شرح نظم الورقات

أحمد بن عمر الحازمي

1

عناصر الدرس * أهمية فن أصول الفقه. * شرح البسملة وإعرابها. * تعريف الحمد لغةً واصطلاحاً. * شرح مقدمة الناظم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: سنشرع في هذه الليلة بإذن الله تعالى، ليلة الأحد، الموافق التاسع من شهر شوال من عام خمسٍ وعشرين وأربع مئة وألف، في المتن الرابع من الدورة التي عُنْوِنَ لها بالدورة التأصيلية الأولى، قد سبق أن شرحنا متن الملحة؛ ملحة الإعراب، ثم بمتن نظم المخصوص في الصرف، ثم تجاوزنا وشرحنا المنطق، السُلّم الْمُنَورق، ونجمع بين أصول الفقه والبلاغة، والسر في تقديم هذه الفنون على الأصول ـ كما سبق بيانه مرارًا ـ، أن هذه اللغة عمومًا؛ نحوًا وصرفًا وبيانًا، هذه يكاد يكون إجماعا إن لم يكن إجماعًا بين أهل العلم أنها شرطٌ في المستثنى، ولذلك سبق ذكرنا لكم الكلام اللي الشاطبي رحمه في ((الموفقات)) أن علوم اللغة شرطٌ في الاجتهاد علوم الشريعة، ولذلك بين رحمه الله أن درجة المجتهد أو الفقيه قوةً وضَعفًا باعتبار تمكنه من اللغة العربية، لذلك نص هكذا قال: "من كان مبتدئًا في اللغة فهو مبتدئٌ في الشريعة، ومن كان مُتَوَقِفًا في اللغة كان فهو متوقِفٌ في الشريعة، ومن كان منتهيًا في اللغة مجتهدًا بلغ درجة الاجتهاد فهو مجتهدٌ في الشريعة". إذن بينهما كلام، هكذا علوم الشريعة عامة؛ لا يمكن أن ينفك علمٌ عن آخر، هذه لا بد أن تكون واضحةً في ذهن طالب العلم؛ أن تكون هذه الجزئية واضحة تمام الوضوح في ذهن طالب العلم، لماذا؟ لأن طلبه للعلم يكون على ما يقع في الذهن، إن تصور انفكاك العلوم بعضها عن بعض فماذا سيحصل؟ سيحصل ما هو حاصلٌ الآن، يتخصص في الفقه ولا يدري ما الأصول! وما اللغة! ويتخصص في الأصول ما يدري ما التفسير وما الحديث! إلى آخره ... علوم الشريعة بارك الله فيكم كلها متلازمة مترابطة، لا يمكن أن يبلغ طالب العلم مبلغه في الفقه إلا إذا كان متشبعًا بأصول الفقه، وكذلك لا يمكن أن يكون مجتهدًا في أصول الفقه إلا إذا بلغ درجة كبرى في علم اللغة، وكذلك التفسير والحديث إلى آخره ...

فالعلوم مترابطة ولا يمكن أن ينقسم بعضها عن بعض، لكن قد يسأل البعض يقول أنا أول مرة أحضر الأصول، ولم أحضر الملحة والصرف وما سبق، المراد أن أصل العلم يمكن فهمه دون النحو والصرف والبلاغة، يعني نجعل مثلاً أصول الفقه ونحوه كالفقه والتفسير له أصل أقل ما يمكن أن يسمى بفن الأصول أو فن الفقه، وله كمال، الكمال لا يدرك إلا بآلة الاجتهاد، كمالُ طالب العلم في أصول الفقه لا يمكن أن يكون إلا إذا كملت عنده الآلة، أما أصل أصول الفقه كما ... ما هو أصل أصول الفقه؟ في ماذا يبحث أصول الفقه؟ هذه ما تشتمله الكتب التي يُعَنْوَنُ لها بكتب المبتدئين، يُبَيِّنُ لك مثلاً في الورقة ما هي الأحكام السبعة؟ الواجب ما هو واجب؟ ما هو الندب؟ ما هو المندوب؟ ما هو المحظور؟ إلى آخره، ثم باب الأمر، وباب النهي، باب العام، باب الخاص، أهم المسائل التي تذكر في كل باب هي ما تشتمله الكتب، التي يُعنون لها بالمختصرات، والتي يعتني بها المبتدؤون، إذن ما سبق ليس شرطًا في تحصيل أدنى ما يسمى أصولًا للفقه، وإنما هو شرطٌ للتمكن من أصول الفقه، ولذلك ذكر بعضهم أنه لن يبلغ درجة الاجتهاد في أصول الفقه إلا من بلغ درجة الاجتهاد في اللغة، هل هناك درجة أقل من درجة الاجتهاد في الفنون؟ لا شك هناك درجة للمبتدئين، وهناك درجة وسطى، وهناك درجة للمنتهي، المنتهي لا يصل إلى هذه الدرجة إلا بتمامه في علوم الآلة، وكما سبق أن علوم الآلة هي وسيلةٌ لغيرها، ليست مقصودة لذاتها؛ فأصول الفقه ليس مقصودًا لذاته، وإنما يطلب لغيره، والنحو أيضًا ليس مقصودًا لذاته، ذلك لا يعتني أو لا يتحصل طالب العلم الشرعي في علمٍ من علوم الآلة لماذا؟ لأن هذه العلوم يمكن إدراك ما يحتاجه طالب العلم الشرعي دون التخصص، بمعنى التخصص الآن العصري، بمعنى التخصص العصري، التخصص في العلوم نوعان: تخصص محدث الآن وُجِدَ وهو أن طالب العلم أول ما يبتدأ يتخصص في فنٍ من الفنون، هذا لا يعرف عن أهل العلم سابقًا، لا يعرف عن أهل العلم البتة، وإنما عُرف التخصص بمفهوم العلماء، وهو أن طالب العلم يدرس كل فن، يدرس النحو وتكون عنده درجة وسطى، لا يكتفي بالمختصرات، وإنما يأخذ كتاب مطول ونحوه، ويدرس الصرف، ويدرس البلاغة، ويأخذ شيئًا من المنطق، ويأخذ شيئًا من التفسير، وشيئًا من علم الرجال، وشيئًا من الفقه الحديث، ثم بعد ذلك إذا بلغ سِنًّا مُعَيَّنًا قد يحده بعضهم بالأربعين ونحوه؛ إذا بلغ سِنًّا مُعَيَّنًا تميل نفسه إلى تأليف في نوعٍ من أنواع العلوم، فيتقن التصنيف في هذا الفن أو يُكْثِر تدريسه لنوعٍ من العلوم، فيمعن النظر أكثر في هذا الفن، إمعانه النظر أو كثرة تدريسه لفنٍ من الفنون هذا لا يجعله يتجاهل بقية الفنون؛ وإنما هو على صلةٍ بها، ولذلك خذ مثلاً أي عالم من علماء المعتبرين المحقق الذين لا يكاد يخلو درس من ذكر أسماءهم، شيخ الإسلام ابن تيمية، النووي، ابن الصلاح، السيوطي رحمه الله، أي عالم من هؤلاء لو نظرت في ترجمته لوجدت أنه قد أخذ أول القرآن و ...

حتى بعض المتخصصين ينازع في القرآن يقول ليس شرطًا في الاجتهاد، يحفظ القرآن، ويأخذ بالقراءات السبع، ويدرس النحو، ويؤلف فيه، ويدرس الصرف، وسائر العلوم، مع ذلك تجده أنه قد تخصص في فنٍ من الفنون، بمعنى أنه أكثر التصنيف، وأكثر التدريس، ومالت نفسه وطبيعته، ومال قلبه إلى فنٍ من الفنون. أما التخصص المحدث الآن، الذي جاء مع الصيغة النظامية فهو تخصصٌ محدث، ولا يمكن أن يطلق على من تخصص بهذا المفهوم أنه عالمٌ من العلماء، هذه حقيقة لا بد من منها حقيقة لا خيال، فنقول هذا الذي تخصص بهذا المفهوم بإجماع المتقدمين لا يسمى عالم، وإنما يكون ناقلاً للعلم فحسب، يكون ناقلا للعلم فحسب، ففرقٌ بين أن يكون الإنسان مجتهدًا في الفن، وبين أن يكون ناقلاً للفن، ينقل يتصور المسألة يفهمها عن شيخه أو يفهمه بنفسه ثم يوصلها إلى غيره ينقلها نقلاً فهمًا ومسألةً تصورًا وحكمًا وقد ينقل الاستدلال على ما فهمه من كتب أهل العلم، لكن هل عنده قدرة لأن يستنبط بنفسه الأحكام الشرعية من أدلتها تفصيلية؟ نقول هذا لا يمكن أن يكون إلا إذا أخذ حظا وافرًا من علوم الآلة بأسرها مجتمعةً، ولا يشتت بعضها دون بعض، ولا يأخذ بعضًا ويتجاهل بعض. نعم أصول الفقه فهو كغيره من علوم الآلة قد حصل فيها نوع انحراف، وهو أن اللغة أُدخل فيها ما ليس منها، كثُرت المصنفات فيها اشتغلوا بالحدوث، وأدخلوا المنطق، ما من صفحةٍ من كتب النحو إلا وتجد لفظًا من ألفاظ المناطقة، هذا يمكن أن يتجاهله طالب العلم ويأخذ الخلاصة أو الزبدة من أو الزُبدة من الكتاب نفسه أو الكتب المؤلفة، وهي خالصة من هذه الشوائك وجود هذه الأشياء أو هذه النزاعات أو هذه الاختلاف أو التطويل بلا طائل في كتب النحو أو أصول الفقه لا يجعل طالب العلم يعرض عنها ويقول هذا اشتغالٌ بالفضول ونترك المقاصد لا، المقاصد وحيين، إنما نزلت إلا بلغة العرب، ولغة العرب لا بد من فهمها من جهة دلالة ألفاظها، ألفاظا يعني المفردات وتراكيب، وهذا لا يمكن إلا من جهة النحو والصرف والبلاغة درسنا في أصول الفقه، أصول الفقه كما سيأتي مبادئ العشرة قد اعتدنا أن نقول المبادئ العشرة ابتداءً لكن هو ذكر تعريف أصول الفقه كأصول الفقه لفظا لقبا، نحيلها إلى وقتها. لكن الذي يعنينا هو أن أصول الفقه هذا العلم لا يمكن أن يستغني عنه طالب علم وعمل، بمعنى أنه أصول الفقه إضافته إلى الفقه لا يعني أن الفقه مشتقٌ بهذا الأصول أو أن هذه الأصول مختصةٌ بالفقه دون فائدة ( .. )،

لا بل المفسر يحتاج إلى أصول الفقه الفقيه يحتاج إلى أصول الفقه، كلُ ناظرٍ في الكتاب والسنة بأي وجهٍ من وجوه النظر والبحث فهو محتاجٌ إلى أصول الفقه، لم؟ نقول: لأن أصول الفقه أهم أبوابه هو الألفاظ ودلالة الألفاظ، هذا أهم ما يعتني به الأصوليون الألفاظ ودلالة الألفاظ، باب الأمر، باب النهي، باب العام، باب الخاص، باب المجمل، والمبين، والمطلق، والمقيد، كل هذه داخلة في الألفاظ ودلالة الألفاظ، دلالة الألفاظ على المعنى الذي يبحث عنها المفسر، أو يبحث عنها الفقيه، أو يبحث عنها المحدث، هذه إما أن تؤخذ من جهة المنطوق، وإما أن تؤخذ من جهة المفهوم، فالذي لا يميز المنطوق من المفهوم كيف يصل إلى المعنى؟! لا يمكن. كذلك المفهوم قد يكون مفهوم مخالفة وقد يكون مفهوم موافقة، كذلك دلالة الألفاظ قد تكون عامةً شاملة لجميع الأفراد، وهو ما يسمى بالعام، وقد تكون خاصة، فالذي لا يميز اللفظ العام من اللفظ الخاص كيف يفهم المعنى؟! لا يمكن. كذلك بعض الألفاظ تستعمل إشارة مطلقة عن القيد وصفا وحالا والتمييز، الخ

وتارةً تستعمل مقيدة، فهل يحمل المطلق على المقيد؟ أم يبقى المقيد على ما قيد به؟ هذا مبحثه في أصول الفقه. كذلك بعض الأحكام ذُكِرَتْ في الشريعة، بعض الأحكام تكون منصوصةً عليها بعين ينص الشارع على الحكم بعينه، وتارة قد لا ينص عليها وإنما تكون حادثة أو نازلة أو واقعة، كيف نأخذ حكم النازلة التي لم يُنص عليها في الكتاب والسنة؟ نقول هذه الواقعة أو هذه النازلة ينظر فيها المجتهد من جهة الذي تأهل وعنده أهليةٌ للنظر ينظر، في هذه النازلة وينظر في هذه الواقعة من جهة إدخال هذه الجزئية في ضمن قاعدة من قواعد الشريعة، تكون هناك قاعدة مستنبطة أو منصوصٌ عليها في الكتاب والسنة تحتها جزئيات كثيرة هذه الجزئيات بعضها وقعت نُص عليه وبعضها لم يقع وإنما يستجد مع مرور الأزمان وتوالي الأحداث، وهو ما يسمى بفقه فقه النوادر، فقه النوادر هو هذا تأتي نازلة لم ينص عليها في الكتاب والسنة، ماذا يصنع المجتهد؟ ينظر في هذه النازلة المجتهد ليس مشرعًا يعني عندما تنزل نازلة طفل الأنابيب هذه نازلة ما حكمه في الشريعة؟ أفتى فيه من أفتى من أهل العلم عندما يفتي المفتي وينظر المجتهد في هذه الواقعة والنازلة التي لم تقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة ماذا يصنع؟ إذا قال حرام لا يجوز هل معنى هذا أن المجتهد قد شرع حكمًا من عند نفسه؟ إذا قال حرام أو قال جائز مباح هل نقول هذا المحرك المجتهد الذي ألصق هذا الحكم الشرعي وهو التحريم بهذه الواقعة هل شرَّع من عند نفسه؟ نقول: لا، إذن ماذا صنع؟ ماذا فعل؟ نظر في هذه الجزئية فأدخلها في ضمن قاعدة نص الشرع عليه فحينئذٍ وظيفة المجتهد ليست هي التشريع، وإنما هي استخراج الأحكام الشرعية من أدلة الشرع تفصيلية، استخراج الأحكام هذه وظيفة أصول الفقه، القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. هذه القواعد هي التي عُنون لها بأصول الفقه، فحينئذٍ الناظر كما ذكرنا، الناظر في الوحيين، الناظر في الدلالات، في الألفاظ من حيث دلالتها، نقول إما أن يكون اللفظ عامًا، أو خاصًا، وإما أن تكون الحادثة المنطوق عليها، وإما أن لا تكون منطوقة، فحينئذٍ يحتاج إلى ماذا؟ إلى باب القياس، فيعرف ما هي العلة الْمُجْمَع عليها؟ ما هي العلةُ المستنبطة؟ ما وسائل استنباط العلة؟ هل الحكم يدور مع علته وجودًا وعدما؟ القوادح؟ الخ. كل هذا يبحثه في أصول الفقه، فحينئذٍ الناظم في الوحيين لا بد له من أصول الفقه، شاء أم لا. لماذا؟ لأن الوحيين ألفاظ، ونزل بأعلى درجات لغة العرب، ولغة العرب تارةً تستعمل اللفظ عامًا، وتارةً خاصًا، وتارةً حكم يكون منصوصٌ عليه، وتارةً يكون مستنبطًا. فحينئذٍ نقول الخلاصة: {أن هذا الفن ليس خاصًا بالفقه وإنما يحتاجه المفسر، ويحتاجه كل ناظرٍ، وكل طالب علم، وكل باحث، كل عالم لا يكون له دراية ودربة بمدلول الوحيين إلا إذا تشبع من هذا الفن}. فأصول الفقه هو المنهاج كما قيل: "المنهاج القوي الذي يسلكه الناظر في الوحيين".

الورقات التي حددت لهذا الدرس هي تعتبر للمبتدئين، وأصول الفقه، وكتبه، كما سيأتي في نشأة هذا الفن أنها توالت المؤلفات من صغار الحجم ـ كما ذكر ـ، وبعضها كبار، لكن المبتدئ اختير له هذا المتن وهو ((الورقات)). والأفضل أنه نثر لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني أبي المعالي الجويني هو شافعي رحمه الله، ولكن لكون مادة هذا المتن يكاد يكون متفق عليها في الجملة لذلك توالى عليه شرحًا وتدريسًا وحاشيةً الحنفي، والمالكي، والشافعي، ولا إشكال والحنبلي، لذلك أكثر شراحه من المذاهب الأربعة عمومًا تجد المالكي شرحه، وتجد الحنفي أيضًا علق عليه وحشى، وكذلك الحنبلي، لماذا؟ لكون مادة هذا الكتاب في الجملة هي مما اتفق عليه الأئمة الأربعة، فأصول الحنفي لا تخالف أصول الشافعي في الجملة، وأصول المالكي لا تخالف أصول الشافعي في الجملة، وكذلك الحنابلة، فحينئذٍ نقول اختير هذا الكتاب من أجل أن يتبصر به طالب العلم المبتدئ، وكما تعلمون أن النظم هو الذي اختير. لماذا؟ لأن النظم كما سبق مرارًا أنه أسهل لحفظ، وأرسخ في الحفظ، وأسرع للحفظ من النثر، وإلا النثر قد يكون أسهل من جهة الوقت، لأن مادته يمكن أن يُنتهى منه في وقتٍ يسير، ولكن النظم يحتاج لأنه بلغ إلى مائتين وأحد عشر بيتًا، وهذا يحتاج إلى وقتٍ طويل. نشرع اليوم في ذكر مقدمة الناظم ـ رحمه الله تعالى ـ. مقدمة الكتاب قال الناظم رحمه الله تعالى: أولاً: هذا المشهور أنه نظم الورقات، والمعروف أنه عنوانه، يعني ((تسهيل الطرقات في نظم الورقات)) لذلك شارحه عبد الحميد سندس قال: {لطائف الإشارات على تسهيل الطرقات في نظم الورقات في الأصول الفقهية} إذن نقول: النظم العمريطي، هذا وإن اشتهر بهذا العنوان، اسمه ((تسهيل الطرقات في نظم الورقات)). بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ قال رحمه الله: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ): البسملة هذه من أصل النظم، من أصل النظم. (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ): المقدمة هذه ثمانية أبيات نختصر الشرح فيها أم نفصل؟ نختصر؟ إذا اختصرنا في نصف ساعة المتن ـ إن شاء الله ـ، وإذا فصلنا قد نأخذ غدًا أيضًا. قال رحمه الله تعالى: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ): هذه البسملة نقول بدأ الناظم رحمه الله تعالى مؤلَّفَه بالبسملة لأربعة أمور، يرد السؤال: لم بسمل؟ نقول لأربعة أمور: أولاً: تأسيًا بالكتاب العزيز، بالقرآن، القرآن أول ما تقرأ، أول ما تفتح الكتاب {? (? ((اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (((} [الفاتحة: 1 - 2]. ثانيًا: اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفعلية، لأنه صح كما في ((صحيح البخاري)) وغيره أنه كان إذا كتب إلى ملوك الأرض أو غيرهم كتب: {بسم الله الرحمن الرحيم من محمد ابن عبد الله إلى هرقل}.

هذه سنةٌ فعلية، فقد ذكر بعضهم كالقرطبي رحمه الله أن الشعبي والأعمش رويا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكتب أولاً باسمك اللهم باسمك اللهم حتى أُمِرَ أن يكتب بسم الله فكتبها فلما نزل قوله تعالى: {(((((((((اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110]، كتب بسم الله الرحمن فلما نزل قوله سبحانه: {(((((((مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (((} [النمل:30] كتبها. ولذلك قيل: إن أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم هو سليمان عليه السلام، أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم تامةً هو سليمانُ عليه السلام، إذن الأمر الثاني الذي جعل الناظم أن يكتب البسملة في أول مؤلفه هو إتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الفعلية. ثالثًا: إتباع أو امثالاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو داوود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر». وفي رواية: «فهو أجزم». وفي رواية: «فهو أقطع». وكلها تدل على أنه ناقصٌ قليلُ البركة، ولذلك قالوا: فهو إن تَم حسًّا إلا أنه ناقصٌ من جهة المعنى، يعني في الحسن في الظاهر قد تتم الكتابة لكنه ناقصٌ من جهة النفس فبركته بركة البسملة لم تحصل على هذا الكتاب لعدم بسملة المؤلف في أول الكتاب، هذا أمرٌ ثالث. رابعًا: نقول: تبركًا بالبسملة، تبركا بالبسملة، بسم الله يعني لم؟ لأن الباء للاستعانة أو للمصاحبة مع التبرك، الباء بسم الله الباء هذه للاستعانة أو نقول: للمصاحبة على وجه التبرك، فحينئذٍ إذا قال الكاتب أو الفاعل العامل بسم الله الرحمن الرحيم معناه أستعينُ وأتبرك بتوفيق الله وإعانته على هذا القول أو الفعل، إذن طلبًا للبركة أن يقول الإنسان في سائر أموره المهمة بسم الله الرحمن الرحيم، لهذه الأمور الأربعة نقول أتى الناظم بالبسملة في أول كتابه، وإلا اشتهر عند أهل العلم أنهم لا يتركون البسملة في مصنفاتهم، لذلك ذكر ابن حجر رحمه الله أنه قال: {وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل}. فحينئذٍ يكون إجماعًا عمليًا بين العلماء، لكن هذا في النثر والرسائل المكتوبة لا إشكال فيه بالإجماع أنه يندب أو جائز والمشهور أنه يستحب، لكن في دواوين الشعر هل تكتب البسملة كما تكتب في النثر؟ نقول: هنا إجماعٌ وخلاف؛ إجماعٌ على أن المنظومات وأراجيز التي هي في سائر العلوم الشرعية أنه يندب افتتاحها بالتسمية التي منها هذا الكتاب وغيره، الأراجيز التي في النحو والصرف والبيان والفقه والحديث الخ هذه بالإجماع أنه يندب ويفتتح بالبسملة الشعر المحرم بالإجماع أنه تحرم التسمية فيه كالهجاء ونحوه والشعر المكروه كالغزل ونحوه تكره افتتاح أو يكره افتتاحه بالتسمية. إذن ماذا بقي؟ المباح، المباح هذا فيه اختلاف على قولين بين السلف: المنع، والجواز. بعضهم منع، قد ذكر عن الشعبي أنه قال: {أجمعوا ألا يكتبوا أمام الشعر بسم الله الرحمن الرحيم}. وكذلك الدهلي قال: {مضت السنة ألا يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم في الشعر}.

القول الثاني: الجواز المنسوب لسعيد ابن جبير والخطيب البغدادي وعليه أكثر المتأخرين. إذن البسملة تكون حينئذٍ تجري عليها الأحكام الخمسة تجري عليها الأحكام الخمسة قد تكون محرمةً، وقد تكون مستحبةً، وقد تكون جائزةً، وقد تكون واجبة، متى تكون واجبة؟ في القرآن، في الوضوء على قول لبعض الفقهاء كذلك في عند الذبح لا بد من التسمية تكون واجبة في الوضوء أيضًا على المذهب أنها واجبة تجب التسمية في الوضوء مع الذكر أما مع النسيان. فتسقط إذن قوله: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ). هل جرى على ما هو مختلفٌ فيه أو على ما هو مستحب؟ نقول على الثاني لماذا؟ لأن هذا النظم من قبيل الأراجيز التي ألفت ونظمت في العلوم الشرعية. (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ) أؤلف، الجار مجرور متعلق بفعلٍ محذوفٍ متأخرٍ مناسبٍ للمقام، ثلاثة أمور بسم الله هذا جار ومجرور وكل جار مجرور لا بد له متعلقٍ يتعلق به، لماذا؟ لأنه معمود {لا بد للجار من التعلق بفعلٍ أو معناه نحو مرتقي} بفعلٍ أو معناه يعني: ما هو في قوة الفعل؟ ما هي رائحة الفعل؟ لا بد للجار من التعلق هنا، هنا. (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ) أين متعلقه؟ محذوفٌ وجوبًا، لماذا؟ قالوا: لجريان البسملة مجرى الأنفاس، وكل ما حذف أصالةً وجب أن يحذف ديمومة يعني: يستمر الحذف ولا يجوز الذكر أبدًا في حالٍ من الأحوال، يعبر عن هذا المعنى بجريانه مجرى الأنفاس، كما أن الأمثال لا تُغَيَّر الصيفَ ضيعتِ اللبنَ هذا قيل لامرأةٍ مفرد، لو قال: رجل قلت له: هذا المثل وجاءت مناسبة تقول: الصيفَ ضيعتِ، ولا تجوز أن تغير فتقول: الصيفَ ضيعتَ، أو تقول لشخصين: الصيفَ ضيعتما، نقول: لا. وإنما المثل يُلتزم مع المفرد المذكر والمؤنث والجمع وو الخ. كذلك ما حُذف أصالةً وجب أن يستمر ديمومةً، فحينئذٍ نقول: (بِسْمِ اللهِ) هذا متعلق بمحذوف، واجب الحذف ما هو؟ هذا المحذوف الأصح أنه فعل لا اسما متأخر لا متقدم، يعني: إذا قدرناه أين نقدره؟ هل أقول أؤلف بسم الله؟ أو أقول بسم الله أؤلف؟ الثاني؛ لأنه متأخر. الثالث مناسبٍ للمقام يعني: تأخذ من الحدث الذي أنت تريد أن تقوله الذي هو القول أو تفعله، تأخذ منه فعل مضارع خاص، فيكون هو متعلق الجار والمجرور. هنا نقول: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ) أؤلف فعل متأخر مناسبٍ للمقام، لماذا؟ اخترناه فعلاً لأن الأصل في العمل الأفعال، لماذا؟ هو متأخر يفيد هذا، يفيد الحرف ويفيد الاهتمام، يعني: لا ينبغي أن يتقدم على اسم الله شيءٌ أبدا، بسم الله أؤلف، هنا راعيت جانب لفظ الجلالة ولم تقدم عليه لفظًا من الألفاظ أيًا كان ولو كان العامل بسم الله أؤلف، لذلك قال السيوطي: وقد يُفيد في الجميع الاهتمام**به ومِنْ تَمَّ الصواب في المقام تقدير ما عُلِّقَ بسم الله به وأخر يعني لا بد أن يقدر مؤخرًا فإن يرد لسبب تقديمه في سورة اقرأ

فهنا كانت قراءة أهم من المتن، يرد عليك {((((((((بِاسْمِ (((((((} [العلق:1]، قدم العامل {((((((((بِاسْمِ (((((((} هذا عامل، {((((((((((((((} جار مجرور متعلق باقرأ تقدم العامل على المعمول، وهنا نقول بسم الله أؤلفه لا بد أن يتأخر، نقول: القراءة هناك أهم وهنا الاستعانة، أهم فقدم كل في موضعه على حسب المقام الحصر. ما هو الحصر؟ إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه. إذا قلت بسم الله أؤلف أي: بسم الله لا باسم غيره ففيه إثبات وهو الاستعانة، وفيه نفي وهو نفي الاستعانة عن غير الله، كقوله: {(((((((نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (((} [الفاتحة: 5]. الأصل نَعْبُدُكَ ونَسْتَعِينُكَ، قُدِمَّ ما حقه التأخير في {(((((((((((((((} لقصد الحصر، فحينئذٍ يكون معنى الآية {(((((((((((((((} ما نعبد إلا إياه. من أين أخذنا النفي هذا والإثبات؟ نقول: من تقديم ما حقه على التأخير {(((((((نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (((} أي: لا نستعين إلا بك (بِسْمِ اللهِ) أؤلف لا أستعين إلا باسمك يا الله مناسبٌ للمقام، يعني لا يكون عامًا. (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ) أؤلف بسم الله الرحمن الرحيم ابتدأ هذا عام، ابتدأ ماذا؟ ما تدري هذا عام؟ وأؤلف هذا خاص؟ لذلك في ينبغي أن يُقَدِّر المبسمِل المتعلَّق بحسب ما يقتضيه المقام مما جُعلت التسمية مبدأً له، فحينئذٍ الآكل يقول: بسم الله آكل، الشارب يقول: بسم الله أشرب، بسم الله أنام، بسم الله أقوم، الخ. يقدم ما جعل البسملة مبدأ له بسم الله الرحمن الرحيم، أما المفردات البسملة فهي سبق شرحها، يعني الباء والاسم ولفظ الجلالة والرحمن الرحيم وإعرابها سبق في الملحة ونحوه. قال رحمه الله: قَالَ الْفَقِيرُ الشَّرَفُ العَمْرِيطِي ** ذُو الْعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ (قَالَ) هذا فعلٌ ماضٍ له، إلا أنه من جهة المعنى فهو مستقبل، فهو مستقبل، ووضعه الماضي موضع المستقبل هذا وارد وكثير في لغة العرب، وارد وكثير في لغة العرب، لأن الأزمان ثلاثة ماضٍ، وحال، ومستقبل، يعبَّر عن الماضي بلفظ الماضي، هذا الأصل فحينئذٍ يدل الفعل الماضي في اللفظ على أن الحدث قد وقد في زمنٍ ماضٍ وانقطع. إذا قيل قام زيدٌ. قام: فعلٌ ماضٍ دل على وجود وحدوث القيام من زيد في زمنٍ ماض وانقطع انتهى، هذا الأصل. ويعبر عن المستقبل بلفظٍ مستقبل وهو الفعل المضارع والأمر، ويعبر عن الحال بفعلٍ مضارع.

هذه دلالة الأزمنة مع أقسام الفعل المضارع فإن أقسام الفعل عمومًا ماضٍ ومضارع وأمر، هنا قال: (قَالَ): قلنا هذا من جهة اللفظ ماضي، إلا أنه من جهة المعنى مستقبل {أَتَى أَمْرُ ((((} [النحل: 1]: أتى فعلٌ ماضي والأصل بالفعل الماضي أنه يدل على حالةٍ مضى وانقطع في الزمن الماضي، لكن هل {((((((أَمْرُ ((((} [النحل: 1] بمعنى الساعة، هل وقعت؟ لم تقع، بدليل قوله: {((((تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]. {((((((أَمْرُ اللَّهِ فَلَا ((((((((((((((} [النحل: 1] الاستعجال يكون بما قد مضى وانقطع أو لما سيأتي لما سيأتي. إذن نقول: {(((((} بمعنى: سيأتي وهذا كثير في القرآن أن يُعبَّر عن المستقبل بالفعل الماضي، {(((((((الَّذِينَ ((((((((((}] الزمر:73 [، {(((((((الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} [الزمر: 71]، {((((((((مَنْ فِي (((((((((((((} [الزمر: 68]، {((((((((((} [الزمر: 68]. هل وقع الناس؟ هل وقع الصعق؟ {(((((((((أَصْحَابُ (((((((((((} [الأعراف: 48] نادى، هل وقع النداء؟ {(((((((((أَصْحَابُ ((((((((((} [الأعراف: 44]، الخ هذا كثيرٌ في القرآن، وخاصةً في المُغيبات، لماذا؟ لأن الفائدة والنكتة من الإتيان باللفظ الماضي وحلوله محل الزمن المستقبل وهو إفادة تحقق وقوعه. إذا قيل: {((((((((فِي الصُّورِ فَصَعِقَ} [الزمر: 68] أنت أيها المخاطب يجب عليك أن تؤمن بمدلول هذا اللفظ؛ وهو إثبات الحدث في الزمن المستقبل، أن تؤمن به مستقبلاً كما أنه قد وقع وحدث لأن الإيمان تصديق القلب الإيمان الشرعي التصديق القلبِ هذا أيهما أكثر أثرًا في النفس المستقبل؟ الذي لم يقع، وإنما وقع العلم به فحسب، أو الذي وقع وأدركه الإنسان بالحس الثاني الذي وقع، إذا قيل ندرس الآن أنت ترى وتسمع أما الجوهر المكنون هذا قد يقع وقد لا يقع، فحينئذٍ نقول إيمانك وتصديقك بالمغَيب الذي سيقع في المستقبل ليس هو ك كما وقع وانقطع، لكن في الشرع يجب عليك أن تؤمن بالمستقبل كما أنه قد وقع من قبل، قال السيوطي رحمه الله:

ومنه ماضٍ عن مضارعٍ وُضع لكونه محققًا نحو ... ، ومنه يعني: من الخروج عن الظاهر لأن الظاهر يأتي بالفعل المضارع لأنه مستقبل أو حال، ومنه ماضٍ يعني: فعل ماضٍ، عن مضارعٍ وضع لكونه محققًا نحو هذه {((((((((مَنْ فِي (((((((((((((} [النمل: 87]، إذن قوله: (قَالَ) نقول: هذا لفظٌ ماضٍ لكنه من جهة المعنى مراد به الاستقبال (قَالَ الْفَقِيرُ) هذا فاعل الفقير فعيل بمعنى المفتعل فقيرٌ بمعنى مفتعل، والأصل في فعيل أن يكون صيغة مبالغة أو صفةً مشبهة أو صفة مشبهة، صيغة مبالغة أن يدل على الكثرة، والصفة المشبهة أن يدل على اللزوم، وعلى القول بجواز حمل المشترك على معنييه وحملنا اللفظ على معنيين نقول: (قَالَ الْفَقِيرُ) الفقير أي كثير الفقر ولازمه، كثير الفقر ولازمه، إن عبرت بالصيغة المبالغة فقط دون الصفة المشبهة تقول كثير الفقر إنما تقول فلان من حار أي كثير النحر وليس بلازم أن يكون مضطردًا معه في سائر الأحوال وإذا عبرت بـ (قَالَ الْفَقِيرُ) وأردت به الصفة المشبه حينئذٍ يكون لازم الفقير، (قَالَ الْفَقِيرُ) ما المراد بالفقير؟ هنا له استعمالات كثيرة في اللغة اللائق هنا أن يكون بمعنى المحتاج (قَالَ الْفَقِيرُ) يعني: المحتاج إلى من إلى الله من خ إلى الله هو ما فقال الفقير إلى الله للعلم به حُذف الجار والمجرور المُتعلِّق حذف للعلم به لماذا حذف؟ للعلم به ما وجه العلم نقول: كون الفقر وصفًا لازمًا للعبد الفقر والحاجة إلى الله هذا وصفٌ لازم لا ينفك عن المخلوق في حالٍ من الأحوال لما كان هذا الوصف بهذه المرحلة من هذه المنزلة جاز حرف الجار والمجرور، لذلك قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: والفقر لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبدا ** كما الغنى أبدًا له وصف ذات والفقر لي يعني: المخلوق والفقر لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبدا ** كما الغنى أبدًا وصف له ذات كما أن صفة الغنى لله عز وجل صفة ذاتية لازمة لا تنفك عن الذات في حالٍ من الأحوال، كذلك نقيضها وضدها وهو الفقر، صفة لازمة للعبد المخلوق لا تنفك عنه في حالٍ من الأحوال، الفقر هذا المراد به الفقر المعنى لأنه قد يكون الفقر فقراً حسيًا، وهو الذي اختلف العلماء في الفرق بينه وبين المسكين، وقد يكون فقرًا معنويًا على ما ذكرناه {(((((((((((النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: 15]. {(((((((الصَّدَقَاتُ ((((((((((((((} [التوبة:60] هل هو بمعنى؟ {(((((((الصَّدَقَاتُ ((((((((((((((} معنوي أو حسي؟ حسِي لو كان معنا لكان الجميع أهلاً للزكاة. {((((((الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ ((((((((((((((}] محمد:38]. المراد به الفقر المعنوي لذلك عبر عنه ابن القيم رحمه الله في ((مدارج السالكين)) قال: {وحقيقته ـ أي الفقر الذي هو الصفة المعنوية ـ وحقيقته دوام الافتقار إلى الله في كل حال دوام الافتقار إلى الله تعالى في كل حال وأن يشهد العبد في كل ذرةٍ من ذراته الظاهرة والباطنة فاقةً تامةً إن الله تعالى من كل وجهٍ}. بمعنى: أنك تنظر في حركاتك وسكناتك لا يمكن أن يحصل لها توفيق ولا إعانة ولا وجود أصلاً إلا بالله عز وجل.

(قَالَ الْفَقِيرُ الشَّرَفُ) الشرف عنها هذه نائبةٌ عن المضاف إليه أي: شرف بـ المراد به اللقب لأن لقبه شرف الدين. (الشَّرَفُ) محركة يعني بفتح الشين والراء العلو والمكان العالي، كما قال ابن ( ... ): {العلو والمكان العالي}. (الشَّرَفُ العَمْرِيطِي) بفتح العين نسبةً إلى عمريط هذه ناحية من نواحي مصر أو القاهرة (ذُو الْعَجْزِ) هذا ذكرٌ لاسمه رحمه الله في ابتداء نظمه، لأنهم جروا على أن تم أمورًا واجبةً في التصنيف وتم أمورًا مستحبةً في التصنيف أربعةٌ واجبة وأربعةٌ مستحبة الواجب: البسملة، والحمدلة، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتشهد، هذه أربعة واجبة والمراد بالوجوب الوجوب الاصطناعي لا الشرع يعني لا يأثم لتركها، والأمور المستحبة استحباب اصطناعيًا أيضًا أربعة وهي تسمية نفعٍ، وتسمية كتابه، وأما بعد، وبراءة الاستهلال، هذه كلها ثمانية أربعة واجبة وجوبا اصطناعيًا وأربعة مستحبة استحباب اصطناعيًا لا شرعيًا لذلك بدأ بذكر اسمه أولاً قالوا لأن الطالب إذا قرأ الكتاب وعرف اسم المصنف وعرف جلالته ومكانته في العلم كان أدعى لأن يقبل على هذا المؤلف لأنه لو جُعل هكذا دون عنوان إلى أن يذكر للعالم لصار مجهولاً قالوا: والمجهول مرغوبٌ عنه المجهول في الأصل أنه مرغوبٌ عنه لذلك قال: (قَالَ الْفَقِيرُ الشَّرَفُ العَمْرِيطِي) اسمه يحيى ابن موسى ابن رمضان ابن عَمير العامري الشافعي، (ذُو الْعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ) في اللطائف وإشارات ترجم له ترجمة مختصرة في سنة سبعمائة وتسعين (790هـ).

(ذُو الْعَجْزِ) إيش معنى ذو العجز؟ يعني: صاحب العجز بالمعنى صاحبًا للأسماء الستة، يعني: صاحب العجز الْعجز، قال ابن خالد: {العين الْعين والجيم والزاي أصلان صحيحان يدل أحدهما على الضعف والآخر على مؤخر الشيء}. والمراد هنا الأول الضعف الأول. (ذُو الْعَجْزِ) يعنى: ذو الضعف يعني: صاحب الضعيف يعني: الضعيف قال هو من باب ضرب وسمع ويش المراد ضرب وسمع يعني: يقال فيه عَجَزَ يَعْجِزُ ضَرَبَ يَضْرِبُ، ويقال فيه عَجِزَ بكسر الجيم عَجِزَ يَعْجَزُ كسَمِعَ يَسْمَعُ، إذن هو من باب ضرب يضرب، يقال: عَجَزَ يَعْجِزُ وَعَجِزَ يَعْجَزُ عَجْزًا فهو عاجزٌ أي: ضعيف. (وَالتَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ) التقصير والتفريط هما متقاربان أو بمعنًى واحد يعني: لفظان بمعنى واحد معنى التقصير هو معنى التفريط، وقيل: هما متقاربان. وهذا يذكر في الشروح للفائدة يؤتى عند لفظ فيقال: هما بمعنى واحد، أو متقاربان. ماذا يريد الشارح أو المحشي بهذه العبارة؟ هما بمعنى واحد على القول بجواز وقوع الترادف في اللغة أو متقاربان على قول من منع وقوع الترادف في اللغة، وهو لا ينفي أن يكونا متقاربين، كما قيل في بشر وإنسان هل هما مترادفان أم متغايران؟ فيه خلاف في المترادفان مدلول بشر هو مدلول إنسان، وقيل: هما متغايران. ولكن متحدان باعتبار الزمان لذلك قيل: أن الخُلف الاختلاف لفظ ليس جوهريًّا لماذا؟ لأن من قال بالاتحاد بشر وإنسان هما مترادفان لا ينفي أن يكون كل لفظ دل على وصف لا يدل عليه الآخر قيل: بشر مأخوذ بالنسبة إلى بشرة، وإنسان بالنسبة إلى لنسيان. فحينئذٍ كل لفظٍ دل على وصف لا يدل عليه الآخر إذن التقصير والتفريق مصدران بمعنى واحد أو متقاربان. قال ابن الفارس: يقال أفرط إذا تجاوز الحد في الأمر أفرط إذا تجاوز الحد في الأمر، فيقولون: إياك والفرط، يعني: لا تجاوز القدر وكذلك التفريط وهو التقصير لأنه إذا قصر في الأمر فقد قعد به عن رتبته التي هي له كان الأولى أن يأتي به على وجه الكمال فقصر فأتى به على وجهٍ ليس هو على وجه الكمال. (ذُو الْعَجْزِ) يعني: صاحب العجز، (وَالتَّقْصِيرِ) يعني: وذو التقصير صاحب التقصير، (وَالتَّفْرِيطِ) أي: وذو التفريط هذه الألفاظ ماذا أراد بها الناظم؟ هل هي حقيقية؟ أم أنه تواضع منه؟ نقول: الثاني هذا الأصل أن العالم قد يأتي ببعض الألفاظ يذم نفسه ولا يمدح نفسه فيكون فيه نوع تواضع، وإذا كان في كتاب يقرأه المبتدئ فحينئذٍ يكون فيه توجيه أن هذا العلم لا ينال إلا بالاحتياج وإظهار الحاجة والفقر إلى الله تعالى، والاعتراف بالضَعف، أنت ضعيف لا فهم ولا حفظ إلا إذا أُعنت من السماء، وكذلك أنت مقصر وعندك تفريط ولذلك قال الشارح: (وَالتَّقْصِيرِ) أي: في الطاعة، (وَالتَّفْرِيطِ) أي: في جانب مولاه، فحينئذٍ يكون فيه نوع توجيه للطالب. الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا**عِلْمَ الْأُصُولِ لِلْوَرَى وَأَشْهَرَا

(الْحَمْدُ للهِ) قال: (الْحَمْدُ للهِ) الحمد لله مبتدأ وخبر لا محل لها من الإعراب لماذا؟ هل لها محل من الإعراب أم لا؟ لا محل لها لأن كيف لا محل لها، لها محل، لماذا؟ لأنه قال هذا يتعلل، فينصب مفعولاً به أو مفعول مطلق على خلاف الجمهور أنه مفعول به، وابن الحاجب يرى أنه مفعول مطلق قال: (الْحَمْدُ للهِ) الحمد لله مبتدأ وخبر في محل نصب مفعول به مَقُولِ القول لقال، إذن قال: (الْحَمْدُ للهِ) الحمد لله مبتدأ وخبر وأل هذه للجنس أو للاستغراق (للهِ) اللام هذه للملك أو للاستحقاق أو للاختصار، فيحتمل أن تكون أل جنسية جنس الحمد {جنس الوصف بالجميل على جميل الاختيار على وصف التبجيل لله مختص بالله}، لله ملك لله مملوك لله أو مستحَق لله، إذا عبرت في أل على أنها استغراقية كل فرد من أفراد الحمد مملوك أو مستحَق أو مختص بالله. الحمد له معنى لغوي ومعنى اصطلاحي، ذكرناها أكثر من مرة فنقول اختصارًا: الحمد لغةً: {هو الثناء بالجميل على الجميل لاختياره على جهة التبجيل والتعظيم}. وشرحُه فيما سبق. والحمد عرفًا، أي في الاصطلاح أهل الاصطلاح: {فعل ينبع عن تعظيم المنعِم من حيث إنه منعم على الحامد وغيره}. وهذا منتقد هذا منتقَد، لماذا؟ لأنهم قيدوا الحمد العرفي لكونه في مقابل الإنعام، لأن الحمد هنا لمن ليس للمخلوق وإنما للخالق، فحينئذٍ إذا قيل: الحمد حمد المخلوق للخالق من حيث إنه منعم، هذا قيد إذن الله عز وجل لا يُحمد عرفًا على الصفات الذاتية التي لا تعلق لها بالإنسان، والصحيح أنه يُحمد على الصفات كلها وعلى الأفعال كلها بلا استثناء، سواء كانت واصلة إلى المحمود أم لا، ولذلك عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أولى، وهو أنه عرف الحمد بأنه: {ذكر محاسن المحمود ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله}. والعلاقة بين الحمدين اللغوي والاصطلاحي سبق بيانه في دروس سابقة. (الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا)، (الَّذِي) هذا اسم موصوف في محل جر نعت لرب الجلالة (قَدْ أَظْهَرَا) للتحقيق (أَظْهَرَا) الألف هذه لإطلاق الروي (أَظْهَرَا) هذا فعل ماض فاعله ضمير مستتر يعود على الجلالة (الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا) بمعنى أخرج وأوجد (الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا) عند البيانيين قاعدة أن الموصول مع صلته الموصول الذي هو (الَّذِي) مع صلته قد أظهر في قوة المشتق يعني: يصح أن تحذِف الجملة الموصولية وتأتي باسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة، وحينئذٍ تقول: الحمد لله المظهرِ، لِمَ لَمْ يصرح الناظم بهذا؟ قالوا: لعدم وروده لأن الأسماء الأسماء أسماء الرب اجتهادية أم توقيفية؟ توقيفية. إذن ما لم يأت به نص لا يصح أن يطلق لحق الله عز وجل. صفاته كذاته قديمة ** أسمائه ثابتة عظيمة لكنها في الحق توقيفية ** لنا بذا أدلةٌ وفية

إذن الأسماء توقيفية الأسماء توقيفية المظهر، لم يرد (الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا) وأخرج وأوجد (عِلْمَ الأُصُولِ) أل هذه الأصول علم هذا منصوب على أنه مفعول به وهو مضاف، والأصول مضاف إليه، أل هذه للعهد الذهني العهد الذهني والمعهود هو أصول الفقه، لأن الناظم أراد أن يبين أو أن ينظم كتابًا في أصول الفقه وهو الورقات. إذن أل هذه نقول: للعهد الذهني وفيه براعة استهلال، براعة استهلال، وهي من المستحبات؛ أن يأتي بها في المقدمة، براعة الاستهلال أن يأتي المتكلم في طالعة كلامه بما يشعر بمقصوده، أن يأتي المتكلم أو الخطيب أو الواعظ بطالعة كلامه أول كلامه فلا تدري يقول: الحمد لله، ثم يأتي ببعض الكلمات تشعر بالمقصود، ولذلك تجد بعض الخطباء إذا أراد أن يتكلم في الربا يأتي ببعض آيات الربا في المقدمة، أو الزنا ونحو ذلك، يأتي بها في المقدمة، هذه تسمى براعة الاستهلال، وتسمى عند بعضهم براعة المطلع، أن يأتي المتكلم في طالعة كلامه بما يشعر بمقصوده هنا قال: (عِلْمَ الأُصُولِ) إذن عرفنا أنه سينظم في علم أصول الفقه، وأتى بها في المقدمة فحينئذٍ نقول هذه براعة استهلال (عِلْمَ الأُصُولِ) الأصول الأصل أنه إذا أُطلق انصرف إلى إما علم الكلام، وإما علم أصول الفقه، ولكن لما كان الكتاب في أصول الفقه حملناه عليه أظهر (عِلْمَ الأُصُولِ لِلْوَرَى) يعني للخلق (وَأَشْهَرَا) هذا معطوف على (أَظْهَرَا) يعني: وأشهره، الألف هذه للإطلاق والفاعل ضمير مستتر والمفعول به محذوف لأنه يقدَّر هكذا: الحمد لله الذي قد أظهرا أوجد علم أصول الفقه للخلق وأشهر، علم أصول الفقه للخلق ولكنه حذفه للعلم به. وحذف فضلةٍ أجب ** إن لم يضر حذف فضلة أجب وحذف ما يعلم جائز ونقول: المفعول به إذا علم جاز حذفه (وَأَشْهَرَا) الألف للإطلاق والمفعول به محذوف. عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي وَهَوَّنَا**فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً دَوَّنَا (عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي) (عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي) (لِسَانِ) الأصل في اللسان أنه الجارحة لذلك قال في القاموس: الِمقْوَل، اللسان هو المقول، مِقْوَل على وزن مِفْعَل مِقول بكسر الميم أي: آلة القول آلة القول، إذا قيل: المنشار، يعني: آلة النشار، المنحار آلة النحر، مِقول آلة القول وهو: اللسان، هذا الأصل لكن لعل مراد النظم هنا المعنى المجازي وهو: إطلاق اللسان على القلم إطلاق اللسان على القلم. لذلك اشتهر القلم أحد اللسانيين القلم أحد اللسانيين بجامع أن كل منهما اللسان الجارحة والقلم يعبر عما في نفس المتكلم أو الكتاب، وهذا إطلاق المجازي (عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي) وهو: محمد بن إدريس إمام من الأئمة الأربعة أبي عبد الله الشافعي نسبة إلى شافع جده.

(وَهَوَّنَا) على لسان هذا متعلق بقوله: (أَظْهَرَا) (وَأَشْهَرَا) من باب التنازع عند النحاة، وهذا يسمى تضمينا عند العروضيين أن يعلق قافية البيت الأول بصدر البيت الذي بعده، الأصل عند العرب الشعراء أن يستقل كل بيت بمعنى، هذا الأصل وبراعة الشعراء إنما تكمن في هذه الجزئية مع بقية المبادئ، فكل معنى الأصل فيه أن يستقل في الدلالة عليه بيت كامل ولا يتعلق بما قبله ولا بما بعده، إذا علَّق بعض معنى البيت بما بعده هذا نقص معناه أنك ما استطعت أن تأتي أن تسوِّغ الألفاظ وتأتي بمعنى في بيت واحد هذا يسمى بالتضمين، وهو جائز بالإجماع في الأراجيز للعلوم لماذا؟ لأن مرادهم ليس هو الشعر والتفنن مرادهم حصر الألفاظ وضبط المعاني تقريبًا للعلوم بين يدي أصل ما ليس مقصود النظم هنا أن يبتدع بديعيات أو أنه يأتي بالمديح، وإنما المراد أن يقرب لفظ أو ألفاظ الورقات لطالب العلم فحينئذٍ هذا التضمين، نقول: جائز للمولَّدين بالإجماع في الأراجيز أما في البديعيات هذا فيه كلام آخر. (عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي وَهَوَّنَا) (وَهَوَّنَا) هذا فعل ماضي والألف لإطلاق الروي والفاعل ضمير مستتر يعود إلى الله عز وجل أظهره وأشهره وهونا بمعنى سهله أوجده وأشهره من الشهرة وهونه بمعنى سهله لماذا؟ قال هذا في حق الشافعي؟ (فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً دَوَّنَا) لماذا خص الشافعي دون غيره؟ الفاء كالتعليل للحكم الثاني كالتعليل للحكم الثاني (فَهُوَ) أي: الله عز وجل (الَّذِي لَهُ) للشافعي (فَهُوَ) عفوًا (فَهُوَ) أي: الشافعي رحمه الله. (الَّذِي لَهُ) لعلم أصول الفقه (دَوَّنَا) ابتداءً دون فعل ماضي وفاعله ضمير مستتر يعود على الشافعي، والمفعول به محذوف يعني: دونه يعود إلى علم أصول الفقه (فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً) يعني: في ابتداء الأمر بمعنى أن الشافعي رحمه الله هو أول من دون أصول الفقه على جهة الاستقلال، يعني الذي أول من كتب أصول الفقه وجعله في ضمن الكتب هو: الشافعي، فحينئذٍ نقول: علم أصول الفقه من حيث التدوين والتأليف إنما ظهر في آخر القرن الثاني، وهو الذي فيه الإمام الشافعي رحمه الله لأنه توفي عام مائتين وأربعة. من حيث التدوين والتأليف نشأ علم أصول الفقه على يد الشافعي، وهذا يكاد يكون إجماعًا أن الشافعي هو أول من دونه على جهة الاستقلال، أما من حيث القواعد واستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية فهذا نشأ مع نشأة الفقه يعني: مصاحب للفقه، والفقه نشأ مع ظهور الإسلام إذن إذا ورد سؤال فقيل: إذا كان الشافعي رحمه الله هو أول من دون أصول الفقه على جهة الاستقلال، هل معنى هذا من قبل الشافعي من صحابة وكبار التابعين لا يعرفون أصول الفقه؟ نقول: لا، يعرفون أصول الفقه بل هم أئمة في أصول الفقه. لماذا؟ لأن أصول الفقه مبناه على تمام العلم بلغة العرب، والصحابة هم أئمة اللغة وكبار التابعين هم أئمة اللغة، إذن يلزم من ذلك أن يكونوا أئمة في أصول الفقه. إذن لماذا نسب للشافعي؟ نقول: نسب إليه التدوين فقط، أما ما قبله فهو ركيزة وطبيعة وجبلة وسليقة في نفوس كبار الصحابة والتابعين. أول من ألفه في الكتب ** محمد بن الشافعي المطلب

هكذا قال في ((مراقي السعود)): أول من ألفه في الكتب ** محمد بن الشافعي المطلب وغيره يعني: ممن سبقه من المجتهدين. وغيره كان له سليقة يعني: طبيعة، مركوزة في الجبلة. وغيره كان له سليقة ** مثل الذي للعرب من خليقة مثل النحو مثل الصرف والبيان دون علم النحو، وإذا قيل: أول من دون علم النحو أبو الأسود الدؤلي، وعلى جهة الاستقلال كتاب سيبويه، هل قبل ذلك قبل التدوين قبل أبي الأسود الدؤلي في العرب العرباء والجاهلية هل كانوا هل كانوا فصحاء وعلماء بعلم النحو أم لا؟ نقول: نعم وإنما أخذت هذه القواعد من كلام العرب المتقدمين، فكون النحو أُلف متأخرًا لا يلزم منه نفي العلم عن من سبق، لماذا؟ لأن المقصود بالتدوين هو جعل هذا العلم على الورق، أما في النفوس فهو ركيزة وجبلة وسليقة إذن (عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي وَهَوَّنَا ** فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً) يعني: في ابتداء الأمر وأنه سبق كل أحد من العلماء والمستهلين فدون رسالته المشهورة ب ((الرسالة)) (فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً دَوَّنَا) ماذا كتب الشافعي؟ كتب الكتاب الموصوف بـ: ((الرسالة))، هو لم يسمه الرسالة وإنما اشتهر، لأنه جاء طلب من الإمام عبد الرحمن بن مهدي توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة (193هـ) أن يكتب له الشافعي شيئًا في معاني القرآن والأمر والنهي والناسخ والمنسوخ والقياس، فكتب له فرسلها فسميت رسالة، وإلا هو يعبر عنه في سائر الكتب بكتاب وكتابٍ يقول: قلت في كتابي، وقد بينت في كتابي، والمراد به الرسالة والرسالة التي بين أيدينا ليست هي عينها الرسالة التي أرسلها للإمام عبد الرحمن بن مهدي تلك كتبها في بغداد، ثم لما دخل مصر أعاد تأليف الرسالة وهي التي موجودة الآن بين أيدينا فليست هي عينها. وَتَابَعَتْهُ النَّاسُ حَتَّى صَارَا**كُتْبًا صِغَارَ الْحَجْمِ أَوْ كِبَارَا قال (وَتَابَعَتْهُ) يعني: تابعت الناس الشافعية تابعت الناس الشافعية (وَتَابَعَتْهُ) الضمير يعود على الشافعي، (النَّاسُ) كل الناس العوام والجهلة والعلماء هذا المراد من المراد؟ العلماء إذن هذا يكون فيه براعة استهلال، ماذا يسمى عند الأصوليين هذا؟ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} [آل عمران:173] عام أريد به الخصوص عام أريد به الخصوص، لأن العام نوعان: عام مخصوص ما دخله التخصيص، وعام لا عام أطلق وأريد به الخصوص ابتداءً.

هذا الناس المراد به العلماء المجتهدون (وَتَابَعَتْهُ النَّاسُ) يعني: تابعت العلماء الأفاضل المجتهدون الشافعي في التأليف في أصول الفقه، فكتبوا كتبًا كثيرة (حَتَّى صَارَا) (حَتَّى) هذه ابتدائية (حَتَّى صَارَا) وهي التي يليها جملة فعلية أو اسمية تكون غاية لمضمون ما قبلها، غاية لمضمون ما قبلها {حَتَّى عَفَواْ} [الأعراف: 95] هذا على رأي الجمهور أن حتى إذا تلاها فعل ماضي جملة ماضية أن حتى ابتدائية عند ابن مالك رحمه الله أنه يُقدر بعدها أن فتكون جارة مثل {حَتَّى مَطْلَعِ} [القدر: 5] {حَتَّى عَفَواْ} حتى عفوهم حتى صار حتى صيرورة ما كتبوه لكن ابن هشام رحمه الله في ( ... ) يقول: لا أعلم له سلفًا، أن يقدر أن مضمرة بعد حتى إذا تلاها فعل ماضي، يقول ابن هشام: إنني لا أعلم له سلفًا وفيه ارتكاب لضرورة بلا ضرورة، وهو التقدير ولا نحتاج إلى التقدير، الحاصل أن حتى هنا ابتدائية على قول الجمهور، لأنه تلاها فعل ماض وعلى قول ابن مالك حتى جارة (حَتَّى صَارَا) حتى أن صارا، حتى صيرورة ما ألفوه وكتبوه في علم أصول الفقه كتبًا كثيرة، التنوين هذا للتكثير والتعظيم (كُتْبًا) هذا جمع كتب الأصل وسكنت التاء هنا، لماذا؟ لم؟ هو النظم لا يتم إلا بهذا، لكن في مثل هذا التراكيب نقول: فُعل مفردًا وجمعًا يجوز تخفيفه لغةً، ما كان على وزن فُعُل بضمتين بضم الفاء والعين، سواء كان مفردًا أو جمعًا يجوز تخفيفه بتسكين عينه، كما قيل في عُنُق عُنْق كُتُب كُتْبُ هذه لغة تفريعيه وتميم يفرعون كثيرًا في الأوزان يفرعون كثيرا في الأوزان. (كُتْبًا) هنا اجتمع فيه الضرورة، ضرورة الوزن وأنه جاء على وصف لغة صحيحة تميمية فحينئذٍ لا نقول: إنه من باب الضرورة، لأنه قبيح وإنما نقول: هو لغة إذن (كُتْبًا) سكنت التاء هنا لغة تفريعية عند بني تميم (كُتْبًا) جمع كتاب والكتاب كما هو معلوم أنه فعال بمعنى مفعول سمي الكتاب كتابًا من الْكَتْبِ وهو الجمع لأن معناه في اللغة الضم والجمع يقال: تَكَتَّبَ بنو فلان إذا اجتمعوا.

(كُتْبًا صِغَارَ الْحَجْمِ أَوْ كِبَارَا) يعني (صَارَا) الضمير يعود إلى أصول الفقه لا ليس إلى أصول الفقه (حَتَّى صَارَا) الألف للإطلاق والضمير هنا نعم جيد أحسنت التدوين أحسنت لكن أين هو التدوين؟ ما قال التدوين؟ قال: (دَوَّنَا)، هذا من باب {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] هو: أي العدل، لأن الضمير لا يعود إلا على الأسماء فإذا قيل: (صَارَا) هو يعود إلى دون ودون فعل ماضي، كيف عاد الضمير على فعل ماض والضمائر لا تعود إلا إلى الأسماء لا تعود إلا على الأسماء؟ لأنه من علامات بل من أبرز علامات الأسماء، نقول: هذا من باب {اعْدِلُواْ هُوَ} أي: العدل إذن عاد على جزء من أجزاء الفعل وهو المصدر والمصادر أسماء دون هذا متضمِّن للتدوين حتى صار التدوين والتأليف (كُتْبًا) هذا خبر صار (صِغَارَ الْحَجْمِ) كتبًا هذا مجمل لأن الكتاب قد يكون كبيرًا وقد يكون صغيرًا قال: (صِغَارَ الْحَجْمِ)، هذا يسمى بدل بَدل مفصل من مجمل لذلك نصب بدل منصوب منصوب (صِغَارَ الْحَجْمِ) ما المراد بالحجم؟ قيل: الحجم من الشيء ملمسه الناتئ تحت يدك هذا الحجم ملمسه الناتئ تحت يديك يعني: الذي وضعت عليه يدك الذي تلمسه وهو ناتئ الشيء بارد هذا هو حجم الشيء، وقد يكون كبيرًا وقد يكون صغيرًا (صِغَارَ الْحَجْمِ أَوْ كِبَارَا) أو هذه للتنويع، إذن بين لك أن الكتب التي ألفت متابعةً للإمام الشافعي رحمه الله منها ما هو صغير الحجم قليل، ومنها ما هو كبير الحجم، ولذلك قُدم هنا الصغار على الكبار، لم؟ لأن الصغار وسيلة إلى الكبار، ولا يمكن أن يؤتى أن يؤتى إلى الكبار ثم يوصل منها إلى الصغار وإنما الصغار ألفت للكبار، والكبار ألفت للصغار، ولما كان هذا الكتاب للمبتدئين، أراد أن ينظِم كتابًا يكون حسنًا للمبتدئ، ونظم الناظم فإذا به لم يجد إلا كتاب الورقات فقال: وَخَيْرُ كُتْبِهِ الصِّغَاِر مَا سُمِي**بِالْوَرَقَاتِ لِلْإِمَامِ الْحَرَمِي (وَخَيْرُ كُتْبِهِ) (وَخَيْرُ) يعني: أحسن وأفضل، خير هذا أفعل التفضيل وزنه أفعل، أين الهمزة؟ نقول: حذفت لكثرة الاستعمال خير وشر أصلها أخير وأشر قال ابن مالك: وغالبًا أغناهم خير وشر ** عن قولهم أخير منه وأشر وغالبًا أغناهم خير وشر ** عن قولهم أخير منه وأشر إذن خير بمعنى أفضل وأحسن وأخصر (وَخَيْرُ كُتْبِهِ) يعني: كتب أصول الفقه صغار دون الكبار (مَا سُمِي) يعني: ما سمي سُكنت الياء هنا للوزن (مَا سُمِي) أي: المسمى، ما هذه موصولة وسمي صلتها والموصول مع صلته في قوة المشتق إذن خير كتبه الصغار المسمى بـ ((الورقات)) الكتاب المسمى بـ ((الورقات)) ورقات هذا جمع قلة لماذا قلنا جمع قلة؟ لأنه جمع مؤنث سالم. وما بتا وألف قد جمعا هذا جمع مؤنث سالم، وهو من جموع القلة؛ جموع القلة ثلاث ثلاثة أنواع لا رابع لها عند اللغويين: جمع المذكر السالم، جمع المؤنث السالم، أربعة أوزان من جموع التذكير. أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُة ثم فعلة ** تمت أفعال جموع قلة

هكذا قال ابن مالك: أفعلة. أربطة أَفْعِلَةٌ أَفْعُلْ أرجل تُمَّت فعل فتية جموع قلة ثمت أفعال. أليس كذلك؟ جموع قلة وجمع تصحيح المذكر وجمع تصحيح المؤنث هذه ثلاثة أنواع تعتبر جموع قلة عند أهل اللغة، وما عداها فهي جموع كثرة، وعندهم فرق بين جمع القلة وجمع الكثرة. جمع الكثرة يبدأ من أحد عشر إلى ما لا نهاية، وجمع القلة يبدأ من ثلاثة إلى عشرة، جمع القلة يبدأ من ثلاث إلى عشرة، وجمع الكثرة من أحد عشر إلى ما لا نهاية، هذا هو المشهور والصحيح أنهما يتفقان ابتداءً، بمعنى أن جمع القلة وهو جمع الكثرة أقلهما معًا ثلاثة ثم يسيران معًا إلى العشرة فيقف جمع القلة، ويستمر جمع الكثرة هذا في المذكر، أما الجمع المحلى بأل يأتينا بأنه من صيغ العموم يعني لا يقال فيه جمع قلة ولا كثرة، لأن أل الداخلة على الجمع تصيره من صيغ العموم. (وَخَيْرُ كُتْبِهِ الصِّغَاِر مَا سُمِي ** بِالْوَرَقَاتِ) القليلة ورقات يعني: قليلة المباني كثيرة المعاني ورقات قليلة المباني كثيرة المعاني، إذن سمى الجويني رحمه الله كتابه أو رسالته بـ ((الورقات)) وهذه الورقات قليلة والذي دل على قلتها اللفظ عَيْن ولذلك قيل: لم يقل مقدمة ولا رسالة ولا كتاب، لم؟ قال: لأن المقدمة لو قيل: هذه مقدمة لقال: أما بعد فهذه ورقات، لو قال: مقدمة، أو قال: رسالة، أو قال: كتاب لم يفهم منه الدَّلالة على ما فهم من ورقات. أليس كذلك؟ لما قال: ورقات ولغة أن الورقات جمع بألف وتاء وهو من جموع القلة لكن لو قال: مقدمة، هل يفهم منه أنها دون العشرة؟ لا يفهم منه كذلك لو قال: رسالة أو كتاب قيل: الرسالة والمقدمة في الأصل أنها تكون قليلة تكون عشرين أو ثلاثين، أُجيب بأن القلة عرفية والقلة التي دل عليها الورقات لغوية العرفية تحتاج إلى تقييد ووصف يدل على أنها دون العشرة، فإذا قال: هذه مقدمة وهي عشرون ورقة يحتاج أن يقول: هذه مقدمة قليلة الأوراق. لماذا؟ لا بد من وقف يحدد عدد أوراق هذه الرسالة ورقات هذه الورقات قيل: لو كتبت في صفحة واحدة كبيرة بخط صغير صارت ورقة واحدة. أليس كذلك؟ لو جاء بورقة كبيرة هكذا وكتب بخط صغير صارت في ورقة واحدة، فكيف يقول: ورقات؟ قالوا: ورقات في الغالب أنها لو كتبت على الخط المعتاد في الأوراق المعتادة لما زادت على علَى عشرة، ولذلك قال: تكتب بخط كبير وتزيد على عشرة.

(بِالْوَرَقَاتِ) المنسوبة (لِلإِمَامِ الْحَرَمِي) (لِلإِمَامِ) إمام بمعنى مؤتم به إمام فعال بمعنى مفعول وهو إمام عند من؟ عند من؟ هو أشهر إمام لكم؟ هل إمامته كإمامة الإمام أحمد بن حنبل؟ الجواب: لا، حاشا وكلا، بل هو إمام عندهم أصلاً وفرعًا، لأن أبا المعالي يعد من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي، وهو من محققي على قولهم من محققي مذهب أبي الحسن الأشعري في المعتقد، لذلك له قوله المعتمد عندهم إذن قوله: (لِلإِمَامِ) هذا نقول: فيه تسامح. (الْحَرَمِي) أي: المنسوب للحرمي ما المقصود بالحرمي هنا؟ المنسوب للحرمين الذي يقال له: إمام الحرمين هذا لقب له يقال له: ضياء الدين، وإمام الحرمين. لماذا قيل: إمام الحرمين؟ قيل: أنه جاء وراء الحرم المكي والحرم المدني أربع سنين يفتي ويدرس ويؤلف، فسمي للمجاورة إمامًا للحرمين وليس هذا الوصف مختصًا به ليس هذا الوصف مختصًا به، وإنما شاركه غيره لكن إذا أطلق إمام الحرمين انصرف للجويني أبي عبد الله، أبي المعالي عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني النيسابوري الشافعي. وَقَدْ سُئِلْتُ مُدَّةً فِي نَظْمِهِ**مُسَهِّلاً لِحِفْظِهِ وَفَهْمِهِ (وَقَدْ سُئِلْتُ) هذا كلام للعمريطي، قد هذه للتحقيقية (سُئِلْتُ) أي: طلبني، من الطالب هنا؟ طلاب العلم، ويحتمل أنه بعض العلماء، ثم سؤال العلماء في مثل هذه المواضع في التأليف والتصنيف قد يكون سؤالاً للمقال، وقد يكون سؤال بالحال، بالمقال باللسان أيها العالم انظر كذا أُكتب في مسألة كذا هذا سؤال يطالب بالمقال، وقد يكون بالحال أن ينظر حال العالم فيجد في الطلاب حاجة ماسة إلى نوع ما من التصنيف والتأليف فيقول: قد سألني، ويجوز هذا قد سألني يعني: الطلاب بلسان الحال، لم ينطقوا بهذا، لكن بحالهم وحاجتهم إلى كتاب ينظم هذا الكتاب قال: قد سألني، لكن الظاهر أنه سؤال بالمقال. قال: (فَلمْ أَجِدْ مِمَّا سُئِلْتُ) إذن هناك إلحاح (فَلمْ أَجِدْ) (وَقَدْ سُئِلْتُ) يعني: طُلِبَ مني من مقالي (وَقَدْ سُئِلْتُ مُدَّةً) أي طلب مني مقالاً بالمقال (مُدَّةً) أي من مدةٍ، والمدة المراد بها البرهة من الزمن مدةً طويلة. (فِي نَظْمِهِ) يعني: في نظم كتاب الورقات لإمام الحرمين المذكور. (مُسَهِّلاً) في نظمه المراد بالنظم هنا الأراجيز المعروفة على أوزان معينة وهي: "مستفعلن" ست مرات، هذه تسمى أرجوزة من باب الرجز، وزنه "مستفعلن" ست مرات والنظم هذا يعدل إليه كثير من العلماء، لماذا؟ قالوا: لأنه أسرع في الحفظ، أسرع من النسخ، وهذا لا إشكال فيه وأرسخ في الذهن وأعذب في السمع يعني النفس إذا سمع يعني تنشرح وتنبسط لذلك قال السفاريني: وصار من عادة أهل العلم ** أن يعتنوا بالنظم في النظم لأنه يسهل للحفظ كما ** يروق للسمع ويشفي النفس وصار من عادة عَادة أهل العلم أن يعتنوا ( ... ) المشار إليها سابقًا بالنظم، في النظم. لأنه يسهل للحفظ كما ** يروق للسمع ويشفي النفس

فحينئذٍ لهذه العلة اعتنى كثير من العلماء بالمنظومات، (مُسَهِّلاً) هذه حال، حال كون بنظم إياه مسهلاً له يعني: للكتاب لحفظه (مُسَهِّلاً لِحِفْظِهِ) لحفظه، هذا متعلق بقوله: (مُسَهِّلاً) (لِحِفْظِهِ) أي: لحفظ الكتاب الأصل، لأن طالب إذا أراد أن يحفظ الورقات فإذا بها لا ( ... ) ولو وجد نظمًا لهذا الكتاب لكان أسهل له، فقال: (مُسَهِّلاً) أي: مسهلاً له بنظم إياه، (لِحِفْظِهِ) أي: استحضاره عن ظهر قلب غيبا، لذلك قيل: {الحفظ هو انطباع صورة المحفوظ في العقل، أو انطباع الصورة المدرَكة في العقل، بحيث إنه لا ينساه بعد حفظه}. (وَفَهْمِهِ) أي: مجتهدًا في تسهيل فهمه، إذا نظم الألفاظ النثرية وجعلها على جهة أَرجوزة، أُرجوزة قد يأتي به على جهة التعقيب، لأن بعض المنظومات قد يريد أن يُسهل الكتاب فينقلب عليه الحال فيُعقده، بماذا يحصل التعقيد؟ إما بكثرة الحشو؛ يعني ألفاظ يؤتى بها لتتميم الأبيات كما في الشطر الثاني، المراد به التتميم وقد يأتي بألفاظ غريبة أو معقدة، أو فيها نوعُ صعوبة في التلفظ فحينئذٍ قال: (وَفَهْمِهِ) النظم يسهل الحفظ، هل كل نظمٍ يفهم منه المراد؟ الجواب: لا، إذن قال: (وَفَهْمِهِ) أي: ومجتهدًا في تسهيل فهمه، أي: فهم هذا الكتاب، وذلك بالإتيان بعبارة سهلة واضحة المراد. فَلمْ أَجِدْ مِمَّا سُئِلْتُ بُدَّا**وَقَدْ شَرَعْتُ فِيهِ مُسْتَمِدَّا (فَلمْ أَجِدْ) هذا يدل على كرر عليه السؤال يعني: أزعجوه، (مِمَّا سُئِلْتُ بُدَّا) طلب مما طلب من (بُدَّا) بمعنى: أراقًا ومحالةً ومناصا يعني: لا بد من فعل كذا يعني لا فراق إلا وأن تفعل هذا لا مناص ولا عوض عن هذا إلا بفعلك لهذا اللفظ. (وَقَدْ شَرَعْتُ) شرعت قد هذه للتحقيق شرعت بمعنى دخلت، يقال: شرعت الدواب في الماء إذا دخلت، أو شرع في الأمر بمعنى خاض فيه، شرعت بمعنى خضت في ابتداء هذا الأمر، شَرَعْتُ بمعنى دخلت وابتدأت (وَقَد شَرَعْتُ فِيهِ) أي: في النظم، نظم لهذا الكتاب (مُسْتَمِدَّا) أي حالة كوني (مُسْتَمِدَّا) أي: طالبًا إمداد التوفيق من ربنا (مُسْتَمِدَّا) هذا إعراب الحال، أو اسم فاعل مأخوذٌ من المدد، يعني: طالبًا المدد والإمداد (مِنْ رَبِّنَا) ربنا هذا جار مجرور يتعلق بقوله: (مُسْتَمِدَّا) وهذا يسمى تضمينًا، علق آخر البيت السابق بأوله البيت الذي يليه. مِنْ رَبِّنَا التَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ**وَالنَّفْعَ فِي الدَّارَيْنِ بِالْكِتَابِ

(مُسْتَمِدَّا مِنْ رَبِّنَا التَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ) الصواب ما هو؟ ضد الخطأ، الصواب ضد الخطأ، إذن طلب المدد في أن يعينه الله يوفقه الله عز وجل في حصول هذا النظم على الوجه المراد، وهو أن يكون مسهلا لحفظه وفهمه قال: (وَالنَّفْعَ) أي مستمدًا من ربنا النفع، من ربنا النفع بالكتاب في الدارين النفع بالكتاب، (بِالْكِتَابِ) المراد به هنا المراد به النظم، لا الورقات لأن الورقات ليس له عمل، (وَالنَّفْعَ ؤ الدَّارَيْنِ بِالْكِتَابِ) الورقات ليس له عملٌ فيه، وإنما هو ينظِم هذا النشر إذ النفع بالكتاب هذا في الدارين نقول الكتاب المراد به كتاب الناظم، هو الذي ((تسهيل ورقات تسهيل الورقات)). (فِي الدَّارَيْنِ) الدنيا والأخرى في الدنيا كيف يحصل النفع؟ أن يقرأ الكتاب ويحفظ، ومن سن في الإسلام سنةً حسنة نقول هذا يرجع إلى نص المؤلف ما من خيرٍ يُدل عليه بتأليف أو نظمٍ ونحو ذلك إلا ولصاحبه من الأجر الذي حصل الطالب، (وَالنَّفْعَ) النفع قالوا هو إيصال الخير للغير (فِي الدَّارَيْنِ) أي في الدار الدنيا والدار الأخرى بحصول الثواب على ما ترتب من النفع من كتابه في الدنيا، (بِالْكِتَابِ) أي بالنظم هذه جملة ما ذكره الناظم هنا وقد ذكرنا أن تم أربعة أمورٍ واجبة وهي: البسملة وذكرها، والحمدلة وذكرها، وبراعة التشهد، والصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه إذن أتى بواجبين، وترك الواجبين، الجواب لما ترك الصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام؟ لم ترك التشهد مع أنها واجبة في التصنيف وقد أتى ببعض المستحبات والأولى أن يعتني بالواجبات قبل المستحبات؟ نقول: إما للاختصار الجواب الثاني: أن يقال: إنه أتى بها لفظًا يعني نطق بها ولو لم يكتبها لأنهم قالوا: اعتمدوا على حديث فيه ضعف: «من صلَّ علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له مداد اسمي في ذلك الكتاب»، هذا حديث ضعيف، لكن هم يعملون به في الفضائل، قالوا: «من صلَّ علي في كتاب» يعني: المراد بالصلاة هنا أعم من أن تكون كتابة، أعم من أن تكون كتابة بل فككوه لفظًا كما اعتذر بالإمام البخاري رحمه الله في أول الصحيح فحينئذٍ نقول ترك الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم إما للاختصار، وكذلك التشهد، وإما لأنه أتى بها لفظًا، وهذا كافٍ في المطلوب، ولكن يمكن أن يعتذر عن هذا أولى من هذا أنه أتى بها في آخر النظم ولذلك قال: فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِتْمَامِهِ ** ثُمَّ صَلاةُ اللهِ مَعْ سَلامِهِ على النبي وعلى قولهم بالحديث استدلالاً بالحديث يقول: «من صلَّ علي في كتاب». ولم يقل في أوله ولا في آخره، فهو عام هو عام قد يصلى عليه في أول الكتاب وقد يصلى عليه في آخر الكتاب، فالحاصل أنه ترك التشهد والصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - لهاتين العلتين إما للاختصار وإما لأنه تلفظ بهما ولم يكتبهما، وإذا أجبنا بأنه ذكرهما في آخر المنظومة أيضًا لا إشكال، نقف على هذا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

2

عناصر الدرس * المبادئ العشرة. * باب أصول الفقه. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآل وصحبه أجمعين. هذا سائل يقول: هل تشرحون يا شيخ في العقيدة وكذلك متون في الفقه وهي أهم من الأصول والمنطق؟

لا شك أنها أهم من الأصول والمنطق والنحو ولكن إذا جربت شيئا من الزاد والعمدة ولكن وجدت أن الطلاب تشرح لهم دليل تشرح لهم وجه الاستدلال فإذا بهم لا يفرقون بين المنطوق والمفهوم ولا يفرق بين العام والخاص ولا يعرف المطلق ولا المقيد وهذا حقيقة يعني في ظني ولنفسي أعتبره من الشنيع أن المدرس يدرس لطلاب في الفقه ثم لا يعرف الطالب العام من الخاص ولا شروط الناسخ ولا المنسوخ ولا يعرف حكم حديث الآحاد الذي هو حجة أو ليس بحجة هل يفيد العلم أو الظن إذا به هو عام في هذه المسألة إذن ما ينفع أن يدرس الفقه إذا ذكر له بدليله لذلك قلت: نأتي للأصل نبني الأساس أولاً أن يتقوى طالب العلم في مثل هذه الفنون ثم بعد ذلك يدرس الفقه، والفقه بعضهم قد ينظر إليه من جهة أنه أهم وهذا لا إشكال لكن طالب العلم له نظرة أخرى وهي أنه يريد أن يكون راسخًا في هذه العلوم يريد أن يتميز عن العامي العامي ممكن أن تشرح له صفة الصلاة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ساعة واحدة لكن إذا أردت أن تدرسها بالذات تحتاج إلى سنة كاملة ما الفرق بينهم؟ كما بين السماع لذلك لا شك أن العقيدة والفقه أهم من جهة أنها المقاصد ولكن طلاب العلم ينبغي أن يعتنوا بالتأسيس العلمي تكون لنا منهجية صحيحة يسير عليها طالب العلم الذي يريد أن يدرس الفقه وخاصة أن الآن الفقه صار يدرس بطريقة الفقه المقامي ما يسمى بالفقه المقامي يعني: يُذكر أو تذكر المسألة تصور المسألة ويبين حكم المسألة ثم دليل المسألة ثم وجه الاستدلال وهذه لا يمكن أن يفهمها العامي وجه الاستدلال ما يمكن {(((((((((((((((((((((((}] البقرة، الآية:43 [الكل يفهم أنها تدل على أن الصلاة واجبة تدل على أن الصلاة واجبة جواز الصلاة ثبت بهذا الدليل {(((((((((((((((((((((((}] البقرة، الآية:43 [لكن وجه الاستدلال أن أقيموا هذا أمر ومطلق الأمر يفيد الوجوب إذا قيل: مطلق الأمر ما هو؟ ضاع الطالب إذن ما يفهم لو قيل له: مطلق الأمر ما هو؟ يقول: مطلق الأمر يفيد الوجوب. هكذا التقدير ولذلك لاحظت بعض طلاب العلم خاصة ممن يبحث عن الدليل هذا لا شك أنه غاية ويحمد ولكن ليست المسألة هكذا مفتوحة سبهللا نقول: يبحث عن الدليل. ثم هو عامي في أصول الاستدلال ذكرنا أن القواعد وأصول الفقه كما سيأتي أنه قواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلته التفصيلية هذا هو أصول الفقه قواعد تطبق على الوحيين بواسطتها يعرف الحكم الشرعي أجد أن الطلاب مثلاً يتحررون من التعلق بشخص معين يكون مصدرًا للتلقي في الحكم يقول: أنا سأكون حنبلي. والآخر يقول: لا أكون شافعيًّا ولا أدرس. وبعضهم يذم المتون الفقهية وبعضهم يكون هناك منافسات أو أخذ وعطاء في الحنبلية والشافعية ثم تجده يتحرر في أخذ القول ويقلد في جهة الاستدلال يقول: أنا أقول: القسمة ثنائية في الماء.

لم؟ لأن شيخ الإسلام ابن تيمية قال وقال ويأتي بالأدلة ثم إذا عرض الأدلة تجده يعرضها كما عرضها شيخ الإسلام من جهة الاستنباط فهو يعتبر مجتهد في ظنه وليس مجتهدًا يعتبر نفسه أنه مجتهد لكونه أخذ الأدلة لكونه أخذ القول دون أن يتقيد بمذهب معين لكنه وقع في تقليد آخر وهو أنه قلد مثلا شيخ الإسلام ابن تيمية في وجه الاستدلال من الأدلة لذلك ينتبه طالب العلم إلى ذلك. قال رحمه الله تعالى: بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ انتهينا بالأمس من المقدمة التي يعنوِن لها العلماء بمقدمة الكتاب لأن المقدمة عندهم مقدمتان: مقدمة، ومقدمة علم. مقدمة الكتاب كما سبق أنهم يذكرون فيها ثمانية أشياء: أربعة على جهة الوجوب الصناعي، وأربعة على جهة الاستحباب الصناعي البسملة، والحمدلة، والتشهد، والصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام، وأما بعد، وبراعة الاستهلال، وتسمية نفسه وكتابه هذه تسمى مقدمة الكتاب وأحيانًا يذكر منهجه في الكتاب أو طريقته في الكتاب هذه تسمى مقدمة الكتاب. مقدمة العلم هي: ما يعنوِن لها العلماء بالمبادئ العشرة التي جمعها الصبان محمد بن علي في قوله: إن مبادئ كل فن عشرة ** الحد والموضوع ثم الثمرة ونسبة وفضله والواضع ** والاسم والاستمداد وحكم الشارع ومسائل والبعض بالبعض اكتفى ** ومن درى الجميع هذه العشرة وأمام هذه المسائل العشرة الحد، والموضوع، والحكم، والفائدة التي هي الثمرة، وأما المسائل فهي التي تعرف بثنايا الكتاب دراسة الكتاب هذه المبادئ العشرة ذكر بعضها الناظم وهو ما عَنوَن له باب أصول الفقه لأنه ذكر حد الفقه ذكر حد أصول الفقه من جهة معناه الإضافي ومن جهة معناه العلمي اللقبي ثم استرسل في بيان بعض المسائل المتعلقة بهذه الحدود إلى آخر الباب، ولم يذكر إلا الحد لماذا؟ لأن الحد أهم ما يعتني به طالب العلم، كل باحث، كل دارس لفن ما لعلم من العلوم قبل الشروع فيه قالوا: يجب أن يتصوره بوجه ما. يعني: أن يعرف حقيقة هذا الفن ماذا يدرس؟ لا بد أن يتصوره والتصور هنا يحصل إما بحده أو رسمه قالوا: فالذي يشرع في فن، وما يدري ما هو هذا الفن ما حقيقة هذا الفن قالوا: كمن ركب متن عمياء وخبط خبطة ناقة عشواء. ركب متن عمياء ظهر الطريق الذي لا يدرى أين يصل به قد يسير السائر في طريق ما ولا يعرف إلى أين يكون هذا المسير وما هي غاية هذا الطريق الذي يدرس فنًا ولا يدري ما حده هذه حاله كمن ركب متن عمياء وخبط خبط ناقة عشواء، ناقة عشواء التي لا ترى لا تبصر نظرها وبصرها ضعيف هذه إذا ركبها وترك لها الخطام ماذا تصل به؟ تخبط به خبط ناقة عشواء فلذلك عيَّن الناظم هنا أحد هذه المبادئ وهو: حد أصول الفقه. فقال: بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ

العلماء جروا في مصنفاتهم على التبويب هنا أنبه على مسألة وهي أن الورقات هذه شُرحت عدة شروح في الدورات وفي غيرها نظمًا ونثرًا والغاية عندي أن هذه الورقات مقدمة لما سيليها من كتاب في أصول الفقه وهو نيتي إن شاء الله تدريس ((الكوكب الساطع)) ولما لم يكن كتاب بين الورقات والكوكب الساطع ليس هناك وقت وهذا مما يشق على من يطلب هذا الفن وهو لم يوجد للمتون التي تكون محققة ومقابلة للتدريس والحفظ لذلك لا يوجد إلا الورقات وهذا النظم لها يوجد بعض المنظومات لنظم الورقات لكن ليست كمستوى نظم العامين فلذلك أحيل في التفسير وكشف المعاني على الأشهر من عندَه شرح فليحضر الدرس على ما يسمعه في ذلك الدرس أو يأخذ شرحًا مبسطًا للنثر أو النظم أما الشرح هذا فسيكون نوعًا ما متوسط وما زاد على ذلك لماذا؟ يعني: لا يكون هذا الشرح الذي ستسمعه للمبتدأ على جهة الخصوص بل هو لما هو فوق المبتدأ لماذا؟ أما الشرح المبسط هذا تأخذه قبل الدرس يعني: يمكن أن يجمع بينهما الطالب. قبل أن تحضر حضر من كتاب ميسر ((شرح المحلي)) مثلاً أو ((قرة العين)) للرعيني أو ((لطائف الإشارات)) نفسه لعبد الحميد شرح نظم الورقات أما الدرس هنا فسيكون نوعًا متوسطًا وفوق المتوسط فيحتاج إلى بعض العبارات تحقيقات منطقية وتطبيق لما سبق أو وقوف مع الحدود على الطريقة السابقة والسر في هذا كما ذكرت لكم أننا سننتقل بعد هذا إلى كتاب ((الموسع)) فإذا شُرح بطريقة ميسرة لا يستطيع طالب العلم أن يدخل مباشرة في كتاب مطول لهذا جر التنبيه. بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ جرى العلماء على التبويب لكتبهم يعني: يذكرون الكتاب لا يذكرونه هكذا سردًا وإنما يُقسم وينوع باب أصول الفقه، باب العام، باب المطلق والمقيد، باب الناسخ، ما الحكمة من التبويب؟ قال بعضهم كالزمخشري وغيره قالوا: الحكمة من تبويب الكتب هو أنه أنشط للقارئ لأن الطالب إذا قرأ بابًا وكان مشتملاً على ثمانية أبيات أو عشرة أو خمسة عشر لا بد أن يكون له نهاية فإذا انتهى من هذه الأبيات وشرع في باب يليه كان أدعى له إلى تجديد نشاطه. إذن الحكمة من تبويب الكتب هو أنه أنشط للقارئ لذلك قيل: إذا كانت الطريق مقدرة للسفر كانت أبعد للمسافر في السفر. إذا عرفت كم سيبقى لك لتصل إلى منطقة ما مثلاً هذا يكون أنشط لك بقي ساعة بقي ثلاثين، لكن إذا لا تدري سيقع في نفسك نوع من الملل قيل: ولذلك كان القرآن مسورًا. والله أعلم. يعني: عندما يقرأ القارئ سورة البقرة وانتهى ثم يشرع في آل عمران وانتهى يكون أبعث له إلى المواصلة وإلى الاستمرار في القراءة. قال: بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ باب هذا له من جهة المعنى معنيان: معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي. وله إعراب خاص به نذكره في هذا الموطن ولا نعيده مرةً أخرى لأنه إذا ذكر في هذا الموضع قس عليه ما سيأتي.

الباب أصله بَوَبٌ الألف هذه منقلبة عن واو بَوَبٌ تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا ما الدليل على أن هذه الألف منقلبة عن واو؟ الجمع والتصغير الجمع تقول: أبواب. من أين جاءت الواو هذه هو: باب. جمعته على أبواب نقول: هذه الواو الذي جاءت وظهرت في الجمع هي الألف التي انقلبت عن واو. بُوَيْب فُعَيْل الواو عين وهناك الألف عين والألف لا تكون أصلاً في الثلاثي بالإجماع بإجماع الصرفيين لا تكون الألف أصلاً في الثلاثي إما منقلبة عن واو، وإما أن تكون منقلبة عن ياء فَبَوَبٌ هذا أصل بُوَيْبُ هذا تصغير والتصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها يجمع باب على أبواب قياسا وعلى أبوبة وبيبانٍ سماعا إذن له ثلاثة أمور: جمع قياسي، وجمعان سماعيَّان أبوبة وبيبان بيبان بعض الناس ينكرها هي فصيحة سمعت لكن ليست قياسية تقول: بيبان. هذه بيبان وتقول: أبوبة وتقول: أبواب. أبوبة وبيبان سماعيان يحفظ ولا يقاس عليه وأبواب هذا قياسي يعني: جاء على وزن أفعال. وأفعال كما سبق أنه من جموع القلة أَفْعِلَةٌ أَفْعُلٌ ثمفعلة ثمت أفعال جموع قلة إذن أبواب هذا جمع قياسي. الباب في اللغة: المدخل للشيء أي: مكان الدخول. مدخل مفعل اسم مكان المدخل للشيء أي: مكان الدخول. وقيل: سترة أو فرجة في ساتر يتوصل بها من داخل إلى الخارج وعكسه فرجة بساتر جدار وتوجد فيه فرجة كما هو الباب هذا، فرجة في ساتر يتوصل بها من داخل إلى خارج ومن خارج إلى داخل هذا هو الباب، ولذلك قالوا: هو حقيقة في الألسان مجاز في المعان. حقيقة في الألسان إذا كان الدخول حسي والباب يكون حسيًّا في الجدار ويكون في المعاني مجازًا لأن هذا الباب أو هذه الأبيات التي تتعلمها تحت هذا الباب تكون مدخلاً لك إلى علم أصول الفقه فهو كالباب لكنه معنوي لا حسي وتسميته بابًا هذا تسمية مجازية على القول بإثبات المجاز.

الباب في الاصطلاح عندهم: ألفاظ مخصوصة دالة على معالم مخصوصة. هذه الألفاظ الأصل أنها مطلقة كل لفظ يخرج من الفم الأصل أنه مطلق لا يتقيد إلا بما أراد المتكلم أن يتكلم فيه فمثلاً لو راجع الإنسان نفسه مفكرته لوجد جمعًا لا حصر له من الألفاظ وإذا أراد في نفسه أن يتكلم مثلاً عن التقوى إذن هذا معنى خاص هل سيعبر عن هذا المعنى الذي في نفسه بكل لفظ في مفكرته أم يختار ألفاظ مخصوصة لتدل على هذه المعاني المخصوصة؟ الثاني أنه سيختار ألفاظًا مخصوصة من أين يختارها؟ من المعجم الذي في نفسه عنده قاموس وعنده معاني يريد أن يعبر عنها بتلك الألفاظ لذلك قيل: الألفاظ هي قوالب المعاني. إذا قيل: باب ألفاظ مخصوصة دالة على معاني مخصوصة ما الذي يقيد هذه الألفاظ؟ نقول: بالنظر إلى المضاف إليه. هو الذي يقيد إذا قيل: باب وأطلق نقول: لا نعرف ما هي هذه الألفاظ ولا نعرف ما هي هذه المعالم المخصوصة لكن لو قيل: باب العام عرفنا أن المعاني مختصة بأحكام العام وعرفنا أن هذه الألفاظ يعبر بها عما يليق بهذه المعاني فإذا قيل: باب أصول فقه. عرفنا أن هذه الألفاظ المخصوصة إنما هي تعبر أن أصول الفقه الذي أريد التعبير عنه في النظم إذن ما حد الباب في الاصطلاح؟ ألفاظٌ مخصوصة دالة على معاني مخصوصة. هذا في كل باب، باب المياه، باب الصلاة، باب الجنائز والخ. نقول: باب ألفاظٌ مخصوصة دالة على معاني مخصوصة. وهذا أيضًا يعبر به عن الكتاب. الكتاب في الاصطلاح: ألفاظٌ مخصوصة دالة على معاني مخصوصة. والذي يعين أيضًا المضاف إليه كتاب الطهارة، كتاب الصيام إذن ألفاظٌ مخصوصة دالة على معاني مخصوصة هي الحديث عن الصيام ونحوه. باب هذا من جهة المعنى من جهة الإعراب يجوز لك فيه ثلاثة أوجه: بَابُ، بَابَ، بَابِ. اقرأه كيف شئت إلى أن الأخيرة شاذ عند البصريين بابُ أصول الفقه بابُ هذا في الرفع تحته صورتان يعني إعرابان يجوز فيه الرفع لكن الرفع يحتمل أنه مبتدأ، ويحتمل أنه فاعل، ويحتمل أنه خبر، ويحتمل أنه نعت، إذن ماذا نعربه؟ نقول: تحته صورتان: أن يكون مبتدأً لخبرٍ محذوف بابُ أصول الفقه هذا موضعه، بابُ مبتدأ وهو مضاف مبتدأ أول وهو مضاف وأصول الفقه مضاف إليه هذا موضعه مبتدأ ثاني وخبر والمبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ هذه صورة. الصورة الثانية من الرفع: بابُ أصول الفقه هذا بابُ أصول الفقه بابُ هذا خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا ذا ها ها حرف تنبيه ذا اسم إشارة منع من صرفه محل الرفع مبتدأ باب خبر هذه في الرفع ماذا يجوز؟ وجهان: الأول: أن يكون مبتدأً والخبر محذوف تقدير الخبر بابُ أصول الفقه هذا موضعه أن يكون مبتدأً أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف هذا بابُ أصول الفقه والأرجح من الوجهين أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف على الأرجح أن يكون خبر لمبتدأ محذوف ما العلة ما الحكمة؟ لأن الخبر هو محط الفائدة. والخبر الجزء المتم الفائدة ** كالله بر والأيادي شاهدة

الأصل في المبتدأ لا يكون إلا معلوم لماذا؟ لأنه محكوم عليه والحكم على الشيء فرع على تصوره إذن لا تحكم على الشيء إلا بعد العلم به والمبتدأ محكوم عليه والخبر محكوم به فإذا حكمت بشيءٍ على شيء والمخاطَب في الأصل أنه يعلم المبتدأ دون الخبر فإذا حذف أحدهما وجاز كون المحذوف مبتدأً أو خبرًا نقول: الأولى جعل المبتدأ هو المحذوف لأنه معلوم بينك وبين المخاطب وإنما جئتَ بالمبتدأ كالبساط هو يعرف زيد يقول: زيد عالم، أو زيد مسافر، أو زيد قادم هو يعلم زيد وهو مبتدأ المخاطب يعلم زيد لكن قدوم زيد هو الخبر أن تريد أن تخبره بماذا؟ بقدوم زيد إذن محط الفائدة الذي سيقت من أجله الجملة هو الخبر فحينئذٍ نقول: الأولى في الرفع هنا بحالتيه أن يكون البابُ هنا خبرًا لمبتدأ محذوف. الوجه الثاني: بابَ أصول الفقه في النطق على أنه مفعول به لفعل محذوف جوازه لذلك نقول هنا في الرفع نقول: الحذف جائز والتقدير واجب. لماذا؟ كيف يستقيم المعنى؟ نعم أحسنت بابُ أصول الفقه هذا مركب إضافي إذا قيل: باب عام. هذا مثل غلام زيد غلام زيد لو قال قائل لك: غلام زيد. إيش فيه غلام زيد هل حصلت الفائدة التامة؟ لم تحصل الفائدة التامة، إذن المركب الإضافي لا تحصل به الفائدة التامة إلا إذا ضم إلى غيره أن يجعل مسندًا أو مسندًا إليه لأن الكلام لا يكون إلا بإسناد والإسناد يقتضي مسندًا ومسند إليه وهنا قد حصلت الفائدة إذا قيل: باب العام. أي: هذا باب العم فحينئذٍ نقول: الحذف جائز. يعني: يجوز أن يتلفظ هذا باب الكلام يجوز أن تقول: هذا باب أصول الفقه. ويجوز لك أن تحذف لكن لا يصح أن تقول: باب أصول الفقه. ولا تقدر بنفسك شيء البتة لماذا؟ لأن هذا المضاف والمضاف إليه لا تحصل به الفائدة التامة ولا يمكن أن يوجد كلام إلا بإسناد وكل إسناد يقتضي مسندًا ومسندًا إليه بابَ أصول الفقه أي: اقرأ باب أصول الفقه. بابَ هذا مفعول به لفعل محذوف جوازًا والتقدير: واجب. لأنه منصوب وكل منصوب لا بد له من عامل اقرأ بابَ بابِ أصول الفقه بالجر على أنه مجرورٍ بحرف جرٍّ محذوفٍ والتقدير: انظر في بابِ أصول الفقه. ولكن هذا على مذهب الكوفيين أنهم يجوزون حذف حرف الجر وإبقاء عمله بابِ أصول الفقه ما العامل فيه؟ حرف الجر أين هو؟ محذوف حذف بقي عمله هذا شاذ عند البصريين يُحفظ ولا يقاس عليه. وعد لازمًا بحرف جر ** وإن حذف فالنصب للمنجر نقلاً هذا لمسمى المنصوب بنزع الخافض إذا نُزع الخافض حرف الجر وجب في الاسم المجرور النصب هذا على رأي البصريين نعم على رأي البصريين أما الكوفيون فالقول أنه يجوز أن يبقى المجرور على حاله فتقول: بابِ أصول الفقه. ولهذا قيل من أدلتهم أنهم قالوا: قيل للرؤبة كيف أصبحت؟ قال: خيرٍ رؤبة مما يحتج به يعني: بخير أو على خير، كيف أصبحت؟ قال: خيرٍ. خيرٍ هذا مجرور ما العامل فيه؟ حرف الجر المحذوف إذن حذف وبقي عمله لكن جماهير البصريين على المنع. بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ إذن عرفنا المضاف والآن ننتقل إلى بيان المضاف إليه.

أصول الفقه بَابُ أُصُولِ الْفِقْهِ أي: هذا باب في بيان حقيقة أصول الفقه أنه يريد أن يعرف لنا أصول الفقه والتعريف إنما يتعلق ببيان الحقائق بابُ أصول الفقه أي: بابٌ في بيان الفن المسمى بهذا اللقب ولكن النظر في كلمة أصول الفقه هذه نجد أنها مركب إضافي ولذلك قيل: أصول الفقه له معنيان: معنى إضافي بالنظر إلى كونه مركبًا إضافيًّا من مضاف ومضاف إليه ومعنى لقبيًّا علميًّا بالنظر إلى أنه نقل العام إلى معناه الأصلي وهو المركب الإضافي لكثرة الاستعمال في عرف الأصوليين والفقهاء إلى معنى جديد آخر وهو المسمى بهذا ( ... ) الأصل فيه المركب الإضافي ضابطه كل اسمين نُزل ثانيهما مُنَزلة التنوين مما قبله غلامُ زيدٍ غلام الأصل أنها ( ... ) يعني تصبرون على مسائل النحو غلامٌ زيد هذا الأصل غلامٌ اسم مفرد نكرة واجب التنوين زيدُ هذا اسم علم مفردٌ واجب التنوين يجب التنوين. ونون الاسم الفريد المنصرف ** إذا درست قائلاً ولا تقف

ونون الاسم المفرد المنصرف الاسم المفرد المنصرف يجب تنوينه تنوين الصرف غلامٌ زيد إذا أضفت غلام إلى زيد سلبت التنوين من الاسم الأول فقلت: غلامُ زيدٍ. غلامُ زيدٍ لماذا سلبت التنوين من الأول؟ قالوا: لتنزيل الثاني المضاف إليه منزلة التنوين مما قبله. له حكمة أخرى لكن هذا على بيان الحد كل اسمين نُزل ثانيهما الذي هو المضاف إليه مُنزلة التنوين مما قبله فحينئذٍ يكون عندنا مضاف ومضافًا إليه ونسبة فهو مؤلف من ثلاثة أجزاء غلامُ زيدٍ نقول: هذا غلام منسوب لزيد لأن الإضافة نسبة تقييدية تقتضي انجرار الثاني أبدا نسبة يعني تعليل وارتباط بين اللفظين غلامُ زيد أصول الفقه إذا نزلناه على هذا نقول: الأصل فيه أنه مركب إضافي أصول والفقه هو مؤلف في الحقيقة من ثلاثة أجزاء المضاف وهو: كلمة أصول، والمضاف إليه وهو كلمة الفقه، والجزء الصوري الذي هو النسبة التقيدية الأصول المنسوبة إلى الفقه إذا فهمت المثال السابق غلامُ زيدٍ تفهم هذا الترتيب إذن الأصل في أصول الفقه أنه مركب إضافي والمركب الإضافي ضابطه كل اسمين نزل ثانيهما منزلة التنوين مما قبله، يتألف هذا المركب الإضافي من ثلاثة أجزاء: المضاف، والمضاف إليه، والنسبة التي هي: الجزء الصوري. النسبة التقيدية هذه ثلاثة أمور يتألف منها المركب الإضافي الأصل في أصول الفقه في الإضافة هنا للإشارة إلى مدح فن الأصول يعني: لماذا أضيف في الأصل أصول إلى الفقه؟ قيل: لمدحه. لماذا لمدحه؟ لأن الفقه هو علم الحلال والحرام وهو من مقاصد الشريعة فإذا عُلم أن هذا الفقه العظيم هذا العلم الشريف مبني على هذه الأصول هل يعتبر مدحًا لهذه الأصول أم لا؟ هل يعتبر مدحًا أم لا؟ يعتبر مدحًا وشرفًا لهذه الأصول لماذا؟ لأن أعظم علمٍ عند بعضهم أعظم علم وهو علم الحلال والحرام هذا قد بني على هذه الأصول إذن الأصل في المركب الإضافي إنما أضيف المضاف إلى المضاف إليه أصول الفقه للإشعار بمدح هذا الفن ثم بعد ذلك لكثرة الاستعمال نقل عن معناه الأصلي وهو ملاحظة الجزأين لهذه العلة وهي مدح الأصول بابتناء علم الحلال والحرام عليه نقل وصار التركيب نسيًا منسيًّا يعني لم يلاحظ فيه هذا المَلْح لأن المركب الإضافي قبل جعله علمًا ينظر إلى جزئيه من حيث إفادة المعنى ثم إذا صار علمًا ولقبًا على فنٍّ ما اختلُف عنه المعنى الأصلي ولذلك عندهم عند المناطقة أن أصول الفقه من حيث هو مركب إضافي مركب ومن حيث هو علم ولقب هو ( ... )

الأول يدل جزئه على جزء معناه والثاني أصول الفقه لفظ علمًا على الفن المسمى بهذا اللفظ هو مفرد كزيد والأول مركب إذا عرفنا أن أصول الفقه في الأصل هو مركب إضافي ثم نقل فجعل علمًا على الفن المسمى أيهما الأصل الذي يعتني به الأصولي؟ الثاني وهو: كونه لقبًا لأننا نريد أن نعرف أصول الفقه الذي هو الفن المسمى بهذا اللفظ وهو بهذا الاعتبار مفرد ليس مركبًا إذن نعتني به من حيث هو مفرد لكن لما نقل إلى أصله من جهة اللفظ وُجد أنه مركب إضافي وبينهم نزاع وخلاف العَلَمُ اللقبي إذا كان في الأصل مركبًا هل يتوقف فهم معناه وبيان حقيقته على معرفة جزئيه في الأصل أم لا؟ بينهما خلاف أصول الفقه قلنا: من حيث جعله علمًا هو مفرد لكن لا يمكن أن نتجاهل الكلمتي أصول وفقه لماذا؟ لأنهما لفظتان والأصل مستصحب من حيث اللفظ فحينئذٍ إذا أردنا أن نعرف أصول الفقه هو عَلَم هل يتوقف هذا التعريف على معرفة جزئيه في الأصل السابقين أم لا؟ بينهما نزاع من رأى أنه يتوقف فهم العلم اللقب على معرفة جزئيه بدأ ببيان أصول لوحدها والفقه لوحدها كما جرى عليه الناظم وأكثر الأصوليين على ذلك ومنهم من قال: لا، أصول الفقه علمًا على الفن المسمى بهذا اللفظ لا يتوقف فهمه على فهم مفرديه فتجاهَل تعريف المفردين وهذا جرى عليه بعض الأصوليين إذن الناظم هنا قال: هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا ** لِلْفَنِّ مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا (هَاكَ) إيش هاك؟ اسم فعل أمر ما ضابط اسم فعل الأمر؟ ما دل على الطلب ولم يقبل علامة فعل الأمر هذا يسمى اسم فعل أمر (هَاكَ) هذا اسم فعل أمر بمعنى خذ لا محل له من الإعراب هناك خلاف هل اسم الفعل هنا ها لوحدها والكاف حرف خطاب أم أنها هاك كلها اسم فعل أمر بينهم نزاع عند النحاة (هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ) هاك أي: خذ أيها الطالب (أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا) هذان مفردان منصوبان الأول منصوب على التنوين والإعراب يبين لك المعنى لفظًا هذا منصوب على التنوين لقبًا هذا منصوب على الحال، المنصوب على التنوين هنا كما هو مقرر عند النحاة قد يكون محولاً عن المفعول به يعني: أصله مفعولاً به مثل ماذا؟ {(((((((((((الْأَرْضَ ((((((((} [القمر: 12] فجرنا الأرض فجرنا فعل فاعل الأرض مفعول به عيونًا هذا تميز أصل التميز هذا مفعول به وفجرنا عيون الأرض هل هناك فرقٌ بين التركيبين؟ فجرنا عيون الأرض و {(((((((((((الْأَرْضَ ((((((((} هل هناك فرق؟ ما الفرق؟ نعم ما هو؟ أعطني معنى التركيب الأول {(((((((((((الْأَرْضَ ((((((((} أصبحت الأرض كأنها كلها وفجرنا عيون الأرض؟ وهذا يدل على أن النحو له أهمية في فهم الكلام.

(هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا) لفظا هذا تمييز محول عن مفعول به أصله هاك لفظ أصول الفقه إذن لفظًا هذا نحن نسميه محول عن مفعول به (لَقَبَا) يعني: علمًا. لقب المراد به العلم هنا وإن كان هو نوع من أنواع العلم، واسمًا أتى وكنية ولقبًا نوع من أنواع العلم ما أشعر بمدح أو ذم، (هَاكَ) أي: خذ أيها الطالب لفظ أصول الفقه حالة كونه لقبًا وعلمًا للفن. للفن تقف هنا انتهى الكلام (هَاكَ) أي: خذ أيها الطالب لفظ أصول الفقه حالة كونه علمًا للفن المسمى بهذا اللفظ إذن أراد الناظم هنا جريًا على أصل الورقات أن يحد لك أصول الفقه من حيث كونه لقبًا وعلمًا على الفن المسمى بهذا الاسم لكن لما كان هذا اللقب مركبًا تركيبًا إضافيًّا قالوا وهذا ظاهر كلامه: أن حد أصول الفقه وهو لقب متوقف على معرفة جزئيه فحينئذٍ لا بد من معرفة هذين الجزأين أولا ثم بعد ذلك ننتقل إلى أصول الفقه لفظًا لذلك قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا). هذه جملة استئنافية جديدة (مِنْ جُزْأَيْنِ) اثنين جار ومجرور متعلق بقوله: (تَرَكَّبَا). قد تركبا من جزأين تركبا الألف هذه لإطلاق الروي والضمير هنا يعود على لفظ أصول الفقه تركب من أي شيء قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ). (قَدْ تَرَكَّبَا) تركبا هذا مأخوذ من التركيب وإن كان الأصل صاحب الورقات قال: مؤلف من جزأين. ولعل الناظم لم يتمكن من الإتيان به فقال: (تَرَكَّبَا). لماذا؟ لأن المشهور عندهم أن ثم فرقًا بين التأليف والتركيب كل تأليف تركيبٌ ولا عكس بينهما العموم والخصوص المطلق يجتمعان في صورة وينفرد الأعم صورة لا يصدق عليها الأخص التركيب عندهم وضع شيءٍ على شيء مطلقًا مُطلقًا يقصدون بالإطلاق هنا سواء على جهة الثبوت أم لا؟ وسواء كان بينهما مناسبة أم لا؟ وضع شيء على شيء على جهة الثبوت أو على جهة مراد بها الثبوت هذا يسمى بناءً لذلك حد البناء في النحو أنه وضع شيء على شيء على جهة يراد بها الثبوت وكل بناء تركيب ولا عكس العلاقة بينهما العموم والخصوص مطلقًا مطلقا أيضًا سواء كان بينهما مناسبة أم لا فحينئذٍ نقول: كل تأليف تركيب ولا عكس. هذا هو المشهور أن الفرق بين التركيب والتأليف كل منهما وضع شيء على شيء لكن في التأليف لابد أن يكون بين الاثنين مناسبًا والتركيب لا يشترط فيه أن يكون بين الاثنين مناسبًا ولذلك عند النحاة يقولون: باب الكلام وما يتألف منه.

وبعضهم يقول: وما يترتب منه. ابن مالك قال: الكلام وما يتألف منه. لماذا؟ لأنه يشترط المناسبة بين المسند والمسند إليه بعضهم لا يشترط المناسبة فيطلق لفظ الكلام على ضم كلمة إلى أخرى ولو لم تكن بينهما مناسبة لذلك عند ابن مالك لو قال قائل: طار الجدار. فعل فاعل أليس كذلك ظاهرية النحاة يقولون لك: فعل وفاعل. طار الجدار لكن عند ابن مالك يقول: لا. لأن ليس بنيهما مناسبة هذا الحدث الذي هو الطيران لا يتصور عقلاً وقوعه من الجدار فحينئذٍ اسمان طار الذي هو الفعل إلى الفاعل طار الجدار نقول: هذا لا يصح. لماذا؟ لعدم وجود التأليف بينهما وهو المناسب من اشترط التركيب فقط قال: نعم يصح أن تكون طار الجدار وهو كلام عربي فصيح لوجود تركيب بين المسند والمسند إليه. إذن قوله: (قَدْ تَرَكَّبَا). هذا مأخوذ من التركيب قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا). (من جزئين قد تَرَكَّبَا) الألف هنا للإطلاق تركيبًا إضافيًّا لأن المركب ستة أنواع أو خمسة قد يكون تركيبًا توصيفيًّا، قد يكون تركيبًا إسناديًّا، قد يكون تركيبًّا إضافيًّا، قد يكون تركيبًا عدديًّا إحدى عشر، قد يكون تركيبًا ( ... ). هذه كم خمسة قد يكون تركيبًا مزجيا هذا الثاني هذه ستة أنواع ما المراده هنا قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا). ما المراد بالتركيب هنا؟ نقول: التركيب الإضافة. (قَدْ تَرَكَّبَا) تركيبًا إضافيًّا لكن هذا قلنا: بحسب الأصل أما كونه لقبًا للفن فهو مفرد على طريقة المناطقة وإلا فهو مفرد قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ). ما المراد بالجزأين إذا قلنا المركب هنا تركيب إضافي ما المراد بالجزأين؟ المضاف والمضاف إليه لكن بقي جزء ثاني وهو النسبة لِمَ لم يقل من ثلاثة أجزاء وقال: من جزأين؟ أراد أن ينص على الأشياء المدرَكة بالحس المسموع أصول الفقه أن تسمع جزأين فقط والثالث غير مسموع إنما مدرك بالعقل ولأن في ذكر الثالث الجزء الصوري نوع صعوبة على المبتدئ فحينئذٍ لا يتصور النسبة والارتباط والتعليل بين المضاف والمضاف إليه فهمتهم معنى النسبة بين المضاف والمضاف إليه؟ أن يكون المضاف منسوبًا إلى المضاف إليه غلامُ زيدٍ له ثلاثة معاني، غلام لوحدها لها معنى خاص بها زيد لها معنى خاص بها غلامٌ منسوب لزيد هذا معنى ثالث باجتماع اللفظين معًا غلام يدل على مسماه لوحده زيد يدل على مسماه مدلوله لوحده أما إذا ضما معًا قد وُجد معنى ثالث لا يستقل الأول بالدلالة عليه ولا الثاني بالدلالة عليه وإنما يؤخذ من مجموع الكلمتين وهو كون الغلام منسوبًا لزيد كون الغلام منسوبًا لزيد هذا هو الجزء الصوري وهو أمر عقلي لم ينص عليه الناظم تبعًا للأصل إما لكونه نص على المحسوس المسموع وإما لكونه تركه من باب التسهيل على الطالب. الأَوَّلُ الأُصُولُ ثُمَّ الثَّانِي ** الفِقْهُ

(الأَوَّلُ) يعني: أول الجزأين الأول بمعنى الأسبق أول الجزأين لفظ (الأُصُولُ) لأن الكلام في الألفاظ (ثُمَّ الثَّانِي) يعني: ثم اللفظ الثاني الجزء الثاني (الفِقْهُ) أي: لفظ الفقهِ فنشأ منهما لفظ أصول الفقه (الأَوَّلُ) يعني: اللفظ الأول الأسبق لفظ أصول الفقه (ثُمَّ الثَّانِي) ثم هنا للترتيب فقط ولا تفيد تاريخيًا على أصل (ثُمَّ الثَّانِي ** الفِقْهُ) يعني لفظ الفقه فنشأ منهما المركب الإضافي أصول الفقه أصول هذا قال: جزءٌ أول (الفِقْهُ) جزءٌ ثاني، ثم قال بعد ذكر الجزأين: (وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ) أي: جزءان الذي هو أصول الجزء الأول والجزء الثاني الذي هو الفقه، قال: (مُفْرَدَانِ) الجزءان مبتدأ ومفردان خبر الجزء الأول أصول هل هو مفرد هل هو كزيد؟ نعم في اللفظ مفرد وفي المعنى جمع نعم معلومة عندك بس التعبير نعم أصول مفرد مُفرد اصطلاحي من المناطقة أحسن مفرد في اصطلاح المناطقة وهنا يميل للاستدلال العقلي تطبيق الإمام فقه ( .. )

أكثر من مرجعهم إلى اللغة (وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ) الأصول هنا مفرد والفقه مفر ولا إشكال في الفقه إذن نقول: (وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ) من الإفراد المقابل للتركيب بهذا القيد من الإفراد المقابل للتركيب يطلق المفرد عند النحاة مرادًا به ما يطاب إلى المثنى والجمع زيد هذا مفرد من جهة اللفظ ومن جهة المدلول من جهة اللفظ أنه لا ليس مركبًا من كلمتين لأن المفرد عند النحاة على الصحيح الكلمة الواحدة أو اللفظةُ الواحدة أو الملفوظُ بلفظٍ واحدٍ عرفي اختر ما شئت أما عند المناطقة فيختلف إذن نقول عند النحاة نقول: يطلق المفرد مرادًا به ما يقابل المثنى والجمع كزيد فإنه من جهة اللفظ مفرد ومن جهة المعنى مفرد لأنه يدل على شيءٍ واحد مدلوله شيءٌ واحد ويطلق أيضًا على ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف وهذا في باب المنادى وفي باب لا التي من نفي الجنس يطلق المفرد هناك ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف فيشمل حينئذٍ زيد والزيدين يعني يشمل المفرد والمثنى والجمع تقول يا زيدان يا زيدُ يا زيدان يا زيدُ هذا مفرد في هذا الباب مفرد لماذا لأن المنادى هنا يا زيد يا زيدان زَيدان هذا منادي وهو مفرد لذلك يبنى على ما يرفع به لو كان مرفوعًا يا زيدون نقول زيدون هنا مفرد هو في باب الإعراب زيدون هذا جمع وزيدان هذا جمع لكن في هذا الباب نقول زيدون وزيدان هذا مفرد في باب لا النافية الجنس كذلك نفس الحكم بقي الإطلاق الثالث وهو ما ليس جملةً ولا شبيهًا بالجملة وهذا في باب المبتدأ والخبر ما ليس جملةً ولا شبيهًا بالجملة الزيدان قائمان الزيدون قائمون، قائمون هذا مفرد لماذا لأنه خبر وليس بجملةٍ ولا شبيهٍ بالجملة، الزيدان قائمان، قائمان نقول هذا خبر وهو مفرد لماذا لأنه ليس جملةً ولا شبيهًا بالجملة إذن عند النحاة يطلق المفرد ويراد به ما يقابل من هدف باب الإعراب ما يقابل المثنى والجمع ويطلق في باب المنادى واسم لا النافية الجنس ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضافة، وفي باب المبتدأ الخبر ما ليس جملة ولا شبيهًا بالجملة هذه الثلاثة ليست مرادة هنا وإنما المراد في اصطلاح المناطق وهو الإفراد أو المفرد المقابل للتركيب وحده عند المناطقة المفرد ما لا يدل جزؤه على جزء المعنى الذي لا يدل جزءه على جزء معناه هذا يسمى مفردًا عند المناطقة (الأُصُولُ) ننظر إلى اللفظ أصول لو أخذت بعض اللفظ وهو الهمزة لوحدها أو الصاد لوحدها أو الواو أو اللام نقول: هذا اللفظ الذي أخذته وهو جزءٌ من هذه الكلمة هل يدل على معنىً من ما دل عليه لفظ أصول الجواب لا إذن ما لا يدل بعض لفظه على بعض معناه نقول: هذا مفرد عند المناطقة زيد زاي الزاي هل تدل على ما دل عليه لفظ زيد الجواب لا أما إذا قلت غلامُ زيدٍ نقول هذا مركب لماذا لأنه دل جزؤه على جزء معناه يعني بعض لفظه يدل على بعض معناه كيف بعض لفظه يدل على بعض معناه ما هو معناه غلام زيد غلامٌ منسوبٌ لزيد هذا مدلوله من جهة كونه مركبًا إضافيًا غلامٌ منسوبٌ لزيد لو أخذنا غلام لوحدها هل تدل على جزء المعنى الذي دل عليه الكل أم لا نعم لأن المعنى الكل المستفاد من المرتب الإضافي غلامٌ منسوبٌ لزيد كيف قلت غلام لوحدها دلت

على بعض المعنى الذي دل عليه المعنى الكلي من المركب الإضافي كذلك زيد يدل على بعض المعنى الذي دل عليه المعنى الإجمالي للمركب الإضافي إذًا قوله: (وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ) من الإفراد المقابل للترتيب وهذا على اصطلاح المناطقة وهو أن المفرد ما دل بعض لفظه على بعضِ المعنى عفوًا المفرد ما لا يدل بعض لفظه على بعض المعنى يقابله المركب على هذا الاصطلاح ما دل بعض لفظه على بعض المعنى إذن الإفراد في الجملة المفرد يطلق على الأشهر فيما يقابل المثنى والجمع ولذلك نص الشراح تجد هناك في شروح الورقات قالوا: (وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ) من الإفراد المقابل للترتيب لا المقابل للتثنية والجمع نصوا على هذا يعني: هذا النوع بشهرته ولذلك إذا أطلق المفرد أول ما يتبادر إلى الذهن المقابل للمثنى والجمع فنص الشراح على هذا لشهرته وإلا يطلق المفرد على ما لا يقابل المثنى والجمع إذن (وَالْجُزْءَانِ) الذي هو أصول ولفظ (الفِقْهُ) مفردا فأصول مفرد لأن بعض لفظه لا يدل على بعض معنى والفقه معنى لأن بعض لفظه لا يدل على بعض معنى. فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي ** وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي أراد أن يبين لك حقيقة كل من الجزأين الجزء الأول وهو لفظ أصول والجز الثاني وهو لفظ الفقه سيعرف لك الجزء الأول لغةً واصطلاحًا والجزء الثاني الذي هو الفقه لغةً واصطلاحًا قال: (فَالأََصْلُ) الفاء هذه فصيحة تسمى الفاء الفصيحة بتركيب التوصيل وتسمى فاء الفصيحةِ بتركيب الإضافي وتسمى فاء الفضيحة أجارنا الله وإياك فاء الفصيحة فعلية بمعنى مفعلة مأخوذة من الإفصاح وهو البيان والإظهار لما سميت هذه الفاء فاء الفصيحة قالوا على المشهور: لأنها أفصحت عن جواب شرطٍ م ( ... ) لأن سائلاً سيسأل (وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ) ما هما الجزءان قال: وإذا أردت معرفة حقيقة كل من الجزأين فأقول: لك الأصل ما عليه غيره إذن هناك جواب فرقٌ قد وقيل: لا هي أعم من ذلك وهذا محظور عند المفسرين أن كل فاءٍ حُذِفَ ما بعدها فحينئذٍ تكون فاء الفصيحة سواء كان شرطًا أم لا (فَالأََصْلُ) هذا هو الجزء الأول الذي هو مفرد الجزء الأول الأصل قال: (الأَوَّلُ الأُصُولُ) ثم قال: (فَالأََصْلُ) هو يريد أن يعرف الجزء الأول هل الأصل هو الجزء الأول لا ليس هو الجزء الأول الجزء الأول الحقيقي هو أصول يعني أصول الفقه لا نقول أصل الفقه لا بد أن تعرف اللفظ الذي نصبت به مضافًا فأنت تول أصول الفقه وهو عرف الأصل نقول: عدل عن تعريف الجنب لأحد سببين:

أولاً: أنه يرد أن يبين الحقيقة والحقيقة إنما تفهم من المفردات لا من الجمع لأن المفرد هو الذي يدل على حقيقة الشيء والجمع هو الذي يدل على الأفراد الجمع هو الذي يدل على الأفراد والمفرد يدل على حقيقة الشيء وجود الحقائق هل هو ذهني أم خالد؟ وجود الحقائق هل هو زهني أم خالد خالد يعني أين ما هو في أوربا أين خالد لماذا خالد خالد الذهن في الداخل والخارج في مجالس العلم إذا قيل داخل وخارج داخل الذهن وخارج الذهن هذا المراد فإذا قيل الحقيقة يدل عليها بالمفردات إذا أردت أن تعرب الحقيقة فاتي بلفظٍ مفرد وأما الجمع فإنما مدلوله الذي هو الأفراد يكون خارجًا الذهن هنا أراد أن يبين حقيقة أصول والأصول تدل على الأفراد التي خارج هي خارج الذهن إذن يمتنع تعريف الأصول من جهة بيان حال حقيقتها فعدل عن الجمع إلى المفرد لينتقل الطالب من المفرد إلى الجمع لأن من عرف المفرد عرف الجمع بداهة لماذا لأن الحقيقة وجودها وجود الذهن وهي موجودةٌ في الخارج في ذهن أفراده فكما سبق معنا مرارًا إذا قلنا الإنسان ما هو الإنسان على المشهور؟ حيوانٌ ناطق هذا وجوده زهني ليس عندنا حيوان ناطق ليس بزيد ولا عمرو وإنما هو موجودٌ في الذهن في الذهن فقط وجوده في خارج الذهن في ضمن الأفراد فكل واحد قد منكم قد وجدت فيه هذه الحقيقة إذن لما قيل الأصل ما بني عليه غيره وجوده وجودٌ ذهني أما في الخارج فهو موجودٌ في ذهن أفرادٍ ولذلك نقول: عدل الناظم هنا عن تعريف الجمع إلى ذكر المفرد لأن الأصل في ذكر الحقائق هو المفرد والجمع إنما يدل على الأفراد ووجودها الخارجي (فَالأََصْلُ) الذي هو مفرد جزء الأول وإن لم يكن جزءًا حقيقيًا تنبه لهذا الأصل ليس جزءًا حقيقيًا والجزء الحقيقي هو لفظ أصول (فَالأََصْلُ) الذي هو مفرد جزء الأول لدلالته على الحقيقة دون الجمع أتى به الناظم رحمه الله (مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي) الأصل له معنى اصطلاحي ومعنى لغوي المعنى اللغوي أشهر ما قيل فيه ما ذكره الناظم هنا (مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي) وأصل التركيب ما بني عليه غيره وإنما قدم وأخر من أجل النظم ما بني عليه غيره (مَا) أي: شيءٌ بني عليه غيره قالوا: كأساس الجدار أساس الجدار أصله الجدار الذي بني عليه الجدار أما تبنى قواعدًا تحت البيوت هذه تسمى أصولاً قواعد أصول الجدار قد بني على هذه القاعدة نقول: ما بني عليه غيره أصلٌ للمبني إذن عندنا مبني وعندنا مبنيٌ عليه ما هو الأصل؟ الأصل هو المبني عليه والمبني هذا يسمى سمى فرعًا إذن (فَالأََصْلُ مَا) أي: شيءٌ محسوسٌ بني عليه غيره كأساس أو كأصل الجدار أي: أساسه الذي بني عليه وأصل الشجرة أي جذعها الذي هو داخل في الأرض قد قامت ساقها عليه هذا يسمى أصلاً هذا هو المشهور ولكن هنا إذا قلنا شيءٌ محسوس وقلنا: أصول الفقه والفقه هذا أمرٌ معقولٌ أو محسوس أمرٌ معقول لأنه أمرٌ عقلي فهم ذهن فكيف يبنى المعقول على المحسوس كيف يبنى المعقول على المحسوس أجيب بأن الأصح أنه لغةً يُعَمَّمُ فيشمل الحسي والعقل فحينئذٍ نقول: (مَا) يعني: شيءٌ محسوسٌ كأصل الجدار أي: أساسه أو معقول كبناء المدلول على الدليل والمعلول على العلة لأن الحكم مبنيٌ على

دليله كم يبنى أو كما يبنى الجدار على أساسه كذلك يبنى الحكم على دليله فحينئذٍ يعم الأصل العقلي والأصل الحسي وإلا أكثر أهل اللغة في تعريفهم نصوا على أن الأصل المراد به الشيء المحسوس فحينئذٍ يرد الإشكال كيف يبنى عليه الفقه وهو أمرٌ معقول المعقول لا يبنى على المحسوس نقول: لا الأصح أن يعمم الحد فحينئذٍ نقول: ما بني عليه غيره ما شيءٌ محسوسٌ كأصل الجدار أو معقولٌ كالمدلول على الدليل بني عليه غيره هذا هو الأصل، وقيل: هو المحتاج إليه لكن هذا فيه ضعف، وقيل: منشأ الشيء، وقيل: ما منه الشيء، وقيل: ما يتفرع عنه غيره، وقيل: ما يستند تحقق الشيء إليه وكلها منتقدة والنظر في الشروح لكن أجمع ما ذكره أكثر الأصوليين هو أن الأصل في اللغة ما بني عليه غيره وكل تلك التعاريف المنتقدة هي داخلةٌ في هذا الحد فلعمومه وشموله نقول: هو أولى أن يختار لذلك اختاره الناظم تبعًا للأصل وإن كان الجويني اختار في غير هذا الكتاب الذي هو الورقات اختار غير هذا الحد لكن أكثر الأصوليين على أن الأصل لغةً ما بني عليه غيره اخترناه لماذا لعمومه وشموله كلُ حدٍ فهو داخلٌ في هذا الحد أيضًا لو نظرنا إلى الحس المشاهد نجد أن الجدار قد بني على أساس وهذا هو الفقه قد بني على أساسٍ وهو الدليل الأحكام الشرعية مبنيةٌ على أدلتها أيضًا قالوا نختار هذا الحد لأنه موافق له في الاصطلاح لأن الأصل في الاصطلاح كما سيأتي الدليل غالبًا والدليل بني عليه غيره وهو الحكم كذلك في اللغة ما بني عليه غيره إذن نقول: الخلاصة أن الأصح أن يختار أدنى حد الأصل لغة ما بني عليه غيره، أما في الاصطلاح فله استعمالات أربعة مشهورة عند الأصوليين: الأول: وهو المراد هنا أن الأصل هو الدليل غالبًا يعني: إذا أطلق الأصل انصرف إلى الدليل تجد في كتب الفقه يقول: الأصل في وجوب الصلاة الكتاب والسنة والإجماع. ما معنى الأصل في وجوب الصلاة؟ يعني: دليل وجوب الصلاة. الأصل في تحريم الربا الكتاب والسنة والإجماع نقول: الأصل المراد به هنا الدليل. أي دليل تحريم الخمر ونحو ذلك إذن الأصل في الغالب إذا أطلق انصرف إلى الدليل وهو المراد هنا أصول الفقه أي: ماذا؟ أدلته أصول الفقه أي: أدلة الفقه لماذا؟ لأن الأصول ما بني عليه غيره والدليل قد بني عليه غيره وهو الحكم له إطلاق ثان وهو يطلق على الرجحان فيقال: الأصل في الكلام الحقيقة دون المجاز. الأصل في الكلام الحقيقة دون المجاز ما معنى هذا؟ الراجح عند السامع إذا سمع الكلام أن يحمله على الحقيقة دون المجاز إذا قال: رأيت أسدًا. تقول: أسد هذا ماذا؟ خطيب شجاع ولا أسد حيوان مفترس؟ حيوان مفترس إذا قال: رأيت أسدًا. أسدًا هذا يحتمل أنه حيوان مفترس ويحتمل أنه الرجل الشجاع فحينئذٍ له معنيان: معنى مجازي، ومعنى حقيقي. إذا استمعت إلى مثل هذا الكلام الرجحان والراجح عندك أن تحمله على المعنى الحقيق دون المجاز، وهذا على رأي الأصوليين أنه لا يشترط في المجاز وجود قرينة صارفة للمعنى الحقيقي إلى المجاز.

