شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

ابن مالك

شَوَاهِد التَّوضيح وَالتَّصحيح لمشكلات الجامع الصَّحيح تأليف جَمال الدين بن مالك الانَدلسىِ المتوفى سنة 672 هـ تَحقيق الدكتور طَه مُحسِن مكتبة ابن تيمية

شَوَاهد التَّوضيح والتَّصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1405 هـ الطبعة الثانيةْ 1413 هـ

الاَّهداء الى ام عُمرَ ومضرَ وعائشة

المقدمة

بِسم اللهِ الرحمِن الرَحيِم. المُقَدمَة أشهر النحاة الذين عرفهم تاريخ النحو العربي في القرن السابع للهجرة وما بعده أبو عبد الله جمال الدين محمد بن مالك الطائي، المولود في الأندلس سنة ست مئة للهجرة، والمتوفى في دمشق سنهَ اثنتن وسبعين وست مئة للهجرة، بعدما ترك مصنفات في العربية ونحوها، نالت شهرة عريضة، وشغل بها الدارسون من بعده، وظلت أساسًا لأكثر الدراسات النحوية الى اليوم. وكّتابه "شواهد التوضيح والتصحيع لمشكلات الجامع الصحيح" من خيرة الكتب التي تكشف عن اسلوبه في النقاش، وتبين سعهَ افقه واحاطته بشواهد اللغة. وهو من أبرز الاصول في موضوع الاحتجاج بالحديث الشريف فِى الدراسات النحوية، ولا يستغني عن الرجوع اليه باحث في هذا الجانب من لغة القران الكريم. طبع الكتاب لأول مرة في إله آباد بالهند عام 1319 هـ. ثم نشره عن هذه النسخة المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي بعدما خرّج نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف ومجموعة من شواهد الشعر وضبطها. وخلال مطالعتي للكتاب أحسست وأنا أنعم النظر في بحوثه بأنَ ثمة نصوصًا ناقصة وألفاظًا محرفة، وتصحيفات شوهت آراء مؤلفه، وأوقعته في مَظِنّة ارتكاب الخطا. فدفعني هذا الى معارضة المطبوع على بعض مخطوطاته، وخلصت بعد المقابلة الى صحة ما رأيت، فرحت اسجل ما وجدته يخدم الكتاب من التقويم والاصلاح، حتى تجمعت ملاحظات أستطيع تلخيصها في الامور الآتية: الأمر الأول- سقوط ألفاظ وعبارات بسبب انتقال البصر أو رداءة الأصل أو عدم الدقة في النقل. والثاني- وقوع أخطاء تتصل برسم الحروف وشكلها، وتحريف كلمات شوهت المتن. والثالث- ورود شواهد على غير جهتها التي هي مراد المؤلف في الاحتجاج، على الرغم مما بذله المحقق في تخريجها.

والأمر الرابع- إثبات المحقق زيادات في المتن من غير أن ينبه عليها. وظهرت أكثرها في عنوانات الأبحاث وتسلسلها؛ لأن ابن مالك لم يضع شيئًا منها لكتابه كما دلت المخطوطات. وكانت العنوانات غير دقيقة أحيانا؛ لأنها لم تنبى عن حقيقة البحوث، ولم تحددها بصورةٍ جامعة. وهي إلى ذلك تضمنت أخطاءً علمية ولغوية، مع اضطراب ترتيبها أحيانًا، وعدم جريانها على سنن واحد في البحوث من حيث الطول ومن حيث المادة. وقد نبهت على أكثر ما وقع في المطبوعة من التحريف والوهم في مقال لي (¬1) كانت الغاية منه خدمة الكتاب، وبيان حقيقة نشرته، ليكون الباحثون على بينة من الأمر، ولكيلا يقعوا في أخطاء ليسوا عارفين بها, ولا ينسبوا إلى ابن مالك مالا يرتضيه من آراء (¬2). فالنص الصحيح والاستنباط الدقيق متلازمان في البحث العلمي تلازم الروح والجسد، لا يستغني أحدهما عن الآخر. وكم من رأي ضعيف نُسب إلى عالم بسبب الاعتماد على كتاب لم تتوفر له الخدمة عند التحقيق والطبع. ومن هنا وجدت الأسباب داعية إلى اعادة تحقيق هذا السفر النفيس بعدما توفر من مخطوطاته مايوجب القيام بالعمل. ودفعني إلى ذلك أكثر انقضاء ما يزيد على ربع قرن على صدور نشرة المرحوم محمَّد فؤاد عبد الباقي. وخلال هذه الفترة طبعت جملة من مصنفات ابن مالك، وظهرت أصول جديدة، ومراجع متعددة في الدرس النحوي وشواهده، يمكن الركون إليها في تخريج الآراء والنصوص، وضبط الشواهد، لكي يخرج النص بالمنزلة التي تليق به. قدمت بين يدي" شواهد التوضيح" دراسةً ابتدأتها بتحقيق اسم الكتاب، ¬

_ (¬1) نشر في مجلة المجمع العلمي العراقي- (المجلد الثالث والثلاثون- الجزءان الثاني والثالث) عام 1982. وزادت التنبيهات فيه على اكثر من مئة وعشرين موضعًا من المطبوعة. ثم وجدت بعد الفراغ من التحقيق امورًا كثير اخرى لم أدرجها في ذلك البحث. ولعل مقابلة سريعة بين النص الذي اقدمه محققًا وتلك المطبوعة سيجلي رداءة الطبعة. وذلك وحده أوجب اعادة تحقيق الكتاب. (¬2) ناقش باحثون بعض آراء ابن مالك. ونُسبت إليه بسبب الاعتماد على مطبوعة "شواهد التوضيح" المشوهة أقوال لا تصح له. ولزياده الإيضاح يراجع بحثي "في أصول التحقيق العلمي وطبع النصوص" المنشور في مجلة (المورد) البغدادية: المجلد الثاني عشر - العدد الأول- سنة 1983.

ونسبته إلى ابن مالك، ثم بينت دوافع تأليفه وزمنه ومادته، وتكلمت على منهج الكتاب واسلوبه، ودرست شواهده وطريقة الاستشهاد فيه. ووضحت بعد ذلك قيمة الكتاب، وأبديت بعض المآحْذ عليه. ثم ختمت الدراسة بوصف المخطوطات المعتمدة، وطريقتي في التحقيق وخلصت من ذلك الى ايراد النص محققًا ومقابلًا على أربع مخطوطات، متبعًا الطريقة العلمية، ومستفيدًا من تجربتي في هذا الميدان. وقصرت تعليقاتي على ما يخدم المتن من الإيضاح دون إثقاله بحواش لايفيد منها الباحث أو القارئ. ولم أجد بي حاجة إلى التعريف بمؤلفُ الكتاب "جمال الدين بن مالك". فهو صاحب "الألفية" و"التسهيل". وشهرته تغنى عن التعريف به. ولا اريد أن اكرر ما ذكره الباحثون قبلي، وبسطوا القول فيه؛ فقدْ عَرَّفوا بحياته وبآثاره في مقدمة كتبه التي قاموا بتحقيقها. وبعد: فهذا كتاب "شواهد التوضيح والتصحيح" اقدمه إلى القارئ الكريم بثوب جديد. وقد بذلت في سبيل اخراجه اخراجًا صحيحًا ما يحتمله جهدي، وأعطيته الوقت ما ملكت، ولم أضن عليه بالاخلاص والصبر والوقت. وأملي كبير في ان أكون قد وفقت إلى اسكمال ما كان في طبعته السابقة من نقص أو قصور. ولا يفوتني في الختام ان ازجي خالص شكري، وجزيل ثنائي إلى أخي الأستاذ الدكتور حسين تورال، الذي أرسل الىّ مخطوطتين من "شواهد التوضيح" كتبت إحداهما عام ثمان وستين وست مئة، في عصر المؤلف ابن مالك. وقد تجشم عناء تصويرهما من مكتبات تركيا. فرفع فى مبادرته هذه الحرج الذي كان يخامرنى حين انهيت التحقيق على المخطوطتين العراقيتين، وجعلني أطمئن إلى ان ما اعتمدت عليه من المخطوطات الأربع يكفي لاخراج النص اخراجًا صحيحًا. ومن الله استمد التوفيق والرشاد. الدكتور طه محسن عبد الرحمن بغداد - وزارة التربية

اسم الكتاب ونسبته إلى ابن مالك

اسم الكتاب ونسبته إلى ابن مالك نص المؤلف في الصفحة الأولى من الكتاب على اسمه فقال: (هذا كتاب سميته شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح). وذكرت المراجع التىِ استعنتُ بها هذا الاسم. واتفقت عليه مخطوطات الكتاب التي نظرت فيها، إلا واحدة هي مخطوطة مكتبة الأوقاف المرقمة (6581)، إذ كتب اسم الكتاب في صفحة العنوان منها (التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح). وسقوط كلمة "شواهد" هنا سهو من الناسخ؛ لأنه أثبتها في الصفحة الأولى من المخطوطة نفسها في قول ابن مالك (هذا كتاب سميته شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح). وقد يختصر العنوان فيقتصر على "شواهد التوضيح". ومثل هذا الاختصار شائع في عنوانات الكتب الطويلةِ عند القدماء والمحدثين. وأما نسبته إلى ابن مالك فلم أجد خلافًا فيها. ولم تصادفني صعوبة في تحقيقها. فالمصادر القديمة التي ذكرت الكتاب متفقة على نسبته إليه، وذكر اسمه على المخطرطات التي قرأت عنها في الفهارس، أو التي اطلعت عليها. وليس فيها ما يخالف ذلك. ويؤيد صحة هذه النسبة ما نقله الباحثون على اختلاف عصورهم من الكتاب معزوًا الي مؤلفه. ووجدت النصوص المنقولة في هذه الأصول مطابقة لما في "شواهد (¬3) التوضيح". وأضيف إلى ما ذكرت من الأدلة التطابقَ الواضح بين اسلوب الكتاب وآراء مؤلفه وشواهده مع ما يرد من ذلك في مصنفات ابن مالك الأخرى الثابتة له، مثل "شرح تسهيل الفوائد" و"شرح عمدة الحافظ" وغيرهما. ¬

_ (¬3) ينظر على سبيل المثال: فتح الباري، لابن حجر 1/ 19 و 2/ 36 و 3/ 6 و 7/ 53 و 12/ 366/ و 13/ 97. وعمدة القاري. للعيني 1/ 24. وشرح السيوطي على سنن النسائي 1/ 44 و 3/ 72. ويقابل بشواهد التوضيح: البحوث المرقمة 25 و 63 و 46 و 40 و 56.

دوافع تأليف الكتاب

دوافع تأليف الكتاب بعد أن هاجر ابن مالك من الأندلس وإستقر بدمشق، اشتهر بنبوغه وتمكنه من الدراسات اللغوية والنحوية. فطلب إليه فضلاء المحدثين والحفاظ أن يوضح ويصحح لهم مشكلات ألفاظ وروايات وردت في كتاب "الجامع الصحيح" لأبي عبد الله البخاري المتوفى سنة 256 هـ. فأجابهم إلى ذلك، ووضحها وصححها في أحد وسبعين مجلسًا. (¬4) وفي ذلك يقول ابن مالك (وكان السماع بحضرة جماعة من الفضلاء، ناظرين في نسخ معتمد عليها، فكلما مر بهم لفظ ذو إشكال بينت فيه الصواب، وضبطته على ما اقتضاه علمي بالعربية، وما افتقر إلى بسط عبارة، وإقامة دلالة أخرت أمره إلى جزء أستوفي فيه الكلام مما يحتاج إليه من نظير وشاهد، ليكون الانتفاع به عامًا، والبيان تامًا إن شاء الله تعالى). (¬5) ومن هذا الكلام نفهم أن "شواهد التوضيح" هو الجزء الذي قام يستوفي الكلام فيه على ما يحتاج إلى شاهد ونظير. ولكن الذى ينعم النظر فى مباحث الكتاب يستطيع ان يضيف دافعًا آخر، وهو تصدِّي ابن مالك لمناقشة مسائل كانت في الغالب محل خلاف بين النحاة، وأنه رغب في أن يسدّ خللًا رآه في مناهج الذين لم يستقروا الكلام العربي كما يجب، أو اطرحوا كثيرًا من الشواهد النثرية الفصيحة، ولاسيما التي احتفظت بها كتب الحديث وكتب غريبه، فلم يكن له يدّ من تصحيح ما ذهبوا إليه، منطلقا من نصوص "البخاري"، لما له من إحترام وإكبار في نفوس المسلمين. وأرى أيضًا أن المؤلف حاول أن يقرر مسائل نحوية لم يتسنَّ له ان يضم أكثرها إلى أبواب كتب النحو ذات المنهج التقليدى المعروف، فأدرجها في هذا المصنف. ومنها موضوعات تتصل بعلم المعاني، مثل مسائل الاستفهام والجواب وعود الضمائر ومعاني الحروف وغيرها. ¬

_ (¬4) إرشاد السارى، القسطلاني 1/ 41. (¬5) المصدر المتقدم 1/ 41.

زمن تاليف الكتاب

زمن تاليف الكتاب ليس بين ايدينا ما يحدد السنة التي أنهى المؤلف وضع كتابه فيها. إذ لم أظفر بما يدل على ذلك أو يشير إليه. ولكن الباعث الأهم الذي ذكرته في دوافع التأليف يقول إلى القول بأنه من مصنفات ابن مالك المتأخرة؛ ذلك لأنه جاء نتيجة قيامه بالاشراف على مقابلة مخطوطات "الجامع الصحيح" (¬6) بطلب من العالم المحدث شرف الدين اليونيني (621 هـ - 701 هـ) (¬7)، مما حبب إليه جمع الملاحظات اللغوية والنحوية التي عنّت له في أثناء المجالس الاحدى والسبعين، وتعضيد مسائلها بالشاهد والدليل، ثم ضمّنها كتابًا مستقلا. وفي ذلك يقول القسطلاني (كان الجمال بن مالك لما حضر عند المقابلة المذكورة إذا مر من الألفاظ ما يتراءى أنه مخالف لقوانين العربية قال للشرف اليونيني: هل الرواية كذلك؟ فان أجاب بأنه منها شرع ابن مالك في توجيهها حسب إمكانه، ومن ثم وضع كتابه المسمى بـ "شواهد التوضيح") (¬8) ومن الثابت إلاَّ ينهض بمثل هذا العمل الدقيق إلا عارف بالنحو، متمكن من اللغة، مشهور بين الناس بضبطه وعميق عرفانه بالعربية. ولا يتم ذلك إلا بعد أن سارت مؤلفاته في الآفاق واشتهرت. ونلمح في الكتاب آراء المؤلف النحوية واللغوية واضحة جلية، فيها نضج، وتتسم استنتاجاته بالدقة، ويبدو تمكنه من الاستدلال بالشواهد المستفيضة، ومناقشة آراء أكابر النحاة بالحجة المبيّنة. ¬

_ (¬6) حدد القسطلاني في إرشاد الساري 1/ 40َ تاريخ المقابلة بسنة ست وسبعين وست مئة فى دمشق. وهذا التاريخ محرف. واظن ان الصواب هو سنة ست وستين أو سبع وستين وست مئة. وذلك لأن الإجماع منعقد على ان ابن مالك توفي سنة اثنتين وسبعين وستة مئة. (¬7) ترجمته في الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 345. (¬8) إرشاد الساري 1/ 40 - 41.

مادة الكتاب

مادة الكتاب تبين مما تقدم أن ابن مالك كان يريد من وراء الكتاب في ظاهر الأمر الاحتجاج لما ورد من مشكلات في ألفاظ حديث "الجامع الصحيح" للبخاري والاستدلال على فصاحتها وموافقتها لكلام العرب، وتوجيه اعرابها على وفق القواعد النحوية. وقد بلغ ما احتج له أو وجه إعرابه مئة وثمانين حديثًا. وهذا يعني أن مادة الكتاب تنحصر في موضوعات اللغة العربية، إذ بلغ ما ورد منها فيه حوالي مئة وستين مسألة ما عدا المكرر منها، وهو يزيد على العشر. وتحظى مادة النحو بالنصيب الأوفر من الشرح، إذ لم تزد مسائل الصرف على السبع، وما يتعلق باللغة وتفسير اللفظ ورد في أربعة مواضع، وما عدا ذلك فهو يختص بالموضوعات النحوية. فالكتاب إذن من مصادر الدراسةة النحوية المفيدة التي امتازت بجديتها، وتكمن اهميتها في الاستعانة بنصوص الحديث والاحتجاج به، والاعتماد عليه في بناء الأحكام اللغوية. منهج الكتاب وأسلوبه صدّر المؤلف كتابه بعبارة (هذا كتاب سميته شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح) من غير أن يضع له مقدمة يبين فيها منهجه وطريقته ودوافع تأليفه. وإذا كان الكتاب يخلو من التبويب ومن تقسيم الموضوعات إلى الفصول أو ما يشبهها، فانى أرى أن عدد المجالس التي أتم بها المؤلف الأشراف على مقابلة مخطوطات "الجامع الصحيح" هي التي تركت أثرها في تقسيم الكتاب على واحد وسبعين بحثا تخلو كلها عن العنوانات ومن التسلسل العددي. ولأجل التفريق بين كل بحث والذي يليه فقد كان المؤلف يفتتح كل بحث بلفظ "ومنها" ثم يأتي بنصوص "صحيح البخاري" التي يراها مشكلة، وبعدها يوجه إعرابها مبتدئًا كلامه بلفظ "قلت".

وهذه الطريقة -أعني "منها ... " ثم "قلت ... "- هي التي اطردت من أول الكتاب حتى آخر بحث فيه. وبلغ ما اختاره من المشكل مئة وثمانين نصًا (¬9) منها سبعون حديثًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وتسعون من كلام الصحابة، وحديث واحد لعمر بن عبد العزيز من التابعين، وما بقي فهو من كلام ورقة بن نوفل وأبي جهل وهرقل وصاحبة المزادتين وغيرهم ممن عاصر النبي - صلى الله عليه وسلم - أوجاء بعده بقليل. والجامع لهذه النصوص كلها ورودها في "صحيح البخاري" على أنها مشكلة في رأي ابن مالك (¬10)، سواء أكانت في رواية واحدة أم جاء إشكالها بسبب الاختلاف الواقع في روايات النسخ المخطوطة للجامع الصحيح. وكان المؤلف يذكر الاختلاف في الروايات أحيانًا، ويترك ذكره في أغلب الأحيان. وطريقة البحث بجملتها تقوم على إثبات نص الحديث وتعيين محل الاشكال فيه، ثم يوجه المؤلف اعرابه مستعينا بالتمثيل والاحتجاج بالنصوص الفصيحة، مقدمًا شواهد النثر على النظم، وذلك واضح من طريقته وبعض اشاراته، كقوله (والجواز أصح من المنع, لضعف احتجاج المانعين وصحة استعماله نثرًا ونظمًا) (¬11) وقوله: (وحذف كان مع اسمها وبقاء خبرها كثير في نثر الكلام ونظمه، فمن النثر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ومن النظم قول الشاعر ... ) (¬12). وإذا تنوعت الشواهد على المسألة الواحدة نراه يقدم نصوص القرآن والقراءات على غيرها، ويقدم في الغالب شواهد الحديث على أقوال العرب والنظم، ويقدم أقوال العرب النثرية على شعرهم. وربما يكتفي عند إلاحتجاج على مسالةٍ ما بالقرآن وحده، أو بالحديث دون غيره، أو بأقوال العرب، أو بأبيات من الشعر فقط. وسأفصل هذا الجانب في بحث "الاستشهاد" إن شاء الله. ¬

_ (¬9) يضاف إلى هذا العدد ثلاثة أحاديث شرحها المؤلف في البحث الرابع والعشرين. وأعاد ذكرها سهوًا في البحث الثاني والخمسين من غير ان يعلق عليها. (¬10) جاء ضمن هذه النصوص التي يفترض ان تكون كلها من صحيح البخاري أربعة أحاديث تبين بعد التحقيق انها ليست منه، منها اثنان في البحث الثاني والخمسين، واثنان في البحث التاسع والستين. (¬11) شواهد التوضيح الورقة 9 و. (¬12) شواهد التوضيح الورقة 11 ظ.

ولا يستطيع القارئ أن يفهم المقصود من "المشكل" عند المؤلف، لأنه لم يبينه في الكتاب، وليس في المنهج الذي سارعليه ما يفسره. واذا جاز أن اوضح معناه هنا، بعدما أبهم تعريفه، فاني أرى أنه النص الوارد على خلاف الاستعمال المطرد للاسلوب العربى، وجاء على وفق ما منعه النحاة أو حكموا على مثله بالضرورة أو الشذوذ، أو لم ينبهوا على وروده في الكلام. وهذا المفهوم لا ينطبق على كل الأحاديث التي تصدى المؤلف لتوجيه إعرابها، وتصويب إشكالها، لأن كثيرًا منها ورد على وفق الاستعمال الصحيح المطرد عند العرب، ولم يختلف النحاة في استقامة اسلوبها. وبسبب اغفال تحديد مفهوم "المشكل" وجدت المؤلف يسلك طرائق في التعامل مع الأحاديث التي صدر بها البحوث: فهو تارة يتصدى لتصحيح توجيهات اعرابية فيها خلاف بين النحاة، متخذًا من نص البخاري وسيلة الى ذلك، مثل مناقشة اعراب "يا" في قول ورقة بن نوفل (يا ليتني)، أهي للنداء أم للتنبيه، وذلك في البحث الأول. والمعروف أن "يا ليتني" اسلوب عربى لا إشكال فيه، والخلاف بين النحاة فيه شكلي ليس غير. وينسى أحيانا أن عمله هو الاحتجاج لما يورده مشكلًا من الحديث، فيعد الحديث الذي يثبته ابتداءً شاهدًا نحويًا، يجيز به ما يشبهه من أساليب، من غير أن يعضد ذلك الحديث بالشواهد الاخرى على حسب المنهج الذي يدل عليه عنوان الكتاب. ومن ذلك اتخاذ الحديث (ما إحبّ أنه يحوّل الى ذهبًا) شاهدًا على استعمال "حوّل" بمعنى "صيّر" (¬13). وقد يتخذ من الأحاديث منطلقا الى بحث نحوي لم يجده تامًا في كتاب قبله، فيفصل الكلام عليه، ويناقش النحاة فيه، ويلوح هذا في البحث الرابع، وهو موضوع اتصال الضمائر وانفصالها، وليس فى أحاديثه التي عدها مشكلة ما يخالف الاستعمال الفصيح. ويتصدى أحيانا اخرى لتفسير ألفاظ من الناحية اللغوية حسب، من غير أن يقدم الشواهد عليها، كما فعل في تفسير لفظ "أضيبع" في البحث السادس والخمسين، والفعل "صُرف" في البحث الخامس والستين. وربما يتعرض لبيان الأوجه الاعرابية الجائزة في لفظ من ألفاظ الحديث بينما ¬

_ (¬13) شواهد التوضيح، البحث رقم (19). وينظر أيضًا بعض مسائل البحثين (67) و (69).

المروي منها وجه واحدٌ أو وجهان. كما نجده في لفظ "يغتسل" في البحث السادس والخمسين، ولفظ "يحبسها" في البحث الستين. وقد يتخذ من الحديث دليلًا على جواز بعض الاستعمالات التي منعها نحويون قصرت جهودهم عن الاستقراء الصحيح، فيقدم الأدلة على ذلك، مثل البحث الثاني "في وقوع الشرط مضارعًا والجواب ماضيًا". وربما يوجه اعراب بعض الأحاديث ويصحح إشكالها، ويحتج لها، وهو الهدف الذي وضع الكتاب من أجله، ودلّ عليه عنوانه. * * * * * استعرض ابن مالك مجموعة من آراء النحاة واللغوين، وناقش طائفة منها. ويأتي في مقدمة الذين أخذ عنهم أو رد عليهم: سيبويه "ت 180 هـ" ذكره في اثني عشر موضعًا، والأخفش "ت 215 هـ" ذكره في عشرة مواضع وهما بصريان، يليهما الفراء "ت 207 هـ" ذكره في ستة مواضع. ثم الكسائي "ت 183 هـ" والمبرد "ت 282 هـ" ثم الفارسي "ت 377 هـ" وابن جني "ت 392 هـ" والزمخشري "ت 538 هـ". وذكر مرة واحدة كلًا من ابى عمرو بن العلاء "ت 159 هـ" والخليل "ت 175 هـ" ويونس بن حبيب "ت 182 هـ" وقطرب "ت 256 هـ" والرماني "ت 384 هـ" وابن السيد البطليوسي "ت 521 هـ" وابن الشجري "ت 542 هـ" وابن خروف "ت 606 هـ". وربما استعمل عبارات عامة، مثل "النحوين" و"أكثر النحوين" و"بعض النحويين" و"البصريين" و"الكوفيين" و"أكثر الناس" ... وليس من شك في أن المؤلف استفاد من مصادر متنوعة في النحو واللغة والقراءات والتفسير والحديث وغيرها مما أعانه على النقاش والحجاج. ولكنه لم يذكر من أسماء المصادر إلا القليل؛ لأنه اكتفى بذكر مؤلفها. ويتفرد من مصادر النحو "كتاب سيبويه" الذي اعتاد أن يشير إليه باسم مؤلفه، أو يذكر عنوان الباب الذي يقتبس منه، زيادة في التثبت. ومن كتب الحديث إضافة إلى "الجامع الصحيح" للبخاري يبرز "جامع المسانيد" لابن الجوزي "ت 597 هـ" الذي استعان بأحاديثه في عشرة مواضع، و

"غريب الحديث" الذي لم يذكر مؤلفه، اضافة إلى ذكره رواة الحديث كالدارمي "ت 255 هـ" وابن ماجة "ت 273 هـ" وأبي داود "ت 275 هـ" والترمذي "ت 279 هـ" الذين نقل عنهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (يوشك الرجل متكئًا على أريكته يحدّث بحديث من حديثي ... ) (¬14). ومن كتب التفسير ذكر "الكشاف" للزمخشري مرتين. وذكر من كتب القراءات "المحتسب في تبيين وجود شواذ القراءات" لابن جني مرتين أيضًا. ولا يعني اعتماده على هذا العدد من "المؤلفين أن كتابه صار كدسًا لنصوص منقولة يملأ بها فراغًا عند التصنيف، وإنما كان يلخص الفكرة الواردة في الكتاب المتقدم، ويشير إليها إشارة دقيقة ومختصرة. وصفحات الكتاب التي تتردد فيها الأسماء كلها شواهد على هذه الطريقة التي برزت من خلالها آراء ابن مالك معضدة بالأدلة والبراهين من كلام العرب. ولم يلجأ إلى النقل الحرفي -إذا استثنينا الشواهد- إلا في ثلاثة مواضع، أخذ في كل منها اسطرًا من كتاب سيبويه اقتضى المقام الاحتكام إلى كلامه حرفيًا. (¬15) وعلي الرغم من أن الكتاب يختص بموضوعات اللغة العربية ألا أن المؤلف لم يضع منهجا معينا لدرس مسائلها، فلا هو جمع مسائل كل موضوع وخصص لها بحثا مستقلًا على وفق ما نجده في الكتب النحوية، ولا هو اقتفى أثر البخاري في تبويب "الجامع الصحيح" الذي هو محور الدراسة. وإنما كان يختار حديثًا مشكلا يشرحه في بحث مستقل أوحديثين أوثلاثة، ربما يصطفي عشرة أحاديث من أبواب متفرقة من "صحيح البخاري" ويدرجها في بحث واحد. ومن هنا يتبين سبب التفاوت بين البحوث من حيث الطول. فبينما نجد بحثًا في صفحة واحدة، درست فيه مسألة واحدة، يلقانا بحث شغل ست صفحات أو سبعًا، تكلم فيه المؤلف على مسائل متعددة قد تبلغ العشرة أحيانًا، وتتضح هذه الظاهرة أكثر فيما بعد البحث الخمسين. والمسائل المندرجة في البحث الواحد تفتقد في الغالب وحدة الموضوع الذي يجمعها، فهي أشتات من موضوعات نحوية جاءت نتيجة تنوع الأحاديث البخارية المختارة، وربما تجتمع مسائل اللغة والصرف والنحو معًا. ¬

_ (¬14) شواهد التوضيح الورقة 22 و. (¬15) شواهد التوضيح الورقة "16 ظ" و"19 ظ".

وعلى سبيل المثال ضم البحث الخامس والستون سبع مسائل منها: - استعمال "في" بمعنى باء المصاحبة، - ومعنى الفعل "صُرَف" واشتقاقه. - وحذف المجزوم بـ "لا" التي للنهى. - ومجيء "مفعول" ولا فعل له. وهذه مسائل في اللغة والصرف والنحو لا تربطها وشيجة، ولا تعود إلى باب واحد من أبواب العربية، بل ترجع إلى أبواب متعددة. وأدى ذلك إلى تبعثر مسائل الموضوع الواحد، وتشتيت المادة النحوية في أبحاث عدة، فالناظر إلى المسائل الخاصة بحروف الجر ومعانيها يجد أنها درست في البحث الثامن عشر والحادي والثلاثين والسابع والثلاثين والثامن والأربعين والخامس والستين والسابع والستين والتاسع والستين. وقل مثل هذا فيما يتعلق بموضوع الشرط والجواب والعطف والضمائر والاستثناء والأحرف المشبهة بالفعل، وغيرها مما تفرق بيانه في أبحاث الكتاب. (¬16) وحاول المؤلف أن يربط بين موضوعات الكتاب، فكان يشير أحيانًا إلى المباحث المتقدمة دون أن يكرر ذكرها بقوله (وقد تقدم الكلام على هذا) أو بما يشبهه. (¬17) وهذه طريقة علمية كان يحسن أن يسير عليها باطراد لكي يحقق الغرض من الاختصار الذي توخاه في الكتاب (¬18). ولكني وجدته في أحيانٍ عدة يكرر شرح مسائل كان الأولى تجنب إعادتها ثانية. ومن أمثلة المكرر عنده: - تأنيث الضمير العائد على مذكر. شرحه في البحثين السابع والعشرين والحادي والاربعين - وحذف همزة الاستفهام. تضمنه البحثان الثامن والعشرون والحادي والأربعون. - وإفراد المضاف إلى المثنىّ وتثنيته وجمعه. يضمه البحثان الرابع عشر والسادس والستون. ¬

_ (¬16) شواهد التوضيح: الورقة "7 و" و"8 ظ" و"28 و". (¬17) شواهد التوضيح: الورقة 8 و. (¬18) ينظر وصف ابن مالك لكتابه بـ "المختصر" في الورقة 8 و.

- واخلاء جواب "لو" من اللام. ذكر في البحثين الستين والسبعين. - واستعمال "في" للسببية، ورد في البحثين الثامن عشر والتاسع والستين. وتقودنا ظاهرة التكرار إلى بيان سمة اخرى برزت من خلال الشرح، وهى استطراد المؤلف وخروجه من مسألة إلى اخرى بسبب الشبه بينهما، حتى ولو كان الحديث الذي ذكره مشكلًا لا يمت إلى الثانية بسبب. وهذا واحد من الأسباب التي وسعت حجم الكتاب. فمن ذلك انتقاله إلى الكلام على استعمال "إذا" بمعنى "إذ" بعد أن شرح استعمال "إذ" دالة على الاستقبال بمعنى "إذا" في قول ورقة بن نوفل (يا ليتني أكون حيًا اذ يخرجك قومك) (¬19) وعندما يشير إلى تقدير "كان" في الحديث (ما يسرني أن لا يمر علي ثلاث ... ) يقول بعد ذلك (واشبه شى بحذف "كان" قبل "يسرني" حذف "جعل" ... ). ثم يشرح الموضوع ويحتج له (¬20). وتكون استطراداته أحيانًا مختصرة وسريعة، كإشارته وهو يذكر التضمين في قول أبي بكر رضي الله عنه (وما عسيتهم أن يفعلوا بى). فيقول (ونظير تضمين "عسى" معنى "حسب" تضمين "رحُب" معنى "وسع"، في قول من قال: "رحبكم الدخول في طاعة الكرماني"). (¬21) ويتنبه أحيانًا على أنه خرج عن الموضوع المحدد، فيعتذر مستدركًا بأن المقام تطلب ذلك، كقوله وهو يشرح مسوغات الابتداء بالنكرة (وإنما ذكرت من القرائن ما يناسب "إذا" و"الواو" في كون النحويين لا يذكرونه، ولم أقصد استقصاءها، إذ لا حاجة إلى ذلك في هذا المختصر). (¬22) * * * * * أما لغة الكتاب فهي لغة سهلة، بعيدة عن التكلف والتعقيد، تمتاز بالدقة في التعبير، والسلامة اللغوية، مع الاحترازات المتكررة، وتجنب التعميم في الأحكام، كقوله في اجراء المعتل مجرى الصحيح (ومن هذا على الأظهر قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: من أكل ¬

_ (¬19) شواهد التوضيح: الورقة 2 و. (¬20) شواهد التوضيح: الورقة 11 ظ: (¬21) شواهد التوضيح: الورقة 22 ظ. (¬22) شواهد التوضيح: الورقة 8 و.

من هذه الشجرة فلا يغشانا). (¬23) وقوله وهو يتكلم على "ربَ" (والتصحيح أنّ معناها في الغالب التكثير). (¬24) واستمع إليه وهو يقرر تعدي الفعل "شبه" إلى مشبه به ومشبه دون باء، فيقول (وقد كان بعض المعجبين بآرائهم يخطئ سيبويه وغيره من أئمة العربية في قولهم "شبه كذا بكذا" ويزعم أن هذا الاستعمال لحن، وأنه لا يوجد فى كلام من يوثق بعربيته، والواجب ترك الباء). ثم يقول (وليس الذي زعم صحيحًا، بل سقوط الباء وثبوتها جائزان. وسقوطها أشهر في كلام القدماء، وثبوتها لازم في عرف العلماء). (¬25) وقد دلّ الاستقراء على صواب هذا الكلام، ودقة قائله. وهذه الدقة في عبارات ابن مالك هي التي جعلتها تقترب أحيانًا الي القواعد العامة، والقوِانين في أصول العربية. ومن هذه العبارات ما يأتي: - (ولأن الشيء انما يجوز حذفه مع صحة المعنى بدونه إذا كان الموضع الذي ادعى فيه حذفه مستعملا فيه ثبوته) (¬26) - (جعل الكلام خبرًا بمعنى النهي جائز). (¬27) - (أكثر ما يجري المعتل مجرى الصحيح فيما آخره ياء أو واو). (¬28) - (إلا عدول عن الاتباع عند صحة السماع). (¬29) - (العامل لا يحذف ويبقى عمله إلا إذا اطرد ثبوته). (¬30) - (الحكم قد يستحق بجزء العلة) (¬31) وخلاصة القول أن اسلوب المؤلف سليم واضح، ليس فيه غموض، ومسائله مفهومة في عرضها وأفكارها. ولكن الكتاب يفتقد المنهج العلمي الذي اعتدنا أن نلاحظه في كتب ابن مالك الأخرى، وليست كل مادته مطابقة لعنوانه "شواهد التوضح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح". وهو أقرب إلى "المجموع" ¬

_ (¬23) شواهد التوضيح: الورقة. 4 و. (¬24) شواهد التوضيح: الورقة 16 ظ. (¬25) شواهد التوضيح: الورقة 15 ظ. (¬26) شواهد التوضيح: الورقة 1 ظ. (¬27) شواهد التوضيح: الورقة 4 و. (¬28) شواهد التوضيح: الورقة 4 و. (¬29) شواهد التوضيح: الورقة 14 ظ. (¬30) شواهد التوضيح: الورقة 16 و. (¬31) شواهد التوضيح: الورقة 27 ظ

الشواهد والاستشهاد في الكتاب

النحوي منه إلى الكتاب المنهجي، مع ما فيه من الفوائد الجليلة، والأراء الجديدة. وربما كان هذا الوصف يخامر ذهن مؤلفه وهو يقرر المسائل، إذ صرح في واحد من بحوثه قائلا (وقد تقدم في هذا المجموع الاستشهاد على وقوع ذلك بعد النهي) (¬32) الشواهد والاستشهاد في الكتاب أجمع الذين ترجموا لابن مالك على أنه كان حريصًا على العلم وحفظه، كثير المطالعة، لا يكتب شيئًا من محفوظه حتى يراجعه في محله، وكان لا يُرى إلا وهو يصلي أو يتلو أو يصنف أو يقرئ. ويكفي دليلًا على ذلك أنه حفظ يوم وفاته ثمانية شواهد. (¬33). و (كان يضرب به المثل في دقائق النحو، وغوامض الصرف، وغريب اللغات، وأشعار العرب، مع الحفظ والذكاء, والورع والديانة، والتحري لما ينقله، والتحرير فيه). (¬34) وكانت له مشاركة في القراءات والتصنيف فيها. (¬35)، وهو من الذين عنوا بالحديث الشريف في وقته. (¬36) قال عنه السيوطي "ت 911 هـ": (وكان أمة في الاطلاع على الحديث، فكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فان لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث، فان لم يكن فيه شاهد عدل الى أشعار العرب). (¬37) إن هذه الصلة الوثيقة بالتراث الأدبي الذي انكب على تدبره وحفظه , والتراث النحوي الذي خلفه السابقون مكنته من توسيع دائرة الاستشهاد؛ لأنه لم يقف عندما تركه النحاة الذين تقدموا عليه، بل أضاف شواهد كثيرة إلى ما عرف قبله. ويستطيع القارئ أن يقف في كل صفحة من صفحات الكتاب على نصوص ¬

_ (¬32) شواهد التوضيح: الورقة 19 ظ. (¬33) نفح الطيب، المقري 2/ 228 - 229. (¬34) نفح الطيب 2/ 228. (¬35) طبقات الشافعية الكبرى، السبكي 8/ 67 وغاية النهاية، ابن الجزري 2/ 180. (¬36) طبقات الشافعية الكبرى، السبكي 8/ 68. (¬37) بغية الوعاة 1/ 134.

القرآن الكريم وقراءاته

من القرآن الكريم والحديث الشريف ومن أشعار العرب وأقوالها. ومن خلال ذلك تتجلى قابليته المتميزة ومقدرته على استخدام هذه النصوص بطريقة نحن أحوج ما نكون إليها مادمنا نسعى إلى تيسير لغتنا. وفيما يأتي عرض موجز للأنواع التي استدل بها على ذلك الترتيب: القرآن الكريم وقراءاته: استند ابن مالك إلى الذكر الحكيم في الاحتجاج للمسائل التي عرض لها، وتوجيه مشكل النصوص التي اختارها. وكان يهرع إليه ما وجد إلى ذلك سبيلًا، حتى بلغت شواهده وأمثلته مئة واثنتين وعشرين آية، منها خمس عشرة آية مكررة. وهو يأخذ بظاهرها, ولا يؤثر التأويل والتقدير. ومن أمثلة ذلك تجويزه استعمال "من" في ابتداء غاية الزمان، قال (وهو ما خفي على كثر النحويين فمنعوه تقليدًا لسيبويه في قوله: وأما "من" فتكون لابتداء الغاية في الأماكن). (¬38) واستدل بقوله تعالى {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}. (¬39) وهو مذهب الكوفيين، وتأول البصريون "من أول يوم" على تقدير: من تأسيس أول يوم. (¬40) واهتمامه بالقراءات جعله يعتمد عليها بكثرة، إذ بلغ احتجاجه بها في خمسة وأربعين موضعًا، صرح بأسماء أصحابها في أربعين موضعًا. ومن ذلك أنه أيد بقراءة حمزة من السبعة {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (¬41) بجر لفظ "الأرحام" جواز العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار، وهو مما منَعه البصريون ورفضوا شواهده. (¬42) ونظير هذا تجويزه نصب المضارع بعد الفاء في جواب "لعل". وهو مما لم يجوزه البصريون. (¬43) وحجته في ذلك قراءة عاصم {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ ¬

_ (¬38) شواهد التوضيح: الورقة "20 و". وينظر كتاب سيبويه 2/ 224. (¬39) التوبة 9/ 108. (¬40) ينظر المسألة 54 من الانصاف لابن الأنباري 1/ 370. (¬41) النساء 4/ 1. وينظر: شواهد التوضيح، البحث رقم 12. (¬42) ينظر المسألة 65 من الانصات 2/ 362. (¬43) البحر المحيط لأبى حيان 1/ 99 و 7/ 465 والجنى الدانى، للمرادى في ص 129.

الحديث الشريف

الذِّكْرَى}. (¬44) وقراءة حفص ({لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} (¬45) ولم يعتمد المؤلف على السبعة فحسب، بل أخذ بقراءة غيرهم، أمثال طلحة بن مُصرف وأبي العالية وابن محيصن وأبي رجاء العطاردى. وربما أورد القراءة وهي شاذة محتجا لما ذهب إليه ومدعيا القياس عليها. ومن ذلك تاييده بقراءة الأعمشى {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرَ} (¬46) بالنصب جواز النصب على اضمار "أنْ". (¬47) وتجويزه حذف همزة الاستفهام في غير الشعر إذا كان معنى ما حذفت منه لا يستقيم إلا بتقديرها خلافًا لسيبويه. (¬48) وأستدل على ذلك بنصوص، منها قراءة ابن محيصن {سواء عليهم أنذرتهم أم لم تنذرهم}. (¬49) بهمزة واحدة. إن ما ذكرته كان فى معرض التمثيل ليس غير، لبيان أنه كان يحتج بالقراءات حتى ولو خالفت المشهور من آراء العلماء من غير تأويل في الغالب. وعلى كثرة ما أورد منها لا نجده يضعفها أو يرد شيئًا منها كما هو مذهب أهل البصرة، ,وانما أخذ بها، سواء منها ما كان صادرًا من القراء السبعة أم العشرة أم كان من الشواذ، فهي مصدر من مصادر الشواهد النحوية، يسشهد بها في تأييد مذهبه ويقيس عليها، باستثناء موضعين. (¬50) ولم يتردد في اتباع ما يقضي به المنطق المعقول (من التعويل على اللفظة الواحدة تاتى في القرآن ظاهرها جواز ما يمنعه النحاة، فيعول عليها في الجواز ومخالفة الأئمة. وربما رجح ذلك بأبيات مشهورة). (¬51) الحديث الشريف: يعد ابن مالك في طليعة النحاة الذين استندوا إلى الحديث الشريف في تاييد. ¬

_ (¬44) سورة عبس 80/ 3 - 4. (¬45) غافر40/ 36 - 37 وينظر: شواهد التوضيح: الورقة 23 و. (¬46) المدثر 6/ 74.، (¬47) شواهد التوضيح: الورقة 26 ظ. (¬48) الكتاب 3/ 174 والجنى الدانى ص 105. (¬49) سورة البقرة 2/ 6. وينظر: شواهد التوضيح: البحث رقم 28. (¬50) ينظر: شواهد التوضيح: الورقة "17 ظ" و"24 و". (¬51) اللغة والنحويين القديم والحديث، عباس حسن ص 100.

القواعد النحوية، بل هو أول من توسع في الاستشهاد به، حتى صار من مميزات مذهبه النحوي. ومن ثم اقيم عليه النكير، ورمي بالخروج عن سنن النحوينِ المتقدمين. (¬52) وليس هذا مجال البحث عن اختلاف العلماء في الاستشهاد بالحديث، ولا هو مجال الكلام على موقف النحاة ومناقشتهم فيما قبلوه منه وما رفضوا الأخذ به، فقد سجلت فيه البحوث والمصنفات. (¬53)، ولكن المقصود بيان موقف ابن مالك منه في "شواهد التوضيح". إن عنوان الكتاب يشير قبل كل شيء إلى أنه شواهد لنصوص في "صحيح البخاري" أراد المؤلف أن يوجه إعرابها، وينظر لها بكلام العرب الفصحاء. فكان من هذه النظائر الحديث الشريف. وبلغ ما استشهد به منه اثنين وثمانين حديثًا. (¬54) عزا المؤلف اثني عشر منها إلى مواضعه من كتب الحديث التي يأتي في مقدمتها "جامع المسانيد" لابنٍ الجوزي، وروى ابن مالك واحدًا منها بسنده، واستطعت إرجاع ستين نصًا إلى صحيح البخاري، واثني عشر نصًا وجدتها في كتب الحديث الأخرى. مثل "المسند" لأحمد بن حنبل، و"الموطأ" لمالك، وصحيح مسلم والترمذي وسنن ابن ماجة وأبي داود، وغيرها مما هو مبين في الحواشي. وبقي حديثان لم أتمكن من الوقوف عليهما في كتب الحديث المتيسرة: أولهما- (فإن الله ملككم إياهم، ولو شاء لملكهم إياكم) (¬55). ¬

_ (¬52) كان أول المنكرين عليه وأشدهم أبا حيان النحوي ت 745 هـ. تنظر مقالته في "الاقتراح" للسيوطي ص 23. وناقش كلمة أبي حيان غير واحد من الباحثين. والتفصيل في كتاب "الشواهد والاستشهاد في النحو" للاستاذ عبد الجبار علوان ص 309 وما بعدها. (¬53) منها: "الاستشهاد بالحديث" لمحمد الخضر حسين (مجلة مجمع اللغة العرية 3/ 199). و "في أصول النحو" لسيد الأفغاني ص 42 وما بعدها. و "الشواهد والاستشهاد في النحو" ص 312 وما بعدها. و"الحديث النبوي في الدراسات اللغوية والنحوية" لمحمد ضاري حمادي. و "في الحديث الشريف والنحو" للدكتور خليل بنيان الحسون (مجلة الأستاذ العدد 2 - بغداد 979). و"موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث الشريف، للدكتورة خديجة الحديثي. (¬54) يضاف إليها ثلاثة أحاديث مكررة. (¬55) شواهد التوضيح: الورقة 5 ظ.

والثاني- (المرء مجزيَ بعمله، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر). (¬56) ولسيبويه نص شبيه بهذا منقول عن العرب. وهو الوارد فى قوله: (وذلك قولك: الناس مجزيون بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر). (¬57) ولعل ابن مالك يقصد هذه العبارة فنسبها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سهوًا. إنّ الأحاديث المشكلة عنده هي في الوقت ذاته نصوص فصيحة يمكن الاعتماد عليها في الاحتجاج. لذلك وجدت المؤلف يستند إليها في مواطن عدة لتقرير قواعد نحوية خالف بها بعض المتقدمين من النحاة. (¬58) ومن هنا أستطيع أن أضيف الىٍ عدد الأحاديث الشواهد كل الأحاديث المشكلة؛ لأنها عنده فصيحة لغةً ونحوًا. لقد كان موقف ابن مالك هذا فريدًا بالقياس إلى من سبقه، وكان يكرر التصريح باهمية اتخاذ الأحاديث شواهد لدعم الآراء النحوية. لذلك وجدنا في الكتاب تصريحًا متكررًا بفصاحة الحديث وصحة لغته. ومن عباراته في هذا الباب: - قوله وهو يرجح اتصال الضمير في نحو "كنته" (وأما مخالفة السماع فمن قبل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر رضي الله عنه: إن يكنه فلن تسلط عليه، وان لا يكنه فلا خير لك في قتله). (¬59) - وقوله في وقوع خبر "كاد" مقرونًا بـ (أن) (فإذا انضم إلى هذا التعليل استعمال فصيح ونقل صحيح كما في الأحاديث المذكورة تأكد الدليل، ولم يوجد لمخالفته سبيل). (¬60) وهذه النظرة في الاحتجاج بالحديث مكنته من أن يعرض آراءه بدقة، يرجح ويتخير، ويتخذ لنفسه موقفًا خاصًا على وفق ما يمليه عليه اجتهاده، ويهديه إليه تفكيره، مستهديا بما ارتضاه من شواهد، بلا تعصب لمذهب معين، فهو مع الشاهد أينما يكن. ومن الأمثلة التي كان فيها الحديث حكمه الفيصل: ¬

_ (¬56) شواهد التوضيح: الورقه 11 ظ. (¬57) كتاب سيبوبه 1/ 258. (¬58) ينظر البحثان 15 و 16. (¬59) شواهد التوضيح: الورقة 5 و. (¬60) شواهد التوضيح: الورقة 16 و.

- جواز ثبوت الخبر بعد "لولا" (وهو ما خفي على النحويين إلا الرماني وابن الشجري) (¬61) - وجواز حذف الموصول لدلالة صلته أو بعضها عليه، وهو (مما انفرد به الكوفيون ووافقهم الأخفش. وهم في ذلك مصيبون .. وأحسن ما يستدل به علىٍ هذا الحكم قوله - صلى الله عليه وسلم -: مَثل المهجر كالذي يهدي بَدَنة، ثم كالذي يَّهدي بقرة، ثم كبشًا ثم دجاجة، ثم بيضةً". (¬62) - و (صحة العطف على ضمير الرفع المتصل غير مفصول بتوكيد أو غيره، وهو مما لا يجيزه النحويون فى النثر إِلا على ضعف، ويزعمون أن بابه الشعر، والصحيح جوازه نظمًا ونثرًا، فمن النثر ما تقدم من قول علي وعمر رضي الله عنهما ... ). (¬63) هذه أمثلة من فيض الآراء التي بثها في الكتاب، واحتج لكل منها بحديث أو أكثر مرتضيا القَياس عليها، وما لم يقس عليه- مع ندرته- فهو مؤول غالبًا، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الدجال (وإن بين عينيه مكتوب كافرً) وفي رواية رفع (مكتوب) أوله على حذْف اسم "إِن" وما بعد ذلك جملة في موضع رفع خبرها. (¬64) ومهما يكن من شيء، فابن مالك انفرد عمن سبقه من النحاة حين احتج لمجموعة مسائل بأكثر من مئتين وستين حديثًا، متوسعا في هذا الشأن توسعًا نفس فيه عن العربية بعض الشيء. وكان مجمع اللغة العربية معضدًا لهذا المذهب، إِذ جاء ضمن أبحاثه في الموضوع ما يأتي (وخلاصة البحث أنا نرى الاستشهاد بألفاظ ما يُروى في كتب الحديث المدونة في الصدر الأول، وإن اختلفت فيها الرواية, ولا يُستثنى إِلا الألفاظ التي تجيء في رواية شاذة أويغمزها بعض المحدثين بالغلط أو التصحيف غمزًا لا مرد له). (¬65) ¬

_ (¬61) شواهد التوضيح: الورقة 10 ظ. (¬62) شواهد التوضيح: الورقة "12و" و"12 ظ". (¬63) شواهد التوضيح: الورقة 18 و. (¬64) شواهد التوضيح: الورقة 22 و. (¬65) من بحث عنوانه "الاستشهاد بالحديث" لمحمد الخضر حسين في جملة مجمع اللغة العربيه بالقاهرة (ج 3 ص 208 سنة 936). وقرار المجمع بجواز الاحتجاج بالحديث في (ج ص 7 سنة 937). ينظر: الشواهد والاستشهاد في النحو ص337.

الشعر

الشعر: وطبقًا للقاعدة التى سار عليها في الاحتجاج فقد قبل الشعر واعتدّ به. وبلغ ما ذكره في الكتاب مئتين وعشرين شاهدًا. وكان يستشهد أحيانًا للمسالة الواحدة بأبيات عدة، كي يؤكد صحة ما ذهب إليه. قال في جواز وقوع الشرط مضارعًا والجواب ماضيا (والنحويون يستضعفون ذلك، ويراه بعضهم مخصوصًا بالضرورة. والصحيح الحكم بجوازه مطلقًا، لثبوته في كلام أفصح الفصحاء، وكثرة صدوره عن فحول الشعراء). (¬66) ثم يستشهد بثمانية أبيات. وقال فى العطف على ضمير الجر بغير اعادة الجار (وهو ممنوع عند البصريين إلا يونس وقطربًا والأخفش. والجواز أصح من المنع، لضعف احتجاج المانعين، وصحة ْ- استعماله نظمًا ونثرًا). (¬67)، ثم يسششهد بستة ابيات من النظم. وهو لا يُعنى بذكر المصادر التي استقى منها شواهده الشعرية. (¬68)، كما أنه ترك أكثرها بلا نسبة إلى قائليها، إذ بلغ ما لم ينسبه إلى قائل مئة وثمانية وستين شاهدًا، واستعمل عند ايرادها عبارة عامة، مثل (كقول الشاعر) أو (كقول الأخر). وتلك طريقة سار عليها نحاة كثيرون (¬69). ودرج المؤلف على أن يذكر البيت بتمامه، ولكنه اجتزأ موطن الشاهد في عشرة مواضع من الكتاب، مكتفيا بذكر شطر أو أقل من الشطر. (¬70) واظهرت الدراسة أنه تعدّى ما في كتب النحو من شواهد إلى مصادر اللغة والأدب ودواوين الشعر وكتب الحديث والسير والبلاغة. وبلغت الأبيات التي لم أقف عليها في كتب النحو قبله حوالي مئة وعشرة شواهد، منها أكثر في ستين رددها النحاة الذين نقلوا منه وشرحوا مصنفاته. ¬

_ (¬66) شواهد التوضيح: الورقة 3 و. (¬67) شواهد التوضيح: الورقة 9 و. (¬68) باستثاء ثمانية مواضع صرح بنقله فيها من سيبويه والأخفش والفارسي والبطليوسي. ينظر الأبيات المرقمة (47 و 69 و 70 و 77 و 106 و 47 أو 197). (¬69) الشواهد والاستشهاد في النحو 123. (¬70) ينظر الشواهد المرقمة (61 و 84 و 94 و 95 و 167 و 175 و 178 و 187 و 203 و 206).

أقوال العرب ولغاتها

وعلى الرغم من الجهود التي بذلتُها في تخريج الشواهد وٍ نسبتها إلى قائليها، إلا أنني لم أستطع أن أجد مصدرًا ولا قائلا لحوالي ثلاثين نصًا مما جاء في "شواهد التوضيح" ولعل المؤلف تفرد باستنباط القواعد منها، وإذا تمكنا من معرفة قائليها أو مصادرها فإنها بلا شك ستضيف شواهد جديدة لم تكن معروفة عند النحاة إلى ما عرف منها قبلًا. إن هذه الظاهرة لفتت انتباه القدامى قبلنا، حتى قال فيه السيوطي (وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه، ويتعجبون من أين يأتي بها). (¬71) ولذا فليس غريبًا أن يكرر بعض الذين جاؤوا من بعده وناقشوا آراءه مثل قولهم (أنشده ابن مالك ولا أعرف هذا البيت إلا من جهته) (¬72) ان كثرة احتجاجه بالشعر لا يعني أنه اعتمد عليه اعتمادًا زائدًا دون النثر كما فعل غيره من النحاة، (¬73) بل كان يؤيد القواعد بالنثر كما أيدها بالشعر. وهى طريقة مطردة في الكتاب، ومنهج سليم مستحسن. (¬74) أقوال العرب ولغاتها: أورد ابن مالك أربعة وثلاثين شاهدًا من أقوال العرب لم ينسب أكثرها إلى قائل معين. وكان يمهد لها بعبارة (قول بعض العرب). وأسند رواية إحدى عشرة عبارة منها إلى علماء اللغة. مثل أبي عمرو بن العلاء ويونس بن حبيب وسيبويه والكسائي والفراء والأخفش. وتمكنت من تخريج أكثرها في كتب النحو واللغة. وكونت هذه العبارات رافدًا آخر من روافد إلاحتجاج عنده، عزز بها آراءه من غير نظر إلى مذهب من رواها، بصريًا كان أم كوفيًا. لأن الشاهد عنده حجة ما رواه نحوي أو لغوي. ¬

_ (¬71) بغية الوعاة، السيوطي 1/ 134. (¬72) البحر المحيط، لأبى حيان 2/ 88. (¬73) اظهرت الدراسة التي قام بها الاستاذ عبد الجبار علوان في كتابه "الشواهد والاستشهاد في النحو" ص 131 وما بعدها أن أكثر المأخذ على النحويين في شواهدهم اعتمادهم الزائد على الشعر دون النثر في تقعيد القواعد، وأرى أن ابن مالك اختلف عن هؤلاء في هذا الاتجاه. (¬74) ينظر: الشواهد والاستشهاد في النحو ص 135.

المنهج العام للاستشهاد في الكتاب

واحتلت اللهجات القبلية مكانًا واضحًا بين شواهد الكتاب وأمثلته ونصوصه التي اعتمد عليها المؤلف في الاستنباط والاحتجاج ووضع القواعد والأحكام. وجاء ذكره للغات الفصيحة في ثمانية عشر موضعًا من ضمنها ثلاثة مكررة. ومن خلال شرحه يتضح أنه يصرح تارة بأسماء القبائل، وينسب إليها لغاتها، مثل لغة قريش والحجاز وربيعة وكنانة ولغة بني الحارث بن كعب ولغة بني تميم وبني سليم اللتين تكرر ذكرهما في الكتاب. وهؤلاء جميعًا فصحاء موثوق بعربيتهم. وتارة اخرى يقف عند قوله (وهي لغة مشهورة) أو (وهي لغة معروفة) أو (من العرب ... ) أو (على هذه اللغة جاء ... ) إلى غير ذلك من اصطلاحات الرواية والسماع. المنهج العام للاستشهاد في الكتاب: مكن ابن مالك سعة ثقافته، وتنوع مصادرها، وكثرة محفوظه من رسم منهج متميز في الاستدلال بالشواهد والقياس عليها. وأهم ملامح هذا الاتجاه احترامه الشديد للسماع. وهذا الاحترام هو الذي حمله في كثير من الاحيان على قبول الشواهد من القراءات غير المشهورة أو الشاذة، ومن الشعر وأقوال العرب والحديث الشريف. قاعدته في ذلك (لا عدول عن الأتباع عند صحة السماع). (¬75) ولم يتردد عن مخالفة بعض الأصول التي وضعت سابقًا لأجل أن تتفق مع الشاهد. وحتم عليه أخذه بالشواهد والقياس عليها مخالفة نحاة التزموا بمقاييس لا يؤيدها السماع أو الاستدراك عليهم، فقد صرح بمخالفة "أكثر النحويين"، (¬76) ومخالفة البصريين (¬77) وسيبويه (¬78) والفراء. (¬79) وقد يوحي إليه السماع برأي جديد لم يتنبه عليه النحاة، كمذهبه في وجوب حذف اللام الفارقة إذا كان بعد ما ولي "إن" المخففة نفي واللبس مأمون، محتجًا بقول الشاعر: (¬80) ¬

_ (¬75) شواهد التوضيح: الورقة 14 ظ. (¬76) شواهد التوضح: الورقة 16 ظ. (¬77) شواهد التوضيح: الورقة 9 و. (¬78) شواهد التوضيح: الورقة 17 و. (¬79) شواهد التوضيح: الورقة 24 ظ. (¬80) شواهد التوضيح: الورقة "9 و". وينطر الورقة 21 و.

ان الحق لا يخفى على ذي بصيرة ... وإن هو لم يعدم خلافَ معاند وقول الآخر: أما إن علمتُ الله ليس بغافل ... لهان اصطباري أن بليت بظالم وإلى جانب السماع فانه اتخذ القياس دليلًا دعم به جملة من آرائه، وجعله أداة يستند إليها في مناقشاته النحوية، ويبني عليها أحكامه، والمسائل التي أيدها بالقياس مع قلتها (¬81) لا يجيز فيها إلا ما كان معضدًا بالسماع، وليس في الكتاب موضع واحد يعتمد فيه القياس الذي لا يؤيده شاهد أو أكثر وكان يريد من وراء الاختيارات التيسير والتسهيل على الدارس، وهما من سمات مذهبه النحوي. وقد صرح في مناسبات بأنه اختار هذا الرأي لأنه الأسهل، أو لبعده عن التكلف. (¬82) ونعى على نحاةٍ كانوا يخالفون المنقول من كلام العرب، ويعدونه ضرورةٍ فيضيقون واسعًا. يقول مثلًا في مسألة حذف الفاء مع المبتدأ من جواب الشرط: (ومن خصّ هذا الحذف بالشعر حاد عن التحقيق، وضيق حيث لا تضييق. بل هو في غير الشعر قليل، وهو فيه كثير) (¬83) ويقول في مسألة حذف الفاء من جواب "أما" (وقد خولفت القاعدة في هذه الأحاديث، فعلم بتحقيق عدم التضييق، وأن من خصه بالشعر أو بالصورة المعينة من النثر مقصر في فتواه، وعاجز عن نصرة دعواه). (¬84) لقد شمل قياسه النحوي الشائع من كلام العرب وغير الشائع، وكان لا يرفض في الغالب النادر ولا القليل، فربما اكتفى بشاهد واحد واستنبط منه قاعدة وقاس عليها. (¬85) وأعفاه هذا من التأويل النافر والتمحل البعيد، فانه قليلًا ما نجده يؤول شاهدًا أو يحمله على الشذوذ والضرورة. ¬

_ (¬81) وهي ست فى الورقات "3 ظ" و"5 و" و"16و" و"17 و" و"21 و" و"23 ظ". (¬82) شواهد التوضيح: الورقة 2 ظ. (¬83) شواهد التوضيح: الورقة 20 ظ. (¬84) شواهد التوضيح: الورقة 21 و. (¬85) ينظر مثلا شواهد التوضيح: الورقة "20 ظ" و"23 و".

