شروط النصارى لابن زبر الربعي

الرَّبَعي، أبو محمد

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أخبرنا الشيخان: الأجل الفقيه الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني, وأبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الإسفراييني, قالا: أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله الهلالي القطان, قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي, قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن زبر, قال: 1- أنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي, قال: حدثني أبي, ثنا سعيد بن عبد الجبار, عن سعيد بن سنان, قال: ثنا أبو الزاهرية, عن كثير بن مرة الحضرمي, قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تبنى بيعةٌ في الإسلام, ولا يجدد ما خرب منها)) .

2- أنا عبد الدائم, أنا عبد الوهاب, أنا عبد الله, ثنا محمد بن غالب بن حرب, ومحمد بن يونس بن موسى, قالا: ثنا بكر بن محمد القرشي -[20]- بالبصرة, قال: سمعت سعيد بن عبد الجبار الزبيدي, يحدث عن سعيد بن سنان, عن أبي الزاهرية, عن كثير بن مرة الحضرمي, قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبنى كنيسةٌ في الإسلام, ولا يجدد ما خرب منها)) .

3- أنا عبد الدائم, أنا عبد الوهاب, أنا عبد الله, ثنا علي بن داود بن يزيد التميمي, ثنا عمرو بن خالد, ثنا عبد الله بن لهيعة, عن يزيد بن أبي حبيب, عن أبي الخير قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((لا كنيسة في الإسلام)) .

4- أنا عبد الدائم, أنا عبد الوهاب, أنا عبد الله, ثنا إبراهيم بن الهيثم البلداني, ثنا عبد الله بن صالح, حدثني الليث بن سعد, حدثني توبة بن نمر الحضرمي قاضي مصر, عن رجل أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا كنيسة في الإسلام)) .

قال الليث: وحدثني يزيد بن أبي حبيب, عن أبي الخير, عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثل ذلك. 5- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا الحسن بن [عليل العنزي] , ثنا أبو الربيع الزهراني, ثنا إسماعيل بن زكريا, عن مجالد بن سعيد, عن الشعبي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((لا كنيسة في الإسلام)) .

6- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, [ثنا] علي بن داود, ثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم, أبنا يحيى بن أيوب, عن عبيد الله بن زحر, عن علي بن يزيد, عن القاسم أبي عبد الرحمن, عن أبي أمامة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((إياكم وأخلاق الأعاجم, ومجاورة الخنازير, وأن يرفع بين أظهركم الصليب)) .

7- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا أحمد بن عبيد بن إسحاق, وأبو إسماعيل الترمذي, قالا: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين, ثنا شبل بن عباد, عن قيس بن سعد, عن طاوس, أنه سمعه يقول: ((لا ينبغي لبيت رحمة أن يكون عنده بيت عذاب)) .

8- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, [نا] أحمد بن يوسف التغلبي, ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام, ثنا أبو نعيم بهذا الحديث. قال أبو عبيد: يعني الكنائس والبيع وبيوت النيران, يقول: لا ينبغي أن يكون مع المساجد في أمصار المسلمين.

9- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا محمد بن إسحاق بن راهويه الحنظلي, ثنا أبي, ثنا بقية بن الوليد, عن عبد الحميد بن بهرام, -[22]- عن شهر بن حوشب, عن عبد الرحمن بن غنم: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب على النصارى حين صولحوا: ((بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين, من نصارى أرض الشام: إنا سألناك الأمان لأنفسنا وأهلينا وأولادنا وأموالنا وأهل ملتنا, على أن نؤدي الجزية عن يد ونحن صاغرون, وعلى أن لا نمنع أحداً من المسلمين أن ينزلوا كنائسنا في الليل والنهار, ونضيفهم فيها ثلاثاً ونطعمهم فيها الطعام, ونوسع لهم أبوابها, ولا يضرب فيها بالنواقيس إلا ضرباً خفيفاً, ولا نرفع فيها أصواتنا بالقراءة, ولا نؤوي فيها -ولا في شيء من منازلنا- جاسوساً لعدوكم, ولا نحدث كنيسةً ولا ديراً ولا صومعة ولا قلاية, ولا نجدد ما خرب منها, ولا نقصد الاجتماع فيما كان منها في خطط المسلمين وبين ظهرانيهم, ولا نظهر شركاً ولا ندعو إليه, ولا نظهر صليباً على كنائسنا ولا في شيء من طرق المسلمين وأسواقهم, ولا نتعلم القرآن ولا نعلمه أولادنا, ولا نمنع أحداً من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوا ذلك. وأن نجز مقاديم رؤوسنا ونشد الزنانير في أوساطنا ونلزم ديننا. ولا نتشبه بالمسلمين في لباسهم ولا في هيئتهم ولا في سروجهم, ولا في نقش خواتيمهم فننقشها عربياً, ولا نكتني بكناهم. وأن نعظمهم -[23]- ونوقرهم ونقوم لهم في مجالسنا, ونرشدهم في سبلهم وطرقاتهم, ولا نطلع في منازلهم, ولا نتخذ سلاحاً ولا سيفاً, ولا نحمله في حضر ولا سفر في أرض المسلمين, ولا نبيع خمراً ولا نظهرها, ولا نظهر ناراً مع موتانا في طرق المسلمين, ولا نرفع أصواتنا مع جنائزهم ولا نجاور المسلمين بهم, ولا نضرب أحداً من المسلمين, ولا نتخذ من الرقيق شيئاً جرت عليه سهامهم. شرطنا ذلك كله على أنفسنا وأهل ملتنا, فإن خالفناه فلا ذمة لنا ولا عهد, وقد حل لكم منا ما يحل لكم من أهل الشقاق والمعاندة)) .

10- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا محمد بن هشام ابن البختري أبو جعفر المستملي, ثنا الربيع بن ثعلب الغنوي, ثنا يحيى بن عقبة [بن] أبي العيزار, عن سفيان الثوري والوليد بن نوح والسري بن مصرف, يذكرون عن طلحة بن مصرف, عن مسروق, عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى أهل الشام: ((بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر, أمير المؤمنين, من نصارى مدينة كذا وكذا: -[24]- إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا, وشرطنا لكم على أنفسنا: أن لا نحدث في مدائننا ولا فيما حولها ديراً, ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب, ولا نجدد ما خرب منها, ولا نحيي ما كان منها في خطط المسلمين, وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحدٌ من المسلمين في ليل ولا نهار, وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل, وأن ننزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم, ولا نؤوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوساً, ولا نعلم أولادنا القرآن, ولا نظهر شركاً ولا ندعو إليه أحداً, وأن لا نمنع أحداً من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه. وأن نوقر المسلمين, وأن نقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس, ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر, ولا نتكلم بكلامهم, ولا نكتني بكناهم, ولا نركب السروج, ولا نتقلد السيوف, ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله معنا, ولا ننقش خواتيمنا بالعربية, ولا نبيع الخمور. وأن نجز مقاديم رؤوسنا, وأن نلزم زينا حيثما كنا, وأن نشد الزنانير على أوساطنا, وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا, وأن لا نظهر صليباً أو كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم, وأن لا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضرباً خفياً, وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين, وأن لا نخرج شعانين ولا باعوثاً. -[25]- وأن لا نرفع أصواتنا مع موتانا, ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين وأسواقهم, ولا نجاورهم بموتانا, ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين. وأن نرشد المسلمين, ولا نطلع في منازلهم -فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه: ((ولا نضرب أحداً من المسلمين)) -. شرطنا لكم ذاك على أنفسنا وأهل ملتنا, وقبلنا عليه الأمان, فإن نحن خالفنا عن شيء مما شرطناه لكم وضمناه على أنفسنا فلا ذمة لنا, وقد حل لكم منا ما يحل لكم من أهل المعاندة والشقاق)) .

11- قال عبد الله: ووجدت هذا الحديث بالشام: رواه عبد الوهاب بن نجدة الحوطي, عن محمد بن حمير, عن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية, عن السري بن مصرف وسفيان الثوري والوليد بن نوح, عن طلحة بن مصرف, عن مسروق بن الأجدع, عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالحه نصارى أهل الشام.. .. فذكر مثله سواء بطوله. فعجبت من اتفاق ابن أبي غنية ويحيى بن عقبة على روايته عن هؤلاء الثلاثة بأعيانهم, حتى كأن أحدهم أخذ عن الآخر, فالله أعلم.

12- ورأيت هذا الحديث في كتاب رجل من أصحابنا بدمشق, ذكر أنه سمعه من محمد بن ميمون [بن] (¬1) معاوية الصوفي بطبرية بإسناد ليس بمشهور, ينتهي إلى إسماعيل بن مجالد بن سعيد قال: حدثني سفيان الثوري, عن طلحة بن مصرف, عن مسروق, عن عبد الرحمن بن غنم, فذكره بطوله. وقال فيه عند ذكر الكنائس: ((ولا يأتي منها ما كان في خطط المسلمين.. ..)) . وزاد فيه: ((ولا يتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة, ولا عمامة, ولا سراويل ذات خدمة, ولا نعلين ذات عدنة, ولا نمشي إلا بزنار من جلد, ولا يوجد في بيت أحدنا سلاح إلا انتهب)) . وما رأيت هذه الزيادة فيما وقع إلينا من عهود عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ووجدتها مروية عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه, وهي تأتي في هذا الجزء, وبالله التوفيق. ¬

_ (¬1) [[من تاريخ دمشق لابن عساكر، وليست في المطبوع]]

13- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم, ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش, حدثني أبي, أن هذا كتاب من عياض بن غنم لذمة حمص: ((أنا حين قدمت بلادنا طلبنا إليك الأمان لأنفسنا وأهل ملتنا, فأمنتنا على أن شرطنا لك على أنفسنا: أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها كنيسة, ولا ديراً ولا قلاية ولا صومعة راهب, ولا نجدد ما خرب من -[27]- كنائسنا، ولا نحيي ما كان منها في خطط المسلمين، ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوساً، ولا نكتم أمراً من غش المسلمين، وأن لا نضرب بنواقيسنا إلا ضرباً خفياً في جوف كنائسنا، فيما كان في حضرة المسلمين. ولا نخرج صليباً ولا كتبنا في طريق المسلمين، ولا نخرج باعوثاً ولا شعانين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في الأسواق، أسواق المسلمين، ولا نجاورهم بالخنازير، ولا نبيع الخمور، ولا نظهر شركاً في نادي المسلمين، ولا نرغب أحداً منهم في ديننا، ولا ندعو إليه أحداً، وعلى أن لا نتخذ شيئاً من الرقيق خرجت عليه سهام المسلمين -أو قال: جرت- ولا نمنع أحداً من أنسابنا أراد الدخول في الإسلام. وأن نلزم زينا حيثما كنا، ولا نتشبه بالمسلمين في لباس قلنسوة، ولا عمامة، ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، وأن نجز مقادم رؤوسنا، ونلف نواصينا، ونشد الزنانير على أوساطنا، ولا ننقش على خواتيمنا بالعربية، ولا نركب السروج، ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله ولا نتقلد السيوف. وأن نوقر المسلمين في مجالسهم، ونرشدهم السبل، ونقوم لهم من المجالس إذا أرادوا الجلوس، ولا نطلع عليهم في منازلهم، ولا نعلم أولادنا القرآن، ولا يشارك أحد منا مسلماً في تجارة، إلا أن يكون أمر التجارة إلى المسلم، وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل ثلاثة أيام؛ نطعمه فيها من أوسط ما نجد. ضمنا لك ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا، وأعطيتنا الأمان بذلك على أنفسنا وذرارينا وأزواجنا ومساكننا، فإن نحن غيرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا، وقد قبل بالأمان عليه؛ فلا ذمة لنا، -[28]- وقد حل لكم منا ما حل من أهل المعاندة والشقاق)) . وزادهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب عمر في الكتاب: ((أن لا تشتروا من سبينا شيئاً، ومن ضرب مسلماً عمداً فقد خلع عهده)) . قلت أنا: هكذا روى محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه هذا الحديث.

14- ورأيته من حديث أبي المغيرة عبد القدوس بن حجاج، عن إسماعيل بن عياش، أن غير واحد أخبرهم: أن أهل الجزيرة كتبوا لعبد الرحمن بن غنم: ((إنك لما قدمت بلادنا طلبنا إليك الأمان.. ..)) . كتبته بطوله، وهو عندي خطأ، والصواب ما رواه محمد بن إسماعيل؛ من جهات: منها: أن سليمان بن عبد الحميد البهراني حدث به عن محمد بن إسماعيل. وقال سليمان: وهكذا قرأته في أصل كتاب إسماعيل بن عياش بخطه. ومنها: قوله أن أهل الجزيرة كتبوا هذا الكتاب لعبد الرحمن بن غنم، وهذا غلط؛ لأن الذي افتتح الجزيرة وصالح أهلها هو عياض بن غنم، ما علمت في ذلك اختلافاً.

15- أنا عبد الدائم، ثنا عبد الوهاب، ثنا عبد الله، ثنا العباس بن محمد، ثنا كثير بن هشام، ثنا جعفر بن برقان، عن المعمر بن صالح، عن العلاء بن أبي عائشة، قال: كتب إلي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أن سل أهل الرها: هل عندهم صلح؟ -[29]- فسألتهم، فأتاني أسقفهم بدرج أو حق فيه كتاب من عياض بن غنم، ومن معه من المسلمين لأهل الرها: ((إني أمنتهم على دمائهم وأموالهم وذراريهم ونسائهم ومدينتهم وطواحينهم, إذا أدوا الحق الذي عليهم, شهد الله وملائكته)) . فأجازه لهم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.

16- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا أحمد بن يوسف التغلبي, ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام, ثنا كثير بن هشام, فذكر مثل هذا الحديث. وقال أبو عبيد: وفي غير حديث كثير بن هشام: أن عياضاً لما صالح أهل الرها دخل سائر أهل الجزيرة فيما دخل فيه أهل الرها من الصلح.

17- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا أحمد بن حماد بن عبد السلام الواسطي, ثنا أبي, ثنا غياث بن إبراهيم, ثنا ثور بن يزيد, عن راشد بن سعد, أن عياض بن غنم افتتح الجزيرة وصالح أهل الرها, وكانت مدينة حصينة, وكتب لهم عياض كتاباً, فهو عندهم إلى اليوم, وصالح أهل مدينة حران وافتتحوا أبوابها, ومدينة الرقة بعثوا يطلبون الصلح فصالحهم وافتتح عياض الجزيرة كلها. 18- قال: وثنا غياث عن سعيد بن سنان بنحو ذلك.

19- وقال: وثنا غياث, عن خصيف, عن زيد بن رفيع, أن عياض بن غنم صالح أهل الرها وأهل نصيبين.

20- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, وحدثني أحمد بن عبد الله بن سليمان, عن أبي الحسن المدائني, عن عوانة بن الحكم: أن الجزيرة افتتحها عياض بن غنم صلحاً. وقد علمنا أن ذكر عبد الرحمن في هذا الموضع غلط. ومنها: أن أبا عبيدة بن الجراح هو افتتح حمص لا شك في ذلك, فكان أول من وليها عياض بن غنم؛ ولاه إياها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما فتحت, فوصل إليها في رجب سنة ستة عشر, فأقام أميراً عليها ثلاث سنين ونصفاً.

21- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا عبد الكريم بن الهيثم, حدثني محمد بن صالح, ثنا إسماعيل بن عياض, ثنا صفوان بن عمرو, عن سليمان بن عامر قال: خطب معاوية على منبر حمص, وهو أمير عليها وعلى الشام كلها, فقال: والله ما علمت يا أهل حمص أن الله تبارك وتعالى ليسعدكم بالأمراء الصالحين؛ أول من ولي عليكم عياض بن غنم فكان خيراً مني, ثم ولي عليكم سعيد بن عامر بن حذيم وكان خيراً مني, ثم ولي عليكم عمير بن سعد ولنعم العميري كان, ثم ها أنا قد وليتكم؛ فستعلمون.

22- وذكر أحمد بن علي المصيصي المعروف بالحطيطي, ومسكنه بكفربيا, أن مخزوم بن حميد بن خالد حدثهم, عن أبيه حميد بن خالد, عن خالد بن عبد الرحمن, عن عبد السلام بن سلامة بن قيصر الحضرمي: كذلك كان في العهد الذي عهده عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سلامة بن قيصر, في سنة ست من خلافة عمر: هذا عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أودعه سلامة بن قيصر, على أنهم اشترطوا على أنفسهم بهذا الشرط: طلبنا إليك في الأمان لأنفسنا وأهل ملتنا, على أنا شرطنا على أنفسنا: أن لا نحدث في مدينتا كنيسة, ولا فيما حولها, ولا ديراً ولا قلاية ولا صومعة راهب, ولا نجدد ما خرب من كنائسنا, ولا نحيي -أو كلمة نحوها- ما كان في خطط المسلمين, ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار, وأن نوسع أبوابها للمارة وأبناء السبيل, ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوساً, ولا نكتم أمراً من غش المسلمين, وعلى أن لا نضرب نواقيسنا إلا ضرباً خفياً في جوف كنائسنا, ولا نظهر الصليب عليها, ولا نرفع أصواتنا بالصلاة والقراءة في كنائسنا فيما كان بحضرة المسلمين, ولا نخرج صليباً -إلا خفايا- في طرق المسلمين, ولا نخرج باعوثاً ولا شعانين, ولا نرفع أصواتنا مع أمواتنا, ولا نظهر النيران في أسواق المسلمين, ولا نجاورهم بخنازير, ولا نبيع الخمر في أسواق المسلمين, ولا في طرقهم, ولا نظهر شركاً في نادي المسلمين, ولا نرغب مسلماً في ديننا, ولا ندعو إليه أحداً, وعلى أن لا نتخذ شيئاً من الرقيق جرت عليه سهام المسلمين, ولا نمنع أحداً من قراباتنا أراد الدخول في الإسلام. وأن نلزم زينا حيثما كنا, ولا نتشبه بالمسلمين في لباس قلنسوة -[32]- ولا عمامة ولا نعلين، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نتكنى بكناهم، ونجز مقادم رؤوسنا، ونلف نواصينا، ونشد الزنانير على أوساطنا، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نركب السرج، ولا نتخذ شيئاً من السلاح, ونكشف وجوه أمواتنا, ولا نتقلد السيوف. وأن نوقر المسلمين في مجالسهم، ونرشدهم السبل، ونقوم لهم من المجالس, ولا نطلع عليهم في مجالسهم ولا منازلهم، ولا نعلم أولادنا القرآن، ولا يشارك أحد منا مسلماً في التجارة إلا أن يكون للمسلمين أمر التجارة، وأن نضيف كل عابر سبيل ثلاثة أيام؛ نطعمه مما يحل له من طعامنا, ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا. وأعطينا بذلك الأمان على أنفسنا وذرارينا وأزواجنا ومساكننا، فإن نحن غيرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا وقبلنا الأمان عليه؛ فلا ذمة لنا، وقد حل لك من دمائنا وأموالنا ما قد حل لك من العاندين أهل الخلاف والشقاق, وبذلك شرطنا على أنفسنا)) .

23- أخبرنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, أنا محمد بن عبد الرحمن بن يونس, ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي, ثنا [يسرة] بن صفوان, عن الحكم بن عمر الرعيني قال: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى أمصار الشام: لا يمشين نصراني إلا مفروق الناصية, ولا يلبس قباء, ولا يمشين إلا بزنار من جلد, ولا يلبسن طيلسان, ولا يلبس سراويلاً ذات خدمة, -[33]- ولا يلبس نعلاً ذات عدنة, ولا يركبن على سرج, ولا يوجد في بيته سلاح إلا انتهب.

24- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا العباس بن محمد, ثنا شبابة بن سوار, حدثنا إسرائيل بن يونس, عن سماك بن حرب, عن عياض الأشعري: عن أبي موسى الأشعري, أنه قدم على عمر ومعه كاتبٌ له, فسأله عمر عما صنع في عمله, فقال: أنفقت كذا وكذا, فقال: إني لست أدري ما تقول, ولكن انطلق فاكتب فيما أنفقت. فانطلق فكتب: أنفقت في كذا وكذا, وفي كذا وكذا.. .. ثم جاء به إلى عمر, فلما رآه أعجبه. فقال: من كتب لك هذا؟ قال: كاتب لي. قال: فادعه حتى يقرأ لنا كتباً جاءتنا من الشام. فقال: يا أمير المؤمنين إنه لا يدخل المسجد. فقال: لم؟ أجنبٌ هو؟ قال: لا, ولكنه نصراني. فضرب على فخذي ضربةً كاد يكسرها, ثم قال: أما سمعت إلى الله تبارك وتعالى يقول: {يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصرى أولياء بعضهم أولياء بعض} , أفلا اتخذت كاتباً حنيفاً يكتب لك؟ قال: يا أمير المؤمنين ما لي وله؟ له دينه ولي كتابته! فقال عمر: لا تأمنهم إذ خونهم الله, ولا تكرمهم إذ أهانهم الله, ولا تدنهم إذ أقصاهم الله.

