقال البيهقي: " لم نكتبه إلا من حديث حارثة بن أبي الرجال، وهو ضعيف ". وأما قول الترمذي: " لا نعرفه من حديث عائشة إلا من هذا الوجه "! ففيه إشارة إلى أنه لم يقف عليه من الطريق الأولى. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. وبهذين الطريقين يأخذ الحديث قوة، وله شواهد يرتقي بها بلى درجة الصحيح. ومن شواهده: حديث أبي سعيد الذي قبله. وبقية الشواهد؛ خرجتها في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" 121- من باب السَّكْتة عند الافتتاح 750- عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كبَّر في الصلاة؛ سكت بين التكبير والقراءة. فقلت له: بأبي أنت وأمي؛ أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة؛ أخبرني

ما تقول؟ قال: " اللهم! باعدْ بيني وبين خطايايَ كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم! أنقني من خطايايَ كالثوب الأبيض من الدنسِ. اللهم! اغسلني بالثّلْجِ والماءِ والبَرَدِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب: نا محمد بن فُضَيْل عن عُمارة. وثنا أبو كامل: نا عبد الواحد عن عمارة- المعنى- عن أبي زرعة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو من طريق أبي كامل - واسمه فضيل بن حسين الجَحْدَرِي- على شرط مسلم. وأحمد بن أبي شعيب؛ نُسِبَ إلى جده؛ فإنه أحمد بن عبد الله بن أبى شعيب مسلم الحَرَّاني أبو الحسن مولى قريش. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/98) عن المصنف ... بإسناده الأول. وأخرجه أحمد (2/231) : ثنا محمد بن فضيل ... به. وأخرجه مسلم (2/99) ، وابن ماجه (1/268- 269) من طرق أخرى عن ابن فضيل ... به. ثم أخرجه مسلم بإسناد المصنف الثاني فقال: ثنا أبو كامل: حدثنا عبد الواحد ... به. وأخرجه البخاري (2/180- 183) ، وأبو عوانة من طرق أخرى عن

122- باب من لم ير الجهرب (بسم الله الرحمن الرحيم)

عبد الواحد ... به. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/21 و 142) من طريق جَرير عن عمارة بن القعقاع ... به. 122- باب من لم يَرَ الجهرب (بسم الله الرحمن الرحيم) 751- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة ب (الحمد لله رب العالمين) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: هشام عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة " (ص 12) ، والدارمي (1/283) ... بسند المصنف عن هذا الشيخ. وأخرجه أحمد (3/273) عن غيره فقال: ثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني هشام ... به. وأخرجه البخاري فيه، وفي "صحيحه " (2/180) ، ومسلم (2/12) ، وأبو عوانة (2/112) ، والطحاوي (1/119) ، والدارقطني (ص 119) ،واالبيهقي (2/51) ، والطيالسي (رقم 1975) ، وأحمد (3/179 و 273 و 275) من طريق شعبة عن قتادة ... به، وقد صرح قتادة بالتحديث: عند مسلم والطيالسي وأحمد.

وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والبخاري في "جزئه "، والشافعي في "الأم " (1/93) ، والنسائي (1/143) ، والترمذي (2/15) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/271) ، والطحاوي، والدارقطني، والبيهقي، وأحمد (223) من طرق أخرى عن قتادة ... به. وهذا الحديث عن أنس متواتر؛ فقد جمعت له عشرة طرق أخرى عنه؛ وقد خرجتها في "صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؛ فلتراجع. 752- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) ، وكان إذا ركع لم يُشْخِصْ رَأْسَهُ ولم يُصَوِّبه؛ ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع؛ لم يسجد حتى يستويَ قائماً، وكان إذا رفع رأسه من السجود؛ لم يسجد حتى يستويَ قاعداً، وكان يقول في كل ركعتين التحيات، وكان إذا جلس يَفْرِشُ رجله اليسرى، وَينْصِبُ رجله اليمنى، وكان ينهى عن عَقِبِ الشيطان، وعن فِرْشَةِ السبُع، وكان يختِمُ الصلاةَ بالتسليم. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان (1765) في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: نا عبد الوارث بن سعيد عن حسين المعلِّم عن بديلِ ابن مَيْسَرَةَ عن أبي الجوزاء عن عائشة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ لكنه منقظع؛ فقد قال ابن عبد البر في "الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف " (ص 9) :

" رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم؛ إلا أنهم يقولون (يعني: أئمة الحديث) : إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة، وحديثه عنها إرسال ". وقد أشار إلى هذا البخاري في ترجمة أبي الجوزاء- واسمه أوس بن عبد الله-؛ فقال: " في إسناده نظر ". قال الحافظ في "التهذيب ": " يريد: أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما؛ لا أنه ضعيف عنده". ويؤيد ما ذكرنا من الانقطاع: ما في "التهذيب ": أن جعفراً الفريابي قال في "كتاب الصلاة": ثنا مزاحم بن سعيد: ثنا بن المبارك: ثنا إبراهيم بن طَهْمان: ثنا بديل العُقَيْلي عن أبي الجوزاء قال: أرسلت رسولاً إلى عائشة يسالمها ... فذكر الحديث 0 قلت: فعاد الحديث إلى رجل مجهول؛ وهو الواسطة بين أبي الجوزاء وعائشة. ولكن الحديث صحيح لغيره؛ لأن لبعضه طريقاً أخرى، ولسائره شواهد تقريه. أما الطريق: فأخرجه البيهقي من طريق يوسف بن يعقوب: ثنا أبو الربيع: ثنا حماد: ثنا بديل عن عبد الله بن شقيق عن عائشة. أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) . وأبو الربيع هذا؛ لم أعرفه. ويوسف بن يعقوب: هو القاضي، وهو صدوق، كما في "اللسان ".

ولعل عبد الله بن شقيق هو الرسول الذي لم يُسَم في الرواية الأولى؛ فإن كان هو فهو ثقة. والله أعلم. وأما شواهده: فمنها: حديث أبي حميد المتقدم (رقم 720 و 723) ؛ وفيه صفة الركوع، والاطمئنان بعد الرفع منه، وبين السجدتين. ومنها: حديث وائل بن حُجْر؛ وفيه الافتراش، وقد تقدم أيضا (رقم 716) ، ويأتي (رقم 884) . ومنها: حديث ابن مسعود في التسليم، ويأتي (رقم 914) . ومنها: حديث عبد الله ابن بُحَيْنَةَ والمغيرة بن شعبة في التشهد الأول، ويأتيان أيضا (رقم 946 و 949) ، وغيرهما مما يأتي. ومنها: حديث أنس في النهي عن افتراش السبع، ويأتي (رقم 834) . وأما النهي عن عقب الشيطان- وهو الإقعاء-؛ فقد ورد في النهي عنه أحاديث من رواية أبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك. وسمرة بن جندب، وقد خرجها الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/232) ، وبيَّن عللها. وهي- وإن كان كل منها على انفراده لا يخلو من مقال- فبعضها يقؤي بعضاً، وقد صحح الحاكم منها حديث سمرة، ووافقه الذهبي. ليُعْلَمْ أن هذا الإقعاء المنهي عنه: هو غير الإقعاء على القدمين؛ فإن هذا ثابت مشروع بحديث ابن عباس الآتي في الكتاب (رقم 791) ، ولعلنا نذكر هناك الفرق بين الإقعاءين. ثم لم يتيسر ذكره إلا عند الحديث (838) ، فراجعه.

والحديث أحرجه مسلم (2/54) ، وأبو عوانة (2/94 و 96 و 164 و 189 و222) - مفرقاً-، وابن خزيمة (699) ، وابن حبان (1765- الإحسان) ، والبيهقي (2/15 و 113 و 172) ، وأحمد (6/31 و 194) من طرق عن حسين المعلِّم ... به. وفي رواية للبيهقي (2/133) : بين كل ركعتين: التحية. وهو بمعنى رواية المصنف والآخرين: في كل ... وروى منه ابن ماجه (1/271) : الجملة الأولى منه، دون التكبير. وأخرجه الطيالسي (رقم 388- من ترتيبه) : حدثنا عبد الرحمن بن بديل العُقَيْلي- بصري ثقة صدوق- عن أبيه عن أبي الجوزاء عنها ... به بتمامه. وعبد الرحمن بن بدبل ثقة، كما قال الطيالسي. وقال ابن معين وأبو داود والنسائي: " ليس به بأس ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". 753- عن أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُنْزِلَتْ عليَّ آنفاً سورةٌ "، فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم. إنا أعطيناك الكوثر ... ) حتى ختمها، قال: " هل تدرون ما الكوثر؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: " فإنه نهر وَعَدَنِيهِ رَئي عز وجل في الجنة ". (قلت: إسناده حسن. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وسيأتي في "السنة" ( ... ) [باب في الحوض] بإسناده وزيادة في متنه) .

123- باب من جهر بها

إسناده: حدثنا هَنادُ بن السٌرِيِّ: ثنا ابن فُضَيْل عن المختار بن فُلْفُل قال: سمعت أنس بن مالك يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ إلا أن في الختار بن فُلْفُل بعض الضعف، أشار إليه الحافظ بقوله: " صدوق له أوهام ". وقد وثقه أحمد وجماعة. والحديث أخرجه مسلم (2/13) من طريق محمد بن العلاء: أخبرنا ابن فضيل ... به. وأخرجه هو، وأبو عوانة (2/121- 122) ، والبيهقي (2/43) وغيرهم من طريق علي بن مسْهِرٍ عن المختار بن فُلْفُل ... به. وأبو عوانة عن سفيان عن الختار ... به؛ وزادا في متنه: " تَرد عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُة عددَ النُجومِ، فَيُخْتَلَجُ العبد منهم، فأقول: رب! إنه من أمتي! فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك ". واللفظ لابن مسهر. 123- باب من جهر بها 754- عن ابن عباس قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَعْرِفُ فصل السورة، حتى تنزل عليه: (بسم الله الرحمن الرحيم) .

(إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيّ وابن السرْحِ قالوا: ثنا سفيان عن عمروعن سعيد بن جبير- قال قتيبة- عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعمرو: هو ابن دينار. والحديث أخرجه البيهقي (2/42) من طريق المصنف. والحاكم (1/231) ، والبزار (3/4/21870) من طريقين آخرين عن سفيان ... به. والطحاوي في "مشكل الآثار" (2/153) من طريق ثالثة: حدثنا يونس: حدثنا سفيان ... به؛ ووقع في الأصل: (شفيق) مكان: (سفيان) ! وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وتابعه ابن جريج: ثنا عمرو بن دينار ... به نحوه. أخرجه الحاكم والبيهقي. وتابعه سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان جبربل إذا نزل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (بسم الله الرحمن الرحيم) ؛ علم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن السورة قد انقضت. أخرجه الطحاوي من طريق مُبَشِّر بن عبد الله عن سالم الأفظس ... به. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير مبشر بن عبد الله- وهو ابن رَزِين أبو بكر النَّيْسَابوري-؛ قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعدبل " (4/1/344) : " روى عن سفيان بن حسين. روى عنه الحسين بن منصور النيسابوري ".

124- باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث

قلت: ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً! وقد روى عنه عيسى بن سليمان أيضا، كما في هذا الإسناد- وهو أبو طَيْبَةَ الدارمي الجُرْجَاني-، ترجمه ابن أبي حاتم أيضا (3/278) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً! والحديث أخرجه الضياء في "المختارة" (61/ 252/ 1-2) 124- باب تخفيف الصلاة للأمر يَحْدث 755- عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أُطَوِّلَ فيها، فأسمع بُكاءَ الصَّبِيِّ، فأتَجوزُ؛ كراهِيَةَ أن أشُقَّ على أمهِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "، وابن حبان (2136)) . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: ثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من طريق بشر بن بكر. وعمر بن عبد الواحد متابع، وليس من رجاله، ولكنه ثقة. والحديث أخرجه البيهقي (3/118) من طريق المصنف. وهو، والنسائي (1/132) ، وأحمد (5/305) من طريق عبد الله بن المبارك: آبَنا الأوزاعي ... به. وعلقه البخاري عن بشر وابن المبارك وبقية عن الأوزاعي.

125- باب في تخفيف الصلاة

وأسنده (1/118- طبع النهضة) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي ... به. ورواه ابن ماجه (991) من طريق بشر بن بكر عن الأوزاعي ... به. 125- باب في تخفيف الصلاة 756- عن جابر قال: كان معاذٌ يصلِّي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يرجع فيَؤمُّنا- قال مرة: ثم يرجع فيصلي بقومه-؛ فأخَّرَ النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةً الصلاةَ- وقال مرةً: العشاءَ-، فصلى معاذ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم جاء يؤتمُ قومه، فقرأ البقرة، فاعتزل رجل من القوم فصلَّى، فقيل: نافقت يا فلان! فقال: ما نافقت. فآتَى رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن معاذاً يصلي معك، ثم يرجع فيَؤُمُّنا يا رسول الله! إنما نحن أصحاب نواضح، ونعمل بأيد ينا، وإنه جاء يؤمُّنا، فقرأ بسورة (البقرة) ؟! فقال: " يا معاذ! أفتان أنت؟! أفتان أنت؟! اقرأ بكذا، اقرأ بكذا ". قال أبو الزبير: بـ (سبح اسم ربك الأعلى) ، و (الليل إذا يغشى) . فذكر لعمرو؟ فقال: أراه قد ذكره. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن عمرو سمعه من جابر. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وعمرو: هو ابن دينار.

والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (3/8؟ 3) ... بهذا السند. وكذلك أخرجه الشافعي كما تقدم (613) . ومن طريقه: أخرجه البيهقي (3/85) . ثم أخرجه البيهقي، وكذا أبو عوانة في "صحيحه " (2/156) من طريق الحميدي قال: ثنا سفيان قال: ثنا عمرو بن دينار وأبو الزبير أنهما سمعا جابر بن عبد الله يقول ... فذكره، وفي آخره: قال سفيان: قال أبو الزبير: قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأب: (سبح اسم ربك الأعلى) ، (والسماء والطارق) ، (والسماء ذات البروج) ، (والشمس وضحاها) ؛ (والليل إذا يغشى) ، ونحوها ". فقلت لعمرو ... وتابعه محمد بن عباد: حدثنا سفيان ... به، وزاد في وسطه: فانحرف رجل فسلم، ثم صلى وحده ... وقال في آخره: فقلت لعمرو: إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال: " اقرأ ... " نحوه. أخرجه مسلم، والبيهقي (3/85) ، وقال: " لم يقل أحد في هذا الحديث: و (سلم) إلا محمد بن عباد ". قلت: وهو صدوق يهم؛ كما في "التقريب "؛ فلا تقبل زيادته على الثقات. وتابعه الليث بن سعد عن أبي الزبير ... به؛ ولفظه في آخره: " إذا أممت الناس؛ فاقرأ بـ: (الشمس وضحاها) و (سبح اسم ربك الأعلى) ، و (اقرأ باسم ربك) ، و (الليل إذا يغشى) ".

وأخرجه البخاري (1/118) من طريق محارب بن دِثارٍ: سمعت جابر بن عبد الله ... به نحوه. 757- عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل: " كيف تقول في الصلاة؟ ". قال: أتشهّد وأقول: اللهم! إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار. أما إني لا أحسن دَنْدَنَتَكَ ولا دنْدَنَةَ معاذ! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حولها ندندن ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وجهالة الصحابي لا تضر. والحسين بن علي: هو الجعْفِيُ. وزائدة: هو ابن قدَامة. وسليمان: هو الأعمش. وأبو صالح: هو ذَكْوان السَّمَّان والد سهيل. والحديث أخرجه أحمد (3/474) : ثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة ... به.

وتابعه جرير بن عبد الحميد عن الأعمش ... به، وسمّى الصحابي أبا هريرة. أخرجه ابن ماجه (1/294- 295) ، وابن حبان (514) . وله شاهد من حديث جابر. أخرجه البيهقي (3/116- 117) بإسناد صحيح؛ وفيه أن الرجل هو صاحب قصة معاذ المذكورة قبله. وقد أخرجه أحمد (5/74) عنه مع للقصة؛ وفيه أنه من بني سَلِمَة؛ يقال له: سليم. وإسناده صحيح أيضا. 758- عن جابر ... ذكر قصة معاذ؛ قال: وقال- يعني- النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف تصنع يا ابن أخي! إذا صليت؟ ". قال: أفرأ بفاتحة الكتاب، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، وإني لا أدري ما لَنْدَنَتُكَ ولا دَنْدَنَةُ معاذ؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني ومعاذاً حول هاتين؛ أو نحو هذا ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا يحيى بن حبيب: ثنا خالد بن الحارث: ثنا محمد بن عجلان عن عبيد الله بن مِقْسَم عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج

لابن عجلان متابعةً. والحديث أخرجه البيهقي (3/116- 117) من طريق المصنف ... بأنم مما هنا. 759- عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا صلى أحدكم للناس فليخفِّف؛ فإن فيهم الضعيف والسقيمَ والكَبيرَ، وإذا صلى لنفسه؛ فليطوِّل ما شاء ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذ اأبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين. والحديث في "الموطأ" (1/154) ... بهذا الإسناد. ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/118) أيضا، والنسائي (1/132) ، والبيهقي (13/17) ، وأحمد (2/486) ، وأبو عوانة (2/88) . وأخرجه مسلم (2/43) ، والترمذي (2/461) ، والبيهقي من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحِزَامي عن أبي الزناد ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (2/256 و 271 و 317 و 393 و 472 و486 و 502 و 525 و 537) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... نحوه. وبعضها عند المصنف باللفظ الآتي بعده. وفي لفظ لأحمد (2/472) :

" تَجَوَّزوا في الصلاة؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ". وإسناده على شرط الشيخين. وأخرجه أبو نعيم أيضا (7/364) ، والخطيب في "التاريخ " (7/415- 416) . وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً به. أخرجه الطبراني (2/3/157) ، وعنه الضياء في "المختارة" (60/222/1) ؛ ورجاله ثقات. وآخر عن أبي مسعود: عند أبي نعيم (4/218) . وأصله في "الصحيحين "، وغيرهما كأحمد (4/118 و 119 و 5/273) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/206- 208) ؛ وفيه أن الصلاة كانت صلاة الغداة، ولم يُسَمِّ الإمام. فهي قصة غير قصة معاذ؛ لأنها كانت في صلاة الفجر. وأكد الحافظ ذلك، فقال- تحت حديث أبي مسعود (2/198) -: " ووهم من فسرَ الإمام البهم هنا بمعاذ! بل المراد به أُبي بن كعب؛ كما أخرجه أبو يعلى- بإسناد حسن- من رواية عيسى بن جارية- وهو بالجيم- عن جابرقال: كان أُبيّ بن كعب يصلي بأهل قباء، فاستفتح سورة طويلة، فدخل معه غلام من الأنصار ... " إلخ. قلت: عيسى بن جارية مختلف فيه، وهو وسط، كما قال الذهبي في "الميزان ". وقال الحافظ في "التقريب ": "فيه لين ".

فلا تقبل زيادته على حديث "الصحيحين " وغيرهما من طرق عن جابر وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1/328- 331) ، ومنها الحديث المتقدم برقم (758) وحديث عيسى في "مسند أبي يعلى" (3/333 و 334- 335) . ومن ضعف التخريج والتحقيق: أن المعلق عليه قال- بعد أن ضغف عيسى-: " ولكن يشهد له حديث أبي مسعود البدري في "الصحيحين " ... "! فلم يتنبّه لكون المشهود له فيه زيادة ليست في الشاهد، وهي ذكر (أُبي) و (قباء) ! وتبعه على ذلك: المعلق على " المقصد العَلِى" (1/146) ؛ وهو ظِفهُ! 760- وعنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن فيهم السقيم، والشيخ الكبير، وذا الحاجة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/271) : ثنا عبد الرزاق ... به. ثم أخرجه (2/502) من طريق محمد عن أبي سلمة وحده. وهو في "الصحيحين " وغيرهما من طريق الأعرج عن أبي هريرة ... نحوه؛

126- باب ما جاء في نقصان الصلاة

وهو الذي في الكتاب قبله. وله طرق أخرى عنه؛ أشرت إليها هناك. 126- باب ما جاء في نقصان الصلاة 761- عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الرجل لينصرف؛ وما كتبَ إلا عُشُرُ صلاتِهِ، تُسُعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثلُثُها، نِصْفها ". (قلت: حديث حسن. وأخرجه أحمد بإسناد صححه الحافظ العراقي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد عن بكر بن مضر عن ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِيِّ عن عمر بن الحكم عن عبد الله بن عَنَمَةَ المزني عن عمار بن ياسر. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان عبد الله بن عَنَمَةَ صحابيّاً؛ فقد أثبتها له بعضهم؛ فقال ابن يونس في "تاريخ مصر": " عبد الله بن عَنَمَةَ المزني: صحابي شهد فتح الإسكندرية ". وقال ابن منده: " له صحبة، ولا تعرف له رواية ". يعني: عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلا ينافي أن له رواية عن غيره عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في هذا الإسناد- خلاقاً لما ذهب إليه الحافظ! وبقية رجاله ثقات. والحديث أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/30) ، والبيهقي (2/281) ، وأحمد (4/321) من طرق عن ابن عجلان ... به. وقال البيهقي:

" هكذا رواه ابن عجلان عن سعيد المقبري. ورواه عبيد الله بن عمر عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه: أن عمار بن ياسر صلى ركعتين، فقال له عبد الرحمن بن الحارث: يا أبا اليقظان! أراك قد خففتها. ورواه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عمر بن الحكم ابن توبان عن أبي لامميص الخُزَاعي قال: دخل عمار بن ياسر ... فذكره. ورواه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمر بن الحكم عن أبي اليَسَرِ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف، والثلث، والربع، والخمس " حتى بلغ العشر. رواه خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه ". قلت: ويتلخص من كلام البيهقي: أنه قد اضْطُرِبَ في إسناد هذا الحديث على سعيد المقبري وغيره على وجوه كثيرة: الأول: عن سعيد عن عمر عن الحكم بن ثوبان عن عبد الله بن عَنَمَةَ عن عمار: رواه ابن عجلان عنه. الثاني: عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ... مرفوعاً: رواه سعيد بن أبي هلال عنه. الثالث: عن سعيد عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه

أن عمار بن ياسر ... رواه عبيد الله عنه. قلت: وهذا؛ وصله الإمام أحمد (4/319) : تنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله ... به. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/154) : " إسناده صحيح "! كذا قال! وعمر بن أبي بكر هذا لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جمع، ثم هو مضطرب كما ترى. وقد أخرجه الطيالسي في "مسنده " (650) : ثنا العمري قال: ثني سعيد المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي قال: رأيت عمار بن ياسر صلى ركعتين ... فأسقط من الإسناد: عمر بن أبي بكر! لكن العمري- وهو عبد الله بن عمر المكبر- ضعيف. الرابع: عن عمر بن الحكم أيضا عن أبي لاس الخزاعي: دخل عمار ... رواه ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عنه. الخامس: عن ابن الحكم أيضا عن أبي اليَسَرِ ... مرفوعاً: رواه سعيد بن أبي هلال عنه. قلت: وهذا؛ عزاه المنذري في " الترغيب " (1/184) للنسائي! والظاهر أنه يعني: "سننه الكبرى"؛ فإني لم أره في "الصغرى" له، ولا عزاه إليه النابلسي في " الذخائر"! وأخرجه الطحاوي (2/31) . ولعل أرجح هذه الوجوه: الوجه الثالث؛ لاتفاق عبيد الله وعبد الله العمريين

127- باب القراءة في الظهر

عليه؛ إلا أن المكبر منهما لم يذكر في السند: عمر بن أبي بكر، وأثْبته عبيد الله، وهو ثقة ثبت، فروايته أرجح، والسند حسن، وقد صححه العراقي كما سبق. والله أعلم. 127- باب القراءة في الظهر 762- عن أبي هريرة قال: في كل صلاة يُقرأ؛ فما أسْمَعَنا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! أسمَعْناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري وابن حبان (1778) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قيس بن سعد وعمارة بن ميمون وحبيب عن عطاء بن أبي رباح أن أبا هريره قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير عمارة ابن ميمون، فهو مجهول، ولا يضر ذلك؛ فإنه مقرون مع قيس بن سعد وحبيب - وهو العلم-. والحديث أخرجه أحمد (2/416) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به؛ إلا أنه لم يذكر: عمارة بن ميمون. وأخرجه مسلم (2/10) ، وأبو عوانة (2/125) من طريق حبيب المعلم وحده؛ وزاد في آخره: " ومن قرأ بأُم الكتاب؛ فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل ".

ثم أخرجاه، وكذا البخاري (1/127) ، والنسائي (1/153) ، والبيهقي (2/61) ، وأحمد (2/258 و 273 و 285 و 301 و 308 و 348 و 411 و 435 و443 و 446 و 487) من طرق عن عطاء ... به. 763- عن أبي قتادة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر- في الركعتين الأُولَيَيْن- بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحياناً، وكان يطوِّل الركعة الأولى من الظهر، ويقصِّر الثانية، وكذلك الصبح وفي رواية عنه ببعض هذا وزاد: في الأخريين بفاتحة الكتاب ... وزاد همام: وكان يطوِّل في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية، وهكذا في صلاة العصر، وهكذا في صلاة الغداة (1) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") .

_ (1) إسنادها: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا همام وأبان بن يزيد العطارعن يحيى عن على الله بن أبي قتادة، عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مسلم (2/37) ، وأبو عوانة (2/51) ، والنسائي (1/153) ،والدارمي (2/296) ، والبيهقي (2/63) من طرق أخرى عن يزيد بن هارون ... به؛ إلا أن الدارمي لم يذكر في إسناده: أبان بن زيد العطار. وعكسَ ذلك النسائيُ. وأخرجه البخاري (2/128- 129) ، والبيهقي (2/65- 66 و 193) من طرق أخرى عن همام بن يحيى وحده.

وفي رواية أخرى عنه قال: فظننَّا أنه يريد بذلك أن يُدرك الناسُ الركعةَ الأولى " (1) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن هشام بن أبي عبد الله. (ح) قال: وثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عدي عن الحجاج- وهذا لفظه- عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة- قال ابن الثنى- وأبي سلمة- تم اتفقا- عن أبي قتادة. قال أبو داود: " ولم يذكر مسدد: فاتحة الكتاب وسورة ". قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ مسدد- وهو ابن مسرهد- من شيوخ البخاري. وابن المثنى- واسمه محمد- من شيوخ الشيخين. وكذلك سائر الرواة. والحديث أخرجه مسلم (2/37) : حدثنا محمد بن المثنى ... به. وأخرجه البخاري (1/126 و 129) ، وأبو عوانة (2/151) ، والنسائي (1/153) ، والبيهقي (2/65 و 347) من طريقين آخرين عن هشام ... به. ثم أخرجوه، وكذا الدارمي (2/296) ، والبيهقي (2/59 و 63 و 65- 66 و 193 و348) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أ أبيه.

_ (1) إسنادها: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (2/66) من طريق المصنف. وأخرجه ابن حبان (1852) من طريق سفيان عن معمر ... به.

764- عن أبي معمر قال: قلنا لِخَبابٍ: هل كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلنا: بِمَ كنتم تعرفون؟ قال: باضطراب لحيته. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن عمَارة بن عمير عن أبي معمر. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ لولا أن عبد الواحد متكلم فيه في روايته عن الأعمش خاصة! ففي "الخلاصة". " قال أبو داود الطيالسي: وصل أحاديث أرسلها الأعمش. وقال ابن معين: ثقة. وفي رواية: ليس يشيء. وقال القطان: لا يَعْرِف من حديث الأعمش حرفاً. قال الحافظ أبو الفضل: يعني: لا يحفظه؛ وإلا فحديثه عنه في (خ م) ، وهو صاحب كتاب. وقال الحافظ في "التقريب ": " ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال ". قلت: لكنه قد توبع- كما يأتي-؛ فالحديث مما حفظه عن الأعمش. والحديث أخرجه البخاري (2/126) ، والبيهقي (2/37 و 54) من طرق أخرى عن الأعمش ... به، وقال البيهقي- عقبه في الموضع الثاني المشار إليه-: " مخرج في "الصحيحين " من حديث الأعمش. وفيه دليل على أنه لا بد من أن يحَرِّكَ لسانه بالقراءة "! قلت: لم يخرجه مسلم؛ فهو من أفراد البخاري!

128- باب تخفيف الأخريين

128- باب تخفيف الأُخْرًييْنِ 765- عن جابر بن سمرة قال: قال عمر لسعد: قد شَكَاكَ الناسُ في كلِّ شيء؛ حتى في الصلاة؟! قال: أمَّا أنا، فآمُدً في الأُولَيَيْنِ، وأحْذِفُ في الأخْرييْنِ، ولا آلُو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: ذاك الظن بك! (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن محمد بن عبيد الله أبي عون عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إساد صحيح على شرط البخاري؛ وحفص بن عمر: هو أبو عمر الحَوْضِي. والحديث أخرجه الطيالسي (94/1/414- ترتيبه) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه البخاري (2/127) ، ومسلم (2/38) ، وأبو عوانة (2/150) ، والنسائي (1/155) ، والبيهقي (2/65) ، وأحمد (1/175) من طرق عن شعبة ... به. وتابعه عبد الملك بن عمير عن جابر: عند مسلم وأبي عوانة والبيهقي وأحمد (1/176 و 179 و 180) .

129- باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

766- عن أبي سعيد الخدري قال: حَزَرْنَا قيام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الظهر والعصر؛ فحزرنا قيامه في الركعتين الأُولَيَيْنِ من الظهر: قَدْرَ ثلاثين آية، قَدْرَ (الم. تنزيل) السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين: على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر: على قدر الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر: على النصف من ذلك. (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثا عبد الله بن محمد- يعني: النفيلي-: ثنا هُشَيْم: أخبرنا منصور عن الوليد بن مسلم الهُجَيْمِي عن أبي الصئدِّيق الناجي عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم؛ سوى النفيلي؛ فهو من رجال البخاري. والحديث أخرجه مسلم (2/37) ، وأبو عوانة (2/152) ، والدارمي (1/295) ، والبيهقي (2/64) من طرق أخرى عن هشيم ... به. ثم أخرجوه من طريق أبي عوانة عن منصور بن زاذان ... به نحوه. 129- باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر 767- عن جابر بن سمرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في الظهر والعصرب: (السماء والطارق) و (السماء ذات البروج) ؛ ونحوهما من السور ".

(قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سِمَاك بن حرب عن جابر ابن سَمرة. قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير أن سماكاً مضطرب الرواية عن عكرمة خاصة، وهذه ليست منها؛ إلا أنه كان قد تغير بأخرة، فكان ربما ئلَقَن، كما في "التقريب "؛ لكن سيأتي أن شعبة قد روى هذا الحديث عنه، وهو سمع منه قبل التغيُر؛ قالحديث صحيح. قال يعقوب: " وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح، وليس من المتثبتين، ومن سمع منه قديماً مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه صحيح مستقيم ". والحديث أخرجه النسائي (1/153) ، والترمذي (2/110- 111) ، والدارمي (1/295) ، والبيهقي (2/391) ، والطيالسي (1/93/457) ، وأحمد (5/103 و106 و 108) من طرق عن حماد بن سلمة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه شعبة عن سماك ... به نحوه، وهو الذي بعده. 768- وعنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دَحَضَتِ الشمس صلى الظهر، وقرأ بنحو من (والليل إذا يغشى) ، والعصرَ كذلك، والصلوات؛ إلا الصبح؛ فإنه كان يطيلها. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في

"صحيحيهما" مختصراً) إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن سماك سمع جابر ابن سمرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وشعبة سمع من سماك قديماً، كما سبق في الذي قبله. والحديث أخرجه مسلم (2/40) ، وأبو عوانة (2/150) ، والنسائي (1/153) ، وأحمد (5/86 و88 و 108) ، والطيالسي (93/1/408) من طرق أخرى عن شعبة ... نحوه مختصراً؛ دون ذكر الشمس والصلوات. 769- عن عبد الله بن عبيد الله قال: دخلت على ابن عباس- في شباب من بني هاشم-، فقلنا لشاب منا: سَلِ ابنَ عباس: أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا، لا. فقيل له: فلعلّه كان يقرأ في نفسه؟ فقال: خَمْشاً! هذه شر من الأولى، كان عبداً مأموراً؛ بلغًّ ما أُرسل به، وما اخَتَصَنا دون الناس بشيء؛ إلا بثلاثِ خِصالٍ: آمَرَنا أن نُسْبغَ الوضوءَ، وأن لا نأكلَ الصدقةَ، ولا نُنْزِيَ الحمارَ على الفَرَسِ. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي مختصراً؛ وقال: " حديث حسن صحيح ") إسناده: حدثنا مسدد ثنا: عبد الوارث عن موسى بن سالم: ثنا عبد الله بن عبيد الله.

130- باب قدر القراءة في المغرب

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ عْير موسى بن سالم - وهو أبو جهضم مولى آل العباس-، وهو ثقة اتفاقاً. والحديث أخرجه النسائي (2/121) ، والترمذي (3/31) ، وأحمد (1/249) من طرق أخرى عن موسى بن سالم ... به؛ وليس عند الترمذي ما قبل: وكان عبد اً ... ، وقال: " حديث حسن صحيح ". 770- وعنه قال: لا أدري؛ أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا هُشَيْم: أخبرنا حُصَيْنٌ عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (1 / 249 و 258) من طرق أخرى عن هشيم ... به. 130- باب قدر القراءة في المغرب 771- وعنه: أن أم الفضل بنت الحارث س معخه وهو يقرأ: (والمرسلات عرفاً) ، فقالت: يا بني! لقد ذكرْتَني بقراءتك هذه السورة؛ إنها لآخر ما سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بها في المغرب.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ والقعنبي: اسمه عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب، ثقة عابد؛ كان ابن معبن وابن المديني لا يقدمان عليه في "الموطأ " أحداً. والحديث في "الموطأ" (1/99- 100) ... بهذا السند واللفط. ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/126) ، ومسلم (2/40- 41) ، وأبو عوانة (2/153) ، وأحمد (6/340) كلهم عن مالك ... به. وتابعه جماعة عن ابن شهاب ... مختصراً. أخرجه النسائي (1/154) ، والترمذي (2/112) ، والدارمي (1/296) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه أنس بن مالك عن أم الفضل بنت الحارث قالت: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته المغرب؛ فقرأ (المرسلات) ؛ ما صلى بعدها صلاة حتى قُبِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخرجه النسائي، وأحمد (6/338- 339) . وإسناده صحيح على شرط مسلم.

772- عن جُبَيْر ِبن مطْعِمٍ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بـ (الطُّورِ) في المغرب. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن خبَيْرِ بن مطْعِمً عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كالذي قبله. والحديث في "الموطأً" (1/99) ... بهذا الإسناد والمتن. ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/126) ، ومسلم (2/41) ، وأبو عوانة (2/154) ، والنسائي (1/154) ، وأحمد (4/85) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه البخاري (6/116) ، ومسلم وأبو عوانة، والدارمي (1/296) ، والبيهقي (2/193 و 194) ، وأحمد (4/80 و 83 و 84) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وله في "المسند" (4/83) طريق أخرى عن جبير بن مطعم. 773- عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في المغرب بِطُولى الطولَيَيْن؟! قال: قلت: ما طُولى الطوليين؟ قال:

(الأ عراف) والأ خرى (الأ نعام) . قال: وسأًلت أنا ابن أبي مليكة؟ فقال لي من قبل نفسه: (المائدة) و (الأعراف) ! (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " مختصراً) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج: حدثني ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مروان بن الحكم؛ فعلى شرط البخاري وحده، ولكنه متكلم فيه؛ أورده الذهبي في "الميزان "، وقال: " وله أعمال موبقة، نسأل الله السلامة! رمى طلحة بسهم، وفعل وفعل ". وقال الحافظ في "التهذيب ": " وعاب الإسماعيلي على البخاري تخريج حديثه، وعدَّ من موبقاته: أنه رمى طلحة- أحد العشرة- يوم الجمل، وهما جميعاً مع عائشة، فقتل، ثم وثب على الخلافة بالسيف. واعتذرتُ عنه في (مقدمة شرح البخاري) ". قلت: وخلاصة ما ذكره في "المقدمة" (2/164) : " أن البخاري إنما أخرج له أحاديث من رواية جماعة عنه، منهم عروة بن الزبير لما كان أميراً عندهم بالمدينة، قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزبير ما بدا. والله أعلم ". قلت: على أن وجود مروان هذا في إسناد الحديث لا يضر؛ لأنه ثبت سماع

عروة بن الزبير له من زيد بن ثابت، وله شاهد من حديث عائشة، كما يأتي قريباً. والحديث أخرجه أحمد (5/189) : ثنا عبد الرزاق وابن أبي بكر قالا: أنا ابن جريج ... به؛ وفيه: قال: قلت لعروة: ما طولى ... ثم أخرجه هو (5/188) ، والنسائي (1/154) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وتابعه هشام بن عروة عن أبيه عن مروان بن الحكم ... به نحوه. أخرجه أحمد (5/187) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام ... به وخالفه يحيى بن سعيد فقال: عن هشام قال: أخبرني أبي: أن زيد بن ثابت أو أبا أيوب قال لمروان ... أخرجه أحمد (5/185) . وقال حماد: عن هشام عن أبيه: أن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة (يس) . قال عروة: قال زيد بن ثابت - أو أبو زيد الأنصاري؛ شك هشام- لمروان ... الحديث. أخرجه الطحاوي (1/124- 125) . فلم يذكر يحيى بن سعيد وحماد بن سلمة: مروان بن الحكم بين عروة وزيد. فالظاهر أنه قد تلقاه من زيد مباشرة! ويؤيده رواية أبي الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يقول: أخبرني زيد بن ثابت:

131- باب من رأى التخفيف فبها

أنه قال لمروان بن الحكم ... أخرجه الطحاوي هكذا، والنسائي نحوه. قال الحافظ في "الفتح ": " فكأن عروة سمعه من مروان عن زيد، ثم لقي زيداً فأخبره ". ويشهد له حديث عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في صلاة المغرب بسورة (الأعراف) ؛ فرّقها في ركعتين. أخرجه النسائي بسند صحيح، وكذا البيهقي (2/392) . 131- باب من رأى التخفيف فبها 774- عن هشام بن عروة: أن أباه كان يقرأ في صلاة المغرب بنحو ما تقرأُون (والعاديات) ونحوها من السور. (قلت: هذا مقطوع، وإسناده صحيح على شرط مسلم) . قال أبو داود: " هذا يدل على أن ذاك منسوخ "! إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا هشام بن عروة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ ولكنه مقطوع موقوف على عروة؛ وحماد: هو ابن سلمة. ويشهد له حديث أبي هريرة:

132- باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الغرب بقصار المُفَصَّلِ. أخرجه الطحاوي (1/126) ، والبيهقي (2/391) من طريق الضَّحُّاك بن عثمان قال: حدثني بُكَيْرُ بن الآشَبئَ عن سليمان بن يسار عنه. وهذا إسناد صحيح. ولا تعارصْ بينه وبين الأحاديث التي في الباب قبله؛ خلافاً لقول المصنف الآتي بأن ذلك منسوخ! فأين دليل النسخ. أ! بل الصواب: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ تارة بهذا، وتارة بهذا. وقد أشار إلى ذلك البيهقي؛ فإنه عقد باباً- بعد حديث أبي هريرة- فقال: " باب مَنْ لم يُضَيِّقِ القراءة فيها بأكثر مما ذكرنا ... "، ثم ساق حديث جبير ابن مطعم وأم الفضل وزيد بن ثابت الذكور في الباب قبله. والحديث أخرجه البيهقي (2/392) من طريق المصنف. 132- باب الرجل يُعِيدُ سورة واحدة في الركعتين 775- عن معاذ بن عبد الله الجُهَنِيِّ: أن رجلاً من جُهَيْنَةَ أخبره: أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ يقرأ في الصبح: (إذا زلزت الأرض) في الركعتين كلتبهما؛ فلا أدري؛ أنسي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أم قرأ ذلك عمداً؟! (قلت: إسناده حسن، وصححه النووي) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا أبن وهب: أخبرني عمرو عن ابن أبي هلال عن معاذ بن عبد الله الجُهَنِيِّ. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير معاذ بن

133- باب القراءة في الفجر

عبد الله الجهني، وهو ثقة تكلم فيه بعضهم، وقال الحافظ: " صدوق ربما وهم لما. وابن أبي هلال- واسمه سعيد- وإن احتج به الشيخان؛ فقد رمي بالتخليط؛ قال الحافظ في "مقدمة الفتح " (2/131) : " وثقه ابن سعد والعجلي وأبو حاتم وابن خزيمة والدارقطني وابن حبان وآخرون. وشذَّ الساجي؛ فذكره في "الضعفاء"، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: ما أدري أي شيء حديثه؟ يخفَط في الأحاديث. وتبع ابنُ حزم الساجي؛ فضعف سعيد بن أبي هلال مطلقاً! ولم يصب في ذلك. والله أعلم، احتج به الجماعة " والحديث أخرجه البيهقي (2/390) من طريق أبي داود. وقال النووي في "المجموع " (3/382) : " إسناده صحيح "! 133- باب القراءة في الفجر 776- عن عمرو بن حُريث قال: كأنِّي أسمع صوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ّ يقرأ في صلاة الغداة: (فلا أقسم بالخُئسِ. الجَوَارِ الكُنَّسِ) . (قلت: حديث صحيح. أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن آصْبَغَ مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أصبغ هذا، وهو

134- باب من ترك القراءة في صلاته ب (فاتحة الكتاب)

ثقة، ولكنه تعْير بآخره، حتى كُبِّلَ بالحديد، كما قال ابن حبان! وإسماعيل: هو ابن أبي خالد. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/272) من طريق ابن نُمَيْرٍ: ثنا إسماعيل بن أبي خالد ... به. وأخرجه مسلم (2/39) ، وأبو عوانة (2/159) ، والبيهقي (2/388) ، وأحمد (4/306- 307) من طريق الوليد بن سَرِبعُ عن عمرو بن حريث ... بمعناه. وأحمد (4/307) من طريق الحَجَّاج المُحَاربي عن أبي الأسود عن عمرو بن حريث ... به مثل لفظ الكتاب. وهذا سند جيد في المتابعات. 134- باب من ترك القراءة في صلاته ب (فاتحة الكتاب) 777- عن أبي سعيد قال: أمِرْنا أن نقرأ بـ ِ: (فاتحة الكتاب) وما تَيَسَّرَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (1787) ، والحافظ ابن حجر) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص " (1/222- مصر) :

" إسناده صحيح ". والحديث أخرجه أحمد (3/45) قال: تنا بهز وعفان قالا: ثنا همام ... به؛ إلا أنه قال: أمرنا نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وتابعه أبو سفيان السعدي عن أبي نضرة ... به مرفوعاً؛ بلفظ: " لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة ب: {الحمد لله} وسورة؛ في فريضة أو غيرها". أخرجه ابن ماجه (839) . والسعدي هذا ضعيف، واسمه: طَرِيفُ بن شهاب. 778- عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اخرج فنادِ في المدينة: أنه لا صلاة إلا بقرآن؛ ولو بـ (فاتحة الكتاب) ، فما زاد ". (وفي رواية قال: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أنادي: " لا صلاة إلا بقراعة (فاتحة الكتاب) ، فما زاد ") (قلت: حديث صحيح باللفظ الثاني، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرج مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" معناه عن عبادة بن الصامت. ويأتي في الكتاب بعد حديث) إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن جعفر بن

ميمون البصري ثنا أبو عثمان النهدي قال: حدثني أبو هريرة ... به. ثم قال أبو داود: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى: ثنا جعفر عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال ... فذكره بالرواية الثانية. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر بن ميمون البصري؛ قال أحمد: " ليس بقوي في الحديث ". وقال ابن معين: " ليس بذاك ". وقال في موضع آخر: " صالح الحديث ". وقال مرة: " ليس بثقة ". وقال أبو حاتم: " صالح ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وقال الدارقطني: " يعتبر به ". وقال ابن عدي: " لم أر أحاديثه منكرة، وأرجو أنه لا بأس به، ويكتب حديثه في الضعفاء ". وقال البخاري: "ليس يشيء". قلت: ويتلخص من هذه الكلمات: أن الرجل في نفسه صدوق، لكنه ضعيف الحفظ. ولذلك قال الحافظ: " صدوق يخطئ ".

فمثله يستشهد به. والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 4) ، والدارقطني (ص 121 - 122) ، والحاكم (1/239) من طريق يحيى بن سعيد القظان ... به. وقال الحاكم: " حديث صحيح لا غبار عليه؛ فإن جعفر بن ميمون العبدي من ثقات البصريين، ويحيى بن سعيد لا يحدث إلا عن الثقات "! كذا قال، ووافقه الذهبي! والحق: أن الحديث صحيح يشاهده الذي قبله. وله شاهد آخر عن عبادة بن الصامت ... مرفوعاً: " لا صلاة لمن لم يقرأ باًمِّ القرآن فصاعداً ". أخرجه مسلم (2/9) ، وأبو عوانة (2/124) ، والنسائي (1/145) ، والبيهقي (2/374) . وأخرجه ابن حبان (453) من طريق أخرى عن عيسى بن يونس عن جعفر ابن ميمون ... باللفظ الثاني؛ فهو المحفوظ. 779- عن أبي السائب مولى هشام بن زُهْرة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأم القرآن؛ فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ فهي خِداجٌ، غير تمام ". قال: فقلت: يا أبا هريرة! إني أكون أحياناً وراء الإمام؟!

قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسي! في نفسك؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين؛ فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل ". قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأوا؛ يقول العبد: (الحمد لله رب العالمين) ، يقول الله: حَمِدني عبدي. يقول: (الرحمن الرحيم) ، يقول الله عز وجل: أثنى عليَّ عبدي. يقول العبد: (مالك يوم الدين) ، يقول الله عز وجل: مَجَّدني عبدي. يقول العبد (إياك نعبد وإياك نستعين) ، يقول الله: وهذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد: (اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ، يقول الله: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل!. (إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (1781) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زُهْرة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح؛ على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي. والحديث عند مالك في "الموطأ" (1/106- 107) ... بهذا الإسناد. وأخرجه عنه: مسلم (2/9- 10) ، وأبو عوانة (2/126) ، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص 74) ، والنسائي (1/144- 145) ، وأحمد (2/460) كلهم عن

مالك ... به. وأخرج مسلم وأبو عوانة، والبخاري في "جزاء القراءة (ص 19) من طرق أخرى عن العلاء ... به. وكذلك أخرجه الترمذي (4/66) - وقال: " حديث حسن "-، وأحمد (2/241 و 250 و 285) ، وابن ماجه (838) . 780- عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ بـ (فاتحة الكتاب) فصاعداً ". قال سفيان: لمن يصلي وحده. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وليس عنده ولا البخاري: " فصاعداً ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وابن السرح قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت. قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو على شرط الشيخين من طريق قتيبة، وعلى شرط مسلم من طريق ابن السرح- واسمه أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح-. وقد أخرجاه- كما يأتي- من طرق عن سفيان- وهو ابن عيينة- دون قوله: " فصاعداً ". وأراه هو المحفوظ؛ فقد أخرجه سائر الأئمة في كتبهم عن بضعة عشر حافظاً

كلهم عن سفيان؛ بدون هذه الزيادة. حتى لقد ألقي في نفسي أنها خطأ من بعض النساخ لهذا الكتاب؛ لولا أني رأيتها في "مختصر السنن " للمنذري. وإليك أسماءَ الرواة الذين وقفت على روايتهم للحديث بدون الزيادة، مع ذكر مصادرها: 1- الإمام أحمد في "مسنده " (5/314) : ثنا سفيان بن عيينة. 2- الحميدي في "مسنده " (1/191/386) : ثنا سفيان ... به. ومن طريقه: أبو عوانة (2/124) . 3- علي بن المديني: حدثنا سفيان ... به: أخرجه البخاري عنه (2/125) . 4- الحجاج بن مِنْهال: ثنا سفيان ... به: أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (4) . 5- أبو بكر بن أبي شيبة. 6- عمرو بن الناقد.! جميعاً: مسلم (2/8- 9) . 7- إسحاق بن إبراهيم. ثلاثتهم عن سفيان ... به: أخرجه عنهم جميعا عن مسلم (2/8-9) 8- محمد بن منصور عنه: أخرجه النسائي (1/145) عنه. 9- محمد بن يحيى بن أبي عمر المكي العدني 10- علي بن حجر. أخرجه الترمذي (2/25) . 11 - هشام بن عمار. 12- سهل بن أبي سهل 13- إسحاق بن إسماعيل. أخرجه ابن ماجه (1/276) عنهم قالوا: ثنا سفيان ... به.

14- سَوَّار بن عبد الله العنبري. 15- عبد الجبار بن العلاء. 16- محمد بن عمرو بن سليمان. 17- زياد بن أيوب. 18- الحسن بن محمد الزعفراني. أخرجه الدارقطني (122) عن ابن صاعد عنهم جميعاً: ثنا سفيان. واخرجه البيهقي (2/38) عن الزعفراني وحده قلت: فكل هؤلاء- وفيهم كبار الأئمة والحفاظ- لم يقولوا عن سفيان: " فصاعداً "! فذلك يدل دلالة قاطعة على أن هذه الزيادة غير محفوظة عنه؛ فلا أدري ممن الوهم؟ آمِنْ بعض رواة كتاب "السنن "؟! أم من المؤلف؟! أم من شيخيه: قتيبة بن سعيد وابن السرح؟ اوالاحتمال الأول هو الأقرب، ثم ... وثم ... نعم؛ قد روى هذه الزيادة: معمر عن الزهري، وهي معروفة به: أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي، والبيهقي (2/374) ، وأحمد (4/322) من طرق عن عبد الرزاق عنه. وقد أشار البخاري إلى أنها شاذة، فقال في "جزء القراءة" (ص 4) : " وعامة الثقات لم تتابع معمراً في قوله: "فصاعداً"؛ مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب. وقوله: "فصاعداً " غير معروف ". قلت: ومن هؤلاء الثقات الذين أشار إليهم البخاري: صالح بن كَيْسَان: عنده في "الجزء" (3) ، وكذا مسلم، وأبي عوانة، وأحمد (4/421) . ويزيد بن يونس: عندهم جميعاً- ما عدا أحمد-، وعند البيهقي أيضا (2/61) ، وكذا الدارمي (1/283) . وذهل الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح "؛ فلم يَعز هذه الزيادة لسلم؛ خلافاً لصنيعه في "التلخيص "، وقال:

" قال ابن حبان: تفرد بها معمر عن الزهري ". قلت: لكن يشهد لها حديث أبي سعيد التقدم (777) ، وكذا حديث أبي هريرة بعده. 781- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: " هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟ ". فقال رجل: نعم يا رسول الله! قال: " إني أقول: ما لي أنازعَ القرآن؟! ". قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما جهر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقراءة من الصلوات؛ حين سمعوا ذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أُكَيْمَةَ الليْثِيِّ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أكيمة - واسمه عمارة، وقيل: عمار، وقيل غير ذلك- وهو ثقة، ولو لم يرو عنه غير الزهري؛ فقد قال أبو حاتم: " صحيح الحديث، حديثه مقبول " (1) . وقال يحيى بن سعيد:

_ (1) كذا في كتاب ابنه (3/362) . وفي "التهذيب ": " صالح الحديث مقبول ".

" ثقة ". وقال ابن معين: " كفاك قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب "؛ يعني: الرواية الثانية في الكتاب. قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة لابن أكيمة مقدم على تجهيل من جهله؛ لأن من وثقه معه من العلم ما ليس عند من جَهله. ولذلك جزم الحافظ في "التقريب " بأنه: "ثقة". فلا التفات بعد ذلك إلى إعلال من أعل الحديث بالجهالة، كما فعل البيهقي، وهو معارض بتصحيح وتحسين غيره كما يأتي! والحديث في "موطأ مالك " (1/108) ... بهذا السند واللفظ. وقد أخرجه من طريقه: البخاري في "جزء القراءة " (ص 24 و 56- 57) ، والنسائي (1/146) ، والترمذي (2/118- 119) ، والطحاوي (1/127- 128) ، وابن حبان (454) ، والبيهقي (2/157) ، وأحمد (2/301- 302) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". وقال المصنف عقبه: " روى حديث ابن أكيمة هذا: معمر، ويونس، وأسامة بن زيد: عن الزهري ... على معنى مالك ". قلت: حديث معمر؛ وصله أحمد (2/284) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري ... به. ووصله ابن ماجه (1/276) من طريق عبد الأعلى: ثنا معمر ... به، إلا أنه قال:

فسكتوا- بعد- فيما جهر فيه الإمام. وحديث يونس؛ وصله البخاري في "جزئه ": ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا الليث قال: ثني يونس عن ابن شهاب ... به؛ وزاد- بعد قوله: فيما جهر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وفرأوا في أنفسهم سرّاً فيما لا يجهر فيه الإمام. وأما حديث أسامة بن زيد؛ فلم أقف الآن على من وصله! وبالجملة؛ فقد اتفق الإمام مالك ومعمر ويونس وأسامة على سياق الحديث بهذا التمام؛ على اختلاف فيه على معمر، يأتي بيانه في الكلام على الرواية الآتية في الكتاب. وخالفهم آخرون؛ فلم يذكروا قوله في آخره: قال: فانتهى الناس عن القراءة ... وبعضهم جعلها من قول الزهري. وبعضهم من قول معمر. وفي رواية عنه قال: (*) صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة- نظن أنها الصبح- ... بمعناه إلى قوله: " ما لي أُنازَع القرآن ". قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،! ... وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة:

_ (*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله- دون رقم، ولعله تعمد ذلك. (الناشر)

فانتهى الناس ... وقال عبد الله بن محمد الزهري- من بينهم-: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها! فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس. (إسناده صحيح؛ وقوله: فانتهى الناس ... هو موصول أيضا من قول أبي هريرة. وقول من قال: قال معمر، أو: قال الزهري ... إنما يعني: بإسناده المتصل لهذا الحديث إلى أبي هريرة. وإنما خص الراوي- وهو سفيان بن عيينة- معمراً أو الزهري بالذكر؛ لأنه لم يسمعه منه الزهري مباشرة كما سمع أصل الحديث؛ وإنما سمعه من معمر، وهذا عن الزهري حفظ عنه الأصل والزيادة، ولم يحفظها عنه سفيان، فرواها عن معمر؛ يعني بسند الأصل. وتوضيح ذلك فيما يأتي) . إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيُ ومحمد بن أحمد بن أُبيّ بن خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السَرْح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري: سمعت ابن أكيمة يحذث سعيد بن المسيب قال: سمعت أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله؛ لكنهم اختلفوا في قوله في آخره: فانتهى الناس ... هل هو من قول أبي هريرة؛ أم ممن دونه؟ وبعضهم لم يذكره أصلاً، مثل سفيان؛ فإنه لم يسمعها، كما صرحت بذلك رواية عبد الله للزهري. ويشهد لها رواية أحمد قال (2/240) : ثنا سفيان عن الزهري ... فذكره بلى قوله: " ما لي أنازع القرآن؟! ". قال معمر: عن الزهري: فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال سفيان: خفيت علي هذه الكلمة. وأخرجه البيهقي من طريق علي بن المديني: ثنا سفيان: ثنا الزهري- حفظته

من فيه- قال: سمعت ابن أكيمة ... فذكره إلى القول المذكور. قال علي بن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا. وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس عن القراعة فيما جهر فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال علي: قال لي سفيان يوماً: فنظرت في شيء عندي؛ فإذا هو: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح بلا شك. وأخرجه ابن ماجه والحازمي في "الاعتبار" (ص 72- 73) من طرق أخرى عن سفيان ... به إلى قوله: " ما لي أنارع القرآن "؛ دون قوله: قال معمر ... إلخ. وقال المصنف عقب الحديث: " قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله: " ما لي أنازع القرآن ". ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري: قاتعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرأون قيما يجهر به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن قارس قال: قوله: فانتهى الناس ... من كلام الزهري "! وفيه أمور تحتاج إلى بيان أهمها آخرها فأقول: أولاً: رواية عبد الرحمن بن إسحاق؛ وصلها الإمام أحمد (2/487) : ثنا إسماعيل قال: أنا عبد الرحمن بن إسحاق ... به. وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به. أخرجه أحمد (2/285) : ثنا محمد بن بكر: أنا ابن جريج. ثانياً: رواية الأوزاعي؛ أخرجها الطحاوي (1/128) ، وابن حبان (455) ، والبيهقي (2/158) من طريقين عنه: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول ... فذكره! هكذا قال الأوزاعي: عن سعيد بن المسيب ... خلافاً لجميع الرواة عن

الزهري كما رأيت. ولذلك قال البيهقي عقبه: " الصواب ما رواه ابن عينية عن الزهري قال: سمعت ابن أُكَيْمَةَ يحدث سعيد بن المسيب. وكذلك قال يونس بن يزيد الأيلي ". قلت: وفي رواية لابن حبان (456) من طرق الوليد- وهو ابن مسلم- عن الأوزاعي عمن سمع أبا هريرة. فهذا مما يؤكد أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث جيداً، فمرة قال: عن سعيد، ومرة قال: عمن سمع؛ لم ئسَفه. ثالثاً: قول ابن قارس: " (فانتهى الناس) من كلام الزهري "! قلت: وكذلك قال البخاري في "جزء المراءة" (24) ؛ قال: " وقد بينه لي الحسن بن صَبَّاح قال: ثنا مُبَشئرٌ عن الأوزاعي: قال الزهري: قاتعط المسلمون بذلك ... "! وعلى ذلك جرى جماعة من العلماء، سمَّاهم الحافظ في "التلخيص " (1/231) . والعجب من البيهقي؛ حيث قال- عقب رواية الأوزاعي السابقة-: " حفظ الأوزاعي كون هذا الكلام من قول الزهري؛ ففصله عن الحديث؛ إلا أنه لم يحفظ إسناده. والصواب ما رواه ابن عيينة ... " إلخ كلامه المتقدم! فكيف يحتج برواية من ثَبَتَ أنه أخطأ في بعضها: على أنه حفظ البعض الأخر؟! لا سيما وهو مخالف في هذا البعض لمن هو أحفظ منه في الزهري وأكثر عدداً؟! ألا وهو الإمام مالك ومن معه، كما سبق بيانه في الرواية الأولى عند المصنف رحمه الله تعالى؛ فإن كل أولئك جعلوا هذه الكلمة الأخيرة من أصل الحديث، من قول أبي هريرة؛ لا من قول الزهري ولا من قول معمر! بل إن رواية سفيان عند المصنف من طريق ابن السرح عنه عن معمر صريحة في ذلك، قال

معمر: عن الزهري: قال أبو هريرة: قانتهى الناس ... ولا ينافي هذا التصريحَ قولُ مسدد في حديثه التقدم عند المصنف: قال معمر: فانتهى ... ؛ لأن هذا القول إنما هو من سفيان؛ بدليل صريح رواية عبد الله ابن محمد الزهري؛ فإنه قال: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس ... فقوله: فقال؛ إنما هو من قول سفيان. وقول معمر: إنه قال؛ يعني: الزهري؛ كما هو واضح، بل هو صريح في رواية أحمد المتقدمة عن سفيان؛ فإن فيها قول سفيان: قال معمر عن الزهري: قانتهى الناس ... قال سفيان: خفيت عليّ هذه الكلمة. ومثلها رواية البيهقي عن ابن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئاً لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا، وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس ... ويتلخص من مجموع الروايات عن سفيان في هذا الحديث: أنه كان مع معمر في المجلس الذي حدث الزهري بهذا الحديث، وأنه لم يسمع منه قوله في آخره فانتهى الناس ... فلم يحفظه عنه، ولكنه استفاده من معمر في هذا المجلس أو في غيره، فكان سفيان إذا روى الحديث بين هذه الحقيقة، ويعزو هذه الزيادة إلى معمر. واختلف الرواة عنه في التعبير عنها: فمنهم من يقول عنه: قال معمر: فانتهى الناس. ومنهم من يقول: قال معمر: قال الزهري. ومنهم من يقول: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة. وهذا اختلاف شكلي، والمؤدي واحد؛ فإنهم يعنون جميعاً أن سفيان قال: قال معمر في هذا الحديث الذي رواه عن الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة تلك الزيادة التي لم أسمعها من الزهري. فمن عزاها إلى قول معمر؛ فهو صادق، ويعني: بإسناده عن الزهري. ومن

135- باب من رأى القراءة إذا لم يجهر

عزاها للزهري فكذلك. والنتيجة واحدة، وهي: أن هذه الزيادة من قول أبي هريرة؛ حفظها معمر عن الزهري، وهو بإسناده عن أبي هريرة. ومما يؤكد ما قلنا: أن الحديث رواه غير سفيان عن معمر ... مثل رواية مالك عن الزهري فيها الزيادة من أصل الرواية، لم تنسب للزهري ولا لمعمر؛ لأنها من أصل الحديث في روايته. فثبت بذلك أن هذه الزيادة هي من أصل الحديث في رواية معمر؛ وكأنه لذلك- ولوضوح الأمر- لم يحتجَّ بها البخاري والبيهقي على أنها من قول الزهري؛ وإنما احتخا برواية الأوزاعي المتقدمة! وفيها ما سبق بيانه من أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث، فلا ينبغي أن يحتج بما تفرَّد به فيه؛ لا سيَّما وقد خالف مالكاً ويونس بن يزيد وأسامة بن زيد- كما تقدم- ومعمراً أيضا: الذين جعلوا هذه الزيادة من أصل الحديث من قول أبي هريرة؛ فثبت بذلك أنها زيادة صحيحة غير مدرجة، وهو الذي اختاره ابن القيم في "تهذيب السنن " (1/392) ، وحققه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على " المسند" (12/260- 264) ، وأطال في ذلك جزاه الله خيراً. 135- باب من رأى القراءة إذا لم يجهر 782- عن عمران بن حُصَيْن: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر، فجاء رجل فقرأخلفه بـ: (سبح اسم ربك الأعلى) . فلما فرغ قال: " أيكم قرأ؟ ".

قالوا: رجل. قال: " قَدْ عرفت أن بعضكم خَالَجَنِيها ". قال أبو داود: " قال أبو الوليد في حديثه: قال شعبة: فقلت لقتادة: أليس قول سعيد: آنْصِتْ للقرآن؟ قال: ذاك إذا جهر به. وقال ابن كثير في حديثه: قال: قلت لقتادة: كأنه كرهه؟ قال: لو كرهه نهى عنه ". (إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة. (ح) وثنا محمد بن كثير العبدي: أخبرنا شعبة- المعنى- عن قتادة عن زُرَارَة عن عمران بن حصين. ثم قال المصنف: حدثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة ... به إلى قوله: " خالجنيها ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده " (404- ترتيبه) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه مسلم (2/11) ، وأبو عوانة (2/132) ، والبخاري في "جزئه " (21) ، والنسائي (1/146) ، وأحمد (4/426 و 441) من طرق عن شعبة ... به. وأخرجه البيهقي (2/162) من طريق المصنف. ومن طريق أخرى عن أبي الوليد وعن أبي داود الطياليسيين. ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (4/426 و 431) من طريق سعيد بن

136- باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

أبي عروبة عن قتادة ... به. وأبو عوانة والبخاري في "جزئه " (56) ، والنسائي من طرق أخرى عن قتادة ... به. وتابعه خالد الحَذأء عن زرارة بن أوفى ... به. أخرجه أحمد (4/433) . 136- باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجمي من القراءة 783- عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن نقرأ القران، وفينا الأعرابي والعجمي، فقال: " اقرأوا؛ فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقَائم القِدْحُ؛ يتعجَّلونه ولا يتأجلونه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أخبرنا خالد عن حُمَيْد الأعرج عن محمد بن المنكدرعن جابر بن عبد الله قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحميد: هو ابن قيس الأعرج المكي أبو صفوان القاري الآسدي مولاهم. وخالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الظحان الواسطي المًزَنِي مولاهم.

والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/397) : ثنا خلف بن الوليد: ثنا خالد ... به 784- عن سهل بن سعد الساعدي قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ يوماً ونحن نَقْتَرِئُ، فقال: " الحمد لله! كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرأوه قبل أن يقرأه أقوام، يقيمونه كما يُقَؤمُ السهم، يتعجَّلُ أجْرَهُ ولا يتأجَّلُهُ ". (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو وابن لهيعة عن بكر بن سَوَادة عن وَفَاءَ بن شُرَيْحِ الصَّدَفِي عن سهل بن سعد الساعدي. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير وفاء بن شريح الصدفي؛ فوثقه ابن حبان وحده، وروى عنه- غير بَكْر بن سوادة-؛ زياد بن نعيم. وقال الحافظ في "التقريب ": "مقبول ". لكن ابن لهيعة- واسمه عبد الله-؛ إنما أخرج له مسلم مقروناً بعمرو بن الحارث، كما فعل المصنف هنا. والحديث أخرجه أحمد (3/146) : ثنا حسن: ثنا ابن لهيعة: ثنا بكر بن سوادة عن وفاء الخَوْلاني عن أنس بن مالك قال:

بينما نحن نقرأ القرآن ... الحديث. فجعله من مسند أنس. ثم قال أحمد (3/155) : ثنا يحيى بن إسحاق قال: أنا ابن لهيعة ... به؛ إلا أنه قال: عن أبي حمزة الخولاني. وقال الهيثمي "مجمع الزوائد" (4/94) : " رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه كلام ". وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (757 و 6690) ، وفي "الثقات " (5/497- 498) عن عمرو وحده. وله شاهد من حديث جابر؛ مخرج في "الصحيحة" (259) ، [وهو الحديث الذي قبله] 785- عن عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني لا أستطيع أن آخُذَ من القرآن شيئاً؛ فعلمني ما يجزيني منه؟ قال: " قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ". قال: يا رسول الله! هذا لله عز وجل؛ فما لي؟ قال: " قل: اللهم! ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني ". فلما قام قال هكذا بيده. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما هذا فقد ملأ يده من الخير".

(قلت: حديث حسن، وصححه الدارقطني، وصحح إسناده الحاكم على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، وقال المنذري: " إسناده جيد ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع بن الجرل: ثنا سفيان الثوري عن أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكْسَكِيِّ عن عبد الله بن أبي أوفى. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي خالد الدالاني- واسمه يزيد بن عبد الرحمن-، وهو ضعيف؛ قال في "التقريب ": " صدوق يخطئ كثيراً، وكان يدلس ". وإبراهيم السكسكي- وهو ابن عبد الرحمن-، وإن كان من رجال البخاري؛ ففيه ضعف أيضا؛ قال الحافظ: " صدوق، ضعيف الحفظ ". لكن له متابع يرتقي الحديث به إلى درجة الحسن، ذكره الحافظ في "التلخيص "، ثم ذكرته في "الإرواء" (رقم 303) . والحديث أخرجه الدارقطني (118) ، والبيهقي (2/381) ، وأحمد (4/353) ، وابن خزيمة (544) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وأخرجه الدارقطني من طريقين آخرين عن وكيع ... به. وأخرجه النسائي (1/146) ، وابن حبان (473) ، والدارقطني (119) ، والحاكم (1/241) ، والبيهقي (2/381) ، وأحمد (4/356) من طريق مسعر عن إبراهيم السكسكي ... به نحوه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي!

137- باب تمام التكبير

وأخرجه الطيالسي في "مسنده " (402- ترتيبه) : حدثنا المسعودي عن إبراهيم السكسكي ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي، وأحمد (4/382) . وقال المنذري في "الترغيب " (2/247) - بعد أن عزاه لابن أبي الدنيا والبيهقي فقط! -: " وإسناده جيد "! وقال ابن القيم في "التهذيب " (1/ 395/795) : " وصحح الدارقطني هذا الحديث ". قلت: ولم أره في "سنن الدارقطني "! فالظاهر أنه في غيره من كتبه. 137- باب تمام التكبير 786- عن مُطرِّف قال: صفَيت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان إذا سجد كبَّر، وإذا ركع كبَّر، وإذا نهض من الركعتين كبر. فلما انصرفنا؛ أخذ عمران بيدي وقال: لقد صلَّى هذا قَبْلُ- أو قال: لقد صلى بناهذا قبلُ- صلاةَ محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن غَيْلان بن جرير عن مُطَرفً. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (2/134) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (2/136) ، وأحمد (4/444) : حدئنا سليمان بن حرب ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/96) من طريق أخرى عن سليمان ... به. وأخرجه هو، والبخاري (2/130) ، ومسلم (2/8) ، والنسائي (1/164) ، والبيهقي، وأحمد (4/445 و 444) ، والطيالسي (1/95/418) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به. وتابعه سعيد بن أبي عروبة، فقال أحمد (4/428) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا سعيد عن غَيْلان بن جرير. وعبد الوهاب عن صاحب له عن غيلان ... به. وقال في مكان آخر (4/432) : ثنا عبد الوهاب: ئنا خالد عن رجل عن مطرف بن الشِّخِّير ... به؛ نحوه، وزاد: فقلت: يا أبا نجَيْد! من أول من تركه؟ قال: عثمان رضي الله عنه حين كَبِرَ وضَعف صوته؛ تركه. وتابعه قتادة عن مطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخير، فقال أحمد (4/429) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن قتاً دة وغير واحد عن مطرف ... به. 787- عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة: أن أبا هريرة كان يكبِّر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها؛ يكبر حين يقوم، ثم يكئر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: رشَّا! ولك الحمد، قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر، حين يهوي ساجد اً، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبِّر حين يسجد، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم

يكبِّر حين يقوم من الجلوس في اثنتين. فيفعل ذلك في كل ركعة، حتى يفرغ من الصلاة. ثم يقول حين ينصرف: والذي نفسي بيده؛ إني لأقربُكم شبهاً بصلاة رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنْ كانتْ لَصلاتَهُ حتى فارق الدنيا. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه "، وكذ اأبو عوانة بتمامه، ومسلم مختصراً كما يأتي) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا أبي وبقية عن شعيب عن الزهري قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن عثمان- وهو ابن سعيد بن كثير بن دينار القرَشي مولاهم أبو حفص الحمصي-، وأبيه عثمان. وبقية: هو ابن الولبد، وثلاثتهم ثقات؛ إلا أن بقية مدلس وقد عنعنه، ولكن روايته هنا متابعة؛ فلا تضرُّها العنعنة. والحديث أخرجه البيهقي (2/67) من طريق المصنف. وأخرجه هو، والبخاري (2/132) عن أبي اليمان قال: حدثنا شعيب ... به. وتابعه معمر عن الزهري ... به، كما علقه المصنف في الذي بعده، ويأتي تخريجه. وتابعه عُقَيْل بن خالد عن ابن شهاب ... به، دون قوله في آخره: فيفعل ذلك في كل ركعة ... أخرجه البخاري (2/130) ، ومسلم (2/8) ، والنسائي (1/172) ، والبيهقي (2/67) ، وأحمد (2/454) .

وأخرجه مسلم وأبو عوانة من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به؛ دون قوله: إن كانت لصلاته ... 788- قال أبو داود: " هذ االكلام الأخير؛ يجعله مالك والزّبَيْدِيّ وغيرهما عن الزهري عن علي بن حسين. ووافق عبدُ الأعلى عن معمر شعيبَ بن أبي حمزة عن الزهري ". (قلت: وصله مالك عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبِّر في الصلاة كلَّما خفض ورفع، فلم تزل تلك صلاتَهُ حتى لقي الله. وهو مرسل صحيح الاسناد، وقال البيهقي: " مرسل حسن ". ووصله- من طريق عبد الأعلى عن معمر ... بإسناده عن أبي هريرة مثل الذي قبله-: أحمد والدارمي والبيهقي بإسناد صحيح على شرط الشيخين) . هذا معلق، ويعني بالكلام الأخير: قوله: إن كانت لصلاتَهُ حتى قارق الدنيا. وقد وصله مالك في "الموطأ" (1/98) عن ابن شهاب عن علي بن حسين ... باللفظ الذي أوردته في الأعلى. ومن طريق مالك: أخرجه البيهقي، وقال: " مرسل حسن "! وأقول: بل هو مرسل صحيح الإسناد؛ فإن علي بن حسين ثقة ثبت من رجال "الصحيحين ". ورواية عبد الأعلى؛ وصلها الإمام أحمد (2/270) : ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن به ... نحوه.

138- باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟

ومن هذا الوجه: وصله الدارمي (1/285) ، والبيهقي. وتابعه عبد الرزاق ثنا معمر ... به: أخرجه أحمد (2/270) . قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. فهي متابعة قوية لرواية شعيب عن الزهري. والله أعلم. 138- باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟ 789- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجد أحدكم؛ فلا يَبْرُكْ كما يَبْرُكُ البعيرُ، وليضع يديه قبل ركبتيه ". (وفي رواية: " يَعْمِدُ أحدكم في صلاته؛ فيبركُ كما يبرك الجمل؟! ") . (قلت: إسناده صحيح، وصححه عبد الحق الاشبيلي، وقوّاه ابن سَيدِ الناس، وقال النووي والزّرقاني: " إسناده جيد ") . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد: حدثني محمد ابن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ... بالرواية الأولى. حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن بالرواية الأُخرى. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم تمات رجال مسلم؛ غير محمد بن عبد الله بن الحسن- وهو المعروف بـ (النَّفْس الزكيَّة) العَلَوِي- وهو ثقة كما قال النسائي وغيره. وقال النووي في "المجموع " (3/421) ، والزرقا تي في "شرح المواهب " (7/320) :

" إسناده جيد ". وصححه عبد الحق في "الأحكام الكبرى ". وقال في "كتاب التهجد" (ق 1/56) : " أحسن إسناداً من الذي قبله "؛ يعني: حديث وائل الخرج في الكتاب الآخر (152) ، بلفظ: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد؛ وضع ركبتيه قبل يديه. وهذا قد ضعفه جماعة، ذكرناهم هناك؛ منهم ابن سيد الناس، ثم قال: " ويتلخص من هذا: أن أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح من حيث الإسناد، وأصرح من حيث الدلالة؛ إذ هي قولية، ولما تعطيه قوة الكلام والتهجين في التشبه بالبعير الذي ركبته في يده، فلا يمكنه تقديم يده على ركبته إذا برك؛ لأنها في الاتصال بيده كالعضو الواحد ". وقد أعل بعضهم هذا الإسناد بعلل لا تقدح في صحته، وقد ذكرتها- معِ الجواب عنها- في "إرواء الغليل " تحت الحديث (357) ، وخرجت له هناك شاهدآ من حديث ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يضع يديه قبل ركبتيه. وإسناده صحيح. والحديث أخرجه أحمد (2/381) ... بإسناد المصنف ولفظه؛ إلا أنه قال: ثم ركبتيه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (ق47/1- مصورة جامعة الملك عبد العزيز) ، والطحاوي في كتابيه (1/149) ، و (65- 66) ، والبيهقي من طرق أخرى عن

139- باب النهوض في الفرد

سعيد بن منصور ... به. وأخرجه النسائي (1/149) ، والدارمي (1/303) ، والدارقطني (1/131) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ... به بلفظ المصنف. وأخرجه النسائي، والترمذي (2/57- 58) من طريق عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن ... به مختصراً بالرواية الثانية. وقد انقلب الحديث على بعض الضعفاء؛ فقال: " فليبدأ بركبتيه قبل يديه " ا أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (1/102/2) وغيره من طريق عبد الله بن سعيد القبري عن جده عن أبي هريرة ... مرفوعاً به. قلت: وهذا إسناد واه جدّاً؛ عبد الله هذا متهم؛ قال ابن القيم في "التهذيب ": " قلت: قال أحمد والبخاري: متروك ". قلت: فلا تغتر إذاً بسكوت ابن القيم عليه في "زاد المعاد"؛ بل واستدلاله به على أن حديث الباب مقلوب! وهذا من غرائبه وأخطائه العديدة في كلامه على الحديث وحديث وائل الذي أوردناه في الكتاب الآخر، وقد توليت بيانها في "التعليقات الجياد". 139- باب النهوض في الفَرْدِ 790- عن أبي قِلابَةَ قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا؛ فقال: والله إني لأصلي، وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أُرِيَكُمْ كيف رأيت رسول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي؟ قال: قلت لأبي قلابة: كيف صلى؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا؛ يعني: عَمْرو بن سَلِمَةَ إمامهم-، وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأخرة في الركعة الأولى؛ قعد ثم قام. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") . وفي رواية: كيف رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي؟ قال: فقعد في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآحرة. (قلت: إسناده صحيح أيضا على شرط البخاري، وصححه الدارقطني) . وفي أخرى: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان في وتر من صلاته؛ لم ينهض حتى يستوي قاعداً. (قلت: إسناده صحيح أيضا على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ". وصححه الد ارفطني والترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل- يعني: ابن إبراهيم- عن أيوب عن أبي قلابة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/136) ، والبيهقي (2/123) ، وكذا ابن الجارود في "المنتقى" (204) عن وهيب عن أيوب ... به. وإسناد الرواية الثانية في الكتاب هكذا: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا إسماعيل ... به.

140- باب الاقعاء بين السجدتين

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري أيضا. وأخرجه النسائي (1/173) ... بسند المصنف. والدارقطني (1/132) ، وقال: " إسناد صحيح ثابت ". وإسناد الرواية الثالثة: حدثنا مسدد: ثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة ... به قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات رجال البخاري أيضا. وأخرجه البخاري والنسائي، والترمذي (2/79) ، والدارقطني (132) من طرق عن هشيم ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الدارقطني: " هذا إسناد صحيح ثابت ". وأخرجه الشافعي وغيره من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء ... به نحوه؛ وقد سقت لفظه في "إرواء الغليل " تحت الحديث (362) . 140- باب الاقعاء بين السجدتين 791- عن طاوس قال: قلت لابن عباس في الاقعاء على القدمين في السجود؟! فقال: هي السنة. قال: قلنا: إنا لَنَرَاة جَفَاءً بالرَّجلِ؟! فقال ابن عباس:

141- باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

هي سنة نبيِّك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما" وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوساً يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/189) : حدثنا الصنعاني قال: ثنا يحيى بن معين ... به. ثم أخرجه هو، ومسلم (2/70) ، والترمذي (2/73) ، والبيهقي (2/119) ، وأحمد (1/313) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وانظر الحديث (752) . 141- باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع 792- عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع يقول: " سمع الله لمن حمده. اللهم رثنا! لك الحمدُ ملْءَ السماوات، ومِلْءَ الأرض، وَمِلْء َما شئت من شيء بعدُ" (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا عبد الله بن مْمير وأبو معاوية ووكيع

ومحمد بن عُبَيْد كلهم عن الأعمش عن عُبَيْدِ بن الحسن: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول ... فذكره. قال أبو داود: " قال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن عبيد أبي الحسن ... بهذا الحديث؛ ليس فيه: بعد الركوع. قال سفيان: لقينا الشيخ عبيداً أبا الحسن بعدُ، فلم يقل فيه: بعد الركوع ". قال أبو داود: "ورواه شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش عن عُبَيْد ... قال: بعد الركوع ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجأل مسلم؛ غير محمد بن عيسى- وهو أبو جعفر بن الطَّباع-، وهو ثقة فقيه؛ وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/353) : ثنا وكيع ... به. وقال (4/ 381) : ثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه مسلم (2/46- 47) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وهذا في "المصنف " (1/167) عن أبي معاوية ووكيع معاً ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/177) من طريق محمد بن عبيد وابن نمير قالا جميعاً: عن الأعمش ... به. وابن ماجه (1/286) عن وكيع. والبيهقي (2/94) عن محمد بن عبيد. وقد أشار المصنف إلى أن الرواة اختلفوا على عبيد بن الحسن في قوله: بعد الركوع ... فذكره الأعمش عنه كما رأيت؛ خلافاً للثوري وشعبة.

ورواية شعبة؛ وصلها مسلم وأبو عوانة، وأحمد (4/354) ، وكذا الطيالسي (433) ؛ بلفظ: كان يدعو بهذا الدعاء ... فذكره. ورواية شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش التي علقها المصنف؛ وصلها أحمد أيضا في الموضع المشار إليه؛ موصولاً بحديث شعبة عن عبيد. ويبدو من قول سفيان: لقينا الشيخ عبيداً أبا الحسن بعدُ، فلم يقل فيه: بعد الركوع ... أن عبيداً نفسه كان تارة يقول ذلث، وتارة لا يقوله، وهو ثقة، فيؤخذ بالزائد من حديثه، لا سيما وله شواهد في " الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن عباس، ومن حديث أبي سعيد، وهو الآتي: 793- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول- حين يقول: " سمع الله لمن حمده "-: " اللهم ربنا لك الحمد مِلْءَ السماء (قال مُؤَمَّلٌ: ملء السماوات) ومِلْءَ الأر ض، ومِلْءَ ما شئت من شيء بعدُ، أهلَ الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلّنا لك عَبْدٌ، لا مانعَ لما أعطيتَ (زاد محمود: ولا معطي لما منعت) ، (ثم اتفقوا) ، ولا ينفع ذا الجَد منك الجَدُّ ". قال بشر: " ربنا! لك الحمد "؛ لم يقل: " اللهم ... ". لم يقل محمود: " اللهم ... "؛ قال: " ربنا! ولك الحمد " (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") .

إسناده: حدثنا مؤمل بن الفضل الحَرَاني: ثنا الوليد. (ح) وثنا محمود بن خالد: ثنا أبو مُسْهر. (ح) وثنا ابن السرح: ثنا بشر بن بكر. (ح) وثنا محمد بن مصعب: ثنا عبد الَلهً بن يوسف كلهم عن سعيد بن عبد العزيزعن عظية بن قيس عن قَزَعَةَ بن يحيى عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ إلا أن سعيد بن عبد العزيز- وهو الئنُوخِيُ الدمشقي- كان اختلظ في آخر عمره، كما في "التقريب "؛ فلعله لم يحدث في حالة اختلاطه؛ فقد جروا على الاحتجاج بحديثه. على أنه قد توبع في هذا الحديث، كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/176) من طريق عبد الله بن يوسف وأبي مسهر والعباس بن الوليد قال: حدثني أبي؛ ثلاثتهم عن سعيد بن عبد العزيز ... به. وأخرجه الطحاوي (1/141) ، والبيهقي (2/94) من طريق عبد الله بن يوسف وحده. وأخرجه الدارمي (1/301) ، وعنه مسلم (2/47) ، والنسائي (1/163) ، وأحمد (3/87) من طرق أخرى عن سعيد بن عبد العزيز ... به. وكذلك أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 77) . 794- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا قال الامام: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد؛ فإنه من وافق قولُه قولَ الملائكة؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن سُمَي عن أبي صالح السمَّان عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (1/111) ... بهذا السند والمتن. ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/131) ، ومسلم (2/17) ، وأبو عوانة (2/179) ، والشافعي (248) ، والنسائي (1/162) ، والترمذي (2/55) ، والطحاوي (1/140) ، والبيهقي (2/96) ، وأحمد (2/459) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه مسلم من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ ... بمعنى حديث سُمَيً. وقد ماق لفظه: الإمامُ أحمد (2/417) ، وفيه: " اللهم ربنا! ولك الحمد " بزيادة الواو. وقد أخرجها (2/341) من طريق أخرى عن أبي صالح ... به نحوه؛ دون قوله: " فإنه من ... "، ولم يقل: " اللهم! ". وجمع بينهما في طرق أخرى (2/376) عن أبي هريرة أيضا. وكذلك أخرجه ابن حبان (497- موارد) من حديث الزهري عن أنس ... مرفوعاً. وعزاه السيوطي في "الزيادة على الجامع الصغير" (19/2) لابن حبان عن

142- باب الدعاء بين السجدتين

أبي هريرة أيضا؛ وهو في "الإحسان " (1904) . 795- عن عامر قال: لا يقول القوم خلف الامام: سمع الله لمن حمده؛ ولكن يقولون: ربنا لك الحمد. (قلت: إسناده حسن مقطوع) . إسناده: حدثنا بشر بن عمار: ثنا أسباط عن مُطَرف عن عامر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن عمار، - وهو القهسْتَانِيُ-؛ ذكره ابن حبان في "الثقات!، وروى عنه جماعة. وقال الحافظ: " صدوق ". وأسباط: هو ابن محمد القرشي مولاهم. ومطرف: هو ابن طرِيفٍ الكوفي. وعامر: هو الشعبي. ووقع في الأصل: (مالك) ! 142- باب الدعاء بين السجدتين 796- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول بين السجدتين: " اللهم! اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني ". (قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي والعسقلاني) .

إسناده: حدثنا محمد بن مسعود: ثنا زيد بن الحبَاب: ثنا كامل أبو العلاء حدثني حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن؛ إن كان حبيب بن أبي ثابت سمعه من سعيد؛ فقد وُصِفَ بالتدليس، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن مسعو- وهو ابن يوسف النيسا بوري-، وهو ثقة عارف. لكن كاملاً أبا العلاء- وهو ابن العلاء- وإن أخرج له مسلم؛ فقد اختلفوا فيه؛ فقال ابن معين: " ثقة ". وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وقال في موضع آخر: " ليس به بأس ". وقال ابن عدي: " رأيت في بعض رواياته أشياءَ أنكرتها، وأرجو أنه لا بأس به ". وقال ابن حبان: " كان ممن يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، من حيث لا يدري، فبطل الاحتجاج بأخباره ". وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق يخطئ ". قلت: فمثله حسن الحديث؛ إلا أن يظهر خطؤه. والله أعلم. والحديث أخرجه الترمذي (2/76) ، والحاكم (1/262 و 271) من طرق عن زيد بن الحباب ... به. وقال الترمذي: " حديث غريب ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد، وأبو العلاء كامل بن العلاء ممن يجمع حديثه "، ووافقه الذهبي، وأقره الحافظ في "بلوغ الرام ".

143- باب رفع النساء إذا كن مع الرجال رؤوسهن من السجدة

وتابعه خالد بن يزيد الطَّيّب: ثنا كامل بن العلاء ... به أتم منه. أخرجه البيهقي (2/122) . وتابعه أيضا يحيى بن آدم: حدثنا كامل بن العلاء ... به مختصراً مثل لفظ الكتاب؛ إلا أنه قال: عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس- أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس- على الشك. أخرجه أحمد (1/315) . وتابعه أسود بن عامر: أخبرنا كامل عن حبيب عن ابن عباس ... به مطولاً؛ وأسقط سعيداً. أخرجه أحمد (1/371) . والصواب: إثبات سعيد بن جبير؛ لاتفاق زيد بن الحباب وخالد بن يزيد عليه، ويحتمل أن حبيباً كان تارة يذكره، وتارة يسقطه؛ لأنه كان مدلساً كما تقدم؛ فرواه كامل على الوجهين، فروى كل ما سمع منه. والله أعلم. وللحديث شاهد موقوف على علي: عند الشافعي (257) ، وابن نصر (76) . وآخر مختصر يأتي (818) . 143- باب رفع النساء إذا كن مع الرجال رؤوسهن من السجدة 797- عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رؤوسهم؛ كلراهةَ أن يَرينَ من عورات الرجال ".

(حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن التوكَل العسقلاني: ثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن مولى لأسماء ابنة أبي بكر عن أسماء بنت أبي بكر. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير مولى أسماء؛ فإنه لم يُسَمَّ، فهو مجهول. وبه أعله المنذري (1/414) . لكني وجدت له متابعاً يشهد بصحة حديثه؛ كما يأتي. ومحمد المتوكل- وإن وثقه ابن معين وابن حبان-؛ فقد قال ابن عدي وغيره: " كثير الغلط ". وفي " التقريب ": " صدوق عارف، له أوهام كثيرة ". قلت: لكنه لم يتفرد به كما يأتي، فدلَّ ذلك على أنه قد حفظ. والحديث أخرجه البيهقي (2/241) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (6/348) : ثنا عبد الرزاق ... به. وقال الحميدي في للمسنده " (327) : حدثنا سفيان قال: ثنا أخو الزهري ... به ثم قال أحمد: ثنا عفان قال: حدثني وهيب قال: حدثني النعمان بن راشد عن ابن أخي الزهري ... به. ثم قال: ثنا سُرَيْجُ بن النعمان قال: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة

144- باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يا معشر النساء! من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا ترفع رأسها حتى يرفع الإمام رأسه؛ من ضيق ثياب الرجال ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري. وبه صح الحديث؛ والحمد لله. وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري ... مرفوعاً نحوه. أخرجه ابن حزم في "المحلى" (3/227) ؛ وإسناده حسن. 144- باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين 798- عن البراء: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان سجوده يركوعه وما بين السجدتين قريباً من السواء. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم "- وقال الترمذي، " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن البراء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حفص بن عمر- وهو الحَوْضِيِّ؛ فمن رجال البخاري وحده-. والحديث أخرجه البخاري (2/" 13- 131) ، ومسلم (2/45) ، وأبو عوانة

(2/134) ، والنسائي (1/164 و 172) ، والتر مذي (2/69) ، والبيهقي (2/98 و122) ، وأحمد (4/280 و 285) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقد تابعه مسعر عن الحكم ... به. أخرجه البخاري (2/135) ، والبيهقي (2/222) ، وأحمد (4/298) . وتابعه هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... نحوه؛ ويأتي لفظه في الكتاب بعد حديث. 799- عن أنس بن مالك قال: ما صلَّيتُ خلف رجل آوْجَزَ صلاهً من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَا في تمام، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قال: " سمع الله لمن حمده "؛ قام حتى نقول: قد أوهم! ثم يكبِّر وشمجد، وكان يقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وأخرجه هو والبخاري وأبو عوانة مختصراً) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت وحميد عن قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة. وقد تابعه سَمِئهُ حماد بن زيد عن ثابت وحده، كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/45) من طريق بهز حدثنا حماد: أخبرنا ثابت ... به نحوه.

ورواه أبو عوانة (2/135) - معلقاً- من طريق محمد بن كثير قال: ثنا حماد ابن سلمة ... به؛ دون قوله: ما صليت ... في تمام. ثم أخرجه هو، والبخاري (2/135- 136) ، ومسلم والبيهقي (2/98) من طريق حماد بن زيد عن ثابت ... به نحوه مثل رواية ابن كثير. وأخرج أحمد (3/100 و 182 و 205) من طرق عن حميد عن أنس ... بالشطر الأول منه. ولهذا القدر طرق أخرى عن أنس: في "المسند" (3/170 و 173 و 179 و207 و 231 و 234 و 240 و 262 و 277 و 279 و 282) . 855- عن البراء بن عازب قال: رَمَقْتُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال أبو كامل: رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الصلاة؛ فوجدت قيامه كركعته وسجدته، واعتد اله في الركعة كسجدته، وجلسته بين السجدتين وسجدته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء. قال مسدد: فركعته واعتداله بين الركعتين، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته بين التسليم والانصراف: قريباً من السواء. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم، وقد أخرجه هذا وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسدد وأبو كامل- دخل حديث أحدهما في الآخر- قالا: ثنا أبو عوانة عن هلال بن أبي حُمَيْدٍ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق أبي كامل- واسمه فضَيْل بن حسين-، وعلى شرط البخاري من طريق مسدد. والحديث أخرجه مسلم (2/44) عن أبي كامل. وهو، وأبو عوانة (2/134) ، والبيهقي (2/98 و 123) ، وأحمد (4/294) من طرق أخرى عن أبي عوانة ... به. وتقدم قبل حديث من طريق أخرى عن ابن أبي ليلى. *** انتهى بحمد الله وفضله المجلد الثالث من " صحيح سنن أبي داود "، ويليه إن شاء الله تعالى المجدد الرابع، وأوده: 145- باب صلاة من لا يقيم صُلْبَهُ في الركوع والسجود و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".

الجزء الرابع جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية محفوظة دار غراس- الكويت وشريكهما ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية الا بموافقة خطيّة من الناشر. الطبعة الأولى 1423 هـ 2002 م الناشر مؤسسة غراس للنشر والتوزيع الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868 الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030 Website: www.Gheras.com E-mail: [email protected]

148- باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (*)

148- باب صلاة من لا يقيم صُلْبَهُ في الركوع والسجود (*) 801- عن أبي مسعود البَدْري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تجزئ صلاة الرجل؛ حتى يُقِيمَ ظهره في الركوع والسجود ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ايضاًا بن حبان والدارقطني والبيهقي. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر النمَرِي: ثنا شعبة عن سليمان عن عمَارة بن عمَيْرٍ عن أبي مَعْمَرٍ عن أبي مسعود البدري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حفص بن عمر؛ فمن رجال البخاري وحده. وأبو معمر: اسمه عبد الله بن سَخْبَرَةَ الآزْدي الكوفي. والحديث أخرجه الطيالسي (97/1/427) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (501) ، والبيهقي (2/117) - عن الطيالسي-، وأحمد (4/119) - من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/104) ، والنسائي (1/167) ، والترمذي (2/51/265) ، والدارمي (1/304) ، وابن ماجه (1/284) ، والطحاوي في " مشكل الآثار" (1/79) ، وابن الجارود (695) ، وابن حبان أيضا (502) ، والدارقطني (133) ، والبيهقي (2/88 و 117) ، وأحمد (4/122) ، والحميدي في

_ (*) من هنا بدأنا ضبط نصوص الأبواب وأرقامها على طبعة الدعاس؛ ذلك أنه تبين لنا- بعدما جهزنا المجلدات الثلاثة الأولى- اعتماد الشيخ لاحقاً عليها، انظر المقدمة (ص 6) . (الناشر)

"مسنده " (454) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الدارقطني: " هذا إسناد ثابت صحيح ". وقال البيهقي: " إسناد صحيح ". وقال المنذري في "الترغيب " (1/188) : " رواه أحمد و.... وابن خزيمة و"بن حبان في "صحيحيهما". ورواه الطبراني والبيهقي وقالا: إسناده صحيح ثابت ". وقوله: "الطبراني "! أخشى أن يكون خطأً من الناسخ أو الطابع، تحرف من "الدارقطني "! والله أعلم. 802- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه السلامَ، وقال: " ارجع فَصَلّ، فإنك لم تُصَلِّ ". فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلَّم عليه، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وعليك السلام "، ثم قال: " ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ "؛ حتى فعل ذلك ثلاث مرار. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق؛ ما أُحْسِنُ غير هذا فعلِّمْنِي؟! قال: " إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدلَ قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم اجلس حتى تطمئنَّ جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلِّها- قال القعنبي: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة. وقال

في أخره: " فإذا فعلت هذا فقد تَمَّتْ صلاتك، وما انتقصتَ مِنْ هذا شيئاً؛ فإنما انتقصته من صلاتك " وقال فيه: " إذا قُمْتَ إلى الصلاة فأسْبغِ الوضوءَ "-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". لكن ليس عندهم - غير أبي عوانة-: " فإذا فعلت ... " إلى قوله: " من صلاتك ") . إسناده: حدثنا القعنبي: حدثنا أنس بن عياض. (ح) وثنا ابن المثنى: حدثني يحيى بن سعيد عن عبيد الله- وهذا لفظ ابن المثنى-: حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/103) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/10- 11) ، والنسائي (1/141) : أخبرنا محمد بن المثنى ... به. وأخرجه أحمد (2/437) : ثنا يحيى ... به. وأخرجه البخاري (2/126 و 131) ، وأبو عوانة، والترمذي (2/103/303) ، والبيهقي (2/37 و 88 و 117 و 122) من طرق عن يحيى ... به. وقد خالفه أنس بن عياض فقال: عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة؛ لم يقل: عن أبيه؛ كما أخرجه المصنف-

وتابعه عبد الله بن نمير: حدثنا عبيد الله ... به. أخرجه البخاري (8/47) ، ومسلم، وابن ماجه (1/327) ، والبيهقي (2/15) . وكذلك تابعه أبو أسامة: حدثنا عبيد الله بن عمر ... به. أخرجه البخاري (8/115) ، ومسلم، والبيهقي (2/15) . وتابعه عيسى بن يونس عن عبيد الله بن عمر ... به. أخرجه أبو عوانة. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح. وقد روى ابن نمير هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة؛ ولم يذكر فيه. عن أبيه. عن أبي هريرة. ورواية يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمرأصح. وسعيد المقبري قد سمع من أبي هريرة، وروى عن أبيه عن أبي هريرة "! كذا قال! أن رواية يحيى أصح، وقد علمت من تخريجنا أن ابن نمير قد تابعه أنس بن عياض وأبو أسامة وعيسى بن يونس كل هؤلاء لم يذكروا: عن أبيه. فاتفاقهم على ذلك يرجح رواية ابن نمير. والله أعلم. وهما رواية محمد بن بشار: حدثنا يحيى بن سعيد ... به؛ دون: عن أبيه. أخرجه ابن حبان (1887) . 803- عن علي بن يحيى بن خَلاد عن عمِّه: أن رجلاً دخل المسجد ... فذكره نحوه؛ قال فيه: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنه لا تتئم صلاة لأحد من الناس؛ حتى يتوضأ فَيَضَعَ الوضوء

- يعني- مواضِعَهُ، ثم يكبِّر، ويحمَدَ الله عز وجل، ؤيثْنِيَ عليه، ويقرأ بما تيسَّرَ من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئنَّ مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمن حمده؛ حتى يستوي قائماً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئنَّ مفاصله، ثم يقول: الله أكبر؛ ويرفع برأسه حتى يستوي قاعداً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبِّر، فإذا فعل ذلك تَمَّتْ صلاته ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد. قلت: وهذا إسناد رجأً له كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أنه منقطع ببن علي بن يحيى بن خلاد وعمه؛ بينهما أبوه يحيى بن خلاد، كما في الروايات الآتية في الكتاب. ولذلك قال المنذري في "مختصره ": " المحفوظ في هذا: علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع كما يأتي ". والحديث أخرجه الحاكم (1/242) من طريق عَفَّان: ثنا حماد بن سلمة ... به؛ إلا أنه قال: أبيه ... مكان: عمه ... فلا أدري؛ أهكذا وقعت الرواية عند الحاكم؟! أم هو خطأً من الناسخ أو الطابع؟! وقال الحاكم عن البخاري: " لم يقمه حماد بن سلمة "! ويأتي. 804- وعنه عن أبيه عن عَمِّهِ رفاعة بن رافع ... بمعناه؛ قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إنها لا تَتِمُّ صلاة أحدكم؛ حتى يُسْبغَ الوضوءَ كما أمر الله عز وجل، فيَغْسِلَ وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسحَ برأسه، ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله عز وجل ويحمَدَهُ، ثم يقرأ من القرآن ما أُذِنَ له فيه وتيسر ... " فذكر نحو حماد (يعني: الذي قبله) ؛ قال: " ثم يكبر فيسجد فيمكِّنَ وجهه- قال همام: وربما قال: جبهته- من الأرض؛ حتى تطمئن مفاصله وتسترخيَ، ثم يكبِّر فيستويَ قاعداً على مقعده ويقيم صلبه- فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات-؛ لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا هشام بن عبد الملك والحجاج بن منهال قالا: ثنا همام: ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري من طريق الحسن بن علي- وهو الحُلْوَانِيُّ-. وأما هشام بن عبد الملك- وهو اليَزَنيُّ-؛ فليس من رجاله، ولكنه متابع، وهو لا بأس به (*) . والحديث أخرجه النسائي (1/170) ، والدارمي (1/305) ، وابن الجارود (194) ، والحاكم (1/241- 242) ، وعنه البيهقي (02/12 و 345) من طرق أخرى عن همام ... به. وقال الحاكم:

_ (*) لكن هشام بن عبد الملك هذا؛ هو للباهلي مولاهم، أبو الوليد الطيالسي. وقد روى له الجماعة. ولعله انتقل نظر الشيخ رحمه الله تعالى إلى اليَزَنِي؛ فظنه هو. انظر "التهذيب " (6/31) . (الناشر)

" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ بعد أن أقام همام بن يحيى إسناده؛ فإنه حافظ ثقة، وكل من أفسد قوله؛ قالقول قول همام. وقد روى محمد ابن إسماعيل هذا الحديث في "التاريخ الكبير" عن حجاج بن منهال (يعني: الراوي عن همام) ، وحكم له بحفظه، ثم قال: لم يقمه حماد بن سلمة "! ووافقه الذهبي على ذلك! وإنما هو على شرط البخاري وحده؛ فإن علي بن يحيى بن خلاد وأباه لم يخرج لهما مسلم شيئاً. ثم قال الحاكم: " وقد أقام هذا الإسناد: داود بن قيس الفَرَّاء، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ... "، ثم ساق أسأنيده بنالك إليهم، وتأتي في الكتاب- عدا رواية داود بن قيس-. وممن أقامه محمد بن عجلان فقال: عن علي بن يحيى من آل رفاعة بن رافع عن أبيه عن عم له بدري أنه حدثه ... به. أخرجه النسائي (1/161) ، وابن حبان (484) ، والبيهقي (2/372 و 373) ، وأحمد (4/340) من طرق عنه ... به نحوه. وحديث داود؛ أخرجه البيهقي (2/374) أيضا، وكذا النسائي (3/60- القلم) . 805- وعنه عن أبيه عن رفاعة بن رافع ... بهذه القصة؛ قال: " إذا قمت فتوجَّهت إلى القبلة؛ فكبِّر، ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله أن تقرأ، وإذا ركعت؛ فضع راحتيك على ركبتيك، وامْدُ دْ ظهرك ". وقال: " إذا سجدت فمكِّنْ لسجودك، فإذا رفعت؛ فاقعد على فَخِذِكَ اليسرى ".

(قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد- يعني: ابن عمرو- عن علي بن يحيى بن خلاد. قلت: وهذا إسناد حسن. والحديث أخرجه البيهقي (2/374) من طريق المصنف؛ لكن لم يقع عنده قوله: عن أبيه! وكذلك هو في "المسند" (4/340) : ثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن عمرو ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه ابن حبان (484) ، لكنه قال: أحسبه عن أبيه. ولعل الشك من محمد بن عمرو؛ فإن فيه بعض الضعف؛ ولذلك اقتصرت على تحسين حديثه. والصواب إثبات الأب؛ كما في الكتاب؛ بدليل الروايات الاخرى. 806- وفي رواية قال: " إذا أنت قمت في صلاتك؛ فكبِّر الله تعالى، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرأن ". وقال فيه: " فإذا جلست في وسط الصلاة؛ فاطمئنَّ وافترشِ اليسرى، ثم تشهْد، ثم إذا قمت فمثلَ ذلك، حتى تَفْرُغَ من صلاتك ". (قلت: إسناده حسن) .

إسناده: حدثنا مُؤَملُ بن هشام: ثنا إسماعيل عن محمد بن إسحاق: حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذه القصة قال ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير محمد بن إسحاق، وهو ثقة مدلس، وقد صرح هنا بالتحديث؛ فأمنَّا تدليسه. وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّةَ. والحديث أخرجه البيهقي (2/133- 134) من طريق المصنف. 807- وفي أخرى ... فقصَّ هذا الحديث؛ قال فيه: " فتوضأ كما أمرك الله جل وعز، ثم تَشَهَّدْ فَآقِمْ، ثم كَبِّرْ؛ فإن كان معك قرأن فاقرأ به؛ وإلا فاحْمَدِ الله وكَبِّرْهُ وهَلِّلْهُ ". وقال فيه: " وإن انتقصت منه شيئاً؛ انتقصت من صلاتك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وقال ابن عبد البر: " هذا حديث ثابت "، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى الخُتُّلِيُّ: ثنا إسماعيل- يعني: ابن جعفر-: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرَفِيُ عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه الطيالسىِ (1/90/390) : حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني ... به.

وأخرجه الترمذي (2/101) ، وابن خزيمة (1/274) ، والحاكم (1/343) من طرق أخرى عن إسماعيل ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". وأخرجه البيهقي (2/380) من طريق المصنف والترمذي. (تنبيه) : اقتصار الترمذي على تحسين الحديث قصور ظاهر؛ فإن إسناده صحيح لا غبارعليه، لا سيما وأنه يعني بقوله: " حديث حسن "؛ أنه حسن لغيره، كما نبه عليه في آخر كتابه. وقال المنذري في "الترغيب " (1/184) : " قال أبو عمر بن عبد البر النَّمَرِي. هذا حديث ثابت ". 808- عن عبد الرحمن بن شِبْلٍ قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نُقْرَة الغُرابِ، وافتراش السبع، وأن يُوَطنَ الرَّجُلُ المكانَ في المسجدِ كما يُوَطَنُ البعير. (قلت: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن الحكم. (ح) . وثنا قتيبة: ثنا الليث عن جعفر بن عبد الله الأنصاري عن تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل. هذالفظ قتيبة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير تميم بن محمود؛ قال البخاري: " في حديثه نظر ". وذكره العقيلي والدَّولابي وابن الجارود في "الضعفاء". وقال العقيلي:

" لا يتابع عليه ". وقال الحافظ في "التقريب ": "فيه لين ". والحديث أخرجه أحمد (3/428) عن الحجاج وهاشم قالا: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ... به. وأخرجه النسائي (1/167) من طريق شعيب عن الليث قال: حدثنا خالد عن ابن أبي هلال عن جعفر بن عبد الله. فقد اختلف فيه على الليث. والصواب رواية الطيالسي؛ لمتابعة الحجاج وهاشم، وثلاثتهم ثقات. وتابعهم يحيى بن بكير أيضا: عند البيهقي (2/118) . وقد تابعه عبد الحميد بن جعفر عن أبيه ... به. أخرجه الدارمي (1/303) ، وابن ماجه (1/437) ، وابن حبان (476) ، والحاكم (1/229) ، والبيهقي (2/118) ، وأحمد (3/428 و 444) من طرق عنه. وقال الحاكم: " حديث صحيح "! ووافقه الذهبي! ورواه ابن خزيمة أيضا، كما في "الترغيب " (1/181) . لكن للحديث شاهد، يرتقي به إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى: أخرجه الإمام أحمد (5/446- 447) من طريق عبد الحميد بن سلمة عن أبيه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى.... الحديث. وهذا إسناد ظاهره الإرسال؛ وفيه اختلاف ذكره الحافظ في "التهذيب "،

وقال: " قال الدارقطني: عبد الحميد بن سلمة وأبوه وجده لا يعرفون ". والفقرة الأولى من الحديث؛ لها شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً: أخرجه أحمد وابن أبي شيبة بإسنادين عنه؛ فهو بهما حسن. انظر "الأحكام الكبرى" لعبد الحق الإشبيلي برقم (1348) بتحقيقي. والفقرة الثانية؛ لها شاهد من حديث عائشة؛ وقد مضى برقم (752) . وآخر من حديث أنس، يأتي برقم (834) . 809- عن سالم البَرَّاد قال: أتينا عُقْبَةَ بن عمرو الأنصاري أبا مسعود، فقلنا له: حَدِّثنا عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقام بين أيدينا في المسجد، فكبَّر، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفلَ من ذلك، وجافى بين مرفقيه، حتى استقر كل شيء منه، ثم قال: " سمع الله لمن حمده "، فقام حتى استقر كل شيء منه، ثم كبر وسجد، ووضع كفيْه على الأرض، ثم جَافَى بين مرفقيه، حتى استقز كل شيء منه، ثم رفع رأسه فجلس، حتى استقر كلُّ شيء منه، ففعل مثل ذلك أيضا، ثم صلَّى أربع ركعات مثل هذه الركعة، فصلى صلاته. ثم قال: هكذار أينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي.

(قلت: حديث صحيح، وصحح إسناده الحاكمُ والذهبي) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سالم البَراد. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير سالم البراد وهو ثقة؛ إلا أن عطاء كان اختلط، وسمع منه جرير بعد اختلاطه، كما قال أحمد وابن معبن. والحديث أخرجه البيهقي (2/127) من طريق المصنف. وأخرجه الحاكم (1/224) من طريقين آخرين عن جرير ... به. وقال: " حديث صحيح الإسناد، وفيه ألفاظ عزيزة؛ لإعراضهما عن عطاء بن السائب "! كذا قال! وعطاء روى عنه جرير في الاختلاط كما سبق، وروى له البخاري حديثاً واحداً متابعةً. ومن عادته هو أن لا يفزَق بين من يروي له الشيخان متابعة، ومن يرويان عنه استقلالاً! وأخرجه الطيالسي (96/1/424) : حدثنا همام عن عطاء بن السائب ... به والدارمي (1/299) ، وأحمد (4/119) - عن همام-، وأخرجه النسائي (1/156) ، والبيهقي! 2/121) ، وأحمد (4/120) - عن زائدة-، والنسائي- عن أبي الأحوص وابن عُلَيَّة-، وأحمد (5/274) - عن أبي عوانة- كلهم عن عطاء ... به، وكلهم سمع منه في الاختلاط؛ إلا أن أبا عوانة سمع منه قبل الاختلاط أيضا، فالله أعلم في أي الحالين سمع منه هذا الحديث. ولكن الحديث صحيح؛ فإن كل ما فيه من السن قد جاء مفرقاً في أحاديث؛

149- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:

سوى قوله: وجعل أصابعه أسفل من ذلك! فإنه غريب، لم أجد حتى الأن ما يشهد له. ولفظ زائدة: وجعل أصابعه من وراء ركبتيه. ولفظ همام عند أحمد: وفَصَلَتْ أصابِعهُ على ساقيه. وهذا كناية عن التفريج بين الأصابع؛ وذلك ما صرحت به روايته عند الطيالسي بلفظ: وفرج بين أصابعه. وهو بهذا اللفظ؛ له شاهد عن وائل بن حجر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ركع؛ فرَّج بين أصابعه. أخرجه الحاكم (1/224) ، وقال: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. 149- باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كل صلاة لا يتمُّها صاحبها؛ تتَمُ من تَطَوُعِهِ " 810- عن أنس بن حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ قال: خاف من زياد- أو ابن زياد-، فأتى المدينة، فلقي أبا هريرة، قال: فنسَبني فانتسبت له، فقال: يا فتى! ألا أحدسلك حديثاً؟! قال: قلت: بلى رحمك الله! - قال يونس: أحسبه ذكره عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: " إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم: الصلاةُ؛- قال:-

يقول ربنا جل وعز لملائكته- وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي؛ أتمّها أم نقصها؟ فإن كانت تامة؛ كتِبَتْ له تامةً، وإن كان انتقص منها شيئاً؛ قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟! فإن كان له تطوع؛ قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تُؤْخَذ الأعمال على ذاكم " (قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وابن عبد البر وحمئنه الترمذي) . إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا إسماعيل: ثنا يونس عن الحسن عن أنس بن حَكِيمٍ الضَبيِّ. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أنس بن حكيم الضبي؛ وهو مجهول، كما قال ابن القطان وغيره. وذكر في ترجمته من "التهذيب " أنه اختلف فيه على الحسن على وجوه ذكرها؛ منها الوجه الآتي في الكتاب عقب هذا. والحديث أخرجه البيهقي (2/386) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (24/80) - وصححه- من طريق المصنف. وأخرجه الحاكم (1/262) ، وعنه البيهقي من طريق أخرى عن يعقوب بن إبراهيم الدوْرَقِي ... به، وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وأخرجه أحمد (2/425) : ثنا إسماعيل ... به. وتابعه علي بن زيد عن أنس بن حكيم الضبي ... به مرفوعاً مختصراً؛ ولم يشك.

أخرجه ابن ماجه (1/435- 436) ، وأحمد (2/295) . وعلي بن زيد: هو ابن خدْعان؛ وفيه ضعف، فلا بأس فيه في المتابعات. ورواه قتادة عن الحسن فقال: عن خريثِ بن قَبِيصَةَ قال: قدمت المدينة، فقلت: اللهم! يَسِّرْ لي جليساً صالحاً! قال: فجلست إلى أبي هريرة، فقلت: إني سألت الله أن يرزقتي جليساً صالحاً، فحدِّثتي بحديث سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لعل الله أن ينفعتي به! فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذ كره. أخرجه النسائي (1/81) ، والترمذي (1/269- 270) ، وقال النسائي: " خالفه أبو العوام ... "، ثم ساق من طريقه عن قتادة عن الحسن بن زياد عن أبي رافع عن أبي هريرة ... مرفوعاً به. قلت: وأبو العوام: اسمه عمران بن دَاوَر؛ وهو صدوق يهم؛ فرواية همام- وهو ابن يحيى بن دينار- أصح؛ لأنه أوثق منه، احتج به الشيخان. وقال الترمذي: " حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير هذا الوجه عن أبي هريرة ". ومن وجوه الاضطراب التي أشار إليها ابن حجر آنفاً: رواية حُمَيْد عن الحسن عن رجل عن أبي هريرة؛ وهو الوجه الأتي: 811- وفي رواية عن رجل من بني سلَيْطٍ عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بنحوه. إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن الحسن عن رجل من بني سُلَيْط.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير السلَيْطِي؛ فهو مجهول، ويحتمل أن يكون هو أنس بن حكيم، الذي في الإسناد قبله، أو حريث بن قبيصة، كما تقدم في رواية الترمذي. وعلى كل حال؛ فالحديث قد اضطرب فيه الرواة على الحسن البصري، كما رأيت، وبه أعله الحافظ في "التهذيب ". لكن متابعة علي بن زيد له على الوجه الأول- كما سبق- لعله يرخحه. وكيفما كان الأمر؛ فالسند ضعيف؛ إما بجهالة أنس بن حكيم إن رجحنا روايته، وإما بالاضطراب. لكن الحديث صحيح؛ فإن له طريقاً أخرى صحيحة لا اضطراب فيها عن أبي هريرة، يأتي قريباً، وشاهداً من حديث تميم الداري، وهو المذكور في الكتاب بعده. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/436) من طريق عفان: ثنا حماد ... به، دون قوله: من بني سليط. وهكذا رواه أبو الأشهب عن الحسن ... به: أخرجه الطيالسي (1/68/264) ، وزاد في آخره: قال أبو داود: " سمعت شيخاً من المسجد الحرام يحدث بهذا الحديث، فقال الحسن وهو في مجلس أبي هريرة- لما حدث هذا الحديث-: والله؛ لهذا لابن آدم خير من الدنيا وما فيها ". وهذا سند ضعيف أيضا؛ لجهالة شيخ أبي داود. ولو صح؛ لكان نضاً في سماع الحسن من أبي هريرة لهذا الحديث، وقد صح عنه أنه قال: لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث- لحديث آخر ذكره-. انظر ترجمته من "التهذيب ". ثم رأيته في "المعجم الأوسط " (2/180 / 1- 2) بسند ضعيف عن الحسن عن أبي هريرة ... به.

الطريق الصحيحة: أخرجه النسائي (1/82) عن النضْر بن شُمَيْلِ قال: أنبأً نا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يَعْمُرَ عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أول ما يحاسب به العبد: صلاته، فإن كان أكملها؛ وإلا قال الله عز وجل: انظروا لعبدي من تطوع؛ فإن وجد له تطوع قال: أكملوا به الفريضة ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ولطرفه الأول شاهد من حديث ابن مسعود ... مرفوعاً: " أول ما يحاسب به العبد: الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس: الدماء ". أخرجه النسائي (2/163) بسند حسن في الشواهد، وشطره الثاني في "الصحيحين ". 812- عن تَمِيمً الدارِيِّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا المعنى؛ قال: " ثم الزكاة مثل ذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الدارمي أيضا) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن داود بن أبي هند عن زُرَارةَ ابن أوفى عن تميم الداري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه الحاكم (1/262- 263) ، وعنه البيهقي (2/387) من طريقين آخرين عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة ... به.

150- باب وضع اليدين على الركبتين

والدارمي (1/313) ، وابن ماجه (1/436) من طريقين آخرين أيضا عن حماد ... به. وقيل للدارمي: صح هذا؟ قال: إي. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي من طريق يزيد بن هارون: أبَنا داود بن أبي هند ... به موقوفاً على تميم، وقال: " ووقفه كذلك: سفيان الثوري وحفص بن غياث عن داود بن أبي هند. ورواه يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعنى حديث تميم الداري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة والزكاة، وأنم منه "! قلت: الموقوف هنا لا يعل الرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي؛ فهو في حكم المرفوع. تفربع أبواب الركوع والسجود 150- باب وضع اليدين على الركبتين 813- عن مصعب بن سعد قال: صَلَّيْتُ إلى جنب أبي، فجعلتُ يَدَيَّ بين رُكْبَتَي؛ فنهاني عن ذلك، فعُدْتُ، فقال: لا تصنع هذا؛ فإنا كنا نفعله؛ فَنُهِينا عن ذلك، وأُمِرْنا أن نَضَعَ أيدِيَنا على الرّكَبِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة

في "صحاحهم ") إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي يَعْفُور- قال أبو داود: واسمه: وَقْدان- عن مصعب بن سعد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/130) ، والطحاوي (1/135) ، والبيهقي (2/83) ، والطيالسي (1/91/423) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وتابعه أبو عوانة عن أبي يعفور ... به. أخرجه مسلم (2/69) ، والنسائي (1/159) ، والترمذي (2/44) ، والطحاوي والبيهقي. وتابعه سفيان أيضا ... باختصار. أخرجه مسلم وأبو عوانة (2/166) ، والطحاوي والبيهقي. وتابعه أيضا إسرائيل: ثنا أبو يعفور العبدي ... به؛ وزاد في أوله: كان بنو عبد الله بن مسعود إذا ركعوا؛ جعلوا أيديهم بين أفخاذهم، فصليت إلى جنب سعد ... قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وتابعه الزّبَيْر بن عدي عن مصعب بن سعد ... به نحوه. أخرجه مسلم وأبو عوانة، وابن ماجه (1/285) ، وكذا النسائي، وأحمد (1/181 و 182) .

814- عن عبد الله قال: وإذا ركع أحدكم؛ فَلْيَفْرِشْ ذِراعَيْه على فَخِذِهِ، وَلْيُطَبِّقْ بين كَفيْهِ، فكأنِّي أنظر إلى اختلافِ أصابعِ رسول الَله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم منهما كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/378) : حدثنا أبو معاوية ... به. ومسلم (2/68) ، وأبو عوانة (2/165) - معلقاً-، والبيهقي (2/83) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به، وهو عند مسلم مُظَوَّلٌ، والمصنف أورد منه طرفه الآخر، ولذلك ذكره بواو العطف: وإذا ركع ... عطفاً على ما قبله. وخفي هذا على بعضى النسَّاخ أو الطُبَّاع؛ فورد في بعض النسخ: إذا ركع ... بإسقاط الواو! والصواب إثباته، كما في بعضى النسخ الأخرى؛ إشارة إلى أنه طرف من حديث. وأخرجه النسائي (1/118 و 158) ، وكذا مسلم، وأبو عوانة، والطحاوي (1/134) ، وأحمد (1/426 و 447) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وتابعه عبد الرحمن بن الأسود: حدثنا علقمة عن عبد الله قال: علمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة، فكبَّر ورفع يديه، ثم ركع وطيق بين يديه

151- باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

وجعلهما بين رُكبتَيْهِ، فبلَغ سعداً، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل ذلك؛ ثم أمرنا بهذا؛ وأخذ بركبتيه. أخرجه النسائي (1/159) ، وابن الجارود (196) ، والحاكم (1/224) ، وأحمد (1/418) من طريق عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كُلَيْب عن عبد الرحمن بن الأسود. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. وتابعه ليث عن عبد الرحمن بن الأسود ... ونحوه. أخرجه أحمد (1/426) . وتابعه أبو إسحاق أيضا؛ وقد ذكرت لفظه عند الحديث (626) . 151- باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده 815- عن حذيفة: أنه صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ٍ؛ فكان يقول في ركوعه: " سبحان ربي العظيم "، وفي سجوده: " سبحان ربي الأعلى "، وما مرّ بآية رحمة؛ إلا وقف عندها فسأل، ولا بآية عذاب؛ إلا وقف عندها فتعؤذ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة قال: قلت لسليمان: أدعو في الصلاة إذا مررت بآية تَخَؤُف؟ فحدَّثني عن سعد بن عبَيْدَةَ عن مُسْتوْرِد عن صِلَةَ ابن زُفَرَ عن حذيفة.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله كلهم ئقات رجال الشيخين؛ غير مستورد- وهو ابن الأحنف الكوفي-؛ أخرج له الجماعة؛ إلا البخاري، وهو ثقة. والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي (1/98/432) : حدثنا شعبة عن الأعمش قال: سمعت سَعْد بن عبيدة ... به. ومن طريقه: أخرجه الترمذي (48/2/262) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه الدارمي (1/299) ، وأحمد (5/382 و 394) ، والطحاوي (11/38) من طرق أخرى عن شعبة. وأخرجه مسلم (2/186) ، وأبو عوانة (2/168- 169) ، والنسائي (1/160 و245) ، وابن ماجه (407- 408) ، وأحمد (5/384 و 389 و 397) من طرق أخرى عن الأعمش ... به وأتم منه عندهم جميعاً؛ حاشا ابن ماجه. 816- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في ركوعه وسجوده: " سُبُّوح قُذُوش ربُ الملائكةِ والروحِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام: ثنا قتادة عن مُطَرفٍ عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما

يأتي. ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشئخيرِ. والحديث أخرجه مسلم (2/51) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/160- 161 و170) ، وابن نصر (75) ، والطحاوي (1/138) ، والبيهقي (2/87) ، وأحمد (6/35 و 94 و 115 و 148 و 149 و 176 و 193 و 255 و 244 و 266) من طرق عن قتادة ... به. وزاد أحمد في رواية له عن يحيى: ثنا سعيد عن قتادة ... : ثلاث مرات. ثم شك يحيى في ثلاث. لكن لفظ: (ثلاث) له شواهد كثيرة، ولذلك كت ذكرته في "صفة الصلاة "؛ ورددت على من أنكر ورودها، وعند المؤلف وحده شاهدان، أحدهما: عن عقبة بن عامر، والآخر: عن ابن مسعود، وفي إسنادهما ضعف؛ ولذلك أوردتهما في الكتاب الأخر (152- 153 و 155) ، وعند الدارقطني (1/341 / 1و 5 و 6 و 7 و8) ، وأحدهما في "صحيح ابن خزيمة" (604) . وآخر من حديث جبير بن مُطْعِم: رواه البزار (1/261/537) ، وأشار إلى تقويته الهيثميُّ في "المجمع " (2/128) ! وأخطأ، كما بينته في التعليق على "كشف الأستار". ثم روى له شاهداًآخر من حديث أبي بكرة. وإسناده حسن؛ إن كان عبد الرحمن بن بَكَّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة صالحَ الحديث، كما قال البزار؛ فإني لم أجد أحداً ذكره! وفي الباب آثار موقوفة كثيرة، فانظر- إن شئت- مصنف ابن أبي شيبة" (1/249- 250) .

817- عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قُمْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةً، فقام فقرأ سورة (البقرة) ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذ اب إلا وقف فتعوذ. قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: " سبحان ذي الجبروت والملكوت، والكبرياء والعظمة "، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأب: (آل عمران) ، ثم قرأ سورةً سورةً. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ثنا ابن وهب: ثنا معاوية بن صالح عن عمرو ابن قيس عن عاصم بن حُمَيْدٍ عن عوف بن مالك الأشجعي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير عاصم بن حميد - وهو السكُوني الحمصي-؛ وقد وثقه الدارقطني وابن حبان. وفي "التقريب ": " صد وق ". والحديث أخرجه البيهقي (2/310) من طريق المصنف. وأخرجه النسائي (1/161 و 169) ، وأحمد (6/24) من طريق الليث عن معاوية بن صالح ... به. 818- عن حذيفة: أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي من الليل، فكان يقول: " الله أكبر (ثلاثاً) ، ذو الملكوت والجبروت، والكبرياء والعَظَمة "، ثم استفتح، فقرأ سورة (البقرة) ، ثم ركع، فكان ركوعه نحواً من قيامه، وكان يقول في

ركوعه: "سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم "، ثم يرفع رأسه من الركوع، فكان قيامه نحواً من ركوعه، يقول: " لربي الحمد "، ثم سجد، فكان سجوده نحواً من قيامه، فكان يقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى "، ثم رفع رأسه من السجود، وكان يقعد فيما بين السجدتين نحواً من سجوده، وكان يقول: " ربِّ! اغفر لي، ربِّ! اغفر لي "، فصلى أربع ركعات، فقرأ فيهن: (البقرة) و (آل عمران) و (النساء) و (المائدة) أو (الأنعام) - شك شعبة-. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وعلي بن الجَعْدِ قالا: ثنا شعبة عن عمرو ابن مُرةَ عن أبي حمزة مولى الأنصار عن رجل من بتي عَبْس عن حذيفة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل العَبْسي، وقد قيل: إنه صلة بن زفر العبسي كما يأتي. وأبو حمزة الأنصاري: اسمه طلحة بن يزيد الآيْلي الكوفي؛ وقد وثقه النسائي وابن حبان، وخرج له البخاري حديثاً واحداً، كما قال الذهبي. والحديث أخرجه النسائي (1/163 و 172) ، والطيالسي أبو داود (1/ 115/537) ، وعنه البيهقي (2/121- 122) ، وأحمد (5/398) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ وزاد الطيالسي: شعبة يرى أنه صلة بن زفر. قلت: وهذه فاثدة هامة؛ وصلة هذا ثقة من رجال الشيخين. وقال الحافظ في ترجمة (طلحة بن يزيد) من "التهذيب ":

" قال النسائي-لما خرج حديثه عن رجل عن حذيفة في صلاة الليل-: هذا الرجل يشبه أن يكون صلة (بياض) ؛ وطلحة ثقة ". قلت: وبانكشاف هوية الرجل العبسي، وتبيّن انه صلة للثقة؛ يستقيم الإسناد، ويصح الحديث. والحمد لله. وقال المنذري في "مختصره " (1/419) : " وأخرجه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي: أبو حمزة: اسمه طلحة بن يزيد. وقال النسائي: أبو حمزة- عندنا-: طلحة بن يزيد، وهذا الرجل يشبه أن يكون صلة. هذا آخر كلامه. وطلحة بن يزيد ... احتج به البخاري في "صحيحه ". وصلة بن زفر.. احتج به البخاري ومسلم ". وتابعه العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن طلحة بن يزيد الأنصاري عن حذيقة ... نحيه، لم يذكر بينهما العبسمي. أخرجه النسائي (1/246) ، وابن نصر في "قيام الليل " (75 و 89- 90) ، والحاكم (1/321) ، وأحمد (5/400) . وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأعله النسائي بالانقطاع، فقال: " هذا الحديث عندي مرسل، وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئاً. وغير العلاء بن المسيب قال في هذا الحديث: عن طلحة عن رجل عن حذيقة". قلت: وهذا هو الصواب؛ فإن العلاء- مع ثقته- ربما وهم، وقد خالفه شعبة، وهو أوثق منه، فذكر بينهما الرجل، لكنه ثقة، كما سبق؛ فالحديث صحيح على كل حال. وله طريق أخرى: يرويه عبد الملك بن عمير عن ابن عم- وقال مرة: ابن أخ

152- باب في الدعاء في الركوع والسجود

لحذيفة عن حذيفة ... نحوه مختصرأ. أخرجه أحمد (5/388 و 396 و 451) ؛ ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن العم هذا؛ فلم أعرفه! 152- باب في الدعاء في الركوع والسجود 819- عن أبي هريرة؛ أن رسول الله قال: " أقْرَب ما يكون العبدُ من رئه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السُّرْحِ ومحمد بن سلمة قالوا: ثنا ابن وهب: أخبرنا عمرو- يعني: ابن الحارث- عن عُمَارة بن غَزِئةَ عن سُمَي مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذَكْوَانَ يحدث عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/170) : أخبرنا محمد بن سلمة قال: ثنا ابن وهب ... به. وأخرجه مسلم (1/49- 50) ، وأبو عوانة (2/180) ، والبيهقي (2/110) ، وأحمد (2/421) من طرق عن ابن وهب ... به. وتابعه يحيى بن أيوب عن عُمَارة بن غَزِيًةَ ... به. أخرجه الطحاوي (1/138) .

وأخرجه البزار في "مسنده" (ص 62- زوائده) من حديث ابن مسعود. وسنده واهً. 820- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كشف السِّتارةَ والناسُ صُفوفٌ خلف أبي بكر، فقال: " يا أيها الناس! إنه لم يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم أو ترى له، وإني نُهِيتُ أن أفرأ راكعاً أو ساجداً: فأما الركوع؛ فعظموا الربَ فيه، وأما السجود؛ فاجتهدوا في الدعاء؛ فَقَمِنٌ أن يُستجابَ لكم ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن سليمان بن سُحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير مسدد؛ فهو من رجال البخاري، وقد تابعه جماعة عند مسلم وغيره كما يأتي. والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (1/ 228/489) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/170) من طريق الحميدي ... به. وهو، ومسلم (2/48) ، والدارمي (1/304) ، وابن الجارود (203) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة. وكذا الطحاوي (1/137) .

وتابعه إسماعيل بن جعفر: أخبرني سليمان بن سحيم ... به. أخرجه مسلم، والنسائي (1/168) ، والدارمي، والبيهقي (2/110) . وتابعه عبد العزيز بن محمد: ثنا سليمان بن سحيم ... به. أخرجه أبو عوانة. 821- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أن يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم ربَّنا! وبحمدك، اللهم! اغفر لي "؛ يتأؤل القرآن. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن أبي الضحَى عن مسروق عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/43) : ثنا جرير ... به. ثم أخرجه مسلم (2/50) ، وأبو عوانة (2/186- 187) ، وابن ماجه (1/289) ، والبيهقي (09/12) من طرق أخرى عن جرير ... به. وأخرجه البخاري (2/131 و 135) ، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/168- 169 و 169) ، والطحاوي (1/137) ، وأحمد (6/49 و 100 و 190) من طرق أخرى عن منصور ... به.

822- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في سجوده: " اللهم! اغفر لي ذنبي كلَّه: دِقَّه وجِلَّه، وأولَه واخرَه (زاد ابن السَّرْح: علانيتَه وسرَّه) ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف، ورواه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب. (ح) وثنا أحمد بن السرح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب عن عُمَارة بن غَزِيَّةَ عن سُمَي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة. قل: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من طريق ابن السرح. وأحمد بن صالح من رجال البخاري فقط. والحديث أخرجه مسلم (2/50) : حدثني أبو الطاهر ويونس بن عبد الأعلى قالا: أخبرنا ابن وهب. وأخرجه أبو عوانة (2/185- 186) ، والطحاوي (1/138) عن يونس وحده. وأخرجه أحمد (2/421) : ثنا هارون- قال عبد الله: وسمعته أنا من هارون- قال: ثنا ابن وهب. وأخرجه الحاكم (1/263) من طريق أبي الطاهر ... به، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "!

823- عن عائشة رضي الله عنها قالت: فَقَدْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ ليلةٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المسجدَ؛ فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان، وهو يقول: " أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك؛ أنت كما أثنيت على نفسك ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما ") . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عبدة عن عبيد الله عن محمد بن يحيى بن حَئان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجأله ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنباري، وقد وثقه الخطيب ومسلمة. وعبدة: هو ابن سليمان الكِلابي. والحديث أخرجه مسلم (2/51) ، وأبو عوانة (2/188) ، وابن خزيمة (1/ 329//625) ، والبيهقي (1/127) ، وأحمد (6/201) من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر ... به. وتابعه ابن نمير: ثنا عبيد الله ... به. أخرجه أحمد (6/58) . وأخرجه النسائي (1/169) ، والطحاوي (1/138) عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة قالت ... فذكر مثله. وزاد: وصدور قدميه نحو القبلة.

153- باب الدعاء في الصلاة

وإسناده صحيح على شرط الشيخين. والنسائي أخرجه من طريق إسحاق بن راهويه، وهذا في " مسند عائشة" (2/580/613) ؛ وقد طبع حديثاً. وأخرجه الطحاوي، وابن حبان (1930) من طريق عمارة بن غزية قال: سمعت أبا النضر يقول: سمعت عروة: قالت عائشة ... فذكر مثله؛ إلا أنه لم يذكر قوله: " لا أحصي ثناءً عليك "، وزاد: " أثني عليك، لا أبلغ كما فيك". وإسناده صحيح على شرط مسلم. ومن طريق الفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة. وللفرج هذا ضعيف. وأخرجه أحمد (6/58 و 201) عن عبيد الله بن عمر عن محمد بن يحيى بن حَبان عن الأعرج. 153- باب الدعاء في الصلاة 824- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدعو في صلاته: " اللهم! إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدخال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والمات، اللهم! إني أعوذ بك من المأثم والمغرم ".

فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟! فقال: " إن الرجل إذا غرم؛ حدَّثَ فكَذَبَ، ووعد فأخلف ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية: ثنا شعيب عن الزهري عن عروة أن عائشة أخبرته. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقد صرح بقية بالتحديث؛ وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/193) ... بإسناد المصنف ولفظه، إلا أنه قال: حدثنا أبي؛ مكان: ثنا بقية! فلا أدري أهو خطأ من بعض النساخ لكتاب "للسن "، أو أن لعمرو بن عثمان شيخين، أحدهما: أبوه عثمان- وهو ابن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي-، والآخر: بقية، حدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا؟! والله أعلم. والحديث أخرجه البخاري (2/137) ، وأحمد (6/88) - بإسناد واحد- فقالا: ثنا أبو اليمان قال: أنا شعيب ... به. وأخرجه مسلم (2/93) ، وأبو عوانة (2/236- 237) ، والبيهقي (2/154) من طرق أخرى عن أبي اليمان ... به. 825- عن أبي هريرة قال: قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الصلاة وقمعا معه، فقال أعرابي في الصلاة: اللهم! ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحد اً! فلما سلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للأعرابي:

" تَحَجزتَ واسعاً! "؛ يريد: رحمة الله عز وجل. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. وأخرجه ابن خزيمة (864) من طريق يونس بن عبد الأعلى: أخبرنا ابن وهب ... به. والحديث أخرجه البخاري (8/9) : حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري ... به. وقد تابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به؛ وزاد في آخره: ئم ولى، حتى إذا كان في ناحية المسجد؛ فَشَجَ يبول ... الحديث بنحو ما تقدم في الكتاب برقم (406) . أخرجه ابن ماجه (1/189) ، وابن حبان (246) ، وأحمد (2/503) . وتابعه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... به نحو حديث محمد بن عمرو. أخرجه المصنف وغيره، كما سبق في الموضع المشار إليه. وله شاهد من حديث خنْذبٍ ... نحوه. أخرجه أحمد (4/312) ، والمصنف في آخر كتاب "الأدبملا، وسيأتي إن شاء الله تعالى ( ... ) [باب من ليست له غيبة] ، وقد صححه الحاكم (1/56-57 و4/248) ، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

826- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قرأ: (سَبحِ اسْمَ رَئكَ الأعلى) ؛ قال: " سبحان ربي الأعلى ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!!) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البَطِين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال أبو داود: " خولف وكيع في هذا الحديث: رواه أبو وكيع وشعبة. عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ... موقوفاً "! قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن أبا إسحاق- وهو عمرو بن عبد الله السبِيعي- كان اختلط، ثم هو مدلس، وقد عنعنه. قال الحافظ في "التقريب ": " ثقة عابد، اختلط بآخره ". وفاته وَصْفُهُ بالتدليس! مع أنه قد أورده في المرتبة الثالثة من رسالته "طبقات المدلسين "، فقال (ص 14) : " مشهور بالتدليس، وهو تابعي ثقة، وصفه النسائي وغيره بذلك ". وكذلك أورده الحافظ برهان الدين الحلبي في " التبين " (ص 13) . هذه علة الحديث عندي. وأعله المصنف بمخالفة أبي وكيع- واسمه: الجَهل ابن مَلِيح- وشعبة لوكيع! كذا قال!

والصواب أن يقال: ... لإسراثيل؛ فإنه الراوي له عن أبي إسحاق. وكذلك رواه عن أبي إسحاق: أبو وكيع وشعبة، لكنهما أوقفاه. قلت: وهو الأرجح عندي؛ لأن شعبة سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط؛ بخلاف إسرائيل- وهو ابن ابنه يونس-؛ فإنه سمع منه بعد الاختلا'. فالصواب في هذا الإسناد الوقف؛ لكن تأني الإشارة إلى ما يشهد له. والحديث أخرجه البيهقي (2/310) من طريق المصنف. وأحمد (1/232) : ثنا وكيع ... به. وأخرجه الحاكم (1/263) من طريق أخرى عن زهير بن حرب ... به، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وفيه ما سبق بيانه. لكن للحديث شاهدان: أحدهما: عن قتادة ... مرسلاً: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قرأها قال: " سبحان ربي الأعلى ". أخرجه عبد بن حميد كما في " الدر المنثور" (6/326) . والأخر: عن علي بن أبي طالب: أنه قرأ: {سبح اسم ربك الأعلى} ؛ فقال: سبحان ربي الأعلى؛ وهو في الصلاة. فقيل له: أتزيد في القرآن؟! قال: لا؛ إنما أمرنا يشيء فَقُلْتُهُ! أخرجه الفِرْيابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الأنباري في "المصاحف ".

وأخرجه البيهقي (2/311) ... موقوفاً على علي رضي الله عنه. وسنده حسن. وله شاهد ثالث موقوف من طريق عمير بن سعيد قال: سمعت أبا موسى يقرأ في الجمعة بـ: {سبح اسم ربك الأعلى} ؛ فقال: سبحان ربي الأعلى. أخرجه البيهقي بسند صحيح. 827- عن موسى بن أبي عائشة قال: كان رَجُلٌ يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} ؛ قال: سبحانك فَبَلَى! فسألوه عن ذلك؟ فقال: سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الصحابي؛ فإنه لم يسم، ولا يضر ذلك؛ كما قال الحافظ ابن كثير (4/452) . والحديث أخرجه البيهقي (2/310) من طريق المصنف. وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق شَبَابة عن شعبة عن موسى بن أبي عائشة عن آخر: أنه كان فوق سطح يقرأ، ويرفع صوته بالقرآن، فإذا قرأ ... الحديث.

154- باب مقد ار الركوع والسجود

وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه المصنف وغيره، ولكنه من حصة الكتاب الآخر (156) . 154- باب مقد ار الركوع والسجود 828- عن السعدي عن أبيه- أو عمه- قال: رَمَقْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته؛ فكان يتمكَّن من ركوعه وسجوده قَدْرَ ما يقول: " سبحان الله وبحمده " ثلاثاً. (قلت: حديث صحيح، وحسنه الحافظ العسقلاني) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد بن عبد الله: ثنا سعيد الجُرَيْرِيّ عن السعدي. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير السعدي؛ فإنه مجهول، لكن قد أحسن الجريري الثناء عليه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (5/271) من طريق أخرى عن خالد ... به. وأخرجه هو (5/6) ، والبيهقي (2/111) من طريق محمد بن عبد الرحمن الطّفَاوِي: ثنا سعيد الجُرَيْرِي عن رجل من بتي تميم- وأحسن الثناء عليه- عن أبيه أو عمه. وكأنه- لهذا- قال الحافظ في "التلخيص " (1/243) : " رواه أحمد من حديث السعدي، وإسناده حسن "! كذا قال؛ ولا يخفى ما فيه من التساهل.

155- باب أعضاء السجود

لكن الحديث له شواهد كثيرة، يرتقي بها إلى درجة الصحة: منها: عن حذيفة بن اليمان قال: كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في ركوعه: " سبحان ربي العظيم وبحمده " ثلاثاً، وفي سجوده: "سبحان ربي الأعلى وبحمده " ثلاثاً. أخرجه الدارقطني في "سننه " (130) من طريق محمد بن أبي ليلى عن صلة عن حذيفة. ورجاله ثقات؛ إلا أن ابن أبي ليلى فيه ضعف من قبل حفظه. وبقية الشواهد؛ قد ذكرتها في " تخريج صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها ". 155- باب أعضاء السجود 829- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أُمِرْتُ- قال حماد: أمر نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يسجد على سبعة، ولا يكف شعراً ولا ثوباً ". وفي رواية: " أمرت- وربما قال: أمر نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يَسْجُدَ على سبعة آرَابً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدئنا مسدد وسليمان بن حرب قالا: ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن

دينار عن طاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/135) ، ومسلم (2/52) ، والنسائي (1/165) ، والترمذي (2/62) ، والبيهقي (2/101) من طرق أخرى عن حماد ... به. وأخرجه البيهقي من طريق آخر عن سليمان بن حرب ... به. وزاد مسلم والبيهقي في رواية: " الكفين والركبتين والقدمين والجيهة ". وقال الترمذي: "حسن صحيح ". وأخرجه الشيخان وأبو عوانة (2/182) ، والنسائي، والدارمي (1/302) ، والطحاوي (1/150) ، وأحمد (1/221 و 223 و 270 و 286) ،والحميدي (493) من طرق أخرى عن عمروٍ ... به؛ وعند البخاري الزيادة المذكورة. وتابعه عليها: عبد الله بن طاوس عن أبيه ... به. أخرجه الشيخان وأبو عوانة والنسائي والدارمي، وابن ماجه (1/288) ، والبيهقي (2/ 103) ، وأحمد (1/292 و 305) ، والحميدي في "مسنده " (494) . وأما الرواية الأخرى؛ فإسنادها هكذا: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن عمرو بن دينار ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الطيالسي (438) : حدثنا شعبة ... به. ومن طريق أبي داود: أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/182) . وأخرجه هو، والبخاري (2/134) ، ومسلم (2/52) ، والدارمي (1/302) ،

والنسائي أيضا (11/67) ، وأحمد (1/255 و 279- 280 و 285 و 286 و 324) من طرق أخرى عن شعبة ... به. 830- عن العباس بن عبد المطلب: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا سجد العبد؛ سجد معه سبعة آراب: وَجْهُهُ وكفاه وركبتاه وقدماه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا بكر- يعني: ابن مُضَرَ- عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وابن الهاد: اسمه يزيد بن عبد الله بن أسامة الليثي المدني. وعزاه الحاكم (1/227) للمتفق عليه! فوهم. والحديث أخرجه مسلم (4/207) (1) ، والنسائي (1/165) ، والترمذي (2/61) ، والبيهقي (2/101) ، وأحمد (1/208) كلهم عن قتيبة ... بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (1/166) ، وابن ماجه (1/288) ، والطحاوي (1/150) ،

_ (1) من النسخة التي عليها شرح مسلم. وأما نسخة المتن- التي أعزو بليها عادة؛ طبع إستنبول-؛ فلم أر الحديث فيها! وقد عزاه إليه جماعة؛ منهم النابلسي في "الذخائر". وقد ذكر الحافظ في "التلخيص " (1/252) أنه في بعض نسخ "مسلم " دون بعصْ

وأحمد (1/206) من طرق أخرى عن ابن الهاد ... به. وقال الترمذي: "حسن صحيح ". 831- عن ابن عمر ... رفعه قال: " إن اليدين تسجد ان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه؛ فليضع يديه، وإذا رفع فليرفعهما ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الضياء في "المختارة") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا إسماعيل- يعني: ابن إبراهيم- عن أيوب عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وإسماعيل: هو ابن عُلَيةَ. والحديث في "مسند أحمد" (2/6) ... بإسناده هذا. وأخرجه النسائي (1/165) ، والحاكم (1/226) ، وعنه البيهقي (2/101) ، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" من طرق أخرى عن إسماعيل بن عُلَيةَ ... به. وتابعه وُهَيْب: ثنا وهيب ... به؛ إلا أنه صرح بالرفع فقال: عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... أخرجه البيهقي وللضياء بإسناد صحيح أيضا. وقال البيهقي: " ورواه حماد بن زيد عن أيوب موقوفاً على ابن عمر "

156- باب في الرجل يدرك الامام ساجدا؛ كيف يصنع؟

قلت: المرفوع أصح. 156- باب في الرجل يدرك الامام ساجداً؛ كيف يصنع؟ 832- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تَعُدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة ". (قلت: حديث حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن سعيد بن الحكم حدثهم: أخبرنا نافع بن يزيد: حدثني يحيى بن أبي سليمان عن زيد بن أبي العَتاب وابن المَقْبُري عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير يحيى بن أبي سليمان- وهو أبو صالح المدني -؛ قال البخاري: " منكر الحديث ". وقال أبو حاتم: " مضطرب الحديث، ليس بالقوي، يكتب حديثه ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". ووثقه الحاكم أيضا كما يأتي. وأخرج ابن خزيمة حديثه هذا في "صحيحه " (رقم 1622) وقال: " في القلب شيء من هذا الإسناد؛ فإني لا أعرف يحيى بن أبي سليمان

بعدالة ولا جرح، وإنما خرجت خبره؛ لأنه لم يختلف فيه العلماء ". وقال الحافظ في "التقريب ": " لين الحديث ". قلت: وهذا هو الذي لا شك فيه، وتوثيق ابن حبان والحاكم مما لا يعتد به؛ لتساهلهما في التوثيق كما اشتهر، ولولا أن الحديث قد جاءت له شواهد مرفوعة وموقوفة كما يأتي؛ لما كان حقه أن يخرج في هذا الكتاب، وإنما في الكتاب الأخر. وسعيد بن الحكم: هو ابن أبي مريم؛ وهذا جده. والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/1/170) ، والحاكم (1/216) ، والبيهقي (2/89) من طريقين آخرين عن سعيد بن أبي مريم ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد؛ ويحبي بن أبي سليمان من ثقات المصرين "!! ووافقه الذهبي!! وقد عرفت ما في توثيقه من التساهل! ثم هو مدني. قال الحافظ: " وكأنه جعله مصريّاً؛ لرواية أهل مصر عنه ". وللحديث طريق أخرى بسند ضعيف: أخرجه البيهقي من طريق يحيى بن حُمَيْد عن قُرةَ بن عبد الرحمن عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أدرك ركعة من الصلاة؛ فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صُلْبَهُ ". وقال: " قال أبو أحمد بن عدي: هذه الزيادة: " قبل أن يقيم الإمام صلبه "؛ يقولها يحيى بن حميد عن قرة. قال البخاري: ... لا يتابع يحيى في حديثه ".

157- باب السجود على الأنف والجبهة

لكن يقؤيه ما أخرجه البيهقي أيضا من طريق شعبة عن عبد العزيز بن رُفَيْع عن رجل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجداً فاسجدوا، ولا تعتدّوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع ". قلت: وإسناده صحيح؛ إن كان الرجل الذي لم يسمَّ صحابيّاً، ولعله الراجح؛ فإن عبد العزيز بن رفيع تابعي جليل، روى عن جماعة من الصحابة؛ منهم العبادلة: ابن عمر وابن عباس وابن الزبير. وسواءَّ كان هو واحداً من هؤلاء أو رجلاً آخر من الصحابة؛ فالصحابة كلهم عدول. وإن كان من غيرهم من التابعين؛ فهو مجهول. لكن يقويه أن سعيد بن منصور قد أخرجه عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من أهل المدينة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره بنحوه. فهؤلاء جماعة من التابعين- إن لم يكونوا من الصحابة- يقوي بعضهم بعضاً. ويزداد الحديث قوة بآثار وردت عن جماعة من الصحابة بأسانيد صحيحة أن مدرك الركوع مدرك للركعة، ولم يصح عن أحد منهم خلاف ذلك، وبيانه في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " (496) ، و "الصحيحة" (1188) . 157- باب السجود على الأنف والجبهة 833- عن أبي سعيد الخدري: ٍأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رئي على جبهته وعلى آرْنبَتِهِ آثَرُ طين؛ من صلاة صلاها بالناس. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") .

158- باب صفة السجود

إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا صفوان بن عيسى: ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري. حدثنا محمد بن يحيى: ثنا عبد الرزاق عن معمر ... نحوه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عبد الرزاق، وعلى شرط مسلم من طريق صفوان؛ وقد خرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/172) عن عبد بن حميد: أخبرنا عبد الرزاق ... به وأخرجه هو، والبخاري (2/134- 135 و 3/43) من طرق أخرى عن يحيى ابن أبي كثير ... به مطولاً. وله طريقان آخران عن أبي سلمة، يأتي أحدهما عند المصنف في "أبواب شهر رمضان " (رقم 1251) ، وسأذكر الآخر هناك إن شاء الله تعالى. 158- باب صفة السجود 834- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اعتدلوا في السجود؛ ولا يفترشْ أحدُكم ذراعَيْهِ افتراشَ الكَلْبِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث أخرجه الطيالسي (1/ 99/437) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه الترمذي (2/66) من طريق الطيالسي، وقال: " حديث حسن صحيح ". والبخاري (2/136) ، ومسلم (2/53) ، والنسائي (1/167) ، والدارمي (1/303) ، والبيهقي (2/113) ، وأحمد (3/115 و 177 و 179 و 202 و 204 و291) من طرق عن شعبة ... به؛ وصرح قتادة بالسماع من أنس: عند الترمذي والدارمي وأحمد في رواية. وتابعه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ... به. أخرجه ابن ماجه (1/289) ، وكذا النسائي، وابن أبي شيبة في "المصنف " (1/175) . وهمام وزيد بن إبراهيم وهشام عنه: عند أحمد (3/109 و 231) . وأبو العلاء أيوب بن أبي مسكين عن قتادة: عند النسائي (1/166) . وله شاهد من حديث جابر ... مرفوعاً به: أخرجه ابن أبي شيبة وغيره بإسناد صحيح على شرط مسلم، وهو مخرج في "تخريج صفة الصلاة ". 835- عن ميمونة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد؛ جافى بين يديه؛ حتى لو أن بَهْمَةً أرادت أن تمر تحت يديه مَرَّتْ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") .

إشاده: حدثنا قتيبة: ثنا سفيان عن عبيد الله بن عبد الله عن عمه يزيد بن الأصم عن ميمونة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/184) من طريق المصنف: حدثنا أبو داود السِّجْزِيّ ... به. وأخرجه النسائي (1/166- 167) ... بإسناده. وتابعهما أحمد (6/331) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه مسلم (2/53- 54) ، وأبو عوانة أيضا، والدارمي (1/306) ، وابن ماجه (1/287) ، والحاكم (1/228) ، والبيهقي (2/114) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وتابعه مروان بن معاوية الفَزَاري: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن الأصم ... به؛ دون قوله: حتى لو أن بَهمة ... إلخ؛ وزاد: وإذا قعد؛ اطمأًنَ على فَخِذهِ اليسرى. أخرجه مسلم، والنسائي (1/172) . وله شاهد من حديث سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد؛ جافى حتى يُرى بياض إِبْطَيْهِ. أخرجه أحمد (3/294- 295) من طريق عبد الرزاق، وهذا في "المصنف " (2/168- 169/2922) . وإسناده صحيح.

836- عن ابن عباس قال: آتَيْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْفِهِ؛ فرأيت بياض إِبْطَيْهِ وهو مُجَخ، قد فَرجَ بين يديه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُفَيْلِي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق عن التميمي- الذي يحدث بالتفسير- عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير التميمي- واسمه أرْبِدَة- بسكون الراء، بعدها موحدة مكسورة-؛ قال الذهبي: " ما روى عنه سوى أبي إسحاق ". ووتقه العجلي وابن حبان. وقال الحافظ في "التقريب ": " صدوق "! قلت: ولكنه قد توبع كما يأتي. وأبو إسحاق: هو السَّبِيعي، وكان اختلط، لكن قد رواه عنه سفيان الثوري، وقد سمع منه قبل الاختلاط. لكنه مدلس أيضا، ولم أرَ تصريحه بالسماع من التميمي في شيء من الطرق عنه! والحديث أخرجه الحاكم (1/228) ، وعنه البيهقي (2/115) من طريق أخرى عن النفيلي ... به. وأخرجه أحمد (1/362 و 365) من طريق سفيان عن أبي إسحاق ... به؛ بلفظ:

كان إذا سجد؛ يُرى بياض إبطيه وهو ساجد. وأخرجه أيضا (1/292 و 302 و 305 و 316- 317 و 332 و 354) من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به. وأخرجه الطحاوي (1/136) عن شعبة عن أبي إسحاق ... بلفظ سفيان عنه. وله طريق أخرى: يرويه ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال: رأى ابن عباس رجلاً ساجداً قد ابْتَسَطَ ذراعيه، فقال ابن عباس: هكذا يربض الكلب، رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد؛ رأيت بياض إبطيه. أخرجه الطيالسي (1/100/443) ، وأحمد (1/233 و 320 و 352) ، وابن أبي شيبة (1/174) . ورجاله ثقات؛ غير أن شعبة هذا صدوق سيئ الحفظ، كما في "التقريب ". فهو إسناد حسن بالذي قبله. وأما الحديث فصحيح؛ لأنه له شواهد كثيرة، أوردتها في "تخريج صفة الصلاة"؛ منها حديث ميمونة قبله، وحديث أحمر بعده، وحديث البراء: عند الطيالسي (1/99/441) . 837/1- عن أحْمَرَ بن جَزْءً صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد؛ جافى عَضئدَيْهِ عن جَنْبَيْهِ؛ حتى نأويَ له. (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال النووي وابن الملقن: " إسناده صحيح "، وصححه ابن دقيق على شرط البخاري! وأخرجه الضياء في "المختارة") .

إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا عَبَاد بن راشد: ثنا الحسن: ثنا أحْمَرُ ابن جَزْء. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عَياد بن راشد - وهو التميمي مولاهم البصري-؛ فقد أخرج له البخاري مقروناً بغيره، وهو مختلف فيه؛ فأورده البخاري في "الضعفاء". وأنكر عليه ذلك أبو حاتم، فقال: " يُحَرل ". وقال: " صالح الحديث ". وقال أحمد: " ثقة "، ورفع أمره. وقال النسائي: " ليس بالقوي ". وقال المصنف: " ضعيف ". وفي " التقريب ": " صدوق له أوهام ". قلت: فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى، وقد صحح حديثه هذا جماعة، فقال النووي في "المجموع " (3/430) : " إسناده صحيح ". وكذا قال ابن الملقن في "الخلاصة"- كما في "نصب الراية" للزيلعي (1/387) -. وصححه ابن دقيق العيد على شرط البخاري؛ كما في "التلخيص " لابن حجر (1/256) ! وفيه ما لا يخفى؛ فإن البخاري إنما روى له مقروناً، وقد ضعفه، فكيف يكون صحيحاً على شرطه؟! بل الصواب أنه حسن كما ذكرنا.

نعم؛ هوصحيح بما يأتي له من المتابع. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (1/174) ، وعنه ابن ماجه (1/288) ، والطحاوي (1/136) ، والبيهيقي (2/115) ، وأحمد (4/342 و 5/30) ، والطبراني في "المعجم الكبير"، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" من طرق عن عَباد بن راشد ... به. وتابعه عَبَّاد بن ميسرة عن الحسن ... به: أخرجه الطحاوي. وابن ميسرة هذا: حاله قريب من حال ابن راشد؛ بل لعله دونه؛ قال الحافظ: " لين الحديث ". فلا بأس بمتابعته، وبها يرتقي الإسناد إلى الصحة. 837/2- عن دزاج عن ابن حُجَيْرَةَ عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سجد أحدُكم؛ فلا يفترشْ يديه افتراشَ الكلب، وليَضُم فَخِذَيْه ". (قلت: إسناده ضعيف؛ دراج فيه ضعف) (*) . إسناده: حدثنا عبد اللك بن شعيب بن الليث: ثنا ابن وهب: ثنا الليث عن دراج. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير دراج- وهو ابن سَمْعان أبو السمْح-، وهو ضعيف.

_ (*) أشار الشيخ رحمه الله إلى نقل هذا الحديث من "الضعيف " إلى "الصحيح " بقوله: " عقب حديث (أحمر بن جزء) في الأصل حديث عن أبي هريرة، وذكر في "الضعيف " برقم (159) ، فلينقل بلى هنا؛ لأنه تبين أنه حسن، ويعظى له رقم (2/837) ".

159- باب الرخصة في ذلك للضرورة

ثم تبين لي فيما بعد أنه مستقيم الحديث فيما رواه عن ابن حُجَيرة، ضعيفُه فيما رواه عن أبي الهيثم؛ في بحث تراه في "الصحيحة" (3350) ، فلينقل هذا إلى " الصحيح " [هنا] . وابن حجيرة- وهو الأكبر-: اسمه عبد الرحمن. والحديث أخرجه البيهقي (2/115) من طريق أبي صالح: حدثني الليث ... به. وقال: " وكذلك رواه ابن وهب عن الليث بن سعد. ولعل التفريج أشبه بهيئة السجود. والله تعالى أعلم ". قلت: وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/ 328/653) ، وابن حبان (3/ 192/1914- الإحسان) من طريق أخرى عن الليث ... به. وقال ابن حبان: " لم يسمع الليث بن سعد عن درّاج غير هذا الحديث ". 159- باب الرخصة في ذلك للضرورة [تحته حديث واحد. انظره في " الضعيف "] 160- باب في التَّخَصًّرِ والاقعاء 838- عن زياد بن صبَيْحٍ الحنفي قال: صَلَّيْت إلى جنب ابن عمر، فوضعت يدي على خاصرتي، فلما صلى قال: هذا الصلْبُ في الصلاة، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عنه. (قلت: إسناده صحيح) .

إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ عن وكيع عن سعيد بن زياد عن زياد بن صبَيْح الحنفي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وسكت عليه المنذري (1/ 426/865) !! والحديث أخرجه أحمد (2/106) : ثنا وكيع ... به. وأخرجه النسائي (1/142) ، والبيهقي (2/288) ، وأحمد أيضا (2/30) من طرق أخرى عن سعيد بن زياد ... به. وفي الباب عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاختصار في الصلاة. أخرجه الشيخان وغيرهما- كالمصنف-، وسيأتي برقم (873) . ويلاحظ القارئ أن المصنف بوَّب لشيئين: التخصُر، والإقعاء؛ فترجم للتخصّر، ولم يترجم للإقعاء! وكأنه أشار بذلك إلى بعض الأحاديث التي تناسب الباب، وقد ذكر فيما تقدم حديثين: أحدهما: في النهي عنه عن عائشة؛ وهو برقم (752) . والأخر: في مشروعيته عن ابن عباس، وهو برقم (791) . وفي النهي أيضا أحاديث أخرى، سبقت الإشارة إليها هناك، أذكر هنا حديث علي ... مرفوعاً. " لا تُقْعِ بين السجدتين ". أخرجه الترمذي (2/72) ، وابن ماجه (1/289- 290) ، والبيهقي (3/212) ، والطيالسي (182- "مسنده ") ، وأحمد (1/146) من طريق أبي

161- باب البكاء في الصلاة

إسحاق عن الحارث عن علي- وهو عند الثلاثة الآخرين مطول، فيه أحكام أخرى؛ منها: " يا علي! لا تفتح على الإمام ". وهذا القدر أخرجه المصنف أيضا، وقد أوردته في الكتاب الأخر (161) ؛ لضعف الحارث. والتبس الأمر على الشوكاني، فظن أن المصنف أخرج أيضا حديث علي: " لا تُقْعِ بين السجدتين "، فقال (2/232) : " أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه "! وإنما عنده من حديث علي ما ذكرت من الفتح على الإمام! فاقتضى التنبيه (1) ! وفي رواية لابن ماجه: "ياعلي! لاتُقْعِ إقعاءَ الكلب ". وأحاديث النهي عن الإقعاء كلها معلولة؛ غير أن مجموعها يدل على أن له أصلأ، فيحمل على إقعاء كإقعاء الكلب، كما في رواية ابن ماجه وغيره. فلا تعارض حينئذ بينها وبين حديث ابن عباس المشار إليه في المشروعية؛ لأنه ليس إقعاءً كإقعاء الكلب. والله أعلم. 161- باب البكاء في الصلاة 839- عن مُطَرفٍ [وهو ابن عبد الله بن الشِّخِّيِر] عن أبيه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي؛ وفي صدره أزيز كأزيز الرحَى مِنَ البكاء.

_ (1) وقد اقتصر النابلسي في "الذخائر" (3/30/5480) - في حديث الاقعاء-: على الترمذي وابن ماجه.

162- باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة

(قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان أيضا) . إسناده: ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سَلآم: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا حماد- يعني: ابن سلمة- عن ثابت عن مُطَرفٍ عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن ابن محمد بن سلام- بالتشديد-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. واسم أبي مطَرف: عبد الله بن الشخيرِ. والحديث أخرجه أحمد (4/25) : ثنا يزيد ... به. وأخرجه الحاكم (1/264) ، وعنه البيهقي (2/251) من طريق أخرى عن يزيد بن هارون ... به. وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وأخرجه النسائي (1/179) ، وابن حبان (522) ، والبيهقي أيضا، وكذا أحمد (4/25 و 26) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. والحديث عزاه المنذري (1/427) للترمذي أيضا! وما أراه عنده (*) ! 162- باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة 840- عن زيد بن خالد الجُهَنِي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من توضآ فأحسن وضوءه، ثم صلى ركعتين، لا يسهو فبهما؛ غفِرَ له ما تقدمَ من ذنبه ".

_ (*) هو في "شمائله " لا في " سننه ". (الناشر) .

(إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا عبد الملك بن عمرو: ثنا هشام - يعني: ابن سعد- عن زيد عن عطاء بن يسارعن زيد بن خالد. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وفي هشام بن سعد كلام، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وزيد: هو ابن أسلم. والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (4/117) ... بهذا الإسناد. ثم أخرجه هو (5/194) ، والحاكم (1/131) من طريقبن آخرين عن هشام بن سعد ... به. وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم، ولا أحفظ له علة تُوهِنُهُ "، ووافقه الذهبي. (تنبيه) : قال الشيخ النابلسي في "ذخائر المواريث ": " رواه أبو داود في "الصلاة " عن أحمد بن حنبل وعن هشام بن سعد "! وهذا مما يدل على جهله بتراجم الرجال وطبقاتهم! فإنه ظن أن واو (عمرو) في اسم والد (عبد الملك) هي واو العطف! وعليه ظنَّ أن المصنف عطف هشام بن سعد على أحمد بن حنبل؛ ظناً منه أنه قال: (وثنا هشام بن سعد) ! مع أن هشاماً هذا لم يدركه المصنف، بل بينهما واسطتان إ! 841- عن عقبة بن عامر الجُهَنِيِّ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ويصلي ركعتين، يُقْبل بقلبه ووجهه عليهما؛ إلا وَجَبَتْ له الجنة ".

163- باب الفتح على الامام في الصلاة

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ على اختلاف فيه. وأخرجه مسلم وأبو عوانة. ومضى 162) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا زيد بن الحُبَابِ: ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن جُبَيْر بن نُفَيْر الحَضْرَمِيِّ عن عقبة بن عامر الجُهَنِي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا أن ذِكْرَ جبير بن نُفَيْرٍ فيه غير محفوظ، كما سبق بيانه عند حديث عقبة هذا برقم (162) ، وهو هناك أتم مما هنا. والحديث أخرجه النسائي (1/36) : أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المَسْرُوقي قال: حدثنا زيد بن الحُبَابِ ... به؛ إلا أنه قال: عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن جبير بن نفير الحضرمي ... به، فزاد في الإسناد: وأبي عثمان. وقد رواه ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي عثمان عن جبير بن نفير ... به. أخرجه مسلم وأبو عوانة والمصنف في المكان المشار إليه. 163- باب الفتح على الامام في الصلاة 842- عن المُسَور بن يزيد المالكي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يحيى: وربما قال: شهدت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ في الصلاة، فترك شيئاً لم يقرأْهُ، فقال له رجل: يا رسول الله! تركت آية كذا وكذا! فقال: " هَلآ آذْكَرْتَنِيهَا؟! ".- قال سليمان في حديثه- قال: كنت أُرَاها نُسِخَتْ. (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان) .

إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقى قالا: أخبرنا مروان بن معاوية عن يحيى الكاهلي عن المُسَورِ بن يزيد الكاهلي. وقال سليمان قال: حدثني يحيى بن كثير- زاد في بعض النسخ- الآزْدي قال: ثنا المُسَور بن يزيد الأسَدِي. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى- وهو ابن كثير الكاهلي-؛ قال أبو حاتم: "شيخ ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال النسائي: "ضعيف ". ولم يرو عنه غير مروان بن معاوية الفزاري. قلت: فحديثه حسن بالشاهد الذي بعده. والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 42- 43) ، وابن حبان في "صحيحه " (378) ، والبيهقي (3/211) ، وأحمد (4/74) هن طريقين آخرين عن مروان ... به. 843- عن عبد الله بن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صلاة؛ فقرأ فيها، فَلُبِسَ عليه. فلما انصرف قال لأُبَي: " أصليت معنا؟ ". قال: نعم. قال: "فما منعك؟! ".

(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والضياء في "المختارة") . إسناده: حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي: تنا هشام بن إسماعيل: ثنا محمد ابن شعيب: أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زَبْرٍ عن سالم بن عبد الله عن عبد الله ابن عمر. (قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات) . والحديث أخرجه ابن عساكر في "التاريخ " (2/591) من طريق آخر عن يزيد ابن محمد ... به. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (380) ، والبيهقي (3/212) من طريق هشام بن عمار: حدثنا محمد بن شعيب بن شَابُور ... به؛ وزاد: ".. أن تفتح علي ". وكذلك رواه الظبراتي في "المعجم الكبير"، والضياء في "الأحاديث المختارة ". ويشهد له الحديث الذي قبله. وحديث الجارود بن أبي سَبْرَةَ عن أُبَأ بن كعب قال: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناس، فترك آية، فلما قضى صلاته قال: " أتكم أخذ علي شيئاً من قراءتي؟ ". قال أُبي: أنا؛ تركتَ آية كذا وكذا. فقال: " قد علمت إن كان أخذها أحد علي؛ كان هو ". أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 42) . وإسناده صحيح؛ لولا أنه منقطع بين الجارود وأُبيّ.

164- باب النهي عن التلقين

ثم روى عن ابن أبزى عن أبيه قال: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فترك آية، فقال: " أفي القوم أُبيّ؟ ". فقال: يا رسول الله! نعم، أنسخت آية كذا وكذا، أم نسيتها؟ فضحك، فقال: "بل نسيتها". وإسناده صحيح؛ وابن أبزى: هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى. وأبوه صحابي صغير. رواه النسائي في "الكبرى" (5/67/8240) ، وصححه ابن خزيمة (3/ 73/1647 و1648) من طريقين عن سعيد عن أبيه عن أُبَيً. 164- باب النهي عن التلقين [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 165- باب الالتفات في الصلاة 843/م- عن ابن شهاب قال: سمعت أبا الأحوص يحدثنا في مجلسِ سعيد بن المسيب قال: قال أبو ذر: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يزالُ اللهُ عزّ وجلَّ مقبلاً على العبدِ وهو في صلاتِه ما لم يلتفت، فإذا التفتَ انصرف عنه ".

(قلت: إسناده ضعيف (1) ، أبو الأحوص فيه جهالة- كما قال النووي-، وقال المنذري: " لا يُعرف له اسم "، قال ابن معين: " ليس بشيء "، وقال أبو أحمد الكرابيسي: " ليس بالمتين عندهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب؛ قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أبي الأحوص؛ قال الذهبي في "الميزان ": " ما حدث عنه سوى الزهري، وثقه بعض الكبار، وقال ابن معين: " ليس يشيء "، وقال ابن القطان: " لا يعرف له حال "، ولا قضى له بالثقة قول الزهري: " سمعت أبا الأحوص يحدث في مجلس سعيد بن المسيب ". ". ولهذا قال النووي في "المجموع " (4/96) : " فيه جهالة ". وقال المنذري في "مختصره " (1/429) : " لا يعرف له اسم، وهو مولى بني ليث. وقيل: مولى بني غفار، ولم يرو عنه غير الزهري، قال يحيى بن معين: ليس هو بشيء. وقال أبو أحمد الكرابيسى: ليس بالمتين عندهم ". وقال في "الترغيب " (1/190) : " لم يرو عنه غير الزهري، وقد صحح له الترمذي وابن حبان وغيرهما ". وقال الحافظ: " مقبول "؛ أي: عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما هنا. والحديث أخرجه البيهقي (2/281) من طريق المصنف، والحاكم (1/236) ،

_ (1) حسنته في "الترغيب " لشاهد (*) . ............. (*) انظره ثمة (1/360- 361) . (الناشر) .

وعنه البيهقي من طريق أخرى عن ابن وهب. وأخرجه النسائي (1/177) ، والدارمي (1/331) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (2/183) ، وأحمد (5/172) من طرق أخرى عن يونس ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. ويأتي لأبي الأحوص هذا حديث آخر في الكتاب ["الضعيف "] (رقم 170) . 844- عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التفات الرجل في الصلاة؟ فقال: " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه". وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص عن الأشعث- يعني: ابن سُلَيْم- عن أبيه عن مسروق عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. وأبو الأ حوص (*) والحديث أخرجه البخاري (2/124- 125) ... بإسناد المصنف هذا. ثم أخرجه هو (4/99) ، والنسائي (1/177) ، والترمذي (2/484- 485) من طرق أخرى عن أبي الأحوص ... به.

_ (*) كذا الأصل؛ لم يتم الشيخ رحمه الله العبارة (الناشر) .

166- باب السجود على الأنف

وأخرجه البيهقي (2/281) من طريقين آخرين عن مسدد ... به. وأخرجه النسائي، وابن حبان (2284) ، وأحمد (06/16) من طريق أخرى عن أشعث ... به. وخالفهما إسرائيل فقال: عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبي عَطِية عن مسروق عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله. أخرجه النسائي، فقال: أبي عَطِيَّة؛ بدل: أبيه. وأبو عطية: هو الوادعي الهَمْداني الكوفي؛ وهو ثقة أيضا من رجال الشيخين. (تنبيه) : ذكر الحاكم (1/237) أن الحديث متفق عليه بين الشيخين! وذلك من أوهامه؛ فإن مسلماً لم يخرجه أصلاً. 166- باب السجود على الأنف 845- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئيَ على جبهته وعلى أرْنَبَتِهِ آثَرُ طين؛ من صلاة صلاها بالناس. (قلت: إسناده صحيح، ومضى بإسناد على شرط الشيخين (833) ، وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا مُؤَمل بن الفضل: ثنا عيسى عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري. قال أبو علي: " هذا الحديث لم يقرأه أبو داود في العرضة الرابعة ".

167- باب النظر في الصلاة

قلت: ولعل ذلك لأنه تقدم في "باب السجود على الأنف والجبهة" رقم (833) . وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة. وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعِيُ. والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما عن يحيى بن أبي كثير، كما سبق ذكره هناك. 167- باب النظر في الصلاة 846- عن جابر بن سَمُرَةَ- قال عثمان:- قال: دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد، فرأى فيه ناساً يصلُون راقعي أيديهم إلى السماء- ثم اتفقا-، فقال: " لَيَنْتَهِيَن رجال يَشْخَصُونَ أبصارَهم إلى السماء- قال مسدد-: في الصلاة-؛ أو لا ترجع إلبهم أبصارهم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير- وهذا حديثه؛ وهو أتم- عن الأعمش عن المسيَّب بن رافع عن تميم بن طَرَفَةَ الطائِي عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عثمان، وعلى شرط البخاري من طريق مسدد؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.

والحديث أخرجه أحمد (5/101) : ثنا أبو معاوية ... به مقتصراً على المرفوع من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك أخرجه مسلم (2/29) ، والبيهقي (2/283) . وأخرجه ابن ماجه (1/323) ، وأحمد (5/90 و 93 و 101 و 108) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وأخرجه الدارمي (1/298) من طريق علي بن مسْهِر: أنا الأعمش ... به مثل رواية جرير؛ إلا أنه قال: " أبصارهم " مكان: " أيديهم ". وهو كذلك في "مختصر السنن " للمنذري (1/ 429/875) . والله أعلم. وقال في تخريجه: " وأخرجه مسلم والنسائي. وأخرج ابن ماجه طرفاً منه "! وعليه مؤاخذتان: الأولى: أنه عند مسلم مختصر مثل رواية ابن ماجه؛ فلا وجه للمغايرة بين روايتيهما. الثانية: لم أجده عند النسائي إطلاقاً، ولم يعزه إليه في "الترغيب " (1/189) ! ويحتمل أن يكون في "سننه الكبرى"! والله أعلم. (تنبيه) : قد سقط هذا الحديث على النابلسي؛ فلم يورده في "الذخائر" أصلاً! وكذلك لم يخرجه أبو عوانة في "مستخرجه "، وكذا الذي بعده! وهما على شرطه!

847- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما بالُ أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم؟! "، فاشتذ قوله في ذلك، فقال: " لَيَنْتَهُن عن ذلك؛ أو لَتُخْطَفَن أبصارُهم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: أن أنس ابن مالك حدثهم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (3/112 و 115 و 116) : ثنا يحيى بن سعيد ... به ثم أخرجه هو (3/109 و 140) ، والبخاري (2/124) ، والنسائي (1/177) ، والبيهقي (2 / 282) من طرق أخرى عن يحيى ... به. والدارمي (1/298) ، وابن ماجه (1/323) من طريقين آخرين عن سعيد. وتابعه أبان العطار: ثنا قتادة ... به. أخرجه أحمد (3/258) : ثنا عفان: ثنا أبان ... به. وهذا سند صحيح على شرطهما. وتابعه شعبة أيضا: عند الطيالسي (1/107) .

صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خَمِيصَةٍ لها أعلام، فقال: " شغلتني أعلام هذه! اذهبوا بها إلى أبي جَهْم، وَأْتُوني بِانبِجَانِيَّتِهِ ". (قلت: صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/64) من طريق المصنف، ومن طريق الحميدي الأتية. وأخرجه أحمد (6/37) ، والحميدي في "مسنده " (170) قالا: ثنا سفيان ... به. وأخرجه البخاري (2/125) ، ومسلم (2/77) ، والنسائي (1/125) ، وابن ماجه (2/366) ، والبيهقي (2/282) من طرق أخرى عن سفيان ... به. ثم أخرجه البخاري (2/71 و 7/127) ، ومسلم، وأبو عوانة، وأحمد (6/199) من طرق أخرى عن الزهري ... به. وتابعه هشام بن عروة عن أبيه ... به. أخرجه مسلم وأبو عوانة، وأحمد (6/46) ، وعلقه البخاري. وهو في "الموطأ" (1/119) ... مرسل. لكنه عند أبي عوانة- من طريقه- موصول كما رواه الجماعة.

168- باب الرخصة في ذلك

وله- عند مالك، وعنه أحمد (6/177) ، وابن حبان (2332) - طريق أخرى عن أم علقمة بن أبي علقمة عنها ... نحوه؛ وفيه: " فإني نظرت إلى علمها في الصلاة، فكاد يَفْتِنُني ". لكن أم علقمة هذه- واسمها مَرْجانة- غير مشهورة. 841- وفي رواية عنها ... بهذا الخبر؛ قال: وأخذ كُرْديّا كان لأبي جهم. فقيل: يا رسول الله! الخميصة كانت خيراً من الكردي! (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثني عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا عبد الرحمن- يعني: ابن أبي الزناد- قال: سمعت هشاماً يحدث عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو صدوق تغيَر حفظه لما قدم بغداد؛ وكان فقيهاً، كما في "التقريب "، وقد حقق القول في ترجمته في "التنكيل " (2/33- 34) . والحديث تقدم الكلام عليه في الذي قبله، وليس فيه هذه الزيادة: وأخذ كردياً ... والله أعلم. 168- باب الرخصة في ذلك 850- عن سهل ابن الحَنْظَليةِ قال: ثُوبَ بالصلاة- يعني: صلاة الصبح-؛ فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي وهو يلتفت إلى الشعْبِ.

169- باب العمل في الصلاة

قال أبو داود: " وكان أرسل فارساً إلى الشِّعْبِ من الليل يَحْرُسُ ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا الربيع بن نافع: ثنا معاوية- يعني: ابن سلام- عن زيد أنه سمع أبا سلأم قال: حدثني السَّلولي عن سهل ابن الحنظلية. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم. وقد أخرجه المصنف رحمه الله في أول "الجهاد" مطولاً، فَنَكِلُ التخريج إلى هناك إن شاء الله تعالى برقم (2259) . 169- باب العمل في الصلاة 851- عن أبى قتادة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلِّي وهو حامل أُمامةَ بنتَ زينبَ بنتِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو ابن سُلَيْمً عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/183) ... بهذا الإسناد. وعنه: البخاري (2/91) ، ومسلم (2/73) ، وأبو عوانة (2/145) ، والدارمي

(1/316) ، والبيهقي (2/262) ، وأحمد (5/295- 296 و 303) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه مسلم، والنسائي (1/132 و 178) ، والطيالسي (1/1/50309) ، والحميدي (422) ، وعنه أبو عوانة- وعن غيره-، وأحمد (5/296 و 304 و 310 و311) من طرق أخرى عن عامر بن عبد الله ... به. وتابعه سعيد المَقْبرِيُ: عند مسلم وأبي عوانة وأحمد- في رواية-، وابن الجارود (214) ؛ وهي عند المصنف أتم، وهي الرواية الآتية: 852- وفي رواية عنه قال: بَيْنَا نحن في المسجد جلوسٌ؛ خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحملُ أُمامةَ بنتَ أبي العاص بن الربيع- وأمها زينب بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهي صبية، يحملها على عاتقه، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي على عاتقه؛ يضعها إذا ركع، ويعيدها إذا قام، حتى قضى صلاته؛ يفعل ذلك بها. (قلت: إسناده صحيح أيضا على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري مختصراً، وأبو عوانة عن المصنف) . إسناده: حدثنا قتيبة- يعني: ابن سعيد-: ثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عمرو بن سلَيْم الزّرَقي أنه سمع أبا قتادة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/146) من طريق المصنف، ولكنه لم يَسقْ لفظه

وقال أحمد (5/303) : ثنا حجاج بن محمد: ثنا ليث- يعني: ابن سعد- ... به بتمامه. وأخرجه البخاري (7/8) : حدثنا أبو الوليد: حدثنا الليث ... به مختصراً. 853- وفي أخرى عنه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي للناس؛ وأمامة بنت أبي العاص على عُنقِهِ، فإذا سجد وضعها. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وأخرجه أبو عوانة عن المصنف) . إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمة ائرَادي: ثنا ابن وهب عن مَخْرَمَةَ عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي فال: سمعت أبا قتادة الأنصاري يقول ... قال أبو داود: " ولم يسمع مخرمة من أبيه إلا حديثاً واحداً "! قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وقد أعله المصنف بالانقظاع بين مخرمة وأبيه! لكن سائر أحاديثه عنه وجادة، قال الحافظ: " صدوق، وروايته عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد وابن معين وغيرهما ". والوجادة الصحيحة حجة، كما تقرر في علم المصطلح. فالعلة غير قادحة؛ فهو صحيح.

والحديث أخرجه أبو عوانة (2/146) من طريق المصنف. ومسلم (2/73) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. 854- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقتلوا الآسْوَدَيْنِ في الصلاة: الحَيَّةَ والعقربَ ". (إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (2346) ، والحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن ضَمْضَمِ بن جَوْس عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخبن؛ غير ضمضم بن جوس؛ وهو ثقة. والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/473) : ثنا يحيى بن سعيد عن علي بن المبارك ... به؛ إلا أنه قال: حدثني ضمضم ... به. وهذه فائدة عزيزة تفرد بها أحمد، وهي تصريح يحيى بالتحديث. ثم أخرجه أحمد (2/475) ، والترمذي (2/234) ، وابن حبان (528) من طرق أخرى عن ابن المبارك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأحمد (2/233 و 248 و 255 و 284 و 490) ، والنسائي (1/178) ، والدارمي (1/354) ، وابن ماجه (1/376) ، وابن الجارود في " المنتقى" (213) ، والحاكم (1/256) ، والبيهقي (2/266) ، والطيالسي (1/109/502) من طرق

أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به. وقال الحاكم: " صحيح؛ وضمضم بن جوس من ثقات أهل اليمامة "، ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً: أخرجه الحاكم (4/270) بسند واه. 855- عن عائشة قالت: كان رسول الله َصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال أحمد:- يصلي والبابُ عليه مُغْلَقٌ، فجئت فاستفتحت قال: قال أحمد:-، فمشى ففتح لي، ثم رجع إلى مُصَلاه. وذكر ان الباب كان في القبلة. (قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (4349)) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد- وهذا لفظه قال-: ثنا بشر - يعني: ابن المُفَضل-: ثنا بُرْدٌ عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير بُرْد- وهو ابن سنَان الشامي-، وهو صدوق، كما قال الحافظ في "التقريب "، وفيه كلام يسير لَا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إن شاء الله تعالى. والحديث في "مسند أحمد" (6/31) ... بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2/497) ، والبيهقي (2/265) عن بشر. ثم أخرجه أحمد (6/183 و 234) ، والنسائي (1/178) ، وابن حبان (530) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن بُرْد ... به. وقال الترمدْي: " حديث حسن غريب ".

170- باب رد السلام في الصلاة

وأخرجه الطيالسي أيضا (1/109/501) . 170- بابُ رَد السلام في الصلاة 856- عن عبد الله [وهو ابن مسعود] قال: كنا نُسَلّمُ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة؛ فَيَرُد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي؛ سلَّمنا عليه؛ فلم يَرُدَّ علينا، وقال: " إن في الصلاة لَشُغُلا ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وبإسناده أخرجه الشيخان في "صحيحيهما"، وعنه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا ابن فضَيْل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/139) من طريق المصنف وغيره عن ابن نمير. وأخرجه البخاري (2/55) ، ومسلم (2/71) ... بإسناد المصنف. وقال الإمام أحمد (1/376) : حدثنا محمد بن فضيل ... به. وأخرجه البخاري (2/58) ، ومسلم وأبو عوانهَ، والبيهقي (2/248) من طرق أخرى عن ابن فضيل ... به. وتابعه هُرَيْمً بن سفيان عن الأعمش ... به. أخرجه مسلم، وأبو عوانة، وقال:

" رواه أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ". قلت: وتابعه أبو بدر عن الأعمش ... به، وزاد: فقلنا: يا رسول الله! كنت تَردُّ علينا؛ ما لك اليوم لم تَردَ علينا؟! فقال: " إن في الصلاة شغلاً ". أخرجه البيهقي بسند صحيح. ثم أخرج (2/260) من طريقين آخرين عن ابن مسعود ... به مختصراً؛ فسلمت عليه، فأومأ بيده. وهو- بمجموع الطريقين- حسن أو صحيح. وتابعه أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله ... به نحوه مختصراً. أخرجه ابن ماجه (1/319) ، والطحاوي (1/263) . 857- وعنه قال: كنا نسلِّم في الصلاة، ونأمر بحاجتنا، فَقَدِمْت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فسلمت عليه، فلم يَردُّ عليَّ السلامَ، فأخذني ما قَدُمَ وما حَدُثَ فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله يحْدِث من أمره ما يشاء، وإن الله جل وعز قد أحدث أن لا تَكَلّموا في الصلاة "؛ فرد عليّ السلامَ. (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2240)) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أنهما أخرجا لعاصم- وهو ابن أبي النَّجُودِ- مقروناً بغيره، وقد توبع عليه، كما يأتي؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه البيهقي (2/260) من طريق المصنف. وأخرجه النسائي (1/181) ، والطيالسي (1/106/485) ، وعنه الطحاوي (1/263) ، والبيهقي (2/248) ، وفي " الأ سماء " أيضا (235) ، وأحمد (1/377 و435) من طرق أخرى عن عاصم ... به. وكذلك أخرجه الحميدي (94) . وله طريقان آخران عن ابن مسعود: الأول: عن الزُّبَيْرِ بن عَدِي عن كلثوم عنه ... به نحوه؛ وزاد: " أن لا تكلموا إلا بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين ". أخرجه النسائي بإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وكلثوم: هو ابن المصطلق؛ وهو كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق، وهو ثقة، ويقال: له صحبة. والأخر: عن مُطَزفٍ عن أبي الجَهْمٍ عن أبي الرضْرَاضِ عنه ... به؛ دون قوله: " إن الله قد أحدث ... ". أخرجه الطحاوي، وأحمد (1/409) بإسناد رجاله ثقات؛ غير أبي الرضراض، فلم يوثقه غير ابن حبان.

وأخرجه الطحاوي من طريق المسعودي عن حماد عن إبراهيم قال: قال عبد الله بن مسعود ... فذكره؛ وزاد في آخره: " وأما أنت أيها المسلم! فالسلام عليك ورحمة الله ". لكن المسعودي كان اختلط. 858- عن ابن عمر عن صهيب: أنه قال: مررت برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فسلمت عليه؛ فَرَد إشارة- قال: ولا أعلمه إلا قال: إشارة- بأصبعه. (قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى") . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن مَوْهَبٍ وقتيبة بن سعيد أن الليث حدثهم عن بُكَيْرٍ عن نابل- صاحب العباءِ- عن ابن عمر. وهذا لفظ حديث قتيبة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير نابل هذا؛ فإنه غير مشهور، كما قال النسائي. وقال في موضع آخر: "ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وأشار الدارقطني أنه غير ثقة. وقال الحافظ. " مقبول "؛ يعني: عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي بيانه بعد حديث؛ فهو صحيح.

والحديث أخرجه النسائي (1/177) ، والترمذي (2/203/367) ... بإسناد المصنف الثاني عن الليث ... به. وقال الترمذيَا: "حديث حسن ". وأخرجه الدارمي (1/316) ، والطحاوي (1/263) ، وابن الجارود في "المنتقى" (216) ، والبيهقي (2/258) ، وأحمد (4/332) من طرق أخرى عن الليث بن سعد ... به. 859- عن جابر قال: أرسلني نبيّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني المصطلق، فاً تيتُه وهو يصلِّي على بعيره، فكلَّمته، فقال لي بيده هكذا، ثم كَلَّمته، فقال لي بيده هكذا، وأنا أسمعه يقرأ، ويومئ برأسه، قال: فلما فرغ قال: " ما فعلت في الذي أرسلتك؟! فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلِّي ". (قلت: إسناده على شرط مسلم، وصححه الترمذي. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" بإسناد آخر صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النًّفَيلي. ثنا زهير: ثنا أبو الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه، لكن يأتي ما يدل على أشه سمعه من جابر. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/145- 141) من طريق المصنف.

وأخرجه مسلم (2/71) ، والنسائي (1/177) ، والطحاوي (1/264) ، والبيهقي (2/258) ، وأحمد (3/351 و 363 و 379 أمن طرق أخرى عن زهير ... به. ثم أخرجه مسلم (2/71) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/177) ، وابن ماجه (1/318) ، والبيهقي (2/258) ، وأحمد (3/334) من طريق الليث عن أبي الزبير ... به. والليث- وهو ابن سعد- لا يحدث عد، أبي الزبير إلا بما صرح له بالتحديث، كما ثبت ذلك عنه في ترجمته. وأخرجه الترمذي (2/182/351) عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر ... باختصار. وقال: " حديث حسن صحيح ". 860- عن عبد الله بن عمر قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى قُبَاءٍ يصلي فيه، قال: فجاعته الأنصار، فسلَّموا عليه وهو يصلِّي. قال: فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عليهم حين كانوا يسلِّمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا. وبسط جعفر بن عون كفَّهُ، وجعل بطنه أسفلُ، وجعل ظهره إلى فوقُ. (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن الجارود وابن حبان)

إسناده: حدثنا الحسين بن عيسى الخُرَاساني الدَّامَغَاني: ثنا جعفر بن عون: ثنا هشام بن سعد: ثنا نافع قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن سعد؛ فمن رجال مسلم وحده، وهو حسن الحديث، كما سبق غير مرة. والحديث أخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (215) : حدثنا محمد بن يحيى قال: ثنا جعفر بن عون ... به. وأخرجه الترمذي (2/204/368) ، والطحاوي (1/262 و 263) ، والبيهقي (2/259) من طرق أخرى عن هشام بن سعد ... به. وقال ابن وهب عن هشام: قال: فقلت لبلال أو صهيب. وقال ابن الجارِود: " وقال ابن عيينة: عن زيد بن أسلم عز ابن عمر عن صهيب رضي الله عنهم ". قلت: وصله النسائي (1/7/\ 1) ، والدارمي (1/316) ، وابن ماجه (318) ، وابن حبان (532) ، وأحمد (2/10) ، والحميدي (148) عن سفيان بن عيينة قال: ثنا زيد بن أسلم- بمنى- قال: قال ابق عمر: ذهب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مسجد بني عمرو بن عوف بقباء لِيُصَليَ فيه، فدخلَتْ عليه رجال الأنصار يسلّمون عليه، فسألت صهيباً- وكانَ معه-: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدّ عليهم حين كانوا يسلَمون عليه وهو يصلي؟ فقال صهيب: كان يشير إليهم بيده. قال سفيان: فقلت: سله: أسمعتَهُ من ابن عمر؟ فقال: يا أبا أسامة! أسمعته من ابن عمر؟ فقال: أما أنا؛ فقد كلمته وكلمني، ولم يقل: سمعته منه. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيحين؛ لكن البيهقي أعله بالإرسال؛ لأن زيداً لم يقل: سمعته!

وتعقبه ابن التركماني بما خلاصته: أن زيداً سمع من ابن عمر كما قال ابن معين، وجمهور أهل الحديث: على أن من أدرك شخصاً فروى عنه؛ كانت روايته محمولة على الاتصال؛ سواءً كانت بلفظ: (قال) أو: (عن) أو غيرهما. قلت: وعلى كل حال؛ فهو شاهد قوي لحديث هشام بن سعد، وهو يرجح أن الذي سأله ابن عمر إنما هو صهيب؛ وليس بلالاً. ويقويه حديث نابل المتقدم (858) عن ابن عمر عن صهيب. وأما الترمذي؛ فحكم بصحهَ الحديثين: عن صهيب وعن بلال، فقال: " وكلا الحديثين عندي صحيح؛ لأن قصة حديث صهيب غير قصة بلال ". والحديث صححه السّفَّاريني في "شرح الثلاثيات " (1/87- 95) ، وأجاب عن العلة المذكورة بكلام قوي. 861- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا غِرار (1) في صلاةٍ، ولا تسليم ". قال أحمد: يعني- فيما أرى- أن لا تُسَلَمَ ولا يُسَلَّمَ عليك، ويغرر الرجل بصلاته، فينصرف وهو فيها شاكّ (2) .

_ (1) أي لا نقصان (في صلاة) بأن لا يتم ركوعها وسجودها، أو يشك: هل صلى ثلاثاً أو أربعاً، فيأخذ بالأكثر ويترك اليقين وينصرف بالشك (ولا تسليم) أي: ولا نقصان في التسليم، ومعناه: أن ترد كما يسلم عليك وافيأ لا نقص فيه؛ كأن يقال: السلام عليكم ورحمة الله، فتقول: عليكم السلام ورحمة الله، ولا يقتصر على قوله: " وعليكم ". قاله الخطابي، وهو أولى مما رراه المصنف عن أحمد رحمه الله. (2) هذا آخر الجزء الخامس من تجزئة الخطيب، وأول السادس.

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم،وكذلك قال الحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة ... به. حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا معاوية بن هشام عن سفيان عن أبي مالك عن أبي حازم عن أبي هريرة- قال: أراه- ... رفعه قال: " لا غرار في تسليمً ولا صلاة ". قال أبو داود: " ورواه ابن فضيل على لفظ ابن مهدي؛ ولم يرفعه ". قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم؛ ولم يخرجه. وأبو حازم: اسمه سلمان الأشجعي الكوفي. وأبو مالك: اسمه سعد بن طارق الأشجعي الكوفي. والحديث في "المسند" (2/461) ... بهذا السند. ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/264) ، وعنه- وعن المصنف- البيهقي (2/260 و 261) . وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/229) من طريق أخرى عن ابن مهدي ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.

171- باب تشميت العاطس في الصلاة

قلت: ومخالفة ابن فضيل لا تُعِلهُ؛ للأن أبن مهدي أحفظ منه، ولأن الرفع زيادة، فهي مقبولة. وكذلك شَلث معاوية بن هشام- كما عو ظاهر-، لاسيما وهو متكلم فيه من قبل حفظه. وقد أخرجه الحاكم من طريق أخرى عنه. 171- باب تشميت العاطس في الصلاة 862- عن معاوبة بن الحكم السُّلَمِيِّ قال: صَلَّيْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فَرَماني القومُ بأبصارهم! فقلتُ: واثُكْلَ أُمياهْ! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فعرفت أنهم يُصَمِّتُوني- فقال عثمان-، فلما رأيتهم يسَكِّتُونِي؛ لكنِّي سَكَمت. قال: فلما صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأبي وأمي -؛ ما ضريني ولا كهَرني ولا سَبني، ثم قال: " إن هذه الصلاةَ لا يَحِلًّ فيها شيء من كلام الناس هذا؛ إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "؛ أو كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: يا رسول الله! إنا قومٌ حديث عهدٍ بجاهليةِ، وقد جاءنا الله بالاسلام، ومنَّا رجال يأتون الكُهَّان؟ قال. "فلا تأتِهِم ". قال: قلت: ومنَّا رجال يتطيّرون؟ قال:

" ذاك شيء يجدونه في صدورهم؛ فلا يَصدَّهُمْ ". قلت: ومنَّا رجال يَخُطُّونَ؟ قال: " كان نبي من الأنبياء يَخط؛ فمن وافق خطّه فذاك ". قال: قلت: جاريةٌ لي، كانت ترعى غُنَيْمَات قِبَلَ احُد والجَوّانِيّة؛ إذِ اطلعتُ عليها اطِّلاعةً؛ فإذا الذئب قد ذهب بشاة منها، وأنا من بني أدم، أسَف كما يأسفون، لكنِّي صَكَكْتُها صَكَّةً؟! فعظَّم ذاك علي رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: أفلا اعْتِقُها؟! قال: " ائْتِنِي بها ". قال: فجئته بها، فقال: " أين الله؟ ". قالت: في السماء، قال: " من أنا؟ ". قالت: أنت رسول الله. قال: " أعتقها؛ فإنها مؤمنة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المصنف، ومسلم بأحد إسناديه، وابن خزيمة (859) ، وابن حبان في "صحيحيهما" وابن الجارود) إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل بن إبراهيم- المعنى- عن حَجاج الصَّوَّاف: حدثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسارً عن معاوية بن الحكم السُّلَمِي. وقلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.

وهلال: هو ابن علي بن أسامة. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/142- 143) عن المصنف ... بإسناديه. وأخرجه البخاري في "جزء القراءة" (16) ... بإسناد المصنف الأول. وأخرجه مسلم (2/70) عن أبي بكر بن أبي شيبة- وغيره-، وهو، وابن الجارود (212) عن إسماعيل بن إبراهيم- وعو ابن علَيَّة-. وتابعهم الإمام أحمد في "المسند" (5/447) : ثنا إسماعيل بن إبراهيم ... به تم قال: ثنا يحيى بن سعيد عن حجاج الصًؤَاف: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني هلال بن أبي ميمونة ... به. ثم أخرجه هو (5/448) ومسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/179- 180) ، والطحاوي (1/258) ، والبيهقي (2/249 و 249- 255) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به. وقد توبع يحيى على بعضه؛ فرواه مالك عن هلال بن أسامة ... به بقصة الجارية الراعية. أخرجه في " المدونة " (3/125) . وروى الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن معاوية بن الحكم قال: قلت: أشياء كنا نصنعها في الجاهلية: كنا نأني الكهان ... " فلا يصدنكم ".

172- باب التأمين وراء الإمام

أخرجه أحمد (3/443 و 5/447 و 447- 448 و 449) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وتابعه فُلَيْحُ بن سليمان عن هلال بن علي ... بد مختصراً؛ وزاد ونقص. وفليح، فيه ضعف، ولذلك خرَّجناه في الكتاب الآخر (164) . وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، يأتي في "الأيمان والنذور". ثم خرجته في "الصحيحة" (3161) . 172- باب التأمين وراء الإمام 863- عن وائل بن حُجْرٍ قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ: (ولا الضالين) ؛ قال: " آمين "، ورفع بها صوته (قلت: وإسناده صحيح، وكذا قال الحافظ، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه الدارقطني) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سَلَمة عن حجر أبي العَنْبَسِ الحضرمي عن وائل بن حجر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حجر أبي العنبس- وهو حجر بن العنبس، أبو العنبس، ويقال: أبو السكن-، وهو ثقة كما قال ابن معين والخطيب وغيرهما. وصحح له الدارقطني وغيره كما يأتي. ومحمد بن كثير: هو العَبْدِقيُّ أبو عبد الله البصري

والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة" (ص 50) ، والدارمي (1/284) ... بإسناد المصنف هذا؛ إلا أنهما قالا: حجر بن العنبس. ثم أخرجه البخاري، والترمذي (2/27/248) ، والدارقطني (127) ، والبيهقي (2/57) ، وأحمد (4/316) من طرق عن سفيان ... به؛ وكلهم قالوا: حجر بن عنبس؛ إلا الدارقطني فقال: حجر أبي العنبس، وهو ابن عنبس. وقال في الحديث: " وهذا صحيح ". وقال الترمذي: " حديث حسن ". وقال الحافظ في "التلخيص " (1/236- 237) : " وسنده صحيح، وصححه الدارقطني. وأعلٌه ابن القطان بِحُجْرٍ بن عنبس، وأنه لا يعرف! وأخطأ في ذلك، بل هو ثقة معروف ". وقد تابعه علي بن صالح عن سلمة بن كُهَيلٍ ... به. أخرجه المصنف وغيره، وهو الآتي في الكتاب بعده. وخالفهما شعبة، فقال: أخبرني سملمة بن كُهَيْل قال: سمعت حُجْراً أبا العنبس قال: سمعت علقمة بن وائل يحدث عن وائل (وقد سمعت من وائل) : أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره؛ إلا أنه قال: خفض بها صوته! أخرجه الطيالسي (1/92/401) هكذا، وعنه البيهقي. وأخرجه أحمد (4/316) من طريق أخرى عن شعبة ... به؛ إلا أنه قال: أو سمعه حجر من وائل.. مكان: وقد سمعت من وائل!

ولعل (أو) صوابها) و (: وبذلك تتفق الروايتان عن شعبة، ثم تتفق روايته مع رواية سفيان التي لم يدْخِلْ فيها علقمة بيهما حجر ووائل، ويكون فما رواية شعبة فائدة ليست عند سفيان، وهي أن حجراً سمعه من علقمة عن أبيه، وسمعه عن وائل مباشرة. ولكن قوله: خفضر بها صوته ... شاذ؛ لخالفته لرواية سفيان ومتابعة علي بن صالح، وكذا خالف أيضا محمد بن سلمة بن كهيل؛ فقال الدارقطني عقبه: " كذا قال شعبة: وأخفى بها صوته. ويقال: إنه وهم فيه؛ لأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما روود عن سلمة، فقالوا: رفع صوته بآمين. وهو الصواب ". وللحديث شواهد وطرق، خرجتها في "تخريج صفة الصلاة". 864- وفي رواية عنه: أنه صلى خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فجهرب (آمين) ، وسفم عن يمينه وعن شماله حتى رأيت بياض خذَه. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا مَخْلَد بن خالد الشعِيرِي: ثنا ابن نمير: ثنا علي بن صالح عن سلمة بن كُهَيْل عن حُجْرِبن عنبس عن وائل بن حجر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن عنبس، وهو ثقة كما سبق في الذي قبله. وعلي بن صالح: هو ابن صالح بن حَيٍّ الهَمداني.

لكن أخرجه الترمذي (2/ 29/249) : حدثنا أبو بكر محمد بن أبان: حدثنا عبد الله بن نمير: حدتنا العلاء بن صالح الآسَدِي عن سلمة بن كهيل ... به، فقال: للعلاء بن صالح الآسَدي.... مكان. علي بن صالح. ودْلك هو الصواب، كما يشير إلى ذلك الحافظ في ترجمة العلاء هذا من " التهذيب " قال: " وقال أبو داود في روايته: علي بن صالح! وهو وهم ". قلت: وعلى هذا؛ فالإسناد حسن؛ لأن العلاء بن صالح الآسَدِي وثقه المصنف وابن معين وغيرهما. وقال البخاري: " لا يتابع ". وقال ابن المديني: " روى أحاديث مناكير ". وقال الحافظ: " صدوق له أوهام ". وقد تابعه سفيان عن سلمة بن كُهَيْلٍ ... به نحوه، وتقدم لفظه قبله. فالحديث بذلك صحيح. 865- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا قال الامام: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ؛ فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة؛ غفِرَ له ما تَقَدٌمَ من ذنْبِهِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بسند المصنف، ومسلم وأبو عوانة في داصحاحهم ") .

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سُمَي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (2/129) ... بإسناد المصنف هذا. وأخرجه مسلم (2/17) ، والبخاري في "جزئه " (ص 50) ، والنسائي (1/147) ، والبيهقي (2/55) ، وأحمد (2/459) من طرق أخرى عن مالك ... وهو في "الموطأ" (1/111) . وتابعه سهيل بن أبي صالح عن أبيه ... به. أخرجه مسلم (2/17 و 20) ، وأبو عوانة (2/130- 131) . وتابعه الأعمش عن أبي صالح ... به نحوه. أخرجه مسلم، وأحمد (2/440) . وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة، خرجتها في "تخريج صفة الصلاة"، ويأتي طريقان منها بعد هذا. 866- وفي رواية عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أمنَ الامام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ". قال ابن شهاب: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أمين ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وليس عنده قول ابن شهاب في آخره. وقد أسنده ابن حبان، والدارقطني- وحسنه-، والحاكم- وصححه، ووافقه الذهبي- عن أبي هريرة) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيحين. والحديث في "الموطأ" (1/108- 111) . وعنه. البخاري (2/129) ، ومسلم (2/17) ، وأبو عوانة (2/135) ، والنسائي (1/147) ، والترمذي (2/30) ، والبيهقي (2/55 و 57) ، وأحمد (2/459) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه معمر عن الزهري ... به. أخرجه الدارمي (1/284) ، وأحمد (233) ؛ دون قوله: ابن شهاب. وكذلك أخرجه النسائي؛ لكنه لم يذكر أبا سلمة في إسناده. وأخرجه مسلم عن يونس عن ابن شهاب. أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن ... به. وأخرجه أبو عوانة أيضا.

وتابعه الزبَيْدِيّ قال: أخبرني محمد بن مسلم عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة؛ بلفظ: قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا فرغ من قراءة أم القرآن؛ رفع صوته وقال: "آمين ". أخرجه ابن حبان (462) ، والدارقطني (127) ، والحاكم (1/223) ، والبيهقي (2/58) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزّبَيْدِيِّ: حدثنا عمرو بن الحارث: حدثنا عبد الله بن سالم عن الزبيدي. وقال الدارقطني: " هذا إسناد حسن ". وأقره البيهقي. وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقد وهما؛ فإن ابن العلاء هذا لم يحتجَّ به الشيخان؛ وإنما أخرج له البخاري في "الأدب المفرد". ثم هو مختلف فيه، وقال الحافظ: " صدوق يهم كثيراً ". فمثله؛ أحسن أحواله أن يكون حديثه حسناً. ولكنه صحيح لغيره؛ فإن له شاهداً من حديث وائل، وقد مضى برقم (863 و864) .

173- باب التصفيق في الصلاة

173- باب التصفيق في الصلاة 867- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء " (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه النسائي (1/178) ... بإسناد المصنف. وأخرجه هو، والبخاري (2/56) ، ومسلم (2/27) ، وأبو عوانة (2/213) ، والدارمي (1/317) ، وابن ماجه (1/322) ، وابن الجارود (210) ، والبيهقي (2/246) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وأخرجه أحمد (2/241) : [ثنا سفيان أقال: سمعت الزهري ... به. وقرن مسلم سعيد بن المسيب إلى أبي سلمة. وكذلك رواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري ... به. أخرجه أحمد (2/529) . وزاد مسلم في رواية: قال ابن شهاب: وقد رأيت رجالأ من أهل العلم يسَئحون ويُشِيرون. وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة. كند مسلم وأبي عوانة، وأحمد (2/261 و 290 و 317 و 376 و 432 و 440 و 473 و 479 و 492 و 507 و 540) :

إحداها من طريق الأعمش عن أبي صالح عنه ... به. وأخرجه الترمذي (2/205) ، وقأل: " حديث حسن صحيح ". وله شاهد من حديث سهل بن سعد؛ وهو الآتي بعده. 868- عن سهل بن سعد: ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذهب إلى بني عمرو بن عوف لِيُصْلِحَ بينهم، وحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه قال: أتصلِّي بالناس فأقِيمَ؟ قال: نعم. فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناسً في الصلاة، فتخلَّص حتى وقف في الصفِّ، فصفَّق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق؛ الْتَفَتَ، فرأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأشار إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن امكثْ مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك، ثم استأخر أبو بكر؛ حتى استوى في الصف، وتقدَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلَّى، فلما انصرف قال: " يا أبا بكر! ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟! ". قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قًحَافة أن يصلِّيَ بين يديْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما لي رأيتكم أكثرتم من التصفيح؟! مَنْ نَابَهً شيء في صلاته؛ فليًسَبَحْ؛ فإنه إذا سَبَّحَ الْتًفِتَ إليه؛ وإنما التصفيح للنساء ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخي. وقد اً خرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/233) من طريق أخرى عن القعنبي. والبخاري (2/114- 115) ، ومسلم (2/25) ، والبيهقي (2/245- 246) ، وأحمد (5/337) كلهم من طريق مالك ... به. وهو في " الموطأ " (1/177- 179) . وتابعه جماعة عن أبي حازم ... به مطولا ومختصراً. أخرجه الشيخان وأبو عوانة، والنسائي (2/310) ، والدارمي (1/317) ، وابن ماجه (1/322) ، وابن الجارود (211) ، وأحمد (5/330 و 331 و 332 و 335 و336 و 338) . 869- وفي رواية عنه قال: كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاهم ليُصْلِحَ بينهم بعد الظهر، فقال لبلال: " إن حضرت صلاة العصر ولم آتِكَ؛ فمُرْ أبا بكر فليُصَل بالناس ". فلما حضرت العصر؛ أذن بلال، ثم أقام، ثم أمر أبا بكر فتقدم ... (قال في آخره:

" إذا نابكم شيء في الصلاة؛ فليُسَبِّحِ الرجالُ، وليصَفحِ النساء ") (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه ابن خزيمة، وابن حبان، والبخاري بنحوه، وأبو عوانة) . إسناده: حدثنا عمرو بن عَوْنٍ: أخبرنا حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل ابن سعد قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (5/332) : ثنا عفان: ثنا حماد بن زيد ... به. ثم قال: ثنا يونس بن محمد: ثنا حماد: حدثني عبيد الله بن عمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد. قال حماد: ثم لقيت أبا حازم فحدثني به، فلم أنكر مما حدثني شيئاً قال: كان قتال ... الحديث. وأخرجه أبو عوانة (2/233) من طريق اخرى عن حماد بن زيد عن عبيد الله ابن عمر قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد ... به لكنه؛ لم يسق لفظه. وأخرجه البخاري (9/61) من طريق أبي النعمان: حدئنا حماد: حدئنا أبو حازم المديني عن سهل ... به نحوه. دون قوله لبلال: " إن حضرت ... فليصل بالناس ". وأخرجه ابن خزيمة (853) ، وابن حبان (369) بالزيادة.

174- باب الاشارة في الصلاة

870- عن عيسى بن أيوب قال: قوله: " التصفيح للنساء "؛ تضرب بأصبعين من يمينها على كفها اليسرى. (قلت: إسناده صحيح موقوف) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد عن عيسى بن أيوب. قلت: وهذا إسناد صحيح موقوف على عيسى بن أيوب- وهو أبو هاشم الدمشقي-، وهو صدوق زاهد، كما قال الحافظ في "التقريب ". 174- باب الاشارة في الصلاة 871- عن أنس بن مالك: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُشِيرُ في الصلاة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (2261)) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن شَبًوَيْهِ ومحمد بن رافع قالا: ثنا الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إن كان الزهري سمعه من ، وقد أدركه وسمع منه. والحديث صحيح على كل حال، كما يأتي. وأخرجه البيهقي (2/262) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وهو في "مسند أحمد" (3/138) : ثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه البيهقي أيضا من طريق أبي الأزهر: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن

175- باب في مسح الحصى في الصلاة

عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ... مرفوعاً به؛ وزاد: "بيده". ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي الأزهر هذا- واسمه أحمد بن الأزهر ابن مَنِيع النيسابوري-؛ قال الحافظ: " صدوق، كان يحفظ، ثم كبِرَ فصار كتابه أثبت من حفظه ". وللحديث شواهد كثيرة تدل على صحته، تقدمت في الكتاب برقم (855 و858 و 859 و 860) . 175- باب في مسح الحصى في الصلاة 872- عن معَيْقِيبٍ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تمسح وأنت تصلي؛ فإن كنت لابد فاعلاً فواحدةً؛ تسويةَ الحَصَى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن معيقيب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/190) : حدثنا الصنعاني قال: ثنا مسلم ... به. وأخرجه البيهقي (2/285) من طريق أخرى عن مسلم ... به.

176- باب الرجل يصلي مختصرا

ثم أخرجه هو، والبخاري (2/57) ، ومسلم (2/75) ، وأبو عوانة، والنسائي (1/177) ، والترمذي (2/220) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي (1/322) ، وابن ماجه (1/320) ، والطحاوي في "الشكل " (2/183 و 184) ، وابن الجارود في "النتقى" (218) ، وأحمد (5/425 و 426) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به نحوه؛ وصرح يحيى بالتحديث: عند النسائي والطحاوي وأبي عوانة. 176- باب الرجل يصلي مختصراً 873- عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاختصار في الصلاة. قال أبو داود: " يعني: يضع يده على خاصرته ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا يعقوب بن كعب: ثنا محمد بن سلمة عن هشام عن محمد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير يعقوب بن كعب، وهو ثقة بلا خلاف، وقد توبع كما يأتي. ومحمد بن سلمة: هو الحَرَّاني. والحديث أخرجه أحمد (2/332) : ثنا محمد بن سلمة ... به. ثم أخرجه هو (2/290 و 295 و 331 و 399) ، والبخاري (2/59) ، ومسلم

177- باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصا

(2/74) ، والنسائي (1/142) ، والترمذي (2/222/283) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي (1/332) ، وابن الجارود (220) ، البيهقي (2/287) من طرق أخرى عن هشام بن حسان ... به؛ وزاد أحمد في رواية من طريق يزيد بن هارون قال: قلنا لهشام: ما الاختصار؟ قال: يضع يده على خصره وهو يصلي. قلت: فهذا يدل على أن المصنف مسبوق بالتفسير الذي ذكره للاختصار، ولعله هو الصواب؛ فقد صح النهي عنه من حديث ابن عمر، المتقدم برقم (838) . ثم إن الحديث أخرجه البخاري والبيهقي من طريق أيوب عن محمد ... به نحو. 177- باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصاً 874- عن هلال بن يِسَافَ قال: قَدِمْتُ الرَّفةَ، فقال لي بعض أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: قلت: غَنِيمة! فدُفِعْنا إلى وابصة. قلت لصاحبي: نبدأ فننظر إلى دَلهِ؛ فإذا عليه قَلَنْسُوَةٌ لاطِئَةٌ ذاتُ أُذُنينِ، وبُرْنُسُ خَز آغْبَرُ، وإذا هو معتمدٌ على عصاً في صلاته. فقلنا بعد أن سلمنا؟ قال: حدثتني أم قيس بنت محصن: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا أسَنَ وحَمَلَ اللحمَ؛ اتخذ عمودأ في مُصَلأه يعتمد عليه.

178- باب النهي عن الكلام في الصلاة

(قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا عبد السلام بن عبد الرحمن الوَابِصِيُّ: ثنا أبي عن شيبان عن حُصَيْنِ بن عبد الرحمن عن هلال بن يِسَاف. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الرحمن- وهو ابن صخر الوابصي-؛ فإنه مجهول، كما قال الحافظ في "التقريب "، لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (1/264- 265) ، وعنه البيهقي (2/288) من طريق عبيد الله بن موسى: أبَنا شيبان بن عبد الرحمن ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافاته الذهبي! قلت: هلال بن يِساف- بكسر التحتية-؛ إنما أخرج له البخاري تعليقاً! فالحديث صحيح على شرط مسلم وحده. 178- باب النَّهْيِ عن الكلام في الصلاة 875- عن زيد بن أرقم قال: كان أحدنا يُكَلِّمُ الرجلَ إلى جنبه في الصلاة، فنزلت: {وقوموا لله قانتين} ؛ فأُمِرْنَا بالسُّكوتِ، ونُهِينا عن الكلام. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن حبان (2242) في "صحاحهم "، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا هشيم: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شُبَيْل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم.

179- باب في صلاة القاعد

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عيسى- وهو أبو جعفر بن الطباع-، وهو ثقة فقيه، وكأن من أعلم الناس بحديث هشيم؛ كما في " التقريب ". والحديث أخرجه مسلم (2/71) ، والترمذي (2/ 256/405) ، والبيهقي (2/248) من طرق أخرى عن هشيم ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه البخاري (2/55- 56 و 6/26) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة (2/139) ، والنسائي (1/181) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (4/368) ، وابن حبان (2242) من طرق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد ... به؛ ولفظ البخاري: كا نتكلم في الصلاة؛ يكلم أحدنا أخاه في حاجته، حتى نزلت هذه الآية: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} ؛ فأُمِرْنا بالسكوت (1) . 179- باب في صلاة القاعد 876- عن عبد الله بن عمرو قال: حدِّثت أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاةُ الرجلِ قاعدا نصف الصلاة ". فأتيته فوجدته يصلي جالساً، فوضعتُ يدي على رأسي، فقال: " ما لك يا عبد الله بن عمرو؟! ". قلت: حدثت يا رسول الله! أنك قلت: " صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة "؛ وأنت تصلي قاعداً؟! قال: " أجل، ولكني لست كأحد منكم ".

_ (1) انتهى عصر الأحد 12/15/1386 هـ.

(قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن قدامة بن آغيَنَ: ثنا جرير عن منصور عن هلال - يعني: ابن يساف- عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير محمد بن قدامة؛ وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (7/62) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/165) : حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير ... به؛ إلا أنه قال: " رأسه ". وكذايواه ابن نصر في "قيِام الليل " (ص 82) ؛ وعلى ذلك شرحه بعضهم! وأخرجه أبو عوانة (2/220- 221) ، والنسائي (1/245) ، والدارمي (1/321) ، وأحمد (2/162 و 203) من طريقين آخرين عن منصور ... به؛ دون ذكر الوضع على الرأس. وقال الطيالسي (1/ 128/602) : حدثنا شعبة عن منصور ... به مختصراً؛ بلفظ: " صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ". وعن الطيالسي: رواه أبو عوانة والبيهقي (2/491) . ورواه مسلم وأحمد (2/192 و 201) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وله في "المسند" (2/192- 193) ، و "ابن ماجه " (1/370) طريق أخرى عن ابن عمرو؛ وفيها اختلاف.

ورواه ابن نصر أيضا (ص 83) . 877- عن عمران بن حُصَين: أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الرجل قاعداً؟ فقال: " صلاته قائماً أفضل من صلاته قاعدا، وصلاته قاعداً على النصف من صلاته قائماً، وصلاته نائماً على النصف من صلاته قاعداً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن حسين المُعَلِّم عن عبد الله بن بُرَيْدة عن عمران بن حصين. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/435) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه البيهقي (2/491) من طريق أخرى عن مسدد ... به. وأخرجه هو، والبخاري (2/42) ، والنسائي (1/245) ، والترمذي (2/207/371) ، وابن نصر في "قيام الليل " (ص 83) ، والدارقطني (ص 162) ، وأحمد (4/433 و 342) من طرق أخرى عن حسين المعلم ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه أحمد (6/62) من رواية إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن عائشة ... مرفوعاً نحوه.

وسنده حسن. 878- وفي رواية عنه قال: كان بي النَّاصور، فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: " صل قائماً؛ فإن لم تستطع فقاعداً؛ فإن لم تستطع فعلى جنب ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: تنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن عمران بن حصين. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير الأنباري؛ وهو ثقة، وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (4/426) . ثنا وكيع ... به. وأخرجه الترمذي (2/208/3722) ، وابن ماجه (1/369) ، والطحاوي في " مشكل الآثار" (2/281- 282) ، والدارقطني (ص 146) ، والحاكم (1/315) من طرق أخرى عن وكيع ... به. وأخرجه البخاري (2/42) ، والدارقطني، والبيهقي (2/304) من طرق أخرى عن إبراهيم بن طهمان ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ "! فوهم في استدراكه على البخاري، ووافقه الذهبي!

879- عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في شيء من صلاة الليل جالساً قَط؛ حتى دخل في السَنِّ، فكان يجلس فيقرأ، حتى إذا بفى أربعين أو ثلاثين آيةً؛ قام فقرأها ثم سجد. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير: ثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وزهير: هو ابن معاوية بن حدَيج. والحديث أخرجه البخاري (2/42- 43) ، ومسلم (2/163) ، وأبو عوانة (2/217) ، والنسائي (1/244) ، وابن ماجه (1/369- 370) ، وأحمد (6/46 و52 و 127 و 178 و 204 و 231) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به. وقد توهم البوصيري أنه لم يخرجه أحد من الستة غير ابن ماجه! ولذلك أورده في " زوائده "؛ وقال (ق 76/2) : " هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات ". 880- وعن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي جالساً، فيقرأ وهو جالس، وإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين أية؛ قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع، ثم

سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد اًخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن يزيد وأبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/157) . وعنه: البخاري (2/43) ، ومسلم (2/163- 164) ، وأبو عوانة (2/218) ، والنسائي (1/244) ، والترمذي (2/213 و 374) - لكن لم يقع في إسناده ذكر لعبد الله بن يزيد-، والبيهقي (2/308) ، وأحمد (6/178) من طرق كثيرة عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه ابن ماجه (1/369) ، وأحمد (6/217) من طريق عَمْرَةَ عن عائشة ... به مختصراً 0 وكذلك أخرجه مسلم (2/164) ، وأبو عوانة (2/218) معلقاً. 881- قال أبو داود: " رواه علقمة بن وقاص عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه". (قلت: وصله مسلم عنه قال: سألت عائشة، قال: قلت: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي الركعتين وهو جالس؟ فقالت:

كان يقرأ فيهما وهو جالس، فإذا أراد أن يركع، قام فركع. وإسناده حسن) . وصله أحمد في "المسند" (6/237) : ثنا يزيد قال: أنا محمد- يعني: ابن عمرو- عن محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي. وكذا وصله مسلم (2/164) ، وأبو عوانة (2/218) عن محمد. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أنهما أخرجا لمحمد بن عمرو- وهو ابن علقمة بن وقاص- متابعة، وهو شيخ مشهور حسن الحديث، كما قال الذهيي. ومحمد بن إبراهيم، هو ابن الحارث التيمي. 882- وعنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، فإذا صلى قائماً؛ ركع قائماً، وإذا صلى قاعداً؛ ركع قاعداً. (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد قال: سمعت بُديلَ بن مَيْسَرَةَ وأيوب يحدثان عن عبد الله بن شَقِيق عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ". والحديث أخرجه مسلم (2/162- 163) ، والنسائي (1/244) قالا: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حماد عن بُدَيْل وأيوب ... به. وأخرجه أحمد (6/227) : ثنا أبو كامل قال: ثنا حماد ... به؛ إلا أنه لم

يذكر أيوب. وتابعه شعبة وسعيد بن أبي عروبة كن بديل وحده: عند أحمد (6/100 و265) . ثم أخرجه هو (6/98 و 112 و 113 و 166 و 171 و 204 و 227 و 236 و241 و 262) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/216) ، والترمذي (2/213/375) ، وابن ماجه (1/370) من طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه أحمد (6/364) من طريق أخرى عن عائشة ... مختصرا بسند فيه ليث بن أبي سليم؛ وهو ضعيف. 883- وفي رواية عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة: أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ السورة في ركعة؟ قالت: المُفَصَّل. قال: قلت: فكان يصلي قاعدا؟ قالت: حين حَطَمَهُ الناس. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرج الشطر الثاني منه، وكذا أبو عوانة) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: ثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن شقيق. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/171) : ثنا محمد بن جعفر: ثنا كهمس ويزيد

180- باب كيف الجلوس في التشهد؟

- قال أبو عبد الرحمن المقري- عن كهمس ... به. وتابعه سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق ... به مختصرأ دون الشطر الأول منه أخرجه مسلم (2/164) ، وأبو عوانة (2/220) ، والنسائي (1/245) . وأخرجه أحمد (6/218) من هذا الوجه- بتمامه-، ومسلم من طريق أخرى عن كهمس ... به قال: مثله. وانظر (1169) . 180- باب كيف الجلوس في التشهد؟ 884- عن وائل بن حُجْرٍ قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يصلي؟ فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستقبل القبلة فكبَّرَ، فرفع يديه حتى حاذتا بأذنَيْهِ، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع؛ رفعهما مثل ذلك، قال: ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضمع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحَد مرفقَهَ الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحَلَّقَ حَلْقَةً، ورأيته يقول هكذا؛ وحلق بِشْرٌ الابهام والوسطى، وأشار بالسبابة. (إسناده صحيح، وقد مضى بإسناده ولفظه برقم (716)) (1) . إسناده: تقدم بإسناده ومتنه في أول "رفع اليدين في الصلاة" (716) .

_ (1) هنا أربعة أحاديث في افتراش اليسرى ونصب اليمنى، لم ترد في نسختنا ولا في أكثر النسخ، كما في "عون المعبود"؛ فلنستدرك.

884/1 (*) - عن عبد الله بن عمر، قال: سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمني، وتثتي رجلك اليسرى. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله. 884/2- عن عبد الله بن عمر، قال: من سنة الصلاة أن تُضجع رجلك اليسرى، وتنصب اليمنى. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا ابن معاذ: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى، قال: سمعت القاسم يقول: أخبرني عبد الله بن عبد أدته أنه سمع عبد الله بن عمريقول. حدثنا عثمان بن أبي شيبة. حدثنا جرير عن يحيى. بإسناده ... مثله. قال أبو داود: " قال حماد بن زيد عن يحيى أيضا: من السنة ... ؛ كما قال جرير". 884/3- عن يحيى بن سعيد: أن القاسم بن محمد اراهم الجلوس في التشهد ... فذكر الحديث. (قلت: حديث صحيح) .

_ (*) الأحاديث (من 884/1- 884/3) استدركت حسب إشارة الشيغ رحمه الله، وقد أخذنا أحكامها من "صحيح سنن أبي داود / باختصار السند"؛ حتى لا نفوت على القراء فائدتها؛ علماً أدْ الحديث الرابع مخها من حصة "الضعيف". (الناشر) .

181- باب من ذكر التورك في الرابعة

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد. 181- باب مَنْ ذَكَرَ التَّوَرّكَ في الرابعة 885- عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حُمَيْد الساعدي في عَشَرَةٍ من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو قَتادة، قال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: فاعْرِض ... فذكر الحديث؛ قال: وَيفْتَخُ أصابع رجليه إذا سجد، ثم يقول: " الله أكبر " ويرفع، ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك ... فذكر الحديث، قال: حتى إذا كانت السجدة التي قيها التسليم؛ أخرج رجله اليسرى، وقعد مُتورِّكاً على شِقِّهِ الأيسر. زاد أحمد: قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي ... ولم يذكرا في حديثهما الجلوس في الثنتين كيف جلس؟ (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد مضى بلفظه (720)) . إسناده: تقدم بإسناده ومتنه كاملاً في "باب افتتاح الصلاة " (720) . 886- وفي رواية عنه: أنه كان جالساً مع نفر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الحديث، ولم يذكر أبا قتادة؛ قال: فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة؛ قَذَمَ رجله اليسرى وجلس على مَقْعَدَتِهِ.

(قلت: إسناده صحيح، وقد مضى برقم (722)) . مضى هناك (722) . 887 - وفي أخرى عنه أيضا قال: كنت في مجلس ... بهذا الحديث؛ قال فيه: فإذا قعد في الركعتين؛ قعد على بطن قدمه اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا كانت الرابعة؛ أفضى بِوَرِكِهِ اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة. (قلت: حديث صحيح، وقد مضى برقم (721)) . مضى هناك (721) . 888- عن عباس بن سهل قال: اجتمع ابو حميد وأبو أسيد وسهل ابن سعد ومحمد بن مسلمه ... فذكر هذا الحديث؛ ولم يذكر الرفع إذا قام من ثنتين ولا الجلوس، قال: حتى فرغ، ثم جلس، فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته. (قلت: إسناده على شرط الشيخين، وقد مضى برقم (723)) . 894- مضى هناك (723) . (تنبيه) : لم يقع هذا الباب وأحاديثه الأربعة، في كثير من نسخ الكتاب!

182- باب التشهد

182- باب التشهد 889- عن عبد الله بن مسعود قال: كنا إذا جلسنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة؛ قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على فلان وفلان. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقولوا: السلام على الله؛ فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل: (التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك ايها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) ؛ فإنكم إذا قلتم ذلك؛ أصاب كلَّ عبد صالح في السماء والأرض- أو بين السماء والأرض-، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ ثم ليتخيَّرْ أحدكم من الدعاء أعجبه إليه؛ فيدعو به ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " هو أصح حديث روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد ") . إسناده: حدثنا مسدد: أخبرنا يحيى عن سليمان الأعمش: حدثني شقيق ابن سلمة عن عبد الله بن مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي، وكذا مسلم. والحديث أخرجه أحمد (1/431) : حدثنا يحيى ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/290) : حدثنا أبو بكر بن خَلآد الباهلي: ثنا يحيى بن سعيد ... به.

وأخرجه هو، والبخاري (12/37) ، ومسلم (2/14) ، وأبو عوانة (2/229) ، والنسائي (1/174) ، والدارمي (1/308) ، والطحاوي (1/154- 155) ، وابن الجارود (205) ، والبيهقي (2/138) ، وأحمد (1/382) من طرق عن الأعمش. وتابعه منصور عن أبي وائل ... به. أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي وغيرهم. وله متابعون آخرون على صيغة التشهد فقط: عند النسائي وابن حبان (3/203) . وتابعه الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: علَمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قعدنا في الركعتين- أن نقول: التحيات ... إلخ التشهد. أخرجه الترمذي (2/81) ، والنسائي (1/173- 174) ، وابن ماجه، وقال الترمذي: " حديث ابن مسعود قد روي عنه من غير وجه، وهو أصح حديث روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد ". 890- وعنه قال: كنا لا ندري ما نقول إذا جلسنا في الصلاة! وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد علمَ ... فذكر نحوه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا تميم بن المنتصر: أخبرنا إسحاق- يعني: ابن يوسف- عن

شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله ... قال شريك: وحدثنا جامع بن شداد عن أبي وائل عن عبد الله ... بمثله قال: وكان يعلمنا كلمات- ولم يكن يعلمناهن كما يعلمنا التشهد-: " اللهم! ألفْ بين قلوبنا ... ". قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقالت؛ غير شريك- وهو ابن عبد الله القاضي-؛ فإنه سيئ الحفظ، لكنه لم يتفرد به كما يأتي، بخلاف ما رواه عن جامع بن شداد من الكلمات، فقد تفرد به، ولذلك أوردتها في الكتاب الآخر (172) . والحديث أخرجه النسائي (1/174) ، وأحمد (1/437) ، وابن خزيمة (720) من طريق شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي الأحوص ... به. وأخرجه النسائي أيضا من طريق سفيان: حدثنا أبو إسحاق ... به. وشعبة وسفيان- وهو الثوري- سمعا من أبي إسحاق- وهو السبيعي- قبل اختلاطه. ثم أخرجه هو، وأحمد (1/408) من محلرق أخرى عن أبي إسحاق، ولم أجد تصريحه بالتحديث في شيء من الروايات عنه؛ فإنه مدلس، ففي الإسناد علة (1) ! لكن الحديث صحيح؛ فقد أخرجه النسائي من طريق زيد بن أبي أنيسة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة بن قيس عن عبد الله قال: كنا لا ندري ما نقول إذا صلينا، فعلَمنا نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جوامع الكلم، فقال لنا:

_ (1) ثم رأيته قد صرح بسماعه من أبي الأحوص في رواية الطيالسي (1/ 102/459) : حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق سمع أبا الأحوص ... به. فصح الإسناد؛ والحمد لله.

" قولوا: التحيات ... " الحديث. وإسناده حسن. 891- وعن القاسم بن مُخَيْمِرَةَ قال: أخذ علقمة بيدي، فحدثني أن صبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد عبد الله؛ فعلَّمه التشهد في الصلاة ... فذكر مثل دعاء حديث الأعمش [يعني الحديث (889) ] : إذا قلت هذا- أو قضيت هذا-؛ فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد. (قلت: إسناده صحيح، لكن قوله: إذا قلت هذا ... شاذ، أدرجه بعضهم في الحديث! والصواب أنه من قول ابن مسعود موقوفاً عليه، كما قال ابن حبان والدارقطني والبيهقي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النَانَئلي: ثنا زهير: ثنا الحسن بن الحُر عن القاسم بن مخيمرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير الحسن بن الحُر؛ وهو ثقة حُر. وزهير: هو ابن معاوية أبو خيثمة، وهو ثقة ثبت، لكن اختلف الرواة عليه في قوله في الحديث: " إذا قلت هذا ... "، فمنهم من أدإجه في الحديث، ومنهم من فصله عنه وجعله من كلام ابن مسعود. فمن الأول: النفيلي، كما في رواية الكتاب.

ومنهم أبو نعيم، فقال الدارمى (1/309) : أخبرنا أبو نعيم: ثنا زهير ... به. ومنهم الطيالسي، فقال في "مسنده " (1/ 102/458) : حدثنا زهير ... به. ومنهم يحيى بن آدم: عند أحمد (1/422) : حدثنا يحيى بن آدم: حدثنا زهير ... به؛ إلا أنه قال: قال: فإذا ... ومنهم أبو غسان، فقال الطحاوي (1/162) : حدثنا فهد قال: ثنا أبو نعيم وأبو غسان- واللفظ لأبي نعيم- قالا: ثنا زهير بن معاوية ... به. ومنهم أحمد بن يونس: عند الطحاوي؛ لكن قال البيهقي (2/174) : " ورواه أحمد بن يونس عن زهير، وزعم أن بعض الحديث انمحى من كتابه أو خرقَ ". ومنهم موسى بن داود: ثنا زهير بن معاوية ... به؛ إلا أنه قال: ثم قال: إذا ... أخرجه الدارقطني (ص 135) . ومنهم يحيى بن يحيى؛ إلا أنه قال: قال أبو خيثمة: بلغ حفظي عن الحسن في بقية هذا الحديث: إذا فعلت هذا أو قضيت ... أخرجه البيهقي؛ وقال: " هذا حديث قد رواه جماعة عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، وأدرجوا آخر الحديث في أوله، وقد أشار يحيى بن يحيى إلى ذهاب بعض الحديث عن زهير في حفظه عن الحسن بن الحر. ورواه شَبَابة بن سَوَّار عن زهير ... وفصل آخر الحديث من أوله، وجعله من قول عبد الله بن مسعود، وكأنه أخذه عنه قبل ذهابه من حفظه أومن كتابه ". ثم روى عن الدارقطني، وهذا في "سننه " بإسناده عن شبابة بن سوار: ثنا أبو خيثمة زهير بن معاوية: ثنا الحسن بن الحر ... فذكر الحديث، لكنه قال:

قال عبد الله: فإذا قلت ذلك؛ فقد قضيت ... وقال الدارقطني: " شبابة ثقة، وقد فصل آخر الحديث، جعله من قول ابن مسعود، وهو أصح من رواية من أدرج آخره في كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والله أعلم. وقد تابعه غسان بن الربيع وغيره، فرووه عن ابن ثوبان عن الحسن بن الحر كذلك، وجعل آخر الحديث من كلام ابن مسعود، ولم يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وقال قبل ذلك نحوه، وزاد: " ولاتفاق حسين الجعفي وابن عجلان ومحمد بن أبان في روايتهم عن الحسن بن الحر على ترك ذكره في آخر الحديث، مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره عن عبد الله بن مسعود على ذلك. والله أعلم ". قلت: ويتلخص مما تقدم أن هذه الزيادد مُغلَّة بعلتين: الأولى: عدم تثئتِ زهير بن معاوية من حفظها، فكان تارة يرفعها بإدراجها في الحديث، لا صراحةً، وعليه أكثر الرواة عنه. وتارة يوقفها، مصرحاً بأنها من قول ابن مسعود، في رواية شبابة النقة. والأخرى: شذوذها عن روايقه الجماعة من أصحاب ابن مسعود الذين رووا الحديث عنه دون هذه الزيادة، ولو كانت محفوظة لذكرها ولو بعضهم عنه، ومخالفتها لرواية الآخرين الذين رووه عن الحسن بن الحر؛ منهم الحسين بن علي - وهو الجعفي- بدون هذه الزيادة أيضآ، رحديثه في "المسند" (1/450) ، والدارقطني، والبيهقي. فرواية الجماعة أولى أن تكود محفوظة. والله أعلم. وقد ذكر الزيلعي في "نصب الراية" (1/424) عن ابن حبادْ عْي "صحيحه " نحو قول الدارقطني في الحكم على الزيادة بالإدراج، وهو الصواب إن شاء الله تعالى.

ثم إن للجملة الأولى من الحديث طريقاً أخرى، من رواية محِل بن محْرِزٍ الضَبي قال: سمعت شقيق بن سلمة أبا وائل يذكر عن ابن مسعود قال: كانوا يصلون خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول (الأصل: قال) القائل: السلام على الله، فلما قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته قال: " من القائل: السلام على الله؟! إن الله هو السلام، ولكن قولوا ... " فذكر التحيات كما تقدم (889) ، وزاد في آخره؛ قال: وقد كانوا يتعلمونها كما يتعلم أحدكم السورة من القرآن. أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (257/990) ، والطحاوي في " شرح المعاني " (1/155) ، وإسناده صحيح. وأخرج أحمد (1/394) من طريق شريك عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل ... به مختصراً جداً بلفظ: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن. وإسناده حسن في الشواهد، وهو عند المؤلت مطولاً، وهو من حصة الكتاب الآخر (172) . وعند أحمد (1/376) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله عن عبد الله قال: علَّمه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهُد، وأمره أن يعلم الناس.. فذكر التشهد. وإسناده ضعيف. وقد صح عن ابن مسعود أنه قال: علمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهد- كفي بين كفَّيْهِ- كما يعلمني السورة من للقرآن.

أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء" (2/26) . 892- عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهد: " التحيات لله، الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركلاته- قال: قال ابن عمر: زدت فيها: وبركاته-، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله- قال ابن عمر: زدت فيها: وحده لا شريك له-، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الدارقطني، وأقره الحافظ العسقلاني) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: حدثني أبي: ثنا شعبة عن أبي بشر: سمعت مجاهداً يحدث عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ ونصر بن علي: هو ابن نصر بن علي الجَهْضَمِي. والحديث أخرجه البيهقي (2/139) من طريق المصنف. وأخرجه الدارقطني (134) من طريق ابن المصنف: ثنا نصر بن علي ... به، وقال: " هذا إسناد صحيح، وقد تابعه على رفعه ابن أبي عدي، ووقفه غيرهما "! كذا قال! وخالفه البيهقي فقال: " ورواه ابن أبي عدي عن شعبة فوقفه؛ إلا أنه ردَّهُ إلى حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: كنا نقولها في حياته، فلما مات قلنا: السلام على النبي ورحمة الله. وكان محمد بن إسماعيل البخاري يرى رواية سيف عن مجاهد عن أبي معمر عن

عبد الله بن مسعود هي المحفوظة، دون رواية أبي بشر. والله تعالى أعلم "! قلت: أبو بشر- واسمه بَيَانُ بن بشر- ثقة محتج به- في "الصحيحين "، فتوهيمه- لمجرد رواية غيره من الثقات عن مجاهد ما لم يروه هو- مما لا يظهر صوابه! وما المانع أن يكون مجاهد روى حديثين متشابهين، أحدهما: عن ابن مسعود، وهو الذي رواه سيف عنه، والآخر: عن ابن عمر، وهو الذي رواه أبو بشر هذا؟! وقد ذكر الحافظ في "التلخيص " (1/267) قول الدارقطني المتقدم في تصحيح إسناده، وأقرَّه. وقد وجدت له طريقاً أخرى عن ابن عمر، فقال أحمد (2/68) : ثنا عفان ... حدثني عبد الله بن بَابِي المكي قال: صليت إلى جنب عبد الله بن عمر، قال: فلما قضى الصلاة؛ ضرب بيده على فخذه فقال: ألا أعلَمك تحت الصلاة كما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا؟! فتلا علي هؤلاء الكلمات؛ يعني: قول أبي موسى الأشعري في التشهد. وهو صحيح على شرط مسلم. وتشهد أبي موسى هو الآتي: 893- عن حِطّان بن عبد الله الرقَاشي قال: صلَّى بنا أبو موسى الأشعري، فلما جلس في آخر صلاته؛ قال رجل من القوم: أُقِرَّتِ الصلاة بالبِرِّ والزكاة. فلما انفتل أبو موسى أقبل على القوم، فقال: أيكم القائل كلمةَ كذا وكذا؟! فَأرَمَّ القومُ. فقال: أيُّكم القائل كلمةَ كذا وكذا؟! فأرَمَّ القوم. قال: فلعلك يا حِطانُ! قلتَها؟! قال: ما قلْتها، ولقد رَهِبْت أن تَبْكَعَنِي بها! قال: فقال رجل من القوم: أنا قلتها، وما أردت بها إلا الخير! فقال أبو موسى:

أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم؟! إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبنا، فعلَّمنا وبيَّن لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا؛ فقال: " إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمَّكم أحدُكم، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأ: (غير المغضوب عليهم ولا الضالِّين) فقولوا: آمين؛ يُجبْكُم الله، وإذا كبَّر وركع، فكبِّروا واركعوا؛ فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم،- قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: اللهم ربَّنا لك الحمد؛ يسمع الله لكم؛ فإن الله تعالى قال على لسان نبيه: سمع الله لمن حمده، وإذا كبَّر وسجد؛ فكبِّروا واسجدوا؛ فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم- قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتلك بتلك، فإذا كان عند القَعْدَة؛ فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات، الطيبات، الصلواتَ لله، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة عن قتادة. (ح) وثنا أحمد ابن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا هشام عن قتادة عن يونس بن جُبَيْرٍ عن "حطان ابن عبد الله الرقاشي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (4/409) : ثنا يحيى بن سعيد ... به.

ورواه الروياني في "مسنده " (ق 103/1) : ثنا محمد بن يشار: نا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه الطيالسي (33/1/6371) : حدثا هشام عن قتادة ... به. ومن طريق الطيالسي: أخرجه أبو عوانة (2/128- 129) . وأخرجه مسلم (2/14- 15) من طرق عن أبي عوانة ... به. وأخرجه النسائي (1/175 و 188) من طرلق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به دون قصة الرجل. وأخرجه مسلم وأبو عوانة من طرق أخرى عن قتادة ... بتمامه. وكذلك أخرجه الدارمي (1/315- 316) . وأخرج ابن ماجه (1/292) منه قضية التشهد، وزاد في آخره: " سبع كلمات هن تحية الصلاة ". وهي عند النسائي (1/162) ، والروياني (ق108/2) من ثلاثة طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتاده ... به. وإسناده صحيح. وأخرج أحمد أيضا (4/401 و 405) ما قبله؛ دون قصة الرجل. 894- وفي رواية عن حطان بن عبد الله الرقاشي ... بهذا الحديث؛ زاد: " فإذا قرأ فأنصتوا ". وقال في التشهد- بعد: " أشهد أن لا إله إلا الله "؛ زاد-: " وحده لا شريك له ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه، وأخرجه

أبو عوانة عن المصنف (. إسناده: حدثنا عاصم بن النضر: ثنا المعتمر قال: سمعت أبي: ثنا قتادة عن أبي غَلاب يحدث عن حظان بن عبد الله الرقاشي. قال أبو داود: " وقوله: " أنصتوا " ليس بمحفوظ، لم يجئ به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث "! قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وسليمان التيمي: هو والد المعتمر، واسم أبيه: طَرْخان، وهو ثقة حجة؛ على أنه لم يتفرد بهذه الزيادة كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/132) عن المصنف. وأخرجه مسلم (2/15) ، وابن ماجة (1/279) ، والدارقطني (125) ، والبيهقي (2/155) ، وأحمد (4/415) من طريق جرير عن سليمان التيمي ... به. وصرح مسلم بصحة هذه الزيادة: " وإذا قرأ فأنصتوا "، فقد وقع في كتابه: " قال أبو إسحاق: قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث. فقال مسلم: تريد أحفظ من سليمان؟! فقال له أبو بكر: فحديث أبي هريرة؟ فقال: هو صحيح، يعني: " وإذا قرأ فأنصتوا "، فقأًل: هو عندي صحيح. فقال: لِمَ لَمْ تضعه ههنا؟ قال: ليس كل شيء عندي كمحيح وضعته ههنا، وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه ". قلت: وخالفه المصنف رحمه الله تعالى ت فأعل هذه الزيادة بأنها غير محفوظهَ، وأن سليمان التيمي تفرد بها! وهذا فيما وصل إليه علمه؛ وإلا فالحقيقة أنه قد تابعه جمع، ذكرتهم في

"تخريح صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وأزيد هنا متابعا آخر، أخرجه أبو عوانة من طريق عبد الله بن رُشَيْد قال: ثنا أبو عبيدة عن قتادة ... به. وهذا إسناد جيد؛ لولا أتي لم أعرف أبا عبيدة هذا! وظننت أول الأمر أنه أبو عبيدة الحداد عبد الوإحد بن واصل الثقة، ثم تبينت أنه متأخر عن هذا! فالله تعالى أعلم. 895- عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا التشهد كما يعلمنا القرأن، وكان يقول: " التحيات، المباركات، الصلوات، الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسدم. وقد أخرجه في "صحيحه" بإسناد المصنف، وخرجه أبو عوانة أيضا، وصححه الترمذي والدارقطني) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن سعيد ابن جبير وطاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/14) ، والنسائي (1/175) ، والترمذي (2/83/290) بإسناد المصنف، وقال الترمذي. " حديث حسن صحيح ".

183- باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

وأخرجه مسلم أيضا، وأبو عوانة (2/228) ، وابن ماجه (1/291- 292) ، والطحاوي (1/155) ، والدارقطني (133) ، وأحمد (1/292) من طرق أخرى عن الليث بن سعد ... به. وقال الدارقطني: " هذا إسناد صحيح ". وتابعه مختصراً: عبد الرحمن بن حميد: حدثني أبو الزبير عن طاوس وحده عن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن. أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي (1/188) ، وأحمد (1/315) . 183- باب الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد التشهد 896- عن كعب بن عُجْرَةَ قال: قلنا - أو قالوا-: يا رسول الله! أمرتنا ان نصلِّي عليك، وأن نسلَم عليك، فأما السلام فقد عرفناه؛ فكيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: اللهم! صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم؛ إنك حميد مجيد". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجا 5 وكذ اأبو عوانة في "صحاحهم " باختلاف يسير) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عُجْرَة.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الطيالسي (1/ 103/463) قال: حدثنا شعبة ... به؛ إلا أنه قال: " وعلى آل محمد "، كما في رواية المصنف الثانية. وقال: " آل إبراهيم " في الموضعين. وقال: " اللهم بارك ... !. وهكذا أخرجه البخاري (11/127-136- فتح) (1) ، ومسلم (2/16) ، وأبو عوانة (2/212) ، والنسائي (1/190) ، والدارمي (1/309) ، وابن ماجه (1/293) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/72) ، وابن الجارود (206) ، وأحمد (4/241) من طرق عن شعبة ... به. ورواية غير الشيخين تختلف بعض الشيء عن رواية الطيالسي وكذا المصنف. وكلها متفقة على روايته الثانية. " وعلى آل محمد "؛ إلا النسائي فروايته كروايته الأولى: " وآل محمد ". وزاد أبو عوانة؛ فقال: " كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم". وأخرجه الترمذي (2/352/483) ، وكذ االبخا ري (6/100) ، ومسلم أيضا، وأبو عوانة، والنسائي، والطحاوي، وأحمد من طرق أخرى عن الحكم ... به مثل لفظ الكتاب في الرواية الثانية، وزاد النسائي: " وآل إبراهيم " في الموضعين. وقد توبع الحكم من غير واحد؛ وجاؤوا بزيادات تابتة، خرجتها في "صفة الصلاة".

_ (1) لم يقع في طبعة الفجالة الجديدة لـ "صحيح البخاري " قوله: " اللهم بارك ... " إلخ، ولذلك لم أعز إليها، خلافاً للعادة.

897- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ قال: " اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَيعٍ ثنا شعبة ... بهذا الحديث قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة وغيرهم، كما سبق بيانه في الذي قبله، وإنما ساقه المصنف؛ ليبين أن يزيد بن زربع خالف حفص بن عمر فقال: " وعلى آل "؛ فزاد: " على ". وهي رواية الشيخين كما تقدم. 898- وفي أخرى ... بهذ ا؛ قال: " اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم؛ إنك حميد مجيد. اللهم! بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجاه وكذ اأبو عوانة. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: شنا ابن بشر عن مِسْعَرٍ عن الحكم ... بإسناده بهذا.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه عن مسعر كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (6/100) ، ومسلم، وأبو عوانة، والترمذي (2/352) من طرق عن مسعر ... به؛ إلا أن البخاري قال: " آل إبراهيم " في الموضع الأول أيضا. وعكس ذلك الترمذي فقال: " إبراهيم "، لم يذكر: " آل " في الموضعبن. ولم يَسُقْ مسلم وأبو عوانة لفظه؛ وإنما أحالا فيه على لفظ حديث شعبة. وهو عند مسلم بلفظ البخاري، وعند أبي عوانة بلفط الترمذي. وقال: " حديث حسن صحيح ". 899- وفي أخرى؛ قال ابو داود: " رواه الزبير بن عَدِي عن ابن أبي ليلى كما رواه مسعر (يعني الرواية السابقة) ؛ إلا أنه قال: " ... كما صليت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد. وبارك على محمد ... "، وساق مثله ". (قلت: لم أر من وصله عن الزبير! وهو في "الصحيحين " وغيرهما من طريق أخرى عن ابن أبي ليلى بهذا اللفظ؛ إلا أنهما قالا: " اللهم! بارك "؛ وهو الأرجح، وكذلك إثبات " ال " في الموضعين أصح) . علقه المصنف كما ترى، ولم أر من وصله! وهو في "الصحيحين " من طريق الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب كما تقدم تخريجه في الأحاديث (896- 898) . وغرض المصنف من هذا التعليق أن يبين أن الزبير بن عدي- في روايته عن ابن أبي ليلى- خالف رواية مسعر التي قبلها؛ فقال: " آل إبراهيم " في الموضعين،

وقال: " وبارك "، ولم يقل: " اللهم! بارك ". وهي موافقة لرواية الشيخين عن مسعر؛ إلا أنهما فالا: " اللهم بارك " كما تقدم؛ وهو الأرجح، وكذا إثبات " آل " في الموضعين هو الأصح. 900- عن أبي حميد الساعدي: أنهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: اللهم! صلِّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على ال إبراهيم؛ إنك حميد مجيد ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا ابن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَ أنه قال: أخبرني أبو حميد الساعدي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (8/65) : حدثنا عبد الله بن مسلمة ... به؛ وعبد الله هذا: هو القعنبي. والبيهقي (2/150- 151) من طريق إسماعيل القاضي: ثنا عبد الله بن مسلمة ... به. والطحاوي في "المشكل " (3/74) : حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب ... به.

والبخاري (4/116- 117) ، ومسلم (2/16- 17) ، وأبو عوانة (2/234) ، والنسائي (1/191) ، وابن ماجه (1/293) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (124) ، وأحمد (5/424 و 374) كلهم من طرق عن مالك ... به. وهو في " الموطأ" (1/179) . وزاد أحمد والطحاوي: " وعلى أهل بيته ". 901- عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: اتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلس سعد بن عبادة، فقال بَشِيرُ بن سعد: أمرنا الله ان نصليَ عليك يا رسول الله! فكيف نصلِّي عليك؟ فسكت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قولوا ... "، فذكر معنى حديث كعب بن عجرة (896) ؛ زاد في اخره: " في العالمين؛ إنك حميد مجيد ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نُعَيْمِ بن عبد الله المُجْمِرأن محمد بن عبد الله بن زيد- وعبد الله بن زيد: هو الذي أُرِيَ النداء بالصلاة- أخبره عن أبي مسعود الأنصاري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وأبو مسعود: اسمه عقبة بن عمرو. والحديث في " الموطأ" (1/179) .

وعنه: مسلم (2/16) ، وأبو عوانة (2/211) ، والنسائي (1/189) ، والترمذي (4/169- تحفة) - وقال: " حديث حسن ححيح "-، والدارمي (1/310) ، والطحاوي (3/71) ، والبيهقي (2/146) ، وأحمد (4/118) كلهم عن مالك ... به. 902- وفي رواية عنه ... بهذا الخبر؛ قال: " قولوا: اللهم! صَلِّ على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد ". (قلت: إسناده حسن، وكذ اقال الدارقطني، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي!!) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا رهير. ثنا محمد بن إسحاق: ثنا محمد ابن إبراهيم بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن زيد عن عقبة بن عمرو ... بهذا الخبر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يحتجَّ بابن إسحاق، بل روى له مقروناً، كما في "الميزان! و "الخلاصة ". وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج. والحديث أخرجه أحمد (4/119) : ثنا يعقوب. ثنا أبي عن ابن إسحاق ... به ومن هذا الوجه: أخرجه ابن حبان (515) ، والدارقطني (135) ، والحاكم (1/268) ، والبيهقي (2/146- 147 و 378) من طريق أخرى عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي

184-[باب ما يقول بعد التشهد]

وفيه نظر تعرفه مما ذكرنا في ابن إسحاق آنفاً. وقال الدارقطني: " إسناد حسن متصل ". وأقره البيهقي، وقال: " وقد روي عن زهير بن حرب عن يعقوب بن إبراهيم بنحوه ". 184-[باب ما يقول بعد التشهد] (1) 903- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر؛ فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شَر المسيح الدجال ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان (1964) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا الوليد بن مسلم: حدثني حسان بن عطية: حدثني محمد بن أبي عائشة أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (2/237) ... بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2/93) ، وابن ماجه (1/294) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به. ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة (2/235) ، والنسائي (1/193) ، والدارمي

_ (1) زيادة مناسبة من بعض النسخ.

(1/310) ، وابن الجارود (207) ، والبيهقي (2/154) ، وأحمد أيضا (2/477) ، وابن خزيمة (721) من طرق أخرى عن الأ وزاعي ... به. وزاد النسائي وابن الجارود: " ثم يدعو لنفسه بما بداله ". وإسنادهما صحيح على شرط مسلم؛ وقد ساق إسناده، ولكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ الوليد بن مسلم. 904- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ: أنه كان يقول بعد التشهد: " اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين من حديث عائشة، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أخبرنا عمر بن يونس اليمامي: حدثني محمد بن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غيرمحمد بن عبد الله ابن طاوس؛ وقد وثقه ابن حبأن، وروى عنه جمع من الثقات. وفي "التقريب ": "مقبول ". والحديث أخرجه الحاكم (1/379) من طريق عبد الرزاق: أبَنا ابن جريج: أخبرني ابن طاوس عن أبيه:

أنه كان يقول بعد التشهد كلمات يعظمهن جداً. قلت: في الثنتين كلاهما؟ قال: بل في المثنى الأخير بعد التشهد. قلت. ما هو؟ قال: أعوذ بالله من عذاب جهنم ... (فذكرهن) قال: وكان يعظمهن قال ابن جريج: أخبرنيه عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد (6/200- 201) : ثنا عبد الرزاق ... به. وله عنده (1/293 و305) طريق أخرى عن أبي نضرة عن ابن عباس قال: إن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتعوذ في دبر صلاته من أربع؛ يقول ... فذكرهن. وإسناده حسن. 905- عن مِحْجَنِ بن الآدْرعَ قال: دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد، فإذا برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد، وهو يقول: اللهم! إني أسألك يا الله! الأحد الصمد الذي {لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد} أن تغفر لي ذنوبي؛ إنك أنت الغفور الرحيم. قال: فقال: "قد غُفِرَله، قد غفِر َله" ثلاثاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة، وقال الحاكم: " على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو أبو معمر: ثنا عبد الوارث: ثنا الحسبن المُعَلم

185- باب إخفاء التشهد

عن عبد الله بن بريدة عن حنظلة بن علي أن مِحْجَنَ بن الآدْرَعِ حدثه قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ ولم يخرجه. والحديث أخرجه النسائي (1/191) ، وأحمد (4/338) ، والحاكم (1/267) من طرق عن عبد الوارث بن سعيد- ... به، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وحنظلة بن علي إنما أخرج له البخاري في "الأدب المفرد" خارج "الصحيح ". ومن هذا الوجه: أخرجه ابن خزيمة أيضا (724) . 185- باب إخفاء التشهد 906- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: مِنَ السُّنَّةِ أن يُخْفَى التشهد. (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا عبد الله بن سعيد الكنديمما. ثنا يونس- يعني: ابن بُكَيْر- عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لابن إسحاق إلا مقروناً؛ كما تقدم قبل ثلاثة أحاديث، ثم إنه مدلس وقد عنعنه، ولكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (1/267) من علرب أخرى عن الكندي.

186- باب الاشارة في التشهد

وأخرجه ومن طريقه البيهقي (2/146) من طريق أحمد بن خالد الوهبي: ثنا محمد بن إسحاق ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي وقد تابعه الحسن بن عبيد الله عن عبد الرحمن بن الأسود ... به. أخرجه البيهقي. وإسناده صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير سهل بن المتوكل البخاري؛ فلم أقف الآن على ترجمته! 186- باب الاشارة في التشهد 907- عن علي بن عبد الرحمن المُعَاوِيِّ قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصى في الصلاة. فلما انصرف نهاني وقال: اصنع كما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع. فقلت: وكيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة؛ وضع كَفَّهُ اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلَّها، وأشار بأُصْبُعِهِ التي تلي الابهام، ووضع كَفهُ اليسرى على فخذه اليسرى. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان (1939) في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن. قلت. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

والحديث أخرجه أبو عوانة (2/223- 224! عن المصنف. وأخرجه هو، ومسلم (2/90) ، والنسائي (1/186) ، والبيهقي (2/130) ، وأحمد (2/65) من طرق أخرى عن مالك ... به. وهوفي " الموطأ ". (1/112) . ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والنسائي، والبيهقي، وأحمد (2/45 و 73) من طرق أخرى عن مسلم بن أبي مريم ... به. وتابعه إسماعيل بن جعفر عن مسلم بن أبي مريم ... به، وزاد: .. في القبلة، ورمى ببصره إليها- أو نحوها-. وإسناده صحيح. أخرجه النسائي (1/173) ، وابن خزيمة (719) ، وابن حبان (1944) . 908- عن عبد الله بن الزّبَيْرِ قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قعد في الصلاة؛ جعل قدمه اليسرى تحت فخذه وساقه، وفرش قد مه اليمنى، ووضع يده اليسرى على رُكبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه. وأرانا عبد الواحد وأشار بالسبابة. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابو عوانة في "صحيحيهما") إسناده: حدثا محمد بن عبد الرحيم البزاز: ثنا عفان: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا عثمان بن حَكِيم: ثنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير شيخ المصنف؛ فهو من شيوخ البخاري أيضا. وبقية الرواة من رجاله أيضا؛ إلا أنه إنما أخرج لعثمان بن حَكِيم تعليقاً. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/221) : حدثنا جعفر بن محمد قال: ثنا عفان ... به. وأخرجه هو، ومسلم (2/90) ، والبيهقي (2/130) من طرق أخرى عن عبد الواحد بن زياد. 909- وفي رواية عنه: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعوذلك، ويتحامل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده اليسرى على فخذه اليسرى. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن المِكهنَيصجيّ: ثنا حجاج عن ابن جريج عن زياد عن محمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله عن عبد الله بن الزبير أنه ذكر: أنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير بأصبعه إذا دعا، ولا يحرِّكها. قال ابن جريج: وزاد عمرو بن دينار قال: أخبرني عامر عن أبيه: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَِ يدعو كذلك ... قلت: إسناده من طريق ابن عجلان حسق، لكن قوله: ولا يحركها ... شاذ؛ لتفرد ابن عجلان به، وزياد- وهيما ابن سعد- عنه، وقد خالفه الجماعة؛ فرووا الحديث بدون هذه الزيادة، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (175) .

وأما الاسناد الاخر؛ فصحيح، رجاله ثقات، وقد سمعه ابن جريج من عمرو كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/226- 227) ، والنسائي (1/187) ، والبيهقي (2/131- 132) من طريقين آخرين عن حجاج بن محمد ... به. ولفظ البيهقي: قال ابن جريج: ورأيت عمرو بن ديخار قال: أخبرني عامر عن أبيه ... به. وقال: " وكذلك رواه مُبَشِّر بن مُكَسِّرٍ عن ابن عجلان " 910- وفي رواية أخرى عنه ... بهذا الحديث؛ قال: لا يجاوز بصره إشارته. (قلت: إسناده حسن صحيح. وصححه ابن خزيمة وكذا أبو عوانة) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا يحيى: ثخا ابن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه ... بهذا الحديث. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن عجلان، وهو حسن الحديث. والحديث أخرجه أحمد (3/4) : ثنا يحيى بن سعيد ... به؛ ولفظه: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس في التشهد، وضمع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة، ولم يجاوز بصره إشارته. وأخرجه أبو عوانة (2/226) من طريق المصنف.

187- باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة

وابن خزيمة ... بإسناده. والنسائي (1/187) ، والبيهقي (2/132) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وعزاه الحافظ في "التلخيص " (1/262) لابن حبان أيضا في "صحيحه "، ولم يورده شيخه الهيثمي في "موارد الظمآن "؛ فكأنه فاته! وتشهد له رواية النسائي وابن خزيمة في "الحديث " (907) . 187- باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة 911- عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أحمد بن حنبل- أن يجلس الرجل في الصلاة، وهو معتمد على يده.- قال ابن شَبَّويهِ: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة. وقال ابن رافع: نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده. وذكره في باب الرفع من السجود. وقال ابن عبد الملك: نهى أن يعتطعد الرجل على يده إذا نهض في الصلاة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ لكن الرواية الأخيرة: إذا نهض في الصلاة ... شاذة، وقد فصلت القول في شذوذها في الكتاب الاخر (177)) .

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل وأحمد بت محمد بن شَبَّوَيْهِ ومحمد بن رافع ومحمد بن عبد الملك الغَزَّال قالوا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد رواه المصنف عن أربعة من شيوخلا؛ ليبين اختلافهم على عبد الرزاق في لفظ الحديث، وأربعتهم ثقات؛ إلا أن رابعهم كثير الخطأ كما قال مسلمة، ولا شك أن الإمام أحمد أحفظهم وأثبتهم، ولذلك فلفظه هو المحفوظ، مع أن لفظ ابن شبويه وابن رافع لا يخالفانه، وإن كان الأخير وضعه في "باب الرفع من السجود"؛ فهماً منه، وليس هو بابه! وأما الغَزَّال؛ فخالفهم جميعاً وجاء بزيادة: إذا نهض في الصلاة! فهي شاذة، ولذلك أوردت الحديث من اجلها في الكتاب الآخر (177) ، وفصلت القول في شذوذها هناك. والحديث في "مسند أحمد" (2/147) ... بهذا السند والمتن؛ إلا أنه قال: وهو يعتمد على يديه. وأخرجه البيهقي (2/135) من طريق أحمد بن يوسف السلَمِي: أبَنا عبد الرزاق ... بلفظ ابن شبويه. قلت: فهذه متابعة قوية لابن شبويه؛ مما يشعر أن هذا الاختلاف في متن الحديث ليس من الرواة عن عبد الرزاق، بل هو منه نفسه؛ فإنه كان عمي في آخر عمره فتغير. وأياً ما كان؛ فلفظ أحمد هو المحفوظ، فإن لعبد الرزاق فيه متابعاً: أخرجه

الحاكم (1/272) ، ومن طريقه البيهقي (2/136) عن إبراهيم بن موسى: ثنا هشام بن يوسف عن معمر ... به؛ ولفظه. أنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى رجلاً وهو جالس سعتمد على يده اليسرى في الصلاة، فقال: " إنها صلاة اليهود ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقد الذهبي. وقد تابعه عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية ... به نحوه، ولكنه أوقفه! وهو الآتي في الكتاب بعده. وتابعه هشام بن سعد عن نافع ... به مع اختلاف في اللفظ، وهو الآني بعد حديث. 912- عن إسماعيل بن أمية: سألت نافعاً عن الرجل يصلي وهو مشَبِّكٌ يديه؟ قال: قال ابن عمر: تلك صلاة المغضوب عليهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثا بشر بن هلال: ثنا عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم ولم يخرجه؛ وهو موقوف. وقد رواه معمر عن إسماعيل بن أمية ... به مرفوعاً بلفظ ومعنى آخر، وهو الذي قبله.