أقول قليلًا؛ لأن الكتاب لم يخل من الحكم على نصوص بالضرورة أو الشذوذ. أما الشذوذ فلم يتجاوز الحكم به المواضع الآتية: 1 - دخول لام الابتداء على خبر "كان". (¬86) 2 - وقوع خبر (عسى) و (كاد) مفردًا، وخبر (جعل) جملة اسمية وفعلية فعلها ماض مصدر بـ "كلما" و"إذا" (¬87) 3 - سد الحال مسد الخبر مع صلاحيتها لأن تجعل خبرًا. (¬88) 4 - إثبات ألف "ما" الاستفهامية بعد حرف الجر. (¬89). ولاحظت أنه حين حكم على شواهد هذه المسائل بالشذوذ لم يعلل ما ذهب إليه، وهو خلاف المنهج الذي سار عليه وارتضاه في بحوث الكتاب. وإذا وجدت له عذرًا في الموضع الأول والثانى؛ لأن لكل منهما شاهدًا فردًا. فلست متفقا معه في الأخيرين، ولا سيما الرابع الذي ذكر له ستة شواهد فصيحة. في حين قاس في مواضع على شاهد واحد. ولكىِ يتضح الأمر أكثر أنقل نص عبارته إذ يقول (وشذّ ثبوت الألف فى "بما أهللت" و "لا يبالي المرء بما أخذ المال" و"إني لأعرف مما عوده" لأن "ما" في المواضع الثلاثه استفهامية مجرورة، فحقها أن تحذف ألفها، فرقا بينها ويين الموصولة. هذا هو الكثير .. ونظير ثبوت الألف في الأحاديث المذكورة ثبوتها في "عمّا يتساءلون" (¬90) على قراءة عكرمة وعيسى. ومن ثبوتها في الشعر قول حسان رضي الله عنه: على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ فِى رماد وقول عمر بن أبى ربيعة: عجبًا ما عجبت مما لو ابصر ... ت خليلي ما دونه لعجبتا لمقال الصفى فيما التجني ... ولما قد جفوتنا وهجرتا وفي عدول حسان عن "علام يقوم يشتمني" وعدول عمر عن "ولماذا" مع ¬

_ (¬86) شواهد التوضيح: الورقة 23 و. (¬87) شواهد التوضيح: الورقة 12 ظ. (¬88) شواهد التوضيح: الورقة 17 ظ. (¬89) شواهد التوضيح: الورقة 24 و. (¬90) صورة النبا 78/ 1.

امكانهما دليل على أنهما مختاران لا مضطران). (¬91) وفي تعليقه على البيتين إشعار بأن هذا الاستعمال خارج عن الشذوذ إلى الندرة. وهو وأيضًا يقودنا إلى معرفة مذهبه في "الضرورة"، فهي عنده - كما يبدو- مالا مندوحة للشاعر عن النطق به. (¬92) ويجلي هذا المعنى أكثر تعقيبه، وهو يحتج لاقتران خبر "كاد" بـ "أن" على قول الشاعر: أبيتم قبول السلم منا فكدتم لدى الحرب أنْ تغنوا السيوف عن السلِّ يقول (وهذا الاستعمال مع كونه في شعر ليس بضرورة، لتمكن مستعمله من أن يقول: أبيتم قبول السلم منا فكدتم لدى الحرب تغنون السيوف عن السلّ) (¬93) ولا أريد مناقشة رأيه هذا، فلذلك موضع آخر، ولكني أرى أنه يبتعد عن الحكم على النصوص بالضرورة ما وجد إلى ذلك سبيلا. ولذلك لم يصرح بها إِلا في ثلاثة مواضع اشتملت على خمسة ابيات. (¬94) وهي إذا قيست بوفرة النصوص قليلة جدًا. وهذا يدل على أنه يتجنب التعميم في الأحكام، ويلتزم غالبًا الدقة في صوغها، مع الاحترازات المتكررة. فهو يكثر في نعت الشواهد من لفظ (الغريب والنادر والقليل والضعيف والأكثر والأفصح والفصيح والأشهر ... )، ولكل من هذه الألفاظ قيمته ودلالته على الحكم الذي ورد فيه. ومن الأمثلة التي تؤيد هذا الزعم: - قوله (وفي "فما جعل يشير" غرابة؛ لأن أفعال الشروع إن صحبها نفي كان مع ¬

_ (¬91) شواهد التوضيح: الورقة 24 و- 24 ظ. (¬92) تسهيل الفوائد، لابن مالك ص 48) (من مقدمة المحقق). (¬93) شواهد التوضيح: الورقة 16 و. (¬94) ينظر الورقات "5 و" و"25 و" و"26 و".

قيمة الكتاب

خبرها، نحو: جعلت لا ألهو. وقد ندر في هذا الحديث دخول "ما" على (جعل). (¬95). - وقوله (وفي "ليُمشطنّ" شاهد على وقوع الجملة القسمية خبرًا ... وهذا في خبر "كان" غريب. وإنما يكثر في خبر المبتدأ ... وفي "ليردُ علىّ أقوام" شاهد على وقوع المضارع المثبت المستقبل جواب قسم غير مؤكد بالنون، وفيه غرابة، وهو مما زعم أكثر النحويين أنه لا يجوز إلا في الشعر ... والصحيح أنه كثير في الشعر قليل في النثر). (¬96) - وقوله (وأمر المتكلم نفسه بفعل مقرون باللام فصيح قليل في الاستعمال). (¬97) أخلص من هذا إلى أن لابن مالك وجهة اختص بها في الاستدلال بالشواهد. وله كما يرى بعضهم (طريقة سلكها بين طريقي البصريين والكوفيين. فان مذهب الكوفيين القياس على الشاذ، ومذهب البصريين اتباع التاويلات البعيده التى يخالفها الظاهر، وابن مالك يعلم بوقوع ذلك من غير حكم عليه بقياس ولا تأويل، بل -أي قليلًا- يقول: إنه شاذ أو ضرورة، كقوله فى التمييز: والفعل [ذو] التصريف نزرا سبقًا) (¬98) وهذا أسلوب علمي نعته ابن هشام الأنصارى (ت 761هـ) بقوله: (وهذه الطريقة طريقة المحققين وهي أحسن الطريقتين) (¬99) قيمة الكتاب يعد "شواهد التوضيح" من أهم مصنفات ابن مالك التي تكشف عن أسلوبه في النقاش والحجاج، ومعالجة المشكلات اللغوية، وتبين سعة أفقه وإحاطته بشواهد النحو واللغة. وهو أول كتاب يختص الحديث الشريف، بالدراسة من الوجهة النحوية ¬

_ (¬95) شواهد التوضيح: الورقة 12 ظ. (¬96) شواهد التوضيح: الورقة 24 ظ- 25 و. (¬97) شواهد التوضيح: الورقة "27 ظ". وينظر الورقات "3 ظ " و"16 ظ" و"19 و" و"23 و" و"25 و" و"29 ظ". (¬98) الاقتراح في علم أصول النحو ص 114. (¬99) المصدر نفسه ص 114.

جاعلًا من "صحيح البخاري" محورًا للبحث ومناقشهّ آراء المتقدمين من النحاة. فامتاز عن غيره من الأصول بهذه الخصيصة، (¬100) مع كثرة شواهده ووفرتها قياسًا الي ما في مصنفات ابن مالك الأخرى. ولم يتهيأ لكتاب نحوي في مثل حجم "شواهد التوضيح" ما تهيأ له من النصوص، إذ ضم -على صغر حجمه- سبع مئة وثلاثين شاهدًا ما بين آية وحديث ومنظوم ومنثور من كلام العرب. وفيه انفرد المؤلف بذكر أبيات من الشعر كثيرة، استدل بها على قواعد نحوية، فاستدرك على النحاة جملة من القواعد، وكثيرًا من الشواهد، ونفّس عن العربية بعض الشيء. ومن محاسن منهجه في الاستشهاد أن نصوص النثر تتكافأ ونصوص الشعر أو تزيد عليها، وهي طريقة تخالف ما جرى عليه أكثرالنحاة حين اهتموا اهتمامًا زائدًا بأبيات الشعر. والاعتماد على النصوص الوفيرة والاسلوب العربي السليم وسم الكتاب بالسمة التطبيقية الوصفية التي ترفض الاقتصار على التعليل والتأويل غالبًا، وتتوخى التسهيل والتيسير. وكان لهذا المنهج تأثير واضح في كثير ممن جاء بعده من النحاة الذين أخذوا بشواهده ورددوها في كتبهم واثقين بها. وكثيرًا ما يجد المطالع فيها عبارات تنسب النصوص إلى ابن مالك. مثل قولهم (أنشده ابن مالك) و (ذكره ابن مالك) و (استدل بقوله) و (مثل بقوله - صلى الله عليه وسلم -). (¬101) ويلقي الكتاب الضوء على الصلة بن النحو والتفسير، فقد إنتشرت ¬

_ (¬100) ولأبى البقاء العكبري المتوفى سنة 616 هـ كتابا "اعراب الحديث النبوي" يقوم على توجيه اعراب ما يشكل من الألفاظ الواقعة في الأحاديث ليس غير. أما كتابنا موضوع الدراسة فهو بحث نحوي يقوم على مناقشة النحاة والاستناد إلى الاحتجاج بالشواهد الكثيرة فالكتابان مختلفان في المنهج والموضوعات. (¬101) ينظر على سبيل المثال: شرح الألفيه لابن الناظم ص 198 و 272 و 277 والجنى الداني، للمرادي ص 10 و 197 و 228 و 263 و 314 و 317. ومغني اللبيب، لابن هشام 1/ 67 و 96 و 99 و 2/ 514 و 521 وشرح الألفية لابن عقيل / 1/ 194 و 575. والأشموني 1/ 215 و 233 و 4/ 12. والتصريح على التوضيح (مع شرح العليمي) 1/ 365 و 377 و 392.

مآخذ على الكتاب

الآيات في أكثر مباحثه وما من آية منها إلا وفيها وجه أو أكثر من وجوه الاعراب. على أن صلة الكتاب بتفسير الحديث الشريف تكون أشد وأوثق اذا ما عرفنا أنه ألف لتَصحيح الاشكالات الواردة في ألفاظ حديث "الجامع الصحيح" للبخاري. ومن هنا وجد فيه شراح هذا السفر الجليل وغيره أصلًا مهمًا يعينهم على شرح الأحاديث المشكلة وبيان أوجه رواياتها ولغاتها واعرابها. (¬102) والنتيجة التي يخرج بها قارئ الكتاب هي أن ابن مالك كان مجددًا في هذا الميدان، ولم يكن مقلدًا لمن تقدم عليه من النحاة، مشهورًا كان أم مغمورًا, لأنه لم يكتف بما وجده من نصوص في كتب هؤلاء، بل راح يُفلّى الدواوين وكتب الأدب والبلاغة واللغة والسيَر، ويلتقط منها ما لم يصل إليه غيره من الشواهد وهذا المذهب في الاحتجاج عامة وبالحديث الشريف خاصة لقي قبولًا حسنًا لدى علماء وباحثين محدثين، ضموا صوتهم إلى صوته في هذا الاتجاه (¬103) مآخذ على الكتاب أن ما ذكرته من قيمة الكتاب وما سجلته من محاسنه لا يعفينىِ بن بيان بعض الهفوات التي وقع فيها ابن مالك خلال التأليف وبدت في منهج البحث، وهاك ملخصًا بأهمها: 1 - لم يقم المؤلف كتابه على منهج واضح، ولم تتبين الطريقة السوية فى البحث على الرغم من أهمية الموضوع الذي تصدى لمعالجته ودقة المعلومات فيه فلا هو درس المسائل على حسب الموضوعات النحوية، ولا هو اقتفى أثر البخاري في ¬

_ (¬102) يراجع على سبيل المثال: عمدة القاري، للعيني 1/ 24 وفتح الباري لابن حجر 1/ 9، 2/ 36 و 85 و 345 و 346 و 3/ 6 و 327 و 428 و 7/ 53 و 12/ 366 أو 13/ 97. وكتاب زهر الربى "شرح سنن النسائى" للسيوطي 44/ 1 و 98 و 3/ 72 و 113. (¬103) منهم: طه. الراوي في "نظرات في اللغة والنحو" 121. والدكتور مهدي المخزومي في "مدرسة الكوفة" ص 60. والدكتور صبحي الصالح في "دراسات في فقه اللغة" ص 125 وعباس حسن في "اللغة والنحو بين القديم والحديث" ص 96 و 104. وعبد الجبار علوان في "الشواهد والاستشهاد في النحو" ص 322 وما بعدها.

تبويب "الجامع الصحيح". وبسبب غياب المنهج الواضح فقد توزعت مسائل الموضوع الواحد على أكثر من باب، وكان بامكانه أن يلم شعث ما تشابه إلى نظائره في بحوث موحدة. 2 - اعتمد المؤلف في مواضع كثيرة عند نقل الحديث، مشكلًا كان أم شاهدًا على مخطوطات "الجامع الصحيح" ورواياتها المتعددة, ويبدو أنه تعدى الاستفادة من النسخة "اليونينية" المقابلة على مخطوطات معتمدة إلى نسخ اخرى قد يكون ما فيها من خلاف هو من باب التحريف أو التصحيف في النقل والنسخ. ثم عدّ ما نقله حجة دعم بها قاعدة نحوية، حتى إني لم أجد بعض الروايات مشتملةً على موطن الشاهد لا في النسخة اليونينية ولا في شروح البخاري المطبوعة. (¬104) 3 - ويشبه هذا تصرف ابن مالك في مجموعة من الأحاديث المشكلة المنقولة من "الجامع الصحيح" وعدم اثبات الفاظها بدقة. فقد رأيته عند النقل يحذف بعض الكلمات أو يزيد، أو يغير النصَ، أو يقدم أو يؤخر في العبارة، أويلفق بين روايتين للحديث، أو ينسبه إلى غير قائله سهوًا. (¬105) وربما يورد في المشكلة أحاديث ليست فى الجامع الصحيح. (¬106) 4 - تقدم أن ابن مالك امتاز على غيره بكثرة الشواهد والنصوص الشعرية التي احتج بها. وعلى ما اتسم به هذا المنهج من محاسن إلا أن اغفاله نسبتها إلى الصادر أو إلى قائليها أو رواتها قد يشير حولها شبهة يجب أن يبرأ منها المؤلف. وهذه الشواهد الجديدة من الكثرة بحيث لا يمكن اهمال أمرها، حتى إني لم أجد قائلًا لثلاثين منها ولا مصدرًا ذكرها، على الرغم من النقيب عنها في الكتب المتنوعة. ومثل هذا اعتماد المؤلف روايات يتيمة لبعض النصوص وأتخاذها حجة على ما ذهب إليه، مع كون النص يخالف المشهور المروي في كتب اللغة والأداب. ¬

_ (¬104) سجلت في تعليقاتي على المتن الملاحظات. وينظر على سبيل المثال البحوث المرقمة 9 و 17 و 29 و 44 و 46. (¬105) سجلت فى الحواشي الملاحظات المتعلقة بهذا الشأن. وينظر البحوث المرقمة 2 و 4 و 13 و 16 و 21 و 24 و32 و 35 و 49 .. (¬106) ينظر على سبيل المثال البحثان 52 و 69.

مخطوطات الكتاب المعتمدة

وعلى سبيل المثال احتج بقول عدي بن زيد: بيد أن الله قد فضلكم ... فوقِ من أحكأ صلبا بازار على استعمال "بيد" متلوة بـ "أن" المشددة. (¬107) ولم اقف على ما ذكره أبن مالك واحتج به. والرواية في جميع المصادر التي ذكرت البيت هي: "أجلَ أن". (¬108) إن هذه الهنات تتلاشى تجاه المحاسن إلتى انطوى عليها "شواهد التوضيح" وهي لا تحط من قيمته، ولا تنقص من قدره. وحسب صاحبه أن يكون قد قدم للناس أثرًا نفيسًا فيه من الجديد شيء كثير، وأنه سيبقى مصدرًا لكل من يهمه أمر الحديث الشريف ودرسه من الوجهة اللغوية والنحوية. مخطوطات الكتاب المعتمدة رجعت في التحقيق إلى اربع مخطوطات رمزت لكل منها بحرف وهي: المخطوطة (أ): وهي محفوظة في خزانة المكتبة القادرية ببغداد برقم (ف 861 س 476). وتقع في (32 ورقة = 64 صفحة). في كل صفحة منها واحد وعشرون سطرًا. ويشتمل السطر الواحد على (13 - 15) كلمة. وعلى حواشيها تعليقات في تفسير ألفاظ وتوضيح معان، وتصحيح كلمات تنبه الناسخ على سقوطها من المتن بعد المقابلة. وفي الجهة العليا من اليمين أثر رطوبة لم يؤثر في الكتابة، وقد سجلت لفظة "ومنها" المكررة في أول كل بحث بالمداد الأحمر تنبيها على بدايته. كتبت المخطوطة بخط النسخ المقروء، وكانت ضمن مجموع في عدة رسائل، ثم افردت وحدها كما دلت على ذلك صفحة العنوان التى سجل عليها (مجموع فيه "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح" لابن مالك الطائي. و¬

_ (¬107) شواهد التوضيح: الورقة 23 ظ. (¬108) ينظر ديوان عدي بن زيد ص 94، وأماكن ورود البيت في المصادر ص 220 من الديوان الفقرة (9).

المخطوطة" ب"

"كنز الراغبين الصفاه في الرمز المولد المحمدي والوفاه" و"الفضائل والشمائل والمعجزات والدلائل وما فاق به الاواخر والأوائل" للناجوي. و"قلائد العقيان فيما يورث الفقر والنسيان" للناجي- كذا). وبعدها سجلت عبارات، منها (الحمد لله قارح الهم، نظر فيه داعيًا لمالكه بطول الارتقاء المملوك الأصغر أحمد بن محمَّد بن عمر غفر الله ذنوبه وستر ... عيوبه) ثم (الحمد لله. يقول كاتبه أحمد بن إسماعيل الصبيبي غفر الله له مترحمًا على الشيخ الامام العالم العلامة عالي الجناب لاهداء الشيخ امام الدنيا والدين) يلي ذلك نقل من كلام ابن كمال باشا. أتم نقل المخطوطة يوم الاثنين خامس عشر ذي القعدة عام خمسة وسبعين وثمان مئة إسماعيل بن محمَّد بن إسماعيل بن أحمد بن علي بن أبي بكر بن سالم بن عبد العزيز الصبيي (¬109) من نسخة كتبت بخط أحمد بن يحيى بن محمَّد بن أحمد الأنصاري الغرناطي المشهور بالرفاء. (¬110) وهذه الثانية المنقولة منها نسختنا المعتمدة مقابلة مرتين ومنقولة في يوم الاثنين الثامن عشر من شوال عام ثمانية وسبع مئة من نسخة بخط شمس الدين أبي عبد الله محمَّد بن غالب بن يونس بن شعبة الأنصاري الجياني. وعليها خط المؤلف ابن مالك الاندلسي وإجازته. قدمت هذه المخطوطة وفضلتها عند المقابلة لما وجدت فيها من مميزات الضبط. المخطوطة "ب": وهي ضمن مجموع رقمه (2959) في مكتبة ولي الدين باستانبول، يشتمل على كتابين مخطوطين بخط ناسخ واحد هما: "شواهد التوضيح" لابن مالك، و "غريب الحديث" للثقفي. ويبدأ "شواهد التوضيح" بالورقة الأولى وينتهي بوجه الورقة الثالثة والستين، فهو في (63 ورقة-125 صفحة) في كل صفحة تسعة عشر سطرًا، ومعدل ما يشتمل عليه السطر الواحد حوالي عشر كلمات. كتبت المخطوطة بخط النسخ المعتاد الواضح في عصر المؤلف، بدلالة العبارة ¬

_ (¬109) وردت الكلمة في المخطوط من غير اعجام. (¬110) لم اقف على ترجمة لحياته.

الموجودة في أول الكتاب التي يقول فيها الناسخ واصفًا مؤلف الكتاب (أعاد الله من بركاته، ومتع المسلمين بطول حياتة). وتخلو خاتمّة "شواهد التوضيح" من تاريخ النسخ، إلا أننا نجد الناسخ- ولم يذكر اسمه- يصرح في آخر المجموع الذي هو اخر كتاب "غريب الحديث" للثقفي بأنه نسخ الكتاب عام ثمان وستين وست مئة فيقول (تم الكتاب بحمد الله ومنه، وصلاته على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم، وذلك بمدينة القدس الشريف بدار الحديث الشرفية في سادس شهر رمضان المعظم سنة ثمان وستين وست مئة). وعلى حواشي المخطوطة تعليقات أكثرها في تفسير ألفاظ غريبة وردت في شواهد الشعر، وبعضها استدراك للساقط من المتن تنبه عليه الناسخ بعد مراجعة النص. وعلى الرغم من أنّ هذه النسخة هي أقدم مخطوطات الكتاب وأنها كتبت في عصر مؤلفه إلا أنني بعد قراءتها قراءة دقيقة وجدت أنها لا ترقى إلى مستوى مخطوطة المكتبة القادرية من حيث، الصحة والتمام، وذلك أنى لاحظت عليها ما ياتى: 1 - أن الساقط منها أكثر مما سقط من نسخة "أ" فقد سقطت منها الورقة الثانية بتمامها, وسقطت ستة أسطر من الورقة "40 ظ " وسطران من الورقة "46 و" وتكرر سقوط ألفاظ وجمل أشرت اليها في حواشي المتن المحقق. 2 - بدا أن الناسخ غير دقيق أحيانًا في الرسم والنقل ومعرفة اللغة، إذ اختلف رسمه لبعض الألفاظ، وأضاف الفاظًا من عنده، وأخطأ في كتابة كلمات. ومن أبرز ذلك: أ- كتب الظاء ضادًا أحيانًا مثل (نضائر- نظائر) و (نضير = نظير) ينظر الورقة (10ظ) و (17 ظ) ب- رسم الألف ياء تارة وألفأ تارة اخرى في لفظ واحد، مثل- كلمة "هذا" كتبه تارة" هاذا" وتارة "هاذى" وحسبك أن لفظ "كذا" وودت برسمين في جملة واحدة، ,نحو (شبه كذا بكذى). ج- تصرف أحيانًا بزياد ة ألفاظ، مثل الوارد في الورقة (21 ظ) من قول حسان: (أمن يهجو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منكم ... ويمدحه وينصره سواء) د- رسم لفظ (النحويين والكوفيين) مخالفًا للقاعدة النحوية في عدة مواضع، مثل هذه الجمل: (مما انفرد به الكوفيين) و (والكوفيين يخالفونهم) و (مما زعم أكثر النحويون) و (مما خفي على أكثر النحويون).

المخطوطة "ج"

لهذه الأسباب ولغيرها لم أعتمد نسخة "ولي الدين" هذه أصلًا في التحقيق على الرغم من أنها أقدم النسخ، وأنها كتبت في عصر المؤلف، فقدمت عليها مخطوطة المكتبة القادرية "أ". المخطوطة "ج": وهي المحفوظة في خزانة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد تحت رقم 6581 وتشتمل على (62 ورقة = 124 صفحة) قياس 18× 13 سم. كتبت بخط النسخ الواضح من غير أن ترقم صفحاتها. وسجلت تعليقات على بعض الألفاظ، وأرقام لتسلسل البحوث في الحواشي. أتم نسخها في نهار الخميس خامس شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وثمان مئة حمزة بن أحمد بن علي الحسيني الشافعي، وهو من علماء القرن التاسع الهجري. ولد في شوال سنة ثمان عشرة وثمان مئة بدمشق، ونشأ بها، فحفظ القرآن ومجموعة من كتب الفقه والاصول والحديث والقراءات والنحو، وأخذ عن شيوخ بلده، ثم ارتحل إلى القاهرة غير مرة وحج مرارًا، ودرس بالعمادية، وتصدر بجامع بني أمية. وكانت وفاته ببيت المقدس في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثمان مئة بعد ما خلف جملة مصنفات، منها "بقايا الخفايا" استدرك فيه على "خبايا الزوايا" للزركشي. و "الإيضاح على تحرير المشتبه" للنووي، و"طبقات النحاة واللغويين" و"الذيل" على طبقات تقي الدين بن قاضي شهبة، و "فضائل بيت المقدس" و"المنتهى في وفيات أولى النهى" وغيرها. (¬111) المخطوطة "د": وهي في مكتبة (رئيس الكتاب) باستانبول تحت رقم (180) في (58 ورقة = 116 صفحة). تشتمل الصفحة الواحدة على تسعة عشر سطرًا. ومعدل ما يشتمل عليه السطر الواحد حوالي عشر كلمات. كتبت بخط النسخ المعتاد، وجاء في آخرها: (وكان الفراغ منه يوم الثلاثاء حادي عشر ربيع الآخر سنة أحد وعشرين وثمان مئة، والحمد لله وحده. وكتبه العبد الفقير إلى الله تعالى محمَّد بن عبد الله بن ¬

_ (¬111) ينظر: الضوء اللامع، للسخاوي 3/ 163 ونظم العقيان، للسيوطي ص 106 والأعلام، للزركلي 2/ 307 ومعجم المؤلفين لكحالة 4/ 77.

الفجر ... ). على حواشي المخطوط تعليقات قليلة، قسم منها إشارة إلى ألفاظ وردت مخالفة للمتن في نسخة ثانية، وكأنما هي مقابلة عليها. وتبين لي أن هذه المخطوطة سقطت منها ورقتان هما السابعة والخمسون والثامنة والخمسون. ولم يتنبه مرقم الصفحات على ذلك فاجرى الترقيم على سنن واحد. ومباحث الكتاب في هذه النسخة تبدًا بكلمة "قال" بدلًا من "قلت" التي درج المؤلف على تصدير بحوثه بها بعد الأحاديث، ثم غيرها الناسخ إلى "قلت" من البحث الثالث عشر، ثم صيّرها من البحث الرابع والأربعين "قال" ثم صيرها "قلت" من البحث التاسع والأربعين، ثم يثبت الناسخ لفظ قال من البحث الرابع والخمسين، ثم يعود إلى لفظ "قلت" من البحث الستين إلى نهاية الكتاب. وتتساوى هذه المخطوطة مع المخطوطة "ج" في الصحة، ولذلك جاءت بعدها في الترتيب. * * * * * وأما مطبوعة "شواهد التوضيح" التي أخرجها محمَّد فؤاد عبد الباقي عام 1957 فإن ما فيها من الأخطاء والتحريفات والنقص والزيادة صيّر أمر الاعتماد عليها غيرَ مجدٍ. وأرى أن المخطوطات الأربع كافية لإخراج نص صحيح من الكتاب بعدما استفرغت ما في الوسع من أجل تحقيق هذا السفر النفيس. * * * * * وهناك مخطوطات اخرى موزعة في مكتبات العالم لم أستفد منها في التحقيق، لتعذر حصولي على ما طلبته منها، أو لقلة فائدة بعضها الآخر. وهذه المخطوطات توجد في المكتبات الآتية. (¬112) ا - المكتبة الظاهرية بدمشق رقم 101 حديث. 2 - مكتبة المجمع العلمي العربي بدمشق، رقم 29. ¬

_ (¬112) ذكر هذه المخطوطات ما عدا الأخيرتين فؤاد سزكين في "تاريخ التراث العربى" 1/ 313 - 314.

عملي في التحقيق

3 - مكتبة جاريت رقم 135. 4 - مكتبة حسن حسني عبد الوهاب بتونس رقم 389. 5 - مكتبة الاسكوريال رقم 141. 6 - المكتبة البلدية بالاسكندرية رقم 2005. 7 - المكتبة الآصفية رقم 247 حديث. 8 - مكتبة القرويين رقم 1438. 9 - مكتبة رشيد افندي باستانبول رقم 1117/ 5. 10 - مكتبة بروسه خراتشي زاده رقم 271/ 1. 11 - مكتبة ييل رقم (154). 12 - مكتبة بنكيبور رقم 151. 13 - مكتبة الأوقاف بالرباط رقم (133) ورقم (951). 14 - مكتبة الكتاني رقم 467. 15 - مكتبة المتحف العراقي ببغداد رقم 10284، وهي مخطوطة حديثة. 16 - مكتبة الخزانة العامة برباط الفتح رقم 951 د/1. عملي في التحقيق ترسمت في إخراج الكتاب خطى المحققِين الذين سبقوني في هذا الميدان، مع الأخذ بتوجيهات الباحثين في قواعد إخراج النصوص والاستفادة من خبرتي وتجربتي. ووضعت نصب عيني الخصائص التي امتاز بها "شواهد التوضيح" عن غيره من المصنفات مادة وطريقة تأليف. وهذه الميزات هي التي اضطرتني أحيانًا إلى الاجتهاد في تخريج مشكل نصوص البخاري، وتصحيح ألفاظه، وإن كانت طريقتي في الجملة لا تخرج عن الحدود المرسومة لخدمة الكتاب خدمة علمية. وفيما يأتي أوجز أهم الخطوات التي اتبعتها: أولًا- لم أتخذ واحدة من النسخ المعتمدة أصلًا. وإنما سرت في إثبات المتن على طريقة اختيار الأصوب والأحسن والأكثر مناسبة. ثم أشرت إلى ما يخالفه مما ورد في النسخ في الحاشية، مع الأخذ بنظر الاعتبار تسلسل النسخ الأربع في التفضيل، مقدمًا المخطوطة "أ" على غيرها، وواضعًا أرقامًا تدل على بداية كل صفحة من

صفحاتها، ورمزت بالحرف "و" لوجه الورقة، وبالحرف "ظ" لظهرها. ثانيا- كتبت النص على ما نعرف اليوم من قواعد إلاملاء. وكانت جملة من كلماته على خلاف ذلك، مثل (احديهما = احداهما) و (هكذى = هكذا) و (يا بن = يا ابن). ولم انبه على الفروق التى لا يضر اغفال التنبيه عليها. كالتي ترد غالبًا في الترضية والتصلية وفي لفظ "تعالى" و"عَزَّ وَجَلَّ" وما يشبه هذا. ثالثا- حاولت التقيد بالنص الاصلي من اسلوب ابن مالك ومع ذلك اضطررت في مواضع قليلة جدًا إلى تصحيح ألفاظ واضافة كلمات اقتضاها السياق, مشيرًا إلى كل تغيير في الحاشية، وزدت أرقامًا متسلسلة فى بداية كل بحث توسعًا في الإيضاح. رابعًا- خرجت الآيات والقراءات والأقوال الفصيحة والأحاديث الشواهد كما هو المعتاد في كتب النحو المحققة. ورجعت الآراء التي نقلها ابن مالك إلى أصحابها ما استطعت، ونبهت على ما فيها من اختلاف وتصرف إذا اقتضى الأمر. خامسًا- ضبطت الأبيات الشعرية، ووضعت لها أرقامًا وذكرت قائليها ما أمكن، واستعنت عند التخريج بـ "معجم شواهد العربية" لعبد السلام هارون، وبديوان الشاعر -إن كان له ديوان- مع ذكر أقدم مصدر نحوي يرد فيه البيت. وتحريت الشواهد في كتب النحو المتقدمة على ابن مالك، فإن لم توجد فيها خرجتها فى كتب المتأخرين عنه. وذلك لكي يتضح لنا تأثره بالسابقين أو تأثيره في اللاحقين. سادسا- اعتمد ابن مالك "صحيح البخاري" في الدراسة، واستفاد من مخطوطاته بروايات مختلفة تجمع أكثرها النسخة اليونينية, التي شارك هو في الإشراف على إخراج نصها كما تقدم. ولذلك كان رجوعي في تخريج النصوص المشكلة أولًا إلى طبعة البخاري في القاهرة المعتمدة على تلك النسخة مع ملاحظة ما يأتي: 1 - إذا اختلفت ألفاظ الحديث في موطن واحد من "صحيح البخاري" بسبب اختلاف نسخه المخطوطة أشرت إلى الاختلاف بقولي (وفي نسخة). 2 - وإذا كان الحديث مكررًا بلفظ واحد في "الجامع الصحيح" أشرت إلى مواضع وجوده، وإذا كرر بألفاظ مختلفة اكتفيت بذكر الموضع الموافق لرواية ابن مالك. 3 - وإذا لم أجد في "الجامع الصحيح" موطن الاشكال الذي ذكره ابن مالك أرجع إلى شروحه لإثبات رأي الشراح إن وجد، ولكي أتاكد من ورود الرواية في بعض مخطوطات البخاري التي قد اطلع عليها شراحه ولم تيسر إليها المطبوعة. 4 - ومن النصوص المشكلة مالم أقف عليه في "الجامع الصحيح" ولم يذكره شارحوه،

فاضطررت إلى تخريجها من كتب الحديث الأخرى، مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية. 5 - ومنها نصوص موجودة في "الجامع الصحيح" وشروحه، ولكنها خالية من موطن الإشكال الذي نبه عليه المؤلف، فأثبت لفظه؛ لأن روايته هي محور البحث والإحتجاح. 6 - ووجدت ابن مالك أحيانًا يتصرف في لفظ الحديث المشكل. فيحذف أو يزيد كلمة، أو يقدم في اللفظ أو يؤخره. وقد حاولت إثبات رواية البخاري، ولكني وجدت أن هذا يوجب تغيير عبارات أخرى خلال كلام ابن مالك في الشرح لتناسب السياق. لذلك أثبت في المتن غالبًا رواية ابنٍ مالك إذا كانت لا تخل بمعنى الحديث. وما صوبته على وفق نص البخاري كان قليلًا. وهو لا يستدعي تبديلا في عبارات ابن مالك الأخرى. 7 - أشرت في الحواشي إلى تمام بعض الأحاديث المدونة في المتن باختصار. إذا تطلب الأمر ذلك، ونسبت النصوص التي أهمل المؤلف ذكر قائليها. لقد اقتضى هذا العمل مني قراءة "صحيح البخاري" من أوله إلى آخره مرات، والإستعانة بفهارس الحديث وكتب ابن مالك المطبوعة زيادة في التثبت، واطمئنانًا على سلامة التعليقات في الحواشي وصحتها. والله الموفق للصواب

صفحة العنوان من مخطوطة المكتبة القادرية "أ"

الصفحة الأولى من مخطوطة الكتبة القادرية "أ"

الصفحة الأخيرة من مخطوطة المكتبة القادرية "أ"

صفحة العنوان من مخطوطة مكتبة ولي الدين "ب"

الصفحة الأول من مخطوطة مكتبة ولي الدين "ب"

الصفحة الأخيرة من كتاب (غريب الحديث) للثقفي (مخطوطة مكتبة ولي الدين)

صفحة العنوان من مخطوطة مكتبة الأوقاف "ج"

الصفحة الأخيرة من مخطوطة مكتبة الأوقاف "ج"

صفحة العنوان من مخطوطة مكتبة رئيس الكتاب "د"

الصفحة الأخيرة من مخطوطة مكتبة رئيس الكتاب "د"

شواهد التَّوضيح وَالتَّصحيح لمشكلات الجَامِع الصَحيح تَأليف جمال الدين بن مالك الاندلسى المتوفى سنة 672 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم. قال الشيخ الإِمام العلامة فريد عصره أبو عبد الله جمال الدين محمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الجياني الطائي الأندلسي تغمده الله تعالى بالرحمة والرضوان، حامدًا لله رب العالمين، ومصليًا على سيدنا محمَّد سيد المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين (¬1): هذا كتاب سميته "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح". ¬

_ (¬1) في بـ (بسم الله الرحمن الرحيم. رب يسر برحمتك وأعن. الحمد لله رب العالمين، وصلاته على سيدنا خاتم النبيين وآله أجمعين. قال الشيخ الإِمام البارع الفاضل حجة العرب وتاج الأدب وحيد دهره، وفريد عصره جمال الدين أبو عبد الله محمَّد بن مالك الطائي الجياني أعاد الله من بركاته، ومتع المسلمين بطول حياته). وفي ج (بسم الله الرحمن الرحيم. وبه التوفيق والعصمة، قال الشيخ الإِمام العالم العلامة فريد دهره ووحيد عصره جمال الدين حجة العرب ولسان الأدب أبوعبد الله محمَّد بن عبد الله بن مالك الطائي الجيانى رحمه الله ورضي عنه). وفي د (بسم الله الرحمن الرحيم. وبه التوفيق. قال الشيخ الامام العلامة حجة العرب جمال الدين أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله بن مالك رحمه الله حامدًا لله رب العالمين، مصليا على محمد سيد المرسلين وعلى آله الطيببن الطاهرين).

1 - حذف المنادى بعد حرف النداء

فمنها قول ورقة بن نوفل (يا ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومُك) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أو مخرجِىَّ هم؟) (¬2). قلت: يظن أكثر الناس أن "يا" التي تليها "ليت" حرف نداء, والمنادى محذوف. فتقدير قول ورقة على هذا: يا محمَّد، ليتني كنت حيًا. وتقدير قوله تعالى {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} (¬3):يا قوم ليتنى كنت معهم. (¬4) وهذا الرأي عندي ضعيف؛ لأن قائل "يا ليتني" قد يكون وحده، فلا يكون معه منادَّى ثابت ولا محذوف، كقول مريم عليها السلام (¬5) {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} (¬6). ولأن الشيء إنما يجوز حذفه مع صحة المعنى بدونه إذا كان الموضع الذي ادّعي فيه حذفه (¬7) مستعملًا فيه ثبوته. كحذف المنادى قبل أمر أو دعاء، فانه يجوز حذفه لكثرة (¬8) ثبوته، فإنّ الأمر والداعي (¬9) يحتاجان إلى توكيد اسم المأمور والمدعوّ بتقديمه على الأمر والدعاء. واستعمل ذلك كثيرًا حتى صار موضعه منبهًا عليه إذا حذف، فحسن حذفه لذلك. فمن ثبوته قبل الأمر {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (¬10) {يَا بَنِي ¬

_ (¬2) صحيح البخاري 1/ 6. وينظر 9/ 38. (¬3) النساء 4/ 73. (¬4) سقط من ج: يا قوم ليتني كنت معهم. (¬5) عليها السلام: سقط من أ. (¬6) مريم 19/ 23. (¬7) ج: ادعي حذفه فيه. (¬8) سقطت من بعد هذه الكلمة ورقة من ب، (¬9) د: أو الداعى. تحريف. (¬10) سورة البقرة 2/ 35.

إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} (¬11) {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ} (¬12) {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} (¬13) {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (¬14) {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} (¬15) {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}. (¬16) ومن ثبوته قبل الدعاء {يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}. (¬17) {يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا} (¬18) {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}. (¬19) ومنه قول الراجز: (¬20) 1 - يارَب هب لي من لدنك مغفِرَه تمحو خطاياي وأكفى المعذره ومن حذف المنادَى المأمور قوله تعالى في قراءة الكسائي: "ألاَ يا اسْجُدوا" (¬21) أراد: ألا يا هؤلاء اسجدوا. (¬22) ومثال ذلك في الدعاء قول الشاعر: (¬23) 2 - ألا يا اسلمِي يا دار ميّ على البِلَى (¬24) ولا زال مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ القَطْرُ ¬

_ (¬11) سورة البقرة 2/ 40. (¬12) الأعراف 7/ 31. (¬13) هود 11/ 76. (¬14) مريم 19/ 12. ولفظ "بقوة" سقط من أ. (¬15) لقمان 31/ 17. (¬16) الأحزاب 33/ 1. (¬17) الأعراف 7/ 134. (¬18) يوسف 12/ 97. (¬19) الزخرف 43/ 77. (¬20) لم أقف على الشاهد في كتاب. (¬21) النحل 25/ 27. وينظر: التيسير في القراءات السبع ص 168. (¬22) اسجدوا: ساقط من د. (¬23) هو ذو الرمة. ديوانه 1/ 559 واللامات، للزجاجي ص 11 ومعجم شوهد العربية 1/ 150 (¬24) د: البلاى. تحريف.

[2و] فحسن حذف المنادى قبل الأمر والدعاء اعتيادُ ثبوته في محل ادعاء الحذف، بخلاف "ليت" فإن المنادَى لم تستعمله العرب قبلها ثابتًا، فادعاء حذفه باطل، لخلوه من دليل. (¬25) فيتعين (¬26) كون "يا" التي تقع قبلها لمجرد التنبيهِ مثلَ "ألا" في نحو: (¬27) 3 - ألا ليت شعري (¬28) هل أبيتنّ ليلة بوادٍ وحولي إذخِرٌ وجليل ومثل "ها" في (¬29) قوله تعالى {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} , (¬30) وفي قول السائل عن أوقات الصلاة (ها أنا ذا يا رسول الله). (¬31) وقد يجمع بين "ألا" و"يا" توكيدًا للتنبيه، كلما جمع بين "كي" واللام ومعناهما واحد في قول الشاعر: (¬32) 4 - أردتَ لكليما أن تطير بقربتي فتتركها شنًّا ببيداءَ بلقعِ (¬33) ف "كى" هنا إن جُعلت جارة فقد جمع بينها وبين اللام مع توافقهما معنى ¬

_ (¬25) د: الدليل. (¬26) ج: فتعين. (¬27) البيت مما تمثل به بلال رضي الله عنه، وهو فى صحيح البخاري 3/ 28 و5/ 84 و 7/ 51 و 158 و 9/ 104 ونسبه العينى في عمدة القاري 10/ 250 إلى أبي بكر بن غالب بن عامر الجرهمي. (¬28) ج: شعر. تحريف. (¬29) في: ساقطة من د. (¬30) آل عمران 3/ 119. (¬31) في صحيح البخاري 1/ 23 (جاءه أعرابي فقال: متى الساعة ... قال أين أراه السائل عن الساعة، قال: ها أنا يا رسول الله) من غير "ذا". وفي 8/ 206 (أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فى المسجد، قال: احترقت ... فقال: أين المحترق؟ فقال: ها أنا ذا، قال: خذ هذا فتصدق به). ولم أقف على نص رواية ابن مالك فيما تيسر من كتب الحديث. (¬32) قائل البيت مجهول. ينظر: الانصاف 1/ 580 ومعجم شواهد العربية 1/ 230. (¬33) الشّن: الخَلَق من كل آنية.

استعمال "إذ" بمعنى "إذا" وبالعكس

وعملًا، وهو الأظهر. وإن جعلت الناصبة بنفسها فقد جمع بينها وبين "أن" مع توافقهما أيضا معنى وعملًا (¬34) وسهل ذلك اختلاف اللفظين. فلو اتفق الحرفان لفظًا ولم يكونا حرفي جواب لم يجز اجتماعهما إلا بفصل، كقوله تعالى {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} (¬35) وقد يغني عن الفصل انفصالهما بالوقف على أولهما، كقول الراجز: (¬36) 5 - لا يُنسك الأسَى تأسيا فما ما من حمام أحدٌ معتصما ومثل "يا" الواقعةِ قبل "ليت" في تجردها للتنبيه "يا" الواقعة قبل "حبذا" في قول الشاعر: (¬37) 6 - يا حبذا جبل الريّان من جبل وحبذا ساكن الريان من كانا وقبل "ربّ" في قول الراجز (¬38): 7 - يا رُبّ سارٍ بات ما توسدا إلا ذراع العنس أو كف اليدا) (¬39) * * * * * وقوله "إذ يخرجك قومك" استعمل فيه "إذ" موافقة لـ "إذا" في أفادة الاستقبال. وهو استعمال صحيح، غفل عن التبيه عليه أكثر النحويين. (¬40) ومنه قوله تعالى {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} (¬41) وقوله تعالى {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} ¬

_ (¬34) ارتبكت العبارة في د، فحصل فيها تقديم وتأخير سببه النسخ. (¬35) آل عمران 3/ 66. (¬36) قائل الرجز مجهول. ينظر: الجنى الداني ص 329 ومعجم شواهد العربية 2/ 533. (¬37) هو جرير. ديوانه ص 596 وشرح المفصل 7/ 140 ومعجم شواهد العربية 1/ 381. (¬38) قائل الرجز مجهول، ينظر: شرح المفصل 4/ 152 ومعجم شواهد العربية 2/ 461. (¬39) العَنس: الناقة. واليدا مخفوضة بإضافة "كف" إليها، وثتت الألف فيها لأنها شبهت بالرحى والفتى. (¬40) د:- كثير من النحوين. (¬41) مريم 19/ 39.

تقديم الهمزة على حرف العطف

إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} (¬42) وقوله تعالى {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} (¬43) وكما استعملت "إذ" بمعنى "إذا" استعملت "إذا" بمعنى "إذ" كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} (¬44) وكقوله تعالى {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} (¬45) وكقوله تعالى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} (¬46) لأن "لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، و"لا أجد ما أحملكم عليه" مقولان فيما مضى. وكذا الانفضاض المشار إليه واقع أيضا فيما مضى. فالمواضع الثلاثة صالحة لي "إذ" وقد قامت "إذا" مقامها. ******** وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أوَ مُخرِجى هم" فالأصل (¬47) فيه وفي أمثاله تقديم حرف العطف على الهمزة كما تقدم على غيرها من [2 ظ] أدوات الاستفهام، نحو {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ} (¬48)، ونحو {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (¬49) ونحو {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} (¬50) [ونحو {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (¬51) ونحو {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} (¬52)]، (¬53) ونحو {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} (¬54) ¬

_ (¬42) غافر 40/ 18. (¬43) غافر 40/ 70 - 71. وإلى هنا تتهي الورقهّ الساقطة من ب. (¬44) آل عمران 3/ 156. (¬45) التوبة 9/ 92. (¬46) الجمعة 62/ 11. (¬47) ج: فاصل. (¬48) آل عمران 3/ 101. (¬49) النساء 4/ 88. (¬50) الانعام 6/ 81. (¬51) العنكبوت 29/ 61. (¬52) الرعد 13/ 16. (¬53) ما بين المعقوفتين ساقط من ج. (¬54) التكوير 26/ 81.

فالأصل أن يجاء بالهمزة بعد العاطف كما جيء (¬55) بعده بأخواتها، فكان يقال في {أَفَتَطْمَعُونَ} (¬56) وفي {أَوَكُلَّمَا} (¬57) وفي {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} (¬58) "فأتطمعون" "و "وأكلما" و"ثم أإذا ما وقع" (¬59) لأن همزة الاستفهام جزء من جملة الاستفهام، وهى معطوفة على ما قبلها من الجمل. والعاطف لا يتقدم عليه جزءٌ مما عطف (¬60) ولكن خُصت الهمزة بتقديمها على العاطف تنبيها على أنها أصل أدوات الاستفهام؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام، وقد خولف هذا الأصل في غير الهمزة, فأرادوا التنبيه عليه، فكانت الهمزة بذلك أولى، لأصالتها في الاستفهام. وقد غفل الزمخشري في معظم كلامه في "الكشاف" (¬61) عن هذا المعنى (¬62) فادعَى أن بين الهمزة (¬63) وحرف العطف جملة محذوفة معطوفًا عليها بالعاطف ما بعده (¬64). وفي هذا من التكلف ومخالفة (¬65) الأصول ما لا يخفى. وقد تقدم في كلامي على. "يا ليتنى"، أن المدعيَ حذف شيء يصح المعنى بدونه لا تصح دعواه حتى يكون موضع ادعاء الحذف صالحًا للثبوت، ويكون الثبوت مع ذلك أكثر من الحذف، وما نحن بصدده بخلاف ذلك، فلا سبيل إلى تسليم الدعوى. ¬

_ (¬55) ج: تحيى. (¬56) سورة البقرة 2/ 75. (¬57) سورة البقرة 2/ 100. (¬58) يونس 10/ 51: (¬59) ب: وثم إذا وقع. تحريف. (¬60) د: جزما عطف عليه. تحريف. (¬61) فى معظم كلامه في الكشاف: ليس في أب. (¬62) عن هذا المعنى: ليس في ج. (¬63) د: ببن هذه الهمزة. (¬64) جاء في تفسير قوله تعالى "أفما نحن بميتين" من الكشاف 4/ 45: (الذي عطفت عليه الفاء محذوف، معنا: أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين) وينظر أيضا الكشاف 4/ 237 (¬65) د: ومن مخالفة. تحريف.

إضافة الجمع المرفوع إلى ياء المتكلم

وقد رجع الزمخشري عن الحذف إلى ترجيح (¬66) الهمزة على أخواتها بتكميل التصدير. (¬67) ****** والأصل في "أوَ مخرجىَّ هم" أو مخرجوي هم. فاجتمعت واو ساكنة وياء، فابدلت الواو ياء وأدغمت في الياء، وابدلت الضمة التي كانت قبل الواو كسرة تكميلًا للتخفيف، كما فعل باسم مفعول "رميت" حين قيل فيه: مرمىّ، وأصله: مرمُوي. ومثل "مخرجيّ" من الجمع المرفوع المضاف إلى ياء المتكلم قول الشاعر: (¬68) 8 - أودَى بنى وأودعوني حسرة عند الرقاد وعَبرةٌ ما تقلع و"مخرجى" خبر مقدم، و "هم" مبتدأ مؤخر. ولا يجوز العكس؛ لأن "مخرجى" نكرة، فإن إضافته اضافة غير محضة، إذ هو اسم فاعل بمعنى الاستقبال، فلا يتعرف بالأضافة. وإذا (¬69) ثبت كونه نكرة لم يصح جعله مبتدأ؛ لئلا يخبر بالمعرفة عن النكرة دون مصحح (¬70). ولو روي "مخرجي" مخفف الياء على أنه مفرد غير مضاف (¬71) لجاز وجعل مبتدأ، وما بعده فاعل سدّ مسدّ الخبر، كما تقول: أمخرجىِ بنو فلان؛ لأن "مخرجي" صفة معتمدة على استفهام، (¬72) مسندة إلى ما بعدها لأنه وإن كان ضميرًا فهو منفصل. والمنفصل من الضمائر [3 و]، يجري مجرى الظاهر. ¬

_ (¬66) في ب: ترخيم. تحريف. (¬67) ينظر الكشاف 5/ 134 والجنى الداني، للمرادي ص 97 و 98. (¬68) هو أبو ذؤيب الهذلي. ينظر: ديوان الهذليين 1/ 2 وأوضح المسالك 2/ 238 ومعجم شواهد العربية 1/ 227. (¬69) د: فإذا. (¬70) د: لأن الخبر بالمعرفة عن النكرة دون مصحح لا يجوز. (¬71) غير مضاف: ورد في ب فقط. (¬72) خ: الاستفهام.

ومنه قول الشاعر. (¬73) 9 - أمنجْزَ أنتمُ وعدًا وثقت به أم اقتفيتم جميعا نهج عُرقوب ومن هذا القبيل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أحيٌّ والداك). (¬74). والاعتماد على النفي كالاعتماد على الاستفهام. ومنه قول الشاعر (¬75): 10 - خليليً ما وافٍ بعهدي أنتما إذا لم تكونا لي على من أُقاطع ¬

_ (¬73) البيت مجهول القائل. ينظر: شرح الأشموني 1/ 190 و 2/ 293. ومعجم شواهد العربية 1/ 63. (¬74) صحيح البخاري 4/ 71. (¬75) البيت مجهول القائل، ينظر: شرح ابن الناظم ص 41 ومعجم شواهد العربية 1/ 223.

2 - وقوع الشرط مضارعا والجواب ماضيا

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (من يقم ليلة القدر إيمانًاواحتسابًا غفرله ما تقدم من ذنبه). (¬76) وقول عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها (إنّ أبا بكر رجل أسيف، متى يقم مقامك رق) (¬77) قلت: تضمن هذان الحديثان وقوع الشرط مضارعًا والجواب ماضيًا لفظًا لا معنى. والنحويون يستضعفون ذلك، ويراه بعضهم مخصوصًا بالضرورة. والصحيح الحكم بجوازه مطلقًا لثبوته في كلام أفصح الفصحاء، وكثرة صدوره عن فحول الشعراء، كقول نهشل بن ضمرة: (¬78) 11 - يا فارس الحىّ يوم الروع قل علموا ومدره (¬79) الخصم لا نِكسا ولا وَرعا (¬80) ومدرك التبل في الأعداء يطلبه (¬81) وما يُشأ عنده (¬82) من تبلهم منعا وكقول أعشى قيس: (¬83) ¬

_ (¬76) صحيح البخاري 1/ 16. وفي غير د (من يقم ليلة القدر غفر له). (¬77) في صحيح البخاري 4/ 182 (إنه رجل أسيف ... ). وفي نسخة: (متى يقوم ... ). (¬78) رواية البيتين في شعر نهشل بن حري ص 125 منقولين من وقعة صفين ص 267: يا فارس الروع يوم الروع قد علموا وصاحب العزم لا نكسا ولا طّبعا ومدرك التبل في الاعداء يطلبه وإن طلبت بتبل عنده منعَا ولا شاهد فيه هنا. (¬79) أ: أو مدره. تحريف. والمدر: التقدم عند الخصومة والقتال. (¬80) ج: ودعا. تحريف. والورع: الجبان. (¬81) كذا في ب. وفي أج د: والاعداء تطلبه. والتبل: عداوة يُطلب بها. (¬82) أج: عندهم. (¬83) ديوانه ص 111 برواية "لما يرد ... " وينظر شرح العمدة, لابن مالك ص 374.

12 - وما يُرد من جميع بعدُ فرقه ... وما يُرد بعدُ من ذي فُرقة جمعا وكقول حاتم: (¬84) 13 - وانك مهما تُعطِ بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهَى الذم أجمعا [وقبله: أكف يدي عن أن ينالى التماسها ... أكفّ صحابي حين حاجتنا معا أبيت هضيم الكشح مضطرم الحشا ... من الجوع أخشى الذم أن أتضلعا] (¬85) وكقول رؤية: (¬86) 14 - ما يُلقَ في أشداقه تلهما ... إذا أعاد الزأر أو تنهم ومثله: (¬87). 15 - إن يسمعوا سَيئة (¬88) طاروا بها فرحًا عني وما يسمعوا من صالح دفنوا ومثله: (¬89) 16 - إن تستجيروا أجرناكم وإن تهنوا فعندنا لكم الانجادُ مبذولا (¬90) ومثله: (¬91) 17 - متى تأته ألفيته متكفلا بنصرة مذعور وترفيه (¬92) بائس ¬

_ (¬84) ديوانه ص 99 والجنَى الداني ص 550. (¬85) ما بين المعقوفتين ثبت في أفقط. (¬86) لم أقف في ديوانه على الرجز، وشطره الأول في تهذيب اللغة للأزهري 6/ 318 بدون نسبة. (¬87) البيت لقعنب بن ضمرة. معاني القرآن، للفراء 2/ 276 ومعجم شواهد العربية 1/ 393. (¬88) د: سيئا. تحريف. (¬89) لم أقف على الشاهد في كتاب. (¬90) في ج: مبذول. تحريف. (¬91) لم أقف على الشاهد في كتاب. (¬92) د: وترفيد.

ومثله: (¬93) 18 - إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا ملأتم أنفس الأعداء إرهابا ومما يؤيد (¬94) هذا الاستعمال قوله تعالى {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} (¬95) فعطف على الجواب الذي هو"ننزل" "ظلّت" (¬96) وهو ماضي اللفظ، ولا يعطف على الشيء غالبًا إلا ما يجوز أن يحل محله، وتقدير حلول "ظلت" محل "ننزل": إن نشا ظلت أعناقهم لما ننزل خاضعين. [3 ظ] ولهذا الاستعمال أيضًا مؤيد من القياس. وذلك أن محل الشرط مختص بما يتأثر بأداهّ الشرط لفظًا أو تقديرًا (¬97) واللفظي أصل للتقديري. (¬98) ومحل الجواب محل غير مختص بذلك، لجواز أن يقع فيه جملة اسمية وفعل أمر أو دعاء (¬99) أو فعل مقرون بـ "قد" أو حرف تنفيس أو بـ "لن" أو بـ "ما" النافية. فإذا كان الشرط والجواب مضارعين وافقا الأصل؛ لأن المراد منهما الاستقبال، ودلالة المضارع عليه موافقة للوضع، ودلالة الماضي عليه مخالفة للوضع. وما وافق الوضع أصل لما خالفه. وإذا كانا ماضيين خالفا الأصل، وحسنهما وجود التشاكل وإذا كان أحدهما مضارعًا والأخر ماضيًا حصلت الموافقة من وجه والمخالفة من وجه. وتقديم الموافق أولى من تقديم المخالف؛ لأن المخالف نائب عن غيره، والموافق ليس نائبًا، ولأن المضارع بعد أداة الشرط غير مصروف عما وضع له, إذ هو باق على الاسقبال والماضي بعدها (¬100) مصروف عما وضع له، إذ هو ماضي اللفظ ¬

_ (¬93) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح الألفية لابن الناظم ص 273 ومعجم شواهد العربية 1/ 30. (¬94) د: يؤكد. تحريف. (¬95) الشعراء 26/ 4. وفي د. خاظعين. تحريف. (¬96) بـ: ضلت. تحريف. (¬97) في د: لفظًا وتقدير. تحريف. (¬98) بـ: والفظي أصل التقديري. تحريف. (¬99) ج: ودعاء. تحريف. (¬100) د: بعده.

مستقبل المعني، فهو ذو تغير (¬101) في اللفظ دون المعنى، على تقدير كونه في الأصل مضارعًا، فردّته الأداة ماضي اللفظ ولم تغيّر معناه. وهذا مذهب المبرد. أو هو ذو تغيّر (¬102) في المعنى دون اللفظ، على تقدير كونه في الأصل ماضي اللفظ والمعنى، فغيرت الأداة معناه دون لفظه. وهذا هو المذهب المختار. وإذا كان ذا تغيَّر (¬103) فالتأخر أولى به (¬104) من المتقدم؛ لأن تغيير الأواخر أكثر من تغيير الأوائل. (¬105) ¬

_ (¬101) د: تغيير. (¬102) أج د: تغيير. تحريف. (¬103) ج د: تغيير. تحريف. (¬104) ب: فالتأخر به أولى. (¬105) بعدها في ب فقط: كملت.

3 - توجيه قول أبي جهل (متى يراك الناس قد تخلفت)

ومنها قول أبى جهل لعنه الله تعالى لـ[أبي] (¬106) صفوان (متى يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي، تخلفوا معك). (¬107) قلت: تضمن هذا الكلام ثبوت ألف "يراك" بعد "متى" الشرطية. وكان حقها أن تحذف فيقال: متى يرك، كما قال الله تعالى {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا}. (¬108) وفي ثبوتها أربعة أوجه: أحدها (¬109) - أن يكون مضارع "راء" بمعنى "رأى" (¬110) كقول الشاعر. (¬111) 19 - إذا راءنى أبدى بشاشة واصل ... ويألف شنآني إذا كنت غائبا ومضارعه "يراءُ" فجزم فصار "يَرَأ"، ثم ابدلت همزته ألفًا، فثبتت موضع الجزم، كما ثبتت الهمزة التي هي بدل منها. ومثله {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} (¬112) في وقف (¬113)، حمزة وهشام. (¬114) الثاني- أن تكون "متى" شبهت بـ "إذا" فأهملت، كما شبهت "إذا" بـ "متى" فأعملت، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعليّ وفاطمة رضي الله عنهما (إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا ¬

_ (¬106) زيادة من صحيح البخاري 5/ 91 تصلح النص. (¬107) في متن البخاري 5/ 91 "متى يراك" وقال ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 286 (قوله: إنك متى يراك الناس، في رواية الكشمهينى وحده، متى ما يراك الناس بزيادة ما). (¬108) الكهف 18/ 39. (¬109) احدها: ساقط من ج. (¬110) في نوادر أبي زيد ص40 (وقال أبو الفضل الرياشي ... وقوم من العرب يؤخرون الهمزة في رأى ونأى فيقولون راءَ وناءَ يا هذا). (¬111) لم أقف على قائل البيت. (¬112) النجم 53/ 36. (¬113) ج: قراءة. تحريف. (¬114) ينظر "وقف حمزة وهشام على الهمزة" في التيسير في القراءات السبع ص 37 وما بعدها.