25- أبنا [.. ..] (¬1) ومن لا أحصي ممن حضر أمر أمير المؤمنين المتوكل على الله في النصارى, قالوا: كان أول يوم أمر فيه بما أمر به فيهم يوم السبت, لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الأول, سنة خمس وثلاثين ومائتين, أنه أمر أن يغير النصارى وجميع أهل الذمة لباسهم فيلبسون الطيالسة العسلية, وأن لا يفارق أحداً منهم الزنانير, وأن يكون ركب سروجهم من خشب, وأن يجعل على قربوس السرج ومؤخرته أكرتان, ومن لبس منهم قلنسوة جعل في قلنسوته زراً كبيراً يخالف لونه لون القلنسوة, ومن لبس منهم العمائم كانت عمامته عسلية, أو ما أشبه ذلك بعد أن يكون مصبوغاً. وأمر أن يجعل لعبيدهم رقاعاً في ثيابهم من بين يديه دون صدره قليلاً, ومن خلفه في ظهره, وتكون الرقاع مدورة كقوارة الحربان, وتكون ملونة لوناً يخالف لون الثوب, إن كانت الرقعة عسلية, وإلا فما أشبهها. وأمر أن يعمل على أبوابهم تماثيل شياطين من خشب, تسمر على أبوابهم, تعرف بها منازل الذمة من منازل المسلمين, ولا تخرج امرأة من نسائهم إلا في إزار عسلي. وأمر بأخذ عشور منازلهم, فإن كان ما يؤخذ من منزل أحدهم واسعاً بني مسجد, وإن كان ضيقاً جعل فضاء. وأمر أن لا يستعان بهم في شيء من أعمال السلطان التي يجري أمرهم فيها على المسلمين, ولا في ديوان من الدواوين. وأمر أن لا يطلق لهم أن يظهروا في -[35]- شيء من أعيادهم صليباً (ولا يستعملون) . وأمر أن يؤخذوا بتسوية قبورهم مع الأرض حتى لا تشبه قبور المسلمين, وهدمت كل بيعة لهم محدثة. وكتب إلى العمال في آفاق الأرض يؤمرون فيهم بمثل ذلك. وهذه نسخة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإن الله بعزته التي لا تحاول, وقدرته على ما يريد, اصطفى الإسلام فرضيه لنفسه, وأكرم به ملائكته, وبعث به رسله, وأيده بأوليائه, وحاطه بالنصر, وكنفه بالبر, وحرسه من العاهات, وأظهره على الأديان, وجعله مبرأً من الشبهات, معصوماً من الآفات, محبواً بمناقب الخيرات, مخصوصاً من الشرائع بأطهرها وأفضلها, ومن الفرائض بأزكاها وأشرفها, ومن الأحكام بأعدلها وأصوبها, ومن الأعمال بأحسنها وأقصدها, وأكرم أهله بما أحل لهم من حلاله وحرم عليهم من حرامه, وبين لهم من شرائعه وأعلامه, وحد لهم من حدوده ومنهاجه, وأعد لهم من سعة جزائه وثوابه, فقال في كتابه فيما أمر به ونهى, وفيما حضر عليه ووعظ عباده به: {إن الله يأمر بالعدل والإحسن.. ..} الآية. وقال جل ثناؤه فيما حرم على أهل هذا الدين, مما غمط فيه الأديان من ذي المطعم والمشرب والمنكح؛ ليستن به أهل الإسلام وليفضلهم على -[36]- من خالف دينهم تفضيلاً: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة} إلى قوله: {ذلكم فسقٌ} . ثم ختم ما حرم عليهم من ذلك في هذه الآية بحراسة دينه, وبإتمام نعمته على أهله الذين اصطفاهم به, فقال: {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} . وقال: {حرمت عليكم أمهتكم وبناتكم} إلى آخر الآية. وقال: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجسٌ} إلى آخر الآية. فحرم سبحانه على المسلمين مما أكل أهل الأديان أرجسها وأنجسها: {وما أهل لغير الله به} منها, ومن أشربتهم أدعاها إلى العداوة والبغضاء وأصدها عن ذكر الله وعن الصلاة, وعن مناكحة أعظمها عنده وزراً, وأولاها عند ذي الحجا والألباب تحريماً. ثم حباهم لمحاسن الأخلاق وفضائل الكرامات, فجعلهم أهل الإيمان والأمانة والفضل والتراحم واليقين والصدق, ولم يجعل في دينهم التقاطع ولا التدابر ولا الحمية, ولا التكبر ولا الخيانة ولا الغدر ولا التباغي ولا التظالم, بل أكرم بالأولى ونهى عن الآخرة, ووعد وتوعد عليهما جنته وناره وثوابه وعقابه؛ فالمسلمون -بما اختصهم الله من كرامته, وجعل لهم من الفضيلة بدينهم الذي اختارهم له- بائنون عن أهل -[37]- الأديان بشرائعهم الزاكية وأحكامهم المرضية وفرائضهم الظاهرة وبرهانهم المبين, وبتطهير الله دينهم لهم بما أحل وحرم فيه لهم وعليهم -قضى أمر الله في إعزاز دينه حتماً ومشيئةً منه في إظهار حقه ماضية, وإرادة له في إتمام نعمته على أهله نافذة؛ ليهلك من هلك عن بينة, ويحيى من حي عن بينة, وليجعل الله الفوز والعاقبة للمتقين والخزي في الدنيا والآخرة على الكافرين. وقد رأى أمير المؤمنين, وبالله توفيقه وإرشاده, أن يجعل أهل الذمة جميعاً بحضرته, وفي نواحي أعماله أقربها وأبعدها, وأخصهم وأخسهم على تغيير طيالستهم التي يلبسها من لبسها من تجارهم وكتابهم وكبيرهم وصغيرهم, ملونة كألوان الثياب العسلية, لا يتجاوز ذلك متجاوزٌ منهم إلى غيره, ومن قصر عن هذه الطبقة من أتباعهم وأراذلهم, ومن تبعد به حاله عن لبس الطيالسة, أخذ بتركيب خرقتين صبغهما ذلك الصبغ. يكون استدارة كل واحدة منهما شبراً تاماً في مثله, على موضع أمام ثوبه الذي يلبسه تلقاء صدره, ومن وراء ظهره, وأن يؤخذ الجميع منهم في قلانسهم تركيب أزرة عليها, تخالف ألوانها ألوان القلانس, وترفع في أماكنها التي تقع بها منها لئلا يلصق بها فتستتر, ولا يكون ما يركب منها على اختيال فيخفى, وكذلك في سروجهم اتخاذ ركب خشب لها, ونصب أكر على قرابيسها تكون ناتئة عنها وموفية عليها, لا يرخص لهم في إزالتها عن أعلى قرابيسهم -[38]- ومواخير