فالظاهر أنهما حديثان؛ أحدهما موقوف والاخر مرفوع. ويشهد للمرفوع الحديث الآتي: 913- وعن ابن عمر: أنه رأى رجلاً يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة- وقال هارون بن زيد- ساقطاً على شِقَهِ الأيسر- ثم اتفقا-؛ فقال له: لا تجلس هكذا؛ فإن هكذا يجلس الذين يعَذَّبون. (قلت: إسناده حسن على شرط مسلم، وإسناده من طريق هارون حسن. وأخرجه أحمد مرفوعاً) . إسناده: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي. (ح) وثنا محمد بن سلمة: ثنا ابن وهب- وهذا لفظه- جميعاً عن هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله من الوجه الثاني ثقات رجال مسلم؛ إلا أن هشام بن سعد فيه ضعف يسير. وهو من الوجه الأول حسن أيضا، رجاله ثقات. والحديث أخرجه البيهقي (2/136) سن طريق جعفر بن عون عن هشام بن سعد ... به. وأخرجه الإمام أحمد مرفوعاً، فقال (2/116) : ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير: ثنا هشام ... به: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً ساقطاً يده في الصلاة، فقال ... فذكره. وهذا إسناد حسن أيضا على شرط مسلم.

188- باب في تخفيف القعود

وله شاهد من حديث عَمْرِو بن المثئرِيدِ عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه. أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، وقد ذكرته في "تخريج صفة الصلاة". 188- باب في تخفيف القعود [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 189- باب في السلام 914- عن عبد الله (هو ابن مسعود) : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلِّم على يمينه وعن شماله- حتى يرى بياض خده-: " السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن حبان. وهو في "صحيح مسلم " و "أبي عوانه" من طريق أخرى عن ابن مسعود مختصراً) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان. (ح) وثنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة. (ح) وثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص. (ح) وثنا محمد بن عبيد المُحَاربي وزباد بن أيوب قالا: ثنا عمر بن عبيد الطَّنَافسي. (ح) وثنا تميم بن المنتصر: أخبرنا إسحاق- يعني: ابن يوسف- عن شريك. (ح) وثنا أحمد بن منيع: ثنا حسين ابن محمد: ثنا إسرائيل كلهم عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله. وقال إسرائيل: عن أبي الأحوص والأسود عن عبد الله.

قال أبو داود: " وهذا لفظ حديث سفيان، وحديث إسرائيل لم يفسره ". قال أبو داود: " ورواه زهير عن أبي إسحاق. ويحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه. وعلقمة عن عبد الله ". قال أبو داود: " شعبة كان يُنكر هذا الحديث حديث أبي إسحاق ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد ساق المصنف رحمه الله أسانيده الكثيرة إلى أبي إسحاق- وهو السبيعي-، ثم ذكر أن اللفظ هو لسفيان- وهو الثوري-، والواقع أن أصح الطرق هو طريق سفيان هذه؛ لأن أبا إسحاق كان اختلط، وسفيان سمع منه قبل الاختلاط، فأمئا بذلك شر اختلاطه. ولعل إنكار شعبة للحديث هو علمه باختلاط أبي إسحاق، وعدم علمه بتحديثه به لسفيان قبل الاختلاط! لكن بقي في الإسناد علة اخرى، وهي عنعنة أبي إسحاق، فقد كان مدلساً أيضا، كما تقدم التنبيه على ذلك غير مرة، لكن صرح بالتحديث في بعض الطرق عنه. والحديث أخرجه النسائي (1/195) ، رالترمذي (2/89) ، وابن ماجه (1/295) ، والطحاوي (1/158) ، وابن الحارود (209) ، وابن حبان (516) ، والدارقطني (136) ، والبيهقي (2/177) ، وأحمد (1/390 و 406 و 408 و 409 و444 و 448) من طرق عن أبي إسحاق ... به. وفي رواية لأحمد من طريق حميد بن عبد الرحمن: حدثنا الحسن عن أبي إسحاق: حدثنا أبو الأحوص ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وفي رواية البيهقي من طريق الحسين ابن واقد: ثنا أبو إسحاق الهَمْداني: حدثني علقمة بن قيس والأسود بن يزيد وأبو

الأحوص قالوا: ثنا عبد الله بن مسعود ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقرن إسرائيل في رواية عن أبي إسحاق مع أبي الأحوص: الأسود، وهو ابن يزيد. وقد أخرجه من طريقه: أحمد (1/406) : حدثنا هاشم وحسين- المعنى- قالا: حدثنا إسرائيل ... به. وخالفه زهير- كما علقه المصنف-، ووصله أحمد (1/394) : حدثنا أبو كامل: حدثنا زهير: حدثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة عن عبد الله ... فأدخل بين أبي إسحاق والأسود: عبد الرحمن بن الأسود. ولعله أولى؛ فقد تابعه على ذلك إسرائيل نفسه، كما علقه المصنف، وصله أحمد (1/418) من طريقين عن إسرائيل عن أبي إسحاق ... به. والحديث في "صحيح مسلم " (2/91) ، و "أبي عوأنة" (2/238) من طريق أخرى عن ابن مسعود ... مختصراً. (تنبيه) : وقع في "" صحيح ابن حبان- موارد" في التسليمتين بزيادة: " وبركاته لما من طريق الفضل بن الحبَابِ: حدثنا محمد بن كثير: حدثنا سفيان ... به! وأرى أنها زيادة شاذة من هذا الوجه؛ فقد رواه المصف عن ابن كثير، وكذا رواه جماعة من الثقات عند الخرجين السابق ذكرهم عن سفيان بدونها. لكن قال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/141/2 - نسخة المحمودية) :

" وتابعه عن أبي إسحاق: إسرائيل عند السرل. وأخرجه أيضا عن أبي هَنَّادِ السَّلُولي عن أبي الأحوص- وهر سَلآم بن سئلَيم- عن أبي إسحاق ... فذكره، ولفظه: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم عن يمينه وعن يساره- حتى يرى بياض خده-: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ". وقد أخرجه أبو داود عن مسدد عن أبي الأحوص وليس فيه: " وبركاته " ... ". وفيه أيضا عنعنهَ أبي إسحاق، والعمده في الزيادة حديث وائل الأتي. قلت: ويشهد لهذه الزيادة: ما أض جه أبو داود الطيالسي في "مسنده " (1/ 104/469) : حدثنا هَمَام عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله: أنه كان يسلم عن يمينه: السلام عليكَم ورحمة الله وبركاته. وعن يساره: السلام عليكم ورحمهَ الله. وقال عقبه: " وقد روي عن الأسود من غير هذا الإسناد عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله ". قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح؛ إن كان همام سمعه من عطاء بن السائب قبل أن يختلط. وقد أخرجه الدارقطني (ص 135) سن طريق أخرى عن ابن مسعود ... مرفوعاً؛ وضعفه بعبد الوهاب بن مجاهد. ولهذه الزيادة شاهد جيد من حديث وائل، وهو الآتي بعده.

915- عن علقمة بن وائل عن أبيه قال: صَليْتُ بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان يسلم عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "، وعن شماله: " السلام عليكم ورحمة الله ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال النووي والعسقلاني، وصححه ابن دقيق العيد أيضا، وابن سيد الثاس) . إسناده: حدثنا عَبْدة بن عبد الله: ثنا يحيى بن آدم: ثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كُهَيْلٍ عن علقمة بن وائل. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير موسى بن قيس الحضرمي، وهو ثقة، وثقه ابن معين وابن نُمَير وغيرهما. وقال أحمد: " لا أعلم إلا خيراً ". وقال أبو حاتم: " لا بأس به ". وأما العقيلي فشذ قائلاً: " كان من الغلاة في الرفض، يحدث بأحاديث مناكير- وفي نسخة: بواطيل- "؛ كما في "التهذيب ". قلت: ويفهم من "الميزان " أنه لم يكن من الغلاة؛ فقد عقب على كلمة العقيلي المذكورة بقوله: " قلت: حكى عن نفسه أن سفيان ساكله عن أبي بكر وعلي؟ فقال: علي أحب إلي ". قلت: وهذا ليس بجرح كما لا يخفى، ولذلك قال الحافظ في "التقريب ":

" صدوق ". وعليه قال في "بلوغ المرام ". " رواه أبو داود بإسناد صحيح ". وسبقه إلى تصحيحه: تقي الدين ابن دقيق العيد في "الإلمام " رقم (260) . وأشار إلى تقويته ابن سيد الناس في "شرحه للترمذي "- نسخة المحمودية في المدينة النبوية. وصححه النووي أيضا في "المجموع " (3/479) . وقد تعجب منه بعض الشافعية لقوله في "الأذكار": " ولا يستحب أن يقول معد: " وبركاته " ... "! فقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (ق 140- 142) - وأقره السيوطي في "تحفة الأبرار" (ص 40) - ما ملخصه: " وقد وردت عدة طرق، ثبت فيها: " وبركاته "، بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة. قال الأذرعي في "المتوسط ": والعجب- من الشيخ مع شدة ورعه- كيف يُصَوِّبُ تركه؛ مع ثبوت السنة، وحكمه بصحة إسناد الحديث. وقال الغزَي في "شرح المنهاج ": ثبتت في أِ واية أبي داود زيادة: " وبركاته " في التسليمة الأولى، فيتعين العمل بها ". (تنبيه) : وقع في بعض نسخ الكتاب زيادة: " وبركاته " في التسليمة الأخرى أيضا، وذلك يوافق رواية ابن حبان وغيره في حديث ابن مسعود المتقدم! ونسختنا وغيرها على وفق "سختصر السن " للمنذري، وحديث ابن مسعود الموقوف عند الطيالسي كما تقدم، ولعلها أرجح. والله أعلم.

916- عن جابر بن سَمُرة قال: كنا إذا صلَّينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلَّم أحدنا؛ أشار بيده من عن يمينه ومن عن يساره. فلما صلى قال: " ما بالُ أحدِكم يَرْمي بيده كأنها أذناب خَيْل شمُس؟! إنما يكفي أحدكم- أو ألا يكفي أحد كم- أن يقول هكذا- وأشار بأصبعه-؛ يسلّم على أخيه من عن يمينه، ومن عن شماله ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو، وابن حبان (1877) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يحيى بن زكريا ووكيع عن مِعمر عن عبيد الله ابن القِبْطِيَّةِ عن جابر بن سمره. قلت: وهذا إسنأد صحيح على شرط مسلم؛ ويحيى بن زكريا: هو ابن أبي زا ئدة. والحديث أخرجه البيهقي (2/173) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/29) من طريقين آخرين عن وكيع وابن أبي زائدة كلاهما عن مسعر. وأخرجه أبو عوانة (2/238) ، وأحمد (7/155) عن وكيع ... به. وهو، والنسائي (1/176 و 194) ، والبيهقي (2/172 و 178 و 180) ، وأحمد (5/86 و 88 و 102) ، وابن حبان (77\/1) من طرق أخرى عن مسعر ... به

917- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ قال: " أما يكفي أحدكم- أو أحدهم- أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من عن يمينه ومن شماله؟ ا ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحمه) . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا أبو نعيم عن مسعر ... بإسناده ومعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الأنباري، وهو ثقة. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/239) ، والنسائي (1/194) ، والبيهقي (2/178) من طرق أخرى عن أبي نعيم ... به. 918- وفي رواية أخرى عنه قال: دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناس رافعو أيديهم- قال زهير: أراه قال- في الصلاة؛ فقال: " ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خَيْلٍ شُمُس؟! اسْكُنوا في الصلاة ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان (1875) ، وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الخفيلي: ثنا زهير: ثنا الأعمش عن المُسَيَّبِ بن رافع عن تميم الطًائى عن جابر بن سمرة.

190- باب الرد على الإمام

قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير تميم بن طَرَفَةَ، فمن رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/29) ، وأبو عوانة (2/85) ، والنسائي (1/176) ، والبيهقي (2/280) ، والطيالسي (1/1/47304) ، وابن حبان (1875) ، وأحمد (5/93 و 101 و 107) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وله عند مسلم وغيره تتمة، هي عند المححنف أيضا مفرقاً، تقدم شطرها في أول "أبواب الصفوف " رقم (667) ، ويأتي شكلرها الآخر إن شاء الله في أول "كتاب الأدب ا [16- باب في التحلق] رقم ( ... ) ؛ بلفظ: " ما لي أراكم عِزين؟! ". 190- باب الرد على الإمام [تحته حديث واحد. انظ هـ في "الضعيف " [ 191- باب التكبير بعد الصلاة 920 (*) - عن ابن عباس قال: كان يُعْلَمُ انقضاءُ صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتكبير. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن عبدة: أخبرنا سفيان عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس.

_ (*) كذا أصل الشيخ رحمه الله؛ قفز الترقيم من 918 إلى 920، وليس بذي تأثير. (الناشر) .

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين؛ غير أحمد بن عبدة- وهو ابن موسى الضّبيُّ البصري-، فمن رجال مسلم وحده، وأخرج له البخاري في غير "الجامع الصحيح "؛ وأخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/243) من طريق المصنف. وأخرجه الشافعي في "مسنده " (1/94/281) ، وكذا أحمد (1/222) ، والحميدي (1/225/480) قالو ا: ثنا سفيان ... به، وزادوا- واللفظ للشافعي-: قال عمرو بن دينار: ثم ذكرته لأ بي معبد، فقال: لم أُحَدِّثْكَه، قال عمرو: قد حدثتنيه! قال: وكان من أصدق موالي ابق عباس. قال الشافعي: " كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه ". وزاد الحميدي: قال سفيان: كأنه خشي على نفسه ا وأخرجه البخاري (2/139) ، ومسلم (2/91) ، وأبو عوانة أيضا، والنسائي (1/196) ، والبيهقي (2/184) من طرق أخرى عن سفيان ... به. 921- وفي رواية عنه: أن رفع الصوت للذكر- حين ينصرف الناس من المكتوبة- كان ذلك على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ابن عباس قال: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك وأسمعه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا يحيى بن موسى البَلْخِيُّ: ثنا عبد الرزاق: أخبرني ابن جريج: أخبرنا عمرو بن دينار: أن أبا معبد مولي ابن عباس أخبر: أن ابن عباس

192- باب حذف التسليم

أخبره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا البلخي؛ فلم يخرج له مسلم؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/139) ، وسسلم (2/91) ، وأبو عوانة (2/242) - هذا عن المصنف وغيره-، وأحمد (1/367) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به 192- باب حذف التسليم 193- باب إذا أحدث في صلاته يستقبل [ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 194- باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة 922- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيَعْجِزُ أحدكم- قال: عن عبد الوارث- أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله- زاد في حديث حماد: في الصلاة؟! - "؛ يعني: في السبْحَةِ. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد وعبد الوارث عن ليث عن الحجاج بن عبَيْد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن إسماعيل- ويقال: إسماعيل بن إبراهيم- الحجازي مجهول الحال، كما في "التقريب ".

وليث: هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف، و [نما صححت الحديث؛ لأن له شاهدين، تقدم أحدهما برقم (629) ، ويأتي الآخر في الجمعة برقم (1034) . والحديث أخرجه البيهقي (2/190) من طريق أخرى عن حماد بن زيد ... به. وأخرجه هو، وابن ماجه (1/436) ، وأحمد (2/425) من طرق أخرى عن الليث ... به؛ إلا أن بعضهم قال: إسماعيل بن إبراهيم- على القلب-. قال البخاري: " هذا أصح، والليث يضطرب فيه ". قال البيهقي: " وهو ليث بن أبي سليم، يتفرد به ". 922/م- عن أشعث بن شعبة عن المنهال بن خليفة عن الأزرق بن قيس قال: صلى بنا إمام لنا يكنى أبا رمثة، فقال: صَلّيتُ هذه الصلاة- أو مثل هذه الصلاة- مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وكان أبو بكر وعمر يقومان في الصف المقدم عن يمينه، وكان رجل قد شهد التكبيرة الأولى من الصلاة، فصلى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم سلم عن يمينه وعن يساره، حتى رأينا بياض خديه، ثم انفتل كانفتال أبي رمثة- يعني: نفسه- فقام الرجل الذي أدرك معه التكبيرة الأولى من الصلاة يشفع، فوثب إليه عمر، فأخذ بمنكبه فهزه، ثم قال: اجلس؛ فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم فَصْل، فرفع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصره فقال: " أصاب الله بك يا ابن الخطاب ا "

(قلت: إسناده ضعيف (*) ، أشعث بن شعبة فيه لين- كما قال أبو زرعة-، وقال المنذري: " في إسناده أشعث بن شعبة والمنهال بن خليفة، وفيهما مقال ") . إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن تجدة: ثنا أشعث بن شعبة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته أشعث هذا، قال أبو زرعة: " لين الحديث ". والأزدي: "ضعيف" وذكره ابن حبان في " الثقات "، وفي سوالات الآجري عن أبي داود: " أشعث بن شعبة ثقة ". وقال الحافظ في "التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة؛ وإلا فليّن الحديث؛ كما نص عليه في المقدمة. وأعله المنذري في "مختصره " (1/461) بأشعث والمنهال كما تراه أعلاه. والحديث أخرجه البيهقي (2/190) من طريق المصنف ومن طريق أخرى عن عبد الوهاب بن تجدة ... به. ثم أشار إلى تضعيفه بقوله: " وهذا إن ثبت يجمع الإمام والمأموم ". وصححه الحاكم (1/270) ، ورده الذهبي. ثم وقفت له على طريق أخرى مختصرة، فقال أحمد (5/368) : حدثنا محمد ابن جعفر: ثنا شعبة عن الأزرق بن قيس عن عبد الله بن قيس (**) عن عبد الله

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله بلى نقله من "الضعيف " إلى هنا، وتتمة التخريج توضح السبب. (**) كذا في أصل الشيخ رحمه الله؛ بزيادة عبد الله بن قيس، ويبدو أنه سبق قلم منه؛ فإنه أورد السند على الصواب في مواضع من كتبه. انظر "الصحيحة" (2549 و 2173) .

195- باب السهو في السجدتين

ابن رباح عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العصر، فقام رجل يصلي، فرآه عمر فقال له: اجلس؛ فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أحسن ابن الخطاب ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وجهالة الصحابي لا تضر. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده " (13/ 107/7166) من طريق أخرى عن محمد بن جعفر ... به. وتوبع شعبة؛ فقال عبد الرزاق في "المصنف " (2/ 432/3973) : عن عبد الله ابن سعيد قال: أخبرني الأزرق بن قيس ... به؛ إلا أنه قال: " صدق ابن الخطاب ". وإسناده صحيح أيضا: عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند الفزاري، من رجال الشيخين، وذكره المزي في شيوخ عبد الرزاق. والحديث مخرج في "الصحيحة " برقم (3173) . 195- باب السهو في السجدتين 923- " عن أبي هريرة قال: صَلَى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى صلاتي العَشِيً- الظهر أو العصر-، قال: فَصَلَّى بنا ركعتين، ثم سَلم، ثم قام إلىَ خشبة في مُقَدمِ المسجد، فوضع يديه عليها؛ إحد اهما على الأخرى، يُعْرَف في وجهه الغضب، ثم

خرج سَرَعَانُ الناس وهم يقولون: قَصُرَتِ الصلاةُ! قَصُرَتِ الصلاة! وفي الناس أبو بكر وعمر، فهاباه ان يُكَلماه، فقام رجل- كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَميهِ ذا اليدين - فقال: يا رسول الله! أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: " لم آنْسَ، ولم تقصر الصلاة ". قال: بلى نسيت يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على القوم، فقال: " أصدق ذو اليدين؟! ". فَأوْمَأُوا؛ أي: نعم. فرجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مَقَامِهِ؛ فصلى الركعتين الباقيتين، ثم سلَّم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع وكبر. قال: فقيل لمحمد: سلَّم في السهو؟ فقال: لم أحفظه عن أبي هريرة! ولكن نبئتُ أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم " بنحوه) . إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبيد- وهو ابن حِسَاب الغُبَرِيَ البصري-، فهو من رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/196) ، والبيهقي (2/357) من طريق المصنف، وقال:

" ولم يبلغنا إلا من جهة أبي داود عن محمد بن عبيد عن حماد بن زيد، وهم ثقات أئمة ". قلت: وقد تابعه أسد- وهو ابن موسى-؛ العروف بـ (أسد السنة) وهو صدوق، فقال الطحاوي في "شرح الأثار" (1/257) : حدثنا ربيع المؤذن قال: ثنا أسد ... به؛ وزاد: وأكثر (وفي نسخة: أكبر) ظني أنه ذكر الظهر. وقال مسلم (2/86- 87) : حدثنا أبو الربيع الزهراني: حدثنا حماد ... به؛ ولم يسق لفظه. وأخرجه البخاري (1/120 و 2/61 و 9/71) ، ومسلم (2/86) ، وأبو عوانة أيضا (2/195) ، والنسائي (1/182) ، والترمذي (247/2/399) ، والطحاوي أيضا، وابن الجارود (243) ، والبيهقي (2/354 و 356) من طرق أخرى عن أيوب ... به. وتابعه يزيد بن إبراهيم عن محمد ... به؛ وفيه الزيادة بلفط: قال محمد: وأكثر ظني العصر. أخرجه البخاري (2/61 و 8/14) ، وأبو عوانة (2/195- 196) ، والبيهقي (2/346) ، إلا أنه قال: أكبر ظني أنه قال: الظهر. وتابعه اين عون عن محمد (وهو ابن سيرين) عن أبي هريرة ... به؛ وزاد: قال ابن سيرين:

سماها أبو هريرة، ولكن نسيت أنا! أخرجه البخاري (1/86) ، والنسائي (1/181) ، والدارمي (1/351) ، وابن ماجه (1/366- 367) ، والطحاوي، وأحمد (2/234) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 924- وفي رواية عنه قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يقل: بنا، ولم يقل: فأوْمَأُوا- قال: فقال الناس: نعم. قال: ثم رفع- ولم يقل: وكَبَّرَ-، ثم كَبَّرَ وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع. وتم حديثه؛ لم يذكر ما بعده، ولم يذكر: فأومأُوا.. إلا حماد بن زيد. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وأبو عوانة في "صحيحبهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أيوب عن محمد ... بإسناده- وحديث حماد أتم- قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين أيضا. والحديث في "الموطأ" (1/115) . وعنه: أخرجه البخاري (1/120 و 2/61 و 9/71) ، وأبو عوانة (2/196) ، والنسائي (1/182) ، والترمذي (2/247) ، والطحاوي (1/257) ، والبيهقي (2/257) كلهم عن مالك ... به.

925- وفي أخرى عنه قال: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ... بمعنى حماد كله (يعني: الرواية الأولى) إلى اخر قوله: نبِّئْمت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. قال: قلت: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد! وأحب إلي أن يتشهد. ولم يذكر: كان يسمِّيه ذا اليدين، ولا ذكر: فأومأوا، ولا ذكر الغضب. وحديث أيوب أتم (يعني الرواية الثانية) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر- يعني: ابن المُفَضَّل-: ثنا سلمة- يعني: ابن علقمة- عن محمد عن أبي هريرة. قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرج البخاري (3/76- فتح) بعضه فقأًل: حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن سلمة بن علقمة قال: قلت لمحمد: في سجدتي السهو تشهد؟ قال: ليس في حديث أبي هريرة. وأخرجه أبو نعيم في "المستخرج "- بتمامه-، وكذا السراج. وقول محمد- وهو ابن سيرين-: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم؛ يعني: بعد سجدتي السهو، وهو منقطع، ولعَنه قد جاء موصولاً من طريق أخرى عن عمران، ويأتي في الكتاب (933) . قال الحافظ. " وقد يفهم من قوله: ليس في حديث أبي هريرة.. أنه ورد في حديث غيره، وهو كذلك؛ فقد رواه أبو داود و ... " ثم ذكر حديث عمران الآتي.

926- وفي أخرى عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... في قصة ذي اليدين: أنه كبر وسجد. وقال هشام- يعني: ابن حسان-: كبر، ثم كبر وسجد. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، لكن قول هشام: كبر؛ يعني تكبيرة الاحرام.. شاذ عند المصنف، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (183)) . إسناده: حدثنا علي بن نصر بن علي: ثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام ويحيى بن عَتِيق وابن عون عن محمد عن أبي هريرة. قال أبو داود: " روى هذا الحديث أيضا: حبيب بن الشَّهيد وحُمَيْدٌ ويونس وعاصم الأحول عن محمد عن أبي هريرة؛ لم يذكر أحد منهم ما ذكر حماد بن زيد عن هشام: أنه كبر ثم كبر. وروى حماد بن سلمة وأبو بكر بن عياش هذا الحديث عن هشام؛ لم يذكرا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد: أنه كبر ثم كبر ". قلت: وهذا معناه أن ذِكْرَ التكبير مرة أخرى شاذ من هشام بن حسان أو حماد ابن زيد، وهو الأرجح، ولذلك أوردت الحديث في الكتاب الآخر (183) . 927- وعن ابن شهاب: أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حَثْمَةَ أخبره أنه بلغه؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الخبر؛ قال: ولم يسجد السجدتين اللتين تُسْجَدان إذا شك، حتى لَفاه الناس. قال ابن شهاب: وأخبرني بهذا الخبر: سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. قال: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن الحارث بن هشام وعبيد الله بن عبد الله. إسناده: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب: ثنا يعقوب- يعني: ابن إبراهيم-: ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير حجاج بن أبي يعقوب- وهو المعروف بابن الشاعر البغدادي-، وهو ثقة حافط من رجال مسلم. وهو من طريق ابن أبي حثمة مرسل. والحديث أخرجه البيهقي (2/358) من طريق العباس بن محمد الدوري: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سَعْدٍ ... به. وقال: " هذا حديث مختلف فيه على الزهري: فرواه صالح بن كيسانْ هكذا، وهو أصح الروايات فيما نرى. حديثه عن ابن أبي حثمة مرسل، وحديثه عن الباقين موصول. وأرسله مالك بن أنس عنه عن ابن أبي حثمة وابن المسيب وأبي سلمة. وأسنده يونس بن يزيد عنه عن جماعتهم دون روايته عن ابن أبي حثمة. وأسنده معمر عنه عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان ابن أبي حثمة ". (تنبيه) : كذا وقع في نسختنا من الكتاب: حتى لقَّاه. وهو كذلك في أكثر النسخ منه وفي "مختصر السنن " أيضا. ووقع في نسخة أخرى من الكتاب: حين لقَّاه. وكذلك هو في رواية البيهقي! وهو اختلاف شديد مفسد للمعنى؛ فإنه على الأول؛ معناه إثبات السجدتين، وعلى الأخرى؛ نفيهما، كما هو ظاهر. ولعل الأخرى أصح؛ لما روى البيهقي من طريق معمر عن الزهري عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان عن أبي هريرة قال (قلت: فذكر الحديث؛ وفي آخره) قال: فأتم بهم الركعتين اللتين نَقَصَ.

قال الزهري: ثم سجد سجدتين بعدما تفرَّغ. قال البيهقي: " وهذا يدل على أنه لم يسمعهم ذكروا له سجدتيه؛ وقد سجدهما، حتى أخبر بهما عن نفسه. واختلف على ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة في هذه القصة. وقد ثبت عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه، ثم عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجدهما ". قلت: حديث ابن سيرين تقدم برقم (923) . وحديث أبي سلمة هو الأتي بعد هذا. ويؤيد الاستدلال الذي ذهب إليه البيهقي ويقويه: رواية الدارمي (1/352) من طريق يونس عن ابن شهاب: أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد- الله عن أبي هريرة ... فذكر الحديث إلى قوله: فأتم بهم الركعتين؛ وزاد: ولم يحدثتي أحد منهم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد سجدتين وهو جالس في تلك الصلاة، وذلك- فيما يرى والله أعلم- من أجل الناس، يقنوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى استيقن. قلت: فهذا نص فيما ذهب إليه البيهنمي؛ لولا أن شيخ الدارمي- عبد الله بن صالح، وهو كاتب الليث- فيه ضعف. 928- قال أبو داود: " رواه يحيى بن أبي كثير وعمران بن أبي أنس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ... هذه القصة؛ لم يذكر أنه سجد السجدتين ". (قلت: وصله أحمد عن يحيى ... به. ووصله مسلم وأبو عوانة بذكر

السجدتين في آخره. ووصله النسائي عن عمران بن أبي أنس ... به. وسنده صحيح على شرط مسلم. وإسناد أحمد على شرط الشيخين. ورواية مسلم وأبي عوانة شاذة) قلت: هذا معلق؛ وقد وصله أحمد في "المسند" (2/423) : ثنا حسن بن موسى: ثنا شيبان بن عبد الرحمن: ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة ... به. قالى يحيى: حدثني ضَمْضَمُ بن جَوْسٍ أنه سمع أبا هريرة يقول: ثم سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجدتين. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين من طريق أبي سلمة، وصحيح فقط من طريق ضمضم، وتأتي هذه برقم (931) . وقد علقه أبو عوانة (2/197) من طريق محمد بن سابق عن شيبان ... به؛ دون طريق ضمضم، ولم يسق لفظه، وإنما أحال به على ما أسنده من طريق علي ابن البارك قال: ثنا يحيى بن أبي كثير ... به. ووصله البيهقي (2/357) عن ابن سابق وعن عبيد الله بن موسى عن شيبان ... به مثل رواية حسن بن موسى: عند أحمد وبتمامه. وأخرجه مسلم عن عبيد الله بن موسى، ولكنه أحال في لفظه على الرواية التي قبلها، وهي عنده من طريق علي بن المبارك: حدثنا يحيى ... به. ولم يسق لفظه أيضا، وإنما أحال فيه على رواية مالك عن داود بن الحُصَيْنِ ... بإسناده عن أبي هريرة؛ وفيه: ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم.

وقد علقه المصنف كما يأتي بعد حديث. وقد أخرجه أبو عوانة من طريق علي بن المبارك ... وساق لفظه مثل لفط داود ابن الحصين. والصواب رواية حسن بن موسى التي فصًلت وبيَّنت أن ذكر السجدتين إنما هي من رواية يحيى عن ضمضم عن أبي هريرة، لا من روايته عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قال البيهقي: " ويحيى بن أبي كثير لم يحفظ سجدتي السهو عن أبي سلمة، وإنما حفظهما عن ضمضم بن جوس ". قلت: ويؤيد هذا التفصيل: رواية عمران بن أبي أنس عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... لم يذكر السجدتين: وصله النسائي (1/182- 183) بسند صحيح على شرط مسلم. 929- وعن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى الظهر، فسلَّم في الركعتين، فقيل له: نقصت الصلاة؟ فصلى ركعتين، ثم سجد سجدتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا ابن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن سعد سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وابن معاذ: هو عبيد الله أبو عمرو العنبري البصري.

والحديث أخرجه النسائي (1/182) من طريق أخرى عن شعبة ... به. 930- قال أبو داود: " رواه داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذه القصة؛ قال: ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم ". (قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . وصله مسلم (2/87) ، وأبو عوانة (2/196) ، والنسائي (1/182) ، وأحمد (2/447 و 459 و 532) عن مالك، وهو في "الموطأً" (1/115- 116) عن داود ابن الحصين ... به. 931- وفي رواية عن أبي هريرة ... بهذا الخبر؛ قال: ثم سجد سجدتي السهو بعدما سلم. (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2677)) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا عكرمة بن عمار عن ضمضم بن جَوْسٍ الهِفاني: حدثني أبو هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ضمضم بن جوس، وهو ثقة. لكن عكرمة بن عمار في حفظه كلام، فحديثه حسن، أما هذا الحديث فصحيح؛ لأنه قد توبع عليه كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/195) - من طريق أخرى عن ابن عمار-، وأحمد- من طريق يحيى بن أبي كثير-: حدثني ضمضم بن جوس ... به، وقد

سبق ذكره تحت الحديث (928) . وله طرق أخرى عن أبي هريرة، تقدمت برقم (923 و 924 و 925 و 926 و929 و 930) . 932- وعن ابن عمر قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فسلَّم في الركعتين ... فذكر نحو حديث ابن سيرين عن أبي هريرة [يعني: الحديث (923) ] ؛ قال: ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت: ثنا أبو أسامة. (ح) وثنا محمد ابن العلاء: أخبرنا أبو أسامة: أخبرني عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: هذا إسناد صحيح من الوجهين، وهو على شرط الشيخين من الوجه الثاني؛ وأبو أسامة: اسمه حماد بن أسامة الكوفي، وهو ثقة ثبت ربما دلس. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/366) ، والطحاوي (1/257) ، والبيهقي (2/359) من طرق أخرى عن أبي أسامة ... به. وقال البيهقي: " تفرد به أبو أسامة، وهو من الثقات ". 933- عن عمران بن حصين قال: سَلَّمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ئلاث ركعات من العصر، ثم دخل- قال: عن مسلمة- الحجَرَ، فقام إليه رجل- يقال له: الخِرْبَاق، كان طويل اليدين- فقال له. أقصرت الصلاة يا رسول الله؟! فخرج مُغْضَباً يَجُزُ رداءه، فقال:

" أصدق؟! ". قالوا: نعم. فصلى تلك الركعة. ثم سلم، ثم سجد سجدتيها، ثم سلم. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") . إسناده: حدثنا ممسدد: ثنا يزيد بن ررَيْع. (ح) وثنا مسدد: ثنا مسلمة بن محمد قال: ثنا خالد الحذاء: ثنا أبو قلابة عن أبي المُهَلب عن عمران بن حصين. قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق ابن زربع، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري. وأما الطريق الأخرى، ففيها مسلمة بن محمد - وهو الثقفي البصري-، قال الحافظ: " لين الحديث ". وروايته هنا متابعة، فلا ضير منه، والزيادة التي زادها على ابن زربع- وهي: الحجر- لم يتفرد بها كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/198) من طريق المصنف. وأحْرجه البيهقي (2/359) من طريق أخرى عن مسدد. وأخرجه النسائي (1/183) من طريق أخرى عن يزيد بن زربع ... به؛ وزاد فقال: فدخل متزله. وإسناده صحيح. ثم أخرجوه ثلاثتهم، ومسلم أيضا (2/87- 88) ، وابن ماجه (1/367) ، والطحاوي (1/257) ، وابن الجارود (245) ، والطيالسي (1/111/511) ، وأحمد

196- باب إذا صلى خمسا

(4/427 و 431 و 440- 441) من طرق أخرى عن خالد الحذاء ... به. وعند مسلم وابن ماجه الزيادة المذكورة بلفظ: فدخل الحجرة ... وهي عند الطحاوي أيضا. (تنبيه) : وقع في جميع النسخ و "مختصر السن ": قال: عن مسلمة. ووقع في "مسند أبي عوانة ": قال: غير مسلمة! ووقع فيه: الحجرة! وفي جميع النسخ و "الختصر": الحُجَر. ولعل الصواب في الحرفين ما في الكتاب. والله أعلم. 196- باب إذا صلى خمساً 934- عن عبد الله قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: " وما ذاك؟! ". قال: صَلَّيْتَ خمساً! قسجد سجدتين بعدما سلم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم- المعنى، قال حفص-: ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (9/71) ... بإسناد المصنف الأول.

وأخرجه هو (1/75 و 2/60) ، ومسلم (2/85) ، والنسائي (1/185) ، والترمذي (2/238) ، وابن ماجه (1/364) ، والبيهقي (2/351) ، والطيالسي (1/111/512) ، وأحمد (1/443 و 465) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وللحديث طرق ثلاثة أخرى تأتي في الكتاب بعد هذا؛ كلها عن إبراهيم. 935- وفي رواية عنه قال: صَلَى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال إبراهيم- فلا أدري زاد أم نقص؟! فلما سلَّم قيل له: يا رسول الله! أحدث في الصلاة شيء؟ قال: " وما ذاك؟! ". قالوا: صَلَّيْتَ كذا وكذا. فَثَنَى رِجْلَهُ واستقبل القبلة، فسجد بهم سجدتين ثم سلَّم. فلما انفتل؛ أقبل علينا بوجهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر، أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت فَذَكرُوني ". وقال: " إذا شك أحدكم في صلاته؛ فلْيتحَرَّ الصوابَ؛ فليُتِمَ عليه، ثم ليسلِّم، ثم يسجدْ سجدتين،. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم "، وهو عند أبي عوانة عن المصنف، وعند البخاري بسنده) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال: قال عبد الله ...

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (0/2 " 2) ، والبيهقي (2/335) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (1/74) ... بإسناده، وكذا مسلم (2/84) ؛ إلا أنه قال: حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة. والبيهقي (2/335) عنهما. وأخرجه النسائي (1/184) ، وابن ماجه (1/365) ، والطيالسي (1/110/506) ، وأحمد (1/419 و 438 و 455) . من طرق أخرى عن منصور ... به. ورواه ابن الجارود (244) . وتابعه الأعمش عن إبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي-، وهو الأني بعده. 936- وفي أخرى عنه ... بهذا؛ قال: " فإذا نسي أحدكلم؛ فليسجد سجدتين "؛ ثم تَحَول فسجد سجدتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه كما تقدم قبله) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا أبي: ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله. قال أبو داود: " رواه حصين نحو حديث الأعمش ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه من حديث الأعمش.

والحديث أخرجه الإمام أحمد (1/424) : حدثنا ابن نمير عن الأعمش ... به وتابعه أبو معاوية: حدثنا الأعمش ... به مختصراً. أخرجه أحمد (1/456) ، وكذا مسلم (2/86) - وقرن مع أبي معاوية حفصاً-. وعنه وحده: أبو عوانة (2/205) . وهو في "الصحيحين " من طريق منصور وغيره عن إبراهيم ... بنحوه. وهو ما قبله، وما بعده. 937- وفي أخرى عنه قال: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمساً، فلما انفتل؛ توشوش القوم بينهم. فقال: " ما شأنكم؟! ". قالوا: يا رسول الله! هل زِيدَ في الصلاة؟ قال: " لا ". قالوا: فإنك قد صليت خمساً؟ فانفتل فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم قال: " إنما أنا بشر أنسى كما تَنْسَوْنَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا جرير. (ح) وثنا يوسف بن موسى: ثنا جرير- وهذا حديث يوسف- عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سوَيْد عن علقمة قال: قال عبد الله ...

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير يوسف ابن موسى- وهو ابن راشد القطان أبو يعقوب الكوفي-؛ فهو من رجال البخاري، وهو متابع لنصر بن علي، فله فيه شيخان. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/204) من طريق المصنف عن شيخه الأخر يوسف بن موسى. وأخرجه مسلم (2/85) ، وكذا البيهقي (2/242) عن عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير ... به. وأخرجه هو، وأبو عوانة، والنسائي (1/185) ، وابن الجارود (246) ، والبيهقي، وأحمد (1/448) من طرق أخرى عن الحسن بن عبيد الله ... به، بعضهم مطولأ وبعضهم مختصراً. وتابعه سلمة بن كهَيْل عن إبراهيم بن سويد ... به مختصراً. أخرجه أحمد (1/438) ، وإسناده صحيح على شرط مسلم. وله عنده (1/420 و 463) ، ومسلم وأبي عوانة طريق أخرى عن اين مسعود ... مختصراً. 938- عن معاوية بن حُدَيج: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى يوماً؛ فسلَّم وقد بقيت من الصلاة ركعة، فأدركه رجل، فقال: نسيت من الصلاة ركعة! فرجع فدخل المسجد، وأمر بلالاً فأقام الصلاة؛ فصلى للناس ركعة، فأخبرت بذلك الناس، فقالوا لي: أتعرف الرجل؟ قلت: لا؛ إلا أن أراه، فمرَّ بي، قلت: هذ اهو، فقالوا: هذا طلحة بن عبيد الله.

197- باب إذا شك في الثنتين والثلاث؛ من قال: يلقي الشك

(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2664) ، والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أن سويد بن قيس أخبره عن معاوية بن حُدَيج. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رحال الشيخين؛ غير سويد بن قيس - وهو التّجِيبِي- وهو ثقة. والحديث أخرجه النسائي (1/108) ... بإسناد المصنف. وأخرجه ابن حبان (535) ، والحاكم (1/323) ، والبيهقي (2/359) ، وأحمد (6/401) من طرق أخرى عن يزيد بن أبىِ حبيب ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. 197- باب إذا شَكَّ في الثنتين والثلاث؛ من قال: يلْقِي الشك 939- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا شك أحدكم في صلاته؛ فَلْيُلْقِ الشكَّ، ولْيَبْنِ على اليقين، فإذا استيقن التَّمَامَ؛ سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة؛ كانت الركعةُ نافلةً والسجدتان، وإن كانت ناقصة؛ كانت الركعة تماماً لصلاته، وكانت السجدتان مرَغِمَتَيِ الشيطان ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) . إسئاده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدري.

قال أبو داود: " رواه هشام بن سعد ومحمد بن مُطَرِّف عن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث أبي خالد أشبع ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن عجلان - واسمه محمد-، فأخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم متابعة، وقد توبع. والحديث أخرجه البيهقي (2/351) من طريق المصنف. وأخرجه ابن ماجه (1/365) ... بإسناده. وأخرجه ابن حبان (537) ، والحاكم (1/327) من طرق أخرى عن أبي خالد الأحمر ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! كذا قالا، ولا يخفى ما فيه بعد أن عرفت أن ابن عجلان إنما روى له مسلم متابعة! نعم؛ قد تابعه جماعة، سمى بعضهم المصنف رحمه الله تعالى؛ وعليه فالحديث صحيح، وقد أرسله آخرون، وكل صحيحٌ، كما يأتي تقريره بعد حديث. 940- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمى سجدتي السهو: " المُرَغِّمَتَيْنِ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ: أخبرنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقَات رجال البخاري؛ غير عبد الله بن كيسان- وهو

أبو مجاهد المَرْوَزِيُ-، وهو ضعيف لسوء حفظه؛ قال الحافظ: " صدوق يخطئ كثيراً ". لكن حديثه هذا صحيح، يشهد له الذي قبله وبعده. والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1059) ... بإسناد المصنف. وعنه: ابن حبان (538) . وأخرجه الحاكم (1/324) من طريق آخر عن الفضل بن موسى ... وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! 941- وعن عطاء بن يسارأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا شكَّ أحدكم في صلاته، فلا يدري كم صلى ثلاثاً أو أربعاً؟! فليصل ركعة، وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، فإن كانت الركعة التي صلى خامسةً؛ شَفَعَها بهاتين. وإن كانت رابعة؛ فالسجدتان ترغيم للشيطان ". (قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل صحيح، وقد وصله جماعة من الثقات عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار. قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، وقد صعح موصولاً كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/338) من طريق المصنف. وأخرجه (2/331) من طريق بَحْرِ بن نَصْرِ قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك

مالك بن أنس وداود بن قيس وهشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثهم عن عطاء ابن يسار أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره؛ إلا أن هشاما بلغ به أبا سعيد الخدري. قال البيهقي: " هكذا رواه بحر بن نصر الخولاني وغيره عن ابن وهب. ورواه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه ابن وهب؛ فجعل الوصل لداود بن قيس: رواه مسلم في "الصحيح ". ورواية بحر بن نصر كأنها أصح. وقد وصل الحديث جماعة عن زيد بن أسلم مع هشام بن سعد ". قلت: يأتي ذكرهم في الحديث الذي بعده. 942- وفي رواية عنه قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا شكَّ أحدكم في صلاته؛ فإن استيقنَ آنْ قد صلى ثلائاً؛ فليَقُمْ فليُتِمَّ ركعة بسمجودها، ثم يجلس فيتشهد، فإذا فرغ فلم يَبْقَ إلا أن يُسَلمَ؛ فليسجد سجدتين وهو جالس، ثم ليسحلم ... لما، ثم ذكر معنى مالك؛ يعني: الحديث الذي قبله. (قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل صحيح أيضا. وقد وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما" عنه عن أبي سعيد الخدري) . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن زيد بن أسلم ... بإسناد مالك قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... قال أبو داود: " كذلك رواه ابن وهب عن مالك وحفص بن ميسرة وداود بن قيس وهشام بن سعد؛ إلا أن هشاماً بلغ به أبا سعيد الخدري ".

قلت: هذا إسناد مرسل صحيح، رجاله ثقات رجالى الشيخين كسابقه من طريق مالك. وهو قد أخرجه في "الموطأ" (1/117- 118) . ومن طريقه: البيهقي كما سبق. وقد ذكر المصنف متابعة حفص بن ميسرة وداود بن قيس لمالك ويعقوب بن عبد الرحمن القاري. فهؤلاء أربعة من الثقات قد اتفقوا على روايته عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلاً. فيبدو لأولى وهلة أن المرسل هو الصواب، وأن رواية هشام بن سعد إياه موصولا- بذكر أبي سعيد في إسناده- وهم، وليس كذلك؛ لاتفاق جماعة آخرين من الثقات على وصله: فأولهم: هشام هذا. وقد أسنده عنه أبو عوانة (2/193) : أخبرني يونس بن عبد الأعلى قال: آبَنا ابن وهب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ... بمثل حديث سليمان بن بلال - يعني: الأتي-. ورواه البيهقي من طريق أخرى عن ابن وهب ... به، كما تقدم. الثاني: سليمان بن بلال عن زيد ... به. أخرجه مسلم (2/84) ، وأبو عوانة، والبيهقي (2/331) ، وأحمد (3/83) . الثالث: أبو غسان محمد بن مُطَرف: ثنا زيد بن أسلم ... به. أخرجه أبو عوانة، وأحمد (3/87) .

الرابع: عبد العزيز بن أبي سلمة عن زيد ... به. أخرجه أبو عوانة، والنسائي (1/184) ، والدارمي (1/351) ، والبيهقي، وابن الجارود أيضا (241) ، وأحمد (3/84) . الخامس: فلَيْح بن سليمان. فقال أحمد (3/72) : ثنا يونس بن محمد: ثنا فليح عن زيد بن أسلم ... به السادس: محمد بن عجلان؛ وقد سبق حديثه في الكتاب (939) . السابع: داود بن قيس. أخرجه مسلم (2/84) : حدثني أحمد بما عبد الرحمن بن وهب: حدثني عمي عبد الله: حدثني داود بن قيس عن زيد بن أسلم ... به. لكن رواه غير أحمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن وهب؛ فجعل هشام بن سعد المتقدم مكان داود بن قيس! ورجحه البيهقي، كما سبق ذكره تحت الحديث (941) . وبالجملة؛ فاتفاق هؤلاء الثقات على وصل الحديث بما يؤكد صحته، ويبعد احتمال خطأ ابن عجلان وابن سعد منهم، لا سيما وهم أكثر من الذين أرسلوه، فالظاهر أن كلاً من الوصل والإرسال صحيح؛ أي: أن الراوي- وهو زيد بن أسلم أو عطاء بن يسار- كان تارة يرسله، وتارة يوصله، فروى كل من هؤلاء وهؤلاء؛ ما سمع. ومعلوم أن الراوي قد ينشط مرة فيوصل الحديث، ولا ينشط أخرى فيرسله؛ والحجة مع من معه الزيادة، وهي الوصل. والله أعلم.

198- باب من قال: يتم على أكبر ظنه

198- باب من قال: يتِمُّ على أكبر ظَنهِ 943- عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أحدكم إذا قام يصلي؛ جاءه الشيطان فَلَبَسَ عليه، حتى لا يدري كم صلى؟! فإذا وجد أحدكم ذلك؛ فليسجد سجدتين وهو جالس ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا ابن حبان (2673) ، وأبو عوانة في " صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قال أبو داود: " وكذا رواه ابن عيينة ومعمر والليث ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "موطأ مالك " (1/120) . وعنه: أخرجه البخاري أيضا (3/81- فتح) ، ومسلم (2/82) ، وأبو عوانة (2/191) ، والنسائي (1/185) ، والبيهقي (2/330) ، كلهم عن مالك ... به. وأخرجه أبو عوانة، والترمذي (2/244/397) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وأحمد (2/273 و 284) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وتابعه يحيى بن أبي كثير: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ... به أتم منه. أخرجه البخاري (3/80) ، ومسلم (2/83) ، والنسائي، والدارقطني (145) ، والبيهقي (2/331) من طريق الطيالسر،، وهذا في "مسنده " (1/ 78/327) ،

وأحمد (2/522) من طرق عنه ... به؛ وزاد الدارقطني في آخره: " ثم يسلم "؛ أخرجه من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى. قال الحافظ في "الفتح ": " إسناده قوي "! وهو خطأ بين؛ لا سيما من مثله؛ فإن عكرمة ضعيف فا روايته عن يحيى، يشهد بذلك الحافظ نفسه، فقد قال في ترجمته من "التقريب ": " صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب "! ثم كيف يصح ذلك القول منه؛ والثقات رووه عن يحيى بدون هذه الزيادة؟! فلو كان عكرمة ثقة لأمكن القول بأن زيادته هذه شاذة، فهي إذن منكرة. نعم؛ قد جاءت هذه الزيادة من طريق أخرى عن الزهري، وهي: 944- وفي رواية عة ... بهذا الحديث؛ زاد، " وهو جالس قبل التسليم ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه العلاثي، وقوّاه الحافظ) . إسناده: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب: ثنا يعقوب: ثنا ابن أخي الزهري عن محمد بن مسلم ... بهذا الحديث بإسناده. قلت: هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أن ابن أخي الزهري- واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم- إنما أخرج له مسلم استشهاداً، وقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه. وقال الذهبي: " صدوق صالح الحديث ". وقال الحافظ.

" صدوق له أوهام ". قلت: وقد تفرد بقوله: " قبل التسليم "؛ دون سائر أصحاب الزهري؛ وفيهم مالك كما تقدم قبله، فلا يطمئن القلب لزيادته؛ لولا أنه تابعه عليها ابن إسحاق كما يأتي بعده. فالحديث بذلك صحيح إن شاء الله تعالى. 945- وفي أخرى عنه ... بإسناده ومعناه؛ قال: " فليسجد سجدتين قبل أن يسفمَ، ثم ليسلِّمْ ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه العلائي، وقوّاه الحافظ) . إسناده: حدثنا حجاج: ثنا يعقوب: أخبرنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم الزهري ... بإسناده. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج لابن إسحاق استشهاداً أيضا؛ فهو- بمتابعة ابن أخي الزهري في السند السابق- صحيح على شرط مسلم، وقد يزداد قوة برواية عكرمة التي ذكرناها قبل حديث. وقال الحافظ- بعد هذه الطرق الثلاث-: " قال العلائي: هذه الزيادة في هذا الحديث- بمجموع هذه الطرق- لا تنزل عن درجة الحسن المحتج به. والله أعلم ". والحديث أخرجه البيهقي (2/339) من طريق المصنف. ومن طريق يزيد بن هارون: أبَنا محمد بن إسحاق عن الزهري ... به. وأخرجه الدارقطني (144) ، وعنه البيهقي من طريقين آخرين عن يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي عن ابن إسحاق: ثنا سَلَمة بن صفوان بن سلمة الأنصاري ثم الزرَقي عن أبي سلمة ... به نحوه.

199- باب من قال: بعد التسليم

وقد تابعه فلَيْح عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي ... به؛ إلا أنه قال: " فليسلم، ثم ليسجد سجدتين وهو جالس ". أخرجه أحمد (2/483) . وفليح: هو ابن سليمان؛ قال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". قلت: فروايته لا تقاوم رواية ابن إسحاق؛ لا سيما ومعه تلك المتابعات. وأخرجه ابن ماجه (1/367) من طرق يونس بن بُكَيْرٍ: ثنا ابن إسحاق ... به مثل رواية الدارقطني عن يعقوب. ومن طريقه أيضا: ثنا ابن إسحاق: أخبرني سلمة بن صفوان بن سلمة عن أبي سلمة ... به. 199- باب من قال: بعد التسليم 945/م- عن عبد الله بن مسافع: أن مصعب بن شيبة أخبره عن عتبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من شك في صلاته: فليسجد سجدتين بعدما يسلم ". (قلت: إسناده ضعيف (*) . فيه اضطراب، وجهالة عتبة بن محمد بن الحارث وعبد الله بن مسافع، وضعف مصعب بن شيبة) .

_ (*) هذا الحديث أشار الثخ رحمه الله بلى نقله من "الضعيف " إلى هنا، ولم يبين وجه تقويته. (الناشر) .

إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا حجاج عن ابن جريج: أخبرني عبد الله ابن مسافع. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل: الأولى: عتبة- ويقال: عقبة- بن محمد بن الحارث الهاشمي؛ قال النسائي: " ليس بمعروف ". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات ". الثانية: مصعب بن شيبة؛ مع كونه من رجال مسلم؛ فهو ضعيف من قبل حفظه كما سبق بيانه تحت الحديث (43) . الئالثة: عبد الله بن مسافع، وهو ابن عبد الله الأكبر بن شيبة الحجبي، روى عنه منصور بن عبد الرحمن الحجبي، وابن جريج فقط، ولم يوثقه أحد؛ فهو مجهول الحال، وبيض له الحافظ في "التقريب ". ومع هذه العلل كلها- لما أورد الحديث في "بلوغ المرام " قائلاً: " وصححه ابن خزيمة"-؛ سكت عليه! وقواه البيهقي أيضا كما يأتي! والحديث أخرجه البيهقي (2/336) من طريق المصنف وغيره عن الحجاج. وأخرجه أحمد (1/205) : حدثنا حجاح به. وأخرجه هو (1/204 و 205) ، والنسائي (1/185) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وأسقط في رواية عندهما مصعب بن شيبة من الإسناد. وقال البيهقي: " هذا الإسناد لا بأس به؛ إلا أن حديث أبي سعيد أصح إسناداً منه ".

200- باب من قام من ثنتين ولم يتشهد

يعني: الحديث (941 و 942) ، ومثله حديث أبي هريرة (944 و 945) . وقد تعقبه ابن التركماني في قوله: " لا بأس به "، وأعله بالعلتين الأوليبن، وأعله بالاضطراب أيضا، وقد أشرت إليه آنفاً. وبالجملة؛ فالحديث ضعيف الإسناد، وإن قواه جماعة؛ منهم الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى في تعليقه على "المسند"؛ مع أنه اعترف بأن عبد الله بن مسافع مستور! 200- باب من قام من ثنتين ولم يتشهد 946- عن عبد الله ابن بحينة أنه قال: صلى لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته وانتظرنا التسليم؛ كَبَرَ فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط المثيخين. وأخرجاه وكذا لبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بُحَيْنَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/118) . وأخرجه البخاري (3/60) ، ومسلم (2/83) ، وأبو عوانة (2/191) ، والنسائي (1/181) ، والدارمي (1/352) ، والبيهقي (2/333) ، وأحمد (5/345) من طرق أخرى عن مالك ... به.

وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والضس مذي (2/235/391) ، وابن ماجه (1/364) ، وابن حبان في "صحيحه " (2667- 2670) ، والبيهقي، وأحمد (5/345 و 346) ، من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "؛ وزاد هو والشيخان وغيرهم: وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس. وأخرجه البخاري، ومسلم، وأبو عوانة، والنسائي، وابن ماجه، وابن الجارود (242) ، والدارقطني (144- 145) ، وأحمد، ومالك من طرق أخرى عن الأعرج ... به. 947- وفي رواية عنه ... بمعناه؛ وزاد، وكان مِنَّا المتشهدُ في قيامه. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا أبي وبقية: ثنا شعيب عن الزهري ... بمعنى إسناده وحديثه. قلت: وهذا إسناد صحيح. 948- قال أبو داود: " وكذلك سجدهما ابن الزبير، قام من ثنتين قبل التسليم. وهو قول الزهري ". (قلت: وصله أحمد والبيهقي عن ابن الزبير. وهو عنه صحيح) . وصله أحمد (1/351) - من طريق مطر-، والبيهقي (2/360) - من طريق عِسل بن سفيان- كلاهما عن عطاء:

أن ابن الزبير صلى المغرب، فسلم في ركعتين، ونهض ليستلم الحَجَر، فسبحَ القوم، فقال: ما شأنكم؟! قال: فصلى ما بقي وسجدتين، قال: فذُكِرَ ذلك لابن عباس؟ فقال: ما أماط عن سنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومطر وعسل ضعيفان، لكن أحدهما يقوِّي الآخر، لا سيما وقد توبعا؛ فأخرجه البيهقي من طريق الحارث بن عُبَيْدٍ أبي قدامة الإيادي: ثنا عامر عن عطاء ... به. والحارث هذا أشبه بمطر في سوء الحفظ؛ قال في " التقريب ": " صدوق يخطئ "، وقد أخرج له مسلم. فاجتماع هؤلاء الثلاثة على رواية الحديث يدل على صحته، قد تفرد عِسْل عنهما بقوله: ثم سلم، ثم سجد سجدتين! وكأنه لهذا قال البيهقي (2/335) - عقب قول المصنف هذا-: " قد اختلف فيه عن عبد الله بن الزبير ". فإن كان يعني هذا؛ فلا يحتج بتفرد عِسْلِ؛ لأنه أشد ضعفاً من كل من مطر والحارث؛ فما اجتمعا عليه أقوى مما تفرد هو به كَما لا يخفى. والحديث ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/150) بلفظ أحمد، ثم قال: " رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و " الأوسظه، ورجال أحمد رجال (الصحيح) ". ووصله الطحاوي (1/256) بسند آخر صحيح.

201- باب من نسي أن يتشهد وهو جالس

201- باب من نسي أن يتشهد وهو جالس 949- عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قام الامام في الركعتين؛ فإن ذَكَرَ قبل أن يستويَ قائماً فليجلسْ؛ فإن استوى قائماً فلا يجلس، ويسجد سَجْدَتِي السهو ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا الحسن بن عمرو عن عبد الله بن الوليد عن سفيان عن جابر قال: ثنا المغيرة بن شبَيْل الآحْمَسِيُ عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير جابر- وهو ابن يزيد الجعفي-، وهو ضعيف، لكنه قد توبع كما يأتي. وقد أشار إلى ضعف جابر قول المصنف- في بعض النسخ عقب الحديث-: " قال أبو داود: وليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث ". والحديث أخرجه ابن ماجه (1/365) ، والطحاوي (1/255) ، والدارقطني (145) ، والبيهقي (2/343) ، وأحمد (4/253) من طرق أخرى عن سفيان ... به وتابعه شعبة عن جابر ... به. أخرجه الطحاوي. ولجابر متابعون: الأول: قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل ... به.

أخرجه الطحاوي؛ وقيس ضعيف أيضا؛ لكنه أحسن حالاً من جابر. والثاني: إبراهيم بن طهمان عن المغيرة بن شبيل ... به. أخرجه الطحاوي أيضا قال: حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبر عامر عن إبراهيم ابن طهمان. وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المغيرة بن شبيل، وهو ثقة. وابن مرزوق: اسمه محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي، وهو مع كونه من شيوخ مسلم؛ ففيه كلام من قبل حفظه، وفي "التقريب ": " صدوق له أوهام ". ولقيس بن أبي حازم متابعون، يأتي بعضهم في الكتاب. ولذلك؛ فالحديث صحيح بلا ريب. 950- وعن زياد بن عِلآقة قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة؛ فنهففي الركعتين. قلنا: سبحان الله. قال: سبحان الله، ومضى. فلما أتم صلاته وسلم؛ سجد سجدتي السهو، فلما انصرف قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع كما صنعتُ. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر الجُشَمِيّ: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا المسعودي عن ياد بن علاقة.

قال أبو داود: " وكذلك رواه ابن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة ... رفعه. ورواه أبو عميس عن ثابت بن عبيد قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة ... مثل حديث زياد بن علاقة ". قال أبو داود: " أبو عميس أخو السعودي ". قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المسعودي- واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي-، وهو ثقة، لكنه كان اختلط في آخره؛ قال الحافظ: " وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط ". والحديث أخرجه البيهقي (2/338) من طريق المصنف. وأخرجه الدارمي (1/353) ، وأحمد (4/247 و 253) : ثنا يزيد بن هارون ... به. وتابعه الطيالسي فقال في، مسنده " (1/110/508) : حدثنا المسعودي ... به ومن طريقه: أخرجه الطحاوي. وأخرجه الترمذي (2/201) من طريق الدارمي، وقال: " حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت: ولعل تصحيح الترمذي هذا من أجل تلك الوجوه التي أشار إليها؛ وإلا فقد عرفت حال المسعودي.

ومن وجوه الحديث ما تقدم قبله، لكن ليس فيه: وسلم؛ إلا أنه قد جاء ذلك في حديث عامر الشعبي الذي علقه المصنف عن ابن أبي ليلى. وقد وصله الترمذي (2/198- 199) ، والبيهقي (2/344) ، وأحمد (4/248) من طرق صحيحة عن ابن أبي ليلى ... به. وقال الترمذي: " وقد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه ". قلت: فمثله يستشهد به، ولا يحتج به إذا تفرد، وهو هنا قد توبع كما عرفت؛ فالحديث حسن بمجموع الطريقين، وذلك بخصوص زيادة السلام فيه. وأما أصل الحديث؛ فصحيح؛ لما سبق بيانه في الطريق الأولى. ويزيده قوة أنه رواه علي بن مالك للزؤاسي من- أنفسهم- قال: سمعت عامراً يحدث ... فذكره: أخرجه الطحاوي. وعلي هذا؛ قال ابن أبي حاتم (3/203) عن أبيه: " ليس بالقوي ". (تنبيه) : قد أخرح البيهقي (2/355) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى: ثنا أبي: ثنا ابن أبي ليلى قال: حدثني الشعبي ... به مختصراً؛ بلفظ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي للسهو. وقال: " تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن للشعبي، ولا يفرح بما يتفرد به ". قلت: وهو عندي- بزيادة التشهد- منكر؛ لأنه تفرد به دون الطرق الصحيحة المشار إليها عن ابن أبي ليلى: ابنه عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ وليس بالمشهور، لم يوثقه غير ابن حبان.

951- قال أبو داود: " وفعل سعد بن أبي وقاص مثلما فعل المغيرة ". (قلت: وصله الطحاوي بإسناد صحيح عنه من رواية قيس بن أبي حازم قال: صلى بنا سعد بن مالك، فقام في الركعتين الأوليين، فقالوا: سبحان الله. فقال: سبحان الله، فمضى. فلما سلم سجد سجدني السهو: رواه الحاكم مرفوعاً، وصححه على شرط الشيخين، يوافقه الذهبي) . وصله الطحاوي (1/256) : حدثنا سليمان قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا شعبة عن بَيَان أبي بشر الأحْمَسِيَ قال: سمعت قيس بن أبي حازم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ الطحاوي - وهو سليمان بن شعيب الكِسَائي المصري-، وعبد الرحمن- وهو اين زياد الرصَاصِي-، وهما ثقتان. وتابعه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم ... به نحهه، دون قوله: فلما سلم. وقال: ثم سجد سجدني السهو حين انصرف، وقال: أكنتم تروني كنت أجلس؟! إنما صنعت كما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع. أخرجه الحاكم (1/322- 323) ، والبيهقي (2/344) . وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. قلت: وله شاهد من حديث يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شِمَاسَةَ قال صلى بنا عقبة بن عامر، فقام وعليه جلوس، فقال الناس وراءه: سبحان الله! فلم يجلس، فلما فرغ من صلاته؛ سجد سجدتين وهو جالس، فقال: إني

سمعتكم تقولون: سبحان الله! كي أجلس؛ وليس تلك السنة، إنما السنة؛ التي صنعت. أخرجه ابن حبان (534) ، والحاكم (1/325) ، وعنه البيهقي (2/344) ، وابن أبي شيبة (2/35) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/313- 314) من طرق عنه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم فقط؛ فإن ابن شِماسة لم يخرج له البخاري. وله شاهد آخر من حديث سعد بن أبي وقاص: رواه للطحاوي (1/256) ؛ وفيه: فلما سلم؛ سجد سجدتي السهو. وسنده جيد. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1032) ، والبيهقي أيضا. 952- وعمران بن حصين. (قلت: وصله الطحاوي عنه قال: في سجدتي السهو يسلم، ثم يسجد، ثم يسلم. ورجال إسناده ثقات) . وصله الطحاوي (1/256) : حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو عمر قال: أنا حماد ابن سلمة أن خالد الحذاء اخبرهم عن أبي قِلابة عن عمران بن حصين. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ فهو صحيح إن كان أبو قلابة سمعه من

عمران؛ فإن المعروف أنه يروي عنه بواسطة عمه أبي المُهَلبِ، كما تقدم في الحديث (933) ، ثم هو موصوف يشيء من التدليس. والله أعلم. وأبو عمر: هو حفص بن عمر الضرير الأكبر البصري. 953- وابن عباس أفتى بذلك. قال أبو داود: " هذا فيمن قام من ثنتين". (قلت: وصله الطحاوي عنه قال: سجدتا السهو بعد السلام. وسنده حسن) . وصله الطحاوي (1/256) من طريق قُرَّةَ بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار حدثه عن عبد الله بن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات؛ غير قرة بن عبد الرحمن؛ قال الحافط: " صدوق له مناكير ". قلت: وهذا الذي رواه عن ابن عباس ليس منكراً من مناكيره؛ فإنه موافق للآثار والأحاديث التي قبله؛ ولذلك أوردته هنا، ولولا ذلك؛ لكان حقه أن أورده في الكتاب الآخر؛ فإنه من شرطه. وقد ورد عن ابن عباس مرفوعاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومضى برقم (948) . 954- عن ثوبان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لكل سهوٍ سجدتان بعدما يسلمُ ". (قلت: إسناده حسن، وكذ اقال ابن التركماني، وقوّاه الصنعاني) .

إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان والربيع بن نافع وعثمان بن أبي شيبة وشجاع ابن مَخْلَد- بمعنى الإسناد- أن ابن عياش حدثهم عن عبيد الله بن عبيد الكَلآعي عن زهير- يعني: ابن سالم العَنْسِيَّ عن عبد الرحمن بن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ قال عمرو وحده- عن أبيه عن ثوبان. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير زهير بن سالم- وهو العنسي الشامي -؛ قال الدارقطني: " حمصي منكر الحديث، روى عن ثوبان، ولم يسمع منه ". قلت: هذا الحديث قد رواه عن عبد الرحمن بن جبير عن ثوبان في رواية الجحاعة عن ابن عياش عنه، وأدخل عمرو بن عثمان بين عبد الرحمن بن جبير وثوبان: أباه جبير بن نفير؛ وخالفه الجماعة فلم يذكروه بينهما. وروايتهم أولى، وهي موصولة على كل حال. وقد ذكر زهيراً هذا: ابن حبان في "الثقات "، وروى عنه جماعة؛ فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى. وقد أُعِل الحديث بعلة أخرى لا تقدح كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/337) من طريق المصنف. ومن طريق أخرى عن عمرو بن عثمان وحده. وأخرجه ابن ماجه (1/368) : حدثنا هشام بن عمار وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا إسماعيل بن عياش ... به مثل رواية الجماعة. وقال أحمد (5/5/280) : ثنا الحكم بن نافع: ثنا إسماعيل بن عياش ... به مثل رواية عمرو بن عثمان. وقال الطيالسي (1/ 109/505) : حدثنا إسماعيل بن عياش ... به مثل رواية

الجماعة؛ إلا أنه قال: عن زهير بن سَلأم وابن بشار عن عبد الرحمن بن جبير عن ثوبان. ولم أعرف ابن بثار هذا! وقال البيهقي. " وهذا إسناد فيه ضعف "! وتعقبه ابن التركماني بقوله: " أخرجه أبو داود، وسكت عنه، فأقل احواله أن يكون حسناً عنده على ما عرف، وليس في إسناده من تكلم- فيه فيما علمت- سوى ابن عياش، وبه عَللَ البيهقي الحديث في "كتاب المعرفة"، فقال: ينفرد به إسماعيل بن عياش؛ وليس بالقوي. انتهى كلامه. وهذه العلة ضعيفة؛ فإن ابن عياش روى هذا الحديث عن شامي؛ وهو عبيد الله الكَلآعي، وقد قال البيهقي في (باب ترك الوضوء من الدم) : ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح 0 فلا أدري من أين حصل الضعف لهذا الإسناد؟! ". وتبع البيهقي العسقلاني، فقال في "بلوغ المرام": " رواه أبو داود وابن ماجه بسند ضعيف "! وتعقبه الصنعاني في "شرحه "، فقال (1/320) : " قالوا: لأن في إسناده إسماعيل بن عياش، وفيه مقال وخلاف. قال البخاري: إذا حدت عن أهل بلده- يعني: الشاميين- فصحيح. وهذا الحديث من روايته عن الشاميين، فتضعيف الحديث فيه نظر ". وللحديث شاهد من حديث معاوية بن أبي سفيالأ ... مرفوعاً بلفظ: " من نسي شيئاً في صلاته؛ فليسجد مثل هاتين السجدتين "؛ وهو في الكتاب الآخر (191) .

202- باب سجدتي السهو فبهما تشهد وتسليم

وشاهد آخر مرسل في "المدونة" (1/137) : ابن وهب عن ابن لهيعة أن عبد الرحمن الأعرج حدثه ... مرفوعاً: " في كل سهو سجدتان ". 202- باب سجدتي السهو فبهما تشهد وتسليم [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 203- باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة 955- عن أم سلمة قالت: كان رسول الله إذا سلَّمَ مكث قليلاً، وكانوا يرون أن ذلك؛ كيما يَنْفُذَ النساءُ قَبْلَ الرجالِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيحين. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن رافع قال: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث عن أم سلمة. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (2/245) . وأخرجه أحمد (6/310) : ثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه البيهقي (2/183) من طريق أخرفَى عن عبد الرزاق ... به.

204- باب كيف الانصراف من الصلاة؟

وأخرجه أحمد (6/296) ، والبخاري (1/140) ، والنسائي (1/196) ، وابن ماجه (1/299) ، والبيهقي (2/182- 183) من طرق أخرى عن الزهري ... به، دون قوله: وكانوا يرون ... وجعله البخاري من قول الزهري؛ فقال: قال ابن شهاب: فنُرَى- والله أعلم- لكي يَنْفذَ مَنْ ينصرف من النساء. 204- باب كيف الانصراف من الصلاة؟ 956- عن قَبيصة بن هلْبٍ- رجل من طَيْءٍ- عن أبيه: أنه صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان ينصرف عن شِقَّيْهِ. (قلت: حديث حسن كما قال الترمذي، بل صحيح للذي بعده) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة عن سِمَاك بن حرب عن قَبِيصة بن هُلْب. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير قبيصة بن هلب؛ قال الذهبي في "الميزان ": " قال ابن المديني: مجهول، لم يرو عنه غير سماك. قال العجلي: تابعي ثقة. قلت: وذكره ابن حبان في "الثقات " مع تصحيح من حديثه ". وقال الحافظ في " التقريب ": "مقبول ". يعني: عند المتابعة؛ ولم يتنكرد بهذا الحديث، بل له شواهد كثيرة، منها الحديث الآتي بعده.

والحديث أخرجه أحمد (5/227) من طريقين آخرين عن شعبة ... به. وتابعه عنده سفيان: حدثني سماك ... به؛ ولفظه في رواية: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته- قال- يضع هذه على صدره. وصف يحيى (هو ابن سعيد) اليمنى على اليسرى فوق المفصل. ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (2/295) دون الوضع. وتابعه أبو الأحوص عن سماك ... به. أخرجه أحمد، وابن ماجه (1/298) ، والترمذي (2/98- 99) ، وقال: " حديث حسن ". قلت: بل هو صحيح لشواهد له: منها: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: شرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائماً وقاعداً، ومشى حافياً وناعلاً، وانصرف عن يمينه وعن شماله. أخرجه أحمد (6/87) من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عَمنْ سمع مكحولاً يحدث عن مسروق بن الأجدع عنها. قلت: ورجاله ثقات؛ غير الرجل الذي لم يُسَمَّ. وله طريق أخرى في "أوسط الطبراني " (2/61/714- مجمع البحرين) ... بنحوه. ومنها: عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:

رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفتل عن يمينه وعن شماله ... الحديث مثل حديث عائشة؛ إلا أنه قال: ... ويصلي حافياً ومنتعلاً. أخرجه أحمد (2/174 و 179 و 206 و 215) ؛ و [سناده حسن. وله في "المسند" طرق أخرى عن عمرو بن شعيب. وجملة الصلاة هذه؛ أخرجها المؤلف وغيره؛ وقد مضت برقم (660) . وأخرجه البزار في "مسنده " (1/470/993) : حدثنا الحسين بن يحيى الآرزِّيُ: ثنا موسى بن إسماعيل: ثنا هارون بن موسى عن حسين العلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمشي حافياً وناعلاً ... الحديث بتمامه مثل حديث عائشة. وقال البزار: " وهذا رواه حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ورواه هارون عن حسين عن ابن بريدة عن عمران. وهارون ليس به بأس، وزاد: ويصوم في السفر ويفطر. ولا نحفظ هذا في حديث عمرو بن شعيب، ولو حفظناه كان هذا الإسناد أحسن من ذلك، وإن كان ذلك هو المعروف "! قلت: الزيادة الذكورة محفوظة في رو] ية: عند أحمد (2/215) عن الحسين. وتابعه عليها حجاج- وهو ابن أرطاة-: عند أحمد (2/190) . وإسناد البزار رجاله ثقات غير شيخه الأرزي؛ فلم أجد له ترجمة.

957- عن عبد الله قال: لا يَجْدَلْ أحدكم نصيباً للشيطان من صلاته أن لا ينصرف إلا عن يمينه، وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثرَ ما ينصرف عن شماله. قال عُمَارة: أتيت المدينة بَعْدُ؛ فرأيت منازل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن يساره. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم " دون قول عمارة) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن سليمان عن عمارة عن الأسود بن يزيد عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/295) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (1/140) ، والدارمي (1/311) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (1/464) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ دون قول عمارة. وكذلك أخرجه مسلم (2/153) ، وأبو عوانة (2/250) ، والنسائي (1/200) ، وابن ماجه (1/298) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (1/383 و 429) من طرق أخرى عن سليمان- وهو الأعمش- ... به. وتابعه عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد عن أبيه ... نحوه؛ ولفظه: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف حيث أراد، كان أكثر انصراف رسول الله من صلاته على شقه الأيسر إلى حجرته. أخرجه أحمد (1/408 و 459) من طريق محمد بن إسحاق قال، حدثني

205- باب صلاة الرجل التطوع في بيته

عن انصراف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي ... قلت: وإسناده جيد، وصححه ابن حبان (1996) . 205- باب صلاةِ الرَّجُلِ التَّطَوًّعَ في بيتهِ 958- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!: " اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنجل: ثنا يحيى عن عبيد الله: أخبرني نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (2/16) ... بهذا السند. وأخرجه البخاري (1/79) ، ومسلم (2/187) ، وابن ماجه (1/415- 416) ، والبيهقي (2/189) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد القطان. والترمذي (2/313/451) ، وكذا البخاري (2/53) ، وأحمد (2/122- 123) من طرق أخرى عن عبيد الله بن عمر ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والبخاري (2/53) ، ومسلم، وأحمد (2/6) من طريق أيوب عن نافع ... به. والحديث سيأتي في "الوتر" بإسناد آخر للمصنف عن يحيى.

وأخرجه النسائي (1/237) من طريق الوليد بن أبي هشام عن نافع. 959- عن زيد بن ثابت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا؛ إلا المكتوبة ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ العراقي) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني سليمان بن بلال عن إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه عن بُسْرِ بن سعيد عن زيد بن ثابت. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير إبراهيم بن أبي النضر- سالم بن أبي أمية- أبي إسحاق العروف بـ (بَرَدَانَ) ؛ وقد وثقه ابن سعد وابن حبان، وصحح حديثه الحافظ العراقي كما يأتي. والحديث أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 35) بلفظ: " صلاتكم في بيوتكم أفضل من صلاتكم في ... "؛ ولكن مختصره المقريزي- غفر الله له- اختصر إسناده، فلا ندري أهو من هذا الوجه؟ أم من الوجه الذي ساقه قبله من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سالم أبي النضر ... به نحوه؛ ليس فيه: " في مسجدي هذا "؟! وهو عند المصنف كذلك في "الوتر" رقم (1301) . وأورده الغزالي في "الإحياء" (1/181) بلفط: " فضل صلاة التطوع في بيته على صلاته في المسجد؛ كفضل صلاة المكتوبة في المسجد على صلاته في البيت ". فقال الحافظ العراقي في "تخريجه ": " رواه آدم بن أبي إياس في "كتاب الثواب " من حديث ضمرة بن حبيب ...

206- باب من صلى لغير القبلة ثم علم

مرسلاً. ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف "؛ فجعله عن نحممرة بن حبيب عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... موقوفاً. وفي "سن أبي داود" بإسناد صحيح من حديث زيد بن ثابت: " صلاة المرء ... " فذكره. 206- باب من صلى لغير القبلة ثم عَلِمَ 960- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا يصلُّون نحو بيت المقدس، فلما نزلت هذه الآية: (فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ المسجدِ الحرام وحَيْثُما كنتم فَوَلَّوا وجوهَكم شَطْرَهُ) ، فمَرَّ رجل من بني سَلِمَةَ؛ فناداهَم وَهُمْ رُكوعٌ في صلاة الفجر نحو بيت المقدس: ألا إن القبلة قد حُوِّلَتْ إلى الكعبة،- مرتين-، فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: تنا حماد عن ثابت وحمَيْد عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/11) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/66) ، وأبو عوانة (2/82) ، واحمد (3/284) - من طريق عفان-، وأبو عوانة أيضآ- من طريق أسد بن موسى- كلاهما عن حماد بن سلمة ... به؛ وز اد وا: وقد صلوا ركعة.

207- باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة

باب تفريع أبواب الجمعة 207- باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة 961- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَيْر ُيوم طَلَعَتْ فيه الشمس: يومُ الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه أُهْبِطَ، وفيه تِيبَ عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مُسيخة يومَ الجمعة من حينِ يُصْبِحُ حتى تطلُعَ الشمسُ؛ شَفَقاً من الساعة؛ إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي، يسأل الله حاجةً، إلا أعطاه إياها ". قال كعب: ذلك في كلِّ سنة؟ فقلت: بل في كل جمعة. قال: فقرأ كعب التوراه، فقال: صدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو هريرة: ثم لَقِيتُ عبد الله بن سلام؛ فحدَّثته بمجلسي مع كعب. فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة من يوم الجمعة. فقلت: كيف هي آخر ساعة من يوم الجمعة وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي "؛ وتلك الساعة لا يصلى فيها؟! فقال عيد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من جلس مجلساً ينتظر الصلاة؛ فهو في الصلاة حتى يصلي "؟! قال: فقلت: بلى. قال: هو ذاك. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكلذلك صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الترمذي أيضا. وطرفه الأول عند مسلم. وبعضه

صححه ابن جان. وروى الشيخان منه ساعة الإجابة) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد ابن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والحديث في "الموطأ" (1/131- 133) ... بهذا الإسناد. ومن طريقه: أخرجه الترمذي (2/362- 363) ، والحاكم (1/278- 279) ، والبيهقي (3/250) ، وأحمد (2/486) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. وتابعه بكر بن مضَرَ عن محمد بن إبراهيم ... به. أخرجه النسائي (1/210) . وتابعه محمد بن إسحاق عنه. أخرجه الحاكم. وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به مختصراً؛ ليس فيه قصة كعب وعبد الله بن سلام. أخرجه أحمد (2/504) ، واسناده حسن. وتابعه على طرفه الأول: الأعرج عن أبي هريرة ... مرفوعاً بلفظ: ".. فيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة ".

أخرجه مسلم (3/6) ، وأحمد (2/512) . وله عنده (2/540) طريق ثالث. وطريق رابع (2/272 و 457) باختصار، وصححه ابن حبان (551) . وفي "البخاري " (2/12) ، و "مسلم " (3/5) من طريق الأعرج عن أبي هريرة: طرف منه؛ في ذكر ساعة الجمعة. 962- عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن مِنْ أفضل أيامكم يومَ الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدم، وفيه قُبِض، وفيه النَّفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي ". قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تعْرَضُ صلاتنا عليك وقد أرَمْتَ؟! قال: يقولون: بَلِيت! فقال: " إن الله عز وجل حَرَّمَ على الأرض أجسادَ الأنبياءِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي! وصححه ابن حبان أيضا والنووي) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا حسين بن علي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو الأشعث الصنعاني: اسمه شراحيل بن آده؛ وقد أخرج له البخاري في "الأدب المفرد".

والحديث أخرجه المصنف في "الاستغفار" (1370) من طريق أخرى عن حسين بن علي. وأخرجه أحمد (4/8) : ثنا حسين بن علي الجُعْفِيُ. 0. به. وأخرجه النسائي (03/21) ، والدارمي (1/369) وابن ماجه (1/336- 337 و 502) ، وابن حبان (550) ، والحاكم (1/278) ، والبيهقي (3/248) من طرق عن حسين بن علي ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "! ووافقد الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم؛ لما ذكرنا في أبي الأشعث. وقد أعِل الحديث بعلة غريبة، ذكرها ابن أبي حاتم في "العلل " (1/197) ، وخلاصة كلامه: أن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر- وهو شامي- لم يحدتْ عنه أحد من أهل العراق- كالجعفي-، وأن الذي يروي عنه أبو أسامة وحسين الجعفي واحد، وهو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وهو ضعيف؛ وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثقة، وهذا الحديث منكر، لا أعلم أحداً رواه غير حسين الجعفي! قلت: ويعني: أنه أخطأ في قوله: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر؛ وإنما هو: عبد الرحمن بن يزيد بن تميم؛ الضعيف! وهذه علة واهية كما ترى؛ لأن الجعفي ثقة اتفاقاً؛ فكيف يجوز تخطئته لمجرد عدم العلم بأن أحداً من العراقيين لم يحدِّث عن ابن جابر؟! وما المانع من أن يكون الجعفي العرافي قد سمع من ابن جابر حين لزل هذا البصرة قبل أن يتحول إلى دمشق، كما جاء في ترجمته؟! وتفرد الثقه بالحديث لا يقدح؛ إلا أدْ يثبت خَطَأهُ كماهو معلوم.

208- باب الاجابة؛ أية ساعة هي في يوم الجمعة؟

وقد أشار إلى هذه العلة الحافظ المنذري في "مض ت ص ره " (2/4) ، وفي "الترغيب " (1/249) أيضا! وأطال الكلام في نقدها الحافظ الناجي فيما كتبه عليه- أعني: "الترغيب "-، وليس كتابه في متناول يدي الأن؛ فإنه من محفوطات المكتبة المحمودية في المسجد النبوي، وأنا أكتب الأن في دمشق، ولكنه ختم كلامه بقوله: " ليست هذه بعلة قادحة ". ويؤيد ذلك تصحيح من صححه من الأئمة المتقدمين، وقد صححه النووي أيضا في "رياض الصالحين " (ص 428) . وللجعفي حديث آخر بهذا الإسناد، ذكرته تحت الحديث المتقدم (373) . وللحديث شواهد يتقوى بها، تجد بعضها في "فضل للصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لإسماعيل القاضي رفم (23 و 28 و 29) ، والتعليق على حديث الباب منه رقم (22- طبع المكتب الإسلامي- بتحقيقي) . 208- باب الاجابة؛ أيةَ ساعةٍ هي في يوم الجمعة؟ 963- عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " يوم الجمعة ثِنْتا عَشْرَةَ- يريد- ساعةً، لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئاً؛ إلا أتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخرَ ساعة بعد العصر ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه المنذري والذهبي، وصححه أيضا النووي، وحسنه العسقلاني) .

إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو- يعني: ابن الحارث- أن الجُلاح مولى عبد العزيز حدَّثه أن أبا سلمة- يعني: ابن عبد الرحمن- حدثه عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن صالح، وهو ثقة من شيوخ البخاري، وقد توبع. وهو في "الجامع " لابن وهب (ق 32/1) . والحديث أخرجه الحاكم (1/279) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي: ثنا أحمد بن صالح ... به. والنسائي (1/206) ، والبيهقي (3/250) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، ومن قبله المنذري في "الترغيب " (1/251) . وصححه النووي أيضا في "المجموع " (4/550) . وأما الحافظ؛ فاقتصر على تحسينه في "الفتح " (2/336) ! وله شاهد من حديث أبي هريرة تقدم قبل حديث. ورواه أحمد (2/272) عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة معاً؛ وفيه محمد بن سلمة الأنصاري، ولم أجد له ترجمة! وعزاه الحافظ في "الفتح " من طريقه لابن عساكر وحده!

209- باب فضل الجمعة

209- باب فضل الجمعة 964- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت؛ غفِرَ له ما بين الجمعة إلى الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومَنْ مَس الحصا فقد لغا ". (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم في "صححيه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثا مسدد: ثنا أبو معاويه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه. والحديث أحرجه مسلم (3/8) ، والترمذي (2/371) ، وابن ماجه (1/339) ، وابن حبان (567) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. وأخرجه أحمد (2/424) : ثنا أبو معاوية ... به. 210- باب التشديد في ترك الجمعة 965- عن أبي الجَعْدِ الضَّمْرِيَ- وكانت له صحبة- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من ترك ثلاثَ جُمَعٍ تهاوناً بها؛ طبع الله على قلبه ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه ابن حمان (2775) ، والحاكم، ووافقه الذهبي) .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن محمد بن عمرو قال: حدثني عُبَيْدَةُ بن سفيان الحَضْرَمِيُ عن أبي الجَعْدِ الفخَمْرِي. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة- إنما أخرج له الشيخان متابعة. والحديث أخرجه أحمد (3/424- 425) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه النسائي (2/201) ، وابن الجارود (288) من طرق أخرى عن يحيى. والحاكم (1/280) من طريق مسدد ... به، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأقول: فيه ما عرفت من حال محمد بن عمرو؛ ومسدد لم يخرج له مسلم شيئاً. وأخرج الترمذي (2/373) ، والدارمي (1/369) ، وابن ماجه (1/346) ، وابن حبان (553- 554) ، والبيهقي (3/172) من طرق أخرى عن محمد بن عمرو ... به. وقال الترمذي: "حديث حسن ". وللحديث شاهد من حديث جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ترك الجمعة ثلاثاً من غير ضرورة؛ طبع الله على قلبه ". أخرجه ابن ماجه، وأحمد (3/332) ، والحاكم (1/292) شاهداً. وإسناده حسن؛ كما قال المنذري في "الترغيب " (1/261) ، والحافظ في "التلخيص " (2/52) .

211- باب كفارة من تركها

وصححه البوصيري في "الزوائد" (2/71) . وقال الدارقطني: إنه " أصح من حديث أبي الجعد ". 211- باب كفارة من تركها [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "للضعيف ") ] 212- باب من تجب عليه الجمعة 966- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم من العوالي. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو عن عبيد الله ابن أبي جعفر أن محمد بن جعفر حدثه عن عروة بن الزبير عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/173) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (2/6) ... بإسناده؛ وزا د: فيأتون في الغبار، يصييهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنسان منهم- وهو عندي-، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا! ".

وهكذا أخرجه مسلم (3/3) ، والبيهقي (3/189) أيضا من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. 966/م (*) - عن قبيصة: ثنا سفيان عن محمد بن سعيد- يعني الطائفي- عن أبي سلمة بن نبيه عن عبد الله بن هارون عن عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الجمعة على من سمع النداء ". قال أبو داود: " روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على عبد الله بن عمرو؛ لم يرفعوه، وإنما أسنده قبيصة ". (قلت: قال ابن معين فيه: " ثقة إلا في حديث الثوري، ليس بذلك القوي ". زاد في رواية عنه: " فإنه سمع منه وهو صغير "، وأبو سلمة بن نبيه وعبد الله ابن هارون مجهولان؛ كما قال الحافظ، وقال عبد الحق: " الصحيح أنه موقوف ") . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا قبيصة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل: الأولى: تفرد قبيصة- وهو ابن عقبة- برفعه ومخالفته للجماعة الذين رووه عن سفيان موقوفاً كما ذكر المصنف عقب الحديث. وقبيصة وإن كان ثقة، فقد تكلم ابن معين في روايته عن الثوري خاصة، وهذه منها، وقد ذكرت قوله آنفاً نقلاً عن "الجرح والتعديل "، والزيادة عن " التهذيب ". الثانية: جهالة أبي سلمة بن نبيه.

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من "الضعيف ". (الناشر) .

والثالثة: جهالة عبد الله بن هارون. قال ابن التركماني: " ولا يعرف حالهما ". وقال الحافظ: " مجهولان ". وقال الذهبي في الأول منهما: " نكرة ". وفي الآخر: " تفرد عنه أبو سلمة بن نبيه ". يشير إلى أنه مجهول. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن " (2/7) : لا قال عبد الحق: الصحيح أنه موقوف. وفيه أبو سلمة بن نبيه؛ قال ابن القطان: لا يعرف بغير هذا، وهو مجهول. وفيه أيضاا لطائفي؛ مجهول عند ابن أبي حاتم، ووثقه الدارقطني. وفيه أيضا عبد الله بن هارون؛ قال ابن القطان: مجهول الحال. وفيه أيضا قبيصة؛ قال النسائي: كثير الخطأ، وأطلق. وقيل: كثير الخطأ على الثوري. وقيل: هو ثقة إلا في الثوري ". قلت: وأعله بالطائفي أيضا ابن التركماني فقال: " والطائفي مجهول. كذا في "الميزان "، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يحل الاحتجاج به ". قلت: الذهبي قد نفى صراحة الجهالة عن الطائفي، فإنه قال بعد أن ذكر فيه ما نقله ابن التركماني: " ... وعنه أيضا زيد بن الحباب ويحيى بن سليم الطائفي ومعتمر بن سليمان؛ فانتفت الجهالة ". قلت: وقد وثقه البيهقي في هذا الحديث، والدارقطني كما سبق في كلام ابن القيم، ولكني أخشى أن يكون خطأ منه أو من الناسخ، فإني لم أر من ذكر توثيق

الرجل من أحد سوى ابن وارة والبيهقي، وسوى ابن أبي داود؛ كما يأتي. والله أعلم. وما حكاه ابن التركماني عن ابن حبان، إنما قاله في محمد بن سعيد الطائفي الصغير؛ كما في "اليزان " وغيره، وهو متأخر الطبقة عن هذا، فخلط بينهما ابن التركماني! وجملة القول: أن الطائفي هذا بريء العهدة من هذا الحديث، وإنما العلة ممن فوقه أو من دونه. والحديث أخرجه البيهقي (3/173) من طريق المصنف. وأخرجه الدارقطني في "سننه " (ص 165) من طريق ابن المصنف بهذا السند فقال: حدثنا عبد الله بن أبي داود: ثنا محمد بن يحيى ... به. وقال الدارقطني: " قال لنا ابن أبي داود: محمد بن لسعيد هو الطائفي؛ ثقة، وهذه سنة تفرد بها أهل الطائف ". ثم أخرجه من طريق حميد بن الربيع: ثنا قبيصة ... به. وللحديث شاهد، يرويه الوليد عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بلفظ: " إنما الجمعة على من سمع النداء ". أخرجه الدارقطني، ومن طريقه البيهقي وقال: " هكذا ذكره الدارقطني رحمه الله في كتابه مرفوعاً، ورَوى عن حجاج بن أرطاة عن عمرو كذلك مرفوعاً".

213- باب الجمعة في اليوم المطير

قلت: زهير بن محمد هو الخراساني، وهو ضعيف، ومتابعة الحجاج له لا تجدي؛ لأنه مدلس، وقد عنعنه، لا سيما وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن الوليد بن مسلم قال: وأخبرني زهير بن محمد ... به؛ إلا أنه أوقفه، وقال: "وهذا موقوف ". قلت: وهذا يؤيد أن الحديث كما رواه الجماعة عن سفيان الثوري موقوفاً. ثم بدا نقله إلى الكتاب الأخر (*) ؛ انظر "الإرواء" (593) . 213- باب الجمعة في اليوم المَطِيرِ 967- عن أبي المَلِيحِ عن أبيه (وهو أسامة بن عُمَيْر) : أن يوم حنين كان يوم مطر، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مناديه: أنِ الصلاةُ في الرحالِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وكذا الحاكم كما يأتي) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن أبي المليح. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه ابن خزيمة (1658) ، وأحمد (5/74 و 75) من طرق أخرى عن همام ... به؛ وصرح قتادة بالتحديث في رواية عنده. وتابعه شعبة: قال قتادة: أنا عن أبي المليح ... به.

_ (*) وها قد نُقل هنا. (الناشر) .

أخرجه أحمد وابن خزيمة. وتابعه سعيد وأبان عن قتادة: عند أحمد ايضاً. وتابعه عنده: أبو بشر الحلبي عن أبي مليح بن أسامة ... به؛ وفيه: أن ذلك كان في يوم جمعة. وأبو بشر الحلبي مجهول، لكن يشهد لزيادته، الحديثان بعده. ومتابعة شعبة: أخرجها النسائي أيضا (1/137) ، وابن حبان (439) ؛ ولفظه كلفظ حديث سفيان بن حبيب الآتي بعد حديث. والحديث صححه الحافظ في "الفتح "، كتاب الأذان. 968- وفي رواية عن أبي مليح: أن ذلك كان يومَ جمعة. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد عن صاحب له عن أبي مليح. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة صاحب سعيد- وهو ابن أبي عروبة-. والحديث أخرجه البيهقي (3/186) من طريق عبد الوهاب بن عطاء: أَبنا سعيد- هو ابن أبي عروبة- عن قتادة عن أبي المليح ... فذكره نحو الرواية الأولى؛ وزاد: قال سعيد: وحدثا صاحب لنا أنه سمع أبا المليح يقول: كان ذلك يوم جمعة.

وأما قتادة فلم يذكر في حديثه يوم جمعه. قلت: لكن هذه الزيادة صحيحة؛ فإن لها شاهداً من رواية أبي بشر الحلبيِ التي ذكرتها تحت الرواية الأولى. ومن رواية أبي قلابة عن أبي المليح، وهي الأتية بعدها. ولها شاهد من حديث ابن عمر وغيره ممن يأتي حديثهم في الباب التالي. 969- وفي أخرى عنه عن أبيه: أنه شهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الحُدَيْبِيَةِ في يوم الجمعة، وأصابهم مطر لم تَبْتَل أسفلُ نعالهم، فأمرهم أن يصلوا في رحالهم. (قلت: إسناده صحيح، وكذا صححه الحاكم ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا نصر بن علي قال: سفيان بن حبيب: خَبَّرنا عن خالد الحَذاء عن أبي قلابة عن أبي المليح. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سفيان بن حبيب، وهو ثقة، أخرج له البخاري في " الأدب المفرد". والحديث أخرجه الحاكم (1/293) ، والبيهقي (3/186) من طرق أخرى عن نصر بن علي ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد، احتج الشيخان برواته "! ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن ماجه (1/300) ، وابن حبان (440) ، وأحمد (5/74) من طرق أخرى عن خالد الحذاء ... به؛ دون ذكر الجمعة. وتابعه عامر بن عبيدة الباهلي: ثنا أبو المليح الهُذَلي عن أبيه قال:

214- باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة

كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأصابنا بُغَيْشن من سطر، فنادى منادي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في سفر: "من شاء أن يصلي في رحله فَلْيُصَل ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. 214- باب التخلُّفِ عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة 970- عن نافع: أن ابن عمر نزل بـ (ضجنانَ) في ليلة باردة، فأمر المنادي فنادى: أنِ الصلاةُ في الرحال. وعن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا كلانت ليلة باردة أو مطيرة؛ أمر المنادي فنادى الصلاةَ في الرَحَالِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْد: ثنا حماد بن زيد: ثنا أيوب عن نافع: أن ابن عمر نزل ... قال أيوب: وحدثنا نافع عن ابن عمر: أن رسول الله كان إذا كانت ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه عن أيوب، وإنما عن مالك عن نافع كما يأتي. والحديث أخرجه الدارمي (1/292) : حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد ... به.

ورواه ابن ماجه (1/300) ، والبيهقي (3/71- 71) ، وأحمد (2/4 و 10) من طرق أخرى عن أيوب ... به؛ وليس عند ابن ماجه الموقوف منه؛ وزادوا: ذات الريح. 971- وفي رواية عن نافع قال: نادى ابن عمر بالصلاة بـ (ضَجنانَ) ، ثم نادى؛ أن: صَلُوا في رحالكم. قال فيه: ثم حَدَّث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة، ثم ينادي؛ أن صَلُّوا في رحالكم؛ في الليلة الباردة المطيرة في السفر. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخارى) . إسناده: حدثنا مؤمل بن هشام: ثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ ولم يخرجه عن أيوب كما تقدم. والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/4) : ثنا إسماعيل ... به. فهذا على شرطهما. 972- قال أبو داود: " ورواه حماد بن سلمة عن أيوب وعبيد الله ... قال فيه: في السفر في الليلة القَرَّةِ أو المطِيرة ". (قلت: لم أر من وصله!) . لم أقف على من وصله! وهو بمعنى الرواية التي قبلها.

973- وفي رواية عن ابن عمر: أنه نادى بالصلاة بـ (ضَجنَانَ) في ليلة ذات برد وريح؛ فقال في آخر ندائه: ألا صلُوا في رحالكم، ألا صلَوا في الرحال. ثم قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر المؤذن- إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في سفر- يقول: ألا صلُوا في رحالكم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث أخرجه مسلم (2/147) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (وهو عبد الله أخو عثمان) : حدثنا أبو أسامة ... به. وأخرجه هو، والبخاري (07/11) ، وأبو عوانة (2/348) ، والبيهقي (3/70) ، وأحمد (2/53 و 103) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به. 974- وفي أخرى عن نافع: أن ابن عمر- يعني- أذَّن بالصلاة في ليلة ذات برد وربح، فقال: ألا صلوا في الرحال. ثم قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر المؤذن- إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر- يقول: ألا صلوا في الرِّحال. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") .

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/94) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (1/112) ، ومسلم (2/147) ، وأبو عوانة (2/348) ، والنسائي (1/107) ، وأحمد (2/63) كلهم عن مالك ... به. 975- قال أبو داود: " وروى هذا الحبرَ: يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قال فيه: في السفر". (قلت: لم أر من وصله) ! لم أقف على من وصله! وتشهد له رواية أيوب وعبيد الله عن نافع رقم (971- 973) . " ثم وجدتهْ موصولا في "صحيح ابن خزيمة" (1656) من طريق جرير عن يحيى بن سعيد. 976- كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فمُطِرْنا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليُصَل مَنْ شاء منكم في رَحْلِهِ ". (قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وكذا أبو عوانة. وصححه الترمذى) . "إسناده: حدثنا عثمان "بن أبي شيبة: ثنا الفضل بن دكين: ثنا زهير عن أبي

الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه. لكن الحديث صحيح على كل حال، يشهد له ما قبله. والحديث أخرجه مسلم (2/147) ، وأبو عوانة (2/348- 349) ، والترمذي (2/263) ، والبيهقي (3/71) ، وأحمد (3/312 و 327 و 397) من طرق أخرى عن زهير ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 977- عن عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين: أن ابن عباس قال لمؤذَنه في يوم مَطِيرٍ: إذا قلت: أشهد أن محمداً رسول الله؛ فلا تقل: حيَّ على الصلاة، قل: صلّوا في بيوتكم. فكأن الناس استنكروا ذلك! فقال: قد فعل ذا من هو خير مني؛ إن الجمعة عَزَمَةٌ، وإني كرهت أن أُحْرِجكم، فتمشون في الطين والمطر! (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أحبرنى عبد الحميد صاحب الزيادى: ثنا عبد الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد فعلى شرط البخاري؛ وقد أخرجاه.

215- باب الجمعة للمملوك والمرأة

والحديث أخرجه البخاري (2/6) ... بإسناد المصنف، والبيهقي (3/185) . ومسلم (2/147- 148) من طريق أخرى عن إسماعيل. والبخاري (1/112) ، ومسلم، والبيهقي من طريق حماد بن زيد عن عبد الحميد ... به. وتابعه عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ... به نحوه. أخرجه ابن ماجه (1/300- 301) ، ومسلم أيضا. 215- باب الجمعة للمملوك والمرأة 978- عن طارق بن شهاب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الجمعةُ حق واجبٌ على كل مسلم في جماعة؛ إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه النوور والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عباس بن عبد العظيم: حدثني إسحاق بن منصور: ثنا هُريم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب. قال أبو داود: " طارق بن شهاب قد رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يسمع منه شيئاً ". قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكن أعله الخطابي في " المعالم " (2/9) فقال: " وليس إسناد هذا الحديث بذاك، وطارق بن شهاب لا يصح له سماع من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا أنه قد لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "!

وكأنه أخذه من قول المصنف المذكور! وقد أجاب عنه النووي؛ فقال: " وهذا غير قادح في صحة الحديث؛ فإنه يكون مرسل صحابي، وهو حجة، والحديث على شرط الشيخين ". نقله الزيلعي في "نصب الراية" (2/199) ؛ وأقره. والحديث أخرجه البيهقي (3/172) من طريق المؤلف. والحاكم (1/288) من طريق أخرى عن العباس بن عبد العظيم. وتابعه إبراهيم بن إسحاق بن أبي العَنْبَسِ الكوفي: ثنا إسحاق بن منصور ... به أخرجه الدارقطني (164) ، والبيهقي أيضا (3/183) ، وقال: " وهذا الحديث وإن كان فيه إرسال، فهو مرسل جيد؛ فطارق من خيار التابعين، وممن رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن لم يسمع منه، ولحديثه هذا شواهد "! وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: هذا مخالف لرأي المحدثين؛ فإن عندهم من رأى النبي عليه السلام فهو صحابي، وقد ذكره صاحب "الكمال " في (الصحابة) ... وما نقله البيهقي عن أبي داود لا ينفي عنه الصحبة. على أنه لم ينقل كلام أبي داود على ما هو عليه؛ بل أغفل منه شيئاً؛ فإن أبا داود قال: طارق قد رأى النبي عليه السلام، وهو يُعَدّ في الصحابة، ولم يسمع منه. فقد صرح بأنه من الصحابة "! كذا قال! وليس في كلام المصنف: " وهو يعد في الصحابة "، فلم يغفل البيهقي من كلامه شيئاً! ولعل ما عزاه إليه ابن التركماني وقع في بعض نسخ الكتاب. والشواهد التي أشار إليها البيهقي قد خرجتها في "إرواء الغليل في تخريج

216- باب الجمعة في القرى

أحاديث منار السبيل " رقم (592) ؛ وقد كمل والحمد لله، وفيه قرابة ثلاثة آلاف حديث، أكثره مرفوع. (تنبيه) : وقع الحديث في "المستدرك ": عن طارق بن شهاب عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فجعله من (مسند أبي موسى) ؛ وليس بمحفوظ كما قال البيهقي. وكذلك قال الحاكم عقبه: " صحيح على شرط الشيخين؛ فقد اتفقا جميعاً على الاحتجاج بهريم بن سفيان "! ووافقه الذهبي! مع أن العباس لم يخرج له البخاري! 216- باب الجمعة في القُرَى 979- عن ابن عباس قال: إن أول جمعة جُمِّعَتْ في الاسلام- بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المدينه- لَجمُعَةٌ جُمَعَتْ بـ (جُوَاثَا) قرية من قُرَى البحرين. قال عثمان: قرية من قرى عبد القيس. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله المُخَرّمِي- لفظه- قالا: ثنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن أبي جَمْرَةَ عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عثمان، وعلى شرط البخاري من طريق المخرمي؛ وقد أخرجه كما يأتي. وأبو جمرة: هو نصر بن عمران الضبَعِيُ.

والحديث أخرجه البخاري (2/5) ، والبيهقي (3/176) - من طريق أبي عامر العَقَدِي-، والبيهقي- من طريق ابن المبارك- كلاهما عن إبراهيم بن طهمان ... به 980- عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك- وكان قائدَ أبيه بعد ما ذهب بَصَرُهُ- عن أبيه كعب بن مالك: أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة؛ تَرحَّم لأسعدَ بن زُرَارة. فقلت له: إذا سمعتَ النداء ترحَّمتَ لأسعد بن زرارة؟! قال: لأنه أول من جَمَّعَ بنا في هَزْمِ النبِيتِ من حَرَّةِ بني بَيَاضة، في نقيع يقال له: نقيع الخَضِماتِ. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون. (قلت: حديث حسن، وقال البيهقي: " حسن الاسناد صحيح "، وقال الحافظ ابن حجر: " إسناده حسن، وصححه ابن خزيمة وغير واحد ". قلت: منهم الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه، لكنه قد صرح بالتحديث في رواية غير المصنف كما يأتي، فثبت الحديث

217- باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد

- والحمد لله- بدرجة الحسن؛ لأن ابن إسحاق وإن كان ثقة؛ ففي حفظه شيء يسير من الضعف. والحديث أخرجه الدارقطني (165) ، والبيهقي (3/177) من طريق المصنف. ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (1/335) ، وابن الجارود (291) ، وابن خزيمة (1724) ، والحاكم (1/281) من طريقين آخرين عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي أمامة ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي: " ومحمد بن إسحاق إذا ذكر سماعه في الرواية، وكان الراوي ثقة؛ استقام الإسناد، وهذا حديث حسن الإسناد صحيح ". والحديث عزاه الحافظ في "التلخيص " (2/56) للمصنف وابن حبان. ولم يورده الهيثمي في " موارد الظمآن "! والله أعلم. وحسنه الحافظ؛ وزاد في " الفتح " (2/283) : " وصححه ابن خزيمة وغير واحد ". 217- باب إذا وافق يومُ الجمعة يومَ عيد 981- عن إياس بن أبي رَمْلَةَ الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم: هل شهدت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم. قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد، ثم رخَّص في الجمعة، فقال: "من شاء أن يصلِّي فَلْيُصَل ".

(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا إسرائيل: ثنا عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبي رملة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إياس بن أبي رملة؛ فهو مجهول، كما قال الحافظ. لكن الحديث صحيح يشواهده الآتية في الكتاب. والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (1/ 145/704) قال: حدثنا إسرائيل ... به. وأخرجه النسائي (1/235) ، والدارمي (1/378) ، وابن ماجه (1/393) ، والطحاوي في "المشكل " (2/53) ، والحاكم (1/ول 2) ، والبيهقي (3/317) ، وأحمد (4/372) من طرق أخرى عن إسرائيل ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! مع أنه أورد إياساً هذا في "الميزان " بهذا الحديث، وقال: " قال ابن المنذر: لا يثبت هذا؛ فإن إياساً مجهول ". وقال ابن القطان: " هو كما قال ". وتبعهم الحافظ كما سبق. وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات "! وصحح حديثه ابن الديني، كما في "التلخيص " (2/88) ؛ وهو صحيح كما ذكرنا.

982- عن عطاء بن أبي رباح قال: صَلى بنا ابن الزبير في يوم عيد، في يومِ جمعة أولَ النهار، ثم رجعنا إلى الجمعة، فلم يَخْرُجْ إلينا، فصلينا وحدانآ، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك له؟ فقال: أصاب السنة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا محمد بن طَرِيف البَجَلِيُّ: ثنا أسباط عن الأعمش عن عطاء ابن أبي رباح. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم ولم يخرجه؛ وأسباط: هو ابن محمد بن عبد الرحمن أبو محمد القرشي مولاهم. والأعمش: اسمه سليمان بن مهران، وهو مدلس، لكن الجمهور على الاحتجاج بعنعنته؛ حتى يتبين أنه دلس. كلى أنه قد توبع هنا كما في الحديث الآتي. 983- وفي رواية عنه قال: اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعاً؛ فصلاّهما ركعتين بُكْرَةً، لم يزد عليهما حتى صلى العصر. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: قال عطاء.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وابن جريج - واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- وإن كان مدلساً؛ فاقد روى ابن أبي خيثمة بإسناد صحيح عنه أنه قال: إذا قلت: قال عطاء؛ فأنا سمعته منه، و [ن لم أقل: سمعت. وهذه فائدة مهمة؛ لعله غفل عنها صاحب "الروضة الندية"، فقال (1/145) : " وفي إسناده مقال "! وله طريق أخرى: عند النسائي (1/236) عن وهب بن كَيْسَان قال: اجتمع عيدان على عهد ابن الزّبير؛ فأخَّر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب، فأطال الخطبة، ثم نزل فصلى، ولم يصل للناس يومئذ الجمعة. فذُكِرَ ذلك لابن عباس؟ فقال: أصاب السنة. وإسناده صحيح على شرط مسلم. ومن هذا الوجه: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1465) . 984- عن أبي هربرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مُجَمِّعون ". (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البوصيري: " هذا إسناد صحيح "!) . إسناده: حدثنا محمد بن المُصَفَّى وعمر بن حفص الوَصابي- المعنى- قالا:

ثنا بقية: ثنا شعبة عن الغيرة الضّبي عن عبد العزيز بن زفَيْع عن أبي صالح عن أبي هريرة ... قال عمر: عن شعبة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ وبقية إنما يخشى منه إذا عنعن؛ لأنه مدلس، وقد صرح بالتحديث في رواية ابن المصفى، وكذا في رواية غيره كما يأتي، فزالت شبهة تدليسه، فيتبادر إلى الذهن أنه صح الإسناد، وليس كذلك - وإن ظنه كثيرون-؛ فإن فيه مدلساً آخر، ذهلوا عنه؛ لأنه ليس مشهوراً بالتدليس مثل بقية، ألا وهو المغيرة بن مِقْسَم الضبي؛ فإنه- مع إتقانه- كان يدلس كما في "التقريب " وغيره؛ فهو علة هذا الإسًناد؛ إلا أن الحديث صحيح يشواهده المتقدمة. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/393) ... بإسناد المصنف الأول؛ إلا أنه قال: عن ابن عباس! وهو شاذ، والمحفوظ: عن أبي هريرة. وهكذا على الصواب: أخرجه البيهقي (3/318) من طريقين آخرين عن ابن المصفى. وكذلك أخرجه بعده: ابن ماجه، والطحاوي في "المشكل " (2/55) ، وابن الجارود (302) ، والحاكم (1/288) من طرق أخرى عن بقية ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البوصيري في "زوائده " (ق82/1) : " هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات "! وتابعه زياد بن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي رفيع ... به: أخرجه البيهقي. وزياد بن عبد الله لين في غير ابن إسحاق، كما قال الحافظ.

218- باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة

وخالفهما سفيان فقال: عن عبد العزيز عن أبي صالح قال ... فذكره مرسلاً. قال الحافظ في "التلخيص " (2/88) : " وصحح الدارقطني وكذا ابن حنبل إرساله "! 218- باب ما يُقْرأ في صلاة الصبح يومَ الجمعة 985- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: (تنزيل) السجدة، و (هل أتى على الإنسان حِين من الدهر) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن مِخْوَلِ بن راشد عن مسلم البَطِينِ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط البخاري، ولم يخرجه؛ وإنما أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/152) : أخبرنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة ... به ثم أخرجه هو، ومسلم (3/16) ، والترمذي (2/398) ، وابن ماجه (1/273) ، والبيهقي (3/200) ، والطيالسي (1/145/700) من طرق أخرى عن مخول ... به؛ إلا أنهم زادوا الزيادة الآتية- غير الترمذي وابن ماجه-. وقال الترمذي:

219- باب اللبس للجمعة

" حديث حسن صحيح ". 986- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ وزاد: في صلاة الجمعة بسورة (الجمعة) و (إذا جاءك المنافقون) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة عن مِخْول ... بإسناده ومعناه ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري كسابقه، ولم يخرجه. والحديث أخرجه الطيالسي: حدثنا شعبة ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم والنسائي. وأخرجه البيهقي عن الطيالسي. 219- باب اللبْس للجمعة 987- عن عمد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب رأى حُلةَ سِيَرَاءَ- يعني- تُباع عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله! لو اشتريت هذه؛ فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما يلبس هذه مَنْ لا خلاق لى في الآخرة ".

ثم جاءت رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها حُلَلٌ، فأعطى عمر بن الخطاب منها حُلةً. فقال عمر: كَسَوْتَنِيها يا رسول الله! وقد قلت في حلة عُطاردِ ما قلت؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني لم آكْسكَها لِتَلْبَسَها ". فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (3/106) . وعنه البخاري أيضا (2/4) ، ومسلم (6/137) ، والبيهقي (3/241) . وتابعه جماعة عن نافع ... به. أخرجه البخاري (7/130) ، ومسلم، والنسائي (2/296) ، وابن ماجه (2/375) ، وأحمد (2/20 و 103) . وتابعه عبد الله بن دينارعن ابن عمر ... به. أخرجه البخاري (3/143- 144 و 8/5) . وتابعه موسى بن عقبة أيضا: عند مسلم. وتابعه سالم بن عبد الله بن عمر؛ وهي الرواية الآتية.

988- وفي رواية عنه قال: وَجَدَ عمر بن الخطاب حُلَّةَ إستبرق تباعُ بالسوق، فأخذها، فأتى بها رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ابْتعْ هذهِ؛ تَجَمًّلْ بها للعيد وللوفد ... ثم ساق الحديث. والأول أتم. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس وعمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه. قلت: وهذا إسناد على شرط البخاري ولم يخرجه؛ وإنما أخرجه في " العيدين " عن شعيب عن الزهري. والحديث أخرجه مسلم (6/138- 139) من طريقبن آخرين عن ابن وهب ... به. وهو، والنسائي (2/296) من طريقين آخرين عن سالم ... به؛ وفي آخره زيادة اختصرها المصنف هنا، وقد ذكرها في أول "اللباس " [10- باب ما جاء في لبس الحرير] رقم ( ... ) . 989- عن محمد بن يحيى بن حَبان؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما على أحدكم إن وَجَدَ- أو ما على أحدكم إن وجدتم- أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ؟! " وعنه عن ابن سلام: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك على المنبر.

(قلت: إسناده صحيح، وصححه عبد الحق الإشبيلي) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو أن يحيى بن سعيد الأنصاري حدثه أن محمد بن يحيى بن حبان حدثه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... قال عمرو: وأخبرني ابن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن ابن حبان عن ابن سلام: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك على المنبر. قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجهين: المرسل عن ابن حبان، والمسند عن ابن سلام، ورجأله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن صالح؛ فهو من رجال البخاري. والحديث أخرجه البيهقي (3/242) من طريق المصنف. وأخرجه ابن ماجه (1/340) من طريق حرملة بن يحيى: ثنا عبد الله بن وهب ... به مسنداً عن عبد الله بن سلام: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول على المنبر في يوم الجمعة ... ثم أخرجه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا شيخ لنا عن عبد الحميد بن جعفرعن محمد بن يحيى بن حبان عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال: خطبنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر ذلك. وهذا الشيخ لم يسم؛ فهو مجهول؛ فلا يؤخذ بزيادته في السند يوسفَ بن عبد الله بن سلام. وللحديث شاهد من حديث عائشة مرفوعاً: أخرجه ابن ماجه (1/340- 341) ، وابن خزيمة في "صحيحه "، وعنه ابن حبان (568) .

220- باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة

وإسناده جيد في الشواهد. والحديث صححه عبد الحق الإشبيلي بإيراده إياه في "الأحكام الكبرى" رقم (1688- بتحقيقي) . 990- وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث صحيح، ولم أر من وصله عنه!) . قال أبو داود: " ورواه وهب بن جرير عن أبيه عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن موسى بن سعد عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت: لم أر من وصله عن وهب! فإن صح عنه- وهو الظاهر-؛ فيكون يحيى ابن أيوب- وهو الغافقي المصري- قد خالف عمراً- وهو ابن الحارث- في إسناده؛ فإنه أسقط من إسناده ابن حَبَّان، وجعله من (مسند يوسف بن عبد الله بن سلام) ، وذاك جعله من (مسند أبيه عبد الله بن سلام) ، وهو الأرجح عندي؛ لأن عمرا ًأحفظ من يحيى بن أيوب؛ قال الحافظ في الأول منهما: " ثقة فقيه حافظ ". وقال في الآخر: " صدوق ربما أخطأ ". 220- باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة 991- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تُنْشَدَ فيه ضالةٌ، وأن ينشد فيه شِعْرٌ، ونهى عن الحِلَقِ قبل الصلاة يوم الجمعة. (قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه ابن

221- باب في اتخاذ المنبر

خزيمة وأبو بكر بن العربي) إسناده: حدئنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن عَجْلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، كما سبق تحريره. والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/179) : ثنا يحيى عن ابن عجلان ... به. وأخرجه البيهقي (2/448 و 3/234) من طرق أخرى عن ابن عجلان ... به مفرقاً. وأخرجه النسائي (1/117) ، والترمذي (2/139/322) ؛ دون إنشاد الضالة. وقال الترمذي: "حديث حسن ". ولابن ماجه (1/348) منه الجملة الأخيرة منه. ولأحمد في رواية (2/212) الجملة الأولى منه. والحديث؛ صححه ابن خزيمة وأبو بكر بن العربي؛ كما ذكر الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "الترمذي ". 221- باب في اتخاذ المنبر 992- عن أبي حازم بن دينار: أن رجالاً آتَوْا سهل بن سعد الساعدي وقد امْتَرَوْا في المنبر؛ مِمَّ عُوُده؟ فسألوه عن ذلك؟ فقال:

والله إني لأعرف مما هو؟ ولقد رأيته أولَ يوم وُضِع، وأولَ يوم جَلس عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أرسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فلانةَ- امرأةٌ قد سَماها سَهْل- آنْ: " مُرِي غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا كَلَّمتُ الناس ". فأمرته فعَمِلَها من طَرْفاء الغابة، ئم جاء بها. فأرسلته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأمر بها فوُضعت هنا. فرآيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى عليها، وكبّر عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر، ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: " أيها الناس! إنما صنعت هذا؛ لتأتمُّوا [بي] وَلِتَعلَموا صلاتي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عَبْدٍ القاري القرشي: حدثني أبو حازم بن دينار. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/147- 148) عن المؤلف. وأخرجه البخاري (1/81- 82 و 2/9) ، ومسلم (2/74) ، والنسائي (1/120 - 121) ... بإسناد المصنف. وأخرجه مسلم، وأحمد (5/339) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه ... به. زاد أحمد:

فقيل لسهل: هل كان من شأن الجِذْعِ ما يقول الناس؟ قال: قد كان منه الذي كان. وإسناده صحيح على شرط سسلم. وأخرجه أبو عوانة، والدارمي (1/367) ، وابن ماجه (433) من طرق أخرى عن أبي حازم ... به مختصراً؛ وزاد الدارمي: فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجلس عليه، ويخطب عليه، فلما فعلوا دْلك حَنتِ الخشبة التي كان يقوم عندها، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليها، فوضع يده عليها، فسكنت. وهي زيادة صحيحة؛ لها شواهد كثيرة معروفة، سأذكر واحداً منها تحت الحديث الآتي. 993- عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بَدَّنَ قال له تميم الداري: ألا أتَّخِذُ لك منبراً يا رسول الله! يجمع- أو يحمل- عظامك؟! قال: " بلى ". فاتخذ له منبراً مِرْقاتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وعلَقه البخاري في "صحيحه". وقال الحافظ: " إسناده جيد قوي ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عاصم عن ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ إلا ابن أبي رواد- واسمه

222- باب موضع المنبر

عبد العزيز- فلم يخرج له، وروى له البخاري تعليقاً. وقال الحافظ في "الفتح " (2/218) : " إسناده جيد قوي ". والحديث أخرجه البيهقي (3/195- 196) من طريق شعيب بن عمرو الضبَعِيِّ: ثنا أبو عاصم ... به؛ وزاد: أو ثلاثة؛ فجلس عليه، قال: فصعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحَنَّ جذع كان في المسجد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خطب يستند إليه، فنزل النبي عبه! فاحتضنه، فقال له شيئاً لا أدري ما هو؟ ثم صعد النبر، وكانت أساطين المسجد جذوعاً، وسقائفه جريدا. وعلَّقه البخاري في "صحيحه " بصيغة الجزم؛ فقال (4/156) : " ورواه أبو عاصم ... ". 222- باب موضع المنبر 994- عن سَلَمَةَ قال: كان بين منبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين الحائط كَقَدْرِ مَمَرِّ الشاة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

223- باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

والحديث أخرجه أبو عوانة (2/56) ، والبيهقي (2/272) من طرق أخرى عن أبي عاصم ... به. وأخرجه البخاري (6/89) ، ومسلم (2/59) ، وأحمد (4/54) من طرق أخرى عن يزيد بن أبي عبيد ... به. وإسناد أحمد والبخاري ثلاثي. 223- باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 224- باب في وقت الجمعة 995- عن أنس بن مالك قال: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي الجمعة إذا مالت الشمس. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه". وقال الترمذي: " حسن صحيح ". إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا زيد بن حبَاب: حدثني فلَيْج بن سليمان: حدثني عثمان بن عبد الرحمن التَّيْمِي: سمعت أنس بن مالك يقول ... قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن فليح بن سليمان - وإن أخرج له الشيخان- ففيه ضعف من قبل حفظه. وقال الحافظ: " صدوق كثير الخظأ ". والحديث أخرجه الطيالسي في (مسنده) (1/141/673) : حدثنا فليح بن

سليمان الخزاعي ... به. ومن طريقه: أخرجه الترمذي (2/377) ، وابن الجارود (289) . وأخرجه البخاري (2/7) ، والترمذي ايضاً، والبيهقي (3/190) ، وأحمد (3/128 و 155 و 228) من طرق عن فليح بن سليمان ... به. وقال الترمذي: "حسن صحيح ". ويشهد للحديث: ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابر: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا زالت الشمس صلى الجمعة. قال الحافظ في "التلخيص " (2/59) : " وإسناده حسن ". 996- عن سَلَمَة بن الأكوع قال: كنا نصلِّي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة، ثم ننصرف؛ وليس للحيطان فَيْء. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا يعلى بن الحارث: سمعت إياس بن سلمة بن الأكوع يحدث عن أبيه قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (5/103) ، ومسلم (3/9) ، والنسائي (1/207) ،

والدارمي (1/363) ، وابن ماجه (1/341) ، والدارقطني (ص 170) ، والبيهقي (3/190) ، وأحمد (4/46) من طرق عن يعلى بن الحارث ... به. 997- عن سهل بن سعد قال: كنا نَقِيلُ ونتغذَى بعد الجمعة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وقال الترمذي: "حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/12) ، ومسلم (3/9) ، والترمذي (2/403) ، وابن ماجه (1/341) ، والدارقطني (170) ، والبيهقي (3/241) ، وأحمد (5/336) من طرق عن أبي حازم ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله شاهد من حديث حمَيْد الطويل عن أنس بن مالك قال: كنا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة، ثم نرجع إلى القائلة فنقيل. أخرجه أحمد (3/237) ، وابن حبان (2798- إحسان) عن محمد بن إسحاق: حدثني حمَيد الطويل ... به. وهذا إسناد حسن. وتابعه المعتمر بن سليمان: ثنا حميد ... به.

225- باب النداء يوم الجمعة

رواه ابن ماجه؛ وإسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه البخاري (905 و 940) ، وفي " الأدب المفرد" (1240) ، وابن خزيمة (1877) ، وابن حبان أيضا وكذا أحمد (3/237) ، من طرق أخرى عن حميد ... به. 225- باب النداء يوم الجمعة 998- عن السائب بن يزيد: أن الأذان كان أوله حين يجلس الامام على المنبر يوم الجمعة؛ في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فلما كان خلافة عثمان، وكثر الناس؛ أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمَةَ المرادي: ثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب: أخبرني السائب بن يزيد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير المرادي؛ فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/8) ، والنسائي (1/207) ، والترمذي (2/392) ، وابن الجارود (290) ، والبيهقي (3/192) ، وأحمد (3/449) من طرق عن الزهري. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

999- وفي رواية عنه قال: لم يكن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مؤذن واحد: بلال ... ثم ذكر معناه. (حديث صحيح) . إسناده: حدثنا هَنَاد بن السرِيِّ: ثنا عبدة عن محمد يعني: ابن إسحاق- عن الزهري عن السائب. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على التفصيل المعروف في ابن إسحاق، وقد عنعنه، لكنه قد صَرَّح بالتحديث في رواية عنه كما يأتي. وعبدة: هو ابن سليمان الكِلابي. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/348) ، وأحمد (3/449) من طرق أخرى عن ابن إسحاق ... به. وأحمد من طريق إبراهيم بن سعد الزهري عنه قال: حدثني محمد بن مسلم ابن عبيد الله الزهري ... به؛ ولفظه: لم يكن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مؤذن واحد في الصلوات كلها؛ في الجمعة وعْيرها، يؤذن ويقيم، قال: كان بلال يؤذن إذا جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر يوم الجمعة، ويقيم إذا نزل، ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ حتى كان عثمان. وهذا إسناد حسن صحيح. 1000- وفي أخرى عنه- وزاد في نسبه: ابن أخت نمر- قال: ولم يكن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مؤذن واحد ... وساق هذا الحديث، وليس بتمامه.

226- باب الامام يكلم الرجل في خطبته

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أن السائب بنَ يزيد ابنَ أخت نمر ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه النسائي (1/207) ... بهذا الإسناد؛ ولفظه: إنما أمر بالتأذين الثالث عثمان؛ حين كثر أهل المدينة، ولم يكن لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مؤذن واحد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام. وأخرجه البخاري (2/8) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن الزهري ... به. 226- باب الامام يكلّم الرجل في خطبته 1001- عن جابر قال: لَما استوى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة قال: (اجلسوا ". فسمع ذلك ابن مسعود؛ فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "تَعَالَ يا عبدَ الله بنَ مسعود! ". (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ورافقه الذهبي إ) إسناده: حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي: ثنا مَخْلَدُ بن يزيد: ثنا ابن جريج عن عطاء عن جابر.

227- باب الجلوس إذا صعد المنبر

قال أبو داود: " هذا يعرف مرسلاً؛ إنما رواه الناس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومخلد هو شيخ ". قلت: هو صدوق من رجال الشيخين، وله أوهام كما في "التقريب "، ولكنه لم يتفرد به كما يأتي. وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين؛ غير يعقوب بن كعب، وهو ثقة. والحديث أخرجه البيهقي (3/218) من طريق معاذ بن معاذ: أبَنا ابن جريج ... به. وقال: " ورواه عمرو بن دينار عن عطاء؛ فأرسله ". وتابعه أيضا الوليد بن مسلم؛ لكنه خالف فقال: ثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال ... فذكره. أخرجه الحاكم (1/283- 284) عن هشام بن عمار: ثنا الوليد ... وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأقول: هو كذلك لولا الخالفة؛ وأظنها من هشام؛ فإنه مضعف من قبل حفظه. فالصواب أنه من (مسند جابر) ؛ لانفاق مخلد بن يزيد ومعاذ بن معاذ عليه. 227- باب الجلوس إذا صعد المنبر 1002- عن ابن عمر قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب خطبتين؛ كان يجلس إذا صعد على المنبر؛ حتى يفرغ- أراه- المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب.

(قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان مختصراً) . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عبد الوهاب- يعني: ابن عطاء- عن العمري عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير العمري- وهو عبد الله بن عمر بن حفص ابن عاصم بن عمر بن الخطاب المُكَبَّر-، وهو ضعيف من قبل حفظه. وقال المنذري (2/17) : " وفيه مقال ". لكن الحديث صحيح؛ فقد تابعه عليه أخوه المصغر عبيد الله عن نافع ... به مختصراً: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَء يخطب يوم الجمعة خطبتين؛ بينهما جلسة. أخرجه الترمذي (رقم 506) - وصححه-، والبيهقي (3/196) بإسناد صحيح. وقد أخرجاه نحوه. وأخرج الحاكمٍ (1/283) من طريق مصعب بن سَلآم عن هشام الغازِ عن نافع ... به مختصرا؛ بلفظ: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر؛ أذنَ بلال. وقال: " صحيح الإسناد "! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: مصعب ليس بحجة". قلت: ويشهد له حديث السائب المتقدم برقم (998) .

228- باب الخطبة قائما

والحديث أخرجه أحمد (2/91 و 98) من طرق أخرى عن عبد الله بن عمر ... مختصرأ. 228- باب الخطبة قائماً 1003- عن جابر بن سَمُرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن حدثك أنه كان يخطب جالاً؛ فقد كذب! فقد-: والله- صليْتُ معه أكثر من ألْفَيْ صلاة. (قلت: إسناده حسن، وهو على شرط لسملم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا النُفَيْلي: ثنا زهير عن سعكاك عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم، وإنما لم أصححه مع ذلك؛ لأن سماكاً كان قد تغير بأخرة، فكان ربما يلقَّن كما قال الحافظ؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/9) ، والبيهقي (3/197) ، وأحمد (5/90 و 91) من طرق أخرى عن زهير ... به. 1004- وفي رواية عنه قال: كان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبتان؛ كان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكرُ الناس. (قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .

إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- عن أبي الأحوص: ثنا سماك عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم أيضا كالذي قبله. والحديث أخرجه مسلم (3/9) ، والدارمي (1/366) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (5/94) من طرق أخرى عن أبي الأحوص ... به. وأخرجه البيهقي أيضا (3/210) من هذا الوجه. وأحمد (5/87 و 88 و 89 و 91 و 92 و 93 و 94- 95 و 95 و 97 و 98 و99- 100 و 101 و 102 و 107) من طرق أخرى عن سماك ... به نحوه. وأخرجه المصنف من طريقين آخرين عنه، يأتي أحدهما عقب هذا، والأخر في الباب الآتي برقم (1009) . 1005- وفي أخرى عنه قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب قائماً، ثم يقعد قَعْدَة لا يتكلم ... وساق الحديث. (قلت: إسناده حسن على شرط مسلم. وقد أخرجه باللفظين اللذين قبله كما سبق) . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إسناد حسن على شرط مسلم، وليس بصحيح؛ لما ذكرته في الرواية الأولى قبل حديث.

229- باب الرجل يخطب على قوس

وأبو كامل: اسمه فُضَيْل بن حسين الجَحْدَرِي. والحديث أخرجه أحمد (5/90 و 97) من طريقين آخرين عن أبي عوانة ... به؛ وتمام الحديث عنده: ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى على منبره، فمن حدثك أنه رآه يخطب قاعداً؛ فلا تصدقْهُ! 229- باب الرجل يخطب على قوس 1006- عن شُعَيْبِ بن رُزيقٍ الطاثفي قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقال له: الحكم بن حَزْن الكُلَفِي-، فأنشأ يحدثنا؛ قال: وفدت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابع سبعة- أو تاسع تسعة-، فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادْعُ الله لنا بخير! فأمر بنا- أو أمر لنا- يشيء من التمر، والشأنُ إذ ذاك دُونٌ. فأقمنا بها أياماً؛ شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام متوكِّئاً على عصاً أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه، كلماتٍ خفيفات طيِّبات مباركات، ثم قال: " أيها الناس! إنكم لن تطيقوا- أو لن تفعلوا- كل ما أُمِرتم به؛ ولكن سَددوا وأبشروا ". (قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ ابن حجر، وصححه ابن السكن وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا لثسهاب بن خِراش: حدثنا شعيب بن

رزيق الطائفي. قال أبو علي: سمعت أبا داود قال: ثبتني في شيء منه بعض أصحابنا. قلت: وهذا إسناد حسن؛ شعيب بن ززَيْقٍ- بتقديم الراء على الزاي- قال ابن معين: " ليس به بأس ". وقال أبو حاتم: "صالح ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وشهاب بن خراش؛ وثقه ابن المبارك وجماعة. وقال أحمد وأبو زرعة: " لا بأس به ". وقال ابن عدي: " له أحاديث ليست بالكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه ". " والحديث أخرجه البيهقي (3/206) من طريق أخرى عن شهاب بن خراش ... به. وقال الحافط في "التلخيص " (2/65) - بعد أن عزاه للمصنف: " وإسناده حسن؛ فيه شهاب بن خراش، وقد اختلف فيه؛ والأكثر وثقوه، وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة ". 1007- عن عَدِيِّ بن حاتم: أن خطيباً خطب عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال. من يطع الله ورسوله ... ومن يعصهما ... فقال: " ثم- أو اذهب-؛ بئس الخطيبُ ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أحرجه في "صحيحمه " بأتم منه) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان بن سعيد: حدثني عبد العزيز ابن رُفَيْع عن تميم الظائي عن عدي بن حاتم. قلت: وهذا إسنأد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد؛ فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجه المصنف أيخحاً بهذا الإسناد في "الأدب " [85- باب [ ( ... ) . والحديث أخرجه الحاكم (1/289) من طريق أخرى عن مسدد ... به أنم منه كما يأتي. ثم أخرجه هو، ومسلم (3/12- 13) ، والنسائي (2/79) ، والبيهقي (1/86 و3/216) ، وأحمد (4/256 و 379) من طرق أخرى عن سفيان ... به أنم منه؛ بلفظ: ... من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بئس الخطيب أنت! قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ". 1008- عن بنت الحارث بن النعمان قالت: ما حفظت (ق) إلا من في رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كان يخطب بها كلَّ جمعة قالت: وكان تَنُّورُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتَنُّورنا واحداً. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") .

إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن خُبَيْب عن عبد الله بن محمد بن مَعْنٍ عن بنت الحارث بن النعمان. قال أبو داود: " قال روح بن عبادة عن شمعبة قال: بنت حارثة بن النعمان. وقال ابن إسحاق: أم هشام بنت حارثة بن النعمان "- قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن محمد ابن معين، ولم يوثقه غير ابن حبان. ولهذا قال الذهبي في الميزان ": " وُئقَ؛ فيه جهالة "، واحتج به مسلم؛ ما روى عنه سوى خُبَيْبِ بن عبد الرحمن ... "! ثم ساق له هذا الحديث. وفي قوله: " احتج به مسلم " نظر؛ فقد ساق له عقبه متابعاً- بل متابعين- كما يأتي، وليس له عنده إلا هذا الحديث، كما في "التهذيب "؛ فلا يظهر حينئذ أنه احتج به. والحديث أخرجه أحمد (6/463) : ثنا محمد بن جعفر ... به؛ إلا أنه قال: حارثة. وكذلك أخرجه مسلم (3/13) ، والبيهقبب (3/211) من هذا الوجه. وتابعه يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرَارة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان ... به؛ مع تقديم وتأخير. أخرجه مسلم والبيهقي، وأحمد (6/435- 436) ، وقال البيهقي: " وأم هشام بنت حارثة بن النعمان: هي أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها". قلت: وقد روت عمرة هذا الجديث عن أختها أم هشام، كما يأتي بعد حديث.

وتابعه أيضا محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن ابنة حارثة بن النعمان ... به؛ دون قصة التنور. أخرجه النسائي (1/208- 209) ، وأحمد (6/435) . وإسناده صحيح؛ إن كان محمد هذا سمعه منها. قلت: فهذه المتابعات تشهد لصحة حديث ابن معن. والله أعلم. 1009- عن جابر بن سمرة قال: كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْداً، وخطبته قَصْداً؛ يقرأ أيات من القران، ويذكر الناس. (قلت: إسناده حسن وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه مفزقاً في موضعين من "صحيحه ". والترمذي نصفه الأول؛ وقال: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدتني سماك عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ وفي سماك- وهو ابن حرب- كلام ذكرته قريباً عند الحديث (1003) ، فلا نعيده. والحديث أخرجه النسائي (1/209) ، وابن ماجه (1/342) ، وأحمد (5/93 و98 و 102 و 106 و 107) من طرق أخرى عن سفيان ... به. ثم أخرجه أحمد (5/91 و 94 و 95) من طرق أخرى عن سماك ... به. وأخرج منه الترمذي (2/381) ، والدارمي (1/365) ، وكذا مسلم (3/11) شطره الأول.

وله الشطر الثاني؛ أخرجه في مكان آخر، كما تقدم برقم (1003 و 1004) . 1015- عن عمرة عن أختها قالت: ما أخذت (ق) إلا من في رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كان يقرؤها في كل جمعة (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا مروان: ثنا سليمان بن بلال عن يحيى ابن سعيد عن عمرة. قال أبو داود: " وكذا رواه يحيى بن أيوب وابن أبي الرجال عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير محمود بن خالد- وهو السلمي-، وهو ثقة. والحديث أخرجه مسلم (3/13) ، والبيهقي (3/211) من طريق يحيى بن حسان: حدثنا سليمان بن بلال ... به. وتابعه يحيى بن أيوب، كما في الرواية الاتية. وعبد الرحمن بن أبي الرجال، ولكنه خالف في متنه، فقال: ذكره يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: ما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا من وراء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بها في الصبح. أخرجه أحمد، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" (6/462) .

وابن أبي للرجال؛ قال الحافظ: " صدوق ربما أخطأ ". قلت: والظاهر أنه أخطأ في قوله: يصلي بها في الصبح! والصواب رواية الجماعة: يخطب بها في كل جمعة. وقد أشار الحافظ في "نتائج الأفكار" (1/439- 440) إلى شذوذه؛ للمخالفة المذكورة. ونحوه ما رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (142/25/343) من طريق ابن أبي شيبة عن محمد بن إسحاق ... بسنده عن أم هشام بنت حارثة مثل رواية ابن أبي الرجال. لكن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. على أن الحديث في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/115) من طريق ابن إسحاق نفسه ... باللفظ الموافق لرواية الجماعة. فدأط ذلك على خطأ ما في "المعجم ". ومن الغريب: أن الحافظ المزي في "تحفة الأشرافط " (13/108- 109) لم يتنبه لخطأ رواية ابن أبي الرجال هذه؛ بل صنيعه يوهم أنها موافقة لرواية الجماعة! والله أعلم. 1011- وفي رواية عن عمرة عن أخت لعمرة بنت عبد الرحمن كانت أكبر منها ... بمعناه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا ابن السَّرْح: ثنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيولب عن يحيى

230- باب رفع اليدين على المنبر

ابن سعيد عن عمرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " (3/13) بإسناد المصنف؛ ولم يسق لفظه وإنما قال: بمثل حديث سليمان بن بلال. يعني: الذي قبله؛ وفيه عنده: وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة. 230- باب رفع اليدين على المنبر 1012- عن حصَيْنِ بن عبد الرحمن قال: رأى عمَارة بن زؤيبَةَ بِشْرَ بن مروان وهو يدعو في يوم جمعة، فقال عمارة: قَبحَ الله هاتين اليدين- قال حصين: حدثني عمارة-؛ قال: لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو على المنبر- ما يزيد على هذه؛ يعني: السبابة التي تلي الإبهام. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حسن صحيح "، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ئنا زائدة عن حصين بن عبد الرحمن. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه الدارمي (1/366) ... بإسناد المصنف.

231- باب إقصار الخطب

وأخرجه هو، ومسلم (3/13 و 13- 14 و 4/261) ، والنسائي (1/209) ، والترمذي (2/391) ، والبيهقي (3/210) ، وأحمد (4/135- 136 و 136) من طرق عن حصين بن عبد الرحمن ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ومن هذا الوجه: أخرجه ابن خزيمة (1451 و 1793) ، وابن حبان (882- الإحسان) . 231- باب إقصار الخطَبِ 1013- عن عمار بن ياسر: آمَرَنا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإقصار الخُطَبِ. (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: ثنا أبي: ثنا العلاء بن صالح عن عَدِي بن ثابت عن أبي راشد عن عمار بن ياسر. قلت: وهذا إسناد رجاله مُوثًقون؛ غير أبي راشد، وهو مجهول كما قال الذهبي. وإلى ذلك أشار المنذري بقوله (3/20) : " لم يسَمٌ ولم يُنْسَبْ ". لكن حديثه صحيح؛ لأن له شاهداً كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (1/289) ، وعنه البيهقي (3/208) من طريق أخرى عن محمد بن عبد الله بن نمير ... به. وصححه الحاكم كما ذكرناه آنفاً.

وقال الإمام أحمد (4/320) : ثنا ابن نمير: ثنا العلاء بن صالح ... به؛ ولفظه: ثنا أبو راشد: قال: خطبنا عمار بن ياسر فتجؤز في خطبته. فقال له رجل من قريش: لقد قلت قولاً شفاءً، فلو أنك أطلت! فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن نُطِيلَ الخطبةَ. وتابعه أبو وائل قال: خطبنا عمار فأوجز وأبلغ. فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان! لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفَّست! فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّة من فقهه؛ فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، وإن من البيان سحراً ". أخرجه مسلم (3/12) ، والدارمي (1/365) ، والبيهقي، وأحمد (4/263) من طريق واصل بن حَيَّان قال: قال أبو وائل ... به. 1014- عن جابر بن سَمُرَة السَّوَائي قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُطِيلُ الموعظة يوم الجمعة؛ إنما هن كلماتٌ يسيراتٌ. (قلت: حديث حسن، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثتا محمود بن خالد: ثنا الوليد: أخبرني شيبان أبو معاوية عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة السًوائي.

232- باب الدنو من الإمام عند الموعظة

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات إن كان شيبان سمعه من سماك، وهذا من جابر؛ فإن الوليد- وهو ابن مسلم الدمشقي- كان يدلس تدليس التسوية؛ فيُخشى- حين لا يكون إسناده مسلسلاً بالتحديث- أن يكون أسقط منه رجلاً فوق شيخه. إلا أن الحديث على كل حال حسن؛ فإنه بمعنى حديث سماك أيضا عن جابر، المتقدم برقم (1009) . والحديث أخرجه البيهقي (3/208) من طريق أخرى عن محمود بن خالد الدمشقي ... به. 232- باب الدُّنُوِّ من الإمام عند الموعظة 1015- عن سَمُرة بن جُنْدث أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " احْضُرُوا الذِّكْرَ، وادْنُوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد؛ حتى يؤخرَ في الجنة وإن دخلها ". (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا علي بن عبد الق: ثنا معاذ بن هشام: وجدت في كتاب أبي بخط يده- ولم أسمعه منه- قال: قال قتاث،: عن يحيى بن مالك عن سمرة بن جندب. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن مالك؛ فقد أغفلوه ولم يذكروه في "التهذيب! وغيره! وإنما ترجم له ابن أبي حاتم (4/2/190) ؛ وذكر أنه أبو أيوب الآزْدي العَتَكِيُّ البصري المَرَاغي- قبيلة من

233- باب الامام يقطع الخطبة للأمر يحدث

العرب-، وأنه روى عن جماعة من الصحابة، وعنه قتادة وأبو عمران الجوني وأبو الواصل عبد الحميد بن واصل، مات في ولاية الحجاج، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلأ. فمثله في التابعين حسن الحديث إن شاء الله تعالى؛ وقد وثقه ابن حبان (1/256- 257) . ثم تبين أنهم ترجموه في "الكنى"؛ وهو ثقة. والحديث أخرجه أحمد (5/11) ... بإسناد المصنف؛ فهو من رواية الأقران؛ لأن أحمد من شيوخ المصنف، فروى عن شيخه علي بن عبد الله- وهو ابن المديني-. وأخرجه الحاكم (1/289) من طريق أخرى عنه، وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي (3/289) من طريق المصنف والحاكم. 233- باب الامام يقطع الخطبة للأمر يحدث 1016- " عن بُرَيْدَةَ (بن الحُصَيْبِ) قال: حطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما؛ عليهما، قميصان أحمران، يعثران ويقومان، فنزل فأخذهما فَصَعِدَ بهما، ثم قال: " صدق الله! (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) ؛ رأيت هذين فلم أصبر "؛ ثم أخذ في الخطبة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة وابن حمان، وقال الترمذي: " حديث حسن ") .

234- باب الاحتباء والإمام يخطب

إسناده: حدثنا محمد بن العلاء أن زيد بن حُبَابٍ حدثهم: ثنا حسين بن واقد: حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلهم على شرط مسلم ولم يخرجه. والحديث أخرجه الإمام أحمد (5/354) ، وابن أبي شيبة (12/99/22372) قالا: ثنا زيد بن حباب ... به؛ وصرح بسماع عبد الله من أبيه. وأخرجه ابن ماجه (2/377) ، وابن خزيمة (1801) ، والحاكم (4/189) من طريقين آخرين عن ابن الحباب ... به، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر؛ فإن الحسين بن واقد لم يخرج له البخاري إلا تعليقاً. وزيد بن الحباب لم يخرج له أصلاً! ولكنه قد توبع؛ فأخرجه النسائي (1/209 و 235) ، والترمذي (4/340- تحفة) ، وابن خزيمة أيضا (1802) ، وابن جرير (28/81) ، والحاكم أيضا (1/287) ، والبيهقي (3/218) من طرق أخرى عن الحسين بن واقد ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "؛ فأصاب هنا؛ ووافقه الذهبي. وصرح ابن حبان بسماع عبد الله أيضا. 234- باب الاحتباء والإمام يخطب 1017- عن معاذ بن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الحبْوة يومَ الجمعة والإمامُ يخطب. (قلت: حديث حسن، وكذ اقال الترمذي، وقال الحاكم: " صحيح

الاسناد "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا المقرئ: ثنا سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي مرحوم- واسمه عبد الرحيم بن ميمون-، وهو مختلف فيه؛ فقال ابن معين: " ضعيف الحديث ". وقال أبو حاتم: " يكتب حديثه، ولا يحتج به ". وقال النسائي. " أرجو أنه لا بأس به ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال الحافظ: " صدوق ". قلت: فحديثه يحتمل التحسين؛ فإذا وجد له شاهد أو متابع فهو حسن قطعاً، وستراه إن شاء الله قريباً. والحديث أخرجه أحمد (3/439) : ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد ... به. وأخرجه الترمذي (2/390) ، والحاكم (1/289) ، والبيهقي (3/235) من طرق عن أبي عبد الرحمن المقرئ ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي: " حديث حسن ". وقال أحمد شاكر في تعليقه عليه: " ورواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص 297) من طريق المقرئ أيضا. ومن طريق رشدين بن سعد عن زَبَّان بن فائدٍ عن سهل بن معاذ ".

235- باب الكلام والإمام يخطب

قلت: وله شاهد من حديث بقية عن عبد الله بن واقد عن محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ... فذكره. أخرجه ابن ماجه (1/348) . وقال البوصيري في "الزوائد" (ق 1/72) : " هذا إسناد ضعيف؛ بقية: هو ابن الوليد، مدلس. وشيخه إن كان الهروي فقد وثق؛ وإلا فهو مجهول ". 235- باب الكلام والإمام يخطب 1018- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا قلت: أنصت والامام يخطب؛ فقد لَغَوْتَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بأتم منه. وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الدارمي (1/364) ، وأحمد (2/474 و 485 و 532) من طرق أخرى عن مالك ... به. وهو (2/272 و 393 و 396 و 532) ، والبخاري (2/12) ، ومسلم (3/4- 5) ، والنسائي (07/21) ، والترمذي (2/387) ، وابن ماجه (1/343) ، والبيهقي (3/218 و 219) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ وزاد الشيخان وعْيرهما: " إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة ... ". وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". ولمالك فيه إسناد آخر، فقال في "الموطأ" (1/125) : عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ... به. ومن طريقه: أخرجه الدارمي أيضا، وأحمد (2/485) . وتابعه سفيان بن عيينة: سمعت أبا الزناد ... به. أخرجه مسلم، وابن الجارود (299) ، والبيهقي، وأحمد (2/244) . وله عند مسلم والبيهقي، وأحمد (2/318) طرق أخرى عن أبي هريرة. 1019- عن عبد الله بن عمروعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يحضز الجمعةَ ثلاثةٌ: رجلٌ حفمرها يَلْغُو؛ وهو حَطة منها. ورجل حضرها يدعو؛ فهو رجل دعا الله عز وجل؛ إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه. ورجل حضرها بإنصات وسكوت، ولم يَتَخَطَّ رقبة مسلم، ولم يؤذ أحداً؛ فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عز وجل يقول: {من جاء بالحسنة فله عَشْرُ أمثالها} ". (قلت: إسناده حسن. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا مسدد وأبو كامل قالا: ثنا يزيد عن حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد حسن؛ على الخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وجَده في هذه السلسلة: هو عبد الله بن عمرو، كما سبق تحقيقه في أول الكتاب، وهذا السند مما يشهد لذلك؛ فإنه قال: عن عبد الله بن عمرو.

236- باب استئذان المحدث للإمام

والحديث أخرجه البيهقي (3/219) من طريق المصنف. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1813) . 236- باب استئذان المحدِث للإمام 1020- عن عائشة قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ: " إذا أحدث أحدكم في صلاته؛ فليأخذ بأنفه ثم لينصرف ". (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما "، ووافقه الذهبي، وصححه البوصيري أيضا) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن المِصِّيي: ثنا حجاج قال: ثنا ابن جريج: أخبرني هشام بن عروة [عن عروة] عن عائشة. قال أبو داود: " رواه حماد بن سلمة وأبو أسامة عن هشام عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا دخل والإمام يخطب ... "؛ لم يذكرا عائشة رضي الله عنها ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير الصيصي، وهو ثقة. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 57) ، والحاكم (1/184) من طريقين آخرين عن حجاج بن محمد ... به وقال الحاكم. " صحيح على شرطهما "، ووافقه الذمحبي. وتابعه عمر بن علي المُقَدمي: نا هشام بن عروة ... به. أخرجه ابن ماجه (1/368- 369) ، وابن حبان (206) ، والدارقطني. وقال البوصيري في " الزوائد" (ق 2/76) :

237- باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

" إسناده صحيح رجاله ثقات ". وتابعه عمر بن قيس أيضا- عند ابن ماجه-، والفضل بن موسى- عند ابن الجارود (222) - وابن حبان (205) ، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي (3/254) -، ومحمد بن بشر العبدي- عند الدارقطني- كلهم عن هام بن عروة عن أبيه عنها. قلت: فهؤلاء جماعة خمسة، كلهم ثقات- غير عمر بن قيس- قد وصلوه، فلا يضزُه إرسال حماد بن سلمة وأبي أسامة وغيرهما ممن أرسله، ممن جاء ذكره عند البيهقي، قال: " ورواه الثوري وشعبة وزائدة وابن البارك وشعيب بن إسحاق وعبيدة بن سليمانْ عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً. قال أبو عيسى الترمذي: وهذا أصح من حديث الفضل بن موسى "! قلت: قد توبع الفضل من جماعة ثقات كما سبق، والرفع زيادة من ثقات؛ فيجب قبولها؛ لأنه يبعد أن يتفقوا جميعاً على الوصل خطأً. 237- باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب 1021- عن جابر: أن رجلاً جاء يوم الجمعة والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال: " أصليت يا فلان؟! ". قال: لا. قال: "قم فاركع ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه. وقال الترمذي: "حسن صحيح ") .

إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن عمرو- وهو ابن دينار- عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وحماد: هو ابن زيد. والحديث أخرجه البيهقي (3/217 و 221) من طريق أخرى عن سليمان بن حرب ... به. وهو، والبخاري (2/11) ، ومسلم (3/14) ، والنسائي (1/208) ، والترمذي (2/384- 385) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به. ومسلم، وابن ماجه (1/344) ، وابن الجارود (693) ، والدارقطني (ص 168) ، والبيهقي (3/193) من طرق أخرى عن عمرو بن دينار ... به؛ وزاد مسلم والدارقطني في رواية: وقال: " إذا جاء أحدكم والإمام يخطب؛ فليصلِّ ركعتين " وأخرجه الطبراني في ترجمة (سُلَيْك) من "المعجم الكبير" (7/192- 196) من طرق عن جابر وأبي هريرة بروايات وألفاظ متقاربة. ولهذه الزيادة طريق أخرى، يأتي ذكرها في الطريق الآتية. 1022- ومن طريق آخر عنه وعن أبي هريرة قال: جاء سُلَيْكٌ الغَطَفَانِيُّ ورسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال له: " أصليت شيئاً؟! ". قال: لا. قال: " صلِّ ركعتين تجوَّزْفيهما ".

(قلت: إسناده عن أبي هريرة على شرط الشيخين، وهو عن جابر على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن محبوب وإسماعيل بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان. كلن جابر. وعن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسام عن جابر، وعلى شرطهما عن أبي هريرة من طريق إسماعيل بن إبراهيم- وهو ابن لمعْمَر الهلالي القَطِيعي-. وأما ابن محبوب فثقة. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/344) : حدثنا داود بن رشَيْد: ثنا حفص بن غياث ... به. وأخرجه مسلم (3/14- 15) ، والدارقطني (168) ، والبيهقي (3/194) ، وأحمد (3/316 و 389) من طرق أخرى عز، الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ... به مع الزيادة التي في الحلريق الأولى؛ وزاد أيضا: "وليتجوز فيهما". 1023- وفي رواية عن جابر: أن سُليكاً جاء ... فذكر نحوه؛ زاد: ثم أقبل على الناس قال: " إذا جاء أحدكم والإمام يخطب؛ قليصلِّ ركعتين يتجوزُ فيهصا ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر عن سعيد عن الوليد أبي بشر عن طلحة أنه سمع جابر بن عبد الله يخدث.

238- باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وطلحة: هو ابن نافع، وهو أبو سفيان الدي في الطريق السابقة. والوليد: هو ابن مسلم. وسعيد: هو ابن أبي عَرُوبة. والحديث في "مسند أحمد" (3/297) ... بهذا السند عن سعيد. وبإسناد آخر عنه فقال: ثنا محمد بن جعفر: ثنا سعيد. وثنا رَوْحُ وعبد الوهاب عن سعيد ... به. وأخرجه مسلم (3/14- 15) من طريق الأعمش عن أبي سفيان ... به. 238- باب تخطِّي رقاب الناس يوم الجمعة 1024- عن أبي الزاهريَّة قال: كنا مع عبد الله بن بُسْرٍ صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ الجمعة، فجاء رجل يتخطًى رقاب الناس، فقال عبد الله بن بسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجلس فقد آذيت ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا بِشْرُ بن السَّرِي: ثنا معاوية بن صالح

239- باب الرجل ينعس والامام يخطب

عن أبي الزاهرية. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه النسائي (1/207) ، وابن الجارود (294) ، وابن خزيمة (1811) ، وابن حبان (572) ، والحاكم (1/288) ، والبيهقي (3/231) ، وأحمد (4/188 و 190) من طرق أخرى عن معاوية ... به؛ وزادوا جميعاً: " وآنيت ". وزاد ابن الجارود والبيهقي: قال أبو الزاهرية: وكنا نتحدث معه حتى يخرج الإمام. وسندها صحيح. 239- باب الرجل يَنْعسُ والامام يخطب 1025- عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا نَعَسَ أحدكم وهو في المسجد؛ فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا هَناد بن السَّرِي عن عبدة عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجا'له ثقات؛ لولا أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. لكنه قد توبع كما يأتي، فالحديث صحيح. والحديث أخرجه الترمذي (2/404) ، وابن حبان (571) ، والحاكم

(1/291) ، والبيهقي (3/237) ، وأحمد (2/22 و 32) من طرق أخرى عن محمد بن إسحاق ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي: " لا يثبت رفعه؛ والمشهور عن ابن عمر من قوله "! ثم ساقه من طريق أخرى عنه ... موقوفاً بإسناد صحيح. وتعقبه ابن التركماني بأن البيهقي أخرجه من وجه آخر عن نافع: من طريق أحمد بن عمر الوكيعي: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع ... به مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أن المحاربي كان يدلس. وبأنه أخرج له شاهداً من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة بن جندب ... مرفوعاً نحوه. وقال البيهقي: " إسماعيل هذا غير قوي ". قلت: والخلاصة أن الحديث- بطربقيه وهذا الشاهد- صحيح إن شاء الله تعالى، وقد صححه من ذكرنا وغيرهم، ومنهم اين خزيمة؛ فإنه أخرجه في "صحيحه " رقم (1819) . ثم رأيت ابن إسحاق قد صرح بالتحديث في رواية لأحمد (2/135) ؛ دلَّني عليها بعض الإخوان المصريين جزاه الله خيراً.

240- باب الامام يتكلم بعدما ينزل من المنبر

240- باب الامام يتكلم بعدما ينزل من المنبر [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 241- باب من أدرك من الجمعة ركعة 1026- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أدرك ركعة من الصلاة؛ فقد ادرك الصلاة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في " موطأ مالك " (1/28) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه البخاري (1/100) ، ومسلم (2/102) ، وأبو عوانة (2/79) ، والنسائي (1/95) ، والبيهقي (2/202) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه مسلم وأبو عوانة، والنسائي، والترمأي (2/403) ، والدارمي (1/277) ، وابن ماجه (1/346) ، وابن حبان (1480- 1484) ، وأحمد (1/242 و 271 و 285 و 375) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ وزاد مسلم وابن حبان: " كلها ". وزاد البخاري وابن حبان:

242- باب ما يقرأ به في الجمعة

" وليتمَّ ما بقي ". وقال الترمذي: "حسن صحيح ". وله عند النسائي طريق ثانية. وعند أحمد (2/265) ثالثة. وله شاهد من حديث ابن عمر ... مرفوعاً؛ بلفظ: " من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها؛ فقد أدرك الصلاة ". أخرجه النسائي وابن ماجه بسند جيد. 242- باب ما يقرأ به في الجمعة 1027- عن النعمان بن يَشِيرٍ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بـ (سَبِّحِ اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) . قال: وربما اجتمعا في يوم واحد؛ فقرأ بهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله نقات على شرط الشيخين؛ غير حبيب بن سالم- وهو مولى النعمان بن بشير وكاتبه-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد

أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/294) من طريق المؤلف. وأخرجه مسلم (3/16) ، والترمذي (2/413) ... بإسناده، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه الطيالسي فقال (1/147/711) : حدثنا أبو عوانة ... به مختصراً. ومن طريقه: أخرجه البيهقي. وأخرجه أحمد (4/273) من طريق أخرى عن أبي عوانة. وهو (4/271 و 276 و 277) ، ومسلم، والنسائي (1/210) ، وابن الجارود (300) من طرق أخرى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ... به. ورواه ابن ماجه (1120) من حديث أبي عنبسة الخولاتي ... مرفوعاً دون ذكر العيدين. وسنده ضعيف جداً. 1028- ومن طريق أخرى عنه: أن الضحاك بن قيس سأل النعمان ابن بشير: ماذا كان يقرأ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة على إثر سورة (الجمعة) ؟ فقال: كان يقرأ (هل أتاك حديث الغاشية) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") .

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ضمْرَةَ بن سعيد المازني عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة: أن الضحاك بن قيس ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ على شرط الشيخين؛ غير ضمرة بن سعيد، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (1/133- 134) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه النسائي (1/260) ، والبيهقي (3/200) ، وأحمد (4/270 و277) كلهم عن مالك ... به. وتابعه سفيان بن عيينة عن ضمرة بن سعيد ... به. أخرجه مسلم (3/16) ، وابن ماجه (1/345) ، والبيهقي. 1029- عن ابن أبي رافع قال: صلى بنا أبو هريرة يوم الجمعة، فقرأ بسورة (الجمعة) وفي الركعة الآخرة: (إذا جاءك المنافقون) . قال: فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان علي رضي الله عنه يقرأ بهما بالكوفة؟! قال أبو هريرة: فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بهما يوم الجمعة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا سليمان بن بلال عن جعفر عن أبيه عن ابن أبي رافع. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر- وهو ابن محمد بن علي بن الحسين-، المعروف بالصادق-، وهو ثقة من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

والحديث أخرجه مسلم (3/15) ... بإسناد المصنف. ثم أخرجه هو، وابن ماجه (1/345) ، وابن الجارود (301) ، وأحمد (2/430) من طرق أخرى عن جعفر ... به. وتابعه الحكم عن محمد بن علي: أن رجلا قال لأبي هريرة: إن علياً رضي الله عنه يقرأ ... الحديث نحوه. أخرجه أحمد (2/467) ، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ لكنه منقطع بين محمد بن علي وأبي هريرة؛ بينهما ابن أبي رافع كما في الطريق الأولى. 1030- عن سمرة بن جندب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في صلاة الجمعة بـ: (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) . (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2797)) . إسناده: حدثنا مسدد عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمغ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير زيد بن عقبة، وهو ثقة. والحديث أخرجه أحمد (5/13) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. والنسائي (1/210) من طريق خالد عن شعبة ... به. وابن خزيمة (1847) من طرق أخرى عن شعبة ... به.

243- باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

وأحمد (5/14 و 19) ، والبيهقي (3/294) من طرق أخرى عن معبد بن خالد ... به. 243- باب الرجل يأتمُ بالإمام وبينهما جدار 1031- عن عائشة رضي الله عنها قالت: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجرته، والناس يأتَقًون به من وراء الحجرة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأتم منه) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا هُشَيْم: أخبرنا يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/110) من طريق أخرى عن هشيم ... به. وأخرجه هو، والبخاري (1/121) من طريقين آخرين عن يحيى بن سعيد الأنصاري ... به أتم منه؛ ولفظه: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام أناس يصلُون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام ليلة الثانية، فقام معه أناس يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثة، حتى إذا كان بعد ذلك؛ جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك الناس، فقال:

244- باب الصلاة بعد الجمعة

" إني خشيت أن يُكْتبَ عليكم صلاةُ الليل ". 244- باب الصلاة بعد الجمعة 1032- عن نافع: أن ابن عمر رأى رجلاً يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه، فدفعه، وقال: أتصلي الجمعة أربعاً؟! وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجا المرفوع منه) . إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْدٍ وسليمان بن داود- المعنى- قال: ثنا حماد بن زيد: ثنا أيوب عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه؛ وسليمان: هو أبو الربيع العَتَكِي الزهراني. والحديث أخرجه الشيخان من طرقى أخرى عن نافع ... به؛ دون قصة الرجل، ويأتي ذكر طرقه في الرواية الآتية، وبعخس طرقه في "التطوع " رقم (1147) . 1033- وفي رواية عنه قال: كان ابن عمر يُطِيلً الصلاة قبل الجمعة، ويصلِّي بعدها ركعتين في بيته، ويحذث أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن خزيمة. وقد

أخرج البخاري ومسلم وابن حبان (2478) المرفوع منه) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. أخبرنا أيوب عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرج الركعتين بعد الجمعة كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/240) من طريق المصنف. وأخرجه ابن خزيمة (1836) من طريق أخرى عن إسماعيل. وأخرجه أحمد (2/103) من طريق وهيب: ثنا أيوب ... به؛ ولفظه: أن ابن عمر كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة؛ فيصلي ركعات يظيل فيهن القيام، فإذا انصرف الإمام؛ رجع إلى بيته فصلى ركعتين ... الحديث. وإسناده على شرطهما. وأخرجه النسائي (1/210) من طريق شعبة عن أيوب ... به مختصراً؛ بلفظ: أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين يطيل فيهما، ويقول: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله. وسنده على شرط البخاري. وأخرج هذا (2/12) ، ومسلم (3/17) ، والنسائي، والدارمي (1/369) ، والبيهقي من طريق مالك، وهذا في "الموطأ" (1/180- 181) عن نافع ... به: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. ومسلم، والترمذي (2/399) من طريق الليث عن نافع ... به نحوه، وقال: " حديث حسن صحيح ".

والطيالسي (145/1/703) : حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع ... به. وتابعه سالم بن عبد الله عن أبيه ... مرفوعاً به. أخرجه مسلم والترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح ". ويأتي فا الكتاب برقم (1037) . 1034- عن عمر بن عطاء بن أبي الخوَار: أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أخت نَمِر يسأله عن شيء رأى منه معاوية في الصلاة؟ فقال: صليت معه الجمعة في المقصورة. فلما سلَمت قمتُ في مقامي، فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تَغدْ لما صنعت! إذا صليت الجمعة فلا تَصِلْها بصلاة؛ حتى تَكَلَّمَ اوتخرجَ؛ فإن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بذلك أن لا تُوصَلَ صلاة بصلاة؛ حتى يتكلم أو يخرج. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخُوَار. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أبي الخوار، فمن رجال مسلم فقط؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/95 و 99) : ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا: أنا ابن جريج. وأخرجه البيهقي (2/191) من طريقين آخرين عن عبد الرزاق ... به.

وأخرجه مسلم (3/17) ، والبيهقي أيضا (2/190- 191 و 3/240) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وللحديث شاهد بإسناد صحيح، خرجته في "الصحيحة" (2549) . 1035 (*) - عن عطاء عن ابن عمر قال: كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة؛ تقدَّم فصلى ركعتين، ثم تقددم فصفى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يصلِّ في المسجد. فقيل له؟ فقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك. (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمة المَرْوَزِيُ: أخبرنا الفضل بن موسى عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء. قلت: وهذا إسناد صحيح، رصاله ثقات رجال "الصحيح " ولم يخرجاه؛ وإنما أخرجا منه من طريق أخرى عن ابن عمر: الجملة الأخيرة فقط، كما تقدم بيانه قبل حديث. والحديث أخرجه البيهقي (3/240) من طريق أخرى عن الفضل بن موسى ... به. ورواه الترمذي (1/402- شاكر) من طريق ابن جريج عن عطاء قال: رأيت ابن عمر صلى بعد الجمعة ركعتين، ثم صلى بعد ذلك أربعاً.

_ (*) الأرقام (1035- 1044) ستأتي مكررة من (ص 303- 311) ؛ فاقتضى التنبيه. (الناشر) .

وإسناده صحيح؛ إن كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه. وترجَّحَ الأولُ بتصريح المؤلف بسماعه منه في الحديث، كطا يأتي برقم (1038) . 1036- عن سهيل (هو ابن أبي صالح) عن أبيه عن أبي هريرة قال: فال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان منكم مصلياً بعد الجمعة؛ فليصلِّ أربعاً ". وفي رواية: " إذا صليتم الجمعة؛ فصلوا بعدها أربعاً ". قال: فقال لي أبي: يابنيَّ! فإن صليت في المسجد ركعتين، ثم أتيت المنزل أو البيت؛ فصل ركعتين ". (قلت: صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حسن صحيح "؛ وليس عنده: فقال لي ... ) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير. (ح) وحدثنا محمد بن الصباح البَزَّاز: ثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/16- 17) ، والنسائي (1/10) ، والترمذي (2/399- 400) ، والدارمي (1/370) ، وابن ماجه (1/347) ، وابن حبان (580) ، والبيهِقي (3/239) ، والطيالسي (1/145 و 702) ، وأحمد (2/249 و442 و 499) من طرق عن سهيل ... به، بعضهم بالرواية الأولى، وبعضهم بالأخرى، ومسلم بهما معا. وعنده من طريق ابن إدريس: قال سهيل:

فإن عجل بك شيء؛ فصلِّ ركعتين في السجد، وركعتين إذا رجعت. وهذه الزيادة عند ابن حبان مدرجة في الحديث! وعند أحمد: قال ابن إدريس: ولا أدري هذا من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لا؟! وعند البيهقي عن ابن إدريس قال: سمعت سهيلاً؛ وزاد في الحديث ... فذكرها وقال: " قال أحمد بن سلمة: الكلام الآخر في الحديث من قول سهيل ". قلت: ورواية المصنف الثانية صريحة في أن هذه الزيادة ليست من الحديث؛ وإنما هي من قول أبي صالح لابنه سهيل، وهي أوضح الروايات وأبينها. وقد أخرجها البيهقي من طريق المصنف. وابن حبان في رواية له (2477- الإحسان) من طريق أخرى عن سهيل ... نحوه. 1037- عن ابن عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بعد الجمعة ركعتين في بيته. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه "، والبخاري معناه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر. قال أبو داود: " وكذلك رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه النسائي (1/210) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وأخرجه مسلم (3/17) ، والترمذي (2/399) ، والدارمي (1/369) ، وابن ماجه (1/347) ، والبيهقي (3/239) من صلريق عمرو بن دينار عن الزهري ... به ورواية عبد الله بن دينار التي علقها المصنف؛ لم أجد من وصلها! وفد رواه نافع أيضا عن ابن عمر، وقد مضى برقم (1032) . 1038- عن عطاء: أنه رأى ابن عمريصلي بعد الجمعة، فَيَنْمازُ عن مُصَلاه الذي صلى فيه الجمعة قليلاً غير كثير، قال: فيركع ركعتين، قال: ثم يمشي أنْفَسَ من ذلك، فيركع أربع ركعات. قلت لعطاء: كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟ قال: مراراً. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا ابراهيم بن الحسن: ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج: أخبرني عطاء. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن الحسن- وهو أبو إسحاق المِصيِصيّ المِقْسَمِيّ-، وهو ثقة. والحديث أخرجه البيهقي (3/241) من طريق جعفر بن عون: أبَنا ابن جريج ... به.

245- باب صلاة العيدين

ورواه الترمذي من طريق سقيان عن ابن جريج ... به مختصراً، كما تقدم تحت الحديث (1035) . 245- باب صلاة العيدين 1039- عن أنس قال: قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما؛ فقال: " ما هذان اليومان؟ ". قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يومَ الأضحى وبومَ الفطر". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن أنس. قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه. والحديث أخرجه الحاكم (1/294) من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل ... به. وتابعه عفان: ثنا حماد: أنا حميد: سمعت أنس بن مالك ... به. أخرجه أحمد (3/250) : ثنا عفان. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.

246- باب وقت الخروج إلى العيد

وأخرجه النسائي (1/231) ، والطحاوي في "مشكل الأثار" (2/211) ، والبيهقي (3/277) ، وأحمد (03/13 و 178 و 235) من طرق أخرى عن حميد ... به. 246- باب وقت الخروج إلى العيد 1040- عن يزيد بن خمَيْرٍ الرَحْبِيِّ قال: خرج عبد الله بن بسْرٍ صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى، فأنكر إبطاءَ الامام، فقال: إنا كنا قد فرغنا ساعتَنا هذه، وذلك حين التسبيح. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو المغيرة: ثنا صفوان: ثنا يزيد بن خُمَيْرٍ الرحْبِيُ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. والحديث أخرجه الحاكم (1/295) من طريق القَطِيعِي: ثنا عبد الله بن أحمد: ثني أبي ... به. فينبغي أن يكون في "المسند"، ولكني لم أره فيه! وأخرجه البيهقي (3/282) من طريق الحاكم، وقال هذا: " صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي!

247- باب خروج النساء في العيد

وإنما هو على شرط مسلم كما ذكرنا؛ فإن الرَّحْبي إنما روى له البخاري في "الأدب المفرد ". وكذلك صفوان- وهو ابن عَمْرِو السكْسَكِيُّ-. وأخرجه ابن ماجه (1/395) من طريق أخرى عنه. 247- باب خروج النساء في العيد 1041- عن أم عطيَّة قالت: آمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نُخْرِجَ ذواتِ الخمدور يوم العيد. قيل: فالحًيَّض؟ قال: " ليشهدْنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين ". قال: فقالت امرأة: يا رسول الله! إن لم يكن لإحداهن ثوب؛ كيف تصنع؟! قال: " تُلْبِسُها صاحبتهاطائفةً من ثوبها " (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب ويونس وحبيب ويحيى بن عَتِيق وهشام- في آخرين عن محمد أن أم عطية قالت ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة. وأيوب: هو السخْتِياني. ويونس: هو ابن عُبَيْدٍ.

وحبيب: هو ابن الشهيد. وهشام: هو ابن عروة. ومحمد: هو ابن سيرين. وحماد؛ إنما قلت: إنه ابن سلمة؛ لأنه هو المشهور بروايته عن حبيب بن الشهيد، وبرواية موسى بن إسماعيل عنه، حتى إنهم لم يذكروا في شيوخه غير ابن سلمة، وإن كنت أثبتّ- فيما تقدم برقم (490 و 657) - أنه قد روى عن حماد بن زيد أيضا. وشيء آخر حملني على القول بذلك، هو أنهم لم يذكروا في شيوخ ابن زيد حبيباً هذا، وإنما في شيوخ ابن سلمة. ومع هذا؛ فيحتمل أن يكون حماد هنا هو ابن زيد، أو على الأقل يكون قد تابع ابن سلمة؛ لأنه قد رواه عن أيوب أيضا كما يأتي. لكن يؤيد ما رجحت أولاً قول الإمام أحمد (6/408) : ثنا عفان قال: ثنا حماد بن سلمة قال: أنا هشام وحبيب عن محمد بن سيرين عن أم عطية ... بحديث آخر. 1042- وفي رواية عنها ... بهذا الخبر؛ قال: " ويعتزل الحُيَّضُ مصلَّى المسلمين ... "، ولم يذكر الثوب. قال: وحدث عن حفصة عن امرأة تحدِّثه عن امرأة أخرى قالت: قيل: يا رسول الله ... فذكر معنى الحديث الأول في الثوب. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .

إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيد: ثنا حماد: ثنا أيوب عن محمد عن أم عطية قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبيد- وهو ابن حِسَاب-، فهو على شرط مسلم ت وقد أخرجه من طريق غيره كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/19) ، ومسلم (3/20) ، والبيهقي (3/305- 306) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به؛ دون قوله: وحدث عن حفصة ... إلا البخاري فإنه قال: وعن أيوب عن حفصة ... بنحوه؛ وزاد في حديث حفصة: قال- أو قالت-: العواتق وذوات الخدور ... " ويعتزلن الحيَضُ المصلى". وأخرجه النسائي (1/231) ، وابن ماجه (1/393) عن سفيان عن أيوب عن محمد ... به. وأخرجه الترمذي (2/419) من طريق منصور بن زاذان عن ابن سيرين ... به؛ وذكر الثوب، وقال: " حديث حسن صحيح ". 1043- ومن طريق أخرى عنها قالت: كنَّا نؤمر ... بهذا الخبر؛ قالت: " والحيَّضُ يَكنَّ خلف الناس، فيكبِّرْنَ مع الناس ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: ثنا النفَيْلي: ثنا زهير: ثنا عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية.

248- باب الخطبة في يوم العيد

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/18) ، ومسلم (3/20) من طريقين آخرين عن حفصة بنت سيرين ... به؛ ولفظه عند مسلم: كنا نؤمر بالخروج فما العيدين والمُخَبآةُ والبكر. قالت: الحيض يَخْرجْنَ فَيَكُن خلف ... وأخرجه النسائي (1/231) ، والترمذي (2/420) ، وابن ماجه (1/392) ، وللدارمي (1/377) ، وابن الجارود (257) من طرق أخرى عن حفصة ... دون تكبير النساء؛ وفيه ذكر الثوب والجلباب. وهو رواية لمسلم. 248- باب الخطبة في يوم العيد 1044- عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري قال: آخْرَجَ مروانُ المنبرَ في يوم عيد، فبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: يا مروان! خالفتَ السنَّةَ؛ أخرجت المنبر في يوم عيد؛ ولم يكن يُخْرَجُ فيه، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة! فقال أبو سعيد: من هذا؟ قالوا: فلان بن فلان. فقال: أمَّا هذا؛ فقد قضى ما عليه؛ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من رأى منكراً فاستطاع أن يغيِّره بيده؛ فليغيِّره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "،

وكذا ابن حبان (306)) إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن إسماعيل ابن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري. وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إسماعيل بن رجاء، فهو من رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (1/55) ، وابن ماجه (1/386) ، والبيهقي (3/296) ... بإسناد المصنف. ومسلم أيضا، والنسائي (2/271) ، وأحمد (3/20 و 49 و 53) من طرق عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب ... به؛ وليس عند النسائي منه إلا الرفوع فقظ. 1035 (*) - عن جابر بن عبد الله قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام يوم الفطر، فصلى فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم خطب الناس، فلما فرغ نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل، فأتى النساء فذكَّرهن وهو يتوكَّأ على يد بلال، وبلال باسطٌ ثوبَهُ، تلقي فيه النساءُ الصَّدقَة. قال: تلقي المرأة فَتَخَها (وفي رواية: فَتَخَتَها) ، ويلْقِينَ ويُلْقِينَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما")

_ (*) الأرقام الآتية: (1035- 1044) مكررة فيما سبق قبلها من (ص 293- 302) ، وكان الشيخ رحمه الله قد صححها؛ لكنه ظل يعزو في كتبه إلى ترقيمه القديم؛ فاقتضى التنبيه.

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج: أخبرني عطاء عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "المسند" (3/296) كما رواه المصنف عنه. وأخرجه مسلم (3/18) من طريقين آخرين عن عبد الرزاق ... به؛ وزاد في أخره: قلت لعطاء: أحقّاً على الإمام الأن أن يأتي النساء حين يفرغ؛ فيذكرهن؟ قال: إي لعمري؛ إن ذلك لحق عليهم؛ وما لهم لا يفعلون ذلك؟! وأخرجه البخاري (2/17) . من طريق أخرى عن ابن جريج. و (2/19) من طريق عبد الرزاق. 1036- عن عطاء قال: أشهد على ابن عباس، وشهد ابن عباس على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه خرج يوم فطر، فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة، فجعَلْن يُلْقِينَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بأتم منه) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة. (ح) وحدثنا ابن كثير: أخبرنا شعبة عن أيوب عن عطاء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه أحمد (1/286) : حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة ... به. وقد أخرجه مسلم وغيره من طريق أخرى عن أيوب كما يأتي بعده. وله عند البخاري (2/17 و 19 و 6/125 و 7/136) ، وكذا مسلم طرق أخرى عن ابن عباس ... مطولا ومختصراً. وكذا في "المسند" (1/280) ، والمصنف فيما يأتي (1040 و 1051) . 1037- وفي رواية عنه ... بمعناه؛ قال: فظنَّ أنه لم يُسْمع النساءَ، فمشى إليهن وبلال معه، فوعَظَهُنَّ وأمرهن بالصدقة، فكانت المرَأة تلقي القُرْطَ والخاتم في ثوب بلال. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم، وكذا البخاري بنحوه) . إسناده: حدثنا مسدد وأبو معمر عبد الله بن عمرو قالا: ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس ... بمعناه قال. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (1/220) : حدثنا سفيان عن أيوب ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه سسلم (3/18) ، والدارمي (1/376) ، وابن ماجه (1/385) ، والبيهقي (3/296) . ثم قال الإمام أحمد (1/226) : حدثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب.

249- باب يخطب على قوس

وأخرجه مسلم من هذا الوجه، ومن وجه آخر يأتي بعده. 1038- وفي أخرى عنه ... في هذا الحديث؛ قال: فجعلت المرأة تعطي القرط والخاتم، وجعل بلال يجعله في كسائه. قال: فقسمه على فقراء المسلمين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مسلم (3/18) عن أبي الربيع الزهراني: حدثنا حماد ... به وله في "المسند" (1/242) طريق أخرى عن عطاء ... به نحوه. 249- باب يخطب على قوس 1039- عن البراء (هو ابن عازب) : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُووِلَ يوم العيد قوساً، فخطب عليه. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن عيينة عن أبي جَنابً عن يزيد بن البراء عن أبيه.

250- باب ترك الأذان في العيد

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي جناب- واسمه يحيى بن أبي حية-، وهو ضعيف لكثرة تدليسه، ولكنه قد صرح بالتحديث كما يأتي؛ فالحديث حسن. والحديث أخرجه البيهقي (3/300) من طريق زائدة عن أبي جناب الكلبي: ثنا يزيد بن البراء بن عازب ... به أتم منه؛ ولفظه: كنا جلوساً في المصلى يوم أضحى، فأتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلم على الناس، ثم قال: " إن أول مَنْسَكِ يومِكُم هذا الصلاةُ ". قال: فتقدَّم فصلى ركعتين، ثم سلم، ثم استقبل الناس بوجهه، وأُعطي قوساً أو عصاً، فاتكأ عليه، فحمِدَ الله وأثنى عليه. وهذا إسناد حسن. وللحديث شاهد من طريق ابن جريج قال: قلت لعطاء: أكادْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم على عصاً إذا خطب؟ قال: نعم، كان يعتمد عليها اعتمادا. أخرجه الشافعي (1 / 162/466) ، وهو مرسل لا بأس به في الشواهد. وله شاهد آخر مضى برقم (1006) . 250- بابُ تَرْكِ الأذان في العيد 1040- عن عبد الرحمن بن عابس قال: سأل رجلٌ ابنَ عباس: أشهد العيد مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: نعم، ولولا منزلتي منه ما شهدته؛ من الصغر:

فأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَلَم الذي عند دار كثير بن الصلت، فصلى ثم خطب، ولم يذكر أذاناً ولا إفامة. قال: ثم أمر بالصدقة. قال: فجعل النساء يشِرْنَ إلى أذانهن وحُلوقهن. قال: فأمر بلالاً فأتاهن، ثم رجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (3/307) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (9/84) ... بإسناده. وأخرجه هو (2/19) ، والنسائي (1/235) من طريق يحيى عن سفيان ... به. وأخرجه أحمد (1/232 و 345- 346) عن سفيان ... به. وتابعه الحجاج عن عبد الرحمن بن عابس ... به نحوه. أخرجه أحمد (1/354) . 1041- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العيد بلا أذان ولا إقامة، وأبا بكر وعمر- أو عثمان؛ شك يحيى-. (قلت: حديث صحيح، رجاله رجال البخاري) .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري، ولولا أن ابن جريج مدلس لقلت: إنه صحيح على شرط البخاري، ولكخه قد صرح بالتحديث في رواية غير المصنف كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/227) : حدثنا يحيى عن ابن جريج: حدثني الحسن بن مسلم ... به؛ إلا أنه لم يذكر أبا بكر ومن بعده. وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/386) من طريق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به؛ لكنه عنعنه. وأخرجه أحمد (1/242 و 243 و 285 و 346) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به؛ وفي بعضها الزيادة بدون شك. 1042- عن جابر بن سَمُرة قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غيرَ مرةٍ ولا مرتين- العيدين بغير أذان ولا إقامة. (قلت: إسناده حسن، صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهَنَّاد-[وهذا] لفظه- قالا: ثنا أبو الأحوص عن سِمَاك- يعني: ابن حرب- عن جابر بن سمرة. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي، وإنما لم أصححه لما سبق بيانه برقم (1003) .

والحديث أخرجه مسلم (3/19- 20) ، والترمذي (2/412) ، والبيهقي (3/284) ، والطيالسي (1/146/708) ، وأحمد (5/91 و 94 و 95 و 107) من طرق عن سماك بن حرب ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه عبد الله بن أحمد فا "زوائد المسند" (5/98) من طريق أسباط عنه ... به؛ وزاد: وزعم سماك: أنه صلى خلف النعمان بن بشير والمغيرة بن شعبة بغير أذان ولا إقامة. وأسباط- وهو ابن نصر الهَمْداني- فيه ضعف من قبل حفظه. وللحديث شاهد، يرويه عطاء عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قالا: لم يكن يؤذن يوم الفظر. ولا يوم الأضحى. ثم سألته بعد حين عن ذلك؟ فأخبرني، قال: أخبرني جابر بن عبد الله الأنصاري: أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام، ولا بعد ما يخرج، ولا إقامة ولا نداء ولا شيء، ولا نداء يومئذٍ ولا إقامة. أخرجه مسلم (3/19) ، والبخاري (2/16- 17) - دون قوله: ثم سألته ... -، والنسائي (1/232) ، والدارمي (1/375) ، وابن الجارود (259) ، وأحمد (3/310 و 314 و 318 و 381 و 382) من طريق عظاء عن جابر وحده.

251- باب التكبير في العيدين

251- باب التكبير في العيدين 1043- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يكبِّر في الفطر والأضحى: في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً. (قلت: حديث صحيح (*) إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا ابن لهيعة عن عُقَيْلٍ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن لهيعة، وهو ضعيف لسوء حفظه بعد احتراق كتبه، لكن قد حدّث به عنه ابن وهب، وهو قديم السماع منه كما يأتي؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه أبو بكر الفريابي في "كتاب أحكام العيدين " (رقم 105- نسختي) ... بسند المصنف هذا. وأخرجه الحاكم (1/298) ، والدارقطني (ص 180) ، والبيهقي (3/286) ، وأحمد (6/65) من طرق أخرى عن ابن لهيعة ... به. ولابن لهيعة شيخ آخر في هذا الإسناد، وهو الآتي: 1044- وفي رواية عنها ... بإسناده ومعناه، قال: سوى تكبيرتي الركوع. (قلت: (*)

_ (*) كذا في أصل الشيخ؛ لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .

إسناده: حدثا ابن السرح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن خالد ابن يزيد عن ابن شهاب ... بإسناده ومعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة، وهو- مع سوء حفظه كما تقدم آنفاً-؛ فإنه صحيح الحديث من رواية العبادلة عنه، ومنهم عبد الله بن وهب، كما ذكر ذلك غير واحد من الأئمة، ومنهم محمد بن يحيى الذهْلي كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/387) : حدثنا حرملة بن يحيى: ثنا عبد الله ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد وعُقَيْل عن ابن شهاب ... به. وكذلك أخرجه الطحاوي (2/399) ، لكن وقع عنده: عن خالد بن يزيد عن عُقَيْلِ بن خالد! وأخرجه الطحاوي (2/399) ، والبيهقي (3/287) من طريق آخر عن ابن وهب ... به؛ دون ذكر عقيل، وقال: " قال محمد بن يحيى: هذا هو المحفوظ؛ لأن ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة". قلت: يعني- والله أعلم- أن الصواب في شيخ ابن لهيعة أنه خالد بن يزيد وليس عقيلاً؛ لما ذكر من أن ابن وهب قديم السماع- يعني: صحيحه- من ابن وهب؛ فروايته عنه صحيحة؛ خلافاً لرواية غيره عنه. لكن قد جمع حرملة بن يحيى- وهو ثقة- في روايته عن ابن وهب بين خالد ابن يزيد وعقيل، كما رأيت في رواية ابن ماجه. فالأرجح أن لابن لهيعة فيه شيخين اثنين، كان يرويه تارة عن هذا، وتارة عن هذا، فحدث كل عنه بما سمع منه. والله أعلم.

وقد تابعه يحيى بن إسحاق قال: أنا الن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب ... به. أخرجه أحمد (6/70) . وتابعه أيضا أسد بن موسى: عند الطحاوي. وعنده لابن لهيعة إسناد آخر، يرويه عن أبي الأسود عن عروة عن أبي واقد الليثي وعائشة. فإن كان حفظه؛ وإلا فرواية ابن وهب هي الصحيحة لما تقدم. وهذا أولى من إعلاله بالاضظراب، كما صنع الطحاوي، وتبعه الحافظ في "التلخيص " (2/84- 85) ! على أن هذا أبدى احتمال كونه محفوظاً من جميع الوجوه عنه، فقال: " فيحتمل أن يكون سمع من الثلاثة عن الزهري ". 1045- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " التكبير في الفطر: سبع في الأولى، وخمس في الاخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما". (قلت: إسناده حسن، وصححه البخاري من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهو الأرجح، وهو الأتي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير عمرو بن شعيب وأبيه، وحديثهما حسن كما تقدم تحقيقه. وعبد الله بن عبد الرحمن- وهو ابن يعلى الطائفي- مع أنه من رجال مسلم؛ ففيه ضعف من قبل حفظه. وفي "التقريب ": " صدوق، يخطئ ويهم ". وقال ابن عدي: " يروي عن عمرو بن شعيب أحاديث مستقيمة، وهو ممن يكتب حديثه ". والحديث أخرجه البيهقي (3/285) من طريق المصنف. ثم أخرجه هو وغيره من طرق أخرى عن الطائفي ... به؛ إلا أنه جعل المتن من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا من قوله. وهو الأرجح عندي من حديث عبد الله بن عمرو كما يأتي؛ وإن كنت وجدت للقول شاهداً من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " التكبير في العيدين سبعاً قبل القراءة. وخمساً بعد القراءة ". لكنه ضعيف؛ لأنه من رواية ابن لهيعة: حدثنا الأعرج عنه. أخرجه أحمد (2/356- 357) . والمحفوظ عن ابن لهيعة في متنه: أنه من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا، ومن (مسند عائشة) كما تقدم (1043) . وقوله في الخمس: " بعد القراءة " خطأ! والصواب قبل القراءة، كما في هذا الحديث وغيره مما يأتي ذكره بعد.

1046- وفي رواية عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يكبِّر في الفطر: في الأولى سبعاً، ثم يقرأ، ثم يكبر، ثم يقوم، فيكبر أربعاً، ثم يقرأ، ثم يركع. (قلت: إسناده حسن، لكن قوله: أربعاً ... خطأ، كما قال البيهقي، والصواب: خمساً. والمتن من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في هذه الرواية، وصححها البخاري) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا سليمان- يعني: ابن حيان- عن أبي يعلى الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قال أبو داود: " رواه وكيع وابن المبارك قالا: سبعاً وخمساً ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب؛ وفيه وفي أبيه والطائفي كلام يسير؛ كما بينته في الذي قبله. لكن قوله هنا: أربعاً.. خطأ، يبدو أنه من سليمان بن حيان- وهو أبو خالد الأحمر-، فإنه مع كونه من رجال الشيخين؛ فإنه كان يخطئ، كما في " التقريب ". ومع ذلك؛ فقد خالف وكيعاً وابن البارك في قوله: أربعاً ... فقالا: خمساً كما علقه المصنف عنهما، مشيراً بذلك إلى أن قولهما هو الصواب، وقول ابن حيان خطأً، وذلك ما صرح به البيهقي، فقال: عقب رواية المعتمر السابقة-: " وكذلك رواه ابن المبارك ووكيع وأبو عاصم وعثمان بن عمر وأبو نعيم عن عبد الله. وفي كل ذلك دلالة على خطأً رواية سليمان بن حيان عن عبد الله الطائفي في هذا الحديث: سبعاً في الأولى، وأربعاً في الثانية"

ورواية وكيع؛ وصلها أحمد (2/180) : ثنا وكيع: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن سمعه من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ... به مختصراً؛ بلفظ: سبعاً في الأولى، وخمساً في الآخرة. وزاد: ولم يصل قبلها ولا بعدها ... وقال أحمد: " وأنا أذهب بلى هذا ". ورواية ابن المبارك؛ لم أقف عليها الأن! وقد تابعه الوليد بن مسلم- عند الفريابي (135) - وأبو أحمد الزبيري- عند الطحاوي (2/398) -؛ وزاد: سوى تكبيرتي الصلاة. وأبو نعيم: عند ابن الجارود (262) . وللحديث شاهد من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده ... مرفوعاً به مثل رواية الجماعة عن الطائفي عن عمرو بن شعيب. أخرجه الترمذي (2/416) ، والبيهقي وقال: " قال أبو عيسى: سألت محمداً- يعني: البخاري- عن هذا الحديث؟ فقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول. قال: وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الباب هو صحيح أيضا "! كذا قال! وحديث عمرو وكذا حديث ابن لهيعة أصح عندي من حديث كثير؛ لأ نه- أعني: كثيراً- متروك عند الجمهور؛ فراجع ترجمته في "الميزان " وغيره-

1046/م- عن أبي عائشة جليس لأبي هريرة: ان سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنائز. فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبّر في البصرة حيث كنت عليهم. فقال أبو عائشة: وأنا حاضر سعيد بن العاص. (قلت: إسناده ضعيف. أبو عائشة هذا غير معروف، وقال الخطابي: " حديث ضعيف "، وكذلك ضعفه البيهقي، ورجح وقفه على ابن مسعود، وهو الصواب) (1) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وابن أبي زياد- المعنى قريب- قالا: ثنا زيد ابن حباب عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: أخبرني أبو عائشة جليس لأبي هريرة. قلت: وهذا إسناد ضعيف رحاله ثقات؛ غير أبي عائشة. قال الذهبي: " غير معروف ". وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول ". يعني: عند المتابعة لا التفرد- كما هنا-. والحديث أخرجه البيهقي (3/289- 290) من طريق المصنف وقال:

_ (1) ثم وجدت له طريقأ أخرى؛ فانطر "الصحيحة " حديث (2997) .

" خولف راويه في موضعين: في رفعه، وفي جواب أبي موسى. والمشهور أنهم أسندوه إلى ابن مسعود، فأفتاهم بذلك، ولم يسنده إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي عن عبد الله بن موسى- أو ابن أبي موسى-: أن سعيد بن العاص أرسل إلى ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى، قسألهم عن التكبير في العيد، فأسندوا أمرهم إلى ابن مسعود، فقال: تكبر أربعاً ... الحديث. قلت: وكذلك أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رقم (88) من طريق حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة: أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوماً فقال: إن هذا العيد قد دنا، فكيف التكبير فيه؟ فذكر نحوه. وهذا إسناد حسن كما ذكرت في التعليق عليه، لكن وقع هناك التكبير ثلاثاً في الركعة الأولى، واثنتين في الأخرى، فلا أدري أهو نقص من الأصل، أم سقط من الطابع؛ فليراجع. ورواه البيهقي من طريق أخرى عن حماد ... به؛ عن ابن مسعود قال: التكبير في العيدين: خمس في الأولى، وأربع في الثانية. وقال: " وهذا رأي من جهة عبد الله رضي الله عنه، والحديث المسند- مع ما عليه من عمل المسلمين- أولى أن يتبع ". وبالله التوفيق.

252- باب ما يقرأ في الأضحى والفطر

252- باب ما يقرأ في الأضحى والفطر 1047- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد: ماذا كان يقرأ به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأضحى والفطر؟ قال: كان يقرأ فيهما ب: (ق والقرآن المجيد) و (اقتربت الساعة وانشق القمر) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ضَمْرَةَ بن سعيد المازني عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. قلت: والحديث في "الموطأ" (1/191) . وعنه: أخرجه مسلم (3/21) ، والترمذي (2/415) ، والبيهقي (3/294) ، وأحمد (5/217- 218) عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه سفيان بن عيينة عن ضمرة بن سعيد ... به. أخرجه النسائي (1/232) ، والترمذي، وابن ماجه (1/388) . وقد أعله ابن القيم في "تهذيب السنن لا (2/32) بأنه غير متصل في ظاهره؛ لأن عبيد الله لا سماع له من عمر! وهو مسبوق إلى هذا، فقال البيهقي عقبه:

253- باب الجلوس للخطبة

" قال الشافعي في رواية حرملة: هذا ثابت؛ إن كان عبيد الله لقي أبا واقد الليثي ". قال البيهقي: " وهذا لأن عبيد الله لم يدرك أيام عمر ومساممته، وبهذه العلة ترك البخاري إخراج هذا الحديث في "الصحيح ". وأخرجه مسلم؛ لأن فليح بن سليمان رواه عن ضمرة عن عبيد الله عن أبي واقد قال: ساكلني عمر رضي الله عنه، فصار الحديث بذلك موصولاً ". ثم أخرجه هو، ومسلم، وأحمد (5/219) عن فليح ... به. 253- باب الجلوس للخطبة 1048- عن عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العيد. فلما قضى الصلاة قال: " إنا نخطب؛ فمن أحب أن يجلس للخطبة؛ فليجلس، ومن أحب أن يذهب؛ فليذهب ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ كما قال الحاكم، يوافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن الصباح البَراز: ثنا الفضل بن موسى السينَانِي: ثنا ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب. قال أبو داود: " هذا مرسل "! قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ وإنما أعله المصنف بالإرسال؛ لأن غير الفضل رواه عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً ... به؛ لم يذكر في سنده: ابن الساثب.

254- باب الخروح إلى العيد في طريق ويرجع في طريق

لكن الفضل أوثق منه، وقد وصله، وهي زيادة منه، فهي مقبولة، وقد شرحت هذا في "إرواء الغليل " (629) . والحديث أخرجه النسائي (1/233) ، وابن ماجه (1/389) ، والفريابي (رقم 10) ، وابن الجارود (264) ، والدارقطني (ص 182) ، والحاكم (1/295) ، والبيهقي (3/301) ، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. 254- باب الخروح إلى العيد في طريق ويرجع في طريق 1049- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ يوم العيد في طريق، ثم رجع في طريق أخر. (قلت: حديث صحيح. وأخرج البخاري معناه عن جابر) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا عبد الله- يعني: ابن عمر- عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عمر - وهو العمري المكبر-، وهو ضعيف. ووقع في بعض نسخ الكتاب: عبيد الله بن عمر! مصغراً! وهو خطأ. لكن الحديث صحيح؛ فإن له شواهد صحيحة، خرجتها في "الإرواء" (637) . والحديث أخرجه ابن ماجه (1/391) ، والحاكم (1/296) ، والبيهقي (3/309) ، وأحمد (2/199) من طرق عن عبد الله بن عمر ... به.

255- باب إذا لم يخرح الامام للعيد من يومه؛ يخرج من الغد

(تنبيه) : كذا وقع في المصادر المذكورة: (عبد الله) مكبراً؛ إلا ابن ماجه؛ فإنه فيه (عبيد الله) مصغراً! وذلك في النسخة التازية، ونسخة عبد الباقي، ونسخة الأعظمي! والظاهر أنه خطأً من بعض النساخ؛ فإن الحافظ المزي لم يذكر في شيوخ الراوي للحديث عند ابن ماجه عن عبد الله بن عمر- وهو أبو قتيبة سَلْم بن قتيبة- غير (عبد الله) المكبر. والله أعلم. 255- باب إذا لم يخرح الامام للعيد من يومه؛ يخرج من الغد 1050- عن أبي عُمَيْرِ بن أنس عن عمومة له من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن ركْباً جاؤوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلآهم. (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال البيهقي والعسقلاني، وقال الدارقطني: " إسناد حسن ثابت "، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن جعفر بن أبي وحشية عن أبي عمير. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير أبي عمير ابن أنس، وهو ثقة كما قال الحافظ في "التقريب ". وقد وصفه بعضهم بالجهالة! وأجبت عنه في "الإرواء" (634) بما يغني عن الإعادة، وذكرت هناك تصحيح الأئمة المذكودين أعلاه ومصدره.

256- باب الصلاة بعد صلاة العيد

والحديث أخرجه النسائي (1/231) ، وأحمد (9/57) ، وابن خزيمة (1436) ، وابن حبان (2807) ، من طريق أخرى عن شعبة ... به. وتابعه هشيم: نا أبو بشر ... به. أخرجه أحمد، وابن ماجه (1/507) ، والطحاوي (1/226) ، وابن الجارود (266) ، والدارقطني (ص 233) ، والبيهقي (6/313) . وحسنه الدارقطني، وصححه البيهقي والعسقلاني وغيرهم؛ كما ذكرناه آنفاً. 256- باب الصلاة بعد صلاة العيد 1051- عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فطر، فصلى ركعتين، لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تُلْقِي خُرْصَها وسِخَابها. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن خزيمة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة: حدثني عَدِيُ بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا حفص بن عمر- وهو ابن الحارث أبو عمر الحَوْضِي-، فمن رجال البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/21 و 7/136) ، ومسلم (3/21) ، والنسائي (1/235) ، والدارمي (1/376) ، وابن ماجه (1/389- 390) ، والبيهقي

257- باب يصلي بالناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر

(3/302) ، والطيالسي (1/ 147/709) ، وعنه الترمذي (2/417) ، وكذا ابن الجارود (261) ، وأحمد (1/280) من طرق عن شعبة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 257- باب يصلي بالناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف " [ 258- جمَّاغ أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها 1052- عن عَبَّادِ بن تَمِيمٍ عن عمه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج بالناس يستسقي؛ فصلى بهم ركعتين، جهر بالقراءة فيهما وحول رداءه، ورفع يديه؛ فدعا واستسقى واستقبل القبلة. (قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِيُ: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهرفي عن عَبَّاد بن تميم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (2/442) ، وابن الجارود (225) ، والدارقطني (189) ، والبيهقي (3/347) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وله طرق أخرى عن الزهري.... نحوه، ذكر بعضها المؤلف، وخرج بعضها الشيخان كما يأتي.

1053- وفي رواية ثانية عنه: أنه سمع عمه- وكان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً يستسقى، فحوًل إلى الناس ظهره؛ يدعو الله عز وجل، واستقبل القبلة، وحوَّل رداءه، ثم صلى ركعتين، وقرأ فيهما؛ يريد: الجهر. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما"؛ إلا أن مسلماً لم يذكر القراءة والجهر) . إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ وسليمان بن داود قالا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عباد بن تميم المازني. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (4/39) : ثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه مسلم (3/23- 24) ، والنسائي (1/226) ، والبيهقي (3/348- 349) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به؛ ولم يذكر مسلم في سنده: ابن أبي ذئب، ولا في متنه: القراءة. وأخرجه البخاري (2/28) ، والنسائي أيضا، والطيالسى (1/149/720) ، وأحمد (4/39 و 41) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب وحده ... به. وتابعه شعيب عن الزهري ... به؛ إلا أنه لم يذكر الجهر؛ وزاد: فأُسْقوا. أخرجه البخاري (2/28) ، والدارمي (1/361) ، وأحمد (4/40) ، والبيهقي (3/349- 350) .

1054- وفي أخرى عنه ... بهذا الحديث؛ لم يذكر الصلاة [قال] : وحَول رداءه، فجعل عِطَافَهُ الأيمنَ على عاتقه الأيسر، وجعل عِطَافَهُ الأيسرَ على عاتقه الأيمن، ثم دعا الله عز وجل. (قلت: (*) إسناده: حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث - يعني: الحمصي- عن عبد الله بن سالم عن الزبَيْدِي عن محمد بن مسلم ... بهذا الحديث بإسناده؛ لم يذكر الصلاة [قال] ... قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عمرو بن الحارث الحمصي؛ قال للذهبي: " غير معروف العدالة ". وقال الحافظ: " مقبول "؛ يعني: عند المتابعة. قلت: ولم يتفرد بهذه الزيادة؛ فحديثه صحيح يشهد له الحديث الأتي بعده. والحديث أخرجه البيهقي (3/350) من طريق المصنف. 1055- وفي رواية رابعة عنه قال: استسقى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه حمِيصةٌ سوداءُ، فأراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها؛ فلما ثقلت قَلَبَها على عاتقه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان (2856))

_ (*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله-؛ لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز عن عُمَارة بن غَزِيَّةَ عن عَبَّاد ابن تميم أن عبد الله بن زيد قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. والحديث أخرجه النسا في، والحاكم (1/327) ، والبيهقي (3/351) ، وأحمد (4/41 و 42) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وتابعه عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم ... به نحوه. رواه الطبراني في "الأوسط " (1/10/1) من طريق ابن لهيعة عنه. 1056- وفي أخرى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو؛ استقبل القبلة، ثم حَوَّل رداءه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان- يعني: ابن بلال- عن يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عَيَاد بن تميم أن عبد الله بن زيد أخبره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/23) ، والبيهقي (3/359) من طريق يحيى بن يحيى: أخبرنا سليمان بن بلال ... به.

وأخرجه البخاري (2/28) ، والنسأئي، والدارمي (1/360) ، وابن ماجه (1/383) ، والدارقطني (189) ، وأحمد (4/40) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به! وأخرجه الدارقطني أيضا من طريق جرير عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبد الله بن أبي بكرعن عباد بن تميم ... به. كذا قال: عبد الله بن أبي بكر. وقد تابعه عليه سفيان عن عبد الله بن أبي بكر. أخرجه البخاري وابن ماجه، وأحمد (4/40) ؛ إلا أنه قال: عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم سمع عباد بن تميم ... به. فالظاهر أن كلاً من أبي بكر بن محمد وابنه عبد الله بن أبي بكر سمعه من عباد، وأن يحيى بن سعيد وسفيان بن عيينة كان يرويه تارة عن هذا، وتارة عن هذا. وتابعهما عن عبد الله محمد بن إسحاق فقال: حدثني عبد الله بن أبي بكر ... به؛ ولفظه قال: قد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين استسقى لنا- أطال الدعاء وأكثر المسألة. قال: ثم تحول إلى القبلة؛ وحول رداءه؛ فقلبه ظهراً لبطن، وتحول الناس معه (1) . أخرجه أحمد (4/41) ، وإسناده حسن. وتا بعهما مالك أيضا؛ وهو [الأتي بعد حديث] :

_ (1) قوله: "وتحول الناس معه "؛ شاذ. انظر "الضعيفة " (5629) .

1057 (*) - عن إسحاق بن عبد الله بن كِنَانة قال: أرسلني الوليد بن عتْبة (وفي رواية: ابن عقبة: قال المصنف: والصواب الأول) - وكان أمير المدينة- إلى ابن عباس أسأله عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستسقاء؟ فقال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلا متواضعاً متضرِّعاً؛ حتى أتى المصلى (زاد في الرواية المذكورة: فَرَقِي المنبر. ثم اتفقا) ؛ ولم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد. (قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه ابن خزيمة (1405) ، وابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة- نحوه- قالا: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أخبرني أبي قال ... قال أبو داود: " والإخبار للنفيلي. والصواب ابن عُتْبة ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير هشام بن إسحاق؛ قال أبو حاتم: "شيخ ". وذكره ابن حبان في " الثقات "، وأخرج له في "صحيحه " كما يأتي، وروى عنه جماعة من الثقات. والحديث أخرجه النسائي (1/224) ، والترمذي (2/445) ، والطحاوي

_ (*) تنبيه: هذا الحديث موقعه هنا في نسخة (الدعاس) ، وقد كان في أصل الشيخ بعد الحديث (1068) ؛ تبعاً للطبعة التازية التي كان اعتمد عليها في مشروعه هذا. انظر المقدمة (ج 1/ص 6) (للناشر) .

259- باب في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى؟

(1/191- 192) من طرق أخرى عن حاتم بن إسماعيل ... به. وأخرجه النسائي (1/226) ، والطحاوي، وابن الجارود (253) ، وابن حبان (603) ، والدارقطني (189) ، والحاكم (1/326) ، والبيهقي (3/347) ، وأحمد (1/230 و 269 و 355) من طرق أخرى عن هشام بن إسحاق ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم مصححاً: " لا أعلم في روايته مجروحاً "، ووافقه الذهبي. وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس ... به أتم منه. لكن إسناده ضعيف جداً، وقد بينت ذلك في "إرواء الغليل " تحت الحديث (665) . 259- باب في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى؟ 1058- وفي سادسة عنه (*) قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المصلى؛ فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة. (قلت: (**) إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر؛ أنه سمع عباد بن تميم يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني.

_ (*) يعني: عبد الله بن زيد. وهذه الي واية كانث في أصل الثيخ قبل الحديث (1067) . (الناشر) . (**) كذا في أصل الثيخ رحمه الله؛ لم يكمل ما أراد قوده. (الناشا.

260- باب رفع اليدين في الاستسقاء

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجه البخاري. والحديث في "الموطأً" (1/197) . وعنه: مسلم (3/23) ، والنسائي (1/224) ، والبيهقي (3/350) ، وأحمد (4/41) عن مالك ... به. 260- باب رفع اليدين في الاستسقاء 1059- عن عًمَيْرٍ مولى بني أبي اللحم: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستسقي في عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء، قائماً يدعو، يستسقي، رافعاً يديه قِبَلَ وجهه، لا يجاوز بهما رأسه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمة المُرَادي: أخبرنا ابن وهب عن حيوة وعمر بن مالك عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عمير مولى بني أبي اللحم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه. وعمر بن مالك هو الشَّرْعَبي. وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي. والحديث أخرجه أحمد (5/223) : ثنا هارون: ثنا ابن وهب ... به؛ إلا أنه وقع فيه: حيوة عن عمر بن مالك. ولعله الصواب، فإنهم ذكروا حيوة في الرواة عن عمر بن مالك؛ ولم يذكروا

فيهم ابن وهب. وفي رواية لأحمد بهذا السند عن حيوة عن ابن الهاد ... به. وهكذا أخرجه ابن حبان (602 و 601) من طريق هارون بن معروف وغيره عن ابن وهب عن حيوة ... به. قلت: وحيوة- وهو ابن شرَيْحٍ المصري- قد سمع من ابن الهاد، فإذا ثبت أن بينهما عمر بن مالك- كما وقع في سند أحمد الأول-؛ فيكون من المزيد فيما اتصل من الأسانيد. والله أعلم. وللحديث طريق أخرى؛ فقال أحمد: ثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن عبد الله عن عمير مولى أبي اللحم ... به. وبهذا الإسناد: أخرجه النسائي (1/224- 225) ، والترمذي (2/443) ؛ إلا أنهما زادا في الإساد فقالا: عن عمير مولى أبي اللحم عن أبي اللحم. وقال الترمذي: " كذا قال قتيبة: عن أبي اللحم. ولا تعرف له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هذا الحديث الواحد، وعمير مولى أبي اللحم قد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث، وله صحبة". قلت: لم يقل قتيبة: عن أبي اللحم. في رواية أحمد عنه. وهو الصواب؛ لأنه قد تابعه يحيى بن بكير: ثنا الليث ... به. أخرجه الحاكم (1/327) ، وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!

وفيه نظر؛ لأن يزيد بن عبد الله: هو ابن الهاد، وبينه وبين عمير محمد بن إبراهيم، كما في الطريق الأولى. 1060- عن جابر بن عبد الله قال: رَآيتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُواكي، فقال: " اللهم! اسقنا غيثاً مُغِيثاً مَرِيئاً، نافعاً غير ضارٍّ، عاجلاً غير آجل ". قال: فأطبقت عليهم السماء. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! والرواية المعتمدة في الكتاب بلفظ: أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواكي) . إسناده: حدثنا ابن أبي خلف: ثنا محمد بن عبيد: ثنا مسْعَرٌ عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي خلف- واسمه محمد بن أحمد-، وهو ثقة من رجال مسلم. والحديث أخرجه الحاكم (1/327) ، والبيهقي (3/355) ، من طرق أخرى عن محمد بن عبيد ... به. وقال: الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! (تنبيه) : قوله: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواكي؛ كذا وقع في بعض نسخ الكتاب. وفي بعضها: أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواكي. وهذه هي الرواية المعتمدة في "السنن ". وكذلك هو في نسخة البيهقي منها، كما صرح به عقب إخراجه الحديث، وقال.

" وكان الخطابي رحمه الله يستغربه: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواكي. ثم فسره فقال: قوله: يواكي: معاه التحامل إذا رفعهما ومدَّهما في الدعاء ". قلت: وتمام كلام الخطابي في "المعالم ": " ومن هذا: التوكؤ على العصا، وهو التحامل عليها ". وحكاه المننذري في " مختصره " (2/37) ، وقال: " قال بعضهم: والصحيح ما ذكره الخطابي. هذا آخر كلامه. وللرواية المشهورة وجه ". قلت: وهما جمع باكية؛ أي: جاءت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفوسٌ باكيةٌ، أو نساء باكيات. 1061- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لايرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء؛ فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه. (قلت: (*) إسناده: أخبرنا نصر بن علي: أخبرنا يزيد بن زرَبع: ثنا سعيد عن قتادة عن أنس وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/359) ... بسند المصف. وأخرجه البخاري (2/28) ، ومسلم (3/24) ، والنسائي (1/224) ، والدارمي

_ (*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله-، لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .

(1/361) ، والدارقطني (190) ، والبيهقي (3/357) ، وأحمد (3/181 و 282) من طرق عن سعيد ... به؛ صرح قتادة في بعضها بالتحديث. 1062- ومن طريق أخرى عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستسقي هكذا- يعني: ومدً يديه، وجعل بطونهما مما يلي الأرض-، حتى رأيت بياض إبطيه. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه " مختصراً) . إسناده: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراتي: ثنا عفان: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح ". والحديث أخرجه البيهقي (3/357) من طريقين آخرين عن حماد ... به؛ زاد في أحدهما: وهو على المنبر. وأخرجه هو، ومسلم (3/24) ، وأحمد (3/153) من طريق الحسن بن موسى الأشيب: حدثنا حماد بن سلمة ... به مختصراً؛ بلفظ: استسقى؛ فأشار بظهر كفَّيه إلى السماء. وأخرجه أحمد (3/241) ... نحوه. 1063- عن محمد بن إبراهيم: أخبرني من رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كَفَّيْه.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. واسم صحابيه: عمير؛ كما مضى برقم (1059)) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن عبد رَبِّهِ بن سعيد عن محمد بن إبراهيم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين، وجهالة الصحابي لا تضر. على أنه قد سماه بعضهم: عميراً أبي اللحم، كما تقدم برقم (1059) . 1064- عن عائشة رضي الله عنها قالت: شكى الناس إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ المطرِ! فأمر بمنبر، فوضعَ له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه. قالت عائشة: فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بدا حاجب الشمس؛ فقعد على المنبر، فكمبَر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحمد الله عز وجل، ثم قال: " إنكم شكوتم جَدْبَ دياركم، واستئخارَ المطرِ عن إبّانِ زمانه عنكم، وقد أمر الله عز وجل أن تدعوه، يوعدكم أن يستجيب لكم "؛ ثم قال: " {الحمد لله ربَ العالمين. الرحمن الرحيم. مَلِك يوم الدين) ، لا إله إلا الله؛ يفعل ما يريد، اللهم! أنت الله لا إله إلا أنت الغَني ونحن الفقراء، آنْزِلْ علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلت لنا قُوَّةً وبلاغاً إلى حين ". ثم رفع يديه، فلم يزل في الرفع، حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس ظهره، وقلب- أو حوَّل- رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل؛ فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابةً، فرَعَدَتْ وبَرَقَتْ، ثم أمطرت بإذن الله،

فلم يأتِ مسجده حتى سالت السميول. فلما رأى سُرْعتهم إلى الكِنِّ ضحك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه، فقال: " أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله ". قال أبو داود: " وهذ احديث غريب، إسناده جيد ". (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي إ) . إسناده: حدثنا هارون بن سعيد الآيْلِيُّ: ثنا خالد بن نِزَار: حدثني القاسم ابن مبرور عن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قال أبو داود: " وهذا حديث غريب، إسناده جيد، أهل المدينة يقرأون: {مَلِك يوم الدين} ، وإن هذا الحديث حجة لهم!. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير خالد بن نزار والقاسم بن مبرور، وهما ثقتان؛ إلا أن في الأول منهما كلاماً يسيراً، لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن. وفي "التقريب ": " صدوق يخطئ ". والحديث أخرجه الطحاوي (1/192) ، والحاكم (1/328) ، والبيهقي (3/349) من طرق أخرى عن هارون بن سعيد ... به. وتابعه طاهر بن خالد بن نزار: حدثنا أبي ... به. أخرجه ابن حبان (604) . وقال الحاكم:

" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وذلك من أوهامها؛ لما ذكرنا من حال خالد والقاسم. 1065- عن أنس بن مالك قال: أصاب أهلَ المدينة قَحْطٌ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبينما هو يخطبنا يوم جمعة؛ إذ قام رجل فقال: يا رسول الله! هلك الكراع هلك الشَّاء، فادع الله أن يسقِيَنا افمد يديه ودعا. قال أنس: وإن السماء لَمِثْل الزجاجة، فهاجت ريح، ثم أنشأتْ سحابةً، ثم اجتمعت، ثم أرسلت السماء عَزالِيَها، فخرجنا نخوض الماءَ حتى أتينا منازلنا، فلم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى. فقام إليه ذلك الرجل أو غيره، فقال: يا رسول الله! تهدَّمَتِ البيوتُ؛ فادعُ الله أن يحيِسَهُ! فتبسّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: " حوالَيْنا ولا علينا ". فنظرت إلى السحاب يتصدعَّ حول المدينة كأنه إكليل. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه بإسناد المؤلف ولفظه. ومسلم مختصراً) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ابن مالك. ويونس بن عبيد عن ثابت عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من الوجهين عنه؛ وقد أخرجه

كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/155) ... بإسناد المصنف ومتنه. ولم يقف عليه المنذري، فقال في "مختصره ": " وأخرجه البخاري مختصراً "! وأخرجه البيهقي (3/356) من طريق أخرى عن مسدد ... به. وأخرجه مسلم (3/25) ، والنسائي (3/25) ، وكذا البخاري (2/27) ، والبيهقي (3/353- 354) ، وأحمد (13/94 و 271) من طرق أخرى عن ثابت ... باختصار. وله في "الصحيحين " وغيرهما طرق أخر عن أنس، يأتي أحدها. 1066- ومن طريق أخرى عنه ... نحوه؛ قال: فرفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحِذَاءِ وجهه، فقال: " اللهم! اسقنا ... "، وساق نحوه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"مختصراً) . إسناده: حدثنا عيسى بن حماد: أخبرنا الليث عن سعيد المقبري عن شريك ابن عبد الله بن أبي نَمِرٍ عن أنس أنه سمعه يقول ... فذكر نحو حديث عبد العزيز قال ... قلت: وهذا إسناد حسن وهو على شرط الشيخين؛ لكن شريكاً هذا في حفظه كلام، أشار إليه الحافظ بقوله فيه:

" صدوق يخطئ ". وعيسى بن حماد لم يخرج له البخاري. والحديث أخرجه النسائي (1/225) ... بإساد المصنف ومتنه، وساقه بتمامه. وأخرجه البخاري (2/25- 27) ، ومسلم (3/24- 25) ، والنسائي أيضا (1/224 و 225- 226) ، والطحاوي (1/190) ، ومالك (1/198) من طرق أخرى عن شريك ... به أتم منه؛ لكن ليس عندهم قوله: بحذاء وجهه، وبعضهم لم يذكر الرفع أصلاً. 1067- عن عمرو بن شعيب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وفي رواية: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إذا استسقى قال: " اللهم! اسْقِ عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وآحْي بلدَك الميِّتَ ". هذا لفظ المرسل. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو ابن شعيب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحدثنا سهل بن صالح: ثنا علي بن قادم: أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ... هذا لفظ حديث مالك. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو من طريق مالك مرسل، ومن طريق سفيان موصول. وقد قال ابن عبد البر: " هكذا رواه مالك وجماعة عن يحيى مرسلاً. ورواه آخرون عن يحيى عن

261- باب صلاة الكسوف

عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندا؛ منهم سفيان الثوري ". قلت: ومنهم عبد الرحيم بن سليمان الأشل، وهو ثقة. أخرجه البيهقي (3/356) من طريق سليمان بن داود المِنْقَرِيّ عنه ... به باللفظ الثاني: كان إذا استسقى قال ... لكن سليمان هذا- وهو الشَّاذَكُوني- متروك. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/197- 198) ... بهذا السند مرسلاً. 261- باب صلاة الكسوف 1068- عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ: أخبرنى من أصدِّق- وظننتُ أنه يريد عائشة- قالت: كَسَفَتِ الشمس على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قياماً شديداً، يقوم بالناس، ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع، فركع ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات، يركلع الثالثة، ثم يسجد، حتى إن رجالاً يومئذٍ لَيُغْشَى علبهم مما قام بهم، حتى إن سِجَالَ الماء لَتُصَبُّ عليهم، يقول إذا ركع: " الله أكبر "، وإذا رفع: " سمع الله لمن حمده "؛ حتى تجلَّتِ الشمس، ثم قال: " إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله عز وجل؛ يخوِّفُ الله بهما عبادَهُ، فإذا كَسَفا فافزعوا إلى الصلاة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في

262- باب من قال: أربع ركعات

"صحيحيهما"، لكن قوله:، ثلاث ركعات ... شاذ، والمحفوظ: ركوعان ... كما في "اإص-جمحين " وغيرهما من طرق عن عائشة رضي الله عنها، ويأتي أحدها برقم (1071)) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل ابن علية عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد عن عمير. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي، غير أن قوله: ثلاث ركعات.. شاذ، والمحفوظ: ركوعان.. ثبت ذلك عن عائشة من طرق ثلاثة في "الصحيحين " وغيرهما، وهي مخرجة في كتابنا الخاص بهذه الصلاة: " الكسوف ". والحديث أخرجه أبو عوانة (2/370) من طريق المصنف. والحاكم (1/332) من طريق أخرى عن ابن أبي شيبة. وأخرجه النسائي (1/215) من طريق أخرى عن إسماعيل ابن عُلَيةَ ... به. وأخرجه مسلم (3/29) ، وأبو عوانة أيضا من طرق أخرى عن ابن جريج ... به؛ وقد صرح ابن جريج بالسماع من عطاء عند مسلم. وله عنده طريق أخرى عن عطاء، ذكرتها في الصدر السابق، وبينت علتها. 262- باب من قال: أربع ركعات 1069- عن جابر بن عبد الله قال: كُسِفَتِ الشمسُ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان ذلك اليومَ الذي مات فيه إبراهيمُ ابنُ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الناس: إنما كسفت لموت

إبراهيمَ ابنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فصلى بالناس سِتَّ ركعات في أربع سجدات، كبَر ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فقرأ دون القراءة الأولى، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فقرأ القراءة الثالثة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحواً مما قام، ثم رفع رأسه فانحدر للسجود، فسجد سجدتين، ثم قام فركع ثلاث ركعات قبل أن يسجد، ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها؛ إلا أن ركوعه نحوٌ من قيامه. قال: ثم تأخَّر في صلاته، فتأخرتِ الصفوف معه، ثم تقدَّم فقام في مَقَامِهِ، وتقدَّمت الصفوف؛ فقضى الصلاة وقد طلعت الشمس. فقال: " يا أيها الناس! إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل؛ لا ينكسفان لموت بشر، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك؛ فصلُّوا حتى تنجلي ... "؛ وساق بقية الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". لكن قوله: ست ركعات.. شاذ. والمحفوط: أربع ركعات.. كما في الطريق الاتية) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى عن عبد الملك: حدثني عطاء عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي مع بيان ما فيه من الشذوذ.

والحديث أخرجه أبو عوانة (2/371) ، والبيهقي (3/325- 326) من طريق المصنف. وهو في "مسند أحمد" (3/317- 318) ... بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (3/31- 32) ، وأبو عوانة، والبيهقي من طرق أخرى عن عبد الملك ... به. وقد تابعه أبو الزبير عن جابر ... به نحوه؛ إلا أنه قال: أربع ركعات في أربع سجدات ... كما في الحديث الأني. وهو الصواب الموافق لحديث عائشة الآني أيضا بعده وسبقت الإشارة إليه. قال البيهقي عقب الحديث: " من نظر في هذه القصة، وفي القصة التي رواها أبو الزبير عن جابر؛ علم أنها قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفي إبراهيم ابن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة، ورواية عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو، ورواية أبي الزبير عن جابر بن عبد الله: على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما صلاها ركعتين، في كل ركعة ركوعين. وفي حكاية أكثرهم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته "؛ دلالة على أنه إنما صلاها يوم توفي ابنه، فخطب وقال هذه المقالة؛ رداً لقولهم: إنما كسفت لموته، وفي اتفاق هذا العدد- مع فضل حفظهم- دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل البخاري رحمهما الله تعالى ". قلت: وهذا هو التحقيق، وتفصيله في كتابي السابق.

1070- وفي طريق أخرى عنه قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله في يوم شديد الحَر، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه، فأطال القيام؛ حتى جعلوا يَخِزُون، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحواً من ذلك، فكان أربع ركعات وأربع سجدات ... وساق الحديث. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مؤمَّل بن هشام: ثنا إسماعيل عن هشام: ثنا أبو الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري، ولولا أن أبا الزبير مدلس لقلت: إنه إسناد صحيح، وهو على شرط مسلم كما يأتي. لكن الحديث صحيح بالطريق الأولى. والحديث أخرجه مسلم (3/30- 31) ، وأبو عوانة (2/372- 373) ، والنسائي (1/217) ، والطيالسي (48/1/7171) ، وعنه البيهقي (3/324) ، وأحمد (3/374 و 382) من طرق أخرى عن هشام الدَّسْتُوائي ... به. 1071- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: خَسَفَتِ الشمسُ في حياة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المسجد، فقام فكئر، وصفَّ الناسُ وراءه، فاقترأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قراءةً طويلة، ثم كبر فركع ركوعاً طويلا، ثم رفع رأسه فقال: " سمع الله لمن حمده، ربنا! ولك الحمد "؛ ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة

الأولى، ثم كبر فركع ركوعاً طويلاً هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: " سمع الله لمن حمده، ربنا! ولك الحمد "؛ ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا ابن السهرْحِ: أخبرنا ابن وهب [ح] . وحدثنا محمد بن سلمة المرادي: ثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/28) ... بإسنادي المؤلف عن ابن وهب. وابن ماجه (381) ... بإسناده الأول. والنسائي (1/215- 216) ، والبيهقي (3/341) ... بإسناده الأخر. ومسلم أيضا، وأبو عوانة (2/374) ، والطحاوي (1/193) ، وابن الجارود (249) ، والبيهقي (3/321) من طرق أخرى عن ابن وهب. وأخرجه البخاري (2/31) من طريق عنبسة عن يونس ... به. وتابعه جماعة عن الزهري ... به مطولاً ومختصراً. أخرجه البخاري (2/31 و 34) ، ومسلم (3/29) ، والنسائي (1/214 و 216 و222) ، والترمذي (2/449) ، وأحمد (6/76 و 87 و 168) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

وتابعه هشام بن عروة عن أبيه ... به مطولاً. أخرجه مالك (1/194) ، والشيخان، وأحمد (6/32- 33 و 164) وغيرهم. وله طريقان آخران مخرجان في كتابنا الخاص في الكسوف. وله طريق رابع؛ وفيه ذكر ثلاث ركعات في كل ركعة، وهو شاذ كما تقدم بيانه (1068) . 1072- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في كسوف الشمس ... مثل حديث عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه صلى ركعتين، في كل ركعة ركعتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب قال: كان كثير بن عباس يحدث أن عبد الله بن عباس كان يحدث ... قلت: هذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه البخاري (2/31) ... بإسناد المؤلف. وأخرجه البيهقي (3/322) من طريقه، ومن طريق أخرى عن أحمد بن صالح. وأخرجه مسلم (3/29) ، وأبو عوانة (379) ، والنسائي (1/215) ، وأحمد (6/87) ، من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ وزاد أحمد والبخاري:

263- باب القراءة في صلاة الكسوف

فقلت لعروة: إن أخاك يوم خسفت بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل الصبح؟ قال: أجل؛ لأنه أخطأ السنة. وكذا أخرجه الطحاوي (1/196) . 263- باب القراءة في صلاة الكسوف 1073- عن عائشة قالت: كَسَفَتِ الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى بالناس، فقام، فحَزَرت قراءته، فرأيت أنه قرأ بـ (سورة البقرة) ... وساق الحديث؛ ثم سجد سجدتين، ثم قام فأطال القراءة، فحَزَرْتُ قراءته، فرأيت أنه قرأ بـ (سورة آل عمران) . (قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد: ثنا عمي: ثنا أبي عن محمد بن إسحاق: حدثني هشام بن عروه وعبد الله بن أبي سلمة عن سليمان بن يسار كلهم قد حدثني عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أن ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم فقط متابعة؛ وهو حسن الحديث كما تقدم مراراً. وعبيد الله بن سعد: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري. وعمه: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد.

وعبد الله بن أبي سلمة: هو الماجشون. والحديث أخرجه الحاكم (1/333) ، وعنه البيهقي. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! 1074- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ قراءة طويلة، فجهر بها؛ يعني: في صلاة الكسوف. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه ... بإسناد المصنف. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأخرجه الشيخان في "صحيحيهما" نحوه. وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد: أخبرني أبي: ثنا الأوزاعي: أخبرني الزهري: أخبرني عروه بن الزبير عن عائشة. قلت: وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير العباس بن الوليد وأبيه، وهما ثقتان. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/378) ... بإسناد المصنف. وأخرجه البيهقي (3/336) من طريق الحاكم وهذا في "المستدرك " (1/334) من طريق أخرى عن العباس بن الوليد ... وقال: " صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه هكذا "! ووافقه الذهبي! وقد تابعه عبد الرحمن بن نمر سمع ابن شهاب ... نحوه.

أخرجه البخاري (2/35) ، ومسلم (3/29) ، والنسائي (1/223) ، والبيهقي. وأخرجه الترمذي (2/452) ، والطحاوي (1/197) ، وأحمد (6/65) من طريقين آخرين عن الزهري ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طريق ثالثة عنه: عند أحمد (6/76) . 1075- عن ابن عباس قال: خسفت [الشمسُ] ، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والناسُ معه، فقام قياماً طويلاً بنحو من سورة (البقرة) ، ثم ركع ... وساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة- كذا عند القاضي! والصواب عن ابن عباس- قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/194- 195) ... بهذا السند، وعلى الصواب بتمامه. وكذلك أخرجه البيهقي (3/335) من طريق المصنف. والبخاري (2/33) ... بإسناده.

264- باب ينادي فيها بالصلاة

وأبو عوانة (2/379) من طريق أخرى عن القعنبي. ومسلم (3/34) ، والنسائي (1/221) ، والدارمي (1/360) ، والطحاوي (1/193) ، وأحمد (1/298- 358) ، وأبو عوانة أيضا من طرق أخرى عن مالك ... به. (تنبيه) : اختلفت نسخ الكتاب في صحابي هذا الحديث، فوقع في بعضها: عن أبي هريرة! وفي بعضها: عن ابن عباس. وكذلك في "مختصر المنذري "، وكذا في نسختنا، وفيها التنبيه على خطأ الرواية الأولى، وأنها كذلك عند القاضي كما رأيت. ولم أعرف القاضي! والظاهر أنه أحد رواة الكتاب عن اللؤلؤي صاحب المؤلف! وأظن أن التنبيه المذكور كتبه بعض الحفاظ على هامش نسخة الكتاب، فظنها الناسخ أو الطابع من الأصل، فضمَّها إليه! ولا شك بصواب ما ذكره. ويؤيِّد ذلك- علاوة على ما ذكرنا- أن البيهقي رواه عن المصنف على الصواب. وكذلك البخاري وأبو عوانة روياه عن القعنبي شيخ المؤلف. وكذلك وقع في سائر الطرق عن مالك. ولذلك قال الحافظ في "الفتح ": " ووقع في رواية اللؤلؤي في "سنن أبي داود": عن أبي هريرة بدل: ابن عباس؛ وهو غلط ". ورا جع "بذل المجهود" (2/226) . 264- باب ينادي فيها بالصلاة 1076- عن عائشة قالت: كسفت الشمس، فأمرَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً؛ فنادى؛ أن: الصلاهُ جامعةٌ.

265- باب الصدقة فيها

(قلت: (*) إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا الوليد: ثنا عبد الرحمن بن نمر أنه سأل الزهري؟ فقال الزهري: أخبرني عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجال ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن عثمان - وهو الحمصي-، وهو ثقة. والحديث أخرجه مسلم (3/29) ، والنسائي (1/216) ، والبيهقي (3/320) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به. وعلقه البخارىِ (2/35) عن الأ وزاعي. وتابعه أبو حفصة عن عائشة: عند النسائي (1/217) ، وأحمد (6/98) وأبو حفصة مقبول عند الحافظ. 265- باب الصدقة فيها 1077- عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " [إن] الشمس والقمر لا يَخْسِفانِ لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك؛ فادعوا الله عز وجل، وكبِّروا، وتصدقوا ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") إسناده: حدثتا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة.

_ (*) كذا في أصل الشيخ - رحمه الله- لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر)

266- باب العتق فيها

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/30- 31) ، والبيهقي (3/338) عن القعنبي عبد الله بن مسلمة. وأخرجه مسلم (3/27) ، والنسائي (1/216) من طريق مالك، وهذا في " الموطأً" (1/194) ... أتم منه. وللحديث طرق أخرى عن الزهري ... به نحوه: عند البخاري (2/31 و 34) ، ومسلم (3/28) ، والنسائي (1/215) ، وأحمد (6/87 و 164 و168) . وله عن عائشة طريق أخرى، تقدمت برقم (1068) أتم منه. 266- باب العتق فيها 1078- عن أسماء قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالعَتاقة في صلاة الكسوف. (قلت: إسناده صحيح عل شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة عن هشام عن فاطمة عن أسماء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. وزائدة: هو ابن قُدَامة الثقفي. والحديث أخرجه أحمد (6/345) : ثنا معاوية بن عمرو ... به. وأخرجه البخاري (2/33- 34) ، والدارمي (1/360) ، والبيهقي (3/340)

267- باب من قال: يركع ركعتين

من طرق أخرى عن زائدة ... به. وتابعه عبد العزيز بن محمد: عند الدارمي والبيهقي. وعَثامُ بن علي أبو عامر العامري: عنده، وكذا أحمد (6/345) ، والبخاري (3/126) . واستدركه الحاكم عليه (1/331- 332 و 332) ! فوهم. 267- باب من قال: يركع ركعتين 1079- عن عبد الله بن عمرو قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكد يركع؛ ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده فقال: " أف أف ". ثم قال: " ربِّ! ألم تَعِدْني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟! ألم تَعِدْني أن لا تعذبهم وهم:،يستغفرون؟! ". ففرغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صلاته وقد أمحصت، الشمسُ ... وساق الحديث. (قلت: حديث صحيح. لكن الاقتصار فيه على الركوع الواحد في الركعة قصورا فقد أخرجه الشيخان من طريق أخرى عن ابن عمرو مختصراً؛ وفيه: فركع ركعتين في سجدة ... وهو الثابت عن غيره عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما تقدم (1071 و1072) ، وهو رواية لابن خزيمة والحاكم في طريق المؤلف) . إسناده: حدئنا موسى بن إسماعيل: تنا حماد عن عطاء بن السائب عن

أبيه عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير السائب والد عطاء، وهو ثقة. إلا أن عطاء كان اختلط، وحماد- وهو ابن سلمة- سمع منه قبل الاختلاط وبعده، فلم يتميز حديثه. لكن قد رواه عنه سفيان وشعبة، وقد سمعا منه قبل الاختلاط، فصح الحديث بذلك. لكن الاقتصار على الركوع الواحد في كل ركعة فيه ما ذكرته آنفاً. والحديث أخرجه الطحاوي (1/194) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وقد تابعه شعبة عن عطاء بن السائب ... به. أخرجه النسائي (1/222) ، وأحمد (2/188) . وسفيان عنه. ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم (1/329) ، والبيهقي (3/324) ؛ إلا أنهما قالا: عن سفيان عن يعلى بن عطاء عن أبيه. وعطاء بن السائب ... به. وكل هذه الطرق ليس فيها ذكر الركوع الثاني من كل ركعة؛ إلا في رواية الحاكم عن سفيان، وهي موافقة لرواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمرو: عند الشيخين وغيرهما، وهي مخرجة في كتابنا "صلاة الكسوف "، وذكرت لها طريقاً أخرى. وقال البيهقي: " فهذا الراوي حفظ عن عبد الله بن عمرو طول السجود، ولم يحفظ ركعتين في ركعة واحدة. وأبو سلمة حفظ ركعتين في ركعة، وحفظ طول السجود عن

عائشة ... "، ثم ساق رواية الحاكم من طريق مؤمل بن إسماعيل: ثنا سفيان ... فذكره بالإسنادين جميعاً مع هذه الزيادة؛ وقال: " وقد أخرجه ابن خزيمة في "مختصر الصحيح " ... ". 1080- عن عبد الرحمن بن سمرة قال: بينما أنا أتَرَمى بأسهم في حياة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.، إذ كسفت الشمس، فنبذتهن، وقلت: لأنظرنًّ ما أحْدَث لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كسوفُ الشمس اليومَ! فانتهيت إليه وهو رافع يديه؛ يسبِّح، ويحمد، وبهلِّل، ويدعو؛ حتى حُسِرَ عن الشمس، فقرأ بسورتين وركع ركعتين. (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" وقوله: فقرأ بسورتين وركع ركعتين ... إن لم يحمل على أنه أراد بذلك: في كل ركعة فهو شاذ؛ لما سبق بيانه في الذي قبله) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر بن المفَضَّلِ: ثنا الجُرَيْرِي عن حيان بن عُمَيْر عن عبد الرحمن بن سمرة. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ رجاله رجال "الصحيح "، وأخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/35) ، والبيهقي (3/332) من طريقين آخرين عن بشر ... به. وأخرجه النسائي (1/213) ، والحاكم (1/329) ، وأحمد (5/61- 62) من طرق أخرى عن الجريري ... به نحوه.

268- باب الصلاة عند الظلمة ونحوها

وقد اختلفوا عليه في متنه، كما بينته في الكتاب المفرد في "صلاة الكسوف "، ورجحت هناك رواية بشر هذه؛ لتابعة إسماعيل ابن عُلَية إياه، وذكرت اختلاف العلماء في المراد من قوله: وركع ركعتين ... وما تعقب ابن التركماني به البيهقي، وجوابنا عليه؛ فليراجع من شاء. 268- باب الصلاة عند الظُّلمة ونحوها [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 269- باب السجود عند الآيات 1081- عن عكرمة قال: قيل لابن عباس: ماتت فلانة- بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرَّ ساجد اً. فقيل له: أتسجد هذه الساعة؟! فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا رأيتم أية فاسجُدوا ". وأي آية أعظمُ من ذهاب أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! (قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "، حسنه السيوطي أيضا) . إسناده: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي: ثنا يحيى بن كثير: ثنا سَلْمُ بن جعفر عن الحكم بن آبَانَ عن عكرمة قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات. وفي الحكم بن أبان كلام لا يمنع من تحسين إسناده. وفي " التقريب ": " صدوق له أوهام ".

وقريب منه سلم بن جعفر؛ بل هو خير منه، فقد وثقه جماعة، ولم يجرحه أحد سوى الأزدي، فقال: " متروك "! فلا يسمع هذا منه؛ لأنه نفسه متكلم فيه، فكيف يقبل منه الجرح بدون بينة؟ أولا سيما مع مخالفته للأئمة الذين أشرنا إليهم، ومنهم الترمذي الذي حسن حديثه هذا كما يأتي، وتبعه السيوطي في "الجامع الصغير". وأما قول المناوي في "شرحه "- بعد أن ذكر قول الترمذي في تحسينه-: " واغتر به المؤلف فرمز لحسنه؛ غفولاً عن تعقب الذهبي له في "المهذب " بأن إبراهيم واه، وعن قول جمع: سلم بن جعفر لا يحتج به "! فهو مردود؛ لأن سلماً لم يتكلم فيه غير الأزدي فقط؛ على ما فيه مما بينا. وأما إبراهيم- وهو ابن الحكم بن أبان- فهو واه حقاً، ولكن ذلك لا يضر الحديث؛ لأنه متابع لسلم بن جعفر كما يأتي. ثم هو ليس في رواية المصنف، ولا في رواية الترمذي كما سترى؛ خلافاً لما صرح به المناوي غفر الله لنا وله! والحديث أخرجه البيهقي (3/343) من طريق المصنف. وأخرجه الترمذي (4/366- تحفة) فقال: حدثنا العباس العنبري: نا يحيى ابن كثير العنبري: أبو غسان: نا سلم بن جعفر:- وكان ثقة- عن الحكم بن أبان ... به. وقال: " هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". ثم أخرجه البيهقي من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي ... به.

270- باب صلاة المسافر

تفربع أبواب صلاة السفر 270- باب صلاة المسافر 1082- عن عائشة رضي الله عنها قالت: فُرِضَتِ الصلاةُ ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأُفِرتْ صلاة السفر، وزِيدَ في صلاة الحضر. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن صالح بن كَيْسَانَ عن عروة بن الزبير عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/162- 163) . وعنه: البخاري (1/67) ، ومسلم (2/142) ، وأبو عوانة (2/26) ، والنسائي (1/79) كلهم عن مالك ... به. وكذلك أخرجه الطحاوي (1/245) . وتابعه ربيعة- وهو ابن أبي عبد الرحمن- عن صالح بن كيسان ... به؛ وزاد: قال: فأخبرتها عمر بن عبد العزيز. فقال: إن عروة قد أخبرني بأن عائشة كانت تصلي أربع ركعات في السفر؟! قال: فوجدت عروة يوماً عنده، فقلت: كيف

أخبرتني عن عائشة ... فحدث بما حدث (الأصل: حدثني) به عمر؟! فقال عمر: أليس حدثتني أنها كانت تصلي أربعاً في السفر؟ قال: بلى. وتابعه الزهري عن عروة ... به؛ وزاد: قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت ما تأول عثمان. أخرجه البخاري (2/39) ، ومسلم (2/143) ، والنسائي - وليس عنده قول الزهري-، والدارمي (1/355) ، والبيهقي (2/143) . وله طرق أخرى عن عائشة: عند أحمد (6/234 و 241 و 265 و 272) ، والبيهقي (3/145) . 1083- عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: أرأيت إقصار الناس الصلاة، وإنما قال تعالى: {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ، فقد ذهب ذلك اليوم؟! فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فقال: " صدقة تصدق الله بها عليكم؛ فاقبلوا صدقته ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: ثنا يحيى عن ابن جريج. (ح) وثنا خُشَيْش- يعني: ابن أصرم-: ثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمارعن عبد الله بن بَابِيه عن يعلى بن أمية ... حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج: سمعت عبد الله بن أبي عمار يحدث ... فذكره.

271- باب: متى يقصر المسافر؟

قال أبو داود: " رواه أبو عاصم وحماد بن مسعدة كما رواه ابن بكر ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/26) ، والبيهقي (3/134) من طريق المصنف. وهو عند أحمد (1/36) ... بإسناديه عن يحيى وعبد الرزاق كلاهما عن ابن جريج ... ، ولم أره عنده عن محمد بن بكر! وأخرجه الترمذي (4/92- تحفة) : حدثنا عبد بن حميد: أنا عبد الرزاق ... به. وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم (1/478- عبد الباقي) ، والنسائي (1/211) ، وابن ماجه (1/329) ، وأحمد (1/25) من طريق عبد الله بن إدريس: أنبأنا ابن جريج ... به. وقال الدارمي (1/354) : أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج ... به. والحديث عزاه السيوطي في "الجامع " البخاري أيضا! فوهم. 271- باب: متى يقصر المسافر؟ 1084- عن يحيى بن يزيد الهُنَائي قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة؟ فقال أنس: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج مسيرة ثلاثة أيام- أو ثلاثة فراسخ (شعبة شك) - يصلي ركعتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المؤلف، وأبو

عوانة من طريقه) . إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن يحيى ابن يزيد الهُنائي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الهنائي- بضم الهاء-، فمن رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/346) ، والبيهقي (2/146) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/145) ... بإسناده. وهو، والبيهقي بإسناد آخر عن محمد بن بشار. وأحمد (3/129) : ثنا محمد بن جعفر ... به؛ وزاد هو والبيهقي- بعد قوله: قصر الصلاة-: وكنت أخرج إلى الكوفة؛ فأصلي ركعتين حتى أرجع. 1085- ومن طريق أخرى عن أنس بن مالك قال: صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم!. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر وإبراهيم ابن ميسرة سمعا أنس بن مالك يقول ...

272- باب الأذان في السفر

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/110 و 111- 112) : حدثنا سفيان ... به. وأخرجه البخاري (2/39) ، ومسلم (2/144- 145) ، وأبو عوانة (2/347) ، والنسائي (1/82) ، والترمذي (2/431) ، والدارمي (1/355) ، والبيهقي (3/146) ، وأحمد أيضا (3/177) من طرق عن سفيان ... به. وقال الترمذي: " حديث صحيح ". 272- باب الأذان في السفر 1086- عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يَعْجَبُ ربكم من راعي غنم في رأس شَظِيَّةٍ بجبل؛ يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم الصلاة؛ يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة ". (قلت: إسناد صحيح، وقال المنذري: " رجاله ثقات ") . إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا عُشئانَةَ الَعَافِرِفيَ حدثه عن عقبة بن عامر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أبي عشانة - واسمه: حَيَ بن يُؤْمِنَ-، وهو ثقة. وقال المنذري في "مختصره " (2/50) : " رجال إسناده ثقات ". والحديث أخرجه النسائي (1/108) من طريق أخرى عن ابن وهب ... به.

273- باب المسافر يصلي وهو يشك في الوقت

وتابعه ابن لهيعة كن أبي عشانة ... به مختصراً. أخرجه أحمد (4/145 و 157) . 273- باب المسافر يصلي وهو يشكُّ في الوقت 1087- " عن المِسْحَاجِ بن موسى قال: قلت لأنس بن مالك: حدِّثنا ما سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر؛ فقلنا: زالت الشمس أو لم تزل؛ صلى الظهر ثم ارتحل. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن المِسْحَاجِ بن موسى. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير المسحاج بن موسى، وهو ثقة. والحديث أخرجه أحمد (3/113) : ثنا أبو معاوية ... به. 1088- ومن طريق أخرى عن أنس قال: كان رسول الده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نزل منزلاً؛ لم يرتحل حتى يصلي الظهر. فقال له رجل: وإن كان بنصف النهار؟ فال: وإن كان بنصف النهار. (قلت: إسناده صحيح على شرط (*)

_ (*) كذا في أصل الشيخ- رحمه الله- لم يكمل ما أراد قوله. (الناشر) .

274- باب الجمع بين الصلاتين

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: حدثني حمزة العائذي- رجل من بني ضَبَّةَ- سمعت أنس بن مالك يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ وحمزة: هو ابن عمرو. والحديث أخرجه أحمد (3/120 و 129) ، وكذا الطحاوي (1/109) من طرق أخرى عن شعبة ... به. 274- باب الجمع بين الصلاتين 1089- عن معاذ بن جبل: أنهم خرجوا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تَبوُكَ، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فأخَّر الصلاة يوماً، ثم خرج فصلى الظهر والعصر، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً. (قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر ابن واثلة أن معاذ بن جبل أخبرهم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم إن كان أبو الزبير قد سمعه من أبي الطفيل، وهو على شرط مسلم على كل حال؛ فقد أخرجه - كما يأتي- مصرحاً بالتحديث في رواية. والحديث أخرجه البيهقي (3/162) من طريق المؤلف. وهو في " الموطأ" (1/160- 161) .

وعنه: النسائي (1/98) ، والدارمي (1/356) . وعنه: مسلم (7/60) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن مالك ... به. وأخرجه مسلم (2/151- 152) ، وابن ماجه (1/331) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (2/1/113) ، والطيالسي (1/126/595) ، وأحمد (5/229 و 230 و236) من طرق أخرى عن أبي الزبير ... به مختصراً؛ وقد صرح مسلم وغيره- في رواية- بتحديث أبي الزبير؛ وزاد: قلت: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يًحْرِجَ أمته. أخرجه مسلم من طريق قرة بن خالد: حدثنا أبو الزبير ... به. وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، وهو مخرج في "الإرواء " (2/579) . 1090- عن نافع: أن ابن عمر اسْتُصْرِخَ على صَفِئةَ وهو بمكة، فسار حتى غربت الشمس وبدت النجوم؛ فقال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا عَجِلَ به أمر في سفر؛ جمع بين هاتين الصلاتين. فسار حتى غاب الشفق، فنزل فجمع بينهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري من طريق أخرى. ولمسلم المرفوع منه) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا حماد: ثنا أيوب عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والحديث أخرجه البيهقي (3/159) من طريق سليمان بن حرب: ثنا حماد ابن زيد ... به.

وأخرجه أحمد (2/51) : ثنا إسماعيل: نا أيوب عن نافع ... به. وهذا على شرطهما أيضا. وأخرجه النسائي (1/99) ، والترمذي (2/441) ، وأحمد أيضا (2/150) من طرق أخرى عن نافع ... به نحوه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طريق أخرى: عند البخاري (4/46) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كنت مع عبد الله بن عمررضي الله عنهما بطريق مكة، فبلغه عن صفية بنت أبي عبيد شدة وجع، فأسرع السير ... الحديث. وعلقه (2/39) من طريق سالم عنه. ولمسلم من الطريقين عنه: المرفوع فقط. 1091- عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوه تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل؛ جمع بين الظهر والعصر، وإن يرتحلْ قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر. وفي المغرب مثل ذلك: إن غابت الشمس قبل أن يرتحل؛ جمع بين المغرب والعشاء، وإن يرتحل قبل أن تغيب الشمس؛ أخَّر المغرب حتى ينزل للعشاء، ثم جمع بينهما. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن مَوْهَبٍ الرملي

الهَمْداني: ثنا المُفَفخلُ بن فَضَآلَةَ والليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه. لكن الحديث- مع ذلك- صحيح؛ لشواهده، التي منها حديث ابن عباس بعده. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 150) ، والبيهقي (3/162) كلاهما من طريق المؤلف.. به؛ إلا أن البيهقي قال: عن الليث، مكان: والليث. وهو كذلك في بعض النسخ من "الدارقطني "؛ كما في "التعليق المغني " للشيخ أبي الطيب، وقال: " وهو الصحيح "! قلت: فإن كان يعني باعتبار نسخ "الدارقطني "؛ فلا كلام. وإن كان يعني باعتبار ما يقتضيه النقد العلمي العام؛ فلا أراه كذلك؛ بل الصواب ما في النسخ الاخرى؛ لأمرين: الأول: لموافقتها لما في الكتاب. والأخر: أنه الذي يوافق ما ذكروه في ترجمة الرملي هذا: أنه روى عن الليث ابن سعد ومفضل بن فضالة، وفي الوقت نفسه لم يذكروا الليث في شيوخ المفضل. هذا وقد خولف الرملي في إسناد هذا الحديث عن الليث؛ فراجع الحديث الأتي برقم (1106) و "إرواء الغليل " (578) . 1092- قال أبو داود: " رواه هشام بن عروة عن حسين بن عبد الله عن كُرَيْبٍ عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو حديث المفضل والليث ". (قلت: يعني: الذي قبله. وقد وصله الشافعي وغيره، وهو حديث

صحيح. وقد قوّاه البيهقي (. وصله الشافعي (1/16) ، وأحمد (1/367- 368) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/1/125) ، والدارقطني (149) ، والبيهقي (3/163- 164) من طرق - فيها عند بعضهم هشام بن عروة- عن حسين بن عبد الله ... به. وقال البيهقي: " وهو يشواهده قوي ". قلت: وفي إسناده اختلاف بيّنه الدارقطني وجمع بينها. قال الحافظ: " إلا أن علته ضعف حسين، ويقال: إن الترمذي حسنه، وكأنه باعتبار المتابعة، وغفل ابن العربي فصحح إسناده! لكن له طريق أخرى، أخرجها الحِمَّاني في "مسنده " عن أبي خالد الأحمر عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس. وروى إسماعيل القاضي في "الأحكام " عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس ... نحوه". 1093- عن عبد الله بن عباس قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً: في غير خوف ولا سفر. قال مالك: أُرى ذلك كان في مطر. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وهو على شرط مسلم في "صحيحه "؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/161) ... بهذا التمام. ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/151) ، وأبو عوانة (2/353) ، والنسائي (1/99) ، والشافعي (1/1/34718) ، والطحاوي (1/95) ، والبيهقي (3/166) ، من طرق عن مالك ... به؛ ولم يذكر مسلم وغيره قول مالك: أرى ... وهذا الرأي يخالفه الحديث الآني (1096) . وله بعض المتابعات، فأخرجه أحمد (1/283) : حدثنا عبد الرزاق: حدثنا سفيان عن أبي الزبير ... به؛ وزاد قال: قلت: يا أبا العباس! ولِمَ فعلَ ذلك؟ قال: أراد أن لا يُحْرِج أحداً من أمته. ورواه أبو عوانة من طريقين آخرين عن سفيان ... به. وتابعه ابن عيينة عن أبي الزبير ... به؛ إلا أنه لم يذكر: السفر ولا المطر. أخرجه الشافعي (349) . وتابعه زهير: حدثنا أبو الزبير ... به؛ مثل رواية سفيان الثوري. أخرجه مسلم؛ وزاد: بالمدينة. وتابعه حماد بن سلمة كما علقه المصنف فيما يأتي، وكل هؤلاء قالوا: عن أبي الزبير: ولا سفر. وخالفهم قرة فقال:

في سفرة ... وهو شاذ كما يأتي بيانه بعد حديث. 1094- قال أبو داود: " ورواه حماد بن سلمة نحوه عن أبي الزبير ". (قلت: يعني: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقد وصله البيهقي باختصار) . وصله البيهقي (3/166) من طريق حجاج بن مِنْهال: قال حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ... مختصراً؛ بلفظ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بين الظهر والعصر بالمدينة في غير خوف ولا سفر. قلت: إسناده صحيح لولا عنعنة أبي الزبير، وهو مع ذلك على شرط مسلم، وهو يشهد لرواية مالك وغيره ممن سبق ذكره: أن الجمع لم يكن في سفر، وهو الصواب؛ خلافاً للرواية الآتية. 1095- ورواه قُرَّةُ بن خالد عن أبي الزبير قال:.. في سَفْرةٍ سافرْناها إلى تبوك. (قلت: وصله مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" بإسناد صحيح، صرح فيه أبو الزبير بالتحديث عن سعيد بن جبير. لكن قوله: في سفرة ... شاذ مخالف لجميع روايات الثقات عن أبي الزبير التي فيها: "في غير خوف ولا سفر "؛ كما في الحديث (1093) . وقد رواه الطيالسي عن قرة فلم يذكر قوله: في سفرة ... ) . وصله مسلم (2/151) ، وأبو عوانة (2/352) من طريقين عن قرة بن خالد عن أبي الزبير: حدثنا سعيد بن جبير: حدثنا ابن عباس:

أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك؛ فجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته. وخالفهما الطيالسي فقال (1/ 127/599) : حدثنا قرة بن خالد ... به؛ إلا أنه لم يذكر سفرة تبوك أصلاً. وهذا هو الصواب عن أبي الزبير عن سحعيد عن ابن عباس؛ لاتفاق جميع الروايات عنه: أن ذلك كان في المدينة ولا سفر. ويبدو لي- والله أعلم- أن أبا الزبير له إسناد آخر عن معاذ بن جبل بقصة تبوك مثل روايته هذه عن ابن جبير عن ابن عباس، وقد رواه قرة بن خالد أيضا عن أبي الزبير- كما تقدم في أول الباب (1089) -؛ فأنا أظن أن قرة أو شيخه أبا الزبير دخل عليه حديث في حديث، فقصة معاذ هي التي وقع فيها ذكر تبوك، وليس حديث ابن عباس؛ فدخل عليه هذا في هذا. والله أعلم. ثم رأيت البيهقي قد ذكر (3/167) معنى هذا التوفيق، فالحمد لله على التوفيق! والحديث أخرجه أبو عوانة (2/352) من طريق الطيالسي أيضا. 1096- وفي رواية عن ابن عباس قال: جمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمديثة: من غير خوف ولا مطر. فقيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يًحْرِجَ أًمَّتَهُ.

(قلت: حديث صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الخطابي في "المعالم ": " إسناده جيد؛ إلا ما تكلموا قيه من أمر حبيب "! قلت: لم يتفرد به) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن حبيب عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن حبيباً- وهو ابن أبي ثابت- مدلس، وقد عنعنه. ومع ذلك فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/152) ... بإسناد المصنف. وأخرجه هو، والترمذي (1/354- 355) ، والبيهقي (3/167) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. ثم أخرجه هو، وأبو عوانة (2/353) ، والنسائي (1/99) ، والبيهقي، وأحمد (1/354) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وتابعه صالح مولى التَّوأمَة عن ابن عباس قال ... فذكره. أخرجه أحمد (1/346) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/1/99) . وإسناده جيد في الشواهد والتابعات؛ فإن صالحاً هذا إنما عيبه أنه كان اختلط. 1097- عن نافع وعبد الله بن واقد: أن مُؤَذًنَ ابن عمر قال: الصلاة. قال: سِرْ سِرْ حتى إذا كان قبل غيُوبِ الشفق؛ نزل فصلى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشفق فصلى العشاء، ثم قال:

إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا عَجِلَ به آمر؛ صنع مثل الذي صنعتُ. فسار في ذلك اليوم والليلة مسيرةَ ثلاث. (قلت: إسناده صحيح، لكن قوله: قبل غيوب الشفق ... شاذ، والمحفوظ: انه أخر المغرب إلى أن غاب الشفق، فجمع بين الصلاتين. كذلك أخرجه الشيخان والمصنف (1090) . وكذا في الرواية الآتية) . إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْدٍ المحاربي: ثنا محمد بن فضَيل عن أبيه عن نافع وعبد الله بن واقد. قال أبو داود: " رواه ابن جابر عن نافع ... نحو هذا بإسناده ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير المحاربي، وهو ثقة. إلا أن قوله: قبل غيوب الشفق ... خطأ من بعض رواته، لا أدري من هو؟! غير أن النظر الصحيح يقضي بأنه خظأً؛ لاتفاق الحفاط من أصحاب نافع على خلافه. قال البيهقي (3/160) : " اتفقت رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر، وأيوب السَّخْتِيَانيِّ، وعمر بن محمد بن زيد عن نافع: على أن جمع ابن عمر بين الصلاتين كان بعد غيبوبة الشفق. وخالفهم من لا يدانيهم في حفظ أحاديث نافع. ورواية الحفاظ من أصحاب نافع أولى بالصواب؛ فقد رواه سالم بن عبد الله، وأسلم مولى عمر، وعبد الله بن دينار، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤَيْب- وقيل: ابن ذُؤيب- عن ابن عمر ... نحو روايتهم ... "، ثم أطال في تخريجها. وراجع لها "المسند" (2/4 و 12 و 51 و 54 و 77 و 80) .

ورواية أيوب مضت برقم (1090) ، وذكرت هناك رواية أسلم عند البخاري. ورواية ابن دينار وغيره تأتي برقم (1101- 1103) . والحديث أخرجه الدارقطني (1/151) من طريق المصنف ومن طريق غيره عن محمد بن فضيل. ومن طريق أخرى عن الفُضَيْل بن غزوان عن نافع وحده. وأخرجه هو، والطحاوي (1/97) ، والبيهقي (3/160) من طرق أخرى عن ابن جابر عن نافع ... به نحوه. 1098- قال أبو داود: " ورواه عبد الله بن العلاء عن نافع قال: حتى إذا كان عند ذهاب الشفق؛ نزل فجمع بينهما ". (قلت: هذا هو المحفوظ عن نافع عن ابن عمر: أن جمعه بين الصلاتين كان حقيقيّاً لا صُوريِاً) . لم أجد من وصله! وعبد الله بن العلاء- وهو ابن زَبْرٍ - ثقة. وقد تابعه جماعة من ثقات أصحاب نافع على هذا اللفظ. خلافاً للفظ ابن فضيل وابن جابر كما تقدم قبله، وقد ذكرت هناك اسماء بعضهم. ومنهم عبيد الله ابن عمر قال: أخبرني نافع: أن ابن عمر كان إذا جَدَّ به السير؛ جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق، ويقول: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا جَدَّ به السير؛ جمع بين المغرب والعشاء. أخرجه مسلم (2/150) ، وأحمد (2/4 و 54) .

1099- عن ابن عباس قال: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة ثمانياً وسبعاً: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد بن زيد. (ح) وثنا عمرو بن عون: أخبرنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس؛ ولم يقل سليمان ومسدد: بنا. قل: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/167) من طرق أخرى عن سليمان بن حرب ومسدد وأبي الربيع قالوا: ثنا حماد بن زيد ... به. وأخرجه مسلم (2/152) من طريق أبي الربيع الزهراني وحده. وتابعه سفيان بن عيينة عن عمرو ... به وزاد: قلت: يا أبا الشعثاء- وهو جابر بن زيد-! أظنه أخَّرَ الظهر وعجَّل العصر، وأخر المغرب وعجَّل العشاء؟ قال: وأنا أطنَ ذلك. أخرجه البخاري (2/51) ، ومسلم، والشافعي (1/118- 119/348) ، والنسائي (1/98) ، وأحمد (1/221) . وأدرج النسائي هذه الزيادة في الحديث! وهو وهم من بعض رواته. وتابعه شعبة عن عمرو بن دينار ... به دون الزيادة.

أخرجه البخاري (1/98) ، وأبو عوانة (2/354) . وقال شعبة: حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس قال ... فذكره بلفظ سعيد بن جبير عن ابن عباس المتقدم (1096) . وسنده صحيح على شرطهما؛ فهو شاهد قوي له. 1100- قال أبو داود: " ورواه صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال: في غير مطر". (قلت: حديث صحيح. وكذلك رواه جابر بن زيد عن ابن عباس: عند أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين. وكذلك رواه سعيد بن جبير عنه كما تقدم برقم (1096)) . وصله أحمد والطبراني كما تقدم تخريجه قبل ثلاثة أحاديث وتابعه. جابر بن زيد كما ذكرنا آنفاً. 1101- عن عبد الله بن دينارقال: غابت الشمس وأنا عند عبد الله بن عمر، فسِرْنا، فلما رأيناه قد أمسى قلنا: الصلاةَ. فسار حتى غاب الشفق وتصوَّبتِ التجوم، ثم إنه نزل فصلى الصلاتين جميعاً، ثم قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جَدَّ به السير؛ صلى صلاتي هذه، يقول: يجمع بينهما بعد لَيْلٍ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) .

إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب: ثنا ابن وهب عن الليث: قال ربيعة - يعني: كتب إليه-: حدثني عبد الله بن دينار. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. والحديث أخرجه البيهقي (3/160- 161) من طريقين آخرين عن الليث بن سعد ... به؛ دون قوله: يعني: كتب إليه. 1102- قال أبو داود: " رواه عاصم بن محمد عن أخيه عن سالم ". (قلت: وصله الدارقطني بسند صحيح) . وصله الدارقطني (150) بسند صحيح عن عاصم عن أخيه عمر بن محمد ... به. 1103- ورواه ابن أبي نَجِيحٍ عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذُؤيب: أن الجمع بينهما من ابن عمر كان بعد غُيُوبِ الشفق. (قلت: وصله الشافعي وأحمد والنسائي بإسناد صحيح) . وصله النسائي (1/98- 99) ، وأحمد (2/12) من طريق سفيان عن ابن أبي نجيح ... به. وكذا رواه الشافعي (117/1/346) ، وعنه البيهقي (3/161) . قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب، وهو ثقة. وهذه الطرق الثلاث تشهد لحديث نافع المتقدم (1097) في أن جمع ابن عمر

كان بعد غيوب الشفق، وهو الصواب المحفوظ عن ابن عمر، كما تقدم بيانه هناك من روية نافع وغيره عنه. ومن أجمع الروايات ما في "المسند" (2/80) : ثنا عبد الرزاق عن يحيى وعبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا جَدَّ به السير جمِع بين المغرب والعشاء- وكان في بعض حديثهما- إلى ربع الليل؛ أخرهما جميعآ. وهو إسناد صحيح على شرط الستة. 1104- عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ارتحل قبل أن تَزِبغَ الشمس؛ أخَّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل؛ صلى الظهر ثم ركب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المصنف، والشيخان بإسناده) . إسناده: حدثنا قتيبة وابن موهب- العنى- قالا: ثنا المُفَضَلُ عن عُقَيْلٍ عن ابن شهاب عن أنس. قال أبو داود: " كان مُفَضَّلٌ قاضيَ مصر، وكان مجاب الدعوة، وهو ابن فَضَالة". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/352) ، والبيهقي (3/161) من طريق المصنف.