أربعًا وثلاثين، وتسبحّا ثلاثًا وثلاثين، وتَحْمدا ثلاثًا وثلاثين). (¬115) وهو في النثر نادر، وفي الشعر [4 و] كثير، [كقوله: (¬116) 20 - وإذا تصبك خصاصة فارجُ الغنَى وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب] (¬117) ومن تشبيه "متى" بـ "إذا" وإهمالها قول عائشة رضي الله عنها (إن أبا بكر رجلٌ أسيف، وإنه (¬118) متى يقومُ مقامك لا يُسمعُ الناس) (¬119) * * * * * ونظير حمل "متى" على "إذا" وحمل "إذا" على "متى" حملُهم "إنْ" على "لو" في رفع الفعل بعدها، وحملُهم "لو" على "إن" في الجزم بها. فمن رفع الفعل بعد "إن" حملًا على "لو" قراءة طلحة {فإمَّا تَرَيْنَ مِنَ البشر أحدًا} (¬120) بسكون الياء وتخفيف النون، فأثبت نون الرفع في فعل الشرط بعد "إن" مؤكدة بـ "ما" حملًا لها على "لو". ومن الجزم بـ "لو" حملًا على "إنْ" قول الشاعر (¬121): 21 - لوتعذ حين فَر قومك بي كنت من الأمن في أعز مكان ومثله (¬122): 22 - لو يشأ طار به ذو مَيعةٍ ْلاحقُ الآطالِ نهدٌ ذو خُصل ¬

_ (¬115) صحيح البخاري 5/ 24. وفي نسخة (فكبرا ... وسبحا ... واحمدا ... ) وفي أخرى (فكبرا ... وتسبحان ... وتحمدان). (¬116) للنمر بن تولب. شعره ص 44 والجنى الداني ص 360. (¬117) ما بين المعكوفتين زيادة من ج د. (¬118) وانه: ساقط من ب. (¬119) صحيح البخاري 1/ 173. وفي نسخة "وإنه متى ما يقم ... " (¬120) مريم 19/ 26. (¬121) لم أقف على الشاهد في كتاب. (¬122) البيت لعلقمة الفحل، ينظر: ديوانه ص 134 والأمالي الشجرية 1/ 333 ومعجم شواهد العربية 1/ 260.

ومثله قول الآخر (¬123): 23 - تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت ... إحدى نساء بني ذُهل بن شيبانا الوجه الثالث- أن يكون أجرى المعتل مجرى الصحيح، فأثبت الألف واكتفى بتقدير حذف الضمة التي كان ثبوتها منويا في الرفع. ونظيره قول الشاعر (¬124). 24 - وتضحكُ مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا ومثله قول الراجز: (¬125) 25 - إذا العجوزُ غضبت فطلّق ... ولا ترضاها ولا تملّق (¬126) ومن هذا على الأظهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "من أكل من هذه الشجرة فلا يغشانا) (¬127) وجعلً الكلام خبرًا بمعنى النهى جائز. وأكثر ما يجرَى المعتل مجرى الصحيح فيما آخره ياءٌ أو واو. فمن ذلك قراءة قنبل {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} (¬128) وكذا قول الشاعر: (¬129) 26 - ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد ومنه قول عائشة رضي الله عنها (إن يقم مقامك بيكي). (¬130) وقول رسول الله ¬

_ (¬123) هو لقيط بن زرارة. ينظر: الجنى الداني ص 297 ومعجم شواهد العربية 1/ 382. (¬124) هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي. ينظر: سرّ صناعة الإعراب 1/ 88 ومعجم شواهد العربية 1/ 423. (¬125) هو رؤية. ملحقات ديوانه ص 179 وسر صناعة الإعراب 1/ 89 ومعجم شواهد العربية 1/ 423. (¬126) ج: "فطلقي ... تملقي". تحريف. (¬127) صحيح البخاري 1/ 205. (¬128) يونس 12/ 90. وشظر: إتحاف فضلاء البشر ص 15 أو 267 والبحر المحيط 5/ 342. (¬129) هو قيس بن زهير. الكتاب 3/ 316 ومعجم شواهد العربية 1/ 123. (¬130) صحيح البخاري 1/ 172. وفي نسخة "يبكِ".

- صلى الله عليه وسلم - في، إحدى الروايتين (مُروا أبا بكر فليصلي بالناس). (¬131) ومن مجيئه فيما آخره واو قول الشاعر: (¬132) 27 - هجوت زبّان ثم جئت معتذرًا ... من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع الوجه الرابع- أن يكون من باب الإشباع، فتكون الألف متولدة عن إشباع حركة الراء بعد سقوط الألف الأصلية جزمًا. وهى لغة معروفة، أعني إشباع الحركات الثلاث وتوليد الأحرف الثلاثة بعدها. (¬133) فمن ذلك قراءة أبي جعفر {سواءٌ عليهم آستغفرت لهم} (¬134) بمد الهمزة، والأصل "استغفرت" بهمزة وصل. ثم دخلت همزة الاستفهام فصار: "أاستغفرت، بالقطع والفتح والقصر (¬135) مثل {أصطفى البناتِ على البنين} (¬136) وسقطت همزة الوصل سقوطًا لا تقدير معه، كما يفعل بها بعد واو العطف وفائه، وأشبعت فتحة همزة الاستفهام فتولدت بعدها ألف، كما قالوا: بينا زيد قائم جاء عمرو، يريدون: (¬137) بين أوقات قيام زيد جاء عمرو، فأشبعت فتحة النون وتولدت الألف. وحكى الفراء عن بعض العرب (أكلت [4ظ] لحما شاة). (¬138) يريد: لحم شاة، فأشبع فتحة الميم وتولدت الألف. ومن إشباع الفتحة قول الفرزدق (¬139): ¬

_ (¬131) روى الحديث فى صحيح البخاري 1/ 160 و 163 و 164 و 172 بلفظين: الأول- فليصل، بأسكان اللام الأولى وحذف الياء. والثاني- فلِيصليَ، بكسر اللام الأولى وإثبات الياء مفتوحة. أما إثبات الياء ساكنة فهو مما لم أقف عليه عند غير ابن مالك. ولعل في الحديث لفظًا ثالثًا خرجه هو. وينظر أيضًا: فح الباري 2/ 345. (¬132) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح المفصل 10/ 104 - 105 ومعجم شواهد العربية 1/ 230. (¬133) تفصيل الكلام على "الاشباع" في سر الصناعة 1/ 27 وما بعدها (¬134) المنافقون 63/ 6 وينظر المحتسب 2/ 322. ولأبي جعفر قراءة أخرى في هذه الآية ستذكر فى البحث المرقم 28. (¬135) ج: بالقطع والقصر وبالفتح والقصر. (¬136) الصافات 37/ 153. (¬137) ج: وتريدون. تحريف (¬138) ينظر: المحتسب، لابن جني 1/ 258. (¬139) ديوانه 2/ 771.

28 - فظلا يخيطان (¬140) الورَاق عليهم ... بأيديهما من أكل شر طعام ومثلة: (¬141) 29 - فأنت من الغوال حين تُرمَى ... ومن ذمّ الرجال بمنتزاح ومثلة: (¬142) 30 - أقول إذ خرت على الكلكال (¬143) ... يا ناقتا ما جلت من مجال ومثل ذلك في الياء رواية أحمد بن صالح عن ورش {مالكي يوم الدين}. (¬144) ومنه قول الشاعر: (¬145) 31 - تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهيم (¬146) تنقاد الصياريف ومثل ذلك في الواو قراءة الحسن رضي الله عنه {سأَوريكم دارَ الفاسقين} (¬147) بإشباع ضمة الهمزة ومثله رواية أحمد بن صالح عن ورش (¬148) {إياك نعبدو وإياك نستعين} (¬149) بإشباع ضمة الدال. ومنه قول الشاعر: (¬150) ¬

_ (¬140) ج: يخصان. تحريف. (¬141) البيت لإبراهيم بن هرمة. ديوانه ص 87 وسرّ صناعة الإعراب 1/ 29 ومعجم شواهد العربية 1/ 88. (¬142) البيت مجهول القائل: ينظر: الإنصاف 1/ 25 ومعجم شواهد العربية 2/ 527. (¬143) الكلكل والكلكال: الصدر من كل شىء. (¬144) الفاتحة 1/ 4. وينظرْ البحر المحيط 1/ 20. (¬145) هو الفرزدق. ديوانه 2/ 570 والكتاب 1/ 28 ومعجم شواهد العربية 1/ 240. (¬146) ب: الدراهم. تحريف. (¬147) الأعراف 7/ 145. وينظر: المحتسب 1/ 258. (¬148) عن ورش: سقط من أ. (¬149) الفاتحة1/ 5. والقراءة المشهورة "إياك نعبد ... ". (¬150) هو إبراهيم بن هرمة. ديوانه ص 118 وسرّ صناعة الإعراب 1/ 30 ومعجم شواهد العربية 1/ 165.

32 - وأنتي حوثما يُشري الهوَى بصري ... من حوثما سلكوا أثني (¬151) فأنظُورُو [هكذا رواه ابن الأعراب "يشري" معجمة. أي: يقلق ويحرك]. (¬152) ومثله: (¬153) 33 - عيطاءُ جماءُ العظام عُطبولْ ... كأن في أنيابها القَرنفُولْ (¬154) ¬

_ (¬151) د: ادنو، وهي رواية في البيت. (¬152) ما بين المعقوفتين ورد في أفقط. وينظر: المحتسب 1/ 259. (¬153) البيت مجهول القائل، ينظر: المحتسب 1/ 259 ومعجم شواهد العربية 2/ 518. (¬154) امرأة عيطاء: طويلة العنق جماء العظام: كثيرة اللحم. عُطبول: جميلة فتية ممتلئة.

4 - إتصال الضمائر وانفصالها

ومنها قول سهل بن سعد (فأعطاه إياه) يعني القائل (ما كنت لأُوثر بنصيبى منك أحدًا) (¬155) وقول هِرَقْل (كيف كان قتالكم إياه) (¬156). وقول المرأة (يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي لأكسوكها) (¬157). وقول رجل من القوم (يا رسول الله، اكسنيها) (¬158). وقول القوم للرجل (ما أحسنت، سألتها إياه) (¬159). قلت: في الحديث الأول والثاني استعمال ثاني الضميرين منفصلًا مع إمكان استعماله متصلًا. والأصل أن لا يستعمل المنفصل إلا عند تعذر المتصل، كتعذره لإضمار العامل، (¬160) نحو {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (¬161) وعند التقديم، نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (¬162) وعند العطف، نحو {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ} (¬163) وعند وقوعه بعد "إلا" وبعد واو المصاحبة، نحو قوله تعالى {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا ¬

_ (¬155) صحيح البخاري 3/ 136 و 139. (¬156) صحيح البخاري 1/ 7 و 4/ 23 و 44. (¬157) رواية البخاري في 3/ 76 و 7/ 189 "أكسوكها" من غير لام. وفي 2/ 94 "قالت: نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها". (¬158) صحيح البخاري 3/ 76 و 7/ 189. وينظر أيضًا 2/ 94. (¬159) صحيح البخاري 3/ 76 و 7/ 189. (¬160) بـ: الفاعل. تحريف. (¬161) سورة البقرة 2/ 40. (¬162) الفاتحة 1/ 5. (¬163) النساء 4/ 131.

إياه) (¬164)، وكقول الشاعر (¬165): 34 - فآليت لا أنفك أحذو قصيدة ... تكون وإياها بها مثلًا بعدي وإنما كان استعمال المتصل أصلًا لأنه أخصر وأبين: أما كونه أخصر فظاهر (¬166). وأما كونه أبين فلأن المتصل لا يعرض معه لبس أصلًا. والمنفصل قد يعرض به في بعض الكلام لبس. وذلك أنه لو قال قائل: إياك أخاف لاحتمل إن يريد إعلام المخاطب بأنه يخافه، ويحتمل أن يريد (¬167)، تحذيره من شيء وإعلامه بأنه خائف من ْذلك الشيء. فالكلام على القصد الأول جملة واحدة، وعلى القصد الثاني جملتان. فلو قال (¬168) موضع "إياك أخاف" أخافك، لأمن اللبس. وإذا علمت هذه القاعدة لزم أن يُعتذر عن جعل منفصل في موضع لا يتعذر فيه [5 و] المتصل. فإن كان مع مباشرة العامل خص بضرورة الشعر ونسب إلى الضعف كقول الراجز، (¬169): 35 - إني لأرجو محرزًا أن ينفعا ... إياىِ لما صرت شيخًا قلِعا وكذا المفصول بتاء التأنيث، كقول الفرزدق (¬170): ¬

_ (¬164) يوسف 12/ 40. (¬165) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين 1/ 159 والجمل للزجاجي ص 307 ومعجم شواهد العربية 1/ 109. (¬166) ج: فواضح. (¬167) يريد: ساقط من ج. (¬168) د: قلت. تحريف. (¬169) لم أقف على قائل الرجز. وهو من شواهد ابن مالك في شرح عمدة الحافظ ص 403. وذكر في لسان العرب "قلع" 8/ 291. (¬170) ديوانه 1/ 264 والإنصاف 2/ 698 ومعجم شواهد العربية 1/ 183.

36 - إني حلفتُ ولم أحلف على فندٍ ... فناءَ بيتٍ من الساعين معمورٍ بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت ... إياهم الأرض في دهر الدهارير وكذا المفصول بضميررفع- إذا لم يكن الفعل من باب "كان" - يجب إتصاله بالضمير الذي اسند إليه الفعل، نحوا {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (¬171) و {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (¬172). ولا يجوز انفصاله إلا فى ضرورة، كقول الشاعر (¬173): 37 - أما عطاؤك يا ابن الأكرمين فقد ... جعلت إياه بالتعميم مبذولا فإن كان الفعل من باب "كان" واتصل به ضمير رفع جاز في الضمير الذي الاتصال، نحو: صديقي كنتَه والانفصال نحو: صديقي كنت إياه. والاتصال عندي أجود؛ لأنه الأصل وقد أمكن، ولشبه (¬174) كنت " فعلته". فمقتضى هذا الشبه أن يمتنع "كنت إياه" كما يمتنع " فعلت إياه " فاذا لم يمتنع أقل من أن يكون مرجوحًا وجعله أكثر النحوين راجحا، وخالفوا القياس والسماع - أما مخالفة القياس فقد ذكرت. وأما مخالفة السماع فمن قبل (¬175) أن الاتصال ثابت يْا أفصح الكتب المنثور (¬176)، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر رضي الله عنه (إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن ¬

_ (¬171) سورة البقرة 2/ 3. (¬172) القصص 28/ 78 (¬173) لم أقف على الشاهد في كتاب. (¬174) أ: ويشبة. تحريف. (¬175) د: قبيل. تحريف. (¬176) الشواهد التي سيذكرها ابن مالك، فيها ضمير النصب متصل بالفعل الناقص، قرره قبلُ وخْالف فيه "أكثر النحويين" هو اتصال ضمير النصب بعد ضمير الرفع بالضمة الناقص , مثل: صديقي كنته.

يكنه (¬177) فلا خير لك في قتله). وكقول بعض العرب (عليه رجلًا ليسني) (¬178). وفي أفصح الكلام المنظوم كقول الشاعر (¬179): 38 - لجاري (¬180)، من كانه عزة (¬181) ... يخال ابن عم بها أو أجل ومثله (¬182): 39 - فإن لا يكنها أوتكنه فانه ... أخوها غذته أمه بلبانها ومثله (¬183): 40 - كم ليث اعتن (¬184) لي ذا أشبل غرثت ... فكأنني أعظم الليثين إقداما ولم يثبت الانفصال إلا في شعر قليل، كقول الشاعر (¬185). ¬

_ (¬177) لفظ البخاري في 2/ 112 أو 4/ 86 ومسلم في 4/ 2244: " ... وإن / يكنه". (¬178) قاله بعضهم وقد بلغه إن انساناً يهدده. وعليه: اسم فعل بمعنى الأمر، ورجلا: مفعول به. والمعى: ليلزم رجلًا غيري. ينظر: كتاب سيبويه 1/ 250 والتصريح على التوضيح1/ 110. (¬179) لم أقف على الشاهد في كتاب ولم يتضح لي معناه. (¬180) ج: بجاري. (¬181) أ: غرة، ج: غيره. (¬182) الببيت لأبي الأسود الدؤلي. ديوانه ص 82 والكتاب 1/ 4 (186) 6 ومعجم شواهد العربية1/ 400 (¬183) البيت ذكره ابن مالك في شرح التسهيل1/ 64و 171. (¬184) ج: اغتن. وفي شرح التسهيل: اغتربي. ومعنى اعتن تعرض. (¬185) لم أقف على البيت في كتاب.

41 - عهدت خليلي نفعُه متتابع ... فإن كنتَ إياه فإياه كن حقًا (¬186) والذي ينبغي أن يعلم في هذه المسألة أنه إذا تعلق بعامل واحد ضميران متواليان، واتفقا في الغيبة وفي التذكير أو التأنيث وفي الافراد أو التثنية أو الجمع. ولم يكن الأول مرفرعًا، وجب كون الثاني بلفظ الانفصال، نحو: فأعطاه إياه، ولو قال فأعطاهوه (¬187) بالاتصال لم يجز، لما في ذلك من استثقال توالي المثلين مع إيهام كون الثاني توكيدا (¬188) للأول. وكذا لو اتفقا (¬189) في الافراد والتأنيث [5 ظ] نحو: أعطاها إياها، أو في (¬190) التثنية والجمع بصيغة واحدة، نحو: أعطاهما إياهما، وأعطاهم إياهم، وأعطاهن , إياهن. والاتصال في هذا وأمثاله ممتنع. فلو اختلفا جاز الاتصال والانفصال، كقول بعض العرب: (هم أحسن الناس وجوهًا وأنضرهموها) (¬191) رواه الكسائي. وكقول الشاعر (¬192): 42 - لوجهكَ في الإحسان بسط وبهجة ... أنا لهماه قفو أكرم والدِ (¬193) ¬

_ (¬186) قول ابن مالك في هذا الشاهد لا علاقة بينه وبين الشواهد المتقدمة عليه؛ لأن "كان " هنا جاء مرفوعها ضمير رفع متصلًا بها في "فإن كنت إياه"أوتقدم المنصوب عليها في "فاياه كن حقا" فمن الحسن ن يكون خبرها ضمير نصب منفصلًا في الوضعين. أما الشواهد السابقة "لجاري من كانه " و "إن يكنه فلن" وغيرهما فإن مرفوعًا "كان" أما ضمير مستقر أو اسم ظاهر، فحسن فيها اتصال ضمير النصب الواقع موقع الخبر بها. (¬187) أ: فأعطاه هوه. تحريف. (¬188) ج: توكيدا. (¬189) ج: اتفقا توكيدا. تحريف. (¬190) في: ساقطة من ج. (¬191) شرح الألفية، لابن الناظم ص 25. (¬192) قائل البيت مجهول، ينظر: شرح الألفية، لابن الناظم ص 25 ومعجم شواهد العربية 1/ 115. (¬193) القَفو: مصدر قولك: قفا يقفو. وهو أن يتبع الَشيءَ.

ومن الانفصال قوله - صلى الله عليه وسلم - (ما من الناس من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث (¬194) إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم) (¬195). فإن اختلفا وتقاربت الهاءان، نحو: أعطاهوها وأعطاهاه (¬196) ازداد إلانفصال حسنًا وجودة؛ لأن فيه تخلصًا (¬197) من قرب الهاء من الهاء، إذ ليس بينهما فصل إلا بالواو في نحو: أعطاهوها، وبالألف في نحو: أعطاهاه، بخلاف "أنضرهموها"، و "أنا لهماه" وشبهه. ولترجيح الانفصال في نحو "أعطاهاه" جيء به دونَ الاتصال في قول القوم للرجل "ما أحسنت، سلتها إياه" ولم يقولوا: سألتهاه، ولو قيل لجاز. فإن اختلف الضميران بالرتبة وقدم أقربهما رتبة جاز اتصال الثاني وانفصاله، نحو: أعطيتكه، وأعطيتك إياه. والاتصال أجود، لموافقة (¬198) الأصل، ولان القرآن العزيز نزل به دون الانفصال، كقوله تعالى {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} (¬199). وعليه جاء قول المرأة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لأكسوكها". وقول الرجل له - صلى الله عليه وسلم - "اكسنيها" [وقول الخضر عليه السلام (يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه)] (¬200). وسيبويه يَرى الاتصال في هذه الأمثله ونحوها واجبا، والانفصال ممتنع (¬201). والصحيح ترجيح الاتصال وجواز الانفصال. ومن شواهد تجويزه قول النبي - صلى الله عليه وسلم (فإن الله ملككم إياهم، ولو شاء لملكهم إياكم) (¬202). ومما يراه سيبويه أيضًا أن ثاني الضميرين المنصوبين بـ "ظن" أو إحدى أخواتها ¬

_ (¬194) لم يبلغوا الحنث: ساقط من أب. (¬195) الحديث في صحيح البخاري 2/ 119 برواية "ما من الناس مسلم ... ، وينظر أيضًا 5/ 88. (¬196) أ: وأعطاها هوه. تحريف. (¬197) ج: مخلصا. (¬198) بـ: لموافقته. (¬199) الأنفال 8/ 43. وفي بـ: واذ يريكم. تحريف. (¬200) صحيح البخاري 1/ 41. وما بين المعقوفتين ساقط من ب. (¬201) الكتاب 2/ 363 و 364. (¬202) لم أقف على الحديث فيما تيسر من كتب الحديث. وهو في شرح التسهيل لابن مالك 1/ 169 وشرح الألفية لابن الناظم ص 24.

يجوز اتصاله وانفصاله مع ترجيح الانفصال (¬203). والصحيح عندي ترجيح الاتصال لموافقة الأصل، ولتشابه "ظننتكه" و "أعطيتكه". فلو قدم الأبعد في الرتبة امتنع الاتصال ووجب الانفصال، نحو: أعطيته إياك، وحسبته إياك. وأجاز المبرد إلاتصال في هذا النوع، كقولك: أعطيتهوك. وحكى سيبويه تجويز ذلك عن بعض المتقدمين، ورده بأن العرب لم تستعمله (¬204). وقد روى أن عثمان رضي الله عنه قال (أن الباطل أراهمني شيطانًا) (¬205)، ففيه حجة للمبرد على سيبويه رحمهما الله تعالى. وأما قول المترجم عن هرقل "كيف كان قتالكم إياه" ففيه انفصال ثاني الضميرين، ولو جعله متصلًا لجاز، كقول الشاعر (¬206): [6 و] 43 - فلا تطمع أبيت اللعن فيها ... ومنعكها بشيء يستطاع ¬

_ (¬203) الكتاب 2/ 365 - 366. (¬204) في الكتاب (2/ 363 - 364) ... فإن بدأ يالخاطب قيل نفسه فقال: اعطاكني، أو بدأ بالغائب قبل نفسه فقال: قد أعطاهوني فهو قبيح لا تكلم به العرب، ولكن النحويين قاسوه). (¬205) في شرح التسهيل لابن مالك 1/ 168 "ولكن يعضد من أجاز القياس في ذلك ما رؤئ ابن الأنباري في "غريبه" من قول عثمان رضي الله عنه: اراهمني الباطل شيطانًا). وبهذا اللفظ رواه ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" 2/ 57. وينظر: شرح ابن عقيل 1/ 156 والتصريح 1/ 108. (¬206) ينسب البيت لقحيف اومخنف العجلي. وقيل لرجل من تميم سأله بعض الملوك فرسًا له مقال ذلك. ينظر: شرح الألفية لابن الناظم ص 24 ومعجم شواهد العربية 1/ 225.

5 - توجيه الحديث (انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي)

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلِى) (¬207). قلت: تضمني هذا الحديث ضمير غيبة مضافا إليه "سبيل" وضميري حضور، أحدهما في موضع جر بالباء، والآخر في موضع جر بإضافة "رسل". وكان اللائق في الظاهر أن يكون بدل الياءين هاءان، فيقال: انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إِيمان به وتصديق برسله. فلو قيل هكذا لكان مستغنيا عن تقدير وتأويل. لكن مجيئه بالياء يحوج إلى التأويل (¬208)؛ لأن فيه خروجًا من (¬209) غيبة إلى حضور، على تقدير اسم فاعل من "القول" منصوب على الحال، محكى به النافي والمنفي وما يتعلق به. كانه قال: انتدب الله لمن خرج في سبيله قائلاً: لا يخرجه إلا إِيمان بي وتصديق (¬210) برسلي. والاستغناء بالمقول النائب (¬211) عن القول المحذوف، حالًا وغير حال كثير. فمن حذفه وهو حال قوله تعالى {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} (¬212). أي: قائلين ربنا تقبل منا. ومثله {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} (¬213) أي: قائلين سلام عليكم. ومثله ¬

_ (¬207) صحيح البخاري 1/ 17. (¬208) (تبسط ابن مالك في توجيه ما في الحديث الشريف من خروج من ضمير الغيبة إلى ضمير الحاضر من الوجهة النحوية واللغوية، وتمحل التأويل الطويل، والذي أراه أن الحديث هو من باب "الالتفات" الذي يعقد له أصحاب البلاغة المباحث في كتبهم موضحين هذا الاسلوب من الوجهة المعنوية والجمالية. ينظر على سبيل المثال: المثل السائر، لابن الأثير 2/ 170 - 191 .. (¬209) بـ ج: عن. (¬210) ج: أو تصديق. تحريف. (¬211) أ: الثابت. ج: الغائب. تحريف. (¬212) سورة البقرة 2/ 127. (¬213) الرعد 13/ 23 - 24.

{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} (¬214) أي قائلين. ومن حذفه وهو غيرحال قوله تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬215) أي: فيقال لهم: أكفرتم. ومثله {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬216) أي: يقولون: ما نعبدهم. ويجوزأن تكون الهاء من "سبيله" عائدة على "من" ولـ "سبيله" نعت محذوف، كانه قيل: انتدب الله لمن خرج في سبيله المرضية، التي نبه عليها بقوله {إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} (¬217) وبقوله تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} (¬218). فإن النعت يحذف كثيرا إذا كان مفهومًا من قوة الكلام، كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} (¬219). أي: إلى معادٍ أي معادٍ أو: إلى معادٍ تحبه. وكقوله: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} (¬220)، أي: قومك المعاندونْ. ثم اضمر بعد "سبيله" قول حكي به ما بعد ذلك، لا موضع له من الاعراب. ¬

_ (¬214) غافر 7/ 40. (¬215) آل عمران 3/ 106. (¬216) الزمر 3/ 39. (¬217) الفرقان 25/ 57. (¬218) الإنسان 3/ 36. (¬219) القصص 28/ 85. (¬220) الأنعام 6/ 66.

6 - توجيه قول عائشة (انما كان منزل ... )

ومنها قول عائشة رضي الله عنها في باب المحصب (انما كان منزل ينزله النبى (¬221) - صلى الله عليه وسلم -) (¬222)، تعني المحصب (¬223) [قلت: في رفع "منزل " ثلاثة أوجه: أحدها- أن تجعل "ما" بمعنى (الذي) واسم "كان" ضمير يعود على "المحصب"] (¬224) فإن هذا الكلام مسبوق بكلام ذكر فيه (المحصب). فقالت أم المؤمنين رضي الله عنها: إن الذي كانهُ المحصَب منزل ينزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حذف خبر (كان) لأنه ضمير متصل كما يحذف المفعول به إذا كان ضميرا متصلًا ويستغني بنيته. كقولك: زيد ضرب عمرو. تريد: ضربه عمرو. ومن حذف الضمير (¬225) المتصل خبرًا ل (كان) قول الشاعر (¬226): 44 - فأطعمنا من لحمها وسديفها ... شواءً, وخيرالخير ما كان عاجله. أراد: وخير الخيرالذي كأنَه عاجلُه. ومثله- قول الآخر (¬227)،: 45 - أخ مخلص وافٍ صبورٌ محافظ ... على الود والعهد الذي كان مالك ¬

_ (¬221) في المخطوطات: رسول الله. وما اثبته هو لفظ البخاري. (¬222) صحيح البخاري 2/ 211. وفي نسخة" منزلًا"، بالنصب. (¬223) تعنى المحصب: ساقط من ج. (¬224) ساقط من بـ. (¬225) د: المضمر. (¬226) قائل البيت مجهول. ينظر: المفاصد النحوية، للعينى 4/ 124 ومعجم شواهد العربية 1/ 288. (¬227) قائل البيت مجهول، ينظر: شرح الأشموني على الألفية 1/ 171 ومعجم شواهد العربية

[6 ظ] أراد: الذي كانَه مالك، و "الذي" وصلته مبتدأ، وقد أخبر عنه (¬228) بخمسة أخبار متقدمة (¬229). ومثل هذا البيت في الاكتفاء بنية الخبر عن لفظه قوله (¬230): 46 - شهدت دلائل جمة لم أحصها ... أن المفضل لن يزالَ عتيق أراد: لن يزاله (¬231) وأجاز أبو علي الفارسي أن يكون من هذا القبيل قول الشاعر (¬232): 47 - عدو عينيك وشانيهما ... أصبح مشغولٌ بمشغول على أن يكون التقدير: أصبحه مشغول بمشغول. وأجاز أيضاً أن تكون "أصبح" زائدة. ومما يتعين كونه من هذا النوع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أليس ذو الحجة) (¬233) بعد قوله (أى شهر هذا)، والأصل: أليسَه ذو الحجة. ويمكن أن يكون مثله قول أبى بكر رضي الله عنه (بأبي، شبيهٌ بالنبى، ليس شبيه بعليٍ (¬234). الوجه الثاني- أن تكون "ما" كافة (¬235)، ويكون "منزل" اسم "كان" وخبرها ¬

_ (¬228) بـ: عنها. تحريف. (¬229) الذي أراه من ظاهر ألفاظ البيت أن لفظ "الذي" صفة لـ "العهد". ولفظ "أخ" وما بعده- خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هو. (¬230) لم أقف على البيت في كتاب. (¬231) الأولى أن يكون "عتيق" خبر "أن" و" لن يزال" اعتراضًا بين الأسم والخبر. (¬232) لم أقف على قائل البيت. ينظر: شرح الأشموني 1/ 241 ومعجم شواهد العربية 1/ 322 (¬233) صحيح البخاري 2/ 206 ورُوي في 5/ 224 بلفظ "ذو" ولفظ "ذا" بالرفع والنصب. ورُوي في 1/ 27 بلفظ "أليس بذي الحجة". (¬234) صحيح البخاري 5/ 33. وفي نسخة منه "ليس شبيها". (¬235) من (الوجه) إلى هنا مطموس في ب.

ضمير عائد على"المحصب", فحذف الضمير، واكتفي بنيته على نحو ما تقرر في الوجه الأول. لكن في الوجه الأول تعريف الاسم والخبر، وفي هذا الوجه تعريف الخبر وتنكير الاسم، إلا أنه نكرة مخصصة بصفتها، فسهل ذلك كما سهل في قول الشاعر (¬236): 48 - قفي قبل التفرق يا ضباعا (¬237) ... ولايك موقف منك الوداعا ف "منك" صفة لـ " وقف" قربته من المعرفة، وسهلت كون الخبر " آلوداع" (¬238). على (¬239) أنه لوكان اسم "كان" نكرة محضة. وخبرها معرفة محضة (¬240) لم يمتنع, لشبههما بالفاعل والمفعول. ومن شواهد ذلك قول حسان رضي الله عنه (¬241): 49 - كأن سيئة من بيت رأس ... يكون مزاجَها عسلَ وماءَ فجعل "مزاجَها" خبرًا، وهو معرفة محضة، و"عسل" اسماة وهو نكرة محضه، ولم تحوجه ضرورة, لتمكنه من أن يقول: يكونُ مزاجُها عسلَ (¬242) وماء، فيجعل اسم "كان" ضمير "سبيئة" و "مزاجُها عسل" مبتدأ وخبر في موضع نصب بـ "كان". الثالث- أن يكون "منزل" منصوبًا في اللفظ، إلا أنه كتب بلا ألف على لغة ¬

_ (¬236) هو القطامي. ديوانه ص 17 والكتاب 1/ 243 ومعجم شواهد العربية 1/ 213. (¬237) اسم علم منادى مرخم. (¬238) د: الوداعا. (¬239) ج: وعلى. تحريف. (¬240) سقط من ج: وخبرها معرفة محضة. (¬241) ديوانه ص 3 والكتاب 1/ 49 ومعجم شواهد العربية 1/ 20. (¬242) بـ: علا. تحريف.

ربيعة (¬243)، فانهم يقفون على المنصوب المنون بالسكون وحذف التنوين بلا بدل كما يفعل أكثر (¬244) العرب في الوقف على المرفوع والمجرور. وانما كتب المنون المنصوب بالألفط لأن تنوينه (¬245) يبدل في الوقف ألفًا، فروعي جات الوقف كما روعي في (¬246) "أنا"فكتب بألف (¬247) لثبوتها وقفًا، ولم يبالوا [بحذفها وصلًا، وكما روعي في ":مُسلمة" ونحوه (¬248)، فكتب بالهاء لثبوتها وقفًا، ولم يبالوا] (¬249) بثبوتها في الوصل تاء. وكما (¬250) روعي في "به" و"له" ونحوهما، فكتبا بلا ياء ولاواو كلما يوقف عليهما. ولوروعي فيهما جانب الوصل لكتبا بياء وواو (¬251). فمن لم يقف على المنون المنصوب بألف استغنى عنها في الخط؛ لأنها على لغته ساقطة وصلًا ووقفًا (¬252). ¬

_ (¬243) ذكر هذه اللغة ابن جني في الخصائص 2/ 97 من غير عزو ال قوم. وقال الألوسي في الضرائر ص 63 (ونسبها ابن مالك ال ربيعة). (¬244) أكثر: ساقطة من بـ. (¬245) د: ثبوته، بـ: المنون المنصوبات بالالاف لا تنوينه، تحريف. (¬246) في: ساقطة من في. (¬247) ج د: بالألف. (¬248) بـ: غيره ومخوه، تحريف. (¬249) ساقط من د. (¬250) ج: كلما، بإسقاط الواو. (¬251) بـ: بباء واو. تحريف. (¬252) ج: وقفا ووصلا.

7 - توجيه الصحابي (أربع) في جواب السائل (كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -

ومنها أن بعض الصحابه رضي الله عنهم سئل: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أربع. كذا في بعض النسخ برفع "أربع". وفي بعضها بالنصب (¬253). قلت: الأكثر في جواب الاستفهام بأسمائه مطابقة اللفظ والمعنى. وقد يكتفى بالمعنى في الكلام الفصيح. فمن مطابقة اللفظ والمعنى قوله تعالى {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى} و (¬254). و {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ} (¬255).و {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬256). وكذا {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} (¬257) بعد "مَن" الثانية والثالثة، وهى قراءة أبي عمرو (¬258). [ومن مطابقة المعنى وحده قوله تعالي {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} بعد "من" الثانية- والثالثه في قراءة غير أبي عمرو (¬259)]، وقوله تعالى {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} (¬260) وقوله {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} (¬261) ¬

_ (¬253) أورد البخاري في صحيحه 3/ 3 الجواب في حديثين، أحدهما مسند إلى عبد الله بن عمر، والثاني إلى أنس رضي الله عنهما، وأورده في 5/ 181 مسندًا إلى عبد الله بن عمر بلفظ "أربعًا" فقط. (¬254) طه 20/ 49 و 50. (¬255) طه 20/ 17 و 18. (¬256) و (¬257) {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}. المؤمنون 23/ 84 - 89. (¬258) التيسير في القراءات السبع ص 160 وقراءة غيرأي عمرو من السبعة ذكرتها في الحاشية المتقدمة. (¬259) تنظر الحواشي الثلاث المتقدمة. وما بين المعقوفتين ساقط من بـ. (¬260) {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ}. طه 20/ 95 - 96. (¬261) {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} الأعراف 7/ 12.

ومن هذا النوع قول القائل (بلى وِجاذًا) حين قيل له: (أما في (¬262) مكان كذا وَجْذ) (¬263). ولو قصد تكميل المطابقة لرفع وقال: بل وجاذ. ومن الاكتفاء بالمعنى قوله عليه السلام (أربعين يومًا) حين قيل له: (ما لُبثه في الأرض) (¬264) فأضمر "يلبث" ونصب به "أربعين" ولو قصد تكميل المطابقة لقيل (¬265): "أربعون يوما" بالرفع؛ لأن الاسم المستفهم به في موضع رفع. فعل ما قررته: النصب والرفع في "أربع" بعد السؤال عن الاعتمار جائزان (¬266)، إلا أن النصب أقيس وأكثر نظائر. ويجوز أن يكون كتب على لغة ربيعة، وهو في اللفظ منصوب كما تقدم في ثالث من أوجه "إنما كان منزل" (¬267)]، ويجوز أن يكون المكتوب بلا ألف (¬268) منصوبا غير منون، على نية الاضافة، كانه قال: أربع عُمر، فحذف المضاف إليه وترك المضاف على ما كان عليه من حذف التنوين، ليُستدل بذلك على قصد الإضافة. وله نظائر (¬269): منها قراءة ابن محيصن {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} (¬270) بضم الفاء دون تنوين، على تقدير: لا خوفُ شى (¬271). ومنها ما روَى بعض الثقات من قول بعض العرب {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}) بضم الميم دون تنوين. ¬

_ (¬262) في: ساقطة من ج. وفي ب د: أفي. تحريف. (¬263) كتاب سيبويه 1/ 255 - 256. والوَجذ: موضع يمسك الماء .. جمعه: وجاذ. (¬264) المسند 4/ 181. والرواية في سنن أبي داود 2/ 431: " أربعون يومًا". (¬265) ج: نفال. تحريف. (¬266) ج: جائز. تحريف. (¬267) ينظرآخر البحث رقم (6) المتقدم. وما بين المعقوفتين ساقط من ب. (¬268) ب: المكتوب بالألف. تحريف. (¬269) ب: نضائر. تحريف. (¬270) سورة البقرة 2/ 38. وينظر: إتحاف فضلاء البشر 134 وتفسير ابن عطية 1/ 248 والبحر المحيط 1/ 169. (¬271) ب: بيني , تحريف.

ومنها على أصح. المذهبين قولُ الشاعر (¬272): 50 - أقولُ لما جاءني فخره ... سبحانَ مِن علقمة الفاخر أراد: سبحان الله، فحذف (¬273) وترك المضاف على ما كان عليه. ومنها قول الشاعرّ (¬274): 51 - أكالئها حتي أعرسَ بعد ما ... يكونُ سُحَيراً أو بُعَيدَ فأهجعا (¬275)، أراد: أو بعيد سحير، فحذف وترك المضاف على ما كان عليه قبل الحذف (¬276). ومثله قول الآخر (¬277): 52 - وإنَّ زمانًا فرق الدهر بيننا ... وبينكمُ فيه لحق مَشوم أراد: لحقه مشوم، فحذف المضاف إليه وترك (¬278) المضاف على ما كان عليه. ¬

_ (¬272) هو الأعشى. ديوانه ص 143 والكتاب 1/ 324 ومعجم شواهد العربية 1/ 191. (¬273) ج: فحذف المضاف إليه. (¬274) هو سويد بن كراع يصف تنقيحه شعره وقوافيه. والشاهد في معاني القرآن، للفراء 2/ 230 برواية: أكابدها. وفي البيان والتبيين 2/ 12 برواية "أو بعيداً" ولا شاهد فيه حينئذ. (¬275) أكالئها: اراقبها. والتعريس: النزول في آخر الليل. (¬276) قبل الحذف: ساقط من د. (¬277) لم اتف على قائل اليت في كتاب. (¬278) وترك: مكررة في ب.

ومثله قولُ. الآخر (¬279): 53 - سقى الأرضين الغيث (¬280) سهل وحزنها ... فنيطت غرى الامال بالزرع والضرع أراد: سهلها وحزنها، فحذف الثاني وترك الأول مهيئاً بهيئة الإضافة، لتعلم ولا تجهل. ¬

_ (¬279) قائل البيت مجهول. وشطره الأول في ابن عقيل 2/ 79 والأشموفي 2/ 274. وينظر: معجم شواهد العربية 1/ 229. (¬280) ب: غيث. تحريف.

8 - المستثنى بـ "إلا" من كلام تام موجب

[7ظ] ومنها قول عبد الله بن أبي قتادة رضي الله عنهما (أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم) (¬281). وقول أبي هريرة - رضي الله عنه، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (كل أمتي معافى إلا المجاهرون) (¬282). قلت: حق المستثنى ب "إلا" من كلام تام موجب أن ينصب، مفردًا (¬283) كان أو مكملَا معنا. بما بعده. فالمفرد نحو قوله تعالى {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (¬284). والمكمل معناه بما بعده نحو قوله تعالى {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} (¬285). ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين (¬286) في هذا النوع إلا النصب. وقد أغفلوا وروده مرفوعاَ بالابتداء ثابت الخبر ومحذوفه. فمن الثابت الخبر قول ابن أبي قتادة "أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم". ف "إلا" بمعنى "لكن" و "أبو قتادة" مبتدأ. و"لم بحرم "خبره. ونظيره من كتاب الله تعالى قراءة ابن كثير وأبى عمرو: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ " (¬287) ف "امرأتك" مبتدأ، والجملة بعده خبره (¬288)

_ (¬281) صحيح البخاري 3/ 15. وفي نسخة "أبا قتادة". وسقط من ب (رض الله عنهما أحرموا كلهم إلا أبو قتادة). (¬282) فى صحيح البخاري8/ 24: إلا المجاهرين. وقال ابن حجر فى فتح الباري 13/ 97) (وفى رواية النسفى: إلا المجاهرون، بالرفع). (¬283) ج: منفردا. تحريف. (¬284) الزخرف 43/ 67. (¬285) الحجر 15/ 59. (¬286) د: ولا يعرف أكثر النحويين المتأخرين من البصريين. (¬287) هود 11/ 81. وقبلها {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} ... ) وقرأ غير ابن كثير وأبى عمرو من السبعة بنصب "امرأتك". التيسير في القراءات السبع ص هـ 12. (¬288) د: خبر. تحريف.

ولا يصح أن تجعل "امرأتك" بدلًا من "أحد" لأنها لم تسر معه، فيتضمنها ضمير ألمخاطبين. ودل على أنها لم تسر معه قراءة النصب، فإنها أخَرجتها من أهله (¬289) الذين أمر أن يسري بهم. وإذا لم تكن في الذين سُري بهم لم يصح أن تبدل من فاعل "يلتفت" لأنه بعض ما دل عليه الضمير المجرور ب "من". وتكلف بعض النحويين الإجابة عن هذا بأن قال: لم يُسرَ بها ولكنها شعرت بالعذاب فتبعتهم ثم التفتت فهلكت. وعلى تقدير صحة هذا فلا يوجب ذلك دخولها في المخاطبين بقوله "ولا يلتفت منكم أحد". وهذا والحمد لله بين، والاعتراف بصحته متعين. ومن المبتدأ الثابت الخبر بعد"إلا" ما في (¬290) "جامع المسانيد" (¬291) من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ما للشياطين من سلاح (¬292) أبلغ في الصالحين من النساء، إلا المتزوجون، أولئك المطهرون المبرؤون من الخنا (¬293). وجعل ابن خروف من هذا القبيل قوله تعالى {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ} (¬294). ومن أمثلة سيبويه في هذا النوع (لأفعلن كذا إلا حله (¬295) أن أفعل كذا (¬296) ومن الابتداء بعد (إلا) المحذوف (¬297) الخبر [قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تدري نفس

_ (¬289) اهله: ساقط من ب. (¬290) ج: ما جاء في. (¬291) جامع المسانيد بألخص الأسانيد. كتاب جليل في الحديث الشريف لابن الجوزي المتوفْى سنة 597 هـ. تنظر مخطوطاته في كتاب "مؤلفات ابن الجوزي" ص. 9. وجاء في نسخة أب: "المسانيد" وما أثبته هو المشهور المعروف. (¬292) سلاح. ساقط من ب. (¬293) ب: الخطأ. تحريف. (¬294) الغاشية 88/ 23 و 24. وقبل الشاهد "لست عليهم بمصيطر". (¬295) ج: جله. تصحيف. (¬296) عبارة الكتاب 2/ 342) ومثل ذلك قول العرب: والله لأفعلنْ كذا وكذا إلا جل ذلك أن أفعل كذا وكذا). (¬297) أ: لمحذوف. ب د: محذوف. وما أثبته من ج.

بأي أرض تموت إلا الله) (¬298) أي: (¬299) لكن الله. يعلم باي (¬300) أرض تموت كل نفس. ومن ذلك] (¬301) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "كل امتي معافى إلا المجاهرون). أي: المجاهرون (¬302) بالمعاصي لا يُعافون. وبمثل هذا تأول الفراء قراءة بعضهم {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (¬303) أي: إلا قليل منهم لم يشربوا (¬304). ومثله قول الشاعر (¬305): 54 - لدم ضائع تغيب عنه ... أقربوه إلا الصبا والدبور أي: لكن الصبا والدبورُ لي يتغيبا عنه، ومثله قول الآخر (¬306): 55 - عرفت الديار كرقم الوحيْ (¬307) ... يزبرها الكاتب الحميريْ ¬

_ (¬298) صحيح البخارى في 9/ 142. (¬299) أى: ساقطة من ج. (¬300) أ: يعلم أى. تحريف. (¬301) ما بين المعقوفتين ثبت في ب بعد الشاهد (54) بعد قول المؤلف (لم يتغيبا عنه). وماأثبته هو الوارد في المخطوطات الأخرى. (¬302) د: المجاهرون منهم. (¬303) سورة البقرة 2/ 249، وهي قراءة عبد الله وأبى وألاعمش ينظر. البحر المحيط 2/ 266. (¬304) ذكرالفراء في معاني القرآن 1/ 166 القراءة ولم يبد رأيه فيها. (¬305) هو أبو زبيد الطائى. ينظر شرح ابن الناظم ص 117 ومعجم شواهد العربية 1/ 172 ورواية الديوان ص 34 نقلًا من "المعانى الكبير" لابن قتية 2/ 1023: من دمٍ ضائعٍ تغيب عنه ... أقربوه إلا الصدى والجيوب (¬306) هو أبو ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين1/ 64و65 والبيت الثاني في المفصل ص5.وبين البيتين فى ديوان الهذليين ثلاثة آبيات أخرى. (¬307) فى ديوان الهذلِيين: كرقم الدواة. والرقم،: الخط.

على "أطرقا" باليات الخيا ... مِ إلا الثمام وإلا العصى (¬308) أي: إلا الثمامُ والعصي لم تَبلَ (¬309). وللكوفيين في هذا الذي يفتقر إلى تقدير مذهب آخر, وهو إن يجعلوا "إلا" حرف عطف، وما بعدها معطوف على ما قبلها (¬310). ¬

_ (¬308) أطرقا: موضع. وانما اراد: عرفت الديار على أطرقا. الثمام شجر تعمل منه الخيام. العصي: خشب بيوت الأعراب. (¬309) في ديوان الهذليين 1/ 66: قال ابن الأعرابي: أراد: الا الثامُ وإلا العصى فانهما لم يبليا. (¬310) ينظر: الإنصاف 1/ 266. المسألة 35.

9 - الابتداء بالنكرة

ومنها وقوع المبتدأ نكرة محضة بعد "إذا" المفاجأة وبعد واو الحال , كقول بعض الصحابة رضي الله عنهم (إذا رجل يصلي) (¬311). [8و] وكقول عائشة رضي الله عنها (ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبرمةٌ على النار) (¬312). ومثله: (فدخل وحبل ممدود) (¬313). قلت: لا يمتنع الابتداء بالنكرة على الإطلاق، بل إذا لم يحصُل بالابتداء (¬314) بها فائدة، نحو: رجل (¬315) تكلم، وغلام احتلم، وامرأة حاضت. فمثل (¬316) هذا من الابتداء (¬317) بالنكرة قرينة تتحصل (¬318) بها الخلوه من الفائدة، إذ لا تخلو الدنيا من رجل يتكلم، ومن غلام يحتلم، ومن (¬319) أمرأة تحيض. فلو اقترن بالنكرة قرينة تتحصل (¬320) بها الفائدة جاز الابتداء بها. فمن القرائن التي تتحصل بها الفائدة الاعتمادُ على " إذا" المفاجأة كقولك: انطلقت فإذا سبع في الطريق، أتيت زيدًا فإذا رجل يخاصمه. ومنه قول الصاحب ¬

_ (¬311) في صحيح البخاري 2/ 78 (حدثنا الأزرق بن قيس قال ... فبينا انا على جرف نهرٍ إذا رجلَ يصلي). وفي نسخة "إذجاء رجل يصلي". (¬312) صحيح البخاري 7/ 11. (¬313) ليس في صحيح البخاري حديث بهذا اللفظ. والموجود في 2/ 64 (عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا حبلَ ممدود بين الساريتين). والشاهد فى صحيح مسلم 1/ 542 بلفظ (دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجدَ وحبل ممدود ... ). وهو من كلام أنس أيضا .. (¬314) كذا في د. وفي المخطوطات الأخرى: الابتداء، بدون باء. (¬315) ج: كرجل. تحريف. (¬316) ج: مثل. بدون فاء. تحريف. (¬317) الابتداء: ساقط في ب. (¬318) أب: يمنع. (¬319) من: ساقط من ج. (¬320) ج: تحصل.

رضي الله عنه "إذا رجل يصلي". ومنه قول الشاعر (¬321): 56 - حسبتك فى الوغَى مِردَى (¬322) حروب ... إذا خَور لديك فقلت سحقًا وكذا الاعتماد على واو الحال، كقولك: انطلقت وسبع في الطريق، وأتيت فلانًا ورجل يخاصمه. ومنه قوله تبارك وتعالى {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (¬323). ومنه "ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبرمة على النار" و "دخل وحبل ممدود". ومنه قول الشاعر (¬324): ْ57 - سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدأ ... محياك أخفى ضوؤه كل شارق وكذا الاعتماد على "لولا" كقول الشاعر (¬325): 58 - لولا اصطبارٌ لأودَى كل ذي مِقةٍ ... حين استقلتْ مطاياهن للظعن وكذا كون النكرة معطوفة أو معطوفًا عليها. فالمعطوفة (¬326) كقول الشاعر (¬327): ¬

_ (¬321) قائل البيت مجهول، ينظر: شرح الأشموني 1/ 206 ومعجم شواهد العربيهْ 1/ 243 (¬322) ب: من ذي. تحريف. (¬323) آل عمران 3/ 154: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (¬324) قائل البيت مجهول. ينظر شرح الألفية، لابن الناظم ص 45 ومعجم شواهد العربية (¬325) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح إلأشموني 1/ 207 ومعجم شواهد العربية 1/ 402. (¬326) ج: فالمعطوف. تحريف. (¬327) قأئل البيت مجهول، ينظر: المغني 2/ 521 برمعجم شواهد العربية 1/ 213.

59 - مني اصطبار (¬328) وشكوى من معذبتي ... فهل باعجب من هذا امرُؤ سمعا والمعطوف (¬329) عليها كقوله تعالى {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} (¬330) على أن يكون التقدير: طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما. وإنما ذكرت من القرائن ما يناسب "إذا" والواو في كون النحوين لا يذكرونه، ولم أقصد استقصاءها، إذ لا حاجة (¬331) إلى ذلك في هذا المختصر. ¬

_ (¬328) ج: اصطباري. تحريف. (¬329) د: المعطوفة. تحريف. (¬330) محمَّد 47/ 21. (¬331) ب: لا حاجة لي.

10 - توجيه لفظ "ثماني" بلا تنوين

ومنها قول أبي برزة (¬332) رضي الله عنه (غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... سبع غزوات أو ثماني) (¬333). قلت: الأجود أن يقال: سبع غزوات أو ثمانيًا، بالتنوين؛ لأن لفظ "ثمان" وإن كان كلفظ "جوارٍ" في أن ثالث حروفه ألف بعدها حرفان ثانيهما ياء، فهو يخالفه في أن "جواري" جمع، و "ثمانيا" ليس بجمع. واللفظ بهما في الرفع والجر سواء، ولكن تنوين "ثمان" تنوين صرف كتنوين "يمان" (¬334) وتنوين "جوار" تنوين عرض، كتنوين "أُعَيْم" (¬335). وإنما يفترق لفط "ثمان" ولفظ "جوارٍ" في النصب، فإنك تقول: رأيت جواري ثمانيًا، فتترك تنوين "جوار" لأنه غير منصرف- وقد استغنى عن تنوين العوض بتكمل لفظه- وتنون "ثمانياً" لأنه منصرف، لانتفاء الجمعية. ومع هذا ففي قوله "أو ثماني"، بلا تنوين ثلاثة أوجه: أحدها -وهو أجودها، أن يكون إ اد: أو ثماني غزوات، ثم حذف المضاف إليه وأبقَى المضاف على ما كان (¬336) عليه قبل الحذف، وحسن الحذفُ دلالة ما تقدم (¬337) من مثل المحذوف، مثله قول الشاعر (¬338): 60 - خمسُ ذودٍ أوست عُوضتُ منها ... مئة غيرَ أبكرٍ وإفالَ، (¬339) ¬

_ (¬332) ب: هريرة. تحريف.، (¬333) لفظ البخاري 2/ 78) غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست غزوات أو سبع غزوات وثمان). وجاء في نسخة بلفظ "ثماني" وبلفظ "ثمانيًا"، وفي فتح الباري 3/ 324 "أو ثماني". (¬334) ب: ثمان. تصحيف. (¬335) أُعيْم: تصغير أعمى، غير منصرف للوصف والوزن، ويلحقه التنوين رفعا وجرًا، تقول: هذا أعيم ومررت بأعيم، ورأيت أعيمي. والتنوين فيه عوض من الياء المحذوفة كما في ْنحو: جوارٍ. ينظر: شرح الأشموني 3/ 273. (¬336) ب: على ما هو. (¬337) ج: ما تقدم عليه. (¬338) لم أقف على البيت في كتاب. (¬339) الافال: صغار الإبل، بناتُ مخاض ونحوها.

وهذا من الاستدلال بالمتقدم على المتأخر، وهو في غير الاضافة كثير (¬340) كقوله تعالى {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} (¬341). والأصل: والحافظات فروجهنَ، والذاكرات الله كثيرًا. الوجه الثاني- أن تكون الاضافة غير مقصودة، وترك تنوين "ثمان" لمشابهته "جواريَ" لفظًا ومعنى. أما اللفظ (¬342) فظاهر. وأما المعنى فلأن "ثمانيا" وإن لم يكن له [8و]، واحد من لفظه، فإن مدلوله جمع (¬343). وقد اعتبر مجرد الشبه اللفظي في "سراويل" فأجري مجرى "سرابيل" فلا يستبعد اجراء "ثمانٍ" مجرى "جوارٍ". ومن اجرائه مجراه قول الشاعر: 61 - يحدو ثمانيَ مولعًا بلَقاحها ...... (¬344) الوجه الثالث- أن يكون في اللفظ" ثمانيا" بالنصب والتنوين، إلا (¬345) أنه كتب على اللغة الربعية (¬346)، فانهم يقفون على المنون المنصوب بالسكون، فلا يحتاج الكاتب على لغتهم إلى ألف؛ لأن من أثبتها في الكتابة لم يراع إلا جانب الوقف، فإذا كان يحذفها في الوقف كما يحذفها في الوصل لزمه أن يحذفها خَطًا. وقد تقدم الكلام على هذا بأكمل بيان (¬347). ¬

_ (¬340) ب: كثيرة. تحريف. (¬341) الأحزاب 33/ 35. (¬342) ج: لفظًا. تحريف. (¬343) د: جماعة. تحريف. (¬344) تمام البيت "حتى هممن بزيغَة الأرتاج". وقائله ابن ميادة، ينظر: شعره ص 91 والكتاب 3/ 231 ومعجم شواهد العربية 1/ 79. والزيغة: مصدر زاغ، أي: مال، وارتجت الناقة: إذا أغلقت رحمها على ماء الفحل. (¬345) إلا: مكررة في ب. تحريف. (¬346) ج د: الربيعية. تحريف. (¬347) ينظر البحث رقم 6 و 7.

ومن المكتوب على لغة زبيعة (إن الله حرم عليكم عقوق الامهات، ووأدَ البنات، ومنعَ وهاتِ) (¬348). أي: ومنعا وهاتِ، فحذف الألف لما ذكرت لك. وحذفها هنا بسبب آخر لا يختص بلغة، وهو أن تنويق "منعًا" ابدل واوًا وادغم في الواو، فصار اللفظ بعين تليها واو مشددة، كاللفظ "يُعَول" وشبهه، فجعلت (¬349) صورته في الخط مطابقهْ للفظه، كما فعل بكلم كثيرة في المصحف. ويمكن أن يكون الأصل. ومنع حق وهاتِ، فحذف المضاف إليه وبقيت هيئة الاضافة. ¬

_ (¬348) لفظ الحديث في صحيح البخاري 8/ 4 (إن الله حرم عليكم عقوق الامهات ومنع وهات ووأد البنات). وفيْ نسخة ورد بلفظ "وفعا". (¬349) د: فجعل تحريف.

11 - "إن" المخففة واتصال اللام بتالي ما بعدها

ومنها قول عبد الله بن بسْر (إن كنا فرغنا في هذه الساعة) (¬350). وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وأيم الله لقد كان خليقًا للامارة، وإن كان من أحب الناس إليّ) (¬351). وقول معاوية (إن كان من أصدق هؤلاء) (¬352). يعني كعب الأحبار. وقول نافع (كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير (¬353) حتى إن كان يُعطي عن بني) (¬354). قلت: تضمنت هذه الأحاديث استعمالًا "إن" المخففة المتروكة العمل عاريًا ما بعدها من اللام الفارقة لعدم الحاجة إليها. وذلك لأنه إذا خففت "إن" (¬355) صار لفظها كلفظ "إن" النافية، فيخاف التباس الاثبات بالنفي عند ترك العمل، فالزموا تالي ما بعد المخففة اللام المؤكدّة مميزة لها (¬356). ولا يحتاج إلى ذلك إلا في موضع صالح للنفي والاثبات، نحو: إن علمتك لفاضلًا، فاللام هنا لازمة، إذ لو حذفت- مع كون العمل متروكًا وصلاحية الموضع للنفي- لم يتيقن (¬357) الاثبات، فلو لم يصلح الموضع للنفي جاز ثبوت اللام وحذفها. فمن الحذف "إن كنا فرغنا في هذه الساعة" و (إن كان من أحب الناس الى) و "إن كان من أصدق هؤلاء" و "إن كان يعطىِ عن بين". ومنه قول عائشة رضي الله عنها (إنْ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن) وقول عامر بن ربيعة (إنْ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعثنا ومالنا طعام إلا السلْف من التمر). ¬

_ (¬350) صحيح البخاري 2/ 23. (¬351) صحيح البخاري 5/ 179. (¬352) صحيح البخاري 9/ 136. (¬353) في المخطوطات: عن الكبير والصغير: وما أثبته من صحيح البخاري. (¬354) صحيح البخاري 2/ 255. وفي نسخة "إن كان ليعطي ... " بزيادة اللام. (¬355) إن: ساقطة من د. (¬356) لها: ساقطة من أ. (¬357) د: يتبين. تحريف.

حديث عائشة من "جامع المسانيد" (¬358) وحديث عامر من "غريب الحديث" (¬359). ومنه قراءة أبي (¬360) رجاء {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (¬361). أي: وإن كل لِلذي هو متاع الحياة الدنيا، فحذف من الصلة المبتدأ وأبقَى الخبر. ومنه قول الطرماح بن حكيم (¬362): 62 - أنا ابن أباة الضيم من آل مالك ... وإن مالك كانت كرام المعادن ومثله قول الآخر (¬363): 63 - إنْ كنت قاضي نحبي يوم بينكم ... لو لم تمنوا بوعد (¬364) بعد توديع [9و]، ومثله (¬365): 64 - أخي إنْ علمتُ الجود للحمد منميًا (¬366) ... وللود مثبتًا وللمال مفنيا ¬

_ (¬358) ب: المساند. (¬359) لم أقف على حديث عامر بهذا اللفظ، وفي مسند إلامام أحمد 3/ 446 حديث خال من موطن الاستدلال هو (عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه، وكان بدريًا، قال: لقد كان- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعثا في السرية يا بنى ومالنا زاد إلا السلف من التمر. (¬360) د: ابن عمر. تحريف. (¬361) الزخرف 35/ 43 وينظر: المحتسب 2/ 255 والبحر المحيط 8/ 15. (¬362) ديوانه ص 512 وشرح ابن الناظم ص 168 ومعجم شواهد العربية 1/ 395. (¬363) قائل البيت مجهول: ينظر: مغني اللبيب 1/ 256 ومعجم شواهد العربية 1/ 231. (¬364) ب: بعود. (¬365) لم أقف على البيت في كتاب. وشطره الثاني غير مسقيم الوزن. (¬366) ج: مبقيا.