عند البيانين: رأيت أسدًا. لا يحمل إلا على المعنى الحقيق لماذا؟ لأنهم يشترطون وجود قرينة تصرف اللفظ عن ظاهره الذي هو المعنى الحقيق إلى المعنى المجازي فإذا قال: رأيت أسدًا يخطب. يخطب هذه قرينة صرفت أسدًا عن كونه حيوانا مفترسا إلى كونه رجلا خطيبا. المعنى الثالث القاعدة المستمرة أكل الميتة على خلاف الأصل أكل الميتة للمضطر القيد هذا أكل الميتة للمضطر على خلاف الأصل اش معنى على خلاف الأصل؟ على خلاف القاعدة المستمرة ما هي القاعدة المستمرة؟ تحريم أكل الميتة، فقولهم: على خلاف الأصل. يعني: على خلاف القاعدة المستمرة. وهذا الكلام فيه نظر. المعنى الرابع: الاصطلاح الرابع أنه يطلق على الصورة أو على المقيس عليه في باب القياس مَقِيس ومقيس عليه أصل وفرع الأصل كالخمر مثلاً، والفرع النبيذ والحكم؟ التحريم، والعلة؟ الإسلام. إذن النبيذ حرامٌ حملاً على الخمر للإسلام أين الأصل؟ هو: الخمر. إذن المقيس عليه يسمى أصلاً وهذا منازع فيه. المعنى الخامس: الأمر المستصحب الأصل براءة الذمة الأصل في الأشياء الإباحة يعني الأمر المستصحَب هو: الإباحة. إباحة الأشياء حتى يثبت ما ينقل الإباحة عن الإباحة إلى حكم آخر كالتحريم ونحوه إذن يطلق الأصل مرادًا به الأمر المستصحب فالأصل ما عليه غيره بني غيره الضمير يعود إلى؟ الأصل ما عليه غيره بني ما بني عليه غيره ما بني عليه غيره أعطني اللفظ إذا قيل: مرجع الضمير. تحدد لفظ كلمة ما هي الكلمة التي رجع إليها الضمير في الصرف؟ ما ذكرناه ما الموصولية أحسنت ما عليه ما بني عليه غيره إلى ما قلنا: ما هذه اسم منصوب بمعنى الذي تفسر بشيء محسوس أو معقول شيءٌ محسوس كأساس الجدار بني عليه غيره أي: غير الأساس. فالجدار هذا على أساسه هذا غير هذا أصل ما بني عليه غيره، قال: (وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي) (وَالْفَرْعُ) هو يريد أن يعرف الأصل لماذا ذكر الفرع هنا؟ قيل: من باب التعريف والإيضاح لأن الشيء إذا عُرِّفَ وذكر نقيده أو مقابله كان مزيدًا من الإيضاح في الأصل وبضدها تتميز وتتبين الأشياء وبضدها تتميز الأشياء، فإذا ذكر الأصل إتمامًا لدلالة الحد على معنى الأصل أن يذكر مقابله، وقيل: ذكره استطرادًا. والأول أولى أن يكون من باب ماذا؟ تتميم حد أو إيضاح الأصل. (وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي) يعني: ما ينبني على سواه على غيره وهو الأصل ما يبنى على سواه على غيره يعني: على غير الفرع. فحينئذٍ يكون الأصل أصلاً وما بني عليه هو الفرع كفروع الشجرة فروع الشجر مبنية على ماذا؟ على أصلها فروع الفقه مبنيةً على أدلته التي هي أدلة الفقه (وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي) قالوا: فيه تنويهٌ بهذا العلم حيث تفرعت عليه الأحكام الشرعية يعني: كأن الناظم هنا تبعًا للأصل لما عَرَّفَ الفرع فيه إشادة بهذا العلم وهو أن الفرع المراد به الأحكام الفرعية وهي: علم الحلال والحرام قد تفرعت على هذا العلم وهذا فيه إشادة كما ذكرنا سابقًا أنَّ من ملحةِ هذا الفن أن يُبْنَى عليه علمٌ جليل كعلم الفقه. ثم قال: وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي ** جَاءَ اجْتِهَادًا دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي

هذا يحتاج إلى تفصيل ونقف على هذا، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

3

عناصر الدرس * تكملة للمبادئ العشرة. * تعريف الفقه لغةً واصطلاحاً. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى: بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ قد ذكرنا أن الناظم أراد بهذا الباب أن يبين لنا جملةً من مبادئ فن أصول الفقه لذلك أصول الفقه يبدأ من قوله: (بَابُ الأَمْرِ) الدخول والشروع في عين الفن يبدأ من قوله: (بَابُ الأَمْرِ). وهذا الباب عقده لبيان المبادئ العشرة في الجملة ذكر أن الأصول الفقه له معنيين ذكر أن أصول الفقه له معنيان: معنى إضافي، ومعنى لقبي، ولذلك قال: بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ أي: بابٌ في بيان حقيقة أصول الفقه بابٌ في بيان الفن المسمى بأصول الفقه يعني: بهذا اللقب المشعر بمدحه ووجه الإشعار أنه قبل التسمية قبل أن يصير علما ولقبًا على الفن المدون هو مركبٌ تركيبًا إضافيًا وإذا كان مركبًا تركيبًا إضافيًا فحينئذٍ لا بد من مراعاة النسبة بين المضاف والمضاف إليه وهذا يشعر بمدحه ما الذي يمدح الفقه أم الأصول المضاف أم المضاف إليه المضاف المضاف هو الذي يمدح بابتنائه على الفقه لأن الفقه هو علم الحلال والحرام وهو من أشرف علوم الشريعة فحينئذٍ إذا كان هذا العلم الجليل الذي هو علم الفقه قد بني وتفرع عن هذه الأصول فدل على عظم وشرف هذه الأصول إذن قبل نقله إلى المعنى العلمي أو العلمي نقول: هو مركبٌ إضافي والتركيب له معنى هذا قبل التسمية أما بعد التسمية فهو حينئذٍ كزيد يعني: لا يدل جزءه على جزء معناه هذا على طريقة المناطقة إذن (بَابُ أُصُولِ الفِقْهِ) نقول: هو أصول الفقه له معنيان: معنى إضافي، ومعنى لقبي علمي، والمعنى الإضافي هذا هو ما يفهم من تقيد المضاف عند إضافته للمضاف إليه ما يفهم من مفردين الذي هو المضاف والمضاف إليه متى عند تقييد الأول بإضافته إلى الثاني وذكرنا أن الناظم كما سيذكره أن الأول الجزء الأول الذي هو المضاف الأصول له معنيان: معنى لغوي واصطلاحي وكذلك الجزء الثاني فإذا عرفنا كلاً من الجزأين نحصل على نتيجة وهي أن أصول الفقه باعتبار معناه الإضافي أدلة الفقه هذا هو المراد أصول الفقه بمعناه الإضافي أدلة الفقه الإجمالية كما سيأتي بيانه، قال رحمه الله: هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا ** لِلْفَنِّ

(هَاكَ) أي: خذ. (أُصُولَ) يعني: لفظ أصول الفقه لأن لفظًا هذا منصوبٌ على التميز محول عن مفعولٌ به. (لَقَبَا) أي: حالة كونه لقبًا للفن المسمى بهذا الاسم. (مِنْ جُزْأَيْنِ قد تركبا) إذا علمنا أنه صار لقبًا وعلمًا على الفن المسمى بهذا الاسم وهو مركب إضافي يرد السؤال هل معرفة العلم المركب الإضافي متوقفةٌ على معرفة جزأين أم لا هذا فيه نزاع وظاهر كلام الناظم التوقف يعني: لا يمكن أن يعرف أصول الفقه وهو علمٌ على الفن المدون لا يمكن أن يعرف وفي الأصل هو مركبٌ إضافي إلا إذا عرفنا مفرديه ولذلك قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ) هو قال: (هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا) إذًا أراد أن يعرف المعنى اللقبي ثم قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا) لماذا عدل عن المعنى اللقبي إلى بيان الجزأين نقول: لكون المعنى اللقبي مركبًا إضافيًا ولا يفهم إلا بفهم مفرديه وجزأيه ولذلك انظر تأمل قال: (هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا لِلْفَنِّ) خذ لفظ أصول الفقه حالة كونه علمًا ولقبًا للفن ثم قال: (مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا) هذا عدولٌ لماذا لأن الناظم جرى على الأصل وهو الورقات أن معرفة المركب الإضافي متوقفةٌ على معرفة جزأيه (قَدْ تَرَكَّبَا) وتألفا من جزأين يعني: من مضاف ومضافٌ إليه هذان الجزءان قد تركبا وقلنا المراد بالتركيب هنا التركيب الإضافي مفردين قد تركبا ما المراد بالمفرد هنا ما المراد بالإفراد هنا؟ المقابل للتركيب المقابل للتركيب لماذا لأنه ذكر أن اللفظ الأول أو الجزء الأول هو لفظ أصول وأصول هذا ليس مفرد من جهة المعنى ليس بمفرد من جهة المعنى لماذا لأنه جمع مدلوله أفراد وهو مقابلٌ للمثنى والمفرد الذي دل على واحد أصل وأصلان وأصول أصول هذا جمع مقابلٌ للمفرد الذي مدلوله واحد ومقابل للمثنى الذي مدلوله اثنان، إذن قوله: (مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا) المراد بالجزأين المفردان من الإفراد المقابل للتركيب للإفراد المقابل للتثنية والجمع كما سيصرح قال: (وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ) قلنا بقي جزءٌ ثالث وهو الجزء الصوري لماذا لأن عندنا مضافًا ومضافًا إليه وكل مضاف ومضاف إليه لا بد من نسبةٍ تقييدية بينهما وهو معنى ثالث زائدٌ على معرفة المضاف وحده والمضاف إليه وحده ينشأ منهما معنًا ثالث غلام زيدٍ غلام مضاف وزيدٌ مضافٌ إليه غلام لوحده له معنى وزيد لوحده له معنى والتركيب من إضافة الأول للثاني له معنى ثالث وهو كون الغلام منسوبًا لزيد وهنا كون الأصول منسوبةً للفقه لماذا ترك الجزء الثالث هذا لأنه أراد قال: (وَالْجُزْءَانِ) أو قال: من جزأين أراد الأجزاء الحسية التي يدركها السمع أصول الفقه الذي يدركه الحس وهو السمع لفظان أصول والفقه أما الجزء الثالث فلا يدرك بالحس وإنما يدرك بالعقل إذن ومن جزأين وترك الثالث لأن مراده تبيين الأجزاء التي تدرك بالحس أما الذي يدرك بالعقل فهذا لا مجال له هنا أو أنه تركه لعسره على المبتدئ هكذا قيل قال: الأَوَّلُ الأُصُولُ ثُمَّ الثَّانِي ** الفِقْهُ وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي

بعد أن بين لك أن أصول الفقه من حيث إنه مركبٌ إضافي يتألف من جزأين من مفردين. قال: (الأَوَّلُ). أي: لفظ الأصول (الأَوَّلُ الأُصُولُ) أي: لفظ أصول، و (الثَّانِي ** الفِقْهُ) أي: لفظ الفقه (وَالْجُزْءَانِ) المضاف والمضاف إليه (مُفْرَدَانِ) من الإفراد المقابل للتركيب دون الإفراد المقابل للتثنية والجمع والمقابل للتركيب هذا اصطلاحٌ منطقي وهو ما لا يدل بعض لفظه على بعض معناه أو شيء تقول ما لا يدل جزءه على جزء معناه (أُصُولَ) الهمزة هذه لو أفردت هل تدل على ما دل عليه لفظ أصول لا الصاد والواو واللام كذلك إذا أفردت لا تدل على شيءٍ مما دل عليه لفظ أصول بخلاف أصول الفقه أصول الفقه أصول هذا لو أفرد على المركب الإضافي دل على جزء المعنى المستفاد من الكل أصولٌ منسوبةٌ إلى الفقه قوله: (أُصُولَ) لوحدها دلت على جزء المعنى كذلك الفقه دل على جزء المعنى وهذا اصطلاحٌ منطقي أن المفرد هو ما لا يدل جزؤه على جزء معناه أو إن شئت قل ما لا يدل بعض لفظه على بعض معناه والمركب عندهم ما دل جزءه على جزء معناه أو إن شئت قل ما دل بعض لفظه على بعض معناه يعني لا على كل المعنى المستفاد من المضاف والمضاف إليه، قال: (فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي ** وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي) (فَالأََصْلُ) يعني فإذا أدرت معرفة كل من الجزأين نقول لك: الأصل لغةً على قول جمهور الأصوليين (مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي) يعني: ما بني عليه غيره (مَا) أي: الشيء الذي بني عليه غيره والشيء يفسر هنا بالشيء المحسوس هذا في الأصل ولما أُورِدَ عليهم أن الفقه أمرٌ معقول وإذا قلنا أصول الفقه أصول الأشياء المحسوسة فكيف يبنى المعقول على المحسوس قالوا: (مَا) الشيء المحسوس أو المعقول حينئذٍ يعم قوله: (مَا) يعم ماذا الشيء المحسوس والشيء المعقول، (فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي) كأصل الجدار أي أساس وأصل الشجرة أي طرفها الثالث في الأمر هذا هو المرجح عند الأصوليين أن معنى الأصل في اللغة ما بني عليه غيره أما في الاصطلاح هناك تعريفات أخرى لكن كلها مردها إلى هذا التعريف لأن الحس يشهد به وكل ما عرف به الأصل لغةً فهو داخلٌ في هذا الحد أيضًا موافقٌ للأصل في الاصطلاح لأنه يطلق بأربعة استعمالات يعني: يستعمل لفظ الأصل في واحدٍ من أربعة أمور: الأول الدليل وهو المراد هنا، الأصل في تحريم الميتة الكتاب والسنة ما معنى الأصل هنا أي: الدليل، الدليل الذي ثبت به تحريم الميتة هو الكتاب والسنة الأصل في المسح على الخفين السنة مثلاً أي: الدليل في إثبات المسح على الخفين هو السنة فالأصل هنا استعمل بمعنى الدليل وهو المراد هنا والمعان الأخرى الثلاث ليست مرادة وهي الرجحان، والقاعدة المستمرة، والمقيس عليه، وزيد عند بعضهم المستصحب لأن المقيس عليه هذا فيه كلام لكن المراد منها هو بمعنى الدليل ولذلك اختير أن الأصل في اللغة ما بني عليه غيره لماذا لأن معناه في الاصطلاح موافقٌ لمعناه في اللغة وهذا هو الأصل الأَصل الترادف بين المعنى الاصطلاحي والمعنى اللغوي وإن كان في الغالب والكثير أنه يخصص المعنى الاصطلاحي بقيدٍ دون المعنى اللغوي ولذلك

العلاقة بين المعاني اللغوية والاصطلاحية العموم والخصوص المعنى اللغوي يكون عامًا والمعنى الاصطلاحي أو الشرعي يكون خاصًا هذا هو الغالب وقد يكون المعنى الشرعي أعم لكنه قليل إذن (فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي) هذا معناه في اللغة عرف الناظم هنا تبعًا للأصل عرف الأصل لغةً وترك تعريفه اصطلاحًا لماذا؟ نعم عرف الأصل لغة وترك تعريفه اصطلاحًا لماذا نقول: لأن معناه اصطلاحًا لا يخالف معناه اللغوي فهو بمعناه ولذلك نرجح هذا التعريف ما بني عليه غيره قيل: المحتاج إليه وقيل منشأ الشيء وقيل ما يتفرع عنه غيره وقيل ما يستند تحقق الوجود إليه نقول هذه كلها هي اعتراضات ونرجح الأول لأن هذه الحدود إن سلمت من الاعتراضات هي داخلة في الأول الذي هو ما بني عليه غيره أيضًا يرجح المعنى الأول ما بني عليه غيره كونه موافقًا للأصل في الاصطلاح لأن الأصل في الاصطلاح هو الدليل والدليل يبنى عليه الحكم الدليل يبنى عليه الحكم والأصل في اللغة ما بني عليه غيره هل بينهما خلاف ليس بينهما خلاف إذن المعنى اللغوي للأصل مع المعنى الاصطلاحي متحدان ولذلك عرف اللغوي وترك الاصطلاحي لماذا لأن الأصل في حمل الألفاظ على معانيها اللغوية دون الاصطلاحية فلما اتحد المعنيان الاصطلاحي واللغوي كان التعلق باللغوي مقدمًا على التعلق بالمعنى الاصطلاحي قال: (وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي). (وَالْفَرْعُ) هذا استطراد قيل استطرد الناظم فالأصل فعرف الفرع وقيل لا ليس استطرادًا لماذا لأنه عرف الأصل وأراد أن يزيد معنى الأصل اتضاحًا لتكون صورته عند الطالب أكثر وضوحًا فعرف الفرع الذي هو مقابلٌ للأصل من باب وبضدها تتميز الأشياء أو تتبين الأشياء إذن ليس ذكرٌ فرعي هنا اصطلاحًا كفروع الشجرة وحسيات وفروع الفقه في المعنويات هذا تعريفٌ للجزء الأول وهو أصول. فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي ** وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي ثم قال: وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي ** جَاءَ اجْتِهَادًا دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي

(وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) عرف الفقه هنا بالمعنى الاصطلاحي وترك تعريفه بالمعنى اللغوي عَكَسَ الأول وهذا ليس سهوًا وإنما لما ذكرناه من الفائدة الأصل لما اتحد معناه مع الاصطلاحي نقف مع المعنى اللغوي الفقه لما اختلف معناه الاصطلاحي عن معناه اللغوي والمقصود هنا البيان للمعنى الاصطلاحي عرفه اصطلاحًا وترك تعريفه لغةً إذن لو قيل لك لم عرف الناظم الأصل لغةً دون الاصطلاح وعرف الفقه اصطلاحًا دون اللغة نقول: لأنه لما اتحدا معناه الاصطلاحي مع معناه اللغوي في الأصل اكتفى بمعناه اللغوي ولما اختص معناه الاصطلاحي في الفقه اختص دون المعنى اللغوي والمعنى اللغوي أعم عرفه اصطلاحًا وترك تعريفه لغةً يقال المعنى اللغوي هذا نسبة إلى اللغة وهي الألفاظ الموضوعة للمعاني ومرادهم هنا الألفاظ المفردة وضع كلمة بإزاء المعنى الخاص وهو الذي يسمى عند النحاة وأهل اللغة الوضع الشخصي الوضع وضعان وضعٌ شخصي ووضعٌ نوعي وضعٌ شخصي ووضعٌ نوعي الوضع الشخصي هذا متعلقه المفردات كلمة زيد، بيت مسجد، قلم، أرض، سماء، ريح الخ هذه مفردات هذه كل لفظٍ له معنى وهذا المعنى يستفاد من اللغة إذن المعنى اللغوي هو المعنى المستفاد من اللغة من حيث وضعه الشخصي ما حد الوضع الشخصي قالوا: جعل اللفظ دليلاً على المعنى جعل اللفظ دليلاً على المعنى بحيث إذا أطلق اللفظ انصرف إلى معناه الذي وضع له في اللغة فإذا قيل بيت أنت تفهم معنى خاص، إذا قيل: أرض أنت تفهم معنى خاص كذلك إذا قيل سماء، جبال، أو جبل، أو ريح، أو شمس، أو قمر، هذه الألفاظ المفردة لها معانٍ خاصة من الذي وضع لفظ قمر بإزاء المعنى الخاص ومن الذي وضع لفظ أرض بإزاء معنى خاص نقول هذا الواضع واختلف فيه وعند الجهور أنه الله عز وجل {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} [البقرة: 31]، توقيفٌ للغات عند الأكثر ... ومنهم النفورة والأشعر

واللغة الرب لها قد وضعها هذا يسمى وضعًا شخصيًا وضع اللفظ بإيذاء المعنى بحيث إذا أطلق اللفظ انصرف إلى المعنى الخاص الوضع النوعي هذا يتعلق بالقواعد الكلية في اللغة كما إذا حكم النحاة بأن الفاعل مرفوع هذه الجملة الفاعل مرفوع هل نطق بها العرب أم أنه باستقراء كلام العرب وجدنا أن كل فاعلٍ مرفوع فقعَّدنا هذه القاعدة نقول: الذي رفع الفاعل من هو الواضع الأصلي الواضع هو الذي حكم أن كل فاعلٍ مرفوع لكن هل العرب نطقت بها قالت الفاعل مرفوع والتمييز يكون منصوبًا ومجرور لم تنطق بهذا وحرف الجر يجر إلى آخره نقول: هذه القواعد التي استنبطها النحاة أو استنبطها الصرفيون أو البيانيون في علوم اللغة وأنواعها نقول هذه وضعها وضعٌ نوعي لا وضعًا شخصيًا الوضع الشخصي باتفاق أنها توقيفية والوضع النوعي وخاصةً في الكلام والحقيقة والمجاز هذا فيه نزاع إذن المعنى اللغوي إذا قيل للأصول أو الفقه نقول: هذا المعنى اللغوي المنسوب إلى اللغة هذا المستفاد من اللغة يعني مأخوذٌ من لغة العرب دون نظرٍ إلى عرف أو شرع أو عهد لماذا لأن تم ما يسمى بالحقائق الشرعية أو الحقائق الاصطلاحية الحقائق الشرعية والحقائق الاصطلاحية أو العرفية عامة أو خاصة إذا قيل هل هي مباينةٌ للمعنى اللغوي يعني بينهما التباين والتخالف المطلق أم أنها مبنيةٌ عليها هذا فيه نزاع أكثرُ أهل العلم من الأصوليين وأهل اللغة أن الحقيقة الشرعية خاصة عند الأصوليين والحقيقة العرفية مبنيةٌ على اللغوية والعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي أن المعنى اللغوي عامٌ والشرعي خاص ولذلك قيل هنا مثلاً الفقه في اللغة هو الفهم مطلقًا الفهم مطلقًا إدراك معنى الكلام كل كلامٍ إذا أدركه المدرك يسمى فقهًا في اللغة إذا أدركت وجودك هنا هذا يسمى فقهًا في اللغة لكن في الشرع أخص أو أعم أخص لأنه مقيد علم كلِ حكمٍ شرعي إذن مقيد بالأحكام الشرعية، (جَاءَ اجْتِهَادًا دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي) على ما ذكره الناظم إذن المعنى اللغوي يكون أعم والمعنى الاصطلاحي أو الشرعي أو العرفي يكون أخص وقد يكون المعنى الشرعي أو العرفي أعم والمعنى اللغوي أخص وهذا قليل كما في الإيمان الإيمَان في اللغة التصديق لكنه في الشرع ليس خاصًا في التصديق بل هو أعم لشموله لأعمال الجوارح التصديق هذا عمل القلب فقط {((((((أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ (((((} [يوسف: 17] أي: بمصدقٍ لنا أما في الشرع فليس الأمر كذلك إنما هو اعتقادٌ بالجنان وقولٌ باللسان وعلمٌ بالجوارح والأركان هذا مسماه في الشرع وكل هذه الثلاثة أركان في مسمى الإيمان وهناك في اللغة هو التصديق أيهما أعم نقول: المعنى الشرعي أعم من المعنى اللغوي هذا هو المشهور عند جمهور الأصوليين أن الحقيقة الشرعية والاصطلاحية والعرفية مبنيةٌ على المعنى اللغوي وليست مباينةً لها كما هو مذهب المعتزلة مذهب المعتزلة أن الحقيقة الشرعية وُضعت وضعًا ابتدائيًا منفصلاً كل الانفصال عن المعنى اللغوي ولذلك تجد الفقهاء إذا أرادوا أن يعرفوا الصلاة والصوم والزكاة الكتاب الصلاة وهي في اللغة الدعاء وفي الاصطلاح أو الشرع كيت وكيت، الصيام لغة الإمساك وفي الشرع كيت وكيت يعرفون المعنى اللغوي ثم

الشرعي لما؟ هذا بناءً منه على أن الحقيقة الشرعية مبنية وليست مباينةً للمعنى اللغوي ينبني على هذا أنه لا يمكن أن تفهم الحقائق الشرعية إلا إذا فهمت الحقائق اللغوية وهذا سر ربط الشريعة باللغة العربية أن الحقائق الشرعية فرعٌ لأنه إما أن يخص وإما أن يعم إما أن يخص يقيد بقيد يجعله أخص من مطلق المعنى اللغوي وإما أن يعم ولا يمكن أن يفهم هذا المقيد أو المخصص إلا إذا فهم الأصل أما على مذهب المعتزلة أن الحقائق الشرعية مبنية ليست مبنية على حقائق اللغوية صار لا علاقة بين اللغة والشرع فحينئذٍ لا نلتفت إلى اللغة لأنها صارت منفكةً عن الشرع ولا يكمن حينئذٍ أن نقول: اللغة شرطٌ في فهم الكتاب والسنة لماذا لأن وضع الكتاب والسنة وضعًا ابتدائيًا ليس مبنيًا على المعنى اللغوي هذا تتنبهوا له في معرفة الحقائق الشرعية. قال: وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي ** جَاءَ اجْتِهَادًا دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي

(الفِقْهُ) ويقال الفقه له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي معنى لغوي يعني منسوبٌ إلى اللغة مستفادٌ من اللغة ومعنى شرعي يعني: مأخوذٌ من الشرع وإن كان ينبغي الفريق بين المعنى الشرعي والمعنى الاصطلاحي المعنى الشرعي يكون مستفادًا من الشرع يعني إما أن يكون نص عليه الشارع وإما أن يكون أخذ بفحوى والاستنباط يكون مرد المعنى هو الشرع أما الاصطلاحي فلا لا يشترط أن يكون مأخوذًا من الشرع لماذا لأنهم عرفوا الاصطلاحي بأنه اتفاق طائفةٍ مخصوصة على أمرٍ معهودٍ بينهم متى أطلق انصرف إليه هذا مأخوذٌ من الاصطلاح لأن الاصطلاح هو الاتفاق أصل اصتلح الطاء هذه منقلبة عن تاء باب افتعل الاصطلاح لغةً الاتفاق اصطلح زيدٌ وعمرو إذا اتفقا وأما اصطلاح في الاصطلاح فهو ما ذكر اتفاق طائفةٍ مخصوصة سواءٌ كانوا نحاة أو أطباء أو فقهاء أو مهندسين إلى آخره اتفقوا فيما بينهم على أمرٍ معهود إما أن يكون حكمًا وإما أن يكون لفظًا وإما أن يكون إشارةً وإما أن يكون ما يمكن أن يجعل منارًا وعلامةً على شيءٍ معين على أمرٍ معهودٍ بينهم متى أطلق هذا الشيء الذي جعل منارةً وعلمًا على غيره انصرف إليه لذلك قيل الفاعل مثلاً عند النحاة له معنى خاص والفاعل عند أهل اللغة له معنى خاص نقول الفاعل لغة كل من أوجد الحدث يسمى فاعل قام زيدٌ، زيدٌ هذا فاعل لغة لماذا لأنه أوجد القيام زيدٌ قائمٌ زيدٌ هذا في اللغة فاعل لماذا لأنه أوجد القيام قام زيدٌ، زيد فاعلٌ لغة زيدٌ قائم زيدٌ في هذا التركيب فاعلٌ لغةً لكنه عند النحاة لا يسمى فاعلاً لماذا لأن الفاعل عندهم أخص من مطلق الفاعل عند اللغويين اسمٌ صريح أو مؤولٌ بالصريح أسند إليه فعلٌ إلى آخره لا بد أن يكون لا بد أن يكون تقدم عليه فعلٌ مبنيٌ للمعلوم ومع بقية الشروط قام زيدٌ هذا فاعل زيدٌ قائمٌ هذا ليس بفاعل نقول هذا هو هو حقيقةٌ شرعية أم اصطلاحية اصطلاحية لأن مستنده ليس الشرع ليس مستنبطًا من الشرع وإنما هو اصطلاحٌ اتفق عليه النحاة متى ما أطق هذا اللفظ إذا قيل هذا فاعلٌ انصرف إلى المعنى الخاص إلى المعنى الخاص إذن الفقه له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي أما معناه اللغوي فهو الفهم مطلقا وهذا هو المرجح عند كثيرين من الأصوليين أن الفقه في اللغة هو الفهم مطلقًا بمعنى أن واضع لغة العرب جعل لفظ الفقه بإيذاء معنى الفهم متى ما أطلق لفظ الفقه انصرف إلى المعنى المضارع لأنه هو الفهم مطلقًا والمراد بالإطلاق هنا الشامل للأمور الظاهرة والخفية الدقيقة يعني: ليس الفقه الذي هو الفهم خاصًا بما دق وغَمُض وخفي كما قيده بعض الأصوليين كأبي إسحاق الشيرازي أن الفقه عامٌ ومطلق يشمل فهم الأمور الظاهرة ويشمل فهم الأمور الخفية والدقيقة ما الدليل على هذا على أن الفقه في اللغة يشمل الفهم الدقيق والفهم الظاهر قالوا: باستقرار نصوص الشرح وردت كلمة الفقه بإشتقاتها في القرآن في عشرين موضعًا وكلها تدل على معنى الفهم ومنها قوله تعالى على لسان موسى: {((((وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي ((((} [طه: 27، 28].

أي: يفهموا قولي وإذا أردنا على طريقة الأصوليين نقول: {(((((((((((} نكرة مضاف إلى معرفة فاستفاد العموم مثل {(((((تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] قلنا {((((((((((((} هذه نكرة الجنس أضيف إلى عرف المعالي فاكتسب العموم إذن وإن تعدوا نعم الله، {(((((((((((قَوْلِي ((((} قولي هذا نكرة أضيف إلى معرفة وهو الضمير فاكتسب العموم إذن {(((((((((((قَوْلِي ((((} وقول موسى منه ما هو ظاهر ومنه ما هو خفي ويحتاج إلى تأمل ونظر كذلك قول تعالى: {((((((هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ((((} [النساء: 78] يعني: لا يكادون يفهمون حديثا، كذلك قولهم قوم شعيب {((((((((يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا (((((((} [هود: 91]. {(((((((((((} يعني: ما نفهم، وعلى طريقة الأصوليين {(((نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا (((((((} تقوله، {((((((} ما هذه ما نوعها موصولية وهي من صيغ العموم وجار مجرور متعلق بقوله: {((((((((} ما نفهم كثيرًا مما تقول يعني: من الذي تقوله والذي يقوله شعيب: {(((((يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [هود: 84]. هل هذا يحتاج إلى تفقيه لا يحتاج إلى تفقيه إذن استعمال نصوص الشرع في أكثر نصوص الشرع البعض أطلق في جميع نصوص الشرع أن الفقه المستعمل بمعنى الفهم مطلقًا لما دق وغمر وخفي ولما كان ظاهرًا وجاء في السنة «فرب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه». يعني: أكثر فهمًا هذا هو المشهور عند الأصوليين وقيل الفقه في اللغة بمعنى العلم، وقيل: بمعنى العلم والفهم معا، وهذان قولان داخلان في معنى القول الأول لأن العلم المراد به الفهم، والقول الثاني العلم والفهم معاً قالوا فلانٌ يفقه الخير والشر يعني يفهمه ويعلمه وفقهت معنى كلامك أي فقهته وعلمته هذا يرجع إلى الأول لماذا لأنهم فسروا الفهم بمعرفة الشيء بالقلب قالوا: ما معنى الفهم؟ معرفة الشيء بالقلب ومعرفة الشيء بالقلب هي: عين العلم به، إذن مرادهم كما ذكر الزركشي مرادهم أن معنى الفهم والعلم هو الفهم معناهما واحد وما هو الفهم معرفة الشيء بالقلب وهو العلم هذان قولان داخلان في القول الأول. القول الرابع: وهو قول أبي إسحاق الشيرازي ذكره في شرح اللمع قال: الفقه لغةً فهم الأشياء الدقيقة أما الأمور الظاهرة فلا يتعلق بها مادة فقِه لا يتعلق بها مادة فقه ولذلك قال: يصح أن تقول فقهت معنى كلامك ولا يصح أن تقول: فقهت أن السماء فوقي والأرض تحتي والماء باردٌ أو رطبٌ. قال: والتراب يابس. يعني: الأمور الظاهرة البينة لا يصح أن تقول: فقهت كذا وكذا فقهت أن السماء فوقي السماء. هذه هل إدراك فوقية السماء عليك هذه هل تحتاج إلى تأمل ودليل وبحث ونظر واجتهاد ما تحتاج لماذا لأن العلم بها ضروري فلا يَحتاج أن تقول فقهت أن السماء ولكن هذا المذهب ضعيف بدليلين: أولاً: أنه مخالفٌ لما نقل عن أئمة اللغة وهو أن الفقه هو الفهم مطلقًا.

ثانيًا: يلزم عليه على هذا القول يلزم عليه ويؤدي ويقتضي إلى أن من فهم ما عُلِم من الدين بالضرورة لا يسمى فقها الصلاة واجبة وجوب الصلاة والصيام والزكاة وتحريم الربا والزنا والغصب والسرقة هذه كلها من المعلوم بالضرورة هل تحتاج إلى دقة وتأمل وبحث ونظر الجواب لا على هذا القول لا تسمى فقها وليس الأمر كذلك بل هي فقه كل حكمٍ استنبط من الأحكام من الأدلة التفصيلية فهو فقهٌ وصاحبه يسمى فقيهًا. القول الثالث والأخير: أن الفقه في اللغة فهم غرض المتكلم من كلامه يعني: ما يكفي أن تفهم المعنى الظاهري لا لا بد أن تعرف مقصوده من هذا الكلام وهذا أيضًا ضعيف لوجهين: أولاً: أنه مخالفٌ لما نقل عن أئمة اللغة. وثانيًا: أنه تخصيص للعام بلا مخصص وتقييدٌ له بلا دليلٍ لأنه ثبت أن الفقه هو الفهم مطلقًا فتخصيصه بفهم غرض المتكلم من كلامه هذا تخصيصٌ بلا مخصِّص وتقييدٌ له بلا دليلٍ. وعليه نقول: الأصح في معنى الفقه لغةً هو الفهم مطلقًا هذا هو الصحيح ودلالة النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تدل عليه ولذلك ذكروا من فوائد هذا أنه يقال: فَقِهَ وَفَقَهَ وَفَقُهَ يعني: مثلث القاف مثلث العين فَقِهَ على وزم فهم، وَفَقَهَ كفتح، وَفَقُهَ كشرُف وكرُم، هل معانيها واحدة متفقة؟ قالوا: فَقِهَ كفهم وزنًا ومعنًا فَقِهَ كفهم وزنًا ومعنًا يعني: من حصل له الفهم قيل فَقِهَ زيدٌ المسألة يعني: فهمها، وَفَقُهَ زيدٌ بضم العين عين الفعل فَقُهَ التي هي القاف فَقُهَ زيدٌ بمعنى صار الفِقْهُ له سجية وملكةً وخلقًا وطبيعة لأن باب فعل في اللغة للصفات والطبائع اللازمة من جهة المعنى ومن جهة العمل هذا فَقِهَ، وَفَقُهَ ثابتٌ في المعاجم زاد ابن حجر ولذلك كثير من أهل الأصول لا يذكرون هذا يذكرون فَقِهَ وَفَقُهَ زاد ابن حجر في ((الفتح)) فَقَهَ بفتح العين فَقَهَ بفتح العين هذا لم يذكره أرباب المعاجم قال الشيخ بكر ابن زيد معلقًا على هذا في ((مدخل المفصل)) ولعله مما فات أرباب المعاجم، فَقَهَ من كفتح ومعناه سبق غيره في الفقه نقول فَقَهَ زيدٌ يعني: سبق الطلاب في الفقه إذن هذه ثلاثة معانٍ تختلف باختلاف الأوزان فَقِهَ وَفَقُهَ ثابتٌ في المعاجم في الصحاح ومعجم مقاييس اللغة وأيضًا كتاب الفيروز آبادي ما اسمه ((القاموس)) وأما فَقَهَ ليس موجودًا ذكره في ((الفتح)) (وَالفِقْهُ) عرفنا معناه لغةً أما معناه الاصطلاحي أو الشرعي نقول له حدودٌ كثيرة عند الأصوليين ولكلٍ من الأصوليين مشربٌ خاصٌ يختص به عقيدةً ومنهجًا فحينئذٍ تختلف الحدود على اختلاف المناهج والعقيدة التعريف المشهور عندهم وهو ما ذكره صاحب ((جمع الجوامع)) العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبُ من أدلتها التفصيلية هذا هو التعريف المشهور عند المتأخرين وهو الذي نظمه السيوطي في ((كوكب الساطع)) والفقه علم كل حكمٍ شرعي والفقه علم حكمِ شرعٍ عملي**مكتسبٌ من طرقٍ لم تجمل

العلم بالأحكام الشرعية العملية مكتسبُ بالرفع نأتي للعلة من أدلتها التفصيلية هذا هو المشهور عندهم وهو بعد صاحب الورقات لأنه قال: الفقه معرفة على الأصل والناظم عَدَلَ من المعرفة إلى العلم لما سيأتيك معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد هذا تعريف الجويني معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد نعرف الأول الذي هو تعريف صاحب ((جمع الجوامع)) ثم ندخل فيما ذكره الناظم العلم هذا قيد جنس بالأحكام هذا ثاني الشرعية هذا ثالثًا العملية رابعًا المكتسب هذا خامسًا من أدلتها التوصيلية هذه سبع مسائل سنذكرها واحدةً تلو الأخرى العلم الْعلم هذا مصدر عَلِمَ يَعْلَمُ عِلْمًا عَلِمَ يَعْلَمُ عِلْمًا بعضهم يعرف الفقه تارةً بالمعرفة وبعضهم يعدل عن المعرفة إلى العلم وبعضهم يعرف الفقه بالظن هذه ثلاثة عبارات لهم ظن الأحكام الشرعية بعضهم يقول أو الظن بالأحكام الشرعية ظنٌ بالأحكام الشرعية وبعضهم يقول: معرفة الأحكام الشرعية وبعضهم يقول: العلم بالأحكام الشرعية. سبب الخلاف هو في مفهوم معنى العلم ما الذي يراد بالعلم؟ المشهور عند المناطقة وهذه الحدود الجارية على ما جرى عليه المناطقة لأنهم يعتبرون الحدود، والأجناس، والأنواع، والفصول. العلم عند المناطقة هو: الإدراك مطلقًا. وهذا أولى ما يفسر به العلم في هذا الموضع في حد الفقه أن نقول: العلم هو: الإدراك مطلقًا. مطلق الإدراك وهذا ما عرفه به صاحب الشمسية: العلم إدراك المعاني مطلقًا هذا شطر بيت: وحصره في طرفين حققا

العلم إدراك المعاني مطلقًا مُطلقًا هنا ليشمل علم التصور والعلم التصديقي لأن عندهم العلم من حيث الجملة من حيث المتعلَّق به علمان: علم تصور، وعلم تصديق. وكل منهما ضروري ونظري فالنتيجة أربعة من ضرب اثنين في اثنين نقول: الإدراك في الأصل عندهم وصول النفس إلى المعنى بتمامه. إذا أدركت النفس العاقلة المفكرة التي تتلقى المعلومات وتفهم المدرَكات إذا أدركت ووصلت إلى المعنى بتمامه فهمت المراد من لفظ بيت على أي شيء ينزل؟ على أي شيء يحل؟ نقول: على المعنى المراد والمدلول الخاص به. مسجد، سماء، أرض، أنت تدرك في نفسك إذا سمعت لفظ سماء ما المراد بسماء دون شك في المدلول هل تشك أن لفظ السماء يطلق على الجرم لا ولا يحصل تردد في النفس إذن حصل في نفسك وصول للمعنى بتمامه دون شك هذا يسمى إدراكًا أدرك الصبي إذا بلغ أدر الصبي إذا بلغ فإن لم يحصل بتمامه هذا يسمى عندهم شعورًا هنا قيل: حد العلم إدراك المعاني. إذن الوصول إلى المعنى بتمامه المعنى ما يعلم من الشيء والمراد به في هذا التركيب الألفاظ الشامل للمعنى الإفرادي المدلول عليه بالمفرد والمعنى التركيبي واضح هذا المعنى قد يكون مفردًا زيد أنت استفدت معنى هذا يسمى معنى إفرادي لماذا؟ لأنه مستفاد من المفرد هذا يسمى معنى إفراديا وهناك معنًى تركيبيًّا وهو المستفاد من الجمل الاسمية والفعلية من باب التسهيل المستفاد من الجملة الاسمية زيد قائم ماذا أفاد؟ ثبوت قيام زيد ثبوت قيام زيد هل أخذ من لفظ واحد أو من لفظين؟ من لفظين ومن الإسناد أيضًا الجزء الصوري قام زيدٌ هذه جملة فعلية أخذ منها ثبوت القيام لزيد في الزمن الماضي من أين أخذناه؟ من الجملة هل أخذناه من المفرد؟ الجواب: لا، إذن المعنى الإفرادي هو المعنى المأخوذ من لفظ مفرد كزيد وبيت إلى آخره والمعنى التركيبي هو المعنى المستفاد من الجملة الاسمية والجملية الفعلية، إدراك المعاني مطلقًا ليشمل حد التصور لأنه علم ويشمل حد التصديق لأنه علم ما المراد بالتصور وما المراد بالتصديق ما هو التصور؟ إدراك مفرد عرفنا معنى إدراك وصول المعنى وصول النفس للمعنى بتمامه إن كان متعلق هذا المعنى هو المفرد سمي تصورًا سواء كان ذاتًا أو معنى وإن كان متعلَّقه المركب فهو تصديق إذًا التصور هو إدراك مفرد يعني: فهم المعنى المراد منه دون تعرض له لإثبات شيء ولا للنفي عنه تفهم كلمة زيد لوحدها يسمى تصورًا هل حكمت عليه بشيء؟ الجواب: لا، هذا يسمى تصور إدراك الشيء بلا حكم عليه لا تحكم عليه لا بإثبات ولا بنفي زيد تتصور معنى زيد بيت مسجد ما شراب أكل إلى آخره تتصور مدلول اللفظ ولا تحكم عليه بشيء لا بإثبات ولا بنفي هذا يسمى تصورًا. إدراك مفردٍ تصورًا عُلِمْ

التصديق من باب الاختصار نقول: هو إدراك المركبات. يعني: أن يتعلق هذا الإدراك بالجملة الاسمية أو بالجملة الفعلية إذن عندنا تصور معه حكم إدراك الشيء مع الحكم عليه بالإثبات أو بالنفي واضح هذا إذن عندنا تصور وعندنا تصديق التصور إدراك المفرد أو إدراك الشيء بلا حكم عليه، والتصديق إدراك ما ليس مفردًا أو إدراك الجملة الاسمية أو الجملة الفعلية ولا بد أن يكون ثم حكم إما بالإثبات وإما بالنفي يقال: تصور وتصديق. تصور لماذا؟ قالوا: لأن الحقائق حقائق الماهيات تنطبع في الذهن. يعني تشبيه لها بالمرآة الحقيقة عندما يقف الإنسان أمام المرآة الحسية تنطبع صورته في المرآة قالوا: العاقل والقوة العاقلة تنطبع فيها المعاني كما تنطبع في هذه الصورة أو المرآة الحسية. والتصديق قالوا: سمي تصديقًا لماذا؟ لأنه خبر والخبر بالنظر إلى مجرد ذاته يعني دون النظر إلى قائله ما احتمل التصديق والتكذيب سمي تصديقًا لأشرف الاحتمالين بأشرف الاحتمالين إذن قوله: العلم. المراد به هنا في هذا الحد ما هو؟ إدراك المعاني مطلقًا مطلق الإدراك الشامل للتصور والتصديق وكل منهما إما ظني وإما قطعي إما ظني وهو المراد به: النظري المستحصل عن نظر وتأمل. وإما قطعي وهو المعبر عنه بالضروري والبديهي إذن مطلق إدراك حكمٍ الشامل للأحكام القطعية والأحكام الظنية لأن الفقه يريد أن يعرف الفقه هل الفقه كله ظنون؟ الجواب: لا، هل الفقه كله قطعي؟ الجواب: لا، وإنما منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني فحينئذٍ يفسر العلم هنا بمطلق إدراك الشامل للحكام القطعية والظنية. العلم نقول هنا: جنس قد يكون مُتعلَّقه الذوات كزيد وقد يكون متعلقه الصفات كسواد زيد وقد يكون متعلقه الأفعال كقيام زيد وقعوده وقد يكون متعلقه الأحكام إذن هو جنس يشمل الصفات والذوات والأفعال والأحكام أردنا أن نخرج ثلاثة وهو: متعلق العلم إن كان ذاتًا، أو صفةً، أو فعلاً فقال: العلم بالأحكام. ذكرنا أن إذن قوله: بالأحكام. هذا قيد مخرج للعلم بالذوات، أو العلم بالصفات، أو العلم بالأفعال. بالذات كزيد، وبالصفات كسواد زيد أو بياض زيد، وبالأفعال كقيام أو نوم زيد أو نوم زيد. قلنا: العلم هنا بعضهم يذكر لفظ المعرفة ويترك لفظ العلم ولكن تفسيرنا للعلم بما ذكرنا أنه يشمل الأحكام القطعية والأحكام الظنية هذا أولى لماذا لأن مرادهم الرد على أبي بكر الباقلاني، أبو بكر الباقلاني أورد عن هذا التعريف بأنه العلم إيراد فتح الباب لكثرة الردود لمن بعده فقال: العلم - عنده - هو الإدراك الجازم المطابق للواقع عن دليل قطعي الإدراك الجازم المطابق الإدراك الجازم هذا خاص بالقطعي ولا يشمل الظني خاص بالقطعي ولا يشمل الظني وهذا الحد عند كثير من الأصوليين يذكرونه في هذا الموضع. الفخر حكم الذهن أي ذو الجزم ** لموجب طابق حد العلم الفخر حكم الذهن أي ذو الجزم أي: الجازم. حكم الذهن أي ذو الجزم الفخر حكم الذهن أي ذو الجزم ** لموجب طابق حد العلم

حد العلم هو: إدراك الجازم المطابق للواقع. وعليه خرج الفقه كله لماذا؟ لأنه الفقه عنده كله من باب الظنون وليس فيه حكم قطعيٌّ واحد إذن أخذ العلم في حد الفقه على مذهب أبي بكر الباقلاني يصح أو لا يصح؟ لا يصح فقال إذن هذا الحد فاسد من أصله هذا الحد فاسد من أصله. الفقه كله من باب الظنون عنده لماذا نريد أن نفهم هذه يقول: أدلة الفقه التي يبنى عليها الفقه هذه إما أن يكون متفقًا عليها وإما أن يكون مختلفًا فيها الأدلة بعضها متفق عليها كالكتاب والسنة والإجماع والقياس هذا متفق عليه من حيث الجملة بين الأئمة الأربعة ومنها ما هو مختلف فيه كشرع من قبلنا، والاستصحاب، والعرف، وقول الصحابي، ومصالح المرسلة، وسد الذرائع الخ. هذه مختلف فيها المتفق عليه ما هو الكتاب والسنة والإجماع والقياس وهذه كلها سمعية أم عقلية؟ سمعية أم عقلية عندهم سمعية أم عقلية؟ ما المراد بسمعية؟ أنها تؤخذ بالسمع يعني: مردها مستفادة من السمع. عندهم قاعدة وبنوا عليها عقيدتهم الفاسدة وهي: أن الأدلة اللفظية السمعية لا تفيد القطع وإنما تفيد الظن. طبقوا هذه على الأدلة الأربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. أَذكر دليله باختصار قال: أما القياس فلا يفيد إلا الظن. كل القياس عندهم حتى لو كان بفارق على نفي الفارق لا يفيد إلا الظن إذن الحكم الذي الحكم العملي الفرعي الذي استند إلى القياس نقول: هو حكم ظني. كل القياس دليل ظني الإجماع قال: منه ما هو سكوتي ومنه ما هو صريح، السكوتي لا يفيد إلا الظن فكل حكم شرعي عملي ثبت بدليلٍ إجماعيٍّ سكوتي فهو ظني سواء نُقِلَ بطريق التواتر أم الآحاد لا يفيد إلا الظن الإجماع الصريح يعني: قطعي من جهة الدلالة. قال: هذا فيه تفصيل إن نُقِلَ بطريق الآحاد فلا يفيد إلا الظن لماذا؟ لأن ما كان طريقه الآحاد فهو ظني ولو كانت الدلالة قطعية عندهم. النوع الثاني: الإجماع الصريح المنقول بالتواتر قال: هذا يعني قطعي الثبوت قطعي الدلالة. الأصل أنه يفيد حكمًا شرعيًّا عمليًّا قطعيًّا قال: هذا قليل جدًا ولا يكاد يذكر. السنة قسمان: متواتر، وآحاد. وأكثر السنة عندهم آحاد والآحاد لا تفيد إلا الظن إذن ما ترتب على الظن فهو ظن سواء كان دلالة قطعية أو ظنية.

المتواتر قالوا: فيه تفصيل إن كانت الدلالة قطعية فهو قطعي. إن كان المتواتر المتواتر من حيث الثبوت فهو قطعي ننظر في المتن إن كانت الدلالة قطعية فهو قطعي وهذا له تعبير خاص عندهم إن كانت ظنية فهو ظني لأن المؤلف من قطعي وظني فهو ظَنِّيّ بقي ماذا؟ الكتاب القرآن قال: من جهة السند هو قطعي وبقي من جهة الدلالة إما أن يكون قطعيًّا أو ظنيًّا إن كان قطعيًّا فالحكم المستفاد قطعي وإن كان ظنيًّا فالحكم المستفاد ظني إذًا الأدلة الأربعة الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. الذي يفيد الحكم القطعي منها شيئان وهما: الكتاب إذا كانت الدلالة قطعية، والسنة إذا كانت متواترة والدلالة قطعية. وأما الإجماع الصريح المنقول بالتواتر هذا يقول قول بعيد في إثباته هذان النوعان قال: هما المعلوم بالدين من الضرورة وهذا لا يسمى فقهًا وما عداه فهو ثابت بظن فالفقه كله ظنون. وهذا فاسد ليس بصحيح وردُّه في مطولات تجدونه ذكره غير واحد لكن يمكن أن نجعل العلم هنا ليس على ما ذكره أبو بكر الباقلاني لأنه قال: العلم هو الإدراك الجازم. فإذا قلنا هنا مطلق الإدراك الشامل للجازم وغير الجازم صار الفقه منه ما هو قطعي، ومنه ما هو ظني ولذلك بعضهم يعبر بالعلم ويفسره بالظن لماذا؟ ليشمل الأحكام القطعية والأحكام الظنية إن كان يرى دخول أحكام قطعية في مسمى الفقه وإن كان لا يرى مراعاةً لإيراد أبي بكر الباقلاني فيجعل العلم بمعنى الظن فيقول: العلم بالأحكام. أي: الظن. يفسر العلم بمعنى الظن وهذا فيه تكلف لماذا؟ لأن تفسير العلم بالظن هذا مجاز، والظن في هذا الموضع كما سيأتي أن المراد به الملكة فحينئذٍ استعمل الظن بمعنى الملكة فهو مجاز فهذا فيه بناء مجاز على مجاز يسمى مجازًا بمرتبتين. الحاصل: يفسر العلم هنا بما علمناه من جهة الشرع إما أن يكون من طريق اليقين، وإما أن يكون من طريق غلبة الظن وما أورده من كون الفقه كله ظنون هذا مردود عليه. العلم بالأحكام هذا قيدٌ أول ذكرنا أنه مخرج للعلم بالذوات، والعلم بالصفات، والعلم بالأفعال. الأحكام جمع حكم جمع حكم والحكم لغةً: المنع. كما سيأتي في موضعه. أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ** إني أخاف عليكم أن أغضبا احكموا سفهاءكم أي: امنعوا سفهاءكم هكذا قال الجرير. فالحكم لغة بمعنى المنع. أما في الاصطلاح فهذا يختلف باختلاف الفنون الحكم عند المناطقة لهم اصطلاح خاص والحكم عند الأصوليين لهم اصطلاح خاص والحكم عند اللغويين لهم اصطلاح خاص الحكم عند المناطقة إدراك الوقوع أو عدم الوقوع أو شئت قل: إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة هذا محل فن المنطق شرحناه سابقًا إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة هذا حد الحكم في اصطلاح المناطقة. الحكم عند الأصوليين خطاب الشرع المتعلق بفعل مكلف إلى آخره وسيأتينا بحثه.

الحكم عند أهل اللغة إسناد أمرٍ لأمرٍ إيجابًا أو سلبًا ويعبر عنه بعضهم كالشيخ الأمين ثبوت أمرٍ لأمرٍ آخر أو نفيه عنه زيدٌ قائم إسناد أمر لأمر آخر أسندت القيام إلى زيد، زيدٌ ليس بقائم أسندت القيام إلى زيد لكن على جهة السلب والنفي والأول على جهة الإيجاب والثبوت حينئذٍ نعلم أن الحكم ليس خاصًا بالثبوت الذي يُثبت قد حكم والذي ينفي قد حكم إسناد أمر لأمر آخر أو نفيه عنه هذا معناه في اللغة الأول لا يمكن أن يكون المراد هنا العلم بالأحكام لا يمكن أن يكون المراد بالحكم هنا الحكم عند المناطقة لماذا؟ لأن العلم فسرناه بالإدراك والحكم عندهم إدراك النسبة إذن صار التركيب إدراك الإدراك وهذا فاسد إذن لا يمكن أن نفسر الحكم هنا بالحكم المنطقي كذلك لا يمكن أن نفسره بالحكم الشرعي لماذا؟ لأنه قيد الأحكام الشرعية قال: العلم بالأحكام الشرعية. شرعي هذا قيد لإخراج ما عدا الأحكام الشرعية من اللفظ السابق فلو فسرنا الأحكام بالشرعية لكان قوله الشرعية هذا فيه لغوي وتكرار ولا فائدة منه بقي ماذا؟ الحكم اللغوي إذن المراد بالأحكام هنا الأحكام اللغوية إسنادُ أمرٍ إلى أمرٍ آخر أو إيجابًا أو سلبًا ثبوت أمرٍ لأمرٍ آخر أو نفيه عنه هذا الإسناد إسناد شيء لشيء آخر الذي يحدده من جهة الاختصاص هو مأخذ هذا الإسناد ومادة هذا الإسناد يعني: من أين أسندت هذا إلى ذلك؟ استفادة الإسناد مأخذها إما أن تكون من جهة الشرع، وإما أن تكون من جهة العقل، وإما أن تكون من جهة الحس، وإما أن تكون من جهة التجربة، وإما أن تكون من جهة الاصطلاح والجعل هذه خمسة أنواع. إذا قيل ثبوت أمر لأمر من أين أخذت هذا الإثبات إذا قلت: الصلاة واجبة. ثبوت أمرٍ لأمرٍ من الذي أثبت وجوب الصلاة؟ الشرع إذن الإسناد هذا مأخذه ومادته الشرع فحينئذٍ يكون الحكم شرعيًّا وهو ما كانت النسبة فيه مستفادة من الشرع الصلاة واجبة من أين حصل هذا الثبوت والإيجاب؟ نقول: من الشرع. الزنا محرم هنا إسناد إثبات أمر لأمر آخر نقول: مأخذ هذا الإسناد هو الشرع. الكل أكبر من الجزء هذا فيه إسناد وثبوت أمر لأمر آخر ما مأخذ هذه المادة من أين أخذت هذه النسبة؟ من العقل إذن الحكم العقلي صار عقليًّا باعتبار مادة الإسناد لماذا؟ لأننا نظرنا الكل أكبر من الجزء فإذا به مستفاد من العقل فيكون الحكم العقلي هو المستفاد ما كانت النسبة فيه مستفادة من العقل. الحكم التجريبي مثل ماذا؟ كقول بعضهم: بعض الأدوية مُسهلة. بالتجربة عرف أن هذا الدواء مسهل فنقول: ثبت من جهة التجربة أن هذا مسهل ما كانت النسبة فيه مستفادة من التجربة. الحس: النار محرقة نقول: الإحراق ثبت للنار من جهة الحس الإدراك بالحواس الخمس. الاصطلاحي ما كانت النسبة مستفادة فيه من الاصطلاح اتفاق الطائفة المخصوصة الفاعل مرفوع هذا فيه إسناد وإثبات الفاعل ليس منصوبًا هذا فيه نفي المفعول به منصوب هذا فيه إثبات من أين أخذنا هذه المادة؟ نقول: من الاصطلاح. إذن الحكم اللغوي إسناد أمر لأمر آخر ينقسم إلى: حكم شرعي، وحكم عقلي، وحكم تجريبي، وحكم حسي، وحكم جعلي اصطلاحي.

المراد من هذه الأحكام الخمسة هو: الحكم الشرعي. أي: المستفاد من جهة الشرع. لذلك قال: الأحكام الشرعية. الشرعية هذه المنسوبة إلى الشرع أي: المستفادة من الشرع التي مأخذها الشرعية نصوص الوحيين: الكتاب، والسنة. فحينئذٍ أخرج بقوله: الشرعية. الأحكام العقلية، والتجريبية، والحسية، والاصطلاحية. أربعة أنواع خرجت بهذا القيد الذي هو: الشرعية. وهذا فيه رد على المعتزلة بأن مصدر الأحكام هو الشرع والعقل لا مدخل له في التشريع كما هو مأخوذ أو معلوم في موضعين. العلم بالأحكام الشرعية الأحكام الشرعية عرفنا أنها مأخوذة من الشرع وهذه قسمان: خبرية علمية، وعملية. خبرية علمية يعني: تتعلق بعلم العقيدة، بالغيب، بالاعتقاد كالأخبار والأحكام المتعلقة بالرب جل وعلا بصفاته، بوحدانيته، بأسمائه الخ. لما يكون بعد الموت من القبر، والبعث، والنشور، والجنة الخ. هذه تسمى أحكامًا شرعيةً علميةً متعلقها العلم. والأحكام الأخرى الأحكام الشرعية العملية نسبة إلى العلم والمراد به عند أكثرهم عمل الجوارح العلم بالأحكام الشرعية العملية احترازًا من الأحكام الشرعية العلمية التي هي الاعتقادية هذه عندهم لا تسمى فقهًا في الاصطلاح وإلا في الشريعة كل الأحكام الشرعية تسمى فقهًا علميات وعمليات ولذلك الحديث يُحمل عليه «من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين». هل هو فقه خاص هذا أم فقه الشريعة العام؟ فقه الشريعة العام عقيدةً وعبادات ومعاملات.

أما في الاصطلاح فما تعلق بالعقيدة بالقلب هذا له علم مستقل بذاته له مصنفات خاصة والذي اصطلح عليه الفقهاء والأصوليون تسمية الأحكام الشرعية المتعلقة بكيفية عمل فعل المكلف هذه تسمى فقهًا وما عداها لا يسمى فقهًا وما عداها لا يسمى فقهًا العملية ذكر بعضهم أنها تشمل بعض أعمال القلوب لماذا؟ لأن وجوب النية وجوب اعتقاد النية أو اعتقاد وجوب النية هذا عمل متعلق بكيفية عمله وهو داخل في حد الفقه فإذا قلنا: العملية مخرج لما عدا أعمال الجوارح خرج كل ما تعلق بأعمال الجوارح من الأحكام فمثلاً وجوب النية أو اشتراط النية في الوضوء والعبادات هذا متعلق بكيفية عمل هل هو فقهٌ أم لا؟ نقول: هو فقه ومحله القلب والاعتقاد إذن إذا قلنا: العملية مخرج لسائر الأحكام الشرعية العلمية التي منها: وجوب النية، ووجوب الإخلاص، وتحريم الحسد، وتحريم الحقد، وتحريم العجب. وغير ذلك من الأحكام الشرعية المتعلقة بالقلب لو أخرجنا هذه ماذا حصل؟ لأخرجنا كثيرًا من مسمى الفقه فقالوا: إذن لا بد من تعميم مصطلح العملية هنا، فيشمل بالأكثرية عمل الجوارح ويشمل بعض أعمال القلوب التي لها تأثيرٌ في أعمال الجوارح لأنه أُورد أنكم إذا أدخلتم وجوب النية، اعتقاد وجوب النية وتحريم الحسد والحقد إلى آخره في مسمى الفقه وأخرجتم الاعتقاد المتعلق بالله عز وجل بوحدانيته وأسمائه وصفاته قد وقعتم في التناقض لأن هذه قلبية وهذه قلبية لماذا فرقتم بينهما، قلتم هذا فقه وهذا عقيدة قالوا: هذه الأحكام التي تعلقت بالحسد ونحوه هذه لا بد أن يظهر على المتصف بها من أعمال الجوارح المترتبة على ما في القلب. قالوا: لا بد أن يظهر شاء أم أبى ولذلك ابن تيمية يقول: لا يخلو جسدٌ من حسد، ولكن الكريم يخفيه واللئيم يبديه. قالوا: لما كانت هذه الأعمال القلبية لما كانت لا بد أن يترتب عليها عمل الجوارح أشبهت أعمال الجوارح فألحقت بها فألحقت بها، هكذا قيل ولكن نقول العملية الشامل لأعمال الجوارح وما كان متعلقه أعمال القلب. قال: المكتسب، هذا صفة للعلم لأن العلم علمان علم نظري وعلم اضطراري علم نظري وعلم اضطراري. العلم النظري: يسمى العلم المكتسب. والنظري ما احتاج للتأمل الذي يحتاج إلى التأمل وإلى النظر وإلى الاستدلال وإلى التفكر وإلى البحث هذا يسمى علمًا نظريًا، سواء كان تصوريًا أم تصديقيًا والذي لا يقع عن استدلال ولا نظر وإنما يحصل دفعةً واحدة ولا يمكن للإنسان أن يدفعه عن نفسه يسمى علمًا ضروريًا بَدَهيًا من الضرورة أنه لا يمكن أن يدفعه الإنسان عن نفسه وهذا أيضًا يكون متعلقة التصور والتصديق لذلك الأربعة هذه منقسمة تصور تصديق كل منهما إما نظري وإما ضروري قسمة رباعية تصوُّر نظري تصور ضروري تصور ضروري مثل ماذا؟ مثل سماع سماعا هذا إدراكٌ للمفرد ولكنه هل يحصل باستنباط والاستدلال والبحث؟ الجواب: لا.

التصور النظري: كحد الفاعل والتميز والتَّميز هذا مفرد إذا أردت أن تتصوره لا بد من معرفة حده، والنظر والتأمل والشرح مفردات الحد كذلك التصديق ضروري ونظري، الضروري مثل ماذا؟ الكل أكبر من الجزء هذا لا يحتاج إلى بحث واستدلال والنظري مثل ماذا قالوا: الواحد نصف سدس الاثني عشر هذا يحتاج إلى تأمل الاثنا عشر سدسها اثنان نصفه واحد، الواحد نصف سدس الاثني عشر، هذا تصديقٌ تصوري تصديقٌ نظري يحتاج إلى تأمل وإلى بحث. قال: المكتسب، إذن هذا علمٌ مكتسب بمعنى أنه احترز عن العلم الضروري العلم الإدراك للأحكام الشرعية العملية إن كانت هذه الأحكام الشرعية العملية ضرورية يستوي فيها ويشترك فيها العام والخاص فلا تسمى فقهًا في الاصطلاح إذن وجوب الصلاة هل هو فقه؟ ليس بفقه وجوب الصيام وجوب الزكاة وجوب الحج تحريم الزنا تحريم قتل النفس بغير حق، هذه كلها المحرمات والواجبات التي يستوي بالعلم بها العام والخاص التي يعنون لها المعلوم من الدين بالضرورة هذه لا تسمى فقهًا في الاصطلاح، إذن قوله المكتسب هذا احترازًا عن العلم الضروري بالأحكام الشرعية العملية كما مثلنا في الواجبات والمحرمات. واحترزوا به أيضًا عن علم الله، أخرج علم الله فإنه لا يوصف بكونه مكتسبًا بل لا يسمى ولا يوصف بكونه ضروريًا ولا كسبيًا كما سبق: علم الإله لا يقال: نظري ** ولا ضروريٌ ولا تصوري وليس كسبيا كل موهم ** يمنع في حق الكريم المنعم

إذن لا يوصف علم الله عز وجل بكونه ضروريًا إلى آخره، كذلك أخرج علم الملائكة قالوا: لأنه مأخوذٌ علمًا من اللوح المحفوظ، وإما مباشرةً كذلك أَخرَج علم النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه مأخوذٌ بغير نظرٍ واكتساب ولكن هذا يُقيَّد فيما لم يجتهد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم: 3، 4]. إذن كل حكمٍ شرعي تلفظ به النبي - صلى الله عليه وسلم - فمأخذه ومرده الوحي هل هو كسبي، ليس كسبيًا إذن المتكسب أراد به إخراج علم النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحيح كما سيأتي في باب الاجتهاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد فيكون حينئذٍ علمه في ما اجتهد فيه علمًا مكتسبًا وهل هذا يتفق قوله تعالى: {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم: 3، 4] إذا أثبتنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد وينظر ويتأمل فيستنبط الحكم الشرعي من الأدلة هل ينافي الآية،؟ لا. قد نقول: {((((هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} وهذا أخذه من طريق الاجتهاد والنظم وأعمال العقل في الأدلة ما الجواب، نعم إن لم يكن موافقًا للصواب للاجتهاد يأتي التصحيح والتصويب من السماء: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]، {(((كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67]. إلى آخر الاجتهادات التي جاءت تصويب فيها من السماء وما لم يأت؟ نقول: أقره الله عز وجل وهل نثبت إقرار الله؟ نقول: نعم. وما سكت عنه فهو عفو ما أقره الله عز وجل بما لم يُنْزِل يعني: ما لم ينزل تحريمًا لما حصل أو تفصيلاً فما اجتهد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون حقًا ووحيًا، حقًا لأنه اجتهد فأصاب، والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ ويكون وحيًا لأن الحق جل وعلا أقره ولذلك استدل بعض الصحابة بإقرار الله عز وجل جاء في حديث جابر كنا نعزل والقرآن ينزل. قال: والقرآن عدل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنه واسطة في بيان الأحكام الشرعية، لماذا عدل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكت عنه وأتى بدليلٍ آخر لأن إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه الصورة يتعسر لماذا؟ لأن إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - مقيدٌ بما إذا شاع وذاع وأمكن أن يطلع عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا لم ينقل الخلاف ما انتشر نقول أقراه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما الأمر الخفي كالعزل ونحوه نقول: هذا يبعد أن يطلع عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك عدل جابر عن هذا فقال: وكنا نعزل والقرآن ينزل.

استدل بإقرار الله عز وجل، لو كان الله عز وجل وهو عالم السر وأخفى لو كان هذا الفعل حرام وهو مطلعٌ عليه لأنزل آيةً تبين هذا الحكم، إذن إذا أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - واجتهد نقول: هذا موافقٌ للوحي ولا يخالف الوحي وكونه وحيًا هذا مأخوذٌ بإقرار الله عز وجل وإن كان مخالفًا للصواب، لابد أن يأتي ما يصوبه إذن قوله: المكتسب عرفنا أنه أخرج المعلوم من الدين بالضرورة، وأخرج علم الله وأخرج علم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخرج علم الملائكة وأخرج علم المقلِّد، لأن المقلد هذا الذي يحفظ الأحكام الشرعية دون نظرٍ واستنباط هذا لا يسمى فقيهًا قد يحفظ الأحكام الشرعية ويعرف الدليل لكن ما يعرف ربط الأحكام بأدلتها هذا يسمى لا يسمى فقيهًا وإن حفظ ما حفظ ولذلك ذكر ابن عبد السلام فيمن يحفظ الأحكام الشرعية وليس من الفقهاء قال: هم نقلة فقهٍ لا فقهاء، كمن يحفظ المتون دون وعيٍ واستيعاب لها كل ما ذُكر لا إشكال فيه إلا مسألة واحدة، وهي أن المكتسب قد أخرج العلم الضروري، نقول: هذا ما ليس بصحيح بل الصواب إسقاط هذا القيد لماذا؟ لأن العلم فسرناه بالإدراك الشامل للأحكام القطعية والأحكام الظنية فالمكتسب حينئذٍ خاصٌ بالأحكام الظنية فنقع في التعارض والتناقض ولما كان المعلوم من الدين بالضرورة هذا داخلاً في مسمى الفقه نقول: لابد من إسقاط هذا القيد العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية فيكون خارجًا لما ذكر ما خرج بقوله: المكتسب وهو علم اله عز وجل وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ما لم يجتهد فيه وعلم ملائكته وعلم المقلد فهؤلاء الأربعة لا يوصف بكون علمهم بالأحكام الشرعية أنها مأخوذةٌ من الأدلة التفصيلية. أما كون المعلوم من الدين. هذا يسمى فقهًا لأنهم قيدوا الفقه بما ذُكر سابقًا أنه من باب الظنون فهو مبنيٌ على بدعة المتكلمين، لأن من شأنهم أن الدليل قطعي محصورٌ في العقل فحسب وأما الدليل السمعي فلا يفيد إلا الظن أيضًا لو أخرجنا المعلوم من الدين بالضرورة لخرج سائر الفقه، لأن أكثر أحكام الفقه متفقٌ عليها ما أجمع عليه الفقهاء والسلف الصالح والصحابة والتابعون ما أجمع عليه من المسائل الفقهية أكثر من المسائل المختلف فيها ولذلك المسائل المختلف فيها أكثرها مبنيةٌ على المتفق عليها، أيضًا لو قلنا بهذا: أن المعلوم من الدين لا يسمى المعلوم من الدين بالضرورة العلم به لا يسمى فقهًا نقول: هل العبرة بأصل الإسلام أو ببعده؟ يعني: إذا كان الوجوب الصلاة ووجوب الصيام وتحريم الزنا هذا الأمر صار معلومًا من الدين بالضرورة هل هو باعتبار أول الإسلام أو بعد اشتهاره، إن كان باعتبار أول الإسلام فليس كذلك لأنه لم يصر معلومًا من الدين بالضرورة إلا بعد اشتهاره فلو قيدنا الفقيه أنه لا يسمى فقيهًا إلا إذا علم المكتسب دون المعلوم من الدين بالضرورة لأخرجنا أكثر فقه الصحابة، ثم إذا جعلنا العبرة بما اشتهر نقول: خرج أكثر سائر الفقه وعلى كلٍ إخراج الأحكام الشرعية المقطوع بها من حد الفقه ليس بصواب، لأننا لو نظرنا إما أن ننظر إلى الإسلام في أول أمره أو بعد اشتهاره.

في أول أمره: نقول: هذه ليست معلومة من الدين بالضرورة لأنها من المكتسب. وبعد اشتهاره: نقول: أخرجنا أكثر سائر أحكام الفقه من أدلتها التفصيلية من أدلتها التفصيلية، الدليل كما سيأتي نوعان، دليلٌ إجمالي، ودليلٌ تفصيلي. الدليل التفصيلي ما كان متعلقة خاصًا، يعني: يتعلق هذا الدليل بفعلٍ خاص بأمرٍ خاص: {(((((((((((((((((((((((} [البقرة: 43]. نقول هذا الدليل المتعلق، متعلقة ماذا؟ عمل الجزء فرعي وهو الصلاة. {((((((((((الزَّكَاةَ} نقول: هذا متعلقة خاصًا وهو إيتاء الزكاة. {((((((عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]. نقول: هذا متعلقة دليلاً خاصًا. الدليل الإجمالي: ما لا يتعلق بأمرٍ خاص، يعني: لا يفيد مسألةً جزئية ومرادهم بهذا القيد من أدلتها التفصيلية إخراج أصول الفقه لأن أصول الفقه هو الأدلة الإجمالية الكلية كما سيأتي مرادهم بالأدلة الكلية كقولهم مثلاً مطلق الأمر يفيد الوجوب، أي أمر بالصلاة أو بالزكاة أو بالصيام هل عَين لم يعين إذن كل أمرٍ جاء في الكتاب والسنة الأصل فيه أنه إذا تجرد القرينة أنه يفيد الوجوب هذا يسمى دليلاً إجماليًا دليلاً كليًا هذا هو مبحث الأصوليين كما سيأتي أما الدليل الخاص الذي يثبَت به مسألة خاصة والذي هو يكون مبحث ونظر الفقيه هذا يسمى دليلاً تفصيليًا ولذلك نَظَر الفقيه في الأدلة يختلف عن نَظَر الأصولي. نظر الأصولي: ينظر في الأدلة الإجمالية الكلية من حيث إفادتها للأحكام الجزئية بقطع النظر عن كائنة الجزئيات. ونظر الفقيه: ينظر نظرًا خاصًا في دليلٍ خاص في مسألةٍ خاصة ينظر نظرًا خاصًا في دليلٍ خاص في مسألةٍ خاصة ينظر في {(((((((((((((((((((((((} فيريد أن يعرف حكم الصلاة ما هو فيقول: {(((((((((((((((((((((((} أمر {(((((((((((((((((((((((} أمر بالصلاة هذه مقدمة صغرى مأخذها اللغة العربية مبناها اللغة العربية مستمدة من اللغة لأن الذي عين أن هذا أمر هو اللغة: {(((((((((((((((((((((((} أمر بالصلاة هذه مقدمة صغرى ومطلق الأمر يقتضي الوجوب إذن الصلاة واجبة، النتيجة هذه هي التي يبحث عنها الفقيه أم الأصولي فلا، كما سيأتي وإنما ينظر في الأدلة ويستنبط منها أحكامًا عامة أدلة قواعد عامة مطلق النهي للتحريم، أي نهيٍ لا يُعَيِّن أي نهيٍ نقول: لا يعين النهي يستلزم الفساد حجية القياس حجية الإجماع هذه كلها من مباحث الأصولي العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية آحاد المسائل هذه هي نظر الفقيه. قال هنا: والفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي

عرفنا المراد بهذه الجملة (عِلْمُ) أي تصديق بجميع الأحكام (عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ) (كُلِّ حُكْمٍ) كل هذه كلية لأنها مسورة بسور كلي إذن يلزم من هذا أن الفقيه لا يسمى فقيهًا إلا إذا علم كل أحكام الشرعية لا يسمى فقيهًا إلا إذا علم كل أحكام الشرعية فإن سئل عن مسألة واحدة فقال: لا أدري نزع منه اللقب فلا يسمى فقيهًا لا يسمى فقيها. نقول: لا ليس هذا المراد، وإنما المراد أن يكون عالمًا بالأحكام الشرعية إما بالفعل وإما بالقوة وعليه تكون أل في قولنا في التعريف السابق العلم بالأحكام أل هذه استغراقية والاستغراق هنا عرفي لا حقيقي لأننا لو حملناه على الاستغراق الحقيقي يعني: كل فرد من أفراد الأحكام الشرعية لكان مالك رحمه الله ليس من الفقهاء لأنه سئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة أجاب في اثنتين وثلاثين لا أدري والإمام أحمد كان يكثر من قول: لا أدري، والإمام أبو حنيفة سئل عن مسائل قال: لا أدري والإمام الشافعي سئل عن مسائل فقال: لا أدري إذن هؤلاء نفوا علمهم ببعض الأحكام الشرعية هل عدم علمهم لبعض الأحكام الشرعية مخرج لهم عن كونهم فقهاء لا، بل هم فقهاء وهم من أكابر الفقهاء وإنما المراد أن الفقيه يعلم الأحكام الشرعية كلها إما بالفعل وإما بالقوة، بالفعل أن تكون المسألة حاضر عندهم يسأل عن مسألة فيقول: حرام لقوله تعالى، أو يجب لقوله تعالى هذا يسمى علمًا بالفعل يعني: العلم موجود بالإيجاب. بالقوة: أنه الآن لا يستحضر الحكم الشرعي يُسأل عن مسألة فيقول: لا أدري لا أدري لكنه لو بحث ونظر واستنبط هل يتوصل إلى حكم؟. نقول: معم يتوصل، إذن عنده ملكة عنده صلاحية عنده تهيؤ إذا شرع في الأسباب الموصلة إلى الحكم الشرعي لوصل إلى الحكم الشرعي إذًا هو عالمٌ بالحكم الشرعي لكن لا بالفعل وإنما بالقوة وذلك يفسر العلم بالصلاح والملكة والتهيؤ. والعلم بالصلاح في ما قد ذهب ... فالكل من أهل المناح الأربعة يقول: لا أدري فكن متبع. فالكل من أهل المناح: يعني المذاهب الأربعة. يقول: لا أدري. الإمام الشافعي سئل هل المتعة فيها طلاق أم ميراث أم نفقة؟ فقال: والله ما أنا بها، هو واضع هذا الفن ويقول: ما ندري لكنه لو نظر وبحث لوصل إلى الحكم الشرعي فالكل من أهل المناح الأربعة يقول: لا أدري فكن متبعه. يعني: كن يا طالب العلم متبعًا لهم (جَاءَ اجْتِهَادًا) أي هذا الحكم (جَاءَ) يعني: جاء ثبوته وظهوره بالاجتهاد وهو بذل الوسع في بلوغ الغرض دون حكمٍ قطعي هذا استثناء للأحكام الشرعية القطعية فإنها لا تسمى فقهًا عند الجويني وتبعه الناظم، لأنه مما يشترط فيه الخاص والعام هذا هو حد الفقه في الاصطلاح العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية ونقول: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، وعلى ما ذكره الناظم تبعًا للأصل معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد. زاد المحلي: الشرعية العملية، الأحكام الشرعية تشمل عقائدية وغيرها معرفة عدل عن العلم بالتعبير بالمعرفة لماذا؟ لأن الفقه ظنونٌ عندهم فحينئذٍ العلم يتعلق بالتصديقات الجازمة والمعرفة متعلقها التصديقات أو الجزئيات النظرية.

ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

4

عناصر الدرس * تعريف الحكم لغةً واصطلاحاً. * الفرق بين تعريف الأصوليين للحكم الشرعي وبين تعريف الفقهاء له. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فلا زال الحديث في باب أصول الفقه ذكرنا أن الناظم رحمه الله تعالى إنما أراد بهذا الباب أن يذكر حد أصول الفقه معناه اللقبي وبذلك قدم بهذه المقدمة وهي: أنه عرف أصول الفقه باعتباره مركبًا إضافيًّا باعتبار جزأين. يعني: نظر إلى الجزء الأول وهو المضاف لفظ أصول، ونظر إلى الجزء الثاني وهو المضاف إليه وهو لفظ الفقه وكل ذلك ليصل إلى تعريفه عَلمًا ولقبًا لهذا الفن ولكنه لم يردف هذا التعريف لتعريفه العلمي اللقبي وإنما أخره في آخر الباب. أَمَّا أُصُولُ الْفِقْهِ مَعْنًى بِالنَّظَرْ ** لِلفَنِّ فِي تَعْرِيفِهِ فَالْمُعْتَبَرْ فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ إلى آخر ما سيذكره.

إذن سيأتي في آخر الباب حد أصول الفقه من جهة كونه علمًا ولقبًا لهذا الفن فذكر تعريف الأصل وذكر تعريف الفقه وبينَّا أن الفقه في اللغة على الصحيح أنه الفهم مطلقًا يعني: سواء كان متعلق الفهم أمرًا واضحًا بينًا ظاهرًا أم كان أمرًا خفيًّا دقيقًا يحتاج إلى نظر المتأمل فكل ما تعلق به الإدراك فهو فهم وهذا دلت عليه نصوص الشرع كما ذكرناه سابقًا وخاصة آية هود {((((((((يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ ((((((((} آية هود يعني: سورة هود. {((((((((يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا (((((((} [هود: 91] من الذي تقوله هذا صيغة عموم {((((((((يَا شُعَيْبُ مَا ((((((((} هنا نفي لأصل الفهم لأن ما هذه نافية ونفقه هذا فاعل مضارع والفعل مضارع مستبك بحدث وهو المصدر وهو نكرة وزمن، وفعل المضارع إذا جاء في صيغة النفي أو الاستفهام فهو من صيغ العموم يعني: {(((((((((((} أي لا فقه. فهذا نفي لأصل الفقه سواء كان واضحًا بيِّنًا أو كان خفيًّا دقيقًا يحتاج إلى تأمل يرد السؤال ما هو الفهم إذا عرفنا أن الفقه في الصحيح في القول الراجح أنه الفهم يرد السؤال: ما هو الفهم؟ نقول: الفهم هو: إدراك معنى الكلام. يعني: إذا فهمت سمعت كلامًا وأدركت حقيقة هذا الكلام فقد فهمته. وقال بعضهم: الفهم هو العلم بمعاني الكلام عند سماعه خاصة. وهذا منسوب لأبي هلال العسكري العلم وقلنا: العلم هو معرفة الشيء بالقلب والإدراك محله القلب، العلم بمعاني الكلام عند سماعه خاصة. وقيل: العلم بمعنى القول عند سماعه. هذه كلها تعاريف متقاربة والذي ذكره الفتوح في شرح ((الكوكب المنير)) هو إدراك معنى الكلام وجودة الذهن وفرق بين إدراك معنى الذي هو الفهم وبين جودة الذهن حيث عرفوا الذهن بأنه الاستعداد التام لإدراك العلوم والمعاني في الفكر الذي هو قوة النفس على كل حال المراد بالفقه إدراك معنى الكلام هذا دليل نضبطه أن الفقه لغةً هو: الفهم. والفهم هو: إدراك معنى الكلام هذا معناه من جهة اللغة.

أما في الاصطلاح فذكرنا أن التعريف المشهور عند الأصوليين هو: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية. هذا هو المشهور عند الأصوليين من حد الفقه ذكرنا أن بعضهم يجعل العلم جنسًا في حد الفقه، وبعضهم يجعل المعرفة جنسًا في حد الفقه، وبعضهم يجعل الظن جنسًا في حد الفقه يعني: يجعل الجنس الذي هو أول الكلمة في الحد يجعله لفظ العلم، وبعضهم يجعله لفظ المعرفة وبعضهم يجعله لفظ الظن والسبب في هذا الاختلاف هو إيراد أبي بكر الباقلاني الذي ذكرناه بالأمس أن الفقه كله من باب الظنون كل الفقه من باب الظنون وأوردنا دليله أن أدلة الفقه مستفادة من الأدلة المتفق عليها والأدلة المختلف فيها الأدلة المختلف فيها هذه لا تفيد عند القائلين بها إلا الظن والمتفق عليها في الجملة أي: في الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس هذه على ما ذكرناه بالأمس أنها لا تفيد إلا الظن والمقطوع من الكتاب والسنة المتواترة هو المعلوم من الدين بالضرورة وهذا لا يسمى فقهًا عند كثيرين من الفقهاء من الأصوليين إذن بقي ماذا؟ بقي كل ما يدل على الظن من غير دلالة المقطوع وهو الكتاب أو السنة المتواترة فحينئذٍ قال: إذا كان الفقه كله من باب الظنون والعلم عندهم أخص من العلم عند المناطقة العلم عند أبي بكر الباقلاني أخص من العلم عند المناطقة لأن العلم عند المناطقة عام يشمل التصور، والتصديق، ويشمل التصور بنوعيه الضروري والنظري والتصديق بنوعيه الضروري والنظري عند أبي بكر الباقلاني وغيره العلم أخص من ذلك وإنما يطلق ويختص بالإدراك الجازم إذن أخرج غير الجازم إدراك الجازم المطابق للواقع عن دليل القطع ما كان قطعيًّا فهو علم وما ليس كذلك فليس بعلم قال: هو لا يفهم أن أبا بكر لا يرى تعريف الفقه كما قد فهمه بعض الطلاب بالأمس إنما يقول: لا آخذ لفظ العلم جنسًا في حد الفقه.

والذي يعرف الفقه فلا يقول: الفقه هو العلم وإنما يقول: الفقه هو معرفة الأحكام وإنما لو قال: الفقه هو العلم على حد العلم عنده لَتَناقَض لماذا؟ لأن الفقه ظنون والعلم قطعي فكيف يعرف الظني بالقطعي هذا مستحيل هذا ممتنع فحصل تعارض عنده فحينئذٍ عدل عن لفظ العلم إلى المعرفة أو الظن لأن المعرفة تطلق على الظن فعدوله عن العلم لفظ العلم إلى الظن أو المعرفة لا يلزم منه أنه لا يحد الفقه بل لا يُعَرِّف الفقه ولكن لا يأخذ لفظ العلم جنسًا في حد الفقه لوجود التعارض بينهما فقلنا: رد هذا التعارض رده بعض العلماء بأوجه كثيرة لكن أشهرهم ثلاثة ما ذكرناه بالأمس أن نعمم لفظ العلم فيشمل حينئذٍ الأحكام القطعية والظنية لأن الحق أن الفقه منه ما هو قطعي، ومنه ما هو ظني أبو بكر الباقلاني يرى أن الفقه كله ظنون فنقول: لا الصواب أن منه ما هو قطعي وهو كثير وأن منه ما ظني وهو أيضًا كثير لأن كل ما اختلف فيه العلماء والخلاف كان فيه معتبر فهو لا يفيد القطع وإنما يفيد الظن إذن نجعل العلم بمعنى نجعل العلم يشمل الأحكام القطعية والأحكام الظنية وبعضهم قال: لا نجعل لفظ العلم بمعنى الظن بدلاً من أن نجعل العلم على مصطلح المناطقة الشامل للتصور والتصديق الأحكام القطعية والظنية نقول: لا ننظر للفظ العلم فنجعله مجازًا بمعنى الظن وهذا فيه تكلف لماذا؟ لأنه ينبني على جواز القول بالمجاز بمرتبتين أو أن يُبْنَى اللفظ المجاز على مجازٍ على لفظ آخر لماذا؟ لأنه كما سبق أن المراد بالظن في حد الفقه بمعنى الملكة يعني: الظن الذي هو الطرف الراجح بالفعل وبالقوة بالفعل يعني: إدراك الأحكام الشرعية بالفعل تكون موجودة عنده محفوظة بأدلتها لو سئل عن مسألة ما لقال: هذا واجب لقوله تعالى كذا، هذا حرام لقوله - صلى الله عليه وسلم - كذا. هذه تسمى يسمى علمًا بالفعل يعني: بالإيجاد موجود أما إذا كانت عنده ملكة ويستطيع أن يحصل الحكم الشرعي بالنظر معاودة النظر في الأدلة ولكنه لا يستحضر الحكم فلو سئل عن مسألة ما فقال: لا أدري لا أدري. لكن لو ترك مهلةً من الزمن ليلة أو ليلتين أو ثلاث فنظر في الأدلة لاستطاع أن يقول بالحكم الشرعي كما هو طريقة الأئمة الأربعة. فالكل من أهل المناح الأربعه ** يقول لا أدري فكن متبعه

إذن الظن هنا ليس على معناه الحقيقي وإنما على معناه المجازي لماذا؟ لأنه أُطْلِقَ الظن هنا بمعنى الملكة وهذا مجاز فإذا جعل العلم بمعنى الظن والظن بمعنى الملكة لكان فيه بناء مجاز على مجاز وهذا فيه تعسر وتكلف وهو ممنوع هذا رد على الباقلاني بعضهم رد هكذا شرح قرة العين قال: معرفة بمعنى العلم بمعنى الظن. المعرفة بمعنى العلم بمعنى الظن وإنما أطلق العلم بمعنى الظن لأن ظن المجتهد لقوته وقربه من اليقين أطلق عليه علم وهذا فيه تجاوز أيضًا وبعضهم رد على أبي بكر الباقلاني قال: لا، نقول: الفقه كله قطعي. هكذا ردود أفعال هو يقول: كله ظني. يأتي من يقول: كله قطعي. ما وجه كونه قطعيًّا؟ قال كونه قطعيًّا قال المجتهد الذي اجتهد وهذا كلام طيب المجتهد إذا اجتهد خرج بحكم ظني المجتهد يقطع يقينًا أن هذا الحكم مظنون علمه بظنية الحكم مقطوع به إذن هذه مقدمة قطعية يقينية وجدانية لا تحتاج إلى استدلال إذن هذا الحكم مظنون وإذا اجتهد نظر في الأدلة فإذا به يقول بوجوب غسل الجمعة ما حكمه هل هذا الحكم قطعي أو ظني؟ قال: ظني. إذت هذا الحكم مظنون لأنه محل خلاف بين العلماء هذه مقدمة قطعية يقينية وجدانية لا تحتاج إلى استدلال المقدمة الأخرى الثانية قال: كل مظنون يجب العمل به والفتوى بموجبه. لماذا؟ لأنه حكم الله فإذا ظن المجتهد أن حكم الله في هذه المسألة هو كيت وكيت وجب أن يعمل به لأنه هو الطرف الراجح ويجب الفتوى به لأنه لا تخلو قضية أو نازلة أو حادثة من حكم الله لا بد من بيانه قالوا: هاتان مقدمتان. هذا قول من؟ من يقول: إن الفقه كله قطعي. وإنما الظن حصل في الطريق الموصول إلى الفقه مقدمتان قطعيتان إحداهما الصغرى وجدانية لا تحتاج إلى استدلال، والأخرى قطعية استدلالية وهي: كل مظنون يجب العمل به والفتوى بموجبه. ما الدليل على المقدمة الكبرى هذه أن كل مظنون يجب العمل به؟ قالوا: الإجماع أجمع العلماء على ذلك. وهذا صحيح إجماع لماذا؟ لأنه لو لم يجب العمل به لخلت الحادثة والنازلة عن حكم الله لأنه مظنون يعني: الطرف الراجح، والطرف المرجوح موهوم، إذن هل يمكن أن يترك الطرف الراجح ويعمل بالموهوم؟ الجواب: لا، إذن أجمع المجتهدون العلماء على أن ماذا على أن الحكم المظنون يجب العمل به والفتوى بموجبه هذا الدليل الأول على هذه المقدمة القطعية. الدليل الثاني: قالوا: الدليل عقلي نظري لأن تم أمران لأن ثم أمرين: إما طرف راجح، وطرف مرجوح إما أن يُعمل بهما معًا إذا جيء ونُظِرَ في هذا الظن الطرف الراجح والطرف المرجوح إما أن تعمل بهما معًا هل يمكن هذا إذا كان الطرف الراجح التحريم والطرف المرجوح عدم التحريم هل يمكن أن يعمل بهما؟ الجواب: لا، لأنه جمع بين النقيضين تحريم وعدم التحريم ا لاحتمال الثاني أن لا يعمل بهم معًا أن يترك الطرف الراجح والطرف المرجوح وهذا فيه ترك للشريعة.

الاحتمال الثالث: أن يعمل بالطرف المرجوح وهو: الموهوم. يقول: ظاهر النصوص تحريم كذا وخلاف الظاهر الطرف المرجوح عدم التحريم. فيعمل بالموهوم الذي هو الطرف المرجوح قالوا: هذا خلاف ما يقتضيه العقل. العقل لا يقتضي هذا وإنما يقتضي أن يعمل بالطرف الراجح ماذا بقي العمل بالطرف الراجح وهو الظن فيتعين حينئذٍ أن يُعمل بالطرف الراجح وهو الظن إذن هذه قاعدة أو مقدمة يقينية قطعية استدلالية دليلها الإجماع والنظر العقل الصحيح لأن لو نظرنا في الطرف الراجح والمرجوح إما أن يعمل بهما معًا وإما أن يتركا معًا وإما أن يعمل بالمرجوح وهو خلاف ما يقتضيه العقل وإما يتعين الطرق الرابع وهو أن يعمل بالطرف الأرجح إذن دل العقل مع الإجماع على أن الطرف الراجح الذي هو المظنون أن يجب العمل به يعني: أنه يجب العمل به. إذن يتخلص من هذا قياس من الشكل الأول كما يقال فيقال: هذا الحكم مظنون. إذا وصل إلى نتيجة يقول: هذا الحكم مظنون - هذه مقدمة صغرى - وكل مظنون يجب العمل به قطعًا يُنتِج أن هذا الحكم يجب العمل به قطعًا فحينئذٍ صار كل الفقه قطعيًّا وإنما حصل الظن في طريقه هكذا أجيب ورد على أبي بكر الباقلاني ولكن الجواب من حيث هو صحيح ولكن لا يصلح أن يكون ردًا لِ أو على أبي بكر الباقلاني لماذا؟ لأن الفقه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، إذن لا بد من دليل تفصيلي كل حكم عملي كان ثمرة لدليل التفصيل الذي يعين جزئية معينة الذي يتكلم عن مسألة خاصة الذي متعلقه أمرًا خاصًا يكون فقهًا وأما الذي معنى هذا الحكم مظنون هذا لا إشكال فيه خاص وكل مظنون يجب العمل به هذا دليل تفصيلي أو إجمالي؟ إجمالي إذن لا تعلق له بمسائل الفقه ولا يصح أن يرد به على أبي بكر الباقلاني هذه ثلاثة أجوبة من أحسن ما قيل في رد القول على أبي بكر الباقلاني في كون الفقه مظنونًا وأنه لا يصح أن يؤخذ العلم جنسًا في حد الفقه وأسلمها هو أن نعمم لفظ العلم فنقول حينئذٍ: العلم أي مطلق إدراك حكمٍ الناشئ عن دليل قطعي أو دليل ظني لأن الصواب أن الفقه منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني. قال: (وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) (كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) هنا عبر عن الأصل بلفظ (كُلِّ) ما حد أصل صاحب الورقات؟ الفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد هكذا عرفه الجويني ماذا غير وبدَّل الناظم بدَّل المعرفة بالعلم والعلم هنا المراد به الظن عندهم ونفسره بالشامل للظن والقطع (كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) هذا شرح وتفصيل لقوله: معرفة الأحكام. يعني: فيه إشارة إلى أن أل في الأحكام هذه جنسية أنها استغراقية لأن الاحتمالات أربعة (أل) هذه معرفة الأحكام أو قولهم: العلم بالأحكام. (أل) هذه إما أن تكون للعهد، وإما أن تكون للجنس، وإما أن تكون للحقيقة، وإما أن تكون للاستغراق وكلها لا تصح هنا.

نشرح للعهد لأنه إما أن يكون العهد ذِكْرِيًّا أو ذهنيًّا العهد الذكري أن يكون مدخول (أل) الذي هو أحكام قد سبق له ذكر في نفس الكلام والتركيب تقول: جاء رجل. هذه نكرة فأكرمت الرجل (أل) هذه نقول: للعهد الذكري. لماذا؟ لأن (أل) دخلت على رجل والرجل قد سبق ذكره في الكلام {((((((أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 15، 16] الرسول الثاني هو عين الرسول الأول المرسل إلى فرعون ما الدليل؟ (أل) الدليل (أل) هذه للعهد الذكري يعني: سبق ذكره في الكلام وهنا العلم بالأحكام أو معرفة الأحكام الشرعية الأحكام هل سبق لها ذكر لا إذن لا يمكن أن تكون (أل) للعهد الذكري (أل) للعهد الذهني (أل) التي للعهد الذهني هي التي عُرف مصحوبها ذهنًا في الذهن في العقل يعني: بينك وبين المخاطب عهد ذهني. وهذا يحصل بين الناس يقول له: لقيت الرجل. هو يعرف من هو ما يريد أن يفصح به فيقول: لقيت القاضي. يعني: الذي بيني وبينك عهد سابق في قاضي آتيه أونحو ذلك {(((هُمَا فِي (((((((((} [التوبة: 40] (أل) هذه للعهد الذهني يعني: المخاطب به المخاطبون هما لأن المخاطبين هم الصحابة ويعلمون حقيقة هذا الغار هل هنا بين المعرف والمخاطب عهد في الأحكام عندما قال: العلم بالأحكام؟ نقول: لا إذن لا يصح أن تحمل (أل) هذه على العهد الذكري ولا العهد الذهني أما العهد الذكري فلعدم ذكر سبق الأحكام قبل التعريف، وأما العهد الذهني فلا يصح لأنه ليس بين المعرف والمخاطب الذي هو الطالب عهدٌ في حكم ما إذن بطل (أل) للعهد (أل) للجنس نقول: هذا يبطل ولا يصح لماذا؟ لأن (أل) الجنسية أقل الداخلة على الجمع أقل معنى جنس الجمع ثلاثة إذا قيل: معرفة الأحكام الشرعية أو العلم بالأحكام الشرعية (أل) الجنسية معناه الكلام هذا إذا قلنا (أل) الجنسية هنا أن يكون أقل ما يصدق عليه أنه فقيه إذا عَلِم الطالب أو الشخص إذا علم ثلاث مسائل لأن (أل) داخلة على الجمع وأقل الجمع ثلاثة أقل معنى الجمع ثلاثة مسائل فحينئذٍ يلزم من هذا أن يكون من علم ثلاث مسائل بأدلتها التفصيلية يصح أن يطلق عليه فقيه وهذا صحيح من علم ثلاث مسائل فقط بأدلتها التفصيلية يصح أن يسمى فقهيًا، إذن الذي يسمع حلقة واحدة من نور على الدرب يسمى فقهيًا وليس الأمر كذلك إذن لا يصح أن تكون (أل) هذه للجنس لأن أقل ما يصدق عليه جنس الجمع ثلاثة ويلزم عليه أن من علم ثلاث مسائل بأدلتها يسمى فقيهًا أيضًا النوع الثالث أن تكون (أل) للحقيقة لمطلق الحقيقة للماهية ولا يصح ذلك لماذا؟ لأن (أل) التي للحقيقة تصدق على الواحد والاثنين والثلاثة إلى ما لا نهاية كأنه قال: معرفة حقيقة الحكم الشرعي الصادق بالواحد. وعليه يلزم أن من علم مسألة واحدة بدليلها التفصيلي يسمى فقيهًا وإذا نفي الأول فهذا ينفى من باب أولى وأحرى.

النوع الثالث: أن تكون (أل) استغراقية يعني: كل أفراد مدخولها لا بد أن يتعلق به المعرفة أو العلم. فإذا قيل: معرفة الأحكام. أي: كل الأحكام كما عبر الناظم هنا عبر الناظم هنا بكل وكل هذه للاستغراق وهي من صيغ العموم فهي مسورة بسور كلي والاستغراق أن مدخول أن من جهة الأفراد يتعلق به العلم فردًا فَردًا وعليه يلزم إذا قلنا: (أل) هنا للاستغراق الحقيقي يلزم عليه أن من سئل عن مسألة أو مسألتين من الأحكام الشرعية فلم يعلمها فلم يعرفها لا يسمى فقيهًا وعليه لما سئل مالك رحمه الله عن ثمانٍ وأربعين مسألة فأجب في اثنتين وثلاثين: لا أدري. والشافعي قال: لا أدري. وأحمد يكثر من قول: لا أدري. وأبو حنيفة إذن ليسوا فقهاء إذن إذا قيل: (أل) في الأحكام العهد. لا يصح وإذا قيل: للماهية. لا يصح، وإذا قيل: للجنس. لا يصح إذا قيل: للاستغراق. لا يصح إذن ما الذي يصح؟ أن يكون الاستغراق عرفيا لا حقيقيا. ومنه عرفي وعموم المفرد أصح. إذن الاستغراق نوعان: استغراق حقيقي، واستغراق عرفي. الاستغراق الحقيقي هو: المنفي. والاستغراق العرفي هو: أن يكون العام أن يكون الفقيه عالما بأكثر مسائل الفقه بأدلتها التفصيلية ولذلك فسروا العلم أو المعرفة فسرت بالملكة لماذا؟ لئلا يخرج زمرة من الفقهاء وهم من أئمة الفقهاء إذا قيل: العلم بالأحكام الشرعية. كل الأحكام بالفعل ما بقي فقيه على وجه الأرض وإذا قيل: العلم بالأحكام أي: الملكة والتهيؤ والصلاحية والاستعداد في كون الفقيه يعلم بعض الأحكام بالفعل والبعض الآخر بالاستعداد وبالقوة نقول: سلمنا من الاعتراض. فحينئذٍ لا يخرج الإمام مالك ولذلك قال في ((المراقي)): والعلم بالصلاح فيما قد ذهب يعني: يفسر عرف الفقه قال: والفقه هو العلم بالأحكام ** للشرعي والفرعي نماها النام أدلة التفصيل منها مكتسب ** والعلم بالصلاح فيما قد ذهب يعني: العلم الذي أخذ في حد الفقه يفسر بالصلاح الصلاحية والتهيؤ لماذا؟ قال: فالكل من أهل المناح الأربعة الأئمة الأربعة يقول لا أدري فكن متبعه إذن لا بد أن نؤول العلم هنا بالملكة فحينئذٍ لذلك بعضهم صرح بهذا في مختصر التحرير الفتوحي قال: الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية بالفعل أو بالقوة القريبة. بالفعل يعني: بالإيجاد. وبالقوة أي: بالاستعداد النفسي، أن يكون عنده أهلية النظر في الأدلة يعاود النظر مرة أخرى يتأمل وينظر فيستخلص الأحكام من أدلتها التفصيلية لكن قال: قريبة. هذا احتراز من القوة البعيدة لأن الطالب المبتدأ إذا ابتدأ في التحصيل هذا عنده استعداد لكنه بعد عشر سنين أو خمسة عشر سنة إذن هو يعلم الأحكام هو سيدرس الفقه الفروعي حينئذٍ نقول: هذا عنده استعداد ولكن استعداده بعيد أم قريب؟ بعيد قالوا: احترازًا من هذا النوع الذي عنده استعداد لأن يُحَصِّلَ الأحكام لأنه بعد سنين ستكون عنده قدرة ويستخلص الأحكام من مواردها. قالوا: احترازًا من هذا فنعين أو نقيد القوة بأن تكون قريبة الذي يعاود النظر قريبًا من السؤال فيستخلص الحكم من أدلتها نقول: هذا هو المراد بالفقيه الذي دخل في هذا الحد العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.

قال: (وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي). إذن كل حكم شرعي ليس المراد الاستغراق هنا الحقيقي وإنما المراد به الاستغراق العرفي لماذا نقول: الاستغراق العرفي؟ لإدخال أكابر المجتهدين الذين سئلوا عن مسائل في الدين فقالوا: لا ندري. لذلك مُدِحَ هذا القول لماذا؟ لأنه يدل على ورع ودين عند المجيب. ومن كان يهوى أن يرى متصدرا**ويكره لا أدري أصيبت مقاتله

(وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) يعني: تصديق بجميع الأحكام الشرعية بالفعل أو بالقوة نقول: تصديق لماذا؟ لأن العلم فسرناه بالتصور والتصديق هل التصور داخل معنا هنا في الحد لا، لم؟ لأن التصور متعلقه المفردات والأحكام الشرعية يتعلق بها تصور ويتعلق بها تصديق تعلق التصور بالأحكام الشرعية حقيقته أن يعرف حقيقة الواجب ما هو الإيجاب؟ يُحَدُّ، ما هو التحريم؟ ما هو الندب؟ ما هي الكراهة؟ ما هي الإباحة؟ نقول: هذا السؤال جوابه الحد وهذا هو حقيقة التصور هل مبحث والآن نعرف الفقه هل مبحث الفقيه في الحدود حدود الأحكام الشرعية؟ الجواب: لا، هذا من مباحث الأصولي، الأصولي هو الذي يبحث في حقيقة الإيجاب ما هو ما ضابطه؟ ما الذي يميز الإيجاب عن التحريم أو عن الندب أو عن الكراهة أو عن الإباحة؟ هذه وظيفة الأصولي وتذكر في مبادئ الأصول يعني: في المقدمات كما سيذكره فالواجب المحفوظ في الثواب إلى آخر ما سيأتي معنا إذن علمٌ الفقه علم كل حكم علم كل حكم نقول: هنا المراد بالعلم التصديق احترازًا من تصور الأحكام الشرعية لا لعدم إمكان تصورها وإنما لكون الفقيه لا يبحث في تصور الأحكام وإنما يبحث في تنزيل هذه الأحكام على محلها ولذلك نقول: تصديق وسبق أن التصديق المراد به من باب التقريب الجملة الاسمية والجملية الفعلية الصلاة واجبة الزنا محرم هذا هو التصديق إثبات الأحكام لمحالها فيبحث الفقيه في ماذا في كون الصلاة ثبت لها الوجوب في كون الزنا ثبت له التحريم، في كون تشبيك الأصابع ثبتت له الكراهة إلى آخره فمبحث الفقيه في التصديق بجميع هذه الأحكام ولذلك يطلق بعضهم أن الأحكام الشرعية المراد بها هنا في حد الفقه النسب التامة الجملة الاسمية والجملة الفعلية لأن هذا هو مبحث الفقيه، الفقيه يبحث عن أحكام شرعية والأصولي يبحث عن الأحكام الشرعية مبحث الأصولي في الأحكام الشرعية من حيث تصويرها وتصورها يعني بيان حدودها وتمييزها عن غيرها مبحث الفقيه في الأحكام الشرعية من حيث إثباتها لمتعلقاتها لأن الحكم الشرعي يتعلق بفعل المكلف وفعل المكلف منه ما هو قول باللسان، ومنه ما هو علم بالجوارح، ومنه ما هو عمل بالقلب كل من هذه الثلاثة هي محل للحكم الشرعي فيقال: الغيبة محرمة. هذا مبحث الفقيه يثبت التحريم للغيبة أما كون التحريم ما هو ليست من وظيفته إذن قوله: (وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ). أي: تصديق بجميع الأحكام نقول: تصديق لأننا فسرنا العلم هنا بما هو أعم من التصديق والتصديق يشمل التصديق النظري والتصديق الضروري إذن لم تخرج معنا الأحكام القطعية ولا الأحكام الظنية إذا قيل: تصديق احترازًا عن التصور. خرج التصور بقسميه النظري والضروري بقي ماذا التصديق بقسميه إذا بقي التصديق بقسميه لم تخرج الأحكام القطعية ولا الظنية (عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) ما المراد بشرعي هنا؟ المنسوب إلى الشرع ففيه إشارة ورد على المعتزلة أن الحكم الشرعي مصدره الشرع {((((الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}] الانعام، الآية:57 [. جَاءَ اجْتِهَادًا دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي

(جَاءَ) أي: ثبت. (جَاءَ اجْتِهَادًا) اجتهادًا هذا حال وهو بذل الوسع في بلوغ الغرض (جَاءَ اجْتِهَادًا) هذا فيه إشارة إلى أن المراد بالفقه هنا ماذا؟ على رأي الجويني أنه خاص بالأحكام الظنية أما الأحكام الضرورية أخرجها بقوله: (دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي). أخرج الأحكام الضرورية يعني: المعلومة من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، وتحريم الزنا، ووجوب الإخلاص، وتحريم الحسد الخ هذه من المعلوم من الدين بالضرورة يعني: اشترك فيها العام والخاص العام يعني مع الخاص الذي هو العالم يعني: لا يمتاز العالم بعلمه بهذه الأحكام دون غيره من عامة المسلمين إذن (جَاءَ اجْتِهَادًا) يعني: جاء ثبوته وظهوره بالاجتهاد.

(دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي) هذا استثناء من الأحكام الشرعية لأن الأحكام الشرعية بعضها طريقه الاجتهاد، وبعضها ليس كذلك يعني: ليس طريقه الاجتهاد وإنما يكون الحكم مجمعًا عليه أو دالا عليه بالكتاب والسنة ولكن دلالته قطعية، إذن عرفنا الآن حد الفقه لم ذكر الناظم هما حد الفقه هذا سؤال؟ نعم لتقييد الأصول إذا عرفنا أن المعنى الإضافي لفن الأصول ما يفهم من مفرديه المضاف والمضاف إليه عند تقييد الأول بإضافته للثاني إذن عرَّف لنا الأول في اللغة وعرَّف لنا الثاني في الاصطلاح إذا أردنا من البيتين أن نضع تعريفًا تسهيلاً والتعريف ليس توقيفيا نقول: إذا أردنا أن نأخذ حدًا لأصول الفقه بمعناه الإضافي فقيل: الأصل عرفه بماذا؟ ما بني عليه غيره والفقه معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد لو أردنا أن نستخلص من هذين الحدين معنى أصول الفقه فنقول: أصول الفقه هو الأصول التي تبنى عليها معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد. أصول الفقه هي: الأصول التي تبنى عليها معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد. وهذا واضح عند من نص عليه فقال: أصول الفقه أي: أدلته، أي أدلته، الإجمالية كما سيأتي الأدلة الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد وبعضهم يعرف الأصول من جهة كونه لقبًا القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية وهذا هو علاقة الفقيه بالأصولي أن الأصولي يضع له قواعد عامة يأخذ هذه القواعد الفقيه فيطبقها فيستنتج الحكم الفرعي العملي يعني: كأن الأصولي ينظر ويتتبع نصوص الوحيين فينظر في وجوه أدلة الكتاب مثلاً كيف نستفيد الحكم من الكتاب الذي هو القرآن هل الكتاب جاء على مرتبة واحدة؟ الجواب: لا، وإنما هو متنوع مختلف بعضه أمر يعني: بعض لفظه أمر، وبعضه نهي، وبعضه عام، وبعضه خاص، وبعضه عام، وبعضه مطلق، وبعضه مقيد، وبعضه يؤخذ حكمه بالمنطوق أو دل على الحكم بالمنطوق، وبعضها بالمفهوم إذن وجوه دلالة الكتاب على الأحكام مختلفة ينظر فيها الأصولي ويبحث في دلالة الأمر لا ينظر عن الأحكام أو يبحث عن الأحكام الشخصية الصلاة حكمها الزنا الخ ما يبحث في هذه وإنما ينظر في الأمر ماذا يفيد الأمر؟ على أي شيء يدل الأمر؟ فيستخلص بالتتبع والنظر بواسطة العلوم المستمدة منها كما سيأتي أن مطلق الأمر يفيد الوجوب ويأخذ أن الأمر يفيد الفور ويأخذ أن الأمر يقتضي التكرار أو لا يقتضي التكرار فهذه قواعد عامة مطلق الأمر للوجوب قاعدة عامة من الذي استخلصها؟ من الذي هيأها؟ من الذي مهدها؟ الأصولي يأخذها مباشرة الفقيه فيطبقها فينظر في قوله تعالى: {(((((((((((((((((((((}. يقول: هذا أمر هذه مقدمة صغرى. {(((((((((((((((((((((} {((((((((((} أمر أخذ هذه المقدمة الصغرى من اللغة ثم يأتي بالمقدمة الكبرى من عند الأصولي ويقول: وكل أمر أو مطلق الأمر يقتضي الوجوب، النتيجة: الزكاة واجبة. هذه علاقة الفقيه بالأصولي ولذلك لا يمكن أن يكون الإنسان فقيهًا بمعنى كلمة فقيه متحرر إلا إذا كان مليًّا بالأصول ولذلك ذكر عن أبي البقاء العُكبري أنه قال: أبلغ ما يتوصل به إلى إحكام الأحكام العلم بأصول الفقه وطرف من أصول الدين.

أبلغ ما يتوصل به إلى إحكام الأحكام إتقان أصول الفقه هكذا قال نص أبلغ ما يتوصل به إلى إحكام يعني: إتقان الأحكام الشرعية إتقان أصول الفقه متلازمان والانفكاك بينهما عسير (دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي) إذن عرفنا معنى أصول الفقه في من أي حيثية؟ من حيث كونه مركبًا تركيبًا إضافيًّا أما اللقبي فسيأتينا في آخر الباب ثم قال: وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا مَعَ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا وَالْفَاسِدِ ** مِنْ عَاقِدٍ هذَانِ أَوْ مِنْ عَابِدِ (وَالْحُكْمُ) أيُّ حكم؟ هل هو الحكم الشرعي؟ أو الحكم العقلي؟ أو الحكم التجريبي؟ أو الحكم الحسي؟ أو الحكم اللغوي؟ أو الحكم الوضعي الاصطلاحي؟ أي الأحكام هذه؟ الشرعي إيت بدليلك نعم (أل) العهد الذكري شرحتها قبل قليل (وَالْحُكْمُ) أي: الشرعي. لماذا؟ لأنه أراد أن يشرح لك بعض ما تعلق به الحد لأنه حد لك الفقه بكونه، قال: (عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي ** جَاءَ اجْتِهَادًا) سيبين لنا الآن الأحكام الشرعية ما هي لأنه ذكر الأحكام الشرعية قيدًا في حد الفقه فما هي هذه الأحكام الشرعية عدها لك سبعة ثم بين لك كل واحدٍ منها ثم انتقل إلى بيان العلم والعلم لفظٌ للعموم لم يخص**للفقه مفهومًا بل الفقه خاص

ثم عرف العلم وبضدها تتميز الأشياء عرف لك الجهل ثم بعد ذلك انتقل إلى تقسيم العلم إلى ظني ونظري ثم بين لك الظن لأن كثيرًا من الأحكام أو كلها على ما يعتقده الجويني أصلاً أن باب الأصول باب الفقه كله مبنيٌ على الظن فعرف لك الظن ثم ختم بحد أصول الفقه لقبًا للفن إذن هذا الباب باب أصول الفقه مراد به مقدمات (وَالْحُكْمُ) أي: الحكم الشرعي ما الذي دلنا أل هذه للعهد الذكري إذا أعيدت النكرة معرفة فهي عين الأولى وإذا أعيدت المعرفة معرفة فهي عين الأولى وإذا أعيدت النكرة نكرة أو أعيدت المعرفة نكرة فهي غير الأولى أربع احتمالات النكرة تعاد معرفة كما قال هنا: (عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) هذا نكرة حكم نكرة وإن أضيف لأنه لم يعتبر بالإضافة لأنه أضيف إلى نكرة طيب فنقول: إذا أعيدت النكرة معرفة فهي عين الأولى كما في الآية السابقة {((((((أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 15، 16] هل الرسول الذي عصاه فرعون هو عين الرسول الذي أرسل نعم قد يقول لك قائل لا هذا قال: {(((((((((((} فقال: {((((((((فِرْعَوْنُ ((((((((((} إذن غيره إيت بدليل على أن الرسول الذي عصي هو عين المرسل الأول أنت تقول: أل وهذه الآية نزلت بلغة العرب وإذا أعيدت النكرة معرفة فهي عين الأولى، إذا أعيدت المعرفة معرفة فهي عين تقول جاء القاضي وأكرمت القاضي هل القاضي الذي أكرم هو عين القاضي الذي جاء نعم هو نفسه الدليل أن المعرفة أعيدت معرفة وإذا أعيدت المعرفة معرفة فهي عين الأولى، إذا أعيدت النكرة نكرة أو أعيدت المعرفة نكرة فهي غير الأولى تقول جاء قاضٍ وأكرمت قاضيًا هل القاضي الذي أكرم هو الذي جاء ممكن تؤول وتقول زارني قاضٍ وأكرمت قاضيًا المستمع يظن أنك أكرمت الذي جاء وأنت تؤول القاضي الذي أُكرِم ليس هو الذي جاء لماذا لأن النكرة أعيدت نكرة والقاعدة العامة الأغلبية أن النكرة إذا أعيدت نكرة فهي غير الأولى، جاء القاضي فأكرمت قاضيًا جاء القاضي هذه معرفة أعيدت نكرة فأكرمت قاضيًا هو عين الأول أم غيره؟ غيره هذه قاعدة أغلبية قال السيوطي: ثم من القواعد المشتهرة ** إذا أتت نكرةٌ مكررة تغايرا فإن يعرف الثاني ** توافقا كذا المعرفان شهدها الذي روين مسندا ** لن يغلب العسرين عسرٌ أبدا ونقض السبكي ذي بأمثلة ** وقال ذي قاعةٌ مستشكلة نقضها السبكي في كتاب ((عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح)) لكن رد عليه رد عليه في ((شرح على عقود الجمان)).

الحاصل: أن قوله: (وَالْحُكْمُ) أل هذه للعهد الذكري التي عُهِدَ مصحوبها ذكرًا يعني: ذكر في الكلام السابق إذًا الحكم الشرعي قال: واجبٌ (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) في الأصل قال: والأحكام الشرعية سبعةٌ هنا قال: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) ما إعراب الحكم مبتدأ صحيح من تردد مبتدأ لأنه محكومٌ عليه الحكم هنا محكومٌ عليه فهو مبتدأ والقاعدة أنه إذا استشكل عليك أمر المبتدأ والخبر أيهما مبتدأ وأيهما خبر انظر المحكوم عليه فهو المبتدأ وأنظر المحكوم به من جهة المعنى إن حكمت على أي شيء فصار هو المبتدأ الحكم واجب حكمنا على الحكم واجب بأنه واجبٌ إذن الحكم مبتدأ أين الخبر المحكوم به واجب إذا كان الحكم ينقسم إلى سبعة أقسام قال: والحكم مبتدأ و (وَاجِبٌ) هذا خبر إذن تمت الجملة مبتدأ وخبر من جهة المعنى هل يصح هذا التركيب هل يصح إذا قلت والحكم واجب مبتدأ وخبرٌ وانتهت الجملة لزم أن يكون الحكم الشرعي واحد وهو الواجب انظر النحو ينبني عليه المعاني والحكم واجبٌ إذا قلت مبتدأ وخبر وانتهت الجملة هنا إلى قولنا: (وَاجِبٌ).

ينبني على هذا المعنى يلزم ولا انفكاك لك إلا أن تقول أن الحكم محصورٌ في الواجب وليس عندنا ندب ولا كراهة ولا آخره ما الجواب قالوا: في مثل هذا التركيب راعى العطف قبل الحمل يعني: قبل أن يخبر عن المبتدأ راعى أن سيعطف عليه والعبرة بالمعنى لا باللفظ فحينئذٍ نقول في الإعراب حتى يستقيم التركيب الحكم مبتدأ واجبٌ وما عُطِفَ عليه خبرٌ مبتدأ لذلك يرد في كتب النحو أيضًا الكلمة اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ يأتي بعض الظاهرية فيقول: الكلمةُ اسمٌ مبتدأ وخبر انتهى التركيب نقول هذا يلزم من أن الكلمة لا تنقسم إلى اسمٍ فقط ليس مدلولها إلا الاسم نقول: لا الكلمة مبتدأ اسمٌ وما عطف عليه راع الحمل قبل العطف قبل الحمل قبل أن يحمل هذا الخبر على المحكوم عليه نوى في قلبه أن سيعطف عليه إذن قوله: والحكم مبتدأ واجبٌ وما عطف عليه خبر مبتدأ فحينئذٍ ألفاظ الحكم هل هو حكمٌ واحد أم أحكام؟ أحكام انظر الفرق بين التركيبين والنحو هو القاضي والفاصل في هذه المعاني (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) إذن واجبٌ هذا خبر المبتدأ ولكنه باعتبار ما عطف عليه لا لوحده لأنهم في الأصل في الورقات قال: والأحكام الشرعية سبعة الواجب إلى آخره (وَالْحُكْمُ) له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي المعنى اللغوي يطلق بمعنى القضاء والفصل لمنع العدوان وبمعنى العلم والفقه وبمعنى القضاء الذي أصله المنع وبمعنى المنع إذن له اطلاقات متعددة يطلق بمعنى القضاء والفصل لمنع العدوان ومنه قول تعالى: {((((((أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ((((((((} [النساء: 105] {(((((((((} أي: لتقضي وتفصل بين الناس، {(((((((((((إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26] {(((((((((} أي: اقض وافصل بين الناس بالحق ويطلق الحكم بالمعنى العلمي والفقه {((((((((((((((الْحُكْمَ صَبِيًّا ((((} [مريم: 12] يعني: آتيناه الفقه والعلم صبيا، ويطلق بمعنى القضاء الذي أصله المنع لأن القضاء إنما سمي قضاءً لمنعه من غير المقضي القضاءً لمنعه من غير المقضي إذا قضى قاضي لأمرٍ ما فقد منع من ضده إذا قضى بالميراث مثلاً منع من عدم الميراث إذن القضاء يستلزم المنع ويطلق بمعنى المنع أصالةً ومنه قول جرير: أبني حنيفة احكموا سفهاءكم**إني أخاف عليكم أن أغضبا

حكموا أي: امنعوا سفهاءكم يقال: حكمه كنصره، وأحكمه كأكرمه وحكَّمه بالتضعيف حكم حكمه بالتخفيف كان نصره وأحكمه كلها بمعنى المنع وأحكمه كأكرمه وحكًّمه بالتضعيف وكلها بمعنى المنع فإذا قيل حكم الله في هذه المسألة الوجوب بمعنى أن الله قضى في هذه المسألة بالوجوب ومنع المكلف من مخالفة ما حَكَمَ به لذلك قيل القضاء الذي أصله المنع أو القضاء الذي يستلزم المنع حكم الله في هذه المسألة الوجوب معناه قضى الله في هذه المسألة بالوجوب ومنع المكلف من مخالفة هذا الحكم إذن خلاصة نقول الحكم في اللغة يطلق بمعنى القضاء والفصل وبمعنى العلم والفقه وبمعنى القضاء الذي أصله المنع، أما في الاصطلاح فله تعريفان مختلفان لأن الحكم الشرعي له مفهومٌ خاصٌ عند الأصوليين وله مفهومٌ خاصٌ عند الأصوليين له مفهومٌ خاص عند الفقهاء وله مفهومٌ خاص عند الأصوليين إذن الفقهاء يعرفون الحكم الشرعي بتعريف خاص بهم لأن نظرهم يختلف عن أصل نظر الأصوليين في بعض المسائل منها هذه، الحكم الشرعي عند الفقهاء مدلول خطاب الشرع خطاب الشرع هو القرآن والسنة والإجماع والقياس كل ما يثبت به الحكم الشرعي فهو خطاب الشرع ومدلوله أثره المترتب عليه كأنه عرف لك الحكم الشرعي بأنه ما يترتب على كلام الله تعالى وكلام رسوله صلَّى الله عليه وآله وسلم الحكم الشرعي يتبين هذا بالحكم الشرعي عند الأصوليين الحكم الشرعي عند الأصوليين هو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به زاد بعضهم بالاقتصار أو التخيير أو الوضع هذا حد الحكم الشرعي عن الأصوليين خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع وهو الذي أشار إليه في ((المراقي)) بقوله: كلام ربي إن تعلق بما**يصح فعلاً للمكلف فعل اعلما من حيث إنه به مكلف**فذاك بالحكم لديهم يعرف يعني: عند الأصوليين ومبحث الأصوليين في أعراف الأصوليين وحدود الأصوليين ولا يتعرضون لما يذكره الفقهاء إلا من باب التبع أما أصالةً فيذكرون حدودهم فلذلك عرف الحكم الشرعي عند الأصوليين ولم يتعرض للحكم شرعي عند الفقهاء، السر في اختلاف الحكم الشرعي عند الفقهاء وعند الأصوليين هو باللفظ يعني: على أي أساسٍ بنى الفقيه حد الحكم الشرعي وعلى أي أساسٍ بنى الأصولي حد الحكم الشرعي، الأصولي يبحث في الأدلة لذلك موضوع أصول الفقه هو الأدلة الإجمالية يبحث في ذات الدليل في نفس الدليل في قول الله تعالى إذن نظره إلى أي شيء إلى ذات المصدر لأن كلام الله باعتبار القول باعتبار كونه قائلا ينسب هذا اللفظ إلى الله تعالى من هذه الحيثية عرف الأصولي الحكم الشرعي فقال: هو خطاب الله المراد به كلام الله ولذلك صرح بهذا في ((المراقي))

كلام ربنا الذي هو خطاب الله كل خطاب فهو كلام من غير عكس سيأتي بيانه إذن نظر الأصولي في ذات الكلام من جهة مصدره، ونظر الفقيه في كلا الله باعتبار متعلقه ما هو متعلق كلام الله فعل المكلف الفقيه يبحث في فعل المكلف، موضوع الفقه أفعال المكلفين من حيث إثبات الأحكام الشرعية لها ينظر الفقيه في فعلك أنت هذا الفعل الذي تصنعه ما حكمه في الشرع فيثبت له حكمًا من الأحكام الشرعية إما التحريم إما الإيجاب إلى آخره إذن نظر الفقيه في متعلق كلام الله ولذلك بالمثال يتضح المقال {(((((((الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ((((} [طه:14] {(((((((((((((((((((((} [الأنعام: 72] هذا حكمٌ شرعي عند الأصوليين نفس القول نفس اللفظ نفس الكلام هو حكم الله ولذلك خطاب الله نفس الكلام باعتبار مصدره هذا هو الحكم الشرعي عند الأصوليين ويسمى إيجابًا مدلوله {(((((((((((((((((((((} ما مدلوله؟ تعلَّق هذا النص بفعلٍ من أفعال المكلفين وهو فعل الصلاة قيام وركوع وسجود كون هذا النص متعلقًا بفعل المكلف قالوا: دل النص على وجوب الصلاة إذن الإيجاب والوجوب متحدان في الذات، الذات واحدة {(((((((((((((((((((((} هذا إيجاب وهذا وجوب نفس المحل لكن لما نظرنا إلى {(((((((((((((((((((((} كونه كلام الله نسب إلى المصدر جل وعلا نقول هذا إيجاب وبالنظر أن مدلولهم متعلقٌ بفعلك أنت نقول هذا وجوب ولذلك نقول أوجب الله الصلاة إيجابًا فوجبت عليه وجوبًا فهي واجبةٌ إيجاب ووجوب وواجب نقول: أوجب إذا كتبت هذه العبارة ترتاح كثير أوجب الله الصلاة إيجابًا فوجبت عليه وجوبًا فهي واجبةٌ فهي واجبةٌ الإيجاب وصفٌ لذات النص باعتبار مصدره والشيخ الأمين الهرري يقول: إذا أشكل عليكم بعض المسائل يقول: احفظوها هكذا ونقول: أمروها كما جاءت يعني اكتبها وأحفظها لأن بعض المسائل دقيقة ما تفهم لأول وهنة فتحتاج إلى تأمل وإلى إعادة وفي ذلك يقول: بالتَجْرُبَة أو بالتَجْرِبَة يقول: كلما كرر الشيء ولو لم يكن مفهومًا يؤدي إلى فهمه وهذا صحيح يعني تكتب الجملة إذا ما فهمتها وتتأمل فيها مرة أو مرتين وثلاثة تجد أنها واضحة أو بينة إذن الإيجاب هذا وصفٌ لكلام الله باعتبار مصدره أنه الله عز وجل والوجوب مدلول كلام الله ولذلك نص الإيجي وغيره أن الإيجاب والوجوب متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، متحدان بالذات يعني الذات واحدة وهي {(((((((((((((((((((((} [الأنعام: 72] هذا وجوبٌ وإيجاب لكن لما نسبناه إلى الله فهو إيجاب ولما نسبناه إلى كونه متعلقًا بفعلك أنت جاء يبين فعلك أنت يبين الصفة هذه التي صارت حكما في الشرع هذا يسمى وجوبًا، أما الواجب فهو صفة الفعل متحدان بالذات مختلفان باعتبار الواجب هذا صفة الفعل أن تعد ما تقوم وتركع وتسجد نقول فعلت واجبًا لذلك نقول: الصلاة واجبة ولا نقول فعلت وجوبًا أو إيجابًا أليس كذلك لا تقل وفعلت وجوبًا لا وجوبا هذا صفة للآية {((((((((((((الصَّلَاةَ} [البقرة:43] والإيجاب هذا صفة من صفات الله لأنه صفةٌ للقرآن إليك أن تفعل أنت ما هو صفة لله عز وجل إنما تفعل الواجب لذلك يعبر عن بالواجب اسم فاعل دالٌ على ذاتٍ متصفة بصفة وهي الإيجاب إذن أوجب الله الصلاة إيجابًا فوجبت

عليك وجوبًا فهي واجبةٌ الإيجاب والوجوب وصفان للآية {((((((((((الصَّلَاةَ} الإيجاب باعتبار نسبته إلى المصدر القائل وهو صفةٌ لله والوجوب باعتبار مدلوله بالنظر إلى متعلق الآية وهو فعلٌ مكلف والواجبٌ هو صفتك أو صفة فعلك هذا هو السر في اختلاف النظر بين الفقهاء والأصوليين أن الفقهاء نظروا إلى ماذا؟ إلى ماذا؟ إلى فعل المكلف أن هذه الآية متعلقة بفعل المكلف فعل المكلف متعلق الآية لأن بحثهم في ماذا؟ في أفعال المكلفين فحينئذٍ ينظرون في الآيات والنصوص فما تعلق بفعل المكلف هو مبحثهم، أما الأصولي فلا، نظره في الدليل نفسه على أي شيءٍ يدل ما هي وجوه الاستدلال بهذا الدليل كالقرآن مثلاً فلذلك عرف الحكم بأنه خطاب الله يعني: كلام الله. وأما الفقهاء فقالوا: مدلول خطاب الله. لماذا؟ لأن متعلقه فعل المكلف. الحكم الشرعي خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به هذا يحتاج إلى ساعة تقريبًا الشرح تعريف هذا يحتاج إلى ساعة نبدأ؟ نقف. نعم صلَّى الله وسلم.

5

عناصر الدرس * شرح تعريف الحكم الشرعي عند الأصوليين. * الأ د لة من الكتاب والسنة واللغة على أنَّ الترك يسمى فعلاً. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:

شرع الناظم تبعًا للأصل الجويني في بيان الأحكام الشرعية السبعة التي نص عليها الجويني وهو تبع للأصل أنها سبعة وعلة ذكر الحكم بعد تعريف الفقه كما سبق أن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية وإن كان جهة العلم بالحكم عند الفقهاء مختلفة عن جهة الحكم عند الأصوليين لأن مراد الناظم هنا مثلاً (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) إذا فسرنا الحكم بأنه الحكم عند الفقهاء يكون الحكم الشرعي هو العلم بالواجبات، والمندوبات، والمباحات، والمكروهات، والمحرمات (مَعَ الصَّحِيحِ) أي: مع الأفعال الصحيحة (وَالْفَاسِدِ) أي: مع الأفعال الفاسدة العلم بالواجبات هو الأحكام الشرعية عن الفقهاء تقريبًا كأنه يقول لك أن الفقيه هو الذي يجري هذه الأحكام الشرعية من حيث تعلقها بفعل المكلف، ولكن لما كان البحث في كلام أصوليين يتعين أن يحمل الحكم على الاصطلاح الأصولي، يتعين أن يحمل الحكم هنا على المعنى الأصولي وإلا فالحكم له جهتان، أو له مبحثان، أو له معنيان: معنى عند الفقهاء، ومعنى عند الأصوليين، كلٌ منها اصطلح على معنًا مراد يتعلق ببحثه أو بالموضوع الذي يبحث فيه ذلك الفن، فلما كان مبحث الفقهاء في أفعال العباد من حيث تعلق الأحكام الشرعية بها، نظروا إلى أن الحكم هو مدلول الخطاب الشرعي لما كان نظروا الفقهاء لأنع يأتي السؤال الحكم الشرعي لما اختلف عن الفقهاء والأصوليين؟ لما اختلف لماذا عرف الأصوليون الحكم الشرعي بتعريفٍ مغايرٍ ومخالفٍ للحكم الشرعي عند الفقهاء تقول كلٌ منهما نظر إلى فنه الذي يبحث فيه فلما كان الفقيه يبحث في أفعال العباد الأفعال الصادرة عن العباد من حيث ماذا؟ من أي جهة؟ من كونها مخلوقة لله؟ من كونها صادرة منهم؟ لا وإنما من حيث تعلق الأحكام الشرعية بها فهذه الأفعال التي تصدر عن العباد منها ما هو واجب ومنها ما هو مندوب منها ما هو مندوب منها ما هو مكروه منها ما هو محرم منها ما هو مباح من الذي يميز هذا الفعل الواجب عن الفعل الآخر المندوب؟ من؟ الفقيه ينظر في فعلك أنت تقول تصرفك هذا قولك هذا حركت هذه تركك هذا واجب وترك الآخر مندوب إذن ميز لك بين فعلك أنت هذه وظيفة الفقيه أما الأصولي لما كان مبحثه في الأدلة لا تعلق له بفعل العباد أو أفعال العباد وإنما ينظر في نفس الدليل الكتاب من حيث ماذا؟ من حيث دلالته على الأحكام الشرعية إذن نظر إلى الموضوع الذي يبحث فيه الأصولي وهو الأدلة، والفقيه نظر في موضوعه الذي يبحث فيه وهو أفعال العباد فاختلف الحدان وتغاير الحدان ولكن الخلاف لا ينبني عليه فرع وإنما هو من جهة التأصيل فقط يعني: نقول: حد الحكم عند الفقهاء مدلول خطاب الشرع، وحد الحكم عند الأصوليين خطاب الله نفس الخطاب هل ينبني خلاف جوهري بحيث تفترق أفعال العباد أو الأحكام الشرعية؟ نقول: لا الخلاف لفظ لماذا الخلاف لفظي؟ لعدم ثمرةٍ تترتب على مغايرة الحدين إذن نقول: الحكم الشرعي عند الفقهاء هو مدلول خطاب الشرع المراد به كلام الله كما سيأتي تفسيره مدلوله أي ما دل عليه إذن نظر الفقيه في ماذا؟ في الدال أم في المدلول؟ في المدلول مدلول خطاب الشرع أي: ما يترتب على خطاب الشرع من أثر أو إن شئت قل مدلول خطاب الشرع وأثره المترتب

عليه، ما هو أثره في نحو قوله تعالى: {((((((((((((((((} [الإسراء: 78]. وجوب الصلاة هذا مدلول قوله تعالى: {((((((((((((((((}. وإلا لو جُعِلَ {((((((((((((((((} عند الفقهاء مدلول لو جعل كل منهما الدال والمدلول دليل اتحد المدلول مع الدليل وهذا باطن إذن لا بد من المغايرة بين الدليل والمدلول عند الفقهاء فنصوا على أن مدلول الآية هو الحكم الشرعي أما الآية نفسها فلا تسمى حكمًا في اصطلاحهم مدلول خطاب الشرع أما الأصوليون فلما كان مبحثهم في نفس الأدلة عرفوا الحكم الشرعي بتعاريف يشملها ويجمع بينها ما ذكره السبكي أو ابن السبكي في ((جمع الجوامع)) وهو أن الحكم الشرعي خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بعضهم يزيد من حيث إنه مكلفٌ به بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع هذا هو الحكم الشرعي عند الأصوليين وهنا اختلاف في بعض الألفاظ بعضهم يقول: خطاب الله، وبعضهم يقول: خطاب الشرع، وبعضهم يقول: كلام الله كما عبر صاحب ((المراقي)). كلام ربي إن تعلق بما ** يصح فعلاً للمكلف اعلما من حيث إنه به مكلف ** فذاك بالحكم لديهم يعرف هذا يسمى الحكم الشرعي عند الأصوليين.