سروجهم إلى جوانبها, بل يتفقد ذلك منهم؛ ليقع ما وقع أمر الذي أمر أمير المؤمنين بحملهم عليه ظاهراً, يثبته الناظر من غير تأمل, وتأخذه الأعين عن غير طلب. وأن يؤخذ من إمائهم وعبيدهم من يلبس المناطق من تلك الطبقة بشد الزنانير مكان المناطق التي كانت في أوساطهم. وأن توعز إلى عمالك فيما أمر به أمير المؤمنين من ذلك, إيعازاً تحدوهم به على استقصاء ما تقدم فيه إليهم, وتحذرهم به ادهاناً أو ميلاً, وتتقدم إليهم في إنزال العقوبة بمن خالف ذلك من جميع أهل الذمة إلى غيره؛ ليقتصر الجميع منهم على طبقاتهم وأصنافهم, وسلوك السبيل إلى أمير المؤمنين يحملهم عليها, فأخذهم بها إن شاء الله تعالى, فاعلم ذلك من رأي أمير المؤمنين وأمره, وأنفذه إلى عمالك في نواحي عملك ما ورد عليك من كتاب أمير المؤمنين فيه, وقدم العناية بما يكون منهم في ذلك, واكتب إلى أمير المؤمنين ما تعمل به ليعرفه إن شاء الله تعالى. وأمير المؤمنين يسأل ربه ووليه أن يصلي على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وملائكته, وأن يحفظه فيما استخلفه عليه من أمر دينه, ويتولى ما ولاه مما لا يبلغ حقه فيه إلا بعونه, حفظاً يحمل به عنه ما حمل, وولايةً يقضي بها عنه حقه, ويوجب له بها أكمل ثوابه وأفضل مزيده؛ إنه كريمٌ رحيم. وكتب إبراهيم بن العباس في شوال سنة خمس وثلاثين ومائتين. -[39]- وهذه نسخة التوقيع إلى ولاة العهود في ترك الاستعانة بالنصارى. بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإن الله اصطفى الإسلام وأظهره, وجعله ديناً قيماً عزيزاً منيعاً, لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وارتضى للقيام بشرائعه وإحياء معالمه وسننه خلفاءه في أرضه وأمناءه على عباده, فاختارهم من خير أمة أخرجت للناس, وأعلى دعوتهم ومكن لهم في أرضه, وأظهر دينهم على كل دين ولو كره المشركون, ولم يجعل بهم ولا بأحد ممن قلده بسلسلة خلقه حاجةً ولا ضرورة إلى أحد من أهل الملل المخالفة للإسلام في شيء من أمور دينهم ودنياهم, بل حصل الحق والحزم في إقصائهم عن الأعمال وإبعادهم عن الاستيطان؛ إذ كان مقصد السلطان في الاختيار لأعماله أهل النصح والأمانة, وكانت الحالتان جميعاً معدومتين عند أهل الذمة. فأما الأمانة: فليس أحدٌ منهم بمأمون على أموال الفيء وأمور المسلمين؛ لأنهم عداة الدين ونعاته. وأما النصيحة: فغير موجودة عند من كان مقامه بين ظهراني المسلمين على كل حال كره وقهر وذلة وصغار. وقد نهى الله عز وجل في محكم كتابه عن موالاتهم, فقال: {يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالاً} الآية. وقال: {يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصرى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم} . وقال وقوله الحق: {يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكفرين أولياء من -[40]- دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطناً مبيناً} . مع آي كثير, وأخبار مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صالحي السلف, فيما نهي عنه من الاستعانة في شيء من أعمال المسلمين. وأمير المؤمنين أولى من ائتم بها, وبالله توفيقه, وعليه توكله, وهو حسبه ونعم الوكيل. وقد رأى أمير المؤمنين -إذ كان في الاستعانة بأهل الذمة في أعمال المسلمين وأمورهم ضررٌ على أموال الفيء, فيما يعيثون فيه منها, وتطلق أيديهم فيما هم مستحلون خيانته واحتجابه من حقوقها وتقليدهم من جنايتها ما اختانوه منهم أوجب, مما عليهم من الجزية التي أمر الله بأخذها منهم عن يد وهم صاغرون, وعلى المسلمين فيما تبسط به ألسنتهم وأيديهم من امتهانهم واستذلالهم وتخوينهم, وما أوجب الله على أمير المؤمنين من تعظيم الدين وحياطته وصيانته, وإحياء كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعزاز الإسلام والملة -أن لا يستعان بأحد من أهل الذمة في شيء من أمور المسلمين, وأموالهم, وتدبير خراجهم, وجبايته منهم في دواوين العامة والخاصة بالحضرة والنواحي, وفي سائر أعمال الخراج والضياع؛ من الخزن, والجهبذة, والمعادن, والبريد, وسائر الأعمال الحاضرة والقاصية, خلا من كان متقلداً العمل من خاص أعمال أمير المؤمنين ونفقاته, ولا يد له ولا سلطان على أحد من المسلمين؛ فإن إقراره في ذلك العمل ريثما يؤخذ بما جرى على يده ويختار لمكانه غيره من المسلمين, ثم -[41]- يصرف عنه, وخلا من استعان به مستعينٌ في قهرمته, وخاص نفقات منزله وحشمه, وأن يوعز بذلك إلى ولاة الدواوين, وتخرج به الكتب إلى جميع عمال العامة والخاصة في النواحي ليمتثلوه ويقفوا عنده, ويؤمر أصحاب البرد والأخبار بتفقد ما يكون من الكتاب والعمال وعمالهم وأهل الذمة في ذلك, والكتاب إلى أمير المؤمنين وصدقه عنه, فمن خالف أمره أنزل به ما يتعظ به من سواه, وأن يحذروا جميعاً التورية عن أحد من أهل الذمة بتقليده عملاً ونسبه إلى غيره, فينال من يفعل ذلك مما أحل بنفسه من نكير أمير المؤمنين وغيره ما لا صلاح له بعده, ولا قبل له به إن شاء الله. وكتب نجاح بن سلمة يوم الأحد لثلاث عشرة خلت من شوال سنة خمس وثلاثين ومائتين. تم كتاب الشروط, ولله الحمد والمنة, وصلواته على سيد المرسلين محمد خاتم النبيين. ¬