ومثله (¬367): 65 - إنْ وجدت الكريم يمنع أحيا ... نًا وما إن بذا يُعد بخيلا وقد اغفل النحويون التنبيه على جواز حذف اللام عند الإستغناء (¬368) عنها بكون الموضع غير صالح للنفي، وجعلوها عند ترك العمل لازمة على الإطلاق, ليجرى الباب على سنن واحدٍ. وحاملهم (¬369) على ذلك عدم الاطلاع على شواهد السماع، فبينت إغفالهمً، وثبث الاحتجاج عليهم لا لهم. وازيد على ذلك إن اللام الفارقة إذا كان بعد مُا ولي "إنْ" نفيُ واللبس مأمون فحذفها واجب، كقول الشاعر (¬370): 66 - انِ الحقُ لا يخفَى على ذي بصيرة ... وإن هو لم يعدم خلاف معاند ومثله (¬371): 67 - أما انْ علمتُ الله ليس بغافل ... فهان اصطباري أن بليت بظالم ¬

_ (¬367) لم أقف على البيت في كتاب. (¬368) ب: الاغتناء. تحريف. (¬369) د: وحملهم. تحريف، (¬370) البيت مجهول القائل. ينظر: مغني اللبيب 1/ 256 ومعجم شواهد العربية 1/ 256. (¬371) لم أقف على البيت في كتاب.

12 - العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنما مثلكم واليهودِ والنصارى كرجل (¬372) استعمل عمالًا) (¬373) قلت: تضمن هذا الحديث العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار. وهو ممنوع عند البصريين (¬374) إلا يونسَ وقطربًا والأخفش (¬375). والجواز أصح من المنع، لضعف احتجاج المانعين (¬376) وصحةِ استعماله نثراً ونظما (¬377). أما ضعف احتجاجهم فبين، وذلك أن لهم حجتين: إحداهما- (¬378) أن ضمير الجر شبيه بالتنوين ومعاقب له، فلم يجز العطف عليه كمالا يعطف على التنوين. الثانية- أن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يصح حلول كل واحد منهما محل الآخر، وضمير الجر لا يصح حلوله محل ما يعطف عليه، فمنع العطف عليه إلا باعادة حرف الجر، نحو قوله تعالى {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا} (¬379). والحجتان ضعيفتان (¬380) أما الأولى، فيدل على ضعفها أن شبه الضمير (¬381) بالتنوين ضعيف، فلا ¬

_ (¬372) في أج د: كمثل رجل. وما أثبته من ب وصحيح البخاري. (¬373) صحيح البخاري 3/ 112. وروي لفظ " اليهود، بالجر والرفع. (¬374) ينظر المسألة 65 من الإنصاف 2/ 462. (¬375) مذهب الأخفش في معاني القرآن غير ما نسب إليه هنا. فقد ذكر في ص 374 قوله تعالى {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} ثم قال بعده (وقال بعضهم: "والأرحامِ" جرْ، والأول أحسن، لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور). (¬376) د: الاحتجاج للمانعين. تحريف. (¬377) أج: نظمًا ونثرًا. (¬378) ب: احدهما. تحربف. (¬379) فصلت 11/ 41. (¬380) ب: ضعيفان. تحريف. (¬381) د: المضمر.

يترتب عليه ايجاب ولا منع، ولو منع من العطف عليه (¬382) لمنع من توكيده ومن الإبدال منه؛ لأن التنوين لا يؤكد ولا يبدل منه، وضمير الجر يؤكد ويبدل منه بإجماع، فللعطف عليه (¬383) أُسوة بهما. وأما الثانية فيدل على ضعفها أنه لو كان حلول كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه محل الآخر شرطًا في صحة العطف لم يجز: (رب رجل وأخيه). ولا: 68 - أي فتى هيجاءَ أنت وجارِها ... . . . . . . . . . . . (¬384) ولا (كم ناقة لك وفصيلها) (¬385) ولا (الواهبُ الآمة وولدها) ولا (زيدَ وأخوه منطلقان). وأمثالُ ذلك من المعطوفات الممتنع تقدمها وتأخر ما عُطفت عليه كثيرة (¬386). فكما لم يمتنع فيها العطف، لا تمنع في "مررت بك وزيدٍ" ونحوه. ولا في (إنما مثلكم واليهود والنصارى". ومن مؤيدات الجواز قوله تعالى {قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (¬387)، فجر"المسجد" بالعطف على الهاء المجرورة بالباء لا بالعطف على "سبيل"؟ لاستلزامه العطف على الموصول وهو "الصد" قبل تمام صلته؛ لأن "عن سبيل" صلة له، إذ هو متعلق به، و "كفر" معطوف على "الصد" [فإن جُعل المسجد معطوفًا على "سبيل" كان من تمام الصلة للصد] (¬388)، و "كفر" معطوف عليه، فيلزم ما ذكرته من العطف على الموصول قبل تمام الصلة، وهو ممنوع بإجماع، فإنْ ¬

_ (¬382) عليه: ساقط من د. (¬383) فللعطف: ساقط من ب. وعليه: ساقط من د. (¬384) تمامه: (إذا ما رجال بالرجال استقلت) والبيت مجهول القائل. ينظر: كتاب سيبويه 2/ 55 ومعجم شواهد العربية 1/ 73. (¬385) الأصول، لابن السراج 1/ 393. (¬386) كثيرة: ساقطة من د. (¬387) سورة البقرة 2/ 217. (¬388) ما بين المعقوفتين ساقط من أ. وفي ب: الصلة الصد. وفي ج: صلة الصد. وما أثبته من د

عطف على الهاء خلص من ذلك، فحكم برجحانه لتبين (¬389) برهانه ومن مؤيدات الجواز قراءة حمزة {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (¬390) بالخفض. وهي أيضًا قراءة ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والنخعي والأعمش ويحيى بن وثاب [9ظ]، وأبي رزين (¬391). ومن مؤيداته قول بعض العرب (ما فيها غيره وفرسِه) (¬392). وأجاز الفراء أن يكون {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} (¬393) معطوفًا على {لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} وأنشد سيبويه (¬394): 69 - فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب وأنشد أيضا (¬395): 70 - آبك أية بىَ أو مصدر ... من حمر الجلة نهد حَشْور (¬396) ¬

_ (¬389) ج. لتبيين. (¬390) النساء4/ 1. وقرأ غير حمزة من السبعة بنصب "الأرحام". (¬391) ينظر: التيسير ص 93 والانصات 2/ 463 وشرح المفصل 3/ 78 والبحر المحيط 3/ 157. (¬392) ذكره ابن مالك في شرح العمدة ص 661 وابنه بدر الدين في شرح الألفية ص 212. (¬393) الحجر 15/ 20 {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}. قال الفراء في معاني القرآن 2/ 86 وقد يقال إنْ "من" في موضع خفض يراد: وجعلنا لكم فيها معايش ولمن). (¬394) الكتاب 2/ 383. وقائل البيت مجهول. ينظر: معجم شواهد العربية 1/ 61. (¬395) الكتاب 2/ 382. والبيت مجهول القائل. ينظر: معجم شواهد العربية 2/ 479. ومكان الشاهد فراغ في أ. وهو ساقط من د. (¬396) آبك: ويلك. وهو يقال لمن تنصحه ولا يقبل ثم يقع فيما حذرته منه. أيهْ: يقال أيهت بفلان إذا دعوته، كأنك قلت: يا أيها الرجل. المصدر: الشديد الصدر. والجلة: المسَان، واحدها جليل. والحشور: المنتفخ الجنبين.

وأنشد غيره (¬397): 72 - إذا أوقدوا نارًا لحرب عدوهم ... فقد خاب من يصلَى بها وسعيرِها (¬398) ومثله (¬399): 72 - بنا أبدًا لا غيرِنا تُدرَك المنَى ... وتكشَف غماءُ الخطوب الفوادحِ ومثله (¬400): 73 - لو كان لي وزهيرِ ثالثَ وردت ... من الحمام عدانا شر مورود ومثله (¬401): 74 - به اعتضدن أومثله تك (¬402) ظافرًا ... فما زال معتزًا به من يظاهره وجعل الزمخشري في "الكشاف" أشد" (¬403) معطوفًا على الكاف والميم من {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ} ولم يجز عطفه على "الذكر" (¬404). والذي ذهب إليه هو الصحيح؛ لأنه لو عطف على "الذكر" لكان "أشد" صفة ¬

_ (¬397) البيت مجهول القائل ينظر: شرح ابن الناظم ص 212 ومعجم شواهد العربية 1/ 88. (¬398) من "وأنشد" إلى نهاية البيت ساقط من ج. (¬399) البيت مجهول القائل. ينظر شرح ابن الناظم ص 212 ومعجم شواهد العربية 1/ 88. (¬400) لم أقف على قائل البيت. وهو في البحر المحيط 2/ 148. (¬401) لم أقف على البيت في كتاب. (¬402) ب: بك. تصحيف. (¬403) سورة البقرة 2/ 200 {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} (¬404) الكشاف 1/ 247 - 248

لـ "ذكر" وامتنع نصب "الذكر" بعده؛ لأنك لا تقول: ذكرك (¬405) أشد ذكرًا، وإنما تقول: ذكرك أشدُّ ذكرْ. وتقول: أنت أشد ذكرًا (¬406)، ولا تقول: أنت أشد ذكر. لأن الذي يلي أفعل التفضيل من النكرات إنْ جُر فهو كل لأفعل، وأفعل بعض له. وإن نصب فهو فاعل في المعنى للفعل الذي صيغ منه أفعل، ولذلك تقول: أنت أكبر رجل، وأكثر مالًا. فـ "أكبر"بعض ما جُر به، و" أكثر" بمنزلة فعل، وما انتصب به بمنزلة (¬407) فاعل، كأنك قلت: كثر مالك، أو: فاق مالك غيره كثرة، فقد تبين بالدلائل التي أورد تها صحة العطف على ضمير الجر، دون إعادة العامل, واعتضدت رواية جر" اليهود والنصارى" في الحديث المذكور. ولو رُوي بالرفع لجاز على تقدير: ومثلُ اليهود، (¬408) ثم يحذف المضاف ويُعطى المضاف إليه إعرابه. ¬

_ (¬405) أ: وذكرك. تحريف. (¬406) سقط من أ: أنت اضد ذكرا. (¬407) سقط من ِأ: فعل وما انتصب به بمنزلة. (¬408) د: اليهود والنصارى.

13 - توجيه الحديث (فلما قدم جاءه بالألف دينار)

ومنها قول [رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن] (¬409) أبي هريرة رضي الله عنه (فلما قدم جاءه بالألف دينار) (¬410). قلت: في وقوع "دينار" بعد "الألف " ثلاثة أوجه: أحدها، وهو أجودها، أن يكون أراد: بالألف ألف دينار، على إبدال"ألف" المضاف من المعرف بالألف واللام، ثم حذف المضاف، وهو البدل, لدلالة المبدل منه عليه، وأبقَى المضاف إليه على ما كان عليه من الجزء كما حذف المعطوف المضاف وترك المضاف إليه على ما كان عليه قبل الحذف في نحو (ما كل سوداء تمرة ولا بيضاءَ شحمةَ) (¬411). وفي باب الاستعانة باليد في الصلاة (ثم قام فقرأ العشر آيات) (¬412) يحمل أيضاً على أن المراد: فقرأ العشر عشرآيات، على البدل، ثم حذف البدل وبقي ما كان مضافًا إليه مجرورا. ومن حذف البدل المضاف لدلالة المبدل منه عليه ما جاء (¬413) في "جامع المسانيد" (¬414) من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم المحجلُ ثلاث). أي: المحجلُ (¬415) محجلُ ثلاث. وهذا أجود من أن يكون على تقدير: المحجل في ثلاث. ¬

_ (¬409) زيادة تصحح النص من صحيح البخاري 3/ 118. (¬410) هكذا ورد النص في المخطوطات. وجاء في صحيح البخاري 3/ 118 (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه ذكر رجلًا من بني اسرائيل ... ثم قدم الذي كان اسلفه فأتى بالألفِ دينار ... ). (¬411) كتاب سيبويه 1/ 65. (¬412) من كلام ابن عباس رضي الله عنه، ولفظه في صحيح البخاري 2/ 74 (فجلس، فمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر آيات). وفي نسخة: العشر الآيات. (¬413) جاء: ساقطة من ب ج. (¬414) إب د: المساند. وقد اطرد اثبات" المساند" بدلًا من "المسانيد، في نسخة أب. (¬415) سقط من ب: ثلاث أي المحجل.

ومن حذف البدل المضاف لدلالة المبدل منه عليه قول الراجز: (¬416) 75 - الأكل المالَ اليتيمِ بطرا ... يأكل نارًا وسصيلى سقرا أراد: الأكل المالَ مالَ اليتيم. ومثله قول الشاعر (¬417): 76 - المالُ ذي كرم ينمي (¬418) محامدَه ... ما دام يبذله فيْ السر والعلن [10و] أراد: المالُ مال ذي كرم. وقد يحذف المضاف باقيًا عمله وإن لم يكن بدلًا، كقوله عليه السلام: (فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين صلاة) (¬419) [أي: فضل سبعين صلاة. وهو من "جامع المسانيد" (¬420).ويجوز إن يكون الاصل: بسبعين صلاة] (¬421) فحذفت الباء وبقي عملها الوجه الثاني- أن يكون الأصل: جاءه بالألف الدينار، والمراد بالألف الدنانير، فاوقع المفرد موقع الجمع (¬422) كقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} (¬423) ثم حذفت اللام من الخط صيرورتها (¬424) بالادغام دالًا، فكتب على اللفظ كما كتب {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} (¬425) في "الأنعام" على صورة "ولدار الأخرة". ¬

_ (¬416) قائل الرجز مجهول والشطر الأول في همع الهوامع 2/ 52 والدرر اللوامع 2/ 65. (¬417) لم أقف على البيت في كتاب. (¬418) د: تنمي. (¬419) الحديث من "جامع المسانيد" كما ذكر المؤلف. (¬420) ب د: المساند. (¬421) ما بين المعقوفتين سقط من أ. (¬422) ج: الجملة. تحريف. (¬423) النور 24/؟ 3. (¬424) ب: لضرورتها. تحريف. (¬425) الأنعام 6/ 32.

الوجه الثالث- أن يكون "الألف" مضافا الى "دينار" والألف واللام زائدتان (¬426) فلذلك لم يمنعا من الإضافة، ذكر جواز هذا الوجه أبو على الفارسي، وحمل عليه قول الشاعر (¬427): 77 - تُولي الضجيعَ إذا تنبه مَوهنًا ... كالأقحُوان من الرشاش المستقي قال أبو على: أراد من رشاش المستقي، فزاد الألف والسلام. ولم تمنعا من (¬428) إلاضافة. ولقوله "فقرأ العشر آيات" من هذا الوجه الثالث نصيب، أعني كون الألف واللام زائدتين غير مانعتين (¬429) من الاضافة. ¬

_ (¬426) هكذا ورد بالرفع في المخطوطات. وتحمل الجملة على الاستئناف. (¬427) هو القطامي. ديوانه ص 36 وشرح التصريح على التوضيح 2/ 24 ومعجم شواهد العربية. (¬428) خ: فْي. تحريف. (¬429) أ: مانعين.

14 - توحيد الاسم المضاف إلى المثنى وتثنيته وجمعه

ومنها قول أم عطية رضي الله عنها (أمرنا أن نخرج الحيضَ يوم العيدين) (¬430) قلت: في هذا الحديث توحيد "اليوم" المضاف إلى "العيدين". وهو في المعنى مثنى. ولو روي بلفظ التثنيةِ على الأصل، وبلفظ الجمع لأ من اللبس لجاز. ففيه (¬431) وفي أمثاله ثلاثة أوجه: فمن الوارد بافراد ما في حديث الوضوء من قول الراوى (ومسح أذنيه ظاهرَهما وباطنهما) (¬432). ومنه ما حكى الفراء من قول بعض العرب (أكلت رأس شاتين) (¬433). ومنه قول الشاعر (¬434): 78 - حمامةَ بطن الواديين ترنمي ... سقاك من الغر الغوادي مطيرها ومن الوارد بلفظ التثنية قول الشاعر (¬435): 79 - فتخالسا نفْسَيهما بنَوافذٍ ... كنوافذِ العُبُط التي لا تُرقعُ (¬436) ¬

_ (¬430) صحيح البخاري 1/ 94. وفي نسخة: يوم العيد. (¬431) أج: فيه. بدون فاء. (¬432) (من كلام المقدام بن معدي كرب الكندي. وهو في سنن أو داود 1/ 28 بلفظ "فمسح أذنيه ... ". وينظر المصدر نفسه 1/ 27 وسنن ابن ماجة 1/ 152. (¬433) (في معاني القرآن، للفراء 1/ 308) ويجوز في الكلام على أن تقول. ائتني برأس شاتينِ). (¬434) هو الشماخ بن ضرار (ديوانه ص 44) أو توبة بن الحمير (ديوانه ص 36). وينظر المقرب 2/ 128 ومعجم شواهد العرية 1/ 159. (¬435) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين 1/ 20: الأمالي الشجرية 1/ 12 ومعجم شواهد العربية 1/ 227. (¬436) العبط شقوق في ثياب جدد. يقول: إن كلا من البطلين قد اختلس نفس صاحبه بطعنات نوافذ تشبه في اتساعها ونفاذها وعدم ألتئامها شقوقًا في ثياب جدد لا ترقع بعد شقها.

ومن الوارد بلفظ الجمع قوله تعالى {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} (¬437) و {ِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (¬438) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه) (¬439). وقد اجتمعت التثنية والجمع (¬440) في قول الراجز (¬441): 80 - ومَهْمهينِ قَذفَين (¬442) مرْتين ... ظهراهما مثل ظهور التُرْسَين (¬443) ويلحق بهذا توحيد خبر المثنى المعبر عنه بواحد كالتعبير عن الأذنين والعينين بحاسةٍ، فاجراء هذا (¬444) النوع مجرى الواحد جائز، كقوله - صلى الله عليه وسلم - (من أفرى الفِرى أن يرى (¬445) عينيه مالم تر) (¬446). ولو راعى اللفظ القال: ما لم تريا. ومثل الحديث قول الشاعر (¬447): 81 - وكأن في العينين حب قرنفل ... أوسنبلا كحلت به فانهلت ¬

_ (¬437) الأعراف 7/ 23: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}. (¬438) التحريم 66/ 4. (¬439) الموطأ 2/ 914 - 915. (¬440) سقط من أ: التثنية والجمع. (¬441) نسب في كتاب سيبويه 2/ 48 إلى خطام المجاشعي. وفي 3/ 662 إلى هميان بن قحافة. وينظر: معجم شواهد العربية 2/ 543. (¬442) أ: فدفدين. وهي رواية في البيت. (¬443) يصف فلاتين بعيدتين لا نبت فيهما. وشبههما بالترسين في الاستواء. (¬444) ب: ما، تحريف. (¬445) ج: يري المرء. تحريف. (¬446) صحيح البخاري 9/ 54. (¬447) هو سلمئ بن ربيعة. ينظر: الأمالي الشجريهَ 1/ 121، ومعجم شواهد العربية 1/ 75.

15 - ورود الفعل الماضى بمعنى الأمر

ومنها قول عمر رضي الله عنه (إذا وسّع الله عليكم فأوسعوا ... صلى رجل في إزارٍ ورداء، في إزارٍ وقميص، في إزارٍ وقَباء) (¬448). قلت: تضمن هذا الحديث فائدتين: إحداهما- ورود الفعل (¬449) الماضى بمعنى الأمر, وهو "صلى رجل". والمعنى: ليصل رجل. ومثله من كلام العرب (اتقَى الله امرؤ وفعل خيرًا يُثَبْ عليه) (¬450). بمعنى (¬451): ليتق ... وليفعل. ولكونه بمعنى الأمر جيء بعده بجواب مجزوم كما يجاء بعد الأمر الصريح. وأكثر مجيء الماضي بمعنى الطلب في الدعاء، نحو (¬452) نصر الله من والاك، وخذل من عاداك. والفائدة الثانية- حذف حرف [10ظ]، العطف، فإن الأصل: صلى رجل في إزار ورداء، أو في ازار وقميص، أو في إزار وقَباء. فحذف حرف العطف مرتين لصحة المعنى بحذفه. ونظير هذا الحديث في تضمن الفائدتين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (تصدق امرؤ من ديناره، من درهمه ... من صاع بره، من صاع تمره) (¬453). ¬

_ (¬448) صحيح البخاري 1/ 97. (¬449) الفعل: ساقط من أ. (¬450) ينظر: كتاب سيبويه 1/ 100. (¬451) د: والمعنى. (¬452) نحو: ساقط من ج. (¬453) المسند 4/ 359 وفي صحيح مسلم 2/ 705. وسنن النسائي 5/ 57 برواية: "تصدق رجل ... ".

16 - كسر همزة"إن" وفتحها

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يا زبير اسق (¬454) ثم أرسل الماء) فقال الأنصاري: (أنه ابن عمتك) (¬455) قلت:. يجوز في "أنه" الكسر والفتح؛ لأنها واقعة بعد كلام تام معلل بمضمون ما صدّر بها. وإذا كسرت قدر قبلها الفاء. وإذا فتحت قدر قبلها اللام. وبعضهم يقدر بعد الكلام المصدَر بالمكسورة مثل ما قبلها مقرونًا بالفاء، كقولك فى "اضربه إنه مسيء" اضربه إنه (¬456) مسيء فاضربه. ومن شواهد الكسر {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬457) {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (¬458) {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} (¬459) {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (¬460) و {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} (¬461) و {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (¬462). والفتح في هذه المواضع جائز في العربية (¬463). لكن (¬464) القراءة سنةِ متبوعة. ¬

_ (¬454) في المخطوطات: اسق يا زبير. وما أثبته هو رواية البخاري 3/ 183. (¬455) روي لفظ "أنه " بكسر الهمزة وفتحها. وللحديث رواية أخرى هى (اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك) فغضب الأنصاري فقال (أن كان ابنَ عمتك) بفتح همزة "أن" فقط. (¬456) أنه: ساقط من ج. (¬457) سورة البقرة 2/ 153. (¬458) النساء 4/ 1. (¬459) النساء 4/ 2. (¬460) الاسراء 17/ 32. (¬461) طه 20/ 12. وفي ب: واخلع. تحريف. (¬462) طه 20/ 43. (¬463) العربية: ليست في د. (¬464) ج: ولكن. تحريف.

وقد ثبت الوجهان في {نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} (¬465). فقرأ بالفتح نافع والكسائي، وكسر الباقون (¬466). فحاصل ما تقرر أن الوجهين جائزان في " أنه ابن عمتك". والكسر أجود. والله أعلم. ¬

_ (¬465) الطور 28/ 52. (¬466) اليسير ص 203.

17 - ثبوت خبر المبتدأ بعد "لولا"

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (يا عائشة، لولا قومُك حديثو عهد بكفر لنقضت (¬467) الكعبة فجعلت لها بابين) (¬468) ويروى ( ... حديث عهدُهم بكفر (¬469). قلت: تضمن هذا الحديث ثبوت خبر المبتدأ بعد "لولا" أعنى قوله "لولا قومُك حديثو عهد بكفر". وهو مما خفي على النحويين إلا الرماني و [ابن] (¬470) الشجرى. وقد يُسرت لي في هذه المسألة زيادة على ما ذكراه، فأقول وبالله أستعين (¬471). إن المبتدأ المذكور بعد "لولا" على ثلاثة أضرب: مخبر عنه بكون غيرمقيد. ومخبرعنه بكون مقيد لا يدرك معناه عند حذفه (¬472). ومخبر عنه بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه. فالأول، نحو: لولا زيد لزارنا عمرو. فمثل هذا يلزم حذف خبره؛ لأن المعنى: لولا زيد على كل حال من أحواله لزارنا عمرو، فلم تكن حال من أحواله أولى بالذكر من غيرها. فلزم الحذف لذلك. ولما في الجملة من ألاستطالة المحوجة الي (¬473) الاختصار. الثاني -وهو المخبر عنه بكون مقيد، ولا يدرك معناه إلا بذكره، نحو: لولا زيد غائب لم أزرك، فخبر هذا النوع واجب الثبوت؛ لأن معناه يجهل عند حذفه. ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لولا قومك حديثو عهد بكفر" أو (حديث عهدهم بكفر". ¬

_ (¬467) سقط من ج عبارة: لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين. (¬468) ليس في صحيح البخاري رواية بهذا اللفظ. والذي ورد في 2/ 171 منه (لولا حدثان قومك ... لولا إن قومك حديث عهدهم ... لولا حداثة قومك ... ). (¬469) صحيح البخاري 1/ 42 - 43. (¬470) زيادة يقتضيها السياق. وينظر الأمالي الشجرية 2/ 211. (¬471) د: المستعان. (¬472) هذه العبارة سقطت من ج. (¬473) إلى: ساقطة من ج.

فلو اقتصر في مثل هذا على المبتدأ لظُن أن المراد (¬474): لولا قومك على كل حال من أحوالهم لنقضت الكعبة وهو خلاف المقصود؛ لأن من أحوالهم بعد عهدهم بالكفر فيما يستقبل. وتلك الحال لا تمنع من نقض الكعبة وبنائها على الوجه المذكور. ومن هذا النوع قول عبد الرحمن بن الحارث لأبي هريرة (إني ذاكر لك أمرًا، ولولا مروان أقسم على فيه لم أذكره لك) (¬475). ومن هذا النوع قول الشاعر (¬476): 82 - لولا زهير جفاني كنت منتصرًا ... ولم أكن جانحًا للسلم إذ جنحوا ومثله (¬477): 83 - لولا ابن أوس ناى ما ضيم صاحبه ... يومًا ولا نابه وهن ولا حذر الثالث -وهو المخبر عنه بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه، كقولك: لولا أخو زيد ينصره لغلب، ولولا صاحب عمرو يعينه لعجز، ولولا حسن الهاجرة يشفع (¬478) لها لهجرت (¬479). فهذه الأمثمة وأمثالها يجوز فيها [11و]، إثبات الخبر وحذفه؛ لأن فيها شبها بـ "لولا زيد لزارنا عمرو"، وشبها (¬480)، بـ " لولا زيد غائب لم أزرك" فجاز فيها ما وجب فيهما من الحذف والثبوت. ¬

_ (¬474) المراد: ساقط من د. (¬475) صحيح البخاري 3/ 37. (¬476) قائل البيت مجهول. وهو في شرح الأشموني (بحاشية الصبان) 1/ 216 و 4/ 51 ومعجم شواهد العربية 1/ 85. (¬477) قائل البيت مجهول. وشطره الأول فقط في شرح الأشموني 4/ 50، ومعجم شواهد العربيهّ 2/ 578 .. (¬478) ب: شفع. (¬479) ج: ما هجرت. ولم أقف على معنى العبارة. (¬480) د: أو شبها. وسقط من ب (لزاونا عمرو وشبها بلولازيد).

ومن هذا النوع قول أبي العلاء المعرَي في وصف سيف: 84 - فلولا الغمدُ يُمسكه لسالا (¬481) وقد خطاه بعض النحوين (¬482) وهو بالخطأ أولى. ¬

_ (¬481) صدر البيت (يذيب الرعب منه كل عضب). ينظر: ديوان سقط الزند ص 14 والمقرب 1/ 84 ومعجم شواهد العربية 1/ 269. (¬482) ينظرة المقرب 1/ 84 وشرح جمل الزجاجي، لابن عصفور 1/ 351 - 352.

18 - استعمال "في" دالة على التعليل

ومنها قول النبي (¬483) (عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت [جوعا] فدخلت فيها النار) (¬484). قلت: تضمن هذا الحديث استعمال "في" دالة على التعليل، وهو مما (¬485) خفي على أكثر النحويين مع وروده في القرآن العزيز والحديث والشعر القديم. فمن الوارد في القرآن العظيم قوله تعالى {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. (¬486) وقوله تعالى {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬487). ومن الوارد في الحديث"عذبت امرأة في هرة" و (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) (¬488). ومن الوارد في الشعر القديم قول جميل (¬489): 85 - فليت رجالًا فيك قد نذروا دمي ... وهموا بقتلي يا بُثينَ لقوني ومنه قول أبي خراش (¬490): ¬

_ (¬483) صحيح البخاري 3/ 139. وروي في 5/ 214 بلفظ: "سجنتها" و "ربطتها" بدلا من "حبستها". وما بين المعقوفتين ليس في المخطوطاتْ. (¬484) ج: ما. تحريف. (¬485) الأنفال 8/ 68. (¬486) من "أخذتم" إلى هنا ساقط من ب. (¬487) النور 24/ 14. (¬488) صحيح البخاري 2/ 114 و 8/ 20. وينظر أيضا 1/ 62و 8/ 21 وروي في 2/ 118 بلفظ "من كبير" .. (¬489) ديوانه ص 210. (¬490) البيت في ديوان الهذليين 1/ 155 منسوب لأبي ذؤيب.

86 - لَوَى رأسَه عني ومالَ بوده ... أغانيج خَود كان فينا يزورُها ومثله قول الآخر (¬491). 87 - أفي قَمَلي من كليبٍ هَجوتُه ... أبوجهضَم تَغلي في مَراجِلُه (¬492) ¬

_ (¬491) البيت في لسان العرب " قمل" 14/ 87 نقله عن ابن بري بدون نسبة. (¬492) القَملي، بالتحريك، الحقير، الصغير الشأن.

19 - استعمال "حول" بمعنى "صير"

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما أحب أنه يحول لي ذهبا) (¬493). قلت: تضمن هذا الحديث استعمال (حول) بمعنى "صير"، وعاملة عملها. وهو استعمال صحيح خفى على أكثر النحويين. والموضع الذي يليق (¬494) أن يذكر فيه باب "ظن" وأخواتها. لأنها تقتضي مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر. وقد جاءت في هذا الحديث مبنية لما لم يسم فاعله، فرفعت أول المفعولين، وهو ضمير عائد إلى"أحد" ونصبت (¬495) ثانيهما، وهو "الذهب" فصارت ببنائها لما لم يسم فاعله جارية مجري "صار" في رفع ما كان مبتدأ ونصب ما كان خبرًا، وهكذا حكم "ظن" وأخواتها. وكذا حكم ما صيغ منها على صيغة مطاوعةٍ، كارتد وتحول، فانه بزيادة التاء تجدد له حذف ما كان فاعلًا، وجعل أول المفعولين فاعلًا، وجعل ثانيهما خبرًا منصوبًا، كما تجدد مثل ذلك فيٍ "حول" إذا بني لما لم (¬496) يسم فاعله، كقولك في (¬497) "حول الله طائفة من اليهود قردة": تحولت (¬498) طائفة من اليهود قردة (¬499)، و: حولت طائفة من اليهود قردة (¬500). ف "حَول" جارٍ مجرى"صير" في نصب مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر. و " تحول"و"حُول" جاريان مجرى" صار" في رفع المبتدأ ونصب الخبر. ¬

_ (¬493) في المخطوطات (ما احب أنه يحول لي أحد ذهبا). وأسقطت لفظ "أحد" اتفاقًا مع رواية البخاري في 3/ 144ومع ما سيذكره ابن مالك في توجيه الحديث. (¬494) أ: يليق به. تحريف. (¬495) د: ونصب. تحريف. (¬496) ب: اذ بني ما لم. تحريف. (¬497) في: ساقط من ج. (¬498) أب د: وتحولت. واسقطت الواو ليستقيم النص. (¬499) سقط من ج: تحولت طائفة من اليهود قردة. (¬500) سقط من ب: وحولت، طائفة من اليهود قردة.

وقد خفي هذا المعنى على من أنكر على الحريري قوله فيْ الخمر (¬501): 88 - وما شيء إذا فسدا ... تحول غيه رشدا زكى العرقِ آخرُه ... ولكنْ بئس ما ولدا ¬

_ (¬501) مقامات الحريري ص.365 المقامة الثانية والأربعون (البحرانية).

20 - وقوع التمييز بعد "مثل"

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لو كان لي مثل أحد ذهبًا ما يسرني أن لا يمر علي ثلاث وعندي منه شيء) (¬502). قلت: تضمن هذا الحديث ثلاثة أشياء: 1 - أحدها (¬503)، وهو أسهلها، وقوع التمييز بعد "مثل" [11 ظ] ومنه {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (¬504)، و (على التمرةِ مثلها زبدًا) (¬505) ومنه قول الشاعر (¬506): 89 - ولو مثلُ ترب الأرض درًا وعسجدًا ... بذلت لوجه الله كان قليلًا 2 - والثاني: وقوع جواب "لو" مضارعًا منفيا بـ "ما" وحق جوابها أن يكون ماضيًا مثبتًا، نحو: لو قام لقمت، أومنفياب "لم" (¬507) نحو: لو قام لم أقم. واما الفعل الذي يليها فيكون مضارعًا مثبتًا، ومنفياب "لم" وماضيا مثبتًا، نحو: لو تقوم (¬508) لقمت، و: لو لم تقم لقمت،، و: لو قمتَ لقمت. فلنا في وقوع المضارع في هذا الحديث جوابان: أحدهما- أن يكون وضع المضارع موضع الماضي الواقع جوابًا، كلما وضع في موضعه وهو شرط، كقوله تعالى {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} (¬509)، والأصل: لو أطاعكم. فكما وقع "يطيع " موقع "اطاع" وهو شرط، وقع"يسرني" موقع "سرنى" وهو جواب. ¬

_ (¬502) صحيح البخاري 3/ 144. (¬503) ج: احداهما. تحريف. (¬504) الكهف 18/ 109. (¬505) المفصل، للزمخشرى ص. 3. والعبارة ساقطة من ب. (¬506) لم أقف على البيت في كتاب. (¬507) سقط من ب: نحو لو قام لقمت أو منقبا بلم. (¬508) ب: تقم. تحريف. (¬509) الحجرات 49/ 7.

- وقوع "لا" زائدة بين "أن" والفعل

الثاني- أن يكون الأصل: ما كان يسرني (¬510)، فحذف "كان" وهو جواب "لو"، وفيه ضمير هو الاسم، و"يسرني" خبر. وحذف "كان " مع اسمها وبقاءُ خبرها كثير في نثر الكلام ونظمه (¬511). فمن النثر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (المرءُ مجزى بعمله، إنْ خيرًا فخيرَ وإن شرًا فشر (¬512). أي: (ن كان عمله خيرا فجزاؤه خيرَ، وإن كان عمله شرًا فجزاؤه شر. ومن النظم قول الشاعر (¬513): 90 - حَدبتْ علي بطون ضنة كلها ... إن ظالمًا فيهم وإن مظلوما أي: إن كنت ظالمًا فيهم، وإن كنت مظلومًا. وأشبه شيء بحذف "كان" قبل "يسرني" حذفُ "جعل" قبل "يجادلنا" في قوله تعالى {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} (¬514) أي: جعل يجادلنا في قوم لوط (¬515) لأن "لما" مساوية لـ " لو" في استحقاق جواب بلفظ الماضي، فلما وقع المضارع في موضع الماضي دعت الحاجة إلى أحد أمرين: إما تأول المضارع بماض، وإما تقدير ماض قبل المضارع، وهو أولى الوجهين. والله تعالى أعلم. 3 - الثالث: وقوع "لا" بين " أن " و "يمر" والوجه فيه أن تكون "لا" زائدة، كما هي في قوله تعالى {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} (¬516) أي: ما منعك أن تسجد، لأنه امتنع ¬

_ (¬510) ج: يسر. تحريف. (¬511) ب: نظم الكلام ونشره. تحريف. (¬512) لم أقف فيما تيسر من كتب الحديث على هذا الشاهد. وجاء في كتاب سيبويه 1/ 58 (وذلك قولك: الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير وإن شرًا فشرْا. وفيه شبه بما عده ابن مالك حديثًا نبويًا. (¬513) هو النابغة الذبيانى، ديوانه ص 103 وكتاب سيبويه 1/ 262 ومعجم شواهد العربية 1/ 337. (¬514) هود 74/ 11. وسقط من ب: عن إبراهيم. (¬515) كرر فى ب،: أي جعل يجادلنا في قوم لوط. (¬516) الأعراف 7/ 12.

من ثبوت السجود لا من انتفائه. وكذا "ما يسرني أن لا يمرّ"معناه (¬517): ما يسرني أن يمر، و "لا" زائدة. ¬

_ (¬517) سقط من ج: ما يسرني أن لا يمر معناه.

21 - صلاحية الموضوع لـ "حين" ولـ "حتى"

ومنها قول ابن عمر رضي الله عنهما (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب راحلته، ثم يُهل حين تستوي به راحلته) (¬518). ويروَى: حتى تستوي (¬519) به راحلته. قلت: هذا الموضع صالح لـ "حين" ولـ "حتى". أما صلاحيته ل "حين" فظاهرة. ْوأما صلاحيته ل " حتى" فعلى أن يكون قصد حكايته الحال، فاتى ب "حتى" مرفوعًا بعدها الفعل، كقراءة نافع: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (¬520) وكقول العرب (مرض فلان حتى لا يرجونه)، على تقدير: مرض فاذا هولا يرجَى. وكذا تقدير الحديث: ثم يهل فإذا هي (¬521) مستوية به راحلته، والمعنى أن أهلاله مقارن لاستواء راحلته به (¬522)، كما أن انتفاء رجاء المريض مقارن للحال التي انتهى إليها. ولو نصب "تستوي" لم يجز؛ لأنه يستلزم أن يكون التقدير: ثم يهل إلى أن تستوي به راحلته. وهو خلاف المقصود [12و] إلا (¬523) إن يريد: يهل بلا قطع حتى تستوي به راحلته، فيقطع قطع استراحة مردفا (¬524) باهلال مستأنف فذلك جائز. ¬

_ (¬518) اللفظ فى صحيح البخاري 2/ 156 هو (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب راحلته بذي الحليفة، ثم يُهل حتى تستوي به قائمة). وفى نسخة: حين تستوي. (¬519) ضبط ياء" تستوي " لا صحيح البخاري بالفتح فقط، ويفهم من كلام ابن مالك الآتي أنه يريد توجيه رواية اسكان الياء وتقدير علامة الرفع عليها. ولعله اطلع على نسخة فيها هذه الرواية. (¬520) سورة البقرة 2/ 214 وقراءة غير نافع من السبعة بنصب" يقول". ينظر: التيسير ص 80. (¬521) د: هو. تحريف. (¬522) به: ساقطْ من ب. (¬523) ب: إلى. تحريف. (¬524) ج: مرادفا. تحريف.

22 - عود الضمير على جمع ما لا يعقل

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في في باب المواقيت (هن لهن ولمن أتى عليهن .. من غير أهلهن) (¬525). قلت: الضمير الأول والضمير الثالث والضمير الرابع عائدة على المواقيت، فلا إشكال فيهن؛ لأن كل ضمير عائد على جمع مالًا يعقل (¬526)، فالتعبير عنه في الرفع والاتصال بنحو: فعلتْ وفعلن، وفي الرفع والانفصال، بنحو: هى وهن، وفي النصب والجر بنحو: عرفتها وعرفتهن. إلا أن "فعلن" و "هن" و "عرفتهن" (¬527) أولى بالعدد القليل، و "فعلتْ" و "هي" و"عرفتها" أولى بالعدد الكثير. فلذلك يقال: الاجذاع إنكسرنَ، وهن منكسرات (¬528) وعرفتهن. لأن "الأجذاع" جمع قلة. بريقال: الجذوع انكسرت، وهي منكسرة، وعرفتها؛ لأن الجذوع جمع كثرة. هذا على الأفصح. والعكس جائز. وبالأفصح جاء قوله (¬529) "هن (¬530) ... ولمن أتى عليهن من غير أهلهنَّ". ولوجاء بغير الأفصح لكان: هى (¬531) ... ولمن أتى عليها عن غير أهلها. وبالأفصح أيضاً (¬532) جاء القرآن، أعني قوله تعالى {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ ¬

_ (¬525) في صحيح البخاري 2/ 157 - 158 (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحلَيفة، ولأهل الشام الجحفَة، ولأهل نًجد قرْن المنازل، ولأهل اليمن يلملم. فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ... ). فالحديث كلما ترى من قول ابن عباس. ولعله سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي نسخة من البخاري "فهن لهم" بدلًا من "فهن لهن". (¬526) ب: يفعل. تحريف. (¬527) سقط من ب. إلا إن يفعلن وهن وعرفتهن. (¬528) ب: مكسرات تحريف. (¬529) ب: فالأفصح قوله. تحريف. (¬530) ج: هن لها. د: هن لهن. تحريف. (¬531) أج: هى لها. (¬532) أيضًا: ساقط من ج.

- العدول عن الظاهر لتحصيل التشاكل للمتجاورين

الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (¬533). فقيل: "منها" في ضمير "اثني عشر" و "فيهن" في ضمير"أربعة". وأما الضمير في (¬534) قوله "لهن" فكان حقه أن يكون هاءً وميمًا، فيقال: "هن لهم" لأن المراد أهل المواقيت. فاللائق بهم ضمير الجمع المذكر، ولكنه انث باعتبار الفرق والزمر والجماعات. وسبب العدول عن الظاهر تحصيل التشاكل للمتجاورين، كما قيل في بعض الأدعية المأثورة (اللهم رب السماوات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، وربٍ الشياطين وما أضللن) (¬535). واللائق بضمير الشياطين أن يكون واوًا، فجعل نونًا قصدًا للمشاكلة، والخروج عن الأصل لقصد المشاكلة كثير، ومنه "لا دريت ولا تليت" (¬536)، و (أخذه ما قدُم وما حدُث) (¬537) والأصل: تلوت، وحدَث. ونظائر ذلك كثيرة. ¬

_ (¬533) التوية 9/ 36 وقبلها {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (¬534) ج د: من. (¬535) جاء في سنن الترمذي 5/ 200 قوله - صلى الله عليه وسلم - (اللهم ربْ السماوات السبع وما أظلت، وربْ الأرضين وما أقلت، ورب الشياطين وما اضلت ... ). ولا شاهد فيه هنا. (¬536) صحيح البخاري 2/ 108و118 في نسخة "أتليت". (¬537) من كلام أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. والرواية في المسند 4/ 404) عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحرسه أصحابه، فقمت ذات ليلة فلم أره في منامه، فأخذني ما قدم وما حدث فذهبت انظر.

23 - توجيه الحديث (فانطلقنا إلى ثقب ... يتوقد تحته نارا)

ومنها قول رسول الله (فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا) (¬538). قلت: (¬539) نصب "نارًا" على التمييز، وأسند "يتوقد" إلى ضمير عائد على "الثقب". كما يقال: مررت بامرأة تتضوع من اردانها طيبا. وعلامة صحة انتصاب التمييز بفعل أن يصلح اسناد الفعل إليه مضافًا الي المجعول فاعلًا، كقولك في "تتضوع من أردانما طيبا": يتضوع طييها من أردانها، وكقولك (¬540) في "طاب زيد نفسًا" طابت نفس زيد. وهذا الاعتبار صحيح في "يتوقد تحته نارًا" بأن يقال: تتوقد ناره تحته، فصح نصب "نار" (¬541) على التمييز. ويجوز أن يكون فاعل "يتوقد" موصولًا ب "تحته " فحذف وبقيت صلته دالة عليه لوضوح المعنى، والتقدير: يتوقد الذي تحته نارًا، أو: يتوقد ما تحته نارًا. و"نارًا" أيضا تمييز. ونظير هذا التقدير قول الأخفش في {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا} (¬542) إن أصله: وإذا رأيت ما ثم (¬543). وحذف الموصول لدلالة صلته (¬544) عليه مما انفرد به الكوفيون (¬545)، ووافقهم الأخفش. وهم في ذلك مصيبون. ¬

_ (¬538) صحيح البخاري 2/ 125. وقىِ نسخة" تتوقد تحته نارُ". (¬539) ب: قلت تضمن هذا الحديث. تحريف. (¬540) من "طيبا" إلى هنا ساقط من ب. وكتب بدله (ومنه طاب). (¬541) د: نارا: تحريف. (¬542) الانسان 20/ 76. (¬543) لم أقف على هذا التقدير في "معاني القرآن" للأخفش، ولكنى وجدته يصرح عند تفسير الآية في ص 60 بما يأتى: (يريد أن يجعل "رأيت" لا تتعدى، كما يقول: ظننت في الدار خير" وما نسبه ابن مالك إلى الأخفش ثابت في "معاني القرآن" للفراء 3/ 218 وقال مكي فى "مشكل اعراب القرآن" ص 785 (وقال الفراء والأخفش: "ثمْ" مفعول به لرأيت). (¬544) ج: الصلة. تحريف. (¬545) ب: الكوفيين. تحريف.

ومن دلائل إصابتهم قوله تعالى {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} (¬546) والأصل: بالذي أنزل الينا وبالذي (¬547) أنزل اليكم؛ لأن الذي أنزل الينا ليس هو الذي أنزل إلى من قبلنا ,ولذلك أعيدت "ما" بعد "ما" في قوله تعالى [12ظ]، {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} (¬548). ومن حذف الموصول مستغنى عنه بصلته قول حسان رضي الله عنه (¬549): 91 - أمن يهجو رسول الله منكم ... ويمدحه وينصره سواء يريد: أمن يهجو رسول الله منكم أيها المشركون ومن يمدحه منا وينصره سواء. ومثل قول حسان قول الأخرْ (¬550): 92 - ما الذي دأبه احتياط وحزم ... وهواه أطاع يستويان يريد: ما الذي دأبه احتياط وحزم، والذي هواه أطاع يستويان. وأحسن ما يستدل بهٍ على هذا الحكم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المهجر كالذي يهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشًا، ثم دجاجة، ثم بيضة) (¬551). فإن فيه حذف الموصول وأكثر (¬552) الصلة ثلاث مرات؛ لأن التقدير: ثم كالذي يهدي كبشا، ثم كالذي يهدى دجاجهْ، ثم كالذي يهدى بيضة. وإذا حذف الموصول وأكثرالصلة، فإن يحذف (¬553) الموصول وتبقى الصلة بكمالها أحق بالجواز وأولى. ¬

_ (¬546) العنكبوت 29/ 46. (¬547) أ: والذى. (¬548) سورة البقرة 2/ 136. (¬549) ديوانه ص 8 برواية "فمن يهجو" وينظر معاني القرآن للفراء2/ 315 ومعجم شواهد العربية 1/ 20. (¬550) قائل البيت مجهول. ينظر: مغنى اللبيب 2/ 692، ومعجم شواهد العربية 1/ 400. (¬551) صحيح البخاري 2/ 14. (¬552) ب: في أكثر تحريف. (¬553) ب: يجوز، تحريف.

24 - الكلام على خبر "جعل"

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فجعل كلما جاء ليخرجَ رَمَى فى فيه بحجر (¬554) وقول الصاحب رضي الله عنه" فجعل الرجل اذا لم يستطع، (¬555) أن يخرج أرسل رسولا) (¬556). وقول أنس - رضي الله عنه - (فما جعل يشير بيده (¬557) إلى ناحية من السماء إلا تفرجت) (¬558). وفي [حديث] (¬559) آخر (وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت في الصلاة، فالتفت، فإذا هو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه) (¬560). وفي حديث جبير بن مطعم (فعَلقت الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة).ويروى: فطفقت (¬561). قلت: تضمن هذا الكلام وقوع خبر "جعل" الانشائيةِ جملة فعليه مصدرة ب "كلما". وحقه أن يكون فعلا مضارعًا كغيرها من أفعال باب المقاربة، فيقال: جعلت ¬

_ (¬554) في صحيح البخاري 2/ 125 و 3/ 74) فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، على وسط النهر رجل بين يديه حجارة. فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد الرجل أن يخرج رَمَى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان. فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كمان .. ). (¬555) ب: يستطيع، تحريف. (¬556) من كلام عبد الله بن عباس رضي الله عنه , صحيح البخاري 6/ 140. (¬557) ب: بيديه، تحريف. (¬558) صحيح البخاري 2/ 39. وورد حديث أنس في ب قبل حديث الصاحب المتقدم. (¬559) زيادة يقتضيها السياق، وردت في حاشية د. (¬560) من كلام سهل بن سعدى رضي الله عنه. صحيح البخاري 3/ 226. (¬561) رواية البخاري للحديث في 4/ 27كما يأتي ( ... فعلقه الناس يسألونه ... ) وفي نسخة جاء بلفظ" فطفقت الناس" وفي 4/ 115 روي بلفط "علقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأعراب يسألونه ... ). ولم ترد راية "طفقت " هنا.

أفعل كذ, ولا يقال: جعلت كلما شئت فعلت، ولا نحو (¬562) ذلك. قال الشاعر (¬563): 93 - وقد جعلتُ إذا ما قمت يثقلني ... ثوبى، فأنهض نهض الشارب الثمل فما جاء هكذا فهو موافق للاستعمال المطرد، وما جاء بخلافه فهو منبه على أصل متروك. وذلك إن أفعال الانشاء وسائر أفعال باب المقاربة مثل "كان"في الدخول على مبتدأ وخبر، فالأصل إن يكون خبرها مثل خبر "كان"في وقوعه مفردًا [وجملة اسمية وجملة فعلية وظرفًا. فترك الأصل والتزم كون الخبر فعلًا مضارعًا. ثم نبه شذوذا على الأصل المتروك بوقوعه مفردًا] (¬564) في: 94 - عسيت صائمًا (¬565) 95 - . ما كدت آيبا ... (¬566) ¬

_ (¬562) ب: ولا يجوز. تحريف. (¬563) هو عمرو بن أحمر الباهلي. شعرهـ ص 182 برواية "الشارب السكر". وينظر: المقرب 1/ 101 ومعجم شواهد العربية 1/ 312. (¬564) ساقط من ب. (¬565) جزء من بيت لرؤية (ملحقات ديوانه عي 185). وهو بتمامه: أكثرت في العذل ملحًا دائما ... لا تكثرنْ إني عسيت صائما وينظر: القرب 1/ 100 ومعجم شواهد العربية 2/ 533. (¬566) جزءمن بيت لتأبط شرأ (شعره ص 89). وهو بتمامه: فأبت إلى فهم وماكدت آئبًا ... وكم مثلها فارقتها وهى تصفر وينظر: الإنصاف 2/ 554 ومعجم شواهد العربية 1/ 152.

- دخول "ما" على "جعل"

وبوقوعه جملة اسمية في قوله (¬567): 96 - وقدجعلتْ قلوص بني (¬568) سهيل ... من الأكوار مرتعها قريب وبوقوعه جملة من فعل ماض مقدم عليه "كلما" في" فجعل (¬569) كلما جاء ليخرج" وبوقوعه جملة فعلية مصدرة ب" إذا" (¬570) في"فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا" (¬571). وفي" فما جعل يشير" غرابة؛ لأن أفعال الشروع إن صحبها نفي كان مع خبرها، نحو: جعلت لا ألهو. وقد ندر في هذا (¬572) الحديث دخول" ما" على "جعل". وسهل ذلك أن معنى "ما جعك يفعل" و" جعل لا يفعل" [13 و] واحد. ويدخل ناف (¬573) على "كاد" (¬574) لنفي خبرها ونفي مقاربته، نحو: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (¬575) ومنه قول ذي الرمة (¬576): ¬

_ (¬567) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح ابن االناظم ص 59 ومعجم شواهد العوبية 1/ 149. (¬568) ب: ابني. (¬569) أح: جعل، بدون فاء. تحريف. (¬570) من "بوقوعه " إلى هنا ساقط من أب ج. (¬571) الذي أراه أن خبر "جعل" في الحديثين هما: الفعل "رمى " في الحديث الأول والفعل "أرسل" في الثاني، إذ بدونهما لا تنتظم جملة، إذا قلنا: (فجعل كلما جاء ليخرج) و (فجعل الرجل إذا لم يستطع). و"كلما جاء ليخرج"و " إذا لم يستطع" متعلقان بالعاملين قبلهما لا خبران لهما كما ذهب إليه ابن مالك. وللحديثين شبه بالبيت المتقدم (وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني). إلا أن الخبر هنا فعل مضارع موافق للاستعمال المطرد، وفي الحديثين جاء الخبر فعلًا ماضيا بخلاف ذلك. (¬572) هذا: ساقط من ب. (¬573) د: وتدخل ما .. (¬574) ب: كان. تحريف. (¬575) النور 24/ 40. (¬576) نيوانه 2/ 1192 برواية "لم أجد رسيس" ولا شاهد في البيت عليها. وينظر شرح المفصل 7/ 124 ومعجم شواهد العوبية 1/ 82.

- موافقة "علق" لـ "طفق"

97 - إذا غير النأي المحبين لم يكلد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح ويدخل لنفي سهولة (¬577) ايقاع الفعل، نحو {لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (¬578)، ومنه "وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت في الصلاة فالتفت". وفي "فعلقت الأعراب يسألونه" شاهد على موافقة "علق" لـ "طفق" (¬579) معنى وحكمًا، كقوله (¬580): 98 - أراك علقت تظلم من أجرنا ... وظلم الجار إذلال المجير ¬

_ (¬577) ج: شموله. تحريف. (¬578) النساء4/ 78. (¬579) من هنا إلى نهاية هذا المبحث ساقط من ب. (¬580) قائل البيت مجهول. ينظر: الأشموني 1/ 263 ومعجم شواهد العربية 1/ 189.

25 - استعمال "دنيا" نكرة بتأنيث

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ومن (¬581) كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها) (¬582). وقول أبي ذر رضي الله عنه (ولا والله لا أسالهم دُنيا ولا أستفتيهم عن دين حتى ألقى الله (¬583)). قلت: "دُنيا" في الأصل مؤنث (¬584) أدنى، وأدنى: أفعل تفضيل، وأفعل التفضيل إذا نكر لزم الإفراد والتذكير، وامتنع تأنيثه وتثنيته وجمعه. ففي استعمال "دنيا" بتأنيث، مع كونه منكرًا، إشكال. فكان حقه أن لا يستعمل، كما لا يستعمل "قصوى" ولا"كبرى". إلا أن "دنيا" خلعت عنها (¬585) الوصفية (¬586) غالبًا، واجريت مجرى ما لم يكن قط وصفًا مما وزنه فُعلى، ك "رُجعى" و"بهمى". ومن وروده منكرًا مؤنثًا قول الفرزدق (¬587): 99 - لا تعجبنك دنيا أنت تاركها ... كم نالها من أناس ثم قد ذهبوا ومما عومل معاملة "دنيا" في الجمع بن التنكير والتأنيث، والأصل أن لا يكون قول الشاعر (¬588): ¬

_ (¬581) ب: من، بدون واو. تحريف. (¬582) صحيح البخاري 1/ 22 وينظر أيضا 1/ 4و 5/ 71 و 4/ 7. (¬583) صحيح البخاري 2/ 128. (¬584) ج د: مؤنثه. تحريف. (¬585) ج: عنه. تحريف. (¬586) ب: الوضيفة. تحريف. (¬587) ديوانه 1/ 96. (¬588) هو بشامة بن حزم النهشلي. بنظر: شرح المفضل 6/ 100 - 101 ومعجم شواهد العربية 1/ 383.

100 - وإن دعوتِ إلى جلى ومكرمة ... يومًا سراة كرام الناس فادعينا فإن "الجلى" في الأصل مؤنث "الأجل" ثم خلعت عنه الوصفية، وجعل اسمًا للحادثة العظيمة، فجرى مجرى الأسماء التي لا وصفية (¬589) لها في الأصل. ¬

_ (¬589) ب: لا وضيفة. تحريف.

26 - توجيه الحديث (ولكن خوة الإسلام)

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رواية الأصيلي: "ولكنْ خوة الإسلام" (¬590). قلت: الأصل" ولكن أخوة الإسلام" (¬591)، فنقلت حركة الهمزة إلى النون، وحذفت الهمزة على القاعدة المشهورة، فصار "ولكن خوة الإسلام"فعرض بعد ذلك استثقال ضمة بين كسرة وضمة، فسكن النون تخفيفا، فصار "ولكنْ خوة الإسلام". وسكون النون بعد هذا العمل غير سكونه الأصلي. ونبهت بقولي "على القاعدة المشهورة" على أن من العرب من يبدل الهمزة بعد النقل بمجانس حركتها. فيقول لي "هؤلاء نشو صدق، و: رأيت نشا صدق، و: مررت بنش صدق": [هؤلاء نشوصدق، و: رأيت نَشَا صدق، و: مررت بنشِي صدق] (¬592). ومنه قول الشاعر (¬593): 151 - إذا اجتمعوا (¬594) على وأشقذوني ... فصرت كأنني فرأً متَارُ (¬595) أي: متأر. وهو المنظور إليه نظرًا متتابعا. وشبيه بـ "ولكن خوةُ الإسلام" في تخفيفه مرتين (¬596) وحذف همزته لفظًا وخطاٌ ¬

_ (¬590) صحيح البخاري 1/ 119. وفي الحديث رواية ثانية سيذكرها المؤلف. (¬591) صحيح البخاري 1/ 119و 5/ 5. (¬592) ما بين المعقوفتين سقط من ج. وسقط من أ ": (ورأيت نشا صدق ومررت بنشي صدق). وينظر: معاني القرآن، للفراء2/ 96. (¬593) هو عامر بن كثير المحاربي. ينظر: سرْ صناعهّ الإعراب 1/ 88 ومعجم شواهد العربية 1/ 166. (¬594) خ: غضبوا: وهى رواية في البيت. (¬595) الفرأ: حما ر الوحشى. أشقذوني: طردوني. (¬596) وهما حذف الهمزة بعد نقل ضمتها إلى النون، وتسكين النون بعد ضمه.

قوله تعالى {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} (¬597) فإن أصله: لكن أنا، فنقلت حركة الهمزة وحذفت، فصار (¬598) لكننا، فاستثقل (¬599) توالي النونين [13ظ]، متحركين (¬600)، فسكن أولهما وادغم في الثاني. ومثله قول الشاعر (¬601): 102 - وترمينني بالطرف (¬602) أي أنت مذنب ... وتقلينني، لكن إياك لا أقلي أراد: لكنْ أنا إياك لا أقلي، ثم عمل به ما ذكرته. والحاصل أن للناطق بـ "ولكن خوة (¬603) الإسلام" ثلاثة أوجه: سكون النون وثبوت الهمزة بعدها مضمومة. وضم النون وحذف الهمزة. وسكون النون وحذف الهمزة. فالأول أصل، والثاني فرع، والثالث فرع فرع. ¬

_ (¬597) الكهف 18/ 38. (¬598) د: فصارت. تحريف. (¬599) ج: فا ستثقلت. تحريف. (¬600) أج: متحركتين. تحريف. (¬601) قائل البيت مجهول. ينظر: معاني القرآن، للفراء 2/ 144 ومعجم شواهد العربية 1/ 302. (¬602) ج: بالذنب. تحريف. (¬603) ب د: اخوه. تحريف.

27 - عود ضمير مؤنث على مذكر

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليها، إن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) (¬604). قلت: موضع الإشكال في هذا الحديث (¬605) قوله "فخير تقدمونها إليها" فأنث الضمير العائد على "الخير" وهو مذكر. فكان ينبغي أن يقول: فخير تقدمونها (¬606) إليه. لكن المذكر يجوز تأنيثه إذا أوِّل بمؤنث، كتأويل "الخير" الذي تقدم إليه النفس الصالحة بالرحمة أو بالحسنى أو باليسرى، كقوله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} (¬607)، وكقوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬608). ومن إعطاء المذكر حكم المؤنث باعتبار التأويل قول النبى - صلى الله عليه وسلم - في إحدى الروايتين (فإن في إحدى جناحيه دواءً والأخرى داء) (¬609). والجناح مذكر، ولكنه من الطائر بمنزلة اليد، فجاز تأنيثه مؤولًا بها. ومن تأنيث المذكر لتأويله بمؤنث قول تعالى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (¬610)، فأنث عدد الأمثال وهي مذكرة لتأويلها بحسنات. ¬

_ (¬604) الحديث في صحيح البخاري 2/ 153 وليس فيه لفظ" إليها " وهو موطن الإشكال عند ابن مالك. وجاء في فتح الباري 3/ 427 - 428 بلفظ" تقدمونها إليها. ولا شاهد فيه هنا، وقال فيه الشارح ابن حجر (قوله: تقدمونها إليه، الضمير راجع إلى الخير باعتبار الثواب. قال ابن مالك: روي: تقدمونها إليها. فأنث الضمير على تأويل الخير بالرحمة أو بالحسنى). (¬605) الحديث: ساقط من ب. (¬606) أب: قدمتموها. تحريف. (¬607) يونس 10/ 21. (¬608) الليل 7/ 92. (¬609) فى ب ( ... وفي الآخر دواشفا) تحريف. وفي أج "شذا"، بدلًا من" داء". وما أثبته من د. وورد الحديث في صحيح البخاري 4/ 158 بلفظ (فإن في إحدى جناحيه داء والاخرى شفاء) وفي 7/ 181 (فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء). وفي نسخة في هذا الموضع جاء بلفظ (إحدى جناحيه). (¬610) الأنعام 6/ 165.