المتعلق بفعل المكلف بعضهم يعبر المتعلق بما يصح أن يكون فعلاً للمؤمنين، بعضهم يقول المتعلق بفعل المكلف وبعضهم يعبر المتعلق بأفعال المكلفين بعضهم يزيد من حيث إنه مكلف ويقف إلى هنا هذا الحد ويحذف بالاقتضاء أو التخير أو الوضع وبعضهم يقول: بالاقتضاء أو التخيير ويسقط الوضع وهذا كله مبني على أمورٍ جوهرية عندهم إذن نقول التعريف المختار هو أن يقال الحكم الشرعي خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع هذا أسلم وأجمع خطاب الله هذا يحتاج إلى بيان، المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع هذه سبعة ألفاظ لكل لفظ منها مبحثٌ نختصر الكلام فيه قوله خطاب: خطاب هذا وزنه فعال وفعال هذا مصدر خاطب يخاطب خطابًا ومخاطبةً تقول خاطب زيدٌ عَمْراً خطابًا ومخاطبًا والخطاب هنا قلنا: مصدر والمعنى المصدري هو مدلول الحل يعني: يدل المعنى المصدري، المصدر ما مدلوله الحدث الضرب مدلوله نفس الضرب وقيام هذا مصدر مدلوله نفس القيام نفس الحدث إذن المصدر اسم مدلوله عين الحدث وهنا الخطاب إذا عرفناه بالمعنى المصدري فكان المراد به توجيه الخطاب أو توجيه الكلام لمخاطب لكن هل المراد هنا المعنى المصدري نقول: لا وإنما المراد به اسم المفعول من باب إطلاق المصدر وإرادةِ اسم المفعول هذا يسمى عندهم مجازًا مرسلاً إذا أطلق المصدر وأريد به اسم المفعول صار مجازًا ونوعه أنه مجازٌ مرسل على من يرى إثبات المجاز لماذا نقول: أريد به المصدر أريد به اسم المفعول؟ لأن الخطاب هذا نفس الحد والحكم الشرعي هو نتيجة الحدث كما يقال في اللفظ والتلفظ نقول أثر الصفة ولا يمكن أن يكون المشار إليه صفة، إذن {(((((} نقول: هذا مصدر أطلق وأريد به اسم المفعول. {((((((خَلْقُ ((((} أي: هذه المخلوقات إذن فرقٌ بين الخلق والمخلوق الخلق هذه صفةٌ تتعلق بالرب على ما تليق به والمخلوق هذه أثر الصفة التلفظ والملفوظ التلفظ هذا فعل الفاعل الذي يخرج المخارج أو الصوت المحتمل على بعض الحروف الملفوظ هو ما يدرك بالسمع والتكلم والكلام الكلام هذا أثر التكلم إذن فرقُ بين المعنى المصدري وبين ما يترتب عليه توجيه الكلام لمخاطبٍ كوني أوجه إليك الكلام هذا يسمى خطابًا الموجه به هذا يسمى المخاطب به إذن فرقٌ بينهما والمراد هنا المخاطب به وهو كلام الله لأن نظر الأصولي كما سبق إلى الدليل من حيث مصدره من حيث المصدر القرآن منسوبٌ إلى الله مصدره الله عز وجل إذن ينظرون إلى حد الحكم الذي هو النص القرآني باعتبار مصدره إلى الله عز وجل يعني: باعتبار كونه كلام الله عز وجل. فحينئذٍ نعرف الحكم الشرعي بأنه خطاب ليس المراد توجيه كلام الرب إلى المخلوق وإنما المراد به المخاطب به الذي خوطب به المكلفون كلام ربي كما عَدَلَ عنه صاحب ((المراقي)) عن خطاب إلى كلام ربي إذن كلام ربي هو المراد بالخطاب.

الخطاب عرفه بعضهم كما نص على ذلك صاحب ((التحرير)) بأنه قولٌ يَفْهَمُ منه من سمعه شيئًا مفيدًا مطلقًا} وهذه لها احترازان القول واللفظ الدال على معناه لكنه ما أراده بهذا المعنى أراده بمرادفه وهو اللفظ لأن بعض النحاة يرى أن القول واللفظ مترادفان وفي هذا التعريف القول مرادفٌ للفظ يعني: الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وأخرها الياء قولٌ هذا احترازٌ من الإشارات والحركات المفهمة فإنها لا تسمى خطابًا لو أشار له هكذا تفهم منه شيء أو لا تفهم لكن هل يسمى له خطاب هل أقول لك إذا فعلت هكذا أني خاطبتك نقول: لا، لا بد أن يكون قولاً فلو كان م حركة أو إشارة مفهمة يفهم منها أمر أو نهي اجلس مثلاً أو قم أو لا تذهب كانت هذه المفاهيم مأخوذة من الإشارات لا تسمى خطابًا وإنما لا يكون خطابًا إلا إذا كان قولاً إذن احترز به عن الحركات المفهمة والإشارات يفهم منه الفهم كما سبق أنه إدراك معنى الكلام أو كما قال أبو هلال العسكري العلم بمعان الكلام عند سماعٍ خاص أو إن شئت قل القول بمعان القول عند سماعه إذا وصلت النفس إلى تمام المعنى المراد من اللفظ المركب من المتكلم قيل فهم المراد احترز بهذا القيد عمن لا يفهم كالمجنون المجنون إذا سمع قولاً لا يفهمه إذا وُجِّهَ الخطاب أو إذا سمع المجنون قولاً أو إذا وجه إليه قولٌ بالاعتبارين هل يسمى خطابًا نقول لا يسمى خطابًا لأن من شرط الخطاب أن يكون قولاً وهذا قولٌ ولكنه لا بد أن يكون أن يفهم من سمعه أما الذي لا يفهم على الإطلاق فلا يسمى توجيه الكلام إليه الصبي هذا يفهم ولكن فهمه قاصر إذن قولٌ يفهم منه أَطلق الفهم هنا على وجه الكمال فخرج به المجنون والصبي ومن في حكمهما فإن توجيه الكلام إليه ما لا يسمى خطابًا من سمعه هذا قيدٌ ثالث ليعم من واجه المخاطَب بالكلام أو بلغم دون مواجهة ليعم المخاطب الموجود وقت الخطاب ويعم من لم يكن موجودًا وقت الخطاب ولكنه بلغه وسمعه هذا فيه إشارة إلى قوله تعالى: {(((((((((بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19].

إذن لا يشترط في خطاب أن يسمى خطابًا يكون موجهًا للموجودين بل قد يكون المعدوم في حكم الموجود وينزل منزلته في الخاطب من سمعه يفهم منه من سمعه قلنا هذا لا يشمل أو يعم المواجهة وعدمها من سمعه شيئًا مفيدًا أخرج المهمل هذا يدل على أنه استعمل القول بمعنى اللفظ وهو قولٌ لبعض النحاة، شيئًا مفيدًا مطلقًا الإطلاق هنا المراد به سواءٌ قصد المتكلم إفهام السامع أم لا لأن الذي يتكلم بالكلام قد يقصد وينوي أن يفهم السامع وقد لا ينوي ذلك بعض الأصوليين اشترط في الخطاب أن يكون المتكلم المخاطب قصد إفهام السامع فإذا لم يقصد إفهام السامع فلا يسمى خطابًا ولهذا اختلفوا هل الخطاب هو الكلام الذي يُفهم أم الكلام الذي أفهم هل الخطاب نفسره بأنه كلام الذي يُفهم أم الكلام الذي أفهم يفهم وأفهم وصفان للكلام وبينهما كما بين السماء والأرض والفرق بينهما كما أن الكلام الذي يفهم سواءٌ فهم منه المستمع أو المخاطب بالفعل أم لا يسمى خطابًا ولو لم يفهم منه أما الكلام الذي أفهم فهو الذي حصل منه الفهم بالفعل لا بالقوة فيبنهما بينهما فرق الكلام الذي يفهم ولو بالقوة الكلام الذي أفهم بالفعل والصحيح أن الخطاب هو الكلام الذي يفهم ويسمى خطابًا ولو كان المخاطب معدوما على الصحيح خاطب الله قلنا خطاب هذا جنس يعني: مأخوذًا ليعم المعرف وغيره والجنس كما هو معلوم قولٌ مقولٌ أو مقولاً على كثيرين مختلفين بالحقيقة في جواب ما هو نسيتم المنطق! مقولٌ على كثيرين مختلفين بالحقيقة أو بالحقائق يقع في جواب سؤال هذا السؤال ما هو؟ إذن خطاب نقول: هذا جنس فيشمل خطاب الله تعالى وخطاب غيره الحكم الشرعي هو خطاب خطاب من؟ حيث هو النظر إليه يحتمل أن خطاب يكون من الله عز وجل ويحتمل أن يكون من غيره أردنا أن نخرج خطاب غيره ليختص الحكم الشرعي بمصدره الخاص به وهو الله عز وجل (خِطَابِ اللهِ) أخرج خطاب غيره كخطاب الإنس للإنس أو الجن للجن أو الجن للإنس أو الإنس للجن أو الملائكة للإنس وهلم جرا هذه خطابات قد يوجه الإنسي للإنسي خطاباً توجيه الكلام للمخاطب لكنه لا يسمى حكمًا شرعيًا لماذا لأن الحكم الشرعي لا يكون حكمًا شرعيًا إلا إذا كان المخاطِب هو الله وكان الكلام كلام الله أما كلام غيره فلا يسمى حكمًا شرعيًا وإن سمي خطابًا إذن خطاب الإنس للإنس يسمى خطابًا لكن ليس حكمًا شرعيًا إذن (خِطَابِ اللهِ) نقول: خطاب هذا جنس بإضافته إلى لفظ الجلالة أخرج خطاب غيره وحينئذٍ لا حكم إلا لله {((((الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57] إذن الحكم الشرعي محصورٌ في مصدرٍ واحد وهو حكم الله تعالى إذن لا يمكن أن يُؤخذ الحكم الشرعي من غير خطاب الشرع الذي هو القرآن ولذلك نص أهل العلم على أن كل حكمٍ لا من الشرع فهو باطل وكل تشريعٍ لا من الشرع فهو باطل هذا إجماع لا خلاف فيه {((((الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} يعني ما الحكم إلا لله {(((((اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى ((((} [الشورى: 10]، {(((((تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ (((((((((((} [النساء:59]، {(((((((((} يعني: إلى كتاب الله وإلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيًا إلى ذاته إن كان

حيًا وإلى سنته إن كان ميتًا عليه الصلاة والسلام إذن يشمل الحالين: حالة الحياة وحالة الموت (خِطَابِ اللهِ) إذن هذا فيه حصر الحكم الشرعي في مصدره الحقيقي يرد إشكال هنا الأحكام الشرعية فقهية وغيرها بعضها مأخوذٌ من القرآن ولا إشكال ودل عليه قوله: (خِطَابِ اللهِ) المراد به كلام الله وهو القرآن، قال بعضهم: إذا قلنا: (خِطَابِ اللهِ) أضفناه إلى لفظ الجلالة أخرجنا بعض الأحكام الشرعية وعليه يكون الحد غير جامع لماذا؟ لأن تم أحكامًا مأخوذة من تم أحكامًا مأخوذةٌ من السنة النبوية، وتم أحكامًا مأخوذةٌ من الإجماع وتم أحكامً مأخوذةٌ من القياس فهذه ثلاثة مصادر ل يشملها الحد السنة النبوية صحيحة والإجماع المتيقن والقياس الصحيح ما الجواب بعضهم قال: نُعَدِّلُ العبارة فنقول حكم الشرعي هوة خطاب الشرع فلا يرد الإيراد لأن الشرع يطلق ويراد به مصادر الشرع وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس فحينئذٍ لا إشكال، وبعضهم قال: لا نمنع خروج هذه الأحكام التي ثبتت بالسنة أو بالإجماع أو بالقياس عن قولنا: خطاب الله لماذا قالوا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مبلغٌ عن الله {(((((((((((((إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ ((((((((((} [النحل: 44] وجميع السنة داخلٌ في قوله تعالى: {((((((آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ((((((((((((} [الحشر: 7]. وقال تعالى: {((يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]. إذن طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - داخلة في طاعة الله عز وجل إذن لم يخرج الحكم الثابت بسنة النبوية عن كونه خطابًا لله ولذلك جاء {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم: 3، 4] إذن جميع السنة داخلة في كلام الله أما الإجماع والقياس فهذا لا يثبت الإجماع الصحيح ولا يثبت القياس الصحيح إلا إذا كانا مستندين إلى كتاب أو سنة إذن رجعت المصادر الثلاثة إلى كلام الله ولذلك يعدها بعض أصوليين بأن هذه المصادر الثلاثة السنة والإجماع والقياس هذه ليست مستقلة في إثبات الأحكام وإنما هي كاشفة ومظهرة للحكم الإلهي وعليه نقول: خطاب الله الذي تثبت به الأحكام قد يكون صريحًا ومباشرًا بالقرآن وقد يكون غير مباشر وهذا الثابت بالسنة والإجماع والقياس (خِطَابِ اللهِ) المتعلق بفعل المكلف هذه ثلاثة ألفاظ المتعلق بفعل المكلف لا بد من معرفة من هو المكلف؟ وما المراد بفعل المكلف؟ وما المراد بتعلق خطاب الله بفعل المكلف؟ الْمكلف هذا اسمٌ مفعول من كُلِفَ يُكَلََّفُ فهو مُكَلِفْ وَمُكَلَفْ مُكَلَفْ هذا اسم مفعول مشتقٌ من التكليف ما هو التكليف قالوا: التكليف لغةً إلزام ما فيه كلفة أي: مشقة. تكلفني ليلى وقد شط وليها**وعادت عواد بيننا وخطوب

تكلفني ليلى أي ( ... ) علي يكلفه قومه ما نابه هكذا يكلفه القوم ما نابه وإن كان أصغرهم مولدا يعني: يلزمونه بما فيه كلفة ومشقة أما في الاصطلاح فالتكليف إلزام ما فيه مشقة وقيل: طلب ما فيه مشقة إذن بينهما خلاف إلزام وطلب إلزامٌ وطلب وهو إلزام الذي يشق أو طلبٌ فها بكل خلق يعني: اختلف الأصوليون في حد التكليف ما هو قيل: إلزامٌ ما فيه مشقة، وقيل: طلب ما فيه مشقة ما الذي ينبني على هذين الحدين إذا قيل إلزام ما فيه مشقة خرج الندب والكراهة والإباحة فلا تسمى حكمًا تكليفيًا واختص الحد بالإيجاب والتحريم هذا إذا قيل: إلزام ما فيه مشقة، وإذا قيل: طلب ما فيه مشقة دخل الندب والإباحة والكراهة إذن على الحد الأول إلزام ما فيه مشقة اتصف التكليف بالإيجاب والتحريم فحسب والندب غير مكلف به والكراهة غير مكلفٍ بها وكذلك الإباحة وإذا قيل: طلب ما فيه مشقة طلب هذا يشمل الإيجاب والندب والتحريم والكراهة أما الإباحة فعلى الحدين ليست داخلة فيهما على الحدين ليست داخلة فيهما هذا هو حد التكليف وسيأتي في موضعٍ آخر إن شاء الله بيان شروط المكلف به وشروط المكلف. التكليف هنا قال: المتعلق بفعل المكلف. ما المراد بالمكلف هنا المراد به لا بد أن نفسره بأنه العاقل البالغ الذاكر غير الملجأ، لأن النائم والساهي والمفرح والغافل و ( ... ) هذه خلاف هل هو هل هذه الأصناف تخاطب بالأحكام التكلفية أم لا سيأتي بحثه في صل من يدخل في الخطاب ومن لا يدخل وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا إِلَّا الصَّبِي وَالسَّاهِي وَذَا الْجُنُونِ كُلَّهُمْ سيأتي بعد ذلك لكن المراد هنا أن يفسر المكلف بالعاقل البالغ ولا نفسر المكلف بمن تعلق به التكليف لماذا لأننا لو فسرنا المكلف بمن تعلق به التكليف لزم الدور أن يتوقف أحدهم على فهم الآخر إذ لا يكون مكلفًا إلا إذا تعلق به التكليف ولا يتعلق التكليف إلا بمكلف كأنه يقال من هو المكلف؟ نقول: من تعلق به التكليف ما هو التكليف المتعلق بالمكلف وهل خرجت بنتيجة نقول: لا إذن لا بد أن نغاير بين الأمرين فنفسر المكلف هنا بالعاقل البالغ الذاكر غير (الملجل) قال: بفعل المكلف إذًا عرفنا من هو المكلف من الذي تتعلق به الأحكام الصبي والمجنون خرج وسيأتي مزيد بيان، فعل المكلف فعل بكسر الفاء وإسكان العين فِعْل وفَعَلْ مصدران لفَعَلَ يَفْعَلُ أما عند النحاة كالفعل مغاير للفعل الفعل اسمٌ للكلمة المخصوصة والفَعل مصدر.

الحاصل: أن المراد بالفعل هنا نقول الفعل هنا له معنيان معنى لغوي، ومعنى عرفي اصطلاحي، أما المعنى اللغوي فهو ما يقابل القول والاعتقاد والنية هذا يسمى ماذا يسمى فعلاً في اللغة ما يقابل يعني: فعل الجوارح أفعال الجوارح ما يقابل القول والاعتقاد والنية، لأن الأفعال فعل اللسان، وفعلُ الجوارح، وفعل القلب، ما قابل الفعل اللسان وفعل القلب هو فعل الجوارح إذن المراد بالفعل في اللغة هو فعل الجوارح ما يقابل القول والاعتقاد والنية أما في الاصطلاح عندهم فالمراد بالفعل كل ما صدر عن المكلف وتتعلق به قدرته من قولٍ أو فعلٍ أو اعتقادٍ أو نية إذن الفعل الاصطلاحي عام يشمل القول ويشمل الاعتقاد ويشمل النية ويشمل الفعل الصريح يشمل الفعل الصريح إذن قوله: بفعل المكلف ليس المراد الفعل هنا فعل الجوارح فحسب بل المراد به فعل اللسان وفعل القلب وفعل الجوارح بخلاف اصطلاح الفعل في اللغة هذا في الأصل وبقي مسألة اختلف فيها الأصوليون وهي مسألة الترك المقرر عندهم وهذا لا خلاف فيه، فيه خلاف لكن مقرر عند أهل السنة أن التكليف إنما يتعلق بالأفعال الاختيارية ولذلك قيل في الحج كل ما صدر عن المكلف وتتعلق به قدرته إذن المراد به الفعل الاختياري لأن الذي يفعل الإنسان قد يكون بقدرته له مأخذ متعلق بمشيئته وقد يكون قهريًا اضطراريًا، الحكم الشرعي متعلق بالفعل الاختياري أما الفعل القهري الاضطراري فهذا لا حكم له في الشرع، ولذلك لو أخذ الإنسان ورمي به شخص آخر فقُتِلَ الشخص هل يضمن الدية نقول: لا، لا ينسب إليه أنه قاتل الشخص لماذا لأن الفعل هنا الذي هو القتل حصل به ولم يحصل منه حصل به يعني فعل اضطراري وليس اختياريًا والتكليف الذي يحصل ويترتب عليه الحكم الشرعي هو الفعل الاختياري، الفعل الاختياري باستقراء كلام الشرع أربعة أنواع: الفعل الصريح ما هو الفعل الصريح الذي هو الفعل اللغوي فعل الجوارح كالصلاة هذا يسمى فعل ولا إشكال فيه. النوع الثاني: فعل اللسان والمراد به القول مراد به القول وهل يسمى القول فعلاً نقول: نعم قال تعالى: {((((((((الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112]. يعني: ما قالوه سمي القول فعل إذن يطلق الفعل ويراد به القول، ولذلك يقول الأصولي: لا تكليف إلا بفعل، يعني فعل اختياري ولا يكلف بغير فعل باعث الأنبياء ورب الفضل إذن القول فعلٌ لقوله تعالى: {((((((((الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112]. النوع الثالث: الذي هو من الأفعال: الاختياري على الصحيح مع وجود نزاعٍ فيه الترك يسمى فعلاً ما المراد بالترك الذي هو عدم الفعل ترك النفس وصرفها عن المنهي عنه هذا يسمى فعلاً حجب النفس كف النفس هذا يسمى فعلا بدليل الكتاب والسنة واللغة بعض الأصوليين يقول: الترك لا يسمى فعلاً وحينئذٍ لا يتعلق به خطاب لا يتعلق به تكليف والصحيح أنه يفصل في الترك فيقال: الترك نوعان: تركٌ مقصود وهو: كف النفس وصرفها عن المنهي عنه.

والنوع الثاني: تركٌ غير مقصود وهذا عدمٌ محض لا شيء وما كان لا شيء لا يتعلق به التكليف إذن يتعلق التكليف بالنوع الأول وهو الترك المقصود الذي يحصل في النفس انطباع وكفٌ عن المنهي عنه هذا نقول أنه فعلٌ بدليل الكتب والسنة واللغة أما دلالة الكتاب فقوله تعالى: {((((((يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)} [المائدة: 63]. قال: {((((((((((((((((}. إذن لم يحصل التناهي إذا تركوا الأمر بالمعروف وتركوا النهي عن المنكر، قال: {((((((((مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ((((}. ما الذي يصنعونه؟ هو ترك الأمر بالمعروف وترك النهي عن المنكر أطلق على الترك على أنه صنع والصنع هذا هو فعلٌ لكنه أخص منه الصنع أخص مطلقًا من الفعل كل فعلٍ كل صنعٍ فعل ولا عكس لأن الصنع فعلٌ لكنه على ترتيبٍ معين من المصنوعات الآن هي موجودة ومفعولة لكنها على هيئةٍ مرتبة {((((((((مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ((((} نقول: أطلق الصنع وهو أخص مطلقًا من القول على الترك ومعلومٌ أن إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم فإذا ثبت الصنع فثبت الفعل عندنا الأعم والأخص يتعلق بهما الإثبات والنفي إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم إثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، إذن الأخص والأعم من جهة السلب والإيجاب نقول أربعة أقسام على ما ذكر، هنا أثبت الأخص وحينئذٍ يستلزم إثبات الأعم أيضًا قوله تعالى: {((((((الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ((((} [المائدة: 78، 79] {(((((((((((((((} هذا ترك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {((((((((لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ((((} أطلق الفعل على تركه وأصرح كذلك قوله تعالى: {(((((((الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (((} [الفرقان: 30] {(((((((((((} قال ابن السبكي: الأخذ، أو السبكي: الأخذ التناول، ومتروكًا مثل و {(((((((((((هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (((} أي: متروكًا والمراد أنهم تناولوا تركه أي: فعلوا تركه إذن هذه دلالة الكتاب على أن الترك يسمى فعلاً، أما السنة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده». ما وجه الدلالة كف الأذى ترك سماه إسلامًا أما اللغة فقول الراجز: لئن قعدنا والنبي يعمل**لذاك منا العمل المضلل لئن قعدنا يعني: عن الاشتغال مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بناء المسجد لئن قعدنا والنبي لذاك منا العمل المضلل لذاك منا ما هو القعود الذي هو ترك الاشتغال مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بناء المسجد هذه ثلاثة أدلة من الكتاب والسنة واللغة لأنه قول الصحابي حجة يحتج به في اللغة هذه الأمور الثلاثة تدل على أن الترك فعلٌ وهو الصواب

وترك فعل في صحيح المذهب**له فروعٌ ذكرت في المنهج وسردها من بعد بل ( ... ) يعني: ما الذي ينبني على هذا ينبني مسائل قالوا: لو أن مضطرًا إنسان مضطر إلى الطعام والشراب وبيدك أنت فضل طعامٍ أو شراب فضل ليس أصل، بيدك فضل طعامٍ أو شراب ترك إعطاءه فماذا؟ هل تضمن الدية أو لا؟ إن كان الترك فعلاً يضمن الدية وإلا فلا ضمان. منع جاره فضل ماءه فهلك الزرع هذا ترك، ترك السقاء هل يضمن إذا ترك الزرع؟ نقول: إن كان الترك فعلاً ضمن وإلا فلا إذن تنبني على هذه المسألة مسائل كثيرة والصواب أن نقول إن الترك المقصود الذي هو فك النفس وصرفها عن المنهي عنه نقول: هذا تتعلق به الأحكام فيكون واجبًا ويكون محرمًا ويكون مكروهًا ويكون مباحًا ويكون مندوبًا وهذا هو الصالح. النوع الرابع: من الفعل أو الأفعال الاختيارية التي يتعلق بها التكليف العزم المصمم على الفعل الذي هو فعل القلب ليس الهم وإنما العزم المصمم على الفعل الذي منع من الفعل بحال أو لحال ما الدليل على أن العزم مصمم تتعلق به الأحكام الشرعية قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار» قالوا: يا رسول الله هذا القاتل - فعل - فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه» دخل النار أو لا دخل النار؟ هل قتل؟ لا ما الموجب ما السبب في دخوله النار حرصه على قتل صاحبه والفعل هو الذي يترتب عليه العقاب أو الثواب فدل على أن هذا الحرص العزم المصمم فعل إذن نقول: لا تكليف إلا بفعلٍ والفعل مراد به فعل الاختياري وهو أربعة أنواع: الفعل الصريح، فعل اللسان، الترك المقصود، العزم المصمم على الفعل، عرفنا إذن ما هو الذي يصدر عن المكلف وتتعلق به الأحكام، قوله: المتعلق هذا اسم فاعل من التعلق والمراد بالتعلق هنا للارتباط خطاب الله المتعلق يعني: المرتبط هل هناك من خطاب الله؟ ما لا يرتبط بفعل المكلف نقول: نعم ولذلك نص الأصوليون على أن هذا القيد المتعلق أخرج خمسة أنواع وبعضهم يجعلها ستة خطاب الله المتعلق بذاته لأنه ليس متعلقًا بفعل المكلف خطاب الله المتعلق بذاته لا يسمى حكمًا شرعيًا في الاصطلاح وإلا كل القرآن ما يفهم منه فهو أحكام شرعية لكن في الاصطلاح عندهم لا يسمى حكمًا شرعيًا {((((((اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ... [آل عمران:18] هذا متعلقٌ بإثبات وحدانية الله ليس له ارتباط بفعل المكلف افعل ولا تفعل ليس له ارتباط هذا تعَلَّقَ بذات الله لا يسمى حكمًا أخرجه بقوله: المتعلق بفعل المكلف إذن المتعلق بذات الله لا يسمى حكمًا شرعيًا في الاصطلاح أؤكد المتعلق بصفاته جل وعلا {((((لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} [البقرة:255] نقول: هذا خطاب الله هل هو متعلقٌ بفعل المكلف لأمرٍ أو نهي هل خاطب المكلف بأمرٍ افعل أو لا تفعل الجواب لا وإنما تعلق بصفاته جل وعلا. خطاب الله الثالث خطاب الله المتعلق بفعله جل وعلا {((((خَالِقُ كُلِّ ((((((} [الرعد:16] خلق {(((((((كُلِّ ((((((} نقول: هذه الآية خطاب الله وهي متعلقةٌ بفعله جل وعلا.

الرابع: خطاب الله المتعلق بذوات المكلفين لا بأفعالهم {((((((((خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ (((((((((((((} [الأعرف:11]، {(((((((((مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] هذا ليس له ارتباط بالفعل ولا تفعل وإنما هو ارتباط لذات المكلف وكونها مخلوقة هذا الرابع. الخامس: المتعلق بالجمادات {((((((((نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً (((((((((((((((} [الكهف:47] هذا خطاب الله لكنه لم يتعلق بذاته ولا بصفاته ولا بأفعاله ولا بذوات المكلفين ولا اقتضى أمراً أو نهيا وإنما تعلق بالجمادات، زاد بعضهم المتعلق بالحيوانات {(((((((((أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10] (وَالطَّيْرُ) قراءتان {(((((((((أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} الطير هذا مأمورة والجبال مأمورة لكن لا يتعلق بي الأمر هنا لا يتعلق بفعل المكلف بقي نوعٌ واحد وهو المتعلق بفعل المكلف لا من حيث إنه مكلفٌ به وإنما من حيثيةٍ أخرى وهذا هو القيد الذي زاده بعض المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به وهذا النوع هو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف لكن لا من حيث إنه مكلف ولكن من حيثية أخرى هذه الحيثية تقتضي الإعلام والإخبار {(((((((((((مَا تَفْعَلُونَ ((((} [الانفطار: 12] هذا خطاب الله متعلقه فعل المكلف لكن هل من حيث الإيجاد والترك افعل ولا تفعل {(((((((((((مَا تَفْعَلُونَ ((((} هو مثل {((((((((((((الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:43]، {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} [آل عمران:130]، {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء:32] الجواب لا هذه مباشرة الآيات {((((((((((((الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ} نقول: هذه مخاطبة لفعل المكلف المتعلقة بفعل المكلف مباشر أما {(((((((((((مَا تَفْعَلُونَ ((((} هذه تتعلق بفعل المكلف لكن لا من حيث الاقتضاء بالفعل أو الترك وإنما من حيث الأخبار بأن أفعالهم محفوظة وأن الملائكة تكتبها {((((((((أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ((((} [المؤمنون: 63] أيضًا هذا خطاب الله المتعلق بفعل المكلف لا من حيث إنه مكلفٌ به وإنما من حيث الأخبار بأن هذه الأعمال صادرةٌ من العباد وليست هي التعلق بطلب فعلٍ أو طلب ترك {((((((خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ((((}، [الصافات:96] هذا أيضًا يتعلق بفعل المكلف لكن لا من حيث الطلب طلب الفعل أو طلب الترك لذلك بعض الأصوليين زاد قيدًا لإخراج هذا النوع لأن قوله المتعلق بفعل المكلف أخرج تلك الخمسة وبقي المتعلق بفعل المكلف من حيثياتٍ أخرى لا من حيث التكليف فقال: المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به قال بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع هذا بيان للقسمة الثنائية للحكم الشرعي لأن الحكم الشرعي قسمان: حكمٌ تكليفي، وحكمٌ وضعي، بالاقتضاء جار مجرور متعلق بقوله المتعلق.

إذن عرفنا أولاً نقول: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف ما المراد هنا تعلق الارتباط ما المراد بالارتباط قالوا: بيان حال هذه أو هذه الأفعال من كونها مطلوبة الفعل أو الترك، خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، ما وجه الارتباط هذا؟ يأتي خطاب الله يبين لك هذا الفعل الذي صدر منك هل هو مطلوب الإيجاز؟ أم مطلوب الترك؟ أم مأذونٌ فيه بين الفعل والترك؟ هذا المراد بالتعلق بيان حال صفة فعل المكلف، يأتي الخطاب خطاب الشرع أنت لك أفعال صادرة عن اللسان، وعن القلب، وعن الجوارح، لا تدري منها ما هو الحلال؟ وما هو الحرام؟ ما هو الواجب؟ ما هو المندوب؟ يأتي خطاب الله فيتعلق يرتبط بفعل معين يبين صفته هل هذا حرام؟ هل هذا واجب؟ هل هذا مكروه؟ هل هذا مندوب؟ إذن المراد بخطاب الله المتعلق بأنه حال صفة الفعل من كونه مأذونا فيه إذا استوى فيه الطرفان أو مطلوب الفعل أو مطلوب الترك ثلاثة أحوال قول: بالاقتضاء. جار ومجرور متعلق بقوله: المتعلق بالاقتضاء. الاقتضاء هو الطلب المراد بالاقتضاء الطلب وهذا يشمل أربعة أنواع من الأحكام الشرعية: الإيجاب، والندب، والكراهة، والتحريم، يدخل في هذا القيد بالاقتضاء أربعة أحكام: الأول: الإيجاب. والثاني: الندب. والثالث: الكراهة. والرابع: التحريم. ما وجه دخول هذه الأحكام الأربعة في قوله: بالاقتضاء؟ نقول: الاقتضاء المراد به الطلب وهو نوعان قسمان: طلب فعل، وطلب ترك. قلنا: الترك فعل لكنه مخالف من جهة الإيجاز وعدم الإيجاز يعني: مقابل للفعل الذي هو الإيجاز وإن سمي فعلاً لكنه مقابل له إذن الطلب نوعان: طلب فعل، وطلب ترك. طلب الفعل هذا باستقراء الشرع على نوعين على مرتبتين: إما أن يكون جازمًا أو لا يكون جازمًا جَازمًا بمعنى قاطعًا يقينًا لا يجوز معه الترك غير جازم بأن يكون يُجَوِّزُ الشرع عدم امتثال الفعل المأمور به هذا النوع الأول. النوع الثاني: طلب تركٍ هذا نقول قسمان: طلب ترك جازم بحيث لا يُجَوِّزُ معه الفعل يرتب العقاب على الفعل. النوع الثاني: طلب ترك غير جازم بحيث إنه لا يرتب عليه العقوبة على الفعل هذه أربعة أنواع طلب ترك، طلب فعل، طلب الفعل الجازم، طلب الفعل غير الجازم، طلب لترك الجازم، طلب الترك غير الجازم. فإن كان الطلب طلب فعل جزم هذا سمي إيجابًا إذن ما هو الإيجاب لو قيل: ما هو الإيجاب؟ تقول: هو الخطاب المقتضي يعني الطالب هو الخطاب المقتضي يعني: الطالب، اقتضاءً جازمًا هو الخطاب المقتضي للفعل اقتضاءً جازمًا بحيث لا يُجَوِّزُ معه الترك يعني: يتعين على المكلف فعل المأمور نحو {((((((((((((الصَّلَاةَ وَآَتُوا (((((((((((} نقول: {(((((((((((((((((((((((} هذا خطاب مقتضي للفعل إيجاب الفعل وهو جازم بحيث لم يجوز الشرع ترك الصلاة مع القدرة عليها يسمى هذا إيجابًا.

النوع الثاني: الخطاب المقتضي للفعل اقتضاءً غير جازم بحيث يجوز الشرع ترك الفعل لم يرتب العقوبة على الترك فحينئذٍ يُطلب من المكلف إيجاد الفعل ولكن يجوز له الترك مثل ماذا؟ {((((((((((((((إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] أشهدوا هذا صيغة أمر والأمر الأصل فيه مطلق الأمر للوجوب لكن نقول هنا: قامت قرينة على أن هذا الأمر قد صُرِفَ عن ظاهره إلى الندب وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قد اشترى وباع ولم يشهد». فهذه سنة فعلية تعتبر قرينة صارفة للأمر عن ظاهره إذن {((((((((((((((} نقول: هذا خطاب مقتضي للفعل لكنه هل هو جازم بحيث الذي لم يشهد يأثم؟ نقول: لا، بل هو اقتضاء فعل غير جازم بحيث الشرع لم يرتب العقوبة عن عدم الامتثال هذان نوعان تحت الأول ماذا يسمى هذا؟ يسمى الندب إذن ما هو الندب هو الخطاب المقتضي للفعل اقتضاءً غير جازمٍ نحو: {((((((((((((((إِذَا تَبَايَعْتُمْ}. «صلوا قبل المغرب ثلاثا». ثم قال: «لمن شاء». هذه صارفة للأمر قلنا: الأصل في الأمر المراد به الوجوب كذلك {((((((((((((((إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] فالمكاتبة هنا للندب بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر بعض الصحابة على عدم المكاتبة.

النوع الثاني: طلب الترك، وهذا قسمان: طلب ترك جازم بحيث لم يجوز الشرع الفعل أم الترك؟ الفعل لم يجوز الشارع الفعل بحيث رتب العقوبة على ماذا؟ على الفعل هذا يسمى التحريم كقوله تعالى: {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32]. نقول: هذا تحريم لا تقربوا لا ناهية دالة على التحريم، الأصل في تقربوا هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية الأصل فيه حمله على التحريم هل دلت قرينة عن صرفه عن ظاهره؟ الجواب: لا، أشعر الخطاب ولو بخطابات أخر أشعر بترتب العقاب على فعل هذا المنهي عنه فدل على أنه محرم هذا هو حد التحريم الخطاب المقتضي للترك اقتضاءً غير جازمًا هذا يسمى الكراهة مثل ماذا؟ «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين». «فلا يجلس» نقول: لا ناهية ويجلس فعل مضارع مجزوم بلا والأصل في النهي التحريم ولكن نقول هناك القرينة صارفة على كون هذا النهي ليس على ظاهره ليس مرادًا به التحريم وإنما مراد به الكراهة كجلوس الخطيب وجلوس ثلاثة النفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الخ. كما هو معلوم من موضعه، إذن هذه أربعة أحكام: التحريم الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة. والكراهة هذه بلا تفصيل عند المتقدين، عند المتأخرين زادوا خلاف الأولى سيأتينا في موضعه إذن نقول: قوله: بالاقتضاء. أي: بالطلب والطلب نوعان: طلب ترك، وطلب فعل. وهذا يشمل الأحكام الأربعة أو التخير بالاقتضاء أو التخير أو هنا للتنويع والتفصيل والمراد بالتخير هنا الإباحة لأن الإباحة ليس فيها طلب ليس فيها طلب فعل ولا طلب ترك وإنما هو استواء طرفين افعل إن شئت وإن شئت لا تفعل إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: «إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ»، هكذا مثل به بعض البصريين أو التخير أو الوضع المراد بالوضع هنا إدخال الحكم الوضعي وأنه حكم شرعي وهذا هو الصحيح أن الحكم الشرعي قسمان: حكم تكليفي، وحكم وضعي. وهل الحكم الوضعي؟ الحكم الوضعي هذا حكم شرعي على الصحيح وفيه خلاف بين الأصوليين بعض أهل العلم يرى أن الحكم الوضعي ليس حكمًا شرعيًّا وإنما هو حكم عقلي جعله العقل أو دل العقل على اعتباره وهذا فاسد لأن بعض الأحكام الوضعية لا تدرك إلا من جهة الشرع كون الحيض مانعًا عن الصلاة والصوم هل يدرك العقل هذا؟ لا يدرك العقل هذا كون الوضوء شرطًا لصحة الصلاة العقل لا يدركه، كون أوقات الصلوات إذا دخل أو زالت الشمس وجبت صلاة الظهر إذا طلع الفجر وجبت صلاة الصبح نقول: هذه الأوقات لا يدل العقل على اعتبارها، إذن كيف يجعل الحكم الوضعي حكمًا عقليًّا؟ نقول: لا إنما هذه الأسباب والموانع والشروط مصدرها الشرع إذن خطاب الله هذا يتنوع قد يكون بالاقتضاء أو التخير وقد لا يكون فإن كان بالاقتضاء فيه طلب فعل أو طلب ترك أو التخير الاستواء بين الفعل والترك نقول: هذا خطاب تكليفي وإن لم يكن فهو خطاب وضعي والمراد بالوضع الجعل وسيأتي أنه خمسة أقسام: الأسباب، والشروط، والموانع، والصحة، والفساد. هذه كم؟ خمسة بعضهم زاد: الرخصة، والعزيمة، والقضاء، والأداء، والعلة. والصواب أنها ليست من الأحكام الوضعية وسيأتي مزيد بيان.

ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

6

عناصر الدرس * تابع لشرح حدّ الحكم الشرعي. * العلاقة بين الحكم التكليفي والوضعي. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زال الحديث في بيان حد الحكم عند الأصوليين ذكرنا أن الحكم عند الأصوليين اختلفت عبارات الأصوليين في بيان الحكم الشرعي ما المراد به؟ أ- من قال أنه: خطاب الشرعي المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع. ب-ومنهم من قال: خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف به. ج-ومنهم من قال: خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخير أو الوضع. د-ومنهم من قال: خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخير وأسقط الوضع. هذه كلها تعاريف وانفرد صاحب المراقي السعود بقوله: كلام ربي إن تعلق بما يصح فعلاً حذف كلمة أو بدل كلمة المتعلق بفعل المكلف إلى قوله: خطاب الله المتعلق بما يصح أن يكون فعلاً للمكلف. أبدل العبارة بقول: خطاب الله المتعلق بما يصح أن يكون فعلاً للمكلف من حيث إنه مكلف به. ولم يذكر بالاقتضاء أو التخير أو الوضع لأنه فَصَلَ بين الحكمين الشرعي التكليفي، والشرعي الوضعي. وأنسب الحدود هو أن يقال أجمعها أن يقال: الحكم الشرعي هو خطاب الله. ولا بأس أن يقال: الشرعي. خطاب الله المتعلق بفعل مكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع وهذا الحد يكاد يجمع كل ما قيل من الحدود خطاب الله قلنا بدأ المعرفون بالحكم الشرعي بأنه خطاب الله قلنا: هذا قيدها خطاب إذن ليس كل قول للشرع يكون خطابًا ولذلك الإمام أحمد عرف الحكم الشرعي وهو أسبق من عَرَّف حكم الشرعي: {بأنه خطاب الشرع وقوله} هكذا عرف الحكم الشرعي خطاب الشرع وقوله قال أصحابه: إنه من باب عطف العام على الخاص لماذا؟ لأن الخطاب قولٌ وليس كل قول خطاب يعني العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق لأن الخطاب توجيه لابد أن يكون الكلام موجهًا من المخاطِب إلى المخاطَب ولذلك في معناه المصدري نقول: الخطاب توجيه الكلام لمخاطب، هل كل كلامٍ يصدر من الإنسان أو من الرب عز وجل هل كل كلام يكون موجهًا لمخاطب؟ الجواب: لا، إذن قول الإمام أحمد خطاب الشرع، وقوله هذا من باب عطف العام على الخاص أراد به التأكيد زيادة التأكيد لماذا؟ لأن كل خطابٍ قولٌ ولا عكس لأن كل خطابٍ قولٌ ولا عكس يعني وليس كل قولٍ يكون خطابا.

إذن قولهم في الحج حكم الشرع أو الحكم الشرعي خطاب هذا أخص من مطلق القول وإن كان متعلقه كلام الرب عز وجل إلا أنه أخص من مطلق القول لأنه ليس كل قولٍ يعد خطابا إذن خطاب الله المراد به كلام الله ولذلك عدل صاحب المراقي عن هذا مع أنه نظم جمع الجوامع وجمع الجوامع صار التعريف الذي ذكرته لكم قال: كلام ربي هذا أوضح وإن كان هو عدل إلى أمرٍ آخر لكن هذا يعتبر أوضح عندما تسمع خطاب الله قد يُشكل ما المراد بالخطاب؟ المراد به كلام الله كلام الله جل وعلا خطاب هذا مصدر ولكن ليس المراد به المعنى المصدري الذي هو توجيه الكلام للمخاطب وإنما المراد به المعنى معنى الاسم المفعول فهو مجازٌ مرسل من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول أي: المخاطَبُ به، لماذا المخاطب به؟ لأن تمَ فرقا بين الخطاب الذي هو المعنى المصدري والذي هو أثر المعنى المصدري يعني: ما يترتب على المعنى المصدري هو أثر المعنى المصدري، خطاب هذا فعل الفاعل كما أقول: يتكلم زيد، تكلم زيد بكلامٍ. تكلم هذا هو المعنى المصدري أثر التكلم هو الكلام ولهذا يقال في حد الكلام اللفظ أي: الملفوظ به لماذا؟ لأن اللفظ هو فعل الفاعل والملفوظ به الذي يُحَدُّ هو أثر فعل الفاعل كذلك الخطاب هنا ليس هو المحدود وإنما المراد به أثر فعل الفاعل الذي هو المخاطب به وهو كلام الله عز وجل قلنا: خطاب هذا مصدر من باب خَاطَبَ يُخَاطِبُ خِطَابًا وَمُخَاطَبَةً اسم مصدر ميمي ومرادهم بالاصطلاح حتى صار حقيقة عرفية أنه قول يَفْهَمُ منه من سمعه شيئًا مفيدًا مطلقًا وسبق شرح هذا الحد. (خِطَابِ اللهِ) قلنا: الإضافة هنا المراد بها إخراج غير خطاب الله خطاب الله خطاب هذا جنس يشمل خطاب الله ويشمل غير خطاب الله كخطاب الإنس مع الإنس والجن مع الجن والإنس مع الجن والملائكة مع الإنس هذه كلها خطابات هل كل خطاب يعتبر حكمًا شرعيا؟ الجواب: لا، أراد أن يخرج غير خطاب الله فأضافه إلى لفظ الجلالة (خِطَابِ اللهِ) إذن خرج به خطاب غير الله من الإنس والجن والملائكة ومن على شاكلتهم، لماذا؟ لأن خطابات هؤلاء لا تعد حكما شرعيا، لأنه لا حكم إلا لله {((((الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}، {(((((اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى:10] إذن الحكم الشرعي مصدره الله وما عدا ذلك فكل تشريع فهو باطل وكل تحاكم إلى غير الكتاب والسنة فهو باطل مردود بإجماع العلماء.

(خِطَابِ اللهِ) بقي إشكال هنا -أورده بعض الأصوليين إذا قلنا-: خطاب الله وهو المراد به كلام الله يعني: القرآن. الأحكام الشرعية الفقهية وغيرها هذه ثابتة بالكتاب وثابتة بالسنة يعني منها ما هو ثابت بالكتاب ومنها ما هو ثابت بالسنة الصحيحة النبوية ومنها ما هو ثابت بالإجماع ومنها ما هو ثابت بالقياس إذن ليس كل حكم شرعي في الظاهر فهو مأخوذ من القرآن أليس كذلك؟ هناك أحكام ثبتت بالسنة دليلها السنة وهناك أحكام دليلها الإجماع لو بحثت في ظاهر القرآن لم تجد دليلا وإنما تجد إجماع العلماء على ذلك كذلك بعض الأحكام ثابتة بالقياس أورد بعض الأصوليين قال: خطاب الله هذا الحد غير جامع. كيف غير جامع؟ ما معنى غير جامع؟ يشترط في الحد أن يكون جامعا مانعا جامعا لأفراد المحدود كل ما يصدق عليه أنه حكم شرعي لا بد أن يدخل في الحد فإذا لم يدخل بعض أفراد الحكم الشرعي في الحد نقول: هذا الحد ناقص ليس بجامع. إذن (خِطَابِ اللهِ) هذا قالوا: ليس جامعًا. خرج خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، خرج خطاب أهل الإجماع، خرج خطاب الطائفيين أو الطائفة المجتهدة الجواب عن هذا إما أن يُصنع كما صنع بعض الأصوليين بدل العبارة فقال: خطاب الله بدلاً من أن نقول: خطاب الله. نقول: الخطاب الشرعي. فحينئذٍ يشمل السنة والإجماع والقياس وهذا أيضا لا إشكال فيه إن مصادر الشريعة أربعة كتاب وسنة والإجماع والقياس وهذه مجمع عليها في الجملة وبعضهم رأى أن الحكم الشرعي خطاب الله إما أن يكون صريحا مباشرا وهذا يكون بالقرآن وإما أن لا يكون صريحا ومباشرا وهذا يكون بالثلاثة المذكورة السنة والإجماع والقياس لأنها في الحقيقة ليست مستقلة بالتشريع ليست مثبتة لحكم شرعي مستقل عن القرآن أو عن الله عز وجل وإنما هي مظهرة وكاشفة للحكم الإلهي فحينئذٍ هي داخلة ضمنا في قولنا: (خِطَابُ اللهِ).

أيضا السنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مبلغ عن الله {(((((((((((((إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا (((((((} [النحل:44] وذكر بعضهم أن كل ما في السنة سواء كانت السنة مؤكِّدة أم مؤسِّسة كلها داخلة في قوله تعالى: {((((((آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ ((((((((((((} [الحشر: 7] وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كطاعة الله {((يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80] إذن دخلت السنة النبوية برمتها في القرآن أما الإجماع والقياس فهذا يكاد يكون إجماعا أنه لا إجماع ولا قياس إلا بدليل يسمى المستند يعني: المستند أهل الإجماع لا بد أن يكون كتاب أو سنة سواء نُقِلَ إلينا أم لم ينقل حينئذٍ إذا بَلَغَنا إجماع من أهل العلم نقول: هذا الإجماع لم يتم إلا بدليلٍ سواء بلغنا الدليل أو لم يبلغنا فحينئذٍ صار مرده الكتاب أو السنة كذلك المجتهد إذا أراد أن يقيس إنما يقيس المجهول على المعلوم حينئذٍ يكون قد قاس المجهول على دليل المعلوم الأصل المقاس عليه وهذا إما أن يكون كتابا وإما أن يكون سنة إذن رجع خطاب أهل الإجماع إلى خطاب الله وخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - داخل في خطاب الله، كذلك رجع خطاب الطائفة والمجتهد إلى خطاب الله أو خطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لذلك المصادر الثلاثة السنة النبوية والإجماع المتيقَّن والقياس الصحيح هذه مردها إلى الكتاب وحينئذٍ نعبر بعبارة مختصرة نقول: خطاب شرعي إما أن يكون صريحا مباشراً بالقرآن، يعني: نأخذه مباشرة من القرآن تفتح القرآن وتجتهد، أو تنقل عن أهل العلم السابقين، وإما أن تأخذه بواسطة يعني: تنظر في السنة وتنظر في الإجماع وتنظر في القياس نظرك في السنة ونظرك في الإجماع ونظرك في القياس هذا نظر في القرآن، لماذا؟ لأن هذه الثلاثة السنة والإجماع والقياس كاشفة مظهرة لحكم الله، ولذلك تَنَبَّهَ المجتهد عندما يجتهد لا يأتي بحكم جديد وإنما هو يكشف حكم الله عند ما تأتي نازلة ويجمع أو يجتمع لها أهل العلم فحينئذٍ يبحثون في ماذا؟ يبحثون في صورة هذه المسألة التي هي تعتبر نازلة من النوازل إما أنها تدخل في مفهوم آية أو حديث وإما أن تشملها قاعدة كلية أو قاعدة جزئية لا بد أن تُرْجَعَ هذه الصورة إلى أصل عام في الكتاب والسنة فحينئذٍ المجتهد يكتشف يظهر ينظر ويبحث ويتأمل ويتدبر فإذا به هذه الصورة ليست منصوصا عليها في الكتاب والسنة وإنما دل عليها الكتاب والسنة ضمنا أو التزاما إذن نقول: إما أن يدل -خطاب الله- إما أن يكون صريحا مباشرا وذلك يكون بالقرآن، وإما أن لا يكون صريحا ولا مباشرا وهذا بالنظر في المصادر الثلاثة السنة والإجماع والقياس.

إذن اعتراض المعترض على قول المعرف (خِطَابِ اللهِ) ليس في محله خطاب الشرع أو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخير أو الوضع المتعلق هذا اسم فاعل مأخوذ من تَعَلَّقَ يَتَعَلِّق يَتَعَلَّق فهو مُتَعَلِّق وَمُتَعَلَّق إذن متعلِّق بكسر اللام هذا اسم فاعل صفة لخطاب الله (خِطَابِ اللهِ) المتعلِّق ما المراد بالتعلق هنا؟ الارتباط ما المراد بالارتباط؟ نقول: كون خطاب الله جاء مبينا وموضحا وكاشفا لحكم صفة من صفات أفعال المكلفين هذا هو المتعلق بالارتباط كون هذا النص تعلق بفعل المكلف يعني: ارتبط به فعل المكلف قول أو فعل أو عمل جوارح تقابل النية جاء الشرع تعلق خطاب الشرع بهذا الفعل فبين صفته، ما هي صفته؟ الإيجاب، الندب، الإباحة، التحريم، الكراهة. عرفتم ما المراد بالمتعلق؟ أن خطاب الله يأتي مبينا وكاشفا وموضحا لصفةٍ من صفات فعل المكلف لأن فعل المكلف الذي هو: القول، والعمل، والاعتقاد، والنية، كما سيأتي هذه تتوارد عليها الأحكام الخمسة الإيجاب، والندب، والتحريم، والإباحة، والكراهة فعل المكلف هذا ليس على حريته كما يقال الآن: أنا حر. نقول: لا لست حرا أنت عبدٌ لله كل فعل من أفعالك لا بد وأنه قد بين في الكتاب والسنة ما صفة هذا الفعل هل هو مأذون لك في فعله؟ هل هو مطلوب الترك منه؟ هل هو مطلوب الفعل والإيجاب؟ لا بد من الرجوع إلى الكتاب والسنة. خطاب الله المتعلق: متعلق يذكرها الفتوحي وغيره أن المراد به الذي من شأنه أن يتعلق الذي من شأنه أن يتعلق يعني: ليس بالفعل إنما هو بالقوة ليشمل متعلق بالقوة وبالفعل فقط ولهذا مرادهم بهذه العبارة هي التي حول وبدَّل صاحب المراقي الحد أو بعض الحد بقوله: بما يصح أن يكون فعل ومرادهم بهذا المعلوم حين الخطاب هل هو مخاطب في الشرع أو لا؟ هل هو مأمور أو ليس بمأمور؟ إن قلت: المتعلق بالفعل بالإيجاز لكون خطاب الشرع نزل على الصحابة وتعلق بأفعالهم مباشرة إذن من بعدهم لا يسمى ما تعلق بأفعال الصحابة حكما في حقه لماذا؟ لأن حكم الشرع هو المتعلق بالفعل إذن الذي لم يتعلق به بالفعل وقد ورد بعد ذلك لم يسم في حقه حكما شرعيا وهذا باطل، عليه قالوا: لا بد من التأويل. فنقول: المتعلق أي: الذي من شأنه أن يتعلق، يعني: الذي يصلح أن يكون مُتَعَلِّقاً بفعل المكلف لهذا قال: كلام ربي إن تعلق بما يصح فعلاً إذن بما يمكن ويصلح أن يكون فعلاً للمكلف فإقامة الصلاة كما خوطب بها الصحابة خطابًا تنجيزيا من بعدهم في وقت الخطاب نقول: مخاطب خطابا معنويا. ولهذا قالوا: التعلق نوعان: تعلق معنوي، وتعلق تنجيزي. التعلق المعنوي هو: أن يتعلق خطاب الله بالمكلف -لكن بشرط- إذا وجد المكلف مستجمعا لشرائط التكليف كان متعلقا به. والتعلق التنجيزي هو: الذي وقع بالفعل، كالصحابة أو من ولد وبلغ وعقل فتعلق بالخطاب الشرعي.

إذن خطاب الله المتعلق نفسره الذي من شأنه أن يتعلق، الذي يقبل ويصلح ويمكن أن يتعلق بفعل من أفعال المكلفين، لماذا نؤول هذا التأويل؟ لأن هذا مجاز عندهم من باب تسوية الشيء بما يؤول إليه في المستقبل لماذا قالوا؟ قالوا: ليدخل المعدوم حين كلام الله بالحكم، أمر الله من نزل عليهم القرآن بأقيموا الصلاة هذا خطاب موجه للصحابة من بعدهم الذين وُلدوا بعد أن انقطع الوحي نقول: هم مخاطبون من هذا الأمر وقد تعلق بهم قوله: {(((((((((((((((((((((((}، ونحوه نقول: لماذا؟ لأن التعلق هنا تعلق تنجيزي بالفعل بالصحابة وتعلق معنوي بمن بعدهم وهو المراد بالتعلق المعنوي أن يتعلق الخطاب بالمكلف الذي يكون عاقلاً بالغًا مستكملا لشرائط التكليف إذا وُجد ووُلد واستَكْمَل شرائط التكليف تعلق به الحكم الشرعي المتعلق أي: المرتبط. بفعل المكلف، قلنا: المتعلق بفعل المكلف أخرج ستة أنواع من خطاب الله. أ-طاب الله المتعلق بذاته {((((((اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا ((((} [آل عمران:18] هذا متعلق بوحدانيته جل وعلا. ب-خطاب الله المتعلق بصفاته {((((لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا • (((((} [البقرة:255] هذا كلام الله لكنه لم يتعلق بفعل المكلف وإنما تعلق بأسمائه وصفاته. ج-خطاب الله تعالى المتعلق بفعله جل وعلا: {((((خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} جل وعلا. د-كلام الله المتعلق بالجمادات {((((((((نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ (((((((((} [الكهف:47] هذا كلام الله لكنه ليس موجها للمكلف بفعل أو ترك لا، إنما هو متعلق يعني: بين حالة من حالات الجمادات هذا وجه تعلق. هـ-خطاب الله المتعلق بذوات ليس بأفعال بذوات المكلفين {((((((((خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ (((((((((((((} [الأعراف:11] هذا لم يتعلق بفعل وإنما تعلق بذات المكلف أنها مخلوقة ومصورة (للأعجم) {(((((((((مِنْ ((((((} أيضًا. وخطاب الله المتعلق بـ بماذا؟ بالحيوانات {(((((((((أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ:10] مأمورة لأنها معطوفة على الجبال. هذه كم ستة، سِتة أو خمسة؟ المتعلق بذاته، المتعلق بصفاته، المتعلق بفعله جل وعلا ثلاثة، المتعلق بالذوات، بالجمادات المتعلق بالحيوانات المتعلق بالذوات هذه ستة بقي نوع واحد وهو: المتعلق بفعل المكلف. لكن خطاب الله المتعلق بفعل المكلف على نوعين أو على مرتبتين أو على قسمين: خطاب متعلق بفعل المكلف من حيث إيجاد الفعل أو تركه أنت مأمور بإيجاد الفعل {((((((((((((الصَّلَاةَ وَآَتُوا (((((((((((}، و {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} [آل عمران:130]، و {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء:32] هذه خطاب الله كلها متعلقة بماذا؟ بفعل المكلف من حيث طلب إيجاد الفعل {(((((((((((((((((((((((} نقول: هذا خطاب الله متعلق بفعل المكلف من أي حيثية؟ من حيث إن الصلاة مطلوبة الفعل من المكلف، {(((((((((((((((((((((}، أيضًا و {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} هذا طلب ترك للفعل هذا نوع أن يتعلق خطاب الله بفعل المكلف من حيث إنه مأمور إما بطلب فعل بإيجاده وهذا على وجهين وإما أن يأتي بطلب ترك وهذا على وجهين.

نوع آخر من خطاب الله يتعلق بفعل المكلف لا من هذه الحيثية يعني: لا من هذه الجهة لا يكون مطلوب الفعل أو الترك وإنما من جهة أخرى نحو ماذا؟ {(((((((((((مَا تَفْعَلُونَ ((((} [الانفطار:12] {((((((((((} هذا ملاك ما تفعلونه ضمير محذوف {(((((((((((مَا تَفْعَلُونَ ((((} هذا خطاب الله متعلق بفعل المكلفين، ولا إشكال في هذا، لكن هل في الآية دليل على أو هل في الآية أو هل تدل الآية على طلب إيجاد فعل أو ترك؟ لا؛ وإنما هي تتعلق بفعل المكلفين من حيث إخبار إخبار إعلام لذلك بعضهم يسميه خطاب إعلام من حيث الإخبار بأن أفعالهم محفوظة ومكتوبة {((((((((أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ((((} [المؤمنون:63] هذا أيضًا هذا خطاب الله المتعلق بفعل المكلف لا من حيث إيجاد الفعل طلب الفعل أو ترك الفعل وإنما من حيث الإخبار بأن هذه الأعمال صادرة عنها، أيضا الآية التي تدل على خلق أفعال العباد وهي: {((((((خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ((((} [الصافات:96]. هذه تدل على أن أفعال العباد مخلوقة لله عز وجل إذن نقول: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف على مرتبتين أو على نوعين: 1) خطاب متعلق بفعل المكلف من حيث إيجاد الفعل أو تركه. 2) وخطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث جهة غير الجهة السابقة وإنما تكون من حيثيات أخرى. النوع الثاني هل هو حكم شرعي يدخل في حد المعنى؟ هل هو حكم شرعي؟ الجواب: لا، كيف نخرج هذا النوع نريد إخراجه من الحد لأنه لا يشمل الحكم الشرعي قال بعضهم: بالاقتضاء أو التخير. بالاقتضاء يعني: بالطلب طلب فعل أو طلب ترك بالاقتضاء جارٌ مجرور متعلق بقوله: المتعلق إذن (خِطَابِ اللهِ) المتعلق بالاقتضاء بطلب فعلٍ أو ترك فعل خطاب الله تعالى المتعلق بالاقتضاء هذا مخرجٌ من نوع ثاني الذي هو متعلقٌ لا من جهة طلب فعلٍ أو تركٍ، بعض الأصوليين لم يذكر هذه الجملة بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع لم يذكرها فحينئذٍ يحتاج إلى الاحتراز عن هذا النوع، فزاد جملة من حيث إنه به مكلف. كما قال صاحب ((المراقي)) كلام ربي إن تعلق بما يصح فعلاً**للمكلف اعلما من حيث إنه به مكلف فذاك بالحكم لديهم يعرف

هنا لم يذكر بالاقتضاء تحتاج إلى قيدٍ يخرج هذا النوع الذي هو متعلق بفعل المكلف لا بالاقتضاء أما من زاد في الحد بالاقتضاء فحينئذٍ لا يحتاج إلى هذا القيد فإذا قال قائل خطاب الله الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به بالاقتضاء نقول: لا من حيث إنه مكلفٌ به هذا حشو لأنك أخرجت به النوع الثاني من نوعي خطاب الله المتعلق بفعل المكلف وهذا قد خرج بالاقتضاء فلا داعي، حينئذٍ نقول من حيث إنه مكلفٌ به المتعلق بفعل المكلف عرفنا المراد بالمتعلق وهو الارتباط وهو كون خطاب الله جاء مبينا لصفة فعل المكلف به بعل المكلف عرفنا أن المراد بالمكلف هنا لا بد من التأويل لا نقول المكلف من تعلق به التكليف وهو إلزام ما فيه مشقة أو طلب ما فيه مشقة بعض الأصوليين عرف التكليف بأنه طلب ما فيه مشقة وبعضهم عرفه بأنه إلزام ما فيه مشقة ما الذي ينبني على الحدين؟ إذا قيل إلزام ما فيه مشقة خرج الندب والكراهة والإباحة فهذه لا تسمى أحكاما تكليفية لماذا؟ لأن الحكم التكلفي لا بد فيه من إلزامٍ وهذا الندب ليس فيه إلزام وإنما يجوز تركه ولا يجوز اعتقاد جواز الترك كما سيأتي والكراهة كذلك لا يأثم بفعل المكروه إذن لا يُلزم بالمكروه، الإباحة ليست من الحكم التكليفي بشيء الأصل فيها لأنها استواء طرفين هذه ليست داخلة في قول إلزام ما فيه مشقة أم من قال حد التكليف طلب ما فيه مشقة حينئذٍ يصدر التكليف على الندب وعلى الكراهة وعلى الإباحة وعلى الإباحة دخول الإباحة من باب التسامح إذن عندنا من هذين التعريفين حكمان متفقٌ عليهما أنهما من أحكام التكليف أليس كذلك؟ ما الذي دخل في الحدين؟ الإيجاب والتحريم إلزام ما فيه مشقة يختص بالإيجاب والتحريم، طلب ما فيه مشقة يدخل فيه الإيجاب والتحريم إنما الخلاف وقع في الندب والإباحة والكراهة أما الإباحة فهذه ليست حكما تكليفيا وإن كانت حكما شرعيا من أراد أن يدخل الإباحة في حد التكليف فيتعين عليه أن نقول التكليف إلزام مقتضى خطاب الشرع لأن مقتضى خطاب الشرع يشمل الخمسة الأنواع فتدخل الإباحة في هذا الحد وتخرج من الحديث السابقين لكن في تسمية المندوب أنه مكلفٌ به أو لا، أو المكروه أنه مكلفٌ به أو لا، لا ينبني عليه فرعٌ فقهي وإنما هو تنظيرٌ وتأصيلٌ أصولي فقط يعني من باب الاصطلاحات، وهو إلزام الذي يشق**أو طلبٌ فها بكل خلق لكنه ليس يفيد فرعا**فلا تضق بفقد فرعٍ ذرعا

سيأتينا المندوب هل هو مكلفٌ به أم لا، إذن المكلف ليس المراد به من تعلق به التكليف لأن لو فسر بهذا أن من تعلق به التكليف لزم الدور في الحج وهو ممنوع ولا بما يدرى بمحدودٍ لماذا لأنه متى يكون مكلفا إذا تعلق به التكليف ولا يتعلق التكليف إلا بمكلف هذا يسمى الدور وهو ممنوعٌ عندهم بفعل المكلف قال: المكلف هنا، أولاً ما المراد بالفعل هنا؟ ما المراد بالفعل؟ أو اللغوي؟ هل فرقٌ بين الاصطلاحي واللغوي الاصطلاحي أعم من اللغوي حده لغةً فعل؟ نعم خالد؟ لا لا استعمال اللغة نعم؟ ما يقابل القول والاعتقاد والنية لأنهم يجعلونها أربعة أقسام: قولٌ، وفعلٌ الذي هو بالأركان الجوارح، واعتقادٌ، ونية، هذا في اللغة ما يقابل القول والاعتقاد والنية هو الفعل في اللغة وهذا يصدق على عمل الجوارح أما في الاصطلاح عندهم فالمراد بالفعل كل ما يصدر عن المكلف وتتعلق به قدرته لإخراج الأفعال الاضطرارية لأنه لا تكليف إلا بفعلٍ اختياري وتتعلق به قدرته إذن ما لا تتعلق قدرة المكلف به هو غير مكلف من قولٍ أو فعلٍ أو اعتقادٍ أو نية كل ما؛ ما هذه تحتاج إلى تفسير من قولٍ من هذه لبيان الجنس مفسرة لما كل ما صدر عن المكلف وتتعلق به قدرته من قولٍ أو فعلٍ أو اعتقادٍ أو نية فحينئذٍ هذه الأربعة الأمور في الشرع تتعلق بها الأحكام لأنها تسمى فعلاً أما تسمية الفعل الصريح أنه فعل كالصلاة واستخراج الزكاة والحج ونحو ذلك هذا لا إشكال فيه أما تسمية قول اللسان بأنه فعل، في الشرع هذا يحتاج إلى دليل وقلنا دليله {((((((((الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا (((((((((} [الأنعام:112] أي: ما قالوه أطلق هنا الفعل على القول فدل على أن القول فعلٌ وهذا فعل اللسان الذي يدخل أيضا معنا ولم يذكروه ولا بد من التنصيص عليه هو الترك كف النفس وصرفها عن المنهي عنه وهذا الترك هو المراد أو المختلف فيه أما الترك الذي لا يصحبه قصد هذا بالاتفاق أنه لا يتعلق به التكليف وإنما مرادهم الترك الذي يعتبر كف النفس وصرفها عن المنهي عنه هذا قلنا الصحيح أنه فعلٌ في الشرع ويتعلق به التكليف إذن تركٌ قد يكون حراما وقد يكون واجبا وقد يكون مباحا وقد تكون مكروها وقد يكون محرما هذا متعلق الفعل الذي هو متعلق الحكم الشرعي الخطاب الذي هو الترك قلنا دليله من كتابٍ أو سنةٍ أو إجماع من الكتاب {((((((((مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ((((} [المائدة:63] أطلق على عدم التناهي الذي هو ترك أطلق عليه أنه صنع. والصنع أخص مطلقًا من الفعل لأنه على هيئة معينة كل صنعٍ فعلٌ ولا عكس إذن أطلق الصنع الذي هو أخص مطلقًا من الفعل أطلقه على الترك فحينئذٍ يسمى الشرط فعلاً هو سماه صنعا ونحن نقول يسمى فعلاً لم؟ لأن إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم قلنا هنا أربع مسائل من جهة الإثبات -لا تنظر في الكتاب- من جهة الإثبات والنفي الأخص والأعم نعم عبد الرحمن. إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم نعم. إثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص نعم، نعم أحسنت نفي الأعم يستلزم نفي الأخص. بقي الرابع نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم هذه لا بد من حفظها الآن.

يقول: {((((((((مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ((((}. أثبت الأخص والأعم الذي هو الفعل لأن هذا فردٌ من أفراده إذن نطلق على عدم التناهي أنه فعلٌ من السنة ولكن من الأدلة أخرى من السنة: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده». أطلق على ترك الأذى أنه إسلام وآية الفرقان هذه دلالتها {(((((((الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (((} [الفرقان: 30] فدلل ابن السبكي أو السبكي على أن الترك فعل وجه الدلالة عبد الرحمن {((((((((((} أي: متروكًا {((((((((((} الأصل المراد به التناول تناولوا تركه أي: فعلوا تركه، من اللغة لإن قعدنا والنبي يعمل ... لذاك منا العمل المضلل قول الصحابي وقولهم حجة، لغة لإن قعدنا إن تركنا الاشتغال مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بناء المسجد لإن قعدنا والنبي يعمل لذاك من لذاك ما هو المشار إليه؟ القعود ترك العمل لذاك منا العمل المضلل إذن أطلق على الترك أنه فعل هذه ثلاثة أدلة من كتابٍ وسنةٍ ولغة تدل على أن الترك فعلٌ ثلاثة أمثلة على أن الترك قد يؤخذ به وقد لا يأخذ بهذه أو بناء على خلاف العلماء، مثل ماذا؟ الذي ينبني على هذه المسألة له فروع ذكرت في المنهج **وسردها من بعد ذي البيت يجي بشربٍ أو هيا نعم هل يضمن ألا يضمن رجلٌ ماء زائد عن حاجته وهناك مضطرٌ إلى أكل أو شرب لو لم يعطه الماء وهو مستغنٍ عنه يعني: فضلة لو أنت ( ... ) لإعطاء ولم يعطه فمات المضطر ينبني على هذه المسألة هل الترك فعلٌ أم لا إن كان الترك فعلاً فيتعلق به خطاب الله فيكون مكلفا فحينئذٍ ينبني عليه أنه يضمن لأنه يعتبر قاسي وإذا الترك ليس فعلاً إذن لا يتعلق به خطاب الله لأنه ليست فعلاً من أفعال المكلفين وخطاب الشرع إنما يتعلق بفعلٍ من أفعال المكلفين إذن من أثبت أن الترك فعلٌ من أفعال المكلفين رتب عليه الأحكام الشرعية الخمسة ومن نفى أن الترك داخلٌ في مسمى الفعل الذي هو متعلق حكم الله قال: الترك هذا لا يترتب عليه الأحكام الشرعية الخمسة لا تتعلق به البتة بمثل هذا المثال نقول هنا يضمن لماذا؟ لأنه ترك سُقْيَةَ المضطر مع القدرة عليه فحينئذٍ يضمن ومن يقول لا الترك ليس مكلفًا به عنده لا يضمن مثال آخر نعم لا ليس العزم ما أتينا عليه مثال آخر نعم هلك الزرع نعم عنده نهر يجري أو ماء يجري فأخذ حاجته من الماء إذن عنده فضل ماء منعه عن زرع جاره حتى هلك الزرع مات راح هل يضمن أو لا يضمن؟ ينبني على هذه المسألة إن قلنا الترك فعل يضمن الترك يضمن هذا المسلم إن قلنا الترك ليس بفعل لا يضمن إذن بفعل المكلف الفعل هنا الاصطلاحي يشمل الفعل الصريح والقول والترك على الصحيح وبقي رابعٌ وهو: العزم الْمُصَمِّمُ دليله «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». قيل: يا رسول هذا القاتل - قاتل صنع فعلا فَعل فكونه يدخل النار لا إشكال فيه - فما بال المقتول؟ -لأنه لم يقتل ما جرمه ما ذنبه- قال: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه». إذن ما الذنب الذي أرداه في النار الحرص ومحله وهذا هو العزم المصمم.

إذن المتعلق بفعل المكلف نقول دخل فيه قول المكلف وفعله الصريح وتركه المقصود وعزمه المصمم هذه أربعة أمرور داخلة في قوله: بفعل المكلف. المكلف بعض الأصوليين يقول: بأفعال المكلفين وهذا هو المشهور على ألسنة الأصوليين خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالجمع اعترض عليهم كصاحب ((الجمع)) وغيره بأن بعض خطاب الله يتعلق بفرد واحد خاص مثلوا بذلك بخصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - تزويجه بأكثر من أربع هذا مختص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو حكمٌ شرعي إذن تعلق بمكلفٍ واحد ولا يتعلق بغيره أيضا قالوا شهادة خزيمة لثابت شهادته بشهادة رجلين «من شهد له خزيمة فهو حسبه». وهذا خاصٌ بخزيمة كذلك إجزاء العنا وهو الأنثى من ولد المعز الذي لم يستكمل الحول هذا جاء الحكم خاصٌ بأبي برْدة «اذبحها ولا تجزأ لغيرك». أو برواية: «ولا تصلح لغيرك». قالوا: هذه أحكام شرعية وهي متعلقة بفعل مكلفٍ واحد فإذا قلنا بأفعال المكلفين خرج ما تعلق بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي من خصائصه دون أن يشاركه غيره كذلك خرج الحكم المتعلق بنحو خزيمة وأبي برْدَة إذن ماذا نصنع ما الجواب قال: نقول: بفعل المكلف عدلوا العبارة. خطاب الله المتعلق بفعل المكلفين المكلف هذا جنس أل مكلف أل الداخلة على على المشتق ماذا تعد؟ موصولية يعني: الذي كلف ومن وما وأل تساوي ماذا؟ إذن أل تأتي موصولية الذي يليها يكون صفة. وصفة صريحة صلة أل**وكونها من معرب الأفعال قد إذن ثبت أن أل تأتي موصولية وثبت أن أل من صيغ العموم فقوله بفعل المكلف عن الذي كلف الصادق بالواحد وما فوقه إذن عدلوا العبارة من الجمع إلى المفرد ويمكن أن يجاب عن الجمهور الأكثر قولهم بأفعال المكلفين، المكلفين هذه أل يحتمل مع دلالتها على الموصولية أل الجنسية وأل الجنسية تبطل معنى الجمعية حينئذٍ كأنه قال بأفعال المكلف فإن أُورد بأفعال هذا جمع وقد يتعلق بفعلٍ واحد قالوا أو يمكن أن نقول: أن الإضافة أيضا تأتي جنسية أفعال المكلفين أي: فعل جنس المكلف أو جنس فعل المكلف جنس فعل المكلف الصادق بالواحد وبما فوقه، خطاب الله المتعلق بفعل المكلف اعتُرِضَ على هذا الجزء بأن بعض الأحكام الشرعية لا تتعلق نعم بعض الأحكام الشرعية قد تتعلق بغير المكلف لأن المكلف المراد به البالغ العاقل الذاكر غير المُلْجَأ لأنه كما سيأتي في الموضع أن المفرد والملجأ والغافل والساهي والنائم هؤلاء ليسوا بمكلفين وصُوب امتناع أن يكلفا ذو غفلةٍ**وملجأٌ ما اختلف في مكرهٍ ومذهب الأشاعرة جوازه**وقد رآه أحمد

واختلف في مكره أما الأول فهي يحتاج أن يكون يعني فيه خلاف هو لكن بعضهم يحكي الإجماع وفيه نظر، وصوب امتناع أن يكلفا ذو غفلةٍ وملجأٌ هؤلاء غير مكلفين واختلفا في مكرهٍ والمكره كما سيأتينا على نوعين، ومذهب الأشاعرة جوازه السبكي أشعري إذن قال ومذهب الأشاعرة جوازه وقد رآه أحمد رآه من ابن السبكي يعني: اختار هذا القول آخرا بعدها رد عليه في ((جمع الجوامع)) البالغ العاقل الذاكر غير الملجأ، البالغ هذا احتراز من الصبي، العاقل هذا احتراز من المجنون، هذا محل الإشكال الصبي والمجنون ليسوا أو ليسا بمكلفين ومع ذلك وردت أحكام شرعية متعلقة بمال الصبي ومال المجنون وما يترتب على إتلاف الصبي وإتلاف المجنون الزكاة صبيٌ عنده بلغ النصاب وحال عليه الحول ما حكمه أفتونا مأجورين تجب الزكاة أو لا تجب؟ تجب الزكاة إذن تعلق خطاب الله بفعل غير مكلف وهو إيجاب الزكاة أليس كذلك؟ كذلك المجنون مجنون عندهم ماذا؟ بلغ النصاب وحال عليه الحول نقول: وجبت الزكاة وهو مجنون ونحن نقول: (خِطَابِ اللهِ) متعلق بفعل المكلف إذن غير المكلف كالصبي والمجنون لا إيجاب في مالهما ولا إيجاب في ما يترتب على إثباتهما كذلك لو أتلف صبيٌ مالاً محترزا صعد على سيارة فكسر الزجاج يضمن أو لا يضمن؟ يضمن كذلك المجنون لو خرج من بيته وأتلف للناس أمورا يضمن أو لا يضمن؟ يضمن حد الصبي لو حد الصبي يؤجر أو لا يؤجر، يؤجر لأنه فعل ذنب كيف يقول هو مندوب في حقه الحج ويترتب عليه الأجر ثم نقول: (خِطَابِ اللهِ) المتعلق بفعل المكلف هو ليس مكلفًا كذلك الصلاة مندوبة من الصبي بيعه يصح أو لا يصح؟ المذهب لا يصح إلا في اليتيم بإذن وليه على من صحح بيع الصبي صح بيعه والصحة عندهم عند بعضهم أو على ما جرى عليه الناظم كما جرى عليه الناظم تبع الأصل إنها من الأحكام التكلفية إذن صح بيعه، صبيٌ كافر يعني: بلاد الكفر فقال أشهد أن لا إله إلا الله صح إسلامه أو لا صح إسلامه إذن نقول قوله: بفعل المتعلق بفعل المكلف اعترض عليه ببعض الأحكام الشرعية المتعلقة بفعل الصبي والمجنون وألحق بعضهم البهيمة قالوا: إنسان عنده بهيمة فخرجت في الليل غير مفرط أو خرجت وهو مفرط كلام آخر يعني: أغلق ما يسد على البهيمة فكسرت الباب وخرجت وآذت الناس يضمن أو لا يضمن؟ لا إن كان مفرطا فيضمن وإن كان ليس مفرطا أخذ بالأسباب في حفظها فلا يضمن فإذا قلنا بالضمان فيما إذا فرق الضمان على من؟ على المفرط طيب البهيمة هي التي فعلت فنقول خطاب الله المتعلق بفعل المكلف هنا أخرج غير الآدميين أصلا الجواب عن هذه حتى قال بعض من أولى أن يبدل هذا اللفظ فيقال المتعلق بفعل العبد ليشمل الصبي والمجنون ويُلحق قياسًا البهيمة والجواب عن هذا أن يقال إن أي حكمٍ يتوهم أنه صادرٌ من الشرع مرتبًا على فعل الصبي أو المجنون فالخطاب في الأصل إلى ولي الصبي والمجنون لا إلى الصبي والمجنون فإيجاب الزكاة في مال الصبي هذا ليس حكما شرعيا من حيث ذاته وإنما الشرع ربط الأحكام بأسبابها ملك النصاب هذا ليس حكما تكليفيا لما نظر الشرع إلى المصلحة المترتبة على الزكاة شدت حالة الفقراء عمم الحكم ولم ينظر إلى ذات المكلف فمتى ما وجد ملكُ النفاق مع

حولان الحول تعينت الزكاة في المال فحينئذٍ وجوب الزكاة نقول هذا ليس حكما مستقلاً تكليفيا وإنما هو من باب ربط الأحكام بأسبابها وقد وُجد ملك النفاق فحينئذٍ ماذا؟ تجب الزكاة كذلك يقال في مال المجنون أنه من قبيل ربط الأحكام بأسبابها فمتى ما وجد حكم الوضع وجد معه ما ترتب عليه من الحكم التكليفي دون نظرٍ إلى ذات المكلف أما حج الصبي وصلاة الصبي كونها مندوبا مندوبة فهذه إذا قلنا الندب ليس داخلا في أحكام التكليف فلا إشكال أليس كذلك؟ على رأي من يرى أن التكليف هو إلزام ما فيه مشقة خرج الندب والكراهة والإباحة إذن تعلق هذه الأحكام الثلاثة الندب والكراهة والإباحة بفعل الصبي نقول: هذا لا يَرِدُ اعتراضا لأن هذه الأحكام ليست تكليفا وعلى من يرى أن هذه الأحكام تكليفية يرد السؤال فمنعوا أن تكون الصلاة مندوبة من الصبي قالوا: ليست مندوبة من الصبي وإنما أمر وليه بأن يأمر الصبي «مروا أولادكم بالصلاة». القول بندبية الصلاة للصبي مختلف فيه بناءً على هذا الحديث «مروا أولادكم بالصلاة في سبع» هنا قاعدة مختلف فيها إذا أمر شخصٌ شخصا بأن يأمر الثاني قلت لأخينا مر الثالث هذا مره أن يقرأ هل يعد الآمر الأول يعد آمرًا الثالث أم لا هل يعد الآمر الأول يعد آمرًا للثالث أم لا؟ منهم ومنهم بعضهم وبعضهم بعضٌ قال: يعد آمرا وعليه الصلاة المندوبة من الصبي لماذا؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مروا أولادكم بالصلاة» مروا الأمر لم يوجه إلى الصبيان وإنما وجه إلى أولياء الصبيان من قال إن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الأولياء بأن يأمروا أولادهم أمرٌ من النبي - صلى الله عليه وسلم - للأولاد صارت الصلاة المندوبة من الأولاد وهذا هو أصح، وبعضهم يرى أنه لا يعد آمرا وإنما الأمر للثاني فقط والثاني هو الآمر للثالث وهذا ليس بصالح، وليس من أمر بالأمر أمر لثالثٍ**إلا كما في ابن عمر ابن عمر مره قال: إذا دلت قرينة على أن الأول آمرٌ للثاني فبالإجماع أنه آمر كما في حديث ابن عمر أنه طلق زوجه وهي حائض، قال النبي لعمر: «مره فليراجع» هل هذا أمر من النبي لابن عمر؟ نعم لماذا؟ لقيام القرينة وهي أنه مبلغٌ - صلى الله عليه وسلم - أنه هو الأصل مصدر التشريع فحينئذٍ لكون الآمر هو النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسألة شرعية صار الآمر الأول آمرا للثاني ولكن لم يقولوا بهذا في الحديث ولهذا الأصح أن نقول إن الآمر الأول يعتبر آمرا للثالث «مروهم بالصلاة لسبع» ولذلك القول بأن الصبي غير مكلف بالمندوبات والمكروهات هذا فيه إشكال ولذلك مذهب المالكية أن الصبي مكلفٌ بغير الإيجاب والندب. قد كلف الصبي على الذي اعتني**بغير ما وجب والمحرم

وهذا أنسب بالنسبة للنصوص، قد كلف الصبي على الذي اعتني يعني: على القول الذي اعتني يعني الذي اختير بغير ما وجب والمحرم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرت به امرأة فأخذت بضَبُعَيْ صبيٍ فقالت: يا رسول الله ألهذا حجٌ؟ قال: «نعم ولك أجره». نعم ما التقدير نعم لهذا حجٌ والحج في الشرع هذا مصطلح شرعي حج لا يخلوا إما أن يكون إيجابا أو ندبا الصبي هل يكون الحج عليه واجبٌ لا إذن يتعين التالي على كل أذكر هذه المسألة بحثا وإلا المشهور عند الكثيرين أن الصبي وهو قول الجماهير الأصوليين: أن الصبي غير مكلف لا بإيجاب ولا بتحريم وهذا مجمعٌ عليه ولا بندبٍ ولا بكراهة ولا بإباحة لحديث «رفع القلم عن ثلاث».لا وذكر منهم الصبي حتى يحترم «رفع القلم» يمكن أن يؤول رفع المؤاخذ بالمؤاخذة، لماذا؟ لأن التكليف بالإيجاب والندب والتكليف بالإيجاب والتحريم هو الذي يترتب عليه الإثم والعقاب أما ما عداه فالأصل أنه لا يعاقب لذلك عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية يأتينا إن شاء الله في موضع الندب أنه يقول في المندوب يجوز تركه ولا يجوز اعتقاد جواز تركه سيأتينا إن شاء في موضعين، إذن قول القائل في حد الحكم المتعلق بفعل المكلف، المكلف هنا لا يشمل الصبيان والمجانين غير المكلفين وكل حكمٍ ترتب على فعلٍ من أفعال الصبيان أو المجانين أو البهائم فهو من قبيل ربط الأحكام بأسبابها وأما التكليف فلا يتعلق بفعل الصبي ولا المجنون أصلاً قال: بالاقتضاء المتعلق بفعل المتكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، بالاقتضاء قلنا: المتعلق بقوله: المتعلق.

ما المراد بالاقتضاء الطلب وطلب كم قسم قسمان: طلب الفعل، وطلب تركٍ، وكلٌ منهما قسمان: جازم وغير جازم فإن كان طلب الفعل طلبًا جازمًا فهو الإيجاب وإن كان طلب الفعل طلبًا غير جازمٍ فهو الندب وإن كان طلب ترك طلبا جازما فهو التحريم وإن كان طلب الترك طلبا غير جازما فهو الكراهة زاد بعض المتأخرين من الشافعية وغيرهم خلاف الأولى ومقصودهم بخلاف الأولى ما نهي عنه لا بالخصوص وهذا تفريعٌ على الكراهة قالوا: ما طلب الشارع طلبا ما طلب الشارع تركه طلبا غير جازم قلنا هذا بالكراهة أليس كذلك؟ قالوا لا ما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازم إن كان لنهيٍ خاصٍ بالمنهيٍ عنه يعني: نص عليه الشرع فهو المكروه وإن كان نهيا مستفادا من جهة إثبات الندب فهو خلاف الأولى والقاعدة في الواجب، لا لا، القاعدة في الواجب أنه قال: وأمرنا بالشيء نهي مانعٌ من ضدهالأمر بالشيء أمر إيجاب يستلزم النهي عن ضده نهيه التحريم أليس كذلك الأمر بالشيء هذا قاعدة تأتينا في باب الأمر، الأمر بالشيء أمرًا جازمًا يستلزم النهي عن بده نهيه التحريم هذا في الأمر الجازم فبالأمر غير الجازم قالوا: الأمر بالشيء ندبا يستلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى مثلوا لذلك بترك صلاة الضحى جاء الأمر في الشرع أمرا غير جازم جاء بماذا بطلب فعل صلاة الضحى إذن مأمورٌ بها أمر ندبٍ هل جاء النهي عن تركها الجواب لا لم يأت نهيٌ عن تركها قالوا: النهي يستفاد من كون الشيء مأمورًا به لأن الشرع إذا أمر بشيءٍ أمر ندبٍ استلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى فترك صلاة الضحى قالوا منهيٌ عنه لكن النهي هنا لَمَّا لم يرد نصٌ خاصٌ به سموه خلاف الأولى وهذا خلاف ما عليه المتقدمون من الأصوليين وغيرهم وإلا الأصل أنه لا يفرَّق بين ما نهي عنه لخصوصه أو نهي عنه إلا بخصوصه، ما نهي عنه بخصوصه سموه مكروهًا، وما نهي عنه لا بخصوص هو إنما جاء دليلٌ يأمر أمر ندبٍ بضده قالوا هذا لخلافٌ أولى «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس». هذا نسميه مكروهًا لماذا لأنه جاء نهيٌ بخصوصه نهى عن ترك تحية المسجد وهل ورد نهي عن ترك صلاة الضحى لم يرد قالوا: هذا منهيٌ عنه وهذا منهيٌ عنه إلا أن النهي الأول مأخوذٌ من النص لتخصيصه المنهي عنه بالنص والثاني مأخوذٌ من الأوامر التي جاءت بندبية ما تُرِكَ. بالاقتضاء إذا قلنا هذا يشمل أربعة أمور الإيجاب والندب والتحريم والكراهة قال: أو التخيير المراد بالتخيير هنا الإباحة، لماذا فصلها عن الاقتضاء؟ لم فصلها عن الاقتضاء؟ ليس فيها طلب فعل ولا طلب ترك وإنما هي استواء الطرفين يستوي الفعل ويستوي الترك استواء الطرفين يعني: استواء الفعل والترك إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل لا أجر ولا وزر لا تؤجر ولا توزر سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الوضوء من لحوم الغنم فقال «إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ». هكذا يمثلون للإباحة. والشاهد لا يعترض من مثال**إذ قال كفى الفضل والاحتمال

يعني: إذا ورد الشيء مثل به الأصوليون أو النحاة وغيرهم لا تناقش في المثال خذ تطبيق القاعدة فقط وامشي «إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ» أن يقبل قائل هنا ظاهرة النص الإباحة إذن يصلح أن يكون مثالاً لهذا القاعدة استواء الطرفين هنا سوى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الطرفين وقد ينازع يقول لا، الأولى أن يتوضأ، أو الوضع أو هذه للتقسيم وليست هنا لمطلق العطف لماذا لأن الحكم الشرعي قسمان: حكمٌ تكليفي، وحكمٌ وضعي، الحكم التكلفي أشار إليه بقوله: بالاقتضاء أو التخيير شمل الأحكام الخمسة التكليفية تسمية الإباحة أنها تكليف هذا فيه تسامح وإنما أدخلت من باب إتمام الجملة القسمة العقلية أو الشرعية ثابتة عن طريق الشرع أو الوضع ذكرنا أن بعض الأصوليين لا يذكر هذه الجملة فيقول خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به وسكت، وبعضهم يقول: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير وسكت، والفرقة الثالثة: زادت أو الوضع، من قال خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلفٌ به وسكت هذا يحتمل أنه أراد أن يعرف أحد نوعين الحكم الشرعي وهو الحكم التكلفي وحينئذٍ يقال له التعريف القاصر غير الجامع لماذا؟ لأن هذا التعريف خاصٌ بالحكم التكلفي والحكم الشرعي ليس مختصًا بالأحكام التكلفية بل يعم غيرها من قال خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير وسكت، هاتان طائفتان منهم من قال الحكم الوضعي الذي هو السبب والشرط والمانع والصحة والفساد هذه ليس أحكام شرعية وإنما هي أمورٌ عقلية رتب الشارع وجود الأشياء عندها إذا دخل وقت الظهر وجب صلاة الظهر إذن رتب وجوب الصلاة التي هي حكمٌ تكلفي عند دخول وقت صلاة الظهر زوال الشمس قال: إذن هي أمورٌ عقلية جعلها الشارع علامات على الأحكام التكلفية إذن من لم ينص على الوضع قد لا يَرى أن الحكم الوضعي حكمٌ شرعي فحينئذٍ يكون الحكم الشرعي مختصٌ بالحكم التكليفي فحسب والحكم الوضعي الذي هو السبب والشرط والمانع والصحة والفساد هذه أحكامٌ عقلية ولكن نقول هذا فاسدٌ وباطل بل كثيرٌ من الأسباب والشروط والموانع لا تعقل إلا من الكتاب هل العقل يدرك أن الحيض مانع من صحة الصلاة والصوم؟ هل يدرك؟ لا يدرك هل يدرك العقل تحديد أوقات الصلوات بأنه إذا طلع الفجر الصادق وجبت صلاة الفجر؟ وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر؟ إلى آخره؟ هل يدرك العقل لا يدرك هل يدرك العقل تحديد ملك النصاب؟ هل يدرك العقل أن الحولان على حولان الحول على المال الذي بلغ النصاب أنه شرطٌ لوجوب الزكاة الجواب؟ لا، إذن كثير من أحكام الشرع الوضعية مستفادة من الشرع وليست مستفادة من العقل إذن القول بأن الحكم الوضعي إنها أمور عقلية قولٌ فاسدٌ لأن كثيرا من هذه الشروط والأسباب والموانع ماذا؟ مستفادة من الشرع كون الوضوء شرطا لصحة الصلاة إن كان يدرك العقل لهذا؟ أن الوضوء شرطٌ لصحة الصلاة بحيث لو صلى دون وضوءٍ لصحت صلاته ما يدرك العقل بل لا يمنع العقل أنه يصلى وتصح الصلاة دون وضوء هذا قول، أنه ترك الوضع لماذا؟ لأنه ليس حكما شرعيا وبعضهم يرى أن الحكم الوضعي داخلٌ في الحكم التكليفي فلا يحتاج إلى أن نَنُصَّ عليه وهذا

القائل يرى أن الحكم الوضعي حكم شرعي لكن لا ليس مستقلاً بذاته وإنما هو يجتمع مع الحكم التكلفي وجه الجمع قال: أنه لا يُدْرَكُ أن الدلوك سبب للوجوب الصلاة إلا كون الصلاة واجبةً عندهم ولا أن الحيض مانع إلا لحُرمة الصلاة والصوم عندهم. إذن كل سبب وكل مانع وكل شرك إنما ذكر ليترتب عليه الحكم التكليفي إذن هو متضمن للحكم التكليفي وهذا فاسد أيضًا لماذا؟ لأن تم تغايرًا بين مفهومي الحكم التكلفي والشرعي الحكم التكلفي خطاب متعلق بالاقتضاء أو التخير لا بد من طلب فعل أو ترك فعل إذن متضمن لأي شيء؟ إما أن يطلب من المكلف أن يفعل الشيء أو أن يترك الشيء والخطاب المتعلق بكون الشيء سببًا أو مانعًا أو شرطًا أو صحيحًا وكون الفعل صحيحًا أو فاسدًا هذا ليس له تعلق من فعل المكلف من حيث الإيجاد أو الترك إذن بينهما مغايرة وإنما الحكم الوضعي ربط بين شيء ولذلك سمي وضعيا جَعْليا معناه أن الله عز وجل حكم أنه إذا وُجد دلوك الشمس فقد أوجبت عليكم يا عبادي بصلاة الظهر وإذا وُجد الحيض فالصلاة والصيام محرمان إذا وُجد ملك النصاب وحال الحول سببٌ وشرطٌ وجبت الزكاة ولذلك من الشروط الظاهرة البينة بين الحكمين التكليفي والوضعي أن التكليفي يطالب به المكلف إيجادا أو تركا وأنه داخل في قدرة المكلف يعني: قدرته تتحمل أن سيتحصل هذا الفعل أو أن يتركه أما الحكم الوضعي فلا فالغالب فيه أنه لا تتعلق به قدرة المكلف كيف؟ هل يقدر الإنسان أن يزيل الشمس من أجل أن يصلي الظهر؟ ليس من فعله هذا فدخول أوقات الصلوات كلها هذه ليس من فعل العبد إذن لا تتعلق قدرة المكلف بأوقات الصلوات وهي حكم وضعي لا تكليفي كذلك الحيض هل تستطيع المرأة أن ترفع الحيض؟ ما تستطيع إذا وجد حرمت الصلاة وحرم الصوم فحينئذٍ نقول: الحكم الوضعي من فوارقه عن الحكم التكليفي أنه لا تعلق به قدرة المكلف فإن تعلقت به قدرة المكلف فلا يتعلق به الخطاب لإيجاد فعل أو ترك لا يتعلق به الخطاب لإيجاد فعل أو ترك مثل ماذا؟ ملك النصاب هذا سبب أليس كذلك؟ هل تتعلق به قدرة المكلف؟ يستطيع أن يجمع مال من أجل أن يكون نصابًا فتجب الزكاة مع الحول هل طولب أن يجمع نصابا؟ لا لم يطلب إذن نقول: الحكم الوضعي لا تتعلق به قدرة المكلف أصلاً فإن تعلقت به قدرة المكلف لا يطالب به. الحكم التكليفي تتعلق به قدرة المكلف ويطالب به إيجادا أو تركا. الثاني: أن يقال: إن الحكم التكلفي يشترط فيه العلم والقدرة وأما الحكم التكليفي لا يشترط فيه العلم ولا القدرة في الجملة غالبًا والعلم والوسع على المعروف**شرطٌ يعم كل ذي تكليف

لذلك العلاقة بين الحكمين العموم والخصوص المطلق كل حكمٍ تكليفي فهو وضعي ولا عكس لماذا؟ لأن الحكم التكليفي لا يتصور أن ينفرد عن الحكم الوضعي لا يتصور لا يوجد تكليف إيجاب أو محرم إلا ومعه سببٌ أو شرطٌ أو مانع ويعجز الإنسان أن يأتي بمثال واحد، حكم تكليفي وليس له سببٌ أو شرطٌ أو مانع أما الحكم الوضعي فهو أعم من الحكم التكليفي لأنه ينفرد بماذا؟ أوقات الصلوات الحيض كون أو ليست الحيض هذه يترتب عليها أحكام تكليفية قالوا مثلاً إيجاب الزكاة في مال الصبي هذا حكمٌ وضعي لا تكليفي لأنه من قبيل ربط الأحكام بأسبابها كذلك ضمان المتلفات على الصبي أو المجنون أو على البهيمة هذا حكمٌ وضعي لا تكليفي إذن قد ينفرد الحكم الوضعي عن الحكم التكلفي وقد يجتمعان قالوا: كالزنا الزنا محرمٌ وهذا حكمٌ تكلفي وهو سبب للحج وهو حكمٌ .. كذلك السرقة نقول حرام وهذا حكمٌ تكليفي وهي سببٌ للحج هذا حكمٌ وضعي إذن يجتمعان ويفترق الأعم الذي هو الحكم الوضعي عن الحكم التكليفي الأحكام التكليفية خمسة: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة، ودخول الإباحة من باب التغريب فقط والأحكام الوضعية أيضًا خمسة: السبب، والشرط، والمانع، والصحة، والفساد. ثم خطاب الوضع هو الوارد**بأن هذا مانعٌ أو فاسد أو ضده أو أنه قد أوجبا**شرطًا يكون أو يكون سببًا إذن خطاب الوضع هو حكمٌ شرعي يرد في الشرع يبين أن هذا الشيء سببٌ لهذا أو أن هذا شرطٌ لذاك أو أن هذا مانعٌ من لذاك أو كون هذا الفعل صحيحًا لاستجماعه شروط الصحة أو أنه فاسد لعدم استجماع شروط الصحة، قال الناظم هنا: وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا مَعَ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا وَالْفَاسِدِ عد الحكم الشرعي بأنه كم؟ هذه خمسة أو؟ هذه سبعة لأنه ذكر في الأصل قال: والأحكام الشرعية سبعة الخمسة التكليفية وزاد معها الصحة والفساد وهذا اصطلاحٌ خاص للجويني أن الصحة والفساد داخلان في الحكم التكليفي ولكن جماهير الأصوليين بعده على تقسيم الحكم الشرعي إلى تكليفي وإلى وضعي، وجَعل على الصحيح جعل الصحة والفساد من أحكام الوضعية إلى التكليفية لكن الذي ينظر فيه هنا قال: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ).

(وَاجِبٌ) قلنا: عندنا إيجاب ووجوب وواجب عرف الحكم بأنه واجب (وَاجِبٌ) هذا على وجه فاعل وفاعل في اللغة تدل على ذاتٍ ونسبة يعني: صفة ذات الموصوفة بصفة ضارب يعني: ذات متصفة بصفة الضرب، قاتل يعني: ذات متصفة بصفة القتل، هنا (وَاجِبٌ) يعني: ذاتٌ موصوفةٌ بصفة الإيجاب هو يريد أن يعرف الحكم، وهل الحكم العلم بالذوات أم بالأحكام؟ إذا أردنا أن نعرف الحكم هل نعرفه بالذوات أم بالأحكام؟ الشرعية التكلفية وهذا ليست ذوات إذن لما عدل الناظم كأصله عن الإيجاب إلى الواجب مع كون الإيجاب هذا يدل على نسبةٍ فقط والحكم يدل على نسبةٍ فقط فالأولى أن يعرف الحكم بكونه إيجابا وإنما عزل عن كونه إيجابا إلى كونه واجبا مع كون الواجب يدل على ذاتٍ ونسبة أجابوا أن هذا فيه ارتكاب مجاز من باب التسهيل على المبتدئين فيقال للمبتدئ الحكم لكنا نحن ما جعلنا فيها مبتدئين الحكم واجبٌ هل تعرف؟ الجواب الصلاة الموصوفة بالإيجاب هل تعرف الصلاة التي هي واجبة؟ يقول نعم إذن الصفة التي وصفت بالأول ذات التي وصفت بهذه الصفة هي واجبة ليُلاحِظَ الذات مع النسبة لأن المبتدئ لو عرف له بتصور الأحكام ما استطاع أن يدركها فحينئذٍ تبين له الواجبات كونها موصوفة بصفاتٍ هي الإيجاب، الإيجاب الذي وصفت به تلك الذات والحكم يعني: من باب التقريب يقال أسلوبٌ تقريبي من إطلاق المتعلق مرادا به المتعلق لأن الحكم الذي هو الإيجاب متعلِّق والذي هو فعل المكلف متعلَّقٌ به والذي يريد أن يعرفه هنا المتعلق من متعلق، متعلق، متعلق أم المتعلق؟ هو يريد أن يعرف المتعلق ولذلك نقول: إذا أشكلت عليك ما هو المتعلق والمتعلق ارجع إلى التعريف، الحكم الشرعي خطاب الله المتعلق، إذن إيجاب المتعلق الندب المتعلق، الكراهة المتعلق إذن وصف المتعلق هذا للحكم من إطلاق المتعلق لأن فعل المكلف إذا تعلق به الإيجاب سمي واجبا فعل المكلف إذا تعلق به الإيجاب يعني: جاء الإيجاب الذي هو حكم شرعي مبينا لصفة هذا الفعل أنه ماذا؟ أنه واجب يسمى الفعل واجبا إذن فعل المكلف إن تعلق به الإيجاب سمي واجبا وإن تعلق به الندب سمي مندوبا إذن الواجب والمندوب والمكروه والمحرم والمباح هذه صفات للأفعال أو للحكم للأفعال فالنية واجبة الصلاة واجبة نقول ولا نقول حكم الله واجبٌ وإنما نقول: الصلاة واجبة الصلاة هذه فعل المكلف موصوفةٌ بكونها واجبة لماذا؟ لتعلق حكم الله الذي هو الإيجاب لهذه الصلاة التي هي أفعال المكلفين فالواجب هنا من باب إطلاق المتعلق وإرادة المتعلق هذا يسمونه مجازا مرسل لأن الواجب ليس حكما شرعيا وإنما هو فعل المكلف ولهذا عبارة الأصوليين تفارق عبارة الفقهاء في قوله: {(((((((((((((((((((((((} هو إيجابٌ عند الأصوليين مدلوله وجوب الصلاة، الحكم عند الفقهاء في هذه الآية مثلاً وجوب الصلاة، الحكم عند الأصوليين في هذه الآية مثلاً إيجاب الصلاة والإيجاب والوجوب كما قال بعضهم: متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، متحدان بالذات يعني مسمى الوجوب قوله تعالى: {(((((((((((((((((((((((}، مسمى الإيجاب قوله تعالى: {(((((((((((((((((((((((} إذن الذات واحدة وهي النص الآية تسمى وجوبًا وتسمى إيجابا لكن لما كان نظر

الأصوليين إلى المصدر وهو الله عز وجل سموه إيجابا ولما كان نظر الفقهاء إلى أفعال المكلفين لكن بحثهم موضوع الفقه سموه وجوبا فعل المكلف يسمى واجبا الذي تعلق به الإيجاب كذلك فعل المكلف الذي تعلق به الندب يسمى مندوبا وفعل المكلف الذي تعلق به الكراهة يسمى مكروها وفعل المكلف الذي تعلق به التحريم يسمى محرمًا فالمحرمات والواجبات والمندوبات والمكروهات والمباحات هذه صفاتٌ لأفعال المكلفين فحينئذٍ قوله: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) هذا فيه مجاز أنه أطلق المتعلق على المتعلق تسهيلا على المبتدئ، وبعضهم يقول: لا المجاز ليس في الواجب بل هو على أصله وإنما المجاز في قوله والحكم على تقدير المضاف أي ومتعلقات الحكم واجبٌ ومندوبٌ ومباح إلى آخره وهذا أيضًا يستقيل لا بأس به والحكم أي متعلقات الحكم يعني: قسم الحكم هنا لا باعتبار نفسه وإنما ذكر أقسام الحكم باعتبار تعلقه بفعل المكلف لو قيل لك قسم لي الحكم باعتبار نفسه تقول إيجاب وتحريم إلى آخره، وإذا قيل لك قسم لي الحكم باعتبار متعلقه الذي هو فعل المكلف تقول: واجبٌ ومندوبٌ تأتي بالمشتقات تأتي بالمشتقات لماذا لأن المشتقات كلها تدل على ذوات وهذه الذات منسوبة نسب إليها حكمٌ يعني: موصوفة الوصف هو الحكم الصلاة واجبةٌ، واجبةٌ هذه تضمنت الصلاة لأنها تدل على ذات اسم الفاعل يدل على ذاتٍ مبهمة وحدثٍ معين، يدل على ذاتٍ مبهمة وحدثٍ معين واجبةٌ دل على ذات ما هي الذات؟ فعل الصلاة. (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) إما المجاز يكون في قوله: (وَاجِبٌ). أو يكون في قوله: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) يكون من باب إطلاق المتعلق الذي هو صفة فعل المكلف على المتعلق الذي هو الحكم الشرعي عند الأصوليين أو يكون الحكم هو الذي وقع فيه المجاز ومتعلقات الحكم يعني: أقسام الحكم باعتبار تعلقه بفعل المكلف ينقسم إلى ما ذكر. (وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ) مندوبٌ هذا اسم مفعول يدل على ذاتٍ متصفة بصفةٍ وهي الندب. (وَمَا ** أُبِيحَ) يعني: والذي أبيح ما هذه موصلية معطوفة على قوله واجبة والذي أبيح يعني: والمباح عدل عن المباح لقوله: والذي أبيح لأنه ما يستطيع أن يأتي به في النظم ولكن أتى به بالقوة لا بالفعل المباح هذا مشتق والذي أبيح هذا أيضا مشتقٌ لكنه بالقوة لأنه قاعدة عند البيانين أن الموصولة مع صلته بقوةٍ المشتقة خمس دقائق ونمشي الموصولة مع صلته بقوةٍ المشتقة يعني: كيف بقوة المشتق يعني: والذي أبيح موصولٌ مع صلته تأتي تحذفه وتأتي في مكانه بالمشتق تقول والمباح (وَالْمَكْرُوهُ) أي: المتصف بالكراهة (مَعْ مَا حَرُمَا) (مَعْ) هذا اسمٌ لمكان الاستصحاب أو وقته. ومَعَ مَعْ فيها قليلٌ يعني: تسكن لغةً وهي لغة ربيعة والأكثر بلغة العرب معَ بتحريك العين وهي معربة وفتحتها فتحة إعراب هذا عند الجمهور ولغة ربيعة التسكين مع وسكونها سكون بناء قال ابن مالك: ومع مع فيها قليلٌ ونقل**فتحٌ وكسرٌ بسكونٍ يتصل

يعني: إذا جاءت بعدها وهي ساكنة إذا جاء بعدها ساكن نقول نحرك الأول إما بالكسر على الأصل للتخلص من التقاء الساكنين وإما بالفتح على أصل لغتها (مَعْ مَا حَرُمَا) مع الذي حرما الألف هذه للإطلاق (مَعْ مَا حَرُمَا) يعني: مع المحرم نعم أتى بالموصول مع صلته لأنه عجز أن يأتي بالمشتق وإلا الأصل أنه أراد أن يعبر بالمشتق (مَعَ الصَّحِيحِ) أي: يضاف إلى ما سبق من الأحكام الشرعية حكمٌ شرعيٌ آخر يطلق عليه الصحيح مطلقًا ستأتي تفاصيلها كلها (مُطْلَقًا) يعني: سواءً كان واجبا أو غيره لأن الحج يوصف بكونه صحيح إذا استكمل الشروط كذلك الحج المندوب يسمى صحيحا إذن يوصف بالصحة إذا كان مستكملاً للشروط، (مُطْلَقًا وَالْفَاسِدِ) الفاسد الذي هو البطلان. (مِنْ قَاعدٍ هذَانِ أَوْ مِنْ عَابِدِ) (مِنْ عَاقِدٍ) في بعض النسخ من عاقلٍ أو عابدٍ يعني: يوصف بالصحة والفساد كلٌ من المعاملات والعبادات هذا المقصود يوصف بالصحة والفساد كلٌ من المعاملات والعبادات يقال هذا بيعٌ صحيح وهذا بيعٌ فاسد هذه صلاةٌ صحيحة وهذه صلاةٌ باطلة إذن وصف بالصحة والفساد كلٌ من المعاملات والعبادات (مِنْ عَاقِدٍ) أي: تارك للعبادة وإذا ترك العبادة إما دين أو دنيا إما أن يتعبد وإما أن يترك تلك فيشتغل بالعقار ونحوه (مِنْ عَاقِدٍ) أي: تاركٍ للعبادة فيكون مشتغلاً بالمعاملات إذًا يوصف أو توصف والمعاملات بالصحة والفساد (هذَانِ) المشار إليها الصحيح والفاسد (أَوْ مِنْ عَابِدٍ) يعني: يقال عبادةٌ صحيحة وعبادةٌ فاسدة هذه سبعة أحكام خمسةٌ من الحكم التكليفي وهي الخمس الأول والصحيح والفاسد الصحيح أنها من الأحكام الوضعية لا التكليفية والناظم هنا أو صاحب الأصل الجويني يُعتبر هذا اصطلاحٌ خاصٌ به يعتبر هذا اصطلاحا خاصا به يأتي تفصليها كلها مفصلة في الأبيات التالية ونقف على هذا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

7

عناصر الدرس * أقسام الحكم التكليفي. * شرح حدّ الواجب لغةً واصطلاحاً. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فرغنا من قول الناظم رحمه الله تعالى: وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا إلى آخر ما ذكره في البيتين وقلنا: مراده بهذين البيتين أن يعرف الحكم الشرعي ذكرنا أن الحكم الشرعي قسمان: حكم شرعي، تكليفي وحكم شرعي وضعي. من أراد أن يجمع النوعين في حد واحد فليقل: خطاب الله حكم الشرع هو: المتعلق بفعل المكلف في الاقتضاء أو التخير أو الوضع. فهذا الحد يجمع النوعين من نوعي الحكم الشرعي وهو: الحكم الشرعي التكليفي، والحكم الشرعي الوضعي. من أراد أن يخص كل نوع من بحد فليقل: الحكم الشرعي التكليفي هو: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخير وإن شاء حدث بالاقتضاء أو التخير. فحينئذٍ يكون الحد خاصا بالحكم الشرعي التكليفي وإذا أراد أن يحد الحكم الشرعي الوضعي على حِدَة فليقل: خطاب الله تعالى المتعلق بكون الشيء سببًا لشيء آخر أو شرطًا له أو مانعًا منه أو صحيحًا أو فاسدًا. وهذا الذي ذكره صاحب المراقي في قوله: ثم خطاب الوضع هو الوارد ** بأن هذا مانع أو فاسد أو ضده ضد الفاسد وهو الصحيح أو أنه قد أوجب شرطًا**يكون أو قد يكون سببا وبهذا نعلم أن الحكم الشرعي التكليفي محصور في خمسة: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة. والحكم الشرعي الوضعي محصور أيضًا في خمسة: السبب، والمانع، والشرط، وهذه باتفاق بالإجماع أنها حكم شرعي وضعي والخلاف في غيرها ونضيف إليها الصحة والبطلان. أو سببًا أو مانعًا شرط بدا ** فالوضع أو ذا صحة أو فسِدا جمعه السيوطي في بيت واحد. أو سببًا أو مانعًا شرط بدا ** فالوضع أو ذا صحة أو فسدا هذه خمسة والثلاث الأول متفق عليها والصحة والبطلان مختلف فيها وبعضهم يزيد: العلة، والرخصة، والعزيمة، والأداء، والقضاء إلى آخره وسيأتي أن هذه أو لا يأتي قد يأتي في المطول أن هذه أوصاف للحكم الشرعي التكليفي. ثم أراد بعد ذلك أن يبين هذه الأقسام الخمسة يعني بعد أن حد لنا الحكم الشرعي لأنه منحصر في الواجبات والمندوبات إلى آخره أراد أن يبين حقيقة كل واحد من هذه الأحكام الخمسة. الأحكام الشرعية عند الأصوليين يُبحث فيها من ثلاث جهات: أحكام الإيجاب، والندب إلى آخره هذا البحث يتم فيها من ثلاث جهات ثلاث نواحي.

الجهة الأولى أو المبحث الأول: في إثباتها في نفسها بمعنى أو ما يعبر عنه البعض هل صحيح أن أفعالنا نحن المكلفين هل صحيح أن أفعالنا مقيدة بأحكام؟ هل التكليف ثابتٌ في نفسه أم لا؟ ما الأدلة على صحة التكليف في نفسه؟ وهذه المسلم لا شك أنه يعتقد أنه صاحب شريعة وأنه مكلف بالإيجاب والندب إلى آخره لكن قد يحصل عند بعض أهل الزيغ شكك في كون الإنسان مكلف أو لا فحينئذٍ يحتاج إلى إثبات صحة الأحكام في نفسها يعني: الإيجاب في نفسه هل هو ثابت أم لا؟ هل أفعال العباد مقيدة بأحكام أم لا؟ هذا إثباته يبحث عنه المتكلمون في علم الكلام ولا بحث له عند الأصوليين ولا عند الفقهاء إذن البحث في الحكم الشرعي أو الأحكام الشرعية من حيث إثباتها نقول: هذا لا بحث له عند الأصوليين. المبحث الثاني: في تصور هذه الأحكام إذا عرفنا أن الأحكام الشرعية الإيجاب والندب والتحريم إلى آخره ثابتة في نفسها يعني: أن الله عز وجل حقيقة وليس هناك شكك في مثل هذه الأحكام إذن ما حقيقة الإيجاب؟ ما حقيقة الندب؟ إدراك ماهيات هذه الأحكام الشرعية وحقائق هذه الأحكام الشرعية الذي يسمى تصور هذه الأحكام هذا مبحثه في فن أصول الفقه، الأصولي هو الذي يبحث عن تقسيم الأحكام يقسم لك الأحكام الشرعية بالاستقراء ثم بعد ذلك يبين لك حقيقة الإيجاب ويميزه لك عن حقيقة الندب ويميز ذلك عن حقيقة التحريم والكراهة والإباحة هذه وظيفة من؟ الأصولي إذن التعريف عند من؟ عند الأصولي. المبحث الثالث: التصديق بهذه الأحكام يعني: إذا عرفنا حقيقة الإيجاب وما سواه من الأحكام الشرعية بماذا تتعلق هذه الأحكام؟ نقول بماذا؟ بفعل المكلف هذا يسمى التصديق بالأحكام لأن التصديق هذا مرادهم به الجمل الاسمية والفعلية، يعني: الحكم على الشيء فعل العام بكونه واجبًا هذا دائما يعبر عنه بجملة اسمية أو جملة فعلية وهذا هو التصديق تسمية له بأشرف الاسمين لأنه خبر وكل خبر يحتمل التصديق والتكذيب فسمي تصديقا تسمية له بأشرف الاسمين أو الاحتمالين، فالفقيه يبحث في أفعال العباد بواسطة الشريعة فيثبت الإيجاب لم؟ يعني للفعل الذي هو فعل المكلف لما استوفى شروط الإيجاب يعني ينظر في فعل المكلف هل كل فعل للمكلف هو واجب؟ الجواب: لا، ما يصدر منك من أقوال واعتقادات وأعمال جوارح منها ما هو واجب، ومنها ما هو مندوب، ومنها ما هو محرم، ومنها ما هو مباح، ومنها ما هو مكروه. من الذي ينظر في هذه الأفعال ويميز بعضها عن بعض؟ نقول: الفقيه بواسطة الشريعة. إذن هذه ثلاثة مباحث كل علم يستقل بمبحث خاص فإذا قيل مثلاً: الصلاة واجبة، هذه دارت على ثلاثة فنون الصلاة واجبة مشتق من الإيجاب هل الإيجاب ثابت في نفسه؟ هل صحيح أن الإنسان مكلف أم لا؟ هذا يثبته لك المتكلم في علم الكلام، ثم ما حقيقة هذا الإيجاب؟ هذا يثبته لك الأصولي، ثم تنزيل هذا الإيجاب على فعل من أفعالك وهو الصلاة هذا وظيفة الفقيه. إذن الصلاة واجبة والوتر مندوب هذه مرت على ثلاثة فنون.

هنا أراد الناظم أن يبين لنا حقيقة الواجب والمحرم والمندوب والمكروه والمباح لماذا؟ لأنه أصولي ومبحث الأصولي لا في التصديقات ولا في إثبات الأحكام في نفسها وإنما في تصور الأحكام لذلك قال: فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ حقيقة الشيء إذا أردنا أن نحد شيء فإما أن نبينه بحقيقته وهو ما يسمى عند المناطقة بالجنس والفصل، أو بلوازمه وهو ما يسمى عندهم بالرسم والأثر إما أن ينظر في حقيقته فيحد بالجنس والفصل، وإما أن ينظر فيه من جهة صفة من صفاته أو لازم من لوازمه وهذا يسمى بماذا؟ بالرسم عند المناطقة. معرف على ثلاثة قُسِم ** حد ورسمي ولفظي عُلِمْ ثلاثة. فالحد بالجنس وفصل واقع ** والرسم بالجنس وخاصة مع ونقص الحد بفصل أو مع ** جنس بعيد لا قريب وقع وناقص الرسم بخاصة فقط ** أو مع جنس أبعد قد ارتبط إذن تعريف الشيء إما أن ينظر إليه بحقيقته الجنس والفصل سواء كان تامًا أو ناقصًا وإما أن يذكر برسمه يعني بلازم من لوازمه أو بأثر من آثاره لماذا يحد بأثر من آثاره؟ نقول: نظم الناظم هنا الذي جرى عليه أنه لم يحد الواجب بحقيقته ولم يحد المحرم بحقيقته وإنما نظر إلى صفة من صفاته فعرف الواجب بصفة من صفاته أو بلازم من لوازمه وهذا يصح، لماذا؟ لأنه لا يقال: إذا حد الواجب بلازم من لوازمه أنه يلزم من ذلك أن يتحد لازم الواجب مع المحرم مع الندب مع المباح مع المكروه، لماذا؟ لأننا نقول: حقيقة الواجب مغايرة لحقيقة المحرم، مغايرة لحقيقة المندوب، وإذا اختلفت الحقائق لزم من ذلك اختلاف لوازمها إذا اختلفت الحقائق لزم من ذلك اختلاف لوازمها لكن الذي يكون لازمًا مميزًا لحقيقة المعرف عن غيره هو اللازم الخاص أو العَرَض الخاص الذي يسمى خاصًا أما العرض المشترك العام هذا لا يصح أن يكون مميزًا للمعرف عن غيره لماذا؟ لأنه لو قيل مثلاً الواجب ما أثيب على فعله هذا لازم من لوازمه ولو قيل: الندب ما أثيب على فعله، هذا أيضًا لازم من لوازمه لكن هل قولنا الواجب ما أثيب على فعله هل يعتبر هذا اللازم مميزًا للواجب عن غيره؟ الجواب: لا، لم؟ لأن الإثابة على الفعل ليست مختصة بالواجب بل يشترك معه الندب لذلك مر معنا أنه لو قيل: ما الإنسان؟ فقيل: ماش. ماش هذا عرض عام أم خاص؟ عام، لم؟ يشترك فيه الإنسان والحيوان وغيره كل من يصح منه الماشي دخل في كون الإنسان ماشي إذن ماش هذا عرض عام لا يصح أن يكون كاشفًا للمعرف عن غيره ولذلك لا يصح التعريف بالعرض العام فقط كذلك لو قيل: الواجب ما أثيب على فعله، نقول: لا يصح أن يكون هذا تعريفًا بذكر اللازم لأنه لازم مشترك ولا يميز حقيقة الواجب عن غيره كالندب لأنه يشركه في كون الثواب مرتب على فعليه إذن الناظم هنا جرى على تعريف الأحكام الشرعية بذكر لوازمها وهذا لا إشكال فيه لأنه أتى باللوازم الخاصة وإذا اختلفت الحقائق لزم ضرورة الاختلاف لوازمها لأن لوازم الواجب غير لوازم المندوب ولوازم المحرم غير لوازم الواجب وهكذا فكل منها لها لوازم تخصه. إذن قوله: فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ

هذا هل هو حد الواجب أم أنه ذكر للازم من لوازم الواجب الجواب الثاني هل يصح التعريف باللازم؟ نقول: نعم إذا كان اللازم خاصًا. يعني: يختص بالمعرف ولا يتعداه إلى غيره. والذي معنا هنا خاص بالواجب ولا يتعداه إلى غيره يعني لا يشركه في هذا الحد غير من الأحكام الشرعية. قوله: (فَالْوَاجِبُ). الفاء هذه تسمى فاء فصيحة لماذا؟ فاء الفصيحة على الإضافة ويقال: الفاء الفصيحةُ. على مركب التوصيفي الفاء الفصيحة يعني: معرف الجزأين. الفاء الفصيحة هذه الفاء الفصيحة، الفصيحة هذا نعت الفاء الفصيحة على أنه مركب إضافي وسميت أيضًا فاء الفضيحة فصيحة فعيلة من الإفصاح فعيلة بمعنى مُفْعِلَة لماذا؟ لأنها مفصحة أفصحت عن جواب شرط مقدر كأنه قال لك: قد ذكرت لك أن الحكم ينقسم إلى سبعة أحكام أو إلى خمسة إلى سبعة أو إلى خمسة فإذا أردت معرفة الواجب منها فأقول لك الواجب، إذن وقع جواب سؤال مقدر وقيل: لا يشترط أن يكون جوابا عفوا وقع في جواب شرط مقدر وقيل: لا يشترط ذلك بل كلما كان مقدرًا فهو وجاءت الفاء مفصحة عن ذلك المقدر سميت فاء الفصيحة {(وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ (((((((((((((} [البقرة:60] {(((((((بِعَصَاكَ الْحَجَرَ (((((((((((((} الفاء هذه تسمى الفاء الفصيحة أفصحت عن مقدر ليس شرطا وإنما عن مقدر، لماذا؟ لأنه كأنه قال: فضربها. أو فضرب فانفجرت. لأن الانفجار ليس جوابا للأمر {((((((((((((((((} {((((((((((((} هل الانفجار بفعل موسى عليه السلام أم أنه بكونه واقعا في الأمر جواب الأمر؟ الأول بفعل موسى إذن لا بد من التقدير لو لم نقدر لقلنا: {((((((((((((}، فقلنا: {(((((((((اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ (((((((((((((}، إذن الانفجار هذا واقع للأمر أمر الله موسى أن يضرب فلم يفعل موسى فانفجرت نقول: ليس هذا المراد وإنما فضرب موسى الحجر بالعصا فانفجر. إذن الفاء هذه أفصحت عن مقدر وليس جوابا لشرط (فَالْوَاجِبُ) إذن الفاء هذه فاء الفصيحة الواجب سبق أنه صفة الشيء في الحقيقة هو ليس لَيس هو عين الحكم لأن الحكم هو الإيجاب، الإيجاب إن تعقل بفعل المكلف فحينئذٍ فعل المكلف يسمى واجبة فالصفة حينئذٍ تكون لفعل المكلف لا لنفس الحكم لأن الحكم الذي هو خطاب الله هو الإيجاب إن تعلق بفعل المكلف سمي المتعلق به الذي هو الفعل سمي واجبًا فحينئذٍ الواجب هذا يعتبر صفةً لفعل المكلف لا عين الحكم ولذلك يقال: الصلاة واجبة أوجب الله الصلاة إيجابًا فوجبت الصلاة وجوبا فهي واجبةٌ ولذلك نقول: أقم الصلاة هذا أمر أو حكم بإيجاب الصلاة ولا يصح أن يقال: حكم بكون الصلاة واجبة، لماذا؟ لأن أقم الصلاة هو عين الخطاب، وعين الخطاب هو صفة الله وهو الذي يوصف بالإيجاب والواجب هذا منفك لأنه فعل المكلف حينئذٍ قوله: (فَالْوَاجِبُ). أي: الشيء الواجب فهو صفة من صفات فعل المكلف.

وهل يريد المصنف هنا أن يعرف الواجب من حيث هو العين والذات التي هي فعل المكلف أو من حيث وصفه بالوجوب؟ نقول: الثاني، لماذا؟ لأن الواجبات هذه لا يمكن حصرها، التي هي فعل المكلف وتسمى واجبا هذه لا يمكن حصرها، تختلف حقائقها ولا يمكن أن تجمع في حد واحد لأن الصلاة واجبة الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وبر الوالدين هذه كلها واجبات هل يمكن أن نجمعها في حد واحد يمكن؟ لا يمكن إنما هناك قدر مشترك بينها هو الذي ذكره الناظم ما المحكوم بالثواب في الفعل والترك بالعقاب هذا أتى به لأنه لازم وصفة مشتركة بين أفراد ما يصدق عليه أنه واجب وإلا فالواجبات لا يمكن حصرها إذن لا بد من التأويل فالواجب هو عين الذات في الأصل وله عدة جهات يعني: قد ينظر للواجب من جهة وجوده في الخارج، وقد ينظر للواجب من جهة صحة وجوده أو عدمه، وقد ينظر في الواجب من حيث إمكان الوقوع وعدم إمكان الوقوع. إذن له عدة جهات لكن المراد هنا في الواجب من حيث وصفه بالوجوب إذن الشيء الذي وصف بالوجوب من هذه الحيثية ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه من حيث الحيثية هذه تسمى تقييدية لأن حيث يؤتى بها ثلاثة أمور: إما للإطلاق، وإما للتقييد، وإما للتعليم. الإطلاق كأن يذكر الشيء من حيث صفة معينة كأن يقال الإنسان من حيث إنه إنسان لا من جهة وجوده ولا من جهة قبوله للعلم وعدمه ولا من جهة قبوله للموت والفناء وإنما من كون حيث إنه إنسان نسمي هذه الحيثية إطلاقية الذي يعبر عنه في الشروح والحواشي من حيث هُوَ هُو أو من حيث هِيَ هِي يعني: ينظر للشيء لا باعتبار وصف. وشيخ الإسلام يقول بعدم وجوده هذا.

الثاني الحيثية فيقال مثلاً: الإنسان من حيث قبوله للعلم إذن هل أراد أن يتكلم عن الإنسان مطلقًا أو من جهة معينة؟ نقول: من جهة معينة. تسمى هذه حيث للتقييد وقد تكون للتعليم النار من حيث إنها محرقة أو من حيث إنها حارة نقول: هذا الحيثية هنا للتعليم لأن الشيء قد يكون له عدة جهات مثلاً لو دخلت هذا المسجد ونظرت فيه ممكن أن تصف وتتكلم عنه من جهات متعددة من جهة البرودة وعدمها، من جهة سعته وعدمه، من جهة نظافته وعدمه ماذا تريد أن تتحدث عن المسجد؟ هل تتحدث عن المسجد من حيث هو مسجد؟ أم أن تتحدث عن المسجد من حيث صفة معينة؟ فلو قال قائل: المسجد بارد. نقول: هنا نظر إلى أي شيء؟ من حيث البرودة هو لم ينص على هذا لذلك عند أهل العلم الحيثيات معتبرة في الكلام يعني عندما تسمع لا يشترط أن يقال كما قال الناظم هنا (فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ) لم يقل: من حيث وصفه للوجوب. لماذا؟ لأن الحيثيات هذه تقيديه والإطلاق تفهم بسياق الكلام معتبرة في الكلام يعني: السامع لا بد أن يعتبر أن الحكم على المحكوم عليه هذا لا بد أن يعتبر فيه إحدى الحيثيات الثلاث وهذا يعرف من السياق فإذا قيل: المسجد بارد. تعرف أنه لم يرد أن يتكلم عن المسجد من جهة النظافة وعدمها أو من جهة سعة المسجد وعدمها وإنما أراد أن يتحدث عن المسجد من صفة معينة وهي كونه باردا كذلك لو قيل: المسجد نظيفا أو فرشه نظيف، نقول: هذه صفة مقيدة والحيثية هذه للتقييد الواجب له عدة جهات والمراد هنا أن يتحدث عنه من حيث وصفه بالوجوب لا من حيث عينه لأن عينه هذه تختلف منها ما يسمى بصلاة منها ما يسمى بزكاة منها ما يسمى بصيام منها ما يكون بر الوالدين منها صلة الرحم إلى آخره. فالحيثيات تختلف فهنا الحيثية تقيديه ما الذي دلنا على هذه الحيثية؟ نقول: كون الواجب اسم فاعل هو الذي أشعر بهذه الحيثية لأن الواجب اسم فاعل دل على ذات متصفة بصفة هذه الصفة هي النسبة وهي الحكم هو أراد أن يعرف الواجب من حيث هذا الحكم لا من حيث عينه ووجوبه وصحته وعدمه لا ويدل على ذلك أيضا ترتب الثواب والعقاب لأن الثواب والعقاب ليس هو عين الصلاة وليس هو عين الزكاة وليس هو عين الصيام ونحو ذلك بل هو نتيجة من نتائج ترتب الفعل الذي فعله المكلف فحينئذٍ الثواب والعقاب ليس هو عين الواجب بل هو نتيجة من نتائج فعل المكلف لهذا الفعل إذن عرفنا أن الواجب المراد تعريفه هنا من حيث وصفه بالوجوب إذا نظرنا إلى حقيقة الواجب وأردنا أن نعرفه فنقول: الواجب له معنيان: معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي.