والأول من طريق أخرى عن يزيد بن مَوْهَب ... به. وأخرجه البخاري (2/41- 42) ، ومسلم (2/150- 151) ، والنسائي (1/98) ، وأحمد (3/247) كلهم أخرجوه ... بإسناد المصنف الأول. وأخرجه أبو عوانة، والدارقطني (150) ، والبيهقي، وأحمد (3/265) من طرق أخرى عن المفضل ... به. وتابعه الليث بن سعد عن عُقَيل بن خالد ... به؛ دون الشطر الثاني منه، وقال: أول وقت العصر. أخرجه مسلم والدارقطني والبيهقي. وفي رواية للبيهقي من طريق ابن راهَوَيْهِ: أنا شَبَابَةُ بن سَوارٍ عن ليث بن سعد ... به؛ دون الشطر الأول، ولفظه: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان في سفر فزالت الشمس؛ صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل. وإسناده صحيح. وعزاه الحافظ في "بلوغ المرام " للحاكم في "الأربعين " بإسناد صحيح، وأبي نعيم في "مستخرج مسلم ". وتابع الليثَ: جابرُ بن إسماعيل: عند المصنف وغيره، وهو الأتي: 1105- وفي رواية قال: وبؤخر المغرب؛ حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق. (قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحبهما") . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ. ثنا ابن وهب: أخبرني جابر بن

إسماعيل عن عُقَيْل ... بهذا الحديث بإسناده قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المهري، وهو ثقة. ثم استدركت فقلت: جابر بن إسماعيل لم يذكروا له راوياً غير ابن وهب، ولا وثقه غير ابن حبان، وأخرج له ابن خزيمة في "صحيحه "؛ فهو غير معروف، ولذا قال الحافظ فيه: " مقبول "! وأورده ابن أبي حاتم في كتابه (1/1/501) برواية ابن وهب عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، مشيراً بذلك إلى أنه لم يعرفه. لكن الحديث صحيح بالطريق الذي قبله، وبحديث معاذ الذي بعده. والحديث؛ أخرجه مسلم (2/151) ، وأبو عوانة (2/351) ، والبيهقي (3/161) من طرق عن ابن وهب ... به؛ ولفظه: كان إذا عَجِلَ به السير؛ يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب ... 1106- عن معاذ بن جبل: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوة توك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس؛ أخَّر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيغِ الشمس؛ صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب؛ أخَّر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب؛ عجَّل العشاء فصلاها مع المغرب. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الترمذي: " حديث

275- باب قصر قراءة الصلاة في السفر

حسن صحيح "، وقال ابن القيم: " إسناده صحيح ") إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل 0 قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد أُعِل بما لا يقدح كما بينته في "الإرواء" (578) ، وابن القيم من قبلي في "الزاد". وقال في "إعلام الموقعين ": " وإسناده صحيح، وعلته واهية ". والحديث أخرجه الترمذي والدارقطني والبيهقي وأحمد عن قتيبة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، تفرد به قتيبة، لا نعرف أحداً رواه عن الليث غيره ". قلت: هو ثقة؛ فلا يضر تفرده، ولذلك قال الترمذي في موضع آخر: " حديث حسن صحيح ". 275- باب قصر قراءة الصلاة في السفر 1107- عن البراء قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فصلى بنا العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بـ (التين والزَّيتونِ) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .

276- باب التطوع في السفر

إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عَديَ بن ثابت عن البراء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (1/127) ، ومسلم (2/41) ، وأبو عوانة (2/155) ، والنسائي (1/155) ، والبيهقي (2/393) ، وأحمد (4/302) من طرق عن شعبة ... به. ثم أخرجوه هؤلاء جميعاً، ومالك (1/101) ، والترمذي (2/115) ، وأحمد (4/291 و 298 و 303 و 304) من طرق أخرى عن عدي بن ثابت ... به؛ دون ذكر السفر. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 276- باب التطوُّع في السفر 1108- عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال: صَحِبتُ ابن عمر في طريق- قال:- فصلى بنا ركعتين، ثم أقبل، فرأى ناساً قياماً، فقال: ما يصنع هؤلاء؟! قلت: يسبِّحون. قال: لو كنت مسبِّحاً أتممت صلاني! يا ابن أخي! إني صحبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عزوجل. وصحبت أبا بكر؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل. وصحبت عمر؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل. وصحبت عثمان؛ فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله تعالى، وقد قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .

277- باب التطوع على الراحلة والوتر

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم بإسناده، وأبو عوانة من طريقه، والبخاري مختصراً) . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/336) ، والبيهقي (13/58) ، من طريق المصنف. ومسلم (2/144) ... بإسناده. والبخاري (2/40) ، والنسائي (1/213) ، وابن ماجه (1/331) ، وأبو عوانة أيضا، وأحمد (2/24) من طرق أخرى عن عيسى بن حفص ... به؛ وهو عند البخاري مختصر. 277- باب التطوعُ على الراحلة والوتر 1109- عن سالم عن أبيه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسبحُ على الراحلة أيَ وجه تَوَجهَ، ويوتر عليها؛ غير أنه لا يصلي المكتوبة عليها (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد علقه، ووصله مسلم وأبو عوانة) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد علقه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/150) ، وأبو عوانة (2/342) ، والنسائي (1/85 و122) ، والطحاوي (1/249) ، والبيهقي (2/6 و 491) من طرق عن عبد الله بن وهب ... به. وعلقه البخاري (2/40) فقال: وقال الليث: حدثني يونس ... به. 1110- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سافر فأراد أن يتطوع؛ استقبل بناقته القبلة فكبر، ثم صلى حيث وَخهَة رِكَابُهُ. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال المنذري والنووي والعسقلاني، وصححه ابن السكن، وأخرجه الضياء في "المختارة") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا رِبْعِيئْ بن عبد الله بن الجارود: حدثني عمرو بن أبي الحجاج: حدثني الجارود بن أبي سَبْرَة: حدثني أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد حسن، كما قال المنذري في "مختصره " (2/59) ، وتبعه النووي وابن حجر، وصححه ابن السكن كما نقلته في تخريج "صفة الصلاة". وأعله ابن القيم بما لا يقدح كما ذكرته هناك! ورجاله كلهم ثقات معرفون؛ غير الجارود بن أبي سبرة، وقد وثقه الدارقطني وابن حبان. وقال أبو حاتم: " صالح الحديث ". والحديث أخرجه الدارقطني (152) ، والبيهقي (2/5) ، وأحمد (3/203) ، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (2/72) من طرق عن ربعي بن عبد الله ابن الجارود ... به.

1111- عن عبد الله بن عمر أنه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي على حمار وهو متوجِّهٌ إلى خيبر. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحُبَابِ سعيد بن يسارعن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/165) . وعنه: مسلم (2/149) ، وأبو عوانة (2/343) ، والنسائي (1/121) ، وابن خزيمة (1268) ، والبيهقي (2/4) كلهم عن مالك ... به. وقد أعله بعضهم بالشذوذ! ولا وجه له عندي، ولا سيما وله شاهد من حديث أنس مرفوعاً بسند حسن. أخرجه النسائي (1/121) ، والسَّرَاج، كما في "الفتح " (2/576) . 1112- عن جابر قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حاجة، قال: فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق؛ والسجود أخففمن الركوع. (قلت: حديث صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" دون ذكر السجود، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " من طريق المؤلف. وقال

الترمذي: " حسن صحيح ") إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكغ عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/345) من طريق المصنف. وهو، والترمذي (2/182) ، والبيهقي (2/5) ، وأحمد (3/332) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وأخرجه ابن الجارود (228) ، والبيهقي، وأحمد (3/296 و 380) من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ... به نحوه. فصرح أبو الزبير بالتحديث، فأمنا تدليسه. وقال للترمذي. " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم (2/71) من طريق الليث عن أبي الزبير ... به أتم منه؛ دون قوله: والسجود أخفض من الركوع. وأخرجه البخاري (2/40) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثني جابر بن عبد الله: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة؛ نزل فاستقبل القبلة. ورواه زهير: ثنا أبو الزبير ... به نحوه أتم منه. رواه مسلم وغيره، ومضى عند المصنف (859) .

278- باب الفريضة على الراحلة من عذر

278- باب الفريضة على الراحلة من عذر 1113- عن عطاء بن أبي ربا أنه سأل عائشة رضي الله عنها: هل رُخِّصَ للنساء أن يصلين على الدواب؟ قالت: لم يُرَخَّصْ لهن في ذلك في شِذَةٍ ولا رَخاءٍ. قال محمد (ابن شعيب) : هذا في المكتوبة. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا محمد بن شعيب عن النعمان بن المنذر عن عطاء بن أبي رباح. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. وفي "مختصر المنذري " (2/60) : " قال الدارقطني: تفرد به النعمان بن المنذر عن سليمان بن موسى عن عطاء. هذا آخر كلامه. والنعمان بن المنذر هذا: غساني دمشقي تقة، كنيته أبو الوزير "! قلت: وهذا يوهم أن في سند الحديث سليمان بن موسى! وليس ذلك في رواية المصنف، فلعله في رواية الداقطني. فإذا كان كذلك؛ فما أظنه محفوظاً؛ فإنهم لم يذكروا للنعمان هذا رواية عن سليمان بن موسى، وإنما عن عطاء. والله أعلم. والحديث أخرجه البيهقي (2/7) من طريق المصنف.

279- باب متى يتم المسافر؟

279- باب متى يُتِمّ المسافر؟ 1114- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة. قال ابن عباس: ومن أقام سبع عشرة قصر، ومن أقام أكثر أتم. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخارى. وقد أخرجه في "صحيحه " بلفظ: " تسعة عشر ... " وهو الأرجح كما ذكر البيهقي. وقال الترمذي: " حسن صحيح ". وكأن المصنف أشار إلى ذلك بقوله الأتي) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة- المعنى واحد- قالا: ثنا حفص عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأًتي. والحديث في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/112/2) ... بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي (3/150) من طريق أخرى عن حفص بن غياث ... به. وأخرجه البخاري (2/38) ، والدارقطني (149) ، والبيهقي (3/150) من طريق أبي عوانة عن عاصم وحصين عن عاصم ... به. وليس عند الدارقطني: وحصين. وفي روايته: سبعة عشر يوماً. وهي شاذة لما يأًتي، وهي رواية ابن أبي شيبة في "المصنف "، فلعها محرفة من الناسخ أو الطابع ا وقال الإمام أحمد (1/223) ثنا أيو معأً وية. ثنا عاصم الأحول ... به باللفظ الأول.

وكذلك أخرجه الترمذي (2/434) ، والكلحاوي (1/242) ، والبيهقي من طرق عن أبي معاوية ... به. ثم أخرجه البخاري (5/123) من طريقين اخرين عن عاصم ... به. وقال الترمذي: " حديث غريب حسن صحيح ". وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/332) من طريق عبد الواحد بن زياد: ثنا عاصم الأحول ... به. وأخرجه الدارقطني من بعض هذه الوجوه بالرواية الثانية: سبعة عشر، ورجح البيهقي الأولى فقال: "إنها " أصح الروايات، ولم يختلف فيها على عبد الله بن المبارك، وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول. والله أعلم "! ويرد عليه ما قد ذكرته في "الإرواء" (575) . 1115- قال أبو داود: " قال عَباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال: أقام تسع عشرة ". (قلت: حديث صحيح. وقد وصله البيهقي) . وصله البيهقي (3/150) من طريق عبد الوارث: ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال: أقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الفتح تسعة عثرا ليلة؛ يصلي ركعتين ركعتين. وقال البيهقي: " ورواه عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عكرمة: سبع عشرة ".

قلت: لكن رواه عنه شريك، وهو سيئ الحفظ، ولذلك ذكرته في الكتاب الآخر (227) . 1116- عن أنس بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة. فقلنا: هل أقمتم بها شيئاً؟ قال: أقمنا بها عشراً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا وُهَيْب: حدثني يحيى بن أبي إسحاق عن أنس بن مالك. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/38) ، ومسلم (2/145) ، وأبو عوانة (2/346- 347) ، والنسائي (1/211 و 212) ، والترمذي (2/433) ، والدارمي (1/355) ، وابن ماجه (1/333) ، وابن الجارود (224) ، والبيهقي (3/136) ، وأحمد (3/187 و 195) ، من طرق أخرى عن يحيى ... به. وصححه الترمذي كما ذكرنا في الأعلى" 1117- عن عمر بن علي بن أبي طالب: أن علياً رضي الله عنه كان إذا سافر سار بعدما تغرب الشمس ... (*)

_ (*) هذا الحديث علق عليه الشيخ رحمه الله: " ينقل إلى " الضعيف "؛ إلا إذا وجد له متاخ أو شاهد "؛ فانظره هناك. برقم (227/م) .

280- باب: إذا أقام بأرض العدو يقصر

1118- سمعت أبا داود يقول: " وروى أسامة بن زيد عن حفص بن عبيد الله- يعني: ابن أنس بن مالك-: أن أنساً كان يجمع بينهما حين يغيب الشفق، وبقول: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع ذلك ". (قلت: لم أر من وصله من هذا الوجه! وقد مضى موصولاً من الوجه الاتي معلقاً) . لم أجد من وصله إلا من الوجه الآتي بعده! 1119- ورواية الزهري عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. (قلت: وصله المصنف فيما تقدم (1105)) . تقدمت هذه الرواية موصولة: عند المصنف برقم (1105) ، وذكرنا أن مسلماً أخرجه. 280- باب: إذا أقام بأرض العدو يقصر 1120- عن جابر بن عبد الله قال: أقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـ (تبوك) عشرين يوماً؛ يقصر الصلاة. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2738) ، وابن حزم والنووي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله. قال أبو داود: " غير معمر لا يسنده ".

281- باب صلاة الخوف

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ومعمر ثقة قد احتجا به جميعاً. والحديث في "مسند أحمد" (3/295) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه ابن حبان (546) . ثم أخرجه هو، والبيهقي (3/152) من طريقين آخرين عن عبد الرزاق ... به. وقد أُعِل الحديث بما لا يقدح، وقد صححه من ذكرنا، وفصلت القول في ذلك في "إرواء الغليل " (رقم 574) . 281- باب صلاة الخوف من رأى أن يصلي بهم وهم صفان، فيكبر بهم جميعاً، ثم يركع بهم جميعاً، ثم يسجد الامام والصف الذي يليه؛ والآخرون قيام يحرسونهم، فإذا قاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم، ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدم الصف الأخير إلى مقامهم، ثم يركع الامام ويركعون جميعاً، ثم يسجد ويسجد الصف الذي يليه؛ سجد الآخرون، ثم جلسوا جميعاً، ثم سلم عليهم جميعاً. قال أبو داود: " هذا قول سفيان ". 1121- عن أبي عَيَّاش الزُّرَقِيً قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (عًسْفَانَ) وعلى المشركين خالد بن الوليد، فصلينا الظهر، فقال المشركون: لقد أصبنا غِرَّةً، لقد أصبنا غَفْلةً، لو كنَّا حملنا عليهم وهم في الصلاة! فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر، فلما

حضرت العصر، قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستقبل القبلة والمشركونْ أمامه، فصَفَّ خلف رسول الله صف، وصفَّ بعد ذلك الصف صف اخر، فركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وركعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يَلُونه، وقام الاخرون يحرسونهم، فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا؛ سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم، ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدم الصفً الأخير إلى مقام الصفِّ الأول، ثم ركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وركعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصفً الذي يليه؛ والآخرون يحرسونهم، فلما جلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصفُ الذي يليه؛ سجد الآخرون، ثم جلسوا جميعاً، فسلَّم عليهم جميعاً. فصلاها بـ (عْسْفان) ، وصلاها يوم بني سُلَيمِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان والدارقطني والبيهقي) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ رجاله رجال الشيخين. والحديث أخرجه الدارقطني (186) ، والحاكم (1/337) ، والبيهقي (3/256) من طرق أخرى عن سعيد بن منصور ... به. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان (587) ، والدارقطني من طرق أخرى عن جرير بن عبد الحميد ... به. وقال الدارقطني:

"صحيح ". ثم أخرجه هو، والنسائي (1/230 و 231) ، والطحاوي (1/188) ، وابن الجارود (232) ، وابن حبان أيضا (588) ، والطيالسي (323) ، وعنه البيهقي (3/254) ، وأحمد (4/59- 60) من طرق أخرى عن منصور ... به. وقد صرح مجاهد بالتحديث في رواية جرير: عند ابن حبان؛ فذلك مما يرد إعلال من أعله بالانقطاع بينه وبين أبي عياش. ولذلك قال البيهقي: " وهذا إسناد صحيح. وقد رواه قتيبة بن سعيد عن جرير؛ فذكر فيه سماع مجاهد من أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي ". 1122- قال أبو داود: " روى أيوب وهشام عن أبي الزبير عن جابر ... هذا المعنى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". (قلت: وصله عنهما: أبو عوانة في "صحيحه "، وهو ومسلم من طرق أخرى عن أبي الزبير، وصرح هذا بالتحديث في بعضها) . قلت: وصله أبو عوانة في "صحيحه " (2/360 و 361) عن أيوب وهشام. وأحمد (3/374) من طريق هشام بن أبي عبد الله صاحب الدّسْتوَائي وحده. وأبو عوانة، ومسلم (2/213) من طريق زهير: حدثنا أبو الزبير ... به؛ وصرح أبو الزبير بالتحديث عند أبي عوانة، وكذا ابن حبان (2866- إحسان) . وأبو عوانة، والنسائي (1/230) ، والطحاوي (1/م 18) من طريق سفيان عن أبي الزبير ... به. ويأتي له طريق أخرى بعد حديث.

1123- وكذلك رواه داود بن حصَيْن عن عكرمة عن ابن عباس. (قلت: وصله النسائي وأحمد بسند حسن) . وصله النسائي (1/228) ، والبيهقي (3/258- 259) ، وأحمد (1/265) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني داود بن الحصين ... به نحوه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن إسحاق؛ فقد أخرج له مسلم متابعة. 1124- وكذلك عبد الملك عن عطاء عن جابر. (قلت: وصله مسلم وأبو عوانة من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان) . وصله مسلم (2/213) ، وأبو عوانة (2/8 فى 3- 359) ، والنسائي (1/230) ، والبيهقي (3/257) ، وأحمد (3/319) من طرؤ عن عبد الملك بن أبي سليمان ... به. وله في "المسند" (3/298 و 364 و 364- 365 و 390) ، ومسلم (4/212- 215) ، وأبي عوانة (2/362) طرق أخرى عن جابر رضي الله عنه. وانظر الحديث الآتي (1133) . 1125- وكذلك عكرمة بن خالد عق مجاهد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه مرسلاً) . قلت: وصله ابن أبي شيبة (2/115/2) : وكيع قال: حدثا عمر بن ذر سمعه من مجاهد قال:

282- باب من قال: يقوم صف مع الامام وصف وجاه العدو،

كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (عسفان) ... قلت: فذكره نحو حديث منصور عن مجاهد عن أبي عياش التقدم (1121) . وقد وصله ابن أبي شيبة أيضا من طريق سفيان عن منصور ... به. وهو صحيح الإسناد مرسلاً وموصولأ. وقد أخرجه ابن حبان (588) من طريق ابن أبي شيبة موصولأ. وأخرجه ابن جرير (10374) من طريق أخرى عن عمر بن ذَز ... به مرسلأ. 282- باب من قال: يقوم صفٌّ مع الامام وصف وِجَاهَ العدو، فيصلي بالذين يَلُونَهُ ركعة، ثم يقوم قائماً حتى يصلي الذين معه ركعة أخرى، ثم ينصرفون فيصلون وِجَاهَ العدو، وتجيء الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعهَ، ويثبت جالساً، فيتمون لأنفسهم ركعة أخرى، ثم يسلم بهم جميعاً 1126- عن سهل بن أبي حَثْمَةَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بأصحابه في خوف، فجعلهم خلفه صَفيْنِ، فصلَّى بالذين يَلُونه ركعة، ثم قام، فلم يزل فائماً حتى صلى الذين خلفهم ركعة، ثم تقدموا، وتأخر الذين كانوا قدَّامهم، فصلى بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعة، ثم قعد؛ حتى صلى الذين تخلَّفوا ركعة، ثم سلم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في

" صحيحه " بإسناد المصنف، وأبو عوانة من طريقه، وأخرجه البخاري " وقال الترمذي: " حسن صحيح ". وسهل بن أبي حثمة صحابي صغير لم يدرك هذه القصة، فهو مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة) . إسناده: حدئنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه عن صالح بن خَوَّات عن سهل بن أبي حثمة. قال أبو داود: " أما رواية يحيى بن سعيد عن القاسم نحو رواية يزيد بن رومان؛ إلا أنه خالفه في السلام. ورواية عبيد الله نحو رواية يحيى بن سعيد قال: ويثبت قائماً ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/364) ، والبيهقي (3/253) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/214) ... بإسناده. وأخرجه البخاري (5/95) ، والنسائي (1/228) ، والترمذي (2/456) ، والدارمي (1/358) ، وابن ماجه (1/380) ، وابن الجارود (237) ، وأحمد (3/448) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". قلت: وسهل بن أبي حئمة صحابي صغير، مات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان سنين. وعلى هذا؛ فروايته لقصة صلاة الخوف هذه مرسلة؛ لأنها كانت يوم ذات الرقاع، كما فما الرواية الآتية، وكانت بعد خيبر، كما قواه الحافظ في "الفتح " (7/340) ؛ أىِ: سنة سبع. وقول المصنف:

283- باب من قال: إذا صلى ركعة وثبت قائما؛

" أما رواية يحيى بن سعيد ... "! لا مناسبة له هنا؛ لأن رواية يحيى بن لسعيد وغيره لم يسبق لها ذكر. وقد أعاده بعد حديث؛ وهو الصواب، ولعل ذكره هنا خطأ من بعض رواة الكتاب أو نساخه. 283- باب من قال: إذا صلى ركعة وثبت قائماً؛ أتَمُّوا لأنفسهم ركعة ثم سلَموا، ثم انصرفوا فكانوا وِجَاهَ العدو، واخْتُلِفَ في السلام 1127- عن صالح بن خَوَّاتٍ، عَمَّن صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: أن طائفةً صَفَّتْ معه، وطائفةٌ وِجاهَ العدوِّ، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتَمُّوا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفّوا وِجَاهَ العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلَّى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالساً، وأتَمُوا لأنفسهم، ثم سلَّم بهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو عوانة عن المصنف، والشيخان في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خَوات. قال مالك: وحديث يزيد بن رومان أحب ما سمعت إليَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/364) من طريق المصنف.

ثم أخرجه هو، والبخاري (5/94- 95) ، ومسلم (2/214) ، والنسائي (1/229) ، وابن الجارود (235) ، والد ارقكلني (186) - وقال: " صحيح "-، والبيهقي (3/252- 253) ، وأحمد (5/370) كلهم عن مالك، وهذا في "الموطأ" (1/192) ؛ وليس عندهم قول مالك في آخره: وحديث يزيد بن رومان ... إلا أحمد وحده. نعم؛ هو في "الموطأ" عقب حديث القاسم بن محمد الآتي بعده. وهو- مع أنه موقوف- مخالف لهذا؛ فإن فيه أن سلام الإمام قبل قيام الطائفة الأخرى إلى الركعة الثانية! وفي هذا أنه يسلم بهم. قال البيهقي: " وهذا أولى أن يكون صحيحاً؛ لموافقته رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، وسائر ما مضى في البالب قبله ". 1128- عن سهل بن أبي حَثْمة: أن صلاة الحوف: أن يقوم الامام وطاائفة من أصحابه، وطائفةٌ مواجِهَةُ العدو، فيركع الامام ركعة، ويسجد بالذين معه، ثم يقوم، فإذا استوى قائماً ثبت قائماً، وأتَمُّوا لأنفسهم الركعة الباقية، ثم سلَّموا وانصرفوا؛ والامامُ قائمٌ، فكانوا وِجاهَ العد ؤَ، ثم يُقْبِلُ الآخرون الذين لم يصلّوا، فيُكبرون وراء الامام؛ فيركع بهم وشعجد بهم، ثم يسلِّم، فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلَمون. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري في "صحيحه " دون ذكر التسليم في الموضعين، وأخرجه أبو عوانة من طريق المصنف. وهو موقوف، والذي قبله مرفوع، وفيه سلام الإمام بالطائفة الثانية، وهو الأصح، كما قال البيهقي) .

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خَوات الأنصاري أن سهل بن أبي حثمة الأنصاري حدثه. قال أبو داود: " وأما رواية يحيى بن سعيد عن القاسم نحو رواية يزيد بن رومان؛ إلا أنه خالفه في السلام. ورواية يحيى بن سعبد قال: قال: ويثبت قائماً ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/192- 193) ، ثم قال مالك: " وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خَوَّات أحب ما سمعت إلي في صلاة الخوف ". وأخرجه أبو عوانة (2/362) من محلريق المصنف. وأخرجه ابن الجارود (236) ، والبيهقي (3/254) ، وأحمد (3/448) من طرق أخرى عن مالك ... به. وقال البيهقي: " كذا رواه مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري. وخالفه سفيان بن سعيد الثوري؛ فرواه عن يحيى بن سعيد ... بإسناده ومعناه؛ إلا أنه قال في آخره: ثم ذهبوا إلى مَصَافِّ أولئك وجاؤوا أولئك، وقاموا وراء الإمام. فصلى بهم ركعة، ثم قاموا فقضوا تلك الركعة، ثم سلم الإمام ... "، ثم ساق إسناده إلى الثوري به، ثم قال: " وكذلك رواه رَوْحُ بن عُبَادة عن شعبة ومالك ... قال في آخره: ثم يسلم. وهذا أولى أن يكون صحيحاً ... " إلخ كلامه الدي ذكرته في الحديث قبله. ورواية روح؛ وصلها ابن الجارود وأحمد. وأخرجه البخاري (5/95) ، والترمذي (2/455) ، وابن ماجه (1/380) ،

284- باب من قال: يكبرون جميعا وإن كانوا مستدبري القبلة،

وابن جرير (9/ 147/10349) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري ... به؛ دون قوله: ئم يسلِّم ... وقوله: ثم يسلمون. لكن رواه ابن جرير (10348) من طريق عبد الوهاب قال: سمعت يحيى بن سعيد قال: سمعت القاسم ... به. و (10349) من طريق يزيد بن هارون قال: أخبرنا يحيى بن سعيد ... نحوه؛ وفي رواية عبد الوهاب كما في رواية مالك: ثم سلم ... و: ثم سلموا. وهذا يدل على أن مالكاً قد توبع على قوله: ثم يسلم. وإن كانت رواية سفيان الثوري أصح؛ لما سبق عن البيهقي. والله أعلم. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/362) من طريق المصنف. ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن يحيى الأنصاري. 284- باب من قال: يكبِّرون جميعاً وإن كانوا مستدبري القبلة، ثم يصلِّي بمن معه ركعة، ثم يأتون مصافَّ أصحابهم، ويجيء الآخرون، فيركعون لأنفسهم ركعة، ثم يصلِّي بهم ركعة، ثم تقْبِل الطائفة التي كانت مُقابلَ العدوِّ، فيركعون لأنفسهم ركعة والإمامُ قاعدٌ، ثم يسلِّم بهم كلِّهم 1129- عن عروة بن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم: أنه سأل أبا هريرة: هل صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! صلاة الخوف؟ قال أبو هريرة: نعم.

قال مروان: متى؟ فقال أبو هريرة: عَامَ غَزْوِ نَجْدٍ؛ قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى صلاه العصر، فقامت معه طائفةٌ، وطائفةٌ أخرى مقابلَ العدو وظهورُهم إلى القبلة، فكبَّر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكبروا جميعاً: الذين معه والذين مقابلي العدو، ثم ركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعةً واحدةً، وركعت الطائفة التي معه، ثم سجد، فسجدت الطائفة التي تليه، والآخرون قيامٌ مُقابلي العدوِّ، ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقامت الطائفة التي معه، فذهبوا إلى العدو فقابلوهم، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو، فركعوا وسجدوا؛ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائمٌ كما هو، ثم قاموا، فركع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعة أخرى وركعوا معه، وسجد وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو، فركعوا وسجدوا، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاعدٌ ومن معه، ثم كان السلام، فسلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلَّموا جميعاً، فكان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتان، ولكلِّ رجل من الطائفتين ركعتان. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ: ثنا حيوة وابن لهيعة قالا: أخبرنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن لهيعة، ولكنه مقرون. وغير مروان بن الحكم؛ فإنه من رجال البخاري، وهو متكلم فيه، ولا يضر ذلك في الحديث؛ لأن الظاهر أن عروة لا يروي الحديث عنه؛ بل عن أبي هريرة،

وإنما ذكره بينه وبين أبي هريرة؛ ليتحدث عن أنه هو السائل لأبي هريرة، لا على أنه هو الراوي عنه. ويؤيد ذلك أمران: الأول: أن الحاكم والذهبي صححاه- كما يأتي- على شرط الشيخين، ومروان ليس على شرط مسلم كما تقدم. فلولا أنه ليس من رجال سند الحديث؛ لم يصححاه- إن شاء الله تعالى- إلا على شرط البخاري وحده! ويؤيده: الأمر الأخر: وهو أن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود روياه عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة مباشرة؛ لم يذكرا بينهما مروان بن الحكم، كما في الرواية الأتية. والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (2/320) : ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ... به. وأخرجه النسائي (1/229- 230) ، وابن خزيمة (1361) ، والطحاوي (11/85) ، والحاكم (1/338) ، والبيهقي (3/264) من طرق أخرى عن عبد الله ابن يزيد أبي عبد الرحمن المقرئ ... به؛ إلا أنهم لم يذكروا ابن لهيعة في إسناده؛ سوى أن النسائي أشار إليه فقط. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. 1130- وفي رواية عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى نجد، حتى إذا كنا بـ (ذات الرقَاع) من (نَخْل) ؛ لقي جمعاً من غَطَفَانَ ... فذكر معناه، ولفظه على غير لفظ حيوة؛ وقال فيه حين ركع بمن معه وسجد، قال:

فلما قاموا؛ مَشَوُا القَهْقَرَى إلى مصافَ أصحابهم ... ولم يذكر استدبار القبلة. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن عمرو الرازي: ثنا سلمة: حدثني محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود عن عروة بن الزبير. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم (*) ؛ إلا أنه ما أخرج لابن إسحاق إلا متابعة. وابن الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود أبو الأسود المدني، يتيم عروة. وليس للإسناد عِلًة؛ سوى عنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية يونس بن بكير عنه؛ كما سأذكره. والحديث أخرجه ابن حبان (585) عن ابن خزيمة، وهذا في "صحيحه " (1362) من طريق أحمد بن الأزهر: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد لن كبد الرحمن بن نوفل- وكان يتيماً في حجر عروة بن الزبير قال (1) : سمعت أبا هريرة؛ ومروان بن الحكم يسأله عن صلاة الخوف ... الحديث. قلت: وهذا يؤيد التأويل الذي ذكرته في الحديث الذي قبله في قوله: عروة ابن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم ... أنه ليس من رواية عروة عن مروان؛ فتأمل! وأخرجه الطحاوي (1/186) ، والبيهقي (3/264) من طريق يونس بن بكير

_ (*) لكن سلمة هذاث هو ابن الفضل الأبش، وليس من رجال مسلم؛ كما في "السلسلة الصحيحة " (2/279) . (الناشر) . (1) كذا في "الموارد"! وكأنه سقط من الناسخ أو الطابع قوله. (عن عروة بن الزبير)

عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ... به. وهذا إسناد حسن. وقد رواه ابن جعفر بإسناد آخر، كما في الحديث الآتي بعده. وله في النسائي (1/230) ، وابن حبان (584) ، و "المسند" (2/522) طريق أخرى عن أبي هريرة ... نحوه مختصراً. وسنده جيِّد- 1131- عن عروة بن الزبير؛ أن عائشة حدثته بهذه القصة قالت: كبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكبَرت الطائفة الذين صفوا معه، ثم ركع فركعوا، ثم سجد فسجدوا، ثم رفع فرفعوا، ثم مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً، ثم سجدوا لأنفسهم الثانية، ثم قاموا فنَكَصُوا على أعقابهم، يمشون القَهْقَرَى، حتى قاموا من ورائهم، وجاءت الطائفة الأخرى، فقاموا فكبروا، ثم ركعوا لأنفسهم، ثم سجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسجدوا معه، ثم قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسجدوا لأنفسهم الثانية، ثم قامت الطائفتان جميعاً، فصلوا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فركع فركعوا، ثم سجد فسجدوا جميعاً، ثم عاد فسجد الثانية، وسجدوا معه سريعاً كأسرع الاسراع جاهداً، لا يَأْلُونَ سِرَاعاً، ثم سفم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلموا، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وقد شاركه الناس في الصلاة كلَها. (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان (2862) ، والحاكم، وقال: " على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) .

285- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة،

إسناده: قال أبو داود: " وأما عبيد الله بن سعد فحدثنا قال: حدثني عمي: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير: أن عروة بن الزبير حدثه ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير ابن إسحاق، فأخرج له مسلم متابعة، وقد صرح بالتحديث. وعم عبيد الله: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد. والحديث أخرجه ابن حبان (589) ، والحاكم (1/336) ،والبيهقي (3/265) ، وأحمد (6/275) من طرق أخرى عن يعقوب بن إبراهيم ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي! 285- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم، فيقوم كل صف، فيصلون لأنفسهم ركعة 1132- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بإحدى الطائفتين ركعةً، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا فقاموا مقام أولئك، وجاء أولئك، فصلى بهم ركعة أخرى، ثم سلَّم عليهم، ثم قام هؤلاء، فقضوا ركعتهم، وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه

الترمذي، وقال الخطابي: " جيد الاسناد ") إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زرَيْع عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر. قال أبو داود: " وكذلك رواه نافع وخالد بن مَعْدان عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكذلك قول مسروق ويوسف بن مهران عن ابن عباس. وكذلك روى يونس عن الحسن عن أبي موسى أنه فعله ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/95) ... بإسناد المصنف. والبيهقي (3/260) من طريق أخرين عن مسدد. والنسائي (1/229) ، والترمذي (2/453) من طريقين آخرين عن ابن زربع. وقال الترمذي: " حديث صحيح ". ومسلم (2/212) ، وأبو عوانة (2/357) ، وابن الجارود (233) ، والدارقطني (185) ، وأحمد (2/147) من طريق عبد الرزاق: أنا معمر ... به. وابن جرير (10369) من طريق ابن عبد الأعلى عن معمر ... به. والبخاري (2/13 و 5/95) ، والنسائي، والدارمي (1/357) ، والطحاوي (1/184) ، والبيهقي، وأحمد (2/150) ، وابن جرير من طرق أخرى عن الزهري ... به. وقال الخطابي في "معالم السنن " (2/68) : " وهذا حديث جيد الإسناد ". وتابعه نافع عن ابن عمر ... نحوه.

286- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم،

أخرجه مسلم، وأحمد (2/132 و 155) ، وابن جرير (10365 و 10370 و10371) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين. 286- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم، فيقوم الذين خلفه فيصلون ركعة، ثم يجيء الأخرون إلى مقام هؤلاء فيصلون ركعة [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 287- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ولا يقضون 1133- عن ثعلبة بن زَهْدَمً قال: كنا مع سعيد بن العاص ب (طَبَرِسْتَانَ) ، فقام فقال: أيكم صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الخوف في فقال حذيفة: أنا. فصلى بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة؛ ولم يَقْضُوا. (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثني الأشعث بن سُلَيم عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم. قال أبو داود: " وكذا رواه عبيد الله بن عبد الله ومجاهد عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعبد الله بن شقيق عن أبي كريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ويزيد الفقير وأبو موسى جميعاً عن حابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد قال بعضهم في حديث يزيد

الفقير: إنهم قضوا ركلعة أخرى (1) ، وكذلك رواه سماك الحنفي عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك زيد بن ثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فكانت للقوم ركعة، وللنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ثعلبة بن زهدم، وقد جزم بصحبته جماعة. وقال العجلي: "تابعي ثقة ". والحديث أخرجه النسائي (1/228) ، وابن أبي شيبة (2/115/1) ، وابن خزيمة (1343 و 1344) ، وابن حبان (586) ، و (2857- الإحسان) ، والحاكم (1/335) ، والبيهقي (1/263) ، وأحمد (5/385 و 399) من طرق عن سفيان ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإساد "، ووافقه الذهبي. وللحديث طريق أخرى: عند أحمد (5/395) ، والطحاوي (1/183) من طريق أبي رَوْق عطية بن الحارث: ثنا مُخْمِلُ بْنُ دَمَاثٍ قال:

_ (1) ثم رأيته فه "صحيح ابن خزيمة" (1351) ، وعنه ابن حبان (2957) ، والحاكم (1/336) من طريق شرَحْبِيل أبي سعد عن جابر ... مطولاً. وصححه الحاكم! وردّه الذهبي ب (شرحبيل) هذا- وفي حديثه تكارة من وجوه؛ لخالفته لما رواه عطاء وأبو الزبير- عند مسلم-، وغيرهما- عند غيره- مثل حديث أبي عياش الزرقي المتقدم (1121) . وقد علّق المؤلف- عقبه- الطريقين المشار بليهكلما، وقد ذكرت من وصلهما هناك. وفيهما: أنهم صلَّوا خلفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الركعتين، وأنهم سلموا منه جميعاً. ومن تلك الوجوه: أن الصف الثاني كانوا نعوداً خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وجوههم كلهم إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

غزوت مع سعيد بن العاص، قال: فسأل الناس: من شهد منكم صلاة الخوف مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ... الحديث. ورجاله ثقات معروفون؛ غير مخمل بن دماث، لم يوثقه أحد غير ابن حبان. وله طريق ثالثة؛ يرويه أبو إسحاق عن سَيْمِ بن عبد السَلولي قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان ... الحديث نحوه؛ إلا أنه قال: فقال حذيفة: أنا؛ فَأْمُرْ أصحابك يقومون طائفتين؛ طائفة خلفك، وطائفة بإزاء العدو؛ فتكير ويكثرون جميعاً، ثم تركع فيركعون جميعاً، ثم ترفع فيرفعون جميعاً، ثم تسجد ويسجد معك الطائفة التي تليك، والطائفةُ التي بإزاء العدو قيائم بإزاء العدو، فإذا رفعت رأسك من السجود يسجدون، ثم يتأخر هؤلاء، ويتأخر الآخرون، فقاموا في مصافهم، فتر؟ فيركعون جميعاً، ثم تسجد فتسجد الطائفة التي تليك، والطاثفةُ الأخرى قائمة بإزاء العدو، فإذا رفعت رأسك من السجود سجدوا، ثم سلمت وسلم بعضهم على بعض، وتأمر أصحابك إن هاجهم هَيْج من العدو؛ فقد حل لهم القتال والكلام. أخرجه أحمد (5/454 و 406) . قلت: وهذا سند ضعيف؛ سُلَيْمُ بن عبد لم يرو عنه غير أبي إسحاق؛ وإن وثقه ابن حبان والعجلي. وأبو إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط. وفيه مخالفة ظاهرة للطريقين الأوليين؛ فإن فيه قضاءَ كل من الطائفتين الركعتين مع الإمام لا ركعة واحدة؛ فلا يجوز حملهما عليه كما فعل البيهقي؛ لما عرفت من ضعف إسناده.

وأما رواية عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس؛ فقد وصلها النسائي (1/228) ، والحاكم (1/335) ، والبيهقي (3/262) ، وأحمد (1/232 و 5/385) من طريق سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ... به نحوه. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! كذا قالا، وهو على شرط مسلم وحده! فإن أبا بكر بن أبي الجهم لم يخرج له البخاري إلا في " جزء القراءة " له. وأما رواية مجاهد عن ابن عباس؛ فقد وصلها مسلم وغيره، وهي الأتية في الكتاب بعد هذا. واما رواية عبد الله بن شقيق؛ فقد خرجتها تحت الحديث (1130) (*) . وأما رواية يزيد الفقير عن جابر؛ فوصلها أبو عوانة (2/362) ، والنسائي (1/230) ، والبيهقي (3/263) ، وأحمد (3/298) من طرق عن يزيد الفقير ... وأخرجه الطيالسي (151/1/725) ، وعنه البيهقي من طريق المسعودي عن يزيد بن صهيب الفقير قال: سألت جابر بن عبد الله عن الركعتين في السفر؛ أقصرهما؟ قال جابر: إن الكعتين في السفر ليستا بقصر، إنما القصر ركعة عند للقتال. قال: ثم أنشأ يحدث ... فذكره نحوه؛ وفيه: فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، وللقوم ركعة.

_ (*) في نهاية التخريج ص (406) . (الناشر) .

وهذا فما رواية الجماعة عن يزيد؛ وإسنادهم صحيح. أما المسعودي فكان اختلط. وأما رواية بعضهم في حديث يزيد الفقير: أنهم قضوا ركعة أخرى؛ فلم أجد من وصلها! وكذلك رواية أبي موسى عن جأبر. ورواية سماك الحنفي عن ابن عمر؛ وصلها البيهقي (3/263) مختصراً جدَاً. وأما رواية زيد بن ثابت؛ فوصلها ابن خزيمة (1345) ، وابن حبان (590) ، والبيهقي (3/262) ، وأحمد (5/183) من طريق القاسم بن حسان عنه. والقاسم هذا فيه جهالة. وبالجملة؛ فهذه شواهد كثيرة تشهد لحديث حذيفة في اقتصار المقتدين على ركعة واحدة لْي صلاة الخوف. ومثله ما يأتي. 1134- عن ابن عباس قال: فرض الله تعالى الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسدد وسعيد بن منصور قالا: ثنا أبو عوانة عن بُكَيْرِ بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/356- 357) من طريق المصنف. ومسلم (2/143) من طريق سعيد بن منصور. وهو، وللنسائي (1/228) ، وابن خزيمة (1346) ، واحمد (1/237) من طرق أخرى عن أبي عوانة ... به. وتابعه أيوب بن عائذ الطائي عن بكير نجن الأخنس،.. به. أخرجه مسلم وأبو عوانة، والبيهقي (3/263- 264) ، وأحمد (1/243) . وقال البيهقي: " ويحتمل أن يكون المراد به ركعة مع الإمام، وينفرد بركعة أخرى ... وفي كيفية صلاة الخوف في الأحاديث الثابتة- مع اختلاف وجوهها والاتفاق في عددها- دليل على صحة هذا التأويل. والله أعلم. وذهب أحمد بن حنبل رحمه الله وجماعة من أصحاب الحديث إلى أن كل حديث ورد في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز. وبالله التوفيق ".! قلت: وهذا المذهب هو الصواب، وبه تجتمع الأ حاديث. وللتأويل المذكور بعيد؛ بل باطل كما يشعر به تصيف الصلوات عي الحديث: في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتبن، وفي الخوف ركعة. ويؤيد بطلانه حديث حذيفة المتقدم: ولم يقضوا ... وقد قال أبو الحسن السندي الحنفي في "حاشيته على النسائي": " قلت: لا منافاة بين وجوب واحدة والعمل باثنتين حتى يحتاج إلى للتأويل للتوفيق؛ لجواز أنهم عملوا بالأحب والأولى. والله تعالى أعلم ".

288- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

288- باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين 1135- عن أبي بَكْرَةَ قال: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خوفٍ الظُّهْرَ، فصفَّ بعضهم خَلْفَهُ، وبعضُهم بإزاء العدوِّ، فصلَّى ركعتين ثم سلم، فانطلق الذين صلَّوْا معه فوقفوا مَوْقِفَ أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلَّوْا خلفه، فصلى بهم ركعتين، ثم سلَّم، فكانت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعاً، ولأصحابه ركعتين ركعتين. وبذلك كان يفتي الحسن. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة. قال أبو داود: " وكذلك في المغرب؛ يكون للإمام ست ركعات، وللقوم ثلاث ركعات ". قال أبو داود: " وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك قال سليمان اليَشْكُرِي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ ولولا أن الحسن- وهو البصري- كان يدلس لقلت: إنه صحيح على شرط البخاري، ولكن الحديث صحيح على كل حال؛ لما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/260) من طريق المصنف. وهو، والنسائي (1/231) ، والطحاوي (1/186) ، والدارقطني (186) ، والحاكم (1/337) ، وأحمد (5/49) من طرق عن أشعث بن عبد الملك الحُمْرَاني ... به.

وتابعه أبو حَرَّةَ عن الحسن ... به. أخرجه الطيالسي (1/151/726) ، وعنه الطحاوي. وأبو حرة: اسمه واصل بن عبد الرحمن البصري؛ قال الحافظ: " صدوق عابد، وكان يدلس عن الحسن " ولفظ الحاكم مغاير للفط الجماعة؛ فإنه قال: صلى بالقوم في صلاة الخوف صلاة المغرب ثلاث ركعات، ثم انصرف، وجاء الأخرون، فصلى بهم ثلاث ركعات. وهو رواية للدارقطني. وقال الحاكم: " سمعت أبا علي الحافظ يقول: هذا حديث غريب ". قال الحاكم: " وإنه صحيح على شرط الشيخين "! وكذلك قال الذهبي في "تلخيصه "! قلت: وهو عندي منكر بهذا اللفظ؛ لأنه تفرد به عمرو بن خليفة البَكرَاوِيُ عن الأشعث دون سائر أصحاب الأشعث؛ فإنهم رووه باللفط الأول. والبكراوي كان في روايته بعض المناكير، كما في "الميزان "، فلا يقبل منه ما خالف فيه للثقات. والله تعالى أعلم. وكأن المصنف رحمه الله أشار إلى تقوية الحديث بالطريقين اللتين علقهما عن جابر. وقد علق الأولى منهما: البخاري أيضا في "صحيحه " (5/96) ، ووصلها ابن أبي شيبة في "المصنف " (12/1/16) ، والطحاوي (1/186) ، وأحمد (3/364) من طريق أبان قال: ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال:

289- باب صلاة الطالب

كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ب (ذات الرقاع) ، فأقيمت الصلاد ... ثم ذكر مثله. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ثم رواه الطحاوي، وأحمد (3/364- 365 و 390) من طريق أبي عوانة عن أبي يشرعن سليمان بن قيس عن جابر قال: قاتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَارِب خَصَفَةَ، فصلى بهم صلاة الخوف ... فذكر مثل ذلك أيضا. وهذا إسناد صحيح أيضا. وقد أخرجه مسلم وغيره من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن جابر ... بسياق آخر نحو سياق حديث أبي عياش الزرقي المتقدم برقم (1121) ، وعلقه المصنف هناك بعد حديثين. فالظاهر أن جابراً رضي الله عنه روى أكثر من صفة واحدة في صلاة الخوف، فروى كل من الرواة ما سمع منه؛ فالكل صحيح. والله أعلم. 289- باب صلاة الطالب 1135/م (*) - عن ابن عبد الله بن أُنيس عن أبيه قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خالد بن سفيان الهذلي، وكان نحو عرنة وعرفات، فقال: " اذهب فاقتله ".

_ (*) هذا الحديث أشار الثح رحمه الله إلى نقله من "الضعيف " بلى هنا، قائلأ: "ينقل إلى "الصحيح "، وانظر "الصحيحة " (3293) .

قال: فرأيته، وحضرت صلاة العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما أن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي؛ اومئ إيماء نحوه، فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، بلغني أنك تجمع لهذا الرجل؛ فجئتك في ذاك، قال: إني لفي ذاك فمشيت معه ساعة، حتى إذا أمكنني؛ علوته بسيفي حتى برد. (قلت: إسناده ضعيف ابن عبد الله بن أُنيس اسمه عبد الله، وهو مجهول) . إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث: ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر عن ابن عبد الله بن أنيس. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير ابن عبد الله بن أنيس، وهو كما قال المنذري في "مختصره " (2/73) : " عبد الله بن عبد الله بن أنيس، جاء ذلك مبيناً من رواية محمد بن سلمة الحراني عن محمد بن إسحاق ". قلت: أورده ابن أبي حاتم (2/2/90) في كتابه وقال: " روى عن أبيه، روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي ". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/108) . قلت: وهذا الحديث إنما هو من رواية محمد بن جعفر- وهو ابن الزبير- عن ابن أنيس. وقد فرق الذهبي بين الذي روى عنه ابن إبراهيم، وبين الذي روى عنه ابن جعفر، وتبعه على ذلك ابن حجر. ثم إنهما لم يذكرا فيهما توثيقاً ولا تجريحاً؛

290- باب تفربع أبواب التطوع وركعات السئنة

فهو في عداد المجهولين؛ فهو علة الحديث. والله أعلم. وقد نقل الشوكاني عن ابن حجر أنه حسن إسناده في "الفتح " (2/437) ، فلينظر؛ فإنه موضع نظر. والحديث أخرجه ابن خزيمة (982) ، وابن حبان (591) ، والبيهقي (3/256) ، وأحمد (3/496) من طرق أخرى عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ... به. وسمى البيهقي ابن عبد الله بن أنيس (عبيد الله) ؛ كذا وقع في المطبوعة: "عبيد" مصغراً، ولعله خطأ مطبعي، فقد نقلنا آنفاً عن المنذري أنه في رواية محمد ابن سلمة ... "عبد الله بن عبد الله "، والبيهقي رواه من طريق ابن سلمة. والله أعلم. 290- باب تفربع أبواب التطوع وركعات السئنةِ 1136- عن أم حبيبة قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى في يوم ثنْتَيْ عَشْرَةَ ركعةً تطوعاً؛ بُنِيَ له بِهِن بيتٌ في الجنة".ً (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريق المصنف، ومسلم في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا ابن عُلَيَةَ: ثنا داود بن أبي هند: حدثني النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن عَنْبسَة بن أبي سفيان عن أم حبيبة.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن عيسى- وهو الطباع-، وهو ثقة؛ وقد أخرجه مسلم من غير طريقه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/261- 262) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/161) - من طريقين آخرين-، وأحمد (6/426) - من طريق ثالث- عن داود بن أبي هند ... به. ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والدارمي (2/335) ، والبيهقي (2/472) ، والطيالسي (1/ 113/519) ، وأحمد (6/327) من طريق شعبة عن النعمان بن سالم ... به. وأخرجه النسائي (1/256) عن أبي إسحاق الهَمْداني عن عمرو بن أوس ... به وابن أبي شيبة (2/17/2) ، والترمذي (2/274) ، والنسائي أيضا، وابن ماجه (1/350) ، وأحمد (6/326- 327) من طرق عن المسيب بن رافع عن عنبسة بن أبي سفيان ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح " 1137- عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التطوع؟ فقالت: كان يصلي قبل الظهو أربعاً في بيتي، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يرجع إلى بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ئم يرجع إلى بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بهم العشاء، ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلاً

طويلا قائماً، وليلاً طويلاً جالساً؛ فإذا قرأ وهو قائم؛ ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد؛ ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين، ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، ورواه أبو عوانة في "صحيحه " أيضا عن المصنف، والترمذي مختصراً، وقال: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا هشيم: أخبرنا خالد. (ح) وثنا مسدد: ثنا يزيد بن زربع: ثنا خالد- المعنى- عن عبد الله بن شقيق. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/262) ، والبيهقي (2/471- 472) من طريق المصنف. وأحمد في "المسند" (6/30) . وأخرجه مسلم (2/162) : حدثنا يحيى بت يحيى أخبرنا هشيم عن خالد ... به ففي رواية "المسند" فائدة هامة، وهي تصريح هشيم بالتحديث؛ فإنه كان يدلس! وأخرجه الترمذي (2/213) من طريق أخرى عن هشيم: أخبرنا خالد ... به مقتصراً على الصلاة قائماً وقاعداً. وكذا رواه النسائي (1/244) من طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق ... به أخصر منه.

وصححه الترمذي. ولابن ماجه (1/355) منه من طريق هشيم: الصلاة بعد المغرب فقط. 1138- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد صلاة العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة؛ حتى ينصرف فيصلي ركعتين. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه البخاري وأبو عوانة بتمامه، ومسلم: الركعتين بعد الجمعة فقط) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "الموطأ" (1/180- 181) . وأخرجه البخاري (2/12) من طريق أخرى عنه ... به. وأخرجه البيهقي (2/477) من طريق عبد الله بن وهب: أخبرني عبد الله بن عمر ومالك بن أنس والليث بن سعد وأسامة بن زيد عن نافع ... به. وأخرجه مسلم (3/17) ، والنسائي (1/210) من طريق مالك ... به مقتصراً على الركعتين بعد الجمعة. وأحمد (2/87) عنه: بالركعتين بعد المغرب فقط. وأخرجه أبو عوانة (2/263) من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع ... بتمامه.

وابن الجارود (276) من طريق أيوب عن نافع ... به؛ دون الركعتين بعد المغرب. وروى الشيخان منه: الركعتين بعد الجمعة. وكذلك المصنف كما تقدم برقم (1032 و 1033) . 1139- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يدع أربعاً فبل الظهر، وركعتين قبل صلاة الغداة. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف) . إسناده: حدثا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/52) ... بإسناد المصنف. وأخرجه البيهقي (2/472) من طريق أخرى عن مسدد ... به. وأخرجه الطيالسي (1/ 113/522) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه النسائي (1/252) ، والدارمي (1/335) ، وأحمد (6/63) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأخرجه البيهقي أيضا من طريق الطيالسي.

291- باب ركعتي الفجر

291- باب ركعتي الفجر 1140- وعنها قالت: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الصبح. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في " صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن ابن جريج: حدثني عطاء عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/470) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (2/51) ، ومسلم (2/160) ، وأحمد (6/54) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة (2/264) ، وأحمد أيضا (6/170) من طرق اْخرى عن ابن جريج ... به. 292- باب في تخفيفها 1141- وعنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخفف الركعتين قبل صلاة الفجر، حتى إني لأقول: هل قرأ فيهما بأم القران؟!

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا زهير بن معاوية: ثنا يحيى ابن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن عن عَضرَةَ عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن أبي شعيب- وهو ابن عبد الله بن أبي شعيب- فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/51) ، ومسلم (2/161) ، وأبو عوانة (2/275- 276) ، والنسائي (1/151) ، وأحمد (6/165 و 186 و 235) من طرق عن يحيى ابن سعيد ... به. وقد توبع، فقال الطيالسي (1/114 و 530) : حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن ... به. وعن الطيالسي: أخرجه أبو عوانة. ومسلم من طريق أخرى عن شعبة ... به. 1142- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في ركعتي الفجر: (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") .

إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا مروان بن معاوية: ثنا يزيد بن كَيْسَانَ عن أبي حازم عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير يزيد بن كيسان؛ فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/279) من طريق المصنف. وأخرجه هو، والبيهقي (3/42) من طريق أخرى عن يحيى بن معين ... به. وأخرجه مسلم (2/160- 161) ، والنسائي (1/151) ، وابن ماجه (1/351) ، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن مروان بن معاوية ... به. وله شاهد من حديث ابن عمر: رواه ابن ماجه، والترمذي (417) وابن حبان (609) وغيرهم من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن مجاهد عنه. وقال الترمذي: "حديث حسن ". قلت: وإسناده صحيح لولا عنعنة أبي إسحاق! ثم تبين لي أن الحديث صحيح، وأن العنعنة فيه ليست علة قادحة، فخرجته في "الصحيحة" (3328) . 1143- عن بلال: أنه أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُؤْذِنَهُ بصلاة الغداة، فشَغَلَتْ عائشة رضي الله عنها بلالاً بأمر سألته عنه؛ حتى فَضَحَهُ الصئبْحُ، فأصبح جداً. قال: فقام بلال، فآذنه بالصلاة، وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما خرج

صلى بالناس، وأخبره أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جدّاً، وأنه أبطأ عليه بالخروج. فقال: " إني كنت رَكَعْتُ ركعتي الفجر ". فقال: يا رسول الله! إنك اصبحت جداً؟! قال: " لو أصبحت أكثر مما أصبحت؛ لركلعتها وأحسنتها وأجملتها". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو المغيرة: ثنا عبد الله بن العلاء: حدثني أبو زيادة عبيد الله بن زيادة الكِنْدِيَ عن بلال أنه حدثه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عبيد الله بن زيادة هذا، وهو ثقة، كما قال دحيم وغيره؛ وقد صرح بسماعه من بلال، فقول من قال: إن روايته عن بلال مرسلة! مردود. والحديث في "المسند" (6/14) . والبيهقي (2/471) من طريق المصنف. 1144- عن ابن عباس: أن كثيراً مما كان يقرأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ركعتي الفجر بـ: (أمنا بالله وما أنزل إلينا ... ) هذه الآية، قال: هذه في الركعة الأولى، وفي الركعة الآخرة بـ: (آمنا بالله واشهد بأنَّا مسلمون) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم والذهبي. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما" دون: إن كثيراً مما ... ) .

اسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا عثمان بن حكيم: أخبرني سعيد بن يسارعن عبد الله بن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/278) من طريق المصنف وغيره عن أحمد بن يونس. وأخرجه مسلم (2/161) ، والنسائي (1/151) ، والبيهقي (3/42) من طرق أخرى عن عثمان بن حكيم ... به؛ وليس عند أحد منهم قوله: إن كثيراً مما ... وأخرجه الحاكم (1/307) من طريق أبي خالد الأحمر: ثنا عثمان بن حكيم ... به مثل رواية المصنف، وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. 1145- عن أبي هريرة: أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في ركعتي الفجر: {قل امنا بالله وما أنزل علينا} (1) في الركعة الأولى، وفي الركعة الأخرى بهذه الأية: {ربنا امنا بما أنزلت واتَّبَعْنا الرسول فاكتُبْنا مع الشاهدين} أو: {إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ولا تُسْألُ عن أصحاب الجحيم} . شك الدراوردي. (قلت: إسناده حسن. وقد أخرجه البيهقي دون قوله: أو: {إنا أرسلناك ... } ) .

_ (1) كذا الأصل و "المنذري "! وفي "البيهقي ": {قولوا آمنا بالله وما اْنزل إلينا} ، وهما آيتان: الأولى في (3/84) ، والأخرى في (12/36) .

293- باب الاضطجاع بعدها

إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبًاح بن سفيان: ثنا عبد العزيز بن محمد عن عثمان بن عمر- يعني: ابن موسى- عن أبي الغَيْثِ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عثمان بن عمر ابن موسى، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات "، وروى عنه جماعة، وكان على قضاء المدينة في زمن مروان بن محمد، ثم ولي القضاء للمنصور. والحديث؛ أخرجه البيهقي (3/43) من طريق سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد؛ دون قوله: أو: {إنا ... } 293- باب الاضطجاع بعدها 1146- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح؛ فليضطجع على يمينه ". فقال له مروان بن الحكم: أما يجزئ أحدَنا ممشاه إلى المسجد، حتى يضطجع على يمينه؟! - قال عبيد الله في حديثه- قال: لا. قال: فبلغ ذلك ابن عمر، فقال: أكثر أبو هريرة على نفسه! قال: فقيل لابن عمر: هل تنكر شيئاً مما يقول؟ قال: لا؛ ولكنه اجترأ على الرواية وَجَبُنَّا! فبلغ ذلك أبا هريرة، قال: فما ذنبي إن كنت حفظت وَنَسوا؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال النووي، وقال الترمذي: " حسن صحيح "، وصححه ابن حبان أيضا (2459) ، وعبد الحق، واحتح به ابن حزم)

إسناده: حدثنا مسدد وأبو كامل وعبيد الله بن عمر بن ميسرة قالوا: ثنا عبد الواحد: ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ فهو على شرطهما. وكذلك قال النووي في "المجموع " (4/28) ، وقد صححه غيره. وأُعِل بما لا يقدح كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/45) ، وابن حزم في "المحلى" (3/196) - محتجاً به- كلاهما من طريق المصنف. وأخرجه الترمذي (2/281) ، وابن خزيمة (1120) ، وابن حبان (612) ، وأحمد (2/415) من طرق أخرى عن عبد الواحد بن زياد ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "؛ وليس عنده وكذا أحمد إلا المرفوع منه فقط. وأما البيهقي فأعله بقوله: " وهذا يحتمل أن يكون المراد به الإباحة؛ فقد رواه محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي صالح عن أبي هريرة ... حكايةً عن فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا خبراً عن قوله ... "، ثم ساقه من طريق ابن إسحاق قال: " حدثني محمد بن إبراهيم عن أبي صالح السَّمَّان قال: سمعت أبا هريرة يحدث مروان بن الحكم وهو على المدينة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفصل بين ركعتيه من الفجر وببن الصبح بِضَجْعَة على شقه الأيمن. وهذا أولى أن يكون محفوظاً؛ لموافقته سائر الروايات عن عائشة"وابن عباس "! قلت: وهذا التعليل- أو الإعلال- لا يساوي عندي شيئاً؛ وذلك لأن ابن إسحاق- وإن كان ثقة- فإن في حفظه ضعفاً، ولذلك كان حديثه حسناً دون

الصحيح، فمثله لا يعارض به رواية عبد الواحد بن زياد المحتج به في "الصحيحين "؛ فضلاً عن أن تُرجح روايته على روايته وتقدم عليها! على أنه يمكن الجمع بين الروايتين، فيقال: إن أبا هريرة روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلاً من الأمر والفعل، فحفظ ذلك عنه أبو صالح السمان، ثم حفظ عن هذا الأعمشُ الأمرَ، وابن إسحاق القعلَ، وروى كل منهما ما حفظ، والكل صحيح. وكذلك يقال في التوفيق بين حفظ أبي هريرة للأمر، وحفظ عائشة للفعل الآتي؛ فالكل صحيح، ولا منافاة بينهما كما هو ظاهر. ومن تأمل في سياق الحديث في للكتاب، وقول ابن عمر: أكثر أبو هريرة (يعني: من الرواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وقول أبي هريرة: فما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا؟! يعني: حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يقطع بأن أصل الحديث مرفوع ليس بموقوف، وهذا بين لا يخفى إن شاء الله. وكأنه لذلك أقر الحافظ عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه " (1558- بتحقيقي) الترمذيَّ على تصحيحه للحديث، ولم يتعقبه بشيء. وإذا تبين هذا؛ فقول ابن تيمية في هذا الحديث: " باطل "- كما نقله ابن القيم في " الزاد " عنه-! مردود؛ لأنه لا دليل عليه. 1147- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قضى صلاته من آخر الليل نظر؛ فإن كنت مستيقظ حدئني، وإن كنت نائمة أيقظني، وصلى الركعتين ثم اضطجع، حتى يأتيه المؤذن فئؤْذِنَه بصلاة الصبح، فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم يخرج إلى الصلاة.

(قلت: إسناده صحيح، لكن ذكر التحديث والاضجاع قبل ركعتي الصبح شاذ، والمحفوط أن ذلك بعدهما، كما في الرواية الأتية. وكذلك أخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا يحيى بن حكيم: ثنا بثر بن عمر: ثنا مالك بن أنس عن سالم أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يحيى بن حكيم، وهو ثقة؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/45) من طريق المصنف. ولم أره في "الموطأ" المتداول اليوم! وقد ذكر البيهقي أن مالكاً رواه خارج " الموطأ". وقد خولف في الاضطجاع قبل ركعتي الصبح، فجعلهما غيره بعدهما؛ فقال الحميدي في "مسنده " (175) : ثنا سفيان قال: ثنا أبو النضر ... به، بلفط: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ يصلي ركعتي الفجر؛ فإن كنت ممستيقظة حدثني؛ وإلا اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة. وأخرجه أبو عوانة (2/278) ، والبيهقي (3/45) ، من طريق الحميدي. وبإسناده: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/35/2) ، وعنه مسلم (2/168) . وأخرجه البخاري (2/49 و 50) من طريقين آخرين عن سفيان ... به. ولسفيان فيه إسناد آخر عن أبي سلمة، وهو الآتي بعده:

1148- وفي رواية عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى ركعتي الفجر، فإن كنت نائمة اضطجع، وإن كنت مستيقظة حدَّثني. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن زياد بن سعد عمَن حدثه- ابن أبي عَتَّاب أو غيره- عن أبي سلمة قال: قالت عائشة قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، لكنه قد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي. والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (176) : ثنا سفيان ... به؛ إلا أنه قال: عن ابن أبي عتاب ... لم يشك. وكذا رواه أبو عوانة (2/278) ، والبيهقي (3/46) عن الحميدي. وأخرجه مسلم (2/168) : حدثنا ابن أبي عمر: حدثنا سفيانْ ... به. وتابعه عروة بن الزبير عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى ركعتي الفجر؛ اضطجع على شقه الأيمن. أخرجه البخاري (2/49) ، وابن أبي شيبة (2/1/35) ، وأحمد (6/121 و133 و 254) من طرق عنه. (تنبيه) : ابن أبي عتاب: اسمه زيد، وثقه ابن معين وابن حبان، وروى عنه جماعة. ولم يعرفه المنذري، فقال في "مختصره" (2/76) :

" في إسناده رجل مجهول "! ثم لم يَعزة لمسلم! *** انتهى بحمد الله وفضله المجلد الرابع من " صحيح سنن أبي داود "، ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الخامس، وأوله: 294- باب: إذا أدرك الامام ولم يصلِّ ركعتي الفجر و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".

الجزء الخامس صحيح سنن أبي داود الإمام الحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفي سنة (275 هـ) رحمه الله تعالى تأليف الإمام المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني المتوفي سنة (1420هـ) رحمه الله تعالى وهو الكتاب الأم - كما سماه مؤلفه الشيخ رحمه الله - والذي خرج فيه أحاديثه مطولا، وتكلم على أسانيده ورجاله مفصلا، تعديلا وتخريجا وتصحيحا وتضعيفا وعلى النهج الذي انتهجه - رحمه الله - في السلسلتين "الصحيحة " و "الضعيفة" (5) المجلد الخامس كتاب (الصلاة - الزكاة - اللقطة - المناسك)

جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية محفوظة دارغراس- الكويت وشريكهما ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملأ أو مجزا أو تسجيله على اشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية الا بموافقة خطيّة من الناشر. الطبعة الأولى 1423 هـ 2002 م الناشر مؤسسة غراس للنشر والتوزيع الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868 الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 01030 Website: www.Gheras.com E-mail: [email protected]

294- باب إذا أدرك الامام ولم يصل ركعتي الفجر

294- باب إذا أدرك الامام ولم يصلِّ ركعتي الفجر 1149- عن عبد الله بن سَرجِس قال: جاء رجلٌ والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي الصبح، فصلى الركعتين، ثم دخل مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة. فلما انصرف قال: " يا فلان! أيَّتُهُما صلاتك؟ الَّتِي صَلَّيْتَ وحدك، أو التي صليت معنا؟! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن عاصم عن عبد الله ابن سرجس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/35) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (2/154) ، والنسائي (1/139) من طرق أخرى عن حماد ... به. وأخرجه مسلم، والبيهقي (2/482) ، وأحمد (5/82) ، وكذا ابن ماجه (1/351- 352) من طرق أخرى عن عاصم الأحول ... به. 1150- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاةَ إلا المكتوبةُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في

"صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن "! وهو قصور، بل هو صحيح جداً) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا حماد بن سلمة. (ح) وحدثنا أحمد ابن حنبل: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن ورقاء. (ح) وحدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو عاصم عن ابن جريج. (ح) وحدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون عن حماد بن زيد عن أيوب. (ح) وحدثا محمد بن المتوكل: ثنا عبد الرزاق أخبرنا زكريا بن إسحاق كلهم عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/482) عن المصنف ... بأسانيده الخمسة هذه عن عمرو بن دينار) وأبو عوانة (2/32- 33) عنه ... بإسناده الأول والثاني والرابع فقط. وأخرجه الدارمي (1/338) ... بإسناده الأول. ومسلم (2/153- 154) ... بإسناده الثاني. وهو في "مسند أحمد" (2/455) ، والنسائي (1/139) ، والدارمي من طرق أخرى عن محمد بن جعفر ... به. ومسلم أيضا ... بإسناده الرابع. وابن ماجه (1/351) من طريق أخرى عن يزيد بن هارون ... به. ومسلم أيضا من طريق عبد بن حميد: أخبرنا عبد الرزاق ... به. وهو، وأبو عوانة، والنسائي، والترمذي (2/282) ، والدارمى، وابن ماجه، وأحمد (2/517 و 531) من طرق أخرى عن زكريا بن إسحاق ... به. وقال الترمذي:

295- باب من فاتته؛ متى يقضيها؟

" حديث حسن "! وهذا قصور واضح. وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، وأحمد (2/331) من طرق أخرى عن ورقاء بن عمر اليَشْكُرِيَ ... به. وله عند أبي عوانة طرق أخرى عن أيوب وعن عمرو بن دينار ... به. وله في "المسند" (2/352) طريق أخرى فقال: حدثنا حسن: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا عَيَّاش بن عَباس القِتْبَاني عن أبي تميم الزهري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا التي أقيمت ". ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة؛ فهو سيئ الحفظ. 295- باب من فاتته؛ متى يقضيها؟ 1151- عن قيس بن عمروقال: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الصبح ركعتان! " فقال الرجل: إني لم أكنْ صليت الركعتين اللتين قبلهما،،فصليتها الآنْ. فسكَتَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي) .

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثا ابن نمير عن سعد بن سعيد: حدثني محمد بن إبراهيم عن قيس بن عمرو. حدثنا حامد بن يحيى البَلْخِي قال: قال سفيان: كان عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا الحديث عن سعد بن سعيد. قال أبو داود: " روى عبد ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلاً: أن جدهم زيداً " (1) صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أن سعداً هذا- وهو ابن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري- فيه كلام لسوء حفظه. لكنه قد توبع كما يأتي. ثم إن الإسناد منقطع ببن محمد بن إبراهيم وقيس بن عمرو، كما قال الترمذي. لكنه قد جاء موصولاً من طريق أخرى كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/483) من طريق المصنف. وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة- أخو عثمان- في "المصنف " (2/2/37) : نا ابن نمير ... به. وعنه: أخرجه ابن ماجه (1/352) ، والحاكم (1/275) أيضا. وأخرجه الترمذي (2/284- 285) مز/طريق عبد العزيز بن محمد عن سعد ابن سعيد ... به. وقال: " لا نعرفه إلا من حديث سعد بن سعبد. وقال سفيان بن عيينة: سمع عطاء

_ (1) كذا في النسخ الموجودة اليوم! وهو خطأ. والصواب. " قيساً "؛ فإن جد ابني سعيد: قيس لا زيد! انظر "الإصابة" لابن حجر.

ابن أبي رباح من سعد بن سعيد هذا الحديث. وإنما يروى هذا الحديث مرسلأ. وسعد بن سعيد: هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري. وقيس: هو جد يحيى بن سعيد، ويقال: هو قيس بن عمرو، ويقال: هو قيس بن قهد. وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل؛ محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس ". وأخرجه الإمام أحمد (5/447) : ثنا ابن نمير ... به. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (868) : ثنا سفيان قال: ثنا سعد بن سعيد ابن قيس الأنصاري ... به. قال سفيان: وكان عطاء بن أبىِ رباح يروي هذا الحديث عن سعد بن سعيد. وقد جاء موصولاً: أخرجه ابن حبان (624) ، والدارقطني (147) ، والحاكم (1/274- 275) من طرق عن اسد بن موسى: حدثنا الليث بن سعد: حدثنا يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس بن قهد: أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح؛ ولم يكن ركع الركعتين قبل الفجر. فلما سلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قام فركع ركعتي الفجر ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر إليه، فلم ينكر ذلك عليه. وقال الحاكم: " قيس بن قهد الأنصاري صحابي، والطريق إليه صحيح على شرطهما "! وأقره الذهبي! وهو خطأ منهما؛ فإن أسد بن موسى- وإن كان ثقة على كلام فيه-؛ فليس على شرط الشيخين. وسعيد والد يحيى- وهو سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري- لم يخرج له الشيخان؛ بل ولا بقية الستة شيثاً؛ وقد أورده ابن أبي حاتم (2/1/55- 56) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات " (4/281) برواية يحيى ابنه عنه! وقرن معه ابن أبي حاتم: سعد بن سعيد! وفيه نظر؛ لأنه إنما روى عن محمد بن إبراهيم، كما في رواية ابن نمير عند المصنف وغيره. ومن الغرائب: أن (سعيد بن قيس) لم يترجموا له في "تهذيب الكمال " وفروعه! ولم يذكره الذهبي في " الميزان " و " المغني "! وأسد بن موسى؛ قال في "التقريب ": " صدوق يغرب " 0 قلت: وقد خولف؛ فقال أحمد (5/447) : ثنا عبد الرزاق: أنا ابن جريج قال: وسمعت عبد الله بن سعيد أخا يحيى بن سعيد يحدث عن جده قال: خرج إلى الصبح ... الحديث! هكذا وقع في "السند"، وكذلك نقله الحافظ في "الإصابة"! قال الحقق أحمد شاكر على "الترمذي ": " ولم أجد ترجمة لعبد الله بن سعيد في كتب الرجال، ولم يذكره الحافظ في "تعجيل المنفعة"، فالراجح عندي أن هذا خطأ من الناسخين، وأن صوابه: عبد ربه ابن سعيد، وتكون هي الرواية التي أشار إليها أبو داود ". قلت: وعبد ربه ثقة، ءلما في "ابن أبي حاتم " (3/1/41) . قال ابن معين: "ثقة مأمون ". قلت: فمخالفة أسد بن موسى- مع ما فيه من الكلام- لمثل عبد ربه بن سعيد؛ مما لا يطمئن القلب له؛ لا سيما وقد تابعه أخوه يحيى بن سعيد كما ذكر المصنف- على إرساله-؛ فهو الأرجح.

296- باب الأربع قبل الظهر وبعدها

نعم؛ يتقوى الحديث بمرسل عطاء: عند ابن أبي شيبة قال: حدثنا هشيم قال: أخبر عبد الملك عن عطاء ... به نحوه. وروي موصولاً من وجهين عنه؛ أحدهما: عن قيس بن سهل، والآخر: عن رجل من الأنصار. وله شاهد من حديث ثابت بن قيس بن شَمَّاس. وقد أخرج ذلك كله أبو الطيب في "إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر" (ص 61-62) ؛ فمن شاء فليرجع إليه. 296- باب الأربع قبل الظهر وبعدها 1152- عن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!: " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها؛ حَرُمَ على النار " (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة، وقال الترمذي: " حسن صحيح ". وله عند أحمد إسناد صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا مُؤَمَّل بن الفضل: ثنا محمد بن شعيب عن النعمان عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان قال: قالت أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قال أبو داود: " رواه العلاء بن الحارث وسليمان بن موسى عن مكحول ... رواه مثله ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم. لكن مكحولاً مدلس، وقد عنعنه، وجزم النسائي بأنه لم يسمعه من عنبسة، ويأتي ما يشهد له.

والنعمان: هو ابن المنذر الغَسَّاني الدمشقي؛ وقد توبع كما سأذكره. والحديث أخرجه الحاكم (1/312) ، وعنه البيهقي (2/472) من طريق الهيثم ابن حميد: ثنا النعمان بن المنذر ... به. والنسائي (1/257) من طريق سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول ... به، وقال: " مكحول لم يسمع من عنبسة شيئاً". قلت: ويشهد لهذا: رواية ابن لهيعة قال: ثنا سليمان بن موسى: أخبرني مكحول: أن مولى لعنبسة بن أبي سفيان حدثه: أن عنبسة بن أبي سفيان حدثه ... به. وتابعه محمد بن عبد الله الشمّعَيْثي عن أبيه عن عنبسة بن أبي سفيان ... به. أخرجه النسائي، والترمذي (2/292) ، وابن أبي شيبة (2/18/1) ، وعنه ابن ماجه (1/354) ، وأحمد (6/426) . وهذا إسناد فيه ضعف؛ من أجل عبد الله- وهو ابن الهاجر الشعيثي-. لكن تابعه حسان بن ععلية: عند النسائي وأحمد (6/325) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وتابعه القاسم أبو عبد الرحمن: عند النسائي والترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ".

1153- عن أبي أيوب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تُفَتَّحُ لهن أبوابُ السماء ". (قلت: حديث حسن [دون قوله: " ليس فيهن تسليم " [) . إسناده: حدثنا ابن الثنى: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة: سمعت عُبَيدَةَ يحدث عن إبراهيم عن ابن مِنْجَاب عن قَرْثع عن أبي أيوب. قال أبو داود: " بلغني عن يحيى بن سعيد القطان قال: لو حدثت عن عبيدة بشيء لحدثت عنه بهذا الحديث ". قال أبو داود: " عبَيدةُ ضعيف ". قال أبو داود: " ابن مِنْجَابٍ: هو سَهْمٌ ". قلت: وعُبَيدة- بضم العين-: هو ابن مُعَتِّبٍ الضَّبَي، وهو ضعيف كما قال المصنف، وذلك متفق عليه بين الأئمة. والحديث أخرجه الطيالسي (1/ 113/523) : حدثنا شعبة وغيره عن عبيدة ... به نحوه؛ وزاد: قال: فقلت: يا رسول الله! أنسلِّم بينهن؟ لمحال: "لا؛ إلا في آخرهن ". وأخرجه ابن ماجه (1/353) ، وابن خزيمة (2/221) ، وأحمد (5/416) ، والحميدي (385) ، والبيهقي (2/\/48- 489) ، والطبراني في " الكبير" (6/202/1) من طرق عن عبيدة بن معتَب ... به. وقال البيهقي- وكذا ابن خزيمة-:

" وعبيدة بن معتب ضعيف لا يحتج بخبره " (1) . وقال البيهقي: " قد روي من وجه آخر غير قوي عن أبي أيوب ... "؛ ثم ساقه هو، وأحمد (5/418 و 419) ، والطبراني (4/202/2037 و 4038) ، والبخاري في " التاريخ " (3/2/2453) من طريق شريك عن الأعمكش عن المسيَب بن رافع عن علي بن الصلت عن أبي أيوب الأنصاري ... به نحوه؛ دون الزيادة. وإسناده ضعيف، كما قال العراقي في " تخريج الإحياء" (1/174) ؛ علي بن الصلت لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (3/1/190) جرحاً ولا تعديلاً، وجهله ابن خزيمة. وشريك سيئ الحفظ. وقد خالفه سفيان عن الأعمش ... به؛ إلا أنه قال: عن رجل عن أبي أيوب. أخرجه أحمد (5/419) ، وابن خريمة (1215) . وقد وجدت له طريقين آخرين: فأخرجه الحاكم (3/461) ، والطبراني (4/140/3854) من طريق عبيد الله ابن زَحْرٍ عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن أبي أيوب الأنصاري ... به نحوه؛ وفيه قصة.

_ (1) ثم وجدت له متابعاً، يرويه السعودي عن عبد الخالق عن إبراهيم النخعي. 0. بأتم منه. أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط " (3/325/2694) . قلت: والمسعودي كان اختلط. وشيخه عبد الخالق؛ لم أجد له ترحمة!

297- باب الصلاة قبل العصر

وهذا سند ضعيف؛ والقاسم. هو ابن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة. ومن دونه ضعيف. وأخرج محمد بن الحسز في "الموطأ" (ص 159) : أحْبرنا بُكَيْر بن عامر البَجَلِيّ عن إبراهيم والشعبي عن أبي أيوب الأنصاري ... وفيه الزيادة: وبكير هذا ضعيف. وله شاهد من حديث عبد الذ بن السائب ... نحوه. أخرجه الترمذي (2/342) ، وأحمد (3/411) بسند صحيح؛ لكن ليس فيه: "ليس فيهن تسليم ". فالحديث بمجموع طرقه حسن إن شاء الله دون الزيادة؛ لا سيما والمنذري يقول في الطريق الأول: محتمل للتحسين. وقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " رقم (1214) ، وقال: "لا يحتج بمثله ". 297- باب الصلاة قبل العصر 1154- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَحِمَ الله امرأً صلى قبل العصر أربعا ". (قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " غريب حسن "، وصححه عبد الحق وابن حبان) . إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا داود: ثنا محمد بن مهران القرَشِيُّ:

حدثني جدي أبو المثنى عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي محمد بن مهران القرشي كلام يسير؛ قال الحافظ في "التقريب ": " صدوق يخطئ ". وقال في "التلخيص " (2/12) : " فيه مقال، لكن وثقه ابن حبان وابن عدي "! قلت: وفي هذا العزو نظر؛ فإن ابن حبان وإن أورده في "الثقات "؛ فقد قال: " كان يخطئ ". وابن عدي قال: " ليس له من الحديث إلا اليسير، ومقدار ما له، لا يتبين صدقه من كذبه "! فهل هذا توتْيق؟! لكن قد قاك فيه ابن معين: " ليس به بأس ". وروى عنه شعبة، والأصل فيه أنه لا يروي إلا عن ثقة؛ فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى. وقد صحح الحديث من يأتي ذكره، ومنهم عبد الحق الإشبيلي بإيراده إياه في "أحكامه " (رقم 1574- بتحقيقي) . وأعله ابن القطان، كما ذكر العراقي (1/175) ، ولكنه لم يبين ما هي؟! وقد بينها ابن القيم في "زاد المعاد" (1/113) ، وأجاب عنها بما يدل على أنها لا تقدح في ثبوت الحديث. والحديث أخرجه البيهقي (2/473) من طريق المصنف. وهو، والترمذي (2/295) ، وابن حبان (616) ، وأحمد (2/117) كلهم من طريق أبي داود- وهو الطيالسي- صاحب " المسند ".

298- باب الصلاة بعد العصر

وقد أخرجه فيه (1/ 114/526) ؛ إلا أنه وقع فيه: (عن أبيه عن جده) ! فزاد فيه: (عن أبيه) ! وهو خطأ قديم، يبدو أنه من بعض رواه "السنا- لما؛ فقد ساقه البيهقي من طريقه؛ ثم قال: " كذا وجدته في كتابي ". ثم ساقه من طريق المصنف، ثم قال: " هذا هو الصحيح، وهو أبو إبراهيم محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران القرشي؛ سمع جده مسلم بن مهران القرشي، ويقال: محمد بن المثنى، وهو ابن أبي المثنى؛ لأن كنية مسلم: أبو المثنى؛ ذكره البخاري في "التاريخ ". وقول القائل في الإسناد الأول: (عن أبيه) أراه خطأ ". 298- باب الصلاة بعد العصر 1155- عن كُرَيْب مولى ابن عباس: أن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمِسْوَرَ بن مَخْرَمَةَ أرسلوه إلى عائشة زوح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: اقْرَأْ عليها السلام منا جميعاً، وسَلْها عن الركعتين بعد العصر؟ وقل: إنا اخبِرْنا أنك تصلينها وقد بلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عنهما؟! فدخلْتُ عليها، فبلغها ما أرسلوني به. فقالت: سَلْ أم سلمة. فخرجتُ إليهم، فأخبرتهم بقولها. فرذوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة. فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عنهما، ثم رأيته يصليهما: أما حين صلاهما؛ فإنه صلى العصر، ثم دخل وعندى نسوة من بني حَرام من

الأنصار، فصلاهما، فأرستُ إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله! أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليها؟! فإن أشار بيده فاستأخري عنه. قالت: ففعلتِ الجارية، فأشار بيده، فاستأخرتْ عنه. فلما انصرف قال: " يا بنت أبي أمية! سألصت عن الركعتين بعد العصر؟ إنه أتى ناس من عبد القيس بالاسلام من قومهم، فشَغَفوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان ". (قلت: إسناده صحيح على، شرط البخاري، وأخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث عن بُكَيْرٍ الأشَجِّ عن كُرَيْبٍ مولى ابى. عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/62 و5/138- 139) ، ومسلم (2/210) ، وأبو عوانة (2/384) ، والدارمي (1/334) ، والبيهقي (2/457) من طرق عن عبد الله ابن وهب ... به. وتابعه بكر بن مُضَرَ عن عمرر بن الحارث ... به. أخرجه الطحاوي (1/178) . وللحديث طرق أخرى: فروى طلحة بن يحيى قال: زعم لي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:

أن معاوية أرسل إلى عائشة يسألها: هل صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد العصر شيئاً؟ قالت: أما عندي فلا، ولكن أم سلمة أخبرتني أنه فعل فلك، فآرْسِلْ إليها فاسألها. فأرسل إلى أم سلمة؟ فقالت: نعم، دخل علي بعد العصر ... الحديث نحوه. أخرجه أحمد (6/306 و 309) ، وإسناده جيد على شرط مسلم. وروى يحيى بن أبي كثير عن أبي سله ط بن عبد الرحمن عن أم سلمة قالت: لم أر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بعد العصر قط؛ إلا مرة واحدة، جاء ناس بعد الظهر ... الحديث نحوه؛ وفيه. فلما صلى العصر؛ دخل بيتي فصلى ركعتين. أخرجه أحمد (6/304 و 310) ، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وتابعه عنده (6/293) : هـ-صمد بن عمرو عَن أبي سلمة ... به نحوه، وسنده جيد. وتابعه محمد بن أبي حرمله قال: أخبرني أبو سلمة: أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليها بعد العصر؟ فقالت: كان يصليهما قبل العصر، ثم إنه شُغِلَ عنهما أو نسيهما، فصلاهما بعد العصر، ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة اثبتها. أخرجه مسلم (2/211) ، وأبو عوانة (2/383) . وله طرق أخرى في "المسند" (6/183- 184 و 188 و 299 و 303 و 315 و333) ؛ وفي بعضها أن عائشة قالت:

صلى العصر، فلما فرغ ركعهما في بيتي. وهو شاذ؛ لخالفته الروايات المتقدمة الصحريحة في أنه إنما صلاهما في بيت أم سلمة. وفي أخرى: فقالت عائشة: ذاك ما أخبرَتْة أم سلمة؛ زاد بعده: قال: فدخلنا على أم سلمة، فأخبرناها ما قالت عائشة؟ فقالت: يرحمها الله! آوَلَمْ أخبرها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نهى عنهما؟! وفيه يزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم الكوفي- قال الحافظ: " ضعيف، كبر فتغير، صار يتلقن، وكان شيعياً ". فهذه الزيادة منكرة أيضا؛ لأنها لم ترد في طريق أخرى من طرق الحديث الصحيحة. ومثلها قول أم سلمة في رواية،: فقلت: يا رسول الله! أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: "لا". وظاهر إسناده الجودة، واغتر به بعض المعلقين الأفاضل على "فتح الباري " (2/64- 65- طبع الخطيب) ! ولم يعتد بقول البيهقي: " هي رواية ضعيفة لا تقوم بها حجة "، وقد أقره الحافظ. وهو معلول بالاختلاف في متنه على حماد بن سلمة، والأكثر لم يذكر عنه قولها المذكور، وبالانقطاع بين ذكوان وأم سلمه، وغير ذلك. وبيانه في "الأحاديث الضعيفة" (946) .

299- باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة

299- باب من رَخَّص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعةً 1156- عن علي: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصلاة بعد العصر؛ إلا والشمسُ مرتفعةٌ. (قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحافظان العراقي والعسقلاني، وصححه ابن حبان أيضا وابن حزم) . إسئاده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن منصور عن هلال بن يِساف عن وَهْبِ بن الأجْدَعِ عن علي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير وهب بن الأجدع، وهو ثقة اتفاقاً. ولذلك صحح الحديث: ابن حبان والعراقي والعسقلاني. وأعله البيهقي بما ليس بعلة قادحة. وترى تفصيل ذلك في "سلسلة الأحاديث الصحيحة " (200) . وذكرت له ثمة طريقاً أخرى عن علي، وشاهداً حسناً من حديث أنس؛ فراجعه فإنه مهم. 1157- عن ابن عباس قال: شهد عندي رجال مرضيون- فمهم عمر ابن الخطاب، وأرضاهم عندي عمر- أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا صلاة بكد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشسس ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) .

إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان: ثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الطحاوي (1/179) من طريق أخرى عن مسلم بن إبراهيم ... به. وأخرجه أحمد (1/18 و 39) من طرق أخرى عن أبان ... به. وأخرجه هو (1/20- 21 و 39 و 50) والبخاري (1/100) ، ومسلم (2/207) ، وأبو عوانة (1/380) ، والنسائي (1/95) ، والترمذي (1/343) ، والدارمي (1/333) ، وابن ماجه (1/377) ، والطحاوي (1/179) أيضا، والبيهقي من طرق أخرى عن قتادة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله شاهد عن أبي سعيد الخدري: عند أحمد (3/60 و 71) ، والشيخين وغيرهما. وعن سعد: عند ابن حبان (620) . 1158- عن عمرو بن عَبَسَةَ السّلَمِيّ: أنه قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الليلِ اسمع؟ قال، " جَوْفُ الليل الآخر، فَصلِّ ما شئت؛ فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح، ثم أقصر حتى تطلع الشمس، فترتفع قِيسَ رُمْحٍ أو رُمحين؛ فإنها تطلع بين قَرْنيْ شيطان، وتصلَي لها الكفارُ، ثم صلِّ ما

شئت؛ فإنَ الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يَعْدِلَ الرمحَ ظِلهُ، ثم آقْصِرْ؛ فإن جهنم تُسْجَز وتفتَح ابوابها، فإذا زاغت الشمس؛ فصلِّ ما شئت؛ فإن الصلاة مشهودة حتى تصلِّيَ العصر، ثم أقصِر حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قَرْنَيْ شيطان، ويصلي لها الكفار ... "، ومضى حديثاً طويلاً. (قلت: إسناده صحيح. وأخرج طرفه الأول في جوف الليل: الترمذي والحاكم وصححاه، وأخرج مسلم وأبو عوانة، وأخرجه الحاكم بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا الربيع بن نافع. ثنا محمد بن الهاجر عن العباس بن سالم عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسه. قال العباس: هكذا حدثني ابو سلام عن أبي أمامة؛ إلا أن أخطئ شيئاً لا أريده، فأستغفر الله وأتوب إليه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير العباس بن سالم وهو ثقة. وظاهر كلام ابن أبي حاتم يدل على أن أبا سلام- واسمه ممطور- سمع من أبي أمامة؛ فإنه قال (4/1/431) : " روى عن ثوبان والنعمان بن بشير وأبي أمامة وسلمى مولى رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى عن عمرو بن عَبَسَةَ مرسل ". ونقل الحافظ في " التهذيب " عنه ما قد يخالفه؛ فقال: " وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: روى ممطور عن ثوبان وعمرو بن

عبسة والنعمان وأبي أمامة مرسل. فسألت أبي: هل سمع من ثوبان؟ فقال: لا أدري "! قلت: وأنا أظن أن لفظ: " مرسل " مقحم من بعض النساخ؛ لأنه لو كان من قول أبي حاتم؛ لكان معناه أن جميع من روى عنهم ممطور لم يسمع منهم، وفيهم ثوبان، فما معنى سؤاله إياه بعد ذلك: هل سمع من ثوبان؟! فتأمل. ثم وجدت تصريحه بالسماع من أبي أمامة. والحديث أخرجه البيهقي (2/455) من طريق المصنف. والحاكم (1/163- 165) ... بإسناده. وأخرجه أحمد (4/111) من طريق يحيى بن أبي عمرو السيْبَانِي عن أبي سلام الدمشقي وعمرو بن عبد الله أنهما سمعا أبا أمامة الباهلي يحدث عن حديث عمرو بن عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ. قلت: فذكر القصة من أولها؛ ولم يستمها بكاملها، ومنه هذا القدر الذي ساقه المصنف. وهذا إسناد صحيح؛ وفيه تصريح أبي سلام بسماعه من أبي أمامة. وقد تابعه جماعة عن أبي أمامة ... به مقتصراً على طرفه الأول؛ وزاد: " فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فَكنْ ". أخرجه الحاكم (1/309) عنهم، والترمذي (2/277- بولاق) عن واحد منهم، وقال: " حسن صحيح ". والحاكم،

" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا. وأخرج سائر الحديث مع القصة: مسلم (8/202) ، وأبو عوانة (1/386- 387) - ولم يسقها- والبيهقي من طرق أخرى عن أبي أمامة ... به. 1159- عن يسار- مولى ابن عمر- قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر، فقال: يا يسار! إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة، فقال: " ليبفَغْ شاهدكم غائِبَكم؛ لا تصلَوا بعد الفجر إلا سجدتين ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا وهيب: ثنا قُدَامة بن موسى عن أيوب ابن حصَيْنٍ عن أبي علقمة عن يسارمولى ابن عمر. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير يسار مولى ابن عمر، وهو ثقة. وإنما علته أيوب بن حصين- ويقال: محمد بن الحصين-؛ قال الذهبي: " لا يعرف ". وقال الدارقطني: " مجهول ". وكذا قال الحافظ في "التقريب ": "مجهول" وإنما أوردت حديثه هنا؛ لأن له شواهد يتقوى بها، خرجتها في "إرواء الغليل " (478) ؛ فلتطلب ثَمَ.

والحديث أخرجه الدارقطني (161) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (2/153) : ثنا عفان: حدثنا وهيب ... به. وأخرجه البيهقي (2/465) سن طرق أخرى عن وهيب ... به. وأخرجه هو، والترمذي (2/278- 279) ، وابن نصر في "قيام الليل " (ص 79) ، والدارقطني من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن قدامة بن موسى ... به؛ إلا أنه قال: محمد بن الحصين. واختلف العلماء؛ فرجح بعضهم هذا، ورجح بعضهم الأول- أعني: أيوب بن الحصين. وأيّاً ما كان؛ فالرجل مجهول كما عرفت. وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن سوسى ". قلت: فإنْ أراد الغرابة النسبية- أي: لا يعرفه في هذا الوجه إلا من حديث قدامة- فمسلَّم. وإن أراد الغرابة المطلقة فمردود؛ فقد ذكر له الزيلعي في "نصب الراية " (1/256) طريقين آخرين عن ابن عمر، ثم قال: " وكل ذلك يعكر على الترمذي قوله: لا نعرفه إلا من حديث قدامة ". 1160- عن الأسود ومسروق قالا: نشهد على عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما من يوم يأتي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا صلى بعد العصر ركعتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") .

إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود ومسروق. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد صرح أبو إسحاق- وهو السبيعي- بالتحديث في بعض الروايات كما سأذكره. والحديث أخرجه البخاري (1/102) ، ومسلم (2/211) ، وأبو عوانة (2/263) ، والنسائي (1/67) ، والدارمي (1/334) ، والطحاوي (1/177) ، والبيهقي (2/458) ، وأحمد (6/134 و 6َ11) من طرق عن شعبة ... به؛ وصرح أبو إسحاق بالسماع: عند البخاري والنسائي والدارمي وأحمد في رواية. وتابعه إسرائيل عن أبي إسحاق ... به. وتابعه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عنها قالت: صلاتان ما تركهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتي قط- سرّاً، ولا علانية-: ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر. أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي والطحاويَ وأحمد (6/159) . وتابعه عنده (6/241) : أبو الضحى عن مسروق قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي ركعتين بعد العصر؛ فلم أكذبها. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وتابعه محمد بن المنتشر عن مسروق ... به مختصراً: أخرجه الطحاوي. وله عنده، وكذا أحمد (6/50 و 84 و 109 و 199 و 169 و 200 و 253) طرق أخرى، أحدها عند مسلم والدارمي وكذا أبي عوانة.

300- باب الصلاة قبل المغرب

وتفرد هذا بطريق عبد العزيز بن رُفَغْ قال: رأيت عبد الله بن الزبير يطوف بعد العصر، ويصلي ركعتين، قال عبد العزيز: ورأيت عبد الله بن الزبير يصلي ركعتين بعد العصر، ويخبر أن عائشة: حدثته أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يدخل بيخها إلا صلاهما. وله شاهد، يرويه ابن جريج عن أبي سعد الأعمى عن رجل- يقال له: السائب مولى القارئين- عن زيد بن خالد الجًهَنِي: أنه رأه ركع بعد العصر ركعتين، وقال: لا أدعهما بعد ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليهما. وأبو سعد الأعمى مجهول. أخرجه الطحاوي (1/178) . 300- باب الصلاة قبل المغرب 1161- عن عبد الله المًزَنِيِّ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلُوا قبل المغرب ركعتين "، ثم تال: لا صَلّوا قبل المغرب ركعتين، لمن شاء "؛ خشية أن يتخذها الناسُ سُنة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري في "صحيحه بلفظ: قال في الثالثة: "لمن شاء "؛ كراهية أن يتخذها الناس سُنة) .

إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: ثنا عبد الوارث بن سعيد عن الحسين المعلم عن عبد الله بن بُرَيْدة عن عبد الله المُزَني. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرج الدارقطني (99) من طريق أخرى عن عبيد الله بن عمر القواريري ... به. وأخرجه البيهقي (2/474) من طريق المصنف. والبخاري (2/52) ، وأحمد (5/55) - ولفظهما كما في الأعلى-، وابن نصر (ص 26 و 28) من طرق أخرى عن عبد الوارث ... به. وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 26) : حدثنا محمد بن عبيد: ثنا عبد الوارث بن سعيد ... بلفظ الكتاب؛ إلا أنه أعاد قوله: " صَلُّوا قبل المغرب ركعتبن " ثلاث مرات. وقد خولف الحسين المعلم في لفظه، كما يأتي بعد حديث. 1162- عن أنس بن مالك قال: صلَّيْت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،. قال (المختار بن فُلْفلٍ) : قلت لأنس: أرآكلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ا؟ قال: نعم، رآنا؛ فلم يأمرنا ولم يَنْهَنا. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز: أخبرنا سعيد بن سليمان: ثنا منصور بن أبي الأسود عن المختار بن فُلْفُل عن أنس بن مالك.

قلت: وهذا إسناد صحيح، إجاله كلهم ثقات؛ وسعيد بن سليمان: هو الضُّبَعِيُّ. ومحمد بن عبد الرحيم: هر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم المصري ابن البَرْقِي. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/265) : حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال: ثنا سعيد بن سليمان ... به. وتابعه محمد بن فُضَيْلٍ عن المختار بن فلْفُلٍ ... به. أخرجه مسلم (2/211-313) ، وأبو عوانة والبيهقي. وتابعه عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك بلفظ: كنا بالمدينة؛ فإذا أذَّن المؤذن لصلاة المغرب؛ ابتدروا السواري، فيركعون ركعتبن ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد، فيحسب أن الصلاة قد صُلِّيَتْ؛ مِنْ كثرة مَنْ يصليهما! أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي. وتابعه عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس قال. كان المؤذن إذا أذن، قام أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبتدرون السواري، حتى يخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم كذلك- يعني: الركعتين قبل المغرب-، ولم يكن بين الأذان والإقامة إلا قريب. أخرجه البخاري (625) ، والنسائي (1/111) ، والدارمي (1/336) ، وأحمد (3/280) .

وله عنده (3/129 و 199 و 282) ، وابن هاجه (1163) طرق أخرى عن وله شاهد من حديث عقبة بن عامر ... نحوه. أخرجه البخاري وأحمد (4/155) . 1163- عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة؛ لمن شاء ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الئفَبلي: ثنا ابن عُليةَ عن الجرَيْرِيِّ عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغَفلٍ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (5/57) : ثنا يزيد: أنا الجرَيْرِيُ وكَهْمس عن عبد الله ابن بريدة ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/265) عن يزيد. وأخرجه البخاري (1/106) ، ومسلم (2/212) ، والدارمي (1/336) ، وابن نصر (26) ، والبيهقي (2/274) من طرق عر، الجريري. والبخاري (1/107) ، ومسلم، وأبو عوانة أيضا، والنسائي (1/111) ، والترمذي، وابن ماجه (1/355) ، والبيهقي، وأحمد (5/54) من طرق أخرى عن كهمس بن الحسن ... به.

301- باب صلاة الضحى

وقد خالفهما حسين بن المعلم، فرواه عن عبد الله بن بريدة ... به؛ بلفظ: " صلوا قبل المغرب ركعتين ... " الحديث. وقد مضى برقم (1161) . 301- باب صلاة الضحى 1164- عن أبي ذَرً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يُصْبِحُ على كل سلامَى من ابن آدم صدقةٌ: تسليمه على من لَقِيَ صدقةٌ، وأمرُهُ بالمعروف صدقةٌ، ونهيهُ عن المنكر صدقةٌ، وإماطتُهُ الأذى عن الطريق صدقةٌ، وبضْعُة أهلَة صدقةٌ. وبجزئ من ذلك كفهِ ركعتانِ من الضحى ". (زاد في رواية: قالوا: يا رسول الله! أحدنا يقضي شهوته؛ وتكون له صدقة؟! قال: " أرأيتَ لو وضعها في غير حلِّها؛ ألم يكن يأثم؟!) ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"نحوه) . إسناده: حدثنا أحمد بن مَنيع عن عَبَّادِ بن عَئادٍ. (ح) وثنا مسدد: ثنا حماد ابن زيد- المعنى- عن واصل عن. يحيي بن عُقيْلٍ عن يحيى بن يَعْمَر عن أبي ذر. قال أبو داود: " وحديث عباد أتم، ولم يذكر مسدد الأمر والنهي ... زاد في حديثه: وقال كذا وكذا. وزاد ابن صنيع في حديثه: قالوا: يا رسول الله ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الطريق الأولى رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير واصل- وهو مولى أبي عيينة-؛ فهو من رجال مسلم، فهو على شرطه.

وهو من الطريق الأخرى رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير واصل كما عرفت، وغير مسدد؛ فهو من رجال البخاري. والحديث أخرجه أحمد (5/178) من طريق هشام عن واصل ... به؛ إلا أنه قال: أيقضي الرجل شهوته وتكون له صدقة؟! قال: " نعم، أرأيت لو جعل تلك الشهوة فيما حرم الله عليه؛ ئلم يكن عليه وِزْر؟! ". قلنا: بلى. قال: " فإنه إذا جعلها فيما أحل الله عز وجل؛ فهي صدقة ". قال: وذكر أشياء: صدقة، صدقة. قال: ثم قال: " ويجزي من هذا كله ركعتا الضحى" قلت: وأخرجه مسلم (2/158) ، وأبو عوانة (2/266) ، وأحمد (5/167) من طريق مهدي بن ميمون: ثنا واصل مولى أبي عيينة ... به؛ إلا أنه قال: عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدِّيليِّ عن أبي ذر ... به نحوه، فأدخل بينهما: أبا الأسود الديلي. وهو الجادة؛ فإنهم وان ذكروا له رواية عن بعض الصحابة منهم أبو ذر؛ فقد قالوا: وأكثر روايته عن التابعين. ويحتمل أن تكون هذه الرواية من المزيد فيما اتصل من المسانيد. والله أعلم. وقد توبع ابن ميمون على هذه الزيادة عند المصنف في الرواية الأتية.

1165- وفي رواية عن أبي الأسود الدؤَلي قال: بينما نحن عند أبي ذَرَ قال: يُصْبِحُ على كُلِّ سلامى من أحدكم في كلِّ يوم صدقةٌ: فلَهُ بكلِّ صلاةِ صدقةٌ، وصيام صدقة، وحجَ صدقة، وتسميح صدقةٌ، وتكبيرٍ صدقةٌ، وتحميدٍ صدقةٌ، فعدَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذه الًأعمال الصالحة، ثم قال: " يجزئُ أحدَكُم من ذلك ركعتا الضحى." (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة بنحوه) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية: أحْبرنا خالد عن واصل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤليَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط سسلم؛ وقد أخرجه من طريق مهدي بن ميمون عن واصل ... به، كما سبق آنفاً، مع بيان الخلاف في إسناده على واصل. 1166- عن أبي أمامة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة في إثْرِ صلاة- لا لَغْوَ بينهما- كتابٌ في عِليين ". (قلت: إسناده حسن، وقد مضى بأتم منه رقم (567)) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: تنا الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وفي القاسم- وهو صاحب أبي أمامة- كلام لا يضر، وقد مضى الكلام عليه مفصلاً عند هذا الحديث، وقد أخرجه المصنف بأتم منه (567) . 1167- عن نُعَيْمِ بن هَمَّارِ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يقول الله عز وجل: يا ابن آدم! لا تُعْجِزْني من أربع ركعات في أول النهار؛ أكفِكَ آخرَهُ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا داود بن رُشيدٍ: ثنا الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن كثير بن مُرَّة عن نُعَيْمِ بن هَمَار. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان مكحول سمعه من كثير؛ فإنه مدلس ورجاله ثقات علر شرط مسلم؛ غير كثير، وهو ثقة. والوليد: هو ابن مسلم، وهو مدلس ايضاً تدليسَ التسوية. والحديث أخرجه أحمد (5/286- 287) : ثنا الوليد بن مسلم: ثنا سعيد - يعني: ابن عبد العزيز-: ثنا مكحول عن نعيم بن همار الغَطَفَاني ... به! كذا، ليس فيه كثير بن مرة؛ فلا أدري أكذلك الرواية، أم سقط ذكره من الناسخ أو الطابع؟! وأياً ما كان؛ فذكره في السند ثابت، فقد قال أحمد: ثنا يحيى بن إسحاق: أخبرني سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن ابن مرة الغطفاني ... به. ثم أخرجه من طريقين آخرين عن مكحول ... به؛ إلا أنْ أحدهما- وهو من

رواية بُرْدٍ - أدخل بين كثير ونعيم: قيساً الجُذَامي. إلا أن برداً فيه ضعف، فلا يعتد بمخالفته؛ لا سيما وقد رواه أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عن نعيم ... به. أخرجه أحمد بسند صحيح. وللحديث شواهد عن غير واحد من الصحابة، تراجع في "الترغيب ". 1168- عن ابن أبي ليلى قال: ما أخبرنا أحذ أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الضحى غيرُ أم هانئ؛ فإنها ذكرت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، وصلى ثماتيَ ركعات. فلم يره أحدٌ صلاهُن بعدُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (2/51- 52) ، ومسلم (2/157) ، وأبو عوانة (2/269) ، والترمذي (2/338) ، والبيهقي (3/48) ، والطيالسي (1/1/56721) ، وأحمد (6/342 و 343) من طرق عن شعمة ... به؛ دون قوله: فلم يره أحد صلاهن بعد. وزادوا مكانها:

فلم آرَ صلاةً قط أخفَّ منها؛ غير أنه يتم الركوع والسجود. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح، كأن أحمد رأى اصح شيء في هذا الباب حديثَ أم هانئ ". قلت: ولا يشك حديثي بذلك؛ فإن له عنها طرقاً أخرى كثيرة: عند مسلم وأبي عوانة و "المسند" (6/341- 343 و 424 و 425) . ومن ذلك كله يتبين أن قوله: فلم يره أحد صلاهن بعد! يلْقَى في النفس- لأول وهلة- أنها زيادة شاذة؛ لتفرد حفص بن عمر دون كل أصحاب شعبة، ودون هذه الطرق كلها. ولكن قد جاء لها شاهد من طريق عبد الله بن الحارث بن نوفل عنها ... نحوه؛ بلفظ: فركع ثماتي ركعات، لا أدري أقيامه فيها أطول أم ركوعه أم سجوده؟! كل ذلك منه متقارب. قالت: فلم أره سَبَّحها لمحبلُ ولا بعدُ. أخرجه مسلم وأبو عوانة وأحمد. فهذا يدل على أن هذه الزيادة محفوظة عن أم هانئ من هذه الطريق، ولكنها غير محفوظة عن شعبة. والله أعلم. وفي بعض الطرق الأخرى زيادة أخرى بلفظ: يسلم من كل ركعتين. وهي زيادة منكرة؛ ولذلك أوردت حديثها في الكتاب الآخر (237) .

1169- عن عبد الله بن شَقِيق [قال] : سألت عائشة: هل كان رسول الله يصلِّي الضحى.؟ فقالت: لا؛ إلا أن يجيء من مَغِيبِهِ. قلت: هل كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقرن بين السّورتين؟ قالت: من المُفَضلِ. (قلت: إسناده صحيح. وأخرج مسلم منه الشطر الأول) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زُرَبْعٍ: ثنا الجرَيْرِيَ عن عبد الله بن شقيق. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي. والجريري: هو سعيد بن إياس، وكان اختلط، لكن روى عنه ابن زريع قبل الاختلاط، فقد ذكروا أن رواية شعبة وابن عُلَيًة وغيرهما من الكبار صحيحة عنه؛ لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط، وابن زريع أقدم وفاة من ابن عُلَيةَ؛ فإنه مات سنة (182) ، وتوفي ابن علية سنة (193) . على أن الجريري قد توبع، كما سأذكره بإذن الله تعالى. والحديث أخرجه مسلم (2/156) ، والبيهقي (3/50) من طريق أخرى عن يزيد بن زريع ... به؛ دون الشطر الثاني منه. وأخرجه أحمد بتمامه؛ فقال (6/218) . ثنا إسماعيل ويزيد- المعنى- قال: أنا الجريري ... به. وهذا إسناد على شرط مسلم؛ ويزيد: هو ابن هارون.

وإسماعيل هو ابن علَيًة. ثم أخرجه أحمد (6/204) من طريق كَهْمَسِ بن الحسن عن عبد الله بن شقيق ... به مفرقاً في موضعين. وإسناده صحيح أيضا على شرط مسلم. وأخرجه الطيالسي (1/121/570) ، وابن خزيمة (1230) ، وأحمد (6/31) من طريقين آخرين عن عبد الله بن شقيق ... به؛ دون الشطر الثاني. وإسناد أحمد صحيح. وأخرجه ابن خزيمة (1229) عن ابن عمر. 1170- وفي رواية عنها؛ أنها قالت: ما سبح رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضحى قط، وإني لأسبِّحها، وإنْ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدعُ العملَ- وهو يحبُ أن يعمل به-؛ خشية أن يَعملَ به الناس فَيُفْرَضَ عليهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أحْرجه مالك (1/166- 168) في " الموطأً". وعنه: البخاري (2/44) ، ومسلم (2/156- 157) ، وأبو عوانة (2/266-

267) ، والبيهقي (3/50) ، وأحمد (6/178) من طرق عنه ... به. وأخرجه أبو عوانة وأحمد (6/168 و 169 و 177 و 209 و 215 و 223 و238) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. 1171- عن سِمَاكٍ: قلت لجابر بن سمرة: أكنتَ تجالس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: نعم كثيراً؛ فكان لا يقوم منْ مُصَلاه الذي صلى فيه الغداة حتى تطلع الشمس؛ فإذا طلعت قام صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا ابن نُفَيْلٍ وأحمد بن يونس قالا: ثنا زهير: ثنا سماك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/132) عن أحمد بن يونس ... به. وأخرجه النسائي (1/199- 200) ، وأحمد (5/91) من طرق أخرى عن زهير ... به. ومسلم أيضا، وأبو عوانة (2/23) ، والنسائي، والترمذي (2/480) ، وأحمد (5/88) من طرق أخرى عن سماك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وسيأتي في " الأدب " باب (25) بنحوه.

302- باب في صلاة النهار

302- باب في صلاة النهار (1) 1172- عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة الليل والنهار: مثنع مثنى ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه البخاري وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والخطَابي) . إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي ابن عبد الله البارقي عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم نقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن مرزوق- وهو الباهلي-، فمن رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي. وبهذا الإسناد: أخرجه البخاري في "التاريخ " (1/1/285) . والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/1/45) : ثنا وكيع وغُنْدر عن شعبة ... به. وقال أحمد (2/26) : ثنا وكيع ... به. وأخرجه ابن حبان (636) من طريق أخرى عن غندر. ورواه ابن خزيمة أيضا في "صحيحه " (1/130/2) ، وكذا أصحاب "السنن " وعغيرهم من طرق عن شعبة ... به. وقد أعله بعضهم بما لا يقدح، لا سيما وله طرق أخرى عن ابن عمر، وشواهد خرجتها في "الروض النضير" تحت الحديث (522) ، ونقلت هناك التصحيح المذكور آنفاً تحت الحديث.

_ (1) استأنفت العمل بتاريخ (1/12/1388) ، يسر الله تمامه بخير.

303- باب صلاة التسبيح

303- باب صلاة التسبيح 1173- عن ابن عباس: أن رسول الله قال للعباس بن عبد المطلب: " يا عباسُ! يا عَمَّاهْ! ألا أُعْطِيكَ؟! ألا آمْنَحُكَ؟! ألا أحْبُوكَ؟! ألا آفْعَلُ بك عَشْرَ خصال؟! إذا أنت فعلت ذلك؛ غفر الله لك ذنبك: أولَهُ واخرَهُ، قديمَهُ وحديثَهُ، خَطَأهُ وعَمْدَهُ، صغيرَهُ وكبيرَهُ، سِرهُ وعلانِيَتَهُ؟! عشر خصال: أن تصلِّيَ أربعَ ركعاتٍ، تقرأ في كل ركعة فاتحةَ الكتاب وسورةً، فإذا فَرَغْتَ من القراءة في أول ركعة وأنت قائم؛ قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر: خمسَ عَشْرَةَ مرةً. ثم تركع فتقولها وأنت راكع عَشْرَ مَرَّاتِ. ثم ترفع راسك من الركوع، فتقولها عَشْراً. ثم تَهْوِي ساجداً، فتقولها وَأنت ساجد عَشْراً. ثم ترفع رأسك من السجود، فتقولها عَشْراً. ثم تسجد فتقولها عَشْراً. ثم ترفع رأسك فتقولها عَشْراً. فذلك خمسٌ وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات. إن استطعت أن تُصَلِّيَها في كل يوم مرةً فافعل. فإن لم تفعل؛ ففي كل جمعةِ مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي كل شهًرٍ مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي كل سنة مرةً. فإن لم تفعل؛ ففي عمرِك مرةً ". (قلت: حديث صحيح، وقد قوَّاه جماعة من الأئمة، منهم أبو بكر الأجُرِّي وابن منده وأبو محمد عبد الرحيم المصري وأبو الحسن المقدسي والمنذري وابن الصلاح) . إسناده: حدثنا عبد الرحشن بن بشر بن الحكم النيسابوري: ثنا موسى بن

عبد العزيز: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثننهات رجال البخاري؛ غير موسى بن عبد العزيز - وهو العدني-؛ فإنه صدوق سيئ الحفظ؟ والحكم بن أبان صدوق عابد له أوهام، كما قال الحافظ. والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (3/51- 52) ، وكذا الخطيب في جزئه الفرد في "صلاة التسبيح " (ف 197/1- 2) كلاهما عن المصنف ... بإسناده. ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (1387) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/132/1) ، والحاكم (1/318) من طرق أخص ى عن عبد الرحمن بن بشر ... به. وقال ابن خزيمة: " إن صح الخبر؛ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئاً ". وأما الحاكم؛ فأورده شاهداً- ثم أخرجه هو والبيهقي والخطيب من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي: حدثني عكرمة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمه العباس ... فذكره هكذا مرسلاً. وقال الحاكم: " هذا الإرسال لا يوهن وصل الحديث فإن الزيادة من الثقة أولى من الإرسال. على أن إمام عصره في الحديث إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قد أقام هذا الإسناد عن إبراهيم بن الحكم بن أبان ورصله ". ثم ساقه من طريق الحنظلي: آبَنا إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثل حديث موسى بن عبد العزيز عن

الحكم. قلت: إبراهيم بن الحكم ضعيف. وموسى بن عبد العزيز خير منه، فإن تابعه فهو قوة له، وإن خالفه فلا يضره، ولكن الإسناد بحاجة إلى ما يعضده. وقد ذكر له الخطيب طريقاً أخرى من رواية أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربَعِي من طرق أربعة عنه عن ابن عباس، ومن طريق مجاهد بن جبر عنه، وساق الأسانيد إليها، ولكنها واهية كلَها! وإنما يعضد الحديثَ بعضُ الشواهد التي ساقها الخطيب، التي منها ما ذكره المصنف فيما يأتي. 1174- عن رجل كانت له صحبة- يرون أنه عبد الله بن عمرو- قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائتني غداً أحبوك وأثيبك وأعطيك "؛ حتى ظننت أنه يعطيني عَطِيَّةً. قال: " إذا زال النهار؛ فقُمْ فصلِّ أربع ركعات ... " فذكر نحوه؛ قال: " ترفع رأسك- يعني: من السجدة الثانية-، فاسْتَوِ جالساً، ولا تَقُمْ حتى تُسِّبح عشراً، وتحمد عشراً، وتكبر عشراً، وتهلِّل عشراً، ثم تصنع ذلك في الأربع ركعات ". قال: " فإنك لو كنت أعظم أهل الأرض ذنباً؛ غُفِرَ لك بذلك ". قلت: فان لم استطع أن أصلِّيَها تلك الساعة؟ قال: " صَلِّ من الليل والنهار ".

(قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن سفليان الأُبْلَي: ثنا حبان بن هلال أبو حبيب: ثنا مهدي بن ميمون: ثنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: حدثني رجل كانت له صحبة. قال أبو داود: "حبان بن هلال: خال هلال الرأي ". قال أبو داود: " رواه المستمرّ بن الرَّيَّان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو ... موقوفاً. ورواه رَوْحُ بن المسيَّب وجعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك النكْرِيِّ عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ... قوله. وقال في حديث روح: فقال: حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير عمرو بن مالك- وهو النكْرِيُ-، ذكره ابن حبان في " الثقات"، وقال: " يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه، يخطئ ويغرب ". وقال الذهبي: " ثقة " وقال الحافظ: " صدوف له أوهام ". ولم يتفرد به، كما يشير إلى ذلك قول المصنف المتقدم: " رواه المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو ... موقوفاً ". قلت: وهذه متابعة قوية؛ فإن المستمر هذا ثقة من رجال مسلم، وهو وإن كان أوقفه؛ فلا يضر؛ لأنه في حكم الرفوع؛ لان مثله لا يقال من قبل الرأي، لا سيما وقد تابعه أيضا أبو جناب عن أبي الجوزاء ... به مرفوعاً، كما في "البيهقي " (3/52) .

لكن أبو جَنَاب- واسمه يحيى بن أبي حَيَّة- ضعفوه لكثرة تدليسه. وقد وصله الخطيب (ق 199/1- 2) من طريق القاسم بن الحكم عنه ... به؛ لكنه أوقفه على ابن عباس، وأدخل بينه وبين أبي الجوزاء: محمد بن جُحَادة. وتابعه يحيى بن عقبة بن أبي العَيْزَارِ عن محمد بن جُحَادة عن أبي الجوزاء قال: قال لي ابن عباس ... به؛ لكنه رفعه. أخرجه الطبراني في "الأوسط " (1/64/1) ، وعنه الخطيب. لكن ابن أبي العيزار هذا متهم بالكذب. والحديث أخرجه الخطيب (2/202) ، والبيهقي كلاهما من طريق المصنف ... به؛ لكنهما لم يذكرا فيه قوله: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لكن كلام المصنف عقب الحديث يشعر بأنه مرفوع عنده؛ لأنه أخذ يبين أن المستمر خالف عمرو بن مالك فأوقفه. والله أعلم. 1175- عن عروة بن رُويم: حدثني الأنصاري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لجعفر ... بهذا الحديث، فذكر نحوه؛ قال: في السجدة الثانية من الركعة الأولى كما في حديث مهدي بن ميمون.- يعني: الحديث (1182) -) . (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن رُويمً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير الأنصاري: فإن كان صحابيّاً

فالسند صحيح؛ لأن جهالة الصحابة لا تضر؛ وإلا فهو تابعي مجهول، فيصلح شاهداً لما قبله. وقد ذكر السيوطي في "اللآلي المصنوعة" (2/23) عن الحافظ ابن حجر قال: " وقد وجدت في ترجمة عروة بن رويم من "الشاميين " للطبراني حديثين أخرجهما من طريق أبي توبة- وهو الربيع بن نافع- شيخ أبي داود فيه بهذا السند بعينه، فقال فيهما: حدثني أبو كبشة الأنماري. فلعل الميم كُبرَتْ قليلاً، فأشبهت الصاد! فإن يكن كذلك؛ فصحابي هذا الحديث أبو كبشة. وعلى التقديرين؛ فسند هذا الحديث لا ينحظ عن درجة الحسن، فكيف إذا ضم إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، التي أخرجها أبو داود، وقد حسنها المنذري. وممن صحح هذا الحديث أو حسنه غير من تقدم: ابن منده ... ". والحديث أخرجه البيهقي (3/52) ، والخطيب (203/1-2) من طريق المصنف. وبالجملة؛ فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح، لا يشك في ذلك من كان عنده معرفة بطريقة نقد الأسانيد، والجرح والتعدبل، ووقف عليها؛ فضلأ عن غيرها مما لم يخرجه المصنف رحمه الله تعالى؛ فإنه يقطع بما ذكرنا من صحَّته. ولذلك نقم العلماء على ابن الجوزي إيراده إياه في "الموضوعات "، كما تراه مبسوطاً في "اللالىي" (2/20- 24) للسيوطي و "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" لأبي الحسنات اللكنوي، وقد أطال فيه النفس جداً في تتبع طرق الحديث وكلام العلماء فيها؛ بما لا تراه في غيره (353- 374) . وفي القدر الذي ذكرنا مَقْنع للمصنف!

304- باب ركعتي المغرب؛ أين تصليان؟

304- باب ركعتي المغرب؛ أين تُصَلَّيَانِ؟ 1176- عن كعب بن عجرَةَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى مسجد بني عبد الآشْهَلِ، فصلى فيه المغرب. فلما قضوا صلاتهم؛ رأهم يسبِّحون بعد ها، فقال: " هذه صلاة البيوت ". (قلت: حديث حسن، واستحسنه أحمد، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا أبو بكر بن أبي الأسود. حدثني أبو مطرِّف محمد بن أبي الوزير: ثنا محمد بن موسى الفطْرِيُّ عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جده. َ قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات. غير إسحاق بن كعب، فهو مجهول. وقال ابن القطان- وتبعه الحافظ العسقلاني-: " مجهول الحال ". والحديث أخرجه النسائي (1/237) ؟ والتَرمذي (2/500) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/1/130) ، والبيهقي (2/189) من طرق أخرى عن ابن أبي الوزير ... به. وقال الترمذي. " حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". قلت: وهو ضعيف كما عرفت. لكن له شاهد من حديث رافع بن خديج قال: أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بني عبد الأشهل، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، ثم قال: " اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم ".

305- باب الصلاة بعد العشاء

أخرجه ابن ماجه (1165) ، وابن نصر في "قيام الليل " (30) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (2/1/129) من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لَبِيدٍ عنه؛ ولم يذكر ابن نصر رافعاً في إسناده! ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق. لكن قد صرح بالتحديث عند أحمد (5/427) : ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل قال: أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث؛ وزاد: للسبحة بعد المغرب. ثم أخرجه- بعد صفحة-. حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق: حدثني عاصم ... به. وقال أبو عبد الرحمن- وهو ابن أحمد-. قلت لأبي: إن رجلاً قال: من صلى ركعتين بعد الغرب في السجد، لم تجزه إلا أن يصليهما في بيته؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قال: " هذه من صلوات البيوت "؟!، قال: من قال هذا؟ قلت: محمد بن عبد الرحمن (يعني: ابن أبي ليلى) . قال: ما أحسن ما قال- أو ما أحسن ما انتزع"! (تنبيه) : عزاه المنذري (2/90) لابن ماجه! وهو وهم؛ وإنما له عن رافع كما تقدم. 305- باب الصلاة بعد العشاء [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

306- باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه

أبواب قيام الليل 306- باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه 1177- عن ابن عباس؛ قال في (المًزَّمِّل) : (قُمِ اللَيْلَ إلا قليلاً. نصفه) : نسختها الآية التي فيها: (عَلِمَ أنْ لَنْ تُحصُوهُ فتاب عليكم فاقرأُوا ما تيسَرَ من القران) . و (ناشئة الليل) : أولُهُ. وكانت صلاتهم لأول الليل: يقول، هو أجدرُ أن تُحْصُوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل، وذلك أن الانسان إذا نام؛ لم يَدْرِ متى يستيقظ؟! وقوله: (أقوم قِيلاً) : هو أجدر أن يَفْقَهَ في القرآن. وقوله: (إن لك في النهار سبحاً طويلآ) ؛ يقول: فراغاً طويلاً. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ- ابنُ شَبوَيْهِ-: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النَّحْوِي عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي علي بن حسين- وهو ابن واقد- كلام من قبل حفظه، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم ". وقال المنذري: "فيه مقال ".

307- باب قيام الليل

1178- عن ابن عباس قال: لما نزلت أول (المزمل) ؛ كانوا يقومون نحواً من قيامهم في شهر رمضان؛ حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة. (قلت: إسناده صحيح، وكَذ اقال الحاكم، ووافقه الذهبي) إسناده: حدثنا أحمد بن سحمد- يعي. المروزي-: ثنا وكيع عن مِسْعَرٍ عن سِمَاكٍ الحنفي عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أحمد بن محمد وهو ابن شَبَّويهِ الذي في الحديث قبله-، و 5نر تقذ. والحديث أخرجه الحاكم (2/505) ، وكذا ابن جرير، وابن أبي حاتم من طرق أخرى عن مسعر ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. 307- باب قيام الليل 1179- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يَعْقِدُ الشيطانُ على قافية رأس أحدكم- إذا هو نام- ثلاثَ عُقَد، يضربُ مكانَ كلِّ عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد؛ فإن استيقظ فذكر الله انحلَّتْ عقدة، فإن توضئًأ انحلّت عقدة؟ فإن صلى انحلَّتْ عقدة، فأصبح نشيطاً طَيِّبَ النفس؛ وإلا أصبح خبيث النفس كسلانَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم!)

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة كن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح كل شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه على ما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (95/1/176) ... بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1/288) ، وأبو عو انة (2/295) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1/145) كلهم عن مالك ... به. وتابعه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد ... به. أخرجه أحمد (2/243) ، ومسلم (2/187) ، وأبو عوانة أيضا. وتابعه ابن أبي الزناد عنه: أخرجه الطحاويَ. وتابعه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أخرجه البخاري (2/320) وأبو صالح عنه: عند ابن ماجه (1329) ، والطحاوي، وابن نصر (40) . 1180- عن عبد الله بن أبي قيس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: لا تَدع قيام الليل؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يدعُهُ، وكان إذا مَرِض أو كسِلَ؛ صلى قاعدا. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا أبو داود قال: ثنا شعبة عن يزيد بن خُمَيْرٍ: سصعت عبد الله بن أبي قيس يقول.. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم.

والحديث أخرجه البخاري في "الأدب الفرد" (800) ، وأحمد (6/249) ، والبيهقي (3/15) من طريق أبا داود- وهو الطيالسي-؛ ولم أره في " مسنده " المطبوع! والله أعلم. 1181- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته؛ فإن أبَتْ نضح في وجهها الماء! رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء! ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي والحافظ العرافي والنووي) . إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى: ثنا ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إكا أخرج لابن عجلان في الشواهد، فهو حسن الحديث، وقد صحح له جماعة كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/250 و 436) : ثنا يحيى ... به. وأخرجه هو (2/247) ، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/1/125) ، وعنه ابن حبان (646) ، وابن نصر في "القيام " (39) ، والحاكم من طرق عن يحيى وغيره عن ابن عجلان ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر؛ وإكا هو حسن فقط؛ لما ذكرنا من حال ابن عجلان.

نعم؛ هو صحيح لغيره؛ فقد أخرجه ابن حبان (647) من طريق محمد بن القاسم- سُحَيْم؛ حَراني ثبت-: حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح ... فذكر- نحوه (*) . قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير ابن القاسم هذا، وهو صدوق، وروى عنه أبو زرعة، كما في "الجرح والتعديل " (4/1/66) . والحديث صححه النووي أيضا في "الرياض " (434) ، والعراق! في "تخريح الإحياء " (1/322 و 4/348- الطبعة الحلبية) . 1182- عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أيقظ الرجلُ أهلَهُ من الليل فصليا- أو صلى- ركعتين جميعاً؛ كُتِبا في الذاكرين والذاكرات ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي والنووي والعرا قي) . إسناده: حدثنا ابن كثير: صنا سفيان عن مسعر عن علي بن الأقمر. (ح) وحدثنا محمد بن حاتم بن بَزِبع: ثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن علي بن الأقمر- المعنى- عنً الآغَرَ عن أبي سعيد وأبي هريرة. قال المؤلف: " ولم يرفعه ابن كثير، ولا ذكر أبا هريرة؛ جعله كلام أبي سعيد ". قال أبو داود: " رواه ابن مهدي عن سفيان قال: وأراه ذكر أبا هريرة ".

_ (*) هذه المتابعة لحديث أخر لم يذكر متنه الهيثمي في "الوارد"، وهو موجودٌ في أصله "صحيح ابن حبان ": لمتن آخرً. والحديث حسن؛ كما في "صحيح الترغيب " (627) . (الناشر)

308- باب النعاس في الصلاة

قال أبو داود: " وحديث سفيان موقوف ". قلت: كل من الموقوف والرفوع صحيح الإسناد على شرط مسلم، ومَنْ رَفَعَ معه زياده؛ فيجب قبولها منه؛ لأنه ثقة، ألا وهو الأعمش، وقد توبع كما خرجته في "الروض النضير" (962) . والحديث أخرجه الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى ... به. وابن ماجه (1335) عن الوليد بن مسلم: ثنا شيبان أبو معاوية ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وفيه أن الأغر- وهو أبو مسلم االمدني إنما أخرج له البخاري في "الأدب الفرد". وقد صحح الحديث أيضا من ذكرناه آنفاً تحت نص الحديث، وخرجته عنهم في "التعليق الرغيب " (1/217) . وعزاه المنذري لابن حبان أيضاً في "صحيحه "! ولم أره في "الموارد"! ثم وجدته فيه (رقم 645) من طريق أحرى أيضا عن عبيد الله بن موسى. 308- باب النعاس في الصلاة 1183- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا نَعَس أحدُكم في الصلاة؛ فَلْيَرْقُدْ حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس؛ لعلَّه يذهمت يستغفرُ فيَسُبَّ نفسَهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) .

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (1/118/3) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه البخاري (1/65) ، ومسلم (2/190) ، وأبو عوانة (2/297) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي (1/37) ، والترمذي (2/186) ، وابن ماجه (1370) ، وأحمد (6/56 و 202 و 259) ، وابن نصر (77) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه النسائي (1/75) من حديث أنس، دون قوله: " حتى يذهب عنه ... ". وكذا أخرجه البخاري (1/65) ، وابن نصر (78) . 1184- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قام احدكم من الليلَ، فاسْتَعْجَم القرآنُ على لسانِهِ. فلم يَدْر ما يقول؛ فَلْيَضْطجعْ ". (قلت إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن همام بن منَبِّه عن أبي هريرة قال ت قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد " (2/318) ... بهذا السند. وأخرجه مسلم (2/190) ، وأبو عوانذ (2/297) ، وابن نصر (78) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وأخرجه ابن ماجه (1372) من طريق أخركما عن أبي بكر بن يحيى بن النضر عن أبيه عن أبي هريرة ... به. قلت: ورجاله ثقات؛ غير أبي بكر هذا، فقال الحافظ: "مستور". (تنبيه) : عزاه المنذري في " مختصره " (2/92) ، وفي " الترغيب " (1/223) للترمذي أيضا، ولم أره عنده. والله أعلم. 1185- عن أنس قال: دخل رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجدَ وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتين، فقال: " ما هذا الحبل؟! ". فقيل: يارسول الله! هذه حَمْنَة بنت جَحْشٍ تصلي؛ فإذا أعيت تعلَّقَتْ به. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِتُصَل ما أطاقت؛ فإذا أعْيَتْ فلتجلس ". (وفي رواية: " فقال: ما هذ ا؟! "، فقالوا: لزينب تصلي؛ فإذا كسلت أو فتوت أمسكت به. فقال: " حُلُوة ". فقال: " ليصل أحدُكم نشاطَهُ، فإذا كسل أو فَتَرَ؛ فَلْيَقْعدْ ") .

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين بالرواية الأخرى. وقد أخرجها البخاري ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ". وأما الرواية الأولى التي فيها تسمية المرأة بـ (حمنة) ؛ فهي منكرة؛ لأنه تفرد بها من لا يُعْرَف؛ مع مخالفته لجمع من الثقات) . إسناده: حدثنا زياد بن أيوب وهارون بن عَبَّاد الآزْدِيّ: أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم: ثنا عبد العزيز عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق زياد. وأما متابعه هارون؛ فمقبول عند الحافظ، ولم يخرج له أحد من الستة غير المصنف، ويبدو لي أنه ضعيف الحفظ؛ فقد خالف زياد بن أيوب في تسميته صاحبة القصة بـ (حمنة) ، وسماها زياد بـ (زينب) وهو الصواب؛ لما عرفت من ثقة لا سيما وقد تابعه جمع عن ابن عُلَيةَ: عند مسلم. وتابع ابنَ علَيَّةَ عبد الوارث بن سعيد: عند الشيخين وغيرهما كما يأتي. نعم؛ قد روي في حديث مرسل: أنها حمنة بنت جحش، فقال أحمد (3/184) : ثنا عبد الرحمن: ثنا حماد بن سلمهَ عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حبلاً ممدوداً بين ساريتين، فقال: " لمن هذا؟! ". قالوا: لحمنة بنت جحش ... ثنا عبد الرحمن: ثنا حماد عن حمَيْدٍ عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله. ثم قال (3/256) : ثنا عفان. ثنا حماد قال: أنا ثابت عن عبد الرحمن بن

أبي ليلى ... به ثنا عفان: ثنا حماد عن حميد عن أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله. قلت: والإسنادان رجالهما ثقات رجال مسحلم، لكن الأول مرسل، والآخر مسند على شرط مسلم. وقوله فيه: (مثله) قد يشعر بأن فيه تسمية المرأة بـ (حَمْنَةَ) كما في المرسل! وهو الذي فهمه الحافظ، فقال في "الفتح " (3/30) : " وروى أحمد من طريق حماد عن حميد عن أنس: أنها حمنة بنت جحش "! وفي هذا العزو نظر عندي؛ لأنه لا يلزم من قوله: (مثله) المماثلة من كل جهة، كما هو معلوم لدى العارفين بهذا العلم. ويؤيده أن أحمد ساق في مكان آخر (6/204) من الحديث- من طريقين-، وابن نصر (78) - من طريق ثالث- وكذا في "ابن حبان " (2484) عن حميد ... به وفيه: فقالوا: لفلانة ... لم تسَمَّ. والله أعلم. والحديث؛ أخرجه أحمد في "المسند" (3/101) : ثنا إسماعيل ... به. وأخرجه مسلم (2/189) من طرق أخرى عن إسماعيل ابن عُليةَ ... به. وتابعه عبد الوارث عن عبد العزيز ... به. أخرجه البخاري (1/290) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/297) ، والنسائي (1/243) ، وابن ماجه (1371) من طرق عنه؛ وفيها تسمية المرأة بـ (زينب)

309- باب من نام عن حزبه

309- باب من نام عن حزبه 1186- عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!: " من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر؛ كُتِبَ له كأنما قرأه من الليل ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان. (ح) وثنا سليمان بن داود ومحمد بن سَلَمَةَ المُرَادي قالا: ثنا ابن وهب- المعنى- عن يونس عن ابن شهاب: أن السائب بن يزيد وعبيد الله أخبراه: أن عبد الرحمن بن عبد- قالا عن ابن وهب: ابن عبدِ القاري- قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قلت: هو صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، رجاله كلهم ثقات من رجالهما، وعلى شرط مسلم وحده من الوجه الآخر؛ فإن المرادي لم يخرج له البخاري. ومتابعه سليمان بن داود: هو ابن أخي رِشْدِينَ المصري، وهو ثقة. والحديث أخرجه النسائي (1/255) ، والترمذيمما (2/474) من الوجه الأول. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم (2/171) ، وأبو عوانة (2/271) ، والطحاوي في "المشكل " (2/185) ، وابن ماجه (1343) من طرق عن ابن وهب ... به.

310- باب من نوى القيام فنام

وأبو عوانة، والدارمي (1/346) ، وابن نصر (78) من طرق أخرى عن يونس ... به. وأبو عوانة، والطحاوي (2/186) من طريق عقَيْلِ بن خالد عن ابن شهاب ... به. والطبراني في "المعجم الصغير" (ص 200) عن زياد بن سعد عن الزهري ... به وقد رواه بعضهم عن ابن شهاب ... به؛ ولكنه أوقفه! وهو مرجوح كما حققه الطحاوي، فلا نطيل القول ببيانه. 310- باب من نوى القيام فنام 1187- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما من امرئ تكون له صلاة بليل، يغلبه عليها نوم؛ إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومُهُ عليه صدقةً ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل- عنده رَضِي-: أن عائشة زوجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الذي لم يُسَم، فهو مجهول، وإن كان ابن جبير قد رَضِيَهُ. وقد ادعى المنذري في "مختصره " (2/93) : أنه الأسود بن يزيد النخعي، قاله أبو عبد الرحمن النسائي!

قلت: لو ثبت هذا؛ لكان الإسناد متصلاً صحيحاً؛ لكن فيه من لا يحتج به. على أنه اضطرب في إسناده، كما يأتي بيانه. والحديث في للموطأ مالك " (1/117/1) . وعنه: أخرجه النسائي (1/255) ، وابن نصر (78) ، وأحمد (6/180) عن مالك ... به. ثم أخرجه النسائي من طريق محمد بن سليمان قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدرعن سعيد بن جبير عن الأسود بن يزيد عن عائشة. وأخرجه- من طريقه يحيى بن أبي بكير-، وأحمد (6/63) - من طريق وكيع - كلاهما عن أبي جعفر ... به؛ إلا أنهما لم يذكرا: الأسود في إسناده. وقال النسائي عقبه: " أبو جعفر ليس بالقوي في الحديث ". قلت: وتابعه أبو أُوَيْس قال: ثنا محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن عائشة. أخرجه أحمد (6/72) ، ورجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنْ أبو أويس هذا - واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الآصْبَحِيُ- قد تُكلمَ في حفظه. وقال الحافظ: " صدوق يهم ". فمخالفته لمالك، وإسقاطه الرجل من الإسناد مما لا يلتفت إليه. لكن الحديث صحيح؛ فإن له شاهداً من حديث أبي الدرداء ... مرفوعاً نحوه، وقد صححه جماعة، ذكرتهم مع تخريج الحديث في "التعليق الرغيب "

311- باب أي الليل أفضل؟

(1/208) . وله طريق أخرى عن أبي ذر أو أبي الدرداء- شك شعبة- مرفوعاً ... به نحوه. أخرجه ابن حبان (640) بسند حسن. 311- باب أيُّ الليل أفضلُ؟ 1188- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا؛ حين يبقى ثلث الليل الأخر، فيقول: مَنْ يدعوني؛ فأستجيبَ له؟! مَنْ يسألُنِي؛ فأُعطِيَهُ؟! من يستغفِرُنِي؛ فآغْفِرَ له؟! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد المؤلف، وأخرجه هو أيضا ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم "، وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة. قلت: إسناده صحيح على شرطهما من الطريقين؛ وأبو عبد الله: اسمه سلمان الأغر؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في " الموطأ" (1/214/30) . وأخرجه البخاري (1/289) ... بإسناد الؤلف عنه.

312- باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل

ثم أخرجه هو (4/190 و 479) ، ومسلم (2/175) ، وابن نصر (35) ، وأحمد (2/487) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه ابن ماجه (1366) ، وأحمد (2/264 و 267) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وتابعه أبو إسحاق قال: حدثني الأغر أبو مسلم قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة يشهدان له على رسول الله أنه قال ... فذكره نحوه. أخرجه أبو عوانة (2/288- 289) ، والطيالسي (2232 و 2385) ، وأحمد (2/383) .، وأخرجه مسلم، وأبو عوانة، والترمذي (2/307) والدارمي (1/346- 347) ، والطيالسي (2516) ، وأحمد (2/258 و 282 و 419 و 433 و 504 و 509 و521) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... به نحوه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وللحديث شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة، قد خرجت طائفة منها في "إرواء الغليل في تخريج منار السبيل " (450) . 312- باب وقت قيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل 1189- عن عائشة قالت: إنْ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُوقِظُهُ اللهُ عز وجل بالليل، فما يجيءً السحَرُ حتى يَفْرُغَ من حِزْبِهِ. (قلت: إسناده حسن) .

إسناده: حدثنا حسين بن يزيد الكوفي: ثنا حفص عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حسين بن يزيد الكوفي؛ قال ابن أبي حاتم (1/2/67) عن أبيه: " لين الحديث "! وذكره ابن حبان في "الثقات ". قلت: وروى عنه جماعة من الثقات الحفاظ، منهم أبو زرعة، وهو لا يروي إلا عن ثقة كما تقدم. والحديث سكت عنه المنذري (2/94) . 1190- عن مسروق قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلتُ لها: أيَّ حين كان يصلي؟ قالت: كان إذا سمع الصُّرَاخَ، قام فصلى. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم "، وأحد إسنادي المصنف إسناد مسلم، ولفظهم: الصارخ) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: ثنا أبو الأحوص. (ح) وثنا هَناد عن أبي الأحوص- وهذا حديث إبراهيم- عن أشعث عق أبيه عن مسروق. قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو من الوجه الأول على شرط الشيخين، ومن الوجه الآخر على شرط مسلم؛ وبه أخرجه كما يأتي.

وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء المحَاربي الكوفي. وأبو الأحوص: هو سلام بن سلَيْم الحنفي مولاهم الكوفي. والحديث أخرجه البخاري (1/286) : حدننا محمد بن سلام قال: أخبرنا أبو الأحوص ... به. وأخرجه مسلم (2/167) : حدثني هَناد بن السَّرِيِّ ... به. ثم أخرجه البخاري (1/286 و 4/222) ، وأبو عوانة (2/306) ، والنسائي (1/245) ، وأحمد (6/94 و 110 و 147) - من طريق شعبة-، وأحمد أيضا (6/203 و 279) - من طريقين آخرين- كلهم عن الأشعث ... به؛ وكلهم قالوا: الصارخ؛ بدل: الصراخ. 1191- عن عائشة قالت: ما ألفاهُ السحَرُ عندي إلا نائماً. تعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أبو توبة عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وأبو توبة: هو الربيع بن نافع الحَلَبِي. والحديث أخرجه البخاري (1/286- 287) : حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا إبراهيم بن سعد ... به.

وأخرجه مسلم (2/167- 168) ، وأبو عوانة (2/306) ، وابن ماجه (1197) من طرق أخرى عن سعد بن إبراهيم ... به. وكذلك أخرجه أحمد (6/161 و 270) . 1192- عن حذيفة قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حَزَبَهُ أمْز صلَى. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا يحيى بن زكريا عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبد الله الدولِيِّ عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة. قلت: وهذا إسناد رجاله؛ ثقات غير الدؤلي وشيخه: أما الأول؛ فهو مجهول؛ قال الذهبي: " ما أعلم روى عنه غير عكرمة بن عمار ". وقال الحافظ: "مقبول ". وأما الشيخ؛ فقد روى عنه اثنان آخران، وذكره ابن حبان في "الثفات "، وقيل: إن له صحبة. لكن للحديث شاهد يتقوى به، يأتي ذكره. والحديث أخرجه أحمد (5/388) ، وابن نصرفي "الصلاة" (ق 36/2) ، والبيهقي في "الشعب " (3/154) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (6/274) من طرف أخرى عن عكرمة ... به. والشاهد المشار إليه؛ خرجته في "تخريج المشكاة" (1325) ، وذكرت ثَمَّ أن

الحديث به حسن. وسكت عنه المنذري، وقال (2/94) : " وذكر بعضهم أنه روي مرسلاً ". 1193- عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبِيتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آتيهِ بوَضوئه وبحاجته. فقال: " سَلْني ". فقلت: مرافقتَكَ في الجنة! قال: " أو غيرَ ذلك! ". قلت: هو ذاك! قال: " فآعِنِّي على نفسك بكثرة السُجود ". (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما) . إسناده: حدثنا هشام بن عمار: ثنا الهِقْلُ بن زياد السكْسَكِي: ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: سمعت ربيعة بن كعب الأسلمي يقول ... قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير هشام بن عمار، فهو من شيوخ البخاري، وفي حفظه ضعف كما تقدم غير مرة، لكنه لم يتفرد به كما يأًتي. والحديث أخرجه مسلم (2/52) ، وأبو عوانة (2/181- 182) ، والنسائي (1/171) من طريق الأوزاعي: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة ... به وله في "المسند" (4/59) طريق أخرى عن ربيعة ... به أتم منه. وإسناده جيد.

وبعضه عند الترمذي (3412) ، وابن ماجه، وكذا أحمد (4/57- 58) من الطريق الأولى. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ورواه الدَّولابي في "الكنى والأسماء " (1/48) من طريق أخرى عن أبي فراس الأسلمي- وهو ربيعة بن كعب- ... به نحوه. 1194- عن قتادة عن أنس بن مالك في هذه الآية: (تتجافى جُنوبُهم عن المضاجع يَدْعون رَبَّهم خوفاً وطمعاً وممَّا رزقناهم ينفقون) ؛ قال: كانوا يتيقَّظون ما بين المغرب والعشاء يصلُون. [قال:] (1) وكان الحسن يقول: قيام الليل. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه الترمذي نحوه- وصححه- من طريق أخرى) . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُرَجْ: ثنا سعيد عن قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي كامل - واسمه فُضَيْل بن حُسَيْنٍ-، وهو ثقة حافظ من شيوخ مسلم. والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (3/19) من طريق المصنف. وأخرجه من طريق عبد الوهاب: آبَنَا سعيد ... به.

_ (1) يعني: قتادة. وسقطت هذه الزيادة من الأصل، فاستدركتها من نسخة "عون المعبود "، و" مختصر المنذري "، و"سنن البيهقي ".

وله طريق أخرى، أخرجه الترمذي (2/257) عن يحيى بن سعيد عن أنس: أن هذه الآية: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) نزلت في انتظار الصلاة التي تُدْعى العَتَمَةَ. وقال: " حديث حسن صحيح غريب ". قلت: وإسناده صحيح. ورواه ابن جرير بإسناد جيد؛ كما قال ابن كثير في "تفسيره " (3/459) . 1195- عن أنس في قوله عز وجل: (كانوا قليلاً من الليل ما يَهْجَعُون) ، قال: كانوا يصلّون فيما بين المغرب والعشاء- زاد في حديث يحيى: وكذلك (تتجافى جنوبهم) (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) إسناده. حدثنا محمد بن المثنى: ثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين والحديث أخرجه البيهقي (3/19) من طريق المؤلف. وسكت عنه المنذري (2/94 و 95) ، وكذا عن الذي قبله.

313- من باب افتتاح صلاة الليل بركعتين 1196- عن عبد الله بن حُبْشِي الخَثعَمِيِّ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل: أيُ الأعمال أفضل؟ قال: " طولُ القيام ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، لكن الصواب في لفظه: أي الصلاة) . إسناده: حدثنا ابن حنبل- يعني: أحمكد-: ثنا حجاج قال: قال ابن جريج: أخبرني عثمان بن أبي سليمان عن علي الأزْديِّ عن عُبَيْد بن عُمَيْر عن عبد الله ابن حبْشِيً الخَثْعَمِيً. ً قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم تتات على شرط مسلم. والحديث في "مسند أحمد " (3/411- 412) ... بهذا السند أتم منه؛ ولفظه: سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: " إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غُلولَ فيه، وحَجَّة مبرورة ". قيل: فأي الصلاة أفضل؟ قال: " طول القنوت ". قيل: فأيًّ الصدقة افضل؟ قال: "جهْد المُقِلِّ ". قيل: فأيُّ الهجرة أفضل.؟ قال: " من هجر ما حرم الله عليه ". قيل: فأيُّ الجهاد أفضل؟ قال: " من جاهد المشركين بماله وننمسه ". قيل: فأيُّ القتل أشرف؟ قال:

" من أهْريق دمه، وعُقِرَ جواده ". وسيعيده المصنف (1303) بهذا التمام، مع اختصار مخِل. وهكذا أخرجه النسائي (1/349) ، والدارمي (1/331) ، والبيهقي (3/9) من طرق عن حجاج ... به. ومنه يتبين أن المصنف رحمه الله تعالى اختصره اختصاراً مُخِلاً! فإن نصه عند أحمد وغيره: أي الصلاة أفضل ... وليس: أي الأعمال أفضل. وإنما هذا في أول الحديث، وجوابه: قال: " إيمان لا شك فيه ". وكذلك أخرجه ابن نصر (51) مختصراً على الصواب، وبلفظ: "القيام ". وقال الآخرون: " القنوت ". والمعنى واحد. ولابن جريج فيه إسناد آخر، فقال: أخبرني أبو الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَُ: " أفضل الصلاة طول القنوت ". أخرجه مسلم (2/175) ، وابن ماجه (1421) ، والبيهقي (3/8) . وتابعه ابن عيينة عن أبي الزبير ... به. أخرجه الترمذي (2/229) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". وابن أبي ليلى عنه: رواه أحمد (3/391) -

314- باب صلاة الليل: مثنى مثنى

وتابعه أبو سفيانْ عن جابر ... به. أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (3/302) ، وعنده زيادة السؤال عن: أي الجهاد أفضل؟ وجوابه. وللحديث شاهد من حديث أنس قال: قال رجل: يا رسول الله! أي الصلاة أفضل؟ قال: " طول القنوت ". أخرجه البزار (1/177/351) بسند صحيح. 314- باب صلاة الليل: مثنى مثنى 1197- عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الليل؟ فقال: " صلاة الليل: مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ صلى ركعة واحدة؛ تُوتِرُ له ما قد صلى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذ اأبو عوانة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر. قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وفد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/123/1) ... بهذا الإسناد.

315- باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل

وعنه: أخرجه أيضا البخاري (1/252) ، ومسلم (2/171- 172) ، وأبو عوانة (2/334) ، والدارمي (2/340) ، والبيهقي (3/21) كلهم عن مالك ... به؛ إلا أن الدارمي لم يذكر في إسناده: عبد الله بن دينار. وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر: عند الشيخين، والنسائي (1/246) ، والترمذي (2/300) ، وابن ماجه (1175) ، والبيهقي، وأحمد (2/5 و 9 و 10) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ويأتي أحدها برقم (1277) . وزاد مسلم في رواية (2/174) : فقيل لابن عمر: ما " مثنى مثنى "؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين. 315- باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل 1198- عن ابن عباس قال: كانت قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قدرما يسْمَعُهُ مَنْ في الحُجْرَةِ وهو في البيت. (قلت: إسناده حسن صحيح) إسناده: حدثنا محمد بن جعفر الوَرَكَانِى: ثنا ابن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عكرمة، فمن رجال البخاري.

إلا أن مسلماً إنما أخرح لابن أبي الزناد- واسمه عبد الرحمن- في (المقدمة) ، وقد تكلم بعضهم في حفظه، ولكن ذلك لا يجعل حديثه ينزل عن رتبة الحسن. والحديث أخرجه البيهقي (3/10-11) من طريق المصنف. ثم أخرجه هو، وابن خزيمة (1157) ، وعنه ابن حبان (2572) من طريق سعيد بن أبي هلال عن مَخْرَمَةَ بن سليمان أن كرَيباً أخبره قال: سألت ابن عباس، فقلت: كيف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل؟ فقال ... فذكره نحوه. ورجاله ثقات. فالحديث صحيح بمجموع الطريقين. وإعلال المنذري- ثم المناوي- بـ (ابن أبي الزناد) ! خطأ يُعْرَفُ مما سبق. 1199- عن أبي هريرة؛ أنه قال: كانت قراءةُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل: يَرْفَغ طَوراً، ويخفِضُ طَوْراً. (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان (2594) ، والحاكم) إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّار بن الرَيان: ثنا عبد الله بن المبارك عن عمران ابن زائدة عن أبيه عن أبي خالد الوَالِبيِّ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ إالا أن زائدة هذا- وهو ابن نَشيط- لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير ابنه هذا وفِطْرِ بن خليفة. وقال الحَافظ في "التقريب ": "مقبول ". والحديث أخرجه ابن حبان (657) ، والحاكم (1/310) من طريق أخرى عن

عمران ... به. وسكت عليه المنذري (2/96) ! وإنما أوردته هنا؛ لأن له شاهداً من حديث عائشة ... أنها سئلت: كيف كانت قراءة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل؟ أيجهر أم يًسِرّ؟ قالت: كلَّ ذلك قد كان يفعل: ربما جهر، وربما أسرَّ. أخرجه أحمد (6/149) وغيره بسند صحيح. وقد مضى في "الطهارة" من هذا الكتاب رقم (223) . 1200- عن أبي قتادة: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمٍَ خرج ليلةً؛ فإذا هو بأبي بكررضي الله عنه يصلي يخفض من صوته. قال: ومرَّ بعمر بن اغطاب وهو يصلي رافعاً صوته. قال: فلما اجتمعا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا بكر! مَرَرْتُ بك وأنت تصلي تخفِضً صوتَكَ؟! ". قال: قد أسْمَعْتً من ناجيتُ يا رسول الله! قال: وقال لعمر: " مَرَرْتُ بك وأنت تصلي رافعاً صوتك؟! ". قال: فقال: يا رسول الله! أُوقِظً الوَسْنَانَ، وأطرُدُ الشيطانَ! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا بكر! ارفع من صوتك شيئاً ". وقال لعمر: " اخفض من صوتك شيئاً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه

الذهبي، وصححه ابن حبان أيضا) إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: تا حماد عن ثابت البُنَاني عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (ح) . وثنا الحسن بن الصَّبَّاح: ثنا يحيى بن إسحاق: أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البُنَاني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم من الوجهين: والوجه الأول مرسل، والآخر مسند، وسوف يعيده المصنف عن شيخ آخر برقم (1288) نحوه. والحديث أخرجه البيهقي (3/11) من طريق المصنف من الوجه المرسل. ثم أخرجه من طريق الحاكم، وهذا في " المستدرك " (1/310) ، والترمذي (2/309- 310) ، وابن حبان (656) من طرق أخرى عن يحيى بن إسحاق السَّالَحِيني ... به مسنداً، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وأما الترمذي؛ فأعله بالإرسال، فقال. " حديث غريب. وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن سلمة. وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد الله بن رباح مرسلا ". وتعقبه العلامة أحمد شاكر بقوله: " هذا التعليل لا يؤثر في صحة الحديث؛ فإن يحيى بن إسحاق ثقة ... "! قلت: بلى هو مؤثر؛ إن ثبت أن جماعة من الرواة رووه مرسلاً؛ لأن الجماعة أحفظ من الفرد، وهذا إذا كانوا ثقات. ولم أقف على أحد منهم؛ سوى موسى بن إسماعيل شيخ المصنف؛ فقد رواه عن ثابت مرسلاً كما رأيت، فإن توبع على إرساله فالقول قول الترمذي.

ولكن الحديث صحيح على كل حال؛ للمثاهد الآتي بعده، وشاهد آخر من مرسل زيد بن يُثَيْعً أخرجه ابن نصر (53) . 1201- عن أبي هريرة ... بهذه القصة؛ لمِ يذكر: فقال لأبي بكر: " ارفع من صوتك شيئاً "، ولعمر: " احفض شيئآ "، وزاد: " وقد سمعتك يا بلال! وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة؟! ". قال: كلام طَيِّب، يجمع الله تعالى بعضه إلى بعض! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كلكم قد أصاب ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أبو حَصِين بن يحيى الرازي: ثنا أسباط بن محمد عن محمد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبًي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي محمد بن عمرو كلام لا يضر. والحديث أخرجه البيهقي (3/11) من طريق المؤلف. 1202- عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً قام من الليل، فقرأ فرفع صوته بالقرآن. فلما أصبح قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يرحمُ الله فلاناً! كأي من آية أذْكَرَنِيها الليلةَ، كنتً قد آسْقَطْتُها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في " صحيحيهما") .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وحماد: هو ابن سلمة. والحديث أخرجه البيهقي (3/12) من طريق سليمان بن حرب: ثنا حماد بن سلمة ... به. وأخرجه البخاري (3/304- 315) ، ومسلم (2/190) ، من طريق أبي أسامة عن هشام ... به نحوه. ثم أخرجه البخاري (12/52) ، ومسلم، وابن نصر (53) ، وأحمد (6/62) ، من طرق أخرى عن هشام ... به. 1203- عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف السِّتْرَ وقال: " ألا إنَّ كُلَّكم مُناج رَبَّهُ، فلا يُؤْذيَنَّ بعضُكم بعضاً، ولا يَرَفَعْ بعضُكم على بعضٍ في القِراءةِ- أًو قال: في الصلاة- ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة) إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا كبد الرزاق: أخبرنا معمر عن إسماعيل ابن أمية عن أبي سلمة عن أبي سعيد.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (3/94) : ثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (فضائل القرآن) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/126/2) ، والحاكم (1/310- 311) ، وعنه البيهقي (3/11) . وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. قلت: وللحديث شاهد من حديث البَيَاضِيِّ: عند مالك (1/80/29) ، وعنه أحمد (4/344) ، وكذا النسائي. وعن ابن عمر: عند أحمد (2/36 و 67 و 169) ، وصححه ابن خزيمة (1/227/1) . والطبراني عن أبي هريرة وعائشة؛ كما في "الفتح الكبير". 1204- عن عُقْبَةَ بن عامر الجُهَنِي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الجاهر بالقرأن كالجاهر بالصدقة، والمُسِر بالقرآن كالمُسِرِّ بالصدقة ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (731) ، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل بن عَياش عن بَحيِرِ بن سَعْد عن خالد بن مَعْدان عن كَثِيرِ بن مرَةَ الحضرمي عن عقبة بن عامر الجهَنِي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن عياش إنما يضعف في غير روايته عن الشاميين، وهذا من روايته عنهم، على أنه لم يتفرد به كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (2/151- بولاق) ، والبيهقي (3/13) من طرق أخرى عن ابن عياش ... به. وقال الترمذي:

316- باب في صلاة الليل

" حسن غريب ". وتابعه معاوية بن صالح عن بَحِيرِ بن سعد ... به. أخرجه النسائي (1/357) ، وابن حبان (658) ، وابن نصر (53) ، وأحمد (4/151 و 158) . ورواه النسائي (1/245) عن محمد بن سُمَيْع: حدثنا زيد بن واقد عن كثير ابن مُرَةَ ... به. وهذا سند حسن. 316- باب في صلاة الليل 1205- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل عَشْرَ رَكَعات، ويوتر بسجدة، ويسجد سجدتي الفجر، فذلك ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا ابن أبي عَدِيً عن حنظلة عن القاسم بن محمد عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (1/288) ، ومسلم (12/67) ، وأبو عوانة

(2/327) ، والبيهقي (3/6 و 7) ، وأحمد (5/1656) من طرق عن حنظلة ... به. 1206- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي من الليل إحدى عَشْرَةَ ركعةً؛ يوتر منها بواحدةٍ، فإذا فرغ منها اضطجع على شِقِهِ الأيمن. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي، إلا أن ذكر الاضطجاع بعد الوتر شاذ! والمحفوظ أنه بعد الفجر؛ كذلك أخرجه البخاري، ورجحه البيهقي والحافظ) . إسناده: حدثنا القعنبي ص مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/8/120) ... بهذا الإسناد. وقد أخرجه مسلم (2/165) ، وأبو صوا نة (2/326) ، والنسائي (1/248 و251) ، والترمذي (2/303) - وقال: " حسن صحيح "-، والبيهقي (3/44) ، وأحمد (6/35 و 182) كلهم عن مالك ... به؛ وزاد مسلم وغيره: حتى يأتيه الؤذن، فيصلي ركعتين خفيفتين. وتابعه معمر بن راشد عن الزهري ... بك؛ إلا أنه خالفه في الاضطجاع، فقال: ... فإذا طلع الفجر؛ صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يجيء المؤذن فيُؤْذِنه.

أخرجه البخاري (4/187) ، وأحمد (6/34) ، والبيهقي، وقال: " وكذلك رواه الأوزاعي وعمر بن الحارث ويونس بن يزيد وابن أبي ذئب وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري. وكذلك قاله أبو الأسود عن عروة عن عائشة. وخالفهم مالك بن أنس؛ وذكر الاضطجاع بعد الوتر ... "، ثم ساق رواية مالك التي أخرجها المصنف، ثم قال: " كذا قاله مالك! والعدد أولى بالحفظ من الواحد. وقد يحتمل أن يكونا محفوظين، فنقل مالك أحدهما، ونقل الباقون الآخر "! قلت: وهذا احتمال بعيد! وقد أشار إلى ردِّه الحافظ؛ فقد قال في "الفتح " (3/36-37) - بعد أن ذكره من طريق مسلم عن مالك-: " وخالفه أصحاب الزهري عن عروة، فذكروا الاضطجاع بعد الفجر، وهو المحفوظ. ولم يصب من احتج به على ترك استحباب الاضطجاع ". ومن هذا التحقيق؛ تعلم أن قول المنذري في "مختصره" (2/98) : " وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه "! فهو وهم؛ لأن البخاري لم يخرجه بهذا السياق الشاذ، وإنما بالسياق المحفوظ. 1207- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي- فيما بين أن يَفْرغَ من صلاة العشاء إلى أن يَنْصَدعَ الفجرُ- إحدى عَشْرَةَ ركعةً، يسلِّم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، ويمكث في سجوده قَدْرَ ما يقرأ أحدكم خمسين آيةً قبل أن يرفع رأسه. فإذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر؛ قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شِقِّهِ الأيمن حتى يأتِيَهُ المؤذِّن.

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ونصر بن عاصم- وهذا لفطه- قالا: ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي- وقال نصر: عن ابن أبي ذئب والأوزاعي- عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط- الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن إبراهيم- وهو أبو سعيد الدمشقي الملقب ب (دحَيْم) -، وهو ثقة حافظ من شيوخ البخاري. وأما نصر بن عاصم- وهو الأنطاكي-، فهو لين الحديث كما في "التقريب "، لكن روايته هنا متابعة؛ فالاعتماد فيها على دُحَيْمٍ. والحديث أخرجه ابن ماجه (1358) : وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ... به. وأخرجه هو، وأحمد (6/74 و 143 و 215) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب عن الزهري ... به. ثم قال أحمد (6/83) : ثنا أبو الغيرة: ثنا الأوزاعي ... به. وتابعه شعيب عن الزهري ... به. أخرجه البخاري (1/253 و385) ، وأحمد (6/88) ، والنسائي (1/253) . وتابعه آخرون: عند مسلم وأبي عوانة وغيرهما كما يأتي.

1208- وفي رواية ... بإسنا ده: ومعناه؛ قال: وبوتر بواحدة، ويسجد سجدةً قَدْرَ ما يقرأُ أحدُكم خمسين آية قبل أن يرفعَ رأسَهُ. فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبيَّن له الفجر ... وساق معناه. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: ثنا ابن وهب: أخبرني ابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد أن ابن شهاب أخبرهم ... بإسناده ومعناه؛ قال: وبعضهم يزيد على بعض. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة. والحديث أخرجه مسلم (2/165- 166) ، وأبو عوانة (2/326) ، والبيهقي (3/23) من طرق عن ابن وهب ... به؛ إلا أن مسلماً لم يذكر ابن أبي ذئب في سنده. وأخرجه أحمد (6/248) من طريق أخرى عن يونس وحده. 1209- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعة، يوتر منها بخمس، لا يجلس في شيء من الخمس حتى يجلس في الأحرة، فيسلِّم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهَيْب: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. ورواه ابن نمير عن هشام ... نحوه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مسلم (2/166) ، وأبو عوانة (2/325) ، والنسائي (1/250) ، وابن نصر في "قيام الليل " (120- 121) ، وأحمد (6/50 و 64 و 123 و161 و 205) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به؛ وفي رواية لأحمد: كان يرقد، فإذا استيقظ تسوَّك، ثم توضأ، ثم صلى ثمان ركعات، يجلس في كل ركعتين، فيسلِّم، ثم يوتر بخمس ركعات، لا يجلس إلا في الخامسة، ولا يسلم إلا في الخامسة. قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين. والحديث عزاه المنذري البخاري أيضا! ولم أره في "صحيحه "! ويأتي له شاهد (1227) . 1210- عن عائشة قالت: ى ن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي بالليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، ثم يصلي- إذا سمع النداء بالصبح- ركعتين خفيفتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الثسِخين.

والحديث أخرجه أحمد (6/178) : قرأت على عبد الرحمن: مالك عن هشام ابن عروة ... به. 1211- عن عائشة: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً؛ كان يصلي ثماني ركعات، ويوتر بركعة، ثم يصلي بعد الوتر ركعتين، وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع؛ قام فركع، ويصلي بين أذان الفجر والإقامة ركعتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل وسسلم بن إبراهيم قالا: ثنا أبان عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مسلم (12/66) ، والنسائي (1/253) ، وأحمد (6/189) من طرق عن يحيى بن أبي كثير ... به. 1212- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: انه سأل عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزيد في رمضانَ ولا في غيره على إحدى عَشْرَةَ ركعةً؛ يصلِّي أربعاً فلا تَسْألْ عن حُسْنِهنَّ وطولِهِنَّ، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا.

قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟! قال: " يا عائشة! إن عَيْنَيَّ تنامان ولا ينائم قلبي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناد البخاري إسناد المصنف ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره: أنه سأل ... قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطا" (1/120/1) ... بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2/395) عنه ... بإسناد المصنف هذا. وأخرجه أيضا (1/500) ، ومسلم (2/166) ، والنسائي (1/248) ، والطحاوي في " المشكل " (4/353) ، والبيهقي (3/6) ، وأحمد (6/36 و 73 و 104) من طرق عن مالك ... به. وقال الترمذي (رقم 439) : " حديث حسن صحيح ". ولجملة النوم منه شاهد من حديث الحسن ... مرسلاً. عزاه السيوطي في " الجامع " لابن سعد! ولم أجده فيه! 1213- عن سعد بن هشام قال: طَلَّقْتُ امرأتي، فأتيت المدينة لآبِيع عَقَاراً كان لي بها، فأشتريَ به السلاحَ وأغزوَ، فلَقِيتُ نفراً من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: قد أراد منا

سِتةٌ أن يفعلوا ذلك، فنهاهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: (لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنةٌ) . فأتيت ابن عباس، فسألته عن وتر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: آدُلك على أعلم الناس بوتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأْتِ عائشة رضي الله عنها. فأتيتُها، فاستتبعت. "، حَكِيمَ بن أفْلَحَ، فأبى، فناشدته، فانطلق معي. فاستأذن على عائشة، فقالت: من هذا؟ قال: حَكِيمُ بن أفْلَحَ. قالت: ومن معك؟ قال: سعد بن هشام. قالت: هشام بن عامرٍ الذي قُتِلَ يومَ أُحُد؟ قال: قلت: نعم. قالت: نعْمَ المرءُ كان عامرٌ! قال: قلت: يا أم المؤمنين! حدِثيني عن خُلُقِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: ألستَ تقرأ القرآن؟! فإن خُلُقَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ القرانَ. قال: قلت: حدِّثيني عن قيام الليل؟ قالت: ألست تقرأ: (يا أيها المزمل) ؟! قال: قلت: بلى. قالت: فإن أول هذه السورة نزلت، فقام أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى انتفخت أقدامهم، وحُبِسَ خاتمتُها في السماء اثْنَيْ عَشَرَ شهراً، ثم نزل أخرها، فصار قيامُ الليل تطوُعاً بعد فريضة. قال: قلت: حدِّثيني عن وتر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: كان يوتر بثمان ركعات، لا يجلس إلا في الثامنة، ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى، لا يجلس إلا في الثامنة والتاسعة، ولا يسلم إلا في التاسعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عَشْرَةَ ركعةً يا بُنَيَّ! فلما أسنَّ وأخذَ اللحمَ؛ أوتر بسبع ركعات، لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلِّم إلا في السابعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك

تسعُ ركعاتٍ يا بُنَيَّ! ولم يقم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة يُتِمُّها إلى الصباح، ولم يقرأ القرآن في ليلة قطّ. ولم يَصئمْ شهراً يتِمُّه غير رمضان، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها، وكان إذا غلبته عيناه من الليل بنوم؛ صلى من النهار ثِنْتَيْ عَشْرَةَ ركعةً. قال: فأتيتُ ابن عباس فحدَّثته. فقال: هذ ا- والله- هو الحديث، ولو كنت أكلِّمها؛ لأتيتها حتى أُشافِهَهَا به مشافهةً! قال: قلَت: لو علمت أنك لا تكلِّمها ما حدَّثتك! (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وقد أخرجه مسلم في "صحيحه"، وكذ اأبو عوانة؛ دون قوله: قال: قلت: لو علمت ... ) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا همام: تنا قتادة عن زُرَارة بن أوفى عن سعد بن هشام. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلماً لم يخرج لحفص بن عمر- وهو أبو عمرو الحَوْضِى-، وهو ثقة ثبت. والحديث أخرجه مسلم (2/168- 170) ، وأبو عوانة (2/321- 325) ، والنسائي (1/237) ، وأبن نصر في "قيام الليل " (ص 48) ، وأحمد (6/53) من طرق عن قتادة ... به؛ وعند مسلم زيادة إعداد السواك له. وتابعه الحسن البصري عن سعد بن هشام ... به نحوه. أخرجه أحمد (6/235) ؛ وصرح الحسن بالتحديث في رواية عنده (6/168) . وسيأتي في الكتاب (1223) .

1214- وفي رواية ... بإسناده نحوه؛ قال: يصلِّي ثماني ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس؛ فيذكر الله عز وجل، ثم يدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلِّم، ثم يصلي ركعة؛ فتلك إحدى عشرة ركعة يابُنَيَّ! فلما أسنَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخذَ اللَّحْم؛ أوتر بسبع، وصلى ركعتين وهو جالس بعدما يسلّم ... بمعناه، إلى مشافهة ... (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"كما تقدم) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن قتادة ... بإسناده نحوه قال ... قال المصنف: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن بشر: ثنا سعيد ... بهذا الحديث؛ قال: يسلِّم تسليماً يسْمِغنا ... كما قال يحيى بن سعيد. قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم وأبو عوانة من طرق عن قتادة ... به كما تقدم. والحديث أخرجه أحمد (6/53) : ثنا يحيى: ثنا سعيد بن أبي عروبة ... به. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/323) : حدثا الحسن بن علي بن عفان قال: ثنا محمد بن بشر ... به؛ وزاد- بعد قوله: ثم يدعو-: ... رَبَّهُ، ويصلي على نبئه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربه ويصلي على نبئه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويدعو، ثم يسلم ...

وإسناده صحيح. وفيه فائدة عزيزة، وهي مشروعية الصلاة عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد الأول. 1215- وفي أخرى ... بنحو التي قبلها؛ إلا أنه قال: ويسلم تسليمةً يُسْمِعُنا. (قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد ... بهذا الحديث. قال ابن يشار: بنحو حديث يحيى بن سعيد؛ إلا أنه قال ... والحديث أخرجه مسلم من طريق أخرى عن محمد بن أبي عدي ... به. وابن حبان (669) ، والبيهقي عن معاذ بن هشام: حدئنا أبي عن قتادة ... بلفظ الكتاب. 1216- عن زُرَارة بن أوفى: ان عائشة رضي الله عنها سُئِلَتْ عن صلاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جوف الليل؟ فقالت: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله، فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه، وينامُ وطَهورُهُ مُغَطّىً عند رأسه، وسِواكُهُ موضوعٌِ؛ حتى يبعثه الله ساعتَهُ التي يَبعَث من الليلِ، فيتسوكُ، وُيسبغ الوُضوء، ثم يقوم إلى مصلاّه، فيصلي ثمان ركعات؛ يقرأ فيهن بأمِّ الكتاب وسورة من القرآن وما شاء الله، ولا يقفُ في شيء منها، حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة، ثم يقعد، فيدعو بما شاء

الله أن يدعو، ويسأله ويرغَبُ إليه، ويسلم تسليمة واحدةً شديدة، يكاد يُوقِظُ أهلَ البيت مِنْ شدَّةِ تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد، ثم يركع الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعو، ثم يسلِّم وينصرف. فلم تزل تلك صلاةَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بَدَّنَ، فنقصَ من التسع ثنتين، فجعلهمما إلى الستِّ والسبع؛ وركعتيه وهو قاعدٌ، حتى قُبِضَ علىَ ذلك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث صحيح؛ إلا الأربع ركعات! والمحفوظ: ركعتان) . إسناده: حدثنا علي بن حسين الدَرْهَمِيّ: ثنا ابن أبي عدي عن بَهْزِ بن حَكِيم: ثنا زُرَارة بن أوفى. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ إلا انه منقطع بين زرارة وعائشة؛ قال في "تهذيب التهذيب ": " والمحفوظ أن بينهما سعد بن هشام ". قلت: كذلك رواه حماد بن سلمة عن بَهْزٍ؛ كما يأتي عند المصنف. فالحديث بذلك صحيح. والله أعلم. والحديث أخرجه أحمد أيضا كما يأتي. 1217- وفي رواية ... بإسناده؛ قال: يصلِّي العشاء، ثم يَأْوِي إلى فراشه ... لم يذكر: الأربع ركعات، وساق الحديث قال فيه: فيصلي ثمان ركعات، يُسَوِّي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ولا

يجلس في شيء فيهن إلا في الثامنة؛ فإنه كلان يجلس، ثم يقوم ولا يسلم، فيصلي ركعة يوتربها، ثم يسلم تسليمة،؛ يرفع بها صوته حتى يُوقِظَنا ... ثم ساق معناه. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله. ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا بهز بن حكيم ... فذكر هذا الحديث بإسناده قال ... قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ ولكنه منقطع كما سبق بيانه في الذي قبله. والحديث أخرجه أحمد (6/236) : ثنا يزيد قال: ثنا بَهْزُ بن حَكِيم ... به؛ إلا أنه قال: ركعتين مكان: أربع ركعات. وهو المحفوظ عن عائشة في "مسلم " وغيره، كما يأتي تحقيقه بعد حديث. 1218- وفي أخرى عن المؤمنين: أنها سُئِلَتْ عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: كان يصلي بالناس العشاء، ثم يرجع إلى أهله، فيصلي أربعاً، ثم يَأْوي إلى فراشه ... ثم ساق الحديث بطوله؛ لم يذكر: يُسوِّي بجنهن في القراءة والركوع والسجود، ولم يذكر- في التسليم-: حتى يوقظنا. (قلت: حديث صحيح؛ إلا الأربع، والمحفوظ ركعتان) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: صسا مروان- يعني: ابن معاوية- عن بهز: ثنا زرارة بن أوفى عن عائشة أم المؤمنين قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات أيضا؛ ولكنه منقطع كما عرفت.

1219- وفي رواية رابعة عنها ... بهذ االحديث، وليس في تمام حديثهم. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد- يعني: ابن سلمة- عن بهز ابن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشهَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير بهز بن حكمِم، وهو ثقة. ويلاحظ أن حماداً قد زاد في السند: سعد بن هشام بين زرارة وعائشة، وبذلك اتصل الإسناد، وزال الانقطاع الذي وقع في الروايات المتقدمة. وقد توبع حماد على وصله. وكأنه لذلك جزم الحافظ في "التهذيب " بأنه المحفوظ، فقال الإمام أحمد (6/236) : ثنا يونس قال: ثنا عمران بن يزيد العَطَّار عن بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام قال: قلت لأم المؤمنين عائشة: كيف كات صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل؟ قالت: كان يصلي العشاء ... فذكر الحديث (يعني: من رواية يزيد بن هارون) ، ويصلي ركعتين قائماً، يرفع صوته كأنه يوقظنا- بل يوقظنا-، ثم يدعو بدعاء يُسْمِعُنا، ثم يسلم تسليمةً، ثم يرفع بها صوته. ورجاله ثقات معروفون؛ غير عمران بن يزيد العطار، فوثقه ابن حبان. وقد تقدم أن في رواية يزيد بن هارون: ركعتين مكان: أربع ركعات. فكأن في قوله: " فذكر الحديث " إشارةً إلى أن ذلك في حديث العطار أيضا؛ وإلا لذكر الخلاف بينهما.

وهذا هو المحفوظ: ركعتان بعد العشاء؛ ففي حديث عبد الله بن شقيق عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين ... الحديث. أخرجه مسلم (2/162) ، وابن خزيمة (1199) . ونحوه حديث أبي حُرَة عن الحسن عن سعد بن هشام عنها قالت: كان إذا صلى العشاء؛ تجوَّز بركعتين ثم ينام ... الحديث. أخرجه ابن خزيمة (1104) ، وعنه ابن حبان (2626 و 2631) ، وقال: " أبو حرةَ: اسمه واصل بن عبد الرحمن ". قلت: وهو ثقة من رجال مسلم؛ الا أنهم ضعفوه في روايته عن الحسن؛ يقولون: لم يسمعها من الحسن. فالعمدة على ما تقدم، وهو بذلك حسن صحيح. نعم؛ قد صحت الأربع من حديث ابن عباس قال: كنت في بيت ميمونة؛ فلما صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَتَمَةَ؛ جاء فصلى أربع ركعات. أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ع 35) بسند صحيح عنه. 1220- عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلَي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً؛ يوتر بسبع- أو كما قالت-، ويصلي ركعتين وهو جالس، وركعتي الفجر بين الأذان والاقامة. (قلت: إسناد حسن صحيح) .

إسناده: حدثنا موسى- يعني: ابن إسماعيل-: ثنا حماد يعني: ابن سلمة- عن محمد بن عمروعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لمحمد بن عمرو إلا متابعة، وهو حسن الحدحث كما سبق مراراً. والحديث أخرجه أحمد (6/55 و 182) من طريقين آخرين عن محمد ... به نحوه. 1221- عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوتر بتسع ركعات، ثم أوتر بسبع ركعات، وركع ركعتين وهو جالس بعد الوتر، يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يركع؛ قام فركع ثم سجد. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد حسن أيضآ، والقول فيه كالقول في الذي قبله. 1222- وفي رواية عنها ... مثله؛ قال فيه: قال علقمة بن وقاص: يا أُمَّتَاهْ! كيف كان يصلي الركعتين؟ ... فذكلر معناه. (قلت: حديث صحيح) . لم يسق المصنف إسناده، وإنما علقه تعليقاً، فقال: " قال أبو داود: روى

الحديثين: خالدُ بن عبد الله الواسطي ... مثله قال فيه ... ". زاد في نسخة بعد "الواسطي ": "عن محمد بن عمرو". ويعني: أن حماد بن سلمة لم يتفرد برواية الحديث عن محمد بن عمرو بإسناديه عن عائشة؛ بل تابعه الواسطي، فرواه عن محمد بن عمرو بالإسنادين. 1223- عن سعد بن هشام قال: قَدِمْتُ المدينة، فدخلت على عائشة، فقلت: أخبريني عن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بالناس صلاة العشاء، ثم يأوي إلى فراشه فينام، فإذا كان جوفُ الليل قامَ إلى حاجته وإلى طَهُوره فتوضأَ، ثم دخل المسجد فصلى ثمان ركعات؛ يُخَيَّلُ إليَّ أنه يُسَؤي بينهن في القراءة والركوع والسجود! ثم يوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع جنبه، فربَّما جاء بلال فآذنه بالصلاة، ثم يُغْفِي، وربٌما شَكَكْتُ: آغْفَى أو لا! حتى يُؤْذِنَهُ بالصلاة، فكانت تلك صلاتَه حتى أسن وَلَحُمَ؛ فذكرت من لحمه ما شاء الله ... وساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد. (ح) وثنا ابن المثنى: ثنا عبد الأعلى: ثنا هشام عن الحسن عن سعد بن هشام. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني، وعلى شرط مسلم وحده من الوجه الأول؛ لأن وَهْبَ بن بقية لم يخرج له البخاري.

والحسن: هو البصري، وقد سمعه س سعد بن هشام، كما تقدم تحت الحديث (1213) ، ويأتي قريباً. والحديث أخرجه النسائي (1/244) : أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الأعلى ... به وتابعه يزيد- وهو ابن هارون- قال: أنا هشام ... به. أخرجه أحمد (6/235) : ثنا يزيد ... به. وتابعه قتادة عن الحسن قال: أخبرني سعد بن هشام ... به مختصراً. أخرجه أحمد (16/68) ، والنسائي (1/250) . وتابعه أبو حُرَّةَ عن الحسن عن سعد بن هشام الآنصاري ... به نحوه؛ وفيه: أنه قرأ في الركعتين وهو جالس: {قل يا أيها الكافرون} و {إذا زلزلت} . أخرجه ابن حبان (668) . لكن أبو حرة- واسممه واصل بن عبد الرحمن- كان يدلس عن الحسن. وقراءة السورتين؛ لها شاهد من حديث أبي أمامة بسند حسن، انظر "صفة الصلاة". 1224- عن ابن عباس: أنه رَقَدَ عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرآه استيقظ فتسوَّك، وهو يقول: (إن في خلق السماوات والأرض ... ) حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ئم انصرف فنام حتى نَفَخَ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات بستِّ ركعات، كل ذلك يستاك، ثم يتوضأ، ويقرأ هؤلاء

الأيات، ثم أوتر (قال عثمان: بثلاث ركعات) ، فأتاه المؤذن، فخرج إلى الصلاة (وقال ابن عيسى: ثم أوتر فأتاه بلال، فآذنه بالصلاة حين طلع الفجر، فصلى رَكْعَتَيِ الفجر، ثم خرج إلى الصلاة. ثم اتفقا) وهو يقول: " اللهم! اجعل في قلبي نوراً، واجعل في لساني نوراً، واجعل في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجعل خَلْفي نوراً، وأمامي نوراً، واجعل من فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، اللهم! وآعْظِمْ لي نوراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا هشيم: أخبرنا حُصَيْنٌ عن حَبِيبِ بن أبي ثابت. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن فُضَيْل عن حُصَيْن عن حَبِيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وفد أخرجه في "صحيحه " كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/182) من طريق أخرى عن محمد بن فُضَيْل ... به وكذلك أخرجه أبو عوانة (2/320- 321) وأخرجه هو، والنسائي (1/249) عن زائدة-، وأحمد (1/373) - عن أبي عوانة- كلاهما عن حُصَيْنِ بن عبد الرحمن ... به؛ وصرح حبيب ابن أبي ثابت بالتحديث في رواية أبي عوانة، وكذا ابن خزيمة (449) .

وتابعه سفيان الثوري عن حبجب ... به مختصراً. أخرجه أحمد (1/350) ، والنسائي. وتابعه منصور بن العتمر قال: حدثني [محمد بن] علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي ... به. أخرجه أبو عوانة (2/321) . 1235- وفي رواية عنه ... نحوه؛ قال: " وأعظم لي نوراً ". (قلت: يعني: ليس فيه: " اللهم ". وإسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حُصَيْنٍ ... نحوه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه بهذا اللفظ من طريق أبي رشدين عن ابن عباس، وعلقه المصنف كما يأتي بعده. 1226- قال أبو داود: " كذلك قال أبو خالد الدالاني عن حبيب في هذا الحديث. وقال سلمة بن كُهَيْلٍ عن أبي رِشْدِينَ عن ابن عباس ". (قلت: وصله الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم! عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل ... به باللفظ المذكور: " وأعْظِمْ لي نوراً ") . قلت: هذا معلق؛ وقد وصله البخاري (4/188) ، ومسلم (2/180- 182) ، وأبو عوانة (2/311) ، وابن حبان (2627) ، وأحمد (1/283 و 284 و 343) من طرق عن سَلَمَةَ بن كُهَيْلِ ... به مطولاً؛ وفيه ما أشار إليه المصنف: " وأعظم لي نورا ". وأخرجه مسلم، وأبو عوانة؟ وأحمد (1/330) من طرق أخرى عن كُريب أبي

رشدين ... بنحوه. وهما، وأحمد (1/341) من طرق أخرلى عن ابن عباس ... به. وسيأتي (1237) . 1227- عن ابن عباس قال: بِمت عند خالتي ميمونة، فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدما أمسى، فقال: " أصلَّى الغلام؟ لما. قالوا: نعم. فاضطجع، حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله؛ قام فتوضأ، ثم صلى سبعاً- أو خمساً- أوتر بهن، لم يسلِّم إلا في آخرهنَّ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: تنا وكيع: ثنا محمد بن قيس الآسَدِي عن الحكم بن عُتَيْبَةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير الأسدي هذا؛ فإن البخاري إنما أخرج له في "الأدب الفرد"، وهو ثقة. والحديث أخرجه أحمد (1/354) : حدثنا وكيع ... به. 1228- وفي رواية عنه قال: بِتّ في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث، فصلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء، ثم جاء فصلى أربعاً، ثم نام، ثم قام يصلي، فقمت عن يساره، فأدارني فأقامني عن يمينه، فصلى خمسا؛ ثم نام حتىسمعت غَطِيطَهُ، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الغداة.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا ابن الثنى: ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن الحكم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البخاري (1/189- فتح) ، والدارمي (1/286) ، وأحمد (1/341) من طرق أخرى عن شعبة ... به نحوه. 1229- وفي أخرى عنه في هذه القصة: فقام فصلى ركعتين ركعتين؛ حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد المجيد عن يحيى بن عَبَّاد عن سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه ... في هذه القصة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وعبد المجيد: هو ابن سهل الزُهْرِيُ. وخالفه حُرَيْأ بن أبي مَطَر عن يحيى بن عباد ... به مختصراً بلفظ: قال: كان نومه ذلك وهو جالس؛ يعني: النجي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه ابن ماجه (476) . قلت: وحريْثٌ هذا ضعيف كما في" والتقريب "، وإيادته هذه منكرة؛ لتفرده بها ومخالفته لكل الدين رووا القصة، وصرحوا أنّه اضطجع.

1230- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، بركعتيه قبل الصبح، يصلي ستاً: مثنى مثنى، وبوتر بخمس لا يقعد بينهن إلا في آخرهن. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَراني: حدثني محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة. قلت: رجال إسناده مُوَثَّقون؛ لولا عنعنة ابن إسحاق! لكنه قد سمعه من محمد بن جعفر كما يأتي. فالحديث حسن، وهو بما بعده صحيح. والحديث أخرجه أحمد (6/275- 276) من طريق أخرى عن ابن إسحاق قال: حدثني هشام بن عروه بن الزبير ومحمد بن جعفر بن الزبير- كلاهما حدثني- عن عروة بن الزبير ... به. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو صحيح بما بعده. 1231- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي بالليل ثلاثَ عَشْرَة ركعةً، بركعتيِ الفجر. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في "صحيحه " بإسناد المصنف، والبخاري وأبو عوانة بإسناد آخر عنها) . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عِرَاكِ بن مالك عن عروة عن عائشة أنها أخبرته. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم كما يأتي.

والحديث أخرجه مسلم (2/166) بإسناد المؤلف فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد ... به. وأخرجه أحمد (6/222) : ثنا حجاج قال. ثنا ليث ... به. وتابعه عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب ... به؛ إلا أنه سقط من روايته قوله: بركعتي الفجر. أخرجه أبو عوانة (2/327) . وتابعه القاسم بن محمد قال: سمعت عائشة تقول ... فذكره بتمامه. أخرجه أبو عوانة قال: حدثنا ابن أبي الحُنَيْنِ قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: أبَنا حنظلة عن القاسم بن محمد. قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي الحنين، فلم أعرفه! لكن تابعه البخاري، فقال (1/288) : حدثنا عبيد الله بن موسى ... به. 1232- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى العشاء، ئم صلى ثماني ركعات قائماً، وركعتين بين الأذانين، ولم يكن يدعهما (قال جعفر بن مسافر في حديثه: وركعتين جالساً بين الأذانين. زاد: جالساً) . (قلت: هذه الزيادة منكرة! والصواب فيها أنها في الركعتين اللتين بعد الوتر. كذلك أخرجه أحمد والبخاري. وإسناد المصنف صحيح على شرط الشيخين من غيرطريق جعفر) . إسناده: حدثنا نصر بن علي وجعفر بن مسافر أنً عبد الله بن يزيد القرئ

أخبرهما عن سعيد بن أبي أيوب عن جعفر بن ربيعة عن عِرَاكِ بن مالك عن أبي سلمة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق نصر. وأما جعفر بن مسافر؛ فهو مع كونه لم يخرج له في "الصحيحبن "؛ فإن فيه ضعفاً من قبل حفظه. ولذلك قال الحافظ ذئي "التقريب": " صدوق، ربما أخطأ ". قلت: وقد أخطأ في قوله: وركعتين جالساً بين الأذانين. والصواب: أن الجلوس صفة الركعتين بعد الوتر. كذلك أخرجه البخاري (1/292) : حدثنا عبد الله بن يزيد ... به؛ ولفظه: ثم صلى ثماني ركعات، وركعتين جالساً، وركعتين بين النداءَيْن، ولم يكن يدعهما أبداً. ومن الغريب أنه لم يقع في هذه الرواية ذكر لركعة الوتر! فكأن سعيد بن أبي أيوب لم يحفظها. وقد حفظها يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن ربيعة ... به؛ بلفظ: كان يصلي كل ليلة ثلاث عشرة ركعة: تسعاً قائماً، وركعتين وهو جالس ... الحديث. أخرجه أحمد (6/222) ؛ وسنده صحيح على شرطهما. 1233- عن عبد الله بن أبي قيس قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بكم كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر؟ قالت: كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر

بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة (زاد أحمد [بن صالح] : ولم يكن يوتر بركعتين قبل الفجر! قلت: ما يوتر؟ قالت: لم يكن يدع ذلك. ولم يذكر أحمد: وست وثلاث) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثا أحمد بن صالح ومححمد بن سَلَمَةَ المرَادي قال: ثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس- قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه أحمد (6/149) من طريةِ، أخرى عن معاوية ... به. 1234- عن كُريبٍ لولى ابن عباس، أنه قال: سألت ابن عباس: كليف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل؟ قال: بِتُّ عنده ليلة وهو عند ميمونة، فقام حتى ذهب ثلث الليل أو نصفه؛ استيقظ، فقام إلى شَنَ فيه ماء، فتوضأ وتوضأت معه، ثم قام، فقمت إلى جنبه على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي؛ كأنه يَمَس أذني، كأنه يوقظني، فصلى ركعتين خفيفتين، قد قرأ فيهما بأم القرأن في كل ركعة، ثم سلم، ثم صلى، حتى صلى إحدى عشرةَ ركعةً بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال فقال: الصلاة يا رسول الله افقام فركع ركعتين؛ ثم صلى للناس.

(قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " عن المؤلف) . إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث: حدثني أبي عن جدي عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن مَخْرَمَةَ بن سليمان أن كرَيباً مولى ابن عباس أخبره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولولا أن سعيداً هذا عَلِمَ فيه أحمذ الاختلاطَ؛ لكان صحيح الإسناد! ولكَنه لم يتفرد به؛ فقد تابعه مالك وغيره كما يأتي. والحديث أحرجه أبو عوانة في "صحيحه " (2/318) : حدثنا أبو داود السجِسْتَاني ... به. 1235- عن ابن عباس قال: بِمت عند خالتي ميمونة، فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل، فصلى ثلاث عشرة ركعة، منها ركعتا الفجر، حَزَرْت قيامه في كل ركعة بقدر: (يا أيها المزمل) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا نوح بن حبيب ويحيى بن موسى قا الا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس؛ لم يقل نوح: منها ركعتا الفجر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ غير نوح بن حبيب، وهو ثقة، ومقرون.

والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (3/8) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (1/365- 366) : ثنا عبد الرزاق ... به. 1236- عن زيد بن خالد الجهَنِيِّ؛ أنه قال: لآرْمُقَن صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فتوسَّدْت عَتَبَتَهُ أو فسطاطه، فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين؛ وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم أوتر؛ فذلك ثلاث عَشْرَةَ ركعة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه وكذا أبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجُهَنِي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن مخرمة، فهو من رجال مسلم وحده، وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في " الموطأ" (1/122/12) . وعنه: أخرجه مسلم (2/183) ، وأبو عوانة (2/319) ، وابن نصر في "قيام الليل " (ص 48) . ورواه البيهقي (3/8) من طريق المصنف.

316- صلاة الليل أنه بات عند ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي خالته-، قال: فاضطجعت في عَرْض الوِسادة، واضطجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهُلُه في طُولِها، فنام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى إذا انتصف الليل- أو قبله بقليل، أو بعده بقليل- استيقظ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلس يَمْسَحُ النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشرَ الأياتِ الخواتمَِ من سورة آل عمران، ثم قام إلى شَنً مُعَلَّقَةِ، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي. قال عبد الله: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده اليمنى على رأسي، فأخذ بأذني يَفْتِلُها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين- قال القعنبي: ست مرات-، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاعه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن مَخْرَمَةَ بن سليمان عن كُريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس أخبره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في " الموطأ" (1/121/11) . وعنه: أخرجه البخاري (3/221) ، وكذا مسلم (2/179) ، وأبو عوانة (2/315- 316) ، والنسائي (1/241) ، وأحمد (1/2 ث 2) كلهم عن مالك ... به

317- باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة

وللحديث طرق أخرى عن كريب وعن ابن عباس، وقد مضى بعضها في الكتاب رقم (1124- 1229 و 1234) . 317- باب ما يؤمَرُ به من القصد في الصلاة 1238- عن عائشة رضي الله عنها: ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اكْلَفُوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَل حتى تَمَلوا، وإنَّ أحبَّ العمل إلى الله أدْوَمُهُ وإن قلَّ "؛ وكان إذا عمل عملاً آثْبَتَهُ. (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة بأسانيد أخرى عنها نحوه) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِي عن أبي سلمة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، (رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عجلان، فأخرج له مسلم في الشواهد، وقد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه النسائي (1/124) ... بإسناد المصنف هذا؛ وفيه بيان سبب الحديث؛ فكأن المصنف اختصره. وكذلك أخرجه أحمد (6/40) : ثنا لى صيان عن ابن عجلان ... به. ثم أخرجه (6/61 و 176 و 180- 181 و 241 و 267) من طرق أخرى عن أبي سلمة ... به مطولاً ومختصرآ. وإسناد بعضها صحيح على شرطهما. وقد أخرجه البخاري (4/223) مختصرا ومسلم (2/188- 189) ، وأبو عوانة (2/298) ، وابن ماجه (4237) - مطولاً--

وله عند البخاري (1/18- 19 و 4/299- 291) طريق أخرى عنها. وللجملة الوسطى منه طريق أخرى: عند مسلم (2/189) . وللجملة الأولى منه شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً ... به. أخرجه البخاري (2/490) ، ومسلم (3/133- 134) ، وابن ماجه (4240) ، وأحمد (2/231 و 257 و 316 و 350 و 418 و 495-496) . وعنده الجملة الثالثة في رواية، وهي رواية ابن ماجه؛ وسندها جيد في الشواهد. (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في "الجامع " بلفظ: " ليتكلَّفْ أحدُكم من العمل ما يُطيق؛ فإن الله تعالى لا يَمَل حتى تَمَلّوا، وقاربوا وسددوا "! وقال: " رواه أبو نعيم في "الحلية" عن عائشة "! وأقول: لم أره في فهرس "الحلية "، ولا وجدت هذه الزيادة: " وقاربوا وسددوا " في شيء من طرق الحديث المذكورة! وإنما ير في حديث آخر لعائشة بلفظ: " سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يُدْخِلَ أحدَكُم عملُهُ الجنةَ، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله أدْوَمُها وإن قلَّ ". أخرجه البخاري في "الرقاق " ومسلم قًبَيْلَ " الجنة ". وقد ثبت من حديث ابن عمرو أيضأ، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (115) (*) .

_ (*) هذا حديث ثوبان، أما حديث ابن عمرو فقد خرجه رحمه الله في "الإرواء" تحت الرقم (412) . (الناشر) .

وروى ابن ماجه (4241) عن عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله قال: مَر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رجل يصلَي على صخرة، فأتى ناحية مكة، فمكث مَلِياً، ثم انصرف فوجد الرجل يصلي على حاله، فقام فجمع يديه، ثم قال: " يا أيها الناس! عليكم القصدَ (ثلاثاً) ؛ فإن الله لا يَمَل حتى تَمَلوا ". قلت: وهذا إسناد حسن في الشواهد. وأخرجه أبو يعلى أيضا في "مسنده " (ق 98/2) من هذا الوجه. ويأتي الحديث مختصراً من طريق أخرى عن علقمة عن عائشة ... به (رقم 1240) . ورواه الترمذي (2/139) من طريق أبي هاشم الرفاعي: حدثنا ابن فُضَيْل عن الأعمش عن أبي صالح قال: سُئِلَتْ عائشة وأم سلمة: أيُّ العمل كان أحبَّ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالتا: ما دِيمَ عليه وإن قل. وقال: "حسن غريب "! وأبو هاشم هذا ضعيف، وذِكْرُ أم سلمة فيه غريب. لكن أخرجه أحمد (6/319) من طريق أخرى عن أبي سلمة عن أم سلمة ... به نحوه. وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (637) . وللشطر الأول من الحديث شاهد من حديث عمران بن حصين: عند الطبراني في "المعجم الكبير" (18/228/568) بسند جيد.

1239- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى عثمان بن مظعون، فجاءه فقال: " يا عثمان! آرَغِبْتَ عن سُنَّتِي؟! ". قال: لا والله يا رسول الله! ولكِنْ سُنَّتَكَ أطْلُبُ! قال: " فإنِّي أنام وأصلي، وأصوم وأُفْطِرُ، وأنكِحُ النساء، فائقِ الله يا عثمان! فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً؛ فصُمْ وأفطِرْ، وصَلِّ ونَمْ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد: ثنا عمي: ثنا أبي عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عأئشة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لولا أن ابن إلسحاق مدلس، وقد عنعنه؛ لكنه قد صرح بالتحديث عند أحمد كما يأتي؛ فثبت الحديث. وعم عبيد الله بن سعد اسمه يعقوب بن إبِ اهيم بن سعد الزهري المدني والحديث أخرجه أحمد (6/268) : ثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني هشام بن عروة ... به. قلت: وهذا إسناد حسن، صرَّح فيه ابى إسحاق بالتحديث. ورواه عنه: يونس بن بُكَيْرٍ: حدثني الن إسحاق: حدثني الزهري عن سعيد ابن المسيب عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان مِن تَرْكِ النساء؛ بعث إليه

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث نحوه. أخرجه الدارمي (2/133) . ويونس بن بكير صدوق يخطئ؛ فلعله وهم في إسناده. ويرجح الأول: أن ابن حبان أخرجه (1288) من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ... به. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، نجر ابن أبي السًرِي- وهو محمد بن المتوكل العسقلاني؛ فيه ضعف من قبل حفظه. لكن تابعه إسحاق بن إبراهيم بن عَبَّاث الاثَ بَرِيُّ، فقد رواه عن عبد الرزاق عن معمر ... به في "المصنف " (67/1/10375) . فالإسناد بهما حسن. وله شاهد من حديث أبي موسى ... لحهِ حديث الرجمة وأتم منه. أخرجه ابن حبان (1287) من طريق أبمب يعلى: حدثنا محمد بن الخَطَّاب البَلَدِيُ الزاهد ... بسنده عنه. والبلدي هذا لم أعرفه! ومن فوقه موثقون؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- مدلس مختلط. لكن قال الهيثمي (4/302) : " رواه أبو يعلى والطبراني بأسانيد، وبعض اسانيد الطبراني رجالها ثقات ". وهو في للمسند أبي يعلى" (13/ 216/7242) . ثم وجدت لابن أبي السَّرِي متابعاً قوياً، فقال البزار في "مسنده "

(2/ 174/1458) : حدثا أحمد بن منصرر بن سَيَّار: ثنا عبد للرزاق ... بسنده المتقدم. فصح الإسناد والحمد لله؛ لأن ابن منصور هذا ثقة حافظ، مترجم في " التهذيب " وغيره. 1240- عن علقمة قال: سألت عائشة: كيف كان عملُ رسرل الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! هل كان يخص شيئاً من الأيام؟ قالت: لا؛ كانْ كل عمله دِيمةً، وأيُّكم يستطيع ما كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستطيع؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين في "صحيحيهما". وقد أخرجاه وابن حبان في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الِيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/189) ، وابن حبان (5/ 262/3639) من طريق أخرى عن جرير ... به. وأخرجه البخاري (1/495) ، وأحمد (6/55 و 189 و 278) من طرق عن منصور ... به.

318- باب في قيام شهر رمضان

باب تفربع أبواب شهر رمضان 318- باب في قيام شهر رمضان 1241- عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَغبُ في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: " من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدم من ذَنْبِهِ ". فَتُوُفِّيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمرُ على ذلك. ثم كان الأمرُ على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في "صحيحه". وصححه الترمذي. وأخرجه البخاري؛ لكنه جعل قوله: فتوفي ... من قول الزهري. وبه جزم الحافظ) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المتوكِّل قالا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر- قال الحسن في حديثه- ومالك بن أنس- عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قال أبو داود: " وكذا رواه عُقيْل ويونس وأبو أويس: " من قام رمضان ". وروى عقيل: " من صام رمضان وقامه " ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين عن الحسن بن علي- وهو الحُلْواني-. وأما قرينه محمد بن التوكل- وهو العسقلاني العروف بابن أبي السري-؛ فضعيف.

والحديث أخرجه مسلم (2/177) ، والنسائي (7/351) ، والترمذي (1/154) ، وأحمد (2/281) من طرق عن عبد الرزاق ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مالك في "الموطأ" (1/ 113 / 2) عن ابن شهاب ... به؛ إلا أنه قال: قال ابن شهاب: فتوفَي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فجعله من قول الزهري، وليس من قول أبي هريرة كما هو ظاهر رواية عبد الرزاق. وهكذا أخرجه البخاري (1/499) عن مالك. وكأنه لذلك روى مسلم والنسائي وأحمد (2/486) منه المرفوع فقط! وقال الحافظ في "الفتح " (4/218) : " وقد أدرج بعضهم قول ابن شهاب في نفس الخبر. أخرجه الترمذي من طريق معمر عن ابن شهاب "! قلت: وفاته أن مسلماً أخرجه كذلك كما تقدم. وأما رواية عقَيْلٍ التي علقها المصنف بلفظ. " من صام رمضان وقامه "؛ فلم أقف عليها هكذا! وإنما أخرجها البخاري من طريق الليث عنه عن ابن شهاب بلفظ الجماعة عنه؛ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لرمضان: " من قامه إيماناً ... ". وإنما رواه باللفظ المذكور: محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به، فقال أحمد (2/503) : ثنا يزيد: أنا محمد عن أبي سلمة ... بلفظ:

" من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً غفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً ... " الحديث. وسيشير إليه المصنف في الحديث الآتي بعده. وقد أخرجه الترمذي (1/132) من طريق آحر عن ابن عمرو. 1242- عن أبي هريرة يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مَخْلَد بن خالد وابن أبي خلف قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قال أبو داود: " وكذا رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة. ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة ". قلت: رواية محمد بن عمرو؛ وصلها أحمد كما خرجته آنفاً. وروى منه ابن ماجه (1326) الشطر الأول فقظ؛ دون قوله: " وقامه ". وأما رواية يحيى بن أبي كثير؛ فوصلها مسلم (2/177) ، والنسائي (1/308) ، والدارمي (2/26) ، وأحمد (2/408و 423) ؛ وصرح بتحديث يحيى عن أبي سلمة. والحديث أخرجه البخاري (1/500- 501) ، والنسائي (1/308) ، وأحمد (2/241) من طرق عن سفيان ... به.

1243- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناسٌ، ثم صلى من القابلة؛ فكَثُرَ الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما أصبح قال: " قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم؛ إلا أني خَشِيتُ أن يُفْرَضَ عليكم ". وذلك في رمضان. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/113/1) . وعنه: البخاري (1/286 و 499- 500) ، ومسلم (2/177) ، والنسائي (2/238) ، وأحمد (16/77) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه البخاري (1/235) ، ومسلم، وأحمد (16/69 و 222) من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ وليس فيه أن ذلك في رمضان. 1244- عن عائشة قالت: كان الناس يصلُّون في المسجد في رمضان أوزاعاً، فأمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضربتُ له حصيراً، فصلى عليه ... بهذه القصة؛ قال فيه: قال - تعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

" أيها الناس! أما والله ما بت ليلتي هذه- بحمد الله- غافلا! ولا خفي عليَّ مكانكم ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا هَنَّاد: ثنا عَبْدَةُ عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رحال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد ابن عمرو متابعة. وقد توبع كما يأتي. وهناد: هو ابن السرِيِّ. وعبدة: هو ابن سليمان. والحديث أخرجه أحمد (6/267) : ثنا يعقوب قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التَيْمِيُّ ... به؛ وزاد: " ولكني تخوفْتُ أن يُفْتَرَضَ عليكم، فاكْلَفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَل حتى تَمَلّوا ". قال: وكانت عائشة تقول: إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَل. قلت: وإسناده حسن؛ فالحديث بهذه المتابعة صحيح. والزيادة طرق أخرى عن أبي سلمة في "الصحيحن " وغيرهما، وقد مضى في الكتاب أحدها (1238) . 1245- عن أبي ذَرً قال: صُمْنَا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رمضانَ، فلم يَقُمْ بنا شيئاً من الشهر، حتى

بَقِيَ سبعٌ، فقام بنا حتى ذهب ثلُثُ الليل. فلما كانت السادسةُ لم يَقُمْ بنا. فلما كانت الخامسةُ؛ قام بنا حتى ذهب شَطْز الليل. فقلت: يا رسول الله! لو نَفَّلْتَنا قيامَ هذه الليلة! قال: فقال: " إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف؛ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ ". فلما كانت الرابعة لم يقم. فلما كانت الثالثة؛ جمع أهلَهُ ونساءَهُ والناسَ، فقام بنا حتى خَشِينا أن يفوتنا الفلاح. قال: قلت: ما الفلاحُ؟ قال: السُحُورُ. ثم لم يَقُمْ بنا بقيةَ الشهرِ. (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (2538)) . إسناده: حدثنا مسدد. ثنا يزِيد بن زرَيْع: أخبرنا داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبَيْرٍ بن نفيْرٍ عن أبي ذًرً. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده. والحديث أخرجه بقية أصحاب "السنن " وغيرهم من طرق أخرى عن داود بن أبي هند ... به، وهو مخرج في رسالتي "صلاد التراويح " (ص 17) . ورواه ابن حبان أيضا (919) من ما هذا الوجه. وله طريق آخر في "المسند" (5/172) من طريق شرَيْحِ بن عُبَيْد الحضرمي يردُّه إلى أبي ذر ... به نحوه؛ وفي آخره: " يا أبا ذر! إنك إذا صليت مع إمامك، وانصرفت إذا انصرف؛ كُتِبَ لك قنوث ليلتك ". ورجاله ثقات؛ لكنْ شريح لم يَلْقَ أبا ذر.

319- باب فى ليلة القدر

وله شاهد في "المستدرك " (1/440) عن النعمان بن بشير ... نحوه. 1246- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخل العشر؛ أحيا الليل، وشد المِئْزَرَ، وأيقظ أهله. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا نصر بن علي وداود بن أمية أن سفيان أخبرهم عن أبي يَعْفورٍ وقال داود: عن ابن عبيد بن نِسْطاسٍ- عن أبي الضحَى عن مسروق عن عائشة. قال أبو داود: " وأبو يعفور: اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس ". قلت: وهذا إسناد صحيح. كللى شرط الشيخيهما من طريق علي بن نصر- وهو الجَهْضَمِيّ-. وأما داود بن أمية؛ فهو ثقة، ولكنهما لم يخرجا له. والحديث أخرجه البخاري (1/503) ومسلم (3/176) ، والنسائي (1/243) ، وابن ماجه (1768) ، وابن نصر في "قيام الليل " (103) ، وأحمد (6/40- 41) كلهم عن سفيان- وهو ابن عيينة- ... به. 319- باب فى ليلة القدر 1247- عن عاصم عن زِرٍّ قال: قلت لأُبَيِّ بن كعب: أخبرني عن ليلة القدريا أبا المنذر؟! فإن صاحبنا سُئِلَ عنها؟ فقال: مَنْ يَقُمِ الحَوْلَ يصِهْا! فقال: رحم الله أبا عبد الرحمن! واللهِ لقد علم أنها

في رمضان- زاد مسدد: ولكن كره أن يَتكلوا، وأحمث أن لا يتكلوا، ثم اتفقا-! والله إنها لفي رمضان، ليلةَ سبع وعشرينَ؛ لا يستثني. قلت: يا أبا المنذر! أنَّى عَلِمْتَ ذلك؟! قال: بالآية التي أخْبَرَنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت لِزِز: ما الأية؟ قال: "تُصْبِحً الشمسُ صبيحةَ تلك الليلة مثلَ الطَّسْتِ، ليس لها شُعَاعٌ حتى ترتفع ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد- المعنى- قالا: ثنا حماد عن عاصم. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لعاصم- وهو ابن بَهْدَلَةَ- مقروناً. وأما مسدد؛ فهو من رجال البخاري فقط. وحماد: هو ابن زيد. والحديث أخرجه أحمد (5/131) ، وابنه (5/130) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به. وأخرجه أحمد (5/130) ، ومسلم (3/173- 174) عن سفيان بن عيينة عن عبدة وعاصم عن زر ... به.

وهما من طريق شعبة عن عبدة بن أبي لًبَابةَ وحده عن زر ... به. وأحمد أيضا (5/132) ، وابنه (5/131) ، والترمذي (1/152) من طرق أخرى عن عاصم وحده. وقال الترمذي: "حسن صحيح ". وله عند الطيالسي (542) ، وأحمد (5/130) ، وابنه (5/131) طرق أخرى عن زِر ... به. وللحديث شاهد من حديث عبادة بن الصامت في علامة الليلة بلفظ: " ... وإن أمارتها: أن الشمس صَبِيحَتَها تَخْرُجُ مْسْتَوِيةً ليس لها شعاع، مثلَ القمر ليلة البدر ". أخرجه أحمد (5/324) ، وابن نصر (ص 108) بإسناد جيده؛ لولا أن فيه انقطاعاً بين عبادة وخالد بن معدان. وله شاهد آخر عن ابن مسعود ... مرفوعاً به نحوه. أخرجه الطيالسي (394) عن أبي يعفور عن ابن أبي عضرب عنه. ورجاله ثقات؛ غير ابن أبي عضرب هذا؛ فلم أعرفه! 1248- عن عبد الله بن أُنَيْس قال: كنت في مجلس بني سَلِمَةَ وأنا أصغرهم، فقالوا: من يسألُ لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ليلة القدر؟! وذلك صبيحة إحدى وعشرين من رمضان، فخرجت فوافَيْتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة المغرب، ثم قمْتُ بباب بيته، فمرّ بي، فقال: " ادخل "؛ فدخلتُ، فأُنِيَ بعَشائِهِ، فرآني أكف عنه من

قِلَتِهِ. فلما فرغ قال: " ناولني نعلي "، فقام وقمت معه، فقال: " كأنَ لك حاجة! ". قلت: أجل أرسلني إليك رَهْطٌ من بني سَلِمَةَ، . يسألونك عن ليلة القدر؟ فقال: " كم الليلة؟ ". فقلت: اثنتان وعشرون. قال: " هي الليلة "، ثم رجع فقال: " أو القابلة "؛ يريد ليلة ثلاث وعشرين. (قلت: إسناد حسن صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن حفص: ثنا أبي: ثنا إبراهيم بن طَهْمان عن عَباد ابن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن ضَمْرَةَ بن عبد الله بن أئيْس عن أبيه قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير ضمره بن عبد الله؛ وثقه ابن حبان فقط، لكن روى عنه جماعة من، الثقات، منهم الزهري، فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف. وقال الحافظ: " مقبول "؛ يعني عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/495) ، وابن نصر (ص 106) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهَنِي عن أخيه عبد الله بن عبد الله بن خُبَيْبٍ قال: جلس معنا عبد الله بن أُنَيسْ صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلسه- في مجلس جهَيْنَةَ-، قال: في رمضان، قال: فقلنا له: يا أبا يحيى! سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الليلة الباركة من شيء؟ فقال: نعم، جلسنا مع رسول الله

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخر هذا الشهر، فقلنا له: يا رسول الله امتى نلتمس هذه الليلة الباركة؟ قال: " التمسوها هذه الليلة ". قال: وذلك مساءَ ليلة ثلاث وعشرين. فقال له رجل من القوم: وهي إذأ يا رسول الله! أول ثمان؟! قال: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنها ليست بأول ثمان! ولكنها أول السبع، إن الشهر لا يتم ". قلت: وإسناده حسن بما قبله؛ عبد الله بن عبد الله بن حبيب لم يذكر فيه ابن حاتم (2/2/90) جرحاً ولا تعديلاً. وتابعه أبو بكر بن حزم عن عبد الله بن أنيس ... به مختصراً: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم- وسألوه عن ليلة يتراءوْنها في رمضان؟ - قال: " ليلة ثلاث وعشرين ". أخرجه أحمد (3/495) ؛ وإسناده صحيح على شرط مسلم. 1249- عن ابن عبد الله بن أنيس الجُهَني عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله! إن لي باديةً أكون فيها، وأنا أصلي فيها بحمد الله؛ فَمُرْني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد؟ فقال: " انزِلْ ليلة ثلاث وعشرين ". -- فقلت لابنه: كيف كان أبوك يصنع؟ قال: كان يدخل المسجد إذا صلى العصر، فلا يخرج منه لحاجة حتى يصلي الصبح. فإذا صلى الصبح؛ وجد دابتَة على باب المسجد، فجلس عليها، فلَحِقَ بباديته.

(قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: تنا زهير: أخبرنا محمد بن إسحاق: ثنا محمد بن إبراهيم عن ابن عبد الله بن أنيس، الجهني. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، وابن عبد الله بن أنيس: اسمه ضمرة، كما في الإسناد السابق. وزهير: هو ابن معاوية. والحديث أخرجه ابن نصر (ص 106) من طريق أحمد بن خالد: ثنا محمد ابن إسحاق ... به. ورواه البيهقي (4/359) عن المصنف. ومن طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن عبد الله بن أنيس ... به مختصرأ؛ دون قوله: فقلت لابنه ... وإسناده صحيح. 1250- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان: في تاسعة تبقى، وفي سابعة تبقى، وفي خامسة تبقى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخارعب. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْبٌ: أخبرنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه البخاري (1/502) ... بإسناد المصنف. وأخرجه البيهقي (4/308) ، وأحمد (1/279) من طريقين آخربن عن وهيب ... به. وأحمد أيضا (1/231 و 360 و 365) من طرق أخرى عن أيوب ... به. ثم أخرجه (1/281) ، وكذا البخاري من طريق أبي مجلَزٍ وعكرمة قالا: قال ابن عباس ... فذكره. وخالفه خالد الحَذَّاء؛ فرواه عن عكرمة مختصراً؛ بلفظ: " التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين ". ورجاله ثقات؛ لكن الحذاء كان تغير حفظه لما قدم الشام، فلا تطمئن النفس لخالفته؛ بل حديثه هذا شاذ لخالفته من هو أحفظ منه. أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ص 107) . ثم رواه هو، وأحمد (6/12) من حديث بلال ... به؛ وفيه ابن لهيعة. والطيالسي (2167) من حديث أبي سعيد؛ وهو منكر أو شاذ مخالف لحديثه الآتي. وللحديث شاهد من حديث أبي بكرة ... مرفوعاً به نحوه. أخرجه الترمذي (1/152) - وصححه-، وابن حبان (924) ، والحاكم (1/438) ، ووافقه الذهبي. ومن حديث أبي سعيد: عند أحمد (3/71) بسند صحيح على شرط مسلم.

320- باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين

320- باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين 1251- عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف العَشرَ الآوْسَط من رمضان، فاعتكف عاماً؛ حتى إذا كانت ليلةُ إحدى وعشرين- وهي الليلة التي يخرج فيها من اعتكافه- قال: " من كان اعتكف معي؛ فليعتكفِ العَشْرَ الأواخرَ، وقد رأيتُ هذه الليلة، ثم انْسِيتُها، وقد رأيتُنِي أسجدُ صبيحتَها في ماءٍ وطينٍ؛ فالتمِسُوها في العشر الأواخر، والتمِسُوها في كل وتر " قال أبو سعيد: فمَطَرَتِ السماءُ تلك الليلةَ، وكان المسجد على عَرِيش، فوَكَفَ المسجدُ، فقال أبو سعيد: بَصَرَتْ عينايَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى جبهته وأنفه آثَر الماء والطين من صبيحةِ إحدى وعشرين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي عن اي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح علر، شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/103 و 3/309) من طريق أخرى عن القعنبي ... به. وهو في " الموطأ" (1/319/9) .

وعنه: البخاري (1/503- 504) ، والنسا في (1/165) ، وابن نصر (ص 107) من طرق أخرى عنه. والبخاري أيضا (1/501- 502) ، ومسلم (3/171) من طرق أخرى عن ابن الهاد ... به. ومسلم أيضا، وابن خزيمة في "صحيحه " (2171) ، وكذا البخاري (2018) من طرق أخرى عن محمد بن إبراهيم ... به؛ وعند الأولَيْنِ: أنه اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تُرْكية على سُدئها حصير. والبخاري (1/209) ، ومسلم (3/172) ، وابن ماجه (1766) ، وأحمد (3/60 و 74) عن يحيى بن أبي كثير: حدثني أبوسلمة ... به. وأحمد (3/24) ، وابن حبان (3669) عن محمد بن عمرو: حدثني أبو سلمة ... به نحوه. وله طريق ثانٍ عن أبي سعيد، يأتي بعده. 1252- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، والتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة ". قال: قلت: يا أبا سعيد! إنكم أعلم بالعدد منا. قال: إجل. قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون؛ فالتي تليها التاسعة. وإذا مضت ثلاث

321- باب من روى أنها ليلة سبع عشرة

وعشرون؛ فالتي تليها السابعة. وإذا مضى خمس وعشرون؛ فالتي تليها الخامسة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسنادين، احدهما إسناد المصنف) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عبد الأعلى: أخبرنا سعيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/172) : حدثنا محمد بن المثنى وأبو بكر بن خَلاد قالا: حدثنا عبد الأعلى ... به؛ وفي أوله زيالة عنده نحو التي في الطريق السابقة. وكذلك أخرجه أحمد (3/10) : ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن سعيد الجريرِي ... به. والبيهقي (4/308) من طريق ثالثة عن الجريري. 321- باب من روى أنها ليلة سبع عشرة [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 322- باب من روى: في السبع الأواخر 1253- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَحَزوْا ليلةَ القدرِ في السبع الأواخر ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم، وأخرجه

323- باب من قال: سبع وعشرون

البخاري بسند آخر عن ابن عمر. إسناده: حدتنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وفد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/320/11) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه مسلم (3/170) ، وأبو نعيم في "الحلية" (6/347) ورواه الطيالسي (1888) ، وأحمد (2/27 و 62 و 74 و 157- 158) من طرق أخرى عن عبد الله بن دينار ... به نحوه. تْم أخرجه مالك (14) عن نافع عن ابن عمر ... نحوه. وأخرجه البخاري (1/501) ، وكذا مسلم، وابن حبان (رقم 3667) عن مالك. وله عند مسلم طرق أخرى عن ابن عمر: أحدها عند الدارمي (2/28) . وثانية: عند ابن حبان (3668) . وأخرى: عند ابن خزيمة (2182) . 323- باب من قال: سبع وعشرون 1254- عن معاوبة بن أبي سفيان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ليلة القدر قال: " ليلة سبع وعشرين ". (قلت: إسناده صحيح، ورجاله رجال "الصحيح "، وصححه ابن حبان) .

إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي. أخبرنا شعبة عن قتادة: أنه سمع مطَرفاً عن معاوية بن أبي سفيان. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ إلا عبيد الله بن معاذ، فعلى شرط مسلم وحده. والحديث أخرجه البيهقي (4/312) عن المصنف. وأخرجه بإسناده: ابنُ نصر في "قيام الليل " (116) ، وابن حبان (925) من طريق أخرى عن عبيد الله بن معاذ ... به. وخالفه أبو داود الطيالسي فقال: ثنا شعبة ... به؛ إلا أنه أوقفه على معاوية: أخرجه البيهقي، وقال: " وقفه أبو داود، ورفعه معاذ بن معاذ ". قلت: وهو ثقة متقن، احتج به الشيخا أط. وأما أبو داود؛ فهو ثقة حافظ، غلط فىِ أحاديث، احتج به مسلم وحده. فالأول أتقن؛ لا سيما ومعه زيادة الرفع، وهي مقبولة. ولا يعارضه ما رواه ابن نصر من طريق علي بن عاصم عن الجريري عن بُريدَةَ عن معاوية ... مرفوعاً: " التمسوا ليلة القدر أخر ليلة من رمضان ". فلا يصح؛ لأن علي بن عاصم هذا- وهو الواسطي- قال الحافظ: " صدوق، يخطئ وئصِزُ ". فمثله لا يحتج بحديثه إذا تفرد، فكيف إذا خالف؟!

324- باب من قال: هي في كل رمضان

ثم وجدت له شاهداً؛ انظر "الصحيحة" (1471) . 324- باب من قال: هي في كل رمضان [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله 325- باب في كم يقرأ القرآن؟ 1255- عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " اقرأ القرآن في شهر ". قال: إني أجد قوة! قال: " اقرأ في عَشْرٍ ". قال: إني أجد قوة! قال: " اقرأ في سبع، ولا تَزِيدَنَّ على ذلك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: "أخبرنا أبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو. قال أبو داود: " حديث مسلم أتم ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/408) ، ومسلم (3/163- 164) ، وأحمد (2/ 188) من طرق أخرى عن يحيى.-- به؛ ولم يذكر أحمد في إسناده: محمد ابن إبراهيم.

وتابعه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم ... به: أخرجه أحمد (2/200) . وتابعه عنده: محمد بن عمرو أيضا. 1256- عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صم من كل شهر ثلاثة أيام، واقرأ القرآن في شهر ". فناقصني وناقصته فقال: " صم يوماً وأفطر يوماً ". قال عطاء: واختلفنا عن أبي فقال بعضنا: سبعة أيام. وقال بعضنا: خمساً. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: أخبرنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط، ولا يُدْرى أتلقَّاه حماد عنه قبل الاختلاط أم بعده؟ لأن حماداً سمع منه في الصحيح والاختلاط جميعاً، وهو حماد بن سلمة. ويحتمل أن يكون هو حماد بن زيد؛ وهذا سمع منه قبل الاختلاط. ولم يترجح لدي الآن أيهما المراد هنا؛ لأنهما قد رويا جميعاً عن عطاء، وروى عنهما أيضا سليمان بن حرب! لكن الحديث صحيح على كل حال بما تقدم ويأتي.

والحديث أخرجه أحمد (2/162 و 216) من طريقين آخرين عن عطاء ... به مختصراً ومطولاً؛ دون قول عطاء: واختلفنا ... وفيه: ثم ناقصني وناقصته؛ حتى صار إلى سبع. 1257- عن عبد الله بن عمرو: أنه قال: يا رسول الله! في كم أقرأ القرآن؟ قال: " في شهر "، قال: إني أقوى من ذلك- رَفدَ الكلام أبو موسى-! وتناقصه حتى قال: " لقراه فط سبع ". قال إني أقوى من ذلك! قال: " لا يفقه من قراه في اقلً من ذلك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط السجين، وصححه ابن حبان (755)) . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الصمد: أخبرنا همام: أخبرنا قتادة عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ويزيد: هو ابن عبد الله بن الشخير. وهمام: هو ابن يحيى بن دينار العَوذِي. وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري. وابن المثنى: اسمه محمد أبو موسى. والحديث اخرجه الطيالسي (2275) ، وأحمد (2/164 و 165 و 189 و 193)

من طرق أخرى عن همام ... به. وتابعه شعبة عن قتادة ... به مختصراً بلفظ: " من قرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ لم يفقهه ". أخرجه أحمد (2/195) ، والترهذي (2/156) ؛ ولفظه: " لم يفقه ... "، وقال: "حسن صحيح ". وكتلك رواه سعيد- وهو ابن أبي عَرُوبة عن قتادة ... به، كما يأتي في الكتاب (1260) - 1258- عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأ القرآن في شهر ". قال: إن بي قوة! قال: " اقراه في ثلاث ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القَطان خال عيسى بن شاذان: ئخيرنا أبو داود: أخبرنا الحَرِيشُ بن سُلَيْمٍ عن طلحة بن مُصَرفٍ عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو. قال أبو علي: سمعت أبا داود يقول: " سمعت أحمد- معنه: ابن حنبل- يقول: عيسه بن شاذان كَيس ". قلت: وهذا إسناد حسن؛ طلحة وخيثمة- وهو ابن عبد الرحمن الجُعْفِي- ثقتان من رجال الشيخين.

326- باب تحزيب القرآن

والحريش بن سليم؛ قال أبو داود الطيالسي. "ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال الحافظ: "مقبول ". وأبو داود: هو الطيالسي، ثقة من رجال، مسلم. ومحمد بن حفص القطان؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جماعة. وقال الحافظ: "مقبول ". وبالجملة؛ فالإسناد عندي حسن، وهو صحيح بما قبله، وما سنذكره تحت الحديث (1261) . 326- باب تحزيب القرآن 1259- عن ابن الهاد قال: سألني نافع بن جبير بن مُطْعِم، فقال لي: في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أحَزَبه. فقال لي نافع: لا تقل: ما أحزبه؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " قرأت خزءاً من القرآن "! قال: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة. (قلت: إسناده صحيح) .

إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: أخبرنا ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري، وظاهره الإرسال؛ لكن قوله- أعني: ابن الهاد-: حسبت أنه ذكره عن المغيرة بن شعبة ... يدل على أنه مسند. والله أعلم. 1260- عن عبد الله- يعني: ابن عمرو- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يفقه من قرأ القرآن في أقلَّ من ثلاث ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا محمد بن المنهال: أخبرنا يزيد بن زُربع: أخبرنا سعيد عن قتادة عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّيِر عن عبد الله- يعني: ابن عمرو- قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين. والحديث رواه شعبة وهمام عن قتادة ... به نحوه، كما تقدم (1257) . 1261- عن عبد الله بن عمرو: أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: في كم يُقْرأ القرآن؟ قال: " في أربعيين يوماً "، ثم قال: " في شهر "، ئم قال: " فط عشرين "، ئم قال: " في خَمْسَ عَشْرَةَ "، ثم قال: " في عشر "، ثم قال: " في سبع "؛ لم ينزل من سبع. (قلت: إسناده صحيح، إلا ان قوله: لم ينزل من سبع! شاذ؛ فقد صح فيما تقدم (1258) أنه قال له: " اقرأه في ثلاث ") .

إسناده: حدثنا نوح بن حبيب: أخبرقا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن سِمَاكِ ابن الفضل عن وهب بن منَبِّهٍ عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم تنات؛ إلا أن قوله: لم ينرْل من سبع! شاذ؛ لخالفته لما رواه جمع من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأه في ثلاث " كما تقدم (1258) من رواية خيثمة عن ابن عمرو. وتابعه مجاهد عنه بلفظ: " اقرْأه في كل ثلاث ". أخرجه أحمد (2/158 و188) بسند صحيح. ويؤكد شذوذه: رواية أبي العباس عن ابن عمرو بلفظ: " اقرأ القرآن في خمسة أيام ". رواه أحمد (2/195) بسند صحيح على شرط مسلم. ففيه أنه نزل من سبع؛ خلافاً لما فال وهب بن منبه أو بعض من دونه. لكنه لم يتفرد به؛ فقد روى يحيى بن حَكِيم بن صفوان عن عبد الله بن عمرو بلفظ: " اقرأه في كل سبع ". قلت. يا رسول الله! دَعْني أستمتع من قوتي وشبابي! فأبى. رواه أحمد (2/163 و 199) ؛ لكن يجى هذا مجهول، لم يرو عنه غير ابن أبي مليكة. والحديث أخرجه ابن نصر (62) ، والترمذي (2/156) مختصراً.

1262- عن علقمة والأسود قالا: أتى ابنَ مسعودٍ رجل، فقال: أني أقْرأ المُفَصَّلَ في ركعة. فقال: آهذّاً كَهَذِّ الشِّعْرِ، ونَثْراً كَنَثْرِ الدقلِ؟! لكنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ النظائر:- السورتين في ركعة: (الرحمن) و (النجم) في ركعة. و (اقتربت) و (الحاقة) في ركعة. و (الطور) و (الذ اريات) في ركعة. و (إذا وقعت) و (الذاريات) في ركعة. و (سأل سائل) و (النازعات) في ركعة. و (هل أتى) و (لا أقسم بيوم القيامة) في ركعة. و (عم يتساءلون) ، و (المرسلات) : في ركعة. و (الدخان) و (إذا الشمس كورت) في ركعة. قال أبو داود:! هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله ". (قلت: حديث صحيح، وقد صححه ابن خزيمة، وأحرجه الشيخان في "صحيحيهما" من طريق أخرى عن ابن مسعود- دون سَردِ السور-) . إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى: أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود. قلت: وهنا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو السبِيعي- كان اختلط وإسرائيل طن سمع سنه بهعد الاختلاط؛ وهو ابن يونس بن

أبي إسحاق السبيعي. لكن الحديث في الجملة صحيح؛ فقد توِبع عليه. والحديث أخرجه أحمد (1/418) من طريق زهير عن أبي إسحاق ... به؛ دون قوله: و (اقتربت) ... إلخ، وقال مكانه. قال: فذكر أبو إسحاق عشر ركعات بعشرين سورة؛ على تأليف عبد الله، آخرهن: (إذا الشمس كورت) و (الدخان) . وللحديث حلرق أخرى عن ابن مسعود. 1- عن نَهِيكِ بن سنَان السُّلَمى: أنه أس عبد الله بن مسعود فقال: قرأت المفصَّل الليلة في ركعة. فَقال: هَذّاً ... فذكره نحوه. أخرجه أحمد (1/417) ، والطبراني (3/52/2) . ورجاله ثقات معروفون؛ غير نهيك بن سنان؛ ذكره ابن حبان في "الثقات " (5/480) ، وروى عنه ثقتان، وصححه ابن خزيمة (1/269) . 2- عن أبي وائل: أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود فقال: إني قرأت المفصَّل الليلةَ كلَه في ركعة. فقال عبد الله: هَذّاً كَهذ الشعر؟! فقال عبد الله: لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرُنُ بينهنَّ. قال: فذكر عشرين سورة من المفصل: سورتين سحورتين في كل ركعة. أخرجه البخاري (1/200 و 3/396) .ومسلم (2/205) ، وأحمد (1/380 و427) ، والبيهقي (2/60) ، والطحاوي في " شرح المعاني " (1/346) ، والطبراني في "العجم الكبير" (3/52/2) . وله عنده حلرق أخرى، أتمها: عن محمد بن سَلَمَةَ بن كهَيْل عن أبيه عن شَقِيق بن سَلَمةَ قال، قال عبد الله:

لقد علمت النظائر التي كان يصلي ببن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذاريات) ، و (الطور) . و (النجم) و (اقتربت) . و (الرحمن) و (الواقعة) . و (ن) ، و (الحاقة) . و (المزَمِّل) و (لا أقسم بيوم القيامة) . و (هل أتى على الإنسان) و (المرسلات) و (عم يتساءلون) و (النازعات) . و (عبس) و (ويل للمطففين) . و (إذا الشمس كورَتْ) و (حم) الدخان. وجملة القول: أن الحديث صحيح؛ " دون سرد السور (*) ؛ فإنه لم يرد فيما علمت إلا من طريق أبي إسحاق، وقد علمت ما فيه، مع مخالفة محمد بن سلمة إياه في بعضها تقديماً وتأخيراً. على أن ابن سلمة هذا ضعيف أيضا، كما في "الفتح " (2/215) . 1263- عن عبد الرحمن بن يزيد قال: سأًلت أبا مسعود وهو يطوف بالبيت؟ فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من فرأ الأيتين من آخر سورة (البقرة) في ليلة كَفَتَاه ".

_ (*) وفي "صفة للصلاة " (ص 104- 155) - لشيخنا المؤلف رحمه الله- "تصحيحه" تاماً. (الناشر)

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حَسن صحيح ") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: أخبرنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/398) ، ومسلم (2/198) ، والدارمي (1/349 و2/450) ، وأحمد (4/121) من طرق أخرى عن شعبة ... به. ثم أخرجه البخاري (3/398 و 407) ، وأحمد (4/122) عن سفيان عن منصور ... به. ومسلم، وابن ماجه (1369) ، والترمذى (2/145) - وصححه- عن جرير بن عبد الحميد عنه ... به. وتابعه الأعمش: حدثني إبراهيم ... به: أخرجه البخاري (3/405) ، ومسلم. وتابعه علقمة عن أبي مسعود ... به. اخرجه أحمد (4/118) ، وسنده حسن في المتابعات. 1264- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قام بعشر آيات لم يُكْتَبْ من الغافلين. ومن قام بمئة آية كُتِبَ من القانتين. ومن قام بألف آية كُتِبَ من المُقنْطِرِينَ،. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن جان وابن خزيمة) .

327- باب في عدد الآي

إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: نا ابن وهب: أخبرنا عمرو أن أبا سَوِية حدثه أنه سمع ابن حُجَيْرَةَ يخبر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره. قال أبو داود: " ابن حجيرة الأصغر: عبد- الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ". قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبي سوية - واسمه عُبَيْدُ بن سَوِيَّةَ-، وهو صدوق، كما اعتمدته فما "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (642) ، وذكرت هاك من أخرجه غير أبي داود، مع شاهد له من حديث ابن عمر، وآخر من حديث أبي هريرة. 327- باب في عدد الآي 1265- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " سورة من القرأن ثلاثون اية؛ تَشْفَعُ لصاحبها حتى يُغْفَرَ له: (تبارك الذي بيده الملك) ". (قلت: حديث حسن، كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان (784) ، والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا قتاده عن عباس الجُشَمِي عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عباس الجشمي، فلم يوثقه غير ابن حبان؛ لكن حسن وصحح لى من يأتي ذكره. والحديث أخرجه الترمذي (12/46) ، وابن ماجه (3786) ، وابن نصر (66) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة " (677) ، والحاكم (1/565) ، وأحمد (2/321) ،

328- باب لفربع أبواب السجود،

وأبو بكر الشافعا في "حديثه " (3/2) من طرق عن شعبة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وصححه ابن حبان أيضا، كما في "الموارد" للهيثمي (رقم 1766 و 1767) . قلت: وهو حسن كما قال الترمذي؛ فإن لد شاهداً من حديث أنس بن مالك ... نحوه. أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (حص 99) ، وعنه الضياء المقدسي في "المختارة" (ق 1/46) ، ورجاله ثقات رجال " الصحيح "؛ غير شيخ الطبراني سليمان ابن داود بن يحيى الطبيب البصري؛ فلم أعرفه! غير أن في كلام الطبراني- عقبه- ما يشير إلى أنه لم يتفرد به. والله أعلم. 328- باب لفربع أبواب السجود، وكم سجدة في القرآن؟ 1265/م- عن مِشْرَح بن هاعان أبي الصعب: أن عقبة بن عامر حدثه قال: قلت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أفي سورة (الجج) سجدتان؟ قال: " نعم، ومن لم يَسْجدْهما؛ فلا يقرأهما ". (قلت: إسناده حسن. وهو صحيح دون قوله: " ومن لم يسجد هما ... ") إسناده: حدثنا أحمد بن لخمرو بن السرح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة: أن مشرح بن هاعان أبا الصعب حدثه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير مشرح بن هاعان؛ فهو مختلف فيه، فقال عثمان الدارمي عن ابن معين: " ثقة ". وقال عثمان: " صدوق ". ولم يزد أحمد على قوله: " معروف ". وقال ابن عدي (ق 403/1) . " وأرجو انه لا بأس به ". وقال ابن حبان في "الثقات ": " يخطئ ويخالف ". ثم قال في "الضعفاء": " يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها؛ فالصواب ترك ما انفرد به ". وقول ابن حبان هذا هو الذي اعتمدوه فيه؛ لنأورده الذهبي في "الضعفاء " وقال: " تكلم فيه ابن حبان ". ولذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب " فقال: " مقبول ". يعني: عند المتابعة- كما هي قاعدته-. ولذلك ضعف إسناده الترمذقي كما يأتي. رفي "عون المعبود" (1/530) : " قال المنذري: وأخرجه الترمذي وقال: حديث إسناده ليس بالقوي. هذا آخر كلامه. وفي إساده عبد الله بن لهيعة ومشرح بن هاعان، ولا يحتج بحديثهما. انتهى. وفي " المرقاة ": قال ميرك: لكن الحديث صحيح. أخرجه الحاكم في "مستدركه " من غير طريقهما، واقره الذهبي على تصحيحه. ". قلت: ولنا على هذا الكلام ملاحظتان:

الأولى: أن الراجح المستفاد من كلام الأئمة في ابن لهيعة أنه لا يحتج بحديثه إذا كان من غير رواية العبادلة عنه، وهم: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ؛ وأما رواية هؤلاء عنه فهي صحيحة، وأنت ترى أن المصنف قد رواه عنه من هذا الوجه، فإعلاله بابن لهيعة ليس بجيد كما فعل المنذري، وتبعه عليه جماعة كابن حجر والماوي وغيرهما- مثل ابن للوزير اليماني في "الروض الباسم " (1/121) -، وإنما علة الحديث مشرح هذا. والأخرى: أن قول ميرك ومن تابعه؛ أن الحاكم أخرجه من غير طريقهما؛ خطأ، فهو إنما أخرجه من طريقين عن ابن لهيعة بإسناده في الكتاب، ولم يصححه؛ بل إنه أشار إلى إعلاله بابن لهيعة، فقال عقبه: (2/390) : " هذا حديث لم نكتبه مسنداً إلا من هذا الوجه، وعبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي أحد الأئمة، إنما نُقم عليه اختلاطه في آخر عمره ". والحديث أخرجه الحاكم (2/390) ، والبيهقي (2/317) من طريق ابن وهب ... به. وقال أحمد (4/155) : ثنا أبو عبد الرحمن: ثنا ابن لهيعة ... به. وأبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد المقرئ الآنف الذكر. ثم أخرجه الحاكم من طريق إسحاق بن عيسى، والترمذي (1/114) من طريق قتيبة؛ كلاهما عن ابن لهيعة ... به؛ إلا أنهما قالا: " أفضلت سورة (الحج) بسجدتين؟ ". وضعفه الترمذي بقوله المذكور آنفاً. وقد روي هدْا مرسلاً عن خالد بن معدان: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

329- باب من لم ير السجود في المفصل

" فضلت سورة (الحج) على القرآن بسجدتين " أخرجه أبو داود في " المراسيل "، وعنه البيهقي. وقال أبو داود: " قد أسند هذا، ولا يصح ". وكأنه يعني حديث مشرح التقدم. ثم تبين أن كلام ابن حبان لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن؛ لأنه لما أورده في "الثقات " وقال: "يخطئ ويخالف "؛ وقد وثقه جمع كابن معين وغيره. وقول الحافظ: " مقبول "- بالمعنى الذي نص عليه في المقدمة-؛ مرفوض كما بينته في، كتابي "تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان "، يسر الله إتمامه. ويشهد للحديث مرسل خالد بن معدان، وإسناده جيد؛ فالحديث به صحيح دون قوله: " ومن لم يسجدهما؛ فلا يقرأهما "؛ فإنه حسن. ومثله في الشهادة حديث عمرو بن العاص (248-ضعيف أبي داود) ويزداد قوة بأنه روي ذلك عن جمع من الصحابة، صحح بعضها البيهقي؛ فراجعه. 329- باب مَنْ لم يَرَ السجودَ في المُفَصَّلِ 1266- عن زيد بن ثابت قال: قرأت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (النجم) ؛ فلم يسجد فيها. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي: ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط عن عطاء بن يسارعن زيد بن ثابت.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسا3؛ وقد أخرجه هو والبخاري على ما يأتي بيانه. والحديث أخرجه الترمذي (1/113) ، وأحمد (5/186) من طرق أخرى عن وكيع ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه البخاري (1/274) ، والدارمي (1/343) ، وأحمد (5/183 و 186) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به. وتابعه يزيد بن خُصَيْفَةَ عن ابن قُسَيْطِ ... به: أخرجه البخاري، ومسلم (2/88) ، والنسائي (1/152) . وتابعه إسماعيل بن أبي كثير عن يزيد بن قُسَيْطٍ ... به: أخرجه الطحاوي (1/207) . ثم قال المصنف: حدثنا ابن السَّرْح: أخبرنا ابن وهب: ثنا أبو صخر عن ابن قُسَيْط عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قال أبو داود: " كان زيدٌ الإمامَ؛ فلم يسجد ". قلت: يشير المؤلف بهذا إلى أن أبا صخر قد خالف الجماعة في إسناده؛ فجعل خارجة بن زيد مكان: عطاء بن يسار الذي عند الجماعة! والصواب روايتهم؛ لأنهم جمع، ولأن أبا صخر- واسمه حُمَيْدُ بن زياد- مع مخالفته إياهم؛ فإن فيه ضعفاً، كما يشير إلى ذلك قول الحافظ فيه: " صدوق يهم ".

330- باب من رأى فيها السجود

ومن طريقه: أخرجه الطحاوي أيضا، وكذا الطبراني، كما في "الفتح "، (2/459) ، وأشار إلى أنه غير محفوظ من هذا الوجه. 330- باب من رأى فيها السجود 1267- عن عبد الله: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ سورة (النجم) ، فسجد فيها، وما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفّاً من حصىً- أو تراب- فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا! قال عبد الله: فلقد رأيته بعد ذلك قتلَ كافراً. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (1/173) ، ومسلم (2/88) ، والنسائي (1/152) ، والدارمي (1/342) ، وأحمد (1/401 و 437 و 443 و 462) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وتابعه سفيان- وهو الثوري- عن أبي اسحاق ... به: أخرجه أحمد (1/388) .

331- باب السجود في (إذا السماء انشقت) و (اقرأ)

331- باب السجود في (إذا السماء انشقت) و (اقرأ) 1268- عن أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في (إذا السماء انشقت) ، و (أقرا باسم ربك الذي خلق) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم في "صحيحه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن ايوب بن موسى عن عطاء بن مِيناء عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده. والحديث أخرجه مسلم (2/89) ، والترمذي (1/113) ، والنسائي (1/152) ، والدارمي (1/343) ، وابن ماجه (1058) ، والطحاوي (1/210) ، وأحمد (2/249 و 461) من طرق عن سفيان بن عيينة ... به. ولابن عيينة إسناد آخر، فقال أحمد (2/247) : ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر الأنصاري عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر المخزومي عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سجد في ... الحديث. ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي أيضا، والترمذي، وابن ماجه (1059) ، وللدارمي (1/343) ؛ وليس عندهما: و (أقرا باسم ربك) ... وهو رواية للنسائي. وإسنادهم صحيح على شرط الشيخين.

وله طريق أخرى عن قُرةَ بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: سجد أبو بكر- وعمر رضي الله عنهما- ومن هو خير منهما صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ... فذكره. أخرجه النسائي بإسناد صحيح على شرط الشيخين. 1269- عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العَتَمَةَ، فقرأ: (إذا السماء انشقت) ؛ فسجد. فقلت: ما هذه السجدة؟! قال: سجدت بها خَلْفَ أبي القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلا أزال أسجد بها حتى القاه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم أيضا) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر: سمعت أبي: ثنا بكر عن أبي رافع. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " (1/275) ... بهذا الإسناد. والحديث أخرجه مسلم (2/89) ، والنسائي (1/159) ، وأحمد (2/229) من طرق أخرى عن المعتمر ... به. وتابعه عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع ... به نحوه: أخرجه مسلم، وأحمد (2/459) .

332- باب السجود في (ص)

وتابعه مروان الأصفر قال: سمعت أبا رافع ... به نحوه: أخرجه أحمد (2/456) . 332- باب السجود في (ص) 1270- عن ابن عباس قال: ليس (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد فيها. (قلت: اسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ". وصححه الترمذي) اسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وهيب: ثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخا ري (1/273) ، والترمذي (1/114) ، والدارمي (1/342) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/34) ، وأحمد (1/279 و 360) من طرق عن أيوب ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وروى أحمد (1/364) من طريق ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد في (ص) .

وليث- وهو ابن أبي شلَيم- ضعيف. ورواه النسائي (1/152) من طريق سعيد بن جبير عنه ... به نحوه؛ وزاد: سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً. وإسناده صحيح. 1271- عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال: قرا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو على المنبر-: (ص) ، فلما بلغ السجدة؛ نزل فسجد، فسجد الناس معه. فلما كان يومٌ أخرُ قرأها، فلما بلغ السجدة؛ تشزن الناس للسجود، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما هي توبة نبي؛ ولكني رأيتكم تَشَزنتُمْ للسجود "؛ فنزل فسجد وسجدوا. (قلت: حديث صحيح، رجاله رجال "الصحيح "، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2754) ، والحاكم والبيهقي وابن حزم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو- يعني: ابن الحارث- عن ابن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْحٍ عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فعلى شرط البخاري وحده. إلا أن ابن أبي هلال- واسمه سعيد- مع ثقته واحتجاج الشيخين به؛ فقد رماه أحمد بن حنبل بالاختلاط. وقال ابن حزم:

" ليس بالقوي ". قال الحافظ: " ولعله اعتمد على قول الإمام أحمد فيه". قلت: وكأن ابن حزم نسي قوله هذا! فصحح الحديث كما يأتي، فلعل ذلك منه لشواهده، كما هو قولنا. والحديث أخرجه ابن حزم في "المحلى" (5/61) من طريق المصنف، ثم صححه (5/107) . وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآ ثار"، (4/31) ، وابن حبان (690) ، والحاكم (2/431) ، وعنه البيهقي (2/318) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقال البيهقي: " حديث حسن الإسناد صحيح ". وتابعه الليث بن سعد: حدثني خالد بن يزيد ... به: أخرجه الدارمي (1/342) ، وابن حبان (689) من طريق ابن حزيمة، وقد أخرجه هذا أيضا في "صحيحه " (1/188/1) . ولأبي سعيد الخدري حديث آخر في الباب، يرويه بكر بن عبد الله المزني عنه قال: " رأيت- فيما يرى النائم- كأني افتتحت سورة (ص) ، حتى انتهيت إلى السجدة، فَسَجَدتِ الدواةً والقلمً وما حول، فأخبرت بذلك النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فسجد فيها. وفي رواية: فلم يزل يسجد فيها. أخرجه أحمد (3/78 و 84) ، والحاكم (2/432) - وسكت عليه-. وقال الذهبي:

333- باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب

" صحيح على شرط مسلم ". وهو كما قال؛ إن كان سمعه منه المزني؛ فإنه قال في رواية البيهقي (2/320) : أخبرني مُخْبِز ... ويشهد للحديث أيضا: حديث ابن عباس الذي قبله، مع طريق سعيد بن جبير عنه التي ذكرتها. 333- باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصملاة 1272- عن ابن عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ علينا السورة (قال ابن نمير: في غير الصلاة، ثم اتفقا) ، فيسجد ونسجد معه، حتى لا يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ننا يحيى بن سعيد. (ح) وثنا أحمد بن أبي شعيب: ثنا ابن نمير- المعنى- عن عبيد الفه عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيحين من الوجه الأول، وعلى شرط البخاري من الوجه الآخر؛ فإن أحمد بن أيهب شعيب لم يخرج له مسلم، واسم أبي شعيب: مسلم- وهو جده-، واسم أبيه: عبد القه. وقد تابعه ابن حنبل كما يأتي.

334- باب ما يقول إذا سجد

والحديث في "المسند" (2/17) ... بهدا الإسناد. ورواه بالإسناد الآخر أيضا فقال (2/142) : ثنا ابن نمير ... به. وأخرجه البخاري (1/275) ، ومسلم (2/88) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد القطان ... به. ورواه الحاكم (1/222) من طريهت عيسى بن يونس: ثنا عبيد الله بن عمر ... به نحوه. 334- باب ما يقول إذا سجد 1273- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في سجود القرآن بالليل، يقول في السجدة مراراً: " سجد وَجْهِي للذي خَلَقَهُ، وشَقَ سمعه وبصره بحَوْلِهِ وقُوَّتِهِ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. ثنا خالد الحَذاء عن رجل عن أبي العالية عن عائشة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير الرجل الذي لم يُسَم، فهو مجهول. غير أن ذكره في السند شاذ؛ تفرد به إسماعيل- وهو ابن عُلَيةَ- دون سائر أصحاب الحذاء كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (2/325) من طريق المصنف.

335- باب فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح

وابن أبي شيبة في "المصنف " (2/25) : حدثنا ابن عُلَيةَ ... به. وأخرجه أحمد (6/30) ، وابن أبي شيبة (2/20) : ثنا هًشَيْم: ثنا خالد عن أبي العالية ... به؛ لم يذكر الرجل في إسنادد. وتابعه عبد الوهاب الثقفي: حدننا حالا- الحذاء ... به. أخرجه النسائي (1/169) ، والترمذي (1/114) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". والحاكم (1/220) ، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وزاد الحاكم: " فتبارك الله أحسن الخالقين ". وهي زيادة شاذة عندي؛ لتفرد الحاكم بها في هذه الطريق دون الأخرين، ولعدم ورودها في شيء من الطرق الأخرى عن الحذاء، وإنما وردت في سجود الصلاة، كما تقدم في حديث علي (738) . وتابعه أيضا وً هَيْبً بن خالد عن الحذاء ... به: أخرجه الحاكم. فهؤلاء ثلاثة من الثقات- هشيم، وعبد الوهاب الثقفي، ووهيب بن خالد- اتفقوا على أنه ليس في السند: (عن رجل) كما قال ابن عُلَيةَ؛ فروايتهم أرجح. والله أعلم. وله شاهد مرسل عن قيس بن سَكَن وشيخ آخر: عند ابن أبي شيبة. 335- باب فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

336- استحباب الوتر

باب تفربع أبواب الوتر 336- استَحباب الوتر 1274- عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أهل القرآن! أوتروا؛ فإن الله وتر يُحِبُ الوتر ". (قلت: حديث صحح، وصححه ابن خزيمة، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى عن زكريا عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ وفي عاصم- وهو ابن ضمرة- كلام لا يضر. لكن أبو إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط، ثم هو مدلس؛ وقد عنعنه. لكن يشهد لحديثه ما بعده؛ فهو به حسن إن شاء الله تعالى؛ بل هوصحيح لما يأتي بيانه. والحديث أخرجه النسائي (1/246) والترمذي (1/91) ، وابن ماجه (1169) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1/117/1) ، وابن نصر في "الوتر" (111) ، والحاكم (1/300) - شاهداً-، والبيهقي (2/عا 4) ، وأحمد (1/110) ، وابنه (1/143 و 148) من طرق عن أبي إسحاق ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ".

1275- عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ زاد: فقال أعرابي: ما تقول؟ افقال: " ليس لك، ولا لأصحابك! ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو حفص الآبار عن الأعمش عن عمرو بن مُرةَ عن أبي عبيدة عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حفم الأبار- واسمه عمر بن عبد الرحمن بن قيس-، وهو صدوق. لكن أبو عبيدة- وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه على الراجح من الأقوال. والحديث أخرجه ابن ماجه (1175) ... بإسناد المصنف هذا. وأخرجه للبيهقي (2/468) عنه وعن غيره عن أبي حفص. وأخرجه ابن نصر (111) عن إبراهيم بن طهمان عن الأعمش ... به. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/70/2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (7/313) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق لما (15/197/1) من طرق أخرى عن عمرو بن مرة ... به. وللحديث طريقان آخران عن ابن مسعود: الأول: عن أبي وائل عنه ... به؛ دود قوله: " فإن الله وتر يحب الوتر ". أخرجه أبو نعيم، وقال:

337- باب فيمن لم يوتر

" غريب من حديث أبي وائل عن ابن مسعود. تفرد به ابن أبي عمر ". قلت: وهو صدوق من رجال مسلم، وكذلك من فوقه؛ فالسند صحيح. والأخر: عن علقمة بن قيس عنه ... مرفوعاً بلفظ: " الوتر على أهل القرآن ". رواه الطبراني، وفيه مجهول، كما بينته في "الروض النضير " (645) . 337- باب فيمن لم يوتر 1276- عن ابن محَيْرِيزٍ: أن رجلاً من بني كِنَانة- يدعى المخدَجِيَّ- سمع رجلاً بالشام- يدعى أبا محمد- يقول: إن الوتر واجب. قال المُخْدَ جِيُّ: فَرُحْتُ إلى عبادة بن الصامت فأخبرته؟ فقال عبادة: كذب أبو محمد! سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله على العباد، فمن جاء بهنَّ، لم يُضَيِّع منهُنَّ شيئا استخفافاً بحقِّهن؛ كان له عند الله عَهْذ أن يدخله الجنة- ومن لم يأتِ بهن؛ فليس له عند الله عهد؛ إن شاء عذَّبه، وإن شاء أدخله الجنة". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان وغيره؛ كما مضى (452)) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى ابن حَبَّان عن ابن محَيْرِيز.

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المُخْدَجِي؛ قال الطحاوي في "المشكل ": " اسمه: رُفَيْعٌ فيما ذكر يحيى بن معين. وأبو محمد المذكور: اسمه سعد بن أوس ". وجاء في بعض طرق الحديث عنده: أن أبا محمد هذا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما المُخْدَجيّ فلا يعرف، كما قال الذهبي وغيره؛ ولكنه قد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح. وابن محيريز: اسمه عبد الله الجُمَحِيُّ. والحديث في "الموطأ" (1/123/14) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه النسائي (1/80) ، والطحاوي (4/223) ، وابن نصر (113) ، والبيهقي (2/467) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه الدارمي (1/370) ، والطحاوي، والبيهقي، وأحمد (5/315) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد الأنصاري ... به. وكذا رواه ابن حبان (253) . وأخرجه هو (252) ، وابن ماجه (1401) ، والطحاوي، وأحمد (5/322) من طريقين آخرين عن محمد بن يحيى بن حَبَّان ... به. وللحديث طريق أخرى عن عبادة، تقدمت في الكتاب برقم (452) ، وذكرت له هناك طريقاً ثالثاً.

338- باب كم الوتر؟

338- باب كم الوتر؟ 1277- عن ابن عمر: أن رجلاً من أهل البادية سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الليل؟ فقال بأصبعيه هكذا: " مثنى مثنى، والوتر ركعةٌ من آخر الليل ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"؛ وقد مضى بنحوه (1197)) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الله بن شقيق، فعلى شرط مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/246) ، وأحمد (2/100) من طرق أخرى عن همام ... به. وأخرجه مسلم (12/72) ، وأبو عوانة (2/332) ، وأحمد أيضا " (2/58 و 71 و76 و 81) من طرق أخرى عن عبد الله بن شقيق ... به. وفي بعضها عنه مختصراً بلفظ: " بادروا الصبح بالوتر ". وهذا؛ أخرجه أبو عوانة أيضا، والترمذي (1/93) ، وابن حبان (672) ، وابن نصر (138) من طريق نافع عن ابن عمر ... به. وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". وصححه الحاكم أيضا (1/391) ، ووافاته الذهبي. وللحديث طرق أخرى كثيرة عن ابن عمر ... نحوه، وقد مضى أحدها (1197) . 1278- عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الوتر حَقٌّ على كل مسلم؛ فمن احب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2403) ، والحاكم والنووي والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك: حدثني قُرَيش بن حَيانَ العِجْلِيُ: ثنا بَكْرُ بن وائل عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير بَكْرِ بن وائل، فهو من رجال مسلم. والحديث أخرجه البيهقي (3/23) من طريق المصنف. وأخرجه الحاكم (1/303) من طريق أخرى عن ابن المبارك ... به. والنسائي (1/249) ، والدارقطني- عن دُوَيْدِ بن نافع-، وهما أيضا، وابن ماجه (1190) ، وابن نصر (122) ، والحاكم أيضا، والبيهقي (3/26) - عن الأوزاعي-، والدارمي (1/371) ، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي- عن سفيان ابن حسين-، وابن حبان (670) - عن يونس-، والدارقطني، والحاكم، والخطيب

339- باب ما يقرا في الوتر

في "التاريخ " (8/307 و 14/333) - عن محمد بن الوليد الزبَيْدِي-، وهؤلاء؛ غير الخطيب- عن سفيان بن عيينة-، وهما- عن معمر بن راشد-، وهذا- عن محمد ابن أبي حَفْصة-؛ كل هؤلاء التسعة رووه عن الزهري ... به مرفوعاً. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. قلت: وخالف هؤلاء جماعة فأوقفوه. فأخرجه النسائي- عن أبي مَعْبَد وسفيان بن عيينة-، والحاكم- عن محمد بن إسحاق-، والبيهقي- عن معمر بن راشد-؛ أربعتهم عن الزهري ... به موقوفاً على أبي أيوب! وقد رجح بعض المتقدمين رواية الوقف! ولا أراه صواباً؛ لأن الذين أوقفوه قلة. على أن بعضهم قد رفعه أيضا كما رأيت، فالركع أصح. والله أعلم. والحديث صححه النووي أيضا في "المجموع "، (4/17 و 22) . (تنبيه) : زاد النسائي وابن حبان والحاكم من طرق عن الزهري ... به: " ومن غَلَبَهُ ذلك؛ فليومِئْ إيماءً ". 339- باب ما يُقرَا في الوتر 1279- عن أُبَيَ بن كعب قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوترب: (سَبِّحِ اسْمَ ربك الأعلى) و: (قل للذين كفروا و: الله الواحد الصمد) . (قلت: إسناده صحيح، وكذ اقال العراقي، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثتا أبو حفص الآئار. (ح) وثا إبراهيم

ابن موسى: أخبرنا محمد بن أنس- وهذا لفظه- عن الأعمش عن طلحة وزُبَيْد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبَي بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حفص الآبَّار- واسمه عمر بن عبد الرحمن-، ومحمد بن أنس، وهما ثقتان، وقد توبعا كما يأتي. والحديث أخرجه ابن حبان (676) من طريق أخرى عن أبي حفص الآئار ... به؛ إلا أنه قال: و: (قل يا أيها الكافرون) و: (قل هو الله أحد) . وتابعه أبو جعفر للرازي عن الأعمش ... به: أخرجه الدارقطني (ص 175) ، والبيهقي (3/38) . وتابعه فِطْر عن زُبَيْد ... به: أخرجه الدارقطني. وتابعه أيضا سفيان عن زبيد ... به؛ وزاد: ويقنت قبل الركوع، فإذا فرغ قال عند فراغه: " سبحان الملك القدوس "؛ ثلاث مرات، يطيل في آخرهن. أخرجه النسائي (1/248) . ولابن ماجه (1182) منه: القنوت قبل الركوع. ثم أخرجه النسائي، وابن نصر (126) ، والدارقطني، والبيهقي من طرق أخرى عن سعيد بن عبد الرحمن ... به. والحديث قال العراقي في "تخريج الإحياء" (1/310- 311) : " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح "! ولم أره عند ابن ماجه بهذا التمام!

وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً: أخرجه النسائي، والترمذي (1/92) ، والدارمي (1/372- 373) ؛ ورجاله ثقات. وأخر عن عائشة، وهو الآتي: 1280- عن عبد العزيز بن جريج قال: سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين: بأيِّ شئ كان يوتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ... فذكر معناه؛ قال: وفي الثالثة ب: (قل هو الله أحد) و (المعوذتين) (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، والحاكم، والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب: ثنا محمد بن سلمة: ثنا خُصَيْف عن عبد العزيز بن جُريج. قلت: وهذا إسناد ضعيف عبد العزيز بن جريج مجهول، كما قال الدارقطني. وخصيف ضعيف؛ وهو ابن عبد الرحمن الجَزَرِي. لكنه لم يتفرد به كما يأتي؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه الترمذي (1/93) ، والبيهقي (3/38) من طريق أخرى عن محمد بن سلمة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وأخرجه ابن حبان (675 و6682) ، والدارقطني (172) ، والبيهقي (3/37) من طرق عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ... به.

340- باب القنوت في الوتر

وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. 340- باب القنوت في الوتر 1281- عن أبي الحَوْرَاءِ قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: عَلَمَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقوئهن في الوتر- قال ابن جَوس: في قنوت الوتر-: " اللهم! اهْدِني فيمن هديتَ، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولني فيمن توئيتَ، وبارك لي فيما أعطيتَ، وقِنِي شرَّ ما قضيت؛ إنك تقضي ولا يُقْضَى عليك، وإنه لا يَذِلُ من وَالَيْتَ [ولا يعزًّ من عاديت] (*) ، تبارَكْتَ ربنا! وتعاليتَ ". (قلت، حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا قتيبهَ بن سعيد وأحمد بن جَوَّاس الحنفي قالا: ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن ئرَيْدِ بن أبي مريم عن أبي الحوراء ... حدثنا عبد الله بن محمد الئفَيْلِي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق ... بإسناده ومعناه؛ قال في آخره: قال: هذا يقول في الوتر في القنوت؛ ولم يذكر: أقولهن في الوتر. أبو الحوراء: ربيعة بن شيبان.

_ (*) زيادة، استدركت من طبعة الدعاس وغيرها، وفي أصل الشيخ رحمه الله دونها؛ تبعاً للطبعة التازية. (الناشر) .