ومثله قراءة أبي العالية {لا تنفع نفسًا إيمانها} (¬611) بالتاء، والفعل مسند إلى "الإيمان" لكنه في المعنى طاعة وانابة، فكان ذلك سببا اقتضى تأنيث فعله. ولا يجوز أن يكون تأنيث فعل الإيمان لكون الإيمان سرى إليه تأنيث من المضاف إليه، كما سرى بن "الرياح" إلى إلى "مر" (¬612) في قول الشاعر (¬613): 103 - مشين كما اهتزت رماح تسفهت ... أغاليها مر الرياح النواسم لأن سريان التأنيث من المضاف إليه إلى المضاف مشروط بصحة الاستغناء به عنه، كاستغنائك بالرياح عن الـ "مر" في قولك: "تسفهت أعاليها الرياحُ، وذلك لا يتأتي في "لا تنفع نفسا إيمانها" لأنك لو حذفت "الإيمان" وأسندت "تنفع" إلى المضاف إليه لزم إسناد (¬614) الفعل إلى ضمير مفعوله، وذلك لا يجوز باجماع؛ لأنه بمنزلة قولك "زيدًا ظلم" تريدْ: ظلم زيد نفسه فتجعل فاعل "ظلم" ضميرًا لا مفسر له إلا مفعول فعله، فتصير العمدة مفتقرة إلى الفضلة افتقارأ لازمًا، وذلك فاسد. وما أفضى إلى الفاسد فاسد. وقد خفي هذا المعنى على ابن جني، فاجاز في "المحتسب" أن تكون قراءة أبي العالية من جنسى (تسفهت أعاليها مَرُ الرياح) (¬615) وهو خطأ بين، والتنبيه عليه متعين. وقد يصح قول ابن جني بأن يجعل لسريان التأنيث من المضاف إليه إلى المضاف سبب آخر، وهو كون المضاف شبيها بما يستغنى عنه، فالايمان، وإن لم يُستغن (¬616) عنه في "لا تنفع نفسا إيمانها" قد يستغنى عنه في "سرتنى إيمان الجارية ". فيسرى إليه التأنيث بوجود الشبه، كما يسرى إليه لصحهّ (¬617) [14و] الاستغناء عنه. ¬

_ (¬611) الانعام 6/ 158. وينظر: المحتسب 236/ 1. (¬612) ب: البر. تحريف. (¬613) مر ذو الرمة في ديوانه 2/ 754 برواية"رويدًا"، بدلا من "مشيبن". وينظر: كتاب سيبويه 1/ 52و65معجم شواهد العربية 1/ 363. (¬614) أ: استناد. تحريف. (¬615) المحتسب 1/ 237. (¬616) ب: يستغنى. تحريف. (¬617) ج د: بصحة. تحريف.

ويؤيد ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما (اجتمع عند البيت قُرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، كثيرة شحمُ بطونهم، قليلة فقهُ قلوبهم) (¬618) فسرى تأنيث البطون والقلوب إلى الشحم، والفقه، مع أنهما لا يستغنى عنهما بما أضيفا اليهما, لكنهما شبيهان بما يُستغنَى (¬619) عنه، نحو: أعجبتني (¬620) شحم بطون الغنم، ونفعت الرجال فقة قلوبهم. وقد يكون تأنيث "كثيرة" و"قليلة" ولتأول (¬621) "الشحم" بالشحوم، و"الفقه" بالفهوم. ومن اعطاء المذكر حكم المؤنث بمجرد (¬622) التأويل ما روى أبو عمرو (¬623) من قول رجل من اليمن (فلان لغوب جاءته كتابى فاحتقرها). قال: (¬624) فقلت (¬625): أتقول: جاءته كتابي؟! قال: نعم، أليس بصحيفة (¬626). ¬

_ (¬618) صحيح البخاري 6/ 161. (¬619) من "عنهما" الى هنا ساقط من ج. (¬620) ج: أعجبني. تحريف. (¬621) ب: كتاول. تحريف. (¬622) ب د: لمجرد. تحريف. (¬623) هو أبو عمرو بن العلاء. وفي ج: ابن عمر. تحريف. (¬624) قال: ساقطة من أ. (¬625) أ: قلت، بدون فاء. تحريف. (¬626) المحتسب، لابن جني 1/ 238.

28 - حذف همزة الاستفهام

ومنها أن الحسن أو الحسين أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها فى فيه، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجها من فيه وقال: (أما علمت) (¬627) وفي بعض النسخ (ما علمت) (¬628). قلت: لا إشكال في هذا الحديث إلا في رواية من روى: "ما علمت". فإن "أما" هذه مركبة من همزة الاستفهام، و"ما" النافية. وأفاد تركيبهما التقرير (¬629) والتثبيت، فكأن قائل "أما فعلت" قائل: قد فعلت. وأكثر ما يستعمل في هذا المعنى "ألم" كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (¬630)، فيه معنى: شرحنا لك صدرك ولذلك عطف عليه {وَضَعْنَا} و {رَفَعْنَا}. ومن روى "ما علمتَ" فاصله: أما علمت, وحذفت همزة إلاستفهام؛ لأن ألمعنى لا يستقيم إلا بتقديرها. وقد كثر حذف الهمزة إذا كان معنى ما حذفت منه لا يستقيم إلا بتقديرها، كقوله تعالى {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} (¬631). قال أبو الفتح وغيره (أراد: أو تلك نعمة) (¬632). ومن ذلك قراءة ابن (¬633) محيصن {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} (¬634) بهمزة واحدة. ¬

_ (¬627) صحيح البخاري 2/ 149. وفي ب: ما علمت، وفي د: اوما علمت. تحريف. (¬628) لم أقف على هذه الرواية فى صحيح البخاري. ولعل ابن مالك اعتمد نسخة خرج منها لفظ الحديث. (¬629) أد: التقدير. تحريف. (¬630) الشرح 94/ 1. وبعدها الأيات2 - {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}. (¬631) الشعراء26/ 22 (¬632) المحتسب، لأبى الفتح بن جني 1/ 50. (¬633) ب: أبي. تحريف. (¬634) سورة البقرة 2/ 6. وينظر: المحتسب 1/ 50 وتفسير ابن عطية 1/ 153 وإتحاف فضلاء البشر ص 44 و 45 و 128.

ومثله قراءة أبي جعفر {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} (¬635) بهمزة وصل. ومن حذف الهمزة لظهور المعنى قول الكميت (¬636): 104 - طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب ... ولا لعبًا مني. وذو الشيب يلعب أراد: أو ذو الشيب يلعب؟ ومثله قول الأخر (¬637): 105 - فأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر ... أتوني وقالوا (¬638) من ربيعة أم مضر أراد: أمن ربيعة أم مضر. ومن حذف الهمزة قبل "ما"، النافية عند قصد التقرير ما أنشد (¬639) البطليوسي من قول الشاعر (¬640): 106 - ما ترى الدهرَ قد أباد مَعدًا ... وأباد القرون من قوم عادِ ومن حذف الهمزة في الكلام الفصيح قوله - صلى الله عليه وسلم - (يا أبا ذر، عيرته بأمه؟) (¬641). أراد: أعيرته. ¬

_ (¬635) المنافقون 6/ 63. وينظر: المحتسب 2/ 322. ولأبى جعفر في الآية قراءة ثانية تقدمت في البحث الثامن. (¬636) المحتسب 1/ 50 ومعجم شواهد العربية 1/ 35 (¬637) هو عمران بن حطان. ينظر: المحتسب 1/ 50 ومعجم شواهد العربية 1/ 132. (¬638) ج. فقالوا. تحريف. (¬639) د، ما أنشده تحريف، (¬640) الْحلل في إصلاح الخلل ص 353. برواية (وأباد السراة من قحطان). والبيت مجهول القائل. ينظر: معجم شواهد العربية 1/ 412. (¬641) لم أقف على رواية حذف الهمزة فيما تيسر من كتب الحديث. والوارد في صحيح البخاري 1/ 15و 3/ 185: أعيوته. بثبوت الهمزة، ولعل في الحديث رواية هي التي يخرجها ابن مالك.

ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا (¬642) دخل الجنة. قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: وإن سرق وإن زنى) (¬643) أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أوَ إن سرق وزنى. ومنه حديث ابن عباس أن رجلًا قال (إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، فأقضيه) (¬644). وفي بعض النسخ [14ظ] أفاقضيه. ¬

_ (¬642) شيئا: ساقط من أ. (¬643) صحيح البخاري 9/ 174. وينظر أيضا 2/ 85. (¬644) صحيح البخاري 3/ 44.

29 - إضافة العدد إلى جمع القلة والكثرة

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لوأن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، ما تقول: ذلك يبقى من درنه؟ (¬645). وقول حُمران: (ثم أدخل يمينه في الإناء ... ثلاث (¬646) مرار) (¬647) يعنى عثمان رضي الله عنه. وقول عائشة رضي الله عنها (ثم يصب على رأسه ثلاث غرف) (¬648). قلت: حكم العدد من ثلاثة إلى عشرة في التذكير، ومن ثلاث إلى عشر في التأنيث أن يضاف إلى أحد جموع القلة الستة. وهى أفعُل، وأفعال، وفِعلة، وأفعلة، والجمع بالألف والتاء، وجمع المذكر السالم (¬649). فإن لم يجمع المعدود بأحد هذه الستة جيء بدله بالجمع المستعمل كقولك (¬650): ثلاثة سباع، وثلاثة لبوث. ومنه قول أم عطية رضي الله عنها (جعلن رأس بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة قرون) (¬651). فإن كان للمعدد جمع قلة، وأضيف إلى جمع كثرة (¬652) لم يُقس عليه، كقوله تعالى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬653) فاضيف "ثلاثة" إلى "قروء" وهو جمع كثرة ¬

_ (¬645) لم ترد في صحيح البخاري رواية" خمس مرات"، وإنما الوارد في 1/ 5133 "كل يوم خمسًا". ولعل ابن مالك اطلع على رواية لم أقف عليها، وفي نسخة "ما يقول" بالياء المثناة التحتية (¬646) ثلاث: ساقط من ب. (¬647) فى صحيح البخارى 1/ 50 (عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد اخبره أن حمرانٌ مولي عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا باناء فافرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما، ثم ادخل يمينه فى الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثًا ويديه المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح رأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرار الى الكعبين). (¬648) صحيح البخاري 1/ 69. وفي نسخة منه ورد بلفظ "ثلاث غرفات". (¬649) ب: تحريف. (¬650) د: كقوله. تحريف. (¬651) صحيح البخاري 2/ 90. (¬652) إي اضيف العدد الى جمع الكثرة الخاص به. (¬653) سورة البقرة 2/ 228.

- إجراء فعل القول مجرى فعل الظن

مع ثبوت" أقرأء" وهو جمع قلة. ولكن لا عدول عن الاتباع عند صحة السماع , ومن هذا القبيل قول حمران "ثم أدخل يمينه في الإناء ... ثلاث مرار". فإن "مرارًا" (¬654) جمع كثرة، وقد أُضيف إليه "ثلاث" مع إمكان الجمع بالألف والتاء، وهو من جموع القلة، ف" ثلاث مرار" نظير "ثلاثة قروء". وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "يغتسل فيه كل يوم خمس مرات" فوارد على مقتضَى القياس؛ لأن الجمع بالألف والتاء جمع قلة. وأما قول عائشة رضي الله عنها "ثم يصب على رأسه ثلاث غُرف" فالقياس عند البصريين أن يقال: ثلاث غرفات؛ لأن الجمع بالألف والتاء جمع قلة، والجمع على"فُعَل" عندهم جمع كثرة. والكوفيون) (¬655) يخالفونهم، فيرون أن "فُعَلًا" و" فِعَلًا" من جموع القلة. ويعضد قولَهم قول عائشة رضي الله عنها "ثلاث غُرَف". وقول الله تعالى {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ} (¬656). ويعضد قولهم في" فِعَل" قوله تعالى {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (¬657). فاضافة "ثلاث" إلى "غرف" و "عشر" إلى "سور" و "ثماني" إلى "حجج" (¬658) مع إمكان الجمع بالألف والتاء دليل على إن "فعَلا" و "فِعَلا". جمعا قلة، للاستغناء بهما عن الجمع بالألف والتاء. والحاصل أن "ثلاث غرَف" إن وجه على مذهب البصريين ألحق ب "ثلاثة قروء". وإن وجه (¬659) على مذهب الكوفيين فهو وارد على مقتضى القياس. ****** واما قوله - صلى الله عليه وسلم - "ما تقول: ذلك يُبقي من درنه؟ " ففيه شاهد على إجراء فعل القول مجرى فعل الظن علىٍ اللغة المشهورة. والشرط فيه أن يكون فعلا مضارعًا مسندًا الى المخاطب، متصلًا باستفهام، نحو (¬660): ¬

_ (¬654) ب: مرار. تحريف. (¬655) ب: والكوفيين. تحريف. (¬656) هود 13/ 11. (¬657) القصص 27/ 28. (¬658) من" ثلاث" إلى هنا ساقط من أ. (¬659) من "على مذهب" إلى هنا ساقط من ج. (¬660) الشاهد لهدبة بن خشرم. ينظر: المقرب 1/ 295 ومعجم شواهد العربية 2/ 534.

107 - متى تقول: القُلَصَ الرواسما ... يحملن ام قاسم وقاسما وِمنه الحديث المذكور؛ لأنه قد تقدم فيه "ما" الاستفهامية ووليها فعل القول مضارعًا مسندًا الي المخاطب، فاستحق أن يعمل عمل فعل الظن. ف"ذلك" في موضع نصب مفعول أول، و"يبقي" في موضع نصب مفعول ثانِ، و "ما" (¬661) الاستفهامية في موضع نصب ب" يبقي"وقدم لأن الاستفهام له صدر الكلام. والتقدير [15و]: أى شى تظن ذلك الاغتسال مبقيًا من درنه. وأشرت بقولي "على اللغة المشهورة" إلى لغة سلَيم" فانهم يجرون أفعال القول كلها مجرى" ظن" (¬662) بلا شرط، فيجوز على لغتهم أن يقال: قلت: زيدًا منطلقًا، ونحو ذلك (¬663). ومن إجراء فعل القول مجرى فعل الظن على اللغة المشهووة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (آلبر تقولون. بهن) (¬664) أي: البر تظنون بهن. وفي رواية عائشة رضى الله عنها: (آلبر تُرون بهن) (¬665). ومعنى "ترون" (¬666) أيضا "تظنون". ف " البر": مفعول أول و" بهن": مفعول ثانٍ. وهما في الأصل مبتدأ وخبر. ¬

_ (¬661) ج: واما. تحريف. (¬662) ج: الظن. (¬663) كتاب سيبويه 1/ 124 والحجة، للفارسي 1/ 258 والمقرب 1/ 295. (¬664) صحيح البخاري 3/ 61. وروي الحديث عن عائشة رضي الله عنها. (¬665) صحيح البخاري 3/ 60. روي برفع "البر" ونصبه. وفي نسخة من البخاري ورد بلفظ "تُرِدن " بدلًا من "ترون ". (¬666) ج: ترون بهن. تحريف.

30 - توجيه قول أبي جحيفة ( ... والمرأة والحمار يمرون من ورائها)

ومنها قول أبي جحيفة (¬667) رضي الله عنه (خرج [علينا] (¬668)، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة فأتي بؤضوء فتوضأ، فصل بنا الظهر والعصر، وبين يديه عنَزة، والمرأة والحمار يمرون من ورائها). قلت: المشكل من هذا الحديث قوله (¬669) "والمرأة والحمار يمرون". فأعاد ضمير الذكور العقلاء على مؤنث ومذكر غير عاقل. والوجه فيه أنه أراد: والمرأة والحمار وراكبه. فخذف "الراكب" لدلالة "الحمار" عليه، مع نسبة مرور مستقيم إليه، ثم غلب تذكير الراكب المفهوم على تأنيث المرأة، وعقلهما، (¬670) على بهيمية، (¬671) الحمار فقال: يمرون. ومثل " يمرون " المخبر به عن مذكور ومعطوف محذوف وقوع "طليحان " في قول بعض العرب (راكب البعير طليحان) (¬672) يريد: راكب البعير والبعيرُ طليحان. ¬

_ (¬667) ج: جحفة. تحريف. (¬668) زيادة من صحيح البخاري 1/ 126. (¬669) قوله: ساقط من ب. (¬670) ج: وغلبهما. ب: وعلقهما. تحريف. (¬671) أ: بهيمة. تحريف. (¬672) في المحكم، لابن سيده 3/ 177 "راكب الناقة طليحان". وطلح البعير، إذا أعيا وكل.

31 - حذف عامل الجر وبقاء عمله

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن أربعةٍ فخامس أو سادس) (¬673). قلت: هذا الحديث قد تضمن حذف فعلين وعاملي جر باقٍ (¬674) عملاهما بعد "إنْ" (¬675) وبعد الفاء. وهو مثل ما حكى يونس من قول العرب (مررت بصالح، إن لا صالح فطالح) (¬676)، على تقدير: إن لا أمر بصالح فقد مررت بطالح. فحذف بعد "إن" "أمر" والباء وأبقي عملها (¬677)، وحذف بعد الفاء "مررت" والباء وأبقى عملها (¬678). وهكذا الحديث المذكور، حذف فيه بعد "إن " والفاء فعلان وحرفا جر باق عملاهما، والتقدير: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن قام بأربعة فليذهب بخامس أو سادس. ومن بقاء (¬679) الجر بالحرف المحذوف قوله عليه الصلاة والسلام (صلاهَ الرجل ¬

_ (¬673) الحديث في صحيح البخاري 1/ 147. روي بالرفع فى "اربعة فخامس أوسادس"، وفي نسخة بالجر في "فخامس أوسادس" دون "أربعة". وفي نسخهْ منه جاء بلفظ "أربع" بالرفع والجر. أما الجر في "أربعة" بالتاء فلم أقف عليه في رواية. ولعل ابن مالك اعتمد نسخة جُر فيها اللفظ المذكور. وورد الحديث في 4/ 236 مع خلاف في اللفظ. (¬674) باق: ساقط من أ. (¬675) إن: ساقط من ج. (¬676) في كتاب سيبويه 1/ 262 (ومن ذلك أيضا قولك: مررت برجل صالح وإن لا صالحًا فطالح. ومن العرب من يقول: إن لا صالحًا فطالحًا، كأنه يقول: إن لا يكن صالحًا فقد مررت به أو لقيته طالحا. وزعم يونس أن من العرب من يقول: إن لا صالح فطالح، على: إن لا أكون مررت بصالح فبطالح. وهذا قبيح ضعيف). (¬677) في ج: عملهما. تحريف. (¬678) في ج: عملهما. تحربف. (¬679) د: ابقاء. تحريف.

في الجماعة تُضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمس وعشرين ضعفًا) (¬680) أي: بخمس، وقوله: (أقرَبهما منك بابا) في جواب من قال (فألى أيهما أُهدي؟) (¬681) وقوله - صلى الله عليه وسلم - (¬682) (فضل الصلاةَ بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين صلاة) (¬683) أراد: إلى أقربهما، و: بسبعين صلاة. ذكرهما صاحب "جامع المسانيد" (¬684). ¬

_ (¬680) روي الحديث في صحيح البخاري 1/ 157 بلفظا "خمسًا"، و" خمسةً" بالنصب فيهما. ولم أقف على رواية الجر فيما تيسر من كتب الحديث. (¬681) قال عنه المؤلف: أنه من جامع المسانيد. (¬682) من"اقربهما" إلى هنا ساقط من ب. (¬683) تقدم الاحتجاج به في البحث المرقم (13). وهو من جامع المسانيد. (¬684) أب د: المساند.

32 - وقوع ظرف الزمان خبر مبتدأ هو من أسماء الجثث

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (فغدًا اليهودُ وبعد غد النصارى) (¬685). قلت: في هذا الحديث وقوع ظرف الزمان خبر مبتدأ هو (¬686) من أسماء الجثث. والأصل أن يكون المخبر عنه بظرف الزمان من أسماء المعاني، كقولك: غدًا التأهب، وبعدٍ غدٍ الرحيل. فلو قيل: غدًا زيد، وبعد غدٍ عمر [15ظ] لم يجز. فلوكان معه قرينة تدل على اسم معنى محذوف جاز، كقولك: قدوم زيد اليوم وعمروُ غدًا. أي: وقدوم عمرو، فحذف المضاف وأقيم المضاف الية مقامه لوضوح المعنى. فكذلك يقدر قبل "اليهود والنصارى" مضافان من أسماء المعاني، ليكون ظرفا الزمان خبرين عنهما. فالمراد (¬687) - والله أعلم- فغدًا تعييد اليهود وبعد غد تعييد النصارى (¬688). ومثل ذلك قول الراجز (¬689): 108 - أكل عام نَعَم تحوُونهُ ... يلقحهُ قومً وتنتجونَه أراد: أكل عام إحراز نعم. ¬

_ (¬685) الحديث بهذا اللفظ لم يرد في صحيح البخاري-. وورد في 2/ 2 حديث شاهد على ما ذهب إليه ابن مالك، ولعله هو المقصود. ولفظه (اليهود غدًا والنصارى بعد غدٍ). وجاء في 2/ 6 و4/ 215 بلفظ (فغدًا لليهود وبعد غدٍ للنصارى) ولا إشكال في هذه الرواية. (¬686) ب: وهو. تحريف .. (¬687) ج: والمراد. تحريف. (¬688) ج: فغدًا تعييد النصارى وبعد غدٍ تعييد اليهود. تحريف. (¬689) هو قيس بن حصين الحارثي. ينظر كتاب سيبويه 1/ 129 ومعجم شواهد العربية 2/ 550.

33 - تعدية الفعل شبه

ومنها قول عائشة رضي الله عنها (شبهتمونا بالحمر والكلاب) (¬690). قلت: المشهور تعدية "شبه" إلى مشبه ومشبه به دون باء، كقول امرئ القيس (¬691): 109 - فشبهتهم في الآل لما تكمشوا ... حدائقَ دَومِ أو سفينا مُقَيَّرا (¬692) ويجوز أن يعدّى إلى الثاني بالباء، فيقال: شبهت كذا بكذا، ومنه قول الشاعر (¬693): 110 - ولها مبسم يشبه بالا ... غريضِ بعدَ الهُدُو عذبُ المذاق ومنه قول أم المؤمنين رضي الله عنه! "شبهتمونا بالحمر والكلاب" (¬694). وقد كان بعض المعجبين بارائهم يخطئ سيبويه وغيره من أئمة العربية في قولهم "شبه كذا بكذا" (¬695)، ويزعم أن هذا الاستعمال لحن، وأنه لا يوجد في كلام من يوثق (¬696) بعربيته، والواجب ترك الباء. وليس الذي زعم صحيحاَ، بل سقوط الباء وثبوتها جائزان، وسقوطها أشهر في كلام القدماء، وثبوتها لازم في عرف العلماء. ¬

_ (¬690) صحيح البخاري 1/ 129. (¬691) ديوانه ص 56. (¬692) شبههم حين أسرعوا في السير بحدائق الدوم الذي يطول ويرتفع فى السماء كالنخيل، لما في هواد جهم من الألوان. وشبههم أيضًا بالسفين لمسيرهم فى السراب كسير السفن فى الماء. (¬693) لم أقف على البيت في كتاب. (¬694) من "ومنه" إلى هنا ساقط من ج. وهذه العبارة الساقطهْ ثبتت في نسخهَ د قبل البيت المرقم110. (¬695) اطرد استعمال هذا الاسلوب في كتاب سيبويه. ينظر على سبيل المثال: ج اص 57 و 73 و 86 و 95 و122و145 و 146 و 148 و 171 و 182 و 209 و 212 و 250. (¬696) ج: لايوثق. تحريف.

34 - توجيه قول الصحابي (وفرقنا اثني عشر رجلا ... )

ومنها قول بعض الصحابة رضي الله عنه (¬697) (وفرقنا (¬698) أثنا (¬699) عشر رجلا) (¬700). قلت: مقتضي الظاهر أن يقول: (وفرقنا اثني عشر رجلًا) لأن "اثنى عشر" حال من النون والألف، ولكنه جاء (¬701) بالألف على لغة بني الحارث بن كعب، فانهم يلزمون المثنى وما جرى مجراه الألف في الأحوال كلها ,لأنه عندهم بمنزلة المقصور (¬702). ومن لغتهم أيضًا قصر" الأب"و "الأخ"، كقول ابن مسعود رضي الله عنه لأبي جهل (أنت أبا جهل) (¬703). وعلى لغتهم قرأ غير أبي عمرو {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (¬704). ومن شواهد هذه اللغة قول أم رومان (بينما أنا مع عائشة جالستان) (¬705) ف "جالستان" حال، وكان حقه، لوجاء على اللغة المشهوة، أن يكون بالياء، لكنه جاء على اللغة الحارثية. ومما جاء عليها قوله عليه الصلاة والسلام (إياكم وهاتان الكعبتان ¬

_ (¬697) هو عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما. (¬698) في صحيح البخاري 1/ 148 "فعرفنا" بالفاء وتشديد الراء. وفي نسخة "ففرَقنا" بتخفيف الراء. وفي أخرى "فعرفنا" بالعين وتشديد الراء وبعدها فاء وفي 4/ 236 من البخاري روايات أخرى في الحديث. (¬699) في نسخة من البخاري 1/ 148: اثنى. (¬700) رجلًا: وردت في د والبخاري. (¬701) جاء: ساقط من ب. (¬702) معاني القرآن، للفراء2/ 184. (¬703) صحيح البخاري 5/ 95 و 159. وفي الموضعين روايات آخرى. (¬704) طه 20/ 63. قرأ ابن كثير وحفص من السبعة "إن" بأسكان النون. والباقون بتشديدها. وقرأ أبو عمرو"هذين" بالياء، والباقون "هذان" بالألف. ينظر: التيسيرص 151 والبحر المحيط 6/ 255. (¬705) صحيح البخاري 4/ 183. وفي د: بينا. تحريف

الموسومتان) (¬706)، وقوله عليه السلام (إنى وإياك وهذان وهذا في مكان واحد يوم القيامة) (¬707). أخرجهما أبو الفرج في "جامع المسانيد" (¬708). ومنها قول الراجز (¬709): 111 - طاروا عَلاهُن فشل علاها ... واشدد بمثنَى حقبٍ حقْواها (¬710) ¬

_ (¬706) المسند 1/ 446. وذكر ابن مالك أنه من "جامع المسانيد". (¬707) قال المؤلف: أنه من "جامع المسانيد". (¬708) ب د: المساند. (¬709) الرجز لبعض أهل اليمن. ينظر: شرح المفصل 3/ 34 و 129 ومعجم شواهد العربية (¬710) الحَقبْ بفتحتين، الحزام يلي حقْو البعير. والحقو، بفتح فسكون، الكشح والبطن.

35 - وقوع خبر "كاد" مقرونا بـ "أن"

ومنها قول عمر - رضي الله عنه - (ما كدت أن أُصلي العصر [16و] حتى كادت الشمس تغرب) (¬711). وقول أنس (فما كدنا أن نصل إلى منازلنا) (¬712). وقول بعض الصحابة (والبرمة بينّ الأثافي، قد كادت إن تنضج) (¬713). وقول جبير بن مطعم (كاد قلبي أن يطير) (¬714). قلت: تضمنت هذة الأحاديث وقوع خبر "كاد" مقرونًا بـ "أن" وهو مما خفى على (¬715) أكثر النحويين ,أعنى وقوعه فى كلام لا ضرورة فيه والصحيح جواز وقوعة إلا أن وقوله غير مقرون ب"أن" أكثر وأشهر من وقوعه مقرونًا ب "أن" ولذلك لم يقع فى القران إلا غير مقرون (¬716) ب "أن", نحو {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (¬717) و {لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (¬718) {كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} (¬719) {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ} (¬720) {أَكَادُ أُخْفِيهَا} (¬721) {يَكَادُونَ يَسْطُونَ} (¬722) {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ ¬

_ (¬711) الحديث فى صحيح البخارى 1/ 156 دون لفظ "العصر".وفى 1/ 146دون لفظ "إن" وابن مالك لفق بين الروايتين. وجاء فى 1/ 146 أيضا بلفظ (ما كدت أصلى العصر حتى غربت). (¬712) الحديث فى صحيح البخارى 2/ 34. (¬713) من كلام جابر وضي الله عنه، ينظر: صحيح البخاري 5/ 138. وثبت في نسخة منه بحذف "أن". (¬714) صحيح البخاري 6/ 175. (¬715) د: عن. تحريف. (¬716) ج: مقترن. تحريف. (¬717) سورة البقرة 71/ 2. (¬718) النساء 4/ 78. (¬719) التوبة 9/ 117. (¬720) الاسراء 17/ 74. (¬721) طه 15/ 20. (¬722) الحج 72/ 22.

بِالْأَبْصَارِ} (¬723). ولا يمنع عدم وقوعه في القرآنْ مقرونًا ب "أن" من استعماله قياسًا لولم يرد به (¬724) سماع لأن السبب المانع من اقتران الخبرب "أن" في بماب المقاربة هو دلالهْ الفعل على الشروع، ك" طفق" و" جعل". فإن" أن" تقتضي الاستقبال، وفعل الشروع يقتضي الحال، فتنافيا. وما لا يدل على الشروع ك "عسَى" و"أوشك" و"كرب" و "كاد" فمقتضاه مستقبل، فاقتران خبره ب" أن" مؤكد لمقتضاه، فإنها تقتضي الاستقبال. وذلك مطلوب، فمانعه مغلوب. فإذا انضم إلى هذا التعليل استعمال فصيح ونقل صحيح، كما في الأحاديث المذكورة، تأكد الدليل، ولم يوجد لمخالفته سبيل. وقد اجتمع الوجهان في قول عمر رضي الله عنه "ما كدت أن أصلِي العصر حتى كادت الشمس تغرب"، وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رويته بالسند المتصل (كاد الحسد يغلب القدر، وكاد الفقر أن يكون كفرًا) (¬725). ومن الشواهد الشعرية في هذه المسألة قول الشاعر (¬726): 112 - أبيتم قبول السلم منا فكدتم ... لدى الحرب أن تغنوا السيوف عن السل وهذا الاستعمال مع كونه في شعر ليس بضرورة، لتمكن مستعمله من أن يقول: أبيتم قبول السلم منا فكدتم ... لدى الحرب تغنون السيوف عن السل ¬

_ (¬723) النور 43/ 24. (¬724) به: ساقطة من ب. (¬725) في المقاصد الحسنة، للسخاوي ص 311 (كاد الفقر أن يكون كفرًا وكاد الحسد أن يغلب القدر. وينظر: الجامع الصغير. للسيوطي 2/ 89. (¬726) البيت مجهول القائل. ينظر شرح ابن الناظم ص 60 ومعجم شواهد العربية 1/ 301. 160

وأنشد سيبويه (¬727) 113 - فلم أرَ مثلَها خباسة واحِدٍ ... ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعلَه وقال: أراد: بعدما كدت أن أفعله، فحذف "أن" وأبقى عملها (¬728). وفي هذا إشعار باطراد اقتران خبر "كاد" ب "أن" لأن العامل لا يحذف ويبقى عمله إلا إذا اطرد ثبوته. ¬

_ (¬727) الكتاب 1/ 307. والبيت لعامر بن جوين الطائي. ينظر معجم شواهد العربية 1/ 266. (¬728) في كتاب سيبويه 1/ 307 (فحملوه على "أن" لأن الشعراء قد يستعملون "أن" ههنا مضطرين كثيرا).

36 - توجيه الحديث (تفتنون في قبوركم مثل أو قريب من فتنة الدجال)

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أُوحي أليّ أنكم تُفتنون في قبوركم مثلَ أو قريبًا من فتنة الدجال). ويروى "أو قريبَ" بلا تنوين (¬729). قلت: الرواية المشهورة "مثلَ أو قريبًا". وأصله: مثل فتنة الدجال أو قريبًا من فتنة الدجال، فحذف ما كان "مثل" مضافًا إليه، وترك هو على الهيئة التي كان عليها قبل الحذف، وجاز الحذف لدلالة ما بعد المحذوف عليه، وصلح للدلالة من أجل مماثلته له (¬730) لفظًا ومعنى. والمعتاد في صحة هذا الحذف أن يكون مع إضافتين، كقول الشاعر (¬731): 114 - أمامَ وخلف المرء من لطف ربه ... كوالى تزوي عنه ما هو يحذر (¬732) [16ظ]، ومن وروده بإضافة واحدة كالوارد في الحديث قول الراجز (¬733): 115 - مَهْ عاذلي فهائمًا لن أبرحا ... بمثل أو أحسنَ من شمس الضحَى أراد: بمثل شمس الضحى أو أحسن من شمس الضحى. والوجه في رواية من روى "أو (¬734) قريب" بلا تنوين أن يكون أراد: تفتنون مثل فتنة الدجال أو قريب الشبه من فتنة الدجال، فحذف الضاف إليه "قريب" وبقي هو على الهيئة (¬735) التي كان عليها قبل الحذف (¬736). ¬

_ (¬729) ورد الحديث بالروايتين في صحيح البخاري 2/ 12. وبتنوين "قريبًا" فقط في 1/ 32 و 65و2/ 45 (¬730) له: ساقطة من ج. (¬731) قائل البيت مجهول. ينظر: همع الهوامع 1/ 210 ومعجم شواهد العربية 1/ 154. (¬732) ج: محذور. تحريف. (¬733) قائل الرجز مجهول. ينظر: شرح الأشموني 1/ 234 ومعجم شواهد العربية 2/ 457. (¬734) أو: ليس في ب د. (¬735) ساقطة من ج. (¬736) د: الحرف. تحريف.

وهذا الحذف فى المتأخر لدلالة المتقدم عليه قليل، وقد تقدمت له نظائر جلية ذكرتها عند كلامى على جواب الصاحب الذي قيل له: "كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬737) وكالكلام على "مثل أو قريبًا" بعد "تفتنون في قبوركم" الكلام على (مثل (¬738) أو قريبًا) بعد (حتى يكون بينه وبين الجدار) في حديث دخول ابن عمر الكعبة (¬739). إلا أن قبل "بينه وبين الجدار" موصولًا حذف وبقيت صلته. وقد يرفع "مثل" و"قريب" (¬740) فيستغني عن تقدير الموصول. ¬

_ (¬737) ينظر آخر البحث المرقم (7). (¬738) مثل: زيادة من ج. (¬739) الحديث المقصود رواه البخاري في 1/ 127 عن نافع رضي الله عنه (أن عبد الله بن عمر كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل، وجعل الباب قبل ظهره، فمشى حتى يكون بينه ويين الجدار الذي قبل وجهه قريبًا من ثلاثة اذرع). وورد في 2/ 175 من البخاري بنصبا "قريبًا" ويرفعه. وفي الموضعين من البخاري لم ترد لفظة "مثل"، فلعل ابن مالك رآها فى نسخة أخرى. (¬740) يعنىِ فى حديث ابن عمر رضي الله عنه. وقد ورد لفظ "قريب" بالرفع والنصب كما تقدم. وفي أج: مثل أو قريب. تحريف.

37 - معنى "رب" واستعمالها

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (يا ربّ كاسية في الدنيا عاريهٍ يوم القيامة) (¬741). قلت: أكثر النحويين يرون أن معنى "رب" التقليل، وأن معنى ما يصر بها المضَي. والصحيح أنَ معناها في الغالب التكثير. نص على ذلك سيبويه. ودلت شواهد النثر والنظم عليه. فأما نصَ سيبويه فقوله في باب "كم" (واعلم أنَ "كم" في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه "ربَ" لأن المعنى واحد، إلَا أن "كم" اسم، و"رب" غير اسم) (¬742) فجعل معنى "ربَ" ومعنى "كم"الخبريهَ واحدًا. ولا خلاف في أن معنى "كم" التكثير، ولا معارض لهذا الكلام في كتابه، فصح أن مذهبه كون "ربَ" للتكثير لا للتقليل. وأما الشواهد على صحة ذلك فمنها نثر ومنها نظم. فمن النثر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " يا ربَ كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة، فليس المراد أن ذلك قيل، بل المرِاد أنَ الصنف المتصف بهذا (¬743) من النساء كثير. ولذلك لو جعلت "كم" موضع "رب" لحسن. ونظائره كثيرة. ومن شواهد هذا من النظم (¬744) - صلى الله عليه وسلم - قول حسان رضي الله عنه (¬745): 116 - رب حلم أضاعه عدم الـ ... مال وجهل غطى عليه النعيم وقول ضابئ البرجمي (¬746): ¬

_ (¬741) في صحيح البخاري 2/ 60 " ... عاريةٍ في الآخرة" وينظر أيضا1/ 39 و 5/ 60 و 7/ 197. (¬742) كتاب سيبويه 2/ 161. (¬743) د: بها. تحريف. (¬744) ج: ومن شواهد النظم. (¬745) ديوانه ص 378. (¬746) لم أقف على الشاهد في كتاب.

117 - ورب أُمور لا تضيرك ضيرة ... وللقلب من مخشاتهن وجيب وقول عدى بن زيد (¬747): 118 - رب مأمول وراج أملا ... قد ثناه الدهرُ عن ذاك الأمل واحترزت (¬748) بقولي "في الغالب " من استعمالها فيما لا تكثير (¬749) فيه، كقول الشاعر (¬750): 119 - ألارب مولود وليس له أب ... وذي ولد لم يَلْدَه أبوان يعني عيسى وآدم عليهما السلام. والصحيح أيضًا أن ما (¬751) يصدر ب "رب" لا يلزم كونه ماضي المعنى، بل يجوز مضيه وحضوره واستقباله. وقد اجتمع الحضور والاستقبال في "يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة). وقد اجتمع المضى والاستقبال [17و] فيما حكى الكسائي من قول بعض العرب بعد الفطر لاستكمال رمضان (رب (¬752) صائمه لن يصومه ورب قائمه لن يقومه) (¬753). ¬

_ (¬747) ديوانه ص 99. (¬748) ب: واخترت. تحريف. (¬749) ج: لا يكثر. تحريف. (¬750) هو رجل من أزد السراة أو عمرو الجنبي. ينظر كتاب سيبويه 1/ 341 و 258 ومعجم شواهد العربية 1/ 398. (¬751) ب: إن كل ما. (¬752) ج: يا رب. تحريف. (¬753) معاني القرآن، للفراء2/ 15.

وقد انفرد إلاستقبال في قول أم معاوية رحمهما الله (¬754): 120 - يا رب قائلة غداً ... يا ويح أم معاويه وفي قول جحدر: (¬755): 121 - فان أهلك فرب فتى سيبكي ... على مهذبٍ رخص البنان وفي قول الراجز (¬756): 122 - يارُب يوم لي لا أُظَللُه ... أرمض من تحت وأضحَى من عَلُه (¬757) ومع ذلك فالمضي أكثر من الحضور والاستقبال، ومن شواهده قول امرئ القيس (¬758): 123 - ألا رَب يوم صالح لك منهما ... ولا سيما يوم بدارة جُلجلِ ¬

_ (¬754) السيرة النبوية 3/ 40 والبحر المحيط 5/ 444 ومعجم شواهد العربية 1/ 428. (¬755) هو جحدر بن مالك. ينظر: أمالي القالي 1/ 282 والبحر المحيط 5/ 444 ومعجم شواهد العربية 1/ 405. (¬756) هو أبو ثروان، ينظر: شرح ابن الناظم ص 323 ومعجم شواهد العربية 2/ 521. (¬757) اظلله، بالبناء للمجهول، من التظليل. يقال: ظللته بكذا، أي: القيت ظله عليه. وأصله: اظلل فيه، ثم حذت الجار والمجرور وأُوصل الضمير عل التوسع، وأرمض، من ارمضتنى الرمضاء، أي: أحرقتني. (¬758) ديوانه ص 10 برواية" إلا ربً يوم لك منهُن صالح". وينظر: شرح المفصل 2/ 86 ومعجم شواهد العربية 1/ 303.

38 - مسائل من باب "نعم"

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (نعم المنيحة اللقحةُ الصفي منيحةً) (¬759). وقول امرأة عبد الله بن عمروتعنيه (نعم الرجل من رجل، لم يطأ لنا فراشاً، ولم يفتش لنا كلنفًا منذ أتيناه) (¬760). وقول الملك (ونعم المجيء جاء) (¬761) قلت: تضمن الحديث الأول والثاني (¬762) وقوع التمييز بعد فاعل "نعم" ظاهرًا. وهو مما منعه سيبويه، فانه لا يجيز أن يقع التمييز بعد فاعل "نعم" و"بئس" إلا إذا أضمر الفاعل (¬763) كقوله تعالى {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} (¬764)، وكقول بعض الطائيين (¬765): 124 - لنعم امرءًا أوس ذا أزمة عرت ... ويمم للمعروف ذوكان عوًدا وأجاز المبرد وقوعه بعد الفاعل الظاهر (¬766) وهو الصحيح. ومن منع وقوعه بعد الفاعل الظاهر يقول: إن التمييز فائدة المجيء به رفع الابهام، ولا ابهام إلا بعد إلاضمار. فتعين تركه مع الاظهار. وهذا الكلام تلفيق عار من التحقيق، فإن التمييز بعد الفاعل الظاهر، وإن لم ¬

_ (¬759) في صحيح البخاري 3/ 205: الصفئ منحةْ. وينظر أيضًا 7/ 141. (¬760) صحيح البخاري 6/ 242. ويفتش: يطلب ويبحث. (¬761) صحيح البخاري 4/ 134. وينظر 4/ 133 و 5/ 67 - 68. (¬762) ب: تضمن هاذان الحديثان. د: تضمن هذا الحديث الأول والثاني تحريف. (¬763) في الكتاب 2/ 179) (واعلم أنك لا تظهر علامة المضمرين في نعم، لا تقول: نعموا رجالًا. يكتفون بالذي يفسره كما قالوا: مررت بكل). (¬764) الكهف 18/ 50. (¬765) لم أقف على الشاهد في كتاب. (¬766) المقتضب 2/ 150.

يرفع ابهامًا، فإن التوكيد به حاصل، فيسوغُ (¬767) استعماله (¬768)، كما ساغ استعمال الحال مؤكدة، نحو {وَلَّى مُدْبِرًا} (¬769) و {َيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} (¬770)، مع أن الأصل فيها أن يبين بها كيفية مجهولة. فكذا التمييز، أصله أن يرفع به ابهام، نحو: له عشرون درهمًا. ثم جاء به بعد ارتفاع الابهام قصدا للتوكيد، نحو: عنده (¬771) من الدراهم (¬772) عشرون درهمًا. ومنه قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} (¬773). ومنه قول أبي طالب (¬774) 125 - ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا فلو لم ينقل التوكيد بالتمِييز بعد إظهار فاعل "نعم" و"بئس" لساغ استعماله قياسًا على التوكيد به مع غيرها. فكيف؟ وقد صح نقله، وقرر فرعه وأصله. ومن شواهده (¬775) الموافقة للحديثين المذكورين قول جرير يمدح عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (¬776): 126 - تزود مثل زادِ أبيك فينا ... فنعم الزادُ زادُ أبيك زادا فما كعب بنُ مامة وابن سُعدى ... بأجود منك يا عمرُ الجوادا ¬

_ (¬767) د: فيسرع. تحريف. (¬768) أج: استعمالا. (¬769) النمل 27/ 10 والقصص 28/ 31. (¬770) مريم 19/ 33. (¬771) ج: عند هم. تحريف. (¬772) ب: اللرهم. (¬773) التوبة 9/ 36. (¬774) شرح ابن الناظم ص 183 وسجم شواهد العربية 1/ 388. (¬775) أج: شواهد. (¬776) ديوان جرير ص 135 والخصائص 1/ 83 ومعجم شواهد العربية 1/ 96.

ومن شواهد ذلك أيضا قول جرير يهجو الأخطل (¬777): 127 - والتًغلبيونَ بئس الفحلُ فحلُهم ... فحلا وأُمهم زلاء منطيق ومن شواهد ذلك أيضا قول الآخر (¬778): 128 - نعم الفتاة فتاة هندُ لو بذلت ... رد (¬779) التحية نطقًا أو بايماء وفي قول الملك - صلى الله عليه وسلم - "نعم المجيء جاء" شاهد على الاستغناء بالصلة عن الموصول، أو بالصفة عن الموصوف [17ظ]، في باب" نعم". لأنها تحتاجُ إلى فاعل هو "المجيء" وإلى مخصوص (¬780) بمعناه (¬781) وهو مبتدأ مخبر عنه ب "نعم " وفاعلها، وهو في هذا الكلام وشبهه موصول أوموصوف ب "جاء". والتقدير: "ونعم المجيء الذي جاء، أو"نعم المجيء مجىء جاء". وكونه موصولًا أجود؛ لأنه غير عنه، وكون المخبر عنه معرفة أولى من كونه نكرة. ¬

_ (¬777) ديوان جريرص 359 والمقرب 1/ 68 ومعجم شواهد العربية 1/ 248. (¬778) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح الألفية، للمرادي 3/ 94 ومعجم شواهد العربية 1/ 24. (¬779) أج: ود. (¬780) د: المخصوص. تحريف. (¬781) أب: بمعناها.

39 - سد الحال مسد الخبر

ومنها قول بعض الصحابة رضي الله عنهم (كان الناس (¬782) يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم عاقدي أزْرهم) (¬783). وقول (¬784) صاحبة المزادتين (عهدى بالماء أمس، هذه الساعةَ، ونفرُنا خُلُوفاً) (¬785). قلت: اعلموا وفقكلم الله أن "عاقدي أزْرهم" و"خُلُوفا" منصويان على الحال، وهما حالان سدتا مسد الخبرين المسندين إلى "هم" و"نفرنا". وتقدير الحديث الأول: وهم مؤتزرون عاقدى أُزرهم. وتقدير الحديث (¬786) الثاني: ونفرنا متروكون خُلُوفًا. ونظير هذين الحديثين {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} (¬787) بالنصب. وهي قراءة تُعزى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وتقديرها: ونحن معه عصبة، أو: ونحن نحفظه عصبة. وهذا النوع من سد (¬788) الحال مسد الخبر، مع (¬789) صلاحيتها (¬790) لأن تجعل خبرًا، شاذ لا يكاد يستعمل، ومنه قول الزباء (¬791): ¬

_ (¬782) في المخطوطات: كانوا. وما أثبته هو لفظ البخاري 1/ 196 و 2/ 79. (¬783) من كلام سهل بن سعد رضي الله عنه. وفي نسخة من البخاري 1/ 196 و 2/ 79. وهم عاقدو. (¬784) ب: وفي قول. تحريف. (¬785) صحيح البخاري 1/ 90 وفي نسخة: خُلُوف. (¬786) الحديث: ساقط من د. (¬787) يوسف 12/ 8و14. وينظر: مختصر في شواذ القرآن، لابن خالويه ص 62 والبحر المحيط 5/ 283. (¬788) أج: مسدْ. تحريف. (¬789) مع: ساقطة من ج. (¬790) ب د: صلاحيتهما. تحريف. (¬791) معاني القرآن للفراء73/ 2 و 424 ومعجم شواهد العربية 2/ 264.

- حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه

129 - ما للجمال سيرُها (¬792) وئيدا ... أجندلًا يحملن أم حديدا فالوجه الجيد فيما كان من هذا القبيل الرفع بمقتضى الخبرية، والاستغناء عن تقدير خبر. وإنما يحسن سدً الحال سد الخبر إذا لم يصلح جعل الحال خبرًا، نحو: ضربي زيدًا قائمًا , وأكثر شربي السويقَ ملتُوتًا. فلو جعل "قائم" خبرًا لي "ضربي" و"ملتوت" خبرًا ل "أكثر شربى" لم يصح، فلذلك نصبا على الحال. وأما الأمثلة التي تقدمت فجعل ما نصب فيها على الحال خبرًا صحيح، لا ريب في صحته، فلذلك كان النصب ضعيفًا. ***** وقول صاحبة المزادتين "عهدي بالماءِ أمس هذه الساعة" أصله: أمس (¬793) في مثل هذه الساعةِ؟. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. ومن حذف المضاف وأقامة المضاف إليه مقامه: (فقلنا لمسروق: سله، أكان عمر يعلم من البابُ) (¬794). أي: يعلم مَن مثَلُ الباب. ¬

_ (¬792) ج: مشيها. وهى رواية في البيت. ويروى هذا اللفظ بالجر والرفع. (¬793) أمس: ْ ساقطة من أج. (¬794) في صحيح البخاري3/ 30 قول عمر لحذيفة رضي الله عنهما ( ... إنما أسال عن التي تموج كما يموج البحر، قال: وإن دون ذلك بابًا مغلقًا. قال: فيفتح أويكسر؟ قال، يكسر. قال: ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة. فقلنا لمسروق: سله أكان عمر يعلمُ منِ الباب، فسأله، فقال: نعم).

40 - حذف المعطوف لتبين معناه

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (اجتنبوا المويقات: الشرك بالله والسحر) (¬795). وقول على رضي الله عنه (كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كنت، وأبو بكر وعمرُ، وفعلت-وأبو بكر وعمرُ، وانطلقت وأبو بكر وعمر) (¬796). وقول عمر رضي الله عنه (كنت وجار لي من الأنصار) (¬797). وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (اسكن أحدُ، فما عليك إلا نبي أو صديق (¬798) أو شهيد) (¬799). وقول ابن عباس رضي الله عنهما: (كُلْ ما شئت واشرب ما شئت ما اخطأك ثنتان: سرف أو مخيلة) (¬800). قلت: تضمن الحديث (¬801) الأول حذف المعطوف للعلم به؟ فإن التقدير: اجتنبوا المويقات: الشرك بالله والسحر وأخواتهما. وجاز الحذف لأن المويقات سبع بينت في حديث آخرة (¬802) واقتصر في هذا الحديث على ثنتين تنبيها (¬803) على أنهما أحق بالاجتناب. ¬

_ (¬795) صحيح البخاري 7/ 177 وروي برفع "الشرك" و "السحر" وبنصبهما. (¬796) صحيح البخاري 5/ 12. (¬797) صحيح البخاري 3/ 165 وروي في 1/ 33 و 7/ 36 بلفظ "كنت أنا وجار لي ... ". (¬798) أحد: ليس في ب د. وفي ج: "اسكن فما عليك إلا نبي وصديق ... ". تحريف. (¬799) رواية البخاري 5/ 14 (اثبت أحد، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان). وفي نسخة "وصديق أو شهيد". وورد الشاهد في 5/ 11 و 19 بالعطف بالواو دون "أو". (¬800) في صحيح البخاري 7/ 182: ما أخطأتك اثنتان. وفي نسخة منه "والبس" بدلًا من "واشرب". (¬801) في أد: هذا الحديث. (¬802) في صحيح البخاري 4/ 12 (اجتنبوا الموبقات، فقالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحرُ وقتلُ النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكلُ الربا، وأكل مال اليتيم، والتولِي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات). (¬803) ب: فبينهما. تحريف.

- العطف على ضمير الرفع المتصل من غير فصل

ويجوز رفع "الشرك" و "السحر" على تقدير: منهن الشرك بالله والسحر. ومن حذف المعطوف لتبين (¬804) معناه قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬805) أي: فافطر (¬806) فعدة من أيام أُخر [18و]. ومنه قوله تعالى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (¬807) أي: ومن قتله منكم متعمدًا أوغير متعمد. ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} (¬808) أي: تقيكم الحر والبرد. ومنه قول الشاعرْ (¬809): 130 - كأن الحَصَى من خلفها وأمامها ... إذا نجلته رجلها حذفُ أعْسَرا، ْ (¬810) أي: إذا نجلته (¬811) رجلها ولدها. ***** وتضمن الحديث الثاني والثالث صحة العطف (¬812) على ضمير الرفع المتصل غير مفصول بتوكيد أو غيره. وهو مما لا يجيزه النحويون في النثر إلا على ضعف، ويزعصون أن بابهُ الشعر. والصحيح جوازه نثرًا ونظمًا (¬813). فمن النثر ما تقدم من قول علي وعمررضي الله عنهما. ومنه قوله تعالى {لَوْ ¬

_ (¬804) ب: لتبين. تحريف. (¬805) سورة البقرة 2/ 184. (¬806) ب: أي افطر. تحريف. (¬807) المائدة 5/ 95. (¬808) النحل 81/ 16. (¬809) هو امرؤ القيس، ديوانه ص 64 وشرح ابن الناظم ص 214 ومعجم شواهد العربية 1/ 138. (¬810) الحذف بالحصى: الرمى به بالأصابع. والأعسر: الذي يعمل بيده الشمال خاصة. (¬811) ورد في نسخة أهنا وفي البيت قبله (أنجلته) بدلا من (نجلته). ولم ترد به رواية. (¬812) ج: الحد يث. تحريف. (¬813) سيكتفي المؤلف بذكر شواهد النثر دون النظم في هذ. المسألة.

- استعمال "أو" بمعنى الواو وبالعكس

شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} (¬814). فإن واو العطف فيه متصلة بضمير. (¬815) المتكلمين. ووجود "لا" بعدها لا اعتداد به؛ لأنها بعد العاطف، ولأنها زائدة, إذ المعنى تام بدونها. ***** وتضمن الرابع والخامس استعمال "أو" بمعنى الواو، فإن معنى (¬816) " فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد،" فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد. وكذا قول ابن عباس رضي الله عنهما: "ما أخطاك ثنتان: سرف أو مخيلة" معناه: ما أخطاك ثنتان: سرف ونحيلة. ونظائرهما عند أمن اللبس كثيرة. فمنها قول امرئ القيس (¬817): 131 - فظل طهاة اللحمِ من بين منضج ... صَفيفَ شِواءِ أوقَديرٍ معجّلِ (¬818) ومنها قول الآخر (¬819): 132 - فقالوا لنا: ثنتان لا بد منهما ... صدور رماح اشرعت أو سلاسل ومنها قول الآخر (¬820): ¬

_ (¬814) الأنعام 6/ 148. (¬815) ب: فضمير. تحريف. (¬816) ب: المعنى. تحريف. (¬817) ديوانه ص 22 وشرح ابن الناظم ص 209 ومعجم شواهد العربية 1/ 305. (¬818) الطهاة: الطباخون. والصفيف: المرقق. والقدير المعجل: المطبوخ في القدر. وجعله معجلًا لأنهم كانوا يستحسنون تعجيل ما كان من الصيد. (¬819) هو جعفر بن علبة الحارثى. مغني اللبيب 1/ 68 ومعجم شواهد العربية 1/ 282. (¬820) هوحميد بن ثور الهلالي. ديوانه ص 111 والسيرة النبوية, لابن هشام 1/ 333 وشرح ابن الناظم ص 209 ومعجم شواهد العربية 1/ 232.

133 - قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم ... من بين ملجم مُهره أوسافع (¬821) وكما استعملت "أو" بمعنى الوار استعملت (¬822) الواو بمعنى "أو". وعلى ذلك حمل على بن الحسبن رضىٍ الله عنهما قوله تعالى {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (¬823). ¬

_ (¬821) بعدها في د فقط (أي قابض على ناصية الفرس. ومنه لنسفعًا بالناصية). ولعلها حاشية مفسرة أضيفت إلى المتن. (¬822) ب: واستعلمت. تحريف. (¬823) النساء4/ 3.

41 - عود ضمير مذكر على مؤنث

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما العملُ في أيام أفضلَ منها في هذه الأيام) (¬824) قالوا: "ولا الجهاد في سبيل الله؟ " قال: "ولا الجهاد (¬825) إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء). قلت: في هذا الحديث (¬826) اشكال من جهتين: إحداهما- عود ضمير مؤنث في "منها" إلى "العمل" وهو مذكر (¬827). والثانية- استثناء "رجل" من "الجهاد" وابداله منه، مع تباين جنسيهما. فأما الأول فوجهه (¬828) أن الألف واللام في "العمل"لاستغراق الجنس، فصار بهما فيه عموم مصحح لتأوله بجمع، كغيره من أسماء الأجناس (¬829) المقرونة بالألف واللام الجنسية. ولذلك (¬830) يستثنى منه، نحو {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} (¬831) ويوصف بما يوصف به الجمع، كقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (¬832). وكقول بعض العرب (أهلك الناس الدرهمُ البيض والدينار الحمر) (¬833). فكما جاز أن يوصف بما يوصف به الجمع لما حدث فيه من العموم كذلك يجوز أن يعاد إليه ضمير كضمير الجمع، فيقال: الدينار بها هلك كثير من الناس؛ لأنه في تأويل الدنانير. و (ما العمل في أيام أفضل منها في هذه الأيام؛ لأنه في تأويل الأعمال. ¬

_ (¬824) صصحيح البخاري 2/ 24. وفي نسخة منه "ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه" (¬825) بعدها في المخطوطات "في سبيل الله " وقد حذفتها اتفاقًا مع لفظ البخاري 2/ 24. (¬826) ب: قلت تضمن هذا الحديث. (¬827) تقدم الكلام على مثل هذا الموضوع في البحث المرقم 27. (¬828) ج: وجهه. تحريف. (¬829) د: الجنس. وما أثبته من ج. (¬830) ج: كذ لك. تحريف. (¬831) العصر 103/ 2و 3. (¬832) النور 24/ 31. (¬833) في المحصول، للرازي ج 1/ق 2/ص 60: والدينار الصفر.

- توجيه الحديث (ولا الجهاد إلا رجل)

ويجوز أن يكون أنث ضمير "العمل" لتاويله ب" حسنة" كما أول "الكتاب" بصحيفة من قال: (أتتة كتابى) (¬834) ***** وأما الثاني [18ظ]، فالوجه فيه أنه على تقدير: ولا الجهادُ إلا جهاد رجل، ثم حذف المضاف واقيم المضاف إليه مقامه. ***** والأصل في "ولا الجهاد" أولا الجهاد؟ لأن قائل ذلك مسِتفهم لا مخبر، فظهور المعنى سوغ حذف اِلهمزة كلما سوغه في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (وإن زنى إن سرق) (¬835) فإن أصله فيه: أو إن زنى وإن سرق؟ (¬836). ¬

_ (¬834) تقدمت الرواية عن أبي عمرو بلفظ "جاء ته كتابى"، في البحث رقم (27) الذي فصل ابن مالك الكلام فيه على موضوع تأيث الضمير العائد على مذكر. (¬835) صحيح البخاري 2/ 85. وتقدم شاهد مثله في البحث المرقم (28) الذى فصل المؤلف الكلام فيه، على موضوع حذف همزة الإستفهام. (¬836) من"فإن" إلى هنا ساقط من ب.

42 - اتصال نون الوقاية بالأسم المعرب المشابه للفعل

ومنهاقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود (فهل أنتم صادقوني). كذا في ثلاثة مواضع في أكثر النسخ (¬837). قلت: مقتضى الدليل أن تصحب نون الوقاية الأسماء المعربة المضافة إلى ياء المتكلم لتقيها خفاء الإعراب، فلما منعوها ذلك كان كأصل متروك، فنبهوا عليه في بعض الأسماء المعربة المشابهة للفعل: كقول الشاعر: (¬838) 134 - وليس بمعييني، وفي الناس ممتع ... صديق إذا أعيا على صديق وكقول الآخر (¬839): 135 - وليس الموافيني ليرفدَ خائبًا ... فإن له أضعاف ما كان أملا ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود (¬840) "فهل أنتم صادقوني". ولما كان لأفعل التفضيل. شبه بفعل التعجب اتصلت به النون المذكورة أيضًا في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (غير الدجال أخوفني عليكم) (¬841) والأصل فيه: أخوف مخوفاقي ¬

_ (¬837) صحيح البخاري 7/ 180. وفى نسخة منه "فهل أنتم صادقي عنه". (¬838) قائل البيت مجهول وصدره. ابن مالك في شرح التسهيل 1/ 152 بقوله (وأنشد ابن طاهر في تعليقه على كتاب سيبويه) وهو من شواهد الأشموني 1/ 126 ومعجم شواهد العربية (¬839) قائل الببت مجهول. وصدره ابن مالك في شرح التسهيل 1/ 152 بقوله (وأنشد غيرهما) يعني الفراء وابن طاهر. وهومن شواهد شرح الألفية للمرادي 1/ 166. وينظر: معجم شواهد العربية 1/ 265. (¬840) لليهود: ساقط من د. (¬841) صحيح سلم 4/ 2251. وروايته في المسند 4/ 181 ( .. أخوف مني عليكم).

عليكم، فحذف المضاف الى الياء، وأقيمت هي مقامه، فاتصل "أخوف" بها مقرونة بالنون، كما اتصل (معيي) (842) و "الموافي" بها في البيتين المذكورين. (842) ب: معنى. د: بمعنى. تحريف.