أما المعنى اللغوي: فيطلق الواجب بمعنى الساقط والثابت يطلق بمعنى الساقط في استعمال ويطلق بمعنى ثابت في استعمال الساقط هذا من سقط قال في القاموس: وَجَبَ يَجِبُ وجبَةً سَقَطَ والشمس وَجْباً ووجوبا إذا غابت والوجبةُ السقطة مع الهَدَّة أو صوت الساقط إذن يطلق الواجب مرادا به الساقط فحينئذٍ يكون الوجوب بمعنى السقوط الواجب هو الساقط والوجوب هو السقوط {(((((((وَجَبَتْ ((((((((((} [الحج:36] يعني: سقطت على الأرض ولزمت محلها كما قيده الشيخ الأمين رحمه الله في المذكرة كذلك وجب الحائط إذا سقط ووجب الميت إذا سقط ولم يتحرك كما في الحديث «فإذا وجب فلا تبكين باكية». يعني: إذا سقط. كذلك قال الشاعر ماذا قال: أطاعت بنو عوف أميرًا نهاهمُ ** عن السلم حتى كان أول واجب هو أول ساقط يعني: في المعركة ونحو ذلك. إذن يرد الواجب بمعنى الساقط والوجوب حينئذٍ يكون بمعنى السقوط ويرد الواجب أيضًا بمعنى الثابت واللازم قال في المصباح: وجب الحق والبيع يجب وجوبًا ووجبة لزم وثبت. فيكون الواجب بمعنى الثابت والوجوب بمعنى الثبوت وليس المراد بالثبوت الثابت هنا عدم الحركة وإنما المراد وجوده وتحققه في الخارج على هيئة معينة يعني: لزم حركة معينة، أو لزم هيئة معينة. قالوا: فالمروحة التي تدور هذه نقول ثابتة وليس المراد الثبوت هنا ثابت المراد به عدم الحركة لا كونها على هيئة معينة لا تتغير لا تتغير في حال من الأحوال قالوا: كذلك الواجب هو ثابت على صفة معينة لا ينتقل منها في حال دون حال فإذا قيل: الصلاة واجبة، فحينئذٍ الصلاة متصفة بالوجوب ولا يمكن أن تكون الصلاة في وقت واجبة وفي وقت غير واجبة هذا معنى الثبوت أنه تحقق الشيء بمعنى وجوده في الخارج على هيئة معينة وليس المراد به عدم الحركة بل يشمل ما يتحرك على هيئة معينة ملازمة لهذه الحركة وعدم الحركة كذلك الساقط قالوا: الواجب إذا بُيِّنَ أو قيل إنه ساقط قالوا: إذا سقط على المكلف وقع عليه طلب الجازم إذا سقط على المكلف يعني: تعلق بالمكلف وقع عليه كما يسقط الحجر من علو إذا نزل الواجب على المكلف نقول: سقط ووقع عليه. وهل ورد الثابت في الشرع؟ نقول: نعم جاء في الحديث «اللهم إني أسألك موجبات رحمتك». قيل: موجبات جمع موجبة أي الكلمة أو العبادة أو الطاعة التي توجب لصاحبها الرحمة. «اللهم إني أسألك موجبات رحمتك». أي: التي تثبت لصاحبها من الله تعالى الرحمة إذن عرفنا أن الواجب في اللغة يطلق بمعنى الساقط والثابت. أما في الاصطلاح فاختلفت عبارات الأصوليين على أقوال: مشهور منها ما ذم تاركه شرعا أو ما توعد بالعقاب على تركه أو ما يعاقب تاركه أو ما أمر به أمرا جازما أو ما طلب الشارع فعله طلبا جازما هذه كلها حدود والمشهور منها ثلاثة: ما توعد بالعقاب على تركه هذا مشهور وذكره ابن قدامة في ((الروضة)). الواجب ما يعاقب تاركه هذا أيضًا أورده ابن قدامة رحمه الله. ما يذم تاركه شرعًا هذا أورده الفتوحي في ((مختصر التحرير)). ما توعد بالعقاب على تركه ما توعد قيل: الواجب هو ما توعد بالعقاب على تركه.

ما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل المكلف لماذا يصدق على فعل المكلف لأن متعلق الإيجاب هو فعل المكلف فإن تعلق به سمي واجبا إذن المراد حده هنا هو فعل المكلف ما اسم موصول بمعنى الذي اسم موصول هذا مبهم لا بد من تفسيره لا بد من شيء يوضحه ما الذي يوضحه فعل المكلف ولا نقول: الذي هنا صلة لموصول محذوف الذي هو فعل مكلف هذا خطأ وإنما نقول: اسم موصول يفسر بفعل المكلف فعل المكلف هذا يعتبر جنسًا في الحد يعني: يدخل ويخرج يدخل الأحكام التكليفية الخمسة: الواجب، والمندوب، والمحظور - المحرم -، والمكروه، والمباح. وأخرج ما ليس فعلاً للمكلف لماذا؟ لأن الحكم الشرعي التكليفي لا يتعلق إلا بفعل المكلف فقوله: ما. هذا جنس في الحد والجنس من شأنه أن يدخل ويخرج أخرج ما ليس فعلاً للمكلف لماذا؟ لأن الكلام هنا في الحكم الشرعي التكليفي والحكم الشرعي التكليفي كما سبق خطاب الله المتعلق بفعل المكلف إذن ما لم يكن فعل المكلف لا يدخل معنا في الحد فشمل ماذا؟ الأحكام التكليفية الخمسة. ما توعد بالعقاب توعد هذا فعل ماضي مغير الصيغة ولا تكون مبنية للمجهول لماذا؟ لأن الفاعل هنا الذي حُذِفَ هو الله عز وجل هو الله وإذا بني الفعل سواء كان ماضيًا أو مضارعًا إذا بني لما لم يسم فاعله فحينئذٍ لا يختصر على علة واحدة من علل حذف الفاعل لأن أغراض حذف الفعل كثيرة منها الجهل فإذا قلت: سُرِقَ المتاع. وأنت لا تعلم السارق حينئذٍ كان الفعل هنا مبني للمجهول لماذا؟ لأنك تجهل السالم روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كيت وكيت تجهل الراوي من هو هذا غرض من أغراض حذف الفاعل قد يكون حذف الفاعل للعلم به «خُلِقَ الماء طهورًا» خلق هل بني للمجهول؟ لا، لماذا؟ لأن الفاعل معلوم قطعا أنه الله عز وجل. قلت وللمفعول إنما بني ** لكون في الذكر نصب الأعين أو السياق دل أو لا يصدر**عن غيره أو كونه يحقر كذاك للجهل والاختصار**كالسجع والروي والإفادة

كذاك للجهل يعني: لا يختصر تعليل حذف الفاعل على الجهل وإنما الجهل يكون علة من العلل بل قد اختلف في الجهل هل هو غرض معنوي أو لفظي هل يدخل في اللفظي أو المعنوي أو لا يكون علةً أصلاً لقال سرق المتاع هو لم يحذف الفاعل لم يذكر الفاعل أولاً ثم يحذفه وإنما أصالةً الفاعل لا يعلم فاختلف هل الجهل يعتبر علةً أو غرضًا من أغراض حذف الفعل أم لا؟ الحاصل: ما تُوُعِّدَ توعدَ نقول: هذا فعل ماضي مغير الصيغة ونائب الفاعل يعود على أين نائب الفاعل؟ ما توعد بالعقاب توعد الله هذا الأصل وحذف الفاعل للعلم به لأنه لا وعيد إلا من الشرع لا بد أن يكون ثابتا في كتابٍ أو سنة أو إجماع أمة إذن ما توعد نقول: الفاعل حذف للعلم به وهو الله عز وجل لماذا؟ لأنه لا توعد على ترك واجب أو بعقاب إلا بكتاب أو سنة أو إجماع هذا المعتزلة فيه رد على المعتزلة ما توعد بماذا؟ بالعقاب العقاب في اللغة هو التنكيل على المعصية قوله: توعد بالعقاب هذا أخرج كل ما يشمل الأحكام الخمسة التكليفية توعد بالعقاب أخرج ماذا؟ الندب أو المندوب والمباح والمكروه، لماذا أخرجها لماذا أخرجها؟ ليس فيها وعيد لأن المندوب لا توعد على تركه لو تركه لا يترتب عليه وعيد إذن لا يدخل المندوب معنى لماذا؟ لأن المندوب لو تركه لا وعيد على تركه وهذا خاصة من خواصه خرج المكروه لماذا؟ لأنه لا وعيد على فعله لو ارتكب المكروه نقول: لا وعيد على فعله لا يعاقب على فعله كذلك المباح خرج لأنه لا وعيد على فعله ولا على تركه إذن ثلاثة أحكام خرجت بقي معنا الواجب والمحرم ما توعد بالعقاب على تركه خرج ما توعد بالعقاب على فعله وهو المحرم لأن المحرم توعد بالعقاب على فعله لا على تركه على تركه الضمير يعود على أي شيء؟ على الواجب صحيح ما الذي ينبني على القولين؟ لو قلنا: على الواجب؟ الدور أحسنت لأنه لو قيل: على الواجب، قيل: الواجب ما توعد بالعقاب على ترك الواجب ما هو الواجب الذي توعد بالعقاب على تركه؟ ما توعد بالعقاب على تركه فيلزم حينئذٍ الدور إذا أُخِذَ لفظ من جنس الحروف التي هي في المحدود لزم من ذلك الدور لو قيل: الواجب ما توعد بالعقاب على ترك الواجب إذن كيف نعرف الواجب الذي توعد بالعقاب على تركه حتى نعرف الواجب ولا نعرف الواجب حتى نعرف الواجب الذي أخذ في حد الواجب هذا يلزم منه الدور وإنما نقول: الضمير يعود على ما توعد على تركه يعني: على ترك ذلك الفعل فعل المكلف على تركه يعود إلى ما.

فعل المكلف كما سبق أنه قد يكون عملاً قلبيًّا، وقد يكون عملاً باللسان، وقد يكون عملاً بالجوارح على تركه الضمير يعود على هذا الفعل هذا تعريف مشهور عند الأصوليين وانتُقِدَ أنه إذا قيل: ما توعد بالعقاب على تركه يعني: لا بد وأن يقع العقاب لماذا؟ لأن التوعد هذا خبر وخبر الله صدق لا بد من وقوعه ويلزم حينئذٍ كل من توعد بالعقاب لا بد أن يعاقب هل هذا صحيح؟ ليس بصحيح فحينئذٍ خرج بعض الواجب لماذا؟ لأننا إذا قلنا: إن الصحيح لا يلزم أن يكون كل من توعد بالعقاب على ترك ذلك الفعل أن يكون معاقبا بالفعل نقول: إذا لا يلزم حلول العقاب بالفعل لا بد من القول بأن بعض من ترك بعض الواجب قد لا يعاقب لماذا؟ لقوله تعالى: {((((((((((مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ ((((((((}] النساء، الآية: 48 [.

إذن بعض من ترك بعضًا من الواجب لا يعاقب إذن خرج من الحد بعض أفراد الواجب حينئذٍ يكون الحد غير جامع إذا قيل: ما توعد بالعقاب على تركه هناك واجبات تركها العبد ولم يرتب عليها عقاب لم يعاقب فحينئذٍ نقول: لم يصدق عليه الحد لو الإنسان ترك واجبا من الواجبات فمات غفر الله له الذي تركه ولم يترتب عليه العقاب هل هو واجب؟ نعم واجب هو واجب قطعا لكن هل يصدق عليه الحد؟ قالوا: لا وهذا الاعتراض ليس بجيد لماذا؟ لأن الحد يقول: ما توعد ولم يقل كما قال الآخر: ما يعاقب. ما توعد يعني: رتب استحقاق العقاب على ترك هذا الفعل فحينئذٍ قد يعاقب بالفعل وقد لا يعاقب لأن النظر في حد الواجب بل في سائر الأحكام الشرعية النظر فيها لا بد أن يكون نظرا جامعا بين الحد والمحدود وشرائط الحد يعني لا ينظر إلى الواجب من حيث هو ينظر فيه من حيث كونه حكما شرعيا وقد أثبت الشرع أن بعض من ترك بعضا من الواجب قد يعفى عنه والأدلة كثيرة وأشهرها {((((((((((مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ ((((((((}] النساء، الآية: 48 [. ثم أمر آخر أن يقال: إن من ترك واجبا وقد عفا الله عنه في الدنيا يصدق عليه الحد وأما كونه معفُوا عنه داخلا تحت المشيئة أو لا هو أمر غيبي ليس للعبد له علاقة وليس له صلة به وإنما ينظر إلى الواجب من الأمر الدنيوي وأما ترتب العقاب والثواب هل هو في الدنيا أو الآخرة؟ في الآخرة إذن هو أمر غيبي ولذلك نقول: هذا الحد سالم من الاعتراض واعتراض من اعترضه بكون الحد لا يصدق على من ترك بعض الواجب قد عفي عنه نقول: العفو هذا أمر غيبي وإنما نحن نحد ما جاء به الشرع فمثلاً لو إنسان عق والديه أو ترك بر الوالد ترك بر والديه ثم مات نقول: بر الوالدين هذا واجب لماذا؟ لأنه رتب عليه ثواب وعقاب هذا باعتبار الدنيا أم كونه إذا مات وقد شملته المشيئة هذا ليس لنا علاقة به وإنما ننظر إلى الواجب من حيث ثبوته في الشرع فما رتب عليه الثواب حكما والعقاب حكما هذا نحكم عليه بكونه واجبا ولا ننظر إليه في كونه في الآخرة هل هو معفوا عنه أم لا لأن هذا متعلق بمشيئة الرب جل وعلا وهذا كثير من الأصوليين يذكرون مثل هذه المسائل نقول: لا الصواب أن الأمر غيبي وليس لنا إلا بالظاهر الذي دلت عليه النصوص لذلك يمثلون بمسألة من ترك صلاة الظهر فمات هو عصى ربه ترك الصلاة ترك واجبا قد يعفو الله عنه قالوا: هذه إذا قلنا أنه توعد بالعقاب على تركه هذا لا يسمى واجبا لماذا؟ لأن الله قد عفا عنه إذن خرجت صلاة الظهر عن كونها واجبة نقول: وما أدراكم أن الله قد عف عنه هذا أمر غيبي؟ ما الذي أدراكم؟ هذا أمر متعلق بمشيئة الرب جل وعلا وننظر إلى الحكم الشرعي من حيث ثبوته في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم هذا حد وقيل: ما يعاقب تاركه. ما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل المكلف فيشمل حينئذٍ الأحكام الخمسة التكليفية وأخرج ما ليس فعلاً للمكلف يعاقب تاركه أخرج المندوب فإنه لا يعاقب تاركه وأخرج المباح فإنه لا يعاقب لا على فعله ولا على تركه وأخرج المكروه لأنه لا عقاب على فعله ماذا بقي؟ المحرم خرج بكونه تاركه أورد عليه ما ورد على الحد الأول أنه إذا قيل: ما يعاقب.

يعني: بالفعل وقد يعفوا الله عنه إذن لا بد من إصلاح الحد لأن الله تعالى قد يعفوا عن تارك الواجب نقول: هذا الترك في الدنيا والحكم مرتب عليه ثم الثواب والعقاب هذان أمران متعلقان بمشيئة الرب وهو أمر ماذا؟ أمر غيبي ما الفرق بين الحدين قال بعض العصريين: إنه لا فرق بينهما. والصواب أن بينهما فرقا وهو أن الأول ما توعد هذا توعد هذا ليس كمن يعاقب من يعاقب يعني: بالفعل ومن توعد بالعقاب هذا قد يقع وقد لا يقع إذن ما توعد بالعقاب على تركه بالفعل أو بالقوة يعني: رُتِّبَ في الشرع العقاب على الترك أما في الحد الثاني ما يعاقب تاركه يعاقب هذا الظاهر أنه بالفعل وأيضا هذا لا اعتراض عليه وإن اعترض عليه أنه من لم يعاقب على تركه فليس بواجب قال بعضهم يرد عليه أن كل من لم يعاقب على ترك فعل وهو اجب ليس بواجب كما مثلنا بصلاة الظهر قالوا: إذا لم يعاقب وقد عفا الله عنه إذن ليست هذه بواجبة فحينئذٍ يكون الحد غير جامعٍ نقول: الصواب أن العبرة بما ظهر من كتاب أو سنة فإذا رتب الشرع العقاب على ترك فعل نحكم عليه بكونه واجبا إذا تركه نقول: الأصل أنه مستحق للعقاب وكونه يعفى عنه أو لا يعفى عنه ليس من شأننا ولا نبحث في هذه المسألة أصلاً، لأنها ليست من فعلنا نحن هذا الحد الثاني ولا إشكال فيه أيضًا. الحد الثالث المشهور عند الحنابلة ما يذم تاركه شرعا يذم أراد الفرار من تُوُعِّدَ ويُعَاقَبُ قالوا: لا بد من الإصلاح لأن بعض أفراد المحدود لا يدخل في الحدين على الاعتراض السابق لأنه قال: نُسَلم أن بعض أفراد الواجب لا يشملهما التعريفان السابقان فسلموا بهذا قالوا: نعدل العبارة فنقول بدلاً من أن نقول ما توعد لأنه قد لا يعاقب وبدلاً من أن نقول: لا يعاقب لأنه قد لا يعاقب إذن نَفِرُّ من هذين الاعتراضين فنقول: ما يذم. ما اسم موصول بمعنى الذي يشمل الأحكام الخمسة والمراد بها فعل المكلف أخرج ما ليس فعلاً للمكلف. يذم: هذا أخرج المندوب لأنه لا ذم على تركه أخرج المكروه لأنه لا ذم على فعله أخرج المباح لأنه لا ذم على فعله ولا على تركه ما يذم ما المراد بالذم قالوا: النقص. قال الجوهري: ذمه يذمه إذا عابه، والعيب هو النقص فحينئذٍ ترتب النقص أو العيب أو اللوم كما عبر بعضهم على ترك الفعل دل على أنه واجب ما يذم. قال: شرعًا ما يذم تاركه. تَاركه أخرج ما يذم فاعله وهو المحرم إذن خرجت أربعة أحكام ما يذم ما يشمل أحكام الخمسة يذم أخرج المندوب والمكروه والمباح تاركه أخرج ما يذم فاعله وهو المحرم شرعا شرعا هذا إيش إعرابه ما يذم تاركه شرعا؟ تمييز صحيح أي من جمعه الشرع هذا فيه ردٌ على المعتزلة لأن المعتزلة عندهم مسألة التحسين والتقبيح العقليين فيه ردٌ على المعتزلة لأنهم يحكمون العقل كما قال في ((الجمع)) وحكمت المعتزلة العقل في مسألة الإيجاب والندب. فالأحق ليس لغير الله حكمٌ أبدا**والحسن والقبح إذا ما قُصِدا وصف الكمال أو نفور الطبع**وضده عقلي وإلا في الشرع بالشرع لا بالعقل شكر المنعم**حتمٌ وقبل الشرع لا حكم ل .. وفي الجميع خالف المعتزلة. وحكمت العقل فإن لم يقضي له فالحضر أو البحث أو وقف عند ...

يأتينا هذا في كتاب أوسع من هذا المقصود أن الحسن أو التحسين والتقبيح العقليين هذا من ما قال به المعتزلة والصواب أنه لا حكم إلا لله لذلك ينص الأصوليون في أوائل كتبهم {((((الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}] الانعام، الآية: 57 [هذه قاعدة عامة هذه يبحثها المتكلمون لماذا ردا على المعتزلة لأن المعتزلة يرون مسألة التحسين والتقبيح أن العقل إذا حسن الشيء وجب ولو لم يأت الشرع يقولون: هذا واجب لماذا؟ لأن العقل دل على أنه حسن في نفسه بذاته هذا محرم لماذا؟ لأن العقل دل على قبحه والصواب أنه في مسألة الثواب والعقاب لا تحسين ولا تقبيح إلا ما حسنه الشرع وما قبحه الشرع {((((الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}] الانعام، الآية: 57 [.

ما يذم تاركه شرعًا عرفنا أن المراد أن الذم مأخوذٌ من جهة الشرع من أين من جهة الشرع؟ إما كتاب وإما سنة وإما إجماع أمة ولا قياس هنا شرعا قال بعضهم: يرد على هذا اعتراض وهو قوله: ما يذم يُذم هذا فعل مضارع أليس كذلك؟ قالوا: الفعل المضارع يشعر بوجود الشيء قبل أن لم يكن وهل أَذَمُّ وارد في نصوص الشرع على ما أنزلت وقت الوحي أم أنه أمر حادث؟ الأول أن الذم مأخوذ من الشرع فحينئذٍ قالوا: بدلاً من أن يقال: يُذم.

نقول: ذم يعني: يعبر بالفعل الماضي لأن الفعل الماضي يدل على وقوع الحدث ولا ينافي استمراره قد يكون الفعل المضارع دالاً على الماضي والأصل فيه أنه يدل على انقطاع الحدث يعني وقع في زمن ماضي وانتهى قام زيد قام زيد فعل ماضي فعل ماذا إيش دلالة الجملة هذه؟ ثبوت قيام لزيد في زمن مضى وانتهى وقطع هذا الأصل وقد يدل على الاستمرار أو على المستقبل مستقبل مثل {((((((أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] {(((((} فعل ماضي نقول: فعل ماضي هنا دل على وقوع الحدث وانتهى؟ لا إنما استعمل في الزمن المستقبل لعلة وهي: إفادة تحققه كما سبق بيانه وقد يدل على حدث وقع ولم ينقطع وهذا دائمًا تأخذه في الاعتراض الذي يرد من بعض الطلاب {(((((((اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ((((} كان زيد قائما كان زيد قائما كان زيد متصف بالقيام في الزمن الماضي وانتهى والآن ليس بقائم هذا صحيح لكن قد تكون كان منزوعة الدلالة على الزمان وإنما تدل على المصدر فحسب لأن كان الصواب أن لها مصدر كونك إياه عليك يسير وقد يدل على الاستمرار أو على المستقبل مستقبل مثل {((((((أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] {(((((} فعل ماضي يقول فعل ماضي هنا دل على وقوع الحدث وانتهى؟ لا إنما استُعمل في الزمن المستقبل لعلة وهي: إفادة تحققه كما سبق بيانه وقد يدل على حدث وقع ولم ينقطع وهذا دائمًا تأخذه في الاعتراض الذي يرد من بعض الطلاب {(((((((اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ((((} كان زيد قائمًا كان زيد قائمًا كان زيد متصف بالقيام في الزمن الماضي وانتهى والآن ليس بقائم هذا صحيح لكن قد تكون كان منزوعة الدلالة على الزمان وإنما تدل على المصدر فحسب لأن كان الصواب لها مصدر وكونك إياه عليك يسير فإذا قيل {(((((((اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ((((} [مكررة] هل هي مثل كان زيد قائمًا؟ لا وإنما تدل على استمرارية اتصاف الرب جل وعلى بصفة المغفرة وأنها أزلية إذن دلت على أصل معناها وهي الماضي ودلت على الاستمرار بأدلة أخرى وهي أدلة عقلية ونحوها، فحينئذٍ الفعل الماضي قد يدل على شيء حدث وانقطع وقد يدل على شيء المستقبل فنفخ في الصور لم ينفخ بعد نفخ فعل ماضي بالإجماع لا خلاف لا يقال أنه فعل مضارع وأمر {((((((((يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي (((((((((((((} [النمل: 87] هل وقع؟ لم يقع بعد كيف تقول هذا فعل ماضي نقول: استعمل الفعل الماضي من جهة اللفظ مرادا به الزمن المستقبل وقد يدل على الزمن الماضي مستمرا إلى أن يشاء الله وقد يكون مستمرا مطلقا كإذا وقعة كان في صفات الرب جل وعلى فهنا ما يذم قال: هذا يشعر بأن الذم حادث وهو أنه من حَمَلَةِ الشرع يعني من الفقهاء والعلماء هم الذين يذمون فحينئذٍ يثبت الوجوب والواجب نقول: لا الصواب أن يذم قد يستعمل في الموضعين قد يستعمل في الماضي والمراد به هنا ما ورد ذمه في نصوص الشرع سواء عبرنا عنه بالمضارع أو بالماضي ما يذم تاركه شرعا الواجب أقسام كما سيأتي بيانه منه ما هو واجب مضيق واجب مضيق إيش يراد بالواجب المضيق؟ ما لا يسع وقته إلا فعل ما كلف به يعني: أن يكون الزمان الذي وجب فيه فعل لا يزيد ولا ينقص مساويًا له مثل

ماذا؟ صوم رمضان صوم رمضان صوم رمضان يعني: صوم شهر رمضان، والشهر كم تسعٌ وعشرون أو ثلاثون فإذا أوجب الله الصوم في شهر رمضان فقد كان الصوم باعتبار الزمن مضيقا يعني: لا يسع غيره من جنسه لا يسع غيره من جنسه وسع غيره من غير جنسه، من جنسه ماذا؟ يعني: من جنس الصيام جاء أول يوم في رمضان صام، صام صوما واجبٍ متعين هل يجوز له أن يصوم بنية قضاء واجبٍ آخر أو كفارة أو نذرٍ هل يصح؟ لا يصح، لماذا؟ لأن هذا اليوم لا يسع من أوله إلى آخره إلا صوم يومٍ واحدٍ بنية إيجاب أو وجوب صوم رمضان وحينئذٍ لا يسع أن يصوم معه صوم قضاءٍ عليه أو نذر أو كفارة أو غيرها هذا يسمى واجبا مبينا قالوا: من غير جنسه من جنسه أما من غير جنسه هذا لا إشكال يصوم ويتصدق ويصلي الظهر والعصر لا إشكال إذن وجب وجمع بين الصوم وغيره لكن غيره هنا من غير جنس أم من جنسه فهذا ممتنع هذا يسمى واجبًا مضيقا. الواجب الموسع ما حقيقته؟ أن يكون الفعل المأمور به باعتبار الزمن أقل من ذلك الزمن هل يكون الزمن الفعلي أكثر من الفعل، يعني: لا يكون مساويا له من الفعل، مثل ماذا؟ الصلاة، الصلاة تسع كم ربع ساعة إلى نصف ساعة، والوقت من دلوك الشمس إلى خروج الوقت هذا يسع الصلاة وغيرها أليس كذلك هذا يسمى واجبا موسعا. ما وقته يسع منه أكثرا ** وهو محدودًا وغيره جرى فجوز الأداء بلا اضطرار** في كل حصة منه اختار يعني: الواجب الذي هو الصلاة يجب بأول جزءٍ من أجزاء الوقت، نقول: وجبت الصلاة، فحينئذٍ في كل حصةٍ من حصص هذا الوقت يجوز أن يؤدي فيه الصلاة أليس كذلك؟ تقول: هذا واجب موسع. أيضا ينقسم الواجب باعتبار الفاعل إلى فرض عين، وفرض كفاية إذا كان الخطاب موجهًا إلى كل ذاتٍ بعينها أو معين نقول هذا واجبٌ عيني يعني لا يقوم غيره مقامه أنت مأمورٌ بالصلاة هل يمكن أن يؤدي غيرك هذه الصلاة عنك؟ الجواب لا هذا يسمى واجبًا عينيًا. الواجب الكفائي أن يكون المطلوب حصول الفعل بخلاف الأول، فرض العين النظر فيه إلى الذات والفعل أيضًا لكنه على جهة التبع والفرض الذي هو فرض كفاية النظر فيه يكون إلى الفعل أصالةً وإلى الفاعل تبعًا يعني: المقصود من الشارع إيقاع وحصول هذا الفعل ولو من بعض المكلفين ولو كان المخاطب جميع المكلفين هذا يسمى فرض كفاية لماذا؟ لأن بعض المخاطبين يكفي في سقوط الخطاب والإثم عن الآخر. ما طلب الشارع أن يحصلا ** دون اعتبار ذات من قد فعلا هذا هو الواجب الكفائي يعني يفيد ماذا؟ صلاة الجنازة صلاة الجنازة واجبة أمر الشرع بها لا إشكال في هذا لكن هل كل فرد مخاطبٍ بأن يؤدي هذه الصلاة بعينه ولا يقوم غيره مقامه؟ الجواب لا، وإنما المراد أن المكلفين خوطبوا بإيجاد هذه الصلاة وأن بعضهم لو فعل هذه الصلاة سقط الإثم عن الآخرين هذا يسمى فرض كفاية، ينقسم أيضا باعتبار الفعل المكلف به إلى واجبٍ معينٍ وإلى واجبٍ مبهمٍ في أقسام المحصورات. المعين: مثل ماذا؟ أن يكون الشرع قد حدد الفعل، كالصوم والصلاة والزكاة، ونحوها.

الواجب المبهم: أن يكون الشارع قد أبهم الواجب، لم يعينه وإنما حصر بعض الأشياء ولا يخرج عنها، مثل ماذا؟ كفارته: {(((((((((((((((إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ ((((((((} [المائدة: 89]. هنا الواجب لا بعينه وإنما الواجب هو القدر المشترك هل الواجب إطعام عشرة مساكين فقط؟ نقول: لا هل الواجب كسوة عشرة مساكين؟ هل الواجب عتق رقبة؟ نقول: لا. إنما الواجب يتعلق بقدر المشترك، فأي واحدةٍ من هذه الخصال فعل فقد أجزأ يرد السؤال هنا بينت هذا لأن هناك اعتراض. ما يذم تاركه شرعًا؟ اعترُض على هذا الحد لأنه خرج الفرض كفاية، والواجب الموسع والواجب، لا يصدق هذا الحد عليه وهذا صحيح لو قال ما يذم تاركه شرعًا متى الواجب الموسع الآن إذا أخر الصلاة عن أول الوقت إلى أثنائها الوسط أو آخره هل ترك واجبًا؟ نعم ترك واجب دخل وقت الصلاة فوجبت الصلاة متى تجب الصلاة؟ في أول جزءٍ من أجزاء دخول الوقت، نقول تعينت الصلاة، وجبت فحينئذٍ لو أخر الصلاة إلى آخر الوقت الموسع نقول: قد ترك واجبًا هل يذم الجواب؟ لا كيف نقول: لا يذم وهو واجبٌ ونُعَرِّفُ الواجب بأنه ما يذم تاركه شرعا الواجب المخير إذا ترك إطعام عشرة مساكين، نقول: ترك واجبًا هل يذم؟ الجواب لا، لا يذم لم؟ لأنه ماذا؟ فعل غيره فرض كفاية إذا ترك الصلاة وقد فعل الصلاة بعضٌ آخر تارك الصلاة صلاة الجنازة وقد صلى غيره هل التارك هذا نقول قد ترك واجبًا؟ نعم ترك واجبًا هل يذم؟ الجواب لا، إذن ما يذم تاركه شرعًا خرج عنه الواجب المخير والواجب الموسع والكفاية إذن لا بد من زيادة لفظ مطلقا ما يذم تاركه شرعا مطلقا فحينئذٍ الإطلاق هذا كما ذكره الفتوحي أنه يحتمل رجوعه إلى الذنب ما يذم فيكون الذنب بإطلاق لماذا؟ ليشمل ما يذم على جميع الأحوال وهو الواجب المضيق ولا إشكال في دخول الحد حتى قبل الزيادة لو قيل ما يذم تاركه شرعا يختص بالواجب المغير، لأنه لو ترك اليوم الأول من صيام رمضان أو ترك شهر رمضان صيامه نقول: يذم تاركه شرعًا فحينئذٍ يصدق على الواجب المضيق سواءٌ تركه هو وحده أو تاركه مع غيره أليس كذلك؟ وليس هناك خيار فحينئذٍ يصدق هذا الحد على الواجب المضيق فحسب.

الواجب الموسع إذا تركه في أول الوقت وأخره إلى آخره نقول هذا يذم من وجهٍ ولا يذم من وجهٍ آخر متى يذم؟ إذا ترك هذا الفرض في جميع الوقت ولا يذم إذا تركه بنية فعله في آخر الوقت فحينئذٍ ما يذم مطلقا ليشمل ما يذم من جميع الوجه وهو الو اجب المضيق ويشمل ما يذم من وجهٍ دون وجه وهو الواجب الموسع، يعني: الواجب الموسع له جهتان من جهة الذم إن تركه مطلقًا أخر الصلاة حتى خرج الوقت عامدا، نقول: هذا يذم لماذا؟ لأنه ترك فعل الصلاة في جميع الوقت لو أخرها من أول الوقت إلى آخره نقول: لا يذم كذلك الواجب المخير إذا ترك الأول إلى الثاني بنية فعل الثالث، نقول: هذا لا يذم أما إذا ترك الجميع فهو يذم، فرض كفاية نقول: يذم إذا ترك جميع المكلفين فعل ما كلف به الذي فرض الكفاية، ولا يذم إذا فعل البعض وترك البعض الآخر فحينئذٍ مطلقا هذا يرجع إلى الذم فيشمل الذم من جميع الوجوه وهو الواجب المضيق ويشمل الذم من بعض الوجوه دون بعض لأن الذم يتنوع في الواجب الموسع والواجب المخير والفرض الكفاية، أو يصح أن يوجد مطلقا إلى الترك.

ما يذم شرعا تاركه مطلقا، يعني: لو ترك مطلقا وهو في جميع الوقت يشمل الواجب مضيق فهو مذموم كذلك يذم إذا ترك مطلقا في الواجب الموسع حتى خرج الوقت ويذم مطلقا إذا ترك جميع المكلفين ولم يفعل بعضهم دون بعض ويذم مطلقا إذا ترك جميع خصال الخيار الكفارة الذي هو الواجب المخير، إذن نقول: حد الواجب ما يذم تاركه شرعا أو ما يذم شرعا تاركه مطلقا، مطلقا هذا لإدخال الواجب الموسع والواجب الكفائي والواجب المخير لأن الذم فيه أو الترك لا يكون تاركا للواجب إلا إذا ترك في جميع الوقت في واجب الموسع لا في وقتٍ دون وقت وإذا ترك الجميع المكلفين وإذا ترك جميع خصال الكفارة زاد بعضهم وهو الفتوحي قصدا تاركه قصدا قالوا: لأن بعض الواجب قد يتركه مطلقًا حتى يخرج الوقت ولا يذم كمن أخر الصلاة إلى منتصف الوقت ثم بعد ذلك نام أو غفل أو سها ظن أنه صلى فنسي حتى خرج الوقت هل يذم؟ لا، لا يذم إذن هو ترك جميع الوقت ولم يفعل الصلاة والأصل أنه يذم لأنه أخرج فعل العبادة التي هي الواجب عن جميع الوقت فقال: قصدا تاركه قصدًا احترازا من التارك على سبيل القصد كالنائم والساهي والغافل والناسي فهؤلاء الأربعة قالوا: تركوا الفعل حتى خرج الوقت وهو واجبٌ ولكن لا يذمون فنقول حينئذٍ هذا الذنب ارتفع لماذا؟ لانتفاع القصد فلابد من زيادة قاصدا ما يذم شرعا تاركه قصدا لكن الصحيح أنه لا يزاد قصدا لماذا؟ لأن الجنس هنا ما هذا صادقٌ بفعل المكلف والصحيح أن النائم والساهي والغافل غير مكلفين، فحينئذٍ لا يحتاج أن يقال قصدا لأن الغافل غير مكلف «رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ». هكذا زاده الفتوحي وحذفه العوفي في شرح المختصر، إذن نقول: ما يذم تاركه شرعا مطلقا وقال بعضهم الواجب ما أمر به أو ما أُمر به أمرا جازمًا هذا واضح ما جنسٌ يشمل الأحكام التكلفية الخمسة أُمر به خرج ماذا المكروه والمباح والمحرم، بقي ماذا؟ المندوب والواجب جازما أخرج المندوب وبعضهم يقول: ما طلب الشارع فعله طلبا جازما ما جنس يشمل أحكام الخمسة طلب الشارع فعله، خرج المباح، والمكروه والمحرم لأن المحرم طلب الشارع تركه، طلبا جازما هذا أخرج المندوب هل الفرض هو عين الواجب؟ هل هما مترادفان أم متباينان؟ صيغ الواجب من الفرض؟ أقسام الواجب؟ هذا يأتينا غدا بإذن الله تعالى. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

8

عناصر الدرس * تعريف الحكم * أقسام الحكم * الواجب * معنى الثواب والعقاب. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادئ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد: فلا زال الحديث في أوائل هذه منظومة المباركة وهي في أول أبوابها باب الأصول الفقه هذا الباب كما سبق أنه مقدمة لأصول الفقه لأن الأصوليين يذكرون مقدمات في أو مقدمات قبل الشروع في الفن لأن الفن مقصوده الأحكام أو الأدلة الإجمالية هذه المقدمات يذكرون فيها حد أصول الفقه كونه مركبًا ثم كونه علمًا ولقبًا للفن ثم يعرفون فيه الفقه الذي هو الجزء الثاني ثم ما يتعلق بهذا التعريف لأنوا ذكر في الفقه قال: عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي ** جَاءَ اجْتِهَادًا فيفسر الأحكام الشرعية ما هي عدها أنها سبعة ثم فصل كل حكمٍ حكمًا كل حكمٍ حكم بذكر لازمه ثم بعد ذلك يذكر العلم ومقابله من الجهل ثم نقيضه وهو الظن ونحو ذلك وقفنا عند قوله: وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا مَعَ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا وَالْفَاسِدِ ** مِنْ عَاقِدٍ هذَانِ أَوْ مِنْ عَابِدِ هذه أخذناها لكن نعيدها جملةً قال: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) لما ذكر الحكم في حد الفقه قال: (عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي) عرفنا أن المراد بالحكم الشرعي هنا هو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع وهذا فيه إشارة فسرنا معنى الخطاب والمتعلق وفعل المكلف المراد أن قوله: بالاقتضاء أراد به الحكم الشرعي التكلفي لأن الصحيح وكان في المسألة خلاف الصحيح أن الحكم الشرعي قسمان: قسمٌ يسمى: حكمًا شرعيًا تكلفيًا. وقسمٌ يسمى: حكمًا شرعيًا وضعيًا. الثاني: هذا محل النزاع بعضهم يرى أن ليس شرعي وإنما هو عقلي، والصواب أنه شرعي لماذا؟ لأنه محصورٌ على الصحيح في الأسباب والشروط والموانع والصحة والفساد وهذه طريقها الشرع من الذي جعل ذاك الشيء سببًا لهذا الشرع من الذي جعل مثلاً الحيض مانعًا من الصلاة والصوم صحة وجوازًا الشرع إذن مادام أن مأخذ هذه الأحكام السببية والمانعية ونحوها الشرع فهي أحكامٌ شرعية بالاقتضاء المراد بالاقتضاء هنا الطلب والطلب قسمان كما سبق طلب فعلٍ، وطلب ترك، وهذا شاملٌ للأحكام التكلفية الأربعة وهي: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، كيف؟ نقول الطلب قسمان: طلب فعلٍ، وهذا قسمان لماذا؟ لأنه إما أن يكون جازمًا بحيث لا يجوز معه الترك وهذا يسمى عندهم بالإيجاب وإنما أن يكون طلب الفعل طلبًا غير جازمٍ بأن جاز معه الترك هذا يسمى عندهم بالندب إذن طلب فعلٍ هذا دخل تحته قسمان: الإيجاب، والندب، طلب تركٍ هذا الثاني بالاقتضاء يشمل نوعين: طلب فعلٍ، وطلب ترك.

طلب الترك هذا نوعان: طلب ترك جازم وهذا يعنون له بالتحريم طلب تركٍ جازم يعنون له بالكراهة، هذه أربعة الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، أو التخيير لأن لا يكون فيه طلب فعلٍ ولا طلب تركٍ هذا المراد بالتخيير لأن لا يكون معه أو فيه طلب فعلٍ ولا طلب تركٍ وهذا يعنون له بالإباحة هذا على مذهب الجمهور أن الأحكام التكلفية خمسة خلافًا للحنفية القائلين بأن أحكام الأحكام التكلفية سبعة زادوا الفرض على الإيجاب وزادوا الكراهة التحريمية هذه سبعة عند الحنفية فرقوا بين الواجب والفرض كما سيأتي والجمهور على أنهما مترادفان قالوا: الواجب ما ثبت بدليلٍ ظني والفرض ما ثبت بدليلٍ قطعي يعني نظروا إلى الجزء الأول وهو طلب الفعل قالوا: إن كان جازمًا هذا سميناه ماذا الإيجاب هم قالوا: لا ننظر قبل ذلك بنظرٍ آخر إن كان جازمًا فإن كان الطريق قطعيًا فهو الفرد إذن ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا لطريقٍ قطعي هو الفرض عندهم وما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا أيضًا إذن شارك الفرض لكن بطريقٍ ظني فهو الواجب إذن أضافوا الفرض فصار قسمين، في الترك قالوا: ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا الجمهور على أنه تحريم قالوا: لا قبل ذلك ننظر إلى الطريق. ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا فإن كان طريقه قطعيًا فهو التحريم وإن كان طريقه ظنيًا فهو الكراهة التحريمية فأضافوا الفرض والكراهة التحريمية إذن الكراهة التحريمية هذه ما هي ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا ولكن بطريقٍ ظني هذه سبعة والمشهور أنها خمسة وهو الصواب أنها خمسة: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة، وأما الفرض فالصحيح أنه مرادفٌ للواجب هذا هو الصحيح. والفرض والواجب ذو ترادف**فيه ومال نعمان إلى التخالف والجمهور على الترادف وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى كذلك الكراهة التحريمية الصواب أنها مرادفة للتحريم لأنه لا فرق في الطريق بين الظن والقطع من جهة الأثر والثمرة وإن كان في العلم هو أقوى من الظن لأن تفاوت الأدلة بعضها عن بعضٍ قوةً لا يلزم منه اختصاص كل دليلٍ باسمٍ يفارق غيره لا يلزم منه أن يستقل أو أن يختص كل دليلٍ إذا كان مميزًا عن غيره في القوة لا يلزم من ذلك أن يختص باسم مغايرا لغيره إذن هذه الأحكام الشرعية التكلفية أو بالوضع مراد به خطاب الوضع سمي خطاب الوضع المراد بالوضع هو الجعل لماذا سمي خطاب وضعٍ لأن معناه أن الله تعالى جعل هذا الشيء علامةً يعني: سببًا لشيءٍ آخر أو جعله شرطًا له أو مانعًا منه أو دالاً على صحته أو فساده. ثم خطاب الوضع هو الوارد**لأنها هذا مانعٌ أو فاسد أو ضده أو أنه قد أوجبا**شرطًا يكون أو يكون سببا

ولذلك اختلفوا في حصره في حصر هذه الأحكام التكلفية والصواب أنها محصورة في خمسة: العلل، والأسباب، والشروط، والصحة، والفساد، وما عدا ذلك من الأداء والقضاء، والرخصة والعزيمة فهي راجعةٌ إلى الأحكام التكلفية هذا هو الصواب إذن (الْحُكْمُ) نقول: هو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع وأو هذه للتنويع والتقسيم وأردنا بها أن خطاب الوضع داخلٌ في مسمى الحكم الشرعي وعليه نقول الحكم الشرعي الذي هو خطاب الله اسمان حكمٌ شرعيٌ تكلفي، وحكمٌ شرعيٌ وضعي وكلاهما طريقهما الشرع قال هنا: وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ (وَمَا ** أُبِيحَ) يعني: والمباح لأن الموصولة مع صلته بقوة المشتق (وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا) يعني: مع المحرم أو مع الحرام لماذا لأن المشتق لأن الموصولة مع حصلته في قوة المشتق، (مَعَ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا وَالْفَاسِدِ). (مَعَ الصَّحِيحِ) أي: يصاحب ما سبق الذي هو الواجب وما عطف عليه يصاحبه الصحيح وهنا ظاهر كلام المصنف الناظم كأصله الجويني صاحب الورقات أن الصحيح من الأحكام التكليفية وقد قيل به، يعني: قال بعضهم: أن الصحة حكم تكليفي كذلك (وَالْفَاسِدِ) معطوفٌ على الصحيح، إذن ظاهر كلام النظام كأصله صاحب الورقات أن الفاسد من الأحكام التكليفية، والصواب أن هذين الحكمين من الأحكام الشرعية الوضعية، وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى، إذن قوله: وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا في الأصل قال: والأحكام الشرعية سبعةٌ، يعني: أدخل الصحة والفساد في الأحكام التكليفية وليس بصواب وبعضهم يرى أنه أن الجويني رحمه الله يرى أن الصحة والفساد حكمان أن الصحة والفساد حكمان وضعيان وإنما ترك التنصيص على كونهما وضعيين اختصارًا للمبتدئ لكن أكثر الشراح على نقده فالظاهر أنه يريد أن الصحة والفساد حكمان وضعيان. (مَعَ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا) يعين: سواءً كان واجبًا أو غيره لأن الذي يوصف بالصحة الواجب كذلك المندوب. (وَالْفَاسِدِ ** مِنْ عَاقِدٍ هذَانِ) (هذَانِ) المقصود به الصحة والفساد.

(مِنْ عَاقِدٍ هذا أَوْ مِنْ عَابِدِ) (مِنْ عَاقِدٍ) هذا قد يكون الشيء مجهولاً في نفسه يعني: لا يعرف وإنما تعريفه بمقابله هذا يرد كثيرًا في المتون والشروح يعني: (مِنْ عَاقِدٍ) لو وقفنا عندها قاعد ضد واقف هذا الأصل لكن لما قابله بقوله: (مِنْ عَابِدِ) إذن ضد العابد والإنسان إما أن يكون أخرويًا وإما أن يكون دنيويًا فإن لم يكن عابدًا فهو قاعدٌ عن العبادة فإذن يكون مشتغلاً بالمعاملة إذن الصحة والفساد يكونان في العبادات ويكونان في المعاملات لذلك نقول: هذا بيعٌ صحيح وهذا بيعٌ فاسد هذا نكاحٌ صحيح وهذا نكاحٌ فاسد ونقول: هذه صلاة صحيحة وهذه صلاة فاسدة إذن قوله: (مِنْ قاعدٍ) أي تاركٍ للعبادة ما الذي دلنا على هذا مقابلته بقوله: (مِنْ عَابِدِ) وهذه خذها قاعدة دائمة تشكل عليك في بعض الأمور تعريفها بالسياق لذلك قال: السياق والسباق محكم ثم لما ذكر لك الحكم الشرعي تعدادًا قال: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) سبق أن الحكم نسبة إسناد شيء إلى شيءٍ آخر أو إثبات أمرٍ لأمرٍ آخر، زيدٌ قائمٌ إثبات القيام لزيد أو نفيه عنه زيدٌ ليس عالمًا نفي العلم عن زيدٍ والواجب هنا ما هو؟ هل هو نسبة؟ واجب؟ صفة الفعل نقول: في حد الحكم خطاب الله المتعلق إذن الحكم متعلق، متعلق بماذا؟ تعلق بماذا؟ بفعل المكلف إذن فعل المكلف متَعَلِّق أو متَعَلَّق، متَعَلَّق به، نقول: إذا أشكل عليك هذه المسألة احفظ الحد وأنت تعرف الحكم خطاب الله المتَعَلِّق بكسر اللام المتَعَلَّق هو الحكم الإيجاب تَعَلَّق بماذا؟ بفعل المكلف إذن فعل المكلف متعلقٌ به فحينئذٍ إذا فسر الحكم بالمتعلقٍ به نقول هذا مجازٌ هذا مجاز لماذا؟ لأن الواجب متعلقٌ به وهو فعل المكلف وهو ذاتٌ لأن الواجب والمندوب والمباح والمكروه والمحرم هذه المشتقات هذه مشتقات ما معنى مشتق: يعني دالٌ على ذاتٍ وصفة، الصفة المراد بها في هذا الموضع نفسرها بالنسبة لأن الحكم واجبٌ قال: (الْحُكْمُ وَاجِبٌ) إذن الحكم الذي هو النسبة (وَاجِبٌ) أي ذاتٌ مع نسبةٍ ذاتٌ مع نسبة والمقصود هنا في الفقيه أن يعرف ويعلم الذوات أم الأحكام؟ الأحكام أن يعرف الأحكام التي هي النسبة فحينئذٍ لا بد من ارتكاب مجاز إما في قوله: (وَالْحُكْمُ) وإما في قوله: (الْوَاجِبُ) وأكثر الشراح على أنه في قوله: (الْوَاجِبُ) فنقول: هذا من باب إطلاق المتعلَّق مرادًا به المتعلَّق وهذا مجازٌ مرسلٌ عندهم أو نقول (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) ومتعلقات الحكم واجبٌ فحينئذِ طابق المسند والخبر في كونه ذاتًا وذات أو نقول: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) المراد به الإيجاب من إطلاق المتعلق مرادًا به المتعلق لأن تم فرقًا بين الإيجاب والوجوب والواجب كما سبق بيانه مرارًا الإيجاب هذا هو الحكم عند الأصوليين وهو خطاب الله الذي هو كلام الله ولذلك بعضهم عدل عن قوله: خطاب الله إلى قوله: كلام الله الذي هو القرآن كلام ربي إن تعلق بما يصح فعلاً إلى آخره إذن عدل عن قوله خطاب الله قوله: كلام الله، كلام الله الذي هو الحكم هذا عند من؟ عند الأصوليين لأن نظرهم إلى الخطاب إلى كلام الله باعتبار مصدره باعتبار نسبته إلى الله: {((((((((((((((((} [لقمان:17].

هذا على زنة افعل نقول: افعل أقم هذا إيجابٌ نفس الكلام نفس اللفظ إيجابٌ مدلوله وأثره ما هو؟ الوجوب هذا نظر الفقيه لأن مبحث الفقيه من حيث تعلق الأحكام لفعل المكلف فمدلول {((((((((((((((((} وجوب الصلاة، و {((((((((((((((((} نفسه إيجاب ولذلك يقال: {((((((((((((((((} كونه إيجابًا وهو نظر الأصولي باعتبار مصدره وكونه وجوبًا وهو نظر الفقيه باعتبار تعلقه بفعل المكلف متحدان بالذات إيش متحدان بالذات؟ يعني مسمى واحد إذا قلت جاء زيدٌ أبو عبد الله، زيدٌ مدلوله الذات المشخصة أبو عبد الله مدلوله الذات المشخصة فهما اسمان لمسمى واحد مفهومهما واحد كذلك الإيجاب والوجوب متحدان في الذات مختلفان بالاعتبار يعني: أمر ذهني إن نسبت اللفظ إلى الله عز وجل من كونه مصدرًا وأن هذا منبثق من أو أن هذا كلام الله عز وجل نقول هذا إيجاب وباعتبار مدلوله الذي هو تعلق الكلام أو الخطاب بفعل المكلف نقول: هذا وجوب. الواجب ما هو؟ صفة الفعل نقول: الصلاة من الذي يفعل الصلاة؟ المكلف فقد فعل واجبًا تقول إذا صلى، تقول: الصلاة واجبةٌ، هذه الصلاة واجبة ما معنى الصلاة واجبة؟ نقول: الصلاة التي هي أفعالٌ وأقوال تصدر، مِن مَن؟ من المكلف صفتها أنها واجبة إذن فرقٌ بين الإيجاب والوجوب والواجب قوله: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) إذن واجب هذا ليس على مذهب الأصوليين وليس على مذهب الفقهاء لأن لو قلنا: الحكم عند الأصوليين لقال: إيجابٌ والحكم إيجابٌ ولو كان على مذهب الفقهاء لقال: والحكم وجوبٌ. أليس كذلك؟ لكن قال: واجبٌ ليس إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فلا بد من ارتكاب المجاز على قول بالمجاز أو نقول أسلوب عربي إن كنا ممن ينكر المجاز (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ) هذا من إطلاق المتعلق مراد به المتعلق أو ومتعلقات الحكم وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا

لو قيل لك ما الدليل على هذه الأقسام الخمسة؟ نقول التتبع والاستقراء يعني: التتبع والاستقراء لنصوص الوحيين التتبع والاستقرار لنصوص الوحيين فوجدنا أن هذه النصوص لا تخرج عن هذه الأحكام الخمسة وذكرنا فيما سبق أن الشافعية متأخري الشافعية زادوا سادسًا وهو خلاف الأولى وهذا زادوا به في قوله: ما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازمٍ ما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازمٍ قلنا: هذا المكروه أليس كذلك؟ يوصف بالكراهة. قالوا: لا ننظر في النهي إن كان النهي عن شيءٍ مخصوصٍ بعينه فهو الكراهة وإلا فهو خلاف الأولى فقسموا هذا النوع إلى قسمين ما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازمٍ وكان المنهي عنه مخصوصًا بعينه كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس». إذن النهي هنا عن الجلوس جاء النص به أليس كذلك؟ قالوا: هذا للكراهة هذا مكروه الكثير على أن النهي هنا مصروف والصواب أنه للتحريم، «فلا يجلس» هذا قالوا: للكراهة. قالوا: فإن لم يكن عن نهيٍ مخصوصٍ بعينه وعنونوا لهذا بقيد عام يعني وضعوا لهذا النوع الذي هو خلاف الأولى ضابطًا عام فقال: كل ما أمر به الشرع أمر ندبٍ فهو مستلزمٌ لضده ما هو ضد الأمر إذا كان ندبًا؟ قالوا: خلاف الأولى خلاف الأولى على غرار القاعدة المعلومة في الواجب ما أمر به الشارع أمرًا جازمًا، نقول: يستلزم النهي عن ضده نهي تحريم، سيأتينا: وأمرنا بالشيء نهيٌ مانعٌ من ضده الأمر بالشيء أمرًا جازمًا يستلزم النهي عن ضده نهي تحريم طيب الأمر بالشيء ندبًا قالوا: يستلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى مثل ماذا؟ صلاة الضحى جاء الأمر بها: أوصاني خليلي بثلاث ومنها صلاة الضحى. إذن صلاة الضحى مندوبة صلاة الضحى مأمورٌ بها أمر ندبٍ هل جاء النهي عن ترك صلاة الضحى؟ الجواب لا. قالوا: إذن الأمر بصلاة الضحى يستلزم النهي عن ضده نهيَ خلاف الأولى فترك صلاة الضحى خلاف الأولى فهو منهي عنه هذا عند المتأخرين من الشافعية وبعض الحنابلة لكن المتقدمون على التسوية بين الكراهة ونوعيها يعني: لا يفصلون بين ما نهى عنه لخصوصه وما عدا ذلك بل خلاف الأولى لا وجود لهم عندهم لا وجود له عندهم. مَعَ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا وَالْفَاسِدِ ** مِنْ عَاقِدٍ هذَانِ أَوْ مِنْ عَابِدِ. فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ

شرع الناظم رحمه الله تعالى في بيان رسوم هذه الأحكام الشرعية السبعة هو ذكرها مرتبةً ثم يفصلها بلوازمها مرتبةً هذا ما يسمى باللفظ والنشر المرتب اللفظ والنشر المرتب يعني: يُذكر الشيء إجمالاً ثم بعد ذلك يُفصَّل يُذكر إجمالاً ثم يفصل فإن كان التفصيل على ترتيب ما ذكر إجمالاً أولاً فهو اللفظ والنشر المرتب وإن كان على خلافه فهو اللفظ والنشر غير المرتب يسمى المشوش عندهم يسمى المشوش. {((((((((((شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ((((} [هود:105] هذا إجمال ثم قال: {(((((((الَّذِينَ (((((((} [هود:106] قدم ماذا؟ ما ذكره أولاً في الإجمال {(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي ((((((((((} [هود:108]. ذكر الأول في الإجمال أولاً في التفصيل وذكر الثاني في الإجمال ثانيًا في التفصيل هذا يسمى لفظًا ونشرًا مرتبًا: {((((((تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ ((((((((((} [آل عمران:106] بدأ بالثاني، نقول هذا لف ونشرٌ مشوش يعني غير مرتب هنا الناظم ذكر الأحكام التكليفية السبعة على جهة اللفظ والنشر المرتب سيذكرها واحدًا تلو الآخر. قال: فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ (فَالْوَاجِبُ) قلنا الفاء هذه فاء الفصيحة و (الْوَاجِبُ) المراد به الشيء الواجب الذي هو فعل المكلف قولاً أو عملاً أو اعتقادًا أو نيةً أو تركًا كل ما ذكر في فعل المكلف فهو داخلٌ في مسمى الواجب لأن بعضه ليس كله لأن بعضه يحكم عليه بالواجب هنا يذكر الناظم حد الواجب أو يذكر تعريف الواجب بذكر لازمٍ من لوازمه لماذا؟ لأن تصور الأشياء التي هي المفردات متعلقة التصور إدراك مفردٍ تصورًا عُلِم التصور إما أن يكون بحقيقة الشيء إذا أردت أن تتصور شيئًا ما يعني: تعرف معناه أو مدلوله أو مفهومه إما أن يذكر بحقيقته يعني بماهيته وذاتيته وإما أن يذكر بوصفٍ من أوصافه إذا أردت أن تعرف الواجب مثلاً الذي معنى إما أن تعرفه بحقيقته وهو ما يسمى بالحد وإما أن تعرفه بلازمٍ من لوازمه يعني صفة من صفاته أو عارضٍ من عوارضه لماذا؟ لأن المعرف عندهم عند المناطق وسار على منهجهم الأصوليون لأن المعرف محصورٌ في ثلاثة أقسام: الحد. والرسم. واللفظ. معرفٌ على ثلاثةٍ رسم ** حدٌ ورسمٌ ولفظيٌ علم هكذا ثلاثة أو اثنان؟ ثلاثة وقلنا الصواب أن اللفظي داخلٌ في الرسم زيد على الثلاثة: المثال والتقسيم والصواب أن المثال والتقسيم واللفظي كل هذه الثلاثة داخلة في الرسم. معرفٌ على ثلاثٍ رسم ** حدٌ ورسم ولفظٌ علم هذه ثلاثة أقسام والصواب أنها ترجع إلى قسمين، ذكر الشيء بحده يعني بجنسه القريب وفصله القريب هذا في صعوبة ولذلك يقول: لا يوجد له مثال عندهم هم قعدوا هذه القاعدة وعجزوا أن يأتوا بمثالٍ واحد أن يكون التعريف بالذاتيات بالفصل بالجنس القريب وفصل قريب فالحد بالجنس وفصلٍ وقع فالحد يعني: التام بالجنس: القريب وفصلٍ وقع. والرسم بالجنس وخاصةٍ معه هذا هو الرسم التام. وناقص الحد بفصلٍ أو مع ** جنسٍ بعيد لا قريبٍ وقع وناقص الرسم أو بخاصةٍ فقط ** أو مع جنسٍ أبعدٍ قد ارتبط هذه أربعة أقسام حدٌ تام وحدٌ ناقص رسمٌ تام ورسمٌ ناقص.

الحد التام: لا مثال له عندهم، لا وجود له لماذا؟ لعجز العقل أن يحصر الشيء في جنسه وفصله فقط ولا يكون له شيءٌ آخر أما الرسم الناقص والرسم التام والرسم الناقص فهذا كثير ذكر الشيء بلازمه هذا يعتبر معرفا للشيء يعني: مميزًا له عن غيره فإذا قيل الواجب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه هل حصل بهذا الوصف الذي هو الثواب على الفعل والعقاب على الترك هل حصل للمحدود أو للمعرف الذي هو الواجب هل حصل له تميزٌ وانفصالٌ عن غيره من أحكامٍ تكليفيةٍ ستة أو خمسة؟ نعم لماذا؟ لأن هذه الخاصية من خواص الواجب وإذا اختلفت الحقائق عندهم قاعدة اختلفت الحقائق اختلفت لوازمها إذا كان حقيقة الواجب مغايرةٌ لحقيقة المحرم إذن يلزم من ذلك أن تكون لوازم الواجب مغايرة للوازم المحرم فإذا حد أو عرف الواجب بلازمه لا بد أن يحصل له نوع مغايرة وإنما يكون ذلك إذا كان الخاصة أو العرض ما ينفرد به المعرف دون غيره فإذا قيل الواجب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه هاتان جملتان هل هما خاصيتان بالواجب؟ نعم ها، ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، الندب أين يدخل؟ نعم أحسنت إذن قوله: ما يثاب على فعله ليست من خواص الواجب لأن علة الثواب ليس لكون الشيء المثاب عليه واجبًا وإنما لكونه مطلوبًا، علة الثواب: ليس لكون الشيء واجبا يعني: لا الثواب ليس لخصوص الوجوب فحسب وإنما بالنظر إلى شيءٍ آخر وهو كونه مطلوبًا الدليل على ذلك: أن المندوب يثاب عليه فلو كان الثواب على الواجب خاصةً من خواصه للزم أن يُنفى هذه أن تنفى هذه الخاصية عن غير الواجب وهذا ممتنع لأن المندوب يثاب عليه ولذلك بعضهم يعرف الواجب بأنه ما يعاقب تاركه ولا يذكر الثواب يقال: ما يعاقب تاركه ذكر العقاب فقط لم؟ لأن العقاب على الترك هو خاصةٌ من خواص الواجب ولا يشاركه غيره أما الثواب فهذا مرتبٌ على كونه مطلوبًا وكون الواجب مطلوبًا أعم من الواجب أليس كذلك؟ كون الواجب مطلوبًا أعم من الواجب لم؟ لأنه يشاركه في كونه مطلوبًا أم مندوب فحينئذٍ نقول: تحفظ هذا علة الثواب هو كون الواجب مطلوبًا لا خصوص الوجوب بدليل الثواب على المندوب إذن نقول الخلاصة: أن الناظم هنا تبعا لأصله عرف هذه الأحكام السبعة بذكر لوازمها لماذا؟ لأن اللازم هذا يعتبر ذكره صفةً وأثرًا للواجب مترتبًا عليه هذا اللازم وهذه الصفة من خواص المعرف فحينئذٍ ينفرد به عن غيره ولا يلزم من ذلك أن يكون كل لفظٍ يذكر في الرسم فهو من خواص المعرف بدليل قوله في الواجب: ما يثاب على فعله. لماذا؟ لأن هذه الجملة ليست خاصةً بالواجب بل يشاركها أيضًا المندوب لأن علة الثواب كونه مطلوبًا لا خصوص كونه واجبًا بدليل الثواب على المندوب. فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ نقول: (فَالْوَاجِبُ) من حيث وصفه بالوجوب لا بد من هذا القيد، لا بد من هذا القيد (فَالْوَاجِبُ) من حيث وصفه بالوجوب، لما نقيده؟ لماذا نقيد الواجب هنا من حيث وصفه؟ نعم يا عبد الرحمن، نعم هذا جواب سؤالٍ آخر نعم، نعم آخر، نقول: من حيث. حيث قلنا على ثلاثة أضرب حيث إطلاقية دائمًا مع في كل كتاب حيث تأتي إطلاقية وتأتي تقييدية وتأتي تعليلية.

الإنسان من حيث هو إنسان، الموجود من حيث هو موجود. يعني: باعتبار وجوده فقط دون أو بقط النظر عن أي صفةٍ من صفاته الإنسان ما هو الإنسان؟ حيوانٌ ناطق الإنسان من حيث هو إنسان يعني: بالنظر إلى كونه حيوانًا ناطقًا لا باعتبار صفةٍ أخرى هذه الحيثية تسمى إطلاقية. وحيث تأتي تقييدية يعني: أن يكون المقيد الذي هو الواجب مثلاً هنا الإنسان له صفات متعددة له جهات متعددة الإنسان من حيث هو عربي أو أعجمي الإنسان من حيث هو مسلمٌ أو كافر الإنسان من حيث هو ذكر أو أنثى الإنسان من حيث هو أبيض أو أسود الإنسان من حيث طوله وقصره إلى آخره إذن له جهات متعددة الحديث عن الإنسان إن كان باعتبار صفةٍ من صفاته دون اعتبار الصفات الأخرى إذا جيء بالحيثية نقول: هذه حيثيةٌ تقييدية الإنسان من حيث وجوده هذه حيثية تقييدية الإنسان من حيث إنه يمرض ويصح هذه حيثية تقييدية وتأتي أيضًا تعليلية: النار من حيث إنها محرقةٌ إذن أريد أن أتكلم عن النار من جهة كونها محرقةً أو تعليل المقيد هنا بالتعليل يا إخوة إذن الحيثية على ثلاثة أنواع إطلاقية تعليلية تقييدية هنا الواجب قال: (فَالْوَاجِبُ) الواجب له صفات له جهات يمكن أن نتكلم عنها الواجب من حيث الصحة والبطلان، الواجب من حيث وصفه بالوجوب لم؟ لأن الواجب هذا اسم فاعل واسم الفاعل يدل على ذاتٍ متصفةٍ بصفة نحن نريد الآن أن نعرف لأن الأصولي عمله في الحدود عمله في الأحكام التكلفية هو تصويرها يصور لك الأحكام ويريد أن يعرف لك الأحكام التكلفية (فَالْوَاجِبُ) ليس هو بالحكم الشرعي كما سبق والواجب والحكم واجبٌ قلنا إن هذا ليس بحكم شرعي لأن الواجب هو فعل المكلف عينه والآن هل يريد أن يعرف فعل المكلف؟ ما يمكن أن يعرف فعل المكلف لماذا؟ لأنه يلزم عليه ما ذكره أن الواجبات لا يمكن حصرها الصلاة والزكاة والحج وبر الوالدين إلى آخره هذه كلها هل يمكن أن نجمعها في حدٍ واحد؟ لا لأن مفهوم الصلاة مغاير لمفهوم الزكاة مغاير لمفهوم الحج فحينئذٍ يختص كل فردٍ من أفراد الواجب بحقيقةٍ تميزه عن غيره لكن القدر المشترك بين هذه الأمور كلها هل يمكن تعريفه بها؟ نعم القدر المشترك بين الصلاة والزكاة والحج والصيام وبر الوالدين إلى آخره هذه الواجبات كلها يمكن أن تشترك في قدر معين يصدق على الجميع الصلاة يثاب على فعلها ويعاقب على تركها الزكاة يثاب على فعلها ويعاقب على تركها الصيام يثاب على فعله ويعاقب على تركه إذن هذا الضابط أو هذا اللازم صدق على كل فرض من أفراض الواجب فحينئذٍ إذا أرادنا أن نعرف الواجب لا يمكن أن نعرفه من حيث هو كما قلنا الإنسان من حيث هو إنسان لماذا؟ لأن الواجب من حيث هو واجب لا يثاب على فعله ويعاقب على تركه لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، الواجب من حيث هو، نقول: لا يترتب عليه ثوابٌ ولا عقاب الواجب من حيث الوجوب نقول: هذا ليس تعليل لأنه لا معنى للتعليل هنا إذن بقي ماذا؟ التقيد، فنقول: الواجب من حيث وصفه بالوجوب لماذا؟ لأن المشتق هنا الواجب مشتقٌ من الوجوب فدل على هذه الحيثية المقدرة وهذا أمرٌ معتبرٌ في أذهان الناس الكل يفهم هذا التي هي الحيثية التقييدية فإذا قلت: زيد قاتلٌ.

هذا كلام زيد قاتل في قوة قولك زيد من حيث وصفه بالقتل قاتلٌ من أين أخذت هذه الحيثية؟ من جهتين زيد له جهات كثيرة زيدٌ هل تريد أن تتكلم عن زيد لكونه مخلوقًا أو لا؟ هل تريد أن تتكلم عن زيد من كونه مسلمًا أو كافرًا من كونه بالغًا أو غير بالغ؟ من كونه عربي أو عدمه؟ هل تريد أن تتحدث عن زيد من هذه الحيثيات؟ تقول: لا، وإنما من حيث قيام صفة معينة بتلك الذات التي هي مفهوم زيد. زيدٌ قاتل زيدٌ من حيث إنه متصف بصفة القتل قاتل لأن قاتل هذا اسم فاعل يدل على ذاتٍ وصفة هذه الصفة هي التي قام بها زيد الذي هو الموصوف واضح هذا فزيد له جهات متعددة إذا أخبر عنه بوصف مشتق حينئذٍ كانت هذه الحيثية معتبرة كانت هذه الحيثية معتبرة فالواجب من حيث وصفه بالوجوب لأن الواجب ذات وصفة ونحن لا نريد أن نتكلم عن أفراد الواجب لأن هذا متعذر لأنه لا يجمعه حد واحد ولا تنعقد في حد واحد وإنما يجمع بينها صفة مشتركة وهي الثواب على الفعل والعقاب على الترك كذلك لا نريد أن نتكلم عن الواجب من حيث الصفات المتعددة الأخرى من حيث الصحة والبطلان أو من حيث اجتماعه مع التحريم أو مع الكراهة الحاصل نقول: الواجب هنا المراد المعرف من حيث وصفه بالوجوب ما يثاب على فعله هذه عبارة في الأصل ما يثاب على فعله الناظم قال: فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ أتى بلفظ المحكوم محل ماذا؟ عبارة الأصل ما يثاب على فعله هو قال: الْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ ماذا صنع؟ زاد وغير وبدل زاد ماذا؟ أين هي ما؟ حذف ماذا؟ حذف ما الموصولية وأتى بدلها بالمحكوم المحكوم، (أل) هذه موصولية وما موصولية إذن عدول الناظم عن قوله: ما إلى قوله: (الْمَحْكُومُ) فيه زيادة لأن قوله: الواجب ما يثاب. ما نقول: اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل المكلف كأنه قال: الواجب فعل المكلف الذي يثاب على فعله. هنا قال: (الْمَحْكُومُ) (أل) موصولة (وأل) الموصولة مثل ما يعني: تحتاج إلى مفسر لأنها مبهمة من المبهمات الموصولات من المبهمات فحينئذٍ تحتاج إلى مفسر وهنا أيضًا نفسرها كأصلها الواجب المحكوم يعني الفعل فعل المكلف الذي حكم عليه بالثواب في فعله المحكوم هنا مشتق من الحكم هل المراد به الحكم الشرعي أم اللغوي؟ هل المراد به الشرعي أم اللغوي؟ الشرعي؟ اللغوي وهو إسناد أمر لأمر آخر أو نفيه عنه ثبوت أمر لأمر آخر أو نفيه عنه هنا المراد بالمحكوم الحكم لغة وليس المحكوم أو الحكم الشرعي لماذا؟ لأننا لو فسرنا الحكم الشرعي لدخلت الأحكام الشرعية الخمسة كلها لأن هذا لازم هذا معرف فحينئذٍ لا بد من اعتبار الإخراج والإدخال (الْمَحْكُومُ) لو قلنا: الحكم الشرعي هو المراد هنا لكان تفسيره بقولنا: هو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخير أو الوضع وهذه كلها محكوم عليها بالثواب في فعل والتركيب العقابي هذا صحيح؟ ليس بصحيح فكيف نفسر الحكم هنا بالحكم الشرعي نقول: لا ليس المراد بالحكم هنا في كلام الناظم الحكم الشرعي وإنما المراد به الحكم اللغوي وهو ثبوت أمر لأمر آخر إذن (فَالْوَاجِبُ) أي: الشيء الواجب من حيث وصفه بالوجوب الواجب وصف لما قام به الإيجاب

الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ (بِالثَّوَابِ) المحكوم بالثواب الثواب هذا متعلق بقوله: (الْمَحْكُومُ). (فيِ فِعْلِهِ) في بمعنى على في هنا بمعنى على لأن الأصل قال: والواجب ما يثاب على فعله. وهل تأتي في بمعنى على؟ {(((((((((((((((((فِي جُذُوعِ (((((((((} [طه:71] قيل: في بمعنى على. {((((سِيرُوا فِي ((((((((} يعني: على الأرض. ليس سيروا في الأرض في الداخل وإنما سيروا على الأرض قيل هذا أن في بمعنى على. (بِالثَّوَابِ) المراد بالثواب الجزاء مطلقًا، مطلقًا المراد به هنا مقابلة بمن خص الثواب بجزاء الخير بالخير الجزاء بالخير جزاء الخير بالخير هذا يسمى ثوابًا ولا إشكال فيه يعمل صالحًا فيثاب في اللغة يعني، يعمل صالحًا فيثاب يحسن فيثاب لكن هل الجزاء جزاء الشر بالشر يسمى ثوابًا هذا محل نزاع والصواب أنه يسمى ثوابًا أيضًا فحينئذٍ يقال: الثواب هو الجزاء مطلقًا سواء كان جزاء خيرٍ بخيرٍ أو جزاء شرٍّ بشرٍّ {((((هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ ((((} [المائدة:60] هذا مثوبة يعني: ثواب. {((((ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ((((} [المطففين:36] إذن أُطْلِقَ الثواب في مقابلة الشر بالشر واختصاص الثواب بأنه في مقابلة الخير بالخير هذا كما قال الشيخ الأمير في المذكرة أنه زعمٌ باطل فاسد ليس بصحيح وإنما الثواب هو الجزاء مطلقًا. فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ المحكوم بالثواب أي: على فعله إذن كل فعل حكم عليه بالثواب فهو واجب على ظاهر كلام الناظم لكن باعتبار القيد الآخر ولذلك نقول: قوله: ما يثاب على فعله الذي يقال: (بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ) هذا مخرج لثلاثة أحكام من الأحكام التكليفية وهي: التحريم، والكراهة، والإباحة، ودخل معنا الندب المندوب يثاب على فعله. والترك بالعقاب خرج به المندوب وبس؟ ما يثاب على فعله خرج به ثلاثة أحكام والترك بالعقاب خرج به المندوب هذه أربعة وبقي معنا الواجب الذي اختص بهذا النازل. الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ هل كل واجب يثاب عليه العبد بمجرد فعله دون اعتبار قيد آخر؟ هل كل واجب إذا فعله المكلف يثاب على فعله بمجرد الفعل؟ لا بد من قيد وهو امتثاله إذا لم يمتثل لا يثاب وإذا انتفت نية الامتثال انتفى الثواب هل ينتفي معه الوصف بالوجوب؟ لا، مثاله «من صلى مرائيًا» هذا لا يثاب وأتى بالواجب؟ ما أسمعك! النفقة، نفقة ماذا؟ مندوبة أو واجبة؟ واجبة هل يثاب عليها مطلقًا أو بقيد؟ بقصد الامتثال طيب إذا لم يمتثل وأنفق على الزوجة هل أتى بالواجب؟ أتى إذن سمي واجبًا. إذن وُجِدَ الواجب وانتفى الثواب، وهنا الناظم يقول: (الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ). إذن كل فعل للواجب حكم عليه بالثواب نقول: لا، لا بد من تقيده المحكوم بالثواب قصدًا فحينئذٍ نقول: إذا قيدنا أن الثواب مرتب على فعل الواجب إذا كان قصدًا يعني بنية الامتثال حينئذٍ لا بد من تقييد قوله: بالثواب قصدًا. يعني: بنية التقرب والامتثال فنقول: حينئذٍ الواجب ينقسم باعتبار الاعتداد به يعني بنية الامتثال وعدمها قسمان:

واجب لا يعتد به إلا بنية الامتثال يعني: عدم وجود نية الامتثال ملزم لرفع الفعل الواجب يعني: لا يسمى واجبًا وإلا أتى به مثل ماذا؟ العبادات المحضة التي يعنون لها البعض بأنها غير معقولة المعنى كالصلاة والزكاة والصيام والحج مثلاً، هذه عبادات واجبات نقول: لا يجزئ فعل واحد منها إلا بنية التقرب والامتثال فإن انتفت نية التقرب والامتثال انتفى فعل الواجب فلو صلى غير متقرب لم تصح الصلاة فلو صام غير متقرب لم يصح الصيام إلى آخره. النوع الثاني: قسم يعتد به دون نية الامتثال يعني: يجزئ وتبرأ ذمة المكلف ولو لم ينو التقرب لأن المراد حصول ذات الفعل دون القربة إلى الله عز وجل مثلوا لذلك برد الديون، والغصب، والنفقة على الزوجات ونحو ذلك إنسان وضع عندك أمانة وديعة فلما جاء موعدها رددتها إليه ما حكم رد الوديعة إلى أصحابها؟ واجب إذا رددتها مجاملة له استحييت منه هل صاحَبَ هذا الواجب نية التقرب إلى الله؟ لا هل برأت الذمة برد الوديعة؟ نعم برأت الذمة إذن أجزأ الواجب دون الوجوب نية الثواب والامتثال لكن هل يثاب إذا رد الوديعة إلى صاحبها استحياء منه هل يثاب على هذا الواجب؟ يثاب؟ لا يثاب لماذا؟ لأن الثواب مشروط بنية التقرب إلى الله الثواب نقول: مشروط بنية التقرب إلى الله. إذن نقول: الواجب قسمان: قسم لا يعتد به إلا بنية التقرب كالصلاة ونحوها وهي العبادات المحضة، وقسم يعتد به دون نية الامتثال كرد الودائع والنفقة على الزوجات ونحوها فهذا نقول: يجزئ فعل الواجب ولكن لا ثواب عليه لماذا؟ لفقده شرط الثواب وهو: نية الامتثال والتقرب إلى الله. وليس في الواجب من نوال ** عند انتفاء قصد الامتثال وليس في الواجب من نوال يعني: من أجر وثواب متى؟ عند انتفاء قصد الامتثال فيما له النية لا تشترط يعني: في واجب لا تشترط النية لصحته وغير ما ذكرته فغلط ومثله الترك اجتناب المحرم الآن باعتبار الثواب أيضًا مثل الواجب لا يثاب على تركه للمحرم إلا إذا قصد القربة فلو ترك الزنا ما استحضر أنه محرم أنه يتقرب إلى الله عز وجل بهذا الترك وإنما تركه عفة في نفسه أو طبعًا أو أنه لم يخطر على باله تركه للزنا أو للربا نقول: هذا برأت الذمة منه أو لا؟ برأت الذمة هل يعاقب؟ لا يعاقب لماذا؟ لأن العقاب مرتب على فعل المحرم وهو لم يفعل إذن لا عقاب وبرأت الذمة هل يثاب على الترك لا يثاب لم؟ لأن الثواب مرتب على ترك المحرم بقصد التقرب إلى الله وهذه فائدة الإنسان لو لاحظ نفسه وجد أنه يترك عديد من الكبائر ولكنه لا يستحضر أنه يترك الربا مثلاً قربةً وخوفًا من الله وكذلك الزنا ونحوهم فنقول: ترك المحرم لا يثاب عليه الإنسان إلا إذا تركه قربةً وامتثالاً لله عز وجل. ومثله الترك لما يحرم ** من غير قصد ذا نعم مسلم

ومثله أي: مثل الواجب الذي لا يعتد أو لا يثاب على فعله ومثله الترك لما يحرم يعني: المحرم من غير قصد ذا الذي هو الامتثال نعم مُسَلَّمُ يعني: نعم هو مسلم من الإثم لا إثم برأت الذمة لأن المراد من ترك المحرمات البعد عنها أن لا يرتكبها أن لا يفعلها أن لا يتلبس بها وقد حصل هذا لكن الثواب مرتب على أن هذا الترك لا يكون إلا بنية القربة إلى الله عز وجل، فالواجب المحكوم بالثواب قصدًا في فعله في فعله يعني: على فعله الضمير يعود إلى (أل) أين (أل) المحكوم إلى (أل) وهذا من الأدلة على أن (أل) اسمية (أل) الموصولة فيها خلاف عند النحاة هل هي اسمية أم حرفية؟ والصواب أنها اسمية ومن الأدلة عود الضمير عليه وقد أورد السيوطي مثالاً لهذه قد أفلح المتقي ربه يعني: الذي اتقى ربه الضمير يعود إلى (أل) وعود الضمير لا يكون إلا على الأسماء فالصحيح أن (أل) اسمية ولا ليست حرفية وهي من صيغ العموم عند الأصوليين {((((أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (((} [المؤمنون:1] يعني: أفلح كل مؤمن. من أين أخذنا كل هذه؟ (أل) هذه من صيغ العموم قد أفلح كل مؤمن هذا الأصل. فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ يعني: في إيقاعه والإتيان به في فعله يعني: في إيقاعه. هذا لا بد من التأويل في فعله يعني: في فعل الواجب أو الشيء المحكوم عليه بأنه واجب فعل الواجب الوَاجب قلنا: هو وصف لفعل المكلف. فِعل فعل المكلف هل يضاف الشيء إلى نفسه؟ الأصل في المضاف والمضاف إليه التغاير الأصل أنهما متغايران ولذلك يمتنع إضافة الأعلام. ولا يضاف اسم لما به اتحد ** معنى، وأوِّلْ موهمًا إذا ورد هكذا قال ابن مالك. ولا يضاف اسم لما به اتحد ** معنى إذا اتحد المضاف والمضاف إليه معنى هذا لا يضاف وأول موهمًا يعني: إذا ورد من كلام العرب ماذا تصنع تخطئهم تقول: هذا خطأ؟ يقول: لا، لا بد من التأويل طردًا للقاعدة في فعله يعني: في فعل فِعل المكلف هذا لا يتصور لا بد من وجود معنى يغاير بين المضاف والمضاف إليه أحسن ما يحمل عليه في فعله أن يكون المضاف بمعنى التأثير والمضاف إليه بمعنى الأثر وفرق بين التأثير والأثر وإن لم يكن بينهما فرقٌ في الخارج لأن التأثير هذا وجوده وجود ذهني فاعتبار المعنى أو المفارقة بين المضاف والمضاف إليه أمر ذهني فحينئذٍ جاز إضافة الفعل إلى الواجب والله أعلم. (بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ) هذا القسم الأول (وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ) يعني: المحكوم بالعقاب في الترك هذا معطوف على قوله: (فِعْلِهِ). الترك معطوف على قوله: (فِعْلِهِ) (بِالْعِقَابِ) هذا متعلق بقوله: (الْمَحْكُومُ). والعقاب المراد به التنكيل على المعصية. ومن عصاك فعاقبه معاقبةً ** تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد

ومن عصاك فعاقبه هذا التنكيل على المعصية والترك (أل) هذه على مذهب الكوفيين نائبة عن المضاف إليه يجوز عند الكوفيين حذف المضاف إليه ضميرًا وإنابة (أل) مُنابه (وَالتَّرْكِ) يعني: المحكوم بالثواب في فعله وفي تركه وفي تركه حذف المضاف إليه الذي هو الضمير وأنيب (أل) منابه {((((((الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ((((} [النازعات:41] هذا دليلهم {((((((الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ((((} يعني: هي مأواه حذف الضمير وأقيمت (أل) مقامه إذن بهذين الضابطين أو نقول: الواجب يحكم عليه بأنه واجب إذا اجتمع فيه أمران: أولهما: الثواب على الفعل. والثاني: العقاب على الترك.

(وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ) هذا كما سبق نحن لم نعد الحدود المذكورة السابقة لأنه ذكرناها في الدرس الأخير (وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ) هذا أُورد عليه إيراد مشهور في كتب الأصوليين (وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ) قالوا: يلزم أن كل تاركٍ للواجب وهو معاقب حينئذٍ لا يصدق هذا الضابط أو هذا التعريف لذلك يرد قول القائل ما يعاقب تاركه قال: هذا يلزم منه أن كل تاركٍ للواجب يعاقب وثبت أن تارك الواجب إذا مات بغير توبة فحينئذٍ قد يعفى عنه قد لا يعاقب هل رفع العقوبة عنه في الآخرة يرفع عن وصفه بالوجوب في الدنيا؟ لا، لا يلزم من هذا فحينئذٍ نقول: ينبغي أن لا يعارض الحد بمثل هذا الإيراد (وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ) لا يرد حينئذٍ نقول: قد يعفى عنه لماذا؟ لأن العقوبة وقد نص على ذلك الشيخ الأمين رحمه الله لأن العقوبة على الترك لا تنافي المغفرة ليس بينهما تعارض لأن الحكم على الشيء بأنه واجب هذا باعتبار فعل المكلف أنت ملزم بهذا أن تفعل هذا الفعل بر الوالدين نقول: هذا واجب كل من له أب أو والدين نقول: يجب عليه أن يبرهما. إذا ترك هذا الفعل ومات من غير توبة نقول: هو معرض للعقاب ولا نجزم أنه معاقب لماذا؟ لقوله تعالى: {((((اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وهذه الآية كما قال أهل العلم في حق من مات من غير توبة {((((((((((مَا دُونَ (((((((} كل ما دون الكفر والشرك فهو تحت المشيئة إن شاء عفا عنه وإن شاء أخذه نقول: هذا ليس باعتبار أمور الدنيا لماذا؟ لأننا مكلفون بالنظر في نصوص الوحيين فما دل عليه الشرع بأنه رتب العقاب على الترك حكمنا عليه أنه معرض للعقاب أو معرض للعقاب أما كونه يعفا عنه في الآخرة أو لا يعفى عنه هذا الأمر ليس إلينا فحينئذٍ لا يعترف على جميع التعاريف ولذلك كل ما ذكر في التعريف من حد الواجب وإن انتقدت قديمًا أو حديثًا دفعًا لهذا الاعتراض نقول: الصواب أنها صحيحة ما توعد بالعقاب على تركه ما يعاقب تاركه ما ذم تاركه شرعًا ما ذم تاركه شرعًا مطلقًا نقول: هذه كلها صحيحة وإن كان الأخير أولى الحدود أما ما يعاقب على تركه نقول: هذا الحد صحيح ولا إشكال عليه أما كونه يلزم منه أن كل واجب لا بد أن يعاقب فحينئذٍ انتقض الحد؟ نقول: لا نحن ليس لنا مدخل في الثواب ولا في العقاب هذا أمر إلى الله نحن نثبت ما دل عليه الكتاب والسنة فكل واجب تجد إما بنص خاص أو بنص عام مرتب على تركه عقابٌ فحينئذٍ نقول به ومن مات ولم يتب وقد ترك واجبا نقول: هذا معرض للعقوبة أما في الدنيا فنحكم عليه بأنه ماذا؟ بأنه قد ترك ما يعاقب على تركه بأنه ترك ما يعاقب على تركه لماذا؟ لأننا ننظر في حد الواجب إلى الواجب ذاته أما الأشخاص فليس لنا دخل نحكم عليه زيد مات عاقًا نقول: العقوق هذا محرم ويترتب على فعله العقاب.

إذن كونه مات وهو عاق لا يلزم منه أن يُنفى عنه الحرام وإن كان في الآخرة قد يعفى عنه الحاصل أقول: ما اشتهر في كتب الأصوليين بالاعتراض عن مثل هذه الحدود بكونه قد يعفى عنه في الآخرة هذا الاعتراض ليس وجيهًا لأنه لا منافاة بين العقاب والمغفرة والنظر نظر الأصولي أو العالم أو المخلوق فيما كلف به أما أمر الآخرة من الثواب والعقاب فأمره ليس إلينا. نقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

9

عناصر الدرس * مراجعة ما سبق * الفرض والواجب مترادفان * صيغ الواجب. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: لا زال الحديث في بيان الحكم الأول من الأحكام التكلفية التي ذكرها الناظم رحمه الله تعالى وهو الواجب. وذكرنا أن الواجب فيه من ما يعنينا أو نأخذ في هذا المختصر أربعة أقسام أو أربع مسائل:

المسألة الأولى: في بيان حد الواجب، وهذا الذي تعرضنا له في الدرسين السابقين حد الواجب لغةً واصطلاحًا وذكرنا أن حده في اللغة يأتي بمعنى الساقط والثابت الواجب الساقط والوجوب السقوط الواجب الثابت والوجوب الثبوت قالوا: وجب الميت إذا سقط وفي الحديث «فإذا وجب فلا تبكين باكية» يعني: فإذا سقط الميت إذا سقط الميت وجب الحائط إذا سقط أليس كذلك؟ ويأتي أيضًا منه قوله تعالى: {(((((((وَجَبَتْ ((((((((((} [الحج:36] إذا سقطت عند النحر ويأتي بمعنى الثبوت يقال: الوجوب الثبوت والواجب الثابت ومنه حديث «أسألك موجبات رحمتك» موجبات هل يمكن أن يكون الموجبات هنا بمعنى المسقطات؟ لا، لا يمكن وإنما بمعنى المثبتات. مثبت جمع موجبة وهي الكلمة التي توجب لصاحبها الرحمة من الله تعالى «أسألك موجبات رحمتك». إذن ثبت في اللغة إن الواجب يأتي بمعنى الساقط وبمعنى الثابت فتخصيص الواجب بمعنى دون آخر هذا يعتبر تحكما في اللغة لأن بعضهم يرى أن الواجب يأتي بمعنى الساقط فقط ولا يأتي بمعنى الثبوت وبعضهم يرى العكس أن الواجب يأتي بمعنى الثابت ولا يأتي بمعنى السقوط ويؤول ما ورد في ثبوت المعنى الآخر، نقول: لا تخصيص الواجب بأحد المعنيين مع نفي الآخر هذا يعتبر تحكمًا في اللغة يعني إثبات الشيء بلا دليل، فالواجب يأتي بمعنى الساقط ويأتي بمعنى الثبوت، وجب بمعنى سقط هذا المصدر منه يأتي وجبةً وجب يجب وجبةً ولا تقل وجوبًا يعني المصدر من وجب يجب بمعنى سقط وجب الحائط يجب وجبةً ولا تقل وجوبًا والمصدر من وجب بمعنى ثبت يجب وجوبا وسُمِعَ فيه وجبةً إذن الوجوب مصدر للواجب بمعنى: ثبت لا لوجب بمعنى سقط، ووجبةً يأتي مصدرا لوجب بمعنى: سقط ووجب بمعنى ثبت واضح هذا؟ هذا من جهة اللغة ثبت واضح هذا. هذا من جهة اللغة، من جهة الاصطلاح قلنا: إن الاصطلاح هنا يؤخذ من الشرع لأن الواجب هذا حقيقةٌ شرعية، ما معنى حقيقةٌ شرعية؟ ما معنى حقيقةٌ شرعية؟ يعني: معناه الذي يفسر به مأخوذٌ من نصوص الوحيين هذا حقيقة شرعية وسيأتي أقسام الحقيقة الشرعية والوضعية والعرفية، واللغوية سيأتي في موضعه إذن الواجب قد يقال فيه اصطلاحًا، وقد يقال فيه شرعًا. أيهما أعم وأيهما أخص؟ الاصطلاح أعم والشرع أخص لماذا؟ لأن الاصطلاح قد يكون فيما اصطلحه وتعارف عليه أرباب الفنون ولو لم يرد شرعًا يعني: من جهة الشرع وأما ما ورد من جهة الشرع فالأصل أنه لا يقال: كذا شرعا إلا إذا كان مأخوذا من الشرع، يرد على هذا أنهم يقولون: الفقه شرعا معرفةُ الأحكام أو العلم بالأحكام إلى آخره وهل هذا المعنى للفقه اصطلاحي أم شرعي؟ اصطلاحي أم شرعي؟ اصطلاحي، لأن الفقه في الشرع على ما ورد به الحديث الأصل العام: «من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين».

يعني يعلمه والمراد بالفقه هنا الفقه بالمعنى الأعم الشامل للعِلْمِيَّات والعَمَلِيَّات أما تخصيص الفقه ببعض الدين وهو العَمَلِيَّات هذا مجرد اصطلاحٍ عند الفقهاء فإذا قيل الفقه شرعا: العلم بالأحكام هنا نقول: هذا التعبير ليس على الجامع يعني: الأولى أن لا يقال فيه شرعًا وإنما يقال فيه: اصطلاحًا أُوِّل عند أرباب الحواشي هذا التركيب فقيل: الفقه شرعًا أي في عرف أهل الشرع وهم الفقهاء لكن هذا التأويل أيضا غير ساري إذن نقول: الواجب شرعًا يعني: في حقيقة الشرع إن كان المعنى الذي عُرِّفَ به الواجب مأخوذا من نصوص الوحيين وإن كان مما اصطلح عليه الأصوليون فحينئذٍ نقول: الواجب اصطلاح إذن ما حقيقة الواجب في الاصطلاح أو في الشرع على التقديرين؟ نقول: عُرِّفَ بعدة تعريفات وكلها سائد إلا أن بعضها يرد عليه ما لا يرد على الآخر وهذا هو حقيقة المعرِّف ليس عندنا معرف يكون جامعا لكل أفراده على الوجه الذي وضعه المناطقة له ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يقول: ولم يسلم حد في الدنيا من الانتقاد. يعني من على الاعتراض لا بد من أن يوجه إليه نقدٌ أو اعتراض بأنه غير جامع أو بأنه غير مانع، لكن أسلم الحدود وأولى الحدود للاختيار للواجب أن يقال: الواجب هو ما ذم شرعًا تاركه مطلقًا، ما ذم شرعًا تاركه مطلقًا. ما ذم: قلنا ما هذا يفسر بالفعل فعل المكلف. ذم: خرج به المندوب فإنه لا يذم على فعله ولا على تركه، وخرج به المباح فإنه لا ذم على فعله ولا على تركه، وخرج به المكروه فإنه لا ذم على فعله. ما ذم: ما المراد بالذم؟ هنا العيب والنقص. ما ذم: هذا فعلٌ ماضي مغيَّرُ الصيغة، وفاعله ضميرٌ مستترٌ يعود إلى ليس فاعله، ونائب فاعله ضميرٌ مستترٌ يعود على ما؟ فعل مكلف هو الذي يذم؟ إذا أرجعته إلى ما قلت ما ذم والذم هو فعل المكلف، الله عز وجل، نعم، ما ذم هذا يعود إلى الشارع وهو ما ورد ذمه وعيبه ولومه واستنقاصه في الكتاب أو السنة أو إجماع الأمة وما عداه فلي مأخذا للذم خلافًا للمعتزلة، فإن عندهم العقل موردٌ للتحسين والتقبيح وهو يسمى بالحسن أو تحسين والتقبيح العقليين هذا من ما قال به المعتزلة وهم مغضوبٌ عليهم إذن ما ذم لذلك احتاج أن يفسر بالمميز قال: شرعًا يعني: ما كان جهة الذم مأخوذة من الشرع ما ذم شرعًا تاركه، إذن الذم هنا منصبٌ على، على الترك لا على الفعل أخرج ما ذم شرعًا فاعله وهو المحرم إذن خرج التحريم أو الحرام بقوله: تاركه. تاركه هذا اسم فاعل من الترك يعني مشتقٌ من الترك. تاركه: الضمير يعود إلى ما فعل المكلف.

قال: مطلقا قلنا: ما ذم شرعًا تاركه هذا يصدق على ماذا؟ يصدق على أي شيء؟ الواجب المضيق ولا إشكال فيه، الواجب المضيق ولا إشكال فيه، لماذا؟ لأن الواجب المضيق يذم تاركه مطلقًا يذم تاركه دون قيدٍ مطلقًا فإذا وجب عليه الصوم في نهار رمضان فتركه نقول: ذم وجه إليه الذم مطلقًا من جميع الوجوه كذلك يشمل ماذا؟ الواجب العيني سد، الواجب العيني وهو ما كان الخطاب فيه موجهًا إلى الذات بعينها ليصدر عنها الفعل المكلف به كالصلوات الخمس من المكلفين، إذا ترك الصلاة لغير عذرٍ شرعي نقول: ذم تاركه فيصدق عليه أنه واجب إذن يشمل هذا الحد ما ذم تاركه من جميع الوجوه وهو الواجب المغير والواجب العيني وزاد بعضهم ( ... ) ورد عليه ثلاثة أنواع وهو ما يقابل هذه الثلاثة وهو: الواجب الموسع. والواجب الكفائي. والواجب المخير. هذه ثلاثة أنواع ليست داخلة في الحد لماذا؟ لأن الواجب الموسع لا ذم فيه من جميع الوجه بل من بعض الوجه دون بعض الواجب الموسع حقيقته أن يكون الفعل المكلف به باعتبار زمنه أقل من الزمن لأن الزمن باعتبار الفعل المكلف به على ثلاثة أنحاء، إما أن يكون الفعل أقل من زمنه، وإما أن يكون بقدر زمنه وإما أن يكون الزمن أكثر من وقت الفعل. هذه ثلاثة أقسام عقلية، إذا أمر الشارع بفعلٍ ما، هذا الفعل هل يمكن أن يقع في غير زمن؟ لا إذن الزمن لازمٌ له، إن كان الفعل مساويا للزمن المقدر له شرعا هذا سمي الواجب المضيق إن كان الفعل المكلف به مساويا للوقت الذي قُدِّرَ له شرعا نسميه الواجب المضيق مثل شهر رمضان، الشهر ثلاثون أو تسعٌ وعشرون، أليس كذلك؟ صيام شهر رمضان باعتبار تمام الشهر أنه تسع وعشرين وهو كامل أيضا، أو ثلاثون وهو كاملٌ أيضا، الشهر إذا كان تسعة وعشرين فهو كامل شرعا وإن كان ثلاثين فهو كامل أيضًا الصيام يكون بعدد أيام الشهر هل هو أكثر من عدد أيام الشهر؟ الجواب لا، هل هو أقل من عدد أيام الشهر؟ الجواب لا، هل يسع الشهر لصيامٍ غير صيام الفرض؟ هل يسع؟ لا يسع إذن هذا يسمى الواجب المضيق إذا كان الوقت أكثرَ من فعل العبادة من جنسها نقول: هذا هو الواجب الموسع مثل ماذا؟ الصلوات الخمس الصلوات الخمس هذه لها وقت أول وآخر لها وقتٌ أول وآخر وهذا الوقت مقدرٌ من جهة الشرع ومتى ما فُعِلَ فيه أو فُعِلَتْ فيه العبادة فهو أداء سواءٌ فعلت في أول الوقت أو في أثناءه أو في آخره هذا يسمى الواجب الموسع وهو الذي يسع وقته المقدر له شرعًا أكثر من الفعل المكلف به. ما وقته يسع منه أكثر ** وهو محدودًا وغيره جرى فجوزوا الأدا إلى اضطرار ** في كل حصةٍ من المختار

ما وقته يسع منه أكثر: هذا هو الواجب الموسع يعني وقت الصلاة صلاة الظهر مثلاً من الثانية عشرة ونصف إلى الساعة الرابعة إلا الربع تقريبا نقول: هذا الوقت كثير بالنسبة للأربع ركعات أليس كذلك؟ فحينئذٍ يمكن للمكلف أن يصلي الأربع ركعات ويزيد نفلاً من جنس الصلاة بخلاف اليوم الأول من شهر رمضان لا يستطيع أن يصوم الفرض ويصوم من جنس الصيام وهو النفل هل يستطيع أن يجمع في يومٍ واحد فرضًا ونفلاً؟ لا يستطيع لكن الواجب الموسع يستطيع أن يجمع بين الفرض صلاةً وبين النفل والوقت حينئذِ يكون أكثر بكثير من وقت العبادة هذا يسمى الواجب الموسع ضابطه أن يكون الوقت المقدر شرعًا لا بد أن يكون مقدر شرعًا يسع العبادة وأكثر منها من جنس العبادة لا من غيرها لأن صيام أول يومٍ في رمضان يستطيع أن يجمع بين العبادة المأمور بها في ذلك الوقت وغيرها من غير جنسها كأن يصوم اليوم ويصلي المكتوبات ويخرج الزكاة ويأتي بالعمرة إلى آخره فحينئذٍ قد يجمع بين عبادات متنوعة. لكن هل يستطيع أن يجمع بين العبادة نفسها ومن جنسها نفلاً؟ الجواب لا، فحينئذٍ هذا يسمى الواجب الموسع يجوز له بلا اضطرار كما قال الناظم: فجوزوا، أي الأصوليون: فجوزوا الأدا بلا اضطرار ** في كل حصةٍ يعني من أجزاء الوقت: فجوزوا الأدا بلا اضطرار ** في كل حصةٍ من المختار ولذلك ذهب بعضهم أن الواجب الموسع في المعنى يرجع إلى الواجب المخير في المعنى لو تأمل المتأمل الواجب الموسع فإذا به يُشبه الواجب المخير ما هو الواجب المخير؟ أن يؤمر بواحدٍ مبهمٍ في أشياءٍ معينة كالكفارة كفارة اليمين ثلاثة أشياء كلها الكفارة: {(((((((((((((((إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة:89]. هذه الكفارة كفارة اليمين الواجب منها واحدٌ لا بعينه فإن فعل الأول نقول: امتثل الأمر وهو وجوب الكفارة، إن فعل الثاني دون الأول والثالث امتثل الأم، إن فعل الثالث دون الأول والثاني امتثل الأمر، إذن هو مخيرٌ بين أشياء معدودة معينة جاء به الشرع هذا يسمى الواجب المخير.

الواجب الموسع: يشبهه في المعنى، لماذا؟ لأن المكلف مخيرٌ في أجزاء الوقت، الشرع قد حد له الوقت أولاً وآخرا. له أجزاء هذه الأجزاء كائنة بين الحدين أنت أيها العبد مخير في إيقاع العبادة كصلاة الظهر مثلاً في أول الوقت وتكون العبادة حينئذٍ أداء، وأن توقع العبادة كصلاة الظهر أيضا في أثناء الوقت وتوصف العبادة بأنها الظهر أُدِّيَ أداءً هذا مصطلح عليه ولو فُعِلَتْ أيضا في آخر الوقت على الصحيح أنها أيضًا أداء، إذن هو مخير أم ليس مخيرا مخيرٌ في أجزاء الوقت، ولكن أن تكون هذه الأجزاء المختارة بين الحدين اللذين حدهما الشرع فلو فعل الصلاة في أول الوقت نقول: امتثل الأمر. فلو أخر وترك إلى آخر الوقت، عندما ترك في الأول أول الوقت، هل يصدق عليه أنه تارك للواجب؟ نعم، تارك للواجب، هل يذم؟ لا يذم والواجب عندنا ما ذم شرعا تاركه، وهذا قد ترك واجبا، ولم يتوجه إليه الذم، حينئذ خرج عن الحد، ونحن نريد إدخاله في الحد، نحن نريد إدخاله في الحد، نقول: الذم لتارك الواجب الموسع من وجهٍ دون وجه، لا نقول: يتوجه الذم إليه مطلقا، ولو ترك في أول الوقت ليفعل في آخره، ولا نقول: لا يتوجه إليه الذم مطلقا، ولو ترك في آخره، بل نقول: يذم من وجهٍ؛ وهو فيما إذا أخرج العبادة عن وقتها المقدر لها شرعا فلو أخرج صلاة الظهر عن وقتها المحدد لها أولاً وآخرا هل يتوجه إليه الذم؟ نعم هل ترك واجبًا؟ نعم لكن لو ترك صلاة الظهر في أول الوقت ليفعل تلك الصلاة في آخر الوقت نقول: ليس تاركا للواجب، أو نقول: لا يذم؟ لا يذم، لماذا؟ لأنه لم يترك مطلقًا لم يترك مطلقًا والذي يتوجه إليه الذم بكونه تاركًا للواجب هو من أخرج العبادة عن جميع الوقت المقدر لها شرعا فحينئذٍ نقول: الواجب الموسع يذم إذا ترك العبادة مطلقًا وأخرجها عن وقتها المقدر لها شرعا أما إذا ترك في أول الوقت ليفعل في آخره فهو تاركٌ للواجب ولكنه لا يذم، إذن قوله: ما ذم تاركه شرعا، هذا أورد عليه الواجب الموسع وأُورِدَ عليه الواجب الكفاية إذا أردنا إدخال الواجب الموسع في حالة الذم نقول: نَضيف أو نُضيف كلمة مطلقًا يعني: من جميع الوجوه. الفرض الكفائي ضابطه: ما طلب الشارع أن يُحَصلا**دون اعتبار ذات من قد فعلا ما طلب الشارع تحصيله ما طلب الشارع أن يحصل، يعني: تحصيله. دون اعتبار ذات ما قد فعل. الأمر أو الخطاب المتعلق بالفعل المكلف إما أن يكون متعلقًا بعين المكلف بعينه لا بد أنت الموجه إليك الخطاب لتفعل هذا أو هذه العبادة، هذا يسمى فرض عين لماذا؟ لأن المخاطب كل مكلف بعينه كل مكلف بعينه لا ينوب زيد عن العبادة عن عبادة عمرو لماذا؟ لأن الصلاة موجهةٌ أو فعلها أو إيقاعها موجه إلى زيدٍ بعينه فلا يقوم عمرٌو مقام زيدٍ في أداء هذه العبادة، هذا يسمى الفرض فرض العين. الفرض الكفائي أن يكون المطلوب تحصيلُ العبادة هذا الفعل لا بد أن يفعل ولكن بقطع النظر عن الفاعل بقطع النظر عن؟ عن الفاعل فالمقصود في فرض العين هو الفاعل، والمقصود في فرض الكفاية هو الفعل، والفاعل تبع له، هذا يسمى فرض الكفاية: ما طلب الشارع أن يحصلا ** دون اعتبار ذات ما قد فعلا فرضُ كفايةٍ مهم يُقصد ** ونظرٌ عن فاعلٍ مجرد

بقطع النظر عن فاعله مثل ماذا؟ صلاة الجنازة حكمها فرض كفاية إذا فعل البعض سقط عن الآخرين سقط الطلب والإثم معا الساقط أمران: سقط الطلب، وسقط الإثم وهذا بناءً على القول المرجح عند الجمهور أن المخاطب بفرض الكفاية هو الكل كل المكلفين لا البعض المبهم. وهو على الكل رأى الجمهور وهو على الكل. يعني: المخاطب به كل المكلفين أن يأتوا بهذه الصلاة صلاة الجنازة فإذا فعل البعض سقط الطلب عن الباقين وسقط الإثم عن الباقين ولذلك سمي كفاية لأن البعض يكفي في إسقاط الطلب والإثم ولما كان البعض فيه الكفاية في إسقاط الإثم عن الآخرين رأى بعض الأصوليين أنه أفضل من فرض العين وهذه مسألة أصولية أيهما أفضل فرض العين أم فرض الكفاية. أيهما أفضل؟ ماذا ترون؟ فرض العين أم فرض الكفاية؟ من قال أن فرض الكفاية أفضل من فرض العين وأجره أعظم قال: هذا الذي نصب نفسه للتلبس بهذه العبادة التي وجبت على الكل وقام هو فأسقط الإثم عن الأمة وهذا يظهر في ما يكون كالفتوى والقضاء ونحوها، صلاة الجنازة ممكن أن يتعلق بمن علم لكن الإفتاء إفتاء الناس، والقضاء بين الناس، وخصومات، ونحوها هذا فرض كفاية فإذا فعل بعضهم أسقط الإثم عن الأمة. لكن فرض العين إذا فعل أسقط الإثم عن من؟ عن نفسه فقط قالوا: إذن فرض الكفاية أفضل من فرض العين هذا من جهة العقل أمر ظاهر، لكن من جهة الشرع لا، عناية الشرع بفروض الأعيان أكثر من عنايته بفروض الكفايات ولذلك لا يقول قائل: إن الصلوات المكتوبة أو عناية الشرع بصلاة الجنازة والإفتاء ونحو ذلك أكثر من عنايته بالصلوات المكتوبة والجمعة والجماعة، هذا لا يمكن أن يقال به. إذن عرفنا فرض الكفاية وفرض العين. إذن قيل ما ذم تاركه، ما ذم شرعا تاركه، هل تارك فرض الكفاية يذم مطلقًا؟ متى يتوجه إليه الذم ومتى لا يتوجه إليه الذم؟ إذا صلى زيدٌ على الجنازة وعمرٌو جالسٌ عمرٌو هل يصدق عليه أنه تاركٌ للواجب؟ هل يصدق؟ أنا لا أقول: هل يذم؟ هل يصدق عليه أنه تاركٌ للواجب؟ نعم هو تاركٌ للواجب لكن هل يذم؟ لا يذم لماذا؟ لأن فرض الكفاية يذم من بعض الوجوه دون بعض يذم إذا ترك الجميع فعل العبادة لو كل الناس لم يصلوا على الميت وقد علموا به أثم الكل وتوجه الذم إلى الكل أما إذا فعل البعض وترك البعض نقول: من فعل رَفَعَ الإثم والطلب والذم عن الآخرين فحينئذٍ قوله: مطلقًا لإدخال فرض الكفاية أيضًا لإدخال فرض الكفاية أيضًا. بقي الثالث وهو الواجب المخير، نقول: هذا هو القسم الثالث للواجب لأن الواجب ينقسم إلى أقسامٍ ثلاثة باعتبار الفعل نفسه هذا ينقسم إلى فرض إلى معينٍ وإلى مخيرٍ هذا باعتبار الفعل نفسه، نفس الفعل المكلف به، نقول: الواجب ينقسم إلى معين ومخير. معين: أن يحدد الشرع المكلف به بشيءٍ واحد لا يحتمل غيره كالصلوات المكتوبات، وشهر رمضان والحج، والزكاة ونحو ذلك هذه حددها الشارع ولم يخير العبد مثلاً بين صلاةٍ وصلاة لا أوجب الكل فهذا يسمى الواجب المعين، يقابله الواجب المخير.

الواجب المخير: أن يخيره الشرع أو يأمره الشرع بواحدٍ لا بعينه في أشياء محصورة معدودة يعدد له أمور ثلاثة أو أربع ويأمره بواحدٍ منها دون غيرها الواجب هنا غير محدد غير معين يقابل المعين هل يجب فعل الكل؟ {(((((((((((((((إِطْعَامُ عَشَرَةِ ((((((((((} ثم قال: {((((كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة:89]. هل الواجب الكل؟ الثلاث؟ الجواب لا. وإنما يجب عليه أن يفعل واحدا لا بعينه يعبر عنه بعضهم بالقدر المشترك، ولذلك الصواب أن متعلق الخطاب في الواجب الموسع وفي الواجب المخير وفي الواجب الكفائي هو القدر المشترك القدر المشترك هذا أمرٌ اعتباري ذهني يوجد في بعض أفراده في الخارج يعبر عنه البعض بأنه طلبٌ للماهية من غير تعرضٍ لوصفٍ آخر من غير تعرضٍ لوصفٍ آخر لكن تسهيلاً للعبارة أن يقال: المأمور به واحدًا لا بعينه إذا قيل: واحدًا لا بعينه أين هو المأمور به؟ هذا لا يمكن أن يتصور إلا إذا كان المأمور به مخير وهذا التخيير هو طلبٌ لماهيةٍ من واحدٍ من الثلاث وأنت أيها المكلف الذي تحدد هذا الواحد، واضح هذا إذا ترك الأول ليفعل الثاني تركه للأول هل يعتبر تاركا للواجب؟ نعم نقول: نعم، هل يذم؟ لا يذم، متى يتوجه الذم إليه؟ إذا ترك الكل، إذا ترك الكل نقول: يذم مطلقًا إذا ترك البعض ليفعل الآخر نقول: هذا تاركٌ للواجب ولكنه لا يذم فحينئذٍ زِيدَ في هذا الحد مطلقًا ليشمل الواجب الكفائي والواجب الموسع والواجب المخير، وعليه نقول: أقسام الواجب ثلاثة، يعني: ينقسم الواجب باعتبار ذات الفعل نفسه بالنظر إلى الفعل إلى واجبٍ معين وواجب مخير وهو موجودٌ وجائزٌ وواقعٌ عقلاً وشرعًا. وينقسم باعتبار الزمن زمن أداء العبادة أو الواجب إلى واجبٍ موسع وواجبٍ مضيق، واجبٍ موسع وواجبٍ مضيق. الواجب الموسع: ما يسع أكثر من العبادة، بشرط أن يكون هذا الوقت مقدر من جهة الشرع فيترك العبادة في أول الوقت ليفعلها في آخر الوقت وهل يجب عليه أن يعزم ليفعل في آخر الوقت؟ الصواب لا، وإن قال به جمهور العلماء لأن بعضهم يرى أنه يجب أن يأتي ببدل الترك إذا تركه في الأول في أول الوقت ليفعل في آخر الوقت، قالوا: لا يجوز ترك الصلاة في أول وقتها إلا إذا أتى ببدل الصلاة وهو العزم على فعلها في آخر الوقت فالواجب أحد أمرين، إما الفعل، وإما البدل، ما هو البدل؟ العزم، وهذا عليه الأكثر، أكثر الأصوليين والفقهاء أنه يجب إما الفعل أن يؤتى بالصلاة وإما ببدلها وهو العزم لذلك السيوطي يقول في ((الكوكب)): جميع وقت الظهر قال الأكثر**وقت أداءه جميع: هذا يراد به تعريف الواجب الموسع ومثل له بمثال جميع وقت الظهر يعني من أوله إلى آخره المحدد له من جهة الشرع. جميع وقت الظهر قال الأكثر**وقت أداءه يعني: وقت أداء العبادة فإن فعلها في الأول فهو أداء وإن فعلها في الأثناء فهو أداء وفي الأخير فهو أداء وهذا هو الصواب، المسألة فيها نزاع وعليه يعني: على هذا القول بأنها أداء وعليه الأظهر. يعني قول: الأظهر لا يجب العزم على المؤخر. وقد عزي وجوبه للأكثر

وعليه إذا قلنا: فعل العبادة الصلاة الظهر مثلاً في أول الوقت كفعلها في آخره إذن نقول: الأظهر لا يجب العزم لماذا؟ لأنه لو ترك الصلاة في أول الوقت لا يتوجه إليه الذم وإذا لم يتوجه إليه الذم لم يكن عاصيًا وظاهر السنة أيضًا يدل على ذلك وهو أن جبريل عليه السلام لما نزل وصلى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الوقت ثم نزل وصلى في آخر الوقت قال: «ما بين الوقتين صلاة». هل عندما تأخر في اليوم الثاني قال: لو يجب عليك أن تعزم؟ هل يجب؟ لا يجب والدليل الذي دل على وجوب صلاة الظهر أوجب الصلاة وحدد الوقت أولاً وآخرًا ولا يفهم من النص إلا وجوب الصلاة فقط وهل يدل على وجوب عنه؟ نقول: هذا يحتاج إلى دليل منفصل ولا دليل فحينئذٍ نقول: الصواب وعليه الأظهرُ لا يجب العزم على المؤخر ** وقد عزي وجوبه للأكثر أكثر العلماء من الحنابلة والشافعية والمالكية على وجوب العزم والصواب عدم الوجوب هذا يسمى الواجب الموسع. القسم الثالث أن ينقسم الواجب باعتبار الفاعل إذن قسمناه باعتبار الفعل وقسمناه باعتبار الفاعل باعتبار الفاعل ينقسم إلى قسمين: واجب عيني، وواجب كفائي. إن كان الخطاب متعلقًا بكل فرد فردٍ بكل عين بكل ذات نقول: هذا فرض عين. وإن كان متعلقًا بالفعل الحاصل لبعض الفاعلين المخاطبين فحينئذٍ نقول: هذا فرض فَرض كفاية. ما طلب الشارع أن يحصلا ** دون اعتبار ذات من قد فعلا وهو مفضل على ذي العينِ ** في زعم الأستاذ مع الجويني فرض كفاية مهم يقصد ** والنظر عن فاعل مجرد وزعم الأستاذ والجويني**ونجله يفضل فرض العين يعني: فرض كفاية يفضل فضل العين للعلة السابقة أن من فعل فرض الكفاية قد رفع الإثم عن الأمة كلها ومن فعل فرض العين قد رفع الإثم عن نفسه فحسب والثاني نفعه متعدي أو قاصر؟ من فعل فرض الكفاية قاصر أو متعدي؟ متعدي وفرض العين هذا قاصر فحينئذٍ قالوا: من تلبس بفرض الكفاية أفضل مما تتلبس بفرض العين والصواب أن نقول: إن الشارع قد اعتنى بفروض الأعيان أكثر من عنايته بفروض الكفاية والصواب أن الخطاب متعلق بالكل كل المكلفين. وهو على الكل رأى الجمهور ** والقول بالبعض هو الموصول لا الموصول الأول وهو أن الخطاب موجه لكل المكلفين لماذا؟ لأننا نقول: قد رفع الإثم عن الأمة كيف رفع الإثم؟ هذا يدل على أنهم قد ثبت أو لم تبرأ ذمتهم إلا بفعل البعض لم تبرأ ذمة البعض الذين لم يفعلوا هذا الفرض الكفائي إلا بفعل البعض دليل على أن الخطاب موجه للكل وإلا لم يصح أن نقول: رفع الإثم عن الباقين. هذه ثلاثة أقسام للواجب إذن أخذنا بهذا. المسألة الأولى وهي: حد الواجب. المسألة الثانية هي أقسام الواجب.

وهذا الحد أولى ما يقال في الحدود وهو الذي ذكره الفتوحي في مختصر التحرير وأيضًا الطوفي في البلب زاد بعضهم: قصدًا. ما ذم شرعًا تاركه قصدًا مطلقًا قصدًا هذا لم زيد؟ نعم، نعم لإدخال أو إخراج؟ العكس لو قيل: ما ذم شرعًا تاركه مطلقًا زَيْدٌ من الناس انتظر الصلاة فأذن فدخل الوقت فنام غير قاصد لترك العبادة هذا يأثم أو لا يأثم؟ يذم أو لا يذم؟ لا يذم لأنه لم يقصد المخالفة لم يقصد الترك هل ترك واجبًا؟ ترك واجبًا الغافل الساهي الناسي النائم إذا توجه إليه الخطاب ثم ترك الواجب نقول: هذا تارك للواجب وهو داخل في الحد نريد إخراجه لئلا يذم لئلا يتوجه إليه الذم فقيل: قصدًا. إذن من ترك قصدًا هو الذي يذم أما من ترك غافلاً فلا يذم والأولى إسقاط هذا القيد لماذا؟ لأنه؟ ما تصدق على فعل المكلف «رفع القلم عن ثلاثة». وذكر منهم: «النائم حتى يستقيظ». إذن النائم غير مكلف وهذا الواجب قسم من أقسام الأحكام الشرعية التكليفية إذن لا يتعلق إلا بالمكلفين والنائم غير مكلف. المسألة الثالثة هل الواجب والفرض مترادفان أم لا؟ إذا قيل: هذا واجب هل نقول: هو فرض؟ وإذا قيل: هذا فرض هل نقول هو واجب؟ هذا فيه نزاع بين الأصوليين جمهور الأصوليين على أن الفرض والواجب مترادفان وهذا ينبني على المعنى اللغوي لكل كلمة من هاتين الكلمتين الواجب عرفنا معناه في اللغة أنه يأتي بمعنى الساقط ويأتي بمعنى الثابت أما الفرض فله عدة معاني يعني: يطلق الفرض في اللغة ويراد به التقدير ومنه قوله تعالى: {((((((((مَا ((((((((((} [البقرة:23] أي: قدرتم، {((((((((((مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (((((} [النساء:118] أي: مقدرًا معلومًا. الثاني: أنه يأتي بمعنى التأثير الفرض يأتي بمعنى التأثير قال الجوهري: الفرض الحز في الشيء يعني التأثير في الشيء. الثالث: الإلزام يأتي الفرض لغةً مرادًا به الإلزام ومنه قوله تعالى: {(((((((أَنْزَلْنَاهَا ((((((((((((((} [النور:1] أي: ألزمنا العمل بما فيها {(((((((أَنْزَلْنَاهَا ((((((((((((((} أي: أوجبنا العمل بما فيها. الرابع: يأتي الفرض لغةً بمعنى العطية يقال: فرضت له كذا وافترضته أي: أعطيته. فرضت لزيد مبلغًا معينًا أي: أعطيته. الخامس: يأتي بمعنى الإنزال ومنه قوله تعالى: {((((الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص:85] أي: أنزل عليك القرآن. قال البغوي: وهو قول أكثر المفسرين {((((الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ (((((((((((((} أي: أنزل عليك القرآن. هذا قول أكثر المفسرين. السادس: يأتي بمعنى الإباحة {(((كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} [الأحزاب:38] أي: فيما أباح الله له.

هذه ستة معان يأتي الفرض لغةً لواحد منها ليس للجميع وإنما يأتي مرادا واحدا منه فهو في اللفظ مشترك لفظي والمعنى يختلف من سياق إلى سياق آخر إذن عرفنا الواجب لغة ومعنى الفرض لغة ما العلاقة بين مفهوم الواجب ومفهوم الفرض؟ هل هناك قدر مشترك بينهما أو لا؟ هذا محل النزاع هنا، تحرير محل الخلاف في هذا الموضع الأحناف يرون أن معنى الواجب مغاير ومباين في اللغة لمعنى الفرض واضح الأحناف يرون أن معنى الواجب مفهوم الواجب في اللغة مغاير تمامًا لمعنى الفرض لغةً والمصطلحات الشرعية تكون سائرة مسار المصطلحات أو المفهومات اللغوية كما سبق، الصواب والصحيح عند أهل السنة أن الحقائق الشرعية إنما هي حقائق لغوية زيد عليها بعض القيود فحينئذٍ لا بد أن يكون المعنى اللغوي في أصله مرادًا في المعنى الشرعي أو في الحقيقة الشرعية فإذا كان الواجب له معنى لغة مغاير ومباين لمعنى الفرض لغةً فحينئذٍ لا بد أن يفرق في الشرع بين الفرض والواجب ومن رأى أن بين مفهوم الواجب ومفهوم الفرض جمعًا وفرقا يعني: هناك معنى يجتمع فيه الفرض والواجب وهناك معاني يفترق الواجب عن الفرض والفرض عن الواجب وهذا مأخذ الجمهور أن الفرض والواجب يلتقيان في معنى الإلزام والحتم وحينئذٍ لا بأس أن يكون في الاصطلاح أو في الحقيقة الشرعية الواجب مرادفًا للفرض هذا أهم ما تعرفه في هذه المسألة وهو محل النزاع لم اختلف الأحناف عن جمهور الأصوليين؟ لأن الأحناف يرون أن الواجب والفرض متباينان كل منهما له حكم مغاير للآخر. منزع هذا الخلاف ومأخذ هذا الخلاف هو المعنى اللغوي يرى الأحناف أن معنى الواجب مغاير لمعنى الفرض فحينئذٍ ينبني على هذا التغاير وهذا التباين أن يكون الشرع قد غاير بينهما لأن الأصل أن الحقيقة الشرعية مبناها على الحقيقة اللغوية فإذا كان تمَّ تباين بين اللفظين لغةً لا بد أن يكون تَمَّ تباين بين اللفظين اصطلاحًا وشرعًا الجمهور يرون أن معنى الحتم والإلزام قد دل عليه لفظ الواجب وقد دل عليه لفظ الفرض فحينئذٍ قالوا بالترادف بين الفرض والواجب. هذا مسألة من جهة النزاع اللفظي. لكن هل الشرع جاء بالترادف أو بالتباين؟ نقول: هذا مسلك العلماء نظر الأحناف إلى مسألة لغة ولم ينظروا إليها من جهة الشرع فقالوا: الفرض والواجب متغايران. والفرض والواجب ذو ترادف ** ومال نعمان إلى التخالف

نعمان من؟ أبو حنيفة رحمه الله تعالى ومال نعمان إلى التخالف نقول: مذهب أبو حنيفة والأحناف أتباعه أن تَمَّ تغاير بين الواجب والفرض ما وجه هذا التغاير؟ قالوا: ننظر إلى الدليل الذي أخذ منه الحكم بالطبع الفرض والواجب يشتركان معا في صدق حد كل منهما على الآخر لكن لما كان طريق الواجب هو الظن خُصَّ به اسمًا وعلمًا ولما كان طريق الفرض القطع خُصَّ به اسمًا وعلمًا فقالوا: ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا ننظر إلى طريقه لا نحكم عليه مطلقا بأنه واجب ولا نحكم عليه بأنه فرض وإنما ننظر إلى طريقه لأن الشرع قد فرق بين الحكم القطعي الذي يفيد اليقين وبين الحكم الظني الذي يفيد الظن الراجح ورتب على الأول من الأحكام ما لم يرتب على الثالث فحينئذٍ ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا إن ثبت بدليل ظني فهو الواجب وإن ثبت بدليل قطعي فهو الفرض إذن المأخذ من أي شيء؟ النظر هنا لأي شيء؟ للطريق، وهذا هو المشهور أن الفرق بين الفرض والواجب أن الفرض ما ثبت بدليل قطعي، وأن الواجب ما ثبت بدليل ظني وهذا رواية عن الإمام أحمد وهو رواية عن الإمام أحمد وبعضهم فرق بين الفرض والواجب أن الفرض ما لا يتسامح في تركه عمدًا ولا سهوًا كما نص عليه ابن قدامة في ((الروضة)) وهو رواية عن الإمام أحمد أيضًا ما لا يتسامح في تركه عمدًا ولا سهوًا كأركان الصلاة هذه فروض وأركان الحج الصلاة فيها فروض التي يعبر عنها بالأركان وفيها واجبات فيها واجبات وفيها أركان ما الفرق بينهما؟ نقول: الركن والفرض لا يتسامح في تركه عمدًا ولا سهوًا فلا بد من، لا بد من الإتيان به ولا تبرأ الذمة إلا بفعله أما الواجب في الصلاة يجبر بالسجود إن تركه سهوًا فإن تركه عمدًا حكمه حكم الفرض كذلك أركان الحج وواجبات الحج أركان الحج فروض الحج هذه لا تسقط ولا يتسامح فيها لا عمدًا ولا سهوًا وأما واجبات الحج هذه تجبر بدمٍ عند الجمهور يعني: إذا ترك الواجب ولو عمدًا نقول: نسكه تام حده صحيح ولكن يجبره بدمٍ خلفًا وبدلاً لهذا الوجه إذن الفرق بين الواجب والفرض على رواية عند الإمام أحمد هو: ما لا يتسامح في تركه عمدًا ولا سهوًا، ما يتسامح فيه تركًا فهو الواجب.

القول الثالث في الفرق بين الفرض والواجب: أن الفرض ما لزم بالسنة ما لزم بالقرآن الفرض ما لزم بالقرآن والواجب ما لزم بالسنة يعني: ما كان دليله وهو طلب جازم ما كان دليله وهو طلب فعل جازم دليله الكتاب القرآن فهو فرض وما كان دليله السنة فهو واجب لكن المشهور هو الأول أن الفرق بين الفرض والواجب هو من جهة الدليل القطعي والدليل الظني الجمهور قالوا: لا، استوى حد الواجب والفرض إذا قيل: ما حقيقة الواجب؟ تقول: ما ذم شرعًا تاركه مطلقا وإذا قيل لك: ما حد الفرض؟ تقول: ما ذم شرعًا تاركه مطلقًا. إذن استوى حدهما ولذلك علل بذلك ابن قدامة في ((الروضة)) فقال: لاستواء حدهما فلما استويا في الحد نقول: الحد هل يتفاوت أو لا يتفاوت؟ إذا قيل: الإنسان حيوان ناطق. الإنسان له أفراد والأفراد هذه تتفاوت قوةً وضعفًا تتفاوت في القوة والضعف إذا أريد الحد هل ينظر إلى القدر المشترك بين الأفراد أو ينظر إلى الفرد باعتبار قوته وضعفه؟ القدر المشترك فحينئذٍ كون الدليل القطعي يفيد حكمًا أقوى من الدليل الظني لا أثر له في الحد بدليل أن المندوب، ما حقيقة المندوب؟ ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه باللازم على ما يذكره المندوب هل كله دليله ظني؟ الجواب: لا، هل كله دليله قطعي؟ الجواب: لا، إذن بعضه ثبت حكمه وهو ندب بالمتواتر كالقرآن أو السنة المتواترة أو الإجماع الصريح المنقول تواترًا وبعضه ثبت بدليل ظني كالقياس وخبر الآحاد عندهم هل التفاوت في ثبوت طريق الندب مقتضٍ لتغاير التسمية؟ الجواب: لا، هو ندب ندْب سواء ثبت بطريق متواتر أو ثبت بدليل قطعي وهو ندب أيضًا إذا ثبت بدليل ظني إذن تفاوتت الأحكام في نفسها أم لم تتفاوت؟ تفاوتت الأحكام لأن الندب الثابت بالدليل القطعي ليس هو في قوة الندب الثابت بدليل ظني لكن النظر إلى الدليل المثبت للحكم الذي هو الندب النظر إلى الدليل قوة وضعفا لا يلزم منه أن تختلف الأسماء كذلك ما طلب الشارع فعله طلبا جازما يختلف في نفسه قوةً وضعفا وبعضه أقوى من بعض لا يستلزم منه أن تختلف الأسماء لأن النظر إلى الحقيقة نفسها، فلما استويا حدًا نقول: لا يفرق بينهما في التسمية باعتبار الطريقة المثبتة للحكم قطعًا وظنًا كما أن الندب لا يفرَّق في التسمية لاختلاف طريقه قطعًا وظنًا أليس كذلك؟ نقول: بلى.