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- مختلط ومدلس، وقد عنعنه؛ لكنه قد توبع؛ فالحديث صحيح، وقد صححه وحسنه من ذكر أنفاً، وقد خرجته في "الإرواء " رقم (429) ؛ فأغنى عن الإعادة. 1282- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في اخر وتره: " اللهم! إني أعوذ برضاك من سَخَطِكَ، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما آثْنَيْتَ على نفسك ". (قلت: إسناده صحيح، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عمرو الفَزَارِي عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب. قال أبو داود: " هشام أقدم شيخ لحماد، وبلغني عن يحيى بن معين أنه قال: لم يَرْوِ عنه غيرحماد بن سلمة ". قلت: ومع ذلك؛ فقد قال ابن معين في تمام كلامه المذكور: " وهو ثقة ". وقال أبو حاتم: " ثقة شيخ قديم ". ووثقه أحمد أيضا، وابن حبان. والحديث أخرجه بقية أصحاب "السنن " وغيرهم من طرق عن حماد بن سلمة ... به. وقال الترمذىِ: " حديث حسن غريب ". وفد خرجته في " الإرواء" (430) .

1283- عن أبي بن كعب: ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت- يعني: في الوتر- قبل الركوع. (قلت: علقه المصنف؛ وأعله بالخالفة' والراجح عندي أنه محفوظ، وقد وصله النسائي وغيره بإسناد صحيح) . إسناده معلق؛ قال أبو داود: " روى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبَي بن كَعْب ". قلت: وصله النسائي، فقال (1/248) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا عيسى بن يونس ... به. وبهذا الأسناد: اخرجه ابن نصر (126 و 131) ؛ ولفظ الحديث عندهما نحو ما تقدم في الكتاب (1279) ؛ وليس عند ابن نصر في روايته ذكر للقنوت. وهو رواية النسائي. وأخرجه الدارقطني (ص 174) ، وعنه البيهقي (3/39) من طريق المسيب بن واضح: ثنا عيسى بن يونس ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كلهم؛ وعيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعى، ثقة مأمون كما قال الحافظ؛ فزيادته مقبولة، لا سيما وقد توبع عليها كما يَأتي. قال أبو داود: " روى عيسى بن يونس هذا الحديث أيضا عن فِطْرِ بن خليفة عن زُبَيْد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبَي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله ". قلت: وصله الدارقطني (145) ، وعنه البيهقي (3/40) من طريق علي بن خَشْرَم: ثنا عيسى بن يونس ... به.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ثم قال المصنف: " وروى عن حفص بن غياث عن مِسْعَرٍ عن زُبَيْد عن سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزى عن أبيه عن أُبيّ بن كعب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت قبل الركوع ".ـ قلت: وهذه متابعة قوية من مسعر لفِطْرٍ عن زُبَيْد- وهو ثقة ثبت- وكذا الراويان عنه ثقتان: مسعر من رجال الشيخن، وفطر من رجال البخاري. ولكني لم أجد الان من وصله من هذا الوجه! ثم رأيت البيهقي (3/40- 41) قد وصله من طريق محمد بن يونس عن عمر ابن حفص بن غياث: ثنا أبي عن مسعر ... به. ومحمد بن يونس: هو الكُديمِي، متهم. لكني وجدت متابعة أخرى، فقال للنسائي (1/248) : أخبرنا علي بن ميمون قال: حدثنا مَخْلَدُ بن يزيد عن سفيان عن زبيد ... به بتمامه. وبهذا الأسناد: أخرجه ابن ماجه مقتصراً على ذكر القنوت فقط، كما تقدم هناك (1279) . وأزيد هنا فأقول: أخرجه أيضا الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة " (1/400- 401) من طريق النسائي وغيره عن علي بن ميمون ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير علي بن ميمون، وهو ثقة كما في "التقريب ". وقد صححه الحافظ العراقي كما تقدم. قال أبو داود: " حديث سعيد عن قتادة، رواه يزيد بن زُربع عن سعيد عن قتادة عن عَزْرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لم يذكر للقنوت، ولا ذكر أُبياً. وكذلك رواه عبد الأعلى ومحمد بن بِشرِ العَبْدِي؛ وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس ... ولم يذكروا القنوت ".

قلت: وصله النسائي (1/248- 249 و 253) ، وأحمد (3/406) من طريقين آخرين عن سعيد ... به. قال المصنف: وقد رواه أيضا هشام الدَّستَوَائي وشعبة عن قتادة ... ولم يذكرا القَنوت ". قلت: وصله عن هشام: النسائي (1/253) . وعن شعبة: هو (1/252) ، وأحمد (3/406) . قال: " وحديث زبَيْد؛ رواه سليمان الأعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي سليمان وجَرير بن حازم كلهم عن زبيد ... لم يذكر أحد منهم القنوت؛ إلا ما روي عن حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد؛ فإنه قال في حديثه: إنه قنت قبل الركوع ". قال أبو داود: " وليس هو بالمشهور من خديث حفص؛ نخاف أن يكون عن حفص غير مسعر"! قال أبو داود: " وروي أن أبَيّاً كان يقنت في النصف الآخر من رمضان "! قلت: فاتته رواية سفيان عن زبيد المتمدمة من طريق النسائي؛ ففيها القنوت أيضا. وجملة القول: أن أكثر الرواة عن سعيد عن قتادة وعن زبيد لم يذكروا القنوت، ولكن الذين ذكروه ثقات؛ وهم: سفيان وفِطْرٌ ومِسْعَرٌ وعيسى بن يونس؛ فتوهيم هؤلاء جميعاً مما لا يطمئن القلب إليه. فالأقرب أن يؤخذ بزيادتهم، وأن الآخرين لم يذكروها اختصاراً، كما فعل بعضهم في الزيادة الأتية (1284) : كان إذا سلَّم في الوتر قال: " سبحان الملك القدوس "؛ فإنه من تمام الحديث عند آخرين عما يأتي بيانه.

341- باب في الدعاء بعد الوتر

فكما لم يَضرَّ في ثبوته عدم ذكر البعخس لها؛ فكذلك لم يضر- إن شاء الله تعالى- عدم ذكر بعضهم لهذه الزيادة. فالواجب الأخذ بكل منهما؛ من باب: " زيادة الثقة مقبولة ". وأما قول المصنف: " ويروى أن أُبَيّاً كان يقنت في النصف من رمضان ". فهو يعني الإشارة إلى تضعيف هذه الزيادة من طريق المتن؛ فإنه لو كانت ثابتة عن أبي؛ لم يكن ليدع القنوت في النصف الأول من رمضان! وهذا في نظري ليس بشيء؛ لأن السند فرب الرواية المذكورة عن أبي لا يصح، ولعل المصنف أشار إلى ذلك بقوله: " روي ". ولو صح فليس نصّاً فيما ذهب إليه المصنف، كما بينت في الكتاب الآخر (257- 258) . 341- باب في الدعاء بعد الوتر 1284- عن أبَيِّ بن كعب قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلَّم في الوتر قال: " سبحان الملك القدوس ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبيِ شيبة: ثنا محمد بن أبي عبيدة: ثنا أبي عن الأعمش عن طلحة الآيَامِي عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبيّ بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وأبو عبيدة: اسمه عبد اللك بن مَعْنٍ المَسْعودي. والحديث أخرجه البيهقي (3/41) من طريق المصنف.

وأخرجه النسائي (1/251) ، وابن حبإن (677) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (5/123) من طرق أخرى عن محمد بن أبي عبيدة ... به؛ وزادوا: ثلاثاً. وزادوا قبلها ما كان يقرأه في ثلاث ركعات الوتر؛ كما تقدم برقم (1279) . وتابعه زُبَيْذ عن ذَر ... به: أخرجه النسائىِ (1/251 و 253) ، وعبد الله بن أحمد؛ وزاد النسائي: يَمُد صوته في الثالثة، ثم يرفع. ورواه سفيان عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن ... به؛ بلفظ: ثلاث مرات، يطيل في آخرهن. أخرجه النسائي وغيره من طريق مخلد بن يزيد عنه. وتابعه قاسم ومحمد بن عُبَيْد عن سفيان الثوري ... به: أخرجه النسائي (1/252) ، وقال: " وخالفهما أبو نعيم؛ فرواه عن سفيان عن زبيد عن ذر عن سعيد ". ثم ساقه من طريق محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي نعيم ... به، وقال: " أبو نعيم أثبت عندنا من محمد بن عبيد ومن قاسم بن يزيد "! قلت: اتفاقهما مع مخلد بن يزيد- على إسقاط ذر- من الصعب توهيمه؛ فلعل سفيان سمعه أولاً من يزيد عن ذر، ثم سمعه من ذر مباشرة؛ فحدث به تاره

342- باب في الوتر قبل النوم

هكذا؛ وتارة هكذا، وحدث كل بما سمع منه! والله أعلم. 1285- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من نام عن وتره أو نَسِيَهُ؛ فَلْيُصَلِّهِ إذا ذكره ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا عثمان بن سعيد عن أبي غسان محمد ابن مُطَرف المدني عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عوف، وشيخه عثمان بن سعيد- وهو ابن دينار-؛ وهما ثقتان. والحديث أخرجه جماعة آخرون، منهم الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "الأرواء " (422) ، وذكرت له هناك طيقاً أخرى عن عطاء. 342- باب في الوتر قبل النوم 1286- عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث، لا أدَعُهُن في سفر ولا حضر: ركعتي الضحى، وصوم ثلاثة ايام من الشهر، ولا أنام إلا على وِترٍ. (قلت: حديث صحيح وأخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم "؛ دون قوله: في سفر ولا حضر) . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا أبو داود: ثنا أبان بن يزيد عن قتادة عن أبي سعيد- من آزْدِ شَنُوءَةَ- عن أبي هريرة.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي سعيد هذا؛ فإنه لا يعرف، ووثقه ابن حبان! وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي صاحب "المسند"؛ وليس الحديث فيه والحديث أخرجه أحمد (2/271 و 489) من طريقين آخرين عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة ... به. ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن الحسن- وهو البصري- مدلس، ولم يصرح بسماعه من أبي هريره، وفي ثبوت سماعه منه في الجملة اختلاف، ولا أستبعد أن يكون هو أبا سعيد الأزدي الذي في طريق المصنف؛ فإنه يكنى بأبي سعيد مولى الأنصار، كما في " التهذيب " وغيره، والأنصار كلهم من أولاد آزْد - وهو ابن الغوث-، ويقال: أزد شنوءة، وأزد عُمَان، وأزْدُ السرَاةِ؛ كما فما " القاموس " وغيره. ورواه أحمد (2/505) ، وابن خزيمة (1223) من طريق أخرى عن سليمان بن أبي سليمان أنه سمع أبا هريرة يقول ... فذَ كره؛ وزاد بعد ركعتي الضحى: " فإنها صلاة الأوابين ". ورجاله ثقات رجال مسلم؛ غير سليمان هذا؛ قال الذهبي: " لا يكاد يعرف ". ولهذه الزيادة شاهد في "صحيح مسلم "، فانظر "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1164) . ولها طريق أخرى عن أبي هريرة: عند الديلمي (2/244) ؛ وسنده ضعيف.

والحديث أخرجه البخاري (3/47 و 4/197) ، ومسلم (2/158) ، وأبو عوانة (2/266) ، والنسائي (1/247) ، والدارمي (1/339) ، وابن نصر (117) ، والبيهقي (3/36) ، والطيالسي (2392) ، وأحمد (2/459) ؛ وزاد البخاري والدارمي: لا أدعهن حتى أموت. وله طرق أخرى عن أبي هريرة: عند الطيالسي (2396 و 2447 و 2593) ، وأحمد (2/229 و 233 و 254 و 258 و 260 و 265 و 277 و 311 و 329 و 347 و392 و 452 و 459 و 472 و 497 و 499) . وفي طريق واحدة فقط بلفظ: أمرتي؛ بدل: أوصاني ... وفيها ضعيفان! لكن له طريق أخرى: عند الترمذي (455) بسند صحيح. 1287- عن أبي الدرداء قال: أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث، لا أدعهن لشيء؛ أوصاني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا أنامُ إلا على وتر، وبسُبْحَةِ الضحى في السفر والحضر. (قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: " في السفر والحضر ". أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: ثنا أبو اليمان عن صفوان بن عمرو عن أبي إدريس السَّكُوني عن جُبَيْرِ بن نُفيْرٍ عن أبي الدرداء. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي إدريس السكوتي، فهو مجهول كما قال ابن القطان.

وما تعقبه به الذهبي في "الميزان "؛ رَفَهُ عليه الحافظ في "التهذيب ". ولذلك قال في "التقريب ": " مقبول "؛ يعني: عند المتابعة. وقد توبع متابعة قاصرة كما يأتي، فالحديث صحيح. وأبو اليمان: اسمه الحكم بن نافع الحمصي. والحديث أخرجه أحمد (6/451) : ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان ... به. وخالفه أبو المغيرة فقال: ثنا صفوان قال: حدثني بعض المشيخة عن أبي إدريس للسكوني ... به. وأخرجه مسلم (2/159) ، وابن نصر (117) من طريق أخرى عن أبي الدرداء ... به؛ دون قوله: في السفر والحضر. 1288- عن أبي قتادة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي بكر: " متى توتر؟ ". قال: أوتر من أول الليل. وقال لعمر: (متى توتر؟) . قال: آخِرَ الليل. فقال لأبي بكر: " آخَذَ هذا بالحَزْمِ ". وقال لعمر: " أخذ هذا بالقوة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي)

343- باب في وقت الوتر

إسناده: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف: ثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق السِّيلَحِينِيُ: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن كبد الله بن رباح عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. والحديث أخرجه الحاكم (1/301) عن بشر بن موسى: ثنا يحيى بن إسحاق السِّيلَحِينِيُ ... به، وقال: " حديث صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن خزيمة (1079) من طريق آخر عن السيلَحينِيِّ ... به. ثم ذكر له شاهداً- قال: " بإسناد صحيح "- من طريق يحيى بن سُلَيْم عن عُبَيْدِ الله عن نافع عن ابن عمر ... مرفوعاً نحوه. وأخرجه ابن نصر أيضا (116) ، وابن خزيمة (1080) ، وابن حبان (673) . ويحيى بن سُلَيم: هو الطائفي، وهو صدوق سيئ الحفظ كما قال الحافظ. وله شاهد آخر من حديث عقبة بن عامر ... نحوه. أخرجه الرُوياني (35/1) ؛ وفيه ابن لهيعة. 343- باب في وقت الوتر 1289- عن مسروق قال: قلت لعاثشة: متى كانْ يوتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت كل ذلك قد فعل؛ أوترَ أولَ الليلِ، ووسَطَهُ، وآخِرَهُ، ولكن إنتهى وتره حين مات إلى السحَرِ.

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في "صحيحبهما". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا أبو بكر بن عَيَّاش عن الأعمش عن مسلم عن مسروق. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/129) : ثنا أسود بن عامر قال: أنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن مسلم عن مسروق. (ح) وأبي حصين عن يحيى بن وَئاب عن مسروق ... به. وبهذا يتبين أن لابن عياش فيه ثلاثة أسانيد: الأول: عن الأعمش عن مسلم- وهو أبو الضحى-. وقد تابعه عليه جماعة عن الأعمش ... به. أخرجه البخاري (2/406) ، ومسلم (2/168) ، وأحمد (6/46 و 107) . الثاني: عن عاصم- وهو ابن أبي النَّجُود- عن مسلم. تابعه سفيان- وهو الثوري- عن عاصم بن أبي النَجُود ... به: أخرجه أحمد (6/204) . الثالث: عن أبي حَصِينً عن ابن وَثاب. وقد أخرجه الترمذي (1/91) - وصححه-، وابن ماجه (1185) عن ابن عياش من هذا الوجه.

وتابعه سفيان الثوري عن أبي حصين: أخرجه مسلم، والدارمي (1/372) ، وأحمد (6/205) . 1290- عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " بادروا الصُّبْحَ بالوِتْرِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (2436)) . إسناده: حدثنا هارون بن معروف: ثنا ابن أبي زائدة: حدثني عبيد الله بن عمرعن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم بإسناد آخر كما تقدم ويأتي. والحديث أخرجه أبو عوانة وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ... به. وأخرجه مسلم (2/172- 173) وغيره من هذا الوجه عن ابن أبي زائدة: أخبرني عاصم الأحول عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر ... به. وقد مضى تخريجه تحت الحديث (1277) . 1291- عن عبد الله بن أبي قيس [قال] : سألت عائشة عن وِتْرِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: ربما اوتر أول الليل، وربما أوتر من اخره قلت: كيف كانت قراءته؛ أكان يُسِرُّ بالقراءة أم يجهر؟ قالت:

كل ذلك كان يفعل؛ ربما أسر، وربما جهر. وربَّما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام. قال أبو داود: " قال غير قتيبة: تعني: في الجنابة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه أبو عوانة من طريقه وطريق غيره. وصححه الحاكم، والذهبي، والترمذي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (1/171) ... بإسناد المصنف هذا؛ ولكنه لم يسق منه إلا ما يتعلق بالجنابة؛ ولفظه: سألت عائشة عن وتر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر الحديث. قلت: كيف كان يصنع في الجنابة؛ أكان يغتسل قبل أن ينام، أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل؛ ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام. قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سَعَةً! ومن هذا للسياق؛ يتبين أن في سياق المصنف اختصاراً كثيراً. وقد أخرجه أبو عوانة (2/308) من طريقه؛ ولكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال فيه على لفظ حديث ابن وهب قال: أخبرني معاوية بن صالح ... به نحوه. وقد أخرجه أحمد (6/73- 74 و 149) مزا طريقين آخرين عن معاوية ... به.

وللحديث طريق أخرى عن عائشة، مضى في "الطهارة" (223) . 1292- عن ابن عمرعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكلذا أبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ئنا يحيى عن عبيد الله: حدثني نافع عن ابن عمر. قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (2/20) ... بإسناده هذا. وأبو عوانة (2/310) من طريق المؤلف. وأخرجه البخاري (2/406- فتح) ، ومسلم (2/173) ، وابن نصر (127) ، والبيهقي (3/34) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد القطان ... به. وقال أحمد (2/143) : ثنا ابن نمير ومحمد بن عبيد قالا: ثنا عبيد الله ... به وأخرجه مسلم عن ابن نمير. وأبو عوانة عن ابن عبيد. ومسلم من طرق أخرى عن عبيد الله ... به.

344- باب في نقض الوتر

344- باب في نقض الوتر 1293- عن قيس بن طَلْقٍ قال: زارنا طَلْقُ بن علي في يوم من رمضان، وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا تلك الليلة، وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده، فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر قدَّم رجلاً، فقال: أوتر بأصحابك؛ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا وترانِ في ليلة ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا ملازم بن عمرو: ثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ وقيس بن طلق فيه كلام لا يضر، كما تقدم (176) . والحديث أخرجه البيهقي (3/36) عن المصنف. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (2/49/2) : ملازم بن عمرو ... به. والنسائي (1/247) ، والترمذي (1 / 94) ، وابن حبان (671) ، وأحمد (4/23) من طرق عن ملازم ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وتابعه أيوب بن عُتْبَةَ عن قيس بن طلق ... به مرفوعاً دون القصة.

345 - باب القنوت في الصلاة

أخرجه الطيالس (1095) وعنه ابن نضر (128) وتابعه سراج بن عقبة عن قيس به أخرجه أحمد في رواية ملازمة مقرونا مع عبد الله بن بدر وتابعه محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر أخرجه أحمد 345 - باب القنوت في الصلاة 1294 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: ثنا أبو هريرة قال: والله لأقربن لكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الصبح، فيدعوا للممؤمنين ويلعن الكافرين (قلت: اسناده صحيح وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما) إسناده حدثنا داود بن أمية ثنا معاذ يعني: ابن هاشم:حدثني يحيى بن كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قلت: وهذا إسناد صحيح رجال ثقات شرط الشيخين غير داود بن أمية وهو ثقة وقد توبع كما يأتي والحديث أخرجه البيهقي (2/198) من طرق المصنف وأخرجه (2/ 135) من طرق محمد بن المثنى ثنا معاذ بن هاشم والبخاري (2/ 236 - 237 - فتح) والنسائي (1/ 164) والبيهقي واحمد (2/255 و 337 و 470) من طرق اخرى عن هشام به

1295 - عن البراء: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقنت في صلاة الصبح- زاد ابن معاذ: وصلاة المغرب-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أبو الوليد ومسلم بن إبراهيم وحفص بن عمر. (ح) وثنا ابن معاذ: حدثني أبي: قالوا كلهم: ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَةَ عن ابن أبي ليلى عن للبراء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وابن معاذ: اسمه عبيد الله بن معاذ بن معاذ بن نصر العنبري. والحديث أخرجه مسلم (2/137) ، وأبو عوانة (2/287) ، والنسائي (1/164) ، والترمذي (1/81) ، والبيهقي (2/198) ، وأحمد (4/285) من طرق عن شعبة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 1296- عن أبي هريرة قال: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة العَتَمَةِ شهراً، يقول في قنوته: " اللهم! نَج الوليد بن الوليد، اللهم! نَج سلمة بن هشام، اللهم! نَج المستضفين من المؤمنين، اللهم! اشْدُدْ وَطْآتَكَ على مُضَرَ، اللهم! اجعلها عليهم سنين كَسِنِي يوسف ". وأصح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم؛ فلم يَدْعُ لهم، فذكرتُ ذلك له؟ فقال:

" وما تراهم قد قدموا؟! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عَبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه كما يأتي. وعبد الرحمن هذا: هو الدمشقي اللقب ب (دُحَيْم) ، وهو حافط متقن. والحديث أخرجه البيهقي (2/200) مرع طريق المؤلف. ومسلم (2/135) ، وأبو عوانة (2/؟ 28) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به. وعزاه المنذري للبخارىِ أيضا! وما أظنه إلا وهما أو تساهلا،؛ فقد فتشت عنه، فلم أره عنده إلا مختصراً، دون قول أبي هريرة: وأصبح ... ولذلك لم يعزه البيهقي إلا لمسلم وحده، وهو عنده في "التفسير" عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عنه. 1297- عن ابن عباس قال: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً متتابعاً: في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح، في دُبُرِ كل صلاة إذا قال: " سمع الله لمن حمده " من الركعة الآخرة؛ يدعو على أحياء من بني سُلَيْمٍ: على رِعْل وذَكْوانَ

وعُصَيَّةَ، ويؤمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ. (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن معاوية الجُمَحِيُّ: ثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خَبَّاب عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير هلال بن خباب، وهو صدوق تغيَّر بآخره، كما قال الحافظ. والحديث أخرجه الحاكم (1/225- 226) ، وعنه البيهقي (2/200) ، وأحمد (1/301) من طرق أخرى عن ثابت ... به! وزادوا: قال عكرمة: هذا مفتاح القنوت. وقال الحاكم. " صحيح على شرط البخاري "! ووافقد الذهبي! وهلال بن خباب لم يخرج له البخاري شيئاً. 1298- عن محمد عن أنس بن مالك: أنه سئل: هل قنت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة الصبح؟ فقال: نعم. فقيل له: قبل الركوع أوبعد الركوع؟ قال: بعد الركوع- قال مسدد: يسيراً (1) -. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة

_ (1) الأصل: (بيسير) وكذا في "الهندية ". وعلى هامشها: " نسخة: يسيراً". وهو الموافق لروا ية " الصحيحين "؛ فأثبتناه.

في "صحاحهم ") إسناده: حدثا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن أيوب عن محمد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. الحديث أخرجه البخاري (2/407- 408) ، والبيهقي 21/206) عن مسدد. والبيهقي عن سليمان بن حرب. وأبو عوانة (2/281) ، والنسائي (11/63) من طريتهين آخرين عن حماد بن زيد ... به. وتابعه أيوب عن محمد- وهو ابن سيرين: - أخرجه أحمد (3/113) ، ومسلم (2/136) . وتابعه خالد الحَذَّاء عنه؛ ولفظه: سألت أنس بن مالك: هل قنت عمر؟ قال: نعم، ومن هو خير من عمر - رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد الركوع. أخرجه أحمد (3/166 و209) عن هلال بن أبي زينب عنه. وهلال هذا مجهول. وقوله: نعم، ومن هو خير من عمر ... منكر؛ لأنه مخالف لرواية قتادة عن أنس قال: قنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهراً يدعو ... فقلت لأنس: قنت عمر؟ قال: عمر! لا. وإسناده صحيح. وتابعه أنس بن سيرين عن أنس؛ وهو الاتي بعده.

انَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قنت شهراً، ثم تركه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "ممجحه "، وكذا أبو عوانة) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا حماد بن سلمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/136) ، وأبو عوانة (2/286) ، وأحمد (3/184) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وكان اضطرب فيه حماد؛ فقد قال في رواية أخرى عنده (3/249) : ثنا أنس ابن سيرين عن قتادة عن أنس. وفي أخرى: ثنا قتادة: ثنا أنس بن سيرين. وتابعهم هشام عن قتادة عن أنس بن مالك: أخرجه مسلم (2/137) ، وأحمد (3/217 و 261) . وهمام: أخبرني قتادة قال: حدثني أنس ... به: أخرجه أحمد (3/191 و252) . 1300- عن محمد بن سيرين قال: حَدثني مَنْ صلى بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاةَ الغداة؛ فلمارفع رأسه من الركعة الثانية؛ قام هُنَيَّة.

346- باب في فضل التطوع في البيت

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر بن مُفَضَّل: ثنا يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثفات على شرط البخاري؛ وجهالة الصحابي لا تضر. والحديث أخرجه النسائي (1/163) من طريق أخرى عن بشر ... به. 346- باب في فضل التطوّعِ في البيت 1301- عن زيد بن ثابت أنه قال: احْتَجَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد حجْرَةً، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرح من الليل فيصلي فيها. قال: فصلوا معه بصلاته- يعني: رجالاً-، وكانوا يأتونه كلَّ ليلة؛ حتى إذا كان ليلة من الليالي؛ لم يخرج إليهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتنحنحوا، ورفعوا أصواتهم، وحَصَبوُا بابه. قال: فخرج إليهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغْضَباً، فقال: " أيها الناس! ما زال بكم صنيعُكم، حتى ظننت أنْ سَتكْتَبُ عليكم! فعليكم بالصلاة في بيوتكم؛ فإن خير صلاة المَرْءِ في بيته؛ إلا الصلاة المكتوية". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجيه هو والبخاري وأبو عوانة في "صحاحهم ". وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله البزاز: ثنا مَكيُ بن إبراهيم: ثنا عبد الله

- يعني: ابن سعيد بن أبي هند- عن أبي النَّضْرِ عن بُسْرِ بن سعيد عن زيد بن ثابت. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير هارون، فهو على شرط مسلم فقط. والحديث أخرجه أحمد (5/187) : ثنا مَكِّيّ ... به. وأخرجه أبو عوانة (2/294) من طريقين اخرين عن مكي ... به. ومسلم (2/188) ، والترمذي (1/90) - مختصراً، وقال: " حديث حسن "- من طريق محمد بن جعفر: حدثنا عبد الله بن سعيد ... به. وتابعه موسى بن عقبة قال: سمعت أبا النضر ... به. أخرجه البخاري (2/179) ، ومسلم، وأبو عوانة (2/279 و 293) ، والنسائي (1/237) ، والبيهقي (2/494) . وتابعه إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه ... له مختصراً، وقد مضى في الكتاب (959) . 1302- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، ومضى (958) بإسناد على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله: أخبرنا نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في

347- باب طول القيام

"صحيحه " ... بإسناد المصنف هذا. وأخرجه المصنف وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد؛ كما تقدم (958) ، وقد خرجته هناك؛ فلا داعي للإعادة. 347- باب طول القيام 1303- عن عبد الله بن حُبْشِي الخَثْعَمي: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل: أقيُ الأعمالِ أفضل؟ قال: " طول القيام ". قيل: فأيُ الصدقةِ أفضل؟ قال: " جُهْدُ المُقِل ". قيل: فأيُ الهجرةِ أفضل؟ قال: " مَنْ هَجَرَ ما حَرمَ اللهُ عليه ". قيل: فأيُ الجهادِ أفضلُ؟ قال: " من جاهد المشركين بماله ونفسه ". قال: فأيٌ القتلِ أشرفُ؟ قال: " من أُهْرِيقَ دَمُهُ، وعُقِرَ جوادة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ إلا أن الصواب: الصلاة؛ بدل: الأعمال؛ كما تقدم (1196)) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حَجَّاج قال: قال ابن جريج: حدثني عثمان بن أبي سليمان عن علي الآزْديِّ عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن حُبْشِي الخثعمي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد مضما (1196) مختصراً، وبَينا هناك ما وقع للمصنف رحمه الله تعالى من الخلل في اختصاره.

348- باب الحث على قيام الليل

348- باب الحَث على قيام الليل 1304- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَحِمَ الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصفتْ؛ فإن أبت نضح في وجهها الماء! رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء! ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقد مضى سنداً ومتناً (1181)) . إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا يحيى عن ابن عجلان: ثنا القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى بهذا السند والمتن رقم (1181) . 1305- عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من استيقظ من الليل وأيقظ امراته، فصلَّيا ركعتين جميعاً؛ كُتِبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد مضى نحوه (1182)) . إسناده: حدثنا محمد بن حاتم بن بَزِبع: ننا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن علي بن الأقمر عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد مضى الحديث بهذا الإسناد، وآخر غيره في الموضع المشار إليه في الأعلى، مع ذكر من خرجه غير المصنف؛ فأغنى عن الإعادة.

349- باب في ثواب قراءة القرآن

349- باب في ثواب قراءة القرآن 1306- عن عثمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن علقمة بن مَرْثَدٍ عن سعد بن عُبَيْدَةَ عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير حفص بن عمر- وهو الحوضي-، فهو على شرط البخاري وحده. وقد أخرجه في "صحيحه "، وآخرون، منهم الترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح "، كما خرجته في "الصحيحة" (1173) . 1307- عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به: مع السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، والذي يقرأُهُ وهو يشتدَ عليه؛ فله أجران ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه في "صحيحيهما". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام وهمام عن قتادة عن زُرَارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الدارمي (2/444) ... بإسناد المصنف هذا. وأخرجه مسلم (2/195) ، وأحمد (6/48و 192 و 289) عن هشام الدَّسْتَوَائي. وأخرجه الطيالسي (1499) - وعنه الترمذي (2/148) -: حدثنا شعبة وهشام عن قتادة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه البخاري (8/532) ؛ وأحمد (6/110 و 170) - عن شعبة-، وأحمد أيضا (6/94) - عن همام- كلاهما عن قتادة ... به. 1308- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السَّكِينة، وغَشِيَتْهُمُ الرحمةُ، وحَفَّتهم الملائكةُ، وذكَرهم الله فيمن عنده ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (8/71) ، وابن ماجه (225) ... بهذا الإسناد وغيره

عن أبي معاوية. وأخرجه أحمد (2/252) : ثنا أبو معاوية ... به. ومسلم، والترمذي (2/155) ، وأحمد (2/407) من طرق أخرى عن الأ عمش ... به؛ وصرح الأعمش بالتحديث في رواية لمسلم. وأخرجه مسلم، وأحمد (2/447 و 3/33 و 49 و 92 و 94) من طرق عن أبي إسحاق عن الأعرابي مسلم أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال ... فذكره نحوه. 1309- عن عُقْبَةَ بن عامرٍ الجُهَنِيِّ قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في الصُفَّةِ، فقال: " أيكُمْ يحب أن يغدوَ إلى بُطْحَانَ أو العقيقِ، فيأخذَ ناقتين كَوْمَاوينِ زَهْرَاوبنِ بغير إثم بالله عز وجل، ولا قَطْع رَحِم؟ " قالوا: كلنا يا رسول الله اقال: " فَلانْ يغدوَ أحدُكلم كل يوم إلى المسجدِ، فيتعلَّمَ آيتين من كتاب الله عز وجل: خيرٌ له من ناقتين، وإن ثلاثٌ فثلاثٌ، مثلَ أعدادهن من الابل ". (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: ثنا ابن وهب: ثنا موسى بن عُلَي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المهري، وهو ثقة، وتوبع.

350- باب فاتحة الكتاب

والحديث أخرجه مسلم (2/197) ، وأحمد (4/154) من طرق أخرى عن موسى بن علَي ... به. 350- باب فاتحة الكتاب 1310- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " (الحمد لله رب العالمين) : أمُ القرآن، وأمُّ الكتاب، والسبْع المثاني ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا عيسى بن يونس: ثنا ابن أبي ذئب عن المَقْبُرِي عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وعزاه المنذري- كما في "عون العبود مما (1/544) - للبخاري والترمذي! وما أظنه إلا من أوهامه! ثم رأيته في "البخاري " (رقم 4704) : حدثنا آدم: حدثنا ابن أبي ذئب ... به والحديث أخرجه أحمد (2/448) ، والطحاوي في "المشكل " (2/78) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به. وله طريق اْخرى عن أبي هريرة مرفوعاً ... به مختصراً؛ بلفظ: ".. وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته "؛ وفيه قصة خروجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي بن كعب وهو يصلي، ومناداته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه ... لْحو قصة أبي سعيد الأتية.

أخرجه الترمذي (2/143) ، وأحمد (2/413) ، والحاكم (1/557) ، وقال: " صحيح على شرط مسلم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ". وهو كما قالوا. 1311- عن أبي سعيد بن المُعَلى: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وهو يصلي، فدعاه. قال: " فصليت ثم أتيتُه. قال: فقال: " ما منعك أن تجيبني؟! ". قال: كنت أصلي. قال: " ألم يقل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا استعجيوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحْيِيكُم} ؟! لأعلمنَّك أعظم سورة من- أو في- القرآن- شك خالد- قبل أن أخرج من المسجد ". قال: قلت: يا رسول الله! قولَك؟ قال: " {الحمد لله رب العالمين} : هي السبع المثاني الذي أوتيت، والقران العظيم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحهما) إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا خالد: ثنا شعبة عن خبَيْب بن عبد الرحمن قال: سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المُعَلى. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/145) من طريق أخرى عن خالد- وهو ابن

351- باب من قال: هي من الطول

مَهْران الحَذأء- عن شعبة-.- به وأخرجه الطيالسي (1266) : حدثنا شعبة.-. به. البخاري (8/119 و 9/49) ، والطحاوي (2/77) ، وأحمد (4/211) من طرق أخرى عن شعبة ... به. 351- باب من قال: هي من الطُوَلِ 1312- عن ابن عباس قال: أوتيَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعاً من المثاني الطوَلِ، وأُوتِيَ موسى عليه السلام سِتّا، فلما آلقَى الألواح؛ رُفِعَتْ ثنتان وبقي آرْبَعٌ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن مسلم البَطِينِ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين. والحديث أخرجه النسائي (1/146) ، وعند الطحاوي في "المشكل " (2/79) من طريق أخرى عن جرير بن عبد الحميد ... به الشطر الأول فقط. وصححه الحاكم (2/354) على شرطهما، والذهبي. ورواه هو، والنسائي وغيرهما- كما في "الدُرَ المنثور" (4/105) - من طريق أبي إسحاق عن مسلم البَطين ... به موقوفاً. وقال الحاكم أيضا. " صحيح اعلى شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!

352- باب ماجاء في آية الكرسي

قلت: أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، كان قد اختلط، إلى كونه مدلساً، فالمرفوع أصح. وللتوفيق بينه وبين حديث أبي سعيد بن المعلى الذي قبله؛ راجع "تفسير ابن كثير" (سوره الحِجْرِ) . 352- باب ماجاء في آية الكُرْسِي 1313- عن أُبَيِّ بن كعب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبا المنذر! أيُّ أيةِ مَعَكَ من كتاب الله أعظمُ؟ ". قال: قلت: الله ورسوله اعلم! قال: " أبا المنذر! أيً آية معك من كتابِ الله أعظمُ؟ ". قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم) . قال: فضرب في صدري، وقال: " ليَهْنِ لك أبا انتذر! العلمُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد بن إياس عن أبي السّلِيلِ عن عبد الله بن رَبَاح الأنصاري عن أُبيّ بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وأبو السليل: اسمه ضُرَيْبُ بن نُفَيْرٍ. وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى، وقد سمع من سعيد بن إياس قبل اختلاطه أو تغيره بثمان سنين.

353- باب في سورة (الصمد)

والحديث أخرجه مسلم (2/199) من طريق ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى ابن عبد الأعلى ... به. وتابعه سفيان عن سعيد الجريري. أخرجه أحمد (5/141) ؛ وسفيان: هو الثوري، وسمع أيضا من سعيد قبل الاختلاط. وتابعه ايضاً عنده: جعفر بن سليمان؛ إلا أنه قال: ثنا الجريري عن بعض أصحابه عن عبد الله بن رباح! وانظر "الصحيحة" (3410) . 353- باب في سورة (الصمد) 1314- عن أبي سعيد الخدري: أن رجلأ سمع رجلاً يقرأ: (قل هو الله أحد) يرددها. فلما اصبح؛ جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر ذلك له؟! وكان الرجل يتقائُها! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " والذي نفسي بيده! إنها لتَعْدِلُ ثُلْثَ القرآن ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأًتي.

354- باب في المعوذتين

والحديث في " موطأ مالك " (1/208- 17) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه البخاري (9/53) ، والنسائي (1/155) ، وأحمد (3/35) كلهم عن مالك ... به. 354- باب في المعوِّذتين 1315- عن عقبة بن عامر قال: كنت آقُودُ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقَتَهُ في السفر، فقال لي: " يا عقبة! ألا أعلمكَ خيرَ سورتينِ قُرِئتَا؟! ". فعفمَنِي: (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) . قال: فلم يَرَنِي سُرِرْت بهما جداً! فلما نزل لِصَلاةِ الصبح؛ صلى بهما صلاة الصبح للناس. فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصلاة التفت إليَّ فقال: " يا عقبةُ! كيف رأيت؟! ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة والحاكم) . اسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَرْح: أخبرنا ابن وهب: أخبرني معاوية عن للعلاء بن الحارث عن القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير القاسم- وهو أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة-، وهو صدوق، فالإسناد حسن؛ لولا أن العلاء بن الحارث كان اختلط، لكنه قد توبع. والحديث أخرجه النسائي (2/313) ... بإسناد المصنف.

وأخرجه أحمد (4/149- 150 و 153) ، وعنه الحاكم (1/240) ، وابن خزيمة (535) من طرق أخرى عن معاوية بن صالح ... به. وتابعه ابن جابر عن القاسم أبي عبد الرحمن ... به: أخرجه الطحاوي في " المشكل " (1/35) ، وأحمد (4/144) . وتابعه أيضا علي بن يزيد عن القاسم ... به نحوه؛ وزاد فيه: (قل هو الله أحد) . أخرجه أحمد (4/148) ؛ وعلي بن يزيد: هو الألهاني، ضعيف؛ لكنه لم يتفرد بها، فقد أخرجه النسائي (2/312) من طريق عبد الله بن سليمان الأسلمي عن معاذ بن عبد الله بن خبَثبٍ عن عقبة ... به نحوه؛ وفيه: قال: " (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ... لم يتعوذ الناس بمثلهن- أو لا يتَعوَذ بمثلهن، وفي رواية: ما تعوذ بمثلهن أحد- ". وهو حسن بما قبله؛ بل هو صحيح، فقد وجدت له طريقاً عن عقبة بن عامر ... نحوه: أخرجه أحمد (4/158- 159) . 1316- عن عقبة بن عامر قال: بينا أنا أسير مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين (الجحْفَةِ) و (الآبْوَاءِ) ؛ إذْ غشيتنا ريحٌ وظلمةٌ شديدةٌ، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعوَذ بـ: (أعوذ بربِّ الفلق) و (أعوذ برب الناس) ، ويقول: " يا عُقْبَة! تعؤذْ بهما؛ فما تعوّذ متعوِّذٌ بمثلهما! ". قال: وسمعته يَؤُمُنَا بهما في الصلاة.

355- باب استحباب الترتيل في القراءة

(قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيلي: ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِيِّ عن أبيه عن عقبة بن عامر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. والحديث أخرجه الخرائطي في "المكارم " (ص 83) من طريق أخرى عن محمد بن سَلَمة الحَرَّاني ... به. والطحاوي في " المشكل " (1/36) أيضا. وتابعه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري ... به؛ دون الصلاة: رواه النسائي. وللجملة الأخيرة منه طريق أخرى عنه، سبقت الإشارة إليها آنفاً. 355- باب استحباب الترتيل في القراءة 1317- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْتَقِ، ورَتَلْ كما كنت تُرَتِّلُ في الدنيا؛ فإن منزلك عند آخر آية تقرأُها ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان: حدثني عاصم بن بَهْدلةَ عن زِر عن عبد الله بن عمرو.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن الشيخين إنما أخرجا لعاصم- وهو ابن أبي النجُودِ- مقروناً بغيره، وهو حسن الحديث. والحديث أخرجه الترمذي (2/150) ، وابن حبان (1790) ، وابن نصر (70) ، والحاكم (1/552- 553) ، وأحمد (2/192) من طرق أخرى عن سفيان الثوري ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وله شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً وموقوفاً نحوه. أخرجه الترمذي، وصححه، ورجح الموقوف. وهو كما قال؛ فقد أخرجه أحمد (2/471) من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة- أو عن أبي سعيد؛ شك الأعمش- قال: يقال لصاحب القرآن ... الحديث. وإسناده صحيح موقوف، ولكنه في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي، ولذلك أخرجه أحمد في "المسند". وله شاهد ثان من حديث بريدة ... مرفوعاً نحوه. أخرجه الدارمي (2/450) بسند حسن في الشواهد. وشاهد ثالث من حديث أبي سعيد الخدري: أخرجه أحمد (3/40) ، وابن ماجه (3780) .

1318- عن قتادة قال: سألت أنساً عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: كان يَمُدُّ مَدّاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه" بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا جرير عن قتادة قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (9/79) ... بإسناد المصنف. وللنسائي (1/157) ، وابن ماجه (1353) ، وأحمد (3/119 و 131 و 1892 و289) من طرق عن جرير ... به؛ بلفظ: يَمد صوته بها مَداً. وتابعه همام عن قتادة بلفظ: كانت مَداً. ثم قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) ؛ يمد ب (بسم الله) ، ويمد ب (الرحمن) ، ويمدب (الرحيم) . أخرجه البخاري. 1319- عن عبد الله بن مُغَفًل قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومَ فَتْحِ مَكَةَ وهو على ناقة- يقرأسورة (الفتح) ؛ وهو يُرَجعُ.

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن معاوية بن قُرةَ عن عبد الله بن مُغَفلٍ. قلت: وهذا إصناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (9/80) ، ومسلم (12/93) ، وأحمد (4/85- 86 و5/54- 56) من طرق أخرى عن شعبة ... به. 1320- عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " زَينُوا القرآنَ بأصواتِكم ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي وابن كثير) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن طلحة عن عبد الرحمن بن عَوْسَجَهَ عن البراء بن عازب. قلت: وهذا إصناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن عوسجة، وهوثقة. وطلحة: هو ابن مُصَرف. وقال ابن كثير في "فضائل القرآن " (ص 56) : " إسناده جيد ". والحديث أخرجه النسائي (11/57) ، والحاكم (1/572) ، وأحمد (4/283 و296 و 304) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.

وأخرجه النسائي أيضا، والحاكم، وابن ماجه (1342) ، وابن حبان (660) ، وأحمد (4/285 و 296) من طرق أخرى عن طلحة ... به. وكذا رواه الدارمي (2/274) . وأخرجه أيضا- ومن طريقه- الحاكم (1/575) عن راذان أبي عمر عن البراء بن عازب ... به مرفوعاً؛ بلفط: " حسِّنوا القرآن بأصواتكم؛ فإن الصوتَ الحسنَ يزيد القرآن حُسْناً ". قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. وسكت عليه الحاكم! وذكر له متابعين آخرين عن البراء. ورواه أبو نعيم في "الحلية" (5/27) من طريق أخرى عن طلحة بن مُصِّرفً ... به، وقال: " رواه الجم الغفير عن طلحة بن مصرف ... "، ثم سماهم؛ فبلغ عددهم ثلاثين شخصاً ونَيفاً. ثم روى له (7/139) شاهداً من حديث عائشة. وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً. أخرجه ابن حبان (661) ؛ وإسناده صحيح. ورواه البخاري أيضا عنه؛ ولكنه خطأ من بعض رواته، كما كنت بينته في "صفة الصلاة"، ولذلك لم أستجز عزو الحديث فيما سبق البخاري، خلاقاً لبعض الناقدين الحاقدين، أو الغافلين الذين لا تحقيق عندهم سوى تسويد السطور، وحشوها ببيان اسم الكتاب والباب والجزء والصفحة؛ مما صار في استطاعة كل مثقف، بعد طبع الفهارس الكثيرة لكتب السنة المطهرة. ولو كان من أبعد الناس

فهماً لهذا العلم الشريف! ولئن صحح أو ضعف فجُلُهُ- إن لم أقل: كله- تقليد، نقله عن غيره، ولم يعزه إليه، متَشيعاً به! والله المستعان. وثالث من حديث ابن مسعود: عند ابن سعد، وقد ذكرت إسناده في "الصحيحة" (771) . 1321- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس منا من لم يَتَغَن بالقرآن ". (قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن حبان (120- إحسان)) إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وقتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن مَوْهَب الرمْلِي- بمعناه- أن للليث حدثهم عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي. نَهِيك عن سَعْدِ بن أبي وقاص. وقال يزيد: [عن] ابن أبي مليكة عن سعيد بن أبما سعيد. وقال قتيبة: هو في كتابي: عن سعيد بن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن ابن أبي مُلَيْكة عن عبيد الله بن أبي نَهِيك عن سعد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد الرملي، وهو ثقة، مع كونه مقروناً. وإلا عبيد الله بن أبي نهيك؛ وقد وثقه النسائي والعجلي وابن حبان، ولم

يذكروا له راوياً غير ابن أبي مليكة. ولا يضرُ في صحة الحديث الاختلاف الذي حكاه المصنف على ابن أبي مليكة؛ لأنه اختلاف في تسمية تابعي الحديث؛ فالطيالسي سماه: عبد الله بن أبي نهيك، وخالفه قتيبة ويزيد فسميَاهُ: سعيد بن أبي سعيد. قلت: إن هذا الاختلاف لا يضر؛ لأن سعيداً- وهو المَقْبُرِيُ- ثقة أيضا، ومن رجال الشيخين، فالاختلاف يتردد بين الثقتين، فأيهما كان؛ فالحديث صحيح. على أنه لامانع من أن يكون ابن أبي مليكة قد رواه عنهما كليهما، فتارة حدث به عن هذا، وتارة عن هذا. ويؤيد ذلك: ما أخرجه الحاكم (1/570) من طريق عمرو بن الحارث عن ابن أبي مليكة: أنه حدثه عن ناس دخلوا علا سعد بن أبي وقاص، فسألوه عن القرآن؟ فقال سعد ... فذكره. وقال الحاكم: " فهذه الرواية تدل علا أن ابن أبي مليكة لم يسمعه من راوٍ واحد؛ إنما سمعه من رواةٍ لسعد ". والحديث أخرجه الدارمي (2/471) - عن أبي الوليد الطيالسي-، والحاكم، وأحمد (1/175) - عن الليث بن سعد-، والطيالسي (201) ، وأحمد (1/172) - عن سعيد بن حسان المخزومي-، وأحمد (1/179) ، والدارمي (1/349) ، وابن نصر (55) ، والحاكم- عن سفيان عن عمرو- كلهم عن ابن أبي مليكة ... به؛ إلا أن بعضهم قال: عبد الله- مكبراً- ابن أبي نهيك ... وهو اختلاف لا يضر أيضا. على أن الحاكم ذهب إلى أنهما أخوان تابعيان، واستدل برواية عمرو بن

الحارت المتقدمة. والله أعلم. والحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبى. ثم أخرج له شاهدين من حديث ابن عباس وعائشة، لكنه أعلهما بالشذوذ. 1322- عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: مَزَ بنا أبو لُبَابَةَ، فاتَّبَعْنَاهُ حتى دخل بيته، فدخلْنا عليه؛ فإذا رجلٌ رَث البيتِ، رث الهَيْئَةِ، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ليس مِنَّا مَنْ لم يَتَغَنّ بالقرآن ". قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد! أرأيت إذا لم يَكُنْ حَسَنَ الصوت؟ قال: يُحَسنُهَ ما استطاع. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا عبد الجبار بن الوَرْدِ قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال عبد الله بن أبي يزيد ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الجبار بن الورد، وهو صدوق يهم، كما في " التقريب ". ومن طريقه: أخرجه الطبراني (5/24- 25) ؛ لكنه قال: (عبيد الله بن أبي نهيك) ! وهو خطأ، كما بينته في "الضعيفة" (6511) .

1323- حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: قال وكيع وابن عيينة: "يعني: يستغني ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه ") . إسناده: قد ذكر أعلاه، وهو صحيح؛ الأ نباري روى عن وكيع وغيره ممن في طبقته، ووثقه الخطيب ومسلمة. ولم يتفرد به؛ فقد رواه الدارمي (2/471) معلقاً: قال ابن عيينة: يستغني. وابن نصر أيضا (55) بلفظ: يعني: يستغتي به عما سواه من الكلام. ووصله البخاري كما يأتي. 1324- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: " ما آذِنَ اللهُ لشيء ما آذِنَ لنبي حَسَن الصَّوتِ، يَتغنَّى بالقرآن يجهرُ به (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِئ: أخبرنا ابن وهب: حدثني عمر بن مالك وحيوة عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/192) من كلريق أخرى عن ابن وهب ... به.

وأخرجه البخاري (13/433) ، ومسلم، والنسائي (1/ 157) من طرق أخرى عن يزيد بن الهاد ... به. وتابعه سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة ... به: أخرجه البخاري (9/61) ، ومسلم، والنسائي، وابن نصر (55) . وزاد هو والبخاري: قال سفيان: تفسيره: يستغني به. وتابعه عُقَيْلٌ عن ابن شهاب ... به: أخرجه البخاري (9/60) ، وللدارمي (2/472) . وتابعه يونس وعمرو كلاهما عنه: أخرجه مسلم والدارمي عن الأول منهما. وتابعه معمر عنه: أخرجه أحمد (2/271) . وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به: أخرجه أحمد (2/285) : ثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق قالا: أنا ابن جريج. وخالفهما في متنه أبو عاصم فقال: أخبرنا ابن جريج ... بلفظ: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن ". أخرجه البخاري (13/418) . قلت: وهذا شاذ عن ابن جريج عن ابن شهاب! والمحفوظ عنه لللفط الأول؛ لاتفاق كل هن ذكرنا من أصحاب الزهري عليه؛ لا سيما وقد تابعه عليه محمد ابن إبراهيم بن الحارث كما تقدم. وتابعه أيضا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ... به: عند مسلم. ومحمد بن عمرو: عنده، وكذا أحمد (2/450) .

356- باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه

وقد أشار الحافظ في "الفتح " (13/419) إلى شذوذ رواية البخاري هذه، ولم يفصح! وإنما صح الحديث بلفظه من روايهَ سعد بن أبي وقاص، كما تقدم (1321) . 356- باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيَه [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 357- باب " أنزل القرآن على سبعة أحرف " 1325- عن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاريِّ قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حَكِيم بن حِزَام يقرأ سورة (الفرقان) على غير ما أقرأُها، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرأنيهاً، فكِدْتُ أن أعْجَلَ عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لَببْتهُ بردائه، فجئت به رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله! إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان (على غير ما أقرأتنبها! فقال لى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأ "؛ فقرأ القراءة التي سمعتة يقرا. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هكذا أُنزلَتْ ". ثم قال لي: " اقرأ "؛ فقرأت. فقال: " هكذا أنزلت ". ثم قال: " إن هذا القران أنْزِلَ على سبعة أحرف؛ فاقرأُوا ما تيسر منه ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/201/5) . وعنه: البخاري (13/434) ، ومسلم (2/202) ، والنسائي (1/149) ، والطحاوي في " المشكل " (4/187) ، وأحمد (1/40) . وتابعه عًقَيْلٌ عن الزهري ... به: أخرجه البخاري (9/21) . ومعمر: عند مسلم والنسائي، وأحمد (1/24 و 40 و 42) ، والترمذي (2/155) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". 1326- عن الزهري قال: إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد، ليس تختلف في حلال ولا حرام. (قلت: صحيح الاسناد عنه. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن فارس: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر قال: قال الزهري ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه أحمد (1/313) : ثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه مسلم (2/202) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به؛ أخرجاه

عقب حديث لابن عباس في السبعة أحرف؛ من رواية الزهري ... بإسناده عنه. وهو عند البخاري (9/20) من طريق أخرى عن الزهري ... به؛ دون قوله هذا. 1327- عن أُبَيِّ بن كعب قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.: " يا أُبَي! إني أُقْرِئْتُ القرآنَ، فقيل لي: على حرف أو حرفين؟ فقال الملك الذي معي: قلْ: على حرفين. قلت: على حرفين. فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: قل: على ثلاثة. قلت: على ثلاثة. حتى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: (سميعاً) ، (عليماً) ، (عزيزاً) ، (حكيماً) ؛ ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن يحيى ابن يَعْمَر عن سليمان بن صُرَدَ الخُزَاعي عن أُبيِّ بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين. وسكت عنه في "الفتح " (9/24) ! والحديث أخرجه الطحاوي في "الشكل " (4/189) ، وأحمد (5/124) من طرق عن همام ... به؛ وزادا في أوله: قال: قرأت آية، وقرأ ابن مسعود خلافها، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: ألم تُقْرِئْمْي آية كذا وكذا؟! قال:

" بلى ". فقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟! فقال: " بلى! كلاكما محْسِنٌ مُجْمِلٌ ". قال: فقلت له! فضرب في صدري، وقال: " يا أبيُ بن كعب ... " الحديث؛ إلا أنه قال: " إن قلت: (غفوراً رحيماً) ، أو قلت: (سميعاً عليماً) ، أو (عليماً سميعاً) ، قالله كذلك؛ ما لم تختم ... ". ثم أخرجاه من طرق أخرى عن سليمان بن صرد ... به نحوه. والنسائى، والترمذي (2/155) - وصححه-، وأحمد (5/114 و 122 و127- 128 و 132) من طرق أخرى عن أبي بن كعب ... به مطولاً ومختصراً. وأحدها عند مسلم، وهو الآتي. ورواه الطبراني في "الكبير" (20/150/312) عن معأذ ... مختصراً بسند لا بأس به في الشواهد. 1328- عن أُبَي بن كعب: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان عند آضَاةِ يني غِفَار، فأتاه جبريل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن الله يأمرك أن تُقْرِئَ أُمَّتَكَ على حرف. قال: " أسأل الله مُعَافاتَهُ ومغفرتَهُ! إن أمتي لا تطيق ذلك ". ثم أتاه ثانية، فذكر نحو هذا، حتى بلغ سبعة أحرف، قال: إن الله يأمرك أن ئقْرِئَ أُمتَكَ على سبعة أحرف؛ فأيَّما حرف قرأُوا عليه فقد أصابوا.

358- باب الدعاء

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن أبيً بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الطيالسي (558) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه مسلم (2/203) - بإسناد المصنف وغيره- عن محمد بن جعفر ... به. وأخرجه أحمد (5/127) : ثنا محمد بن جعفر ... به. وتابعه عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن جده عبد الرحمن ابن أبي ليلى ... به نحوه: أخرجه مسلم وأحمد. وأخرجه النسائي (1/150) ، والطحاوي (4/191) من طريق شعبة. وله طريق أخرى عن أُبيّ ... نحوه: أخرجه الترمذي (2945) ، وقال: "حسن صحيح ". 358- باب الدعاء 1329- عن النعمان بن بَشِيرٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الدعاء هو العبادةُ: (قال ربّكم ادعُوني آسْتَجِبْ لكم) ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (887) ، والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن منصورعن ذَر عن يُسَيْع الحَضْرَمِي عن أُبَي بن كعب.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يسَيْعٍ، وهو ثقة. والحديث أخرجه أصحاب "السنن " وغيرهم، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وقد خرجته في "الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير" (رقم 888) . 1330- عن ابنً لِسَعْد قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهم! إني أسألك الجنة، ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا! فقال: يا بنَيَّ! إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " سيكون قومٌ يعتدون في الدعاء ". فإيَّاك أن تكون منهم! إنك إن اعْطِيتَ الجنةَ؛ اعْطِيتَها وما فيها من الخير، وإن أعِذْتَ من النار؛ اعِذْتَ منها وما فبها من الشَّرِّ! (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة عن زياد بن مِخْرَاقٍ عن أبي نَعَامَةَ عن ابن لسعدً. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير ابن لسعد؛ لكن أولاد سعد الذين يروون عنه كلهم ثقات- وهم إبراهيم وعامر وعمر ومحمد ومصعب "؛ إلا أنه قد اضطربوا في إسناده كما يأتي- والحديث أخرجه أحمد (1/172) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا شعبة ... به؛ إلا أنه قال: مولى لسعد ... مكان: ابن لسعد.

ثم قال أحمد (1/183) : ثنا أبو النضر: ثنا شعبة ... عن مولى لسعد. وثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... عن مولى لسعد بن أبي وقاص عن ابن سعد ... وهذا اختلاف شديد؛ ولعله من زياد بن مخراق؛ فقد خالفه سعيد الجرَيْرِيُّ فقال: عن أبي نعامة: أن عبد الله بن مُغَفَّلِ سمع ابنه يقول ... فذكره بنحوه، وبزيادة: "الطُّهور" في متنه، وقد مضى في "الطهَارة" (86) . 1331- عن فَضَالَةَ بن عبَيْدٍ صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً يدعو في صلاته، لم يمَجِّدِ الله تعالى، ولم يُصَلِّ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجِلَ هذا ". ثم دعاه، فقال له- أو لغيره-: " إذا صلَّى أحدُكم؛ فلبدأ بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه، ثم يصلِّي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يدعو بَعْدُ بما شّاء ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1957) ، والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا حيوة: أخبرني أبو هانئ حمَيْدُ بن هانئ أن أبا علي عمرو بن مالك حدثه أنه سمع فَضَالة بن عُبَيْدٍ صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي علي عمرو بن مالك، وهو ثقة. والحديث في "مسند أحمد" (6/18) ... بهذا السند.

وأخرجه الترمذي (2/260) ، وابن حبان (510) ، والحاكم (1/230) ، والبيهقي (2/147) من طرق أخرى عن عبد الله بن يزيد المُقْرِئ ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم،! ووافقه الذهبي! وذلك من أوهامهما؛ فإن أبا علي هذا لم يخرج له مسلم شيئاً. وتابعه ابن وهب عن أبي هانئ ... به: أخرجه النسائي (1/189) . ورِشْدِين بن سعد عنه: أخرجه الترمذي، وقال: "حديث حسن ". 1332- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحبُ الجوامعَ من الدعاء، ويَدعُ ها سوى ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (864) ، والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا يزيد بن هارون عن الأسود بن شيبان عن أبي نَوْفَلً عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم. والحديث أخرجه ابن حبان (2412) ، والحاكم (1/539) ، والطيالسي

(1491) ، وأحمد (6/148 و 188- 189) من طرق أخرى عن الأسود ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! فقصرا؛ لأنه على شرط مسلم كما سبق. 1333- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقولَن أحدكم: اللهم! اغْفِرْ لي إن شئت. اللهم! ارحمْنِي إن شئت! لِيَعْزِمِ المسألة؛ فإنه لا مكْرِهَ له ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن حبان (973)) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (28/1/213) . و "صحيح البخاري " (11/118) ... بإسناد المصنف عنه. والترمذي (2/263) ، و "المسند" (2/486) من طريق أخرى عنه، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه سفيان وورقاء عن أبي الزناد ... به نحوه: أخرجه أحمد (2/243 و463 و 464 و 500 و 530) .

وأخرجه مسلم (8/64) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (607) ، وفي "الصحيح " (7477) ، وابن حبان (2401) ، وأحمد (2/318) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... نحوه. وله شاهد من حديث أنس: عند مسلم، وكذا البخاري (6338) ، و "الأدب المفرد " (608 و 659) . 1334- عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يُسْتَجابُ لأحدكم ما لم يَعْجَلْ؛ فيقولَ: قد دعوتُ فلَمْ يُسْتَجَبْ لي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد اخرجاه. وصححه الترمذي وابن حبان (971)) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/213/29) . وعنه البخا ري (11/119) ، ومسلم (8/87) ، والترمذي (2/244) - وقال: " حسن صحيح "-، والطحاوي في "الشكل " (1/384) ، وابن حبان (971) ، وأحمد (2/487) ، والطبراني في "الدعاء" (2/89) كلهم عن مالك ... به. وله طريق ثانية عن أبي هريرة: عند مسلم، و "أدب البخاري " (655) ، وابن حبان (972) ، والطبراني في " الدعاْ" (2/818/82) . وثالثة: عند الطحاوي. ورابعة: عند البخاري في "الأدب " (711) .

1335- عن مالك بن يسار السًكُوني ثم العَوْفِي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سألتم الله؛ فَسَلوه ببطون إكُفكم، ولا تسألوه بظهورها ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البَهْرَانِي قال: قرأته في أصل إسماعيل- يعني: ابن عَيَّاش-: حدثني صَمْضَم عن شُرَيْحٍ: ثنا أبو ظَبْيَةَ أن أبا بَحْرِيةَ السكُوني حدثه عن مالك بن يسار السكَوني ثم العوفي. قال أبو داود: " قال سليمان بن عبد الحميد: له عندنا صحبة- يعني: مالك ابن يسار- ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ وفي ضمضم وهو ابن زرعَةَ الحمصي- كلام يسير. لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن. وقول الحافظ في أبي ظبية: "مقبول "! غير مقبول منه، كما حققته فما " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (595) . والحديث له شواهد يرتقي بها إلى درجة الصحة، وقد ذكر بعضها في المصدر المذكور؛ فلا داعي للإعادة. 1336- عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو هكذا؛ بباطن كَفيْهِ وظاهرهما. (قلت: حديث صحيح بلفظ: جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه، وباطنهما مما يلي الأرض) .

إسناده: حدثنا عقبة بن مكَرم: ثنا سَلْم بن قتيبة عن عمر بن نَيْهَانَ عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير عمر بن نيهان، وهو ضعيف. لكن الحديث صحيح باللفظ الذي ذكرته آنفاً؛ أخرجه أحمد (3/123) : ثنا يزيد: أنبأنا حماد بن سلمة عن ثابت البنَاني عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دعا جعل ... الحديث. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " (3/24) من طريق الحسن بن موسى: حدثنا حماد بن سلمة ... به؛ بلفظ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استسقى، فأشار بظهر كَفَّيْهِ إلى السماء. وهو رواية لأحمد (3/153) . 1337- عن سلمان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن ربكم تبارك وتعالى حَيِي كربم، يَسْتَحِي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يَرُدَّهما صِفراً ". (قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (877) ، والحاكلم والذهبي) . إسناده: حدثنا مُؤَمل بن الفضل الحَرَاني: ثنا عيسى- يعني: ابن يونس-: ثنا جعفر- يعني: ابن ميمون صاحب الأنماط-: حدثني أبو عثمان عن سلمان. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير جعفر بن ميمون، وهو سيئ

الحفظ، كما تقدم تحت الحديث (778) ، ولكنه قد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه الترمذي (2/273) ، وابن ماجه (2/229- العلمية) ، وابن حبان (2400) ، والحاكم (1/497) ، وأحمد (5/438) ، والطبراني في " الكبير" (6/ 314/6148) من طرق عن جعفر بن ميمون ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، وروى بعضهم ولم يرفعه "! قلت: يشير إلى ما أخرجه أحمد. ثتا يزيد. أنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان ... به موقوفاً عليه. ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وخالفه محمد بن الزبرِقَانِ الأ هوازي فقال: ثنا سليمان التيمي ... به مرفوعاً: أخرجه الطبراني (6130) ، وابن حبان (2399) ، والحاكم (1/535) ، وقال: " صحيح على شرط الشيخن "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. 1338- عن ابن عباس قال: المسألةُ: أن ترفع يديك حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ أو نحوهما. والاستغفار: أن تُشِيرَ بأُصْبُع واحدة. والابتهال: أن تَمدَّ يديك جميعاً. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الضياء في "المختارة" من طريق المصنف) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْث- يعني: ابن خالد-: حدثني العباس بن عبد الله بن مَعْبَدِ بن العباس بن عبد المطلب عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح موقوف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير العباس ابن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب، وهو ثقة. والحديث أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (58/184/2) عن المصنف؛ من هذا الوجه ومن الوجهين الآتيين. 1339- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ وقال فيه: والابتهال هكذا؛ ورفع يديه، وجعل فلهورهما مما يلي وجهه. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الضياء ايضاً عن المؤلف) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا سفيان: حدثني عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس ... بهذا الحديث. قلت: وإسناده صحيح أيضا موقوفاً؛ وقد ورد مرفوعاً، وهو الآتي بعده. 1340- وفي رواية أخرى عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكرنحوه. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الضياء عن المصنف) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا إبراهيم بن حمزة: ثنا عبد العزيز بن محمد عن العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أخيه إبراهيم ابن عبد الله عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح مرفوع، رجاله ثقات كلُّهم؛ وللعباسى بن عبد الله بن معبد فيه شيخان: الأول: عكرمة، وهذا رواه عن ابن عباس موقوفاً. والآخر: أخوه إبراهيم بن عبد الله، وقد رواه عن ابن عباس مرفوعاً. والرفع زيادة، وهي من ثقة فيجب قبولها لا سيما ومثله لا يقال بمجرد الرأي - وقد أخرجه الحاكم (4/320) من طريق سليمان بن بلال عن عباس بن عبد الله بن معبد ... به، وقال: " صحيح الإسناد "! واستنكره الذهبي. 1341- عن بُرَيْدَةَ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رجلاً يقول: اللهم! إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت؛ الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد! فقال: " لقد سألت الله بالاسم (وفي رواية: باسمه الأعظم) ؛ الذي إذا سُئِلَ به أعطى، وإذا دُعِيَ به أجاب ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (888) ، والحاكم والذهبي، وحسنه الترمذي) . إسناده، حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن مالك بن مِغْوَل: ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه.

حدثنا عبد الرحمن بن خالد الرَّقِّيّ: ثنا زيد بن حُبَاب: ثنا مالك بن مغول ... بهذا الحديث؛ قال فيه: " لقد سألت الله باسمه الأعظمً ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ ولكن لا أدري إذا كان قوله: ثنا مالك بن مِغْوَل محفوظاً؛ فقد رواه ابن الحباب عن مالك بالواسطة كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (5/350) : ثنا يحيى بن سعيد ... به؛ إلا أنه قال: " باسم الله الأعظم ". وأخرجه ابن حبان (2383) من طريق أخرى عن مسدد بن مسرهد ... به مثل رواية المصنف. وأخرجه ابن ماجه (2/227- العلمية) ، وأحمد (5/360) ، وابن أبي شيبة في " المصنف " (10/271/9409) من طريق وكيع عن مالك بن مغول ... به مثل رواية أحمد عن يحيى. وكذلك أخرجه (5/349) من طريق عثمان بن عمر: أنا مالك ... به. وأخرجه الحاكم (1/504) عن وكيع، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه الترمذي (2/260) : حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي: حدثنا زيد بن اطبَابِ عن زهير بن معاوية عن مالك بن مغول ... به مثل رواية أحمد عن يحيى. قال زيد: فذكرته لزهير بن معاوية بعد ذلك بسنين؟ فقال: حدثني أبو إسحاق الهَمْدَاني عن مالك بن مغول ... قال زيد: ثم ذكرته لسفيان الثوري؟ فحدثني

عن مالك. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب. وروى شريك هذا الحديث عن أبي إسحاق عن بريدة عن أبيه. وإنما أخذه أبو إسحاق الهمداني عن مالك بن مغول، وإنما دلسه ". قلت: وصله الطحاوي في "مشكل الحديث " (1/61) عن شَرِيك بن عبد الله عن أبي إسحاق ومالك بن مغول عن ابن بريدة ... به. وأخرجه الحاكم (1/504) ؛ ولم يذكر فيه مالكاً، وصححه على شرط مسلم! ثم وجدت لعبد الرحمن بن خالد الرقي- شيخ المؤلف في إسناده الثاني- متابعاً قوياً، فقال ابن حبان فما "صحيحه " (889- الإحسان) : أخبرنا أبو العباس أحمد بن عيسى بن السكَيْنِ البَلَدي- بواسط- قال: حدثنا أبو الحسبن أحمد بن سليمان بن أبي شيبة الرَهَاوي قال: حدثنا زيد بن الحُبَاب قال: حدثنا مالك بن مغول ... به؛ وزاد فما آخره: وإذا رجل يقرأ في جانب السجد، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد أُعْطِيَ مزمارأ من مزامير آل داود "؛ وهو عبد الله بن قيس. قال: فقلت له: يا رسول الله! أُخْبِرُهُ؟ فقال: " أخْبِرْهُ ". فأخبرت أبا موسى، فقال: لن تزال لي صديقاً. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى زيد بن الحباب؛ الرهاوي ثقة حافظ من شيوخ النسائي. وأبو العباس البلدي ثقة أيضا، مات سنة (323) ، كما في " تاريخ بغداد" (4/280- 281) .

قلت: فتحديث زيد بن الحباب عن مالك ثابت برواية هذين الثقتين عنه؛ فالظاهر أنه سمعه منه بعد أن سمعه بالواسطة عنه. والله أعلم. بل تابعهما أحمد؛ فقال في " المسند" (5/359) : ثنا زيد بن الحباب: أخبرني مالك بن مغول ... به دون قضية الدعاء. ثم أخرجه (5/349) : ثنا عثمان بن عمر: أنا مالك عن ابن بريدة ... بتمامه. وروى الدارمي (2/473) جملة المزامير. وأخرجها مسلم (2/192- 193) ، وابن أبي شيبة (10/463/9987) ، وأحمد أيضآ (5/351) ، وابن سعد في "الطبقات " (2/344) ، وعبد الرزاق في "المصنف " (2/ 485/4178) ، وعنه الروياني (ق 1/3) ، والطحاوي في "مشكل الأثار" (2/59) من طرق أخرى عن مالك ... به. وتابعه الحسن بن واقد: حدثنا عبد الله بن بريدة ... به: أخرجه البخاري في " الأب المفرد " (805) ، والحاكم (4/282) - وصححه- ووافقه الذهبي. وزاد عبد للرزاق: قال أبو موسى: لو علمت أن رسول الله يستمع، لقراءني؛ لحبرْتها تحبيراً. وهي عند البيهقي في "سننه " (10/230- 231) من حديث أبي موسى نفسه، وسنده جيد على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " (2/193) دون الزيادة. وكذلك البخاري (5048) ؛ لكن من طريق أخرى عنه مختصراً. وابن أي شيبة، وابن سعد (2/344- 345) من طريق أنس عنه بالزيادة.

وسنده صحيح على شرط مسلم. وأبو يعلى (7279) ، والحاكم (3/466) عن أبي موسى- وصححه- ووافقه الذهبي! وسنده ضعيف. 1342- عن أنس: أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً، ورجلٌ يصلي، ثم دعا: اللهم! إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا انت، المنَّان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والاكرام! يا حي يا قيوم! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد دعا الله باسمه العظيم؛ الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئلَ به أعطى". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي: ثنا خلف بن خليفة عن حفص- يعني: ابن أخي أنس- عن أنس. قلت: وهذا إسناد رجاله صدوقون؛ غير أن خلف بن خليفة كان اختلط في الآخر، لكنه قد توبع كما يأتي؛ فالحديث صحيح. والحديث أخرجه النسائي (1/191) ، والطحاوي في "المشكل " (1/62) ، وابن حبان (2382) ، والحاكم (1/503- 504) ، وأحمد (3/158 و 245) من طرق عن خلف بن خليفة ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وحفص ابن أخي أنس ليس من رجال مسلم!

ثم أخرجه هو، والطحاوي، وأحمد (3/265) - من طريق إبراهيم بن عُبَيْد بن رفاعة-، وهذا أيضا (3/120) ، وابن ماجه (2/227) - عن أبي خزيمة عن آنس ابن سيرين-، والترمذي (3538) ،- عن سعيد بن زرْبِي عن عاصم الأحول وثابت - كلهم قالوا: عن أنس ... به نحوه. وقال الترمذي: " غريب من حديث ثابت عن أنس ". 1343- عن أسماء بنت يزيد: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اسم الله الأعظم في هاتين الأيتين: {وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرحمنُ الرحيمُ} ، وفاتحة سورة (ال عمران) : {الم. الله لا إله إلا هو الحي القيومُ} . (قلت: حديث حسن، وصححه الترمذي) إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا عبيد الله بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شهر بن حوشب ضعيف. وعبيد الله بن أبي زياد- وهو القَداح- فيه ضعف. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (10/272/9412) قال: حدثنا عيسى بن يونس ... به. وأخرجه الترمذي (2/260) ، وللدارمي (2/450) ، وابن ماجه (2/227) ، والطحاوي (1/64) ، وللبيهقي في "الأسماء والصفات " (ص 102) ، وأحمد (6/461) من طرق عن عبيد الله ... به. وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح "! كذا قال! وهو من تساهله الذي عرف به. وقد أشار المنذري في "الترغيب " (2/274-275) بلى رده. نعم؛ للحديث شاهد من حديث أبي أمامة ... مرفوعاً نحوه. فهو به حسن، وقد خرجته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (746) . 1343/م- عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن عائشة قالت: " سُرقت ملحفة لها، فجعلت تدعو على من سرقها ... " (*) . 1344- عن سعد بن أبي وقاص قال: مر علي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أدعو بأُصْبُعَيً، فقال: " آحدْ، آحدْ "؛ واشار بالسبابة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن أبي صالح عن سعد بن أبي وقاص. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه النسائي (1/187) ، والحاكم (1/536) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما؛ إن كان أبو صالح السمان سمع من سعد ".

_ (*) هذا الحديث اشار الِشيخ رحمه الله إلى نمقله من "الضعيف" إلى هنا، ولكن فاتنا نقله- والله المستعان-؛ فانظر هناك تخريجه وللتحقيق (برقم 263) .

359- باب التسبيح بالحصى

قلت: في "التهذيب " أنه سأل سعد بن أبي وقاص مسألة في الزكاة. وللحديث شاهد قوي من حديث أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبصر رجلاً يدعو بإصبعيه جميعاً، فنهاه وقال: " بإحداهما وباليمنى ". أخرجه ابن حبان في "صحيحه " (881- الإحسان) بسند صحيح عنه، رجاله كلهم ثقات من رجال "التهذيب "؛ غير شيخه أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي؛ وهو ثقة مترجم في "تاريخ بغداد" وغيره. على أنه لم يتفرد به، فقد أخرجه أبو يعلى في " مسنده" (10/421/6033) من طريق أخرى، ومدار الطريقين على حفص بن غياث عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. 359- باب التسبيح بالحصى 1345- عن يُسَيْرَةَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهُنَّ أن يُرَاعِينَ بالتكبير والتقديس والتهليل، وآن يَعْقِدْنَ بالأنامل؛ فإتهن مسؤولات مستنطقات. (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان (839) ، والذهبي) . إسناده: حدئنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن هانئ بن عثمان عن حُمَيْضَةَ بنت ياسر عن يُسَيْرَةَ. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير حميضة بنت ياسر؛ قال الذهبي: " تفرد عنها ابنها هانئ ".

قلت: ولم يوثقها غير ابن حبان، لكن صحح لها من يأتي ذكره. والحديث أخرجه الترمذي (2/278) ، وابن حبان (2333) ، والحاكم (1/547) ، وأحمد (6/370- 371) ، وعبد بن حميد في "المنتخب " (1568) من طرق أخرى عن هانئ ... به. وعلقه عنه البخاري في "التاريخ " (4/2/232) . وقال الترمذي: " حديث غريب ". وأما الحاكم فليس في النسخة المطبوعة من كتابه تصريحه بالتصحيح! ولكن وقع في "تلخيصه " للذهبي قوله: " صحيح ". فلم يتبين لي هل هو من قول الحاكم؟! أم الذهبي؟! أم هو متابع له فيه، كما هو الغالب عليه؟! وإنما حسنت الحديث؛ لأن له شاهدا موقوفاً على عائشة، خرجته في غير هذا الموضع- وأظنه في ردي على "التعقب الحثيث " للشيخ الحبشي (1) -؛ مع تصحيح من ذكرنا إياه. والله أعلم. 1346- عن عبد الله بن عمر وقال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ التسبيح- قال ابن قدامة: بيمينه-. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ومحمد بن قدامة- في آخرين- قالوا: ثنا عَثَّامٌ عن الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.

_ (1) ثم وجدته فيه (ص 63) .

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وعطاء بن السائب- وإن كان قد اختلط-؛ فقد ذهب الحافظ في كتابه "نتائج الأفكار" إلى أن الأعمش سمع منه قبل الاختلاط؛ وليس يحضرني الأن كلامه في هذا لأنقله! ومع ذلك؛ فقد تابعه شعبة كما يأتي، وهو ممن نصّوا على أنه سمع منه قبل الاختلاط. فالحديث صحيح على كل حال. والحديث أخرجه الترمذي (2/248 و 262) ، والنسائي (1/199) ، والحاكم (1/547) من طرق أخرى عن عَثَّام بن علي ... به؛ دون زيادة محمد بن قدامة. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وتابعه شعبة عن عطاء بن السائب ... به. أخرجه الحاكم- هكذا- مختصراً، والمصنف وغيره مطولاً. وسيأتي في أواسط "الأدب " إن شاء الله تعالى، ونذكر له هناك متابعين آخرين؛ منهم حماد بن زيد: عند ابن حبان (539) وغيره. 1347- عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عند جويرية- وكان اسمها بَرةَ، فحَولَ اسمها-، فخرج وهي في مصلاها، فقال: " لم تَزَالِي في مصلاك هذا؟! ". قالت: نعم. فال: " قد قلتُ بعدك اربع كلمات- ثلاث مرات-، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ لَوَزَنَتْهُن: سبحان الله وبحمده: عَدَدَ خَلْقِهِ، يرِضا نفسِهِ، وزِنَةَ عرشِهِ، ومدادَ كلماتِهِ ".

(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ". وصححه الترمذي وابن حبان (829)) . إسناده: حدثنا داود بن أمية: ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحه عن كُريب عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير داود بن أمية، وهو ثقة، وقد توبع. والحديث أخرجه مسلم (8/83) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وتابعه سفيان الثوري عن محمد بن عبد الرحمن ... به؛ إلا أنه جعله من (مسند جويرية) ، وهو أصح: أخرجه أحمد (1/258) . وأخرجه هو (1/353) ، ومسلم، والترمذي (2/273) ، والنسائي (1/198 -199) من طرق أخرى عن محمد بن عبد الرحمن ... به. وقال الترمذي: "حسن صحيح ". 1348- عن أبي هريرة قال: قال أبو ذر: يا رسول الله! ذهب أصحاب الدثورِ بالأجور، يصلُون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فُضُولُ أموال يتصدقون بها، وليس لنا مال نتصدق به! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا ذر! الا أعلمك كلمات، تُذرِك بهن من سبقك، ولا يلحقك من خلفك؛ إلا من أخذ بمثل عملك؟ ا ". قال: بلى يا رسول الله! قال:

" تكبرُ الله عز وجل دُبُرَ كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدُهُ ثلاثاً وثلاثين، وتسبحه ثلاثاً وثلاثين، ووتختمها بـ: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غُفِرَتْ له ذنوبُهُ، ولو كانت مثلَ زبَدِ البحر ". (قلت: إسناده صحيح؛ لكن قوله: " غفرت له ذنوبه ... " ليس في هذا الحديث! وقد أخرجه ابن حبان وأحمد والدارمي من هذا الوجه بدون هذه الزيادة، وإنما هي في حديث آخر من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: " من سبح [الله] دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وكبًر ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وختم المئة بـ: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ غفرت ... ". رواه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وأحمد) . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: تنا الوليد لن مسلم: ثنا الأوزاعي: حدثني حَسان بن عَطِيةَ قال: حدثني محمد بن أبي عائشة قال: حدثني أبو هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن أبي عائشة، فمن رجال مسلم وحده. وعبد الرحمن بن إبراهيم- وهو الملقب ب (دحَيْم) ؛ فهو من رجال البخاري فقط، وهو ثقة متقن اتفاقاً؛ إلا أن قوله في آخر الحديثً: " غفرت له ذنوبه ... " - مع عدم انسجامه بما قبله- فهو شاذ، لم يذكره أحد من الثقات في هذا السياق فيما علمت، فقال الإمام أحمد (2/238) : ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي ... فذكره بدون هذه للزيادة.

360- باب ما يقول الرجل إذا سلم

وكذلك رواه هِقْل عن الأ وزاعي ... به: أخرجه الدارمي (1/312) . فيبدو لي- والله أعلم- أنه اختلط على دحَيْم حديث بحديث؛ فإن لأبي هريرة حديثا ًآخر من طريق عطاء بن يزيد عنه ... مرفوعًاً باللفظ المذكور أعلاه. أخرجه مسلم (2/98) ، وأبو عوانة (22/47) ، وأحمد (2/371 و 483) . ثم رأيت الحديث في "صحيح ابن حبان " (2012- الإحسان) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم ... به دون الزيادة. 360- باب ما يقول الرجل إذا سلَم 1349- عن المغيرة بن شعبة: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: أيَّ شيء كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا سلم من الصلاة؟! فأملاها المغيرة عليه، وكتب إلى معاوبة: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم! لا مانع لما أعطيت، ولا مُعْطِيَ لما منعت، ولا ينفعُ ذا الجَد منك الجد ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد قال. ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن وَزاد مولى المغيرة بن شعبة عن المغيره بن شعبة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من

رجال البخاري وحده؛ وقد أخرجه من طريق اخرى عن وَزَاد كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/95) ، وأبو عوانة (2/244) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. وتابعه منصور قال: سمعت المسيب بن رافع ... به: أخرجه مسلم، والنسائي (1/197) ، وأحمد (4/250) . وأخرجه هو (4/245 و 250 و 251 و 254 و 255!، والبخاري (2/275- 246) ، ومسلم وأبو عوانة والنسائي من طرق أخرى عن وراد ... به. وفد استوعبتها في "الضعيفة" (5598) . 1350- عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير على المنبر يقول: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انصرف من الصلاة يقول: " لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، مخلصين له الدَينَ ولو كره الكافرون، أهلَ النعمة والفضل والثناء الحسن، لا اله إلا الله، مخلصين له الذينَ ولو كره الكافرون ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وكذا ابن حبان (2005)) إسناده: حدثنا محمد بن عيسى قال: ثنا ابن عُلَيةَ عن الحَجاج بن أبي عثمان عن أبي الزبير. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عيسى- وهو الطباع- ثقة، وقد توبع كما يأتي.

والحديث أخرجه أحمد (4/5) : ثنا إلمماعيل ... به- وهو إسماعيل بن إبراهيم ابن علية-. وأخرجه مسلم (2/96) ، وأبو عوانة (2/245) ، والنسائي (1/196) من طرق أخرى عنه. ورواه أبو عوانة من طريق المصنف أيضا. وأخرجه هو، ومسلم، وأحمد (4/4) من طرق عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبي الزبير؛ وهو رواية للمصنف كما يأتي. 1351- وفي رواية عنه قال: كان عبد الله بن الزبير يُهَللُ في دُبُرِ كلً صلاة ... فذكر نحو هذا الدعاء؛ زاد فيه: " ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، له النعمة ... " وساق بقية الحديث. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا عَبْدَةُ عن هشام بن عروة عن أبي الزبير. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنباري، وهو ثقة، وقد توبع. والحديث أخرجه أبو عوانة (2/245) من طريق المصنف. ومسلم، والنسائي (1/197) من طرق أخرى عن عبدة بن سليمان ... به.

1352- عن علي بن أبي طالب قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلَّم من الصلاة قال: " اللهم! اغفر لي ما قذَمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعنم به مني، أنت المقدمُ، وأنت المؤخِّرُ، لا إله إلا أنت ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو قطعة من حديث مضى بهذا الإسناد رقم (738)) . إسناده: حدثنا ابن معاذ قال: ثنا أبي: ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عَمهِ الماجِشُون بن أبي سلمة عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد مضى في المكان المشار إليه أعلاه. 1353- عن ابن عباس قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو: " رب! آعِنِّي ولا تُعِنْ عليَّ، وانصُرْني ولا تنصرْ عليً، وامكُرْ لي ولا تمكُرْ عليَ، واهْدني ويسِر هُدَايَ (وفي رواية: الهُدَى) إليَ، وانصرني على من بغى عليَ. اللهم! اجعلني شاكراً لك، راهباً لك، ذاكراً لك، مطواعاً إليك، مُخْبِتاً أو منيباً-. ربِّ! تَقَئلْ توبتي، واغسِلْ حَوْيتي، وَأجِبْ دعوتي، وثَئتْ حُجَّتِي، واهْدِ قلبي، وسَذَدْ لساني، واسلُلْ سَخِيمةَ قلبي ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (943) ، والحاكم

والذهبي) إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن عمرو بن مُرَةَ عن عبد الله ابن الحارث عن طَلِيقِ بن قيس عن ابن عباس ... حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن سفيان فال: سمعت عمرو بن مرة ... بإسناده ومعناه قال: " ويَسِّرِ الهُدَى إليً "، ولم يقل: " هدَايَ ". قلتَ: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله ابن الحارث، فمن رجال مسلم- وهو النجْرَاني-. وغير طليق بن قيس، وهو ثقة. والحديث أخرجه ابن حبان (2414) ، والحاكم (1/599) من طريقين آخرين عن محمد بن كثير ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وأخرجه التم مذي (2/272) ، وابن ماجه (2/224) ، وأحمد (1/227) من طرق أخرى عن سفيان الثوري ... به.وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح " 0 1354- عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سلَّم قال: " اللهم! أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي وابن حبان (1997))

إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة عن عاصم الأحول وخالد الحَذاء عن عبد الله بن الحارث عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وعبد الله بن الحارث: هو أبو الوليد الأنصاري. قال أبو داود: " سمع سفيان من عمرو بن مرة- قالوا- ثمانية عشر حديثاً ". والحديث أخرجه مسلم (2/95) ، وأبو عوانة (2/241) ، والنسائي (1/196) من طرق أخرى عن شعبة ... به؛ غير أن أبا عوانة والنسائي لم يذكرا الحذاء في إسناده. ثم أخرجه مسلم، وأبو عوانة، والترمذي (1/60) ، والدارمي (1/311) ، وابن ماجه (924) ، وأحمد (6/62 و 235) من طرق أخرى عن عاصم وحده. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال أحمد (6/184) : ثنا علي بن عاصم عن الحذاء وحده. 1355- عن ثوبن مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته؛ استغفر ثلاث مرات، ثم قال: " اللهم! ... " فذكر معنى حديث عائشة رضي الله عنها. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي وابن حبان (2000)) .

361- باب في الاستغفار

إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى عن الأوزاعي عن أبي عمار عن أبي أسماء عن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وإبراهيم بن موسى: هو أبو إسحاق الفَراء. وعيسى: هو ابن يونس. والحديث أخرجه مسلم (2/94) ، وأبو عوانة (2/242) ، والترمذي (1/61) ، والنسائي (1/196) ، وأحمد (5/275 و 279- 280) من طرق أخرى عن الأوزاعي ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 361- باب في الاستغفار 1356- عن الآغَر المُزَنِي- وكانت له صحبة- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنه لَيُغَانُ على قلبي، وإني لأستغفرُ اللهَ في كل يوم مِئةَ مره ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن ثابت عن أبي بُردة عن الأغر المزني- قال مسدد في حديثه: وكانت له صحبة-. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ فإن حماداً هنا: هو ابن زيد؛ فإنه الذي يروي عنه مسدد. وأما سليمان بن حرب؛ فروى عنه وعن حماد بن سلمة أيضا، وكل من الحمادين يروي عن ثابت. وقد رواه عنه ابن سلمة أيضأ كما يأتي.

والحديث أخرجه مسلم (8/72) ، وأحمد (4/211 و 260) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به. وقال أحمد: ثنا حماد- يعني: ابن سلمة- قال: أنا ثابت ... به. 1357- عن ابن عمر قال: إنْ كُنا لَنَعُد لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المجلس الواحد مئةَ مرة: " رب! اغفر لي وتُبْ عليَّ؛ إنك انت التواب الرحيم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصحه ابن حبان والترمذي) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو أسامة عن مالك بن مِغْوَل عن محمد ابن سُوقَةَ عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الترمذي (2/254) ، وابن ماجه (2/222) من طريق المُحَارِبي عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه سفيان عن محمد بن سوقة ... به: أخرجه ابن حبان (2459) . 1358- عن زيد مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ، وأتوبُ إليه؛ غُفِرَ له وإن كان فَزَ من الزحْفِ " (قلت: حديث صحيح، وجَوَدَ المنذري إسناده!) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حفص بن عمر الشني: حدثني أبي عمر بن مُرة قال: سمعت هلال بن يسار بن زيد مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سمعت أبي يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ هلال- ويقال: بلال- بن يسار وأبوه مجهولان، كما قال الحافظ؛ لأنه لم يرو عن الأب غير ابنه، ولا عن هذا غير عمر بن مرة. وحفص بن عمر الشني وأبوه نحوهما؛ وإن كانا قد وثقا. والحديث أخرجه الترمذي (3572) ... بهذا الإسناد، وقال: " حديث غريب من هذا الوجه ". وأما المنذري؛ فقال في "الترغيب " (2/269) - بعد قول الترمذي الذكور-: " وإسناده جيد متصل؛ فقد ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" أن بلالاً سمع من أبيه يسار، وأن يساراً سمع من أبيه زيد مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "! قلت: وهذا لا يقتضي جودة إسناده لمجرد اتصاله كما لا يخفى! فلا بد إلى ذلك من ثقة رجاله، وهذا مفقود كما عرفت مما سبق. والبخاري نفسه- حينما ترجم لبلال وأبيه وحفص بن عمر وأبيه- لم يوثقهم! لكن الحديث صحيح؛ فإن له شواهد من حديث اين مسعود: عند الحاكم (1/511) . وأبي هريرة: عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان " (1/303) . وأبي بكر الصديق: عند ابن عدي في "الكامل " (ق 260/1) . وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك: عند ابن عساكر في "التاريخ "

(14/353/1- 2 و 358/2) . وقد تكلمت على إسناد ابن مسعود في "تخريج الترغيب " (2/269) ، وصححه الحاكم والذهبي، وفي هذه الأحاديث كلها زيادة: " ثلاث مرات ". 1359- عن عبد العزيز بن صهيب قال: سأل قتادة أنساً: أفيَ دعوةٍ كان يدعو بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثرَ؟ قال: كان أكثرَ دعوة يدعو بها: " اللهم ربنا! آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وَقِنَا عذاب النار ". (زاد في رواية: وكان أنس إذا أراد أن يدعوَ بدَعوةٍ دعا بها، وإذا أراد أن يد عُوَ بدعاء دعا بها فيها) . (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث: وثنا زياد بن أيوب: ثنا إسماعيل- المعنى- عن عبد العزيز بن صهيب. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. والحديث أخرجه البخاري (11/159- فتح) ، وفي " الأدب المفرد" (682) ... بإسناد المصنف الأول دون الزياده. وأخرجه مسلم (8/68- 69) ، وأحمد (3/101) عن إسماعيل- وهو ابن عُلَيةَ ... به.

وهو، وأحمد أيضا (3/208 و 259) ، والبخاري في " الأدب " (677) ، وابن حبان (533- الإحسان) من طريق شعبة عن ثابت عن أنس ... به؛ ولم يذكر مسلم الزيادة. وتابعه حماد بن سلمة عن ثابت ... به أتم منه: رواه ابن حبان (934) . 1360- عن سهل بن حُنَيْفَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سأل الشهادة صادقاً. بَلَّغَة الله منازلَ الشهداءِ؛ وإن مات على فراشه ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم. وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (3182) ، والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرملي: ثنا ابن وهب: ثنا عبد الرحمن بن شُريح عن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيْف عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ الرملي ثقة، ومن فوقه كذلك، وهم من رجال مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (6/48) ، وابن ماجه (2/184) ، والحاكم (2/77) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم. " صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي، مع إخراج مسلم إياه! وتابعه القاسم بن كثير: سمعت عبد الرحمن بن شريح ... به: أخرجه الدارمي (2/205) ، والترمذي (1653) ، وقال: " حديث حسن غريب ".

1361- عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً؛ نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدَّثني أحد من أصحابه استحْلَفْته، فإذا حلف لي صَدَّقته. قال: وحدثني أبو بكر- وصدق أبو بكر رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما من عبد يُذْنِبُ ذنباً، فيُحْسِن الطُّهور، ثم يقومُ فيصلي ركعتين، ثمٍ يستغفرُ الله؛ إلا غفر الله له "؛ ثم قرأ هذه الآية: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله ... ) إلى آخر الآية. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسَّنه الترمذي) إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة الآسَدِي عن أسماء بن الحكم الفَزَارِيَ قال: سمعت علياً. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أسماء بن الحكم الفزاري، وهو ثقة؛ على خلاف فيه لا يضر. والحديث أخرجه ابن حبان (2454) من طريق مسدد ... به. ورواه الترمذي (406 و 3009) ، وأحمد ح (1/10) من طريقين آخرين عن أبي عوانة ... به، وقال الترمذي: " حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عثمان بن المغيرة ورواه عنه شعبة وغير واحد، فرفعوه مثل حديث أبى عوانة. ورواه سفيان الثوري ومسعر؛ فأوقفاه ولم يرفعاه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد روي عن مسعر موفوعاً أيضا ". قلت: وكذلك رواه الثوري مرفوعاً أيضا؟ فقال الإلمام أحمد (1/2) : حدثنا

وكيع قال: حدثنا مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة ... به. وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/424) من محلريقين آخرين عن وكيع ... به. وأما حديث شعبة؛ فوصله أحمد (1/8- 9 و 9) من وجهين عنه. وجملة القول: أن الحديث قد رواه جمع من الثقات عن الثقفي مرفوعاً، ولم أره عنه موقوفاً، فإن ثبت ذلك عنه؛ فالمرفوع أرجح؛ لاتفاق الجماعة عليه. والله أعلم. 1362- عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيده، وقال: " يا معاذُ! والله! إني لأُحِبّكَ، والله! إني لأُ حِبُّكَ ". فقال: " أوصيك يا معاذ! لا تدعَنَّ في دُبُرِ كل صلاة تقول: اللهم! آعِني على ذِكرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتك ". وأوصى به الصُّنَابحي أبا عبد الرحمن. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2017)) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ: ثنا حيوة بن شُريقال: سمعت عقبة بن سسلم يقول: حدثني أبو عبد الرحمن الحبُلِيُ عن الصُنَابِحِي عن معاذ بن جبل. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخبن؛ غير عقبة بن مسلم التُجِيبي، وهو ثقة. والحديث أخرجه أحمد (5/244- 245) ، وابن خزيمة في "صحيحه "

(751) ، وكذا ابن حبان (2345) ، وأبو نعيم في "الحلية " (1/241 و 5/130) من طرق أخرى عن عبد الله بن يزيد المقرئ ... به؛ وزادوا: وأوصى أبو عبد الرحمن عُقْبَةَ بن مسلم. وزاد أبو نعيم: وأوصى عقبةُ حيوةَ، وأوصى حيوةُ أبا عبد الرحمن المقرئَ، وأوصى أبو عبد الرحمن المقرئ بِشْرَ بنَ موسى، وأوصى بشر بن موسى محمدَ بن أحمد بن الحسن، وأوصاني محمد بن أحمد بن الحسن. قال أبو نعيم رحمه الله: وأنا أوصيكم به. قلت: وهذا الحديث من المسلسلات المشهورة المروية بالمحبة، وقد أجازني بروايته الشيخ الفاضل راغب الطباخ رحمه الله، وحدثني به ... وساق إسناده هكذا مسلسلاً بالمحبة. ثم الحديث أخرجه أحمد (5/247) : تنا أبو عاصم: ثنا حيوة ... به. 1363- عن عقبة بن عامر قال: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقرأ بالمعوِذات دُبرَ كلِّ صلاة. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا محمد بن سَلَمَةَ المرادي: ثنا ابن وهب عن الليث بن سعد أن حُنَيْنَ بن أبي حَكِيم حدثه عن علَيِّ بن رَبَاحٍ اللَّخْمِي عن عقبة بن عامر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير حنين، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.

والحديث أخرجه النسائي (3/68- القلم) ... بإلممناد المؤلف. وأحمد (4/201) من طريق أخرى عن ابن وهب. وابن خزيمة (755) ، وعنه ابن حبان (2347) من طرق أخرى عن الليث. وأحمد أيضا (5/155) ، والترمذي (2905) من طريق أخرى عن عُلَيِّ بن رباح ... به. وقال الترمذي " حسن غريب ". وقد مضى الحديث من طريق أخرى أتم منه رقم (1315) . 1364- عن أسماء بنت عُمَيْس قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا أعلمُكِ كلماتٍ تقولينهنّ عند الكرب- أو في الكرب-: اللهُ، الله ربي، لا أشرك به شيئاً ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن هلال عن عمر بن عبد العزيزعن ابن جعفرعن أسماء بنت عُمَيْس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير هلال- وهو مولى عمر بن عبد العزيز، يكنى بأبي طُعْمَةَ، وهو بها أشهر-؛ وثقه ابن عمار الموصلي، وروى عنه جمع. وأما الحافظ فقال. " مقبول ... ولم يثبت أن مكحولاً رماه بالكذب "! والحديث أخرجه أحمد وابن ماجه، وهو مخرج في "تخريج الترغيب " (3/43) ، و " الصحيحة " (2755) مطولاً.

1365- عن أبي موسى الأشعري قال: كنت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فلما دنونا من المدينة؛ كَبرَ الناسُ ورفعوا أصواتهم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أيها الناس! إنكم لا تَدْعُون اصمَّ، ولا غائباً؛ إن الذي تَدْعُونَهُ بينكم وبين أعناق ركابكم ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا موسى! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟! "، فقلت: وما هو؟ قال: " لا حول ولا قوة إلا بالله ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري؛ دون قوله: " إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم "؛ وهذا منكر) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت وعلي بن زيد وسعيد الجُريرِي عن أبي عثمان النهدي: أن أبا موسى الأشعري ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ لكن قوله: " إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم "! منكر بهذا اللفظ؛ لروايات الثقات الأتية وغيرهم، وقد تفرد به علي بن زيد- وهو ابن جدعان-، وهو سيئ الحفظ، كما حققت ذلك في "تخريج السنة " رقم (618) ، فلا داعي للإعادة. والحديث أخرجه البخاري في " الدعوات " (11/156 و 178) وغيره، ومسلم (8/73- 74) ، وأحمد (4/394 و 402 و 407 و 417- 418- 419) ، والمصنف - فيما يأتي- من طرق أحرى عن أبي عثمان ... به؛ دون الزيادة المذكورة.

1366- وفي رواية عنه: أنهم كانوا بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم يتصعَّدون في ثَنِيَّةِ، فجعل رَجُلٌ كلَّما علا الثنية، نادى: لا إله إلا الله، والله أكبر! فقال النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنكم لا تنادون أصمَّ ولا غائباً ". ثم قال: "ياعبد الله بن قيس! ... "، فذكر معناه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أبي موسى الأشعري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات وهم من رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (8/73) : حدثنا أبو كامل فُضَيْلُ بن حسين: حدثنا يزيد بن زُرَيعً ... به. وأخرجه البخاري من طريق أخرى عن التيمي ... به. 1367- وفي أخرى عنه ... بهذا الحديث؛ وقال فيه: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أيّها الناسُ! ارْبَعُوا على أنفسكم " (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيّ عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين؛ غير محبوب بن موسى، وهو ثقة. والحديث أخرجه البخاري في "الجهاد" (6/101) ، ومسلم (8/73) من طرق أخرى عن عاصم ... به؛ وفيه الزيادة. وتابعه عليها خالد الحذاء عن أبي عثمان ... به؛ وزاد: " إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عُنُقِ راحلته ". أخرجه أحمد (4/402) ، ومسلم. وهذه الزيادة- فيما يبدو- أخطأ في روايتها علي بن زيد بن جدعان، فرواها بلفظ آخر منكر كما تقدم. والله أعلم. 1368- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من قال: رَضِيتُ بالله رباً، وبالاسلام ديناً، وبمحمد رسولاً؛ وجبت له الجنة". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن رافع: ثنا أبو الحسين زيد بن الحُبَابِ: ثنا عبد الرحمن ابن شُريح الإسكندراني: حدثني أبو هانئٍ الخولاني أنه سمع أبا علي الجَنْبِي: أنه سمع أبا سًعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير أبي علي الجَنْبِي- واسمه عمرو بن مالك-، وهو ثقة، ورمز له في "التقريب " بأنه من رجال مسلم أيضا! وأظنه خطأً.

والحديث أخرجه ابن حبان (2368) ، والحاكم (1/518) من طرق أخرى عن زيد بن الحباب ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. 1369- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من صلى عليً واحدةً؛ صلى الله عليه عشراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ". وصححه الترمذي وابن حبان (903)) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2/17) ، والنسائي (1/191) ، والترمذي (485) - وصححه-، والدارمي (7/312) ، وأحمد (2/372 و 335) من طرق عن إسماعبل ... به. وأحمد (2/485) من طريق زهير عن العلاء ... به. وله شاهد: عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (165/16) من طريق المغيرة ابن مسلم الخراساني عن أبي إسحاق عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره؛ وزاد في أوله: " من ذُكِرْتُ عنده؛ فليصلً عليَ ... " ومن هذا الوجه: أخرجه ابن السنَي في "عمله " (123/374) .

362- باب النهي عن أن يدعو الانسان على أهله وماله

وأبو إسحاق: هو السبيعي، مدلسى مختلط. فقول النووي في "الأذكار": " إسناده جيد "! غير جيد. نعم؛ هو جيد بشواهده. 1370- عن أوس بن أوس قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ... ". (قلت: فذكر الحديث المتقدم برقم (962) ؛ فلا داعي للإعادة) . 362- باب النهي عن أن يَدْعُوَ الانسانُ على أهله وماله 1371- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَدْعُوا على أنفسكم، ولا تَدْعُوا على أولادكم، ولا تَدْعُوا على خَدَمكم، ولا تَدْعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة يُسْألُ فيها عطاءٌ؛ فيستجيبَ لكم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (5712)) . إسناده: حدثنا هشام بن عمار ويحيى بن الفضل وسليمان بن عبد الرحمن قالوا: ثنا حاتم بن إسماعيل. ثنا يعقوب بن مجاهد أبو حَزْرَةَ عن عبادة بن الوليد ابن عبادة بن الصامت عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

363- باب الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم

والحديث أخرجه مسلم (8/231- 233) وابن حبان (2411) من طرق عن حاتم بن إسماعيل ... به؛ وعندهما زيادة في أوله. وللجملة الأولى شاهد: في "أخبار أصبهان " (2/303) 363- باب الصلاة على غير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1372- عن جابر بن عبد الله: ان امرأة قالت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صلِّ عليَّ وعلى زوجي! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى الله عليك وعلى زوجك ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (912)) إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا أبو كوانة عن الأسود بن قيس عن نبَيْح العَنَزِيِّ عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رقم (77- بتحقيقي) : حدثنا حجاج قال: ثنا أبو عوانة. وتابعه سفيان عن الأسود بن قيس ... به: أخرجه ابن حبان دي "صحيحه " (1950- الموارد) ثم رواه من طريق أخرى عن سفيان ... به أتم منه.

364- باب الدعاء بظهر الغيب

364- باب الدعاء بظهر الغيب 1373- عن أم الدرداء قالت: حدثني سَيِّدِي: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيقول: " إذا دعا الرَجُلُ لأخيه بظهر الغيب؛ قالت الملائكة: آمين. ولك بِمِثْل ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان) . إسناده: حدثنا رجاء بن المُرَجي: ثنا نَضْرُ بن شُمَيْل: أخبرنا موسى بن ثَرْوَانَ: حدثني طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز: حدثتني أم الدرداء. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير رجاء بن المُرَجَّى، وهو ثقة حافظ، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (8/86) ، وابن حبان (989- إحسان المؤسسة) من طرق أخرى عن النضر ... به. وله طريق أخرى عن أبي الدرداء: عند مسلم، والبخاري في "الأدب المفرد" (625) وغيرهما، وهو مخرج في "الصحيحة" (1339) . 1374- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ثلاثُ دَعَواتٍ مستجاباتٌ لا شكَّ فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم ". (قلت: حديث حسن، وكذا قال الترمذي والحافظ ابن حجر، وصححه ابن حبان (2688)) .

365- باب ما يقول الرجل إذا خاف قوما

إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام الدَسْتَوَائِي عن يحيى عن أبي جعفر عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي جعفر، وقد اختلف في تحديد شخصيته على أقوال معروفة، ذكرتها في "الصحيحة" تحت هذا الحديث (596) ، يستخلص منها أنه إما مجهول، أو ضعيف، أو ثقة؛ وكلاهما لم يسمع من أبي هريرة، فالإسناد على كل الاحتمالات ضعيف. لكن الحديث له شاهد من حديث عقبة بن عامر؛ خرَّجته هناك، ولذلك حسنته تبعاً للترمذي والعسقلاني. 365- باب ما يقول الرجل إذا خاف قوماً 1375- عن أبي بُرْدَةَ بن عبد الله: أن أباه حدثه (وهو أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري) : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خاف قوماً قال: " اللهم! إنا نجعلك في نُحُورِهِمْ، ونعوذ بك من شُرُورِهِمْ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن حبان والنووي والعراقي) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا معاذ بن هشام: حدثنا أبي عن قتادة عن أبي بردة بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (4/414- 415) ، وابن حبان (2373) ، وابن السَّنِّي

366- باب في الاستخارة

(328) ، والحاكم (2/142) من طرق أخرى عن معاذ بن هشام ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما "، ووافمه الذهبي. وصححه العراقي (1/295) ، ومن قبله النووي في "الرياض " (رقم 993- بتحقيقي) . 366- باب في الاستخارة 1376- عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمنا الاستخارة؛ كما يعلمنا السورة من القرآن، ويقول لنا: " إذا همَّ أحدكم بالأمر؛ فليركع ركعتين من غير الفريضة، وليقل: اللهم! إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم! فإن كنت تعلم أن هذا الأمر- يُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ الذي يريد- خيرٌ لي في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري؛ فاقدُره لي، ويسِّرْهُ لي، وباركْ لي فيه. اللهم! وإن كنت تعلمه شَرّاً لي- مثل الأول-؛ فاصرفْني عنه، واصرفْهُ عني، واقدرْ لي الخير حيثُ كان، ثم رَضِّنِي به.- أو قال: عاجل أمري وآجله- ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه " وكذا ابن حبان) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الرحمن بن مقاتل خال القعنبي ومحمد بن عيسى- المعنى واحد- قالوا: ثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي: حدثني محمد بن المنكدر: أنه سمع جابر بن عبد الله.

367- باب في الاستعاذة

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. وفي ابن أبي الموالي كلام يسير، لا يصره إن شاء الله تعالى؛ ولذلك قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق ربما أخطأ ". والحديث أخرجه البخاري (3/37 و 11/531 و 13/" 32) ، والنسائي (2/76) ، وعنه ابن السني في "عمل اليوم والليلة " (589) ، والترمذي (480) ، وابن ماجه (1/417) ، وابن حبان (884) ، وأحمد (3/344) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الموالي ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي، وهو شيخ ثقة ". وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً به نحوه. وآخر من حديث أبي سعيد الخدري؛ بزيادة في آخره، أوردته من أجلها في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (2305) . 367- باب في الاستعاذة 1376/م- عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر ابن الخطاب قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعوذ من خمس: من الجبن، والبخل، وسوء العمر، وفتنة الصدر، وعذاب القمر.

(قلت: إسناده ضعيف لما سبق في الذي قبله (*)) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع: ثنا إسرائيل. قلت: وهذا إسناد ضعيف لما ذكرنا في الذي قبله (*) . والحديث مخرج في "تخريج المشكاة" (2466) - التحقيق الثاني-. ثم وجدت للحديث علة أخرى، وهي الإرسال، فقد أخرجه النسائي (2/317) من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعوذ. مرسل. قلت: وسفيان- وهو الثوري- روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، فهذا هو المحفوظ عن أبي إسحاق؛ مرسل. والله أعلم. ثم قررت نقله إلى "الصحيح "؛ لشواهد ذكرتها فيما علقته على "الموارد" (ص 606) . 1377- عن أنس بن مالك قال: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجين، والبخل، والهَرَمِ، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم وابن حبان) . إسناده: حدثنا مسدد: أخبرنا المعتمر قال: سمعت أبي قال: سمعت أنس ابن مالك.

_ (*) يعني: الحديث (269) من " الضعيف ". (الناشر)

قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه في "صحيحه " كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (6/28 و 11/147) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه مسلم (8/75) ، والنسائي (2/314) ، وأحمد (3/113 و 117) ، وكذا ابن حبان (2/ 176/1005) من طرق أخرى عن سليمان التيمي ... به. وله عند البخاري (11/145 و 149 و 150) ، ومسلم، والنسائي (3/318) ، وأحمد (3/205 و 258 و 214 و 231 و 235 و 240) طرق أخرى عن أنس ... به. وهو التالي: 1378- وفي طريق أخرى عنه قال: كنت أخْدُمُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنت أسمعه كثيراً يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من الهَمِّ والحزن، وضَلَع الدينِ، وغَلَبَةِ الرجال ... "؛ وذكر بعض ما ذكره النبي (يعني: في الطَريق الأولى) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن- قال سعيد- الزهري عن عمرو بن أبي عمروٍ عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (11/145 و 149) ، والنسائي (2/214 و 219) ، وأحمد (3/240) من طرق أخرى عن عمرو بن أبي عمرو ... به.

1379- عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعلِّمهم هذا الدعاء- كلما يعلمهم السورة من القرآن- يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجَّال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المَكي عن طاوس عن عبد الله بن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/216- 217) ... بهذا الإسناد. وعنه أيضا: أخرجه مسلم (2/90) ، والنسائي (2/320) ، والترمذي (3488) ، وأحمد (1/258 و 298 و 311) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال مسلم عقبه: " بلغتي أن طاوساً قال لابنه: آدَعَوْتَ بها في صلاتك؟ فقال: لا. قال: آعِدْ صلاتك ". قلت: وصله عبد الرزاق في "مصمفه " (3087) بسند صحيح عن طاوس ... به وتابعه كُرَيْبٌ عن ابن عباس ... به: أخرجه ابن ماجه (2/432- 433) .

1380- عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَكان يدعو بهؤلاء الكلمات: " اللهم! إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، ومن شَرِّ الغنى والفقر ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى: ثنا هشام عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي. وعيسى: هو ابن يونس السَّبِيعي. والحديث أخرجه البخاري (11/147- 148 و 152) ، ومسلم (6/75) ، والترمذي (3489) - وصححه-، والنسائي (2/315- 316 و 316) ، وابن ماجه (2/432) ، وأحمد (6/57 و 207) من طرق عن هشام بن عروة ... به أتم منه. واستدركه الحاكم (1/541) ! فوهم! 1381- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من الفقر والقِلّةِ والذِّلَّةِ، وأعوذ بك من أن أظْلِمَ أو أُظْلَمَ ". (قلت: إسناده جيد، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة- فهو من رجال مسلم. وإسحاق بن عبد الله: هو ابن أبي طلحة. والحديث أخرجه النسائي، وابن حبان (2443) ، والحاكم (1/540) ، وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي وغيرهما، وهو مخرج في مصادر عدة لي، تراجع في "صحيح الجامع الصغير" (1298) . 1382- عن ابن عمر قال: كان من دعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم! إني أعوذ بك من زوال نعمتك،، وتحوّلِ عافيتك، وفَجْآةِ نِقْمَتِكَ، وجميع سَخَطِكَ ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم والحاكم، وصححه على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا ابن عوف: ثنا عبد الغفار بن داود: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينارعن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن عوف - واسمه محمد-، وهو ثقة حافظ.

والحديث أخرجه مسلم (8/88- 89) من حلريق أخرى عن يعقوب. واستدركه الحاكم (1/531) ! فوهم! 1383- عن أبي هريرة قال: كانْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بِئْسَ الضَّحِيعُ، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بِئْسَتِ البِطانَةُ ". (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء عن ابن إدريس عن ابن عَجْلان عن المَقْبُرِي عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخبن؛ غير ابن عجلان- محمد المدني-، فأخرج له مسلم متابعة. والحديث أخرجه النسائي (2/316) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه ابن حبان (2444) من طريق أخرى عن عبد الله بن إدريس ... به وللحديث طريق أخرى، أخرجه ابن ماجه (2/322) عن ليث عن كعب عن أبي هريرة. وهذا سند ضعيف؛ كعب: هو المدني، مجهول. وليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف.

1384- وعنه قال: كانْ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من الأربع: مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَع، ومِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، ومِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، ومِنْ دُعاءٍ لا يسْمَعُ ". (قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه مسلم من حديث زيد بن الأرقم) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن سعيد بن أبى سعيد المَقْبرِيِّ عن أخيه عَبَّاد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عَبَّاد بن أبي سعيد، وهو في عداد المجهولين لكن الحديث له شواهد تقويه، وترقى به إلى درجة الصحة، أحدها في "صحيح مسلم "؛ وقد خرجتها مع الحديث في "التعليق الرغيب " (1/75) ، ومنها الحديث الآتي وخالف الليثَ بنَ سعدِ: محمدُ بن عَجْلان، فأسقط (عَبَّادَ بن أبي سعيد) من بين أخيه (سعيد بن أبيَ سعيد) و (أبي هريرة) . أخرجه ابن ماجه (1/92/250) عن شيخه ابن أبي شيبة، وهذا في "المصنف " (10/ 187/9175) : حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان ... به ومخالفة ابن عجلان لليث بن سعد إ، تُحْتَمَل؛ لا سيما في روايته عن سعيد بن أبي سعيد؛ فقد تكلموا فيها.

1385- عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانْ يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع.. " (*) 1386- عن فَرْوَةَ بن نَوْفَلً الآشْجَعِي قال: سألت عائشةَ أُمَّ المؤمنين عَمَّا كان رسول الله عيصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو به؟ قالت: كان يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من شَرِّ ما عملت، ومن شَرِّ ما لم أعملْ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن هلال بن يِسَافٍ عن فَرْوَةَ بن نَوْفَلٍ الأشجعي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (8/80) ، والنسائي (1/192 و 2/321) من طرق أخرى عن جرير ... به. ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (2/432) من طرق أخرى عن هلال ... به. وتابعه أبو إسحاق عن فروة ... به: أض جه أحمد (6/139) .

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ إلى نقله إلى "الضعيف "؛ فانظره هناك برقم (272) . (الناشر)

1387- عن شَكَلَ بن حُميدِ قال: قلت: يا رسول الله! عَلِّمْنِي دُعاء؟ قال: " قل: اللهِم! إني أعوذ بك من شَرِّ سمعي، ومن شَرِّ بصري، ومن شَرِّ لساني، ومن شرِّ قلبي، ومن شَرِّ مَنِبِّي ". (قلت: إسناده صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنأ أحمد بن محمد بن حنبل: ثنأ محمد بن عبد الله بن الزبير. (ح) وثنأ أحمد: ثنا وكيع- المعنى- عن سعد بن أوس عن بلال العَبْسِيِّ عن شُتَيْرِ ابن شَكَل عن أبيه- وفي حديث أبي أحمد- شَكَل بن حُمَيْد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير سعد بن أوس، وبلال- وهو ابن يحيى-، وهما ثقتان. والحديث أخرجه أحمد (3/429) ... بإسناديه المذكورين عن سعد بن أوس. والنسائي (2/315) من طريق أخرى عن وكيع. والترمذي (3487) - وحسنه-، والحاكم (1/532) - وصححه- من طريق أخرى عن ابن الزبير. والنسائي أيضا (2/313 و 315) من طريق ثالث عن سعد ... به. 1388- عن أبي اليَسَرِ: أنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانْ يدعو: " اللهم! إني أعوذ بك من الهَدْمِ، وأعوذ بك من التَّرَدي، وأعوذ بك من الغَرَقِ والحَرَقِ والهَرَمِ، وأعوذ بك أن يتخبَّطَني الشيطان عند الموت،

وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مُدْبِراً، وأعوذ بك أن أموت لَدِيغاً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: حدثنا مَكِّيّ بن إبراهيم: حدثني عبد الله ابن سعيد عن صَيْفِيَ مولى أفلح مولى أبي أيوب عن أبي اليَسَر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وعبد الله بن سعيد: هو ابن أبي هند. وعبيد الله بن عمر: هو القواريري. وأبو اليسر- بفتحتين-: اسمه كعب بن عمرو. والحديث أخرجه أحمد (3/427) : ثنا مكي بن إبراهيم ... به؛ وفيه الزيادة المذكورة في الرواية الآتية. وخالف الحاكم فرواه (1/531) من طريق أخرى عن مكي بن إبراهيم ... به؛ إلا أنه قال: عن جده أبي هند! وأشار الذهبي في "تلخيصه " إلى شذود هذه الزيادة، وهو الصواب. ولو ثبتت هذه الزيادة لضعف الحديث بها؛ لأن أبا هند هذا مجهول لا يعرف. ومع ذلك؛ فقد قال الحاكم: " صحيح الإسناد "! وأخرجه النسائي (2/321- 322) من طرق أخرى عن عبد الله بن سعيد.. به. وللحديث شاهد مختصر من حديث أبي هريرة، يرويه إبراهيم بن إسحاق عن سعمِد المقبري عنه ... مرفوعاً بلفظ:

" اللهم! إني أعوذ بك أن أموت غضاً وهَمّاً، أو أموت غرقاً، أو أن يتخبطني الشيطان عند الموت، أو أن أموت لديغاً ". أخرجه أحمد (2/356) . وإبراهيم هذا: هو ابن الفضل بن إسحاق، كما حققه الحافط في "التعجيل "، وهو متروك. 1389- وفي رواية عنه؛ زاد فيه: " والغَمً ". (قلت: إسناده صحيح كالذي قبله) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن عبد الله بن سعيد: حدثني مولى لأبي أيوب عن أبي اليَسَرِ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم أيضا؛ لأن المولى الذي لم يُسَم: هو صَيْفِي كما في الرواية الأولى. وعيسى: هو ابن يونس السَّبِيعي. وقد تابعه على هذه الزيادة: أنس بن عيَاض عن عبد الله بن سعيد عن صيفي ... به: أخرجه النسائي (2/322) . وهي ثابتة من الطريق الأولى أيضا: عند أحمد كما تقدم ذكره. 1390- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " اللهم! إني أعوذ بك من البَرَصِ والجنون والجُذَامِ، ومن سَيًئ الأسقام ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (1390)) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وحماد: وهو ابن سلمة. والحديث أخرجه الطيالسي (1/258) : حدثنا حماد ... به. ومن طريق الطيالسي: أخرجه النسائي (2/318) ، لكن وقع عنده همام بدل: حماد! وأظنه خطأً مطبعياً. وأخرجه أحمد (3/192) من طريقين احرين عن حماد ... به. انتهى "كتاب الصلاة" من "صحيح أبي داود" قبيل عصر يوم الاثنين 27 جُمَادى الأولى سنة 1394 هـ. ويليه بإذن الله: " كتاب الزكاة "، أسأل الله تيسير إتمامه

3- كتاب الزكاة

3- كتاب الزكاة 1391- عن أبي هريرة قال: لما تُوُفِّيَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستُخْلِفَ أبو بكر بعده، وكَفَرَ مَنْ كَفَرَ من العرب؛ قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتِل الناسَ وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " امرْتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال: لا إله إلا الله؛ عَصَمَ مني مالَهُ ونفسَة إلا بحقِّهِ؛ وحسابه على الله عز وجل "؟! فقال أبو بكر: والله لأقاتلنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاةَ حق المال! واللهِ لو منعوني عقالاً كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لقاقلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ اللهَ عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال- قال-؛ فعرفت أنه الحقُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بسند المصنف ومتنه، لكن قوله: "عقالاً" شاذ، والمحفوظ: " عَنَاقاً "؛ كما يأتي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي: ثنا الليث عن عقَيْل عن الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة. قال أبو داود، " رواه رَبَاح بن زيد عن معمر عن الزهري ... بإسناده، قال بعضهم: عقالأ. ورواه ابن وهب عن يونس ... قال: عناقاً ". قال أبو داود: " قال شعيب بن أبي حمزة ومعمر والزُّبيدي عن الزهري ... في هذا الحديث: لو منعوني عناقاً. وروى عنبسة عن يونس عن الزهري ... في هذا الحديث قال: عناقاً ".

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بإسناده ومتنه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (13/218) ، ومسلم (1/38) ، والترمذي (2610) ، والنسائي (1/335 و 2/161) كلهم لمحالوا: حدثنا قتيبة بن سعيد ... به وأخرجه البيهقي (4/104) من طريق المصنف. وقال البخاري عقبه: " قال ابن بُكَيْرٍ وعبد الله عن الليث: (عناقاً) ، وهو أصح ". قلت: يعني: من رواية قتيبة المذكورة عن الليث بلفظ: (عقالاً) . وكان المصنف أشار إلى ترجيح ما رجحه البخاري بتسمية الرواة الذين تابعوا عُقَيْلاً على اللفظ الراجح. ومن المفيد أن آصِلَ رواياتهم، ثم أُتْبِعَها بذكر متابعين آخرين ممن وقفت عليهم. وابن بكير: اسمه يحيى بن عبد الله، وقد وصل روايته: البخاري (12/232- 234) . فلنبدأ الآن بوصل الروايات المشار إليها: 1- ابن وهب عن يونس: وصلها مسلم (1/39) ؛ ولكنه لم يَسُقِ القصة، وإنما الحديث المرفوع فقط. 2- شعيب بن أبي حمزة عن الزهري: وصلها البخاري (2/206) ، والنسائي (2/53 و 162) ، والبيهقي، وأحمد (1/19) . 3- معمر عن الزهري: وصلها أحمد (1/35- 36 و 47- 48) . 4- الزبَيْدِيَ عن الزهري: وصلها النسائي (2/52) .

فهؤلاء أربعة من الثقات، وزدت عليهم: 5- سفيان بن عيينة عن الزهري: رواه النسائي (2/53 و 161- 162) . 6- محمد بن أبي حفصة: ثنا الزهري: أخرجه أحمد (2/528- 529) . وثمة راوٍ آخر، قرنه النسائي مع شعيب وابن عيينة، فيحتمل أن يكون سابعاً، ويحتمل أن يكون أحد هؤلاء الستة! وأيضا هناك سفيان بن حسين؛ رواه عن الزهري أيضآ؛ لكنه قال: كذا وكذا؛ لم يحدد موضع النزل. أخرجه أححد (1/11) ، والنسائي (2/162) ، وقال. " سفيان بن حسين في الزهري ليس بالقوي ". أقول: يتبين لنا من هذا التخريج أن الذين اتفقوا في هذه اللفظة: (عناقاً) على الزهري هم أربعة: شعيب، والزبيدي، وابن عيينة، ومحمد بن أبي حفصة، والآخرون اختلف عليهم. ولا شك أن الاعتماد على اتفاق هؤلاء- وكلهم ثقات- أولى من العكس، فلا جَرَمَ أن الإمام البخاري قال فيها: " إنها أصعح ". وإليه جنح الحافظ، وأيده بروايه أخرى لأبي عبيدة؛ فراجعه إن شئت (12/234) . 1392- وفي رواية معلقة في هذا الحديث: لو منعوني عَناقاً. (قلت: وصلها البخاري، وقال: إنها أصح من الرواية السابقة والآتية. وأشار المصنف إلى تقويتها، وجنح الحافظ إليها) .

1- باب ما تجب فيه الزكاة

1393- وفي أخرى موصولة قال: قال أبو بكر: إن حقَّهُ أداءُ الزكاة ... وقال: عقالاً. (قلت: إسنادها صحيح، ولكنها شاذه) . 1- باب ما تجب فيه الزكاة 1394- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس فيما دونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صدقةٌ، وليس فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ صدقة، وليس فيما دُونَ خمسةِ أوْسقٍ صدقةٌ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس عن عمرو ابن يحيى المازني عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول ... قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" ... بإسناده هنا ومتنه. وأخرجه عنه: البخاري وغيره. ورواه سائر الستة وغيرهم من طرق أخرى عن المازني ... به؛ وهو مخرج عندي في "إرواء الغليل " (800) ؛ فلا داعي للإعادة. لكن لا بد هنا مما التنبيه على فائدة لم نتمكن من ذكرها هناك، وهي أن ابن حبان أخرج الحديث في "صحيحه " (3264 و 3265 و 3270 و 3271) من طرق

عن عمرو بن يحيى ... به؛ وفي بعض الطرق بلفظ: " لا يَحِل في البُر والتمر زكاة حتى يبلغ خمسةَ أوسق، ولا يَحِل في الوَرِقِ زكاة حتى يبلغ خَمْسَ أواقٍ، ولا يَحِلُ في الإبل زكاة حتى يبلغً خَمْسَ ذوْد ". قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ ابن حبان: محمد بن المسيب بن إسحاق، وهو من شيوخ ابن خزيمة أيضا، وهو حافظ بارع؛ كما في "تذكرة الحفاظ ". 1395- عن إبراهيم قال: الوَسْقُ: ستون صاعاً مختوماً بالحَجَّاجِيِّ. (قلت: إسناده صحيح مقطوع) إسناده: حدثنا محمد بن قُدَامة بن أعْيَنَ: ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم. قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أعين، وهو ثقة. وإبراهيم: هو ابن يزيد النخَعِي. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/138) : حدثنا هُشَيْمٌ عن مغيرة ... به. ثم أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري ... موقوفاً عليه. وإسناده منقطع، وفيه ابن أبي ليلى، وهو سيئ الحفظ. وقد رواه بعض الثقات مرفوعاً، ولكنه منقطع كما ذكرنا، وهو في الكتاب الآخر برقم (273) .

2- باب العروض إذا كانت للتجارة؛ هل فيها زكاة؟

2- باب العُروض إذا كانت للتجارة؛ هل فيها زكاة؟ [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 3- باب الكنز؛ ما هو؟ وزكاة الحلي 1396- عن عمروبن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة أتَتْ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعها ابنةٌ لها، وفي يدِ ابنتها مَسَكتانِ غليظتان من ذهب، فقال لها: " أتعطين زكاة هذا؟ ". قالت: لا. قال: " آيَسُرّكِ أن يسَوِّركِ اللة بهما يومَ القيامةِ سِوارينِ من نار؟! ". قال: فخلعتها، فألقَتْهما إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالت: هما لله عز وجل ولرسوله!! (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن القَطَّان) . إسناده: حدثنا أبو كامل وحميْد بن مسْعَدَةَ- المعنى- أن خالد بن الحارث حدثهم: ثنا حُسَيْنٌ عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن. وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (7065) ، وابن أبي شيبة (3/153) ، وغيرهما من أصحاب "السنن " من طرق أخرى عن عمرو ... به نحوه، وهو مخرج في "الإرواء" (817) ؛ فاكتفيت به عن تخريجه هنا.

1397- عن أم سلمة قالت: كنت ألْبسُ أوضاحاً (1) من ذهب، فقلت: يا رسول الله! أكَنْزٌ هو؟ فقال: " ما بلغ أن تُؤَدى زكاتُهُ فَزُكِّيَ؛ فليس بكنزٍ ". (قلت: المرفوع منه حسن) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا عَتابُ- يعني: ابن يَشِيرٍ - عن ثابت بن عَجْلان عن عطاء عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد ضعيف من وجوه، بينتها في "الأحاديث الصحيحة" (559) ، وإنما حسنته لأن له شاهداً، خرجته هناك مع الحديث؛ فليرجع إليه من شاء. 1398- عن عبد الله بن شداد: أنه قال: دخلنا على عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: دخل عليَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأى في يَدِي فَتَخَات من وَرِق، فقال: " ما هذا يا عائشة؟! ". فقلت: صنعتهن أتزيَّنُ لك يا رسول الله! قال: " أتؤدين زكاتهن؟ ". قلت: لا؛ أو ما شاء الله. قال: " هو حَسْبُكِ من النار ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم والذهبي والعسقلاني) -

_ (1) هي نوع من الحلي يعمل من الفضة، كما في "النهاية". وهنا وصفها الراوي بأنها من ذهب! فلعله من وهمه.

4- باب في زكاه السائمة

إسناده: حدثنا محمد بن إدريس الرازي: ثنا عمرو بن الربيع بن طارق: ثنا يحيى بن أيوب عن [عبيد الله بن أبي جعفر: أن محمد بن عمرو بن عطاء أخبره عن] (*) عبد الله بن شَدَّاد بن الهاد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم ووافقه الذهبي وتبعهم العسقلاني، وقد ذكرت أقوالهم، وخرجت الحديث في "آداب الزفاف " (ص 263- 264) ، ودا الإرواء" (817) ، فأغى عن الإعادة". (تنبيه) : حديث: " ليس في الحلي زكاة "- مع مخالفته الصريحة لهذا الحديث والذي قبله-؛ فهو ضعيف الإسناد لا يصح، كصا حققته في "الإرواء"، فلا يجوز الاعتماد عليه في مخالفته الحديثين المذكورين؛ فتنبه. 4- باب في زكاه السائمة 1399- عن حماد قال: أخذت من ثُمَامَةَ بن عبد الله بن أنس كتاباً، زعم أن أبا بكر كتبه لأنس، وعليه خاتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بعثه مُصَدِّقاً، وكتبه له، فإذا فيه: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المسلمين، التي أمر الله عزوجل بها نبيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن سُئِلَها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئِلَ فوقها فلا يُعْطِهِ: " فيما دون خمس وعشرين من الابل الغنم؛ في كل خمسِ ذَوْدِ شاة فإذا بلغت خمساً وعشرين؛ ففيها ابنةُ مَخَاضٍ، إلى أن تبلغ خَمساً وثلاثين، فإن لم يكن فيها بنتُ مخاضٍ؛ فابن لَبُونٍ ذكرٌ، فإذا بلغت ستاً

_ (*) ما بين المعقوفتين سقط من أصل الشيخ رحمه الله. (الناشر) .

وثلاثين؛ ففيها بنت لبون، إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستا وأربعين؛ ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفحل، إلى ستين، فإذا بلغت إحدى وستين؛ ففيها جَذَعَةٌ، إلى خمس وسبعين، فإذا بلغت ستاً وسبعين؛ ففيها ابنتا لبَوُن، إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين؛ ففيها حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الفَحْلِ، إلى عشرين ومئة، فإذا زادت على عشرين ومئَة؛ ففي كل أربعين بنتُ لَوُن، وفي كل خمسين حِقةٌ، فإذا تباين أسنان الابل في فرائض الصدقات؛ فمن بلغت عنده صدقة الجَذَعَةِ، وليست عنده جَذَعَةٌ، وعنده حِفةٌ؛ فإنها تقبل منه، وأن يجعل معها شاتين إن تَيَسَّرَتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحِقَّةِ، وليست عنده حِقَّةٌ، وعنده جَذَعَةٌ؛ فإنها تُقْبَلُ منه، ويعطيه المُصَدِّق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحِقَّة، وليس عنده حِقةٌ وعنده ابنة لَبوُنٍ؛ فإنها تُقْبَلُ منه- قال أبو داود: من هنا لم أضبطه عن موسى كما أُحِبُّ -، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وليس عنده إلا حقة؛ فإنها تُقْبَلُ منه- قال أبو داود: إلى ههنا، ثم أتقنته-، ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليس عنده إلا بنت مخاض؛ فإنها تُقْبَلُ منه، وشاتين أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة ابنة مخاض ولمس عنده إلا ابن لبون ذكر؛ فإنه يقبل منه وليس معه شيء، ومن لم يكن عنده إلا أربع؛ فليس فيها شيء إلا أن يشاء رَبها. وفي سائمة الغنم: إذا كانت أربعين؛ ففيها شاة، إلى عشرين ومئة، فإذا زادت على عشرين ومئةِ؛ ففيها شاتان، إلى أن تبلغ مئتين، فإذا زادت على المئتين؛ ففيها ثلاث شَياه، إلى أن تبلغ ثلاث مئة، فإذا زادت على

ثلاث مئة؛ ففي كل مئةِ شاةٍ شاةٌ. ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذات عَوَار من الغنم، ولا تَيْسُ الغنم؛ إلا أن يشاء الصَدق. ولا يجْمَع بين مُفْتَرِقٍ، ولا يفَرَقُ بين مُجْتَمعِ خَشْيَةَ الصدقة. وما كان من خليطين؛ فإنهما يتراجعان بينهمَا بالسَّوِيةِ. فإن لم تبلغ سائمة الرجل أربعين؛ فليس فيها شيء؛ إلا أن يشاء رَبّها. وفي الرِّقَةِ زبُعُ الغشرِ، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومئةً؛ فليس فيها شيء؛ إلا أن يشاء رَبهَا ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه الإمام الدارقطني. ورواه البخاري مختصراً) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه الدارقطني، وقد ذكرت أقوالهم، وخرجت الحديث في " الإرواء " (792) . 1400- عن سالم عن أبيه قال: كتب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتاب الصدقة، فلم يخرجه إلى عُماله حتى فبِضَ، فَقَرَنهُ بسيفه، فعمل به أبوبكر حتى فبِض، ثم عَمِلَ به عمرُحتى قُبِضَ فكان فيه: " في خمس من الابل شاةٌ، وفي عشرٍ شاتان، وفي خَمْسَ عَشْرَةَ ثلاثُ

شِياهٍ، وفي عشرينَ أربعُ شياهٍ، وفي خمس وعشرين ابنةُ مخاضِ؛ إلى خمس وثلاثين، فإن زادت واحدة؛ ففيها ابنةُ لَبُونٍ؛ إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة؛ ففيها ابنتا لبون؛ إلى تسعين، فإذا زادت واحدة؛ ففيها حِقَّتَانِ؛ إلى عشرين ومئةٍ، فإن كانت الإبل أكثر من ذلك؛ ففي كل خمسين حِقَّةٌ، وفي كلِّ أربعين ابنةُ لَبوُنِ. وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة؛ إلى عشرين ومئةِ، فإن زادت واحدةَ فشاتان؛ إلى مئتين، فإن زادت على المئتين ففيها ثلاثَ؛ إلى ثلاث مائة، فإن كانت الغنم أكثر من ذلك؛ ففي كل مئة شاةٍ شاةٌ؛ ليس فيها شيء حتى تبلغ المئة. ولا يُفَرقُ بين مجتمع، ولا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ مَخافةَ الصدقة. وما كان من خليطين؛ فإنهما يتراجعان بالسَّوِيَّةِ. ولا يُؤْخَذُ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عيب ". قال: وقال الزهري: إذا جاء المُصَدِّقُ قُسِّمَتِ الشاء أثلاثاً: ثلثاً شراراً، وثلثاً خياراً، وثلثاً وسطاً، فأخذ المصدق من الوسط ... ولم يذكر الزهري: البقر. إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا عَبَّاد بن العَوَّام عن سفيان بن حسين عن الزهري. قلت: إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ على ضعف في سفيان في روايته عن الزهري خاصةً، لكنه قد توبع، وأشار البخاري إلى تقويته كما ذكرت في "الإرواء " (792) . وتشهد له رواية الزهري الآتية بعد الرواية الثانية عن نسخة كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التي عند آل عمر.

1401- زاد في رواية: " فإن لم تكن ابنةُ مخاضٍ؛ فابنُ لَبُونٍ" إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا محمد بن يزيد الواسطي: أخبرنا سفيان بن حسين ... بإسناده ومعناه. قلت: الكلام فيه كالكلام في الذي قبله. والزيادة التي فيه شاهد من حديث الشعبي ... مرسلاً. أخرجه ابن أبي شيبة (3/123) بسند جيد. 1402- وعن ابن شهاب قال: هذه نسخة كتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كتبه في الصدقة، وهي عند آل عمر بن الخطاب. قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، فوعيتها على وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر ... فذكر الحديث؛ قال: " فإذا كانت إحدى وعشرين ومئةً؛ ففيها ثلاثُ بناتِ لبون؛ حتى تبلغ تسعاً وعشرين ومئةً، فإذا كانت ثلاثين ومئةً؛ ففيها بنتا لبون وحِقَةٌ؛ حتى تبلغ تسعاً وثلاثين ومئةً، فإذا كانت أربعين ومئةً؛ ففيها حِقَتان وبنت لبون؛ حتى تبلغ تسعاً وأربعين ومئةً، فإذا كانت خمسين ومئةً؛ ففيها ثلاث حِقاق؛ حتى تبلغ تسعاً وخمسين ومئةً؛ فإذا كانت ستين ومئةً؛ ففيها أربع بنات لًبون؛ حتى تملغ تسعاً وستين ومئةً، فإذا كانت سبعين ومئةً ففيها

ثلاث بنات لبون وحِقَّةٌ؛ حتى تبلغ تسعاً وسبعين ومئةً، فإذا كانت ثمانين ومئةً؛ ففيها حقتان وابنتا لبون؛ حتى تبلغ تسعاً وثمانين ومئةً، فإذا كانت تسعين ومئة، ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون حتى تبلغ تسعاً وتسعين ومئةً، فإذا كانت مئتين؛ ففيها أربع حقاق، أو خمس بنات لبون، أي السنينَ وُجِدَتْ أُخِذَتْ. وفي سائمة الغنم ... "؛ فذكر نحو حديث سفيان بن حسين (يعني: الذي قبله) ؛ وفيه: " ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عَوَارٍ من الغنم، ولا تيس الغنم؛ إلا أن يشاء المُصَدِّقُ ". (قلت: حديث صحيح برواياته الثلاث، وإسناد الأخيرة صحيح وجِادةً) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب. قلت: وهذا إسناد صحيح عندي؛ لأن ابن شهاب قرأ الكتاب من نسخة سالم بن عبد الله بن عمر، وهذه رواية بالوجادة، وهي حجة؛ فلا يضرها من أعلها بالإرسال. والحديث أخرجه الدارقطني، والحاكم، كما خرجته في "الإرواء" (792) . 1403- عن مالك قال: وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا يُجْمَعُ بين متفرق، ولا يُفَرَّقُ بين مجتمع) : هو أن يكون لكل رجل أربعون شاة، فإذا أظلَّهم المصدق؛ جمعوها لئلا يكون فيها إلا شاةٌ.

و (لا يُفَرَّق بين مجتمع) : أن الخليطين إذا كان لكل واحد منهما مئةُ شاه وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فإذا أظلَّهما المصدق فرّقا غَنَمَهما؛ فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة، فهذا الذي سمعت في ذلك. (قلت: إسناده صحيح مقطوع) (*) . 1404- عن علي رضي الله عنه- قال زهير: أحْسَبُه- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " هاتوا رُبُعَ العُشُرِ؛ من كل أربعين درهماً دِرْهَم، وليس عليكم شيء حتى يتم مئة درهم، فإذا كانت مئتي درهم؛ ففيها خمسة دراهم، فما زاد فبحساب ذلك. وفي الغنم؛ في كل أربعين شاةً شاةِّ، فإن لم يَكُنَّ إلا تسعاً وثلاثين؛ فليس عليك فيها شيء ... - وساق صدقة الغنم مثل الزهري (يعني: الحديث 1408) -. وفي البقر؛ في كل ثلاثين تَبِيع، وفي الأربعين مسنةٌ، وليس على العوامل شيء. وفي الابل ... - فذكر صد قتها كما ذكر الزهري؛ قال:- وفي خمس وعشرين خمسة من الغنم، فإذا زادت واحدة؛ ففيها ابنةُ مخاضٍ، فإن لم تكن بنتَ مخاض؛ فابنُ لبون ذكر. إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت واحدة؛ ففيها بنت لبون؛ إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدةً؛ ففيها حقة طروقة الجمل؛ إلى ستين ... - ثم ساق مثل حديث الزهري؛ قال:

_ (*) لم يورد الشيخ رحمه الله إسناده وتخريجه. (الناشر) .

- فإذا زادت واحدة- يعني: واحدة وتسعين-؛ ففيها حقتان طروقتا الجمل؛ إلى عشرين ومئة، فإن كانت الابل أكثر من ذلك؛ ففي كل خمسين حِفةٌ. ولا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق؛ خشية الصدقة. ولا تؤخذ في الصدقة هَرِمَةٌ، ولا ذات عَوَارٍ، ولا تيسٌ؛ إلا أن يشاء المصدق. وفي النبات ما سقته الأنهارأو سقت السماء: العُشُرُ، وما سقى الغَرْبُ؛ ففيه نصف العشر. وفي حديث عاصم والحارث: " الصدقة في كل عام ". قال زهير: أحسبه قال: مرة. وفي حديث عاصم: " إذا لم يكن في الإبل ابنة مخاض ولا ابن لبون؛ فعشرة دراهم أو شاتان ". إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة. وعن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه. قلت: وهذا إسناد حسن من طريق عاصم بن ضمرة عن علي؛ إن كان أبو إسحاق- وهو السبيعي- سمعه منه، وحدث به أبو إسحاق قبل اختلاطه؛ فإن زهيراً سمع منه بعد الاختلاط.

وقد خالفه جماعة من الثقات، فرووه عنه عن عاصم عن علي ... موقوفاً؛ منهم من ساقه بتمامه، ومنهم من اقتصر على بعض فقراته. أخرجه كذلك: عبد الرزاق في "المصنف " برقم (6794 و 6796 و 6829 و 6842 و6881 و 6901 و 6902 و 7023 و 7074و 7076 و 7233 و 7234) ، وابن أبي شيبة أيضا (3/117 و 118 و 119 و 122 و 123 و 124 و 125 و 127 و 129 و130 و 132 و 133 و 136 و 145 و 158 و 159 و 219) . ومن هؤلاء: سفيان الثوري، ومنهم شعبة، كما يأتي في كلام المصنف بعد الرواية الثانية، وهما قد سمعا من أبي إسحاق قبل الاض ضلاط، كما أن شعبة لا يروي عنه ما دلسه. فالمحفوظ عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي موقوف، وهو الذي رجحه جمع، ذكرتهم في "الإرواء " (787) ، وأشار إليه المصنف فيما يأتي، وذلك ما كنت جنحت إليه في "الإرواء ". لكني لما تأملت في قول الحافظ: " ... والأثار تعضده "؛ وجدته كذلك، لا سيما وقد طبع بعد ذلك كتاب "المصنف " لعبد الرزاق بن همام الإمام الحافظ، فرأيته ساق للحديث طريقاً أخرى؛ فإنه- بعد أن ساقه (6794) من طريق معمر عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ... موقوفاً بطوله- قال عقبه (6795) . عن ابن عيينهْ قال: أخبرني محمد ابن سُوقَةَ قال: أخبرني أبو يعلى منذر الثوري عن محمد ابن الحنفية قال: جاء ناس من الناس إلى أبي، فشكوا سُعَاةَ عثمان! فقال أبي: خذ هذا الكتاب، فاذهب إلى عثمان بن عفان، فقل له: قال أبي: إن ناساً من الناس قد جاءوا شكوا سعاتك، وهذا أمر رسمول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شي الفرائض، فليأًخذوا به. فانطلقت بالكتاب حتى دخلت على عثمان، فقلت له: إن أبي أرسلني إليك، وذكر أن ناساً من الناس شكوا سعاتك، وهذا أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الفرائض،

فَأْمرْهمْ فليأخذوا به. فقال: لا حاجة لنا في كتابك. قال: فرجعت إلى أبي فأخبرته. فقال أبي: لا عليك! اردد الكتاب من حيث أخَذْتَه. قال: فلو كان ذاكراً عثمان بشيء لذكره- يعني: بسوء-. قال: وإنما كان في الكتاب ما في حديث علي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري في "الخًمسِ " من "صحيحه " من طريق الحميدي وغيره عن ابن عيينة ... به؛ لكنه لم يذكر الجملة الأخيرة التي هي موضع الشاهد منه. وعزاه الحافظ لابن أبي شيبة أيضا. وقول العلق الفاضل على" "المصنف ": " وقد تغافل الحافظ عما كان في الكتاب "! ليس بجيد، ولو قال: " وقد غفل ... " لكان آدَبَ! قلت: فيهذه الطريق المرفوعة صح الحديث، والحمد لله. ولم يتعرض لذكرها القرضاوي في "فقه الزكاة "! 1405- وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ببعض أول الحديث؛ قال: " فإذا كانت لك مئتا درهم، وحال عليها الحول؛ ففيها خمسة دراهمِ، وليس عليك شيء- يعني: في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارآ، فإذا كان لك عشرون ديناراً، وحال عليها الحول؛ ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك- قال: فلا أدري أعَلِي يقول: " فبحساب ذلك "، أو رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! -، وليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحول عليه الحول ". إلا أن جريراً قال: ابن وهب يزيد في الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول ". إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيُّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني جرير بن حازم- وسمى آخر- عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي. قلت: ورجاله ثقات؛ على التفصيل المذكور قبله؛ غير الحارث، فهو ضعيف. والأخر؛ لعله أبو عوانة الآني بَعْد. 1406- وفي أخرى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد عفوت عن الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرِّقَّةِ؛ من كل أربعين درهماً، وليس في تسعين ومئةٍ شيء، فإذا بلغت مئتين، ففبها خمسة دراهم ". (قلت: حديث صحيح. رواه عبد الرزاق بسند صحيح. وقال النووي: " حديث صحيح أو حسن ". وقال الزيلعي: " حديث حسن ". وقال العسقلاني: " لا بأس بإسناده، والأثار تعضده، فيصلح للحجة ". ونحوه قال الشوكاني) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم ابن ضمرة عن علي عليه السلام. قال أبو داود: " روى هذا الحديث: الأعمشُ عن أبي إسحاق، كما قال أبو عوانة. ورواه شيبان وأبو معاوية وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. وروى حديث النفيلي (يعني: المتقدم برقم 1403) : شعبةُ وسفيانُ وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ... لم يرفعوه ".

قلت: وشعبة وسفيان- وهو الثوري- مع فقتهما وجالألتهما؛ قد رويا عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، فروايتهما عنه عن عاصم عن علي ... موقوفاً أرجح من رواية من رواه عنه ... به مرفوعاً، كما سبقا بيانه تحت حديث النفيلي المشار إليه آنفاً. لكن الحديث في حكم الرفوع؛ لا سيما وقد جاء من طريق أخرى صحيحة، كما سبق بيانه هناك، فراجعه. وحديث الأعمش الذي علقه المصنف قد وصله ابن أبي شيبة (3/117) : حدثنا ابن نمير عن الأعمش ... به مختصرآ. 1407- عن بَهْزِ بن حَكِيمٍ عن أبيه عن جده: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " في كل سائمة إبلٍ في أربعين بنتُ لبونٍ، ولا يُفَرَق إبلٌ عن حسابها، مَنْ أعطاها مُؤْتَجِراً بها؛ فله أجرها، ومن منعها؛ فإنا أخذوها وشَطْرَ مالِهِ، عَزَمَةً من عَزَماتِ ربنا عز وجل، ليس لآل محمد منها شيئ". (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا بهز بن حكيم. (ح) وحدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا أبو أسامة عن بهز بن حكيم. قلت: وهذا إسناد حسن، كما بينته في "الإرواء" (791) ، مع تخريج الحديث؛ فلا داعي للإعادة.

1408- عن معاذ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا وجَّهه إلى اليمن، أمره ان يأخذ من البقر من كل ثلاثين: تبيعاً أو تبيعةً، ومن كل أربعين: مُسِنَّةً، وعن كل حالم- يعني: محتلماً-: ديناراً، أو عد له من المَعَافِرِ- ثياب تكون باليمن-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيحين، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وابن عبد البر: " ثنا متصل "، وصححه ابن حبان أيضا وابن الجارود) . إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن معاذ. حدثنا عثمان بن أبي شيبة والنفيلي رابن المثنى قالوا: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله. حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء: ثنا أبي عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال: بعثه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن ... مثله؛ ايذكر. ثياباً تكون باليمن، ولا ذكر: يعني: محتلماً. قال أبو داود: " ورواه جرير ويعلى ومعتمر وشعبة وأبو عوانة ويحبي بن سعيد عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق. قال يعلى ومعمر: عن معاذ ... مثله ". قلت: يعني المصنف رحمه الله: أن الجماعة رووه عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق ... مرسلاً؛ لم يذكروا معاذاً. وخالفهم يعلى ومعمر فأسنداه عن معاذ. ورواية معمر وصلها عبد الرزاق (6841) ، اخبرنا معمر والثوري عن الأعمش

عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ ... به. وأخرجه الدارقطني (ص 203) عن عبد الرزاق. ورواية يعلى وصلها الدارمي، فقال (1/382) : حدثنا يعلى بن عبيد: ثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق. والأعمش عن إبراهيم قالا: قال معاذ ... وهذا ظاهره أن إبراهيم يرويه عن معاذ مباشرة؛ وليس كذلك، بدليل رواية أبي معاوية الثانية عند المصنف، فقد أدخل بينهما مسروقاً أيضا، فالأعمش له شيخان: شقيق أبو وائل، وإبراهيم- وهو النَّخَعِي-، وكلاهما يرويه عن مسروق عن معاذ؛ إلا أن بعضهم قد يسقط مسروقاً من بين أبي وائل ومعاذ، كما في رواية أبي معاوية الأولى عند المصنف. وكذلك رواه عنه البيهقي (9/193) . ورواه الحاكم (1/398) من طريق أخرى عن أبي معاوية ... فأثبت مسروقاً بينهما، وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي. وراجع تمام التخريج في "الإرواء" (795) . 1409- عن سُويدِ بن غَفَلَةَ قال: سِرْتُ- أو قال: أخبرني من سار- مع مُصَذَقِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن لا تأخذْ من راضع لَبَنٍ، ولا تجمعْ بين مفترق، ولا تفرق بين مجتمع ". وكان إنما يأتي المياه حين ترد الغنم، فيقول:

" أدًّوا صدقاتِ أموالكم "- قال: فَعَمَدَ رجل منهم إلى ناقة كَوْمَاءَ - قال: قلت: يا أبا صالح! ما الكَوْمَاءُ؟ قال: عَظِيمةُ السَّنَامِ، قال: ً- فأبى أن يقبلها. قال: إني أحب أن تأخذ خَيْرَ إبلي. قال: فأبى أن يَقْبَلها. قال: فَخَطَمَ له أخرى دونها، فأبى أن يقبلها. ثم خَطَمَ له أخرى دونها، فَقَبِلَها وقال: إني آخذها وأخاف أن يجد عَلَيَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ يقول لي: " عَمَدْتَ إلى رجلٍ فتخيَّرْتَ عليه إبله؟! ". وفي رواية عنه قال: أتانا مُصَدِّقُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذت بيده وقرأت في عهده: " لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ... "؛ ولم يذكر: " راضع لبن ". (قلت: إسناده حسن من الطريق الأولى) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن هلال بن خَبَّاب عن ميسرة أبي صالح عن سويد بن غفلة. قال أبو داود: " ورواه هشيم عن هلال بن خباب ... نحوه؛ إلا أنه قال: " لا يُفَرَّقُ ". حدثنا محمد بن الصباح البزاز: ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عنه عن أبي ليلى الكندي عن سُوَيْدِ بن غَفَلَةَ قال: " أتانا مصدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ". قلت: والإسناد الأول حسن، رجاله ثقات؛ غيرها، بن خباب، وهو حسن الحديث.

وميسرة أبو صالح لم يوثقه غير ابن حبان، لكن روى عنه جمع، وقد تابعه أبو ليلى الكندي، وهو ثقة، لكن في الطريق إليه شريك- وهو ابن عبد الله القاضي-، وهو سيئ الحفظ، فيحتجُّ بحديثه ما تابعه عليه الثقات. والحديث أخرجه النسائي (1/340) ، وأحمد (4/315) ، والفَسَويُ في "التاريخ " (1/227) من طريق هشيم ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/552) من طريق شريك. وكذا الدارمي (1/383) . 1410- عن عبد الله بن معاوية الغَاضِرِيَ- من غَاضِرَةِ قَيْس- قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثلاث من فعلهن؛ فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان: مَنْ عَبَدَ اللهَ وحدَة، وأنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة مالِهِ طَيِّبَةً بها نَفْمئة، رافدةً عليها كل عام، ولا يعطي الهَرِمَةَ، ولا الدَّرِنَةَ، ولا المريضةَ، ولا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، ولكق من وَسَطِ أموالكم؛ فإن الله لم يسألكم خَيْرَة، ولم يأمركم بِشَرهِ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: قال أبو داود: قرأت في كتاب عبد الله بن سالم- بحمص عند آل عمرو بن الحارث الحمصي-: عن الزّبَيْدِيِّ قال: وأخبرني يحيى بن جابر عن خبَيْرِ ابن نفَيْرٍ عن عبد الله بن معاوية. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ والزبيدي: هو محمد بن الوليد، ولا يضره أن المصنف لم يسمعه؛ فإنه وجادة. وقد وصله البيهقي، فانظر "الصحيحة" (1046) .

1411- عن أبي بن كعب قال: بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصَدِّقاً، فمررت برجل، فلما جمع لي مَالَة؛ لم أجد عليه فيه إلا ابنة مخاض؛ فقلت: له: أدِّ ابنة مخاض؛ فإنها صدقتك. فقال: ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقةٌ فَتِيَّة عظيمة سمينة فخذها. فقلت له: ما أنا بآخذٍ ما لم أُومَرْ به، وهذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منك قريب، فإن أحببت أن تأتِيَة فتعرض عليه ما عَرَضتَ عليَّ؛ فافعل، فإن قَبِلَه منك قَبِلْتة، وإن رَدَّه عليك رددته. قال: فإني فاعل، فخرج معي، وخرج بالناقة التي عرض عليَّ، حتى قَدِمْنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: يا نبيَّ الله! أتاني رسولك لِيأخذَ منِّي صدقة مالي- وايْم اللهِ ما قام في مالي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا رسولُه قَط قبله-، فجمعت له مالي، فزعم أن ما عليَّ فيه ابنة مخاض، وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر، وقد عرضت عليه ناقة فَتيَّةً عظيمة ليأخذها؛ فأبى عليَّ! وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله! خذْها. فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " ذاك الذي عليك، فإن تطوعت بخعر؛ آجرك الله فيه، وقبلناه منك ". قال: فها هي ذه يا رسول الله! قد جئتك بها فخذها. قال: فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْضِها، ودعا له في ماله بالبركة (قلت: إسناده حسن، وحمححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا محمد بن منصور: ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي عن ابن

إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن سعد بن زُرَارة عن عُمَارة بن عمرو بن حزم عن أبيِّ بن كعب. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المعروف في محمد بن إسحاق. ومحمد بن منصور: هو أبو جعفر الطَوسِيُّ. والحديث أخرجه أحمد (5/142) ، ومن طريقه الحاكم (1/399) ، وعنه البيهقي (4/96) ؛ وصححه الحاكم كما ذكرنا ووافقه الذهبي. 1412- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث معاذاً إلى اليمن، فقال: " إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأتي رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك؛ فأعلمهم ان الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وتُرَدّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فإياك وكرائمَ أموالهم، واتَقِ دعوةَ الظلومِ؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجابٌ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وك!: ثنا زكريا بن إسحاق المَكَي عن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي عن أبي مَعْبَدٍ عن ابن عباس.

قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (855) ، فلا داعي لإعادة التخريج. والحديث في المسند أحمد" (1/233) : ثنا وكيع. 0. به. وبه: أخرجه ابن أبي شيبة أيضا في "المصنف " (3/144) . ورواه الدارمي (1/379 و 384) : حدثنا أبو عاصم عن زكريا ... به. 1413- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المُعْتَدِي في الصدقة كمانعها ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سِنَان عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سعد بن سنان- ويقال: سنان بن سعد كما يأتي-؛ فال الحافظ: " صدوق له أفراد ". والحديث أخرجه الترمذي (646) ... بإسناد المصنف. والبيهقي (4/97) من طريق أخرى عن قتيبة بن سعيد ... به. وأخرجه هو، وابن ماجه (1/554) من طريقين آخرين عن الليث بن سعد ... به. وقال الترمذي: " حديث غريب من هذا الوجه، وقد نكلم أحمد بن حنبل في سعد بن

5- باب رضا المصدق

سنان، وهكذا يقول الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان. ويقول عمرو بن الحارث وابن لهيعة: عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد. وسمعت محمداً يقول: والصحيح: سنان بن سعد ". وكذا قال البيهقي. 5- باب رضا المصَدّق 1414- عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس- يعني- من الأعراب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: إن ناساً من المصَدقين يأتونا فيظلمونا؟ قال: فقال: " أرْضُوا مُصَدّقيكم ". قالوا: يا رسول الله وإن ظلمونا؟ قال: " أرْضُوا مُصَدقيكم- زاد عثمان: وإن ظُلِمْتُمْ-،. قال أبو كامل في حديثه: قال جرير: ما صدر عنى مُصَدق بعد ما سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا وهو عني راضٍ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد اخر) . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا عبد الواحد - يعني: ابن زياد-. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عبد الرحيم بن سليمان- وهذا حديث أبي كامل- عن محمد بن أبي إسماعيل: ثنا عبد الرحمن بن هلال العَبْسِيَّ عن جرير بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

6- باب دعاء المصدق لأهل الصدقة

والحديث أخرجه مسلم (3/74) ... بإسناد المصنف الأول. وبإسناد آخر عن عبد الرحيم بن سليمان ... به. وأخرجه البيهقي (4/137) عن المصنف ... بإسناديد. ومسلم أيضا، والنسائي (1/341) ، وأحمد (4/362) من طرق أخرى عن محمد بن أبي إسماعيل ... به. ثم أخرجه مسلم (3/121) ، وابن أبي شحبة (3/115) ، والنسائي، والترمذي (647 و 648) ، والدارمي، (1/394) ، والبيهقي، وأحمد (4/360 و 364 و 365) من طريق الشعبي عن جرير بن عبد الله ... به نحوه؛ وزاد ابن أبي شيبة: وقال الشعبي: المعتدي في الصدقة كمانعها. وسنده صحيح على شرط مسلم. 6- باب دعاء المُصَدق لأهل الصدقة 1415- عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أبي من أصحاب الشجرة، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: " اللهم! صلِّ على آل فلان ". قال: فأتاه أبي بصدقته، فقال: " اللهم! صَلِّ على آل أبي أوفى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيمأُ وأبو الوليد الطيالسي- المعنى- قالا:

7- باب تفسير أسنان الابل

ثنا شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن عبد الله بن أبي أوفى. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير النمري؛ فإن مسلماً لم يخرج له، ولكنه مقرون مع أبي الوليد الطيالسي- وهو هشام ابن عبد الملك الباهلي مولاهم-، وقد أخرجا له. والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن شعبة ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (853) ، وقد نَئهْتُ فيه إلى أن عزو البوصيري إياه للترمذي وهم! 7- باب تفسير أسنان الابل 1416- قال أبو داود: " سمعته من الرِّيَاشي وأبي حاتم وغيرهما، ومن "كتاب النَّضْرِ بن شُمَيْل "، ومن "كتاب أبي عبيد "، وربما ذكر أحد هم الكلمة. قالوا: يسمى: الحوار، ثم الفَصِيل- إذا فصل-، ثم تكون بنت مخاض- لسنة إلى تمام سنتين-، فإذا دخلت في الثالثة؛ فهي ابنة لَبُون. فإذا تَمتْ له ثلاث سنين؛ فهو حِق وحِقَّةٌ، إلى تمام أربع سنين؛ لأنها استحقَّت أن تُرْكَبَ ويُحْمَلَ عليها الفحل، وهي تَلْقَحُ، ولا يُلْقَحُ الذكر حتى يُثَنِّيَ. ويقال لِلْحِقَّةِ: طَرُوقةُ الفَحْلِ؛ لأن الفَحْلَ يَطْرُقُها إلى تمام أربع سنين. فإذا طَعَنَتْ في الخامسة؛ فهي جَذَعَةٌ، حتى يَتمَّ لها خمسُ سنينَ. فإذا دخلت في السادسة وألقى ثَنِيَّتَهُ؛ فهو حينئذ ثَنِيَّ، حتى يستكمل ستّاً. فإذا طعن في السابعة رَبَاعِياً سُمَيَ الذكر رَبَاعِياً والأنثى رباعِيَةً، إلى تمام السابعة. فإذا دخل في الثامنة وألقى السِّنَّ السَّدِيسَ الذي بعد الرباعية؛ فهو سَدِيسٌ وسَدَسٌ إلى تمام الثامنة. فإذا دخل في التسع، وطلع نابه فهو

8- باب أين تصدق الأموال؟

بازل؛ أي: بَزَلَ نابُه، يعني: طلع، حتى يد خل في العاشرة، فهو حينئذ مُخْلِفٌ. ثم ليس له اسم، ولكن يقال: بازلُ عام، وبازلُ عامينِ، ومُخْلِفُ عام، ومُخْلِفُ عامينِ، ومُخْلِفُ ثلاثةِ أعوام؛ إلىً خمس سنين. والخَلِفَةُ: الحًامل. قال أبو حاتم: والجَذُوعة: وقتٌ من الزمن ليس بِسِن. وفصول الأسنان عند طلوع سهيل ". قال أبو داود: " وأنشدنا الرياشي: إذا سُهَيْلٌ آخِرَاللَّيْل طَلَعْ ... فابن اللبونِ الحِق والحِقُّ جَذع لَمْ يَبْقَ مِنْ أسْنَانِها غَيْرُ الهُبَعْ. و (الهبع) : الذي يولد في غير حينه ". أخرجه البيهقي (4/95) من طريق المصنف؛ دون قوله: " قال أبو حاتم ... "، ثم قال: " وقد ذكر الشافعي رحمه الله تفسير أسنان الإبل في رواية حرملة نحو هذا، وزاد فقال: وإنما سمِّيَ ابن مخاض- يعني. الذكر منها-؛ لأنه فصل عن أمه، ولحقت أمه بالخاض، وهي الحوامل، فهو ابن مخاض، وإن لم تكن حاملاً. قال: وإنما سمي ابن لبون؛ لأن أمَّه وضعت غيره، فصار لها لبن!. 8- باب أين تُصَدَّقُ الأموال؟ 1417- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا تؤخذ صَدَقاتُهمْ إلا في دُورِهِمْ " (قلت: إسناده حسن صحيح) .

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق عن عمرو ابن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن؛ فإن ابن إسحاق إنما يخشى من تدليسه؛ وقد صرَّح بالتحديث كما يأتي. والحديث أخرجه ابن الجارود فى "المنتقى" (345) ، وأحمد (2/180) من طرق أخرى عن ابن إسحاق ... به. وأحمد أيضا (2/216) ، والبيهقي (4/110) من طريق إبراهيم بن سعد: حدثني عمرو بن شعيب ... به. وتابعه عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن عمرو ابن شعيب ... به: أخرجه أحمد (2/215) . وله شاهد من حديث عائشة ... مرفوعاً بلفظ: " تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وأفنيتهم " أخرجه ابن الجارود (346) ، والبيهقي من طريق عبد الملك بن محمد بن أبي بكر عن عبد الله بن أبي بكرعن عمرة عنها. ورجاله ثقات؛ غير عبد الملك بن محمد بن أبي بكر- وهو ابن عمرو بن حزم-، روى عنه ثلاثة من الثقات، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم (2/2/369) جرحاً ولا تعديلاً، ولعله في "ثقات ابن حبان "! وللشطر الأول منه شواهد؛ من حديث عمران وغيره، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى عند حديث عمران الذي رواه المصنف في "الجهاد" (62- باب) .

9- باب الرجل يبتاع صدقته

1418- عن محمد بن إسحاق في قوله: " لا جلب ولا جنب "؛ قال: أن تُصَدَّقَ الماشيةُ في مواضعها، ولا تُجْلَبَ إلى المُصَدِّقِ. والجَنَبُ عن غير هذه الفريضةِ أيضا: لا يُجْنَبُ أصحابُها، يقول: ولا يكون الرجل بأقصى مواضع الصد قة، فتجنب إليه، ولكن تؤخذ في موضعه. (قلت: إسناده صحيح مقطوع) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يعقوب بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول: عن محمد بن إسحاق. قلت: إسناده صحيح مقطوع. 9- باب الرجل يبتاع صدقته 1419- عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمل على فرس في سبيل الله، فوجده يُبَاعُ، فأراد أن يبتاعَهُ، فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فتهال: " لاتَبْتَعْهُ، ولا تَعُدْ في صدقتك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا عبد القه بن مسلمة عن سالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخبن؛ وقد أخرجاه كما تراه في " الإرواء " (849) .

10- باب صدقة الرقيق

10- باب صدقة الرقيق 1420- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ليس في الخيل والرقيق زكاة؛ إلا زكاة الفطر في الرقيق ". (حديث صحيح. وأخرجه مسلم من طريق أخرى. وصححه ابن حبان (3261)) . وفي رواية: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن يحيى بن فَياضِ قالا: ثنا عبد الوهاب: ثنا عبيد الله عن رجل عن مكحول عن عِرَاكِ بن مالك عن أبي هريرة. قلت: رجال إسناده ثقات رجال مسلم؛ غير الرجل الذي لم يُسَمَّ، وقد سَماهُ سفيان بن عيينة فقال: حدثنا أيوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك ... به؛ إلا أنه لم يذكر الاستثناء. أخرجه مسلم (3/67) ، وابن الجارود (355) وغيرهما، وفيه بيان أن مكحولاً لم يسمعه من عراك. وبه جزم البيهقي (4/117) ، وقال: " إنما رواه عن سليمان بن يسار عن عراك ... "، ثم ساقه عن سفيان ... به. وللحديث طريق أخرى عن عراك بن مالك ... به؛ وفيه الزيادة: رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة " (2189) ، و "الضعيفة " (4014) . وأما الرواية الأخرى؛ فإسنادها هكذا: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا مالك

11- باب صدقة الزرع

عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وصححه الترمذي وابن الجارود، وهو مخرج في المصدر الأخير منهما. 11- باب صدقة الزرع 1421- عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فيما سقت السماء والأنهار والعيون، أو كان بعلاً: العُشْرُ، وفيما سقي بالسواني أو النَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ ". (قلت: إسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) . إسناده: حدثنا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيْلِيّ: ثنا عبد الوهاب بن وهب: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الأيلي، فهو من رجال مسلم وحده؛ وقد أخرجه عنه وغيره كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/67) : حدثنا هارون بن معروف وهارون بن سعيد الأيلي قالا: ثنا ابن وهب ... به. وأخرجه البخاري، وابن الجارود وغيرهما من طرق أخرى عن ابن وهب ... به، وهو مخرج في "الإرواء" (799) . وقد ذكرت له فيه طريقاً أخرى عن ابن عمر. وله طريق ثالثة من رواية عبد الله بن دينار عنه. رواه ابن حبان (3275) ؛ وسنده حسن.

1422- عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " فيما سقت الأنهارُ والعيونُ: العُشْرُ، وما سُقِيَ بالسَّواني: ففيه نِصْفُ العُشْرِ". (قلت: حديث صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ". وقد صححه ابن الجارود والبيهقي) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن صالح- وهو المصري-؛ فإنه من رجال البخاري، وقد توبع. لكن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه؛ إلا أنه قد صرح بالتحديث كما يأتي؛ فصح الحديث، والحمد لله. والحديث أخرجه مسلم (3/67) ، وابن الجارود (347) ، وأحمد وغيرهم من طرق كثيرة عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث: أن أبا الزبير حدثه: أنه سمع جابر ابن عبد الله ... به؛ وهو مخرج في "الإرواء" (799) . 1423- قال وكيع: البعل: الكَبوُسُ الذي ينبت من ماء السماء. قال ابن الأسود: وقال يحيى- يعني: ابن آدم-: سألت أبا إياس الأسَدِيَّ؟ فقال: الذي يُسْقَى بماء السماء.

12- باب زكاة العسل

(قلت: صحيح الإسناد عن وكيع. وصحيح عن يحيى بن آدم) . إسناده: حدثنا الهيثم بن خالد الجُهَنِيُّ وابن الأسود العجلي قالا: قال وكيع ... قلت: وهذا إسناد صحيح إلى وكيع؛ فإن الهيثم بن خالد الجهني ثقة. وأما ابن الأسود- وهو الحسين بن علي بن الأسود-؛ فقال الحافظ: " صدوق يخطئ كثيراً، لم يثبت أن أبا داود روى عنه "! قلت: وهذه الرواية تَرُدُ عليه نفيه المذكور؛ فالصواب أن يقال. روى عنه مقروناً بغيره. وعليه؛ فقول يحيى بن آدم لا يثبت عنه؛ لتفرد ابن الأسود عنه به. ثم استدركت فقلت: بل تابعه الحسن- وهو ابن علي بن عفان- عن يحيى ... به: أخرجه البيهقي (4/131) . 12- باب زكاة العسل 1424- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء هلال- أحد بني مُتْعَانَ- إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعُشُورِ نَحْلِ له، وكان سأله أن يَحْمِيَ له وادياً- يقال له: (سَلَبَةُ) -، فحمى له رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك الواديَ. فلما وَلِيَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه؛ كتب سفيان ابن وهب إلى عمر بن الخطاب، يسأله عن ذلك؟ فكتب عمر رضي الله عنه: إنْ أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عُشُورِ نَحْلِهِ؛ فاحْمِ له (سَلَبَةَ) ؛ وإلا فإنما هو ذُبَابُ غَيْثٍ، يأكله من يشاء.

13- باب في خرص العنب

وفي رواية عنه عن أبيه عن جده: أن شَبَابَةَ- بطن من فهم- ... فذكر نحوه قال: مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبِ قِرْبَةٌ. وقال: سفيان بن عبد الله الثقفي. قال: وكان يحمي لهم واديين، زاد: فأدَّوْا إليه ما كانوا يُؤَذُون إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحَمى لهم وادِيَيْهِمْ. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني: ثنا موسى بن أعْيَنَ عن عمرو ابن الحارث المصري عن عمرو بن شعيب. حدثنا أحمد بن عَبْدَةَ الضَّبيُّ: ثنا المغيرة- ونسبه إلى عبد الرحمن بن الحارث المخزومي- قال: حدثني أبي عن عمرو بن شعيب ... به بالرواية الأخرى. حدثنا الربيع بن سليمان المؤذِّن: ثنا ابن وهب: أخبرني أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب ... بمعنى الغيرة. قلت: وهذا إسناد حسن؛ لأن مداره على عمرو بن شعيب. وقد روي مرسلاً، ولا تعارض بينه وبين الموصول، كما بينته في "الإرواء" (810) ، وقد خرجت الحديث هناك، فلا داعي للإعادة. 13- باب في خرص العنب 14- باب في الخرص 15- باب متى يخرص التمر؟ [ليس تحت هذه الأبواب أحاديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]

16- باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة

16- باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة 1425- عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجعْرورِ، ولون الحبَيْقِ أن يؤخذ في الصدقة. قال الزهري: لَوْنَيْنِ من في المدينة. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا سعيد بن سليمان: ثنا عَبّادٌ عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل. قال أبو داود: " وأسنده أيضا أبو الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، فهو صحيح؛ لولا أن سفيان ابن حسين قد ضُعِّفَ في روايته عن الزهري خاصة، لكنه لم يتفرد به، كما يشير إلى ذلك قول المصنف المذكور: " وأسنده أيضا ... ". وهذا المعلَق قد وصله ابن أبي حاتم في "التفسير"، فقال: حدثنا أبي: حدثنا أبو الوليد ... به. قلت: وسليمان بن كثير- وهو العبدي- حاله في الزهري كحال ابن حسين؛ قال الحافظ: " لا بأس به في غير الزهري ". ومما يدل على ضعفهما فيه: أنهما قد خولفا في إسناده ممن هو أوثق منهما، فقال ابن أبي شيبة (3/226) : حدثنا أبو أسامة عن محمد بن أبي حفصة قال: حدثني الزهري عن أبي أمامة بن سهل قال ... فذكره؛ ولم يقل: عن أبيه.. جعله من (مسند أبي أمامة) نفسه.

وقد تابعه عبد الجليل بن حُمَيْد اليَحْصُبِي أن ابن شهاب حدثه ... به: أخرجه النسائي (1/345) . قلت: وعبد الجليل هذا ثقة، ومثله محمد بن أبي حفصة؛ فإنه من رجال الشيخين؛ لكن قال الحافظ: " صدوق يخطئ ". فاتفاقهما على خلاف رواية سفيان وسليمان: ممَّا قد يدل على وهم الأخيرين في ذكر سهل في إسناد الحديث. فإن قيل: فهل يضر ذلك في صحة الحديث؟ فالجواب: لا؛ لأن أبا أمامة بن سهل بن حنيف صحابي صغير؛ فإن لم يكن قد تلقاه عن أبيه؛ فهو مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة. 1426- عن عوف بن مالك قال: دخل علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وبيده عصاً، وقد علَّقَ رجلٌ قِناً حَشَفاً، فطعن بالعصا في ذلك القِنْوِ، وقال: " لو شاء رب هذه الصدقة؛ تَصَدق بأطيب منها ". وقال: " إن رب هذه الصدقة يأكل الحَشَفَ يوم القيامة ". (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي: ثنا يحيى- يعني: القطان- عن عبد الحميد بن جعفر: حدثني صالح بن أبي عَرِيبٍ عن كثِيرِ بن مُرةَ عن عوف بن مالك.

17- باب زكاة الفطر

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير صالح بن أبي عريب، ونصر الأنطاكي؛ فذكرهما ابن حبان في "الثقات "، والأول روى عنه جماعة، ولم يضعف. والآخر ذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال الحافظ: " لين الحديث "، ولكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/345) : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: أنبأنا يحيى ... به. قلت: ورواه ابن ماجه (1821) من طريق أخرى عن يحيى ... به. ورواه ابن حبان في "صحيحه " (6736) من طريق عمرو بن أبي عاصم النبِيل قال: ثنا أبي قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر ... به أتم منه. والحاكم (4/425- 426) من طريق أخرى عن أبي عاصم ... به، وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. 17- باب زكاة الفطر 1427- عن ابن عباس قال: فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاةَ الفِطْرِ: طُهْرةً للصائم من اللَغْوِ والرَفَثِ، وطُعْمَةً للمساكينِ، مَنْ أدَاها قبل الصلاة؛ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَنْ أدَّاها بعد الصلاة؛ فهي صَدَقَةٌ من الصدقات. (قلت: إسناده حسن، وحسنه ابن قد امة والنووي) .

18- باب متى تؤدى؟

إسناده: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي وعبد الله بن عبد الرحمن السَّمَرْقَنْدِيُ قالا: ثنا مروان- قال عبد الله-: ثنا أبو يزيد الخَوْلاني- وكان شَيْخَ صِدْق، وكان ابن وهب يروي عَنه-: ثنا سَيَّارُ بن عبد الرحمن- قال محمود: الصّدَفِيّ عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي يزيد الخَوْلاني، ففيه قول مروان فقط- وهو ابن محمد الطَّاطَرِيّ-: " شيخ صدق ". ولكنهم قد اعتمدوه، فقال الحافظ فيه: " صدوق ". وصحح حديثه هذا: الحاكم، وأقره جمع، وحسَّنه من ذكرناه آنفاً، وبيانه في " الإرواء " (843) . والحديث أخرجه البيهقي (4/163) من طريق المصنف. وأخرجه ابن ماجه وغيره ممَن ذكرته هناك، فلا داعي للإعادة، وفيه التنبيه على وهم وقع للحاكم فيه. 18- باب متى تؤدى؟ 1428- عن ابن عمر قال: أمَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزكاة الفطر أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. قال: فكان ابن عمر يؤَدَيها قبل ذلك باليوم واليومين. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم دون فعل ابن عمر. وللبخاري معناه) .

19- باب كم يؤدي في صدقة الفطر؟

إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلِي. ثنا زهير: ثنا موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير النفيلي، فهو من رجال البخاري. وزهير: هو ابن معاوية الجُعْفِيُ، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/154- 155) من طريقين آخرين عن زهير ... به؛ دون فعل ابن عمر. وكذلك أخرجه هو (2/151) ، والبخاري (3/292) ، ومسلم (3/70) من طرق أخرى عن موسى بن عقبة ... به. وقد تابعه عمر بن نافع عن أبيه ... به: أخرجه البخاري وغيره، كما في "الإرواء" (832) ، وزاد البخاري (3/293- 294) من طريق أخرى عن نافع بلفظ: وكان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يُعْطَوْنَ قبل الفطر بيوم أو يومين. 19- باب كم يؤدِّي في صدقة الفطر؟ 1429- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر- قال فيه فيما قرأ على مالك: زكاةُ الفطر من رمضان- صاع [ـاً] من تمر، أو صاع [ـاً] من شعير: على كل حُر أو عبد، ذكرٍ أو أنثى من المسلمين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) .

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا مالك- وقرأه على مالك أيضا- عن نافع عن ابن عمر ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/68) ... بإسناد المصنف هذا. وهو، والبخاري (3/288) وغيرهما من طرق أخرى عن مالك ... به، وهو مخرج في "الإرواء" (832) . وقوله: " من المسلمين " قد قيل: إنها شاذة لتفرد مالك بها! ورد ذلك الحافظ وغيره بأنه قد تابعه عليها جمع، منهم عبيد الله بن عمر، كما في رواية المصنف الآتية، وعدد آخر ذكرتهم وخرجت أحاديثهم في المصدر المذكور. 1430- وزاد في رواية: والصغير والكبير؛ وأمر بها أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا يحيى بن محمد بن السَكَنِ: ثنا محمد بن جَهْضَم: ثنا إسماعيل بن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال: فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاة الفطر صاعاً ... فذكر بمعنى مالك؛ وزاد ... فذكره. قال أبو داود: " رواه عبد الله العمري عن نافع قال: على كل مسلم. ورواه سعيد الجُمَحِيّ عن عبيد الله عن نافع؛ قال فيه: من المسلمين. والمشهور عن عبيد الله؛ ليس فيه من المسلمين "!

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير يحيى بن محمد بن السكن، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (4/162) من طريق المصنف. والبخاري (3/287) ، والنسائي (1/346) ... بسند المصنف. والدارقطني، والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن شيخ المصنف ... به. قلت: فهذه متابعة قويّة من عمر بن نافع لمالك على تلك الزيادة. وتابعه أيضا عبد الله بن عمر المكبر- كما علقه المصنف-، وقد وصله أحمد (2/114) : ثنا سُرَيج: ثنا عبد الله ... به. ووصله الدارقطني أيضا، والبيهقي (4/163) مقروناً برواية مالك المتقدمة. وكذلك وصله ابن الجارود (356) ، لكن وقع فيه: (عبيد الله) - مصغراً-! وهو خطأ مطبعي. وتابعه أخوه عبيد الله المصغر- كما علقه المصنف أيضا-، وقد وصله أحمد أيضا (2/66 و 137) ، والحاكم (1/410- 411) عن سعيد بن عبد الرحمن الجُمَحِيَ عنه ... به. وصححه الحاكم والذهبي. لكن الجُمَحِيَ قد خولف كما في الرواية المشهورة الآتية. 1431- وفي أخرى: على الصغير والكبير، والحر والمملوك،- زاد موسى: والذكر والأنثى-. (قلت: إسناده صحيح) .

إسناده: حدثنا مسدد أن يحيى بن سعيد وبشر بن المُفَضَّل حدثاه عن عبيد الله. (ح) وثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه فرض صدقة الفطر: صاعاً من شعير أو تمر، على الصغير ... قال أبو داود: قال فيه أيوب وعبد الله- يعني: العمري- في حديثهما عن نافع: ذكر أو أنثى أيضا ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو أصح من رواية الجُمَحِي المتقدمة آنفاً؛ لأن اتفاق هؤلاء الحفاظ الثقات- يحيى بن سعيد وبشر بن المفَضّل وأبان، وهو ابن يزيد العطار- على رواية الحديث عن عبيد الله دون زيادة: " من المسلمين "؛ يدل على أنها زيادة غير محفوظة؛ لشذوذ الجمَحِي بها عنهم، ولكن ذلك لا يمنع صحتها من طريق مالك وغيره عن نافع، كما تقدم. ورواية أيوب التي علقها المصنف- وفيها زيادة: ذكر أو أنثى- وصلها المصنف في الرواية الآتية. وأما رواية عبد الله العمري؛ فقد وصلها أحمد والدارقطني، كما تقدم قريباً. 1432- وفي رواية رابعة عنه قال: فعدل الناس- بعد- نصف صاع من برٍّ. قال: وكان عبد الله يعطي التمر، فأعْوَزَ أهل المدينة التمر عاماً، فأعطى الشعير. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري مختصراً نحوه) . إسناده: حدثنا مسدد وسليمان بن داود العَتَكِيُّ قالا: ثنا حماد عن أيوب عن

نافع قال: قال عبد الله بن عمر ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري مختصراً كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/346) ، والطحاوي (1/319) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به؛ دون إعطاء ابن عمر التمر. وأخرجه بتمامه: أحمد (2/5) : ثنا إسماعيل: أنا أيوب ... به؛ وفي أوله عندهم جميعاً: فرض رسول الله (*) 1433- عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نُخْرِجُ- إذ كان فينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زكاةَ الفطرِ عن كلِّ صغير وكبير، حُرًّ أو مملوك: صاعاً من طعام، أو أقِطٍ، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب. فلم نزل نخرجه، حتى قدم معاوية حاجاً أو معتمراً، فكلَّم الناس على المنبر، فكان فيما كلم الناس به أنْ قال: إني أرى أن مدينِ مِنْ سَمْرَاءِ الشام تعدل صاعاً من تمر! فأخذ الناس بذلك. فقال أبو سعيد: فأما أنا؛ فلا أزال أخرجه أبداً ما عِشْتُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف ومتنه، وأخرجه البخاري دون قصة معاوية) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا داود- يعني: ابن قيس- عن عِيَاضِ ابن عبد الله عن أبي سعيد الخدري.

_ (*) في أصل الشيخ ما يدل على أن التخريج لم ينته بعد. والله أعلم. (الناشر) .

20- باب من روى: نصف صاع من قمح

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن قيس، فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه آخرون من طرق أخرى عن داود ... به. وله طرق أخرى عن عياض ... به نحوه: أخرجه البخاري من بعضها (3/290 و 292 و 293) ، دون قصة قدوم معاوية. وفي بعض الطرق عند المصنف وغيره زيادة: أو صاعاً من دقيق. ولكنها غير محفوظة؛ ولذلك أوردتها في الكتاب الأخر (284- 286) . والطرق الأخرى عن عياض قد سقتها مخرجة في "الإرواء" (847) ؛ فأغنى عن ذكرها هنا. 20- باب من روى: نصف صاع من قمح 1434- عن ثعلبة بن عبد الله- أو قال: عبد الله بن ثعلبة- (وفي رواية: عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ؛ لم يَشُك) عن أبيه قال: قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطيباً، فأمر بصدقةِ الفطرِ: صاع تمرٍ، أو صاع شعير: على كل رأس- زاد عَلِي في حديثه: أو صاع بُر، أو قمح بين اثنين. ثم اتفقا-: عن الصغير والكبير، والحر والعبد. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا علي بن الحَسَن الدرَابِجِرْدِيُ: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا همام:

ثنا بكر- هو ابن وائل- عن الزهري عن ثعلبة بن عبد الله- أو قال: عبد الله بن ثعلبة- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حدثنا محمد بن يحيى النَّيْسَابوري: ثنا موسى بن إسماعيل: ثنا همام عن بكر الكوفي- قال ابن يحيى: هو بكر بن وائل بن داود- أن الزهري حدثهم عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْرٍ عن أبيه. حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال: وقال ابن شهاب: قال عبد الله بن ثعلبة- قال ابن صالح: قال: العدوي، وإنما هو العذري-: خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناسَ قبل الفطر بيومين ... بمعنى حديث المقرئ. قلت: وهذا حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ مداره على الزهري، وقد اختلف الرواة عليه في إسناده، كما بينه المصنف رحمه الله تعالى، فمنهم من سمى شيخه: ثعلبة بن عبد الله، ومنهم من قلبه فقال: عبد الله بن ثعلبة. ثم إن منهم من أرسله؛ فلم يجاوز به ثعلبة أو عبد الله. ومنهم من وصله فقال: عن أبيه. وقال البيهقي: " قال محمد بن يحيى الذهْلِي في "كتاب العلل": إنما هو عبد الله بن ثعلبة. هكذا رواية بكر بن وائل، لم يقم هذا الحديث غيره، قد أصاب الإسناد والمتن "! كذا قال! وفيه نظر؛ فإنه قد اختلف في إسناده على بكر بن وائل، فقد قال عبد الله بن يزيد المقرئ عن همام عنه عن الزهري: عن ثعلبة بن عبد الله- أو قال: عبد الله بن ثعلبة- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... كما تقدم في الرواية الأولى عند المصنف رحمه الله! فلم يجزم فيها بأنه عبد الله بن ثعلبة. وقد أشار إلى هذه الرواية البيهقي. وقال الدارقطني: " الصواب فيه: عبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعَيْرٍ، لثعلبةَ صحبةٌ، ولعبد الله رؤية".

21- باب في تعجيل الزكاة

فأشار إلى أن الصواب أنه مرسل. ولكن للحديث شواهد كثيرة تشهد لصحته، وقد ذكرت طائفة منها في "الأحاديث الصحيحة" (1177) ، مع بيان مُخَرجيها. وللحديث عند المصنف طريق أخرى بزيادة في المتن، تفرد بها النعمان بن راشد عن الزهري، ولذلك أوردته بها في الكتاب الآخر برقم (287) . 21- باب في تعجيل الزكاة 1435- عن أبي هريرة قال: بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرَ بنَ الخطابِ على الصدقة، فمنع ابنُ جميلٍ وخالدُ بن الوليدِ والعباسُ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما ينقم ابنُ جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله! وأما خالد بن الوليد؛ فإنكم تظلمون خالداً؛ فقد احتبس أدراعه وأعْتُدَهُ في سبيل الله! وأما العباس عمّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فهي عليَّ ومثلُها ". ثم قال: " أما شعرتَ أن عمَّ الرجلِ صِنْو الأبِ- أو صِنْوُ أبيه-؟! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم بتمامه. وصحح الترمذي الجملةَ الأخيرةَ منه. وأخرجه البخاري بنحوه- دون الجملة المذكورة- بلفظ: " فهي عليه "، وهو الأرجح) . إسناده: حدثنا الحسن بن الصبَّاح: ثنا شَبَابَةُ عن وَرْقَاءَ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم وأحمد وغيرهما من طرق أخرى عن ورقاء ... به. والبخاري وغيره من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد ... به نحوه؛ دون قوله: " أما شعرت ... "؛ وقال: " فهي عليه صدقة، ومثلها معها "؛ مكان قوله: " فهي علي ومثلها ". وهو الأرجح عندي؛ لأن لشعيب فيه متابِعَيْنِ عليه، ذكرتهما في " الإرواء" (858) ، وخرجت أحاديثهم، وما رجحه البيهقي هناك. 1436- عن علي: أن العباس سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعجيل صدقته قبل أن تَحِل؟ فرخَّص له في ذلك. (قلت: حديث حسن، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم عن حُجَيةَ عن علي. قال أبو داود: " روى هذا الحديث: هُشَيْمٌ عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث هشيم أصح ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حجَيةَ- وهو ابن عَدِي-، والحجاج بن دينار؛ وقد وثِّقَا على اختلاف فيهما.

22- باب في الزكاة، هل تحمل من بلد إلى بلد؟

وقد اختلف في إسناده على الحكم على وجوه ستة: أحدها هذا الذي علقه المصنف عن هشيم، وهو الأصح كما قال المصنف وغيره. لكن الحديث له شواهد ثلاثة، ذكرتها مع سائر الوجوه المشار إليها في "الإرواء " (857) ، وذكرت فيه أن الحديث يرتقي بها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال. 22- باب في الزكاة، هل تُحَمْلُ من بَلَد إلى بَلَد؟ 1437- عن إبراهيم بن عطاء- مولى عمران بن حصين- عن أبيه: أن زياداً- أو بعض الأمراء- بعث عمران بن حُصَيْن على الصدقة. فلما رجع قال لعمران: أين المال؟ قال: وللمال أرسلتني؟! أخذناها من حيث كنا نأخذها على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووضعناها حيث كنا نضعها عدى عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي: أخبرنا إبراهيم بن عطاء. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم بن عطاء، وهو ثقة. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/555) من طريق أخرى عن إبراهيم ... به.

23- باب من يعطى الصدقة؟ وحد الغنى

23- باب من يُعْطَى الصَّدَقَةَ؟ وحَدِّ الغنى 1438- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سأل وله ما يغنيه؛ جاءت يوم القيامة خمُوشٌ أو خُدُوشٌ أو كُدُوحٌ في وجهه ". فقيل: يا رسول الله! وما الغنى؟ قال: " خمسون درهماً، أو قيمتها من الذهب ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن حَكِيمِ بن جُبَيْرٍ عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله. قال يحيى: فقال عبد الله بن عثمان لسفيان: حِفْظِي أن شعبة لا يروي عن حكيم بن جبير؟ فقال سفيان: فقد حَدَّثناه زُبَيْدٌ عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد. قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق زُبَيْدٍ- وهو ابن الحارث اليَامِيّ-؛ فإنه ثقة من رجال الشيخين، لا من طريق حَكِيمِ بن حُبَيْرٍ؛ فإنه ضعيف. والحديث أخرجه الترمذي- وحسنه-، والنسائي وغيره، وقد خرجته في "الصحيحة" (499) . 1439- عن رجل من بني أسَدٍ؛ أنه قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغَرْقَدِ، فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسَلْهُ لنا شيئاً نأكله، فجعلوا يذكرون من حاجتهم! فَذَهَبْتُ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوجدت عنده رجلاً يسأله، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا

أجد ما أعطيك "؛ فتولى الرجل عنه وهو مُغْضَبٌ، وهو يقول: لَعَمْرِي إنك لَتُعْطِي مَنْ شئت! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يغضَبُ عليّ أنْ لا أجِدَ ما أعطيه! من سأل منكم وله أُوقِيةٌ أو عِدْلُهَا؛ فقد سأل إلحافاً". قال الأسدي: فقلت: اللِّقْحَةُ لنا خيرٌ من أُوقِيَّةِ، والأوقية أربعون درهماً. قال: فرجعت ولم أسأله! فَقَدِمَ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك شعيرٌ أو زبيبٌ، فَقَسَمَ لنا منه- أو كما قال-، حتى أغنانا الله. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسَد. قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الأسَدِي، فهو صحابي، ولا تضر جهالة اسمه؛ فإنهم عدول كلهم. والحديث أخرجه مالك في آخر "الموطأ" (3/159- 160) ... بهذا الإسناد والمتن. وأخرجه النسائي (1/363) ، وابن الجارود (366) من طريق أخرى عن مالك ... به. وتابعه سفيان عن زيد بن أسلم ... به مقتصراً على قوله: " من سأل وله أوقية أو عِدْلُها؛ فقد سأل إلحافاً ". 1440- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سأل وله قيمة أوقية؛ فقد ألحف ". فقلت: ناقتي الياقوتةُ هِيَ خَيْر من أوقية- قال هشام: خير من أربعين

درهماً-، فرجعت فلم أسأله. زاد هشام في حديثه: وكانت الأوقية على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين درهماً. (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار قالا: ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجَالِ عن عُمَارة بن غَزِيَّةَ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ والحديث مخرج في "الصحيحة" (1719) ، مع الذي قبله. 1441- عن سهل ابن الحنظليَّة قال: قَدِمَ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُيَيْنَةُ بن حِصْن والأقْرَعُ بن حَابِسِ، فسألاه، فأمر لهما بما سألا، وأمر معاويةَ فكتب لهما بما سألا. فأما الأقرع؛ فأخَذ كتابه، فَلَفَّهُ في عِمَامَتِه وانطلق. وأما عُيَيْنَةُ؛ فأخذ كتابه وأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكانه، فقال: يا محمد! أتراني حاملاً إلى قومي كتاباً، لا أدري ما فيه كصحيفة المُتَلَمِّسِ؟! فأخبر معاويةُ بقوله رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سأل وعنده ما يُغْنِيه؛ فإنما يستكثر من النار ". - وقال النُّفَيْلِيُّ في موضع آخر: " من جمر جهنم "-. فقالوا: يا رسول الله! وما يغنيه؟ - وقال النفيلي في موضع أخر: وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة؟ - قال: " قَدْرُ ما يُغَدِّيهِ أو يُعَشِّيهِ "- وقال النفيلي في موضع آخر:

" أن يكون له شِبعُ يوم وليلةِ، أو ليلة وبوم "-. وكان حدثنا به مختصراً علىَ هذه الألفاظ التي ذكرت. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلى: ثنا مِسْكِينٌ: ثنا محمد بن المُهَاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كَبْشَةَ السَّلولِي: ثنا سَهْلُ ابن الحنظلية. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن المهاجر، فهو من رجال مسلم، وقد توبع كما يأتي. ومسكين: هو ابن بكر الحَرَّاني؛ وفيه ضعف من قبل حفظه، لكنه لم يتفرد كما سترى. والحديث أخرجه أحمد (4/180- 181) : ثنا علي بن عبد الله: حدثني الوليد بن مسلم: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني ربيعة بن يزيد ... به أتم منه؛ وفيه قصة البعير والأمر بالرفق به، وقد ساقها المصنف في أوائل الجهاد بإسناده هنا رقم (2206) . وكذلك أخرجه ابن حبان (844 و 845) من طريقين آخرين عن علي بن عبد الله ... به. 1442- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس المسكين الذي تَرُدُّهُ التمرة والتمرتان، والأُكْلةُ والأُكْلتان؛ ولكِنِ المسكينُ الذي لا يَسْألُ الناس شيئاً، ولا يَفْطُنون به فَيُعْطُونَهُ ". ومن طريق أخرى عنه مثله قال:

" لكن المسكين المتعفِّف- زاد مسدد في حديثه: ليس له ما يستغني به، الذي لا يسأل، ولا يُعْلَمُ بحاجتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عليه، فذاك المحرومُ- ". قال أبو داود: " (المحروم) : من كلام الزهري أصح ". (قلت: وهو كما قال، والحديث بدون هذه الزيادة صحيح من الطريقين، وهما على شرط الشيخين. وقد أخرجاه من طرق أخرى بدونها، فهي زيادة شاذة، والصحيح أنها مقطوعة من كلام الزهري) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. حدثنا مسدد وعبيد الله بن عمر وأبو كامل- المعنى- قالوا: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- مثله- قال ... قال أبو داود: " روى هذا: محمد بن ثور وعبد الرزاق عن معمر ... جعلا: " المحروم " من كلام الزهري، وهو أصح ". قلت: وهذان إسنادان صحيحان كلاهما على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بأسانيد أخرى كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/393) : ثنا أبو نعيم قال: ثنا الأعمش ... به. ثم أخرجه هو (2/260) ، والنسائي (1/359) من طريق عبد الأعلى: حدثنا معمر ... به مثل رواية ابن ثور وعبد الرزاق المعلقة عند المصنف، لكن النسائي لم يذكر زيادة: " فذاك المحروم" مطلقاً. فقد اتفق ثلاثة من الثقات على رواية هذه الزيادة موقوفاً على الزهري. فرفعها

شاذ ووهم! والظاهر: أنه من عبد الواحد بن زياد؛ فإنه مع ثقته واحتجاج الشيخين بحديثه-؛ فقد تكلموا في روايته عن الأعمش خاصة. ولذلك قال الحافظ: " ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال ". ومما يؤيد شذوذها: أن الحديث أخرجه البخاري (3/265 و 267 و 8/163) ، ومسلم (3/95- 96) ، والنسائي (1/358) ، والدارمي (1/379) ، والبيهقي (4/195- 196) ، وأحمد أيضا (2/260 و 316 و 395 و 445 و 449 و 457 و469 و 506) من طرق عديدة عن أبي هريرة ... به نحوه دون الزيادة. فثبت شذوذها يقيناً. قلت: ومثلها في الشذوذ: رواية شَرِيكِ بن أبي نَمِر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة ... مرفوعاً به نحوه، وزاد في آخره: " اقْرَأُوا إن شئتم: (لا يسألون الناس إلحافاً) ". وابن أبي نَمِر؛ وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد تُكُلِّمَ فيه من قبل حفظه، ومخالفته للثقاتً أحياناً، كمثل ذكره في قصة الإسراء والمعراج أنه كان مناماً! مما هو مبين في مكان آخر. ولذلك قال الحافظ عنه في "التقريب ": " صدوق يخطئ ". وهكذا شذ بهذه الزيادة عن كل الطرق المشار إليها آنفاً عند الشيخين وغيرهما، فلم يذكرها أحد منهم في الحديث، حتى الإمام مسلم لم يذكرها في هذه الطريق؛ وقد أخرج الحديث من هذا الوجه دونها، مشيراً بذلك إلى شذوذها! والظاهر أنها مدرجة من بعض الرواة.

1443- عن رجلين: أنهما أتيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حَجّةِ الوداع وهو يَقْسِمُ الصدقة، فسألاه منها، فَرَفَعَ فينا البَصَرَ وخَفَضَهُ، فرآنا جَلْدَينِ، فقال: " إن شئتما أعطيتكما؛ ولا حَظَّ فيها لغني، ولا لِقَوِي مكتسب ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن عبد الهادي، وجَودَهُ أحمد) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عَدِي بن الخِيَارِ قال: أخبرني رجلان ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده. والرجلان صحابيان، لا يضر جهالتنا باسميهما؛ لأن الصحابة كلهم عدول، كما ذكرنا ذلك مراراً. وأما قول الشيخ الأعظمي في تعليقه على "مصنف عبد الرزاق " (4/110) - بعد أن عزاه للمصنف،وذكر أنه متصل-: " وفيه ما فيه "! فمما لا معنى له! والحديث مخرج في "الإرواء" (876) ؛ وأزيد هنا فأقول: قد رواه عبد الرزاق (7154) عن معمر عن هشام بن عروة ... به؛ إلا أنه أرسله عن عبيد الله بن عدي؛ لم يقل: أخبرني رجلان! والوصل أصح؛ لأنه زيادة ثقة؛ لا سيما ومعمر في روايته عن هشام بن عروة شيء.

ثم وجدت سفيان- وهو ابن عيينة- رواه عن هشام ... مثل رواية عيسى: أخرجه الشافعي (1/242) . 1444- عن عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تَحِلُّ الصدقة لِغَنِي، ولا لِذِي مِرَّةٍ سَوِي ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى الأنباري الخُتُّلِيُّ: ثنا إبراهيم- يعني: ابن سعد- قال: أخبرني أبي عن ريحَانَ بن يزيد عن عبد الله بن عمرو. قال أبو داود: " رواه سفيان عن سعد بن إبراهيم ... كما قال إبراهيم. ورواه شعبة عن سعد قال: " لذي مِرَّةٍ قَوِي ". والأحاديث الأُخَر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ بعضها: " لذي مرة قوي "، وبعضها: " لذي مرة سوي ". وقال عطاء بن زهير: إنه لقي عبد الله بن عمرو فقال: إن الصدقة لا تَحِلُّ لقوي، ولا لذي مرة سوي ". قلت: رجال إسناده ثقات رجال الشيخين؛ غير ريحان بن يزيد، فقال ابن حبان: " كان أعرابياً صدوقاً ". ووثقه ابن معين، مع أنهم لم يذكروا له راوياً غير سعد بن إبراهيم. وحسن له الترمذي هذا الحديث. وقال الحافظ: " مقبول "؛ يعني: عند المتابعة؛ وقد توبع؛ فإن للحديث طريقاً أخرى يتقوى بها، وشواهد من حديث أبي هريرة وغيره، خرجتها كلها في "الإرواء " (877) . ورواية سفيان المعلقة وصلها عبد الرزاق (7155) وغيره، كالترمذي، وقال:

24- باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني

ورواية شعبة وصلها الطحاوي والحاكم. ورواية عطاء بن زهير وصلها البيهقي. وعطاء هذا لم أره في "التهذيب "! وإنما في "الجرح والتعديل ". 24- باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني 1445- عن عطاء بن يسار أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تحل الصدقة لِغَنِي إلا لخمسة،: لغازٍ في سبيل الله، أو لعاملٍ عليها، أو لغارم، أو لرجلِ اشتراها بماله (1) ، أو لرجلٍ كان له جارٌ مسكينٌ فتصدق على المسكين، فأهدَاها المسكينُ للغنيِّ ". (وفي رواية عنه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه) . (قلت: إسناده صحيح مرسلاً ومسنداً، ورجح طائفة من الأئمة المسند، وصححه جماعة؛ منهم ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار. حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدري.

_ (1) يراجع "عون المعبود" (2/38- طبع الهند) .

25- باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة؟

قال أبو داود: " ورواه ابن عيينة عن زيد ... كما قال مالك. ورواه الثوري عن زيد قال: حدثني الثبْتُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت: إسناده صحيح مرسلاً وموصولاً، وقد أشار المصنف إلى ترجيح المرسل على المسند! وعكس ذلك البيهقي، وجزم بذلك شيخه الحاكم، ووافقه الذهبي، وهو الراجح عندي؛ لعدم تفرد معمر بإسناده، كما ذكرته في "الإرواء" (870) عن جمع من الأئمة الذين جزموا بصحة المسند؛ ممن ذكرنا آنفاً. وأزيد هنا فأقول: أن ممن أسنده: الثوري، لكنه لم يُسَمَ الصحابي، فقال عبد الرزاق في "المصنف " (7152) : عن الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. وهذا إسناد صحيح. وما علقه المصنف عن الثوري ... حدثني الثبت ... لعله رواية عنه. 25- باب كم يُعْطَى الرجلُ الواحدُ من الزكاة؟ 1446- عن رجل من الأنصار- يقال له: سهل بن أبي حَثْمَةَ-: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وداه بمئةٍ من الإبل. يعني: دِيَةَ الأنصاري الذي قُتِلَ بخيبر. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم مطولاً، وسيأتي كذلك في "الديات ") . إسناده: حدثنا الحسن بن محمد بن الصَّبَّاحِ: ثنا أبو نُعَيْم: حدثني سعيد بن عبَيْد الطائي عن بُشَيْرِ بن يسار زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له ...

26- باب ما تجوز فيه المسألة

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن الصباح؛ فهو من رجال البخاري، وقد تابعه البخاري نفسه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (12/194- 196) : حدثنا أبو نعيم ... به أتم منه. وكذلك أخرجه النسائي (2/238) من طريق أخرى عن أبي نعيم. ومسلم (5/100) من طريق ابن نمير: حدثنا سعيد بن عبيد ... به مختصراً وأتم من رواية المصنف. وسيأتي بتمامه في "الديات " [8- باب القتل بالقسامة] من طريق يحيى بن سعيد عن بُشَيْرٍ. ومن طريق أبي ليلى عن سهل. 26- باب ما تجوز فيه المسألة 1447- عن سَمُرَةَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المسائلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بها الرجلُ وَجْهَهُ؛ فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك؛ إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمرٍ لا يجد منه بُدّاً ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر النَّمَرِيُّ: ثنا شعبة عن عبد الملك بن عُمَيْر عن زيد بن عقبة الفزاري عن سمرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير زيد بن عقبة الفزاري، وهو ثقة. والحديث مخرج في "التعليق الرغيب " (2/2) ، فلا داعي للإعادة. ولكني أزيد هنا فأقول:

إن النسائي والطحاوي قد أخرجاه من طريقين آخرين عن عبد الملك بن عمير ... به. وابن حبان (842) من طريق ثالثة. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 1448- عن قَبِيصَةَ بن مُخَارِق الهلالي قال: تحملْتُ حَمَالَةً، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " أقِمْ يا قبيصة! حتى تأتِيَنَا الصدقةُ، فنأمُرَ لك بها ". ثم قال: " إن المسألة لا تَحِل إلا لأحدِ ثلاثةِ: رَجَلٌ تحمَّلَ حَمَالةً، فحلَّتْ له المسألةُ، فسأل حتى يصِيبَها، ثم يمْسِك. ورجلٌ أصابته جائحة فاجْتَاحَتْ ماله، فحَلَتْ له المسألة، فسأل حتى يُصِيبَ قواماً من عيش- أو قال: سِدَاداً من عَيْش-. ورجل أصابته فاقة، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحِجَى من قومه: قد أصابت فلاناً الفاقةُ، فحَلَّتْ له المسألةُ، فسأل حتى يُصيب قواماً من عيش- أو سِداداً من عَيْش-، ثم يمسك. وما سواهن من المسألة يا قبيصة! سُحْتٌ، يأكلها صاحبها سُحْتاً ". (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وقد أخرجه مسلم. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن هارود بن رئاب قال: حدثني كِنَانَةُ بن نُعَيْم العَدَوِيُّ عن قَبِيصَةَ بن مخَارِقٍ الهلالي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال "الصحيح "؛ وقد أخرجه مسلم وغيره، كما في "الإرواء" (868) .

27- باب كراهية المسألة

27- باب كراهية المسألة 1449- عن أبي مسلم الخولاني قال: حدثني الحبيب الأمين- أما هو إلي فَحَبيبٌ، وأما هو عندي فأمين- عوف بن مالك قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبعةً أوثمانيةً أوتسعةً، فقال: " ألا تبايعون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! ". وكنا حَدِيثَ عَهْد ببيعة. قلنا: قد بايعناك! حتى قالها ثلاثاً، فبسطنا أيدينا، فبايعناه. فقال قائل: يا رسول الله! إنا قد بايعناك؛ فَعَلامَ نبايِعُكَ؟! قال: " أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وتُصَلُّوا الصلواتِ الخمسَ، وتَسْمَعُوا وتُطِيعُوا- وأسر كلمةً خَفِيَّةً، قال:- ولا تسألوا الناس شيئاً ". قال: فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فما يسأل أحداً أن يناوله إياه. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم وابن حبان (3376)) . إسناده: حدثنا هشام بن عمار: ثنا الوليد: ثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة - يعني: ابن يزيد- عن أبي إدريس الخولاني عن أبي مسلم الخولاني. قال أبو داود: " حديث هشام لم يروه إلا سعيد ". قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ غير هشام بن عمار، فهو على شرط البخاري؛ على ضعف فيه، ولكنه قد توبع كما يأتي. وكذلك سعيد بن عبد العزيز؛ فيه ضعف لاختلاطه، لكنه لم يتفرد به كما سأبينه.

والحديث أخرجه ابن ماجه (2/253) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه مسلم (3/97) ، والنسائي (1/80) من طرق أخرى عن سعيد بن عبد العزيز ... به؛ وليس عند النسائي: فلقد كان بعض أولئك ... وأخرجه البيهقي (4/197) ... مثل رواية مسلم. وللحديث طريق أخرى يتقوى بها؛ يرويه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لَقِيط عن عوف بن مالك الأشجعي ... به؛ دون قوله: " أن تعبدوا ... وتطيعوا ". أخرجه أحمد (6/27) ، ورجاله ثقات؛ غير ابن لهيعة، فهو سيئ الحفظ. ثم إنني أخشى أن يكون منقطعاً؛ فقد روى أحمد أيضا (6/24) من طريق سعيد بن أبي أيوب قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لَقِيط عن مالك بن هِدْمٍ عن عوف بن مالك الأشجعي قال ... فذكر حديثاً آخر. وسعيد بن أبي أيوب ثقة. وقد ذكر الحافظ في "التعجيل " لربيعة بن لقيط رواية عن مالك بن هِدْم، ولم يذكر له رواية عن عوف! والله أعلم. 1450- عن ثوبان- وكان مَوْلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يَكْفُل لي أن لا يسألَ الناسَ شيئاً؛ وأتَكَفَّلُ له بالجنةِ؟! ". فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحداً شيئاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الحاكم على شرط

مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه المنذري) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عن عاصم عن أبي العالية عن ثوبان. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعاصم: هو ابن سليمان الأحول. والحديث أخرجه الحاكم (1/417) من طريق آخر عن عبيد الله بن معاذ ... به، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وهذا تقصير، والصواب ما ذكرنا. وأخرجه أحمد (5/276) : حدثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... به. وتابعه عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن ثوبان ... به: أخرجه النسائي (1/363) ، وابن ماجه (1/563) ، والبيهقي (14/97) ، والطيالسي (1/178) ، وأحمد أيضا (5/277 و 281) عن ابن أبي ذئب عن محمد بن قيس عنه. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، وهو ثقة. ومحمد بن قيس: هو المَدَنِي قاص عمر بن عبد العزيز. وتابعه العباس بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن يزيد ... به: أخرجه أحمد (5/279) .

28- باب في الاستعفاف

28- باب في الاستعفاف 1451- عن أبي سعيد الخُدْري: أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم، حتى إذا نَفِدَ ما عنده قال: " ما يكون عندي من خير؛ فَلَنْ أدّخِرَهُ عنكم. ومن يسْتِعففْ؛ يُعِفهُ الله، ومن يَسْتَغْنِ؛ يغْنِهِ اللهُ، ومن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله. وما أعطى اللهُ أحداً مِنْ عطاءٍ أوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وقال الترمذي: "حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمه عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/261) ، ومسلم (3/102) ، والترمذي (2025) - وقال: " حسن صحيح "-، والنسائي (1/362) ، والدارمي (1/378) ، وأحمد (3/94) من طرق عن مالك ... به. وهو في آخر "الموطأ! (3/158) ... سنداً ومتناً. ورواه عنه البيهقي أيضا (4/195) . ثم أخرجه البخاري (11/254) ، ومسلم، وأحمد (3/93) من طرق أخرى عن الزهري ... به نحوه.

وتابعه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ... مختصراً: أخرجه أحمد (3/12 و 47) . وله طريق ثالثة، يرويه شعبة قال: أخبرني أبو جَمْرَةَ قال: سمعت هلال بن حِصْن يقول: قدمت المدينة، فنزلت على أبي سعيد في داره ... الحديث نحوه؛ وفيه قصة. أخرجه الطيالسي (1/178) ، وابن أبي شيبة (3/211) ، ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير هلال هذا، وثقه ابن حبان فقط. وطريق رابعة، يرويه محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد ... به نحوه؛ وزاد في آخره: قال: فرجعت ولم أسأله، فأنا اليوم أكثرُ الأنصارِ مالاً. أخرجه ابن حبان (3389) بسند حسن. ثم أخرجه (3390) من طريق ابن عجلان عن سعيد المَقْبُرِي عن أبي سعيد ... مثل حديث الباب؛ وإسناده حسن أيضا. 1452- عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أصابته فَاقَةٌ، فأنزلها بالناس؛ لم تُسَدَّ فَاقتُهُ. ومن أنزلها بالله؛ أوشك الله له بالغنى: إما بِمَوْتٍ عاجلٍ، أو غِنىً عاجل ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود. (ح) وثنا عبد الملك بن حبيب أبو مروان: ثنا ابن المبارك- وهذا حديثه- عن بَشِيرِ بن سلمان عن سَيارٍ أبي حمزة عن طارق عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير سيار أبي حمزة، فقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع. وغير أبي مروان؛ فإنه متابع. والحديث أخرجه جمع، منهم الترمذي والحاكم- وصححاه- وتبعهما الذهبي، وقد خرجته في "التعليق الرغيب " (2/14) ، وبسط القول فيه في "الصحيحة" (2787) سنداً ومتناً. 1453- عن ابن الساعدي قال: استعملني عمر رضي الله عنه على الصدقة. فلما فرغت منها وأديتُها إليه؛ أمر لي بِعُمَالَةٍ. فقلت: إنما عَمِلْتُ لله، وأجْري على الله! قال: خُذْ ما أُعْطِيتَ، فإني قد عَمِلْتً على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَملني، فقلت مِثْلَ قولك، فقال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أُعْطِيتَ شيئاً من غير أن تسأله؛ فَكُلْ وتصدق ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن حبان من طريق أخرى؛ وزاد: أن عُمَالة السَّعْدِيِّ كانت ألفَ دينارٍ) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا الليث عن بُكَيْرِ بن عبد الله بن الأشَجِّ عن بُسْرِ بن سَعِيد عن ابن الساعدي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه كما يأتي.

وابن الساعدي- ويقال: السعدي: اسمه عبد الله، صحابي. والحديث أخرجه مسلم (3/98) من طريق أخرى عن الليث ... به. وأخرجه البخاري (13/128- 130) ، وأحمد (1/17 و 40) من طريق السائب بن يزيد ابن أخت نمر أن حُوَيْطِبَ بن عبد العُزَّى أخبره أن عبد الله بن السعدي ... به نحوه أتم منه؛ ولم يقع في "المسند" ذكر لحويطب. وهو رواية مسلم من هذه الطريق. والحديث أخرجه غير هؤلاء، ممن ذكرتهم في "الإرواء" (862) ، ومنهم ابن حبان. والزيادة التي ذكرناها له فيما سبق؛ إسنادها صحيح. 1454- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال- وهو على المنبر، وهو يذكر الصدقة، والتعفُّفَ منها، والمسألة-: " اليد العليا خير من اليد السفلى، واليدُ العُلْيا: المنفقةُ. والسُّفلى: السائلةُ ". (قلت: إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. قال أبو داود: " اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث؛ قال عبد الوارث: " اليد العليا: المتعففة ". وقال أكثرهم عن حماد بن زيد عن أيوب: " العليا: المنفقة ". وقال واحد عن حماد: " المتعففة " ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث أخرجه البخاري (3/230) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه مسلم (3/94) ، والنسائي (1/350) عن قتيبة بن سعيد عن مالك. وأخرجه البيهقي (4/197) من الطريقين عن مالك، وهذا في "الموطأ" (3/158) . ووصله البخاري، والدارمي (1/389) ، والبيهقي، وأحمد (2/98) من رواية جماعة عن حماد بن زيد عن أيوب ... به. وتابعه موسى بن عقبة عن نافع ... به: أخرجه أحمد (2/67) والبيهقي. وفي رواية له: " المتعففة "- وأما رواية عبد الوارث؛ فلم أر من وصلها! وأما الواحد الذي يشير إليه المصنف؛ فهو مسدد، رواه في "مسنده "- كما في "الفتح "-، وأيد قول ابن عبد البر: " رواية مالك أولى وأشبه بالأصول ". 1455- عن مالك بن نَضْلَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأيدي ثلاثة: فَيَدُ اللهِ العليا، وبدُ المعطي التي تليها، ويدُ السائلِ السُفلى؛ فأعط الفَضْلَ، ولا تَعْجِزْ عن نفسك ". (قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم، يوافقه الذهبي، وصححه أيضا ابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عَبِيدَة بن حُمَيْد التيمي: حدثني أبو الزعْرَاءِ عن أبي الأحوص عن أبيه مالك بن نَضْلَةَ.

29- باب الصدقة على بني هاشم

قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبي الزعراء - واسمه عمرو بن عمرو الكوفي-، وهو ثقة، كما قال ابن معين وغيره. وأبو الأحوص: عمه، واسمه عوف بن مالك. والحديث في "مسند أحمد" (4/137) . وعنه: أخرجه الحاكم أيضا (1/408) ، وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان (809) ، والبيهقي (4/198) ، وفي "الأسماء والصفات " (322) من طريق آخر عن عَبِيدَةَ بن حُمَيْدٍ ... به. وكذا رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (1/247/1) ، وعنه تلقاه ابن حبان. وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود ... مرفوعاً نحوه، وهو مخرج في "التعليق الرغيب " (2/10) . 29- باب الصدقة على بني هاشم 1456- عن أبي رافع: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع: اصحبني؛ فإنك تصيب منها. قال: حتى آتِيَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسألَهُ! فأتاه فسأله؟ فقال: " مولى القوم من أنفسهم، وإنَّا لا تَحِلُ لنا الصدقة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الترمذي) .

إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبي رافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وابن أبي رافع: اسمه عبيد الله. والحكم: هو ابن عتَيْبَة. والحديث أخرجه جماعة، منهم الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح ". وهو مخرج في "الإرواء" (862) . 1457- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَمُر بالتمرة العائرة، فما يمنعه من أخذها؛ إلا مخافةَ أن تكونَ صدقةً. (وفي رواية عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجد تمرة، فقال: " لولا أني أخاف أن تكون صدقة؛ لأكلتها ") . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" بلفظ الرواية الأخرى) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا حماد عن قتادة عن أنس. حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي عن خالد بن قيس عن قتادة عن أنس:

أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجد تمر ... قال أبو داود: " رواه هشام عن قتادة هكذا ". قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم من الوجهين؛ وقد أخرجه كما يأتي. وحماد: هو ابن سلمة؛ وفيه كلام يسير في روايته عن غير ثابت، وهنا قد تابعه خالد بن قيس، وهو ثقة. على أنه قد روي عنه عن ثابت؛ لكِنْ في إسناده إليه ضعف كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/193 و 258) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ... بالرواية الأولى. وخالفهم مؤَمَّلٌ فقال: ثنا حماد: ثنا ثابت عن أنس ... به: أخرجه أحمد (3/241) . ومؤمل: هو ابن إسماعيل، فيه ضعف، فلا يحتج به؛ لا سيما إذا خالف. وروأية هشام المعلقة وصلها مسلم (13/18) ، وأحمد (3/291- 292) ... بلفظ الرواية الثانية. وتابعه عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة ... به: أخرجه أحمد (3/184) . ولها طريق أخرى، يرويه منصور عن طلحة بن مصَرِّف: حدثنا أنس بن مالك ... به.

30- باب الفقير يهدي للغني من الصدقة

أخرجه مسلم، وأحمد (3/119 و 132) ، والبخاري أيضا (2431) . 1458- عن ابن عباس قال: بعثني أبي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إبل، أعطاها إياه من الصدقة. (وفي رواية عنه ... نحوه؛ زاد: أبي يُبْدِ لُها له) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا محمد بن عُبَيْد المحارِبِيُ: ثنا محمد بن فُضَيْل عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن كُرَيْب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: بعثني ... حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا محمد- هو ابن أبي عبيدة- عن أبيه عن الأعمش عن سالم عن كريب. قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم من الوجه الثاني، وكذلك من الوجه الأول؛ إلا أن حبيب بن أبي ثابت مدلس، وقد عنعنه. 30- باب الفقير يُهْدِي للغنيِّ من الصدقة 1459- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتِيَ بلَحْمٍ. قال: "ماهذا؟ ". قالوا: شيء تُصُدِّقَ بها على بريرة. فقال:

31- باب من تصدق بصدقة، ثم ورثها

" هو لها صدقة، ولنا هدية ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقلت على شرط الشيخين؛ غير عمرو بن مرزوق، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/278 و 5/155) ، ومسلم (3/120) ، والنسائي (2/138) ، وأحمد (13/17 و 130 و 180 و 276) من طرق عن شعبة ... به. 31- باب من تَصَدَّقَ بصدقة، ثم وَرِثَها 1460- عن بُريدَةَ: أن امرأة أتَتْ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: كنتُ تصدّقْتُ على أمِّي بِوَلِيدَة، وإنها ماتت وتركتْ تلك الوليدةَ؟ قال: " قد وَجَبَ أجْرُكِ، ورجعتْ إليكِ في الميراث ". (قلت: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بزيادة قضيتين أُخريين، وسيأتي كذلك في "الوصايا") . إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير: ثنا عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عطاء، فهو على شرط مسلم وحده، وقد وثقه ابن معين وابن حبان. وقال النسائي:

32- باب في حقوق المال

" ليس بالقوي "! وقال الذهبي في "الميزان ": " صدوق إن شاء الله ". ثم ساق له قصة يؤخذ منها أنه دلس في حديث: " كنا نتناوب رِعْيَةَ الإبل ". وكأنه من هنا قال الحافظ: " صدوق يخطئ ويدلس "! ولعل تدليسه كان نادراً، وخطأه يسيراً؛ ومن هنا احتج به مسلم، وصدقه الذهبي. والله أعلم. والحديث أخرجه مسلم وغيره من طرق عن عبد الله بن عطاء ... أتم منه، وسيأتي كذلك في "الوصايا". 32- باب في حقوق المال 1461- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: كنا نَعُدُ الماعونَ على عَهْدِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عارِيَّةَ الدلْوِ والقِدْرِ. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا أبو عوانة عن عاصم بن أبي النجُودِ عن شقيق عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنهما أخرجا لعاصم متابعةً. والحديث أخرجه البيهقي (4/183) من طريق المصنف، ومن طريق شيبان عن عاصم ... به.

وأخرجه ابن جرير (30/204- 206) من هذا الوجه، ومن وجوه أخرى صحيحة عن ابن مسعود ... أتم منه. 1462- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما من صاحب كنز لا يؤدِّي حقَّهُ إلا جعله الله يوم القيامة يُحْمَى عليها في نار جهنم، فتُكْوَى بها جَبهتُهُ وجَنْبُهُ وظَهْرُهُ، حتى يقضيَ اللهُ بين عبادِهِ في يوم كان مقداره خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تَعُدُّون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وما من صاحب غنم لا يؤدِّي حقَّها؛ إلا جاءت يوم القيامة أوْفَرَ ما كانت، فَيُبْطَحُ لها بقاع قَرْقرٍ، فَتَنْطَحُهُ بقرونها، وتَطَأُهُ بأظلافها، ليس فيها عَقْصَاءُ، ولا جلحاءُ، كلما مضت أخراها رُدَّتْ عليه أولاها، حتى يَحْكُمَ الله بين عباده؛ في يوم كان مقدارُهُ خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تَعُدُون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وما من صاحب إبل لا يؤدِّي حقَّها؛ إلا جاءت يوم القيامة أوْفَرَ ما كانت، فيُبْطَحُ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، فَتَطَأُهُ بأخفافها، كلَّما مضتْ عليه أُخراها؛ رُدَّتْ عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنةِ مما تعدُّون، ثم يَرَى سبيلَهُ؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار ". (وفي رواية في قصة الإبل- بعد قوله: " لا يؤدي حقها "- قال: " ومِنْ حَقها حَلَبهُا يوم وِرْدِها ") . (قلت: إسناده صحيحِ على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وأخرجه البخاري مختصراً بنحو الرواية الأولى؛ وفيه الزيادة) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن

أبيه عن أبي هريرة. حدثنا جعفر بن مسَافِرٍ: ثنا ابن أبي فُدَيْك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه، قال في قصة الإبل بعد قوله ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم من الوجه الأول، وصحيح فقط من الوجه الآخر؛ لأن جعفر بن مسافر ليمس من رجال مسلم، لكنه لم يتفرد به كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/71- 72) ، وعبد الرزاق (6858) ، وأحمد (2/262 و 383) من طرق عن حماد بن سلمة ... به؛ وزاد مسلم ما في الرواية الأخرى من قوله: " ومن حقها ... ". ثم أخرجه هو، والبيهقي (4/183) من طريق ابن وهب: حدثني هشام بن سعد ... به؛ وفيه الزيادة. وأخرجها البخاري (3/208- 209) ، والنسائي (1/338- 339) مختصراً من طريق الأعرج عن أبي هريرة ... مرفوعاً. والبخاري أيضا (5/38) ، وأحمد (2/360 و 482) من طريق عبد الرحمن بن أبي عَمْرَةَ عن أبي هريرة ... بالزيادة فقط. وابن ماجه (1786) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه ... مختصراً. ولها شاهد من حديث جابر مرفوعاً بلفظ: " ما من صاحب إبل ... " الحديث؛ دون قوله: " كلما مضت عليه

أخراها ... ". وزاد: قلنا: يا رسول الله! وما حقها؟ قال: " إطراق فحلها، وإعارة دلْوها، ومَنِيحَتُها، وحَلَبُها على الماء، وحَمْلٌ عليها في سبيل الله ". أخرجه مسلم (3/74) ، والنسائي (1/339) ، وابن أبي شيبة (3/213) ، والبيهقي (4/182- 183) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي الزبير عنه؛ وقد صرح أبو الزبير بالسماع من جابر في رواية ابن جريج: أخبرني أبو الزبير ... به؛ وزاد: قال أبو الزبير: وسمعت عُبَيْدَ بن عُمَيْرٍ يقول: قال رجل: يا رسول الله! ما حق الإبل؟ قال ... فذكره. أخرجه عبد الرزاق (6866) ، وعنه مسلم، وابن الجارود (335) ، والبيهقي، وأحمد (3/321) كلهم عن عبد الرزاق ... به. وأعله البيهقي بالانقطاع، ويعني: الإرسال؛ لأن عبيد بن عمير ولد على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال مسلم، وعده غيره في كبار التابعين، وهو مجمع على ثقته كما قال الحافظ. 1463- ومن طريق أبي عمر الغُدَاني عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو هذه القصة. فقال له- يعني: لأبي هريرة-: فما حق الإبل؟ قال: " تُعْطِي الكريمةَ، وتمنح الغَزِيرَةَ، وتُفْقِرُ الظَّهْرَ، وتُطْرِقُ الفَحْلَ، وتَسْقِي اللَّبَنَ ".

(قلت: ليس من شرط الكتاب؛ لأن الغُدَاني هذا لم يوثقه غير ابن حبان! وإنما أوردته؛ لأنه شاهد للقصة، ولأن الزيادة موقوفة على أبي هريرة، فلا تنافي المرفوع، وقد صححه الحاكم والذهبي، ولها شاهد يأتي بعده) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا شعبة عن قتادة عن أبي عمر الغُدَاني. والحديث أخرجه البيهقي (4/183) ، وأحمد (2/490) عن يزيد ... به. ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الغْدَاني؛ فإنه مجهول لم يوثقه غير ابن حبان. لكن الحديث صحيح بما قبله وما بعده. 1464- عن عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ قال: قال رجل: يا "رسول الله! ما حق الإبل؟ ... فذكر نحوه؛ زاد: " وإعارة دلوها ". (قلت: إسناده مرسل صحيح. وقد وصله مسلم. وابن الجارود من حديث جابر) . إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: قال أبو الزبير سمعت عبيد بن عمير. قلت: وهذا إسناد مرسل صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه " في آخر حديث جابر المشار إليه في تخريج الحديث المتقدم (1462) ، وتقدم تخريجه هناك.

1465- عن جابر بن عبد الله: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَرَ مِنْ كُل جادِّ عَشَرَةِ أوْسُقٍ من التمر بِقِنْو يُعَلقُ في المسجد للمساكين. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم) . إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحَرَاني: حدثني محمد بن سَلَمَةَ عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حَبانَ عن عمه واسع بن حَبَّانَ عن جابر بن عبد الله ... قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون رجال مسلم؛ غير الحراني، فهو صدوق ربما وهم، لكنه قد توبع كما يأتي. إلا أن محمد بن إسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة، ثم هو إلى ذلك مدلس، ولكنه قد صرح بالتحديث في رواية عنه تأتي. والحديث أخرجه ابن حبان (801) ، وأحمد (3/359- 360) من طرق أخرى عن محمد بن سلمة ... به. وأخرجه أحمد أيضا (3/359) ، والحاكم (1/417) من طريقين آخرين عن ابن إسحاق. وقال أحمد في روايته عنه: حدثني محمد بن يحيى بن حَبان ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ثم أخرج له هو، وابن حبان (802) شاهداً مختصراً من حديث ابن عمر ... به، وصححه على شرط مسلم أيضا.

33- باب حق السائل

1466- عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن معِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر؛ إذ جاء رجل على ناقة له، فجعل يَصْرِفُها يميناً وشمالاً، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان عنده فَضْل ظَهْرٍ؛ فليَعدْ به على مَنْ لا ظهر له. ومن كان عنده فَضْلُ زادٍ؛ فَلْيَعدْ به على مَنْ لا زادَ له "، حتى ظننا أنه لا حَقَّ لأحد منَّا في الفَضْلِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (7/392)) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله الخُزَاعي وموسى بن إسماعيل قالا: ثنا أبو الأشهب عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ غير الخزَاعي؛ فإنه متابع، وهو ثقة. والحديث أخرجه مسلم (5/138) ، وأحمد (3/34) ، والبيهقي (4/182) من طرق أخرى عن أبي الأشهب ... به. 33- باب حقَ السائل 1467- عن أم بُجَيْدٍ- وكانت ممن بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنها قالت له: يا رسول الله! صلى الله عليك؛ إن المسكين لَيَقُومُ على بابي، فما أجد له شيئاً أُعْطِيهِ إياه؟ فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن لم تَجِدِي له شيئاً تُعْطيهِ إيَّاهُ إلا ظِلْفاً محْرَقاً؛ فادفَعِيهِ إليهِ في يَدِهِ ".

34- باب الصدقة على أهل الذمة

(قلت: إسناده صحيح، وقد صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الرحمن بن بُجَيْدٍ عن جدته أم بجَيْدٍ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن بُجَيْدٍ، فهو ثقة، وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات، وقيل: أن له صحبة، وقد صحح حديثه من يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (665) ... بإسناد المصنف ومتنه، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه ابن حبان (824) من طريق قتيبة. وأحمد (6/382) ، والحاكم (1/417) من طرق أخرى عن الليث ... به، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي. والحديث مخرج في "المشكاة" (1879 و 1942- التحقيق الثاني) . 34- بابُ الصَّدَقةِ على أهل الذمَّةِ 1468- عن أسماء قالت: قَدِمَتْ عليَّ أُمِّي راغبةً في عهد قريش، وهي راغمَةٌ مشركةٌ، فقلت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! إن أمي قدمتْ عليَّ وهي راغمة مشركة، أفأصلها؟ قال: " نعم، فَصِلي أُمَّكِ ".

35- باب ما لا يجوز منعه

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحَراني: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد- وهو ابن عبد الله بن أبي شعيب-، وهو ثقة من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/178 و 6/216 و 10/339) ، ومسلم (3/81) ، وابن حبان (453- إحسان) ، وأحمد (6/344 و 347 و 355) من طرق عن هشام ... به. وزاد أحمد في رواية: قال: وأظنها ظِئْرَها. وسنده جيد على شرط مسلم. وخالف مصعب بن ماهان فقال: عن سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة ... به مختصراً. رواه ابن حبان (454) ؛ ومصعب كثير الخطأ، فلا يعتد بمخالفته. 35- باب ما لا يجوز منعه 36- باب المسألة في المساجد 37- باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى أليس تحت هذه الأبواب أحاديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]

38- باب عطية من سأل بالله

38- باب عَطِيَّةِ مَنْ سأل بالله 1469- عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من استعاذ بالله؛ فأعيذوهُ، ومن سأل بالله؛ فأعطُوهُ، ومن دعاكم؛ فأجيبوُهُ، ومن صنع إليكم معروفاً؛ فكافِئُوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه؛ فادعوا له حتى تَرَوْا أنكم قد كافأتموه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حرير عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وغيره من طرق عن الأعمش ... به، وهو مخرج في "الصحيحة" (254) . ولبعض فقراته شاهد من حديث ابن عباس: أخرجه المصنف في "الأدب "، وسيأتي هناك أن شاء الله تعالى في (باب الرجل يستعيذ من الرجل) ، وهو في " الصحيحة " أيضا (253) . 39- باب الرجل يُخْرِجُ من ماله 1470- عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رجل المسجد، فأمر النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناسَ أن يَطْرَحُوا ثياباً، فطرحوا، فأمر لَهُ منها بثوبين، ثم حَثَّ على الصدقة، فجاء فَطَرَحَ أحدَ الثوبين، فصاح به وقال:

"خذ ثوبك ". (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل: ثنا سفيان عن ابن عَجْلان عن عياضِ ابن عبد الله بن سعد سمع أبا سعيد الخدري يقول. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف يسير في محمد ابن عجلان، وقد أخرج له مسلم مقروناً. وسفيان: هو ابن عيينة. وإسحاق: هو الطالْقَانِي. والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (741) ، وعنه الحاكم (1/413) : ثنا سفيان ... به مطولاً. وأخرجه النسائي (1/351) ، وابن حبان (840) من طريق أخرى عن ابن عجلان ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! 1471- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن خيرَ الصدقةِ ما تَرَكَ غِنىً، أو تُصُدِّقَ به عن ظَهْرِ غِنىً، وابدأ بمن تَعُولُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

40- باب في الرخصة في ذلك

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري وغيره من هذا الوجه، كما بينته في "الإرواء" (834) ، وقد سقت له فيه أكثر من عشرة طرق عن أبي هريرة ... بنحوه. 40- باب في الرخصة في ذلك 1472- وعنه؛ أنه قال: يا رسول الله! أيُ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: " جُهْدُ المُقِل، وابدأْ بِمَنْ تَعُولً ". (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن مَوهَب الرملي قالا: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن يحيى بن جَعْدَةَ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير يحيى بن جعدة، وهو ثقة. والرملي مثله، لكنه مقرون بقتيبة؛ وهو من رجالهما. والحديث مخرج في " الإرواء " (834) أيضا. 1473- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليومَ أسْبِقُ أبا بكر! إن سَبَقْتُهُ يوماً! فجئتُ بِنِصْفِ مالي، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

41- باب في فضل سقي الماء

" ما أبقيت لأهلك؟ ". قلت: مِثْلَهُ. قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بِكُلِّ ما عنده، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أبقيت لأهلك؟ ". قال: أبقيت لهم اللهَ ورسولَهُ. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً! (قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وصححه الترمذي، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! ". إسناده: حدثنا أحمد بن صالح وعثمان بن أبي شَيْبَة- وهذا حديثه- قالا: ثنا الفَضْلُ بن دكَيْن: ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم. والحديث أخرجه الترمذي (3676) - وقال: " حسن صحيح "-، والدارمي (1/391- 392) ، والحاكم (1/414) ، وعنه البيهقي (4/180- 181) من طرق أخرى عن الفضل بن دكينٍ ... به. وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! 41- باب في فضل سقي الماء 1474- عن سعيد: أن سعداً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أيُّ الصدقةِ أعجبُ إليك؟ قال: "الماء".

(قلت: إسناده مرسل صحيح؛ سَعِيدٌ: هو ابن المسيَّبِ، وسَعْدٌ هو ابن عبادة. وقد روي مسنداً عنه، وهو الآتي بعده) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام عن قتادة عن سعيد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ لكن ظاهره الإرسال؛ لأن الإسناد انتهى إلى سعيد- وهو ابن المسيَّبِ-، ولم يسنده، ولو أسنده عن سعد- وهو ابن عبادة- كما في الرواية الآتية؛ فهو منقطع؛ لأن سعيداً لم يدرك سعد بن عبادة، كما قال المنذري. والحديث أخرجه الحاكم (1/414) من طريقين آخرين عن محمد بن كثير ... به، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! وردَّهُ الذهبي بقوله: " قلت: لا؛ فإنه غير متصل ". 1475- وفي رواية عن سعيد بن المسيّبِ والحسن عن سَعْدِ بن عُبَادة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم: ثنا محمد بن عَرْعَرَةَ عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير محمد بن عبد الرحيم - وهو ابن عبد الله بن عبد الرحيم بن سَعْيَةَ المصري ابْنِ البَرْقِي-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.

فالإسناد صحيح؛ لولا الانقطاع بين سعيد وسعد كما تقدم، وكذلك بينه وبين الحسن- وهو البصري-؛ فإنه لم يدركه أيضا. والحديث أخرجه الحاكم (1/414) ، وعنه البيهقي (4/185) من طريق أخرى عن ابن عرعرة ... به. وتابعه عفان: ثنا شعبة ... به: أخرجه البيهقي. وتابعه هشام صاحب الدَّسْتَوَائِيُّ عن قتادة عن سعيد وحده. أخرجه ابن ماجه (2/394) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (ق 252/1) ، وعنه ابن حبان (858) . وأخرجه أحمد (5/284) عن المبارك عن الحسن وحده. وهو رواية له من طريق شعبة عن قتادة قال: سمعت الحسن ... به. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة، مخرج في "التعليق الرغيب " (2/52 -53) ؛ فهو به حسن. 1476- ومن طريق رجل عن سعد بن عبادة: أنه قال: يا رسول الله! إن أم سعد ماتت؛ فأيًّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: "الماء". قال: فحفر بئراً وقال: هذه لأم سعد. (قلت: حديث حسن، وقد صححه من ذكرنا آنفاً) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل.

42- باب في المنيحة

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل الذي لم يسم، ويحتمل أنه الحسن البصري، أو سعيد بن المسيب اللذين في الطريق التي قبلها، وقد سبق الكلام عليها. 42- بابٌ في المَنِيحَةِ 1477- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أربعون خَصْلَةً- أعلاهن مَنِيحَةُ العَنْزِ-، ما يعمل رجل بخَصْلَة منها رجاءَ ثوابها، وتصديقَ مَوْعُودِها؛ إلا أدخله الله بها الجنة ". وفي حديث مُسَدَّد: قال حَسَّان: فعدَدْنا ما دون مَنِيحَة العَنْزِ: مِنْ رَدِّ السلام، وتشميت، العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه؛ فما استطعنا أن نبلغ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأحد إسنادي المصنف ومتنه) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل. (ح) وثنا مسدد: ثنا عيسى- وهذا حديث مسدد: وهو أتم- عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كَبْشَةَ السَّلُولي قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط البخاري من الوجه الآخر؛ فإن مسَدَّداً لم يخرج له مسلم. وبه: أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/186) : حدثنا مسدد ... به.

43- باب أجر الخازن

وأخرجه أحمد (2/160) : ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية: ثنا أبو كبشة السلولي. وأخرجه البيهقي (4/184) . 43- باب أجر الخازن 1478- عن أبي موسى قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الخازن الأمين، الذي يُعْطِي ما أُمِرَ به كاملاً مُوَفراً، طَيِّبةً به نَفْسُهُ؛ حتى يَدْفَعَهُ إلى الذي أُمِرَ له به: أحَدُ المتَصَدِّقَيْنِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء- المعنى- قالا: ثنا أبو أسامة عن بُريدِ بن عبد الله بن أبي برْدَةَ عن أبي بُرْدَةَ عن أبي موسى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/388) ... بإسناد المصنف الثاني. وأخرجه مسلم (3/90) - به وبغيره- عن أبي أسامة ... به. وأخرجه أحمد (4/394) : ثنا حماد بن أسامة ... به. وتابعه سفيان عن بُرَيْدِ بن أبي بردة ... به: أخرجه البخاري (4/348) ، والنسائي (1/357) . وأخرجه البيهقي (4/192) عن أبي أسامة- وهو حماد بن أسامة-.

44- باب المرأة تتصدق من بيت زوجها

44- باب المرأة تتصدق من بيت زوجها 1479- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غَيْرَ مُفْسِدَةٍ؛ كان لها أجْرُ ما أنْفَقَتْ، ولزوجِها أجْرُ ما اكتسب، ولخازنه مِثْلُ ذلك، لا يَنْقُصُ بعضُهم أجْرَ بعضٍ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم. وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن شَقِيقٍ عن مسروق عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/228 و 4/240) ، ومسلم (3/90) ، والبيهقي (4/192) ، وأحمد (6/278) من طرق عن منصور ... به. وأخرجه الترمذي (672) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". وتابعه الأعمش عن شقيق ... به: أخرجه عبد الرزاق (7275) ، والبخاري (3/235) ، ومسلم (3/90) ، وابن ماجه (2/44) ، وأحمد (6/44) . وخالفهما عمرو بن مُرَّةَ فقال: سمعت أبا وائل يحدث عن عائشة ... به؛ فلم يذكر مسروقاً في إسناده: أخرجه النسائي (1/351- 352) ، والترمذي (671) ، وقال: " حديث حسن ". وقال:

" حديث منصور أصح، وعمرو بن مرة لا يذكر في حديثه: عن مسروق ". 1480- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره؛ فلها نِصْفُ أجْرِهِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن همام بن مُنَبه قال: سمعت أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (7272) كما رواه المصنف عنه؛ إلا أنه قال: " فله نصف أجره ". وكذلك أخرجه البخاري (4/240) ، ومسلم (3/91) ، وأحمد (2/316) ، والبيهقي (4/192) ؛ ولفظ البخاري مثل لفظ المؤلف والمعنى واحد. 1481- وعنه؛ في المرأة تَصَدَّقُ من بيت زوجها؟ قال: لا؛ إلا من قوتها، والأجر بينهما، ولا يَحِلُّ لها أن تَصَدقَ من مال زوجها إلا بإذنه. (قلت: إسناده صحيح موقوف، وهو تفسير للمرفوع الذي قبله) . إسناده: حدثنا محمد بن سَوَارٍ المصري: ثنا عَبْدَة عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن سَوَّار،

45- باب في صلة الرحم

وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (4/193) من طريق المصنف. وأخرجه عبد الرزاق (7273) عن عبد الملك بن أبي سليمان ... به. وأورده البيهقي تحت باب (من حمل هذه الأخبار [يعني: حديث عائشة وأبي هريرة المتقدمين] على أنها تعطيه من الطعام الذي أعطاها زوجها، وجعله بحكمها دون سائر أمواله، استدلالاً بأصل تحريم مال الغير إلا بإذنه) . 45- باب في صلة الرحم 1482- عن أنس قال: لما نزلت: "لن تنالوا البِر حتى تنفقوا مِمَا تحبون) ؛ قال أبو طلحة: يا رسول الله! أرَى رَبَّنا يسألنا من أموالنا؛ فإني أشهدك أني قد جعلت أرضي (بَأرِيحَاء) له. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلها في قرابتك "؛ فَقَسَمها بين حسان بن ثابت وأُبَي بن كعب. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وأخرجه هو والبخاري من طريق أخرى بنحوه وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-، وهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/79) ، وأحمد (3/285) من طرق أخرى عن

حماد ... به. وأخرجه مالك (3/156- 157) ، وعنه البخاري (3/253 و 8/179) ، ومسلم أيضا، والدارمي (1/395) ، وأحمد (3/141) كلهم عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس ... به نحوه أتم منه. وتابعه همام: أُنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ... به مختصراً نحو رواية ثابت: أخرجه أحمد (3/256) . وسنده صحيح على شرط الشيخين. وتابعه حميد عن أنس ... به. أخرجه أحمد (3/115 و 174 و 262) ، والترمذي (300) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". 1483- عن ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: كانت لي جارية فأعتقتها، فدخل عليَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبرته، فقال: " آجَرَكِ الله! أما إنك لو كنت أعطيتِها أخوالك؛ كان أعظمَ لأجرك ". (قلت: حديث صحيح. أخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيَ عن عَبْدَةَ عن محمد بن إسحاق عن بُكَيْرِ بن الله بن الأشَجِّ عن سليمان بن يسارعن ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد حسن؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه قد توبع، مع المخالفة في الإسناد كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (1/414) من طريق أخرى عن هَناد بن السَّرِي ... به.

ثم أخرجه هو، وأحمد (6/332) من طريقين آخرين عن محمد بن إسحاق ... به. وقد خالفه يزيد بن أبي حبيب- عند البخاري (5/166) -، وعمرو بن الحارث - عند مسلم (3/79- 80) ، والبيهقي (4/189) -، وابن لهيعة- عند أحمد أيضا- ثلاثتهم قالوا: عن بُكَيْرٍ عن كُرَيْبٍ عن ميمونة ... به نحوه. وهذا أصح؛ كما قال الدارقطني، وأقره الحافظ. 1484- عن أبي هريرة قال: أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله! عندي دينار؟! فقال: " تَصَدق به على نفسك ". قال: عندي آخر؟! قال: " تَصَدقْ به على ولدك ". قال: عندي آخر؟! قال: " تَصَدَّقْ به على زوجتك- أو قال: زوجك- ". قال: عندي آخر؟! قال: " تَصَدَّقْ به على خادمك ". قال: عندي آخر؟! قال: " أنت به أبْصَرُ ". (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن

عجلان؛ فإنه حسن الحديث كما تقدم مراراً. والحديث أخرجه النسائي (1/351) ، وأحمد (2/471) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن عجلان ... به. وأخرجه ابن حبان (828) عن الليث عنه. والحاكم (1/415) من طريق أخرى عن محمد بن كثير، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (197) ... بإسناد المؤلف. وله عنده شاهد من حديث جابر (750) . وفيه أبو رافع إسماعيل بن رافع، وهو ضعيف، وفي متنه نقص، وزيادة منكرة. 1485- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كفى بالمرء إثماً أن يُضَيعَ مَنْ يَقُوت ". (حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرجه مسلم بنحوه من طريق أخرى) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: ثنا أبو إسحاق عن وَهْبِ بن جابر الخَيْوَاني عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الخَيْواني- بفتح المعجمة وسكون التحتية- وهو مجهول؛ وإنما حَسَنت الحديث، لأن له طريقاً أخرى، خرجتها مع الأولى في "الإرواء" (894) .

1486- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سَرَّهُ أن يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وُينْسَأ في أثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ويعقوب بن كعب- وهذا حديثه- قالا: ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن الزهري عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح- وهو المصري-، فهو على شرط البخاري. وقد تابعه يعقوب بن كعب، وهو ثقة، وقد توبعا كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (8/8) ، والنسائي في "الكبرى" (6/438) من طريقين آخرين عن ابن وهب ... به. وأخرجه مسلم أيضا؛ والبخاري (10/341) من طريق عُقَيْلِ بن خالد عن ابن شهاب. وأخرجه البخاري (4/241) عن حسان: حدثنا يونس ... به. وأخرجه أحمد (3/247) من طريق قُرَةَ عن ابن شهاب ... به. وله عنده (3/156 و 266) طريقان آخران عن أنس ... به. وله شاهدان: أحدهما: من حديث أبي هريرة: عند البخاري. والآخر: من حديث ثوبان: عند أحمد (5/279) .

وثالث: عن علي: عند البزار (1879- كشف) . 1487- عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قال الله: أنا الرحمنُ، وهي الرَّحِمُ؛ شَقَقْتُ لها اسماً مِنِ اسْمِي، مَنْ وَصَلَها؛ وَصَلْتُهُ، ومَنْ قَطَعها؛ بَتَتهُ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد وأبو بكر بن أبى شيبة قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف. حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري: حدثني أبو سلمة أن الرَّدادَ الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قلت: والإسناد الأول رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين من طريق أبي بكر، ومسدد من رجال البخاري، ولكنه منقطع؛ لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه عبد الرحمن. وقد وصله معمر في السند الثاني، فذكر بينهما أبا الرداد. ومع أن هذا لا يعرف؛ فقد خَطَّأ الترمذيُّ معمراً في ذكره إياه فيه، ورجح عليه رواية سفيان! وهو خطأ منه؛ لأن معمراً قد توبع، كما حققته في "الصحيحة" (520) ، وذكرت له فيه شاهداً قوياً.

1488.- عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ يَبْلُغُ به النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يدخل الجنةَ قاطعُ رَحِمٍ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جُبَيْرِ بن مُطْعِم عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري، وقد توبع. والحديث أخرجه أحمد (4/80) : ثنا سفيان ... به، دون قوله: " رحم ". وكذلك أخرجه مسلم (8/7- 8) ، والترمذي (1910) من طرق عديدة قالوا: حدثنا سفيان ... به؛ وزاد ابن أبي عمر: قال سفيان: يعني: قاطع رحم. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه مسلم، وكذا البخاري (10/340) ، وفي " الأدب المفرد" (64) ، وأحمد أيضا (4/83 و 84) من طرق أخرى عن الزهري ... به، وزاد في "الأدب ": " رحم ". 1489/1- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس الواصلُ بالمُكَافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ هو الذي إذا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها".

46- باب في الشح

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف ومتنه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا ابن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش والحسن بن عمرو وفِطْرِ عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو- قال سفيان: ولم يرفعه سليمان إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورفعه فطر والحسن- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين موقوفاً، وعلى شرط البخاري مرفوعاً؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (10/347) ... بإسناد المصنف ومتنه. وكذلك أخرجه في "الأدب المفرد" (68) . وأخرجه أحمد (2/190) من طريق سفيان عن الحسن بن عمرو وحده. ثم رواه هو (2/163 و 193) من طرق أخرى عن فطر وحده. والترمذي (1909) عنه مقروناً مع بشير أبي إسماعيل عن مجاهد ... به، وقال: " حديث حسن صحيح ". 46- باب في الشُحِّ 1489/2- عن عبد الله بن عمرو قال: خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إياكم والشُح؛ فإنما هَلَكَ مَنْ كان قبلكم بالشُح؛ أمَرَهُمْ بالبُخْلِ فَبَخِلُوا، وأمَرَهُمْ بالقَطِيعة فَقَطَعُوا، وأمَرَهُمْ بالفُجور فَفَجَروا ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي) .

إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة عن عمرو بن مُرةَ عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير أبي كثير - وهو الزبَيْدِي الكوفي، اختلفوا في اسمه-، وثقه النسائي وغيره. والحديث أخرجه أحمد والحاكم- وصححه-، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "الصحيحة" (858) . 1490- عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قلت: يا رسول الله! ما ليَ شيء، إلا ما أدْخَلَ عَلَي الزبَيْرُ بَيْتَهُ، أفَأُعْطِي منه؟ قال: " أعْطِي ولا تُوكي؛ فيوكى عليك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم بأسانيد أخر. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب: ثنا عبد الله بن أبي مُلَيْكَة: حدثتني أسماء بنت أبي بكر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه بإسناد آخر كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/344) : ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب ... به. وأخرجه الترمذي (1961) من طريق أخرى عن أيوب ... به، وقال: " حديث حسن صحيح ".

وخالفه ابن جريج؛ فقال: أخبرني ابن أبي مليكة أن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير أخبره عن أسماء ... به نحوه: أخرجه مسلم (3/92- 93) ، والنسائي (355) . ثم أخرجه مسلم من طريقين آخرين عن أسماء: أحدهما: عند النسائي والبخاري (3/233 و 5/166) . وهما: عند أحمد (6/354) . 1491- عن عائشة: أنها ذكرت عِدَّةً من مساكين- قال أبو داود: وقال غيره: أو عِدة من صدقة-، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أعطي ولا تحصي؛ فيُحْصَى عليك". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب: عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وهو الذي قبله، لكن هنا جعله من (مسند عائشة رضي الله عنها) . وقد وجدت له متابعاً قوياً، وهو عروة بن الزبير عنها: أن سائلاً سأل. قالت: فأمرت الخادِمَ فأخرج له شيئاً. قالت: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها: " يا عائشة! لا تحصي ... ".

أخرجه أحمد، وابنه عبد الله في "زوائده " (6/70- 71) ، وابن حبان (822) من طريق الحكم عنه. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ثم أخرجه أحمد (6/108) عن هشام بن عروة عن أبيه عنها: أنها قالت: يا ابن أختي! قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره. وسنده جيد. وقد جاءت هذه العبارة في حديث أسماء المتقدم آنفاً في بعض طرقه: عند الشيخين وغيرهما. ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف عنها ... أتم منه. أخرجه النسائي (2549) بسند حسن في المتابعات والشواهد.

4- كتاب اللقطة

4- كتاب اللُّقَطَةِ 1- باب التعريف باللقطة 1492- عن سُويدِ بن غَفَلَةَ قال: غزوتُ مع زيد بن صُوحانَ وسلمان بن ربيعة، فوجدت سَوْطاً، فقالا لي: اطْرَحْهُ. فقلت: لا، ولكن إن وجدتُ صاحبه؛ وإلا استمتعتُ به! فحَجَجْتُ، فمررت على المدينة، فسألت أُبيّ بن كعب؟ فقال: وجَدْتُ صُرَّةً فيها مئة دينار، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " عَرفْها حولاً "؛ فعَرَّفتها حولاً، ثم أتيته، فقلت: لم أجد من يَعْرِفها؟! فقال: " احفظ عَدَدَها ووِكَاءَها ووِعَاءَها؛ فإن جاء صاحبها؛ وإلا فاستمتع بها ". وقال: لا أدري أثلاثاً قال: " عَرِّفها " أو مرة واحد؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بنحوه) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن سَلَمَةَ بن كهَيْل عن سوَيْدِ ابن غَفَلَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/59 و 70) ، ومسلم (5/135- 136) ، والبيهقي (6/186 و 193) ، وأحمد (5/126) من طرق أخرى عن شعبة ... به.

وتابعه سفيان الثوري عن سلمة ... به نحوه؛ وفي حديثه: ثلاثة أحْوَال. أخرجه مسلم، والترمذي (1374) ، وابن ماجه (2/102) ، وابن الجارود (668) ، وأحمد، والبيهقي (6/192) . 1493- وفي رواية عنه ... بمعناه؛ قال: " عَرِّفْهَا حولاً "، وقال: ثلاث مِرَارٍ؛ قال: فلا أدري؛ قال له ذلك في سنة أوفي ثلاث سنين؟! (قلت: إسناده على شرط البخاري. وقد أخرجه بهذا اللفظ، وكذا مسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة ... بمعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه الشيخان من طرق عن شعبة ... به كما تقدم، واللفظ المذكور هو رواية لهما. وقد أتبعها مسلم برواية بَهْزٍ عن شعبة ... نحوه؛ وفيها: قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: " عرِّفها عاماً واحداً ". ورواها البيهقي، وقال: " وكأن سلمة كان يشك فيه، ثم تذكر، فثبت على عام واحد ". وبهذا جزم ابن حزم وابن الجوزي. وإليه مال الحافظ في "الفتح " (5/60) . ويؤيده حديث زيد بن خالد الآتي بعده. والله أعلم.

1494- وفي أخرى عنه ... بمعناه؛ قال في التعريف: قال: عامين أو ثلاثة، وقال: " اعْرِفْ عَدَدَها ووِعَاءَها ووِكَاءَها- زاد: فإنْ جاء صاحبها، فَعَرَفَ عددها ووكاءها؛ فادفعها إليه- ". (قلت: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه. والمعتمد: التعريف سنة واحدة) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا سلمة بن كُهَيْل ... بإسناده ومعناه قال ... قلت: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (6/196) من طريق المصنف. وهو، ومسلم (5/139) ، وأحمد (5/127) من طرق أخرى عن حماد ... به. لكن الراجح: ذكر الحول مرة واحدة؛ لأن الراوي شك في الزيادة، كما تقدم آنفاً. 1495- عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ: أن رجلاً سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اللُقَطَةِ؟ فقال: " عَرفْها سنةً، ثم اعرف وكاءَها وعِفاصها، ثم استَنْفِقْ بها، فإنْ جاء ربها؛ فأدِّها إليه ". فقال: يا رسول الله! فَضَالةُ الغنم؟ فقال: " خُذْها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب ". قال: يا رسول الله! فَضَالَّةُ الإبل؟ فغضِب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى احْمَرتْ وَجْنَتاه- أو احْمَرَّ وَجْهُه-، وقال:

" ما لك ولها؟! معها حِذَاؤها وسِقاؤُها، حتى يأتِيَها رَبها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناده ومتنه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا إسماعيل بن جعفر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (6/192) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (5/69) ، ومسلم (5/134) ، والترمذي (1372) ثلاثتهم ... بإسناده ومتنه، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه مسلم، والبيهقي (6/189) من طرق أخرى عن إسماعيل بن جعفر ... به. 1496- وفى رواية عنه ... بمعناه؛ زاد: " ... سقاؤها، تَرِدُ الماءَ، وتأكل الشجر"، ولم يقل: " خُذْها " في ضالَّةِ الشاة، وقال في اللقطة: " عَرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها؛ وإلا فَشَأْنُكَ بها "، ولم يذكر: " استنفق ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وابن الجارود) . إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب: أخبرني مالك ... بإسناده ومعناه.

قال أبو داود: " رواه الثوري وسليمان بن بلال وحماد بن سلمة عن ربيعة ... مثله؛ لم يقولوا: " خذها " ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (5/134) ... بإسناد المصنف ومتنه؛ إلا أنه قرن مع مالك: سفيان الثوري وعمرو بن الحارث وغيرهم. وهكذا أخرجه ابن الجارود (666) ، والبيهقي (6/189) من طريق أخرى عن ابن وهب. وحديث مالك في "الموطأ" (2/226) . وعنه: أخرجه البخاري (5/64) ، ومسلم أيضا، والبيهقي (6/185 و 192) . وحديث الثوري: وصله أحمد (4/117) ، والشيخان، وابن الجارود (667) . وحديث سليمان بن بلال: وصله مسلم. وحديث حماد: وصله المصنف. 1497- ومن طريق أخرى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عن اللقَطَةِ؟ فقال: " عَرِّفْها سنة، فإن جاء باغِيها؛ فأدها إليه؛ وإلا فاعْرِفْ عِفَاصَها ووِكَاءَها، ثم كُلْهَا، فإن جاء باغيها؛ فأدِّها إليه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا محمد بن رافع وهارون بن عبد الله- المعنى- قالا: ثنا ابن أبي

فُديك عن الضحَّاك- يعني: ابن عثمان- عن بُسْرِ بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني: أن ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ لكنه سقط من الإسناد شيخ الضحاك بن عثمان؛ وهو سالم أبو النضر؛ فقد ثبت في كل الروايات التي وقفت عليها، كما يأتي في تخريج الحديث. ويؤيده: أن الحافظ المزي في "التهذيب " لم يذكر في شيوخ الضحاك بن عثمان: بُسْراً هذا؛ وإنما ذكر فيهم سالماً أبا النضر، وهو المعروف باستقصائه لأسماء شيوخ المترجم والرواة عنه، مرتباً إياهم على الحروف الهجائية ترتيباً دقيقاً، وكذلك لم يذكره الحافظ في "تهذيبه ". والحديث أخرجه أحمد (5/193) : ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُديكٍ: حدثني الضحاك بن عثمان عن أبي النضْرِ مولى عمر بن عبيد الله عن بُسْرِ بن سعيد. ومن هذا الوجه: أخرجه الطحاوي (2/276) . وتابعه أبو بكر الحنفي قال: حدثنا الضحاك بن عثمان ... بهذا الإسناد: أخرجه أحمد (4/116) ، ومسلم (5/135) ، وابن ماجه (2/102) ، والبيهقي (5/192) . وتابعه ابن وهب: حدثني الضحاك بن عثمان ... به: أخرجه مسلم، وابن ماجه، وابن الجارود (669) ، والبيهقي (5/186) . 1498- وفي رواية أخرى من الطريق الأولى عنه: أنه قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.... فذكر نحوها، قال: وسئل عن اللقطة؟ فقال: " تُعَرَّفها حولاً، فإن جاء صاحبها؛ دفعتها إليه؛ وإلا عَرَفْتَ وِكاءَها وعِفَاصَها، ثم أفِضْها في مالك، فإن جاء صاحبها؛ فادفعها إليه ".

(قلت: إسناده جيد) . إسناده: حدثنا أحمد بن حفص: حدثني أبي: حدثني إبراهيم بن طَهْمان عن عَباد بن إسحاق عن عبد الله بن يزيد عن أبيه يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجُهَنِي أنه قال ... قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله رجال "الصحيح "؛ غير عبد الله بن يزيد، وهو صدوق. والحديث أخرجه البيهقي (6/186) من طريق أخرى عن أحمد بن حفص بن عبد الله ... به. 1499- وفي رواية ثالثة عنه ... بمعناه؛ وزاد فيه: " فإن جاء باغيها، فَعَرَف عِفاصَها وعَدَدها؛ فادفعها إليه ". (قلت: إسناده جيد على شرط مسلم، ومَنْ أعَلَّهُ فقد وَهِمَ! والزيادة صححها الحافظ. وأخرجها البخاري من حديث زيد، ومسلم عن أُبَي وصححها الترمذي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد وربيعة ... بإسناد قتيبة ومعناه؛ وزاد فيه ... قلت: وهذا إسناد جيد على شرط مسلم، وإسناد قتيبة ومعناه؛ يريد به الحديث (1495) . وقد أعله المصنف بالشذوذ والمخالفة، كما يأتي في الحديث التالي! مع بيان ما عليه إن شاء الله تعالى.

1500- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. (قلت: إسناده معلق حسن. وقد وصله البيهقي) . إسناده: علقه المصنف بقوله: " وقال حماد أيضا: عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه ... ". قال أبو داود: " وهذه الزيادة التي زاد حماد بن سلمة في حديث سلمة بن كُهَيْل ويحيى بن سعيد وعبيد الله وربيعة: " إن جاء صاحبها، فعرف عفاصها ووكاءها؛ فادفعها إليه "؛ ليست محفوظة: " فعرف عفاصها ووكاءها " ... "!! كذا قال! ورده الحافظ في "التلخيص "، فقال (3/76) : " وأشار إلى أن حماد بن سلمة تفرد بها، وليس كذلك؛ بل في رواية مسلم: أن الثوري وزيد بن أبي أنيسة وافقا حماداً. ورواها البخاري أيضا في حديث زيد ابن خالد ". ونحوه قال البيهقي (6/197) . والحديث وصله البيهقي (6/197) من طريق علي بن عثمان: ثنا حماد ... به في حديث يأتي عند المصنف قريباً نحوه؛ وفيه: ثم سأله عن اللقطة؟ فقال: " اعْرِفْ عددها ووعاءها وعفاصها، وعَرِّفْها عاماً، فإن جاء صاحبها، فعرف عددها وعفاصها؛ فادفعها إليه؛ وإلا فهي لك". وإسناده حسن.