43 - مسألة في التنازع

ومنها قول ابن عمر في إحدى (¬843) الروايتين (لما فَتَح هذين المصرين أتَوا عمر (¬844). فيه تنازعُ "فتح" و" أتوا". وهو على إعمال الثاني وإسناد الأول إلى ضمير "عمر" وفيه حجة على الفراء، فإنه لا يجيز "أكرمنى وأكرمت زيدًا" لا على حذف الفاعل ولا على إضماره (¬845). ويجيزه الكسائي على الحذف لا على الاضمار (¬846)، فيجب على مذهبه أن يكون فاعل "فتح" محذوفًا لدلالة المذكور آخرًا عليه. ويجب على مذهب البصرين في مثل هذا الاضمارُ، ويمتع الحذف (¬847). وظهر الفرق بين (¬848) الحذف والاضمار بالتثنية والجمع فيقال على الاضمار: ضرباني وضربت الزيدَينِ، وضربوني وضربت الزيدِينَ، ويقال على الحذف: ضربني، في الأفراد وغيره. ¬

_ (¬843) د: أحد. تحريف. (¬844) صحيح البخارى 2/ 158. والرواية الثانية هي "لما فتح هذان المصران أتوا عمر". (¬845) ينظر: الكافية ص 385 (ضمن جموع مهمات المتون) وشرح الوافية نظم الكافية لابن الحاجب ص 162. و (الفراء يقول: إن استوى العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما، نحو: قام وقعد أخواك. وإن اختلفا أضمرته مؤخرًا ك" ضربني وضربت زيدًا هو"). أوضح المسالك، لابن هشام 2/ 29. (¬846) تنظر المصادر المتقدمة. (¬847) الإنصاف 1/ 93و 96 والمصادر المتقلمة. (¬848) ب: نمر، تحريف.

44 - مسألة أخرى من باب التنازع

ومنها قول أبي شريح الخزاعي (¬849) (سمعتْ أُذناي وأبصرت عيناي النبي - صلى الله عليه وسلم - حين تكلم) (¬850). قلت: في هذا الحديث تنازعُ الفعلين مفعولا واحد!، وأيثار الثاني بالعمل، أعني "أبصرت". لأنه لو كان العمل ل "سمعتْ" لكان التقدير: سمعت أذناي النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان يلزم على مراعاة الفصاحة أن يقال: "وأبصرته". فإذا أُخر المنصوب وهو مقدم في النية بقيت الهاء متصلة ب "أبصرتْ" ولم يجز حذفها. لأن حذفها يوهم غير المقصود. فإن سُمعَ الحذفُ، مع العلم بأن العمل للأول، حكم بقبحه (¬851) وعُد من الضرورات. ومن تنازع الفعلين وجعل العمل للثاني قوله تعالى [19و]: " {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} (¬852).ً وفي الحديث المذكور شاهد على أنه قد يتنازع منصوبًا واحدا فعلا فاعلين متباينين، فيستفاد من "سمعت اذناي وأبصرت عيناي النبي - صلى الله عليه وسلم - " جواز: أطعم زيد وسقى محمَّد جعفرا. وأكثر النحويين لا يعرفون هذا النوع من التنازع. ونظيره قول الشاعر (¬853): 136 - أصبت سعادُ وأضنت زينب عمرا ... ولم ينل منهما عينا ولا أثرا ¬

_ (¬849) في صحيح البخاري 8/ 13: العدوي. وهو الخزاعي نفسه. ينظر أُسد الغابة لابن الأثير 5/ 225 - 226 (¬850) الذْي ورد في صحيح البخاري 8/ 13 "سمعتْ أُذناي وابصرت عيناي حين تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ". ولم أقف على رواية ابن مالك في البخاري. (¬851) ج: بفتحه. تصحبف. (¬852) الكهف 18/ 96. (¬853) لم أقف على البيت في كتاب.

- اكتفاء "سمع" بالمفعول المقد

وفي الحديث المذكور أيضًا اكتفاء "سمع" بالمفعول الأول مقدرًا، مع أنه اسم مالًا يدرك بالسمع. والأصل خلاف ذلك. وحسن الحذفَ دلالة "حين تكلم" على المحذوف، كما حسنه في قوله تعالى {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ} (¬854) دلالة {إِذْ تَدْعُونَ} على المحذوف. فلنا أن نجعل التقدير: هل يسمعون دعاءكم فحذف المضاف، وهو من مدركات السمع، واُقيم المضاف إليه مقامه، ولنا إن نجعل التقدير: هل يسمعونكم داعين. واستغني عن "داعي" لقيام "إذ تدعون" مقامه. وكذا الحديث، لنا إن نقدر: سمعت أذناي كلامَ النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولنا أن نقدر: سمعت آذناي النبي متكلمًا. ¬

_ (¬854) الشعراء 26/ 72 (قال هل يسمعونكم إذ تدعون).

45 - موافقة "عد" لـ "ظن" في المعنى والعمل

ومنها قول بعض الصحابة رضي الله عنهم: (جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين) (¬855). قلت: في هذا الحديث شاهد على أن "عد" قد توافق "ظن" في المعنى والعمل. ف "ما" من قوله "ما تعدون أهل بدر" استفهامية في موضع نصب مفعول ثانٍ، و "أهل بدر" مفعول أول. وقدم المفعول الثاني لأنه مستفهم به. والاستفهام له صدر الكلام. وإجراء "عد"، مجرى "ظن" معنى وعملًا مما أغافله أكثر النحويين. وهو كثير في كلام العرب. ومن شواهده قول الشاعر (¬856): 137 - فلا تعدد المولى شريكَك في الغنَى ... ولكنما المولى شريكُك في العُدم ومثله (¬857): 138 - لا تعدُدِ المرءَ خِلًا قبلَ تجربة ... فرب ذي مَلَق في قلبه إحَن ومثله (¬858): 139 - لا أعدَّ الاقتارَ عُدمًا ولكن ... فقدُ من قد فقدته الاعدامُ ¬

_ (¬855) من كلام رفاعة بن رافع الزرقي. ينظر: صحيح البخاري 5/ 103. (¬856) هو النعمان بن بشر الأنصاري. ديوانه ص 159 وعيون الأخبار، لابن قتيبة 3/ 97 وشرح ابن الناظم ص 75 ومعجم شواهد العربية 1/ 358. (¬857) لم أقف على البيت في كتاب. (¬858) قائل البيت أبو دؤاد الأيادي. شرح ابن الناظم ص 75 ومعجم شواهد العربية 1/ 357.

46 - موافقة "اختص" للفعل "خص" في التعدي

ومنها قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (ولم يختص قومًا دونَ من أحوج إليه) (¬859) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها (من هو أحوج). قلت: المشهور في "اختصّ" أن يكون موافقا ل "خص" في التعدي إلى مفعول، ويذلك جاء قوله تعالى {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} (¬860) وقول عمر بن عبد العزيز "ولم يختص قومًا". وقد يكون "اختص"، مطاوع "خص"، فلا يتعدَّى، كقولك: خصصتك بالشيء فاختصصت به. ***** وقوله (¬861) " دون من أحوجُ إليه" أصله: دون (¬862) من هو أحوج إليه، فحذف العائد على الموصول، وهو مبتدأ مع كون الصلة غير مستطالة، وفيه ضعف، وهو مع ذلك مستعمل ومنه قراءة يحىَ بن يعمر {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (¬863) بالرفع، يريد [19ظ]، على الذي هوأحسن. ومثله قول الشاعر (¬864): 140 - لم أر مثل الفتيان في غير (¬865) إل ... أيام ينسون ما عواقبُها أراد: ما هو عواقبها. ¬

_ (¬859) في صحيح البخاري 4/ 111" ولم يختصْ قريبا دون من أحوج إليه). وفي نسخة "دون من هوأحوج". ولم أقف على رواية "اختص قوما". ولعل ابن مالك راجع نسخة فيها ما ذكر. (¬860) سورة البقرة 2/ 105. (¬861) ج: قوله. بدون واو. تحريف. (¬862) دون: ساقطة من ج. وفي د: دون ما هو. تحريف. (¬863) الأنعام 4/ 156 وينظر المحتسب 1/ 234 .. (¬864) هو عدي بن زيد العبادي. ديوانه ص 45 والمحتسب 2/ 255 ومعجم شواهد العربية 1/ 51 (¬865) أ: غبن. وهي رواية في البيت.

وقد اجتمع شاهدان في قول الآخر (¬866): 141 - لا تنو إلا الذي خير فما شقيت ... الا نفوس الألى للشرناوونا أراد: لا تنو إلا الذي هو خير. و: هم للشرُناوونا. وفلوكانت الصلة مستطالة لحسن الحذف، كقول بعض العرب: (ما أنا بالذي قائل لك سوء) (¬867) ولو زادت (¬868) الاستطالة لازداد الحذف حسنًا، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} (¬869) والتقدير. وهو الذي هو في السماء إله وفي الأرض هو إله. ومن الحذف المستحسن للاستطالة قول الأعشى (¬870): 141 - فأنت الجواد وأنت الذي ... إذا ما النفوسُ ملأنَ الصدورا جدير بطعنة يومَ اللقا ... ء تضربُ منها النساءُ النحورا ¬

_ (¬866) قائل البيت مجهول. يفر شرح الأشموني 1/ 168 ومعجم شواهد العربية 1/ 383. (¬867) كتاب سيبويه 8/ 2. (¬868) ج: ازدادت. تحريف. (¬869) الزخرف 43/ 83. (¬870) ديوانه ص 99.

47 - توجيه قول عائشة (فاذا بقي من قراءته نحوا من ... )

ومنها قول عائشة رضي الله عنها (كان يصلي جالسًا، فيقرأ وهو جالس، فاذا بقي من قراءته نحوًا من كذا) (¬871). قلت: من روَى (نحوَ من كذا، بالرفع فلا إشكال في روايته (¬872) وإنما الإشكال في رواية من روى "نحوًا" بالنصب. وفيه وجهان: أحدهما- أن تكون "من" زائدة، ويكون التقدير: فإذا بقي قراءنُه نحوًا. ف "قراءته" فاعل "بقي". وهو مصدر مضاف إلى الفاعل ناصب "نحواَ" بمقتضى المفعولية. وزيادة "من" على هذا الوجه لا يراها سيبويه؛ لأنه يشترط (¬873) في زيادتها شرطين (¬874): أحدهما- تقدم نهى أو نفي أو استفهام. والثاني- كون المجرور بها نكرة. والأخفش لا يشترط ذلك (¬875). - وبقوله أقول، لثبوت زيادتها دون الشرطين نثرًا ونظمًا. فمن النثر قوله تعالى {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} (¬876). و {آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} (¬877). ومنه قول عائشة رضِي الله عنها في رواية من نصب "نحواَ". ومن ثبوت ذلك نظمًا قول عمر بن أبي ربيعة (¬878): ¬

_ (¬871) في صحيح البخاري 2/ 58 ( ... نحوًا من ثلاثين أو أربعين آية). وروى لفظ "نحو" بالرفع والنصب. (¬872) ج: فلا اشكال فيه. تحريف. (¬873) ب: شرط. تحريف. (¬874) فهم الشرطان من كلام سيبويه في الكتاب 1/ 38و 4/ 225. وينظر: شرح المفصل 8/ 13 والجنى الدانى ص 321 و 322. (¬875) معاني القرآن، للأخفش ص 238. (¬876) الكهف 18/ 31 والحج 22/ 23 وفاطر 35/ 33. (¬877) الأحقاف 46/ 31. (¬878) ديوانه ص 175 والجنى الداني ص 322 ومعجم شواهد العربية 1/ 136.

143 - وينمي لها حبها عندنا ... فما قال من كاشح لم يَضر وقول جرير (¬879): 144 - لما بلغنا إمام العدلَ قلت لهم ... قدكان من طول ادلاج وتهجير ومثله (¬880): 145 - وكنتُ أرى كالموت من بين ساعة ... فكيف ببين كان موعدَه الحشر ومثله (¬881): 146 - يظل به الحرباء (¬882) يمثل قائمًا ... ويكثر فيه من حنين الأباعر والوجه الثاني- أن تجعل "من قراءته" صفة لفاعل "بقي" قامت مقامه لفظًا ونوي ثبوته، وتجعل "نحوًا" منصوبًا على الحال. ِ. تقدير: فإذا بقي باقٍ من قراءته نحوًا من كذا. وهذا الحذف يكثر قبل "من" لدلالتها على التبعيض (¬883). ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (حتى يكون منهن [كلهنَ] (¬884) ثلاثًا وثلاثين). ومنه [20و] على أجود الوجهين قوله تعالى {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} (¬885) ¬

_ (¬879) ديوانه ص 256، برواية (لما بلغت ... إدلاجي وتهجيري). (¬880) قائل البيت سلمة بن يزيد الجُعفي. ينظر شرح ابن الناظم ص 141 ومعجم شواهد العربية 1/ 150. وسقط الشاهد من ج. (¬881) قائل البيت مجهول. ينظر شرح ابن الناظم ص 142 ومعجم شواهد العربية 1/ 178. (¬882) د: يظل من الحرباء. (¬883) من "نحوا" إلى هنا سقط من ج. (¬884) كلهن: زيادة من صحيح البخاري 1/ 201. ولفظ الحديث فيه (تقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، حتى يكون منهن كلْهن ثلاثًا وثلاثين). (¬885) الأنعام 6/ 34.

أي: ولقدجاءك جاء من نبأ المرسلين (¬886). وأشرت بقولي "على أجود الوجهين" إلى جعل الأخفش "من" زائدة (¬887). وتقدير الفاعل المحذوف باسم فاعل الفعل ك "باق" بعد "بقي" و "جاءٍ" بعد "جاء" أولى من تقدير غيره، لدلالة الفعل عليه معنى ولفظًا. ولا يفعل هذا الحذف غالبًا دون صفة مقرونة ب "من" إلا بعد نفي أو نهي. وقد تقدم في هذا المجموع الاستشهاد (¬888) على وقوع ذلك بعد النهي في (¬889) قراءة هشام {ولايحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتًا} (¬890) وأن معناه: ولا يحسبن حاسب الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا (¬891). ومثل قراءة هشام قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ولا تناجشوا. ولا يزيدن على بيع أخيه، ولا يَخطُبن علي خِطبته) (¬892). ومثله، وإن لم يكن بصيغة النهي، (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقيمَ الرجلَ من مقعده ويجلس فيه) (¬893). ومثله (نهى رسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين: عن اللماس (¬894) والنباذ، وأن يشتمل الصماء، وأن يحتبيَ في ثوب واحد) (¬895). ومن حذف الفاعل بعد النفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمرحين يشربها وهو مؤمن) (¬896). ¬

_ (¬886) من "أي " إلى هنا ساقط من أب د. والزيادة من ج. (¬887) معاني القرآن، للأخفش ص 423. (¬888) ج: وقد تقدم الكلام في هذا المجموع على الاسشهاد. تحريف. (¬889) في: ساقط من أب د. والزيادة من ج. (¬890) آل عمران 3/ 169 التيسير ص 91. وقرأ غير هشام من السبعة بالتاء في"تحسبن". (¬891) لم يتقدم ذكر لهذه الآية ولا لتفسيرها في الكتاب .. ولعل في كلام المؤلف وهمًا. (¬892) صحيح البخاري 3/ 236. (¬893) في المخطوطات: من مجلسه. وما أثبته رواية صحيح البخاري 2/ 9 وهو من كلا م ابن عمر رصي الله عنهما. ومن روايات الحديث" أن يقيم الرجلُ الرجل، و "أن يقيمَ الرجل أخاه". (¬894) أب: اللباس. تحريف. (¬895) صحيِح البخاري 1/ 97. وفي نسخة منه (وأن يحتبي الرجلُ ... ،، وفي أخرى (وأن تُشتمل الصماء وإن يجتبي في ثوب واحد". (¬896) صحيح البخاري 7/ 136. وينظر 3/ 168 و 8/ 195 - 196.

48 - استعمال"من" فى ابتداء غاية الزمان

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالًا، فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراطٍ قيراطٍ؟ فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ فعملت النصارى من نصف النهار الى، صلاة العصر على قيراط قيراط. ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس [على قيراطين قيراطين] ألا لكم أجركم مرتين) (¬897). قلت: تضمن هذا الحديث استعمال"من" فى ابتداء غاية الزمان أربع مرات. وهو مما (¬898) خفى على أكثر النحويين فمنعوه تقليدًا لسيبويه في قوله (وأما" من" فتكون لابتداء الغاية في الأماكن ... وأماْ "مد" فتكون لابتداء غاية الأيام والأحيان ... ولا تدخل واحدة منهما على صاحبتها) (¬899).، يعني إن "مذ" لا تدخل على الأمكنة، ولا "من" على الأزمنة. فالأول مسلم باجماع. والثاني ممنوع، لمخالفته النقل الصحيح والاستعمال الفصيح. ومن شواهد صحة هذا الاستعمال قوله (¬900) تعالى {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} (¬901) وبهذًا استشهد الأخفش على أنَ "من" تستعمل لابتداء غاية الزمان (¬902). وقد قال سيبويه في باب ما يضمر (¬903) فيه الفعل المستعمل إظهاره بعد حرف: ¬

_ (¬897) صحيح البخاري 4/ 209. وما بين المعقوفتين زيادة منه. (¬898) ج: وهو ما. تحريف. (¬899) الكتاب 4/ 225 و 226. (¬900) ب: ومن شواهد صحته قوله. (¬901) التوبة 9/ 108. (¬902) معاني القرآن، لأخفش ص 485. (¬903) ب: مايضم. تحريف.

(ومن ذلك قول العرب: 147 - من لدُ شولًا فالى اتلائها (¬904) نصب؛ لأنه أراد زمانًا. والشول لا يكون زمانًا ولا مكانًا، فيجوز فيها الجر، كقولك (¬905) من لدُ صلاةِ العصر الي وقت كذا وكذا ... فلما أراد الزمان حمل الشول على شيء يحسن (¬906) أن يكون زمانا إذا عمل في الشول ... كأنك قلت: من لد أن كانت شولًا إلى اتلائها) (¬907). هذا نصه في هذا الباب. فله في المسألة قولان. ومن شواهد هذا الاستعمال أيضًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مئة سنة منها) (¬908). وقول عائشة رضي الله عنها (فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يجلس عندي من يوم قيل فى ماقيل) (¬909). وقول انس رضي الله عنه (فلم أزل اُحب الدُباء من يومئذِ) (¬910). وقول بعض الصحابة رضي الله عنهم (فمُطرنا من جمعة إلى جمعة) (¬911). ومن الشواهد الشعرية قول النابغة (¬912): 148 - تخيرن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جُربن كل التجارب ¬

_ (¬904) قائله مجهول. ينظر: معجم شواهد العربية 2/ 438. (¬905) ج: كقوله. تحريف. (¬906) ج: فحسن. تحريف. (¬907) كتاب سيبويه 1/ 264 - 265. (¬908) صحيح البخاري 1/ 39و 140 وتمام الحديث ( ... لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد). (¬909) في صحيح البخاري 3/ 217 (فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله فجلس، ولم يجلس عندي من يوم قيل فى ما قيل). (¬910) صحيح البخاري 3/ 76 و 7/ 89 و 102. والدْباء: القرع. (¬911) في صحيح البخاري 2/ 35 قول أنس رضي الله عنه (فمطروا من جمعة إلى جمعة). وفي رواية ثانية في الصفحة نفسها (فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة). وهي رواية الموطأ 1/ 191 وسنن النسائى 3/ 125. (¬912) ديوانه ص 45 ومغنى اللبيب 1/ 353 ومعجم شواهد العربية 1/ 58.

[20ظ]، ومثله (¬913): 149 - وكل حسام أخلصته قيونه ... تخيرنَ من أزمانِ عاد وجرهم ومثله (¬914): 150 - من الآنَ قد أزمعت حلمًا فلن أرى ... أغازل خَودًا أو أذوق مُداما، ومثله (¬915): 151 - ألفت الهوَى من حين الفيت يافعًا ... إلى الآنَ ممنوًا بواشٍ وعاذلِ ومثله (¬916): 152 - مازلتُ من (¬917) يوم بنتم والهًا دَنفًا ... ذا لوعةٍ عيش من يبلى بها عجب ¬

_ (¬913) لم أقف على البيت في كتاب. (¬914) لم أقف على البيت في كتاب. (¬915) لم أقف على البيت في كتاب. (¬916) لم أقف على البيت في كتاب. (¬917) من: ساقطة من ج.

49 - من مواضع الحذف في الشرط والجواب

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسعد رضي الله عنه (إنك إنْ تركت ورثتك أغنياء خير من أن تذرَهم عالة) (¬918). وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بن كعب: (فإن جاء صاحبها وإلا استمتعْ بها) (¬919). وقوله - صلى الله عليه وسلم - لهلال بن أمية (البينةَ وإلا حد في ظهرك) (¬920). قلت: تضمن الحديث الأول حذف (¬921) الفاء والمبتدأ معًا من جواب الشرط، فإن الأصل: إن تركت ورثتك أغنياء فهو خير. وهو مما زعم النحويون أنه مخصوص بالضرورة. وليس مخصوصاَ بها، بل يكثر استعماله في الشعر ويقل في غيره. فمن وروده في غير الشعر، مع ما تضمنه الحديث المذكور، قراءة طاوس {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ أصْلَحٌ الَهُمْ خَيْرٌ} (¬922) أي: أصلح إليهم (¬923) فهو خير. وهذا وإن لم يصرح فيه بأداة الشرط، فإن الأمر مضمن معناها. فكان ذلك بمنزلة التصريح بها في استحقاق جواب، واستحقاق اقترانه بالفاء، لكونه جملة اسمية. ومن خص هذا الحذف بالشعر حاد عن التحقيق، وضيق حيث لا تضييق، بل هو في غير الشعر قليل، وهو فيه كثير. ومن الشواهد الشعرية قول الشاعر (¬924): ¬

_ (¬918) الحديث ورد بفتح همزة "أن" في صحيح البخاري 2/ 98 و 4/ 3 و 5/ 87 و 7/ 155 و8/ 99 وورد بكسرها في 8/ 187. ولفظه (انك انْ تركت ولدك أغنياء خيرَمن أن تتركهم عالة). (¬919) صحيح البخاري 3/ 157 وفي 3/ 154 "وإلا فاستمتع". (¬920) صحيح البخاري 6/ 126. (¬921) ب: تضمن هذا الحديث حذف. (¬922) سورة البقرة 2/ 220 وفي نسخة أب د " لهم" بدلًا من "إليهم". وما أثبته من ج والمحتسب (¬923) في المخطوطات: لهم. والتصويب من المحتسب. (¬924) نسبه أبو تمام في ديوان الحماسة 1/ 603 إلى الضبي (؟).

153 - أأبي لا تبعد فليس بخالدٍ ... حتى، ومن تصب المنونُ بعيدُ ومثله (¬925): 154 - فهل أنا إلا مثل سيقة العدى ... إنِ استقدمت نحرَ وإن جبأت عَقرُ ومثله (¬926): 155 - بني ثُعل لاتنكعُوا العنز شِربها ... بني ثعل من ينكع العنز ظالم وإذا حذفت الفاء والمبتدا معًا، ولم يخص ذلك بالشعر، فحذف الفاء وحدها أولى بالجواز وأن لا يخص (¬927) بالشعر. فلو قيل في الكلام: إن استعنت أنت مُعان، لم أمنعه، إلا أنه لم أجده مستعملًا والمبتدأ مذكور إلا فى شعر (¬928)، كقول الشاعر (¬929): 156 - من يفعل الحسنات الله يشكرها ... والشر بالشر عند الله مثلان ومثل حذف المبتدأ مقرونا بفاء الجواب حذفه مقرونًا بواو الحال، كقول عمر بن أبي سلمة (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب [واحد] مشتملَ به في بيت أم ¬

_ (¬925) البيت لنصيب بن رباح. شعره ص 92 والصحاح "جبأ" 1/ 45. (¬926) البيت لرجل من بني أسد. ينظر: الكتاب 3/ 65 ومعجم شواهد العربية 1/ 341. (¬927) ج: يختص. د: وإن لم يخص. تحريف. (¬928) ج: الشعر. وفي ب: لم أجده مستعملا إلا في قول الشاعر. (¬929) هو كعب بن مالك (ديوانه ص 88) أو عبد الرحمن بن حسان (شعره ص 61). ونسب في الكتاب1/ 435 إلى حسان بن ثابت. وليس في ديوانه. وينظر: معجم شواهد العربية 1/ 402

سلمة) (¬930). ثبت برفع "مشتمل" (¬931). وتضمن الحديث الثاني (¬932) حذف جواب "إنِ" الاولى وحذف شرط " إن" الثانية وحذف الفاء من جوابها، فإن الأصل: فإن جاء صاحبها أخذها، وإن لا يجئ فاستمتع بها. وتضمن الثالث (¬933) حذف فعل ناصب "البينةَ" وحذفَ فعل الشرط بعد "إنْ لا" وحذف فاء الجواب والمبتدأ معًا. "فإن الأصل: أحضر البينة وإن لا تحضرها فجزاؤك حدّ في ظهرك. والنحويون لا يعترفون بمثل هذا الحذف في غير الشعر، أعني حذف فاء الجواب إذا كان جملة اسمية أو جملة طلبية. وقد ثبت [21 و] ذلك في هذين الحديثين، فبطل تخصيصه بالشعر، لكن الشعر به أولى. وإذا جاز حذف الفاء والمبتدأ معًا، فحذفها والمبتدأ غير محذوف أولى بالجواز، فلذلك قلت قبل هذا: فلو قيل (¬934) في الكلام: إن استعنت أنت مُعان لم أمنعه (¬935). ومن ورود الجواب طلبا عاريًا من الفاء قول الشاعر (¬936): 157 - إنْ تُدعَ للخيركنْ إياه مبتغيا (¬937) ... ومن دعاكَ له احمدْه بما فعلا ¬

_ (¬930) صحيح البخاري 1/ 95. ولفظ "واحد" ليس في المخطوطات. (¬931) وورد أيضا في نسخة من البخاري 1/ 95 بالنصب وفي أخرى بالجر. (¬932) د: وتضمن هذا الحديث الثاني. تحريف. (¬933) د: وتضمن الحديث الثالث. (¬934) فلو قيل: ساقط من ج. (¬935) من "واذا" إلى هنا ساقط من ب. (¬936) لم أقف على البيت في كتاب. (¬937) ج: متبعا. وهو المشار إليه في حاشية ب د.

50 - حذف الفاء من جواب "أما"

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أما بعدُ، ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله) (¬938) وقوله - صلى الله عليه وسلم - (أما موسى، كأني انظر إليه إذ انحدر في الوادي) (¬939)، وفي بعض النسخ: إذا انحدر (¬940). وقول عائشة رضي الله عنها (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا) (¬941) وقول البراء بن عازب رضي الله عنه (أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يولّ يومئذ) (¬942). قلت: "أما" حرف قائم مقام أداة شرط والفعل الذي يليها. فلذلك يقدرها النحويون ب "مهما يكن من شيء". وحق المتصل بالمتصل بها أن تصحبه الفاء، نحو {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (¬943). ولا تحذف هذه الفاء غالبًا إلا في شعر، أومع قول أغنى عنه مقوله، نحو {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} (¬944). أي: فيقال لهم: أكفرتم. ومن حذفها في الشعر قول الشاعر (¬945): 158 - فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرًا في عراض المواكب ¬

_ (¬938) صحيح البخاري 3/ 91 وينظر 3/ 89. (¬939) صحيح البخاري 2/ 164. وفي ب ج د: إذ ينحدر. (¬940) أ: اذ انحدر. ب ج: اذا يتحدر. د: اذ ينحدر وما أثبته هو الصحيح. (¬941) صحيح البخاري 2/ 183. وفي نسخة: فانما طافوا. (¬942) صحيح البخاري 4/ 81. (¬943) فصلت 41/ 15. (¬944) آل عمران 3/ 106. (¬945) هو الحارث بن خالد المخزومي. شعره ص 45 والمقتضب 2/ 71 ومعجم شواهد العربية 1/ 56.

أراد: فلا قتال لديكم، فحذف الفاء لاقامة الوزن. وقد خولفت القاعدة في هذه الأحاديث، فعلم بتحقيق (¬946) عدم التضييق، وأن من خصه بالشعر أو بالصورة (¬947) المعينة من النثر مقصر في فتواه، وعاجز عن نصرة دعواه. ¬

_ (¬946) ج: بالتحقيق. تحريف. (¬947) د: بالضرورة. تحريف.

51 - استعمال "رجع" مثل "صار" معنى وعملا

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا ترجعوا بعدي كفّارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض) (¬948) وقوله - صلى الله عليه وسلم - (لا يتمنينَّ (¬949) أحدكم الموت، إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئًا فلعله يستعتب) وقول - صلى الله عليه وسلم - (ليس صلاةٌ أثقلَ على المنافقين من الفجر والعشاء) (¬950) وقول عمر رضي الله عنه (ليس هذا أريد) (¬951). وقول ابن عمر رضي الله عنهما (كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون، فيتحينون الصلاة ليس ينادَى لها) (¬952). وقول السائب بن يزيد رضي الله عنه (كان الصاع على عهد النبي (¬953) - صلى الله عليه وسلم - مُدَّ وثلثٌ) (¬954). ًقلت: مما خفي على أكثر النحويين (¬955) استعمال "رجع " كـ "صار" معنى وعملًا. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا ترجعوا بعدي كفارًا". أي: لا تصيروا. ومنه قول الشاعر (¬956): ¬

_ (¬948) صحيح البخاري 1/ 40 و 2/ 205 - 206 و 5/ 223 - 224 و 9/ 3 و 63. وورد الحديث في كل هذه المواطن برفع "يضرب " فقط. (¬949) أب: لا يتمنّ. وما أثبته من ج اتفاتا مع لفظ البخاري في 9/ 104. وفي نسخة: لا يتمنى. وروي أيضا في البخاري 7/ 157 بلفظ: "لا يتمنينّ" وبلفظ "لا يتمنّ" مع اختلاف الألفاظ عن النص المتقدم. (¬950) صحيح البخاري 1/ 158. (¬951) صحيح البخاري 1/ 132. (¬952) صحيح البخاري 1/ 149. (¬953) في المخطوطات: رسول الله. وما أثبته من صحيح البخاري 9/ 129. (¬954) صحيح البخاري 9/ 129. وورد في نسخة بلفظ "مُدًا وثلثًا". وروي في 8/ 18 بنصبهما فقط. (¬955) ب: النحويون. تحريف. (¬956) لم أقف على البيت في كتاب.

- حذف "يكون" من اسمها وخبرها

159 - قد يرجع المرء بعد المقت ذامقة ... بالحلم فادرأ به بغضاءَ ذي إحَنِ وبحوز في "يضرب" الرفع والجزم. ***** وقوله - صلى الله عليه وسلم - "أما محسنًا ... واما مسيئًا" أصله: إما يكون محسنًا وإما يكون مسيئًا، فحذف "يكون" مع اسمها مرتين، وأبقى الخبر. وأكثر ما يكون ذلك بعد "إن"و "لو"، كقول الشاعر (¬957): 160 - انطق بحق وإن مستخرجًا (¬958) إحنَاَ ... فإن ذا الحق غلاب وإن غُلبا وكقوله (¬959): 161 - علمتك منانًا فلست بآمل ... نداك ولو غرثان ظمان عاريا ***** وفي"فلعله يزداد" و "فلعله يستعتب" شاهدان على مجىء "لعل" للرجاء المجرد من التعليل. وأكثر مجيئها [21ظ]، في الرَّجاء إذا كان معه تعليل، نحو: " {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬960) و {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} (¬961). ¬

_ (¬957) قائل البيت مجهول، ينظر: همع الهوامع 1/ 210 ومعجم شواهد العربية 1/ 30. (¬958) أ: مستخرج. تحريف. (¬959) قائل البيت مجهول، ينظر: شرح التسهيل لابن عقيل 1/ 271 ومعجم شواهد العربية 1/ 425 (¬960) سورة البقرة 2/ 189 وآل عمران 3/ 200. (¬961) يوسف 12/ 46.

- مسائل تتعلق بـ "ليس"

وفي "ليس صلاةْ أثقلَ على المنافقين" بعضُ إشكال، وهو أن يقال: "ليس" من أخوات "كان" فملزم أن تجري مجراها في أن لا يكون أسمها نكرة إلا بمصحح كالتخصيص، وتقديم ظرف، كما يلزم ذلك فى الابتداء. والجواب أن يقال: قد ثبت أن من مصححات الابتداء بالنكرة وقوعه بعد نفي، فلا يستبعد وقوع إسم " كان" المنفيه نكرة محضة، كقول الشاعر (¬962): 162 - إذا لم يكن أحد باقيًا ... فإن التأسي دواء الأسى وأما"ليس" فهي بذلك أولى، لملازمتها النفي، فلذلك كثز مجيء اسمها نكرة محضة، ك "صلاة" في الحديث المذكور، وكقول الشاعر (¬963): 163 - كم قد رأيت وليس شيء باقيا ... من زائر طرق (¬964) الهوى ومزور وفى "ليس صلاة أثقل" شاهد على استعمال "ليس" في النفي العام المستغرق به الجنس، وهو مما يغفل عنه. ونظيره قوله تعالى {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} (¬965) ولك أن تجعل اسم "ليس" من "ليس هذا أريد" ضمير الشان، و "اريد" خبرًا، و"هذا" مفعولًا مقدمًا. وأن تجعل "هذا" اسمها، و"اريد" خبرها. ولك أن تجعل "ليس" حرفًا لا اسم لها ولا خبر. وفي قول ابن عمرو - رضي الله عنهما - " ليس ينادى لها "شاهد على استعمال "ليس" حرفًا لا اسم لها ولا خبر. أْشاو الى ذلك سيبويه، وحمل عليه قول بعض العرب "ليس الطيب إلا المسك" (¬966)، بالرفع. ¬

_ (¬962) قائل البيت مجهول.- ينظر: همع الهوامع 1/ 120 ومعجم شواهد العربية 1/ 196 (¬963) قائل البيت مجهول - ينظر: همع الهوامع 1/ 125 ومعجم شواهد العربية 1/ 190. (¬964) خ د. طرف. (¬965) الغاشية 88/ 6. (¬966) الكتاب 1/ 147.

- توجيه قول السائب (كان الصاع ... مد وثلث)

وأجاز في قولهم" ليس خلق الله مثله" حرفية "ليس" وفعليتها. على أن يكون اسمها ضميرالشأن، والجملة بعدها خبر (¬967). وإن جُوز (¬968) الوجهان فى "ليس ينادى" فغير ممتنع. ***** وأما "كان الصالح ... مد وثلث" فالأجود فيه جعل اسم "كان" ضمير الشأن، ويكون "الصاع" مبتدأ، و "مد" و"ثلث" خبره، والجملة خبر "كان". ويجوز أن يكون "مد" خبر مبتدأ محذوف، والجملة خبر "كان" والتقدير: كان الصالح قدرُه مد وثلث. ¬

_ (¬967) الكتاب 1/ 70 و 147. (¬968) أ: يجوز.

52 - الكلام على الفعل "يوشك"

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شَعَف الجيال) (¬969). وقول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما (وما عسيتهم أن يفعلوا بي) (¬970). وفي حديث آخر (وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت في الصلاة، فالتفت فإذا هو بالنيي - صلى الله عليه وسلم - وراءه) (¬971). وقول أنس (فما جعل يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا تفرجت) (¬972). وفي حديث جبير بن مطعم (فعلقت الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سَمرة) (¬973). وفي رواية (فطفقت الأعراب) (¬974). وقول عائشة رضي الله عنها "لقد رأيتُنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما لنا من طعام إلا الأسودان) (¬975). وقول حذيفة رضي الله عنه (لقد (¬976) رأيتني أنا ورسول الله- صلى الله عليه وسلم - نتوضأ من اناء واحد) (¬977). قلت: "يوشك" مضارع "أوشك". وهو أحد أفعال المقاربة، ويقتضي اسمًا مرفوعًا وخبرًا منصوب المحل، لا يكون إلا فعلًا مضارعًا مقرونًا ب "أن" كقول ¬

_ (¬969) ورد في 1/ 12و 9/ 66 من البخاري بنصب "خير" ورفع "غنم" وفي نسخة برفعهما وفي 4/ 155 بنصب "خير" ورفع "غنم" وفي نسخة بنصبهما. (¬970) صحيح البخاري 5/ 187. (¬971) من كلام سهل بن سعد في صحيح البخاري 3/ 226. وتقدم هذا الحديث والحديثان بعده في البحث المرقم 24. وتكرار الثلاثة هنا لا وجه له. فلعل ذلك سهو من ابن مالك. (¬972) صحيح البخاري 2/ 39. (¬973) صحيح البخاري 4/ 27. (¬974) د: فطفقت الأعراب يسألونه. (¬975) لم أقف على هذا القول في صحيح البخاري. ولكنى وجدت في8/ 121 قول سعد (ورأيتُنا نغزو ومالنا طعام إلا ورق الحبله ... ). وفيه الإشكال الذي يقصده المؤلف. (¬976) لقد: ساقطة من ب. (¬977) لم اقف على هذا القول في صحيح البخاري. ولكنى وجدت في 1/ 64 قول حذيفة (رأيتني أنا والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - نتماشى، فأتى سُباطة قرم ... ). وفيه الإشكال الذي يقصده المؤلف.

الشاعر (¬978): 164 - إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت ... حبال الهوينى بالفتى أن تقطعا [22و] ولا أعلم تجرده من "أن" إلا في قول الشاعر) (¬979): 65؟ - يوشك من فرمن منيته ... في بعض غراته يوافقها وفيما (¬980) خرج أبو داود والترمذى وابن ماجة والدارمى عن المقدام (¬981) بن معدي كرب الكندي رضي الله عنه أن رسولًا الله - صلى الله عليه وسلم - قال (¬982) (يوشك الرجل متكئًا على أريكته يحدث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم (¬983) كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه) (¬984). وقد يسند إلى "أن" والفعل المضارع، فيسد ذلك مَسد اسمها وخبرها. وفي هذا الحديث شاهد على ذلك، ومثله قول الراجزْ (¬985): 166 - يوشك أن تبلغ منتهى الأمل ... فالبر لازمْ برجاءٍ ووجل ¬

_ (¬978) هو الكلحبة العرينى. الخصائص 3/ 53 ومعجم شواهد العربية1/ 249. (¬979) هو أمية بن أبي الصلت، شعر. ص 240 والكتاب 3/ 161 ومعجم شواهد العربية (¬980) من لفظة "وفيما" إلى غاية الحديث الأتى سقط من ب. (¬981) ج د: أبي المقد أم. تحريف. (¬982) قال: ساقط من ج. (¬983) أ: أو بينكم. تحريف. (¬984) الحديث في سنن الدارمي 1/ 140وابن ماجة 1/ 6. ولفظه في سنن الترمذي 4/ 145 (ألا هل عسَى رجل يبلغه الحديث عني وهرمتكىء على أريكته فيقول ... ). وفي سنن أبي داود 2/ 151 (أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن ... )، وفي 2/ 505 (لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول ... ). ولا شاهد على روايتهما. (¬985) لم أقف على الرجز في كتاب.

- توجيه الحديث (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم)

ويجوز في "خير" و "غنم" رفع أحدهما على أنه اسم "يكون" ونصب الآخر على أنه خبره. ويجوز رفعهما على أنهما مبتدأ وخبر في موضع نصب خبرًا (¬986) ل "يكون" واسمه ضمير الشأن؛ لأنه كلام تضمن تحذيرًا وتعظيمًا لما يتوقع. وتقديم ضمير الشأن عليه مؤكد لمعناه (¬987). ***** وفي قول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما (وما عسيتهم أن يفعلوا بي) شاهد على صحة تضمين فعل معنى فعل آخر واجرائه مجراه في التعدية. فإن "عسى" في هذا الكلام قد ضمنت ً (¬988) معنى "حًسب" وأجريت مجراٍ ها، فنصبت ضمير الغائبين على (¬989) أنه مفعول أول، ونصبت "أن يفعلوا"، تقديرًا على أنه مفعول ثانٍ (¬990). وكان حقه أن يكون عاريًا من "أن" كما لوكان بعد "حسب " ولكن جيء ب "أن" لئلا تخرج "عسى" بالكلية عن مقتضاها ,ولأن "أن" قد تسد بصلتها مسد مفعولي "حسب" فلا يستبعد مجيئها بعد المفعول الأول بدلًا منه وسادة مسد مفعوليها. ومن ذلك قول الشاعر: 167 - وحنتَ وما حسبتك أن تحينا (¬991) ¬

_ (¬986) ب: خبر. تحريف. (¬987) تقدم مثل هذا التوجيه في آخر البحث المرقم 51. (¬988) ج د: تضمنت. تحريف. (¬989) على: ساقطة من د. (¬990) د: ثانى. تحريف. (¬991) صدْره ابن مالك في شرح التسهيل 1/ 278 بقوله (أنشد أبو علي). وأول البيت (لسان السوء تهديها الينا). وهو مجهول القائل. ينظر: الجنَى الدانى ص 141 ومعجم شواهد العربية 1/ 387.

- وقوع التاء في "عسيتهم" حرف خطاب

ونظير تضمين "عسى" معنى "حسب" تضمين"رحُب " معنى "وسع " في قول من قال (¬992) (رحبكم الدخول في طاعة الكرماني). ***** ويجوز جعل تاء "عسيتهم" حرف خطاب، والهاء والميم اسم "عسى". والتقدير: عساهم أن يفعلوا بي. وهذا وجه حسن، وفيه نصر (¬993) للفراء في كون تاء "أرأيتكم " حرف خطاب، وفاعل "رأى" الكاف والميم (¬994). ***** وفي قول عائشة وحذيفة رضي الله عنهما شاهدان على إجراء "رأى" البصرية مجرى "رأى" القلبية في أن يجمع لها بين ضميري فاعل ومفعول لمسمى واحد، ك "رأيتُنا ورأيتني". وكان حقه أن لا يجوز، كما لا يجوز: أبصرتُنا وأبصرتني. لكن حملت "رأى" البصرية على "رأى" القلبية لشبهها بها لفظًا ومعنى. ومن الشواهد الشعرية على ذلك قول قطري بن الفجاءة (¬995): 168 - ولقد أراني للرماح دريئةً ... من عن يميني تارة وأمامي ومثله قول عترة (¬996): 169 - فرأيتُنا ما بيننا من حاجز ... إلا المجن ونصل أبيض مِقصل ¬

_ (¬992) هو نصر بن سيار. والعبارة في تهذيب اللغة "رحب" 5/ 26 بلفظ "أرحبكم. ... ". (¬993) ج: نصرة. د: نظر. تحربف. (¬994) معاني القرآن، للفراء 1/ 313. (¬995) شرح المفصل 8/ 40 ومعجم شواهد العرببة 1/ 376. (¬996) ديوانه ص 258 وهمع الهوامع 1/ 246.

53 - توجيه الحديث (وإن بين عينيه مكتوب كافر)

[22ظ]، ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الدجال (وإن بين عينيه مكتوب كافر. وفي نسخة، مكتوبًا كافرًا (¬997). وقوله - صلى الله عليه وسلم - (العله أن يخفف عنهما) (¬998). وقوله - صلى الله عليه وسلم - (فإن أحدكم إذا صلى، ِ وهو ناعس، لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه) (¬999). وقول البراء رضي الله عنه (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلته [البيضاء] (1 ... ) وإن أبا سفيان آخذ بزمامها) (1001). وقول أم حبيبة رضي الله عنها (إني كنت عن هذا لغنية) (1002). قلت: إذا رُفع في حديث الدجال "مكتوب" جعل (1003) اسمًا "إن" محذوفًا، وما بعد ذلك جملة من مبتدأ وخبر في موضع رفع خبرًا ل "إن". والاسم المحذوف إما ضمير الشأن د أما ضمير عائد على الدجال. ونظيره إن كان المحذوف ضميرَ الشأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الروايات (1004) (وإن لنفسك حق) (1005)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - بنقل من يوثق بنقله (إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون) (1006). وقول بعض العرب (إن بك زيدً مأخوذ). رواه سيبويه عن الخليل (1007) ¬

_ (¬997) صحيح البخاري 9/ 76. (¬998) صحيح البخاري 1/ 62و 2/ 114 و 8/ 20. وروي بدون "أن، في 2/ 118 و 8/ 21. (¬999) صحيح البخاري 1/ 61. وروي "فيسب" بالنصب والرفع. (1 ... ) البيضاء ليست في المخطوطات وأضفتها من صحيح البخاري. (1001) صحيح البخاري 5/ 195. وينظر أيضًا 4/ 37. (1002) صحيح البخاري 2/ 94. (1003) ب: يجعل. (1004) أ: المرويات. (1005) صحيح البخاري 2/ 65. وفي نسخة ورد بلفظا "حقًا". (1006) سنن النسائي 8/ 191. وينظر: صحيح مسلم 3/ 1670. (1007) الكتاب 2/ 134.

ومنه قول رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - (لعل نزعها عرق) (¬1008)، أي: لعلها. ونظائره في الشعر كثيرة. وإن كان الضمير ضمير الدجال فنظيره رواية الأخفش: (إن بك مأخوذ أخواك)، والتقدير: إنك بك مأخوذ أخواك (¬1009) ونظيره من الشعر قوله (¬1010). 170 - فليتَ دفعتَ الهمَّ عني ساعةً ... فبتنا على ما خيلتْ ناعمَي (¬1011) بالِ أراد: فليتك، ومثله قول الآخر (¬1012) 171 - فلو كنتَ ضبيًا عرفتَ قرابتي ... ولكن زنجى عظيمُ المشافر أراد: ولكنك زنجي، ويروى: ولكن زنجيًا، على حذف الخبر. ومن روى "مكتويًا" فيحتمل أن يكون اسم "إن" محذوفًا على ما تقرر في رواية الرفع، و "كافر" مبتدأ، وخبره "بين عينيه" و "مكتوبا" حال. أو يجعل "مكتويًا" اسم "إن" و "بين عينيه" خبر، و" كافر" خبر مبتدأ، والتقدير هو كافر. ويجوز رفع "كافر" ب "مكتوب" وجعلُه سادًا مسد خبر "إن،" كما يقال: إنَّ قائمًا الزيدان وهذا مما انفرد به (¬1013) الأخفش. ¬

_ (¬1008) في صحيح البخاري 7/ 569 "لعل نزعه عرق". وفي نسخة "لعله نزعه عرق". ولم أقف على رواية ابن مالك "نزعها" في شيء من كتب الحديث المتيسرة. (¬1009) سقط من ج: والتقدير إنك بك مأخوذ أخواك. (¬1010) هو يهدى بن زيد العبادي. ديوانه ص 162 والإنصاف 1/ 183 ومعجم شواهد العربية 1/ 311. (¬1011) ب: يا عمي. تحريف. (¬1012) هو الفرزدق. ديوانه 2/ 481 والكتاب 2/ 136 ومعجم شواهد العربية 1/ 177. (¬1013) به: ساقط من ج.

- توجيه الحديث (لعله أن يخيفف عنهما)

ويجوز في "لعله أن يخيفف عنهما" (¬1014) إعادة الضميرين إلى الميت باعتباركونه انسانا، وباعتبار كونه نفسًا. ونظيره في جعل أمرين متضادين لشيء واحد قوله تعالى {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (¬1015) فاَفرد اسم "كان" باعتبار لفظ "مَن" وجمع الخبر باعتبار المعنى. ويجوزكون الهاء (¬1016) من العله " ضمير الشأن، وكون الضمير من "يخفف عنهما" (¬1017) ضمير النفس، وجاز تفسير ضمير الشأن ب "أن" وصلتها مع أنهما (¬1018) في تقدير مصدر لأنهما (¬1019) في حكم جملة، لاشتمالهما (¬1020) على مسند ومسند إليه. ولذلك سدت مسد مطلوبى "حسب" و" عسى" في نحو {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} (¬1021)، وفي {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (¬1022). ويجوز فى قول الأخفش أن تكون "أن" زائدة مع كونها ناصبة، ونطرها (¬1023) بزيادة الباء و "مِن" مع كونهما جارتين (¬1024) ومن تفسير ضمير الشأن ب "أن"وصلتها قول عمر رضي الله عنه: (فما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فَعَقرتُ حتى ما تقلني رجلاي) (¬1025). ***** ¬

_ (¬1014) ب: بها. تحريف. (¬1015) سورة البقرة 2/ 111. (¬1016) الهاء: ساقط من ب. (¬1017) ب: عنها. تحريف. (¬1018) أ: انها. (¬1019) أ: لأنها. (¬1020) أ: لاشتمالها. (¬1021) سورة البقرة 2/ 214 وآل عمران 3/ 142. (¬1022) سورة البقرة 2/ 216. (¬1023) ج د: ونظيرها. تحريف. (¬1024) في تفسير قوله تعالى (ومالنا إن لا نقاتل) من سورة البقرة 2/ 246 قال الأخفش في معاني القرآن ص 329 (فاعملَ "أن" وهي زائدة كما قال: ما أتاني من أحد، فأعمل"من" وهي زائدة). (¬1025) في صحيح البخاري 6/ 17 (والله ما هو إلا ... ).

- نصب المضارع ورفعه في جواب "لعل"

[23و] وفي" لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه" جواز الرفع باعتبار عطف الفعل على الفعل، وجواز النصب باعتبار جعل "فيسب" جوابًا ل "لعل"، فإنها مثل "ليت" في اقتضائها جوابًا منصوبًا، وهو (¬1026) مما خفي على أكثر النحويين. ونظير جواز الرفع والنصب في "فيسب نفسه" جوازهما في {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ} (¬1027). نصبه عاصم ورفعه الباقون (¬1028). وفي {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} (¬1029). نصبه حفص ورفعه الباقون (¬1030). ***** وليس في حديث البراء إلا وقوع "إن" بعد واو الحال. وهو أحد المواضع التي يستحق فيها كسر "إن". ونظيره قوله تعالى {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} (¬1031) ومن نظائره العربية قول الشاعر (¬1032): 172 - سئلت وإني موسر غير بَاخل ... فجدت بما أغنى الذي جاء سائلا ***** ¬

_ (¬1026) ج: وهي. تحريف.، (¬1027) عبس 8/ 30 و 4. (¬1028) التيسير ص 220. (¬1029) {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} غافر. 40/ 36 و37. (¬1030) التيسير ص 191 .. (¬1031) الانفال 8/ 5. (¬1032) لم أقف على البيت في كتاب.

- دخول لام الابتداء على خبر "كان"

وفي "إني كنت عن هذا لغنيةً" دخول لام الابتداء على خبر "كان" من أجل (¬1033) أنها واسمها وخبرها خبر "إن". وفيه شذوذ؛ لأن خبر"إن" إذا كان (¬1034) جملة فعلية فموضع اللام منها صدرها، نحو {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} (¬1035). وإذا كانت اسمية جاز تصديرها باللام، كقول الشاعر (¬1036): 73؟ - إن الكريم لَمَن يرجوه ذو جِدة ... ولو تعذر ايسار وتنويلُ وتأخيرُها، كقول الآخر (¬1037): 174 - فانكَ مَن حاربتة لمحارب ... شقى ومَن سالمتة لسعيدُ فكان موضعُ اللام من "كنت عن هذ لغنية" صدرَ الجملة، لكن منعَ من ذلك كونه فعلًا ماضيا متصرفًا، ومنع من مصاحبتها أول المعمولين كونه ضميرًا متصلًا، فعينت مصاحبتها ثاني المعمولين، مع أن "كان" صالحة لتقدير السقوط لصحة المعنى بدونها. فكأن "غنية" بهذا الاعتبار خبر "إن" فصحبته اللام لذلك. ¬

_ (¬1033) ب: من أجل إن. تحريف. (¬1034) أج: كا نت. تحريف. (¬1035) النمل 27/ 74. (¬1036) قائل البيت مجهول. ينظر شرح ابن الناظم ص 65. (¬1037) هو أبو عَزة الجمحي، السيرة النبوية 2/ 315 وشرح ابن الناظم ص 66 ومعجم شواهد العربية 1/ 102.

54 - سد الحال مسد الخبر المحذوف

ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - (هو لها صدقة) (¬1038). وقوله - صلى الله عليه وسلم - (ما تركنا صدقة) بالرفع والنصب (¬1039). وقوله (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد كل أمةٍ أوتوا الكتاب من قبلنا) (¬1040). وقول أبي هريرة رضي الله عنه (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبانَ على سرية) (¬1041). وفي قصة موسى عليه السلام (في مكان ثريان) (¬1042). وقوله - صلى الله عليه وسلم - (اللهم سبعًاكسبع يوسف) وفي نسخة أبي ذز: سبعَ (¬1043). وقوله - صلى الله عليه وسلم - (من اصطبح بسبع تمرات عجوة) (¬1044). وقوله - صلى الله عليه وسلم - (ويلمه مِسعر حرب) (¬1045) قلت: يجوز في "هو لها صدقة" الرفع على أنه خبر "هو" و"لها" صفة قدمت فصارت حالًا، كقوله: ¬

_ (¬1038) روي برفع "صدقة" وينصبها في صحيح البخاري 7/ 62 وروي بالرفع فقط في 3/ 193 و7/ 11. (¬1039) الحديث ورد بالرفع فقط في صحيح البخاري 4/ 96 و 97 و 98 و 5/ 114 و 115 و 117. و 8/ 185 و 186 و 187 و 9/ 122. ولم أقف على رواية النصب. فلعل ابن مالك اطلع على نسخة أخرى. (¬1040) صحيح البخاري 4/ 5 ا 2. وضبط لفظ "كل" بالرفع والجر. (¬1041) صحيح البخاري 5/ 177. (¬1042) صحيح البخاري 6/ 113. والنص من قصة موسى عليه السلام مع الرجل الصالح. رواها النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفيها قوله: (فبينما هو في ظلْ صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم). (¬1043) صحيح البخاري 2/ 32 ولفظة "اللهم" ساقطة من أج. (¬1044) صحيح البخاري 7/ 181. وينظر أيضًا 7/ 179. (¬1045) صحيح البخاري 3/ 244. ورسم فيه اللفظ (ويل أُمه مسعر) بضم اللام وكسرها وهمزة مقطوعة مضمومة وكسر الميم، ويضم راء " مسعر" وفتحها. وكتب في حاشيته (ويل أمه: برفع اللام في رواية أبي ذرْ وقطع همزة "أَمه"وفي نسخة: ويل امِه، بحذف الهمزة تخفيفا. وفي أخرى: ويل، بنصب اللام. وفي اليونينية: ويل أمه، بكسر اللام وقطع الهمزة).

- توجيه الحديث ( ... بيد كل أمة أوتوا الكتاب من قبلنا)

175 - والصالحاتُ عليها مغلقًا بابُ (¬1046). فلو قصد بقاء الوصفية لقيل "والصالحاتُ عليها باب مغلق". وكذا الحديث، لو قصدت فيه الوصفية ب "لها" لقيل: هو صدقة لها، ويكون " لها"في موضع رفع. ويجوز أن ينصب "صدقة" على الحال، ويجعل الخبر "لها". و"ما" في "ما تركنا صدقة" مبتدأ بمعنى "الذى" و "تركنا"صلهّ. والعائد محذوف. و"صدقة" خبر. هذا على رواية في رفع، وهو الأجود، لسلامّته من التكلف، ولموافقته رواية من روى (ما تركنا فهو صدقة) (¬1047) وأما النصب فالتقدير فيه: ما تركنا مبذول صدقة، فحذف الخبر وبقى الحال كالعوض منه , ونظيره {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} (¬1048) بالنصب (¬1049) وقد تقدم بيانه (¬1050) ***** و"بيد" بمعنى "غير" والمشهوراستعمالها متلوة ب "أن " كقوله عليه الصلاة والسلام "نحن الأخرون السابقون [23 ظ] بد أنهم اوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم" (¬1051). ومنه قول الشاعر (¬1052): 176 - بيدَ أن اللهَ قد فضلكم ... فوق مَن أحكاَ صُلبا بإزارِ ¬

_ (¬1046) لم قف على صلة الشاهد ولا على قائله. وهو في المرتجل لابن الخشاب ص 166. (¬1047) صحيح البخاري 5/ 25. (¬1048) يوسف 8/ 12 و 14. وهي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ومقدم الحديث عنها في البيت المرقم 39. (¬1049) ب: والصحيح. تحريف. (¬1050) سقط من أ: وقد تقدم بيانه. (¬1051) إلحديث في سنن النسائى 3/ 71. وهو في صحيح مسلم 2/ 586 بزيادة "يوم القيامة، بعد " السابقون". وينظر: صحيح البخاري 2/ 2. (¬1052) هو عدى بن زيد العبادي. والبيت في ديوانه ص 94 براوية " أجْلَ انْ الله". ولم أقف على رواية "بيدَ أن" في المصادر التي ذكرت البيت. ينظر مصادر تخريجه في ص 220 من الديوان، الفقرة 9.

وقول الراجز (¬1053): 177 - عمدًا فعلتُ ذاكَ بيدَ أَني ... إخالُ لو هلكت لم تُرِني والأصل في رواية من روى "بيد كل أُمةٍ": بيد أن كل أمة، فحذفت "أن" وبطل عملها، وأضيف "بيد" إلى المبتدأ والخبر اللذين كانا معمولي "أن". وهذا الحذف في "أن" نادر، لكنه، غير مستبعد في القياس على حذف "أن" فانهما أُختان في المصدرية وشبيهان في اللفظ. وقد حمل بعض النحويين (¬1054) على حذف "أَنَّ" نحو قول الزبير - رضي الله عنه -: 178 - فلولا بنُوها حَولهاْ لخبطتها ... ... (¬1055) ومما حذف فيه "أن" واكتفي بصلتها قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} (¬1056) والأصل: أن يريكم؛ لأن الموضع موضع مبتدأ خبره "من آياته". ومثله قوله عليه الصلاة والسلام (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث) (¬1057) وقوله عليه الصلاة والسلام (لا يحل لامرأة تسال طلاق أختها) (¬1058). أراد: أن تُحد، و: أن تسال. والمختار عندي في "بيد" أن تجعل حرف استثناء، ويكون التقدير: إلا كل أُمة أوتوا الكتاب من قبلنا، على معنى "لكن"؛ لأن معنى "إلا" مفهوم منها, ولا دليل على اسميتها. ***** ¬

_ (¬1053) الرجز مجهول القائل. ينظر الصاحبي، لابن فارس ص 147 ومعجم شواهد العربية 2/ 552 (¬1054) ب. النحويون. تحريف. (¬1055) تمام البيت (كخبطة عصفور ولم أتلعثم). ينظر شرح ابن الناظم ص 48 ومعجم شواهد العربية 1/ 36. (¬1056) الروم 30/ 24. (¬1057) صحيح البخاري 2/ 95. وورد في 2/ 94 بلفظ" أن تحد". (¬1058) صحيح البخاري 7/ 26. وفي ب: طلاق زوجها. تحريف.

- علة منع صرف "أبان"

وقول أبي هريرة رضي الله عنه "بعث .. أبانَ " ليس فيه إشكال؛ لأنَ "أبانَ" علم على وزن أفعل، فيجب أن لا ينصرف. وهو منقول من "أبانَ" ماضي "يُبين". ولو لم يكن منقولًا لوجب أن يقال فيه "أبين" بالتصحيح، وفي روايته مفتوح النون شاهد على خطأ من ظن أن وزنه "فَعال", إذ لو كان كذلك لنون لأنه على ذلك التقدير عارٍ من سبب ثانٍ للعلمية. ***** وفي "ثريانَ" بلا صرف شاهد على أن منع صرف " فعلان " ليس مشروطًا بأن يكون له مؤنث على"فعلى". بل شرطه أن لاتلحقه تاء تأنيث (¬1059) ويستوي في ذلك ما لا مؤنث له من قبل المعنى، ك "لحيان" وما لا مؤنث له من قبل الوضع, ك "ثريان"،، وماله مؤنث على "فعلى" في اللغة المشهورة, ك"سكرى". (¬1060). ***** وقوله "اللهم سبعًاكسبع يوسف" النصب فيه هو (¬1061) المختار، لأن الموضع موضع فعل دعاء، فالاسم الواقع فيه بدل من اللفظ بذلك الفعل ,فيستحق النصب، والتقدير في هذا الموضع المخصوص: اللهم ابعث عليهم سبعًا، أو: سلط عليهم سبعًا. والرفع جائز على إضمار مبتدأ أو فعل رافع. ***** ويجوز فى" تمرات عجوة" الاضافة وتركها. فمن أضاف فلا إشكال؛ لأن تمرات مبهمة، يحتمل كونها من العجوة ومن ¬

_ (¬1059) ج: التأنيث. (¬1060) ج د: كسكران. (¬1061) هو: ساقط من أ.