_ (¬1) بياض بمقدار أربع كلمات.

أحاديث ذيلها عبد الوهاب

أحاديث ذيلها عبد الوهاب بسم الله الرحمن الرحيم من أحاديث عبد الوهاب الكلابي 1- أخبرنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب: ثنا أبو هاشم عبد الغافر بن سلامة الحمصي, قدم علينا, ثنا أبو ثوبان مزداد بن جميل, ثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج, ثنا إسماعيل بن عياش, عن أبي بكر: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عمر بن قيس: أن لا تقاتلوا أحداً من حصون الروم حتى تدعوهم إلى الإسلام, فإن أبوا فالجزية, فإن أبوا فانبذ إليهم على سواء. قال أبو بكر: وكانوا قبل عمر لا يدعون.

2- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا أبو هاشم, ثنا أبو ثوبان, ثنا أبو المغيرة, ثنا إسماعيل بن عياش, عن عبد الله بن دينار وغيره: -[43]- أنهم وجدوا كتاب حبيب بن مسلمة عند أهل جرزان. وقدمت أنا, فسألت أهلها فأخبروني بذلك وهو: ((بسم الله الرحمن الرحيم من حبيب بن مسلمة إلى أهل طفليس وتسنيقوس من أرض الأرمن سلام أنتم. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإن رسولكم تفلى قدم علي وعلى الذين آمنوا معي, فذكر عنكم: أنا أمة ابتعثنا الله وأكرمنا لمن لم يكن فيما ترجون, وكذلك فعل الله بنا بعد قلة وذلة وجاهلية جهلاء؛ فالحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم, والسلام على رسول الله كما به هدانا. وذكر عنكم تفلى: أن الله قذف في قلوب عدونا من الرعب وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله. وذكر عنكم تفلى: أنكم أحببتم سلمنا, فما كرهت ولا الذين آمنوا معي ذلك من أمركم. وقدم علي تفلى بعذركم وهديتكم فقومتها, والذين آمنوا معي, عرضها ونقدها مائة دينار غير زائد عليكم. وكتبت لكم كتاب شرطكم وأمانكم عن ملاء من المسلمين, وبعثت به -[44]- إليكم مع عبد الرحمن بن حسن الأسلمي, وهو ما علمنا من أهل الرأي والعلم بأمر الله وكتابه. فإن أقررتم بما فيه دفعت إليكم, وإن توليتم أذنتم بحرب من الله ورسوله والذين آمنوا على سواء, إن الله لا يحب الخائنين: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لطفليس وتسنيقوس بحلس الأرمن بالأمان على أنفسكم وأموالكم وأهليكم وذراريكم وصوامعكم وبيعكم, على إقرار إصغار الجزية على كل بيت أهل جزية دينار واف إلا ندبه أو قيمته, ليس لكم أن تجمعوا بين متفرق من الأهلات استقلالاً منها, ولا لنا أن نفرق بينهم استكباراً منها. ولنا أمانكم وضلعكم على عدو الله ورسوله والذين آمنوا, وقرى المسلم المحتاج ليلة بالمعروف من حلال طعام أهل الكتاب وحلال شرابهم, وإرشاده الطريق في غير ما يضر بكم فيه ولا في غيره, وإن قطع بأحد من المسلمين في أرضكم فعليهم أداؤه إلى أدنى فئة هي للمؤمنين, إلا أن يحال دونهم. وإن عرض للمؤمنين شغلٌ عنكم وقهركم عدوهم فغير مأخوذين, ولا ناقض ذلك عهدكم بعد أن تفوا إلى المؤمنين والمسلمين. وإن تبتم وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة فإخواننا في الدين, ومن تولى عن الإيمان والإسلام والجزية فعدو الله ورسوله والذين آمنوا, والله المستعان عليه. هذا لكم وهذا عليكم, شهد الله وملائكته وكفى بالله شهيداً)) .

3- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب: ثنا أبو هاشم, ثنا أبو ثوبان, ثنا المغيرة, ثنا إسماعيل, عن الأوزاعي وغيره, أن أبا عبيدة بن الجراح كتب لأهل دير طايليا: هذا الكتاب من أبي عبيدة بن الجراح لدير طايليا إني قد أمنتكم على دمائكم وأموالكم وكنائسكم أن تسكن أو تخرب؛ ما لم تحدثوا أو تؤوا محدثاً, فإن أحدثتم أو آويتم محدثاً مغيلة فبرأت منكم الذمة, وإن عليكم إنزال الضيف ثلاثة أيام, وإن ذمتنا بريئة من مغرة. يشهد خالد بن الوليد, ويزيد بن أبي سفيان, وشرحبيل بن حسنة, وقضاعة بن عامر, وكتب.

4- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب: ثنا أبو هاشم, ثنا أبو ثوبان, ثنا أبو المغيرة, ثنا إسماعيل, عن موسى بن عقبة, عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله: أنه قرأ كتاباً كتبه عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر بن عبيد الله, يخبره فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه التي لقي فيها المشركين انتظر حتى إذا قالت الشمس قام في الناس فقال: ((يا أيها الناس, لا تتمنوا لقاء العدو؛ فإنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا بهم, واسألوا الله العافية, فإن لقيتموهم فاصبروا, واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)) . -[46]- ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اللهم منزل الكتاب, ومنشئ السحاب, وهازم الأحزاب, اهزمهم وانصرنا عليهم)) .

5- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب: ثنا أبو هاشم, ثنا أبو ثوبان, ثنا أبو المغيرة, ثنا إسماعيل بن عياش, قال: سألت يحيى بن سعيد عن سودان الحبشة: أيصلح بيعهم من النصارى؟ قال: إذا وقع السبي بأيدي المسلمين لم يصلح لهم أن يبيعهم من النصارى واليهود, إلا أن يكونوا نصارى أو يهود.

6- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب: ثنا أبو هاشم, ثنا أبو ثوبان, ثنا المعافى, ومحمد بن عيسى, قالا: ثنا جرير بن عبد الحميد, عن منصور بن المعتمر, عن مجاهد كان يقال: ((السيوف مفاتيح الجنة)) .

7- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب: سمعت أبا بكر محمد بن خريم الصقلي يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: تمنيت أن أرى أبا سليمان الداراني في المنام, فرأيته بعد سنة, فقلت له: يا معلم الخير ما فعل الله بك؟ قال: يا أحمد, دخلت من باب الصغير فلقيت وسق شيح, فأخذت منه عوداً, فما أدري تخللت به أم رميت به, فأنا في حسابه من سنة إلى هذه الغاية. تم الجزء ولله الحمد والمنة وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وعلى آله وأصحابه وأزواجه وكان الفراغ من كتابته في يوم ثامن عشرين ربيع الثاني من سنة تسع وخمسين وثمانمائة اللهم أحسن عاقبتها آمين

§1/1