ويشهد له حديث أُبَي المتقدم (1494) ، فقد توبع حماد فيه على هذه الزيادة، فقال مسلم (5/139) : " وفي حديث سفيان وزيد بن أبي أنيسة وحماد بن سلمة: " فإن جاء أحد يخبرك بعددها ... " " فذكرها. وأخرجه عبد الرزاق أيضا (18615) ، ومن طريقه ابن الجارود (667) ، وصححها الترمذي (1374) عن سفيان. ورواها سفيان أيضا في حديث زيد بن خالد المتقدم (1495) ... بنحوها: أخرجه البخاري (5/71) . وصرح الحافظ (5/59) بتصحيح هذه الزيادة، وَرَدَّ على من ضعفها بنحو ما سبق عنه في "التلخيص ". 1501- وحديث عُقْبَةَ بن سُويد عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا قال: " عَرِّفْها سَنَةً ". (قلت: حديث صحيح. وصله الطبراني) . إسناده: وصله الطبراني في "الكبير"، كما في "المجمع " (4/168) ، وقال: "عقبة: مستور". 1502- وحديث عمر بن الخطاب أيضا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "عَرِّفْها سَنَةً". (قلت: وصله الدارمي والطحاوي والبيهقي بإسناد صحيح عنه) .

إسناده: وصله الدارمي (2/265) ، والطحاوي (2/276) ، والبيهقي (6/187) من طريق عمرو بن شعيب عن عمرو وعاصم ابني سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي: أن سفيان بن عبد الله وجد عَيْبَةً، فأتى بها عُمَرَ بنَ الخطاب، فقال: عَرَّفْها سنة؛ فإن عُرِفَتْ فذاك؛ وإلا فهي لك. فلم تُعْرَفْ، فلقيه بها في العام المُقْبِلِ في الموسم، فذكرها له، فقال عمر: هي لك؛ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا بذلك. قال: لا حاجة لي بها! فقبضها عمر، فجعلها في بيت المال. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. غير عمرو بن سفيان، فقد وثقه ابن حبان، ولم يرو عنه غير عمرو بن شعيب. بخلاف أخيه عاصم، فقد روى عنه جمع آخر من الثقات، وهما من رجال "التهذيب ". وكذلك أبوهما سفيان، وهو صحابي، وكان عامل عمر على الطائف. فالعجب من ابن التركماني؛ كيف قال فيهم ثلاثتهم: " لم أقف على حالهم "؟! 1503- عن عِيَاضِ بن حِمَارٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً؛ فليُشهد ذا عَدْلِ- أو ذَوَيْ عَدْل-، ولا يَكْتُمْ ولا يُغَيِّبْ، فإن وجد صاحبها؛ فلْيَرُدَّها عليه؛ َ وإلا فهو مالُ الله عز وجل يؤتيهِ مَنْ يشاءُ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن الجارود وابن حبان (4874)) .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد- يعني: الطَّحَان-. (ح) وثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب- المعنى- عن خالد الحَذَّاء عن أبي العلاء عن مُطَرف- يعني: ابن عبد الله- عن عياض بن حمار. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه. والحديث أخرجه البيهقي (6/192) من طريق أخرى عن مسدد ... به. وأخرجه هو (6/187) ، وأحمد (4/161 و 266) ، وابن ماجه (2/102) ، والطحاوي (2/275) ، وابن الجارود (671) ، وابن حبان (1169) من طرق عن خالد الحذاء ... به. وتابعه أيوب عن أبي العلاء ... به مختصراً: أخرجه الطحاوي. وخالفهما سعيد الجرَيْرِيَ فقال: عن أبي العلاء عن مُطَرف عن أبي هريرة ... به: أخرجه الحاكم (2/64) من طريق حماد عنه، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأظنه وهماً من حماد- وهو ابن سلمة-؛ جعله من (مسند أبي هريرة) . والله أعلم. 1504- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه سئِلَ عن الثمَرِ الُمعَلَّقِ؟ فقال: "من أصاب بِفِيهِ من ذي حاجة، غَيْرَ متَّخِذِ خبْنَةً؛ فلاشيء عليه. ومن خرج بشيء منه؛ فعليه غَرَامَة مِثْلَيْهِ والعقوَبة. ومَنْ سرق منه شيئاً بعد أن يُؤْوَيهُ الجَرِين، فبلغ ثَمَنَ المِجَن؛ فعليه القطع ". وذكر في ضالةِ الإبل والغنم كما ذكر غيره. قال: وسئِلَ عن اللُّقَطَةِ؟ فقال:

" ما كان منها في الطرِيقِ المِيتَاءِ، أو القرية الجامعة؛ فَعَرَّفْها سَنَةً، فإن جاء طالبُها؛ فادفعها إليه، وإن لم يأت؛ فهي لك، وما كان في الخَرَابِ- يعني-؛ ففيها وفي الرِّكازِ الخُمُسُ ". (قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص. قلت: وهذا إسناد حسن مشهور، وفيه فائدة هامة؛ وهي أن جده: هو عبد الله ابن عمرو بن العاص، وليس هو محمداً؛ فإنه عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا يبيِّن أنه هو المراد إذا قال: عن جده ولم يسفه، وقد سبق تحقيق ذلك. والحديث أخرجه النسائي (2/260) و (1/34) - مختصراً-، والترمذي (1289) - أخصر منه، وقال: " حديث حسن "- كلاهما عن قتيبة ... به. ثم أخرجه النسائي، وابن ماجه (2/127) ، وابن الجارود (670 و 827) ، والحاكم (2/65) ، وأحمد (2/180 و 203 و 207) ، وعبد الرزاق (18597) من طرق عن عمرو ... به مختصراً ومطولاً. وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! وسيذكر المصنف بعض طرقه. 1505- وفي رواية عنه ... بهذا؛ قال في ضالة الشاءِ؛ قال: "فاجمعها". (قلت: إسناده حسن، وصححه من ذكرنا آنفاً) .

إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا أبو أسامة عن الوليد- يعني: ابن كثير-: حدثني عمرو بن شعيب. قلت: إسناده حسن، وهو مكرر الذي قبله. 1506- وفي أخرى عنه، قال في ضالة الغنم: " لك أو لأخيك أو للذئب، خُذْهَا قَطّ ". (قلت: إسناده حسن، وصححه من أشرنا إليه آنفاً) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب ... به. وكذا قال فيه أيوب ويعقوب بن عطاء: عن عمرو بن شعيب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " فخذها ". قلت: إسناده حسن أيضا، وهو مكرر الذي قبله. والحديث أخرجه النسائي (2/260) من طريق قتيبة: ثنا أبو عوانة ... به مختصراً عن الرواية الأولى، ولكنه لم يذكر موضع الشاهد منه. وأخرجه أحمد وغيره من طرق أخرى عن عمرو بن شعيب ... بلفظ الرواية الآتية. ورواية أيوب المعلقة؛ لم أر من وصلها! وأما رواية يعقوب بن عطاء؛ فوصلها الشافعي (629) ، وعنه البيهقي (4/155) : أخبرنا سفيان عن داود بن شَابُورِ ويعقوب بن عطاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ... بقصة اللقطة إلى الَركاز؛ لم يذكر ضالة الغنم.

1507- وفي رابعة عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا؛ قال في ضَالةِ الشاء: " فاجمعها؛ حتى يأتِيَهَا باغِيها ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد. (ح) وحدثنا ابن العلاء: ثنا ابن إدريس عن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو مكرر الذي قبله. والحديث أخرجه أحمد (2/180 و 203 و 207) من طرق أخرى عن ابن إسحاق ... به. وتابعه الوليد بن كثير: حدثني عمرو ... به: أخرجه البيهقي (6/190) . وتابعه عمرو بن الحارث وهشام بن سعد عنه ... بلفظ: قال: " طعام مأكول: لك أو لأخيك أو للذئب، احبس على أخيك ضَالتَهُ ". أخرجه البيهقي (4/152- 153) . 1508- عن أبي سعيد: أن علي بن أبي طالب وجد ديناراً، فأتى به فاطمةَ، فسألت عنه رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: " هو رِزْقُ اللهِ عز وجل ". فأكل منه رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكل عليَ وفاطمةُ. فلما كان بَعْدَ ذلك؛

أتته امرأة تَنْشُدُ الدينارَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا علي! أد الدينارَ ". (قلت: حديث حسن بالحديثين بعده) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن بُكَيْرِ بن الأشَجَ عن عبيد الله بن مِقْسَمٍ حدثه عن رجل عن أبي سعيد. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل، فهو مجهول لم يُسَم! ويحتمل عندي أنه عطاء بن يسار- وهو ثقة-، أو أبو هارون العبدي- وهو متروك-، الآتي ذِكْرهما في رواية عبد الرزاق. والحديث أخرجه البيهقي (6/194) من طريق أخرى عن ابن وهب ... به. وإنما حسنت الحديث- مع جهالة الراوي-؛ لأنه يشهد له حديثا علي وسهل ابن سعد الآتيان بعده. 1509- عن علي رضي الله عنه: أنه التقط ديناراً، فاشترى به دقيقاً، فعرفه صاحب الدقيق، فَرَد عليه الدينار، فأخذه علي، فقطع منه قيراطين، فاشترى به لحماً. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا الهيثم بن خالد الجهَنِيُّ: ثنا وكيع عن سعد بن أوس عن بلال ابن يحيى العَبْسِي عن علي. قلت: وهذا إسناد صحيح عندي؛ لأن رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير بلال ابن يحيى العبسي؛ وقد قال ابن معين:

" ليس به بأس ". وصحح له الترمذي. وذكره ابن حبان في "الثقات ". وأعله المنذري بما لا يقدح، فقال في "مختصره " (2/271) : " بلال بن يحيى العبسي، روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسل-، وعن عمر بن الخطاب، وهو مشهور بالرواية عن حذيفة، وقيل فيه: عنه: بلغني عن حذيفة، وفي سماعه من علي نظر "! قلت: إن صح أنه لم يسمع من حذيفة؛ فليس يلزم منه أنه لم يسمع من علي؛ لأنه متأخر الوفاة عنه، فقد توفي حذيفة في أول خلافة علي، وتوفي علي سنة أربعين، فبين وفاتيهما نحو خمس سنين. على أن الترمذي قد صحح حديثه عن حذيفة، فمعتقده أنه سمع منه. والله أعلم. وقد غمز البيهقي من صحة الحديث، كما يأتي مع الجواب عنه أن شاء الله تعالى. 1510- عن سهل بن سعد: أن عليَ بن أبي طالب دخل على فاطمة؛ وحسنٌ وحسينٌ يبكيان. فقال: ما يُبكيكما؟! قالت: الجوع. فخرج علي، فوجد ديناراً في السوق، فجاء إلى فاطمة فأخبرها. فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي، فَخُذْ لنا دقيقاً. فجاء اليهوديَّ، فاشترى به دقيقاً. فقال اليهودي: أنت خَتَنُ هذا الذي يزعم أنه رسول الله؟ قال: نعم. قال: فَخُذْ دينارك، ولك الدقيقُ. فخرج علي حتى جاء به فاطمة فأخبرها. فقالت: اذهب إلى فلان الجَرارِ،

فخُذْ لنا بدرهمٍ لحماً. فذهب فَرَهَنَ الدينار بدِرْهمِ لحم، فجاء به، فعجنت، ونصبت، وخبزت، وأرسلت إلى أبيها، فجاءهم، فقالت: يا رسول الله! أذكر لك- فإن رأيته لنا حلالاً أكلناه وأكلت معنا- مِنْ شأنه كذا وكذا؟! فقال: " كلوا باسم الله ". فأكلوا، فبينما هم مكانهم؛ إذا غلام يَنْشُدُ اللهَ والإسلامَ: الدينارَ. فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فدُعِيَ له، فسأله؟ فقال: سقط مِنِّي في السوق. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا عليُّ! اذهب إلى الجَزَّار فقل له: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لك: أرسل إليَّ بالدينار، ودرهمك عَلَيَّ "؛ فأرسل به، فد فعه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا جعفر بن مُسَافِرٍ التنَيسِيّ: ثنا ابن أبي فُدَيْك: ثنا موسى بن يعقوب الزمْعِيُ عن أبي حازم عن سهل بن سعد أخبره أن علي بن أبي طالب ... قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير موسى بن يعقوب الزمْعِي، فهو صدوق سيئ الحفظ، كما قال الحافظ، ولكنه يتقوى في الجملة بما قبله. ولعله يتقوى بما روى أبو بكر بن عبد الله بن محمد أن شريك بن عبد الله بن نَمِرٍ حدثه عن عطاء بن يسارعن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن علياً أتاه بدينار وجده في السوق، فقال: " عَرَّفْهُ "؛ فلم يجد من يعرفه. فرجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره. فقال له: " كُلْهُ، أو شأنُكَ بهِ ". فابتاع منه بثلاثة دراهم شعيراً، وبثلاثة دراهم تمراً، وابتاع بدرهم لحماً، وبدرهم زيتاً، وفضل عندهم درهم، وكان الصرف أحد عشر

بدينار. حتى إذا كان بعد ذلك؛ جاء صاحبه فعرفه، فقال له علي: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأكله. فانطلق صاحبه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر ذلك له كله؟! فقال لعلي: " رُدهُ على الرجل ". فقال: قد أكلته! قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن جاءنا شيء أدَّينْاه إليك ". أخرجه عبد الرزاق (18637) ، وأبو يعلى (ق 63/1) . وأبو بكر هذا: هو ابن أبي سَبْرَةَ، وهو متروك. وروى عبد الرزاق (18636) عن أبي هارون العبْدِيِّ عن أبي سعيد الخدري ... به نحوه؛ وفيه أن علياً قال: من يعترف الدينار؟ لكن أبو هارون متروك أيضا. وقال البيهقي- بعد أن روى أكثر هذه الطرق-: " في متن هذا الحديث اختلاف، وفي أسانيده ضعف، والله أعلم ". قلت: نعم؛ إلا طريق العبسي عن علي (1509) ؛ فهو صحيح كما سبق، والأخرى يؤخذ منها ما لا ينافي تلك. والله أعلم. 1511- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ضالَّةُ الإبل المكتومةُ؛ غرامتها ومِثْلُها معها ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مخلد بن خالد: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة- أحسبه- عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في عمرو بن

مسلم- وهو الجَنَدِيُ-، فهو إسناد لا بأس به؛ لولا أن عكرمة- وهو من رجال البخاري- لم يَقْطَعْ بذكر أبي هريرة فيه. ولذلك قال المنذري في "مختصره ": " ولم يجزم عكرمة بسماعه من أبي هريره، فهو مرسل ". قلت: لكنه يتقوى بالشاهد الذي سأذكره. والحديث أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه " (18599) ، والعقيلي (3/259- 260) ، والبيهقي (6/191) من طريق المؤلف. ويشهد له حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في ضالة الغنم: " لك أو لأخيك أو للذئب ". قال: " فمن أخذها من مرتعها؛ عوقب وغُرِّمَ مثلَ ثمنها ". وفي رواية: " فيها ثمنها مرتن، وضَرْبُ نَكَال ". أخرجه أحمد (2/180 و 186) بسندٍ حسن، وأصله تقدم عند المصنف (1504) ؛ ولكنه لم يسق هذه القطعة منه. 1512- عن عبد الرحمن بن عثمان التَّيْمِيِّ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لُقَطَةِ الحَاجِّ. قال ابن وهب: يعني: في لقطة الحاج: يتركها حتى يجدَها صاحبها. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وصححه ابن حبان والحاكم أيضا، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن مَوْهَبٍ وأحمد بن صالح قالا: ثنا ابن

وهب: أخبرني عمرو عن بُكَيْرٍ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (5/137) ، والبيهقي (6/199) ، وأحمد (3/499) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به؛ دون قوله: قال ابن وهب ... وكذلك أخرجه ابن حبان (1172) ، والحاكم (2/64- 65) " وقال: " صحيح الإسناد ". 1513- عن المنذر بن جرير قال: كنت مع جرير بـ (البوازيج) ، فجاء الراعي بالبقر، وفيها بقرة ليست منها. فقال له جرير: ما هذه؟ قال: لَحِقَتْ بالبقر، لا ندري لمن هي؟! فقال جرير: أخرجوه؛ سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يؤْوِي الضَّالَّةَ إلا الضَّالُّ ". (قلت: حديث صحيح، أعني: المرفوع منه) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا خالد عن أبي حَيَّان التيمي عن النذر ابن جرير. قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أن له عِلةً خفية، وهي أن جماعة من الثقات خالفوا خالداً- وهو ابن عبد الله الطحان-، فقالوا: عن أبي حيان التيمي: ثنا الضحاك- خال ابن المنذر بن جرير-

عن المنذر بن جرير ... به. فأدخلوا بينهما الضحاك- وهو ابن المنذر بن جرير البَجَلِي-، وهو علة الإسناد؛ فإنه مجهول لا يعرف. وقد خرجت الحديث من طرق الجماعة المشار إليهم في "الإرواء" (1563) ، فأغنى عن الإعادة. لكن للحديث شاهد من حديث زبد بن خالد الجهني ... مرفوعاً بلفظ: " من آوى ضالَّةً؛ فهو ضال؛ ما لم يُعَرِّفها ". أخرجه مسلم (5/137) ، والحاكم (2/64) ، والبيهقي (6/191) ، وأحمد (4/117) ، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي!

5- أول كتاب المناسك

5- أول كتاب المناسك 1- باب فرض الحج 1514- عن ابن عباس: أن الأقرع بن حابس سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! الحجُ في كلِّ سنة أو مرةً واحدةً؟ قال: " بل مَرةً واحدة؛ فمن زاد فهو تطوع ". (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! ورواه ابن الجارود مختصراً) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- قالا: ثنا يزيد ابن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي سنان عن ابن عباس. قال أبو داود: " هو أبو سنان الدُؤَلِي، كذا قال عبد الجليل بن حميد وسليمان ابن كثير جميعاً عن الزهري. وقال عقيل: سنان ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي سنان الدّؤَلي- واسمه يزيد بن أمية-، وهو ثقة. لكن سفيان بن حسين قد تكلموا في روايته عن الزهري خاصة، ولولا ذلك لكان الإسناد صحيحاً؛ إلا أنه قد تابعه من ذكر المصنف رحمه الله تعالى وغيرهم، كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/352) : ثنا يزيد ... به.

وأخرجه ابن ماجه (2/208) من طريق أخرى عن يزيد بن هارون ... به. وصححه الحاكم (1/441) ! ووافقه الذهبي! وأما متابعة عبد الجليل بن حميد؛ فأخرجها النسائي (2/2) . وأما متابعة سليمان بن كثير؛ فوصلها الدارمي (2/29) ، والبيهقي (4/326) ، وأحمد (1/255 و 290) . وتابعه أيضا: محمد بن أبي حفصة وزَمْعَة: عند أحمد (1/370 و 371) . وتابعه عكرمة عن ابنِ عباس ... به مختصراً: أخرجه أبو داود الطيالسي (1/202/978) : حدثنا شرِيكٌ وسَلام عن عكرمة ... به. وأخرجه الدارمي وأحمد (1/301 و 323 و 325) عن شريك وحده. وتابعهما سِمَاكٌ عن عكرمة ... به: رواه ابن الجارود (410) . 1515- عن أبي واقِد اللَيْثِي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لأزواجه في حَجَّةِ الوداع: " هذه؛ ثُم ظُهُورَ الحُصُرِ ". (قلت: حديث صحيح، وصحح الحافظ ابن حجر إسناده) . إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن ابن لأبي واقد الليثي عن أبيه قال ... قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن أبي واقد- واسمه واقد-؛ قال ابن القطان:

" لا يعرف حاله ". وقال المنذري: "شبيه بالمجهول "! وكأنه اعتمد قول ابن القطان المذكور! وقد تعقبه الحافظ في "التهذيب "، فقال عقبه: " كذا قال، وذكره ابن منده في "الصحابة "، وكناه أبا مُرَاوِح، وقال: قال أبو داود: له صحبة ". قلت: فكأن الحافظ يميل إلى تصحيح ثبوت صحبته، ولعله لذلك قال في "الفتح " (4/58) : " وإسناد حديث أبي واقد صحيح. وأغرب المُهَلَب؛ فزعم أنه من وضع الرافضة لقصد ذَمَ أم المؤمنين عائشة في خروجها إلى العراق للإصلاح بين الناس في قصة واقعة الجمل! وهو إقدام منه على رَدَ الأحاديث الصحيحة بغير دليل ... ". قلت: وسواءٌ صَحتْ صحبة واقد بن أبي واقد أم لا؛ فلا شك أن الحديث في نفسه صحيح؛ لأن له شواهد عديدة، خرجتها في "الأحاديث الصحيحة" (2401) . والحديث أخرجه أحمد (5/218) ، والبيهقي (4/327) من طريق سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد الدرَاوَرْدِيّ عن زيد بن أسلم عن واقد بن أبي واقد الليثي ... به. ثم أخرجاه من طريقين آخرين عن الدراوردي ... به. وخالفه معمر فقال: عن زيد بن أسلم:

2- باب في المرأة تحج بغير محرم

أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حج بنسائه ... الحديث. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (8812) عنه هكذا ... مرسلاً. 2- باب في المرأة تَحُجَ بغير مَحْرَم 1516- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَحِل لامرأة مُسْلمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرةَ ليلةٍ؛ إلا ومعها رَجُلٌ ذو حُرْمَة منها". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه؛ إلا أن البخاري قال: " يوم وليلة"، وهو رواية لمسلم) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي: ثنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه أن أبا هريرة قال ... قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه، وهو مخرج في " الإرواء " (567) . 1517- وفي رواية عنه ... مرفوعاً بلفظ: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تسافر يوماً وليلة ... " فذكر معناه. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة والنفيلي عن مالك. (ح) وثنا الحسن بن علي: ثنا بِشْرُ بن عمر: حدثني مالك عن سعيد بن أبي سعيد- قال الحسن في

حديثه: عن أبيه. ثم اتفقوا- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... قال أبو داود: " ولم يذكر القعنبي والنفيلي: عن أبيه. رواه ابن وهب وعثمان ابن عمر عن مالك كما قال القعنبي ". قلت: وهذا إسناد صحيح أيضا كالذي قبله؛ إلا أن الرواة اختلفوا فيه على مالك، فقال أكثرهم: عنه عن سعيد عن أبي هريرة. وقال الحسن بن علي- وهو الحُلْواني-: عنه عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، فزاد في الإسناد: عن أبيه. وهي زيادة من ثقة؛ وقد تابعه عليها الليث بن سعد في الرواية الأولى. وتابعه ابن أبي ذئب أيضا: عند البخاري (2/566- خطيب) ، ومسلم (4/103) ، وابن ماجه (2/212) ، وأحمد (2/250 و 437 و 445) . وتابعه أيضا يحيى بن أبي كثير، كما علقه البخاري، ووصله أحمد (2/423) . وقد رجح الحافظ روايتهم، لأنها زيادة، وهي مقبولة من الثقة، فكيف وهم جمع؟ والحديث عند مالك في "الموطأ" (3/144- 145) ... مثل رواية الأكثر عنه. وكذلك رواه مسلم. ورواه الترمذي (1170) - بإسناد المصنف الثاني-: الحسن بن علي: ثنا بشر ابن عمر ... به، وقال: "حسن صحيح ".

1518- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً فوق ثلاثة أيام فصاعداً؛ إلا ومعها أبوها، أو أخوها، أو زوجها، أو ابنها، أو ذو مَحْرَم منها". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم بتمامه، وهو والبخاري مختصراً نحوه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهَنَّادٌ أن أبا معاوية ووكيعاً حدثاهم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/103- 104) ، والترمذي (1169) - من طرق عن أبي معاوية-، ومسلم، والدارمي (2/288) ، وابن ماجه (2/211) - من طرق أخرى عن وكيع-، وأحمد (3/54) - عنهما- عن الأعمش ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم أيضا، والبخاري (3/54) ، وأحمد (3/7 و 34 و 45 و 51 و62) من طريق قَزَعَةَ عن أبي سعيد ... مرفوعاً نحوه مختصراً. ورواه أحمد (3/53 و 64 و 71) من طرق أخرى عنه. 1519- عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو مَحْرَمٍ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) .

3- باب " لا صرورة في الإسلام "

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/13 و 19) . ثنا يحيى ... به. وأخرجه البخاري (2/566) ، ومسلم (2/104) من طرق أخرى عن يحيى ... به. ثم أخرجاه، وأحمد (2/142) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به. وأخرجه البيهقي (5/227) . 1520/1- عن نافع: أن ابن عمر كان يُرْدِفُ مَولاةً له- يقال لها: صفية-، تُسَافِرُ مَعَهُ إلى مكة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا أبو أحمد: ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو أحمد: اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسَدِيُّ. 3- باب " لا صرورة في الإسلام " [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

4- باب التزود في الحج

4- باب التزود في الحج 1520/2- عن ابن عباس قال: كانوا يَحُجُونَ ولا يتزودُونَ- قال أبو مسعود: كان أهل اليمن- أو ناسٌ من أهل اليمن- يحجون ولا يتزوَّدون-، ويقولون: نحن المتوكِّلون! فأنزل الله سبحانه: (وتزوَّدوا فإن خير الزاد التقوى ... ) الآية. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أحمد بن الفُرَاتِ- يعني: أبا مسعود الرازي-، ومحمد بن عبد الله المُخَرمي- وهذا لفظه- قالا: ثنا شَبَابَةُ عن وَرْقَاءَ عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/299) : حدثنا يحيى بن بشر: حدثنا شبابة ... به؛ وزاد: فإذا قدموا المدينة سألوا الناس. قال الحافظ: " في رواية الكُشميهنِي: (مكة) ، وهو أصوب. وكذا أخرجه أبو نعيم من طريق محمد بن عبد الله المخرمي عن شبابة ". 5- باب التجارة في الحج 1521- وعنه [يعني: ابن عباس] قال: قرأ هذه الآية: (ليس عليكم جنَاحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم) ، قال: كانوا لا يتجرون بمنىً، فأُمِروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات.

6- باب

(قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري وابن حبان نحوه) . إسناده: حدثنا يوسف بن موسى: ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم-، وفيه ضعف؛ ولكنه لم يتفرد به كما يأتي. والحديث أخرجه ابن جرير في "التفسير" (4/3771 و 3784) من طرق أخرى عن يزيد بن أبي زياد ... به. وللحديث طريق أخرى: يرويه عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: كانت عُكَاظٌ ومِجَنَّةُ وذُو المجازِ أسواقاً في الجاهلية، فتأثموا أن يَتجِرُوا في المواسم. فنزلت: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم) في مواسم الحج. أخرجه البخاري (8/150) ، وابن جرير (3779 و 3791) ، وابن حبان (3883) ، والبيهقي (4/333) . وله عنه طريق ثالث، يأتي في الكتاب بعد باب، مع شاهد له من حديث ابن عمر. 6- باب 1522- وعنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أراد الحج؛ فَلْيَتَعَجلْ ". (قلت: حديث حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!

7- باب الكري

وصححه أيضا عبد الحق الإشبيلي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية محمد بن خازم عن الأعمش (*) عن الحسن بن عمرو عن مهران أبي صفوان عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، غير مهران أبي صفوان، فهو مجهول، وإن صحح إسنادَ حديثه هذا الحاكمُ ووافقه الذهبي! فقد قال الذهبي نفسه في "الميزان ": " لا يدرى من هو؟ ". لكن للحديث طريق أخرى عن ابن عباس، يمكن أن يرتقي بها إلى مرتبة الحسن، وقد خرجتها مع التي قبلها في "الإرواء" (990) ، فأغنى عن الإعادة. 7- باب الكَرِيّ 1523- عن أبي أمامة التَّيْمِيِّ قال: كنت رجلاً أكْرِي في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج! فلقيت ابن عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إني رجل أكْرِي في هذا الوجه، وإن ناساً يقولون لي: إنه ليس لك حَج؟! فقال ابن عمر: أليس تُحْرِمُ وتُلَبِّي، وتطوفُ بالبيت، وتُفِيضُ من عرفات، وترمي الجمار؟! قال: قلت: بلى.

_ (*) كذا في أصل الشيخ بإثبات الأعمش في السند؛ تبعاً للطبعة "التازية"، وكذلك هو في بعض النسخ، ودونها في أخرى، ولعله الصواب؛ فالأعمش ليس من تلاميذ الحسن بن عمرو؛ بل إن أبا معاوية الضرير من تلاميذه. (الناشر) .

قال: فإن لك حجّاً؛ جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله عن مثل ما سألتني عنه؟ فسكت عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يُجِبْه، حتى نزلت هذه الآية: (ليس عليكم جناحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم) ، فأرسل إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرأ عليه هذه الآية، وقال: "لك حَج ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا العلاء بن المُسَيبِ: ثنا أبو أمامة التيمي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي أمامة التيمي، وهو ثقة، وثقه ابن معين وغيره، ولم يتكلم فيه أحد؛ فقول الحافظ فيه: " مقبول "! غير مقبول؛ فتنبه. والحديث أخرجه الحاكم (1/449) ، وعنه البيهقي (4/333) من طريق أخرى عن مسدد ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. ورواه ابن خزيمة (3052) ، وأحمد (2/155) ، وابن جرير (3765) من طريق أسباط: حدثنا الحسن بن عمرو الفُقَيْمِي عن أبي أمامة التيمي ... به. ثم أخرجه أحمد، وابن جرير (3789) من طريق سفيان الثوري عن العلاء بن المسيب ... به؛ إلا أنه قال: عن رجل من بني تَيْم الله. وهو أبو أمامة التيمي المذكور في الطرق الأخرى.

وتابعه مروان بن معاوية ويحيى بن أبي زائدة كلاهما عن العلاء عن أبي أمامة التيمي ... به: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (3051) . 1524- عن عبيد بن عمير عن ابن عباس: أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنىً وعرفةَ وسوق ذي المجاز، ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حُرُمٌ، فأنزل الله سبحانه: (ليس عليكم جُناحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم) في مواسم الحج. قال: فحدثني عبيد بن عمير: أنه كان يَقْرَأُها في المصحف. ) قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا محمد بن يشار: ثنا حماد بن مَسْعَدَةَ: ثنا ابن أبي ذئب عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير. حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن أبي فديك: أخبرني ابن أبي ذئب عن عبيد ابن عمير- قال أحمد بن صالح كلاماً معناه: أنه- مولى ابن عباس عن عبد الله ابن عباس: أن الناس أول ما كان الحج كانوا يبيعون ... فذكر معناه إلى قوله: مواسم الحج. قلت: إسناده من الوجه الأول صحيح على شرط الشيخين؛ وعبيد بن عمير: هو المكي. ومن الوجه الآخر؛ فيه عبيد بن عمير مولى ابن عباس، وهو مجهول كما في "التقريب ". على أن قوله: مولى ابن عباس.. يحتمل أنه وهم من بعض الرواة،

كما يفيده قول الحافظ أبي القاسم الدمشقي (وهو ابن عساكر) : " المحفوظ: رواية عطاء عن عُبَيْد اللَيْثِي المكِّيِّ. فأما عبيد بن عمير مولى ابن عباس؛ فغير مشهور، ولم يدرك ابن أبي ذئب عبيد بن عمير الليثي، فلعلهما اثنان رويا الحديث؛ إن صح قول ابن صالح ". ذكره المنذري في "مختصره ". وأما ما نقله الحافظ في "التهذيب " عن ابن أبي داود في التدليل على أنهما اثنان من قوله: " ويدل عليه قول ابن أبي ذئب: حدثني عبيد؛ فإن ابن أبي ذئب لم يدرك الليثي ". فهو استدلال قوي؛ لولا أنه ليس في الإسناد أن القائل: فحدثني ... هو ابن أبي ذئب، بل هو عطاء بن أبي رباح، كما يدل عليه السياق؛ فإن (عبيد بن عمير) الأول فيه هو نفس (عبيد بن عمير) ثانيةً. وقد اغتر بقول ابن أبي داود هذا بعض شراح الكتاب؛ ففسر قول: (قال) بابن أبي ذئب! فاقتضى التنبيه. والله أعلم. والحديث أخرجه ابن خزيمة (3054) ... بإسناد المصنف ومتنه. والحاكم (2/276- 277) من طرق أخرى عن حماد بن مسعدة ... به، دون قول عطاء: فحدثني عبيد بن عمير ... وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي (4/333- 334) من طريقين آخرين عن ابن أبي ذئب ... به؛ وفيه الزيادة. ولها طريق أخرى عن عكرمة ... بنحوه: رواه ابن جرير (3766) بسند

8- باب في الصبي يحج

صحيح عنه. ورواه (3778) بإسناد آخر صحيح عن ابن الزبير ... نحوه. وتقدم منا طريق أخرى عن ابن عباس، تحت الحديث (1521) . 8- باب في الصبيِّ يَحُجُّ 1525- عن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرَّوْحَاءِ، فَلَقِيَ رَكْباً، فسلَّم عليهم، فقال: " من القوم؟ ". فقالوا: المسلمون. فقالوا: فمن أنتم؟! فقالوا: رسولُ الله. فَفَزِعَتِ امرأةٌ، فأخذت بِعَضُدِ صَبِي فأحرجته من مِحَفتِهَا؛ فقالت: يا رسول الله! هل لهذا حج؟ قال: " نعم، ولكِ أجرٌ ". (قلت: صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كُرَيْبٍ عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم ابن عقبة، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث عند أحمد في "مسنده (1/219) ... بهذا الإسناد. ثم أخرجه مسلم (4/101) ، والنسائي (2/5) من طرق أخرى عن سفيان - وهو ابن عُيَيْنَةَ- ... به.

9- باب في المواقيت

ثم أخرجاه، وكذا مالك (2/368) ، وأحمد (1/244 و288 و 343 و 344) من طرق أخرى عن إبراهيم بن عقبة ... به. وله شاهد من حديث جابر ... نحوه: أخرجه الترمذي (924) ، وابن ماجه (2/214) بإسناد صحيح على شرط الشيخين. 9- باب في المواقيت 1526- عن ابن عمر قال: وَقَّتَ رسولُ الله لأهل المدينة: ذا الحُلَيْفَةِ، ولأهل الشام: الجُحْفَةَ، ولأهل نَجْدٍ: قَرْنَ؛ وبلغني أنه وقَّت لأهل اليمن: يَلَمْلَمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا أحمد بن يونس: ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (1/306- 307) ... بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3/302) ، ومسلم (4/6) ، والنسائي (2/6) ، والدارمي (2/29) ، وابن ماجه (2/214) ، والبيهقي (5/26) من طرق عن مالك ... به. وتابعه أيوب عن نافع ... به: أخرجه أحمد (2/48 و 82) ، والترمذي (831) ، وقال:

" حديث حسن صحيح ". وله عند الشيخين وأحمد (2/3 و 9 و 11 و 46 و 47 و 50 و 55 و 78 و 81 و107 و 130 و 135 و 140 و 151 و 181) طرق أخرى عن ابن عمر ... به. وأخرجه ابن الجارود (412) . 1527- عن ابن عباس وطاوس قالا: وَقَّتَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قال أحدهما: ولأهل اليمن: يَلَمْلَمَ. وقال أحدهما: ألَمْلَمَ. قال: " فَهُن لَهُمْ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ، ممن كان يريد الحج والعمرةَ، ومن كان دون ذلك- قال ابن طاوس من حيث أنشأ قال- وكذلك، حتى أهل مكة يُهِلُّون منها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس. وعن ابن طاوس عن أبيه قالا ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عمرو بن دينار ... به. وهو صحيح أيضاً من طريق ابن طاوس عن أبيه، ولكنه مرسل؛ وقد جاء مسنداً بذكر ابن عباس فيه، كما سأبينه إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه ابن الجارود (413) من طريق أخرى عن سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد ... به.

وتابعه خلف بن هشام: نا حماد بن زيد ... به. أخرجه الدارقطني (ص 263) ، وقال: " وخالفهم يحيى بن حسان، فأسنده عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس ... ". ثم ساقه هو، والنسائي (2/6) ، والطحاوي (1/359) عن يحيى بن حسان: نا وُهَيْبٌ وحماد بن زيد عن ابن طاوس ... به. وأخرجه البخاري (3/300 و 303) ، ومسلم (4/5- 6) ، والدارمي (2/30) ، والبيهقي (5/29) ، وأحمد (1/252) من طرق أخرى عن وهيب وحده. وأخرجه البخاري (3/302 و 303) ، ومسلم، والبيهقي، وأحمد (1/238) من طرق أخرى عن حماد وحده ... من الوجه الأول. وتابعه على الوجه الآخر معمر قال: أخبرني عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس ... به. أخرجه النسائي، وأحمد (1/249 و 332 و 339) . 1528- عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقتَ لأهل العراق: ذاتَ عِرْقٍ. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا هشام بن بَهْرَام المدائني: ثنا المُعَافى بن عمران عن أفلح - يعني: ابن حُمَيْدٍ- عن القاسم بن محمد عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ كما بينته في "الإرواء" (999) ، وقد خرجته هناك.

10- باب الحائض تهل بالحج

1529- عن الحارث بن عمرو السَّهْمِيِّ قال: أتيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بمنىً أو بعرفات، وقد أطاف به الناسُ. قال: فتجيء الأعراب، فإذا رَأوْا وجهه؛ قالوا: هذا وجه مبارك! قال: ووقَّتَ ذاتَ عِرْق لأهل العراق. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج: ثنا عبد الوارث: ثنا عتبة بن عبد الملك السَّهْمِيُ: حدثني زُرَارَةُ بن كريم أن الحارث بن عمرو السهْمِي حدثه قال ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عتبة وزرارة، وقد وثقهما ابن حبان، وروى عنهما جمع من الثقات. والحديث أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1148) ... بإسناد المصنف وأتم منه. وأخرجه الدارقطني (ص 262) ، والبيهقي (5/28) من طرق أخرى عن أبي معمر ... به. 10- باب الحائض تهِل بالحج 1530- عن عائشة قالت: نُفسَتْ أسماءُ بنتُ عمَيْس بمحمدِ بن أبي بكَر بالشَّجَرَةِ، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن تَغْتَسِلَ فَتُهلَّ (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عبدة عن عبيد الله عن عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما، وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/27) ، والدارمي (2/33) ، وابن ماجه (2/214) ... بإسناد المصنف. والبيهقي (5/32) عنه. ثم أخرجه هو، ومسلم، والدارمي (2/33) من طرق أخرى عن عبدة بن سليمان ... به. وله شاهد من حديث جابر في حديثه الطويل في حجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآتي برقم (1663) . 1531- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الحائضُ والنفَسَاء إذا أتتا على الوقت؛ تغتسلان وتحْرِمَانِ، وتقضيانِ المناسكَ كُلَّها؛ غير الطوافِ بالبيت، حتى تطهر ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى وإسماعيل بن إبراهيم أبو معمر قالا: ثنا مروان بن شجَاعٍ عن خصَيْفٍ عن عكرمة ومجاهد وعطاء عن ابن عباس. قال أبو معمر في حديثه: " حتى تطهر "، ولم يذكر ابن عيسى: عكرمة ومجاهداً؛ قال: عن عطاء عن ابن عباس ... ولم يقل ابن عيسى: " كلَها "، قال: " المناسك إلا الطواف بالبيت ".

11- باب الطيب عند الإحرام

قلت: إسناده رجاله ثقات؛ غير خُصَيْفٍ، ففيه ضعف من قبل حفظه. لكن يشهد لحديثه حديثُ عائشة الذي قبله، وحديثها الآتي في "باب إفراد الحج " من طرق، وقد خرجت الحديث في "الصحيحة " (1818) ، وحديث أبي بكر نحوه؛ وزاد: " وتصنع ما يصنع الناس؛ إلا أنها لا تطوف بالبيت ". رواه النسائي، وابن ماجه (2912) بسند صحيح. 11- بابُ الطَيبِ عند الإحرام 1532- عن عائشة قالت: كنتُ أُطَيِّبُ رسولَ الله؛ لإحرامه قبلَ أن يُحْرِمَ، ولإحلالِهِ قبل أن يَطُوفَ بالبيتِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا أحمد بن يونس: ثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (1/305) ... بهذا الإسناد. وعنه أيضا: أخرجه البخاري (3/311) ، ومسلم (4/10) ، والنسائي (2/10) ، والبيهقي (5/34) ، وأحمد (6/186) كلهم عن مالك ... به.

وأخرجه البخاري أيضا (3/461) ، والنسائي، والترمذي (917) ، والدارمي (2/33) ، وابن ماجه (2/217) ، وابن الجارود (414) ، وأحمد (6/39 و 181 و186 و 214 و 238) من طرق أخر عن عبد الرحمن ... به. وأخرجه مسلم، وأحمد (6/98 و 192 و 200 و 207 و 216 و 244) من طرق أخرى عن القاسم ... به. وتابعه جمع عن عائشة ... نحوه. عند الشيخين، والنسائي، وأحمد (6/130 و 161- 162 و 258) ، والدارمي. ومنهم الأسود؛ وهو الذي بعده، وقد سقتها وخرجتها في "الإرواء " (1047) . 1533- ومن طريق آخر عنها قالت: كأنِّي أنظر إلى وَبِيصِ المسك في مَفْرِقِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مُحْرِمٌ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وكذا البخاري وابن الجارود) . إسناده: حدثنا محمد بن الصباح البَزازُ: ثنا إسماعيل بن زكريا عن الحسن ابن عبيد الله عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الحسن بن عبيد الله- وهو النَخَعِي الكوفي-، فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/12) ، والنسائي (2/11) من طريق سفيان عن الحسن بن عبيد الله ... به. وأخرجاه هما، والبخاري (1/303) ، والبيهقي، وأحمد (6/109 و 124

12- باب التلبيد

و 128 و 173 و 175 و 186 و 191 و 212 و 224 و 230 و 245 و 254 و 264 و 267 و280) من طرق أخرى عن إبراهيم ... به. وتابعه جماعة عن الأسود ... به: عند أحمد (6/209 و 236 و 250) . وله طرق أخرى كثيرة عن عائشة، تقدم في الكتاب أحدها، مع إشارتي تحته إلى سائرها. 12- باب التلْبِيدِ 1534- عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: سمعتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلّ مُلَبداً. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْريُّ: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم- يعني: ابن عبد الله-. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان بن داود المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/312) ، ومسلم (4/8) ، وابن ماجه (2/246) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وأخرجه البيهقي (5/36) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (2/131) من طريق ابن أخي شهاب عن عمه ... به.

13- باب في الهدي

13- باب في الهدي 1535- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهْدَى عامَ الحديبِيّةِ- في هدايا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جملاً كان لأبي جهل، في رأسه برَة فِضَّة.- قال ابن مِنْهَال: برَةٌ منْ ذَهَب. زاد النّفَيْلِيّ: يَغِيظ بذلك المشركين-. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا النفيلي. ثنا محمد بن إسحاق. وثنا محمد بن المنهال: ثنا يزيد بن زُرَيْع عن ابن إسحاق- المعنى-؛ قال: قال عبد الله- يعني: ابن أبي نَجِيحٍ-: حدثني مجاهد عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن إسحاق- وهو صاحب "السيرة"-، وقد أخرج له مسلم متابعة، ثم هو مدلس وقد عنعنه، لكنه قد صرح بالتحديث في رواية عنه، وهو إلى ذلك لم يتفرد به كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/229) من طريق أخرى عن محمد بن المنهال ... به، وفي روايته: من ذهب. وهذه الرواية عندي شاذة؛ لمخالفتها لسائر الروايات الآتية. ثم أخرجه البيهقي، وكذا الحاكم (1/461) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح ... به، وقال: " حديث صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!

وأخرجه أحمد (1/261) : حدثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح ... به. فقد صح عن ابن إسحاق تصريحه بالتحديث، فثبت الحديث؛ والحمد لله. وأما ما أخرجه البيهقي من طريق أبي جعفر المسْتَعِينِي: ثنا عبد الله بن علي بن المديني: حدثني أبي قال: كنت أرى أن هذا من صحيح حديث ابن إسحاق، فإذا هو قد دلسه! حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن إسحاق قال: حدثني مَنْ لا أتهِم عن ابن أبي نجيح ... قال علي: فإذا الحديث مضطرب!! قلت: وهذا- مع معارضته لرواية الإمام أحمد- فإن عبد الله بن علي بن المديني ليس بالمشهور، بل قد غمزه الدارقطني؛ فقد روى الخطيب (10/9) عنه أنه قال في عبد الله هذا: " روى عن أبيه "كتاب العلل "؛ إنما أخذ كتبه وروى أخباره مناولةً، وما سمع كثيراً من أبيه؛ لأنه ما كان يُمَكِّنُة من كتبه ". قلت: فمثله لا يحتج به مع التفرد؛ فكيف مع المخالفة؛ فكيف إذا كان المخالف الإمام أحمد؟! وقد تابعه جرير بن حازم عن ابن أبي نجيح ... به مختصراً: أخرجه أحمد (1/273) ، والبيهقي، وقال: " وهذا إسناد صحيح؛ إلا أنهم يرون أن جريراً أخذه من ابن إسحاق، ثم دلسه، فإن بيَّن فيه سماع جرير من ابن أبي نجيح؛ صار الحديث صحيحاً "! قلت: جرير ثقة حافظ؛ احتج به الشيخان، ولا عيب فيه سوى أنه اختلط في آخر عمره، ولكنه لم يحدث في اختلاطه، ولم يتهمه أحد بالتدليس؛ سوى يحيى الحماني، وهو متهم بسرقة الحديث، فلا قيمة لجرحه! وكم من حديث

14- باب في هدي البقر

لجرير هذا في "الصحيحين " معنعناً محتجاً به! ولذلك فإني لا أرى وجهاً لتعليق صحة الإسناد بتبيين سماعه فيه. والله أعلم. وتابعه ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ... به مختصراً: أخرجه أحمد (1/234 و 269) ، وابن ماجه (2/264) ، والبيهقي (5/234 و9/269) . وفي رواية له عنه: عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وعن الحكم ... به. وقال: " رواه مالك بن أنس في "الموطأ" ... مرسلاً، وفيه قوة لما مضى ". وهو في "الموطأ" (1/341) ؛ وهو مرسل صحيح الإسناد. 14- باب في هَدْيِ البقر 1536- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسول الله نَحَرَ عن آل محمد في حجة الوداع بَقَرَةً واحدةً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا ابن السَّرْح: ثنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح - واسمه: أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح-، وهو ثقة من شيوخ

مسلم. وقد أعِلَّ الحديث بما لا يقدح، كما يأتي بيانه. والحديث أخرجه ابن ماجه (2/274) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأعله إسماعيل القاضي بقوله: " تفرد يونس بذلك، وقد خالفه غيره "! وتعقبه الحافظ بقوله (3/434) : " ويونس ثقة حافظ، وقد تابعه معمر: عند النسائي أيضا، ولفظه أصرح من لفظ يونس قال: ما ذُبعَ عن آلِ محمد في حَجةِ الوداع إلا بقرةٌ ". ثم ذكر حديث أبي هريرة الآتي في الكتاب بعده، وقال: " وهو شاهد قوي لرواية الزهري ". قلت: وقد تابعه يحيى بن سعيد عن عمرة ... به نحوه قالت: فدخل علينا يَوْمَ النَّحْرِ بِلَحْمِ بَقَرٍ. فقلت: ما هذا؟! قال: نحْر رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أزواجِهِ. أخرجه البخاري (3/434) ، ومسلم (4/32) ، وابن الجارود (480) ، وابن ماجه (2/230) . وله طريق أخرى عن عائشة، يأتي في "باب إفراد الحج ". ويشهد له حديث جابر قال: نَحَرَ رسول الله عن نسائه- وفي رواية عن عائشة- بقرة في حجَته. رواه مسلم (4/88- 89) .

1537- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَبَحَ عَمَّنِ اعتمر من نسائِهِ بَقَرَةً بينهنَّ. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وقَواه الحافظ) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان ومحمد بن مهران الرازي قالا: ثنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ فهو على شرطهما؛ لكن الوليد- وهو ابن مسلم الدمشقي- يدلس تدليس التسوية؛ إلا أنه قد توبع كما سأذكر. والحديث أخرجه ابن ماجه (2/274) ، والحاكم (1/467) - من طريق النسائي- كلاهما من طريق أخرى عن الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وفيه ما أشرت إليه من التدليس؛ فإنه لم يذكر تحديث الأوزاعي عن شيخه، فيخشى أن يكون بينهما من أسقطه الوليد؛ فإنه من صنيعه، كما هو مذكور في ترجمته. لكن تابعه هشام بن عمار: حدثنا إسماعيل بن سَمَاعة عن الأوزاعي ... به. أخرجه ابن حبان (977) . وإسماعيل هذا ثقة. لكن هشام فيه ضعف، وقد احتج به البخاري، فلا بأس به في المتابعات والشواهد. وبالجملة؛ فالحديث صحيح بما قبله، وقد قواه الحافظ كما نقلته عن هناك.

الجزء السادس جميع حقوق الملكية الأدبية والفنيّة محفوظة لدار غراس- الكويت وشريكهما ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية إلا بموافقة خطيّة من الناشر. الطبعة الأولى 1423 هـ 2002م الناشر مؤسسة غراس للنشر والتوزيع الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868 الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 1030. Website: www.gheras.com E-Mail:[email protected]

15- باب في الإشعار

15- باب في الإشعار 1538- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر بذي الحُلَفَةِ، ثم دعا بِبَدَنَة، فأشْعَرَها من صَفْحَةِ سَنامِها الأيمن، ثم سَلَتَ الدم عنها، وقلَدها بنعلين، ثم أُتِيَ براحلته، فلما قعد عليها واستوت به على البيداء؛ أهل بالحج. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وحفص بن عمر- المعنى- قالا: ثنا شعبة عن قتادة- قال أبو الوليد: قال-: سمعت أبا حسان عن ابن عباس. حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة ... بهذا الحديث بمعنى أبي الوليد؛ قال: ثم سلت الدم بيده. قال أبو داود: " رواه همام قال: سَلَتَ الدٌمَ عنها بإصبعه ". قال أبو داود: " هذا من سنن أهل البصرة الذي تَفَرَدوا به ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي حسان- وهو مسلم بن عبد الله الأعرج، ويقال: الأجرد-؛ فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/232) من طريق المؤلف عن مسدد. ثم أخرجه هو، ومسلم (4/57) ، والنسائي (2/21) ، وابن الجارود (424) ، وأحمد (1/216 و 254 و 280 و 339 و 347) من طرق أخرى عن شعبة ... به.

ثم أخرجه مسلم والنسائي، والترمذي (906) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (2/264) ، وأحمد (1/344 و 372) عن هشام الدَّسْتَوَائي عن قتادة ... به. وفي رواية النسائي من طريق شعبة: أمر ببدنته فأشعرها. وهي لابن خزيمة (2575) . 1539- عن المِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ ومروان بن الحكم: أنهما قالا: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية، فلما كان بذي الحليفة؛ قلَّد الهدي وأشعره، وأحرم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/231 و 235) ، والبخاري (7/358) ، وأحمد (4/328) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وتابعه معمر عن الزهري ... به: أخرجه البخاري (3/427) ، والنسائي (2/21) ، وأحمد (4/327 و 328) ، والصنف في آخر "الجهاد" رقم (2470) مطولاً.

1540- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدى غنماً مقلَّدة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري ومسلم. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا هنَّاد: ثنا وكيع عن سفيان عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هنَّاد- وهو ابن السَّرِيِّ التميمي الكوفي-؛ فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه من طريق أخرى كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/208) : ثنا وكيع: ثنا سفيان ... به. وأخرجه النسائي (2/22) من طريق أخرى عن سفيان عن منصور وحده. وكذلك رواه ابن الجارود (426) . ورواه الترمذي (909) وصححه، وهو رواية للبخاري (3/431) نحوه. ثم أخرجه هو، ومسلم (4/90) ، والدارمي (2/65) ، وابن ماجه (2/264) ، والبيهقي (5/232) ، وأحمد (2/41 و 42) من طرق أخرى عن الأعمش وحده ... به. وخالفهم شريك فقال: عن الأعمش سليمان عن مسلم عن مسروق عن عائشة ... به: أخرجه أحمد (6/110) . وشريك: هو ابن عبد الله القاضي، وهو سيئ الحفظ، فلا يحتج به، لا سيما عند المخالفة.

16- باب تبديل الهدي

وتابعه الحكم عن إبراهيم ... به نحوه: أخرجه مسلم والنسائي، والبيهقي (5/533) . وخالف هذه الطرق: عَبْثَرُ بن القاسم أبو زبَيْدٍ فقال: عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ... به. أخرجه أحمد (3/361) ، والبزار (2/20/1106) ، وقال البزار: " لا نعلمه عن جابر إلا من هذا الوجه؛ إنما يرويه أصحاب الأعمش عنه عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. ولم يتابع عبثر على قوله: (عن جابر) ". قلت: وعبثر ثقة من رجال الشيخين؛ فإسناده صحيح لولا المخالفة، مع احتمال أن يكون للأعمش إسنادان في هذا الحديث. والله تعالى أعلم. 16- باب تبديل الهدي [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 17- باب من بعث بهديه وأقام 1541- عن عائشة قالت: فَتَلْتُ قلائدَ بُدْن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَدَيَّ، ثم أشعرها وقَلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حَرُمَ عليه شيء كان له حلاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي: ثنا أفلح بن حُمَيْد عن القاسم

عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/428) ، ومسلم (4/89) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه البيهقي (5/233) من طرق أخرى عن القعنبي ... به. وأخرجه النسائي (2/22) ، وأحمد (6/78) من طرق أخرى عن أفلح ... به، وهو رواية البخاري (3/427) . ثم أخرجه هو (3/431) ، ومسلم، والمصنف- بعد حديث- والنسائي، والترمذي (908) ، وابن الجارود (423) ، وأحمد (6/85 و 129 و 181) من طرق أخرى عن القاسم ... به نحوه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طرق أخرى عن عائشة يأتي بعضها عند المصنف في الحديثين الآتيين. 1542- ومن طريق أخرى عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهْدِي من المدينة، فأفْتِلُ قلائدَ هَدْيِهِ، ثم لا يَجْتَنِبُ شيئاً مما يَجْتَنِبُ المُحْرِمُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرملِيُ وقتيبة بن سعيد أن الليث بن سعد حدثهم عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنها قالت ...

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرملي، وهو ثقة، وقد توبع كما ترى ويأتي. والحديث أخرجه مسلم والنسائي ... بإسناد المصنف الثاني: قتيبة بن سعيد. وأخرجه البخاري (3/428) ، ومسلم أيضا، وأحمد (6/82) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وله عنه طرق أخرى بعضهم عن عروة، وبعضهم عن عمرة: عند أحمد (6/36 و 185 و 191 و 200 و 225) ، ومسلم والنسائي. وتابعه عندهما: عبد الله بن أبي بكر عن عمرة ... به. وكذا البخاري (3/429) . 1543- وفي أخرى عنها؛ قالت أم المؤمنين: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالهدي، فأنا فَتَلْتُ قلائدها بِيَدَيَّ من عِهْن كان عندنا، ثم أصبح فينا حلالاً؛ يأتي ما يأتي الرجل من أهله. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم كما تقدم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا بشر بن المُفَضَّل: ثنا ابن عون عن القاسم بن محمد وعن إبراهيم- زعم أنه سمعه منهما جميعاً، ولم يحفظ حديث هذا من حديث هذا، ولا حديث هذا من حديث هذا- قالا: قالت ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد- وهو ابن مسرهد-،

18- باب في ركوب البدن

فإنه على شرط البخاري؛ وهذا بالنسبة لطريق القاسم بن محمد، وقد تقدمت قبل حديث من طريق أخرى عنه. وأما طريق إبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي-؛ فهو منقطع؛ لأنه لم يَلْقَ عائشة رضي الله عنها، وقد ثبت أنه تلقاه عن الأسود عنها، كما تقدم في الحديث (1540) ، فلا نعيد تخريجه، وإن كان هناك مختصراً، وهنا مطول، لكن ليس فيه ذكر الغنم كما هناك، وهو متفق عليه كما عرفت مما سبق. وقد أخرجه أحمد (6/91 و 171 و 191 و 212 و 218 و 224 و 250 و 262) من طرق أخرى عن إبراهيم عن يزيد ابن الأسود ... به. 18- باب في ركوب البُدْن 1544- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فقال: " اركبا ". قال: إنها بَدَنةٌ! فقال: " اركبها ويلك! " في الثانية أو الثالثة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/341) ... بهذا الإسناد والمتن.

وأخرجه البخاري (3/422) ، ومسلم (4/91) ، والنسائي (2/22- 23) ، وابن الجارود (428) ، والبيهقي (5/236) ، وأحمد (2/487) كلهم عن مالك ... به. وتابعه جمع عن أبي الزناد ... به. أخرجه مسلم، وابن ماجه (2/265) ، وأحمد (2/254 و 481) . وله عنده (2/245 و 278 و 312 و 464 و 473 و 478 و 505) طرق أخرى عن أبي هريرة، بعضها عند مسلم، وابن الجارود (427) . وله شاهد من حديث أنس ... مثله. أخرجه الشيخان وابن خزيمة (2662) ، والطيالسي (1981) ، وأحمد (3/99 و107 و 170 و 173 و 183 و 202 و 231 و 234 و 251 و 261 و 275 و 276 و291) من طرق عنه. وزاد أحمد في رواية: قد جَهَدَهُ المَشْي. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. 1545- عن أبي الزبير: سألت جابر بن عبد الله عن ركوب الهدي؟ فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ارْكَبها بالمعروف إذا ألْجِئتَ إليها، حتى تجد ظهراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: سألت ...

19- باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (3/317) ... بهذا السند والمتن. ثم أخرجه هو (3/324 و 325) ، ومسلم (4/92) ، والنسائي (2/23) ، وابن الجارود (429) ، والبيهقي (5/236) من طرق أخرى عن يحيى ... به. وتابعه مَعْقِل عن أبي الزبير ... به. أخرجه مسلم والبيهقي. وتابعه ابن لهيعة عنه: أخرجه أحمد (3/348) . وفي حديثهما عنه أنه هو السائل. 19- باب في الهدي إذا عَطبَ قبل أن يبلغ 1546- عن ناجية الأسلمي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث معه بِهَدْي، فقال: " إن عَطِبَ منها شيء فانْحَرْهُ، ثم اصْبُغْ نَعْلَهُ في دَمِهِ، ثم خَل بينَهُ وبين الناسِ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن هشام عن أبيه عن ناجية الأسلمي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إلى ناجية- وهو ابن كعب بن جُنْدُبٍ الأسلمي الخُزَاعي-.

والحديث أخرجه البيهقي (5/243) من طريق المصنف. وأخرجه الترمذي (910) ، والدارمي (2/65) ، وابن ماجه (2/265) ، والبيهقي أيضا، وأحمد (4/334) من طرق كثيرة عن هشام ... به. وزاد الترمذي وغيره: " فليأكلوها ". وقال: " حديث حسن صحيح ". وخالفهم الإمام مالك، فقال في "الموطأ" (1/343) . عن هشام بن عروة عن أبيه: أن صاحب هدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يا رسول الله! ... الحديث. وهذا ظاهره الإرسال، والعمدة على من وصله؛ لا سيما وهم جماعة. وقد أخرجه الحاكم (1/447) بتحديث عروة عن ناجية. وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. 1547- عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلاناً الأسلمي، وبعث معه بثمانِ عَشْرَةَ بَدَنَةً، فقال: أرأيت إن أُزْحِفَ عليّ منها شيء؟ قال: " تنحرها، ثم تصبغ نعلها في دمها، ثم اضربها على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحدٌ من أصحابك- أو قال: من أهل رُفْقَتِك- ". وقال في حديث عبد الوارث: " ثم اجعله على صفحتها حينئذ " مكان: " اضربها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الحارود وابن حبان) .

إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد. (ح) وثنا مسدد: ثنا عبد الوارث- وهذا حديث مسدد- عن أبي التَّيَّاح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/279) : ثنا عفان: ثنا حماد بن سلمة ... به. وأخرجه مسلم (4/92) ، والبيهقي (5/242- 243) من طريق يحيى بن يحيى: أخبرنا عبد الوارث بن سعيد ... به. ثم أخرجاه هما، وابن الجارود (425) ، وأحمد (1/217) من طريق إسماعيل ابن عُلَيَّةَ عن أبي التياح ... به. وخالفه في إسناده قتادة فقال. عن سنان بن سلمة عن ابن عباس أن ذُؤَيباً أبا قبيصة حدثه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ... الحديث. أخرجه مسلم، وابن ماجه (2/265) ، والبيهقي، وأحمد (4/225) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/213/1) . قلت: فجعله قتادة من (مسند قبيصة) ، ولعله أصح من رواية أبي التياح الذي جعله من (مسند ابن عباس) لم يتجاوزه إلى قبيصة؛ فإن من المعلوم أن زيادة الثقة مقبولة. والله أعلم. وله شاهد من حديث عمرو بن خارجة، يرويه شهر بن حوشب عنه ... نحوه: أخرجه أحمد (4/64 و 187 و 238 و 5/377) . وشاهد آخر من حديث سَلَمَةَ بن الُمحبقِ ... مرفوعاً نحو: أخرجه أحمد (5/6) .

1548- قال أبو داود: " سمعت أبا سلمة يقول: إذا أقمتَ الإسناد والمعنى؛ كفاك ". قلت: أبو سلمة: هو موسى بن إسماعيل التَبُوذَكِيّ، وهو ثقة من رجال الشيخين. ووقع في بعض نسخ الكتاب قبيل قول المصنف هذا الزيادة الآتية: قال أبو داود: " الذي تفرد به من هذا الحديث قوله: " ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك " ... ". وبهذه الزيادة يظهر غرض المصنف من روايته المذكورة عن شيخه أبي سلمة، وهو الجواب عن التفرد المذكور، ويعني: أن إسناد الحديث مستقيم، ومعناه صحيح، فلا ضير في هذا التفرد. وهذا كلام سليم، لكننا لا نسلم بالتفرد المذكور، فقد جاءت هذه الزيادة في حديثي عمرو بن خارجة وسلمة بن المحَبِّقِ المخرَّجَيْنِ آنفاً. 1549- عن عبد الله بن قرْطٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحْر، ثم يوم القَر "؛ وهو اليوم الثاني. قال: وقربَ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَناتٌ خمسٌ أو ست، فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إليه بأيتِهِن يَبْدَأ، فلما وَجَبَتْ جُنوبُها قال: فَتَكَلَّمَ بكلمة خَفِية لم أفهمها، فقلت: ما قال؟ قال: "من شاء اقتطع ". (قلت: إسناده صحيح، وقد صححه ابن حبان والحاكم) .

20- باب كيف تنحر البدن؟

إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي. وأخبرنا مسدد: أخبرنا عيسى - وهذا لفظ إبراهيم- عن ثور عن راشد بن سعد عن عبد الله بن عامر بن لُحَي عن عبد الله بن قرْطٍ ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وقد صححه ابن حبان والحاكم، كما ذكرته في تخريج الحديث في "إرواء الغليل " (1958) ؛ فلا داعي للإعادة. 20- باب كيف تنْحَرُ البُدْنُ؟ 1550- عن جابر وعبد الرحمن بن سابط: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا يَنْحَرُون البَدَنَةَ معقولةَ اليسرى، قائمةً على ما بَقِيَ من قوائمها. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر. وأخبرني عبد الرحمن بن سابط: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قلت: إسناده عن جابر موصول على شرط مسلم؛ إلا أن ابن جريج وأبا الزبير كلاهما مدلس، وقد عنعناه. والآخر: مرسل؛ لأن ابن سابط تابعي ثقه، والقائل: (وأخبرني) إنما هو ابن جريج، فهو مرسل صحيح، شاهد للمسند الموصول. والحديث رواه البيهقي (5/237) من طريق المصنف. ويشهد له حديث ابن عمر الآتي بعده.

وما أخرجه البيهقي أيضا عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر ينحر بَدَنَتَهُ وهي قائمة معقولة إحدى يديها صافنة. وسنده صحيح. 1551- عن زياد بن جُبَيْر. قال: كنت مع ابن عمر بِمِنىً، فمرَّ برجل وهو ينحر بدنته وهي باركة، فقال: ابعثها قياماً مقيدةً، سنةَ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا هُشَيْمٌ: أخبرنا يونس: أخبرني زياد بن جبير. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد في " المسند" (2/3) ... إسناداً ومتناً. ثم أخرجه هو (2/86 و 139) ، والبخاري (3/435- 436) ، ومسلم (4/89) ، والدارمي (2/66) ، والبيهقي (5/237) من طرق أخرى عن يونس بن عبيد ... به. 1552- عن علي رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقوم على بُدْنِهِ، وأقسم جلودها وجِلالها، وأمرني أن لا أُعْطِيَ الجَزَّارَ منها شيئاً، وقال:

21- باب في وقت الإحرام

"نحن نُعْطِيهِ من عندنا". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود. وليس عند البخاري آخره) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا سفيان- يعني: ابن عيينة- عن عبد الكريم الجَزَرِيِّ عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (41) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه الشيخان أيضا وغيرهما، كما بينا في "الإرواء" (1161) ؛ فلا نعيد تخريجه. 21- باب في وقت الإحرام 1553- عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه قال: بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، ما أهل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من عند المسجد. يعني: مسجد ذي الحليفة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طريق مالك،

وهذا في "الموطأ" ... به، وهو مخرج في "الإرواء" (1097) . 1554- عن عُبَيْدِ بن جُرَيجٍ: أنه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن! رأيتك تصنع أربعاً لم أرَ أحداً من أصحابك يصنعها؟! قال: ما هُنَ يا ابن جريج؟! قال: رأيتك لا تمسّ من الأركان إلا اليَمَانِيَيْنِ، ورأيتك تَلْبَسُ النِّعالَ السِّبْتِيَّةَ، ورأيتك تَصْبُغُ الصفْرَةَ، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رَأوا الهلال، ولم تُهِلَّ أنت حتى كان يوم التروية؟ فقال عبد الله بن عمر: أما الأركان؛ فإني لم أر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمس إلا اليَمَانِيَيْن. وأما النِّعالُ السَّبتيَّةُ؛ فإني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألْبَسَهَا. وأما الصفْرَةُ؛ فإني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبغ بها؛ فأنا أحب أن أصبغ بها. وأما الإهلال؛ فإني لم أرَ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِل حتى تنبعث به راحِلَته. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأحد إسنادي البخاري إسناد المصنف) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبَيْد ابن جريج. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (5/37) من طريق المصنف وغيره عن القعنبي. وعنه: أخرجه البخاري (10/253) . وأخرجه هو (1/215) ، ومسلم (4/9) ، وأحمد (2/66 و 110) من طرق أخرى عن مالك، وهذا في "الموطأ" (1/308) . 1555- عن أنس قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر بالمدينة أربعاً، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بذي الحليفة حتى أصبح، فلمَّا ركب راحلته واستوت به أهل. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن بكر: ثنا ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد في (مسند جابر) (3/378) : ثنا محمد بن بكر ... به سنداً ومتناً. وأخرجه البخاري (3/318) من طريق هشام بن يوسف: أخبرنا ابن جريج: حدثنا ابن المنكدر ... به. وأخرجه البيهقي (3/38) من طريق ثالثة عن ابن جريج ... به مثل رواية الكتاب.

وتابعه أبو قلابة عن أنس ... به؛ وزاد. على البيداء. أخرجه البخاري (3/321) . وله متابعة ثانية، تأتي في الكتاب بعده. 1556- ومن طريق أخرى عنه: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر، ثم ركب راحلته، فلما علا على جبل البيداء أهل. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا رَوْح: ثنا أشعث عن الحسن عن أنس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أشعث- وهو ابن عبد الملك الحمْرَاني-، فإنه من رجال البخاري وحده. لكن الحسن- وهو البصري- مدلس، وقد عنعنه. والحديث في "مسند أحمد" (3/207) ... بإسناده ومتنه. وهو مختصر الذي قبله. وأخرجه النسائي (2/19 و 37) من طريق أخرى عن أشعث ... به وزاد: بالحج والعمرة. ولابن حبان (992) نحوه.

22- باب الاشتراط في الحج

22- باب الاشتراط في الحج 1557- عن ابن عباس: أن ضبَاعَةَ بنت الزبَيْرِ بن عبد المطلب أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله! إني أريد الحج؛ أشترط؟ قال: " نعم ". قالت: فكيف أقول؟ قال: " قولي: لبيك اللهم! لبيك، ومَحِلِّي من الأرض حَيْث حَبَسْتَنِي". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم بنحوه عنه، والشيخان وابن الجارود وابن حبان عن عائشة) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عَبَّاد بن العَوَام عن هلال بن خبّابٍ عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير هلال، وهو حسن الحديث. وقد تابعه جمع من الثقات. عند مسلم. وله شواهد خرجتها في "الإرواء" (1009- 1010) . 23- باب في إفراد الحج 1558- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفْرَدَ الحِج. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم، وابن حبان (3923)) .

إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/310) ... سنداً ومتناً. وعنه: أخرجه مسلم أيضا (4/31) ، والنسائي (2/13) ، والترمذي (820) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي (2/35) ، وابن ماجه (20/226) ، والبيهقي (5/3) ، وأحمد (6/104) من طرق عن مالك ... به. وتابعه ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد ... به. أخرجه أحمد (6/107) . وتابعه عروة عن عائشة ... به. أخرجه مسلم (4/28) ، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد (6/107 و 243) . وله عنده طريق ثالثة عنها. 1559- ومن طريق ثانية عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ هلالَ ذي الحجة، فلما كان بذي الحليفة قال: "من شاء أن يُهِلَّ بحجَ؛ فَلْيُهِلَّ، ومن شاء أن يهِل بعمرة؛ فَلْيُهِل بعمرة،- قال موسى في حديث وهيب: فإني لولا أني أهديت؛ لأهللت بعمرة. وقال في حديث حماد بن سلمة: وأما أنا فأهل بالحج؛ فإن معي الهدي-،- ثم اتفقوا-؛ فكنت فيمن أهل بعمرة، فلما كان في بعض

الطريق؛ حِضْت، فدخل علي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أبكي، فقال: " ما يبكيك؟ ". قلت: وَدِدْت أني لم أكن خرجت العامَ. قال: " ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي- قال موسى: وأهلِّي بالحج. وقال سليمان: واصنعي ما يصنع المسلمون في حَجهِمْ- ". فلما كان ليلة الصَدَرِ؛ أمر- يعني: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ الرحمنِ، فذهب بها إلى التنعيم- زاد موسى: فأهلَّتْ بعمرة مكان عمرتها، وطافت بالبيت، فقضى الله عمْرَتَها وحَجَّها. قال هشام: ولم يكن في شيء من ذلك هديٌ. زاد موسى في حديث حماد بن سلمة: فلما كانت ليلة البَطْحَاءِ؛ طَهرَتْ عائشة رضي الله عنها-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا حديث ابن سلمة فهو على شرط مسلم، وقد أخرجه في "صحيحه "، وأخرجه هو والبخاري من حديث غيره) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد. (ح) وثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد- يعني: ابن سلمة-. (ح) وثنا موسى: ثنا وهيب عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين من الوجوه الثلاثة عن هشام بن عروة؛ غير حماد بن سلمة، فهو على شرط مسلم وحده، وقد أفرد المصنف لفظه قريباً بعد ثلاث روايات عنها، وفيه جملة مستنكرة عندي، كما سأبينه هناك إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه البخاري (1/331- 332 و 3/480- 481) ، ومسلم (4/28

- 29) ، وأحمد (6/191) من طرق عن هشام بن عروة ... به. وكذلك أخرجه ابن ماجه (2/234) - بتمامه-، والنسائي- بعضه- (2/13) . 1560- وفي رواية عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حَجَّةِ الوداع، فمنَّا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجً وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهلَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج، فأما من أهل بالحج، أو جمع الحجَّ والعمرة؛ فلم يَحِلوا حتى كان يومُ النحْرِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الأسود عن محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة ... به. قلت: وهذا صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/35) ... بإسناده ومتنه. وعنه: أخرجه الشيخان وغيرهما، كما هو مخرج في "إرواء الغليل " (1003) . 1561- وفي رواية؛ زاد: فأما من أهل بعمرة؛ فَحَلَّ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) . إسناده: حدثنا ابن السَّرْحِ. أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك عن أبي الأسود ... بإسناده مثله؛ زاد ...

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح- واسمه: أحمد بن عمرو-، فهو على شرط مسلم وحده. والحديث مكرر الذي قبله، وإنما أعاده المصنف لهذه الزيادة التي فيه، وهي عند مسلم وأحمد. وهي عند الشيخين من طريق ابن شهاب عن عروة، وهي في الرواية الآتية في الكتاب. 1562- وفي أخرى عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان معه هدي؛ فَلْيُهِلَّ بالحج مع العمرة، ثم لا يَحِلَّ حتى يَحِلَّ منهما جميعاً "، فقَدِمْتُ مكة وأنا حائض، ولم أطُفْ بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فقال: " انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلَي بالحج، ودعي العمرة". قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج؛ أرسلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرتُ، فقال: " هذه مكان عمرتك ". قالت: فطاف الذين أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حَلُوا، ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منىً لِحَجِّهِمْ. وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة؛ فإنما طافوا طوافاً واحداً.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت ... قال أبو داود: " رواه إبراهيم بن سعد ومعمر عن ابن شهاب ... نحوه؛ لم يذكروا طواف الذين أهلوا بعمرة، وطواف الذين جمعوا بين الحج والعمرة ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طريق مالك أيضا، وهذا في "الموطأ"، وهو مخرج في "الإرواء " (1159) . 1563- وفي رواية من الطريق الأولى عنها قالت: لَبَّينا بالحجِّ، حتى إذا كنَّا بِسَرِفَ؛ حضْت، فدخل علي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أبكي، فقال: " ما يبكيك يا عائشة؟! ". فقلت: حِضت، ليتني لم أكنْ حججت! فقال: " سبحان الله! إنما ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم "؛ فقال: " انْسكِي المناسكَ كلَّها؛ غَيْرَ أن لا تطوفي بالبيت ". فلما دخلنا مكة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شاء أن يجعلها عمرة؛ فليجعلها عمرة؛ إلا من كان معه الهَدْيُ ". قالت: وذبح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نسائه البقر يوم النحر. فلما كانت ليلة البطحاء وطهرت عائشة؛ قالت: يا رسول الله! أتَرْجعُ صَوَاحِبِي بحج وعمرة، وأرجع أنا بالحجِّ؟! فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الرحمن بن أبي بكر،

فذهب بها إلى التنعيم، فَلَبَّتْ بالعمرة. (قلت: إسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه، ولكنه لم يَسُقْ منه إلا طرفه الأول، وأحال في سائر لفظه على رواية أخرى بنحوه؛ وفيه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اجعلوها عمرة ". وهذا هو الصواب كما في الرواية الآتية؛ دون قوله: " من شاء أن يجعلها عمرة "؛ فإنه منكر، تفرد به حماد بن سلمة دون كل الثقات الذين رووا هذه القصة من جميع الطرق عن عائشة، فليس في شيء منها هذا التخيير بعد دخول مكة، وإنما هو في بعضها عند ذي الحليفة، كما في الطريق الثانية المتقدمة (1559) ، وهو المحفوظ) . إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت ... قلت: إسناده جيد، رجاله كلهم ثقات على شرط البخاري ومسلم؛ غير حماد - وهو ابن سلمة-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. قلت: والحديث أخرجه أحمد (6/219) : ثنا بهز: ثنا حماد بن سلمة ... به. ومسلم (4/31) من طريق بهز ... به، ولكنه لم يسق من لفظه إلا طرفه الأول، وأحال في سائره على لفظ حديث عبد العزيز الماجشون عن عبد الرحمن ابن القاسم؛ ولكنه قال: " نحوه ". فكأنه يشير إلى اختلاف لفظ حديث حماد عن حديث الماجشون. وهو ظاهر؛ فإنه ليس في حديث الماجشون: " من شاء أن يجعلها عمرة "، المفيد التخيير فيما أمرهم به من فسخ الحج إلى العمرة؛ وإنما فيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلوها عمرة "؛ جزماً دون التخيير.

وكذلك أخرجه أحمد (6/273) من طريقه- أعني: الماجشون-، وهو أوثق من حماد بن سلمة بكثير؛ فإنه ثقة فقيه محتج به في "الصحيحين ". وأما حماد؛ فثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغيَّرَ حفظه بأخرة، ولم يحتجٌ به البخاري، وإنما مسلم وحده، كما في "التقريب ". وقال فيه الذهبي في "المغني ": " إمام ثقة، له أوهام وغرائب، وغيره أثبت منه ". على أن الحاكم قال في "المدخل ": " ما خرج مسلم لحماد في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وقد خرج له في الشواهد عن طائفة ". قلت: وهذا الحديث إنما أخرجه له مسلم في الشواهد؛ ولذلك لم يسق لفظه كما سبق ذكره. ولذلك؛ فإني أجزم بأنه وهم في هذا الحرف من الحديث؛ لمخالفته فيه للماجشون، وهو أوثق منه، ولذلك اعتمد عليه مسلم في لفظ الحديث دون لفظ حماد. ويؤيد ذلك أمور: الأول: أن ابن إسحاق قد خالفه أيضاً في لفظه، موافقاً للفظ الماشجون، فقال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم ... به. أخرجه أحمد أيضا (6/273) . واثنان أحفظ من واحد؛ ولا سيما إذا كان أحدهما أحفظ منه! الثاني: أن الزيادة التي تفرد بها حماد دون الثقتين المذكورين- وهي قوله: " من شاء أن يجعلها عمرة "- إنما محلها في أول حجته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذي الحليفة، كما

في الحديث المتقدم (1559) من رواية تجمع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وأحدهم حماد بن سلمة نفسه. وهذه الرواية الصحيحة، الأخذ بها أولى من حديث حماد الذي خالف الثقتين المذكورين، والتي تؤكد خطأه في جعله التخيير بالفسخ بعد دخول الصحابة مكة. لا سيما ولها شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر: عند أحمد (6/350) . نعم، قد استمر هذا التخيير إلى ما بعد (سرف) فيما يبدو من رواية أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة قالت ... حتى نزلنا بسرف، فخرج إلى أصحابه فقال: " من لم يكن معه منكم هدي، فأحب أن يجعلها عمرة؛ فليفعل ". وأكد أن الأمر المذكور للتخيير قولُها- في تمام هذه الرواية-: فمنهم الآخذ بها والتارك لها ممن لم يكن معه هدي. أخرجه البخاري (3/328) ، ومسلم (4/31) . وفي رواية لهما- وهي المتقدمة برقم (1560) - بلفظ: قالت ... فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج. الثالث: أن في رواية الأسود عن عائشة الآتية في الكتاب: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم بعد قدومهم مكةَ بفسخ الحج إلى العمرة أمراً لا تخيير فيه. بل في رواية عَمْرَةَ عنها: أنه أمرهم بذلك أيضا قبل دخول مكة فقالت: ... حتى إذا دنونا من مكة؛ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من لم يكن معه هدي- إذا طاف بالبيت- أن يَحِلَّ.

أخرجه الشيخان وغيرهما، كما في "الإرواء" (1159) . فهذا كله يدل على خطأ حماد في قوله: إن التخيير بالفسخ كان بعد دخول مكة. ومما يؤكد ذلك: أن سائر الصحابة الذين رووا الأمر بالفسخ بعد الدخول لمكة رووه بصيغة الأمر الجازم الذي لا تخيير فيه، مثل جابر في حديثه الآتي بجميع رواياته الآتية (1566- 1570) ، وحديث ابن عباس الذي بعده، وحديث أنس رقم (1576) ، وحديث البراء الذي بعده، وحديث سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَد رقم (1580) ، وحديث ابن عمر رقم (1584) . ويزيد ذلك تأكيداً: أن في رواية ذكوان مولى عائشة عنها قالت:.. فدخل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليَّ وهو غضبان، فقلت. من أغضبك يا رسول الله! أدخله الله النار! قال: " أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر؛ فإذا هم يترددون؟! ". رواه مسلم (4/34) وغيره كما يأتي مني بعد حديث. فهذا الغضب منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تردد أصحابه في تنفيذ أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفسخ أكبر دليل على أنه لم يكن على سبيل التخيير؛ ولذلك بادر أصحابه بعد ذلك إلى إطاعته؛ كما قال جابر. فحللنا وسمعنا وأطعنا. فثبت- يقيناً- خطأ حماد في روايته التخيير هنا. ومما ينبغي أن يذكَرَ بهذه المناسبة: أن حماداً رحمه الله قد وقع له مثل هذا الوهم في حديث آخر له؛ فقد روى عن حميد عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر أنه قال:

قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة وأصحابه مُلَبِّينَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من شاء أن يجعلها عمرة. إلا من كان معه الهدي ". فخالفه يزيد بن هارون وسهل بن يوسف ومحمد بن أبي عدي ... فقالوا: " ومن لم يكن معه هدي؛ فليجعلها عمرة ". لم يذكروا التخيير. أخرج هذه الروايات الأربع: الإمام أحمد (2/28 و 41 و 53 و 80) . وهؤلاء الثلاثة كلهم ثقات حفاظ، وكل واحد منهم أحفظ من حماد على حدة، فكيف بهم مجتمعين؟ واعلم أن الباعث على تحرير هذا التحقيق: أنني فوجئت في موسم السنة الماضية (1393) بخبر مفاده: أن أحد الأساتذة من إخواننا- أهل الحديث- قد رجع عن القول بوجوب فسخ الحج إلى العمرة، الذي تدل عليه أحاديث الفسخ المشار إليها وغيرها، محتجاً بما في حديث ابن عمر هذا من التخيير المنافي للوجوب ! فأجبت يومئذٍ بأنه حديث شاذ، أخطأ فيه حماد، وذكرت ما حضرني من الأدلة، فها نحن الآن قد بعث الله لنا المناسبة التي قضت بضرورة البحث في ذلك مبسطاً محققاً، بما لا تراه محرراً في مكان آخر فيما أعلم. والله ولي التوفيق. 1564- وفي طريق ثالث عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا نَرَى إلا أنه الحج، فلما قدمنا؛ تَطَوَّفْنَا بالبيت، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لم يكن ساق الهدي أن يَحِل. فأحلَّ مَنْ لم يكن ساق الهدي. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم من طرق أخرى عن جرير. والبخاري (3/464) ، وأحمد (6/122 و 191 و 253 و 266) من طرق أخرى عن منصور بن المعتمر ... به. 1565- وفي رواية من الطريق الثانية عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لو استقبلت، من أمري ما استدبرت؛ لما سقت الهدي- قال محمد: أحسبه قال: ولحلَلْتُ مع الذين أحلُوا من العمرة- ". قال: أراد أن يكون أمر الناس واحداً. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه، وأخرجه مسلم من طريق أخرى، كلاهما بتمامه دون الشك، وليس عندهما: أراد أن يكون ... ) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عثمان بن عمر: أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة عنها. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/247) : ثنا عثمان بن عمر ... به؛ دون الشك، وقوله: قال: أراد ... إلخ.

وتابعه عُقَيْلٌ عن ابن شهاب ... به: أخرَجه البخاري (13/185) . وتابعه ذكوان مولى عائشة عنها قالت: قدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأربع مَضَيْنَ من ذي الحجة- أو خمس-، فدخل علي وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله! أدخله الله النار؟! قال: " أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر؛ فإذا هم يترددون؟! ولو أني استقبلت ... الحديث مثله، وزاد: حتى أشتريه. أخرجه مسلم (4/33- 34) ، وأحمد (6/175) . 1566- عن جابر قال: أقبلنا مُهِلينَ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج مُفْرَداً، وأقبلت عائشة مُهِلَّةً بعمرةٍ، حتى إذا كانت بـ (سَرِفَ) ؛ عَرَكَتْ، حتى إذا قدمنا؛ فطفنا بالكعبة وبالصفا والمروة، فأمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَحِلَّ منَّا مَنْ لم يكن معه هدي. قال: فقلنا: حِلَّ ماذا؟ فقال: " الحِل كُلَهُ ". فواقعنا النساء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابنا، وليس بيننا وبين عرفة إلا أرْبَعُ ليالٍ، ثم أهللنا يَوْمَ التروية. ثم دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عائشة، فوجدها تبكي، فقال: " ما شأنك؟! ". فالت: شأني أني قد حضت، وقد حَلَّ الناس ولم أحْلِلْ، ولم أطُفْ بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن! فقال:

" أن هذا أمر كتبه الله على بنات أدم؛ فاغتسلي، ثم أهلِّي بالحج ". ففعلت، ووَقَفَتِ المواقف كلها، حتى إذا طهرتْ؛ طافت بالبيت وبالصفا والمروة، ثم قال: " قد حللت من حَجِّكِ وعمرتك جميعاً ". قالت: يا رسول الله! إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حين حججت! قال: " فاذهب بها يا عبد الرحمن! فأعْمِرْها من التنعيم "، وذلك ليلة الحَصْبَة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/35) ، والنسائي (2/19) ... بسند المصنف. ومسلم، وأحمد (3/394) من طرق أخرى عن الليث ... به. 1567- وفي رواية عنه قال: دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عائشة ... ببعض هذه القصة؛ قال- عند قوله: " وأهلي بالحج "-: " ثم حُجي، واصنعي ما يصنع الحاج؛ غير أن لا تطوفي بالبيت ولا تُصَلي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري من

طريق أخرى عنه ... نحوه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابراً قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق أحمد، وعلى شرط البخاري من طريق مسدد؛ على أنه لم يقع لمسدد ذكر في بعض النسخ، وهو رواية البيهقي عن المصنف كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/95) عن المصنف: ثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد ... به. ولم أره في "المسند" بهذا السند إلا طرفاً منه؛ أخرجه (3/318) مختصراً؛ نحو البعض الذي أشار إليه؛ دون قوله: " واصنعي ما يصنع الحاج ... " إلخ. وهذه الزيادة: عند البخاري (13/185- 186) من طريق حَبيب المُعَلم عن عطاء، الآتية بعد حديث بمعناها. وحديث مسدد: عند البيهقي (5/18- 19) . 1568- ومن طريق ثانية عنه قال: أهللنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج خالصاً لا يخالطه شيء، فقدمنا مكة لأربع ليالٍ خَلَوْنَ من ذي الحجة، فطفنها وسعينا، ثم أمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نَحِلَّ، وقال: " لولا هديي لحللت ". ثم قام سُرَاقَةُ بن مالك فقال: يا رسول الله! أرأيت مُتْعَتَنَا هذه؛ لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بل هي للأبد ".

(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان بنحوه) . إسناده: حدثنا العباس بن الوليد بن مَزْيَد: أخبرني أبي: حدثني الأوزاعي: حدثني من سمع عطاء بن أبي رباح: حدثني جَابر بن عبد الله قال ... قال الأوزاعي: سمعت عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا؛ فلم أحفظه، حتى لقيت ابن جريج فأثبته لي. قلت: وهذا إسناد صحيح،رجاله كلهم ثقات؛ فإن الرجل الذي لم يُسَمَّ: هو ابن جريج كما في آخر الحديث. والحديث أخرجه ابن ماجه (2/230) : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي عن عطاء ... به؛ فأسقط الوليد الواسطة بين الأوزاعي وعطاء، وهذا من تدليسه تدليس التسوية، ولكن ذلك لا يضر هنا؛ لأن الواسطة هي ابن جريج كما في رواية المصنف. وابن جريج مدلس أيضاً، ولكنه قد صرح بالتحديث كما سأذكره. وقال الإمام أحمد (3/317) : ثنا إسماعيل: أنا ابن جريج عن عطاء ... به نحوه؛ دون ذكر قصة سراقة. لكن أخرجها النسائي (2/23) من هذا الوجه، وصرح فيه ابن جريج بالتحديث. وكذلك أخرجه مسلم (4/36- 37) من طريق أخرى عن ابن جريج. وأخرجه البخاري أيضاً (5/103) . وتابعه عبد الوهاب بن عبد المجيد عن عطاء ... به؛ وزاد فقال:

وأن سراقة بن مالك بن جعْشُم لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالعقبة وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟! قال: " لا، بل للأبد ". أخرجه البخاري (3/478- 480) ، وأحمد كما يأتي. وللحديث طريق أخرى عن جابر في حديثه الطويل في الحج: أخرجه مسلم وغيره، وهو الآتي برقم (1663) . 1569- وفي رواية عنه قال: قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه لأربع خَلَوْنَ من ذي الحِجَّةِ، فلما طافوا بالبيت وبالصفا والمروة؛ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلوها عمرة؛ إلا من كان معه الهدى ". فلما كان يوم التروية أهَلَوا بالحج، فلما كان يوم النحر؛ قَدِمُوا فطافوا بالبيت، ولم يطوفوا بين الصفا والمروة. (قلت: إسناده جيد على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري من طريق أخرى دون ذكر الطواف بعد النحر، وهذا. عند مسلم من طريق أخرى تأني برقم ( ... )) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قيس بن سعد عن عطاء عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة، وهو من رجال مسلم.

وكذا قيس بن سعد، وقد توبع كما تقدم قبله، ويأتي بعده. ورواية حماد هذه تؤكد خطأ روايته المتقدمة من حديث عائشة (1563) ؛ فراجعه. 1570- وفي أخرى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل هو وأصحابه بالحج، وليس مع أحد منهم يومئذ هَدْي؛ إلا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطلحةَ، وكان علي رضي الله عنه قَدِمَ من اليمن ومعه الهَدْي، فقال: أهللتُ بما أهل به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة- يطوفون-، ثم يقصروا وَيحِلَّوا؛ إلا من كان معه الهدي. فقالوا: أننطلق إلى منى وذكورنا تَقْطُرُ؟! فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ ما أهديت، ولولا أن معي الهَدْي لأحللت " (1) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري) .

_ (1) زاد في " المسند " و"البخاري " كما تقدم: وأن سراقة لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالعقبة وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟! قال: " لا، بل للأبد ". وهذا بظاهره مخالف لما سيأتي من طريق أخرى عن جابر في حديثه الطويل (1663) : أن سراقة قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك وهو عليه الصلاة والسلام في آخر الطواف على المروة. فجمع الحافظ بينهما باحتمال التعدد، وراجع لهذا تعليقي على "حجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 83) .

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الوهاب الثقفي: ثنا حبيب- يعني: المعلم- عن عطاء: حدثني جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث في "المسند" (3/305) ... بهذا الإسناد والمتن؛ إلا أنه زاد في آخره قصة سراقة التي ذكرتها آنفاً من رواية البخاري. وكذلك أخرجه البيهقي (5/4) من غير طريق المصنف عن أحمد. وأخرجه أيضاً من طريق المصنف دونها. وتابعه عليها: يزيد بن زُرَيْع: ثنا حبيب المعلم ... به: أخرجه البخاري (13/185) ، والبيهقي (5/95) .ً 1571- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال: " هذه عمرة استمتعنا بها، فمن لم يكن عنده هدي؛ فَلْيَحِل الحِل كلَّهُ، وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم. وأعلهُ المصنف رحمه الله بما لا يقدح! ولذا صححه المنذري وابن القيم) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة أن محمد بن جعفر حدثهم عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس. قال أبو داود: " هذا منكر؛ وإنما هو قول ابن عباس "! قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.

وأعله المصنف بالوقف كما رأيت! ولا وجه له البتة، فقد رواه جمع آخر من الثقات عن شعبة ... به مرفوعاً، فممن الوهم، وما الدليل عليه؟! ولذلك لم يقبل العلماء ذلك منه، فقال المنذري في "مختصره ": " وفيما قاله أبو داود نظر، وذلك أنه قد رواه الإمام أحمد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وعثمان بن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة ... مرفوعاً. ورواه أيضاً يزيد بن هارون ومعاذ بن معاذ العنبري وأبو داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق عن شعبة ... مرفوعاً، وتقصير من قصر به من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ ". وقال ابن القيم في "التهذيب ": " وقوله: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " لا ريب في أنه من كلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقل أحد: إنه من قول ابن عباس. وكذلك قوله: " هذه عمرة تمتعنا بها ". وهذا لا يشك فيه من له أدنى خبرة بالحديث ". قلت: ولقد صدق رحمه الله. أما الجملة الأولى: " دخلت العمرة ... "؛ فلها طريق أخرى عن مجاهد، سأخرجها بعد حديث. ولها شاهد صحيح من حديث جابر الطويل، الآتي برقم (1663) . وله طريق أخرى: أخرجه الدارقطني (ص 282) من طريق أبي الزبير عن جابر عن سراقة بن مالك ... مرفوعاً به. وقال: "كلهم ثقات ". وصححه النووي في "المجموع "؛ وأبو الزبير مدلس. وقد رواه أحمد (4/175) من طريق طاوس والنزال بن يزيد بن سبرة عن

سراقة ... به. والطريق الأولى رجالها ثقات؛ لكن طاوس لم يسمع من سراقة. والأخرى موصولة، ولكن فيها داود بن يزيد- وهو الأوْدِي- ضعيف. وعنه: الطحاوي (1/379) . وأما الجملة الأخرى- وهي قوله: " هذه عمرة تمتعنا بها "-؛ فلها شواهد كثيرة؛ فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارناً، كما هو القول الصحيح المؤيد بأحاديث كثيرة، في بعضها التصريح بذلك، كحديث البراء الآتي قريباً، ومثله بعض أصحابه من الذين كانوا ساقوا الهدي فلم يَحِلّوا، وسائرهم أحَلوا؛ لأنهم ما ساقوا الهدي، فهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة جميعاً كانوا قد تمتعوا بالعمرة إلى الحج على التفصيل المذكور. ولذلك قال ابن عمر- كما يأتي (1584) -: تمتع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وتمتع الناس معه ... ولذلك فَهمْ جميعاً يشملهم قوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) . فقول البيهقي (5/18) : إنه " أراد أصحابه الذين حَلُوا واستمتعوا "! غير قوي؛ لما ذكرنا، وتجد تفصيله في "زاد المعاد" لابن القيم رحمه الله تعالى. ثم أن ابن القيم جزم بعد كلامه السابق بأن قول المصنف المذكور في إعلال الحديث؛ إنما محله بعد الحديث الآتي، أخطأ بعض النساخ، فنقله إلى هنا، وهو أمر محتمل، وسأنقل كلامه في ذلك قريباً، وأبين ما يَرِدُ عليه أيضاً. والحديث أخرجه مسلم (4/57) ، والنسائي (2/24) ، والدارمي (2/50) ، والبيهقي (5/18) ، وأحمد (1/236 و 341) من طريق أخرى عن شعبة ... به.

وعزاه العراقي في "طرح التثريب " (5/19) لـ " الصحيحين "، وهو وهم. ورواه للترمذي عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ... به، وقال (932) : " حديث حسن ". 1572- وعنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أهل الرجلُ بالحج، ثم قَدِمَ مكة، فطاف بالبيت وبالصفا والمروة؛ فقد حَل، وهي عمرة". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: حدثني أبي: ثنا النهاسُ عن عطاء عن ابن عباس. قال أبو داود: " رواه ابن جريج عن عطاء: دخل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بالحج خالصاً، فجعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرة ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير النهاس- وهو ابن قَهْمٍ - ضعيف. وأما إعلال المصنف إياه بمخالفة ابن جريج، فرواه عن عطاء مرسلاً! فليس بشيء عندي؛ لأنه قد رواه جمع من الثقات عن ابن جريج عن عطاء عن جابر ... مسنداً نحو رواية النهاس هذه، كما تقدم عند المؤلف برقم (1568) من طريق الأوزاعي عن ابن جريج، وذكرت له هناك متابعاً عنه؛ فراجعه إن شئت. فإذن قد توبع النهاس على إسناده، ولو أنه خولف في اسم الصحابي، فالصحابة كلهم عدول، بل إنه قد توبع عليه؛ فأخرجه مسلم (4/58) من طريق محمد بن بكر: أخبرنا ابن جريج: أخبرني عطاء قال:

كان ابن عباس يقول: لا يطوف بالبيت حاجٌّ ولا غير حاج إلا حَلَّ. قلت لعطاء: من أين يقول ذلك؟ قال: من قول الله تعالى: (ثم مَحِلُّها إلى البيت العتيق) . قال: قلت: فإن ذلك بعد المُعَرفِ. فقال: كان ابن عباس يقول: هو بعد المُعَرفِ وقبله، وكان يأخذ ذلك من أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أمرهم أن يَحِلوا في حجة الوداع. قلت: فقد وصله محمد بن بكر، فذكر ابن عباس في إسناده؛ فهي متابعة قوية للنهاس، لكنه قد خالفه في متنه؛ فأوقفه على ابن عباس. وأشار ابن القيم إلى ترجيحه، فقال تعليقاً على حديث الباب: " والتعليل الذي تقدم لأبي داود في قوله: " هذا حديث منكر "؛ إنما هو لحديث عطاء هذا عن ابن عباس يرفعه: " إذا أهل الرجل بالحج "؛ فإن هذا قول ابن عباس الثابت عنه بلا ريب، رواه عنه أبو الشعثاء وعطاء وأنس بن سُلَيم وغيرهم من كلامه، فانقلب على الناسخ، فنقله إلى حديث مجاهد عن ابن عباس، وهو إلى جانبه، وهو حديث صحيح لا مطعن فيه ... ". قلت: لكن قد جاء الحديث من طريق أخرى عن ابن عباس ... مرفوعاً نحوه، فقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم الزهري عن كُريب مولى ابن عبد الله بن عباس عن ابن عباس، قال: قلت له: يا أبا العباس! أرأيت قولك: ما حج رجل لم يسق الهدي معه، ثم طاف بالبيت؛ إلا حل بعمرة، وما طاف بها حاج قد ساق معه الهدي؛ إِلا اجتمعت له عمرة وحجة، والناس لا يقولون هذا؟! فقال: ويحك! إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج وَمَنْ معه من أصحابه، لا يذكرون إلا الحج، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من

لم يكن معه الهدي أن يطوف بالبيت، ويَحِل بعمرة، فجعل الرجل منهم يقول: يا رسول الله! إنما هو الحج؟! فيقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنه ليس بالحج؛ ولكنها عمرة ". وإسناده حسن. وتابعه يونس بن يزيد عن ابن شهاب ... به. أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/150- 151) . ويقويه ما رواه قتادة قال: سمعت أبا حسان الأعرج قال: قال رجل من بني الهُجيم لابن عباس: ما هذه الفتيا التي قد تشغفت أو تَشَعَبَتْ بالناس: أن من طاف بالبيت فقد حَل؟ فقال: سُنةُ نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وإن رغمتم! زاد في رواية: يعني: من لم يكن معه هدي. أخرجه أحمد 1 (/278 و 280 و 342) - والزيادة له في رواية-، ومسلم (4/58) . ثم إن للحديث شاهداً قوياً من رواية سَبْرَةَ بن مَعْبَدٍ ... مرفوعاً بلفظ: " إن الله قد أدخل عليكم في حجكم هذا عُمْرَةً، فإذا قدمتم؛ فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة؛ فقد حَلَّ؛ إلا من كان معه هدي ". أخرجه المصنف وغيره بسند جيد، كما سيأتي بيانه برقم (1580) . قلت: فهذا الشاهد وما قبله من المتابعات، وقول ابن عباس: " سنة نبيكم "؛ أقوى دليل على أن النهاس قد حفظ الحديث ولم يخطئ فيه. والله أعلم.

1573- ومن طريق أخرى عنه قال: أهل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج، فلما قَدِمَ؛ طاف بالبيت وبين الصفا والمروة- قال ابن شَوْكَر: ولم يقصر، ثم اتفقا-، ولم يَحِلَّ من أجل الهدي، وأمر من لم يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعى، ويقصر، ثم يَحِلَّ. قال ابن مَنِيع في حديثه: أويَحْلِقَ، ثم يَحِلَّ. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا الحسن بن شَوْكَرٍ وأحمد بن مَنِيعِ قالا: ثنا هُشَيْمٌ عن يزيد بن أبي زياد- المعنى- عن مجاهد عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير يزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم-، وهو ضعيف من قبل حفظه، لكنه لم يتفرد به، كما يتبين لك من الطريقين السابقين عن ابن عباس، ومن الأحاديث المتقدمة في الباب. والحديث أخرجه أحمد (1/241 و 253 و 259) من طرق أخرى عن يزيد ... به؛ وزاد: ثم قال: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لفعلت كما فعلوا، ولكن دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة "؛ ثم أنشب أصابعه بعضها في بعض. وروى منه الترمذي قوله: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة "؛ وقال: " حديث حسن "! وحقه أن يقول: " صحيح "؛ فإن له طريقاً وشواهد، كما تقدم قبل حديثين.

1574- عن أبي شَيْخ الهُنَائِي خَيْوَانَ بْنِ خَلْدَةَ- ممن قرأ على أبي موسى الأشعري؛ من أهل البصرة-: أن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن كذا وكذا، وركوب جلود النمور؟ قالوا: نعم. قال: فتعلمون أنه نهى أن يُقْرنَ بين الحج والعمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا! فقال: أما إنها معهن؛ ولكنكم نسيتم. (قلت: حديث صحيح؛ إلا النهي عن القَرْنِ بين الحج والعمرة؛ فهو منكر؛ لمخالفته الأحاديث المتقدمة، وفيها إقراره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين جمعوا بين الحج والعمرة وساقوا الهدي، وأمرُه من لم يَسقِ الهدي أن يفسخ الحج إلى العمرة، ثم يلبيَ بالحج يوم التروية، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ") . إسناده: حدثنا موسى أبو سلمة: ثنا حماد عن قتادة عن أبي شيخ الهنائي. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي شيخ هذا، وقد وثقه ابن سعد وابن حبان والعجلي، وروى عنه جمع من الثقات، ولذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأنه: "ثقة". وأما قول ابن القيم في "الزاد" (1/264) ، وفي "مختصر السنن ": " لا يُحْتَجُ به، وهو مجهول "! فليس له سلف من أئمة الجرح والتعديل؛ وإنما قال ذلك اجتهاداً من عنده، بناءً على ما في الحديث من النهي عن القَرْنِ؛ وإنما العلة عنعنة قتادة؛ فإنه موصوف بالتدليس، وقد رواه عنه جمع كما يأتي.

والحديث أخرجه أحمد (4/99) : ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا سعيد عن قتادة ... به. وأخرجه النسائي (2/95) من طريق ابن أبي عدي عن سعيد ... به مختصراً؛ بلفظ: أتعلمون أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لُبْسِ الذهب إلا مقطعاً؟ قالوا: اللهم! نعم. وأخرجه أحمد أيضاً (4/92) : ثنا عفان قال: ثنا همام قال: ثنا قتادة ... به. وأخرج طرفاً منه: الطحاوي في "المشكل " (4/263- 264) من طريق حجاج ابن منهال عن قتادة ... به. ثم أخرجه أحمد (4/95) من طريق معمر عن قتادة ... به. كلهم رووه عنه بالعنعنة؛ فهي العلة. وثمة علة أخرى، وهي أن يحيى بن أبي كثير قد خالف قتادة، فأدخل بين أبي شيخ ومعاوية: أخاه حِمَّانَ، وهو مجهول، كما هو مبين ومخرج في "الأحاديث الضعيفة" (4722) . نعم؛ تابعه مطر- وهو الوراق- عن أبي شيخ ... به مختصراً مثل رواية ابن أبي عدي: أخرجه النسائي. لكن مطراً سَيئ الحفظ، وهو من أصحاب قتادة، فيحتمل أن يكون قتادة سمعه منه؛ فدلسه. والله أعلم. (تنبيه) : وهذا الحديث المنكر لم أجد له شاهداً معتبراً.

وقد روى المصنف في الباب حديثاً آخر بمعناه عن عمر. ولكنه حديث باطل، كما قال ابن القيم؛ ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (314) . ووهم الأمير الصنعاني وهماً فاحشاً، حين قال في "الروض الباسم " (ص 116) . " وله شاهد عن ابن عمر، رواه مالك في "الموطأ" ... مرفوعاً. وعن عمر وعثمان، رواه مسلم ... موقوفاً عليهما "! وحديث ابن عمر المشار إليه شاهد عليه لا له! فإنه قال حينما خرج إلى مكة معتمراً في الفتنة: إن صدِدْت عن البيت؛ صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأهل بعمرةٍ ... ثم قال: ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجَبْتُ الحج مع العمرة ... الحديث. أخرجه مالك (1/329) ، وكذلك أخرجه البخاري (4/4- 5) . وأما الموقوف على عمر وعثمان؛ فلا حجة فيه؛ لأنهما إنما نهيا عن الجمع بين الحج والعمرة متأوليْنِ، وقد ثبت يقيناً أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارناً بينهما، وأنه قال: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ". فلا يُقْبَل قولهما المخالف للسنة. ولذلك أنكر علي رضي الله عنه على عثمان قولَه المذكور. وكذلك أنكر ذلك على عمر عمران بن حصين وابنه عبد الله بن عمر، وغيرهما، كما هو مبسوط في " زاد المعاد" وغيره. ولو أن النهي عن القران ثبت إسناده لوجب حمله على القِرَانِ الذي لم يسَقْ معه الهَدْي؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أهله بفسخه، وغضب على الذين لم يبادروا إليه

24- باب في الإقران

كما تقدم، وذلك في معنى النهي عن القران المذكور كما هو ظاهر. أَمَّا وهو لم يثبت؛ فلا داعي لتأويله. وأما ما قبله من الحديث فصحيح؛ لأنه جاء من طرق أخرى، كما بينته في الموضع المشار إليه من "الضعيفة ". وقد أخرج المصنف بعضها في أول "كتاب اللباس- باب جلود النمور"، وفي آخر "الترجُّل- باب في الذهب للنساء " وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام عليها هناك. 24- باب في الإقران 1575- عن أنس بن مالك: أنهم سمعوه يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبي بالحج والعمرة جميعاً يقول: " لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وابن الجارود وابن حبان والحاكم) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا هشيم: أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق وعبد العزيز بن صهيب وحميد الطويل عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد (3/99) ... بهذا الإسناد والمتن. وأخرجه مسلم (4/59) ، والنسائي (2/15) من طرق أخرى عن هشيم ... به.

وأخرجه ابن ماجه (2/227) من طريقين آخرين عن يحيى بن أبي إسحاق وحميد ... به نحوه. وابن الجارود (430) ، وابن حبان (991) ، والبيهقي أيضاً (5/40) ، والحاكم (6/472) عن حميد وحده. وهو رواية لأحمد (3/111 و 182) ، وإسناده ثلاثي صحيح. وله طرق أخرى عن أنس ... مطولاً ومختصراً: عند مسلم (4/52) ، والنسائي، وابن الجارود (431) ، وابن حبان (989 و 992) ، وأحمد (3/183 و 207) . وله طريق أخرى عند البخاري، ويأتي بعده. 1576- ومن طريق أخرى عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بات بها- يعني: بذي الحليفة- حتى أصبح، ثم ركب، حتى استوت به البيداء؛ حمد الله وسبَّح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة، وأهلَّ الناس بهما، فلما قدمنا أمَرَ الناسَ فحَلوا، حتى إذا كان يوم التروية؛ أهل بالحج، ونَحَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ بَدَنَات بيده قِياماً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناده ومتنه، وابن حبان قدومَ مكة) . إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب: ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/9) من طريق المصنف.

وأخرجه البخاري (3/321- 322) ... بإسناده ومتنه؛ وزاد: وذبح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة كبشين أملحين. وهذه الزيادة رواها المصنف أيضاً من هذا الوجه في أول "الأضاحي"، وستأتي إن شاء الله هناك برقم (2490) . ثم أخرجه البخاري (3/436) : حدثنا سهل بن بَكَّارٍ: حدثنا وهيب ... به نحوه؛ وقال: فلما علا على البيداء؛ لبى بهما جميعاً. وفي رواية له (3/318) من طريق حماد، بن زيد عن أيوب ... بلفظ: وسمعتهم يصرخون بهما جميعاً. وقال معمر عن أيوب ... بلفظ: كنت رديف أبي طلحة وهو يساير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقال: إن رجلي لَتََمسُ غَرْزَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسمعته يلبِّي بالحج والعمرة معاً. رواه أحمد (3/164) . وروى ابن حبان (997) قدوم مكة. 1577- عن البراء بن عازب قال: كنت مع علي حين أمَّرَهُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على اليمن؛ قال: فأصبت معه أواقِي، فلما قَدِمَ عليٌّ من اليمن عَلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وجد فاطمة رضي الله عنها قد لَبِسَتْ ثياباً صَبِيغاً، وقد نَضَحَتِ البيت بِنَضُوح،

فقالت: ما لك؟ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمر أصحابه فأحَلُوا. قال: قلت لها: إني أهللت بإهلال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كيف صنعت؟ ". قال: قلت: أهللتُ بإهلال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: " فإني قد سقت الهدي وقرنت ". قال، فقال لي: " انحر من البُدْنِ سبعاً وستين- أو ستاً وستين-، وأمسك لنفسك ثلاثاً وثلاثين- أو أربعاً وثلاثين-، وأمسك لي من كل بدنة منها بَضْعةً ". (قلت: حديث صحيح، وكذلك قال ابن القيم، وصححه أيضاً ابن حجر) . إسناده: حدثنا يحيى بن معين قال: ثنا حجاج: ثنا يونس عن أبي إسحاق عن البراء. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يونس- وهو ابن أبي إسحاق السبيعي-، وهو ثقة من رجال مسلم، على ضعف يسير فيه، أشار إليه الحافظ بقوله: " صدوق يهم قليلاً ". وبه أعله المنذري في "مختصره "! وإعلاله بأبيه أولى عندي؛ لأنه كان مدلساً ومختلطاً، ولا ندري أسمعه ابنه منه قبل الاختلاط أم بعده؟

لكن الحديث صحيح؛ لأن له شواهد في أحاديث متفرقة، فعامته قد صح في حديث جابر الطويل في الحج، وسيأتي في الكتاب إن شاء الله تعالى (1663) . وقوله: " وقرنت " يشهد له حديث أنس بن مالك ... مرفوعاً؛ بلفظ: " ... ولو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لجعلتها عمرة، ولكن سقت الهدي، وقرنت بين الحج والعمرة ". أخرجه أحمد (3/148 و 266) ، والطحاوي (1/378- 379) من طريقين عن أبي إسحاق عن أبي أسماء الصَّيقَلِ عنه. لكنْ أبو أسماء هذا مجهول، لم يرو عنه غير أبي إسحاق، وهو السبيعي. وحديث سراقة ... مرفوعاً: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ". قال: وقرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع. أخرجه أحمد (4/175) ، والطحاوي (1/379) من طريق داود بن يزيد الأوْدِيِّ؛ وهو ضعيف كما قال الهيثمي (3/235) . ووهم ابن القيم في "الزاد" (1/250) ، فقال: " إسناده ثقات "! نعم أخرجه ابن ماجه (2977) بسند صحيح عن سُرَاقَةَ ... به؛ دون قوله: وقرن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وعن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ، فقرن بين الحج والعمرة. قال الهيثمي: " رواه البزار، ورجاله رجال (الصحيح) ".

وكأنه لهذه الشواهد؛ قال ابن القيم في "تهذيب السنَنِ ": " حديث صحيح ". وصححه الحافظ في "الفتح " (3/335) . وعزاه ابن القيم في "الزاد" (1/262) للمتفق عليه! فوهم. والحديث أخرجه البيهقي (5/15) من طريق المصنف. وأخرجه النسائي (2/14 و 17) من طريقين آخرين عن يحيى بن معين ... به؛ دون ما بعد قوله: " وقرنت ". وأعله البيهقي بأن قوله هذا: " وقرنت " لم يرد في. حديث جابر الطويل حين وصف قدوم علي وإهلاله، وهو أصح سنداً وأحسن سياقة، ومعه حديث أنس. قال المنذري: " يريد: أن حديث أنس ذكر فيه قدوم علي وذكر إهلاله، وليس فيه: " قرنت "، وهو في "الصحيحين " ... ". وأقول: لعل في تلك الشواهد المتقدمة ما يقوي هذه الزيادة، ويخلصها من النكارة التي يشير إليها كلام البيهقي المذكور. والله أعلم. (تنبيه) : قال العراقي في "طرح التثريب " (5/20) ، والحافظ في "الفتح " (3/334) : " ولأبي داود والنسائي من حديث البراء ... مرفوعاً: " إني سقت الهدي وقرنت ". وللنسائي من حديث علي مثله "! قلت: حديث البراء وحديث علي واحد، ي. هو هذا أغاية ما في الأمر أن البراء رواه عنه؛ لقوله فيه:

قال (يعنيي: علياً) : فأتيت النجي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.... ومثله عند النسائي في الموضعين. وكذلك أورده الهيثمي (3/237) من رواية الطبراني في " الأوسط"، وقال: " ورجاله رجال (الصحيح) ". 1578- عن أبي وائل قال: قال الصّبَيّ بن مَعْبَدٍ: كنت رجلاً أعرابياً نصرانياً، فأسلمت، فأتيت رجلاً من عشيرتي - يقال له: هُذيْمُ بن ثَرْمَلَةَ-، فقلت: يا هَنَاهْ! إني حريص على الجهاد، وإني وَجَدْتُ الحج والعمرة مكتوبين عَليَّ، فكيف لي بأن أجمعهما؟ قال: اجمعهما، واذبح ما استيسر من الهدي. فأهللتُ بهما معاً. فلما أتيت (العُذَيْبَ) لقيني سلمان بن ربيعة وزيد بن صُوحان وأنا أهل بهما جميعاً، فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفْقَهَ من بعيره! قال: فكأنما أُلقِيَ عليَّ جَبَل! حتى أتيت عمر بن الخطاب، فقلت له: يا أمير المؤمنين! إني كنت رجلاً أعرابياً نصرانياً، وإني أسلمت، وأنا حريص على الجهاد، وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين عليّ، فأتيت رجلاً من قومي، فقال: اجمعهما، واذبح ما استيسر من الهدي، وإني أهللت بهما معاً؟! فقال عمر رضي الله عنه: هُدِيتَ لِسُنةِ نبيك. (قلت: إسناده صحيح. ورواه ابن حبان في "صحيحه". وصححه الدارقطني) . إسناده: حدثنا محمد بن قدَامَةَ بن أعْيَنَ وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي وائل.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه النسائي (2/13) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا جرير ... به. ثم أخرجه هو، والطحاوي (1/374) من طرق أخرى عن منصور ... به. ثم أخرجاه، وكذا ابن ماجه (2/227) ، وابن حبان (985) ، والبيهقي (5/16) ، وأحمد (1/14و 25 و 34 و 37) من طرق أخرى عن أبي وائل شقيق ابن سلمة ... به. وقال الدارقطني في "العلل " (2/166) - بعد أن ذكر الاختلاف على أبي وائل في إسناده-: " وهو حديث صحيح. وأحسنها إسناداً: حديث منصور والأعمش عن أبي وائل عن الصبَيِّ بن مَعْبَدٍ عن عمر ". 1579- عن عمر بن الخطاب: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أتاني الليلةَ آتٍ من عند ربي عز وجل- قال: وهو بالعقيق-؛ وقال: صَلِّ في هذا الوادي المبارك، وقال: عمرة في حجة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان. وقد أخرجه البخاري بلفظ: " وقل: عمرة في حجة "، وعلقه المصنف من طرق؛ وهو الأولى) . إسناده: حدثنا النفيلي: حدثا مسكين عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب.

قال أبو داود: " رواه الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد في هذا الحديث عن الأوزاعي: " وقل: عمرة في حجة " ... ". قال أبو داود: " كذا رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث؛ وقال: " وقل: عمرة في حجة " ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/16) عن شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي ... به؛ إلا أنه قال: " وقل " بدل: " وقال ". وكذا أخرجه (3/306) من طريق الوليد وبِشْرِ بن بَكْرٍ التنيسِي قالا: ثنا الأوزاعي ... به. وأخرجه البيهقي (5/14) عنهما؛ إلا أنه قال: " وقال: عمرة في حجة " مثل رواية الكتاب الموصولة عن مسكين- وهو ابن بُكَيْرٍ الحَرَّاني-. ثم قال البيهقي: " رواه البخاري في "الصحيح ". وكذلك قاله شعيب بن إسحاق ومسكين بن بكير عن الأوزاعي "! قلت: الذي في البخاري بلفظ: " وقل: عمرة في حجة " كما تقدم. ويؤيده أن ابن ماجه أخرجه (2/229) من طريق محمد بن مصعب والوليد ابن مسلم قالا: ثنا الأوزاعي ... به. وكذلك أخرجه الطحاوي (1/374) من طريق أخرى كن الوليد ... به. وتابعهم الإمام أحمد، فقال في "المسند" (1/23) : حدثنا الوليد بن مسلم ... به.

فهذه الطرق عن الأوزاعي تدل على أن رواية مسكين بلفظ: " وقال: عمرة ... " شاذة، وأن المحفوظ بلفظ الأمر: " وقل "؛ خلافاً للبيهقي. وتؤيده متابعة علي بن المبارك للأوزاعي، وقد علقها المصنف كما رأيت، ووصلها البخاري (13/265) ، والطحاوي أيضاً من طريقين عنه. وكذلك أخرجه البيهقي (5/13) من الطريق التي أخرجها البخاري. فمن الغريب أن يرجح البيهقي- على رواية علي هذه- روايةَ الأوزاعي التي اختلف عليه فيها، مع أن رواية الأكثر عنه مطابقة لرواية علي هذه، ولم يختلف عليه فيها! ولذلك قال ابن التركماني في "الرد عليه ": " وهذا أولى من رواية من قال: " وقال: عمرة "؛ لأن الملك لا يلبي، وإنما يعلم التلبية. ولو صحت تلك الرواية نوَفق بينهما ونقول: المراد: " قال: قل "؛ فاختصره الراوي ". (فائدة) : زاد أحمد في آخر الحديث: قال الوليد: يعني: ذا الحليفة. قلت: ويشهد لما قال؛ حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أريَ وهو في مُعرَّسِه من ذي الحليفة في بطن الوادي، فقيل له: إنك ببطحاءَ مباركة ". أخرجه البخاري (5/16) . ففي الحديث فضيلة الصلاة في ذي الحليفة، وذلك أعم من أن تكون فريضة أو نافلة، وليس فيه دليل لركعتي الإحرام التي يفعلها الحجاج، إذ لم تثبتا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فمن صلى فريضة أو نافلة مطلقة؛ فقد أصاب الفضيلة إن شاء الله تعالى.

1580- عن الربيع بن سَبْرَةَ عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى إذا كنا بِعُسْفَانَ؛ قال له سُرَاقَةُ بن مالك المُدْلِجِيُ: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِ لنا قضاء قوم كأنما وُلِدُوا اليومَ؟! فقال: " إن الله قد أدخل عليكم في حَجِّكُمْ هذا عُمْرَةً، فإذا قدمتم؛ فمن تَطَوَّفَ بالبيت وبين الصفا والمروة؛ فقد حَلَّ؛ إلا من كان معه هدي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا هَنَاد بن السَّرِيِّ: ثنا ابن أبي زائدة: أخبرنا عبد العزيز بن عمر ابن عبد العزيز: حدثني الربيع بن سَبْرَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وقد أخرج لعمر هذا بإسناده الذكور حديثاً آخر في تحريم المتعة إلى يوم القيامة، وهو تمام هذا الحديث في رواية معمر الآتية عنه. ورواه المصنف مختصراً من طريق الزهري كن الربيع بن سبرة، كما سيأتي في "النكاح- باب في نكاح المتعة". والحديث أخرجه الدارمي (2/51) : أخبرنا جعفر بن عون: ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ... به. وأخرجه أحمد (3/404- 405) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر: أخبرني عبد العزيز بن عمر ... به؛ وفيه قصة تحريم المتعة، كما أشرت إليه آنفاً.

1581- عن معاوية بن أبي سفيان قال: قَصَّرْتُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص على المَرْوَةِ- أو رأيته يقصر عنه على المروة بِمِشْقَصٍ-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وليس عند البخاري قوله: أو رأيته يقصر عنه. وهو الأصح) . إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: ثنا شعيب بن إسحاق عن ابن جريج. وحدثنا أبو بكر بن خلاد: ثنا يحيى- المعنى- عن ابن جريج: أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس أن معاوية بن أبي سفيان أخبره قال ... قال ابن خلاد: أن معاوية ... لم يذكر: أخبره. قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجه الأول، وعلى شرط الشيخين من الوجه الآخر؛ غير أبي بكر بن خلاد- واسمه محمد-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/98) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه مسلم (4/58- 59) ، والنسائي (2/42- 43) من طريقين آخرين عن يحيى ... به. ثم أخرجه أحمد (4/96) ، والبخاري (3/443- 446) ، والبيهقي (5/102) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به؛ وليس عند البخاري قوله: أو رأيته ... وكذا للبيهقي؛ وزاد: في عمرته. وإسنادها صحيح، وهي عمرة الجِعْرَانَةِ، كما جزم بذلك ابن القيم في "التهذيب "، ومال إليه الحافظ في "الفتح " (3/446) . وقال ابن القيم:

" هذا إن كان المحفوظ أنه هو الذي قصر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كان المحفوظ هو الرواية الأخرى- وهو قوله: رأيته يُقَصَرُ عنه على المروة-؛ فيجوز أن يكون في عمرة القَضِيَّةِ أو الجعرانة حَسْب، ولا يجوز في غيرهما ". وراجع تمامه فيه. قلت: والحقيقة أن هذا الحديث اضطرب فيه الرواة على معاوية اضطراباً كثيراً؛ على ما يأتي: أولاً: هل هو الذي قَصَّرَ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمشقص أم غيره؟ ففي رواية الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس عنه: تردده في ذلك، كما هو صريح قوله: أو رأيته يقصر عنه. رواه المصنف من طريقين عن ابن جريج عنه؛ إحداهما: عن يحيى بن سعيد عنه. وهي عند مسلم وأحمد، وكذا النسائي؛ بيد أنه لم يذكر عنه هذا التردد. وقد تابعهما محمد بن بكر ورَوْحٌ عن ابن جريج ... به: رواه أحمد. ورواه البيهقي عن روح؛ لكنه لم يذكر التردد المشار إليه. وهي رواية أبي عاصم عن ابن جريج: عند البخاري. وتابع الحسنَ بنَ مسلم: عبد الله بنُ طاوس عن أبيه ... به؛ دون التردد المذكور: رواه مسلم وغيره، كمًا يأتي في الرواية الثانية في الكتاب. وتابعه هشام بن حُجَيْرِ عن طاوس ... به؛ دون التردد: أخرجه أحمد وابنه عبد الله (4/97) ، ومسلم (4/58) ... بلفظ: قال ابن عباس: قال لي معاوية:

أعلمت أني قَصَّرْت من رأس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند المروة بمشقص؟ فقلت له: لا أعلم هذا إلا حُجة عليك. ورواه النسائي (2/16) بلفظ: قال (ابن عباس) : لا. يقول ابن عباس: هذا معاوية ينهى للناس عن المتعة، وقد تمتع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسنده صحيح على شرط مسلم. وتابعه ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: تمتع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات، وعثمان حتى مات، رصي الله عنهم، وكان أول من نهى عنها معاوية. قال ابن عباس: فعجبت منه؛ وقد حدثني أنه قَصَّرَ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص. أخرجه أحمد (1/292) ؛ وليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف؛ لسوء حفظه. قلت: فتأمل كيف اضطرب الرواة على طاوس في الذي قصر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! لكن يظهر من هذا التخريج أن أكثرهم على أنه معاوية بدون أي تردد. هذا حال الطريق الأولى. الطريق الثانية: عن أبي أحمد الزبيري: ثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن عباس عن معاوية قال: قصرت عن رأس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند المروة. أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (4/97) : ثنا عمرو بن محمد الناقد قال: ثنا أبو أحمد الزبيري.

وخالفه محمد بن عبد الله الأسَدِيُّ عن سفيان فقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقصر بمشقص. أخرجه أحمد (4/97) . وهذا ظاهر في أن الذي قصر عنه هو غير معاوية. وهكذا أخرجه ابنه عبد الله (4/102) : ثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار (الأصل: يسار) الواسطي: ثنا مُؤَملٌ وأبو أحمد- أحدهما- عن سفيان ... به. لكن إبراهيم هذا مجهول الحال. الطريق الثالثة: عن خُصَيْفٍ عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس أن معاوية أخبره: أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصر من شعره بمشقص. فقلت لابن عباس: ما بلغنا هذا إلا عن معاوية؟ فقال: ما كان معاوية على رسول الله متَّهَما. أخرجه أحمد (4/95 و 102) ؛ لكن خُصَيْفٌ ضعيف. الطريق الرابعة: عن حماد بن سلمة: أنا قيس عن عطاء عن معاوية قال: أخذت من أطراف شعر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمشقص كان معي بعدما طاف بالبيت وبالصفا والمروة في أيام العشر. قال قيس: والناس ينكرون هذا على معاوية. أخرجه النسائي (2/43) ، وأحمد (4/92) . ورجاله ثقات؛ لكن أعله الحافظ (3/446) بالشذوذ. وأشار إلى ذلك ابن القيم في "الزاد" (1/263) ؛ فقال: " وهي معلولة، أو وهم من معاوية ". قلت: ويتبين للناظر أن أكثر هذه الطرق تلتقي مع ما أفاده أكثر رواة الطريق

الأولى أن معاوية هو الذي قصر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون هذا هو المحفوظ عنه. ثانياً: هل كان التقصير المذكور في عمرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم في حجته؟ اضطرب الرواة في ذلك أيضاً، ففي رواية روح المتقدمة عن ابن جريج قوله: في عمرته. رواه البيهقي. وتابعه عليها يحيى بن سعيد: عند النسائي. ولم يذكرها المصنف وأحمد ومسلم عنه، كما سبق. وخالفه الحسن بن علي- وهو الحُلْوَاني، أحد شيوخ المصنف- في الرواية الآتية، فزاد في آخر الحديث: لحجته. ويشهد لها رواية ابن حُجَيْرِ عن طاوس المتقدمة، لا سيما التي بلفظ النسائي؛ فإنها ظاهرة في الحج. وأصرح من ذلك رواية الليث بن أبي سليم، على ضعفها. ولعل الأرجح من ذلك رواية من قال: في عمرته؛ لاتفاق ثقتين عليها، ولإمكان صحة ذلك من معاوية، بخلاف الرواية الأخرى؛ فإنها غلط. ولا يبعد أن يكون من معاوية نفسه، وبه جزم ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (1/263) ، فقال: " وهذا مما أنكره الناس على معاوية وغلّطوه فيه، أصابه ما أصاب ابن عمر في قوله: إنه اعتمر في رجب؛ فإن سائر الأحاديث الصحيحة المستفيضة من الوجوه المتعددة كلها تدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَحِلَّ من إحرامه إلى يوم النحر، ولذلك أخبر

عن نفسه بقوله: " لولا أن معي الهدي لأحللت "، وقوله: " إني سقت الهدي وقرنت، فلا أحل حتى أنحر ". وهذا خبره عن نفسه، فلا يدخله الوهم، بخلاف خبر غيره، لا سيما خَبَرٌ يخالف ما أخبر به عن نفسه، وأخبر عنه به الجَم الغَفِير أنه لم يأخذ من شعره شيئاً، لا بتقصير، ولا حلق، وأنه بقى على إحرامه حتى حلق يوم النحر. ولعل معاوية قصر عن رأسه في عمرة الجعرانة؛ فإنه كان حينئذ قد أسلم، ثم نسي، فظن أن ذلك كان في العشر، والوهم جائز على مَنْ سوى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا قام الدليل عليه؛ صار واجباً ". ولذلك ذهب غير واحد من العلماء إلى أن ذلك كان في بعض عمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم الخطابي فما "المعالم "، والنووي في "شرح مسلم "، والحافظ في "الفتح "؛ ولذلك تأول المنذري رواية المصنف: لحجته؛ بقوله: " يعني: لعمرته. وقد أخرجه النسائي وفيه: في عمرة على المروة، وتُسَمَّى العمرة حجاً؛ لأن معناها القصد ". ومن الغرائب: أن العلامة الأمير الصنعاني أورد حديث معاوية هذا بلفظ البخاري في "الروض الباسم " (ص 116) ، وبدل أن ينبَّه على ما فيه من الاضطراب الذي شرحته؛ أخذ يقويه بقوله: " وله شواهد عن علي وعثمان ... و ... و ... ". يعني: في تمتعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فكأنه يشير إلى أن حديث معاوية يثبت أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارناً، كما في تلك الشواهد! والواقع: أن حديث معاوية فيه أنه تحلل على المروة؛ فهو يعني: أنه كان متمتعاً تمتعاً حَل فيه! وإليه ذهب القاضي أبو يعلى وغيره؛ وهو خطأ ظاهر، كما سبق بيانه.

1582- وفي رواية عن ابن عباس: أن معاوية قال له: أما علمت أني قَصَّرْتُ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمشْقَصِ أعرابي على المروة- زاد الحسن: لحجته-؟ (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، لكن قوله: لحجته.. شاذ؛ إلا أن يتَأوَلَ بمعنى: لعمرته؛ فإنه ثابت في بعض الروايات الصحيحة) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي ومَخْلَد بن خالد ومحمد بن يحيى- المعنى- قالوا: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ولم يخرجاه من هذا للوجه، وبزيادة: لحجته. وهي زيادة شاذة عندي؛ لتفرد الحسن بن علي- وهو الحلْوَاني- بها دون الشيخين الآخرين، لا سيما وقد توبعا كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (2/43) : أخبرنا محمد بن يحيى بن عبد الله قال: حدثنا عبد الرزاق ... به دون الزيادة. 1583- عن ابن عباس قال: أهل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعمرة، وأهَلَّ أصحابه بحج. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) . إسناده: حدثنا ابن معاذ: أخبرنا أبي: ثنا شعبة عن مسلم القُرِّيِّ سمع ابن عباس يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسلم القري- وهو ابن

مِخْرَاق أبو الأسود-؛ فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/56) ... بإسناد المصنف ومتنه. وكذلك أخرجه البيهقي (5/18) من طريق أخرى عن عبيد الله بن معاذ ... به. ثم أخرجه مسلم، وأحمد (1/240) من طريق محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... به. وخالفهما روح- عند أحمد، والبيهقي (5/18) -، والطيالسي- عند البيهقي-، فقالا: أهل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه بالحج. ويؤيد هذه الرواية: أن المعروف عن ابن عباس: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بالحج. ثبت ذلك عنه من طرق؛ فرواه أبو حسان عنه في آخر حديث الإشعار؛ وقد مضى (1538) . ومجاهد في أول الحديث المتقدم (1573) . وطاوس في طريق هشام بن حُجَيْرِ عنه: عند النسائي، كما ذكرته تحت الحديث (1582) . وكذلك رواه البراء أبو العالية عنه: عند مسلم (4/56) ، وأحمد (3509) وغيرهم. ولا منافاة عندي بين الروايتين، فكل منهما أثبتت شيئاً لم تَنْفِهِ الأخرى، فهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بعمرة وحج. ويؤيده حديثه المتقدم (1571) : " هذه عمرة استمتعنا بها ... " وغيره. 1584- عن عبد الله بن عمر قال: تَمَتّع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، فأهدى، وساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج، وتمتعَ الناس بع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعمرة إلى الحج، فكان من

الناس من أهدى وساق الهدي، ومنهم من لم يُهْدِ. فلما قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة؛ قال للناس: " من كان منكم أهدى؛ فإنه لا يَحِلّ منه شيء حَرُمَ منه حَتى يَقْضِيَ حَجَّهُ، ومن لم يكن منكم أهدى؛ فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليُقَصِّرْ أو لِيَحْلِلْ، ثم لِيُهِلَّ بالحج، وليُهْد، فمن لم يجد هدياً؛ فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعةً إذا رجع إلى أهَله ". وطاف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قدم مكة، فاستلم الركن أول شيء، ثم خَبَّ ثلاثة أطواف من السبع، ومشى أربعة أطواف، ثم ركع- حين قضى طوافه بالبيت عند المقام- ركعتين، ثم سَلَّمَ فانصرف. فأتى الصفا، فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف، ثم لم يَحْلِلْ من شيء حَرُمَ منه، حتى قضى حَجَهُ، ونحر هديه يوم النحر وأفاض، فطاف بالبيت، ثم حَلً من كل شيء حرم منه. وفعل مثلَ ما فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أهدى وساق الهدي من الناس. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه البخاري عن شيخ آخر، لكن قوله: وبدأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهل بالعمرة، ثم أهل بالحج.. شاذ، كما أفاده ابن القيم وابن حجر) . إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث: حدثني أبي عن [جَدي: حدثني] عُقَيْلٌ عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عبد الملك بن شعيب وأبيه؛ فإنهما على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي.

والحديث أخرجه مسلم (4/48) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه البيهقي (5/17) من طريقين آخرين عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ... به. وأخرجه البخاري (3/424- 426) ، والنسائي (2/15) ، والبيهقي أيضاً، وأحمد (2/139) من طرق أخرى عن الليث ... به. (فائدة) : قال الحافظ في "الفتح " (3/336) : " جزمه بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدأ بالعمرة؛ مخالف لما عليه أكثر الأحاديث؛ فهو مرجوح ". وسبقه إلى نحو ذلك العلامة ابن القيم في "زاد المعاد" (1/270- 272) ، ولكنه أفاد أن الأحاديث التي أشار إليها الحافظ- وهي التي فيها أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بالحج، وقد تقدم بعضها في "باب إفراد الحج "- ليست صريحة في أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدأ بالحج وحده، فلا تنافي الأحاديث الصريحة بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّي بالحج والعمرة معاً؛ لحديث أنس وعمر المتقدمين في "باب الإقران "، فارجع إليه إن شئت التفصيل؛ فإنه نفيس. (تنبيه) : سقط من الأصل وغيره من نسخ عدة قوله في السند: (عن جدي: حدثني) ! ولذلك جعلته بين معكوفتين، وهي زيادة ضرورية لا يستقيم الإسناد إلا بها؛ فإن شعيباً ليس له رواية عن عُقَيْلٍ، وقد استدركتها من "مسلم " و"البيهقي ". 1585- عن حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنها قالت: يا رسول الله! ما شأن الناس قد حَلُّوا ولم تَحْلِلْ أنت من عمرتك؟! فقال: " إني لَبدْتُ رأسي، وقَلَّدْتُ هَدْيِي ث فلا أحِلُّ حتى أنْحَرَ ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/358) . وعنه: أخرجه البخاري أيضاً (3/333 و 441 و 10/297) ، ومسلم (4/50) ، والنسائي (2/21) ، وأحمد (6/284) كلهم عن مالك ... به. وكذلك أخرجه البيهقي (5/12) . ثم أخرجه هو، والبخاري (3/428 و 8/85) ، ومسلم أيضاً، والنسائي (2/10) ، وابن ماجه (2/245- 246) ، وأحمد (6/283 و 285) من طرق أخرى عن نافع ... به. (فائدة) : ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى ما قيل في تفسير قولها: ولم تحلل أنت من عمرتك ... ثم ردَّ الأقوال كلها إلا الأخير منها؛ وهو أنه ليس فيه إلا الإخبار عن كونه في عمرة، وهذا لا ينفي أن يكون في حجة. وقال: " وهذا أقربها إلى الصواب. وأجود منه أن يقال: المراد بالعمرة: المتعة، وقد تقدم أن التمتع يراد به القِران، والعمرة تطلق على التمتع، فيكون المراد: لم تَحل من قرانك، وسَمَتْهُ عمرة كما يسمى تمتعاً. وهذه لغة الصحابة كما تقدم. والله أعلم ".

25- باب الرجل يهل بالحج، ثم يجعلها عمرة

25- باب الرجل يُهِلُّ بالحج، ثم يجعلُها عمرة 1586- عن سُلَيْمِ بن الأسود: أن أبا ذرّ كان يقول- فيمن حَج، ثم فسخها بعمرة-: لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث موقوف صحيح، ولكن لا حجة فيه؛ لأنه رأي منه مخالف لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتقدم (1568) ، وقد سأله سراقة عن هذه العمرة التي أمرهم بفسخها: " بل هي للأبد "، وقوله في الحديث الآخر (1571) : " قد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ". ونحوه في حديث جابر الطويل الآتي برقم (1663)) . إسناده: حدثنا هَنَّاد- يعني: ابن السرِيِّ- عن ابن أبي زائدة: أخبرنا محمد ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن سُلَيْمِ بن الأسود. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه لم يخرج لابن إسحاق إلا متابعة؛ لأن في حفظه ضعفاً يسيراً، فهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، ولكنه هنا قد عنعن؛ إلا أن للحديث طريقاً أخرى كما سأبين. والحديث أخرجه البيهقي (5/22) من طريق المصنف. ثم أخرجه (4/345 و 5/41) من طريقين عن يحيى بن سعيد عن مُرَقِّع الأُسَيِّدِيِّ [وكان مَرْضِياً] عن أبي ذر رضي الله عنه قال: لمٍ يكن لأحد أن يَفْسَخَ حجه إلى عمرة؛ إلا للركب من أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة.

وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مرَقِّع الأُسَيدِيِّ، وهو ثقة كما قال ابن حبان، وقد روى عنه جماعة من الثقات غيرً يحيى بن سعيد، ولذلك لما حكى الحافظ في "التهذيب " قول ابن حزم فيه: " مجهول "! قال: " وهو من إطلاقاته المردودة ". وبناء على ذلك قال في "التقريب ": "صدوق ". ومنه تعلم قول ابن القيم في "الزاد" (1/288) : " ليس ممن يقوم بروايته حجة "! وكأنه تبع في ذلك ابن حزم. ولكنه نقل عن الإمام أحمد أنه قال- وقد عُورِضَ بحديثه-: " ومن المرقع الأسيدي؟! ". وقد تابعه يزيد بن شَريك التَيْمي قال: قال أبو ذر: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصَّةً. أخرجه مسلم (4/46) ، والنسائي (2/23- 24) ، وابن ماجه (2/231) ، والبيهقي (5/22) من طريق إبراهيم التيمي عن أبيه. قلت: فهذا شاهد قوي لحديث المرقع الأسيدي، فلا فائدة من الحط عليه لروايته إياه عن أبي ذر. وقد رواه عنه يزيد هذا، وهو ثقة اتفاقاً! وتابعه سليم بن الأسود وهو مثله في الثقة. فلا شك في ثبوت هذا القول عن أبي ذر، ولكنه رأي له، مخالف لأحاديث

الفسخ- وما أكثرها-، وقد أشرت في الأعلى إلى بعضها. قال ابن القيم في "تهذيب السنن ": " وهذا الحديث قد تضمن أمرين: أحدهما: فعل الصحابة لها، وهو بلا ريب بأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو رواية. والثاني: اختصاصهم بها دون غيرهم، وهذا رأي، فروايته حجة، ورأيه غير حجة. وقد خالفه فيه عبد الله بن عباس وأبو موسى الأشعري. وقد حمله طائفة على أن الذي اختصوا به هو وجوب الفسخ عليهم حتماً. وأما غيرهم فيستحب له ذلك، هذا إذا كان مراده متعة الفسخ. وإن كان المراد مطلق المتعة؛ فهو خلاف الإجماع والسنة المتواترة. والله أعلم ". قلت: الحمل المذكور بعيد جداً عن بعض ألفاظ الحديث! ففي رواية عبد الوارث بن أبي حنيفة قال: سمعت إبراهيم التيمي يحدث عن أبيه عن أبي ذر قال في متعة الحج: ليست لكم، ولستم منها في شيء؛ إنما كانت ... الحديث. أخرجه النسائي بإسناد صحيح، كما قال ابن القيم. فهذا منه صريح في أنه ينفي مطلق المشروعية، وكذلك- هو يعني- مطلق المتعة، وليس متعة الفسخ؛ بدليل رواية عبد الرحمن بن أبي الشعثاء قال: قلت: لإبراهيم النخعي وإبراهيم التيمي: إني أهِمُ أن أجمع العمرة والحج؟! فقال إبراهيم النخعي: لكنَ أباك لم يكن يهم بذلك! وقال إبراهيم التيمي عن أبيه: أنه مرَّ بأبي ذر رضي الله عنه بالربَذَة، فذكر له ذلك؟! فقال: إنما كانت لنا خاصةً دونكم.

26- باب الرجل يحج عن غيره

رواه مسلم والنسائي والبيهقي. (تنبيه) : في "زاد المعاد": " وفي "سنن أبي داود" بإسناد صحيح عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: سئل عثمان عن متعة الحج؟ فقال: كانت لنا، ليست لكم "! فهذا وهم؛ فليس هذا عند المؤلف ولا سواه من الستة. 26- باب الرجل يحج عن غيره 1587- عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل بن عباس رَدِيفَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاءته امرأة من خثعم تستفتِيهِ، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصرف وجه الفضل إلى الشَقِّ الآخر. فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة؛ أفأحُج عنه؟ قال: " نعم "، وذلك في حجة الوداع. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وبقية أصحاب "السنن "، وصححه الترمذي وابن الجارود، وهو مخرج في "الإرواء" (992) .

1588- عن أبي رَزِينٍ- رجل من بني عامر-: أنه قال: يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعَنَ؟ قال: " احْجُجْ عن أبيك واعتمرْ ". (قلت: إسناده صحيح، وقد صححه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان وابن الجارود والحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم- بمعناه- قالا: ثنا شعبة عن النعمان ابن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين- قال حفص في حديثه: رجل من بني عامر-. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أبي رزين العامري- واسمه لَقِيطُ بن صَبِرَةَ، وقيل: بأنه غيره-، وهو صحابي معروف. ومسلم: هو ابن إبراهيم الفراهيدي. والحديث أخرجه البيهقي (4/350) صت طريق المصنف. ثم روى بإسناده الصحيح عن الإمام أحمد أنه قال: " لا أعلم في إيجاب العمرة حديثاً أجود من هذا، ولا أصح منه، ولم يُجَودْهُ أحد كما جَوَدَهُ شعبة ". قلت: ولذلك صححه جمع من الأئمة المخرجين للحديث؛ منهم الترمذي وابن حبان وابن الجارود، والحاكم، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "المشكاة " (2528- التحقيق الثاني) .

1589- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رجلاً يقول: لَبَّيْكَ عن شبْرمَةَ! قال: " من شُبْرُمَةُ؟ ". قال: أخ لي- أو قريب لي-. قال: " حججت عن نفسك؟ ". قال: لا. قال: " حُجَّ عن نفسِكَ، ثُمَّ عن شبْرُمَةَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال ابن الملقِّنِ، وصححه ابن الجارود وابن حبان والبيهقي والضياء المقدسي والعسقلاني) . إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل وهَنَّاد بن السَّرِيِّ- المعنى واحد-؛ قال إسحاق: ثنا عَبْدَة بن سليمان عن ابن أبي عَروبة عن قتادة عن عَزْرَةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هناد بن السري؛ فإنه على شرط مسلم. وقرينه إسحاق بن إسماعيل- وهو الطالْقَانِيُ- ثقة، وقد توبعا. والحديث أخرجه ابن ماجه وابن الجارود وابن حبان وغيرهم من طرق أخرى عن عبدة بن سليمان ... به. وقد صححه من ذكرنا في الأعلى من الأئمة، وقد خرجت الحديث في "الإرواء " (994) ، وذكرت فيه أقوال المصححين، وأشرت إلى ما أُعِل به مما لا يقدح في صحته، والشاهد المرسل الذي قوّاه الحافظ به. واستدركت عليه أنه ثبت موصولاً من طريق عطاء عن ابن عباس مرفوعاً؛ وسنده صحيح. وهو مما أغفلته كتب التخريج التي وقفت عليها. والحمد لله على توفيقه.

27- باب كيف التلبية؟

27- باب كيف التلبية؟ 1590- عن نافع عن ابن عمر: أن تلبية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَبَّيْكَ اللهم! لَبَّيْكَ، لبيك لا شريك لك لَبَّيْكَ، إن الحمدَ والنعمةَ لكَ والملك، لا شريكَ لك". قال: وكان عبد الله بن عمر يزيد في تلبيته: لبَّيْك لَبَّيْكَ، لبيّك وسَعْدَيْكَ، والخَيْرُ بيدَيْكَ، والرَّغْبَاءُ إليك والعَمَلُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (1/307) ... بهذا الإسناد والمتن. وأخرجه البخاري (3/320) ، ومسلم (4/7) ، والنسائي (2/18) ، والبيهقي (5/44) كلهم من طرق عن مالك ... به. وتابعه جمع عن نافع ... به. أخرجه مسلم والنسائي، والترمذي (825 و 826) - وصححه-، والدارمي (2/34) ، وابن ماجه (2/315) ، وابن الجارود (433) ، وأحمد (2/28 و 41 و43 و 47 و 48 و 53 و 77) . وتابعه جمع عن ابن عمر ... به.

أخرجه مسلم والنسائي والبيهقي وأحمد (2/3 و 34 و 43 و 79 و 120 و131) . وزاد هو ومسلم من طريق سالم ... مرفوعاً: لا يزيد على هؤلاء الكلمات. 1591- عن جابر بن عبد الله قال: أهل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر التلبية؛ مثل حديث ابن عمر، قال: والناس يزيدون: ذا المعارج! ونحوه من الكلام، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع، فلا يقول لهم شيئاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا جعفر: ثنا أبي عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر- وهو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله، المعروف بالصادق-، فهو من رجال مسلم وحده. والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (3/320- 321) ... بهذا الإسناد عن جابر ... به. وهو عنده قطعة من حديثه الطويل في الحج، وسيأتي عند المصنف برقم (1663) من طريق حاتم بن إسماعيل: ثنا جعفر بن محمد ... به مطولاً، وفيه هذه القطعة نحوه. وكذلك أخرجه مسلم وغيره، ويأتي تخريجه هناك. والحديث أخرجه ابن الجارود (465) ، والبيهقي (5/45) من طريقين آخرين عن يحيى بن سعيد ... به.

وعزاه المنذري في "مختصره" لابن ماجه! وهو وهم؛ فإنه إنما أخرجه (2/252) بنحو الرواية الآتية: 1592- عن السائب الأنصاري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتاني جبريل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال- أو قال: بالتلبية- "؛ يريد أحدهما. (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن خَلادِ بن السائب الأنصاري عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير خلاد بن السائب؛ وهو ثقة. والحديث في "الموطأ" (1/309- 310) ... بهذا الإسناد والمتن. وأخرجه أحمد (4/56) ، والبيهقي (5/42) عن مالك ... به. وكذا رواه الدارمي (2/34) . وتابعه سفيان بن عيينة. ثنا عبد الله بن أبي بكر ... به: أخرجه أحمد والحميدي (853) ، وعنه الحاكم (1/450) - وصححه، ووافقه الذهبي-، والنسائي (2/18) ، والترمذي (829) ، وابن ماجه (2/216) ، والدارمي أيضاً، وابن الجارود (434) ، والبيهقي كلهم عن سفيان ... به. وقال البيهقي: " ورواه ابن جريج قال: كتب إلي عبد الله بن أبي بكر ... فذكره، ولم يذكر أبا خلاد في إسناده. والصحيح رواية مالك وابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر عن

28- باب متى يقطع التلبية؟

عبد الملك عن خلاد بن السائب عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كذلك قال البخاري وغيره "! كذا قال! ورواية ابن جريج عند أحمد مثل رواية مالك وسفيان، فقال: ثنا محمد بن بكر قال: أنا ابن جريج. وروح قال: ثنا ابن جريج قال: كتب إلي عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقول: حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث أنه حدثه خلاد بن السائب بن سوَيْد الأنصاري عن أبيه السائب ابن خلاد أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فلعل ما ذكره البيهقي رواية عن ابن جريج! لكن هذه الرواية المسندة عنه أصح؛ لاتفاق ثقتين عليها عنه، ولموافقتها لرواية مالك وسفيان. وخالفه المطلب بن عبد الله بن حَنْطَبِ فقال: عن خلاد بن السائب عن زيد ابن خالد الجُهنِيَ ... مرفوعاً نحوه: أخرجهَ أحمد (5/192) ، وابن ماجه والحاكم والبيهقي وابن حبان أيضاً (974) وصححه الحاكم أيضاً، وقال: " لا يعلل واحد منها الآخر "! وخالفه الترمذي فقال: " ولا يصح، والصحيح عن خلاد عن أبيه ". قلت: وهذا هو الأرجح؛ لأن المطلب هذا مدلس، وقد عنعنه. 28- باب متى يقطع التلبية؟ 1593- عن الفضل بن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى حتى رمى جمرة العقبة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن حبان) .

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا ابن جريج عن عطاء عن الفضل بن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه، وسائر أصحاب "السنن"؛ كما تراه في "الإرواء" (1098) . 1594- عن عبد الله بن عمر قال: غَدَوْنَا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنىً إلى عرفات؛ منا المُلَبِّي، ومنا المكَبِّرُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الله بن نمير: ثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله ابن أبي سلمة- وهو الماجشون-، وهو ثقة من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/72) ... بإسناد المصنف ومتنه. وهو في "المسند" (2/22) ... بهذا الإسناد والمتن. ثم أخرجه هو (2/3) ، ومسلم، والنسائي (2/44) ، والدارمي (2/56) ، والبيهقي (5/112) . وتابعه عمر بن حسين عن عبد الله بن أبي سلمة ... به نحوه؛ وزاد: قال: قلت: والله؛ لَعَجَباً منكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع؟

29- باب متى يقطع المعتمر التلبية؟

أخرجه مسلم. واعلم أن هذه الرواية هي التي أشار إليها المنذري في قوله في "مختصره ": " وأخرجه مسلم بنحوه "! وفاته أنه عنده باللفظ الأول أيضاً، كما رأيت. 29- باب متى يقطع المعتمر التلبية؟ [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 30- باب المُحْرِمِ يؤدِّب غلامه 1595- عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّاجاً، حتى إذا كُنا بالعَرْجِ؛ نزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزلنا، فجلست عائشة رضي الله عنها إلى جَنْبِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجلستُ إلى جَنْبِ أبي، وكانت زِمَالَةُ أبي بكر وزِمَالَةُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدةً مع غلامٍ لأبي بكر، فجلس أبو بكر ينتظر أن يَطْلُعَ عليه، فطَلَعَ وليس معه بعيرُهُ. قال: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة. قال: فقال أبو بكر: بعيرٌ واحدٌ تُضِلهُ؟! قال: فَطَفِقَ يَضْرِبُهُ؛ ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْتَسِمُ ويقول: " انظروا إلى هذا المُحْرِمِ ما يصنع؟! ". قال ابن أبي رِزْمَةَ: فما يزيد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن يقول: " انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع؟! "؛ ويبتسم.

(قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا. (ح) وحدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ: أخبرنا عبد الله بن إدريس: أخبرنا ابن إسحاق عن يحيى بن عَباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن إسحاق، فهو مدلس، ولم أقف على تحديثه فيه حتى الآن! والحديث في "مسند أحمد" (6/344) : ثنا عبد الله بن إدريس ... به. وأخرجه ابن ماجه (2/218- 219) من طريق ابن أبي شيبة: ثنا عبد الله بن إدريس ... به. وابن خزيمة (2679) ، والحاكم (1/453- 454) ، وعنه البيهقي (5/67- 68) من طريق أخرى عن عبد الله بن إدريس ... به. وقال الحاكم: " حديث غريب صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وفيه نظر؛ فإن ابن إسحاق لم يحتج به مسلم، ثم هو مدلس، وقد عنعنه. لكنه لم يتفرد به؛ فقد قال ابن سعد في "الطبقات " (8/206) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني يعقوب بن يحيى بن عَباد عن عيسى بن معمر عن عَباد ابن عبد الله ... به. لكن عيسى بن معمر لين الحديث. ومحمد بن عمر- وهو الواقدي- متروك. والله أعلم.

31- باب الرجل يحرم في ثيابه

31- باب الرجل يُحْرِمُ في ثيابه 1596- عن يعلى بن أميَّة: أن رجلاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالجِعْرَانَةِ، وعليه أثَرُ خَلُوق- أو قال: صُفْرَةٍ-، وعليه جُبَّة، فقال: يا رسول الله! كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ فأنزل الله تبارك وتعالى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوحي، فلما سُرِّيَ عنه قال: " أين السائل عن العمرة؟ ". قال: " اغسل عنك أثر الخلوق- أو قال: أثر الصَفرة-، واخلع الجُبّةَ، واصنع في عمرتك ما صنعت في حجتك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا همام قال: سمعت عطاء: أخبرنا صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/485 و 4/51) ، ومسلم (4/3) ، والبيهقي (5/56) من طرق أخرى عن همام بن يحيى ... به؛ وفيه عندهم قصة. وأخرجه الطحاوي (1/364) . ثم أخرجه البخاري (3/307) - معلقاً- و (8/38) - موصولاً-، وكذا مسلم، والترمذي (836) ، والنسائي (2/12) ، وابن الجارود (447- 449) ، والبيهقي أيضاً، وأحمد (4/222 و 224) من طرق أخرى عن عطاء ... به؛ وأسقط

بعضهم: صفوان بن يعلى من الإسناد! وهي رواية الترمذي، وأعلها وقال: " الرواية الأولى أصح ". 1597- وفي رواية عنه ... بهذه القصة؛ قال فيه: فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اخلع جبتك "؛ فخلعها من رأسه ... وساق الحديث. (حديث صحيح؛ إلا قوله: فخلعها من رأسه؛ فإنه منكر) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن عطاء عن يعلى بن أمية. وهشيم عن الحجاج عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه. قلت: حديث صحيح، ورجال إسناده من الوجهين ثقات، وهو من الوجه الآخر موصول، لكن فيه عنعنة الحجاج- وهو ابن أرطاة-، وهو مدلس. ومن الوجه الأول منقطع بين عطاء ويعلى؛ فإن بينهما صفوان بن يعلى، كما رواه جمع من الثقات، منهم همام عن عطاء، كما سبق في الرواية الأولى. ولذلك قال الترمذي- عقب الرواية المشار إليها آنفاً-: " هكذا رواه قتادة والحجاج بن أرطاة وغير واحد عن عطاء. والصحيح: ما روى عمرو بن دينار وابن جريج عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". ثم إن المصنف إنما ساق هذه الرواية؛ لما فيها من زيادة: فخلعها من رأسه؛ وهي زيادة منكرة عندي؛ لعدم ورودها في كل طرق الحديث التي وقفت عليها، وإن كان الحافظ سكت عليها في "الفتح" (3/309) ، وهو لا يسكت إلا عما كان حسناً على الأقل عنده، كما نص عليه في "القدمة"، ولكني لاحظت عليه شيئاً من التساهل في غير ما حديث واحد. والله أعلم. على أنه قد روي من حديث جابر ما ينافي صراحة هذه الزيادة، كما ينافي

ظاهر الحديث، لكن في إسناده ضعف؛ كما بينته في "الضعيفة" (4844) . ومثل هذه الزيادة: ما في رواية النسائي في آخر الحديث: ثم أحدث إحرامه! وقد أنكرها النسائي؛ فقال عقبها: " ما أعلم أحداً قاله غير نوح بن حبيب، ولا أحسبه محفوظاً ". 1598- وفي رواية ثالثة عنه ... بهذا الخبر؛ قال فيه: فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن يَنْزِعَها نزعاً، ويغتسل مرتين أو ثلاثاً ... وساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن الجارود بنحوه) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن مَوْهَب الهَمْدَانِي الرمْلِي قال: حدثني الليث عن عطاء بن أبي رباح عن يعلى ابن مُنْيَة عن أبيه ... بهذا الخبر؛ قال فيه ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرملي، وهو ثقة. وإنما ساقه المصنف؛ لما فيه من زيادة الاغتسال مرتين أو ثلاثاً، وهي زيادة صحيحة ثابتة في "الصحيحين " وغيرهما فما بعض طرق الحديث المشار إليها تحت الرواية الأولى، وهو طريق ابن جريج قال: أخبرني عطاء ... به نحوه. وهو عند ابن الجارود أيضاً (447) . 1599- وفي رابعة عنه: أن رجلاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجِعْرَانَةِ وقد أحْرَمَ بعمرة؛ وعليه جُبة، وهو مَصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ ورأسَهُ ... وساق هذا الحديث.

32- باب ما يلبس المحرم

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف وغيره) . إسناده: حدثنا عقبة بن مُكْرَم: ثنا وهب بن جرير: ثنا أبي قال: سمعت قيس بن سعد يحدث عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه: أن رجلاً ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه (4/5) ... بسند المصنف وغيره. وأخرجه النسائي (2/12) . 32- باب ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ 1600- عن سالم عن أبيه قال: سأل رجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما يترك المحرمُ من الثياب؟ فقال: " لا يلبس القميص، ولا البُرْنُسَ، ولا السَراويلَ، ولا العِمَامةَ، ولا ثوباً مَسه وَرْسٌ ولا زَعْفَرانٌ، ولا الخُفيْنِ؛ إلا لمن لم يجد النعلين، فمن لم يجد نعلين؛ فليلبس الخفين، وليقطعهما، حتى يكونا أسفلَ من الكعبين ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن حنبل قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن سالم.

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قلت: وهذان إسنادان صحيحان على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من الوجهين، وكذا ابن الجارود، وصححه الترمذي من الوجه الثاني، وهما مخرجان في " الإرواء " (1012) . 1601- ومن طريق نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه؛ زاد: " ولا تَنْتَقِبُ المرأةُ الحَرَامُ، ولا تَلْبَسُ القُفَّازينِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع. قال أبو داود: " وقد روى هذا الحديث: حاتمُ بن إسماعيل ويحيى بن أيوب عن موسى بن عقبة عن نافع ... على ما قال الليث. ورواه موسى بن طارق عن موسى بن عقبة ... موقوفاً على ابن عمر. وكذلك رواه عبيد الله بن عمر ومالك وأيوب موقوفاً. وإبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين " ... ". قال أبو داود: " إبراهيم بن سعيد المديني شيخ من أهل المدينة، ليس له كبير حديث ". قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (833) ، والنسائي (2/9) ... بإسناد المصنف ومتنه؛ إلا أنهما ساقاه بتمامه، وقال الترمذي، " حديث حسن صحيح ".

وأخرجه البخاري (4/42) ، والبيهقي (5/46) ، وأحمد (2/119) من طرق أخرى عن الليث ... به. وقال البخاري: " تابعه موسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وابن إسحاق ... في النقاب والقفازين ". ثم أشار إلى رواية عبيد الله ومالك اللتين علقهما المصنف موقوفاً. وكأن البخاري والمصنف رحمهما الله أشارا برواية الجماعة المذكورين عن نافع ... به مرفوعاً بأن الصواب رفع الزيادة، وإن أوقفها مالك ومن معه؛ لأن زيادة الثقة مقبولة. وقد وصل البيهقي أكثر هذه المعلقات عند البخاري والمصنف. ووصل هذا مُعَلَقَ ابنِ إسحاق وإبراهيم بن سعيد المديني كما يأتي. 1602- وفي رواية ثانية عنه عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير إبراهيم هذا، وقد أشار المصنف بقوله فيما تقدم قريباً: " شيخ من أهل المدينة، ليس له كبير حديث ": إلى أنه مجهول لا يعرف. وقد روى عنه زكريا بن يحيى بن حَموَيهِ أيضاً. ولذلك قال الحافظ في "التقريب ": " مجهول الحال ".

قلت: وقد تابعه الليث بن سعد، كما في الرواية التي قبلها، وابن إسحاق كما في الرواية الآتية، ولذلك قلنا: حديث صحيح. والحديث أخرجه البيهقي (5/47) من طريق المصنف. 1603- وفي ثالثة عنه عن عبد الله بن عمر: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مَس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحَبَّت من ألوان الثياب معَصْفراً أو خَزّاً، أو حلْياً، أو سراويلَ، أو قميصاً أو خفّاً. (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الحافظ الذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: فإن نافعاً مولى عبد الله بن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر. قال أبو داود: " روى هذا الحديثَ عن ابن إسحاق: عبدة بن سليمان ومحمد ابن سلمة إلى قوله: وما مس الورسُ والزعفرانُ مع الثياب ... ولم يذكرا ما بعده ". قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، وقد فعل هنا كما ترى. والحديث أخرجه الحاكم (1/486) ، وعنه البيهقي (5/47) : أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعِي: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقد ذكرنا مراراً أن مسلماً لم يحتج بابن إسحاق.

واعلم أنني لم أرَ الحديث من هذا الوجه في "المسند"! وإنما أخرجه فيه (2/32) من طريق يزيد: أنا محمد- يعني. ابن إسحاق- عن نافع ... به. 1604- عن نافع عن ابن عمر: أنه وَجَدَ القرَّ، فقال: ألقِ عليَّ ثوباً يا نافع! فألقيت عليه برْنُساً، فقال: تلْقِي علي هذا وقد نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَلْبَسَه المُحْرم؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه أحمد (2/31) : حدثنا يزيد: أخبرنا جرير بن حازم: حدثنا نافع ... به. ثم أخرجه (2/57) ، والبيهقي (5/52) عن يحيى بن سعيد عن ابن عجلان: حدثني نافع ... به نحوه. وقال المنذري في "مختصره ": " وأخرجه البخاري والنسائي: المسند منه بنحوه أتم منه "! قلت: وكأنه يعني: الحديث الأول (1600) ! فإذا كان كذلك؛ فلماذا لم يعزه لمسلم أيضاً؛ وقد أخرجه أيضاً كما تقدم؟! وإن كان يعني غيره؛ فما أراه إلا وهماً؛ فإني لم أره عند البخاري والنسائي، ولم يعزه النابلسي في "الذخائر" (2/119) إلا للمصنف! ولو كان عند البخاري لعزاه إليه البيهقي إن شاء الله، كما هي عادته. ثم وجدت لحماد- وهو ابن سلمة- متابعاً، فقال أحمد (2/141) : ثنا محمد

ابن عبد الرحمن الطفَاوِيّ: ثنا أيوب عن نافع: أن ابن عمر خرج حاجاً، فأحرم فوضع رأسه في برد شديد، فألقيت عليه برنساً، فانتبه فقال: ما ألقَيتَ عليَّ؟ قلت: برنساً. قال: تلقيه عليَ وقد حدثتك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهانا عن لبسه؟! وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. 1605- عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "السراويل لمن لا يجد الإزار، والخُفُّ لمن لا يجد النعلين ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود وأبو نعيم في "مستخرجه ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه مع بقية الستة وغيرهم، كما تراه في "الإرواء" (1013) ؛ وفيه تحقيق شذوذ زيادة النسائي: " وليقطعهما أسفل من الكعبين " بما لا تراه في مكان آخر. 1606- عن عائشة قالت: كنا نخرج بع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة، فنُضمد جباهنا بالسكِّ المُطَيَّبِ عند الإحرام، فإذا عَرِقت إحدانا؛ سال على وجهها، فيراه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلا ينهانا. (قلت: إسناده صحيح) .

إسناده: حدثنا الحسين بن الجُنَيْدِ الدَّامَغَانِيُّ: ثنا أبو أسامة قال: أخبرني عمر ابن سويد الثقفي قال: حدثتني عائشة بنت طلحة أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حدثتها قالت ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه البيهقي (5/48) من طريق المصنف. وأحمد (6/79) من طريق آخر عن عمر بن سويد ... به. 1607- عن سالم بن عبد الله: أن عبد الله- يعني: ابن عمر- كان يصنع ذلك؛ يعني يقطع الخفين للمرأة المحرمة. ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد؛ أن عائشة حدثتْها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان رَخَّصَ للنساء في الخفين، فترك ذلك. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق قال: ذكرتُ لابن شهاب، فقال: حدثني سالم بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق. والحديث أخرجه البيهقي (5/52) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (2/29) : حدثني ابن أبي عدي ... به. وأخرجه الشافعي (2/20- 21) ، وعنه البيهقي: أخبرنا ابن عيينة عن

33- باب المحرم يحمل السلاح

الزهري ... به؛ إلا أنه لم يرفعه. وسنده صحيح على شرط الشيخين. 33- باب المحرم يحمل السلاح 1608- عن البراء قال: لمَّا صالح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل الحُدَيْبِيَة؛ صالحهم على أن لا يدخلوها إلا بِجُلُبَّانِ السلاحِ. فسألته: ما جُلُبَّانُ السلاح؟ قال: القِرَابُ بما فيه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بأتم منه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت للبراء يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "المسند" (4/291) ... بهذا الإسناد والمتن؛ ولكنه أتم منه. وكذلك أخرجه البخاري (5/332) ، ومسلم (5/174) من طرق أخرى عن محمد بن جعفر ... به. وأحمد (4/289 و 302) ، ومسلم، والبيهقي (5/69) من طرق أخرى عن شعبة ... به. 34- باب في المحرمة، تغطي وجهها [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

35- باب في المحرم يظلل

35- باب في المحرم يظَلَّل 16،9- عن أم الحُصَيْنِ قالت: حَجَجْنَا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الوداع، فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخِذ بخِطَامِ ناقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والآخر رافعٌ ثَوْبَه لِيَسْترَه من الحَر، حتى رمى جمرة العقبة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف ومتنه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم زيد بن أبي أنَيْسَةَ عن يحيى بن حُصَيْنٍ عن أم الحصين. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو عبد الرحيم: اسمه خالد بن أبي يزيد الحَرَّاني، وهو خال محمد بن سلمة. والحديث أخرجه مسلم (4/80) ... بإسناد المصنف ومتنه. وهو في " المسند" (6/402) . وعنه: أخرجه البيهقي أيضاً (5/69) . ثم أخرجه مسلم من طريق أخرى عن زيد بن أبي أنيسة. وأخرجه النسائي (2/49- 50) من طريق أخرى عن محمد بن سلمة ... به. وانظر " الإرواء " (1018) .

36- باب المحرم يحتجم

36- باب المحرم يحتجم 1610- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء وطاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "المسند" (1/221) ... بهذا السند والمتن. وكذلك رواه الحميدي في "مسنده " (500) . ورواه البخاري (4/40- 41) ، ومسلم (4/22) ، والترمذي (839) - وقال: " حسن صحيح "-، والنسائي (2/28) ، وابن الجارود (442) ، والبيهقي (5/64) من طرق عن سفيان- وهو ابن عيينة- ... به. وله عند أحمد طرق أخرى: عن ابن عباس (1/215 و 283 و 286 و 292 و305 و 315 و 351 و 374) ، ويأتي أحدها في الكَتاب بعده. 1611- ومن طريق آخر عنه ... به؛ وزاد: في رأسه من داءٍ كان به. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا هشام عن

عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/236) : ثنا يزيد: أنا هشام. وابن جعفر قال: حدثنا هشام ... به؛ إلا أنه قال: أذى مكان: داء. ثم أخرجه (1/249 و 259 و 346) ، والبخاري (10/125) من طرق أخرى عن هشام بن حسان ... به، ولفظ البخاري: من وجع كان به بماء يقال له: لَحْيُ جمل. وهو رواية لأحمد؛ إلا أنه قال: من صُدَاع كان به. وهو رواية البخاري معلقة؛ لكنه قال: شقيقة بدل: صداع. ووصلها الإسماعيلي. وفي رواية لأحمد (1/374) من طريق هلال عن عكرمة بلفظ: احتجم وهو محرم من أكْلَة أكَلَها؛ من شاة مسمومة، سَمَّتْها امرأة من أهل خيبر. وسنده حسن. وفي رواية (1/305) من هذا الوجه: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا وجد من ذلك شيئاً احتجم، قال: فسافر مرة، فلما أحرم وجد من ذلك شيئاً، فاحتجم. وللحديث؛ شاهد من حديث عبد الله ابن بُحَيْنَة: أخرجه البخاري والنسائي وأحمد (5/345) .

وله شاهد آخر من حديث أنس: أخرجه المصنف وغيره؛ لكن فيه نكارة، من أجل ذلك أخرجته في الكتاب الآخر (318) (*) . 1611/م- عن معمر عن قتادة عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرم على ظهر القدمِ من وجع كان به. قال أبو داود: " سمعت أحمد قال: ابن أبي عروبة أرسله. يعني عن قتادة ". (قلت: يشير إلى إعلاله بالإرسال؛ لأن ابن أبي عروبة أحفظ من معمر، ولم يجاوز به قتادة، وله علة أخرى، وهي المخالفة؛ فقد رواه الضياء المقدسي في "المختارة" من طريق أخرى عن أنس بلفظ: " من وجع كان برأسه "، وإسناده صحيح، وهو الموافق لحديث ابن عباس وابن بحينة في "صحيح البخاري "، وهو في الكتاب الآخر (1611)) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر ... قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين. لكن أعله المصنف تبعاً لشيخه الإمام أحمد بمخالفة سعيد بن أبي عروبة؛ فإنه أرسله، قال الحافظ: " وسعيد أحفظ من معمر، وليست هذه بعلة قادحة، والجمع بين حديثي ابن عباس وأنس واضح بالحمل على التعدد ".

_ (*) انظر الحديث التالي، فهو المقصود، وقد أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من "الضعيف " إلى هنا، وكن من هذا على ذكر؛ فإن بعض مفرداته متفقة مع كونه في "الضعيف". (الناشر) .

37- باب يكتحل المحرم

قلت: حديث ابن عباس الذي يشير إليه أخرجه المصنف في الباب قبل حديث أنس هذا ولفظه: " في رأسه "، وهو في الكتاب الآخر (1611) (*) برواية البخاري وغيره، وذكر له هناك شاهداً من حديث ابن بُحَيْنَةَ، فهو أقوى من حديث أنس، وقد جمع الحافظ بينهما بما سمعت، وهو جمع حسن معهود في مثل هذا المقام، لولا أني رأيت الضياء المقدسي قد أخرج الحديث في "المختارة" (3/102) من طرق عن المعتمر بن سليمان قال: سمعت حميداً يحدث عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو محرم من وجع كان برأسه. وهذا إسناد صحيح، وأصله في "المسند" (3/164) سنداً ومتناً. وأخرجه ابن حبان (1400) ، والحاكم (1/453) ، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! مشياً على ظاهر الإسناد. ثم وجدت له شاهداً من حديث جابر من طريقين عنه، فلينقل إلى "الصحيح "، وقد ذكرته فيه تحت الحديث (615) . 37- باب يكتحل المحرم 1612- عن نُبَيْهِ بن وَهْبٍ قال: اشتكى عمر بن عبيد الله بن معمر عَيْنَيْهِ، فأرسل إلى أبان بن عثمان - قال سفيان: وهو أمير-: ما يصنع بهما؟ قال: اضمِدْهما بالصَّبِرِ؛ فإني سمعت عثمان رضي الله عنه يحدث ذلك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي

_ (*) الحديث السابق. (الناشر) .

وابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نبيه بن وهب. حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا ابن عُلَيَّةَ عن أيوب عن نافع عن نبيه بن وهب ... بهذا الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير نبيه بن وهب، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "المسند" (1/68) ... بهذا السند والمتن. وكذلك أخرجه الحميدي في "مسنده " (33) . ورواه مسلم (4/22) ، والترمذي (952) ، والنسائي (2/12) ، وابن الجارود (443) ، والبيهقي (5/62) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. ثم أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (1/65 و 69) من طرق أخرى عن أيوب ... به. وقد تابعه في إسناد المصنف الثاني: نافع، وهو مولى ابن عمر. وأيوب الراوي عنه: هو السَّخْتِيَانِيّ: وابن علَيَّةَ: هو إسماعيل بن إبراهيم. وتابعه معمر: عند أحمد (1/59) كلاهما عن أيوب ... به.

38- باب المحرم يغتسل

38- باب المحرم يغتسل 1613- عن عبد الله بن حنَيْن: أن عبد الله بن عباس والمِسْوَرَ بن مَخْرَمَةَ اختلفا بالأبْوَاءِ، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه. وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسله عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، فوجده يغتسل بين القرتين، وهو يسْتَر بثوب. قال: فسلَمْتُ عليه. فقال: من هذا؟ قلت: أنا عبد الله ابن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغسل رأسه وهو محرم؟ قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه حتى بد الي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه: اصْببْ. قال: فَصَبَّ على رأسه، ثم حَركَ أبو أيوب رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته يفعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأً" (1/302) ... سنداً ومتناً. ومن طريقه أيضاً، أخرجه البخاري (4/45) ، ومسلم (4/23) ، والنسائي (2/8) ، وابن ماجه (2/219) ، والبيهقي (5/63) ، وأحمد (5/418) كلهم عن مالك ... به.

39- باب المحرم يتزوج

وتابعه سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم ... به: أخرجه أحمد (5/416) ، والحميدي (379) ، والدارمي (2/30) ، وابن الجارود (441) . وزاد الحميدي: فرجعت إليهما فأخبرتهما، فقال المسور لا بن، عباس: لا أماريك أبداً. وهذه الزيادة: عند أحمد (5/421) ، ومسلم أيضاً من طريق ابن جريج: أخبرني زيد بن أسلم ... به. 39- باب المحرم يتزوج 1614- عن نُبَيْه بن وهب أخي بني عبد الدار: أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان بن عفان يسأله- وأبان يومئذ أمير الحاج- وهما محرمان: إني أردت أن أنكح طلحة بن عمر: ابنةَ شيبةَ بنِ جُبَيْرٍ، فأردت أن تحضر ذلك؟ فأنكر ذلك عليه أبان، وقال: إني سمعت أبي عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَنكِحُ المحرم، ولا يُنكِح ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن نبيه بن وهب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير نبيه بن وهب، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/321) ... بهذا الإسناد والمتن؛ ولكنه زاد:

" ولا يَخْطُبُ ". وكذلك أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم عن مالك ... به. وتابعه أيوب السَّخْتِيَانِيُ عن نافع ... به: أخرجه مسلم والترمذي (840) ، والدارمي (2/37) ، وأحمد (1/68) ؛ دون الزيادة. والحديث مخرج في "الإرواء " (1037) . 1615- زاد في رواية: " ولا يَخْطُبُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. أخرجه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم: ثنا سعيد عن مطر ويعلى بن حكيم عن نافع عن نُبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ... ذكر مثله؛ زاد: " ولا يخطب ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/64) : ثنا عبد الله بن بكر ومحمد بن جعفر قالا: ثنا سعيد ... به. وأخرجه مسلم (4/137) من طريقين آخرين عن سعيد ... به، وهو سعيد ابن أبي عروبة. (تنبيه) : عزا المنذري في "مختصره" هذه الزيادة للترمذي أيضاً!

وهو وهم؛ وقد سبق بيان من رواها من الطريق الأولى. وزاد ابن حبان (1274) من طريق فُلَيْحِ بن سليمان عن عبد الجبار بن نبيه بن وهب عن أبيه ... به؛ زاد: " ولا يَخْطُبُ، ولا يخْطَبُ عليه "! فأقول: هذه الزيادة الثانية: " ولا يخطب عليه " منكرة؛ لتفرد هذه الطريق بها، وهي إما من عبد الجبار بن نبيه، وإما من فليح بن سليمان؛ فإن الأول غير مشهور، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال (7/135) : " يروي عن أبيه، عداده في أهل المدينة، روى عنه فليح بن سليمان وأهلها ". والآخر: فليح بن سليمان؛ فهو- مع كونه من رجال الشيخين- فإنه صدوق كثير الخطأ. وأنا أرجح أن الخطأ منه؛ فقد خالفه أبو عامر- واسمه عبد الملك بن عمرو العَقَدي، وهو ثقة- فرواه عن عبد الجبار بن نبيه ... به دون الزيادة الثانية. أخرجه الطحاوي (1/441) . 1616- عن ميمونة قالت: تَزَوَّجَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن حلالان بِسَرِفَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود. وأخرجه مسلم بإسناد آخر. واستدركه الحاكم عليه؛ لكن بزيادة في متنه) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حبيب بن الشهيد عن

ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم ابن أخي ميمونة عن ميمونة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ على ضعف في حماد- وهو ابن سلمة-؛ ولكنه لم يتفرد به كما يأتي. والحديث أخرجه الدارمي (2/38) ، والبيهقي (7/210- 211) ، وابن الجارود (445) ، وأحمد (6/335) من طرق أخرى عن حماد ... به. وأخرجه مسلم (4/137) ، وابن ماجه (1/606) ، والحاكم (4/31) ، والبيهقي (5/66) ، وابن الجارود أيضاً (446) ، وأحمد (6/333) من طرق أخرى عن يزيد بن الأصم ... به. وعزاه المنذري للترمذي أيضاً! وهو إنما رواه (3/192) معلقاً، ثم وصله بَعْدُ برقم (845) ، وأعله بقوله: " وروى غير واحد هذا الحديث عن يزيد بن الأصم ... مرسلاً "! قلت: لا وجه لهذا الإعلال؛ فقد رواه- مع ميمون بن مهران- عمرو بن ميمون وأبو فَزَارَةَ- واسمه راشد بن كَيْسَانَ العَبْسِى- وكلهم ثقات عن يزيد بن الأصم ... به موصولاً. 1617- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ ميمونة وهو مُحرِم. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه "، وأخرجه هو ومسلم وابن الجارود والحاكم من طرق أخرى عنه) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (843) ، وابن سعد (8/136) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به. والبخاري (7/411) ، وأحمد (1/359 و 360) من طرق أخرى عن أيوب ... به؛ وزاد البخاري- وهو رواية لأحمد-: وبنى بها وهو حلال، وماتت بسرف. وتابعه هشام: ثنا عكرمة ... به. أخرجه أحمد (1/346 و 354) ، والترمذي (842) ، وصححه. وتابعه خالد عن عكرمة ... به دون الزيادة: أخرجه أحمد (1/351) . ثم أخرجه هو (1/221 و 228 و 275 و 285 و 286 و 324 و 328 و 330 و332- 333 و 336 و 337 و 362) ، والبخاري (4/42 و 9/135) ، ومسلم (4/137) ، والترمذي (844) ، والنسائي (2/27) ، والدارمي (2/37) ، والطحاوي (1/442) ، وكذا ابن ماجه (1/606) ، وابن الجارود (446) ، والحاكم (4/31- 32) ، والبيهقي (5/66) ، والحميدي في "مسنده " (503) ، وابن سعد (8/235- 236) من طرق كثيرة عن ابن عباس ... مختصراً ومطولاً. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ومن طريقه- عند ابن حبان (4121) - عن عطاء ومجاهد عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة وهو محرم في عمرة القضاء. وسنده حسن.

وللحديث شاهدان من حديث عائشة وأبي هريرة: أخرجهما الطحاوي، وصححهما الحافظ في "الفتح " (4/42) . والأول منهما أخرجه ابن حبان أيضاً (1271) . وشواهد أخرى مرسلة: أخرجها ابن سعد. وقد عارض هذه الأحاديثَ: حديثُ ميمونة الذي قبله. وله شاهدان أيضاً: الأول: عن أبي رافع قال: تزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وكنت أنا الرسول فيما بينهما. أخرجه الترمذي (841) ، والدارمي (2/38) ، وابن حبان (1272) ، والبيهقي وابن سعد (8/134) ، وأحمد (6/392- 393) من طريق مَطَرٍ الوَراقِ عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عنه. وقال الترمذي: "حديث حسن "! قلت: مطر في حفظه ضعف، ولذلك لم يحتج به مسلم. وقد خالفه مالك في "الموطأً" (1/320- 321) ؛ فرواه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار ... مرسلاً، لم يذكر فيه أبا رافع. وكذلك خالفه أنس بن عياض أبو ضَمْرَةَ فقال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن ... به مرسلاً: أخرجه ابن سعد. فالصحيح مرسل.

ومع ذلك؛ صحح ابن القيم- في "الزاد" (2/214) - الموصولَ. الثاني: عن صفية بنت شيبه- ولها رؤية، وفي "البخاري " التصريح بسماعها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال ميمون بن مهران: دخلت على صفية بنت شيبة- عجوز كبيرة- فسألتها: أتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ميمونة وهو محرم؟ فقالت: لا والله؛ لقد تزوجها وإنهما لحلالان! أخرجه ابن سعد (8/133) - عن عبيد الله بن عمرو-، والبيهقي (7/211) - عن معمر-، كلاهما عن عبد الكريم عنه- وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبد الكريم: هو ابن مالك الجَزَرِيّ الحَرَانِيُ. وللحديث شواهد أخرى مرسلة أيضاً؛ فلا مجال لترجيح أحد الحديثين على الآخر من حيث الإسناد. ولذلك؛ فالتعارض بينهما شديد، ولا سبيل إلى التوفيق بينهما؛ إلا إن ثبت ما ذكره الحافظ في "الفتح " (9/136) : أن ابن عباس كان يرى أن من قلد الهدي يصير محرماً، كما تقدم تقرير ذلك عنه في (كتاب الحج) ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قَلَّدَ الهدي في عمرته تلك التي تزوج فيها ميمونة، فيكون إطلاقه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوجها وهو محرم؛ أي: عقد عليها بعد أن قَلَّدَ الهدي؛ وإن لم يكن تلبَس بالإحرام، وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع يخطبها، فجعلت أمرها إلى العباس. قلت: فإن صح أن هذا هو مراد ابن عباس؛ زال التعارض وثبت الحديثان؛ وإلا فلا مناص من القول بتوهيم ابن عباس، ومن قال بقوله. وقد صرح بتوهيمه سعيد ابن المسيب، كما يأتي في الكتاب بعده، وهو قول جمهور أهل النقل، كما قال

ابن القيم؛ وذلك لأن ميمونة صاحبة القصة أعلم بشأنها من غيرها، وقد أخبرت بحالها وبكيفية الأمر في ذلك العقد. قال الخطابي: " وهو من أدل الدليلِ على وهم ابن عباس. وقال الأثرم: قلت لأحمد: إن أبا ثور يقول: بأي شيء يُدْفع حديث ابن عباس؛ أي: مع صحته؟ قال: فقال: الله المستعان! ابن المسيب يقول: وَهِمَ ابنُ عباس. وميمونة تقول: تزوجني وهو حلال ". وعلى هذا؛ فلا يصح أن يعارض به حديث عثمان التقدم (1614- 1615) ؛ لا سيما والقول مقدم على الفعل عند التعارض. 1618- عن سعيد بن المُسَيَّبِ قال: وَهِمَ ابن عباس في تزويج ميمونة وهو مُحْرِمٌ. (قلت: حديث مقطوع صحيح، واستدل به أحمد) . إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن رجل عن سعيد بن المسيب. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرجل، فإنه مجهول لم يُسَمَّ، لكن الظاهر من رواية البيهقي الآتية: أنه عطاء بن أبي رباح، وهو تابعي جليل. والحديث أخرجه البيهقي (7/212) من طريق المصنف. ثم أتبعه برواية عبد القدوس: ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة وهو محرم. قال (يعني: عطاء بن أبي رباح) : فقال سعيد: وَهِلَ ابن عباس؛ وإن كانت خالته! ما تزوجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بعد ما أحَلَّ. وقال البيهقي:

40- باب ما يقتل المحرم من الدواب

" رواه البخاري في "الصحيح " عن عبد القدوس بن الحجاج "! وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: ليس في "صحيح البخاري ": قال سعيد: وَهِلَ ابن عباس! والمفهوم من كلام البيهقي أنه في "صحيحه " ... ". قلت: وفد اغتر بهذا المفهوم ابنُ القيم رحمه الله؛ فعزاه في "الزاد" (2/214) للبخاري! وإنما يعني البيهقي بقوله المذكور أصل الحديث، كما هي عادته. وروى ابن سعد (8/135) بسند حسن عن عطاء الخراساني قال: قلت لابن المسيب: أن عكرمة يزعم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج ميمونة وهو محرم؟ فقال: كَذبَ مَخْبَثَانٌ! اذهب إليه فسُبَّهُ، سأحدثك: قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مُحْرِمٌ، فلما حَل تزوجها. قلت: لا يد لعكرمة في هذا الوهم؛ فقد تابعه جماعة عن ابن عباس كما تقدم؛ وإنما هو من ابن عباس كما في رواية عطاء. وعطاء الخراساني له أوهام. 40- باب ما يَقْتُلُ المحْرِمُ من الدواب 1619- عن سالم عن أبيه (عمد الله بن عمر) : سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يقتل المحرم من الدواب؟ فقال: " خمس لا جُنَاحَ في قَتْلِهِن على منْ قَتَلَهُن في الحِلِّ والحَرَمِ: العقرب، والفأرة، والحدَأة، والغراب، والكلب العَقور ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وأخرجه الشيخان من طرق أخرى عنه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث في "المسند" (2/8) ... بهذا الإسناد والمتن. وكذلك رواه الحميدي في "مسنده " (619) . ورواه مسلم وابن الجارود من طرق أخرى عن سفيان ... به. وله طرق أخرى عن ابن عمر في "الصحيحين " وغيرهما؛ تراها في "الإرواء" (1036) . 1620- عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " خَمْس قَتْلهُنَّ حلال في الحَرَمِ: الحية، والعقرب، والحِدَأةُ، والفأرة، والكلب العقور ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا علي بن بَحْرٍ: ثنا حاتم بن إسماعيل: حدثني محمد بن عَجْلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن. وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف ومن طريق أخرى عن ابن عجلان ... به، وهو مخرج في المصدر السابق.

41- باب لحم الصيد للمحرم

ويشهد له الحديث الذي قبله؛ إلا قوله: " الحية "؛ ففي ذاك بدلها: " الغراب ". لكن لها شواهد من حديث عائشة وابن عمر: عند مسلم وغيره، تراها مخرجة هناك. 41- باب لحم الصيد للمحرم 1621- عن عبد الله بن الحارث- وكان الحارث خليفة عثمان على الطائف-، فصنعَ لعثمان طَعَام فيه من الحَجَلِ واليَعَاقِيبِ (1) ولَحْم الوحش، قال: فبعث إلى علي بن أبي طالب، فجاءه الرسول، وهو يخبط لأباعِرَ له، فجاء وهو ينفض الخَبَطَ عن يده، فقالوا له: كُلْ. فقال علي رضي الله عنه: أنْشد الله مَنْ كان ههنا مِنْ أشْجَعَ؛ أتعلمون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ إليه رِجْلُ حِمارِ وَحْشٍ وهو محْرِمٌ، فأبى أن يأكله؟! قالوا: نعم. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سليمان بن كثير عن حمَيْد عن إسحاق ابن عبد الله بن الحارث عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير إسحاق بن عبد الله بن الحارث- وهو ابن نوفل الهاشمي-، وهو ثقة كما قال الحافظ؛ وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/194) من طريق المصنف. وتابعه علي بن زيد: حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي ... به نحوه.

_ (1) ذَكَر الحجل؛ كما في "النهاية".

وابن زيد: هو ابن جدعان، ضعيف. أخرجه أحمد (1/100 و 104) ، والطحاوي (1/386) . ثم رواه من طريق ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عبد الله بن الحارث. 1622- عن ابن عباس؛ أنه قال: يا زيدَ بْنَ أرْقَمَ! هل علمت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ إليه عَضُد صَيْدٍ فلم يقبله، وقال: " إنا حرم "؟! قال: نعم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه مسلم من طريق أخرى عنه نحوه) . إسناده: حدثنا أبو سَلَمَة موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قيس عن عطاء عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ على ضعف في حماد بن سلمة، ولكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (2/25) ، والطحاوي (2/387) ، وابن حبان (981) ، والحاكم (1/452) ، وأحمد (4/369 و 371) من طرق أخرى عن حماد ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. وتابعه ابن جريج: أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس عن زيد بن أرقم ... نحوه؛ وفيه: قال:

أُهدىِ له عَضْوٌ من لحم صيد، فَرَدَّهُ، فقال: " إنا لا نأكله؛ إنّا حُرُمٌ ". أخرجه مسلم (4/14) ، والنسائي، والطحاوي، والبيهقي (5/194) ، وأحمد (4/367 و 374) . 1623- عن أبي قتادة: أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى إذا كان ببعض طريق مكة؛ تخلَّفَ مع أصحاب له مُحْرِمينَ وهو غير محرم، فرأى حماراً وحشياً، فاستوى على فرسه، قال: فسأل أصحابَهُ أن يناولوه سَوْطَهُ فأبَوْا، فسألهم رُمْحَهُ فأبَوْا، فأخذه، ثم شَدَ على الحمار فقتله، فأكل منه بعضُ أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبى بعضُهم، فلما أدركوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ سألوه عن ذلك؟ فقال: " إنما هي طعمة أطعمكموها الله تعالى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عنَ أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله التيمي عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناده صحيح على شرطهما؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (6/75 و 10/503) ، ومسلم (4/15) ، والترمذي (953) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/24) ، والطحاوي (1/389) ، والبيهقي (5/187) ، وأحمد (5/301) كلهم عن مالك ... به.

42- باب في الجراد للمحرم

وهو في " الموطأ" (1/322) . وله شاهد صحيح في "ابن حبان " (984) . 42- باب في الجراد للمحرم [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 43- باب في الفِديَةِ 1624- عن كَعْبِ بن عُجْرَةَ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَ بِهِ زمَنَ الحُدَيبِيّةِ، فقال: " قد آذاك هَوَامّ رأسك؟ ". قال: نعم. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احلِقْ، ثم اذبح شاةً نسكاً، أو صمْ ثلاثة أيام، أو أطْعِمْ ثلاثةَ آصُع من تمر: على ستة مساكينَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه، وأخرجه الشيخان والترمذي- وصححه- نحوه) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد الطَّحَان عن خالد الحَذاء عن أبي قلابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عُجْرَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير وهب بن بقية، فهو على شرط مسلم وحده، وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/21) ، والبيهقي (5/55) من طرق أخرى عن

خالد بن عبد الله- وهو الطحان- ... به. وتابعه وُهَيْبٌ: ثنا خالد عن أبي قلابة ... به: أخرجه أحمد (4/242) . وتابعه عنده أيضاً (4/241) : هشيم: أنا خالد عن أبي قلابة عن كعب بن عجرة ... به نحوه؛ لم يذكر في سنده: عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ وزاد: ونزلت الآية. وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... به نحوه. وتابعه جماعة عن كعب، وقد خرجت أحاديثهم في "الإرواء" (1040) . 1625- وفي طريق أخرى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " إن شئت فانْسُكْ نَسِيكَةً، وإن شئت فصُمْ ثلاثةَ أيام، وإن شئت فأطْعِمْ ثلاثةَ آصُعٍ من تَمْرٍ: لسِتَّةِ مساكينَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن داود عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة. قلت: وهذا إسناد جيد، وهو على شرط مسلم؛ وداود: هو ابن أبي هند. والحديث أخرجه البيهقي (5/185) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وقال أحمد (4/243) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به.

44- باب الإحصار

وقال أيضاً: ثنا ابن أبي عدي (الأصل. ثنا إسماعيل بن أبي عدي! وهو خطأ) عن داود ... به. وابن أبي عدي: اسمه محمد. 1626- وفي رواية عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ زمنَ الحُدَيْبِيَّةِ ... فذكر القصة؛ فقال: " أمعك دم؟ ". قال: لا. قال: " فصم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين، بين كل مسكينين صاع". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم أيضاً) . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الوهاب. (ح) وثنا نصر بن علي: ثنا يزيد ابن زُرَيْعٍ- وهذا لفظ ابن المثنى- عن داود عن عامر عن كعب بن عجرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو على شرط الشيخين؛ غير داود- وهو ابن أبي هند -، فهو على شرط مسلم وحده. 44- باب الإحصار 1627- عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كُسِرَ أو عَرِجَ؛ فقد حَلَّ، وعليه الحجُّ من قابلٍ ". قال عكرمة: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك؟ فقالا: صدق. (قلت. إسناده صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي) .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن حَجَّاج الصَّوَّافُ: حدثني يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير الحجاج بن عمرو الأنصاري، وله صحبة، وقد صرح بسماعه لهذا الحديث من رسول الله في بعض طرقه، كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (940) ، والنسائي (2/29) ، والدارمي (2/61) ، وابن ماجه (2/259) ، والطحاوي (1/431) ، والحاكم (1/482- 483) ، والبيهقي (5/220) ، وأحمد (3/450) من طرق أخرى عن الصواف ... به. وهو عند ابن ماجه والحاكم والبيهقي وأحمد؛ مسلسل بالتحديث من الصواف إلى الحجاج، وصرح هذا بالسماع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا التصريح: عند النسائي أيضاً، والطحاوي وأحمد. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري"، ووافقه الذهبي. وخالفه معمر- عند الترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي-، ومعاوية بن سلام- عند الطحاوي- فقالا: عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو ... به، زاد في إسناده: عبد الله بن رافع. وقال الترمذي: " وسمعت محمداً يقول: رواية معمر ومعاوية بن سلام أصح ". قال الترمذي: " وحجاج الصواف ثقة حافظ عند أهل الحديث ".

45- باب دخول مكة

وأقول: كأن الترمذي يشير إلى صحة الروايتين. وهو كذلك عندي؛ لأن رواية الصواف متصلة، ورواية الآخرين كأنها من المزيد فيما اتصل من الأسانيد. والله أعلم. 1628- وفي رواية عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من عَرِجَ أو كسِرَ أو مَرِضَ ... " فذكر معناه. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن المتوكَل العسقلاني وسلمة قالا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو. قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وعبد الله بن رافع: هو مولى أم سلمة. والحديث سبق تخريجه والكلام على إسناده هذا في الذي قبله. 45- باب دخول مكة 1629- عن نافع: أن ابن عمر كان إذا قَدِمَ مكة؛ بات بذي طُوىً؛ حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً، وَيذْكُرُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فعله. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) . إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْدٍ: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبيد- وهو ابن حِسَاب الغُبَرِيُ-؛ فإنه على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/62) : حدثنا أبو الربيع الزهراني: حدثنا حماد ... به. ومن طريق أبي الربيع: أخرجه البيهقي (5/71) . وأخرجه البخاري (3/341) من طريق ابن علَيَةَ: أخبرنا أيوب ... به. وأخرجه البيهقي أيضاً. وأخرجه أحمد (2/16) ، والبخاري، والدارمي (2/70) من طريق عبيد الله: أخبرني نافع ... به؛ دون الاغتسال. وكذلك رواه موسى بن عقبة: حدثني نافع ... به. أخرجه مسلم، والنسائي (2/29) . 1630- وعن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدخل مكة من الثَّنِيَّةِ العُلْيَا. [قالا عن يحيى: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدخل مكة من كَدَاء من ثَنِية البطحاءِ] ، ويَخْرُجُ من الثنية السفلى- زاد البرمكي: يعني: ثَنيَّتَيْ مكة-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن جعفر البَرمكَيّ: ثنا مَعْنٌ عن مالك. [وحدثنا مُسَدَّدٌ وابن حنبل عن يحيى] . وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر-.. [وحديث مسدد أتم] .

قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي؛ إلا الزيادة فهي على شرط مسلم وحده. والحديث أخرجه البيهقي (5/71) عن المصنف من الوجه الثاني: مسدد وابن حنبل. وهو في "السند" (2/21) : ثنا يحيى عن عبيد الله ... به. وأخرجه البخاري (3/342) ، ومسلم (4/62) ، والنسائي (2/30) من طرق أخرى عن يحيى ... به. وقال أحمد (2/142) : ثنا ابن نمير: ثنا عبيد الله وحماد- يعني: أبا أسامة- قال (كذا! ولعل الصواب: قالا) : أخبرني عبيد الله ... به. وأخرجه مسلم أيضاً عن ابن نمير. ثم أخرجه أحمد (2/14 و 29) ، والدارمي (2/71) ، وابن ماجه (2/221) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به. وأخرجه البخاري والبيهقي من طريق أخرى عن معن ... به. 1631- وعنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المُعَرَّسِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نانع عن ابن عمر.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/142) : ثنا ابن نمير: ثنا عبيد الله وحماد- يعنى: أبا أسامة- قال (كذا الأصل! ولعل الصواب: قالا) : أخبرني عبيد الله ... به. وأخرجه مسلم (4/62) من طريق ابن نمير. والبخاري (3/305) من طريق أنس بن عياض عن عبيد الله ... به. وخالف عبد الله بن الحارث الجُمَحِيُّ فقال: عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ... به. أخرجه ابن حبان (968) . فإن لم يتابع الجُمَحِي؛ فروايته شاذة. ومن هذا الوجه: أخرجه البزار (1697) . وللشطر الثاني منه شاهد مرسل عن سعيد بن المسيب قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قدم من سفر؛ نزل المُعَرَسَ. أخرجه الدارمي (1/118) ، وسنده صحيح مرسلاً. 1632- عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامَ الفتح من كداء من أعلى مكة، ودخل في العمرة من كُدىً. قال: وكان عروة يدخل منها جميعاً، وكان أكثر ما يدخل من كُدىً، وكان أقربهما إلى منزله. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) .

إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا أبو أسامة: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هارون بن عبد الله- وهو أبو موسى الحَمَال-، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/71) من طرق أخرى عن هارون بن عبد الله. وأخرجه البخاري (3/342) ، ومسلم (4/62) من طرق أخرى عن أبي أسامة ... به. 1633- وفي رواية عنها: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخل مكة دخل من أعلاها، وخرج من أسفلها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المصنف. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (6/40) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه البخاري (3/342) ، ومسلم (4/62) ، والترمذي (853) ، وقال: " حسن صحيح " ... بإسناد المصنف وغيره عَن سفيان. والبيهقي (5/71) من طريقين آخرين عن ابن المثنى ... به.

46- باب في رفع اليدين إذا رأى البيت

46- باب في رفع اليدين إذا رأى البيت 1634- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دخل مكة؛ طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام. يعني: يوم الفتح. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه دون الركعتين، وهو طرف من الرواية الآتية) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا سلام بن مسكين: ثنا ثابت البُناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عبد الله بن رباح الأنصاري، فهو على شرط مسلم وحده، وقد أخرجه كما يأتي. والحديث طرف من الحديث الذي بعده، وهو طرف من حديث فتح مكة الطويل. وقد أخرجه بتمامه: الطيالسي في "مسنده " (2367- ترتيبه) : حدثنا سليمان ابن المغيرة: ثنا ثابت البناني ... به بطوله؛ وفيه موضع الشاهد منه. وهذا القدر أخرجه البيهقي (5/93) من طريق الطيالسي. وقد أخرجه مسلم؛ لكن ليس عنده: وصلى ركعتين خلف المقام. وهو رواية للمصنف، وهي التي بعده.

47- باب في تقبيل الحجر

1635- وفي رواية عنه قال: أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدخل مكة، فأقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحَجَرِ فاستلمه، ثم طاف بالبيت، ثم أتى الصفا فعلاه، حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فجعل يذكر الله ما شاء أن يذكُرَهُ ويَدْعُوَهُ، قال: والأنصار تحته. قال هاشم: فدعا وحَمِدَ الله، ودعا بما شاء أن يَدْعُوَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه مطولاً في قصة فتح مكة، وهذا طرف منه، لكن ليس عنده قوله: " والأنصار تحته ") . إسناده: حدثنا ابن حنبل: ثنا بهز بن أسد وهاشم- يعني: ابن القاسم- قالا: ثنا سليمان بن الغيرة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة. قلت: وهدْا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "المسند" (2/538) عن الشيخين المذكورين عن سليمان ... به مطولاً. وكذلك أخرجه مسلم (5/170- 172) . حدثنا شيبان بن فَرُّوخ: حدثنا سليمان بن المغيرة. ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي ... موضع الشاهد منه. 47- باب في تقبيل الحَجَرِ 1636- عن عمر: أنه جاء إلى الحَجَرِ فقبَّله، فقال: إني أعلم أنك حَجَرٌ لا تنفع ولا تضرٌ، ولولا أني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبِّلك؛ ما قبَلتك.

48- باب استلام الأركان

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد المصنف، وهو ومسلم من طرق أخرى. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة عن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/362) ... بإسناد المصنف. وأخرجه البيهقي (5/74) من طريق أخرى عن شيخهما. وأخرجه مسلم (4/67) ، والترمذي (860) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/37- 38) ، وأحمد (1/16 و 26 و 46) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. ثم أخرجه البخاري (3/370 و 373) ، ومسلم والنسائي والدارمي (2/52- 53) ، وابن ماجه (2/221) ، وابن الجارود (451- 452) ، وأحمد (1/21 و 34 و 39 و 50 و53 و 54) ، والحميدي (9) من طرق أخرى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 48- باب استلام الأركان 1637- عن ابن عمر قال: لم أرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسِحُ من البيت إلا الركنين اليمَانِيّيْنِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن حبان) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا ليث عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (5/76) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (3/372) ... بإسناده. وأخرجه مسلم (4/65) ، والنسائي (2/39) ، وأحمد (2/120) من طرق أخرى عن الليث بن سعد ... به. وتابعه يونس عن ابن شهاب ... به مثله. أخرجه مسلم والنسائي، وابن ماجه (2/222) . وتابعه نافع عن ابن عمر ... به. أخرجه مسلم والنسائي، وأحمد (2/114 و 141) . وله شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً مثله. أخرجه مسلم، وأحمد (1/246 و 332 و 372) من طرق عنه. 1638- ومن طريق أخرى عنه: أنه أُخْبِرَ بقول عائشة رضي الله عنها: أن الحِجْرَ بَعْضُهُ من البيت. فقال ابن عمر: والله! إني لأظن عائشة أن كانت سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إني لأظن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَتْرُكِ استلامهما؛ إلا أنهما ليسا على قواعد البيت، ولا طاف الناص وراءَ الحِجْرِ إلا لذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري بإسناد

آخر نحوه؛ دون قوله: ولا طاف الناس ... ) . إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مخلد بن خالد- وهو الشعِيرِيَ-، فهو على شرط مسلم. والحديث أخرجه مالك (1/332) ، وعنه البخاري (6/317) ، ومسلم (4/97) ، والنسائي (2/34) ، والبيهقي (5/77) ، وأحمد (6/176 و 247) كلهم عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة ... به نحوه؛ دون قوله: ولا طاف الناس وراء الحِجْرِ إلا لذلك. لكن تابعه أبو أويسٍ عن الزهري ... به؛ وفيه الزيادة بلفظ: إلا أن البيت لم يُتَمَّمْ على قواعد إبراهيم عليه السلام؛ إرادةَ أن تَسْتَوْعِبَ الناسُ الطوافَ بالبيت كله من وراء قواعد إبراهيم. أخرجه أحمد (6/113) . وأبو أويس هذا: اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، قريب مالك وصهره، وهو صدوق يهم من رجال مسلم. 1639- وعنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدعُ أن يستلم الرُكنَ اليمانِيَ في كل طَوْفَة. قال: وكان عبد الله بن عمر يفعله.

49- باب الطواف الواجب

(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبد العزيز بن أبي رَوَاد عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال "الصحيح ": على ضعف يسير في ابن أبي رواد، وهو من رجال مسلم. والحديث رواه الحاكم والنسائي وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" (1110) . 49- باب الطواف الواجب 1640- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف في حَجَّةِ الوداع على بعير، يستلم الركن بِمِحْجَنَ. (قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف، وأخرجه هو ومسلم وابن الجارود من طرق أخرى) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله- يعني: ابن عبد الله بن عتبة- عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه عنه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/371) : حدثنا أحمد بن صالح ويحيى سليمان قالا: حدثنا ابن وهب ... به.

وأخرجه مسلم (4/67) ، والنسائي (2/39) ، وابن الجارود (463) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. ثم أخرجه البخاري (3/373 و 374) ، وأحمد (1/237 و 264) من طرق أخرى عن ابن عباس. وأخرجه البيهقي من طريق المصنف ومن الطرق الأخرى؛ وزاد في رواية: يُقَبَلُ ذلك الشيء الذي في يده. وإسناده صحيح. ويشهد له حديث أبي الطفيل الآتي بعد حديث. 1641- عن صَفِيَّةَ بنت شيبة قالت: لما اطمَأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة عامَ الفتح؛ طاف على بعير، يستلم الركن بِمِحْجَن في يَدِهِ. قالت: وأنا أنظر إليه. (قلت: إسناده حسن، وكذلك قال المِزِّيُّ والعسقلاني) . إسناده: حدثنا مُصَرفُ بن عمرو اليَامي: ثنا يونس: ثنا ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة. قلت: وهذا إسناد حسن؛ على الخلاف في صحبة صفية بنت شيبة، وفي هذا الحديث قولها: وأنا أنظر إليه ... وصرحت بالسماع في حديث آخر لها: عند ابن ماجه (2/266- 267) ، وسنده حسن أيضاً، وعلقه البخاري. وأخرج لها (9/196) حديثاً آخر موصولاً.

وهذا معناه أنها عنده صحابية. ولعله يشهد لذلك قول ميمون بن مهران التابعي: دخلت على صفية بنت شيبة عجوز كبيرة ... رواه ابن سعد (8/133) ؛ وسنده صحيح. والحديث أخرجه ابن ماجه (2/222) ، والبيهقي (5/101) من طريقين آخرين عن يونس بن بُكَيْر ... به. وقال الحافظ في "الفتح " (9/196) : " قال المزي: هذا يُضَعَف قول من أنكر أن يكون لها رؤية؛ فإن إسناده حسن ". وأقره الحافظ عليه. 1642- عن أبي الطفَيْلِ قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطوفُ بالبيت على راحلته، يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبَّله- زاد محمد بن رافع: ثم خرج إلى الصفا والمروة؛ فطاف سبعاً على راحلته-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو نعيم في "مستخرجه" عليه. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع- المعنى- قالا: ثنا أبو عاصم عن معروف- يعني: ابن خَرَّبُوذ المكي-. ثنا أبو الطفيل. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/101) عن المصنف ... بإسناده الثاني. وأخرجه هو، ومسلم وابن الجارود وغيرهما من طرق أخرى عن معروف ...

به، وهو مخرج في "الإرواء" (1114) . 1643- عن جابر بن عبد الله قال: طاف النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حَجةِ الوداع على راحلته بالبيت، وبالصفا والمروة؛ ليراه الناس، وَلِيَشْرُفَ، وليسألوه؛ فإن الناس غَشُوهُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه "، وأبو نعيم في "مستخرجه " عليه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (3/17) ... بهذا الإسناد. ثم أخرجه هو (3/333- 334) ، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1118) . 1644- عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنها قالت: شَكَوْتُ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أني أشتكي؟! فقال: " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ". قالت: فطفت؛ ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينئذ يصلِّي إلى جنب البيت، وهو يقرأ بـ: (الطور. وكتاب مسطور) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن

50- باب الاضطباع في الطواف

الجارود وابن حبان) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفَلِ عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/385) .-. بإسناد المصنف. وأخرجه هو (3/377- 378) ، ومسلم (4/68) ، والنسائي (2/37) ، وابن ماجه (2/225) ، وابن الجارود (462) ، وأحمد (6/290 و 319) من طرق أخرى عن مالك ... به. وهو في "الموطأ" (1/336) . 50- باب الاضطباع في الطواف 1645- عن يعلى قال: طاف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَبعاً بِبُرْدٍ أحْمرَ. (قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن ابن يعلى عن يعلى. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، غير ابن يعلى، فهو غير معروف عندي. وأبوه يعلى- وهو ابن أمية- له من الأولاد: صفوان ومحمد وعثمان

وعبد الرحمن، وكلهم روى عنه، ولذلك قال الحافظ: " يحتمل أن يكون هو صفوان ". وأما الجزم بأنه صفوان- كما فعل بعض الشراح-؛ فمما لا دليل عليه! على أن ابن جريح مدلس، وقد عنعنه، وقد أدخل بعض الرواة بينه وبن ابن يعلى: عبد الحميد بن جبير كما يأتي. لكن الحديث يشهد له الحديث الآتي بعده؛ فهو به حسن. والحديث أخرجه أحمد (4/223 و 224) : ثنا وكيع قال: ثنا سفيان ... به. وأخرجه الترمذي (859) ، وابن ماجه (2/223) من طرق أخرى عن سفيان عن عبد الحميد عن ابن يعلى ... به. وهو رواية لأحمد (4/222) ؛ ولكنه قال. عن رجل.. لم يقل: عبد الحميد. وقال الترمذي: " لا نعرفه إلا من حديث الثوري عن ابن جريج، وهو حديث حسن صحيح، وعبد الحميد: هو ابن جبير بن شيبة عن ابن يعلى عن أبيه؛ وهو يعلى بن أمية ". 1646- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه اعتمروا من الجِعْرَانَةِ، فرَمَلُوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى. (قلت: إسناده جيد، ورجاله رجال مسلم، وقال المنذري: " حديث حسن ". وأخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة") .

51- باب في الرمل

إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى: ثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله رجال مسلم، وقد حسنه وقوّاه من ذكرنا آنفاً؛ وتفصيل ذلك مع تخريج الحديث في "الإرواء" (1094) . 51- باب في الرَّمَلِ 1647- عن أبي الطُّفَيْل قال: قلت لابن عباس: يزعم قومك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رَمَلَ بالبيت، وأن ذلك سنةٌ؟! قال: صدقوا وكذبوا. قلت: وما صدقوا وكذبوا؟! قال: صدقوا؛ قد رَمَلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذبوا؛ ليس بسنة؛ إن قريشاً قالت زمن الحديبية: دَعُوا محمداً وأصحابه حتى يموتوا موت النَّغَفِ، فلما صالحوه على أن يجيئوا من العام المُقْبِلِ، فيقيموا بمكة ثلاثة أيام؛ فقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمشركون من قبل قعَيْقِعانَ- فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه: " ارمُلُوا بالبيت ثلاثاً "، وليس بسنة. قلت: يزعم قومك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف بين الصفا والمروة على بعير، وأن ذلك سنة؟! فقال: صدقوا وكذبوا.

قلت: ما صدقوا وما كذبوا؟! قال: صدقوا؛ قد طاف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الصفا والمروة على بعيره. وكذبوا؛ ليس بسنة؛ كان الناس لا يُدْفَعونَ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يُصْرَفُونَ عنه، فطاف على بعير؛ ليسمعوا كلامه، وليروا مكانه، ولا تنالَهُ أيديهم. (قلت: حديث صحيح. أخرجه مسلم وأبو نعيم في "مستخرجه" عليه نحوه) . إسناده: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: ثنا أبو عاصم الغَنَوِيَ عن أبي الطفيل. قلت: وهذا إسناد رجاله على شرط مسلم؛ غير أبي عاصم، لم يرو عنه غير حماد- وهو ابن سلمة- ولم يوثقه أحد غير ابن معين. ولكنه قد تابعه الجريري عن أبي الطفيل ... نحوه، وهو مخرج في "الإرواء" (1118) . وتابعه سعيد بن جبير عن ابن عباس ... بالرمل نحوه، وهو الآتي بعده. 1648- وفي طريق أخرى عنه قال: قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة؛ وقد وَهَنَتْهم حُمَّى يَثْرِبَ، فقال المشركون: إنه يَقْدَمُ عليكم قوم وقد وَهَنَتْهُمُ الحمى، ولَقُوا منها شَرّاً، فأطلع الله نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ما قالوه، فأمرهم أن يَرْمُلُوا الأشواطَ الثلاثةَ، وأن يمشُوا بين الركنين، فلما رأوهم رَمَلُوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم؟! هؤلاء أجلد منا! قال ابن عباس: ولم يأمرهم أن يَرْمُلوا الأشواط كلها؛ إلا إبقاءً عليهم.

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/368 و 7/410) ، ومسلم (4/65) ، والنسائي (2/39) ، والبيهقي (5/82) ، وأحمد (1/290 و 295) من طرق أخرى عن حماد ابن زيد ... به. وتابعه حماد بن سلمة عن أيوب ... به نحوه؛ بلفظ: فلما قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعامه الذي اعتمر فيه؛ قال لأصحابه: " ارملوا بالبيت ثلاثاً؛ ليرى المشركون قوتكم ". فلما رملوا قالت قريش: ما وهنتهم! أخرجه أحمد (1/306 و 373) بسند جيد، وعلقه البخاري، ووصله الإسماعيلي. 1649- عن عمر بن الخطاب قال: فِيمَ الرَّمَلانُ والكشفُ عن المناكب. وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله؟! مع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي على شرطه. وأخرجه البخاري بنحوه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الملك بن عمرو: ثنا هشام بن سعد

عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن سعد، فهو من رجال مسلم، وفيه كلام يسير من قبل حفظه. والحديث في "مسند أحمد" (1/45) ... بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2/223) ، والحاكم (1/454) ، وعنه البيهقي (5/79) من طريقين آخرين عن هشام بن سعد ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا؛ على ما عرفت من حال هشام بن سعد. وقد خالفه محمد بن جعفر فقال: أخبرني زيد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب قال ... فذكره نحوه. أخرجه البخاري (3/370) . وزيد بن أسلم لم يسمع من عمر، فاستغربت إخراج البخاري إياه! وزادني استغراباً أن الحافظ لم يتكلم عليه بشيء، فرجعت إلى نسخة أخرى من "البخاري "؛ وإذا فيها زيادة: عن أبيه. فاتصل الإسناد من طريق محمد بن جعفر، وتبين أنه متابع لهشام، وليس بمخالف. والحمد لله على توفيقه. 1650- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطبع، فاستلم وكبَّر، ثم رمل ثلاثة أطواف، وكانوا إذا بلغوا الركن اليماني، وتغيَّبوا من قريش؛ مَشَوْا، ثم يَطْلُعون عليهم يَرْمُلُون، تقول قريش: كأنهم الغزلان!

قال ابن عباس: فكانت سنة. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا يحيى بن سُلَيْم عن ابن خُثَيْم عن أبي الطفيل عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في يحيى بن سليم الطائفي، ولكنه قد توبع كما يأتي بعده. والحديث أخرجه ابن حبان (3801) ، والبيهقي (5/79) من طريق أخرى عن الطائفي ... به. 1651- وفي رواية عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه اعتمروا من الجِعْرَانة، فرملوا بالبيت ثلاثاً، ومشوا أربعاً. (قلت: إسناده جيد، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْم عن أبي الطفيل عنه. قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات رجال مسلم. ولابن خثيم فيه إسناد آخر تقدم في الكتاب برقم (1646) . وتابع حماداً معمرٌ: عند ابن حبان (3803) . والحديث أخرجه أحمد (1/306) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به.

وتابعه إسماعيل بن زكريا عن عبد الله بن عثمان ... به أتم منه؛ ولفظه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزل الظهران في عمرته؛ بلغ أصحابَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن قريشاً تقول: ما يتباعثون من العَجَفِ! فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه، وحسونا من مرقه؛ أصبحنا غداً حين ندخل على القوم؛ وبنا جَمَامَة! قال: " لا تفعلوا، ولكن اجمعوا لي من أزوادكم ". فجمعوا له وبسطوا الأنطاع؛ فأكلوا حتى تولوا، وحثى كل واحد منهم في جرابه، ثم أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى دخل المسجد، وقعدتْ قريش نحو الحِجْرِ، فاضطبع بردائه، ثم قال: " لا يرى القوم فيكم غَمِيزَةً، فاستلم الركن، ثم دخل، حتى إذا تغيب بالرُكْن اليماني؛ مشى إلى الركن الأسود. فقالت قريش: ما يرضون بالمشي؛ إنهم لَيَنْقُزونَ نقز الظِّباء! ففعل ذلك ثلاثة أطواف، فكانت سنة. قال أبو الطفيل: وأخبرني ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك في حجة الوداع أخرجه أحمد (1/305) ؛ وسنده جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. 1652- عن نافع: أن ابن عمر رمل من الحَجَرِ إلى الحَجَرِ، وذكر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا سُلَيم بن أخضر: ثنا عبيد الله عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

52- باب الدعاء في الطواف

والحديث أخرجه البيهقي (5/83) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (4/64) ... بإسناده. وأخرجه أحمد (2/100) : ثنا عفان: ثنا سُلَيْمُ بن أخضر ... به. وهو (1/123) ، والدارمي (2/43) ، وابن ماجه (2/223) من طريقين آخرين عن عبيد الله ... به نحوه؛ زاد عفان: قال عبيد الله: فذكروا لنافع أنه كان يمشي ما بين الركنين؟ قال: ما كان يمشي إلا حين يريد أن يستلم. 52- باب الدعاء في الطواف 1653- عن عبد الله بن السائب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ما بين الركنين: (ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار) . (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا ابن جريج عن يحيى بن عُبَيْدٍ عن أبيه عن عبد الله بن السائب. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن عبيد- وهو المكي مولى السائب المخزومي-، وقد روى عنه أيضاً واصل مولى ابن عيينة، ووثقه النسائي وابن حبان.

وأبوه لم يذكروا له راوياً غير ابنه يحيى، وذكره ابن حبان في "الثقات". لكن ذكره في "الصحابة": ابنُ قانع وابن منده وأبو نعيم، فإن ثبت ذلك؛ فالإسناد حسن؛ وإلا فالحديث حسن لما له من الشواهد كما يأتي. والحديث أخرجه عبد الرزاق (8963) ، وعنه ابن الجارود (456) ، وأحمد (3/411) ، وابن حبان (1001) ، والحاكم (1/455) ، والبيهقي (5/84) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به، وصرح ابن جريج بالتحديث في رواية عبد الرزاق وأحمد. والحديث عزاه المنذري في "مختصره" للنسائي! ولعله يعني: في "سننه الكبرى"! وإن مما يقوي الحديثَ عمل السلف به؛ فقد روى عبد الرزاق (8966) عن معمر قال: أخبرني من أثق به عن رجل قال: سمعت لعمر بن الخطاب هَجِيراً حول البيت يقول ... فذكر الآية. والرجل الذي لم يسم: هو حبيب بن صُهْبان؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم عن حَبِيبِ بن صُهْبان ... به. وهذا إسناد حسن. ثم أخرجه عبد الرزاق (8964 و 8965) من طريق أخرى عن ابن عمر ... مثله. ورجاله ثقات؛ غير تابعيه- وهو أبو شعبة البكري- لا يعرف. 1654- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا طاف في الحج والعمرة؛ أول ما يَقْدَمُ؛ فإنه يسعى ثلاثة أطواف، ويمشي أربعاً، ثم يصلي سجدتين. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .

53- باب الطواف بعد العصر

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (2/38) ... بسند المصنف. والبخاري (3/373) ، ومسلم (4/63) من طرق أخرى عن موسى ... به. 53- باب الطواف بعد العصر 1655- عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ يبلغ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تمنعوا أحداً يطوف بهذا البيت، ويصلي أيَّ ساعة شاء من ليل أو نهار". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه الترمذي وابن حبان) . إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن بَابَاهْ عن جبير بن مطعم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ وابن السرح: اسمه أحمد بن عمرو بن عبد الله. وقد صرح أبو الزبير بسماعه من عبد الله بن باباه، كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/80) ، والحميدي (561) قالا: ثنا سفيان ... به؛ إلا أنه قال: ثنا أبو الزبير أنه سمع عبد الله بن باباه ... به في رواية الحميدي. ومن طريقه: أخرجه الحاكم (1/448) ، وقال:

54- باب طواف القارن

" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وأخرجه الترمذي (868) ، والنسائي (2/36) ، والدارمي (2/70) ، والطحاوي (1/395) ، وابن حبان (626) والبيهقي (5/92) من طرق أخرى عن سفيان ... به، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه أحمد (4/81 و 84) من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الله بن بابِيهْ ... به. وتابعه عمرو بن الحارث أن الزبير حدثه ... به. أخرجه ابن حبان. وتابعه عبد الله بن أبي نَجِيحٍ عن عبد الله بن بابيه ... به. أخرجه أحمد (4/82 و 83) ، والبيهقي (5/110) . وللحديث شاهد من حديث ابن عباس ... مرفوعاً نحوه. أخرجه الطحاوي. 54- باب طواف القارن 1656- عن جابر بن عبد الله قال: لم يَطُفِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابُهُ بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً: طوافه الأول. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وابن الجارود) .

إسناده: حدثنا ابن حنبل: ثنا يحيى عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/317) ... بإسناده المذكور. وأخرجه مسلم (4/36) ، وابن الجارود (459) ، والطحاوي (1/406) ، والبيهقي (5/106) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. 1657- عن عائشة: أن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رَمَوُا الجمرة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو طرف من حديثها المتقدم برقم (1562)) . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو طرف من الحديث المتقدم برقم (1562) ؛ فلا داعي للإعادة. 1658- وعنها: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال لها: " طوافك بالبيت، وبالصفا والمروة يكفيكِ لحجِّكِ وعمرتك ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) .

إسناده: حدثنا الربيع بن سليمان المُؤَذِّنُ: أخبرني الشافعي عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة. قال الشافعي: كان سفيان ربما قال: عن عطاء عن عائشة، وربما قال: عن عطاء أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعائشة رضي الله عنها ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. ومراد الشافعي: أن سفيان- وهو ابن عيينة- كان يتردد في روايته، فتارة يسنده فيقول: عن عطاء عن عائشة، وتارة يرسله فيقول عن عطاء أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعائشة ... ولا يضر هذا التردد في صحة الحديث؛ لأنه قد جاء من طريق أخرى عنها كما يأتي. والحديث أخرجه الشافعي في "مسنده " (ص 39) ... هكذا. وتابعه عنده: ابن جريج عن عطاء ... مرسلاً. وخالفهما إبراهيم بن نافع فقال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها: أنها حاضت بِسَرِفَ؛ فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك ". أخرجه مسلم (4/34) ، والبيهقي (5/106) . وتابعه عبد الله بن طاوس عم ن أبيه عن عائشة ... به نحوه؛ وزاد: فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج.

55- باب الملتزم

أخرجاه: مسلم والبيهقي، وأحمد أيضاً (6/124) . 55- باب الملتزم [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 56- باب أمر الصفا والمروة 1659- عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أنه قال: قلت لعائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا يومئذ حديث السن-: أرأيتِ قول الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) ؛ فما أرى على أحد شيئاً أن لا يَطوَفَ بهما؟ قالت عائشة: كلا! لو كان كما تقول؛ كانت: (فلا جناح عليه أن لا يَطَّوٌف بهما) ! إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار؛ كانوا يُهِلون لمناةَ، وكانت مناةُ حَذْوَ قُدَيْدِ، وكانوا يَتَحَرَّجُونَ أن يَطوفُوا بين الصفا والمروة. فلما جاء الإسلام؛ سَألوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فأنزل الله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة. (ح) وثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب عن مالك عن هشام عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/96) من طريق أخرى عن القعنبي. وهو في "الموطأ" (1/338) .

ومن طريقه: رواه البخاري أيضاً (8/142) . وأخرجه مسلم (4/68) ، وابن ماجه (2/231) ، والبيهقي أيضاً من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به. وتابعه الزهري عن عروة بن الزبير ... به أتم منه: أخرجه البخاري (3/391) ، ومسلم، والترمذي (2969) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/41) ، والبيهقي، وأحمد (6/144 و 227) من طرق عنه. ورواه الحميدي أيضاً (219) . 1660- عن عبد الله بن أبي أوفى: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر، فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين، ومعه مَنْ يَسْتُرُهُ من الناس. فقيل لعبد الله: أدَخَل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكعبة؟ قال: لا. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بسنده ومتنه، ولمسلم منه جملة الدخول. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا خالد بن عبد الله: ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/367) ... بإسناد المصنف ومتنه. وهو (3/486 و 7/410) ، وابن ماجه (2/232) ، وأحمد (4/381) ،

والحميدي (721) من طرق أخرى عن إسماعيل ... به. وأخرج مسلم (4/97) منه الجملة المتعلقة بالدخول. والدارمي (2/69) ما قبلها. 1661- وفي رواية عنه ... بهذا الحديث؛ زاد: ثم أتى الصفا والمروة، فسعى بينهما سبعاً، ثم حَلَقَ رأسه. (قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: ثم حلق رأسه ... ، فقد تفرد به شريك القاضي، وهو سيئ الحفظ) . إسناده: حدثنا تَمِيم بن المنتصر: أخبرنا إسحاق بن يوسف: أخبرنا شريك عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ لولا سوء حفظ شريك- وهو ابن عبد الله القاضي-؛ فإني أخشى أن يكون تفرد بقوله. ثم حلق رأسه. فإني لم أر هذه الزيادة في شيء من الطرق المتقدمة عن إسماعيل، والله أعلم. والحديث أخرجه البيهقي (5/102) من طريق المصنف. 1662- عن كثير بن جُمْهان: أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر- بين الصفا والمروة-: يا أبا عبد الرحمن! إني أراك تمشي والناس يَسْعَوْنَ؟! قال: إن أمشِ؛ فقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي، وإن أسْعَ؛ فقد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسعى، وأنا شيخ كبير.

(قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: "حسن صحيح "، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا عطاء بن السائب عن كثير بن جُمْهان. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير كثير بن جمهان، وثقه ابن حبان فقط، وروى عنه ليث بن أبي سليم أيضاً. وقال الحافظ: "مقبول ". فمثله يمكن تحسين حديثه؛ لا سيما إذا توبع، وقد توبع كما يأتي. لكن عطاء كان اختلط. وبه أعله المنذري! وليس بشيء؛ فقد رواه عنه سفيان الثوري أيضاً كما يأتي؛ وهو سمع منه قبل الاختلاط. والحديث أخرجه الترمذي (864) - وقال: " حسن صحيح "- وابن ماجه (2/232) ، والبيهقي (5/99) ، وأحمد (2/61 و 120) من طرق أخرى عن عطاء ... به. وتابعهم سفيان الثوري عنه: أخرجه النسائي (2/42) ، وأحمد (2/53) . ثم رواه النسائي من طريق عبد الرزاق قال: أنبأنا الثوري عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير قال: رأيت ابن عمر ... وذكر نحوه. قلت: وهذا إسناد صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2772) من طريق أخرى عن الثوري ... به.

57- باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

57- بابُ صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1663- عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلنا على جابر بن عبد الله، فلما انتهينا إليه؛ سأل عن القوم؟ حتى انتهى إليَّ؛ فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين. فأهوى بيده إلى رأسي، فنزع زِرِّي الأعلى، ثم نزع زِرَي الأسفلَ، ثم وضع كَفَّه بين ثَدْيَيَّ- وأنا يومئذ غلام شابٌ - فقال: مرحباً بك، وأهلاً يا ابن أخي! سَلْ عَمَّا شئت، فسألته- وهو أعمى-؟ وجاء وقت الصلاة، فقام في نِسَاجَةِ مُلْتَحِفاً بها- يعني: ثوباً مُلَفَّقاً-، كلما وضعها على منكبه؛ رجع طرَفاها من صِغَرِها، فصلى بنا ورداؤه إلى جنبه على المِشْجَبِ. فقلت: أخْبِرْنِي عن حَجَّةِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال بيده، فَعَقَدَ تسعاً، ثم قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكث تسع سنين لم يَحُجَّ، ثم أذَّنَ في الناس في العاشرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌ، فقدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كثيرٌ، كُلُهم يلتمس أن يَأْتم برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويعملَ بمثلِ عملِه. فخرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فَوَلَدَتْ أسماءُ بنتُ عُمَيْس محَمَّدُ بنَ أبي بكر، فأرسلَتْ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف أصنع؟ قال: " اغتسلي واسْتَذْفِرِي بثوب، وأحْرِمي ". فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد، ثم ركب القَصْوَاء، حتى إذا استوت به ناقته على البيداء- قال جابر:- نظرت إلى مَدِّ بصري من بين يديه؛ من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أظْهُرِنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، فما عَمِلَ به من شيء؛

عَمِلْنَا به- فأهَلَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتوحيد: " لَبَّيْكَ اللهمَّ! لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ". وأهل الناس بهذا الذي يُهِلُون به، فلم يَرُدَّ عليهم رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً منه، ولَزِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيتَهُ. قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه؛ استلم الرُكْنَ، فَرَمَلَ ثلاثاً، ومشى أربعاً، ثم تقدَّم إلى مقام إبراهيم فقرأ: (واتَّخذُوا مِنْ مَقَامِ إبراهيم مُصَلّىً) ، فجعل المقام بينه وبين البيت. قال: فكان أبي يقول- قال ابن نُفَيْلِ وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال سليمان: ولا أعلمه إلا قال-: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الركعتين ب: (قل هو الله أحد) ، و: (قل يا أيها الكافرون) ، ثم رجع إلى البيت، فاستلم الركن، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا؛ قرأ: " (إن الصفا والمروة من شعائر الله) ، نبدأ بما بدأ الله به "؛ فبدأ بالصفا، فَرَقِيَ عليه حتى رأى البيت، فكبَّرَ الله ووحَّده، وقال: " لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو كل على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ". ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبَّتْ قدماه؛ رَمَلَ في بطن الوادي، حتى إذا صَعِدَ؛ مشى، حتى أتى المروة، فصنع على المروة مثل ما صنع على الصفا، حتى إذا كان آخرُ الطوافِ على المروة؛ قال:

" إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لم أسُقِ الهَدْيَ، ولجعلتها عُمْرَةً، فمن كان منكم ليس معه هدي؛ فَلْيُحْلِلْ وليجعلْها عمرة "؛ فَحَلَّ الناسُ كلُّهم وقَصَّروا؛ إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن كان معه هدي، فقام سُراقَةُ بن جُعْشُمٍ، فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فَشَبَّكَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصابعه في الأخرى، ثم قال: " دخلت العمرة في الحج هكذا (مرتين) ؛ لا، بل لأبدِ أبدٍ، لا، بل لأبدِ أبدٍ ". قال: وقَدمَ علي رضي الله عنه من اليمنِ ببُدْنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ فاطمة رضي الله عنها مِمَّنْ حَلَّ، ولبست ثياباً صَبِيغاً، واكتحلت، فأنكر عَلِيٌّ ذلك عليها، وقال: مَنْ أمَرَك بهذا؟! فقالت: أبي. فكان علي يقول بالعراق: ذَهَبْتُ إلى رسول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشاً على فاطمة في الأمر الذي صَنَعَتْهُ؛ مستفتياً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذي ذكرتْ عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا؟ فقال: " صدقت صدقت! ماذا قلتَ حين فرضْتَ الحج؟ ". قال: قلت: اللهم! إني أُهل بما أَهل به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: " فإن معيَ الهَدْيَ، فلا تَحْلِلْ ". قال: وكان جماعةُ الهَدْيِ الذي قَدِمَ به عليٌّ من اليمن- والذي أتى به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المدينة- مئةً. فحلَّ الناس كلُّهم وقصَّروا؛ إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن كان معه هدي. قال: فلما كان يَوْمُ التروية، ووجَّهوا إلى منى؛ أهلُّوا بالحج، فركِبَ رسول

الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى بِمِنىً: الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاءَ، والصبحَ، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بِقُبَّةٍ له مِنْ شَعَرٍ، فَضُرِبَتْ بـ: (نَمِرَةَ) ، فسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تَشُك قريش أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واقفٌ عند المشعر الحرام بالمزدلفة، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أتى عرفة، فوجد القُبَّةَ قد ضُرِبَتْ له بـ (نَمِرَةَ) ، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس؛ أمَرَ بالقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ له، فركب حتى أتى بطن الوادي، فخطب الناس فقال: " إن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا! ألا إن كُلَّ شيء من أمر الجاهلية تحت قَدَمَي موضوعٌ، ودماءَ الجاهلية موضوعة، وأولُ دم أضعُهُ دماؤُنا-: دم.. قال عثمان: دم ابن ربيعة، وقال سليمان: دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وقال بعض هؤلاء: كان مسترضعاً في بني سعد، فقتلته هذيل-. وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضعه ربانا: ربا عباس بن عبد المطلب؛ فإنهُ موضوع كلُهُ! اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، وإنَّ لكمِ عليهن أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحداً تكرهونه؛ فإن فَعَلْنَ؛ فاضربوهنَّ ضرباً غَيْرَ مُبَرِّح، ولهنَّ عليكم رِزْقُهُن وكِسْوَتُهُن بالمعروف، وإني قد تركت فيكم ما لن تَضَلُوا بعده إن اعتَصمتم به: كتاب الله. وأنتم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟ ". قالوا: نشهد أنك قد بَلَّغْتَ وأديْتَ ونصحت. ثم قال بأصبعه السبابَةِ؛ يَرْفَعُها إلى السماء، وَينْكُبُها إلى الناس:

" اللهم! اشهد، اللهم! اشهد، اللهم! اشهد ". ثم أذَّنَ بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يُصَلِّ بينهما شيئاً. ثم ركب القصواء، حتى أتى الموقف، فجعل بَطْنَ ناقته القَصْوَاءِ إلى الصَّخَرَاتِ، وجعل حَبْلَ المشاة بين يديه، فاستقبل القبلة، فلم يَزَلْ واقفاً؛ حتى غَرَبَتِ الشمسُ؛ وذهبت الصُفْرَةُ قليلاً حين غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، فدفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وقد شَنَقَ للقصواء الزِّمَامَ، حتى إن رَأْسَها لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وهو يقول بيده اليمنى: " السَّكِينَةَ أيها الناس! السكينةَ أيها الناس! "؛ كلما أتى حَبْلاً من الحبال؛ أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين- قال عثمان: ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئاً. ثم اتفقوا-، ثم اضطجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تَبَيَّنَ له الصبح- قال سليمان: بنداء وإقامة. ثم اتفقوا-، ثم ركب القصواء، حتى أتى المَشْعَرَ الحرام، فَرَقِيَ عليه- قال عثمان وسليمان: فاستقبل القبلة؛ فحَمِدَ الله وكبَّرَهُ وهَلَّلَهُ- زاد عثمان: ووحَّده-. فلم يزل واقفاً؛ حتى أسْفَرَ جداً، ثم دفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلاً حَسَنَ الشَعَرِ، أبيضَ وسيماً، فلما دفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظعُنُ يَجْرِينَ؛ فطَفِقَ الفَضْلُ ينظر إليهن، فوضع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على وجه الفضل، وصَرَفَ الفضلُ وجهَهُ إلى الشقِّ الآخر، وحَوَّلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إلى الشَق الآخر، وصرف الفضلُ وجهه إلى الشِّقِّ الآخر يَنْظُرُ، حتى أتى مُحَسَّراً، فَحَرَّكَ قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى الذي يخرجك إلى الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند

الشجرة، فرماها بسبع حَصَيَاتٍ- يُكَبِّرُ مع كل حصاه منها- بمثل حصى الخَذْفِ، فرمى من بطن الوادي، ثم انصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المنحر، فنحر بيده ثلاثاً وستين، وأمر علياً فنحر ما غَبَرَ- يقول: ما بقي-، وأشْرَكَهُ في هَدْيِهِ، ثم أمر مِنْ كُلِّ بَدَنَة بِبَضْعَة؛ فَجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها- قال سليمانْ: ثم ركب-، ثم أفاض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى البيت، فصلى بمكة الظهر؛ ثم أتى بني عبد المطلب وهم يَسْقُونَ على زَمْزَمَ، فقال: " انْزِعُوا بني عبد المطلب! فلولا أن يَغْلِبَكُمُ الناس على سِقَايَتكُم؛ لنزعتُ معكم ". فناولوه دَلْواً فَشَرِبَ منه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الجارود بطوله) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وهشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان- وربما زاد بعضهم على بعض الكلمة والشيء- قالوا: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا جعفر بن محمد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه بطوله كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/7- 9) من طريق المصنف. وأخرجه ابن الجارود (469) من طريق النفيلي وحده. وابن ماجه (2/252- 258) من حديث هشام بن عمار وحده. ومسلم (4/38- 43) ، والدارمي (2/44- 49) من طرق أخرى عن حاتم بن إسماعيل ... بطوله.

وأخرج النسائي وأحمد وغيرهما ... أطرافاً منه. وقد خرجته بتوسع في الجزء الذي كنت جمعته في حديث جابر هذا، مستوعباً طرقه وزياداته، وهو مطبوع. 1664- وفي رواية عنه عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر والعصر بأذان واحد بعرفة- ولم يُسَبِّحْ بينهما- وإقامتين، وصلى المغرب والعشاء بِجَمْع بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسَبِّحْ بينهما. (قلت: حديث صحيح، وإسناده مرسل، والصواب أنه من مسند جابر كما في الرواية الأولى وما بعدها. وهذا القدر في "صحيح مسلم "، وابن الجارود وابن حبان عن جابر كما تقدم) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان- يعني: ابن بلال-. (ح) وثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الوهاب الثقفي- المعنى واحد- عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قال أبو داود: " هذا الحديث أسنده حاتم بن إسماعيل في الحديث الطويل. ووافق حاتم بن إسماعيل على إسناده: محمدُ بن علي الجعفي عن جعفر عن أبيه عن جابر، إلا أنه قال: فصلى المغرب والعَتَمَةَ بأذان وإقامة. قلت: وهذا إسناد مرسل، وقد أشار المصنف إلى ترجيح رواية حاتم المسندة عن جابر، وهي المتقدمة برواية محمد بن علي الجُعْفِيَّ المعلقة، ولم أجد من وصلها! ومحمد بن علي هذا: هو أخو الحسين بن علي الجُعْفي، كما في "تاريخ البخاري " (1/1/184) ، و "الجرح والتعديل " (4/1/27) ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، فقوله: وإقامة ... شاذ بل منكر، والمحفوظ: وإقامتين ... كما في

الرواية المسندة والمرسلة. وقد أسند الحديث: حفصُ بن غياث أيضاً عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ... به نحو حديث حاتم بن إسماعيل: أخرجه مسلم. وكذلك أسنده جماعة من الثقات، بعضهم مطولاً وبعضهم مختصراً، ومنهم سليمان بن بلال نفسه: عند أحمد (3/340 و 394) . فلا يُعِلُّهُ تقصير من قصر فيه فأرسله. 1665- وفي أخرى عن جابر قال: ثم قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ نَحَرْت ههنا، ومنِىً كلَها مَنْحَرٌ ". ووقف بعرفة فقال: " قد وقفت ههنا، وعرفة كلُّها مَوْقِفٌ "، ووقف بالمزدلفة فقال: " قد وقفت ههنا، ومزدلفة كلُّها مَوْقِفٌ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا جعفر: ثنا أبي عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "المسند" (3/320- 321) ... بهذا الإسناد مطولاً. وكذلك رواه ابن الجارود (465) . وأخرج منه النسائي (2/45 و 48) : " عرفة كلها موقف "، و" المزدلفة كلها موقف " كلاهما من طريق يحيى بن سعيد ... به.

وتابعه على هذه الرواية- بجميع فقراتها- حفص بن غياث: عند مسلم، وقد تقدم آنفاً. وكذلك رواه البيهقي؛ وعنده الزيادة الآتية. 1666- زاد في رواية: " فانْحَرُوا في رحالكم ". (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حفص بن غياث عن جعفر ... بإسناده؛ زاد ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/115 و 170) من طريقين آخرين عن مسدد ... به. وأخرجه مسلم (4/43) : حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي ... به. 1667- وفي أخرى عن جابر ... فذكر الحديث؛ وأدرج في الحديث - عند قوله: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) -: قال: فقرأ فيهما بالتوحيد و (قل يا أيها الكافرون) . وقال فيه: قال علي رضي الله عنه بالكوفة- قال أبي: هذا الحرف لم يذكره جابر-: فذهبت محرَّشاً ... وذكر قصة فاطمة رضي الله عنها. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بنحوه، وليس فيه

الإدارج المذكور إلا في قصة فاطمة، وهو الأرجح، وقد مضى في الكتاب برقم (1663)) . إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا يحيى بن سعيد القطان عن جعفر: حدثني أبي عن جابر ... فذكر هذا الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه أحمد وابن الجارود عن يحيى بن سعيد؛ كما تقدم برقم (1665) ، وفيه عندهما معنى الإدارج الذي صرح به المؤلف رحمه الله، والإدراج في قصة التحريش تقدم أيضاً في حديث حاتم ابن إسماعيل (1663) . وأما القراءة في الركعتين؛ فلم يدرجها، بل قال جعفر بن محمد بن علي: فكانْ أبي يقول: ولا أعلم ذكره إلا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا أقرب إلى الجزم برفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشك فيه؛ لأن العلم ينافي الشك كما قال النووي. ويؤيده أن مالكاً جزم به فقال: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ... بلفظ: قرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) ، فصلى ركعتين، فقرأ فاتحة الكتاب و: (قل يا أيها الكافرون) و: (قل هو الله أحد) . أخرجه النسائي (2/40) ، والبيهقي (5/91) . ورواه الترمذي (869) من طريق آخر عن جعفر ... به.

58- باب الوقوف بعرفة

58- باب الوقوف بعرفة 1668- عن عائشة قالت: كانت قريش ومَنْ دَانَ لِينَهَا يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسَمَّوْنَ (الحُمْسَ) ، وكان سائرُ العربِ يقفون بعرفة. قالت: فلما جاء الإسلام؛ أمر الله تعالى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يأتي عرفاتِ، فيقف بها، ثم يُفِيضَ منها، فذلك قوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيثُ أفاض الناسُ) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا هَنَّاد عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير هَنَّاد- وهو ابن السَّرِيِّ التميمي الكوفي-، فهو على شرط مسلم، وقد أخرجه هو والبخاري على ما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/43) ، والمسائي (2/45) ، والبيهقي (5/113) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. ومسلم أيضاً، والبخاري (8/150) ، والترمذي (884) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن حبان (1720- موارد) ، والبيهقي أيضاً من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به؛ ولفظ ابن حبان: منى.. مكان: المزدلفة! وهو شاذ.

59- باب الخروج إلى منى

59- باب الخروج إلى منى 1669- عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر يوم التروية، والفجر يوم عرفة بمنى. (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا الأحوص بن جَوَاب الضبيُّ: ثنا عمار بن رُزَيْقٍ عن سليمان الأعمش عن الحكم عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ وقد أعل بما لا يقدح عندي كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (880) ، والدارمي (2/54) ، والحاكم (1/461) ، وأحمد (1/297 و 303) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. وأما الترمذي؛ فأعله بقوله: " قال علي بن المديني: قال يحيى: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلا خمسة أشياء. وعَدَّها، وليس هذا الحديث فيما عَدَّ شعبة "! قلت: قد قال أحمد: " وأما غير ذلك؛ فأخذها من كتاب ". قلت: وما أظن الكتاب في ذلك الزمان إلا موثوقاً. على أن للحديث طريقاً أخرى من رواية إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس ... نحوه.

رواه الترمذي وابن ماجه (2/235) ؛ وسنده حسن في المتابعات والشواهد. وله شاهد عن ابن عمر: رواه أحمد (2/129) - مفرقاً- بسند حسن، ويأتي في الكتاب بعد حديث؛ دون ذكر صلاة الظهر في منى. وهذا القدر: في حديث جابر الطويل المتقدم (1663) . وآخر من حديث عبد الله بن الزبير، صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. 1670- عن عبد العزيز بن رفَيْع قال: سألت أنس بن مالك قلت: أخْبِرْنِي بشيء عَقَلْتَه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أين صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظهر يوم التروية؟ فقال: بمنى. قلت: فأين صلى العصر يوم النفْرِ؟ قال: بالأبطح. ثم قال: افعل كما يفعل أُمراؤك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا إسحاق الأزرق عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن إبراهيم- وهو الدَّوْرَقِي-، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/100) : ثنا إسحاق ... به. ومن طريقه: أخرجه الدارمي (2/55) .

60- باب الخروج إلى عرفة

ثم أخرجه هو، والبخاري (3/399 و 466) ، ومسلم (4/84- 85) ، والترمذي (964) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/44) ، والبيهقي (5/112) ، وابن الجارود (494) ، وأبو يعلى (7/106- 107) من طريق أخرى عن إسحاق بن يوسف الأزرق ... به. 60- باب الخروج إلى عرفة 1671- عن ابن عمر قال: غدا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من منى حين صلى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يومِ عرفة، حتى أتى عرفة، فنزل بِنَمِرَةَ، وهي مَنْزِلُ الإمام الذي ينزل به بعرفة، حتى إذا كان عند صلاة الظهر؛ راح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَجِّراً، فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، كما في هذا الحديث. والحديث أخرجه أحمد (2/129) ... بهذا السند والمتن. ثم ساق به بعده إلى ابن عمر: أنه كان يحب- إذا استطاع- أن يصلي الظهر بمنى من يوم التروية، وذلك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر بمنى.

61- باب الرواح إلى عرفة

61- باب الرَّوَاح إلى عرفة 1672- عن ابن عمر قال: لما قَتَلَ الحَجَّاج ابنَ الزُبَيْرِ؛ أرسل إلى ابن عمر: أيةَ ساعةٍ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يروح في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذاك رُحْنَا. فلما أراد ابن عمر أن يروح؛ قالوا: لم تَزِغِ الشمس! قال: أزاغت؟ قالوا: لم تَزِغ! قال: فلما قالوا: قد زاغت؛ ارتحل. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا نافع بن عمر عن سعيد بن حسان عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سعيد بن حسان؛ فلم يوثقه غير ابن حبان، وقد روى عنه أيضاً إبراهيم بن نافع الصائغ. فمثله قد يحسن حديثه؛ لا سيما في الشواهد والمتابعات، والحديث الذي قبله مما يشهد له. وكذلك حديث ابن الزبير قال: مِنْ سُنةِ الحج: أن يصلىَ الإمام الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ الآخرةَ والصبحَ بمنىً، ثم يغدوَ إلى عرفة فيقيلَ حيث قُضِيَ له، حتى إذا زالت الشمس؛ خطب الناس: ثم صلى الظهر والعصر جميعاً، ثم وقف بعرفات ... الحديث. أخرجه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وقد تقدم قريباً. والحديث في "المسند" (2/25) ... سنداً ومتناً؛ إلا أنه سقط من السند ذكر وكيع، ومن المتن بعض الأحرف. وأخرجه ابن ماجه (2/236) من طريق أخرى عن وكيع ... به.

62- باب الخطبة على المنبر بعرفة

62- باب الخطبة على المنبر بعرفة 1673- عن نُبَيْطٍ: أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واقفاً بعرفة على بعير أحمر يخطب. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن سلمة بن نُبَيْط عن رجل من الحي عن أبيه نُبَيْط. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير سلمة بن نُبَيْط، وهو ثقة. لكن شيخه لم يُسَم؛ فهو مجهول؛ إلا أن جماعة من الثقات قد رووه عن سلمة عن أبيه؛ لم يدخلوا بينهما أحداً، وهو المحفوظ. والحديث أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/137) ، والنسائي (2/45) - عن سفيان؛ وهو الثوري-، والنسائي- عن ابن المبارك-، وأحمد (4/305) - عن وكيع وعبد الحميد بن عبد الرحمن أبي يحيى الحِمَّاني وسالم بن أبي الجعد- خمستهم قالوا: عن سلمة بن نُبَيْط عن أبيه ... به. فهو إسناد صحيح. 1674- عن خالد بن العَداء بن هَوْذَةَ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب الناس يوم عرفة على بعير؛ قائمٌ في الرَكابَيْنِ. (قلت: إسناده صحيح) .

63- باب موضع الوقوف بعرفة

إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَّري وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا وكيع عن عبد المجيد قال: حدثني العَدَاء بن خالد بن هَوْذَةَ- قال هناد: عن عبد المجيد أبي عمرو قال: حدثني خالد بن العداء بن هوذة-. قال أبو داود: " رواه ابن العلاء عن وكيع كما قال هناد. حدثنا عباس بن عبد العظيم: ثنا عثمان بن عمر: ثنا عبد المجيد أبو عمرو عن العداء بن خالد ... بمعناه". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وقد أخرجه أحمد (5/30) عن وكيع ... به مثل رواية هناد. 63- باب موضع الوقوف بعرفة 1675- عن يزيد بن شيبان قال: أتانا ابن مِرْبَع الأنصاري ونحن بعرفة- في مكان يباعده عمرو عن الإمام،- فقال: إني رسولُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليكم، يقول لكم: " قِفُوا على مشاعركم؛ فإنكم على إِرْثٍ من إِرْثِ أبيكم إبراهيم ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا ابن نُفَيْل: ثنا سفيان عن عمرو- يعني: ابن دينار- عن عمرو ابن عبد الله بن صفوان عن يزيد بن شيبان. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير عمرو بن عبد الله بن صفوان، وهو ثقة.

64- باب الدفعة من عرفة

ويزيد بن شيبان صحابي معروف. وابن نفيل: اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيْلٍ الحَراني. والحديث أخرجه أحمد (4/137) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه الترمذي (883) ، والنسائي (2/45) ، وابن ماجه (2/237) ، والحاكم (1/462) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم. " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي. 64- بابُ الدفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ 1676- عن ابن عباس قال: أفاض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عرفة؛ وعليه السَّكِينةُ، ورديفُه أسامةُ، وقال: " أيها الناس! عليكم بالسكينة؛ فإن البِرَّ ليس بإيجاف الخيل والإبل ". قال: فما رأيتها رافعةً يديها عادِيَة حتى أتى جمعاً- زاد وهب: ثم أرْدف الفضل بن العباس، وقال: " أيها الناس! إن البِرَّ ليس بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة ". قال: فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى-. (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. ورواه البخاري مختصراً) .

إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان عن الأعمش. (ح) وحدثنا وهب ابن بَيَان: ثنا عَبِيدَةُ: ثنا سليمان الأعمش- المعنى- عن الحكم عن مِقْسَم عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من الوجهين؛ ورجال الوجه الأول رجال البخاري. والحديث أخرجه البيهقي (5/119) من طريق آخر عن محمد بن كثير ... به. وأخرجه الحاكم (1/465) ، وأحمد (1/269) ، والحميدي (577) من طرق أخرى عن سفيان. وأحمد (1/235 و 251 و 277 و 353) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وأخرجه البخاري (3/411) - من طريق سعيد بن جبير-، والنسائي (2/46) ، وأحمد (1/211) - عن عطاء- كلاهما عن ابن عباس ... مختصراً. ورواه النسائي (2/46) من طريق قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس أن أسامة بن زيد قال ... فذكره نحوه مختصراً؛ وفيه: وهو يقول: " يا أيها الناس! عليكم بالسكينة وللوقار؛ فإن البر ليس في إيضاع الإبل ". وإسناده جيد. وأخرجه أحمد (5/202) من طريق ابن إسحاق: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن أسامة بن زيد ... به. وإسناده حسن. وقد أخرجه المصنف من طريق أحمد، ولكنه لم يسق لفظه بتمامه، وهو الآتي برقم (1680) .

1677- عن كُرَيْب: أنه سأل أسامة بن زيد: قلت: أخْبِرْنِي كيف فعلتم- أو صنعتم- عَشِيَّةَ رَدِفْتَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: جئنا الشعْبَ الذي ينِيخُ فيه الناس للمُعَرَّسِ، فأناخ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقته، ثم بال وما- قال زهير- أهراق الماء، ثم دعا بالوَضُوءِ، فتوضأ وُضُوءاً ليس بالبالغ جداً. قلت: يا رسول الله! الصلاةَ؟! قال: " الصلاةُ أمامك ". قال: فركب حتى قدمنا المزدلفة، فأقام المغرب، ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يَحِلوا حتى أقام العشاء وصلى، ثم حَل الناس- زاد محمد في حديثه: قال: قلت: كيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال: رَدِفَهُ الفضل، وانطلقت أنا في سُباقِ قريش على رِجْلَي-. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بتمامه، والبخاري مختصراً) . إسناده: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا زهير. (ح) وثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان- وهذا لفظ حديث زهير-: ثنا إبراهيم بن عقبة: أخبرني كُريبٌ: أنه ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير إبراهيم بن عقبة، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/122) من طريق المصنف. ومسلم (4/73) ، والدارمي (2/57) ، وأحمد (5/199- 200) من طرق أخرى عن زهير أبي خيثمة ... به. وأخرجه النسائي (2/46) ، وابن ماجه (2/240) ، والبيهقي (5/119) ،

وأخرجه النسائي (2/46) ، وابن ماجه (2/240) ، والبيهقي (5/119) ، وأحمد (5/210) من طرق أخرى عن سفيان- وهو الثوري- ... به مختصراً. ثم أخرجه مسلم والدارمي والنسائي (2/47) ، وأحمد أيضاً (5/200 و 210) ، والبيهقي من طرق أخرى عن إبراهيم بن عقبة ... به. وقد رواه عنه ابن إسحاق أيضاً. وتابعه أخوه موسى بن عقبة، ويأتيان في الكتاب قريباً. وتابعهما محمد بن أبي حرملة عن كريب ... ببعض اختصار. أخرجه البخاري (3/409) ، والبيهقي، ومسلم (4/70) ، والحميدي (548) - وقرن معه إبراهيم بن عقبة-. 1678- عن علي قال: ثم أردف أسامة، فجعل يُعْنِقُ على ناقته، والناس يَضْرِبُونَ الإبل يميناً وشمالاً، لا يلتفت إليهم، ويقول: " السكينةَ أيها الناس! "، ودفع حين غابت الشمس. (قلت: إسناده حسن، لكن قوله: لا يلتفت ... شاذ، والمحفوظ: يلتفت ... وهو رواية الترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه الضياء المقدسي في "المختارة") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن عبد الرحمن ابن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف في حفظ ابن عياش - وهو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي المدني-؛ قال الحافظ:

" صدوق له أوهام ". وزيد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، وهو الذي ينسب إليه الزيدية. والحديث في "مسند أحمد" (1/157) ... بهذا الإسناد مطولاً، كما يشير إليه المصنف بقوله: ثم قال ... وسيأتي في الباب بعده طرف آخر منه. ثم أخرجه أحمد (1/75- 76) ، والترمذي (885) ، والبيهقي (5/122) من طريق أبي أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير: حدثنا سفيان ... بطوله؛ إلا أنه قال: يلتفت إليهم.. دون (لا) النافية؛ إلا في نسخة من "البيهقي "! والصواب النسخة الأخرى؛ لمطابقتها لرواية أحمد والترمذي. وكذلك في رواية ابنه عبد الله في "زوائده " (1/76 و 81) عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ومسلم بن خالد الزنجي؛ كلاهما عن عبد الرحمن ابن الحارث ... به؛ بلفظ: وهو يلتفت ويقول. وهذا هو الصواب؛ لاتفاق هؤلاء الرواة عليه؛ خلافاً لرواية يحيا بن آدم؛ فإنها شاذة عندي. والله أعلم. 1679- عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سُئِلَ أسامة بن زيد وأنا جالس: كليف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسير في حجة الوداع حين دَفَعَ؟ قال: كان يَسِيرُ العَنَقَ، فإذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. قال هشام: النَّصَ: فوقَ العَنَقِ.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/351) ... سنداً ومتناً. وعنه: أخرجه البخاري (3/407) ، والنسائي (2/49) . ثم أخرجه البخاري (6/104 و 8/89) ، ومسلم (4/74) ، والنسائي (2/46) ، والدارمي (2/57) ، وابن ماجه (2/240) ، والبيهقي (5/119) ، وأحمد (5/202 و205 و 210) ، والحميدي (543) من طرق أخرى عن هشام ... به. وتابعه إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد ... به؛ دون تفسير هشام. أخرجه أحمد (5/202) بسند حسن، وهو الآتي في الكتاب بعده. 1680- عن أسامة قال: كنت رِدْفَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما وقعت الشَّمْسُ؛ دَفَعَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب: ثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب عن أسامة. قلت: وهذا إسناد حسن.

وهو في "المسند" (5/202) 0.. بأتم منه؛ وفيه سير النَّص الذي أشرت إليه آنفاً. 1681- عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة بن زيد: أنه سمعه يقول: دفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عرفة، حتى إذا كان بالشَّعبِ؛ نزل فبال، فتوضأ ولم يُسْبغِ الوُضوء. قلت له: الصلاة؟ فقال: " الصلاة أمامك "؛ فركب، فلما جاء المزدلفة؛ نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيرَه في منزله، ثم أقيمت الصلاة، فصلاها، ولم يُصَلِّ بينهما شيئاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وعبد الله بن مسلمة: هو القعنبي. والحديث في "الموطأ" (1/355) ... سنداً ومتناً. وعنه أيضاً: أخرجه البخاري (3/411) ، ومسلم (4/73) ، والبيهقي (5/122) - وقد رواه من طرق عنه منها القعنبي-، وأحمد (5/208) . وقد تابعه إبراهيم بن عقبة أخو موسى بن عقبة: عند مسلم وغيره، وقد مضى حديثه في الكتاب قريباً (1677) .

65- باب الصلاة بجمع

65- باب الصلاة بِجَمْع 1682- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/355) . ومن طريقه: أخرجه أيضاً مسلم (4/75) ، والبيهقي (5/120) ، وأحمد (2/62 و 152) من طرق أخرى عن مالك ... به. وأخرجه الشيخان وغيرهما عن غير مالك، كما يأتي بعده. 1683- وفي رواية ثانية ... بإسناده ومعناه؛ وقال: بإقامة إقامة؛ جمع بينهما. قال أحمد: قال وكيع: صلى كُلَّ صلاة بإقامة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد آخر بلفظ: صلاها بإقامة واحدة.. وهو شاذ لمخالفته لهذه الرواية، ولحديث جابر الطويل المتقدم (1663) ، وهي التي لم يرو البخاري غيرها عن ابن عمر، وهي الآتية) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب عن

الزهري ... بإسناده ومعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد بن خالد- وهو الخَياط القرشي-، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي في الرواية التالية. والحديث في "المسند" (2/157) ... بهذا السند والمتن؛ دون قوله: قال وكيع ... واعلم أن هذا الحديث- مع صحته- قد اضطرب الرواة في ضبط أمرين منه: الأول: هل الإقامة كانت لكل من صلاتي المغرب والعشاء- كما في هذه الرواية- أم لهما معاً- كما في الروايات الآتية-؟ ! والآخر: هل أذَّنَ لهما أم لا؟ فمنهم من نفى- كما في الرواية الثالثة-، ومنهم من أثبت- كما في الرواية الثامنة-. والصواب من ذلك كله: الأذان والإقامتان؛ لموافقةِ الروايات المثبتة لذلك حديثَ جابر الطويل المتقدم برقم (1663) ، ولأن رواية الإقامتين- وهي الثالثة- هي التي لم يعتمد غيرها الإمام البخاري، فلم يخرج سواها. ويشهد لها حديث أسامة بن زيد المتقدم برقم (1677 و 1681) ؛ ففيه التصريح بالإقامتين. وقد فصل الإمام ابن القيم في "تهذيب السنن " (2/400- 402) القول في اضطراب هذا الحديث، وأقوال العلماء في المسألة، وانتهى إلى القول: " والصحيح في ذلك كله: الأخذ بحديث جابر، وهو الجمع بينهما بأذان وإقامتين؛ لوجهين اثنين:

أحدهما: أن الأحاديث سواه مضطربة، فهذا حديث ابن عمر في غاية الاضطراب ... (ثم بين ذلك بياناً شافياً، ثم قال) . الوجه الثاني: أنه قد صح من حديث جابر في جمعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعرفة،: أنه جمع بينهما بأذان وإقامتين، ولم يأت في حديث ثابت قط خلافه. والجمع بين الصلاتين بمزدلفة كالجمع بينهما بعرفة، لا يفترقان إلا في التقديم والتأخير، فلو فرضنا تدافع أحاديث الجمع بمزدلفة؛ لأخذنا حكَم الجمع من عرفة ". 1684- وفي رواية ثالثة ... بإسناده ومعناه؛ قال: بإقامة واحدة لكل صلاة، ولم ينادِ في الأولى، ولم يُسَبحْ على إِثْرِ واحدة منهما. قال مَخْلَدٌ: لم يُنَادِ في واحدة منهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري؛ لكن ليس عنده: لم يُنَادِ ... وهو الصواب؛ لشذوذه ومخالفته للرواية الثامنة، وحديث جابر المشار إليه آنفاً؛ فقد ثبت فيهما الأذان) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا شَبَابَةُ. (ح) وحدثنا مَخْلَدُ بن خالد - المعنى-: أخبرنا عثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب عن الزهري ... بإسناد ابن حنبل عن حماد ومعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/411) ، والنسائي (2/47) ، والدارمي (2/58) ، والطحاوي (1/410) ، والبيهقي (5/120) ، وأحمد (2/56) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به؛ وليس عند البخاري والدارمي قوله: لم يناد ...

وهو الصواب كما ذكرته في الأعلى. وفي رواية النسائي وأحمد شذوذ آخر؛ فإنه ليس عندهما: لكل صلاة! 1685- وفي رابعة من طريق ثانية عن عبد الله بن مالك قال: صَلَيْتُ مع ابن عمر: المغربَ ثلاثاً والعشاءَ ركعتين. فقال له مالك بن الحارث: ما هذه الصلاة؟! قال: صليتها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا المكان بإقامة واحدة. (قلت: إسناده مقبول؛ لكن قوله: بإقامة واحدة.. شاذ، والمحفوظ بزيادة: لكل صلاة.. كما في الرواية التي قبلها) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن مالك- وهو ابن الحارث الهَمْدَانِي-؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه أيضاً أبو رَوْق الهَمْدَاني؛ وقد توبع كما في الرواية الآتية. والحديث أخرجه الترمذي (887) ، والطحاوي (1/410) ، وأحمد (2/18) من طرق أخرى عن سفيان الثوري ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "! كذا قال! وقد عرفت مما تقدم أنه شاذ. وتابعه شعبة عن أبي إسحاق ... به: رواه الطحاوي وأحمد (2/78) .