إذن نقول: الفرض والواجب هل هما مترادفان أم لا؟ نقول: فيهما خلاف أو في المسألة خلاف الجمهور على الترادف وذهب الأحناف إلى التفرقة بين الفرض والواجب على ما ذُكر والأصح؟ والمرجح؟ قول الجمهور لأنه قول الجمهور؟ لا وإنما لكونه موافقا للصواب جاء في الحديث القدسي من عاد لي وليًّا قال الله تعالى: «من عاد لي وليًّا فقد آذنته بالحرب ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحَبَّ إليَّ مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه» الحديث قال: «مما افترضنه» مما ما هذه إيش؟ موصولية وهي من صيغ العموم وقلنا: حقيقة الفرض هو عين حقيقة الواجب باستواء حدهما «مما افترضته» مما هذا أفضل أو أحب ما تقرب العبد به إلى الله عز وجل «افترضته» هذه التسمية أطلق التسمية على كل ما ثبت في الشرع سواء كان دليله قطعيًّا أو ظنيًّا بدليل مقابلته بما بعده كما قلت لكم بالأمس قد يشكل عليك اللفظ تنظر إلى السياق والسباق هنا قابل الافتراض بماذا؟ بالنوافل «ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل» إذن لو قلنا على رأي التقسيم الثنائي الفرض والواجب لصار الفرض يقابله النافلة أين الواجب؟ مع الفرض على قول من؟ على قول الجمهور وهذا الذي يريد بيانه أن قوله: «مما افترضته». هذا دليل شرعي على أن كل ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا يسمى فرضًا بقطع النظر عن كونه ثبت بدليل قطعي أو بدليل ظني لعموم قوله: ما. ومقابلته بالنوافل دل على أنه شامل للواجب {((((فَرَضَ فِيهِنَّ ((((((((} [البقرة:197] أي: أوجب. قال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر الحديث. فرض صدقة الفطر عند الأحناف فرضٌ أم واجب؟ واجب وابن عمر يقول: فرض. نأخذ بقول من؟ ابن عمر رضي الله تعالى عنه إذن لا فرق عند الصحابي بين فرض ووجب إن كان هذا هو النص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا إشكال وإن كان فهم الصحابي عن الواجب عبر عنه بالفرض فهو حجة فهم الصحابي في مثل هذه المواضع حجة فحينئذٍ نقول: الفرض والواجب سيان يستويان حدًا وقد يختلف في الحكم باعتبار شيء آخر لأنه إذا كان ثابتًا قطعيًّا متواترًا من أنكره يختلف حكمه عمن أنكر ما كان دليله ظنيًَّا فما يترتب على ما ثبت بدليل قطعي أو ظني من الأحكام لا يؤثر في الأسماء. والفرض والواجب ذو ترادف ** ومال نعمان إلى التخالف وهو من ذاك أعم مطلقا ** والفرض والواجب قد توافقا

هذا قول السيوطي وهو شافعي تبعًا لابن السبكي وهذا قول مالكية والحنابلة أيضًا نصوا في مختصر التحرير وغيره على أن الفرض والواجب مترادفان إذا قلنا بالترادف نقول: يستوي ما ثبت حكمه بدليل قطعي ودليل ظني هل يلزم من هذا أن الواجبات كلها في الشريعة على مرتبة واحدة وأن الثواب المترتب على فعل الواجب مستو مع غيره هذا فيه نزاع عند أرباب هذا القول والصحيح أن الواجبات تتفاوت فإذا تفاوتت الواجبات تفاوت الثواب وهذا هو الأصح ولا يمكن هذا إنكاره لأن الواجبات بعضها متفق عليه مجمع عليه ولذلك الواجب المجمع عليه ليس كالواجب المختلف فيه الواجب الذي ثبت بالكتاب والسنة والإجماع ليس كالواجب الذي ثبت بخبر الواحد مثلاً وإن كان كلها مقبول ومعمول به لكن من جهة القبول والنفس والاطمئنان يختلف وحينئذٍ يختلف الثواب على حسب مرتبة الواجب إذن نقول: الواجب والفرض مترادفان. هذه المسألة الثالثة. ثم المسألة الرابعة والأخيرة: صيغ الفرض والواجب يعني: متى نأخذ أن هذا واجب وفرض متى نحكم على الحكم بأنه فرض أو واجب؟ نقول: صيغه عديدة منها وجب إذا صرح الشرط وجب نقول: هذا واجب وفرض كما قال الصحابي فرض رسول الله نقول: هذا واجب وفرض للتصريح به. وجب وفرض وواجب وفرض حتمٌ إذا عُبر عنه بأنه حتم نقول: هذا دل على معنى الوجوب {(((((عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ((((} [مريم:71] يعني: واجب. قال: أي واجب الوقوع بوعده الصادق. واجب الوقوع بوعده الصادق الله عز وجل هل يجب عليه شيء؟ قيل: لا يمكن أن يعبر بهذا التعبير نقول: يجب على الله أو يحرم على الله. هذه مسألة فيها نزاع هل يجب على الله شيء نقول: هل يحرم على الله شيء؟ هذا التعبير فيه نوع من الشدة ونحو ذلك لكن نقول: الصواب في هذه المسألة مسألة النزاع أن ما أوجبه الله على نفسه لا بأس أن يعبر المعبر فيقول: أوجبه الله على نفسه هذا واجب على الله. باعتبار من؟ باعتبار أن الذي أوجبه هو الله {((((((رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:54] كتب هذا من ألفاظ الوجوب، {((((((عَلَيْكُمُ (((((((((((} [البقرة:183] «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي» حرام نقول: حرام إذن ما أوجبه الله على نفسه أو حرمه على نفسه لا بأس أن نقول: هذا حرام على الله أو واجب على الله «يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله». قال: الله ورسوله أعلم. قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله». والحق هذا من ألفاظ الدالة على الوجوب حق الله على العباد ومنه الحديث إن صح وفيه نزاع «أسألك بحق السائلين» إن صح الحديث فيحمل على هذا أنه «أسألك بحق السائلين» ما هو حق السائلين الإجابة {(((((((سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ (((((((} [البقرة:186] والإيجابة صفة من صفات الله فحينئذٍ كان السؤال بصفة من صفات الله إذن {(((((عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ((((} أي: واجب الوقوع بحقه الصادق فيقال في الواجب حتم ومحتوم ومحتم قال في المصباح: حتم عليه الأمر حتمًا من باب ضرب أوجبه جزمًا وتحتم وجب وجوبًا لا يمكن سقوطه.

الرابع: أن يقال لازم هذا الأمر لازم يعني: واجب وفرض وهو من اللزوم وهو لغة عدم الانفكاك عن الشيء فيقال للواجب لازم وملزوم به كما في حديث الصدقة: «ومن لزمته بنت مخاض». لزمته يعني: وجبت عليه «ومن لزمته بنت مخاض وليست عنده أخذ منه ابن لبون» الخامس: إطلاق الوعيد {((((((أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ ((((((((} [الزمر:65]، {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ ((((((((} [النور:63] ترتُّب الوعيد كما ذكرنا فيما سبق أنه خاصة من خواص الواجب والترك بالعقاب فإذا رُتِّبَ الوعيد على ترك فعل دل على وجوبه كتب عليكم مادة الكتب هذه تدل على الوجوب كتب عليكم {((((((رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام:54]، {((((((عَلَيْكُمُ (((((((((((} [البقرة:183]، {((((((عَلَيْكُمُ ((((((((((} [البقرة:216]، {((((((عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178] هذه تدل على الوجوب كلها نص في الوجوب إن كَنَّى الشارع عن العبادات ببعض أجزائها دل على فرضيته كما نص في مختصر التحرير إذا عبر الشارع عن الجزء بلفظ الكل كقوله تعالى: {(((((((((((الْفَجْرِ} [الإسراء:78] ما المقصود هنا؟ صلاة الفجر القراءة هنا جزء من أجزاء الصلاة التعبير بالصلاة عن الجزء دل على أن هذا الجزء واجب في الصلاة إذن {(((((((((((الْفَجْرِ} نقول كنى هنا عن بعض العبادة البعض هذا لا ندري ما حكمه نقول: حكمه الوجوب لماذا؟ لأن العرب لا تكني عن الأخص بالأعم إلا بما كان ملازمًا له لا ينفك عنه هو الأصل فإذا كني عن بعض العبادة بجميعها بكلها بلفظها نقول: دل على فرضيته. {(((((((((((رُءُوسَكُمْ (((((((((((((} [الفتح:27] عن الدخول إلى مكة عبر عن الإحرام بالنسك بماذا؟ بالحلق والتقصير فدل على فرضيته بل بعضهم يعمم فيجعله ركنًا في العبادة لماذا؟ لأنه لا يعبَّر عن الجزء جزء العبادة بكلها إلا إذا كان الجزء فواته مضيعًا للكل وبهذا دليل أو بهذا الضابط جعله ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الصلاة من أدلة القائلين بكفر تارك الصلاة لأن القبلة لما حولت من بيت المقدس إلى الكعبة سأل بعض الصحابة عمن مات في التحويل ونزلت الآية {(((((كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:143] ما المقصود بإيمانكم هنا؟ الصلاة كنى بعض الإيمان الذي هو جزء من أجزاء الإيمان بالصلاة فدل على أن فوات الصلاة مفوت للإيمان وهذا دليل على أن العمل الظاهر ليس داخلاً، ركن في الإيمان {(((((كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} وبهذا كان السلف لا يفرقون بين الإيمان والعمل قال الأوزاعي: كان من مضى ممن سلف لا يفرقون بين الإيمان والعمل. ولذلك إجماع السلف على أن جنس العمل ركن ولا نقول: شرط صحة. نقول: ركن في مسمى الإيمان فواته مؤدٍ إلى فوات الإيمان وهل هذا الجنس محدد أم لا؟ من كَفَّرَ تارك الصلاة حدده قال: من ترك الصلاة فهو مفوت لجنس الإيمان بالأدلة التي وردت في الكتاب والسنة. من لم يحدد هنا يحتاج إلى تعيين لجنس الإيمان. وبهذا نكون قد انتهينا من الواجب ونأتي على الندب إن شاء الله في الأسبوع القادم. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

10

عناصر الدرس * المندوب لغة واصطلاحاَ * صيغ المندوب * المندوب مأمور به حقيقة * المندوب حكم تكليفي * هل يلزم المندوب بالشروع فيه؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى: وَالنَّدْبُ مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ ** وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ ثنى بالندب بعد ذكره للواجب، لأنه كما سبق أنه ذكر الأحكام السبعة، قال: وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا ثم شرع في بيان كل واحد من هذه الأحكام على حدة بذكر لازمها، كما ذكره في حد الواجب. قال: فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ بدأ بالواجب، هنا قدمه على غيره لأنه ذكره أولاً في العد قلنا: هذا لف ونشر مرتب يعني: أن يُذكر الشيء أولاً إجمالاً يَعده عدا، ثم بعد ذلك يأتي ينشر ما لفه واحدا تلو الآخر لا يقدم ولا يؤخر قال: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ). ثم قال: (فَالْوَاجِبُ) هذه (أل) للعهد الذكري، أي: الواجب المذكور في التقسيم السابق، ثم قال: (وَالنَّدْبُ) الواو هذه عاطفة جملة على جملة (وَالنَّدْبُ) ثنى بالندب بعد الواجب، لم؟ لأنه ذكر المندوب ثانيًا بعد الواجب اللف، فلما أراد أن ينشر رتب النشر على وفق اللف، وهذا يسمى لفًا ونشرًا مرتبًا. بعض الأصوليين يذكر الحرام بعد الواجب، وهنا الناظم تبعًا لبعض الأصوليين أيضًا ثنى بالندب عقب الواجب. كلٌّ من الأصوليين أو ممن قدم وأخر نظر نظرًا مخالفًا للآخر كما هو معلوم في حد الحكم الشرعي قلنا هناك: {خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوقت}. الاقتضاء قلنا: هذا المراد به الطلب والطلب قسمان: طلب فعل، وطلب ترك، وكل منهما قسمان: أ-طلب فعل جازم وطلب فعل غير جازم. ب-وطلب الترك أيضًا يكون جازمًا، ويكون غير جازم. من نظر إلى أن الواجب جازمٌ طلب جازمٌ، ونظر إلى أن الحرام طلب أيضًا جازمٌ، ثنى باعتبار الجزم بالحرام تلو الواجب، لاشتراكهما في الصيغة. ما هي الصيغة؟ أن كُلا منهما طلب جازم سواء كان طلب فعل أو طلب ترك، لم يلتفت إلى هذا وإنما راعى الجزم لأنه أقوى عنده من مجرد طلب الفعل أو الترك، فلذلك ثنى بعضهم بالحرام تلو الواجب نظرًا لاشتراك الواجب مع الحرام في الصيغة، وهي: الطلب الجازم، بقطع النظر عن كونه طلبًا للفعل أو طلبًا للترك. من ثنى بالمندوب تلو الواجب نظر إلى أي شيء؟ إلى الطلب إلى طلب الفعل. قال: الواجب طلب فعل والمندوب طلب فعل، فحينئذٍ اشتركا في مجرد طلب الفعل بقطع النظر عن كون الواجب جازمًا والمندوب غير جازم. إذن من راعى الطلب قدم الحرام على المندوب، نعم من راعى الجزم قدم الحرام على المندوب ومن راعى الطلب قدم المندوب على غيره، وكذلك المكروه والمندوب، ما قال الواجب ثم الحرام ثم المندوب ثم المكروه. المندوب والمكروه يشتركان. في أي شيء؟

في الطلب غير الجازم مراعاةً لهذا التقسيم يمكن أن يقدم الأول الذي هو المندوب مراعاةً للطلب، ويمكن أن يؤخر المندوب فيقدم الحرام مراعاةً للجزم، إلا أن مراعاة الطلب أو الترك أقوى من مراعاة الجزم، أو عدمه، مراعاة الطلب أو الترك هذه أولى من مراعاة الجزم أو عدمه، فحينئذٍ الأولى أن يقدم المندوب على الحرام، فيقال: الواجب ثم المندوب ثم الحرام ثم المتروك. يجتمع الواجب مع المندوب في مجرد طلب الفعل، ولو كان الأول جازمًا والثاني غير جازم، ثم يقال المندوب والمكروه، ولو كان، لا، ثم يقال الحرام والمكروه ولو اختلفا من جهة الجزم إلا أنهما اشتركا في جهة طلب الترك. إذن قوله: (وَالنَّدْبُ) قدم الندب هنا أو ثنى به مراعاةً للف أولاً لأنه قال: (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ). ثم قال: (فَالْوَاجِبُ)، ثم قال: (وَالنَّدْبُ) لأنه التزم اللف والنشر المرتب. ثانيًا: نقول بجامع أن الندب طلب للفعل والواجب أيضًا طلب للفعل بقطع النظر عن كون الأول جازمًا والثاني غير جازم. قال: (وَالنَّدْبُ) هو قال في اللف هنا: (مَنْدُوبٌ)، (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ) ثم قال: (فَالْوَاجِبُ) ثم قال: (وَالنَّدْبُ) الواجب هذا راعى الأصل (فَالْوَاجِبُ) ثم قال: (وَالنَّدْبُ) خالف الأصل، ما الفرق بين الندب والمندوب؟ المندوب صفة للفعل والندب للدال الذي هو النص. الندب هذا هو الحكم عند الأصوليين، والمندوب هذا باعتبار نظر الفقهاء، لأنهم ينظرون إلى النص الذي هو الإيجاب أو الندب باعتبار متعلقه الذي هو فعل المكلف، ولعل الناظم هنا عدل عن المندوب إلى الندب هل هو قصدًا أم نقول لضرورة النظم؟ قصدًا بفائدة يعني أم لضرورة النظم؟ قصدًا ما هي الفائدة؟ اصطلاح الأصوليين. طيب أكمل البيت: (مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ) (مَا) جنس أي: فعل المكلف. هل الندب هو فعل المكلف؟ لا. إذن ماذا يريد أن يعرف؟ المندوب يريد أن يعرف المندوب، حينئذٍ يتعين أن نقول: إن الناظم هنا عدل عن عبارة الأصل وهو: المندوب إلى الندب لضرورة النظم، وإلا فالأصل هنا قلنا: (فَالْوَاجِبُ) من حيث وصفه بالوجوب، أليس كذلك؟ وهنا ماذا نقول؟ كيف من حيث وصفه بالندب، والندب من حيث متعلقه أي: محله الذي هو فعل المكلف. لماذا؟ لأن الواجبات كما سبق والمندوبات والمحظورات والمكروهات والمباحات هذه أفعال المكلفين، وهو يريد بهذه اللوازم التي يذكرها ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه، يريد الجامع أو القاسم بين هذه الواجبات قلنا: حصر الواجبات فيما سبق في ذكر الواجب حصر الواجبات في حد واحد ممتنع. لماذا؟ لأن واجب الصلاة مغاير لواجب الزكاة، مغاير لواجب الصيام، مغاير لواجب الحج، لا يمكن أن يجمع الصلاة والزكاة والصوم والحج في حد واحد.

إذا قيل تعريف هناك الواجب للواجبات فحينئذٍ لا بد أن يأتي بحد يجمع هذه الواجبات كلها، بر الوالدين وصلة الأرحام الخ. وهذا ممتنع أو جائز؟ أو نقول: متعذر؟ ما الفرق؟ ممتنع يعني: يمتنع عقلاً، متعذر يعني: يجوز عقلاً، لكنه لا يمكن أن يستوي في ثيابه. هل يمكن أن يأتي بستين ورقة ويحصر الواجبات على حد علمه يمكن؟ يمكن في الوجود، ممكن خارج العقل، ممكن أن يأتي للواجبات على حسب علمه العالم فيقول: الواجب هو الصلاة، والزكاة وو والخ. ويحده كل واحد من هذه على سبيل الاستطلاب إذن نقول: هو متعذر، لماذا؟ لتعدد وكثرة الواجبات، وهنا أراد أن يعرف المندوبات ولكن لا يمكن أن يحصرها، يتعذر عليه أن يحصرها لأن المندوبات كثيرة، فحينئذٍ جاء بقاسم مشترك بينها وهو: ترتب الثواب على الفعل، وعدم ترتب العقاب على الترك. ولذلك ذكرنا أن معرفة الأشياء أو تصور المفردات هذا له طريقان: الطريق الأول: الحد الذي هو بيان الحقيقة والماهية يأتي بالجنس والفصل. الطريق الثاني: الرسم يأتي بالرسم وهو ذكر خاصة من خواص المعرف أو يأتي بأثر من آثار أو حكم من أحكام المعرف. وهنا الثواب والعقاب هل هو داخل في حقيقة المندوبات أم خارج عنها؟ خارج عنها، لماذا؟ لأنه أثر من آثار المندوبات، حكمٌ مترتب على فعل المندوبات، لأن الثواب خارج عن مثلاً السنن الرواتب الصلاة تفتتح مثلاً السنة الراتبة بالتكبير وتختتم بالتسيلم، هل الثواب داخل في الماهية؟ لا، هل العقاب على الترك داخل في الماهية؟ الجواب: لا، وإنما هذا حكم مترتب على فعل المندوب، لم أتى به؟ نقول: لأنه قاسم مشترك بين جميع المندوبات، وإنما صح أن يؤتى باللازم في هذا الموضع وفي غيره من أبواب العلم، لأن القاعدة عندهم "أن الحقائق إذا اختلفت لزم من ذلك اختلاف لوازمها". إذا اختلفت الحقائق، حقيقة الواجب مغايرة لحقيقة المندوب مغايرة لحقيقة المحرم الخ. لما اختلفت حقيقة كل منهما ما يترتب عليها من الأحكام لا بد أن يكون مغايرًا لغيره من الحقائق، لماذا؟ لأن حقيقة الواجب يترتب عليها لوازم تخصها تميزها عن حقيقة المندوب، وما ترتب عليه من اللوازم وإن اشتركا في بعض اللوازم كما فيما سبق، أن الواجب يثاب على فعله والمندوب يثاب على فعله كيف نقول: إذا اختلفت الحقائق لزم من ذلك اختلاف اللوازم؟ نقول: هناك لازم عام وهناك لازم خاص:

اللازم العام: هذا قد يشترك فيه اثنان فأكثر، كما قيل في الماشي هذا يتصف به الإنسان ويتصف به الفرس وغيره، هذا عرض وصفة ملازم للإنسان والفرس لكنه لاشتراك الفرس مع الإنسان ليس بلازم يعني: ليس بخواص الإنسان، أما هنا الثواب لاشتراكه مع الواجب في ترتب الثواب على الفعل، يسمى هذا عرضًا عامًاـ والعرض العام على خلاف عند المناطقة هل يصح التعريف به أم لا؟ الجمهور على أنه لا يصح، جمهور المناطقة على أنه لا يصح التعريف بالعرض العام، وإنما يؤتى بالعرض الخاص لأنه به تحصل أو يحصل تميز الماهية عن غيرها، وهنا العرض الخاص الذي هو لم يكن في تركه عقاب انفرد به، اشترك الواجب والمندوب في كون كل منهما طلبًا للفعل هذا مشترك بينهما أو لا؟ مشترك بينهما الثاني في الحكم أو بعبارة أدق في بعض الحكم؛ وهو ترتب الثواب على فعل الواجب والمندوب قصدًا هذا اشتركا فيه. هذا عرض عام أو خاص؟ عام لاشتراك الواجب مع المندوب. هل يحصل التميز للمندوب عن الواجب بهذا الوصف؟ الجواب: لا، بل حتى المحرم ولو إن كان لم يكن على الفعل، وإنما على الترك سيأتي. (وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ) هنا قال: فَالْوَاجِبُ الْمَحْكُومُ بِالثَّوَابِ ** فيِ فِعْلِهِ وَالتَّرْكِ بِالْعِقَابِ إذن اختلفا، ترتب العقاب في الواجب مبناه على ترك الفعل، وعدم ترتب العقاب في المندوب مبناه على ترك الفعل أيضًا، إذا ترك الواجب بشرطه ترتب العقاب إذا ترك المندوب بشرطه نقول: لم يترتب العقاب. هذه الخاصية وهذا الوصف خاص للمندوب ميزه عن الواجب، قال: وَالنَّدْبُ مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ ** وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ (أل) هذه والندب تسمى (أل) أيُّ (أل) جنسية عادية استغراقية للماهية أربعة أنواع. ثم من القواعد المشتهرة ** إذا أتت نكرة مكررة تغايرا وإن يعرف ثاني توافقا ** كذا المعرفا والحكم واجب ثم قال: (فَالْوَاجِبُ) (أل) هذه واجب ثم قال: الواجب، وإن يعرف ثاني توافقا هذه تسمى (أل) عهدية للعهد الذكري، العهد الذكري، وهي التي عهد مصحوبها ذكرًا يعني: ذكر قبل مصحوبها. أين مصحوب (أل) هنا في الواجب؟ أين مصحوب (أل)؟ (فَالْوَاجِبُ) أين مصحوب (أل)؟ الواجب، هل نقول: (أل) الواجب؟ واجب ما بعد (أل) يسمى مصحوب (أل). إذا قيل: الرجل جاء الرجل، أين مصحوب (أل) رجل كلمة الذي يليها مباشرة هو مصحوب (أل) يسمى مصحوب (أل). يعني: مدخولها الذي دخلت عليه (أل) هو مصحوب (أل). إذا قيل: ما مصحوب (أل) هنا في قولنا: (فَالْوَاجِبُ)؟ تقول: واجب كلمة الواجب هذه معرفة بـ (أل) ذكرت قبلها والحكم واجب نكرة، لو أعيدت النكرة معرفة فهي عين الأولى، وتسمى (أل) للعهد الذكري الذي ذكر سابقًا وهي التي عهد مصحوبها ذكرًا. قال: (وَالنَّدْبُ)، (وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ) الندب بمعنى المندوب هنا، فحينئذٍ تكون (أل) للعهد الذكري. الكلام في الندب من وجوه كما ذكرنا ذلك في الواجب، يعني يحصر في ستة مسائل: المسألة الأولى: في حقيقته حده لغةً واصطلاحًا. المسألة الثانية: في أسمائه واختلافها، وهل هي مترادفة أم متباينة؟ المسألة الثالثة: في صيغ المندوب.

المسألة الرابعة: في هل المندوب مأمور به أم لا؟ المسألة الخامسة: في المندوب هل هو تكليف أم لا؟ المسألة السادسة: هل المندوب يلزم بالشروه فيه أم لا؟ هذه ست مسائل نذكرها الليلة بإذن الله مختصرةً نسأل الله فيما توخينا من الإعادة. (وَالنَّدْبُ مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ) نقول: الندب لغةً مصدر، يعني: من جهة اللفظ مصدر نَدَبَ يَنْدُبُ نَدْبًا من باب فَعَلَ، إذن هو مصدر ومصدر فعل المتعدية على فَعْلٍ. فَعْلُ القياس مصدر المعدى ** من ذي ثلاثة كرد درى فَعْلُ القياس مصدر المعدى مصدر المعدى من ذي ثلاثة يعني: سواء كان من باب فَعَلَ، أو من باب فَعِلَ فَعَلَ، أو فَعِلَ، المتعدي فيهما يأتي مصدر ثلاثي على وزن فعل ضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا هذا من باب فَعَلَ يَفْعِلُ، نَصَرَ يَنْصُرُ نَصْرًا فَعلَ هذا من باب فَعَلَ يَفْعُلُ. إذن الندب نقول: من جهة اللفظ هذا مصدر فَعَلَ يَفْعُلُ هنا نَدَبَ يَنْدُبُ، إذن من باب نَصَرَ يَنْصُرُ هذا في الندب. الندب لغةً: الدعاء، وهل هو مطلق الدعاء؟ قيل: لا، وإنما المراد به الدعاء لأمر مهم فإن لم يكن لأمر مهم فلا يسمى الدعاء حينئذٍ ندب بل إذا قيد بقيد وهو أن يكون الدعاء لأمرٍ مهم. لا يسألون أخاهم حين يندبهم ** في النائبات أو للنائبات على قول في النائبات على ما قال برهان. ما معنى النائبات؟ جمع نائبة وهي: المصيبة العظمة. لا يسألون أخاهم حين يندبهم**في النائبات أو للنائبات جار ومجرور متعلق بقوله: يندب، لا يسألون أخاهم حين يندبهم، يندب هذا فعل مضارع، وتعلق به الجار والمجرور، فاعتبر قيدًا فيهم من جهة المعنى، هذا الندب إذا عرف الندب أنه الدعاء. ما معنى المندوب؟ المدعو إليه والمندوب من جهة الصيغة اسم مفعول من جهة ندب لأن اسم المفعول من الثنائي يأتي على زنة مفعول. وفي اسم مفعول ثلاثي طرد ** زنة مفعول كآتٍ من قصد قصد فهو مقصود ندب فهو مندوب، والأصل مندوب إليه نحن نقول: المندوب، ولا نقول: المندوب إليه، هذا من باب الحذف والإيصال وأصل التركيب المندوب إليه حذفت إلى، وهي حرف جر فاستكن الضمير في الوصف، ما هو الوصف؟ المندوب والأصل المندوب إليه يعني: يحذف حرف الجر توسعًا. يسمى حذفًا وإيصالاً يعني: حذف الحرف ووصل الضمير بالاسم المتشق الذي هو الأصل لأنه يستكن فيه الضمير اسم الفاعل اسم المفعول يستكن فيه الضمير إلى أن الأول يكون فاعلاً والثاني يكون نائب فاعل، إذن عرفنا أن المندوب هو المدعو أيضًا لأمر مهم المدعو لأمر مهم والاسم قيل: الندبة مثل غرفة ندبة وجاء في الحديث: «انتدب الله لمن يخرج في سبيله» أي: أجاب له طلب مغفرة ذنوبه هذا. قال الفتوحي في ((شرح المختصر)): {حديث «انتدب الله» هذا مأخوذ من الندب «انتدب الله لمن يخرج في سبيله»}. أي: أجاب له طلب مغفرة ذنوبه، وندبت المرأة الميت ندبت، لماذا؟ لأنها نادبة فهو كالدعاء قيل: لأنها لما تعدد محاسنه كأنه يسمعها، فَنُزِّلَ منزلة الداعي المباشر. هذا المندوب في اللغة. أما في الاصطلاح: فحد بحدود كثيرة أشهرها ما ذكره الناظم هنا: {ما يثاب به ولا يعاقب على تركه}. كما قال صاحب الأصل.

مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ ** وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ لكن هذا الحد كما قيل في حد الواجب أيضًا نفسه، قيل: يأباه المحققون. لماذا؟ لأنه حد بلازم لا يوجد في الدنيا، يعني: ضبطه من جهة إيقاع الثواب وعدم إيقاع العقاب هذا لا وجود له في الدنيا، لأن الثواب المرتب على الواجب، والعقاب المرتب على ترك الواجب، والثواب أيضًا على فعل المندوب، وعدم العقاب على ترك المندوب، هذا أمر أخروي لا دنيوي، هذا أعظم ما يوجه من الاعتراض بالحد السابق، أو حد الواجب باعتبار الثمرة، والحكم أن الثواب والعقاب هذان أمران أخرويان، ونحن نريد أن نحد الواجب في الدنيا حينئذٍ يعسر علينا أن نرتب هذا على ذلك، كذلك يقال في المندوب أيضًا، قيل في حده ما ذكره الفتوحي في ((مختصر التحرير)): {ما أثيب فاعله ولو قولاً وعمل قلب ولم يعاقب تاركه مطلقًا}. ما: قلنا: اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل المكلف، وفعل المكلف حينئذٍ يكون جنسًا لأنه يتعلق به الإيجاب والندب إلى آخره إذن شملت ما هنا بعمومه شملت الواجب والمندوب والمحظور والمكروه والمباح. ما أثيب فاعله: خرج به الحرام أليس كذلك؟ والمكروه الحرام فاعل أو التارك؟ فاعل أو تارك؟ والترك فعل لا على الأصل، إذا قيل: ما أثيب فاعله، الفاعل هنا فاعل الحرام هل يثاب أم يعاقب؟ يعاقب إذن ما أثيب فاعله خرج به المحرم، لماذا؟ لأنه يعاقب فاعله، ما أثيب فاعله خرج به المكروه، لماذا؟ يثاب فاعله أو تاركه؟ يثاب تاركه، إذن خرج به المكروه، خرج به أيضًا المباح، لماذا؟ لا يثاب ولا يعاقب تاركه، لا يتعلق به مدح ولا ذم لا ثواب ولا عقاب، إذن بقوله: ما أثيب فاعله خرج به ثلاثة أحكام: الحرام، والمكروه، والمباح. أما الحرام فالثواب مرتب على الترك قصدا فإذا فعله عوقب. أما المكروه فالثواب مرتب على الترك. وأما المباح فلا ثواب ولا عقاب على فعله ولا تركه لاستوائهما. ولو قولاً وعملَ قلب: ولو قولاً مثل ماذا؟ التسبيح متى؟ في الصلاة أم في خارج الصلاة؟ التسبيح كأذكار الصلوات مثلاً، ولو قولاً كأذكار الصلوات، وعملَ قلبٍ مثل ماذا؟ مَثَّلَ الفتوحي بالخشوع في الصلاة على قول بأنه ليس واجبا، إذا قال: ما أثيب فاعله ولو قولاً وعمل قلب. نوع المثالين هنا باعتبار اللسان وباعتبار القلب، لم؟ ما الفائدة من ذكر القلب وعمل القلب هنا؟ ليشمل أعمال الجوارح ويكون نص عليها، بماذا؟ ما أثيب فاعله ما فعل المكلف وسبق أن فعل المكلف هذا يشمل أربعة أشياء وهي: الفعل الصريح وهذا لا إشكال فيه أنه داخل، والقول لكن هنا قال: ولو قولاً. هذه ولو كان تَمَّ مخالف أن المندوب لا يكون وصفًا للأقوال وأعمال القلوب، تكون لو هذه لدفع الخلاف والتنصيص والتأكيد على أن القول يكون موصوفًا بالمندوب، وكذلك عمل القلب يكون موصوفا بالمندوب، هذا إن كان هناك خلاف، وإن لم يكن خلاف فيكون حينئذٍ من باب التأكيد والتنصيص على أن المندوب كما يكون وصفا للأعمال الظاهرة يكون الفعل الصريح يكون وصفا أيضا للأقوال لأنها فعل، ويكون وصفا لعمل القلب لأنه فعل.

ولم يعاقب تاركه: خرج به الواجب لماذا؟ لأنه يعاقب تاركه، هنا قال: ولم يعاقب. إذن نفي للعقاب، والواجب يثبت فيه العقاب. ما أثيب فاعله هذا لم يخرج الواجب، لماذا؟ لاشتراك المندوب مع الواجب في ترتب الثواب على الفعل قال: ولم يعاقب تاركه. لإخراج الواجب لكن أي الواجب سبق أن الواجب أنواع منه: واجب معين. منه: واجب مخير. منه: واجب كفائي. منه: واجب موسع. الذي يخرج بهذه العبارة ولم يعاقب تاركه هو: الواجب المعين. كالصلوات الخمس وصوم رمضان مثلاً هذا واجب معين وواجب مغير بقي معنا الواجب المخير والواجب الكفائي والواجب الموسع هذه كما سبق في الواجب الدروس الماضية أن الذم ليس موجها إليها إلا بوجه دون وجه فالواجب الموسع متى يذم تاركه؟ نقول: يذم باعتبار ماذا؟ أول الوقت؟ إذا تركه مطلقا يعني: إذا أخرج الفعل كصلاة الظهر عن جميع الوقت أما إذا أخر الصلاة في أول الوقت إلى آخر الوقت نقول: هذا يصدق عليه أنه في أول الوقت تارك للواجب إلا أنه لا يتوجه إليه الذم لماذا؟ لأن الذم منصب على تركه إذا أخرجه عن وقته أما مجرد تأخيره من أول الوقت إلى آخره نقول: هذا فَعَلَ جائزًا. وإذا كان فاعل للجائز حينئذٍ لا يكون واجبًا وهذا سيأتي بحثه في المحرم نقول حينئذٍ: الواجب الموسع لا يذم إلا إذا أخرج الصلاة عن وقتها تامة فإذا قيل هنا في الحد من غير ذم على تركه هل خرج الواجب الموسع؟ لا لم يخرج الواجب الموسع فحينئذٍ احتجنا إلى قيد مطلقا لماذا؟ لإخراج الواجب الموسع لأنه يذم على تركه مطلقا باعتبار جميع الوقت وأخرج أيضا الواجب المخير لماذا؟ لأن الواجب المخير إذا ترك الخصلة الأولى كما في في ماذا؟ في كفارة اليمين نقول: إذا ترك الخصلة الأولى إنما تركها بشرط البدل وهو أن يأتي بالثاني أو بالثالث إذا ترك الخصلة الأولى يصدق عليه أنه تارك للواجب لكنه هل يذم مطلقا؟ الجواب: لا، متى يذم؟ إذا ترك جميع الخصال فحينئذٍ يذم من وجه دون وجه لذلك قال: مطلقا الإخراج الواجب المخير فإنه يذم على الترك مطلقا إذا لم يفعل أي خصلة من خصال الكفارة ونحوها.

الثالث: الواجب الكفائي متى يذم؟ إذا ترك الفعل جميع المخاطبين، وإذا ترك البعض وفعل البعض لا يُذم من ترك مع صدق أنه ترك واجبًا إذن لا يذم مطلقًا وإنما يذم إذا ترك الواجب الكفائي جميع المخاطبين فقوله: مطلقًا هذا لإخراج ماذا؟ الواجب الكفائي إذن قوله: ما أثيب فاعله ولو قولاً وعمل قلب ولم يعاقب تاركه مطلقًا. هذا يصدق على المندوب فقط وهو أحد الأحكام التكليفية عُرِّفَ أيضًا بتعريفات مختصرة الفعل المطلوب طلبًا غير جازمٍ الفعل هذا جنس يدخل فيه الواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح المطلوب خرج به المباح لأنه غير مطلوب طلبًا غير جازمٍ المطلوب طلبًا غير جازمٍ خرج الواجب والمكروه كيف خرج الحرام؟ الفعل المطلوب طلبا غير جازمٍ هذا ذكره بعضهم موجود المطلوب طلبًا هل المطلوب فعله طلبًا غير جازم أو المطلوب تركه طلبًا غير جازم؟ لم يبيَّن فحينئذٍ حد غير جامع يكون الحد غير جامع لماذا؟ لأن الطلب نوعان: طلب فعل، وطلب ترك. فحينئذٍ لا بد من التعيين أي الطلبين هو؟ الفعل المطلوب غير طلبًا غير جازمٍ هذا يدخل فيه المكروه والمندوب أليس كذلك؟ لأن غير الجازم أخرج الجازم وهو: الحرام، والواجب. والمطلوب أخرج المباح بقي معنا المندوب والمكروه فحينئذٍ لا يستقيم الحد وإن ذكره بعض الحنابلة ما أُمِرَ به أمرًا غير جازمٍ ما هذه جنس يصدق على فعل المكلف الأحكام التكليفية الخمسة تكون داخلة فيما أمر به خرج به أمر المباح أليس كذلك؟ وخرج به المكروه، والحرام بقي معنا الواجب هل النهي مأمور به؟ النهي بقسميه المكروه والحرام هل هو مأمور به؟ ليس مأمورًا به إذن ما أُمِرَ أُمِر هذا خرج به النهي بقسميه وهو: التحريم، والكراهة، وخرج به المباح بقي معنا الواجب والمندوب قال: ما أمر به أمرًا غير جازمٍ. خرج به الواجب أيضًا عُرف بكونه ما يكون فعله خيرًا من تركه وهذا واضح ما يحمد فاعله ولا يذم تاركه هذا أيضًا واضح هو الذي يكون فعله راجحًا في نظر الشارع، الأخير أن نقول: المندوب هو المطلوب فعله شرعًا. وهذا أجمعها وأحسنها هو المطلوب فعله شرعًا من غير ذم على تركه مطلقًا هو المطلوب فعله شرعًا من غير ذم على تركه مطلقًا المطلوب خرج به المباح فإنه لا يطلب لا فعلاً ولا تركًا لاستواء التخير فيهما المطلوب فعله خرج به المطلوب تركه وهو: الحرام، والمكروه. إذن خرجت بهاتين عبارتين أو الكلمتين ثلاثة أحكام المطلوب خرج به المباح فعله خرج به المطلوب تركه وهو: الحرام، والمكروه. شرعًا هذا لبيان شرعًا أن الحكم بالندبية هذا طريقه الشرع خلافًا للمعتزلة من غير ذم على تركه خرج به الواجب المعين والمضيق، مطلقًا خرج به الواجب الكفائي والواجب المخير والواجب الموسع على ما ذكر في الحد السابق وهذا أحسنها هذه المسألة الأولى وهي: تعريف المندوب.

المندوب له أسماء متعددة يصدق عليها يصدق على هذا الحد السابق قيل: منها المندوب. وهو الأصل وهو يعم كل ما سيذكر فيما بعد المندوب هذا جنس يعم كل ما سيذكر فيما بعد يسمى المندوب سنةً ومستحبًا وتطوعًا وطاعة ونفلاً وقربةً ومرغبًا فيه وإحسانًا هذه أسماء مختلفة تصدق على قدر معين اختلف الأصوليون هل هذه الأسماء مترادفة أم متباينة؟ هل هي مترادفة أم متباينة؟ الكل يشترك في جنس أو قدر معين أو قاسم مشترك وهو: ما أثيب فاعله وما لا يعاقب تاركه. على ما ذكره الناظم لكن هل تَمَّ فرقٌ بين بعد بذلك هل يقيد هذا الحد بصيغة لا تخرجه عن كونه ندبًا؟ هذا محل نزاع بين الأصوليين الجمهور على أنه مترادفة جمهور الشافعية والمالكية والحنابلة على أنها مترادفة وإن رتب بعضهم كالحنابلة فرقًا بينها من حيث الأجر إلا أنها مترادفة من حيث الحد والمسمى فهي أسماء لمعنى واحد وهذا قول الجمهور. والندب والسنة والتطوع ** والمستحب بعضنا قد نوعوا هكذا قال السيوطي وهو شافعي بعضنا إلا أن جمهور الشافعية على أنها مترادفة والقاسم المشترك بينها ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه، بعضهم فرق بينها بأن جعل للسنة مصطلحًا خاصًا والنفل مصطلحًا خاصًا إلى آخره والثلاثة الأول السنة والمستحب والتطوع هذه فرق بنيها بأن السنة ما داوم النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعله قالوا: ما داوم النبي - صلى الله عليه وسلم - على فعله فهو سنة. يسمى سنة هذا عند، عند من؟ عند المالكية بقيد وجوب الظهور وعند الحنفية وبعض الشافعية بلا قيد يعني: ما دوام عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمى عند بعض الشافعية بالسنة وعند المالكية بقيد الظهور. وسنة ما أحمد قد واظبا**عليه والظهور فيه وجبا يعني: كونها ظاهرة في جماعة وسنة ما أحمد قد واظب عليه والظهور هذا قيد زائد على ما ذكره بعض الشافعية وهو كون السنة ظاهرة في جماعة أما لو داوم عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته فلا يسمى سنة عندهم لا يسمى سنة إذن السنة ما داوم على فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - والمستحب ما فعله مرةً أو مرتين يعني: لم يواظب عليه والتطوع قالوا: هذا ما ينشئه الإنسان من عند نفسه. يعني: يختار من الأوراد المأثورة فيكون له وردًا معينًا قالوا: هذا يسمى تطوعًا لكن بشرط أن تكون الآثار واردة فيسمى تطوعًا لماذا؟ لأن العبد أو المسلم هو الذي اختار والأصل في التطوع هو الاختيار. فضيلة والندب والذي استحب**ترادفت ثم التطوع انتخب تطوع انتخب هذا يستوي فيه المصطلح عند الشافعية والمالكية وإن اختلفوا في مسمى السنة والمستحب وماذا؟ والفضيلة الفضيلة فضيلة والندب والذي استحب ترادفت يعني: أسماء لمسمى واحد ثم التطوع انتخب يعني: ما انتخبه الإنسان لنفسه من الأوراد المذكورة.

الحاصل: أن تَمَّ اصطلاحات مختلفة بين الأصوليين ينبني عليها تفرقة في الأسماء والتسمية فقط أما من حيث الحكم الشرعي فالكل يشترك بأنه ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه والأصح أن هذه الاصطلاحات كلها أو أكثرها حادثة ولذلك أنكر بعض الأصوليين بأنه ليس عندنا إلا فرض وسنة ولهذا قالوا: السنة ما واظب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أليس كذلك؟ طيب النبي - صلى الله عليه وسلم - حج مرةً واحدة وفعل فيها من السنن كيف واظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يسمى ما لم يكن واجبًا ولا ركنًا في الحج بأنه سنة؟ نقول: سنة أو لا؟ سنة نعم سنة يسمى سنةً لكن هل واظب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ الجواب: لا، لأنه لم يحج إلا مرة واحدة - صلى الله عليه وسلم - فحينئذٍ هذه الاصطلاحات كلها أو أكثرها حادثة ولا ينبني عليها حكمٌ شرعي إذن نقول: الأسماء التي وردت عن الفقهاء في معنى المندوب هذه الأصح أنها مترادفة أنها أسماءٌ لمعنى واحد الحنابلة يقولون: هذه الأسماء مترادفة. نقول: بالترادف إلا أن فيها أعلى وأدنى قالوا: أعلاها السنة وهو ما عظم أجره، وأدناها النافلة لماذا؟ لأنها تصدق على ما قل أجره وبينهما الفضيلة وهي ما توسط أجره نقول: هذا الاصطلاح ليس عليه رائحة دليل فضلاً عن دليل ولكن هذا من أفكار ونظر الأصوليين ولم يعتمدوا على دليل صريح إذن المسألة الثانية في أسماء. المسألة الثالثة في صيغ المندوب نقول: للمندوب صيغ أشهرها صيغة افعل ولتفعل أيضًا متى إذا وجدت قرينةٌ صارفةٌ عن الأصل وهو مطلق الوجوب إلى الندب بصيغة افعل، فالوجوب حققا** حيث القرينة انتفت وأطلقا لا مع دليلٍ دلنا شرعًا على** إباحة في الفعل أولى فعلا إذن صيغة افعل هي التي يثبت بها الندبية متى إذا اقترن بها قرينة صارفة عن أصلها وهو الوجوب إلى فرعها وهو الندب {((((((((((((((إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور:33]، هذا أمر كاتب والأصل فيها أنه للوجوب لكن نقول هنا للندب لماذا؟ {((((((((((((((إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} يعني كانوا مسلمين وفيهم صلاح الخير للإسلام وأهله. نقول الندب هنا مصروف والقرينة الصارفة هي السنة التقريرية لأن الآية نزلت وبعض الصحابة لم يحرر ما عنده من عبيد فأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فحينئذٍ أخذنا من هذه السنة التقريرية وهي سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عدم تحرير بعض الصحابة لما في أيديهم. نقول: هذه قرينة صارفة للوجوب إلى الندب. {((((((((((((((إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة:282] {((((((((((((((} هذا أمرٌ والأصل في الأمر الوجوب هل يجب في كل بيعٍ الإشهاد؟ لا إذن نقول هذا مصروفٌ أو لا؟ مصروف ما الدليل أو ما القرينة الصارفة؟ فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - باع واشترى ولم يشهد فدل على أن قوله تعالى: {((((((((((((((إِذَا تَبَايَعْتُمْ} هذا للندب.

الصيغة الثانية: نقول التصريح بالسنية جاء في رواية في بيان فضل رمضان «وسننت لكم قيامه» فالتصريح بالسنية هنا دليلٌ على أنه مندوب لأنه في مقابلة الفرض هذا هو الأصل وإن قد يطلق لفظ السنة لما يشمل الفرض «فمن رغب عن سنتي فليس مني»، «فمن رغب عن سنتي» هذا يشمل لماذا؟ لأن المراد به هنا الهدي العام الشامل للفرض والسنة بالمصطلح الخاص ولذلك اصطلح بعض حنابلة والمالكية على إطلاق لفظ الواجب على السنة عكس هذا، وبعضهم سمى الذي قد أكدا منها**بواجبٍ فخذ نقي وبعضهم يعني بعض الأصوليين وبعضهم سمى الضي قد أوكدا منها يعني السنة المؤكدة سماها ماذا بواجبٍ يقول بن أبي زيد القيرواني يقول: صلاة العيد سنةٌ واجبةٌ. يطلق لفظ الواجب على السنة وبالسنة أيضًا قد تطلق يراد بها اصطلاح الشرعي لا اصطلاح الأصوليين تطلق السنة يراد بها أيضًا ما يعم الواجب «فمن رغب عن سنتي فليس مني». الثالث الصيغة الثالثة: التصريح بالأفضلية كما جاء في حديث غسل الجمعة «ومن اغتسل فالغسل أفضل». جمهور العلماء على أن غسل الجمعة سنةٌ مؤكدة وليس بواجب أما قوله: «غسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم». هذا واجب يعني إيش؟ واجب بماذا؟ هل لفظ الواجب بالمعنى الذي أخذناه في الدروس الماضية هو معنى شرعي جاء في الشرع أم في لسان أهل الشرع ينبني عليهم مثل هذه المسألة الآن لذلك تعرف فالآن كما سبق أن بعض المصطلحات مأخوذةٌ معانيها من الشرع يعني دل عليها الكتاب والسنة وبعضها لا وإنما فُهم من الشرع لكن اللفظ الذي يدل ويوضع بإزاء هذا المعنى لا ينطلق عليه معنى كل ما وجدت اللفظ في لسان الشرع واضح هذا فإذا قيل واجبٌ ما هو الواجب؟ ما أثيب فاعله وعوقب تاركه مثلاً المعنى هذا مأخوذٌ من الشرع ولا شك لكن هل المعنى الشرعي هذا جُعِلَ بإزاء اللفظ؟ يعني: كلما أطلق لفظ الواجب في لسان الشرع حُمِلَ على معناه الذي ذكره الأصوليون الجواب لا انتبه لهذا وهو أن لفظ الواجب من حيث المعنى نعم ثبت بالشرع لأن الثواب والعقاب شرعيان لكن لا يُحمل كل ما مر عليك لفظُ الواجب على هذا المعنى لماذا؟؟ لأن الأصل في لفظ الواجب يحمل في الشرع معناه اللغوي الأصل في لفظ الواجب يحمل في لسان الشرع على معناه اللغوي إلا إذا عين له الشارع معنى فيصير حينئذٍ اللفظ حقيقة شرعية كالصلاة والصوم والزكاة والحج نقول: هذه لها معانٍ شرعية وألفاظٌ شرعية إذا أطلق اللفظ انصرف إلى المعنى الشرعي أما لفظ الواجب ومثله السنة ومثله القضاء نقول هذه لها معانٍ اصطلاحية عند الأصوليين فليس كلما مر عليك اللفظ لفظ السنة مثلاً في الشرع أو لفظ الواجب أو لفظ القضاء نقول: هذا يحمل على المعنى الاصطلاحي بل الأصل فيه أنه يحمل على المعنى اللغوي ومنه هذا الحديث «غسل الجمعة واجبٌ». أي: ثابتٌ لأن الأصل في الواجب أنه بمعنى الساقط أو الثابت متى صلح المعنى لواحدٍ منهما السقوط أو الثبوت حمل عليه حمل عليهما فحينئذٍ نقول: «غسل الجمعة واجب». بمعنى ثابت «على كل محتلم» فحينئذٍ لا يستدل به على وجوب غسل الجمعة.

هذه ثلاثة صيغ ومنها أن يرتب الثواب، وعدم العقاب إذا ورد في صيغة ما مثل بعضهم بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لبريرة «لو راجعتيه» قالوا: هذا في ترغيب وليس فيه ترتب العقاب فحينئذٍ يكون محمولاً على الندبية وهذه المسألة الثالثة ونقف أو نستمر نقف نكمل غدًا طيب خلاص طيب نكمل طيب. المسألة الرابعة: هل المندوب مأمورٌ به هذه يعنون لها بهذا التركيب هل المندوب مأمورٌ به وهذا فيه خلل لماذا؟ لأن اتفاق الأصوليين على أن المندوب مأمورٌ به باتفاق وإنما الخلاف هل المندوب مأمورٌ به حقيقةً أو مجازًا هذا محل النزاع وبعضهم يقول: المندوب هل هو مأمورٌ به أو لا؟ نقول هذا التركيب فيه نظر وإنما التركيب الصحيح في ذكر المسألة أو محل النزاع هل المندوب مأمورٌ به على جهة الحقيقة أو المجاز نقول فيه مذهبان: عامة العلماء على أنه مأمورٌ به يعني: أمر الشارع به فإذا أطلق لفظ أَمَرَ ومشتقاتها فحينئذٍ قد يكون المأمور به واجبًا وقد يكون المأمور به مندوبًا وهذا قول جمهور العلماء وهو الصحيح واختلفوا في الندب هل مأمور حقيقة فكونه المشهور أي فكونه مأمورًا به حقيقةً هو المشهور فإطلاق لفظ الأمر أمر ليس افعل المراد به لفظ أمر إذا قال: {((((اللَّهَ يَأْمُرُ (((((((((((} [النحل:90] {((((((((} هل يحمل على الوجوب أو الندب نقول: هو حقيقةٌ في الوجوب وحقيقةٌ في الندب أما لفظ افعل فهذا الصواب أنه حقيقةٌ في الوجوب إلا في الندب فبين مسألتين فرقٌ الخلاف في لفظ أمر ومشتقاته فحينئذٍ نقول: الصواب في المسألة أن الأمر مأمورٌ به فإذا جاء لفظٌ شرعي في الكتاب والسنة وليس ثم قرينة تعين المراد من الأمر كما سيأتي أنه واجب أو أنه مندوب حينئذٍ يصير اللفظ مجملاً فنحتاج إلى قرينة تبين المراد من لفظ الأمر ما الأدلة على أن المندوب مأمورٌ به؟ نقول: أولاً: شمول حد الأمر له هو يدخل في حد الأمر ما حقيقة الأمر؟ استدعاء الفعل هذا أصل في الأمر استدعاء الفعل استدعاء الاستدعاء معناه الطلب، والمندوب مستدعًا ومطلوب أليس كذلك؟ وهذا بالإجماع أن المندوب مستدعًا ومطلوب والأمر استدعاء فحينئذٍ نقول: المستدعى والمطلوب سواءٌ كان واجبًا أو مندوبًا يصدق عليه حقيقة الأمر إذا قيل الأمر حقيقته استدعاء الفعل والمندوب هو استدعى والواجب أيضا مستدعى المندوب مطلوبٌ والواجب مطلوبٌ فكما صدق لفظ الأمر على الواجب بلا خلاف حقيقةً كذلك يصدق لفظ الأمر على المندوب حقيقةً لماذا؟ لأن الشيئين إذا شملهما حقيقة واحدة لا يمكن أن يصدق على أحدهما حقيقة وعلى الآخر مجازًا لا يمكن لأن المندوب والواجب فرعان بلفظ أَمَرَ فإذا صدق لفظ أمر على الواجب حقيقةً لزم منه أن يصدق على المندوب حقيقةً إذن الدليل الأول نقول: لشمول حد الأمر للمندوب ما وجهه نقول: أن الأمر استدعاءٌ الفعل وكذلك المندوب استدعاءٌ للفعل.

الأمر الثاني: لذلك في منطق سبق معنا أن الفرس والإنسان هذان فرعان ل ونوعان للحيوان إذا صدق لفظ الحيوان على الإنسان حقيقةً لا يلزم من ذلك أن يصدق لفظ الحيوان على الفرس مجازًا أليس كذلك؟ ولو كان ثم فرقٌ بين الفرس والإنسان الفرس هذا حيوانٌ غير ناطقٍ والإنسان حيوانٌ ناطق كذلك الأمر أمر إيجاب وأمر ندبٍ واستحباب فصدق لفظ الحيوان على الإنسان وعلى الفرس مع اختلافٍ في فصل كلٍ منهما إطلاقه على الأول حقيقةً وإطلاقه على الثاني حقيقةً كذلك الأمر نوعان: أمرٌ جازم، وأمرٌ غير جازم، صِدْقُ الأمر على الجازم حقيقةً لا يلزم منه رفع صفةِ الأمر حقيقةً عن وصف المندوب به المندوب إليه لماذا؟ لأنهما حقيقتان داخلتان تحت جنسٍ واحد حقيقتان داخلتان تحت جنسٍ واحد. الأمر الثاني: مما يستدل به على أن المندوب مأمورٌ به حقيقةً ما شاع وذاع على ألسنة الفقهاء وأهل اللغة وهذه يكاد يكون اتفاق أن الأمر نوعان: أمر إيجاب، وأمر ندبٍ واستحباب، فإذا قُسم الشيء إلى قسمين لزم ضرورةً أن يكون المقسوم في ضمن كل قسم أليس كذلك؟ وهذا ما ذكرناه في السابق من كون الحيوان صادقًا على الفرس وصادقًا على الإنسان هنا قلنا: الأمر ينقسم إلى أمر إيجاب هذا قسم وينقسم إلى أمر ندبٍ واستحباب قسمان تحت مسمى واحد يستحيل أن يصدق المقسوم على أحدهما حقيقةً وعلى الآخر مجازًا هذا أمر. الثالث: أن يقال أطلق الله تعالى في الكتاب لفظ الأمر على المندوب إليه {((((اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي ((((((((((((} [النحل:90] {((((اللَّهَ يَأْمُرُ (((((((((((} أمر إيجاب أو أمر ندبٍ العدل كله واجب إذن {((((اللَّهَ يَأْمُرُ (((((((((((} والعدل كله واجب إذن دخل العدل والأمر به في لفظ {((((((((} {((((((((بِالْعَدْلِ ((((((((((((} هل الإحسان كله واجب؟ أو كله مستحب؟ أو منه ومنه؟ فيه وفيه منه ومنه فحينئذٍ يكون الإحسان المندوب هل هو داخل في لفظ {((((((((} أو لا؟ داخل، فحينئذٍ صدق لفظ الأمر على العدل وهو واجب كله وصدق على بعض الإحسان وهو مندوب {(((((((((((ذِي ((((((((((((} أيضًا منه ما هو واجب ومنه ما هو مندوب إليه وبعضهم يرى أنه كله مندوب إليه إذن صدقه على العدل وهو واجب وصدق يأمر على بعض الإحسان وهو مندوب وصدقه على بعض إيتاء ذي القربى وهو مندوب دل على أن الأصل في إطلاق اللفظ وهو أمر ويأمر على المندوب إليه حقيقة إذا احتمل اللفظ المجاز والحقيقة حُمل على الحقيقة فحينئذٍ حمل إطلاق الأمر على المندوب حقيقة أو مجاز؟ نقول: نحمله على الأصل وهو أنه حقيقة. {((((((((((((((((((((} [الأعراف: 19] العرف هذا (أل) للاستغراق أي: المعروف. وهذا يشمل ما هو واجب وما هو مندوب فحينئذٍ يكون المندوب مأمورًا به.

الدليل الرابع: أن المندوب طاعة وكل ما هو طاعة فهو مأمور به حقيقة المندوب طاعة هذه مقدمة صغرى وكل ما هو طاعة فهو مأمور به حقيقةً النتيجة المندوب مأمور به حقيقة الدليل على القاعدة أو المقدمة الصغرى المندوب طاعة الإجماع وكل ما هو طاعة فهو مأمور به ما الدليل؟ {((((((((((}، {((((أَطِيعُوا ((((}، {((((((((((} الطاعة مأمورة به أو لا؟ مأمورة به {((((أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور:54] الطاعة مأمور بها الذي يقابل الطاعة ما هو؟ العصيان الطاعة امتثال الأمر العصيان مخالفة الأمر الطاعة موافَقة أو امتثال الأمر والعصيان مخالفة الأمر فحينئذٍ إذا أمر الله بالطاعة يقابلها ماذا؟ العصيان فحينئذٍ يصدق لفظ الأمر على مطلق الطاعة الشاملة للمندوبات والشاملة للواجبات إذن نقول: القياس هذا من الشكل الأول وهو أن الطاعة أن المندوب طاعة وهذا بالإجماعة وكل ما هو طاعة فهو مأمور به حقيقةً ينتج أن المندوب مأمور به حقيقةً هذا يسمى قياسًا من الشكل الأول؟ هاه نسيتوا المندوب طاعة وكل ما هو طاعة فهو مأمور به في الحقيقة نعم. لكن من أي أنواع الأشكال؟ أي نعم الحد الوسط أين هو الحد الوسط؟ المندوب طاعة. وكل طاعة حمل بصغرى**وضعه بكبرى هذا قياس بشكل أول هذا قياس من الشكل الأول إذن عرفنا أن المندوب مأمور به حقيقة وهذا هو القول المرجح ذهب بعضهم إلى أنه مأمور به مجازًا واستدلوا بآية وحديث أما الآية فقوله تعالى: {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((((} [النور:63] قالوا: الرب جل وعلا رتب على مخالفة الأمر بماذا؟ بالعقاب وهو: الفتنة أو العذاب الأليم. هل المندوب إذا كان مأمورًا به حقيقةً يترتب على مخالفته العقاب؟ لا، قالوا: إذن المندوب ليس مأمورًا به حقيقة. والجواب عن هذا أسهل ما يكون وهو أن الأمر نوعان: أمر إيجاب، وأمر ندب واستحباب. متى يحمل أو يقال: إن لفظ أمر ويأمر محمول على الإيجاب والندب حقيقة إذا لم تكن تمَّ قرينة إما إذا وجدت قرينة تدل على أن المراد بالأمر هنا أمر إيجاب حمل عليه وهنا قرينة ظاهرة وهي: أن ترتيب العقاب على مخالفة الأمر دل على أن الأمر هنا. للإيجاب وليس مما هو نحن فيه {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ ((((((((((} المراد بالأمر هنا أمر إيجاب بدليل قوله: {(((تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((((}. ومعلوم أن اتفاق العقاب لا يترتب إلى على ترك الواجب فهذا قرينة وإنما يرد الإشكال فيما إذا أطلق ولم يقيد فحينئذٍ نقول: يصدق اللفظ على أمر الإيجاب وأمر الندب والاستحباب كذلك حديث «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». والسواك مأمور به والسواك مندوب إليه بالإجماع والنبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الأمر عن السواك وهو مندوب إليه فدل على أن تسمية السواك مأمورًا به مجازٌ لا حقيقة لماذا؟ لأن لولا هذه امتناع لوجوب لولا الامتناعية هذه التي يحذف خبر بعده وجوبًا. وبعد غالب حذف الخبر حتم وبعد لولا غالبًا حذف الخبر حتم

هكذا نعم فحينئذٍ نقول: لولا الامتناعية تفيد امتناع الجواب لوجود الشرط لولا زيد لأكرمتك لولا هذه تفيد امتناع الجواب الذي هو الإكرام ودخلت عليه اللام لوجود زيد لولا زيد، زيدٌ هذا مبتدأ أين خبره؟ محذوف لولا زيدٌ موجودٌ لأكرمتك إذن الإكرام منتفي لوجود زيد «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم». إذن الأمر منتفي لوجود المشقة إذن تقرر أن السواك مندوب إليه ونفى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مأمور ينتج ماذا؟ أن المندوب ليس مأمورًا به حقيقةً والجواب عن هذا أنه كالآية السابقة «لولا أن أشق». أصل المشقة مصاحبة للأمر أمر إيجاب وليست للأمر أمر ندب واستحباب فحينئذٍ يجعل قوله: «لولا أن أشق» أي: مشقة تترتب على الأمر الذي يترتب عليه الحتم واللزوم فحينئذٍ المنفي هنا أمر إيجاب: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم». أمر إيجاب وحتم ولكن لوجود المشقة انتفى الأمر، فحينئذٍ يجاب عن الحديث كما أجيب عن الآية السابقة، إذن الحاصل نقول: الصواب أن مندوب مأمورٌ به حقيقةً وعليه هل هناك ثمرة فقهية تترتب على هذا الخلاف؟ نقول: نعم، الصواب أنه يترتب عليه خلاف، لو قيل: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيادة المريض. وسكت على أي نحمل؟ أمر بعيادة المريض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراج ذوات الخدور، أمر: نحمله على أي شيء؟ على المذهب الأول أن المندوب مأمورٌ به حقيقة نقول: نتوقف حتى تأتي قرينة خارجة لأن اللفظ صار من المحتمل وهذا هو المجمل فصار اللفظ مجملاً لأن أَمَر بعيادة المريض، كم مثال هذا؟ أمر بعيادة المريض أن أو أمر بإخراج ذوات الخدور. نقول: أمر يصدق حقيقةً على أمر الإيجاب كم يصدق حقيقةً على أمر الندب والاستحباب فحينئذٍ استوى مصدر اللفظ فلا بد من قرينة خارجة عين أن المراد هنا أمر إيجاب أو أمر استحباب. لكن على القول الثاني: نحمله على ماذا؟ على الوجوب لماذا؟ لأن اللفظ حقيقةٌ في أمر الإيجاب إذا أطلق اللفظ وليس تم قرينة تدل على المجاز نحمله على الحقيقة، فحينئذٍ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراج ذوات الخدور على المذهب الثاني أَمَرَ أَمْرَ إيجاب لأن أصل اللفظ إذا أطلق انصرف إلى مدلوله الحقيقي، وهو أمر الإيجاب إذن هل هناك ثمرة على الخلاف أو لا؟ هناك ثمرة أو لا؟ إذن هناك ثمرة ورتب بعضهم على الأمر على المندوب المأمور بما رتب على الواجب سيأتينا إن شاء الله في باب الأمر هناك: أن الأمر للفور أن الأمر هناك للفور وإذا قلنا إن المندوب مأمورًا به حقيقة يكون أيضًا للفور، إذا قيل في الأمر فيما سيأتي أمر إيجاب ويطلق عليه لفظ الأمر حقيقةً إذا قيل فيه هل هو يفيد التكرار أم لا؟ وقلنا: الصواب أنه لا يفيد التكرار كذلك الأمر هنا أمر ندبٍ واستحباب لا يفيد التكرار وهذا خلافٌ جوهري خلافًا لما ذكر بعضهم أن الخلاف لفظي وليس معنويًا والصواب أنه جوهري.

المسألة الخامسة: هل المندوب حكم تكليفي أم لا؟ هذه المسألة مبناها على حد التكليف سبق أن التكليف قيل إلزام ما فيه مشقة وقيل: طلب ما فيه مشقة، إلزام ما فيه مشقة، وقيل: وطلب ما فيه مشقة. إذا قيل إلزام ما فيه مشقة، نقول: هذا موافقٌ لمعناه اللغوي موافقٌ لمعناه اللغوي لماذا؟ لأن التكليف في اللغة هو إلزام ما فيه كلفةٌ ومشقة يكلفه القوم ما نابهم**وإن كان أصغرهم مولدًا. تكلفه إلينا وقد شق واليها ** وعادت عوادًا بيننا وخطورا هذا معناه في اللغة. بعض الأصوليين رأى أن معناه الاصطلاحي موافقٌ لمعناه اللغوي فقال: التكليف في الاصطلاح إلزام ما فيه مشقة فحينئذٍ يختص الحكم التكليفي بنوعين فقط لا ثالث لهما وهما الإيجاب والتحريم، إذن الندب والكراهة والإباحة ليست من الأحكام التكليفية وإذا قيل: التكليف طلب ما فيه كلفة ومشقة هذا سبق معنا إذا قيل: التكليف طلب ما فيه كلفة ومشقة، دخل الندب والكراهة وخرجت الإباحة حد التكليف هو سبب النزاع في الندب هل هو حكم تكليفي أم لا؟ قال بعضهم إن التكليف طلب ما فيه مشقة فحينئذٍ لزم من ذلك أن يكون المندوب مكلفًا به، وقال بعضهم: إلزام ما فيه مشقة فحينئذٍ يلزم من ذلك أن يكون المندوب غير مكلفًا به والجمهور جمهور الأصوليين على أن المندوب ليس حكمًا تكليفيًا ليس حكمًا تكليفيًا وهو الذي اختاره صاحب جمع الجوامع قال السيوطي: وليس مندوبٌ وكرهٌ في الأصح ** مكلفًا ولا المباح فرجح في حده إلزام بالكلفة لا طلبه وليس مندوبٌ وكرهٌ في الأصح ** مكلفًا ليس مكلفًا به، ولا المباح فرجح. في حده: يعني حد التكليف إذا قيل المندوب والكراهة والمباح ليست أحكامًا تكليفيًا يترجح حد التكليف، فرجح في حده إلزام بالكلفة لا طلبه هذا بناء على ماذا؟ بناء على حد التكليف ولذلك سبق أن صاحب ((المراقي)) ذكر المسألة وذكر المسألة وذكر أنه لا يترتب عليها فرعٌ. وهو إلزام الذي يشق ** أو طلبٌ فاه بكل الخلق وهو: أي التكليف وهو إلزام الذي يشق أو طلب ذكر القولين فاه أي نطق بالكل من القولين خلق من الأصوليين فاه بكل خلق: لكنه أي هذا الخلاف. لكنه ليس يفيد فرعًا ** فلا تضق بفقد فرعٍ ذرعًا إذًا لا ينبني على هذه المسألة إلا في الأسماء فقط هل المندوب حكمٌ تكليفي أم لا؟ الصواب أنه حكمٌ تكليفي، والصواب أن التكليف إذا قلنا: طلب ما فيه مشقة أو عبرنا بتعبيرٍ آخر الخطاب بأمرٍ أو نهيٍ كما سيأتي في موضعه، نقول: على الحدين يدخل فيهما المندوب والمكروه، ولذلك سبق في التعريف، تعريف الحكم الشرعي قلنا شاملٌ للحكم الوضعي والحكم التا ... الحكم الشرعي التكليفي، والحكم الشرعي الوضعي بالاقتضاء. قلنا: هذا المراد بها الطلب والطلب نوعان.

طلب فعلٍ وطلب ترك، إذن شمل المندوب وشمل المكروه وبالاقتضاء المراد به الحكم الشرعي التكليفي، إذن دخل في حد الحكم الشرعي ولما قلنا بالوضع قلنا هذا ردًا على من أخرج الحكم الشرعي الوضعي فأدخلناه في حد الحكم الشرعي أو التخيير هذا بيانٌ لحكم الإباحة، وسيأتي إنها حكمٌ شرعيٌ لا تكليفي، إذن: الحرام والواجب والندب والكراهة الصحيح أنها تكليفية يرد الإشكال الذي استند عليه إمام الحرمين وغيره الجمهور في نفي وصف التكليف عن المندوب قالوا: إلزام ما فيه مشقة أو طلب ما فيه مشقة المندوب هل فيه مشقة؟ لفظ التكليف هذا فيه تطويق للعبد للمسلم أنه يفعل الشيء وفي نفسه نوع المشقة أو مشقة تامة أو بعض المشقة، هل المندوب إليه فيه مشقة أو لا؟ أمر حسي، هل إليه فيه مشقة أو لا؟ نقول: نعم فيه مشقة ولذلك ذكر الفتوحي: أنه قد يكون أشق من الواجب قد يكون المندوب فيه مشقة ومشقته تفوق مشقة الواجب الذي هو أصلٌ في التكليف بالإجماع، بالإجماع أن الإيجاب والتحريم حكمان تكليفيان لكن المندوب والمكروه فيهما خلاف قد يكون في المندوب من المشقة ما ليست في الواجب أليس كذلك؟ اعتكاف العشر الأواخر من رمضان فيها مشقة أو لا؟ فيها مشقة قيام الليل بسورة البقرة والنساء وآل عمران مندوبة أو ليست مندوبة فيها مشقة أو لا؟ فيها مشقة. صيام النهار في الصيف فيه مشقة أو لا؟ فيه مشقة. إذن بالحس والمشاهدة أن المندوب قد تكون فيه مشقة بل المشقة ثابتة فيه بل السواك قد يستخدم السواك دقيقة أو دقيقة ونصف هل فيه مشقة؟ ليست فيه مشقة، أليس كذلك؟ صلاة ركعتين بعد المغرب هل فيها مشقة ليست فيها مشقة. الذي أدى إلى بعض الأصوليين بنفي المشقة عن المندوب نفيها عن بعض الأفراد بعض أفراد المندوب لا شك أنه لا مشقة فيها، والبعض الآخر فيه مشقة وقد تكون أعلى مشقةً من الواجب هذا الإشكال أورده الزركشي في ((تشنيف المسامع)) وأجاب عنه بجوابٍ جميل قال: والمشقة المعتبرة في المندوب باعتبار الجنس لا باعتبار كل فردٍ فرد باعتبار الجنس يعني: جنس المندوب من حيث هو فيه مشقة أما انتفاء المشقة عن بعضٍ كالسواك، وركعتين خفيفتين نقول: انتفاء المشقة عن بعض الآحاد لا يلزم منه انتفاء المشقة عن الجنس وإثبات المشقة هذا مثله مثل الواجب أيضًا الواجب قد يصل الإنسان بإيمانه وتلذذه بالعبادة ويصلي أربع ركعات الظهر قد لا يجد فيها مشقة كأنها ثوانٍ مرت به انتفاء المشقة عن بعض أفراد الواجب لا يلزم منه انتفاء المشقة عن الجنس إذن نقول: اعتبار المشقة في المندوب باعتبار الجنس لا باعتبار كل فردٍ فردًا. المسألة الثانية التي جعلت بعضهم ينفي التكليف عن المندوب: هو التخيير، قالوا: المندوب مخيرٌ بين فعله وتركه فقاسوه على المباح فكما أن المباح ليس حكمًا تكليفيًا كذلك المندوب ليس حكمًا تكليفيًا لوجود التخيير، نقول: هذا يرد عليه بوجهين.

الوجه الأول: أن التخيير عبارة عما خير بين فعله وتركه، والندب مطلوب الفعل أو مطلوب الترك مطلوب الفعل، هل مطلوب الفعل وكونه أرجح من تركه أم يستويان مطلوب الفعل مع ترجيح والأرجحية أم مع سواء الترك؟ أرجحية، مطلوب الفعل وكون فعله أرجح من، من تركه أم المباح فالتخيير فيه والخيرة يكون باستواء الطرفين يستوي الفعل والترك حينئذٍ نقول: التخيير في الندب ليس مساويًا للتخيير في المباح فحينئذٍ يكون قياس مع الفارق وإذا ثبت أن القياس مع بعض الفوارق هذا يعتبر نقضًا للقياس، وكون المندوب يقاس على المباح في التخيير، نقول: هذا قياسٌ فاسدٌ لأنه مع الفارق لأن التخيير في المباح مع استواء الطرفين لا أرجحية للفعل مع الترك ولا للترك على الفعل أم المندوب فلا، فيترجح فعله مطلقًا ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول قاعدة: والمندوب يجوز تركه. هذا من جهة الفعل. والمندوب يجوز تركه ولا يجوز اعتقاد ترك استحبابه يجوز تركه ولا يجوز اعتقاد ترك استحبابه فإذا ترك الركعتين من السنن الرواتب نقول يجوز أن لا تفعل لكن هل تعتقد ترك الاستحباب أنها غير مستحبة؟ هل يجوز إذا ترك السنن الرواتب مثلاً لم يصل راتبة العشاء إذا ترك نقول: يجوز له الترك. لماذا؟ لأن المندوب جائز الترك مطلقًا لكن هل يجوز أن يعتقد أن الركعتين غير مستحبة؟ لا، لا يجوز. لماذا؟ لأن المندوب مطلوب الفعل مطلقًا سواءٌ فَعل المكلف أو لم يفعل فلو جاز أن يعتقد أن ترك الاستحباب لما فاته ثواب أليس كذلك؟ لو اعتقد أن هاتين الركعتين اللتين تركهما ليستا مستحبتين إذن ماذا فاته من الثواب؟ استوى هو ومن يفعل أليس كذلك؟ نعم. إذن الأول نقول: التخيير عبارةٌ عن ما خير بين فعل وتركه والندب مطلوب الفعل مثابٌ عليه فلم يحص التساوي بين المندوب والمباح. الأمر الثاني في الرد على من قال: بأن المندوب للتخيير فيه لا يعتبر تكليفًا أن التخيير يُضاد الاقتضاء أما قلنا: بالاقتضاء أو التخيير لو كان التخيير داخلاً في حيز المندوب إذن ما المفارقة بينهما أو هذه للتنويع والتقسيم فحينئذٍ نقول: بالاقتضاء يضاد التخيير فلا خيرةً شرعية للندب والكراهة في المكروه كما سيأتينا أنه مطلوب الترك هل يستوي مع فعله؟ لا يستويان بل هو مطلوب الترك بأرجحية على الفعل كذلك هنا المندوب مطلوب الفعل بأرجحيةٍ على على الترك. المسألة الأخيرة نقول: هل يلزم المندوب للشروع فيه أو لا؟ هذه مسألة خلافية صورتها أنه قبل الفعل قبل التلبس بالمندوب يجوز تركه أن لا يصلي أن لا يقوم الليل أن لا يصوم الاثنين والخميس لكن لو فعل وتلبس بالفعل هل يجب عليه إتمامه أم لا هذا محل خلاف، إذا تلبس بالمندوب هل يجب عليه أن يتمه إلى آخره أم لا فيجوز حينئذٍ أن يقطعه بلا عذرٍ ولا قضاءٍ ولا إثم هذه مسألة فيها نزاع فيها مذهبان الجمهور على أن الشروع أو التلبس بالنفل لا يلزم منه إتمامه لا يلزم منه إتمامه يعني: يجوز أن يتلبس بالمندوب ثم يتعمد بلا عذرٍ قطعه يجوز أن يصوم فإذا وصل إلى الزوال قطع صومه وهل يلزمه قضاء؟ الجواب لا هل يأثم؟ الجواب لا، هذا مذهب الجمهور. وبالشروع لا تلزمه، وقال نعمان: بلى.

المذهب الثاني: أنه يلزمه بالشروع إذا دخل وتلبس بالمندوب لزمه إتمامه وهذا مذهب أكثر الحنفية والمالكية مذهب أكثر الحنفية والمالكية إلا أن الحنفية عمموا في جميع المندوبات، أما المالكية فلهم تفصيل خصوا الإيجاب إيجاب الإتمام في سبع مسائل فقط، لذلك صاحب ((المراقي)) مالكي فقال: والنفل ليس بالشروع يجب هذه القاعدة العامة والنفل ليس بالشروع يجب يعني: إذا شرع في الندب لا يلزمه إتمامه. والنفل ليس بالشروع يجب ** في غير ما نظمه مقرب الذي هو الحطاب، نظم بعض المسائل التي فيها خلاف عندهم التي يلزم يلزمه أي الشارع إتمامها. في غير ما نظمه مقرب قف واستمع مسائلاً قد حكموا ** بأن هذه بالابتداء تلزم صلاتنا وصومنا وحجنا ** وعمرة لنا كذا في كافنا طوافنا مع ائتمام المقتدي **فيلزم القضاء بقطع عامد إذا تعمد قطع المندوبات السبعة المذكورة يلزمه القضاء وهل يترتب عليه الإثم أم لا؟ قالوا: إن قطع بلا عذرٍ أثم وإن قطع لعذرٍ شرعي لا إثم. هذا المشهور، وبعضهم يعكس إذن هذا عند المالكية. أما عند الأحناف فجميع المندوبات يلزمه إتمامها بمجرد الشروع فيها.

أدلة القائلين بالجواز جواز قطع المندوب قول - صلى الله عليه وسلم -: «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر»، «الصائم المتطوع»، «المتطوع». هذا يقابل الواجب ولذلك الكلام في النوافل «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر» إذن خيره بين الإتمام وهذا مستحبٌ ولا إشكال فيه متفقٌ عليه وخيره بين قطعه ولو عمدًا بلا عذرٍ ولم يرتب عليه قضاءً ولا إثمًا، يرد الإشكال أن الحديث في الصوم فقط وأنتم تقولون: الصلاة والقراءة والاعتكاف إلى آخره. قالوا: النص في الصوم ويقاس عليه سائر المندوبات يقاس عليه سائر المندوبات لكن هذا يمنعه الأحناف والمالكية لقوله تعالى: {((((تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((((} [محمد:33] {(((((((((((((((((} أعمال هذا جمع مضاف فيعم كل عمل سواءٌ كان واجبًا أو مندوبًا إذن {((((((((((((((((} هذا نهي والنهي يقتضي التحريم النهي يقتضي التحريم ويستلزم وجوب ضده وقال: {((((((((((((((((} إذن هو منهي عن أبطال وقطع العمل سواءٌ كان واجبًا أو مندوبًا أيضًا استدلوا بحديث الأعرابي الذي أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن الصلاة إلى آخره فقال: هل عليّ غيرها. قال: «لا، إلا أن تطوع» يعني: الاستدلال متصلٌ أو منفصل هنا متصل، هم فهموا الاتصال قالوا: هل عليّ غيرها؟ عليّ هذا وجوب على تفيد الوجوب هل عليّ غيرها. قال: «لا، إلا».

إذن عليك غيرها عليك: «إلا أن تطوع» فيلزمك الإتمام إذن أخذًا من الآية {((((تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((((} [محمد:33]، وأخذًا من الحديث وجريًا على القاعدة أن الأصل في الاستثناء الاتصال قالوا: يجب إتمام المندوب إذا شرع فيه المكلف لأنه منهيٌ عن إبطال العمل مطلقًا واجبًا كان أو مندوبًا وجاء في الحديث: «إلا أن تطوع» فيلزمك حينئذٍ إتمام ما بدأت به تطوعًا هو تطوعٌ قبل الشروع ثم بعد ذلك انتقل بالابتداء من المندوب إلى الواجب هذا حجة من؟ الأحناف والمالكية ما الجواب عنها؟ بماذا نجيب عن الآية؟ {((((تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((((} بماذا؟ هاه يا إخوان! كيف {((((تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((((} أصح ما يقال أجيب بعدة إجابات النهي للتنزيه الأخيري لكن أصح ما يقال أن الإبطال هنا المراد بالردة لسياق الآية، السياق والسباق محكم الكلام الآن في الإبطال بالردة الآية التي قبلها {((((الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ((((} [محمد:32] إذن الآية {((((الَّذِينَ (((((((((} قال: {((((((((((((أَعْمَالَهُمْ ((((} ثم قال: {(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إِنَّ الَّذِينَ (((((((((} [محمد:33،34] إذن الكلام بماذا؟ في سياق الكفر والردة وحينئذٍ يكون الإحباط هنا أو الإبطال مقيد بالردة لكن بالموت عليها كما في آية البقرة إيش آية البقرة؟ {((((يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ (((((((((((((} [البقرة: 217] إذن فلا تبطلوا {((((تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((((} بالردة بالسياق والسباق لأنه محكم في فهم النصوص وهذا ما اختاره ابن كثير في تفسيره وهو الأرجح أنها مقيدة بالردة أيضًا مقيدة بالردة متى؟ بالموت عليها لآية البقرة هذا الجواب عن الآية والحديث «إلا أن تطوع». نقول: «إلا أن تطوع» الأصل في الاستثناء الاتصال وهذا مسلم به ولكن دل الحديث «الصائم المتطوع أمير نفسه». دل على أن الاستثناء هنا منقطع لا متصل لماذا؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الصائم المتطوع أمير نفسه فلو كان الصيام المتطوَّع به يلزم بالشروط لما خيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الفطر والإتمام وثبت في عدة أحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أصبح صائمًا ثم بعد ذلك أفطر أنه أصبح صائمًا ثم أفطر يجاب بهذين الأمرين عن ماذا؟ عن الآية والحديث إذن حجة الأحناف الآية والحديث، يجاب عن الآية بأنها مقيدة بالردة ويجاب عن الحديث بأن الاستثناء منقطع لا متصل بالدليل السابق. هذه المسألة الأخيرة وهي: أنه لا يلزم الشارع في المندوب إتمامه ولكن لم يختلفوا في أنه يستحب الإتمام أنه يستحب الإتمام ولو جاز قطعه. وَالنَّدْبُ مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ ** وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ هذا على الحد المشهور وهو تابع فيه الأصل الجويني رحمه الله.

(وَالنَّدْبُ مَا) يعني: فعل المكلف جنس يشمل جميع الأحكام التكليفية (فِي فِعْلِهِ) في بمعنى على في بمعنى على كما سبق بيانه (فِعْلِهِ الثَّوَابُ) ما الثواب في فعله؟ الثواب هذا مبتدأ وفي فعله خبر مقدم خرج بالثواب في الفعل على الفعل المترتب على إيجاد وإيقاع الفعل لأن الإضافة هنا كما سبق الأصل فيها التغاير وأنه من باب إضافة التأثير إلى الأثر وإلا لصار عينه (مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ) خرج به المباح والمكروه والحرام، لأن المباح في فعله العقاب ليس الثواب، والمباح لم يترتب على فعله ولا تركه عقاب ولا ثواب، والمكروه في تركه الثواب ليس في فعله، والثواب كما سبق المراد به إيقاع الثواب وهو: الجزاء مطلقًا، سواء كان جزاء الخير بالخير أو جزاء الشر بالشر. لكل أخي مدح ثواب علمته ** وليس لمدح باهلي ثواب أي: جزاء. (وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ) هذا هو الجزء الثاني من الوصف الخاص بالمندوب (وَلَمْ يَكُنْ) كان هذه تامة وليست ناقصة، لأن كان تأتي ناقصةً وهي التي تحتاج إلى منصوب ترفع وتنصب. ترفع كان المبتدأ اسمًا ** والخبر تنصبه ككان سيدًا عمر وتأتي كان أيضًا تامة. وذو تمام ما برفع وإن كان ذو عسرة تفسر بمعنى حدث وحصل ووجد وإن كان ذو عسرة يعني: وجد أو حصل، وتأتي زائدة. وقد تُزَادُ كان في حَشْوٍ كما ** كان أَصَحَّ عِلْمَ مَنْ تقدمَّا زاد بعضهم كان الشأنية، هذه أربعة أقسام المراد بكان هنا التامة (وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ) يعني: ولم يوجد ولم يحصل ولم يحدث. (فِي تَرْكِهِ) في بمعنى على (تَرْكِهِ) خرج به الواجب. (فِي تَرْكِهِ عِقَابُ) خرج به الواجب لأن الواجب في تركه عقاب، وهنا المنفي العقاب المترتب على الترك. (تَرْكِهِ) لا بد من تقييده مطلقًا لإخراج الواجب المخير والواجب الكفائي والواجب الموسع. (وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ) عقاب كما سبق أنه في اللغة نقص، التنكيل على المعصية. ومن عصاك فعاقبه مُعاقبةً**تنهى الظلومَ ولا تقعدْ على ضَمَدِ هذا ما يتعلق بالمندوب ويأتي إن شاء الله غدًا الكلام على المستحب. وصلّى الله وسلم على نبينا محمد.

11

عناصر الدرس * تابع هل يلزم المندوب بالشروع فيه؟ * المباح لغة واصطلاحا. * أسماء المباح. * أقسام الإباحة. * هل المباح حكم شرعي؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: كان آخر درس لنا في بيان القسم الثاني من الأحكام التكليفية وهو: الندب. كما سبق في قوله: وَالنَّدْبُ مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ ** وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ وذكرنا عدة مسائل في هذا المبحث أوصلناها إلى ستة وكان آخر مسألة وقفنا عليها هي مسألة هل يلزم بالشروع في المندوب إتمامه إذا شرع في المندُوب؟ المندوب قبل الشروع فيه نقول: هذا حكمه أنه يجوز تركه. يعني: أن لا يتلبس به. ولكن إذا تلبس به كأن يكون كبر للصلاة النفل أو شرع في صوم نفل فهل له أن يقطع هذا النفل كما أنه يجوز له تركه ابتداءً؟ هل له أن يتركه عرضًا وثانيًا؟ يعني: بعد أن يشرع فيه؟ قلنا: هذه للأصوليين في هذه المسألة مذهبان: المذهب المشهور وهو: مذهب الجمهور العلماء أنه لا يلزم بالشروع فيه وهو مذهب الشافعية والحنابلة، أكثر الشافعية والحنابلة على هذا. والمذهب الآخر: أنه يلزم بالشروع فيه يعني: يجب إتمامه. فحينئذٍ لو قطعه لأثم على تفصيل لأثم مع وجوب القضاء وهذا ذكرنا أنه مذهب الحنفية والمالكية إلا أن تم فرقًا بين المذهبين مذهب الحنفية والمالكية أن مذهب الحنفية عام في جميع المندوبات أما مذهب المالكية فهو خاص ببعض المندوبات دون بعض عدها بعضهم إلى سبعة أنواع والنفل هذه القاعدة العامة عند المالكية. والنفل ليس بالشروع يجب ** في غير ما نظمه مقرب قف واستمع مسائل قد حكموا ** بأنها بالابتداء تجزم صلاتنا وصومنا وحجنا ** وعمرة لنا كذا اعتكافنا لا طوافنا مع اهتمام المبتدي ** فيلزم قضاء بقطع عمد إذا تعمد يلزمه القضاء على تفصيل أيضًا في هذه المسائل السبع عندهم، إذن القاعدة العامة عند المالكية لا ينسب إليهم القول مطلقًا يقال: المالكية يقولون بوجوب إتمام المندوب إذا شرع فيه لأن قاعدة عامة كما قال صاحب ((المراقي)) وهو مالكي: والنفل ليس بالشروع يجب. هذا وافق قول الشافعية كما قال السيوطي في ((الكوكب الساطع)): وبالشروع لا تلزمه ** وقال نعمان بلى وبالشروع لا تلزمه يتكلم عن الندب. والندب والسنة والتطوع ** والمستحب بعضنا قد نوعوا والخلف لفظي وبالشروع لا تلزمه إذن إذا شرع في الندب أو المندوب حينئذٍ لا يلزمه الإتمام مطلقًا عند الشافعية وعند الحنابلة أما عند المالكية فالأصل أنه لا يلزمه الإتمام إلا في سبعة مسائل ولذلك لو أطلقت القاعدة عند المالكية لما بعد أن يضم ولذلك نقول: قول الجمهور. إذا قيل: قول الجمهور، والمالكية والشافعية المالكية والحنفية على بعض قول والشافعية والحنابلة كيف يكون قول الجمهور؟ لكن نضمه إلى الشافعية والحنابلة المسائل التي لم يقل فيها المالكية بوجوب الإتمام لأن قاعدة عامة. والنفل ليس بالشروع يجب ** في غير ما نظمه مقرب

قلنا: الصواب في هذه المسألة أنه لا يلزمه الشروع فيها فحينئذٍ إذا شرع المكلف في مندوب نقول: يجوز له إتمامه ويجوز له قطعه ولا إثم ولا قضاء الدليل على هذا أنه لا يلزمه بالشروع فيه ما ورد في الصيام كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء أفطر وإن شاء صام». إذن خيره بين الإتمام والقطع خيره بين الإتمام والقطع فلو كان الإتمام واجبًا لمن شرع في صوم النفل لما جاز له قطعه ووردت أحاديث كثر في هذا المعنى. الأمر الثاني الذي يستدل به على أنه يجوز قطع المندوب: إجماع الصحابة السكوتي لأنه تناقل أو نقل كثير من الأصوليين وغيرهم أنه صح عن أبي الدرداء، وأبي طلحة، وأبي هريرة، وابن عمر، وحذيفة، وابن عباس أنهم كانوا يصومون تطوعًا ثم بعد ذلك لا يتمونه يعني: يقطعونه. حصل هذا وانتشر واشتهر ولم ينكر بعضهم على بعض وهذا هو حقيقة الإجماع السكوتي وهو وإن كان ظنيا إلا أنه حجة. الأمر الثالث الذي يستدل به على هذا وهذا يحتاج إلى بحث في إثبات هذا الأثر إن صح فإنه له مكانته: أخرج البيهقي في السنن وفي مصنف عبد الرزاق أيضًا عن ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا قال ابن عمر: لا بأس به ما لم يكن نذرًا أو قضاء رمضان. يعني: ما لم يكن واجبًا لا بأس به يعني: عدم إتمام الصوم. لا بأس به ما لم يكن نذرًا أو قضاء رمضان وقال ابن عباس: إذا صام الرجل تطوعًا ثم شاء أن يقطعه قطعه - وهذا لا إشكال فيه واضح - وإذا دخل في صلاة تطوعًا - وهذا إثباته يفيد من قاس الصلاة على الصيام - وإذا دخل في صلاة تطوعًا ثم شاء أن يقطعها قطعها حينئذٍ قاس الصحابي لأنه لم يرد في النص الصلاة وإنما ورد النص في الصيام قاس الجمهور الصلاة وغيرها على الصيام وهنا ابن عباس يقول: إذا دخل في صلاة ثم إذا شاء قطعها قَطعها. فحينئذٍ يدل على أن هذا القياس له أصل من قول الصحابي رضي الله تعالى عنه.

الرابع الذي يستدل به على عدم لزوم الإتمام لمن شرع في المندوب التعليم أن يقال: آخر المندوب من جنس أوله كما أنه في أول المندوب قبل الشروع فيه هو جائز الترك فحينئذٍ آخره أيضًا جائز الترك ولا فرق لا فرق بين أوله وآخره هذا أدلة الجمهور وأما أدلة أبي حنيفة وبعض المالكية قلنا: هذا محصور في آية وحديث ولهم تعليل أما الآية فهي قوله تعالى: {((((تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((((} [محمد:33] قلنا: السياق والسباق محكم نحكم على أن الآية مقيدة بالردة {((((تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ((((} يعني: بالكفر والردة. الأمر الثاني حديث الأعرابي هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع». قالوا: الأصل فيه الاستثناء أن يكون متصلاً يعني: هل عليَّ هذا للوجوب هل عليَّ هل يلزمني هل يجب عليَّ غيرها قال: «لا - ليس عليك غيرها - إلا أن تطوع». فيلزمك حينئذٍ إتمامه وإن كان الأصل أنه تطوع هذا حجة أبي حنيفة وغيره «إلا أن تطوع». أجبنا على الأول بأن الآية مقيدة بالردة وهذا نجيب عليه بأن الاستثناء هنا منقطع يعني: بمعنى لكن «إلا أن تطوع». ما الدليل على أن الاستثناء هنا محمول على المنقطع وإن كان الأصل أنه يحمل على المتصل؟ حديث الصائم «الصائم المتطوع أمير نفسه» لو كان «إلا أن تطوع» هذا عام يشمل الصوم وغيره لكن الحديث دل على أن النفل ليس المراد به أنه يلزم بالشروع فيه يعني: بنص الحديث. ولذلك يكون التقدير «إلا أن تطوع» فيكون لك أن تفعل يعني: زيادة على الواجبات. استدل البعض الحنفية أيضًا بحديث ضعيف أن عائشة رضي الله تعالى عنها وحفصة قد أصبحتا صائمتين متطوعتين فأتاهما حيث فأفطرتا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهما: «اقضيا يومًا مكانه». هذا أمر والأمر يدل على الوجوب هذا الحديث نقول: لا يصح الاستدلال به لأنه ضعيف وإن صح حمله بعضهم على «اقضيا». أنه على الاستحباب بدليل الأدلة السابقة في كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أصبح صائمًا ثم أفطر، وفي حديث الصائم وفي قول ابن عباس بل الإجماع سكوتي بل الإجماع السكوتي.

الأمر الرابع: قالوا: قياسًا على الحج والعمرة المتطوع بهما. الحج والعمرة إذا شرع المكلف في الحج تطوعًا وفي العمرة تطوعًا يلزمه الإتمام أليس كذلك؟ وهذا بالإجماع، محل الخلاف في غير الحج والعمرة المتطوع بهما، محل الخلاف بين الجمهور والأحناف وبعض المالكية في غير الحج والعمرة، قالوا: قياسًا على الحج والعمرة المتطوع بهما قياسًا عليهما باقي المندوبات لا يجوز قطعها كما أن حج النفل لا يجوز قطعه والعمرة كذلك هذا دليل أو ليس بدليل؟ دليل من باب القياس أنتم تقولون أن النفل يجوز قطعه والحج نفل لا يجوز قطعه والعمرة نفل ولا يجوز قطعها فحينئذٍ أجاب الجمهور بأجوبة قالوا: فرقٌ بين سائر النوافل والمندوبات والحج والعمرة المتطوع بهما قالوا: العمرة والحج حُكِيَ الإجماع إجماع الصحابة وإن كان ابن حزم رحمه الله يخالف حكي الإجماع أنه يجب المضي في فاسدهما إذا فسد الحج النفل والعمرة النفل متى يفسد الحج؟ بالجماع قبل التحلل الأول فحينئذٍ يجب المضي في الحج وهو نفل فإذا وجب المضي في فاسد الحج نفلاً، وجوبه في صحيح تطوعه من بابٍ أولى وأحرى نحن نريد أن نستدل على أن الصحيح المتطوع به من الحج والعمرة بوجوب المضي في الفاسد منهما قالوا: فإذا وجب المضي في فاسد الحج وهو نفل وفاسد العمرة وهي نفل وجوبه في الصحيح من بابٍ أولى وأحرى. هذا جواب وسيأتي ما هو أولى منه وقيل: أن الفرض فرض الحج والعمرة تستوي مع نفل الحج والعمرة فرض الحج يستوي مع نفل الحج في ماذا؟

أولا: ً في النية لأن النية لا تختلف نية الحج الفرض الدخول في النسك هي عينها نية الحج النفل وكذلك نية العمرة الفرض على القول بوجوبها في العمر مرة هي عينها نية العمرة النفل لاستوائهما في النية حمل النفل الحج والعمرة على الواجب كما أنه يجب المضي فيما وجب من الحج والعمرة كذلك يجب المضي في ما فسد من نفل الحج والعمرة هذا جواب وأحسن منه أن يقال: أن الحج لا يخلو من حالين كل من حج كلا من حج، لا يخلو الحاج عن أحد أمرين: إما أن لا يكون قد حج فحينئذٍ يقع الحج فرض عين، وإما أنه قد حج وحينئذٍ يكون الحج فرض كفاية. ولذلك نص بعضهم أن الحج لا يكون نفلاً أبدًا لماذا؟ لأنه يجب على المسلمين من فروض الكفايات أن يحج كل عام من يقوم به الكفاية إقامة شعائر الحج فرض كفاية لو سلم جدلاً أن كل المكلفين قد حجوا فرض عين نقول: هذه السنة لا نحج لأن كل المكلفين قد حجوا فرض عين نقول: يتعين فرض كفاية على المسلمين أن يقوم بعضهم بهذه الشعائر فحينئذٍ شعائر الحج وإقامتها تعتبر من فروض الكفايات وفرض كفاية واجب والواجب الأصل أنه إذا شرع فيه حينئذٍ يلزمه إتمامه هذه ثلاثة أجوبة وأحسن ما يقال فيها إن إتمام الحج النفل واجب وإتمام العمرة النفل واجب امتثالاً لقوله تعالى: {(((((((((((الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] لا نحتاج إلى تلك التعليلات، إذا ورد النص فحينئذٍ لا مجال للنظر {(((((((((((((((((((} هنا أطلق الحج الفرض والحج النفل {((((((((((((((} هذا أطلق فرض والنفل ولذلك اعترض على من استدل بهذه الآي على وجوب العمرة أليس كذلك؟ الأمر هنا هل قال: حجوا واعتمروا؟ حتى نقول: العمرة واجبة كما أن الحج واجب؟ لا قال: {(((((((((((((((((((} إذن هو أمر بالإتمام لا بالحج وحينئذٍ حتى هذه الآية في إثبات وجوب الحج لا يستقيم الاستدلال بها وإنما محصور الاستدلال بها في وجوب الإتمام فقط والحج مطلق سواء كان فرضًا أو نفلاً كذلك العمرة على القول بوجوبها سواء كانت فرضًا أو نفلاً هذا ما يعترض به على هذه المسألة. والحج ألزم بالتمام شارعا ** إذ لم يقع من أحد تطوعا هكذا اختاره السيوطي تبعًا لابن السبكي في ((جمع الجوامع)) والحج ألزم لأنه قال: وبالشروع لا تلزمه ** وقال نعمان بلى أورد عليه الحج النفل والعمرة النفل، قال: والحج ألزم يعني: ألزم الحج. والحج ألزم بالتمام شُرَّعَا شارعا ** إذ لم يقع من أحد تطوعا

لا يقع إلا فرض عين أو فرض كفاية وهذا تضعه في الرد هو مستقيم في نفسه لكن إذا وجد النص فحينئذٍ لا نعدل إلى التعليل نجعل أولاً قوله تعالى: {(((((((((((الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196]. ثم بعد ذلك نقول: إقامة الشعائر فرض كفاية على المسلمين فمن حج ولم يكن قد حج فهو فرض عين ومن لم يحج فهو فرض كفاية إن لم يقع من أحد تطوعا حينئذٍ لا يكون الحج نفلاً وهذا قد يفوت الكثير الحجاج لبيت الله ممن يكررون الحج يظن أنه يحج نفلاً وهو قد نوى الشروع في الحج لكن إذا لم ينو أنه فرض كفاية وقد نوى النفل يجزئ أو لا يجزئ؟ يجزئ؟ نعم يجزئ لماذا؟ لأن الحج لا يقع نفلاً فحينئذٍ لو نوى أنه نفل وقع على أصله كما قيل فيمن حج عن غيره ولم يحج عن نفسه لو لبى قال: لبيك اللهم حجًا عن فلان. جمهور الفقهاء على أنه يقع عن نفسه لماذا؟ لأنه لا ينعقد الإحرام إذا لم يحج في نفسه إذا لم يحج عن نفسه، إذن هذا ما يتعلق بالندب. ثم شرع في بيان الحكم الثالث من الأحكام الشرعية قال: وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا بَلْ وَلا عِقَابِ أردف أو نقول: ثلث بالمباح بعد الواجب والمندوب قد عرفنا أن للأصوليين في هذا الموضع اختلاف من جهة التصنيف فقط بعضهم يقدم الواجب ثم المحرم ثم المباح ثم المندوب ثم المكروه وبعضهم يؤخر المباح إلى ما بعد المكروه وقلنا: الأولى أن يقدم الواجب ثم المندوب ثم بعد ذلك قد يلاحظ أن المكروه والمندوب أن المكروه والمحرم حكمان تكليفيان وحينئذٍ الأولى أن يقدم على المباح وقد يراعى ويؤخر المباح وقد يراعى أن الواجب والندب والمباح هذه ثلاثة مشتركة في فعل المكلف الذي يتعلق به الحكم الشرعي في الإيجاد لا في الترك إذن اشترك المباح مع الواجب والمندوب في إيجاد الفعل وهو مقدم على شطره الآخر وهو الترك وإن كان المحرم والكراهة تشترك في طلب الترك إذن نقول: ثلث بالمباح لأن هذه الثلاثة تشترك في فعل المكلف الذي تعلق به الحكم الشرعي لا في تركه. المباح فيه مسائل:

المسألة الأولى: في حقيقته يعني: في حده لغة واصطلاحًا، مباح ما وزنه؟ مباح واجب ومندوب ومباح واجب هذا واجب اسم فاعل، مندوب اسم مفعول مباح؟ فُعَال؟ مُفْعَل مباح مُفْعَل هذا اسم مفعول أو اسم فاعل؟ مُبْيَح هذا أصله مبيح مفعل هذا يدل على أن أصله رباعي مباح وليس من باب باح لأنه لو كان من باب باح لكان بائح على زنة فاعل أو مبوح على زنة مفعول كمقول قال فهو مقول وباح فهو مبوح لكن لما قيل: مباح. دل على أن أصله أباح وليس باح وسمع فيه باح وأباح وباح به يعني يتعدى بالهمز وبالحرف إذن مباح نقول: هذا وزنه مبيح أصله مُبْيَح مفعل مُبْيَح الياء محركة وما قبلها مُبْ ساكن يَح مُفْعَل أليس كذلك؟ مُبْيَح أريدَ قلب الياء ألفًا فحصل إعلال بالنقل نقلت الفتحة إلى ما قبلها صار مُبَ بفتح الباء والياء ساكنة نقول إما على خلاف بين الصرفين إما أن نقول: ننظر باعتبار الأصل والفرع أصله مُبْيَح تحركت الياء لما نقلناها وفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفًا صار مباح أليس كذلك مُبْيَح إذن فيه نظران مُبْيَح هذا الأصل ثم تنقل إلى حركة الياء الفتحة إلى ما قبلها فحينئذٍ يفتح إلى ما قبل الياء وسكنت الياء والقاعدة أنه لا يجوز اصطلاحًا لا يجوز عند الصرفيين أن يقلب الواو أو الياء -حرفا العلة- ألفًا إلا إذا تحركت الواو أو الياء وانفتح ما قبلها وإذا أريد قال: مُبْيَح. لم توجد فيه العلة كاملة وهو أنه تحرك ولم يفتح ما قبله فنقلت الياء حركت الياء إلى ما قبلها فصار عندنا نظرنا نقول: تحركت الياء باعتبار الأصل قبل النقل ثم بعد ذلك فتح ما قبلها بعد النقل فوجدت العلة مركبة بالنظرين فقلبت الياء ألفًا هكذا يقول جمهور الصرفيين على هذا الجمهور على هذا وبعضهم يرى أنه اكتفاء بجزء العلة جزء العلة ما هو؟ تحرك الياء هو لم يفتح ما قبلها مُبْيَح تحركت الياء والأصل أنه لا تقلب الياء ألفًا إلا إذا انفتح ما قبلها نقول: اكتفاءً بجزء العلة قلبت الياء ألفًا والذي سوغ الاكتفاء بجزء العلة السماع لأننا العرب قالوا: مباح. قلبوا الياء ألفًا وهو على وزن مفعل ماذا صنعوا؟ نقول: اكتفوا بجزء العلة ولا نحتاج إلى التكلف فنقول: باعتبار النظرين تحركت الياء باعتبار الأصل وانفتح ما قبلها باعتبار الفرق إذن مباح هذا وزنه مُفْعَل من أباح يبيح مباح فهو مباح فهو مفعل. وزنة المضارع اسم فعيل ** من غير ذي الثلاث كالمواصل مع كسر متلو الأخير مطلقا ** وضم ميم زائد قد سبقا وإن فتحت منه ما كان انكسر ** صار اسم مفعول كمثل المنتظر أباح يبيح فهو مباح متى نقول فاعل؟ إذا كان ثلاثيًّا الأصل فيه أن يؤتى على زنة فاعل قد فهو قاتل ركع فهو راكع سجد فهو ساجد لكن إذا كان أكثر من ذلك نقول: ننظر إلى الفعل المضارع نبدل حرف المضارعة ميمًا مضمومة ونكسر ما قبل آخرها إذا كان اسم فاعل وإذا أريد اسم المفعول قال: وإن فتحت منه ما كان انكسر ** صار اسم مفعول كمثل الْمُنْتَظَر مُنْتَظِرْ بكسر الظاء هذا اسم فاعل مُنْتَظَرْ هذا اسم مفعول مُنْتَظِرْ مُنْتَظَرْ ليس بكسر الظاء بكسر الظاء اسم فاعل بفتحها اسم مفعول. وزنة المضارع اسم فاعل ** من غير ذي الثلاث كالمواصل مواصل

مع كسر متلو الأخير مطلقا ** وضم ميم زائد قد سبقا ولذلك لو أشكل عليك هل هذا فعل مضارع أصله رباعي أو ثلاثي أو خماسي النظر يكون باعتبار نقول: باح يبوح وأباح يبيح إذن يبوح يبيح يبوح نقول: هذا من الثلاثي، يبيح هذا من الرباعي بالنظر إلى الفعل المضارع من أين أخذنا؟ حرف المضارعة. وصمت أن أحاولها لئيت ** فاسمع وعي القول كما وعيت وضمها من أصلها الرباعي إذا كان أصلها الرباعي حركتها حرف المضارع الضم. وضمها من أصلها الرباعي ** مثل يجيب من أجاب الداعي وما سواه فهي منه تفتتح ** ولا تبل أَخَف وزنًا أم رجح مثاله يذهب زيد ويجي ** ويستجيش تارة وينتشي حرف المضارعة إن كان الماضي ثلاثيًا أو خماسيًا أو سداسيا مفتوحًا يذهب ذهب يَذْ بفتح الياء يستجيش استجاش يستجيش يستخرج بفتح الياء السداسي استغفر يستغفر أما الرباعي فلا وضمها من أصلها الرباعي أكرم إيش تقول: يُكْرِمُ. إذا نظرت للفعل المضارع وجدت الحرف المضارع مضمومًا فاعلم أن أصله رباعي منه أباح يُبيح الحاصل أن المباح اسم مفعولٍ من أباح يبيح فهو مباح. المباح في اللغة قالوا: هو المعلن والمأذون لأنه مباح معلن اسم مفعول مأذون فيه اسم مفعول ويطلق على الإظهار والإعلام يطلق على الإظهار والإعلام يقال: باح بسره. يبوح باح يبوح من الثلاثي إذن باح بسره إذا أظهره هذا من باب قال يقول قولاً باح يبوح بوحًا قال يقول قولاً إذن باح بسره من باب قال أي: أظهره وأعلنه. ويطلق المباح ويراد به الإطلاق والإذن كما ذكرناه سابقًا أباح الأكل من كذا من بيته مثلاً أباح الأكل يعني: أذن في الأكل إذن جاء المباح والإباحة بمعنى الإذن وجاءت الإباحة بمعنى الإعلان، وجاءت الإباحة بمعنى الإظهار، ولذلك البعض يقول: المباح هو الموسع فيه. لأن هذه المعاني كلها تشترك وتدل على التوسع والتوسيع باح قلنا: يتعدى بالحرف ويتعدى بالهمز. باح بسره هذا تعدى بالحرف أباح المال لصاحبه أباح بمعنى أذن في الأخذ والترك منه أباح يتعدى بالهمز والذي يتعدى به الفعل اللازم ثلاثة أمور: أولاً: حرف الجر. والثاني: الهمزة وتسمى همزة التعدية. والثالث: التضعيف. خرج خرجت خرج فعل ماضي لازم خرج زيد عندما تقول خَرَّجْتُ زيدًا جَلَّسْتُ زيدًا هذا يتعدى بالتضعيف أَجْلَسْتُ زيدًا هذا تعدى بالهمزة جلست على الكرسي تعدى بحرف الجر ولا يلزم في كل فعل أن يتعدى بالثلاث بل قد يتعدى بالحرف ولا يتعدى بالتضعيف وقد يتعدى بالهمزة ولا يتعدى إلى بغيره والعمدة في ذلك هو السماع فما عدّاه العرب بالتضعيف عدي بالتضعيف فلا يجوز أن يقاس عليه غيره أباح الرجل ماله أي: أذن في الأخذ والترك وجعله مطلق الطرفين هذا في اللغة المعلن والمأذون فيه. أما في الاصطلاح اصطلاح أهل الأصول أو في اصطلاح أهل الشرع فنقول: المباح ما خلا من مدح وذم لذاته عرفه الناظم هنا بقوله: وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا بَلْ وَلا عِقَابِ

قلنا: هذا الحد هذا حد أو معرف نقول: هذا التعريف ليس حدًا لماذا؟ لأنه باعتبار اللازم وباعتبار الحكم والثمرة وهذا يعد من الرسوم لا من الحدود والأصل أن يؤتى بالحد لبيان حقيقة المعرف لأن التعريف تعريف الشيء إما أن يكون بحقيقته وإما أن يكون بلازمه والذي جعل المناطق وغيرهم يطْبقون على التعريف باللازم أنه على القواعد التي كررناها إذا اختلفت الحقائق اختلفت لوازمها نضبط هذا إذا اختلفت الحقائق اختلفت لوازمها فحينئذٍ يكون اللازم قد يكون مشاركًا مع غيره في بيان الحقيقة وقد يكون مختصًا فما كان مشاركًا فنقول: هذا لازم عام أو عرض عام الأصل أنه لا يصح أن يعرف به لأن التعريف إنما جيء به لبيان وتمييز المعرف عن غيره وهذا مشترك بينه وبين غيره كما قلنا لو قيل: ما الإنسان؟ قال: الماشي. نقول: الإنسان صحيح أنه ماشي لكن هل يصلح التعبير الماشي بالإنسان؟ لا لأن غير الإنسان كالحيوان الفرس ونحوه يصدق عليه هذا الوصف أنه ماشي فحينئذٍ الوصف العام لا يصح أن يعرف به أما الوصف الخاص الذي يسمى خاصًا هذا يصح التعريف به. لما ذكر الناظم قوله: وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا

قلنا: هذا تعريف باللازم والأصل في الثواب والعقاب أنهما أخرويان يعني: في الآخرة لا في الدنيا. ولذلك نعزل عنه إلى الحد بما يبين حقيقة المباح أو يكون بلازم أولى أن يعترض عليه بما اعترض على المصنف ولذلك نقول: المباح هو كما عرفه الفتوحي في المختصر ما خلا عن مدح وذم لذاته ما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل المكلف لماذا؟ لأن المباح من حيث وصفه بالإباحة نقول: هذا متعلق خطاب الله الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو التخيير هذا هو القسم الثاني الذي معنا إذن هو خطاب ومتعلق بفعل المكلف ولما كان المباح هو متعلق الإباحة لا بد أن نأخذ فعل المكلف جنسًا في الحد لماذا؟ لأننا نعرف المباح الذي هو وصف لفعل المكلف كما قلنا: الواجب وصف لفعل المكلف. المباح وصف لفعل المكلف حينئذٍ المباح ما أي: فعل للمكلف مأذون فيه من جهة الشرع فحينئذٍ يشمل الأحكام الخمسة الواجب، والمندوب، والمباح، والمحرم، والمكروه دخلت في الحد وهذا هو الأصل أن الحد يشمل كل الأقسام لأن المباح الذي هو معرف قسم من أقسام الحكم الشرعي وإذا أردنا أن نحترز عن غير المباح لا بد من إدخاله لو قيل: ما هنا لا يشمل الواجب إذن كيف نحترز عنه؟ لا يمكن إذن لا بد أن نأتي بعبارة بلفظ يشمل جميع الأحكام الخمسة إذن قوله: ما. نقول: فعل مأذون فيه من جهة الشرع والمراد به فعل المكلف فشمل الأحكام الخمسة إذن ما ليس فعلاً للمكلف هل يوصف بالإباحة؟ هل يوصف بكونه فعلاً مباحًا؟ الجواب: لا، غير فعل المكلف هل يوصف فعله بكونه مباحًا الجواب: لا، حينئذٍ خرج بقوله: ما أفعال البهائم. فلا توصف بالإباحة لماذا؟ لأنها خلت عن ثواب وعقاب ما خلا من مدح وذم أفعال البهائم هذه خلت من مدح وذم نقول: قوله: ما. فعل مكلف أخرج غير المكلف كالبهائم النائم الساهي الصبي المجنون هذه أفعالهم خلت من مدح وذم هل توصف أفعالهم بأنهم فعلوا أمورًا مباحة الصبي إذا فعل وذهب وأتى وتكلم وترك هل يوصف فعله بأنه مباح؟ المجنون هل يوصف فعله بأنه مباح؟ نقول: لا، لا يوصف فعله بأنه مباح لماذا؟ ليس بمكلف بل بالتعليل أخص لماذا لم؟ أقول: الذي يحفظ حد الحكم بتفاصيله يسلم من كثير من الاعتراضات ما هو الحكم الشرعي؟ خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير التخِيير هذا هو المباح هل الإباحة حكم شرعي؟ نعم نقول: الإباحة حكم شرعي على الصحيح خلافًا للمعتزلة الإباحة حكم شرعي الحكم الشرعي هل يتعلق بفعل غير المكلفين؟ لا لماذا؟ لأننا قلنا في حد الحكم الشرعي: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف. بفعل المكلف أخرج البهائم وأخرج الصبي لأنه غير المكلف وأخرج المجنون غير مكلف وأخرج النائم والساهي والغافل فهؤلاء غير مكلفين فحينئذٍ إذا قيل المباح ما خلا من مدح وذم نقول: خرج بقوله: ما.

الذي جعلناه جنسًا وهو فعل المكلف خرج به فعل غير المكلف كالبهيمة وفعل الصبي والمجنون والنائم والساهي والغافل هؤلاء غير مكلفين البهيمة بالإجماع، والمجنون بالإجماع، وما عداهم فيهم خلاف إذن لا يوصف فعل غير المكلف كالمجنون والصبي بأن أفعاله مباحه لا توصف لماذا؟ لأن الإباحة حكم شرعي والحكم الشرعي لا يتعلق إلا بأفعال المكلف ما عداهم لا يوصف فعله بأنه حكم شرعي لا يوصف فعله بأنه حكم شرعي إذن قوله: ما. هذه يتنبه لها أن المراد بها فعل المكلف أخرج فعل غير المكلف كالبهيمة وما ذكر خلا من مدح وذم قلنا: ما هذا جنس دخل فيه الإحكام التكليفية مع الإباحة أردنا أن نخرج الواجب والمندوب والمكروه والمحظور قال: خلا عن مدح وذم. سبق أن الذم المراد به العيب والمدح ضده، حينئذٍ ما ترتب المدح على فعله كالواجب والمندوب وما ترتب الذم على تركه كالواجب دون المندوب، وما ترتب الذم على فعله كالمحرم والمكروه نقول: خارج بهذا الخير إذن قوله: خلا من مدح وذم. أخرج الواجب والمندوب والمحظور والمكروه لأن هذه الأربعة لا تنفك عن وصفها بالمدح أو الذم إما في الفعل وإما في الترك. الواجب يمدح على فعله ويذم على تركه. المندوب يمدح على فعله ولا يذم على تركه. المحرم يمدح على تركه على فعله المحرم يمدح على تركه ويذم على فعله. المكروه يمدح على تركه ولا يذم على فعله.

هذه الأنواع الأربعة خرجت بهذا القيد لذاته الضمير يعود إلى؟ إلى المباح؟ إلى ما إلى ما مَا إيش إعرابها؟ أين المبتدأ؟ المباح مبتدأ ما هذا خبره هذا خبره اسم موصول بمعنى الذي لذاته المراد بالذات هنا لنفسه لعينه الذات بمعنى النفس والعين ما خلا من مدح وذم لذاته يعني لا باعتبار شيء آخر والضمير يعود إلى ما، هذا احتَرز عن أي شيء؟ احترَز به عن أي شيء؟ هل هناك مباح يمدح لا لذاته؟ إذا نوى به القربة، ومتى يذم؟ إذا كان وسيلة إلى محرم بعضهم لم يذكر قيد لذاته قال: ما خلا من مدح وذم وسكت. أُورِدَ عليه إيراد وهو: أن بعض المباح قد يمدح إذا كان وسيلة لترك المحرم أليس كذلك؟ المباح يمدح إذا كان وسيلة لترك المحرم ويمدح إذا كان وسيلة إلى المندوب، ويمدح إذا كان وسيلة إلى الواجب إذن مُدِحَ المباح أو لا؟ مدح المباح فكيف نقول: المباح ما خلا من مدح؟ كذلك المباح يذم إذا كان وسيلة إلى ترك واجب يذم أو لا يذم؟ النوم مباح أَذَّنَ المؤذن فنام نقول: النوم الأصل فيه أنه مباح ولما كان وسيلة إلى ترك الصلاة صار المباح مذمومًا قوله: لذاته. أخرج ما مدح من المباح بغيره لكونه وسيلة إلى الواجب أو المندوب أو ترك الحرام وأخرج المباح الذي ذم إذا كان وسيلة لترك الواجب أو لفعل المحرم، فحينئذٍ يذم المباح لكن لا لذاته وإنما باعتبار كونه وسيلة إلى غيره ولذلك يقال: الأمور بمقاصدها. قاعدة إنما الأعمال بالنيات هي نفسها الأمور بمقاصدها هذه قاعدة ذكر ابن السبكي في ((الأشباه والنظائر)) أن الأولى أن يعبر عنها بالحديث فيقال: قاعدة إنما الأعمال بالنيات. هكذا قال ابن السبكي في ((الأشباه)) وهو كتاب في القواعد، قاعدة إنما الأعمال بالنيات الأمور بمقاصدها يعني: قد يكون الشيء مقدمة للواجب وهو في الأصل مباح. فحينئذٍ يأخذ حكم الواجب فيكون المباح واجبًا ومندوبًا يكون المباح واجبًا وممدوحًا لكن هل ينقلب عين المباح واجبًا أم تأخذ النية نية المباح حكم ما كان وسيلة له في النية فقط؟ يعني: المباح عينه لا ينقلب واجب النوم نفسه إذا كان وسيلة لقيام الليل مثلاً نقول: صار النوم مندوبًا إليه. لكن هل باعتبار عين النوم أو باعتبار النية التي صاحبت النوم؟ باعتبار النية والعبادات توقيفية العبادات توقيفية لا يحكم على الشيء بأنه عبادة إلا إذا جاء الأمر به أو انطبق عليه الحد الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فحينئذٍ لا يكون المباح واجبًا بعينه يعني: ينقلب المباح واجبًا، ولا ينقلب المباح مندوبًا، ولا ينقلب المباح محظورًا، ولا ينقلب المباح مكروهًا بل يبقى المباح مباحًا، ويبقى المندوب مندوبًا، والواجب واجبًا، والمحرم محرمًا، والمكروه مكروهًا على حسب ما حد به الشرع فإذا كان المباح وسيلة لواجب نقول: صار المباح مقدمة واجب. فحينئذٍ يثاب على عَلى نية ذلك المباح وإذا كان المباح مقدمة مندوب صار جزءً من المندوب فحينئذٍ يأخذ حكم المندوب من جهة النية ويبقى المباح مباحًا إذًا قوله: لذاته.

بين لنا به أن المباح الذي خلا من المدح والذم هو باعتبار ذاته لا باعتبار شيء آخر، فأما إذا كان وسيلةً إلى غيره فحينئذٍ يأخذ حكم تلك الوسيلة ولذلك بعضهم يحد المباح بأنه ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته إذا لم يتعلق به أمر ولا نهي الشرع الخطاب بل بعضهم حد الخطاب أو التكرير بأنه خطاب بأمر ونهي بأمر ونهي ما لم يكون أمرًا ولا نهيًا فهو: مباح. فحينئذٍ إذا كان مباحًا فكيف يصير مأمورًا به؟ وكيف يصير منهيًا عنه وإنما يحكم لنية المباح بحكم ما كان وسيلةً له إن كانت الوسيلة إن كان المراد والمقصود واجبًا صار حكم نية المباح الوجوب تنبه لهذا وبعضهم يعرف المباح بأنه ما لا يتعلق بفعله مدحٌ ولا ذمٌ إذن وأحسن هذه التعاريف ما ذكره الفتوح ما خلا من مدح وذم لذاته. أورد بعضهم الواجب الموسع والواجب المخير وخاصة الواجب الموسع الواجب الموسع قلنا: له أن يتركه في أول الوقت ليفعله في أثنائه أو في آخره. إذا تركه في أول الوقت قال: صار الفعل الذي هو الترك خاليًا من المدح والذم لا يمدح ولا يذم فحينئذٍ يرد على حد المباح وهو واجب موسع فكيف نخرجه؟ من غير حاجة إلى بدل هكذا. قال ابن قدامة وشارحه أنه يقيد إما أن يقال: مطلقًا أو من غير حاجة إلى بدل لكن هذا ليس بصواب ليس بصحيح لماذا؟ لأن الواجب الموسع إذا تركه في أول الوقت هل يستوي المدح عدم المدح وعدم الذم؟ أم هو مطالب أن يفعله ولو على جهة الاستحباب؟ هل يستوي من صلى في أول الوقت وفي آخره؟ لا يستوي فعله في أول الوقت هذا أفضل وهو مندوب إليه أيُّ العمل أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها». يعني على أول وقتها ووردت رواية: «أول وقتها» بزيادة أول أيضًا الأدلة التي تدل على المسارعة {(وَسَارِعُوا إِلَى ((((((((((} [آل عمران:133]، {(((((((((((إِلَى ((((((((((} [الحديد:21] نقول: هذه الآيات كلها تدل على أن الأولى أن يقد الواجب الموسع في أول وقته فحينئذٍ إذا دلت الأدلة على أن فعله في أول الوقت أفضل من فعله في آخر الوقت وهذا لا شك فيه حينئذٍ هل يستوي الفعل والترك في أول الوقت؟ الجواب: لا، فحينئذٍ لا يرد الواجب الموسع على هذا الحد ولا نحتاج أن نقول: ما خلا من مدح وذم لذاته مطلقًا لإخراج الواجب الموسع بل نقول: لم يدخل الواجب الموسع لأنه وإن جاز تأخيره إلى آخر الوقت إلا أن فعله في أول الوقت ممدوح ومطلوب شرعًا أيضًا مطلوب شرعًا فتنبه لهذا هذه المسألة الأولى. المسألة الثانية: في أسماء المباح لماذا يسمى المباح؟ ماذا يطلق عليه؟ قيل: يسمى المباح طِلْقًا بكسر الطاء طِلْقًا وحكي طَلْقًا والأول أشهر بكسر الطاء وحلالاً قال في القاموس: الْطِلْقُ الحلال وهذا شيء طِلْقٌ أي: حلالٌ. وافعل هذا طِلْقًا لك أي: حلالاً. ويطلق المباح إذن عرفنا أنه يسمى طِلْقًا وحلالاً وزاد بعضهم يسمى جائزًا يطلق الجواز على المباح لذلك قال في ((المراقي)): وهي والجواز قد ترادف وهي أي: المباح. وهي والجواز قد ترادفا ** في مطلق الإذن لدى من سلفا

قال: ويطلق المباح والحلال على غير الحرام يطلق المباح والحلال على غير يطلق المباح والحلال على غير الحرام على غير الحرام إذن يصدق على ماذا؟ على الواجب أنه حلال ومباح، ويصدق على المندوب أنه حلال ومباح، ويصدق على المكروه أنه حلال ومباح، ويصدق على المباح أنه حلال ولا يسمى مباحًا إذن الحلال يطلق على الأربعة: الواجب، والمندوب، والمكروه، والمباح. هذه الأربع يطلق عليها أنها حلال وهو الذي يرد في مقابلة الحلال بالحرام {(((((((((((مِنْهُ حَرَامًا (((((((((} [يونس:59] وفسر به الحديث إن صح «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» إن صح، إذن نقول: يطلق المباح والحلال على غير الحرام فيعم الواجب والمندوب والمكروه والمباح لكن المباح يطلق على الثلاثة الأول، والحلال على الأربعة فيقال للواجب والمندوب والمكروه مباح ويقال لهذه الثلاثة وللمباح حلال لكن ما الأصل في إطلاق المباح هذا الاستعمال من باب التجوز والتوسع فقط وإلا الأصل في إطلاق المباح على ما خلا من مدح وذم يعني: ما استوى طرفاه. لذاك والإباحة الخطاب ** فيه استوى الفعلُ والاجتنابُ هذا الأصل في إطلاق المباح وما عداه من قبيل التوسع والمجاز. المسألة الثالثة: أقسام الإباحة تنقسم الإباحة عند جمهور الأصوليين إلى نوعين وقسمين لا ثالث لهم: إباحة شرعية، وإباحة عقلية. إباحة شرعية: شَرعية نسبة إلى الشرع هذه الياء ياء النسبة والتاء هذه تاء التأنيث وهذا يسمى مصدرًا صناعيًا المصدر نوعان عند النحاة والصرفيين: مصدر قياسي مسموع في لغة العرب، وهناك مصدر صناعي. يعني: يصنعه المتأخرون وهو: بإضافة ياء النسبة مع التاء فيقال: شرعية عقلية عَقلية عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلاً هذا المصدر إذا أردنا أن ننسب هل نستطيع أن نأتي بمصدر لعقل هو مصدر فكيف نقنع قالوا: نأتي بياء النسبة مع تاء التأنيث فيقال: عَقْلِيَّة إباحة عقلية أي: مأخوذة من مِن العقل مصدرها العقل مستنبطة من العقل دل عليها العقل إذًا تنسب إلى العقل إباحة شرعية شَرعية هذا مصدر صناعي ولذلك يقال الآن مثلاً: قومية. قوم هذا اسم جنس اسم جمع لا واحد له من لفظ قَوْمِيَّة نقول: هذا مصدر صناعي ومثلها ماذا؟ السلفية ووطنية وحزبية نقول: هذه كلها مصادر صناعية لم تسمع من لغة العرب وبذلك تعلم الآن الخلق قد نسمع من بعض طلاب العلم يسأل يقول: ما حكم التمثيليات الإسلامية. صحيح يقول: الأناشيد الإسلامية. معنى أناشيد إسلامية إيش معنى اللفظ هذا؟ يعني: أناشيد جاء بها الإسلام أخذت من الإسلام هذا الأصل فيها كما نقول: الإباحة لشرعية. يعني: أخذت من الشرع حينئذٍ هذه الأناشيد أخذت من مِن الإسلام تمثيليات دينية وتجد ينسبها ثم يقول: ما حكمها؟ ما حكم الأناشيد الإسلامية؟ طيب أنت حكمت أنها إسلامية جاء بها الإسلام فكيف تسأل عنها وتجد بعض أهل العلم يقول فيها قولان: إذا قيل: إسلامية. معناه قد جاء بها الشرع.

الحاصل: أن النسبة هذه لا بد أن تعتبر يعني: لا تطلق الاصطلاحات في غير مظانها. إذا قيل: شرعية. معناه الشرع قد أتى بها إذا قيل: إسلامية. معناه أنه قد جاء به الشرع ويقال: إعلامٌ إسلامي، وصحف إسلامية، ومجلات إسلامية. كلها نسبة إلى الإسلام مع ما فيها من الخلط الكثير، إذن إباحة شرعية، وإباحة عقلية. الإباحة الشرعية مأخوذة من الشرع أن يدل الدليل خطاب الله المتعلق بفعل المكلف تخييرًا بين الفعل والترك دل الشرع خطاب الله فيما سيأتي إن شاء الله من ذكر صيغ معرفة الإباحة دل على أن هذا يجوز فعله وتركه استوى فيه طرفان {((((((لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى ((((((((((((} [البقرة:187] {((((((} هذا لفظ دل على الحلية إذن إباحة الجماع في ليالي رمضان إباحة شرعية لأن هذه الإباحة مأخوذة من الشرع إباحة شرعية يعني: مأخوذة من الشرع. إباحة عقلية هذه تسمى البراءة الأصلية وتسمى استصحاب العدم يعني: تصحب العدم عدم ماذا؟ عدم التكليف حتى يرد الدليل الناقل عن الأصل فنقول: الأصلُ الذي دل عليه العقلُ انتفاء الحرج في الفعل والترك ولا ننتقل عن هذا إلا بدليل شرعي الربا قبل تحريمه ما حكمه؟ مباح نقول: مباح. لكن هل دل الشرع على إباحته حتى نقول: إباحة شرعية؟ نقول: لا ليست إباحة شرعية وإنما هي إباحة عقلية بمعنى استصحاب عدم التكليف أنها ذكرتها مثالا هذا يقول: فَصِّلْ لنا مسألة أناشيد إسلامية. هذا كمثال. والشأن لا يعترض مثال ** إذ قد كفى الفرض والاحتمال أي نعم فأقول: الإباحة العقلية مصدرها العقل فمثلاً إباحة الربا في أول الإسلام نقول: هذه إباحة عقلية وهي: البراءة الأصلية. استصحاب عدم التكليف الأصل عدم التحليل حتى يدل الدليل ينقل عن هذا الأصل النفي الأصلي نقول: هذه إباحة عقلية. وما من البراءة الأصلية ** قد أُخذت فليست الشرعية وما يعني إباحة وما من البراءة الأصلية ** قد أُخذت فليست الشرعية

فحينئذٍ أثبتنا بهذا البيت وغيره أن الإباحة نوعان: شرعية، وعقلية. التي تسمى البراءة الأصلية واستصحاب العدم ما الفرق بينهما؟ الفرق بينهما أن الحكم الرافع للإباحة الشرعية يسمى نسخًا والحكم أو الخطاب الرافع للإباحة العقلية لا يسمى نسخًا فحينئذٍ قوله تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران:130] لا نقول: هذه الآية ناسخة لحل الربا في أول الإسلام لماذا؟ لأن هذا شرع جديد وتلك الإباحة هذه قبل ورود الشرع مستصحبة بعد ورود الشرع وحينئذٍ ما كان مباحًا قبل الشرع لا يكون حكمًا بعد الشرع مكان مباحًا قبل الشرع لا يكون حكمًا شرعيًّا بعد الشرع لأن الحكم مأخوذ من الشرع فكيف يسبقه أليس كذلك؟ فإذن الإباحة العقلية وهي: إباحة الربا. هذه ثابتة قبل الإسلام استصحابها بعد الإسلام بعد حلول الإسلام وورود الإسلام حتى يرد الدليل الناقل نقول: هذا ليس نسخًا. لكن إباحة الفطر في أول مراحل صيام شهر رمضان أبيح الفطر مع جعل الإطعام بدلاً على من ترك الصيام أليس كذلك؟ {(((((((الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] نقول: هذا إباحة شرعية أباح له الفطر في نهار رمضان بشرط البدل {((((شَهِدَ مِنْكُمُ (((((((((} [البقرة:185] نقول هذا {((((((((((((} نقول: هذا ناسخ للإباحة إباحة الفطر في نهار رمضان يقال وحينئذٍ حُملت الآية على الشيخ العجوز والعجوزة {(((((((الَّذِينَ (((((((((((((} في هذا القدر المقتدر نقول الآية الثانية {((((شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} نقول: هذه الآية تعتبر ناسخًا، وأما البراءة الأصلية فلا يعتبر الحكم المزيل لها والرافع لها لا يعتبر ناسخًا لأن البراءة الأصلية ليست حكمًا شرعيًا والإباحة الشرعية هو حكم شرعي. والنسخ رفعٌ أو بيان والصواب ** في الحد رفع حكم شرع بخطاب

لا بد أن يكون المرفوع حكمًا شرعيّا بخطاب آخر متراخٍ عنه سيأتي في موضعه هذه البراءة الأصلية تعتبر حجة أو لا؟ هل تعتبر حجة أم لا؟ نقول: نعم هي حجة في عدم المؤاخذة على الفعل في عدم المؤاخذة على الفعل قد ذكر قد ذلك الشيخ الأمين رحمه الله في مذكرته قد دلت الآيات على أن البراءة الأصلية واستصحاب العدم حجة شرعية في عدم المؤاخذة بالفعل يدل على هذا أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما نزلت آيات تحريم الربا كان في أيديهم أموال حاصلة مِن من الربا فوقع في نفوسهم ما وقع فنزل قوله تعالى: {((((جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا ((((((} [البقرة:275]. إذن لا مؤاخذة على ما مضى كذلك قوله تعالى في بعض الآيات كأن قال: {(((((تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء:23] إلا يعني الذي مضي فهو عفو معفو عنه {((((تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء:22] إذن كل ما ورد من الآية {((((مَا قَدْ سَلَفَ} هذا استثناء منقطع يعني المؤاخذة معتبرة في ما هو بعد الشرع أما ما قبله فلا مؤاخذة على ذلك وأظهر الآيات في الدلالة عن هذا أنه حجة في عدم المؤاخذة لما استغفر النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة للمشركين من أقربائهم نزل قوله تعالى: {(((كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي ((((((((} [التوبة:113] هذا تحريم، هذا تحريم، وقع الندم والسؤال عما مضى فنزل قوله تعالى: {(((((كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ (((((((((} [التوبة:115] فحينئذٍ المؤاخذة إنما هي معتبرة بعد ورود الشرع وهذا يحكي عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إجماع إجمَاع السلف على أنه لا مؤاخذة إلا بعد العلم. نعم إذن عرفنا أن أقسام الإباحة نوعان: شرعية، وعقلية.