- توجيه الحديث (ويلمه مسعر حرب)

غيرها. فاضافتها إلى العجوة إضافة عام إلى خاص، وهو مقتضى القياس. ونظيره: ثيابُ خز، وحباتُ بُرَ. ومن لم يضف "تمرات" نون وجاء ب "عجوة" أيضًا مجرورًا على أنه عطف بيإن. ويجوز نصبه على التمييز. ***** وأصل "ويلُمه"وَىْ لأُمه، فحذفت الهمزة تخفيفًا؛ لأنه كلام كثر استعماله، وجرى مجرى المثل. ومن العرب من يضم اللام، وفي ضمها وجهان: أحدما- أن يكون ضمّ (¬1062) إتباع للهمزة (¬1063)، كلما كسرت الهمزة إتباعًا للأم في قراءة من قرأ {فلامه [24و] الثلث} (¬1064). ثم حذفت الهمزة وبقى تابع حركتها على ما كان عليه. الوجه الثاني- أن يكون الأصل: ويل أمه، بإضافة "ويل" إلى "الأم" تنبيها على ثكلها وويلها لفقده. والأول أجودُ، ليتحد معنى المكسور (¬1065)، والمضموم. و"وي" من أسماء الأفعال بمعنى "أتعجب". واللام متعلقة به. ونصب "مسعرَ حرب" على التمييز. ¬

_ (¬1062) ضم: ساقط من ب. (¬1063) ج د: الهمزة. تحريف. (¬1064) النساء4/ 11. وهى قراءة حمزة والكسائى من السبعة وقرأ الباقون منهم "فلإُمه" بضم الهمزة ينظر: التيسير ص 94. (¬1065) ج: المكسورة. تحريف.

55 - نصب المفعول بفعل مضمر بعد الاستفهام الإنكاري

ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (آلصبحَ أربعًا) (¬1066). وقول بعض الصحابة (فقلت: الصلاةَ يا رسول الله، قال: الصلاة أمامك) (¬1067). وقول عمر رضي الله عنه (إياي ونعم ابنِ عوف ونَعمَ ابن عفان) (¬1068). وقول الملك - صلى الله عليه وسلم - في النوم لعبد الله بن عمر: (لن ترع لن توعْ) (¬1069). وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلى رضي الله عنه (بما أهللت) (¬1070). وقوله (ليأتين على الناس زْمانُ لا يبالي المرءُ بما أخذَ المال. أمن حلالٍ أم من حرام) (¬1071). وقول سهل بن سعد وقد امتروا في المنبرمم عوده: (إنى لأعرف مما عوده) (¬1072). قلت: "آلصبح أربعًا" منصوبان ب "تصلي" مضمرًا. إلا (¬1073)، أن "الصبح" مفعول به، و "أربعًا" حال، واضمار الفعل في مثل هذا مطرد؛ لأن معناه ¬

_ (¬1066) صحيح البخاري 1/ 160. وجاء في حاشيته (كذا في اليونينية: الصبح، بوصل الهمزة في الموضحين. وقال في "الفتح" بهمزة ممدوة ويجوز قصرها). (¬1067) من كلام أسامة بن زيد. وضبط لفظ "الصلاة" الأول بالضم والفتح في صحيح البخاري 2/ 191. وبالفتح فقط في 1/ 46. (¬1068) صحيح البخاري 4/ 87. والنعم. النوق (¬1069) أخرج البخاري حديث ابن عمر في جملة مواضع من صحيحه. ففي 2/ 59 و 66 جاء بلفط "لم تُرع". وفي هـ/31 جاء بلفظ " لن تُراع". وورد بالروايتين في 9/ 51 و 52. ولم ترد رواية ابن مالك فيه. إلا إن ابن حجر قال في "فتح البارى"8/ 91 (وقوله لن ترعْ. كذا للقابسي). (¬1070) صحيح البخاري 2/ 164 و 165. وورد الحديث في 5/ 208 بلفظ "بم ". وكرر في 2/ 164 باللفظين. وهوفي 2/ 203 سؤال من كلام أبي موسى رضي الله عنه. (¬1071) في المخطوطات: أم حرام. وزدت" من " بينهما اتفاقًا مع رواية البخاري في 3/ 73. (¬1072) في البخاري 2/ 11: (والله إني لأعرف مما هو). (¬1073) ب: لا. تحريف.

- توجيه قول الصحابي (الصلاة يا رسول الله)

مشاهد (¬1074)،، فأغنت مشاهدة معناه عن لفظه. وفي هذا الإستفهام معنى الإنكار. ونظيره قولك لمن رأيته يضحك وهو يقرأ القرآن: آلقرآن ضاحكًا (¬1075) وشبه لك كثير. ويجوز في قوله "الصلاة يا رسول الله" النصب باضمار فعل ناصب تقديره: ذكر، أو، أقم، أو نحو ذلك. والرفع باضمار "حضرت" أو "حانت" أو نحو ذلك. أو تجعل "الصلاة" مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: الصلاةُ حاضرة أو حائنة أو نحو ذلك. ***** وفي "اياي (¬1076) ونعمَ ابن عوف " شاهد على تحذير الإنسان نفسه، وهو بمنزلة أن يأمر الإنسان (¬1077) نفسه. ونظيره (اياي وأن يحذف أحدكم الأرنب) (¬1078). ومن الأبر المسند إلى المتكلم قوله تعالى {ولنحمل خطاياكم} (¬1079) وقول النبى - صلى الله عليه وسلم - {قوموا فلإصل لكم} (¬1080)، ويجوز (¬1081)، "فلأصلى لكم" بثبوت الياء والنصب على تقدير: فذلك لأصلي لكم. ***** ¬

_ (¬1074) ج: شاهد. تحريف. (¬1075) من "وقول الملك" في أول البحث إلى هنا جاءت العبارات مرتبكة في مخطوطة ب. ووضع بعضها مكان بعض. (¬1076) أب: وإياي. تحريف. (¬1077) الإنسان: ساقط من د. (¬1078) كتاب سيبويه 1/ 274. ونسبه الأشموني 3/ 191 إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (¬1079) العنكبوت 29/ 12. (¬1080) صحيح البخاري 1/ 101 وفتح الباري لابن حجر 2/ 36. (¬1081) سقط من د: قوموا فلاصل لكم ويجوز.

- توجيه قول الملك (لن ترع لن ترع)

وفي "لنْ تُرَعْ لن تُرَعْ" إشكال ظاهر؛ لأن "لن" يجب انتصاب الفعل بها. وقد وليها في هذا الكلام بصورة المجزوم. والوجه فيه أن يكون سكن عين" تراعْ" الموقف، ثم شبهه بسكون الجزم (¬1082) فحذف الألف قبله كما تحذف قبل سكون المجزوم (¬1083)، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف. ومن حذف الساكن لسكون ما بعده وقفًا قول الراجز (¬1084): 179 - أقبل سيل جاءَ من عندِ الله ... يحردُ حردَ الجنةِ (¬1085) المغله ويجوز أن يكون السكون سكون جزم على لغة من يجزمْ ب "لن" وهى لغة سماها الكسائي. ***** وشذَ ثبوث الالف في "بما أهللتَ"و " لا يبالي المرءُ بما أخذَ المال" و "إني عرف (¬1086) مما عوده", لأنا "ما" في المواضع الثلاثة استفهامية مجرورة، فحقها إن حذف ألفها فرقًا بينها وبين الموصولة. هذا هو الكثير، نحو {لِمَ تَلْبِسُونَ} (¬1087) و {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} (¬1088) و {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} (¬1089) ونظير ثبوت الألف في الأحاديث المذكورة ثبوتها في {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (¬1090) ¬

_ (¬1082) ج د: المجزوم. (¬1083) ج: المحذوف. تحريف. (¬1084) قائله مجهول. وهو في معاني القرآن، للفراء 3/ 176 ومعجم شواهد العرية 2/ 520. (¬1085) أ: الجبة. تصحيف. وفي ج "يجرد جرد الحية المعله"وما أثبته هو الرواية المشهورة الثابتة في معاني القرآن. (¬1086) أج: لا أعرف. تحريف. (¬1087) ال عمران 3/ 71. (¬1088) النمل 27/ 35. (¬1089) النازعات 79/ 43. (¬1090) النبأ 78/ 1. والقراءة المشهورة "عم يتساءلون".

[24ظ]، على قراءة عكرمة وعيسى (¬1091). ومن ثبوتها في الشعر قول حسان رضي الله عنه (¬1092): 180 - على ما قام يَشتمني لئيمُ ... َكخنزير تمزغ في رماد وقول ابن أبي ربيعة (¬1093): 181 - عجباً ما عجبت مما لو ابصر ... ت خليلي ما دونه لعجبتا لمقال الصفى فيما (¬1094) التجني ... ولما قدجفوتنا وهجرتا وفي عدول حسان عن "علام يقوم (¬1095) يشتمني" وعدول عمر عن "ولماذا" (¬1096) مع إمكانهما دليل على (¬1097) انهما مختاران لا مضطران. ¬

_ (¬1091) المحتسب 2/ 347. (¬1092) ديوانه ص 143 والمحتسب 2/ 347 ومعجم شواهد العربية 1/ 122. (¬1093) ديوانه ص 457. (¬1094) ب: فيم. (¬1095) أب: يقول. تحريف. (¬1096) ج: ولم ذا. (¬1097) على: ساقط من ج.

56 - توجيه الحديث (لا يبولن أحدكم في الماء ... ثم يغتسل فيه)

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا يبولنَ أحدكم في الماء الدائمِ الذي (¬1098) لا يجري ثم يغتسل فيه) (¬1099). وقوله (قد كان من قبلكم ليُمشَطنً بمشاط الحديد) (¬1100). وقوله (لَيَرد عليَ أقوام أعرفهم ويعرفوني) (¬1101). ووقوله - صلى الله عليه وسلم - (والذي نفسي بيده ودِدت أني (¬1102) ِأقاتلُ في سبيل الله فأقتلُ ثم أحيا ثم اقتل ثم أحيا ثم اقتل) (¬1103). وقول ابن مسعود (والذي لا اله غيُره هذا مقامُ الذي اُنزلت عليه سورة البقرة - صلى الله عليه وسلم - (¬1104). وقول أبكر (يارسوَل الله، والله أنا كنت أظلمَ منه) (¬1105). وفي هذا الحديث (فهل أنتم تاركو لي صاحبي) (¬1106). وقول أبي بكر (¬1107) (لاها (¬1108) الله إذن لا (¬1109) يعمد (¬1110) إلى أسَد الله، ¬

_ (¬1098) ب: ثم الذي. تحريف. (¬1099) صحيح البخاري 1/ 66. ولفظا "يغتسل" روي بالضم والسكون. (¬1100) الرواية في صحيح البخاري 5/ 56 - 57 "لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد). (¬1101) صحيح البخاري 9/ 59. وفي نسخة منه (ليردن ... ويعرفوننى). (¬1102) د: إن. تحربف. (¬1103) صحيح البخاري 9/ 59. وفي نسخة منه ( ... وددت إني لأقاتل). (¬1104) صحيح البخاري 2/ 207. (¬1105) صحيح البخاري 6/ 5. وورد النص في 6/ 75 بلفظ (والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم). ولفظ "منه" لم يثبت في الموضعين من صحيح البخاري. (¬1106) صحيح البخاري 5/ 6. وورد في 6/ 75 بلفظا "تاركو" و" تاركون". (¬1107) الرواية التي سأثبتها هى الواردة في مخطوطة ج اتفاقًا مع لفظ البخاري في 5/ 196. وفي المخطوطات الأخرى خلاف قليل سأذكره. (¬1108) أب د: لا هاه الله. وهى رواية في نسخة من صحيح البخاري في 5/ 196. (¬1109) لا: ساقطة من د. (¬1110): لانعمد. تصحيف.

يقاتلُ عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - (¬1111) فيعطيكَ (¬1112) سلبَه) (¬1113). وقوله (كلا، لا يُعطِه (¬1114) أُضَيبعَ) (¬1115) من قريش ويدع أسدًا من أسد الله). وقول سعيد بن زيد رضي الله عنه (أشهد لسمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من أخذ شبرا من الأرض ظلما) (¬1116). وقول الأشعث بن قيس- (لَفيَّ والله نزلت) (¬1117). يعني {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} (¬1118). قلت: يجوز في "ثم يغتسل" الجزم عطفًا على "يبولن" لأنه مجزوم الموضع ب "لا" التي للنهى ولكنه بني على الفتح لتوكيده بالنون. ويجوز فيه الرفع على تقدير: ثم هويغتسل فيه. ويجوز فيه النصب على إضمار "أن" وإعطاء "ثم" حكم واو الجمع. ونظير"ثم يغتسل" فى جواز (¬1119) الأوجه الثلاثهْ قوله تعالى {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} (¬1120). فإنه قرئ بجزم "يدركه" ورفعه ونصبه (¬1121) والجزم هو المشهور والذي قرأ به السبعة. وأما الرفع والنصب فشاذان (¬1122). ¬

_ (¬1111) - صلى الله عليه وسلم -: ليس في المخطوطات، وزدته من صحيح البخاري. (¬1112) د: فنعطيك. أب: نعطيك. بدون فاء. (¬1113) ورد الحديث مكررًا في صحيح البخاري 4/ 113 بلفظ:" ... يعطك سلبه". (¬1114) أب (كلا والله لا نعطيه ... وندع). ج د: (كلا والله لا يعطيه ... ) وما أثبته هو لفظ البخاري في 5/ 197. (¬1115) ورد أيضا في نسخهْ من البخاري بلفظ "اصيبغ" و "أُصيبع". (¬1116) صحيح البخاري 4/ 130. (¬1117) ج (لفي انزلت والله). تحريف. وفي صحيح البخاري 3/ 178: "لفي والله نزلت) وفي نسخة منه بلفظ (لفي نزلت). وور في 42/ 6 (فى أنزلت) من غير لفظ الجلالة. ولا شاهد في هاتين الروايْتين. (¬1118) آل عمران 3/ 77. (¬1119) د: جواب. تحريف. (¬1120) النساء4/ 100. (¬1121) قرأ بالرفع طلحة بن سليمان، وبالنصب الحسن والجراح، ينظر: المحتسب 1/ 195. والجزم هو القراءة المشهورة. (¬1122) الشذوذ هنا قراءة لا إعرابا، وإلا فالوجهان جائزان كما شرح ابن مالك قبلُ.

- وقوع الجملة القسمية خبرا

وفي "لَيُمشطن" شاهد على وقوع الجملة القسمية خبرًا. لأن التقدير: قد كان مَن قبلكم والله ليمشطن. وهذا في خبر "كان" غريب. وإنما يكثر في خبر المبتدأ، كقوله تعالى {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} (¬1123) وكقول (¬1124) النبي - صلى الله عليه وسلم - (وقيصرَ ليهلِكن ثم لا يكون قيصر) (¬1125). وفي هذا حجة على الفراء في منعه أن يقال: زيد لَيفعَلن (¬1126). ***** وفي "لَيردُ على أقوامُ " شاهد على وقوع المضارع المثبت المستقبل جواب قسم غير مؤكد بالنون. وفيه غرابة. وهو مما زعم أكثر النحويين (¬1127) أنه لا يجوز إلا في الشعر. كقول الشاعر (¬1128): [25و] 182 - لعَمري ليُجزَى الفاعلونَ بفعلهم ... فإياك أن تعنَي بغير (¬1129) جميلِ والصحيح أنه كثير في الشعر قليل في النثر. فلو كان المضارع المثبت حالًا لم يجز توكيده بالنون. كقول الشاعرْ (¬1130): ¬

_ (¬1123) النحل 16/ 41. (¬1124) ج: وقول. تحريف. (¬1125) صحيح البخاري 4/ 77. (¬1126) ينظر التفصيل في معاني القرآن، للفراء 1/ 275 - 276 ونسب ابن هشام في قواعد الإعراب ص 79 هذا الرأي إلى ثعلب. وتوسع في الرد عليه في مغني اللبيب 2/ 453 و454 مستندًا إلى حجج ابن مالك وشواهده. (¬1127) ب: النحويون: تحريف. (¬1128) لم أقف على البيت في كتاب. (¬1129) أ: لغير. (¬1130) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح الأشموني 3/ 215 ومعجم شواهد العربية 1/ 299.

- وقوع الماضي جواب قسم عاريا من "قد" واللام

183 - يَمينَا لأَبغض كل امرى ... يزخرف قولًا ولا يفعل ومثله (¬1131): 184 - وعيشِك ياسلمَى لأوقنُ أَنني ... لما شئتِ مستحل ولو أنه القتل ***** وفيٍ قوله "والذي نفسي بيده وددت" شاهد على وقوع الفعل الماضي جواب قسم عاريًا من "قد" واللام دون استطالة. وفيه غرابة؛ لأن ذلك لا يكاد يوجد إلا في ضرورة أو كلام مستطال. فمن الوارد في ضرورة قول الشاعر (¬1132): 185 - تالله هانَ على السالين (¬1133) مادُهيت ... به نفوسُ أبتْ إلا الهوى دينا ومن الوارد في كلام مستطال قول الله تعالى {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} (¬1134) ***** وفى "هذا مقام" و"أنا كنت أظلم منه" شاهدان على جواز تلقي القسم بمبتدأ غير مقرون باللام دون استطالة. وهو نادر. ¬

_ (¬1131) لم أقف على البيت في كتاب. (¬1132) لم أقف على البيت في كتاب. (¬1133) ج: السائلين. تحريف. (¬1134) البروج 85/ 1 - 4.

- الفصل بين المضاف والمضاف إليه بشبه الجملة

فلو وجدت استطالة لم (¬1135) يعد نادرًا، كقول الشاعر (¬1136): 186 - ورَب السماوات العُلى وبروجها ... واَلأرض وما فيها المقدرُ كائن ***** وفي "تاركو لي صاحبي" شاهد على جواز الفصل دون ضرورة بجار ومجرور بين المضاف والمضاف إليه إن كان الجار متعلقًا بالمضاف. والفصلُ بالظرف كذلك. ومنه قول الشاعر (¬1137): 187 - فرِشني بخير لا أكونن ومدحَتي ... كناحت يومًا صخرة بعسيل (¬1138) ***** وفي "لا ها الله" شاهد على جواز الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه. ولا يكون هذا الاستغناء إلا مع "الله". وفي اللفظ ب "ها الله" أربعة أوجه: أحدها- أن يقال: ها الله. ب "هاء" تليها اللام. (¬1139) والثاني- أن يقال: ها الله. بألف ثابتة قبل اللام. وهو شبيه بقولهم (التقتْ ¬

_ (¬1135) لم: ساقطة من ب. (¬1136) قائل البيت مجهول. ينظر: مغني اللبيب 2/ 655 ومعجم شواهد العربية 1/ 391. (¬1137) قائل البيت مجهول. ينظر: معاني القرآن، للفراء2/ 80 ومعجم شواهد العربية 1/ 312. (¬1138) في حاشية أ (العسيل: مكنسة الطيب). وفي حاشية ج: (العسيل: مكنسة العطار التي يجمع بها الطيب). (¬1139) وألف "ها" غير منطوق بها هنا.

- "أضيبع" تصغير "أضبع"

حَلْقتا البطان) (¬1140). بألف ثابتة بين التاء واللام (¬1141). والثالث- أن يجمع بين ثبوت الألف وقطع همزة (¬1142) "ألله". والرابع- أن تحذف الألف وتقطع همزة "ألله". والمعروف في كلام العرب (ها الله ذا). رقد وقع في هذا الحديث"إذن". وليس ببعيد. ***** و"أُضيبع" بضاد معجمة وعين مهملة: تصغير "أضبع". وهو القصير الضبْع. أي: العضد، ويكنى به عن الضعف، واذا قُصدت المبالغهُ صُغر. ***** والعرب تُقسم بفعل الشهادة، فتجعل له جوابًا كجواب القسم الصريح. ومنه قوله تعالى {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} (¬1143) ثم قال {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} (¬1144) فسمى ذلك القول يمينا. ومثله قول سعيد بن زيد "أشهدً لسمعت" فأجرَى "أشهد" مجرَى "أحلف". وجعل جوابه فعلا ماضيا مقرونًا باللام دون "قد". ومن النحويين من يزعم أن هذا الاستعمال (¬1145) مخصوص بالشعر، ويستشهد (¬1146) بقول امرئ القيس (¬1147): ¬

_ (¬1140) من أمثال العرب التي تضرب للأمر إذا اشتد. والبطان للقتب: الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير. ينظر: تهذيب اللغة "بطن" 13/ 74 ولسان العرب "بطن" 57/ 13. (¬1141) من "وهو " إلى هنا منقول من المحتسب 1/ 342. (¬1142) همزة: ساقط من ب. (¬1143) المنافقون 1/ 63. (¬1144) المنافقون 63/ 2. (¬1145) يعني كون جواب القسم ماضيا مقرونًا باللام دون "قد". (¬1146) ج: واستشهد. تحريف. (¬1147) ديوانه ص 32 وشرح المفصل 9/ 20 و 97 ومعجم شواهد العربية 9/ 301.

- توسط القسم بين جزءي الجواب

[25ظ]، 188 - حلفتُ لها بالله حلفةَ فاجر ... لناموا، فما إنْ من حديثٍ ولا صالِ والصحيح جواز استعماله في أفصح الكلام. ونظير استعماله في هذا الحديث قول الله تعالى {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} (¬1148) ونظيره أيضًا (فو الله لنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصبح فأناخ). ذكره أبو الفرج في "الجامع" (¬1149). ***** وفي قول الأشعت - رضي الله عنه - "لفي والله نزلت" شاهد على توسط القسم بين جزءي الجواب. وعلى أن اللام يجب وٍ صلها بمعمول الفعل الجوابي المقدم، وخلو الفعل منها ومن قبول "قد" إن كان ماضيا كما يجب خلو المضارع منها ومن قبول نون التوكيد إذا قدم معموله، كقوله تعالى {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} (¬1150). ¬

_ (¬1148) الروم 30/ 51. (¬1149) يعني في "جامع المسانيد" لأبي الفرج بن الجوزي. (¬1150) آل عمران 3/ 158.

57 - توجيه قول خباب ( ... وإذا غطي رجليه بدأ رأسه)

ومنها قول خباب رضي الله عنه (فلم يترك إلا نَمِرة، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطي رجليه بدأ رأسه) (¬1151). وفي حديث آخر (مُر بجنازة فاثني عليها خيرًا) (¬1152). قلت: المشهور (وإذا غطينا رجليه خرج رأسه) (¬1153) ولا إشكال فيه. وفي بعض النسخ المعتمد عليها (¬1154) (وإذا غطىِ رجليه) - وفيه إشكالا ظاهر؛ لأن "غطي" يقتضي مرفوعًا. ولم يذكر بعده غير "رجليه". فكان حقه الرفع. والوجه في نصبه: أن يكون "غُطي" مسندًا إلى ضمير النمرة على تأويل "كفن " وتضمين "غطي" معنى "كسي". أو إلى ضمير الميت. وتقدير "على" جارة ل "رجليه". أو إلى ما دل عليه" غُطي " من المصدر، فإن نيابةَ المصدر عن الفاعل مع وجود المفعول به جائزة عندي وعند الأخفش والكوفيين. لكن بشرط أن يلفظ به مخصصا، أو يُنوى ويدل على تخصيصه قرينة. وقرينهّ التخصيص هنا موجودة، وهي وصف الراوي النمرة بعدم الشمّول والافتقار إلى جذبها (¬1155) من علو وسفل. فحصل بذلك للتغطية (¬1156) تخصيض. ¬

_ (¬1151) الحديث في صحيح البخاري 5/ 131 بلفظ ( ... وإذا غطي بها رجليه خرج رأسه). وفي نسخة منه ورد بلفظ "رجلاه" أما حذف "بها" فلم أقف عليه في صحيح البخاري. فلعل ابن مالك اعتمد نسخهً ورد فيها الحذف. (¬1152) لم أقف على الحديث بهذا اللفظ في صحيح البخاري. والموجود شاهدًا على كلام ابن مالك ما ورد في 2/ 116: عن أبي الأسود قال (فمرت بهم جنازة فاثني على صاحيها خيرًا. فقال عمر رضي الله عنه. وجبت. ثم مر بأخرى فاثني على صاجها خيرًا). وفي صحيح البخاري 3/ 209: (مُر على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازة فأثنوا عليها خيرًا). (¬1153) صحيح البخاري 2/ 94. (¬1154) من كلمة "المشهور" إلى هنا ساقط من ب. (¬1155) ب: حدتها. تصحيف. (¬1156) ب: للمغطية. تحريف.

وأما قوله "فاثنيَ عليها خيرًا" فأمره سهل؛ لأنَ "خيرًا" صفة لمصدر حذف وأقيمت مقامه فنصبت. لأن "أثني" مسند (¬1157) إلى الجار والمجرور، والتفاوت بين الإسناد إلى المصدر والإسناد إلى الجار والمجرور قليل. ¬

_ (¬1157) أ: مشند. تحريف.

58 - حذف نون الرفع في الفعل تخفيفا

ومنها قول عقبة بن عامر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنك تبعثنا، فننزل بقوم لا يقرونا) (¬1158). وقول ابن عباس والمِسْور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر رضي الله عنهم لرسولهم إلى عائشة رضي الله عنها يسألونها عن الركعتين بعد العصر (بلغنا أنك تصليهما) (¬1159). وقول مسروق لعائشة رضي الله عنها (لم تأذني له) (¬1160). يعني حسان رضي الله عنه. قلت: حذف نون الرفعْ في موضع الرفع لمجرد التخفيف ثابت في الكلام الفصيح نثره ونظمه. فمن ثبوته في النثر قوله "لا يقرونا" وقولهم "بلغنا أنك تصليهما" (¬1161) وقوله "لم تأذني له؟ ". والأصل: لا يقروننا، وتصلينهما (¬1162)، وتأذنين (¬1163). وسبب هذا الحذف كراهية تفضيل النائب على المنوب عنه، وذلك أن النون ثابت (¬1164) عن الضمة. والضمة قد (¬1165) حذفت لمجرد التخفيف كقراءة أبي عمرو بتسكين راء (¬1166)، {يُشعِرْكم} (¬1167) و {يأمرْكم} (¬1168). و {ينصرْكم (¬1169)}. وكقراءة ¬

_ (¬1158) صحيح البخاري 163/ 3. وفي نسخة "لا يقروننا". (¬1159) في ب د: تصليها. والوارد في 2/ 3 و 5/ 214 من صحيح البخاري مع وجود الشاهد (إنا أخبرنا أنك تصليهما). وفي نسخة "تصليها، وفي أخرى"تصلينهما". (¬1160) صحيح البخاري 155/ 5. وفي نسخة "تأذنين". (¬1161) ب د: نصليها. (¬1162) ب د: تصليها. تحريف (¬1163) أ: وتأذنين له. (¬1164) أ: نائب. (¬1165) قد: ساقط من ج. (¬1166) ينظر: التيسير في القراءات السبع ص 73. (¬1167) الأنعام 6/ 109 ( .. {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}). (¬1168) سورة البقرة 2/ 67 {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}. (¬1169) آل عمران 3/ 160) ... {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}.

غيره {ِ وَبُعُولَتُهُنَّ} (¬1170) و {وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ} (¬1171)، بتسكين التاء واللام. فلو لم تعامل النون بما عوملت الضمة (¬1172) من الحذف لمجرد التخفيف لكان في ذلك تفضيل للنائب على المنوب عنه. ومن حذفها لمجرد التخفيف قراءة الحسن {يَوْمَ يدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} (¬1173) وقراءة يحيى بن الحارث الذماري: {قالوا ساحران تظاهرا} (¬1174). والأصل: قالوا أنتما ساحران (¬1175) تتظاهران (¬1176). فحذف المبتدأ ونون الرفع، وادغم التاء في الظاء. وفي قراءة الحسن أيضًا موافقة للغة "أكلوني البراغيت" (¬1177). ومن حذف النون لمجرد التخفيف مارواه البغوى من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا). وما ذكر. أبو الفرج في "جامع المسانيد" (¬1178) من قول وفد عبد القيس (وأصبحوا يعلمونا كتاب الله). ومن استعمال هذا الحذف في النظم قول أبي طالب (¬1179): ¬

_ (¬1170) سورة البقرة 2/ 228 ( ... وبعولتُهنْ أحق بردهن ... ). والتسكين قراءة مسلمة بن محارب. ينظر: المحتسب 1/ 122. (¬1171) الزخرف 43/ 180 ( ... بك ورسلُنا لديهم يكتبون). قال ابن جنى في المحتسب1/ 109: (وحكى أبو زيد: بلى ورسلْنا لديهم يكتبون، بتسكين اللام). وينظر أيضًا: المحتسب 2/ 338. (¬1172) ج: به الضمة. (¬1173) الإسراء17/ 71. وينظر: معاني القرآن، للفراء 2/ 127 والمحتسب 2/ 22 والبحر المحيط 6/ 62. (¬1174) القصص 28/ 48، وينظر: البحر المحيط 7/ 147. (¬1175) من "تظاهرا" إلى هنا ساقط من ب. (¬1176) ج: تظاهرإن. (¬1177) ينظر: سيبويه1/ 19و 20 و 2/ 40 و 41. (¬1178) في غير ج: المساند. (¬1179) البيت من قصيدة في السيرة النبوية 1/ 297 برواية: فإن نك قومأ نتئر ماصنعتم ... وتحتلبوها لقحة غير باهل

189 - فانْ سرقومًا بعضُ ما قد صنعتم ... ستحتلبوها لاقحًا غير باهلِ (¬1180) ومنه قول الراجز (¬1181): 190 - أبيتُ أسري وتبيتي تدلكي ... وجهكِ بالعنبر والمسك الذكي ¬

_ (¬1180) ناقة لاقح وقارح يوم تحمل. والباهل: الابل التي لا صرار عليها. (¬1181) الرجز مجهول القائل. وهو في الخصائص 1/ 388 ومعجم شواهد العربية 1/ 388.

59 - حق الفعل إذا دخلت عليه "إن" الشرطية

ومنها قول أُم حارثة رضِي الله عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى ترَى ما أصنع) (¬1182). وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (فإما لا فلا تبايعوا حتى يبدوَ صلاح الثمر) (¬1183). قلت: حق الفعل إذا دخلت عليه "إنْ" وكان ماضيا بالوضع أو بمقارنة، "لم" أن ينصرف إلى الاستقبال، نحو {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} (¬1184) و {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} (¬1185). وإن كان قبل دخول "إنْ" صالحًا للحال والاستقبال تخلص له بدخولها، نحو {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬1186). وقد يراد المضي بما دخلت عليه "إن" فلا يتأثر بها. ويستوي في ذلك الماضي بالوضع، نحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} (¬1187)، والمضارع، نحو {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (¬1188). ومنه "فإن يك في الجنة أصبرْ وأحتسبْ". والأصل: يكون، ثم جزم فصار "يكنْ"، ثم حذفت نونه لكثرة الاستعمال، فصار"يك". وهذا الحذف جائز لا واجب. ولذلك جاء الوجهان في كتاب الله تعالى، نحو {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬1189)، {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} (¬1190). ¬

_ (¬1182) صحيح البخاري 98/ 5. وجاء في نسخة بلفظ (فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب وإن تك الأخرى ترَ ما أصنع). (¬1183) في صحيح البخاري 3/ 95 (فلا تتبايعوا) بتاءين. (¬1184) الإسراء 17/ 7. (¬1185) سورة البقرة 2/ 279. (¬1186) النساء 4/ 31. (¬1187) يوسف 12/ 26. (¬1188) يوسف 12/ 77. (¬1189) النحل 16/ 120. (¬1190) مريم 19/ 14.

- رفع جواب الشرط

فلو ولي الكاف ساكن عادت النون، نحو {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ} (¬1191). ولوجوب عود النون قبل الساكن لم يجىء الفعلان في الحديث المذكور بالحذف، بل حذفت نون الأول لعدم ساكن بعده، وثبتت (¬1192) نون الثاني لايلائه ساكنا (¬1193). ولا يستصحب الحذف قبل ساكن إلا في ضرورة، كقول الشاعر (¬1194): 191 - فإن لم تكُ المرآةُ أبدتْ وسامةً ... فقد ابدتِ المرآة جبهةْ ضَيغَم ***** و"ترى" من قول أم حارثة "وإن تكن الأخرى ترى ما أصنعُ" مضارع" راء" بمعنى "رأى". والكلام عليه كالكلام على قول أبي جهل (متى يراك الناس) (¬1195). وكما يجوز رفع "يراك" لاهمال "متى" تشبيها (¬1196) ب "إذا" كذلك يجوز هنا (¬1197) رفع "ترى" لأنه جواب، والجواب قد يرفع وإن كان الشرط مجزوم اللفظ، كقراءة طلبة بن سليمان: {أينما تكونوا يدرككم الموت} (¬1198)، وكقول الراجز (¬1199): ¬

_ (¬1191) النساء 4/ 37 و 168. (¬1192) ج: وثبت. تحريف، (¬1193) تقدم في تخريج الحديث أنه ورد في نسخة من البخاري باثبات نون الفعل الأول وحذف نون الثاني. ولم ينبه ابن مالك على هذه الرواية. وفيها شاهد على ما جعله ضرورة في البيت الذي سيأتي. (¬1194) هو الخنجر بن صخر الأسدي. شرح ابن الناظم ص 56 ومعجم شواهد العربية 1/ 359. (¬1195) ينظر البحث المرقم 3. (¬1196) ج: ولشبهها. تحريف. (¬1197) ب: ها هنا. (¬1198) النساء 4/ 78. وينظر: المحتسب 1/ 193. (¬1199) هو جرير بن عبد الله البجلي. ينظر: كتاب سيبويه 3/ 67 ومعجم شواهد العربية 2/ 498.

- حذف "كان" واسمها وخبرها المنفى بـ "لا" بعد "إما"

192 - يا أقرعَ بنَ حابس يا أقرعُ ... إنك إن يصرعْ أخوك تصرعُ وفي " فأما لا، فلا تبايعوا" شاهد على أن حرف الشرط قد يحذف بعده مقرونًا ب "ما" "كان" واسمها وخبرها المنفى ب "لا" باقية. فإن الأصل: فإن كنتم لا تفعلون فلا تبايعوا. ومثله في" جامع المسانيد" (¬1200) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للقائل (حاجتي أن تشفع لي يوم القيامة) (إما لا فأعني بكثرة السجود)، أي: إن كنتَ لابد [26ظ] لك من ذلك فأعني (¬1201). ومن ذلك قول الراجز (¬1202): 193 - أمرعت الأرضُ لو أن مالًا ... لو إن نوقًا لكِ أو جمالا أو ثلثةً من غنم إما لا أي: إن كنت لا تملكين إبلا (¬1203). ¬

_ (¬1200) أب د: المساند. (¬1201) ج: فأعني بكثرة السجود. (¬1202) القائل مجهول. ينظر: شرح التسهيل، لابن عقيل 1/ 275 ومعجم شواهد العربية 2/ 52. (¬1203) ج: (أي إن كنت لا تملك إبلا فلا تنتفع). د: (أي إن كنت لا تملك ابلا).

60 - حذف لام جواب "لو"

ومنها قول جبريل - صلى الله عليه وسلم - (الحمدُ لله الذى هداك للفطرة. لوأخذتَ الخمرَ غوت أمتك) (¬1204). وقول بعض الصحابة رضي الله عنهم (فادعُ الله يحبسْها) (¬1205). وقول البراء رضي الله عنه (إذا ... رفع رأسة من الركوع قاموا قيامًا حتى يرونه قد سجد) (¬1206). وقول ابن عباس رضي الله عنهما (إني خشيت أن أُخرجَكم (¬1207) فتمشون في الطين) (¬1208) وقول سعد (لقد اصطلحَ أهلُ هذه البَحْرة (¬1209) على أن يتوجُوه فيعصبونه) (¬1210). قلت: يظن بعض النحويين أن لام جواب "لو" في نحو "لو فعلتَ لفعلتُ" لازمة. والصحيح جواز حذفها في أفصح الكلام المنثور, كقوله تعالى {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ} (¬1211) وكقوله تعالى {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} (¬1212). ومنه قول رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( ... وأظن لو تكلمت تصدقت، فهل لها من ¬

_ (¬1204) صحيح البخاري 6/ 104 و 7/ 135. ولفظ "للفطرة" ليس في المخطوطات. (¬1205) صحيح البخاري 2/ 36. وردت الرواية برفع "يحبسها" وجزمه. فقط. (¬1206) الرواية في صحيح البخاري 1/ 180 (كانوا إذا صفوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فرَفع رأسه من الركوع قاموا قياما حتى يرونه قد سجد). وفي نسخة: حتى يروه. (¬1207) ب: اخركم. تحريف. (¬1208) لفظ البخاري 7/ 2. إني كرهت ... (¬1209) ج: البحيرة. وهى رواية في الحديث. (¬1210) صحيح البخاري 6/ 50 و 8/ 70. وفي نسخة ورد بلفظ "فيعصبوه". وينظر أيضًا 7/ 154 (¬1211) الأعراف 7/ 155. (¬1212) سورة يس 36/ 47.

- حكم الفعل في جواب الأمر

أجرٍ إن تصدقت عنها). قال: نعم (¬1213). ويجوز في "فادع الله يحبسها" الجزم على جعله جوابًا للدعاء؛ لأن المعنى: إنْ تدعه يحبسْها. وهو أجود الأوجه. ويجوز الرفع على الاستئناف، كأنه قال: ادع الله فهو يحبسُها. ويجوز (¬1214) النصب على إضمار "أن" كأنه قال: ادع الله أن يحبسها. - ومثله قراءة الأعمش {ولا تمننْ تستكثرَ} (¬1215). وقول بعض العرب (خذ اللصق قبلَ يأخذك) (¬1216). وقول طرفة (¬1217): 194 - الا أيهذا اللائمي (¬1218) أحضر الوغى ... . وأنْ أشهدَ اللذاتِ هل أنت مخلدي ***** وفي "قاموا قيامًا حتى يرونه قد سجد" إشكال؛ لأن "حتى" فيه بمعنى "إلى أن"، والفعل مستقبل بالنسبة إلى القيام، فحقه أن يكون بلا نون، لاستحقاقه النصب. لكنه جاء على لغة من يرفع الفعل بعد "أن" حملًا على "ما" اختها، كقراءة مجاهد {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (¬1219) بضم الميم. وكقول الشاعر (¬1220): ¬

_ (¬1213) صحيح البخاري 2/ 121 برواية (واظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها اجر ... ). (¬1214) ويجوز. ساقط من ج. (¬1215) المدثر 6/ 74. وينظر: المحتسب 2/ 337 والبحر المحيط 8/ 272. (¬1216) من شواهد ثعلب في مجالسه 1/ 317. والنصب عنده شاذ. (¬1217) ديوانه ص 32 وكتاب سيبويه 3/ 100 ومعجم شواهد العربية 2/ 111. ويروى لفظ "أحضر" بالنصب والرفع. (¬1218) د: الزاجري. وهي رواية فى البيت. (¬1219) سورة البقرة 2/ 233. وجاء في البحر المحيط 3/ 212. (وقرئ "أن يتم" برفع الميم. ونبها النحويون إلى مجاهد). أقول: إن ابن مجاهد روى هذه القراءة عن غيره. جاء في الإنصاف لابن الانباري 2/ 563 (وقد روئ ابن مجاهد إنه قرئ: "لمن أراد أن يتم الرضاعة" بالرفع). (¬1220) القائل مجهول. ينظر: مجالس ثعلب 1/ 323 ومعجم شواهد العربية 1/ 95.

- توجيه قول ابن عباس (إني كرهت أن أخرجكم فتمشون) وقول سعد (لقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجه فيعصبونه)

195 - يا صاحبيَّ فدت نفسي نفوسَكما ... وحيثما كنتما لقيتما رَشَدا انْ تحملا حاجةَ لي خف محملها ... تستوجبا منة عندي بها ويدا أن تقرآن على أسماء ويحكما ... مني السلام وأن لا تُشعرا أحدا وكقول الآخر (¬1221): 96؟ - أبي علماء الناس أن يخبروننى ... بناطقة خرساء مسواكها حجر وإذا (¬1222) جاز ترك اعمالها ظاهرةً, فترك إعمالها مضمرة أولى بالجواز. وقوله "خشيت أن اخرجكم فتمشون" على تقدير: فأنتم تمشون. ويجوز أن يكون معطوفا على "أن أخرجكم" وترك نصبه على اللغة التى ذكرتها. فيكون الجمع ببن اللغتين في كلام واحد بمنزلة قولك: ما زيد قائمًا ولا [27و] عمرو منطلق، فتجمع (¬1223)، في كلام واحد بين اللغة (¬1224) الحجازية واللغة التميمية (¬1225). وقد اجتمع الاهمال والاعمال في الببت المبدوء ب "أن تقرآن". ¬

_ (¬1221) في "ربيع الأبرار" للزمخشرى 3/ 465: (سئل أعرابى عن قول القلائل: أبى علماء الناس لايخبرونني ... بناطقة خرساء مسواكها حجر فقال: هي ما علمت أم سويد). وأم سويد من كنى الآست. وعلى رواية الزمخشرى هذه لا شاهد في البيت. (¬1222) ج: وإن. تحريف. (¬1223) أج: فتجتمع. (¬1224) ج: اللغتين. (¬1225) ينظركتاب سيبويه 1/ 57 وما بعدها.

والكلام على "فيعصبونه" (¬1226) كالكلام على "فتمشون" (¬1227). وفي حديث الغار (فإذا وجدتهما راقدين قمت على رؤوسهما ... حتى يستيقظان متى استيقظا) (¬1228) وهو مثل "حتى يرونه قد سجد". ¬

_ (¬1226) ج: فيعصونه. تحريف. (¬1227) ج: فيمسون. تصحيف. (¬1228) المسند 3/ 143 بروايه "حتى يستيقظا" ولا شاهد فيه. ولم أقف على رواية ابن مالك إثبات النون فيما تيسر من كتب الحديث. ووردْ حديث الغار في صحيح البخاري 3/ 99 و 113 و131 و 4/ 210 و 3/ 8. وليى في هذه المواضع رواية ابن مالك.

61 - ابدال فاء ما كان على وزن "افتعل"

ومنها قول عائشة رضي الله عنها (كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباشرها أمرها أن تتزر) (¬1229). وقول عمر رضي الله عنه (وما (¬1230) لنا والرمل (¬1231) إنما كلنا راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله). ويروى "رايينا" بياءين. وفي حديث أبي عبد الرحمن أن عثمان رضي الله عنه حيث حوصر أشرف عليهم (¬1232). قلت: ما كان على وزن "افتعل" مما فاؤه واو أوياء فابدال فائه تاءً لازم في اللغة المشهورة، نحو: اتصل يتصل، واتسر يتسر. فالتاء الأولى في "اتصل " بدل من واو (¬1233). وفي "اتسر" بدل من ياء. فإن كانت (¬1234) فاءً ما وزنه افتعل همزة أُبدلت ياء بعد همزة الوصل مبدوءًا بها، نحو ايتمر وايتمرْ وايتمار .. وألفًا بعد همزة المتكلم، نحو: آتمرُ (¬1235). وسلمت فيما سوى ذلك، نحو: يأتمرُ فهو مؤتمر (¬1236). وقد يشبه هذا النوع بما فاؤه واؤ أو ياء فتجيء بتاء مشددة قبل العين، لكنه ¬

_ (¬1229) صحيح البخاري 1/ 79. وفي نسخة "تأتزر". (¬1230) في صحيح البخاري 2/ 176: فما. (¬1231) في متن البخاري 2/ 176 "وللرمل". وجاء في حاشيته (وللرمل، هكذا في النسخ التي بين أيدينا. وقال القسطلاني "والرمل" بالنصب، نحو: مالك وزيدًا). (¬1232) صحيح البخاري 4/ 15. وفي نسخة "حين حوصر". (¬1233) ج: الواو. تحريف. (¬1234) ج: كان. تحريف. ورسمت في د "كان" وكتب فرق النون "نت" إشارة إلى أن الوجه بالتاء. (¬1235) أصلها: أأتمر، أبدلت الهمزة الساكنة بعد الفتحة مدًا مجانسًا للفتح وهو الألف، فصارت "أاتمر" وكنت خطأ الفأ عليها مد فصارت "آتمر". (¬1236) في المخطوطات (يأتمر ائتمارا فهو مؤتمر). وكلمةا "ائتمارا" هنا زائدة؛ لأنها على وزن "افتعل" والهمزة لا تسلم فيها. وقد ذكر المؤلف اللفظة قبل سطر فيما تبدل فيه الهمزة ياء. ولذلك حذفتها.

- نصب ما ولي الواو في نحو (ومالنا والرمل)

مقصور على السماع، كاتزر، واتكل من الغيظ. ومنه قراءة ابن محيصن {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (¬1237) بألف (¬1238) وصل وتاء مشددة. ***** وفي "ومالنا والرملَ" شاهد على وجوب نصب المفعول معه بعد الضمير المجرور في نحو: مالك وزيدًا، و: ما شأنك وعمرًا، و: حسبك وأخاك درهمْ. وإنما وجب نصب ما ولي الواو في هذه الأمثلة وشبهها لأنَ متلوها ضمير مجرور، ولا يجوز العطف عليه إلا باعادة الجار. فلو كان بدلَ الضمير ظاهرْ جاز الجر والنصب، نحو: (ما لزيدٍ والعرب (¬1239) يسبها). وأجاز الأخفش والكوفيون العطف على الضمير المجرور دون اعادة الجار (¬1240)، فيجوز على مذهبم "مالنا والرملَ" بالجر. وروى الأخفش في: 993 - فحسبك والضحاك سيفْ مهندُ (¬1241) ¬

_ (¬1237) سورة البقرة 2/ 283.، جاء في البحر المحيط 2/ 356: (وقرأ ابن محيصن وورش بإبدال الهمزة ياء كما ابدلت في بئر وذئب ... وقرأ عاصم في شاذه "اللذِتمن" بادغام التاء المبدلة من الهمزة قياسًا على "اتسر" في الافتعال من البر ... ). (¬1238) ب: بالالف. تحريف. (¬1239) بجر" العرب" ونصبه. وفي مخطوطة ج كرر لفظ "العرب" مع جر الأول ونصب الثاني. وجاء في كتاب سيبويه 1/ 309 (وسمعنا بعض العرب يقول: ما شأن عبدِ الله والعرب يشتمها). بالجر فقط. (¬1240) يفهم من كلام ابن مالك هنا ومن قوله قبل (وإنما وجب نصب ... ) الخ. أنه يرجح عدم جواز العطف على الضمير المجرور إلا باعادة الجار. وقد تقدم رأيه في تجويز ذلك والاحتجاج. له في البحث المرقم 12. (¬1241) صدره (اذا كانت الهيجاء وانشقت العصا). والبيت مجهول القائل. ينظر: شرح المفصل 2/ 51 ومعجم شواهد العربية 1/ 101.

- قلب الهمزة ياء

الجر على العطف، والنصبَ على كونه مفعولًا معه، والرفعَ بالابتداء وحذف الخبر. ****** وقوله "راءينا ... المشركين" معناه أظهرنا لهم القوة ونحن ضعفاء. فجعل ذلك رياءً؛ لأن المراثي يظهر غير ما هو عليه. ومن رواه بياءين حمله على "رياء" والأصل "رثاء" فقلبت الهمزة ياء لفتحها وكسر ما قبلها، وحُمل الفعل على المصدر وإن لم توجد الكسرة. كما قالوا في " اخبت": واخبت، حملًا على يواخى (¬1242) ومواخاة. والأصل: يُؤاخي ومؤاخاة، فقلبت الهمزة واوًا لفتحها بعد ضمة، وفًعل ذلك بهمزة الفعل الماضي. وإن لم توجد الضمة، لتجري على سنن المضارع والمصدر. ****** وفي قوله "حيث حوصر أشرف (¬1243)، عليهم " حجة للأخفش [27ظ]، في جواز استعمال "حيث" ظرف زمان؛ لأن المعنى: حين حوصر أشرف عليهم (¬1244) ومثله قول الشاعر (¬1245): 198 - للفتى عقل يعيشُ به ... حيث تهدى ساقه قدمه ¬

_ (¬1242) د: مواخي. تحريف. (¬1243) ب: حوصروا شرف. تحريف. (¬1244) ويؤيد ذلك رواية "حين حوصر" في نسخة من صحيح البخاري. كما تقدم في أول المبحث. (¬1245) هو طرفة بن العبد. ديوانه ص 86 ومجالس ثعلب 1/ 197 ومعجم شواهد العربية 1/ 345.

62 - دخول الفاء على خبر المبتدأ

ومنها قول الملكين للنبي - صلى الله عليه وسلم - (الذي رأيتَه يُشق فكذاب) (¬1246). قلت: في قولهما" الذي رأيتَه يشق رأسه فكذاب" شاهد على أن الحكم قد يستحق بجزء العلة. وذلك أن المبتدأ لا يجوز دخول الفاء على خبره (¬1247)، إلا إذا كان شبيها ب" مَن" الشرطية أو"ما" أُختها في العموم واستقبال ما يتم به المعنى، نحو: الذي يأتيني فمكرم إذا لم يقصد آتيا (¬1248) معينا. فـ"الذي" على هذا التقدير بمنزلة "مَن" في العموم واستقبال ما بعدها. فجاز أن يدخل الفاء في خبرها لشبهه بجواب الشرط. فلو كان المقصود ب"الذي" معينًا زالت مشابهة "من" وامتنع دخول الفاء على الخبر كما يمتنع دخولها على أخبار المبتدآت المقصود بها التعيين، نحو: زيد مكرم، فلو قلت: فمكرم، لم يجز. فكذا لا يجوز [الذى يأتيني فمكوم إذا تصدت ب "الذي يأتيني" معينًا. لكن] (¬1249) "الذي يأتيني" عند قصد التعيين شبيه في اللفظ ب"الذي يأتيني" عند قصعد العموم. فيجوز دخول المْاء على خبره حملًا للشبيه (¬1250) على الشبيه، وإن لم تكن العلة موجودة فيه. ويدل على إن العرب تعتبر مثل هذا بناؤها "رَقاش" وشبهه من أعلام الإناث المعدولة لشبهها ب "نزالِ" وشبهه من أسماء الأفعال. فاجراء (¬1251) الموصول المعين مجرى الموصول العام في ادخال الفاء على خبره كاجراء "رقاش" مجرى "نزال" في البناء. ¬

_ (¬1246) في صحيح البخاري 8/ 30 (رأيت رجلين أتياني قالا: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب). وفي 2/ 121 (أمْا الذي رأيته يشق شدقه فكذاب). ولا إشكال هنا. (¬1247) د: دخول الفاعل خبرْه. تحريف. (¬1248) ج: ايتاء. تحريف. (¬1249) ما بين المعقوفتين ساقط من أج. (¬1250) ب: للتشبيه. تحريفه. (¬1251) ب: فاجرى. تحريف. ورسمها في د بالوجهين (فاجرى آء) إشارة إلى ورودها في نسختين بصورة مختلفة.

فهذا سبب إجازة دخول الفاء في قوله "الذي رأيته يشق رأسه فكذاب". ونظيره قوله تعالى {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (¬1252)، فإن مدلول "ما" (¬1253)، معين، ومدلول "أصابكم" ماض. إلا أنه روعى فيه الشبه اللفظي. فإن لفظ "ما (¬1254) أصابكم قوم التقى الجمعان" كلفظ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (¬1255)، فأجريا في مصاحبة الفاء مجرى واحدًا. ¬

_ (¬1252) آل عمران 3/ 166. (¬1253) أ: لا. تحريف. (¬1254) من "اصابكم" إلى هنا ساقط من ج. (¬1255) الشورى 42/ 30.

63 - توجيه الحديث (قوموا فلأصل لكم)

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (قوموا فلأصلِ لكم). بحذف الياء وبثبوتها مفتوحة وساكنة (¬1256). وقول عائشة رضي الله عنها (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته (¬1257) وهو شاكي). قلت: اللام عند ثبوت الياء مفتوحة لام "كي" والفعل بعدها منصوب ب "أن" مضمرة، و"أن" والفعل في تأويل مصدر مجرور. والسلام ومصحوبها خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: قومرا، فقيامكم لأَصلي لكم (¬1258). ويجوز على مذهب الأخفش أن تكون الفاء زائدة (¬1259)، واللام متعلقهْ ب "قوموا". واللام عند حذف الياء لام أمر. ويجوز فتحها على لغة سلَيم (¬1260) وتسكيُنها بعد الفاء والواو و "ثم" على لغة قريش، وحذف الياء (¬1261) علامة للجزم. وأمر المتكلم نفسه بفعل مقرون باللام فصيح قليل في الاستعمال ومنه قوله تعالى {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} (¬1262). وأما في (¬1263) رواية من أثبت الياء ساكنة، فيحتمل أن تكون اللام لامَ "كي" ¬

_ (¬1256) ورد الحديث في صحيح البخاري 1/ 101 بحذف الياء وكسر اللام الأولى. وهي الروايهّ المشهورة، وباثباتها ساكنة وفح اللام الأولى. وروَئ ابن حجر في فتح الباري 2/ 36 بكسر اللام الأولى وفتح الياء. أما ثبوتها ساكنة مع كسر اللام الأولى فلم أقف عليه. ولعل ابن مالك اطلع على نسخة فيها هذه الرواية. (¬1257) في بيته: زيادة من صحيح البخاري 1/ 67 أو 2/ 56 و 85. والحديث في هذه المواضع روي باثبات الياء من "شاكي" وبحذفها. (¬1258) استشهد ابن مالك بالحديث في البحث المرقم 55. وتقديره هناك: فذلك لأصليَ لكم. (¬1259) تكلم الأخفش على زيادة الفاء في معاني القرآن ص 267 وينظر: أمالي السهيلي ص 95. (¬1260) معاني القرآن للفراء 1/ 285. (¬1261) أب د: اللام. تحريف. (¬1262) العنكبوت 2/ 129. (¬1263) في: ساقط من ب ج.

- توجيه قول عائشة (صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وهو شاكي)

وسكنت الياء تخفيفًا. وهي لغة مشهورة، أعني: تسكين الياء المفتوحة (¬1264). ومنه قراءة الحسن {وَذَرُوا مَا بَقِيْ مِنَ الرِّبَا} (¬1265). وقراءة الأعمش {فَنَسِيْ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (¬1266) ومنه ما روي عن أبي عمرو من (¬1267) إجازة {ثَانِيْ اثْنَيْنِ} (¬1268) بالسكون. ذكره ابن جني في "المحتسب" (¬1269). ومن الشواهد الشعرية قول [28و] الأعشى (¬1270): 199 - إذا كان هادي الفتى في البلا ... د صدر القناة أطاع الأميرا (¬1271) ويحتمل أن يكون اللام لام الأمر، وثبتت الياء في الجزم إجراءً للمعتل مجرى الصحيح، كقراءة قنبل {أنه من يتقى ويصبر} (¬1272). وقد تقدم الكلام على ذلك (¬1273). وقول أُم المؤمنين - رضي الله عنه - "وهو شاكي" بثبوت الياء في الوقف وجه صحيح. قرأ به ابن كثير في (¬1274) {هاد} (¬1275) و {وال} (¬1276) و {واق} (¬1277)، و {باقٍ} (¬1278). ¬

_ (¬1264) ذكرها ابن جني. في الخصائص 1/ 89 ولم ينسبها إلى قوم. وجاء في حاشيته (هى لغة بعض بني أسد وقيس يقولون: هى فعلتْ، بأسكان الياء). (¬1265) سورة البقرة 2/ 278، وينظر المحتسب1/ 141. (¬1266) طه 5/ 115. وينظر المحتسب 2/ 59. (¬1267) من. ساقط من ج. (¬1268) التوبة 9/ 40. (¬1269) ينظر 1/ 289 من المحتسب. (¬1270) ديوانه ص 95 والمحتسب 1/ 290 ومعجم شواهد العربية1/ 148. (¬1271) من "ومنه ما روي" إلى هنا سقط من ب. (¬1272) يوسف 12/ 90. (¬1273) يراجع البحث المرقم 3. (¬1274) ينظر: التيسير في القراءات السبع ص 233. (¬1275) الرعد 13/ 7) ... {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}. (¬1276) الرعد 13/ 11) ... {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}. (¬1277) الرعد 13/ 34) ... {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}. (¬1278) النحل 16/ 96) {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}.

والوقف بحذف الياء أقيس وأكثر في كلام العرب، ولا يجوز في الوصل إلا الحذف. ومن أثبتها في الوقف فله أن يثبتها في الخط مراعيًا لحال الوقف كما روعيت في {أنا} و {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} (¬1279). وله أن يحذفها مراعيًا للوصل، وهو الأجود. ¬

_ (¬1279) الكهف18/ 38.

64 - توجيه قول عائشة (كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر)

ومنها قول عائشة رضي الله عنها (¬1280) (كن نساءُ المؤمناتِ يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر) (¬1281). وقول حارثة بن وهب (صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن أكثرُ ما كنا قط) (¬1282). وقول سالم (وكان [عبد الله بن عمر رضي الله عنه،] (¬1283) يقدم ضَعَفةَ أهله). وقول ابن عباس (أنا ممن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة في ضعَفة أهله) (¬1284). وقول عروة (أما إن جبريل قد (¬1285) نزل فصلى أمامه) (¬1286). وقول ابن مسعود رض الله عنه (أقرأنيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فاه إلى فيّ) (¬1287). وقول النبي (كل سلامَى من الناس (¬1288) عليه صدقةَ كلَ يوم) (¬1289). وقوله عليه السلام: (بينما أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدمُ سبْطُ الشعَر يُهادَى بين رجلين) (¬1290). وقول [سراقة بن] (¬1291) مالك بن جُعشُم (يا نبي الله، مرني بم شئت) (¬1292). قلت: اللغة المشهورة تجريد الفعل من علامة تثنية وجمع عند تقديمه على ما هو مسْند (¬1293) إليه، استغناءً بما في المسند إليه من العلامات، نحو: حضر أخواك، وانطلق عبيدك وتبعهم إماؤك. ¬

_ (¬1280) عبارة (قول عائشة رضي الله عنها) وردت في ج فقط. (¬1281) صحيح البخاري 1/ 143. وفي نسخة "كنا". (¬1282) على صحيح البخاري 2/ 188. (¬1283) في المخطوطات: وكان ابن عمر. وما أثبته هو لفظ البخاري في 2/ 192 و 193. (¬1284) صحيح البخاري 2/ 193. (¬1285) قد: ساقط من ب د.، (¬1286) في صحيح البخاري 4/ 137 ( ... أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). (¬1287) صحيح البخاري 5/ 35. وروي في 5/ 31 منسوبًا إلى "أبي الدرداء رضي الله عنه. (¬1288) من الناس: سقط من ب ج د. (¬1289) صحيح البخاري 3/ 232 و 4/ 68. (¬1290) صحيح البخاري 4/ 203. (¬1291) زيادة من صحيح البخاري يصح بها السياق. (¬1292) صحيح البخاري 5/ 79. وفي نسخة: بما شئت. (¬1293) أ: مستند.

- لغة أكلوني البراغيث

ومن العرب من يقول: حضرا (¬1294) أخواك، وانطلقوا عبيدك، وتبعنهم إماؤك (¬1295). والسبب في هذا الاستعمال أن الفاعل قد يكون غيرقابل لعلامة تثنية ولا جمع ك "مَن". فإذا قصدت تثنيته أو جمعه والفعل مجرد لم يعلم القصد. فاراد أصحاب هذه اللغة تمييز فعل الواحد من غيره فوصلوه (¬1296) عند قصد التثنية والجمع بعلامتيهما. وجردوه عند قصد الافراد، فرفعوا اللبس، ثم التزموا ذلك فيما لا لبس فيه (¬1297)، ليجري الكتاب على سنن واحد. وعلى هذه اللغهَ "قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (يتعاقبون فيكلم ملائكة) (¬1298) وقول من روى "كن (¬1299) نساء المؤمنات"، وقول أنس (وكن أمهاتي يحثثنني) (¬1300). ومنه قولِ الشاعر (¬1301): 200 - نصَروك قومي فاعتززتَ بنصرهم ... ِوَلَو. أنهم خَذَلُوكَ كنتَ ذليلًا ومثله (¬1302): 201 - نُسيا حاتم وأوس لَدُنْ فا ... ضت عطاياك يا ابن عبد العزيز ¬

_ (¬1294) ج: حضر. تحريف. (¬1295) هذه لغة مشهورة يعبر عنها النحاة بلغة "أكلوني البراغيث". وتقدم ذكرها عرضًا في البحث المرقم 58. (¬1296) ب: موصولة. تحريف. (¬1297) ج: فيما ليس فيه. تحريف (¬1298) صحيح البخاري 1/ 138. (¬1299) في المخطوطات "وكن". وحذفت الواو لأنها غير موجودة في حديث عائشة رضي الله عنها كْما تقدم في أول البحث. (¬1300) صحيح مسلم 3/ 1653. (¬1301) لم أقف على قائل البيت. وهو من شواهد الأشموني 2/ 47. (¬1302) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح الأشموني 2/ 47 ومعجم شواهد العربية2/ 194. ووقع هذا البيت في المخطوطة د بعد البيت الذي سيأتي.