1686- وفي خامسة من طريق ثالثة عن سعيد بن جبير وعبد الله بن مالك قالا: صلينا مع ابن عمر بالمزدلفة: المغرب والعشاء بإقامة واحدة ... فذكر معنى حديث ابن كثير. (قلت: يعني: الذي قبله؛ وقد عرفت ما فيه من الشذوذ) . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا إسحاق- يعني: ابن يوسف- عن شَرِيك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير وعبد الله بن مالك. قلت: إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في شريك- وهو ابن عبد الله القاضي-؛ لكنه قد توبع كما تقدم ويأتي. وشريك قد تابعه سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك، كما تقدم آنفاً. وتابعه إسماعيل بن أبي خالد في روايته عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير، كما في الرواية الآتية. وتوبع أبو إسحاق في روايته عن سعيد بن جبير من سَلَمَةَ بن كُهَيْل وغيره، كما يأتي بيانه في الرواية السابعة. 1687- وفي رواية سادسة عن سعيد بن جبير قال: أفَضْنَا مع ابن عمر، فلما بَلَغْنَا جَمْعاً؛ صلى بنا المغرب والعشاء بإقامة واحدة ثلاثاً واثنتين؛ فلما انصرف قال لنا ابن عمر: هكذا صلى بنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا المكان.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ لكن قوله: بإقامة واحدة.. شاذ كما سبق) . إسناده: حدثنا ابن العلاء: ثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/75) ، والترمذي (888) من طريق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد ... به. وأبو إسحاق: هو السَّبِيعِيّ، وقد توبع كما في الرواية الآتية. 1688- وفي رواية سابعة من طريق سَلَمَةَ بن كُهَيلٍ قال: رأيت سعيد بن جبير أقام بِجَمْع، فصلى المغرب ثلاثاً، ثم صلى العشاء ركعتين، ثم قال: شهدت ابن عمر صنع في هذا المكان مثل هذا، وقال: شهدت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صنع مثل هذا في هذا المكان. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ وفيه الشذوذ السابق) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: حدثني، سَلَمَةُ بن كهَيْل. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده. والحديث أخرجه مسلم (4/75) ، والطحاوي (1/410) ، وأحمد (2/62) من

طريق أخرى عن شعبة قال: أخبرني الحكَم بن عُتَيْبَةَ وسَلَمَةُ بن كهيل معاً ... بلفظ: بإقامة.. زاد مسلم: واحدة. وتابعه الثوري عن سلمة بن كهيل ... به: أخرجه مسلم والنسائي (2/47) . وفي رواية لأحمد (2/81) من طريق شعبة عن الحكم وحده؛ بلفظ: أقام بجمع- قال: وأحسبه- وأذَّنَ فصلى المغرب ... وقد جزم أبو بشر عن سعيد بن جبير بالأذان: عند الطحاوي من فعل ابن عمر. وقال الطحاوي: " ومحَالٌ أن يكون أدخل في ذلك أذاناً، إلا وقد علمه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". 1689- وفي ثامنة من طريق أشْعَثَ بن سُلَيْمٍ عن أبيه قال: أقبلت مع ابن عمر من عرفات إلى المزدلفة، فلم يكن يَفْتُرُ من التكبير والتهليل؛ حتى أتينا المزدلفة؛ فأذن وأقام، أو أمر إنساناً فأذن وأقام، فصلى بنا المغرب ثلاث ركعات، ثم التفت إلينا فقال: الصلاة، فصلى بنا العشاء ركعتين، ثم دعا بعَشائه. قال: وأخبرني عِلاجُ بن عمرو ... بمثل حديث أبي عن ابن عمر. قال: فقيل لابن عمر في ذلك؟! فقال: صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هكذا. (قلت: إسناده صحيحِ على شرط البخاري من الوجه الأول؛ وفيه إثبات الأذان للصلاتين؛ خلافاً للرواية الثالثة، وهو المحفوظ كما سبق هناك. وأما قوله: الصلاة.. مكان الإقامة الثانية؛ فشاذ أيضاً، والمحفوظ الإقامة مرة أخرى

كما مضى) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا أشعث بن سليم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده. وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء. وأبوه: اسمه سليم بن أسود بن حنظلة المحاربي الكوفي. وأبو الأحوص: اسمه سَلام بن سلَيْمٍ الحنفي- مولاهم- الكوفي. وأما علاج بن عمرو- وهو الشيخ الثاني لأشعث بن سليم في هذا الحديث-؛ فلا يعرف، كما قال الذهبي. وذكره ابن حبان في "الثقات "! وروى عنه أبو صخرة جامع بن شَداد أيضاً. قلت: فمثله يستشهد به؛ بل أن بعضهم ليحتج به لو تفرد. وقد اتفق هو وسليم أبو الشعثاء على إثبات الأذان في المزدلفة؛ خلافاً للروايات السابقة، وهو الموافق لحديث جابر كما سبق؛ بخلاف قوله: الصلاة.. بدل: الإقامة! فشاذ. 1690- عن ابن مسعود قال: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صلاة إلا لوقتها؛ إلا بجمع؛ فإنه جمع بين المغرب والعشاء بِجَمْع، وصلى صلاة الصبح من الغَدِ قبل وقتها. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) .

إسناده: حدثنا مسدد أن عبد الواحد وأبا عوانة وأبا معاوية حدثوهم عن الأعمش عن عُمَارَةَ عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/384) : ثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه مسلم (4/76) ، والنسائي (2/47) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. والبخاري (3/417) ، ومسلم أيضاً، والبيهقي (5/124) ، وأحمد (1/426 و434) ، والحميدي (114) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. 1691- عن علي: فلما أصبح- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووقف على قزَحَ؛ فقال: " هذا قُزَح، وهو الموقف، وجَمْعٌ كلها موقف. ونحرت ههنا، ومنى كلها مَنْحَرٌ؛ فانحروا في رحالكم ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الترمذي والضياء المقدسي كما تقدم (1678)) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن آدم: ثنا سفيان عن عبد الرحمن ابن عياش عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي. قلت: وهذا إسناد حسن؛ وقد مضى الكَلام عليه قريباً برقم (1678) . وروى ابن ماجه (3010) : جملة الوقوف في عرفة.

1692- عن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " وقفت ههنا بعرفة؛ وعرفة كلها موقف. ووقفت ههنا بجَمْعٍ؛ وجمع كلها موقف، ونحرت ههنا؛ ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم ". (إسناده: صحيح، وقد مر بالجملة الأخيرة منه 1666) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد مضى من طريق آخر عن جعفر (1665) . والجملة الأخيرة منه: بهذا الإسناد (1666) . 1693- ومن طريق أخرى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كل عرفة موقف، وكل مِنىً مَنْحَرٌ، وكل المزدلفة موقف، وكل فِجَاجِ مكةَ طريق ومَنْحَرٌ ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو أسامة عن أسامة بن زيد عن عطاء قال: حدثني جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أسامة بن زيد - وهو الليثي-، فهو من رجال مسلم؛ على ضعف في حفظه، لكن تقويه الطريق التي قبله. والحديث أخرجه الدارمي (2/56- 57) ، وابن ماجه (2/247) ، وأحمد

(3/326) من طرق أخرى عن أسامة بن زيد ... به. 1694- عن عمر بن الخطاب قال: كان أهل الجاهلية لا يفِيضونَ حتى يَرَوا الشمس على ثَبِيرٍ، فخالفهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدفع قبل طلوع الشمس. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري. وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا ابن كثير: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر بن الخطاب ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق- وهو السبيعي- وإن كان اختلط؛ فقد سمع منه سفيان- وهو الثوري- قبل الاختلاط، وقد صَرحَ في رواية شعبة الآتية بالتحديث. والحديث أخرجه الطحاوي (1/413) ، وأحمد (1/29 و 39 و 42 و 54) من طرق أخرى عن سفيان ... به؛ وزاد في رواية. وكانوا يقولون: " أشرق ثَبِير! كيما نُغِير ". وتابعه شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عمرو بن ميمون ... به: أخرجه البخاري (3/418) ، والنسائي (2/48- 49) ، والطيالسي (1/222) ، وعنه الترمذي (896) ، وكذا البيهقي (5/124) ، وأحمد (1/14 و 50) . ورواه الدارمي (2/59) ، وابن ماجه (2/241) ، والطحاوي من طريقين آخرين عن أبي إسحاق.

66- باب التعجيل من جمع

66- باب التعجيل مِنْ جَمْع 1695- عن ابن عباس قال: أنا ممن قَدَّمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المزدلفة في ضَعَفَةِ أهله. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "المسند" (1/222) ؛ وإسناده ثلاثي. وكذلك أخرجه الحميدي (463) ، والشافعي (1077) . وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وله طرق أخرى عن ابن عباس، خرجتها كلها في "الإرواء" (1076) . 1696- وعنه قال: قَدَّمنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلةَ المزدلفةِ- أُغيْلِمَةَ بني عبد المطلب- على حُمُرَات، فجعل يَلْطَحُ أفخاذنا ويقول: " أُبَيْنِي! لا ترموا الجَمْرَةَ حتى تطلع الشمس ". قال أبو داود: " اللَّطْحُ: الضرب الليِّن". إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان قال: حدثني سلمة بن كهيل عن الحسن العُرَنِيِّ عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع؛ العرني لم يسمع من ابن عباس. لكنه قد صح من رواية مقسم عن ابن عباس: عند الترمذي وغيره. وتابعه عطاء عن ابن عباس، وقد خرجت ذلك كله في المصدر السابق. 1697- ومن طريق أخرى عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَدَّمُ ضعفاء أهله بغَلَسِ؛ ويأمرهم- يعني:- لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس. (قلت: حديث صحيح بمجموع طريقيه، وله طريق ثالث صحيح: عند الترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان وحسنه الحافظ) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا الوليد بن عقبة: ثنا حمزة الزَيَّاتُ عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عباس. وهذا إسناد رجاله ثقات، ولولا عنعنهَ حبيب؛ لصححته؛ لكن الحديث صحيح بطريقيه المتقدمين. 1698- عن عطاء: أخبرني مُخْبِرٌ عن أسماء: أنها رمت الجمرة. قلت: إنَا رمينا الجمرة بليل؟! قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان نحوه) .

إسناده: حدثنا محمد بن خَلاد الباهلي. ثنا يحيى عن ابن جريح: أخبرني عطاء. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مُخْبِرِ عطاء؛ فإنه لم يُسَمَّ في هذه الرواية؛ إلا أنه قد جاء مسمى في بعض الروايات الأخرى بـ: عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر- وهو ابن كيسان القرشي التيمي أبو عمر المدني-، وهو ثقة؛ قال المصنف: "ثبت ". فصح الحديث، والحمد لله. ويحيى: هو ابن سعيد بن فَرُّوخِ القَطَان، الحافظ الإمام في الجرح والتعديل، وكان لا يحدث إلا عن ثقة، وهو أجل أصحاب مالك بالبصرة. والحديث أخرجه أحمد (6/347) : ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله مولى أسماء عن أسماء: أنها نزلت عند دار المزدلفة، فقالت: أي بُنَيَّ! هل غاب القمر ليلة جمع؟ وهي تصلي. قلت: لا. فصلت ساعة، ثم قالت. أي بُنَيَّ! هل غاب القمر؟ قال- وقد غاب القمر-: قلت: نعم. قالت: فارتحلوا. فارتحلنا، ثم مضينا بها حتى رمينا الجمرة، ثم رجعت فَصَلَّتِ الصبح في منزلها. فقلت لها: أيْ هَنْتَاهْ! لقد غلسنا؟! قالت: كلا يا بُنَيَّ! إن نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن للظعْنِ. هكذا صرح ابن جريج بالتحديث، ولم يذكر عطاءً. وكذلك رواه أحمد أيضاً (6/351) - عن محمد بن بكر وروح-، والبخاري (3/414) ، والبيهقي (5/133) - عن مسدد-، ومسلم (4/77) - عن محمد بن أبي بكر المقَدَّمي- كلهم عن يحيى ... به.

وتابعه عيسى بن يونس عن ابن جريج ... به. أخرجه مسلم. وسعيد بن سالم: عند الطحاوي (1/412) . ورواه الطيالسي (1/222) عن طلحة عن عبد الله ... به مختصراً. وطلحة: هو ابن عمرو المكي، متروك. وأخرجه مالك (1/350) عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أن مولاة (!) لأسماء بنت أبي بكر أخبرته قالت: جئنا مع أسماء ابنة أبي بكر مِنىً بِغَلَسِ، قالت: فقلت لها: لقد جئنا منى بغلس؟! فقالت: قد كنا نصنع ذلك مع من هو خير منك. كذا وقع فيه: مولاة! بالتأنيث. وفي " الفتح " (3/415) معزواً لمالك: مولى.. بالتذكير، وقال: " وكذا أخرجه الطبراني من طريق أبي خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد. فالظاهر أن ابن جريج سمعه من عطاء، ثم لقي عبد الله فأخذه عنه. ويحتمل أن يكون مولى أسماء شيخ عطاء غير عبد الله". ثم رأيته في " النسائي " (2/49) عن مالك ... بلفظ: مولى.. كما نقله في "الفتح ". قلت: ويحيى بن سعيد شيخ مالك، لبس هو القطان، وإنما هو الأنصاري القاضي، ولكني لم أجد في شيوخه عطاءً! والله أعلم. 1699- عن جابر قال: أفاض رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعليه السكينةُ، وأمرهم أن يرموا بمثل حصى الخَذْفِ، وأوْضَعَ في وادي مُحَسِّرٍ.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم من حديث الفضل بن عباس) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان: حدثني أبو الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا عنعنة أبي الزبير؛ لكن قد رواه عنه ليث بن سعد، وهو لا يروي عنه إلا ما سمعه من جابر. والحديث أخرجه البيهقي (5/125) من طريقين آخرين عن محمد بن كثير ... به. ثم أخرجه هو، والنسائي (2/46) ، وابن ماجه (2/241) ، وأحمد (3/332 و367 و 391) ؛ وزاد: " لتأخذ أمتي مَنْسَكَها؛ فإني لا أدري لعلَي لا ألقاهم بعد عامهم هذا! ". ولهذه الزيادة طريق أخرى، ستأتي في الكتاب في "باب رمي الجمار" رقم (1719) . وللنسائي (2/49) من الحديث: الإيضاع فقط؛ وهو رواية لأحمد (3/301) . وأخرجه الدارمي (2/60) من طريق ليث عن أبي الزبير؛ لكن من حديث أبي مَعْبَد مولى ابن عباس عن ابن عباس عن الفضل بن عباس ... نحوه. وكذلك رواه مسلم (4/71) من هذا الوجه. وأخرجه هو، والنسائي والدارمي من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير ... به. لكن الظاهر أن أبا الزبير رواه عن جابر أيضاً؛ لرواية سفيان هذه. وقد تابعه ابن جريج أيضاً، كما سيأتي في الموضع المشار إليه آنفاً.

67- باب يوم الحج الأكبر

67- باب يوم الحج الأكبر 1700- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف يوم النَّحْرِ بين الجَمَرَاتِ في الحجة التي حَجَّ، فقال: " أيُ يومٍ هذا؟ ". قالوا: يوم النحر. قال: " هذا يوم الحجِّ الأكبِر". (قلت: إسناده صحيح. وعلقه البخاري بصيغة الجزم) . إسناده: حدثنا مُؤَمَّلُ بن الفضل: ثنا الوليد ثنا هشام - يعني: ابن الغاز-: ثنا نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات مسلسل بالتحديث. والحديث أخرجه ابن سعد (2/183) من طريق آخر عن الوليد بن مسلم ... به. وأخرجه ابن ماجه (2/248- 249) ، والبيهقي (5/139) من طريقين آخرين عن هشام ... به. وعلقه عليه البخاري (3/454- فتح) بصيغة الجزم، فقال: وقال هشام بن الغاز ... وللحديث شاهد من حديث عمرو بن الأحوص: عند ابن ماجه والترمذي (3087) ، وصححه. وللجملة الأخيرة منه شاهد من حديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أخرجه أحمد (3/473) بسند صحيح. وآخر عن علي: عند الترمذي (957) بسند ضعيف. 1701- عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر فيمن يُؤَذِّنُ يومَ النحر بمنىً: أن لا يَحُج بعدَ العامِ مُشْرِك، ولا يطوفَ بالبيتِ عرْيَان، ويوم الحج الأكبرِ: يومُ النحرِ، والحجُّ الأكبرُ: الحجُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم؛ دون قوله: " ويوم الحج الأكبر ... "؛ فإنها عندهما من قول حميد بن عبد الرحمن. وبه جزم الحافظ؛ فهي مدرجة في رواية المصنف) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: أن الحكم بن نافع حدثهم: ثنا شعيب عن الزهري: حدثني حمَيْد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (6/214) : حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب ... به؛ إلا أنه قال: وإنما قيل: الأكبر؛ من أجل قول الناس: الحج الأصغر.. بدل قوله: والحج الأكبر: الحج. وقد جزم الحافظ بأن هذا القِيلَ: إنما هو مدرج ليس من الحديث المرفوع؛ وإنما هو من قول حميد بن، عبد الرحمن، قاله تفقهاً، وقد ميزه البخاري في رواية، وهي

68- باب الأشهر الحرم

رواية مسلم عن الحديث، مصرحاً بأنه من قول حميد، كما بينته في "إرواء الغليل " (1101) . 68- باب الأشهر الحرمِ 1702- عن أبي بَكْرَةَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب في حَجَّتِهِ، فقال: " أن الزمان قد استدار كهيئتِهِ يومَ خلق الله السماوات والأرض: السنة اثنا عشرَ شهراً، منها أربعة حرم: ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعْدَةِ، وذو الحِجَّةِ، والمحَرَّم، ورجب مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وشعبانَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا إسماعيل. ثنا أيوب عن محمد عن ابن أبي بَكْرَةَ عن أبي بكرة. حدثنا محمد بن يحيى بن فَيَّاض: ثنا عبد الوهاب: ثنا أيوب السَّخْتِيَانِيُّ عن محمد بن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قال أبو داود: " سَمَّاه ابن عون فقال. عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة ... في هذا الحديث ". قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري؛ فهو صحيح على شرطه من الوجه الأول؛ لأن ابن أبي بكرة: هو عبد الرحمن، كما في الوجه الثاني العلق، وسأذكر من وصله. لكن ابن أبي بكرة قد سقط من بعض نسخ الكتاب المطبوعة من الوجه الأول؛ فلا أدري أهكذا وقعت الرواية للمؤلف؟! أو هو لسقط من بعض النساخ؟!

ولعله يؤيد الأولَ أن المنذري قال في "مختصره ": " حديث ابن سيرين عن أبي بكرة: أخرجه النسائي، وحديث ابن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبيه: أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه مختصراً ومطولاً ". ويزيده تأييداً: أن أحمد رواه كالنسائي كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (5/37) ، وابن سعد (2/186) : ثنا إسماعيل: أنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي بكرة ... هكذا لم يذكر: ابن أبي بكرة! وهو كذلك عند بعض رواة البخاري؛ لرواية حماد بن زيد الآتية. قال الحافظ (1/161) : " فصار منقطعاً؛ لأن محمداً لم يسمع من أبي بكرة ". أقول: ولا يُعَل الحديث بذلك؛ لأن المحفوظ عن عبد الوهاب عن أيوب وغيره: إثبات ابن أبي بكرة. وإليك البيان: أخرجه البخاري (6/226 و 8/87- 88 و 13/370- 371) - عن محمد بن المثنى- و (10/6) - عن محمد بن سلام-، ومسلم (5/107) - عن أبي بكر بن أبي شيبة ويحيى بن حبيب الحارثي- كلهم؟ قالوا: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن أبي بكرة ... به. وتابعه حماد عن أيوب ... به: أخرجه البخاري (1/161) . وحماد: هو ابن زيد، وقد عرفت ما وقع في روايته من السقط عند بعض رواة "كتاب البخاري ".

69- باب من لم يدرك عرفة

وتابعه على وصله: عبد الله بن عون؛ علقه المصنف عنه، وقد وصله البخاري (1/129) ، ومسلم، وأحمد (5/37 و 45) من طرق عنه عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ... به؛ لكنه لم يذكر هذا الطرف من الحديث، وإنما ذكر ما بعده من قوله: " أتدرون أي يوم هذا؟ ... " الحديث. وتابعه أيضاً قُرَةُ بن خالد فقال: عن محمد بن سيرين قال: أخبرني عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة، ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن- حميد بن عبد الرحمن عن أبي بكرة- ... بمثل حديث ابن عون: أخرجه البخاري (3/453) ، ومسلم، والبيهقي (5/140) ، وأحمد (5/39 و 49) . وللحديث شاهد من رواية علي بن زيد عن أبي حُرَةَ الرقَاشِي عن عَمِّه ... مرفوعاً به؛ دون تسمية الأشهر. أخرجه أحمد (5/72- 73) وسنده لا بأس به في الشواهد. 69- باب مَنْ لم يُدْرِكْ عَرَفَةَ 1703- عن عبد الرحمن بن يَعْمَرَ قال: أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعرفة، فجاء ناس- أو نَفَرٌ - من أهل نَجْد، فأمروا رجلاً فنادى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كيف الحج؟ فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنادى: " الحَجًّ؟! الحج يومُ عرفةَ، مَنْ جاء قبل صلاة الصبح؛ من ليلة جمع؛ فتَم حَجّهُ، أيامُ منىً ثلاثة؛ فمنْ تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخرَ فلا إثم عليه ". قال: ثم أردف رجلاً خلفه؛ فجعل ينادي بذلك. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم، ووافقه

الذهبي، وقال سفيان بن عيينة: ليس بالكوفة حديث أشرف ولا أحسن من هذا) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان: حدثني بُكَيْرُ بن عطاء عن عبد الرحمن بن يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ. قال أبو داود: " وكذلك رواه مهران عن سفيان قال: " الحجَ الحجّ " مرتين. ورواه يحيى بن سعيد القطان عن سفيان قال: " الحج " مرةً ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بكير بن عطاء الليثي، وهو ثقة. والحديث أخرجه سائر أصحاب " السنن " وغيرهم، وهو مخرج في "الإرواء " (1064) . 1704- عن عروة بن مُضَرِّس الطائي قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالموقف- يِعني: بجَمْع- قلت: جئت يا رسول الله! من جبل طيِّئٍ، أكلَلْتُ مَطِيَّتِي، وأتَعبتُ نَفْسي، والله! ما تركت من حَبْل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً؛ فقد تَمَّ حجَّهُ، وقضى تَفَثَهُ ". (قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح "، وصححه ابن الجارود أيضاً، وابن حبان والحاكم والذهبي، وكذا القاضي أبو بكر بن العربي) .

70- باب النزول بمنى

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن إسماعيل: ثنا عامر: أخبرني عروة بن مضَرِّسٍ الطائي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عروة بن مضرس، وهو صحابي. وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقد توبع عند بقية أصحاب "السنن " وغيرهم، وهو مخرج في "الإرواء" (1066) . 70- باب النزول بمنى 1705- عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من "أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: خطب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس بمنىً، ونَزَّلهم منازلهم، فقال: " لينزل المهاجرون ههنا- وأشار إلى مَيْمَنَةِ القبلة-، والأنصار ههنا - وأشار إلى مَيْسَرَةِ القبلة-، ثم لينزل الناسُ حولَهم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وجهالة الصحابي لا تضر، وعبد الرحمن بن معاذ صحابي، ولم يذكر الرجل في رواية عنه، تأتي برقم (1710) ، وهو الصحيح عند البيهقي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن حُمَيْد الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن معاذ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. غير الرجل الذي لم يُسَم، ولا يضرُّ؛ فإنه صحابي، وكلهم عدول.

71- باب أي يوم يخطب بمنى؟

وعبد الرحمن بن معاذ صحابي أيضاً. وقد خولف معمر في إسناده، فرواه عبد الوارث عن حميد الأعرج ... به؛ إلا أنه لم يذكر الرجل في إسناده، وسيأتي بعد ثلاثة أبواب برقم (1710) . وقال البيهقي: " وهذا هو الصحيح؛ عبد الرحمن بن معاذ له صحبة. وزعموا أن محمد بن إبراهيم التيمي لم يدركه، وأن روايته عنه مرسلة. والله أعلم "! قلت: لم أر هذا الإعلال لغير البيهقي! وقد ذكر المزي عبد الرحمن بن معاذ في شيوخ محمد بن إبراهيم، ولما ذكر الحافظ في "تهذيبه " الذين أرسل عنهم محمد بن إبراهيم؛ لم يذكر فيهم عبد الرحمن هذا! والله أعلم. والحديث أخرجه البيهقي (5/138) من طريق المؤلف. وهو في "المسند" (4/61 و 5/374) ... بهذا الإسناد. وقد خالف معمراً عبد الوارث بن سعيد وسفيان بن عيينة؛ فلم يذكرا في السند: عن رجل؛ كما سيأتي هناك؛ وهو الصحيح كما قال البيهقي. 71- باب أيَّ يَوْم يَخْطُبُ بِمِنىً؟ 1706- عن رجلين من بني بكر قالا: رأينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته، وهي خطبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي خطب بِمِنى. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن المبارك عن إبراهيم بن نافع عن ابن

72- باب من قال: خطب يوم النحر

أبي نَجِيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وابن أبي نجيح: اسمه عبد الله بن يسار. والحديث أخرجه البيهقي (5/151) من طريق المؤلف. 72- باب من قال: خطب يوم النحر 1707- عن الهرماس بن زياد الباهلي قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ الناس على ناقته العضبَاء يومَ الأضحى بمنىً. (قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هشام بن عبد الملك: ثنا عكرمة: حدثني الهرماس بن زياد الباهلي. قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله ثقات على شرط مسلم؛ على ضعف يسير في عكرمة- وهو: ابن عمار-. والحديث أخرجه ابن حبان (1016) : أخبرنا أبو خليفة: حدثنا أبو الوليد ... به. وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. وأخرجه البيهقي (5/140) ، وأحمد (3/485 و 5/7) ، وابن سعد (2/185) من طرق أخرى عن عكرمة ... به. وقال ابن سعد: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي ... به أتم منه.

73- باب أي وقت يخطب يوم النحر؟

1708- عن أبي أمامة قال: سمعت خطبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنىً يومَ النَّحْرِ. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا مُؤَمَلٌ - يعني: ابنَ الفَضْلِ الحَرَاني-: ثنا الوليد: ثنا ابن جابر: ثنا سلَيْمُ بن عامر الكَلاعي: سمعت أبا أمامة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحراني، وهو ثقة. وابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد. والوليد: هو ابن مسلم. والحديث أخرجه البيهقي (5/140) من طريق المؤلف. وأخرجه الترمذي وغيره من طريق أخرى عن سليم بن عامر ... به؛ وساق نص الخطبة، ولم يذكر بمنى يوم النحر. وهو مخرج في "الصحيحة" (867) . وله في " المسند" (5/266) طريق آخر ... نحوه. 73- باب أيَّ وقتٍ يخطب يومَ النَّحْرِ؟ 1709- عن رافع بن عمرو المُزَنِيِّ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب الناس بمنىً حين ارتفع الضحى على بغلة شَهْبَاءَ؛ وعليُّ رضي الله عنه يُعَبِّرُ عنه، والناسُ بين قاعد وقائم.

(قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الدمشقي: ثنا مروان عن هلال ابن عامر المُزَني: حدثني رافع بن عمرو المُزَنِيُّ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ ومروان هو ابن معاوية الفَزَارِي. والحديث أخرجه البيهقي (5/140) من طريق المؤلف. ثم أخرجه من طريق البخاري، وهذا في "تاريخه " (2/1/302/1026) عن أبي حفص (وفي البيهقي: أبي جعفر) : حدثنا مروان ... به. وقال البخاري: " وتابعه عبد الرحمن بن مَغْرَاء. وقال أبو معاوية: عن هلال عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والأول أصح ". قلت: رواية أبي معاوية في "المسند" (3/477) : ثنا أبو معاوية قال: ثنا هلال ابن عامر عن أبيه ... به. ثم قال: ثنا محمد بن عبيد: حدثنا شيخ من بني فَزَارَةَ عن هلال بن عامر ... به. وهذا الشيخ الفزاري يحتمل أنه مروان بن معاوية نفسه. فإن صح ذلك؛ فيكون قد تابع أبا معاوية الضرير على روايته عن هلال عن أبيه. فالله أعلم. وسيأتي حديث أبي معاوية عند المصنف في "اللباس " [21- باب] .

74- باب ما يذكر الإمام في خطبته بمنى

74- باب ما يَذْكُرُ الإمامُ في خطبته بمنى 1710- عن عبد الرحمن بن معاذ التَّيمِيِّ قال: خَطَبَنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن بمنىً، فَفُتِحَتْ أسماعُنا؛ حتى كُنَّا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فَطَفِقَ يعلِّمهم مناسِكَهم، حتى بَلَغَ الجمارَ، فوضع إصبعيه السبابتين، ثم قال: " بحصى الخَذْفِ "؛ ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مُقَدمِ المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس بعد ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد مضى مختصراً برقم (1705) عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل، والصحيح أنه من (مسند عبد الرحمن) كما سبق بيانه هناك) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن حُمَيْدٍ الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي. قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد سبق الكلام عليه فيما تقدم (1705) . والحديث أخرجه البيهقي (5/139) من طريق المؤلف. ثم أخرجه هو (5/127) ، وأحمد (5/374) ، وابن سعد (2/185) من طرق أخرى عن عبد الوارث بن سعيد ... به. وأخرجه الحميدي (852) : ثنا سفيان: ثنا حميد الأعرج ... به.

75- باب يبيت بمكة ليالي منى

75- باب يبيتُ بمكةَ لياليَ منىً 1711- عن ابن عمر قال: استأذن العباسُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبيت بمكة لياليَ منىً؛ من أجل سقايته؟ فأذِنَ له. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا ابن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه. والحديث أخرجه مسلم (4/86) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا ابن نمير وأبو أسامة ... به. ثم أخرجه هو، والبخاري وغيرهما من طرق أخرى عن عبيد الله بن عمر ... به. وهو مخرج في " الإرواء " (1079) . 76- باب الصلاة بمنى 1712- عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى عثمان بمنى أربعاً، فقال عبد الله: صليتُ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين- وزاد عن حفص: ومع عثمان صدراً من إمارته، ثم أتمها. زاد من ههنا عن أبي معاوية: ثم تفرقَتْ

بكم الطرق! فلودِدْت أن لي من أربعِ ركعاتٍ ركعتين متقبَّلَتَيْن! - قال الأعمش: فحدثني معاوية بن قُرّةَ عن أشياخه: أن عبد الله صلى أربعاً. قال: فقيل له: عِبْتَ على عثمان، ثم صليت أربعاً؟! قال: الخلاف شَرٌّ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون حديث معاوية بن قرة. وهذا إسناد صحيح؛ فإن الأشياخ جمع ينجبر بعددهم جهالتهم، مع احتمال أن يكونوا من الصحابة- وجهالتهم لا تضر-؛ فإن معاوية ابن قرة تابعي) . إسناده: حدثنا مسدد: أن أبا معاوية وحفص بن غياث حدثاه- وحديث أبي معاوية أتم- عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن في يزيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي بيانه. والحديث أخرجه البيهقي (3/143- 144) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (2/563- الخطيب) ، ومسلم (2/149) ، والنسائي (1/212) : حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا عبد الواحد عن الأعمش ... به؛ ولفظ النسائي مختصر. ثم أخرجه البخاري (3/400) ، ومسلم، والنسائي، والطحاوي (1/242) من طرق أخرى عن الأعمش ... به؛ وليس عندهم جميعاً رواية الأعمش عن معاوية ابن قرة.

وقد أخرجه البيهقي (2/144) من طريق أبي نعيم عن الأعمش: ثنا معاوية ابن قُرَّةَ- بواسط- عن أشياخ الحي قال: صلى عثمان الظهر بمنى أربعاً، فبلغ ذلك عبد الله، فعاب عليه، ثم صلى بأصحابه في رَحْلِهِ العصرَ أربعاً. فقيل (الأصل: فقلت) له: عِبْتَ على عثمان وصليت أربعاً؟! قال: إني أكره الخلاف. وقال. " وقد روي ذلك بإسناد موصول ... "، ثم ساقه من طريق يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا مع عبد الله بن مسعود بجَمْع، فلما دخل مسجد مِنى؛ سأل: كم صلى أمير المؤمنين؟ قالوا: أربعاً. فصلى أربعاً. قال: فقلنا: ألم تحدِّثنا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ركعتين، وأبا بكر صلى ركعتين؟! فقال. بلى، وأنا أحدثكموه الآن، ولكن عثمان كان إماماً، فما أخالفه، والخلاف شَرٌ. ورجال هذا ثقات؛ لولا أن أبا إسحاق- هو السَّبِيعِيُّ- مدلس مختلط. أما حكمه على السند الذي قبله بأنه منقطع؛ فلجهالة الأشياخ، وهذا اصطلاح خاص له! ولا يقدح ذلك في صحة الإسناد؛ لما ذكرته في الأعلى. وفي الباب عن ابن عمر قال: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى صلاة السافر، وأبو بكر وعمر وعثمان ثماني سنين- أو قال: ست سنين-. أخرجه مسلم (2/146) ،وأحمد (2/45) ... بلفظ: ست سنين من إمرته، ثم صلى أربعاً. وظاهر هذا الحديث وحديث الباب: أن عثمان رضي الله عنه كان يُتِم في منى أيام الحج.

ولكني وجدت ما يدل على أنه كان يقصر فيها، وإن كان الإتمام منه قبل الحج وبعد الفراغ منه، فقال ابن إسحاق: ثنا يحيى بن عَباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عَباد قال: قدِمَ علينا معاوية حاجّا، قدمنا معه مكة. قال: فصلى بنا الظهر ركعتين، ثم انصرف إلى دار الندوة. قال: وكان عثمان- حين أتم الصلاة- إذا قدم مكة؛ صلى بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعاً، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى؛ أتم الصلاة حتى يخرج من مكة ... الحديث. أخرجه أحمد (4/94) ؛ وإسناده حسن. فلعل قصره في منى قبل الفراغ من الحج كان بعد أن عاب ابن مسعود عليه وغيره من الصحابة. والله أعلم. 1713- عن الزهري: أن عثمان بن عَفَّان أتمَّ الصلاة بمنىً؛ من أجل الأعراب؛ لأنهم كَثُرُوا عامَئِذ، فصلى بالناس أربعاً؛ ليُعلِمَهُم أن الصلاة أربعٌ. (قلت: إسناده حسن لغيره، وقد قواه الحافظ) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب عن الزهري. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه منقطع؛ لكنه قد روي موصولاً من وجه آخر كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (3/144) من طرين المصنف.

77- باب القصر لأهل مكة

وأخرجه الطحاوي (1/247) من طريق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. ويقويه ما أخرجه البيهقي من طريق سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن حميد عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عثمان: أنه أتم الصلاة بمنى، ثم خطب الناس فقال: يا أيها الناس! إن السنة سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسنة صاحبيه؛ ولكنه حَدَثَ العام (كذا ولعل الصواب: طَغامٌ؛ كما في "الفتح ") ، فخِفْتُ أن يَسْتَنُوا. وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات معروفون؛ غير سليمان بن سالم- وهو العَطار المدني القرشي-، ذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال ابن عدي: "ولا أرى بمقدار ما يرويه بأساً ". وقال ابن أبي حاتم (2/1/120) عن أبيه: " شيخ ". وقال الحافظ- عقب هذه الطريق من رواية البيهقي-: " وعن ابن جريج. أن أعرابياً ناداه في منى. يا أمير المؤمنين! ما زلتُ أصليها منذ رأيتك عامَ أولَ ركعتين. وهذه طرق يُقَوِّي بعضها بعضاً ". 77- باب القصر لأهل مكة 1714- عن حارثة بن وهب الخُزَاعي- وكانت أمُّهُ تحت عمر، فولدت عبيد الله بن عمر- قال: صليت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى؛ والناسُ أكثرُ ما كانوا، فصلى بنا ركعتين في حجة الوداع. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال الترمذي: " حديث

78- باب في رمي الجمار

حسن صحيح "، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق: حدثني حارثة بن وهب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو إسحاق كان اختلط، لكن رواه عنه سفيان وشعبة أيضاً كما يأتي، وهما سمعا منه قبل الاختلاط. والحديث أخرجه مسلم (2/147) ، وابن سعد (2/183) ، والبيهقي (3/134 - 135) من طريق أخرى عن زهير ... به. ثم أخرجه البيهقي، وكذا البخاري (3/400) ، والنسائي (1/212) ، وابن خزيمة في "صحيحه " رقم (1702) ، والطحاوي (1/243) ، وأحمد (4/306) - عن شعبة-، والنسائي وأحمد- عن سفيان-، ومسلم والترمذي (882) - وصححه عن أبي الأحوص- كلهم عن أبي إسحاق ... به. 78- باب في رمي الجمار 1715- عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه قالت: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب، يُكَبِّرُ مع كل حصاة، ورجلٌ من خلفه يَسْتُرُهُ فسألت عن الرجل؟ فقالوا: الفضل بن العباس. وازدحم الناس، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أيها الناس! لا يقتل بعضكم بعضاً، وإذا رميتم الجمرة؛ فارموا بمثل حصى الخَذْفِ ". (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن مهدي: حدثني علي بن مُسْهِرٍ عن يزيد بن أبي

زياد: أخبرنا سليمان بن عمرو بن الأحوص. قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ سليمان بن عمرو بن الأحوص فيه جهالة، لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه شَبِيبُ بن غَرْقَدٍ أيضاً. ويزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم- سيئ الحفظ. وبه أعله المنذري. لكن الحديث قد جاء كله أو جله مفرقاً في أحاديث: فرمي الجمرة- وهي جمرة العقبة-؛ كما في الرواية الثانية في حديث جابر الطويل المتقدم (1663) . ومثله في رواية لمسلم في حديث ابن مسعود الآتي قريباً (1723) . وقولها: ورجل من خلفه ... أي: رديفه؛ في حديث جابر المشار إليه آنفاً. وفيه التكبير مع كل حصاة. ومثله في حديث عائشة الآتي قريباً (1722) . وسائره له طريق أخرى بلفظ: " يا أيها الناس! عليكم بالسكينة والوقار، وعليكم بمثل حصى الخذف ". أخرجه أحمد (5/379) من طريق ليث عن عبد الله بن شداد عن أم جندب الأزْدِية: أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أفاض قال ... وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وليث: هو ابن سعد الإمام. ويشهد له حديث جابر المتقدم برقم (1699) . والحديث أخرجه البيهقي (5/130) من طريق المصنف. ثم أخرجه هو (5/128) ، وابن ماجه (2/242 و 243) ، وأحمد (3/503

و 5/379) من طرق أخرى عن يزيد بن أبي زياد ... به نحوه. ومن طرقه ما يأتي. 1716- وفي رواية عنها قالت: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند جمرة العقبة راكباً، ورأيت بين أصابعه حجراً؛ فرمى، ورمى الناس. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد ووهب بن بيان قالا: ثنا عَبيِدة، عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه. قلت: سبق الكلام عليه في الذي قبله؛ وإنما ساقه المصنف من أجل زيادة الحجر بين أصابعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وشاهده الحديث (1710) . 1717- وفي أخرى عنها: زاد: ولم يَقُمْ عندها. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن إدريس: ثنا يزيد بن أبي زياد ... بإسناده في هذا الحديث؛ زاد ... قلت: سبق الكلام عليه قبل حديث؛ وإنما ساقه المصنف رحمه الله من أجل هذه الزيادة: ولم يقم عندها. ويشهد لها حديث عائشة الآتي بعد أربعة أحاديث.

1718- عن ابن عمر: أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة- بعد يوم النحر- ماشياً، ذاهباً وراجعاً، ويخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك. (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد الله- يعني: ابن عمر- عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله بن عمر المُكَبَّرِ، وهو ضعيف. لكن تابعه أخوه عبيد الله- وهو المصغر- عند الترمذي، وصححه. والحديث أخرجه البيهقي (5/131) من طريق المصنف وغيره عن القعنبي وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة " (2072) ؛ فلا داعي للإعادة. 1719- عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي على راحلته يوم النحر؛ يقول: "لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحجُ بعد حَجتِي هذه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي.

والحديث في "المسند" (3/332) ... بهذا الإسناد. وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن ابن جريج ... به؛ وهو مخرج في "الإرواء" (1074) . وتابعه سفيان: حدثني أبو الزبير ... به؛ قد مضى في الكتاب برقم (1699) . 1720- وعنه قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمي يوم النحر ضُحىً. فأما بعد ذلك؛ فبعد زوال الشمس. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: وحدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "المسند" (3/319) ... بهذا الإسناد والمتن. ثم أخرجه هو (3/312 و 399) ، ومسلم (4/80) ، والترمذي (894) ، والنسائي (2/50) ، والدارمي (2/61) ، وابن ماجه (2/247) ، والطحاوي (1/414) ، والدارقطني (278) ، وابن الجارود (474) ، والبيهقي (5/131) من طرق أخرى عن ابن جريج ... به. وقال الترمذي: "حسن صحيح ".

وتابعه ابن لهيعة عن أبي الزبير ... به: رواه البيهقي وأحمد (3/341) . 1721- عن وَبْرَةَ قال: سألت ابن عمر: متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمى إمامك؛ فارْمِ. فأعدت عليه المسألة؟ فقال: كنا نتحيَّنُ زوال الشمس، فإذا زالت الشمس؛ رمينا. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري: ثنا سفيان عن مِسْعَرٍ عن وَبْرَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الزهري هذا؛ فإنه لم يخرج له البخاري، وقد أخرجه عن غيره كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/457) : حدثنا أبو نعيم: حدثنا مسعر ... به. وأخرجه البيهقي (5/148) من طريق أخرى عن أبي نعيم. 1722- عن عائشة قالت: أفاض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها لياليَ أيام التشريق؛ يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كلَّ جمرة بسبع حصيات، يكبِّر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية، فيطيل القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يَقِفُ عندها. (قلت: حديث صحيح؛ إلا قوله: حين صلى الظهر.. فهو منكر؛ لأن ظاهره أنه صلى الظهر قبل طواف الإفاضة، وهو خلاف حديث جابر الطويل

المتقدم (1663) ، وحديث ابن عمر الآتي (1744) ؛ فإن فيهما أنه صلاها بعد الإفاضة. وقد صحح الحديثَ ابنُ الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا علي بن بحر وعبد الله بن سعيد- المعنى- قالا: ثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية ابن حبان؛ لكن في إسناده من تكلم فيه كما بينته في "الإرواء" (1082) ، فإن ثبت ذلك فبها؛ وإلا فالحديث صحيح؛ لثبوته مفرقاً في أحاديث؛ دون قوله: حين صلى الظهر ... فإنه منكر؛ لما ذكرته أعلاه، ولم أجد له شاهداً. اللهم إلا على رواية الدارقطني بلفظ: حتى صلى الظهر؛ فهي حينئذ مطابقة لحديث جابر، لكن هذه الرواية شاذة عندي؛ لمخالفتها لرواية الآخرين؛ فإنها عندهم باللفظ الأول. والله أعلم. وأما الأحاديث التي تشهد لسائره؛ فحديث ابن عمر المتقدم برقم (1718) ، وحديث جابر (1720) ، وحديث ابن مسعود الآتي برقم (1723) بزيادة الشيخين. ومثله حديث ابن عمر عند البخاري (3/460) ؛ وزاد: ثم يتقدم فيسهل، فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً، فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال، فيسهِّل ويقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً، فيدعو يرفع يديه، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها.

1723- عن ابن مسعود قال: لما انتهى إلى الجمرة الكبرى؛ جعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه، ورمى الجمرة بسبع حصيات، وقال: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم- المعنى- قالا: ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/458) ... بإسناد المصنف الأول. ثم أخرجه هو، ومسلم (4/79) ، والنسائي (2/50) ، وابن الجارود (475) ، والبيهقي (5/129) ، وأحمد (1/415 و 436) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وتابعه الأعمش عن إبراهيم ... به؛ وزاد: من بطن الوادي؛ يكبر مع كل حصاة. أخرجه الشيخان والنسائي والبيهقي، وأحمد (1/456) . وتابعه جامع بن شَدَاد أبو صخرة عن عبد الرحمن بن يزيد ... به مع الزيادة: أخرجه الترمذي (901) ، وابن محاجه (2/243) ، وأحمد (1/430 و 432) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".

وتابعه يزيد النخعي عن عمه عبد الرحمن بن يزيد ... به. أخرجه أحمد (1/458) . وتابعه محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه ... به؛ وزاد زيادة أخرى بلفظ: حتى إذا فرغ قال: " اللهم! اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً ". أخرجه البيهقي وأحمد (1/427) عن ليث عنه. لكن ليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف. ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن عمر: عَند البيهقي؛ وأعله بقوله: "عبد الله بن حكيم ضعيف ". قلت: بل هو هالك؛ فإنه الدَّاهِرِيّ، متهم. ولذلك؛ فإنه لا يصلح للاستشهاد به، وقد خرجته في "الضعيفة" (1107) . 1724- عن أبي البَداح بن عاصم عن أبيه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرْخَص لرِعَاءِ الإبل في البيتوتة؛ يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغَدَ ومن بعد الغَدِ بيومين، ويرمون يوم النَّفْر. (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك. (ح) وحدثنا ابن السَّرْحِ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن

عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي البَدَّاح بن عاصم. قلت: إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي البَدَاح، وهو مشهور في التابعين، كما قال الحاكم والذهبي. وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقد روى عنه جماعة، وقيل: إن له صحبة، وَرَدَهُ الحافظ. والحديث في " الموطأ" (1/360) . وقد رواه جماعة من أصحاب "السن " وغيرهم، وهو مخرج في "الإرواء" (1080) . 1725- وفي رواية عن أبي البَدَّاح بن عدي عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أن يرموا يوماً، ويَدَعُوا يوماً. (قلت: إسناده صحيح، وقد صححه من ذكرنا آنفاً. وأبو البداح: هو ابن عاصم بن عدي، نُسِبَ في هذه الرواية إلى جده، كما قال الحاكم والبيهقي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن، عبد الله ومحمد ابْنَيْ أبي بكر عن أبيهما عن أبي البداح بن عدي عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً، رجاله رجال البخاري؛ غير أبي البداح، وهو ثقة كما تقدم آنفاً. والحديث أخرجه البيهقي (5/151) من طريق المصنف. ورواه غيره من طريق أخرى عن سفيان ... به، دون ذكر محمد بن أبي بكر في إسناده!

وذكره فيه محفوظ، كما بينته في المصدر السابق عن البيهقي. 1726- عن أبي مِجْلَزٍ قال: سألت ابن عباس عن شيء من أمر الجمار؟ فقال: ما أدري أرماها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بست أو بِسَبْع؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك: ثنا خالد بن الحارث: ثنا شعبة عن قتاده قال: سمعت أبا مجلز يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كلى شرط الشيخين؛ غير عبد الرحمن ابن المبارك، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما تأتي الإشارة إليه قريباً. والحديث أخرجه النسائي (2/51) من طريق أخرى عن خالد ... به. وقال أحمد (1/372) : ثنا روح: ثنا شعبة عن قتادة ... به. 1727- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا رمى أحدكم جمرة العقبة؛ فقد حَلَّ له كل شيء إلا النساءَ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا الحجاج عن الزهري عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة. قال أبو داود: " هذا حديث ضعيف؛ الحجاج لم يَرَ الزهري ولم يسمع منه ".

قلت: وهو كما قال رحمه الله، ولذلك رُمِيَ الحجاج بالتدليس، وكان يخطئ أيضاً، ولذلك قال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ والتدليس ". وقد اضطرب في رواية هذا الحديث إسناداً ومتناً على وجوه، ذكرتها في " الأحاديث الضعيفة " (1013) ، وباختصار في " الإرواء " (1046) . وقال البيهقي عقبه: " وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة، وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما رواه سائر الناس عن عائشة رضي الله عنها ". قلت: حديث عمرة أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1047) مع سائر طرقه عن عائشة. ومنها طريق القاسم المتقدم في أول "المناسك " (1532) . وفي بعض طرقه عنها: طيبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت. وفي أخرى من طريق سالم عن ابن عمر قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم؛ فقد حل كل شيء؛ إلا النساء والطيب. قال سالم: وقالت عائشة رضي الله عنها: حلَّ له كل شيء إلا النساء. قال: وقالت: أنا طيبت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ يعني: لحله. زاد الحميدي (212) : بعدما رمى الجمرة وقبل أن يزور. قال سالم: وسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحق أن تتبَعَ.

وسنده صحيح على شرط الشيخين. وهذا شاهد قوي لحديث الحجاج، وإن كان يختلف عنه في اللفظ؛ فإن هذا من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذاك من قوله. لكن له شاهدان آخران من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحدهما: من حديث ابن عباس ... مرفوعاً مثله: أخرجه أحمد بإسناد رجاله ثقات كلهم؛ إلا أنه منقطع كما بينته في "الصحيحة" (239) . والآخر: من حديث أم سليمة ... مرفوعاً مثله أيضاً؛ وفيه زيادة سيأتي الكلام عند تخريج حديثها في "باب الإفاضة في الحج " رقم (1745) . وله شاهد آخر، يتردد النظر بين أن يكون من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو قوله؛ وهو ما أخرجه الحاكم (1/461) ، وعنه البيهقي (5/122) من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: من سنة الحج: أن يصلَيَ الإمام الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والصبح بمنى.. فإذا رمى الجمرة الكبرى؛ حَلَّ له كل شيء إلا النساء والطيب؛ حتى يزور البيت. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وهو خطأ بين؛ فإن فيه إبراهيم بن عبد الله- وهو ابن بشار الواسطي، الراوي عن يزيد بن هارون- ترجمه الخطيب (6/120) . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. لكن أخرجه ابن خزيمة (2800) من غير طريقه. فلعل قوله: والطيب.. وهم منه، كما تدل عليه سائر الأحاديث؛ فإنه موقوف على عمر، الذي ردته عائشة، فيكون قد دخل عليه حديث في حديث ويؤيده أن

79- باب الحلق والتقصير

الطحاوي رواه (1/421) بإسناد أصح منه ... موقوفاً على ابن الزبير؛ دون ذكر الطيب. والله أعلم. 79- باب الحلق والتقصير 1728- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم! ارْحَمِ المحلِّقين ". قالوا: يا رسول الله! والمقصِّرين؟! قال: " اللهم! ارْحَمِ المحلِّقين ". قالوا: يا رسول الله! والمقصِّرين؟! قال: " والمقصِّرين ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأبو نعيم في "مستخرجه "، وابن الجارود. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين،وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/352) ... سنداً ومتناً. وعنه: أخرجه الشيخان أيضاً. وأخرجه غيرهم من طرق عن نافع ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1084) . 1729- وعنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ رأسه في حَجّةِ الوداع. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .

إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ ويعقوب: هو ابن عبد الرحمن بن محمد القاريّ. والحديث أخرجه الشيخان من طرق أخرى عن موسى بن عقبة، وهو مخرج في المصدر المشار إليه آنفاً. وأزيد هنا فأقول: إنه أخرجه أيضاً أحمد (2/88) ، وابن سعد (2/181) عن موسى. وأخرجه الترمذي (913) ، وأحمد (2/119) عن الليث عن نافع ... به؛ دون قوله: في حجة الوداع.. وزاد مكانها: وحلق طائفة من أصحابه، وقصر بعضهم. فقال ابن عمر: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله المحلقين ... " فذكر الحديث الذيَ قبله. وهذه الزيادة عند الشيخين أيضاً، لكن ليس فيها عند البخاري الحديث الذي قبله. ومجموع هذه الروايات يدل على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال هذا الدعاء في حجة الوداع. وقد جاء ذلك صراحة في أحاديث، وثبت أيضاً في أحاديث أخرى أنه قاله في يوم الحديبية؛ خلافاً لنفي ابن عبد البر، وإن أيده الحافظ ابن حجر! وقد أخرجت الأحاديث المشار إليها كلها في المصدر السابق الذكر. وللحديث طريق أخرى، فقال أحمد (2/89) : ثنا عبد الرزاق: أنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر ... به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

1730- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رمى جمرة العقبة يوم النحر، ثم رجع إلى منزله بمنى، فدعا بِذِبْحٍ فَذَبَحَ، ثم دعا بالحلاق، فأخذ بِشقِّ رأسه الأيمن فحلقه، فجعل يَقْسِمُ بين من يليه الشعرةَ والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الأيسر فحلقه، ثم قال: " ههنا أبو طلحة؟ "، فدفعه إلى أبي طلحة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم وأبو نعيم. وصححه ابن الجارود، وزاد هو ومسلم- واللفظ له-: فقال: " اقسمه بين الناس ") . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: ثنا حفص عن هشام عن ابن سيرين عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وهشام: هو ابن حسان. وحفص: هو ابن غياث. والحديث أخرجه مسلم (4/82) ... بإسناد المصنف وغيره عن حفص ... به. وأخرجه ابن الجارود وغيره، ممن ذكرتهم في "الإرواء" (1085) . 1731- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُسْأل يوم منى فيقول: " لا حرج ". فسأله رجل؛ فقال: إني حلقت قبل أن أذبح؟ قال: " اذبح ولا حرج ". قال: إني أمسيت ولم أرمِ؟ قال: " ارم ولا حرج ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه من هذا الوجه، ومسلم من طريق أخرى) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا يزيد بن زُرَيعْ: أخبرنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عكرمة- وهو مولى ابن عباس-؛ فإنه من رجال البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/448) ، والنسائي (2/50) ، وابن ماجه (2/246) من طرق أخرى عن يزيد بن زريع ... به. وأخرجه البيهقي (5/143) من طريق إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء ... به؛ وزاد: ولم يأمر بشيء من الكفارة. وقال: " هذا إسناد صحيح ". وقال أحمد (1/216) : حدثنا هشيم: أخبرنا خالد ... به دونها. وتابعه أيوب عن عكرمة ... به. أخرجه البخاري (1/147) ، والبيهقي وأحمد (1/291 و 311) . وتابعه طاوس عن ابن عباس ... به نحوه. أخرجه البخاري، ومسلم (4/84) ، والبيهقي، وأحمد (1/258 و 269) . وتابعه عطاء عنه: أخرجه أحمد (1/216) ، والبخاري (3/440) ؛ وزاد: زُرْتُ قبل أن أرمي؟ قال:

80- باب العمرة

"لا حرج ". وهي في رواية له (3/441) سن الطريق الأولى من رواية عبد الأعلى عن خالد ... به. وتابعه أيضاً عطاء بن السائب وسعيد بن جبير عنه: عند أحمد (1/300 و 328) . 1732- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس على النساء حلق؛ إنما على النساء التقصير". (قلت: أحد إسناديه صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن الحسن العَتَكِي. ثنا محمد بن بكر: ثنا ابن جريج قال: بلغني عن صفيه بنت شيبة بن عثمان قالت: أخبرتني أم عثمان بنت أبي سفيان أن ابن عباس قال ... حدثنا أبو يعقوب البغدادي- ثقة-: ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جُبَيْرِ بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني ... قلت: إسناده الثاني صحيح؛ على ما حققته في "الصحيحة" (605) ، وخرجته ثَمَ. وأخرجه البيهقي أيضاً (5/104) . 80- باب العمرة 1733- عن ابن عمر قال: اعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يَحُجَّ. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري وابن خزيمة) .

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا مخلد بن يزيد ويحيى بن زكريا عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن جريج مدلس، وقد عنعنه، ولكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/472) ، والبيهقي (4/354) من طريق عبد الله (ابن المبارك) : أخبرنا ابن جريج: قال عكرمة ... به. قال الحافظ: " فإن قيل: إن ابن جريج ربما دلس؛ فالجواب أن ابن خزيمة أخرجه من طريق محمد بن بكر عن ابن جريج قال: قال عكرمة بن خالد ... فذكره "!! قلت: وهذا مما لا طائل تحته؛ فإنه لا فرق بين رواية ابن خزيمة ورواية البخاري في الحاجة إلى إزالة شبهة التدليس. والجواب الشافي: ما سبقت الإشارة إليه من المتابعة، وهو ما صنعه البخاري؛ فإنه عقب الحديث بقوله: وقال إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق: حدثني عكرمة ابن خالد ... به. وهذا وصله أحمد (2/158) : ثنا يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي ... وهذا إسناد موصول جيد. ورواية ابن خزيمة أخرجها أحمد أيضاً (2/46) : ثنا محمد بن بكر ... به. وله عنده (2/70 و 139) طريق أخرى من رواية شريك عن أبي إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر.

1734- عن ابن عباس قال: والله! ما أعْمَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عائشةَ في ذي الحجة؛ إلا ليقطع بذلك أمْرَ أهل الشرك؛ فإن هذا الحي من قريش- ومَنْ دان دينَهم- كانوا يقولون: إذا عَفَا الوَبَرْ، وبَرَأ الدَّبَرْ، ودَخَلَ صَفَرْ؛ فقد حَلَّتِ العُمْرَة لمن اعْتَمَرْ! فكانوا يُحَرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم. (قلت: حديث حسن بهذا التمام- وأخرجه الشيخان بنحوه؛ دون قول ابن عباس في أوله: والله! ... الشرك) . إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السرِي عن ابن أبي زائدة: ثنا ابن جريج ومحمد بن إسحاق عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ فهو صحيح لولا عنعنة ابن جريج وابن إسحاق، لكن هذا قد صرح بالتحديث في رواية أخرى كما سأذكره. والحديث أخرجه الإمام أحمد (1/261) : حدثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن طاوس. قلت: وهذا إسناد حسن. وقد تابعه عبد الله بن طاوس عن أبيه ... به؛ مع اختصار شرحته آنفاً. أخرجه البخاري (3/232) ، ومسلم (4/56) ، والنسائي (2/24) ، وأحمد (1/252) من طريق وهيب بن خالد: حدثنا عبد الله بن طاوس.

1735- عن أبي بكر بن عبد الرحمن: أخبرني رسولُ مروانَ الذي أرْسَلَ إلى أُمِّ مَعْقِلٍ قالت: كان أبو مَعْقِل حاجاً مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما قدم؛ قالت أم معقل: قد علمتُ أن عليَّ حَجَّةً! فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه، فقالت: يا رسول الله! إن علي حجةً، وإن لأبي معقل بَكْراً، قال أبو معقل: صدقت، جعلتُهُ في سبيل الله. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أعْطِها فَلْتَحُجَّ عليه؛ فإنه في سبيل الله ". فأعطاها البَكر. فقالت: يا رسول الله! إني امرأة قد كَبِرْتُ وَسَقُمْتُ؛ فهل من عمل يَجْزِي عَنِّي من حجتي؟ قال: " عمرة في رمضان تَجْزِي حجة ". (قلت: حديث صحيح؛ دون قول المرأة: إني امرأة ... من حجتي. وصححه الحاكم والذهبي وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في إبراهيم بن مهاجر؛ غير رسول مروان؛ فإنه لم يُسَمَّ، فهو مجهول. وقد جاء بإسناد صحيح إسقاطه من بين أبي بكر بن عبد الرحمن وأم معقل، مع تصريحه بسماعه منها، كما سأذكره إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه أحمد (6/375) : ثنا عفان قال: ثنا أبو عوانة ... به.

وتابعه شعبة عن إبراهيم بن مهاجر ... به؛ دون قولها: إني امرأة قد كبرت ... من حجتي. أخرجه ابن خزيمة (3075) ، وأحمد (6/405- 406) ، والحاكم (1/482) - من طريق أحمد وغيره- عنه، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! كذا قالا! وقد عرفت حال إبراهيم؛ على أنه قد اضطرب في إسناد الحديث ومتنه، كما بينته في "الإرواء" (869) . لكن الحديث صحيح في الجملة؛ لما له من الطرق والشواهد، ويأتي بعضها في الكتاب. 1736- عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن جَدَّتِهِ أم معقل قالت: لَمَا حَجَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجة الوداع، وكان لنا جَمَلٌ، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض، وهلك أبو معقل، وخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما فرغ من حجه جئته، فقال: " يا أم معقل! ما منعك أن تخرجي معنا؟! ". قالت: لقد تَهَيَّأْنَا؛ فهلك أبو معقل، وكان لنا جَمَلٌ هو الذي نَحُجُ عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله! قال: " فَهَلا خرجت عليه؟! فإن الحج في سبيل الله. فأمَّا إذْ فاتَتْكِ هذه الحجة معنا؛ فاعتمري في رمضان؛ فإنها كحجة ". فكانت تقول: الحج حجة، والعمرة عمرة، وقد قال لي هذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛

ما أدري ألي خاصة؟! (قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: فكانت تقول ... لتعرَّيهِ عن الشاهد) . إسناده: حدثنا محمد بن عوف الطائي. ثنا أحمد بن خالد الوَهْبِي: ثنا محمد بن إسحاق عن عيسى بن معقل ابن أم معقل الأسدي- أسَدِ خزيمة-: حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عيسى بن معقل، فلم يوثقه غير ابن حبان. وابن إسحاق مُدلَس وقد عنعنه. وقد خولف شيخه في إسناده كما يأتي. ويوسف بن عبد الله بن سلام صحابي صغير. والحديث أخرجه الدارمي (2/51- 52) : أخبرنا أحمد بن خالد ... به. وأخرجه أحمد (4/35) ، والحميدي (870) فقالا: ثنا سفيان بن عيينة قال: ثنا ابن المنكدر قال: سمعت يوسف بن عبد الله بن سلام يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل من الأنصار وامرأته: "اعتمرا في رمضان؛ فإن عمرة في رمضان لكما حَجةٌ". وهذا إسناد صحيح مرسل صحابي، ومراسيل الصحابة حجة. وقد صح من طريق أخرى عن أم معقل وغيرها ... مرفوعاً مختصراً، وهو مخرج في "الإرواء" (869) . ويشهد لها الحديث الآتي.

1737- عن ابن عباس قال: أراد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَجَّ، فقالت امرأة لزوجها: أحِجّنِي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما عندي ما أُحِجّك عليه! قالت: أحِجَّنِي على جملك فلان! قال: ذاك حَبيِس في سبيل اللهَ عز وجل! فأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلامَ ورحمةَ الله، وإنها سألتني الحج معك؛ قالت: أَحِجَّنِي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: ما عندي ما أُحِجُكِ عليه، فقالت: أَحِجَّني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله؟! فقال: " أما إنك لو أحْجَجْتَها عليه كان في سبيل الله ". قال: وإنها أمرتني أن أسألك: ما يَعْدِلُ حجة معك؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقرئها السلامَ ورحمةَ الله وبركاتِهِ، وأخبرها أنها تعدل عمرةً في رمضان ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن العربي في "شرح الترمذي ". وأخرجه الشيخان مختصراً، وكذا ابن الجارود وابن حبان، وزاد: " حجة معي "، وهي رواية البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن بكر بن عبد الله عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير عامر الأحول، فهو من رجال مسلم؛ على ضعف فيه. والحديث أخرجه الحاكم والبيهقي من طرق أخرى عن مسدد ... به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين!

وردَّه الذهبي من وجهين، بينتهما في "الإرواء" (1587) . والصواب أنه حسن كما ذكرت، ولكنه صحيح لغيره؛ فإن له شاهداً من حديث أبي طَلِيق نحوه: أخرجه الدولابي وغيره بسند صحيح، وقد خرجته في المصدر المذكور برقم (869) . وأخرجه ابن خزيمة (3077) : ثنا بشر بن هلال: ثنا عبد الوارث بن سعيد العنبري ... به. 1738- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القَعْدَةِ، وعمرة في شوال. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقواه الحافظ. وقوله: في شوال؛ يعني: ابتداءً؛ وإلا فهي كانت في ذي القَعْدَةِ أيضاً؛ لحديث أنس الآتي) . إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (5/11) من طريق أخرى عن عبد الأعلى بن حماد ... به. ثم أخرجه (4/346) من طريق عبد العزيز بن محمد: أبَنَا هشام بن عروة ... بلفظ:

اعتمر ثلاث عُمَرٍ: عمرة في شوال، وعمرتين في ذي القَعْدَةِ. وإسناده قوي، كما قال الحافظ (3/473) . وهذا صحيح على شرط مسلم، وهو أصح عندي من اللفظ الأول؛ لأنه قد تابعه مالك في "الموطأ" (1/316) عن هشام بن عروة ... به؛ إلا أنه لم يذكر عائشة في إسناده؛ فأرسله. والموصول أصح؛ لاتفاق ثقتين عليه. وللفظ الثاني شاهد من حديث أبي هريرة ... مرفوعاً به؛ دون ذكر شوال؛ وقال: كلها في ذي القَعْدَةِ. أخرجه البيهقي (4/345) بسند جيد. وآخر من حديث ابن عمروٍ ... مثل حديث أبي هريرة: أخرجه أحمد (2/180) . ولحديث عائشة طريق أخرى، وهو في الكَتاب الآخر (341) ... مثل حديث أبي هريرة؛ ليس فيه شوال. وهذا هو المحفوظ، كما حققه ابن القيم في "الزاد" (1/257) ، و"التهذيب " (1/424) ، وقال فيه: " والوهم من عروة أو من هشام؛ إلا أن يحمل على أنه ابتدأ إحرامها في شوال، وفعلها في ذي القعدة، فتتفق الأحاديث كلها. والله أعلم ".

1739- عن ابن عباس قال: اعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع عُمَرٍ: عمرة الحديبية، والثانية حين تواطَأُوا على عمرة مِنْ قابل، والثالثة من الجِعْرَانَةِ، والرابعة التي قَرَنَ مع حجته. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ") . إسناده: حدثنا النفيلي وقتيبة قالا: ثنا داود بن عبد الرحمن العَطار عن عمرو ابن دينار عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الترمذي (816) ... بإسناد المصنف الثاني، وقال: " حديث حسن غريب. ورواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... لم يذكر فيه: عن ابن عباس ". ثم ساق إسناده الصحيح بذلك. وأقول: داود بن عبد الرحمن- وهو العطار- ثقة من رجال الشيخين، وقد وصله بذكر ابن عباس فيه، وهي زيادة من ثقة؛ فيجب قبولها، وقد صححه من يأتي ذكرهم. ويشهد له حديث أنس الذي بعده. وأخرجه الدارمي (2/51) ، وابن حبان (1018) ، والحاكم (3/50) ، والبيهقي (5/12) ، وأحمد (1/246 و 321) من طرق أخرى عن داود بن عبد الرحمن ... به. وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. قلت: ولو زادا: " على شرط الشيخين "- كما قلنا- لأصابا. 1740- عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر أربع عُمَرٍ؛ كلَّهن في ذي القَعْدَةِ؛ إلا التي مع حَجَّتِهِ- قال أبو داود: أتقنت من ههنا من هُدْبَةَ، وسمعته من أبي الوليد ولم أضبطه-: زمنَ الحديبية- أو من الحديبية- في ذي القعدة، وعمرة من الجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غنائمَ حنينٍ في ذي القعدة، وعمرة في حجته. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي وهدبة بن خالد قالا: ثنا همام عن قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/474) ... بإسنادي المصنف عن همام. وأخرجه مسلم (4/61) ، والبيهقي (5/10) ... بإسناده الثاني عنه. ثم أخرجه مسلم، والترمذي (815) ، وأحمد (3/134 و 245 و 256) من طرق أخرى عن همام ... به. وقال الترمذي. " حديث حسن صحيح ".

81- باب المهلة بالعمرة تحيض، فيدركها الحج، فتنقض عمرتها،

81- بابُ المُهِلَّةِ بالعمرة تَحِيضُ، فيدركها الحجُّ، فتَنْقُض عمرتها، وتُهِلُّ بالحج؛ هل تَقْضِي عمرتها؟ 1741- عن عبد الرحمن بن أبي بكر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعبد الرحمن: "يا عبد الرحمن! أرْدِفْ أختك عائشة، فأعْمرْها من التنعيم، فإذا هبطت بها من الأكَمَةِ؛ فلتحرم؛ فإنها عمرة متقبَّلة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الشيخان مختصراً دون قوله: " فإذا هبطتَ ... ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا داود بن عبد الرحمن: حدثني عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن يوسف بن، ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر عن أبيها. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه البيهقي (4/358) من طريق المصنف ... به. ثم أخرجه هو، والدارمي (2/52) ، وأحمد (1/198) من طرق أخرى عن داود بن عبد الرحمن ... به. وأخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن أبي بكر ... مختصراً كما بينته فوق، وهو مخرج في "الإرواء" (1090) .

1742- عن مُحَرِّشٍ الكَعْبِيِّ قال: دخل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجِعْرَانَة، فجاء إلى المسجد، فركع ما شاء الله، ثم أحرم، ثم استوى على راحلته، فاستقبل بطن سَرِفَ، حتى لقي طريق المدينة، فأصبح بمكة كبائتٍ. (قلت: حديث صحيح، دون قوله: فجاء إلى المسجد فركع ما شاء الله.. فإنه منكر، وبدونه حسنه الترمذي والحافظ) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا سعيد بن [مزاحم بن] أبي مزاحم: حدثني أبي مزاحمٌ عن عبد العزيز بن عبد الله بن أسِيدٍ عن مُحَرَّش الكعبي. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير سعيد بن مزاحم، فهو مجهول، لم يوثقه أحد، ولم يرو عنه غير قتيبة بن سعيد، ولذلك قال الحافظ فيه: " مقبول "؛ يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة. وقد توبع، إلا على الركوع في المسجد، فهو منكر. والحديث أخرجه الترمذي (935) ، والنسائي (2/29) ، والدارمي (2/52) ، والبيهقي (4/357) ، وأحمد (3/426 و 427) - من طريق ابن جريج-، والنسائي، والشافعي (1/298) ، وعنه البيهقي وأحمد أيضاً- عن إسماعيل بن أمية- كلاهما عن مزاحم بن أبي مزاحم ... به. وأخرجه الحميدي (863) عن إسماعيل ... مختصراً. وقال الترمذي: " حسن غريب "! ولفظه عند أحمد عن ابن جريج:

82- باب المقام في العمرة

خرج من الجعرانة معتمراً، فدخل مكة ليلاً، ثم خرج من تحت ليلته، فأصبح بالجعرانة كبائت، فلما زالت الشمس؛ أخذ في بطن سَرِفَ، حتى جامع الطريق طريقَ المدينةِ، فلذلك خفيت عمرته [على كثير من الناس] . وزاد إسماعيل في حديثه: فنظرت إلى ظهره؛ كأنه سَبِيكَةُ فضة. والحديث أشار إليه الحافظ في "الفتح " (3/473) ، وسكت عليه؛ مشيراً إلى أنه حسن عنده. 82- باب المُقَامِ في العُمْرةِ 1743- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام في عمرة القضاء ثلاثة. (قلت: حديث صحيح. أخرجه الشيخان من حديث البراء مطولاً) . إسناده: حدثنا داود بن رُشَيْدٍ: ثنا يحيى بن زكريا: ثنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح وعن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا عنعنة ابن إسحاق. لكن الحديث صحيح؛ فإن له شاهداً قوياً من حديث البراء بن عازب ... في حديثه الطويل في صلح الحديبية. أخرجه البخاري (7/404- 409) ، ومسلم (5/174) ، وأحمد (4/289 و291 و 302) .

83- باب الافاضة في الحج

وقد أخرج المصنف طرفاً منه فيما تقدم (1608) . 83- باب الافاضة في الحج 1744- عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفاض يوم النحر، ثم صلى الظهر بمنى؛ يعني: راجعاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم، وعلقه البخاري. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم، وعلقه البخاري. ومن عزاه للمتفق عليه؛ فقد وهم! كما بينته في "الإرواء" (1070) ، والحديث مخرج هناك. 1745- عن أم سلمة قالت: كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مساءَ يوم النحر، فصار إلي، ودخل علي وَهْبُ بن زَمْعَةَ، ومعه رجل من آل أبي أمية مُتقمصين، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوهب: " هل أفَضتَ يا أبا عبد الله؟! ". قال: لا والله يا رسول الله! قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انْزِعْ عنك القميصَ ". قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه، ثم قال: لِمَ يا رسول الله؟! قال: " إن هذا يوم رُخصَ لكم- إذا أنتم رميتم الجمرة- أن تَحِلوا- يعني-

من كل ما حُرِمْتُم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت؛ صِرْتُمْ حُرُماً، كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، قبل أن تطوفوا به ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقواه أحد رواته، وهو أبو عبيدة بن عبد الله ابن زَمْعَةَ التابعي، ثم الحافظ ابن حجر. واستدركه الحاكم. وقال ابن القيم: " إن الحديث محفوظ " وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين- المعنى واحد- قالا: ثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق: ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرِّج لابن إسحاق إلا مقروناً، وقد صرح بالتحديث. وأبو عبيدة بن عبد الله روى عنه جمع من الثقات، وروى له مسلم في "الرضاع " (4/169) . على أنه لم يتفرد به، وقد قوّاه ابن القيم كما يأتي. والحديث في "المسند" (6/295) : ثنا محمد بن أبي عدي ... به. وعنه: الطبراني في "الكبير" (23/412) ؛ وزاد أحمد: قال محمد: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس ابنة مِحْصَن- وكانت جارة لهم- قالت: خرج من عندي عُكَّاشة بن مِحْصَن في نفر من بني أسَد متقمصين عشيةَ يوم النحر، ثم رجعوا إليَّ عِشَاءً قُمُصُهُمْ على أيديهم يحملونها. قالت: فقلت: أيْ عكاشة! ما لكم خرجتم متقمصين، ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها؟! فقال: أخبرتنا أم قيس:

كان هذا يوماً قد رُخِّصَ لنا فيه- إذا نحن رمينا الجمرة- حللنا من كل ما حُرِمنا منه؛ إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطف به؛ صرنا حرماً لهيئتنا قبل أن نرمي الجمرة، حتى نطوف به. ولم نطف؛ فجعلنا قمصنا كما تَرَيْنَ. وهكذا- وبهذه الزيادة-: أخرجه الحاكم (1/489- 490) ، وعنه البيهقي (5/137) من طريق أخرى عن يحيى بن معين. ثنا ابن أبي عدي ... به. وسقط من "المستدرك" ما بعد قوله: قال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس ... فيصحح من "البيهقي "، وبسببه لم نعرف ما إذا كان الحاكم صححه- كما هي عادته-، أم سكت عنه- كما يفعل أحياناً-؟! والغريب أن السقط نفسه وقع من "تلخيص المستدرك " أيضاً! وقال ابن القيم في " التهذيب " (2/427) - عقب الزيادة-: " وهذا يدل على أن الحديث محفوظ؛ فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه، وعن أمه، وعن أم قيس ". وأشار الحافظ إلى تقويته بسكوته عليه في "التلخيص " (2/260) . وهو بلا شك قوي؛ لما سبق من حال إسناده، وما يأتي له من المتابعات والشواهد. ثم أخرجه البيهقي، وأحمد (6/303) ، والطبراني (18/23- 24) من طريقين آخرين عن ابن إسحاق: حدثني أبو عبيدة ... به؛ وزاد أحمد: قال أبو عبيدة: أوَلا يَشُدُّ لك هذا الأثرُ إفاضةَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يومه ذلك قبل أن يمسي؟! قلت: يشير إلى حديث ابن عمر قبله. ونحوه حديث جابر الطويل المتقدم (1663) .

ولابن إسحاق فيه إسناد آخر، فقال أحمد: ثنا يعقوب: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن يزيد بن رومان عن خالد مولى الزبير بن نَوْفَل قال: حدثتني زينب ابنة أبي سلمة عن أمها أم سلمة ... هذا الحديث. ورجاله ثقات؛ غير خالد هذا، فقال الحافظ في "التعجيل ": " لا يُدْرَى من هو؟! ". وللحديث شواهد تقويه من حديث عائشة وابن عباس ... مرفوعاً نحوه؛ دون قوله: " فإذا أمسيتم ... "؛ وقد مضى الكلام عليهما عند حديث عائشة رقم (1727) . ويشهد لسائره ما أخرجه الطحاوي (1/418) عن عبد الله بن لهيعة قال: ثنا أبو الأسود عن عروة عن جُدَامة بنت وهب- أخت عكاشة بن وهب-: أن عكاشة بن وهب- صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخاً له آخر جاءاها حين غابت الشمس يوم النحر، فألقيا قميصهما. فقالت: ما لكما؟! فقالا: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من لم يكن أفاض منها (وفي رواية: من عشية هذه) ؛ فليلق ثيابه ". وكانوا تطيبوا ولبسوا الثياب. قلت: ورجاله ثقات كلهم؛ لولا سوء حفظ ابن لهيعة، ولكن لا بأس به في الشواهد. فالحديث- بمجموع ما ذكرته من الطرق- صحيح عندي، وقد سكت عنه الحافظ في "التلخيص " (2/258 و 260) ، وقال:

" قال البيهقي: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بهذا الحديث. وذكر ابن حزم أنه مذهب عروة بن الزبير". قلت: وحكاه الطحاوي عن قوم من أهل العلم. والله أعلم. 1746- عن ابن عباس: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَرْمُلْ في السبْعِ الذي أفاض فيه. (قلت: حديث صحيح، وكذا قال الحاكم، وزاد: " على شرط الشيخين "! يوافقه الذهبي، وقواه الحافظ) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود: أخبرنا ابن وهب: حدثني ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كان ابن جريج سمعه من عطاء، لكن سأذكر ما يقويه. وسليمان: هو المَهْرِيّ المصري. والحديث أخرجه ابن ماجه (2/249) ، والحاكم (1/475) ، والبيهقي (5/84) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! ويشهد له حديث ابن عمر ... مرفوعاً: " كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم؛ فإنه يسعى ثلاثة أطواف ... " الحديث. أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد مضى برقم (1654) .

84- باب الوداع

84- باب الوداع 1747- عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَنْفِرَنَّ أحد، حتى يكون آخرَ عهدِهِ الطوافُ بالبيتِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن الجارود، وأخرجه الشيخان بنحوه مرفوعاً؛ وزادا: إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا سفيان عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وسفيان: هو ابن عيينة. والحديث أخرجه الشافعي (2/73) ، وأحمد (1/222) ، والحميدي (502) قالوا: ثنا سفيان ... به. وأخرجه مسلم (4/93) ، والدارمي (2/72) ، وابن ماجه (2/251) ، وابن الجارود (495) ، والبيهقي (5/161) من طرق عن سفيان ... به. ولسفيان فيه إسناد آخر، يرويه عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: أُمِرَ الناس أن يكون آخرُ عهدهمْ بالبيتِ إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض. أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " (1086) ، وزاد البخاري في رواية عن طاوس قال: وسمعت ابن عمر يقول:

85- باب الحائض تخرج بعد الإفاضة

إنها لا تنفر. ثم سمعته يقول بَعْدُ: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخّصَ لهنَّ. 85- باب الحائض تخرج بعد الإفاضة 1748- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر صَفِيَّةَ بنت حُيَي، فقيل: إنها قد حاضت، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لعلها حابستنا! "، فقالوا: يا رسول الله! إنها قد أفاضت! فقال: " فلا إذن ". (قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأً" (1/363) ... بهذا الإسناد. وعنه: أخرجه البيهقي. وأخرجه أحمد (6/202 و 207 و 213 و 231) من طرق أخرى عن هشام ... به. وأخرجه الشيخان من طريق الزهري عن أبي سلمة وعروة عنها. وابن الجارود (496) ، وأحمد (6/164) عنه عن عروة وحده.

وله عنها طرق أخرى في "الصحيحين " وغيرهما، وهي مخرجة في "الإرواء" (1069) . 1749- عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال: أتيت عمر بن الخطاب، فسألته عن المرأة تَطوُف بالبيت يوم النحر، ثم تحيض؟ قال: لِيَكنْ آخرُ عهدها بالبيت. قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فقال عمر: أربتَ عن يديك! سألتني عن شيء سألتَ عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكيما أخالف؟! (قلت: إسناده صحيح، وقال المنذري: " حسن ". لكن الحديث منسوخ بحديث عائشة الذي قبله وغيره) . إسناده: حدثنا عمرو بن عوف: أخبرنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد ابن عبد الرحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الحارث بن عبد الله بن أوس، وهو صحابي. وقال المنذري: " إسناده حسن، وأخرجه النسائي ". والحديث أخرجه الطحاوي (1/421) ، وكذا النسائي في "الكبرى" (2/463 - 464) ، وأحمد (3/416- 417) من طرق أخرى عن أبي عوانة ... به. وأخرجه أحمد، والترمذي (946) من طريق الحجاج بن أرطاة عن عبد الملك

86- باب طواف الوداع

ابن المغيرة عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَانِيِّ عن عمرو بن أوس عن الحارث بن عبد الله. وقال الترمذي: " حديث غريب ".. بلفظ: " من حج البيت أو اعتمر؛ فليكن آخر عهده بالبيت ". فقال له عمر: خَرَرْتَ من يديك! سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم تخبرنا به!! وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن البيلماني، وعنعنة الحجاج بن أرطاة؛ فإنه كان مدلساً. والحديث منسوخ؛ كما قال الطحاوي. لكن من المحتمل أنه لم يذكر فيه الحائض صراحة، وإنما استدل الحارث بعمومه، كما هو لفظه في رواية ابن البيلماني. وحينئذٍ فهو مخصص بحديث عائشة وابن عباس اللذين قبله. والله أعلم. 86- باب طواف الوداع 1750- عن عائشة رضي الله عنها قالت: أحْرَمْتُ من التنعيم بعمرةٍ، فَدَخَلْتُ فقضيتُ عمرتي، وانتظرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأبطح حتى فرغت، وأمر الناس بالرَّحيل. قالت: وأتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البيتَ فطاف به، ثم خرج. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري باللفظ الذي بعده) .

إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن أفلح عن القاسم عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه باللفظ الذي بعده. 1751- وفي رواية عنها قالت: خرجت معه- يعني: مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في النَّفْرِ الآخر، فنزل المُحَصبَ ... في هذا الحديث؛ قالت: ثم جئته بِسَحَرٍ؛ فأذن في أصحابه بالرحيل، فارتحل، فمرَّ بالبيت قبل صلاة الصبح، فطاف به حين خرج، ثم انصرف متوجهاً إلى المدينة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد إسنادي البخاري هو عين إسناد المصنف) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا أبو بكر- يعني: الحنفي-: ثنا أفلح عن القاسم عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وأفلح: هو ابن حُمَيْدٍ الأنصاري. والحديث أخرجه البخاري (3/328) ... بإسناد المصنف ولفظه، ولكنه ساقه بتمامه. ثم أخرجه هو (3/483) ، ومسلم (4/31) ، والبيهقي (5/161) من طرق أخرى عن أفلح ... به.

87- باب التحصيب

87- باب التحصيب 1752- عن عائشة [قالت] : إنما نزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُحَصَّبَ ليكون أسمح لخروجه، وليس بسنة؛ فمن شاء نزله، ومن شاء لم ينزله. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن هشام عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "المسند" (6/190) ... بهذا المسند والمتن. وأخرجه البيهقي (5/161) عن المصنف. ثم أخرجه هو، والبخاري (3/466) ، ومسلم (4/85) ، والترمذي (923) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (2/251) ، وأحمد أيضاً (6/41 و207 و 230) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به. وتابعه الزهري: وأخبرني عروة عنها: أنها لم تكن تفعل ذلك، وقالت: إنما نزله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه كانْ منزلاً أسمح لخروجه. أخرجه أحمد (6/225) ؛ وسنده صحيح على شرط الشيخين.

1753- عن أبي رافع قال: لم يأمرني أن أنزله، ولكن ضَرَبْتُ قُبَّتَهَ فنزله. قال مسدد: وكان على ثَقَلِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال عثمان: يعني: في الأبطح. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة- المعنى-. (ح) وثنا مسدد قالوا: ثنا سفيان: ثنا صالح بن كيسان عن سليمان بن يسار قال: قال أبو رافع ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وسفيان: هو ابن عيينة. والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده" (549) : ثنا سفيان ... به؛ دون ذكر الثقل. وزاد عن سفيان: وكان عمرو بن دينار يحدث بهذا الحديث عن صالح بن كيسان، فلما قدم صالح علينا قال لنا عمرو: اذهبوا إليه فاسألوه عن هذا الحديث. ورواه البيهقي (5/161) من طريق الحميدي. وأخرجه مسلم (4/85) من طرق أخرى عن سفيان ... به؛ دون زيادة الحميدي؛ وعنده ذكر الثقل. ولم أر الحديث في "مسند أحمد"! والله أعلم.

1754- عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله! أين ننزل غداً- في حجته-؟ قال: " هل ترك لنا عَقِيلٌ منزلاً؟! ". ثم قال: " نحن نازلون غداً بِخَيْفِ بني كِنَانَةَ، حيث قاسمت قريشٌ على الكفر "؛ يعني: المحصَّب. وذلك أن بني كنانة حالفت قريشاً على بني هاشم: أن لا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يُؤْوُوْهُمْ. قال الزهري: والخَيْفُ: الوادي. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "المسند" (5/202) ... بهذا السند والمتن. وأخرجه البخاري (6/131- 132) ، ومسلم (4/108) ، وابن ماجه (2/221) ، والبيهقي (5/160) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وتابعه يونس بن يزيد عن ابن شهاب ... به نحوه مختصراً. أخرجه البخاري (3/354) ، ومسلم، وابن ماجه (2/164) . وتابعه محمد بن أبي حفصة أيضاً: عند أحمد (5/201) ، والبخاري (8/11) ، ومسلم- وقرن معه زمعة بن صالح- وقالا:

وذلك زمن الفتح. ورجح الحافظ رواية معمر، فقال: " ومعمر أوثق وأتقن من محمد بن أبي حفصة ". قلت: لكن مع ابن أبي حفصة: زمعة بن صالح، وهذا وإن كان في حفظه ضعف، فمتابعته لا بأس بها. وقد يجمع بين الروايتين بتعدد القصة. والله أعلم. ويشهد لرواية معمر: حديث أبي هريرة الآتي: 1755- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال- حين أراد أن يَنْفِرَ من منى-: " نحن نازلون غداً ... " فذكر نحوه؛ ولم يذكر أوله، ولا ذكر: الخيف: الوادي. (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا عمر: ثنا أبو عمرو- يعني: الأوزاعي- عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عمر- وهو ابن عبد الواحد-، ومحمود، وهما ثقتان، وقد توبعا. والحديث أخرجه أحمد (2/237) : ثنا الوليد: ثنا الأوزاعي ... به. وأخرجه البخاري (3/355) ، ومسلم (4/86) ، والبيهقي (5/160) ، وأحمد

(2/540) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به. ورواه البخاري (8/12) ، ومسلم، وأحمد (2/263 و 322 و 353) من طرق أخرى عن الزهري، وعن أبي هريرة. 1756- عن بكر بن عبد الله ونافع: أن ابن عمر كان يَهْجَعُ هَجْعَةً بالبَطْحَاءِ، ثم يدخل مكة، ويزعم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري عن نافع وحده أتمَ منه) . إسناده: حدثنا موسى أبو سلمة: ثنا حماد عن حُمَيْدٍ عن بكر بن عبد الله وأيوب عن نافع: أن ابن عمر كان ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-؛ فإنه على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه البخاري بنحوه، كما يأتي في الذي بعده. والحديث أخرجه أحمد (2/28- 29) ، ثنا رَوْح: ثنا حماد عن حميد عن بكر بن عبد الله: أن ابن عمر ... 1757- وفي رواية عنهما: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء، ثم هَجَعَ هَجْعَةً، ثم دخل مكة. وكان ابن عمر يفعله. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري من طريق

88- باب فيمن قدم شيئا قبل شيء في حجه

أخرى عن نافع وحده؛ دون دخول مكة) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عفان: ثنا حماد بن سلمة: أخبرنا حميد عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر. وأيوب عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، كالذي قبله. والحديث في "المسند" (2/100) ... سنداً ومتناً. ثم أخرجه (2/110 و 124) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ... به؛ إلا أنه قال: ثم دخل فطاف بالبيت. وأخرجه البخاري (3/467) ، والبيهقي (5/160) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ... به؛ دون ذكر الدخول والطواف. 88- باب فيمن قَدَّمَ شيئاً قبل شيء في حَجِّهِ 1758- عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنه قال: وَقَفَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع بمنىً يسألونه، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! إني لم أشْعُرْ، فحلَقْتُ قبل أن أذبح؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذبح ولا حَرَجَ ". وجاء رجل آخر؛ فقال: يا رسول الله لم أشْعُرْ، فَنحَرْتُ قبل أن أرميَ؟ قال: " ارْمِ ولا حَرَجَ ".

قال: فما سُئِلَ يومئذ عن شيء قُدِّمَ أو أُخِّرَ؟ إلا قال: " اصْنَعْ ولا حَرَجَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/368) ... سنداً ومتناً. وعنه: أخرجه أحمد أيضاً (2/192) ، والبخاري (3/448- 451) ، ومسلم (4/82- 83) ، والدارمي (2/64) ، والبيهقي (5/140- 141) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه البخاري أيضاً (3/451) ، ومسلم، والترمذي (916) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والدارمي أيضاً، وابن ماجه (2/246) ، وابن الجارود (487 و488) ، والبيهقي، وأحمد (2/202 و 6957 و 7032) ، والحميدي (580) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به. وللحديث شواهد، منها: حديث ابن، عباس ... نحوه: عند الشيخين، ومضى برقم (1731) . ومنها: حديث أسامة بن شريك، وهو الآتي بعده.

1759- عن أسامة بن شَرِيكٍ قال: خَرَجْتُ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاجّاً، فكان الناس يأتونه، فمن قال: يا رسول الله! سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئاً، أو أخرت شيئاً؟ فكان يقول: " لا حرجَ، لا حرجَ؛ إلا على رَجُلٍ اقتَرَضَ عِرْضَ رجل مسلم وهو ظالم؛ فذلك الذي حَرِجَ وهَلَكَ ". (قلت: إسناده صحيح؛ لكن قوله: سعيت قبل أن أطوف.. شاذ، وقد أشار إلى ذلك البيهقي بقوله: " إن كان محفوظاً ". وبدونه صححه ابن حبان والحاكم) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الشيباني عن زياد بن عِلاقةَ عن أسامة بن شريك. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أسامة بن شريك، وهو صحابي، تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة. والحديث أخرجه البيهقي (5/146) من طريق المصنف، وقال: " هذا اللفظ: سعيت قبل أن أطوف.. غريب، تفرد به جرير عن الشيباني. فإن كان محفوظاً؛ فكأنه سأله عن رجل سعى عَقِبَ طواف القدوم قبل طواف الإفاضة؟ فقال: " لا حرج ". والله أعلم "! وتعقبه ابن التركماني بقوله: " هذه الصورة مشهورة، وهي التي فعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فالظاهر أنه لا يسأل عنها، وإنما سأل عن تقديم السعي على طواف الإفاضة (الأصل: القدوم) ، وعموم قول الصحابي: فما سئل عن شيء قُدمَ ولا أُخِّرَ إلا قال: " افعل ولا حرج " يدل

89- باب في مكة

على جواز ذلك. وهو مذهب عطاء والأوزاعي، واختاره ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" ... "! قلت: وهذا كلام سليم، ولكنه لم يتعرض لإشارة البيهقي إلى كون اللفظ المذكور شاذاً بنفي أو إثبات! والأمر الأول أرجح عندي، وليس ذلك لمجرد تفرد جرير- وهو ابن عبد الحميد-؛ بل لمخالفة الثقات له. منهم: أسباط بن محمد فقال: ثنا أبو إسحاق الشيباني ... به؛ إلا أنه لم يذكر تلك اللفظة؛ بل قال: فسئل عمن حلق قبل أن يذبح، أو ذبح قبل أن يحلق. أخرجه الطحاوي (1/423) ، والحاكم (4/198) ، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. ثم أخرجه هو (4/198 و 399- 400) ، وابن حبان (1924 و 1925) ، وأحمد (4/278) من طرق أخرى عن زياد بن علاقة ... به أتمَّ منه؛ دون اللفظة، وإنما بلفظ: وسألوه عن أشياء: هل علينا حرج في كذا وكذا؟. والحديث أخرج المصنف طرفاً آخر منه في أول "الطب "، وسيأتي هناك إن شاء الله تعالى. 89- باب في مكة [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

90- باب تحريم حرم مكة

90- باب تحريم حَرَمِ مكة 1760- عن أبي هريرة قال: لما فتح الله تعالى على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ؛ قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم، فَحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن الله حَبَسَ عن مكة الفِيلَ، وسلَّطَ عليها رسولَه والمؤمنين، وإنما أُحِلّتْ لي ساعةً من النهار، ثم هي حرام إلى يوم القيامة، لا يُعْضَد شَجَرُها، ولا يُنَفَّرُ صيدها، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لِمُنْشِدِ ". فقام عباس- أو قال: قال العباس-: يا رسول الَله! إلا الإِذْخِرَ؛ فإنه لقبورنا وبيوتنا؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إلا الإذخر ". قال أبو داود: " وزادنا فيه ابن المُصَفَّى عن الوليد: فقام أبو شَاه- رجل من أهل اليمن-، فقال: يا رسول الله! اكتبوا لي. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكتبوا لأبي شاه ". قلت للأوزاعي: ما قوله: " اكتبو لأبي شاه "؟ قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا الأوزاعي: حدثني يحيى- يعني: ابن أبي كثير- عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث في "المسند" (2/238) ... سنداً ومتناً كما رواه المصنف عنه؛ لكن فيه الزيادة التي رواها ابن المصفى عن الوليد. وهذا- فيما يبدو لي- مما لم يسمعه المصنف عن أحمد، وسمعه ابنه عنه. لكن هذا قد زاد زيادة أخرى، فقال- بعد أن ساق إسناد أبيه المذكور-: قال أبي: وأبو داود: حدثنا حرب عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة: ثنا أبو هريرة- المعنى- قال ... فذكره. وفما هذه الزيادة فائدة تصريح يحيى بالتحديث. وقد أخرجه الدارمي (2/265) من طريق أخرى عن حرب ... به. والبخاري (1/166) من طريق شيبان عن يحيى عن أبي سلمة ... به. ثم أخرجه هو (5/66) ، ومسلم (4/110) من طرق عن الوليد بن مسلم ... به مسلسلاً بالتحديث. وأخرجه الطحاوي (1/437) . وتابعه الوليد بن مَزْيَد: ثنا الأوزاعي ... به مسلسلاً كذلك: أخرجه ابن الجارود (508) ، والبيهقي (5/195) ... نحوه. 1761- عن ابن عباس ... في هذه القصة؛ قال: " ولا يُختلى خَلاها " (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس.

91- باب في نبيذ السقاية

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/38) ... بإسناد المصنف؛ لكنه ساقه بتمامه، وفيه الجملة التي ذكرها المصنف. ثم أخرجه هو (3/352 و 6/218) ، ومسلم (4/109) ، والنسائي (2/30) ، والبيهقي (5/195) من طرق أخرى عن جرير ... به. وهو عند النسائي مختصر. ثم أخرجه هو، ومسلم، وابن الجارود (509) ، وأحمد (1/259 و 315) من طرق أخرى عن منصور ... به. والطحاوي (1/437) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ... به. وتابعه عكرمة عن ابن عباس ... به: أخرجه البخاري (3/166 و 4/253 و5/66) ، والبيهقي، وأحمد (1/253) . ومعمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس: أخرجه أحمد (1/348) . وسنده على شرط الشيخين. لكن خالفه زكريا بن إسحاق فقال: حدثنا عمرو ابن دينار عن عكرمة عنه: علقه البخاري، ووصله الإسماعيلي وأبو نعيم، كما في "الفتح "، ولم يتعرض لرواية معمر بذكر! ولعلها شاذة. والله أعلم. 91- باب في نَبِيذِ السِّقَايَةِ 1762- عن بكر بن عبد الله قال: قال رجل لابن عباس: ما بال أهل هذا البيت يَسْقُونَ النبيذَ، وبنو عَمِّهِمْ يَسْقُونَ اللبن والعسل والسَّوِيقَ؟! أبُخْلٌ بهم، أم حاجةٌ؟ فقال ابن عباس: ما بنا من بخل، ولا بنا من حاجة، ولكن دخل

92- باب الإقامة بمكة

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على راحلته، وخلفه أسامة بن زيد، فدعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشراب، فأُتِيَ بنبيذ، فَشَرِبَ منه، ودفع فَضلَهُ إلى أسامة بن زيد، فشرب منه، ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أحْسَنْتُمْ وأجْمَلْتُمْ، كذلك فافعلوا ". فنحن هكذا؛ لا نريد أن نُغَيَّرَ ما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: ثنا خالد عن حميْدٍ عن بكر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم. وخالد: هو ابن عبد الله الطحان. وحميد: هو الطويل. والحديث أخرجه مسلم (4/86) ، والبيهقي (5/147) ، وأحمد (1/369 و372) من طرق أخرى عن حميد ... به. 92- باب الإقامة بمكة 1763- عن عبد الرحمن بن حُمَيْد: أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل السائب بن يزيد: هل سمعت في الإقامة بمكة شيئاً؟ قال: أخبرني ابن الحضرمي: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " للمهاجرين إقامةٌ بَعْدَ الصَّدرِ ثلاثاً ".

93- باب الصلاة في الكعبة

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: الدراوردي- عن عبد الرحمن ابن حميد: أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا أن الدراوردي قرنه البخاري بغيره، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (7/213) ، ومسلم (4/108- 109) ، والترمذي (949) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (1/212) ، والدارمي (1/355) ، وابن ماجه (1/332) ، وابن الجارود (225) ، والبيهقي (3/147) ، وأحمد (4/339 و 5/52) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن حميد ... به نحوه. وتابعه أبوه حميد بن عبد الرحمن بن عوف: أن السائب بن يزيد أخبره ... به. أخرجه مسلم والنسائي والدارمي والبيهقي وأحمد، وابن سعد (2/189) من طريق إسماعيل بن محمد بن سعد عنه. 93- باب الصلاة في الكعبة 1764- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل الكعبة، هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة الحَجَبِي وبلال، فأغلقها عليه، فمكث فيها. قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال:

جعل عموداً عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه- وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة-، ثم صلى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأً" (1/354) ... سنداً ومتناً. وكذلك أخرجه أحمد (2/113 و 138) ، والبخاري (1/458) ، ومسلم (4/95) ، والنسائي (1/122) ، وِالبيهقي (5/157) من طرق عن مالك ... به؛ وزاد النسائي وغيره كما يأتي قريباً: وجعل بينه وبين الجدار نحواً من ثلاثة أذرع. وسنده صحيح. ثم أخرجه البخاري (1/459 و 3/366) ، ومسلم، وابن ماجه (2/250) ، وأحمد، والحميدي (149) من طرق أخرى عن نافع ... به نحوه. وتابعه سالم بن عبد الله عن أبيه ... نحوه. أخرجه البخاري (3/363) ، ومسلم أيضاً، والنسائي (1/112) ، وأحمد (2/120) . وتابعه مجاهد عن ابن عمر ... نحوه؛ وزاد: ركعتين. أخرجه البخاري.

ويشهد لهذه الزيادة أحاديث؛ منها حديث عمر الآتي بعد روايتين. 1765- وفي رواية عنه ... بهذا؛ لم يذكر السواري، قال: ثم صلى؛ وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذْرَمِيُّ: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك ... بهذا. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الأذرمي هذا، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/113 و 138) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ... به. وتابعه على هذه الزيادة: ابن القاسم قال: حدثني مالك ... به: أخرجه النسائي (1/122) كما تقدم. وتابعه موسى بن عقبة عن نافع ... به. أخرجه البخاري (1/459 و 3/366) . 1766- وفي أخرى عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعنى حديث القعنبي (يعني: الرواية الأولى) ؛ قال: ونسيتُ أن أسأله: كم صلى؟ (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) . إسناده- حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/95) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة ... به، وساقه بتمامه. ثم أخرجه هو، وأحمد (2/33 و 55) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به. وهو أيضاً، والبيهقي، والحميدي (149) ، وكذا ابن ماجه (2/250) من طرق أخرى عن نافع ... به؛ وعند مسلم وغيره: أن ذلك كان عام الفتح. واعلم أن قوله في هذه الرواية: ونسيت أن أسأله: كم صلى؟ ينافي رواية مجاهد عن ابن عمر المتقدمة آنفاً: أنه صلى ركعتين! وقد جمع الحافظ بينهما بوجه لا بأس به؛ فراجع (1/397) . ويشهد للركعتين الحديث الآتي. 1767- عن عبد الرحمن بن صفوان قال: قلت لعمر بن الخطاب: كيف صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين دخل الكعبة؟ قال: صلى ركعتين. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الرحمن بن صفوان- وهو ابن قُدَامَة الجُمَحِي-، فقد اختلفوا في صحبته.

ويزيد بن أبي زياد- وهو الهاشمي مولاهم- فيه ضعف من قبل حفظه. لكن للحديث شواهد تقويه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/431) : ثنا أحمد بن الحجاج: أنا جرير ... به؛ وفي أوله قصة فتح مكة. وأخرجه الطبراني أيضاً بإسناد؛ قال الحافظ (1/398) : "صحيح ". قلت: فلعله عنده من غير طريق يزيد بن أبي زياد؛ فإن كان كذلك؛ ثبتت صحبة عبد الرحمن بن صفوان؛ لأن سياق أحمد والطبراني يدل على أنه كان حاضراً حين صلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الهيثمي (3/296) : " رواه الطبراني، ورجاله رجال (الصحيح) ". وعزاه (3/295) للبزار، وقال: " ورجاله رجال (الصحيح) "! وفاته هو والحافظ: أنه في "المسند"؛ فلم يعزواه إليه! ويغلب على ظني الآن أن سنده عند البزار والطبراني فيه الهاشمي أيضاً، وهو من رجال مسلم مقروناً، ولذلك قال الهيثمي متسامحاً: " ورجاله رجال (الصحيح) "! وتلقاه عنه الحافظ، فقال: " إسناده صحيح "! ظاناً أن رجاله كلهم محتج بهم في "الصحيح "، وهو المتبادر من ذلك القول. وخفي عليه أن الهاشمي من رجاله لم يحتج به مسلم. والله أعلم. وللحديث شواهد أخرى، تراها في "الفتح ".

1768- عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قَدِمَ مكة؛ أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأُخرجت، قال: فأخْرَجَ صورةَ إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قاتلهم الله! والله! لقد علموا ما اقتسما بها قَطُ ". قال: ثم دخل البيت؛ فكبَّر في نواحيه وفي زواياه، ثم خرج ولم يصل فيه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج: ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/367) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه هو (8/13) ، والبيهقي (5/158) ، وأحمد (1/334) من طريق عبد الوارث: ثنا أيوب ... به. وقال البيهقي. " والقول قول من قال: صلى؛ لأنه شاهد. والذي قال: لم يصل؛ ليس بشاهد". قلت: وكذا قال البخاري في " جزء رفع اليدين ". ولدخوله البيت ومَحْوِ الصور شاهد بسند حسن عن جابر، يأتي في "اللباس " [48- باب في الصور] .

94- باب الصلاة في الحجر

94- باب الصلاة في الحِجْرِ 1769- عن عائشة أنها قالت: كنت أُحِبُّ أن أدْخُلَ البيت فأصليَ فيه، فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي، فأدخلني الحِجْرَ، فقال: " صَلِّي في الحجر إذا أردت دخول البيت؛ فإنما هو قطعة من البيت؛ فإن قومك اقتصروا حين بَنَوُا الكعبة، فأخرجوه من البيت ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز عن علقمة عن أمه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد حسن، أو محتمل للتحسين على الأقل، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أم علقمة- واسمها مرجانة-، روى عنها أيضاً بُكَيْرُ بن الأشَجِّ، ذكرها ابن حبان في "الثقات ". وقال العجلي: " مدنية تابعية ثقة ". وصحح لها الترمذي كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (876) ، والنسائي (2/35) ، وأحمد (6/92) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طريق أخرى، أخرجه البيهقي (5/158) - عن علي بن عاصم-، وأحمد (6/67) - عن حماد بن سلمة-، والأزرقي في "أخبار مكة" (ص 223) - عن خالد بن عبد الله- كلهم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن عائشة

95- باب في دخول الكعبة

رضي الله عنها ... بمعناه. وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط، وهؤلاء سمعوا منه في الاختلاط؛ إلا أن حماداً سمع منه قبل الاختلاط أيضاً. والله أعلم. والشطر الأخير من المرفوع منه: أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق كثيرة عنها، يزيد بعضهم على بعض، وقد جمعت أطرافه، وضممت بعضها إلى بعض في سياق واحد، مع تخريجه في "الصحيحة" (43) . 95- باب في دخول الكعبة 1770- عن صَفِيَّةَ بنت شيبة قالت: سمعت الأسلَمِيَّةَ تقول: قلت لعثمان: ما قال لك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين دعاك؟ قال: " إنيِ نسيت أن آمرَكَ أن تُخَمِّرَ القَرْنَيْنِ؛ فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيتِ شيءٌ يَشغَلُ المُصَلِّيَ ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا ابن السرح وسعيد بن منصور ومسدد قالوا: ثنا سفيان عن منصور الحَجَبِي: حدثني خالي عن أمي صفية بنت شيبة. قال ابن السرح: خالي مُسَافعُ بن شَيْبَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الأسلمية، وهي صحابية بايعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي أم عثمان ابنة سفيان، وهي أم بني شيبة الأكابر، كما يأتي في رواية لأحمد، وهي التي روت عن ابن عباس حديث: "ليس على النساء حلق ... "، وقد مضى (1732) .

ومنصور: هو ابن عبد الرحمن الحَجَبِي. والحديث أخرجه أحمد (4/68 و 5/380) ، والحميدي (565) قالا: ثنا سفيان ... به؛ إلا أنهما قالا: عن صفية بنت شيبة- زاد أحمد- أم منصور- قالت: أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا ... زاد أحمد: قال سفيان: لم يزل قرنا الكبش في البيت، حتى احترق البيت، فاحترقا. وخالفه محمد بن عبد الرحمن فقال: عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه عن أم عثمان ابنة سفيان، وهي أم بني شيبة الأكابر- قال محمد بن عبد الرحمن- وقد بايعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا شيبة، ففتح، فلما دخل البيت ورجع وفرغ، ورجع شيبة؛ إذا رسولُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن أجب. فأتاه، فقال: " إني رأيت في البيت قرناً فغيِّبْه ". قال منصور: فحدثني عبد الله بن مسافع عن أمي عن أم عثمان بنت سفيان: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له في الحديث: " فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يُلْهي المصلين ". أخرجه أحمد. لكن محمد بن عبد الرحمن هذا- وهو أخو منصور بن عبد الرحمن الحجبي-؛ قال الدارقطني: "متروك ". وقد خالفه أخوه في إسناده ومتنه؛ فلا يُعْبَأًُ به.

96- باب في مال الكعبة

96- باب في مال الكعبة 1771- عن شيبة- يعني: ابن عثمان- قال: قعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقعدك الذي أنت فيه، فقال: لا أخْرُجُ حتى أقْسِمَ مالَ الكعبة. قال: قلت: ما أنت بفاعلٍ. قال: بلى لأفعلَن. قال: قلت: ما أنت بفاعل. قال: لِمَ؟ قلت: لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رأى مكانه، وأبو بكر رضي الله عنه، وهما أحوج منك إلى المال، فلم يحَركاه! فقام فخرج. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الشيباني عن واصل الأحدب عن شَقِيق عن شيبة- يعني: ابن عثمان-. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. والشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الكوفي. والمحاربي قال أحمد: " كان يدلس "؛ لكنه قد توبع. وواصل: هو ابن حَيَّان. والحديث أخرجه ابن ماجه (2/269) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا المحاربي ... به أتم منه، وقال في آخره: فلم يحركاه، فقام كما هو، فخرج. ولم أر الحديث في "المسند" من طريق المحاربي! وإنما عن سفيان الثوري، فقال

97- باب

(3/410) : ثنا وكيع: ثنا سفيان عن واصل الأحدب ... به: ثنا عبد الرحمن عن سفيان ... به. وأخرجه البخاري (13/212) من طريق أخرى عن عبد الرحمن ... به. وقال الحافظ: " وعبد الرحمن: هو ابن مهدي. وسفيان: هو الثوري ". وتابعه خالد بن الحارث: حدثنا سفيان ... به نحوه. 97- باب [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 98- باب في إتيان المدينة 1772- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُشَدُ الرِّحَالُ إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ". (قلت: أخرجه الشيخان. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع.

99- باب في تحريم المدينة

والحديث أخرجه أحمد (2/238) ، والحميدي (943) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه البخاري (4/49) ، ومسلم (4/126) ، وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان ... به. وكذلك رواه ابن الجارود (510) . وله طريقان آخران عن أبي هريرة. وشاهدان من حديث أبي سعيد الخدري، وابن عمرو بن العاص؛ وذلك كله مخرج في "الإرواء" (970) . 99- باب في تحريم المدينة 1773- عن علي رضي الله عنه قال: ما كتبنا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إلا القرآن، وما في، هذه الصحيفة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المدينة حرام: ما بين عَائِرٍ إلى ثَورٍ، فمن أحدث حَدَثاً، أو آوى مُحْدِثاً؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ، ولا صَرْفٌ! ذِمَّةُ المسلمين واحدة؛ يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ ولا صَرْفٌ! ومن والى قوماً بغير إذن مواليه؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه عَدْلٌ ولا صَرْفٌ! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .

إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/196) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (6/214) ... بإسناد المصنف ومتنه. ثم أخرجه هو (4/68 و 6/210 و 12/34 و 13/235) ، ومسلم (4/115) ، وأحمد (1/81 و 126) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. 1774- ومن طريق أخرى عنه رضي الله عنه ... في هذه القصة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يُخْتَلَى خَلاها، ولا يُنَفَّرُ صيدُها، ولا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُها؛ إلا لمن أشَادَ بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال، ولا يصلح أن يَقْطَعَ منها شجرة؛ إلا أن يَعْلِفَ رَجُلٌ بعيره ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الصمد: ثنا همام: ثنا قتادة عن أبي حسان عن علي رضي الله عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير أبي حسان- وهو الأعرج البصري-، وهو ثقة من رجال مسلم. والحديث أخرجه أحمد (1/119) : ثنا بَهْز: ثنا همام ... به. وأخرجه البيهقي (5/201) من طريق المؤلف.

ومن طريق هُدْبَةَ: ثنا همام ... به. 1774/م- عن سليمان بن كنانة مولى عثمان بن عفان: أخبرنا عبد الله ابن أبي سفيان عن عدي بن زيد قال: حمى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلَّ ناحية من المدينة بريداً بريداً؛ لا يخبط شجره، ولا يعضد؛ إلا ما يساق به الجمل. (قلت: إسناده ضعيف (*) ، مسلسل بالمجهولين: عدي بن زيد فنازلاً) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أن زيد بن الحباب حدثهم: ثنا سليمان بن كنانة ... قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الله بن أبي سفيان- وهو مولى ابن أبي أحمد-؛ قال الذهبي في ترجمته بعد أن ساق الحديث: " لا يعرف عدي إلا بهذا الحديث، ولا يُدرى من هو عبد الله في خلق الله، تفرد به عنه سليمان بن كنانة، وما هو بالمشهور ". وعبد الله هذا روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". وقال المنذري: " هو في معنى المجهول". وسليمان بن كنانة- وهو الأموي؛ مولى عثمان- روى عنه أيضاً أبو عامر العقدي والواقدي. قال أبو حاتم:

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله من "الضعيف " إلى هنا. انظر نهاية التخريج. (الناشر) .

" لا أعرفه ". وقال الحافظ: " مجهول الحال ". لكن ذكر في ترجمة عدي بن زيد الجذامي من "الإصابة"؛ أنه تابعه إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عدي بن زيد الأنصاري. وقال: " فيحتمل أن يكون هذا جذامياً حَالَفَ الأنصارَ ". قلت: لكن إبراهيم هذا متروك؛ فلا فائدة من متابعته. وروي من طريق الفضل عن جابر مختصراً. أخرجه البزار (1160) ، وقال: " لا يروى إلا من هذا الوجه، والفضل بن مبشر صالح الحديث ". قلت: وتعقبه الحافظ في "مختصر الزوائد" فقال (1/479) : "قلت: بل ضعيف ". ثم وجدت للحديث شاهدين آخرين؛ أحدهما صحيح، فخرجت الحديث مع شواهده في "الصحيحة" (3234) ، ولذلك قررت نقله إلى "الصحيح ". 1775- عن سليمان بن أبي عبد الله قال: رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلاً يصيد في حَرَمِ المدينة الذي حرم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَبَهُ ثيابه، فجاء مواليه، فكلَّمُوه فيه! فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَمَ هذا الحرم، وقال: " من أخذ أحداً يصيد فيه؛ فَليسلُبهُ ". فلا أرُدُّ عليكم طُعْمَةً أطْعَمَنِيها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن إن شئتم؛ دفعتُ إليكم ثَمَنَهُ.

(قلت: حديث صحيح؛ لكن قوله: يصيد.. منكر، والمحفوظ: يقطع شجراً.. كما رواه مسلم من طريق أخرى، والمصنف من الطريق الآتية) . إسناده: حدثنا أبو سلمة. ثنا جرير- يعني: ابن حازم-: حدثني يعلى بن حَكِيمٍ عن سليمان بن أبي عبد الله. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان بن أبي عبد الله؛ قال أبو حاتم: " ليس بالمشهور؛ فيعتبر بحديثه ". وذكره ابن حبان في "الثقات "! وقال البخاري وأبو حاتم: " أدرك المهاجرين والأنصار ". وفي " التقريب ": " مقبول ". يعني: عند المتابعة، وقد توبع كما يأتي. وأبو سلمة: موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكِي. والحديث أخرجه البيهقي (5/199) من طريق المصنف. وأخرجه أحمد (1/170) : ثنا عفان: ثنا جرير بن حازم ... به. وتابعه عامر بن سعد. أن سعداً ركب إلى قصره بالعقيق، فوجد عبداً يقطع شجراً أو يخبطه؛ فسلبه ... الحديث نحوه. أخرجه مسلم (4/113) ، وأحمد (1/168) ، والبيهقي.

1776- ومن طريق مولىً لسعد: أن سعداً وَجَدَ عَبِيداً من عَبِيد المدينة يقطعون من شجر المدينة، فأخذ متاعهم، وقال- يعني: لمواليهم-: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى أن يقطع من شجر المدينة شيء، وقال: " من قطع منه شيئاً؛ فَلِمَنْ أخذه سَلَبُهُ ". (قلت: حديث صحيح. وأخرجه مسلم من طريق عامر بن سعد عن أبيه نحوه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن مولى لسعد. قلت: وهذا إسناد جيد؛ لولا أن مولى سعد لم يسم! ولعله سليمان بن أبي عبد الله الذي قبله. وقد تابعه عامر بن سعد؛ كما سبق ذكره في الذي قبله، فالحديث به صحيح. والحديث أخرجه البيهقي (5/199) من طريق الطيالسي: ثنا ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة: حدثني بعض ولد سعد عن سعد ... به. وهذا يرجح احتمال أن يكون هذا البعض هو عامر بن سعد، الذي من طريقه أخرجه مسلم، كما سبق تخريجه آنفاً. 1777- عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يُخْبَطُ ولا يُعْضَدُ حِمَى رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن يُهَش هَشّاً رقيقاً ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) .

إسناده: حدثنا محمد بن حفص أبو عبد الرحمن القَطَّان: ثنا محمد بن خالد: أخبرني خارجة بن الحارث الجهَنِي: أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث: وهو ابن رافع بن مَكِيث الجُهَني، وروى عنه أيضاً ابن أخيه محمد بن خالد بن رافع، وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال ابن القطان: "لا يعرف ". ومحمد بن خالد: هو ابن رافع بن مَكِيثٍ؛ فيما جزم به الحافظ. وقال في " التقريب ": "مستور". والحديث أخرجه البيهقي (5/200) من طريق المصنف. وهو، وابن حبان (3744) من طريق أخرى عن خارجة بن الحارث ... به. وله طريق أخرى رواها ابن لهيعة: أنا أبو الزبير قال: أخبرني جابر ... مرفوعاً: " ... حرام ما بين حَرَتَيْها وحِمَاها كلها، لا يقطع منها شجرة؛ إلا أن يعلف رجل منها ... ". أخرجه أحمد (3/393) . وسنده حسن في المتابعات والشواهد. وأصله في "مسلم " (4/113) . ويشهد له حديث علي المتقدم (1774) . وحديث أبي سعيد ... مرفوعاً نحوه: عند مسلم (4/117) .

1778- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأتي قُبَاءَ ماشياً وراكباً- زاد ابن نمير: ويصلي ركعتين-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وليس عند البخاري الزيادة) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة عن ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني، وعلى شرط البخاري من الوجه الأول؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/53) ... بإسناد المصنف الأول الذي ليس فيه الزيادة. ومسلم (4/127) ، والبيهقي (5/248) من طرق أخرى عن ابن نمير ... به مع الزيادة. وعلقه البخاري. وأخرجه مالك (1/181) ، ومسلم، وأحمد (2/4) من طرق أخر عن نافع ... به دون الزيادة. ومسلم، والنسائي (1/113) ، والبيهقي من طرق أخرى عن ابن عمر ... به.

100- باب زيارة القبور

100- باب زيارة القبور 1779- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما من أحد يُسَلِّمُ عليّ؛ إلا رَدَّ الله عَلَيَّ روحي، حتى أرُدَّ عليه السلامَ ". (قلت: إسناده حسن، وقال العراقي: " جيد "، وقال الحافظ: " رجاله ثقات ") . إسناده: حدثنا محمد بن عوف: ثنا المقرئ: ثنا حَيْوَة عن أبي صخر حُمَيْدِ ابن زياد عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْطٍ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير أن حميد بن زياد قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، ولا ينزل ذلك حديثه عن مرتبة الحسن. وإلى ذلك أشار الحافظ بقوله: " صدوق يهم ". ولذلك قال في "الفتح " (6/379) : " ورجاله ثقات ". وقال شيخه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (1/279) : "سنده جيد ". والمقرئ: هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المصري. ومن طريقه: رواه الطبراني في "الأوسط " (3116) . والحديث أخرجه أحمد (2/527) : ثنا عبد الله بن يزيد ... به.

وأخرجه البيهقي (5/245) وغيره من طريق أخرى عن المقرئ ... به؛ وهو مخرج في "الصحيحة" (2266) . 1780- وعنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ، وحسنه ابن القيم) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: قرأت على عبد الله بن نافع: أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. ومن طريق المؤلف: البيهقي في "شعب الإيمان " (3/491) . قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ على ضعف في حفظ عبد الله بن نافع- وهو الصائغ-؛ لكنه هنا قد حدث من كتابه، وقد قال ابن حبان وغيره: " كان صحيح الكتاب، وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ ". ولذلك قال الحافظ في "الفتح " (6/379) : " سنده صحيح ". وقال ابن القيم في "إغاثة اللهفان " (1/191) : " إسناده حسن؛ رواته كلهم ثقات مشاهير ". وله شاهد من طريق أهل البيت رضي الله عَنهم: عند القاضي إسماعيل بن إسحاق في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رقم (20 و 30- بتحقيقي) و "تحذير الساجد" (ص 140) .

والحديث أخرجه أحمد (2/367) : ثنا سُرَيْجِّ قال: ثنا عبد الله بن نافع ... به. 1781- عن رِبيعَةَ بن الهُدَيْرِ قال: ما سمعت طلحة بن عبيد الله يحدِّث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً قطً غير حديث واحد. قال: قلت: وما هو؟ قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يريد قبور الشهداء، حتى إذا أشرفنا على حَرةِ (واقم) ، فلما تدلينا منها؛ فإذا قبور بِمَحْنِيَةٍ، قال: قلنا: يا رسول الله! أقبور إخواننا هذه؟ قال: " قبور أصحابنا ". فلما جئنا قبور الشهداء؛ قال: " هذه قبور إخواننا ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا حامد بن يحيى: ثنا محمد بن مَعْنِ المَدَنِي: أخبرني داود بن خالد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن ربيعة- يعني: ابَن الهُديرِ-. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. وربيعة: ابن الهدير- ويقال: ربيعة بن عبد الله بن الهدير-. والحديث أخرجه البيهقي (5/249) من طريق أخرى عن حامد بن يحيى ... به. وأخرجه هو، وأحمد (1/161) من طريق علي بن عبد الله: ثنا محمد بن معن الغِفاري ... به.

1782- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله أنَاخَ بالبطحاء الني بذي الحليفة، فصلى بها. فكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه، وفي رواية لهما: كان إذا صدر من الحج أو العمرة؛ أناخ ... ) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/358) ... سنداً ومتناً. وعنه أيضاً: أخرجه البخاري (3/305) ، ومسلم (4/106) ، والنسائي (2/7) ، والبيهقي (5/244- 245) ، وأحمد (2/28 و 112 و 138) من طرق عنه ... به. وتابعه موسى بن عقبة عن نافع؛ بلفظ: أن عبد الله بن عمر كان إذا صدر من الحج أو العمرة؛ أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة، التي كان يُنيخُ بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه البخاري (3/467) ، ومسلم أيضاً، والبيهقي وأحمد (2/87) . وتابعه عبيد الله عن نافع ... بلفظ: وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج إلى مكة؛ يصلي في مسجد الشجرة، وإذا رجع؛ صلى بذي الحليفة وببطن الوادي، وبات حتى يصبح. أخرجه البخاري (3/305) . ورواه المصنف مختصراً، وقد مضى برقم (1631) .

1783- قال مالك: لا ينبغي لأحد أن يجاوز المُعَرَّسَ إذا قَفَلَ راجعاً إلى المدينة؛ حتى يصلي ما بدا له؛ لأنه بلغني: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّس به. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين مقطوعاً) . إسناده: حدثنا القعنبي قال: قال مالك ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" عقب الحديث الذي قبله. 1784- سمعت محمد بن إسحاق المدني قال: المُعَرَّس: على ستة أميال من المدينة. (قلت: محمد بن إسحاق هذا: هو المُسَيَّبِيُّ، ثقة من شيوخ مسلم) . أخرجه البيهقي (5/245) من طريق المصنف. (فائدة) : المعرس: مكان معروف بذي الحليفة، قال الحافظ: " وكل من الشجرة والمعرس على ستة أميال من المدينة، لكن المعرس أقرب، وهو وادي العقيق، وهو بقرب البقيع، بينه وبين المدينة أربعة أميال ". آخر كتاب "المناسك " من "صحيح أبي داود" وكان الفراغ منه قُبَيْلَ صُبْحِ عرفة بساعتين من يوم الاثنين 9/12/1394 هـ

6- كتاب النكاح

6- كتاب النكاح 1- باب التحريض على النكاح 1785- عن علقمة قال: إني لأمشي مع عبد الله بن مسعود بمنى؛ إذ لَقِيَهُ عثمان، فاستخلاه، فلما رأى عبد الله أن ليست له حاجة؛ قال لي: تَعَالَ يا علقمة! فجئت، فقال له عثمان: ألا نزوجك يا أبا عبد الرحمن! جارية بكراً؛ لعله يرجع إليك من نفسك ما كنت تعهد؟! فقال عبد الله: لئن قلت ذاك؛ لقد سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع؛ فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجَاءٌ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/128) ... بإسناد المصنف ومتنه. ثم أخرجه هو، والبخاري (4/95 و 9/87- 89) ، والنسائي (2/69) ، وابن ماجه (1/566- 567) ، والدارمي (2/132) ، والبيهقي (7/77) ، وأحمد (1/378 و 447) من طرق أخرى عن الأعمش ... به.

2- باب ما يؤمر به من تزوج ذات الدين

وللأعمش فيه إسناد آخر، فقال: حدثني عمارة (ابن عُمَيْر) عن عبد الرحمن ابن يزيد قال: دخلت مع علقمة والأسود على عبد الله، فقال عبد الله: كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره. أخرجه البخاري (9/89- 90) ، ومسلم، والترمذي (1081) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي والدارمي، وابن الجارود (672) ، وأحمد (1/424 و425 و 432) ، والحميدي (115) من طرق عنه- والسياق للبخاري-. 2- باب ما يُؤْمَرُ به من تزوج ذات الدين 1786- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " تُنْكَحُ النساء لأربع: لِمَالِهَا، ولِحَسبِها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين؛ تَرِبَتْ يداك! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن سعيد: حدثني عبيد الله: حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده. والحديث أخرجه البيهقي (9/79) من طريق المصنف وغيره عن مسدد.

3- باب في تزويج الأبكار

وأخرجه البخاري (9/110) ... بإسناد المصنف. وأخرجه أحمد (2/428) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه مسلم (4/175) ، والدارمي (2/133) ، وابن ماجه (1/572) من طرق أخرى عن يحيى ... به. وأخرجه مسلم والدارمي، والترمذي (1086) من حديث جابر ... مرفوعاً به؛ دون ذكر الحسب. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وهو مخرج في "الإرواء" (1783) . 3- باب في تزويج الأبكار 1787- عن جابر بن عبد الله قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتزوجت؟ ". قلت: نعم، قال: " بِكْرٌ أم ثَيَبٌ؟ ". فقلت: ثَيِّبٌ. قال: " أفلا بِكْرٌ؛ تلاعبها وتلاعبك؟! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه من طرق أخرى عنه مطولاً ومختصراً. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا أبو معاوية: أخبرنا الأعمش عن سالم ابن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بأسانيد أخرى كما يأتي.

4- باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء

والحديث في "المسند" (3/314) ... أتم منه وفيه قصة جمل جابر. واختصر منه المصنف هذا القدر. ثم أخرجه أحمد (3/294 و 302 و 308 و 358 و 362 و 373- 374 و 375 - 376) ، والبخاري (4/255- 256 و 9/99- 100 و 100- 101 و 280- 281) ، والحميدي (1227) من طرق كثيرة ... مطولاً ومختصراً به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقد خرجته في "الإرواء" (1785) . 4- باب النهي عن تزويج مَنْ لم يلد من النساء 1788- عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن امرأتي لا تَمْنَعُ يَدَ لامِسٍ؟! قال: " غَرَّبها ". قال: أخاف أن تَتْبَعَها نَفسِي؟! قال: "فاستمتع بها". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ ابن كثير: " إسناده جيد "، وأطلق النووي عليه الصحة) . إسناده: قال أبو داود: كتب إليَّ حسين بن حُرَيْثٍ المَرْوَزِيّ: ثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن عُمَارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ غير الحسين بن واقد، فهو على شرط مسلم، وأخرج له البخاري تعليقاً، وهو صدوق له أوهام لا يضر الاحتجاج به، ولهذا قال ابن كثير في "التفسير، (3/164) :

" وهذا الإسناد جيد ". وقال المنذري في "مختصره " (3/6) : " ورجال إسناده محتج بهم في "الصحيحين " على الاتفاق والانفراد. وذكر الدارقطني أن الحسين بن واقد تفرد به عن عمارة بن أبي حفصة، وأن الفضل بن موسى تفرد به عن الحسين بن واقد ". والحديث أخرجه البيهقي (7/154) من طريق المصنف. ثم أخرجه من طريق أبي عبد الله الصفار الوَزَّان: ثنا الحسين بن حريث ... به. وكذلك أخرجه النسائي (2/104) : أخبرنا الحسين بن حريث ... به. وله طريق أخرى عن ابن عباس، يرويه حماد بن سلمة وغيره عن هارون بن رِئَاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير. وعبد الكريم عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس- عبد الكريم يرفعه إلى ابن عباس، وهارون لم يرفعه- قالا ... فذكره. أخرجه النسائي (2/72) ، والبيهقي (7/154) ؛إلا أنه لم يذكر: وغيره. وقال النسائي: " هذا الحديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي، وهارون بن رئاب أثبت منه، وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة، وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم ". وقال البيهقي: " ورواه ابن عيينة عن هارون بن رئاب مرسلاً ". وحديث حماد عن عبد الكريم: أخرجه ابن أبي شيبة (4/183) . قلت: ثم رواه النسائي (2/104) من طريق النضر بن شمَيْل: حدثنا حماد ابن سلمة قال: أنبأنا هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن

عباس ... به، وقال: " هذا خطأ، والصواب مرسل "! قلت: ولعل ذلك لرواية ابن عيينة المرسلة أيضاً؛ فهي ترجح رواية حماد الأولى المرسلة! وهي على كل حال صحيحة الإسناد، فهي شاهد قوي لحديث الباب. وله شاهد آخر موصول، يرويه أبو الزبير عن جابر ... مرفوعاً: رواه البيهقي. ورجاله ثقات، وكأنه لذلك قال الحافظ: في "التلخيص " (3/225) : " وأطلق النووي عليه الصحة ". 1789- عن مَعْقِل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إني أصَبْت امرأةً ذات حَسَبٍ وجمالٍ، وإنها لا تَلِدُ؛ أفأتزوجها؟ قال: " لا ". ثم أتاه الثانية؟ فنهاه. ثم أتاه الثالثة؟ فقال: " تَزَوَّجوا الودود الولود؛ فإني مُكَاثِرٌ بحَم الأمَمَ ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وصححه الحافظ ابن حبان من حديث أنس، وحسنه الهيثمي) . إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا مسْتَلِم بن سعيد [ابن] أخت منصور بن زاذان عن منصور- يعني. ابن زاذان- عن معاوية بن قُرَةَ عن معقل بن يسار. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مستلم بن

5- باب في قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية)

سعيد، وهو صدوق عابد ربما وهم، كما في "التقريب ". والحديث أخرجه النسائي، والبيهقي (7/81) وغيرهما من طرق أخرى عن يزيد ابن هارون ... به، وقوّاه من ذكرت في الأعلى، وهو مخرج في "آداب الزفاف " (ص 132-133) . 5- باب في قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية) 1790- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن مَرْثَدَ بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَوِيَّ كان يحمل الأُسَارى بمكة، وكان بمكة بَغِي- يقال لها: عَنَاق- وكانت صديقته، قال: جئت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله! أنْكِحُ عَنَاقَ؟ قال: فسكَتَ عَنِّي. فنزلت: (والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك) ، فدعاني، فقرأها عليَّ وقال: "لا تنكحها". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "، وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن محمد التيمي: ثنا يحيى: ثنا عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المعروف في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وإبراهيم بن محمد التيمي: هو أبو إسحاق المعمري البصري قاضيها. ويحيى: هو ابن سعيد القطان.

والحديث أخرجه النسائي (2/71) ... بإسناد المصنف أتم منه. فكأن المصنف اختصره. وتابعه رَوْحُ بن عُبَادة: ثنا عبيد الله بن الأخنس ... به مطولاً. أخرجه البيهقي (7/153) ، والترمذي (3176) ، وقال: " حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه "! كذا قال! وقد رواه معتمر بن سليمان عن أبيه قال: ثنا الحضرمي بن لاحق عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو ... به مختصراً؛ وفيه تسمية المرأة بـ: (أُمَ مهزول) . أخرجه أحمد (2/158- 159) ، والبيهقي، والحاكم (2/193) ، وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. ورواه الطبري في "التفسير" (18/56) . 1791- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ينكح الزاني المجلودُ إلا مِثْلَهُ ". (قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد وأبو معمر قالا. ثنا عبد الوارث عن حبيب: حدثني عمرو بن شعيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. وقال أبو معمر: حدثني حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن شعيب، وهو ثقة في روايته عن غير أبيه عن جده على الأصح.

6- باب في الرجل يعتق أمته، ثم يتزوجها

وحبيب: هو المعلم. والحديث أخرجه أحمد (2/324) ، والحاكم (2/193) عن حبيب ... به، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. 6- باب في الرجل يُعْتِقُ أمتَهُ، ثم يتزوَّجها 1792- عن أبي موسى قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أعتق جاريته وتزوجها؛ كان له أجران ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا هَنَّاد بن السَّرِيَ: ثنا عبْثَر عن مُطَرِّف عن عامر عن أبي بردة عن أبي موسى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري وغيرهما من طريق أخرى عن عامر- وهو الشعبي- ... به أتم منه بلفظ: " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين ... " الحديث، وهو مخرج في "الصحيحة" (1153) . وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/1/221) عن خالد بن عبد الله عن مطرف ... به مختصراً.

7- باب يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

1793- عن أنس: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعْتَقَ صَفِيَّةَ، وجعل عِتْقَها صَداقَها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثا عمرو بن عون: أخبرنا أبو عوانة عن قتادة وعبد العزيز بن صهيب عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم: حدثنا قتيبة: حدثنا أبو عوانة ... به. وأخرجه هو، والبخاري وغيرهما من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1825) . 7- باب يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ ما يَحْرُمُ من النسَبِ 1794- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يَحْرُمُ من الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ من الوِلادة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الترمذي. وأخرجه الشيخان وابن الجارود من طرق أخرى عنها) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة عن عائشة ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق أخرى،

خرجتها في "الإرواء " (1876) ، وصححه الترمذي من طريق مالك هذه. وابن الجارود من طريق أخرى. 1795- عن أم سلمة: أن أم حبيبة قالت: يا رسول الله! هل لك في أختي؟ قال: " فَأفْعَلُ ماذا؟ ". قالت: فتنكحها. قال: " أختك؟ ". قالت: نعم. قال: " أوَتُحِبِّينَ ذلك؟! ". قالت: لستُ بمُخْلِيَةٍ بك، وأحَبُ مَنْ شَرِكَنِي في خيرٍ أختي! قال: " فإنها لا تَحِل لي ". قالت: فوالله! لقد أُخْبِرْتُ بأنك تَخْطُبُ دُرّة- أو ذَرَّةَ؛ شك زهير- بنت أبي سلمة؟! قال: " بنت أم سلمة؟ ". قالت: نعم. قال: " أما والله! لو لم تكن ربيبتي في حجري؛ ما حَلَّتْ لي؛ إنها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثُوَيبَةُ، فلا تَعْرِضْنَ عليَّ بناتِكُنَّ ولا أخَوَاتِكُنَّ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير عن هشام بن عروة عن

8- باب في لبن الفحل

عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج الجُعْفِيّ الكوفي. والحديث أخرجه ابن الجارود (680) : حدثنا محمد بن يحيى قال: ثنا النفيلي ... به. وأخرجه مسلم (4/165- 166) من طريق آخر عن زهير ... به. وأخرجه هو، والبخاري (9/130) ، وابن أبي شيبة (4/288- 289) ، وعنه ابن ماجه (1/598) ، وأحمد (6/309) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به. وتابعه ابن شهاب أن عروة بن الزبير أخبره ... به. أخرجه الشيخان وابن ماجه والبيهقي في "السن " (7/162) ، وأحمد (6/428) . 8- باب في لبن الفحل 1796- عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ أفْلَحُ بن أبي القُعَيْس؛ فاستترت منه. قال: تَسْتَتِرِينَ مني وأنا عمك؟! قالت: قلت: من أين؟ قال: أرضعتك امرأة أخي. قالت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل! فدخل عليَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحدثته؟ فقال: " إنه عَمَكِ؛ فَلْيَلِجْ عليك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن الجارود) .

9- باب في رضاعة الكبير

إسناده: حدثنا محمد بن كثير العَبْدِيُّ: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/36- 37 و 38) : ثنا سفيان ... به. وبه: أخرجه ابن أبي شيبة (4/288) ، وعنه مسلم (4/163) ، وكذا ابن ماجه (1/600) . ثم أخرجاه، وكذا البخاري (9/277) وغيره من طرق أخرى عن هشام ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1793) . 9- باب في رضاعة الكبير 1797- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها وعندها رجل- قال حفص: فَشَقّ عليه، وتغيرَ وجهه. ثم اتفقا-! قالت: يا رسول الله! إنه أخي في الرضاعة! فقال: " انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانكُن؛ فإنما الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة. (ح) وثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أشعث بن سُلَيْم عن أبيه عن مسروق عن عائشة- المعنى واحد-: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، وهو من الوجه الأول على شرط البخاري، ومن الوجه الآخر على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/194) ... بإسناد المصنف الآخر. وأخرجه مسلم (4/170) ، وابن الجارود (691) ، وابن أبي شيبة (4/285) ، وأحمد (6/138 و 214) من طرق أخرى عن سفيان- وهو الثوري- ... به. ثم أخرجه البخاري (9/120- 121) ، ومسلم، وأحمد (6/94) من طرق أخرى عن شعبه ... به. ومسلم أيضاً، والنسائي (2/83) ، وسعيد بن منصور (3/1/234) ، والبيهقي (7/456) من حديث أبي الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء ... به. 1798- عن ابن مسعود قال: لا رضاع إلا ما شَدَ العَظْمَ، وأنْبَتَ اللَّحْمَ. فقال أبو موسى، لا تسألونا وهذا الحَبْرُ فيكم. (قلت: حديث صحيح موقوفاً. وقد روي مرفوعاً، وهو في الكتاب الآخر (350)) . إسناده: حدثنا عبد السلام بن مطهر أن سليمان بن المغيرة حدثهم عن أبي موسى عن أبيه عن ابنٍ لعبد الله بن مسعود عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي موسى- وهو الهلالي- وأبيه؛ فإنهما مجهولان، كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه، وأقره المنذري، لكنهما قد توبعا كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (7/461) من طريق المصنف. وله طريقان آخران: الأول: قال عبد الرزاق في "مصنفه " (7/463/13895) : عن الثوري عن أبي حَصِين عن أبي عطية الوادعي قال: جاء رجل إلى ابن مسعود، فقال: إنها كانت معي امرأتي، فَحُصِرَ لبنها في ثَدْيِها، فجعلتُ أمُصُهُ، ثم أمُجُّهُ، فأتيت أبا موسى فسألته؟ فقال: حَرُمَتْ عليك؟! قال: فقام وقمنا معه، حتى انتهى إلى أبي موسى، فقال: ما أفتيتَ هذا؟ فأخبره بالذي أفتاه. فقال ابن مسعود- وأخذ بيد الرجل-: أرَضِيْعَاً ترى هذا؟! إنما الرضَاع ما أنْبَتَ اللحْمَ والدَّمَ. فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء؛ ما كان هذا الحَبر بين أظهركم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأبو عطية: اسمه مالك بن عامر- أو ابن أبي عامر، وقيل في اسم أبيه غير ذلك-. وأبو حصين- بفتح المهملة-: اسمه عثمان بن حَصِينٍ الأسَدِيُ. وأخرجه الدارقطني (ص 498) ، وعنه البيهقي (7/461) من طريق أبي بكر ابن عياش: نا أبو حصين ... به مختصراً. وأخرجه مالك (2/117) عن يحيى بن سعيد: أن رجلاً سأل أبا موسى ... الحديث نحوه. وهذا مرسل أو معضل. الطريق الأخرى: أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/1/236 و 239-

10- باب فيمن حرم به

240) من طريقين عن مغيرة عن إبراهيم: أن رجلاً أوْجَرتْه امرأته أو سعطتْه من لبنها، فأتوا أبا موسى الأشعري ... الحديث نحوه. وإسناده صحيح؛ لأن مراسيل إبراهيم- وهو ابن يزيد النَّخَعِيّ- عن ابن مسعود صحيحة؛ كما قال البيهقي. وأخرجه ابن أبي شيبة (4/286) من طريق ثالثة عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود ... به مختصراً؛ دون القصة، بلفظ. " إنما يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم، وأنْشزَ العظم ". وإسناده صحيح. وهذا المقدار منه؛ قد رواه المصنف مرفوعاً، ولا يصح، وهو في الكتاب الآخر (350) . 10- باب فيمن حَرَّم به 1799- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأم سلمة: أن أبا حذيفة بن عُتْبَةَ بن ربيعه بن عبد شمس كان تَبَنَّى سالماً، وأنكحه ابنة أخيه هِنْدَ بنتَ الوليد بن عتبة بن ربيعة- وهو مولى لامرأة من الأنصار-، كما تبنى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زيداً. وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية؛ دعاه الناس إليه، وورث ميراثه، حتى أنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك: (ادعُوهم لآبائهم) إلى قوله: (فإخوانكم في الدِّين ومواليكم) ، فَرُدوا إلى آبائهم. فَمَنْ لم يُعْلَم له أب؛ كان مولىً وأخاً في

الدين. فجاءت سَهْلَةُ بنت سهيل بن عمرو القُرَشي ثم العامري- وهي امرأة أبي حذيفة- فقالت: يا رسول الله! إنا كلنا نرى سالماً ولداً، وكان يَأْوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد، ويراني فُضْلاً، وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمتَ، فكيف ترى فيه؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرضعيه ". فأرضَعَتْهُ خمس رَضَعَاتٍ، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة. فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بناتِ أخواتها وبناتِ إخوتها أن يرضعن مَنْ أحَبَتْ عائشة أن يراها ويدخل عليها- وإن كان كبيراً- خمس رضعات، ثم يدخل عليها. وأبَتْ أمَ سلمة وسائر أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُدْخِلْنَ عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس؛ حتى يَرْضَعَ في المهد، وقلن لعائشة: والله! ما ندري؛ لعلها كانت رخصةً من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسالم دون الناس! (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه الحافظ، ومن قبله ابن الجارود، وهو عنده عن عائشة وحدها. وكذلك أخرجه البخاري، لكنه لم يَسُقْه إلى آخره، وأخرجه مسلم مختصراً عنها، وفي رواية له: إباء أم سلمة وسائر الأزواج الإدخال المذكور) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: حدثني يونس عن ابن شهاب: حدثني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط البخاري، وصححه الحافظ في "الفتح " (9/122) .

11- باب هل يحرم ما دون خمس رضعات؟

والحديث أخرجه عبد الرزاق (7/459- 461) ، والبخاري (9/107- 108) ، وابن الجارود (690) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ إلا أن البخاري لم يسق قوله: " أرضعيه ... " إلخ؛ وإنما أشار إليه بقوله: الحديث. وهو مخرج في " الإرواء " (1863) . 11- باب هَلْ يُحَرِّم ما دون خمسِ رَضَعَات؟ 1800- عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن: (عَشْرُ رَضَعَات يُحَرِّمْنَ) ، ثم نُسِخنْ بـ: (خَمْسٌ معلوماتٌ يُحَرِّمْنَ) ؛ فتوفِّيَ النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَهُن مما يُقْرَأ من القرآن. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن الجارود) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (2/117- 118) ... إسناداً ومتناً. ومن طريقه أيضاً: أخرجه مسلم (4/167) ، والنسائي (2/82) ، والترمذي (4/119- حمص) ، والدارمي (2/157) ، والبيهقي (7/454) كلهم عن مالك ... به. وتابعه يحيى بن سعيد عن عمرة ... به. أخرجه مسلم، وابن الجارود (688) ، والبيهقي.

وأخرجه ابن ماجه (1/598) من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عمرة ... به نحوه. وقال عبد الرزاق في "مصنفه " (13928) : أخبرنا ابن جريج قال: سمعت نافعاً يحدث أن سالم بن عبد الله حدثه: أن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسلت به إلى أختها أم كلثوم ابنة أبي بكر لترضعه عشر رضعات؛ ليلج عليها إذا كَبِرَ، فأرضعته ثلاث مرات، ثم مرضت، فلم يكن سالم يَلجُ عليها. قال: زعموا أن عائشة قالت: لقد كان في كتاب الله عز وجل: (عشر رضعات) ، ثم رُد ذلك إلى: (خمس) ، ولكن من كتاب الله ما قُبِض مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح بالشطر الأول. وكذلك الشطر الآخر؛ إن كان القائل: (زعموا) هو سالم، وإن كان هو ابن جريج؛ فهو منقطع. وقد تابعه على الأول: أيوب عن نافع قال: كانت عائشة ... فأسقط سالماً من بينهما. أخرجه ابن أبي شيبة (4/286) . 1801- عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُحَرم المَصَّةُ، ولا المَصَّتَانِ ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي. وأخرجه مسلم أيضاً من حديث أم الفضل، وابن حبان من حديث ابن الزبير) . إسناده: حدثنا مسدد بن مسرهد: ثنا إسماعيل عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. وإسماعيل: هو ابن إبراهيم ابن عُلَيَةَ. والحديث أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/1/235/969) ، وأحمد (6/216) قالا: نا إسماعيل بن إبراهيم ... به. وأخرجه مسلم (4/166) ، والنسائي (2/83) ،وابن ماجه (1/598) ، والبيهقي (7/454) كلهم عن إسماعيل ... به. وأخرجه الترمذي (1150) ، وابن الجارود (689) ، وأحمد (6/31 و 95- 96) ، ومسلم أيضاً من طرق أخرى عن أيوب ... به. وأخرجه النسائي من طريق ثانية عن عائشة. والدارمي (2/156) ، وأحمد (6/247) من طريق ثالثة عنها. وله شاهد عن أم الفضل: عند مسلم وغيره. وآخر عن عبد الله بن الزبير؛ صححه ابن حبان (1251 و 1252) ، وانظر " الإرواء " (2148) .

12- باب في الرضخ عند الفصال

12- باب في الرضْخ عند الفصال [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 13- باب ما يُكْرَهُ أن يُجْمَعَ بينهن من النساء 1802- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُنْكَحُ المرأةُ على عَمَّتِها، ولا العَمَةُ على بنتِ أخيها، ولا المرأةُ على خالَتِها، ولا الخالةُ على بنتِ أُخْتِها، ولا تُنْكَحُ الكبْرى على الصغْرى، ولا الصغْرى على الكُبْرى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن الجارود. وعلقه البخاري مجزوماً به) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا داود بن أبي هند عن عامر عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير عبد الله بن محمد النفيلي، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. وزهير: هو ابن معاوية بن حُديج الجعْفي الكوفي. والحديث أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (652) : نا هشيم قال: أنا داود ابن أبي هند ... به. وأخرجه الترمذي وغيره، وصححه هو وابن الجارود، وعلقه البخاري بصيغة الجزم، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1882) ، وقد خرجت له فيه ستة طرق أخرى عن أبي هريرة، بعضها في "الصحيحين "، منها الآتي بعده.

1803- ومن طريق أخرى عنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُجْمَعَ بين المرأة وخالتها، وبين المرأة وعَمَتها. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: أخبرني يونس عن ابن شهاب: أخبرني قَبِيصَةُ بن ذُؤَيْبٍ أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن يونس ... به؛ وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1882) . وقد تابعه عُقَيْل عن ابن شهاب: أنه سئل عن الرجل يجمع بين المرأة وبين خالة أبيها، والمرأة وخالة أمها، أو بين المرأة وعمة أبيها، أو المرأة وعمة أمها؟ فقال: قال قبيصة بن ذؤيب: سمعت أبا هريرة ... فذكر الحديث؛ وزاد: فنرى خالة أمها وعمة أمها بتلك المنزلة، وإن كان من الرضاع؛ يكون من ذلك بتلك المنزلة. (فائدة) : روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رجلاً تزوج امرأة على خالتها؛ فضربه عمر وفَرَقَ بينهما. أخرجه ابن أبي شيبة (4/247) ، وسعيد بن منصور (649) . وسنده حسن.

1804- عن عروة بن الزبير: أنه سأل عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن قول الله تعالى: (وإن خِفْتُم أن لا تُقْسِطُوا في اليتامى فانكِحُوا ما طاب لكم من النساء) ؟ قالت: يا ابن أختي! هي اليتيمة تكون في حِجْرِ وَليِّها، فتشارِكهُ في مالِهِ، فيُعْجِبُهُ مالُها وجمالُها، فيريدُ وَلِيُّها أن يتزوجها بغير أن يُقْسِطَ في صَدَاقها، فيعطِيها مثلَ ما يعطيها غيرُهُ، فَنُهوا أن يَنْكحُوهن إلا أن يُقْسِطُوا لهنَّ، ويَبْلُغُوا بهن أعلى سُنَّتِهِنَ من الصَّدَاقِ، وأُمِروا أن يَنْكِحُوا ما طاب لهم من النساء سِواهُنَّ. قال عروة: قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد هذه الآية فيهن؟! فأنزل الله عز وجل: (ويَستَفتونك في النساء قل الله يُفتيكم فيهن ومايُتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تُؤْتونَهُنَّ ما كُتِبَ لهن وترغبون أن تنكحوهن) . قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليهم في الكتاب: الآيةُ التي قال الله سبحانه فيها: (وإن خفتم أن لا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) . قالت عائشة: وقول الله عز وجل في الآية الآخرة: (وتَرْغَبُون أن تَنكحُوهُن) : هي رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنُهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء؛ إلا بالقسط من أجل رغبتهم عَنهن. قال يونس: وقال

ربيعة (1) في قول الله عز وجل: (وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى) ؛ قال: يقول: اتركوهن إن خفتم؛ فقد أحللت لكم أربعاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بإسناد المصنف، وأخرجه البخاري نحوه) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ المصري. ثنا ابن وَهْب: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح المصري، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي،. والحديث أخرجه البيهقي (7/142) عن المصنف. وأخرجه مسلم (8/239) ... بإسناده وِمتنه. وأخرجه هو، والنسائي (2/87) ، والبيهقي من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. والبخاري (9/87) من طريق حسان بن إبراهيم عن يونس بن يزيد ... به مختصراً. وهو (8/193) ، ومسلم من طريق صالح بن كيسان عن ابن شهاب ... به. وهو أيضاً (9/111- 112 و 162) من طريقين آخرين عنه. وهو (8/213 و 9/152 و 155) ، ومسلم أيضاً، وابن أبي شيبة (4/357) ، عن هشام بن عروة عن أبيه ... مطولاً ومختصراً.

_ (1) قال المنذري: " وربيعة هذا يشبه أن يكون ابن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رضي الله عنه ". كذا في "عون المعبود " (2/184- 185) ؛ ولم أره في "مختصر السنن " المطبوع للمنذري! والله أعلم.

1805- عن علي بن حسين: أنهم حين قَدِموا المدينة من عند يزيد بن معاوية- مَقْتَلَ الحسين بن علي رضي الله عنه-؛ لَقِيَهم المِسْوَر بن مَخْرَمَةَ، فقال له: هل لك إليّ من حاجة تأمرني بها؟ قال: فقلت له: لا. قال: هل أنت مُعْطِي سَيْفَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه! وايم الله! لئن أعطيتنيه؛ لا يُخلَص إليه أبداً حتى يبلغ إلى نفسي! إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خَطَبَ بنت أبي جهل على فاطمة رضي الله عنها، فسمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا- وأنا يومئذ محتلم-، فقال: " إن فاطمة مني، وأنا أتخوف (1) أن تُفْتَنَ في دينها ". قال: ثم ذكر صِهْراً له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته فأحسن، قال: " وحدَّثني فَصَدَقني، ووعدني فَوَفَى لي، وإني لست أُحَرِّم حلالاً، ولا أُحِلُّ حراماً، ولكنْ- والله! - لا تجتمع بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبنت عدو الله مكاناً واحداً أبداً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وهو عند مسلم بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثني

_ (1) في بعض النسخ: " لا أتخوف "! وما أثبته هو الصواب؛ لمطابقته لرواية "الصحيحين "و"المسند".

أبي عن الوليد بن كثير: حدثني محمد بن عمرو بن حَلْحَلَةَ الدّؤلي أن ابن شهاب حَدثه أن علي بن حسين حدثه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (7/141) ... بإسناد المصنف ومتنه. وهو في "مسند أحمد" (4/326) . وأخرجه البخاري (6/161) : حدثنا سعيد بن محمد الجَرْمِي: حدثنا يعقوب ابن إبراهيم ... به. وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به نحوه، ويأتي بعضها قريباً. 1806- ومن طريق ابن أبي مليكة- يعني: عن المسور- ... بهذا الخبر؛ قال: فسكت علي عن ذلك النكاح. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عبد الرزاق ": أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة وعن أيوب عن ابن أبي مليكة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي بعده. والحديث أخرجه أحمد (4/326) ، ومسلم، والبيهقي (7/308) من طريقين آخرين عن الزهري ... بتمامه وفيه الزيادة.

1807- ومن طريق أخرى عنه- أعني، عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيْكَةَ القرشي التيمي-: أن المسور بن مخرمة حدثه: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر يقول: " إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنْكِحُوا ابنتهم من علي بن أبي طالب! فلا آذن، ثم لا آذن؛ إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يُطَلَّقَ ابنتي، ويَنْكِحَ ابنتهم؛ فإنما ابنتي بضعة مني، يرِيبُني ما أرابها، ويُؤْذيني ما آذاها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسنادي المصنف، والبخاري بأحدهما. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس وقتيبة بن سعيد- المعنى؛ قال أحمد-: ثنا الليث: حدثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (7/140- 141) ... بإسنادي المصنف. والبخاري (9/268- 270) بإسناده الثاني: حدثنا قتيبة ... به. وكذا أخرجه الترمذي (3866) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه ابن ماجه (1/616) ، والبيهقي (307) ، وأحمد (4/328) من طرق أخرى عن الليث ... به.

14- باب في نكاح المتعة

14- باب في نكاح المتعة 1808- عن ربيع بن سَبْرَةَ عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مُتْعَةَ النساءِ. (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم، وزاد في رواية: زمن الفتح. وهي المحفوظة، وفي رواية للمصنف: في حجة الوداع! ولكنها شاذة، ولذلك أوردتها في الكتاب الآخر (353)) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن ربيع بن سَبْرَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ غير ابن فارس، فهو على شرط البخاري، لكنه قد توبع. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (6/502/14034) ... بهذا السند والمتن. وعنه أيضاً: أخرجه أحمد (3/404) . وأخرجه مسلم وغيره من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ وزاد في رواية: زمن الفتح. وفي رواية للمصنف: في حجة الوداع! ولكنها رواية شاذة: والأولى هي المحفوظة، كما بينته في "إرواء الغليل " (1901و 1902) .

15- باب في الشغار

15- باب في الشِّغَارِ 1809- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار. زاد مُسَدَّد في حديثه: قلت لنافع: ما الشغار؟ قال: يَنْكِح ابنةَ الرجل وينْكِحُهُ ابنتَه بغير صَدَاقٍ، وَينْكِحُ أختَ الرجل وُينْكِحُهُ أخته بغير صَدَاقٍ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الزيادة فهي على شرط. البخاري. وقد أخرجه بها بإسناد المصنف، وأخرجه مسلم دون ذكر الأخت، وكذا ابن الجارود؛ لكنه وصل الزيادة بالمتن المرفوع؛ وهو رواية لمسلم. وصحح الترمذي المرفوع منه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا مسدد بن مسرهد: ثنا يحيى عن عبيد الله كلاهما عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط البخاري وحده من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (2/69) ... سنداً ومتناً؛ إلا أن الزيادة فيه متصلة بالمتن. وكذلك أخرجه مسلم في رواية، وكذا البخاري وغيرهما عن مالك. وأخرجه البخاري في "الحيل " ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه مسلم من طرق أخرى عن يحيى نحوه.

16- باب في التحليل

والحديث مخرج في "إرواء الغليل " (1895) . 1810- عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج: أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وكانا جعلا صداقاً، فكتب معاوية إلى مروان يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغَارُ الذي نهى عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن هُرْمزٍ الأعرج. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ غير ابن إسحاق، وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، كما هنا، ولذلك صححه ابن حبان، وقد خرجته في المصدر الآنف الذكر (1896) . 16- باب في التحليل 1811- عن علي رضي الله عنه- قال إسماعيل: وأراه قد رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لعن الله المحَلَلَ والمُحَلَّلَ له ". (قلت: حديث صحيح، رواه جمع آخر من الصحابة، وحسن البخاري بعض أسانيده، وكذا عبد الحق الإشبيلي، وصححه ابن السكن والحاكم والذهبي وابن القطان وابن دقيق العيد وابن الجارود) .

17- باب نكاح العبد بغير إذن سيده

إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: حدثني إسماعيل عن عامر عن الحارث عن علي. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غبر الحارث- وهو الأعور- ضعيف، لكنه لم يتفرد به؛ فقد رواه جمع آخر عن غير ما واحد من الصحابة مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قوّى بعض أسانيده مَنْ سَمَيْنا آنفاً، وذلك مبين في " الإرواء " (1897) . 1812- وفي رواية عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: فرأينا أنه علي- عليه السلام- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. (قلت: حديث صحيح، وقد قوّاه من سبق ذكرهم آنفاً) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حصَيْنٍ عن عامر عن الحارث الأعور عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحارث الأعور، لكنه قد توبع، كما ذكرت في الذي قبله. 17- باب نكاح العبد بغير إذن سَيِّدِهِ 1813- عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيُما عبد تزوج بغير إذن مواليه؛ فَهُو عاهِرٌ ". (قلت: إسناده حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه الحاكم والذهبي) .

18- باب في كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة- وهذا لفظ إسناده وكلاهما- عن وكيع: ثنا الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عَقِيلٍ عن جابر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ابن عقيل، وهو حسن الحديث، وقد حسن حديثه الترمذي، وصحح إسناده الحاكم والذهبي، وقد خرجت ذلك كله في "إرواء الغليل " (1933) . 18- باب في كراهية أن يَخْطُبَ الرجل على خِطْبَةِ أخيه 1814- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَخْطُبِ الرَّجُلُ على خِطبة أخيه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد ابن المسيَّب عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/238) ، والحميدي (1026) قالا: ثنا سفيان: ثنا الزهري ... به. وأخرجه البخاري (4/281) ، ومسلم (4/138) ، والترمذي (1134) ، والنسائي (2/73) ، وابن ماجه (1/575) ، وابن الجارود (677) ، والبيهقي (7/179) من طرق أخرى كثيرة عن سفيان بن عيينة ... به. وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". وله عند البخاري (9/163) ومسلم والنسائي والبيهقي، وأحمد (2/274 و311 و 318 و 411 و 427 و 457 و 462 و 487 و 489 و 508 و 516 و 529) ، وسعيد بن منصور (647) ، والدارمي (2/135) من طرق أخرى عن أبي هريرة ... به. 1815- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَخْطُبْ أحدُكم على خِطبة أخيه، ولا يَبعْ على بَيْعِ أخيه؛ إلا بإذنه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وزاد البخاري: " حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/142) : ثنا ابن نُمَير ومحمد بن عبَيْد قالا: ثنا عبد الله ... به. وأخرجه مسلم (4/138) ، والدارمي (2/135) ، وابن ماجه (1/575) ، وابن أبي شيبة (4/403) ، والبيهقي (7/180) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به. وأخرجه البخاري (9/163) ، ومسلم والنسائي، وأحمد (2/42 و 122 و 124 و126 و 130 و 153) من طرق أخرى عن نافع ... به نحوه، وزاد البخاري وغيره:

19- باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها

" حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب ". 19- باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها 1816- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا خَطَبَ أحدُكمُ المرأةَ؛ فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها؛ فليفعل ". فَخطبْتُ جارية، فكنت أتَخَبَّأُ لها؛ حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوُجها؛ فتزوَّجْتُها. (قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ: " وسنده حسن ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد بن زياد: ثنا محمد بن إسحاق عن داود بن حصَيْن عن واقد بن عبد الرحمن- يعني. ابن سعد بن معاذ- عن جابر ابن عبد الله. ً قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف يسير في ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث في رواية لأحمد؛ غير واقد بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ؛ فإنه مجهول، لكن قد سماه غير عبد الواحد بن زياد من الثقات: واقد بن عمرو، وهو الصواب، كما بينته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (99) . وعليه؛ فالإسناد حسن. وكذلك قال الحافظ، وقد خرجت الحديث هناك؛ فأغنى عن الإعادة.

20- باب في الولي

20- باب في الوَلِيَ 1817- عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيُّما امرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذن مواليها؛ فنكاحها باطل (ثلاث مرات) ، فإن دخل بها؛ فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا؛ فالسلطان وَلِي من لا وَلِي له ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن معين وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي وابن عدى وابن الجوزي، وقال الترمذي: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: أخبرنا ابن جريج عن سليمان ابن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة. حدثنا القعنبي: ثنا ابن لهيعة عن جعفر- يعني: ابن ربيعة- عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قال أبو داود: " جعفر لم يسمع من الزهري، كتب إليه ". قلت: هذا حديث صحيح، ورجال الإسنادين إلى ابن شهاب ثقات؛ غير ابن لهيعة، فهو سيئ الحفظ، فيصلح للمتابعة. وابن جريج إنما يخشى من تدليسه، وقد صرح بالتحديث في رواية عبد الرزاق وغيره عنه، كما حققته في "الإرواء" (1840) ؛ فالإسناد جيد، ويتقوى بطريق ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة. وكون هذا لم يسمع من الزهري- كما جزم به المصنف- لا يضر؛ ما دام أن الزهري كتب إليه، والكتابة حجة.

وأما ما يروى عن ابن جريج: أنه سأل الزهري عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه! ففي ثبوته نظر؛ لأنه طعن فيد جمع من الأئمة، كما تراه مبسوطاً في المصدر المذكور وغيره. 1818- عن أبي موسى؛ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا نكاح إلا بِوَلِيً ". (قلت: حديث صحيح، وقد صححه الأئمة: أحمد وابن المديني والبخاري والذُّهْلِيُّ وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي، وصححه الضياء المقدسي في "المختارة" من حديث ابن عباس، وابن حبان أيضاً من حديث أبي هريرة) . إسناده: حدثنا محمد بن قُدَامة بن أعْيَنَ: ثنا أبو عُبَيْدَةَ الحداد عن يونس وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى. قال أبو داود: " هو يونس عن أبي بردة. وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة". قلت: حديث صحيح، ورجال إسناده ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أعين، وهو ثقة. لكن أبو إسحاق:- هو السَّبِيعي-، وهو مدلس مختلط، ومع ذلك اختلف عليه في وصله وإرساله. نعم؛ قد تابعه على وصله: يونس بن أبي إسحاق، فرواه عن أبي بردة، كما بينه قول المصنف عقبه؛ وهذا ليس بصريح؛ فمن المحتمل أن تكون رواية يونس في هذا الإسناد مثل رواية إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق، وهو ظاهر عطف إسرائيل

عليه. وعليه؛ فأحدهما متابع للآخر في روايته عن أبي إسحاق. ويؤيده أن البيهقي، أخرجه من طرف عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق ... به. لكن قد رواه آخرون عنه عن أبي بردة؛ دون ذكر أبي إسحاق بينهما، فقد اختلف فيه على يونس، كما اختلف على أبيه. وأصح الروايات عندي عن أبيه: رواية سفيان وشعبة عنه عن أبي بردة ... مرسلاً، كما خرجته في "الإرواء" (1839) . فإذا انضم إليه حديث عائشة الذي قبله، وحديث ابن عباس وأبي هريرة المذكورين أعلاه؛ ارتقى الحديث إلى مرتبة الصحة بلا ريب، لا سيما والمرسل وحده حجة عند الحنفية وغيرهم؛ فإذا شهد له ما ذكرنا؛ صار الحديث صحيحاً اتفاقاً. 1819- عن أم حبيبة: أنها كانت عند ابن جحش، فهلك عنها، وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، فزوَّجها النجاشيُّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وهي عندهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، يوافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس- وهو الذهْلي-، فمن شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (2/181) ، وأحمد (6/427) من طريق عبد الله بن

21- باب في العضل

المبارك: أنا معمر ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي؛ وهو كما قالا. 21- باب في العَضْلِ 1820- عن مَعْقِلِ بن يسار قال: كانت لي أخت تخْطَبُ إلي؛ فأتاني ابنُ عَم لي، فأنكحتها إياه، ثم طلقها طلاقاً له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عِدَّتها، فلما خُطبت إلي؛ أتاني يَخْطبها، فقلت: لا والله! لا أُنْكِحُها أبداً! قال: ففي نزلت هذه الآية: (وإذا طَلَّقْتُم النساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُن فلا تَعْضُلُوهُن أن يَنْكِحْنَ أزْوَاجَهُنَّ ... ) الآية. قال: فَكَفرْتُ عن يميني، فأنكحتها إياه. (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح ". وأخرجه البخاري من طريق المؤلف الحسنة، ومن طريق أخرى صحيحة) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني أبو عامر: ثنا عَباد بن راشد عن الحسن: حدثني معقل بن يسار. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهمِ ثقات رجال الشيخين؛ غير عَبَّاد بن راشد، فهو من رجال البخاري، لكن مقروناً بغيره؛ وذلك لأن فيه كلاماً من جهة حفظه؛ وقد أخرجه من طريقه وغيره كما يأتي. وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدِيُ. والحديث أخرجه البيهقي من طريق المصنف.

22- باب إذا أنكح الوليان

ثم أخرجه هو، والبخاري (8/154) وغيرهما من طرقٍ أخرى عن أبي عامر العقدي ... به. وتابعه يونس وقتاده عن الحسن ... به. أخرجه البخاري (9/152 و 398) وغيره، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1843) . 22- باب إذا أنكح الولِيَّان [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 23- باب قوله تعالى: (لا يَحِلّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كرْهاً ولا تَعْضُلوهُنَّ) 1821- عن ابن عباس في هذه الآية: (لا يَحِلُّ لكم أن تَرِثُوا النساءَ كَرْهاً ولا تَعْضُلُوهُنَّ) ؛ قال: كان الرجل إذا مات؛ كان أولياؤه أحقّ بامرأته من وَلِيَ نفسها؛ إن شاء بعضهم تزوجها، أو زَوَّجوها، وإن شاءُوا لم يزوَجوها، فنزلت هذه الآية في ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا أحمد بن مَنِيع: ثنا أسباط: ثنا الشيباني عن عكرمة عن ابن عباس. قال الشيباني: وذكره عطاء أبو الحسن السُّوَائي- ولا أظنه إلا- عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عكرمة عن ابن عباس.

وفي الطريق الأخرى عطاء أبو الحسن السوائي لا يعرف، كما قال الذهبي، مع أن البخاري قد روى له مقروناً هذا الحديث مثل رواية المصنف كما يأتي! قال الحافظ في "التهذيب ": " ما وجدت له راوياً إلا الشيباني، ولم أقف فيه على تعديل ولا تجريح، وروايته عن ابن عباس غير مجزوم بها ". والحديث أخرجه البيهقي (7/138) من طريق أخرى عن أحمد بن مَنِيع وابن سَمُرَةَ الأحْمَسِي قالا: ثنا أسباط ... به. وأخرجه البخاري (8/198 و 12/270) ، وابن جرير في "التفسير" (8/104/8869) من طرق أخرى عن أسباط بن محمد ... به. وسمى البخاريَ في إحدى روايتيه الشيبانيَّ: سليمان بن فيروز. ولم يذكر ابن جرير روايته عن السوائي. 1822- وفي رواية عنه قال: (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا يبعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ، وذلك أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته، فيعضلها حتى تموت، أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأحكم الله عن ذلك، ونهى عن ذلك. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِي: حدثني علي بن حسين ابن واقد عن أبيه عن يزيد النَّحْوِيَ عن عكرمة عن ابن عباس قال ...

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المروزي- وهو أبو الحسن بن شَبَّويهِ الآتي في الإسناد بعده-، وهو ثقة. وفي علي بن حسين وأبيه كلام يسير من قبل حفظهما، لا ينزل به حديثهما عن مرتبة الحسن. فَجَزْمُ المنذري هنا- وفي الحديث الآتي برقم (1974) - بأنه ضعيف! مردود. والحديث تفرد به المصنف عن بقية الستة، كما أفاده ابن كثير في تفسيره للآية. وقول المنذري عنه: " وأخرجه البخاري والنسائي "! إنما يعني: الحديث الذي قبله؛ وإلا فهو خطأ؛ فتنبَّه! وأخرجه ابن جرير (8871) من طريق أخرى عن الحسن بن واقد ... به؛ لم يجاوز به عكرمة، وقرن معه: الحسن البصري. 1823- وعن الضحاك ... بمعناه؛ قال: فوعظ الله ذلك. (قلت: حديث مقطوع؛ الضحاك: هو ابن مزاحم الهلالي التابعي، وهو صحيح بما قبله) . إسناده: حدثنا أحمد بن شَبَّوَيْه: ثنا عبد الله بن عثمان عن عيسى بن عبَيْد عن عبيد الله مولى عمر عن الضحاك. قلت: وهذا إسناد مقطوع؛ لأن الضحاك: هو ابن مزاحم الهلالي، لم يَلْقَ أحداً من الصحابة، والسند إليه جيد؛ غير عبيد الله مولى عمر- وهو مولى عمر بن مسلم الباهلي-؛ قال الحافظ:

24- باب في الاستئمار

" مجهول ". وأشار إلى ذلك الذهبي بقوله في "الميزان ": " تفرد عنه عيسى بن عبيد الكِنْدِي ". قلت: لا أستبعد أن يكون هو عبيد بن سليمان الباهلي مولاهم، الذي ذكر في "التهذيب " تمييزاً برواية جمع من الثقات عنه، وبروايته عن الضحاك بن مزاحم فقط، وقول أبي حاتم: " لا بأس به ". أقول: لا أستبعد ذلك؛ لأني رأيت ابن جرير قد أخرج هذا الأثر في "تفسيره " (8878) من طريق عبيد بن سليمان الباهلي قال: سمعت الضحاك يقول ... فذكره نحوه. والله أعلم. ولكن يشهد له حديث ابن عباس الذي قبله، ولعله تلقَاه عن بعض أصحاب ابن عباس عنه. والله أعلم. 24- باب في الاستئمار 1824- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تُنْكَحُ الثيبُ حتى تُسْتَأْمَرَ، ولا البِكرُ إلا بإذنها ". قالوا: يا رسول الله! وما إذنها؟ قال: " أن تَسْكُتَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود، وأحد إسنادي البخاري إسناد المصنف) .

إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان: ثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (12/285- 286) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به نحوه، وصرح في بعضها بالتحديث، وهو مخرج في "الإرواء" (1828) . 1825- وفي رواية عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُسْتَأْمَرُ اليتيمةُ في نفسها، فإن سكتت؛ فهو إذنها، وإن أبت؛ فلا جواز عليها ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان وقال الترمذي: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد- يعني: ابن زريع-. (ح) وثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد- المعنى-: حدثني محمد بن عمرو: ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة ... والإخبار في حديث يزيد. قال أبو داود: " وكذلك رواه أبو خالد سليمان بن حَيَّان ومعاذ بن معاذ عن محمد بن عمرو. حدثنا محمد بن العلاء: ثنا ابن إدريس عن محمد بن عمرو ... بهذا الحديث بإسناد فيه؛ زاد: قال: " فإن بكت أو سكتت "؛ زاد: "بكت " ... ". قال أبو داود: " وليس " بكت " بمحفوظ، وهو وهم في الحديث؛ الوهم من ابن إدريس ".

والحديث أخرجه البيهقي (7/122) من طريق المصنف، وأقره على إعلاله زيادة: " بكت " بالشذوذ، وقد خرجته في " الإرواء " (1828 و 1834) مع بعض الشواهد له؛ دون الزيادة، مما يؤكد شذوذها. وراجع شاهده عن أبي موسى في "الصحيحة" (656) . 1826- ورواه أبو عمرو ذكوان عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله! إن البكر تَسْتَحِي أن تتكلم؟ قال: " سُكَاتُها إقرارها ". (قلت: وصله ابن أبي شيبة عنه، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بمعناه، ووصله أحمد من حديث ابن عباس بلفظ: " وصُمَاتُها إقرارها ". وصححه ابن حبان) . إسناده: معلق كما ترى، وقد وصله جماعة؛ منهم ابن أبي شيبة في "المصنف " (4/136) : نا عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن ابن [أبي] مليكة عن أبي عمرو ... به مرفوعاً بلفظ: " تُسْتَأًْمَرُ النساء في أبضاعهن ". قالت: قلت: يا رسول الله! إنهن يَسْتَحْيِينَ؟ قال: " الأيم أحق بنفسها، والبِكْرُ تُستأمر، فسكوتها إقرارها ". وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما بنحوه، وهو مخرج في " الإرواء " (1833) . وله شاهد من حديث ابن عباس ... نحوه بلفظ. " وصماتها إقرارها ".

25- باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها

أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد (1/274) ، وابن حبان (1241) . وقد أخرجه المصنف وغيره بنحوه، ويأتي بعد حديث. 25- باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها 1827- عن ابن عباس: أن جارية بكراً أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة؛ فخيَّرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث صحيح، وكذلك قال ابن القطان، وقوّاه ابن القيم والعسقلاني) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حسين بن محمد: ثنا جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس. حدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الحديث. قال أبو داود: " لم يذكر ابن عباس. وكذلك رواه الناس مرسلاً؛ معروف "! قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، لولا أن جرير بن حازم قد خالف حماد بن زيد- كما رأيت في رواية المصنف- وغيره كما ذكر، فقالوا: عن عكرمة ... مرسلاً، لم يذكروا فيه ابن عباس. وهو الراجح. لكن للحديث طرق أخرى وشواهد، يقوي بعضها بعضاً، كما قال الحافظ في "الفتح " (9/161) . وقال الزيلعي- بعد أن ساق بعض طرقه في "نصب الراية" (3/190) -:

26- باب في الثيب

" قال ابن القطان في "كتابه ": حديث ابن عباس هذا حديث صحيح، وليست هذه خنساء بنت خِذَام التي زوجها أبوها وهي ثيب فكرهته، فرد عليه السلام نكاحه. رواه البخاري؛ "فإن تلك ثيب وهذه بكر، وهما اثنتان، والدليل على أنهما ثنتان: ما أخرجه الدارقطني عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهتان. انتهى ". قلت: هذا أخرجه الدارقطني (ص 387) ؛ وأعلَّه بالإرسال؛ فراجعه. 26- باب في الثيب 1828- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأيمُ أحق: بنفسها من وَلِيها، والبكر تُسْتَأْذَنُ في نَفْسها، وإذنها صُماتها". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس وعبد الله بن مسلمة قالا: ثنا مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس ... وهذا لفظ القعنبي. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في " الموطأ" (2/62) ... إسناداً ومتناً. وقد أخرجه من طريقه: مسلم وسائر أصحاب "السنن " وغيرهم، وهو مخرج في " الإرواء " (1833) .

1829- وفي رواية عنه بلفظ: " الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها ". (قلت: إسناده على شرط الشيخين أيضاً. وأخرجه مسلم كذلك، لكن في رواية له بلفظ: " تستأمر "؛ لم يذكر: " أبوها "؛ وهو المحفوظ، كما قال المصنف والدارقطني) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان عن زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل ... بإسناده ومعناه قال: " الثيب أحق ... ". قال أبو داود: ".. " أبوها " ليس بمحفوظ ". قلت: وكذا قال الدارقطني، وهو الصواب؛ فقد رواه جماعة من الثقات عن عبد الله بن الفضل وغيره بلفظ: " تُسْتَأْمَرُ " لم يذكروا: " أبوها ". وهو رواية لمسلم من طريق سفيان هذه. والحديث في "المسند" (1/219) ، وهو مخرج في المصدر السابق. 1830- وفي أخرى بلفظ: " ليس للولي مع الثيب أمْرٌ، واليتيمة تُستأمر، وصَمْتُها إقرارها ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن صالح بن كَيْسَانَ عن نافع بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمِ عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين؛

لكنه قد أُعِلَّ بالانقطاع كما يأتي. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (10299) ... بإسناده ومتنه. وأخرجه البيهقي (7/118) من طريق المصنف. ثم أخرجه هو، والنسائي (2/78) ، والدارقطني (ص 389) من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وتابعه ابن المبارك عن معمر ... به: أخرجه ابن حبان (1241) ، والدارقطني والبيهقي، وأعلاه بالانقطاع، واستدلا على ذلك برواية ابن إسحاق: حدثني صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة عن نافع بن جُبَيْرِ بن مطْعِمٍ ... به نحوه. أخرجه النسائي والدارقطني والبيهقي، وأحمد (1/261) . وتابعه سعيد بن سلمة بن أبي الحسام: نا صالح بن كيسان ... به. فاتصل المسند، وصح الحديث، والحمد لله. وهو في المعنى كالروايات التي قبله. 1831- عن خَنْسَاءَ بنتِ خِذام الأنصارية: أن أباها زَوَّجَها وهي ثَيِّبِّ، فكرِهَتْ ذلك، فجاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له؟ فَرَدَّ نكاحها. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه في "صحيحه ". وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن

27- باب في الأكفاء

عبد الرحمن ومُجَمَّعِ ابنَيْ يزيد الأنصاريين عن خنساء بنت خذام الأنصارية. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. وقد رواه هو وغيره من طريق مالك أيضاً؛ وهو مخرج في "الإرواء" (1830) . 27- باب في الأكْفَاءِ 1832- عن أبي هريرة: أن أبا هند حَجَمَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليافوخ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا بني بياضة! أنكحوا أبا هند، وأنكحوا إليه ". قال: " وإن كان في شيء مما تَدَاوَوْن به خيرٌ؛ فالحجامة ". (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الواحد بن غياث: ثنا حماد: ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبد الواحد بن غياث، فهو صدوق. ومحمد بن عمرو أخرج له مسلم مقروناً، وهو حسن الحديث، كما تقدم مراراً. وقد صحح حديثه هذا الحاكم. ومن طريقه: أخرجه البيهقي (7/136) . وصححه ابن حبان أيضاً، وقد أخرجته في "الأحاديث الصحيحة" (2446) ، فلا نعيد تخريجه.

28- باب في تزويج من لم يولد

28- باب في تزويج من لم يولد [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 29- باب الصَدَاقِ 1833- عن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صَدَاقِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: ثِنْتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً ونَشٌّ. فقلت: وما نَش؟ قالت: نصف أوقية. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، وصححه الحاكم أيضاً، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا عبد العزيز بن محمد: ثنا يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلماً لم يخرج للنفيلي شيئاً. والبخاري لم يحتج بعبد العزيز بن محمد- وهو الدراوردي-، وإنما أخرج له مقروناً بغيره. والحديث أخرجه مسلم (4/144) ، والنسائي (2/87) ، والدارمي (2/141) ، وابن ماجه (1/582) ، والحاكم (4/22) - وصححه-، والبيهقي (7/233) ،

وأحمد (6/93- 94) من طرق عن الدراوردي ... به. 1834- عن أبي العَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ قال: خَطَبَنَا عمر رحمه الله، فقال: ألا لا تُغَالُوا بِصُدُقِ النساء؛ فإنها لو كانت مَكْرُمَةً في الدنيا، أو تقوى عند الله؛ لكان أولاكم بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةً من نسائه، ولا أُصْدِقَتِ امرأةٌ من بناته أكثرَ من ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً. (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة ") . إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي العجفاء السُّلَمِيَّ. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي العجفاء- واسمه هَرِمُ بن نَسِيبٍ، وقيل غير ذلك-، وثقه ابن معين وابن حبان والدارقطني. وقال البخاري: " في حديثه نظر ". وقال الحاكم أبو أحمد: " ليس حديثه بالقائم ". وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه سائر أصحاب "السنن " وغيرهم، وصححه من ذكرنا آنفاً، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1927) .

وأخرجه عبد الرزاق أيضاً في "مصنفه " (10399- 10400) . 1835- عن أم حبيبة: أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوَّجها النجاشي النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع شُرَحْبِيلَ ابنِ حَسَنَةَ. قال أبو داود: " حسنة: هي أمهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي: ثنا مُعَلَّى بن منصور: ثنا ابن المبارك: ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الحجاج، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (2/181) من طريق محمد بن شاذان الجوهري: ثنا معلى بن منصور ... به. وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! قلت: وهو من أوهامهما؛ فإن ابن شاذان هذا لم يخرج له الشيخان، بل ولا أحد من بقية الستة؛ فقد ذكره الحافظ تمييزاً، وهو ثقة. لكن أخرجه النسائي (2/88) ، وابن الجارود (713) ، والبيهقي (7/232) ، وأحمد (6/427) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك ... به.

30- باب قلة المهر

30- باب قِلَّةِ المَهْرِ 1836- عن أنس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه رَدْعُ زعفران، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " مَهْيَمْ؟ ". فقال: يا رسول الله! تزوجت امرأةً. قال: " ما أصدقتها؟ ". قال: وَزْنَ نواةٍ من ذهب. قال: " أوْلِمْ ولو بشاةٍ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه الشيخان. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت البُناني وحميد عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إن كان حماد هو ابن زيد الأزدي، وعلى شرط مسلم وحده؛ إن كان هو ابن سلمة البصري؛ فإن كلاً من الحمادين روى عن ثابت وحميد. لكن يرجح أنه ابن سلمة: أن موسى بن إسماعيل لم يرو عن ابن زيد، وأكثر من الرواية عن ابن سلمة؛ فتعين أنه هو. وإن كان ابن زيد قد تابعه في روايته عن ثابت وحده كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (3/271) : ثنا عفان: ثنا حماد ... به.

وتابعه حماد بن زيد عن ثابت وحده. أخرجه البخاري (9/182) ، ومسلم (4/144) ، والبيهقي (7/236) . وكذا معمر عن ثابت: أخرجه أحمد (3/165) . وتابعه جماعة عن حميد وحده. أخرجه الشيخان وغيرهما، والترمذي- وصححه-، وهو مخرج في " الإرواء " (1923) . 1837- عن جابر قال: كنا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نستمتع بالقُبضة من الطعام ... على معنى المتعة. (قلت: حديث صحيح، علقه المصنف. ووصله مسلم) . إسناده: معلق، قال أبو داود: " ورواه أبو عاصم عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر ... ". قال أبو داود: " رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر على معنى أبي عاصم ". قلت: وصله عبد الرزاق في "المصنف " (14028) ، ومن طريقه مسلم (4/131) ، والبيهقي (7/237- 238) : أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا نستمتع- بالقبضة من التمر والدقيق- الأيامَ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر؛ حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حُرَيْثٍ.

31- باب في التزويج على العمل يعمل

31- باب في التزويج على العمل يعْمَلُ 1838- عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءته امرأةٌ فقالت: يا رسول الله! إني قد وَهَبْت نفسي لك. فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله! زَوَّجْنِيهَا إن لم يكن لك بها حاجة! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل عندك من شيء تُصْدِقها إياه؟ ". فقال: ما عندي إلا إزاري هذا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنك إن أعطيتها إزارك؛ جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً ". قال: لا أجد شيئاً! قال: " فَالْتَمِسْ ولو خاتماً من حديد ". فالتَمَسَ، فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فهل معك من القرآن شيء؟ ". قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا- لسور سماها-، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قد زَوَّجْتكَها بما معك من القرآن ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي.

32- باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وسائر أصحاب "السنن "، وهو مخرج في " الإرواء " (1925) . 32- باب فيمن تزوَّج ولم يُسَمِّ صَداقاً حتى مات 1839- عن عبد الله (يعني: ابن مسعود) : في رجل تزوج امرأة، فمات عنها ولم يدخل بها، ولم يفرض لها؟ فقال: لها الصَّدَاقُ كاملاً، وعليها العِدةُ، ولها الميراثُ. فقال مَعْقِلُ بن سِنَانٍ: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى به في بِروع بنتِ وَاشِقٍ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي والبيهقي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن فِراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وكَذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان، وهو مخرج في "الإرواء " (1939) . 1840- ومن طريق أخرى عنه ... مثله. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والبيهقي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة. ثنا يزيد بن هارون وابن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ... وساق عثمان مثله.

قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً على شرط الشيخين، وقد صححه من ذكرنا آنفاً. والحديث أخرجه البيهقي (7/245) من طريق المصنف. ثم أخرجه هو، وسائر أصحاب "السنن " وغيرهم من طرق أخرى عن منصور ... به. وهو مخرج أيضاً في المصدر السابق. 1841- عن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عبد الله بن مسعود أُتِيَ في رجل ... بهذا الخبر؛ قال: فاختلفوا إليه شهراً- أو قال: مرات- قال: فإني أقول فيها: إنّ لها صداقاً كصداق نسائها، لا وَكْسَ ولا شَططَ، وإن لها الميراث، وعليها العدة؛ فإن يكُ صواباً فمن الله، وإن يكُ خطأً فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان. فقام ناس من أشجع- فيهم الجَراح وأبو سِنَانٍ-، فقالوا: يا ابن مسعود! نحن نشهد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضاها قينا في بِرْوعَ بنتِ وَاشِق- وإن زوجها هلالُ بن مُرَّةَ الأشْجَعِي- كما قضيت. قال: ففرح عبد الله بن مسعود فرحاً شديداً حين وافق قضاؤه قضاءَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان (4088) ، والبيهقي) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: ثنا يزيد بن زُرَيْع: ثنا سعيد بن أبي عَرُوبة عن قتادة عن خِلاس وأبي حسان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق خلاس، وعلى شرط مسلم من طريق أبي حسان- وهو الأعرج الأجرد البصري-؛ فإنه لم يخرج له البخاري. والحديث أخرجه أحمد والبيهقي- وصححه- من طرق أخرى عن سعيد بن أبي عروبة ... به. وهو مخرج أيضاً في المصدر السابق. 1842- عن عقبة بن عامر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجل: " أترضى أن أُزَوَجَكَ فلانة؟ ". قال: نعم. وقال للمرأة: " أترضَين أن أزَوجَك فلاناً؟ ". قالت: نعم. فزوَّج أحدهما صاحبَه، فدخل بها الرجل، ولم يَفْرِضْ لها صداقاً، ولم يُعْطِهَا شيئاً، وكان ممن شهد الحُديبِيةَ، له سَهْم بخيبر، فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوَّجَنِي فلانة ولم أفْرِضْ لها صداقاً، ولم أُعْطِها شيئاً، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صَداقِها سَهْمِي بخيبرَ. فأخذت سهمها؛ فباعته بمئة ألف. وزاد عمر في أول الحديث: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خير النكاح أيسَرُهُ ". وقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ثم ساق معناه. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذُّهْلي [ومحمد بن المثنى] (*) وعمر بن الخطاب- قال محمد-: ثنا أبو الأصبغ الجَزَرِي عبد العزيز بن يحيى: أخبرنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد عن زيد بن أبي أنيسة عن يزيد بن أبي حبيب عن مَرْثَدِ بن عبد الله عن عقبة بن عامر.

_ (*) ليست في أصل الشيخ رحمه الله، ولا في "التازية"، وهي في بعض النسخ. (الناشر) .

33- باب في خطبة النكاح

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه البيهقي (7/232) من طريق المصنف رحمه الله تعالى. وأخرجه الحاكم، وعنه البيهقي من طريق أخرى عن أبي الأصبغ الجزري ... به. وفيه زيادة عمر بن الخطاب؛ لكنه لم يقل: في أول الحديث. وتابعه هاشم بن القاسم الحَرَّاني: حدثنا محمد بن سلمة ... به مثل رواية عمر بن الخطاب. أخرجه ابن حبان (1262- موارد الظمآن) . وقال الحاكم: " على شرطهما "! ووافقه الذهبي! وهو من أوهامهما؛ كما بينته في "الإرواء" (1924) و"الصحيحة" (1842) . 33- باب في خُطبة النكاح 1843- عن عبد الله بن مسعود ... في خطبة الحاجة في النكاح وغيره. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عُبَيْدَةَ عن عبد الله بن مسعود. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكن أبو عبيدة- وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه. لكن قد تابعه أبو الأحوص، كما في الرواية الآتية.

1844- وفي رواية عنه قال: عَلَّمَنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطْبَةَ الحاجة: " أن الحمد لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يا أيُّهَا الذِينَ آمنوا (اتَّقوا الله الَّذي تَسَاءلونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إن اللهَ كَانَ عَلَيْكمْ رَقِيباً) . (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنوا اتقوا اللهَ حَقَّ تقَاتِهِ وَلا تَموتنَّ إلا وَأنتُم مُسْلِمونَ) . (يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكمْ أعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكمْ ذنَوبَكُمْ وَمَن يُطع اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) ". (قلت: حديث صحيح، وصححه القرطبي، وقال الترمذي: "حديث حسن ". وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى") . إسناده: وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري- المعنى-: ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيده عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وهو من طريق أبي عبيدة منقطع كما سبق آنفاً. ومن طريق أبي الأحوص موصول؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- مدلس، وكان اختلط. ولعل قوله في الآية الأولى: (يا أيها الذين آمنوا) من تخاليطه؛ فإن هذه الآية ليست في المصحف. وأما قول بعضهم: " لعله هكذا في مصحف ابن مسعود "! فإنه يرده أنها لم تأت في الرواية الصحيحة، عن السبيعي، وهي رواية شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي عبيدة ... به، إلا أنه قال: (يا أيها

34- باب في تزويج الصغار

الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به ... ) الآية. وهذا مطابق للمصحف. أخرجه أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي، وقرن شعبة مع أبي عبيدة: أبا الأحوص في رواية لأحمد. فالسند صحيح متصل. وله إسنادان آخران وشواهد، خرجتها كلها في رسالة خاصة مطبوعة باسم: "خطبة الحاجة التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُها أصحابه "؛ وفيها بحوث نافعة؛ فلتراجع. 34- باب في تزويج الصغار 1845- عن عائشة قالت: تَزَوَّجَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا بنت سبع- قال سليمان: أو ست-؛ ودخل بي وأنا بنت تِسْعٌ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن الجارود) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب وأبو كامل قالا: ثنا حماد بن زيد عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق سليمان، وعلى شرط مسلم من طريق أبي كامل- واسمه فُضَيْلُ بن حسين الجَحْدَرِي-. وقد أخرجاه من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به.

35- باب في المقام عند البكر

وله طريقان آخران عن عائشة رضي الله عنها. وقد خرجتها جميعاً في " الإرواء " (1831) . 35- باب في المقام عند البِكْرِ 1846- عن أم سلمة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما تزوج أُمَ سلمة؛ أقام عندها ثلاثاً، ثم قال: " ليس بِكِ على أهلك هَوَانٌ؛ إن شئتِ سَبَّعْت لكِ، وإن سَبَّعْت لكِ سَبَّعْت لنسائي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن حبان (4197)) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني محمد بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبيه عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم وغيره من طرق عن يحيى بن سعيد ... به. وعبد الملك: هو ابن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. والحديث خرجته في "الإرواء " (2019) . 1847- عن أنس بن مالك قال: لما أخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ؛ أقام عندها ثلاثاً- زاد عثمان: وكانت ثَيباً-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .

إسناده: حدثنا وَهْب بن بقية وعثمان بن أبي شيبة عن هُشَيْم عن حميد عن أنس بن مالك. وقال (يعني: عثمان) : حدثني هشيم: أخبرنا حميد: أخبرنا أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من طريق عثمان؛ وقد جَوَّده، فرواه مسلسلاً بالتحديث. والحديث أخرجه البيهقي (7/302) من طريق المصنف عن عثمان وحده. وأخرجه هو، وسعيد بن منصور (777) : نا هشيم: أنا حميد عن أنس ... به. وتابعه إسماعيل: حدثنا حميد ... به. أخرجه النسائي (2/93) ، وأحمد (3/264) ؛ دون قول عثمان: وكانت ثيباً. وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ وإسماعيل: هو ابن حُجْر (*) . 1848- عن أنس بن مالك قال: إذا تَزَوَّجٍ البِكْرَ على الثَّيِّبِ؛ أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيبَ؛ أقام عندها ثلاثا. ولو قلت: إِنَّه رفعه؛ لصدقت، ولكنه قال: السنة كذلك. (قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: ثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا هشيم وإسماعيل ابن عُلَيَّةَ عن خالد الحَذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك.

_ (*) كذا في أصل الشيخ، والصواب: جعفر. (الناشر) .

36- باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئا

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طريق الحذاء وأيوب السَّخْتِيَانِيِّ، وهو مخرج في "الإرواء" (2025) . وأزيد الآن فأقول: في النفس شيء من عنعنة أبي قلابة؛ فإني لم أجد تصريحه بالتحديث في شيء من الروايات التي وقفت عليها، وإن كان ظاهر كلام الحافظ في "الفتح " (9/258) يشعر بأنه سمعه من أنس! وهو قائم على أن القائل: ولو قلت: إنه رفعه ... إلخ؛ إنما هو أبو قلابة؛ وهو ظاهر رواية المصنف، وصرح بذلك البخاري في رواية. لكن في أخرى له: أنه خالد الحذاء! وجمع الحافظ بين الروايتين بأن كلاً منهما قال ذلك! وفيه بعد! والله تعالى أعلم. ومهما يكن من أمر؛ فقد وجدت لأبي قلابة متابعاً قوياً؛ فقد أخرج الحديث سعيد بن منصور في "سننه " (778) عن هشيم عن خالد ... به. ثم قال عقبه: نا هشيم: أنا حميد قال: سست أنس بن مالك يقول مثل ذلك. وأخرجه ابن أبي شيبة أيضاً (4/278) . وإسناده صحيح على شرطهما. 36- باب في الرجل يَدْخُلُ بامرأته قبل أن يَنْقُدَها شيئاً 1849- عن ابن عباس قال: لمَا تزوَّجَ علي فاطمةَ؛ قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعطها شيئاً ".

قال: ما عندي شيء! قال: " أعطِها دِرْعَكَ الحُطَمِيةَ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان (6906)) . إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَالْقَانِيّ: ثنا عبدة: ثنا سعيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الطالقاني، وهو ثقة؛ وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (2/92) : أخبرنا هارون بن إسحاق عن عبدة ... به. وعبدة: هو ابن سليمان الكِلابي أبو محمد الكوفي. ثم أخرجه هو، والبيهقي (7/252) عن هشام بن عبد الملك قال: حدثنا حماد عن أيوب ... به أتم منه. وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-، وفيه كلام في روايته عن غير ثابت. وأخرجه ابن حبان (6906) من طريق عبده. ومن طريق أخرى عن عكرمة ... نحوه. ورجاله ثقات.

37- باب ما يقال للمتزوج

37- باب ما يقال للمتزوج 1850- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رَفَّأ الإنسان إذا تزوَّج؛ قال: " بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه الترمذي أيضاً، وأبو علي الطوسِيُّ وابن حبان وعبد الحق الاشبيلي) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وقد صححه من ذكرنا آنفاً، وهو مخرج في "آداب الزفاف " (ص 89) [ط الجديدة ص 175] . ومن مخرجيه: سعيد بن منصور في "سننه ": نا عبد العزيز بن محمد ... به. وعنه: ابن حبان (1284) . 38- باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 39- باب في القَسْمِ بين النساء 1851- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما؛ جاء يوم القيامة وشِقهُ مَائِلٌ ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم وابن دقيق العيد والذهبي، وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان، وقال عبد الحق: " هو خبر ثابت ") . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام: ثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بَشِيرِ بن نَهِيكٍ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وكذا قال الحاكم وغيره، كما هو مذكور أعلاه، وهو مخرج في "الإرواء " (2017) ، و "تخريج الترغيب " (3/79) . 1852- عن عروة قال: قالت عائشة: يا ابن أختي! كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُفَضِّلُ بعضنا على بعض في القسم مِنْ مُكْثِهِ عندنا، وكان قَلَّ يومٌ إلا وهو يطوف علينا جميعاً، فيدنو من كل امرأة من غير مَسِيسٍ، حتى يبلغ إلى التي هو يومُها، فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة- حين أسَنَّتْ وفَرِقَتْ أن يفارقها رسول الله-: يا رسول الله! يومي لعائشة، فَقَبِلَ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها. قالت: تقول: في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها- أراه قال-: (وإِنِ امرأةٌ خافت من بَعْلِها نُشُوزاً) . (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم: " صحيح "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن أبي الزناد إنما أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم في "المقدمة" والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف، وهو مخرج في "الإرواء" (2020) . ثم وجدت له متابعاً، رواه ابن ماجه (1974) من طريق عمر بن علي عن هشام بن عروة ... به مختصراً. لكن عمر هذا مدلس. وله طريق آخر: عند الترمذي وغيره من طريق الطيالسي، وهو مخرج هناك. 1853- عن معاذة عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منا بعد ما نزلت: (تُرْجِي مَنْ تشاءُ منهن وَتُؤْوِي إليك مَنْ تشاء) . قالت معاذة: فقلت لها: ما كنتِ تقولين لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: أقول: إن كان ذلك إليَّ؛ لم أُوثِرْ أحداً على نفسي. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري نحوه) . إسناده: حدثنا يحيى بن معين ومحمد بن عيسى- المعنى- قالا: ثنا عَبَّاد بن عَبَّاد عن عاصم عن معاذة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/186) ، والبيهقي (7/74) من طريقين آخرين عن عباد ... به؛ وفي رواية البيهقي: ثنا عاصم الأحول.

وعلقه البخاري (8/427) ، ووصله ابن مردويه من طريق ابن معين، كما قال الحافظ؛ وفاتته هذه المصادر! ورواه البخاري وأحمد (6/76) من طريق عبد الله بن المبارك: أخبرنا عاصم الأحول ... به نحوه. 1854- عن عائشة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى النساء- تعني: في مرضه-؛ فاجتمعن، فقال: " إني لا أستطيع أن أدُورَ بينكن؛ فإن رأيتُنَّ أن تأذَنَّ لي؛ فأكون عند عائشة؛ فعلتُن "، فأذِنَّ له. (قلت: حديث صحيح، وسكت عليه الحافظ في "الفتح ". ورواه البخاري مختصراً) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار: حدثني أبو عمران الجَوْنِيَ عن يزيد بن بَابَنُوسَ عن عائشة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن بابنوس؛ قال البخاري: " كان ممن قاتل علياً ". وقال ابن عدي. " أحاديثه مشاهير ". وقال الدارقطني: " لا بأس به ". وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقال أبو حاتم:

" مجهول ". قال الذهبي: " ما حدث عنه سوى أبي عمران ". قلت: لكن يشهد لحديثه ما أخرجه البخاري (8/115) من طريق أخرى عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واشتد به وجعه؛ استأذن أزواجه أن يُمَرضَ في بيتي، فَأذِنَّ له ... الحديث، وهو في كتابي "مختصر صحيح البخاري " برقم (352) ؛ يسَر الله تعالى تمام طبعه بمنه وكرمه (*) . والحديث أخرجه الإمام أحمد (6/219) من طريق حماد بن سلمة: أخبرني أبو عمران الجوني ... به مطولاً. وسكت عليه الحافظ (8/115) . وأخرجه ابن حبان (1306- موارد) ... بإسناد آخر صحيح عنها نحو حديث الكتاب وأتمَّ منه. 1855- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد سفراً؛ أقرع بين نسائه؛ فأيتُهن خرج سَهْمُها؛ خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها؛ غير أن سودة بنت زمعة وَهَبَتْ يومها لعائشة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري مُفَرَّقاً في موضعين، وابن الجارود بتمامه، وهو رواية البخاري) .

_ (*) وقد تم طبعه كاملاً في خمسة مجلدات مع الفهارس بعد وفاة الشيخ رحمه الله تعالى، فالحمد لله على كل حال. (الناشر) .

40- باب في الرجل يشترط لها دارها

إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح: أخبرنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، فهو على شرط مسلم، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه ابن الجارود (725) من طريق ابن عبد الحكم عن ابن وهب ... به. وتابعه ابن المبارك: أخبرنا يونس ... به. أخرجه البخاري (5/167 و 326) ، وأحمد (6/117) . وأخرجه مسلم مفرقاً؛ وهو رواية البخاري، في نظر "الإرواء " (2020) ، و"تخريج الحلال " (رقم 231) . 40- باب في الرجل يشترط لها دارها 1856- عن عقبة بن عامر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه قال: " إن أحَقَّ الشُّروطِ أن تُوفُوا به: ما استحلَلْتم به الفُرُوجَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عيسى بن حماد: أخبرني الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عيسى بن حماد، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي.

41- باب في حق الزوج على المرأة

والحديث أخرجه النسائي ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه البخاري وأحمد من طرق أخرى عن الليث بن سعد ... به. وأخرجه مسلم والترمذي وغيرهما من طريق عبد الحميد بن جعفر عن يزيد ابن أبي حبيب ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1892) . 41- باب في حَقِّ الزوج على المرأة 1857- عن قيس بن سعد قال: أتَيْتُ الحِيْرَةَ، فرأيتهم يسجدون لمِرْزُبَانِ لهم، فقلت: رسولُ الله أحق أن يسْجَدَ له! قال: فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلتَ: إني أتيت الحِيرَةَ، فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فأنت يا رسول الله! أحقُّ أن نسجد لك! قال: " أرأيت لو مَرَرْتَ بقبري؛ أكنت تسجد له؟ ". قال: قلت: لا. قال: " فلا تفعلوا! لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد؛ لأمرت النساء أن يَسْجدْنَ لأزواجهن؛ لما جعل الله لهم عَلَيْهِنَّ مِنَ الحقِّ ". (قلت: حديث صحيح؛ إلا جملة القبر، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. والجملة الأخيرة منه قد رويت عن جمع من الصحابة؛ منهم أبو هريرة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم، وصححه هو والذهبي من حديث معاذ، وابن حبان من حديث ابن أبي أوفى، وفيه أن القصة وقعت لمعاذ حين قدم من الشام، وإسناده حسن. وأخرجه الحاكم عن معاذ نفسه، وصححه، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا إسحاق بن يوسف عن شَرِيك عن

حُصَيْن عن الشعبي عن قيس بن سعد. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شريك- وهو ابن عبد الله القاضي النَّخَعِيَ-؛ قال المنذري: " وقد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له مسلم في المتابعات ". قلت: وقد توبع كما يأتي؛ فحديثه حسن، وقد صححه من سأذكره. والحديث أخرجه الحاكم (2/187) من طريق محمد بن المسيب: ثنا عمرو ابن عون ... به. وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وأخرجه البيهقي (7/291) من طريق عبد الرحمن بن شريك النخعي: حدثني أبي ... به. قلت، وشريك فيه ضعف من قبل حفظه، ولكنه لم ينفرد به؛ فقد رواه جمع من الصحابة، منهم من ذكرنا آنفاً، وأحاديثهم مخرجة مع سياق متونها في " الإرواء " (1998) . ومن الملاحظ أن جملة القبر لم ترد في شيء منها؛ فهي منكرة؛ إلا إن وجد لها شاهد. 1858- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فَأبَتْ فلم تأتِهِ، فبات غضبان عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تُصْبِحَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري) .

42- باب في حق المرأة على زوجها

إسناده: حدثنا محمد بن عمرو الرازي: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرازي فهو على شرط مسلم. وقد أخرجه من طرق أخرى عن جرير ... به. وتابعه شعبة عن الأعمش ... به نحوه. أخرجه البخاري وغيره. وله عندهما طريق أخرى عن أبي هريرة، وهو مخرج في "الإرواء" (2002) . وفي رواية لمسلم من الطريق الأولى: " والذي نفس محمد بيده؛ ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها، فتأبى عليه؛ إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ". 42- باب في حق المرأة على زوجها 1859- عن معاوية القُشَيْرِي قال: قلت: يا رسول الله! ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: " أن تُطْعِمَها إذا طَعِمْتَ، وتكسوَها إذا اكْتسيتْ أو اكتسبت -، ولا تَضْرِبِ الوجهَ، ولا تُقَبِّحْ، ولا تَهْجُرْ إلا في البيت ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الحاكم والذهبي: " صحيح الإسناد "، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا أبو قَزَعَةَ الباهلي عن

حَكِيمِ بن معاوية القشيري عن أبيه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على كلام معروف في حماد- وهو ابن سلمة-. لكن تابعه شعبة وغيره: عند أحمد وغيره فهو صحيح. ويشهد له ما بعده، وهو مخرج في "الإرواء" (2033) . 1860- وفي رواية عنه قال: قلت: يا رسول الله! نساؤُنا ما نأتي منهن وما نذر؟ قال: " ائتِ حرثك أنَّى شئت، وأطْعِمْها إذا طَعِمْتَ، واكْسُها إذا اكْتَسَيْتَ، ولا تُقَبِّحِ الوَجْهَ، ولا تَضْرِبْ ". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى بن سعيد: ثنا بَهْزُ بن حَكِيم: حدثني أبي عن جدي. قال أبو داود: " روى شعبه: " تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت " ... ". قلت: وهذا إسناد حسن أيضاً، رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في بهز ابن حكيم. والحديث أخرجه أحمد (5/5) : ثنا يحيى بن سعيد ... به أتم منه. وقال (5/3) : ثنا يزيد: أنا بهز بن حكيم ... به.

وقد تابعه أخوه سعيد بن حكيم في الرواية الثالثة. فالحديث صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1/568) عن يزيد. وسيأتي من طريق أخرى عن يحيى بلفظ آخر. فانظره في " الحَمَّام ". 1861- وفي أخرى عنه قال: أتَيْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال: " أطعموهنَ مما تأكلون، واكْسُوهن مما تَكْتَسُونَ، ولا تضربوهن، ولا تُقَبِّحُوهُن ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: أخبرني أحمد بن يوسف المُهَلَبِيّ النيْسَابوري: ثنا عمر بن عبد الله ابن رَزِينِ: ثنا سفيان بن حسين عن داود الوراق عن سعيد بن حكيم عن أبيه عن جده معاوَية القشيري. قلت: وهذا إسناد فيه جهالة؛ سعيد بن حكيم؛ قال الذهبي: " لا يعرف إلا من رواية داود الوراق عنه، وثقه ابن حبان ". قال الحافظ في " التهذيب ": " قلت: وقال النسائي في "الجرح والتعديل ". ثقة ". قلت: ومع ذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب "؛ بل قال فيه: " مقبول "! يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث!

43- باب في ضرب النساء

ففيه إشعار بأنه قد يجتمع في الراوي جهالة وتوثيق، وذلك حين يكون التوثيق صادراً من متساهل يوثق المجهولين؛ مثل ابن حبان خاصة، فاحفظ هذا؛ فإنه عزيز؛ قد يخفى على كثير من المدرسين في الجامعات؛ فضلاً عن غيرهم! وداود الوراق لم يوثقه أحد. والحديث أخرجه البيهقي (7/265) عن أحمد بن يوسف ... به. وهو قوي بما قبله. 43- باب في ضرب النساء 1862- عن أبي حُرةَ الرَّقَاشِي عن عمه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " فإن خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ؛ فاهجروهن في المضاجع ". قال حماد: يعني: النكاح. (قلت: حديث حسن) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن علي بن زيد عن أبي حُرةَ الرقاشي. قلت: وهذا إسناد ضعيف، مبين في الكتاب الآخر (336) ، و "الإرواء" (2027) . وله فيه (2030) شاهد.

1863- عن إياس بن عبد الله بن أبي ذبَابٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تضربوا إمَاءَ الله ". فجاء عمر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ذَئِرْنَ النساءُ على أزواجهن! فَرَخصَ في ضربهن. فأطاف بآل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءٌ كثير، يشكون أزواجهن! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد طاف بآل محمدٍ نساءٌ كثيرٌ، يشكون أزواجهن؛ ليس أولئك بخياركم ". (قلت: إسناده صحيح، وإياس مختلف في صحبته، لكن الراجح صحبته كما قال الحافظ، وصحح الحديث: ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي خلف وأحمد بن عمرو بن السرح قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله- قال ابن السرح: عبيد الله بن عبد الله- عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وعبد الله- أو عبيد الله-: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وجزم بأنه عبد الله: أحمد بن أبي خلف؛ وهو أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي خلف البغدادي، وهو ثقة. وخالفه ابن السرح؛ فجزم بأنه عبيد الله. وهذا الاختلاف لا يضر؛ لأن كلاً من عبد الله وعبيد الله ثقة، فهو تردد بين ثقتين. وإياس مختلف في صحبته؛ ولعل الراجح ثبوتها.

44- باب ما يؤمر به من غض البصر

ولكن الحديث صحيح على كل حال؛ لأن له شاهداً عن أم كلثوم: عند البيهقي والحاكم- وصححه هو والذهبي-، والحديث خرجته في التعليق الثاني على "المشكاة" (3261) . 44- باب ما يُؤْمَرُ به مِنْ غَضِّ البصر 1864- عن جرير قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نَظْرَةِ الفَجْأةِ؟ فقال: " اصْرِفْ بَصَرَكَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثني يونس بن عبَيْد عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة عن جرير. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عمرو بن سعيد، فهو على شرط مسلم وحده. وقد أخرجه من طرق عن يونس ... به، وهو مخرج في "حجاب المرأة" (ص 35) ، و " الإرواء " (1778) وغيرهما. 1865- عن بريدَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي: " يا عَلِيُ! لا تتْبعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة ". (قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: " حسن غريب "، وصححه الحاكم

على شرط مسلم! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزَارِيُّ: أخبرنا شَرِيك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لكن له طريق أخرى، حسنته من أجلها في " الحجاب " (ص 34) [" الجلباب " (ص 77) ] . 1866- عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تباشرِ المرأةُ المرأةَ؛ لتنعتها لزوجها، كأنما ينظر إليها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري؛ لكنه توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (9/278) ، والترمذي (2793) ، وأحمد (1/380 و387 و 440 و 443) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". صرح الأعمش بالتحديث في رواية الأحمد (1/462 و 464) ، وهي رواية البخاري. وتابعه عنده: منصور عن أبي وائل ... به. ورواه أحمد أيضاً (1/438 و 440) ؛ وزاد في رواية قال (يعني: عبد الرحمن

ابن مهدي) : أرى منصوراً قال: " إلا أن يكون بينهما ثوب ". ولابن أبي شيبة (4/397) معناه من رواية أبي الأحوص عن منصور ... به. وتابعه عاصم بن أبي النَّجُود عن أبي وائل ... به. أخرجه أحمد (1/460) . 1867- عن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى امرأة، فدخل على زينب بنت جحش، فقضى حاجته منها، ثم خرج إلى أصحابه، فقال لهم: " إن المرأة تُقْبِلُ في صورة شيطان، فَمَنْ وجد من ذلك؛ فليأتِ أهْلَهُ؛ فإنه يُضْمِرُ ما في نفسه ". (قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ فهو صحيح؛ لولا عنعنة أبي الزبير. وقد أخرجه مسلم من طريقه. وقال الترمذي: " حديث صحيح حسن غريب. وهشام: هو ابن سَنْبَرٍ الدَّسْتَوَائي ". وهو مخرج في "الصحيحة " (235) ، مع شاهدين له، وتصريح أبي الزبير بالتحديث في رواية لأحمد.

1868- عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئاً أشبه باللَّمَمِ مِمَّا قال أبو هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله كتب على ابن أدم حَظَّهُ من الزِّنى؛ أدرك ذلك لا محالة: فَزِنَى العينين النَّظَر، وزنى اللسان النطْقُ، والنفس تَمَنَّى وتشتهي، والفَرْج يصَدقُ ذلك ويكَذبه ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: ثنا ابن ثور عن معمر: أخبرنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عبيد - وهو ابن حِسَاب-، فمن رجال مسلم. وابن ثور- واسمه محمد الصنعاني-، وهو ثقة. والحديث رواه الشيخان وأحمد، وهو مخرج في "الإرواء " (1787) من طرق، وبعضها في "ابن حبان " (6/299- 300) . 1869- عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لِكُل ابن آدم حَظُّهُ من الزنَى ... " بهذه القصة؛ قال: " واليدان تزنيان؛ فزناهما البطش، والرجْلان تزنيان؛ فزناهما المشي، والفَمُ يزني؛ فزناه القُبَلُ ". (قلت: إسناده حسن، ورجاله رجال مسلم؛ وقد أخرجه دون ذكر الفم؛ وزاد: " واللسان زناه الكلام ") .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ لكنه لم يحتج بحماد - وهو ابن سلمة- في غير روايته عن ثابت فيما ذكروا، لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/343 و 536) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ... به. وتابعه وهَيْب: حدثنا سهيل بن أبي صالح ... به نحوه؛ دون قوله: " والفم يزني؛ فزناه القبل "؛ وزاد: " والأُذُنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام ". والحديث مخرج في "تخريج السنة" (193) . 1870- وفي رواية عنه ... بهذه القصة؛ قال: " والأذن زناها الاستماع ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن. وبه: أخرجه أحمد (2/379) . وهذه الزيادة: عند مسلم في رواية وهيب السابقة.

45- باب في وطء السبايا

وله طرق أخرى عن أبي هريرة، يزيد بعضهم على بعض، وقد أشرت إليها في " الإرواء " (1787) . 45- باب في وَطْءِ السَّبَايَا 1871- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث يومَ حنَيْنٍ بعثاً إلى أوْطَاس، فَلَقوا عَدوَّهم، فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأن أناساً من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجوا من غِشْيَانِهِنَّ؛ من أجْلِ أزواجهن من المشركين! فأنزل الله تعالى في ذلك: (والمحْصَنَاتُ مِنَ النَّسَاءِ إلا ما ملكت أيمانكم) ؛ أي: فَهنّ لهم حلال؛ إذا انقضت عِدَّتُهنَّ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه بإسناد المصنف ومتنه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة: ثنا يزيد بن زريع: ثنا سعيد عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أبي علقمة الهاشمي، فهو على شرط مسلم وحده، وهو ثقة؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/170) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه البيهقي (7/167) من طريق أخرى عن ابن ميسرة القواريري ... به. وأخرجه النسائي (2/85) من طريق أخرى عن يزيد بن زرَيْع ... به.

ثم أخرجه مسلم والترمذي (3020) من طريق أخرى عن قتادة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 1872- عن أبي الدرداء: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في غزوة، فرأى امرأة مُجِحاً، فقال: " لعل صاحبها ألَمَّ بها؟ ". قالوا: نعم. قال: " لقد هَمَمْتُ أن ألْعَنَهُ لعنةً تَدْخُلُ معه في قبره! كيف يُوَرَّثُهُ وهو لا يَحِل له؟! وكيف يستخدمه وهو لا يَحِلّ له؟! ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا مسكين: ثنا شعبة عن يزيد بن خُمَيْرٍ عن عبد الرحمن بن جُبَيْرِ بن نفَيْرٍ عن أبيه عن أبي الدرداء. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يزيد بن خمير، فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. ومسكين: هو ابن بُكَيْرٍ الحَرَّاني. والنفيلي: اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نفَيْلٍ الحَراني. والحديث أخرجه مسلم (4/161) ، والدارمي (2/227) ، والبيهقي (7/449) ، وأحمد (5/195 و 6/446) ، وابن أبي شيبة (4/371) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وله شاهد عن سليمان بن حبيب المحاربي ... مرسلاً.

رواه عبد الرزاق (12910) بسند صحيح عنه. 1873- عن أبي سعيد الخدري- ورفعه-: أنه قال في سبايا أوطاس: " لا تُوطَأُ حامل حتى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَمْلٍ حتى تَحِيضَ حَيْضَة ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا شريك عن قيس بن وهب عن أبي الودَّاك عن أبي سعيد. قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لشريك- وهو ابن عبد الله القاضي- إلا متابعة. لكن يشهد له حديث رويفع الذي بعده. وله شاهدان مرسلان عن طاوس والشعبي: رواهما عبد الرزاق (12903 و12904) ، وابن أبي شيبة (4/369 و 370) بإسنادين صحيحين عنهما. وانظر له "الإرواء" (187) ، والتعليق الثاني على " المشكاة" (3338) . 1874- عن حَنَشٍ الصنعاني عن رُويفع بن ثابت الأنصاري قال: قام فينا خطيباً قال: أمَا إني لا أقول لكم إلا ما سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يومَ حُنَيْنٍ: " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يَسْقِيَ ماءَهُ زَرْعَ غيرِهِ (يعني: إتيان الحُبَالى) ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبْيِ حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مَغْنَماً حتى يُقْسَمَ ".

(قلت: إسناده حسن. وللترمذي الفقرة الأولى منه، وقال: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا النفيلي: ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على ضعف في حفظ ابن إسحاق. والحديث أخرجه البيهقي (7/449) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (4/108) من طريق أخرى عن ابن إسحاق ... به؛ وزاد فقرة الثوب التي في آخر الرواية الآتية. والدارمي (2/226- 227) ... فقرة الاستبراء. وابن أبي شيبهَ (4/369) ... الفقرة الأولى. وهي عند أحمد في رواية من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن حنش الصنعاني ... به. وعند الترمذي (1131) من طريق أخرى عن أبي مرزوق. وراجع "الإرواء " (187 و 2137) . 1875- وفي رواية؛ زاد: " حتى يستبرئها بحيضة، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يركب دابة مِنْ فَيْءِ المسلمين؛ حتى إذا أعجفها؛ رَدَّها فيه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين؛ حتى إذا أخْلَقَهُ؛ رَدهُ فيه ". (قلت: إسناده حسن) .

46- باب في جامع النكاح

إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا أبو معاوية عن ابن إسحاق ... بهذا الحديث؛ قال: " حتى يستبرئها بحيضة "، وزاد: " ومن كان يؤمن ... ". قال أبو داود: " الحيضة ليست محفوظة "! قلت: يعني: في هذا الحديث؛ وإلا فهي محفوظة في غيره، كما تقدم (1873) ، وتوضحه رواية ابن داسه عن المصنف بلفظ: " زاد فيه: " بحيضة "! وهو وهم من أبي معاوية، وهو صحيح من حديث أبي سعيد ". نقله ابن التركماني. ولكني أقول: أبو معاوية محمد بن خازم، ثقة محتج به في "الصحيحين "؛ فتوهيمه ليس بالسهل؛ لا سيما وقد توبع على هذه الزيادة! فهي عند أحمد في حديث ابن لهيعة عن الحارث المتقدم، ولفظه: " ... ولا يقع على أمَةٍ حتى تحيض؛ أو يبينَ حَمْلُها ". 46- باب في جامع النكاح 1876- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا تزوج أحدكم امرأة، واشترى خادماً؛ فليقل: اللهم! إني أسألك خيرها وخير ما جَبَلْتَهَا عليه، وأعوذ بك من شَرَها؛ وشرِّ ما جبلْتها عليه. وإذا اشترى بعيراً؛ فليأخذْ بِذروَةِ سَنَامِه، وليقل مثل ذلك.- قال أبو داود: زاد أبو سعيد: ثم ليأخذ بناصيتها، وَلْيَدع بالبركة في المرأة والخادم- ". (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي وعمد الحق الإشبيلي وابن دقيق العيد، وجوَّده الحافظ العراقي) .

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن سعيد قالا: ثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن؛ للكلام المعروف في ابن عجلان وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد صححه وقوّاه من ذكرنا أعلاه، وتجد بيانه مع تخريج المصادر- منهم البخاري في "أفعال العباد"- في كتابي "آداب الزفاف " (ص 92- 93) . 1877- عن ابن عباس قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله؛ قال: بسم الله، اللهم! جَنِّبْنَا الشيطان، وجَنبِ الشيطانَ ما رزقتنا، ثم قُدِّر أن يكون بينهما ولد في ذلك؛ لم يَضُرهُ الشيطان أبداً ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا جرير عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن كُريب عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عيسى- وهو الطباع-، وهو ثقة، أخرج له مسلم في "المقدمة "، والبخاري تعليقاً. وقد أخرجاه وغيرهما من طرق عن منصور بن المعتمر ... به. وهو مخرج في " آداب الزفاف " (ص 98) و" الإرواء " (2012) . وله فيه طريق أخرى عن ابن عباس.

1878- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَلْعُونٌ مَنْ أتى امرأةً في دُبُرِها ". (قلت: حديث حسن بهذا اللفظ، والأصح عنه بلفظ: " لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها"، وصححه البوصيري، وحسنه الترمذي من حديث ابن عباس، وصححه إسحاق بن راهويه وابن الجارود وابن حبان وابن دقيق العيد) . إسناده: حدثنا هَنادٌ عن وكيع عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مَخْلَدٍ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير الحارث بن مخلد، وهو مجهول الحال، كما قال الحافظ؛ تبعاً لابن القطان، وإن وثقه ابن حبان! وهو عمدة البوصيري في تصحيحه إياه في "الزوائد" (122/1) ! والحديث أخرجه أحمد (2/444 و 479) : ثنا وكيع ... به. وخالفه جماعة من الثقات، فقالوا: عن سهيل ... به؛ بلفظ: " لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دُبُرِها ". أخرجه ابن ماجه (1/593- 594) ، والبيهقي (7/198) ، وأحمد (2/272) ، وابن أبي شيبة (4/253) . وهذا أصح من اللفظ الأول. لكن لكل منهما شاهد، ذكرته في "الآداب " (ص 105) .

1879- عن جابر قال: إن اليهود يقولون: إذا جامع الرجل أهله في فرجها من ورائها؛ كان ولده أحول! فأنزل الله سبحانه وتعالى: (نساؤكم حَرْثٌ لكم فَأْتوا حَرْثَكُم أنى شِئْتُمْ) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وقال ابن الشرقي: " حديث جليل يساوي مئة حديث "، وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا ابن بشار: ثنا عبد الرحمن: ثنا سفيان عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابراً يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما كالترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح ". وهو مخرج في "آداب الزفاف " (ص 99) . 1880- عن ابن عباس قال: إن ابن عمر- والله يغفر له- أوهم! إنما كان هذا الحيُ من الأنصار- وهم أهل وَثَن- مع هذا الحيِّ من يهود- وهم أهل كتاب-، وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب: أن لا يأتوا النساء إلا على حَرْفٍ، وذلك أسْتَرُ ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلكَ من فعلهم. وكان هذا الحيَّ من قريش يَشْرَحُونَ النساء شَرْحاً منكراً، ويَتَلَذَّذُونَ منهن مُقْبِلات ومُدْبِراتٍ ومستلقياتٍ. فلما قدم المهاجرون المدينة؛ تزوج رجل منهم امرأةً

47- باب في إتيان الحائض ومباشرتها

من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرَتْه عليه، وقالت: إنما كنا نُؤْتى على حرف، فاصنع ذلك، وإلا؛ فاجتنبني! حتى شَرِيَ أمرهما، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله عز وجل: (نساؤكم حَرْث لكم فَأْتُوا حَرْثَكُم أنَّى شئتم) ؛ أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات. يعني: بذلك مَوْضعَ الولد. (قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ: حدثني محمد- يعني: ابن سلمة- عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه قد صرح بالسماع في رواية عبد الرحمن بن محمد المحاربي، كما ذكر البيهقي (7/195) ؛ فزالت شبهة التدليس. والحديث مخرج في "آداب الزفاف " (ص 100- 101) . 47- باب في إتيان الحائض ومباشرتها 1881- عن أنس بن مالك: أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة؛ أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيت، فسُئِلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فأنزل الله سبحانه: (يسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض ... ) إلى آخر الآية، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " جامعوهن في البيوت، واصنعوا كلَّ شيء غيرَ النكاح ".

فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يَدعَ شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه ! فجاء أُسَيْدُ بن حُضَيْرٍ وعَبَّادُ بن بِشْرٍ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا وكذا؛ أفلا ننكحهن في المحيض؟! فَتَمَعرَ وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى ظَنَّنَا أن قَدْ وَجَدَ عليهما! فخرجا، فاستقبلتهما هَدِيَّةٌ من لَبَنٍ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبعث في آثارهما، فَظَننَا أنهُ لم يَجِدْ عليهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه، ومضى بإسناده ومتنه في "الطهارة" برقم (251)) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت البناني عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد مضى بإسناده ومتنه هناك. 1882- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيتُ في الشِّعَارِ الواحد وأنا حائضٌ طامثٌ، فإن أصابه مِنِّي شيء؛ غسل مكانه ولم يَعْدُه، وإن أصاب- تعني- ثوبه منه شيء؛ غسل مكانه ولم يَعْدُهُ، وصلى فيه. (قلت: إسناده صحيح، وقد مضى أيضاً هناك برقم (262)) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن جابر بن صُبْحٍ قال: سمعت خِلاساً الهَجَرِي قال: سمعت عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح، كما بينت هناك.

48- باب في كفارة من أتى حائضا

1883- عن ميمونة بنت الحارث: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه وهي حائض؛ أمرها أن تَتَّزِرَ، ثم يباشرها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء ومسدد قالا: ثنا حفص عن الشيباني عن عبد الله بن شداد عن خالته ميمونة بنت الحارث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان. وحفص: هو ابن غياث. والحديث أخرجه البخاري (1/321) ، ومسلم (1/167) ، والدارمي (1/244) ، والبيهقي (7/191) ، وأحمد (6/336) من طرق أخرى عن الشيباني ... به. 48- باب في كَفَّارة من أتى حائضاً 1884- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: " يتصدق بدينار أو بنصف دينار ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري؛ وقد مضى أيضاً سنداً ومتناً هناك برقم (257)) .

49- باب ما جاء في العزل

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن شعبة: حدثني الحكم عن عبد الحميد ابن عبد الرحمن عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس. قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وقد مضى، كما ذكرنا آنفاً هناك. 1885- عن ابن عباس قال: إذا أصابها في الدم؛ فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم؛ فنصف دينار. (قلت: صحيح موقوف، وقد مَرَ أيضاً برقم (258)) . مضى هناك إسناداً ومتناً. 49- باب ما جاء في العَزْلِ 1886- عن أبي سعيد: ذُكِرَ ذلك عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني: العزل-؛ قال: " فَلِمَ يفعلُ أحدُكم؟! - ولم يقل: فلا يفعل أحدكم-؛ فإنه ليست من نَفْسٍ مخلوقة؛ إلا الله خالقُها ". (قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقَانِيُّ: ثنا سفيان عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد عن قَزَعَةَ عن أبي سعيد.

قال أبو داود: " قزعة: مولى زياد ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الطالقاني، وهو ثقة. والحديث أخرجه البيهقي (7/229) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (4/159) ، والترمذي (1138) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وعلقه البخاري (13/391) . 1887- ومن طريق أخرى عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن لي جاريةً؛ وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تَحْمِلَ، وأنا أُريدُ ما يُريدُ الرجال، وإن اليهود تُحدِّثُ أن العزل موؤودةُ الصُغْرى؟! قال: " كذبتْ يهودُ! لو أراد الله أن يخلقه؛ ما استطعت أن تَصْرِفَهُ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى: أن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان حدثه: أن رفاعة حدثه عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ عير رفاعة- ويقال: أبو رفاعة، ويقال: أبو مُطِيع- بن عوف الأنصاري؛ مجهول؛ لم يذكروا له راوياً سوى ابن ثوبان هذا؛ لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (7/230) من طريق المصنف.

وأخرجه أحمد (3/33 و 51 و 53) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (2/371) من طرق عن يحيى بن أبي كثير ... به؛ إلا أنه قال: أبو رفاعة. وخالفه معمر فقال: عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر ... نحوه: أخرجه الترمذي (1136) ؛ وسكت عليه! وكأنه لهذا الاضطراب. لكن للحديث طرف أخرى؛ فرواه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل عن أبي سعيد الخدري ... به نحوه: أخرجه ابن أبي شيبة (4/221) ، والطحاوي في "المشكل " (2/372) . ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن إسحاق. وتابعهم موسى بن وَرْدَانَ عن أبي سعيد ... به: أخرجه الطحاوي. وسنده جيد. وله شاهد بسند حسن عن أبي هريرة، خرجته في "آداب الزفاف " (ص 52) (*) . 1888- عن ابن مُحَيْرِيزِ قال: دخلت المسجد، فرأيت أبا سعيد الخدري، فجلست إليه، فسألَته عن العزل؟ فقال أبو سعيد: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبياً من سَبْيِ العرب، فاشتهينا النساء، واشْتَدَّتْ علينا العُزْبَةُ، وأحببنا الفدَاءَ، فأردنا أن نعزل، ثم قلنا: نعزل ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أظهرنا قبل أن نسأله عن ذلك؟! فسألنا عن ذلك؟ فقال:

_ (*) وهو في الطبعة الجديدة (ص 131- حاشية) . (الناشر) .

" ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نَسَمَةٍ كائنة إلى يوم القيامة؛ إلا وهي كائنةٌ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثا القعنبي عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد ابن يحيى بن حَبانَ عن ابن محيريز. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (2/108) ... بهذا الإسناد والمتن. وعنه: البخاري (5/129) ، ومسلم (4/158) ، وأحمد (3/68) كلهم من طرق أخرى عن مالك ... به. وأخرجه البيهقي (7/229) كذلك. ومن طريق أخرى عن القعنبي ... به؛ إلا أن في رواية مسلم: الزهري.. مكان: ربيعة. وهو رواية البخاري (9/251) . فهو شيخ آخر لمالك. وأخرجه مسلم من طريق أخرى عن ربيعة. والبخاري (11/419) من طريق أخرى عن الزهري. والشيخان وأحمد (3/63) من طرق أخرى عن محمد بن يحيى بن حَبان ... به نحوه؛ وقرن أحمد: أبا صِرْمَةَ المازني مع أبي سعيد.

50- باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله

1889- عن جابر قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن لي جارية أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل؟! فقال: " اعْزِلْ عنها إن شئت؛ فإنه سيأتيها ما قدِّرَ لها ". قال: فَلَبِثَ الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حملت! قال: " قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قُدر لها ". (قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا الفَضْلُ بن دُكَيْن: ثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا عنعنة أبي الزبير؛ ومع ذلك أخرجه مسلم! لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/160) ، والبيهقي (7/229) ، وأحمد (3/312 و386) من طرق أخرى عن زهير ... به. وتابعه سالم بن أبي الجعد عن جابر،.. به نحوه: أخرجه ابن ماجه (1/46) ، وأحمد (3/313 و 388) . وسنده صحيح على شرطهما. 50- باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف ") ]

7- كتاب الطلاق

7- كتاب الطلاق تفريع أبواب الطلاق 1- باب فيمن خَبَّبَ امرأة على زوجها 1890- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرأة على زوجها، أو عبداً على سَيِّدِهِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا زيد بن الحبَابِ: ثنا عمار بن رُزيق عن عبد الله بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يَعْمَرَ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد صححه من ذكر آنفاً. وله شاهدان مخرجان في "الصحيحة" (324 و 325) . 2- باب في المرأةِ تسألُ زوجَها طلاقَ امرأةٍ له؟ 1891- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَسْألِ المرأةُ طلاقَ أختها لِتَسْتَفْرغَ صَحْفَتَها، ولِتَنْكِحَ؛ فإنما لها ما قدِّرَ لها". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

3- باب في كراهية الطلاق

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (3/93- 94) ... سنداً ومتناً. وعنه أيضاً: أخرجه البخاري (11/418) . ثم أخرجه هو (9/180) ، ومسلم (4/136) ، والنسائي (2/217) ، وأحمد (2/238 و 311 و 410 و 489 و 508 و 516) من طرق عدة عن أبي هريرة رضي الله عنه. 3- باب في كراهية الطلاق [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 4- باب في طلاقِ السُّنَّةِ 1892- عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأل عمرُ بنُ الخطاب رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن ذلك؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُمْسِكْها حتى تَطْهُر، ثم تَحيِضَ، ثم تَطُهْرَ، ثم إن شاء أمسك بعد ذلك، وإن شاء طَلَّقَ قبل أن يَمَس؛ فتلك العِدة التي أمر اللهُ سبحانه أن تُطَلَّقَ لها النِّساءُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع.

قلت: وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث في "الموطأ" (2/96) ... إسناداً ومتناً. وعنه: أخرجه الشيخان وغيرهما. ومن طريق غيره أيضاً عن نافع. وهو مخرج في "الإرواء " (2059) ، وقد استوعبت فيه طائفة كبيرة من طرقه، فبلغت (13) طريقاً. 1893- وفي رواية عنه: أن ابن عمر طَلَّقَ امرأة له وهي حائض، تطليقه ... بمعنى حديث مالك. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسناد المصنف) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع. قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً على شرطهما. وقد أخرجه مسلم (4/179) بإسناد المصنف وغيره عن الليث ... به؛ وزاد: واحدة ... وساق متنه بتمامه، وقال: " جَودَ الليث في قوله: تطليقة واحدة ". قلت: تابعه عليه عبيد الله بن عمر عن نافع: رواه النسائي. وتابعه أيوب عنه: عند عبد الرزاق (10954) .

1894- ومن طريق أخرى عن ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُرْهُ فليراجعها، ثم ليُطَلِّقْها إذا طَهرَتْ، أو وَهِيَ حاملٌ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه، وكذا ابن الجارود. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه هو وغيره، وقد ذكرت بعضهم أعلاه، وهو مخرج في "الإرواء " (2059) . 1895- وفي رواية عنه: أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمرُ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فتغيَّظَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: " مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُمْسِكْها حتى تَطْهُرَ، ثم تحيضَ فتَطْهُرَ، ثم إن شاء؛ طلَّقَها طاهراً قبل أن يَمَسَّ؛ فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله عز وجل ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة: ثنا يونس عن ابن شهاب: أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عنبسة- وهو ابن خالد-، وأحمد بن صالح، فهما على شرط البخاري، وقد توبعا كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (8/529- 530) ، ومسلم (4/180) ، والنسائي (2/94) ، وأحمد (2/130) من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به؛ وزاد مسلم وغيره: وكان عبد الله طلقها تطليقةً، فحُسِبَتْ من طلاقها، وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1896- وعن يونس بن جبَيْرٍ: أنه سأل ابن عمر، فقال: كَمْ طَلقْت امرأتك؟ فقال: واحدة. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين: أخبرني يونس بن جبير. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (10959) ... بهذا الإسناد أتم منه. 1897- وفي رواية عنه قال: سألت عبد الله بن عمر؛ قال: قلت: رجل طلق امرأته وهي حائض؟ قال: تَعْرِف عبد الله بن عمر؟ قلت: نعم. قال: فإن عبد الله بن عمر طَلَّقَ امرأته وهي حائض، فأتى عمرُ النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله؟ فقال:

" مُرْهُ فليراجِعْها، ثم ليُطَلِّقْها في قُبُلِ عِدَّتِها ". قال: قلت: فَيُعْتَدّ بها؟ قال: فَمَهْ! أرأيت إن عَجَزَ واستحمق؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا يزيد- يعني: ابن إبراهيم- عن محمد بن سيرين: حدثني يونس بن جبير. قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما كالترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح ". وهو مخرج في المصدر السابق. 1898- عن أبي الزبير: أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر- وأبو الزبير يسمع- قال: كيف ترى في رجل طَلقَ امرأته حائضاً؟ قال: طَلقَ عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأل عمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فقال: إن عبد الله بن عمر طَلَّق امرأته وهي حائض؟ قال عبد الله: فردَّها علي ولم يَرَهَا شيئاً، وقال: " إذا طَهُرَتْ؛ فليطلَق أو ليُمْسِكْ ". قال ابن عمر: وقرأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " (يا أيها النبيُ إذا طلقتم النساء فطلَقوهن) في قُبُلِ عِدتهِن ".

(قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح". وأخرجه مسلم وابن الجارود. وصححه الحافظ، وذكر عن العلماء أن معنى: فردها عليَّ ولم يرها شيئاً ... أي: مستقيماً؛ لكونها لم تقع على السنة، وليس معناه أن الطلاق لم يقع؛ بدليل الرواية المتقدمة المصرحة بأن ابن عمر اعتدَّ بها، وصح مرفوعاً: أنها واحدة) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير. قال أبو داود: " رَوى هذا الحديثَ عن ابن عمر: يونسُ بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل؛ معناهم كلهم: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم إن شاء طلق، وإن شاء أمسك. وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر. وأما رواية الزهري عن سالم ونافع عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق، وإن شاء أمسك. ورُوي عن عطاء الخراساني عن الحسن عن ابن عمر ... نحو رواية نافع والزهري. والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير "! قلت: كذا قال المصنف رحمه الله! وإسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير شيخه أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي. وأبو الزبير؛ إنما يخشى منه العنعنة، وقد صرح بالسماع، فوجب قبول حديثه؛ لا سيما ولم يتفرد بهذا اللفظ؛ بل تابعه سعيد بن جبير في رواية عنه عن ابن عمر قال:

طلقت امرأتي وهي حائض، فرد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك عليَّ، حتى طلقتها وهي طاهر. وسنده صحيح. ولذلك كان لا بد من تأويل الرد المذكور فيه بما لا يعارض الحديث الذي قبله وما في معناه، لا سيما ما كان صريحاً في الرفع، وقد ذكرنا آنفاً ما تأوله به العلماء. ومن شاء التفصيل؛ فعليه بـ "فتح الباري " (9/288- 291) ، ففيه ما يكفي ويشقي. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (7/309- 310/10960) ... إسناداً ومتناً. وأخرجه البيهقي (7/327) من طريق المصنف. ومسلم (4/183) من طريق أخرى عن عبد الرزاق ... به؛ لكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ رواية حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج ... فذكره دون قوله: ولم يرها شيئاً. وكذلك أخرجه ابن الجارود (733) عن حجاج ... به. وقد أشار مسلم إلى زيادة عبد الرزاق هذه؛ فقال عقب حديثه: " وفيه بعض الزيادة ". وقال: " أخطأ حيث قال: (عروة) ؛ وإنما هو (مولى عَزَّة) ". قلت: وتابعه على هذه الزيادة: رَوْحُ بن عبادة فقال: ثنا ابن جريج ... به: أخرجه أحمد (2/80) .

5- باب الرجل يراجع ولا يشهد

5- باب الرجل يراجع ولا يُشهد 1899- عن مُطَرِّفِ بن عبد الله: أن عمران بن حصين سئل عن الرجل يطلق امرأته، ثم يقع بها ولم يُشْهِدْ على طلاقها ولا على رجعتها؟ فقال: طَلَّقْتَ لغير سُنَّةٍ، وراجعت لغير سنَّةٍ! أشهِد على طلاقها وعلى رجعتها؛ ولا تعد. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا بشر بن هلال أن جعفر بن سليمان حدثهم عن يزيد الرشْكِ عن مطرف بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وله طريق أخرى خرجته في "الإرواء" (2078) . 6- باب في سنة طلاق العبد [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 7- باب في الطلاق قبل النكاح 1900- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك - زاد ابن الصبَّاح: ولا وفاء نذر إلا فيما تملك- ".

(قلت: إسناده حسن، وصححه الترمذي وابن الجارود والحاكم والذهبي، وحسَّنه الخطابي) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام. (ح) وثنا ابن الصبَّاح: ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قالا: ثنا مَطَرٌ الوَرَّاق عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ومطر الوراق فيه ضعف، لكنه قد توبع، كما في الرواية التي بعدها وغيرها. والحديث أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (1/281) ، والبيهقي (7/318) من طريق أخرى عن مسلم بن إبراهيم ... به؛ دون زيادة ابن الصباح: " ولا وفاء ... ". ثم أخرجه هو، والطحاوي والدارقطني (ص 431) ، وأحمد (2/190) من طرق أخرى عن مطر ... به؛ وفيه الزيادة عند الدارقطني وأحمد. ولها شاهد: عند الطحاوي عن علي، وهو مخرج في "الإرواء " (1751) . وتابعه عامر الأحول عن عمرو بن شعيب ... به؛ ولكنه قال: " ولا يمين فيما لا يملك "، بدل: " ولا بيع إلا فيما تملك ". أخرجه أحمد والدارقطني والترمذي (1181) ؛ دون فقرة البيع وبديلها، وقال: "حديث حسن صحيح ". ولابن الجارود (743) الفقرة الأولى والثانية.

وكذا الحاكم (2/205) - مع زيادة ابن الصباح- وصححه هو، والذهبي. 1901- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ زاد: " من حلف على معصية؛ فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم؛ فلا يمين له ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: أخبرنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير: حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن؛ وعبد الرحمن بن الحارث: هو المخزومي، كما في الرواية الآتية، وهو صدوق له أوهام. 1902- وفي أخرى عنه ... أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في هذا الخبر؛ زاد: " ولا نذر إلا فيما ابتُغِيْ به وجه الله تعالى ذِكْرُهُ ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا ابن السرْحِ: ثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن. وقد أخرج الزيادة الواردة فيه: أحمد (2/185) من طريق أخرى عن المخزومي ... به.

8- باب في الطلاق على غلط

8- باب في الطلاق على غلط 1903- عن محمد بن عُبَيْدِ بن أبي صالح- الذي كان يسكن إيلياء- قال: خرجت مع عَدِي بن عَدِيِّ الكِنْدِيِّ حتى قدمنا مكة، فبعثني إلى صفية بنت شيبة، وكانت قد حفظت من عائشة، قالت: سمعت عائشة تقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا طلاق ولا عتاق في غِلاق ". قال أبو داود: " الغِلاق: أظنّهُ الغضب ". (قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي، ولفظه عنده وآخرين: " إغلاق "؛ وهو المحفوظ كما قال الخَطَّابي) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري أن يعقوب حدثهم قال: ثنا أبي عن ابن إسحاق عن ثور بن يزيد الحمصي عن محمد بن عبيد بن أبي صالح. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير محمد بن عبيد هذا، فهو ضعيف كما جزم به الحافظ تبعاً لأبي حاتم، ولم يرو عنه غير ثور هذا وعبيد الله بن أبي جعفر المصري. ولذلك قال الذهبي في " الميزان ": " مُقِل جداً، ضعفه أبو حاتم ". وابن إسحاق قد صرح بالتحديث في رواية الإمام أحمد. وقد خولف في إسناده؛ لكن رجح أبو حاتم رواية ابن إسحاق هذه. وله متابعون خرجتهم في "الإرواء " (2047) ؛ انتهيت فيه إلى أن الحديث

9- باب في الطلاق على الهزل

حسن بمجموع طرقه. والله أعلم. 9- باب في الطلاق على الهَزْلِ 1904- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ثلاث جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النكاح، والطلاق، والرجعة ". (قلت: حديث حسن، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب "، ووافقه الحافظ، ومن قبله الخطابي، وصححه ابن الجارود والحاكم) . إسناده: حدثنا القعنبي: ثنا عبد العزيز- يعني: ابن محمد- عن عبد الرحمن ابن حبيب عن عطاء بن أبي رَباح عن ابن ماهِك عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن حبيب- وهو ابن أرْدكَ المدني-، وقد روى عنه جمع من الثقات، ولذلك وثقه ابن حبان والحاكم. لكن قال النسائي: " منكر الحديث ". ولينه الذهبي والعسقلاني. لكن لحديثه شاهد مرسل صحيح الإسناد، وشواهد أخرى موصولة، خرجتها في " الإرواء " (1826) . والحديث أخرجه سعيد بن منصور (3/373/1603) : نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ... به. وراجع المصدر السابق.

10- باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث

10- باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث 1905- عن ابن عباس: (والمطلقات يتربَّصْنَ بأنفسهن ثلاثة قُرُوءِ ولا يَحِلُّ لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ... ) الآية؛ وذلك أن الَرجل كان إذا طلق امرأته؛ فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً؛ فنُسِخَ ذلك؛ وقال: (الطلاق مرتان ... ) الآية.. (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المروزي: حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه؛ حيث أخرج المصنف به متناً أخر برقم (1822) . وقد خرجت هذا في "الإرواء" (2080) ، وذكرت له شاهداً مرسلاً صحيح الإسناد. وروي موصولاً عن عائشة؛ وصححه الحاكم ورده الذهبي. 1906- عن ابن عباس قال: طَلَّقَ عبدُ يزيد أبو رُكَانةَ وإخوتِهِ أمَّ ركانة، ونكح امرأة من مُزينَةَ، فجاءت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة- لشعرة أخذتها من رأسها-؛ ففرِّقْ بيني وبينه! فأخذت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِيةٌ، فدعا بركانة وإخوتِه، ثم قال لجلسائه: " أترون فلاناً يشبه منه كذا وكذا- من عبد يزيد-، وفلاناً منه كذا

وكذا؟ ". قالوا: نعم. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد يزيد: " طلََّقْها "، ففعل. ثم قال: " راجع امرأتك أمَ ركانة وإخوته ". فقال: إني طلقتها ثلاثاً يا رسول الله! قال: " قد علمت؛ راجعها "، وتلا: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) . (قلت: حديث حسن في الباب، وصححه الحاكم، وردَّه الذهبي قائلاً: " الخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإسلام "، وقال: " المعروف أن صاحب القصة ركانة ". قلت: كذلك رواه محمد بن إسحاق: ثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس ... مختصراً. أخرجه أحمد، وصححه هو، والحاكم والذهبي وابن القيم، وقال ابن تيمية: " إسناده جيد "، وقوّاه الحافظ، وهو عندي حسن لغيره، كما سيأتي في حديث آخر برقم (1938)) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني بعض بني أبي رافع مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عكرمة، مولى ابن عباس عن ابن عباس. قال أبو داود: " وحديث نافع بن عُجيرٍ وعبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده: أن ركانة طلق امرأته، فردها إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصح؛ لأن ولد الرجل وأهله أعلم به: أن ركانة طلق امرأته البتة، فجعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدة ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري، فهو صحيح؛ لولا أن بعض بني أبي رافع لم يسم، ولكنه قد توبع على موضع الشاهد منه كما يأتي.

والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (11334) ... إسناداً ومتناً. وهو عند البيهقي (7/339) من طريق المؤلف. ثم رواه عبد الرزاق ... بسنده المذكور عن ابن عباس قال: طلق رجل على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأته ثلاثاً، فأمره (الأصل: فقال) النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يراجعها، فقال: إني طلقتها ... إلخ؛ وزاد: الآية. قال: فارتجعها. وهذا قد تابعه عليه داود بن الحصين عن عكرمة ... به نحوه، وقد سقت لفظه وخرجته وتكلمت على إسناده في "الإرواء" (2063) ، ويتلخص منه أن الحديث حسن على الأقل بمجموع الطريقين. ويزيده قوةً حديثُ أبي الصهباء الآتي بعدُ. واعلم أن الحديث الذي علقه المصنف هنا عن نافع بن عجير؛ قد وصله بعد ثلاثة أبواب، وصرح هناك- كما صرح هنا- بأنه أصح من حديث ابن جريج هذا عن بعض بني أبي رافع. وكان يكون الأمر كما قال؛ إذا افترض أن حديث ابن جريج لا شاهد له. أما والأمر بخلافه- للمتابعة التي سبقت الإشارة إليها-؛ وفيها ما في حديث ابن جريج: أن ركانة طلق امرأته ثلاثاً؛ خلافاً لحديث نافع بن عجير الذي فيه أنه طلقها البتة؛ أي: واحدة. ولذلك قال ابن تيمية في "الفتاوى" (3/18) - بعد أن ساق لفظ المتابعة-: " وهذا إسناد جيد. وله شاهد من وجه آخر، رواه أبو داود في "السنن "، ولم يذكر أبو داود هذا الطريق الجيد، فلذلك ظن أن تطليقة واحدة أصح؛ وليس الأمر كما قاله، بل الإمام أحمد رجح هذه الرواية على تلك، وهو كما قال أحمد ".

قلت: وقد صحح حديث التابعة من ذكرنا آنفاً، فهو المرجَّح لحديث ابن جريج على حديث نافع بن عجير؛ لأن نافعاً مجهول الحال، ولذلك كان حديثه من حصة الكتاب الآخر (380 و 381) . وقد خرجت الحديث من طرقه الثلاث في "الإرواء" (2063) ، وتكلمت فيه على عللها، مع بيان الراجح من المرجوح منها. 1907- عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس، فجاء رجل فقال: إنه طلَّق امرأته ثلاثاً؟ قال: فسكت حتى ظننت أنه رادُّها إليه، ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الأُحْمُوقَةَ، ثم يقول: يا ابن عباس! يا ابن عباس! وإن الله قال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ له مَخْرَجاً) ، وإنَّك لم تَتقِ اللهَ، فلم أجِدْ لك مخرجاً، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، وإن الله قال: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن) في قُبُلِ عِدَّتهن. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر) . إسناده: حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَةَ: ثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب عن عبد الله ابن كثير عن مجاهد. قال أبو داود: " روى هذا الحديثَ: حميدٌ الأعرج وغيره عن مجاهد عن ابن عباس. ورواه شعبة عن عمرو بن مُرَّةَ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وأيوب وابن جريج جميعاً عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وابن جريج عن عبد الحميد بن رافع عن عطاء عن ابن عباس. ورواه الأعمش عن مالك ابن الحارث عن ابن عباس. وابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. كلهم

قالوا في الطلاق الثلاث: أجازها.. قال: وبانت منك ... نحو حديث إسماعيل عن أيوب عن عبد الله بن كثير ". قال أبو داود: " وروى حماد بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس: إذا قال: أنت طالق ثلاثاً بفم واحد؛ فهي واحدة. ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا ... قولَهُ؛ ولم يذكر: ابن عباس، وجعله قول عكرمة. وصار قول ابن عباس فيما حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى ... ". قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحافظ ابن حجر كما نقلته عنه في "الإرواء"، وخرجته هناك (2055) . والطرق المعلقة عند المصنف؛ قد وصلها جلها: عبد الرزاق في "المصنف " (6/396- 398) وغيره، وقد خرجت بعضها في المصدر السابق (2056 و 2057) . 1908- عن محمد بن إياس: أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سُئلُوا عن البِكْرِ يطلقها زوجها ثلاثاً؟ فكلهم قالوا: لا تحِلُّ له حتى تنكح زوجاً غيره. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى- وهذا حديث أحمد- قالا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس.

قلت: وهذا إسناد صحيح. والحديث أخرجه البيهقي (7/354) من طريق المصنف. وأخرجه (7/335) من طريق مالك عن الزهري عن ابن ثوبان ... به. 1909- قال أبو داود: " وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن بُكَيْرِ بن الأشَج عن معاوية بن أبي عياش: أنه شهد هذه القصة حين جاء محمد ابن إياس بن البكير إلى ابن الزبير وعاصم بن عمر، فسألهما عن ذلك؟ فقالا: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة؛ فإني تركتهما عند عائشة رضي الله عنها ... ثم ساق هذا الخبر ". (قلت: هو خبر صحيح بما قبله) . إسناده: هذا معلق كما ترى؛ وقد وصله البيهقي (7/335 و 355) من طريقين عن مالك ... به. ووصله الطحاوي أيضاً (2/33) . ومعاوية هذا: هو أخو النعمان بن أبي عياش الزُّرَقِي المديني، كما في "الجرح والتعديل " (4/1/380) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. 1910- عن ابن طاوس عن أبيه: أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تُجْعَلُ واحدةً على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر، وثلاثاً من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم.

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وزاد مسلم في رواية: فقال عمر ابن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة؛ فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني ابن طاوس عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي.. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 445) ، والبيهقي (7/336) من طريق المصنف. وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (2/31) : حدثنا رَوْح بن الفَرَجِ قال: ثنا أحمد بن صالح ... به. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (11337) . ومن طريقه: أخرجه أحمد (1/314) ، ومسلم (4/184) ، والدارقطني (ص 444) ، والحاكم (2/196) كلهم من طرق أخرى عن عبد الرزاق ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "؛ ووافقه الذهبي. وقد وهما في قولهما: " ولم يخرجاه "! فقد أخرجه مسلم. وتابعه جماعة عن ابن جريج ... به. أخرجه مسلم والنسائي (2/96) ، والدارقطني.

وتابعه معمر قال: أخبرني ابن طاوس ... به: أخرجه عبد الرزاق (11336) ، ومن طريقه مسلم والطحاوي والدارقطني والبيهقي؛ وزادوا: فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة؛ فلوا أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم. وتابعه إبراهيم بن ميسرة عن طاوس ... به. أخرجه مسلم وابن أبي شيبة (7/26) ، والدارقطني والبيهقي من طرق ثلاث عن حماد بن زيد عن أيوب السَّخْتِيَاني عنه ... به. وخالفهم أبو النعمان عن حماد بن زيد ... به، فقال: عن غير واحد عن طاوس ... به؛ وزاد في متنه: قبل أن يدخل بها! وهي زيادة منكرة، كما شرحته في "الضعيفة " (1134) ؛ ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (378) . وتابعه عمرو بن دينار أن طاوساً أخبره ... به: أخرجه عبد الرزاق (11338) عن عمر بن حوشب عنه. وتابعه ابن أبي مليكة قال: سأل أبو الجوزاء ابن عباس: هل علمت ... الحديث. أخرجه الدارقطني والحاكم، وقال: " صحيح الإسناد "! من طريق عبد الله بن المؤمل عنه. وقال الدارقطني: " هو ضعيف، ولم يروه عن ابن أبي مليكة غيره ". وقال الذهبي في تعقبه على الحاكم:

" قلت: ابن المؤمل ضعفوه ". وروى هشام بن حُجَيْر عن طاوس قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قد كان لكم في الطلاق أناة؛ فاستعجلتم أناتكم، وقد أجزنا عليكم ما استعجلتم من ذلك. أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (3/259) . وإسناده إلى طاوس حسن. ثم روى عن الحسن في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة، فقال: قال عمر: لو حملناهم على كتاب الله، ثم قال: لا، بل نلزمهم ما ألزموا أنفسهم. ورجاله ثقات، لكن الحسن- وهو البصري- لم يسمع من عمر بن الخطاب. ومن طريق أخرى عنه: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري: لقد هممت أن أجعل - إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس- أن أجعلها واحدة، ولكن أقواماً جعلوا على أنفسهم، فأُلزِمُ كل نفس ما ألزم نفسه! من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام؛ فهي حرام، ومن قال لامرأته: أنت بائنة؛ فهي بائنة، ومن قال: أنت طالق ثلاثاً؛ فهي ثلاث. وإسناده إلى الحسن صحيح. قلت: وهذه الطرق تشهد لزيادة معمر- عند مسلم وغيره- المتقدمة، وهي صريحة في أن عمر رضي الله عنه إنما نفذها عليهم ثلاثاً باجتهاد من عنده؛ وإلا لم

11- باب فيما عني به الطلاق والنيات

يكن ليحكم قبل ذلك بخلاف ذلك، ولا تردد أو تساءل في تنفيذها ثلاثاً. وقد فصل القول فرب المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى"، وتلميذه ابن القيم في "إعلام الموقعين " وغيره، وأثبتا أن الحديث محكم، لم ينسخه شيء؛ فمن شاء البسط فليرجع إليهما. 11- باب فيما عُنِيَ به الطلاقُ والنيات 1911- عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيده عند البخاري هو إسناد المصنف. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وسفيان: هو الثوري. والحديث أخرجه البخاري (5/121- 122) ... بإسناد المصنف هذا. وأخرجه البيهقي (1/41) من طريق أخرى عن محمد بن كثير ... به.

وأخرجه أحمد (1/25) ، والحميدي (28) - وعنه البخاري (1/6) ، والبيهقي (7/341) - قالا: ثنا سفيان ... به. وأخرجه مسلم (6/48) ، وابن الجارود (64) من طرق أخرى عن سفيان ... به- وهو ابن عيينة-. ثم أخرجه أحمد (1/43) ، والبخاري (1/111 و 7/180 و 9/94 و 11/484 و12/275) ، ومسلم، والترمذي (1647) ، والنسائي (1/24 و 2/101) ، وابن ماجه (2/556) ، والدارقطني (ص 19) ، والبيهقي أيضاً من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري. قال عبد الرحمن بن مهدي: ينبغي أن نضع هذا الحديث في كل باب". 1912- عن عبد الله بن كعب- وكان قائد كعب من بنيه حين عَمِيَ- قال: سمعت كعب بن مالك ... فساق قصته في تبوك (1) ؛ قال: حتى إذا مضت أربعون من الخمسين؛ إذا رسول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي، فقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال: فقلت: أُطَلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا؛ بل اعتزلها فلا تقربها. فقلت لا مرأتي: الْحَقِي بأهلك فكوني عندهم؛ حتى يقضيَ الله سبحانه في هذا الأمر. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بأحد إسنادي المصنف بتمام القصة، وكذا أخرجه البخاري من طريق أخرى) .

_ (1) انظرها في "الإرواء" (477) .

إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح وسليمان بن داود قالا: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ابن مالك أن عبد الله بن كعب ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن السرح، وسليمان بن داود- وهو أبو الربيع المَهْرِيُ-، وهما ثقتان من رجال مسلم، وقد توبعا كما يأتي، وهو قطعة من حديث توبة كعب الطويل، وقد ساق المؤلف قطعة منه في "الجهاد"، وسيأتي برقم (2344) ، وطرفاً آخر في آخر "الأيمان " في أول كتاب "السنة". والحديث أخرجه مسلم (8/105- 112) ... بإسناد المصنف الأول بتمامه. وأخرجه المصنف ... طرفاً آخر منه في "الأيمان والنذور" [29- باب فيمن نذر أن يتصدق بماله] ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وأخرج النسائي (2/99) ... بإسناد المصنف الثاني مختصراً مثل روايته. ومن طريق أخرى عن عبد الله- وهو ابن وهب- ... به. وتابعه عُقَيْل عن ابن شهاب ... بتمامه. أخرجه البخاري (8/92- 101) ، وأحمد (3/459- 460) . وللنسائي موضع الشاهد منه. وتابعه محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري عن عمه محمد بن مسلم الزهري ... به: أخرجه مسلم وأحمد (3/456- 459) .

12- باب في الخيار

12- باب في الخِيَارِ 1913- عن عائشة قالت: خَيَّرَنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاخترناه؛ فلم يَعُدَ ذلك شيئاً. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم. وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان بلفظ: أفكان طلاقاً؟! وهو رواية للشيخين) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي الضّحَى عن مسروق عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد؛ فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه سعيد بن منصور في "سننه " (1645) : نا أبو عوانة ... به؛ إلا أنه قال: طلاقاً مكان: شيئاً. ثم قال هو (1646) ، وأبو بكر بن أبي شيبة (5/61) ، وأحمد (6/45 و 47- 48) : نا أبو معاوية: نا الأعمش ... به بلفظ الكتاب. وأخرجه مسلم (4/187) ، وابن ماجه (1/632) من طريق ابن أبي شيبة. وأخرجه البخاري (9/302) ، ومسلم أيضاً، والترمذي (1179) ، والنسائي (2/68) ، وأحمد أيضاً (6/173 و 239) من طرق أخرى عن الأعمش ... وصرح بالتحديث من أبي الضحى: عند أحمد والبخاري باللفظ الأول؛ إلا النسائي وأحمد فباللفظ الثاني.

13- باب في (أمرك بيدك)

وكذا رواه ابن أبي شيبة (5/59) . وتابعه الشعبي عن مسروق.. به: أخرجه أحمد (6/202 و 205 و 240) ، والشيخان والترمذي والنسائي والدارمي (2/162) ، وابن الجارود (740) ، والبيهقي (7/345) ، وكذا ابن حبان (4253) . وأخرجه أحمد (6/171 و 185 و 262- 263) ، وسعيد بن منصور (1644) من طريقين آخرين عنها. 13- باب في (أمْرُكِ بِيَدِكِ) 1914- عن الحسن: في أمرك بيدك، قال: ثلاث. (قلت: إسناده صحيح مقطوع موقوف على الحسن- وهو البصري-. وقد روي مرفوعاً من حديث أبي هريرة، وهو في الكتاب الآخر (379)) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن قتادة عن الحسن. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط الشيخين؛ ولكنه مقطوع موقوف على الحسن- وهو البصري-. والحديث أخرجه سعيد بن منصور (1657) : نا هُشَيْم قال: أنا يونس ومنصور عن الحسن ... به. وهذا صحيح أيضاً. 14- باب في البتة [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر " الضعيف ") ]

15- باب في الوسوسة بالطلاق

15- باب في الوسوسة بالطلاق 1915- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله تجاوز لأُمَّتي عمَّا لم تتكلَّم أو تعمل به، وبما حدثت به أنفسَها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي. وأحد أسانيد البخاري إسناد المصنف) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن قتادة عن زُرَارَةَ بن أبي أوفى عن أبي هريرة. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه بنحوه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (9/323) ... بإسناد المصنف؛ بلفظ: " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها؛ ما لم تعمل أو تتكلم ". وأخرجه مسلم (1/82) ، وأحمد (2/281) من طريق وكيع: حدثنا مِسْعَرٌ وهشام عن قتادة ... به؛ وزاد أحمد: قال هشام: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ووقفه مسعر. قلت: وفي هذا نظر! فقد أخرجه أحمد (2/255) - عن يزيد؛ وهو ابن هارون-، والحميدي (1173) ، وعنه البخاري (5/121) - عن سفيان؛ وهو ابن عيينة- عن مسعر ... بلفظ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلعل قوله: (وقفه) تحرف على بعض الرواة، والصواب: (رفعه) ، فقد رواه هكذا البخاري (11/464- 465) : حدثنا خلاد بن يحيى: حدثنا مسعر ... عن أبي هريرة يرفعه قال ... فذكره.

16- باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي!