هل المباح حكم شرعي؟ هذه المسألة الرابعة: هل المباح حكم شرعي؟ نقول: نعم جماهير العلماء على أن الإباحة حكم شرعي ولم يخالف في ذلك إلا المعتزلة، ومثل هذه المسائل الأَولى أن لا يحكى فيها خلاف إذا كان المخالف لا يعرف إلا من أهل البدع فالأول أن يحكى اتفاق السلف فيقال: نعم الإباحة شرعية وحكم شرعي بإجماع السلف. لكن جرت عادة الأصوليين أنهم يعتبرون كل مخالف في الأصول ولو كان من المعتزلة ولو كان من الخوارج ولو كان يقول: إلا قول للخوارج قول للمعتزلة قول لكذا فحينئذٍ الأولى في مثل هذه المسائل إذا كان المخالف ليس أو القول المخالف لجماهير السلف ليس من أرباب أهل السنة وإنما هو من أئمة أهل البدع فالأولى أن لا يحكى في المسألة خلاف إن صح أنه لم يقل بهذا إلا المعتزلة إن لم يصح أنه لم يقل بهذا القول إلا المعتزلة لماذا؟ لأن الإجماع قائم على أن الأحكام الشرعية خمسة: الإيجاب، والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة، ولذلك من ينكر وجود المباح في الشرع ويقول: الإباحة ليست حكمًا شرعيًّا. فهو خارق للإجماع إذن المباح نقول: حكم شرعي. قالت المعتزلة: الإباحة ليست حكمًا شرعيًّا. الإباحة عندهم حصروها في البراءة الأصلية وإذا حاصروها في البراءة الأصلية نفوا الإباحة الشرعية إذن الإباحة عندهم هي: الإباحة العقلية البراءة الأصلية استصحاب العدم فقط قالت المعتزلة: الإباحة ليست حكمًا شرعيًّا بل هي حكم العقل. لماذا؟ قالوا: لأن المباح ما انتفى الحرج عن فعله وتركه لم يفسروا المباح هنا والإباحة بما أذن الشرع في فعله وتركه وإنما ما انتفى فسروا الإباحة بانتفاء الحرج ولذلك بعضهم يورد يقول: من فسر الإباحة بالانتفاء حصرها في الإباحة العقلية، ومن فسر الإباحة بما أذن به الشرع قال: الإباحة حينئذٍ تكون شرعية وتكون عقلية. فحينئذٍ لا نحصر حد المباح بالانتفاء لأننا لو حصرناه كما فعل المعتزلة نقول: هذا يلزم منه أن لا تكون الإباحة إلا عقلية. قالوا: لأن المباح ما انتفى الحرج عن فعله وتركه وذلك ثابت قبل ورود الشرع. فحينئذٍ يكون مستصحَبًا بعد ورود الشرعي فما لم يرد الدليل بوجوبه ولا ندبيته ولا تحريمه ولا كراهيته قالوا: الأصل البراءة الأصلية انتفاء الحرج. فحينئذٍ نستصحب ما قبل الشرع ما دام أنه لم يرد دليل ناقل إلى الوجوب وما ذُكر معه نقول: الأصل بقاء ما كان على مكان. فلا يكون حكمًا شرعيًّا ومعنى إباحة الشيء عندهم إذا حكموا على شيء بأنه مباح معناه تركه على ما كان عليه قبل الشرع ولم يتغير حكمه إذا كان قبل الشرع إباحة الربا ولم يأت التحريم قالوا: هذا إباحة عقلية. وإذا وُصف بكونه مباحًا فليس له معنى إلا انتفاء الحرج في فعله وقال أهل السنة والجماعة: الإباحة حكم شرعي لأنها داخلة في تفسير الخطاب. وسبق أن من أدلة من أعظم دليل على حصر الحكم الشرعي في الأقسام الخمسة ما هو؟ الاستقراء والتتبع بالاستقراء والتتبع لنصوص الوحيين وجدنا أن الأقسام كم حكم شرعي محصورة في فِي خمسة إذن الصواب أن الإباحة حكم شرعي. بقي مسائل في صيغ المباح وهل الإباحة تكليف؟ وهل هي مأمور به أم لا؟ يأتينا في الدرس القادم بإذن الله تعالى.

وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

12

عناصر الدرس * تابع حد المباح. * تابع هل المباح حد شرعي؟. * صيغ المباح. * هل الإباحة تكليف؟ * هل المباح مأمور به؟. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا بَلْ وَلا عِقَابِ هذا جرى فيه على ما ذكره صاحب الأصل وهو أن المباح هو ما ليس في فعله ثوابٌ ولا ما، لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه، ما ليس في فعله ثواب ولي في تركه عقاب وذكرنا أن هذا لا يعتبر حدا عند المناطقة وإنما هو يعتبر مُعَرِّفاً بمعنى أنه رسم لأنه ذكر الشيء بخاصته بلازمه بحكمه بثمرةٍ من ثماره إذا عُرِّف الشيء بثمرة من ثماره أو فائدة من فوائده أو لازمٍ له سواءٌ كان داخلاً فيه أو خارجًا أو عرف بحكمه نقول: هذا رسم ولا يسمى حدًا عند المناطقة والحد إنما يكون بالماهيات يعني: بالجنس، والفصل، أو بالجنس وخاصته هذا يعتبر حدًا ناقصًا عندهم هنا قال: (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ). إذن نفى الثواب عن المباح (وَليْسَ) ليس هذا من أخوات كان هي أداة من أدوات النفي ترفع المبتدأ على أنه اسمٌ لها وتنصب الخبر على أنه خبرٌ لها هي تعتبر من نواسخ المبتدأ والخبر يعني: من النسخ وهو الرفع والإزالة لأنها تزيل حكم الرفع عن المبتدأ وتثبت له رفعا آخر مغايرٌ للأول إذا قيل زيدٌ قائم ليس زيدٌ قائم دخلت ليس على جملة المبتدأ والخبر رفعت المبتدى على أنه اسمٌ لها كيف يقال رفعت المبتدأ على أنه اسمٌ لها وهو مرفوعٌ في الأصل نقول المبتدأ رفْعُه بعاملٍ خاصٍ به وهو الابتداء وهنا الرفع بعامدٍ خاصٍ وهو ليس وما كان أثر للمبتدأ مغايرٌ لما كان أكثرًا لعاملٍ لفظي وهو ليس إذن الرفع ليس هو عين الرفع الأول هذا هو الصحيح وهو مذهب البصريين وهنا (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ) أين اسم ليس ثواب لو قلنا ترفع اسمها وهنا جرت من زائد ما الدليل على أن من زائدة؟ نعم! هل في اللفظ ما يصلح أن يكون اسما لليس غير لفظ ثواب؟ هل يصلح؟ (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ **فِعْلاً) (فِي الْمُبَاحِ) لا يصلح أن يكون اسمًا و (فِعْلاً) لا يصلح أن يكون اسمًا وليس عندنا إلا قوله: (مِنْ ثَوَابِ) فحينئذٍ يتعين أن يكون ثواب هو اسم ليس لماذا؟ لأنه ليس عندنا في التركيب ما يصلح أن يكون اسمًا لليس إلا هذا اللفظ كيف دخلت عليه من حينئذٍ نقول من هنا زائدة وليست أصلية لأن من مواضع حروف الزيادة أن تزاد من في نفيٍ وشبهه. وزيد في نفيٍ وشبههٍ فجر نكرةً

فجر يعني: حرف من جر نكرةً، وزيد أي: الحرف، وزيد في نفيٍ يعني: بعد نفيٍ أو في سياق نفي وزيد في نفيٍ وشبهه الذي هو الاستفهام والنهي، فجر نكرة حينئذٍ نقول: (ثَوَابِ) هذا اسم ليس مرفوع ورفعه ضمةٌ مقدرة على آخره منعًا من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجار الزائدة وهذا معروفٌ لغةً واستنباط يعني: عُلم من لغة العرب أن حرف من يزال فقد ورد في القرآن كذلك {(((جَاءَنَا مِنْ (((((((} [المائدة:19] يعني: زيدت من قبل الفاعل {(((جَاءَنَا مِنْ (((((((} وما جاءنا بشير ولا نذير هذا الأصل وزيدت من هنا للتأكيد زيدت قبل الفاعل تزاد كذلك قبل المفعول به {((((((أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ (((((((((} [إبراهيم:4] وما أرسلنا رسولاً هذا الأصل فمن هنا حرف جار زائد ورسولاً مفعولٌ به منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهور اشتغال المحل بحركة حرف الجار الزائد أليس كذلك {((((مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ((((} [فاطر:3] {(((((((} هذا مبتدأ زيدت عليه من {((((((أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ ((((((} [الأحقاف:26] {(((((((((} هذه زائدة و {((((((} هذا مفعولٌ مطلق إذن تزاد من قبل المفعول المطلق {(((فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:38] شيء قيل مفعول مطلق وقيل مفعولٌ به إذن تزاد به قبل المفعول وتزاد قبل المفعول المطلق {(((((مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ((((} [الحاقة:47] فما منكم أحد أحدٌ هذا مبتدأ أو اسم ما إن كانت عامة حينئذٍ نقول القاعدة أن من تزاد قبل النكرة إذا وقعت في سياق النفي أو شبهه وهو النهي والاستفهام ولذلك كما سيأتي في موضع أنها تعتبر من صيغ العموم بل من التنصيص في العموم يعني: ما يجعل العامة الظاهرة نصا فيه الأصل في النكرة في سياق النفي أنه تفيد العموم لكن إفادتها للعموم ظاهرا لا نصا فإذا زيدت من انتقل العموم من الدلالة الظاهرية إلى النصية حينئذٍ تكون نصا لكن ما فائدتها إذا زيدت إذا قلنا ورد في القرآن ما هو زائد؟ ماذا أفادت التأكيد؟ وهل التأكيد معنى يراد؟ نعم معنى يراد حينئذٍ لا يقال ولذلك النحاة أطبقوا على أن مرادهم بالحرف الزائد ما لا معنى له سوى التأكيد هكذا نص الخضري قال: مراد النحاة بأنهم يقولون في القرآن ما هو زائد مرادهم بالزائد ما ليس له معنى غير التأكيد توكيد إذن له معنى وإنما لم يرد في معناه الخاص له الذي هو وضعته له العرب لأن أصل مِنْ أنها للابتداء مكانًا أو زمانًا. بعض وبين وابتدي**في الأمكنة بمن وقد تأتي

ببدء الأزمنة، والأصل فيها الابتدائية إذا وضع لفظ من للابتداء نقول وضع فيما استعمل فيما وضع له في لغة العرب فلا إشكال حينئذٍ يكون حقيقةً وأما إذا خرج عن أصل ما وضع له واستعمل تأكيدًا نقول استعمل في غير ما وضع له ولذلك يشترط فيه أن يكون التركيب على هيئةٍ معينة أن يكون في نفي أو شبهي وهو الاستفهام والنهي اللفظ من حيث هو لا دخل له بالنفي ولا الاستفهام ولا النهي وإنما جُعل هذا شرطا فيه لأن العبرة هنا للتركيب لا لذات اللفظ لأن من زيدت لتأكيد مدلول الجملة وحينئذٍ الخلاصة يقال إذا قيل هل في القرآن ما هو زائد؟ نقول لا بد من الاستفسار ما المراد بالزائد؟ إن كان المراد بالزائد ما خروجه كدخوله ولا يفيد معنى البتة لا التأكيد ولا سواه نقول هذا أصلاً لم يقل به أحدٌ من أهل العلم فيما أعلم ومراد النحاة بأن الحرف زائد ليس هذا المراد {((((((كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] يقول النحاة الكاف زائدة لكن لا يعنون بأن دخولها كخروجها وأنها لم تأت لمعنى البتة كيف وهم يطبقون على أن القاعدة المضطردة بل كانت أغلبية في بعض الألفاظ أن العرب لا تزيد حرفًا إلا بمعنى وعندهم زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى فإذا قيل رحيم ورحمان زيدت الألف، الألف نفسها تدل على زيادةٍ على مجرد ما اشتق من الرحيم والرحمن فإذا اتفقوا على هذا كيف يقال بكلمةٍ وهي حرف تزاد في تركيب ثم يقال المراد النحاة أن دخولها وخروجها سواء لا ليس هذا مراد ومن نسب إلى النحاة أن مرادهم بالحرف الزائد أن دخوله وخروجه سوى ولا يفيد معنى البتة فقد أخطأ عليهم وإنما مرادهم أن الحرف لم يستعمل فيما وضع له في أصل لغة العرب وإنما استعمل لغرضٍ آخر وهو إفادة التوكيد وحينئذٍ نقول يستفسر ما مرادك بالزائد إن كان مراده بما ذكر أنه دخوله كخروجه سواء ولا يفيد معنى البتة نقول هذا لم يقل به أحد ولا يجوز إطلاقه في القرآن لأنه حينئذٍ يجوز حذفه أما ما يعنيه النحاة فهو أن الحرف يكون زائدا لا يدل على معناه الذي وضع له وإنما جيء به لإفادة تأكيد الكلام بحيث لو كان في غير القرآن لو حُذِفَ لأُدي الكلام يعني أصل الكلام أو لأدوي التركيب أصل المعنى الذي بدون من فمثلاً لو قيل في غير القرآن ما زارنا أو ما جاءنا من بشير ماذا أفادت؟ نفي مجيء البشير لو حُذفت مِن ما جاءنا بشيرٌ هل فهم أصل المعنى فهم أصل المعنى بدون من ولكن زيدت مِن للدلالة على التأكيد ولذلك عندهم أن الحرف الزائد وهذا يدل على ما أكدتُه أن مراد النحاة وغيرهم أن الحرف الزائد ما أفاد تأكيدًا الحرف الزائد عندهم في مقام جملةٍ مكررة فإذا قيل: {((((((كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] وحكموا بأن الكاف كما هو المرجح أنها زائدة في هذا الموضع هذا التركيب بزيادة الحرف في مقام أو في قوة قولك ليس مثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء حذفت الجملتان الثانية والثالثة أو الثانية فقط على القول بأن أقل التكرار اثنان حذفت الجملة الثانية فقط أو الثنتان وعوض عنهما الكاف حينئذٍ هذا مرادهم بالتأكيد {(((جَاءَنَا مِنْ (((((((} [المائدة:19] يعني: ما جاءنا بشير ما جاءنا بشير للتأكيد ومعلومٌ أن التأكيد قد يكون بتكرار الجملة وقد يكون

بتكرار الحرف وقد يكون بتكرار الاسم وقد يكون بتكرار الفعل إلى آخره كما هو معلوم في موضعه أن التأكيد اللفظي أن يكرر الحرف لا لا أبوح بحب بتةً احبسي احبسِي هنا أكد الجملة هذا مثلها ليس مثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء إذًا هل أفاد أم لم يفيد أفاد لكنه أفاد فائدة ليست هي الفائدة التي وُضع لها الحرف من ومن أراد أن يخرج يعني: من خلاف أو لم يقتنع بهذا فلا يطلق لفظ الزائد على ما ورد في القرآن وخاصة عند العامة لا يقال هذا حرفٌ زائد العامة لا يفهمون هذا التفصيل ولا يعرفون التأكيد ولا يعرفون الحروف الذي تزاد ولا السياق الذي يزاد فيه الحرف لا، إنما عند طلاب العلم يقال هذا حرف زائد من أراد أن يجتنب هذا فليقول صلة أو تأكيد أو يقول ماذا؟ وسم ما يزاد لغوًا أو صلة**أو قل مؤكدًا وكلٌ قيل له زائد، صلة، تأكيد وكلٌ قيل له لكن زائدًاولفظًا اجتنب**إطلاقه في منزلٍ (كذا وزب) كذا وجب هذا يرى أنه لا يجوز إطلاق لفظ الزائد واللغو على ما ورد في القرآن اللغو لا إشكال فيه أن اللفظ اللغو هذا يترك ويجتنب وأما الزائد فلا إشكال في إطلاقه وخاصةً عند طلاب العلم يقال هذا حرفٌ زائد من أراد أن يخرج عن هذا فليقل هذا صلة أو تأكيد وسم ما يزاد إذن هو زائد وسمي ما يزاد لغوًا أو صلة أو قل مؤكدًا وكلٌ قيل له لكن زائدًا ولغوًا اجْتَنَبْ اجْتَنِبْ اجتناب اجْتَنَبْ إطلاقه في منزلٍ يعني قرآن كذا وجب يعني: هذا القول بأنه لا يجوز إطلاق لفظ الزائد على ما ورد في القرآن والصواب هو الأول أنه يقال بالتفصيل ولا بأس به عند طلاب العلم لكن الزائد عند النحاة وأهل البيان قيل لا يزاد إلا لتأكيد أليس كذلك؟ والتأكيد لا يُلقَى لمخاطبٍ خال الذهن من الحكم هذا هو المقرر عند البيانيين أن المخاطب إذا تكلم مع إنسانٍ مع مخاطبٍ خال الذهن من الحكم يعني: إيش خال الذهن يعني لم يسبق إليه أن سمع بهذا الخبر هو جديد، الخبر عليه جديد فحينئذٍ هل اللائق أن يخبَر بجملةٍ تفيد أصل المعنى أم أنه يُؤتى بجملةٍ تفيد أصل المعنى مؤَكَّدَة؟ الأول أم الثاني الأول لأن التأكيد زيادة ولا يؤتى بها إلا لحاجةٍ وهي فيما إن كان المخاطب مترددًا في الحكم أو منكرًا للحكم لأن الأحوال ثلاثة إما أن يكون المخاطب خال الذهن وما يعلم أن زيدًا عالي فتقول له زيدٌ عالم أخبرته بعالمية زيد هو لا يعلم بعلمه فقلت زيدٌ عالمٌ هذا يسمى خال الذهن حينئذٍ لا يحتاج إلى التأكيد لو قيل له إن زيدا عالمٌ أخطأت لماذا لأن إن حرف توكيد إن زيدا عالمٌ زيدٌ عالم زيدٌ هو لا يحتاج إلى هذا هو ليس منكرًا وليس مترددًا في الحكم حتى تؤكد له الخبر وإنما تقول له زيدٌ عالمٌ وتكتفي بذلك أما إذا قلت له إن زيدا عالم قد زدت الجملة لفظًا ويعتبر حشوًا عند أهل العلم لماذا لأن المخاطب خال الذهن من الحكم فحينئذٍ الأصل أن يورد إليه الكلام خالي عن التأكيد أما المتردد في الخبر فحينئذٍ يُستحسن أن يؤتى بمؤكدٍ واحد وأما المُنكر للحكم حينئذٍ يجب ولا يقال يستحسن يجب التأكيد أن يؤتى بمؤكِدٍ أو مؤكِدين أو ثلاثة، فإن تخاطب خالي الذهن من .. حكمٍ ومن ترددٍ فالتغتني عن المؤكدات

فإن تخاطب خالي الذهن من .. حكمٍ من حكمٍ فلتغتن المؤكدات إذن القاعدة أن كما كان خالي الذهن فيوجه إليه الخطاب بخلوه عن المؤكدات هنا الناظم قال: (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ) هل المخاطب هنا خال الذهن من الحكم أو منكر أو متردد أيهم الثلاثة؟ خال الذهن لماذا؟ لأن المتن هذا تبعًا للأصل الورقات وضع للمبتدئ المبتدئ لا يعلم حد المباح فيقال له المباح ما لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه ولا يحتاج أن يقال له إن المباح أو يقال له والله إن المباح لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه لا يحتاج للتأكيد وإنما لو كان منكر للمباح أو منكر لحد المباح حينئذٍ تأتي بمؤكدات بين وواضح فنقول إن كأنه منكرًا حينئذٍ يحتاج إلى التأكيد وهنا غير منكر وغير متردد في الحكم إذن لماذا أتى الناظم بمن الدالة على التأكيد لأنه كأنه قال له ليس في المباح ثوابٌ ليس في المباح ثوابٌ هل أنت منكر أو متردد؟ لا إذن نقول هذا من قبيل الحشو زيادة من في هذا التركيب حشوٌ كما قال ذاك: إن الكلام عندنا فلتستمع**لفظٌ مركبٌ مفيدٌ قد

إن الكلام لا يحتاج إلى التأكيد بأن وإنما يقال حد الكلام مثلاً أو الكلام عندنا إلى آخره، (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ) (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ) يعني: في المباح من حيث وصله بالإباحة لماذا؟ لأن المباح لا يمكن حده من حيث هو لأنه متعدد لأن الأقوال المباحة والأفعال المباحة هذه كثيرة لا يمكن استيفائها في أو يتعذر استيفائها في حد وإنما نظرت لقاسم مشتركٍ بين هذه الأقوال المباحة وبين هذه الأفعال المباحة فوجدوا أن القاسم المشترك الذي يصدق على كل فعلٍ فعلٍ من المباح وعلى كل قولٍ قولٍ من المباح وجدوا أن القاسم المشترك هو أنه لا ثواب في الفعل ولا عقاب في الترك بمعنى: لا ثواب في الفعل والترك ولا عقاب في الفعل والترك فمتعلق نفي الثواب عن المباح فعلاً وتركًا ومتعلق ونفي العقاب عن المباح فعلاً وتركًا لأن ظاهر العبارة عبارة الأصل ما ليس في فعله ثواب إذن نفي الثواب عن الفعل فقط أم عن الفعل والترك؟ عن الفعل والترك كذلك لا يعاقب على تركه هل نفي العقاب عن الترك فقط؟ أم عن الترك والفعل معا؟ عن الترك والفعل معا حينئذٍ يكون متعلق نفي الثواب عن المباح فعلاً وتركًا ومتعلق الثواب أو متعلق نفي العقاب عن المباح أيضًا فعلاً وتركًا (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ) (فِي الْمُبَاحِ) هذا أصل التركيب في فعل المباح في فعل المباح مضاف ومضاف إليه حُذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فصار في المباح من ثوابٍ وقع الإجمال ثم جيء بالإضاف إليه المحذوف منصوبًا على التمييز فقال فعلاً وتركًا فعلاً هذا إيش إعرابه نقول تمييز أصله مضاف محول عن، تمييزٌ محولٌ عن مضاف مثل قوله تعالى: {((((((أَكْثَرُ مِنْكَ (((((} [الكهف:34] أصل التركيب مالي أكثر منك فحذف المضاف الذي هو المبتدأ فانفصل الضمير ارتفع صار {((((((أَكْثَرُ (((((} ماذا وقع؟ إجمال يحتاج إلى مميز إلى مفسر إلى مبين إلى موضح فجيء بالمضاف الذي هو المبتدأ في الأصل فانتصب على التمييز هذا مثله (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ) أي: وليس في فعل المباح فحُذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ثم وقع إجمال في المباح من حيث ماذا؟ من حيث الفعل والترك فقيل فعلاً وعطَف عليه تركًا هذا استدراكا على الأصل وإذ الأصل لم يذكر الترك في متعلق نفي الثواب عن المباح (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ) (مِنْ ثَوَابِ) قلنا الثواب ما هو؟ نعم، مطلقًا الجزاء مطلقًا الإطلاق هنا يوجه إلى الخير والشر يعني: جزاء الخير بالخير وجزاء الشر بالشر وذكرنا أنه ورد في القرآن في قوله تعالى: {((((هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ ((((} [المائدة:60]. هذا عقاب وسماه {(((((((((} وأيضًا {((((ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ((((} [المطففين:36] وهو دخولهم النار -والعياذ بالله-. إذن الثواب هذا المراد به الجزاء مطلقًا. لكل أخي مدحٍ ثواب علمته**وليس لمدح الباهلي ثواب

أي: جزاء، فعلاً وتركًا ذكرنا أنه ما تميزان منصوبٌ على التمييز وبعضهم يرى أن التنوين هنا نائبٌ عن المضاف إليه في فعله، وبعضهم يرى أن التمييز لا بد له من ضميرٍ يربطه بالمميز بل ولا عقاب المعنى واضح من التركيب أن المباح ليس في فعله وتركه ثوابٌ أي: لا يترتب الثواب على الفعل لو فعله ولا يترتب الثواب على الترك لو تركه بل ولا عقاب يعني: وليس في المباح من عقابٍ فعلاً وتركًا فلا يترتب العقاب على فعل المباح كما أنه لا يترتب العقاب على ترك المباح وهذا قيدناه كما سبق أنه؟ متن نعم. وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا

بقطع النظر عن كونه وسيلةً إلى شيءٍ آخر ولذلك بعضهم يقيده كما حددناه ما خلا عن مدحٍ وذم لذاته لإخراج المباح الذي ترك به محرم فإنه يثاب عليه من تلك الجهة وللاحتراز أو إخراج المباح الذي هاه الذي استعان به على فعل واجب فحينئذٍ يثاب من هذه الجهة أو المباح الذي ترك به واجبا فحينئذٍ يوجه إليه الذم من هذه الجهة هل الذم والمدح وجه إلى المباح بهاتين الصورتين أو الثلاثة المذكورات هل وجه إليه من حيث ذاته أو من حيث كون وسيلةً إلى غيره؟ من حيث كونه وسيلة إلى غيره والمباح المعرف الذي هو حكمٌ شرعي أحد الأحكام الخمسة نقول ينظر إليه من حيث ذاته أما باعتبار كونه مقدمةَ مندوبٍ، أو مقدمةَ واجبٍ، أو مقدمةَ تركِ محرمٍ، أو مقدمةَ تركِ مكروهِ، حينئذٍ يأخذ حكم ما جُعل مقدمةً له أما المباح من حيث هو فلا يمكن أن ينقلب المباح واجبا ولا يمكن أن ينقلب المباح مندوبا ولا حراما ولا مكروها فالأكل مباح الأكل من حيث هو مباح لكن لو كان هذا الأكل وسيلةً إلى التقوي على الطاعةِ مطلقًا، يثاب أو لا يثاب على الأكل؟ يثاب هل يثاب عليه من جهة النية التي أخذت حكم المقصود أم كون الأكل انقلب مندوبًا أو واجبًا؟ الأول العبرة بالنية وليست العبرة بنفس الفعل فالفعل الأكل أو النوم نفسه أو السكوت لا يأخذ حكم المقصود وإنما نية الأكل هي التي يترتب عليها الثواب وكذلك النوم وكذلك سائر المباحات، فأما المباح فهو مباح والحد إنما يشمل المباح الذي ليس مقدمة واجبٍ ولا مقدمة مندوبٍ إلى آخره فحينئذٍ نقيد قوله: (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا) أي: لذاته أما باعتبار كونه وسيلةً إلى غيره فيأخذ حكمه لأن الوسائل لها أحكام المقاصد كما قلنا قاعدة «إنما الأعمال بالنيات» فإذا جُعل المباح واتخذ المباح وسيلة إلى فعل المحرم عوقب على فعل المحرم عوقب على النية التي فعل بها المباح وإذا جعل المباح وسيلةً إلى فعل الواجب أثيب على فعل الواجب وأثيب على نية هذا المباح أثيب على نية هذا المباح إلى آخره، (بَلْ وَلا عِقَابِ) (وَلا عِقَابِ) عقاب بالجر أليس كذلك؟ معطوف على ثواب والمعطوف على المجرور مجرور (بَلْ) هنا إيش نوعها؟ عاطفة! عطفت ماذا على ماذا؟ هاه أين الجملة؟ إيش تقديره؟ أين؟ بل في اللغو تأتي على ضربين: إما أن تكون حرف ابتداءٍ فقط، وإما أن تكون حرف عطفٍ، تكون حرف ابتداءٍ إذا كان ما بعدها جملة سواء كان جملة اسمية، أو جملة فعلية، وحينئذٍ إن كانت حرف ابتداء تكون الجملة التي تليها جملةً مستقلة في إعرابها لا علاقة لها بما قبلها من جهة الإعراب وإنما ينظر إليها من جهة كونها تفيد الإضراب أو الانتقال يعني: إذا كانت حرف ابتداءٍ نقول ليست عاطفة وإنما هي يتلوها جملةٌ فعلية أو جملةٌ اسمية تفيد حينئذٍ بل الإضراب أو الانتقال، الإضراب ما هو الإضراب الترك ما يقال الآن إضرابٌ يعني: ترك العمل إضراب وتفيد الانتقال، تفيد الإضراب كما في قوله تعالى: {((((((((((اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ((((} [مريم:88]، {((((((((((اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ((((} [الأنبياء:26].

{((((} هذه حرف ابتداء، و {((((((ٌ} هذا خبر مبتدئٍ محذوف بل هم عبادٌ إذن تلاها جملةٌ اسمية هنا نقول تفيد الإضراب يعني: تبطل وتحكم على ما قبلها من نفي والكذب من أصله وتثبت نقيضه لما بعدها {((((((((((اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ((((} هذا نقول {((((} للإضراب وهي حرف ابتداء أبطلت ما قبل بل مدلول الجملة السابقة مفرد والحكم منفي بل هم عبادٌ مكرمون نقول هذه بل للإضراب قد تكون للانتقال أن يكون الانتقال بها من غرضٍ إلى غرض مع عدم إبطال ما قبلها {((((أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ((((} [الأعلى:14 - 16] هنا انتقال من كلامٍ، من أسلوبٍ إلى أسلوب آخر هل فيها إبطالٌ إلى ما قبلها؟ الجواب لا إذن بل تأتي للإضراب وتأتي للانتقال فيما إذا كان ما بعدها جملة إذا وجدت جملةً بعد بل فأحكم أن بل حرف ابتداء وليست حرف عطف ليست عاطفة بل هي حرف ابتداء مثل حتى حَتى ما أجزلت أشكل حتى ابتدائية هنا وما أو مبتدأ كذلك بل إذا وجدت ما بعدها جملةً اسمية أو فعلية فاحكم عليها بأنها حرف ابتداء يعني: تفيد أن ما بعدها مستقلٌ في الإعراب عما قلبها أما المعنى فلا بد من الارتباط إما بإبطال ما قبلها وإثبات نقيضه لما بعدها وإما لكون ما قلبها مستقرٌ وثابٌ على حكمه ونقيضه مثبتٌ لما بعده وجهان هل يمكن حمل بل هنا على أنها ابتدائية حرف ابتداء لا لم؟ لأن لا جملة اسمية ولا عقاب هذا مفرد (وَلا عِقَابِ) إذا تلاها إذا لم يتلوها بل جملةً فعلية ولا جملةً اسمية حينئذٍ قطعًا سيتلوها المفرد وإذا تلاها المفرد فهي حرف عطف يعني تشرك منا بعدها في ما قبلها في الإعراب وأما المعنى فيُنظر إن كانت في سياق الإثبات فحينئذٍ إذا جاءت في سياق الإثبات جاءني زيدٌ بل عمرو جاءت بل هنا وتلاها مفرد وجاءت في سياق الإثبات لا في النفي ولا في النهي نقول بل هنا تفيد نفي الحكم عما قبلها وإثباته لما بعدها جاءني زيدٌ بل عمرٌو سلبَت الحكم وهو المجيء عن زيد وصار زيد مسكوتًا عنه لم يثبت له حكمٌ ولم ينكر في حكم السكوت وما بعد بل صار ماذا محكومًا عليه بمثل ما حُكِمَ عليه بما قبل بل هذا في الإثبات وهذا ليس بواردٍ عندنا هنا لماذا لأن السياق هنا ليس في المباح نفي وليس إثبات. الحالة الثانية: أن يكون بعد بل مفرد وتكون في سياق النفي أو النهي حينئذٍ بل تثبت حكم ما قبلها تقره كما هو وإنما تثبت نقيضه لما بعده إذا جاءت بل وتلاها مفرد في سياق النفي أو النهي نقول تثبت حكم ما قبلها تقره ويبقى مستمرًا ولكن تثبت نقيضه لما بعدها ما جاءني زيدٌ بل عمرٌو ماذا حصل هنا؟ نفي المجيء عن زيد ثابتٌ كما هو ومستمر وأثبت نقيضه لعمرو أليس كذلك؟ وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا بَلْ وَلا عِقَابِ

(بَلْ) لا يمكن أن يكون حرف ابتداء لأنه لم يتلوها جملةٌ اسمية ولا فعلية وليست مفيدة لإثبات ما أو نفي ما قبلها فيما إذا كانت حرف استدراك وهنا هل يمكن حملها على الثالث وهو أنها أثبتت ما قبلها لأنها في سياق النفي وأثبتت نقيض ما قبلها لما بعده هل يمكن حملها على هذا المعنى؟ (وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا بَلْ) حكم ما قبل بل ثابتٌ كما هو أنت الثواب منفيٌ عن المباح فعلاً وتركًا (بَلْ وَلا عِقَابِ) هل أُثبت لما بعد بل نقيض حكم ما قبلها وهو الإثبات؟ اكتب معي إذا قيل أثبت لما بعد بل نقيض ما قبلها صار التركيب هكذا وليس في المباح من ثواب بل وفي المباح من عقاب هذا صحيح ليس بصحيح لذلك هذا البيت فيه إشكالات لغوية كثيرة لا يمكن حمل بل هنا على أنها حرف ابتداء ولا يمكن حملها على أنها حرف عطف وحينئذٍ نقول لا بد من التقدير يعني: لا بد من إصلاح البيت بأن نجعل بل هذه ابتدائية يعني: لا بد من تقدير جملةٍ بعد بل وليس في المباح من ثواب فعلاً وتركًا بل وليس في المباح من عقاب حتى يصح التركيب هذا خللٌ ثانٍ الخلل الأول نقول زيادة مِن لخال الذهن تأكيد الكلام ولا نحتاج إليه وهذا حشو. الثاني: في توجيه بل. الثالث: في الواو بعد بل، هذه مشكلة أيضًا ثالثة القياس المطرد في لغة العرب أن الواو لا تزاد بعد بل قياس سمع في فصيح الكلام من قول علي رضي الله تعالى عنه: بل ولما ينال الناس من الخير. لكن هذا خلاف القياس سُمع ولا يعني يُسمع ولا يقاس عليه. الأمر الرابع: لا بعد بل المطرد في لغة العرب زيادة لا لكنها إذا اجتمعت مع بل تسبق لا بل ولم يسمع أن تكون لا بعد بل، هذه أربعة مواضع موجهة إلى البيت وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا بَلْ وَلا عِقَابِ (مِنْ ثَوَابِ) نقول هذا حشوٌ (بَلْ) لا معنى لها إلا في بتقدير جملة وهذا فيه تكلف كذلك ورود الواو بعد بل كذلك وهذا إن سُمع في قليلٍ من الكلام الفصيح لأن قياس المطرد أن لا تزاد بعد بل، الرابع زيادة (لا) النافية بعد بل والأصل أنها تزاد قبل بل هذا هو قياس المضطرب إذن عرفنا: وَليْسَ فِي الْمُبَاحِ مِنْ ثَوَابِ ** فِعْلاً وَتَرْكًا بَلْ وَلا عِقَابِ ما المراد بالعقاب؟ أخذناها ( .. ) على المعصية قال النابغة: ومن عصاك فعاقبه معاقبةً ** تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد قوله: (وَلا عِقَابِ) هذا فيه ما يسمى بالإيقاع لأنه قال: وَالنَّدْبُ مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ ** وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ

انتهى البيت السابق لفظ (عِقَابُ) ثم البيت الذي يليه انتهى بلفظ (عِقَابِ) هذا يسمى إيقاعا عندهم وهو إعادة كلمة الروي لفظًا ومعنى لكنه مَعِيب عند المتقدمين وجائز يعني: عيب عند المتقدمين وجائز عند المولدين وخاصة في الأراجيز التي تكون في العلوم الشرعية. هذا ضابط من مِن ضوابط المباح وهو تعريف له بلازمه وقلنا: صح التعبير باللازم لأن الحقائق إذا اختلفت اختلَفت لوازمها وذكرنا حده في الدرس السابق ووقفنا عند المسألة الرابعة وهي: هل المباح حكم شرعي؟ وذكرنا أن أهل السنة على أن المباح حكم شرعي لماذا؟ لأن المباح ورد في الشرع إذا قيل: حكم شرعيٌّ. قلنا: الياء هذه ياء النسبة ماذا تفيد؟ نسبته للشرع إذا مرت بك الياء فالأصل أن ما قبلها الذي اتصلت به الياء يكون منسوب يكون منسوبًا إلى الشرع مثلاً كما هنا حكم شرعي أي: حكم مأخوذٌ من الشرع وهل المباح ما لا يعلم ما لا ثواب في فعله ولا في تركه ولا عقاب في فعله ولا عقاب في تركه هل مأخوذ من الشرع؟ نقول: نعم خلافًا للمعتزلة القائلين بأن المباح هو ما انتفى الحرج عن فعله، إذن نقول: المباح حكمٌ شرعيٌّ وهذا يكاد يكون إجماع لكن يذكرون الخلاف خلاف بعض المعتزلة يقولون الأولى في مثل هذه المسائل أن لا يذكر خلاف من لا يعرف بالسنة في مثل هذه المسائل أن لا يذكر خلاف من لا يعلم بالسنة وإنما يكون الخلاف معتبرا متى؟ إذا كان له حظ من النظر متى يكون له حظ من النظر؟ باعتبار قائله وباعتبار ما استَدَل به فلا يعارض أئمة السنة مثلاً بقول رأس من رؤوس المبتدعة مثلاً نقول: هذا لا يعتبر مقابلاً له لماذا؟ لأن الخلاف إنما يكون معتبر إذا كان القائل من أهل السنة وما استدل به محتمل للصحة ونحوها، قالت المعتزلة: الإباحة ليست حكمًا شرعيًّا بل هي حكم عقلي. وأهل السنة يوافقون في مسألة الإباحة العقلية ولذلك ذكرنا في المسألة السابقة الثالثة أقسام الإباحة وأنها قسمان: إباحة عقلية نسبة إلى العقل وهذه تسمى البراءة الأصلية وتسمى استصحاب العدم يعني: عدم التكليف حتى يرد الدليل الناقل عنه. وما من البراءة الأصلية ** قد أُخذت فليست الشرعية وما يعني: إباحة. وما من البراءة الأصلية ** قد أخذت فليست الشرعية وذكرنا الخلاف الذي ينبني على هذه أن رفع الإباحة العقلية لا يسمى نسخا كان الربا مباحًا فنزل التحريم نقول: الربا كان مباحا بماذا؟ بالشرع أم بالعقل؟ بالعقل البراءة الأصلية عدم التكليف نزول تحريم الربا هل هو ناسخ؟ لا ليس بناسخ لماذا؟ لأن النسخ لا يكون نسخًا إلا إذا كان رافعًا لحكم شرعي وهنا لم يرفع حكمًا شرعيًّا بل رفع حكمًا عقليًا. النسخ رفع أو بيان والصواب ** في الحد رفع حكم شرع بخطاب

إذا رفع حكمًا شرعيًّا بخطاب شرعي متراخٍ عنه كما سيأتي نقول: هذا يعتبر نسخًا مثل ماذا؟ الصيام كان في أول الأمر مخيرًا المكلف بين الصيام والبدل عنه بالإطعام ثم نزل قوله تعالى: {((((شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185] نقول: جواز الفطر أولاً مع البدل وهو الإطعام هذا منسوخ لأنه ثبت بحكم شرعي وذكرنا أنه يصح الاستدلال فيه بالبراءة الأصلية في عدم المؤاخذة يعني: لا يؤاخذ بما فعله قبل نزول الحكم وذكرناه في الدرس السابق. هنا قال: بل هي حكم عقلي. على قول المعتزلة لأن المباح عندهم ما انتفى الحرج عن فعله وتركه ما انتفى يعني ارتفع الحرج عن فعله وتركه وذلك ثابت قبل ورود الشرع ومستمر بعده، هنا يأتي الإشكال ثابت قبل ورود الشرع هذا لا إشكال فيه لكنه مستمر بعد الشرع نقول: لا الشرع بعد تمام الأحكام الشرعية وخاصة بعد انقطاع الوحي نقول: ما دل الشرع إما أن يدل على وجوب الشيء أو ندبيته أو حرميته أو كراهته فإن لم يرد ما يدل على واحد من هذه الأمور الأربعة فالحكم أنه مباح وهو حكم شرعي كما سيأتي في مسألة الانتفاع بالأعيان قبل ورود الشرع ومستمر بعده فلا يكون حكمًا شرعيًّا ومعنى إباحة الشيء تركه على ما كان عليه قبل الشرع ولم يتغير حكمه والصواب أن ما كان قبل ورود الشرع قد تغير حكمه من البراءة الأصلية إلى الإباحة الشرعية البراءة الأصلية لا وجود لها الآن بعد تمام الشرع انتهى وإنما هو أمر قبل ورود الشرع استمر إلى مثلاً الربا كان مباحًا إلى أن نزل أو نزلت آيات تحريم الربا نقول: مدة بقاء إباحة الربا إلى نزول آيات التحريم هذا هو محل النزاع أما استمراره إلى ما بعد انقطاع الوحي فهذا لا يقال به لا يقال بأن البراءة الأصلية أو البراءة الأصلية بمعنى العقلية إباحة الشيء عقلاً أنها مستمرة بعد تمام الشرع وإنما إذا قيل: الأصل في المعاملات الحل والإباحة. الإباحة هنا شرعًا وليست عقلا إذا قيل: الأصل في الأشياء الإباحة. الآن بعد ورود الشرع نقول: الأصل في الأشياء الإباحة ولكنها إباحة شرعية ولا وجود للإباحة العقلية. وقال أهل السنة: الإباحة هي حكم شرعي وهي خطاب الله بتخيير المكلف بين الفعل وبين الترك مطلقًا. ولذلك بعضهم يستدل بحديث «وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان». إذن ما سكت عنه فهو عفو ما أراد الله جل وعلا تحريمه حرمه، وما أراد ندبيته ندب الناس إليه، وما أراد تحريمه حرمه، وما أراد كراهته كرِهه لهم، وما سكت عنه إذن هو مباح على أصل الشرع فهو متوقف في وجوده على الشرع كبقية الأحكام. المسألة الخامسة: في صيغ المباح إذا عرفنا أن الإباحة حكم شرعي كيف نستنبطها من الشرع؟ لها صيغ:

أولها لفظ الإحلال أو أَحل كل مادة أحل يحل إحلال هذا يدل على أنه مباح وأن الإباحة شرعية {((((((لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى ((((((((((((} [البقرة:187] {(((((َّ} نقول: مباح والإباحة شرعية ما الذي دل عليها؟ قوله تعالى إذ استدل بالقرآن بالشرع {(((((َّ}، {((((((((لَكُمْ مَا وَرَاءَ (((((((((} [النساء:24] (وَأَحَلَّ لَكُم) قراءة {((((((((لَكُمْ مَا وَرَاءَ (((((((((} إذن نقول: {(((وَرَاءَ (((((((((} المذكور إلا إذا قيد بالسنة كالجمع بين الخالة والعمة. الثاني: التصريح بنفي الجُناح كقوله تعالى: {((((((عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ (((((((((} [البقرة:198]، {((((((عَلَيْكُمْ (((((((} إذن هو مباح. الثالث: التصريح بنفي الحرج {((((((عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ ((((((} [النور:61] إلى آخره نقول: هذا دليل على الإباحة. الرابع: صيغة الأمر افعل أو لِتفعل ما يدل على الوجوب صيغة التي صُرفت عن اقتضاءها الوجوب أو الندب إلى الإباحة ولكن يكون بقرينة {(((((((قُضِيَتِ الصَّلَاةُ ((((((((((((((} [الجمعة:10] {(((((((قُضِيَتِ (((((((((((} نائب فاعل {(((((((((((((ْ} انتشروا هذا أمر والأصل في الأمر أنه للوجوب هذا الأصل لكن هل يجب الإنتشار بعد الصلاة يجب؟ لا يجب نقول: هنا للإباحة لماذا صرفناه عن الوجوب إلى الإباحة دون الندب ما هي القرينة؟ قرينة قالوا: المنع من الفعل عند بعضهم. المنع من الفعل لأنه قال: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9]، إذن مُنع أو لم يمنع؟ الانتشار في الأرض الذي هو البيع ومثله {(((((((((الْبَيْعَ} اتركوا البيع هذا ممنوع المنع ثم بعد ذلك جاء الأمر قالوا: المنع الأمر بالشيء بعد المنع منه قرينة صارفة من الوجوب والندب إلى الإباحة هذا قول والأصح أن يقال: إن الأمر بالشيء بعد النهي عنه يَرُدُّ الشيء إلى أصله قبل النهي والأصل قبل النهي قبل قوله: {(((((((((الْبَيْعَ} إباحة الانتشار أم ماذا؟ الأصل أنه مباح فلما مُنع {(((((((((الْبَيْعَ} لعلة قال: {(((((((((((((ْ}. إذن رجع إلى أصله وسيأتينا بحث في باب الأمر. هذه أربعة مواضع يكون دليلاً على إثبات الإباحة الشرعية. المسألة السادسة: هل الإباحة تكليف؟ من يجيب هل هي حكم تكليفي؟ أحمد هي حكم تكليفي؟ نعم. وليس مندوب وكُرْهٌ في الأصح**مكلفًا ولا المباح

صحيح؟ إيش فيكم يا إخوان الأصول تدوخكم ولا إيش؟ ليست حكمًا تكليفيا إيش الدليل؟ ما هو حد التكليف؟ إذا قيل: إلزام نريد إذا قيل: إلزام ما فيه مشقة ما الذي دخل وما الذي خرج؟ من هنا ما الذي دخل وما الذي خرج؟ دخل الواجب والمندوب لأن فيه إلزام ما فيه مشقة مَشقة الواجب جازمة ومشقة المندوب غير جازمة وأن المراد جنس المشقة لا باعتبار كل فرد فردًا والذي خرج؟ المحرم؟ إلزام ما فيه مشقة قلنا: دخل الواجب والمندوب لا المحرم وخرج المندوب والمكروه والمباح إذًا المباح على هذا القول تعريف التكليف بأنه إلزام ما فيه مشقة بأنه ليس بحكم تكليفي على القول الثاني في التكليف أنه طلب ما فيه مشقة ما الذي دخل وما الذي خرج؟ كلها دخلت وخرج المباح إذن المباح ليس حكما تكليفيا على التعريفين، لماذا؟ لأن التكليف إما إلزام أو طلب على الحدين والمباح ليس فيه إلزام ولا تكليف لذلك نص السيوطي على هذا. وليس مندوب وكره خالفناه في المندوب والمكروه. وليس مندوب وكره في الأصح ** مكلفًا ولا المباح فرجح في حده إلزام ذي الكلفة لا طلبه ** والمرتضى عند الملأ إذن نقول: هل الإباحة حكم تكليفي؟ الجواب: لا، إذا قيل: حكم تكليفي كيف نقول: هي حكم شرعي؟ هل بينهما تنافٍ؟ هل بين الحكم التكليفي والشرع معارضة؟ إذا أُثبت أحدهما ونفي الآخر؟ ها يا أمة محمد نعم ليس بينهما تعارض لماذا؟ لأننا حددنا الحكم الشرعي العام قلنا: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، لذلك ذكرت لكم أن فهم هذا الحد يندرج تحته عشرات المسائل كل ما قلنا دخل وخرج وأطلنا في الحد كله من أجل نضبط هذه المسائل. خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أربعة أحكام أو التخير إذن داخل في الحد الحكم الشرعي أو لا؟ الحكم التكليفي حكم شرعي وحكم الإباحة حكم شرعي لا تكليفي أيهما أعم كل حكم تكليفي شرعي ولا عكس لأن الأحكام التكليفية الأربعة: الإيجاب، والندب، والكراهة، والتحريم. هي حكم وضعي وداخلة في حد الحكم الشرعي قال: أو التخيير. قلنا: المراد بالتخير هنا المباح استواء طرفين فعلاً وتركًا هو داخل في حد الحكم الشرعي إذن الإباحة حكم شرعي وليست حكما تكليفيا لأن أو للاقتضاء أو هذه للتنويع والتقسيم إذن الحكم التكليفي والإباحة نوعان للحكم الشرعي مع الوضع أريد التباين فقط نوعان للحكم الشرعي الحكم التكليفي شرعيٌّ ولا إشكال والأصح في الحكم الوضعي أنه شرعي لا عقلي والإباحة حكم شرعي إذن لا تنافي بين أن نقول: هي حكم شرعي وليست بحكم تكليفي، وإنما ذكرت عند بعض الأصوليين في عَدِّ الأحكام التكليفية أنها خمسة الشيخ الأمين رحمه الله في المذكرة ونثر الورود يرى أنها من باب التساهل يعني: جمعًا للأقسام. وبعضهم يرى أن الأحكام التكليفية الأربعة متعلقة بفعل المكلف وكذلك الإباحة خطاب تخيير بين الفعل والترك ومتعلقه فعل المكلف لأننا قلنا: ما خلا من مدح وذم. ما قلنا: فعل المكلف أخرج البهيمة والصبي والمجنون والنائم والساهي لأنهم ليسوا مكلفين إذن تعلقت الإباحة بماذا؟ بأفعال المكلفين فحينئذٍ شاركت الإيجاب والندب إلى آخره في كونه متعلقا بفعل المكلف.

أبو إسحاق الإسفرايني يرى أن الإباحة حكم تكليفي ولكن الخلاف مع لفظه لماذا؟ لأنه يقول: إذا حُكِمَ على الشيء بأنه مباح كل ما حكم عليه بأنه مباح وجب اعتقاد إباحته. وجب اعتقاد أنه مباح هذا ما فيه إشكال الماء البارد يجب أن نعتقد أنه مباح وهذا بالإجماع إذا قيل: وجوب اعتقاد إباحته والوجوب حكم تكليفي أو لا؟ تكليفي إذن كيف نرد عليه؟ نعم جلال. نقول: هذا الحكم مطرد في جميع الأحكام والكلام ليس في حكم المباح وإنما في المباح نفسه كلامنا في ماذا؟ في المباح نفسه الأكل هل هو حكم تكليفي وهو مباح؟ نقول: لا ليس حكما تكليفيا أما وجوب اعتقاد إباحته هذا لا إشكال فيه أنه حكم تكليفي لأنه نقول: وجوب والوجوب هذا من الأحكام التكليفية فمحل الخلاف منفك الإسفراينيي يتكلم عن حكم المباح وكلام الجماهير عن المباح نفسه إذن محل الإيراد إثباتا ونفيا ليس محلاً واحدًا قال: ومذهب أبي إسحاق الإسفرايني أنها تدخل تحت التكليف واستدل بقوله: إن التكليف هنا وجوب اعتقاد إباحته وأنه من الشرع فالمباح مكلف به من حيث وجوب اعتقاده. ورُد بأن العلم بحكم المباح خارج عن نفس المباح. المسألة السابعة والأخيرة: هل المباح مأمور به؟ الأئمة الأربعة على أنه ليس مأمورًا به من يستنبط العلة مما سبق الدروس؟ الإباحة فيه تخيير، والأمر؟ الأمر طلب كما ذكرنا في المندوب المأمور به مطلوب ومُستدعَى إذن فيه ترجيح الفعل أليس كذلك؟ الأمر يستلزم ترجيح الفعل وهل في المباح ترجيح؟ لا ليس بينهما ترجيح وإنما يستوي الفعل فعلاً وتركًا المباح مستوي الطرفين. لذاك والإباحة خطاب ** فيه استوى الفعل والاجتناب مستويان على درجة واحدة لا يُفَضَّلُ أو يقدم الفعل على الترك ولا الترك على الفعل إذن نقول: هل المباح مأمور به؟ فيه مذهبان: الأئمة الأربعة على أنه غير مأمور به من حيث هو مباح وهو مذهب جماهير العلماء. المذهب الثاني: أن المباح مأمور به وهو منسوب للكعبي الكعبي هذا منسوب للكعبي الكعبي هذا رأس من رؤوس المعتزلة له فرقة باسمه خاصة مثل الجاحظية ونحوها والأزارقة يرى أن المباح مأمور به لكن الأمر به دون الأمر بالندب كما أن الأمر بالندب دون الأمر بالإيجاب يقول: كل –حجته- كل فعل يوصف بالإباحة فإنه من حيث كونه وسيلة إلى ترك الحرام مأمور به. لأن من تلبس بالمباح واشتغل بالمباح لزم من ذلك أن يشتغل بالمباح عن ترك الحرام وترك الحرام ما حكمه؟ واجب ترك الحرام حكمه واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فما به ترك المحرم يَرى ** وجوب تركه جميع من درى

ما لا يتم ترك المحرم إلا به فهو واجب قال: والمباح يُترك به الحرام فحينئذٍ يكون مأمورا به. فإذا اشتغل بالنوم نقول: النوم مباح. إذا نام عشر ساعات عشرين ساعة نقول: بنومه هذا قد اشتغل بالنوم الذي هو المباح عن أكل الربا وعن السعي في الظلم وعن الغيبة وعن النميمة إذن اشتغل بالمباح المؤدي إلى ترك المحرم أليس كذلك؟ فكل مباح يشتغل به يلزم منه أنه قد ترك به محرمًا وترك المحرم واجب فيكون المباح واجبا مأمورًا به يكون المباح مأمورا به رُد عليه هذا المذهب بأن المباح ليس هو نفس ترك الحرام وإنما شيء يترك به الحرام ولذلك إذا قيل: ترك الحرام أو الشيء الذي يترك به الحرام هل هو متعين في المباح أم يشمل المباح وغيره؟ يشمل المباح وغيره إذن على قاعدته –فاسدة- على قاعدته أنه لو اشتغل بالمندوب عن ترك الحرام صار المندوب واجبا لو جلس يستاك سبع ساعات نقول: اشتغل بالسواك المندوب عن شرب الخمر وعن الكذب وعن الغيبة وعن النميمة إذن ما لا يتم ترك الواجب إلا به فهو واجب إذن صار السواك واجبا كذلك بل لو اشتغل بحرام عن ما هو أشد منه؟ اشتغل والعياذ بالله بزنا بأجنبية مثلاً نقول: الزنا بالأجنبية هذا حرام اشتغل به عن ترك الزنا بالمحارم إذن صار واجبًا. هذا يدل على فساده لماذا؟ لأن هذه القاعدة لو سُلمت للزم أن يكون المندوب واجبا والمباح واجبا والحرام واجبا أيضا وأن يكون الحرام واجبا فحينئذٍ نقول: ترك الحرام الصواب أنه يَحْصُلُ عند فعل المباح لا بفعل المباح الصواب أن ترك الحرام يحصل عند فعل المباح لا بفعل المباح وحينئذٍ لا يلزم من ذلك أن يُحصر ترك الحرام في نفس فعل المباح بل يكون هو أعم يكون أعم هذه هي المسألة السابعة والأخيرة. ونقف على هذا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

13

عناصر الدرس * تابع ترتيب الأصوليين الأحكام التكليفية وعددها. * المكروه لغة واصطلاحا. * صيغ المكروه. * ما يطلق عليه المكروه. * هل المكروه منهي عنه حقيقة؟ * هل المكروه تكليف؟. * الحرام لغة واصطلاحا. * لا ثواب في الترك إلا بالنية. * أسماء المحرَّم. * صيغ التحريم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد. لا زال الحديث في بيان وسرد وإيضاح الأحكام التكليفية الخمسة التي جمعها الناظم بقوله: وَالْحُكْمُ وَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ وَمَا ** أُبِيحَ وَالْمَكْرُوهُ مَعْ مَا حَرُمَا أخذنا الواجب والندب والمباح، هذه ثلاثة الأحكام قد فرغ الكلام في كثير من أهم مسائلها ثم ربع الناظم بالمكروه فقال: وَضَابِطُ الْمَكْرُوهِ عَكْسُ مَا نُدِبْ ** كَذَلِكَ الْحَرَامُ عَكْسُ مَا يَجِبْ ذكرنا أن لبعض الأصوليين ترتيبًا معينًا في سرد هذه الأحكام التكليفية، منهم من يذكر الحرام بعد الواجب، ويؤخر المندوب مع المكروه، ويوسط المباح أو يؤخر المباح، يعني: يجعل خاتمة الأحكام التكليفية الخمسة المباح. وذكرنا أن الضابط في هذا أن بعضهم ينظر إلى مجرد الطلب، بقطع النظر عن كونه جازمًا أو غير جازم. وبالطبع الأول الذي يقدم هو الواجب لكن فيما يثنى هل يلحق به المندوب أو الحرام؟ من نظر إلى كون الواجب طلب فعل -من نظر إلى كون الواجب طلب فعلٍ- ألحق به المندوب، لجامع أن كل منهما مطلوب الفعل بقطع النظر عن كونه جازمًا أو غير جازم فراعى أن مطلق أو أن مطلق طلب الفعل أولى من مع مراعاة الجزم وعدمه، ومنهم من راعى الجزم وعدمه، فقدم الحرام على المندوب، لكون الحرام مطلوب الترك على جهة الجزم فجاء مع الواجب بكونه على جهة الجزم، إذن النظر هنا للجزم وعدمه فمن كان جازما فهو أولى أن يلحق بالواجب وما ليس كذلك كالمندوب فهو أولى بالتأخير، وذكرنا أن الأولى أن يراعى طلب الفعل، وأما الجزم وعدم الجزم فهذا لا بأس أن يؤخر إلى ما بعد الندب. والمكروه والحرام جمع بينهما هنا لاشتراكهما في أن كلا منهما مطلوب الترك، إلا أن المكروه مطلوب الترك لا على سبيل الجزم، والمحرم أو الحرام أو المحظور مطلوب الترك على سبيل الجزم. إذن لجامع أن كلاً منهما مطلوب الترك قورن بينهما أيضًا كلاً منهما يسمى مكروهًا المكروه كراهة التنزيه هو مكروه والحرام أيضًا في لغة الشرع يطلق عليه مكروه: {((((ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ((((} [الإسراء:38] أي: محرمًا. إذن أطلق لفظ الكراهة على المكروه كراهة التنزيل وعلى المحرم فحينئذٍ لجامع التسمية جمع بينهما أيضًا كل منهما منهيٌ عنه.

فهذه ثلاث علل جعلت الناظم كأصله وكغيره من الأصوليين يقرن بين المكروه والمندوب، كما أن الجامع بين الواجب والمندوب أن كلا منهما مطلوب الفعل وهما أولى بالقراءة، كلٌ منهما مطلوب الفعل. كذلك كلٌ منهما مأمورٌ به حقيقةً، الواجب أمرٌ وهذا باتفاق حقيقة، والندب أو المندوب مأمورٌ به حقيقةً على الأصح كما ذكرناه. إذن كما قُرِنَ بين الواجب والمندوب لكون كلٍ منهما مطلوب الفعل وكلٌ منهما مأمورٌ به حقيقةً كذلك قورن بين المكروه والحرام لهذه العلل الثلاثة، كون كل منهما مطلوب الترك والاجتماع في التسمية وثالث: كون كلٍ منهما منهيًا عنه، والحرام منهيٌ عنه على سبيل الجزم، والمكروه منهيٌ عنه لا على سبيل الجزم. (الْمَكْرُوهُ) هو الحكم الرابع والحرام هو الحكم الخامس وقلنا: هذا التقسيم الخماسي هو على مذهب الجمهور، وأما على مذهب الحنفية والشافعية فعندهم تقسيمٌ آخر الحنفية قسموا الواجب أو قسموا ما طلب الشارع فعله طلبا جازما قسموه إلى قسمين: ما كان بدليلٍ قاطع، فهو الفرض. وما كان بدليلٍ ظني فهو الواجب. كذلك ما نهى عنه الشارع ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا أيضًا قسموه إلى قسمين: ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا بدليل قطعي سموه حرامًا. وما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا بدليلٍ ظني سموه مكروهًا كراهةً تحريمية. وما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازمًا سموه مكروهًا كراهةً تنزيهية. فحينئذٍ المكروه عند الأحناف قسمان، المكروه عند الأحناف قسمان: مكروهٌ كراهة تحريمية وحده عندهم: {ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا بدليل ظني} إن كان النهي بدليلٍ ظني فهو المكروه كراهةً تحريمية، وحكمه أنه أقرب إلى الحرام يعني: يترتب عليه ما يترتب على الحرام من استحقاق العقاب والتحريم، وأنه مطلوب الترك إلا أن الفرق بينهما عندهم أن جاحد الحرام يكفر وأن جاحد المكروه كراهةً تحريمية لا يكفر، لأن الأول يعد أو يعتبر منكرًا لأمرٍ مقطوع به معلوم من الدين بالضرورة، والثاني ظني إذن لا يفيد القطع فحينئذٍ جاحده لا يكفر هذا الفرق بين الحرام وبين الكراهة التحريمية. أما الكراهة التنزيهية فهي: {ما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازمٍ} وهذا يطلق من جهة القطع والظن يعني لا ينظر فيه إلى دليلٍ سواءٌ كان ثابتًا بدليلٍ قطعي أم بدليلٍ ظني فهو مكروهٌ كراهةً تنزيهية، المكروه كراهةً تنزيهية عند الأحناف لا ينظر فيه إلى دليله يعني: لا يشترط فيه هل هو قطعي الثبوت والدلالة أم أنه ظني ثبوت والدلالة وإنما لكونه غير جزمٍ أو النهي فيه غير جازمٍ سموه مكروهًا كراهةً تنزيه، فحينئذٍ نقول: على هذا أن قول الناظم هنا: (وَضَابِطُ الْمَكْرُوهِ) المراد به المكروه عند الجماهير، أما الذي هو خامس أو الذي هو رابع الأحكام التكليفية. أما المكروه عند الأحناف فهو قسمان: مكروه كراهةً تحريمية ومكروهٌ كراهةً تنزيهية الذي معنا هو القسم الثاني، وأما المكروه كراهةً تحريمية فهو داخلٌ في حد الحرام كما سيأتي، إذن القسم الثاني هو الذي معنا هو الذي نبحث عنه.

أما الشافعية فنظروا إلى محل الدليل الشافعية قسموا المكروه إلى قسمين أيضًا، بحسب محل دليل النهي الغير جازم قالوا: النهي الغير جازم ننظر إليه إن كان محل النهي بأمرٍ مخصوصٍ معين فهو المكروه وإلا فهو خلاف الأولى، يعني: فرقوا بين ما نهى عنه أو فرقوا بين المكروه قالوا: إن كان المكروه خاصا يعني نص الشرع ونهى عن شيءٍ خاص وثبت أنه غير جازم نقول: هذا مكروه وإذا لم يكن بأمرٍ معين بل بعمومات نقول: هذا خلاف الأولى مثلوا للمكروه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»، «فلا يجلس» قالوا: هذا نهيٌ لكنه غير جازم مصروفٌ بأدلةٍ خارجةٍ عن النص فحينئذٍ ترك الصلاة أو الجلوس في المسجد دون صلاةٍ نقول هذا مكروهٌ، ما الدليل؟ «فلا يجلس»، لماذا؟ لأنه نهيٌ خاصٌ عن أمرٍ معين، أما خلاف الأولى قالوا: هذا ليس فيه نهيٌ خاص وإنما الذي ثبت هو الأمر بضده على سبيل الندب، الأمر بضد خلاف الأولى على سبيل الندب وهذا على غرار القاعدة التي في باب الأمر: {أن الأمر بالشيء أمر إيجاب يستلزم النهي عن ضده نهي تحريم}، وهذا سيأتينا. وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ في باب الأمر وهنا قالوا: ما أمر الشارع به أمر ندبٍ يستلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى فإذا أمر الشارع بمستحب مندوب ولم يرد نهيٌ خاصٌ ينهى عن تركه قالوا الأمر بالمندوب يستلزم النهي عن تركه ولكن ليس على جهة الكراهة وإنما على جهة خلاف الأولى قد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلاً بصلاة الضحى أمرني خليلي بثلاثة، ووصاني بثلاث. ومنها: صلاة الضحى. إذن هي مأمورٌ بها هي مندوبةٌ، هل ورد النهي عن ترك صلاة الضحى؟ لم يرد لكن قالوا كون الأمر ثبت من جهة الشرع بصلاة الضحى ندبًا يستلزم هذا الأمر النهي عن ترك صلاة الضحى لكنه نهي خلاف الأولى، وقعدوا قاعدة عامة على هذه قالوا: خلاف الأولى هذا مستفادٌ من ترك المندوبات عموما، {كل مندوبٍ أمر به الشرع أمر ندبٍ يستلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى} فحينئذٍ كل ما أمر به الشرع فهو مستلزمٌ للنهي عن ضده ولكن هذا يحتاج إلى دليل ولذلك المتقدمون لا يرتضون هذا التفصيل بل عندهم المكروه {ما نهى عنه الشارع نهيًا غير جازمٍ وثبت بنصٍ خاص}، وأما خلاف الأولى وإن أطلق عليه أنه مكروه إلا إنه مجرد اصطلاح أنه مجرد اصطلاح عند المتأخرين وخاصةً الشافعية وبعض الحنابلة. إذن عرفنا أن المكروه يختلف باختلاف المذاهب يعني: ليس متفقًا عليه من جهة الاصطلاح الأحناف لهم تقسيمٌ خاص والشافعية لهم تقسيمٌ خاص، وهنا جرى الناظم على ما عليه الجمهور بأن المكروه له مصطلحٌ واحدٌ فقط وما عداه إما أن يقال بنفيه كخلاف الأولى وإما أن يقال: بأنه داخلٌ في الحرام ككراهة التحريم عند الأحناف. قال: وضابط المكروه عكس ما ندب. وضابط المكروه، ضابط هذا ما إعرابه؟ نقول: مبتدأ نقول: مبتدأ وعكس هذا خبره، ضابط المكروه عكس ما ندب.

وضابط الضابط والقاعدة والأساس والقانون والأصل هذه خمسة ألفاظ هذه خمسة ألفاظ: الضابط والقاعدة والقانون والأساس والأصل هذه من جهة الاصطلاح متقاربة المعنى كلها ينطلق عليها تعريف القاعدة، {قضيةٌ كلية يتعرف بها أحكام الجزئيات موضوعها}، هذا في الاصطلاح أما في اللغة فبنها فرقٌ فالضابط هو الحافظ الحازم، والقانون مقياس الشيء كذا ذكره في القاموس مقياس الشيء والأساس مبدأ البناء والجدار، والأصل والقاعدة في اللغة مترادفان، مترادفان بمعنى ما يبنى عليه غيره كما ذكره الناظم فيما سبق: فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي ** وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي إذا قيل الضابط بمعنى الأصل والأساس والقاعدة والقانون حينئذٍ يكون هذا أشبه ما يكون بالرسم، لأنه أراد أن يذكر شيئا يشترك فيه أفراد المكروه، كما سبق أن الناظم جرى هنا على الأصل في ترك حد الأحكام التكليفية وإنما اكتفى بذكر لوازمها وأحكامها وآثارها وما يترتب عليها والذي يترتب على هذه الأحكام أمر مشترك، فكأنه قضية كلية يتعرف بها أحكام جزئياتها، أو أحكام جزئيات موضوعها إذن الضابط هنا أشبه ما يكون بالرسم الذي ذكره فيما سبق. (وَضَابِطُ الْمَكْرُوهِ عَكْسُ مَا نُدِبْ) (عَكْسُ) قلنا: هذا خبر والمراد به العكس اللغوي لأن العكس قد يكون اصطلاحًا كما هو عند المناطقة: العكس قلب جزئي القضية**مع بقاء الصدق والكيفية والكم هذا هو العكس عند المناطقة والمراد هنا العكس اللغوي بمعنى المخالف، وإن كان العكس في اللغة بمعنى التبديل والقلب؛ وهو جعل السابق لاحقا واللاحق سابقا إذا قلبت الشيء وبدلته تجعل الذي في اليمين في الشمال والذي في الشمال في اليمين، هذا أصل العكس وحينئذٍ لو أردنا أن نطبق هذا على ما ذكره الناظم هنا: (وَضَابِطُ الْمَكْرُوهِ عَكْسُ) أي: قلب وتبديل وخلاف أو مخالفٌ (مَا نُدِبَ) يعني: الذي ندب ما هذه اسم موصول بمعنى الذي و (نُدِبْ) هذا فعلٌ ماضٍ مغير الصيغة والاسم الموصول مع خلافه في قوة المشتق فحينئذٍ يفسر بالمندوب يعني كأنه قال عكس المندوب، وما حقيقة المندوب؟ هو ما يريد هذا أي نعم أحسنت هو يريد يحيلك على الذي ذكره هو، أنت الآن تفسر كلام الناظم بخارج عنه أنت وذاك تفسرون كلام الناظم بخارجٍ عنه وهذا ليس بصحيح، وإنما إذا أبهم في موضع أبهمم أيُّ مصنف في موضع تفسره بما أحال عليه لأنه قال: حكي المندوب أي مندوبٍ الذي ذكره هو وأنت تحيل على ما ذكره غيره إذن نقول: وَالنَّدْبُ مَا فِي فِعْلِهِ الثَّوَابُ ** وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ عِقَابُ إذا قلبت وعكس وبدلت، تقول: المكروه ما أثيب على تركه ولم يعاقب على فعله ما أثيب على تركه، أليس كذلك؟ ما أثيب على تركه والندب ما أثيب على فعله ولا يعاقب على فعله الذي هو المكروه والمندوب لا يعاقب على تركه إذن حصل قلبٌ وتبديل.

(وَضَابِطُ الْمَكْرُوهِ عَكْسُ مَا نُدِبْ) إذا قلنا عكس بمعنى مخالف نقول: الأولى هنا أن يفسر العكس بمعنى الضد، كما هو نص أهل الأصول والمكروه ضد المندوب هكذا يقولون، والمكروه ضد المندوب ولو فسر العكس هنا بالضد لكان أولى من أن يفسر بالمخالف. لماذا؟ لأنك إذا قلت المكروه ضد المندوب الضدان يرتفعان ولا يجتمعان، وهنا المكروه والمندوب قد يرتفعا عن الفعل فحينئذٍ يكون واجبا أو حراما أو مباحا. إذن هل يتصور ارتفاع المكروه والمندوب؟ نقول: نعم يرتفعان يعني: لا يوصف المحل بكونه مكروها ولا مندوبا فيوصف بكونه حراما أو واجبا أو مباحا، فلا إشكال ولا يجتمعان يعني: لا يكون الشيء الواحد بالذات من جهةٍ واحدة مكروها مندوبا إذن لا يجتمعان لا يكون الشيء الواحد بالذات مكروها مندوب، ولذلك ينص الأصوليون على أن الأمر لا يتناول المكروه لا يدخل المكروه تحت الأمر. لماذا؟ وهذا هو الأصح والمسألة خلافية لأن الأمر مطلوب الفعل والمكروه مطلوب الترك فحينئذٍ يتنافيان، فكيف يكون الشيء مأمورا مطلوب الفعل منهيا مطلوب الترك؟ نقول: هذا لا يمكن أن يجتمع مع الكراهة والندب إذن لا يكون الشيء مكروهًا مندوبا لأن الأمر ضد النهي والنهي ضد الأمر لو فسر عكس بمعنى المخالف لقلنا: الخلافان قد يرتفعان وقد يجتمعان الخلافان، قد يرتفعان وقد يجتمعان. مثل ماذا؟ الضحك والقيام، ما العلاقة بينهما؟ خلافان متخالفان ليست التضاد، هل يمكن أن يجتمعان؟ نعم: يقوم ويضحك، هل يمكن أن يرتفعا؟ نعم يجلس ويسكت ولا يضحك يبكي، إذن لو قيل المندوب والمكروه خلافان لارتفعا جاز ارتفاعهما ولا اعتراض ولجاز أيضًا اجتماعهما وهذا محل اعتراض حينئذٍ تنكيثًا على الناظم نقول: لو قال: وضابط المكروه ضد ما ندب، لكان أولى لو قال: وضابط المكروه ضد ما ندب، كما نص الأصوليون على ذلك المكروه ضد المندوب لأن الضد إن، نقول: لا يجتمعان ويرتفعان، قد يوصف الشيء بكونه حراما فليس مكروها ولا مندوبا. ولكن هل يوصف الشيء بكونه في جهة الواحد في محل الواحد هل يكون مكروها منهيا عنه لا على سبيل الجزم ومأمورا به؟ نقول: لا، لا يجتمعان مطلق الأمر أو الأمر المطلق لا يتناول المكروه على الصحيح لأن بينهما تنافي وهو كون الأمر مطلوب الفعل والنهي مطلوب الترك، هذا يقال في قوله: (عَكْسُ).

لكن بعضهم يجيب عن مثل هذه المواضع والإيراد عليها بكون العكس بمعنى المخالف لا يمنع الاجتماع يكون المراد بالعكس هنا المخالف مخالفة بها يتنافيان ولا يجتمعان المخالف مخالفة بها يتنافيان ولا يجتمعان، ما الدليل على هذا؟ يقول: لأن تنافيَ الأقسام وعدم اجتماعهما هو الأصل في التقسيم، الأصل في التقسيم تنافي الأقسام إذا قيل الكلمة إما اسمٌ وإما فعلٌ وإما حرف، الأصل في التقسيم أن الاسم ينافي الفعل وينافي الحرف، والفعل ينافي الاسم وينافي الحرف، وكذلك الحرف، هذا الأصل وإذا قيل المكروه قسمٌ من أقسام الأحكام التكليفية، والندب قسمٌ من أقسام الأحكام التكليفية، ثبت التنافي من جهة كونه ناقص من اسمين وحينئذٍ لا بأس أن يقال: (عَكْسُ) بمعنى المخالف لأن المخافة هنا لا على وجه الاجتماع وإنما مخالفةً يتمكن بها الخلافان من عدم الاجتماع، وهذا معلومٌ من جهة التقسيم: (وَضَابِطُ الْمَكْرُوهِ عَكْسُ مَا نُدِبْ) نقول: المكروه فيه مسائل: الأولى: في حده وبيان حقيقته من جهة اللفظ واللغة والاصطلاح. المكروه اسم مفعول من كَرِهَ، كَرِهَ يكره يُكره بالبناء للمفعول فهو مكروه لأن اسم المفعول من الثلاثي يأتي على زنة مفعولٍ: وباسم مفعولٍ ثلاثي يطرد ** زنة مفعولٍ كآكل من قصد قتل فهو مقتول، وقصد فهو مقصود، وكره فهو مكروه، والمراد بالكراهة هنا كره بمعنى أبغض ولم يحب الشيء المكروه، إذا قيل كرهه بمعنى: أبغضه ولم يحبه أبغضه ولم يحبه قال بعضهم: فكل بغيضٍ إلى النفوس فهو مكروهٌ في اللغة بغيض في النفوس فهو مكروهٌ في اللغة ولذلك قال الشاعر: وإقدامي على المكروه نفسي ** وضربي هامة البطل المشيحي وإقدامي على المكروه نفسي يعني: على الذي تكرهه نفسي، وإقدامي على المكروه نفسي. يعني: على الذي تكرهه نفسي هذا معنى يطلق المكروه بمعنى المبغوض، حينئذٍ إذا قيل كره بمعنى أبغض ولم يحب، فيصير المكروه بمعنى المبغوض وغير المحبوب أخذا من الكراهة فحينئذٍ نقول: المكروه ضد المحبوب إذا فسر بالبغض وعدم المحبة فالمكروه فحينئذٍ يكون ضد المحبوب أخذا من الكراهة وبعضهم يقول: إنه مأخوذٌ من الكريهة وهي الشدة في الحرب، يقال يوم الحرب يومٌ كريهة، يعني: يومٌ شديد النزال. هذا معناه في اللغة. أما في الاصطلاح: فعرفه بعضهم بأنه: {ما تركه خيرٌ من فعله}. هكذا عرفه ابن قدامة في ((الروضة)).

ما تركه خيرٌ من فعله ما نقول: اسم جنس اسم موصول بمعنى: الذي ليس اسم جنس اسم موصول بمعنى: الذي. وهو جنسٌ في التعريف، يصدق على ماذا؟ على فعل المكلف، ما فعل المكلف فيدخل حينئذٍ الأحكام الخمسة لماذا دخلت؟ لأن الأحكام الخمسة متعلقةٌ بفعل المكلف فحينئذٍ المتعلق هو المراد هنا فيدخل الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والحرام. ما تركه خيرٌ من فعله تركه خيرٌ، خرج ماذا؟ خرج الواجب، والمندوب تركه خيرٌ من فعله كلها فصل، أخرجت الواجب وهذا واضح، لأن الواجب فعله خيرٌ من تركه، لأن الخيرية ثابتة في الفعل وضد الخير الشر، الشر أوالعقاب ثابتٌ في الترك ثابتٌ في ترك الواجب وخرج المندوب، لماذا؟ لأن فعله خيرٌ من ترحه فحينئذٍ الخيرية ثابتةٌ في الفعل والشر والعقاب. هل يترتب على ترك المندوب؟ لا يترتب على ترك المندوب. المباح خرج بقوله: تركه خيرٌ من فعل لأن المندوب مستوي الطرفين لا يُثْبَتُ لفعله ولا لتركه الخيرية: لذاك والإباحة الخطاب ** في الاستوى والفعل والاجتناب إذن هو مستوي الطرفين لا يحكم لفعله على تركه بالخيرية ولا على تركه ولا لتركه على فعل الخيرية لأنه مستوي الطرفين. ماذا بقي؟ بقي ماذا؟ بقي الحرام، هل يخرج بقوله تركه خيرٌ من فعله هل يخرج؟ يخرج، الحرام تركه خيرٌ من فعله؟ يخرج هذا بناءً على تفسير خير، خير هذا أفعل تفضيل، حذفت همزته تخفيفًا لكثرة الاستعمال: وغالبًا أغناهمُ من خيرٌ وشر ** عن قولهم عن خير من هو أشر كذا قال ابن مالك في (الكافية)،وغالبا أغناهمُ. أغنى العرب وغالبًا أغناهمُ خيرٌ وشر ** عن قولهم أخير ومنه أشر إذن الأصل أخير حذفت الهمزة فصارت خير أشر هو الأصل حذفت الهمزة تخفيفا، فصار الشر دليل على هذا أنه صُرح في بعض أقوال العرب كقول الراجز:

بلالُ خيرٌ الناس وابن الأخير، قال: الأخير وجدت الهمزة تبعًا للأصل كذلك: {(((((((((((((غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ((((} [القمر:26] {((((((((} في قراءة بفتح الشين وتشديد الراء هذا في إثبات الهمزة، خير أفعل التفضيل اسم التفضيل دل على وصف لكن هذا الوصف مشتركٌ بين المفضل والمفضل عليه في أصله إذا قيل: زيدٌ أكرمُ من عمرو، أكرمُ هذا أفعل التفضيل إذا قيل: زيدٌ خير من عمرو أيضا نقول: خيرٌ هذا أفعل التفضيل ما الذي يفهم من هذا التركيب نفهم أن زيدًا وعمرًا كلاهما متصفان بصفة الكرم مشتركان في أصل الوصف فالكرم ثابتٌ لعمرو كما أنه ثابتٌ لزيد، المفضل زيد والمفضل عليه عمرو، أفادت أفعل التفضيل مع الدلالة على أن الأول والثاني مشتركان في أصل الوصف، أن المفضل هذا زائدٌ في وصف الكرم على المفضل عليه، أليس كذلك؟ زيدٌ أكرم من عمرو، كرم زيدٍ يزيد على كرم عمرو، مع كون عمرو كريم، عمرٍو كريمًا وزيدٍ كريمًا إذن الوصف مشترك فأفعل التفضيل اشتقت في لغة العرب للدلالة على الاشتراك في وصف، هذا الأصل، وقد يسلب عنها هذا الوصف فحينئذٍ تدل على أن الوصف للمفضل دون المفضل عليه قد يقال: زيدٌ أكرم من عمرٍو، وعمرو لم يشم رائحة الكرم، وإنما المراد أن زيدا فيه كرم لاعتبار عمرو وهذا واردٌ في القرآن أيضا. مثل ماذا؟ {(((((((((الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ((((} [الفرقان:24] {(((((((((((((((((((} باعتبار من؟ أصحاب النار، {• (((((} ممن؟ من أصحاب النار هل النار فيها خير؟ {(((((((((((((((} يعني: الجنة أحسن مقيلاً من النار هل النار فيها حسن؟ لا. إذن قد يستعمل أفعل التفضيل لا على بابه هكذا تجد يمر معك بالكتب مثلاً: أفعل التفضيل ليست على بابها، لماذا ليست على بابها؟ يعني على النافذة! يعني ماذا؟ يعني: خالفت الأصل الذي وضعت له في لغة العرب وهو أنها تدل على اشتراك المفضل والمفضل عليه فحينئذٍ يدل على أن الوصف مشترك بين المفضل والمفضل عليه وأن المفضل زائدٌ في الوصف على المفضل عليه {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [الصف:10،11] {(((((((((} [الصف:11] الذي هو الإيمان {• (((((} [الصف: 11] خيرٌ من عدم الإيمان الذي هو الكفر، هل الكفر فيه خير؟ الجواب: لا، إذن هذه أفعل التفضيل ليست على بابها. ما تركه خيرٌ من فعله. إذا أردنا أن نخرج الحرام نجعل خير على أي المعنيين؟ على غير بابها، إذا أردنا أخراج الحرام فحينئذٍ لا بد أن نحمل خير على غير بابها، ومن فهم أن الحرام لم يخرج جعل خير على بابها أنها تدل بالاشتراك، لأن الحرام ليس فيه فعل الحرام، ليس فيه خير باعتبار تركه. ما تركه، أي: الحرام، خيرٌ من فعله.

هل فعل الحرام فيه خير؟ لا الربا هل فيه خير مثلاً؟ لا ليس فيه خير، فحينئذٍ إذا أردنا إخراج الحرام فنحمل خير هنا أفعل التفضيل على غير بابها، ما تركه خيرٌ من فعله، اعترض عليه بأنه غير مانعٍ لدخول الحرام فيه والجواب أن الخيرية تقتضي المشاركة بين الفعل والترك مع زيادةً في جانب الترك وهو الثواب على الترك ولا عقاب في فعله. لو فسر بهذا لخرج الحرام، لأنه لا مفاضلة بين الفعل والترك في الحرام. مما حد به المكروه: ما نهي عنه نهيًا غير جازمٍ، ما: نشمل الأحكام الخمسة، نهي عنه: خرج الواجب لا نهي فيه، خرج المندوب لا نهي فيه خرج المباح لا نهي فيه ماذا بقي؟ الحرام والمكروه. ما نهي عنه نهيًا، هذا للتأكيد غير جازمٍ أخرج الحرام، ما طلب الشارع تركه طلبًا غير جازم كذلك عُرِّفَ أو حد بهذا ما: تشمل الأحكام الخمسة، طلب: خرج المباح الشارع تركه: خرج ما ترك الشارع فعله وهو الواجب والمندوب، طلبا غير جازمٍ أخرج الحرام، ما مدح تاركه ولم يذم فاعله هكذا عرفه الفتوحي في ((المختصر)) ما مدح تاركه ولم يذم فاعله، ما مدح: خرج به المباح فإنه لا مدح في فعله ولا في تركه. ما مدح تاركه: خرج به الواجب والمندوب فإنه يمدح فاعلهما، ولم يذم فاعله: خرج الحرام فإنه يذم فاعله. المسألة الثانية في صيغ المكروه: أولاً: لفظ كره ومشتقاتها كره يكره أكره كل ما يدل على لفظ الكراهة يستفاد منه، لكن هذا فيه إشكال من جهة أن أكثر إطلاق لفظ الكراهة كما سيأتي أنه على المكروه كراهة تحريم، فحينئذٍ لا بد من البحث عن قرينة تجعل الكراهة في النص بمعنى كراهة تنزيهية بمعنى: الكراهة التنزيهية، فحينئذٍ قد يطلق لفظ الكراهة في الشرع مرادا به المكروه في اصطلاح الفقهاء في اصطلاح: «إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال»، «قيل وقال»، «كره» فسر بالكراهة التنزيهية، إذن لفظ كره دل في النص على أنه مكروهٌ كراهةً تنزيهية لفظ البغض ومشتقاتها يدل على الكراهة: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق». إن صح الحديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق». الثالث: النهي بصيغة لا تفعل، الأصل في النهي أنه للتحريم هذا الأصل، فإذا وجدت قرينة صارفة للنهي عن أصله فإنما يصرف إلى الكراهة، كراهة تنزيه «إذا دخل أحدكم المسجد قلا يجلس». لا تفعل، لا يجلس نقول: الأصل أنه يحمل على التحريم لكن لقرينة خارجة عن النص حمل على الكراهة كراهة تنزيه. المسألة الثالثة: ما يطلق عليه المكروه يعني: محاله التي يُنَزَّلُ عليها.

أولاً: يراد بالمكروه الحرام، وهذا هو الكثير في نصوص الشرع -كتابا وسنة-، أن يطلق المكروه مرادًا به الحرام ولذلك عند الأئمة الثلاثة الشافعي مالك والشافعي وأحمد، أكثر ما يرد في كلامهم لفظ الكراهة مرادًا به التحريم لأنهم كانوا يتورعون ويحذرون من النهي الوارد في قوله تعالى: {((((تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل:116] فورعًا وخوفا من أن يقعوا في هذا النهي كانوا لا يتلفظون بلفظ الحرام، وإنما يقولون: أكره هذا ويريد به التحريم، ولذلك قال الإمام أحمد: أكره المتعة والصلاة في المقابر وهما محرمان عندهم لعن عبر بأكره، لماذا؟ يخشى من أن يزل أو يخطئ فيشمله النهي الوارد في الآية: {((((تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا • ((((((} [النحل:116]. فلو قال: حرام وأخطأ يخشى أن يكون داخلاً في الآية وهذا من شدة ورعهم رحمهم الله تعالى، كذلك ذكر الخرقي: يكره بآنية الذهب والفضة ونو في المذهب أنه حرام عدل عن لفظ التحريم إلى الكراهة تورعًا إذن هذا هو الموضع الأول يطلق المكروه مرادًا به الحرام، والنص المشهور الذي ذكرناه آنفًا لما ذكر الله عز وجل: أشد المحرمات، وهو الشرك بالله: {(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا (((((((} [الإسراء:23]. ثم ذكر سائر المحرمات وكثيرًا من المحرمات ثم قال: {((((ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ((((} [الإسراء:38] ومعلومٌ أن الشرك من أشد المحرمات بل هو أشدها إذن يطلق المكروه ويراد به الحرام. الثاني: يطلق المكروه ويراد به الكراهة التنزيهية، التي هي المصطلح عند الفقهاء وعند الأصوليين، وهو قسيم الحرام في طلب الترك، ولكن عند المتأخرين إذا أطلق لفظ المكروه انصرف إلى ما نهي عنه نهيًا غير جازم صار علمًا بالغلبة، وإن كان في الشرع يطلق على الحرام وعلى المكروه كراهةً تنزيهية، يعني: في الشرع مشترك بين المعنيين وإن كان الأكثر استعمالاً على المحرم لكن في اصطلاح الفقهاء، ماذا؟ يختص المكروه بالكراهة التنزيهية من باب العلم بالغلبة وبعض العلاء: وقد يصير علمًا بالغلبة ** مضافٌ أو مصحوب أل في العقبة المكروه ينصرف إلى هذا فتكون أل للعهد الذهني. الثالث: ما فيه شبهةٌ وترددٌ في تحريمه وهذا يكثر عند الفقهاء أن ما وقع فيه الخلاف بين الفقهاء تحريمًا وكراهةً أو واجبًا وسنة، يطلقون على مع جواز الأصل في الفعل عندهم، يقولون: يكره تركه يكره استعمال كما يقولون في كثير من أصناف المياه إذا سُخِّنَ بنجس يقولون: كره مطلقًا، لماذا؟ للخلاف فيه إذًا هناك تردد بين التحريم وعدمه وهذا يستدلون له بحديث «الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمورٌ مشتبهات»، إذن لا يجزم ويقطع بحلالها لأنها حلال ولا يقطع بتحريمها إذا كان هي فيها شبهةٌ مترددة بين الأمرين ولذلك قال: «إن الحلال بين -وليس كل الحلال- وإن الحرام بين وبينهما أمورٌ مشتبهات لا يعلمها كثيرٌ من الناس». هذا الموضع الذي بين الحلال البين والحرام البين أطلق عليه كثير من الفقهاء لفظ المكروه:

وما فيه اشتباهٌ للكراهة انتمى ** والفرض والواجب قد توافقا كالحتم واللازم مكتوبٍ وما ** فيه اشتباهٌ للكراهة التبس هنا دل على هذا الحديث: «إن الحلال بين وإن الحرام بين». ولهذا لا ينكر يقال مثلاً في بعض المسائل: يعلل الحكم بالخلاف تجد كثير من المسائل يقولون: يكره للخلاف يعني: لورود الخلاف وهذا التعليل صحيح لكن بشرط أن يكون الخلاف معتبرًا: وليس كل خلافٍ جاء معتبرًا ** إلا خلاف له حظ من النظر من جهة القائل ومن جهة وجه الاستدلال ولذلك يذكر في كثير في أبواب المياه يقولون: يكره وإذا سخن بالنجس كره يعني ماذا؟ لورود الخلاف ولذلك إذا احتاج إليه قالوا: ارتفعت الكراهة إذ لا يترك واجب لشبهة، انظر قالوا: مكروه ثم قالوا: لا يترك واجبٌ لشبهة هذا في المذهب عندهم فأطلقوا على المشتبه لأن بعض أهل العلم يمنع من الوضوء به وبعضهم يجيز، والصواب الجواز لورود الخلاف فيه يطلق عليه بأنه مكروه أما الخلاف الضعيف المستند على دليلٍ ضعيف منكر إلى آخره أو وجب الاستدلال يكون بعيدًا وهذا الخلاف لا يعتبر ولا يطلق على الخلاف بأنه يكره على ما ترتب على الاختلاف من الاشتباه أنه مكروه. الموضع الرابع: يطلق المكروه على ترك ما مصلحته راجحة هذا في المذهب عند الحنابلة، على ترك ما مصلحته راجحة وهو ما يسمى بترك الأولى كترك المندوبات ترك المندوبات هذا مثل خلاف الأولى عند الشافعية، عندنا في المذهب ترك الأولى إذا ترك المندوبات. الموضع الخامس: الذي يطلق عليه المكروه يطلق على ما كان مكروهًا لمصلحةٍ دنيوية وهذا يكثر منه النوع في المجموع وغيره يقول: المكروه كراهةً إرشادية مكروهٌ للإرشاد إذا كانت المصلحة هنا دنيوية.

المسألة الرابعة: هل المكروه منهيٌ عنه حقيقةً؟ يذكرون في هذا الموضع المكروه يكون مكروه على وزان المندوب اختصارًا، ولهذا لا يبحثون في المكروه هل هو حكمٌ تكليفي أم لا هل هو منهيٌ عنه أم لا لماذا؟ لأن المكروه كما نص الناظم هنا: (عَكْسُ مَا نُدِبْ) فما هو على وزانه على غرره فكما اختلفوا هنا هل المندوب مأمورٌ به حقيقةً؟ هنا أيضًا اختلفوا في المكروه هل هو منهيٌ عنه حقيقةٌ؟ فلما جوزنا وصححنا أن المندوب مأمورٌ به حقيقة كذلك هنا نقول: المكروه منهيٌ عنه حقيقةً لماذا؟ لاستوائهما في الحد كما قلنا هناك: النهي استدعاء الترك حقيقةُ النهي استدعاء الترك والمنهي عنه الذي هو حرام مطلوب الترك، والمكروه كراهة التنزيه مطلوب الترك، إذن استويا في الحد. فكما يصدق لفظ النهي على الحرام حقيقةً يصدق على المكروه حقيقةً، كما قلنا: الأمر نوعان: أمر إيجاب، وأمر استحباب، أمرٌ جازم وأمرٌ غير جازم نوعان وقسمان لمسمًى واحد، فإذا سمي أحد القسمين لكونه مأمور الحقيقةً لزم أن يكون القسم الثاني مأمورًا به حقيقةً، كذلك النهي هنا قد يكون نهيًا جازمًا وقد يكون نهيًا غير جازمٍ فكما أطلق لفظ النهي حقيقةً على الجازم لزم من ذلك أن يطلق النهي حقيقةً على النهي الغير الجازم هذا وجه. أيضًا استعمال النهي في المكروه شائعٌ لغةً وشرعًا -يعني على ألسنة الفقهاء والأصوليين-، والأصل في الاستعمال الحقيقة ولذلك استعمل في الشرع أيضا مرادا به التحريم ومرادا به الكراهة التنزيهية فدل على أن لفظ النهي يصدق عليهما، لأن المحرم لا شك أنه منهيٌ عنه حقيقةً فاستعمل لفظ المكروه فيه، واستعمل لفظ المكروه في المنهي عنه نهيًا غير جازم فدل على استواء الأمرين. هل المكروه تكليف؟ المسألة الخامسة: الجمهور على أنه ليس بتكليف: وليس مندوبٌ وكرهٌ في الصح ** مكلفًا ولا المباح فرجح في حده إلزام بالكلفة لا ** طلبه والمرتضع عند الملك المسألة مبنية على حد التكليف، ما حقيقة التكليف؟ من قال: إنه إلزام ما فيه مشقة وكلفة قال: المكروه ليس ومن قال: إنه طلب ما فيه كلفة ومشقة قال: ليس المندوب، إلزام ما فيه مشقة، قال: إن المكروه ليس بتكليف، ومن قال: إن التكليف طلب ما فيه مشقة فحينئذٍ يكون المكروه مكلفا به والثاني هو الأصح، ولذلك نقول: الأحكام التكليفية أربعة، وأدخلنا المباح لما ذكرناه بالأمس وإذا عرفنا أن المكروه في اللغة المراد به المبغوض، وكل مبغوضٍ إلى النفس يطلق عليه أنه مكروه لغةً مناسبةً للاصطلاح الأصولي مع المعنى اللغوي، يلزم منه أن يكون في المفروض مشقة، وإنما المشقة اعتبرت كما اعتبرت في المندوب يعني: ليس باعتبار كل فردٍ فرد وإنما باعتبار جنس، فالمشقة موجودة في المكروه لكنها في جنس المكروهات وليس في كل فرد فرد. كما يقال: إن المشقة ثابتة في الواجب وليس كل واجبٍ يكون فيه مشقة على العبد بل بعضها تكون المشقة ظاهرة وبعضها تكون المشقة تكاد أن تكون منفية أصلاً هذا هو الحكم الرابع: وهو المكروه.

ثم قال: (كَذَلِكَ الْحَرَامُ عَكْسُ مَا يَجِبْ) (كَذَلِكَ الْحَرَامُ) (الْحَرَامُ) (كَذَلِكَ) أو نقول: (كَذَلِكَ) الكاف هذا حرف تشبيه وذا اسم إشارة والمشار إليه (كَذَلِكَ) ما الذي أشير إليه؟ الكراهة المكروه نعم المكروه مثل المكروه في عكس المندوب (الْحَرَامُ) لكنه ليس عكسا للمندوب وإنما هو عكسٌ للواجب، (كَذَلِكَ) نقول: متعلقٌ بمحذوفٍ حال، هذا أولى ما يقال فيه، جار مجرور متعلق بمحذوفٍ حال متقدم على قوله: (الْحَرَامُ) وهو مبتدأ وهذا جائزٌ. لميتا موحشا طلب هذا نكرة تقدمت عليه الحال: {(((((((أَبْصَارُهُمْ (((((((((((} [القمر:7] {(((((((((((}، {(((((((} يجوز أن تتقدم الحال بشرطه {(((((((((((} صاحب الحال هنا نعرفه وهو الواو {(((((((} هذا حال متقدمة (كَذَلِكَ الْحَرَامُ) (الْحَرَامُ) هذا مبتدأ صاحب الحال (كَذَلِكَ) جار مجرور متعلق بالمحذوف حال (الْحَرَامُ) حالت كونه (كَذَلِكَ) يعني: مثل المكروه (عَكْسُ) هذا هو الخبر (عَكْسُ مَا يَجِبْ) (مَا) اسم موصول بمعنى الذي (يَجِبْ) صلتها والموصول مع صلة في قوة المشتاق أنه قال: الحرام عكس الواجب، والمراد بالعكس هنا الضد أو المخالف مخالفةً بها يقع التنافي أخذاً من التقسيم، لماذا؟ لأن الحرام عكس الواجب ضد الواجب هذه عبارة الأصوليين ضد الواجب، والضدان يرتفعان ولا يجتمعان يرتفعان ولا يجتمعان وهنا يمكن أن يرتفع التحريم والوجوب فيثبت الندب أو الإباحة أو الكراهة لكن هل يجتمعان؟ لا، يجتمعان لأن الحرام منهيٌ عنه والواجب مأمورٌ به ولا يمكن أن يكون الشيء الواحد من جهة واحدةٍ لهذا القيد مأمورًا به منهيا عنه مأمورا به منهيا عنه لا يمكن أن يكون من جهةٍ واحدة، أما مع احتكاك الجهة ففيها تفصيل في المطولات (كَذَلِكَ الْحَرَامُ عَكْسُ) إذن (عَكْسُ) لابد أن نفسرها إما بالضد، وإما بالمخالف مخالفةً بها يتنافيان ولا يجتمعان لأن لا نقع في حرج وهو إذا فسرنا العكس بالمخالف فقط فحينئذٍ يفهم منه أن الخلافين يرتفعان ويجتمعان والانتفاع للواجب والحرام لا إشكال فيه أم الاجتماع فهذا الصواب أنه من جهةٍ واحدة نقول: لا، لا يجتمعان. الحرام نقول: فيه ثلاث مسائل: المسألة الأولى في حقيقته وبيان حده: حرام ومحرم، حرام هذه صفةٌ مشبه حرام صفةٌ مشبه لأنه من باب حَرُمَ، حَرُمَ الشيء حرامًا، وحرم صفةٌ مشبه لكثير الغالب أنه يأتي على زنة فعيل. ويغلب القريب من باب قرب وهذا الكثير. وقد أتى على جبانٍ وجنب جبان مثل ماذا؟ جبان مثل حرام التي معنى حرمتم هذه صفةٌ مشبهة، يقول النيساري: ويغلب القريب من باب قرب. من باب فعل هذا الغالب قريب جمل فهو جميل صفة مشبهة شرف فهو الشريف صفة مشبهة هذا هو الغالب في باب فعل. وقد أتى. قد للتقليل. وقد أتى، يعني: ما كان على باب فعل. وقد أتى على جبانٍ هذا المثال وزن كحرام على جبانٍ ** وجنب فُعل وخشنٍ صعبٍ وصلبٍ وحسن. مثل ومثل وقارن وأطمئن مثل شجاعٍ ووقور واطمئن

هذه كلها بس قليلة يعني ليست بكثيرة وهذا الغالب أن يأتي على مثل فعيل إذن حرام هذا صفةٌ مشبهة وقد أتى على جبانٍ وجنب. جبان كحرام صفةٌ مشبه أما محرم فهذا ما وزنه اسم مفعول مثل مباح وذكرنا في كل الأحكام التكليفية أوزانها الواجب على زنة اسم الفاعل مندوب اسم مفعول مباح اسم مفعول مكروه اسم مفعول محرم اسم مفعول. وزنة المضارع اسم فاعل ** من غير ذي الثلاثة كالمواصل. مع كسر متلوٍ الأخير مطلقا ** وضم ميم زائدٍ قد سبقا. وإن فتحت منه ما كان كسرا ** فرسم مفعول كمثل مرتضى انتظرَ ينتظرُ فهو منتظرَ حرمَ يحرَّمُ فهو محرمٌ حينئذٍ تقول: إذن محرم هذا اسم مفعول، وحرام هذا صفةٌ مشبهة والأصل في المعنى اللغوي للفظ حرام المنع فالمحرم هو الممنوع: {(((((فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [المائدة:26] فسر بالتحريم اللغوي: {((((اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (((} [الأعراف:50] لا تحريم في الأكل الأكل والماء: {(وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ (((((((((((((} [القصص:12] موسى رضيع ليس أهلاً للتكليف قال: {(وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ (((((((((((((} إذن الأصل في التحريم والحرام والمحرم المنع. قال امرؤ القيس: جالت لتصرعني فقلت لها اقصري ** إني امرؤٌ صرعي عليك حرام يعني ممنوع إذن الأصل في التحريم المنع هذا في لغة العرب، أما في الاصطلاح قال الناظم: (كَذَلِكَ الْحَرَامُ عَكْسُ مَا يَجِبْ) عكس الواجب يخالفه ما أثيب تاركه -وأثيب فاعله- وعوقب فاعله، أليس كذلك ما أثيب تاركه يعني: تارك المحرم الثواب متعلق بالترك والعقاب متعلق بالفعل، هذا حكمه حده الناظم بالحكم ويقال: في المكروه والحرام يترتب الثواب ما قيل في ترتب الثواب في الواجب أنه يشترط القصد. ومثله الترك لما يحرم ** من غير قصد ذا لا عن مُسلم كما قيل في الواجب أنه قسمان باعتبار الاعتداد به في النية نية الامتثال وعدمها كذلك يقال في المكروه والمحرم، أنه لا ثواب إلا بنية الامتثال والتقرب إلى الله تعالى، ولذلك يذكر بعضهم أن المكروه الذي هو مطلوب الترك والحرام الذي هو مطلوب الترك تارك المحظور والمكروه على أربعة أقسام: باعتبار النية والاعتداد وترتب الثواب تاركٌ للمحظور لم يطرأ على قلبه فعل المحظور لم يحدث نفسه أبدا على الإطلاق هذا نقول: لا ثواب ولا عقاب لا ثواب، لماذا؟ لأنه لم ينوي لم يقصد ولا عقاب لماذا؟ لأنه لم يفعل والعقاب مرتبٌ على الفعل على وجود الشيء إذن هذا لا ثواب ولا عقاب لكونه لم يطرأ على قلبه أصلاً. الثاني: أن يكون تاركًا للحرام تعظيما لله مخافةً للجناب الله فنقول: هذا يثاب على الترك ولذلك جاء في الحديث: «فإن هم بسيئةٍ ولم يعملها كنب الله له حسنةً كاملة». قال: «لأنه تركها من جرائي» أي: من أجلي هذا يثاب وهو المراد بقول الناظم: ومثله تركٌ لما يحرم. يعني: لا بد من اعتبار النية في الثواب.

الثالث: أن يكون تارك المحظور وكذلك المكروه عاجزًا عن الفعل عجز عن الفعل، لكنه لم يبذل السبب لو ترك فعل المحرم لكنه تمنى في قلبه أن لو كان عنده مالٌ كزيدٍ فينفقه كما أنفق زيد في المحرمات، تمنى بقلبه هل فعل؟ هل بحث عن المال؟ لم يبحث لكنه في قلبه تمنى أن يكون مثل زيد وزيد قد أنفق ماله في المحرم نقول: هما في الوزر سواء. لماذا؟ للحديث نفسه هما في الوزر سواء فنقول: هذا يعاقب، لكن يعاقب معاقبة الفاعل بالفعل أو بالنية فقط؟ بالنية لأنهم لم يبذل لم يحصل الفعل فحينئذٍ يعاقب على وجود هذه النية «إنما الأعمال بالنيات». الرابع: أن يكون تاركًا للمحظور عجزا مع بذل السبب وهذا يعاقب معاقبة الفاعل أراد أن يسرق فجهز العدة فذهب فوجد رجل الأمن مثلا فرجع، نقول: هذا، هذا بدل السبب هذا العدة أخذ كل ما يحتاجه لكنه وجد في وجهه رجل الأمن مثلاً فرجع فنقول: هذا ترك المحظور لم يسرق مثلاً لم يحصل منه المحرم لكنه لبذله السبب حينئذٍ يعاقب معاقبة الفاعل هذه أربعة أقسام فحينئذٍ نقيد أن المحرم ما أثيب تاركه قصدا، لأن شرط الثواب هو القصد عرف الحرام بتعريف قيل: ما توعد بالعقاب على فعله. فهذا على غرار ما توعد بالعقاب على تركه في الواجب في الواجب هنا قلنا ما توعد بالعقاب على فعله ما ذم شرعًا فاعله هذا في المحرم على غرار الواجب ما ذم شرعا فاعله ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله ولا بد من اشتراط القصد ما طلب الشارع تركه طلبا جازما، ما نهى عنه الشارع نهيا جازما ما ذم فاعله ولو قولاً وعمل قلب شرعا، وهذا الذي اخترناه هناك في الواجب وهو حد الفتوحي. ما ذم فاعله ما هذه اسم موصول بمعنى الذي يصدق على الأحكام الخمسة. ذم خرج به المباح ذم فاعله خرج به المندوب والواجب، لأنه يمدح فاعله ولا يذم فاعله. ولو قولاً وعمل قلبٍ: قلنا إن اطلع الفتوحي على من ينازع في دخول عمل القلب وقول اللسان في فعل المكلف فلا إشكال، وإلا فيعتبر من التأكيد والتنصيص على معنى ما لأن ما صادقة للفعل المكلف فعل المكلف عام يشمل الجوارح والقلب واللسان. شرعا هذا بيان لمصدر الذم فلا ذم إلا من جهة الشرع وبقية الحدود واضحة على غرار ما سبق. المسألة الثانية في أسماء المحرم: يسمى الحرام محظورا وممنوعا ومزرورا ومعصيةً وذنبا وقبيحا وفاحشةً وإثما وحرجا وتحريجا وعقوبةً. محظورا: من الحظر وهو المنع وواضح وجه التسمية وسمي الفعل بالحكم المتعلق به. ومعصيةً: للنهي عنه. وذنبًا: لتوقع المؤاخذة به. وباقي ذلك ترتبها على فعله هذه ثلاثة أسماء. المحظورًا: مأخوذًا من الحظر وهو المنع. ومعصيةً: للنهي عنه. وذنبًا: لتوقع المؤاخذة به. وما عد ذلك لتتبها على فعله يعني: عقوبة لماذا؟ لوجود الفعل إلى آخره. صيغ التحريم وهي المسألة الثالثة والأخيرة: التصريح بلفظ التحريم ومشتقاته: {(((((((((عَلَيْكُمُ ((((((((((((} [المائدة:3] {(((((((((عَلَيْكُمْ (((((((((((((} [النساء:23] نقول: هذا حرام من أين أخذنا بالتصريح لأنه قال: حرم.

الثاني: نفي الحل: لا يحل كذا لا أحل كذا أقول: هذا دليل على التحريم: {((((يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ (((((((} [البقرة:229] {((((((((((} هذا تحريم: «لا يحل مال امرئٍِ إلا من طيب نفسٍ منه». حرام يحرم. الثالث: صيغة النهي لا تفعل من غير قرينةٍ صارفة للنهي عن أصله إلى الكراهة: {((((تَقْتُلُوا (((((((((((((} [الإسراء:31] نقول: القتل حرام، ما الدليل لا الناهية المصنف على الفعل والأصل في النهي للتحريم. الرابع: لفظ الاجتناب مقرونًا بما يدل على لزومه فاجتنبوا لو قال: فاجتنبوا لفظ الاجتناب لما يدل على لزومه: {(((((((((((((((لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (((} [المائدة:90] {(((((((((((((((} علق الفلاح على الاجتناب فدل على لزومه. خامسًا: ترتب العقوبة على الفعل قال: {((((((((((((وَالسَّارِقَةُ ((((((((((((((} [المائدة:38] هذا عقوبة رتبه على ماذا؟ علة وجود السرقة فدل على أن السرقة حرام. {(((((((((((يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ ((((((((} [النور:4] هذا عقوبة أول لا عقوبة ترتبه على رمي المحصنات فحينئذٍ نقول: هذا حرامٌ. هذا أهم ما يذكر في باب الحرام هناك مسائل فيها نوع صعوبة، ولكن تترك إلى كتابٍ أوسع من هذا إذن قوله: وَضَابِطُ الْمَكْرُوهِ عَكْسُ مَا نُدِبْ ** كَذَلِكَ الْحَرَامُ عَكْسُ مَا يَجِبْ كَذَلِكَ الْحَرَامُ عَكْسُ مَا يَجِبْ إذا قيل: الحرام عكس ما يجب هذا باعتبار أقسام التكليف وإلا في الشرع فلا، الحرام ضده الحلال، ولذلك قابل بينهما «إن الحلال بين وإن الحرام بين». إذن يقابل الحرام في الشرع الحلال وليس الواجب وإنما المقابلة هنا باعتبار التكليف ولذلك قيل: الحرام ضد الحلال حقيقةً لقوله تعالى: {((((تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا • ((((((} [النحل:116]. «إن الحلال بين وإن الحرام بين» وإنما جعله عكسًا له باعتبار تقسيم أحكام التكليف فهذه خمسة أحكام ذكرها الناظم تبعًا للأصل ويأتي الأحكام الشرعية الوضعية بقوله: وَضَابِطُ الصْحِيحِ مَا تَعَلَّقَا ** بِهِ نُفُوذٌ نقف على هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

14

عناصر الدرس * هل الصحة والفساد حكمان شرعيان أو عقليان؟ * هل الصحة والفساد حكمان تكليفيان أو وضعيان؟ * الصحة والفساد لغة واصطلاحا * الصحة والقبول والفرق بينهما * الباطل والفاسد والفرق بينهما * شرح حد الناظم للصحة والفساد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قد قال الناظم رحمه الله تعالى: (وَضَابِطُ الصْحِيحِ) إلى آخر البيتين هذا شروعٌ منه في بيان النوع الثاني من نوعين الحكم الشرعي قد ذكرنا أن الناظم قد تبع الأصل في سرد هذه الأحكام السبعة قال: والأحكام سبعةٌ أو الأحكام الشرعية سبعة، وقيل أن الجويني رحمه الله قد يرى أن الصحيح والفساد أو البطلان أو من الأحكام الشرعية التكليفية، لأنه قارن بينها وبين الواجب وما عطف عليه والواجب ما عطف عليه هذا حكمٌ شرعي تكليفي، فيحتمل أن الناظم تبع الأصل ويحتمل أنه ترك التنصيص على أنه حكمٌ وضعي اختصارًا للمبتدئ. (وَضَابِطُ الصْحِيحِ مَا تَعَلَّقَا) عرفنا أن الحكم الشرعي قسمان: حكمٌ شرعيٌ تكلفي، وحكمٌ شرعيٌ وضعي، يجمعهما الحد العام {خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع}. وعليه نقول أن الصحيح أن الصحة والفساد حكمان شرعيان وهذه مسألة مختلفٌ فيهما هل الصحة والفساد حكمان شرعيان أم حكمان عقليان؟ نقول فيه مذهبان: مذهب الجمهور: وهو الصحيح أن الصحة والفساد حكمان شرعيان. والمذهب الآخر: وهو مذهب ابن الحاجب رحمه الله أن الصحة والفساد حكمان عقليان.

قلنا الأصح الأول لأنه إذا نظر إلى الحد قد ذكرت لكم سابقًا أن ضبط الحد يفيدك في كثيرٍ من المسائل المختلف فيها، إذا ضبط الحد وأنه أصح مما يمكن أن يذكر فيه من القيود حينئذٍ تستطيع أن تضبط كثير من المسائل المتنازع فيها ومنها هذه المسائل إذا قيل: بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع. نقول الصحة والفساد حكمان شرعيان، لماذا؟ لأن الاقتضاء أو التخيير منتفيان عن وصف الصحة والفساد، يعني الصحة والفساد ليس دالين على اقتضاء الذي هو الطلب وليس فيهما تخيير، إذن انتفى الأول يبقى ماذا؟ الثاني وهو أنه حكمٌ وضعي وعليه نقول وصف الصحة والفساد ينطبق عليه الحكم أو النوع الثاني من الحكم الشرعي؟ النوع الثاني من الحكم الشرعي، لماذا؟ لأن الشرع قد جعل الصحة وصفًا للعبادة أو العقل المستجمع للشروط فإذا قيل عبادةٌ صحيحة صلاةٌ صحيحة يفهم من إطلاق الصحة على العبادة أنها مستجمعةٌ للشروط والأركان ومنتفية الموانع، وهذا هو حقيقة الحكم الشرعي الوضعي أن الشرع جعله علامةً على شيءٍ آخر، ولذلك سبق أن حده {كون الشيء سببًا لشيءٍ آخر، أو شرطًا له، أو مانعًا منه، أو صحيحًا، أو فاسدًا}. إذن إذا أطلق وصف الصحة على الشيء نقول هذا الوصف جعله الشارع علامة ووضعه علامةً على أي شيء؟ يدل على استفاء الموصوف، سواءٌ كان عبادة أو معاملة. استفاء الموصوف لماذا؟ أو لأي شيء للأركان والشروط وانتفاء الموانع إذا قيل صلاةٌ صحيحة يفهم من هذا أن الصلاة مستجمعة للشروط والأركان منتفية الموانع، وإذا قيل عقدٌ أو معاملةٌ صحيحة يفهم منها إطلاق لفظ الصحة على المعاملة أو العقد أنه مستجمعٌ للشروط والأركان ومنتفٍ للموانع حينئذٍ نقول: إذن لم يُفهم من وصف الصحة والبطلان لم يفهم منه اقتضاءٌ ولا تخيير ليس فيهما اقتضاء وليس فيهما تخيير، فانتفى كونها مع حكمين شرعيين تكلفيين، وحينئذٍ يتعين لأن القسمة ثنائية يتعين إذا انتفى أحد القسمين أن يدخل تحت الثاني وهو أنه حكمٌ وضعي ونخلص من هذا أن الصحة والفساد حكمان شرعيان، ثم الأصح فيهما أنهما حكمان وضعيان لا تكلفيان.

ابن الحاجب رحمه الله يرى أن الصحة والفساد حكمان عقليان يقول: بأن العقل هو الذي يحكم بكون الشيء صحيحًا أو فاسدًا لأن الفعل فعل المكلف إما أن يكون مسقطًا للقضاء أو موافقًا لأمر الشارع على الخلاف في الصحة، إما أن يكون مسقطًا للقضاء أو موافقًا لأمر الشارع، فحينئذٍ إن كان مسقطًا للقضاء أو كان موافقًا لشرع يكون صحيحًا بحكم العقل، وإما أن لا يكون مسقطًا للقضاء ولا موافقًا للأمر الشارع على الخلاف في حد الصحة فيكون فاسدًا باطلاً وهذا حكمٌ عقلي، فيقول كما نحكم كون العبد قد أدى الصلاة أو لا إذا حكمنا على زيد من الناس هل هو مؤدٍ للصلاة أم لا؟ هل هذا حكمه يستفاد من الشرع؟ لا ليس مستفادًا من الشرع وإنما حكم العقل بواسطة الحس أن زيدًا قد صلى وأدى الصلاة يكون الحكم بالصحة كذلك هما سيان سواء بسواء كما حكمنا على زيد بكون مؤديًا للصلاة أو بكونه غير مؤديًا للصلاة كذلك لو حكمنا على صلاته بكونها صحيحة أو لا هذا حكمٌ عقلي لكن نقول الصواب ما هو؟ يتكلم، لكن نقول الصواب أن الصحة والفساد حكمان شرعيان لماذا لأن الصحة والفساد جعلا علامةً على كون العبادة قد استجمعت، أو الصحة قد استجمعت للأركان والشروط وانتفت الموانع، والركن والشرط والمانع على هل هذه عقلية أم شرعية؟ شرعية وما ترتب على الشرعي فهو شرعي، لأن الشرع هو الذي يحكم بكون العبادة قد أسقطت القضاء، أو كون العبادة قد وافقت الأمر والامتثال، لأن الشرع هو الذي يحكم بكون العبادة مسقطة للقضاء وهذا هو حقيقة الصحة في العبادة، أو كون العبادة قد وافقت الأمر وامتثلها العبد وهذا هو حقيقة الصحة فحينئذٍ تكون الصحة والفساد حكمين شرعيين، من الذي يحكم كون هذه الصلاة فاسدة أو باطلة؟ لكونها لم تستوف الأركان والشروط وانتفاء الموانع نقول: الركن، والشرط، وانتفاء المانع هذه أمور شرعية ومردها إلى الشرع، فكون العبد قد وافق الشرع أو قد استجمعت عبادته لما ذكر أو لم تستجمع، نقول هذا أمره ومرده إلى الشرع. ولذلك في العقود -الصوت واضح- في العقود نقول: القاضي تحكم بصحة العقد عقد النكاح مثلاً يحكم القاضي بكون هذا العقد صحيحًا أو ليس بصحيح نقول بالإجماع أن القاضي لا يحكم إلا بالشرع ولا يحكم بالعقد، القضاة إنما يحكمون في الأصل المطبق للشرع الأصل أنه يحكم بالشرعيات ولا يحكم بالعقليات، ومرد الأقضية في العقود إلى القضاة، فحينئذٍ لما رد الشرع إلى القضاة في الحكم على العقود عقود النكاح أو غيرها بالبطلان أو الصحة دل على أن الصحة والفساد حكمان شرعيان.

إذن نخلص من هذا أن الصحة والفساد حكمان شرعيان وهذا قول الجمهور وهو الصحيح ثم هؤلاء القائلين ثم هؤلاء القائلون بأن الصحة والفساد حكمان شرعيان قد اختلفوا فيما بينهم هل الصحة والفساد حكمٌ شرعي تكليفي أم حكمٌ شرعي وضعي؟ الجمهور على أنها من الأحكام الوضعية لحقيقة أو لانطباق حقيقة خطاب الوضع على حد الصحة والفساد، إذا انتفى الاقتضاء والتخيير تعين الثاني إذا انتفى الاقتضاء والتخيير تعين النوع الثاني ولا إشكال، الفخر الرازي ومن تبعه ذهبوا إلى أن الصحة والفساد حكمان تكليفيان قالوا: لأن معنى الصحة الإباحة معنى، ومعنى البطلان الحرمة، معنى الصحة الإباحة إذن فسروا الصحة بماذا؟ بالإباحة والإباحة حكم شرعي تكليفي كما سبق إذن الصحة حكمٌ شرعي تكليفي، الإباحة يقصدون بها إباحة الانتفاع وفسروا البطلان بالحرمة يعني: حرمة الانتفاع إذا بطل العقد يحرم الانتفاع بالثمن من جهة البائع ويحرم الانتفاع بالسلعة ونحوها من جهة المشتري. قالوا: الحرمة حرمة هذا حكمٌ شرعي تكليفي إذن رد البطلان وفسر بحكم شرعي تكليفي نقول هذا يكفي فيه أن تكلف ولا يدل لفظ الصحة لا لغةً ولا شرعًا على معنى الإباحة ولا يدل لفظ البطلان لا لغة ولا شرعًا نفي الحرمة أو على إثبات الحرمة، فحينئذٍ نقول الصواب أن الصحة والفساد حكمان شرعيان، ثم الصواب أن الصحة والفساد حكمان شرعيان وضعيان، ولا نقول أنهما تكليفيان. حد الصحيح قال: (وَضَابِطُ الصْحِيحِ مَا تَعَلَّقَا) حد الصحيح، الصحيح هنا من حيث الصحة لا بد من تقييده لأن الصحيح والفاسد هذان مشتقان، والأصل في وصفهما أنه يوصف بهما فعل المكلف وهنا يفسر الصحيح أو الفاسد من حيث وصفه بالصحة والفاسد من حيث وصفه بالفساد كما قيل فيما مضى من الأحكام الشرعية إذن نقول هذا شروعٌ من الناظم في بيان الخطاب أو أحكام الخطاب الوضعي لكن بأي اعتبار لأن الخطاب الوضع قلنا محصورٌ في خمسة: العلل، والسبب، والشرط، والمانع، والصحة والفساد، لكن نقول العلل غير مستقرة الأصل فيه. الشروط، والموانع، والأسباب، والصحة، والفساد، هذه خمسة. والعلة ترجع إليها لكن التقسيم هنا نقول تقسيم للحكم الشرعي الوضعي باعتبار استجماعه الشروط المعتبرة في الفعل وعدم استجماعه للشروط المعتبرة في الفعل، إذن ينقسم الحكم الشرعي الوضعي باعتبار، باعتبار ماذا؟ كون الفعل مستجمعًا للشروط المعتبرة فيه فيحكم عليه حينئذٍ بالصحة، وكون الفعل غير مستجمع للشروط المعتبرة فيه فيوصف حينئذٍ بالفساد والبطلان، من هذه الحيثية ينقسم الحكم الشرعي الوضعي إلى صحةٍ، وفساد. الصحة في اللغة: نقول ذهاب المرض والبراءة من كل عيب هذا أصل إطلاقه في اللغة هذا صحيح هذا عكس هذا مريض وفيه عيب، وقيل الصحيح المستقيل وقيل السلامة وعدم الاختلاف، وكلها متقاربة لكن الأشهر والأحسن أن يفسر الصحيح بالمستقيل الصحيح المستقيل وضده المرض. وليلٍ يقول المرء من ظلماتها**سواءٌ صحيحات العيون وعورها صحيحات العيون أي: السالمة من العيب والمرض. والفساد لغةً ضد الصلاح وقيل الفساد لغةً المختل، وقيل: الفساد لغةً الذاهب ضياعًا وخسرًا، وكلها متقاربة.

أما في الاصطلاح فالصحة في تعريفها مذهبان: مذهب المتكلمين، ومذهب الفقهاء، والمعلوم عند أهل الأصول أن طريقة الأصوليين على مرتبتين أو نوعين: طريقة الفقهاء وطريقة المتكلمين. والمراد بالفقهاء هنا الأحناف والمراد بالمتكلمين المالكية، والشافعية، والحنابلة. هذا الأصل وقد يوافق بعضهم بعضا قد يميل بعض من على طريقة الفقهاء إلى طريقة المتكلمين والعكس بالعكس فقد يرجح عند المتكلمين أو بعضهم ما عليه طريقة الفقهاء. لكن في الأصل أن طريقة الفقهاء المراد بها طريقة الأحناف. وطريقة المتكلمين المراد بها بقية الأئمة الثلاثة ليس هم شافعي وأحمد ومالك لا حاشاهم وإنما المراد أتباعهم لأن المتكلمين المراد بهم من أدخل علم الكلام في فن الأصول ونظروا إلى القواعد من جهة عقلية بحتة، ولذلك قد يخالفهم في بعض القواعد ما عليه أهل الشرع. الحاصل أن تم فرقًا بين المذهب المتكلمين ومذهب الفقهاء. الصحة عند المتكلمين موافقةُ الفعل للوجهين الشرع. وصحة وفاق ذي الوجهين**للشرع مطلقًا بدون مين وصحة العقل أو التعبد**وفاق ذي الوجهين شرع أحمد إذن الصحة عند المتكلمين موافقة ما معنى موافقة يعني: مطابقة وقد وافقت العبادة أو المعاملة يعني: طابقت، موافقة الفعل ذي الوجهين الفعل هنا أطلقه ليشمل العبادة والمعاملة فحينئذٍ هذا التعريف على الأصح أنه شاملٌ للعبادات والمعاملات ولذلك قال في ((المراقي)): وصحةٌ وفاق ذي الوجهين**للشرع مطلقًا للشرع مطلقًا، مطلقًا أراد به هنا كما قال الشراح: عبادةً أو معاملةً بل نص السيوطي وصرح في الكوكب بهذا

وصحة العقد أو التعبد، التعبد المراد به العبادة وصحة العقد أو التعبد وفاق ذي الوجهين شرع أحمد إذن موافقة الفعل، الفعل هنا يشمل العبادة والمعاملة للوجهين عندنا فعل ذو وجهين وفعلٌ ذو وجهٍ واحد، ذو وجهين ما المراد بالفعل ذو الوجهين ما المراد بالفعل بالوجهين نقول: الموافق للشرع والمخالف يعني: يقع تارةً موافقًا للشرع ويقع تارةً مخالفًا للشرع يعني يمكن أن يوصف بالوصفين لكن في حالين يمكن أن يوصف بالوصفين في حالين: يوصف بالموافقة إذا وافق الشرع بكونه مستوفيًا للشروط والأركان والواجبات مع انتفاء الموانع، إذا استوفت العبادة الشروط، والأركان، والواجبات، وانتفت الموانع نقول: هذه عبادةٌ صحيحة، وقد وافقت الشرع إذا اختل منها ركنٌ أو شرطٌ أو وجد مانع، نقول هذه العبادة غير موافقة للشرع إذن الوصف لعبادةٍ واحدة، ولكن باعتبارين في محلين نقول عبادة صحيحة أو صلاة، صلاةٌ صحيحة، نقول الصلاة هذه عبادةٌ وفعلٌ يوصف بالوصفين يعني: فعلٌ ذو وجهين إن استجمعت الصلاة للأركان والشروط وانتفت الموانع نقول: هذه صلاةٌ صحيحة، وإذا فُقد ركنٌ كالفاتحة مثلاً، أو شرطٌ كالطهارة مثلاً، أو استوفيت الأركان والشروط لكن وجد مانع كالصلاة في المقبرة مثلاً نقول: الصلاة باطلة، لماذا؟ نقول: من صلى ومن لم يقرأ الفاتحة قد اختل ركن فصلاته باطلة، من صلى ولم يتطهر الصلاة باطلة لاختلال شرطٍ، من استوفى الأركان والشروط وصلى في مقربة أو في دارٍ مغصوبة، نقول الصلاة باطلة لماذا؟ لوجود مانع لوجود مانع إذن الصلاة نفسها ذو وجهين، طابقت الشرع وخالفت الشرع لكن باعتبارين هل هناك فعلٌ لا يطابق لا يكون إلا موافقًا للشرع؟ قالوا: نعم رد الودائع النفقة على الزوجات هذا لا يكون إلا مطابقًا للشرع، ولو لم ينوي الفاعل وقد أتى بالواجب كما سبق معنا وليس في الواجب من نوال**عند انتفاء قصد الانتفاء

يعني: الواجب باعتبار الاعتداد به وعدم الاعتداد به ينقسم إلى قسمين: واجبٌ لا يعتدد به إلا بالنية كالصلاة والصلاة، واجبٌ يعتدد به بدون نية يعني: يصدق عليه أنه واجب وقد أتى به المكلف ولكن لا ثواب ولا أجر لماذا لفوات شرط الثواب وهو النية إذن رد الودائع هذا لا يكون إلا موافقًا للشرع، النفقة على الزوجات واجبة ولا تكون إلا مطابقة للشرع، هل يمكن أن يقال النفقة صحيحة أو فاسدة؟ ما توصف هل نقول رد الوديع أو رد الدين هذا فاسد؟ لا يمكن، لماذا؟ لأنه لا يوصف بالصحة إلا ما كان ذا وجهين، أما ما كان ذا وجهٍ واحدٍ ولا يكون إلا موافقًا للشرع قالوا هذا لا يوصف بالصحة، قالوا: معرفة الله هل توصف بوجهين؟ هل توصف بالوجهين؟ نقول لا توصف إلا بوجهٍ واحد، لا تكون إلا موافقةً للشرع، إذا لم تكن موافقةً للشرع فهي جهلٌ لا معرفة إذا أثبت الصفات على ما جاء به الشرع نقول: قد عرف ربه وهذه معرفة ثابتة شرعا، وأما إذا أنكر الصفات نقول: عرف ربه؟ لا إذن لا يمكن أن يقع الإيمان بالصفات والأسماء مثلاً بوجهين أن يكون موافقًا للشرع وأن يكون مخالفًا للشرع، لأن الإيمان إذا لم يكن موافقا للشرع نقول هذا ليس بإيمانٍ شرعي إذن قوله: موافقة الفعل بالوجهين. احترز به الفعل بالوجه الواحد كرد الودائع والنفقة على الزوجات ومعرفة الله، لأن معرفة الله إن لم تكن موافقةً للشرع فهي جهلٌ لا معرفة، ومن أنكر الصفات هؤلاء جهال ليسوا بعلماء في باب المعتقد من خالف الأشاعرة والماتريدية ليسوا بعلماء لا يعد في باب المعتقد علماء ولا حجة بهم قال: الشرع. إذن وافق الشرع موافقة الفعل بالوجهين الشرع فحينئذٍ إذا امتثل المكلف الأمر وقام وصلى في وقت الصلاة وأتى بالصلاة بأركانها وشروطها وانتفت موانعها ظانًا أنه على طهارةٍ نقول: هذا قد وافق الشرع وصلاته صحيحة. وصحةٌ وفاق ذي الوجهين**للشرع مطلقًا بدون مين هذه الصحة عند المتكلمين، أما الصحة عند الفقهاء ففصلوا بين العبادات وبين المعاملات، أما الصحة في العبادات عند الفقهاء قالوا: سقوط القضاء بالفعل قالوا: {هي سقوط القضاء بالفعل}، وقيل في الأخير إسقاط القضاء الذي هو التعبد وصحة العقد أو التعبد**وفاق ذي الوجهين شرع أحمد وقيل في الأخير إسقاط القضاء إذن فسرت الصحة عند الفقهاء في العبادات بأنها إسقاط القضاء أو سقوط القضاء بالفعل بمعنى أن المكلف إذا فعل العبادة وأسقط القضاء أسقط المطالبة بفعل الصلاة مرةً أخرى نقول هذه وُجدت الصحة صلاةٌ صحيحة أما إذا لم يسقط بفعله الطلب وبقيت الذمة مشغولةٌ بالعبادة نقول: حينئذٍ الصلاة ليست صحيحة، والصحة ليست ثابتة بل هي منتفية إذن الصحة عند الفقهاء في العبادات سقوط القضاء في الفعل يعني: ما وافق الأمر وأجزأ وأسقط القضاء سقوط القضاء بالفعل يعني: بفعلها بفعل ذاك أو نفس العبادة بمعنى أن لا يحتاج إلى فعلها ثانيًا. هل هذا الحد موافق للحد عند المتكلمين؟ المتكلمون عندهم الصحة موافقة الفعل ذي الوجهين شرعًا وإن لم يسبق القضاء، هذا في العبادات وعند الفقهاء الصحة في العبادات سقوط القضاء بالفعل فإذا لم يسقط القضاء انتفت الصحة.

إذن عند المتكلمين نظروا إلى موافقة الفعل للطلب نفسه ينبني على هذا كمثال يذكرونه صلاة من ظن الطهارة، يعني: خلاف بين التعريفين يتبين في مثل هذا المثال صلاة من ظن أنه على طهارة قام أذن الظهر فاستجاب وامتثل قام وقد ظن أنه على طهارة شك في الحد هل هو محدثٍ أم لا ماذا؟ يصنع شرعًا؟ يبني على اليقين أنه على طهارة هو الأصل أنه على طهارة، نقول يبني على اليقين فحينئذٍ يحكم على نفسه بأنه متطهر فيصلي بعد أن انتهى من الصلاة هل وافق الأمر؟ هل امتثل نقول: نعم امتثل، طُلِبَ منه الصلاة وأتى بالأركان والشروط وانتفت الموانع، لكن بعد أن صلى تبين له أنه على غير طهارة بعد أن صلى وانتهى من الصلاة تبين له أنه على غير طهارة هذا محل الخلاف ما الذي توصف به الصلاة الأولى؟ هل هي صحيحة أم لا؟ عند المتكلمين الصلاة صحيحة وعند الفقهاء الصلاة باطلة. الصلاة صحيحة عند المتكلمين لماذا؟ لانطباق الحد (موافقةُ الفعل بالوجهين الشرع) هو وافق الشرع فامتثل أما كونه رجح الطهارة ثم تبين نقول قد فعل ما أمر به وهو أنه اعتبر الظن الراجح، لأنه مأمورٌ إذا شك وكان الأصل الطهارة أن يعمل بالطهارة هذا أمر والأصل في أنه يقف مع هذا الأمر ويعمل بما ظن أنه صحيح، ثم بعد ذلك تبينه فساد طهارته أنه لم يتطهر ليس مؤثرًا في صحة الصلاة لثبوت الصحة مطابقةً لأمر الشارع. لكن عند الفقهاء هل هذه الصلاة أسقطت الطلب؟ لا، لم تسقط الطلب، لماذا؟ لأنه مأمورٌ بالقضاء والضابط في الصحة عند الفقهاء سقوط القضاء بالفعل يعني: بفعل الصلاة أولاً، والقضاء لم يسقط لأنه مطالبٌ بإعادة الصلاة.