- إضافه الموصوف إلى الصفة

ومثله (¬1303): 202 - رأين الغواني الشيب لاح بمفرقي (¬1304) ... فاعرضن عني بالخدود النواضر ****** وفي اضافة "نساء" الى "المؤمنات" شاهد على إضافه الموصوف إلى الصفة عند أمن اللبس, لأن الأصل: وكن النساء المؤمنات. وهو نظير (حبَّة الحمقاء) و (دار الآخرة) (¬1305) و (مسجد الجامع) و (صلا ة الاولى). ****** وفي (¬1306) قوله "ونحن أكثر ما كنا قط" استعمال "قط" غير مسبوقة بنفي، وهو مما خفي (¬1307) على كثير من النحويين (¬1308) لأن المعهود استعمالها لاستغراق الزمان الماضي بعد نفى , نحو: ما فعلت ذلك قط. وقدجاءت في هذا الحديث دون نفى. وله نظائر. ****** وجمع "ضَيف" على "ضَعَفة" غريب. ومثله "خَبيث" (¬1309) و "خَبثة". ¬

_ (¬1303) قائل البيت محمَّد بن أمية كما في العقد الفريد،3/ 43 أو العتبى كما فى البيان والتبيين 2/ 182. وينطر: شرح الألفية لابن إلناظم ص 84 ومعجم شواهد العرية1/ 177. (¬1304) الرواية في المصادر المتقدمة: لاح بعارضي. (¬1305) ب: الآخر. تحريف. (¬1306) في: ساقط من ج. (¬1307) ج: يخفى. (¬1308) ب د: على أكثر النحويين. (¬1309) ب: خبثا: تحريف.

- "أما" حرف أستفتاح بمنزلة "ألا"

و"أما" من قول عروة "أمَا إن جبريلَ قد (¬1310) نزل" حرف (¬1311) أستفتاح بمنزلة "ألا". وتكون أيضًا بمعنى [28ظ] "حقًا". ذكر ذلك سيبويه (¬1312) ولا تشاركها "ألا" في ذلك. ****** ولا إشكال في فتح همزة "أمامه" بل في كسرها (¬1313)؛ لأن إضافة "إمام " معرفة. والموضع موضع الحال، فوجب جعله نكرة بالتأويل، كغيره من المعارف الواقعة أحوالًا، ك: 203 - أرسلها العراك ... ... (¬1314) و (جاؤوا قضهم بقضيضهم) (¬1315). ¬

_ (¬1310) قد: لم ترد في المخطوطات. وزدتها هنا لورودها في حديث عروة كما تقدم. (¬1311) كرر بلها في أبي لفظة "أما". والتعبير يستقم بحذفها. (¬1312) الكتاب 3/ 122 (¬1313) لم أقف على رواية الكسر في صحيح البخاري. وجاء في فتح الباري لابن حجر 7/ 121 (وحكى ابن مالك أنه روى بالكسر واستشكله؛ لأن "إما"، معرفة، والموضع موضع الحال. فوجب جعله نكرة بالتأويل). وأقول: ورد الحديث في سنن ابن ماجة1/ 220 مضبوطًا بكسر همزة "إما". (¬1314) جزء من بيت للبيد بن ربيعة. وهو في ديوانه ص 86 برواية. فاوردها العراك ولم يذدها ... . ولم يشفق على نغص الدَّخال وينظر: كتاب سيبويه1/ 372 ومعجم شواهد العربية 1/ 316. (¬1315) في كتاب سيبويه؟ 1/ 374 (مررت بهم قضهم بقضيضهم).

- توجيه قول ابن مسعود (اقرأنيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فاه إلى فى)

وفي قوله "فاه إلى فىّ" ثلاثة أوجه (¬1316): أحدها- (¬1317) أن يكون الأصل: جاعلًا فاه إلى فىّ، فحذف الحال وبقي معموله كالعوض منه. ****** الثاني- أن يكون الأصل: من فيه إلى فىّ، فحذفت "مِن" وتعدى الفعل بنفسه، فنصب ما كان مجرورًا. الثالث- أن يكون مؤولًا ب (متشافهين"، كما يؤول "بعته يدأ بيد" ب "متناجزين". ****** والمعهود فيما ل "كل" مضافًا إلى نكرة من خبر وضمير وغيرهما أن يجىء على وفق المضاف إليه، كقوله تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (¬1318) {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (¬1319). وقد يجىِء علي وفق "كل" كقوله "كُل سلَامى ... عليه صدقة"، فذكر الضمير موافقة ل "كل" لأنه مذكر. ولوجاء به على وفق "سُلامى" لأنثه؛ لأنها مؤنثة. ولو فعل ذلك لكان أولى. ****** والفاء في قوله "فإذا رجلَ آدمُ " زائدة كالأولى من قوله تعالى {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} , (¬1320) وكالفاء التي قبل "ثم "في قول زهيز (¬1321): ¬

_ (¬1316) ج: مذاهب. تحريف. (¬1317) ج: الأول. (¬1318) آل عمران 3/ 185. (¬1319) الطارق 86/ 4. (¬1320) يونس 10/ 58. (¬1321) ديوانه ص 285 وسر صناعة الإعراب 1/ 266 ومعجم شواهد العربية 1/ 421.

- إجراء "ما" الموصولة مجرى "ما" الاستفهامية في حذف ألفها

204 - أَرانيْ إذا ما بت بت على هوً ى ... فثم إذا أصبحث أصبحتُ غاديا ****** وفي قول [سراقة بن] (¬1322) مالك بن جُعشم "مرني بم (¬1323) شئت " شاهد على إجراء "ما" الموصولة مجرى "ما" الاستفهامية في حذف ألفها إذا جرت. لكن بشرط كون الصلة "شاء" وفاعلها. ¬

_ (¬1322) زيادة يستقيم بها النص. (¬1323) ج: بما. تحريف.

65 - استعمال "في" بمعنى باء المصاحبة

ومنها قول أنس رضي الله عنه (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في نعليه) (¬1324). وقول الراوي (وكان شريح يأمر الغريم آن يحبس إلى سارية المسجد) (¬1325). وقول الآخر (وصرفت الطرق) (¬1326). وفي حديث جريج (¬1327) (نبني صومعتك من ذهب، قال: لا. إلا من طين). وقول أنس رضي الله عنه (مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرة مسقوطة) (¬1328). وقول عمر رضي الله عنه (لا ندخل كنائسهم من أجل التماثيل التي فيها الصور) (¬1329) وفي بعض النسخ "والصور". قلت: "في" من قوله "في نعليه" بمعنى باء المصاحبة، كقوله تعالى {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} (¬1330)، وكقول الشاعر (¬1331): 205 - كحلاء في برج، صفراء في نعج ... كأنها فضة قد مسها ذهب (¬1332) ¬

_ (¬1324) هكذا أورده ابن مالك والذي في صحيح البخاري 1/ 102 و 7/ 198 إن ابا سلمة سعيد بن يزيد الأزدي قال (سألت إنس بن مالك. أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في نعليه؟ قال: نعم). (¬1325) هذا النص هو عنوان لواحد من أبواب "كتاب الصلاة" من صحيح البخاري 1/ 118 الذي جاء فيه (باب الاغتسال إذا أسلتم وربط الأسير أيضًا في المسجد. وكان شريح يأمر الغريم أن يحبس إلى سارية المسجد). (¬1326) في صحيح البخاري 3/ 98 عن جابر رضي الله عنه قال: (جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل مال لم يقسم. فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فلا شفعة). وينظر أيضًا 3/ 99. (¬1327) هو رجل من بني إسرائيل رويت حكايته عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صحيح البخاري 4/ 201 - 202 إذ قال له قومه (نبني صومعتك من ذهب؟) قال: لا. إلا من طين. (¬1328) صحيح البخاري 67/ 3. وفي نسخة: مُسقطة. (¬1329) صحيح البخاري 1/ 112. ولفظ "الصور" ضبط بالفتح والضم والكسر. (¬1330) القصص28/ 79. (¬1331) هو ذو الرمة. ديوانه 1/ 33 والخصائص 1/ 325 ومعجم شواهد العربية 1/ 45. (¬1332) البرجُ: معه العين. النعَج: البياض.

- توجيه قول الراوي (وكان شريح يأمر بالغريم أن يحبس)

ويجوز فى "يأمر الغريمَ أن يحبسَ" وجهان: أحدهما- أن يكون الأصل: بالغريم، و "أن يحبس" بدل اشتمال، ثم حذفت الباء كما حذفت في قول الشاعر: 206 - أمرُتك الخيرَ فافعل ما أُمرتَ به ... . . . . . . (¬1333). والثاني- أن يريد: كان يأمر الغريم أن ينحبس، فجعل (¬1334) المطاوَع في موضع المطاوع، لاستلزامه إياه. ****** و"إلى" (¬1335) من قوله "إلى سارية المسجد" بمعنى"مع" كقوله تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (¬1336). وكقول الشاعر (¬1337): 207 - فلم أرَ عذرًا بعدَ عشرين حِجة ... مضت لي، وعشر قد مضين إلى عشر ****** ومعنى "صرفت الطرق" أي: خُلصت وبينت. واشتقاقه من "الصًرف"، وهو الخالص من كل شيء. فقيل منه: صُرف وتصرف، كما (¬1338) قيل من (¬1339) "المحض" مُحض وتمحض. ¬

_ (¬1333) تمامه (فقد تركتك ذا مال وذا نشب). والبيت لعمرو بن معدي كرب. ديوانه ص 35 والكتاب 1/ 37 ومعجم شواهد العربية 1/ 61. (¬1334) أ: فعجل. تحريف ظاهر. (¬1335) وإلى: ساقط من ج. (¬1336) النساء 4/ 2. (¬1337) لم أقف على قائل البيت. (¬1338) كما: ساقط من ب. (¬1339) ب: في. واشار الناسخ في الحاشية إلى أنه في نسخةٍ "من".

- حذف المجزوم بـ "لا" التي للنهى

وفي قول جريج (¬1340) "لا، إلا من طين" شاهد على حذف المجزوم بـ "لا" التي للنهى. فإن مراده: لا تبنوها إلا من طين. ****** و"مسقوطة" بمعنى "مسقطة". ولا فعل له. ونظيره "مرقوق" بمعنى "مُرَقٍّ" أي: مسترق. عن ابن جني. [29و] ومثله أيضا: رجل مفؤود، أي جبان. ولا فعل له. إنما يقال "فئِد" بمعنى: مرض فؤاده لا بمعنى جبن. وكما جاء مفعول ولافعل له جاء "فعل" ولامفعول له، كقراءة النخعي {ثم عُمُوا وصُمّواكثيرُمنهم} (¬1341). ولم يحيى تعمي ولا مصموم، استغناء بأعمى وأصم. ****** ويجوز في قوله "من أجل التماثيل التي فيها الصور" الجر على البدل، والنصب بإضمار" أعني، والرفع باضمارٍ مبتدأ. ويجوز جعل المجرور معطوفا بواو محذوفة كما حذفت "أو" في قول عمر رضي الله عنه (صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقَباء) (¬1342). ولا إشكال في رواية من أثبت الواو قبل "الصور". ¬

_ (¬1340) ج: جرير. تحريف. (¬1341) المائدة 71/ 5 والمحتسب 1/ 217 والقراءة المشهورة: (عَموا وصموا) بفتح العين والصاد. (¬1342) عدْه ابن مالك في الأحاديث المشكلة في البحث المرقم 15. وينظر: صحيح البخاري 1/ 97.

66 - إفراد المضاف إلى المثنى، وتثنيته وجمعه

ومنها قول ابن عباس رضي الله عنهْما (مر النبي (¬1343) - صلى الله عليه وسلم - بحائط من حيطان المدينة أو مكة (¬1344) فسمع صوت انسانين يعذبان في قبورهما). وقوله عليه الصلاة والسلام (يكفيك الوجه والكفين) (¬1345). وقوله (فإذا فيها حبايل اللؤلؤ) (¬1346). وقول حفصة لأم عطية (أسمعتِ النبي - صلى الله عليه وسلم -) قالت: بأبي، نعم (¬1347). وقولي عمر رضي الله عنه آمرًا ببناء المسجد (أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أوتصفر فتفتن الناس) (¬1348). وفي بعض النسخ بلا ألف قبل الكاف (¬1349). قلت: في "فسمع صوت إنسانين" شاهد على جواز إفراد المضاف المثنى معنى إذا كان جزءُ ما أُضيف إليه من دليل اثنين، نحو (أكلت رأس شاتين) (¬1350). وجمعه أجود، نحو {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (¬1351). والتثنية مع أصالتها قليلة إلاستعمال. وقد اجتمع التثنية والجمع في قول الراجز (¬1352): ¬

_ (¬1343) في المخطوطات: رسول الله. وما أثبته هو لفظ البخاري في 1/ 62. (¬1344) أومكة. ساطّ من أب د. (¬1345) صحيح البخاري 1/ 89. ضبط لفظ" الوجه" بالفتح والضم والكسر. وفي نسخة ورد بلفظ "والكفان". (¬1346) في صحيح البخاري 1/ 94 (ثم إُدخلتُ الجنةَ فإذا فيها حبايل اللؤلؤ ... ). وفي 4/ 166 (حنابذ اللؤلؤ). ولم يورد ابن مالك في هذا البحث كلاما على هذا الحديث. فلعل هذا سهو منه. (¬1347) صحيح البخاري 1/ 85. وجاء في بعض نسخه" بأبي" وبيبي" و" بابا" و"بِبَبى". (¬1348) صحيح البخاري 1/ 114. وروي لفظ "أكن" أيضًا كما يأتي: "وأكِن" بكسَر الكاف وفتح النون. "وأكِنَ" بكسر الكاف والنون. "أكن" بضم الهمزة والنون وكسر الكاف. (¬1349) جاء في فتح الباري 5/ 85 (قال عياض: وفي رواية غير الأصيلي والقابسي -أي وأبي ذر- منَ الناس، بحذف الهمزة وكسر الكاف. وهو صحيح أيضًا ... ). (¬1350) تقدم في البحث المرقم 14 معزوة حكايته إلى الفراء. (¬1351) التحريم 4/ 66. وتقدم الاحتجاج بالأية في البحث المرقم 14. (¬1352) تقدم الشاهد برقم 80 في البحث المرقم 14.

- توجيه الحديث (يكفي الوجه والكفين)

وَمَهْمَهَينِ قَذَقَيْن مَرْتَين .. ًظَهراهَما مثل ظُهور التُّرْسَيْن فإن لم يكن المضاف جزء ما أُضيفَ إليه فالأكثر مجيئه بلفظ التثنية نحو: سَل الزيدان سيفيهما. فإن (¬1353) أمن اللبسُ جاز جَعْل المضاف بلفظ الجمع. وفي "يعذبان في قبورهما" شاهد على ذلك، وكذا قوله عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه (إذا أخذتما مضاجعكما) (¬1354). ****** وفي جر من جر "الوجه" من "يكفيك الوجه والكفين" وجهان: أحدهما- أن يكون الأصل: يكفيك مسحُ الوجه والكفين فحذف المضاف وبقي المجرور به على ما كان عليه. والثاني- أن يكون الكاف حرف جر زائداً (¬1355) كما هو (¬1356)، في {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (¬1357) أي: ليس مثلَه شيء. لا بد (¬1358) من الحكم بزيادته؛ لأن عدم زيادته يستلزم ثبوت "مثل" لا شيء مثله. ومثل كاف "كمثله" كاف {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} (¬1359) والكاف في قول الراجز (¬1360): ¬

_ (¬1353) ب د: وإن. تحريف. (¬1354) صحيح البخاري 4/ 102 و 5/ 24. وهذه المسألة المذكورة هنا تكلم عليها ابن مالك بالتفصيل في البحث المرقم 14. (¬1355) د: زائد. تحريف. (¬1356) هو: ساقط من أ. (¬1357) الشرورى 42/ 11. وفي ب: شيئًا. تحريف. (¬1358) ج د. ولا بد. تحريف. (¬1359) الواقعة 23/ 56. (¬1360) هو رؤية. ديوانه ص 106 والمقتضب 4/ 418 ومعجم شواهد العربية 2/ 505.

- توجيه قول أم عطية (بأبي نعيم)

208 - لواحِقُ الأقراب فيها كالمقق يريد: فيها المقق. أي: الطول. ويجوز على هذا الوجه رفع "الكفين" عطفًا على موضع "الوجه" فإنه فاعل. وإن رفع "الوجه" وهو الوجه الجيد المشهور فالكاف ضمير المخاطب. ويجوز في "الكفين" حينئذ الرفع بالعطف وهو الأجود، والنصب على أنه مفعول معه (¬1361). ****** وفي قول أُم عطية "بأبي" أربعة أوجه: أحدها- سلامة الهمزة وسلامة الياء. والثاني- إبدال الهمزة ياء (¬1362) وسلامة الياء. والثالث- سلامة الهمزة وإبدال الياء ألفا. والرابع- إبدال الهمزة ياء، والياء ألفا. ****** وفى "أكنْ الناس" ثلاثة أوجه: ثبوت الهمزة مفتوحة على أن ماضيه " أَكَنَ". وهو أجود [29ظ]، الأوجه. والثاني، حذف الهمزة وكسر الكاف على أن أصله "أكَن". وحذفت الهمزة تخفيفا على غير قياس، كما حذفت في (¬1363) (يا فلات) و (لا بالك). وفي قراءة ابن محيصن {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا} (¬1364). ونظير حذف همزة " أكن" وصيرورته "كِن"قراءه بن عبد الواحد {أَنْ أَرْضِعِيهِ} (¬1365) بكسر النون موصولة بسكون الراء. ¬

_ (¬1361) يفترض أن يتعرض ابن مالك بعد هذه الفقرة للكلام على ص الذي اورده مشكلًا في أول البحث. ولكنه لم يفعل. (¬1362) د: إبدالها باء. (¬1363) حذفت: ساقط من أ. وفي: ساقط من ب. (¬1364) القصص 25/ 28 وينظر المحتسب 2/ 150 والبحر المحيط 7/ 114 (¬1365) القصص7/ 28 وينظر المحتسب 2/ 147 والبحر المحيط 7/ 105.

- جواز حذف الواو في مثل (إياك وأن تفعل)

وفي "وإياك أن تحمر أو تصفْر" (¬1366) شاهد على أن الواو في "إياك وأن تفعل" لا تلزم كما لا تلزم ((¬1367) في "إياك والشرْ". لكن إذا لم تثبت فالتقدير: إياك من أن تفعل، فحذفت "من" لأن حذف ما يجر "أن" و "أن" مطرد. ويجوز أن يقال (¬1368): كن الناس، بضم الكاف (¬1369) على أن يكون من "كَنه" فهو مكنون، أي: صانه. ولم أعلل "كِن" المكسور الكاف بمثل ما عللت به المضمومها (¬1370) لأنه ثلاثي مضاعف متعد، فبابه الضم. وما سمع فيه الكسر فشاذ، ك" حَبه يحبه". ولا (¬1371) يقدم عليه إلا بنقل. ¬

_ (¬1366) أب: وتصفر. تحريف. (¬1367) أ: كما تلزم. (¬1368) ج: تقول. تحريف. (¬1369) قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 85 (وجوز ابن مالك ضم- الكاف على أنه من كن فهو مكنون. انتهى. وهو متجه. لكن الرواية لا تساعده). (¬1370) أ: المضمومة. (¬1371) د: فلا.

67 - دخول "من" على "بلة" زائدة

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت (¬1372) ولا أذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ذخرًا من بَلْهِ ما أطلِعتُم عليه) (¬1373). وقوله عليه الصلاة والسلام (رويدك سوقك بالقوارير) (¬1374). وقوله عليه الصلاة والسلام (ولا الذهب بالذهب إلا هاءَ وهاءَ) (¬1375). وقول عائشة رضي الله عنها: فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أعندكم شيء؟ قالت: لا. إلا شيء بعثت به أُم عطية (¬1376). وقولها (أقول ماذا؟) (¬1377). وقول أبي موسى رضي الله عنه (أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - نفر من الأشعريين) (¬1378). وقول عمر رضي الله عنه (إنى أرى لو جمعتُ هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل) (¬1379) قلت: المعروف استعمال "بلْة" اسم فعل بمعنى: اتركْ، ناصبا لما يليها بمقتضى المفعولية، كقول الشاعر (¬1380): ¬

_ (¬1372) سقطت من بعد هذه الكلمة ورقتان من المخطوطة د (¬1373) صحيح البخاري 6/ 145. وَكلمة "ذخرًا" ليست في المخطوطات وورد في نسخة من البخاري بحذف "من" وفتح "بله". (¬1374) صحيح البخاري 8/ 44. وفي نسخة "رويدك سرقًا". (¬1375) لم أقف في صحيح البخاري على هذا اللفظ. والذي ورد مع وجود الشاهد في 3/ 85 و 92. هو بلفظ (الذهب بالذهب ربًا إلا هاءَ وهاء). (¬1376) يوهم إثبات الحديث بهذه الصيغة أنه من رواية عائشة رضي الله عنها. وليس كذلك. ففي صحيح البخاري 3/ 193 (عن أم عطية قالت: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على عائشة رضي الله عنها فقال: أعندكم شيء؟ قالت: لا إلا شيء بعثت به أم عطية). (¬1377) وهنا أيضا الكلام ليس لها. وإنما هو لأمها. ففي صحيح البخاري 6/ 135 أن عائشة قالت (فالتفت إلى أمي، فقلت: اجيبيه. فقالت: أقول ماذا؟). (¬1378) صحيح البخاري 5/ 219. (¬1379) صحيح البخاري 3/ 55. (¬1380) هو إبراهيم بن هرمة، ديوانه ص 57 وشرح المفصل 9/ 44 ومعجم شواهد العربية 1/ 30.

- توجيه الحديث (رويدك سوقك بالقوارير)

209 - تمشي القَطوف إذا غنى الحداةَ بها ... مشيَ الجواد فبَلْهَ الجلَّةَ النّجَبا واستعماله مصدرًا بمعنى "الترك" مضافًا إلى ما يليه. والفتحة في الأول بنائية، وفي الثاني إعرابية (¬1381). وهو مصدر مهمل الفعل ممنوع التصرف. وندر دخول "من" عليه زائدة في قوله "من بله ما أُطلِعْتم عليه". ****** و"رويدَ" من "رويدك سوقَك بالقوارير" اسم فعل بمعنى "أروِد" أي: أمهل، والكاف المتصلة به حرف خطاب، وفتحة داله بنائية. ولك أن تجعل "رويد" مصدرًا مضافًا الي الكاف ناصبًا" سوقك". وفتحة داله على هذا إعرابية. ****** و"هاءَ" أيضا اسم فعل بمعنى "خذ". فحقه أن لا يقع بعد "إلا" كما لا يقع بعدها "خذ". وبعد أن وقع بعد "إلا" فيجب تقدير قول قبله يكون به محكيا (¬1382). فكأنه قيل، ولا الذهب بالذهبِ إلا مقولًا عنده من المتبايعينِ: هاءَ وهاءَ. ****** وفي قول عائشة رضي الله عنها " لا. إلا شيء بعثت به أُم عطية" شاهد على إبدال ما بعد "إلا" من محذوف. لأن الأصل: لا شيء عندنا إلا شيء بعثت به أم عطية (¬1383). ¬

_ (¬1381) يعني فتحة " بله " في الاستعمال الثاني وهو كونها مصدرًا. (¬1382) ب: محكما. تحريف. (¬1383) من كلمة "شاهد" إلى هنا سقط من ب.

- الكلام على "ماذا"

وفي "أقول ماذا" شاهد على أن "ما" الاستفهامية إذا ركبت مع "ذا" تفارو وجوب التصدير، فيعمل فيها ما قبلها رفعًا ونصبًا. فالرفع كقولهم: كان ماذا؟ والنصب كقول أم المؤمنين رضي الله عنها "أقول ماذا". وأجاز بعض العلماء وقوعها تمييزًا، كقولك لمن قال "عندي عشرون": عشرون ماذا؟. ****** وفي قول أبي موسى (¬1384) " أتينا النبى - صلى الله عليه وسلم - نفر" شاهد على ما ذهب إليه الأخفش من جواز أن يبدل من ضمير الحاضر بدل كل من كل فيما) (¬1385) لا يدل على إحاطة، وعليه [30و] حمل الأخفشّ قوله تعالى (¬1386) {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} (¬1387). وقيدت هذا المختلف فيه بكونه بدل كل من كل احترازا من بدلي البعض والإشتمال. فإنهما (¬1388) جائزان بإجماع (¬1389). كقوَل الراجزْ (¬1390): 210 - أوعدني بالسجن والأداهم ... رجلي، فرِجلي شثنة المناسم وكقول الشاعر (¬1391): ¬

_ (¬1384) ج: موسى الأشعري. (¬1385) ج: فما. تحريف. (¬1386) قوله تعالى: ورد في ج فقط. (¬1387) الأنعام 6/ 12. وينظر: معاني القرآن للأخفش ص 418. (¬1388) ب: فإنها. تحريف. (¬1389) ج: باجتماع. تحريف. (¬1390) هو العديل بن الفرخ العجلي. المفصل 3/ 70 ومعجم شواهد العربية 2/ 541. (¬1391) هو يهدى بن زيد العبادي. ديوانه ص 35 والكتاب 1/ 156 ومعجم شواهد العربية 1/ 213.

211 - ذريني إنَّ أمرك لن يُطاعا ... وما ألفيتني حلمي مُضاعا وقيدته (¬1392) أيضًا بكونِه لا يدل على الاحاطة؛ لأن الدآل عليها جائز بإجماع، كقوله تعالى {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} (¬1393) وكقول عبيدة (¬1394) بن الحارث رضي الله عنه (¬1395): 212 - فما بَرحت أقدامُنا في مقامِنا ... ثلاثتِنا حتى أُزيرُوا المنائيا [مثله (¬1396): 213 - نطوفُ ما نُطوفُ ثم ناوي ... ذوو الأحلام منا والعديم] ويشهد (¬1397) لصحة ما ذهب إليه الأخفش قول الشاعر (¬1398): ¬

_ (¬1392) أ: وقيده. تحريف. (¬1393) المائدة 5/ 114. (¬1394) في المخطوطات: أبي عبيدة. وهو وهم اصلحته من المصادر التي ستأتي. (¬1395) السيرة النبوية 3/ 25 برواية (من مقامنا)، وشرح ابن الناظم ص 218 ومعجم شواهد العربية 1/ 423. (¬1396) قائل البيت البرج بن مسهر الطائى، ديوان الحماسة لأبي تمام 2/ 127 ومغني اللبيب 2/ 641 ومعجم شواهد العربية 1/ 352. وما بين المعقوفتين ورد في ج فقط. (¬1397) ب: وشهد. تحريف. (¬1398) قائل البيت مجهول. وهو من شواهد البلاغة، ينظر: التلخيص، للقزويني ص 368 ومعجم شواهد العربية 1/ 306.

- مجيء "لو" معلقة لأفعال القلوب

214 - وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى ... بمستلئم مثلِ الفنيق المرحل (¬1399) ****** وفي "أرى لو جمعت" شاهد على أن "لو" قد تعلق بها (¬1400) أفعال القلوب. ومنه قول رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - (إن أمي (¬1401) افتلتت نفسها، وأظن لوتكلمت تصدقت، فهل لها من أجر إن تصدقت عنها؟)، قال: نعم (¬1402). ¬

_ (¬1399) ب: المدجل. ج: الفتيق المدحل. تصحيف. وفرس شوهاء: واسعة الأشداق. وصارخ الوغى: المستغيث. والمستلئم: لابس اللأمة، وهي الدرع. والفنيق: الفحل المكرم عند أهله. والمرحل، من رحل البعير، أشخصه عن مكانه وأرسله. (¬1400) بها: ساقط من ج. (¬1401) إن أمي: ساقط من ج. (¬1402) الحد يث فى صحيح البخاريَ 2/ 121 برواية ( ... وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر ... ). وتقدم الاحتجاج بالحديث في البحث المرقم 60 على جواز حذف اللام من جواب "لو".

68 - كسر حرف المضارعة

ومنها قول عبد الله بن عبد الله بن عمر لأبيه (أقم فإني لا إيمنُها أن ستُصَد عن البيت) (¬1403). قلت: يجوز كسر حرف المضارعة إذا كان الماضي على "فَعِل" ولم يكن حرف المضارعة ياء، نحو "تِعلم". وللياء من الكسر ما لغيرها إن كانت الفاء واوًا، أوكان ماضية "أبي" نحو: يبجل وِيئبىَ. وعلى هذه اللغة جاء "لا إيمنها" (¬1404). ويجوز أيضا كسر غير الياء من حروف المضارعة إذا كان أول الماضي تاءَ المطاوعة اوالفَ وصل، نحو: تِتعلم وتستبصر (¬1405). والضمير في "إيمنها" عائد على الجماعة التي قصدت الحج، فإن مشاهدتها تغني عن ذكرها. وفي "ستصد" أيضًا ضمير مرفوع عائد على الجماعة. ولا يجوز إن يكون الضمير من "ايمنُها"ضمير القصة؛ لأن عامل ضمير الشأن والقصة لا يكون إلا ابتداء أو بعض نواسخه. و" إيمن" مغاير لذلك. ¬

_ (¬1403) صحيح البخاري 2/ 196. وفي نسخة: لا آمنُها. (¬1404) أشار سيبويه في الكتاب 4/ 110 إلى إن ذلك في لغة جميع العرب إلا أهل الحجاز. (¬1405) ينظر. كتاب سيبويه 4/ 111 و 112.

69 - الاستغناء عن الهمزة بـ "هل" ووقوع "أم" بعدها

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لجابر (هل تزوجت بكرًا أم ثيبًا؟) (¬1406). وقوله عليه الصلاة والسلام (من قُتل في سبيل الله فهو شهيد ... ومن مات في الطاعون فهو شهيد؟ ومن مات في البَطن فهو شهيد) (¬1407). وقوله عليه الصلاة والسلام (إنما يكفي أحدكم أن يضعَ يدَه على فخِذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله) (¬1408). قلت: في "هل تزوجت بكرًا أم ثيبا" شاهد على أن "هل" قد (¬1409)، تقع موقع الهمزة المستفهم بها عن التعيين، فتكون "أم" بعدها متصلة غير منقطعة, لأن استفهام النبي - صلى الله عليه وسلم - جابرًا لم يكن إلا بعد علمه بتزوجه (¬1410) إما بكرًاو إما ثيبًا، فطلب منه الأعلام بالتعيين، كما كان يطلبه ب "أيّ". فالموضع إذن موضع الهمزة، لكن استغني عنها ب "هل". وثبت بذلك أن "أم" المنقطعة قد تقع بعد "هل" كما تقع بعد الهمزة. ****** و"في" من قوله "في الطاعون" و"في البَطن" بمعنى الباء الدالة على السببية، كقوله تعالى {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ [30ظ] لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬1411). ****** وفي قوله "من على يمينه" شاهد على استعمال "على" اسمًا، وأن ذلك غير مخصوص بالشعر. ¬

_ (¬1406) صحيح البخاري 4/ 63. (¬1407) الحديث ليس فى صحيح البخاري. وإنما هو في صحيح مسلم 3/ 1521. (¬1408) وهذا الحديث ايض اليس في صحيح البخاري. وهو في صحيح مسلم 1/ 322. (¬1409) قد: ساقط من ج. (¬1410) ج: بتزويجه. تحريف. (¬1411) الأنفال 8/ 68. وتعْدت الآية مع بسط موضوع دلالة "في" على السببية بمعنى الباء في البحث المرقم 18.

70 - توجيه الحديث (فقال له الذئب هذا استنقذتها مني)

ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (فقال له (¬1412) الذئب: هذا استنقذتَها مني، فمن لها يوم السبع (¬1413) يوم لاراعي لها غيري). وقول عمر رضي الله عنه (واعجبًا لك يا ابن عباس) (¬1414). وقول حذيفة لمن لم يتبع الركوع والسجود (ولو مُتّ مُتّ على غير الفطرة التى فطر الله محمدًا) (¬1415). قلت: يجوز في "هذا" من قوله "هذا استنقذتها" (¬1416) ثلاثة أوجه. أحدها- أن يكون منادى محذوفًا منه حرف النداءه وهومما منعه البصريون (¬1417) وأجازه الكوفيون (¬1418). وإجازته أصح، لثبوتها في الكلام الفصيح , كقول ذى إلرمة (¬1419): 215 - إذا هملت عينى لها قال صاحبي ... بمثلك هذا لوعةْ وغرام ومثله قول الآخر (¬1420): 216 - ذا ارعواءً فليس بعد اشتعال الر ... أس شيبًا الى الصبا من سبيل ¬

_ (¬1412) له: ليست في المخطوطات، وزدتها من صحيح البخاري4/ 212. (¬1413) ورد لفظ "السبع" في صحيح البخاري بضم الباء فقط. وسيذكر ابن مالك أن الرواية باسكانها. (¬1414) صحيح البخاري 7/ 36.وورد فى 3/ 165 بلفظ "واعجبًا" و "واعجببي". (¬1415) صحيح البخاري1/ 190. (¬1416) ج: استفدتها. تحريف. (¬1417) ينظر: كتاب سيبويه 2/ 230 والمقتضب للمبرد 4/ 258. (¬1418) نسب ابن يعيش هذا الراي فى شرح المفصل 2/ 16 الى قوم من الكوفيين. (¬1419) ديوانه 3/ 1592 وشرح الألفية للمرادي 3/ 273 ومعجم شواهد العربية 1/ 342. (¬1420) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح الأشموني 3/ 136 ومعجم شواهد العربية 1/ 324. وسقط الشاهد من ب.

وكقول (¬1421) بعض الطائيين (¬1422): 217 - ن الأُلى وُصفوا قومي همُ (¬1423) فبهم ... هذا اعتصم تلق من عاداك (¬1424) مخذولا ومثله قول الآخر (¬1425): 218 - نوّلي قبل نأيَ داري جمانا ... وصليني كلما زعمت تلَانا أراد: وصليني الآن ياتا، أي: يا هذه (¬1426). الثاني- أن يكون "هذا" في موضع نصب على الظرفية مشارًا به إلى اليوم (¬1427) والأصل: هذا اليوم استنقذتها منى. والثالث- أن تكون "هذا" (¬1428)، في موضع نصب على المصدرية، والأصل: هذا الاستنقاذ استنقذتها مني. ****** ¬

_ (¬1421) أ: قول. (¬1422) قائل البيت مجهول. وهو في شرح العمدة لابن مالك ص 298 والبحر المحيط 1/ 290 و486 والأشموني 3/ 136، ومعجم شواهد العربية 1/ 268. (¬1423) في أوالمصادر المتقدمة: قومي لهم. وما أثبته من ب ج. وبه يستقيم المعنى، وتكون جملة "قومي هم" خبر "إن". (¬1424) ج: ما عاداك. تحريف. (¬1425) هو عمرو بن أحمر الباهلي (شعره ص 154) أو جميل بن معمر (ديوانه ص 218). وينظر: سر صناعة الإعراب 1/ 185 ومعجم شواهد العربية 1/ 390. (¬1426) من "ومثله" إلى هنا ورد في ج قبل عبارة (وقول بعض الطائيين). (¬1427) إلى هنا ينتهي النقص في المخطوطة د وقدره ورقتان. (¬1428) هذا. وردت في د فقط.

- اسكان العين المضمومة من الأفعال والأسماء وكسرها

والأصل في قوله "يوم السبع" (¬1429): يوم السبع، بضم الباء، فسكنها على لغة بني تميم، فانهم يسكنون العين المضمومة من الأسماء والأفعال، وكذا يفعلون بالعين المكسورة، فيقولون في "نَمِر وابِل"، نَمر وإبْل (¬1430). ****** و"وا" فى قوله "واعجبًا لك" إذا نون اسم فعل بمعنى: أعجب. ومثله "واهًا" و "وَي" (¬1431). وجيء بعده ب "عجبًا" توكيدًا. وإذا لم ينون فالأصل فيه: واعجبي، فابدلت الكسرة فتحة والياء ألفًا، كما فعل في {يا أسفا} (¬1432) و {يا حسرتا} (¬1433). وفيه شاهد على استعمال "وا" في منادى غير مندوب كما يرى المبرد (¬1434) ورأيه في هذا صحيح. ****** وفي قول حذيفة "لو مُتَ مُتَ" شاهد على وقوع الجواب موافقًا للشرط لفظًا ومعنى لتعلق ما بعده به. وهو أحد المواضع التي يعرض فيها للفضلة توقف الفائدة عليها. فيكون لها ¬

_ (¬1429) كلدا يرويه ابن مالك بسكون الباء. ولم أقف محل هذه الرواية في المواضع التي ورد فيها الحديث في صحيح البخاري ,وهي4/ 212و5/ 6و15. ولعله اطلع محل نسخة فيها ماذكر. (¬1430) المحتسب 1/ 205 و255و 261 و 2/ 287. (¬1431) د: ووا. تحريف. (¬1432) يوسف 12/ 84 {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ... }. (¬1433) الزمر 39/ 56) {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}. (¬1434) المقتضب 4/ 223 و 269.

- إخلاء جواب "لو" المثبت من اللام

بذلك من لزوم الذكر ما للعمدة. ومنه قوله تعالى {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} (¬1435). فلولا "على غير الفطرة" (¬1436) و "لأنفسكم" لم يكن للكلام فائدة. ****** وفيه أيضا شاهد على إخلاء جواب "لو" المثبت من اللام. وهو مما يخفي (¬1437) على أكثر الناس مع أنه في مواضع من كتاْب الله تعالى، نحو {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ} (¬1438) و {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} (¬1439) و {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} (¬1440). ****** وفي قوله "على غير الفطرة التي فطر الله محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وجهان. أحدهما- أن يكون الأصل: على غير الفطرة التي فطرها، والضمير ضمير الفطرهّ، ومنصوب نصب المصدرٍ، ثم حذف لكونه متصلًا منصوبا بفعل، كما تقول: عرفت العطية التي أعطيتها زيدا والملامة التي لمتها عمرًا، ثم تحذف فتقول: عرفت العطية [31و] التي أعطيت زيدًا (¬1441) والملامة التي لمت عمرًا. والثاني- أن يكون الأصل: على غير الفطرة التي فطر الله عليها، ثم حذفت "على" والمجرور بها لتقدم مثلها قبل الموصول. وفيه ضعف لعدم مباشرتها إياه، وعدم تعلقها بمثل ما تعلقت به في الصلة. ¬

_ (¬1435) الإسراء 7/ 17. (¬1436) هذه العبارة من تمام حديث حذيفة. (¬1437) ج: خفي. (¬1438) الأعراف 7/ 155. (¬1439) الأعراف 7/ 100. (¬1440) سورة يس 36/ 47. وتقدم الكلام على اخلاء جواب "لو" من اللام مفصلًا في البحث المرقم 60. (¬1441) زيدًا. سقط من ج.

فلو باشرتها وتعلقت بمثل ما تعلقت به في الصلة زال الضعف، كقولك: سلمت على الذي سلم زيد. ومثل هذا في عدم الضعف قوله تعالى {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} (¬1442) فإن الجار (¬1443) الذي قبل "ما" مثل الذي بعدها ومباشر لها، ومتعلق بمثل ما تعلق به في الصلة. ¬

_ (¬1442) المؤمنون 23/ 33. (¬1443) ج: وإن. تحريف.

71 - "مه" أصلها "ما" الاستفهامية

ومنها قول الله تعالى للرحم (مَهْ) (¬1444). وقول ابراهيم عليه الصلاة والسلام (مَهيَم) (¬1445). وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن مَتى) (¬1446). وقول أبي سعيد (فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر وأقرعَ بن حابس وزيد الخيل. والرابع إما علقمة واما عامر بن الطفيل) (¬1447). قلت: أصل "مَهْ" في هذا الموضع "ما" الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت، والشائع أنه (¬1448)، لا يفعل ذلك بها إلا وهي مجرورة. ومن استعمالها هكذا غير مجرورة قول أبي ذؤيب (قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلوا بالإحرام، فقلت: مَهْ. فقيل لي: هلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم) (¬1449). ومثله قول الحجاج لليلى الأخيلية: ثم مه، قالت: ثم لم يلبث أن مات (¬1450). وحكى الكسائي أن بعض كنانة يقولون: مَعندك؟ و: مَصنعت؟ فيحذفون الألف دون جر، ولا يصلون الميم بهاء السكت لعدم الوقف. وفي الاقتصار على الميم في "مَعندك" و "مَصنعت" دليل على أن الهاء في قول أبي ذؤيب والحجاج هاءُ سكت (¬1451) لا بدل من الألف كما زعم الزمخشري (¬1452) لأنها عوملت معاملة المتصلة بالمجرورة من السقوط وصلًا والثبوت وقفًا، ولو كانت بدلًا من الألف لجاز أن يقال في الوصل: مَهْ عندك، و: مَه صنعت. ¬

_ (¬1444) صحيح البخاري 6/ 167. (¬1445) صحيح البخاري 4/ 171. وفى نسخة "مهيَا". (¬1446) صحيح البخاري 4/ 194. (¬1447) صحيح البخاري 5/ 207. (¬1448) ب د: إن. تحريف. (¬1449) المفصل، للزمخشرى ص 59. (¬1450) الأمالي، للقالي 1/ 88. (¬1451) ب: السكت. (¬1452) المفصل ص 59.

- "مهيم" اسم فعل بمعنى "أخبر"

و "مهيم" اسم فعل بمعنى: أخبر. ****** وفي "ولا أقول إن أحدًا أفضل من يونًس بن مَتى" استعمال "أحد" في الإيجاب؛ لأن فيه معنى النفي، وذلك أنه بمعنى: لا أحَدَ أفضل من يونس. والشيء قد يعطى حكم ما هو في معناه وإن اختلفا في اللفظ. فمن ذلك قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} (¬1453) فاجرى في دخول الباء على الخبر مجرى: أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على (¬1454) لأنه بمعناه. ومن ايقاع "أحد" في الإيجاب المؤول بالنفي قولً الفرزدق (¬1455): 219 - ولو سئلت عني نَوار وأهلُها (¬1456) ... إذا أحد لم تنطق الشفتان فأوقع "أحدًا" (¬1457) قبل النفي؛ لأنه بعده بالتأويل، كأنه قال: إذا لم ينطق منهم أحد. ****** وفي قوله "وأقرع بن حابس" بلا ألف ولام شاهد على أن ذا الألف واللام من ¬

_ (¬1453) الاحقاف 46/ 33. (¬1454) على: ساقط من ب د. (¬1455) ديوانه 2/ 870 برواية: ولو سئلت عني النوارُ وقومها ... إذا لم توارِ الناجذ الشفتان وفي اللسان "ظرب" 1/ 570 (ولو سألت ... ) ولا شاهد في البيت حينئذ. (¬1456) ب: تواروا أهلها. تحريف. (¬1457) ج: احد. تحريف.

الأعلام الغلبية قد (¬1458) ينزعان عنه في غير نداء ولا إضافة ولا ضرورة. وهو مما خفي على أكثر النحويين (¬1459). ومنه ماحكى سيبويه من قول بعض العرب (هذا يوم اثنين مباركًا) (¬1460). ومما جاء منه في الشعر قول مسكين الدارمي (¬1461): [21ظ]، 220 - ونابغة الجعدي في الرمل بيته ... عليه صفيح من رجام مُوَضّعُ ****** آخر المخطوطة أ: كمل ذلك ولله الحمد يوم الاثنين خامس عشر ذى القعدة عام خمس وسبعين وثمان مئة. علقه الفقير إلى رحمة ربه القدير أضعف عباد الله، الراجي من الكريم المنان العفو عن ذنوبه وستر عيوبه، ومعاملته بالألطاف الخفية إسماعيل بن محمَّد بن إسماعيل بن أحمد بن علي بن أبي بكر بن سالم بن عبد العزيز الصبيبي، تاب الله عليه توبة نصوحا، من نسخة قويلت محل نسخة عليها بخط المصنف رحمه "الله" تعالى على ما ذكر بخط كاتب النسخة ما صورته: كان في آخر الأصل المنقول منه هذا بخط المصنف رحمه الله ما نصه: (سمع على جميع هذا الجزء بقراءته الشيخ الإِمام الفاضل المحقق شمس الدين أبو عبد الله محمَّد بن غالب بن يونس بن شعبة الأنصاري الجياني نفسه، فأجزت له أن يؤديه عني، واجزته أيضا جميع مصنفاتي ومروياتي نفعه الله وإياي بالعلم والعمل. وبلغنا بهما السؤل والأمل، بمنه وكرمه. وكتبه محمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك. والحمد لله وصلاته وسلامه على محمَّد وآله وصحبه وسلم أجمعين). ¬

_ (¬1458) قد: ساقط من ج. (¬1459) ب: النحويون. تحريف. (¬1460) في الكتاب 3/ 292 ( ... مباركًا فيه). (¬1461) ديوانه ص 49 برواية "من رخام مرصعُ". وينظر: كتاب سيبويه3/ 44 ومعجم شواهد العربية 1/ 218.

انتهى ما كان بخطه رحمه الله. هذا في أول النسخة. وفي آخر النسخة- أعنى المنقول منها- ما صورته: (كمل هذا المجموع، والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله الطاهرين وأصحابه أجمعين، علقه على حكم الاستعجال، وتقسم البال، أصغر عبيد الله أحمد بن يحيى بن محمَّد بن أحمد الأنصاري الغرناطي شهر بالرفاء، تاب الله عليه، وغفر له ولأبويه ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، يوم الأثنين الثامن عشر من شوال عام ثمانية وسبع مئة بمكة المعظمة المشرفة وبرباط الموفق منها، وحسبنا الله وكفى، والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. نقلته- أعنى الكتاب- بجملته من خط الشيخ الفقيه المحدث الفاضل الضابط أبي عبد الله الجياني رحمه [الله] ورضي عنه). آخر ما وجد في آخر النسخة التي نقل ذلك منها. وهذا ما وجد على الهامش (عارضت بالمنقول منه فصح والحمد لله وحده). وبعده يقول (عارضته مرةً ثانية بالمنقول منه). ****** آخر المخطوطة ب: وهذا آخر, والله أعلم , كمل المجموع المبارك إن شاء الله تعالى. والحمد لله وحده, وصلاته على محمد خير خلقه , وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه أجمعبن. ****** آخر المخطوطة ج .. : كمل الكتاب بحمد الله ومنه وإحسانه. والصلاة على سيدنا محمد أشرف خلقه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين، وذلك في نهار الخميس خامس شهر رمضان المعظم سنة ثلاث وخمسين وثمان مئة. حسبنا الله ونعم الوكيل. علقه لنفسه على عجل حمزة بن أحمد بن علي الحسيني الشافعي. عفا الله عنه.

في آخر المخطوطة د. تم الكتاب بحمد الله وعونه. وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم، وحسبنا الله، وكان الفراغ منه يوم الثلاثاء حادى عشر ربيع الآخر سنة أحد وعشرين وثمان مئهّ.: والحمد لله وحده. وكتبه العبد الفقْير إلى الله تعالى" محمَّد بن عبد الله بن الفجر. غفر له ولوالديه ولجميع المسلمين. والحمد لله رب اععالمين، وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.

المصادر

المصادر - إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر. ابن البناء الدمياطي، صححه علي محمَّد الضباع، مصر 1359 هـ. - إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، القسطلاني، الطبعة السابعة، بولاق 1323 هـ. - أسد الغابة في معرفة الصحابه، عز الدين بن الأثير، طهران 1342 هـ. - الأصول في النحو، ابن السراج، تحقيق الدكتور عبد الحسين محمَّد الفتلي، النجف 1973. - الأعلام، خير الدين الزركلي، الطبعة الثانية. - الاقتراح في علم أصول النحو، السيوطي، تحقيق أحمد صبحى فرات، استانبول 1975. - اِلأمالي، أبو علي القالي، دار الكتب المصرية 1926. - أمية بن أبي الصلت: حياته وشعره، بهجة عبد الغفور الحديثي، بغداد 1975. - الإنصاف في مسائل الخلاف، أبو البركات بن الأنباري، تحقيق محمَّد محيي الدين عبد الحمبد، الطبعة الرابعة عشرة، بيروت 1966. - البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي، القاهرة 1328 هـ. - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، السيوطي، تحقيق محمَّد أبو الفضل ابراهيم، القاهرة 964 - د 66". - البيان والتبيين، الجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون الطبعة الثانية، القاهرة 1961. - تاريخ التراث العربي، فؤاد سزكين (ج 1) نقله إلى العربية الدكتور فهمي أبو الفضل والدكتور محمود فهمي حجازي، القاهرة 1971. - التلخيص في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، شرحه عبد الرحمن البرقوقي، المكتبة التجارية الكبرى 1932. - تهذيب اللغة، الأزهري، تحقيق عبد السلام هارون وغيره، القاهرة 1964 وما بعدها.

- التيسير في القراءات السبع، أبو عمرو الداني، تحقيق: اوتوبرتزل، استانبول 1930. - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، السيوطي، الطبعة الرابعة، مصر 1954. - الجمل، الزجاجي، تحقيق الشيخ ابن أبي شنب، الجزائر 1926. - الجنَى الداني في حروف المعاني، المرادي، تحقيق طه محسن، الموصل 1976. - الحجة في علل القراءات السبع، أبو علي الفارسي، تحقيق: علي النجدي ناصف وغيره، القاهرة 1965. - الحلل في اصلاح الخلل من كتاب الجمل، ابن السيد البطليوسي، تحقيق سعيد عبد الكريم سعودي، بيروت 1980. - الخصائص، ابن جنى، تحقيق محمَّد علي النجار، مصر 1952. - الدرر اللوامع على همع الهوامع، أحمد الشنقيطي، القاهرة 1328 هـ. - ديوان إبراهيم بن هرمة، تحقيق محمَّد جبار المعيبد، النجف 1969. - ديوان أبي الأسود الدؤلي، تحقيق الشيخ محمَّد حسن آل ياسين، بغداد - ديوان الأعشى (ميمون بن قيس)، تحقيق الدكتور م. محمَّد حسين، مصر 1950. - ديوان امرئ القيس، تحقيق محمَّد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الثالثة، مصر 1969. - ديوان توبة بن الحمير الخفاجي، تحقيق: خليل إبراهيم العطية, بغداد 1968. - ديوان جرير (بشرح الصاوي) بيروت. - ديوان جميل (شاعر الحب العذري)، تحقيق دكتور حسين نصار. الطبعة الثالثة. - ديوان حاتم الطائي، تحقيق فوزي عطوي، بيروت 1969. - ديوان حسان بن ثابت الأنصاري (بشرح البرقوقي) مطبعة السعادة بمصر. - ديوان الحماسة، أبو تمام، طبعة محمَّد عبد المنعم خفاجي، القاهرة 1955.

- ديوان حميد بن ثور الهلالي، دار الكتب المصرية 1951. - ديوان ذي الرمة، حققه عبد القدوس أبو صالح، دمشق 972 - 1974. - ديوان رؤية بن العجاج، ليبسغ 1903. - ديوان زهير بن أبي سلمى (بشرح ثعلب)، مصر 1944. - ديوان سقط الزند، أبو العلاء المعري، شرح ن. رضا، بيروت 1965. - في ديوان الشماخ بن ضرار، تحقيق صلاح الدين الهادي، مصر 1968. - ديوان طرفة بن العبد، بيروت1961. - ديوان الطرماح بن حكيم، تحقيق الدكتور عزة حسن، دمشق 1968. - ديوان عدى بن زيد العبادي، حققه محمَّد جبار المعيبد، بغداد 1965. - ديوان علقمة الفحل (بشرح الأعلم الشنتمري)، حققه لطفي الصقال وغيره، حلب 1969. - ديوان عمر بن أبي ربيعة (بشرح محمد محيى الدين عبد الحميد) مصر، 1960. - ديوان عمرو بن معدي كرب. صنعة هاشم الطعان، بغداد 1970. - ديوان عنترة، تحقيق محمَّد سيد مولوي، المكتب الاسلامى, - ديوان الفرزدق (بشرح الصاوي)، مصر 1936. - ديوان القطامي، تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب، بيروت 1960. -ديوان كعب بن مالك الأنصاري، تحقيق سامي مكي العاني، بغداد 1966. - ديوان لبيد بن ربيعة العامري، تحقيق الدكتور إحسان عباس، الكويت 1962. - ديوان مسكين الدارمي، حققه خليل إبراهيم العطية وعبد الله الجبوري، بغد اد 1970. - ديران النابغة الذبياني، تحقيق الدكتور شكري فيصل، دار الفكر 1968. - ديوان الهذليين، دار الكتب المصرية 1965.

- الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب الحنبلي، صححه محمَّد حامد الفقي، القا هرة 1952. - ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، الزمخشري (ج3) تحقيق الدكتور سليم النعيمي، بغداد 1980. - سر صناعة الإعراب، ابن جني، تحقيق لجنة من الاساتذة، القاهرة 1954. - سنن ابن ماجة، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، القاهرة 1952. - سنن أبي داود، الطبعة الأولى، مصر 1952. - سنن الدارمي، دمشق 1349 هـ. - سنن النسائي (بشرح السيوطي) المطبعة المصرية، بالأزهر. - السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقاو إبراهيم الابياري وعبد الحفيظ شلبي , مصر 1936 م. - شرح ألفية ابن مالك، ابن عقيل، تحقيق محمَّد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الرابعة عشرة، القاهرة 1964 م. - شرح ألفية ابن مالك، الأشموني (بحاشية الصبان)، دار إحياء الكتب المصرية. - شرح ألفية ابن مالك، ابن الناظم، بيروت1312 هـ. - شرح الفية ابن مالك (توضيح مقاصد الألفية)، المرادي، تحقيق عبد الرحمن علي سليمان، القاهرة 1977 م. - شرح التسّهيل، ابن مالك، تحقيق الدكتور عبد الرحمن السيد، القاهرة 1974. - شرح التصريح على التوضيح، ياسين العليمي، دار إحياء الكتب العربية. - شرح جمل الزجاجي، ابن عصفور، تحقيق الدكتور صاحب أبو جناح، الموصل 1980. - شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ، ابن مالك، تحقيق: عدنان عبد الرحمن الدوري، بغد اد 1977. - شرح المفصل، ابن يعيش، ادارة الطباعة المنيرية بمصر. - شرح الوافية نظم الكافية, ابن الحاجب، تحقيق الدكتور موسى بناي العيلى، النجف 1980.

- شعر ابن ميادة، جمع وتحقيق الدكتور حنا جميل حداد، دمشق 1982. - شعر أبي زبيد الطائي، تحقيق الدكتور نوري حمودي القيسي، بغداد 1967. - شعر تأبط شرًا، تحقيق سلمان داود القره غولي وجبار شعبان جاسم، النجف 1973. - شعر الحارث بن خالد المخزومي، الدكتور يحيى الجبوري، بغداد 1972. - شعر عبد الرحمن بن حسان الأنصاري، تحقيق الدكتور سامي مكي العاني، بغداد 1971. - شعر عمرو بن أحمر الباهلي، جمعه وحققه الدكتور حسين عطوان، دمشق. - شعر نصيب بن رباح، الدكتور داود سلوم، بغداد 1968. - شعر النعمان بن بشير الأنصاري، الدكتور يحيى الجبوري، بغداد 1968. - شعر النمر بن تولب، صنعة الدكتور نوري حمودي القيسي، بغداد 1968. - شعر نهشل بن حرى، حاتم الضامن، مجلة كلية أصول الدين، العدد الأول، السنة الأولى 1975. -الشواهد والاستشهاد في النحو، عبد الجبار علوان النايلة. بغداد 1976. - الصاحبي في فقه اللغة ... أحمد بن فارس، تحقيق مصطفى الشويمي، بيروت 1963. - الصحاح، الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. - صحيح البخاري، مطبعة البابي الحلبي 1377 هـ. - صحيح مسلم، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، القاهرة 1955. - الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر، محمود شكري الألوسي، شرحه محمَّد بهجة الأثري، القاهرة 1341 هـ. - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، السخاوي، بيروت. - طبقات الشافعية الكبرى تاج الدين السبكي، القاهرة 1324 هـ.

- العقد الفريد، ابن عبد ربه، الطبعة الثانية، القاهرة 1965. - عمدة القارئ بشرح صحيح البخاري، العيني، ادارة الطباعة المنيرية بمصر. - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، مصر 1959. - قواعد الإعراب عن قواعد إلاعراب، ابن هشام الأنصاري، تحقيق رشيد عبد الرحمن العبيدي، دار الفكر 1970. - الكافية في النحو، ابن الحاجب (ضمن مجموع مهمات المتون)، الطبعة الرابعة، القاهرة 1949. - الكتاب، سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة 1966 وما بعدها. - الكشاف عن غوامض التأويل ... الزمخشري، بيروت. - اللامات، الزجاجي، تحقيق الدكتور مازن المبارك، دمشق 1969. - لسان العرب، ابن منظور، دار صادر، بيروت. - مؤلفات ابن الجوزي، عبد الحميد العلوجي، بغداد 1965. - المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ضياء الدين بن الاثير, تحقيق دكتور أحمد الحوفي ودكتور بدوي طبانه. مصر سنة 1959 - 1962. - مجالس ثعلب، تحقيق عبد السلام هارون، النشرة الثانية، مصر 1956. - المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات ... ابن جني، تحقيق علي النجدي ناصف وآخرين، القاهرة 1386 هـ وما بعدها. - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ابن عطية، تحقيق أحمد صادق الملاح، القاهرة 1974. - المحصول في علم أصول الفقه، فخر الدين الرازي، تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني، الرياض 1979. - المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده، تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن وآخرين، القاهرة 1958. - مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع، ابن خالويه، نشره برجستراسر، مصر 1934.

- مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو، الدكتور مهدي المخزومي، الطبعة الثانية، القاهرة 1958. - المرتجل، ابن الخشاب، حققه علي حيدر، دمشق 1972. - المسند، أحمد بن حنبل، بيروت. - مشكل اعراب القرآن، مكي بن أبي طالب. تحقيق حاتم صالح الضامن، بغداد 1975. - معاني القرآن، الأخفش، تحقيق عبد الأمير محمَّد آمين الورد (رسالة دكتوراه مطوعة بالألة الكاتبة) بغداد 1978. - معاني القرآن، الفراء، تحقيق أحمد يوسف نجاتي وغيره، دار الكتب المصرية 1955 وما بعدها. - المعاني الكبير، ابن قتيبة الدينوري، الهند 1949. - معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، دمشق 1957. - مغني اللبيب ... ابن هشام الأنصاري، تحقيق الدكتور مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، دمشق 1964. - المفصل، الزمخشري، كريستيانيا 1840 م. - المفاسد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، السخاوي، تحقيق عبد الله محمَّد الصديق وعبد الوهاب عبد اللطيف، مصر 1956. - المفاسد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية، العيني (في هامش خزانة الأدب، للبغدادي) بولاق 1299 هـ. - مقامات الحريري، بيروت 1965. - المقتضب، المبرد، تحقيق محمَّد عبد الخالق عضيمة، القاهرة 1385 - 1388 هـ. - المقرب، ابن عصفور، تحقيق أحمد عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري، بغداد 1971 - 1972. - الموطأ، مالك بن أنس، حققه محمَّد فؤاد عبد الباقي. دار إحياء الكتب العربية 1951. - نظرات في اللغة والنحو، طه الراوي، بيروت 1962.

- نظم العقيان في أعيان الأعيان، السيوطي، حرره دكتور فيليب حتى، نيويورك 1927. - نفح الطيب ... المقري، تحقيق الدكتور إحسان عباس، بيروت 1968. - النهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدين بن الأثير، القاهرة 1306 هـ. - النوادر في اللغة، أبو زيد الأنصاري، الطبعة الثالثة، بيروت 1967. - همع الهوامع شرح جمع الجوامع، السيوطي، مطبعة السعادة بمصر 1327 هـ. - وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري، تحقيق عبد السلام هارون، الطبعة الثانية، القاهرة1382هـ.

§1/1