ويشهد له: أنه رواه جمع آخر عن قتادة ... به مرفوعاً: أخرجه مسلم والترمذي (1183) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي أيضاً، وابن ماجه (1/690) ، وابن أبي شيبة (5/53) ، والبيهقي (7/350) ، وأحمد (2/393 و 425 و 474 و 481 و 491) ؛ وزاد ابن ماجه: " وما استكرهوا عليه "! وهي زيادة شاذة، لكن لها شواهد فراجع "الإرواء " (82) . 16- باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي! 1916- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاثاً: اثنتان في ذات الله تعالى: قوله: (إني سقيم) ، وقوله: (بل فعله كبيرهم هذا) . وبينما هو يسير في أرض جَبَّارٍ من الجبابرة؛ إذ نزل منزلاً، فأُتِيَ الجَبارُ، فقيل له: إنه نزل ههنا رجل معه امرأة هي أحسن الناس. قال: فأرسل إليه، فسأله عنها؟ فقال: إنها أختي. فلما رجع إليها قال: إن هذا سألني عنك؟ فأنبأته أنك أختي، وإنه ليس اليوم مسلم غيري وغيرك، وإنك أختي في كتاب الله؛ فلا تُكَذِّبيني عنده ... " وساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بتمامه، والترمذي مختصراً؛ وصححه) . إسناده: حدثنا ابن المثنى: ثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة. قال أبو داود: " روى هذا الخبَر: شعيبُ بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن

17- باب في الظهار

الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه ". قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (6/301- 304 و 9/104- 105) ، ومسلم (7/98- 99) من حديث أيوب السَّخْتِيَانِيِّ عن محمد بر سيرين ... به، وساقه بتمامه. وخبر شعيب بن أبي حمزة؛ وصله البخاري (4/326) : حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب ... فذكره بتمامه. وتابعه ورقاء عن أبي الزناد ... به: أخرجه أحمد (2/403) : ثنا علي بن حفص قال: ثنا ورقاء ... به. وتابعه محمد بن إسحاق عن أبي الزناد ... به مختصراً. أخرجه الترمذي (3165) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". 17- باب في الظهار 1917- عن سَلَمَةَ بن صَخْر البَيَاضِيِّ قال: كنت امرأً أُصِيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان؛ خِفْتُ أن أُصِيبَ مِن امرأتي شيئاً يُتابَعُ بي حتى أصبح، فظاهرت منها؛ حتى ينسلخ شهر رمضان. فبينا هي تَخْدُمُنِي ذاتَ ليلة؛ إذ تكشَّف لي منها شيء، فلم ألبث أن نَزَوْتُ عليها. فلما أصبحت؛ خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر، وقلت: امْشُوا مَعِي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قالوا: لا والله! فانطلقت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته؟ فقال:

" أنتَ بذاكَ يا سلمة؟! ". قلت: أنا بذاك يا رسول الله! (مرتين) ، وأنا صابر لأمر الله، فاحكم فيما أراك الله! قال: " حَرَرْ رَقَبَةً ". قلت: والذي بعثك بالحق؛ ما أمْلِك رقبة غيرَها.- وضربت صَفْحَةَ رقبتي-! قال: " فَصمْ شهرين متتابعين ". قال: وَهَلْ أصَبْتُ الذي أصبت إلا مِنَ الصِّيَامِ؟! قال: " أطْعِمْ وَسْقاً من تمر بين ستين مسكيناً ". قلت: والذي بعثك بالحق! لقد بِتْنا وَحْشَيْنِ، ما لنا طعام! قال: " فانطلقْ إلى صاحب صدقة بني زُرَيْقٍ؛ فليدفعها إليك، فأطعم ستين مسكيناً وَسْقاً من تمر، وَكلْ أنت وعيالكَ بِقيَّتَها". فرجعتُ إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضَيقَ وسوءَ الرَّأْيِ، ووجدت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعَةَ وحُسْنَ الرأي، وقد أمرني- أو أمر لي- بصدقتكم. زاد ابن العلاء: قال ابن إدريس: بَيَاضَة: بَطْنٌ من بني زريق. (قلت: حديث حسن كما قال الترمذي، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي، وحسنه الحافظ) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء قالا: ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء- قال ابن العلاء- بن علقمة

ابن عياش عن سليمان بن يسارعن سلمة بن صخر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن إسحاق، وهو مدلس، وقد عنعنه. وسليمان بن يسار لم يسمع من سلمة. لكن للحديث طريق أخرى، وشاهد مختصر يتقوى به، وقد خرجت ذلك كله في " الإرواء " (2091) . 1918- عن خُوَيلة بنت مالك بن ثعلبة قالت: ظاهر مني زوجي أوْسُ بن الصامت، فجئت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشكو إليه، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجادلني فيه، ويقول: " اتقي الله؛ فإنه ابْنُ عَمِّكِ ". فما بَرِحْتُ حتى نزل القرآن: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ... ) إلى الفَرْض، فقال: " يعتق رقبة ". قالت: لا يجد! قال: " يصوم شهرين متتابعين ". قالت: يا رسول الله! إنه شيخ كبير، ما به من صيام! قال: "فليطعم ستين مسكيناً". قالت: ما عنده من شيء يتصدق به! قالت: فأُتِيَ ساعَتَئِذٍ بِعَرَقٍ من تمر، قلت: يا رسول الله! وأنا أُعِينُهُ بِعَرَق آخر. قال: " قد أحسنتِ، اذهبي فأطعمي بهما عنه ستين مسكيناً، وارجعي إلى ابن عمك ".

قالت: والعَرَقُ: ستون صاعاً. (وفي رواية: قال: والعَرَقُ: مِكْتَلٌ يسع ثلاثين صاعاً) . قال أبو داود: " هذا أصح من حديث يحيى بن آدم ". (قلت: يعني: الرواية التي قبلها، وأصح منهما عندي الرواية الآتية. والحديث حسن، وقال الحافظ: " إسناده حسن "، وصححه ابن الجارود وابن حبان، وحسنه الحافظ) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا ابن ادريس عن محمد ابن إسحاق عن مَعْمَرِ بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة. قال أبو داود: " في هذا أنها كفرت عنه من غير أن تستأمره. حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد العزيز بن يحيى: ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق ... بهذا الإسناد نحوه؛ إلا أنه قال: والعرق ... ". قلت: وهذا إسناد حسن لغيره؛ كما بينته في "الإرواء" (2087) ، فلا نعيد الكلام عليه، لا سيما وقد حسنه الحافظ لذاته، وصححه غيره كما ترى أعلاه. والحديث أخرجه البيهقي (7/391 و 392) من طريق المصنف، وهو مخرج في المصدر السابق. 1919- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: يعني بـ (العَرَق) : زنبيلاً يأخذ خمسة عشر صاعاً. (قلت: إسناده صحيح مرسل. وقد وصله البيهقي عن أبي سلمة عن أبي

هريرة. وله شاهد من طريق أخرى عن أبى سلمة عن أبي هريرة في قصة المجامع في رمضان الآتية في "الصوم " رقم (2073) . وقال الترمذي: " حديث حسن "، وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل؛ وقد روي موصولاً كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (7/390) من طريق المصنف، وقال عقبه: " وروي عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن سليمان بن صخر البياضي جعل امرأته عليه كظهر أمه. حتى يمضي رمضان ... فذكر الحديث إلى أن قال: فأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكتل فيه خمسة عشر صاعاً من تمر، فدفعه إليه، وقال: " اذهب وأطعم هذا ستين مسكيناً " ... "؛ وقال: " وهو خطأ، الشهور عن يحيى مرسل، دون ذكر أبي هريرة فيه ". قلت: وكذلك رواه مرسلاً: علي بن المبارك: عند الترمذي (1200) ، والبيهقي (7/390) . وحرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير: أنبأنا أبو سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أن سليمان بن صخر ... الحديث. وقال الترمذي: " حديث حسن ". والحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وقد رواه الزهري عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة:

أن أعرابياً جاء يلطم وجهه ... فذكر حديث المجامع في رمضان؛ وفيه: فأتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزنبيل- وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعاً ... الحديث. أخرجه أحمد (2/516) . وسنده على شرط الشيخين؛ على ضعف في حفظ محمد بن أبي حفصة. لكن تابعه هشام بن سعد عن الزهري؛ لكنه قال: عن أبي سلمة عن أبي هريرة؛ كما يأتي في "الصوم " (2073) . ورواه معمر عن يحيى بن أبي كثير: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن سلمان بن صخر ... به. أخرجه عبد الرزاق (11528) . 1920- وعن سليمان بن يسار ... بهذا الخبر؛ قال: فَأُتِيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمر، فأعطاه إياه، وهو قريب من خمسة عشر صاعاً، قال: " تصدق بهذا ". قال: فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أفْقَرَ مِنِّي ومن أهلي؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلْهُ أنت وأهلُكَ ". (قلت: حديث حسن، وإسناده مرسل صحيح، وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا ابن السرح: ثنا ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بُكَيْرِ بن الأشَجِّ عن سليمان بن يسار.

قلت: وهذا إسناد صحيح؛ لولا أن سليمان بن يسار لم يسمع من سلمة، كما قال البخاري؛ فهو مرسل منقطع. وبه أعله عبد الحق الإشبيلي كما نقلته في "الإرواء" (2091) ، وفيه إشارة إلى انقطاع إسناد الرواية المتقدمة (1917) من رواية سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر. وكأن المصنف أو الراوي أشار إليها بقوله: بهذا الخبر. والحديث أخرجه البيهقي (7/391) من طريق المصنف. وابن الجارود (745) : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم ... به. وقال البيهقي: " فهذه الرواية عن سليمان موافقة لرواية أبي سلمة بن عبد الرحمن وابن ثوبان في قصة سلمة بن صخر، فهي أولى ". ورواية أبي سلمة وابن ثوبان تقدم تخريجها تحت الحديث السابق. 1921- عن أوس أخي عُبَادَةَ بن الصامت: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه خمسة عشر صاعاً من شعير؛ إطعامَ ستين مسكيناً. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: قال أبو داود: قرأت على محمد بن وزيرٍ المصري: حدثكم بشر بن بكر: ثنا الأوزاعي: ثنا عطاء عن أوس أخي عبادة بن الصامت. قال أبو داود: " وعطاء لم يدرك أوساً، وهو من أهل بدر، قديم الموت، والحديث مرسل ".

قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لولا إرساله، لكن يشهد له ما قبله. والحديث أخرجه البيهقي (7/397) من طريق المصنف. 1922- عن هشام بن عروة: أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت، وكان رجلاً به لَمَم، فإذا اشتدَ لَممُهُ؛ ظاهر من امرأته، فأنزل الله تعالى فيه كفارة الظهار. (قلت: حديث صحيح مرسل. وقد وصله المصنف بعده) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن هشام بن عروة. قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ وقد روي موصولاً كما يأتي بعده. 1923- وفي رواية عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ... مثله. (قلت: حديث صحيح، وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا محمد بن الفضل: ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ... مثله. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم كلهم؛ إلا أن محمد بن الفضل - وهو: أبو الفضل السَّدوسيُّ، الملقب بـ (عارم) - كان اختلط، كما قال أحمد وغيره. وقد خالفه موسى بن إسماعيل عن حماد ... فأرسله كما في الرواية التي قبله.

وهي أصح. والحديث أخرجه الحاكم (2/481) ، عنه البيهقي (7/382) من طريق علي ابن الحسن الهلالي: ثنا أبو النعمان محمد بن الفضل ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وله طريق أخرى عن عروة ... به موصولاً نحوه. مما يدل على أن له أصلاً في الموصول، وهو مخرج في "الإرواء " (2087) . 1924- عن عكرمة: أن رجلاً ظاهر من امرأته، ثم واقعها قبل أن يُكَفِّرَ، فأتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره؟! فقال: " ما حملك على ما صنعت؟! ". قال: رأيت بياض ساقها في القمر. قال: " فاعتزلها حتى تُكَفِّرَ عنك ". (قلت: حديث صحيح مرسل. وقد وصله المصنف بعده) . إسناده: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطَّالْقَانِيُ: ثنا سفيان: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة. قلت: وهذا إسناد مرسل، رجاله ثقات؛ غير الحكم بن أبان، ففيه ضعف من قبل حفظه. وقد اضطرب في إسناده؛ فأرسله مَرّةً، كما في رواية سفيان هذه، ورواية غيره ممن يأتي، ووصله أخرى؛ كما في رواية إسماعيل ومعمر الآتيين عنه.

والحديث أخرجه البيهقي (7/386) من طريق المصنف. وتابعه معمر عن الحكم بن أبان ... به مرسلاً. أخرجه عبد الرزاق (11525) ، وعنه النسائي (2/103) . لكن خالفه الفضل بن موسى؛ فرواه عن معمر ... به موصولاً، كما يأتي في الكتاب. وتابعه المعتمر بن سليمان: سمعت الحكم-.. به مرسلاً. أخرجه النسائي والمصنف، كما يأتي بعد حديث. 1925- وفي رواية عنه عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه، ولم يذكر: الساق. (قلت: حديث صحيح، وحسن إسناده الحافظ، وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا إسماعيل: ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير الحكم، ففيه الضعف المشار إليه آنفاً. ومع ذلك حسن الحافظ في "الفتح " (9/357) إسناده، وصححه من ذكرت آنفاً، وهو مخرج في "الإرواء " (2091) . وإسماعيل: هو: ابن عُلَيَّةَ. والحديث أخرجه البيهقي (7/386) من طريق المصنف؛ إلا أنه قال: عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه، لم يذكر الساق؛ لم يذكر فيه ابن عباس فأرسله.

فلا أدري أسقط ذكره من الناسخ أو الراوي عند البيهقي، أم هكذا وصلت رواية المصنف إليه؟! 1926- وعن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بنحو حديث سفيان. (قلت: يعني: الحديث الذي قبله بحديث) . إسناده: حدثنا أبو كامل أن عبد العزيز بن المختار حدثهم: ثنا خالد: حدثني مُحَدث عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بنحو حديث سفيان. قال أبو داود: " وسمعت محمد بن عيسى يحدث ... به: ثنا المعتمر قال: سمعت الحكم بن أبان يحدث ... بهذا الحديث؛ ولم يذكر ابن عباس ". قلت: وهذا إسناد مرسل، رجاله ثقات؛ غير الحكم على ما سبق، وهو المحدَث الذي لم يُسَمَ في رواية خالد- وهو الحَذَّاء-. وقد أخرجه النسائي من طريقين آخرين عن المعتمر ... به، وقال: " المرسل أولى بالصواب من المسند ". قلت: وقد أشار إلى ذلك المصنف بسياقه لأسانيده عن الحكم، وأكثرها مرسل كما رأيت، وهو ضعيف مرسلاً وصولاً؛ لأن مداره على الحكم، وقد عرفت حاله، وإنما صححته لشواهده التي قبله. والله أعلم. 1927- وفي رواية عن عكرمة عن ابن عباس ... بمعناه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث صحيح، وانظر ما قبله بحديث) .

18- باب في الخلع

إسناده: قال أبو داود: كتب إليَّ الحسين بن حُرَيْثٍ قال: أخبرنا الفضل بن موسى عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير الحكم، وهو مضعف، كما سبق؛ على اضطرابه في إسناده، فتارة أرسله- وهو الأكثر-، وتارة أسنده، وانظر الرواية المتقدمة؛ و" الإرواء ". وجملة القول: فأحاديث الباب كلها معلولة، لكن بعضها يشهد لبعض. والله أعلم. 18- باب في الخُلْعِ 1928- عن ثَوْبَانَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيُّما امرأةٍ سألت زوجَها طلاقاً في غير ما بأس؛ فحرامٌ عليها رائحةُ الجَنَّةِ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه أيضاً ابن الجارود وابن حبان، وقال الترمذي: " حديث حسن ") . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي أسماء- وهو عمرو بن مَرْثَد الرحبي-، فلم يخرج له البخاري إلا في "الأدب المفرد". والحديث مخرج في " الإرواء " (2035) .

1929- عن حَبِيبَةَ بنت سهل الأنصارية: أنها كانت تحت ثابت بن قيس الشَّمَّاسِ، وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى الصبح، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغَلَسِ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من هذه؟! ". فقالت: أنا حبيبة بنت سهل. قال: " ما شأنك؟! ". قالت: لا أنا ولا ثابت بن قيس- لزوجها-. فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذه حبيبة بنت سهل "؛ وذكرت ما شاء الله أن تذكر. وقالت حبيبة: يا رسول الله! كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لثابت ابن قيس: " خذ منها "؛ فأخذ منها، وجلست هي في أهلها. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهيل الأنصارية. قلت: وهذا إسناد صحيح؛ إن كانت عمرة سمعته من حبيبة؛ فقد أشار الحافظ في ترجمتها من "التهذيب " إلى أنه اختلف عليها في إسناده. قلت: فرواه مالك عن يحيى ... هكذا. وخالفه هشيم؛ فقال سعيد بن منصور (1430) : حدثنا هشيم: أنا يحيى بن سعيد ... به؛ إلا أنه قال:

أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ... الحديث. فهذا مرسل. ثم قال (1431) : حدثنا سفيان عن يحيى ... به؛ إلا أنه قال: عن عمرة قالت: جاءت حبيبة ... وهذا أصرح في الإرسال. لكن للحديث شواهد يتقوى بها؛ منها: حديث عائشة بعده. وحديث ابن عباس نحوه: عند البخاري وغيره. وكلها مخرجة في "الإرواء" (2036) . 1930- عن عائشة: أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شَماس؛ فضربها، فكسر بعضها، فأتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الصبح، فدعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثابتاً، فقال: " خذ بعض مالها وفارقها ". فقال: ويصلح ذلك يا رسول الله؟! قال: " نعم ". قال: فإني أصدقتها حديقتين، وهما بيدها! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذهما وفارقها "؛ ففعل. (قلت: حديث صحيح) .

إسناده: حدثنا محمد بن معمر: ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو: ثنا أبو عمرو السدوسي المديني عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي عمرو السدوسي المديني- وهو سعيد بن سلمة بن أبي الحسام العدوي مولاهم-، فهو من رجال مسلم، لكن فيه كلام من قبل حفظه، أشار إليه الحافظ بقوله: "صحيح الكتاب، يخطئ من حفظه " قلت: فإن كان حدَث به من كتابه؛ فهو صحيح لذاته؛ وإلا فهو صحيح لشواهده، التي منها حديث حبيبة الذي قبله، وما سأذكره في الحديث بعده. ومحمد بن معمر: هو القيسي أبو عبد الله البصري. والحديث أخرجه البيهقي (7/315) من طريق عبد الله بن رجاء: أنا سعيد ابن سلمة بن أبي الحسام ... به نحوه؛ وزاد. فأخذ إحداهما، ففارقها، ثم تزوجها أبي بن كعب رضي الله عنه بعد ذلك، فخرج إلى الشام، فتوفيت هناك. 1931- عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه، فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّتها حيضة. (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن غريب "، والحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي) .

إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز: ثنا علي بن بَحْرٍ القطان: ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن ابن عباس. قال أبو داود: " وهذا الحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسلاً ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال "الصحيح "؛ غير القطان، وهو ثقة. إلا أن عمرو بن مسلم- وهو الجَنَدي- وإن أخرج له مسلم؛ فقد ضعفه الجمهور من قبل حفظه. وقال الحافظ: " صدوق له أوهام ". وقد اختلف عليه في إسناده، كما أشار إلى ذلك المصنف بذكره رواية عبد الرزاق المرسلة، وهي عنده في "المصنف " (11858) . وسواءً كان الراجح في الحديث وصله أو إرساله؛ فهو صحيح لشواهده الآتية. والحديث أخرجه الترمذي (1185) ، والدارقطني (397) ، والحاكم (2/206) ، وعنه البيهقي (7/450) من طرق أخرى عن هشام بن يوسف ... به. وحسنه الترمذي. وصححه الحاكم والذهبي كما ذكرت آنفاً. لكن زاد الدارقطني في المتن فقال: حيضة ونصفاً. وهي زيادة شاذة؛ بل منكرة، تفرد بها أحد رواة الدارقطني ممن دون هشام بن يوسف؛ خِلافاً لكل من رواه عن هشام. وبخاصة أن رواية عبد الرزاق المرسلة خالية عن هذه الزيادة، وكذلك الشأن في الطرق الأخرى والشواهد الآتي ذكرها.

فلا تغتر بعد ذلك بقول القرطبي في "تفسيره " (3/145) - عقب رواية الدارقطني-: " والراوي عن معمر هنا في الحيضة والنصف: هو الراوي عنه في الحيضة الواحدة، وهو هشام بن يوسف، خرج له البخاري وحده، فالحديث مضطرب من جهة الإسناد والمتن، فسقط الاحتجاج به في أن الخلع فسخ، وفي أن عدة المطلقة حيضة"! فأقول: كلا؛ ويشهد له ما رواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أن رُبَيعَ بنت مُعَوِّذِ ابن عَفْراءَ أخبرته: أن ثابت بن قيس بن شَماسِ ضرب امرأته، فكسر يدها- وهي جميلة بنت عبد الله بن أُبَي-، فأتى أخوها يَشتكيه إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ثابت، فقال له: " خذ الذي لها عليك، وخل سبيلها ". قال: نعم. فأمرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تتربص حيضة واحدة فَتَلْحَقَ بأهلها. أخرجه النسائي (2/109) من طريق يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني محمد ابن عبد الرحمن ... به. قلت: وسنده صحيح على شرط البخاري. وتابعه أبو الأسود عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن الرُبَيع بنت مُعَوِّذ ... مختصراً بالجملة الأخيرة منه. أخرجه الدارقطني (397) عن ابن لهيعة: نا أبو الأسود ... وسنده لا بأس به في المتابعات والشواهد.

وتابعه محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسارعن الرَبَيع بنت مُعَوذ ... به مختصراً نحوه: أخرجه الترمذي (1185) ، والبيهقي (7/450) . وسنده صحيح. وقال الترمذي: " حديث الربيع بنت معوذ؛ الصحيح أنها أُمِرَتْ أن تعتد بحيضة ". يعني: أن الآمر لها ليس هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما هو عثمان بن عفان، كما في رواية صحيحة صريحة بذلك عند البيهقي، سأذكرها في الحديث الآتي إن شاء الله. لكن قد صرح عثمان- بعد أن أفتاها بذلك- برفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لها: " وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مريم المَنَالية؛ كانت تحت ثابت ابن قيس بن شَمَّاس فاختلعت منه ". أخرجه النسائي وابن ماجه (1/633- 634) بإسناد حسن. وقال الحافظ (9/328) : " وإسناده جيد ". 1932- عن ابن عمر قال: عِدةُ المختلِعة حيضة (1) . (قلت: إسناده موقوف صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح على شرط الشيخين.

_ (1) هذا الأثر والحديث الذي قبله وقع في بعض نسخ الكتاب في آخر "باب الرجل يقول لامرأته: يا أختي! " المتقدم قبل باب! وهو خطأ، ويبدو أنه خطأ قديم؛ فإنه وقع كذلك في "مختصر المنذري "!

والحديث أخرجه البيهقي (7/450) عن المصنف ... بإسناده؛ لكن بلفظ: عدَةُ المختلعة عدَّةُ المطلقة. وكذلك هو في "الموطأ" (2/88) لكن بأتم منه؛ ولفظه: عن نافع: أن رُبَيعَ بنت مُعَوذِ ابن عفراء جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر، فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فلم ينكره، وقال عبد الله بن عمر: عدتها عدة المطلقة. قلت: فرواية "الموطأ" مطابقة لرواية البيهقي عن المصنف، فقد يبدو أن روايته في الكتاب مخالفة أو شاذة، وليس كذلك؛ بل كلاهما محفوظة، ولكن على نوبتين، فما في "الموطأ" و"البيهقي " كان أول الأمر، وما رواه المصنف هو الذي استقر عليه رأيه آخر الأمر. والدليل ما رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. أن الربَيعَ اختلعت من زوجها، فأتى عَمُها عثمان فقال: تعتد بحيضة، وكان ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حِيَض؛ حتى قال هذا عثمان، فكان يفتي به ويقول: خَيْرنا وأعلمُنا. رواه ابن أبي شيبة (5/114) ، والبيهقي (7/450- 451) . وسنده صحيح على شرط الشيخين. ورواه عبد الرزاق (11859) عن معمر عن أيوب عن نافع ... به نحوه مختصراً، لكن سقط من إسناده: ابن عمر، كما استظهره محققه الفاضل الشيخ الأعظمي.

الجزء السابع جميع حقوق الملكية الأدبية والفنيّة محفوظة لـ دار غراس- الكويت وشريكهما ويحظّر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية إلا بموافقة خطيّة من الناشر. الطبعة الأولى 1423 هـ الناشر مؤسسة غراس للنشر والتوزيع الكويت- شارع الصحافة- مقابل مطابع الرأي العام التجارية هاتف: 4819037- فاكس: 4838495- هاتف وفاكس: 4578868 الجهراء: ص. ب: 2888- الرمز البريدي: 1030. Website: www.gheras.com E-Mail: [email protected]

19- باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد

19- باب في المملوكة تعتق وهي تحت حُر أو عبد 1933- عن ابن عباس: أن مُغِيثاً كان عبداً، فقال: يا رسول الله! اشْفَعْ لي إليها! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا بَرِيرَةُ! اتَّقي الله؛ فإنه زوجك وأبو ولدِك ". فقالت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتأمرني بذلك؟ قال: " لا؛ إنما أنا شافع ". فكان دموعه تسيل على خده، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: " ألا تعجب من حُبَّ مغيثٍ بريرةَ، وبُغْضِها إيّاه؟! ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حَمَاد عن خالد الحَذّاء عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-، فهو على شرط مسلم وحده، لكنه قد توبع كما يأتي قريباً. والحديث أخرجه البخاري والدارمي والبيهقي وأحمد (1/215) من طرق أخرى عن خالد الحذاء ... به. وأخرجه البخاري وابن الجارود والبيهقي وأحمد وابن سعد (8/260) من طرق أخرى عن عكرمة ... به. وفي رواية لابن سعد من طريق أيوب عن عكرمة ... بلفظ:

" كان زوجُ بريرَةَ يومَ خُيِّرَتْ مملوكاً لبني المغيرة- يقال له: مغيث- أسود ... " الحديث وهو مخرج في "الإرواء" (1873) . 1934- وفي رواية عنه: أن زوج بريرة كان عبداً أسود؛ يسَمّى مُغِيثاً، فخيَّرها- يعني- النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمرها أن تَعْتَدَّ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن الجارود مختصراً) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا عفان: ثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (9/335) من طريق شعبة وهمام عن قتادة ... به مختصراً نحوه؛ دون قوله: فخيرها ... وأفاد الحافظ أن هذا لفظ شعبة. وأما لفظ همام؛ فأخرجه أبو داود من طريق عفان عنه ... وساقه أحمد عن عفان عن همام مطولاً، وفيه: أنها تعتد عِدَّة الحرة. كذا قال! وهو وهم منه رحمه الله؛ فإن الحديث في "مسند أحمد" (1/281) : ثنا عفان ... به مطولاً كما قال؛ لكن ليس فيه: عِدَّة الحُرَّةِ. نعم، هذه الزيادة عنده (1/461) من غير طريق عفان، فقال: ثنا بهز: ثنا

همام ... به فساقه بطوله، وفيه. وأمرها أن تعتدَّ- قال همام مَرَّةً:- عِدَّةَ الحُرَّة. وأخرجه الدارقطني (413- 414) ، وعنه البيهقي (7/451) من طريق حَبَّانَ ابن هلال: نا همام ... بلفظ: ففرق بينهما؛ وجعل عليها عدة الحُرَّةِ-.. وقال: " قال أبو بكر النيسابوري: حَوَّدَ حبان في قوله: عدة الحرة-؛ لأن عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم روياه فقالا: وأمرها أن تعتد ... ولم يذكرا: عدة الحُرَّةِ.. قال الإمام أحمد رحمه الله: وكذلك قاله هُدْبَة عن همام: فأمرها أن تعتد عدة حرة ". وتابعه حَجَّاج الباهلي عن قتاده ... بلفظ: وحدَّث ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا بكر رضي الله عنه حَدَّث: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل عليها عدة الحرة. أخرجه البيهقي. وسنده صحيح، والباهلي: هو حجاج بن حجاج الأحول. ولهذه الزيادة شاهد من حديث الحسن البصري ... مرسلاً: أخرجه ابن أبي شيبة (5/181) بسند صحيح عنه. ثم أخرجه عن إبراهيم والزهري ... نحوه. وله شاهد آخر من حديث عائشة، لعله يأتي التنبيه عليه قريباً. وبمجموع ما ذكرنا لهذه الزيادة من شواهد؛ يتبين ضعف مَيْل ابن القيم إلى أن قوله: عدة الحرة ... مدرج! والله أعلم.

1935- عن عائشة ... في قصة بريرة قالت: كان زوجها عبداً، فخيَّرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاختارت نفسها، ولو كان حرّاً؛ لم يخيِّرها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي. لكن قوله: ولو كان حراً؛ لم يخيرها.. مدرج من قول عروة؛ كما جزم به الحافظ؛ تبعاً للزيلعي، وهو رواية النسائي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/170) : ثنا جرير ... به. وأخرجه مسلم والنسائي وغيرهما من طرق أخرى عن جرير ... به؛ إلا أن النسائي قال: قال عروة: فلو كان حرّاً؛ ما خيرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك رواه ابن حبان في "صحيحه ". فدل هذا على أن هذه الكلمة مدرجة في الحديث، وهو الذي جزم به الحافظ الزيلعي، وتبعه العسقلاني، كما بينته في "الإرواء" (1873) ، وتخريج الحديث تجده هناك من جميع طرقه التي وقفت عليها. 1936- ومن طريق أخرى عنها: أن بريرة خَيَّرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان زوجها عبداً. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه) .

20- باب من قال: كان حرا

إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا حسين بن علي والوليد بن عقبة عن زائدة عن سماك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سماك- وهو ابن حرب-، فعلى شرط مسلم وحده. والوليد بن عقبة- وهو ابن المغيرة الكوفي الطحان-، وهو صدوق، وهو مقرون كما ترى، وقد توبعا. وحسين بن علي: هو الجُعْفِي. وقد أخرجه مسلم عنه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/215) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حسين بن علي ... به. وأخرجه النسائي (2/103) من طريق أخرى عن حسين ... به. وأحمد (6/115) : ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة ... به. وعن معاوية: أخرجه البيهقي أيضاً (7/220) . وقد توبع سماك؛ فراجع " الإرواء" (1873) . 20- باب من قال: كان حُرّاً 1937- ومن طريق ثالثة عنها: أن زوج بريرة كان حراً حين أعتِقَتْ، وأنها خُيَرَتْ فقالت: ما أُحِبُّ أن أكون معه وأنَّ لي كذا وكذا!

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري، لكنه أشار إلى أن قوله: كان حُراً.. مدرج في الحديث؛ فإنه ميزه عنه فقال: قال الأسود: وكان زوجها حراً ... وقال عقبه: " قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: رأيته عبداً.. أصح "؛ يشير إلى حديثه المتقدم (1933 و 1934)) . إسناده: حدثنا ابن كثير: أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/186) ، والبيهقي (7/223) وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال البيهقي: " هكذا أدرجه الثوري في الحديث عن عائشة رضي الله عنها. وقوله: وكان زوجها حراً.. من قول الأسود، لا من قول عائشة رضي الله عنها "! قلت: نسبة الإدراج إلى الثوري فيه نظر عندي! فقد توبع؛ فقاد أحمد (6/170) : ثنا أجرير عن منصور ... به؛ إلا أنه ذكر المدرج في آخر الحديث. وأخرجه البخاري (5/126) من طريق عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير ... به؛ إلا أنه لم يذكر المدرج أصلاً. وتابع منصوراً: الأعمشُ، فقال أحمد (6/42) : ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش ... به مثل رواية سفيان. فالظاهر أن الإدراج من إبراهيم. وهو الذي جزم به الدارقطني؛ فقال الحافظ في "الفتح " (9/338) : " قال الدارقطني: وقال إبراهيم عن الأسود عن عائشة: كان حرّاً. قلت: وأصرح ما رأيته في ذلك رواية أبي معاوية ... (فذكرها مع غيرها بمعناها، وقال) ؛

21- باب حتى متى يكون لها الخيار؟

فدلت الروايات المُفَصَلة التي قدمتها آنفاً على أنه مدرج من قول الأسود أو من دونه ... ". وراجع تمام كلامه فيه، أو في "الإرواء" (1873) ؛ فقد استخرجت فيه طرق الحديث، وذكرت من خرجها، وبعض الفوائد المتعلقة به- وأزيد هنا فأقول: أخرجه أحمد (6/186) : ثنا وكيع عن سفيان ... به؛ دون قولها: ما أحب أن أكون ... وروى ابن ماجه (1/640) : حدثنا علي بن محمد: ثنا وكيع ... بإسناده المذكور عن عائشة قالت: أُمِرَتْ بريرة أن تَعْتَدَّ بثلاث حِيَضٍ. وهذا إسناد صحيح، وإن غمز منه ابن القيم بما لا يقدح! ولذا قال الحافظ (9/334) : " إنه على شرط الشيخين، بلِ هو في أعلى درجات الصحة. وقد أخرج أبو يعلى والبيهقي من طريق أبي مَعْشرِ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل عدة بريرة عدة المطلقَة. وهو شاهد قوي ... " إلخ كلامه. وهذا كله يشهد لحديث ابن عباس المتقدم برقم (1934) . 21- باب حتى متى يكون لها الخيار؟ 22- باب في المملوكين يعتقان معاً؛ هل تخير امرأته؟ 23- باب إذا أسلم أحد الزوجين [ليس تحت هذه الأبواب الثلاثة حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]

24- باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها؟

24- باب إلى متى تُرَدَّ عليه امرأته إذا أسلم بعدها؟ 1938- عن ابن عباس قال: رَد رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنتَه زينبَ على أبي العاصِ بالنكاح الأول؛ لم يُحْدِثْ شيئا.- قال محمد بن عمرو في حديثه: بعد سِتِّ سنين. وقال الحسن بن علي: بعد سنتين-. (قلت: حديث صحيح دون ذكر السنين، وصححه أحمد والحاكم والذهبي، وقال الترمذي: " ليس بإسناده بأس ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النُفَيْلِي: ثنا محمد بن سلمة. (ح) وثنا محمد بن عمرو الرازي: ثنا سلمة- يعني: ابن الفضل-. (ح) وثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد- المعنى- كلهم عن ابن إسحاق عن داود بن الحُصَيْنِ عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن له علة، وهو ضعف داود بن الحُصَيْنِ في حديثه عن عكرمة خاصة، كما أشار إلى ذلك ما ذكروه عن المؤلف أنه قال فيه: " أحاديثه عن عكرمة مناكير، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة ". وتبناه الحافظ، فقال: " ثقة إلا في عكرمة ". ومع ذلك؛ فقد قوى الحديث الأئمة المذكورون أعلاه، ولعلهم صححوه- إلا الترمذي- لما له من الشواهد، وقد ذكرتها وخرجتها مع الحديث في "الإرواء" (1921) .

25- باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان

وأما الحديث المخالف لهذا؛ فهو ضعيف، يرويه الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رد ابنته زينب على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد. وقد اتفق علماء الحديث على ضعفه؛ إلا من شذ من متعصبة الحنفية؛ كما بينته في المصدر المذكور (1922) . 25- باب فيمن أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان 1939- عن الحارث بن قيس بن عُمَيْرَةَ الأسَدِيِّ قال: أسلمت وعندي ثمانِ نسوةٍ، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اخْتَرْ منهنَ أربعاً ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والبيهقي وابن القطان من حديث ابن عمر مرفوعاً ... نحوه في قصة غَيْلانَ بن سَلَمَة حين أسلم. وفي رواية: عن قيس بن الحارث. وصوبها المصنف، وأيده ابن التركماني؛ خلافاً للبيهقي. والله تعالى أعلم) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا هُشَيْم. (ح) وثنا وهب بن بقية: أخبرنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن حُمَيْضَةَ بن الشَمَرْدَلِ عن الحارث بن قيس- قال مسدد- ابن عُمَيْرَةَ- وقال وهب- الأسدي ... حدثنا به أحمد بن إبراهيم: ثنا هشيم ... بهذا الحديث، فقال: قيس بن الحارث، مكان: الحارث بن قيس.

قال أحمد بن إبراهيم: هذا الصواب. يعني: قيس بن الحارث. حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا بكر بن عبد الله قاضي الكوفة عن عيسى بن المختار عن ابن أبي ليلى عن حُمَيْضَةَ بن الشَّمَرْدَلِ عن قيس بن الحارث ... بمعناه. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن أبي ليلى- واسمه محمد بن عبد الرحمن-. وحميضة بن الشمردل ضعفه البخاري وغيره، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان. لكن يشهد لحديثه: حديث ابن عمر المذكور أنفاً وغيره؛ مما خرجته في " الإرواء " (1883- 1885) . وقد بين المصنف رحمه الله أن الرواة اختلفوا في اسم صاحب القصة هذه، فمنهم من قال: الحارث بن قيس، ومنهم من قال: قيس بن الحارث، وهو الصواب عنده، وأيّده ابن التركماني؛ خلافاً للبيهقي. والله أعلم. 1940- عن الضَّحَّاك بن فيروز عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله! إني أسلمت وتحتي أختان؟ قال: " طَلقْ أيَّتَهُما شِئْتَ ". (قلت: حديث حسن؛ كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان والبيهقي، واحتجّ به الإمام الأوزاعي وترك رأيه لأجله. وروي العمل به عن عُمَرَ وعلي رضي الله عنهما) . إسناده: حدثنا يحيى بن مَعِين: ثنا وهب بن جرير عن، أبيه قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجَيْشَانِي عن

26- باب إذا أسلم أحد الأبوين؛ مع من يكون الولد؟

الضحاك بن فيروز. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي وهب والضحاك بن فيروز؛ ففيهما ضعف. لكن يشهد له- في المعنى- الحديث الذي قبله، وما روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما من العمل به، وقوّاه من ذكرت آنفاً، وتفصيل هذا الإجمال مما أودعته في " الإرواء" تحت الحديث (1915) . 26- باب إذا أسلم أحد الأبوين؛ مع من يكون الولد؟ 1941- عن رافع بن سنان: أنه أسلم، وأبَتِ امرأته أن تُسْلِمَ، فَأتَتِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: ابْنَتِي، وهي فَطِيمٌ أو شبهه! وقال رافع: ابنتي! فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْعُدْ ناحيةً ". وقال لها: " اقعدي ناحيةً ". قال: وأقعد الصَّبِيَّةَ بينهما، ثم قال: " ادْعُوَاها ". فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهم! اهدها "؛ فمالت الصبية إلى أبيها؛ فأخذها. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي وابن القطان) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى: ثنا عبد الحميد بن جعفر: أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ وعيسى: هو ابن يونس.

ورافع بن سنان: هو جَدّ جدِّ عبد الحميد؛ لأنه عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان، كما قال الحافظ المِزِّيُ في " تحفة الأشراف " (3/163) ، وقد سمع منه والد عبد الحميد كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (2/206) ، وعنه البيهقي (8/3- 4) من طريق أخرى عن إبراهيم بن موسى ... به؛ إلا أنه قال: حدثني.. مكان: عن جدي. وهذا يؤيد- إن كان محفوظاً- أن والد عبد الحميد روى عن جده، كما ذكروا في ترجمته؛ وجاء فيها: وقيل: إن رافع بن سنان جده لأمه. وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/178- 179) ، وأحمد (5/446) من طريقين آخرين عن عيسى بن يونس ... به. وتابعه المُعَافَى بن عمران- عند النسائي في "الكبرى"-، وعلي بن غراب وأبو عاصم- عند الدارقطني (ص 443) - ثلاثتهم عن عبد الحميد بن جعفر ... به؛ إلا أن ابن غراب قال: عن جد أبيه رافع بن سنان. وهذا يؤيد ما تقدم عن المزي. وخالفهم بكر بن بَكار فقال: عن عبد الحميد عن أبيه قال: حدثني أبي وغير واحد: أن أبا الحكم أسلم ... فذكره. قال المزي: " وحديث بكر أقرب إلى الصواب "! كذا قال! وهو غريب؛ فإن رواية الجماعة هي الصواب، كما هي القاعدة، وحديث بكر شاذ؛ لأنه فَرْدٌ خالفَ الجماعةَ. وخالفهم جمعياً: عثمان البَتِّي فقال: عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن

جده ... نحوه: أخرجه أحمد والنسائي (2/108- 109) ، وابن ماجه (2/60) ، والطحاوي. وفي رواية له: عن أبيه: أن رجلاً أسلم ... وهذا مرسل. وفي أخرى له- وكذا أحمد-: عن عبد الحميد بن سلمة: أن جده أسلم ... وهذا معضل. فقد اضطرب فيه البَتي اضطراباً شديداً، فلا تجوز معارضة رواية الجماعة عن عبد الحميد بن جعفر به، كما فعل ابن التركماني! واضطرب في متنه أيضاً، كما شرحه الزيلعي في "نصب الراية " (3/269- 271) ؛ نقلاً عن ابن القطان في "كتابه ". وقال هذا- أعني: ابن القطان- عقب روايات عبد الحميد بن سلمة المضطربة: " وهذه الروايات لا تصح؛ لأن عبد الحميد بن سلمة وأباه وجده لا يعرفون، ولو صحت لم يَنْبَغِ أن نجعله خلافاً لرواية أصحاب عبد الحميد بن جعفر عن عبد الحميد بن جعفر؛ فإنهم ثقات، وهو وأبوه ثقتان، وجده رافع بن سنان معروف ". وأقره الزيلعي. وأشار الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (4/11) إلى كلام ابن القطان هذا، فقال: " ورجح ابن القطان رواية عبد الحميد بن جعفر. وقال ابن المنذر: لا يثبته أهل النقل، وفي إسناده مقال "!

27- باب في اللعان

قلت: إن كان يعني به الاضطراب الذي سبق بيانه؛ فهو مما لا يضره؛ لأنه ليس في رواية ابن جعفر، وإنما في رواية ابن سلمة. وإن كان يعني ابن جعفر نفسه- كما فعل ابن القيم رحمه الله في "الزاد"-؛ فإنه قال (4/190) : " وقد ضعفه إمام العلل يحيى بن سعيد القطان، وكان سفيان الثوري يحمل عليه"! قلت: فهذا لا يضر أيضاً؛ لأنه جرح غير مفسر، وقد وثقه الجمهور، واحتج به مسلم، وسبق توثيق ابن القطان الفاسي له. ونحوه قول الحافظ في "التقريب ": " صدوق، وربما وهم ". ولعله لذلك أقر الحاكمَ على تصحيحه للحديث في "بلوغ المرام ". والله أعلم. 27- باب في الِّلعَانِ 1942- عن سهل بن سعد: أن عُوَيْمِرَ بن أشْقَرَ العَجْلانِيَّ جاء إلى عاصم بن عَدِي، فقال له: يا عاصم! أرأيت رجلاً وَجَدَ مع امرأته رجلاً؛ أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ سَلْ لي يا عاصمُ! رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ فسأل عاصمٌ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسائل وعابها؛ حتى كَبُرَ على عاصم ما سمع من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فلما رجع عاصم إلى أهله؛ جاءه عويمر فقال له: يا عاصم! ماذا قال لك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال عاصم: لم تأتِني بخير؛ قد كَرِهَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! المسألةَ التي سألته عنها.

فقال عويمر: والله! لا أنتهي حتى أسأله عنها! فأقبل عويمر، حتى أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو وَسْطَ الناسِ، فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً؛ أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد أُنْزِلَ فيك وفي صاحبتك قرآن، فاذهب فَأْتِ بها ". قال سهل: فَتَلاعَنَا- وأنا مع الناس- عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما فرغنا؛ قال عويمر: كَذَبْتُ عليها يا رسول الله! إن أمسكتها. فطلَّقَها عويمر ثلاثاً قبل أن يأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال ابن شهاب: فكانت تلك سُنَّةَ المتلاعِنَيْنِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب. قلت: صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وسائر أصحاب "السنن "، وهو مخرج في "الإرواء" (2100) . 1943- ومن طريق أخرى عن سهل: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعاصم بن عدي: " أمسكِ المرأةَ عندك حتى تَلِدَ ". (قلت: إسناده حسن) .

إسناده: حدثنا عبد العزيز بن يحيى: حدثني محمد- يعني: ابن سلمة- عن محمد بن إسحاق: حدثني عباس بن سهل عن أبيه. قلت: وهذا إسناده حسن، وهو مخرج في المصدر السابق. 1944- وفي رواية ثالثة من الطريق الأولى عنه قال: حَضَرْتُ لِعَانَهُمَا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خَمْسَ عَشْرَةَ سنةً ... وساق الحديث؛ قال فيه: ثم خَرَجَتْ حاملاً، فكان الولد يُدْعَى إلى أمه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم، والبخاري نحوه) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو من شيوخ البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/206) : حدثني حرملة بن يحيى: أخبرنا ابن وهب ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (7/400- 401) . وأخرجه البخاري (9/373) ، والبيهقي من طريق ابن جريج. وهو، والبخاري (8/362) من طريق فلَيْحِ بن سليمان عن الزهري ... به نحوه.

1945- وفي أخرى رابعة عنه ... في خبر المتلاعنين؛ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبصِروها؛ فإن جاءت به أدعج العينين، عظيم الأليَتَيْنِ؛ فلا أراه إلا قد صدق. وإن جاءت به أُحَيْمِر- كأنه وَحَرَةٌ -؛ فلا أراه إلا كاذباً ". قال: فجاءت به على النَّعْتِ المكروه. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري. وصححه ابن الجارود) . إسناده: حدثنا محمد بن جعفر الوَرَكاني: أخبرنا إبراهيم- يعني: ابن سعد- عن الزهري عن سَهْلِ بن سعد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الوركاني، فهو على شرط مسلم. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/636) ، وأحمد (5/334) من طريقين آخرين عن إبراهيم بن سعد ... به. وأخرجه البخاري (8/362 و 9/373- 374 و 12/151- 152 و 13/237- 238) ، وابن الجارود (756) ، وعبد الرزاق (12447) من طرق أخرى عن الزهري ... به. 1946- وفي خامسة عنه ... بهذا الخبر، قال: فكان يُدْعى- يعني: الولد- لأُمِّهِ. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن الجارود) .

إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الفِرْيَابِيُّ عن الأوزاعي عن الزهري عن سهل بن سعد الساعدي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محمود بن خالد- وهو السُّلَمِيُّ-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (8/362) ، وابن الجارود (756) ، والبيهقي (7/400) من طرق أخرى عن محمد بن يوسف الفريابي ... به وساق الحديث بتمامه. والقدر الذي أورده المصنف منه؛ أخرجه مسلم والبخاري أيضاً من طرق أخرى عن الزهري، كما تقدم في الكتاب برقم (1944) . 1947- وفي سادسة عنه ... في هذا الخبر؛ قال: فطلَّقَها ثلاثَ تطليقاتِ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنفذه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان ما صُنعِ عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةً. قال سهل: حَضَرْتُ هذا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمضتِ السُّنَّةُ- بعدُ- في المتلاعِنَيْنِ: أن يُفَرَّقَ بينهما، ثم لا يجتمعان أبداً. (قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفِهْرِيِّ وغيره عن ابن شهاب عن سهل بن سعد. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ فهو صحيح، لولا أن عياضاً هذا فيه لين، كما في "التقريب "، لكنه قد توبع كما يأتي.

والحديث أخرجه البيهقي (7/401) من طريق المصنف. وأخرجه (7/400) من طريقين عن الأوزاعى عن الزُبَيْدِي عن الزهري ... مطولاً؛ وفيه: فتلاعنا، ففرَّق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما، وقال: " لا يجتمعان أبداً ". قلت: وهذا شاهد قوي لحديث الفهري هذا، ولحديث ابن عيينة الآتي بعده. 1948- وفي سابعة عنه- قال مسدد:- قال: شَهِدْتُ المتلاعنين على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة، فَفَرَّقَ بينهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين تلاعنا- وتَمَّ حديث مسدد-. وقال الآخرون: إنّه شهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرق بين المتلاعنين، فقال الرجل: كذبتُ عليها يا رسول الله! إن أمسكتها ... - لم يقل بعضهم: عليها-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري باللفظ الآخر) . إسناده: حدثنا مسدد ووهب بن بيان وأحمد بن عمرو بن السرح وعمرو بن عثمان قالوا: ثنا سفيان عن الزهري عن سهل بن سعد. قال مسدد ... قال أبو داود: " لم يتَابعِ ابنَ عيينة أحدٌ على أنه فرق بين المتلاعنين "! قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أعله المصنف بتفرد ابن عيينة بذكر التفريق فيه! وسبقه إلى ذلك ابن معين؛ فقال:

" إنه غلط "، كما في "الفتح " (9/378) ! لكن البيهقي أشار إلى الرد على المصنف بقوله- عقب إعلاله المذكور-: " يعني بذلك في حديث الزهري عن سهل بن سعد؛ إلا ما روينا عن الزبَيْدِي عن الزهري ". قال المنذري: " يريد أن ابن عيينة لم ينفرد بها، وقد تابعه عليها الزبيدي ". قلت: وهي متابعة قوية، وقد ذكرتها في تخريج الحديث للذي قبله. وتابعه عياض بن عبد الله الفهري أيضاً، كما تقدم هناك. وتابعه أيضاً ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... بهذا الحديث؛ وفي آخره: ففارقها عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبي. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذلك التفريق بين كل متلاعنين ". أخرجه عبد الرزاق (12446) ، وعنه مسلم (4/206) ، وكذا البخاري (9/373) ، ولكنه جعل هذه الزيادة من قول ابن شهاب؛ إلا أن هذا لا يمنع من صحة نسبته إلى سهل، كما ألمح إلى ذلك الإمام الشافعي، ويؤيده تلك المتابعات. وقد تابع عبد الرزاق على وصله: سعيد بن سالم فقال: عن ابن جريج ... به: أخرجه البيهقي (7/399) . وبالجملة؛ فاجتماع هذه الطرق على هذه الزيادة؛ مما يدفع احتمال خطئهم فيها، ولعله لذلك لم يعبأ البخاري بإعلال ابن معين لرواية ابن عيينة هذه؛ فأخرجها في "صحيحه " (12/151) .

وذهل عن ذلك المنذري ومن قلَده؛ فلم يعزه إليه! وأخرجه سعيد بن منصور أيضاً (1555) . 1949- وفي ثامنة ... عنه في هذا الحديث: وكانت حاملاً، فأنكر حَمْلَهَا، فكان ابنها يدْعَى إليها؛ ثم جَرَتِ السُنةُ في الميراث: أن يرثها وترث منه ما فَرَضَ الله عز وجل لها. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه البخاري بإسناد المؤلف) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُّ: ثنا فُلَيْحٌ عن الزهري عن سهل بن سعد. قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ لولا أن فليحاً- وهو ابن سليمان المدني- كثير الخطأ، كما في "التقريب ". والحديث أخرجه البخاري (8/362- 363) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه البيهقي (7/401) من طرق أخرى عن سليمان بن داود العَتَكِي ... به. وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به؛ دون قوله: فأنكر حملها. أخرجه البخاري (3/373) من طريق عبد الرزاق، وتقدم قريباً. ولجملة الميراث شواهد، تأني في الكتاب برقم (2582- 2583) . ويشهد للملاعنة على الحَبَلِ: حديث ابن مسعود رضي الله عنه:

أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بالحَبَلِ. أخرجه البيهقي (7/405) بسند صحيح عنه. وحديث ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بالحمل. أخرجه أحمد (1/355) من طريق عَبَّاد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس. وعباد ضعيف. لكن تابعه أبو الزناد عن القاسم بن محمد أنه سمع ابن عباس يقول: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بين العجلاني وامرأته- قال: وكانت حُبْلَى- فقال: والله! ما قَرِبْتها منذ عَفَرْنا (قال: والعفر: أن يسقي النخل- بعد أن يترك من السقي- بعد الإبار بشهرين) . قال: وكان زوجها حَمْشَ الساقين والذراعين، أصهب الشعرة، وكان الذي رُمِيَتْ به ابنَ السّحْمَاء، قال: فولدت غلاماً أسود أجلى جعداً عَبْلَ الذراعين. أخرجه أحمد (1/335- 336) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وأصله عند البخاري (9/374- 376 و 380- 381) ... بنحوه مع تقديم وتأخير. ورواه نحوه من حديث عكرمة عنه نحوه، وهو الآتي في الكتاب بعد حديث.

1950- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: إنا لَلَيْلَةَ جُمُعَةٍ في المسجد؛ إذ دخل رجل من الأنصار المسجدَ، فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، فتكلم به؛ جلدتموه، أو قَتَلَ؛ قتلتموه، فإن سكت؛ سكت على غيظ! والله! لأسألنَّ عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ! فلما كان من الغد؛ أتى رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله، فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم به؛ جلدتموه، أو قتل؛ قتلتموه، أو سكت؛ سكت على غيظ؟ فقال: " اللهم! افتح "؛ وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ... ) هذه الآية، فابْتُلِيَ به ذلك الرجلُ من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتلاعنا، فشهد الرجل أرْبَعَ شهادات بالله: إنه لمن الصادقين. ثم لَعَنَ الخامسة عليه إن كان من الكاذبين. قال: فذهبت لِتَلعَن، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَهْ "، ففعلت. فلما أدبرا؛ قال: " لعلها أن تَجِيءَ به أسودَ جعداً "؛ فجاءت به أسود جعداً. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/208- 209) من طرق أخرى عن جرير.

وهو، وابن ماجه (1/638) ، والبيهقي (7/410) ، وأحمد (1/421 و 448) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. 1951- عن ابن عباس: أن هلال بن أُمَيَّةَ قَذَفَ امرأته عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ بن سَحْمَاءَ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " البينة، أو حَدٌّ في ظهرك ". قال: يا رسول الله! إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته يلتمس البينة؟! فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " البينة، وإلا؛ فحدٌ في ظهرك ". فقال هلال: والذي بعثك بالحق! إني لصادق، وَلَيُنْزِلَن اللهُ في أمري ما يُبْرِئُ ظهري من الحَدِّ! فنزلت: (والذين يَرْمُونَ أزواجهم ولم يكن لهم شهداءُ إلا أنفسُهم) ، فقرأ حتى بلغ: (من الصادقين) ، فانصرف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأرسل إليهما، فجاءاه، فقام هلال بن أمية فَشَهِدَ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب؟! ". ثم قامت فشهدت، فلما كان عند الخامسة: (أن غَضَبَ الله عليها إن كان من الصادقين) - وقالوا لها: إنها موجبة. قال ابن عباس: فتلكَّأتْ ونَكَصَتْ؛ حتى ظَنَنَّا أنها سترجع-؛ فقالت: لا أفضح قومي سائر اليوم! فمضت، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" أبصروها؛ فإن جاءت به أكْحَلَ العينين، سابغَ الأليتين، خدَلجَ الساقين؛ فهو لشريك ابن سَحْمَاءَ ". فجاءت به كذلك، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لولا ما مضى من كتاب الله؛ لكان لي ولها شأن ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد المصنف. وقال الترمذي: " حسن غريب ") . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: ثنا ابن أبي عدي: أخبرنا هشام بن حسان: حدثني عكرمة عن ابن عباس. قال أبو داود: " وهذا مما تفرد به أهل المدينة؛ حديث ابن بشار- حديث هلال- ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (8/363) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه آخرون من حديث هشام بن حسان، وهو مخرج في "الإرواء " (2098) . 1952- ومن طريق أخرى عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر رجلاً- حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا- أن يَضَعَ يده على فيه عند الخامسة؛ يقول: إنها موجبة. (قلت: إسناده صحيح) .

إسناده: حدثنا مَخْلَد بن خالد الشَّعِيرِيُ: ثنا سفيان عن عاصم بن كُلَيْب عن أبيه عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير كليب- والد عاصم- وهو ثقة. والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده " (518) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه النسائي وغيره عن سفيان، وهو مخرج في "الإرواء" (2101/1) . 1953- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمتلاعنين: " حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها ". قال: يا رسول الله! مالي؟! قال: " لا مال لك؛ إن كنت صدقت عليها؛ فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها؛ فذلك أبْعَدُ لك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه؛ وابن الجارود) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا سفيان بن عيينة قال: سمع عمرو سعيدَ ابن جبير يقول: سمعت ابن عمر يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "مسند أحمد" (2/11) ... إسناداً ومتناً. وكذلك هو في "مسند الحميدي " (671) "

وأخرجه البخاري (9/377 و 409) ، ومسلم (4/207) ، والنسائي (2/106) ، وابن الجارود (753) ، والبيهقي (7/401) من طرق أخرى عن ابن عيينة ... به. 1954- وعن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عمر: رجل قذف امرأته؟ قال: فرَّقَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أخَوَيْ بني العَجْلانِ، وقال: " الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ "؛ يردِّدها ثلاث مرات، فأبَيَا، ففرَّق بينهما. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: ثنا إسماعيل: ثنا أيوب عن سعيد بن جبير. قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "المسند" (2/4) ... إسناداً ومتناً. وأخرجه البخاري (9/376) ، والنسائي (6/102) من طريقين آخرين عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ به. ومسلم (4/207) ، والبيهقي (7/401) من طرق أخرى عن أيوب السَّخْتِيَاني ... به.

1955- عن نافع عن ابن عمر: أن رجلاً لاعَنَ امرأتَه في زمان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و، وانتفى من ولدِها، ففرق رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما، وألحقَ الولدَ بالمرأةِ. (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (2/90) ... إسناداً ومتناً. وأخرجه البخاري (9/379) ، ومسلم (4/208) ، والترمذي (1203) ، والنسائي (06/12) ، والدارمي (2/151) ، وابن ماجه (1/638) ، وابن الجارود (754) ، والبيهقي (7/402) ، وأحمد (2/7) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه البخاري (8/364 و 9/378) ، ومسلم، وأحمد (2/126) من طريقين آخرين عن نافع ... به. ومسلم والترمذي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ... مطولاً.

28- باب إذا شك في الولد

28- باب إذا شَكَّ في الولد 1956- عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بني فَزَارَةَ-، فقال: إن امرأتي جاءت بولد أسود؟! فقال: " هل لك من إبل؟ ". قال: نعم. قال: " ما ألوانها؟ ". قال: حُمْرٌ. قال: " فهل فيها أوْرَقُ؟ ". قال: إن فيها لَوُرْقاً، قال: " فأنى تراه؟ ". قال: عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ! قال: " وهذا عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ! ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا ابن أبي خلف: ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي خلف- وهو أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي خلف البغدادي-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/239) ، والحميدي (1084) قالا: ثنا سفيان ... به. وأخرجه مسلم (4/211) ، والنسائي (2/106) ، وابن ماجه (1/617) ، والبيهقي (7/411) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وأخرجه البخاري (9/364- 366 و 12/147) ، ومسلم والنسائي، والبيهقي وأحمد (2/333 و 409) من طرق أخرى عن الزهري ... به نحوه. ورواه ابن ماجه من حديث ابن عمر ... نحوه.

وسنده حسن. 1957- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ قال: وهو حينئذٍ يُعَرِّضُ بأن يَنْفِيَهُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري ... بإسناده ومعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (12371) ... بإسناده ومتنه؛ وزاد في آخره: ولم يرخِّصْ له في الانتفاء منه. وهكذا رواه مسلم (4/211) من طرق أخرى عن عبد الرزاق. ورواه النسائي (2/106- 107) من طريق يزيد بن زُرَيْع: حدثنا معمر ... به. وأحمد (2/233- 234) : ثنا عبد الأعلى عن معمر ... به؛ دون الزيادة في آخره. ورواه البخاري كما تقدم دون الزيادتين، وهو عنده من رواية مالك عن الزهري. 1958- ومن طريق أخرى عنه: أن أعرابيّاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، وإني أُنكِرُهُ ... فذكر معناه.

29- باب التغليظ في الانتفاء

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم؛ وزاد البخاري: ولم يرخص له في الانتفاء) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (13/252- 253) ، ومسلم (4/211- 212) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به؛ وزاد البخاري في آخره: ولم يرخص له في الانتفاء. وهذه الزيادة أخرجها مسلم أيضاً وغيره من الطريق التي قبلها. 29- باب التغليظ في الانتفاء [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 30- بابٌ في ادِّعاءِ وَلَدِ الزِّنَى 1959- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى: أن كل مُسْتَلْحِقِ اسْتُلْحِقَ بعد أبيه الذي يُدعى له ادَّعاه وَرَثَتُهُ، فقضى: أن كل من كان مَن أمَةِ يملكها يوم أصابها؛ فقد لَحِقَ بمن اسْتَلْحَقَهُ، وليس له مما قُسِمَ قبله من الميرَاث، وما أدرك من ميراث لم يُقْسَمْ؛ له نصيبه، ولا يَلْحَقُ إذا كان أبوه الذي يُدعى له أنكره. وإن

كان من أمَةٍ يملكها أو من حُرَّةٍ عاهر بها؛ فإنه لا يَلْحَقُها ولا يَرِثُ. وإن كان الذي يُدعى له هو ادَّعاه؛ فهو ولد زِنْيَةٍ- من حُرَّةٍ كان أو أمَة-. إسناده: حدثنا شيبان بن فَرُوخِ: ثنا محمد بن راشد. (ح) وحدثنا الحسن بن علي: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا مَحمد بن راشد- وهو أشبع- عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن؛ كما قال البوصيري (ق 170/1) ؛ للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ومحمد بن راشد- وهو المكحولي- صدوق يهم. والحديث أخرجه أحمد (2/181) : ثنا يزيد ... به. ثم أخرجه (2/219) ، والدارمي (2/389- 390) ، وابن ماجه (2/168- 169) من طرق أخرى عن محمد بن راشد ... به. 1960- وفي رواية ... بإسناده ومعناه؛ زاد: وهو ولد زِنى لأهل أمه- مَنْ كانوا: حُرَةً أو أمةً-؛ وذلك فيما اسْتُلْحِقَ في أول الإسلام. فما اقْتُسِمَ من مال قبل الإسلام؛ فقد مضى. (قلت: إسناده حسن، وكذا قال البوصيري) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا أبي عن محمد بن راشد ... بإسناده ومعناه. قلت: إسناده حسن، وتقدم الكلام عليه في الذي قبله.

31- باب في القافة

31- باب في القَافَةِ 1961- عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال مسدد وابن السرح: يوماً مسروراً. وقال عثمان: تُعرف أسارير وجهه-، فقال: " أيْ عائشةُ! ألم تَرَيْ أن مجززاً المُدْلِجِيَّ رأى زيداً وأسامة قد غطيَا رؤوسهما بقطيفة، وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض؟! ". قال أبو داود: " كان أسامةُ أسودَ، وكان زيدٌ أبيضَ ". إسناده: حدثنا مسدد وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- وابن السرح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (12/46- 47) ، ومسلم (4/172) ، والنسائي (2/108) ، وابن ماجه (2/59- 60) ، والحميدي (239) كلهم من طرق عن سفيان ... به. ثم أخرجه البخاري (6/446 و 7/70) ، ومسلم والنسائي، وأحمد (6/82 و226) من طرق أخرى عن الزهري ... به. وقد ذكره المؤلف من طريق أحدهما؛ وهو الآتي بعده.

32- باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد

1962- وفي رواية عنه ... بإسناده ومعناه؛ قال: تَبْرُقُ أساريرُ وَجْهِهِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناده في الرواية الأخرى أحد أسانيد مسلم فيها) . إسناده: حدثنا قتيبة: ثنا الليث عن ابن شهاب ... بإسناده ومعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق أخرى عن ابن شهاب ... به، كما بينته في الذي قبله. وهو عند مسلم والنسائي ... بإسناد المصنف هذا. وقال أحمد (6/82) : ثنا هاشم قال: ثنا ليث ... به. 32- باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد 1963- عن زيد بن أرقم قال: كنت جالساً عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجل من اليمن فقال: إن ثلاثةَ نَفَرٍ من أهل اليمن أتَوْا عليّاً يختصمون إليه في ولد، وقد وقعوا على امرأة في طُهْرٍ واحدِ. فقال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذا! فَغَلَيَا. ثم قال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذَا! فَغَلَيَا. ثم قال لاثنين: طِيبَا بالولد لهذا! فَغَلَيَا. فقال: أنتم شركاءُ متشاكسونَ؛ إني مُقْرِعٌ بينكم: فمن قُرِعَ؛ فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدِّيَةِ. فأقرع بينهم، فجعله لمن قُرِعَ. فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت أضراسه- أو نواجذه-.

(قلت: حديث صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن الأجلح عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل عن زيد بن أرقم. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الله بن الخليل- ويقال: ابن أبي الخليل- الحضرمي؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وهو- إلى ذلك- قد اختلف عليه في إسناده ورفعه؛ كما بينه البيهقي في "سننه "، والمصنف كما يأتي بعد حديث. والراجح عندي رفعه؛ للإسناد الآتي بعده؛ فإنه مرفوع وسالم من الاضطراب. والله أعلم. والحديث أخرجه الحاكم (2/207) ، وعنه البيهقي (10/267) من طريق أخرى عن مسدد ... به. وقال الحاكم: " اتفق الشيخان على ترك الاحتجاج بالأجلح بن عبد الله الكِنْدي، وإنما نَقَمَا عليه حديثاً واحداً لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحدَيث ثلاثة من الثقات، فهذا الحديث إذاً صحيح "، ووافقه الذهبي. وأخرجه النسائي (2/108) : أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى ... به. ثم أخرجه هو، وأحمد (4/374) ، والحميدي (785) من طرق أخرى عن الأجلح ... به. وأعله المنذري في "مختصره " بالأجلح؛ فقال: " واسمه: يحيى بن عبد الله الكِنْدِي؛ ولا يحتج به "! قلت: وهذا غلو منه رحمه الله تعالى؛ فالرجل مختلف فيه، ومن تكلم فيه؛ فإنما هو من قبل حفظه؛ والأرجح أنه حسن الحديث. وكان الأولى إعلاله بشيخه

ابن الخليل كما فعل البيهقي؛ قال: " والأجلح قد روى عنه الأئمة: الثوري وابن المبارك ويحيى بن القطان؛ إلا أنه لم يَحْتَجَّ به الشيخان. وعبد الله بن الخليل يتفرد به، واختلف عليه في إسناده ورفعه ". ويستغرب منه قوله: يتفرد به ابن الخليل! مع أنه قد تابعه عَبْد خير، كما يأتي في الطريق التي بعده. 1964- ومن طريق أخرى عن زيد بن أرقم قال: أُتِيَ علي رضي الله عنه بثلاثة- وهو باليمن- وقعوا على امرأة في طُهْرٍ واحد، فسأل اثنين: أتُقِرانِ لهذا بالولد؟ قالا: لا. حتى سألهم جميعاً، فجعل كُلّمَا سأل اثنين؛ قالا: لا. فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة، وجعل عليه ثُلُثَيِ الدِّيَةِ. قال: فَذَكَرَ ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَضَحِك حتى بَدَتْ نواجذه. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن حزم، وتبعه ابن القيم) . إسناده: حدثنا خُشَيْشُ بن أصْرَمَ: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا الثوري عن صالح الهَمْدَاني عن الشعبي عن عبد خَيْر عن زيد بن أرقم. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد خير، وهو ثقة. ومثله خشيش بن أصرم، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (2/107- 108) ... بإسناد المصنف ومتنه.

وأخرجه ابن ماجه (2/59) : حدثنا إسحاق بن منصور: أنبأنا عبد الرزاق ... به. وهو في "المصنف " (13472) . وعلقه البخاري عليه في "التاريخ " (3/1/79) . وخالفهم أحمد فقال (4/373) : ثنا عبد الرزاق: ثنا سفيان عن أجلح عن الشعبي ... به. فجعل (الأجلح) مكان: (صالح الهمداني) ؛ فكأنه سلك الجادة؛ فإن الأجلح هو المعروف برواية هذا الحديث عن الشعبي؛ لكن عنه عن عبد الله بن الخليل، كما في الطريق الأولى من رواية جمع عنه. أما من رواية سفيان الثوري عن أجلح عن الشعبي عن عبد خير؛ فلم أره إلا في رواية أحمد هذه عن عبد الرزاق؛ فإن كانت محفوظة فهي متابعة قوية من الأجلح لصالح الهمداني عن الشعبي. والأرجح أن للشعبي شيخين: أحدهما: عبد الله بن الخليل: رواه الجماعة عن الأجلح عنه. والثاني: عبد خير؛ كما في رواية الجماعة عن عبد الرزاق عن الثوري عن صالح الهمداني عنه. ويؤيده: أنني وجدت له شيخاً ثالثاً، فقال الحميدي في "مسنده " (786) : ثنا سفيان قال: ثنا أبو سهل عن الشعبي عن علي بن ذَرِيح عن زيد بن أرقم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمثله. لكن أبو سهل هذا ضعيف؛ واسمه: محمد بن سالم الهَمْداني.

وعلي بن ذريح: لم أعرفه! ولم يذكره الحافظ المزي في الرواة عن زيد بن أرقم، ولا في شيوخ الشعبي من "التهذيب "! والله تعالى أعلم. وخالفهم جميعاً سَلَمَة بن كهَيْل فقال: عن الشعبي عن الخليل عن ابن الخليل قال ... فذكر الحديث موقوفاً على علي مرسلاً مختصراً. هكذا أخرجه المصنف من طريق عبيد الله بن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة عنه. وأخرجه النسائي (2/108) من طريق محمد- وهو ابن جعفر غُنْدَرٌ -: حدثنا شعبة ... به؛ إلا أنه قال: عن أبي الخليل- أو ابن أبي الخليل- ... فذكره، وقالا: " ولم يذكر: زيد بن أرقم، ولم يرفعه "، وقال: " هذا صواب "! كذا قال! ومثله قول ابن أبي حاتم في "العلل " (1/402) - بعد أن ذكره من طريق الأجلح المسندة المرفوعة-: " فقال أبي: قد اختلفوا في هذا الحديث فاضطربوا، والصحيح حديث سلمة ابن كهيل "! قلت: كان يكون الأمر كما ذكر هو والنسائي؛ لو أن الأجلح كان وحده في مقابلة سلمهّ. أما وقد تابعه صالح الهمداني فأسنده ورفعه، ولو أنه خالفه في تابعي الحديث؛ فلا أرى ما رَأيَا، لا سيما وأن سلمة قد اختلف عليه في ضبط اسم عبد الله بن الخليل كما رأيت، فلا أرى الصواب إلا المسند المرفوع! ولذلك أوردت هذا الموقوف في الكتاب الآخر (391) . والله أعلم.

33- باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية

33- باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية 1965- عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النِّكاحَ كان في الجاهلية على أربعة أنْحَاءٍ: فكان منها: نكاح الناس اليوم؛ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلى الرجُلِ وَلِيتَهُ، فَيُصْدِقُها، ثم يَنْكِحُها. ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طَهُرَتْ من طَمْثِها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً؛ حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها؛ أصابها زوجها إن أحَبَّ، وإنما يفعل ذلك رَغْبَةً في نَجَابَةِ الوَلَدِ، فكان هذا النكاح يُسَمى: نِكاحَ الاستبضاع. ونكاح آخر: يجتمع الرَهْطُ- دون العشرة-، فيدخلون على المرأة؛ كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومَرَّ ليالٍ بعد أن تضع حملها؛ أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عَرَفْتُمُ الذي كان من أمركم، وقد وَلَدْتُ، وهو ابنك يا فلان! فَتُسَمي من أحَبَتْ منهم باسمه، فَيَلْحَقُ به ولدُها. ونكاح رابع: يجتمع الناس الكثير، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن جاءها- وَهُن البغايا-، كُنَ يَنْصِبْنَ على أبوابهن رايات يَكُن علماً لمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها؛ جُمعوا لها، وَدَعَوْا لهمُ القافة، ثم ألحَقُوا ولدها بالذي يَرَوْنَ فالتاطَهُ ودُعِيَ ابنَهُ؛ لا يمتنع من ذلك. فلما بعث الله محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ هَدَمَ نكاحَ أهل الجاهلية كلَّه؛ إلا نكاح أهل الإسلام اليوم.

34- باب: " الولد للفراش "

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسنادين، أحدهما إسناد المصنف) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عنبسة بن خالد: حدثني يونس بن يزيد قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته: أن النكاح ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (7/190) من طريق المصنف. وأخرجه البخاري (9/150) ... بإسناده وإسناد آخر فقال: حدثنا يحيى بن سليمان: حدثنا ابن وهب عن يونس. وحدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عنبسة: حدثنا يونس عن ابن شهاب ... به. 34- باب: " الولد للفراش " 1966- عن عائشة: اختصم سعد بن أبي وقاص وعَبْدُ بن زَمْعَةَ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ابن أمَة زَمْعَةَ، فقال سعد: أوصاني أخي عُتْبَة إذا قدمت مكة؛ أن أنظر إلى ابنَ أمَةِ زمعةَ فأقبضَهُ؛ فإنه ابنه. وقال عبد بن زمعة: أخي، ابن أمَةِ أبي؛ وُلِدَ على فراش أبي، فرأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهاً بَيناً بِعتْبَةَ، فقال: " الولدُ للفِراش، واحتجبي منه يا سودة! "- زاد مسدد في حديثه: وقال: " هو أخوك يا عبدُ! "-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ إلا الزيادة فهي على شرط

البخاري وحده. وعلقها في "صحيحه". وصححها الحافظ ابن حجر، وقال المنذري وابن القيم: " ورجال إسنادها ثقات ") . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور ومسدد قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين عن الشيخ الأول، وعلى شرط البخاري وحده عن الشيخ الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/37) ، والحميدي (238) : ثنا سفيان ... به دون الزيادة. وأخرجه مسلم (4/171) عن الشيخ الأول. وهو، والبخاري (5/56- 57) ، والنسائي (2/107) ، وابن ماجه (1/618) ، والبيهقي (7/412) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وتابعه مالك عن ابن شهاب ... به؛ وزاد: " وللعاهر الحجر ". أخرجه في "الموطأ" (2/213) ، وعنه البخاري (4/235 و 5/386 و 8/19 و12/25 و 13/148) ، والبيهقي، وأحمد (6/247) كلهم عن مالك ... به. والبخاري (4/327 و 5/123 و 12/106) ، ومسلم والنسائي، والدارمي (2/152) ، وأحمد (16/29 و 200 و 226 و 237) من طرق أخرى عن الزهري ... به. وزاد البخاري في رواية معلقة له عن الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب ... بلفظ:

" هو لك، هو أخوك يا عبد بنَ زمعة! ". وقال الحافظ (8/19) : " وصله الذُهْلِيُ في "الزهريات " ... ". واحتج به الحافظ في مكان آخر (12/29) ؛ بل صرح في الصفحة التي تليها بصحته، فقال: " في الطرق الصحيحة: " هو أخوك يا عبد! " ... ". (تنبيه) : وقعت زيادة مالك المتقدمة: " وللعاهر الحجر " في رواية سفيان- وهو ابن عيينة- في بعض نسخ الكتاب- منها نسخة "عون المعبود"-، واغتر بها محقق نسخة "دار الكتب العلمية" المشهورة! فوضعها بين معكوفتين [] !! وذلك خطأ على سفيان؛ لأنه صرَّح أنها ليست في روايته؛ فقد قال الحميدي عقب الحديث: فقيل لسفيان: فإن مالكاً يقول: " وللعاهر الحجر "؟ فقال سفيان: لكنا لم نحفظ عن الزهري أنه قال في هذا الحديث. ولما أخرجه مسلم من طرق عن سفيان، ومن طريق معمر؛ قال في روايتيهما: ولم يذكر: " وللعاهر الحجر ". أقول هذا تحريراً لرواية سفيان، وإلا؛ فحسب الزيادة صحةً أنَّه زادها مالك جبل الحفظ، ولا سيما ولها شواهد: منها: حديث عمرو بن شعيب الآتي في الكتاب. ومنها: عن أبي هريرة في "الصحيحين ". وعن ابن مسعود: عند ابن حبان (4092- الإحسان) .

وفي الباب عن جمع من الأصحاب، بحيث يقطع الواقف على رواياتهم أن الحديث متواتر؛ فليراجعها من شاء في "مجمع الزوائد" (5/13- 15) . 1967- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلاناً ابني، عاهرتُ بأُمِّهِ في الجاهلية؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا دَعْوَةَ في الإسلام! ذهب أمر الجاهلية؛ الولد للفراش، وللعاهر الحجر". (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب ... به. قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والحديث أخرجه أحمد (2/207) : ثنا يزيد ... به؛ وفيه زيادة بلفظ: " وللعاهر الأثلب ". قيل: يا رسول الله! وما الأثلب؟ قال: "الحَجَر". ثم قال (2/179) : ثنا يحيى عن حسين ... به؛ دون قوله: قيل: يا رسول الله! ... ويشهد للحديث ما قبله. وانظر "تخريج المشكاة" (3320) .

35- باب من أحق بالولد؟

35- باب مَنْ أحقُّ بالولد؟ 1968- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو: أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بَطْنِي له وعاءً، وثَدْيِي له سِقاء، وحجْرِي له حِوَاءً، وإن أباه طلَّقني، وأراد أن ينتزعه منى؟! فقال لها رسول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنْتِ أحقُ به؛ ما لم تَنْكِحي ". (قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد السلَمِي: ثنا الوليد عن أبي عمرو- يعني: الأوزاعي-: حدثني عمرو بن شعيب ... به. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على الخلاف المشهور في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والوليد: هو ابن مسلم؛ وقد صرح بالتحديث في رواية الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "الإرواء" (2187) . 1969- عن أبي ميمونة سلمى- مولى من أهل المدينة، رجل صدق- قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة؛ جاءته امرأة فارسية معها ابن لها، فادعياه، وقد طلقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة! - وَرَطَنَتْ بالفارسية- زوجي يريد أن يذهب بابني؟! فقال أبو هريرة: اسْتَهِمَا عليه- ورطن لها بذلك-، فجاء زوجهاْ فقال: مَنْ يُحَاقنِي في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللهم! إني لا أقول هذا؛ إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا

قاعد عنده-، فقالت: يا رسول الله! إن زَوْجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عِنَبَةَ، وقد نفعني؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْتَهِمَا عليه ". فقال زوجها: مَنْ يحاقُني في ولدي؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذا أبوك، وهذه أمك؛ فخذ بيد أيِّهما شئت "؛ فأخذ بيد أمهِ، فانطلقتْ به. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وصححه أيضاً ابن حبان وابن القطان) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج: أخبرني زياد عن هلال بن أسامة. أن أبا ميمونة سلمى. قلت: إسناده صحيح، وصححه من ذكرت أعلاه، وهو مخرج في المصدر السابق (2192) . 1970- عن علي رضي الله عنه قال: خرج زيد بن حارثة إلى مكة، فقدم بابنة حمزة، فقال جعفر: أنا آخذها؛ أنا أحق بها؛ ابنة عمي، وعندي خالتها، وإنما الخالة أم! فقال علي: أنا أحق بها؛ ابنة عمي، وعندي ابنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي أحق بها! فقال زيد: أنا أحق بها؛ أنا خرجت إليها، وسافرت، وقَدِمْت بها! فخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر حديثاً؛ قال: " وأما الجارية؛ فأقضي بها لجعفر؛ تكون مع خالتها، وإنما الخالة أم ". (قلت: حديث صحيح) .

إسناده: حدثنا العباس بن عبد العظيم: ثنا عبد الملك بن عمرو: ثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن نافع بن عُجَيْر عن أبيه عن علي. َ قلت: رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير نافع بن عجير، وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع. لكن خولف عبد الملك بن عمر في إسناده، كما بينته في "الإرواء" (2190) . لكن يشهد للحديث الإسنادان الآتيان بعده. 1971- ومن طريق أخرى عنه ... بهذا الخبر وليس بتمامه؛ قال: وقضى بها لجعفر، وقال: " إن خالتها عنده ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا سفيان عن أبي فَرْوَةَ عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ... بهذا الخبر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عيسى- وهو الطبَّاع-، وهو ثقة. وأبو فروة: اسمه مسلم بن سالم النهْدِيّ الكوفي. وسفيان: هو ابن عيينة. والحديث أخرجه الطحاوي في "المشكل " (4/174) من طريق أخرى عن سفيان ... به؛ وصرح بأنه عن علي بن أبي طالب.

1972- ومن طريق ثالثة عن علي قال: لما خرجنا من مكة؛ تبعتنا بنت حمزة تنادي: يا عمَ! يا عمُ! فتناولها علي فأخذ بيدها، وقال: دونكِ بنتَ عمَك! فحملتها ... فقص الخبر؛ قال: وقال جعفر: ابنةُ عمي، وخالتها تحتي! فقضى بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لخالتها، وقال: " الخالة بمنزلة الأمِّ ". (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا عَبَّاد بن موسى أن إسماعيل بن جعفر حدثهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ وهبَيْرَةَ عن علي. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير هانئ- وهو ابن هانئ الهَمْداني الكوفي- لا يعرف كما قال الشافعي، ولم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي، ومع ذلك قال النسائي: " ليس به بأس ". ووثقه ابن حبان والعجلي. وقال الحافظ: "مستور". لكن هو هنا مقرون مع هبيرة- وهو ابن يَرِيم الشِّبَامي-، وحاله قريب من حال قرينه، لكن روى عنه أبو فاختة أيضاً، وقال الأثرم عن أحمد: " لا بأس بحديثه، هو أحسن استقامة من غيره ".

36- باب في عدة المطلقة

يعني: الذين تفرد أبو إسحاق بالرواية عنهم. قلت: فأحدهما يقوي الآخر، لا سيما وقد تابعهما عبد الرحمن بن أبي ليلى ونافع بن عجير- أو أبوه- كما في الطريقين السابقين. وعليه؛ فلا يضر الحديث أن فيه عنعنة أبي إسحاق، مع اختلاطه، وقد صححه من ذكرنا أعلاه، وهو مخرج في "الإرواء" (2190) . 36- باب في عِدَّةِ المطلَّقة 1973- عن أسماء بنت يزيد بن السَّكَنِ الأنصارية: أنها طُلَّقَتْ على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يكن للمطلقة عِدة، فأنزل الله عز وجل- حينَ طُلقَتْ أسماءُ- بالعِدَّةِ للطلاق، فكانت أول من أُنزِلَتْ فيها العدَّةُ للمطلَّقات. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البَهْرَانِي: ثنا يحيى بن صالح: ثنا إسماعيل بن عَيَّاش: حدثني عمرو بن مهاجر عن أبيه عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية. قلمت: وهذا إسناد شامي حسن، رجاله ثقات؛ على كلام يسير في البَهْرَاني؛ وقد توبع. ومهاجر- والد عمرو-: هو النَّبَّال الشامي (*) ، وثقه ابن حبان؛ لكن روى عنه

_ (*) بل هو ابن أبي مسلم الشامي. وقد انتقل بصر الشيخ رحمه الله إلى الصفحة الأخرى، فَثَبتَهُ النبالَ الشامي، وكلاهما روى عنه جماعة، ووثقه ابن حبان. وراجع: "تهذيب ابن حجر" (5/532- 533) .

37- باب في نسخ ما استثني به من عدة المطلقات

جماعة من الثقات. وأما إعلال المنذري إياه بأن إسماعيل بن عياش قد تَكَلَمَ فيه غير واحد! فليس بشيء؛ لأن الذي يتحرر من كلام الأئمة فيه- كالإمام أحمد والبخاري وغيرهما- أنه صحيح الحديث في روايته عن الشاميين، وهذا منها كما تراه. والحديث أخرجه البيهقي (7/414) من طريق المؤلف. وأخرجه ابن أبي حاتم- يعني: في "التفسير"- فقال: حدثنا أبي: حدثنا أبو اليمانْ: حدثنا إسماعيل- يعني: ابن عياش ... به. ذكره ابن كثير، وقال: " حديث غريب من هذا الوجه ". قلت: ولكنه حسن الإسناد كما ذكرنا، والغرابة قد تجامع الحسن؛ بل الصحة، ولذلك ترى الترمذي كثيراً ما يقول: " حديث حسن صحيح غريب "، أو: " حسن غريب ". ولكن أليس من الغريب حقاً: أن يخفى على الحافظ ابن كثير ورود هذا الحديث في "سنن أبي داود"؛ فلا يَعْزُوَهُ إليه، فيُبْعِدَ النُّجْعَةَ؛ فيعزوه لابن أبي حاتم؟! 37- باب في نسخ ما استثني به من عِدَّةِ المطلقات 1974- عن ابن عباس قال: (والمطلَقات يتربَّصْنَ بأنفسهن ثلاثة قُرُوء) ، وقال: (واللائي يَئِسْنَ من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعِدَّتهن ثلاثة أشهر) ، فنسخ من ذلك، وقال: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسُوهن فما لكم عليهن مِنْ عِدة تعتدُونها) .

38- باب في المراجعة

(قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِيّ: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه برقم (1822) . والحديث أخرجه النسائي (2/109) من طريق أخرى عن على بن حسين بن واقد ... به أتم منه. 38- باب في المراجعة 1975- عن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلَّق حفصة، ثم راجعها (قلت: إسناد صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان من حديث ابن عمر أيضاً) . إسناده: حدثنا سهل بن محمد بن الزبير العسكري: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهَيْلٍ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر. قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير العسكري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي وغيره من طرق أخرى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ... به، وهو مخرج في "الإرواء " (2077) ، وخرجت له فيه شواهد من حديث أنس، وابن عمر، وعاصم بن عمر، وقيس بن زيد وقتادة كلاهما ... مرسلاً.

39- باب في نفقة المبتوتة

39- باب في نفقة المَبْتُوتَةِ 1976- عن فاطمة بنت قيس: أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها البَتَّةَ وهو غائب، فأرسل إليها وكيلَه بشعير، فَتَسَخطَتْهُ، فقال: والله! ما لكِ علينا من شَيء. فجاءت رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له؟ فقال لها: " ليس لكِ عليه نفقة "؛ وأمرها أن تعتد في بيت أمَ شريك، ثم قال: " إن تلك امرأة يغشاها أصحابي! اعتدِّي في بيت ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى؛ تضعين ثيابك، وإذا حَلَلْتِ؛ فآذنيني ". قالت: فلما حَلَلْتُ؛ ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما أبو جهم؛ فلا يضع عصاه عن عاتقه! وأما معاوية؛ فصُعْلُوكٌ لا مال له! انكحي أسامة بن زيد ". قالت: فكرهته، ثم قال: " انكحي أسامة بن زيد ". فنكحته، فجعل الله فيه خيراً كثيراً، واغْتَبَطْتُ به. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (2/98- 99) ... إسناداً ومتناً. ومن طريقه: أخرجه مسلم والنسائي وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء"

(1804) ؛ مع ثلاثة طرق أخرى له عن فاطمة رضي الله عنها. 1977- وفي رواية ثانية عنها: أن أبا حفص بن المغيرة طلقها ثلاثاً ... وساق الحديث؛ فيه: وأن خالد بن الوليد ونفراً من بني مخزوم أتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: يا نبي الله! إن أبا حفص بن المغيرة طلَّق امرأته ثلاثاً، وإنه ترك لها نفقة يسيرة؟! فقال: " لا نفقة لها " ... وساق الحديث، وحديث مالك أتم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان بن يزيد العطار: حدثني يحيى ابن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن فاطمة بنت قيس حدثته. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين مسلسل بالتحديث. والحديث أخرجه مسلم (4/196) من طريق شيبان عن يحيى بن أبي كثير ... الحديث بتمامه؛ وفيه قوله في الرواية الآتية: " لا تسبقيني بنفسك ". 1978- وفي ثالثة عنها: أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثاً ... وساق الحديث وخبر خالد بن الوليد؛ قال: فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليست لها نفقة ولا مَسْكَن " ... قال: وفيه: وأرسل إليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن:

_ "لا تسبقيني بنفسك ".

(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا الوليد: نا أبو عمرو عن يحيى: حدثني أبو سلمة: حدثتني فاطمة بنت قيس. قلت: وهذا إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمود بن خالد، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والوليد: هو ابن مسلم. وأبو عمرو: هو الأوزاعي. والحديث أخرجه الطحاوي (2/37) : حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون قال: ثنا الوليد بن مسلم ... به. حدثنا رَبِيعٌ المؤذن قال: ثنا بشر بن بكر قال: ثنا الأوزاعي ... فذكر بإسناده مثله. وأخرجه مسلم من طريق شيبان عن يحيى ... به؛ كما تقدم ذكره في الذي قبله. 1979- وفي رابعة عنها قالت: كنت عند رجل من بني مخزوم، فطلقني البتة ... ثم ساق نحو حديث مالك (يعني: الرواية الأولى) ؛ قال فيه: " ولا تفوتيني بنفسك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) . إسناده: وحدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم: ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس.

قال أبو داود: " وكذلك رواه الشعبي، والبَهِيُ، وعطاء عن عبد الرحمن بن عاصم. وأبو بكر بن أبي الجهم كلهم عن فاطمة بنت قيس: أن زوجها طلقها ثلاثاً". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عمرو، فأخرج له مسلم متابعة، وقد تابعه عبد الله بن يزيد ويحيى بن أبي كثير في الروايات المتقدمة. وله متابعون آخرون: عند الطحاوي (2/38) ، وأحمد (6/413 و 414) ؛ ويأتي أحدهم عند المصنف بعد حديث. وما علقه المصنف على الشعبي والثلاثة الذين معه؛ وصلها مسلم؛ إلا رواية ابن عاصم، فوصلها النسائي وغيره، وهو مخرج في "الإرواء " (1804) . ورواية الشعبي؛ وصلها المؤلف أيضاً، وهي الآتية بعده. والحديث أخرجه أحمد (6/413) : ثنا محمد بن جعفر ... به. وأخرجه مسلم من طريق آخر عن ابن عمرو ... به. 1980- ومن طريق ثانية عنها: أن زوجها طلَّقها ثلاثاً، فلم يجعل لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفقة ولا سُكْنى. (قلت: إسناد صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: ثنا سلمة بن كهَيْل عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي.

والحديث أخرجه مسلم (4/198) ، وأحمد (6/412) عن عبد الرحمن بن مهدي: ثنا سفيان ... به. وأخرجه مسلم وأحمد (6/411) ، والطحاوي (2/37) ، وكذا النسائي (2/116) من طرق أخرى عن الشعبي ... به. 1981- وفي خامسة من الطريق الأولى عنها: أنها كانت عند أبي حفص بن الغيرة، وأن أبا حفص بن المغيرة طلَّقها أخر ثلاث تطليقات، فزعمت أنها جاءت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستفتته في خروجها من بيتها؟ فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يُصَدِّقَ حديث فاطمة في خروج المطلَّقة من بيتها. قال عروة: أنْكَرَتْ عائشة رضي الله عنها على فاطمة بنت قيس. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا يزيد بن خالد الرَمْلِيُ: ثنا الليث عن عقَيْل عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنها. قال أبو داود: " وكذلك رواه صالح بن كيسان وابن جريج وشعيب بن أبي حمزة كلهم عن الزهري ". قال أبو داود: " شعيب بن أبي حمزة، واسم أبي حمزة: دينار، وهو مولى زياد". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير الرملي، وهو ثقة، وقد توبع.

والحديث أخرجه مسلم (4/197) ، والبيهقي من طرق أخرى عن الليث ... به. وأحمد (6/416) عن ابن جريج: أخبرني ابن شهاب ... به. 1982- ومن طريق ثالثة عن عبيد الله قال: أرسل مروان إلى فاطمة، فسألها؟ فأخبرته أنها كانت عند أبي حفص، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَّر علي بن أبي طالب- يعني- على بعض اليمن، فخرج معه زوجها، فبعث إليها بتطليقة كانت بَقِيَتْ لها، وأمر عَيَّاش بن أبي ربيعة والحارث بن هشام أن يُنْفِقَا عليها، فقالا: والله! ما لها نفقةٌ إلا أن تكون حاملاً! فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: " لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً ". واستأذنته في الانتقال، فأذن لها. فقالت: أين أنتقل يا رسول الله؟! قال: " عند ابن أم مكتوم "؛ وكان أعمى، تضع ثيابها عنده ولا يُبصرها. فلم تزل هناك؛ حتى مضت عدتها، فأنكحها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسامة. فرجع قَبِيصَةُ إلى مروان فأخبره بذلك. فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة! فسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها! فقالت فاطمة حين بلغها ذلك: بيني وبينكم كتاب الله، قال الله تعالى: (فطلقوهن لعدتهن) ؛ حتى: (لا تدري لعل الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمراً) . قالت: فأيُ أمرٍ يُحْدِثُ بعد الثلاث؟!

40- باب من أنكر ذلك على فاطمة بنت قيس

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وزاد في آخره: فكيف تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حاملاً؟! فعلامَ تحبسونها؟!) . إسناده: حدثنا مَخْلَدُ بن خالد: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله. قال أبو داود: " وكذلك رواه يونس عن الزهري. وأما الزَبَيْدِيَ؛ فروى الحديثين جميعاً- حديث عبيد الله بمعنى معمر، وحديث أبي سلمة بمعنى عُقَيْل-. ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري أن قَبِيصَةَ بن ذؤَيْبِ حدثه ... بمعنى دل على خبر عبيد الله بن عبد الله حين قال: فرجع قبيصة إلى مرَوان فأخبره بذلك ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مخلد بن خالد فعلى شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم من طرق عن عبد الرزاق ... به. وأخرجه أحمد وغيره؛ وهو مخرج في " الإرواء " (1804) . 40- باب من أنكر ذلك على فاطمة بنت قيس 1983- عن أبي إسحاق قال: كنت في المسجد الجامع مع الأسود، فقال: أتت فاطمةُ بنتُ قيس عُمَرَ ابنَ الخطابِ رضي الله عنه؛ فقال: ما كُنا لِنَدعَ كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة؛ لا ندري أحفظت أم لا؟! (قلت: حديث موقوف صحيح. وأخرجه مسلم بأتم منه) .

إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرني أبو أحمد: ثنا عمار بن رزيق عن أبي إسحاق. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، فهو على شرطهما؛ لولا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط، لكنه قد توبع، ولعله لذلك أخرجه مسلم كما يأتي. وأما الإمام أحمد؛ فلم يصححه، قال المصنف رحمه الله في "مسائل أحمد" (ص 184) : " قلت لأحمد: تذهب إلى حديث فاطمة بنت قيس: طلقها زوجها؟ قال: نعم. فذكِرَ له قول عمر رضي الله عنه: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا؟ فقال: (كتاب ربنا) ! أي شيء هو؟! قال الرجل: (أسكنوهن من حيث سكنتم) . قال: هذا لمن يملك الرجعة. قلت: يصح هذا من عمر رضي الله عنه؟ قال: لا ". قال الحافظ عقبه في "الفتح " (9/397) : " ولعله أراد ما ورد من طريق إبراهيم النخعي عن عمر؛ لكونه لم يلقه ". قلت: ومن المحتمل أنه أراد به رواية أبي إسحاق هذه- وهي متصلة-؛ لأنه مختلط كما تقدم، واختلف عليه في بعض متنه كما يأتي، لكنه لم يتفرد به. والحديث أخرجه مسلم (4/198) ، والطحاوي (2/39) ، والدارقطني (ص 435) ، وعنه البيهقي (7/475) من طرق أخرى عن أبي أحمد الزَّبَيرِي ... به؛ ولفظهم. كنت مع الأسود بن يزيد جالساً في السجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يجعل لها سكنى ولا نفقة. ثم أخذ الأسود كفاً من حصى، فحصبه به، فقال: ويلك! تحدث بمثل

هذا؟! قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقول امرأة؛ لا ندري لعلها حفظت أو نسيت؟! لها السكنى والنفقة، قال الله عز وجل: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ... وكلهم قالوا: لعلها حفظت أو نسيت ... إلا الطحاوي فإنه قال: لعلها كذبت! وهي شاذة. وذكره ابن القيم في "تهذيب السنن " (3/194) بلفظ: لا ندري؛ أصدقت أم كذبت ... وقال: " غلظ؛ ليس في الحديث، وإنما في الحديث: حفظت أم نسيت ... هذا لفظ مسلم ". وتابعه سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق ... بهذا الإسناد نحوه: أخرجه مسلم. وخالفه يحيى بن آدم فقال. نا عمار بن رزيق ... به؛ إلا أنه قال: ويحك تحدث- أو تفتي- بمثل هذا؟! قد أتَتْ عُمَرَ فقال: إن جئت بشاهدين يشهدان أنهم سمعاه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلا؛ لم نترك كتاب الله لقول امرأة: (لا تخرجوهن من بيوتهن) ! أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي (7/431) ، وقالا: " لم يقل فيه: وسنة نبينا.. وهذا أصح من الذي قبله؛ لأن هذا الكلام لا يثبت، ويحيى بن آدم أحفظ من أبي أحمد الزُّبَيْرِي وأثبت منه. وقد تابعه قبيصة ابن عقبة ... "، ثم ساق إسناده بذلك إليه!

وأقول: وفي التصحيح المذكور نظر عندي؛ فقد جاءت الزيادة المذكورة من طريقين آخرين: أحدهما: عن ميمون بن مهران قال: قال عمر: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة. أخرجه ابن أبي شيبة (5/148) . وإسناده صحيح على شرط مسلم. والآخر: من طريق عامر عن عمر: أخرجه أحمد (6/415) ؛ وهو منقطع. 1984- عن عروة قال: لقد عابت ذلك عائشةُ رضي الله عنها أشدَّ العيبِ- يعني: حديث فاطمة بنت قيس-، وقالت: إن فاطمة كانت في مكان وَحْشِ، فَخِيفَ على ناحيتها، فلذلك أرْخَصَ لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده حسن، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وعلقه البخاري مجزوماً، وقوّاه الحافظ) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود: ثنا ابن وهب: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي عبد الرحمن بن أبي الزناد كلام يسير، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. والحديث أخرجه البيهقي (7/433) من طريق المصنف. والحاكم (4/55) من طريق أخرى عن ابن وهب ... به، وقال:

" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وعلقه البخاري (9/395) على ابن أبي الزناد، وقوّاه الحافظ، فقال (9/396) : " تنبيه: طعن أبو محمد بن حزم في رواية ابن أبي الزناد المعلقة، فقال: عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف جداً. وحكم على روايته هذه بالبطلان. وتُعُقِّبَ بأنه مختلف فيه، ومن طعن فيه لم يذكر ما يدل على تركه، فضلاً عن بطلان روايته، وقد جزم يحيى بن معين بأنه أثبت الناس في هشام بن عروة، وهذا من روايته عن هشام ". 1985- وفي رواية عنه: أنه قيل لعائشة: ألم تَرَيْ إلى قول فاطمة؟ قالت: أمَا إنه لا خَيْرَ لها في ذِكْرِ ذلك! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عروة بن الزبير. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (7/432) من طريق أخرى عن محمد بن كثير وغيره ... به. ثم أخرجه البخاري (9/395) ، ومسلم (4/200) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان ... به.

1986- عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار: أن يحيى بن سعيد بن العاص طَلَّقَ بنتَ عبد الرحمن بن الحكم البَتَّةَ، فَانْتَقَلَهَا عبدُ الرحمن، فأرسلت عائشةُ رضي الله عنها إلى مروان بن الحكم- وهو أمير المدينة- فقالت له: اتقِ الله، وارْدُدِ المرأةَ إلى بيتها، فقال مروان- في حديث سليمان-: إن عبد الرحمن غلبني.- وقال مروان في حديث القاسم:- أوَمَا بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ فقالت عائشة: لا يَضُرُّكَ أن لا تذكر حديث فاطمة! فقال مروان: إن كان بِكِ الشَّرّ؛ فحسبُكِ ما كان بين هذين من الشرِّ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بتمامه، ومسلم مختصراً؛ دون قوله: فقال مروان: إن كان بك ... ) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران: أن يحيى بن سعيد بن العاص ... قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (2/97- 98) ... إسناداً ومتناً. وأخرجه البخاري (9/394) ، والبيهقي (7/433) من طرق أخرى عن مالك ... به. وأخرجه مسلم (4/200) ، والبيهقي أيضاً من طريق هشام: حدثني أبي قال: تروج يحيى بن سعيد بن العاص بنت عبد الرحمن بن الحكم ... به نحوه مختصراً؛ دون قول مروان المذكور أعلاه.

41- باب في المبتوتة تخرج بالنهار

1987- عن ميمون بن مهران قال: قدمت المدينة، فَدفِعْتُ إلى سعيد بن المسيَّب، فقلت: فاطمة بنت قيس طُلِّقَتْ فخرجت من بيتها؟ فقال سعيد: تلك امرأة فَتَنَتِ الناسَ! إنها كانت لَسِنَةً، فَوُضِعَتْ على يَدَيِ ابن أم مكتوم الأعمى. (قلت: إسناده مقطوع صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا جعفر بن بُرْقان: ثنا ميمون بن مهران. قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم. والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (12038) من طريق معمر عن جعفر بن برقان ... به. وهو، والبيهقي (7/433) من طريقين آخرين عن ميمون ... به. 41- باب في المبتوتة تخرج بالنهار 1988- عن جابر قال: طُلِّقت خالتي ثلاثاً، فخرجت تَجُدُّ نخلاً لها، فَلَقِيَها رَجُلٌ فنهاها، فأتتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له؟ فقال لها: " اخرجي فَجُدِّي نَخْلَكِ؛ لعلك أن تصدَّقي منه، أو تفعلي خيراً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الحاكم

42- باب نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث

والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو الزبير قد صرح بالتحديث كما يأتي. والحديث أخرجه عبد الرزاق (12032) ، وعنه أحمد (3/321) : أخبرني ابن جريج: أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ... به. وهو مخرج في "الصحيحة" (723) . ولم أره في "المسند" عن يحيى بن سعيد! والله أعلم. 42- باب نسخ متاع المتوفَّى عنها بما فرِضَ لها من الميراث 1989- عن ابن عباس: (والذين يتَوَفَّوْنَ منكم ويذرون أزواجاً وَصِيَّةً لأزواجهم متاعاً إلى الحَوْلِ غَيْرَ إخراج) ؛ فنُسِخَ ذلك بآية الميراث بما فُرِضَ لَهُنَ من الربع والثّمنِ، ونُسِخَ أجَل الحول بأن جعِلَ أجَلُها أربعةَ أشهرٍ وعشراً. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد المروزي: حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه برقم (1822) .

43- باب إحداد المتوفى عنها زوجها

والحديث أخرجه النسائي (2/115) من طريق أخرى عن علي بن الحسين بن واقد ... به. 43- باب إحداد المُتَوفَّى عنها زَوْجُها 1990- عن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة حين تًوُفِّيَ أبوها أبو سفيان، فَدَعَتْ بِطِيب فيه صُفْرةُ خلوقِ أو غيره، فدهنت منه جاريةً، ثم مَسَتْ بعارِضَيْها، ثم قالت: والله! ما لي بَالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَ على مَيت فوق ثلاث ليال؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً". 1991- قالت زينب: ودخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فَمَسَّتْ منه، ثم قالت: والله! ما لي بالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول وهو على المنبر: " لا يَحِل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَ على ميت فوق ثلاث ليال؛ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ". 1992- قالت زينب: وسمعت أمي أمَّ سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي توفي

عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكْحُلها؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا "- مرتين أو ثلاثاً- كلَّ ذلك يقول: " لا ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما هي أربعة أشهر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية تَرْمي بالبَعْرَة على رأس الحول ". قال حُمَيْدٌ: فقلت لزينب: وما " ترمي بالبعرة على رأس الحول "؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها؛ دخلت حِفْشاً، ولَبِسَتْ شَرَ ثيابها، ولم تَمَسَّ طيباً ولا شيئاً حتى تَمُرَّ بها سنة، ثم تؤتى بدابَّة: حمار أو شاة أو طائر؛ فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بَعْرَةً فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره. قال أبو داود: " (الحِفْشُ) : بيت صغير ". (قلت: إسناد هذه الأحاديث الثلاثة صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاها. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرج ابن الجارود الأول والثالث منها) . 1990- 1992- إسنادها: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حُمَيْدِ بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة؛ قالت زينب ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم.

44- باب في المتوفى عنها تنتقل

والحديث في "الموطأ" (2/110- 111) ... إسناداً ومتناً. وعنه أيضاً: الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء" (2114) . 44- باب في المتوفى عنها تنتقل 1992/م (*) - عن زينب بنت كعب بن عجرة: أن الفُرَيعةَ بنتَ مالك بن سنان- وهي أختُ أبي سعيد الخدري-؛ أخبرتها: أنها جاءتْ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسألُه أن ترجعَ إلى أهلِها في بني خُدْرة؛ فإن زوجَها خرجَ في طلب أعبُد له أبَقُوا، س حتى إذا كانوا بطرفِ القُدومِ؛ لحقهم، فقتلوه، فسألتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أرجعَ إلى أهلي، فإني لم يتركني في مسكنٍ يملِكُهُ، ولا نفقةٍ؟ قالت: فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نعم ". قالت: فخرجتُ، حتى إذا كنت في الحجرة- أو في المسجد-؛ دعاني - أو أمر بي فدعيتُ له-، فقال: " كيفَ قلتِ؟ "، فرددت عليه القصة التي ذكرتُ من شأنِ زوجي. قالت: فقال: " امكُثي في بيتكِ حتى يبلغَ الكتابُ أجلَه ". قالت: فاعتددتُ فيه أربعةَ أشهرٍ وعشراً. قالت: فلما كان عثمانُ بنُ عفانَ؛ أرسلَ إلي فسألني عن ذلك؟

_ (*) أشار الشيخ رحمه الله إلى نفل هذا الحديث من "الضعيف " قائلاً: " ينقل إلى "الصحيح "، وراجع " الإرواء" والتعليق الجديد عليه، والتعليق على ترجمة زينب في "ترتيب ثقات ابن حبان " ". قلنا: وصححه الشيخ رحمه الله أيضاً في "الضعيفة، (12/208) تحت الحديث (5597) .

45- باب من رأى التحول

فأخبرته،، فاتّبعه، وقضى به. (قلت: إسناده ضعيف لجهالة حال زينب هذه، وبها أعله ابن حزم، وتبعه عبد الحق الإشبيلي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سعد بن إسحاق ابن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ غير زينب بنت كعب، فلم يوثقها غير ابن حبان، وقد روى عنها أيضاً سليمان بن إسحاق بن كعب، ولذلك حكم بجهالتها من ذكرتُ أعلاه، ونحوه قول الحافظ فيها: " مقبولة ". يعني عند المتابعة. والحديث مخرج في "الإرواء " (2130) . 45- باب مَنْ رأى التَّحَوُّلَ 1993- عن عطاء قال: قال ابن عباس: نَسَخَتْ هذه الآية عِدَّتَها عند أهله؛ فتعتدُ حيث شاءت، وهو قول الله تعالى: (غَيْرَ إخراج) . قال عطاء: إن شاءت؛ اعتدَّتْ عند أهله، وسكنت في وصيتها، وإن شاءت؛ خرجت؛ لقول الله تعالى: (فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فَعَلْنَ) . قال عطاء: ثم جاء الميراث فَنَسَخَ السّكنى، تَعْتَدُّ حيث شاءت. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه البخاري) .

46- باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها

إسناده: حدثنا أحمد بن المروزي: ثنا موسى بن مسعود: ثنا شبْلٌ عن ابن أبي نَجِيح قال: قال عطاء ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أحمد بن المروزي، وهو ثقة، وقد مضى له حديث آخر قريباً (1989) ، وقد توبع كما يأتي. وعطاء: هو ابن أبي رباح. والحديث أخرجه البيهقي (7/435) من طريق الحسن بن مثنى العنبري: نا موسى بن مسعود ... به. ثم أخرجه البخاري (8/156 و 9/406- 407) من طريق رَوْح: ثنا شبل ... به. وتابعه ورقاء عن ابن أبي نجيح ... به مختصراً: أخرجه النسائي (2/113) . 46- باب فيما تجتنبه المعتدَّة في عِدَّتها 1994- عن أم عطية: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تُحِدُ المرأة فوق ثلاث؛ إلا على زوج؛ فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً؛ إلا ثوب عَصْبٍ، ولا تكتحل، ولا تمس طيباً؛ إلا أدنى طُهْرَتِها إذا طَهُرَتْ من محيضها بِنُبْذَةٍ من قُسْط أو أظْفَارٍ ". قال يعقوب- مكان: " عَصْبٍ "-: " إلا مغسولاً ". وزاد يعقوب: " ولا تختضب ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود) .

إسناده: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقِيّ: ثنا يحيى بن أبي بكير: ثنا إبراهيم بن طَهْمانَ: حدثني هشام بن حسان. (ح) وحدثنا عبد الله بن الجراح القهستاني عن عبد الله- يعني: ابن بكر السَّهْمِيَّ- عن هشام- وهذا لفظ ابن الجراح - عن حفصة عن أم عطية. حدثنا هارون بن عبد الله ومالك بن عبد الواحد المِسْمَعِيُّ قالا: ثنا يزيد بن هارون عن هشام عن حفصة عن أم عطية أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بهذا الحديث، وليس في تمام حديثهما: قال المسمعي: قال يزيد: ولا أعلمه إلا قال فيه: " ولا تختضب "؛ وزاد فيه هارون: " ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْب ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد ساقه من طرق ثلاث عن هشام بن حسان. وإسناد الأولى على شرط البخاري. والثانية: إسنادها حسن؛ لأن ابن الجراح في حفظه ضعف. والثالثة: على شرط مسلم. والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن هشام وغيره ... به، وهو مخرج في "الإرواء" (2114) . 1995- عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه قال: " المُتَوَفَّى عنها زوجها؛ لا تلبس المُعَصْفَرَ من الثياب، ولا المُمَشّقَةَ، ولا الحُلِيَ، ولا تختضب، ولا تكتحل ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان) .

47- باب في عدة الحامل

إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا يحيى بن أبي بكير: ثنا إبراهيم بن طهمان: حدثني بُديل عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وبديل: هو ابن ميسرة. والحديث مخرج في " الإرواء " (2129) . 47- باب في عِدَةِ الحامل 1996- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يَدْخُلَ على سُبيعة بنت الحارث الأسلمية؛ فيسألها عن حديثها، وعما قال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين استفتته؟ فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله بن عتبة يخبره: أن سبيعة أخبرته: أنها كانت تحت سَعْدِ بن خولة- وهو من بني عامر بن لؤي، وهو ممن شهد بدراً-؛ فتوفي عنها في حَجةِ الوداع وهي حامل، فلم تَنْشَبْ أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تَعَلَّتْ من نفاسها تجمَّلَتْ للخطاب، فدخل عليها أبو السَّنَابِلِ بِنْ بَعْكَك- رجل من بني عبد الدار-، فقال لها: ما لي أراك متجملة؟! لعلك ترتجين النكاح؟ إنك- والله- ما أنت بناكح؛ حتى يَمُرَ عليك أربعة أشهر وعشر! قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك؛ جمعت عليَ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته عن ذلك؟ فأفتاني بأني قد حَلَلْتُ حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي. قال ابن شهاب: ولا أرى بأساً أن تتزوج حين وضعت، وإن كانت في

دمها؛ غير أنه لا يقربها زوجها حتى تَطْهرَ. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، والبخاري معلقاً بتمامه، وموصولاً مختصراً، وأخرجه الشيخان من حديث أم سلمة نحوه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْري: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (4/200- 201) ، والنسائي (2/112) ، والبيهقي (7/428) من طرق أخرى عن عبد الله بن وهب ... به. وعلقه البخاري، فقال (7/248- 249) : وقال الليث: حدثني يونس ... به. وقد وصله (9/388-389) من طريق يحيى بن بكير عن الليث؛ لكنه قال: عن يزيد: أن ابن شهاب كتب إليه: أن عبيد الله بن عبد الله أخبره ... به مختصراً. ورواه النسائي من طريق آخر عن يزيد بن أبي حبيب ... به أتم منه. ثم أخرجه هو، وأحمد (6/432) من طرق أخرى عن الزهري ... به؛ ولفظ أحمد: وقد اكتحلت؛ مكان: تجملت. وإسناده على شرط الشيخين. وفي أخرى له: وقد اختضبت وتهيأت.

وسنده جيد. وأخرجه البخاري (8/530) ، ومسلم والنسائي، والترمذي (1194) - وصححه - وابن الجارود (762) وغيرهم من حديث أم سلمة ... نحوه. ورواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان (1329- موارد) من طريق الأسود بن يزيد عن أبي السنابل قال ... فذكره مختصراً نحوه؛ وفيه: " وما يمنعها وقد انقضى أجلها؟! ". قلت: وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. وقد أُعِل بالانقطاع بين الأسود وأبي السنابل! ولا وجه له عندي؛ فإن الأسود- مع ثقته وفضله فإنه- تابعي كبير؛ ولم يذكر بتدليس أو إرسال. ثم رأيت الحافظ قد سبقني إلى تصحيح هذا الإسناد، ودفع الإعلال المذكور بكلام جيد قوي، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. فانظر "الفتح " (9/472) . 1997- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: من شاء؛ لاعَنْتُهُ! لأُنْزِلَتْ سورة النساء القُصْرَى بعد الأربعة الأشهر وعشر. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري نحوه) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء- قال عثمان: حدثنا، وقال ابن العلاء- أخبرنا أبو معاوية: ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله.

48- باب في عدة أم الولد

قلت: وهذا إسناد صحيح كلى شرط الشيخين؛ ومسلم: هو ابن صَبِيح أبو الضحى، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (4/297- 298) : ثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/626) ، والبيهقي (7/430) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. وتابعه أبو إسحاق السبيعي؛ لكنه قال: عن الأسود ومسروق وعَبيدَةَ عن عبد الله: أن سورة النساء القصرى نزلت بعد البقرة. أخرجه النسائي (2/112- 113) . وتابعهم مالك وعلقمة بن قيس عنه ... نحوه: أخرجهما النسائي والبيهقي، والبخاري (8/156 و 530- 531) - معلقاً وموصولاً- عن مالك وحده؛ وهو ابن عامر أبو عطية. 48- باب في عِدَّةِ أُمِّ الولدِ 1998- عن عمرو بن العاص قال: لا تَلْبِسوا علينا سنَّتَهُ- قال ابن المثنى: سنة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! عِدةُ المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر؛ يعني: أم الولد. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي وابن التركماني) .

49- باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجا غيره

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم. (ح) وحدثنا ابن المثنى: ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن مَطَرٍ عن رجاء بن حَيْوَةَ عن قَبِيصَةَ بن ذؤَيْب عن عمرو بن العاص. قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم؛ فهو صحيح؛ لولا أنه لم يخرج لمطر- وهو الوَرّاق- إلا في المتابعات. لكن تابعه قتادة؛ كما بينته في "الإرواء" (2141) . وقد أعل بالانقطاع بين قبيصة وعمرو! وهو مردود، كما شرحته هناك، ومن قبلي ابن التركماني في "الجوهر النقي ". 49- باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجاً غيره 1999- عن عائشة قالت: سُئِلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رجلٍ طَلَّقَ امرأته، فتزوجت زوجاً غيره، فدخل بها، ثم طلقها قبل أن يواقعها؛ أتَحِل لزوجها الأول؟ قالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَحِل للأول؛ حتى تذوق عُسَيْلَةَ الآخر، ويذوق عسَيْلَتَها ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن الجارود من طرق عنها. وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط

50- باب في تعظيم الزنى

البخاري وحده، لكنه قد توبع. والحديث أخرجه أحمد (6/42) ، وابن أبي شيبة (4/274) : ثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه النسائي (2/96- 97) : أخبرنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخر عن عائشة رضي الله عنها؛ وهي مخرجة في "الإرواء" (1887) . 50- باب في تعظيم الزِّنى 2000- عن عبد الله (هو ابن مسعود) قال: قلت: يا رسول الله! أي الذنب أعظمُ؟ قال: " أن تجعل لله نداً وهو خلقك ". قال: فقلت: ثم أي؟ قال: " أن تَقْتُلَ ولدَكَ مخافةَ أن يأكل معك ". قال: قلت: ثم أي؟ قال: " أن تُزَانِيَ حليلةَ جارِكَ ". قال: وأنزل الله تعالى تصديق قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (والذين لا يَدْعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ... ) الآيةَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل عن عمرو بن شُرَحْبِيلَ عن عبد الله.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (10/356) ... بإسناد المصنف ومتنه. ثم أخرجه هو (8/133 و 13/424) ، ومسلم (1/63) ، والترمذي (3181) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (2/165) ، وابن حبان (4398) ، وأحمد (1/434) من طرق أخرى عن منصور ... به. وتابعه الأعمش عن أبي وائل ... به: أخرجه البخاري (12/175- 158 و13/434) ، ومسلم، والترمذي- قرنه بمنصور-، وأحمد (1/434) - أيضاً قرنه بمنصور، وقرن بهما واصلاً الأحدب-. ورواه عنه الترمذي والنسائي، وهو رواية البخاري (8/399- 400) ، وأحمد (1/462 و 464) ، لكن بعضهم أسقط الواسطة في روايته بين أبي وائل وابن مسعود، وهو رواية لأحمد (1/380 و 431) من طريق الأعمش. وفي إسناده اختلاف آخر، بينه الحافظ في "الفتح "، لا يؤثر في صحة الحديث إن شاء الله تعالى. 2001- عن جابر بن عبد الله قال: جاءت مُسَيْكَةُ (1) لبعض الأنصار فقالت: إن سَيدي يكْرِهُني على البِغَاءِ؟! فنزل في ذلك: (ولا تكْرِهُوا فتياتِكُم على البِغَاءِ) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي. وأخرجه مسلم بإسناد آخر عنه) .

_ (1) كذا في بعض النسخ! وفي أخرى: "مسكينة "؛ والأول موافق لرواية الحاكم، ولرواية مسلم الآتية وغيرها. انظر "ابن كثير".

إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم عن حجاج عن ابن جريج قال: وأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأحمد بن إبراهيم: هو الدوْرَقِيُ. والحديث أخرجه الحاكم (2/397) من طريق أخرى عن حجاج بن محمد ... به؛ وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وعزاه ابن كثير (3/288) للنسائي فقط من حديث ابن جريج! وفاته أيضاً أنه عند مسلم (8/244) من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ... به أتم منه. 2002- عن معتمر (يعني: ابن سليمان) عن أبيه: (ومن يُكْرِهْهنَّ فإن الله من بعد إكْرَاهِهِنَ غفور رحيم) ؛ قال: قال سعيد بن أبي الحسن: غفور لهن: المكرَهات. (قلت: إسناده مقطوع صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: ثنا معتمر. قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح على شرط مسلم.

8- كتاب الصوم

8- كِتَابُ الصَّوْمِ 1- باب مبدأ فرضِ الصيامِ 2003- عن ابن عباس: (يا أيها الذين آمنوا كُتِبِ عليكم الصيامُ كما كُتبَ على الذين من قبلكم) ؛ فكان الناس على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صَلوُا العَتَمَةَ؛ حَرُمَ عليهم الطعامُ والشرابُ والنساءُ، وصاموا إلى القابلة، فاخْتَانَ رجلٌ نَفْسَهُ، فجامع امرأته؛ وقد صلى العشاء ولم يُفْطِرْ، فأراد الله أن يجعل ذلك يُسْراً لمن بقي، ورُخْصةً ومنفعةً، فقال سبحانه: (عِلَمَ الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) ، وكان هذا مما نفع الله به الناس، ورخص لهم ويسَر. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن شبَّوَيْهِ: حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مضى الكلام عليه في الحديث (1822) . والحديث أخرجه البيهقي (4/201) من طريق المصنف. وللحديث شواهد كثيرة؛ منها: حديث البراء الذي بعده، وحديث أصحاب عبد الرحمن بن أبي ليلى المتقدم في أول "الصلاة " (523) .

2004- عن البراء قال: كان الرجل إذا صام فنام؛ لم يأكل إلى مثلها، وإن صِرْمَةَ بن قَيْس الأنصاري أتى امرأته وكان صائماً، فقال: هل عندك شيء؟ قالت: لا، لعلِّي أذهب فأطلبَ لك، فذهبت، وغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، فجاءت فقالت: خَيْبَةً لك! فلم ينتصف النهار حتى غُشِيَ عليه، وكان يعمل يَوْمَهُ في أرضه، فَذُكِرَ ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فنزلت: (أحِلَّ لكم ليلةَ الصيامِ الرفَثُ إلى نسائكم ... ) قرأ إلى قوله: (من الفجر) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا نصر بن علي بن نصر الجَهْضَمِي: أخبرنا أبو أحمد: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ لولا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- مدلس، وكان اختلط. وإسرائيل حفيده، وقد توبع كما يأتي؛ وليس فيهم سفيان وشعبة. لكن الحديث قوي بما قبله وغيره؛ مما أشرت إليه آنفاً. والحديث أخرجه البخاري (4/103- 105) ، والترمذي (2972) ، والدارمي (2/5) ، والبيهقي (4/201) ، وأحمد (4/295) ، وابن جرير في "التفسير" (2938 و 2939) من طرق أخرى عن إسرائيل ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه البخاري (8/146) ، والنسائي (1/305) ، وأحمد أيضاً من

2- باب نسخ قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية)

طريقين آخرين ... به نحوه. 2- باب نسخ قوله تعالى: (وعلى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) 2005- عن سَلَمَةَ بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ؛ كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي؛ فعل، حتى نزلت الآية التي بعدها، فنسختها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المصنف ومتنه، وزاد مسلم في رواية: (فمن شهد منكم الشهر فليصُمه) . وقال الترمذي: " حسن صحيح غريب ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا بكر- يعني: ابن مُضَرَ- عن عمرو بن الحارث عن بُكَيْرٍ عن يزيد مولى سلمة عن سلمة بن الأكوع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (8/146) ، ومسلم (4/154) ، والترمذي (798) ، والنسائي (1/318) ، والبيهقي (4/200) كلهم.... بإسناد المصنف ومتنه. ثم أخرجه مسلم وابن جرير (2747) ، والحاكم (1/423) من طريق ابن وهب: أخبرنا عمرو بن الحارث ... به؛ وزاد: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) . وأخرجه الدارمي (2/15) : أخبرنا عبد الله بن صالح: حدثني بكر ... وله شاهد هن حديث ابن عمر ... مختصراً نحوه: أخرجه البخاري.

3- باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى

وله شاهد آخر عن أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: علقه البخاري، ووصله المصنف وغيره؛ وقد تقدم فيما أشرت إليه قريباً، ووقع هناك أن الآية الناسخة هي: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ، وهو الصواب الموافق لحديث سلمة وابن عمر. ووقع في رواية البخاري المعلقة- وغيره-: أنها (وأن تصوموا خير لكم) ! وهي شاذة؛ فاقتضى التنبيه. 2006- عن ابن عباس: (وعلى الذين يطيقونه فِدْيَةٌ طعامُ مسكين) ؛ فكان من شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين؛ افتدى، وتَمَّ له صومه، فقال: (فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم) ، وقال: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فَعِدَّة من أيام أُخَرَ) . (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، وقد مر الكلام عليه كما أشرت إليه قريباً (2003) . 3- باب من قال: هي مُثْبَتَةٌ للشيخ والحُبْلَى 2007- عن ابن عباس قال: أُثبِتَتْ للحُبْلَى والمُرْضعِ. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود، ولفظه أتم. وكذلك رواه المصنف أيضاً؛ لكن وقع فيه اختصار مخِلّ بالمعنى؛ فأوردته من أجل ذلك في

4- باب الشهر يكون تسعا وعشرين

الكتاب الأخر برقم (396)) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا قتادة أن عكرمة حدثه أن ابن عباس قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولكنه مختصر جداً كما يأتي. والحديث أخرجه ابن جرير وابن الجارود والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رُخصَ للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك- وهما يطيقان الصوم- أن يُفْطِرَا إن شاءا، ويُطْعِمَا كل يوم مسكيناً، ولا قضاءَ عليهما، تم نُسخَ ذلك في هذه الآية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ؛ وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم، والحبلى والمرضع إذا خافتا؛ أفطرتا، وأطعمتا كل يوم مسكيناً. وأخرجه المصنف أيضاً، ولكن وقع فيه اختصار بالغ مُخِل مُفْسِد للمعنى؛ حيث سقط منه قوله: ثم نسخ ... إلى قوله: إذا كانا لا يطيقان الصوم! فصار المعنى: أن للشيخ والشيخة الإفطار مع إطاقتهما الصيام! فانقلب الحكم وصار المنسوخ محكماً، ولذلك أوردت الحديث في الكتاب الآخر (396) . 4- باب الشهرُ يكون تسعاً وعشرين 2008- عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنا أُمةٌ أُمِّيَّةٌ؛ لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا "؛ وَخَنَسَ سليمان أُصْبُعَهُ في الثالثة- يعني: تسعاً وعشرين، وثلاثين-.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجاه) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن سعيد ابن عمرو- يعني: ابن سعيد بن العاص- عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/101- 102) ، ومسلم (3/123- 124) ، والنسائي (1/303) ، والبيهقي (4/250) ، وأحمد (2/43) من طرق أخرى عن شعبة ... به. ثم أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (2/52 و 129) من طريقين آخرين عن الأسود بن قيس ... به. وتابعه إسحاق بن سعيد عن أبيه ... به: أخرجه أحمد (2/122) ؛ وليس عندهم جميعاً: وخنس أصبعه في الثالثة. وهو عند البخاري (4/99) من طريق جَبَلَةَ بن سُحَيْم قال: سمعت ابن عمر ... مرفوعاً؛ بلفظ: " " الشهر هكذا وهكذا "؛ وخنس الإبهام في الثالثة. ورواه مسلم بلفظ: وصفقَ بيديه مرتين- بكل أصابعهما- ونقص في الصفقة الثالثة إبهام اليمنى أو اليسرى. وله شاهد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كم مضى من الشهر؟ ". قلنا: مضى اثنان وعشرون يوماً، وبقيت ثمان. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" بل مَضَتِ اثنان وعشرون يوماً، وبقيت سبع؛ التمسوها الليلة ". ثم قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشهر هكذا، والشهر هكذا، والشهر هكذا "؛ (ثلاث مرات) - وأمسك واحدة-. أخرجه ابن أبي شيبة (3/84) - ومن طريقه ابن ماجه (1656) -، وأحمد (2/251) قالا: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عنه. وأخرجه أحمد أيضاً وابن حبان (5/188/3441) ، والبيهقي (4/310) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ثم أخرجه ابن حبان (4/110/2539) ، وابن خريمة أيضاً (3/226/2179) ، والبيهقي من طريقين آخرين عن الأعمش ... به. وخالفهم عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش فقال: عن الأعمش عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه ... به: أخرجه البيهقي. قلت: عبيد الله هذا ضعيف، وقد خالف بإدخاله سهيلاً بين الأعمش وأبي صالح، فلا تقبل مخالفته للثقات. 2009- ومن طريق أخرى عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشهر تسع وعشرون؛ فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُم عليكم؛ فاقدروا له ". قال: فكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعاً وعشرين؛ نظر له، فإن رُئِيَ؛ فذاك، وإن لم يُرَ، ولم يَحُلْ دون منظره سحاب ولا قترة؛ أصبح مفطراً، فإن حال دون منظره سحاب أو قترة؛ أصبح صائماً.

قال: فكان ابن عمر يفطر مع الناس، ولا يأخذ بهذا الحساب. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون قوله: قال: فكان ابن عمر ... إلخ؛ وزاد البيهقي: وقال ابن عون: ذكرت فعل ابن عمر لمحمد بن سيرين؟ فلم يعجبه) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيُ: ثنا حماد: ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وحماد: هو ابن زيد. والحديث أخرجه البيهقي (4/204) من طريق يوسف بن يعقوب: ثنا سليمان ابن حرب ... به؛ وفيه الزيادة المذكورة أعلاه. وتابعه إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: أنا أيوب ... به دون الزيادة: أخرجه أحمد (2/5) ، والدارقطني (ص 229) . وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن نافع ... به؛ دون قوله: فكان ابن عمر ... إلخ. وهو مخرج في "الإرواء " (903) ، مع طرق أخرى للحديث. 2010- وعن أيوب قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل البصرة: بَلَغَنا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو حديث ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ زاد: وإن أحسن ما يُقْدَرُ له إذا رأينا هلال شعبان لكذا وكذا؛ فالصوم؛ إن شاء الله لكذا وكذا؛ إلا أن تروا الهلال قبل ذلك.

(قلت: حديث مقطوع صحيح الإسناد، وقال المنذري: " وهذا الذي قاله عمر بن عبد العزيز قضت به الروايات الثابتة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ") . إسناده: حدثنا حُمَيْد بن مَسْعَدَةَ: ثنا عبد الوهاب: حدثني أيوب. قلت: وهذا إسناد مقطوع صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم. وأما حديث ابن عمر؛ فقد رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر، كما تقدم في الحديث الذي قبله. 2011- عن ابن مسعود قال: لَمَا صُمْنَا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسعاً وعشرين؛ أكثر ممَّا صمنا معه ثلاثين. (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن مَنِيع عن ابن أبي زائدة عن عيسى بن دينار عن أبيه عمرو بن الحارث بن أبي ضرار عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير دينار والد عيسى، وهو كوفي مجهول، لم يرو عنه غير ابنه عيسى، كما في "الميزان "، ومع ذلك وثقه ابن حبان! لكن لحديثه شاهد يقويه كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (689) ... بإسناد المؤلف ومتنه. وأخرجه أحمد (1/450) : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ... به. ثم أخرجه (1/397 و 405 و 408 و 441) من طرق أخرى عن عيسى بن

وشاهده من حديث عائشة ... مثله: أخرجه البيهقي وأحمد (6/90) . وسنده صحيح على شرطهما. ورواه ابن ماجه (1658) عن أبي هريرة ... مرفوعاً. وسنده حسن. 2012- عن أبي بكرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " شهرا عيدٍ لا ينقصان: رمضان وذو الحجة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجاه) . إسناده: حدثنا مسدد أن يزيد بن زُريع حدثهم: ثنا خالد الحَذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على البخاري فقط، لكنه توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/99) ... بإسناد المصنف ومتنه؛ إلا أنه جعل (معتمراً) بدل: (يزيد بن زريع) . وكذلك أخرجه البيهقي (4/250) من طريق أخرى عن مسدد. فالظاهر أن لمسدد فيه شيخين، وبه جزم الحافظ. وأخرجه مسلم (3/127) ، وابن ماجه (1/209) من طريقين آخرين عن يزيد ابن زريع ... به.

5- باب إذا أخطأ القوم الهلال

وأخرجه الترمذي (692) ، والطحاوي (1/327) ، وأحمد (5/38 و 47- 48) من طرق أخرى عن خالد الحذاء ... به. ولمعتمر بن سليمان شيخ آخر، فقال: عن إسحاق بن سُويدٍ وخالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ... به: أخرجه مسلم. وتابعهما سالم أبو عبيد الله بن سالم: عند الطحاوي وأحمد (5/47) . وعلي بن زيد: عنده (5/50- 51) . 5- باب إذا أخطأ القومُ الهلالَ 2013- عن أبي هريرة؛ ذَكرَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه، قال: " وفِطْرُكُم يَوْمَ تُفْطِرون، وأضحاكم يومَ تُضْحُون، وكلُّ عرفةَ موقفٌ، وكل مِنىً مَنْحَرٌ، وكل فِجَاجِ مكة منحرٌ، وكل جَمْع موقفٌ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا محمد بن عبيد: ثنا حماد في حديث أيوب عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، لكنه منقطع؛ لأن محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، كما قال البزار وغيره. وقد اختلف عليه وعلى أيوب في إسناده؛ إلا أن له إسناداً آخر عن أبي هريرة، وهو حسن، كما بينته في "الإرواء" (905) .

6- باب إذا أغمي الشهر

6- باب إذا أُغْمِيَ الشهرُ 2014- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غُمَّ عليه؛ عَدَّ ثلاثين يوماً ثم صام. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن الجارود وابن حبان والدارقطني والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثني عبد الرحمن بن مهدي: حدثني معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال: سمعت عائشة رضي الله عنها ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. والحديث في "مسند أحمد" (6/149) ... إسناداً ومتناً. وأخرجه ابن حبان (869) ، والدارقطني (ص 227) من طريقين آخرين عن عبد الرحمن بن مهدي ... به. وقال الدارقطني: " إسناده حسن صحيح ". قال المنذري: " ورجال إسناده كلهم محتج بهم في "الصحيحين " على الاتفاق والانفراد ... "! قلت: وفيه نظر؛ فإن معاوية بن صالح وعبد الله بن أبي قيس لم يحتج بهما البخاري في "صحيحه "، فالأول إنما أخرج له في "جزء القراءة"، والآخر في "الأدب المفرد".

وأخرجه ابن الجارود (377) ، والحاكم (1/423) من طريقين آخرين عن معاوية ... به. وقال الحاكم- وتبعه الذهبي-: " صحيح على شرط الشيخين " إ! 2015- عن حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ حتى تَرَوا الهلال، أو تكْمِلُوا العِدة، ثم صوموا حتى تَرَوُا الهلال، أو تُكْمِلوا العِدَّة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان والدارقطني والبيهقي وابن القيم) . إسناده: حدثنا محمد بن الصًبَّاح البزاز: ثنا جرير بن عبد الحميد الصبِّي عن منصور عن رِبْعيَ بن حِرَاشٍ عن حذيفة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ ومحمد بن الصباح: هو أبو جعفر الدولابِي البغدادي. والحديث أخرجه البيهقي (4/208) من طريق المصنف، ثم قال: " وصله جرير عن منصور بذكر حذيفة فيه، وهو ثقة حجة. ورواه الثوري وجماعة عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قلت: وكذا قال الدارقطني في "سننه " (ص 229) . ولا يضر جريراً أن الجماعة لم يسمُّوا الصحابي؛ لأنهم موافقون له في اتصال الإسناد، غاية ما في الأمر أنهم لم يسمُّوا، والصحابة كلهم عدول، وبنحو هذا أجاب ابن القيم رحمه الله تعالى، وجزم بأن الحديث وَصْلُهُ صحيح.

7- باب من قال: فإن غم عليكم؛ فصوموا ثلاثين

والحديث أخرجه النسائي (1/301) ، وابن حبان (875) من طرق أخرى عن جرير ... به. وأخرجه النسائي وابن أبي شيبة (3/20- 21) ، والدارقطني وأحمد (4/314) من طريق سفيان وغيره عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... به. وخالفهم الحجاج فقال: عن منصور عن ربعي قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فأرسله: أخرجه النسائي والدارقطني. والحجاج- وهو: ابن أرطاة- مدلس، وقد عنعنه؛ فلا قيمة لمخالفته. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة ... مختصراً: رواه ابن ماجه (1646) . وسنده ضعيف، كما قال البوصيري. لكن قوّاه بحديث الباب. 7- باب من قال: فإن غُم عليكم؛ فصوموا ثلاثين 2016- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُقَدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين؛ إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم، لا تصوموا حتى تروه، ثم صوموا حتى تروه، فإن حال دونه غمامة؛ فأتمُوا العدة ثلاثين ثم أفطروا، والشهر تسع وعشرون ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) .

8- باب في التقدم

إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا حسين عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس. قال أبو داود: " رواه حاتم بن أبي صغيرة وشعبة والحسن بن صالح عن سماك ... بمعناه لم يقولوا: " ثم أفطروا ... " ... ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أن رواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة، لكن من سمع منه قديماً مثل شعبة وسفيان؛ فحديثهم عنه صحيح، كما في "التهذيب ". وقد ذكر المصنف- فيمن رواه عنه- شعبة؛ ووصله الحاكم عنه- وصححه-، وهو مخرج في "الإرواء" (902) . 8- باب في التَّقَدُّمِ 2017- عن عمران بن حُصَيْنٍ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجل: " هل صُمْتَ من شهر شعبان شيئاً؟ ". قال: لا. قال: " فإذا أفطرت؛ فصم يوماً- وقال أحدهما: يومين- ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بالرواية الأخرى، ولمسلم الرواية الأولى، والأصح عندي الرواية الأخرى) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن ثابت عن مُطَرف عن عمران بن حصين. وسَعِيد الجُرَيْري عن أبي العلاء عن مُطَرف عن عمران بن حصين.

قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو- من الوجه الأول عن مطرف- على شرط مسلم، ومن الوجه الآخر عنه على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (4/443- 444) : ثنا عفان: ثنا حماد ... بإسناديه؛ أعني: عن ثابت وسعيد الجريري ... به؛ إلا أنه قال: " يومين ". قال الجريري: "صم يوماً". فميز ببن الروايتين، فجعل الأولى للجريري، والأخرى لحماد. ثم أخرجه أحمد (4/443) ، ومسلم (3/168) من طريقين آخرين عن حماد ابن سلمة عن ثابت وحده ... بالرواية الأخرى. وأخرجه مسلم وأحمد أيضاً (4/442) ، والدارمي (2/18) من طريق يزيد بن هارون: أنا الجريري ... به إلا أنه قال: " فصم يومين مكانه ". فخالف حماداً في قوله عن الجريري: " صم يوماً "! وتابعه غيلان بن جرير- عند البخاري (4/186- 187) ، والبيهقي (4/210) ، وأحمد (4/439) -، وسليمان التيمي- عنده (4/442) - كلاهما عن مطرف ... بالرواية الأخرى. فهي أصح عندي؛ لاتفاق غيلان وسليمان عليها، وموافقتها لرواية حماد، وإحدى الروايتين عن الجريري. والله أعلم.

9- باب إذا رئي الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة

9- باب إذا رُئِيَ الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة (2021) (*) - عن كُرَيْب: أن أم الفضل ابنة الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فَقَدِمْتُ الشام، فقضيتُ، حاجتها، فاستهل رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمتُ المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيته ليلة الجمعة. قال: أنت رأيته؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية. قال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومه حتى نُكْمِلَ الثلاثين أو نراه. فقلت: أفلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟! قال: لا، هكذا أمَرَنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو والترمذي، وقال: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا إسماعيل- يعني: ابن جعفر-: أخبرني محمد بن أبي حرملة: أخبرني كرَيْبٌ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/127) ، والترمذي (693) ، والنسائي (1/300) ، والبيهقي (4/251) ، وأحمد (1/306) من طرق أخرى عن إسماعيل ... به.

_ (*) الأرقام (2018- 2020) وما تحتها محذوفة من هنا؛ تراها في "الضعيف " بالأرقام (398- 401) . (الناشر) .

10- باب كراهية صوم يوم الشك

10- باب كراهية صوم يوم الشك 2022- عن صِلَةَ قال: كنَّا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه، فأُتِيَ بشاة، فتنحَّى بعض القوم، فقال عمار: من صام هذا اليومَ؛ فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: حديث صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير: ثنا أبو خالد عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن قيس، فهو على شرط مسلم وحده؛ إلا أن أبا إسحاق- وهو السبيعي- كان اختلط، وهو مدلس، لكن صحح حديثه هذا جمعٌ، كما ترى أعلاه. وله طريق أخرى؛ خرجتها مع الأولى في "الإرواء" (961) . 11- باب فيمن يَصِلُ شعبان برمضان 2023- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تَقَدَّمُوا صوم رمضان بيوم ولا يومين؛ إلا أن يكون صوماً يصومه رجل؛ فَلْيَصُمْ ذلك اليوم ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الشيخان، وإسناده عند البخاري إسناد المصنف بعينه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/102) ... بإسناد المصنف نحوه. وأخرجه البيهقي (4/207) من طرق أخرى عن مسلم بن إبراهيم ... به. وأخرجه مسلم (3/125) ، والدارمي (2/4) ، وأحمد (2/234 و 513 و521) من طرق أخرى عن هشام الدَّسْتَوَائِي ... به. وأخرجه مسلم أيضاً، والترمذي (685) ، والنسائي (1/305) ، وابن ماجه (1/506) ، وابن الجارود (378) ، والبيهقي أيضاً، وابن أبي شيبة (3/23) ، وأحمد (2/347 و 408 و 477) من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير ... به؛ وصرح يحيى بالتحديث في بعض الطرق: عند أحمد والنسائي. وتابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة ... به. أخرجه أحمد (2/438 و 497) ، والترمذي، وقال- عقب كل من الطريقين-: " حديث حسن صحيح ".

2024- عن أم سلمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان؛ يصله برمضان. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن توبة العنبري عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أم سلمة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (6/311) ... بإسناده ومتنه. وأخرجه النسائي (1/321) من طريق محمد بن الوليد: حدثنا محمد ... به. و (1/306) من طريق أخرى عن شعبة ... به. وتابعه سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة ... به نحوه. أخرجه الترمذي (736) ، والنسائي أيضاً (1/305- 306) ، والدارمي (2/17) ، وابن ماجه (1/505) ، وابن أبي شيبة (3/22- 23) ، وأحمد (6/300) من طرق عن منصور عنه ... به نحوه. وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها ... مرفوعاً نحوه. أخرجه أحمد (6/188) ، والحاكم (1/434) بإسناد صحيح عنها. والترمذي (737) بإسناد آخر حسن عنها ... نحوه. وابن ماجه (1649) ... بسند ثالث عنها. وهو حسن أيضاً.

12- باب كراهية ذلك

12- باب كراهية ذلك 2025- عن عبد العزيز بن محمد قال: قَدِمَ عَبَّادُ بن كثيرٍ المدينةَ، فمال إلى مجلس العلاء، فأخذ بيده فأقامه، ثم قال: اللهم! إن هذا يحدث عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا انتصف شعبان؛ فلا تصوموا "! فقال العلاء: اللهم! إن أبي حدثني عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك! (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان، واحتج به ابن حزم، وقوّاه ابن القيم) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا عبد العزيز بن محمد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وقد أُعِلّ بما لا يقدح كما سيأتي. والحديث أخرجه البيهقي (4/209) من طريق الحاكم بإسناد آخر عن قتيبة ابن سعيد ... به. وأخرجه للترمذي (738) : حدثنا قتيبة ... به؛ دون قصة عباد بن كثير مع العلاء. وهكذا أخرجه الدارمي (2/17) ، وابن ماجه (1/506) ، والبيهقي من طرق أخرى عن عبد العزيز ... به.

وأخرجه ابن ماجه أيضاً، والدارمي وابن حبان (876 و 878) ، وعبد الرزاق في " المصنف " (7325) ، وابن أبي شيبة (3/21) ، والدارقطني (243) ، وأحمد (2/442) من طرق أخرى عن العلاء بن عبد الرحمن ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال البيهقي: " قال أبو داود: وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر. قال: وكان عبد الرحمن لا يحدث به "! قلت: وليس هذا في نسختنا من "سنن أبي داود"، ولا يكفي عندي في تضعيف الحديث؛ لأن الإمام أحمد نفسه قال في العلاء بن عبد الرحمن: " ثقة، لم أسمع أحداً ذكره بسوء ". وقد وثقه جماعة آخرون، واحتج به مسلم. وقال الترمذي عقب حديثه هذا: " حسن صحيح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ. ومعناه عند بعض أهل العلم: أن يكون الرجل مفطراً، فإذا بقي من شعبان شيء؛ أخذ في الصوم؛ لحال شهر رمضان ". ولئن كان عبد الرحمن بن مهدي لم يحدث به؛ فقد حدث به سفيان الثوري! قال ابن حزم بعد أن ساقه من طريق المؤلف (7/26) : " هكذا رواه سفيان عن العلاء، وللعلاء ثقة، روى عنه شعبة وسفيان الثوري ومالك و ... و ... و ... ، وكلهم يحتج بحديثه، فلا يضره غمز ابن معين له ". وأيد هذا ابن القيم في "تهذيبه " (3/223- 225) .

13- باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال

13- باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال 2026- عن حسين بن الحارث الجَدَلِيِّ- من جَدِيلَةِ قيس-: أن أمير مكة خطب، ثم قال: عَهِدَ إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نَنْسُكَ للرؤية، فإن لم نَرهُ وشهد شاهدا عَدْلِ؛ نَسَكْنا بشهادتهما.- فسألتُ الحسين بن الحارث: مَنْ أميرُ مكة؟ قال: َ لا أدري! ثم لقيني بعدُ، قال: هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب- ثم قال الأمير: إن فيكم مَنْ هو أعلم بالله ورسوله مِنِّي، وشهد هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأومأ بيده إلى رجل-. قال الحسين: فقلت لشيخ إلى جنبي: مَنْ هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر، وصدق؛ كان أعلم بالله منه، فقال: بذلك أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الدارقطني) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز: ثنا سعيد بن سليمان: ثنا عَبَّاد عن أبي مالك الأشجعي: ثنا حسين بن الحارث الجَدلِي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ غير حسين ابن الحارث الجدلي، وهو معروف كما قال ابن المديني، وقد روى عنه جمع من الثقات- غير الأشجعي- منهم: زكريا بن أبي زائدة، وابنه يحيى بن زكريا، وشعبة، وأورده ابن حبان في " الثقات " (1/43) ، وقال: " يروي عن ابن عمر والنعمان بن بشير، عداده في أهل الكوفة. روى عنه يزيد ابن زياد بن أبي الجعد، وأبو مالك الأشجعي ". فقول ابن حزم فيه (6/238) :

" وهو مجهول "! مردود. ويؤيده قول الحافظ فيه: " صدوق "، وكذا تصحيح من صحح حديثه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (4/247- 248) من طريق المصنف. وأخرجه الدارقطني (232) من طرق أخرى عن سعيد بن سليمان ... به مطولاً ومختصراً، وقال: " هذا إسناد متصل صحيح ". وقد أخرجه النسائي وغيره عن الحسين بن الحارث عن عبد الرحمن بن زيد ابن الخطاب: أنه خطب الناس في اليوم الذي يُشَك فيه، فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله وساءلتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكره دون قصة ابن عمر. وإسناده صحيح أيضاً. فالظاهر أن للجدلي فيه إسنادين، وقد خرجت هذا في "الإرواء" (909) . 2027- عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فَقَدِمَ أعرابيان، فشهدا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالله: لأهَلا الهلالَ أمْسِ عَشيةً، فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس أن يفطروا، وأن يَْغدوا إلى مُصَلاهم.

14- باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان

(قلت: إسناده صحيح، وقال الدارقطني: " حسن ثابت ") . إسناده: حدثنا مسدد وخلف بن هشام المقْرِي قال: ثنا أبو عوانة عن منصور عن رِبْعِي بن حِرَاشٍ عن رجل ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسدداً لم يخرج له مسلم. وخلفاً لم يخرج له البخاري. والرجل الذي لم يُسَم صحابي، والصحابة كلهم ثقات عند أهل السنة. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 233) من طريق المؤلف، وقال: " إسناد حسن ثابت ". وأخرجه البيهقي (4/248) عن مسدد ... به. ومن طرق أخرى عن منصور ... به. 14- باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان 2028- عن ابن عمر قال: تراءى الناسُ الهلالَ، فَأخْبَرْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم وابن حزم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد وعبد الله بن عبد الرحمن السمَرقَنْدِي- وأنا لحديثه أتقن- قال: ثنا مروان- هو ابن محمد- عن عبد الله بن وهب عن يحيى

15- باب في توكيد السحور

ابن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مروان بن محمد؛ وهو ثقة. ومحمود بن خالد، على أنه متابع من السمرقندي، وهو الحافظ الدارمي صاحب "السنن "؛ المعروف بـ "مسند الدارمي "؛ وقد أخرجه فيه (2/4) . والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن " (1/239- 240) ، والبيهقي (4/212) ، وابن حزم (6/236) ؛ ثلاثتهم عن المصنف؛ إلا أن ابن حزم لم يذكر فيه محمود بن خالد، وقال: " وهذا خبر صحيح ". وصححه آخرون أيضاً كما ذكر آنفاً، وهو مخرج في "الإرواء " (908) ، فلا أعيد تخريجه هنا. 15- باب في توكيد السحور 2029- عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن فَصْلَ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكْلَةُ السحَرِ ". (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم وابن خزيمة في "صحيحهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن عُلَي بن رباح عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير مسدد، فهو

16- باب من سمى السحور: الغداء

من شيوخ البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن " (1/273) من طريق المصنف. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1940) من طريق أخرى عن ابن المبارك ... به. وأخرجه هو، ومسلم (3/130- 131) ، والترمذي (709) ، والنسائي (1/304- 305) ، والدارمي (2/6) ، والبيهقي (4/236) ، وعبد الرزاق في "المصنف " (7602) ، وأحمد (4/197 و 202) من طرق أخرى عن موسى بن عُلَي ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وزاد الدارمي في أوله: كان عمرو بن العاص يأمرنا أن نصنع له الطعام يَتَسَحرُ به؛ فلا يصيب منه كثيراً. فقلنا: تأمرنا به ولا تصيب منه كثيراً؟! قال: إني لا آمركم به أني أشتهيه؛ ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره. وسنده صحيح على شرط مسلم. 16- باب مَنْ سمى السُحُورَ: الغَدَاءَ 2030- عن العرباض بن سارية قال: دعاني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السحور في رمضان، فقال: " هَلُم إلى الغَدَاءِ المبارك ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان) .

إسناده: حدثنا عمرو بن محمد الناقد: ثنا حماد بن خالد الخياط: ثنا معاوية ابن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رُهْم عن العرباض بن سارية. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير الحارث بن زياد- وهو الشامي- مجهول، كما قال الذهبي في "المغني "؛ تبعاً لابن عبد البر، فقد نقل عنه المنذري - ثم الحافظ- أنه قال فيه: " مجهول، وحديثه منكر "! كذا قال! أما أنه مجهول فلا كلام، وإن ذكره ابن حبان في "الثقات "؛ فإنه لم يَرْوِ عنه غير يونس هذا؛ كما في "الميزان ". وأما أن حديثه منكر؛ فإن كان يعني سنداً؛ فَمُسَلَمٌ، وإن كان يعني متناً؛ فمردود؛ لأن له شواهد يتقوى بها كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي (1/304) ، وابن خزيمة (1938) ، وابن حبان (882) ، والبيهقي (4/236) ، وأحمد (4/126 و 127) كلهم من طريق عبد الرحمن ابن مهدي عن معاوية بن صالح ... به؛ إلا أن أحمد قال: " الغِذاء "- بالذال المعجمة في الموضعين-! وهو عنده في الموضع الأول بإسناد المؤلف: ثنا حماد بن خالد الخياط ... وأما شواهد الحديث؛ فهي: أولاً: عن المقدام بن مَعْدِي كَرِبَ ... مرفوعاً؛ بلفظ:

" عليكم بغداء السُحور؛ فإنه هو الغداء البارك ". أخرجه النسائي من طريق بقية بن الوليد قال: أخبرني بَحيِز بن سعد عن خالد بن مَعْدَان عنه. وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، وقد صرح بقية بالتحديث. لكنه قد خولف- هو أو شيخه- في وصله، فرواه النسائي وعبد الرزاق (7600) عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل: " هلم إلى الغداء البارك "؛ يعني: السحور. وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ فهو شاهد قوي على كل حال، سواءٌ ثبت وصله أو لا. ثانياً: عن أبي الدرداء مرفوعاً ... نحوه: أخرجه ابن حبان (881) عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبَيْدِي: حدثنا عمرو بن الحارث- هو ابن الضحاك-: حدثني عبد الله بن سالم عن راشد بن سعد عنه. وهذا إسناد ضعيف؛ إسحاق هذا؛ قال الحافظ: " صدوق يهم كثيراً، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب ". وابن الضحاك غير معروف العدالة، كما قال الذهبي، لكنه لم يتفرد به، فقد رواه ابن عدي وغيره من طريق آخر عن راشد بن سعد عن عتبة بن عبد وأبي الدرداء معاً، وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1961) ؛ لزيادة وقعت في أوله. ثالثا: عن عائشة قالت: قال رسول الله:

17- باب وقت السحور

" قَرِّبِي إلينا الغَدَاءَ المبارك "؛ يعني: السحور، وربما لم يكن إلا تمرتين. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/151) : " رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات "! وكذا قال! وانظر "مسند أبي يعلى" (4679) . رابعاً: عن ابن عباس قال: أرسل إلي عمر بن الخطاب يدعوني إلى السحور، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمّاه الغداءَ المبارك. رواه الطبراني في "الأوسط "، ومن طريقه الخطيب في "التاريخ " (1/387) . وقال الطبراني: " لا نعلم رواه عن ابن عيينة إلا محمد بن إبراهيم أخو أبي معمر ". قلت: وهو صدوق لا بأس به، كما قال الحافظ موسى بن هارون الحمال. وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ الطبراني أحمد بن القاسم بن مُسَاوِر الجوهري، وهو ثقة كما قال الخطيب (4/349) . 17- باب وقت السُحُورِ 2031- عن سَمُرَةَ بن جُنْدُب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَمْنَعَنكُمْ من سُحورِكم أذانُ بلال، ولا بياضُ الأُفُقِ الذي هكذا، حتى يَسْتَطِيرَ". (قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال "الصحيح ". وأخرجه مسلم وأبو عوانة

وابن خزيمة في "صحاحهم ". وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حماد بن زيد عن عبد الله بن سَوَادة، القُشَيْرِيِّ عن أبيه: سمعت سمرة بن جندب يخطب وهو يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، وقد توبع. والحديث أخرجه مسلم (3/130) : حدثني أبو الربيع الزهراني: حدثنا حماد - يعني: ابن زيد- ... به؛ إلا أنه قال: " لا يغرنكم ... ". وكذلك أخرجه البيهقي (4/215) من هذا الوجه. وآخرون من طرق أخرى عن سوادة بن حنظلة ... به. وقد خرجته في " الإرواء " (915) . 2032- عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَمْنَعَن أحدَكم أذانُ بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن- أو قال: ينادي- لِيَرْجعَ قَائِمُكُمْ، ويُنَبهَ نائِمَكم، وليس الفجر أن يقول هكذا- قال مسدد: وجمع يحيى كَفيْهِ-؛ حتى يقول هكذا- ومدَّ يحيى بإصبعيه السبابتين- ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة في "صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى") .

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن التيمي. (ح) وثنا أحمد بن يونس: ثنا زهير: ثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن عبد الله بن مسعود. قلت: إسناده الأول صحيح على شرط البخاري، والأخر على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/386) : حدثنا يحيى ... به. وأخرجه النسائي (1/305) ، وابن ماجه (1/518) من طريق أخرى عن يحيى ... به. وأخرجه البخاري (621- الخطيب) : حدثنا أحمد بن يونس ... به. وأخرجه مسلم (3/129) ، وابن ماجه أيضاً، وابن خزيمة (1928) ، وابن الجارود (382) ، وأحمد أيضاً (1/392 و 435) ، والبيهقي (4/318) من طرق أخرى عن سليمان التيمي ... به. 2033- عن قيس بن طَلْقٍ عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُوا واشربوا، ولا يَهِيدَنكُمُ الساطع المُصْعِدُ، فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمرُ ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى: ثنا مُلازِمُ بن عمرو عن عبد الله بن النعمان: حدثني قيس بن طلق. قلت: وهذا إسناد حسن صحيح، رجاله ثقات؛ على خلاف في قيس بن طلق، سبق ذكره في "الطهارة".

والحديث أخرجه الترمذي (705) ، وابن خزيمة (1930) من طريقين آخرين عن ملازم بن عمرو ... به. وتابعه محمد بن جابر عن عبد الله بن النعمان ... به نحوه: أخرجه أحمد (4/23) . وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وقال ابن خزيمة: " إن صح الخبر؛ فإني لا أعرف عبد الله بن النعمان هذا بعدالة ولا جرح، ولا أعرف له عنه راوياً غير ملازم بن عمرو "! قلت: قد روى عنه أيضاً عمر بن يونس، كما قال ابن أبي حاتم (2/2/186) عن أبيه. قلت: ومحمد بن جابر أيضاً، كما تقدم في رواية أحمد إن كانت محفوظة، وقد ذكروه في شيوخ ملازم بن عمرو، وتكلموا في حفظه، وقال ابن حبان: " كان أعمى، يلحق في كتبه ما ليس من حديثه، ويسرق ما ذُوكِرَ به فيحدث به". فلعل هذا سرقه من ملازم بن عمرو! والله أعلم. ثم إن عبد الله بن النعمان قد وثقه ابن معين وابن حبان والعجلي، فلا يضره - بعد هذا كله- أن لم يعرفه ابن خزيمة، فمن علم حجة على من لم يعلم! على أنَّه يشهد له الحديثان قبله. ثم وجدت له متابعاً قوياً، أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/325) من طريقين عن عبد الله بن بَدْرٍ السُّحَيْمِيِّ قال: حدثني جدي قيس بن طلق ... به.

2034- عن عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) ؛ قال: أخذتُ عِقالاً أبيضَ، وعقالاً أسودَ؛ فوضعتهما تحت وِسادتي، فنظرتُ فلمَ أتَبَيَّنْ! فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فضحك فقال: " إن وسادتك- إذن- لعريضٌ طويلٌ! وإنما هو الليل والنهار ". قال عثمان (هو ابن أبي شيبة) : إنما هو سَوادُ الليلِ، وبياض النهارِ. (قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا حصَيْنُ بن نُمَيْرٍ. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا ابن إدريس- المعنى- عن حُصَيْنٍ عن الشعبي عن عَدِي بن حاتم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري من الوجه الأول، وصحيح على شرط الشيخين من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن " (1/268) من طريق المصنف. وأخرجه مسلم (3/128) ... بإسناد المصنف الآخر. وأخرجه البخاري (4/106 و 8/147) ، والترمذي (2974) ، وابن خزيمة (1925) ، والطحاوي في "شرح المعاني " (1/324) ، والبيهقي (4/215) ، وأحمد (4/377) ، وابن حبان (3454) من طرق أخرى عن حُصَيْن- وهو ابن عبد الرحمن السلمي ... به. وقال الترمذي:

18- باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده

" حديث حسن صحيح ". وتابعه مُطَرف عن الشعبي ... به: أخرجه البخاري وابن خزيمة (1926) ، والنسائي (1/305) أيضاً. وتابعه مجالد عن الشعبي ... به: أخرجه الطحاوي وأحمد. وله شاهد من حديث سهل بن سعد ... نحوه: أخرجه الشيخان وغيرهما. 18- باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده 2035- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده؛ فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه ". (قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وعبد الحق الإشبيلي، واحتج به ابن حزم) . إسناده: حدثنا عبد الأعلى بن حماد: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد بن عمرو متابعة، وهو حسن الحديث. وحماد: هو ابن سلمة. وقد صححه جمع كما يأتي، ومنهم الحافظ عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه " بسكوته عليه، وقد نص في مقدمته: أن ما سكت عنه فهو صحيح عنده.

وأعله ابن القطان بأنه مشكوك في اتصاله! وزعم أنه وقع في إسناد المصنف: أنبأنا عبد الأعلى بن حماد أظنه عن حماد ... إلخ؛ حكاه عنه ابن القيم في " التهذيب " (3/223) ! وهو خطأ ظاهر؛ فإنه ليس عند المصنف كلمة: (أظنه) ، ولا عند غيره ممن أخرج الحديث، حتى عند الدارقطني الذي أخرجه من طريقه كما يأتي. والحديث أخرجه الدارقطني في "سننه " (ص 231) : حدثنا محمد بن يحيى ابن مرداس: ثنا أبو داود: ثنا عبد الأعلى: ثنا حماد ... به. وقال: " قال أبو داود: وأسنده روح بن عبادة كما قال عبد الأعلى ". قلت: وفي قول المصنف هذا أكبر دليل على خطأ التشكيك الذي نسبه ابن القطان للمصنف؛ فإنه لو كان ذلك ثابتاً عنده؛ لم يصح منه هذا القول؛ إذ إنَّه لا يلتقي الشك مع الجزم بأن عبد الأعلى أسنده كما أسنده روح بن عبادة، وهذا بَينٌ لا يخفى على أحد إن شاء الله. ولو فرض ثبوت شك عبد الأعلى فيه؛ فلا يضر ذلك في وصله؛ لأنه قد رواه جماعة آخرون من الثقات عن حماد بن سلمة ... به: أخرجه الحاكم (1/203 و205) ، والبيهقي (4/218) ، وأحمد (2/423 و 510) . وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأخرجه الحاكم (1/426) من طريق الحسن بن سفيان: ثنا عبد الأعلى بن حماد ... به. وهذه متابعة قوية للمؤلف رحمه الله تعالى. ولحماد فيه شيخ آخر، فقال أحمد: ثنا روح: ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار

عن أبي هريرة ... به. وهذا إسناد جيد، ورجاله رجال مسلم. وأخرجه البيهقي من طريق أخرى عن روح بن عبادة ... به، وقال: " وكذلك رواه غيره عن حماد "، وزاد في حديث عمار: وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر. وكذا أخرجه الطبري في "تفسيره " (3015 و 3016) . وله شيخ ثالث: عن يونس عن الحسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. أخرجه أحمد مع رواية شيخه الأول. وإسناده مرسل صحيح. وقد توبع عليه؛ فقال عبد الرزاق في "المصنف " (7369) : عن ابن عيينة عن إسرائيل أبي موسى عن الحسن قال: قال رجل: يا رسول الله! أذَّن المؤذن والإناء على يدي؛ وأنا أريد الصوم؟ قال: "اشرب ". وإسناده صحيح أيضاً مرسلاً. وله شيخ رابع: ثنا حميد عن أبي رافع أو غيره عن أبي هريرة: أنه سمع النداء والإناء على يده، فقال: أحرزتها وربَّ الكعبة. ذكره ابن حزم (60/233) .

19- باب وقت فطر الصائم

وهذا إسناد صحيح موقوف، ولا اختلاف بينه وبين المرفوع، كما لا اختلاف بين المسند والمرسل؛ فإنها أحاديث عدة عن شيوخ ثقات، حدث عنهم حماد بما سمع منهم؛ فإنه كان موصوفاً بالحفظ، فليس كثيراً عليه أن يروي عن جمع من شيوخه حديثاً واحداً، أو عدة أحاديث في المسألة الواحدة! ولذلك فإني أرى أن الصواب لم يكن حليف أبي حاتم حين قال في حديث روح عن حماد عن شيخيه الأولين: " هذان الحديثان ليسا بصحيحين: أما حديث عمار؛ فعن أبي هريرة موقوف، وعمار ثقة. والحديث الآخر؛ ليس بصحيح ". ذكره ابنه في "العلل " (1/123- 124) ! ومن الغريب أنه لم يذكر الحجة في جزمه بأن حديث عمار الثقة موقوف! وقد رواه حماد الثقة عنه مرفوعاً، والمفروض أن يذكر المخالف له في ذلك. ثم كيف يجزم بعدم صحة الحديث؛ وله شاهد صحيح كما تقدم، وشواهد موصولة أخرى يقطع الواقف عليها بأن الحديث صحيح بلا ريب؟! وقد خرجتها في "الصحيحة " (1394) من حديث أبي أمامة وجابر وغيرهما؛ فلتراجع. 19- باب وقت فِطْرِ الصائم 2036- عن عمر قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جاء الليل من ههنا، وذهب النهار من ههنا،- زاد مسدد: وغابت الشمس-؛ فقد أفطر الصائم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في

"صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى" بزيادة مسدد. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا وكيع: ثنا هشام. (ح) وثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن هشام- المعنى- قال هشام بن عروة: عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الأول، وعلى شرط البخاري وحده من الوجه الآخر؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "الأحكام " (1/284) من طريق المصنف من الوجه الآخر. وهو في "مسند أحمد" (1/28 و 54) من الوجه الأول، وزاد في الموضع الأول منهما: يعني: المشرق والمغرب. ثم أخرجه هو (1/35 و 48) ، والحميدي في "مسنده " (20) ، وعنه البخاري (4/159) ، ومسلم (3/132) ، والترمذي (698) ، وابن خزيمة (2058) ، وابن الجارود (393) ، والبيهقي (4/216) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وزيادة مسدد عندهم جميعاً من رواية الطرق كلها، وهو مخرج في "الإرواء " (916) بزيادة في العزو.

2037- عن عبد الله بن أبي أوفى قال: سِرْنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال: " يا بلال! انزِلْ فاجْدَحْ لنا ". قال: يا رسول الله! لو أمسيت! قال: " انزِلْ فاجْدح لنا ". قال: يا رسول الله! إن عليك نهاراً! قال: " انزِلْ فاجْدَحْ لنا "، فنزل فجدح، فشرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: " إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا؛ فقد أفطر الصائم "؛ وأشار بإصبعه قِبَلِ المشرق. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناد المصنف ومتنه؛ دون قوله: " يا بلال! "، وكذلك أخرجه مسلم من طريق أخرى بلفظ: " يا فلان! "، وهو رواية للبخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الواحد: ثنا سليمان الشيباني قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه هو ومسلم كما يأتي. والحديث أخرجه أبو بكر الجصاص في "الأحكام " (1/284) عن المؤلف ... المرفوع منه فقط دون القصة. وأخرجه البخاري (4/160- 161) ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه لم يذكر بلالاً. وقال الحافظ: " وأخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم من طرق عن عبد الواحد- وهو ابن زياد-

20- باب ما يستحب من تعجيل الفطر

شيخ مسدد؛ فيه فاتفقت رواياتهم على قوله: " يا فلان! "، فلعها تصحفت. ولعل هذا هو السر في حذف البخاري لها. وقد سبق الحديث في الباب الذي قبله من رواية خالد عن الشيباني بلفظ: " يا فلان! " ... ". قلت: وكذا رواه أحمد (4/380) ، ومسلم (3/132) ، والبيهقي (4/216) من رواية هشيم: أنا الشيباني ... به. ثم أخرجه البخاري (4/145 و 160 و 161- 162 و 9/360) ، ومسلم وأحمد من طرق أخرى عن الشيباني، وفي بعضها: رجل.. بدل: فلان. وبالجملة؛ فقد اتفقت الروايات على عدم تسميته. 20- باب ما يُستحبُ من تعجيل الفطر 2538- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يزال الدينُ ظاهراً ما عَجلَ الناسُ الفِطْرَ؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون ". (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي والبوصيري) . إسناده: حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد- يعني: ابن عمروٍ - عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد بن عمرو متابعة. وخالد: هو ابن عبد الله الطحان.

والحديث أخرجه الحاكم (1/431) من طريق مسدد: ثنا خالد بن عبد الله ... به، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأخرجه أحمد (2/450) ، وابن أبي شيبة (3/12) ، وعنه ابن ماجه (1/519) ، وابن خزيمة (2060) ، وابن حبان (889) ، والبيهقي (4/237) من طرق أخرى عن محمد بن عمرو ... به. وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه " (108/1) : " هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات "! 2039- عن أبي عطية قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها أنا ومسروق، فقلنا: يا أم المؤمنين! رجلان من أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أحدهما يعجِّل الإفطار ويعجَّل الصلاة، والآخر يؤخِّر الإفطار ويؤخِّر الصلاة؟ قالت: أيَّهما يعجل الإفطار ويعجِّل الصلاة؟ قلنا: عبد الله. قالت: كذلك كان يصنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم والترمذي - وصححه-، وزادا في آخره: والآخر أبو موسى) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عُمَارَةَ بن عُمَيْر عن أبي عطية.

21- باب ما يفطر عليه

قلت: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري؛ وقد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي. وأبو عطية: اسمه مالك بن أبي عامر- ويقال ابن عامر- الهَمْدَاني، وابن عامر أصح كما قال الترمذي. والحديث أخرجه أحمد (6/48) : ثنا أبو معاوية ... به؛ وزاد في آخره: والأخر أبو موسى. وكذا رواه مسلم (3/131) ، والترمذي (702) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والنسائي (1/304) ، والبيهقي (4/237) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. وتابعه ابن أبي زائدة عن الأعمش ... به: أخرجه مسلم والنسائي. 21- باب ما يفطر عليه 2040- عن أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفطر على رُطَبَاتٍ قبل أن يصليَ، فإن لم تكن رطباتٌ؛ فعلى تَمَراتٍ، فإن لم تَكُنْ؛ حَسَا حَسَوَاتٍ من ماء. (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حسن غريب "، وصححه الدارقطني والحاكم والذهبي. ورواه الضياء في "المختارة" بتمامه، وابن خزيمة في "صحيحه من طريق أخرى عن أنس دون الحسوات) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرزاق: ثنا جعفر بن سليمان: ثنا ثابت البُنَاني: أنه سمع أنس بن مالك يقول ...

22- باب القول عند الإفطار

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر بن سليمان، فهو على شرط مسلم، ولذلك قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا؛ لولا أن في جعفر هذا كلاماً يسيراً، وهو صدوق كما قال الذهبي والعسقلاني. وصححه الدارقطني كما يأتي. والحديث أخرجه الدارقطني (ص 240) من طريق المصنف، وقال: " هذا إسناد صحيح "! وهو في "مسند أحمد" (3/164) ، ومن طريقه أخرجه آخرون. وقد خرجته في "الإرواء" (922) ، وذكرت له هناك طرقاً أخرى عن أنس تزيده قوة. ولم أره في "مصنف عبد الرزاق "! وقد رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2065) - من طريقين يقوي أحدهما الأخر- عن حميد للطويل عن أنس ... به؛ دون الحَسَوَاتِ. 22- باب القول عند الإفطار 2041- عن مروان بن سالم المُقَفعِ قال: رأيت ابن عمر يقْبِض على لحيته، فيقطع ما زاد على الكف، وقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أفطر قال: " ذهب الظَّمأ، وابتلتِ العرُوقُ، وثبَتَ الأجر إن شاء الله ".

23- باب الفطر قبل غروب الشمس

(قلت: إسناده حسن، وكذا قال الدارقطني، وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى: ثنا علي بن الحسن: أخبرني الحسين بن واقد: ثنا مروان- يعني: ابن سالم المقفع-. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على كلام يسير في الحسين بن واقد وشيخه، تراه مع تخريجه في "الإرواء" (920) . 23- باب الفطر قبل غروب الشمس 2042- عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أفطرنا يوماً في رمضان في غيم في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم طلعت الشمس. قال أبو أسامة: قلت لهشام: أُمِرُوا بالقضاء؟ قال: وَبُد من ذلك؟! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن خزيمة في "صحيحيهما". وقال الدارقطني: " هذا إسناد صحيح ثابت ") . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن العلاء- المعنى- قالا: ثنا أبو أسامة: ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم عن الشيخ الأول، وعلى شرط الشيخين عن الشيخ الآخر؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. وهارون بن عبد الله: هو الحَمال الحافظ الثقة. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/24) : حدثنا أبو أسامة ... به.

24- باب في الوصال

ومن طريق ابن أبي شيبة: أخرجه البخاري (4/162) ، وابن ماجه (1/514) . وأخرجه ابن خزيمة (1991) ... بإسناد المصنف الآخر. ثم أخرجه هو، والدارقطني (ص 249) ، والبيهقي (4/217) من طرق أخرى عن أبي أسامة ... به. (تنبيه) : قول هشام: وَبُد من ذلك؟! قاله اجتهاداً؛ بدليل ما قال معمر: سمعت هشاماً يقول: لا أدري أقَضَوْا أم لا؟! علقه البخاري بصيغة الجزم، ووصله عبد بن حميد بسند صحيح عنه. وقد اختلفوا في هذه المسألة، والأرجح أنه لا يجب القضاء. وهو مذهب إسحاق وأحمد في رواية عنه، واختاره ابن خزيمة وابن تيمية وابن القيم، فراجع كتابه " التهذيب " (237- 239) ، و" الفتح ". 24- باب في الوصال 2043- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الوصال. قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟! قال: " إني لست كهيئتكم؛ إني أُطْعَمُ وَأُسْقَى ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن الجارود في "منتقاه ") .

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/280) ... بإسناده ومتنه. ومن طريقه: أخرجه البخاري (4/164- 165) ، ومسلم (3/133) ، والبيهقي (4/282) ، وأحمد (2/128) كلهم من طرق عن مالك ... به. ثم أخرجه أحمد (2/21 و 102 و 143 و 153) ، والبخاري (4/111) ، ومسلم وابن الجارود (394) من طرق أخرى عن نافع ... به. 2044- عن أبي سعيد الخدري: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تواصلوا، فأيُّكم أراد أن يواصل؛ فليواصل حتى السَّحَرِ ". قالوا: فإنك تواصل؟! قال: " إني لست كهيئتكم؛ إن لي مُطْعِماً يُطْعِمُني، وساقياً يَسْقِيني ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد أن بكر بن مضَرَ حدثهم عن ابن الهاد عن عبد الله بن خَباب عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة. والحديث أخرجه أحمد (3/8) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه البخاري (4/169) ، والدارمي (2/8) ، وابن خزيمة في "صحيحه "

25- باب الغيبة للصائم

(2073) من طرق أخرى عن يزيد بن الهاد ... به. وتابعه بشر بن حرب عن أبي سعيد ... به: أخرجه عبد الرزاق (7755) ، وابن أبي شيبة (3/82) ؛ ولفظه: عن أبي سعيد قال: سمعته يقول: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوصال. وهذه أختي تواصل؛ وأنا أنهاها. وبشر بن حرب صدوق فيه لين. ثم أخرج له شاهداً من حديث أبي قلابة ... مرسلاً مثل لفظ الكتاب. وهو صحيح الإسناد؛ لولا أنه مرسل. وله شاهد آخر عن أنس: عند ابن حبان (6380) . والحديث عزاه المنذري في "مختصره " (3/239) لمسلم! أيضاً وهو وهم. 25- باب الغيبة للصائم 2045- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ لم يَدع قول الزورِ والعملَ به [والجهلَ] ؛ فليس لله حاجة أن يَدعَ طعامَهُ وشرابَهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد المصنف ومتنه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا ابن أبي ذئب عن المَقْبُرِي عن أبيه عن أبي هريرة. قال أحمد:

" فهمت إسناده من ابن أبي ذئب، وأفهمني رجل إلى جنبه؛ أراه ابنَ أخيه ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه البيهقي (4/270) من طريق المصنف. والبخاري (10/389) ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه اختصر جداً قول أحمد - وهو ابن عبد الله بن يونس- فقال: قال أحمد: أفهمني رجل إسناده! انظر "فتح الباري ". ثم أخرجه البخاري (4/93) ، والترمذي (707) ، وابن ماجه (1/517) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (1995) ، وأحمد (2/452 و 505) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وليس عنده زيادة: " والجهل ". وهو رواية لابن خزيمة، ورواية البخاري هذه. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1307) ... بالزيادة. (تنبيه) : سقطت هذه الزيادة من الأصل، فاستدركتها من رواية البيهقي عن المصنف، ومن رواية البخاري بإسناده. 2046- عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الصيام جنَّةٌ، فإذا كان أحدكم صائماً؛ فلا يَرْفثْ، ولا يَجْهَلْ، فإن امْرُؤٌ قاتله أو شاتمه؛ فليقل: إني صائم، إني صائم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وهو عند البخاري بإسناد المصنف) .

26- باب السواك للصائم

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/287) ... إسناداً ومتناً. وأخرجه البخاري (4/83) ... بإسناد المؤلف عنه. والبيهقي (4/269) - من طريقين آخرين-، وأحمد (2/465) - من طريق ثالث- كلهم عن مالك ... به. وأخرجه مسلم (3/157) مفرقاً من طريقين آخرين عن أبي الزناد ... به. وله عن أبي هريرة طرق أخرى، خرجتها في "الإرواء" (918) . وروى له النسائي (1/311- 312) شاهداً من حديث عائشة ... نحوه بسند صحيح. 26- باب السواك للصائم [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 27- باب الصائم يُصَبُّ عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق 2047- عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمَرَ الناسَ في سَفَرِهِ عامَ الفتحِ بالفِطْرِ، وقال:

" تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكم "؛ وصام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو بكر: قال الذي حدثني: لقد رأيت رسول الله صلع بـ (العَرْجِ) يَصُبُ على رأسه الماءَ وهو صائم؛ من العطش- أو من الحَرَّ-. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سُمَي مولى أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الصحابي الذي لم يُسَمّ؛ فإني لم أعرفه، لكن جهالة الصحابة لا تضر عند أهل السنة. والحديث في " الموطأ" (1/275) ... بإسناده ومتنه؛ وزاد: ثم قيل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله! إن طائفة من الناس قد صاموا حين صمت؟ قال: فلما كان رسول الله بـ (الكديد) ؛ دعا بِقَدَحٍ فشرب، فأفطر الناس. وأخرجه الحاكم (1/432) ، وعنه البيهقي (4/263) من طريق أخرى عن القعنبي ... به دون الزيادة. وأخرجه أحمد (3/475 و 4/63 و 5/376 و 380 و 408 و 430) من طرق أخرى عن مالك ... به مطولاً ومختصراً. ولابن أبي شيبة (3/41) منه: صَب الماء. وهو رواية لأحمد. وشذ محمد بن نُعَيْم السَعْدِيُّ عن مالك؛ فسمى الصحابي: أبا هريرة!

28- باب في الصائم يحتجم

أخرجه الحاكم، وقال: " إن كان حفظه؛ فإنه صحيح على شرط الشيخين ". قلت: السعدي روى عنه أبو حاتم، ولم يذكر فيه ابنه (4/1/109) جرحاً ولا تعديلاً. 2048- عن لَقِيطِ بن صَبِرَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَالغ في الاستنشاق؛ إلا أن تكون صائماً ". (قلت: حديث صحيح، وقد مضى في "الطهارة " (رقم 130) مطولاً) . إسناده: قلت: تقدم بإسناده ومتنه مطولاً في "الطهارة " (130) . 28- باب في الصائم يحتجم 2049- عن ثَوْبَانَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ": " أفطر الحاجم والمحجوم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وقال الحاكم: " على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!! وصححه ابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان، وقال أحمد وابن المديني والبخاري: " هو أصح ما روي في هذا الباب ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن هشام. (ح) وثنا أحمد بن حنبل: ثنا حسن بن موسى: ثنا شيبان- جميعاً- عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي أسماء - يعني: الرَّحْبِيَّ- عن ثوبان. قال شيبان: أخبرني أبو قلابة: أن أبا أسماء الرحبي حدثه: أن ثوبان مولى

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبره: أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم، وقد صرح أبو قلابة بالسماع من أبي أسماء الرحبي؛ فزالت شبهه تدليسه. وللحديث ثلاثة طرق أخرى عن ثوبان، خرجتها مع الأولى، وذكرت أقوال العلماء في تصحيحها وتعليلها في "الإرواء" (931) ؛ فأغنى عن الإعادة. 2050- عن أبي قلابَةَ الجَرْمِيِّ: أن شَدّادَ بن أوْسٍ بينما هو يمشي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر نحوه. (قلت: حديث صحيح، وصححه أحمد وابن المديني والبخاري) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا حسن بن موسى: ثنا شيبان عن يحيى قال: حدثني أبو قلابة الجَرْمِي أنه أخبره أن ... قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنه منقطع بين أبي قلابة وشداد بن أوس، وقد خالف يحيى- وهو ابن أبي كثير- أيوبُ؛ فوصله بذكر أبي الأشعث بينهما، وهو الآتي بعده. والحديث في "المسند" (5/283) : حدثني حسن بن موسى وحسن بن محمد قالا: ثنا شيبان ... به. وأخرجه ابن ماجه (1/515) من طريق عبيد الله: أنبأنا شيبان ... به؛ إلا أنه قال: عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة أنه أخبره ... وهذا أصح من قول حسن: عن يحيى قال: حدثني أبو قلابة أنه أخبره ... فإن الجمع بين قوله: حدثني.. و: أنه أخبره.. تكرار مُخِل! كما هو ظاهر.

2051- وفي رواية عنه عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم- وهو آخِذ بيدي- لثمانِ عَشْرَةَ خَلَتْ من رمضان، فقال: " أفطر الحاجم والمحجوم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه من ذكرنا آنفاً، وابن حبان أيضاً) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب: ثنا أيوب عن أبي قلابة. قال أبو داود: " وروى خالد الحَذاء عن أبي قلابة ... بإسناد أيوب مثله ". قلت: يشير المصنف بهذا إلى ترجيح رواية أيوب هذه الموصولة على رواية يحيى المرسلة؛ لمتابعة خالد الحذاء عليها. وقد وصلها عنه: أحمد والسَرَاجُ وابن حبان؛ كما بينته في "الإرواء" (931) . لكن قد اختلف على أبي قلابة على وجوه، خرجتها هناك، أولاها بالصواب رواية من قال: عنه عن أبي الأشعث عن أبي أسماء عن شداد ... فراجعها هناك. 2052- ومن طريق أخرى عن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أفطر الحاجم والمحجوم ". (قلت: حديث صحيح بما قبله) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق. (ح) وثنا

عثمان بن أبي شيبة: ثنا إسماعيل- يعني: ابن إبراهيم- عن ابن جريج: أخبرني مكحول أن شيخاً من الحي- قال عثمان في حديثه: صدوق- أخبره أن ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبره ... قلت: وهذا إسناد قوي، رجاله كلهم ثقات؛ غير الشيخ الذي لم يسَم، فقد وُصفَ في المسند بأنه صدوق، وهو أبو أسماء الرحبي المتقدم في الطريق الأولى (2049) ؛ كما يأتي في الرواية التي بعده. والحديث في "المسند" (5/282) ... بإسناديه عن ابن جريج، وعقبهما بإسناد ثالث فقال: وروح: ثنا ابن جريج ... وهو في "مصنف عبد الرزاق " (7525) عن ابن جريج. و"مصنف ابن أبي شيبة" (3/50) : حدثنا ابن علَيَةَ عن ابن جريج. وابن عُلَيَّةَ: هو إسماعيل بن إبراهيم. 2053- وفي رواية عنه ... مثله. (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمود بن خالد: ثنا مروان: ثنا الهيثم بن حُمَيْد: أخبرنا العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان. قال أبو داود: " ورواه ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول ... بإسناده مثله ". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ فإن العلاء وإن كان اختلط؛ فقد تابعه ابن ثوبان- وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان- عن أبيه عن مكحول؛ كما علقه المصنف.

29- باب في الرخصة في ذلك

29- باب في الرخصة في ذلك 2054- عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بإسناد المصنف ومتنه. وصححه ابن الجارود،، وقال الحافظ: " صحيح لا مرية فيه ") . إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عنه ابن عباس. قال أبو داود: " رواه وهيب بن خالد عن أيوب ... بإسناده مثله. وجعفر بن ربيعة وهشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس ... مثله ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/144) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/350) ، والبيهقي (4/263) من طرق أخرى عن أبي معمر ... به. وتابعه وهَيْبٌ عن أيوب ... به، وزاد في أوله: احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. أخرجه البخاري (4/143- 144) . وتابعه بشر بن هلال البصري: حدثنا عبد الوارث بن سعيد ... به؛ إلا أنه جمع القضيتين، فجعلهما قضية واحدة بلفظ:

احتجم وهو محرم صائم! أخرجه الترمذي (775) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". وللحديث ثلاثة طرق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما، خرجتها في " الإرواء " (932) . ورواه معمر- عند عبد الرزاق (7536) -، وابن علَيَّةَ- عند ابن أبي شيبة (3/51) - كلاهما عن أيوب عن عكرمة ... مرسلاً. والوصل أصح؛ لأن عبد الوارث ووهيباً ثقتان، ومعهما زيادة الوصل، فيجب قبولها، لا سيما وبجانبهما الطرق الأخرى الموصولة، كما سبقت الإشارة إليها. 2055- عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الحجامة، والمواصلة- ولم يحرمهما-؛ إبقاءً على أصحابه. فقيل له: يا رسول الله! إنك تواصل إلى السحر؟! فقال: " إني أواصل إلى السحر، وربِّي يُطْعِمني ويَسْقِيني ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحافظ) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابسِ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثني رجل عن أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وجهالة

الصحابي لا تضر كما هو معلوم. والحديث في "المسند " (4/314) ... بإسناده ومتنه. ثم أخرجه هو (4/315 و 5/363 و 364) ، وعبد الرزاق (7535) ، وابن أبي شيبة (3/52) ، والبيهقي (4/263) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الحافظ في "الفتح " (4/144 و 164) : " إسناده صحيح، والجهالة بالصحابي لا تضر ". 2056- عن أنس قال: ما كنَّا نَدعُ الحجامةَ للصائم؛ إلا كراهية الجَهْدِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري بنحوه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة: ثنا سليمان- يعني: ابن المغيرة- عن ثابت قال: قال أنس ... قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه البخاري نحوه كما يأتي. والحديث أخرجه الطحاوي (1/350) من طريق هُدْبَةَ بن خالد قال: ثنا سليمان بن المغيرة ... به. وأخرجه هو، والبيهقي (4/263) من طريقين عن شعبة عن حميد قال: سمعت ثابتاً البناني وهو يسأل أنس بن مالك: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا؛ إلا من أجل الضعف.

30- باب في الصائم يحتلم نهارا في شهر رمضان

وأخرجه البخاري (4/144) من الطريق التي عند البيهقي؛ لكن سقط من إسناده حمَيْد! فصار إسناده عنده هكذا ... شعبة قال: سمعت ثابتاً البناني قال: سئل أنس ... راجع "فتح الباري ". ثم رواه الطحاوي عن يزيد بن هارون قال: أنا حميد الطويل قال: سئل أنس بن مالك عن الحجامة للصائم؟ فقال: ما كنت أرى الحجامة تكره للصائم؛ إلا من الجَهْدِ. وحميد مدلس؛ فأسقط في هذه الرواية ثابتاً. 30- باب في الصائم يحتلم نهاراً في شهر رمضان [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 31- باب في الكحل عند النوم للصائم 2057- عن أنس: أنه كان يكتحل وهو صائم. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا وَهْب بن بقية: أخبرنا أبو معاوية عن عتبة أبي معاذ عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عتبة- وهو: ابن حميد الضبيُ- أبي معاذ؛ قال الحافظ:

32- باب الصائم يستقيء عامدا

" صدوق له أوهام ". والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (3/47) : حدثنا أبو معاوية ... به. 2058- عن الأعمش قال: ما رأيت أحداً من أصحابنا يكره الكحْلَ للصائم، وكان إبراهيم يرخصُ أن يكتحل الصائم بالصَّبِرِ. (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا محمد بن عبد الله المخَرّمِيُّ ويحيى بن موسى البَلْخِيّ قالا: ثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير يحيى بن عيسى - وهو الرملي-، صدوق يخطئ. وقد تابعه حفص عن الأعمش عن إبراهيم قال: لا بأس بالكحل للصائم. رواه ابن أبي شيبة (3/46) . 32- باب الصائم يستقيء عامداً 2059- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وهو صائم؛ فليس عليه قضاء، وإنِ استقاء؛ فَلْيَقْضِ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم على شرط

الشيخين، ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وحسنه الترمذي، وصححه ابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عيسى بن يونس: ثنا هشام بن حسان عن محمد ابن سيرين عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الدارقطني من طريق المصنف. وأخرجه ابن الجارود والحاكم والطحاوي والبيهقي من طرق أخرى عن مسدد ... به. وأخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم من طرق أخرى عن عيسى ابن يونس ... به. وتابعه حفص بن غياث عن هشام بن حسان ... به: أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" (923) ، وقد رددت فيه ما أعله بعض الحفاظ به، وكذلك في تعليقي على رسالة "الصيام " لابن تيمية (ص 14) ، فراجعها إن شئت. 2060- عن مَعْدَانَ بن طلحة: أن أبا الدرداء حدثه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأفْطَرَ. فلقيت ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجد دمشق، فقلت: إن أبا الدرداء حدثني: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاءَ فأفطر؟ قال: صدق، وأنا صَبَبْتُ له وَضُوءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن منده، وصححه ابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث: ثنا الحسين عن يحيى: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن يَعِيشَ بن الوليد بن هشام أن أباه حدثه: حدثني معدان بن طلحة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير يعيش بن الوليد، وهو ثقة. والحسين: هو ابن ذَكْوَانَ المعلِّم، وقد اختلف عليه في إسناده كما يأتي. ويحبي: هو ابن أبي كثير. والحديث أخرجه البيهقي (4/220) من طريق أخرى عن أبي معمر ... به. وكذا الدارقطني (ص 58) ، والطحاوي. وتابعه عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثني أبي ... به: أخرجه الترمذي (87) ، والدارمي (2/14) ، والطحاوي في "شرح المعاني " (1/347- 348) ، وابن الجارود (8) ، والدارقطني أيضاً، وأحمد (6/443) من طرق عن عبد الصمد ... به. وأخرجه ابن خزيمة (1956) ، وعنه ابن حبان (908) ، والحاكم (1/426) من طرق أخرى، منها: محمد بن المثنى أبو موسى عن عبد الصمد ... به؛ إلا أنه لم يقل: عن أبيه، بل قال: أن يعيش بن الوليد حدثه أن معدان بن أبي طلحة حدثه ... به. وقال الحاكم:

" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ لخلاف بين أصحاب عبد الصمد فيه، قال بعضهم: عن يعيش بن الوليد عن أبيه عن معدان. وهذا وهم من قائله؛ فقد رواه حرب بن شداد وهشام الدَّسْتَوَائِي عن يحيى بن أبي كثير ... على الاستقامة "! ثم أخرج هو، وابن خزيمة (1958) ، والدارقطني من طريقين عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن عمرو عن يعيش بن الوليد عن معدان بن أبي طلحة ... به؛ إلا أن الدارقطني وقع عنده زيادة: عن أبيه.. فلا أدري أهي في روايته، أم خطأ من الناسخ أو الطابع؟ ثم أخرجه ابن خزيمة والحاكم من طريق عبد الرحمن بن عثمان أبي بَحْرٍ البَكْرَاوِي: ثنا هشام الدَّسْتَوائِي عن يحيى بن أبي كثير ... به. دون الزيادة. وقال ابن خزيمة: " فبرواية هشام وحرب عُلِمَ أن الصواب ما رواه أبو موسى- يعني: عن عبد الصمد-، وأن يعيش بن الوليد سمع من معدان، وليس بينهما أبوه "! قلت: لكن البكراوي ضعيف؛ إلا أنه يقويه رواية حرب بن شداد من الطريقين عنه. ويزداد قوة برواية عبد الرزاق في "المصنف " (525) ، وعنه أحمد (6/449) عن معمر عن يحيى بن أبي كثير ... به؛ إلا أنه لم يذكر الأوزاعي في إسناده! والصواب إثباته، كما في الطرق المتقدمة، وبها يزول الاضطراب، ويصح الحديث. والحمد لله. وروى هذه القصةَ: عتبةُ بن السَّكَنِ الحمصي: ثنا الأوزاعي: حدثني عبادة ابن نُسَي وهُبَيْرَةُ بن عبد الرحمن سَمِعَا أبا أسماء يقول: ثنا ثوبان ... فذكرها

33- باب القبلة للصائم

بنحوه؛ وزاد: فلما كان من الغد؛ سمعته يقول: " هذا اليوم مكان إفطاري أمْسِ ". قلت: وهذا منكر جداً! عتبة هذا؛ قال الدارقطني: " متروك الحديث ". وقال البيهقي (7/243) - عقبه، وقد ساق له حديثاً آخر-: " عتبة بن السكن منسوب إلى الوضع. وهذا باطل لا أصل له ". 33- باب القُبلة للصائم 2061- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبلُ وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملكَ لإربهِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه هو ومسلم في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/59) ، وأحمد في "المسند"

(6/42) قالا: حدثنا أبو معاوية ... به. وأخرجه مسلم (3/135) ، والترمذي (729) - وصححه- من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. وأخرجه البخاري (4/120) ، وأحمد (6/128) من طرق أخرى عن إبراهيم عن الأسود وحده. وكذلك أخرجه ابن ماجه (1/517) ، وابن خزيمة (1998) ، والطحاوي (1/346) . وأخرجه مسلم وابن الجارود (391) ، والدارقطني (ص 238) ، وأحمد (6/40 و 126 و 174) من طرق أخرى عن إبراهيم عن علقمة وحده. وللحديث طرق أخرى عن عائشة رضي الله عنها، في بعضها التقبيل، وفي بعضها المباشرة، يزيد بعضهم على بعض، وقد كنت جمعتها في "الإرواء" (934) ؛ فزادت على العشر، ويأتي طريقان منها بعد هذا. 2062- ومن طريق ثانية عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّل في شهر الصوم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا أبو الأحوص عن زياد بن عِلآقَةَ عن عمرو بن ميمون عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وأخرجه مسلم كما يأتي. وأبو الأحوص: هو سَلاَّم بن سُلَيْم الحنفي الكوفي.

والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (3/59) : حدثنا أبو الأحوص ... به. وأخرجه مسلم (3/136) ، وابن ماجه (1/516) من طرق أخرى عن أبي الأحوص ... به. وأحمد وغيره من طرق أخرى عن زياد ... به. 2063- وفي طريق ثالثة عنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبَلُنِي؛ وهو صائم وأنا صائمة. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة ابن عبد الله- يعني: ابن عثمان القرشي- عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير طلحة القرشي، فهو على شرط البخاري وحده. والحديث أخرجه أحمد (6/179) : حدثنا عبد الرحمن عن سفيان ... به. ثم أخرجه هو (6/134 و 162 و 176 و 269- 270 و 270) من طرق أخرى عن سعد بن إبراهيم ... به. وكذلك أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2004) ... بنحوه؛ ولفظه: أهوى إلي رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقَبلَنِي، فقلت: إني صائمة! قال: " وأنا صائم! "؛ فقبَّلني.

2064- عن جابر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب: هشَشْت فقبَلتُ وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله! صنعت اليوم أمراً عظيماً؛ قبلتُ وأنا صائم؟! قال: " أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم؟! ". قلت: لا بأس! قال: "فمه؟! ". (قلت: إسناده جيد على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وعبد الحق والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا الليث. وثنا عيسى بن حماد: أخبرنا الليث بن سعد عن بُكَيْرِ بن عبد الله عن عبد الملك بن سعيد عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات على شرط الشيخين؛ غير عبد الملك ابن سعيد، فهو على شرط مسلم وحده. ومثله عيسى بن حماد، لكن هذا متابع من أحمد بن يونس. وقد أخرج للأول منهما: مسلم حديثه عن أبي حميد أو عن أبي أسيد في القول عند دخول المسجد والخروج منه، وقد مضى في أول "الصلاة " برقم (484) . والحديث أخرجه الدارمي (2/13) ، وابن خزيمة (1999) ، وابن حبان (905) ، والبيهقي (4/261) ، وابن أبي شيبة (3/60- 61) ، وأحمد (1/21 و52) من طرق أخرى عن الليث- وهو ابن سعد- ... به. وصححه عبد الحق بإيراده إياه في "مختصر الأحكام " (87/2) ، والحاكم (1/431) على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي!

34- باب الصائم يبلع الريق

34- باب الصائم يبلع الريق [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 35- باب كراهيته للشابِّ 2065- عن أبي هريرة: أن رجلاً سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المباشرة للصائم؟ فَرَخصَ له. وأتاه آخر فسأله؟ فنهاه. فإذا الذي رَخَّصَ له شيخ، والذي نهاه شاب. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: ثنا أبو أحمد- يعني: الزبَيْرِي-: أخبرنا إسرائيل عن أبي العَنْبَسِ عن الأغَرِّ عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن عندي؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي العنبس- وهو العدوي الكوفي-، روى عنه جماعة من الثقات غير إسرائيل، منهم شعبة ومسعر وأبو عوانة، وذكره ابن حبان في "الثقات ". وقد قال عبد الحميد ابن صالح البرْجمِيّ- وهو صدوق-: سألت يونس بن بكير- وهو صدوق أيضاً- عن اسم أبي العنبس؟ فقال: هو جَدي لأمي، واسمه: الحارث بن عبيد بن كعب من بني عدي. وكأنَّ الحافظ عبد الحق الإشبيلي لم يقف على هذا، فقال: " لم أجد أحداً ذكره ولا سمّاه "! والحديث أخرجه البيهقي (4/231) من طريق المؤلف. ومن طريق يحيى بن زكريا عن إسرائيل ... به مثله.

36- باب فيمن أصبح جنبا في شهر رمضان

ثم أخرج له شاهداً من طريق أبان البَجَلِيِّ عن أبي بكر بن حفص عن عائشة ... مرفوعاً به؛ وزاد: وقال: " الشيخ يملك إِرْبَهُ، والشابُّ يُفْسِدُ صَوْمَهُ ". قلت: وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد؛ فإن رجاله كلهم ثقات؛ على خلاف في أبان هذا- وهو ابن عبد الله بن أبي حازم-، وثقه جماعة، وضعفه آخرون. وقال الحافظ: " صدوق في حفظه لين ". وله شاهد آخر، يرويه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن قَيْصَرٍ التُجيِبِيِّ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال ... فذكره نحوه؛ وزاد: فنظر بعضنا إلى بعض، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قد علمتُ لِمَ نَظَرَ بعضكم إلى بعض! إن الشيخ يملك نفسه ". أخرجه أحمد (2/185 و 220- 221) . وهذا إسناد جيد؛ لولا سوء حفظ ابن لهيعة، ولكنه شاهد جيد. فالحديث بهذه الطرق الثلاثة صحيح عندي. 36- باب فيمن أصبح جنباً في شهر رمضان 2066- عن عائشة وأم سلمة زَوْجَيِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنهما قالتا: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبح جنباً- قال عبد الله الأذْرَمِي في حديثه: في رمضان-؛ من جماع غَيْرَ احتلام؛ ثم يصوم.

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين دون زيادة الأذرمي. وقد أخرجاه بدونها. وكذلك ابن خزيمة وابن الجارود، لكنها عند الشيخين من غير طريق الأذرمي) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك. (ح) وثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن عبد رَبهِ بن سعيد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة وأم سلمة. قال أبو داود- في بعض نسخ الكتاب؛ كما في "عون المعبود"-: " ما أقَل من يقول هذه الكلمة- يعني: " يصبح جنباً في رمضان "-، وإنما الحديث: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصبح جنباً وهو صائم "! قلت: كأنه يثير إلى أن ذكر رمضان فيه شاذ غير محفوظ؛ لتفرد الأقل به من الرواة، وكأنه يشير إلى راوية الأذرمي! وهذا غير مقبول منه في نقدي؛ لأنه رواه جمع آخر من الثقات كما يأتي، ويكفي أنه في "الصحيحين "! وقد أشار المنذري إلى هذا- حين تعقبه بقوله-: " وقد وقعت هذه الكلمة في "صحيح مسلم "، وفي "كتاب النسائي " ... "! وفاته أنه في "صحيح البخاري "؛ كما تقدم، ويأتي مبيناً! والحديث في "الموطأ" (1/273) ... دون الكلمة. وكذلك أخرجه البخاري (4/124) عن مالك؛ لكنه قال: عن سُمَي.. بدل: عبد ربه. وجمع بينهما أحمد (6/290) عن مالك، وصرح أن الزيادة في حديث عبد ربه، فقال أحمد: ثنا عبد الرحمن- يعني: ابن مهدي- عن مالك ...

فهذه متابعة قوية للأذرمي. وتابعه أيضاً يحيى بن يحيى بن بكر عن مالك عن عبد ربه ... به. أخرجه مسلم والبيهقي. وتابعه سفيان عن سُمَي ... به دون الزيادة. أخرجه ابن الجارود (392) ، وابن خزيمة (2009) ، وأحمد (6/38) . والزيادة متابعة أخرى وطريق أخرى، فقال ابن وهب: حدثنا يونس عن ابن شهاب عن عروة وأبي بكر ... به. أخرجه البخاري (4/124) ، ومسلم (3/137- 138) . 2067- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رجلاً قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو واقف على الباب: يا رسول الله! إني أصبح جنباً وأنا أريد الصيام؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وأنا أصبح جنباً وأنا أريد الصيام؛ فأغتسل وأصوم ". فقال الرجل: يا رسول الله! إنك لست مثلنا، قد غَفَرَ الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فغضب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وقال: " والله! إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمَكم بما أتبع ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة، لكن بلفظ: " بما أتقي "، وهو المحفوظ عندي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ- يعني: القعنبي- عن مالك عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن مَعْمَر الأنصاري عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة.

37- باب كفارة من أتى أهله في رمضان

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/271- 272) ... سنداً ومتناً؛ إلا أنه قال: " بما أتقي ". وهو المحفوظ عندي؛ فقد أخرجه كذلك: البيهقي (4/213) ، وأحمد (6/67 و 156) . وتابعه إسماعيل بن جعفر عن ابن معمر ... به. أخرجه مسلم (3/138) ، وابن خزيمة (2014) . وزيد بن أبي أنيسة عنه: رواه ابن حبان (3483) . 37- باب كَفَّارة من أتى أهله في رمضان 2068- عن أبي هريرة قال: أتى رجلٌ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هَلَكْت! فقال: " ما شأنك؟! ". قال: وقعتُ على امرأتي في رمضان! قال: " فهل تجد ما تعتق رقبة؟ ". قال: لا. قال: " فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ". قال: لا. قال: " فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ ". قال: لا. قال: " اجلس "؛ فَأُتيَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فيه تمر، فقال: " تَصَدَّقْ به ". فقال: يا رسول الله! ما بين لابَتَيْها أهل بيت أفقر منا!! فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت ثناياه، قال: " فأطعمه إياهم ".

وقال مسدد في موضع آخر: أنيابه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن الجارود وابن خزيمة. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد ومحمد بن عيسى- المعنى- قالا: ثنا سفيان- قال مسدد-: ثنا الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فإنه على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. ومحمد بن عيسى- وهو الطباع البغدادي- ثقة فقيه، وقد توبعا كما سترى. والحديث أخرجه أحمد (2/241) ، وابن أبي شيبة (3/106) ، والحميدي (1008) فقالوا: حدثنا ابن عيينة ... به. وأخرجه البخاري (11/504 و 505) ، ومسلم (3/138- 139) ، والترمذي (724) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، وابن ماجه (1/513) ، وابن الجارود (384) ، وابن خزيمة (رقم 1944) ، والبيهقي (4/221) كلهم من طرق عن سفيان ابن عيينة ... به. وتابعه معمر وغيره عن الزهري؛ على اختلاف في ترتيب الكفارة، أو التخيير فيها؛ كما يأتي بعده. 2069- وفي رواية ... بهذا الحديث بمعناه؛ زاد الزهري: وإنما كان هذا رُخْصَةً له خاصَّةً، فلو أن رجلاً فعل ذلك اليوم؛ لم يكن له بُد من التكفير (1) .

_ (1) قال الحافظ: " وَرُدّ هذا بأن الأصل عدم الخصوصية ". راجع "الفتح " (4/139) .

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه مسلم؛ ولكنه لم يَسُقْ لفظه) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري ... بهذا الحديث. قال أبو داود: " رواه الليث بن سعد والأوزاعي ومنصور بن المعتمر وعِرَاكُ بن مالك ... على معنى ابن عيينة (يعني: الحديث الذي قبله) . زاد فيه الأوزاعي: " واستغفر الله " ... ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه دون الزيادة كما يأتي. والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف " (7457) : أخبرنا معمر ... به. وأخرجه أحمد (2/281) ، ومن طريقه البيهقي (4/222) عن عبد الرزاق. وعنه أيضاً: أخرجه مسلم (3/139) ؛ لكنه لم يسق لفظه، وإنما قال: نحو حديث ابن عيينة؛ يعني: الرواية الأولى (2068) . وتابعه عبد الواحد عن معمر ... به؛ دون قول الزهري: وإنما كان هذا ... إلخ: أخرجه البخاري (5/170 و 11/504) . وعلق المصنف متابعين آخرين. أما الليث؛ فوصله البخاري (12/110) ، ومسلم والبيهقي عنه. وأما الأوزاعي؛ فوصله البخاري (10/455) ، والبيهقي (7/393) . وأما منصور بن المعتمر؛ فوصله البخاري (4/140) ، ومسلم، والطحاوي

(1/329) ، وابن خزيمة (1945 و 1950) ، والبيهقي (4/222) . وأما عراك بن مالك؛ فوصله النسائي- كما في "الفتح " (4/131) -؛ والظاهر أنه يعني في "سننه الكبرى"؛ وإلا فـ "السنن الصغرى" ليس فيها هذا الحديث مطلقاً! وأما زيادة الأوزاعي؛ فيأتي الكلام عليها بعده. 2070- قال أبو داود: " زاد فيه الأوزاعي: " واستغفر الله " ... ". (قلت: حديث صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه، وابن حبان) . قلت: وصله البيهقي (7/393) من طريق مسروق بن صَدَقَةَ عن الأوزاعي عن الزهري: حدثني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ... بالحديث؛ وفي آخره الزيادة، وقال: " وكذلك رواه دُحَيْمٌ عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. وكذلك رواه الهِقْلُ ابن زياد عن الأوزاعي ". قلت: وكأنه يعني أصل الحديث دون الزيادة. وتابعه عليها عُقَيْلٌ عن ابن شهاب ... به: أخرجه ابن خزيمة (1949) بإسناد فيه ضعف؛ كما بينته في تعليقي عليه. وتقويها: متابعة هشام بن سعد الآتية بعد حديث. ورجال البيهقي ثقات؛ غير مسروق (كذا! والصواب: مسرور) بن صدقة الدمشقي، ترجمه ابن عساكر (16/207/1) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

ورواية دحيم؛ وصلها ابن حبان (3517) . 2071- وفي رواية أخرى عن أبي هريرة: أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكيناً. قال: لا أجد! فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجلس "؛ فَأُتِيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقِ فيه تَمْز، فقال: " خذ هذا فتصدَّقْ به ". فقال: يا رسول الله! ما أجد أحوجَ مني!! فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت أنيابه، وقال له: "كُلْهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن ابن شهاب عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/277- 278) ... بهذا الإسناد والمتن. ومن طريقه: أخرجه مسلم والدارمي والطحاوي وابن خزيمة (1943) ، والدارقطني كلهم عن مالك ... به. وتابعه ابن جريج عن الزهري، كما يأتي معلقاً بعده عند المصنف مع التخريج.

2072- قال أبو داود: " رواه ابن جريح عن الزهري ... على لفظ مالك: أن رجلاً أفطر ... وقال فيه: " أو تعتق رقبة، أو تصوم شهرين، أو تطعم ستين مسكيناً".". (قلت: وصله مسلم، وهذه الرواية كالتي قبلها مُجْمَلَةٌ، بخلاف الرواية الأولى والتي بعدها؛ فإنهما مفصَّلتان، بيَّنتا أن الإفطار كان بالجماع، وأن الكفارة على الترتيب لا التخيير) . قلت: وصله مسلم والطحاوي وأحمد (2/273) . وإن الرواة اختلفوا في هذه القصة في أمرين اثنين: الأول: في تحديد ما أفطر به الرجل: فذكر سفيان بن عيينة ومعمر وغيرهما أنه أفطر بالجماع. وخالفهما مالك وابن جريج فأطلقا ولم يذكرا الجماع. والآخر: في الكفارة بالخصال الثلاث: فرتَّبَ بينها الأولان. وخَيَّرَ بينها الآخران ولكل من الفريقين متابعون. لكن الفريق الأول متابعوه أكثر، وقد ساق أسماءَهم الإمام الدارقطني في "سننه "؛ فبلغ عددهم قرابة ثلاثين شخصاً، فروايتهم أرجح، لا سيما ومعهم زيادة علم، ومن عَلِمَ حُجَّةٌ على من لم يعلم. وثَمَّةَ مُرَجحاتٌ أخرى، ذكرها العلامة ابن قيم الجوزية في "التهذيب " (3/272) ، ثم الحافظ ابن حجر في "الفتح " (4/135) ، فليرجع إليهما من شاء التفصيل.

2073- وفي طريق أخرى عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفطر في رمضان ... بهذا الحديث، قال: فأُتِيَ بِعَرَق فيه تمر قَدْرَ خمسة عشر صاعاً.. وقال فيه: " كُلْهُ أنت وأهلُ بيتك، وصم يوماً، واستغفر الله ". (قلت: حديث صحيح، وقوّاه الحافظ) . إسناده: حدثنا جعفر بن مُسَافِر: ثنا ابن أبي فُدَيْكٍ: ثنا هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف في هشام بن سعد من قبل حفظه، وقد خالفَ أصحابَ الزهري في هذا الحديث- وقد بلغ عددهم عند الحافظ أكثر من أربعين-؛ خالفهم في ثلاثة مواضع: الأول: قوله في إسناده: عن الزهري عن أبي سلمة ... وهم قالوا: عنه عن حميد بن عبد الرحمن ... وهذا هو الصحيح، كما قال ابن خزيمة على ما يأتي. وقال الحافظ (4/131) : " قلت: وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن أبي حفصة؛ فرواه عن الزهري. أخرجه الدارقطني في "العلل ". والمحفوظ عن ابن أبي حفصة كالجماعة. كذلك أخرجه أحمد (2/516) وغيره من طريق رَوْحِ بن عبادة عنه. ويحتمل أن يكون الحديث عند الزهري عنهما، فقد جمعهما ابن أبي الأخضر. أخرجه الدارقطني في "العلل " من طريقه ". الثاني: قوله: قدر خمسة عشر صاعاً.

فإن هذا التقدير لم يرد في رواية الجماعة؛ لكنه قد توبع عليه، فقد ثبت في رواية ابن أبي حفصة المذكورة: عند أحمد والطحاوي والدارقطني أيضاً (ص 252) . وتابعه أيضاً مؤَمَّلُ بن إسماعيل: ثنا سفيان عن منصور عن الزهري عن حميد: عند الطحاوي وابن خزيمة (1950) ، والدارقطني. ومهران بن أبي عمر الرازي: عند ابن خزيمة (1951) . وله شاهد من حديث سعيد بن المسيب ... مرسلاً في هذه القصة: عند عبد الرزاق (7458) . وله شواهد أخرى في قصة المظاهر، تقدمت في "الظّهار" رقم (1919- 1921) . الثالث: قوله: " وصم يوماً ... ". لكن هذا قد تابعه جمع، وله شواهد، قوّاه من أجل ذلك الحافظ في "الفتح "، وقد بينت ذلك في "الإرواء" (939) ؛ فأغنى عن الإعادة. 2074- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: أتى رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد في رمضان، فقال: يا رسول الله! احترقت! فسأله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما شأنه؟ قال: أصَبْت أهلي! قال: " تَصَدقْ ". قال: والله! ما لي شيء، ولا أقْدِرُ عليه! قال: " اجلس "، فجلس. فبينما هو على ذلك؛ أقبل رجل يسوق حماراً عليه طعام، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أين المحترق آنفاً؟ "، فقام الرجل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تصدق بهذا ". فقال: أعَلَى غَيْرِنا؟! فوالله! إنا لَجِيَاعٌ ما لنا شيء! قال:

"كُلوه ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم، والبخاري مختصراً) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْري: أخبرنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث: أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه: أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه: أن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير حدثه: أنه سمع عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سليمان بن داود المَهْرِيِّ، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/140) : حدثني أبو الطاهر: أخبرنا ابن وهب ... به. وأخرجه هو، والبخاري (4/131) ، والدارمي (2/11) ، وأحمد (6/140) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري أن عبد الرحمن بن القاسم أخبره ... به مختصراً. وكذا رواه أبو جعفر الطحاوي (1/328) ، والبيهقي (4/223) . وتابعه محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ... به مثل رواية عمرو بن الحارث: أخرجه أحمد (6/276) . 38- التغليظ في من أفطر عمداً [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ]

39- باب من أكل ناسيا

39- باب من أكل ناسياً 2075- عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! إني أكلت وشربت ناسياً وأنا صائم؟ فقال: " اللهُ أطعمك وسقاك ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي وابن حبان والدارقطني وابن الجارود) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن أيوب وحبيب وهشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وحماد: هو ابن سلمة، كما صرح بذلك البيهقي (4/229) ، وقد علقه عليه. ثم رواه من طريق أخرى عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن سيرين ... به. وقال عبد الرزاق (7372) : أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين ... به نحوه؛ إلا أنه أوقفه. وأخرجه البخاري (4/125- 126) ، ومسلم (3/160) ، والدارمي (2/13) ، والبيهقي وأحمد (2/425 و 491 و 513) من طرق أخرى عن هشام القُرْدوسِي عن ابن سيرين ... به مرفوعاً. وأخرجه ابن ماجه (1/514) ، وابن الجارود (389) ، والبيهقي عن عوف بن خِلاسٍ ومحمد بن سيرين ... به.

40- باب تأخير قضاء رمضان

وله طرق أخرى عن أبي هريرة، وشواهد عن غيره من الصحابة، وهي مخرجة في " الإرواء " (938) . 40- باب تأخير قضاء رمضان 2076- عن عائشة قالت: إن كان لَيَكون عليَّ الصوم من رمضان؛ فما أستطيع أن أقضيَهُ حتى يأتي شعبانُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة في "صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/286) . وأخرجه البخاري (4/154) ، ومسلم (3/154- 155) ، وابن ماجه (1/512) ، والبيهقي (4/252) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وله طريق أخرى عن أبي هريرة، خرجتها في "الإرواء" (944) . والحديث أخرجه عبد الرزاق أيضاً في "مصنفه " (7676) ، وكذا ابن أبي شيبة في "مصنفه " (3/98) . وله عندهما طريق أخرى عن عائشة رضي الله عنها.

41- باب فيمن مات وعليه صيام

41- باب فيمن مات وعليه صيام 2077- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من مات وعليه صيام؛ صامَ عنه وَلِيُّه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/155) ، والبيهقي (4/255) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وأخرجه البخاري (4/156) من طريق موسى بن أعْيَنَ عن عمرو بن الحارث ... به. والبيهقي أيضاً، وأحمد (6/69) من طريقين آخرين عن عبيد الله بن أبي جعفر ... به. 2078- عن ابن عباس قال: إذا مَرِضَ الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم؛ أُطْعِمَ عنه، ولم يكن عليه قضاء. وإن كان عليه نَذْرٌ؛ قضى عنه وَلِيُّه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) .

42- باب الصوم في السفر

إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي حَصِين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث له طريق أخرى من رواية علي بن الحكم- وهو: البناني- عن ميمون ابن مهران عن ابن عباس ... به: أخرجه البيهقي (4/255) . وإسناده صحيح على شرط البخاري. ثم قال: " وكذلك رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ". 42- باب الصوم في السفر 2079- عن عائشة: أن حَمْزَةَ الأسْلَمِيَّ سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! إني رجل أسْرُدُ الصوْمَ؛ أفأصوم في السفر؟ قال: " صُمْ إن شئتَ، وأفْطِرْ إن شئت ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة في "صحاحهم ". وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وحماد: هو ابن زيد الأزْدِيُّ؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث أخرجه مسلم (3/144) ، والبيهقي (4/243) من طريق أبي الربيع الزهراني: حدثنا حماد- يعني: ابن زيد- ... به. وقد خرجته في "الإرواء" (927) . 2080- عن ابن عباس قال: خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المدينة إلى مكة، حتى بلغ (عُسْفَان) ، ثم دعا بإناء، فرفعه إلى فيه لِيُرِيَهُ الناسَ، وذلك في رمضان. فكان ابن عباس يقول: قد صام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأفطر؛ فمن شاء؛ صام، ومن شاء؛ أفطر. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن خزيمة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس. قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/151) : حدثنا موسى بن إسماعيل. وقال أحمد (1/291) : ثنا عفان قالا: حدثنا أبو عوانة ... به. وأخرجه مسلم (3/141) ، والنسائي (1/317) ، وابن ماجه (1/510) ، وابن خزيمة (2036) ، وأحمد (1/259 و 325 و 340) من طرق أخرى عن منصور ... به.

2080/م- عن أنس قال: سافَرْنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان، فصام بعضنا، وأفطر بعضنا؛ فلم يَعِبِ الصائمُ على المفطِر، ولا المفطرُ على الصائمِ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن خزيمة وابن حبان في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: ثنا زائدة عن حميد الطويل عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (1947- السلفية) ، ومسلم (3/143) ، وابن خزيمة (2039) ، وابن حبان (3553) ، والبيهقي (4/244) وغيرهم من طرق عن حميد ... به؛ وصرح حميد بالتحديث في رواية لمسلم. وتابعه مُوَرِّق العِجْلِي عن أنس ... بالشطر الأول منه؛ وفيه قصة، وفيه: " ذهب المفطرون اليوم بالأجر ". أخرجه البخاري (2890) ، ومسلم، وابن خزيمة (2032- 2033) ، وابن حبان (3551) ، والبيهقي، وكذا النسائي (2283) . 2081- عن قَزَعَةَ قال: أتيت أبا سعيد الخدري وهو يُفْتِي الناسَ، وهم مُكبُّون عليه، فانتظرت خَلْوَتَهُ. فلما خلا؛ سألته عن صيام رمضان في السفر؟ فقال: خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان عام الفتح، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يصوم ونصوم، حتى بلغ منزلاً من المنازل فقال: " إنكم قد دَنَوْتمْ من عَدوكُمْ، والفطر أقوى لكم". فأصبحنا منا الصائم ومنا المفطر. قال: ثم سِرْنا، فنزلنا منزلاً، فقال: " إنكم تُصَبِّحُونَ عَدُوَّكم، والفطر أقوى لكم؛ فأفطروا ". فكانت عزيمة من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو سعيد: ثم لقد رأيتُنِي أصوم مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل ذلك، وبعد ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح ووهب بن بيان- المعنى- قالا: ثنا ابن وهب: حدثني معاوية عن ربيعة بن يزيد أنه حدثه عن قزعة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه الإمام أحمد من وجه آخر عن معاوية- وهو ابن صالح-، فقال (3/35) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثني معاوية- يعني: ابن صالح- ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (3/144) ، وابن خزيمة (2023) ، والبيهقي (4/242) .

43- باب اختيار الفطر

43- باب اختيار الفطر 2082- عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلاً يُظَلّلُ عليه، والزِّحَامُ عليه، فقال: " ليس من البِرِّ الصيامُ في السفر ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وكذا ابن خزيمة وابن الجارود) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن - يعني: ابن سعد بن زُرَارَةَ- عن محمد بن عمرو بن حسن عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الدارمي (2/9) : أخبرنا هاشم بن القاسم وأبو الوليد: ثنا شعبة ... به. والطيالسي في "مسنده " (1721) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه الشيخان وابن خزيمة في "صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى" وغيرهم من طرق أخرى عن شعبة ... به. وله ولشيخه ابن زرارة متابعون. وللحديث شواهد، خرجت ذلك كله في "الإرواء " (925) . وفي بعض طرقه بلفظ: " ليس من امبر امصيام في امسفر "! على لغة من يجعل لام التعريف ميماً، وهو بهذا اللفظ شاذ لا يصح، كما بينته هناك.

2083- عن أنس بن مالك- رجل من بني عبد الله بن كعب إخوة بني قُشَيْرٍ - قال: أغارت علينا خَيْل لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتهيت- أو فانطلقت- إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يأكل، فقال: " اجلس فأصب من طعامنا هذا ". فقلت: إني صائم!. قال: " اجلس أُحَدثكَ عن الصلاة وعن الصيام: إن الله تعالى وضع شَطْرَ الصلاةِ- أو نصفَ الصلاة- والصومَ عن المسافر وعن المرضع والحُبْلَى "؛ والله! لقد قالهما جميعاً أو أحدهما. قال: فتَلَهفَتْ نَفْسِي أن لا أكونَ أكلتُ من طعام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! (قلت: إسناده حسن صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن، ولا نعرف لأنس بن مالك غير هذا الحديث "، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا شَيْبَانُ بن فَروخ: ثنا أبو هلال الرَّاسِبِي: ثنا ابن سَوَادَةَ القُشَيْرِيّ عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي هلال الراسبي - واسمه محمد بن هلال-، وهو مختلف فيه، وقد قال فيه الحافظ: " صدوق فيه لين ". وقد خولف في إسناده كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (715) ، وابن ماجه (1/511) ، وابن خزيمة في " صحيحه " (3/268/2044) ، وأحمد (4/347 و 5/29) ، والبيهقي (4/231) من طرق عن أبي هلال ... به. وقال الترمذي:

" حديث حسن، ولا نعرف لأنس بن مالك هذا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا الحديث الواحد ". قلت: وقد خالفه في إسناده وهيب فقال: ثنا عبد الله بن سوادة القشيري عن أبيه أن أنس بن مالك- رجل منهم- قال ... فذكره. رواه البيهقي. وهذا إسناد صحيح؛ فإن سوادة القشيري ثقة من رجال مسلم. ووهيب- وهو ابن خالد- ثقة من رجال الشيخين. وله فيه إسناد آخر، فرواه عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر - قال أيوب: فلقيته فسألته، فحدثنيه عن رجل منهم-: أنه أتى المدينة ... الحديث نحوه. أخرجه البيهقي، وقال: " ورواه معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر أن رجلاً- يقال له: أنس- حدثه ... ". قلت: وصله عبد الرزاق في "المصنف " (7560) عن معمر ... به؛ إلا أنه لم يقل: يقال له: أنس. وقد تابعه إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: حدثنا أيوب ... به مثل رواية وهيب. أخرجه أحمد (5/29) ، وابن خزيمة (2042) . وسفيان الثوري؛ إلا أنه قال: عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ... به. أخرجه ابن خزيمة أيضاً (2043) ، والنسائي (1/316) .

44- باب فيمن اختار الصيام

وقد اختلف فيه على أبي قلابة على وجوه أخرى، ذكرها البيهقي، وأطال النسائي النفس في تخريجها، منها: ما أخرجه هو، والدارمي (2/10) من طريق الأوزاعي قال: أخبرني يحيى قال: حدثني أبو قلابة قال: حدثني أبو المهاجر قال: حدثني أبو أمية- يعني: الضَّمْري-: أنه قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره نحوه. وهذا إسناد صحيح متصل، لكن قوله: أبو المهاجر! وهم من الأوزاعي؛ كما قال ابن حبان وغيره، والصواب: أبو المهلب؛ وهو ثقة من رجال مسلم. 44- باب فيمن اختار الصيام 2084- عن أبي الدرداء قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض غزواته في حَر شديد، حتى إن أحدنا لَيَضَعُ يده على رأسه، أوكَفَّهُ على رأسه من شِدَةِ الحَر، ما فينا صائمٌ إلا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبدُ اللهِ بنُ رَوَاحةَ. (قلت: حديث صحيح. وأخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا مؤمل بن الفَضْل: ثنا الوليد: ثنا سعيد بن عبد العزيز: حدثني إسماعيل بن عبيد الله: حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة. لكن سعيد بن عبد العزيز- وهو التنُوخِي، مع فضله؛- كان اختلط، لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/145) : حدثنا داود بن رشَيْد: حدثنا الوليد بن

مسلم عن سعيد بن عبد العزيز ... به. وتابعه عمرو بن أبي سلمة عن سعيد ... به: أخرجه الشافعي في "السنن " (رقم 712- ترتيبه) . وتابعه هشام بن سعد عن عثمان بن حَيَّان وإسماعيل بن عبيد الله ... به: أخرجه أحمد (6/144) . وأخرجه هو (5/94) ، ومسلم، والبيهقي (4/245) من طريقين آخرين عن هشام بن سعد عن عثمان بن حيان وحده ... به. والبخاري (4/147) عن عبد الرحمن بن يزيد عن جابر عن إسماعيل. (تنبيه) : زاد داود بن رُشَيْدٍ في روايته فقال: في شهر رمضان! قال الحافظ في "الفتح " (4/148) : " وبهذه الزيادة يتم الاستدلال، ويتوجه الرد بها على أبي محمد بن حزم في زعمه أن حديث أبي الدرداء هذا لا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكون ذلك الصوم تطوعاً"! وأقول: لكن هذه الزيادة شاذة عندي؛ لتفرد ابن رشيد بها دون مؤمل بن الفضل عن الوليد من جهة. فإن كانت محفوظة عنه؛ فقد تفرد بها الوليد دون عمرو بن أبي سلمة عن سعيد من جهة أخرى. فإن كانت محفوظة عنه؛ فهي شاذة؛ لمخالفتها لرواية ابن جابر وهشام بن سعد عن إسماعيل، فاثنان أحفظ من واحد، وهو سعيد بن عبد العزيز؛ لا سيما وقد كان اختلط كما سبق.

45- باب متى يفطر المسافر إذا خرج؟

45- باب متى يُفْطِرُ المُسافِرُ إذا خَرَجَ؟ 2085- عن عُبَيْدِ بن جَبْرٍ قال: كنت مع أبي بُصْرَةَ الغِفَارِي- صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفينة من الفسطاط في رمضان، فرفع، ثم قَرَّبَ غَدَاءَهُ - قال جعفر في حديثه: فلم يجاوز البيوت، حتى دعا بالسُفْرةِ-، قال: اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؟! قال أبو بُصْرَةَ: أترغب عن سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! - قال جعفر في حديثه: فأكل-. (قلت: حديث صحيح، وفي الباب عن أنس، وصححه ابن العربي) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر: حدثني عبد الله بن يزيد. (ح) وثنا جعفر ابن مسافر: ثنا عبد الله بن يحيى- المعنى- قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب - وزاد جعفر: والليث-: حدثني يزيد بن أبي حبيب. أن كليب بن ذُهْل الحضرمي أخبره عن عبيد- قال جعفر: ابن جبر- قال ... قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير كليب بن ذهل الحضرمي وشيخه عبيد بن جبر؛ فإنهما مجهولان، قال الذهبي: "عبيد بن جبر، تفرد عنه كليب بن ذهل ". و"كليب بن ذهل ... وعنه يزيد بن أبي حبيب فقط ". وذكره ابن حبان في "الثقات "! والأول خير من كليب؛ فقد ذكره يعقوب بن سفيان في "الثقات ". وقال العجلي: " مصري تابعي ثقة "، كما في "ترتيب ثقات العجلي " للهيثمي (33/2) .

46- باب قدر مسيرة ما يفطر فيه

وتساهل الشوكاني حين قال في "نيل الأوطار" (4/194) : " والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص ". ورجال إسناده ثقات "! وأقره في "عون المعبود" (3/293) ! ولا يخفى ما في هذا التوثيق، بعد أن علمت ما في بعضهم من توثيق ضعيف؛ وبخاصة كلَيْبَ بْنَ ذُهلِ. نعم؛ الحديث صحيح لغيره؛ فإن له شاهداً من حديث أنس بسند صحيح. وآخر من حديث دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ-، في الكتاب الآخر (416) ، وقد خرجت هذه الأحاديث الثلاثة، وتكلمت عليها من الناحية الحديثية والفقهية في رسالة خاصة بعنوان: "تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر، والرد على من ضعفه "، وهي مطبوعة؛ فليراجعها من شاء التفصيل. 46- باب قدر مسيرة ما يفطر فيه 2086- عن نافع: أن ابن عمر كان يخرج إلى الغَابَةِ؛ فلا يُفْطِرُ ولا يَقْصرُ. (قلت إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا المعتمر عن عبيد الله عن نافع. والحديث أخرجه البيهقي (4/241) من طريق المصنف. 47- باب من يقول: صمت رمضان كله [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

48- باب في صوم العيدين

48- باب في صوم العيدين 2087- عن أبي عُبَيْدٍ قال: شهدْتُ العيد مع عمر؛ فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن صيام هذين اليومين: أما يوم الأضحى؛ فتأكلون من نُسُكِكُمْ. وأما يوم الفطر؛ ففطركم من صيامكم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب- وهذا حديثه- قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن أبي عبيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه الشافعي في "سننه " (رقم 723- ترتيبه) ، وأحمد (1/24) ، والحميدي (8) ، وابن أبي شيبة (3/103- 104) قالوا: ثنا سفيان بن عيينة ... به. وأخرجه ابن ماجه والطحاوي وابن الجارود من طرق أخرى عن سفيان ... به. وأخرجه مالك وأحمد والشيخان والترمذي وغيرهم من طرق أخرى عن الزهري ... به. وله طريق أخرى عن أبي عبيد ... به، أخرجته وما قبله في "إرواء الغليل " برقم (962) .

2088- عن أبي سعيد الخدري قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم الأضحى. وعن لِبْسَتَيْنِ: الصَّمَّاءِ، وأن يَحْتَبِيَ الرجل في الثوب الواحد. وعن الصلاة في ساعتين: بعد الصبح، وبعد العصر. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيده عند البخاري إسناد المصنف. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا وُهَيْب: ثنا عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/194) ... بإسناد المصنف. وأخرجه أحمد (3/96) : ثنا عفان: ثنا وهيب. وأخرجه مسلم (3/153) ، والترمذي (774) من طرق أخرى عن عمرو بن يحيى ... به مقتصراً على النهي عن الصيام. وأخرجه الشيخان وأحمد وغيرهما من طريق قَزَعَةَ عن أبي سعيد. وله عنه طرق أخرى مختصراً ومطولاً، وقد أشرت إليها، وخرجت ما قبلها في "إرواء الغليل " (962) .

49- باب صيام أيام التشريق

49- باب صيام أيام التشريق 2089- عن أبي مرَّةَ مولى أم هانئ: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص، فَقَرَّبَ إليهما طعاماً، فقال: كُلْ. فقال: إني صائم. فقال عمرو: كُلْ؛ فهذه الأيام التي كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها. قال مالك: وهي أيام التشريق. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يزيد بن الهاد عن أبي مرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه مالك في "الموطأ"، وعنه جمع آخر، خرجتهم في "الإرواء" (963) . وقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ... به: أخرجه ابن خزيمة (2149) . وله طريق أخرى، يرويه معمر عن عاصم بن سليمان عن جعفر بن المطلب - وكان رجلاً من رهط عمرو بن العاص- عنه ... مرفوعاً نحوه. أخرجه أحمد (4/199) ، وابن خزيمة أيضاً (2148) ؛ لكن وقع في إسناده سقط وخطأ- تبعاً لأصله المخطوط-، لم يتنبه له محققه.

50-[باب] النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم

2090- عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق: عيدُنا أهل الإسلام، وهي أيام أكلٍ وشربٍ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا وهيب: ثنا موسى بن عُلَي. (ح) وثنا عثمان بن أبا شيبة: ثنا وكيع عن موسى بن عُلَي- والإخبار في حديث وهيب- قال: سمعت أبي أنه سمع عقبة بن عامر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذا قال الحاكم والذهبي، وصححه آخرون ذكرتهم آنفاً، وقد خرجت الحديث عنهم وعن غيرهم في المصدر السابق. 50-[باب] النهي أن يَخُصَّ يوم الجمعةِ بصوم 2091- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَصُومُ أحدُكم يومَ الجمعة؛ إلا أن يصوم قبله بيوم، أو بعده ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وابن خزيمة وابن حبان في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي.

51-[باب] النهي أن يخص يوم السبت بصوم

والحديث أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف " (3/43) : حدثنا أبو معاوية ... به. ومن طريقه: أخرجه مسلم وابن ماجه. وأخرجاه، وكذا البخاري وغيرهم من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (959) ، و "الصحيحة " (2945) . 51-[باب] النهي أن يَخُصَّ يومَ السبتِ بِصَوْم 2092- عن عبد الله بن بُسْرٍ السُلَمِيِّ عن أخته- وقال يزيد: الصَّماء- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تَصُوموا يومَ السبتِ إلا فيما افْتُرِضَ عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لِحَاءَ عِنَبَة، أوعُودَ شَجَرَةٍ؛ فليمضغهُ". قال أبو داود: " وهذا حديث منسوخ "! (قلت: فيه إشعار بأن الحديث صحيح عنده، وإلا؛ لم يكن بحاجة إلى ادعاء نسخه كما هو ظاهر! وإسناده صحيح على شرط البخاري، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان وابن السكن والضياء المقدسي، وقال الترمذي: " حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا: أن يَخُص الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود تُعَظِّم يوم السبت ") . إسناده: حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَةَ: ثنا سفيان بن حبيب. (ح) وثنا يزيد بن قُبَيْس- من أهل جَبَلَةَ-: ثنا الوليد- جميعاً- عن ثور بن يزيد عن خالد بن مَعْدَانَ عن عبد الله بن بُسْرٍ السَلَمِي.

52-[باب] الرخصة في ذلك

قلت: وهذا إسناد صحيح من الوجهين عن ثور بن يزيد، وقد جاء من وجهين آخرين عنه، فهو مستفيض عنه، وهو ثقة من رجال البخاري. وخالد بن معدان ثقة من رجال الشيخين. وكذلك السلمي، وهو صحابي معروف. ولذلك صحح الحديثَ جمعٌ من الأئمة، كابن خزيمة وابن حبان وغيرهم ممن ذكرنا آنفاً. وقد أعلّه بعضهمِ بالاضطراب! وليس بشيء؛ لأنه اضطراب غير قادح؛ كما فصَلت ذلك تفصيلاً- لا تراه في مكان آخر- في كتابي "إرواء الغليل " (960) ، وانظر " الصحيحة " (3101) . وأما دعوى نسخه الذي ذهب إليه المصنف رحمه الله تعالى؛ فهي مردودة بأنه من الممكن حمله على صوم السبت مفرداً، كما أفاده الترمذي. وحينئذ فلا تعارض بينه وبين حديث الباب الآتي، وأحاديث صيامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه؛ لأنه ليس في شيء منها إفراده بالصيام. وقد بسط القولَ في هذا بسطاً شافياً: العلامةُ ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن " (3/297- 301) ، وذكر خلاصته في "زاد المعاد" (1/237- 238) ؛ فليراجعهما من شاء. 52-[باب] الرخصة في ذلك 2093- عن جُويرِيَةَ بنت الحارث: أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها يومَ الجمعة وهي صائمة، فقال: " أصُمْتِ أمْسِ؟ ". قالت: لا. قال:

" تريدين أن تصومي غداً؟ " قالت: لا. قال: " فَأفْطِرِي ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن قتادة. (ح) وثنا حفص بن عمر: ثنا همام: ثنا قتادة عن أبي أيوب- قال حفص- العَتَكي عن جويرية بنت الحارث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. وأبو أيوب: هو المَرَاغِيُ الأزْدِيُّ العَتَكِيّ؛ اسمه: يحيى- ويقال: حبيب- بن مالك. والحديث أخرجه أحمد (6/324 و 430) من طريق شعبة وهمام كلاهما عن قتادة ... به. والبخاري (4/189) ، والبيهقي (4/302) عن شعبة وحده. ثم علقه البخاري عن حماد بن الجعد (وفيه لين) سمع قتادة ... به. وأخرجه أحمد (2/189) ، وابن خزيمة (2164) ، وابن أبي شيبة (3/43) ، وعنه ابن حبان (957) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمة ... الحديث. وإسناده صحيح؛ لكن أعلّه الحافظ بالشذوذ؛ لمخالفة سعيد بن أبي عروبة

لشعبة ومن معه في إسناده؛ إلا أنه قال (4/190) : " ويحتمل أن تكون طريق سعيد محفوظة أيضاً؛ فإن معمراً رواه عن قتادة عن سعيد بن المسيب أيضاً، لكن أرسله ". قلت: ويقويه أن الإمام أحمد زاد في آخر الحديث: قال سعيد: ووافقني عليه مَطَرٌ عن سعيد بن المسيب. وهذا يحتمل أنه وافقه عليه عن سعيد به مسنداً. ويحتمل أنه وافقه عليه عنه مرسلاً، وهذا أظهر. ورواية معمر: عند عبد الرزاق في "المصنف " (7804) . 2094- عن ابن شهاب: أنه كان إذا ذكر له أنَّهُ نُهِي عن صيام يوم السبت؛ يقول ابن شهاب: هذا حديث حمصي! (قلت: هذا نقد غريب لحديث الثقة الصحيح من مثل الإمام ابن شهاب الزهري! ويكفي في ردِّهِ عليه: أن جماعة من الأئمة قد صححوه من بعده كما سبق آنفاً) . إسناده: حدثنا عبد الملك بن شعيب: ثنا ابن وهب قال: سمعت الليث يحدث عن ابن شهاب. قلت: وهذا إسناد صحيح مقطوع، ولكن بمثله لا يردُّ حديث الثقة الصحيح؛ فإن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر، وكل واحد منهم حمصي؛ فـ (ابن بُسْرٍ) صحابي معروف؛ أفيُرَدّ حديثه لمجرد كونه حمصياً؟!

ومثله يقال في خالد وثور؛ فإنهما ثقتان مشهوران. أفيرد حديثهما لكونهما حمصيين؟! تالله! إنه لنقد محْدَثٌ! فمتى كان الحديث يرد بالنظر إلى بلد الراوي؟! ورحم الله الإمام الشافعي حين قال للإمام أحمد: " أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛ فأعلموني به أيَ شيء يكون: كوفياً، أو بصرياً، أو شامياً، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً ". (صفة الصلاة ص 32- الطبعة التاسعة) . وشرح صاحب "عون المعبود" قول ابن شهاب المذكور بقوله (2/297) : " يريد تضعيفه؛ لأن فيه راويان حمصيان (كذا الأصل!) ، أحدهما: ثور بن يزيد. وثانيهما: خالد بن معدان، تكلم فيهما بعض، ووثقهما بعض "! قلت: وهذا تعليل مردود؛ فإن ابن معدان لم يتكلم فيه أحد إلا بالتوثيق، وحسبك فيه احتجاج الأئمة الستة وغيرهم به، وقول الحافظ ابن حجر في "التقريب "فيه: "ثقة عابد". وأما ثور بن يزيد؛ فهو متفق على توثيقه أيضاً والاحتجاج بحديثه، ولم يتكلم فيه أحد بتضعيف؛ وإنما تكلم فيه بعضهم لقوله بالقدر، ولذلك قال الحافظ في "مقدمة الفتح " (2/120) : " اتفقوا على تثبته في الحديث، مع قوله بالقدر ... ". ونحوه قوله في " التقريب ": " ثقة ثبت، إلا أنه يرى القدر ".

قلت: ولا يخفى على العارفين بعلم المصطلح: أن مثل هذا الرأي لا يعتبر جرحاً يُرَدّ به حديث الرجل؛ لأن العبرة في الرواية إنما هو الصدق والضبط، وليس السلامة من البدعة؛ على تفصيل معروف. ولذلك قال الإمام أحمد رحمه الله: " لو تركنا الرواية عن القدرية؛ لتركنا أكثر أهل البصرة ". قال شيخ الإسلام في " الفتاوى " (7/386) : " وذلك لأن مسألة خلق أفعال العباد وإرادة الكائنات مسألة مشكلة، وكما أن القدرية من المعتزلة وغيرهم أخطأُوا فيها، فقد أخطأ فيها كثير ممن رد عليهم أو أكثرهم؛ فإنهم سلكوا في الرد عليهم مسلك جهم بن صفوان وأتباعه، فنفوا حكمة الله في خلقه وأمره، ونفوا رحمته بعباده، ونفوا ما جعله من الأسباب خلقاً وأمراً ... ". ولذلك فلا يجوز رَدُّ حديث ثور هذا لأنه يرى القدر، لا سيما وقد قيل إنه رجع عنه؛ فكيف وقد تابعه لقمان بن عامر، كما ذكرت في "الإرواء"، وهو صدوق لم يتكلم فيه أحد إلا أنه حمصي أيضاً؟ ا 2095- عن الأوزاعي قال: ما زِلْتُ له كاتماً حتى رأيته انتشر. يعني: حديث عبد الله بن بسر هذا في صوم يوم السبت. (قلت: كتمانه إياه ليس جرحاً مفسراً يُعَل الحديث بمثله، ولعله كان لأنه لم يظهر له معناه) . إسناده: حدثنا محمد بن الصَّباح بن سفيان: ثنا الوليد عن الأوزاعي. قلت: ورجاله ثقات؛ فهو صحيح إن كان الوليد سمعه من الأوزاعي. وأخرجه البيهقي (4/302) عن المؤلف.

53- باب في صوم الدهر تطوعا

53- باب في صوم الدهر تطوعاً 2096- عن أبي قتادة: أن رجلاً أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله. فلما رأى ذلك عمر؛ قال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً! نعوذ بالله من غضب الله، ومن غضب رسوله! فلم يزل عمر يردِّدُها؛ حتى سكن غضبُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كلّه؟ قال: " لا صام ولا أفطر.- قال مسدد: لم يصم ولم يفطر. أو: ما صام ولا أفطر (شك غَيْلان) .- ". قال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: " أويُطِيقُ ذلك أحدٌ؟! ". قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: " ذلك صوم داود". قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: " وَدِدْتُ أني طُوِّقْتُ ذلك ". ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان؛ فهذا صيام الدَّهر كله. وصيام عرفة؛ إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده. وصوم يوم عاشوراء؛ إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة.

وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد بن زيد عن غَيْلانَ ابن جرير عن عبد الله بن مَعْبَد الزماني عن أبي قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/167) ، وابن خزيمة في "صحيحه "- مفرقاً (2087 و2110 و 2126) - من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به. وروى منه الترمذي (767) صوم الدهر، وقال: " حديث حسن ". وأخرج هذا القدر: النسائيّ (1/324) عن شعبة عن غيلان ... به. وهو رواية لمسلم وأحمد (5/297 و 303) . وروى الطبراني في "الأوسط " (5/4875 و 6/5646) جملة صيام عرفة وعاشوراء من طريقين آخرين عن أبي قتادة. ورواه (2/308/2065) منه صوم عرفة من طريق الحجاج بن أرطاة عن عطية عن أبي سعيد الخدري ... رفعه. 2097- زاد في رواية: قال: يا رسول الله! أرأيت صوم يوم الاثنين والخميس؟ قال: " فيه وُلِدْتُ، وفيه أُنْزِلَ علي القرآنُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن خزيمة) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا مَهْدِي: ثنا غَيْلان عن عبد الله بن مَعْبَد الزِّمَّانِيِّ عن أبي قتادة ... بهذا الحديث؛ زاد: قال: يا رسول الله! ... قلت: وهذا صحيح أيضاً. وقد أخرجه هو، والبيهقي (4/293) ، وأحمد (5/310- 311) عن مهدي ابن ميمون ... به. وكذلك أخرجه ابن خزيمة (2117) . 2098- عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لَقِيَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " ألم أُحَدَّثْ أنك تقول: لأقومَنَ الليل، ولأصومن النهار؟! ". قال- أحسبه قال-: نعم يا رسول الله! قد قلت ذاك. قال: " فمْ ونَمْ، وصم وأفطر، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، وذاك مِثْلُ صيام الدهر ". قال: قلت: يا رسول الله! إني أُطِيقُ أفضل من ذلك. قال: " فَصُمْ يوماً، وأفطر يومين ". قال: فقلت: إني أُطِيق أفضلَ من ذلك! قال: " فصم يوماً، وأفطر يوماً، وهو أَعْدَلُ الصيام، وهو صيام داود ". قلت: إني أطيق أفضل من ذلك! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا أفضل من ذلك ".

54- باب في صوم أشهر الحرم

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (4/294/7862) ... بإسناده ومتنه. وعنه: أخرجه أحمد أيضاً (2/187- 188) : ثنا عبد الرزاق ... به. وأخرجه البخاري (4/178- 179) ، ومسلم (3/162) ، والنسائي (1/325) من طرق أخرى عن الزهري ... به. وكذلك أخرجه الطحاوي (1/342) . وأخرجه هو، ومسلم والنسائي، وابن خزيمة (2110) ، والبيهقي (4/299) ، وأحمد (2/200) من طرق أخرى عن أبي سلمة وحده ... نحوه، يزيد بعضهم على بعض. 54- باب في صوم أشهر الحرم [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 55- باب في صوم المُحَرَّمِ 2099- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أفضل الصيام بعد شهر رمضان: شَهْرُ اللهِ المُحَرمُ، وإن أفضل الصلاة بعد المفروضة: صلاةٌ من الليل ". ولم يقل قتيبة: " شهر "، قال: " رمضان ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بأسانيد أحدها أحد إسنادَيِ المصنف. وصححه ابن خزيمة، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا أبو عوانة عن أبي بِشْرٍ عن حمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجه الثاني؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وأبو بشر: هو جعفر بن إياس، وهو ابن أبي وَحْشِيَةَ. والحديث أخرجه مسلم والترمذي بإسناد المؤلف الثاني: حدثنا قتيبة بن سعيد ... به؛ وليس عند الترمذي الشطر الثاني منه، ولا عند مسلم: " من "؛ وإنما قال: " صلاة الليل ". وأخرجه أحمد (2/344 و 535) من طريقين آخرين عن أبي عوانة ... به. وأخرجه هو، ومسلم وغيرهما من طرق أخرى عن حميد ... به. وهو مخرج في " الإرواء " (951) . 2100- عن عثمان بن حَكِيم قال: سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب؟ فقال: أخبرني ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصومُ حتى نقولَ: لا يُفْطِر، ويفطر حتى نقولَ: لا يصوم. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه بأسانيد أحدها إسناد المصنف، والبخاري مختصراً دون السؤال) .

56- باب في صوم شعبان

إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى: ثنا عيسى: ثنا عثمان- يعني: ابن حكيم-. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عثمان بن حكيم، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرجه كما يأتي. وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعِيَ. والحديث أخرجه مسلم (3/161) بإسنادين عن عثمان بن حكيم؛ أحدهما إسناد المصنف هذا. وأخرجه هو، والبخاري (4/174- 175) ، والنسائي (1/321) ، وابن ماجه (1/523) ، وأحمد (1/227 و 231 و 241 و 271 و 301 و 321 و 326) من طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد ... به. 56- باب في صوم شعبان 2101- عن عائشة قالت: كان أحبَّ الشهور إلى رسول الله أن يصومه: شعبانُ، ثم يَصِلُهُ برمضان. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس سمع عائشة تقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

57- باب في صوم شوال

والحديث في "مسند أحمد" (6/188) ... بإسناده ومتنه. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2077) : وحدثنا عبد الله بن هاشم: حدثنا عبد الرحمن ... به. ثم أخرجه هو، والنسائي (1/321) ، والحاكم (1/434) ، وعنه البيهقي (4/292) من طريق ابن وهب: أخبرني معاوية بن صالح ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! قلت: وهذا من أوهامهما، وبخاصة الذهبي منهما؛ فإنه قال في ترجمة معاوية هذا من "الميزان ": " وهو ممن احتج به مسلم دون البخاري، وترى الحاكم يروي في "مستدركه " أحاديثه ويقول: " على شرط البخاري "؛ فيَهِمُ في ذلك ويكرِّره "! 57- باب في صوم شوال [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 58- باب في صَوْمِ سِتَّةِ أيامٍ مِنْ شَوال 2102- عن أبي أيوب- صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من صام رمضان، ثم أتْبَعَه بِسِت من شَوَّالٍ؛ فكأنما صام الدهرَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ". وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن القيم) . إسناده: حدثنا النفَيْلي: ثنا عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم وسعد

59- باب كيف كان يصوم النبي صلى الله عليه وسلم؟

ابن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصاري عن أبي أيوب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه ابن خزيمة (2115) ، وكذا الدارمي من طريق أخرى عن عبد العزيز بن محمد ... به. وأخرجه مسلم (3/169- 170) وغيره من طرق أخرى عن سعد بن سعيد وحده عن عمر بن ثابت ... به. وسعد هذا فيه ضعف من قبل حفظه. ولذلك ضعف بعضهم الحديث من أجله، لكن متابعة صفوان بن سُلَيْمٍ وغيره إيَّاه يقوِّيه. وقد خرجت الحديث في "الإرواء " (950) . وأطال النفسَ فيه ابنُ القيم في "تهذيب السنن " (3/308- 314) - وصححه؛ فراجعه فإنه نفيس. 59- باب كيف كان يصوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ 2103- عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم، حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استكمل صيام شَهْرٍ قط إلا رمضانْ، وما رأيته في شهرٍ أكثرَ صياماً منه في شعبان. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وروى بعضه ابن الجارود في "المنتقى"، وابن خزيمة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبَيْد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "موطأ مالك " (1/287) . وأخرجه البخاري (4/173) ، ومسلم (3/160- 161) ، والنسائي (1/321) ، والبيهقي (4/292) ، وأحمد (6/107 و 153 و 242) كلهم من طرق أخرى عن مالك ... به؛ إلا أن النسائي قرن معه آخرين من رواية ابن وهب قال: أخبرني مالك وعمرو بن الحارث- وذكر آخر قبلهما- أن أبا النضر حدثهم ... به. ثم أخرجه هو (1/306) ، والشيخان، والترمذي (736) ، وابن خزيمة (2079 و2133) ، وابن ماجه (1/522) ، وابن الجارود (400) ، والبيهقي، وأحمد (6/39 و84 و 128 و 143 و 165 و 189 و 233 و 249 و 268) من طرق أخرى عن أبي سلمة به ... نحوه، يزيد بعضهم على بعض. وعند البخاري- بعد قوله: شعبان-: فإنه كان يصوم شعبان كله. وكذا في رواية ابن خزيمة. وعند ابن الجارود مثل حديث أبي هريرة الآتي بعده. ولفظ مسلم: .. كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً. 2104- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه، زاد: كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كلَّهُ. (قلت: إسناده حسن صحيح، لكن ذكر أبي هريرة فيه وهم! وَالصواب أنه من (مسند عائشة) كما في الطريق التي قبلها، أو من (مسند أم سلمة) كما رواه النسائي وغيره) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله رجال مسلم؛ إلا أنه روى لمحمد بن عمرو متابعة. لكن قد خولف حماد- وهو ابن سلمة- في إسناده عنه، فقال الإمام أحمد (6/143) ، وابن أبي شيبة في "المصنف " (3/103) : حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال: سألت عائشة: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم؟ قالت ... فذكره مثل حديثها المذكور في الباب؛ وفي آخره: كان يصوم شعبان كلّه إلا قليلاً، بل كان يصوم شعبان كله. فجعله من (مسند عائشة) . وتابعه ابن نمير قال: ثنا محمد- يعني: ابن عمرو- ... به: أخرجه أحمد (6/165) . وتابعه محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة ... به: أخرجه النسائي (1/306) . وفي رواية له (1/321) عنه ... به؛ إلا أنه قال: أم سلمة.. بدل: عائشة. وهو رواية لأحمد (6/311) . وتابعه- عنده (6/293- 294 و 300) - سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة عن أم سلمة ... به. وهو رواية للنسائي، وحسنها الترمذي (736) . وإسنادها صحيح.

60- باب في صوم يوم الاثنين والخميس

ومال الحافظ في "الفتح " (4/173) إلى أن كلاً من روايتي أبي سلمة عن عائشة، وأبي سلمة عن أم سلمة محفوظ؛ لكثرة الطرق بذلك عنه، لا سيما عن عائشة؛ وقد سبقت الإشارة إليها في حديثها المتقدم، ولم يتعرض لرواية حماد هذه عن أبي سلمة عن أبي هريرة بذكر! ويبدو لي أن ذكر أبي هريرة فيه وهم من حماد! والله أعلم. 60- باب في صوم يوم الاثنين والخميس 2105- عن مولى أسامة بن زيد: أنه انطلق مع أسامة إلى (وادي القُرَى) في طلب مال له، فكان يصوم يوم الاثنين والخميس، فقال له مولاه: لمَ تصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وأنت شيخ كبير؟! فقال: إن نبيَّ اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس، وسُئِلَ عن ذلك؟ فقال: " إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن خزيمة، وحسنه المنذري من رواية النسائي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا أبان: ثنا يحيى عن عمر بن أبي الحكم بن ثوبان عن مولى قُدَامة بن مَظْعُونٍ عن مولى أسامة بن زيد. قال أبو داود: " كذا قال هشام الدَّسْتَوَائِيُّ عن يحيى عن عمر بن أبي الحكم ". قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة مولى قدامة ومولى أسامة. لكن له طرق أخرى عن أسامة، وشاهد من حديث أبي هريرة، وقد خرجتها

61- باب في صوم العشر

في " الإرواء " (948) . 61- باب في صوم العشر 2106- عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم تِسْعَ ذي الحِجةِ، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر، والخمِيْسَيْن (1) . (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الحُرِّ بن الصَّبَّاح عن هنَيْدَةَ بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات معروفون؛ غير هنيدة بن خالد، وقد روى عنه جمع آخر من الثقات، وأورده ابن حبان في الطبقة الأولى من "ثقات التابعين " (3/284) . قال الحافظ: " قلت: وذكره أيضاً في الصحابة، وقال: وله صحبة. وكذا ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب " ... ". وقال في " الإصابة ": " وقال ابن منده: عداده في صحابة الكوفة. وقال أبو إسحاق: كانت أمه تحت عمر بن الخطاب ". وأما امرأته؛ فلم أجد لها ترجمة! غير أن الحافظ رحمه الله ذكر في فصل "المبهمات من النسوة"- من "التقريب "-: أنها صحابية. والله أعلم.

_ (1) الأصل: والخميس.. وكذا وقع في جميع النسخ، ومنها "عون المعبود"! وهو خطأ ظاهر، يباين السياق! والتصحيح من "سنن النسائي" و"المسند".

لكن قد اختلفوا على الحُرِّ بن الصباح في إسناده ومتنه: 1- أما الإسناد فعلى وجوه أربعة: الأول: رواية أبي عوانة هذه عنه عن هنيدة عن امرأته ... وأخرجها النسائي أيضاً (1/328) ، وأحمد (6/288) ، والطحاوي (1/337) . الثاني: رواه زهير- وهو ابن معاوية- عن الحر قال: سمعت هنيدة الخزاعي قال: دخلت على أم المؤمنين سمعتها تقول ... أخرجه النسائي؛ فأسقط من الإسناد امرأة هُنَيْدَةَ. الثالث: قال أبو إسحاق الأشجعي: عن عمرو بن قيس المُلائِي عنه عن هنيدة عن حفصة قالت ... فذكره نحوه: أخرجه النسائي. وهذا الوجه كالذي قبله؛ إلا أنه سمى أم المؤمنين: حفصة. الرابع: قال شريك: عنه عن ابن عمر ... نحوه: أخرجه النسائي وابن أبي حاتم في "العلل " (1/231) كما يأتي. قلت: وأصح هذه الوجوه عندي: الأول والثاني؛ لثقة رجالهما، والتوفيق بينهما سهل بإذن الله تعالى، وذلك بحمل الأول على أنه من (المزيد فيما اتصل من الأسانيد) ؛ فإن الثاني إسناده صحيح متصل بالسماع من هنيدة لأم المؤمنين، فالظاهر أنه سمعه أولاً من امرأته، ثم دخل بنفسه على أم المؤمنين، فسمعه منها مباشرة. وهذا بَينٌ إن شاء الله تعالى. وأما الوجه الثالث؛ ففيه أبو إسحاق الأشجعي؛ قال الذهبي: " ما علمت أحداً روى عنه غير أبي النضر هاشم ". يعني: أنه مجهول. وقال الحافظ:

" هو مقبول ". قلت: على أنه مطابق للوجه الثاني كما هو ظاهر؛ إلا أنه سمى أم المؤمنين: حفصة، والخطب في هذا سهل. وأما الوجه الرابع؛ فهو ظاهر الضعف؛ لسوء حفظ شريك- وهو ابن عبد الله القاضي-، وقد شذ في إسناده عن الوجوه الثلاثة، فهو منكر. وإلى ذلك يشير أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل "- قال: " سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شريك عن الحُر بن الصباح عن ابن عمر..؟ فقال: هذا خطأ؛ إنما هو: الحر بن الصباح عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن أم سلمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"! قلت: لم أر في شيء من الوجوه المذكورة ذِكْرَ أم سلمة! وإنما هو أم المؤمنين، وأما أم سلمة فهو في طريق أخرى عن هنيدة عن أمه (وليس عن امرأته) عن أم سلمة: أخرجه المصنف، كما سيأتي ذكره في آخر الكلام على هذا الحديث. وأما الاختلاف في المتن؛ فهو على وجوه أربعة أيضاً: الأول: رواية أبي عوانة: أول اثنين من الشهر والخميسين. وهي في الكتاب كما تقدم. الثاني: رواية زهير بن معاوية مثله؛ لكنه قال: ثم الخميس، ثم الخميس الذي يليه. الثالث: رواية الأشجعي عن عمرو بن قيس بلفظ: ثلاثة أيام من كل شهر ... ولم يزد.

الرابع: قول شريك ... مثل رواية زهير تماماً. قلت: والعمدة من هذه الوجوه إنما هو الوجه الثاني، لأنه- مع صحة سنده- فيه زيادة بيان على الوجه الأول؛ فضلاً عن الوجه الثالث. والوجه الرابع شاهد له لا بأس به. وقد وجدت للحُرِّ بن الصباح متابعاً، يرويه الحسن بن عبيد الله عن هُنَيْدَةَ الخُزَاعي عن أمِّه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من الشهر: الاثنين والخميس والخميس. أخرجه البيهقي (4/295) . وهذه متابعة لا بأس بها؛ لكن الحسن هذا فيه ضعف؛ وقد اختلف عليه في متنه. فقيل عنه هكذا. وقيل: عنه بلفظ: الاثنين، والجمعة، والخميس. أخرجه المصنف وغيره. وقيل غير ذلك، مما سأبينه إن شاء الله تعالى في الكتاب الآخر برقم (422/2) . 2107- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما مِنْ أيام العملُ الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام "- يعني: أيامَ العَشْرِ-. قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: " ولا الجهاد في سبيل الله؛ إلا رَجلٌ خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من

ذلك بشيء ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري، وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع: ثنا الأعمش عن أبي صالح ومجاهد ومسلم البَطِينِ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري والترمذي والدارمي وابن ماجه والبيهقي والطيالسي وأحمد من طرق أخرى عن الأعمش عن مسلم البطين وحده. وقال الترمذي: " حسن صحيح غريب "، وصرح الدارمي بسماع سليمان- وهو الأعمش- من البطين. وقد تابعه أيضاً القاسم بن أبي أيوب عن سعيد ... به نحوه. أخرجه الدارمي. والقاسم هذا ثقة، وليس هو ابن بهرام، كما جزم الحافظ في "التقريب ". وقد ذكر في "الفتح ": أن في رواية للحديث عن الأعمش عن أبي صالح ومجاهد اختلافاً، فراجعه. والحديث قد خرجته في "إرواء الغليل " (890 و 953) .

62- باب في فطر العشر

62- باب في فطر العشر 2108- عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صائماً العَشْرَ قَطُّ. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم وابن خزيمة في "صحيحيهما ". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فإنه من أفراد البخاري، ولكنه قد توبع كما يأتي عند مسلم وغيره. والحديث أخرجه أحمد (6/124) : ثنا عفان قال: ثنا أبو عوانة ... به. وأخرجه هو (6/42 و 192) ، ومسلم (3/176) ، والترمذي (756) ، والبيهقي (4/285) من طرق أخرى عن الأعمش ... به. وكذلك أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2103) . وتابعه منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ... به: أخرجه ابن ماجه (1/527) : حدثنا هَنَّاد بن السرِيِّ: ثنا أبو الأحوص عن منصور ... به. وقد علقه الترمذي، لكنه لم يذكر في إسناده: عن الأسود.. وقال: " وقد اختلفوا على منصور في هذا الحديث. ورواية الأعمش أصح وأوصل إسناداً ". قلت: رواية ابن ماجه عن منصور متصلة صحيحة الإسناد، فهي تؤكد

63- باب في صوم عرفة بعرفة

أصَحيةَ رواية الأعمش. والله أعلم. 63- باب في صوم عرفة بعرفة 2109- عن أم الفضل بنت الحارث: أن ناساً تمارَوْا عندها يَوْمَ عرفة في صوم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال بعضهم: هو صائم. وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بِقَدَحِ لَبَن وهو واقف على بعيره بعرفة، فَشَرِبَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن أبى النضر عن عمير مولى عبد الله بن عباس عن أم الفضل بنت الحارث. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث في "الموطأ" (1/340) . ومن طريقه: أخرجه البخاري (4/192) ، ومسلم (3/145- 146) ، والبيهقي (4/283) ، وأحمد (6/340) كلهم عن مالك ... به. وأخرجه البخاري أيضاً (3/403) ... بإسناد المصنف عنه. وتابعه سفيان الثوري عن سالم أبي النضر ... به: أخرجه البخاري (10/58 و80) ، ومسلم وأحمد. ثم أخرجه هذا، والترمذي (750) ، وابن خزيمة (2102) ، والبيهقي من طريق

64- باب في صوم يوم عاشوراء

أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن أمه أم الفضل ... به مختصراً، ولم يذكر الترمذي أم الفضل في إسناده، وقال: " حديث حسن صحيح ". 64- باب في صوم يوم عاشوراء 2110- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصومه في الجاهلية. فلمَّا قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ؛ صامه وأمر بصيامه. فلما فُرِضَ رمضان؛ كان هو الفريضة، وَتَركَ عاشوراءَ؛ فمن شاء؛ صامه، ومن شاء؛ تركه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد إسنادي البخاري هو إسناد المؤلف. وصححه الترمذي وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "الموطأ" (1/279) ... بإسناده ومتنه. وأخرجه البيهقي (4/288) من طريق المؤلف. وأخرجه البخاري (4/198) ... بإسناد المصنف نفسه. ومسلم (3/146) ، والترمذي (753) ، والدارمي (2/23) ، وابن خزيمة

(2080) ، وابن أبي شيبة (3/55) ، وأحمد (6/29 و 50 و 162) من طرق أخرى عن هشام بن عروة ... به. وقال الترمذي: " حديث صحيح ". وتابعه الزهري: أخبرني عروة بن الزبير ... به: أخرجه الشيخان وابن ماجه (1/528) ، والبيهقي أيضاً، وأحمد (6/243 و 248) . 2111- عن ابن عمر قال: كان عاشوراء يوماً نصومه في الجاهلية، فلما نزل رمضان؛ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن هذا يَوْمٌ من أيام الله؛ فمن شاء؛ صامه، ومن شاء؛ تركه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه بإسناده، وأخرجه مسلم وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه " (8/143) ... بإسناد المصنف. وأخرجه أحمد (2/57) : ثنا يحيى ... به. ثم أخرجه هو (2/143) ، وابن أبي شيبة (3/55) ، ومسلم (3/147) ، وابن خزيمة (2082) ، والبيهقي (4/289) من طرق أخرى عن عبيد الله ... به. ثم أخرجه البخاري (4/82) ، ومسلم والدارمي (2/22) ، وابن ماجه

(1/538) ، والبيهقي أيضاً، وأحمد (2/4) من طرق أخرى عن نافع ... به. وتابعه سالم بن عبد الله: حدثني عبد الله ... به: أخرجه مسلم وابن خزيمة (2094) . 2112- عن ابن عباس قال: لَمَّا قَدِمَ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ؛ وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسُئِلُوا عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون، ونحن نصومه تعظيماً له. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نحن أولى بموسى منكم "، وأمر بصيامه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " بإسناد المصنف، وأخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا زياد بن أيوب: ثنا هُشَيْم: ثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه ابن خزيمة (2084) ... بإسناد المصنف. وأخرجه مسلم (3/149) من طريق يحيى بن يحيى: أخبرنا هُشَيْم ... به. وأخرجه هو، والدارمي (2/22) ، والبيهقي (4/289) ، وابن أبي شيبة (3/56) عن شعبة: ثنا أبو بشر ... به. وتابعه عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه ... به (*) .

_ (*) لم يكمل الشيخ رحمه الله تخريجه. (الناشر) .