هل بين القولين خلافٌ جوهري؟ الأكثر على أن الخلاف لفظي، قد صرح أكثر الأصوليين بهذا -أن الخلاف لفظي-، لماذا؟ قالوا: لأنه إذا لم يتبين بطلان الحدث هل يأمر بالقضاء؟ إذا لم يتبين الحدث وبطلان الطهارة هل يأمر بالقضاء؟ بالإجماع لا بين الفقهاء والمتكلمين، لماذا؟ لأنه لم يطلع هذا العلم عند الله هو صلى ظانًا الطهارة وفي نفسه إلى أن مات أنه صلى تلك الصلاة بطهارة أمره إلى الله، إذن لا يأمر بالقضاء لأنه قد صلى متطهرًا إذا تبين له الحدث انتفاء شرط من شروط الصلاة بعد أن أدى الصلاة ظنًا استفاء الشروط عند الفريقين أنه مأمورٌ بالقضاء، إذن المتكلمون يحكمون على الصلاة الأولى بأنها صحيحة وهو مأمورٌ بقضاء الصلاة والفقهاء يحكمون على الصلاة الأولى بأنها باطلة للانتفاء الشرط ويأمرونه بقضاء الصلاة. إذن محل النزاع هل المعتبر في سقوط أو في الحكم بالصحة هو ظن المكلف أو موافقة نفس الأمر؟ ما هو المعتبر في كون الشيء صحيحًا موافقة الشيء لنفس الأمر أو الوقوف مع ظن المكلف؟ المتكلمون نظروا إلى ظن المكلف، قد نحكم على الشيء بكونه صحيحًا إذا وافق الأمر الشرعي -ظن المكلف- وافق الأمر الشرعي، فحينئذٍ لو تبين خطأ ذلك الظن لا يضر في الحكم على صحة العبادة أو (ال .. ). أما الفقهاء قالوا: لا العبرة بما في نفس الأمر إذا صلى ظنًا أنه متطهر نقول هذا في نفس الأمر ليس متطهرًا فحينئذٍ صلاته باطلة فاسدة في حكم الشرع أن صلاته باطلة ولو كان ظانًا ماذا؟ الطهارة، لماذا؟ لأن موافقة الأمر كما قال ابن الدقيق العيد لهذا في رد مذهب المتكلمين موافقة الأمر هل هو موافقة الأمر للأصل الذي هو الأمر بالصلاة أو موافقة الأمر في العمل بظن المكلف؟ إن كان المراد موافقة الفعل بالوجهين أمر الشارع الأصلي الذي هو قوله: {(((((((((((((((((((((} [الأنعام:72]. هنا لم يوافق لماذا لأنه مأمورٌ بصلاة مستوفيةٍ للأركان والشروط وانتفاء الموانع وهنا لم يمتثل إذا ما وافق الأمر الأصلي {(((((((((((((((((((((} هل وافق الأمر بالوقوف والعمل بظن المكلف؟ نقول: لا، لم يوافق لماذا لأن الشرع أحال إلى ظن المكلف الظن الراجح الذي لم يتبين فساده، أما الظن الفاسد هذا الشرع لم يعلق به العمل، الظن الفاسد نقول الشرع لم يعلق العمل به فحينئذٍ موافقة الأمر لأي شيء؟ لا لم يوجد شيء لا أصلي ولا فرعي الذي هو ظن المكلف وبهذا يترجح مذهب الفقهاء لأن تطبيق الصحة عند المتكلمين هذا متعلق، لأنه إن صلى ظانًا الطهارة ثم تبين الحدث نقول هذا استجاب وامتثل لقوله تعالى: {(((((الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ (((((((((} [الإسراء:78]؟ ما استجاب لأن الصلاة حقيقةٌ شرعية ولا تطلق إلا على الصلاة المستجمعة للشروط والأركان، فإذا لم يأت بها لم يمتثل الأمر كونه وقف مع ظنه نقول الظن هذا فاسد تبين فساده والظن الفاسد الشرع لا يحيل عليه بعامة.

إذن لا يوجد موافقة أمر فحينئذٍ نقول الصواب أن الصحة في العبادات سقوط القضاء بالفعل، وهذا مرجع محل النزاع عند بعضهم نص عليه تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي -السبكي الكبير- أن محل النزاع هو هذا موافقة الأمر في نفس موافقة الفعل أو الصحة أن تكون موافقة لنفس الأمر أو الوقوف مع ظن المكلف، وبعضهم يرى أن الكلام مبناه على القضاء هل يجب بالأمر الأول أو بأمرٍ جديد؟ يبنى على القضاء من جديد**أو أول الأمر لدى المجيد يبنى أي: هذا الخلاف يبنى هذا الخلاف على القضاء من جديد أو أول الأمر لدى المجيد، إذا أمر الشرع بصلاةٍ مؤقتة صل الظهر وحدد لك وقت لظهر من أوله إلى آخره، إذا أخرج المكلف هذه الصلاة عن وقتها ماذا نقول؟ هل يجب عليه قضاء أم لا؟ هذه مبنية على مسألة، هل الأمر الأول يستلزم القضاء أو لا؟ وهل القضاء يجب بنفس الأمر الأول أم بأمرٍ جديد؟ مذهب المتكلمين أن القضاء يجب بأمرٍ جديد وهذا هو أصح ومذهب بعضهم أن الأمر الأول يستلزم القضاء، فحينئذٍ إذا خرج وقت صلاة الظهر نقول يجب عليه أن يصلي قضاءً، ما الدليل في إيجاب الصلاة؟ هذه قالوا: نفس الدليل الأول الآمر بالأداء {((((((((((((((((} [الإسراء:78]، {(((((((((((((((((((((} [الأنعام:72]، لم يقم الصلاة خرج الوقت نقول يجب عليه قضاء لماذا؟ بالدليل الأول، وبعضهم يرى أنه لا بد من دليلٍ جديد يد على أنه مطالبٌ بالقضاء فحينئذٍ إذا خرج وقت صلاة الظهر ولم يصل عمدًا حتى خرج الوقت ولم يصل عمدًا نقول هذا لا يجب عليه أن يقضي هو آثم إن لم نقل بالكفر هو آثم ولكن لا يجب عليه القضاء لماذا؟ لأنه لا بد من أمرٍ دليلٍ منفصل غير الدليل الأول لأن الدليل الأول أوجب الصلاة في وقتٍ معين لمصلحةٍ معينة، وكون الزمن الثاني الذي هو بعد خروج صلاة الظهر مساوٍ لأول في المصلحة والمنفعة هذا يحتاج إلى دليل مستقل وهذا هو أصح والأمر لا يستلزم القضاء**بل هو بالأمر الجديد جاء لأنه في زمنٍ معين**يجيد ما عليه من نفعٍ بني

قال: سألت عائشة معاذة رضي الله تعالى عنها ما بال الحائض تقضي الصلاة الصوم ولا تضعي الصلاة؟ ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قال: أحرورية أنت؟ قالت: لست حرورية وإنما أسأل، الشاهد قالت: كان يصيبنا ذلك الذي هو الحيض فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. نؤمر بقضاء الصوم ولا نأمر بقضاء الصلاة، نؤمر بقضاء الصوم مع الدليل الآمر بأداء الصوم وهو قوله تعالى: {(((((عَلَيْكُمُ (((((((((((} الصوم [البقرة:183]، {((((شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185] ذا دليل الأداء إذا أخرجه عن وقته أفطر يومًا من رمضان متعمدًا فجاء في شوال يرد أن يصوم نقول له: لا تصوم ماذا؟ اليوم الذي أفطرته عينه الشرع لذلك اليوم قد كتب عليكم الصيام {((((شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} قياس اليوم الذي تريد أن تصومه في شوال على ذلك اليوم الذي أفطرته هذا يحتاج إلى دليل مستقل دليل جديد، فكنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة، ولا نؤمر بقضاء الصلاة مع وجوب الأدلة الموجبة للصلاة أليس كذلك؟ ولا نؤمر بقضاء الصلاة الأدلة موجودة أو ليست موجودة موجودة ثابتة قطعًا في الكتاب والسنة أمر متواتر وجود الأدلة لا يدل على قضاء الصلاة وجود الصيام المقتضية لوجوب الصيام لا يدل على وجوب القضاء لكن قالت: نؤمر بالقضاء الصوم، دل على أنه دليل جديد وأن الدليل الأول {(((((عَلَيْكُمُ (((((((((((} [البقرة:183]، {((((شَهِدَ مِنْكُمُ (((((((((} [البقرة:185] ليس مقتضيًا للقضاء ولا نؤمر بقضاء الصلاة مع وجود الأدلة السابقة، لماذا؟ لانتفاء دليل القضاء هذا دليل واضح بين لا يحتاج إلى نزاع ولا جدال أن الأمر الأول إذا كان مؤقتًا لا يستلزم، ماذا؟ لا يستلزم القضاء لكن جمهور الفقهاء يرون من ترك الصلاة عمدًا حتى خرج وقتها أنه يجب عليه قضاء قياسًا على الصلاة المنسية والمتروكة المغفول عنها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها». إذن هو تارك للصلاة، أليس كذلك؟ لكنه لعلة أو لسبب وهو النوم والنسيان قالوا: هذا تركها لعذرٍ، وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقضاء، ولا يسلم أنه قضاء بل الصواب أنه أداء لكن على كلامهم. قالوا: أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقضاء، قالوا: فمن ترك الصلاة عمدًا بلا عذرٍ هو أولى بالقضاء، كأنه من باب العقوبة. وابن حزم رحمه الله يقول: سبحان الله هذا قياس فاسد كيف يقاس الفاسق الذي ترك الصلاة عمدًا على المطيع. كيف يقاس هذا على ذلك ولذلك نقول: لا بد من دليل غير هذا في إيجاب قضاء الصلاة، يعني: من ترك الصلاة عمدًا حتى خرج وقتها بغير عذر شرعي هذا إن لم نقل بتكفيره لأن بعض السلف يرى كفره وابن حزم على هذا وابن القيم إن لم نقل بتكفيره وأمرناه بالقضاء يحتاج إلى دليل مستقل. قال بعضهم: إن الخلاف بين الفقهاء والمتكلمين في حد الصحة مبناه على هذا لكن ليس بظاهر، لأن المتكلمين جمهورهم على وجوب قضاء الصلاة يعني: إعادتها التي تبين أنها قد صلاها بلا طهارة مع حكم بصحتها إلا أنهم يوجبون القضاء.

والجمهور جمهور الفقهاء يحكمون على الأولى بأنها فاسدة باطلة لانتفاء الشرط ويجبون القضاء. إذن قد أوجبوا القضاء فإذا كان المتكلمون يوجبون القضاء بدليلٍ مستقلٍ غير الدليل الأول نقول: أين هو؟ فالصواب أن الخلاف ليس مبناه على هل الأمر أو هل القضاء بالأمر الأول أو أمر جديد؟ نقول: لا بل الخلاف هل مبنى الصحة ظن المكلف أو نفس الأمر؟ نقول: الصواب أنه نفس الأمر. وهي وفاقه لنفس الأمر ** أو ظن مأمور لدى ذي خبر بخبر المراد به علي تقي الدين علي بن عبد الفتاح السبكي إذن عرفنا هذه الصحة في العبادات.

الصحة في المعاملة عند الفقهاء: ترتب أحكامها المقصودة بها عليها، ترتب أحكامها أي: المعاملة. المقصودة بها عليها أي: بالمعاملة عليها: على المعاملة، إذا ترتب الأثر المبني على الصحة نقول: حينئذٍ ثبتت الصحة للمعاملة إذا ترتب الأثر على العقد المعقود بين العاقدين من انتقال الملكية مثلاً ملك العين من البائع إلى المشتري وملك الثمن من المشتري إلى البائع إذا تحقق هذا الانتقال نقول: العقد صحيح. وإذا ترتب على عقد النكاح حل التلذذ بالمنكوحة نقول: العقد صحيح. إن وجد الأثر فالعقد صحيح، أليس كذلك؟ الصحة تقتضي ترتب الأثر ترتب الأثر يقتضي صحة العقد. إذن نقول: الصحة في المعاملة ترتب أحكامها المقصودة بها عليها. ترتب الآثار المقصودة من العقد على العقد كالتصرف والانتفاع بالمبيع والتمتع بالمنكوحة إذا وجد فهو ناشئ عن الصحة لا غيرها، إذا وجدت آثار العقد فهي ناشئة عن الصحة لا غيرها. وليس المراد أنه كلما وُجدت الصحة وُجد ثمرة العقد كل ما وجدت الصحة وجدت ثمرة العقد؟ نقول: هذا لا ليس بلازم قد توجد الصحة ولا توجد ثمرة العقد ويمثلون بذلك بالبيع إذا لم يتم القبض، البيع قد يوصف بالصحة ولا يتم القبض، القبض قبض الثمن وقبض السلعة نقول: هذه آثار مترتبة على العقد وهي مقصودة بالعقد إذا صح العقد قد لا يترتب عليه القبض، هل انتفاء القبض دليل على عدم صحة العقد؟ نقول: لا، قد يوجد العقد ويصح ولا يحكم بالانتقال أو الملكية إلا إذا تم القبض، كذلك الخيار بيع الخيار بالنسبة للبائع قد يكون البائع يشترط الخيار يقول لك: بعتك السيارة لكن لأسبوع، حينئذٍ إذا ملك إذا أخذ أو استلم السيارة المشتري نقول: حل له الانتفاع يعني: يذهب ويأتي، لكن هل يجوز له أن يتصرف يبيع ويهبها؟ ما يصح، لماذا؟ لأن العقد البيع صحيح ولكن لكون الخيار موجدًا في العقد يمنع من التصرف في السلعة لا الانتفاع بالسلعة حل الانتفاع لا إشكال فيه حصل بالتثليث، لكن هل للمشتري أن يبيع ويشتري ويهب إلى آخره نقول: لا ليس له ذلك إذن العقد صحيح ولم تترتب عليه الآثار لأن الأثر هنا هو ملكية السيارة وليس الانتفاع وإنما الانتفاع هذا ثمرة للملكية. ذكر بعضهم كالفتوحي حدًا يجمع بين الصحة والصحة في العبادة وفي المعاملة قالوا: نريد حد بدل ما نقول: الصحة في العبادة سقوط القضاء بالفعل والصحة في المعاملة كيت وكيت نريد حدًا واحدًا يجمعهما فقال رحمه الله: ترتب أثر مطلوب من فعلٍ عليه. فالفقهاء فسروا الأثر المطلوب بإسقاط القضاء ترتب أثر مطلوب من فعلٍ عليه الأثر المطلوب فسره الفقهاء بسقوط القضاء وفسره المتكلمون بموافقة الأمر وإن كان هذا حقيقته الرجوع إلى الأصل، لكن صار اللفظ هنا مجملاً ترتب أثر مطلوب ما هو الأثر المطلوب؟ نظر إليه الفقهاء وفسروه بسقوط القضاء، ونظر إليه المتكلمون ففسروه بموافقة الشرع. إذن بصحة العقد يترتب أثره، وبصحة العبادة يترتب إجزائها، كفاية العبادة الإجزاء إذا قيل: ما الذي يترتب على صحة العقد؟ نقول: أثره الذي كان مقصودًا للعاقدين ما الذي يترتب على صحة العباد إجزائها قال بعضهم: ترتب الأثر أثرٌ على صحة العقد. فنقول: صح العقد فترتبت آثاره عليه.

صح العقد وترتبت آثاره عليه. وفرق بين أن يقال: الصحة ينشأ عليها ترتب الأثر وبين أن يقال: وترتب الأثر ينشأ عن الصحة هناك عبارتان متقاربتان إحداهما صحيحة والأخرى فاسدة؛ إذا قيل: الصحة ينشأ عنها ترتب الأثر، نقول: هذا يرد عليه إيراد وهو ما ذكرناه سابقًا قد يصح العقد ولا يترتب عليه الأثر كعدم القبض أو البيع إذا كان بالخيار للبائع لا يترتب عليه الأثر، إذن وجدت الصحة ولم يوجد الأثر حينئذٍ هذه العبارة فيها نظر الصحة ينشأ عليها ترتب الأثر نقول: لا. الأصح أن يقال: ترتب الأثر ينشأ عن الصحة. فإن الأول يقتضي أنها حيث وُجدت ترتبت عليها الآثار، ويعترض عليه بالبيع قبل القبض أو في زمن الخيار، فإنه صحيح ولم يترتب عليه أثره إذ ليس للمشتري التصرف هو يحل له الانتفاع لكن لا يتصرف فيه لأن المقصود به هنا حصول الملكية التي ينشأ عنها إباحة الانتفاع. وأما الثاني الذي هو: ترتب الأثر ينشأ عن الصحة. نقول: مقتضاه أن ترتب الأثر إذا وُجد منشأه الصحة وقد توجد الصحة ولا يترتب عليه الأثر، إذن عرفنا الآن حد الصحة في عند المتكلمين وحد الصحة عند الفقهاء. الفقهَاء قسموا الصحة في العبادات وفي المعاملات، والمتكلمون حدوها بحد واحد جامع لهما، وإذا أردنا عند الفقهاء أن نحد العبادة والمعاملة بحد واحد ننقل كما ذكره الفتوحي ترتب أثر مطلوب من فعلٍ عليه، والذي ينبني ويترتب على العقل ترتب أثر يعني: صحة العقل ترتب أثري وعلى العبادة إجزائها والمراد بالإجزاء هنا سقوط الطلب.

الصحة والقبول قد يطلق الشرع القبول وقد ينفى القبول قد تطلق الصحة وقد تنفى ما العلاقة بين القبول والصحة؟ قيل: هما سيان يعني: الصحة بمعنى القبول والقبول بمعنى الصحة إذا أثبتت الصحة أثبت القبول وإذا انتفت الصحة انتفى القبول هذا قول وقال بعضهم: بل العلاقة بينهم العموم والخصوص المطلق لأن الصحيح نوعان: مقبول منه مقبول، ومنه غير مقبول. وهذا أصح والصحة القبول فيها يدخل، صحة القبول فيها يدخل، إذن دخل القبول تحت الصحة والصحة تكون أعم من القبول إذ كل مقبول صحيح ولا عكس، لماذا؟ لأن وجدنا الشرع قد فرق في بعض النصوص بانتفاء القبول فأراد به الثواب دون الصحة، ونفى القبول في بعض النصوص وأراد بها الصحة فحينئذٍ لا بد من القول بالتفريق بينهما وردت نصوص قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى عرافًا لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا» «لم تقبل» لم، تصح هنا؟ لا نقول: صحيحة ولكنها غير مقبولة بمعنى انتفاء الثواب يعني: غير مثاب عليها. الدليل على أن المراد هنا انتفاء الثواب لا الصحة؟ التقييد قال: «أربعين صباحًا». وهذا استدل به بعضهم على أن الإتيان هنا إذا لم يصدقه لا يعد كفرًا أكبر، لأن التقييد هنا لا ينافي الخروج من الملة «من أتى عرافًا لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا» نقول: هذا التقييد يدل على أن المنفي هنا هو الثواب وليس الصحة فحينئذٍ الصلاة صحيحة والثواب منتفي كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة حتى يرجع إلى مواليه» «لم تقبل له صلاة» هنا نفي القبول والمراد به الثواب للإجماع على أنه لا يجب عليه القضاء فالمراد بنفي القبول هنا من هذا الحديث نفي الثواب إلى الصحة و «من شرب له الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» «لم تقبل» يعني: لم يثب عليها مع أنها واجب عليه ونحكم بصحتها لأنها أسقطت القضاء بالفعل فحينئذٍ النفي هنا مسلط على الثواب {(((((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ((((} [المائدة:27] إذن الفاسق لا تصح صلاته إذا فسرنا القبول هنا بالصحة {(((((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ((((} الفاسق صحيحة صلاته إذن المراد به هنا الثواب «لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غل» «لا يقبل الله صلاة بغير طهور» هنا المراد بنفي القبول الصحة لماذا؟ بغير طهور هذا انتفى الشرط «لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار» «لا تقبل» يعني: لا تصح.

«لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» كون المنفي هنا الصحة إذن كيف نفرق بينهما متى نقول: المراد بالنفي نفي القبول الصحة والمراد بالنفي هنا نفي الثواب ذكر ابن العراقي كما نقله عنه الفتوحي أن النفي القبول إذا قرن بمعصية فحينئذٍ يحمل على نفي الثواب، إذا قرن بمعصية كما قيل هنا «من أتى عرافًا» قرنه بمعصية «إذا أبق العبد» قرنه بمعصية «من شرب الخمر» هنا قرنه بمعصية فهذه المعصية قد أحبطت الثواب وإذا لم يقرن بمعصية فحينئذٍ يحمل على نفي الصحة كما في الأحاديث الأخرى «لا يقبل الله صلاة بغير طهور» هنا انتفى الشرط ويلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط لذلك «لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار»، «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» نقول: هنا قرن بانتفاء شرط، وانتفاء الشرط يلزم من انتفاء شرط انتفاء المشروط، ولذلك نقول: الصواب أن بين الصحة والقبول فرقًا وأن الصحة أعم من القبول. والصحة القبول فيها يدخل ** وبعضهم للاستواء ينقل وبعضهم يعني: الأصوليين، ينقل الاستواء يعني: استواء الطرفين الصحة والقبول بمعنى واحد. أما الفساد والبطلان فهو ضد الصحة إذا فسرت الصحة عند المتكلمين بموافقة الفعل ذي الوجهين ماذا نقول في الفاسد والبطلان؟ مخالفته مخالفة الفعل ذي الوجهين الشرع لأنه لن يستجمع الشروط أو الأركان أو الواجبات أو انتفاء الموانع، نقول: هذا فاسد وباطل. وعلى مذهب الفقهاء نقول: الفساد في العبادات. قيس وقابل الصحة بالبطلان هكذا قال وقابل الصحة بالبطلان إذا كانت الصحة في العبادات سقوط القضاء بالفعل يكون الفاسد عدم سقوط القضاء إذا كانت الصحة في المعاملات ترتب الأثرِ على العقل نقول: الفساد والبطلان عدم ترتب الأثر. لذلك قال في ((المراقي)): وقابل مقابل الصحة بالبطلان**وهو الفساد عند أهل الشان

جمهور الفقهاء على أن الفساد واضح تعريف الفساد ضد الصحة، الصحة الفساد والبطلان عند الجمهور مترادفان بمعنى واحد يعني: معناهما عدم سقوط القضاء وعدم ترتب الأثر المقصود على العقل، أما عند أبي حنيفة فبينهما فرق لكن الفرق هنا ليس على إطلاقه بجميع أبواب الفقه بل يقولون: البطلان الفساد والبطلان في العبادات سيان، وفي المعاملات مختلفان. هكذا يقول بعض مشايخ الأحناف. الفساد والبطلان في العبادات سيان وفي المعاملات مختلفان إذن إطلاق أن أبا حنيفة رحمه الله يفرق بين الفساد والباطل على إطلاقه فيه نظر بل نقول: في العبادات الفاسد والباطل بمعنى واحد، عند أبي حنيفة وإنما فرق بينهما في المعاملات والأنكحة فعنده الباطل ما لم يشرع بالكلية، يعني: لم يرد لا أصلاً ولا وصفًا. ما لم يشرع بالكلية، يعني: ما أذن في أصله الشرع فضلاً عن وصفه، قالوا: كبيع ما في البطون. إذا كان في الشاة في بطنها حمل هل يجوز بيعه؟ لو عقد عاقد على هذا الحمل، العقد ما حكمه؟ نقول: باطل عند أبي حنيفة ولا نقول: فاسد لأنه لم يشرع بالكلية، ما منع بأصله ووصفه ما منع بأصله، يعني: أصل البيع غير مشروع فضلاً عن وصفع باع دما بخنزير، ما حكم بيع الدم بالخنزير؟ هل يجوز بيع الدم؟ لا يجوز لأنه نجس وبيع النجاسات لا يجوز، والآن أن يباع ويشترى على كل حال لا يبيع الدم بالخنزير نقول: هذا العقد باطل، لو باع دما بخنزير العقد باطل لأن الثمن ممنوع شرعا، والْمُثْمَنُ أيضًا ممنوع شرعًا والنهي يقتضي الفساد. و «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». إذن ما منع بأصله ووصفه قال أبو حنيفة: أسميه باطلاً ولا أسميه فاسدًا. أما الفاسد فهو ما شرع بأصله يعني: أصله مشروع لكن منع بوصفه هو الفساد عند أهل الشام. وخالف النعمان فالفساد ** ما نهيه للوصف يستفاد إذن النهي منع أصل العقد هو مشروع لكنه وقع في وصفه ما يقتضي الحكم بالفساد لا بالبطلان قالوا: كبيع درهم بدرهمين. بيع الدرهم بالدرهم جائز بشرطه التقابض لكن لو باع درهم بدرهمين قد زاد درهم إذن أصل البيع درهم بالدرهم جائز لكنه لما باع وزاد درهمًا هذا القبض الدرهم الزائد قد حكم على العقد بالفساد فحينئذٍ هل يمكن تصحيحه عند أبي حنيفة؟ نعم يسقط الدرهم فقط والعقد من أصله صحيح العقد من أصله صحيح لكن عند الجمهور لا العقد باطل من أصله فحينئذٍ يحتاج إلا ابتداء عقد جديد عند أبي حنيفة لا يبتدئ بعقد جديد وإنما يسقط هذا الفرد الذي هو الدرهم لأنه درهم ربوي، حينئذٍ يجب إسقاطه فلو سقط ورده مباشرة لا يحتاج إلى إيجاب وقبول من جديد، لكن عند الجمهور لا، لا بد من وجوده.

إذن أبو حنيفة رحمه الله فرق بين الفاسد والباطل في باب المعاملات والأنكحة الباطل ما لم يشرع بالكلية أو إن شئت قل: ما شرع بأصله ومنع بوصفه الباطل: ما منع بأصله ووصفه والفاسد: ما شرع بأصله ومنع بوصفه هذا عند أبي حنيفة، لكن المذهب عند الحنابلة أنهم يفرقون أيضًا بين الفاسد والباطل لكن في بابين ولا يُذكر لأن عامة الأبواب لا يفرقون ولذلك يذكر في كتب الحنابلة إلا لو قيل لا أن الفاسد والباطل في المذهب سيان في المعاملات وفي العبادات، وهذا ليس على إطلاقه بل يفرقون بين الفاسد والباطل في بابين اثنين لا ثالث لهما وهما: النكاح، والإحرام. يقولون: نكاح باطل ونكاح فاسد. النكاح الباطل: عندهم ما أجمع العلماء على فساده، زيدٌ تزوج امرأة في عدتها مات زوجها وثاني يوم عقد عليها ما حكم النكاح؟ بالإجماع باطل. إذن هذا أُجمع عليه. زيدٌ تزوج امرأة رضع من أمها ثلاث رضعات ما حكم النكاح؟ فيه خلاف هل، الثلاثة محرمة أم لا؟ فيه نزاع بعضهم يحل بأن المحرم خمسة وما قل فلا يحل، وبعضهم يرى أن الثلاث كالخمس محرمة فمن رأى أن الثلاثة محرمة قال: النكاح فاسد. ومن رأى أن الثلاث ليست محرمة وإنما العبرة قال: النكاح صحيح. إذن هذا اختلف فيه فرتبوا عليه أنه وصف بالفاسد. هل هناك ثمره خلاف معنوي بين الباطل والفاسد؟ نعم قالوا: الباطل لو حصلت خلوة أو قبل ولمس ونحو ذلك قالوا: لا يجب مهر المثل إذا لم يسمى لماذا؟ لأنه باطل من أصله، وأما الفاسد قالوا: لا الفاسد عندهم يلحق بالصحيح العقد الصحيح إذا لم يسمى المهر نقول: وجب مهر المثل. كذلك الفاسد لو خلى بها وقبل ونحو ذلك نقول: وجب مهر المثل لأنه ملحق بالصحيح. هذا في باب النكاح إذن الباطل ما أجمع على فساده والفاسد النكاح الفاسد ما اختلف فيه قيل بفساده، وقيل بصحته يطلق عليه لفظ الفاسد. أما في باب الإحرام فعندهم الإحرام الباطل، ما ارتد فيه أحرم فكفر، ما حكمه؟ بطل حجه ماذا يصنع يستمر ويذبح بعير إلى آخره؟ لا يخرج من إحرامه وانتهى. الإحرام الفاسد هو ما جامع فيه قبل التحلل الأول يعني: قبل رمي الجمرة يوم العيد، إذا جامع نقول هنا فسد حده وينبني عليه قوله تعالى: {(((((((((((الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ((} [البقرة:196]، فحينئذٍ يجب الإتمام مع الإثم والقضاء من العام المقبل وأيضا ذبح بدنة إلى آخره إذن ما ترتب من الأحكام على الحج الفاسد غيره على الحج الباطل يخرج من إحرامه وانتهى، أما الفاسد فلا قال: وَضَابِطُ الصْحِيحِ مَا تَعَلَّقَا ** بِهِ نُفُوذٌ وَاعْتِدَادٌ مُطْلَقَا ضابط الصحيح أي: من حيث الصحة، وضابط سبق بيانه (مَا) اسم موصول بمعنى الذي يسقط على فعل المكلف عبادةً أو معاملةً، هذا على ما ذهب إليه الشراح شراح الورقات أن هذا التعريف ليس خاصًا بالمعاملات وإن كان ظاهره أنه عام أنه خاص بالمعاملات الشراح يعممون التعريف فيقولون: هذا تعريف للصحيح سواء كان عبادة أو معاملة. وبعضهم ينتقد المصنف هنا أصله بأن هذا التعريف يصلح للمعاملات ولا يدخل في العبادات.

(مَا) أي: فعل المكلف الصادق بالعبادة والمعاملة (تَعَلَّقَا) (مَا تَعَلَّقَا ** بِهِ نُفُوذٌ) التعلق هنا هو المفسر هناك في حد الحكم خطاب الله المتعلق يعني مجيء الشيء بكون الشيء واجبًا أو مندوبًا إلى آخره هنا مجيء الحكم الشرعي بكون الشيء نافدًا أو معتدًا به إلى آخره. (مَا تَعَلَّقَا) أي: ترتب عليه. (بِهِ نُفُوذٌ وَاعْتِدَادٌ) بعضهم يرى أن النفوذ والاعتداد بمعنى واحد وحينئذ لا تدخل العبادات، وبعضهم يفرق بين النفوذ والاعتداد فحينئذٍ يجعل النفوذ خاصا بالمعاملات فيقال: عقد نافذ، ولا يقال: عبادة أو صلاة نافذة. (وَاعْتِدَادٌ) نقول: هذا عام للعبادات يقال: صلاة معتد بها وعقد معتد به، إذن هل النفوذ والاعتداد بمعنى واحد؟ نقول: فيهما قولان: قيل: النفوذ والاعتداد بمعنى واحد وعليه يختص هذا الحد بالصحة بصحة المعاملات دون العبادات، وإذا قيل: بينهما مغايرة، نقول: كان الحد جامعًا للصحة في العبادات والمعاملات. (نُفُوذٌ وَاعْتِدَادٌ) قيل: نفوذ العقد أصله من نفوذ السهم وهو بلوغ المقصود من الرمي، وكذلك العقد إذا أفاد المقصود المطلوب منه سمي بذلك نفوذًا، فإذا ترتب على العقد ما يقصد منه قيل: صحيحٌ ومعتد به فالاعتداد بالعقد هو المراد بوصفه بكونه نافذًا. هذا قول الاعتداد بالعقل هو المراد بكونه بوصفه نافذًا فحينئذٍ يختص الحد بالمعاملات، وقيل: النفوذ من فعل المكلف والاعتداد من فعل الشارع. وحينئذٍ تكون في العبادة تتصف بالاعتداد دون النفوذ، إذا كان الاعتداد من وصف الشارع نقول: الشارع يطلق الاعتداد على العبادة وعلى المعاملة، ويطلق النفوذ على المعاملة دون العبادة، إذا جُعل النفوذ من فعل المكلف والاعتداد من فعل الشارع نقول: شمل الحد النوعين العبادات والمعاملات. (وَالْفَاسِدُ الَّذِي بِهِ لَمْ تَعْتَددِ) الفاسد من حيث وصفه بالفساد، وهو المرادف للبطلان على قول الجمهور. (الَّذِي بِهِ لَمْ تَعْتَددِ) أنت لم تعتدد به (وَلَمْ يَكُنْ بِنَافِذٍ إذَا عُقِدْ) هذا كأن الناظم كأصله قال: (الَّذِي بِهِ لَمْ تَعْتَددِ) فحينئذٍ يكون شاملاً للعقد والعبادة بدليل أنه قيد النفوذ بالعقد قال: (وَلَمْ يَكُنْ بِنَافِذٍ إذَا عُقِدْ). (إذَا عُقِدْ) هذا قيد للأخير وأطلق الأول (وَالْفَاسِدُ الَّذِي بِهِ لَمْ تَعْتَددِ) ولم يقل: إذا عقد. قال: (وَلَمْ يَكُنْ بِنَافِذٍ إذَا عُقِدْ) هذا قيد (إذَا) للتقييد فحينئذٍ قد قيد النفوذ بالعقد فيكون الحد شاملاً للمعاملات والعبادات إذن هذا الكلام مختصر على الحكم الوضعي والذي ذكره هنا الصحيح والفاسد فقط وعلى ما ذكرناه من تعريف الصحة وأن أصح ما يقال هو تعريف الفقهاء أن الصحة في العبادات هي: سقوط القضاء بالفعل، وأن تعريف المتكلمين باطل، لما ذكره ابن دقيق العيد رحمه الله، وأن الصحة في العقود ترتب الآثار المقصودة على ماذا؟ على العقد وأن الفاسد وصفه والبطلان بمعنى واحد وهما ضدان للصحة. وقابل الصحة بالبطلان يعني عكس ما عرف به الصحة في العقد والعبادة نقول: هذا فاسد. ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

15

عناصر الدرس * المقدمة المنطقية * حد العلم * أقسام الجهل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: ذكرنا أن الأصوليين يذكرون مقدمتين: مقدمة منطقية، ومقدمة لغوية. وهنا قلنا بدأ الناظم ببعض أفراد المقدمة المنطقة وهي: تعريف أو العلاقة بين العلم والفقه. وَالعِلْمُ لَفْظٌ لِلْعُمُومِ لَمْ يَخُصْ ** لِلْفِقْهِ مَفْهُومًا بَلِ الفِقْهُ أَخَصْ قلنا: الصواب أن العلاقة بين الفقه والعلم العموم والخصوص المطلق يعني: نحتاج إلى مادة الاجتماع ونحتاج إلى مادة الافتراق الاجتماع يعني: يجتمع العلم والفقه معًا والافتراق ينفرد الأعم عن الأخص بما لم يصدق عليه الأخص فنقول: ينفرد العلم عن الفقه بالنحو، والتفسير، والحديث. إلى آخره فهذه يصدق عليها أنها علم ولا يصدق عليها أنها فقه وهذا معنى الانفراد الأعم عن الأخص بما لا يصدق عليه الأخص هذا مرادهم بالعلاقة بين أو العلاقة التي يعنون لها بالعموم والخصوص المطلق كاللفظ مع القول نقول: القول أخص واللفظ أعم كل قول لفظ ولا عكس بالمعنى اللغوي كذلك كل إنسان حيوان ولا عكس، كل جملة كلام ولا عكس، كل فقه علم ولا عكس. يعني: وليس كل علم فقهًا لماذا؟ لأن الأعم يصدق على ما لا يصدق عليه الأخص ما الدليل على هذا؟ نقول: كلما وجد الأخص هناك أربعة قواعد نعيدها مرارًا كل ما وجد الأخص وجد الأعم ولا عكس، هذه قاعدة كل ما وجد الأخص وجد الأعم ولا عكس يعني: إذا ثبت الأخص ثبت الأعم ولا عكس وليس كلما وجد الأعم وجد الأخص يعني: ليس كلما وجد العلم وجد الفقه قد يوجد العلم في النحو والتفسير والحديث ولا يكون في الفقه كذلك انتفاء الأعم يلزم منه انتفاء الأخص كلما انتفى الأعم انتفى الأخص ولا عكس ليس كلما انتفى الأخص انتفى الأعم قد لا يكون الفرد المعني بالحيوان إنسانًا لكن قد يكون أنه فرس فإذا قيل: هذا حيوان. ونفينا عنه أنه إنسان لا يلزم من نفينا عن الشيء أنه إنسان نفي الحيوانية لا قد نقول: هذا ليس بإنسان ولا يلزم منه نفي حيوان لأنه قد يكون فرسًا إذن وجد الأعم بما لا يصدق عليه الأخص هذا أربعة قواعد تأتيك في سائر العلوم كلما وجد الأخص وجد الأعم ليس كلما وجد الأعم وجد الأخص كلما انتفى الأعم انتفى الأخص وليس كلما انتفى الأخص انتفى الأعم هنا القاعدة وجد الأخص وهو: الفقه. يلزم منه وجود الأعم وهو: العلم. إذن العلاقة بين الفقه والعلم العموم والخصوص المطلق (وَالعِلْمُ لَفْظٌ لِلْعُمُومِ لَمْ يَخُصْ للفقه) للعموم يعني: يصدق على كل ما هو نوع من أنواع العلم وهذا هو حقيقة العلم. ما استغرق صالح نفعك بلا ** حصر من لفظ كعشر مثلا

كما نقول: لفظ المؤمن يصدق على زيد بوصفه وعمرو بوصفه هذا لفظ عام كذلك لفظ العلم نقول: جنس يصدق على أفراده حملاً نقول: النحو علم، والفقه علم، هذا من أي الأنواع؟ علم فمفهم اشتراك الكلي هذا لفظ كلي أفهم اشتراكًا بين الأفراد فيصدق على أفراده يعني: يحمل على أفراده حمل مواصلة دون إضافة أو اشتقاق ولذلك يقال: النحو علم، والفقه علم، والتفسير علم. ولا يقال مالك علم، ولا الشافعي علم. وإنما يقال: مالك عالم أو ذو علمٍ. فالعلم باعتبار العلوم هو لفظ كلي وباعتبار الأشخاص ينتفي عنه الكلية ليس وصفًا كليًّا لأنه يحمل على أفراده ليس حمل مواطئه وإنما باشتقاقٍ أو بإضافة. وَالعِلْمُ لَفْظٌ لِلْعُمُومِ لَمْ يَخُصْ ** لِلْفِقْهِ مَفْهُومًا لم يخص مفهومًا للفقه يعني: مفهوم العلم ليس مختصًا بالفقه الذي هو بالمعنى الشرعي بل الفقه أخص بل الفقه بالمعنى الشرعي أخص من العلم بالمعنى العرفي العام، لكن ما الفائدة هنا من ذكر هذه المسألة يرد السؤال هل ينبني عليه فائدة؟ هل ينبني فائدة على ذكر المسألة هنا؟ نقول: لا، لا ينبني وإنما قيل اعتذارًا لمثل هذه المسائل في مثل هذا الموضع لئلا يتوهم أن العلم الذي يصدق عليه الذي يصدق على الفقه أنه مساوي لعلم الفقه لئلا يتوهم أن بينهما مساواة لا، إذا أُخذ العلم جنسًا في حد الفقه لا يقتضي أن يكون العلم مساوي للفقه في كل وجه لا وإنما هو فرد من أفراده والعلاقة بينهما عموم وخصوص مطلق لكن هذا ليس بوارد إذن قوله: وَالعِلْمُ لَفْظٌ لِلْعُمُومِ لَْم يَخُصْ ** لِلْفِقْهِ مَفْهُومًا بَلِ الفِقْهُ أَخَصْ ثم أراد أن يعرف لنا العلم. وقال: وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ ** إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ الْمَحْتُومِ هل العلم يحد أو لا يحد هذا فيه نزاع أما في اللغة لا إشكال نقول: العلم في اللغة ما تعرف به الأشياء وهو نقيض الجهل وعلم بالشيء وشعر به وعلم بالأمر تعلمه وأتقنه وعرفه وإن كان المعرفة أخص من العلم وكذلك يقال ويطلق العلم لغةً بمعنى اليقين يقال: علم يعلم إذا تيقن. لكن في الاصطلاح هل يحد العلم أم لا؟ هذا فيه نزاع قيل: لا يحد. والمراد بالنفي هنا لا يحد يعني: لا يحد بالحد الحقيقي المكون من الجنس والرسم أما رسمه أو حده بالحد الناقص فليس هو محلاً للنفي إذن قول من يقول كالجويني والغزالي: إن العلم لا يحد. المراد به الحد الحقيقي، المنفي هنا الحد الحقيقي ولا مانع من أن يحد حدًا ناقصًا أو أن يرسم رسمًا طيب لماذا لا يحد؟ قال الغزالي تبعًا للجويني: لعسره. يعني: يعسر حد العلم. يعني: يعصر تصوره بحقيقته. وهذا يدل على أن المراد بنفي حده الحد التام وليس هو الحد الناقص أو المعرف الذي يكون بالرسم طيب ماذا نصنع إذا أردنا أن نميز العلم عن غيره؟ قالوا: يميز عن غيره بالتمثيل والتقسيم. وهذا يؤكد أن المراد النفي نفي الحد التام لأن التمثيل والتقسيم هذا من أنواع المعرفات فإذا نفي الحد وأثبت التمثيل والتقسيم دل على أن المنفي هو الحد التام وليس هو المعرف الشامل الحد الناقص والرسم والتمثيل والتقسيم. التمثيل مثل ماذا؟ قالوا نقول: علمنا العلم كاعتقادنا بأن الواحد نصف الاثنين.

أما التقسيم قالوا: لا يمكن أن يلتبس العلم إلا بالاعتقاد إذا أردنا أن نميز العلم فإن ما في الأصل نميزه عن الاعتقاد. إذن اللبس الذي يمكن أن يقع بين العلم وغيره هو مع الاعتقاد وعليه نقول: الاعتقاد إما جازم أو لا، والجازم إما مطابق أو لا، والمطابق إما ثابت أو لا. نخلص من هذا أن العلم اعتقاد جازم مطابق ثابت أربعة قيود أخذناها من أين؟ للتقسيم الحصر والتقسيم هنا قال: الاعتقاد إما جازم وغير جازم. جازم أو لا الجازم إما مطابق أو لا يعني: مطابق للواقع والمطابق إما ثابت أو لا نخلص من هذا أن حد العلم أو معرف العلم حد العلم بالمعنى الناقص اعتقاد جازم مطابق للواقع مطابق ثابت وهو المراد بقول الفخر الرازي: الفخر حكم الذهن أي ذو الجزم ** لموجب طابق حد العلم هو يقول: ضروري لا يحد أنه ضروري، بعضهم يرى أنه تناقض نقول: لا نفي الحد المراد به الحد التام وحده المراد به الحد الناقص أو الرسم والأكثر أنها رسوم يعني: ذكر للآثار والأحكام. إذن اعتقادٌ جازم الجازم أخرج الظن ونحوه، المطابق أخرج الجهل المركب، الثابت أخرج التقليد اعتقاد المقلد الجازم لأن الجازم هذا يعتقد جزمًا بالحكم؛ بل كما يقول الزركشي في ((التشنيف)) يقول: قد يكون اعتقاد المقلد جزمًا أشد من اعتقاد العالم. لأن العالم يقول: إذا جزم بمسألة قد يرجع ينظر في الأدلة فيرجع أما العامي فلا إذا أخذ مسألة وجزم بها رجوعه يصعب رجوعه عما جزم به هذا فيه نوع صعوبة. إذن اعتقاد جازم مطابق ثابت خرج بالجازم الظن وخرج بالمطابق الجهل المركب وخرج بالثابت تقليد المصيب الجازم الذي هو العامي وهو الاعتقاد الصحيح لأنه قد يزول، هذا قول من؟ قول الجويني والغزالي بأنه لا يحد العلم لعسره ثم قالوا: نحده بماذا؟ إما بالتمثيل نذكر مثال نقول: العلم كاعتقاد أن النار حارة أو محرقة، أو اعتقادنا أن السماء فوقنا، أو أن الأرض تحتنا، نقول: هذا اعتقاد جازم لا يقبل التشكيك بحال من الأحوال، وذكرنا له مثال إذن بالمثال يتضح المقال أو الحد عندهم أو نذكر بالقسمة نقول: الذي يمكن أن يلتبس مع العلم هو الاعتقاد لأن الاعتقاد الظن لا يكون جازمًا لا يلتبس الوهم والشك لا يكون جازمًا فلا يلتبس إذن الذي يمكن أن يلتبس ما يمكن أن يكون جازمًا وهو الاعتقاد لأن الاعتقاد قد يكون جازمًا وقد لا يكون جازمًا الاعتقاد قد يكون جازمًا وقد يكون غير جازمًا، الاعتقاد الجازم هو الذي يلتبس بالعلم لكن لما كان الاعتقاد الجازم قد يكون مطابقًا للواقع وقد لا يكون مطابقًا للواقع انقسم إلى نوعين: اعتقاد فاسد، واعتقاد صحيح. الاعتقاد الجازم المطابق للواقع هذا اعتقاد صحيح كاعتقاد أن العالم حادث، والاعتقاد الجازم غير صحيح الذي هو الفاسد هو غير المطابق كاعتقاد الفلاسفة أن قدم العالم اعتقاد الفلاسفة قدم العالم. إدراك من غير قضاء تصور ** ومع تصدق وذا مشتهر جازمه دون تغير عُلِم علمًا ** وغيره اعتقاد ينقسم إلى صحيح أن يكن يطابق ** أو فاسد إن هو لا يوافق

إذن جازمه الذي هو جازم الحكم ينقسم إلى مطابق، وغير مطابق. إن طابق الواقع فهو اعتقاد صحيح إن لم يطابق الواقع فهو اعتقاد فاسد الذي يشتبه بالعلم هو الاعتقاد الجازم المطابق حينئذٍ كيف نميز العلم عن الاعتقاد الجازم قال: بالقسمة. نقول: الاعتقاد إما جازم أو لا الجازم إما مطابق أو لا المطابق إما ثابت أو لا ما الفصل الذي فصل بين الاعتقاد والعلم هنا؟ ثابت نعم ثابت هو الذي فصل بين الاعتقاد والعلم لماذا؟ لأن العلم يكون جازمًا والاعتقاد بعضه جازم والعلم يكون مطابقًا للواقع بل لا يكون إلا مطابقًا للواقع بعض الاعتقاد يكون جازمًا مطابقًا للواقع إذن اشتبه ما زال الاشتباه والبس بين العلم والاعتقاد الذي يميز العلم عن الاعتقاد أن العلم لا يقبل التغير ثابت ولا يقبل التشكيك بحال من الأحوال الجزء أصغر من الكل هذا لا يمكن أن يقبل التشكيك ولا يمكن أن يتغير في زمن من الأزمنة أو في حال من الأحوال كذلك الواحد نصف الاثنين هذا لا يمكن أن يتغير ولا يقابل التشكيك لكن الاعتقاد أن العالم قديم نقول: هذا يقبل التشكيك. الاعتقاد في باب العقيدة ولذلك قد يورد أشعري يعتقد عقيدة الأشاعرة ثم يرجع، نقول: هذا اعتقاد لأنه قابل للتشكيك وإن كان جازمًا في أصله عنده وإن كان جازمًا عنده لكنه لم يطابق الواقع وهو مطابق للواقع عنده في علمه ولكن من جهة الثبوت وعدم الثبوت نقول: العلم ثابت لا يقبل التشكيك ولا يقبل التغير والاعتقاد يقبل التشكيك والتغير. إذن على قول الجويني والغزالي أنه يمكن أن يحد بالمثال والقسمة. القول الثاني: أنه لا يحد لأنه ضروري وهو قول الفخر الرازي وحده قال: وهو حكم الذهن الجازم المطابق لموجب. يعني: المطابق لدليل. كيف يقول: لا يحد لأنه ضروري ثم يحده؟ نقول: النفي هنا نفي الحد التام، ولا يمنع من ذلك أن يحد حدًا ناقصًا أو أن يرسم بالآثار والأحكام وإذا قلنا: إنه يحد ويمكن حده، اختلف فيه يعني: حدًا تامًا، اختلف فيه على أقوال لكن الذي يمكن أن يكون أصح ما يحكم عليه بأنه علم نقول: العلم في الأصل أنه في الاصطلاح مطابق لمعناه اللغوي ولذلك ذكر في الكليات قال: والمعنى الحقيقي لفظ للعلم هو الإدراك. وهذا هو الذي ذكرناه في شرح السلم على غرار ما ذكره صاحب الشمسية العلم. إدراك المعاني مطلقًا وحصره في طرفين حقق ** سموهما التصديق والتصور

لأنه باتفاق أن إدراك العلوم ألا يساوي اعتقاد صحيح العلم؟ يمكن الاعتقاد الصحيح يكون مساوي للعلم؟ نقول: الاعتقاد الصحيح يقبل التشكيك والتغير، وأما العلم فلا يقبل فكيف يساويه؟ ولو اشتركا في الجزم والمطابقة العلم يكون اعتقادًا جازمًا مطابقًا، والاعتقاد الصحيح يكون اعتقادًا جازمًا مطابقًا، لكن العلم لا يقبل ثابت لا يقبل التغير، والاعتقاد الصحيح يقبل التغير، لذلك نقول: يلتبس حد العلم بالاعتقاد الجازم فاحتجنا إلى التميز بينهما فلا يرد السؤال أن العلم يساوي الاعتقاد الصحيح. نقول: قال في الكليات: والمعنى الحقيقي للفظ العلم هو الإدراك ولهذا المعنى متعلق وهو المعلوم. الإدراك له متعلق يعني: الذي يدرك ما هو كما سبق أنه إما المفرد وإما المركب وسيأتي إذن له متعلق يتعلق به إدراك مفرد المفرد متعلق الإدراك إدراك مركب نقول: المركب هذا متعلق الإدراك قال: ولهذا المعنى متعلق وهو المعلوم التي هي المسائل وله تابع في الحصول ووسيلة إليه في البقاء وهو الملكة. وهذه ما نذكره دائمًا في حدود العلم يقال: الفقه هو العلم. فيختلفون هل المراد به الإدراك؟ هل المراد به الملكة؟ هل المراد به المسائل؟ نقول: هذه كلها مراده وهذه حقيقة عرفية. وكل فن في اسمه مشتركَ ** قواعدٌ إدراكها والمكلة هذه هي حقيقة عرفية أن العلم إذا أطلق يراد به المسائل ويراد به القواعد التي تدرس بها المسائل ويراد به لفظ الإدراك فحينئذٍ يطلق العلم مراد به الإدراك وهو الأصل في معناه اللغوي كما ذكره هنا صاحب الكليات ويطلق العلم ويراد به المسألة أو المسائل أو القواعد وهذا اصطلاح عرفي عندهم، ويطلق العلم مرادًا به الملكة التي هي هيئة راسخة في النفس يعني: تجعل الشخص بممارسة الفن أن يدرك ما لا يدركه غيره، أن يدرك من الفن ما لا يدركه غيره. هنا قال: فأطلق. لأنه ذكر ثلاثة أشياء يطلق المعنى الحقيقي على الإدراك، ثم فرع قال: ولهذا المعنى متعلق وهو معلوم وله وسيلة وهي الملكة قال: فأطلق لفظ العلم على كل منها إما حقيقة عرفية -وهذا أصح- أو اصطلاحية أو مجازًا مشهور، ولذلك قال هناك ناظم الشمسية: العلم إدراك المعاني مطلقًا

ليشمل إدراك المعنى المفرد ومعنى ماذا؟ المركبات يعني: يشمل التصديق ويشمل التصور إذن نقول: الصحيح في حد العلم هو: الإدراك. مطلق الإدراك فإذا قيل: ما هو الإدراك؟ نقول: الإدراك هذا مصدر أَدْرَكَ يُدْرِكُ إِدْرَاكًا والمراد به في اللغة الوصول إلى منتهى الشيء أو إلى البلوغ إلى الشيء بمنتهاه وعندهم في الاصطلاح الإدراك وصول النفس إلى المعنى بتمامه النسبة إلى غيرها وصول النفس ما المراد بالنفس هنا؟ القوة المدركة التي هي محل الإدراك العقل الذي يدرك به وصول النفس وصلت لأن الوصول هنا هو معنى الإدراك فنقول: بلغ الصبي يعني: وصل إلى سن الذي هو حد التكليف. كذلك نقول: بلغت النفس إلى المعنى يعني: وصلت إلى المعنى، المعنى هذا فسره بقوله: بنسبة أو غيرها. حينئذٍ نقول: المعنى في اصطلاح النحاة وغيرهم ما يقصد من اللفظ هذا إذا خصصنا المعنى مأخوذًا من اللفظ وقد يطلق المعنى أعم من هذا المعنى وهو ما يقصد من الشيء كأن يفهم من المحراب تجاه القبلة نقول: هذا معنى أنت تدخل المسجد ولا تدري أين القبلة مثلاً فتظن أن أو تدرك أن القبلة هكذا من أين أخذت؟ من المحراب، إذن المحراب هذا أفادك معنى {ما يقصد من الشيء} وهذا أصله وضعه أصل وضعه أن يستدل به على القبلة وإلا هو لا يعرف يعني: السلف. أن يدل على القبلة إذن هذا معنى استفيد من المحراب لذلك نقول المعنى ما يقصد من الشيء لكن المراد هنا ما يقصد من اللفظ ما يقصد من اللفظ اللفظُ قد يكون مفردًا وقد يكون مركبًا قد يكون مفرد كزيد، وقد يكون مركبًا من جملة اسمية أو جملة فعلية، نقول: {الإدراك وصول النفس إلى المعنى}. وصول النفس العاقلة المفكرة التي هي محل الإدراك إلى المعنى بتمامه، إذًا قد تصل النفس إلى المعنى لا بتمامه كالأمر المشكوك فيه فنقول: هنا وصلت النفس إلى المعنى لكن لا بتمامه هذا يسمى عندهم في الاصطلاح شعورًا يسمى شعورًا إذن حد الشعور ما هو؟ {وصول النفس إلى المعنى لا بتمامه} وحد الإدراك هو: {وصول النفس إلى المعنى بتمامه}. بالنسبة أو غيرها هذا تقسيم لمتعلق الإدراك لأننا نقول: الإدراك يتعلق. ولذلك قال هنا: ولهذا المعنى متعلق. وهو المعلوم معلوم وإدراك عندنا علم، وعندنا معلوم أليس كذلك؟ عندنا علم وعندنا معلوم ما هو المعلوم؟ إذا قيل: تجب الفاتحة في الصلاة أو وجوب الفاتحة في الصلاة. نقول: هذا معلوم مسألة إدراك هذا الحكم علمٌ إذن المعلوم والمعلومات هي نفس المسائل التي تدرك إدراكها واقتناصها وصورتها في الذهن يسمى علم إذن عندما تقول: كتبت بالقلم. الكتابة هل هي عين القلم؟ لا الكتابة آلة بواسطتها يكتب فالكتابة ثمرة مكتوب والقلم آلة كذلك العلم هو: إدراك. أنت تدرك ماذا؟ تدرك المسألة فإذا أُدركت المسألة على وجهها سميت المسألة معلومة كما أنك إذا كتبت بالقلم سمي ما أحدثته بالقلم كتابة فنقول: المسألة التي يتعلق بها الإدراك تسمى معلومة ونفس الإدراك الذي أدركت به المسألة يسمى علمًا قال: بنسبة أو غيرها. الإدراك نوعان: إدراك مفرد، وإدراك مركب.

إدراك المفرد هذا يسمى تصورًا كإدراك معنى زيد ومعنى قائم زيد قائم تقول: زيد إدراكه يسمى تصورًا لماذا؟ لأنه إدراك مفرد كيف أدركت معنى زيد يعني: وصلت النفس عندما سمعت هذا اللفظ وصلت إلى المعنى الذي إذا أطلق لفظ زيد صار إليه وإذا أطلق لفظ زيد صار إلى الذات المشخصة المشاهدة في الخارج نقول: زيد اسم مسماه هو مدلوله ومعناه إذا أطلق لفظ زيد وأدركت وفهمت المعنى ومدلول اللفظ نقول: أنت قد حصل عندك تصور وهذا يسمى إدراك. إذا أدركت معنى قائم إذا أطلق لفظ قائم تقول: قائم هذا لفظ وضعته العرب للدلالة على ذات متصفة بالقيام. إدراك وصول النفس إلى المعنى بتمامه من هذا اللفظ يسمى تصورًا لأنه إدراك مفرد إذن التصور هو إدراك مفردٍ إدراك مفرد تصورًا علم سمي تصور لماذا؟ قيل: تفعل من الصورة لأن المدرك لحقائق الماهيات تنطبع صورها في مرآة ذهنه، المرآة الحسية إذا وقفت أمامها صورتك تنطبع في المرآة أليس كذلك؟ قالوا: العقل مثل المرآة إذا أطلق اللفظ المعنى انطبع في المرآة. لذلك يقولون: تصور تفعل من الصورة لأن المدرك لحقائق الماهيات يعني: المراد من اللفظ تنطبع صورها في مرآة ذهنه. حينئذٍ سمي صورة إذن المعنى له صورة والشيء الحسي له صورة. المرآة الحسية هذه تدرك بها الصور الحسية العقل والنفس التي يدرك بها المعاني هذه مرآة للمعاني سواء كانت مفردة أو مركبة يطلق على المفردة تصور بمعنى الخاص، وعلى المركب تصور بالمعنى العام. إذن عرفنا أن إدراك المفرد يسمى تصور. إذن إدراك المفرد هل هو علم أو لا؟ علم قطعًا لماذا؟ لأنه بعض أفراد الإدراك وحقيقة العلم مطلق الإفراد حقيقة العلم مطلق الإدراك نقول: العلم مطلق الإدراك الشامل لإدراك المفرد الذي هو: التصور. عرفنا الآن التصور ما حقيقة إدراك النسبة؟ التصديق عندهم مقابل للتصور، والمراد بالتصديق عندهم ما يقابل إدراك المفرد. إذن إدراك ما ليس بمفرد يسمى تصديقًا لكن هذا من باب التقريب وإلا نعكس القضية فنقول: إدراك المركبات التامة يسمى تصديقًا، والمراد بالمركب التام الكلام الاصطلاحي عند النحاة المشتمل على القيود الأربعة لفظ مركب مفيد بالوضع كلامنا لفظ مفيد فاستقم

وهذا ينقسم إلى جملة اسمية وجملة فعلية إدراك الجملة الاسمية المراد منها نقول: هذا تصديق. إدراك الجملة الفعلية قام زيد مدلول منها نقول: هذا تصديق. طيب القضية إذا عكسناها نقول: إدراك ما ليس بمركب تام، هو حقيقة التصور فيكون داخلاً في حقيقة المفرد عند المناطقة لماذا؟ لأننا إذا قيدنا التصديق بأنه خاص بالمركبات التامة يرد بعض المركبات الناقصة إدراكها إذا قلنا: المراد بالمفرد هو: زيد، وعمرو، وقام، وإلى، ومن، عن، وهل. الثلاثة الأقسام للكلمة وهي مفردات إذا أريد بالمفرد هذه ثلاثة الأشياء حينئذٍ يرد إشكال غلام زيد هل هو إدراك مفرد أو إدراك مركب؟ يرد إشكال نقول: إذا قيل: إدراك مفرد. نقول: إدراك مركب. نقول: المركب هنا المراد به المركب التام الجملة الاسمية والفعلية وغلام زيد ليس جملة اسمية ولا جملة فعلية، والمفرد إذا قلنا أنه إدراك المفرد الذي هو الكلمة الواحدة أين نضع غلام زيد؟ فحينئذٍ لا بد من التعميم فنعمم في المفرد فنقول: إدراك المفرد المراد به كل ما ليس بمركب تام فيشمل المفرد الحقيقي عند النحاة الكلمة قول مفرد، ويشمل المركبات بأنواعها المركب الناقص الذي هو الكلمي، مثلاً إن قام زيد، أو غلام زيد، أو المركب التوصيفي، أو المركب العددي أحد عشر، أو المركب الصوتي المركبات الستة كلها تكون داخلة في حد المفرد الذي يصدق على إدراكه أنه تصور ولذلك نقول في حد التصديق: {إدراك الجملة الفعلة أو الجملة الاسمية}. لكن ما المراد هنا بالجملة الاسمية والجملة الفعلية؟ نقول: المراد به تصديق بها يعني: كونها واقعة بالفعل أو ليس واقعة. وهذا يجرنا إلى ذكر التصورات الأربعة في كل جملة اسمية كانت أو فعلية، وهذا كله بيان لحقيقة العلم ليس خروجًا عن المقصود نقول: إذا قيل: قام زيد، أو زيد قائم. جملة فعلية وجملة اسمية كل مركب تام يمتنع إدراكه إلا إذا أدركت مفرداته على حده قاعدة متفق عليها. لا يمكن أن تدرك المركبات لذلك نقول: العلم بالجزئيات مقدم على العلم بالمركبات ولذلك يقدم المفرد على المركب. وقدم الأول عند الوضع ** لأنه مقدم بالطبع

فالجزء مقدم على الكل، ولا يمكن إدراك الكل إلا بعد إدراك الجزء، فحينئذٍ نقول: قام زيد. وزيد قائم يمتنع قد يقول قائل: أنا ما يمتنع عندي. نقول: أنت ما أدركت قام زيد إلا بعد التفصيل الذي سيذكر ولكن بكثرة الممارسة صار إدراكك لبعض المفردات التي هي الثلاث السابقة للتصديق مثل ما يكون الإنسان مبرمج على هذا، زيد قائم عندنا أربع تصورات في هذه الجملة زيد هذا مبتدأ محكوم عليه موضوع قائم هذا محكوم به عندنا نسبة وهي: ثبوت المحمول للموضوع. أو المبتدأ الخبر للمبتدأ عندنا التصديق الذي هو وقوع هذه النسبة أو عدم وقوعها فتقول: الأول تصور الموضوع. الذي هو زيد يسمى عند النحاة مبتدأ، وعند البيانيين مسندًا إليه، وعند الأصوليين محكوم عليه، وعند المناطقة موضوعًا، أربعة أسماء والمسمى واحد زيد قائم زيد يسمى مبتدأ عند النحاة، يسمى مسندًا إليه عند البيانيين، يسمى موضوعًا عند المناطقة، يسمى محكومًا عليه عند الأصوليين فأربعة أسماء مرادًا بها معنى واحد قائم يسمى محمولاً عند المناطقة، خبرًا عند النحاة، مسندًا عند البيانيين، محكومًا به عند الأصوليين هذه أربعة أسماء تقابلها أربعة أسماء إدراك الموضوع الذي هو زيد هذا أولاً لا يمكن أن تصل إلى إدراك الجملة الكلية إلا إذا أدركت الجزء الأول وهو زيد ما المراد بزيد؟ ذات مشخصة لو لم تعرف المراد بزيد وتفهم مدلول زيد هل يمكن أن تتصور القيام ثابت لهذه الذات أو لهذه اللفظة؟ لا يمكن إذًا تصور الموضوع أولاً ثم تصور المحمول يعني: ما المراد بهذه الكلمة ما الذي وضعت العرب هذا اللفظ ما المعنى الذي وضعت له العرب هذا اللفظ؟ هاتان أو هذان تصوران ثم إدراك أو تصور النسبة والمراد بالنسبة هنا النسبة الكلامية وتسمى النسبة الحكمية التي مورد الإيجاب والسلب وهي: ثبوت المحمول للموضوع. يعني: إذا قيل: زيد قائم. وكان الإنسان شاكًا في هذا ولذلك يمثل الشيخ الأمين في المقدمة بالشاك إذا قيل: زيد قائم. وأنت تشك في ثبوت القيام لزيد هل قطعت بالقيام؟ الجواب: لا، هل قطعت بنفي القيام؟ الجواب: لا، النسبة التي تردد فيها الشاك هل القيام ثابت لزيد أو ليس بثابت؟ هذه تسمى نسبة وهي: تعلق المحمول بالموضوع. يقابله ما لا يمكن أن يتعلق المحمول بالموضوع، لو قيل: الجدار نائم تصورت معنى الجدار وهو الموضوع وتصورت معنى نائم وهو المحمول، لكن هل يتصور قيام الخبر بالمبتدأ؟ لا يمكن إذن نقطع بعدم صحة هذه الجملة لأن الإدراك الثالث غير صحيح هنا زيد قائم هل يتصور اتصاف زيد بالقيام نقول: نعم، لكن هل ثبت قيام زيد أو لم يثبت قيام زيد هذا هو التصور الرابع التصور الثالث نقول: هذا تصور النسبة إدراك النسبة الكلامية تسمى النسبة الحكمية وظرف نسبة فسرها بعضهم بالنسبة الكلامية فيلزم من ذلك تقدير مضاف ودرك وقوعه اسمًا.

الإدراك الرابع هو: التصديق. يعني: الحكم بالفعل وقوع ثبوت قيام زيد إذا قيل: زيد قائم. إذن النسبة الكلامية ثبوت قيام زيد وقوع ثبوت قيام زيد إدراكه يسمى تصديقًا زيدٌ ليس بقائم إدراك نفي قيام زيد نقول: هذا. نفي وقوع قيام زيد نقول: هذا تصديق لماذا؟ لأن التصور الرابع قد يكون بالسلب وهو: النفي. وقد يكون بالإيجاب وهو: الإثبات. إذن زيدٌ قائم لا يمكن أن يتصور وتدرك وقوع قيام زيد في الخارج إلا بعد ثلاث تصورات، الرابع هو التصديق على الصحيح وهو مذهب الحكماء المتقدمين من المناطقة والفخر الرازي على أن التصديق كل الأربع تصورات هذه: إدراك المفرد، وإدراك الموضوع، وإدراك المحمول، وإدراك النسبة الكلامية، وإدراك الوقوع وعدم الوقوع، يعبر الرابع بالإيقاع والانتزاع أو الوقوع وألا وقوع قد يمر بك في الحواشي الوقوع وألا وقوع المراد به إدراك الذي هو التصور الرابع الذي هو إدراك وقوع ثبوت قيام زيد ويعبر عنه بالإيقاع والانتزاع الوقوع وألا وقوع الوقوع في الإيجاب وألا وقوع في السلب الإيقاع في الإيجاب الانتزاع في السلب نقول: الصواب أن الرابع هو التصديق سمي تصديقًا لماذا؟ لأن قام زيد وزيد قائم هذا من قبيل الخبر وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته. محتمل للصدق والكذب الخبر ** وغيره ........ سمي تصديقًا لاحتمال الصدق والكذب أو التصديق والكذب فسمي بأشرف الاحتمالين مع كونه قد يكون كذبًا لكن رجح التصديق لأنه أشرف من التكذيب إذن نقول: إدراك المعاني مطلقًا الشامل لإدراك المفرد والشامل لإدراك المركبات نفسر المركب هنا حتى ينضبط معنا تنضبط معنا المسألة نفسر المركب هنا بالمركبات التامة التي هي الجملة الاسمية والجملة الفعلية ونفسر المفرد ما ليس بمركب تام، فيشمل المفرد عند النحاة كزيد، وقام، وإلى. ويشمل المركب الناقص، ويشمل أيضًا النسبة الكلامية التي يعبر عنها بالنسبة الخارجية لأننا قلنا ثلاث تصورات تسبق التصديق. التصور الأول: تصور الموضوع. التصور الثاني: تصور المحمول. التصور الثالث: تصور النسبة. النسبة هذا أطلقنا عليه أنه تصور إذن ندخله في حد المفرد. التصور الرابع: تصور الوقوع وألا وقوع. العلم إدراك المعاني مطلقا ** وحصره في طرفين حققا سموهما التصديق والتصورَا ** فالأول اعتقاد نسبة ترى وغيره تصورٌ وغيره الذي هو غير اعتقاد النسبة الخارجية اعتقاده يعني: بالإيجاب والسلب تصور. إذن التصور إدراك المفرد والتصديق إدراك المركب التام. إذن ينقسم العلم إلى قسمين: إدراك مفرد علم التصور، وإدراك المركب وهو: علم التصديق.

قد يطلق التصور مرادًا به مطلق الإدراك التصور له اصطلاحات عند المناطقة أنفسهم وسيأتينا أن الناظم هنا قوله: (تَصَوُّرُ). أن المراد به التصور العام، التصور العام المراد به ماذا؟ {إدراك الشيء بلا حكم عليه} والتصور الساذج نقول: {إدراك الشيء بقيد عدم العلم أو التصور العام حصول صورة شيء في الذهن عفوًا حصول صورة الشيء في الذهن} وحصول صورة شيء في الذهن قد تكون مع الحكم وقد تكون بدون الحكم مع الحكم هو: التصديق. وبدون الحكم هو: التصور. إذن التصور الخاص الذي يسميه المناطقة بالتصور الساذج لخلوه عن الحكم يكون داخلاً في تصور العام والتصور العام يصير موافقًا للعلم مساويًا للفظ العلم لأن العلم هو الإدراك مطلق الإدراك التصور العام حصول صورة الشيء في الذهن سواء كان عن مفرد أو عن مركب فحينئذٍ يكون التصديق داخلاً في التصور العام، وإذا كان التصديق داخلاً في التصور العام صار مساويًا للعلم لأن العلم قسمان، وأما التصور الساذج الذي هو بقيد عدم الحكم لا مع الحكم نقول: هذا مقابل للتصديق الذي هو نوع من أنواع العلم هذا هو المشهور عند المناطقة وهو المرجح ثم كل منهما حتى يعترض معترض يقول: هم يفسرون العلم بأنه الحكم الجازم. نقول: لا غرو في ذلك لأن التصديق نوعان: تصديق ضروري، وتصديق نظري. والتصور أيضًا نوعان: تصور نظري، وتصور ضروري. إذن لا يخرج الحكم الجازم عن نوعي العلم التصور والتصديق أما تقسيم العلم إلى تصور وتصديق نقول: هذا تقسيم له باعتبار ماذا؟ باعتبار متعلقه وتقسيمه إلى ضروري ونظري باعتبار الطريق الموصل إليه باعتبار متعلقه لأن العلم هو: الإدراك متعلق الإدراك مفرد إذن هو تصور، متعلق الإدراك مركب كامل إذن هو تصديق. إذن قسمنا العلم إلى تصور وتصديق باعتبار متعلقه الذي هو متعلق الإدراك وقسمناه إلى نظري وضروري باعتبار الطريق الموصول إليه لأن الضروري كما سيأتي ما لا يقع عن نظر واستدلال والنظر ما يقع عن نظر واستدلال هذا ملخص لما ذكرناه في شرح السلم عند قوله: إدراك المفرد تصورًا علم ** ودرك نسبة للتصديق نسب قال هنا: وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ ** إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ الْمَحْتُومِ الذي ذكرته سابقًا هو الأصح في حد العلم أنه إدراك المعاني مطلقًا هنا عرفه قال: وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ ** إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ الْمَحْتُومِ علمنا أراد به الاحتراز عن علم الله عز وجل وهنا من الإرادات على تفسير العلم أنهم أرادوا أن يضبطوا علم المخلوق فذكروا أوصافًا تختص بالمخلوق ثم يريدون أن يضعوا جنسًا شاملاً لعلم الله عز وجل وعلم المخلوق لأن العلم علمان وهذا لا شك فيه العلم علمان: علم المخلوق، وعلم الخالق. علم المخلوق هو الذي قسمناه أنه ينقسم إلى: تصور، وتصديق. وأنه يكون نظريًّا وضروريًّا أما علم المخلوق فلا يوصف بواحد من هذا، لأن التصور والتصديق إدراك وصول النفس إلى المعنى بتمامه هذا ولا يوصف به الرب جل وعلا كذلك نقول: نظري، وضروري لا يقع بالاستدلال نقول: هذا لا يوصف به الرب جل وعلا وهذا محل خلاف محل اتفاق بين الأئمة. علم الإله لا يقال نظري ** ولا ضروري ولا تصوري

وليس كسبيًّا فكل مهم ** يمنع في حق الكريم المنعم إذن لا يوصف لا بهذا ولا بذلك هم أحيانًا يأتون بعبارات يقولون: هذا يرد عليه قال صاحب ((الورقات)) العلم معرفة. نقول: لماذا تريد أن تحده؟ لا بد أن تذكر في علم المخلوق ما يختص بعلم الله عز وجل نقول: لا العلم كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في المحبة أورد تعريف كثيرة للمحبة ثم قال: المحبة ليس لها تعريف مثل المحبة. وكذلك العلم علم الخالق جل وعلا ليس له تعريف أن يقال مثل العلم وكل إنسان يعرف من نفسه معنى العلم إذا أثبت لله عز وجل وأنه يختص بصفات لا يشاركه فيها المخلوق البتة وهذا واضح لا إشكال فيه (وَعِلْمُنَا) هنا أضاف العلم إلى نفسه والمراد به العلم الحادث (مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ) الأصل قال: معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع. هكذا عبر في الورقات معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع (مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ) هم يقولون: العلم المراد به اليقين. كما قال هناك اعتقاد جازم مطابق ثابت أليس كذلك؟ وعندهم أن المعرفة إدراك الجزئيات والعلم إدراك الكليات وهنا يرد إشكال كيف يحد العلم بالمعرفة والمعرفة إدراك للجزئيات والعلم إدراك للكليات هذا تناقض لأن العلم والمعرفة بهذين المعنيين متقابلان وإذا كان متقابلين لا يمكن أن يجعل أحدهما جنسًا للآخر لأن من شرط الجنس في التعريف أن يكون شاملاً للمعرف وغيره وهنا لا يمكن أن تكون المعرفة شاملة للعلم وغير العلم فيكيف يؤخذ أو تؤخذ المعرفة جنسًا في حد العلم؟ هذا اعتراض ولكن أجيب بأن المراد بالمعرفة هنا الإدراك المراد بالمعرفة هنا الإدراك، وإذا كان الإدراك نقول: هذا إدراك جازم وإدراك غير جازم والعلم المحدود المعرف إدراك مطلق وحينئذٍ أخذ المعرفة بقيد الجزم لأنه قال: معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع على كا هو جازم هو أخص من مطلق العلم المحدود إذا قيل: العلم هو معرفة. نقول: العلم عرفناه بماذا؟ الإدراك مطلق الإدراك مطلق الإدراك هذا تركناه اختصارًا وشرحناه في السلم أنه يشمل الجهل المركب ويشمل الجازم وغير الجازم والنسبة المتوهمة والنسبة المشكوكة. من أراد الأمثلة فليرجع إلى هناك فحينئذٍ نقول: العلم يشمل هذه كلها فإذا قيل: المعرفة بمعنى الإدراك للجازم. يكون لا إشكال ولا تعارض فالإيراد على الناظم كأصله كأن لا لمعرفة مباينة للعلم نقول: لا المراد بالمعرفة هنا الإدراك ولذلك أضافه إلى قوله: (الْمَعْلُومِ). وقيده على ما هو به في الواقع يعني: المطابق الثابت للخارج. (الْمَعْلُومِ) هذا أورد عليه أيضًا كيف نقول: معرفة المعلوم؟ المعلوم هذا مشتق من العلم وإذا اشتق من العلم وأخذ المشتق في حد ما اشتق منه لزم منه الدور وهو أن اللفظ كل منهما يتوقف العلم به على معرفة الآخر لأنه يقال: العلم. معرفة المعلوم. ما هو المعلوم؟ مشتق من العلم، ما هو العلم؟ معرفة المعلوم، تجلس إلى الصباح وما أجبت على الإشكال هذا هو الدور يعني: يتوقف تفسير أحدهما على الآخر ومن شروط الحدود ألا. ولا بما يدرى بمحدود ولا ** مشترك من القرينة ... وشرط كل أن يرى مضطردا إلى أن قال: ولا بما يدرى بمحدود

يعني: إذا كان لا يدرى اللفظ الذي أخذ قيدًا في التعريف إلا بمحدود نقول: هذا يلزم منه الدور ويستثنى الدور المعني وليس هو معنا أجيب بأن المعلوم المراد به ما من شأنه أن يعلم يعني: أنتم اعترضتم على الحد بأن المعلوم يلزم منه الدور نقول: لا أنتم أخذتم المعلوم بالفعل والمراد هنا المعلوم بالإمكان ولا تعارض. لكن الجواب هذا ضعيف ولا يسلم الحد من الاعتراض. (وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ) إذن نقول: هنا قال: العلم معرفة العلوم على ما هو به في الواقع (مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ) إذا أجبنا عن الاعتراضين المعرفة والمعلوم نقول: العلم إدراك ما من شأنه أن يعلم. فسرنا المعرفة بالإدراك وفسرنا المعلوم بما من شأنه يعني: شيء يصدق على المعدوم والموجود من شأنه وأمره وحقيقته وماهيته أن يعلم. يعني: يطلب العلم به، ويبحث عنه ويسأل عنه على ما هو به في الواقع هذا اعتراض ثالث على المصنف كأصله وهو أن المعرفة إذا لم تكن على ما هي به في الواقع كما ذكرنا البارحة أنها تعد جهلاً لا معرفةً المعرفة إذا لم تكن مطابقةً للواقع فهي جهلٌ لا معرفة وهنا قوله: على ما هو به في الواقع. هذا يعتبر حشوًا والأولى أن يقال: العلم معرفة المعلوم هكذا عرفه الناظم تبعًا لأصله ولا يسلم من الاعتراض قوله: (وَعِلْمُنَا) عرفنا القيد هنا للاحتراز من علم الله عز وجل (مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ) (مَعْرِفَةُ) أي: إدراك الجازم المتعلق بما من شأنه أن يعلم وأخذنا الإدراك الجازم لأنه أراد أن يحد العلم والإدراك قلنا: مدرك يشمل الجازم، وغير الجازم. الإدراك الجازم هذا يدخل فيه الاعتقاد والعلم الإدراك غير الجازم هذا يشمل الظن والوهم والشك وسيأتي بيانها في موضعها (مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ) يعني: في الأصل ما وقع عليه العلم يعني: لفظ المعلوم ما وقع عليه العلم فإذا تعلق به الإدراك يكون من باب تحصيل الحاصل فنجيب عنه بأن المراد بالمعلوم ما من شأنه أن يعلم. (إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ الْمَحْتُومِ) (طَابَقَتْ) الضمير يعود على المعرفة أو النسبة (إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ) أي: لهيئته. (الْمَحْتُومِ) هذا أراد به على ما هو عليه في الواقع (الْمَحْتُومِ) مشتق من الحتم وهو الجزم والكتم لذلك من اصطلاحات الواجب الحتم. والفرض والواجب قد توافقا ** كالحتم {(((((عَلَى رَبِّكَ (((((((} [مريم:71] (الْمَحْتُومِ) هذا مشتق منه إذن المحتوم بمعنى الجازم. وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ ** إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ الْمَحْتُومِ

هل هناك فرق بين العلم والمعرفة؟ قيل: العلم في العرف يطلق على أمور يطلق مرادًا به ما لا يحتمل النقيض وهذا الذي ذكرناه عن الجويني الاعتقاد الجازم المطابق الثابت هذا لا يحتمل النقيض كذلك حد الفخر الرازي حكم ذهن الجازم المطابق لموجب يعني: لدليل هذا لا يحتمل النقيض وهو بمعنى اليقين لكن هل في الشرع أو في اللغة لا يطلق العلم إلا بمعنى اليقين؟ نقول: لا ليس بصواب. حصر العلم في أنه مراد به إلا الإدراك الجازم المطابق للواقع فقط هذا نقول: مجرد اصطلاح. وإلا الله عز وجل يقول: {((((((عَلِمْتُمُوهُنَّ (((((((((((} [الممتحنة:10] أطلق العلم على الظن وهو إدراك غير جازم. قالوا: مجاز. نقول: أصل الحقيقة ولا يحمل على المجاز. فكل لفظ أو كل ما أطلق العلم في غير اليقين قالوا: مجاز لماذا؟ ليسلم له القائل يعني ليسلم له أن العلم محصورٌ في حكم الذهن الجازم نقول: الصواب لا في اللغة كما ذكره صاحب الكليات أنه إطلاق العلم حقيقة في الإدراك مطلق الإدراك الشامل لعلم التصور وعلم التصديق إذن المعنى الأول الذي يرد عرفًا ولغةً في الشرع وفي غيره أن العلم يطلق ويراد به ما لا يحتمل النقيض الثاني: يطلق ويراد به الإدراك بل هو الأصل في إطلاقه كما ذكرناه سابقًا يعني: مطلق الإدراك الشامل للتصور والتصديق أيضًا يطلق ويراد به التصديق قطعيًّا أو ظنيًّا يعني: يطلق العلم ولا يراد به التصور وإنما يراد به التصديق سواء كان تصديقه قطعيًّا أو ظنيًّا نقول: هذا استعمال للفظ العلم في بعض أفراده ولا يمنع أن يستعمل في غيره لكن أرادوا أن يضبطوا المسألة عندهم ويخصوا العلم بمعنى اليقين قالوا: إطلاقه على تصديق اليقيني حقيقة وإطلاقه على التصديق الظني مجاز {((((((عَلِمْتُمُوهُنَّ (((((((((((} [الممتحنة:10] قالوا: استعمل لفظ العلم في التصديق الظني {(((((((((((((((((((((((((} هل يمكن أن يعلم بحقيقة الإيمان في القلب الذي يستلزم العمل الظاهر ما يمكن قطعًا ما يمكن أن نقطع بهذا أن زيدًا مؤمن ظاهرًا وباطنًا وإنما نحكم عليه بظاهره وهو حكم ظني {((((((عَلِمْتُمُوهُنَّ (((((((((((} أي: حكمتم عليهن بالإيمان وهذا تصديق لكنه ظني قالوا: هذا من باب المجاز ليسلم لهم تخصيص العلم اليقين. يطلق العلم ويراد به المعرفة يعني: معنى المعرفة {((تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة:101] قالوا: {((تَعْلَمُهُمْ} يعني: لا تعرفهم. {((تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} الشاهد في الأول {((تَعْلَمُهُمْ} يعني: لا تعرفهم. إذن هذه أربعة اطلاقات لغةً واصطلاحًا وشرعًا يطلق العلم ويراد به ما لا يحتمل النقيض وهذا أكثر الأصوليين على أنه معنى العلم في اللغة وإذا أطلق العلم انصرف إلى هذا المعنى وهو مرادف لليقين ونقول: التخصيص هذا ليس عليه دليل.

الثاني: يطلق العلم ويراد به التصديق قطعيًا كان أو ظنيًّا يطلق العلم ويراد به معنى المعرفة يطلق العلم ويراد به الإدراك ونقول: الثلاثة الأولى هذه إذا تأملها المتأمل لدخلت في الرابع لأن الرابع منه ما هو معرفة ومنه ما هو تصديق ومنه ما هو جازم ومنه ما هو غير جازم وتخصيصه بواحد منها دون الآخر هذا يعتبر تحكمًا يعني: يحتاج إلى دليل ولا دليل. وأما استعمالات الشرع فأطلق العلم بمعنى الظن كما أن الظن لفظ الظن أطلق بمعنى العلم مثل ماذا؟ {(((((((((يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو (((((((((} [البقرة:46] هذا يكفي الظن؟ ما يكفي فيه الظن لا بد أن يكون علمًا جازمًا يقينًا إذن أطلق لفظ الظن المراد به العلم كذلك أطلق العلم بمعنى المعرفة {((تَعْلَمُهُمْ} كذلك أطلقت المعرفة بمعنى العلم {(((((عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة:83] أي: علموا. إذن أطلق لفظ عرف على ماذا؟ على العلم هذه أربعة اطلاقات لكن يفرقون بين المعرفة والعلم أذكرها لا تأييدًا وإنما يذكرون هذه المسائل يقولون: العلم يستعمل في المركبات والمعرفة في البصائر المعرفة تستعمل في الجزئيات والعلم في الكليات المعرفة تطلق على الإدراك الذي بعد جهل يعني: المسبوق بجهل ولذلك لا يقال: الله عالم. هذا باتفاق لكن لا يقال: الله عارف. لماذا؟ لعدم النص أيضًا يطلق على الأخيرين من الإدراكيين وهذا لا يطلق عليهما أنهما علم الفتوحي يقول: المعرفة أخص من العلم وقد تكون أعم في الكوكب شرح ((الكوكب المنير)) يقول: المعرفة أخص من العلم وأعم أخص باعتبار أنها علم مستحدث أو انكشاف بعد لبس. هكذا نص أنها علم مستحدث إذًا لا تشمل علم الخالق جل وعلا أو انكشاف بعد لبس الذي هو إدراك مسبوق بجهل الذي ذكره الجاوي فالعلم يكون أعم لأن العلم يشمل المستحدث الذي هو علم المخلوق ويشمل علم الخالق أيضًا يشمل ما كان مسبوقًا بجهل وما ليس مسبوقًا بجهل وإن ذكر صاحب الحاشية بأن العلم أو الإدراك الذي لم يسبق بعلم أو سُبق بجهل فإنه يسمى معرفة ولا يسمى علمًا والمعرفة أعم من العلم لأنها تشمل الظن واليقين لأن العلم عندهم خاص باليقين وهذه كلها أو أكثرها مجرد اصطلاح وإلا اللغة لا تساعدهم على هذا. وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ ** إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ الْمَحْتُومِ يعني: هذا مرادًا به قول الأصل على ما هو به في الواقع قيل: احترز به عن الجهل المركب لكن هذا ليس بصحيح. ثم قال: وَالْجَهْلُ قُلْ تَصَوُّرُ الشَّيءِ عَلَى ** خِلافِ وَصْفِهِ الَّذِي بِهِ عَلا

لما عرف العلم أراد أن يستطرد فعرف الجهل لماذا؟ قلنا: أراد أن يعرف الجهل لأنه: بتعريف الجهل يتميز ويتبين أتم بيان حقيقة العلم قال: (وَالْجَهْلُ قُلْ). في تعريفه أيها الطالب (تَصَوُّرُ الشَّيءِ عَلَى ** خِلافِ وَصْفِهِ الَّذِي بِهِ عَلا) تصور الشيء الجويني لم يعرف إلا الجهل المركب في ((الورقات)) وقيل قوله: وقيل حد الجهل فقد العلم. هذا من زيادة العمريطي على الأصل الجويني لم يعرف إلا الجهل المركب قيل: اعتراضًا عليه أن حده لا يشمل البسيط الجهل البسيط وأجيب بأنه قصد الجهل المركب لماذا؟ لأنه إدراك المركب لأنه أراد أن يميز العلم والعلم مركب والذي يميزه البسيط أو المركب؟ المركب إذن لا اعتراض على صاحب الأصل (وَالْجَهْلُ قُلْ تَصَوُّرُ) ما المراد بالتصور هنا؟ إذا حددنا أن التعريف خاص بالجهل المركب نقول: التصور هنا تصور العام الذي هو قسيم مقابل للعلم وليس التصور الساذج الذي هو إدراك بقيد عدم العلم لماذا؟ لأننا لو جعلنا التصور الساذج وأردنا الجهل المركب كيف يكون إدراك الشيء على خلاف ما هو به عليه ما يتصور أن يفسر التصور هنا بإدراك المفرد وإنما يفسر التصور هنا بالشامل للتصديق والتصور الساذج فحينئذٍ لا مانع أن يكون المراد هنا بتعريف المصنف النوعين هكذا قيل قال بعضهم. (وَالْجَهْلُ قُلْ تَصَوُّرُ الشَّيءِ) يعني: المعلوم (عَلَى ** خِلافِ وَصْفِهِ) يعني: على خلاف هيئته (الَّذِي بِهِ عَلا) يعني: الذي ارتفع به عن غيره في الحد أو الذي بكونه موجودًا ولو علم لارتفع به عن غيره وهو عدم العلم به يحتمل هذا وإذا أردنا أن نقول في حد الجهل هو: إدراك الشيء على خلاف ما هو به في الواقع. وهذا يسمى جهلاً مركبًا لماذا؟ لأن إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع هذا يستلزم جهلين لأن عدم الإدراك هو الجهل البسيط وهنا وجد إدراك أدرك ثم أدرك الشيء على خلاف ما هو عليه قالوا: لو سئل إنسان ما حكم من شرب أو أكل ناسيًا في نهار رمضان ما حكمه؟ أفتوني «فإنما أطعمه الله وسقاه». لكن لو جاء مفتي فأطرق وسكت وحوقل وقال: يلزمه القضاء. فإذا ما قال عليه كفارة فنقول: هذا حكم وهذا جهله جهل مركب لماذا؟ لأنه استلزم جهلين: أولاً: جهله بالحكم لأنه قال: يلزمه القضاء. ثانيًا: جهله بأنه جاهل لأنه يظن أنه مصيب وهو قد جهل أنه جاهل. هذان جهلان. وَالْجَهْلُ قُلْ تَصَوُّرُ الشَّيءِ عَلَى ** خِلافِ وَصْفِهِ الَّذِي بِهِ عَلا وَقِيلَ حَدُّ الْجَهْلِ فَقْدُ الْعِلْمِ ليشمل النوعين البسيط والمركب البسيط هو عدم الإدراك بالكلية سئل عن مسألة فقال: لا أعلم، لا أدري. هذا لا يدرك شيئًا لكن لو ادعى أنه مدرك وهو الأصل فيه أنه لم يدرك ثم وجدنا الإدراك على خلاف ما هو عليه في الواقع نقول: هذا جهل مركب. أما إذا قال: لا أدري. أو أنه لم يدرك أصلاً نقول: هذا جهل بسيط.

(وَقِيلَ حَدُّ الْجَهْلِ فَقْدُ الْعِلْمِ) فقد بمعنى عدم العلم إما بأن لم يدرك أصلاً وهو: البسيط. أو بأن يدرك على خلاف ما هو عليه في الواقع وهو المركب إذن على هذا التعريف الذي زاده العمريطي استدراكًا على تعريف الجويني يختص الأول بالمركب فقط (وَقِيلَ حَدُّ الْجَهْلِ فَقْدُ الْعِلْمِ). وَالْجَهْلُ قُلْ تَصَوُّرُ الشَّيءِ عَلَى ** خِلافِ وَصْفِهِ نقول: هذا خاص بالمركب فقط الجهل المركب. والذي زاده هذا يشمل النوعين لأنه قال: (فَقْدُ الْعِلْمِ). عدم العلم وهذا يشمل بأن لا يعلم أصلاً أو بأن يدرك على خلاف ما هو عليه لكن فقد العلم وعدم العلم هذا يرد عليه إيراد وهو: أنه يشمل البهيمة والجماد. لكن الأولى أن يعبر يقال: انتفاء العلم بالمقصود. والجهل جا في المذهب المحمود ** هو انتفاء العلم بالمقصود هكذا قال في ((المراقي)). والجهل جا في المذهب المحمود ** هو انتفاء العلم بالمقصود انتفاء إذا انتفى الشيء عن الشيء لا يمكن أن يوصف بالانتفاء إلا إذا كان قابلاً إذا كان المحل قابلاً أما الفقد والعدم فلا إذا قيل: انتفى العلم عن الجدار. يصح؟ لا يصح أن انتفي انتفاء بمعنى النفي وقاعدة العرب مضطردة أن الشيء لا ينفى عن الشيء إلا إذا كان المنفي عنه قابلاً للشيء المنفي فإذا قيل: الإنسان لا ينام أو ليس بنائم زيدٌ ليس بنائم نفينا عنه النوم لكن هل هذا زيد يتصف بالنوم نقول: نعم هو يمكن أن يقع منه هذا الوصف لكن الآن هو منفي عنه لا يصح أن ينفى عنه النوم إلا إذا كان زيد قابلاً لهذه الصفة المنفية أما هذا يقال: هل الجدار لا ينام؟ هل يصح نفي النوم عن الجدار؟ نقول: لا لغة خطأ لماذا؟ لأن الوصف لا ينفى عن شيء ليس قابلاً له فحينئذٍ نقول: انتفاء هذا يدل على أن المحل الذي نفي عنه وهو الإنسان ماذا قابلاً للعلم أما فقد وعدم العلم نقول: الجدار عادم للعلم. ونقول البهيمة: عادم للعلم أو فاقدًا للعلم. لا إشكال في هذا لأن بالفعل هي فاقدة للعلم لكن الإنسان بكون يوصف بالعلم لا يصح أن نقول: فقد العلم أو عدم العلم فيشمل حينئذٍ البهيمة وماذا؟ والجدار ولذلك البيتان المشهوران قال حمار الحكيم تُومَة أو تَوْمة أو يوما في بعض النسخ. قال حمار الحكيم يومًا ** لو أنصف الدهر لكنت أركب لأنني جاهل بسيط وصاحبي - أو - وراكبي ** - في بعض الناسخ - جاهل مركب

نقول: هذا ما يصح لا يصح هذا خطأ عقديًا ولغويًا أما عقديًا لقوله: لو أنصف الدهر. فيه نسبت الحوادث إلى الدهر لو أنصف الدهر لكنت أركب هو يريد أن يركب هو مركوب هذا فيه معارضة أيضًا لقوله تعالى: {((((((((((((وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ ((((((((((((((} [النحل:8] وهذا يريد أن يركب لأنني جاهل بسيط وصف نفسه بالجهل هو ليس قابلاً للعلم حتى يوصف بالجهل لأن الجهل لا ينفى عن الحمار ولا ينفى عن الجدار لأنني جاهل بسيط وصاحبي أو وراكبي في بعض النسخ جاهل مركب نقول: هذان البيتان لا يصحان من جهة العقيدة أنه يقول: لو أنصف الدهر لكنت أركب. فيه معارضة للآية أيضًا وفي بعض النسخ لو أنصفوني يعني: كأنه مظلوم. ما عرف أن هناك حقوق للحيوان لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب إذن لا يصح أن ينفى الجهل عن أو العلم البهيمة والجماد. قال: (بَسيِطًا أوْ مُرَكَّبًا قَدْ سُمِّي). هذا تقسيم له بانتفاء العلم (بَسيِطًا) وهو الذي ليس فيه إدراك أصلاً (مُرَكَّبًا) الذي فيه إدراك ولكنه مخالف للواقع (قَدْ سُمِّي) (قَدْ) للتحقيق (سُمِّي) بسيطًا هذا مفعول له (أوْ مُرَكَّبًا) أو للتقسيم. (بَسِيطُهُ فِي كُلِّ مَا تَحْتَ الثَّرَى) نقول: المثال هذا للبسيط لكنه مثال غير صحيح لماذا؟ لأننا نقول: الجهل انتفاء العلم بالمقصود يعني: بما من شأنه أن يقصد أما الذي ليس من شأنه أن يقصد ولا يطلب علمه لا ضرورة لا ضروريًّا ولا نظريًّا نقول: هذا عدم العلم به لا يسمى جهلاً وعدم إدراكها لا يسمى جهلاً (بَسِيطُهُ فِي كُلِّ مَا تَحْتَ الثَّرَى) الذي تحت التراب غير مقصود فحينئذٍ عدم العلم لا يسمى جهلاً وإنما يسمى جهلاً الذي يقصد بالعلم ويطلق (تَرْكِيبُهُ) تركيب الجهل أي: وصفه بالمركب. (فِي كُلِّ مَا) في كل مثال (تُصُوِّرَا) فيه المعلوم على خلاف هيئته كالمثال الذي ذكرناه. إذن عرفنا بهذه الأبيات حد العلم وحد الجهل، حد العلم نقول: الصواب أنه لا يختص بواحد من هذه الأربعة التي ذكرها الفتوحي وغيره إلا بالإدراك هذا الأصل وهذه ثلاثة أنواع التي ذكرها داخلة في مطلق الإدراك والجهل نوعان: جهل بسيط، وجهل مركب ينتظمها إذا عرفنا الجهل بأنه انتفاء العلم بالمقصود يعني: انتفاء ونفي العلم الذي يقصد والذي من شأنه أن يكون مقصودًا أما الذي لا يقصد فلا يوصل بكونه يعني: بعدم العلم أو عدم إدراكه لا يسمى جاهلاً، ثم قسم العلم باعتبار الطريق الموصلة إليه إلى علم ضروري وعلم نظري. نقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

16

عناصر الدرس * تكملة للمقدمة المنطقية * حد الجهل * أقسام العلم باعتبار طرقه * أقسام العلم * تعريف الاستدلال بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: ذكرنا أن الناظم رحمه الله تعالى شرع في بيان المقدمة المنطقية التي تتعلق بمباحث أصول الفقه ذكرنا أن ثم المقدمتين يذكرهما علماء الأصول في كتبهم مقدمة منطقية تشتمل على حد العلم والجهل والنظر والفكر إلى آخره والاستدلال والدليل ومقدمة أيضًا لغوية تشتمل على حد الكلام وأقسامه والحقيقة والمجاز والمشترك والترادف إلى آخره ومناسبة ذكر العلم في هذا الموضع كما ذكرنا أنه يتعلق بحد الفقه كأنه في ظاهر الناظم هنا في ظاهر تصرفه أنه شرع يبين محترزات أو ما يتعلق بحد الفقه. وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي ** جَاءَ اجْتِهَادًا دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي ذكر الأحكام السبعة وعرفها بين رسومها ثم بين العلم ثم بين نقيضه وهو الجهد ثم قسم العلم إلى ضروري ونظري ثم بعد ذلك ذكر الظن لأنه رسيب العلم ثم ختم ببيان الحد اللقبي لأصول الفقه كأن جعل هذه المقدمة بين حدين. هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا ** لِلْفَنِّ مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا إلى آخره عرف لك الأصول أصول الفقه من حيث إنه مركبٌ إضافي قلنا: تعريف أصول الفقه له جهتان إما من جهة إنه مركبٌ إضافي وإما من جهة إنه على يعني: صار لقبًا وعلمًا على هذا الفن المسمى بأصول الفقه جعل هذه المقدمة وهذه الأبيات لو تأملت بين الحدين: (هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا) ثم قال: (أَمَّا أُصُولُ الْفِقْهِ مَعْنى بِالنَّظَرْ) كما سيأتي في موضعه هذا يفهم منه والعلم عند الله أنه أراد أن يبين محترزات حد الفقه ذكرنا حد العلم لغةً واصطلاحًا ثم قال: وَالْجَهْلُ قُلْ تصَوُّرُ الشَّيءِ عَلَى ** خِلافِ وَصْفِهِ الَّذِي بِهِ عَلا

(وَالْجَهْلُ) هذا مصدر جهل يجهل جهلاً والجهل في اللغة نقيض العلم ولذلك لما بين العلم حقيقة العلم: وبضدها تتميز أو تتبين الأشياء. إذن لما استطرد الناظم هنا في ذكر حد الجهل؟ نقول لأن الجهل يبين العلم تمام المعرفة لأن العلم له حقيقة وله نقيض إذا عرفته بحقيقته دون نقيضه قد يقع نوع لبس عند البعض وإذا عرفته بحقيقه ونقيضه نقول: تبين أتم البيان إذن فيه زيادة بيان وإيضاح لحقيقة العلم الجهل نقول مصدر جهل يجهل جهلاً وهو في اللغة نقيض العلم، قال أهل اللغة: يقال: الجهالة أن يفعل المرء فعلاً بغير علم الجهالة أن يفعل المرء فعلاً بغير علم والمجهلةُ مفعلةُ ما يحمل المرء على الجهل بفعلٍ لا يليق بمثله والجاهل هو الذي لا يعرف هكذا قال أهل اللغة: الجاهل هو الذي لا يعرف وقد يطلق الجاهل على قليل الخبرة أو من لا خبرة له واستدلوا بذلك بقوله تعالى: {((((((((((((الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ ((((((((((} [البقرة: 273]. الجاهل هنا المراد به من لا خبرة له قال: (وَالْجَهْلُ قُلْ). أي: وقارن في بيان حده وتصوره ليتم لك بيان حقيقة الجهل في نفسه وحقيقة العلم أيضًا. تصَوُّرُ الشَّيءِ عَلَى ** خِلَافِ وَصْفِهِ (تصَوُّرُ) هنا لو تلاحظ عبر في الجهل بالتصور وعبر في العلم قال: (وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ) إذن قال في العلم (مَعْرِفَةُ) وقال في الجهل: (تصَوُّرُ) لماذا؟ لأن التصور ليس بمعرفة الأصل وإنما هو حصول شيءٍ في الذهن ولذلك ذكرنا أن المراد بالتصور هنا مطلق التصور يعني: التصور المرادف للعلم أو للإدراك تصور الشيء أو تصور المرادف للإدراك لمطلق الإدراك ليشمل حينئذٍ التصور الساذج والتصديق لأن الإدراك إن كان بقيد عدم الحكم فهو تصور وإن كان مع الحكم فهو تصديق يطلق التصور ويشمل حينئذٍ نوعين: التصور الذي هو التصور الساذج، إدراك المقيد بعدم العلم بعدم الحكم. والتصور المقيد بالحكم، وذكرنا أن هذا هو التصديق.

(تصَوُّرُ الشَّيءِ) إذن إدراك الشيء إدراك ليشمل حينئذٍ التصور الساذج والتصديق (الشَّيءِ) المراد به المعلوم (تصَوُّرُ الشَّيءِ) أي: المعلوم. أي: ما من شأنه أن يعلم (تصَوُّرُ الشَّيءِ) أي: المعلوم الذي من شأنه أن يعلم. لماذا؟ لأننا لو فسرنا الشيء مع ما على المعلوم بالفعل لأورد علينا إيراد أن المعلوم معلوم، فإذا تصور الشيء وهو معلوم، نقول: هذا من باب تحصيل الحاصل كمن يأمر بصلاة الظهر وهو قد صلى ولذلك يشترط في التكليف لصحة التكليف أن يكون المكلف معدوم ولماذا؟ لأنه لو وجه إليها الخطاب وقد صلى الظهر بأن يصلي الظهر صار من تحصيل الحاصل كيف صلى الظهر وهو قد صلى الظهر لذلك لو أعاد الثانية بنية الظهر كانت نافلةً لماذا؟ لأنه أوقع الصلاة الأولى بنية الظهر فحينئذٍ لا يكلف أن يصلي ظهرًا آخر في نفس الوقت هنا نقول: الشيء المراد المعلوم الذي من شأنه أن يعلم. كيف تصوره؟ قال: (عَلَى ** خِلافِ وَصْفِهِ) يعني: على غير هيئته في الواقع وهذا في ظاهره أنه يريد به حد الجهل المركب لأن الجهل المركب هو تصور أو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع كأن يُسأل هل يجوز أن يتيمم عند عدم الماء؟ فيقول: لا، نقول: هذا تصور الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع لأن الذي هو في الواقع في نفس الأمر أنه يجوز بل يجب يتعين أنه إذا لم يجد الماء أن يعمد إلى التيمم فإذا قال: لا لا يجوز العدول إلى التيمم عند عدم وجود الماء نقول: هذا قد تصور الشيء الذي هو، تلك المسألة على غير ما هي عليه في الواقع هذا يسمى جهلاً مركبًا لماذا؟ مركب من جهلين. الجهل الأول عدم علمه بالمسألة، قال: لا، وهو يجوز بل يجب. ثم عدم علمه بأنه جاهل. جاهل البدرة وجهل أنه جاهل، جاهل البدرة لأنه وصف المسألة وجهل لأنه جاهل مترتبة عنده من جهلين. جهلت وما تدري بأنك جاهلُ ** ومن لي بأنك تدري بأنك لا تدري

قال: (وَقِيلَ حَدُّ الْجَهْلِ فَقْدُ الْعِلْمِ). (وَقِيلَ) هذا أورده بصيغة التضعيف، وإن كان هو المرجح لأن الحد الأول يختص بنوعٍ من نوعين الجهل، والجهل نوعان: جهلٌ مركب وقد سبق حده، وجهل بسيط وهو عدم العلم بالكلية كما قال الناظم: (وَقِيلَ حَدُّ الْجَهْلِ) وقيل هذه صيغة تضعيف وإن كان هي المرجحة (فَقْدُ الْعِلْمِ) بمعنى: عدم العلم وقلنا: هذا يرد عليه إيراد وهو أن عدم العلم قد يشترك فيه البهيمة والجماد وليس الأمر كذلك لأن البهيمة لا توصف بعدم العلم ولا كذلك الجماد لا يوصف بعدم العلم لماذا؟ لا نقول: لا يوصف بعدم العلم لا يوصف بالجهل لا يوصف الجماد بالجهل ولا توصف البهيمة بالجهل أليس كذلك؟ لا يقال البهيمة جاهلة ولا يقال الجماد جاهل الجدار جاهل لماذا؟ لأن الجهل سلب صفة العلم انتفاء العلم والقاعدة المضطردة عند أهل اللغة وعند العقلاء أن الشيء لا يسلب الصفة إلا إذا كان محلاً لها إلا إذا كان لها فإذا نفيت القيام عن شيءٍ ما لا تنف القيام إلا إذا كان المنفي عنه يصح منه القيام أما من لا يصح منه القيام فلا يصح أن تقول: هذا لا يقوم، كذلك النوم والضحك لا تنفي الضحك عن شيءٍ ما إلا إذا كان قابلاً للضحك فيكون ضاحكًا وتنفي عنه الضحك لو قيل حد الجهل فقد العلم بمعنى: عدم العلم. عدم العلم يستوي فيه البهيمة والجماد والإنسان حينئذٍ نقول: هذا الوصف عدم العلم ليس بجامع أو ليس بمانع لأنه يصح وصف الجماد بعدم العلم ولا يصح وصف الجماد بالجهل إذن لا يصح في حد الجهل أن يقال: هو فقد العلم إذن لا بد من عبارةٍ تدل على أن النفي عن شيءٍ قابلٍ له فحينئذٍ الأولى أن يقال: في حد الجهل هو انتفاء العلم ويزاد عليه بالمقصود: والجهل جا في المذهب المحمود ** هو انتفاء العلم بالمقصود انتفاء هذا مصدر انتفع ينتفي انتفاعًا يعنى النفي. هو انتفاء العلم، إذن نفي العلم هذا أخص من عدم العلم لأن عدم العلم أعم منه عدم العلم يطلق على البهيمة وعلى الجماد وعلى الإنسان ونفي العلم أو انتفاء العلم يتصف به من كان قابلاً للعلم وهو الإنسان إذن أيهما أخص نقول: انتفاء العلم عدم العلم لما كان يطلق على الجماد والبهيمة صار غير مانع والحد يفترض فيه أن يكون جامعًا مانعًا فلذلك العبارة الأولى أن تبدل. (وَقِيلَ حَدُّ الْجَهْلِ نفي الْعِلْمِ) أو انتفاء العلم ويزاد عليه بالمقصود يعني: ما من شأنه أن يقصد نحن نتكلم عن الإنسان الذي يتصف بالعلم ويتصف بالجهل ما ليس مقصودًا للإنسان كما في بطون البحار أو تحت الأرضيين أو تحت البساط الذي معنا الآن نقول: هذا لا تتعلق به النفس هل أنت النفس تتحرك الآن لتعرف ما تحت البساط؟ تقول: لا ليس مقصودًا حينئذٍ عدم علمك أو نفي علمك بما تحت البساط لا يسمى جهلاً أنت الآن لا تدرك ما تحت البساط، هل أنت جاهلٌ؟ تقول: لا، لا يسمى جهلاً وإنما يخص الجهل بما كان من شأنه أن يقصد ولذلك مثال الناظم:

(بَسِيطُهُ فِي كُلِّ مَا تَحْتَ الثَّرَى) نقول: ليس بجيد ليس بصحيح إذن (وَقِيلَ حَدُّ الْجَهْلِ فَقْدُ الْعِلْمِ) فقد بمعنى عدم ونعدل عنه إلى انتفاء العلم قال: (بَسيِطًا أوْ مُرَكَّبًا) (فَقْدُ الْعِلْمِ) انتفاء العلم هذا قد يكون لكون لم يدرك أصلاً وهذا يسمى الجهل البسيط ولذلك أيضًا من جهةٍ أخرى نقول: انتفاء العلم بالمقصود هذا أولى لجهتين: أولاً: لأنه يختص بالإنسان دون البهيمة والجماد. ثانيًا: حدٌ واحد يشمل النوعين: الجهل المركب، والجهل البسيط. انتفاء العلم بالمقصود لماذا انتفى العلم؟ نقول: إما لأنه لم يدرك أصلاً، ما حكم التيمم والعدول إلى التيمم عند عدم وجود الماء؟ قال: الله أعلم هذا لم يدرك أصلاً عدم العلم كلية نقول انتفى العلم عنه بالكلية هذا يسمى جهلاً بسيطًا لأنه يتعلق بعدم الإدراك يعني: مسمى الجهل البسيط هنا عدم الإدراك فقط شيء واحد الجهل المركب إدراك الشيء على غير أو على خلاف ما هو عليه أيضًا يصدق عليه انتفاء العلم بالمقصود فحينئذٍ يكون هذا الحد جامعًا للنوعين البسيط والمركب ولذلك قال الناظم: (بَسيِطًا أوْ مُرَكَّبًا قَدْ سُمِّي) قد سمي الجهل الذي حد بقول الناظم: (فَقْدُ الْعِلْمِ ** بَسيِطًا أوْ مُرَكَّبًا) أو هذه للتنويع والتقسيم (بَسيِطًا) هذا مفعول لسمي و (مُرَكَّبًا) هذا معطوفٌ عليه ثم تمثل للبسيط ومثل للمركب قال: (بَسِيطُهُ) أي بسيط الجهل هذا بإضافة صفة إلى الموصوف الجهل البسيط قدم الصفة على الموصوف (بَسِيطُهُ) البسيط يقابل المركب عندهم يعني: ما كان يصدر عن شيء واحد غير متعدد معناه واحد يسمى بسيطًا وما كان معناه مركبًا يسمى مركبًا هنا باعتبار المعنى لا باعتبار اللفظ فالوصف بالبساطة أو التركيب للمعنى دون اللفظ (بَسِيطُهُ فِي كُلِّ مَا تَحْتَ الثَّرَى) كل ما تحت التراب عدم العلم به يسمى جهلاً بسيطًا وليس بصحيح لماذا؟ لأن هذا ليس من شأنه أن يكون مقصودًا للإنسان وإنما المثال الصحيح لو سئل عن أمرٍ ما فقال: الله أعلم ولزامًا إذا قلنا في المسائل الشرعية لو سئل عن مسألةٍ ما عن فتوى فقال: الله أعلم لا أدري، نقول هذا جاهل لكن جهله بسيط وهو محمود إذا قال: الله أعلم لا أدري نقول: هذا محمود (تَرْكِيبُهُ) أي: تركيب الجهل. أي: مركبه. (تَرْكِيبُهُ) تركيب تفعيل مصدر بمعنى تركيب بسيط مركبه تفعيل بمعنى: اسم المفعول أي: مركبه أي مركب الجهل فحينئذٍ نقول: هذا من إضافة الصفة إلى موصوفها أصلها أن الجهل مركب قد الصفة ولكن للنظم قال تركيب عدل عن اسم المفعول إلى المصدر لأن إطلاق المصدر مرادًا به اسم الفاعل أو اسم المفعول وهذا له أصلٌ في اللغة وإن كان يسمى مجاز إلا أنه له أصل في كل ما تصور يعني: (فِي كُلِّ مَا) في كل مثالٍ تصور وأدرك فيه المعلوم على خلاف ما هو عليه (فِي كُلِّ مَا) يعني في كل مثالٍ (تُصُوِّرَا) الألف هذا للإطلاق إطلاق الراوي يعين (تُصُوِّرَا) بمعنى أردك على أدرك المعلوم على غير ما هو عليه في الواقع إذن بهذه الأبيات الثلاث عرف لنا الناظم حد الجهل والأولى فيه أن يقال: الجهل هو انتفاء العلم بالمقصود وينقسم إلى نوعين أو قسمين: جهلٌ بسيط وجهلٌ مركب.

جهلٌ بسيط: وهو عدم الإدراك بالكلية لم يدرك شيء أصلاً. والجهل المركب: هو إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع ومثاله كما ذكر. ثم قال: (وَالْعِلْمُ) راجع إلى العلم. وَعِلْمُنَا مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ ** إِنْ طَابَقَتْ لِوَصْفِهِ الْمَحْتُومِ ثم عرف الجهل ثم رجع إلى بيان أقسام العلم ذكرنا أن العلم له قسمان أو له تقسيمان يعني: باعتبارين قد يقسم العلم باعتبار أو بحسب ما يتعلق به لأن العلم قلنا المفسر هنا بالإدراك. العلم إدراك المعاني مطلقًا هكذا قال في شمسية وحصره في طرفين حققا سموه التصديق والتصور. إذن ينقسم العلم بحسب ما يتعلق به إلى نوعين لا ثالث لهما وهما التصور والتصديق وينقسم باعتبارٍ آخر وهو بحيث طريقه الموصل إليه والفرق بين قسمتين بحسب طريق الموصل إلى العلم إلى ضروري ونظري إذن هل هناك تنافي بين ما ذكرناه في الدرس السابق بين تقسيم العلم إلى علم تصور وعلم تصديق؟ وهنا يقول: (وَالْعِلْمُ إِمَّا بِاضْطِرَارٍ) ثم قال: (أَوْ بِاكْتِسَابٍ) هل بينهما تنافٍ؟ نقول: لا هنا القسمة ثنائية، وهناك القسمة ثنائية هنا باعتبار وهناك باعتبار آخر هناك باعتبار ما يتعلق به لأن العلم هو الإدراك وصول النفس إلى المعنى بتمامه النفس هنا مراد بها القوة المدركة العاقلة يعني محل الإدراك عند الإنسان هذه تتعلق بشيء خارج إما أن يكون مفردًا وإما أن يكون مركبًا المفرد هو التصور والمركب هو التصديق هذا باعتبار متعلق الإدراك إذا كان العلم هو الإدراك العلم هو الإدراك، الإدراك متعلق بكسر اللام والمفرد والمركب متعلق إذن بحسب ما يتعلق به الإدراك ينقسم إلى قسمين: علم تصور وعلم تصديق واضح، وبحسب طريقه الموصل إليه ينقسم إلى ضروري ونظري العلم وَالْعِلْمُ إِمَّا بِاضْطِرَارٍ يَحْصُلُ ** أَوْ بِاكْتِسَابٍ حاصِلٌ فَالأَوَّلُ (وَالْعِلْمُ) هنا أطلق العلم فعمم العلم بنوعيه السابقين علم التصور وعلم التصديق (وَالْعِلْمُ) أي: مطلق الإدراك الشامل للتصور والتصديق (إِمَّا بِاضْطِرَارٍ) (أَوْ بِاكْتِسَابٍ) إذن التصور ينقسم إلى قسمين: ضروري ونظري. والتصديق ينقسم إلى قسمين: ضروري، ونظري.

اثنان في اثنين، أربعة، متأكد؟ لا في خلاف اثنان في اثنين بأربعة فنقول: علم التصور ضروري وعلم تصور نظري وعلم تصديق ضروري وعلم علم تصديق نظري إذن (وَالْعِلْمُ) وأمثلتها سبقت أظنها في شرح ((السلم)) (وَالْعِلْمُ) نقول: العلم الشامل للتصور والتصديق (إِمَّا) هذه إما حرف تفصيل والأصل أنها للشرط والتوكيد والتفصيل والأصل أنها إذا جاءت للتفصيل أن تقع مكررة يعني تقول الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف تكررها أما أن تكون الكلمة إما اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ هذا خلاف الفصيح الكلمة إما اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ هذه تلي السابقة يعني: أولى من أن يقال: الكلمة إما اسمٌ وفعلٌ وحرف الأصل أن يقال: الكلمة إما اسمٌ وإما فعلٌ وإما حرف يليها في الرتبة الكلمة إما اسمٌ أو فعلٌ أو حرف تأتي بأو بدلاً من إما ودونها أن يقال: الكلمة إما اسمٌ وفعلٌ وحرف هذه ثلاث رتب لكن الإتيان بأو بدلاً من إما أولى لماذا؟ لأن أو تأتي للتقسيم والتفصيل، {((((((((((كُونُوا هُودًا أَوْ (((((((((} [البقرة: 135]. هذا تقسيم وتفصيل. ومطلق الجمع وللتفصيل ** وأنكر التقسيم في التسهيل مالك أن ترى التقسيم، لكن الجمهور على أن أو تأتي للتقسيم ومن هذه الآية: {((((((((((كُونُوا هُودًا أَوْ (((((((((} إذن هنا الناظم قال: إما، وهي حرف تفصيل والأصل أنها تأتي مكررة ويجوز لغةً ترك التكرار: {(((((((الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ ((((((} [آل عمران:7]، أين المقابل؟ لم تأتي إما في الجواب إذن يجوز ترك على قلة الأفصح والأكثر في لغة العرب إن إما إذا جاءت إنما تأتي بمقابلةٍ لها إما كذا وإما كذا وقد لا أتي إما تترك التكرار يجوز تركه والآية دليل ويجوز أن يعدل عن إما ويؤتى بأو لأنها تفيد ما تفيده إما وهو مطلق التفصيل والتقسيم ودلالة الآية على أن أو تأتي للتفصيل والتقسيم واضح وإن أنكره ابن ماجه رحمه الله تعالى والجمهور على إثباته لذا قال: ومطلق الجمع السيوطي هكذا في ((الكوكب)) ومطلق الجمع وللتفصيل ** وأنكر التقسيم في التسهيل

هذا ابن مالك رحمه الله تعالى (وَالْعِلْمُ إِمَّا بِاضْطِرَارٍ يَحْصُلُ) (بِاضْطِرَارٍ) جار مجرور متعلق بقوله: (يَحْصُلُ) كأنه قال: والعلم إما يحصل باضطرار، (اضْطِرَارٍ) هذا مصدر اضطر يضطر اضطرارًا وأصله من باب التاء مثل اصطبر واصطلح قلبت التاء طاءً وجوبًا هنا والاضطرار قيل: الاحتياج إلى الشيء لغةً هكذا قال: القاموس الاضطرار الاحتياج إلى الشيء واضطره إليه أحوجه وألجأه هذا (بِاضْطِرَارٍ يَحْصُلُ) والعلم إما يحصل باضطرارٍ فإن حصل باضطرارٍ بحاجةٍ وإلجاء فهو العلم الضروري إما (بِاضْطِرَارٍ يَحْصُلُ) فإن حصل باضطرارٍ فهو الضروري يعني: لا يسمى اضطرار وإنما يحصل لا يسمى اضطرار وإنما يحصل باضطرار والنتيجة تنسبه إلى اضطرار فتقول: هو علمٌ ضروري، ما حقيقته سيأتي. (أَوْ بِاكْتِسَابٍ حاصِلٌ) أو هذه للترسيم والتلميع وهي بدل إما (بِاكْتِسَابٍ) افتعال افتعل يفتعل افتعالاً يقال: كسب واكتسب طلب الرزق هكذا في القاموس كسب واكتسب طلب الرزق واكتسب أيضًا تصرف واجتهد إذن اكتساب افتعال افتعل زيدت التاء على مادة كسب فعل أصلها والأصل أن العرب لا تزيد إلا لفائدة زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى غالبًا زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى قيل: اكتسب فيها نوع اجتهادٍ وطلب حرص أكثر من كسب، وقالوا: كسب واكتسب. اكتسب فيه طلب زيادة وحرص ولذلك ذكر بعض الصرفيين حكمة في التنويع في قوله تعالى: {(((((مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286]. واضح الفرق {(((((مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} عليها الذي هو السياق يفيد العقاب على الاكتساب الذي فيه زيادة حرص ونية أما كسب على مجرد وجود النية مع العمل واكتسب فيه زيادة حرص وكسب فيها أصلاً فعل مع النية وهذا من فوائد علم الصرف (أَوْ بِاكْتِسَابٍ حاصِلٌ) أو حاصلٌ باكتسابٍ، باكتسابٍ هذا متعلق جار مجرور متعلق بقوله: (حاصِلٌ) فهو المكتسب إذا حصل العلم باكتساب لتحصيل ماذا يسمى؟ يسمى علمًا مكتسبًا إذن قسم لنا المصنف رحمه الله تعالى: العلم إلى نوعين بحسب طريقه إلى علم ضروري وعلمٌ نظري. العلم الضروري: هو ما لم يقع عن نظرٍ واستدلال، ما: أي علمٌ، لم يقع عن نظرٍ واستدلال: سيأتي بيان النظر والاستدلال. والمكتسب: هو العلم الحاصل أو الواقع عن نظرٍ واستدلال: والنظر ما احتاج للتأمل ** وعكسه هو الضروري جلي المكتسب العلم الحاصل المكتسب يسمى العلم النظري لماذا؟ لأن النظر من معانيه التأمل والتدبر ولذلك يتعدى بفي نظر في كذا إذا تأمل وتدبر وهو عبارة صاحب السلم: والنظري ما احتاج للتأمل

إذن العلم الذي يحتاج إلى التأمل والتدبر والتمعن يسمى علمًا كسبيًا مكتسبا، والعلم الذي لا يحتاج إلى تأمل وتدبر نقول: هذا علمٌ ضروري، قالوا: (وَالْعِلْمُ إِمَّا بِاضْطِرَارٍ يَحْصُلُ) قال: وهو الذي تدركه الأذهان بمجرد توجه إليه أو انتباه له فلا يمكنه دفعه عن نفسه بحال ولذلك سمي علمًا ضروريًا لأنه يحصل بمجرد التفات النفس إليه أنت تشرب هذا الكأس ثم تحكم أنه ماء ولو لم ترى لو أغمضت عينيك وشربت تحكم أنه ماء هل يمكن أن تحكم أنه ليس بماء؟ لا يمكن إذن صار العلم بكونه ماءً أو بكونه باردًا أو بكونه ساخنًا صار علمًا ضروريًا يعني يرتمي عليك دفعةً واحدة فلا تستطيع أن تدفعه عن نفسك البتة ولذلك قيل: هو ضروري يحصل بمجرد التفات النفس إليه فيضطر الإنسان إلى إدراكه ولا يمكنه دفعه عن نفسه بخلاف العلم المكتسب فإن الإنسان يسعى وراءه قال: فالأول: الفاء هذه هاء الفصيحة فإلى بمعنى: مفعل لأنها أفصح الجواب شرط المقدر أو عن مقدرٍ محذوفٍ مطلقًا فالأول الذي هو يحصل باضطرارٍ، فالأول: هذا مبتدأ. كالمستفاد: هذا إيش إعرابه؟ ما هو إعرابه؟ فالأول كالمستفاد، إيش إعرابه؟ يحتمل أحسنت الكاف هذا إن جعلتها حرف جر قلت جار مجرور متعلق محذوف خبر فالأول كائنٌ كالمستفاد أو ثابتٌ أو حاصلٌ: وأخبروا بضبطٍ أو بحرف جر ** نظير معنى كائن أو سقر

ويجوز عند ابن مالك ونحوه وغيره أن تجعل التاء في اسمًا بمعنى: مثل فالأول مثل المستفاد فتقول: الأول مبتدأ والكاف اسمٌ بمعنى: مثل مبني على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ وهو مضاف والمستفاد مضافٌ إليه كالمستفاد فمضاف ومضاف إليه كالمستفاد أي: مثل العلم المستفاد والحاصل للنفس بإحدى الحواس الخمسة نقول: نقدر للنفس كالمستفاد يعني: كالعلم المستفاد والحاصل للنفس لأن الذي يدرك العلم هل هو الحواس أم النفس محل الإدراك النفس هنا يقول: كالمستفاد بالحواس العلم الضروري كالمستفاد بالحواس نقول: الاستفادة حاصلة للنفس وليست للحواس الحواس هذه وسيلة لحصول العلم الضروري إذن كالمستفاد كالعلم المستفاد والحاصل للنفس التي هي محل الإدراك القوة العاقلة في الإنسان الذي عبر عنه بالعقل أو بالروح على خلاف كالمستفاد بالحواس الخمس، بالحواس: جمع حاسة بمعنى القوة الحاسة وهي سببٌ للإدراك وليست هي محلاً للإدراك بالحواس الخمس يعني: العلم يحصل بالحواس وهي خمسة هل يشترط في العلم الضروري أن لا يكون ضروريًا إلا إذا اجتمعت الحواس الخمس أم يكفي واحدًا منها؟ يكفي، طيب هو يقول بالحواس الخمسة كالمستفاد بالحواس؟ بإحدى، أحسنت لا بد من التقدير لذلك المعنى التفصيلي دائمًا المتون أحيانًا لا يفصل المعنى ويدقق فيه إلا على حذف المضاف هذا أو تقدير المضاف هذا هنا لو قيل: بالحواس على ظاهرها لقيل إن العلم الضروري لا يكون إلا إذا اجتمعت الحواس فإن انتفت كلها على العلم الضروري أو على المستفاد بهذه الحواس نقول: هذا ضروري، وإلا فلا حينئذٍ لا بد من التقدير إذن لا بد من تقديرين، كالمستفاد كالعلم المستفاد بالنفس، أولاً بالحواس. يعني: بإحدى الحواس فحينئذٍ لو أدركت حاسةً واحدة قلنا ثبت العلم الضروري ولا يشترط فيه أن تجتمع الحواس الخمس كالمستفاد بالحواس يعني: بإحدى الحواس الخمس الظاهرة هكذا يكون الظاهرة ردًا على الفلاسفة لأنهم أثبتوا حواسًا خمسة باطنه التي فطر الله عليها أجزاء الإنسان بما أودع بها فتنتقل صورة الإحساس بالواقع على ما هو به إلى ذهن الإنسان من غير حاجةٍ إلى نظر واستدلال بالمجرد اللمس يلمس فإذا به يحكم أن الماء بارد هل يحتاج إلى نظر واستدلال ويبحث؟ لا يحتاج إذن بمجرد الإحساس حصل انتقالٌ إلى الذهن فحكم دون نظر لكون هذا الماء باردًا. بِالْحَوَاسِ الْخَمْسِ ** بِالشَّمِّ أَوْ بِالذَّوْقِ أَوْ بِاللَّمْسِ وَالسَّمْعِ والإبْصَارِ هذه خمسة (بِالشَّمِّ) هذا جار مجرور بدل من قوله بالحواس جار مجرور بدل مفصل مجمل من قوله: بالحواس.

ذكرنا أن هذه الحواس سببٌ للإدراك فالبصر يكون سببا للإبصار والشم يكون سببًا للإدراك الروائح والذوق يكون سببًا للإدراك الشيء المذوق واللمس يكون سببًا للإدراك أو لإدراك الشيء الملموس والسمع يكون سببًا للإدراك الشيء المسموع والإبصار يكون سببًا للإدراك المرئي أو المبصر هذا على مذهب وعقيدة أهل السنة والجماعة أن هذه أسباب ولها مسببات الله عز وجل جعل لهذه الأسباب مؤثرات فحينئذٍ حصل المسبب الذي هو الإبصار بواسطة البصر، ولا نقول الإبصار موجودٌ بالبصر بكونه مخلوقًا له كما تقول المعتزلة، ولا نقول: الإبصار حصل عند البصر كما تقوله الأشعرية، إذن طرفان ووسط لا تستقل الأسباب بالتأخير الإبصار والبصر، البصر والمبصر المدرك بالبصر عند المعتزلة أن المبصر حصل ووجد لا بقدرة الله عز وجل وإنما بكون هذا السبب الذي هو البصر قد جُعل فيه قدرة لإيجاب الموجبات، وعند المعتزلة لا حصل إدراك المبصرات عند البصر فلا عند الأشاعرة فحينئذٍ لا يكون للبصر تأثيرًا في المبصرات وأهل السنة والجماعة يثبتون أن السبب والمسبب: {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ} [الطلاق: 3]. للسبب تأثيرًا في المسبب ليس هو خالقًا له وليس هو منفيًا عنه بالتأثير له أثر فخالق السبب هو خالق المسبب ولذلك تجدون في الشروح ((الحطاب)) وغيره يقولون: البصر حصل عنده الإبصار أو إدراك المبصر والسمع حصل عنده، عنده لا به ولذلك يقولون: من الأمثلة التي يُضحك منها أن لا يقولون: الزجاج انكسر بالحجر وإنما انكسر عنده لا به كيف المثال هذا لو رمى رامٍ زجاج فانكسر من الذي كسره يقولون: الله، هكذا الله، طيب والرمي هذا والحجر والرامي، يقول: لا عنده لا به ليس له تأثيرًا البتة الحجر ليس له أي تأثير نقول: هذا منافٍ للعقب إذن والسمع والإبصار الذي يريد التنبيه أن الشروحات تجدها يعبرون بعند بل حتى في الفقه حتى في كتب الفقه يجدهم يقولون: ينتقض الوضوء عند النوم هكذا يعبرون لماذا؟ لولا لأنه لا يعتقد أن النوم يؤثر ونحن نجعل النواقض لأسباب وليست بأسباب، أسباب ترفع الحدث أو تنقل الإنسان من وصف الطهارة إلى الحدث أثر أو لا تؤثر هم يعبرون لا تقول: حصل النقد عند النوم حتى النوم في المجموعة كذا حصل النقد عند النوم لا به وبعض أهل العلم ينقل العبارات هذه دون أن يتمعن إذن هذه الحواس الخمس يحصل بها بسببها العلم الضروري هذا نوعٌ من الأنواع التي يحصل بها العلم الضروري وقد حصر بعضهم العلم الضروري في أربعة طرق: منها هذه الحواس الخمس. وقيل أيضًا: ما يعلمه الإنسان من حال نفسه هذا علمٌ ضروري ما يعلمه الإنسان من حال نفسه مثل الفرح والسرور أنت تعرف أنت تعلم أنك فرح هذا علم ضروري أو مظلوم أو حزن أو صحيح أو مريض نقول: هذه الأوصاف التي تحد الإنسان ويعلمها من نفسها ما نوع العلم علمٌ ضروري إذن ما يعلمه الإنسان من حال نفسه من صحةٍ ومرض نقول: هذا علمٌ ضروري.