65-[باب] ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع

65-[باب] ما روي أن عاشوراءَ اليومُ التاسعُ 2113- عن أبي غَطَفَانَ قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: حين صام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم عاشوراء، وأمرنا بصيامه؛ قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تُعَظمهُ اليهود والنصارى؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإذا كان العامُ المُقْبِل؛ صُمْنَا يوم التاسع ". فلم يَأْتِ العامُ المُقْبِلُ حتى تُوُفْيَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: ثنا ابن وهب: أخبرني يحيى ابن أيوب أن إسماعيل بن أمية القرشي حدثه أنه سمع أبا غطفان يقول: سمعت ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/151) ، والبيهقي (4/287) من طريق سعيد بن أبي مريم: ثنا يحيى بن أيوب ... به. ثم أخرجاه من طريق عبد الله بن عمير عن ابن عباس ... مرفوعاً؛ بلفظ: " لئن بقيت إلى قابل؛ لأصومن التاسع ". وكذا أخرجه ابن ماجه (1/529) ، وابن أبي شيبة (3/58) ، وأحمد (1/345) .

2114- عن الحكم بن الأعرج قال: أتيت ابن عباس وهو مُتَوَسِّدٌ رِداءَهُ في المسجد الحرام، فسألته عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: إذا رأيت هلال المحرم؛ فاعْدُدْ، فإذا كان يومُ التاسع؛ فأصبح صائماً. فقلت: كذا كان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم؟ فقال: كذلك كان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم (1) . (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى- يعني: ابن سعيد- عن معاوية بن غلاّب. (ح) وحدثنا مسدد: ثنا إسماعيل: أخبرني حاجب بن عمر- جميعاً المعنى- عن الحكم بن الأعرج. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وإسماعيل: هو ابن عُلَيةَ. والحديث أخرجه أحمد (1/246) من طريق أخرى عن ابن غلاّب ... به. ثم قال (1/360) : ثنا إسماعيل: أنا يونس عن الحكم بن الأعرج ... به. ويونس: هو ابن عبيد.

_ (1) معناه: كان يصوم لو عاش، جمعاً بينه وبين قوله المتقدم: (فإذا كان العام المقبل؛ صمنا يم التاسع ". قاله الخطابي تبعاً للبيهقي. واستدل بما رواه عن ابن عباس قال: صوموا التاسع والعاشر، وخالفوا اليهود. وإسناده صحيح. وراجع له "تهذيب السنن " لابن القيم.

66- باب في فضل صومه

فالظاهر أنه شيخ آخر لابن عُلَيَةَ في هذا الحديث. والله أعلم. وأخرجه ابن خزيمة (2096) : حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه مسلم (3/151) ، والترمذي (754) ، وابن أبي شيبة (3/58) ، وأحمد (1/344) عن وكيع بن الجَرَّاح: ثنا حاجب بن عمر ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال أحمد (1/280) : ثنا عفان: ثنا حاجب بن عمر أبو خُشَيْنَةَ أخو عيسى النحوي ... به. و (1/239) : ثنا معاذ بن معاذ: ثنا حاجب بن عمر ... به. 66- باب في فضل صومه [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 67- باب في صوم يوم وفطر يوم 2115/1- عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أحبُّ الصيام إلى الله تعالى: صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله تعالى: صلاة داود؛ كان ينام نِصْفَهُ، ويقوم ثُلُثَهُ، وينام سُدُسَهُ. وكان يفطر يوماً ويصوم يوماً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .

68- باب في صوم الثلاث من كل شهر

إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد- والإخبار في حديث أحمد- قالوا: ثنا سفيان قال: سمعت عَمْراً قال: أخبرني عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمرو يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه. والحديث في "مسند أحمد" (2/160) ... بإسناده ومتنه. وكذلك أخرجه الحميدي في "مسنده " (589) : ثنا سفيان ... به. وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وهو مخرج في "إرواء الغليل " (945) . 68- باب في صوم الثلاث من كل شهر 2115/2- عن ابنِ مِلْحَانَ القَيْسِيِّ عن أبيه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاثَ عَشْرَةَ، وأربعَ عَشْرَةَ، وخَمْسَ عَشْرَةَ، قال: وقال: " هُن كهيئةِ الدهرِ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن مِلْحَانَ القيسي عن أبيه. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن ملحان- واسمه عبد الملك، وقيل في اسم أبيه أقوال، منها: المنهال-؛ وهكذا أورده ابن حبان في " الثقات " (5/118) ، وقال:

" يروي عن أبيه- وله صحبة-. روى عنه أنس بن سيرين ". قلت: ولم يرو عنه غيره- كما قال ابن المديني-، فهو في عداد المجهولين. ولذلك قال الحافظ في "التقريب ": " مقبول ". يعني: عند المتابعة. قلت: وقد توبع في رواية أخرى كما يأتي، ومن أجلها أوردته هنا، وإلا؛ فمثله حقه الكتاب الآخر. فإذا كنت ضعفته في بعض ما كتبت؛ فقد عرف وجهه، كما أن وجه تقويته ما يأتي بيانه. والحديث أخرجه النسائي (1/329) ، وابن ماجه (1707) ، والبيهقي (4/294) ، وأحمد (5/28) من طرق عن همام ... به؛ إلا أنهم قالوا: عبد الملك ابن قُدَامَةَ بن ملحان. ثم أخرجوه، وكذا ابن حبان (3643) ، والطيالسي (1225) من طريق شعبة ... به؛ إلا أنه قال: عبد الملك بن المنهال. وقال ابن ماجه: " أخطأ شعبة، وأصاب همام ". يعني: في اسم والد عبد الملك. وسبقه إلى ذلك ابن معين، فقال: " هذا خطأ؛ إنما هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي ". نقله البيهقي. وغالط ابن التركماني في ذلك بما لا فائدة من ذكوه! وأما الشاهد؛ فهو من حديث أبي ذر، وقد صححه ابن خزيمة (2128) ، وابن حبان (3647) ، وسنده حسن، وهو مخرج في "التعليق الرغيب " (2/84) ، وانظر " الإرواء " (4/100- 101) .

2116- عن عبد الله (يعني: ابن مسعود) قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم- يعني- من غُرَةِ كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيام. (قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا أبو داود: ثنا شيبان: عن عاصم عن زر عن عبد الله. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير أنه إنما أخرج لعاصم- وهو ابن أبي النٌجُودِ- متابعة، وهو حسن الحديث كما تقدم مراراً. وأبو كامل: اسمه الفُضَيْلُ بن حسين. وشَيْبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوِيُ. والحديث في "مسند الطيالسي " (رقم 934- ترتيبه) ، ومن طريقه: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2129) ، والبيهقي أيضاً (4/294) . وأخرجه أحمد (1/306) ، والترمذي (742) من طرق أخرى عن شيبان ... به. وأخرجه النسائي (1/323) من طريق أخرى عن عاصم ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وزاد: وقلما كان يفطر يوم الجمعة. وهي عند ابن ماجه (1725) .

69- باب من قال: الاثنين والخميس

69- باب من قال: الاثنين والخميس [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 70- باب من قال: لا يبالي من أي الشهر 2117- عن مُعَاذَةَ قالت: قلت لعائشة: أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. قلت: من أي شهر كان يصوم؟ قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم وابن خزيمة في "صحيحيهما". وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث عن يزيد الرشْكِ عن معاذة قالت ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/166) ، والبيهقي (4/295) من طريقين آخرين عن عبد الوارث ... به. وقد توبع العبد، فقال الطيالسي في "مسنده " (939- ترتيبه) : حدثنا شعبة عن يزيد ... به نحوه.

71- باب النية في الصيام

ومن طريق الطيالسي: أخرجه الترمذي (763) ، وقال: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه ابن ماجه (1/522) ، وأحمد (6/145) من طريق محمد بن جعفر: ثنا شعبة ... به. وابن خزيمة (2130) من طريق خالد بن الحارث: حدثنا شعبة ... به. 71- باب النية في الصيام 2118- عن حفصة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " مَنْ لم يُجْمعِ الصِّيامَ قبل الفجر؛ فلا صيام له ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال ابن حزم، وصححه ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد الله بن وهب: حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة. قال أبو داود: " رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضاً جميعاً عن عبد الله بن أبي بكر ... مثله. ووقفه على حفصة: معمر والزُّبَيْدِيّ وابن عيينة ويونس الأيْلِيُ عن الزهري ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير أحمد بن صالح، فهو على شرط البخاري وحده، وقد توبع كما يأتي. وغير ابن لهيعة؛ ولكنه مقرون؛ مع أنه صحيح الحديث من رواية العبادلة عنه، وعبد الله بن وهب أحدهم.

72- باب في الرخصة في ذلك

والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (1933) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى: أخبرنا ابن وهب ... به. وأخبرني ابن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم ... يمثله سواء. وزاد: وقال لي مالك والليث ... بمثله. وقد أخرجه جمع آخر عن ابن وهب وغيره. وأشار المؤلف رحمه الله إلى اختلاف الرواة في رفعه ووقفه بما علقه عن الليث وغيره. وقد وصلت ذلك، وخرجت الحديث، وتكلمت على طرقه، مبيناً أن الأرجح أنه مرفوع في كتابي "إرواء الغليل " (914) ؛ فأغنى عن الإعادة. 72- باب في الرخصة في ذلك 2119- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل عليَّ؛ قال: " هل عندكم طعام؟ ". فإذا قلنا: لا، قال. " إني صائم ". زاد وكيع: فدخل علينا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله! أُهْدي لنا حَيْسٌ؛ فحبسناه لك! فقال: " أدنِيهِ ". قال طلحة: فأصبح صائماً فأفَطر. (قلت: إسناده حسن صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه". وصححه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: ثنا سفيان. (ح) وثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع- جميعاً- عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة رضي الله عنها.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير طلحة بن يحيى، فهو على شرط مسلم وحده، وفيه كلام يسير، ينبئك عنه قول الحافظ فيه. " صدوق يخطئ ". ويتقوى حديثه هذا بأن له طريقاً أخرى عن عائشة، قد أخرجتها مع الطريق الأولى في "الإرواء" (965) . 2120- عن أم هانئ قالت: لَما كان يومُ الفتح- فتحِ مَكَّةَ-؛ جاءت فاطمة، فجلست على يسار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمُ هانئ عن يمينه، قالت: فجاءتِ الوليدةُ بإناء فيه شراب، فناولَتْهُ، فشرب منه، ثم ناوله أمَّ هانئ، فشربت منه، فقالت: يا رسول الله! لقد أفطرتُ وكنت صائمةً؟ فقال لها: " أكُنْتِ تقضينَ شيئاً؟ ". قالت: لا. قال: " فلا يَضُرُك إن كان تطوعاً ". (قلت: حديث صحيح، وقال العراقي: " إسناده حسن ". لكن ذكر (الفتح) فيه منكر؛ لأن (الفتح) كان في رمضان، فكيف يُتَصَورُ قضاء رمضان في رمضان؟! قاله ابن التركماني والعسقلاني) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم-؛ أخرج له مسلم مقروناُ بغيره، وفيه ضعف، قال الحافظ:

" ضعيف، كبر فتغيَّر، صار يتلقن ". وقال الذهبي: "أحد علماء الكوفة المشاهير على سوء حفظه ". فمثله حسن الحديث في الشواهد والمتابعات، بل قد يحسن إسناده بعضهم، فهذا هو الحافظ العراقي يقول في "تخريج الإحياء" (2/331) : " وإسناده حسن ". نعم؛ هو حسن- بل صحيح- بما له من طرق، يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه البيهقي في "سننه " (4/277) من طريق المصنف. وأخرجه الدارمي (2/16) ... بإسناده ومتنه. وله طريق ثانٍ، مداره على سِمَاك بن حرب، وقد اختلف عليه في إسناده: فقال إسرائيل: عنه عن رجل عن أم هانئ ... به. أخرجه أحمد (6/342) . وقال حماد بن سلمة: ثنا سماك عن هارون ابن بنت أم هانئ- أو ابن ابن أم هانئ- عن أم هانئ. أخرجه أحمد والدارمي والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/107- مصر". وقال أبو الأحوص: عن سماك عن ابن أم هانئ ... به. أخرجه ابن أبي شيبة (3/30) ، والترمذي (731) ، والطحاوي (2/108) ، والبغوي في "شرح السنة" (1813) . وقال أبو عوانة: عن سماك عن ابن ابن أم هانئ عن جدته أنه سمعه منها.

أخرجه الطحاوي والبيهقي من طريقين عنه، وفي إحداهما: هارون ابن ابن أم هانئ. وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/354) ، والدارقطني في "سننه " (ص 235) من طرق أخرى عنه ... به؛ إلا أنه قال: عن ابن أم هانئ؛ لم يذكر لفظة: (ابن) الثانية. وقال حاتم بن أبي صَغيرَةَ: عن سماك عن أبي صالح عن أم هانئ: أخرجه الدارقطني، والحاكم (1/439) ، والبيهقي. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وأقول: كلا؛ فإن أبا صالح- واسمه: باذام- ضعفه الجمهور. وأورده الذهبي نفسه في "المغني "، وقال: " ضعفه البخاري. وقال يحيى القطان: لم أر أحداً من أصحابنا تركه ". وقال الحافظ: " ضعيف مدلس ". وسماك بن حرب- وإن كان من رجال مسلم-؛ فقد تكلموا فيه. وفي "التقريب ": " صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة؛ فكان ربما يلقن ". فهذا كله يمنع تصحيح هذا الإسناد لذاته. إلا أن سماكاً قد توبع عليه، فهو صحيح لغيره، أو على الأقل: حسن، فقال شعبة: أنبأنا جَعْدَة- رجل من قريش، وهو ابن أم هانئ، وكان سماك يحدثه فيقول: أخبرني ابنا أم هانئ. قال شعبة: فلقيت أنا أفضلهما: جعدة، فحدثني- عن أم هانئ:

أن رسولا الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها، فناولتْه شراباً، ثم ناولها، فشربت، فقالت: يا رسول الله! كنت صائمة؟! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الصائم المتطوع أمين- أو أمير- نفسه: إن شاء؛ صام، وإن شاء؛ أفطر". قال شعبة: فقلت لجعدة: أسمعته أنت من أم هانئ؟ قال: [لا] ، أخبرني أهلنا وأبو صالح مولى أم هانئ عن أم هانئ. أخرجه أبو داود الطيالسي (رقم 917- ترتيبه) ، وعنه الترمذي (732) ، والدارقطني (ص 235) ، والبيهقي وأحمد (6/341) . وقال الترمذي: " وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن سماك بن حرب فقال: عن هارون ابن بنت أم هانئ عن أم هانئ. ورواية شعبة أحسن ". قلت: ولعل سبب ذلك: أن شعبة سمع من سماك قديماً؛ فحديثه عنه صحيح، كما قال يعقوب الفسوي. ومع ذلك؛ فقد قال الترمذي عقب ما نقلته عنه آنفاً: " وحديث أم هانئ في إسناده مقال ". قلت: ولعله لجهالة ابنَيْ أم هانئ، وأحدهما جعدة، ولجهالة أهل هذا، وضعف أبي صالح كما عرفت! ولكن من الممكن أن يقال: إن مجموع ذلك مما يتقوى به الحديث، لا سيما إذا ضُم إليه حديث الباب. لكن ذكر يوم الفتح فيه منكر؛ فقد قال ابن التركماني- وتبعه الحافظ في "التلخيص " (2/211) -: "ويوم الفتح كان في رمضان، فكيف يُتَصَوَرُ قضاء رمضان في رمضان؟! ".

73- باب من رأى عليه القضاء

قلت: وزيادة: (يوم الفتح) لم يتفق الرواد عن سماك عليها؛ وإنما ذكرها إسرائيل وأبو عوانة عنه، ولم يذكرها شعبة وغيره عنه، ولا هي في رواية شعبة عن جعدة. فهي زيادة منكرة. والله أعلم. والحديث في "معجم الطبراني الكبير" (24/407- 410) . 73- باب من رأى عليه القضاء [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 74- باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها 2121- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَصُومُ المرأة وبَعْلُها شاهدٌ إلا بإذنه؛ غير رمضان، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون ذكر رمضان، وليس عند البخاري الشطر الثاني منه إلا من طريق أخرى، ومن هذا الوجه: أخرجه الترمذي بذكر رمضان. وصححه هو وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن هَمام بن مُنَبِّه أنه سمع أبا هريرة يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (4/305/7886) ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه لم يذكر رمضان.

وكذلك أخرجه أحمد (2/316) ، ومسلم (3/91) ، والبيهقي (4/303) ، وابن حبان (955) عن عبد الرزاق. وتابعه عبد الله- وهو ابن المبارك-: أخبرنا معمر ... دون الشطر الآخر: أخرجه البخاري (9/241) . ثم أخرجه من طريق الأعرج عن أبي هريرة ... بتمامه. وأخرجه الترمذي (782) ، والنسائي في " الكبرى " (ق 63/2) ، وابن خزيمة (2168) من هذا الوجه ... دون الشطر الآخر. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "؛ وذكروا فيه رمضان. وقد جاء ذكره في أحاديث أخرى، أظن أني خرجتها في "الإرواء " (2004) ، وراجع " الترغيب "، والحديث الآتي. 2122- عن أبي سعيد قال: جاءتِ امرأةٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله! إن زوجي صَفْوانَ بن المُعَطَّلِ يضربني إذا صَلَّيْتُ، وُيفَطِّرني إذا صُمْتُ، ولا يصلَّي صلاةَ الفجر حتى تَطْلُعَ الشمس؟! قال: وصفوان عنده. قال: فسأله عَمَّا قالت؟ فقال: يا رسول الله! أمَّا قولها: يضربني إذا صليت؛ فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها! قال: فقال: " لو كانت سورةً واحدةً؛ لَكَفَتِ الناسَ ". وأما قولها: يُفَطِّرُني؛ فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شابٌ فلا أصبر! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها ". وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس؛ فإنا أهل بيت قد عُرِفَ لنا ذاك؛ لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس! قال: " فإذا استيقظت؛ فَصَل ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه ابن حبان والعسقلاني) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد. قال أبو داود: " رواه حماد- يعني: ابن سلمة- عن حميد وثابت عن أبي المتوكل ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه الإمام أحمد وابنه (3/80) ... بإسناد المؤلف ومتنه. وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/424) ، والحاكم (1/436) ، وعنه البيهقي (4/303) عن عثمان ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي. وتابعه أبو خيثمة: حدثنا جرير ... به. أخرجه ابن حبان (956) . وتابعه أبو بكر بن عياش عن الأعمش ... به: أخرجه أحمد (3/84- 85) . وشريك عن الأعمش ... مختصراً جداً؛ بلفظ:

75- باب في الصائم يدعى إلى الوليمة

" لا تصومي إلا بإذنه ". أخرجه الدارمي (2/12) . وقد أُعِل بما لا يقدح، فقال الحافظ في "الفتح " (8/272) : " قال البزار: هذا الحديث كلامه منكر، ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة، فدلّسه، فصار ظاهر سنده الصحة، وليس للحديث عندي أصل. انتهى. وما أعله به ليس بقادح؛ لأن ابن سعد صرح في روايته بالتحديث ببن الأعمش وأبي صالح، ورجاله رجال "الصحيح ". ولما أخرجه أبو داود بعده عن أبي المتوكل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذه متابعة جيدة تؤْذِنُ بأن للحديث أصلاً ... " إلخ. وصرح في "الإصابة " بأن إسناده صحيح، وأجاب عما استنكره البزار وغيره بكلام جيد، سبقه إليه ابن القيم في "تهذيب السن " (3/336) ؛ فليرجع إليه من شاء. (تنبيه) : الحديث عزاه في "المشكاة " (3269) لابن ماجه أيضاً! خلافاً لـ "تحفة المزي " (4012) . 75- باب في الصائم يدعى إلى الوليمة 2123- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إ إذا دُعِيَ أحدكم؛ فليجب، فإن كان مفطراً؛ فَلْيَطْعَمْ، وإن كان صائماً؛ فَلْيُصَلِّ ". قال هشام: والصلاة: الدعاء. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي) .

76- باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام

إسناده: حدثنا عبد الله بن سعيد: ثنا الوليد عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة. قال أبو داود: " رواه حفص بن غياث أيضاً "، قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. وهشام: هو ابن حسان. والوليد: هو ابن مسلم، وقد توبع كما أشار إليه المؤلف ويأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/279 و 507) ، والبيهقي (4/263) من طرق أخرى عن هشام ... به. وقال مسلم (4/153) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث عن هشام ... به. وتابعه أيوب عن محمد بن سيرين ... به نحوه. أخرجه الترمذي (780) - وقال: " حسن صحيح "-، وأحمد (2/489) . 76- باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام 2124- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا دُعِيَ أحدكم إلى طعام وهو صائم؛ فليقل: إني صائم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه مسلم. وصححه الترمذي) .

77- باب الاعتكاف

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري، ولكنه قد توبع كما يأتي. وسفيان: هو ابن عيينة. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (3/64) ، وأحمد (2/242) ، والحميدي في "مسنده " (1012) قالوا: حدثنا سفيان ... به. وأخرجه مسلم (3/157) ، وابن ماجه (1/532) من طريق ابن أبي شيبة. وهما، والترمذي (781) ، والدارمي (2/16) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الترمذي: "حسن صحيح ". وتابعه المَقْبرِيُّ عن أبي هريرة ... مثله: أخرجه الحميدي (1013) . وسنده جيد. 77- باب الاعتكاف 2125- عن عائشة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان؛ حتى قبضه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وإسناد مسلم إسناد المؤلف) .

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن عُقَيْل عن الزهري عن عروة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/175) ، والنسائي في " الكبرى" (ق 68/2) ، وأحمد (6/92) : حدثنا قتيبة بن سعيد ... به. وأخرجه البخاري والبيهقي من طريق أخرى عن الليث ... به. وهو مخرج في " الإرواء " (966) . وتابعه معمر وابن جريج عن الزهري ... به؛ دون اعتكاف الأزواج: أخرجه ابن الجارود (407) ، وابن حبان في "صحيحه " (916) . وأخرجاه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... به. وكذلك أخرجه ابن خزيمة (2223) ؛ لكنه لم يذكر معمراً. وحديث أبي هريرة: عند البخاري من طريق أخرى عنه. وأخرجه أحمد (2/281) ... مثل رواية ابن الجارود وابن حبان. 2126- عن أُبَي بن كعب: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فلم يعتكف عاماً، فلما كان العام المقبل؛ اعتكف عشرين ليلة. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي. ورواه البخاري وابن خزيمة عن أبي هريرة. وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث أنس) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن أبي رافع عن أُبي بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. والحديث أخرجه ابن ماجه (1/537- 538) ، وابن خزيمة (2225) ، وابن حبان (917) ، والطيالسي (953- ترتيبه) ، والنسائي في " الكبرى " (ق 71/2) ، والبيهقي (4/314) ، وأحمد (5/141) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وأخرجه الحاكم (1/439) ، وقال: " صحيح "، ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (4/229) ، والدارمي (2/27) ، وابن ماجه (1/537) ، وابن خزيمة (2221) ، والبيهقي. وسيأتي برقم (2130) . ومن حديث أنس: عند الترمذي (803) ، وصححه ابن خزيمة (2226 و2227) ، وابن حبان (918) ، والحاكم- وقال: " صحيح على شرط الشيخين "-، والبيهقي، وأحمد (3/104) . وسنده ثلاثي. 2127- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يعتكف؛ صلى الفجر ثم دخل مُعْتَكَفَهُ. قالت: وإنه أراد مَرةً أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت: فأمَرَ ببنائه فضُرِبَ، فلما رأيتُ ذلك؛ أمَرتُ ببنائي فضرِبَ، قالت: وأمر غيري من أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببنائه فضُرِب. فلما صلى الفجر؛ نظر

إلى الأبنية فقال: " ما هذه؟ آلبِر تُرِدْنَ؟! ". فأمر ببنائه فَقُوضَ، وأمَرَ أزواجه بأبنيتهن فَقُوَّضَتْ، ثم أخَّر الاعتكاف إلى العشر الأول، يعني: من شوال. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه ابن خزيمة وابن الجارود) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية ويعلى بن عبيد عن يحيى ابن سعيد عن عمرة عن عائشة. قال أبو داود: " رواه ابن إسحاق والأوزاعي عن يحيى بن سعيد ... نحوه. ورواه مالك عن يحيى بن سعيد قال: اعتكف عشرين من شوال ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (3/175) ، والبيهقي (4/315) من طريق يحيى بن يحيى: أبَنَا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد ... به. وقال أحمد (6/226) : ثنا يعلى بن عُبَيْدٍ قال: ثنا يحيى ... به. وأخرجه النسائي (1/116) ، وابن ماجه (1/538) ، وابن الجارود (408) ، وابن خزيمة (2217) من طرق أخرى عن يعلى بن عبيد ... به. وأما مُعَلقُ ابن إسحاق والأوزاعي؛ فوصلهما مسلم. ووصله البخاري (4/229) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (ق 69/1) ، وأحمد (6/84) عن الأوزاعي وحده. والبخاري (4/423) عن مالك، وهو في " الموطأ" (1/295) .

78- باب أين يكون الاعتكاف؟

ثم أخرجه البخاري ومسلم والنسائي في "الكبرى"، وابن خزيمة (2224) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وكذا عبد الرزاق (8031) . (تنبيه) : قوله في رواية مالك المعلقة: عشرين! كذا وقع في كل نسخ الكتاب التي وقفت عليها- ومنها نسخة "عون المعبود" (1/308) -! وهو عندي خطأ؛ لمخالفته ما في "الموطأ" و "البخاري ". والصواب: عشراً.. ويظهر أنه خطأ قديم؛ فإنه وقع كذلك في "مختصر السنن " للمنذري (2355) ! 2128- وفي رواية معلقة: اعتكف عشراً من شوال. (قلت: وصلها مالك، وعنه البخاري) . 78- باب أين يكون الاعتكاف؟ 2129- عن ابن عمر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. قال نافع: وقد أراني عبدُ الله المكانَ الذي كان يعتكف فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المسجد. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم بتمامه، والبخاري دون قول نافع) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: أخبرنا ابن وهب عن يونس أن نافعاً أخبره عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير المهري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي.

والحديث أخرجه مسلم (3/174) ، وابن ماجه (1/539) ، والبيهقي (4/315) من طريقين آخرين عن ابن وهب ... به. وأخرجه البخاري (4/219) من طريق ثالث عن ابن وهب؛ دون قول نافع: وقد أراني عبد الله ... وكذا رواه موسى بن عقبة عن نافع ... به. أخرجه أحمد (2/133) . وكذا عيسى بن عمر بن موسى عن نافع ... به: أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة (2236) . وله عنده (2237) ، وكذا أحمد (2/67) طريق أخرى عن ابن عمر ... به. 2130- عن أبي هريرة قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف كُل رمضان عَشَرَةَ أيام. فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه؛ اعتكف عشرين يوماً. (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه البخاري وابن خزيمة) . إسناده: حدثا هَنَّادٌ عن أبي بكر عن أبي حَصِينٍ عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن؛ للخلاف المعروف في أبي بكر- هو ابن عياش-. والحديث صحيح، له شواهد تقدم أحدها برقم (2126) . والحديث أخرجه ابن ماجه ... بإسناد المصنف هذا. وأخرجه البخاري وغيره من طرق أخرى عن أبي بكر بن عياش ... به. وقد مضى تخريجه تحت الشاهد المشار إليه آنفاً.

79- باب المعتكف يدخل البيت لحاجته

79- باب المعتكف يدخل البيت لحاجته 2131- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اعتكف؛ يُدْنِي إليّ رأسَهُ فأرجلُهُ، وكان لا يَدْخُلُ البيتَ إلا لحاجة الإنسان. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وأحد أسانيدهما كأحد إسنادي المصنف، والترمذي. وصححه هو وابن الجارود وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَةَ عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة. حدثنا قتيبة بن سعيد وعبد الله بن مسلمة: قالا: ثنا الليث عن ابن شهاب عن عروه وعمرة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه. قال أبو داود: " وكذلك رواه يونس عن الزهري. ولم يتابع أحد مالكاً على: عروة عن عمرة. ورواه معمر وزياد بن سعد وغيرهما عن الزهري عن عروة عن عائشة". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ على خلاف ببن مالك والليث كما يأتي بيانه في إسناده، لا يضر في صحته؛ وقد أخرجاه كما سأبينه. والحديث في "موطأ مالك " (1/290- 291) ... بإسناده ومتنه. وقد أخرجه مسلم (1/167) - والبيهقي (4/315) - من طريق يحيى بن يحيى-، وأحمد (6/262) - من طريق إسحاق بن عيسى- كلاهما عن مالك ... به.

وأخرجه ابن خزيمة (2231) ، والبيهقي من طريق عبد الله بن وهب: أخبرني يونس ومالك والليث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة. فقال ابن وهب: عن مالك ... عن عروة وعمرة؛ فجمع بينهما! وإنما هذا من رواية الليث ويونس. قال البيهقي- عقبه-: " وكأنه حمل رواية مالك على رواية الليث ويونس. وأما مالك؛ فإنه يقول فيه: عن عروة عن عمرة ". وأقول: الأقرب: أنه رواية عن مالك؛ فقد رواه بعضهم: عن مالك ... فوافق الليث: أخرجه النسائي- كما قال الحافظ في "الفتح " (4/220) -، وهو في "الصيام " من "كبرى النسائي " (ق 70/2) . بل قال الترمذي في "سننه " (رقم 804) : حدثنا أبو مصعب المدني- قراءة- عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروه وعمرة ... به، وقال: " حديث حسن صحيح. هكذا رواه غير واحد عن مالك عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة. ورواه بعضهم عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة. والصحيح: عن عروة وعمرة عن عائشة. حدثنا بذلك قتيبة: حدثنا الليث بن سعد ... " فذكره مثل رواية المؤلف. وكذلك أخرجه البخاري (4/220) ، ومسلم والنسائي في "الكبرى" عن قتيبة ... به. ومسلم وابن ماجه (1/540) عن محمد بن رُمْح: أخبرنا الليث ... به. وأما مُعَلقُ يونس؛ فوصله النسائي وابن الجارود (409) ، وابن خزيمة (2230) .

وأما معَلق معمر؛ فوصله عبد الرزاق في "المصنف " (1/324/1247) ، والنسائي أيضاً.. ليس فيه: عمرة. وكذلك وصله النسائي عن زياد بن سعد. وخلاصة القول: أن الصواب رواية الليث، وأن الباقين اختصروا منه ذكر عمرة. وأن مالكاً اختلف عليه فيه؛ والصحيح عنه كرواية الليث. 2132- عن عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكون معتكفاً في المسجد، فيناولني رأسه من خَلَلِ الُحجْرةِ؛ فأغْسِلُ رأسه- وقال مسدد: فأرجِّله وأنا حائض-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين- أو مسلم-. وقد أخرجاه وابن خزيمة وابن الجارود) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قلت: وهذا إسناد، صحيح على شرط الشيخين؛ إن كان حماد هو ابنَ زيد، وعلى شرط مسلم إن كان ابنَ سلمة، وقد توبع ممن هو من رجال الشيخين كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (1/318 و 4/220) ، ومسلم (1/168) ، وابن خزيمة (2232) ، وابن ماجه (1/218) ، وابن الجارود (104) ، وأحمد (6/50 و100 و 204) من طرق عن هشام بن عروة ... به. ثم أخرجه مسلم والنسائي (1/68) ، وعبد الرزاق (1247) ، وأحمد (6/32 و230 و 234 و 272) من طرق أخرى عن عروة ... به.

وتابعه الأسود عن عائشة ... به. أخرجه البخاري (4/221) ، ومسلم والنسائي والبيهقي (4/316) ، وعبد الرزاق (1248) ، وأحمد (6/55 و 170 و 189 و 261) . 2133- عن صَفِيةَ قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته؛ ثم قمت فانقلبت، فقام معي لِيَقْلِبَنِي- وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد-، فَمَرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أسرعا، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " على رِسْلِكمَا؛ إنها صفية بنت حيَيَّ ". قالا: سبحان الله! يا رسول الله! قال: " إن الشيطان يَجْرِي من الإنسان مَجْرَى الدم، فخشيتُ أن يَقْذِفَ في قلوبكما شيئاً- أو قال: شراً- ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان وابن خزيمة في "صحاحهم ") . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن شَبوَيْهِ المَرْوَزِيّ: حدثني عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن شبويه، وهو ثقة، وقد توبع ممن هو من رجال الشيخين كما يأتي. والحديث في "مصنف عبد الرزاق " (8065) ... بإسناده ومتنه. ومن طريقه: أخرجه البخاري (6/261) ، ومسلم (7/8) ، والنسائي في "الكبرى" (ق 63/2) ، وابن خزيمة (2233) ، وأحمد (6/337) كلهم عن

عبد الرزاق ... به. وخالفه هشام بن يوسف، فرواه عن معمر عن الزهري عن علي بن الحسين ... مرسلاً: أخرجه البخاري (4/227) . لكن تابعه جمع عن الزهري ... به موصولاً: منهم: شعيب بن أبي حمزة: في رواية المصنف الآتية. ومنهم: عبد الرحمن بن خالد بن مُسافر: عند البخاري (4/227 و 6/159) ، والبيهقي (4/221) . ومحمد بن أبي عَتِيق: عند البخاري (4/227 و 10/493) . وعثمان بن عمر بن يونس بن عبيد الله بن معمر: عند ابن ماجه (1/541) . 2134- وفي رواية عنها ... بهذا؛ قالت: حتى إذا كان عند باب المسجد الذي عند باب أم سلمة؛ مَر بهما رجلان ... وساق معناه. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " بإسناد المؤلف، وأخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس: ثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري ... بإسناده بهذا قالت ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير ابن فارس، فهو على شرط البخاري، ولكنه قد تابعه البخاري نفسه وغيره كما يأتي. والحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (2234) ... بإسناد المصنف

80- باب المعتكف يعود المريض

ومتنه أتم منه. وقال البخاري (4/224 و 10/493) : حدثنا أبو اليمان ... به؛ وساقه بتمامه نحوه. وكذلك قال الدارمي (2/27) : حدثنا أبو اليمان ... به؛ إلا أنه لم يسقه بتمامه. بخلاف مسلم؛ فإنه رواه (7/8- 9) عن الدارمي ... بتمامه. ورواه البيهقي (4/224) من طريقين آخرين عن أبي اليمان ... به. وتابعه بشر بن شعيب عن أبيه ... به: أخرجه النسائي في "الكبرى" (69/2) . (تنبيه) : وقع في "سنن الدارمي " وصف المسجد بـ: (الحرام) ! وهو خطأ فاحش، والظاهر أنه من الناسخ أو الطابع. وكذلك وقع فيه: أبو النعمان.. بدل: أبو اليمان! وهو خطأ أيضاً. ووقع في "مسلم " على الصواب، وهو رواه عن الدارمي كما تقدم. 80- باب المعتكف يعود المريض 2135- عن عائشة: أنها قالت: السنةُ على المعتكف: أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يَمَس امرأة، ولا يُباشِرَها، ولا يَخْرُجَ لحاجة؛ إلا لما لا بُدَّ منه. ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع. (قلت: إسناده حسن صحيح) .

إسناده: حدثنا وَهْبُ بن بَقِيَّةَ: أخبرنا خالد عن عبد الرحمن- يعني: ابن إسحاق- عن الزهري عن عروة عن عائشة ... قال أبو داود: " غير عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت: السنة ". قال أبو داود: " جعله قول عائشة ". قلت: وهذا إسناد حسن، ورجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ على ضعف يسير في عبد الرحمن بن إسحاق، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن. وإعلال المصنف لحديثه- بمخالفته لغيره- يرده أنه تابعه ابن جريج: عند الدارقطني، والليث: عند البيهقي، كما خرجته في " الإرواء" (966) . ويؤيد هذا: أنه ذكره (4/317) معلقاً من رواية الزهري عن عروة عن عائشة ... وقال عقبه: " كذا رواه غير واحد عن الزهري ". فقول الدارقطني: " يقال: إن قوله: والسنة للمعتكف ... مدرج في الحديث من كلام الزهري "! غير مقبول؛ كيف لا وقد اتفق الليث وابن جريج مع عبد الرحمن بن إسحاق في جعله من قول عائشة؟! فاتفاقهم يبعد شبهة خطأ عبد الرحمن في ذلك. وهذا الجواب أولى مما أجاب به ابن القيم في "تهذيب السنن " (3/348- 349) ؛ فراجعه إن شئت. وحينئذ؛ فهو في حكم المرفوع، كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث. والحديث رواه البيهقي (4/321) من طريق المؤلف.

2136- عن ابن عمر: أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلةً ... عند الكعبة، فسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: " اعتكف ... ". إسناده: حدثنا أحمد بن إبراهيم: ثنا أبو داود: ثنا عبد الله عن عمرو بن دينار عن ابن عمر. 2137- زاد في رواية: فبينما هو معتكف؛ إذ كَبَّرَ الناس، فقال: ما هذا يا عبد الله؟! قال: سَبْيُ هَوَازِنَ، أعتقهم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: وتلكَ الجاريةُ فأرْسِلْها معهم. (قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه الشيخان) . إسناده: حدثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح القرشي: ثنا عمرو بن محمد عن عبد الله بن بُدَيْلِ ... بإسناده نحوه قال ... قلت: مدار الإسنادين على عبد الله بن بديل، وفيه ضعف، ولكن لما كان الحديث قد صح من غير طريقه؛ أوردته هنا، بعد أن حذفت منه زيادتين، تفرد بهما دون كل الثقات: الأولى: قوله- بعد: ليلة-: أو يوماً. والأخرى: قوله- بعد: " اعتكف "-: " وصم ". وقد أشرت إلى الحذف بوضع النقط مكان الحذف. وقد أنكر زيادة: " وصم ":

81- باب في المستحاضة تعتكف

الحافظُ أبو بكر النيسابوري وغيره، كما بينته في الكتاب الآخر " ضعيف أبي داود " (425) . أما زيادة: أو يوماً.. فلم تقع في شيء من الروايات الصحيحة مجموعة إلى ما قبلها: ليلة أو يوماً.. وإنما اختلفوا، فبعضهم قال: ليلة.. وبعضهم قال: يوماً.. كما بينه العلامة ابن القيم في "تهذيب السنن " (3/346) . وأكثر الروايات على الأول. ولذلك شك ابن خزيمة في ثبوت اللفظ الآخر (3/347) . وجزم الحافظ في "الفتح " (4/221) بأنه شاذ. وأما سائر الحديث؛ فهو صحيح ثابت من رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر ... به. أخرجه البخاري (6/191- 192) ، ومسلم (5/89) ، وابن خزيمة (2229) ، وأحمد (2/35 و 153) من طرق عنه. وتابعه عبيد الله عن نافع ... به. وسيأتي في الكتاب آخر "الأيمان والنذور". 81- باب في المستحاضة تعتكف 2138- عن عائشة رضي الله عنها: اعتكفتْ مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةٌ من أزواجه؛ فكانت ترى الصفْرَةَ والحُمْرَةَ، فَرُبَّما وضعنا تحتها الطسْتَ وهي تصلِّي. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بإسناد

المصنف) . إسناده: حدثنا محمد بن عيسى وقتيبة بن سعيد قالا: ثنا يزيد عن خالد عن عكرمة عن عائشة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. وعكرمة: هو البربري أبو عبد الله المدني مولى ابن عباس. وخالد: هو الحذاء. ويزيد: هو ابن زريع. والحديث أخرجه البخاري (1/327 و 4/226) ... بإسناد المصنف. وأخرجه البيهقي (4/223) من طريقه. ثم أخرجه هو، وابن ماجه (1/542) ، وأحمد (6/131) من طرق أخرى عن يزيد بن زُريع ... به. وتابعه يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة أو عكرمة قال: كانت زينب تعتكف مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تُرِيقُ الدم، فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة. أخرجه الدارمي (1/220) ؛ وإسناده صحيح مرسل. انتهى (كتاب الصيام) وبه ينتهي النصف الأول من "صحيح سنن أبي داود"

ويليه النصف الثاني وأوله: (كتاب الجهاد) وكان الفراغ من كتابته منتصف ليلة الثلاثاء27 ذي القعدة سنة 1397 هـ وأنا أستعد للسفر إلى الحج بالسيارة صُبْحَ الخميسِ الآتي، يسَّره الله لي وتقبَّله مني وصالحَ عملي إنه سميع مجيب وصلى الله على محمد النبي الأمَيِّ وآله وصحبه وسلم

9- أول كتاب الجهاد

بسم الله الرحمن الرحيم 9- أول كتاب الجهاد 1- باب ما جاء في الهجرة وسكْنى البَدْوِ 2139- عن أبي سعيد الخدري: أن أعرابيّاً سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الهجرة؟ فقال: " ويحَكَ! إن شأن الهجرة شديد، فهل لك من إبل؟ ". قال: نعم. قال: " فهل تؤدي صدقتها؟ ".. قال: نعم. قال: " فاعمل من وراء البحار؛ فإن الله لن يَتِرَكَ من عملك شيئاً". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان، وابن حبان (3238)) . إسناده: حدثنا مؤَمَّلُ بن الفضل: ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير مؤمل بن الفضل، وهو ثقة، وقد توبع عند الشيخين وغيرهما كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (3/245 و 5/187 و 7/207 و 10/456) ، ومسلم (6/28- 29) ، والنسائي (2/182) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به. وإسناده مسلسل بالتحديث عند مسلم ورواية البخاري. وتابعه أبو إسحاق الفَزَارِي عن الأوزاعي ... به: أخرجه أحمد (3/14) . وإسناده صحيح أيضاً على شرطهما؛ والفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.

(2240) (*) - عن المِقْدَامِ بن شُرَيْح عن أبيه قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها عن البَداوة؟ فقالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدُو إلى هذه التِّلاعِ، وإنه أراد البَدَاوة مَرةً، فأرسل إليَّ ناقةً محرَّمةً من إبل الصدقة، فقال لي: " يا عائشة! ارْفُقِي؛ فإن الرفْقَ لم يكن في شيء قطّ إلا زانَهُ، ولا نُزِعَ من شيء إلا شانَهُ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان. وأخرجه مسلم دون ذكر البداوة إلى التلاع) . إسناده: حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: ثنا شَرِيك عن المقدام بن شريح. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لشريك- وهو ابن عبد الله القاضي- متابعة؛ لضعف في حفظه، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه ابن حبان (1995) من طريق أخرى عن عثمان بن أبي شيبة ... به. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (580) : حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا شريك ... به؛ دون قوله: " يا عائشة! ... ". وقد تابعه على هذا.. شعبة عن المقدام ... به: أخرجه البخاري أيضاً (469 و475) ، ومسلم (8/22- 23) ، وأحمد (6/125 و 171) ؛ وزاد مسلم وأحمد في رواية:

_ (*) كذا أصل الشيخ رحمه الله، قفز الترقيم مئة رقم. (الناشر) .

2- باب في الهجرة؛ هل انقطعت؟

ركبتْ عائشةُ بعيراً، فكانت فيه صعوبة، فجعلت تردَّده، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عليك بالرفق ... " الحديث. وتابعه إسرائيل عن المقدام؛ بلفظ: خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى البادية إلى إبل الصدقة، فأعطى نساءه بعيراً بعيراً غيري، فقلت: يا رسول الله! أعطيتهن بعيراً بعيراً غيري؟! فأعطاني بعيراً آدَدَ صعباً، لم يُرْكَبْ عليه، فقال: " يا عائشة! ... " الحديث. أخرجه أحمد (6/112) ؛ وسنده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه (6/58 و 222) من طرق أخرى عن شريك ... بتمامه. 2- باب في الهجرة؛ هل انقطعت؟ 2241- عن معاوية قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التَوبةُ، ولا تنقطع التوبةُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربها ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن حَرِيز عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن أبي هند عن معاوية. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي هند؛ فإنه مجهول، لكنه قد توبع كما بينته في "إرواء الغليل " (1208) ، فأغنى عن الإعادة.

وقد أخرجه النسائي في "الكبرى"، والدارمي وأحمد- وله عنده طرق-، وبعضها في "صحيح ابن حبان "، كما بينته هناك. فلا يضره قول الخطابي- وتبعه المنذري-: " في إسناده مقال "! 2242- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الفتح فتح مكة-: " لا هجرة، ولكن جهادٌ ونيةٌ، وإذا اسْتُنْفِرْتم، فانفِروا ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وابن الجارود. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (6/28) من طرق أخرى عن جرير ... به. وأخرجه هو، والبخاري وابن الجارود وغيرهم من طرق أخرى عن منصور ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1187) ، مع شواهد له من حديث عائشة وصفوان ابن أمية وغيرهما. 2243- عن عامر قال: أتى رجلٌ عبدَ الله بن عَمرو- وعنده القوم- حتى جلس عنده، فقال: أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجرُ مَنْ هَجَرَ ما نهى الله عنه ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه) . إسناده: حدثا مسدد: ثنا يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد: ثنا عامر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو من رجال البخاري وحده، لكنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/163 و 192) : ثنا يحيى بن سعيد ... به. وأخرجه النسائي (2/267) من طريق أخرى عن يحيى ... به. وأخرجه البخاري (1/267) ، وأحمد (2/193 و 212 و 224) من طريق زكريا- وهو ابن أبي زائدة- عن عامر: سمعت عبد الله بن عمرو ... به مرفوعاً. وتابعه شعبة عن إسماعيل وعبد الله بن أبي السَّفَرِ عن الشعبي ... به: أخرجه أحمد (2/205 و 212) . وله عنده (2/206 و 215) طريق أخرى عن موسى بن علَيّ قال: سمعت أبي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص قال. سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " تدرون من المسلم؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم! قال ... (فذكر الشطر الأول منه) . قال: " تدرون من المؤمن؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم! قال: " مَنْ أمِنَه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، والمهاجر مَنْ هَجَرَ السوء واجتنبه ". وسنده صحيح على شرط مسلم.

3- باب في سكنى الشام

3- باب في سُكْنَى الشام 2244- عن ابن حَوالة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سيصير الأمرُ إلى أن تكونوا جُنوداً مُجَندَةً: جندٌ بالشام، وجندٌ باليمن، وجندٌ بالعراق ". قال ابن حَوَالة: خِرْ لي يا رسول الله! إن أدركت ذلك؟ فقال: " عليك بالشام؛ فإنها خيرةُ الله مِنْ أرضه، يَجْتَبِي إليها خِيرتَهُ من عباده. فأما إن أبيتم؛ فعليكم بيمنكم، واسقوا من غُدُركم؛ فإن الله توكل لي بالشام وأهله ". (قلت: إسناده صحيح، وله طرق صحَّح أحدَها الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا حَيْوَةُ بن شُريح الحَضْرَمِيُّ: ثنا بقية: حدثني بَحِيرٌ عن خالد - يعني: ابن مَعْدَانَ- عن أبي قُتَيْلَة عن ابن حوالة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وبقية- وهو ابن الوليد الحمصي- إنما يُخْشَى منه التدليس، فقد صرح بالتحديث. وبَحِيرٌ: هو ابن سَعْد السحُوليُ الحمصي. وأبو قتيلة- مصغراً-: اسمه مَرْثَدُ بْنُ وَداعَةَ الجعْفِيُ، صحابي مُقِل. والحديث أخرجه أحمد (4/110) : ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد رَبهِ قالا: ثنا بقية ... به. وله طرق أخرى، أشرت إليها وخرجتها في "فضائل الشام "، رقم الحديث (2) ، صحح أحدَها الحاكمُ والذهبيُ.

4- باب في دوام الجهاد

4- باب في دوام الجهاد 2245- عن عِمْران بن حُصَيْنٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوَأهُمْ، حتى يُقاتِلَ آخرهم المسيحَ الدَّجَّالَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن قتادة عن مُطَرف عن عمران. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وكذلك صححه الحاكم (2/71 و4/450) ، ووافقه الذهبي؛ وقد خرجته في "الصحيحة " (1959) . 5- باب في ثواب الجهاد 2246- عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه سُئِلَ: أي المؤمنين أكملُ إيماناً؟ قال: " رجل يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، ورجل يعبد الله في شِعْب من الشعَاب، قد كُفِىَ الناسُ شَرَّهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو والبخاري. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا سليمان بن كَثِيرٍ: ثنا الزهري عن

6- باب النهي عن السياحة

عطاء بن يزيد عن أبي سعيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير سليمان بن كثير، فهو على شرط مسلم وحده، وقد توبع كما يأتي. وعلقه البخاري (11/278) عنه وعن غيره. ووصله هو، ومسلم (6/39) وغيرهما من طرق أخرى عن الزهري ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقد خرجته في "الإرواء" (1193) . 6- باب النهي عن السِّيَاحَةِ 2247- عن أبي أمامة: أن رجلاً قال: يا رسول الله! ائذن لي في السياحة؟ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن سياحةَ أمتي: الجهاد في سبيل الله تعالى ". (قلت: حديث حسن- أو صحيح-، وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن عثمان التَّنُوخِيُ: ثنا الهيثم بن حُمَيْدِ: أخبرني العلاء بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة. قلت: وهذا إسناد حسن؛ إن سلم من اختلاط العلاء بن الحارث؛ فإنه ثقة. وكذلك سائر رجاله؛ على ضعف يسير في القاسم أبي عبد الرحمن؛ وبه أعله المنذري، فقال في "مختصره ":

" القاسم هذا تكلم فيه غير واحد "! فلم يصنع شيئاً؛ فإن كل من كان حسن الحديث؛ فهو متكلم فيه، بل وقد يكون صحيح الحديث أيضاً، وإنما يضر في الراوي من الكلام ما كان جرحاً مفسراً مسقطاً لحديثه! وليس القاسم كذلك، وإنما هو وسط. وقد أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب ": " صدوق ". وتناقض الحافظ العراقي في هذا الحديث، فقال مرة في "تخريج الإحياء" (1/396) : " ضعيف ". وقال في موضع آخر (3/36) : " إسناده جيد "! قلت: وكان يكون كذلك، لولا اختلاط العلاء كما ذكرناه. لكن للحديث شاهد من رواية سعد بن مسعود الكندي ... مرفوعاً، وفيه قصة ابن مظعون في الترهُب وغيره. أخرجه ابن المبارك في "الزهد"، وعنه البغوي في "شرح السنة" (رقم 484- طبع المكتب الإسلامي) . وفي سنده ضعيفان، وكنت ذكرت في تخريجي الأول "للمشكاة" (724) أني لم أقف على سنده، ولذلك فاتني أن أنبه على خطأ وقع لمؤلفه، وهو أنه جعله من (مسند عثمان بن مظعون) ! وإنما هو من (مسند سعد بن مسعود) كما ذكرنا. والحديث أخرجه الحاكم (2/73) من طريق التنوخي ... به، وصححه هو والذهبي!

7- باب في فضل القفل في سبيل الله تعالى

7- باب في فضل القَفْل في سبيل الله تعالى 2248- عن عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "قَفْلَةٌ كَغَزْوَة". (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا محمد بنِ المُصَفَّى: ثنا علي بن عَيَاش عن الليث بن سعد: ثنا حَيْوة عن ابن شُفَي عن شُفيَ بن مَاتِع عن عبد الله- هو ابن عمرو-. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن شفَي: اسمه حسين. والحديث أخرجه أحمد (2/174) : ثنا إسحاق- يعني: ابن عيسى-: حدثني ليث بن سعد ... به. ورواه الحاكم (2/73) من طريق محمد بن المصفى ... به؛ إلا أنه سقط من إسناده قوله: عن شفي بن ماتع ... وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! ورواه ابن الجارود (1039) عن الليث. 8- باب فضل قتال الروم على غيرهم من الأمم 9- باب في ركوب البحر في الغزو [ليس تحتهما حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف "]

10- باب في فضل الغزو في البحر

10- باب في فضل الغزو في البحر 2249- عن أنس بن مالك قال: حدثتني أمّ حَرامٍ بنتُ مِلْحَانَ أُخْتُ أمِّ سُلَيْمٍ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عندهم، فاستيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: يا رسول الله! ما أضْحَكَكَ؟! قال: " رأيت قوماً ممن يركب ظَهْرَ هذا البحرِ كالملوك على الأسِرّةِ ". قالت: قلت: يا رسول الله! ادْعُ الله أن يجعلَني منهم! قال: " فإنَّكِ منهم ". قالت: ثم نام، فاستيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: يا رسول الله! ما أضحكك؟! فقال مِثْلَ مقالته. قلت: يا رسول الله! ادْع الله أن يجعلَني منهم! قال: " أنتِ من الأولين ". قال: فتزوََّجها عُبادة بن الصامت فغزا في البحر، فحملها معه، فلمَّا رجع؛ قربَتْ لها بغلة لتركبها، فصرعتها، فاندقَّتْ عنُقُهَا، فماتت. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا سليمان بن داود العَتَكِيّ: ثنا حَمَّاد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حَبّان عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي.

والحديث أخرجه البخاري (6/67) ، ومسلم (6/50) ، والنسائي (2/64) ، والدارمي (2/210) ، وابن ماجه (2/177) ، والبيهقي (9/166) من طرق أخرى عن حماد بن زيد ... به. وكذا رواه أحمد (6/423) . ثم أخرجه هو (6/361 و 423) ، والبخاري (6/14) ، والبيهقي من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد ... به. وله طريق أخرى عن أنس، وهي الآتية بعده: 2250- ومن طريق ثانية عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذهب إلى قُبَاءَ؛ يدخل على أُمِّ حرام بنتِ مِلْحَانَ- وكانت تحت عبادة بن الصامت-، فدخل عليها يوماً، فأطعمته، وجلست تَفْلِي رأسه ... وساق الحديث. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في " الموطأ" (2/20) . ومن طريقه: البخاري (6/8 و 11/60 و 12/330) ، ومسلم (6/49) ، والترمذي (1645) ، والنسائي (2/63- 64) ، وأحمد (3/240) ، والبيهقي أيضاً (9/165) كلهم عن مالك ... به. وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ". وله طريق ثالث عن أنس ... به نحوه: أخرجه البخاري (6/58) ، ومسلم وأحمد (3/264- 265) . وله طريق ثانٍ عن أم حرام، وهو: 2251- عن أخت أمِّ سُلَيم الرُّمَيْصَاءِ قالت: نام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فاستيقظَ، وكانت تَغْسِلُ رأسها، فاستيقظ وهو يضحك، فقالت: يا رسول الله! أتضحك من رأسي؟! قال: "لا ... "، وساق هذا الخبر، يزيد وينقص. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا يحيى بن معين: ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أخت أم سُليم الرُمَيْصاء. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ والرميصاء- مصغراً-: هي أم حرام نفسها، وهي أخت أم سليم، كما هو مصرَّح به في هذا الإسناد. والحديث أخرجه أحمد (6/435) : ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر ... به نحوه؛ إلا أنه قال: عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت ... فذكره؛ ولم يسم المرأة. ووقع في "مصنف عبد الرزاق " (9629) ... بهذا الإسناد: أن امرأة حذيفة قالت ... ولم يَدْرِ محققه الأعظمي وجه هذا الاختلاف بين رواية المؤلف ورواية

"المصنف "، ولم يقف على رواية أحمد هذه! وإلا لتبين له- إن شاء الله- أن (حذيفة) محرف من (حدثته) ! وبالله التوفيق. 2252- عن أم حرام عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال: " المائد في البحرِ: الذي يُصِيبُه القَيْءُ؛ له أجر شهيد، والغَرِق له أجر شهيد". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا محمد بن بَكَّارٍ العَيْشي: ثنا مروان. (ح) وثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الجَوْبَرِيُ الدمشقي- المعنى- قال: ثنا مروان: أخبرنا هلال بن ميمون الرملي عن يعلى بن شداد عن أم حرام. قلت: إسناده حسن أو صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ على كلام يسير في الرملي هذا، ذكرته في "الإرواء"، وخرجت الحديث هناك (1194) . 2253- عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ثلاثةٌ كلُهم ضامن على الله عز وجل: رجلٌ خرج غازياً في سبيل الله؛ فهو ضامن على الله حتى يتوفاه، فيدخلَهُ الجنة، أو يَرُدهُ بما نال من أجر وغنيمة. ورجلٌ راح إلى المسجد؛ فهو ضامن على الله حتى يتوفاه، فيدخلَهُ الجنة، أو يَرُدّهُ بما نال من أجر وغنيمة. ورجل دخل بيته بسلام؛ فهو ضامن على الله عز وجل ".

(قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي والعسقلاني، وصححه ابن حبان (499)) . إسناده: حدثنا عبد السلام بن عَتِيقٍ: ثنا أبو مُسْهِر: ثنا إسماعيل بن عبد الله: ثنا الأوزاعي: حدثني سليمان بن حبيب عن أبي أمامة الباهلي. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه الحاكم (2/73) ، وعنه البيهقي (9/166) من طريق أخرى عن أبي مُسْهِرٍ عبد الأعلى بن مُسْهِرٍ الغَسانيِّ ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1094) من طريق عثمان بن أبي العاتكة قال: حدثني سليمان بن حبيب المحاربي ... به. والحديث قال الحافظ في "الفتح " (6/6) : " أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة بلفظ ... ". وأما قول المنذري في "مختصره " (3/361) - وإن تبعه صاحب "عون المعبود" (2/316) ؟! -: " وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي "! فوهم لا أدري وجهه؟! ولعله التبس عليه بحديث أبي هريرة: " تضمن الله لمن خرج في سبيله- لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي، وتصديق برسلي-: فهو عليَّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة ".

11- باب في فضل من قتل كافرا

أخرجه مسلم (6/33) . وأخرجه البخاري (6/167) ، والنسائي (2/56) ، ومالك (2/2- 3) ثلاثتهم بلفظ: "تكفل الله ... ". 11- باب في فضل من قَتَلَ كافراً 2254- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَجْتَمعُ في النار كافرٌ وقاتله أبداً ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه) . إسناده: حدثنا محمد بن الصَّبَّاحِ البَزَّازُ: ثنا إسماعيل- يعني: ابن جعفر- عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (6/41) من طرق أخرى عن إسماعيل بن جعفر ... به. وأحمد (2/397) من طريق أخرى عنه. ثم أخرجه (2/368 و 378 و 412) من طرق أخرى عن العلاء بن عبد الرحمن ... به. وتابعه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ... نحوه؛ ولفظه: " لا يجتمعان في النار اجتماعاً يضرُّ أحدهما الآخر ". قيل: من هم يا رسول الله؟! قال:

12- باب في حرمة نساء المجاهدين على القاعدين

" مؤمن قتل كافراً، ثم سدد ". أخرجه مسلم والنسائي (2/55) ، والحاكم (2/72) ، وأحمد (2/263 و 340 و399) . وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقد وهما في استدراكه عليه. 12- باب في حرمة نساء المجاهدين على القاعدين 2255- عن بُرَيْدَةَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُرْمَةُ نساء المجاهدين على القاعدين: كحرمة أمَّهاتهم. وما من رجل من القاعدين يَخْلُفُ رجلاً من المجاهدين في أهله؛ إلا نُصِبَ له يوم القيامة، فقيل له: هذا قد خَلَفَكَ في أهلك؛ فخذ من حسناته ما شئت ". فالتفت إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "ماظنكم؟! ". قال أبو داود: " كان قَعْنَبٌ رجلاً صالحاً. وكان ابن أبي ليلى أراد قعنباً على القضاء فأبى عليه. وقال قعنبٌ: أنا أريدُ الحاجة بدرهم، فأستعينُ عليها برَجُلٍ، قال: وأيُّنا لا يستعين في حاجته؟! قال: أخرجوني حتى أنظر؛ فأُخْرِجَ، فتوارى. قال سفيان: بينما هو متوارٍ؛ إذ وقع عليه البيتُ؛ فمات ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان) .

إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن قَعْنَب عن علقمة بن مَرْثَد عن ابن بريدة عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وابن بريدة: هو سليمان. وقعنب: هو التميمي الكوفي. وسفيان: هو ابن عيينة. والحديث أخرجه مسلم (6/43) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه البيهقي (9/173) عن المصنف. وأخرجه الحميدي في "مسنده " (907) ، وعنه البيهقي أيضاً: ثنا سفيان ... به. وأخرجه النسائي (2/67) : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن: حدثنا سفيان ... به؛ وزاد في آخره: " ترون يدع من حسناته شيئاً؟! ". ثم أخرجه هو، ومسلم وأحمد (5/352 و 355) ، وابن حبان (4615 و4616) ، وأبو عوانة (5/69- 73) - وبعضهم جعله من رواية عبد الله بن بريدة- من طرق أخرى عن علقمة بن مرثد ... به. وزاد مسلم- بعد قوله: " في أهله "-: "فيخونه فيهم ". ولأحمد معناها.

13- باب في السرية تخفق

13- باب في السَّرِيَّةِ تُخْفِقُ 2256- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما مِنْ غازيةٍ تغزو في سبيل الله، فيصيبون غنيمة؛ إلا تعجّلوا ثُلُثَيْ أجرِهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث. فإن لم يصيبوا غنيمة؛ تَمَّ لهم أجرهم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر بن مَيْسَرَةَ: ثنا عبد الله بن يزيد: ثنا حيوة وابن لهيعة قالا: ثنا أبو هانئ الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحُبُلِي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة؛ ولكنه مقرون؛ وقد أخرجه مسلم غير مقرون به كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/169) : حدثنا أبو عبد الرحمن: ثنا حيوة وابن لهيعة ... به. وأبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ. وحيوة: هو ابن شُرَيْحٍ التُجِيبِيُّ المصري. وأبو هانئ: اسمه حُمَيْدُ بن هانئ. وأبو عبد الرحمن الحُبُلِي: هو عبد الله بن يزيد المَعَافِرِيُّ. وأخرجه النسائي (2/57) ، والبيهقي (9/169) من طرق أخرى عن المقرئ ... به؛ إلا أن النسائي لم يُسَمِّ: ابن لهيعة! وإنما أشار إليه بقوله: وآخر ...

14- باب في تضعيف الذكر في سبيل الله تعالى

وهي طريقته المتبعة في (ابن لهيعة) إذا روى له مقروناً بـ (حيوة) ، يشير إليه ولا يسمَّيه. وأخرجه مسلم (6/47) ، وابن ماجه (2/181) عن القرى أيضاً ... به؛ إلا أنهما لم يذكرا: ابن لهيعة مطللقاً. واستدركه الحاكم (2/78) ؛ فوهم هو والذهبي! 14- باب في تضعيف الذكر في سبيل الله تعالى [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 15- باب فيمن مات غازياً 2257- عن أبي مالك الأشعري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من فصل في سبيل الله فمات ... ". (*) 16- باب في فضل الرِّباطِ 2258- عن فَضَالَةَ بن عُبَيْدِ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كل مَيِّتٍ (1) يُخْتَمُ على عمله؛ إلا المرابط؛ فإنه يَنْمُو له عَمَلُهُ إلى يوم القيامة، وُيؤَمنُ من فَتَانِ القَبْرِ ".

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله إلى "الضعيف "؛ فانظره ثمة (برقم 431) . (الناشر) . (1) الأصل: " الميت "، وهو رواية المصنف! والصواب ما أثبتنا، وهي رواية أحمد والترمذي وغيرهما.

17- باب في فضل الحرس في سبيل الله تعالى

(قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن وهب: حدثني أبو هانئ عن عمرو بن مالك عن فَضَالة بن عُبَيْدٍ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن مالك - وهو الجَنْبِيَ أبو علي-، وهو ثقة. وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ، المتقدم قبل حديث. والحديث أخرجه الحاكم (2/79) من طريق أخرى عن سعيد بن منصور ... باللفظ الذي أثبتنا. وكذلك أخرجه الترمذي (1621) ، واحمد (6/20) من طريق عبد الله بن المبارك: أخبرنا حيوة بن شريح ... به. وتابعه- عنده- رِشْدِين: حدثني ابن هانئ الخولاني ... به. وتابعه أيضاً حيوة بن شريح: عند ابن حبان (4605) . وله شاهد عن عقبة بن عامر ... به: أخرجه الدارمي (2/211) ، وأحمد (5/146 و 150) . وإسناده صحيح. 17- باب في فضل الحَرْسِ في سبيل الله تعالى 2259- عن سَهْلِ ابن الحَنْظَلِيَّةِ: أنهم ساروا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم (حُنين) ، فأطْنَبوُا السيْرَ، حتى كانت عشيةً، فحضرتُ صلاةً عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجلٌ فارس، فقال:

يا رسول الله! إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا؛ فإذا أنا بِهَوَازِن على بَكْرَة آبائهم- بِظُعنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وشائهم- اجتمعوا إلى (حنين) . فتبسم رسول الَله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: "تلك غنيمة المسلمين غداً إن شاء الله ". ثم قال: " من يَحْرُسُنا الليلة؟ ". قال أنس بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَويُ: أنا يا رسول الله! قال: " فاركب ". فركب فرساً له، فجاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " استقبل هذا الشِّعْبَ، حتى تكون في أعلاه، ولا نُغَرَّنَّ من قبلك الليلة ". فلما أصبحنا؛ خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال: " هل أحْسَسْتمْ فارسكم؟ ". قالوا: يا رسول الله! ما أحسسناه! فَثُوبَ بالصلاة، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يصلي- يلتفت إلى الشعْبِ، حتى إذا قضى صلاته وسلَّم؛ قال: " أبْشروا فقد جاء فارسكم! ". فجعلنا ننظر خِلالَ الشجَرِ في الشِّعْبِ؛ فإذا هو قد جاء، حتى وقف على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلّم، فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشِّعْبِ، حيث أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما أصبحت؛ طلعتُ الشعْبَيْنِ كليهما، فنظرت فلم أر أحداً! فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هل نزلت الليلة؟ ". قال: لا؛ إلاّ مصلياً أو قاضياً حاجة. فقال له

18- باب كراهية ترك الغزو

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد أوْجَبْتَ؛ فلا عليك أن لا تَعْمَلَ بعدها ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا أبو توبة: ثنا معاوية- يعني: ابن سَلام- عن زيد- يعني: ابن سَلام- أنه سمع أبا سلام قال: حدثني السَّلُولِي أبو كبشة أنه حدثه سهل ابن الحنظلية. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، كما تقدم برقم (850) . والحديث أخرجه النسائي في "الكبرى "- كما في "تحفة الأشراف " (4/95) - والبيهقي (9/149) من طريقين آخرين عن أبي توبة ... به. وتابعه مروان بن محمد: ثنا معاوية بن سلام ... به. 18- باب كراهية ترك الغزو 2260- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من مات ولم يَغْزُ، ولم يحدثْ نفسه بالغزو؛ مات على شُعْبَة من النفاق ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما "، وابن الجارود) . إسناده: حدثنا عَبْدَةُ بن سليمان المَرْوَزِي: أخبرنا ابن المبارك: أخبرنا وهيب - يعني: ابن الورد-: أخبرني عمر بن محمد بن المنكدر عن سُمَي عن أبي صالح

عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عبدة بن سليمان المروزي، وهو ثقة، وقد توبع عند مسلم وغيره كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (6/49) ، والنسائي (2/54) ، وأبو عوانة (5/84) ، وأحمد (2/374) ، والحاكم (2/79) من طرق عن ابن المبارك ... به؛ ومن شيوخ أبي عوانة فيه المصنف رحمه الله تعالى. وتابعه عبد الله بن رجاء عن عمر بن محمد بن المنكدر ... به: أخرجه ابن الجارود (ص 345/رقم 1036) ، والحاكم. 2261- عن أبي أمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " مَنْ لم يَغْزُ، أو يُجَهزْ غازياً، أو يَخْلُفْ غازياً في أهله بخير؛ أصابه الله بِقَارِعَةٍ قبل يوم القيامة ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان- وقرأته على يزيد بن عبد رَبهِ الجُرْجُسِي- قالا: ثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على الخلاف المعروف في القاسم. والحديث أخرجه الدارمي (2/209) ، وابن ماجه (2/173) من طريقين آخرين عن الوليد بن مسلم: ثنا يحيى بن الحارث الذمَاري ... به.

19- باب في نسخ نفير العامة بالخاصة

2262- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " جاهدوا المشركين: بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم، ورافقه الذهبي، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة. والحديث أخرجه الحاكم (2/81) من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل ... به، وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. وتابعه جمع عن حماد بن سلمة ... به: أخرجه النسائي (2/53) ، والدارمي (2/213) ، وابن حبان (1618) ، وأحمد (3/124 و 152 و 251) ؛ وزاد في رواية: " وأيديكم ". وسنده صحيح أيضاً. 19- باب في نسخ نفير العامة بالخاصة 2263- عن ابن عباس قال: (إلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكم عذاباً أليماً) ، و: (ما كان لأهل المدينة) إلى

20- باب في الرخصة في القعود من العذر

قوله: (يعملون) (1) ؛ نسختها الآية التي تليها: (وما كان المؤمنون لِيَنْفِرُوا كافةً) . (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثا أحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ: حدثني علي بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على خلاف في بعضهم، وقد مضى الكلام عليه في أول "النكاح " رقم (1822) . والحديث أخرجه البيهقي (9/47) من طريق المؤلف رحمه الله تعالى. 20- باب في الرخصة في القعود من العذر 2264- عن زيد بن ثابت قال: كنت إلى جَنْبِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فغشيتهُ السََّكِينَةُ، فوقعتْ فَخِذُ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فَخِذِي، فما وجدتُ ثِقَلَ شيء أثْقَلَ من فَخِذِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم سُرَّي عنه، فقال: " اكتب ". فكتبْتُ في كَتِف: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... والمجاهدون في سبيل الله ... ) إلى آخر الآية، فقام ابن أم مكتوم- وكان

_ (1) قلت: ونص الآيتين بتمامهما: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نَصَب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يَغيظُ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كُتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين. وَلا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) [التوبة: 120- 121] .

رجلاً أعمى- لما سمع فضيلة المجاهدين، فقال: يا رسول الله! فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه؛ غَشِيَتْ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السكِينةُ، فوقعت فَخِذُهُ على فَخِذي، ووجدتُ من ثِقَلِها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى، ثم سُرَي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " اقرأ يا زيد! "؛ فقرأ: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... ) ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (غَيْرُ أولي الضرر ... ) الآيةَ كلَّها. قال زيد: فأنزلها الله وحدها، فألحقْتُها. والذي نفسي بيده! لكأني انظر إلى مُلْحَقِها عند صَدعْ في كَتِف. (قلت: إسناده حسن صحيح، وكذلك قال الترمذي. وأخرجه البخاري وابن الجارود في "المنتقى"، ورواه الشيخان عن البراء مختصراً. وصححه الترمذي أيضاً) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الرحمن بن أبي الزناد، فهو من رجال مسلم وحده، وفي حفظه ضعف؛ لكنه قد توبع، فحديثه صحيح. والحديث أخرجه أحمد (5/190- 191 و 191) ، والبيهقي من طرق أخرى عن ابن أبي الزناد ... به. وللحديث طرق أخرى، وشاهد: الأولى: عن سهل بن سعد الساعدي عن مروان بن الحكم أن زيد بن ثابت

أخبره به ... نحوه: أخرجه البخاري في (الجهاد- 31) ، وفي "التفسير"، والترمذي (3036) ، والنسائي (2/54) ، وابن الجارود (1034) ، والبيهقي وأحمد (5/184) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". الثانية: عن الزهري عن قَبِيصَةَ بن ذُؤَيْبٍ عن زيد بن ثابت ... به نحوه: أخرجه أحمد (5/184) ، وعلقه الترمذي. الثالثة: علَقه مسلم (6/43) عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن رجل عن زيد ابن ثابت. وأما الشاهد؛ فأخرجه الشيخان والنسائي وأبو عوانة (5/73- 74) ، والبيهقي وأحمد (4/282 و 284) ، وصححه الترمذي (3034) . 2265- عن أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لقد تركتم في المدينة أقواماً، ما سِرْتُم مسيراً، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من واد؛ إلا وهم معكم فيه ". قالوا: يا رسول الله! وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟! قال: " حَبَسَهُمُ العُذْرُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه البخاري وابن حبان) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد عن حميد عن موسى بن أنس ابن مالك عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.

21- باب ما يجزي من الغزو

والحديث أخرجه البيهقي (9/24) من طريق المؤلف. وعلقه البخاري (الجهاد/35) من هذا الوجه. ووصله أحمد (3/160 و 214) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وأخرجه هو (3/103 و 182) ، والبخاري وابن ماجه (2/174) من طرق أخرى عن حميد عن أنس ... به. وصححه ابن حبان (1623) . وله شاهد عن جابر: رواه مسلم (6/49) ، وابن ماجه (2765) . 21- باب ما يجزي من الغزو 2266- عن زيد بن خالد الجُهَنِيَ: أن رسول الله قال: " مَنْ جَهَّزَ غازياً في سبيل الله؛ فقد غزا، ومن خَلَفَهُ في أهله بخير؛ فقد غزا ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة) . إسناده: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر: ثنا عبد الوارث: ثنا الحسين: حدثني يحيى: حدثني أبو سلمة: حدثني بُسْرُ بن سعيد: حدثني زيد بن خالد الجُهَنِيّ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. والحديث أخرجه أبو عوانة (5/66) ، والبيهقي (9/28) من طريق المؤلف. وأخرجه البخاري (الجهاد/38) ... بإسناده.

وأخرجه مسلم (6/42) ، وأبو عوانة من طريق أخرى عن حسين المعلم ... به. وأحمد (5/193) ، والترمذي (1628 و 1631) ، والنسائي (2/65) ، وأبو عوانة من طرق أخرى عن يحيى ... به. ومسلم وأبو عوانة والنسائي عن بُكَيْرِ بن الأشَجَ عن بُسْر بن سعيد ... به. وتابعه عطاء عن زيد بن خالد ... مرفوعاً؛ بلفظ: " من جهز غازياً في سبيل الله، وخلفه في أهله؛ كتب الله له مثل أجره؛ إلا أنه لا ينقص من أجر الغازي شيئاً ". أخرجه الدارمي (2/209) ، والترمذي (1629) - وحسنه-، وابن حبان (1619- موارد) ، وأحمد (5/192) . وإسناده صحيح على شرط مسلم. 2267- عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى بَنِي (لِحْيَانَ) ، وقال: " لِيَخْرُجْ مِنْ كُل رجلين رَجُلٌ "، ثم قال للقاعد: " أيكم خَلَفَ الخارجَ في أهله وماله بخير؛ كان له مثلُ نصفِ أجْرِ الخارجِ ". (قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن حبان وابن الجارود. وصححه الحاكم والذهبي) .

إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: أخبرنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن يزيد بن أبي سعيد- مولى المَهْرِي- عن أبيه عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم، ورجاله كلهم ثقات؛ غير يزيد بن أبي سعيد؛ فإنه غير مشهور، لم يذكروا له راوياً- مع ابن أبي حبيب هذا- غير رباح بن بشير بن مُحْرِزٍ، ولم يوثقه غير ابن حبان؛ لكنه قد توبع كما يأتي. وأما والده أبو سعيد المَهْرِيُ مولاهم؛ فقد روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه العجلي وابن حبان. والحديث أخرجه أبو عوانة (5/69) ، والبيهقي (9/48) من طريق المصنف وغيره. وأخرجه مسلم (6/42) ... بإسناده. ثم أخرجه أبو عوانة وابن حبان (4610) ، والحاكم (2/82) ، وأحمد (3/15) من طرق أخرى عن ابن وهب ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد، ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي! وتابعه ابن لهيعة: حدثني يزيد بن أبي حبيب ... به: أخرجه أحمد (3/55) . وتابعه يحيى بن كثير: حدثني أبو سعيد مولى المهري ... به: أخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود (1038) .

22- باب في الجرأة والجبن

22- باب في الجُرْأةِ والجُبْنِ 2268- عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " شَرَّ ما في رَجُل: شُح هَالِعٌ، وجُبْنٌ خَالعٌ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا عبد الله بن الجَرَاح عنّ عبد الله بن يزيد عن موسى بن عُلَيِّ ابن رباح عن أبيه عن عبد العزيز بن مروان قال: سمعت أبا هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات كما بينته في "الصحيحة" (560) ، وخرجت الحديث هناك؛ فلا داعي للإعادة؛ إلا أنني أزيد هنا فأقول: إن الإمام أحمد قال: حدثنا أبو عبد الرحمن: ثنا موسى بن عُلَي ... به. وأبو عبد الرحمن هذا: هو عبد الله بن يزيد المقرئ. ومن طريقه: أخرجه البيهقي أيضاً (9/170) . 23- باب في قوله تعالى: (ولا تُلْقُوا بأيديكم إلى التهْلُكَةِ) 2269- عن أسْلَمَ أبي عِمْرَانَ قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملْصِقُو ظهورِهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدوَّ، فقال الناس: مَهْ!! مَهْ!! لا إله إلا الله! يلقي بِيَدَيْهِ إلى التهْلُكَةِ! فقال أبو أيوب:

24- باب في الرمي

إنما نزلت هذه الآية فينا مَعْشَرَ الأنصار: لمَّا نصر الله نبيهُ، وأظهر الإسلام؛ قلنا: هَلُمَّ نُقمْ في أموالنا ونُصْلِحْها، فأنزل الله تعالى: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تُلْقَوا بأيديكم إلى التَّهْلكَةِ) ، فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصْلِحَها، ونَدعَ الجهادَ. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله؛ حتى دُفِنَ بالقسطنطينية. (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْحِ: ثنا ابن وهب عن حيوة بن شريح وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران. قلت: وهذا إسناد صحيح من طريق حيوة، ورجاله على شرط مسلم؛ غير أسلم أبي عمران- واسم أبيه: يزيد المصري التُّجِيبي-، وهو ثقة. ووهم الحاكم، فصححه على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! كما بينته وخرجته في "الصحيحة " أيضاً (13) . 24- باب في الرمي 2270- عن عقبة بن عامر الجهَنِيِّ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو على المنبر يقول: " (وأعِدوا لهم ما استطعتم من قوة) ؛ ألا إن القوةَ الرّمْيُ، ألا إن القوةَ

الرمْي، ألا إن القوةَ الرمْيُ " (1) . (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي علي ثُمَامَةَ بن شُفَي الهَمْداني أنه سمع عقبة بن عامر الجُهَنِي يقول ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ثمامة هذا، فهو على شرط مسلم وحده؛ وقد أخرج الحديث هذا كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم وابن ماجه وأحمد وغيرهم من طرق عن ابن وهب ... به. وهو مخرج في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " (5/325/1500) . وهو مطبوع- والحمد لله- في ثمان مجلدات. وفي لفظ لمسلم (6/52) من طريق آخر عن ابن وهب: " ستفتح عليكم أرَضُون، ويكفيكم الله؛ فلا يَعْجِزْ أحدكم أن يَلْهُوَ بسهمه ". ورواه الترمذي من طريق أخرى ... نحوه.

_ (1) ابتداءً من هذا الحديث؛ اعتمدت على نسخة "سنن أبي داود"- طبعة حمص، تعليق الأستاذ الدعاس؛ وذلك لأنني لم أستطع استجلاب نسختي التازية من "السنن " بعد هجرتي أول رمضان سنة (1400) من دمشق إلى عمان، (ولله عاقبة الأمور) !!

25- باب في من يغزو ويلتمس الدنيا

25- باب في من يغزو ويلتمس الدنيا 2271- عن معاذ بن جبل عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أنه قال: " الغَزْوُ غزوان: فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسَرَ الشريك (1) ، واجتنب الفساد؛ فإن نومه ونُبْهَهُ أجْرٌ كُلُهُ. وأما من غزا فخراً ورياءً وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض؛ فإنه لم يرجع بالكفاف ". (قلت: إسناده حسن) . إسناده: حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي: أخبرنا بقية: حدثني بَحيِر عن خالد بن مَعْدانَ عن أبي بَحْرِيةَ عن معاذ بن جبل. قلت: وهذا إسناد حسن أو صحيح؛ فإن رجاله كلهم ثقات، والمقال الذي في بقية- وهو ابن الوليد- لا يعلُه؛ لأنه بسبب تدليسه إذا عنعن، وهنا قد صرح بالتحديث كما ترى؛ فزالت شبهة تدليسه. وبَحِيرٌ- بكسر المهملة-: هو ابن سَعْد الحمصي، وهو ثقة ثبت. وأبو بَحْرِيةَ- بفتح الموحدة وسكون المهملة وتشديد المثناة-: اسمه عبد الله بن قيس الكِنْدِي الحمصي. والحديث أخرجه النسائي في "سننه الصغرى" في "الجهاد" وفي "البيعة"، وفي " الكبرى " أيضاً، وفي " السير " (2/52/1) ، والدارمي (2/208) ، وأحمد

_ (1) أي: عامله باليُسْرِ والسماحة.

(5/234) من طرق عن بقية ... به. وكذلك أخرجه البيهقي (9/168) . 2272- عن أبي هريرة: أن رجلاً قال: يا رسول الله! رجل يريد الجهاد في سبيل الله؛ وهو يبتغي عَرَضاً من عَرَضِ الدنيا؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا أجْرَ له ". فأعظم ذلك الناسُ، وقالوا للرجل: عُدْ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلعلك لم تفهمْهُ! فقال: يا رسول الله! رجلٌ يريد الجهاد في سبيل الله؛ وهو يبتغي عَرَضاً من الدنيا؟ فقال: " لا أجْرَ له ". فقالوا للرجل: عُدْ لرسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له الثالثة؟ فقال: " لا أجْرَ له ". (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بنِ نافع عن ابن المبارك عن ابن أبي ذئب عن القاسم عن بُكَيْرِ بن عبد الله بن الأشجِّ عن ابن مِكْرَزٍ - رجل من أهل الشام- عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن مكرز، قال الذهبي:

26- باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

" لا يُعْرَفُ، وما هو بأيوب بن عبد الله بن مكرز؛ فإن ذا رجل آخر من أصحاب ابن مسعود، قديم ". قلت: لكن للحديث شاهد- من حديث أبي أمامة- عند النسائي؛ جوَّد إسنادَهُ المنذريُ في "الترغيب "، تراه في كتابي "صحيح الترغيب " برقم (8) . والحديث أخرجه البيهقي في "السنن " (9/169) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (2/290 و 366) ، والحاكم (2/85 و 371) ، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان أيضاً. 26- باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا 2273- عن أبي موسى: أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن الرجل يقاتل للذكْرِ، ويقاتل ليُحْمَدَ، وبقاتل لِيَغْنَمَ، وبقاتل ليُرَى مكانُهُ؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قاتل حتى تكون كلمة الله هي أعلى؛ فهو في سبيل الله عز وجل ". (قلت: إسناده صحيح على شرطهما. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرةَ عن أبي وائل عن أبي موسى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لغيره؛ فإن رجاله كلهم ثقات

رجال الشيخين؛ غير حفص بن عمر- وهو الحَوْضِي- فمن رجال البخاري. وقد توبع كما في الذي بعده. 2274- وفي رواية: عن عمرو بن مُرَّة قال: سمعت من أبي وائل حديثاً أعجبني ... فذكر معناه. إسناده: حدثنا علي بن مسلم: حدثنا أبو داود عن شعبة عن عمرو قال: سمعت ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي داود- وهو الطيالسي صاحب "المسند" المعروف به-؛ وهو ثقة من رجال مسلم. وقد تابعه حفص بن عمر، كما في الإسناد الذي قبله. والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (2035- ترتيبه) ... بسنده المذكور في الكتاب. وأخرجه البخاري في "العلم "، وفي "الجهاد"، ومسلم فيه، والنسائي وأحمد (4/402) ، والبيهقي (9/167) من طرق أخرى عن شعبة ... به. والشيخان أيضاً، والترمذي (1646) ، وابن ماجه (2783) ، وأحمد (4/392 و397 و 405 و 417) من طرق أخرى عن أبي وائل ... به نحوه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وهو في "مختصري لصحيح البخاري " رقم (81) .

27- باب في فضل الشهادة

27- باب في فضل الشهادة 2275- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَما أُصِيبَ إخوانكم بأُحُد؛ جعل الله أرواحهم في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِد أنهار الجنة؛ تأكل من ثمارها، وتَأْوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طِيبَ مَأْكَلِهم ومَشْرَبهِم ومقيلهم؛ قالوا: مَنْ يُبْلغُ إخواننا عنا أنَّا أحياء نُرْزَقُ؛ لئلا يَزْهَدُوا في الجهاد، ولا يَنْكُلوا في الحرب؟ فقال الله سبحانه: أنا أُبْلِغُهُم عنكم ". قال: فأنزل الله: (ولا تَحْسَبَن الذين قُتِلُوا في سبيل الله ... ) إلى آخر الآية. (قلت: حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي، وأقره المنذري) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم كلهم؛ إلا أنه إنما أخرج لابن إسحاق مقروناً، ثم هو مدلس؛ وقد عنعنه؛ لكنه قد صرح بالتحديث في رواية لأحمد تأتي. وكذلك أبو الزبير مدلس أيضاً. لكن للحديث شاهد من حديث عبد الله بن مسعود، رواه مسلم وغيره؛ وقد خرجته في تعليقي على "الآيات البينات " (ص 39) .

والحديث أخرجه البيهقي (9/163) من طريق المؤلف. وأحمد (1/266) ... بإسناد المؤلف ومتنه. وأخرجه الحاكم (2/88) من طريق أخرى عن عثمان ... به، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وخالفه إبراهيم بن سعد الزهري فقال: عن ابن إسحاق: حدثني إسماعيل ابن أمية بن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير عن ابن عباس ... به؛ فلم يذكر في إسناده: سعيد بن جبير: أخرجه أحمد. 2276- عن حسناءَ بنتِ معاويةَ الصَّرِيمِيَّةِ قالت: حدثني عَمِّي قال: قلت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من في الجنة؟ قال: " النبي في الجنة، والمولودُ في الجنة، والوَئِيدُ في الجنة ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا يزيد بن زُريع: حدثنا عوف: حدثتنا حسناء بنت معاوية الصرِيمية. قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات؛ لولا جهالة حسناء هذه، ولذلك قال الحافظ عنها: " مقبولة "؛ أي: عند المتابعة. والحديث أخرجه البيهقي (9/663) من طريق أخرى عن مُسدد. وأخرجه أحمد (5/58) من طرق أخرى عن عوف ... به.

28- باب الشهيد يشفع

وله شواهد كثيرة معروفة، لا ضرورة لبيانها. 28- باب الشهيد يشفع 2277- عن نِمْرانَ بن عتبة الذمَاري قال: دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا؛ فإني سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان، وصححه الترمذي من حديث المقدام) . إسناده: أحمد بن صالح: حدثنا يحيى بن حسان: حدثنا الوليد بن رباح الذمَاري: حدثني عمي نِمْرَان بن عتبة الذمَاري. قال أبو داود: " صوابه: رباح بن الوليد ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير نمران هذا؛ قال الذهبي: " لا يدرى من هو؟ ". قلت: لكن للحديث شواهد يتقوى به؛ منها: حديث المقدام المشار إليه في الأعلى: أخرجه الترمذي (1663) ، وقال: " حديث حسن صحيح غريب ". ومنها: عن عبادة بن الصامت وقيس الجُذَامي، وأسانيدها صحيحة، وهي مخرجة في كتابي "الجنائز" (ص 50- 51) .

29- باب في النور يرى عند قبر الشهيد

والحديث أخرجه البيهقي (9/164) من طريق المؤلف. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه " (1612- موارد) من طريق جعفر بن مسافر التّنيِّسِيِّ: حدثنا يحيى بن حسان ... به؛ إلا أنه قال: الوليد بن رباح الذمَاري ... على الصواب. وهو رواية عن أحمد بن صالح، كما بينه الحافظ في "التهذيب ". ولفظ جعفر: قال: دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام صغار، فمسحت رؤوسنا، وقالت: أبشروا يا بَنِي! فإني أرجو أن تكونوا في شفاعة أبيكم، فإني سمعت ... إلخ. 29- باب في النور يُرى عند قبر الشهيد 2278- عن عبيد بن خالد السُّلَمِيِّ قال: آخى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين رجلين، فَقُتِلَ أحدهما، ومات الأخر بعده بجمعة أو نحوها، فصلَّيْنا عليه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما قلتم؟ ". فقلنا: دعَوْنا له وقلنا: اللهم! اغفر له، وألحقه بصاحبه! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فأين صلاته بعد صلاته، وصومه بعد صومه " شك شعبة في: صومه " وعمله بعد عمله؟! إن بينهما كما بين السماء والأرض ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت عمرو بن ميمون عن عبد الله بن رُبَيعَةَ عن عبيد بن خالد السلمي.

30- باب في الجعائل في الغزو

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عبد الله ابن رُبَيعَةَ- بضم أوله وفتح ثانيه-، مختلف في صحبته، وقد ذكره ابن حبان في "الصحابة"، ثم ذكره في "الثقات "، وقد روى عنه جمع من ثقات التابعين مثل عبد الرحمن بن أبي ليلى. والحديث أخرجه أحمد (4/219) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأخرجه الطيالسي (732) ، وعنه البيهقي (3/371) : حدثنا شعبة ... به. وأخرجه النسائي في "الجنائز". 30- باب في الجعائل في الغزو [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 31- باب الرخصة في أخذ الجعائل 2279- عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " للغازي أجْرُهُ، وللجاعل أجْرُهُ وأجْر الغازي ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه أبو عوانة) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي: حدثنا حجاج- يعني: ابن محمد-. (ح) وحدثنا عبد الملك بن شعيب: حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن حيوة بن شُرَيْح عن ابن شُفَي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات معرفون؛ غير ابن شُفَي- واسمه: حسين-؛ وهو ثقة كما في "التقريب ".

32- باب في الرجل يغزو بأجر الخدمة

والحديث أخرجه البيهقي (9/28) من طرق أخرى عن الليث بن سعد ... به. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه " وغيره، كما تراه في "الصحيحة " (2153) . 32- باب في الرجل يغزو بأجر الخدمة 2280- عن يعلى ابن مُنْيَةَ قال: أذنَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالغزو وأنا شيخ كبير، ليس لي خادم، فالتمست أجيراً يكفيني؛ وأُجْرِي له سَهْمَهُ، فوجدت رجلاً، فلما دنا الرحيل؛ أتاني، فقال: ما أدري ما السُّهْمَانُ، وما يبلغ سهمي؟ فَسَم لي شيئاً- كان السهم أو لم يكن-، فسميت له ثلاثة دنانير، فلمَّا حضرت غنيمته؛ أردت أن أجري له سهمه، فذكرت الدنانير، فجئت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت له أمره؟ فقال: " ما أجد له في غزوته هذه- في الدنيا والآخرة- إلا دنانيره التي سَمَّى ". (قلت: إسناده صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عاصم بن حَكيم عن يحيى بن أبي عمرو السيْبَانِيّ عن عبد الله بن الدَّيلَمِي أن يعلى ابن منية قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير عاصم بن حكيم؛ قال أبو حاتم:

33- باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان

" ما أرى بحديثه بأساً ". وذكره ابن حبان في "الثقات "، وروى عنه جمع؛ وقد توبع كما سأذكره. والحديث أخرجه الحاكم (2/112) ، وقال: " صحيح على شرطهما "! ووافقه الذهبي! والبيهقي (6/331) من طريق أخرى عن أحمد بن صالح ... به. وأخرجه هو (9/29) ، وأحمد (4/223) من طريق أخرى عن بشير بن طلحة أبي نَصْر الحضرمي عن خالد بن دُرَيْك عن يعلى بن أمية ... به نحوه. قلت: وهذا إسناد جيد، إن كان خالد سمعه من يعلى؛ فقد تكلموا في سماعه منه، لكن قد جاء تصريحه بالسماع في هذا الحديث في بعض الروايات، فراجع ترجمة خالد في "التهذيب ". 33- باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان 2281- عن عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: جئتُ أبايِعُك على الهجرة، وتركت أبَوَي يبكيان؟ فقال: " ارجع عليهما؛ فَأضْحِكْهُمَا كما أبكيتهما ". (قلت: إسناده صحيح، وكذلك قال الحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ غير السائب والد عطاء، وهو ثقة. والحديث أخرجه البيهقي (9/26) من طريق أخرى عن ابن كثير. وهو مخرج في " الإرواء " (1199) . 2282- وفي طريق أخرى عنه قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله! أُجَاهِدُ؟ قال: " ألك أبوان؟ ". قال: نعم. قال: " ففيهما فجاهد ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وإسناد البخاري إسناد المؤلف) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو. قال أبو داود: " أبو العباس هذا: الشاعر؛ اسمه: السائب بن فَرُّوخ ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه من طرق عن حبيب ... به؛ وقد صرح حبيب بالسماع في أحد طرقه عند الشيخين. وغيرهما، كما تراه مخرجاً في "الإرواء" (1199) . وأحد أسانيده عند البخاري هو عين إسناد المصنف هذا. وللحديث طرق أخرى عن ابن عمرو، تقدم آنفاً أحدها، وشواهد ذكرت بعضها هناك؛ ويأتي أحدها عقب هذا.

34- باب في النساء يغزون

2283- عن أبي سعيد الخدري: أن رجلاً هاجر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليمن فقال: " هل لك أحد باليمن؟ ". قال: أبوايَ. قال: " أذِنَا لك؟ ". قال: لا. قال: " ارجع إليهما فاستأذنهما؛ فإن أذِنا لك؛ فجاهدْ وإلا؛ فَبِرَّهُمَا ". (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السَمْحِ حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ للكلام المعروف في درَّاج هذا، ومع ذلك صحح الحديث من ذكرنا أعلاه! وهو تساهل ظاهر. لكنه صحيح بشواهده التي خرجتها في الموضع المشار إليه آنفاً؛ لا سيما حديث ابن عمرو المتقدم، وفيه عند مسلم: " فارجع إلى والديك؛ فأحسن صحبتهما ". 34- باب في النساء يغزون 2284- عن أنس قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغزو بأمِّ سُليم ونسوة من الأنصار؛ لِيَسْقِينَ الماءَ، ويُدَاوِينَ الجَرْحَى. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه. وصححه الترمذي

35- باب في الغزو مع أئمة الجور

وابن حبان) . إسناده: حدثنا عبد السلام بن مُطَهَّر: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير جعفر بن سليمان، فهو من رجال مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (رقم 1810) ، والترمذي (رقم 1575) ، وابن حبان (1662) من طرق أخَرَ عن جعفر ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 35- باب في الغزو مع أئمة الجور [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 36- باب الرجل يَتَحَمَّل بمال غيره يغزو 2285- عن جابر بن عبد الله حدث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه أراد أن يغزو، فقال: " يا مَعْشَرَ المهاجرين والأنصار! إن من إخوانكم قوماً ليس لهم مالٌ ولا عَشِيرةٌ، فَلْيَضمَّ أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثةَ ". فما لأحدنا من ظَهْرٍ يَحْمِلهُ إلا عقبةٌ كعقبةِ- يعني- أحدهم. (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم، ووافقه الذهبي) .

37- باب في الرجل يغزو يلتمس الأجر والغنيمة

إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: حدثنا عَبِيدَةُ بن حُمَيْد عن الأسود بن قيس عن نبَيْحٍ العَنَزِيِّ عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه الإمام أحمد (3/358) : حدثنا عَبِيدة ... به. وأخرجه الحاكم (2/90) من طريق أخرى عن عبيدة ... به، وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. 37- باب في الرجل يغزو يلتمس الأجر والغنيمة 2286- عن ابن زُغْب الإِيَادِيِّ قال: نَزَلَ عليٌ عبد الله بن حَوَالَةَ الأزْديُّ، فقال لي: بَعَثَنَا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَغْنَمَ على أقدامنا، فرجعْنا فلم نَغْنَمْ شيئاً، وعَرَفَ الجَهْدَ في وجوهنا، فقام فينا فقال: " اللهم! لا تكِلْهم إليَّ فأضْعفَ عنهم، ولا تَكِلْهمْ إلى أنفسهم فَيَعْجِزُوا عنها، ولا تَكِلْهم إلى الناس فيستأثروا عليهم "، ثم وضع يده على رأسي- أو قال: على هامتي-، ثم قال: " يا ابن حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدس؛ فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعةُ يومئذٍ أقرب من الناس من يَدِي هذه من رأسك ". (قلت: إسناده صحيح، وكذا قال الحاكم والذهبي) .

إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا أسَدُ بن موسى: حدثنا معاوية بن صالح: حدثني ضَمْرَةُ أن ابن زُغْبٍ الإيادي حدثه قال ... قال أبو داود: " عبد الله بن حوالة حمصي ". قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات معروفون؛ غير ابن زغب الإيادي - واسمه: عبد الله-، مختلف في صحبته، وقد كنت ملت في تعليقي على "المشكاة" (5449) إلى نفيها! والآن أجد نفسي تميل إلى إثباتها؛ لأنه صرح بسماعه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحديث: " من كذب عليّ ... ": عند الطبراني، وإسناده لا بأس به، كما قال الحافظ في " التهذيب ". وأسد بن موسى صدوق، وفيه كلام لا يضر، لا سيما وقد تابعه عبد الرحمن ابن مهدي: ثنا معاوية ... به. أخرجه أحمد (5/288) ، والحاكم (4/425) ، وقال: " صحيح الإسناد، وعبد الرحمن (!) بن زُغْبٍ الإيادي معروف في تابعي أهل مصر"! كذا قال! ووافقه الذهبي! المذكور في "التهذيب " أنه شامي؛ وأن اسمه عبد الله، كما تقدم. وتابعه أيضاً أبو صالح- يعني: عبد الله بن صالح-: عند البيهقي (9/169) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق " (1/376) عنه وعن غيره.

38- باب في الرجل يشري نفسه

38- باب في الرجل يَشْرِي نفسه 2287- عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجِبَ رَبُنا من رجل غزا في سبيل الله، فانهزم- يعني- أصحابُهُ، فعَلِمَ ما عليه، فرجع حتى أُهْرِيقَ دَمُهُ، فيقولُ الله لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، وشفقةً مما عندي؛ حتى أُهريق دَمُهُ ". (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا عطاء بن السائب عن مُرةَ الهَمْدَانِي عن عبد الله بن مسعود. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح "؛ إلا أن ابن السائب كان اختلط، وحماد- وهو ابن سلمة- وإن كان سمع منه قبل الاختلاط؛ فقد سمع منه بعد الاختلاط أيضاً، كما حققه الحافظ في "التهذيب ". فمن صححه من القُدَامى والمعاصرين؛ فما أصاب! نعم، الحديث حسن أو صحيح؛ فإن له شاهداً بنحوه من حديث أبي الدرداء، حَسنَ إسناده المنذري، وهو في كتابي "صحيح الترغيب والترهيب " (1384) ، وقد طبع المجلد الأول منه، يسر الله تمام طبعه (*) . الحديث أخرجه الحاكم (2/112) من طريق آخر عن موسى بن إسماعيل ... به، وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن حبان (643) ، وأحمد (1/416) ، والطبراني في "الكبير"

_ (*) وقد طبع بحمد الله بقسميه "الصحيح " و "الضعيف " في خمسة مجلدات. (الناشر) .

39- باب فيمن يسلم ويقتل مكانه في سبيل الله عز وجل

(3/75/2 و 80/1) من طرق أخرى عن حماد ... به أتم منه. ورواه البيهقي (9/164) ؛ وأشار إلى حديث أبي الدرداء. 39- باب فيمن يُسْلِم وُيقْتَلُ مكانَهُ في سبيل الله عز وجل 2288- عن أبي هريرة: أن عَمْرَو بن أُقَيْشٍ كان له رِباً في الجاهلية، فَكَرِهَ أن يُسْلِمَ حتى يأخذَهُ، فجاء يَوْمَ أُحد، فقال: أين بَنُو عَمِّي؟ قالوا: بِأُحُد. قال: أين فلان؟ قالوا: بِأُحُد. قال: فأين فلان؟ قالوا: بِأُحُدٍ. فَلَبِسَ لأْمتَهُ، ورَكِبَ فَرَسَهُ، ثم توجَّه قِبَلَهُمْ، فلما رآه المسلمون؛ قالوا: إليك عنا يا عَمْرُو! قال: إني قد آمنت! فقاتل حتى جُرِحَ، فحُمِلَ إلى أهله جريحاً، فجاء سعد بن معاذ فقال لأخته: سَلِيهِ: حَمِيَّةً لقومِكَ أو غضباً لهم، أم غضباً لله؟ فقال: غضباً لله ولرسوله! فمات، فدخل الجَنةَ وما صَلَى لله صلاة. (قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم على شرط مسلم! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد ابن عمرو مقروناً. والحديث أخرجه الحاكم (2/113 و 3/28) ، وعنه البيهقي (9/167) من طريق أخرى عن موسى بن إسماعيل ... به. وقال الحاكم:

40- باب في الرجل يموت بسلاحه

" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! 40- باب في الرجل يموت بسلاحِهِ 2289- عن سَلَمَةَ بن الأكْوَعِ قال: لمَّا كان يَوْمُ خيبر؛ قاتل أخي قتالاً شديداً، فارتدَّ عليه سيفُهُ فقتله، فقال أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك- وشَكُوا فيه-: رجل مات بسلاحه! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مات جاهداً مجاهداً ". قال ابن شهاب: ثم سألت ابناً لسلمة بن الأكوع؟ فحدَّثني عن أبيه بمثل ذلك؛ غير أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَذَبُوا! مات جاهداً مجاهداً؛ فله أجره مرتين ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم) . إسناده: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن وعبد الله بن كعب بن مالك- قال أبو داود: قال أحمد: كذا قال هو- يعني: ابن وهب- وعنبسة- يعني: ابن خالد- جميعاً عن يونس. قال أحمد: والصواب: عبد الرحمن بن عبد الله- أن سلمة بن الأكوع قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ والاختلاف الذي حكاه عن أحمد بن صالح لا يضره؛ لأنه إذا كان الصواب ما ذهب إليه؛ فعبد الرحمن- وهو ابن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، كما يأتي في رواية أحمد- ثقة سمع

41- باب الدعاء عند اللقاء

منه الزهري، كما تراه مصرحاً به في الإسناد. وإن صحت رواية ابن وهب وعنبسة؛ فهي متابعة قوية لعبد الرحمن من أبيه عبد الله بن كعب. والله أعلم. والحديث أخرجه مسلم في "الجهاد" (رقم 1802) : وحدثني أبو الطاهر: أخبرنا ابن وهب ... به مثل إسناد ابن صالح؛ إلا أنه لم يذكر في إسناده: عبد الله ابن كعب. وخالفهم عمرو بن سَوَاد قال: أنبأنا ابن وهب ... به؛ إلا أنه قال: عبد الرحمن وعبد الله ابنا كعب بن مالك ... أخرجه النسائي. فجعل عبد الرحمن أخاً لعبد الله بن كعب! وخالف ابن جريج فقال: عن ابن شهاب: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله ابن كعب بن مالك الأنصاري أن سلمة بن الأكوع قال ... فذكره: أخرجه أحمد (4/46-47) . وقد تابعه يزيد بن أبي عُبَيْدِ مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع ... به وأتم منه: أخرجه البخاري (4196) ، ومسلم، وأحمد (4/47- 48) . 41- باب الدعاء عند اللقاء 2290- عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثِنْتَانِ لا تُرَدَّانِ- أو: قَلَّما تُرَدّان-: الدعاءُ عند النداءِ، وعند البأس؛ حين يُلْحِمُ بعضهم بعضاً- زاد في رواية: وَوَقْتَ المطر- ". (قلت: حديث صحيح دون الزيادة، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي، وكذا ابن الجارود. وأما الزيادة فهي حسنة) .

42- باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة

إسناده: حدثنا الحسن بن علي: حدثنا ابن أبي مريم: حدثنا موسى بن يعقوب الزمْعِيُ عن أبي حازم عن سهل بن سعد. قال موسى: وحدثني رِزْقُ بن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " وقت المطر ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الزمعي، وهو صدوق سيئ الحفظ؛ لكنه توبع. والحديث أخرجه الدارمي (1/272) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (419) ، وابن الجارود في "المنتقى " (1065) ، والحاكم (1/198 و 2/113) ، والبيهقي (1/410) من طرق عن سعيد بن أبي مريم ... به. وأخرجه ابن حبان (297 و 298) من طريق أخرى عن أبي حازم ... به. وهو مخرج- مع شواهد للزيادة- في "الصحيحة" (1469) . 42- باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة 2291- عن معاذ بن جبل حدثهم: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من قاتل في سبيل الله- فُوَاقَ ناقةِ-؛ فقد وجبت له الجنة، ومن سأل الله القتل من نفسه صادقاً، ثم مات أو قُتِلَ؛ فإن له أجر شهيد- زاد ابن المُصَفى من هنا: ومن جُرِحَ جرحاً في سبيل الله، أو نُكِبَ نَكْبَةً؛ فإنها تجيءُ يومَ القيامة كَأغْزَرِ ما كانت: لونها لون الزعفرانِ، وريحُها ريح المِسْكِ، ومن خَرَجَ به خُرَاجٌ في سبيل الله؛ فإن عليه طَابَعَ الشُّهَداء- ".

(قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والترمذي والحاكم) . إسناده: حدثنا هشام بن خالد أبو مروان وابن المصفى قالا: حدثنا بقية عن ابن ثوبان عن أبيه يَردُّ إلى مكحول إلى مالك بن يَخَامِر أن معاذ بن جبل حدثهم. قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ لولا أن بقية- وهو ابن الوليد- مدلس؛ وقد عنعنه؛ إلا أنه قد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الإمام أحمد (5/243) : ثنا زيد بن يحيى الدمشقي: ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كَثِيرِ بن مرَّةَ عن مالك بن يخامر ... به. وزيد هذا ثقة؛ وقد زاد في السند: كثير بن مرة- وهو ثقة أيضاً-؛ فالإسناد جيد. وأخرجه ابن حبان (1596 و 1615) . وقد تابعه سليمان بن موسى قال: حدثنا مالك بن يخامر ... به: أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (9534) ، والترمذي (1654 و 1657) ، والنسائي " باب من قاتل في سبيل الله فواق ناقة"، وابن ماجه (2792) ، والحاكم (2/77) ، والبيهقي (9/170) ، وأحمد (5/230 و 244) من طرق عنه ... به، أكثرهم مطولاً، ومنهم الترمذي، وقال: " حديث حسن صحيح "! وبعضهم مختصراً؛ ومنهم الحاكم، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! وتابعه بحَيِرٌ بن سَعْد عن خالد بن مَعْدَانَ عن مالك بن يخامر ... به مختصراً: أخرجه الدارمي (2/201) ، وأحمد (5/235) .

43- باب في كراهية جز نواصي الحيل وأذنابها

43- باب في كراهية جَزِّ نواصي الحيل وأذنابها 2292- عن رجل- وفي رواية عن عُتَبْةَ بن عَبْدٍ السُلَمِي-: أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تَقُصُوا نَواصِيَ الخيلِ، ولا معارِفَها، ولا أذنابَها؛ فإن أذنابَها مَدَابُها، ومعارفَها دِفاؤُها، ونواصيَها معقودٌ فيها الخيرٌ ". (قلت: حديث صحيح. وقد أخرجه أبو عوانة في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أبو توبة عن الهيثم بن حميد. (ح) وحدثنا خُشَيْشُ بن أصْرَمَ: حدثنا أبو عاصم- جميعاً- عن ثور بن يزيد عن نصْرِ الكِنَانِي عن رجل. وقال أبو توبة: عن ثور بن يزيد عن شيخ من بني سُلَيْم عن عُتْبَة بن عَبْد السَلَمِي - وهذا لفظه- أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة نصر الكناني- وهو نصر بن عبد الرحمن الكناني-، قال الذهبي: " لا يُعْرَفُ، عداده في الشاميين ". ولهذا قال الحافظ ابن حجر: " شامي مجهول ". قلت: وهو الشيخ من بني سليم في رواية أبي توبة. وأما الرجل الذي لم يُسَم في رواية خشيش؛ فهو عتبة بن عبد السلمي. المسمى في رواية أبي توبة. ويبين ذلك بعض الروايات الأخرى عن ثور بن يزيد، فقال الإمام أحمد (4/183) : ثنا عبد الرزاق: أنبأنا سفيان عن ثور بن يزيد عن نصر عن رجل- يقال له: عتبة بن عبد السلمي- ثنا عبد الله بن الحارث: حدثني ثور بن يزيد عن نصر

44- باب فيما يستحب من ألوان الخيل

عن رجل من بني سليم عن عتبة. قلت: كذا وقع في "المسند": عن نصر عن رجل ... ! ولعل الصواب: عن نصر: رجل ... على البدل من نصر! والله أعلم. وقد وجدت الحديث من طريق خير من هذه، فقال أحمد (4/184) : ثنا عَلِي ابن بَحْرٍ: ثنا بقية بن الوليد: حدثني نصر بن علقمة قال: حدثني رجال من بني سليم عن عتبة بن عبد السلمي ... به. قلت: وهذا إسناد حسن، صرح فيه بقية بالتحديث. ونصر بن علقمة- وهو الحضرمي الحمصي- وثقه دحيم وابن حبان، وروى عنه جمع هن الثقات. فقول الحافظ فيه: "مقبول "! غير مقبول كما هو ظاهر؛ لأنه في معنى: مجهول، وهل يستقيم هذا وقد وثقه دحيم؟! وقد أخرجه عنه: أبو عوانة أيضاً في "صحيحه " (5/19) . والحديث أخرجه البيهقي (6/331) من طريق المؤلف. 44- باب فيما يُستحبُ من ألوان الخيل 2293- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُمْنُ الخَيْلِ في شُقْرِها ". (قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي) .

45- هل تسمى الأنثى من الخيل فرسا؟

إسناده: حدثنا يحيى بن معين: حدثنا حسين بن محمد عن شَيْبَانَ عن عيسى بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عيسى بن علي- وهو ابن عبد الله بن عباس-، وهو صدوق مُقِل كما في "التقريب ". والحديث أخرجه أحمد (1/272) : ثنا حسين ... به. وأخرجه البيهقي (6/330) ، والخطيب في "التاريخ " (11/148) من طريق أخرى عن الحسين ... به. وتابعه أبو داود الطيالسي، فقال في "مسنده " (1188) : حدثنا شيبان بن عبد الرحمن التميمي ... به. ويزيد بن هارون: أخبرنا شيبان ... به: أخرجه الترمذي (1695) ، وقال: " حديث حسن غريب ". وله طريقان آخران عن ابن عباس، خرجتهما في "التعليق الرغيب " (2/163) . 45- هل تُسَمَّى الأنثى من الخيل فَرَساً؟ 2294- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُسَمي الأنثى من الخيل: فرساً. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم) . إسناده: حدثنا موسى بن مروان الرقِّي: حدثنا مروان بن معاوية عن أبي حَيانَ

46- باب ما يكره من الخيل

التيْمِي: حدثنا أبو زرعة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الرقي هذا، وقد وثقه ابن حبان، وروى عنه جمع من الثقات. والحديث أخرجه البيهقي (6/330) من طريق الحاكم، وهو مخرج في "الصحيحة" (2131) عن الرقي. وتابعه عمرو بن عثمان بن سعيد: حدثنا مروان بن معاوية ... به. أخرجه ابن حبان (1634) . 46- باب ما يُكْرَهُ من الخيل 2295- عن أبي هريرة قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشَكَالَ من الخيل. والشَكَالُ: أن يكون الفرسُ في رجله اليمنى بياضٌ وفي يده اليسرى بياضٌ، أو في يده اليمنى وفي رجله اليسرى. قال أبو داود: " أي مخالف ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سَلْم- هو ابن عبد الرحمن- عن أبي زرعة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (6/330) من طريق أخرى عن محمد بن كثير ... به.

47- باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم

وأخرجه مسلم (1875) ، والترمذي (1698) ، والنسائي في " الخيل "، وابن ماجه (2790) ، وأحمد (2/250 و 436 و 476) من طرق أخرى عن سفيان ... به؛ وليس عند ابن ماجه والترمذي تفسير (الشكال) ، وقال: " حديث حسن صحيح. وقد رواه شعبه عن عبد الله بن يزيد الخَثْعَمِي عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحوه ". قلت: وصله الطيالسي في "مسنده " (1190) : حدثنا شعبة ... به. وكذلك أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (2/457) من طرق أخرى عن شعبة ... به. وأعلّه أحمد بقوله عقبه: " شعبة يخطئ في هذا القول: (عبد الله بن يزيد) ! وإنما هو (سلم بن عبد الرحمن النخعي) ". قلت: شعبة حافظ إمام، فتوهيمه لا بُدَّ له من دليل، وهذا غير معروف، وإخراج مسلم إياه تقوية له. وكذلك قول الترمذي المتقدم: " وقد رواه شعبة ... ". 47- باب ما يُؤْمَرُ به من القيام على الدوابِّ والبهائم 2296- عن سَهْلِ ابن الحَنْظَلِيَّةِ قال: مَرَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببعيرٍ قد لَحِقَ ظهره ببطنه، فقال: " اتقوا الله في هذه البهائمِ المُعْجَمَةِ؛ فاركبوها صالحة، وكِلُوها صالحةً ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والنووي) .

إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: حدثا مِسْكِينٌ - يعني: ابنَ بُكَيْرٍ -: حدثنا محمد بن مهاجر عن ربيعة بن يزيد عن أبي كَبْشَةَ السلُولي عن سهل ابن الحنظلية. قلت: وإسناده صحيح، رجاله رجال البخاري؛ غير محمد بن مهاجر، فهو من رجال مسلم، وقد صححه النووي وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة" (23) . وقد رواه ابن خزيمة أيضاً (2545) . 2297- عن عبد الله بن جعفر قال: أرْدَفَني رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذاتَ يومٍ؛ فأسَر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحبُ ما استتر به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته هَدَفاً أو حائشَ نَخْل. قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار؛ فإذا جَمَل، فلما رأى النبيّ؛ حَن وذرفت عيناه، فأتاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح ذِفْرَاهُ، فسكت، فقال: " مَنْ ربُ هذا الجمل؟! لمن هذا الجمل؟! ". فجاء فتىً من الأنصار فقال: لي يا رسول الله! فقال: " أفلا تتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟! فانه اشتكى إلي أنك تُجِيعُهْ وتُدْئبُهُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم والذهبي والضياء. وأخرج مسلم أوله) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا مهدي: حدثنا ابن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر.

قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرج بعضه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (342) ، والبيهقي في "السنن " (1/94) ، وأحمد (1/204) من طرق أخرى عن مهدي بن ميمون ... به؛ وليس عند مسلم والبيهقي قصة الجمل. وروراه الحاكم بتمامه، وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وفاتهما أنه على شرط مسلم، وأنه أخرج طرفه الأول، كما نبهت على ذلك في "الصحيحة" (20) ؛ فراجعه ففيه زيادة تخريج. وتابعه جرير بن حازم قال: سمعت محمد بن أبي يعقوب ... به بتمامه: أخرجه أحمد (1/205) : ثناُ هب بن جرير: ثنا أبي. 2298- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " بينما رجل يمشي بطريق؛ فاشتد عليه العطش، فوجد بئراً، فنزل فيها؛ فشرب ثم خرج، فإذا كَلْبَ يَلْهَث؛ يأكل الثرَى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكَلْبَ من العطش مثلُ الذي كان بلغني! فنزل البئر، فملأ خُفهُ، فأمسكه بِفِيهِ، حتى رقِيَ، فسقى الكلب، فشكر الله له، فَغَفَرَ له ". فقالوا: يا رسول الله! وإنا لنا في البهائم لأجراً؟! فقال: " في كُلَّ ذاتِ كَبِد رَطْبَةٍ أجْر ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) .

48- باب في نزول المنازل

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن سُمَي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه وغيرهما عن مالك ... به. انظر " الصحيحة " (29) . 48- باب في نزول المنازل 2299- عن أنس بن مالك قال: كنا إذا نزلنا منزلاً؛ لا نُسَبِّحُ حتى نَحُلَّ الرِّحَالَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثني محمد بن جعفر: حدثنا شعبة عن حمزة الضبي قال: سمعت أنس بن مالك قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حمزة الضبِّيِّ - واسم أبيه: عمرو العائذي-، وهو من رجال مسلم وحده. 49- باب في تقليد الخيل بالأوتار 2300- عن أبي بَشِيرٍ الأنصاري: أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره، فأرسل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولاً- قال عبد الله بن أبي بكر: حسبت أنه قال- والناس في مَبِيتهم: " لا يَبْقَيَن في رَقَبَةِ بعير قلادةٌ مِنْ وَتَرٍ، ولا قلادةٌ إلا قُطِعَتْ ". قال مالك: أُرى أن ذلك من أجل العَيْنِ.

50- باب إكرام الخيل وارتباطها والمسح على أكفالها

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عَباد بن تميم أن أبا يشير الأنصاري أخبره ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث في آخر "موطأ مالك " ... بإسناده ومتنه؛ إلا أنه قال: مقيلهم.. مكان: مبيتهم. وأخرجه البخاري في "الجهاد "، ومسلم في "اللباس " (6/163) ، وأحمد (5/216) من طرق أخرى عن مالك ... به؛ إلا أنهم قالوا: مبيتهم.. كما في الكتاب. 50- باب إكرام الخيل وارتباطها والمسح على أكفالها 2301- عن أبي وَهْب الحشَمِي- وكانت له صحية- قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارْتَبِطُوا الخَيْلَ، وامسحوا بنواصيها وأعجازها- أو قال: أكفالها-، وقَلدُوها، ولا تقلِّدُوها الأوتارَ ". (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: حدثنا هشام بن سعيد الطالْقَانِي: أخبرنا محمد بن المهاجر: حدثني عَقِيل بن شَبِيبٍ عن أبي وهب الجُشَمِيّ. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عقيل بن شبيب، فلم يوثقه غير ابن حبان، فهو مجهول.

51- باب في تعليق الأجراس

لكن لحديثه هذا شاهد يتقوى به، يأتي ذكره. والحديث أخرجه أحمد (4/345) ، ومن طريقه البيهقي (6/330) : ثنا هشام ابن سعيد ... به. وأخرجه النسائي في "الخيل " من طريق أخرى عن هشام ... به. ويشهد له ما رواه عُتْبَة بن أبي حَكِيم: حدثني حصَيْنُ بن حرملة عن أبي مُصَبحِ المَقْرَائِيِّ عن جابر ... مرفوعاً بلفظ: ً "الخيل معقود في نواصيها الخير والنيْلُ إلى يوم القيامة، وأهلها مُعَانونَ عليها، فامسحوا بنواصيها، وادعوا لها بالبركة، وقلدوها؛ ولا تقلدوها بالأوتار ". أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (1/132) ، وأحمد (3/352) ، والطبراني في "الأوسط ". وإسناده حسن في الشواهد، رجاله ثقات؛ غير عتبة، وهو صدوق كثير الخطأ، كما قال الحافظ. وحصين بن حرملة؛ وثقه ابن حبان. 51- باب في تعليق الأجراس 2302- عن أم حَبِيبَةَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةَّ فيها جَرَسٌ ". (قلت: حديث صحيح بما بعده، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن سالم عن أبي

الجَراح مولى أم حبيبة عن أم حبيبة. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي الجراح، وهو مجهول الحال، وقد وثقه ابن حبان! وقال في " التقريب ": " مقبول "؛ يعني: عند المتابعة، وقد توبع من مقبول مثله كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (6/426) : ثنا يحيى ... به. وأخرجه ابن حبان (1492) من طريق أخرى عن يحيى القطان. وله في "المسند" طرق أخرى عن عبيد الله. وهي مخرجة- مع شواهد للحديث- في " الصحيحة " (1873) . وأخرجه النسائي من طريق سليمان بن بَابِيهْ مولى آل نوفل أن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... فذكره ومما يشهد له: الحديث الآتي بعده. 2303- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فيها كلبٌ أو جَرَسٌ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان وابن خزيمة) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه في "صحيحه "، وصححه الترمذي كما تراه مخرجاً في المصدر السابق.

52- باب في ركوب الجلالة

وأخرجه الدارمي (2/288) ... بإسناد المؤلف عينه. ورواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2553) . 2304- وعنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الجَرَسِ: " مِزْمَارُ الشيطان ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه"، وكذا ابن خزيمة وابن حبان) . إسناده: حدثنا محمد بن رافع: حدثنا أبو بكر بن أبي أويس: حدثني سليمان بن بلال عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2114) ، والبيهقي (5/253) ، وأحمد (2/366 و372) من طرق أخرى عن العلاء ... به. 52- باب في رُكُوبِ الجَلالَةِ 2305- عن ابن عمر قال: نُهِي عن ركوب الجلالة. (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري) . إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا عبد الوراث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال ...

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري وحده. والحديث أخرجه البيهقي (5/254 و 9/333) من طريق المؤلف. وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر، وهي الآتية بعده. 2306- وعنه قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجَلالَةِ- في الإبل- أن يُرْكَبَ عليها. (قلت: إسناده حسن صحيح) . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي سُريجِ الرازي: أخبرني عبد الله بن الجَهْمِ: حدثنا عمرو- يعني: ابن أبي قيس- عنَ أيوب السَّخْتِيَانِي عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ وفي بعضهم كلام لا يضر. وله طريق أخرى، خرجتها في "إرواء الغليل " (8/150) . وطريق ثالثة ستأتي في الكتاب في "الأطعمة/25- باب " والحديث سيعيده المؤلف هناك بإسناده ومتنه؛ إلا أنه زاد فيه: أو يشرب من ألبانها. وهكذا أخرجه البيهقي (9/333) من طريق المؤلف وغيره.

53- باب في الرجل يسمي دابته

53- باب في الرجل يُسَمِّي دَابَّتَهُ 2307- عن معاذ قال: كُنْتُ رِدْفَ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حمار يقال له: عُفَيْرٌ. (قلت: إسناده على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، لكن ذِكْرَ الحمار فيه شاذ عندي، وقد أخرجاه من طريق أخرى عنه بلفظ: ليس بينه وبينه إلا مُؤْخِرَةُ الرحل.. وهو المحفوظ عندي) . إسناده: حدثنا هنّاد بن السرِي عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو ابن ميمون عن معاذ. قلت: وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ غير هناد بن السري، فهو على شرط مسلم وحده، لكنه قد توبع كما يأتي. إلا أن في النفس شيئاً من أبي إسحاق- وهو السبيعي عمرو بن عبد الله-؛ فإنه كان اختلط، والقاعدة في مثله أن ما حدَّث به قبل الاختلاط فهو حجة، وإلا؛ فلا. وأبو الأحوص الراوي له عنه- واسمه سلام ابن سليم- لم يذكروه في جملة من سمع منه قبل الاختلاط. وكذلك من تابعه ممن سأذكره. أضف إلى ذلك أنه موصوف بالتدليس أيضاً، وقد عنعنه كما ترى، وأنه اضطرب في متنه، فكان تارة يذكر الحمَار فيه- كما في هذه الرواية- وتارة لا يذكره - كما في رواية حفيده إسرائيل-. وكذا سفيان ومعمر بن راشد عنه: أخرجه أحمد (5/228) .

وتابعه شعبة وسلام عنه: رواه الطيالسي (565) ، وعنه أبو عوانة (1/16) . وسفيان- وهو الثوري- وشعبة كلاهما سمع من السبيعي قبل الاختلاط. وتؤيده رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ: عنده أيضاً (5/230) . نعم؛ قد جاء ذكر الحمار دون اسمه: (عفير) في بعض الطرق عن معاذ، يرويه الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال: أتينا معاذ بن جبل، فقلنا: حدثنا من غرائب حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال: نعم، كنت رِدْفَهُ على حمار، قال: فقال: (يا معاذ! هل تدري ما حق الله على العباد؟ " ... أخرجه أحمد (5/228 و 236) . وسنده حسن على شرط مسلم؛ وأبو سفيان- واسمه: طلحة بن نافع- فيه كلام، والراجح أنه حسن الحديث إذا لم يخالف. ثم روى (5/238) من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غَنْم أن معاذ بن جبل حدثه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... به نحوه؛ وفيه تسمية الحمار بـ (يعفور) . لكن شهر ضعيف. بَيْدَ أنه قد صح من طريق أخرى عن معاذ خلاف كل ما سبق، فقال همام: حدثنا قتادة: حدثنا أنس بن مالك عن معاذ بن جبل قال: كنت رِدفَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس بيني وبينه إلا مُؤْخِرَةُ الرحل- فقال: " يا معاذ! ... " الحديث.

أخرجه البخاري في " العلم "، وفي " اللباس "، ومسلم (30) ، وأحمد (5/242) . وقال هو، والبخاري، وكذا أبو عوانة (1/17) : آخرة الرحل. والمعنى واحد، وهي- بالمد- الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير، كما في "النهاية" لابن الأثير. ويشهد له: ما روى علي بن زيد عن أبي المَلِيحِ الهذَلِي عن رَوْحِ بن عابد عن أبي العَوَّام عن معاذ بن جبل قال: كنت رِدْفَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جمل أحمرَ، فقال: "يا معاذ!.. " الحديث. أخرجه أحمد (5/234) . وعلي بن زيد- وهو ابن جدعان- لا بأس به فيما نحن فيه من الاستشهاد. وأما ما أخرجه أحمد- عَقِبَه- من طريق حماد عن عطاء بن السائب عن أبي رَزِين عن معاذ بن جبل ... مثله؛ غير أنه قال: أُتِيَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحمار قد شد عليه بَرْدَعَةٌ ... فإنه منكر أيضا لا يصح؛ لأن عطاء بن السائب كان اختلط؛ وحماد- وهو ابن سلمة- سمع منه بعد الاختلاط أيضا، هذا مع مخالفته لحديث الرحْل وشاهده. ولا يقويه ما روى يزيد بن عطاء البزاز: أخبرنا أبو اسحاق عن أبى عُبَيْدَةَ بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: كان لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمار يقال له: عفير. أخرجه الطيالسي (2500- ترتيبه) ، وابن سعد في "الطبقات " (1/492) .

وذلك لأمور: 1- أنه منقطع بين أبي عبيدة وأبيه ابن مسعود؛ فإنه لم يسمع منه باعترافه. 2- أن يزيد بن عطاء هذا في الحديث؛ كما في "التقريب ". 3- أنه لو سَلِمَ من العلتين المذكورتين؛ فلا يصح الاستشهاد به وتقوية حديث الباب به؛ لأنه من باب تقوية الضعيف بنفسه؛ لأن أبا إسحاق الذي بينهما: هو السبيعي نفسه، وقد عرفت حاله من حيث الاختلاط والتدليس من جهة، ومخالفة حديثه لحديث أنس عن معاذ في "الصحيحين " المذكور آنفاً، وكذلك لحديث شهر، حيث سمَى الحِمار بـ: (يعفور) لا (عفير) . وكذلك جاءت تسميته بـ (يعفور) في حديثين آخرين مرسلين مختصرين: عند ابن سعد: أحدهما: عن علقمة بن أبي علقمة ... بلاغاً. والأخر: عن جعفر بن محمد عن أبيه ... مرسلاً. وجملة القول: أن ذكر الحمار في هذا الحديث خطأ من السبيعي، ومن الظاهر أن ذلك كان في اختلاطه. وقد وجدت ما يؤيد ذلك، وهو ما أخرجه الترمذي (2645) من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتدرون ما حق الله على العباد؟ ... " الحديث. فهذا سفيان- وهو الثوري- وقد روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، فلم يذكر فيه ركوبه على الحمار؛ فهذا أصح، وحينئذ فلا تعارض؛ فتأمل. وإذا عرفت ما سبق من التحقيق؛ فلا حاجة بنا إلى تكلُف تأويل الرحْل بأنه

قد يستعمل لغير البعير، كما قال الحافظ في "الفتح "، معتمداً على حديث الباب! دون أن يشير أقل إشارة إلى حال السبيعي؛ خلافاً لصنيعه في "التقريب " و "مقدمة الفتح "؛ وأفاد في هذا أنه أحد الأعلام قبل اختلاطه! ولكنه وهم في قوله: " ولم أر في "البخاري " من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه، كالثوري وشعبة، لا عن المتأخرين كابن عيينة وغيره "! قلت: وهذا من أوهامه رحمه الله تعالى؛ فإن له في "البخاري " من رواية زهير ابن معاوية وغيره- ممن سمع منه بعد الاختلاط-، وقد خرجت بعض أحاديثهم في "الأحاديث الضعيفة " () . والحديث أخرجه مسلم (رقم/30) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو الأحوص سَلام بن سُليم ... به؛ وتمامه: قال: فقال: " يا معاذ! تدري ما حقّ الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ ". قال: قلت: الله ورسوله أعلم! قال: " فإن حق الله على العباد: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً. وحق العباد على الله عز وجل: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً ". قال: قلت: يا رسول الله! أفلا أُبَشِّرُ الناس؟ قال: " لا تبشرْهم؛ فيتكلوا ". وأخرجه البخاري في "الجهاد" من طريق يحيى بن آدم: حدثنا أبو الأحوص ... به. لكن ذكر الحافظ أن أبا الأحوص هذا- الذي روى عنه يحيى- ليس هو سلام ابن سليم، وإنما هو عمار بن رُزيق! فالله تعالى أعلم.

54- باب في النداء عند النفير: يا خيل الله! اركبي!

وعلى التسليم بأنه هو؛ فلا يدرى أسمع من السبيعي قبل اختلاطه أم بعده، وإن كان قديم الوفاة (159) ؟ وعلى افتراض الأول؛ فهو قد عنعنه أيضاً في روايته عنه. 54- باب في النداء عند النفير: يا خيل الله! اركبي! [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 55- بابُ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ البَهِيمَةِ 2308- عن عمران بن حُصَين: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في سفر، فسمع لَعْنَةً، فقال: " ما هذه؟ ". قالوا: هذه فُلانةُ لعنتْ راحِلَتَها. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ضَعُوا عنها؛ فإنها ملعونة "؛ فوضعوا عنها. قال عمران: فكأني أنظر إليها ناقةً وَرْقَاءَ. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وكذا ابن حبان) . إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قِلابة عن أبي المُهَلبِ عن عمران بن حصين. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ وحماد: هو ابن زيد؛ وقد أخرجه مسلم كما يأتي. والحديث أخرجه الدارمي (2/288) ... بإسناد المصنف ومتنه.

56- باب في التحريش بين البهائم

وأخرجه مسلم (2595) من طريقين آخرين عن حماد بن زيد ... به. ثم أخرجه هو، والبيهقي (5/254) ، وأحمد (4/429 و 431) من طرق أخرى عن أيوب ... به؛ وفيه: أن المرأة من الأنصار. وله شاهد من حديث أبي بَرْزَةَ الأسلمي ... نحوه؛ وفيه: أنها جارية. أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (4/423) . ثم أخرجه (6/72 و 138 و 257) من طريقين عن عائشة ... نحوه؛ وفيه: أنها هي نفسها صاحبة القصة. فالظاهر أنها متعددة! ويؤيده: أن في رواية أنه رجل. انظر "الإرواء" ((2184) . 56- باب في التحريش بين البهائم [تحته حديث واحد. انظره في " الضعيف "] 57- باب في وَسْمِ الدوابِّ 2309- عن أنس بن مالك قال: أتيت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأخِ لي حين وُلِدَ ليُحَنِّكَهُ؛ فإذا هو في مربد يَسِمُ غنماً- أحسبه قال: في آذانها-. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك.

58- باب النهي عن الوسم في الوجه،

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري في " الذبائح "، ومسلم (2119) ، وأحمد (3/171 و254) من طرق أخرى عن شعبة ... به. ومن طريقه: ابن ماجه (3565) ؛ وزاد: ورأيته متزراً بكساء. وفيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف. 58- باب النهي عن الوَسْمِ في الوجه، والضرب في الوجه 2310- عن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عليه بِحِمارٍ قد وُسِمَ في وجهه، فقال: " أمَا بلغكم أني قد لَعَنْتُ من وَسَمَ البهيمة في وَجْهِهَا، أو ضربها في وجهها؟! "، فنهى عن ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه " بنحوه) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد صرح عنده أبو الزبير بالسماع في رواية كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (2116) وغيره من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو

59- باب في كراهية الحمر تنزى على الخيل

الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ... به نحوه وهو مخرج في "الإرواء" (2185) . 59- باب في كراهية الحُمُرِ تُنْزَى على الخَيْلِ 2311- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أُهْدِيَتْ لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَة فرَكِبَها. فقال علي: لو حَمَلْنَا الحمير على الخَيْلِ، فكانت لنا مثل هذه! قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما يفعلُ ذلك الذين لا يَعْلَمُونَ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ابن زُرير عن علي بن أبي طالب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن زُريرٍ - واسمه عبد الله المصري- وهو ثقة. والحديث أخرجه النسائي في "الخيل " ... بإسناد المؤلف ومتنه. وأخرجه أحمد (1/100) ، وابن سعد في "الطبقات " (1/491) ، وابن حبان (1639) ، والبيهقي (10/22- 23) من طرق أخرى عن الليث ... به. ثم أخرجه أحمد (1/158) ، والبيهقي من طرق أخرى عن يزيد بن أبي حبيب؛ وذكر فيه خلافاً على يزيد لا يضر. لا سيما وله طريق أخرى، يرويه شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة عن علي رضي الله عنه ... به نحوه: أخرجه الطيالسي (1191) ، وأحمد (1/98) ، والبيهقي.

60- باب في ركوب ثلاثة على دابة

وهذا إسناد حسن في الشواهد. وله طريق ثالث عن محمد بن علي عن أبيه عن علي ... مختصراً: أخرجه أحمد (1/78) . ثم رواه (4/311) عن دِحْيَةَ الكَلْبِي. وله شاهد مختصراً عن ابن عباس، تقدم في "الصلاة" (رقم 769) . 60- باب في ركوب ثلاثة على دَابَّةٍ 2312- عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قَدِمَ من سفرِ؛ استُقْبِلَ بنا، فأينا استقبل أولاً؛ جعله أمَامَه، فاستُقْبِلَ بي، فحملني أمَامه، ثم استْقُبِلَ بحسن أو حسين، فجعله خلفه؛ فدخلنا المدينة وإنا لَكَذَلِكَ. (قلت: إسناده صحيح. وقد أخرجه مسلم في "صحيحه ") . إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُ عن عاصم بن سليمان عن مُوَرَقٍ - يعني: العِجْلِيَّ-: حدثني عبد الله بن جعفر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير محبوب بن موسى، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد، وقد توبع. قال أحمد (1/203) : حدثنا أبو معاوية: حدثنا عاصم ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (2427) .

61- باب في الوقوف على الدابة

ثم أخرجه هو، وابن ماجه (3773) عن عبد الرحيم بن سليمان عن عاصم ... به نحوه. ورواه مسلم وأحمد من طريق ثانية عن عبد الله بن جعفر ... مختصراً. وأحمد (1/205) من طريق ثالثة ... عنه أتم منه. وإسناده صحيح. وأخرجه البيهقي (5/260) عن أبي معاوية. وله عنده شاهد مختصر من حديث ابن عباس. وآخر من حديث عائشة. 61- باب في الوقوف على الدابة 2313- عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إياكم أن تتخذوا ظهورَ دوابَّكم منابِرَ؛ فإن الله إنما سخرها لكم لِتبَلِّغَكم إلى بَلَد لَمْ تكونوا بَالِغِيهِ إلا بِشِقِّ الأنْفُس، وجعل لكم الأرض؛ فَعَلَيْهَا فاقْضوا حاجاتِكم ". (قلت: إسناده صحيح) . إسناده: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ: حدثنا ابن عَيَّاش عن يحيى بن أبي عُمَرَ السيْبَانِي عن أبي مريم عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وابن عياش- وهو إسماعيل- إنما يُخْشى من روايته عن غير الشاميين، وهذه عن الشاميين.

62- باب في الجنائب

بل رجاله كلهم شاميون، ومنهم أبو مريم هذا، وهو مولى أبي هريرة، وقد وثقه العجلي والحافظ، وروى عنه جماعة؛ وإن لم يعرفه ابن القطان، كما بينته في "الصحيحة" (22) . والحديث أخرجه البيهقي (5/255) من طريق المؤلف، وصححت منه اسم أبي مريم؛ فإنه وقع في الأصل: (ابن أبي مريم) ! وكذلك وقع في طبعة الشيخ محمد محيي الدين- منه-، كما كنت نبهت عليه هناك. 62- باب في الجنائب 2314- عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تكون إبلٌ للشياطين، وبيوت للشياطين ... " (*) . 63- باب في سرعة السير، والنهي عن التعريس في الطريق 2315- عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سافرتم في الخِصْب؛ فأعطوا الإبل حَقَّها، وإذا سافرتم في الجَدْبِ؛ فأسرعوا السَيْرَ، فإذا أردتم التعريسَ؛ فتنكَّبوا عن الطريق ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الترمذي وابن حبان وابن خزيمة) .

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ رحمه الله إلى نقله إلى "الضعيف "؛ فانظره ثمة برقم (443/2) . (الناشر) .

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد: أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (2/337) من طريقين آخرين عن حماد بن سلمة ... به. وأخرجه هو، ومسلم (1926) ، والترمذي (2862) من طرق أخرى عن سهيل ... به؛ وزادوا: " فإنها طرق الدواب، ومأوى الهوامِّ بالليل ". وقد رواه غيرهم كابن خزيمة (2556) ، وابن حبان، وقد خرجته في "الصحيحة" (1357) من المجلد الثالث، وهو تحت الطبع، يسر الله تمامه (*) ؛ فإنه يطبع تحت ظروف حرجة، نسأل الله أن يعاملنا بفضله؛ إنه سميع مجيب! 2316- عن جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... نحو هذا؛ قال- بعد قوله: "حقَّها"-: " ولا تَعْدُوا المنازلَ ". (قلت: حديث صحيح) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا هشام عن الحسن عن جابر بن عبد الله. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن الحسن- وهو البصري-

_ (*) قد تم طبع "السلسلة الصحيحة" كاملة؛ حتى المجلد السابع. والحمد لله.

64- باب في الدلجة

مدلس، وقد عنعنه. وهكذا أخرجه أحمد وغيره؛ وساقوا لفظه بتمامه. ومنه يتبين أن فيه ألفاظاً ومعانيَ لم تَرِدْ في الحديث الذي قبله، ولا شاهد لها، ولذلك سقته وخرجته في "الأحاديث الضعيفة" (1140) . وإنما أوردته هنا في هذا "الصحيح "؛ باعتباره أن فيه شاهداً لما قبله، ولو أن المؤلف ساقه بتمامه؛ لما استسغت إيراده إلا في الكتاب الآخر: "ضعيف أبي داود"؛ فَلْيُعلَمْ هذا؛ لكي لا يَظُن ظانٌ أن في الأمر تناقضاً! وقوله فيه: " ولا تعدوا المنازل "؛ هو مفهوم قوله في الحديث الذي قبله: "فتنكبوا الطريق ". والله أعلم. 64- باب في الدُّلْجَةِ 2317- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عليكم بالدُلْجَةِ، فإن الأرض تُطْوَى بالليلِ ". (قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم والذهبي، وكذا ابن خزيمة) . إسناده: حدثنا عمرو بن علي: حدثنا خالد بن يزيد: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس. قلت: وهذا إسناد رجاله موثوقون؛ غير أبي جعفر الرازي، فهو سيئ الحفظ. لكن الحديث صحيح؛ فقد جاء من طريق أخرى عن أنس مرفوعاً ... به. وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (2555) ، والحاكم على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي!!

65- باب: رب الدابة أحق بصدرها

وأعله بعضهم بالإرسال! وكل ذلك غير مقبول، كما هو مبين في "الصحيحة" (681) . وقد أخرجه البزار أيضاً في "مسنده " (1696- كشف الأستار) ، وهو مخرج في المصدر المذكور برقم (682) ، مع بعض الشواهد من حديث جابر وغيره. وله شاهد آخر من حديث ابن عباس: أخرجه البزار (1695) . 65- باب: رَبَّ الدابةِ أحقُّ بِصَدْرِها 2318/1- عن بُريدَةَ قال: بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي؛ جاء رجلٌ ومعه حمارٌ، فقال: يا رسول الله! اركب، وتأخر الرَّجُل، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا! أنت أحقَّ بصدر دابَّتك مني؛ إلا أن تجعله لي ". قال: فإني قد جعلته لك! فركب. (قلت: إسناده حسن صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَرْوَزِي: حدثني علي بن حسين: حدثني أبي: حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدةَ يقول ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المروزي، وهو ثقة. وفي علي بن الحسين- وهو ابن واقد- كلام يسير من قبل حفظه.

وكذا القول في أبيه؛ لا سيما وقد خولف في وصله كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (2774) ، والحاكم (2/64) ، والبيهقي (5/258) من طرق أخرى عن علي بن الحسين بن واقد ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! والأقرب ما قاله الترمذي: " حديث حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن قيس بن سعد بن عبادة ". وتابعه زيد بن الحُبَابِ: حدثني حسين بن واقد ... به. أخرجه أحمد (5/353) ، وابن حبان (2001) . وخالفه حَبِيبُ بن الشَّهيد، فقال: عن عبد الله بن بريدة: أن معاذ بن جبل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدابة ليركبها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَبَ الدابة أحق بصدرها ". قال معاذ: هي لك يا رسول الله! قال: فركب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأردف معاذاً. أخرجه البيهقي. قلت: ولا شك أن هذا المرسل أقوى من الموصول الذي قبله؛ لكنه يتقوى بما له من الشواهد الكثيرة عن جمع من الصحابة: منهم: عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رواه أحمد (1/19) . وحبيب بن مسلمة وقيس بن سعد بن عبادة: عنده أيضاً (3/422) . وإسناده حسن. وغيرهم ممن خرَّجهم الحافظ الهيثمي (8/107) ، وخرجته عن بعضهم في "الإرواء " تحت الحديث (494) .

66- باب في الدابة تعرقب في الحرب

66- باب في الدابة تُعَرْقَبُ في الحرب 2318/2- عن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير: حدثني أبي- الذي أرضعني، وهو أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغَزَاةِ؛ غزاة مؤتَةَ- قال: والله! لكأنِّي أنظر إلى جعفر، حين اقتحم عن فَرَس له شَقْرَاءَ، فَعَقَرَها، ثم قاتل القوم حتى قُتِلَ. قال أبو داود: " هذا الحديث ليس بالقوي ". (قلت: إسناده حسن، وتضعيف المؤلف إياه غير ظاهر؛ إلا أن تكون جهالة اسم والد عَباد في الرضاعة! وهذا غير ضائر؛ لأنه صحابي كما هو الظاهر. والله أعلم) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفَيْلِي: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق: حدثني ابن عَباد عن أبيه عَبَّادِ بن عبد الله بن الزبير- قال أبو داود: هو يحيى بن عَباد-: حدثني أبي- الذي أرضعني، وهو ... قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون ليس فيهم مغمز؛ إلا ما يخشى من تدليس ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث. فلا أدري وجه تضعيف المؤلف لإسناده؛ إلا أن يكون جهالة اسم أبي عباد في الرضاعة! وذلك مما لا يضر في اصطلاح العلماء؛ لأن الظاهر أنه صحابي، والصحابة عدول كلهم. والله أعلم. ثم رأيت الحافظ قد سبقني في "الفتح " (7/511) إلى تحسين إسناده، فالحمد لله على توفيقه.

67- باب في السبق

67- باب في السَّبَقِ 2319- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا سَبَقَ إلا في خُفٍّ، أو حَافِرٍ، أونَصْلٍ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير نافع ابن أبي نافع، وهو ثقة. والحديث أخرجه البيهقي (10/16) وغيره من أصحاب "السنن " وغيرهم من طرق عن ابن أبي ذئب. وله طرق أخرى عن أبي هريرة، وشواهد، خرجتها في "إرواء الغليل " (1506) . 2320- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابق بين الخيل التي قَدْ ضُمِّرَتْ من (الحَفْيَاءِ) ، وكان أمَدُهَا (ثَنِيَّةَ الوداع) . وسابق بين الخيل التي لم تُضَمرْ مِنَ (الثنِيةِ) إلى (مسجد بني زريقِ) ؛ وإن عبد الله كان ممن سابق بها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه. وصححه الترمذي) .

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه من طريق مالك وغيره، وهو في "الموطأ" آخر "كتاب الجهاد"، وقد خرجته في المصدر السابق (1501) . 2321- وفي رواية عنه: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُضَمِّرُ الخيلَ، يسابِقُ بها. إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا مُعْتَمِرٌ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وهو مختصر للذي قبله. وقد أخرجه أحمد (2/86) من طريق ابن أبي ليلى عن نافع ... به مختصراً؛ دون قوله: يسابق بها. 2322- وفي أخرى عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّق بين الخيل، وفَضَّل القُرَّح في الغاية. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا عُقْبَةُ بن خالد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. والحديث في "مسند الإمام أحمد" (2/157) ... بإسناده ومتنه.

68- باب في السبق على الرجل

وتابعه أبو خيثمة: حدثنا عقبة بن خالد ... به: أخرجه ابن حبان (4669) . 68- باب في السَّبَقِ على الرِّجْلِ 2323- عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، قالت: فسابقته، فسبقتُهُ على رِجْلَيَّ. فلما حملت اللَحْمَ؛ سابقته فسبقني، فقال: " هذه بتلك السبْقَةِ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق- يعني: الفَزَارِي- عن هشام بن عروة عن أبيه وعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الأنطاكي، وهو ثقة. وهما إسنادان عن عائشة: أحدهما: عن هشام عن أبيه عنها ... وقد جاء عنه من طرق. والآخر: عن هشام عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها. أخرجهما أحمد وغيره مفصولاً أحدهما عن الآخر، وقد خرجته في "الإرواء " (1502) ، و "آداب الزفاف ". ورواه النسائي في " الكبرى" (5/303- 305) ... بالإسنادين.

69- باب في المحلل

69- باب في المحلَّل [ليس تحته حديث على شرط كتابنا هذا. (انظر "الضعيف ") ] 70- باب في الجَلَبِ على الخيل في السباق 2324- عن عمران بن حصين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ- زاد يحيى في حديثه- في الرَّهان ". (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا يحيى بن خلف: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد: حدثنا عنبسة. (ح) وحدثنا مسدد: حدثنا بشر بن المُفَضَّل عن حمَيْدٍ الطويل جميعاً عن الحسن عن عمران بن حصين. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم رجال "الصحيح "؛ لولا أن الحسن لم يصرح بالسماع من عمران. لكنه ينجبر بمجيءِ الحديث عن جمع من الصحابة؛ منهم: عبد الله بن عمرو ابن العاص. وقد مضى حديثه في أول "الزكاة" (رقم 1419) . ومنهم: أنس بن مالك: في "المسند" (3/197) . وسنده صحيح. ومنهم: ابن عباس: في "التلخيص " (4/165) . والحديث أخرجه البيهقي (10/21) عن المؤلف من الوجه الأول. والترمذي (1123) من طريق آخر عن بشر بن المفضل.

71- باب في السيف يحلى

والنسائي في " الخيل "، والبيهقي أيضاً، وأحمد (4/429 و 439 و 443) من طرق أخرى عن الحسن ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 4325- عن قتادة قال: الجلب والجنب في الرَّهانِ. (قلت: إسناده مقطوع صحيح) . 71- باب في السيف يُحَلَّى 2326- عن قتادة عن أنس قال: كانت قَبِيعَةُ سيفِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِضَّةً. (قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ") . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا جرير بن حازم: حدثنا قتادة عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وجرير- وإن كان ضعفه بعضهم في روايته عن قتادة-؛ فإنما ذلك فيما تفرد به، كما يشير إلى ذلك قول ابن عدي فيه: " له أحاديث كثيرة عن مشايخه، وهو مستقيم الحديث صالح فيه؛ إلا روايته عن قتادة؛ فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره ". قلت: فإذا شاركه غيره؛ فذلك دليل على حفظه لما روى، وقد توبع على هذا

الحديث كما سترى. والحديث أخرجه الترمذي (1691) ، والدارمي (2/221) ، وابن سعد في "الطبقات " (1/487) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 140- السعادة) ، والبيهقي من طرق عن جرير بن حازم ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب. وهكذا روي عن همام عن قتادة عن أنس. وقد روى بعضهم عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن ... "؛ فذكر الرواية الآتية بعده. ورواية همام؛ وصلها ابن سعد في "الطبقات "، فقال: أخبرنا عمرو بن عاصم: أخبرنا همام وجرير بن حازم ... به. والنسائي آخر "الزينة "، فقال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا عمرو بن عاصم ... به؛ ولفظه: كان نعل سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فِضَّةً، وقبيعة سيفه فضة، وما بين ذلك حِلَق فضة. قلت: فهذه متابعة قوية من همام- وهو ابن يحيى البصري-، وهو ثقة من رجال الشيخين. وكذلك الراوي عنه عمرو بن عاصم؛ وفيه كلام يسير لا يضر، كما يأتي بيانه. 2327- وفي رواية عنه عن سعيد بن أبي الحسن قال: كانت قَبِيعة سيفِ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضةً. قال قتادة: وما علمت أحداً تابعه على ذلك.

(قلت: إسناده مرسل صحيح يُقَوَّي ما قبله) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن قتادة. قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ وسعيد هذا: هو أخو الحسن البصري. وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوَائِيُّ، وهو ثقة ثبت. ولذلك رَجحَ روايتَهُ هذه المرسلةَ النسائي على رواية جريرٍ الموصولة، فقال في "الكبرى"- له كما في "تحفة الأشراف " للمزي (1/301) -: " وهذا حديث منكر. والصواب: قتادة عن سعيد بن أبي الحسن. وما رواه عن همام غير عمرو بن عاصم ". قلت: عمرو هذا من رجال الشيخين كما تقدم، بل هو حافظ ثبت كما قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ"، فتفرده محتمل مقبول كسائر الحفاظ، فاستنكار النسائي للحديث غير مقبول؛ بعد ثبوت متابعة همام بن يحيى لجرير برواية هذا الحافظ الثبت عنهما معاً! وبهذا تعرف الجواب عن تضعيف المؤلف لأحاديث الباب الآتي في آخره، وتقويته لحديث سعيد بن أبي الحسن! مع أن ظاهر قول قتادة عقب حديث سعيد: وما علمت أحداً تابعه على ذلك.. فيه استنكار لحديثه، كما ذكره بعض العلماء المتأخرين احتمالاً، ومال إلى أن صواب العبارة: قال أبو داود.. لا قتادة، وإلى أن ضمير قوله: (تابعه) يرجع إلى جرير بن حازم، لا إلى سعيد بن أبي الحسن (1) .

_ (1) انظر "عون المعبود" (7/248- 250) ، و" بذل المجهود" (12/85- 86) .

فإن صح هذا؛ فكأن المؤلف لم يقف على متابعة همام المذكورة، وإلا؛ لما عدل عنها إلى ذكر رواية عثمان بن سعد الآتية! وجملة القول: إن الحديث- برواية همام وجرير عن قتادة عن أنس- صحيح لا شك فيه. ويزيده قوة: أن له شواهد بالإضافة إلى طريق عثمان الآتية، منها: ما عند النسائي عن أبي أمامة بن سهل قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فضة. وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ وأبو أمامة معدود في الصحابة، كما في " التقريب ". ومنها: ما رواه أبو الشيخ والبيهقي وغيرهما من طريق أبي الحكم: حدثني مرزوق الصيْقَلُ قال: صَقَلْتُ سيفَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذا الفقار، فكان فيه قبيعة من فضة، وبَكَرَة في وسطه من فضة، وحِلَق في قيده من فضة. ورجاله ثقات؛ غير أبي الحكم، فهو غير معروف، كما يستفاد من "نصب الراية " (4/233) . وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كانت نعل سيف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحِلَقُهُ وقُبَاعَتُهُ من فضة. أخرجه ابن سعد وأبو الشيخ. وإسناده صحيح مرسل.

2328- وعن عثمان بن سعد عن أنس بن مالك قال: كانت ... فذكر مثله. (قلت: حديث صحيح بما قبله) . قال أبو داود: " أقوى هذه الأحاديث: حديث سعيد بن أبي الحسن. والباقية ضعاف "! (قلت: بل الأول صحيح، وما بعده يتقوى به ولا يُعِلُّهُ) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار، حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العَنْبَرِي عن عثمان بن سعد. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير عثمان بن سعد- وهو الكاتب أبو بكر البصري-، وهو ضعيف. لكن حديثه هذا صحيح بمجيئه من طريق صحيح عن قتادة عن أنس، كما تقدم تحقيقه قريباً، وبما له من شواهد، ذكرت بعضها آنفاً. والحديث أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 140) ، والبيهقي (4/143) من طريقين آخرين عن يحيى بن كثير ... به. وللحديث شاهد آخر من حديث مَزِيدَةَ: أخرجه الترمذي وغيره. لكن فيه زيادة منكرة، أودعته من أجلها في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" رقم (5406) .

72- باب في النبل يدخل به المسجد

72- باب في النبْلِ يُدْخَلُ بهِ المسجدُ 2329- عن جابر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه أمر رجلاً- كان يتصدق بالنبْلِ في المسجد- أن لا يَمُر بها إلا وهو آخذ بنصُولها. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم بإسناد المؤلف، وهو والبخاري مختصراً) . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ وأبو الزبير- وإن كان معروفاً بالتدليس-؛ فإن الليث- وهو ابن سعد- إنما روى عنه ما صَرحَ فيه بالتحديث، كما هو معروف في ترجمته. والحديث أخرجه مسلم (2614) ... بإسناد المؤلف ومتنه. ثم أخرجه هو، وأحمد (3/350) من طرق أخرى عن الليث ... به. وتابعه عمرو بن دينار عن جابر ... به نحوه: أخرجه البخاري (رقم 239- مختصري للبخاري) ، ومسلم والنسائي في " المساجد "، والدارمي (1/152 و 326) ، وابن ماجه (3777) ، والبيهقي (8/23) ، وأحمد (8/303) من طرق عنه. 2330- عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا مَر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا، ومعه نَبْلٌ؛ فليُمسك على نصالها- أو قال: فَلْيَقْبِضْ كَفَّهُ، أو قال: فليقبض بِكَفِّه-؛ أن تصيب أحداً من المسلمين ".

73- باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولا

(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه بإسناد المؤلف ومتنه) . إسناده: حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو أسامة عن بُريد عن أبي بردة عن أبي موسى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري في أول " الفتن "، ومسلم (2615) ... بإسناد المصنف ومتنه. وأخرجه ابن ماجه (3778) : حدثنا محمود بن غَيْلان: ثنا أبو أسامة ... به. وأحمد (4/410) : ثنا وكيع: حدثني بُرَيْدُ بن أبي بردة، ... به. ثم أخرجه هو (4/400 و 413 و 418) ، والبخاري في "الصلاة" (رقم 240- المختصر) ، ومسلم من طرق أخرى عن أبي بردة، ... به. ورواه البيهقي (8/23) . 73- باب في النهي أن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلولاً 2331- عن جابر: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولاً. (قلت: حديث صحيح، وإسناده على شرط مسلم، وقد صححه الحاكم على شرطه، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر.

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير حماد- وهو ابن سلمة-، فهو من رجال مسلم وحده. ولولا أن أبا الزبير مدلس- وقد عنعنه- لصححته، ولكنه صحيح على كل حال؛ فقد صرح بالتحديث في رواية أخرى سأذكرها. والحديث أخرجه الترمذي (2164) ، والحاكم (4/290) ، وأحمد (3/300 و361) من طرق أخرى عن حماد بن سلمه ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي: " وهذا حديث حسن غريب من حديث حماد بن سلمة. وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر. وعن بَنَّةَ الجهَنِي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث حماد بن سلمة عندي أصح ". قلت: ولا شك في ذلك؛ لما عُرِفَ من سوء حفظ ابن لهيعة. وقد وصل حديثه هذا: الإمام أحمد (3/347) ؛ إلا أنه وقع فيه: عن جابر أن بَنةَ الجهني أخبره ... ولعله الصواب، ولفظ حديثه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَر على قوم في المسجد- أو في المجلس- يَسُلون سيفاً بينهم، يتعاطونه بينهم غير مغمود، فقال: " لعن الله من يفعل ذلك، أولمْ أزجُرْكم عن هذا؟! فإذا سللتم السيف فَلْيَغْمِدْهُ الرجل، ثم لْيُعْطِهِ كذلك ". ويشهد لغالبه: ما روى أبو إسحاق الفَزَارِيُ عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن جابر:

74- باب في النهي أن يقد السير بين إصبعين

أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَر بقوم في مجلس ... الحديث مثله دونْ اللعْن. أخرجه أحمد (3/370) . ورجاله ثقات؛ لولا عنعنة ابن جريج. لكن أخرجه- عقبه- بالإسناد ذاته عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً يحدث ... ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وبه صح الحديث والحمد لله. وذكر له الحاكم شاهداً من حديث أبي بكرة، وصححه هو والذهبي، وهو حسن صحيح، قد صرَّح المبارك بن فَضَالة والحسن البصري بالتحديث فيه. فانظر "المشكاة" (3527) . ثم رأيت ابن حبان رواه (1854) من طريق أبي عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً ... به مثل رواية أحمد. وهذا إسناد متصل صحيح. 74- باب في النهي أن يقَدَّ السَّيْر بين إصبعين [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 75- باب في لُبْسِ الدُرُوعِ 2332- عن السائب بن يزيد عن رجل قد سَمَّاه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظاهر يومَ أُحُد بين درعين، أو لَبِسَ درعين. (قلت: حديث صحيح، وقد حسن الترمذي شاهده من حديث الزبير بن العوام، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي) .

إسناده: حدثنا مسدد: حدثنا سفيان قال: حسبت أني سمعت يزيد بن خُصَيْفَةَ يذكر عن السائب بن يزيد. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ إلا الرجل الذي نسي اسمه سفيان- وهو ابن عيينة-، لكن الظاهر أنه صحابي؛ فإن السائب صحابي صغير، حجَّ به في حجة الوداع، وهو ابن سبع سنين. لكنهم اختلفوا في إسناده على سفيان على وجوه، لا بد من بيانها: الأول: رواية مسدد هذه: عن السائب عن رجل قد سماه. الثاني: قال بشر بن السَّرِي عن سفيان بن عيينة ... به؛ إلا أنه قال: عن السائب عَمنْ حدثه عن طلحة بن عبيد الله ... به! فزاد في إسناده: عن طلحة. أخرجه البيهقي (9/47) . الثالث: قال إبراهيم بن بشار الرَّمَادِيُّ أبو إسحاق: ثنا سفيان ... به عن السائب. قال إبراهيم: وجدت في كتابي: عن رجل من بني تَيْم عن طلحة بن عبيد الله: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... أخرجه البيهقي أيضاً: فزاد على الذي قبله نسبة الرجل الذي لم يُسَم: إلى (تَيْم) . الرابع: خالفهم جميعاً هشام بن عمار: عند ابنِ ماجه (2806) ، وأحمدُ (3/449) - فقال هذا وهشام-: ثنا سفيان ... به عن السائب مرفوعاً؛ فحذفا الرجل وطلحة؛ إلا أنهما قالا: عن السائب بن يزيد إن شاء الله تعالى. وهذا شبيه بقول مسدد عن سفيان: حسبت أني ... من حيثُ عدمُ الجزمِ

بسماعه له عن يزيد عن السائب. ولكن قال أحمد عقبه: وحدثنيه مَرةً أحرى فلم يَسْتَثْنِ. وقد تابعه على ترك الاستثناء: محمد بن أبي عمر العَدَنِيُ- في "شمائل الترمذي " (104) -، وعلي بن المديني- عند ابن حَيَّان في "أخلاق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 142- طبعة السعادة) -، ويحيي بن الربيع المَكَيُّ- عند البيهقي-، وعبد الله ابن المبارك، عند ابن سعد (2/46) -؛ إلا أن هذا خالفهم جميعاً فقال: عن السائب بن يزيد أو غيره! وهذا اختلاف شديد، قلما نجد مثله فيما اضطرب فيه من الحديث. ومع ذلك يمكن ترجيح الوجه الثاني والثالث منها على غيرها؛ بقاعدة: (زيادة الثقة مقبولة) ، وهي فيهما: الرجل عن طلحة. وعليه يقال: إن كان الرجل صحابياً؛ فالسند صحيح، وإلا؛ فهو بحاجة إلى ما يشهد له. وقد وُجِدَ؛ وهو ما رواه محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن جده عن الزبير رضي الله عنه قال: فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ذهب لينهض إلى الصخرة، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ظاهر بين درعين؛ فلم يستطع أن ينهض إليها، فجلس طلحة بن عبيد الله تحته، فنهض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى استوى عليها، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوجب طلحة ". أخرجه الترمذي في " السنن " (1692) ، وفي " الشمائل " (رقم 103- سورية) ، والحاكم (3/25) ، وعنه البيهقي (9/46) . وقال الحاكم:

76- باب في الرايات والألوية

" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وإنما هو حسن فقط؛ للخلاف المعروف في ابن إسحاق. ولذا قال الترمذي: " حديث حسن غريب ". 76- باب في الرايات والألوية 2333- عن يونس بن عُبَيْد مولى محمد بن القاسم قال: بعثني محمد بن القاسم إلى البراء بن عازب يسأله عن راية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كانت؟ فقال: كانت سَوْدَاءَ مُرَبعَةً مِنْ نَمِرَة. (قلت: حديث صحيح؛ دون قوله: مربعة ... ، وحسنه الترمذي والذهبي) . إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازيً: أخبرنا ابن أبي زائدة: أخبرنا أبو يعقوب الثقفي: حدثني يونس بن عُبَيْد. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة يونس هذا؛ فإنه لا يدرى من هو؟ كما قال الذهبي في "الميزان ". وذكره ابن حبان على قاعدته في "الثقات "! ووقع في المطبوعة منه (3/297) : أن الراوي عنه أبو إسحاق السبيعي! وهو تحريف عجيب، وإنما هو أبو يعقوب الثقفي، كما في الإسناد، وكتب التراجم- واسمه: إسحاق بن إبراهيم-، وثقه ابن حبان؛ وفيه ضعف كما في "التقريب ". لكن للحديث شواهد في الجملة، يتقوى بها:

منها: عن ابن عباس قال: كانت راية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوداءَ، ولواؤُه أبيضَ. أخرجه الترمذي (1681) ، وابن ماجه (2818) ، والحاكم (2/105) ، والبيهقي (6/362) . وقال الترمذي: " حسن غريب ". وله في "كبير الطبراني " (1161) طريق آخر. وفي "طبقات ابن سعد" (1/455) شاهد آخر مرسل. وكأنه لذلك قال الذهبي- عقب ترجمة يونس-: " حديث حسن ". والحديث أخرجه البيهقي من طريق المؤلف. والترمذي (1680) ، وأحمد (4/297) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ... به. وقال الترمذي: " حسن غريب ". وعزاه المنذري لابن ماجه! فوهم. 2334- عن جابر ... يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه كان لواؤه يَوْمَ دَخَلَ مكةَ أبيضَ. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم) .

إسناده: حدثنا إسحاق بن إبراهيم المَرْوَزِي: ثنا يحيى بن آدم: ثنا شَرِيكٌ عن عمار الدُهنِيِّ عن أبي الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ إلا أنه لم يخرج لشريك- وهو ابن عبد الله القاضي- إلا متابعة؛ لضعف في حفظه. وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. والمروزي: هو الإمام ابن راهويه. والحديث أخرجه النسائي في "الحج " ... بإسناد المؤلف ومتنه. وأخرجه الترمذي (1679) ، وابن ماجه (2817) ، وابن حبان (1701) ، والحاكم (2/104- 105) ، وعنه البيهقي (6/362) كلهم من طرق أخرى عن يحيى بن آدم ... به. وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك. وسألت محمداً- يعني: الإمام البخاري- عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك ". قلت: قد وجدت له متابعاً قوياً: أخرجه الطبراني في "الكبير" (1758) ، و"الصغير " (رقم 230- الروض) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى: ثنا معاوية بن عمار الدُهْنِيُّ عن أبيه ... به مختصراً؛ بلفظ: أن راية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت سوداء. هكذا سنده في "الصغير". وأما في "الكبير" فقال: شريك.. بدل: معاوية بن عمار!

77- باب في الانتصار برذل الخيل والضعفة

ولعل الأول هو الصواب؛ فإنهم لم يذكروا شريكاً في شيوخ ابن عمران، والله أعلم. وفي الروايتين- والشيخ فيهما واحد-: سوداء! وللحديث شواهد؛ منها: حديث ابن عباس الذي أوردته تحت الحديث السابق. 77- باب في الانتصار بِرُذُلِ الخَيْلِ والضَّعَفَةِ 2335- عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أبغُوني الضعَفَاءَ؛ فإنما تُنْصَرُونَ بضعفائكم ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا مُؤَمَّل بن الفَضْلِ الحَرانِيُّ: ثنا الوليد: ثنا ابن جابر عن زيد بن أرطاة الفَزَارِيُ عن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ الحَضْرَمِي أنه سمع أبا الدرداء يقول ... قال أبو داود: " زيد بن أرطاة: أخو عَدِيِّ بن أرطاة ". قلت. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، لا علة فيه سوى ما يخشى من تدليس الوليد- وهو ابن مسلم- تدليسَ التسويةِ. وقد تابعه عبد الله بن المبارك وغيره: عند الحاكم (2/106 و 145) وغيره، وصححه هو والذهبي والترمذي وابن حبان، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (779) ؛ فلا داعي للإعادة.

78- باب في الرجل ينادي بالشعار

78- باب في الرجل ينادي بالشعار 2336- عن إياس بن سَلَمَةَ عن أبيه قال: غزونا مع أبي بكر رضي الله عنه زَمَنَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان شعارنا: أمِتْ أمتْ! (قلت: إسناده حسن صحيح على شرط مسلم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا هَنَادٌ عن [ابن] المبارك عن عكرمة بن عَمار عن إياس بن سَلَمَةَ. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ فهو على شرطه؛ وفي عكرمة بن عمار كلام لا يضر، وقد توبع كما يأتي؛ فهو صحيح. والحديث أخرجه الحاكم (2/107) ، وعنه البيهقي (6/361) من طريق عَبْدان: أنا عبد الله ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!! وعكرمة بن عمار إنما روى له البخاري تعليقاً. ورواه النسائي في "السير" من "سننه الكبرى"- كما في "تحفة المزي " (4/38) - من طريقين آخرين عنه ... نحوه. والمصنف ... أتم منه، كما سيأتي في "البيات " رقم (2371) . وقد تابعه أبو عُمَيْس عن إياس بن سلمة عن أبيه قال:

بارزت رجلاً فقتلته، فَنَفلَنِي رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَبَه، فكان شعارنا مع خالد بن الوليد: أمِتْ! يعني: اقْتُلْ. أخرجه الدارمي (2/219) . وسنده صحيح على شرط الشيخين. والحاكم (2/108) ... مختصراً، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وشطره الأول: عند البخاري كما يأتي (2383) . 2337- عن المُهَلَّبِ بن أبي صُفْرَةَ: أخبرني من سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يقول] : " إن بُيِّتمْ؛ فليكن شعاركم: حم لا يُنْصَرُون ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي!) . إسناده: حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن المُهَلبِ بن أبي صُفْرَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير المهلب بن. أبي صفرة، وهو من ثقات الأمراء، كما في "التقريب ". وسفيان: هو الثوري، سمع من أبي إسحاق قبل اختلاطه. والحديث أخرجه الحاكم (2/107) ، والبيهقي (6/361) من طرق أخرى عن محمد بن كثير ... به.

والترمذي (1682) ، والحاكم أيضاً من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي!! والمهلب ليس من رجال الشيخين؛ كما أشار إلى ذلك الذهبي نفسه في "الكاشف "، وقال فيه: " صدوق دَيَّن شجاع ". وتابعه شَرِيك عن أبي إسحاق عن المهلب ... به: أخرجه أحمد (4/65 و5/377) من طريق أسود بن عامر عنه. وخالفه علي بن حَكِيمِ، فقال: ثنا شريك ... به؛ إلا أنه قال: عن البراء بن عازب.. فسمى الصحابي. أخرجه الحاكم، وعنه البيهقي. وأسود بن عامر ثقة. وكذا علي بن حكيم. وقد تابعه الأجلح من جهة. وخالفه وغيره من جهة أخرى فقال: عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب.. فأسقط من الإسناد: المهلب: أخرجه الحاكم وأحمد (4/289) . والأجلح- وهو ابن عبد الله- صدوق في نفسه، ولكن قد ضعفه غير واحد؛ فلا يحتج به عند المخالفة، وكون صحابي الحديث البراء أو غيره الذي لم يسم؛ فلا يضر في صحة الحديث؛ لأن الصحابة كلهم عدول، كما هو معلوم عند أهل السنة.

79- باب ما يقول الرجل إذا سافر

79- باب ما يقول الرجل إذا سافر 2338- عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سافر؛ قال: " اللهم! أنت الصاحبُ في السفر، والخليفةُ في الأهل. اللهم! إني أعوذ بك من وَعْثَاءِ السَّفر، وكآبة المُنْقَلَبِ، وسُوء المَنْظَرِ في الأهل والمال. اللهم! اطوِ لنا الأرضَ، وهَوِّنْ علينا السَّفَرَ ". (قلت: إسناده حسن صحيح. ورواه الترمذي بإسناد آخر عنه- وحسنه-، وابن حبان عن ابن عباس، ولمسلم بعضه عن عبد الله بن سرجس وعبد الله بن عمر، ويأتي حديثه عَقِبَهُ) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى: ثنا محمد بن عَجْلان: حدثني سعيد المَقْبُرِي عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن عجلان، فأخرج له مسلم مقروناً، وهو حسن الحديث كما تقدم مراراً. والحديث أخرجه أحمد (2/433) : ثنا يحيى ... به. وله طريق أخرى، يرويها شعبة عن عبد الله بن بشر الخَثْعَمِي عن أبي زرعة عن أبي هريرة ... به؛ وزاد في رواية: " اللهم! اصْحَبْنَا بِنُصْحِكَ، واقْلِبْنا بذمَّتِكَ ".

أخرجه الترمذي (3434) ، والنسائي في " الاستعاذة"، وأحمد (2/401) . وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وهو كما قال أو أعلى؛ فإن رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير الخثعمي، وقد وثقه ابن حبان. وقال أبو حاتم: "شيخ ". وروى عنه جمع من الثقات- غير شعبة- منهم سفيان الثوري. وله متابع: عند الحاكم (2/99) . وله شاهد من حديث ابن عباس ... أتم منه: أخرجه ابن حبان (969) ، وأحمد (1/256 و 299- 300) ، وابنه أيضاً من طريق أبي الأحوص عن سِمَاك ابن حرب عنه. وسنده جيد. ومن حديث عبد الله بن سرجس: أخرجه مسلم (4/105) ، والترمذي (3435) ، والنسائي في " الاستعاذة"، وابن ماجه (3888) ، والدارمي (2/287) ، والطيالسي (1180) ، وأحمد (5/82) . وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "؛ وليس عندهم الفقرة الأخيرة في طَيِّ الأرض ... وزادوا: " ومِنَ الحَوْرِ بعد الكَوْرِ، ومن دعوة المظلوم ". وزاد مسلم وابن ماجه وأحمد: وإذا رجع؛ قال مثلها.

ورواه- والذي قبله- البيهقي (5/250) . ومن حديث عبد الله بن عمر، وهو الآتي بعده. 2339- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر؛ كَبَّرَ ثلاثاً، ثم قال: " (سبحان الذي سَخَّرَ لنا هذا وما كنا له مقْرِنينَ. وإنا إلى ربّنا لمُنْقَلِبوُنَ) . اللهم! إني أسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى. اللهم! هَوَّنْ علينا سَفَرَنا هذا. اللهم! اطْوِ لنا البُعْدَ. اللهم! أنت الصاحبُ في السفر، والخليفة في الأهل والمال ". وإذا رجع؛ قالَهُنَّ، وزاد فيهن: " آيِبُونَ تائبونَ عابدونَ، لربِّنا حامدونَ ". وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشُهُ إذا عَلَوُا الثنايا كبَّروا، وإذا هَبَطوا سَبحوا؛ فَوُضِعَتِ الصلاةُ على ذلك. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه "، وكذا ابن خزيمة دون قوله: وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشه ... وحسنه الترمذي، لكن قوله: فوضعت الصلاة ... شاذ) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أن علياً الأزْدِي أخبره أن ابن عمر أعلمه ...

قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وعلي: هو ابن عبد الله البَارِقِي. والحديث أخرجه مسلم (4/104) ، والنسائي في "التفسير"، و "اليوم والليلة " من "الكبرى"- كما في " التحفة " (6/16) -، وابن خزيمة (2542) ، وأحمد (2/150) من طرق عن عبد الرزاق ... به؛ دون قوله: وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشه ... إلخ. وهكذا هو في "مصنف عبد الرزاق " (9232) . وقد توبع؛ فرواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2542) من طريقين آخرين عن ابن جريج ... به. وقد توبع ابن جريج، فقال الطيالسي في "مسنده " (1931) : حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير ... به دون الزيادة. ومن هذا الوجه: أخرجه الترمذي (3444) ، والدارمي (2/287) ، وأحمد (2/144) من طرق أخرى عن حماد ... به. وقال الترمذي: " حسن غريب من هذا الوجه ". قلت: ولابن عمر حديث آخر من رواية نافع عنه فيما كان يقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قَفَلَ من حج أو عمرة، فيه التكبير على كل شَرَفٍ ثلاثاً، وقوله: " آيبون ... " دون قوله: وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشه ... إلخ. فانقدح في النفس أن هذه الزيادة مدرجة في الحديث، ليست من قول ابن عمر؛ لتفرد المؤلف بها عن شيخه الحسن بن علي- وهو الحُلْواني-، وهو ثقة حافظ؛ فهي شاذة، لا سيما قوله فيها: "فوضعت الصلاة على ذلك "! فإني لا أعرف لها شاهداً؛ بخلاف التكبير والتسبيح، فيشهد له حديث جابر رضي الله عنه قال:

80- باب في الدعاء عند الوداع

كنا إذا صَعدْنا؛ كَبَّرْنا، وإذا نَزَلْنا؛ سَبحْنا. أخرجه البخاري (2693- فتح) ، والدارمي (2/288) ، وابن خزيمة (2562) ، وأحمد (3/333) . وفي رواية نافع المشار إليها التكبير فقط ثلاثاً. وستأتي عند المؤلف في آخر هذا الكتاب؛ "الجهاد"- إن شاء الله تعالى-. ثم تأكدت من الإدراج المذكور، حين رأيت عبد الرزاق روى هذه الجملة المدرجة منفصلة عن الحديث (برقم 9245) عن ابن جريج قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجيوشه ... إلخ. فهي عنده معضلة، أدرجها بعضهم في الحديث؛ فصارت متصلة! ولا تصح. وجملة: " آيبون ... " إلخ؛ لها شاهد من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: عند ابن حبان (970 و 971) ، و "مصنف عبد الرزاق " (9240) ، وكذا الترمذي (3536) - وصححه-، والطيالسي (716) ، وأحمد (4/281 و 289 و300) . 80- بابٌ في الدّعاءِ عند الوَدَاع 2340- عن قَزَعَةَ قال: قال لي ابن عمر: هَلُمَ أُوَدَعْكَ كما وَدَّعَنِي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أسْتَوْدعُ اللهَ دِينَكَ، وأمَانَتَكَ، وخَواتِيمَ عَمَلِكَ ". (قلت: حديث صحيح لطرقه، صحح بعضها الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) .

81- باب ما يقول الرجل إذا ركب

إسناده: حدثنا مسدد: ثنا عبد الله بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن إسماعيل بن جرير عن قَزَعَةَ. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ على ضعف في عبد العزيز بن عمر- وهو الأُمَوِي ابن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز-. وإسماعيل بن جرير لَينُ الحديث. وفي الإسناد عِلة أخرى؛ وهي الاختلاف على عبد العزيز في إسناده: فرواه عنه بعضهم هكذا. وبعضهم أسقط منه إسماعيل بن جرير. لكن الحديث صحيح؛ فإن له طرقاً أخرى، قد خرجتها مع هذه الطريق في "الأحاديث الصحيحة" (رقم 14) ؛ فأغنى عن الإعادة. 2341- عن عبد الله الخَطْمِي قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يَسْتَوْدع الجيشَ؛ قال: " أسْتَوْدع اللهَ دِينَكُم، وأمَانَتَكُمْ، وخَواتِيمَ أعمالِكُمْ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم) . خُرِّج في "الصحيحة" (15) . 81- باب ما يقول الرجل إذا ركب 2342- عن علي بن رَبِيعَةَ قال: شَهِدْتُ علياً رضي الله عنه أُتِي بِدَابةٍ لِيَرْكَبَها، فلما وضع رِجْلَهُ في الركاب؛ قال:

بسم الله. فلما استوى على ظهرها؛ قال: الحمد لله. ثم قال: (سبحان الذي سَخرَ لنا هذا وما كُنا له مُقرِنين. وإنا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) . ثم قال: الحمد لله (ثلاث مرات) . ثم قال: الله أكبر (ثلاث مرات) . ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك. فقيل: يا أمير المؤمنين! مِنْ أيِّ شيء ضَحِكْتَ؟ قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل كما فعلت، ثم ضَحِكَ، فقلت: يا رسول الله! مِنْ أيِّ شَيْء ضَحِكْتَ؟ قال: " إن رَبَّك يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إذا قال: اغفر لي ذنوبي؛ يَعْلَمُ أنه لا يغفرُ الذنوبَ غيري ". (قلت: حديث صحيح، صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو الأحوص: ثنا أبو إسحاق الهَمْدَاني عن علي ابن ربيعة. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ وأبو الأحوص: اسمه سَلام بن سُلَيْم الحَنَفِي- مولاهم-.

وأبو إسحاق: هو السَّبِيعِيّ، وهو مدلس؛ وكان قد اختلط، وقد جاء ما يدل على أنه أسقط واسطتين بينه وبين علي بن ربيعة: فذكر الحافظ المِزِّي في "التحفة" (7/436) : أن عبد الرحمن بن مهدي قال: عن شعبة: قلت لأبي إسحاق: ممن سمعته؟ قال: من يونس بن خَبّاب. فلقيت يونس بن خباب؛ قلت: ممن سمعته؟ قال: من رجل سمعه من علي بن ربيعة. رواه شعيب بن صفوان عن يونس بن خَبَّاب عن شَقِيقِ بن عُقْبَةَ الأسَدِيِّ عن علي بن ربيعة ". انتهى ما في "التحفة". وأقول: ويعكر على قول أبي إسحاق- المذكور- ما رواه عبد الرزاق عن معمر عنه قال: أخبرني علي بن ربيعة: أنه شهد علياً حين ركب ... الحديث. أخرجه البيهقي (5/252) ؛ وسنده صحيح إلى أبي إسحاق. فالظاهر أن هذا من تخاليطه؛ لأن معمراً ممن روى عنه بعد الاختلاط. ثم وجدت الحديث في "مسند أحمد" (1/115) ؛ رواه عن عبد الرزاق: ثنا معمر عن أبي إسحاق عن علي بن ربيعة، قاله مرة. قال عبد الرزاق: وأكثر ذاك يقول: أخبرني من شهد عليّاً حين ركب ... فهذا يؤكد أن أبا إسحاق لم يحفظ الحديث يقول: أخبرني، فكان يضطرب في إسناده، فتارة يقول: عن علي بن ربيعة- وهي رواية الجماعة-، وتارة يقول: أخبرني علي بن ربيعة- وهي رواية البيهقي-. ونحوها رواية أحمد؛ إلا أنه لم يُسَمِّ علي بن ربيعة.

82- باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل

وكل ذلك من اختلاطه، وتأيد ذلك بتصريحه قبل اختلاطه بأنه سمعه من يونس بن خباب؛ كما تقدم في سؤال شعبة إياه، وهو قد سمع منه قبل الاختلاط. ويونس هذا فيه ضعف؛ فهو علة هذه الطريق! لكنه قد جاء من طريق أخرى كما يأتي؛ فالحديث بها صحيح إن شاء الله تعالى. والحديث أخرجه الترمذي (3443) ، وفي " الشمائل " (233- حمص) و (مختصري له) ، والنسائي في "سير الكبرى"، وابن حبان (2381) كلهم بسند واحد عن قتيبة بن سعيد: حدثنا أبو الأحوص ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "! ثم رواه النسائي وابن حبان (2380) ، والحاكم (2/99) ، وأحمد (1/97 و128) من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به. وأخرجه الحاكم من الطريق الأخرى عن المِنْهَال بن عمروٍ عن علي بن ربيعة ... به، وقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! والمنهال إنما روى له البخاري فقط. 82- باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

83- باب في كراهية السير في أول الليل

83- باب في كراهِيَةِ السَّيْرِ في أوَّلَ الليلِ 2343- عن جابر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ إذا غَابَتِ الشمسُ؛ حتى تَذْهَبَ فَحْمَة العِشَاءِ؛ فإن الشياطينَ تَعِيثُ إذا غابتِ الشمسُ؛ حتى تذهب فَحْمَة العشاء ". قال أبو داود: " الفواشي: ما يفشو من كل شيء ". (قلت: حديث صحيح، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة وابن خزيمة في "صحاحهم "، وأخرجوه هم والبخاري من طريق أخرى تأتي في آخر "الأشربة") . إسناده: حدثنا أحمد بن أبي شُعَيْبٍ الحَراني: ثنا زهير: ثنا أبو الزبير عن جابر. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه. وزهير: هو ابن معاوية أبو خيثمة. وأحمد بن أبي شعيب نسب إلى جده، واسم أبيه: عبد الله، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (6/106) ، وأبو عوانة (5/333) ، وأحمد (3/312 و386 و 395) من طرق عن زهير ... به؛ وزادوا: "وصبيانكم ". وتابعه سفيان وحماد وفِطْرُ بن خليفة عن أبي الزبير ... به: أخرجه مسلم

84- باب في أي يوم يستحب السفر؟

وأحمد (3/362) ، وابن خزيمة في "صحيحه " (2560) . وتابعه عطاء بن يسار عن جابر ... به نحوه: أخرجه الشيخان وأبو عوانة وغيرهم، وهو مخرج في "إرواء الغليل " (39) ، وسيأتي عند المصنف في آخر " الأشربة "، وليس فيه عندهم ذكر: الفواشي. 84- باب في أيِّ يوم يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ؟ 2344- عن كعب بن مالك قال: قَلمَا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُج في سَفَرٍ إلا يَوْمَ الخميس. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري وابن خزيمة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (5/250) من طريق أخرى عن سعيد بن منصور ... به. وأخرجه البخاري (2949) من طريق أخرى عن ابن المبارك ... به. وابن خزيمة (2517) ، والبيهقي من طريق ابن وهب: أخبرني يونس ... به. وأحمد (3/456 و 6/387) .

85- باب في الابتكار في السفر

وعزاه البيهقي لمسلم أيضاً! وما وجدته فيه! والمنذري للنسائي فقط؛ وقلَّده الدَّعَّاس! فقصَّرا! وهو عند النسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة" (8/320) - عن ابن وهب. 85- باب في الابتكار في السفر 2345- عن صَخْرٍ الغَامِدِيِّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهمَّ! بارك لأُمتي في بُكُورها ". وكان إذا بعث سَرِيَّةً أو جيشاً؛ بعثهم من أول النهار. وكان صخر رجلاً تاجراً، فكان يبعث تجارته من أول النهار، فَأثرَى وكَثُرَ ماله. (قلت: حديث صحيح، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وقوّاه ابن عبد البر والمنذري والحافظ ابن حجر والسخاوي) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا هُشَيْمٌ: ثنا يعلى بن عطاء: ثنا عُمَارَةُ ابن حَدِيدٍ عن صخر الغامدي. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمارة بن حديد، وهو مجهول كما قال غير واحد. وذكره ابن حبان في "الثقات " (3/200) ! وقال العجلي: " حجازي تابعي ثقة "!

86- باب في الرجل يسافر وحده

ولعل هذا القول منه كان السببَ الذي حملني على أن جَوَّدتُ إسناد الحديث في تعليقي على "المشكاة" (3908) ، وكان ذلك قبل أن يتبين لي أن العجلي متساهل في التوثيق مثل تساهل ابن حبان أو نحوه، فالحمد لله على هدايته، وأسأله المزيد من فضله وتوفيقه! لكن الحديث صحيح كما يأتي بيانه. والحديث أخرجه الطيالسي في "مسنده " (1246) : حدثنا شعبة قال: أخبرني يعلى بن عطاء ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه الدارمي (2/214) ، وكذا النسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة " (4/161) -، وأحمد (3/416) . وأخرجه الترمذي (1212) ، وابن ماجه (2236) - من طريق هشيم-، والطبراني في "الكبير" (7275 و 7276) - من الوجهين-، ومن وجه ثالث - (7277) - عن يعلى بن عطاء ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن ". يعني: لطرقه، وهو كما قال أو أعلى؛ فقد جاءت له شواهد كثيرة عن جمع كثير من الصحابة، خرجت أحاديث عشرة منهم في "الروض النضير"، تحت حديث ابن عمر (490) ؛ وهو أحدهم، وذكرت هناك أقوال من قوّاه من العلماء الذين سبق ذكرهم، فلا ضرورة للإطالة بذكرها. 86- باب في الرجل يسافر وحده 2346- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة رَكْبٌ ". (قلت: إسناده حسن، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي وابن

خزيمة، وحسن الحافظ إسناده) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن عمرو بن شعيب. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب وأبيه، وهو إسناد حسن، كما تقدم تقريره مفصلاً برقم (124) ؛ ولذلك قال الحافظ ابن حجر: " وهو حديث حسن الإسناد ". والحديث أخرجه الترمذي وغيره من طريق مالك وغيره، وقال الترمذي: " حديث حسن ". وهو مخرج في "الصحيحة" (62) ، فأغنى عن الإعادة؛ غير أني أزيد هنا فأقول: إنه رواه ابن خزيمة في "صحيحه " (2570) عن يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن عمرو ... به. وخالفه المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي فقال: ثنا ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ... به مرفوعاً؛ ذكره الحاكم (2/102) شاهداً لحديث الباب، وتبعه الحافظ في "الفتح " (6/53) . ثم قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وأقره العسقلاني! وفي ذلك نظر من وجهين: الأول: أن ابن عجلان ليس على شرط مسلم؛ وإنما روى له تبعاً. والمخزومي لم يرو له مسلم أصلاً، وإنما البخاري، ثم هو إلى ذلك صدوق يهم، كما في "التقريب ".

87- باب في القوم يسافرون؛ يؤمرون أحدهم

والآخر: أنه- مع وهمه- قد خالف يحيى بن سعيد- الجبل ثقة وحفظاً- في إسناده كما ترى؛ فمثله لا تطمئن النفس للاستشهاد بما خالف فيه! فتأمل. وقد خالف مالكاً: ابن أبي الزناد، فرواه عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ... مرفوعاً نحوه. وابن أبي الزناد فيه ضعف؛ لا سيما عند المخالفة، لكن الراوي عنه فيه جهالة، ولذلك خرجته في "الضعيفة " (3767) . 87- باب في القوم يسافرون؛ يؤمِّرون أحدهم 2347- عن أبي سعيد الخُدْري: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا خرج ثلاثة في سَفَرٍ؛ فليؤمِّروا أحدهم ". (قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، والضياء المقدسي في "المختارة") . إسناده: حدثنا علي بن بحر بن بَري: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف يسير في ابن عجلان. ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة وأبو يعلى، كما كنت خرجته في "الصحيحة" (1322) . وأزيد هنا فأقول: ورواه البيهقي (5/257) من طريق المصنف. وقد وجدت له شاهداً من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إذا خرج ثلاثة مسلمين في سفر؛ فليؤمَّهم أقْرَؤهم لكتاب الله؛ وإن كان أصغرهم، فإذا أمهم؛ فهو أميرهم ". أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (1/344- هند) : حدثنا وكيع عن ثور الشامي عن مهاجِر بن حبيب عنه. وهذا سند مرسل صحيح. وقد خالفه محمد بن الزبرِقان: ثنا ثور بن يزيد عن مهاصر عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... مرفوعاً به؛ دون لفظ: " ثلاثة مسلمين". أخرجه البزار (1671) من طريق عبد الله بن رُشَيْدٍ عن ابن الزبرقان. وهذا ثقة. لكن ابن رشيد لم أعرفه. ومهاصر ثقة عند ابن حبان، وقال أبو حاتم: " لا بأس به ". وتابعه نافع في الرواية الآتية. 2348- وفي رواية: عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان ثلاثة في سفر؛ فليؤمِّروا أحدهم ". قال نافع: فقلنا لأبي سلمة: فأنت أميرنا. (قلت: إسناده حسن صحيح) .

إسناده: حدثنا علي بن بَحْرٍ: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو عين إسناد الرواية الأولى؛ إلا أنه فيها جعله من (مسند أبي سعيد) ، وفي هذه جعله من (مسند أبي هريرة) ، ومدارهما على ابن عجلان، وقد عرفت ما فيه من الضعف اليسير، والظاهر أن هذا الاختلاف منه، فقد تكلموا في روايته عن سعيد المقبري وعن نافع، وهذه عن نافع كما ترى. وقد كنت نقلت في " الإرواء" (8/106) عن يحيى أنه وصفه بأنه مضطرب الحديث عن نافع. ومما يؤكد ذلك: أنني رأيته قد رواه على وجه ثالث، فقال البزار (1673) : حدثنا إبراهيم بن المستمر: ثنا عُبَيْسُ بن مرحوم: ثنا حاتم بن إسماعيل ... به إلا أنه جعله من (مسند ابن عمر) ! وقد كنت جعلته هناك شاهداً لحديث الباب؛ اغتراراً بقول الهيثمي: " ورجاله رجال "الصحيح "؛ خلا عُبَيْسِ بن مرحوم، وهو ثقة "! والآن تبين لي أنه لا يصلح شاهداً؛ لأن مداره على ابن عجلان! وهذا من فوائد الرجوع إلى الأصول، فبها تتجلى الحقائق لكل ذي بصيرة في هذا العلم الشريف، ولكني أقول كما قلت هناك: أن هذا الاضطراب لا يؤثر في صحة الحديث؛ لأنه تردد بين صحابي وآخر، وكلهم عدول؛ والله أعلم. ولا سيما وله شاهد من حديث عمر، وسنده صحيح. وبالله التوفيق.

88- باب في المصحف يسافر [به] إلى أرض العدو

88- باب في المصحف يُسَافَرُ [به] إلى أرض العدو 2349- عن عبد الله بن عمر قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُسَافَرَ بالقرآن إلى أرض العدو- قال مالك: أراه- مَخَافَةَ أن ينالَهُ العَدُوُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه، وليس عندهما قول مالك: أراه ... وهو عند مسلم من تمام الحديث مرفوعاً، وهو الصواب) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع أن عبد الله ابن عمر قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه عن مالك؛ دون قوله في آخره: قال مالك ... إلخ. وهو في "جهاد الموطأ" بتمامه. والصواب: أن هذا مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما رواه بعضهم عن مالك. وتابعه على رفعه جمع من الثقات، رووه عن نافع. وتابعه عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وقد خرجتها في "إرواء الغليل " (8/185- 186) ؛ فمن شاء؛ رجع إليه. 89- باب فيمن يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا 2350- عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمئة ... " (*) .

_ (*) هذا الحديث أشار الشيخ إلى نقله إلى "الضعيف " فانظره ثمة برقم (449/2) . (الناشر) .

90- باب في دعاء المشركين

90- باب في دعاء المشركين 2351- عن سليمان بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بعث أميراً على سَرِيَّةٍ أو جيشٍ؛ أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين خيراً، وقال: " إذا لقيت عَدُوَّكَ من المشركين؛ فادْعهُمْ إلى إحدى ثلاث خصال- أو خلال-، فأيتُها أجابوك إليها؛ فاقبل منهم، وكُفَّ عنهم: ادْعُهُمْ إلى الإسلام؛ فإن أجابوك؛ فاقبل منهم، وكُف عنهم. ثم ادْعُهُمْ إلى التحَوّلِ من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلِمْهم أنهم إن فعلوا ذلك؛ أن لهم ما للمهاجرين، وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبَوْا، واختاروا دارهم؛ فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفَيْءِ والغنيمة، نصيبٌ؛ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبَوْا؛ فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا؛ فاقبل منهم وكُف عنهم. فإن أبَوْا؛ فاستعن بالله تعالى عليهم وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حِصْن، فأرادوك أن تُنْزِلَهم على حكم الله تعالى؛ فلا تنزلهم؛ فإنكم لا تدرون ما يَحْكم الله فيهم، ولكن أنزلوهم على حكمكم، ثم اقضوا فيهم بَعْدُ ما شئتم ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود. وقال

الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان عن علقمة ابن مَرْثَد عن سليمان بن بريدَةَ. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الأنباري شيخ المؤلف، وهو ثقة. وقد توبع من جمع، منهم الإمام أحمد (5/352) : ثنا وكيع ... به. وسفيان: هو الثوري. والحديث أخرجه البيهقي (9/184) من طريق المؤلف. ورواه هو، ومسلم وأبو عوانة وغيرهم من طرق أخرى عن سفيان ... به. وهو مخرج في "إرواء الغليل " (1247) من مصادر عديدة من دواوين السنة؛ فليراجعه من شاء الوقوف عليها. 2352- وعن النعمان بن مُقَرَّن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثل حديث سليمان بن بريدة. (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم أيضاً، وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: قال المؤلف عقب الحديث السابق: "قال سفيان: قال علقمة: فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حَيّان، فقال: حدثني مسلم- هو ابن هَيْصَم- عن النعمان بن مُقَرَّن ... ".

قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً؛ فإنه موصول بإسناد المؤلف المتقدم عن سفيان، وليس معلقاً كما قد يتبادر لبعض الأذهان! وكذلك أخرجه مسلم وأبو عوانة وغيرهما. وهو مخرج في "الإرواء" كما تقدم. وهيصم: بفتح الهاء، وسكون الياء المثناة من تحت، ثم صاد مهملة، كما في "مختصر المنذري "، و"شرح مسلم " للنووي. ووقع في " التهذيب " و" التقريب " وغيرهما بالضاد المعجمة! وهو تصحيف. 2353- وفي رواية عن سليمان بن بريدة عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدِروا، ولا تَغُلُّوا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتلوا وليداً ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم وأبو عوانة وابن الجارود والترمذي، وقال: "حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيّ عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة. قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله بحديث، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي صالح الأنطاكي، وهو ثقة. وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث. وقد توبع عليه عند مسلم وغيره، وهو عندهم طرف من الحديث المشار إليه آنفاً.

91- باب في الحرق في بلاد العدو

91- باب في الحَرْقِ في بلاد العَدُو 2354- عن ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ النضِيرِ، وقطع؛ وهي البُوَيْرة، فأنزل الله عز وجل: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها) . (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة وابن الجارود في "صحاحهم ". وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (9/83) من طريق المؤلف. وأخرجه البخاري في "تفسير الحشر" (6/58- إستانبول) ، ومسلم (5/145) ، والترمذي (1552) - وقال: " حديث حسن صحيح "- كلهم عن شيخ المؤلف ... بإسناده ومتنه. وكذلك رواه النسائي في "السير"، و "التفسير" من "الكبرى"- كما في "التحفة" (6/195) -. ثم أخرجه مسلم وابن ماجه (2844) ، وأحمد (2/123 و 140) ، والبيهقي من طرق أخرى عن الليث ... به. وكذا رواه أبو عوانة في "مستخرجه " (4/99) . والبخاري (3/67 و 4/23) ، ومسلم وأبو عوانة والدارمي (2/222) ، وابن ماجه (2845) ، وابن الجارود (1054) ، والطيالسي (1833) ، وأحمد (2/7 و 52

92- باب في بعث العيون

و 80 و 86) ، والبيهقي من طرق أخرى عن نافع ... به؛ وزاد الشيخان وغيرهما: ولها يقول حسان: وَهَانَ على سَرَاةِ بني لُؤَي ... حَرِيق بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ. 92- باب في بعث العيون 2355- عن أنس قال: بَعَثَ- يعني- النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُسيسة) عيناً ينظر ما صنعتْ عِيرُ أبي سفيان. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه في "صحيحه" عن شيخ المؤلف، وأبو عوانة) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا هاشم بن القاسم: ثنا سليمان- يعني: ابن المغيرة- عن ثابت عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (6/44) عن شيخ المؤلف هذا وإسناده، وبلفظه ولكنه أتم. وأخرجه أحمد (3/136) : ثنا هاشم ... به. ثم أخرجه مسلم وأبو عوانة (5/35- 37) ، والبيهقي (9/43 و 148) من طرق أخرى عن هاشم ... به.

93- باب في ابن السبيل يأكل من التمر

93- باب في ابن السبيل يأكل من التمر ويشرب من اللبن إذا مَرَّ به 2356- عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أتى أحدُكم على ماشية؛ فإن كان فيها صاحبها؛ فليستأذنه، فإن أذن له؛ فَلْيَحْتَلِبْ وليَشْرَبْ، فإن لم يكن فيها؛ فليُصَوِّتْ ثلاثاً، فإن أجابه فليستأذنه، وإلا؛ فَلْيَحْتَلِبْ وليشربْ، ولا يحملْ ". (قلت: حديث صحيح، وقال الترمذي: " حسن غريب "، وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد الخدري نحوه) . إسناده: حدثنا عَياش بن الوليد الرقَام: ثنا عبد الأعلى: ثنا سعيد عن قتادة عن [الحسن عن] سمرة بن جندب. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا الرقام؛ فهو من شيوخ البخاري، فالسند صحيح؛ لولا عنعنة الحسن البصري، ومع ذلك حسنه الترمذي! لكن له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، رواه جمع وصححه ابن حبان، وقد خرجته مع حديث الباب في "الإرواء" (2521) ؛ فليراجعه من شاء. والحديث أخرجه البيهقي (9/359) من طريق المؤلف. 2357- عن عَبّاد بن شُرَحْبِيلَ قال: أصابتني سَنَةٌ، فدخلت حائطاً من حِيطَانِ المدينة، فَفَرَكْتُ سُنْبُلاً، فأكلتُ وحَمَلْتُ في ثوبي، فجاء صاحبه، فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له:

94- باب من قال: إنه يأكل مما سقط

" ما علَّمتَ إذ كان جاهلاً، ولا أطعمت إذ كان جائعاً- أو قال: ساغباً-؟! ". وأمره فردَّ علي ثوبي، وأعطاني وَسْقاً أو نصف وَسْقٍ من طعام. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه الحاكم والذهبي وابن القيم) . إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري: ثنا أبي: ثنا شعبة عن أبي بشر عن عَبَّاد بن شرحبيل. حدثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر قال: سمعت عَبَادَ بن شرحبيل رجلاً من بني غُبَرَ ... بمعناه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير عَبَّاد، ولا يضر؛ فإنه صحابي معروف. والحديث أخرجه أحمد وغيره من طرق عن شعبة ... به. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (453) ، وأزيد هنا فأقول. إن ابن القيم قد حكى في "تهذيب السنن " (3/425) عن بعض الناس أنه تكلف في إعلال الحديث تكلفاً بارداً! وجزم ابن القيم بأنه صحيح الإسناد؛ فمن شاء؛ رجع إليه. 94- باب من قال: إنه يأكل مما سقط [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "]

95- باب فيمن قال: لا يحلب

95- باب فيمن قال: لا يَحْلُبُ 2358- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يحلُبَنَ أحدٌ ماشِيةَ أحد بغير إذنه، أيُحِبُّ أحدُكم أن تؤتى مَشْرُبَتُهُ، فتُكْسَرَ خِزانَتُهُ، فَيُنْتَشَلَ طعامُه؟! فإنما تخزُنُ ضروع مواشيهم أطعمتهم؛ فلا يحلُبَنّ أحد ماشية أحد إلا بإذنه ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه) . إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وعبد الله بن مسلمة: هو القَعْنَبِي؛ وقد توبع. والحديث أخرجه البيهقي (9/358) من طريق أخرى عن القعنبي. وهو في "الموطأ "- " باب الاستئذان "، ومن طريقه الشيخان. وقد توبع؛ وهو مخرج في "إرواء الغليل " (8/161) . 96- باب في الطاعة 2359- قال ابن عباس: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) : في عبد الله بن فيس بن عَدِي، بعثه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سَرِية. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في

"صحاحهم ". وصححه الترمذي وابن الجارود) . إسناده: حدثنا زهير بن حرب: ثنا حجاج: قال ابن جريج: (يا أيها الذين آمنوا ... ) الحديث: أخبرنيه يعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. ويعلى: هو ابن مسلم بن هُرْمُزٍ المَكيَ. والحديث أخرجه مسلم (6/13) ... بإسناد المؤلف وغيره عن حجاج. وأخرجه أحمد (1/337) : ثنا حجاج عن ابن جريج ... به. وأخرجه البخاري (5/180) ، وأبو عوانة (4/442) ، والترمذي (1672) - وقال: " حسن صحيح غريب "-، والنسائي في "البيعة"، وابن الجارود (1040) . 2360- عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث جيشاً، وأمَّرَ عليهم رجلاً، وأمرهم أن يسمعوا له ويُطيعوا، فأجَّج ناراً، وأمرهم أن يقتحموا فيها! فأبى قوم أن يدخلوها وقالوا: إنما فررنا من النار، وأراد قوم أن يدخلوها. فبلغ ذلك النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " لو دخلوها- أو دخلوا فيها- لم يزالوا فيها "! وقال: " لا طاعة في معصية الله؛ إنما الطاعة في المعروف ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم ") .

إسناده: حدثنا عمرو بن مرزوق: أخبرنا شعبة عن زُبَيْد عن سعد بن عُبَيْدة، عن أبي عبد الرحمن السُلَمِيِّ عن علي رضي الله عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه الطيالسي (89 و 109) : حدثنا شعبة ... به. والبخاري (8/134) ، ومسلم (6/15) ، وأبو عوانة (4/451- 452) ، والنسائي في "البيعة"، وأحمد (1/94) من طرق عن شعبة. وتابعه الأعمش عن سعد بن عبيدة ... به: أخرجه البخاري (5/107 و7/106) ، ومسلم وأبو عوانة وأحمد (1/82 و 124) . 2361- عن عبد الله (يعني: ابن عمر) عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال: " السمع والطاعة على المرء المسلم: فيما أَحَبَّ وكَرِهَ؛ ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمِرَ بمعصية؛ فلا سَمْعَ ولا طاعةَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه " بإسناد المؤلف ومتنه، ومسلم وأبو عوانة وابن الجارود. وقال الترمذي: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا يحيى عن عبيد الله: حدثني نافع عن عبد الله عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/7 و 8/105) ... بإسناد المؤلف ومتنه.

وأبو عوانة (4/451) من طريق المؤلف وغيره عن مسدد. وتابعه أحمد (2/17) : ثنا يحيى ... به. وأخرجه هو (2/142) ، ومسلم (6/15) ، وأبو عوانة والترمذي (1707) ، والنسائي في "البيعة "، وابن الجارود (1041) من طرق أخرى عن عبيد الله- وهو ابن عمر؛ كما صرحت رواية الترمذي. أو ابن أبي جعفر المصري، كما في رواية النسائي. وكلاهما روى عن نافع، وروى عن كل منهما الليث بن سعد، وسندهما عنه واحد! فالله أعلم. 2362- عن بِشْرِ بن عاصم عن عقبة بن مالك- من رَهْطِهِ- قال: بَعَثَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فسلَّحتُ رجلاً منهم سَيْفاً، فلما رجع؛ قال: لو رأيتَ ما لامنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قال: " أعَجَزْتُمْ إذ بعثت رجلاً- فلم يَمْضِ لأمري- أن تجعلوا مكانه مَنْ يَمْضِي لأمري؟! ". (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا يحيى بن مَعِينٍ: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث: ثنا سليمان ابن المغيرة: ثنا حُمَيْدُ بن هلال عن بشر بن عاصم. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير بشر بن عاصم - وهو الليثي- وثقه النسائي وابن حبان (4/68) ، وروى عنه جمع، وصحح له من يأتي.

97- باب ما يؤمر من انضمام العسكر، وسعته

والحديث أخرجه أحمد (4/110) : ثنا عبد الصمد ... به. وأخرجه الحاكم (2/115) من طريق أخرى عن ابن معين. وابن حبان (1553) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي- وهو ابن راهويه-: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! 97- باب ما يُؤْمَرُ مِنِ انضمامِ العَسْكَرِ، وسعته 2363- عن أبي ثعلبة الخُشَنِي قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً (وفي رواية: كان الناس إذا نزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منزلاً) ؛ تَفَرقُوا في الشَعَابِ والأودية، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن تفرَقَكُمْ في هذه الشعَابِ والأوديةِ إنما ذلكم من الشيطان ". فلم ينزل بَعْدَ ذلك منزلاً؛ إلا انضم بعضهم إلى بعض، حتى يقال: لو بُسِطَ عليهم ثَوْبٌ لَعَمهُمْ. (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ويزيد بن قبَيْس- من أهل جَبَلَةَ: ساحلِ حِمْص، وهذا لفظ يزيد- قالا: ثنا الوليد عن عبد [الله بن] العلاء أنه سمع مسلم بن مِشْكَم أبا عبيد الله يقول: ثنا أبو ثعلبة الخشني قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. والحديث أخرجه النسائي في "السير- الكبرى"- كما في "التحفة"

(9/133) - ... بإسناد المؤلف الأول: عمرو بن عثمان ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه الحاكم (2/115) ، وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان (1664) ، وأحمد (4/193) من طرق أخرى عن الوليد بن مسلم ... به. وإسنادهما كله مسلسل بالسماع. وتابعه عيسى بن عبد الله بن الحكم بن النعمان بن بشير عن عبد الله بن العلاء بن زَبْرٍ ... به: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق " (14/9/2) . لكن عيسى هذا ضعيف، من رجال "الميزان ". 2364- عن سهل بن معاذ بن أنس الجهَنِيِّ عن أبيه قال: غزوت مع نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزوةَ كذا وكذا، فضيَّق الناسُ المنازلَ، وقطعوا الطريق، فبعث نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منادياً ينادي في الناس: أن " مَنْ ضيق منزلاً، أو قطع طريقاً؛ فلا جهاد له ". (قلت: حسن صحيح) . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن عياش عن أسِيدِ بن عبد الرحمن الخثعمي عن فَرْوَةَ بن مجاهد اللَّخْمِيِّ عن سهل بن معاذ. حدثنا عمرو بن عثمان: ثنا بقية عن الأوزاعي عن أسِيدِ بن عبد الرحمن عن فروة بن مجاهد عن سهل بن معاذ عن أبيه قال:

غزونا مع نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بمعناه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ على ضعف يسير في بعضهم. وأما قول المنذري (3/430) : " سهل بن معاذ ضعيف. وإسماعيل بن عياش فيه سقال "!! قلت: المقال الذي فيه خاص بروايته عن غير الشاميين، وهذه عنهم، وهو فيهم ثقة. على أنه قد توبع عند المؤلف في الإسناد الثاني؛ فكأن المنذري لم يتنبه له. وأما سهل؛ فهو وسط، ضعفه ابن معين، ووثقه العجلي وابن حبان، وروى عنه جماعة. ولذا قال في "التقريب ": " لا بأس به؛ إلا في روايات زَبَّانَ عنه ". قلت: وهذه من رواية فروة بن مجاهد، وقد وثقه ابن حبان وروى عنه جماعة. وقال البخاري: " وكانوا لا يشكُّون أنه من الأبدال ". والحديث أخرجه البيهقي (9/152) عن المصنف ... بإسناديه. وأخرجه أحمد (3/440) من طريق أخرى عن إسماعيل ... به. والبيهقي من طريق أبي المغيرة: ثنا الأوزاعي ... به؛ إلا أنه أسقط من الإسناد: فروة. وله شاهد في "تاريخ ابن عساكر" (17/276/1) عن علي بسند ضعيف.

98- باب في كراهية تمني لقاء العدو

98- باب في كراهية تَمَنِّي لقاء العَدُوِّ 2365- عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله- وكان كاتباً له- قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى حين خرج إلى الحرورية: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال: " يا أيها الناس! لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسَلُوا الله تعالى العافية، فإذا لقيتموهم، فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ". ثم قال: " اللهُمَّ مُنْزِلَ الكتاب! ومُجريَ السَّحَاب! وهازمَ الأحزاب! اهْزِمْهُمْ وانصُرْنا عليهم ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه الشيخان في "صحيحيهما"، وكذا أبو عوانة في "مستخرجه"، وأحد أسانيده من طريق المؤلف) . إسناده: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى: أخبرنا أبو إسحاق الفَزَارِيُ عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي صالح هذا، وهو ثقة، كما تقدم قبل ستة أبواب؛ وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (2/78) من طريق أخرى عن محبوب بن موسى ... وقال: " صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه "! ووافقه الذهبي!

ورواه أبو عوانة (4/90) من طريق المؤلف. ثم أخرجه هو، والبخاري (3/208 و 4/223- 224) ، والبيهقي (9/152) من طرق أخرى عن أبي إسحاق ... به. وتابعه ابن جريج: أخبرني موسى بن عقبة ... به: أخرجه مسلم (5/143) ، وأبو عوانة. وتابعه إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع عبد الله بن أبي أوفى يقول: دعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الأحزاب على المشركين فقال: " اللهم منزل الكتاب! ... " فذكره نحوه. أخرجه البخاري (3/234) ، ومسلم وأبو عوانة وأحمد (4/353 و 355) . (تنبيهان) : الأول: استدركه الحاكم على الشيخين، وقد أخرجاه كما عرفت! ومن العجيب متابعة الذهبي له على ذلك؛ مع أن محبوباً ليس على شرطهما. والآخر: عزاه الأستاذ الدعاس في تعليقه على "أبي داود" (3/66) للترمذي! وهو وهم؛ وإنما له منه قوله. " أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف " من حديث أبي موسى الأشعري، وهو مخرج في "الإرواء " تحت حديث الباب (5/6-7)

99- باب ما يدعى عند اللقاء

99- باب ما يُدْعَى عند اللقاء 2366- عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا غزا قال: " اللهم! أنت عَضُدِي ونَصِيري، بك أحُولُ، وبك أصُولُ، وبك أقاتلُ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان وأبو عوانة، وحسنه الترمذي) . إسناده: حدثنا نصر بن علي: أخبرنا أبي: ثنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ والمثنى بن سعيد: هو الضبَعِي. والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه " (4/86) عن المصنف. والترمذي (3578) ... بإسناده. وابن حبان (1661) : أخبرنا الحسن بن سفيان: حدثنا نصر ... وأحمد (3/184) : ثنا عبد الرحمن بن مهدي: ثنا المثنى بن سعيد ... به. وقال الترمذي: "حسن غريب ". وتابعه أبو قتيبة: ثنا المثنى القَصِيرُ ... به: رواه أبو عوانة. وأبو قتيبة: اسمه سَلْمُ بن قتيبة الشّعِيرِي.

100- باب في دعاء المشركين

100- باب في دعاء المشركين 2367- عن ابن عون قال: كَتَبْت إلى نافع أسأله عن دعاء المشركين عند القتال؟ فكتب إلي: أن ذلك كان في أول الإسلام، وقد أغار نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بني المصْطَلِقِ وهم غارون، وأنعامهم تسْقَى على الماء، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهم، وسَبَى سَبْيَهمْ، وأصاب يومئذ جُويرِيَةَ بنت الحارث. حدثني بذلك عبد الله وكان في ذلك الجيش. قال أبو داود: " هذا حديث نبيل، رواه ابن عون عن نافع، ولم يَشْرَكْهُ فيه أحد ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم "، وابن الجارود في "المنتقى") . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا إسماعيل بن إبراهيم: أخبرنا ابن عون. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وإسماعيل: هو المعروف بـ (ابن علَيَّة) . والحديث أخرجه الإمام أحمد (2/51) : ثنا إسماعيل ... به. ثم أخرجه هو (2/31 و 32) ، والبخاري (3/122) ، ومسلم (5/136) ، والنسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة " (6/111) -، وابن الجارود (1047) ، وأبو عوانة (4/76) ، والبيهقي (9/79 و 107) من طرق أخرى عن ابن عون ... به.

(تنبيه) : من الواضح لكل نبيه أن في الحديث خبراً عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأياً لنافع - وهو مولى ابن عمر-. أما الخبر؛ فهو ما رواه نافع عن ابن عمر: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أغار على بني المصطلق ... إلخ. وأما الرأي؛ فهو قول نافع- أن دعاء المشركين قبل القتال كان في أول الإسلام. فهذا لو رفعه نافع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لم يكن حجة؛ لأنه يكون مرسلاً، فكيف وهو موقوف؟! أقول هذا؛ لأن الأمر اختلط على الأستاذ الفاضل محمد الغزالي في مقدمة الطبعة الرابعة لكتابه "فقه السيرة"؛ فادَّعى أن الحديث ضعيف وإن كان في "الصحيحين "؛ لتوهمه " أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باغت القوم وهم غارُّونْ ما عُرِضتْ عليهم دعوة الإسلام "! كذا قال (ص 10) ! ومن البين لكل ذي عين: أنه خلط بين المرفوع من الحديث والموقوف، ولم يتنبه أن قوله: " ما عرضت عليهم دعوة الإسلام "، إنما هو رأي لنافع، ما يجوز لأجله رد الحديث من أصله، وادعاء أنه مخالف لقواعد الإسلام المتيقنة، وقبول الحديث الضعيف لموافقته لتلك القواعد! وما هو إلا مجرد دعوى، يقول مثلها أهل الأهواء قديماً وحديثاً، ويردُّون من أجلها مئات الأحاديث الصحيحة بسوء فهمهم لها! والله المستعان. ولو أن الأستاذ الغزالي تنبه لهذا؛ لم يبادر- إن شاء الله- إلى رد الحديث الصحيح المجمع على صحته عند العلماء، ولسلك مسلكهم في فهمه على ضوء الأحاديث الصحيحة الأخرى، التي منها حديث ابن عباس: ما قاتل قوماً إلا بعد أن دعاهم. وهو مخرج في "الصحيحة" (2641) . ولم يكن به حاجة حينئذ أن تسكن نفسه إلى الرواية الضعيفة المخالفة له، كما كنت بينته في "تخريج فقه السيرة" له (ص 308) ،

متبعاً فيه ابن القيم وغيره من العلماء المحققين الجامعين بين علمي الرواية والدراية. ولقد كنت راجعته في ذلك في بعض لقاءاتي معه في المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية، وبينت له وهمه المذكور، فوعد بأن يعيد النظر في ذلك، ولكنه لم يفعل شيئاً؛ فإنه أعاد طبع الكتاب دون أي تعديل أو إشارة إلى وعده المذكور! بل وعلق على بعض تخريجاتي بما يدل القارئ اللبيب على أنه كان خيراً له أن لا يفعل؛ لأنه ليس من رجال هذا العلم!! والله المستعان. 2368- عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُغِيْرُ عند صلاة الصبح، وكان يستمع، فإذا سمع أذاناً؛ أمسك، وإلا؛ أغار. (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: " حسن صحيح ". ورواه البخاري من طريق أخرى عنه) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا ثابت عن أنس. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي. وحماد: هو ابن سلمهَ؛ ولم يتفرد به كما سأذكره. والحديث أخرجه أبو عوانة (4/97) من طريق المؤلف (*) . وقال الطيالسي (2034) : حدثنا حماد بن سلمة ... به نحوه.

_ (*) أملى الشيخ رحمه الله على الحاشية يسار الأسطر الثلاثة التالية عزواً مختصراً لمجموعة من المصادر: "تمهيد (2/221) ، معالم (3/208) ، عدي (2/682) ، هق (1/405) ، فتح (2/90) ، موسوعة (6/317) ، (6/89) ". (الناشر) .

101- باب المكر في الحرب

وأخرجه مسلم (2/3- 4) ، وأبو عوانة أيضاً (2/335- 336) ، والترمذي (1618) ، والدارمي (2/217) ، والبيهقي (9/107- 108) ، وأحمد (3/132 و229 و 253) من طرق أخرى عن حماد ... به. وزاد مسلم وغيره كالترمذي - وقال: "حسن صحيح "-: فسمع رجلاً يقول: (الله أكبر الله أكبر) ؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " على الفطرة ". ثم قال: (أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله) ؛ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خرجتَ من النار ". فنظروا؛ فإذا راعي مِعْزَى. وتابعه حُمَيْد قال: سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: كان إذا غزا قوماً؛ لم يُغِرْ حتى يُصْبحَ، فإن سمع أذاناً؛ أمسك، وإن لمَ يسمع أذاناً؛ أغار بعدما يصبح. فنزلنا خيبر ليلاً. أخرجه البخاري (1/151 و 4/5) ، وكذا الشافعي (2/101- ترتيبه) ، والبيهقي (9/80 و 108) ، وأحمد (3/159 و 206 و 236 و 237) من طرق عنه. (تنبيه) : لم يعزه المنذري (3/432) للبخاري! فقصَّر. 101- بابُ المَكْرِ في الحَرْبِ 2369- عن جابر: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الحَرْبُ خَدْعَة ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم "، وأحد أسانيده صحيح من طريق المؤلف- وقال الترمذي:

" حسن صحيح ". ورواه وابن الجارود في "المنتقى") . إسناده: حدثنا سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن عمرو أنه سمع جابراً. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث رواه أبو عوانة (4/77) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (3/308) ، والحميدي (1237) قالا: ثنا سفيان ... به. وأخرجه البخاري (4/24) ، ومسلم (5/143) ، وأبو عوانة (4/77) ، وابن الجارود (1051) ، وكذا الترمذي (1675) - وقال: " حديث حسن صحيح "-، والبيهقي (9/150) من طرق أخرى عن سفيان بن عيينة ... به. وعَمْروٌ: هو ابن دينار. وتابعه أبو الزبير عن جابر ... به: أخرجه أحمد (3/297) . وإسناده صحيح على شرط مسلم؛ لولا عنعنة أبي الزبير. وأخرجه أبو عوانة. وللحديث شواهد كثيرة في "الصحيحين " وغيرهما. وقد أخرجه أبو عوانة من حديث جمع آخر من الصحابة هذه أسماؤهم: أبو هريرة، علي بن أبي طالب، عائشة، عبد الله بن عباس، الحسن بن علي، زيد بن ثابت، أبو أيوب الأنصاري، كعب بن مالك، أنس بن مالك، النواس بن سمعان، عوف بن مالك، نعيم بن مسعود. وقد خَرَّجَ أحاديثَهم السيوطيُّ في "الجامع الصغير" (رقم 3171- صحيح

الجامع) ؛ إلا حديث علي فلم يذكره، وكأنه لأنه موقوف، كما سيأتي في آخر "السنة" من هذا "الصحيح "، وذكر بديله: خالد بن الوليد. وزاد عليهم: عبد الله ابن سلام، ووقع فيه: الحسين بن علي.. من رواية (طب) ! والصواب: الحسن بن علي؛ فإنه كذلك في "الطبراني الكبير، (2728) . وكذلك هو عند أبي عوانة (4/79) ، وقد خرجت بعضها في "الروض النضير" (770) . 2370- عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد غزوة؛ ورّى غيرها، وكان يقول: " الحَرْبُ خَدْعَةٌ ". (قلت: إسناده صحيح. وأخرجه بتمامه: ابن حبان وأبو عوانة في "صحيحيهما"، والشيخان دون شطره الثاني) . إسناده: حدثنا محمد بن عبَيْدِ: ثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير محمد بن عبيد- وهو ابن حِسَابٍ-، فهو من رجال مسلم. وابن ثور- واسمه محمد-، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه البيهقي (9/150) من طريق المؤلف. وأبو عوانة (4/81) من طريق زيد بن المبارك قال: أبَنا ابن ثور ... به. وتابعه معمر عن الزهري ... به: أخرجه عبد الرزاق (9744) ، وعنه أحمد (6/387) ، وابن حبان (3359) ... في حديث غزوة تبوك وتوبة كعب.

102- باب في البيات

وهي عند الشيخين؛ دون قوله: " الحرب خدعة ". وهذا القدر منه: لأبي عوانة من هذا الوجه. وتابعه عنده: يونس عن الزهري ... بحديث الترجمة. 102- باب في البيات 2371- عن إياس بن سَلَمَةَ عن أبيه قال: أَمَّر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر رضي الله عنه، فغزونا ناساً من المشركين، فبيَّتْنَاهم نَقْتُلُهم، وكان شعارنا تلك الليلة: أمِتْ أمتْ! قال سلمة: فقتلتُ بيدي تلك الليلةَ سبعة أهل أبيات من المشركين. (قلت: إسناده حسن، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الصمد وأبو عامر عن عكرمة بن عمار: ثنا إياس بن سلمة. قلت: وهذا إسناد حسن، وهو على شرط مسلم؛ على كلام في عكرمة لا يضر، كما تقدم تحت هذا الحديث، وقد أخرجه المؤلف (2336) مختصراً. والحديث أخرجه البيهقي (9/79) من طريق المؤلف. وأخرجه أحمد (4/46) ، وابن ماجه (2840) ، وابن حبان (4724) من طريقين آخرين عن عكرمة ... به.

103- باب في لزوم الساقة

103- باب في لزوم السَّاقَةِ 2372- عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتخلَّفُ في السير فَيُزْجِي الضعيف، ويُردِفُ، ويدعو لهم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، كما قال الحاكم، ووافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا الحسن بن شَوْكَر: ثنا إسماعيل ابن عُلَيَّةَ: ثنا الحجَّاج بن أبي عثمان عن أبي الزبير أن جابر بن عبد الله حدثهم قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الحسن بن شوكر، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الحاكم (2/115) ، وعنه البيهقي (5/257) من طريق الإمام أحمد: ثنا إسماعيل- هو ابن عُلَيَّةَ- ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. ولم أره في " مسند أحمد "! 104- باب على ما يُقاتَل المشركون؟ 2373- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فإذا قالوها؛ منعوا مِني دماءهم وأموالهم؛ إلا بحقِّها، وحسابهم على الله تعالى ".

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم والترمذي - وصححه-، وأخرجه الشيخان من طريق أخرى، وقد مضى في أول "الزكاة "، ورواه مسلم وابن الجارود من طريق ثالثة عن أبي هريرة، وهو عنه متواتر، وكذلك هو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير مسدد، فهو من ثقات شيوخ البخاري، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (2609) ، وابن ماجه ((3927) من طرق أخرى عن أبي معاوية ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وأخرجه مسلم (1/39) من طريق أخرى عن الأعمش ... به. وتابعه عاصم- وهو ابن أبي النَّجُودِ- عن أبي صالح ... به: أخرجه أحمد (2/377) . وله في "الصحيحين " وغيرهما طرق أخرى عن أبي هريرة وغيره؛ وقد مضى أحدها في أول " الزكاة "، وهي مخرجة في "الصحيحة " (303 و 407- 410) . 2374- عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أن أقاتل الناس (وفي رواية: المشركين) ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قِبْلَتَنَا، وأن يأكُلُوا ذبيحتنا، وأن يصَلُوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك؛ حَرُمَتْ علينا دماؤهم وأموالهم؛ إلا بحقِّها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين ".

(قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي بإسناد المؤلف. والبخاري بنحوه) . إسناده: حدثنا سعيد بن يعقوب الطَّالْقاني: ثنا عبد الله بن المبارك عن حُمَيْدٍ عن أنس. حدثنا سليمان بن داود المَهْرِيّ: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يحيى بن أيوب عن حُمَيْد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمرت أن أقاتل المشركين ... " بمعناه. قلت: إسناده صحيح من الوجهين عن حميد، ورجالهما ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخي المؤلف، وكلاهما ثقة، وقد توبعا كما يأتي. والحديث أخرجه الترمذي (2611) عن الشيخ الأول، وقال: " حديث حسن صحيح ". ومن طريق الترمذي: أخرجه ابن منده في "الإيمان " (رقم 192) . ثم أخرجه هو (رقم 31) ، والبخاري (1/102- 103) ، والنسائي في أول " تحريم الدم "، و "الإيمان "، وأحمد (3/199) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك ... به. ولم يذكر البخاري قوله: " لهم ما للمسلمين ... " من هذا الوجه، ولكنه ذكره من الوجه الآخر معلقاً، فقال: وقال ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى قال: حدثنا حميد قال: حدثنا أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... وقد وصله محمد بن نصر في "الإيمان "، وكذا ابن منده من طريق ابن أبي مريم

المذكور- كما في "فتح الباري " (1/497) -. وهو في "إيمان ابن منده " برقم (191) ، ومنه تأكدت من كون الزيادة المذكورة عند الجماعة هي في هذه الطريق أيضاً، لكن سقط منه (ولعله سهو من الطابع) رجلان؛ هما في نقدي: الربيع بن سليمان عن ابن أبي مريم- واسمه: سعيد بن الحكم بن أبي مريم! ثم علقه البخاري من طريق أخرى عن حميد قال: سأل ميمونُ بن سِيَاه أنسَ بن مالك قال: يا أبا حمزة! ما يَحُرمُ دمَ العبد ومالَه؟ فقال ... فذكره مختصراً موقوفاً، لا مرفوعاً كما وقع في "مطبوعة إيمان ابن منده" (2/357) . ووصله هو، والبخاري من طريق أخرى عن ميمون بن سياه عن أنس ... مرفوعاً مختصراً؛ وفي آخره: " فذلك المسلم الذي له ذِمةُ الله وذمة رسوله، فلا تُخفِروا الله في ذمته ". والموقوف وصله النسائي أيضاً في أول "تحريم الدم "، وابن منده (195) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري قال: أنبأنا حميد قال: سأل ميمون بن سياه ... إلخ. قلت: وهذا إسناد صحيح، ولا منافاة بينه وبين المرفوع، والكل صحيح. على أن المرفوع أصح، ورواته أكثر، كما كنت قلت في "الصحيحة" (رقم 303) ، فراجعه؛ ففيه فائدة هامة، نادراً ما تراها في كتاب.

2375- عن أسامة بن زيد قال: بَعَثَنَا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إلى (الحُرَقات) ، فَنَذِروا بنا، فهربوا، فأدركنا رجلاً، فلما غشيناه؛ قال: لا إله إلا الله، فضربناه حتى قتلناه، فذكرته للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " مَنْ لك بـ (لا إله إلا الله) يوم القيامة؟! ". فقلت: يا رسول الله! إنما قالها مَخَافَةَ السلاح! قال: " أفلا شَقَقْتَ عن قلبه، حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا؟! مَنْ لك بـ (لا إله إلا الله؟!) ". فما زال يقولها، حتى وددت أني لم أسلم إلا يومئذ!! (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وأبو عوانة في "صحاحهم ". وقال ابن منده: " صحيح مجمع على صحته ") . إسناده: حدثنا الحسن بن علي وعثمان بن أبي شيبة- المعنى- قالا: ثنا يعلى ابن عبيد عن الأعمش عن أبي ظَبْيَانَ: ثنا أسامة بن زيد. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. وأبو ظبيان: اسمه حُصَيْنُ بن جُنْدُبٍ. والحديث أخرجه أحمد (5/207) : ثنا يعلى ... به. وأخرجه أبو عوانة (1/67) ، وابن منده (61) من طرق أخرى عن يعلى ... به. وتابعه أبو معاوية عن الأعمش ... به: أخرجه مسلم (1/67) ، وأبو عوانة أيضاً.

وله عندهم متابعون آخرون، منها الحصين: حدثنا أبو ظبيان ... به. وأخرجه البخاري أيضاً، وابن حبان (7/121/4731) من هذا الوجه (5/88 و8/36) ، وقال ابن منده: " هذا حديث مجمع على صحته ". ورواه الطيالسي (626) من طريق أخرى عن أسامة مختصراً. 2376- عن المقداد بن الأسود: أنه قال: يا رسول الله! أرأيتَ إن لقيتُ رجلاً من الكفار فقاتلني، فضرب إحدى يديَّ بالسيف، ثم لاذَ مِنِّي بشجرة فقال: أسلمت لله؛ أفأقتله يا رسول الله! بعد أن قالها؟ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تقتله ". فقلت: يا رسول الله! إنه قطع يَدِي؟! قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقتله، فإن قتلته؛ فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم "، وهو عين إسناد مسلم في رواية له. وقال ابن منده: " حديث مجمع على صحته ") . إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد عن الليث عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عَدِيِّ بن الخِيَارِ عن المقداد بن الأسود: أنه أخبره: أنه قال ...

105- باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود

قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجاه كما يأتي. والحديث أخرجه مسلم (1/66) ... بإسناد المؤلف. وأخرجه أبو عوانة (1/66) ، والنسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة " (8/503) -، والبيهقي (8/19) من طرق عن قتيبة ... به. وكذلك رواه ابن منده (57) ، وقال: " هذا حديث مجمع على صحته ". ثم أخرجه هو، والبخاري (15/19 و 8/35) ، ومسلم وأبو عوانة، وأحمد (6/4 و 5) من طرق أخرى عن الزهري ... به. 105- باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود 2377- عن جرير بن عبد الله قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِّيَةً إلى خَثْعَم، فاعتصم ناسٌ بالسجود، فأسرع فيهم القَتْلَ. قال: فبلغ ذلك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ً فأمر لهم بنصف العقل، وقال: " أنا بَرِيءٌ من كلّ مسلم يُقِيمُ بين أظْهُرِ المشركين ". قالوا: يا رسول الله! لِمَ؟ قال: " لا تراءى ناراهما ". (قلت: حديث صحيح، دون العقل) . إسناده: حدثنا هَنَّادُ بن السَري: ثنا أبو معاوية عن إسماعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله.

106- باب في التولي يوم الزحف

قال أبو داود: " رواه هُشَيْمٌ ومَعْمَرٌ وخالد الواسطي وجماعة ... لم يذكروا جريراً". قلت: ورجاله ثقات كلهم رجال الشيخين؛ غير هَنادِ بن السرِي؛ فمن رجال مسلم. وقد توبع: عند البيهقي (8/131) وغيره ممن خرجتهم في "الإرواء" (1207) ، وذكرت له هناك بعض الطرق والشواهد، أحدها صحيح الإسناد، لكن ليس في شيء منها ذكر العقل؛ أي: الدية. وقد ذكر البيهقي عن الشافعي أنه قال: " إن كان هذا ثبت؛ فأحسب النبي- والله أعلم- أعطى من أعطى منهم متطوعاً ". والله أعلم. 106- بابٌ في التوَلّي يَوْمَ الزحْفِ 2378- عن ابن عباس قال: نزلت (إن يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مائتَيْنِ) ؛ فَشَق ذلك على المسلمين، حين فرض الله عليهم أن لا يَفِرَّ واحدٌ من عشرة، ثم إنه جاء تخفيفٌ، فقال: (الآنَ خَففَ الله عنكم) - قرأ أبو توبة إلى قوله: (يغلبوا مائتين) -، قال: فلما خفف الله عنهم من العِدة؛ نقص من الصبر بقدر ما خَفَّفَ عنهم. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: ثنا ابن المبارك عن جرير بن حازم عن الزبير بن خِرَّيت عن عكرمة عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/201) ، والبيهقي (9/76) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك ... به. ثم أخرجه البيهقي وابن جرير الطبري في "التفسير" (10/29) من طريقين آخرين عن جرير بن حازم ... به. والبخاري أيضاً، وابن جرير والبيهقي من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس ... نحوه. 2379- عن أبي سعيد قال: نزلت في يوم بدر: (وَمَنْ يُوَلهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) (1) . (قلت: إسناده صحيح، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ورافقه الذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن هشام المصري: ثنا بشر بن المُفَضلِ: ثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير محمد بن هشام المصري، وهو ثقة، وقد توبع كما يأتي. والحديث أخرجه النسائي في "تفسير الكبرى" من طريق أخرى عن بشر بن المُفَضل- كما في "التحفة" (3/455) -، وكذا ابن جرير في "للتفسير" (9/134) .

_ (1) هنا في الأصل زيادة: (هي عارضة به) ! وقد حذفتها لَمَّا لم أجد لها ذكراً في النسخ والروايات الأخرى.

107- باب في الأسير يكره على الكفر

ثم أخرجاه، وكذا الحاكم (2/327) من طرق أخرى عن داود بن أبي هند ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي. 107- باب في الأسير يكْرَهُ على الكفر 2380- عن خَبَّاب قال: أتينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو متوسَّد بُرْدةً، في ظِلِّ الكعبة، فشكونا إليه، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو الله لنا؟! فجلس مُحْمَرّاً وَجْهُهُ، فقال: " قد كان مَنْ قبلكم يُؤْخَذُ الرجلُ، فيُحْفَرُ له في الأرض، ثم يُؤْتى بالمنشار، فيُجْعَلُ على رأسه؛ فيجْعَلُ فِرْقتين، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويُمْشَطُ بأمشاط الحديد ما دون عظمه مِنْ لَحْمٍ وعَصَب، ما يصرفه ذلك عن دينه! والله! لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمرَ، حتى يسير الراكبُ ما بين صنعاء وحَضْرَ مَوْتَ؛ ما يخاف إلا اللهَ تعالى، والذئبَ على غنمه، ولكنكم تَعْجَلُونَ ". (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري) . إسناده: حدثنا عمرو بن عون: أخبرنا هشيم وخالد عن إسماعيل عن قيس ابن أبي حازم عن خباب. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم؛ وقد أخرجه الأول منهما كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (5/111 و 6/395) : ثنا يحيى بن سعيد عن

108- باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلما

إسماعيل ... به. ومن هذا الوجه: أخرجه البخاري (4/179 و 8/56) . وروى منه النسائي في "الزينة " طرفه الأول. والطبراني في "الكبير" (3638) ... بتمامه. والحميدي (157) ، وعنه البخاري (4/238) ، والبيهقي (5/9) ، وأحمد (5/109 و 110) من طرق أخرى عن إسماعيل بن أبي خالد. وتابعه بيان بن بشر عند الحميدي والبخاري. 108- باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلماً 2381- عن علي عليه السلام قال: بعثني رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا والزبيرَ والمقدادَ، قال: " انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَةَ (خَاخ) ؛ فإن بها ظَعِينةً معها كتابٌ؛ فخذوه منها". فانطلقنا تتعادى بنا خَيْلُنا، حتى أتينا الروضة، فإذا بنا بالظعينة، فقلنا: هلُمِّي الكتابَ. فقالت: ما عندي من كتاب! فقلت: لتُخرِجِن الكتابَ، أو لَنُلقِيَنَّ الثيابَ! فأخرجَتْهُ من عِقَاصِهَا. فأتينا به النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإذا هو من حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ إلى ناس من المشركين، يخبرهم ببعض أمرِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " ما هذا يا حاطب؟! ".

فقال: يا رسول الله! لا تَعْجَلْ عليَّ؛ فإني كنت امْرَءاً ملْصَقاً في قريش، ولم أكن من أنفُسها، وإن قريشاً لهم بها قرابات يَحْمون بها أهليهم بمكة، فأحببت- إذ فاتني ذلك- أن أتخِذَ فيهم يداً يَحْمُون قرابتي بها، والله! ما كان بي كفرٌ ولا ارتداد! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَكم ". فقال عمر: دعني أضربْ عُنُقَ هذا المنافق! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد شهد بدراً، وما يدريك؛ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم؟! ". وفي رواية عنه بهذه القصة قال: انطلق حاطب، فكتب إلى أهل مكة: إن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سار إليكم ... ، وقال فيه: قالت: ما معي كتاب! فانتحيناها، فما وجدنا معها كتاباً. فقال علي: والذي يُحْلَفُ به! لأقتلنَّك؛ أو لَتُخْرِجِنَّ الكتاب ... ، وساق الحديث. (قلت: إسناد الأولى صحيح على شرط البخاري، والأخرى على شرط مسلم. وقد أخرجاهما. وقال الترمذي في الأولى: " حسن صحيح ") . إسناده: حدثنا مسدد: ثنا سفيان عن عمرو حدثه حسن بن محمد بن علي أخبره عبيد الله بن أبي رافع- وكان كاتباً لعلي بن أبي طالب- قال: سمعت علياً عليه السلام يقول ...

حدثنا وهب بن بَقِيةَ عن خالد عن حُصَيْنِ عن سعد بن عُبَيْدَةَ عن أبي عبد الرحمن السُلَمِي عن علي ... بهذه القصة. قلت: والإسناد الأول صحيح على شرط الشيخين؛ غير مسدد، فهو على شرط البخاري. والإسناد الآخر كذلك؛ غير وهب بن بقية، فهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجاهما كما يأتي. والحديث أخرجه أحمد (1/79) ، والحميدي (49) ، وعنه البخاري (6/60) قالا: ثنا سفيان ... به، وهو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (5/89) ، ومسلم (7/168) ، والترمذي (3302) ، وأبو يعلى (1/111) ، والبيهقي (9/146) من طرق أخرى عن سفيان ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ثم أخرجه مسلم من طريق أخرى عن خالد- يعني: ابن عبد الله- عن حُصَيْنٍ ... بالرواية الأخرى. ثم أخرجه هو، والبخاري (5/8010/54) ، والبيهقي وأبو يعلى (1/318- 319) من طرق أخرى عن حصين ... به. وجملة الاطلاع؛ لها شواهد من حديث أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (2732) .

109- في الجاسوس الذمي

109- في الجاسوس الذِّمّيِّ 2382- عن فُرَات بن حَيَّانَ: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بقتله، وكان عيناً لأبي سفيان، وحليفاً لرجل من الأنصار، فَمَرَّ بِحَلْقَةِ من الأنصار، فقال: إني مسلم. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! إنه يقول: إني مسلم. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن منكم رجالاً نكلهم إلى إيمانهم، منهم فُرَاتُ بن حَيانَ ". (قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن الجارود والحاكم والذهبي) . إسناده: حدثنا محمد بن بشار: حدثني محمد بن مُحَبَّب أبو هَمام الدلالُ: ثنا سفيان بن سعيد عن أبي إسحاق عن حارثة بن مُضَربٍ عن فُراتِ بن حيان. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير حارثة، وهو ثقة. ومثله ابن مُحَبَّب- على وزن محمد- ثقة بلا خلاف. ووهم المنذري، فقال في "مختصره ": " لا يحتج بحديثه "! ولكنه أفاد أنه تابعه بشر بن السري وعباد بن موسى الأزرق العباداني، وكلاهما ثقة. والمتابعة الأولى: عند أحمد (4/336) .

110- في الجاسوس المستأمن

والحديث مخرج في "الصحيحة" (1701) ، فأغنى عن الإعادة. 110- في الجاسوس المستأمن 2383- عن ابن سَلَمَةَ بن الأكوع عن أبيه قال: أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه، ثم انْسَل، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اطلبوه فاقتلوه ". قال: فسبقتهم إليه فقتلته، وأخذت سَلَبَهُ، فَنَفَّلني إياه. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري وأبو عوانة في "صحيحيهما" هكذا، ومسلم مطولاً، وهو الآتي بعده) . إسناده: حدثنا الحسن بن علي: ثنا أبو نعيم: ثنا أبو عُمَيْس عن ابن سلمة ابن الأكوع. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (4/31) : حدثنا أبو نعيم ... به. وأخرجه أبو عوانة (4/122) ، والبيهقي (9/147) من طرق أخرى عن أبي نعيم. وأخرجه غير هؤلاء، كما في "الإرواء" (5/55) .

2384- وفي رواية: عن إياس بن سلمة قال: حدثني أبي قال: غزوت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هوازِنَ، قال: فبينما نحن نتضحى- وعامتنا مشاة، وفينا ضَعْفَةٌ -؛ إذ جاء رجل على جمل أحمر، فانتزع طَلَقاً من حَقوِ البعير، فقيدَ به جمله، ثم جاء يَتَغَدى مع القوم، فلما رأى ضعفتهُم ورقَّة ظَهْرِهم؛ خرج يعدو إلى جمله، فأطلقه ثم أناخه فقعد عليه، ثم خرج يُرْكِضُه؛ واتَّبعه رجل من أسلم على ناقة وَرْقَاءَ- هي أمثل ظهر القوم-. قال: فخرجت أعدو، فأدركته، ورأس الناقة عند وَرِكِ الجمل، وكنت عند وَرِكِ الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند وَرِكِ الجمل، ثم تقدمت حتى أخذت بِخِطَامِ الجمل، فأنخته، فلما وضع رُكْبَتَهُ بالأرض؛ اخترطت سيفي، فَأضْرِبُ رأسَهُ، فندر، فجئت براحلته وما عليها أقودها، فاستقبلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الناس مقبلاً، فقال: " مَنْ قتل الرجل؟ ". فقالوا: ابن الأكوع. قال: " لَهَ سَلَبُهُ أجْمَعَ ". (قلت: إسناده جيد على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما") . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله أن هاشم بن القاسم وهشاماً حدثاهم قالا: ثنا عكرمة قال: حدثني إياس بن سلمة. قال هارون: هذا لفظ هاشم. قلت: وهذا إسناد جيد على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي.

111- باب في أي وقت يستحب اللقاء؟

والحديث أخرجه أحمد (4/49) : ثنا هاشم بن القاسم ... به. ثم أخرجه هو (4/51) ، ومسلم (5/150) ، وأبو عوانة (4/119- 122) وغيرهم من طرق أخرى عن عكرمهَ بن عمار ... به. وهو مخرج في "الإرواء" (1222) . 111- باب في أيِّ وقت يسْتَحَبُّ اللقاء؟ 2385- عن النُّعمان بن مُقَرن قال: شهدت رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لم يقاتل من أول النهار؛ أخرَ القتال حتى تزول الشمس، وتَهبَّ الرياح، ويَنْزِلَ النصْرُ. (قلت: إسناده صحيح، وصححه الترمذي والحاكم والذهبي. والبخاري بنحوه وابن حبان) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا حماد: أخبرنا أبو عِمْرَانَ الجَوْنِيُ عن علقمة بن عبد الله المُزَنِي عن مَعْقِلِ بن يسار أن النعمان بن مقَرنٍ قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات [رجال مسلم] ؛ غير علقمة بن عبد الله المزني، وهو ثقة. والحديث أخرجه البيهقي (9/153) من طريق المؤلف. وأخرجه الترمذي (1613) ، والنسائي في "سير الكبرى"- كما في "التحفة " (9/32) -، والحاكم (2/116) ، وأحمد (5/444- 445) من طرق أخرى عن حماد بن سلمة ... به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم:

112- باب فيما يؤمر به من الصمت عند اللقاء

" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وهو من أوهمامهما؛ لما عرفت من حال علقمة المزني! ثم قال الترمذي: " وعلقمة بن عبد الله: هو أخو بكر بن عبد الله المزني ". وكذا قال البخاري وأبو حاتم وغيرهم. ونفى ذلك المؤلف- في رواية الآجري عنه-، وتبناه الحافظ في "التقريب ". والله أعلم. وللحديث طريق آخر عن النعمان ... نحوه: أخرجه البخاري (3160) ، وابن حبان. وهو مخرج في "الصحيحة " (2826) . 112- باب فيما يؤمر به من الصمت عند اللقاء 2386- عن قَيْسِ بن عُبَادٍ قال: كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عند القِتَالِ. (قلت: إسناده موقوف صحيح، وهو المحفوظ كما قال الحاكم. وقد رواه مرفوعاً، وهو في الكتاب الآخر برقم (456)) . إسناده: حدثنا مسلم بن " إبراهيم: ثنا هشام: ثنا قتادة عن الحسن عن قيس ابن عباد. قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح إن شاء الله، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ والحسن: هو البصري، وهو وإن كان مدلساً وقد عنعنه؛ فالذي ظهر لي- بالتتبع- أن عنعنته التي يعلُون بها حديثه؛ إنما هي ما كان عن الصحابة؛ بخلاف ما يرويه عن أمثاله من التابعين. والله أعلم.

113- باب في الرجل يترجل عند اللقاء

ولعلّ هذا هو السر في تصحيح من صحح أثره هذا ممن ذكرنا آنفاً، ويأتي بيانه. والله أعلم. والحديث أخرجه أبو عوانة (4/88) ، والبيهقي (9/153) من طريق المؤلف. وابن أبي شيبة في "المصنف " (12/462/15267) ، والحاكم (2/116) من طرق أخرى عن مسلم بن إبراهيم ... به. وتابعه أبو أسامة عن هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوَائِيِّ ... به؛ ولفظه: ... عند ثلاث: عند القتال، وفي الجنائز، وفي الذكر. رواه البيهقي. وخالفه مَطَر الوَرَّاق؛ فرواه عن أبي بُرْدة، عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مثله. ومطر ضعيف، وقد خالف، ولذلك أوردته في الكتاب الآخر (456) . 113- باب في الرجل يَتَرَجَّلُ عند اللقاءِ 2387- عن البراء قال: لَمَّا لَقِيَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشركين يَوْمَ حنَيْنٍ؛ نزل عن بغلته فترجل. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة: ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ على كلام معروف في أبي إسحاق- وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي-.

والحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4/471) ... بإسناد المؤلف ومتنه. ورواه الحاكم (2/116) من طريق أخرى عن عثمان ... به، وقال: " صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولم يصح أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَجَّلَ وحارب راجلاً إلا من هذا الوجه "! ووافقه الذهبي! قلت: كذا قالا! وقد وهما في استدراكهما على الشيخين؛ فقد أخرجاه بلفظ: فنزل. فأخرجه البخاري (4/28) : حدثنا عبيد الله عن إسرائيل ... به نحوه أتم منه. ثم أخرجه هو (3/233) ، ومسلم (5/167- 168) ، وأبو عوانة (4/211) ، والبيهقي (9/155) من طريق زهير بن معاوية أبي خيثمة الجُعْفِيِّ عن أبي إسحاق ... به. وتابعه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق ... به: أخرجه مسلم وأبو عوانة. وتابعهم سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق، ولكنهما لم يذكرا النزول، وروايتهما أصح، لأنهما سمعا منه قبل الاختلاط، بخلاف الذين ذكرنا؛ فإنهم سمعوا منه بعد الاختلاط. لكن يشهد لهم حديث سلمة بن الأكوع في غزوة حنين، وفيه: فلما غَشُوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ نزل عن البغلة ... الحديث. رواه مسلم.

114- باب في الخيلاء في الحرب

وله شواهد أخرى، ذكر بعضها الحافظ في "الفتح " (8/32) ، عزا أحدها للمؤلف والترمذي، وسيأتي بيان ما فيه في "الضعيف " برقم () . 114- بابٌ في الخُيَلاءِ في الحَرْبِ 2388- عن جابر بن عَتِيكٍ: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " مِنَ الغَيْرَةِ ما يُحِبُ الله، ومنها ما يُبْغِض الله: فأما التي يُحِبها الله؛ فالغيرة في الريبَةِ. وأما الغَيْرَة التي يُبْغِضُها الله؛ فالغيرة في غَيْرِ رِيبةٍ. وإن من الخُيَلاءِ ما يُبْغِضُ الله، ومنها مايُحِبُ الله: فأما الخُيَلاءُ التي يُحِبُ الله؛ فاختيال الرجل نَفْسَهُ عند القتال، واختياله عند الصدقة. وأما التي يبْغِضُ الله؛ فاختياله في البَغْيِ- قال موسى- والفَخْرِ ". (قلت: حديث حسن، وصححه ابن حبان) . إسناده: حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل- المعنى واحد- قالا: ثنا أبان: ثنا يحيى عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر بن عَتِيك عن جابر بن عتيك. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن جابر؛ لكن للحديث شاهد من حديث عقبة بن عامر، حسنته من أجله في "الإرواء" (1999) ، وخرجتهما هناك؛ فليراجع.

115- باب في الرجل يستأسر

115- باب في الرجل يسْتَأْسَر 2389- عن أبي هريرة قال: بَعَثَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً عَيْناً، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت، فَنَفَروا لهم- هذَيْلٌ - بقريب من مئة رجل رام، فلما أحسَّ بهم عاصم؛ لجأوا إلى قَرْدَد (1) ، فقالوا لهم: انزلوا فأعْطُوا بأيديكم؛ ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحداً. فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذِمةِ كافر، فَرَمَوْهُم بالنبْلٍ، فقتلوا عاصماً في سبعة، ونزل إليهم ثلاثةُ نَفَرٍ على العهد والميثاق؛ منهم خُبَيْبٌ وزيدُ بن الدَّثِنَةِ ورجل آخر. فلما استمكنوا منهم؛ أطلقوا أوتار قِسِيِّهم، فربَطوهم بها، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغَدْرِ! والله! لا أصْحَبُكم، إنَّ لي بهؤلاء لأُسوةً! فجرُّوه، فأبى أن يصحبهم، فقتلَوه! فَلَبِثَ خُبَيْبٌ أسيراً، حتى أجمعوا قتله، فاستعار موسى يستحدُّ بها، فلمَّا خرجوا به ليقتلوه؛ قال لهم خُبَيْبٌ: دعوني أرْكَعْ ركعتينِ! ثم قال: والله! لولا أن يَحْسَبوُا ما بي جزعاً؛ لَزِدْتُ. (قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري بأسانيد أحدها إسناد المؤلف، ومتنه أتم مما هنا) . إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا إبراهيم- يعني: ابن سعد-: أخبرنا - ابن شهاب: أخبرني عمرو بن جارية الثقَفِيُ حليف بني زُهْرَةَ عن أبي هريرة. حدثنا ابن عوف: ثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري: أخبرني عمرو ابن أبي سفيان بن أسِيدٍ بن جارية الثقفي- وهو حليف لبني زهرة، وكان من

_ (1) هو الموضع المرتفع من الأرض، كأنهُمْ تحصَنوا به.

116- باب في الكمناء

أصحاب أبي هريرة- ... فذكر الحديث. قلت، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين من الوجهين عن الزهري؛ وقد أخرجه البخاري كذلك كما يأتي. والحديث أخرجه البخاري (5/11) من الوجه الأول. و (4/28- 30) من الوجه الآخر ... أتم منه. وتابعه على الوجه الأول: الطيالسي، فقال في "مسنده " (2597) : حدثنا إبراهيم بن سعد ... به. ومن طريقه وطريق المؤلف: أخرجه البيهقي (9/145- 146) . وأخرجه أحمد (2/294) من طريق أخرى عن إبراهيم ... به. وتابعه معمر عن الزهري ... به: أخرجه البخاري (5/40- 41) ، وأحمد (2/310) عن عبد الرزاق، وهذا في "المصنف " (9730) . 116- باب في الكُمَنَاءِ 2390- عن البراء قال: جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرَّمَاةِ يومَ أُحُدٍ- وكانوا خمسين رجلاً- عبد الله بن جبير، وقال: " إن رأيتمونا تَخْطَفُنا الطَّيْرُ؛ فلا تَبْرَحوا من مَكَانِكُمْ هذا، حتى أُرْسِلَ إليكم، وإن رأيتمونا هَزَمْنا القومَ وأوطأناهم؛ فلا تبرحوا حتى أُرْسِلَ إليكم ". قال: فهزمهم الله. قال: فأنا- واللهِ! - رأيتُ النساءَ يَشْتَدِدْنَ على الجبل.

فقال أصحاب عبد الله بن جُبَيْرٍ: الغَنِيمَةَ أيْ قَوْمُ! ظَهَرَ أصحابُكم. فقال عبد الله بن جبير: أنَسيتُمْ ما قال لكم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فقالوا: والله! لنأتين الناسَ، فَلَنُصيبَنَ مِنَ الغنيمةِ، فَأتَوْهُمُ، فَصُرِفَتْ وُجوهُم، وأقبلوا مهزومين. (قلت: إسناده صحيح؛ عند الشيخين. وقد أخرجه البخاري وأبو عوانة وابن حبان في "صحاحهم "، مع كونه من رواية السبيعي، وكان اختلط!) . إسناده: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء يحدث قال ... قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد أخرجه البخاري كما يأتي، مع أن أئمة الجرح قد ذكروا في ترجمة أبي إسحاق- وهو السبِيعي- أنه كان اختلط، وأن زهيراً روى عنه بعد الاختلاط كما تقدم قريباً! فلعل البخاري وقف له على طريق أخرى من رواية مثل شعبة الذي روى عنه قبل الاختلاط، أو على شاهد يقويه؛ كالذي سأذكره. والله أعلم. والحديث أخرجه أبو عوانة (4/303- 306) من طرق أخرى عن النفيلي ... به أتم منه. ثم أخرجه هو، والبخاري (4/26- 27 و 5/171) ، والبيهقي في "الدلائل " (3/269) وسعيد بن منصور (2/3/332-333) من طرق أخرى عن زهير ... به. وقال الطيالسي (725) : حدثنا زهير ... به. وكذلك رواه أحمد (4/294) ، وابن سعد (2/47) من طرق عن زهير. وتابعه إسرائيل عن أبي إسحاق ... به: أخرجه البخاري (5/29) ، وأبو عوانة،

117- باب في الصفوف

وأحمد (4/293) ، والبيهقي (3/267) ، وابن حبان (4718) . وله شاهد من حديث ابن عباس ... نحوه. أخرجه أحمد (1/287) بإسناد حسن، وصححه الحاكم (2/296- 297) ، ووافقه الذهبي. وآخر من حديث ابن مسعود. أخرجه أحمد (1/463) ، ورجاله ثقات. 117- باب في الصفوف 2391- عن حمزة بن أبي أُسَيْد عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين إصْطَفَفْنا يَوْمَ بدر: " إذا أكْثَبوُكم- يعني: إذا غَشُوكم-؛ فارموهم بالنبْل، واسْتَبْقُوا نَبْلَكُم ". (قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه هو وأبو عوانة والحاكم، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو عنده عن سهل ابن سعد أيضاً) . إسناده: حدثنا أحمد بن سنان: ثنا أبو أحمد الزبيري: ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغَسِيلِ عن حمزة بن أبي أُسَيْدٍ عن أبيه. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أن مسلماً لم يرو لحمزة بن أبي أُسيد، فهو على شرط البخاري وحده؛ لكنه قد توبع عنده كما يأتي.

وأحمد بن سنان: هو أبو جعفر القطان الواسطي الحافظ. لكن في نسخة: أحمد بن حنبل- كما في "التحفة" (8/342) -، وليس يبعد عن الصحة؛ لأن ابن حنبل من شيوخ المؤلف المشهورين، ولأنه قد أخرجه في "مسنده " مع زيادة في سنده كما سأذكره. وأبو أحمد الزبيريُ: اسمه محمد بن عبد الله بن الزبير الأسَدِيُّ. والحديث أخرجه أحمد (3/498) : ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال: أنا عبد الرحمن بن الغسيل عن عباس بن سهل أو حمزة بن أبي أسيد عن أبيه ... به. كذا وقع فيه: (أو) ! ولعل الصواب: (و) ؛ فإنه كذلك وقع عند البخاري (5/10) من طريقين عن أبي أحمد الزبيري؛ إلا أنه قال: عن حمزة بن أبي أُسَيْد والزبير بن المنذر بن أبي أسَيْدٍ. وفي الطريق الأخرى: والنذر بن أبي أسَيْدِ ... وانظر "الفتح " (7/306) . وتابعه أبو نعيم: حدثنا عبد الرحمن بن الغَسِيل عن حمزة بن أبي أُسَيْد عن أبيه: أخرجه البخاري (4/227) ، وأبو عوانة (4/350) . واستدركه الحاكم (3/21) على البخاري؛ فوهم! وهذه المتابعة تقوي رواية المؤلف رحمه الله. لكن يقوي رواية "المسند" أن الحاكم أخرجه (2/96) ، وعنه البيهقي في "الدلائل " (2/347) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا عبد الرحمن بن الغَسيل عن العباس بن سهل بن سعد عن أبيه وعن حمزة بن أبي أسيد الساعدي عن أبيه ... به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري "! ووافقه الذهبي!

118- باب في سل السيوف عند اللقاء

وفيه ما لا يخفى على اللبيب. 118- باب في سلّ السيوف عند اللقاء [تحته حديث واحد. انظره في "الضعيف "] 119- باب في المبارزة 2392- عن علي قال: تقدم- يعني: عُتْبَة بن رَبيعة-، وتبعه ابنه وأخوه، فنادى: من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم؛ إنما أردنا بني عَمِّنا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قم يا حمزةُ! قم يا علي! قم يا عُبَيْدَةُ بْنَ الحارثِ! ". فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلتُ إلى شيبة، واخْتُلِفَ بين عبيدة والوليد ضربتان، فَأثْخَنَ كلُّ واحد منهما صاحبه، ثم مِلْنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عُبَيْدَةَ. (قلت: حديث صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين) . إسناده: حدثنا هارون بن عبد الله: ثنا عثمان بن عمر: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مُضَرِّبٍ عن علي. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير حارثة بن مُضَرّب، وهو ثقة. ولولا اختلاط أبي إسحاق وعنعنته؛ لقلت: إنه صحيح الإسناد! لكن

الحديث صحيح؛ لشواهده الآتي بعضها. والحديث أخرجه البزار (1161) : حدثنا محمد بن المثنى: ثنا عثمان بن عمر ... به أتم منه، وقال: " لا نعلمه يُرْوَى عن علي إلا بهذا الإسناد ". ورواه أحمد (1/117) : ثنا حجاج: ثنا إسرائيل ... به وأتم منه. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/349) من طريق المؤلف. ثم أخرجه فيه (2/341 و 348) ، وفي "السنن " (9/131) من طرق أخرى عن إسرائيل ... به. وأخرجه الحاكم (3/194) ، وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! وردَّه الذهبي بقوله: " قلت: لم يخرجا لحارثة، وقد وهَّاه ابن المديني "! قلت: الرجل ثقة- كما تقدم- لم يضعفه أحد، وما نقله عن ابن المديني لم يثبت، وقد أشار إلى ذلك الذهبي نفسه؛ فإنه بعد أن حكى عن ابن معين وأحمد توثيقه، وعن ابن المديني قوله: "متروك "! عقب عليه بقوله: " كذا نقل ابن الجوزي "! وكأنه لذلك لم يعتمده في "الكاشف " فقال: " وثقه ابن معين ". وجزم الحافظ في "التقريب " أن النقل المذكور غلط. وللحديث شاهد من مرسل عكرمة: أخرجه عبد الرزاق (9727) ... مطولاً.

120- باب في النهي عن المثلة

وسنده صحيح. وآخر مختصر من رواية أبي ذر رَضي الله عنه: أخرجه الشيخان والبيهقي في كتابيه (9/130) و (2/350) وغيرهما. 120- باب في النهي عن المُثْلَةِ 2393- عن الهَيَّاجِ بن عمران: أن عمران أبَقَ له غُلامٌ، فجعل لله عليه: لئِن قَدَرَ عليه؛ لَيَقْطَعَن يَدَهُ! فأرسلني لأسألَ، فأتيت سَمرَةَ بن جُنْدُبٍ فسألته؟ فقال: كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحثَنا على الصدقة، وينهانا عن المُثْلَةِ. فأتيت عمران بن حصين فسألته؟ فقال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحثنا على الصدقة، وينهانا عن المُثْلَةِ. (قلت: حديث صحيح، وصححه ابن الجارود وابن حبان، وقوى إسناده الحافظ ابن حجر) . إسناده: حدثنا محمد بن المثنى: ثنا معاذ بن هشام: حدثني أبي عن قتادة عن الحسن عن الهياج بن عمران. قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير الهياج بن عمران - وهو ابن فُضيْل التميمي-، وثقه ابن سعد وابن حبان (3/283) ، لكن لم يذكروا راوياً عنه غير الحسن هذا- وهو البصري-؛ فهو مجهول على قواعدهم. وقد أشار إلى تضعيف هذا التوثيقِ الذهبيَ بقوله في "الكاشف ": "وُثقَ ".

وصرح بذلك في "الميزان "، فقال: " وثقه ابن سعد، وقال [علي] بن المديني: مجهول. فصدق علي ". وأشار إلى هذا الحافظ بقوله في "التقريب ": "مقبول ". قلت: وعليه؛ فالإسناد ضعيف، وإن قوّاه الحافظ في "الفتح "، كما كنت ذكرت في " الإرواء " (7/291) ! لكن ذكرت له هناك بعض الطرق والشواهد، مما يجعل الحديث صحيحاً لغيره، من ذلك أن الإمام أحمد أخرجه في رواية (4/440) من طريق المبارك عن الحسن: أخبرني عمران بن حصين قال ... فذكره مرفوعاً. فأسقط (هياجاً) من المسند، وصرح بسماع الحسن من عمران، فاتصل السند. لكن المبارك- وهو ابن فَضَالَةَ- مدلس، وقد عنعنه كما قلت ثمة. فأزيد هنا: أنه قد تابعه هُشَيْم عن حمَيْدٍ عن الحسن قال: ثنا سَمُرَةُ بن جُنْدُبٍ قال ... فذكره أيضاً: أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/326) . فصرح بسماعه أيضاً من سمرة، ورجاله ثقات؛ لكنَّ هشيماً مدلس. وأن له شاهداً آخر عن جرير بن عبد الله البَجَلِيِّ قال: خطبنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على منبر صغير، فحثَّنا على الصدقة، ونهانا عن المثلة. رواه الطيالسي (665) ، وسنده صحيح على شرط مسلم. فصح الحديث يقيناً، والحمد لله.

121- باب في قتل النساء

(تنبيه) : ذكر المنذري أن عمران الذي أبق له الغلام: هو ابن حصين! وهذا خلاف ظاهر سياق المؤلف، بل هو باطل؛ لما في رواية لأحمد (4/428) : أن هياج بن عمران أتى عمران بن حصين فقال: إن أبي قد نذر- وفي أخرى: أن غلاماً لأبيه أبق- فبعثتي إلى عمران بن حصين، قال: فقال: أقرئ أباك السلام، وأخبره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ... الحديث. ورواه ابن الجارود أيضاً (1056) . فهذا صريح أن الذي أبق له الغلام: هو والد الهياج، وليس عمران بن حصين، كما هو واضح لا يحتاج إلى بيان، فلعل ذلك سبق قلم من المنذري! والله أعلم. * انتهى بحمد الله وفضله المجلد السابع من " صحيح سنن أبي داود "، ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثامن، وأوله: 121- باب في قتل النساء و" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".

§1/1