الثاني: ما يعلمه كل إنسان على البداهة من غير تكلف المقدمات مثل علمه أن الواحد نصف الاثنين يحتاج إلى دليل؟ لا يحتاج إلى دليل الكل أكبر من الجزء يحتاج إلى دليل؟ لا يحتاج عدم اجتماع الضدين أو النقيضين يحتاج إلى دليل؟ الليل والنهار لا يجتمعان يحتاج أن تثبت عدم وجود الجسم في مكانين في زمنٍ واحد يمكن؟ تقول الآن أنت في المسجد وفي الحرم في وقتٍ واحد ممكن تكون في المسجد وفي الحرم كيف؟ في الحرم يعني: الحرم بالمعنى العام أما إذا أريد المسجد فلا إلا أصحاب الخطوات هذه. الثالث: ما يعلمه بكل بوصف الحواس الخمسة وذكره الناظم رحمه الله تعالى كالعم البرودة والحرارة والرطوبة والنعومة والخشونة إلى آخره. الرابع: ما يعلمه من الأخبار المتواترة هذه في النسخ الأصلية للورقات موجودة بالحواس الخمس أو بالتواتر. موجود ولم يذكره الناظم لم يذكره وإذا ذكره الجويني ما يعلمه ما يعلمه من الأخبار المتواترة ومنه ما يعرف من الدين بالضرورة والحكم بأسماء البلدان ( .. ) نقول: هذا تواتر من التواتر والتتابع: {(((((((((((رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44]. أي متتابعين ومنه أخذ التواتر. وما رواه عدد جمٌ يجب ** في حالةٍ اجتماعهم على الكذب فالمتواتر وقومًا حددوا ** بعشرة وهو لدي .... هكذا يقول السيوطي: وما رواه عدد جمٌ يجب ** في حالةٍ اجتماعهم على الكذب فالمتواتر، معروف عند أهل الحديث فهذا مفاده علمٌ ضروري ولذلك ذكر بعض أهل العلم في هذا الموضع قصة أصحاب الفيل هذه علمها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا؟ علمها نعم قطعًا، طيب وصلته بأي حالة بإدراكها؟ لا، وإنما وصلت إليه بالتواتر قال الله تعالى: {((((((((((} [الفيل:1]. عبر بالرؤيا لماذا؟ تنزيلاً للخبر المتواتر في إفادته العلم الضروري كالحاصل بالمشاهدة {((((((تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (((} انظر هنا نزل ما وصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبر التوتر المفيد بالعلم الضروري القطعي نزله منزلة الشيء المشاهدة بالضبط فكما يقع بالمشاهد يقطع كذلك بالمتواتر ولذلك وجود النبي - صلى الله عليه وسلم - حصل لنا بماذا؟ بالتواتر وبالقرآن بالنص بالقرآن كذلك آيات النبي - صلى الله عليه وسلم - تسمى معجزات هذه حصلت لنا بالتواتر وجود بلد يسمى المغرب أو الجزائر أو هذا حصل بالتواتر إلا من دخلها أما نحن حصل لنا بالتواتر أسماء البلدان النائية البعيدة هذه حصلت بالتواتر هذه أربع طرق يعرف بها أو يحكم بها على كون العلم ضروريًا كالمستفاد (بِالْحَوَاسِ الْخَمْسِ ** بِالشَّمِّ أَوْ بِالذَّوْقِ أَوْ بِاللَّمْسِ) (كاَلْمُسْتَفَادِ) أي: كالعلم ال هذه اسم موصول بمعنى الذي يفسر بالعلم بِالْحَوَاسِ الْخَمْسِ ** بِالشَّمِّ أَوْ بِالذَّوْقِ أَوْ بِاللَّمْسِ. وَالسَّمْعِ والإبْصَارِ ثُمَّ ثم هذه للترتيب الذكري يعني: بعد أن ذكرنا لك العلم الضروري أذكر لك العلم التالي (ثُمَّ التَّالِي) تلا يتلوا الذي يتلوا العلم الضروري الذي عبرنا عنه في الأصل بقولنا أَوْ بِاكْتِسَابٍ ثُمَّ التَّالِي ** مَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى اسْتِدْلالِ

يعني: العلم المكتسب الحاصل بل الاكتساب (مَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى اسْتِدْلالِ) ما اسمٌ موصلٌ بمعنى الذي يصدق على، على ماذا؟ على العلم لأنه قاعدة العامة المضطردة التي كررناها كثيرًا أن الشيء المنقسم إلى أمرين أو أكثر إذا حذفته لابد له أن تأخذ المقسوم جنسًا في القسم قاعدة المضطردة في كل فن في النحو والأصول الصرف الفقه بيان إلى آخره لا أن تأخذ الاسم المقسوم أو المعنى جنسًا في حد الأقسام تقول: الكلمة إما اسمٌ وإما فعلٌ وإما حرف هذه أقسام والكلمة هذه جنس مقسومة أو لا؟ اسم مقسوم الاسم قسم إذا أردت أن تحد الاسم لا بد أن تأتي بالكلمة جنسًا في حد الاسم فتقول: الاسم كلمةٌ دلت على معنى كلمة من أين أتيت بكلمة هذه، هذه اسم مقسوم أليس كذلك جعلتها سواء صرحت بكلمة أو قلت الاسم بما دل على معنى والاسم والموصول بمعنى الذي يصدق هذا الكل ولا تفسره باللفظ الفعل كلمة دلت على معنى أو ما دل الحرف نفس الكلام كالاسم المفصول دائمًا تأخذه جنسًا في حد الأقسام فإذا مر بتعريف لا بد أن تفسر الجنس بالاسم المقسوم هنا نقول: (ثُمَّ التَّالِي) هو قسم العلم إلى ضروري ومكتسب فعرف المكتسب فقال: (مَا) نقول: اسم موصول بمعنى الذي يصدق على العلم لأن الموصول من المبهمات نفسرها بماذا؟ لو قيل ما كان موقوفًا على شيئين أو شيءٌ كان موقوفًا عن استدلال ما هو الشيء هذا؟ مبهم لا بد أن يكون لك معنى يميز هذا الشيء ويحده فيقول: (مَا) اسم موصول بمعنى الذي يصدق على العلم، العلم (مَا كَانَ مَوْقُوفًا) من حيث أصوله ووجوده على استدلال.

يعني على نظر واستدلال وهو ما وقع على النظر والاستدلال وحذف كلمة نظر لضيق النظم لأن الأصل ذكرها الجويني في الورقات ما كان موقوفًا على النظر والاستدلال يعني علمٌ يحصل ثمرة لنظر واستدلال طلب دليل كما سيأتي حده طلب دليل يطلب الدليل فينظر فيه ويتأمل ويتدبر فتحصل منه نتيجة، النتيجة هذه علمٌ مكتسب قالوا: كالعلم بأن العالم حادث، العالم حادث تقول: نعم العالم حادث حدوث العالم هذا علمٌ مكتسب من أين أخذناه؟ تقول: هو لا يحتاج إلى استدلال لكن يذكرون هذا المثال: كالعلم بأن العالم حادث فإنه موقوفٌ على النظر في العالم والمشاهدة تغيره فينتقل الذهن من تغيره إلى الحكم بحدوثه ولذلك يأتون بقياس المشهور عالم متغير على وكل متغير حادث كعالم الحال، هكذا يقولون: العالم متغير تغير يعني إيش لليل نهار يكون جبل ثم يزول مطر يقف سحاب يذهب رياح تقف التغير هذا العالم متغير وهذا مدرك بالحواس يعني: علم ضروري وكل متغير حادث كل ما يقبل الزوال ويوصف بالشيء ثم يزول قالوا: حادث وهذا هو الدليل في نفي الصفات الاختيارية عند الأشاعرة يقولون: الضحك هذا فعلٌ اختياري ينفى لماذا؟ لأنه تغير لم يكن ثم كان وهذا علامة الحدود تعالى الله عن الحدود اختلفت الصفات الاختيارية وكل متغيرٍ حادث، نتيجة العالم حال قالوا: حدوث العالم هذا علمٌ مكتسب حصل بالنظر إلى العالم وأنه متغير تأمل فيه ونظر فيه وتدبر فانتقل به من هذا التغير إلى الحكم بحدوث العالم ما كان موقوفًا على النظر والاستدلال ثم لما أنهى القسمين وقال: ذكر النظر والاستدلال في حد العلم المكتسب ذكر بيان أو ذكر حد الاستدلال واستطرد ذكر حد الدليل قال: حد الاستدلال: كل ما يجتنب لنا دليلاً مرشدًا لما طلب، هو ذكر حد الاستدلال ولم يذكر حد النظر لأنه أسقطه لأن النتيجة المترتبة على الاستدلال الذي هو طلب الدليل وحقيقة الدليل هي نفسها النتيجة المترتبة على النظر فحينئذٍ نقول: النظر لغةً التأمل والاعتبار، وفي الاصطلاح عندهم النظر: هو الفكر المؤدي إلى علمٍ أو ظن عندنا فكر ومؤدي يوصل إلى علمٍ أو ظن وأو هذه للتقسيم والتنويع الفكر بكسر الفاء فكر قيل ويقال: الفكر لكن الأشهر هذا فكر وهذا له معاني سبق بعضها في شرح ((السلم)) ولكن المقصود هنا في هذا الموضع عند الأصوليين كالنظر أيضًا له معاني لكن المقصود بها هذا المعني الفكر هنا حركة النفس في المعقولات حركة النفس في المعقولات الأشياء التي يمكن أن يصح أن يفكر فيها المفكر أو يعقلها الإنسان أمران: إما أمرٌ محسوس وإما أمرٌ معقول المعقول ما ليس بمحسوس والمحسوس ما يدرك بالحواس أو بإحدى الحواس الخمس قالوا: الفكر ما هو؟ حركة النفس، النفس المراد بها القوة العاقلة احفظوها القوة العاقلة التي محل الإدراك محل التفكير العقل أو الروح الفكر حركة النفس إذن النفس تتحرك ما المراد بالتحريك هنا وحركة النفس قالوا: تنقلها تتنقل من ماذا؟ قالوا: تنقلها من بعض المعقولات إلى بعض وهذا التنقل يكون بالنظر في مقدمات معلومة عند الإنسان يتوصل بها بهذه المعلومات أو المقدمات التي عند الإنسان يتوصل بها إلى إدراك أمرٍ مجهول فحينئذٍ ترتيب المقدمات أو النظر في المقدمات

في النفس قالوا: هذا هو تنقل حركتها حركة النفس في المعقولات تنقلها من بعض المقدمات إلى بعض لأن النظر كما سبق في ((السلم)) ترتيب أمرين هذا أوضح من النظر الذي يعرف الأصوليون ترتيب أمرين معلومين يتوصل بهما إلى أمرٍ مجهول تصوري أو تصديقي وهذا أصرح وأوضح ترتيب أمرين ترتيب أين يحصل هذا الترتيب؟ هذا في النفس هو تنقلها هو حركة النفس في المعقولات عندما يحكم أو النفس عندما تحكم على المقدمات بأن هذه المقدمة صغرى وهذه كبرى: ورتب المقدمات وانظرا ** صحيح قبل فاسد مختبرا فإن اللازم المقدمات كل هذا يصل في فِي النفس هذا هو حركة النفس في المعقولات ترتيب أمرين معلومين أمرين فأكثر على القول بالقياس المركب كما سبق ومن ينفيه يجعل أمرين كما هما يعني مقدمتين مقدمة صغرى ومقدمة كبرى على ترتيب معين لماذا؟ لأنه يجب في القياس أن تقدم الصغرى على الكبرى ثم تأتي النتيجة ويجب في الحدود أن يقدم الجنس على الفصل يذكر الجنس أولاً، ويحكم عليه في النفس أنه يدرك أنه جنس ويقدم على الفصل الترتيب هذا هو حركة النفس في المعقولات. تنقلها من بعض المقدمات إلى بعض من بعض المقدمات إلى بعض من بعض المقدمات المعلومة عند أهل الفصل إلى مقدمات مجهولة هي النتيجة ترتيب أمرين معلومين يتوصل بها يعني: بهاتين المقدمتين إلى أمرْ مجهول هذا الأمر المجهول إما أن يكون تصديقًا يعني مركبًا تركيبًا إسناديا تام وإما أن يكون تصورًا الذي يوصل إلى التصور هو الحد والرسم. وما به إلى تصورٍ وصل ** ( ... ) قول الشارح فلتنبل قول الشارح هو المعرف. معرفٌ على ثلاثةٍ ** قسم حد ورسم و ... علم إذن الذي يوصل لو الطريق الموصل إلى التصور هذا محصورٌ عند المناطقة في المعرفات ولا ثاني لها وشيخ الإسلام يبطل هذا الحصر والطريقة الموصلة إلى التصديقات هذه محصورة عند المناطقة في الحجة والبرهان أو قياس المنطق. وما لتصديقٍ بي توصل ** لحجةٍ يعرف عند العقلا

إذن ترتيب أمرين معلومين ليتوصل بهذين الأمرين المعلومين إلى مجهول لأن المجهول كيف تصل إليه سواءٌ كان تصور مفرد أو تصديق مركب؟ كيف تصل إليه؟ لا بد أن تنظر وتتأمل وتتدبر وترتب على ترتيب معين عندهم في المقدمات المعلومة فتصل حينئذٍ إلى المجهولات إذن النظر هو الفكر، ما هو الفكر؟ حركة النفس في المعقولات، ما المراد بالنفس؟ القوة العاقلة التي محل الإدراك محل العلم أين يكون الإنسان أين يعرف وأين قلبه وأين عقله وأين روحه؟ كلام طويل حركة النفس حركتها يعني تنقلها الذي فسر بالنظر ترتيب أمور معلومة ليصل بها إلى مجهول سواءٌ كان هذا المجهول تصوري أو تصديقي حركة النفس في المعقولات أخرج المحسوسات فإن حركة النفس في المحسوسات تسمى تخييلاً لا فكرًا محسوسات مثل ماذا؟ تفكر بالسيارة تودي وتجيب تصلح هذا محسوس أمر ليس هو كالعالم المتغير حكمٌ على تغير العالم: وكل متغيرٍ حادث، هذا أمر معقول ثبت بدليل عندهم إلى آخره العالم متغير ثبت بالحس النتيجة العالم حال هذه أمور عقلية بحتة أو تكون مستندة إلى أمرٍ خارج كالحس في العالم المتغير أما ما كان مدركًا بالحس حركة النفس في المحسوسات تسمى تقييدًا وهذا فيه بعض الكلام يأتي في موضعه حركة النفس في المعقولات احترز به عن حركة النفس في المحسوسات فإنه يسمى تقييدًا لا فكرًا النظر هو الفكر إذن عرفنا حد الفكر، الفكر المؤدي إلى علمٍ أفضل المؤدي الذي يؤدي إذن هو طريق يؤدي إلى أي شيء إلى إفادة علمٍ للناظر أو للمفكر أو ظن. الذي يستفاد ويؤدي إلى العلم هو ما كان طريقه العلم الضروري فيما سبق الأربعة أمور ما عداها يؤدي إلى ظني يعني: ما كان طليقه ليس واحدًا من الأربعة أمور السابقة إذا قيل: كذلك الفكر هو النظر هو الفكر المؤدي إلى علمٍ أو ظن نقول: هذا يشمل ما أدى إلى إدراك مفرد ويشمل ما أدى إلى إدراكٍ مركب حينئذٍ يدخل في حد الفكر التصور والتصديق فيكون المطلوب بالنظر ليس بالفكر يكون المطلوب بالنظر إما أمرًا تصوريًا وإما أمرًا تصديقيًا لذلك قال هنا: النظر هو الفكر المؤدي إلى علم أو ظن. وعبر صاحب الأصل الذي هو الجويني النظر فكر في حال المنظور فيه ليؤدي إلى علمٍ أو ظنٍ بمطلوبٍ تصديقي أو تصوري وقلنا هذا يؤخذ من قوله: المؤذن هذا حد النظر عرفنا حقيقة النظر ما هو الفكر المؤدي إلى علمٍ أو ظن؟ وحقيقة الفكر حركة النفس في المعقولات. والفكر أن تلاحظ المعقول ** حتى به تستفصل المجهول ويشمل الفكر أو النظر هنا يشمل ماذا؟ إذا كان المطلوب تصوريًا أو تصديقيًا قال: وَحَدُّ الاسْتِدْلالِ قُلْ مَا يَجْتَلِبْ ** لَنَا دَلِيلاً مُرْشِدًا لِمَا طُلِبْ

(وَحَدُّ الاسْتِدْلالِ) يعني تعريف الاستدلال، الاستدلال السين هذه للطلب وحينئذٍ يكون الاستدلال هو طلب الدليل ليؤدي إلى مطلوبٍ تصديقي إذا قيل الاستدلال كاف للمطلوب التصديقي، والنظر عام يشمل المطلوب والتصوري والتصديق حينئذٍ نحكم بأن الدليل أخص من النظر لماذا؟ لأن الدليل خاص بالمطلوب التصديقي خرج المطلوب التصوري لا يتعلق به ولذلك عند الأصوليين الدليل لا يكون إلا مركبًا والنظر أعم لأنه يتعلق بالتصور والتصديق يعني: يكون مؤداه ومطلوبه إما تصوريًا وإما تصديقيًا، قيل: الاستدلال طلب الدليل ليؤدي إلى علمٍ أو ظن. ما حقيقة الدليل؟ الدليل فعيل بمعنى فاعل مأخوذٌ من الدلالة بمعنى الإرشاد وهو في اللغة يطلق على المرشد وعلى ما به الإرشاد الدليل في اللغة يطلق على المرشد يعني: الذي نصب الدليل وعلى ما به الإرشاد يعني: ما يحصل به الإرشاد فهو العلامة لكن عندهم مطلقه على الأول حقيقي وعلى الثاني مجاز الدليل المرشد حقيقةً يعني الذي وضع الشيء الذي يكون علامةً، العلامة نفسها التي حصل بها الإرشاد تسمى دليلاً ولكن مجازًا المرشد الذي وضع العلامة يسمى دليلاً لكنه حقيقةً العلامة التي وضعها أو نصبها هذا تسمى دليلاً لكن من قبيل المجاز إذن نقول: الدليل لغةً المرشد وهو الذي نصب العلامة يطلق عليه دليل حقيقةً ويطلق بالدليل على ما يحصل به الإرشاد وهي العلامة التي تنصب للتعريف هذا في اللغة أما في الاصطلاح فنقول: الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوبٍ خبري. ثم الدليل ما صحيح النظر ** فيه موصلٌ لقصد الخبر وما به لخبر الوصول ** بنظر صحة هو الدليل ما: أي الشيء الذي يمكن أن يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب الخبر يمكن: التوصل عبر بالإمكان لماذا؟ هل يعبر عن الشيء بالإمكان وغير الإمكان الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر نقول: عبر بالإمكان ليشمل ما كان دليلاً ولو بالقوة لأن الدليل دليل سواء نظر فيه الناظر أو لا لو بقي حديث أو شيء من قبيل هذا في الكتب ولم ينظر فيه ناظر أبدًا انتفاء النظر فيه هل يخرجه عن كونه دليلاً؟ لا إذن هو دليل ولو بالقوة الدليل دليلٌ لنفسه كما عبر ( .. ) بذلك الدليل دليلٌ لنفسه وإن لم يستدل به أحد فحينئذٍ يسمى دليلاً وهذا مبناه على الخلف في حد الدلالة، الدلالة هذا مأخوذ من الإرشاد وحد الدلالة قيل مشتركٌ بين أمرين فهم أمرٍ من أمرٍ أو كون أمرٍ بحيث يفهم منه أمرٌ آخر وإن لم يفهم منه بالفعل هذان حدان للدلالة أيهما أصح؟ الثاني، كون أمرٍ، يعني: وجود أمر كون أمرٍ بحيث يفهم منه أمرٌ آخر عندنا أمر وأمر، كون أمرٍ بحيث يفهم منه أمرٌ آخر. الأمر الأول: هو الدليل. والأمر الثاني: المدلول.

إذن عندنا دليل وعند مدلول كون أمرٍ، كون دليلٍ، بحيث يفهم منه أمرٌ آخر الذي هو المدلول، وإن لم يفهم منه بالفعل. لأن الشيء قد يوصف بكونه بالفعل وقد يكون بالقوة بالفعل يعني: نظر فيه في الآية وتأمل واستنبط، نقول: هذا دليل. نظر في الحديث، نظر في أي أمرٍ آخر، نقول: هذا بكون الدليل أو المنظور فيه محلاً للنظر وقد حصل النظر فيه بالفعل فهو دليل وإشكال يسمى دليل بالإجماع لكن الخلاف في ماذا؟ الخلاف فيما لو لم ينظر فيه هو أهل أن يكون محلاً للنظر لكن ما حصل فيه نظر هل يسمى دليل أو لا؟ نقول: نعم يسمى دليل لأن: الدليل دليلٌ لنفسه، وإن لم يستدل به أحد هذا الحد حد الدلالة شاملٌ للنوعين فهم كون أمرٍ بحيث، بحيث: الباء للتصوير. بحيث يفهم منه أمرٌ آخر. هو أهل أن يفهم منه لو نظر فيه الناظر وإن لم يفهم منه بالفعل وإنما كان بالقوة وهذا هو المرجح الصحيح في حد الدلالة أم الحد الثاني للدلالة فهم أمرٍ من أمر لا بد لا يسمى دليلاً ولا يسمى دلالة إلا إذا حصل منه الفهم إذا لم يفهم ليس ما دليل، هذا مشكلة إذا لم يفهم ولم ينظر فيه لا يسمى دليل، نقول: لا الصواب أنه يسمى ولذلك عبر هنا في حد الدليل قال: الدليل ما يمكن إذن لا يشترط أن يكون صحيحٌ النظر حاصلاً له بالفعل وإنما هو دليلٌ دليل ولو بالقوة إذن الدليل حده ما يمكن عبر بالإمكان لأنه لا يشترط النظر فيه بالفعل ويكون دليلاً بالقوة ويكون دليلاً بالفعل ما يمكن التوصل بصحيح النظر توصل يعني: التأدي أو يكون طريقًا بصحيح النظر فيه، بصحيح النظر: عرفنا حد النظر أنه فكرٌ مؤدي إلى علمٍ أو ظن الفكر مؤدي إلى علمٍ أو ظن هذا قد يكون صحيحًا وقد يكون فاسدًا قد يكون صحيحًا: إذا جرى على القواعد التي أُصل لها النظر ويكون فاسدًا إذا لم يسر أو يجر على القواعد المؤصلة بصحيح النظر فيه قالوا: كما لو نظر في شبهة هل يمكن أن تؤديه إلى مطلوب؟ الشبهة لا تؤدي لأن ليست محل للنظر كذلك لو كان مؤلفًا وقياس من قضايا كاذبة ما هي بثابتة كما لو قيل الإنسان حيوان ولكل حيوانٍ صاحب الإنسان صاحب، نقول: هذه كاذبة لا يمكن أن يُنظر في هذا التركيب نظرٌ صحيح لماذا؟ لكذب الناس لكل حيوانٍ صاحب هذا كذب ليس صحيح بل منهم من هو صاحب ومنهم من صو ناطق ونحو ذلك بصحيح النظر هذا من إضافة الصفة إلى الصفة إلى الموصوف أي النظر الصحيح أخرج ما يتوصل بفاسد النظر فإنه حينئذٍ يكون موصلاً في نظر الناظر فقد في الحقيقة ليس موصلاً إلى مطلوبٍ خبري، المطلوب نوعان: مطلوبٌ تصوري، مطلوبٌ خبري. الذي يوصل بالدليل إنما يكون إيصاله إلى المطلوب الخبري الذي هو التصديق ولذلك نقول: عند الأصوليين لا يكون الدليل إلا مركبًا لأن نتيجته ومقصوده أن يوصل إلى مطلوبٍ خبري وهذا نسبة إلى خبر يعني: ما تضمن نسبةً خبرية فالجملة الاسمية والجملة الفعلية المعبر عنه بالإسنادٍ الخبري التام عند البينيين إذن هذا حقيقة الدليل لا يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوبٍ خبري ولذلك هو أخص من مطلق النظر عرفنا حد الدليل لغةً واصطلاحًا.

(وَحَدُّ الاسْتِدْلالِ) هو طلب الدليل السين هذه للطلب (قُلْ) في حده (مَا يَجْتَلِبْ ** لَنَا دَلِيلاً) يعني: ما يطلب لنا ويقصد به ماذا؟ (قُلْ مَا يَجْتَلِبْ) هذا بالبناء للمفعول بعضهم يقول: (قُلْ مَا يُجْتَلَبْ) خطأ (يَجْتَلِبْ ** لَنَا دَلِيلاً) الاستدلال هو طلب الدليل ما يطلب لنا دليلاً ثم عرف الدليل بحد المتكلمين قال: (مُرْشِدًا لِمَا طُلِبْ) (مُرْشِدًا) هذا حال كون الدليل (مُرْشِدًا لِمَا) (لِمَا طُلِبْ) أي بالمطلوب (لِمَا) اسم موصول و (طُلِبْ) صلتها ومن المقرر عند البيانيين أن الموصول مع صلته في قوة المشترك وهنا قال: (مُرْشِدًا) أي الدليل حقيقته هو المرشد للمطلوب (لِمَا طُلِبْ) للبناء المجهول (لِمَا طُلِبْ) أي المرشد إلى المطلوب وهذا حد الدليل عند المتكلمين أكثر المتكلمين يحدون الدليل بقولهم المرشد إلى المطلوب وأما عند الفقهاء وكثير من الأصوليين بالحد السابق ما يمكن التوصل بصحيح النظر في مطلوب خبري إذن عرفنا الآن الدليل الإمام أحمد رحمه له مقولة مشهورة عند الحنابلة يقول: الدال الله والدليل القرآن والمبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمستدل أولو العلم هذه قواعد الإسلام الدال إذن فرق الإمام رحمه الله بين الدال والدليل الدال هو الناصب للدليل والدليل هو القرآن يعني المنصوب الشيء المنصوب أليس كذلك وأكثر المتأخرين على النفي أكثر أصوليين الفقهاء المتأخرين على أن الدليل بمعنى الدال لماذا؟ نظروا إلى ظاهر اللفظ قالوا: دليل فعيل بمعنى فاعل إذُا دجهم إلى الأول الدال هو الناصب للدليل وهو الله عز وجل القرآن دليل إذًا فرقٌ بين الناصب بين الشيء وبين الشيء القرآن منصوب والدال الذي هو نصب القرآن ليستدل به أو ليمعن النظر فيه هو الله عز وجل والمبين قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمستدل المستدل بكسر أولوا العلم هذه قواعد الإسلام سماها قواعد الإسلام لماذا؟ لأن مرجع الإسلام إلى قول الله وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم - لمفهوم العلماء الراسخين ولا يمكن أن تخرج مسائل الشريعة وأحكام الشريعة عن هذه المصادر كتاب سنة إجماع قياس وهذه لا يفهمها ولا يدركها إلا العلماء فيرجع فحينئذٍ إلى المستدل: وهم أولوا العلم المستدلُ الطالب للدليل مستدل من هو المستدل؟ الطالب للدليل قالوا: من سائلٍ ومسؤول كل منهما يوصف بكونه مستدلاً السائل يطلب الدليل من المسؤول والمسؤول يبحث في الأصول يأتي مستفتي فيستفتي ويطلب الدليل مستدل والمفتي قد يطلب الدليل من الأصوليون إذن كلٌ منهما مستدل المستدلُ عليه الحكم والمستدل له الخصم هذه مواضع ذكرها الفتوحي في شرح ((الكوكب المنير)). ونقف على هذا عند قوله: وَحَدُّ الاسْتِدْلَالِ قُلْ مَا يَجْتَلِبْ ** لَنَا دَلِيلاً مُرْشِدًا لِمَا طُلِبْ وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

17

عناصر الدرس * تكملة للمقدمة المنطقية * أقسام الإدراك * تعريف المعني اللقبي لأصول الفقه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فلا زال الحديث في المقدمة الباب الأول باب أصول الفقه بعد أن عرف الناظم رحمه تعالى العلم قسمه إلى قسمين علمٌ ضروري وعلمٌ نظري وعرف لنا حد الاستدلال وذكر الدليل استطرادًا بأنه المرشد إلى طلب لقال: (وَالظَّنُّ). وهذا من تتمة القسمة يعني: كأنه قال لما ذكرت لك الإدراك الجازم الذي هو العلم يتبين بضده أو نقيضه وهو الإدراك غير الجازم وهذه العلم، والاعتقاد، والظن، والشك، والوهم، هذه خمسة أنواع كلها أقسام للإدراك لأن القسم إذا أردنا أن نسلسلها من أصلها نقول: الأصل المقسوم هو الإدراك لأن الشيء إما أن يكون مدركًا أو لا، أو لا الذي هو عدم الإدراك بالكلية وهو الجهل، ثم الإدراك هو وصول النفس إلى المعنى بتمامه وذكرنا أن الإدراك هو حقيقة العلم، مطلق الإدراك العلم إدراك المعاني مطلقا، الإدراك الذي هو أصول النفس إلى المعنى بتمامه إن كان متعلقه المفرد فهذا يسمى تصورًا، وإن كان متعلقه المركب الإسناد الخبري التام الذي يسمى بالجملة الاسمية والجملة الفعلية عند النحاة، وإسناد الخبر عند البيانيين إن كان متعلقه ما ذكر فهو التصديق، إذن الإدراك من حيث الجملة في الأصل قسمان: تصور، وتصديق وإذا قلنا الإدراك هو حقيقة العلم في اللغة نقول: علم ينقسم إلى قسمين: علم تصور، وعلم تصديق، علم التصور هذا هو إدراك المفرد ومرادهم بالمفرد في هذا الموضع ما ليس بمركبٍ تركبًا إسناديًا فيشمل حينئذٍ المفرد الذي هو الاسم والفعل والحرف ويشمل أيضًا المركب الإضافي ويشمل أيضًا المركب التقييدي، والمركب التوصييفي، والمركب العددي، والمركب الصوتي، كل ما ليس بجملةٍ رسمية ولا فعلية ولا ينطبق عليها حد الكلام عند النحاة فهو مفردٌ في هذا الباب غلام زيد إدراكه نقول: هذا تصور وليس بتصديق، نقول إدراك مفرد هذا ليس بمفرد نقول: لا المراد بالمفرد هنا ما ليس بكلامٍ اصطلاحي عند النحاة فيشمل المفرد الذي هو الاسم فقط، والفعل فقط، والحرف فقط، ويشمل المركب الإضافي، والمركب التقيدي، والتوصيفي، والعددي، والصوتي، إلى آخره التصديق ذكرنا أن متعلقه الجملة الاسمية أو الجملة الفعلية، إذن علم تصور، وعلم تصديق، التصور سمي تصورًا لأنه تَفَعُّل من الصورة لماذا؟ قالوا: لأن المدرك لحقائق الماهيات الذي أدرك حقيقة زيد هذه ماهية الذي أدرك وقوع قيام أو وقوع ثوب قيام زيد هذه ماهية لأن المدرك للماهيات تنطبع صورها في مرآة ذهنه وهذا من أحسن التشبيه عندي لماذا؟ لأنهم يقولون: أن المرآة الحسية التي تعرفونها إذا وقف الإنسان أمامها انطبعت صورته الحسية في المراءاة فحينئذٍ المرآة هذه صارت فيها الصورة الحسية مثلوا العقل أو محل الإدراك أو النفس مثلوه بالمرآة قالوا كما تنطبع صورتك الحسية في المرآة كذلك المعاني التي تدل عليها الألفاظ تنطبع في مرآة عقلك وهذا من أحسن التشبيه لأن المدرك لماهية لأن المدرك لحقائق الماهيات تنطبع صورها في مرآة ذهنه فشبهوا الذهن بالمراءاة كما أن المرآة حسية تنطبع فيها صور الأجساد المحسوسة كذلك المعاني العقلية التي تدل عليها الألفاظ سواءٌ كانت مفرد أو مركبة تنطبع في مرآة الذهن هذا وجه التسمية لماذا سمي تصورًا وهذا مثل ماذا؟ مثل لو أدرك

أو فهم لو قيل الإدراك ما هو إدراك المفرد؟ نقول: فهم المعنى من باب التسهيل فهم المعنى من اللفظ المراد كلفظ بيت إذا سمعت لفظ بيت وفهمت المعنى المراد من هذا اللفظ أنت أدركته وسمي إدراكك لمعنى هذا اللفظ سمي تصورًا كذلك إدراك معنى غلام زيد أن غلام منسوبًا لزيد أن غلام ملكٌ لزيد نقول إدراك هذه النسبة وكونها واقعة نقول: هذه يسمى تصورًا أما التصديق سمي تصديقًا لماذا؟ قالوا: لأن متعلق الإدراك الذي هو المركب يوصف بكونه خبرًا والخبر هو الذي يكون متعلق الإدراك لذلك يجعلون بحثهم في الخبر دون الإنشاء ما احتمل صدق لذاته حرى بينهم قضيةً وخبري ما الصدق لذاته جرى هذا أخرج ما لا يحتمل وهو الإنشاء لأن مبحث المناطقة في الخبر لا في الإنشاء فإذا كان متعلق الإدراك هو الخبر والخبر يحتمل الكذب أو التصديق أو الكذب الصدق والكذب قالوا: إذن احتمالان هل نسميه تصديقًا أو تكذيبًا؟ قالوا: تفاؤلاً نسميه بأشرف الاحتمالين فسمي الخبر الذي يكون متعلقًا للإدراك وهو مركب تام سمي تصديقًا مع احتمال التكذيب إذا قيل هذا تصديق لا يلزم منه نفي النقيض الآخر وهو التكذيب لا قالوا نسميه تصديقًا تسميةً بأشرف الاحتمالين هذا التقسيم العام سنتفرع إلى الأقسام الخمسة، إذن إدراك ينقسم إلى علم تصور، وعلم تصديق، علم التصور هذا من حيث المتعلق قلنا سمي تصور من حيث طريقه وإثباته والوصول إليه ينقسم إلى قسمين: ضروري، ونظري.

علم التصور إن وقع عن استدلال ونظر وبحث سمي علم تصور مفرد واحد وهذا مثلنا له بالملائكة المسلم يعرف حقيقة الملائكة لكن لو أسلم كافر في الصباح وسمع الملائكة في المساء ماذا سيقول؟ سيعرف معنى الملائكة لم يعرف فيحتاج حينئذٍ السؤال ما المراد بالملائكة فيجاب بما ثبت في الكتاب والسنة إذن نقول العلم المستفاد وهو معنى هذا اللفظ الملائكة بالنسبة لمن دخل في الإسلام نقول هذا علم تصور نظري، أما علم التصور الضروري لأنه وقع، وقع عن نظرٍ واستدلال وحد الاستدلال يقول ما يجتلب لنا دليلا وهذا طلب الدليل في إثبات معنى الملائكة فسمي علم تصور نظري لأنه وقع عن نظرٍ واستدلال قد يكون علم تصور ضروري مثل ماذا الماء معنى الماء هل يحتاج إلى سؤال وبحث؟ لا يحتاج فأنت تدرك معنى لفظ الماء وتدرك لفظ معنى السماء ومعنى لفظ الأرض هذه كلها مدركات وإدراكك لها يسمى تصورًا وهو من نوع الضروري لأنه لم يقع عن نظرٍ واستدلال، العلم علم التصور بنوعيه الضروري، والنظري لا بحث لنا في هذا الموقع نخرجه بقسميه يبقى معنا التصديق التَّصديق هذا أيضًا من حيث المتعلق سمي تصديقًا ومن حيث الطريق الموصل إليه أيضًا يكون ضروريًا ويكون نظريًا ضروري متى إذا لم يقع عن نظرٍ واستدلال مثل ماذا؟ الواحد نصف الاثنين الواحد مبتدى ونصف الاثنين خبر إذن جملة اسمية وتعلق بها الإدراك مدلوله ضروري لا يمكن دفعه يضطر الإنسان إلى قبوله والتسليم له إذن الواحد نصف الاثنين نقول هذا تصديقٌ ضروري الكل أكبر من الجزء السماء فوقنا الأرض تحتنا هذه كلها ضرورية ولا تحتاج إلى دليل علم تصديق نظري يعني: يحتاج إلى أن يقع الظن واستدلال مثل ماذا الواحد نصف سدس الاثني عشر، الواحد مبتدأ ونصف إلى آخره هذا خبر جملة اسمية تعلق بها الإدراك إذن هي مركبٌ تام وتعلق بها الإدراك فيسمى تصديقًا من أي النوعين ضروري أو نظري نقول: لا هذا يحتاج إلى تأمل هذا نظري يحتاج إلى تأمل وفكر الواحد نصف سدس الاثني عشر الاثني عشر سدسها اثنان الواحد نصف نصف إذن يحتاج إلى تأمل هذا يسمى تصديق نظري من هذه الحيثية هو قسم الناظم هنا العلم إما الاضطراري يحصل أو باكتساب الحاصل نقول: هذا يشمل النوعين التصور والتصديق لكن من حيث التقسيم النهائي للعلم الظني إلى آخره نقول: لا عبرة بكون التصديق ضروريًا أو نظريًا في هذه القسمة وإنما ننظر إلى التصديق من جهة أخرى وهي كونه جازمًا أو غير جازم يعني: التصديق من حيث طريق الموصل إليه ينقسم إلى ضروري ونظري والتصديق من حيث احتمال النقيض وعدمه ينقسم إلى جازم وغير جازم إذًا نقول: التصديق من حيث احتماله للنقيض وعدمه ينقسم إلى قسمين: تصديقٌ جازم، وهو الذي لا يحتمل النقيض وتصديقٌ غير جازمٍ وهو الذي احتمل النقيض كم قسمة هذه حتى نبني على الأساس؟ تصديق جازم وتصديق غير جازم هذا التقسيم بأي اعتبار تكتب باعتبار احتمال التصديق للنقيض وعدم احتماله لأن بعض التصديق ليس كل التصديق يكون جازمًا وليس كل تصديقٍ يكون غير جازم بل بعضه جازم وبعضه غير جازم ما الضابط؟ ما الفرق بينهما؟ نقول التصديق الذي لا يحتمل النقيض هو الجازم والذي يحتمله غير جازم هاتان قسمتان رئيسيتان التصديق

الجازم وهو الذي لا يحتمل النقيض إما أن لا يقبل التغيير والتشكيك فيه بحال وهو العلم وإما أن يقبل التشكيك والتغيير ولو في بعض الأحوال نقول: هذا اعتقاد إذن الجازم ينقسم إلى اعتقادٍ، وعلم، التصديق الجازم ينقسم إلى علمٍ، واعتقادٍ، العلم هو إدراك أو تصديق جازم لكنه لا يقبل التغيير ولا التشكيك قالوا: مثل ماذا الواحد نصف الاثنين هل يمكن أن يكون قبل سنة واحد نصف اثنين والآن تطور صار واحد ضعف الاثنين لا يمكن هو هُو قبل مئة سنة الواحد نصف الاثنين واليوم الواحد نصف الاثنين وبعد سنين الواحد، إذن لا يقبل التغيير ولا والتشكيك الكل أكبر من الجزء أيضًا لا يقبل التشكيك ولا التغيير مطلقًا في كل حالٍ من الأحوال الكل أكبر من الجزء هذا يسمى ماذا يسمى؟ يسمى علمًا ولكن هذا تسميته علم اصطلاح الأصوليين ليس في اللغة واللغة كما ذكرناه سابقًا مطلق الإدراك وإنما هذا في اصطلاح الأصوليين أنهم يقسمون الإدراك إلى أقسامٍ خمسة، إذن التصديق الجازم الذي لا يقبل التغيير والتشكيك يسمى علمًا والذي يقبل التغيير والتشكيك يسمى اعتقادًا استفعال من العقل وهو ربط الحبل ومنه سميت العقيدة عقيدة لأنه يجزم ويربط عليها في القلب يعقد عليها في القلب هذا يسمى اعتقادًا ثم هو نوعان إن طابق الواقع فهو اعتقادٌ صحيح وإن خالف الواقع فهوا اعتقادٌ فاسد إن طابق الواقع كأن يعتقد حدوث العالم ننظر في الخارج فإذا الحال حال لا إشكال في هذا نقول: هذا اعتقادٌ صحيح اعتقادٌ فاسد قالوا: كاعتقاد الفلاسفة قِدَمْ العالم هذا نظرنا في الواقع فإذا به باطل فاسد غير مطابق للواقع عالم مخلوق وإن كان في نفسي عندهم لا يقبل التشكيك لكن في الواقع يقبل التشكيك والمغاير فنقول: إذن الاعتقاد قسمان: اعتقادٌ صحيح إن طابق الواقع، واعتقادٌ فاسد إن لم يطابق الواقع، الإدراك من غير ... تصور ومعه تصديقٌ وذا مشهر جازمه دون تغيرٍ علم علمًا وغيره اعتقادٌ ينقسم إلى صحيحٍ يكون طابق أو فاسدٍ هو لا .. ،

هذا الاعتقاد أو هذا التصديق بنوعين علمٌ واعتقاد والاعتقاد نوعان اعتقادٌ صحيح اعتقادٌ فاسد، نأتي إلى القسمة أو النوع الثالث: التصديق غير الجازم هذا ما احتمل النقيض تصديق يعني حصل فيه حكم المحمول مضمون المحمول حكم به على مصدق الموضوع زيدٌ قائم نقول هذا تصديق ما احتمل النقيض نقول: هذا ثلاثة أقسام: ظنٌ، ووهمٌ، وشكٌ، إذن العلم ذكر قسم العلم أولاً لماذا؟ لأنه فردٌ من أفراد التصديق الجازم ثم ذكر الظن، والشك، والوهم، لأنهم ثلاثة أقسامٍ للنوع الثاني وهو التصديق غير الجازم إذن التصديق غير الجازم ينقسم إلى ثلاثة واثنان في الجازم صارت خمسة إذن الإدراك ينقسم إلى خمسة أقسام علم، واعتقاد، وظن، وشك، ووهم، خمسة أقسام عرفنا كيف وصلنا إلى هذه القسمة الخماسية إذن التصديق غير الجازم هو ما احتمل النقيض قالوا: الظن مثلاً عرفه أنه تجويز امرئٍ أمرين مرجحًا نأتي للأبيات نقول: الظن هو الحكم بالشيء عندنا حكم لأن التصديق حكم الإدراك من غير قضا تصور ومعه تصديق هذا الفرق بين التصور والتصديق أنا نسيت أن أنبه عليه التصور والتصديق التصور يقع للمفردات المبتدى وحده، أو الموضوع وحده، أو المحكوم عليه وحده، والثاني التصديق التصور يقع للموضوع وحده أو المحكوم عليه، أو المبتدى، أو الفاعل، أو نائب الفاعل ويقع أيضًا التصور للمحمول وحده وهو الفاعل أو الفعل عند النحاة، والخبر، والمسند، والمحكوم به عند الأصوليين فالمحكوم عليه والمحكوم به هذا لفظٌ أو اصطلاح عند الأصوليين الموضع والمحمول اصطلاح المناطقة المسند إليه والمسند اصطلاح البيانيين أهل البلاغة المبتدأ والخبر اصطلاح النحاة هذه أربعة أسماه والمسمى والمراد واحد إدراك الموضوع أو المبتدأ وحده يسمى تصورًا وإدراك المحمول الذي هو الخبر وحده يسمى تصورًا إدراك النسبة العلاقة بينهما يجوز أو لا يجوز؟ كالشك زيدٌ قائم فتشك قائم أو لم يقم النسبة هذه التي يمكن أن تنسب أو تنفى هذه إدراكها يسمى تصورًا، بقي الرابع: وقوعها وجودها في الخارج بالفعل أو عدمه يسمى تصديقًا وذلك كل تصديقٍ تصورٌ والعكس لماذا؟ لأن التصور لا يمكن أن يوجد إلا وهو المرتبة الرابعة ولا بد أن يسبق بثلاث تصورات تصور الموضوع وحده، تصور المحمول تصور النسبة التي يعبر عنها بالنسبة الحكمية التي مورد الإيجاب والشك أو النسبة الكلامية التي هي ثبوت المحمول للموضوع كونها وقعت في الخارج أو لم تقع إدراكه يسمى تصديق لو قلت مثلاً زيدٌ قائم هذه جملة اسمية قام زيدٌ جملة فعلية زيدٌ قائم لا يمكن أن يحصل الحكم بوقوع قيام زيد في الخارج إلا بعد ثلاث تصورات وهذا لا يحتاجه الإنسان يعني لا يحتاج أن يدرس لأنه أمر فطري ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: كثير من القواعد المناطقة أمور فطرية جبل عليها ولهذا لما قال الغزالي: أن من لا دراية أو من لا علم له بالمنطق لا يوثق بعلمه أورد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة وغيرهم من كبار العلماء التابعين قال ماذا؟ قال هذا منبوذٌ في فطره منبوذٌ في الفطر لا يحتاج إلى التنصيص لكن من بعدهم فسدت بعض العقود كما أن النحاة احتاجوا إلى وضع قواعد لما فسدت الألسن كذلك وضعوا

قواعد لما فسد التفكير هكذا قالوا، حينئذٍ نقول: لا بد أن يسبق بثلاث تصورات: تصور زيد ما معنى زيد ذات مشخصة لا يمكن أن تقول زيدٌ قائم وأنت لا تدري معنى زيد لا بد أن تفهم المراد بكلمة زيد قائم ما معنى القيام واضح لا يحتاج إلى تنصيص قيام، قيام كالعلم العلم محبة، محبة إيضاحها يردها في الإشكالات ولذلك يقال: إيضاح الموضحات من أشكل المشكلات إذا أردت أن توضح شيء هو واضح أشكلته لماذا لأنه واضح إذن نقول قائم هذا يدل على ذاتٍ متصفة بالصفة وهي القيام إذن العقل يتصور زيد لوحده دون أن يضيف إليه صفة أخرى ويتصور القيام لوحده قائم دون أن ينزل هذا القيام على شخصٍ بعينه ثم يربط بينهم الرابطة والعلاقة والتعلق والارتباط والمعنى بين زيد وقائم هذا يسمى تصورًا أيضًا يعني: هل يمكن أن يوصف زيد بالقيام أو لا يمكن أن يقع أو لا يمكن أن يقع بخلاف لو قلت الجدار عالم هذا لا يمكن أن يتصور أن الجدار يوصف بالعلم إذن لا يمكن أن يكون ارتباط بين الموضوع والمحمول في قولنا جدارُ عالٍ أو الجدار قائم هذا لا يمكن أما زيدٌ قائمٌ يتصور العقل ويدرك أن زيد قد يقع منه القيام لأن القيام من صفاته ولذلك بعضهم يقول: إدراك النسبة هذه لأنها هي محل إشكال درك الموضوع وحده لا إشكال المحمول وحده لا إشكال، لكن النسبة هذه يعنون لها أو للتقريب يقال كالشك إذا شككت في قيام زيد أنت الآن تُجوز يقع القيام أو لا يقع إذن جوزت وصفه بالقيام جوزت انتفاء وفصل القيام عنه نقول: إدراكك فهمك لهذا يسمى نسبة ارتباط الموضوع بالمحمول أو المحمول بالموضوع العلاقة بينهما يسمى تصور هذه ثلاثة أشياء ثم بعد ذلك وقوع هذا القيام في الخارج لأن قد تقول زيدٌ قائمٌ ثم تأتي بالخارج وهو قاعد ليس بقائم زيدٌ ليس بقائم ثم تأتي بالخارج تجد زيد زيدٌ ليس بقائم زيد قائم هذا في الذهن كلها أحكام ذهنية عقلية لكن في الخارج في الوجود قد تحكم بأن زيدًا قائم ثم تجد في الخارج جالس قد تقول زيدٌ ليس بقائم فإذا به قائم إذن الحكم الذهني شيء للجملة أو الحكم المستفاد من الجملة الاسمية والجملة الفعلية شيء هذا في الذهن ثم وجوده في الخارج هذا شيءٌ آخر إن وقع مدلول زيد قائم وهو ثبوت القيام إدراك هذا الوقوع يسمى تصديقًا وإذا لم يقع زيد لي بقائم ثم وجدته بالخارج عدم الوقوع بالفعل إدراك عدم الوقوع يسمى تصديقًا والصحيح أن التصديق هو الرابع فقط والثلاثة قبله شروطٌ فيه وبعضهم يرى أن التصديق مجموع الأربعة تصورات واتفقوا على شيء واختلفوا في شيء، اتفقوا على أن التصور الرابع لا يمكن وجوده إلا بثلاث تصورات سابقة عليه هذا بالاتفاق وإنما الخلاف والنزاع هل الرابع هذا توقفه على الثلاثة السابق من توقف الماهية على شرطها أو من توقف الماهية على ركنها؟ الحكماء الذين يقولوا بأن التصور بسيط قالوا: من توقف الماهية على شرطها فحينئذٍ الشرط خارجٌ عن المشروط لازم له لا يمكن أن يوجد الرابع إلا بوجوده كالصلاة بلا طهارة مع القدرة لا يمكن أن توجد الصلاة بدون الطهارة التصديق بسيط ولا يمكن أن يوجد بدون التصورات الثلاثة السابقة، الرازي يرى أن الأربعة التصورات كلها تصديق وحينئذٍ توقف التصور الرابع الذي لا

يمكن أن يوجد إلا بعد تصورات الثلاث من توقف الماهية على ركنها وليس من توقف الماهية على شرطها والفرق بين الركن والشرط أن الركن داخلٌ في جزء الذات والشرط خارجٌ عن الذات والركن جزء الذات والشرطُ خرج ** وصيغةٌ دليلها في المنتهج والركن جزء الذات، إذن إذا قلنا ركن يعني هو داخل في الماهية فوات هذا الركن يؤدي إلى فوات الماهية كما نقول الركوع ركنٌ في الصلاة إذن إذ لم ي يوجد ركوع فاتت الصلاة إذن ذهبت الماهية ولو وجدت بعض أركانها الأخرى الشرط لازمٌ للماهية تتوقف الماهية عليه ولكنه خارجٌ عنها لازمٌ لها تتوقف الماهية على وجوده والركن جزء الذات والشرط خرج ** وصيغةٌ دليلها في المنتهج هذا يسمى تصور ولا يسمى تصديق إذن نقول التصديق جازم وعرفنا قسميه وتصديق غير جازم وهو ما احتمل النقيض الحكم بالشيء ( .. ) عند هذه الحكم بالشيء إذن عندنا حكم بشيء على شيء آخر حكمنا على زيد بالقيام حكمٌ بالشيء على شيءٍ آخر مع احتمال نقيضه احتمالاً مرجوحًا هو الظن الحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً مرجوحًا هو الظن، الحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً راجحًا هو الوهم، ما احتمل النقيض وتساوت الاحتمالات هو الشك مثلوا لذلك بالعدل العدل يقبل خبره أو لا يقبل نعم نقول: صدق العدل وكذب العدل، العدل يجوز أن يوصف بالصدق كما أنه يجوز أن يوصف بالكذب، أليس كذلك؟ يجوز منه أمران صدقه ليس مقطوعًا به كما أن نفي الكذب به ليس مقطوعًا أليس كذلك؟ صدقه ليس مقطوعًا به إذا قبلنا رواية العدل وحكمنا بصدقه نقول: الصدق ليس مقطوعًا به ليس ضروريًا بجواز الخطأ والكذب أيضًا والوهم انتفاء الكذب عنه مع الحكم بصدقه وترتب على ذلك وكما ترتب على ذلك من قبول روايته لا نقطع بانتفاء الكذب عنه إذن ما احتمل فيه أمران الصدق ونقيضه الكذب، الكذب ونقيضه الصدق إذن نقيضان إذا حكمت بالصدق وهو أرجح الأمرين نقول: حكمٌ بالشيء مع احتمال نقيضه الذي هو الكذب احتمالاً مرجوحًا أو راجحًا كذب العدل الذي هو الكذب احتمالاً مرجوحًا أو راجحًا؟ كذب العدل إذا حكمنا بصدق العدل حكمنا بالشيء مع احتمال نقيضه الذي هو الكذب احتمال مرجوح أو راجح؟ مرجوحًا هذا هو الظن. تَجْوِيْزُ امْرِئٍ أَمْرَيْنِ ** مُرَجِّحًا لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ فَالَّرَاجِحُ الْمَذْكُورُ ظَنًّا يُسْمَى لكن هذا من باب التسهيل وأنا أريد أن أعقد المسألة شوية حتى تتحرك الأذهان الحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً مرجوحًا لأننا حكمنا بصدق العدل وهو ظنٌ راجح طرف الراجح مع احتمال نقيضه وهو الكذب لكن الاحتمال هنا مرجوح إذا أردنا الوهم ماذا؟ نقول: لا، أريد نفس القاعدة الحكم بالشيء؟ الحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً راجحًا لو قلنا لا العدل يكذب أو حكمنا بكذب العدل نقول هو يجوز أن يكذب ولكن هذا الاحتمال مرجوح وأنت حكمت بكذب العدل مع احتمال نقيضه الصدق احتمالاً راجحًا هذا يسمى ماذا يسمى؟ وهمًا ماذا بقي؟ بقي الشك، الشك ما احتمل النقيض ولكن تساوت فيه الاحتمالان أو الاحتمالات، والشك تجويز امرئٍ أمرين لا والشك فذكر هنا تجويز بلا رجحان**لواحد حيث استوى الأمران

والشك تجويز بلا راجحات لواحد حيث استوى الأمران، إذا استوى في ما حكمت عليه أو شككت في الأمران قالوا مجهول الحال صادق أو كاذب الله اعلم يحتمل هل نرجح الصدق كما رجحناه في العدل ونجعل الكذب مرجوحًا الوجوب لا، إذن استوى فيه الوصفان الصدق والكذب يجوز بلا راجحات هذا الأبيات الثلاثة جمعها صحاب ((المرقي)) في بيت واحد والوهم والظن وشك ما احتمل لراجح أو ضده أو ما اعتدل بيت واحد والشك والوهم والظن ما احتمل لراجحٍ وهو الظن، أو ضده الذي هو المرجوح وهو الوهم أو ما اعتدل فيه طرفان وهو الشك هذا أحفظوه، والوهم والظن وشك ما احتمل لراجح أو ضده أو ما اعتدل وهنا في ثلاثة أبيات لكن لا تحذفونها تحفظونها إن شاء الله. هذا التفريق بين الظن والشك هذا في اصطلاح الأصوليين فقط يعني: مجرد اصطلاح وإلا ففي اللغة وعند الفقهاء أن الشك والظن مترادفان يعني: الشك والظن عند الفقهاء وفي المعنى اللغوي ما استوى فيه الطرفان أو ترجح أحدهما ما استوى فيه الطرفان أو ترجح أحدهما. والشك والظن بمعنى الفرد **في كتب الفقه بغير جحد

والشك والظن بمعنى فرد في كتب الفقه بغير جحد هكذا يقول الأهدل في ((الفرائتة)) إذن الشك والظن بمعنى واحد وبهذا يفسر لو قال الفقيه وإن شك في طهارة الماء أو غير أو نجاسةٍ به بنى على اليقين بماذا نفسر الشك هنا نفسره بما إذا استوى الأمران عند الناظم أو غلب أو ترجح أحدهما على الآخر يبني على اليقين ولا يفسر الشك هنا وهذا من المصائب الآن أن تفسر مصطلحات النصوص بعضها ببعض يأتي المناطقة يصطلحون على معنى المفرد على معنى المركب ثم يأتي بعض النحاة يدرس المنطق فيفسر المفرد أو المركب بمعنى المناطقة والعكس بالعكس كذلك في أصول الفقه يصطلحون على معنى الواجب ويصطلحون على معنى القضاء ثم يأتي في النصوص الوحيين فيفسر الواجب بالمعنى الاصطلاحي والأصل فيه أنه المعنى اللغوي يأتي الأصولي يدرس الشك بأنه ما تردد فيها واستوى فيه طرفان فيأتي في مسائل هنا يفسر الشك بماذا؟ بما استوى لا نقول: لكل فنٍ مصطلحاته الخاصة بها فيحمل كل فنٍ على ما اصطلح عليه أهله وحينئذٍ الشك عند الفقهاء بمعنى الظن يعني: وإن شك في نجاسة ماء أو طهارة بنا على اليقين نقول: إن شك يعني استوى عنده نجس أو ليس بنجس أو ظهر أحد الاحتمالين وهو النجاسة أو عدم النجاسة وهو الطهارة نقول هذا يبني على اليقين يرجع إلى اليقين واليقين المراد به هنا ماذا اعتقاد الجازم إذا قيل اليقين لا يزول بالشك عند الفقهاء هذه قاعدة عامة مضطردة اليقين لا يزول بالشك إيش المراد بالشك هنا ما استوى فيه الطرفان أو ترجح أحدهما على الآخر أو كان أحدهما أظهر من الآخر واليقين ليس المراد به اليقين الذي هو العلم الجازم لماذا؟ أنه لو كان كذلك لما طرأ عليه الشك لو كان كذلك المراد به اليقين لا يزول بالشك لو كان المراد باليقين هنا اليقين الجازم الاعتقاد الجازم لأن الشيء كذا مع عدم جواز أنه لا يكون إلا كذا مطابقًا للو ( .. ) نقول لو كان بهذا المعنى لما طرأ عليه الشك وإنما المراد به غلبة الظن أو ما هو قريب جدًا من اليقين بحيث يجوز أن يتردد أو يشك فيه، إذن هذه الثلاثة أحكام الظن، والشك، والوهم، هذه نقول: أقسامٌ للتصديق غير الجازم وضابطه أنه ما احتمل النقيض، والعلم والاعتقاد قسمان تصديق الجازم واضح هذه المسألة الحمد لله طيب هنا قال: وَالظَّنُّ تَجْوِيْزُ امْرِئٍ أَمْرَيْنِ ** مُرَجِّحًا لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ نقول الحكم إذا كان غير جازمٍ بأن كان مع احتمال نقيض المحكوم به من وقوع النسبة أو عدمه ينقسم إلى ثلاثة الشرعي الأول بقوله: (وَالظَّنُّ) أي في اصطلاح الأصوليين ليس في معناه اللغوي أو عند الفقهاء وإنما المراد به اصطلاح الأصوليين. وَالظَّنُّ تَجْوِيْزُ امْرِئٍ أَمْرَيْنِ ** مُرَجِّحًا لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ

(تَجْوِيْزُ) جَوَّزَ يُجَوِّزُ تَجْوِيزًا من باب فَعَلَ يُفَعِلُ تَفْعِيْلاَ، وعندنا مجوز وهو الفاعل هنا التجويز هذا مصدر والمعنى المصدري حقيقته ما قام بالفاعل إذا قيل لفظٌ أو ملفوظٌ به وتلفظ لفظ وملفوظٌ به التلفظ واللفظ هذا وصفٌ لك فعلك أنت كالكلام والتكلم لكن هل الكلام والتكلم أو التكلف هل هو عين الجملة الاسمية أو الجملة الفعلية أو إخراج الجملة الاسمية على هيئةٍ معينة والجملة الفعلية على هيئةٍ معينة؟ إخراج التكلم التلفظ واللفظ هذا معنى مصدري والمعنى المصدري غير الملفوظ به فإذا قيل الكلام والتكلم نقول: الكلام نتيجة التكلم وأثر التكلم وليس الكلام هو عين التكلم لماذا؟ لأن التكلم صفة إخراج الكلام يعني: كونه يحرك شفتيه فمه يخرج المخارج يرتب الحروف يقدم الكلمة الأولى على الثانية هذا هو التكلم، الكلام هذا هو اللفظ المركب المفيد للوضع ولذلك التكلم يدرك بالبصر أنت ترى الإنسان يتكلم تراه يتكلم أو ترى كلامه؟ تراه يتكلم وكلامه مسموع أو مرئي؟ مسموع إذن فرقٌ بينهما ولا لا فرق بينهم الكلام يدرك بالسمع والتكلم يدرك بالبصر فأنت ترى حركة فمه مثلاً تقول: هذا يتكلم لكن لماذا يتكلم؟ ما تدري قد لا تدري تراه يتكلم ولا تسمع كلامه فحينئذٍ تقول: زيدٌ يتكلم بكلامٍ لا أدري ما هو أو لم أسمعه فحينئذٍ صار التكلم مرئيا هذا فعل الفاعل طيب، التجويز هنا هل هو الظن أو فعل الفاعل فعل الفاعل إذن كيف نعرف الظن بأنه فعل الفاعل وفعل الفاعل هذا معلم مصدري لا أثر له في الخارج وإلا ما المحكوم به أو المحكوم عليه بأنه ظن أو غير أو مغاير للتجويز حينئذٍ نقول هذا تعريفٌ للظن باللازم إذ الظن هو الإدراك الراجح لأحد الأمرين الملزم بالتجويز الأصل الملزوم هو التجويز يلزمه الطرف الراجح الذي يسمى ظنًا إذن هنا نقول من باب إطلاق الملزم مردًا به اللازم من إطلاق الملزوم الذي التجويز كما إذا أطلق التكلم مرادًا به الكلام كما إذا لو أُطلق التكلم مرادًا به الكلام، (وَالظَّنُّ تَجْوِيْزُ امْرِئٍ) يعني: شخص وإن كان المراد هنا في باب الأصول والعلم الشرعي قد يفسر امرئ بالعامل (وَالظَّنُّ تَجْوِيْزُ امْرِئٍ أَمْرَيْنِ) جوز أمرين عند المجوز عنده يجوز الأمران صدق العدل، وكذب العدل (مُرَجِّحًا لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ) (مُرَجِّحًا) هذا حال، حال ماذا؟ حال من (امْرِئٍ) حال من المضاف إليه. ولا تجز حالاً من المضاف له ** إلا إذا اقتضى المضاف له

هنا المضاف مصدر وهو ( .. ) إذن يجوز في مثل التركيب أن يؤتى به حالٍ من المضاف إليه نعم (تَجْوِيْزُ امْرِئٍ أَمْرَيْنِ) هما طرفا الممكن كوجود زيدٍ وعدمه لأن هنا التجويز لا يمكن إلا فيما يجوز أن يقابله ضده فقيام زيد هذا يجوز أن يقابله نقيضه وهو عدم قيام زيد النقيض هو العدم عدم قيام زيد كذلك وجود زيد نقيضه عدم وجوده إذن طرفا الممكن هو الذي يمكن أن به يتعلق بالتجويز فيكون أحد الأمرين ظاهرًا والآخر غير ظاهر لذلك قال: (مُرَجِّحًا). أي: حال كون امرئٍ (مُرَجِّحًا لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ) (لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ) بأن يكون أحدهما أظهر من الآخر بقطع النظر عن الواقع الكلام عند المجوز سواءٌ كان تجويزه أو الطرف الراجح هو طرف الراجح بالفعل في الخارج أو لا وإنما وقع التجويز وحكم بأحد الطرفين لأنه أرجح من الآخر في نفسه فقطع النظر عن كونه مطابقًا للواقع أو لا، (وَالظَّنُّ تَجْوِيْزُ امْرِئٍ أَمْرَيْنِ ** مُرَجِّحًا لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ) إذن كلٌ منهما إذن ظاهر إلا أن أحدهما أظهر من الآخر كلٌ منهما ظاهر (مُرَجِّحًا لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ) إذن كلٌ منهما ظاهر لكن أحدهما أظهر من الآخر يقولون: يعني: يريدون بهذا أنه لو قال قائل يجوز أن يكون البحر دمًا يجوز لكن في العادة هل هو ظاهر في العادة ليس بظاهر كونه يجوز أن ينقلب البحر دمًا أو عسلاً أو لبًا نقول هذا غير ظاهر فحينئذٍ هنا قيد قال (لأَحَدِ الأَمْرَيْنِ) قيده في الشرح بأن كلٌ منهما ظاهر لكن أحدهما أظهر من الآخر والأحسن من هذا أن نقول الحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً مرجوح، (فَالَّرَاجِحُ الْمَذْكُورُ ظَنًّا) إذن أطلق الظن في الأول على التجويز ثم أتى به قال: (ظَنًّا). أطلقه على الراجح هذا يدل على أنه في الأول استعمله استعمالاً مجازيا أطلق الظن على التجويز وهنا قال: (فَالَّرَاجِحُ الْمَذْكُورُ) الفاء هذه للفصيحة كأنه قال ما أحد الأمرين المرجحين قال: (فَالَّرَاجِحُ الْمَذْكُورُ ظَنًّا يُسْمَى) إذن مسمى الظن هو الطرف الراجح فحينئذٍ يكون مسمى الظن بسيطًا أو مركبًا مسمى الظن شيء واحد أو متعدد شيءٌ واحد وهو الطرف الراجح إذن يكون مسمى الظن بسيطًا يعني: شيءٌ واحد بخلاف الشك، الشك مسماه استواء الطرفين إذن شيءٌ مركب بخلاف الوهم فإن مسماه الطرف المرجوح فيكون بسيطًا إذن معنى الظن بسيط ومعنى الوهم بسيط يعني: مدلوله شيءٌ واحد المعنى إذا كان شيئًا واحدًا سمي بسيطًا وإذا كان مركبًا من أشياء سمي مركبًا إذن مدلول الظن بسيط لأنه الطرف الراجح ومدلول الوهم بسيط لأنه طرف المرجوح (وَالطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ يُسْمَى وَهْمَا) (يُسْمَى) بإسكان السين كالأولى يسمى ظنًا ويسمى وهمًا يعني: ( .. )،

(وَالطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ يُسْمَى وَهْمَا) إذن مسماه بسيط، (وَالشَّكُّ تَجْوِيْزٌ بِلا رُجْحَانِ) يعني: تجويز امرئٍ (بِلَا رُجْحَانِ) يعني: بغير مرجحٍ لا يرجح أحد الطرفين على الآخر ونقول الشك ما احتمل النقيض مع تساوي الاحتمالات كالحكم بصدق مجهول الحال في خبره (بِلَا رُجْحَانِ ** لِوَاحِدٍ) يعني: لواحدٍ من الأمرين (حَيْثُ اسْتَوَى الأَمْرَانِ) حيث هذه ماذا؟ كم أنواع حيث كم أنواعها؟ ثلاثة الأولى؟ حيث تأتي للإطلاق الإنسان من حيث إنه إنسان هذا للإطلاق تأتي للتقييد الإنسان من حيث إنه متكلم أو إنه منتصفٌ بأحقيته الأول أطلقته الإنسان من حيث هو إنسان الشيء من حيث هو شيء وهذا يقال الكلمة من حيث هي هِي وهذا منتقد عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من حيث هو هُو من حيث هي هِي يعني: من حيث الذات لا باعتبار الصفة مطلقًا ولو صفة الوجوب يعني: عندهم يجوز أن يوصف الذات حتى أن ينزع عنها الصفة حتى صفة الوجود ولذلك قال: من حيث هو هُو ومن حيث هي هِي ولذلك يختلفون هل وجود عين الموجود أو لا، الثالث: أن تكون تعليلية النار من حيث إنها محرقة من هذه الحيثية أو نقول تعليلاً من حيث إنها محرقة هنا قال: وَالشَّكُّ تَجْوِيْزٌ بِلا رُجْحَانِ ** لِوَاحِدٍ حَيْثُ اسْتَوَى الأَمْرَانِ

حيث استوى الأمران كأنه قال لأنه إذن صارت حيث هذه تعليلية لماذا حكمنا بأن الشك هو تجويزٌ بلا رجحان؟ لماذا لم نرجح كما رجح في الظن والوهم؟ حكم في الوهم على الظن المرجوح على طرف المرجوح وفي الظن على طرف الراجح لِمَ لم يحكم هنا بأحد الطرفين؟ قال: لأنه استوى الأمران لم يتضح للناظم استوى الأمران فلا مزية لأحدهما على الآخر إذن عرفنا أن الظن والشك والوهم هذا هذه الأنواع الثلاثة من الأحكام التصديق لكن يرد إشكال وهو أن الشك قلنا التردد في وقع الشيء وعدمه والوهم هو الحكم بطرف المرجوح أو كما قال بعضهم: يأتي الإيراد على وجه قال: ملاحظة المرجوح إذا قيل أن الشك التردد في وقع الشيء وعدمه والوهم ملاحظة المرجوح كيف نجعل الشك والوهم من أحكام أو من أقسام التصديق الذي فيه حكم؟ هل الشاك حاكمٌ أم لا إذا قلنا الشك فرع أو قسمٌ من أقسام التصديق وقلنا التصديق ما هو إدراكٌ مع حكم إثبات مضمون أو معنى المحمول لمصدق الموضوع إذن فيه حكم والشك تردد والوهم ملاحظة المعقول ملاحظة الطرف المرجوح فكيف نجعل الشك والوهم من أقسام التصديق هذا يراد أو لا نقول يراد يرد هذا أورده بعض الأصوليين نقول: أما الشك فأمره واضح لماذا لأن الشك إن كان عن نظرٍ في الأدلة فحينئذٍ هو حاكمٌ بالتردد ونجعل هذه المسألة كون الشك حاكمًا بتردد أو لا هل الوقف يعد قولاً أو لا والصحيح أنه يعد قولاً إن كان منشأه النظر في الأدلة وإلا لو لم يكن لم ينظر لقال أتوقف هذا ماذا؟ لا يعد تصديقًا لا يعد حكمًا لماذا لأنه جاهل ولا يعلم النظر في الأدلة فقال أتوقف نقول الوقف في هذه الحيثية من هذا النظر لا يعد قولاً إذن الشك نقول: الصواب أنه إن وقع تردد بين الاحتمالين يقع أو لا يقع نظر في الأدلة فإذا به توقف ما يدري الوتر واجب ولا سنة قد يقع هذا ماذا نقول فيه قال أتردد في هذه المسألة لأن الأدلة محتملة وهذا يقع لأن الأدلة محتملة نقول: هو حاكمٌ حكم بالتردد حينئذٍ صار نوعًا من التصديق أما الوهم فهو حاكمٌ بالطرف المرجوح لو جاء إنسان وقال العدل لا نقبل خبره لأنه يكذب فحكم هنا بالطرف المرجوح إذن هو حاكمٌ بالطرف المرجوح إذن الحكم لازمٌ لكل من الشاك والواهم، الواهم حاكمٌ بالطرف المرجوح، والشك حاكمٌ بالتردد إن كان عن نظرٍ في الأدلة ويلزم عليه أن الوقف يسمى قولاً على الصحيح أن من قال أتوقف أو حكم بالوقف هذا يعد قولاً ولذلك يحكى أحيانًا يا إخوان قال بالتحريم، قال بالندب، قال بالوقف، القول الثالث لماذا لأنه حاكمٌ بالوقف والقول أو الوقف حكمٌ معتبر نعم، ثم لما انتهى من بيان أقسام التصديق غير الجازم انتقل إلى خَاتَمَةٍ أو خَاتِمَةِ هذا الباب وهو حد أصول الفقه فنًا أو علمًا ولقبًا لهذا الفن أنه كما سبق في أول الباب أن أصول الفقه يعرف من جهتين: من جهة كونه مركبًا إضافيًا، ولما نُظر إليه من جهة كونه مركبًا إضافيًا جاءت المسألة المختلف فيها هل تعريف المركب يتوقف على معرفة أو هل معرفة المركب تتوقف على معرفة جزئيه أو لا يعني إذا قيل أصول الفقه هذا مركبٌ إضافي وأدرنا أن نعرف حقيقة هذا المركب الإضافي إذن لا يمكن أن نعرف المركب الإضافي إلا إذا عرفنا مفرديه وجزأيه

فحينئذٍ بعضهم التزم هذا قال: لا يمكن أن بعرف المركب الإضافي إلا بعد معرفة جزئيه فاحتاج أن يفسر ويعرف لنا الأصول لغةً أو الأصول لغة واصطلاحًا والفقه لغةً واصطلاحًا، وبعضهم لا يرى هذا يقول: لا، لا يلزم من معرفة المركب الإضافي أن يتوقف على معرفة مفرديه حينئذٍ لن يتعرض لمعرفة أو تعريف الأصول الذي هو المركب الجزء الأول وتعريف الفقه الذي هو الجزء الثاني بل ذكر العلم اللقبي مباشرةً (هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا) قال: (لَفْظًا لَقَبَا). إذن ذكره من جهة اللفظ ومن جهة اللقب أخره إلى هذا الموضع. لِلْفَنِّ مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا الأَوَّلُ الأُصُولُ ثُمَّ الثَّانِي ** الفِقْهُ وَالْجُزْءَانِ مُفْرَدَانِ فَالأََصْلُ مَا عَلَيْهِ غَيْرُهُ بُنِي ** وَالْفَرْعُ مَا عَلَى سِوَاهُ يَنْبَنِي وَالفِقْهُ عِلْمُ كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِي ** جَاءَ اجْتِهَادًا دُونَ حُكْمٍ قَطْعِي هذا تعريف أصول الفقه بالمعنى الإضافي من جهة المعنى العلمي اللقبي كونه نقل عن المعنى الإضافي وصار المعنى السابق نسيًا منسيًا صار لقبًا أصول الفقه يعني: لا ينظر إليه إلا كونه مركبًا تركيبًا إضافيًا كما لو سميت رجلاً بقام زيد. وجملة وما بمزر ركبا ** بغيره كما عرفا ومنه منقولٌ كفضلٌ وأسد ** وذو ارتجالٍ كسعاد وأدد وجملة وما بما زر ركبا إذن علم قد يكون مركبًا إضافيًا، وقد يكون مركبًا تنصيفيًا، وقد يكون مركبًا إسناديًا، جملة اسمية، وجملة فعلية، زيدٌ قائم، تأبط شرًا، شاب قرناها شاب ما جملة فعلية سمي أو سمي منقول عن العرب رجل اسمه شاب قرناها شاب فعلٌ ماضي، قرناها فاعل، وهو مضاف والهاء مضاف إليه نقل فصار علم جاء شاب قرناها إيش تقول في شاب قرناها تقول: جاء فعلٌ ماضي شاب فعلٌ ماضي تقول: جاء فعلٌ ماضي شاب قرناها كلها مثل جاء زيد سيان ما تفصل تقول: جاء فعلٌ ماضي، شاب قرناها هذا كلها جملة صارت منقولة شاب قرناها فاعل مرفوع رفعه ضمةٌ مقدرةٌ على أخيه منعًا من بغية اشتغال المحل بـ أين الحركة؟ سكون الحكاية قرناها الهاء بعدها ألف سكون الحكاية، تأبط شرًا، تأبط فعلٌ ماضي والفاعل مستكن وشرًا مفعولٌ به نقل فصار علم ونقل لغة العرب جاء تأبط شرًا، تأبط شراً فاعل مرفوع رفعه ضمةٌ مقدرةٌ إلى آخره، إذن أصول الفقه كان علم فنقل فصار مفرد كزيد إذن لا ينظر إليه من جهة كونه مركبًا تركيبًا إضافيًا وإنما روعي هذا المعنى في المعنى السابق عند بعضهم عند من يقول: إنه لا بد أن لا يتوقف على أنه يتوقف معرفة المركب الإضافي على معرفة جزئيه، الحاصل أن شرع في بيان أصول الفقه بعد أن عرف أصول الفقه من جهة التركيب الإضافي من جهة كونه مركبًا تركيبًا إضافيًا وهنا من جهة كونه علمًا ولقبًا للفن المسمى بهذا الاسم قالوا: الذي يشعر بمدحه بابتناء الفقه عليه لأن أصول الفقه إذا أطلق هذا فيه مدحة وهو أن الفقه الذي هو علم الحلال والحرام مبنيٌ على هذا الفن شرف أو لا شرف علم الحلال والحرام هذا يتعلق بكل العباد أليس كذلك؟ مسلمين وكافرين. وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا إِلا الصَّبِي وَالكَافِرُونَ فِي الخِطَابِ دَخَلُوا

إذن مسلمين وكافرين كما سيأتي بيانه في موضعين إذن علم الحلال والحرام المسمى عند المتأخرين بالفقه بالمعنى الاصطلاحي متوقفٌ على هذا الفن فهذا يشعر أو يشعر بمدحه بابتناء الفقه عليه، (أَمَّا) قلنا حرف تفصيل والأصل فيه حرف تفصيلٍ والأصل فيها أنه تكرر ويجوز ترك التكرار كما في قوله تعالى: {((((((((((((((((} [آل عمران:7] امبارح هذا، {(((((((الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا ((((((((} [آل عمران:7]، أين مقبل أما إذن يجوز الترك يجوز تركه أما كأنه قال عرفت له عرفت لك أصول الفقه من جهة كونه مركبًا تركيبًا إضافيا في ما سبق و (أَمَّا أُصُولُ الْفِقْهِ) بالمعنى الذي سيكون (أَمَّا أُصُولُ الْفِقْهِ مَعْنًى) (أَمَّا) من جهة اللفظ (هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا) سبق (مَعْنى بِالنَّظَرْ ** لِلفَنِّ) يعني من حيث معناه (مَعْنى) أي: من حيث معناه اللقبي المشعر بمدحه بابتناء الفقه عليه (مَعْنًى بِالنَّظَرْ ** لِلفَنِّ) أي: من جهة المعنى الحاصل بالنظر للفن كأنه نظر في الفن أولاً ثم جاء التعريف ولذلك يقولون: لا بد من تعريف الفن أولاً وهذا مما يذكر فيه أن باب العشرة إن مبادئ كل فنٍ عشرة ** الحد والموضوع إلى آخره

لماذا يذكرون؟ قالوا: لأن الطالب إذا شرع في فنٍ ما ولم يتصوره تصورًا ما يعني: أدنى ما يسمى تصور كأنك لو عرفت الحد وأنت لا ما درست الأمر ولا النهي ولا الأخبار ولا إجماع ولا القياس لا يمكن تتصور تمام الحد وأنت مازلت في أول الطريق هذا مستحيل وإنما تتصور حقيقة أصول الفقه متى؟ المعنى المراد من المراد من التعريف لن تدركه حق الإدراك إلا بعد أن تستوعب مسائل أصول الفقه وهذا عام لذلك البعض يشكل عليه بعض المسائل أما إذا كان بعض الأخوة يقول ما أفهم بعض المسائل قلت الطالب في الدرس لا يحتاج أن يفهم فهمًا مثل الملقي أنت الآن هل تتصور مثلاً نقل في نفسي أنا أي شخص تجلس عنده هل تتصور أنت تريد مسألة جديدة عليك وهو قد يكون قرأها منذ عشرين سنة في مجلس واحد تريد أن يكون الفهم متساوي هذا مستحيل هذا أكيد بأنه مستحيل لكن المطلوب من الطالب أن ( .. ) كل مسألة أشكلت عليك خذ أصل الفهم ما يمكن أن تسمى مسألة صورة المسألة وقد تشكل عليك بعض الأمور من المتمات هذا أنت ليس مطالبًا بها الآن ليس مطالبًا بها وإذا كنت ليست مطالبًا بها لا يلزم أن الفعل يكون الملقي يعني: حادثًا لها بل تذكر فمن فهمها، فهمها فبها ونعمت وإلا فينتظر حتى يشتد عوده بعد ذلك يستطيع لذلك الحدود تذكر في أول ما يشرع طالب العلم في الفن كأي فنٍ ما قالوا: وإنما المراد أن يتصور الفن تصورًا ما يعني: ليس كاملاً وإنما أدنى ما يسمى تصورًا في ماذا يبحث هذا الفن؟ نحو علمٌ بأصولٍ يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعراب ربنا بس تعرف الكلمات فتحة ضمة كسرة هذا مبحث النحاة أول الكلمة لا بحث لهم، وسط الكلمة لا بحث لهم، آخر الكلمة قد يقول لك إدغام حذف وقلب مجاز إلى آخره في الكلمات تقول هذا لا مبحث للنحاة فيها أصولٌ قواعد يعلم بها بواسطة هذه القواعد أحوال صفات أواخر الكلم إعرابًا وبناء جملي أما لا بد أن تعرف مسائل الدقائق علمك النحو حتى تعرف تمام هذا الحد وإنما المطلوب منك أن تعرف الحد على جهة التصور العام، كذلك أصول الفقه أدلة الفقه الإجمالية ( .. ) حالٌ مستفيد أمر عامة ثم بعد ذلك تعرف تفصيل هذه الأدلة الإجمالية لأنها ستبحث في باب الأمر في باب النهي والإجمال والقياس بأنواعه وحال النبي - صلى الله عليه وسلم - والمجمل والمبين والمطلق المقيد هذه لو تستوعب حق الاستعاب ثم بعد ذلك حقيقة الفن فالأصل ولذلك بعضهم يقول: من الخطأ تعريف الفن قبل الولوج في الفن بعضهم يرى أنه من الخطأ، نقول: ليس بصحيح. نقول: من مبادئ العشر كل درس نأتي بهذا وهذا ليس بصواب.

لماذا؟ لأن الحد فرع تصور الفن لكن هذا يرد عليه بماذا؟ أننا لا نطالب الطالب بماذا؟ بالتصور التام الذي يعرف حقائق ودقائق الفن بمجرد التعريف هذا لا يمكن لأن هذا فرع الفن والتصور الذي هو تصور ما أدنى ما يسمى تصور إلي هو الفهم العام هذا يمكن أن يتصوره الطالب وسيأتي إذن نقول عرفه هنا بماذا؟ ليتصوره طالبه بما يضبط مسائله الكثيرة ليكون على بصيرةٍ في تطلبها، قال: (مَعْنًى بِالنَّظَرْ ** لِلفَنِّ) أي: من جهة المعنى الحاصل بالنظر للفن، (فِي تَعْرِيفِهِ فَالْمُعْتَبَرْ) فالمعتبر في تعريفه في تعريف أصول الفقه بهذا المعنى، (فِي ذَاكَ) مشار إليه هنا المعنى اللقبي (فِي ذَاكَ) المعنى اللقبي (طُرْقُ الفِقْهِ) بإسكان الراء، ونقول: لغة. ولا نقول ضرورة في مثل هذا التركيب أليس كذلك لغة أو ضرورة؟ نقول: لغة. هو ضرورة هنا لكن مدام أمكن حمله على أنه لغة فالأولى أن يحمل على محمل حسن لأن الضرورة هذا نقص الضرورة نقص ولأن باب فُعُل بضمتين يجوز في لغة تميم تخفيفه عند تميم خاصة ما يسمى باللغة الفرعية كل وزنٍ مضبوط ليس مطلقًا مثلاً كان على وزن فعل، فعل مثل كتف هذا يجوز فيه ثلاث لغات كَتِفْ، وَكِتْف، وَكَتْف. كَتْفٌ وَكِتْفٌ جاء في مثل كَتِفْ ** في عضد ونحوه أو ضد وكذلك ما كان على وزن فعل بضمة تخفف العين بإسكانها عَضٌّ قُفُل قُفْلٌ، بل بعضهم طرده حتى بالفعل عَلِمَ قال: عَلْمَ زيدٌ بإسكان الثاني العين تخفيفًا ولذلك هذا سبق معنا في الصرف أنه يقال الفعل الماضي محصور في ثلاثة أوزان: فَعَلَ، أو فَعِلَ، ثم فَعُلَ، ويلزم ثالثهم ( .. )، فَعَلَ، أو فَعِلَ، ثم فَعُلَ، طيب تميم تقول: عَلْمَ بفتح الأول وإسكان الثاني كيف نقول محصور في ثلاثة نقول: محصورٌ في ثلاثة ما كان أصلاً وتميم تقول عَلْمَ من باب عَلِمَ، إذن هو فرع علم كما تقول ضب زيدٌ عمروًا فهو تخفيف ضرب أليس كذلك؟ وشرف عمروٌ شرف عمرو كذلك تخفف باب فَعَلَ، وَفَعِلَ، فَعُلَ، بإسكان العين مطلقًا وحينئذٍ نقول التخفيف ليس بأصل بل هو فرع فلا يعد في الأصول كذلك في الأسماء أيضًا تخفف بإسكان الثاني ولذلك ما كان من باب فَعِلَ ولم يكن عينه حرف حلق ثلاث لغات، وما كانت عينه حرف حلقٍ ففيه لغةٌ رابعة، كَتَْفٌ، كِتْفٌ، الأصل كَتِفْ على وزن فعل يقال: كَتِفْ، وَكَتْف، وَكِتْف، فَخِذ، مثل كتف يقال: فَخْذٌ، وَفِخْذٌ، وَفَخِذ، وهو الأصل وفِخِذْ بإتباع الفاء العين ألها فَخِذ بكسر الخاء تلقى حركة الفاء ثم تكسر تبعًا لماذا؟ تبعًا للعين فيقال: فَخِذٌ الأولى الأصل هذه الأصل ثم الثلاثة فروع باب فخذ تقول الأصل أنه على وزن فعل أما فَخْذٌ، وفِخْذٌ، وفِخِذ، فِعِل، هذه ثلاث لغات فرعية وليست أصلية. في فعلٍ ثانيه من حلقٍ أخذ ** كفَخِذٍ، فَخْذٌ، وَفِخْذٌ، وَفِخِذْ كذلك الفعل كقولنا شهد ** فيه أتى شَهْدَا، وَشِهْدَا مع شِهِدْ كَتْفٌ وَكِتْفٌ جاء في مثل كَتِفْ ** في عَضضٌ ونحوه عضٌ عرف في عنقٍ عُنْقٌ عنقٌ فعل مثل طرق في عنقٍ عنقٌ أتى وفي إبل ** أو بلزٍ إبلٌ وبلزٌ قد نقض

كانت قيمة انتهى الدرس، في إبل فعل إبلٌ، بِلِزْ بِلْزٌ هذه نقول: لغة فرعية وليست أصلية (فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ) إذن هو أصل طرق جمع طريق وسكنت العين. والكلام يحتاج إلى مزيد وقت نقف على هذا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد.

18

عناصر الدرس * تتمة للمبادئ العشرة * طرق التأليف في أصول الفقه * أبواب أصول الفقه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى في بيان خاتمة المقدمة وهي ما جعلها بيانًا لحد أصول الفقه من جهة اللفظ أو التركيب الإضافي ومن جهة المعنى اللقبي أو العلمي قال: أَمَّا أُصُولُ الْفِقْهِ مَعْنًى بِالنَّظَرْ ** لِلفَنِّ فِي تَعْرِيفِهِ فَالْمُعْتَبَرْ (أَمَّا) قلنا: هذه للتفصيل ولا بأس ألا تكرر أو يكرر جوابه يعني: لا يقال: أما وأما أن يكتفي بأما دون مقابلها (أَمَّا أُصُولُ الْفِقْهِ مَعْنًى) قلنا: هذا يقابل قوله في أول المقدمة وأول الباب. هَاكَ أُصُولَ الفِقْهِ لَفْظًا لَقَبَا ** لِلْفَنِّ مِنْ جُزْأَيْنِ قَدْ تَرَكَّبَا الأَوَّلُ الأُصُولُ هناك عرف أصول الفقه باعتبار كونه مركبًا إضافيًّا والسبب في هذا أنهم اختلفوا هل المركب الإضافي إذا جُعِلَ علامًا هل يشترط في حده وهو علم ولقب على الفن هل يشترط أن يعرف أولاً جزأين ثم بعد ذلك ينتقل من المعرفة الجزأين كلاً على حده لغة واصطلاحًا إلى معرفة المعنى اللقبي العلمي بعضهم جرى على هذا كما فعل الناظم هنا تبعًا للأصل وبعضهم لا قال: لا يتوقف. فبدأ مباشرةً بحد أصول الفقه علمًا ولقبًا للفن لذا قال: (مَعْنًى) من جهة المعنى لا من جهة اللفظ (بِالنَّظَرْ) من جهة المعنى الحاصل بالنظر للفن في تعريفه كالمعتبر يعني: فالمعتبر في تعريفه وبيان حده فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ أَعْنِي الْمُجْمَلَهْ (فِي ذَاكَ) أي: باعتبار معناه اللقبي (طُرْقُ الفِقْهِ) قلنا: طرق هنا الأصل أنه فُعُل بضمتين وفُعُل سواء كان مفردًا أو جمعًا يخفف بلغة تميم بإسكان العين فيقال فُعْل سواء كان مفردًا أو جمعًا قُفُل يقال: قُفْل، وهنا طرق الأصل يقال فيه تخفيفًا طُرْقُ نستفيد من هذا أنه إذا مر معنا لفظ مثل هذا التركيب وإن وكان وافق ضرورة عند الناظم إلا أنه لا يعلل بالضرورة لأن الضرورة موافقتها يعتبر عيبًا عندهم وإن كان التعليل به صحيح لكنه فيه نوع نقص فحينئذٍ نقول: هو من باب اللغة وهي لغة تميم لغة فرعية. (فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ) طُرْق جمع طريق والمراد به هنا أدلة الفقه طرق بمعنى أدلة التي قلنا أن أدلة مفردها دليل، والدليل سبق تعريفه في اللغة والاصطلاح إذن أصول الفقه باعتبار كونه لقبًا وعلمًا على الفن هو أدلة الفقه (طُرْقُ الفِقْهِ) وطرق هنا جمع طريق والمراد به الدليل، الدليل كما سبق في اللغة أنه المرشد يطلق على المرشد حقيقةً، وعلى ما به الإرشاد مجازًا هذا هو المشهور وعند أكثر المتكلمين الدليل وهو المرشد للمطلوب. وعند كثيرين من الفقهاء والأصوليين أن الدليل هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.

ما يمكن قلنا: ما بمعنى شيء عبر بالإمكان لماذا؟ ليدل على أن الدليل يسمى دليلاً ولو لم يُستنبط منه ولو لم يُنظر فيه فلو ثم دليل هناك صالح للنظر ولكنه لم يقف عليه عالم نقول: يسمى دليلاً. لماذا؟ لأن الدليل لا يشترط فيه الفهم بالفعل وإنما يشترط فيه الفهم مطلقًا يعني: سواء كان بالفعل أو بالقوة وهذا مبناه على الخلاف في تفسير الدلالة وهذا سبق معنا مرارًا أن الدلالة اختلفوا في معناها هل هي فهم بالفعل أم أنها كون الأمر؟ صحة كون الأمر حيث يفهم ** أمرًا دلالة لديهم تعتبر أو هي فهم؟ كون الأمر بحيث يفهم منه أمر فهم منه بالفعل أو لم يفهم يعني: مطلقًا كون أمر بحيث يفهم منه أمر آخر متى ما صح أن يفهم من الشيء شيء آخر الذي هو مدلول الأمر الأول الذي هو الدليل متى ما صح أن يفهم نقول: هذا دليل وإن لم يفهم منه بالفعل. أما إذا عرفنا الدلالة بأنها فهم أمرٍ من أمر هنا عين إذن إذا لم يفهم منه نقول: لا يسمى دليلاً. وهذا الفرق بين الحدين، ولذلك هنا في الدليل نختار أن القول الصحيح في الدلالة كون أمر بحيث يُفْهِمُ أو يُفْهَمُ منه أمرٌ آخر، وإن لم يُفهم منه بالفعل فحينئذٍ عبر هنا بالإمكان ليشمل الدليل ولو بالقوة. ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه هذا احترازًا من فاسد النظر، والنظر سبق أنه الفكر المؤدي إلى علم أو ظن هذا على نوعين، الفكر المؤدي إلى علم أو ظن قد يكون صحيحًا وقد يكون فاسدًا إن جرى على القواعد الصحيحة التي في القواعد المنطقية التي قعدها أربابها ولم يختلف عنها حينئذٍ أداه ذلك إلى النظر الصحيح، وإن لم يقم دليله أو قياسه على القواعد المنطقية المقررة عندهم فقياس ففكره أو نظره يكون فاسدًا لذلك بين أن الغرض أو الحكمة من علم المنطق هو هذا تمييز الفكر الصحيح من فاسده لذلك عرفه العطار بأنه علم يعرف به صحيح الفكر من فاسده. وبعد فالمنطق للجلال ** نسبته كالنحو للسان فيعصم الأفكار عن غي الخطأ ** وعن بقية الفهم يكشف فيعصم الأفكار عن غي الخطأ إذن تمَّ نظر صحيح وتمَّ نظر فاسد هنا قال: بصحيح النظر يعني: رتب المقدمات على ما ذكرها المناطقة الصغرى مقدمة على الكبرى ثم كانت الصغرى صحيحة شاهد عليها من دليل حسي أو عقلي أو سمعي، وكذلك الصغرى يصف بذلك النتيجة الصحيحة، أما إذا كان المقدمة كاذبة من جهة المادة أو من جهة الحدس حينئذٍ تكون النتيجة فاسدة. بصحيح النظر إلى مطلوب خبري هذا فيه أن الدليل لا يكون إلا مركبًا لأن النتيجة التي يؤديها الدليل هي مطلوب خبري يعني إيش؟ التصديق والتصديق لا يكون إلا مركبًا يعني: التصديق بمحمول أو بمضمون المحمول لمصدق الموضوع وهنا قال بمطلوب خبري يذكر الأصوليين في هذا الموضع أن الدليل نوعان: دليل قطعي، ودليل ظني.

قوله: بمطلوب أو مطلوب خبري. هذا يشمل النوعين فيسمى دليلاً سواء أفاد القطع ويسمى دليلاً سواء أفاد الظن فكل ما أدى إلى علم أو ظن فهو دليل وهذا مذهب أكثر الأصوليين وبعضهم فرق بين ما أفاد العلم وبين ما أفاد الظن سمى الأول دليلاً والثاني أمارة فقال: ما أفاد القطع فهو دليل، وما لم يفد القطع والعلم فهو أمارة. نقول: هذا فاسد قد رده كثير من الأصوليين وإن نسب لأكثر المتكلمين أن ما أفاد العلم يسمى دليلاً قطعيًّا وما أفاد الظن لا يسمى دليلاً بل يسمى أمارة والصحيح أنه يسمى كل منهما دليل والأول وإن كان مجمع إليه إلا أن الخلاف في الثاني يسمى دليلاً لماذا؟ لأن الدليل هذا مصطلح له معنى لغوي وأهل اللغة لم يفرقوا في إطلاق لفظ الدليل على ما أفاد العلم أو ما أفاد الظن اللغة لم تفرق بين ما أفاد القطع أو العلم وبين ما أفاد الظن كل منهما أُطلق عليه لفظ دليل هذا أولاً. ثانيًا نقول: الدليل الظني يترتب عليه ماذا؟ اعتقاد المدلول وحكمه الوجوب يعني: ما أفاده الدليل الظني حكمه إن كان من جهة المعتقد يجب اعتقاد وإن كان من جهة العمل فيجب امتثاله كذلك الدليل القطعي يجب اعتقاد مدلوله ويجب الامتثال بما دل عليه من جهة العمل إذن استويا في ماذا؟ في وجوب الاعتقاد والعمل إذن ما الثمرة بين أن يقال: هذا دليل وهذا ليس بدليل؟ كذلك يصدق عليه المعنى لأن الدليل هو المرشد إلى المطلوب فكل ما أرشد إلى المطلوب فهو دليل وما أفاد القطع أرشد إلى المطلوب وما أفاد الظن كذلك أرشد إلى المطلوب حينئذٍ تكون التفرقة بينهما ليس لها وجه صحيح فالصواب أن الدليل سواء أفاد أو الصواب نقول: كل ما أفاد العلم أو الظن فهو دليل والتفرقة بينهما ليس عليه حجة لا من الشرع ولا من اللغة أما من اللغة فلتسوية أهل اللغة بينهما ولصدق حد الدليل كونه مرشدًا إلى المطلوب على ما أفاد العلم وعلى ما أفاد الظن هذا من جهة اللغة ومن جهة الشرع نقول: كل منهما يترتب عليه ما وجوب الاعتقاد والعمل إذن لا فرق بينهما لأن الأصل أنه لا يفرق في الشرع ولو فرق بينهما في اللغة إلا إذا ترتبت ثمرة على التفريق بينهما إذن نقول: الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري ومطلوب خبري هذا أطلقه ليشمل الدليل القطعي والدليل الظني إذن نقول: (فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ) الطرق المراد بها هنا الأدلة وعبارة الأصل دلائل الفقه وبعضهم يعبر بأدلة الفقه والمسألة لغوية هل الدليل يجمع على دلائل؟ أو على أدلة؟ تاج الدين السبكي في ((جمع الجوامع)) قال: أصول الفقه دلائل الفقه إجمالاً. انتقد بأن دلائل جمع دليل ودليل لا يجمع على دلائل وإنما يجمع على أدلة هكذا قيل ولذلك نكت عليه السيوطي في ((الكوكب الساطع)) حيث نظم حد أصول الفقه قال: أصوله أدلة الفقه الأصول مجملة أدلة عدل عن عبارة الأصل وهي دلائل وهذا من تنكيتات السيوطي على الكوكب أنه إذا انتقد في مسألة فيغيرها لا ينظمها كما هي لذلك قال: ربما غيرت أو أزيد ** ما كان منقوضًا أو ما يفيد

كل ما انتقد على المصنف غيره إذن عبر بعضهم بدلائل والصواب أن يقال: أدلة. لأن جمع دليل على أدلة لا على دلائل قال: (فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ). يعني: أدلة الفقه. أدلة الفقه على نوعين: أدلة تفصيلية، وأدلة إجمالية. الفقه قائم على نوعين من الأدلة: أدلة إجمالية، وأدلة تفصيلية. الدليل التفصيلي هو الذي يُعَيِّنُ مسألة جزئية يعني: يكون متعلق الدليل مسألة جزئية خاصة لا عامة كمسألة الصلاة مثلاً {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء:32]، {((((((((((((الصَّلَاةَ}، {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} [آل عمران:130] نقول: هذا متعلق الدليل شيء خاص. وأما الدليل الإجمالي فهو الدليل غير المعين يعني الذي لا يتعلق بمسألة جزئية لا يعين مسألة جزئية قالوا: كمطلق الأمر للوجوب مطلق الأمر للوجوب هذا دليل فقهي تثبت به الأحكام هل هذا التركيب مطلق الأمر للوجوب هل تعلق بفعل خاص بالمكلف أو أنه مطلق؟ هل عين مسألة جزئية أم أنه دليل عام؟ نقول: دليل عام لماذا؟ لأن قوله: {((((((((((((الصَّلَاةَ}، أقيموا هذا أمر متعلقه شيء جزئي وهو الصلاة إذن هذا دليل تفصيلي لأن متعلق الأمر هنا الصلاة يثبت بهذا الدليل {((((((((((الصَّلَاةَ}، مسألة جزئية وهي: وجوب الصلاة. أما مطلق الأمر للوجوب نقول: هذا لا يتعلق بالصلاة فحسب بل كل ما أفاد في الكتاب والسنة الأمر وتجرد على القرائن الصارفة له دخل في هذه القاعدة، إذن هذا دليل كلي لماذا دليل كلي؟ لأن تحته جزئيات لا يمكن حصرها هذه الجزئيات هي مفردات الأوامر في الكتاب والسنة إذن نقول: أدلة الفقه نوعان: أدلة إجمالية وهي: التي لا تعين مسألة جزئية بل مدلولها كلي والكلي كما سبق أنه ما لا يمنع تعقل مدلوله من وقوع الشركة فيه. فمفهم اشتراك الكلي ** كأسد وعكسه الجزئي

هذا مطلق الأمر نقول: هذا كلي تحته جزئيات هذه الجزئيات لو نظرت كل أمر في الكتاب والسنة فهو داخل تحت هذه القاعدة لكن بشرط أن يكون مجردًا عن القرائن الصارفة عن وجوبه مطلق الأمر ليس صارفًا نعم صارفًا عن الوجوب مطلق الأمر للوجوب {((((((((((الصَّلَاةَ}، داخلٌ في القاعدة، {(((((((((((((((((((} داخلٌ في القاعدة {(((((((((((((ذَوَيْ عَدْلٍ ((((((((} [الطلاق: 2] الأصل أنه داخلٌ في القاعدة حتى يثبت قرينة كل أمر في الكتاب والسنة فهو داخلٌ في القاعدة ما المراد هنا بأدلة الفقه في كلام الناظم؟ نقول: الإجمالي لذلك احتاج إلى القيد لما احتمل قوله: (طُرْقُ الفِقْهِ). إلى النوعين احتاج إلى القيد فقال: (أَعْنِي). يعني: بأدلة الفقه بطرق الفقه (أَعْنِي) قصدي عنايتي (الْمُجْمَلَهْ) هنا في إشكال وهو أن العناية هذه في الأصل أنه لا يؤتى بها إلا في تفسير المركبات وأما المفردات فيؤتى بأي اشتريت عسجدًا أي: ذهبًا. إذا أريد أن تفسر مفرد واحد فحينئذٍ تأتي بأي التفسيرية اشتريت عسجدًا أي: ذهبًا. ذهبًا هذا تفسير لعسجد أما هنا قال: (أَعْنِي). الأصل في العناية (أَعْنِي) ومشتقاتها أنها تأتي لماذا؟ لتفسير المركبات ولذلك إذا أورد في الشروح والحواشي إذا أريد تعقيب على لفظ ما أو تفسير للفظ ما جيء بأي وإذا أريد تفسيرًا تركيب كاملاً يؤتى بالعناية ولذلك يقال مثلاً ولا يجوز بالابتداء بالنكرة ما لم تفيد يعني: أنه لا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تفد لأنه ما فسر تفسيرًا لفظيًّا وإنما فسر تفسيرًا جمليًّا ففسر التركيب فيقول: يعني. الناظم يعني وهنا أتى بالعناية والأصل أن بأي لعله لضيق النظم أنه ما استطاع أن يأتي بأي (أَعْنِي الْمُجْمَلَهْ) مجملة هذا مفعلة من الإجمال (أَعْنِي الْمُجْمَلَهْ) يعني: الأدلة التي يثبت بها الفقه إجمالاً وإجمالاً هنا تفسر بغير المعين فاحترز عن التفصيلية بالمجملة أخرج الأدلة التفصيلية بقوله: (الْمُجْمَلَهْ). فكأنه قال: أصول الفقه معنى بالنظر للفن في تعريف المعتبر طرق الفقه المجملة كما قال صاحب الأصل ((جمع الجوامع)) هنا ليس الأصل ((جمع الجوامع)): أصول الفقه دلائل الفقه إجمالاً.

هذه العبارة دلائل الفقه إجمالاً أدلة الفقه الأصول مجملة الأصول أدلة الفقه مجملة أما التفصيلية فهذه ليست من مباحث الأصوليين وإنما هي من مباحث الفقهاء لأن الفقيه هو الذي يثبت الأحكام أو أحكام المسائل الجزئية فنظر الأصولي يختلف عن نظر الفقيه كل منهما ينظر في الدليل إلى أن الأصولي ينظر في تقعيد التقعيد قاعدة عامة تتعلق في سائر الفقه ولا ينظر إلى مسألة جزئية وإذا ذكر المسائل الجزئية في كتب أصول الفقه فالمراد بها التمثيل فقط والتنظير وليس المراد الحصر وهذا على طريقة المتكلمين ونظر الفقيه إنما ينظر في الأدلة التفصيلية إذن نظره خاص أو عام؟ خاص، ونظر الأصولي عام الأصولي ينظر في دليلٍ عام ليثبت قاعدة كلية والفقيه ينظر نظرًا خاصًا في دليل خاص ليثبت مسألة خاصة ففرق بين النظريين نظر الأصولي يختلف عن نظر الفقيه وبهذا التفريق يميز بينهما أن كل منهما له نظر في الأدلة ينظر في الأدلة لكن نظر الأصولي نظر عام يعني لا يتعلق بمسألة خاصة مسألة جزئية وإنما ينظر في الدليل السمعي الكلي ليثبت بواسطة هذا النظر أدلة وقواعد كلية تكون مضطردة في سائر الوحيين ليثبت بها أحكام جزئية وأما نظر الفقيه فهو نظر خاص يعني لا يطلب قاعدة كلية ولا ينظر في دليل كلي وإنما نظر خاص في دليل خاص {((((((((((الصَّلَاةَ} هذا خاص يقف معه الفقيه ليثبت ماذا؟ ليثبت وجوب الصلاة إذن مسألة خاصة وهي: وجوب الصلاة. دليل خاص وهو: {((((((((((الصَّلَاةَ} ونظر خاص يعني: يبحث في الكتاب والسنة ليصل إلى أحكام جزئيات بخلاف الأصوليين (فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ أَعْنِي الْمُجْمَلَهْ) أي: أدلة الفقه المجملة. أي: غير المعينة قال: (كَالأَمْرِ أَوْ كَالنَّهْيِ). الكاف هذه تمثيلية لأن مباحث الأصوليين ليست خاصة بالأمر والنهي وإنما لكون أكثر ما يتعلق به الأحكام الشرعية هي الأوامر والنواهي اكتفى بالمثالين (كَالأَمْرِ) والمراد هنا مطلق الأمر (كَالأَمْرِ) أي: كمطلق الأمر أو كالأمر المطلق يعني: يصح أن تقدم الصفة وتضيفها (كَالأَمْرِ) أي: كمطلق الأمر أو كالأمر المطلق مطلق الأمر يقصدون به ما تجرد عن القرين الصارفة له عن الوجوب لأن الأمر في الكتاب والسنة على وجوه صيغة افعل على وجوه من حيث إفادتها الوجوب قد يكون مقيد بقيد يدل على الوجوب وقد يكون مقيد بقيد لا يدل على الوجوب وقد لا يقيد لا بدليل يدل على الوجوب ولا بدليل يدل على الوجوب وهذا الثالث هو الذي يعنون له بهذه القاعدة مطلق الأمر وإذا أردنا المثال لو قال الشارع: صل وإلا قتلتك. صل هذا أمر وإلا قتلتك ماذا نقول هنا؟ يدل على الإجماع وليس هو محل خلاف صل وإلا قتلتك وإلا قتلتك هذه قرينة تدل على المراد بصل الوجوب هل هذه الصيغة هي محل الخلاف إن صح الخلاف؟ لا ليست محل خلاف خذه بالإجماع تحمل على الوجوب صل إن شئت تحمل على الوجوب؟ لا تحمل على الندب بالإجماع لا خلاف في هذا قال: صل.

فقط وسكت لم يقيده بما يدل على الوجوب ولم يقيده بما لا يدل على الوجوب هذه الثالثة هي التي محل نزاع ولذلك قيل مطلق الأمر الأَمر المطلق عن ماذا؟ عن قرينة تصرفه على الوجوب أو قرينة تدل على الوجوب إذا جاء وقال: صل مطلقًا هكذا ولم يقيده بقيد صارفٍ عن الوجوب أو مؤكد للوجوب؟ نقول: هذا الصحيح أنه للوجوب. وافعل لدى الأكثر بالوجوب وحكي الإجماع إجماع الصحابة على ذلك والخلاف حادث وافعل لدى الأكثر بالوجوب ** وقيل للندب أو المطلوب وقيل الوجوب أمر ربِ ** وأمر من أرسله للندب

هذا أقوال كلها في صيغة افعل المجردة المطلقة عن قيد يدل على الوجوب أو قيد لا يدل على الوجوب هنا قال: (كَالأَمْرِ). أي: كمطلق الأمر للوجوب هذه قاعدة كلية عند الأصوليين هذه تسمى دليلاً وهذا فيه نزاع هل القواعد هذه المستنبطة تسمى أدلة أو لا؟ وسيأتي الخلاف في ما ينبني عليه من تعريف أصول الفقه على هذه المسألة إذن مطلق الأمر للوجوب نقول: هذا دليل تثبت به ماذا؟ دليل أو ليست بدليل مطلق الأمر للوجوب هذه يأخذها الفقيه فيثبت بها أجزاء أو جزئيات داخلة تحت هذه القاعدة فيقول مثلاً: {((((((((((الصَّلَاةَ} أمر. وهذه يثبتها من جهة اللغة {((((((((((الصَّلَاةَ} أمر لأن أقم هذا فعل أمر {((((((((((الصَّلَاةَ} أمر ومطلق الأمر للوجوب إذن الصلاة واجبة إذن {((((((((((الصَّلَاةَ} أمر هذا نظر خاص في مسألة خاص في دليل خاص ومطلق الأمر للوجوب هذه أثبتها الأصولي بنظر عام في دليل عام فأثبت قاعدة عامة النتيجة التي ترتبت من هذا القياس من جعل دليل الجزئي مقدمة صغرى وجعل الدليل الكلي مقدمة كبرى النتيجة هي حكم المسألة التي يبحث عنها الفقيه (كَالأَمْرِ). أي: كمطلق الأمر للوجوب هذا دليل فقهي جملي يعني: عام لا يبحث عن جزئية معينة ولا يتعلق بمسألة خاصة بل يثبت به كل أمر دل عليه الشرع بشرطه أن يكون تجرد عن القرينة الصارفة له (أَوْ كَالنَّهْيِ) هل يبحث عن الأمر فقط أنه للوجوب؟ لا وإنما يبحث عنه هل هو للوجوب أم لا عند الإطلاق هل الأمر ( .. )

أم لا هل الأمر للتكرار أم لا مباحث إذن الأمر هذا نوع من أنواع الكتاب الذي هو القرآن يبحث عنه عن ما يعترضه من الأحوال العارضة فصيغة افعل هذه موضوع أصول الفقه يبحث عن الأصولي صيغة افعل من حيث العوارض التي تعتري صيغة افعل ما هي العوارض التي تعترضها من جهة دلالته على الوجوب أو عدمه من جهة اقتضاء افعل الفور أو عدمه من جهة أن من امتثل الأمر قد أتى بالواجب من جهة هل تفيد التكرار أم هذه أحوال عارضة تعترض صيغة افعل نظر الأصولي في الموضوع الذي هو الأمر ثم فيما تعترض هذه الصيغة من الأحوال كما قيل في موضوع فن الطب أنه بدن الإنسان بدن الإنسان يبحث عنه الطبيب من أي جهة؟ من جهة طوله وقصره وعرضه؟ لا وإنما يبحث عنه من جهة الصحة والمرض إذن البدن هذا موضوع الأمر هنا موضوع أصول الفقه البدن موضوع الطب الأحوال العارضة التي تعترض البدن الصحة والمرض إذن يبحث الطبيب عن بدن الإنسان من حيث الصحة والمرض والأصولي يبحث في الأمر من حيث ما يعترضه من الصفات التي ترد على الأمر وهي: اقتضاؤه للوجوب التكرار الفور إلى آخره فيجعل الأمر الذي هو موضوع أصول الفقه ويعد نوعًا من أنواع الكتاب يجعل موضوعًا في قضية ثم يؤتى بالمحمولات أو العوارض محمولات تحمل على هذا الموضوع فيقال الأمر للفور، الأمر هذا هو الموضوع للفور هذا هو الصفة الذي هو العارض كالصحة والمرض هناك الأمر للوجوب الأمر يقتضي التكرار هذه المحمولات هي التي يبحث عنها الأصولي في إثباتها أو نفيها للأمر وإلا بحث الأصولي لا يخرج عن كون النص أمرًا أو نهيًا إلى آخره مما سيذكر لا يخرج عنها وإنما يتنازع مع غيره من الأصوليين في كون الأمر يفيد الوجوب أو لا؟ الأمر يقتضي الفور أو لا؟ الأمر يقتضي التكرار أو لا؟ هذه صفات هي التي يقع فيه النزاع بين الأصوليين أما الأمر فلا نزاع فيه لماذا؟ كما أن الأطباء لا يتنازعون في بدن الإنسان وإلا فيما يثبت له وينفى من الأمراض ونحوها كذلك الأصوليون لا يتنازعون في الأمر وإنما يختلفون في الصيغات العارضة لصيغة افعل هذا يقول: يفيد الفور. وهذا يقول: لا.

أما الأمر كما هو كما أن بدن الإنسان لا يخرج عن كونه بدن الإنسان إذا وقع النزاع فيه هل يثبت مرض أو لا كذلك هنا الأمر لا يخرج عن كونه أمرًا إذا حصل نزاع هل يقتضي الوجوب أو لا؟ هل يقتضي الفور أو لا؟ هل يقتضي التكرار أو لا؟ إذن نقول: الأمر يبحث عنه من جهات نظر الأصولي إلى الأمر من جهة كونه موضوعًا والمحمولات التي تحمل عليه هذه هي علم أصول الفقه (كَالأَمْرِ أَوْ كَالنَّهْيِ) أو للتنويع والتقسيم (كَالأَمْرِ) مثال أيضًا للأمر وإن شئت قل: زائدة معطوفة على الأمر (أَوْ كَالنَّهْيِ) المنصوص عنه أنه للتحريم النهي لا تفعل هذا من موضوع أصول الفقه من موضوعات أصول الفقه لأنه يعتبر دليل يبحث عن النهي هل يقتضي التحريم أو لا؟ هل يقتضي الفساد أو لا؟ هل يقتضي التكرار أو لا؟ ما نقوله هنا، هل يقتضي الفور أو لا؟ سيأتي أنه لا يتصور فيه التراخي إذن هناك صفات تتعلق بالنهي كذلك العام دلالته على أفراده هل هي ظنية أو قطعية إذا خص منه دلالته على الباقي بعد التخصيص هل هي ظنية أو لا؟ هل هي مجاز أو حقيقية أو لا؟ فيه نزاع حينئذٍ نقول: الدليل السمعي الذي يثبته الأصولي من حيث الحجية أو لا هذه أربعة المتفق عليها في الجملة الكتاب والسنة والإجماع والقياس جمهور الفقهاء على أن هذه الأدلة متفق عليها في الجملة وإن كان بعضهم يرى أن الدليل محصور في الكتاب لأن السنة ثابتة بالكتاب والإجماع ثابت بالكتاب والسنة، والقياس ثابت بالكتاب والسنة والإجماع فلا إشكال وبعضهم يجعلها قسمين كتاب وسنة، وبعضهم يزيد الإجماع، وبعضهم يزيد القياس وهذا قول الجمهور يعني: جمهور المذاهب الأربعة ما عداها فهو مختلف فيه مثل قول الصحابي هل هو حجة أو لا؟ المصالح المرسلة حجة أو لا؟ شرع من قبلنا؟ ... إلى آخره هذه منازع فيها القواعد الأصولية هل تسمى أدلة أو لا؟ هذا فيه نزاع وإن استدل بها لكن هل يستدل بها كدليل شرعي أو لا؟ هذا فيه نزاع. فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ أَعْنِي الْمُجْمَلَهْ ** كَالأَمْرِ أَوْ كَالنَّهْيِ

إذن عرفنا أن الكتاب دليل كلي دليل فقهي كلي، والسنة دليل فقهي كلي، والإجماع دليل فقهي كلي، والقياس الصحيح دليل فقهي كلي. هذه أربعة أدلة بحث الأصولي في الكتاب مثلاً يثبت هذا فعل كلام عندهم هل الكتاب حجة أو لا؟ لأن من مباحث الأصول يثبت الأدلة التي يجوز للفقيه أن يعتمدها فيستنبط منها الأحكام لأن ليس كل ما توارد للعقل يجوز أن يستنبط منه الفقيه لا ولذلك العقل ليس مصدرًا من مصادر التشريع والهوى والرأي ليست من مصادر التشريع إنما مصادر التشريع محفوظة في الوحيين كتاب وسنة وما دل عليه الكتاب والسنة فكل دليل يجعل أصلاً للاستنباط لا بد أن يكون ثابتًا من الكتاب والسنة وإلا لا يجوز أن يجعل دليلاً إذن يثبت الأصولي حجية الكتاب أولاً لأن ثَمَّ من ينازع كالدرية ونحوه يثبت الأصولي حجية السنة لأن بعضهم قد ينازع الاستدلال بالسنة ويكتفي بالقرآن يثبت الأصولي حجية الإجماع خلافًا لمن أنكر يثبت الأصولي حجية الإجماع خلافًا لمن أنكر يثبت الأصولي حجية القياس خلافًا لمن أنكر إذن الخلاف في الكتاب هل هو حجة أو لا؟ والسنة هل هي حجة أو لا؟ والقياس هل هو حجة أو لا؟ والإجماع هل هو حجة أو لا؟ هذا بحث في كتب الأصول إذا أثبتنا حجية هذه الأربعة وهي ثابتة ولله الحمد نقول: الكتاب الذي هو القرآن دليل سمعي كلي أليس كذلك لأنه مصدر لإثبات الأحكام الشرعية الفقهية حينئذٍ يرد السؤال هل الكتاب القرآن ورد على صيغة واحدة لا تختلف؟ هل ورد على صيغة واحدة هل القرآن كله من أوله إلى آخره أوامر فقط أو نواهي فقط أو ألفاظه عامة فقط أو خاصة؟ لا وإنما متفاوتة منه ما هو أمر يعني: كون اللفظ قد يكون أمرًا وقد يكون نهيًا وقد يكون عامًا وقد يكون خاصًا وقد يكون مطلقًا وقد يكون مقيدًا وقد يكون ناسخًا منسوخًا مجملاً مبينًا نقول: هذه كلها تعتبر أنواع للدليل دليل واحد كما ذكر الفتوحي الدليل واحد وهو القرآن لكنه ليس على مرتبة واحدة وإنما مختلف المراتب ومتنوع المراتب منه ما هو أمر منه ما هو نهي منه ما هو عام خاص قد يؤخذ الحكم من جهة المنطوق قد يؤخذ الحكم من جهة المفهوم المفهُوم قد يكون موافقة قد يكون مخالفة هذه نسميها ماذا أنواع الدليل إذن عندنا دليل وعندنا أنواع الدليل الكلام واضح عندنا دليل وعندنا أنواع الدليل إذن الدليل يثبته الأصول من جهة الحجية فقط ثم ولا كلام ثم ينظر في الأنواع، الأمر هذا نوع من أنواع الدليل السمعي الذي هو القرآن يبحث عنه الأصولي يدور حوله ينظر الأحوال التي يمكن أن يوصف بها هذا الأمر ينظر في الأحوال والصفات التي يمكن أن يوصف وتكون من العوارض الأمور العارضة لصيغة الأمر فما أثبته الأصولي محمولاً أو خبرًا للأمر فهو علم أصول الفقه لأنه يثبت لك أولاً ما هي الصيغة التي تدل على الأمر لأنه إذا قيل: أمر ونهي. كيف نميز الأمر والنهي لا بد أن يكون مربوطًا الأمر بصيغ لا تحتمل غيره ولا تشارك غيره والنهي كذلك لا بد أن يكون له صيغ لا تشارك غيره العام الخاص هناك ألفاظ العموم يعنيها لك الأصولي هناك ألفاظ للخاص، هناك ألفاظ إذا أطلقت نقول: هذا مطلق. وإذا جاءت مقيدة نقول: هذا يقيد به المطلق.

إذن هذه نسميها أنواع الدليل هي موضوع أصول الفقه علم أصول الفقه هو إثبات المحمولات والصفات لهذه الأنواع لذلك يزيدون وكيف يستدل بالأصول إذا عرفنا أن الدليل واحد وهو القرآن مثلاً وعرفنا أن الدليل له أنواع كيف نستدل بهذه الأصول؟ ويعبر عنها بعضهم بوجوه الاستدلال بالقرآن وجوه الاستدلال هو إثبات الأنواع أولاً بصيغها ثم إثبات محمولاتها لها ثم بيان أن بعض هذه الأنواع قد يحصل فيه نوع تعارض فحينئذٍ يقدم الخاص على العام قد يأتي لفظ في موضع عام وقد يأتي في موضع خاص حصل تعارض أو لا؟ في الظاهر حصل تعارض لكن يقعد لك الأصولي أنه لا تعارض بين عام وخاص إذ الخاص يقضي على العام هذا كيف يستدل بالأصول وجوه الاستدلال بالكتاب والسنة عند التعارض أما عند عدم التعارض هذا لا إشكال تبقى القاعدة على أصلها فإذا حصل تعارض هذا ما ذكروه في الباب السادس أظنه باب أو كتاب المرجحات التي سيأتينا فصل في تعارض الأدلة ويبين لك الدليل أو يبين لك الأصولي أنه لا تعارض بين قطعيين ولا تعارض بين قطعي وظني وإنما تبقى التعارضات أو وجوه الاحتمالات في التعارض بين ظني وظني إما ظني الدلالة وظني الثبوت أو ظني الدلالة من الثبوت لأن الأدلة باعتبار القطع والظن أربعة إما من جهة الثبوت وإما من جهة الدلالة يعني: الطريق إما من جهة الثبوت وإما من جهة الدلالة قد يكون الدليل قطعي الثبوت والدلالة وقد يكون قطعي الثبوت ظني الدلالة الدَّلالة يعني: اللفظ. يعني: القرآن مثلاً قطعي الثبوت لا شك لكن هل كل مدلولات ألفاظ القرآن قطعية؟ ما تحتمل؟ لا بعضها قطعي وبعضها {((((((((((أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا ((((} [محمد:19] هذا قطعي قطْعي الثبوت وقطعي الدلالة قطعي الثبوت {(((((((((قُرُوءٍ} [البقرة:228] هذا قطعي الثبوت ظني الدلالة لأنه فيه خلاف قد يكون ظني الدلالة ظني الثبوت، ظني الثبوت قطعي الدلالة قسمة رباعية الأصولي يقرر لك أنه لا تعارض بين قطعيين لا يمكن لأن العقل لا يعارض النقل العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح فإذا وجد تعارض إما العقل ليس بصريح وإما النقل ليس بصحيح لا بد من هذا أيضًا لا تعارض بين قطعي وظني لأننا قلنا: القطعي مقدم على الظني. أما الظنيات هي التي تحتمل التعارض فحينئذٍ يأتي كتاب المرجحات كتاب كامل عند الأصوليين يسمى بالمرجحات كتاب كامل عند الأصوليين يسمى بالمرحجات إذا تعارض مطلق ومقيد ماذا يصنع الأصولي؟ إذا تعارض عام وخاص إذا تعارض ما علم تاريخه حينئذٍ يقدم الناسخ على المنسوخ ونحو ذلك وهذا مرادهم بقوله كيف يستدل بالأصولي كيف هذا معطوف على قوله: (طُرْقُ). إذًا داخل في حد أصول الفقه علمًا لهذا الفن وكيفية الاستدلال بالأصول أي: بطرق الفقه الإجمالية لكن لا من حيث إجمالها ولكن من حيث تفصيلها عند تعارضها في إفادة الأحكام هذا هو القيد الثاني في الحد الأول أدلة الفقه الإجمالية ثم كيفية الاستفادة من هذه الأدلة متى؟ عند التعارض.

(وَالْعَالِمُ الَّذِي هُوَ الأُصُولِي) (وَالْعَالِمُ) يعني: بطرق الفقه الإجمالية. الذي هو أي: العالم الأصوليُّ هذا الأصل نسبة إلى الأصول والأصل في هذا أنه ينسب إلى المفرد لأن الجمع لا ينسب إليه إلا إذا صار علمًا كالأنصار صار علمًا حينئذٍ يقال: أنصاريُّ. وإلا الأصل أنه لا ينسب إلى المفرد كنسبة الأنصاري إلى الأنصار (وَالْعَالِمُ الَّذِي هُوَ الأُصُولِي) يعني: العالم بطرق الفقه الإجمالية ومرادهم بهذا القيد حال المستفيد من هو المستفيد هو الطالب للحكم من النصوص وهو المجتهد لأن المجتهد إذا عرفنا أن أصول الفقه أدلة الفقه الإجمالية ثم هناك تعارض بين الأدلة فكيف نستفيد من هذه الأدلة عند التعارض من الذي يقدم هذا على ذاك؟ من؟ كل من هب ودب؟ لا، لا بد من شروط في المجتهد هو الذي يقول: هذا عام وهذا خاص فنقضي على العام بالخاص هذا ناسخ وهذا منسوخ فنقدم الناسخ على المنسوخ هذا مطلق وهذا مقيد فنقضي على المطلق بالمقيد وهذا ليس مفتوحًا هكذا وإنما لا بد من شروط وضوابط تجيز للمجتهد أن يُقبل ويقدم على مثل هذه الأمور لماذا؟ لأن هذه يثبت بها الحلال والحرام وهذا لا يجوز الإقدام عليه إلا بعلم (وَالْعَالِمُ الَّذِي هُوَ الأُصُولِي) إذن لا يسمى أصولي إلا إذا كان على معرفة وإتقان بهذا الفن لا يسمى أصوليًّا إلا إذا كان على معرفة تامة بهذا الفن مع إتقانه لها يعني لهذه القواعد لذلك يُذكر عن أبو البقاء العقبري أنه قال: أبلغ ما يتوصل إلى إحكام الأحكام إتقان أصول الفقه. أبلغ ما يتوصل به إلى إحكام الأحكام إتقان أصول الفقه. ولذلك لا يسمى أصوليًّا إلا إذا كان محكمًا لهذه الأحكام التي هي قواعد العامة إذن عرفنا من هذا هذين البيتين أن حد أصول الفقه عند الناظم كصاحب الأصل أنه أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد الذي هو المجتهد وأما ما يذكر من التقييد ونحوه هذا يعتبر تبعًا لحال المجتهد الذي هو المستفيد.

دلائل الفقه الإجمالية أو أدلة الفقه الإجمالية المراد بالأدلة هنا القواعد فيشمل حينئذٍ الأدلة المتفق عليها والأدلة المختلف فيها والقواعد كمطلق الأمر للوجوب أدلة الفقه أدلة هذا جنس أضافه إلى الفقه أدلة هذا جنس أضافه إلى الفقه فأخرج أدلة التوحيد ونحوه وأدلة النحو ونحوه إذن نقول: أدلة هذا جنس يشمل كل ما يصح أن يكون دليلاً للشيء فإضافته للفقه أخرج بها غيره الإجمالية هذا فصل أخرج به الأدلة التفصيلية بحسب مَسألة مسألة فإن هذا من وظيفة الفقيه وحال المستفيد يعني: حال أو بيان حال وشروط المفتي أو المجتهد كما سيأتي في موضعه إذن عرف هنا أصول الفقه بالأدلة الأدلة نفسها هي أصول الفقه قال بعضهم: لا ليست الأدلة هي أصول الفقه بل العلم بالأدلة أو معرفة الأدلة لماذا؟ قالوا: لأن العلم بالأدلة موصول إلى المدلول والأدلة لا توصل إلى المدلول إلا بواسطة العلم مطلق الأمر للوجوب لو كانت مكتوبة في الكتاب ومغلقة استفدنا منها شيء مطلق الأمر للوجوب والكتاب في الرف هل نستفيد منها شيء قالوا: لا مطلق الأمر للوجوب هذه هي الدليل الدلِيل نفسه ليس أصول الفقه وإنما العلم بهذه القاعدة لأن الدليل نفسه لا يوصل إلى المدلول إلا بواسطة العلم أما كونه دليلاً مطلق الأمر للوجوب والنهي للتحريم ثم الكتاب في الرفوف نقول: ما نستفيد منه ولا شيء وإنما العلم هو الذي يوصل إلى العلم بهذه القواعد فقالوا: إذن لا بد أن نزيد كلمة معرفة أو العلم. ولذلك زادها السيوطي في ((الكوكب)). أدلة الفقه الأصول مجملة ** وقيل معرفة ما يد ...

وقيل معرفة لكن المرجح عند الكثيرين أن الأدلة نفسها هي أصول الفقه والمعرفة هذه وإن كانت طريقة موصولة إليه إلا أن النزاع بين الطرفين الظاهر أنه نزاع لفظي لماذا؟ لأن بعضهم نظر إلى أصول الفقه من حيث كونه مركبًا إضافيًّا وبعضهم نظر إليه من حيث كونه لقبًا وعملاً من عرف أصول الفقه بالنظر الأول وهو كونه مركبًا إضافيًّا قال: أصول الفقه أدلة الفقه إلى آخره لماذا؟ لأن الأنسب هنا أصول جمع أصل فالأصل ما عليه غيره بني أصل الفقه أصول الفقه والأصل قلنا: يطلق في الاصطلاح على خمسة معاني أرجحها وأنسبها هنا؟ لا الدليل أنسبها الدليل لأن الفقه الأصل ما بني عليه غيره حسًا كان أو معنى وهنا الفقه قد بني على الأصل وهو الدليل حينئذٍ نقول: أصول الفقه أدلة الفقه الإجمالية ومن نظر إلى كونه علمًا ولقبًا جعل المركب الإضافي نسيًا منسيا فقال: أصول الفقه هو العلم بالأدلة الإجمالية إذن هل ثَمَّ خلاف متوارد على محل واحد؟ الجواب: لا، إذن كل من التعريفين نظر إلى نظرِ نظر نظرًا فمن نظر إلى كون أصول الفقه علمًا قال: هو العلم. ومن نظر إلى كون أصول الفقه مركبًا إضافيًّا باعتبار الأصل قال: هو أدلة الفقه الإجمالية إذن لا ينبغي أن يجعل تعارض بين التعريفين فنقول: كِلا التعريفين صحيح ولكن الأول نظر نظرًا خاص والثاني نظر أيضًا نظرًا خاصًا بعضهم قال: يعني: رجح أن يكون التعريف بالأدلة ووهى القول بأنه العلم أو المعرفة أن الأصول هي نفس الأدلة لا معرفتها لأن الأدلة إذا لم تُعلم لا تخرج عن كونها أصولاً إذن ما عرف مطلق الأمر وبقيت في الكتاب عدم العلم هل أخرج القاعدة عن كونها أصولاً؟ الجواب: لا، هو علم عِلم سواء كان في السطور أو كان في الصدور هو أصول أصُول عدم العلم به لا يخرجه عن كونه أصولاً وإلا لخرج الآن في هذا الزمن أصول الفقه لأن الأصل أنه غير معلوم هذا هو الأصل الغالب الآن أصول الفقه لا يُدَرَّس ولا يُدْرس لو قيل: إن أصول الفقه هو العلم دون أن يكون مسمى الأصول هو الذي في الكتب نقول: خرج عن كونه أصولاً والعلم أو عدم العلم لا يخرج الأصول عن كونه أصولاً أيضًا أصول الفقه قالوا: هذه ليست مطلقة أصول الفقه نحن لا نعرف أصول من جهة الإطلاق أي أصلا نقول: أصول الفقه. حينئذٍ يتعين أن يكون المراد هو أدلة الفقه وذكر الزركشي في ((التشنيف المسامع)) أيضًا المسألة قريبة من هذه فقال: لأن أهل العرف لا يسمون العلوم أصولاً ويقول: هذا كتاب في الأصول. أليس كذلك؟ أما العلوم فلا تسمى قال: لأن أهل العرف لا يسمون العلوم أصولاً ويقول: هذا كتاب أصول. إذن حينئذٍ لا يرجح أن يكون المراد بأصول الفقه هو أدلة الفقه ومن قال: معرفة أدلة الفقه ونظر إلى كونه علمًا ولقبًا وجعل المركب الإضافي نسيًا منسيا أيضًا لا إشكال. هذا هو حد أصول الفقه عند الأصوليين. فِي ذَاكَ طُرْقُ الفِقْهِ أَعْنِي الْمُجْمَلَهْ ** كَالأَمْرِ أَوْ كَالنَّهْيِ لا الْمُفَصَّلَهْ وَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِالأُصُولِ ** وَالْعَالِمُ الَّذِي هُوَ الأُصُولِي

عرف الفتوحي أصول الفقه في التحرير بأنه القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عدل عن قوله: أدلة. إلى قوله: القواعد. لماذا؟ على الخلاف السابق الذي ذكرته وأشرت إليه هل تسمى القاعدة دليلاً أو لا؟ من قال: القاعدة تسمى دليلاً. عرفه بما سبق أدلة الفقه لا إشكال عنده فحينئذٍ الأدلة تشمل المتفق عليها والمختلف فيها والقواعد الأصولية ومن قال: لا الدليل لا يطلق على القاعدة مطلق الأمر لا يسمى دليلاً والدليل يختص بالوحيين عرف أصول الفقه بأنه القواعد فحينئذٍ يشمل القواعد التي أخذت من الكتاب والسنة وما استنبطه العقل منهما فيعبر بالقواعد وهي جمع قاعدة قضية كلية يتعرف بها أحكام جزئياتها كمطلق الأمر للوجوب هذه قاعدة كلية تحتها جزئيات يتوصل بهذه القاعدة إلى استنباط الأحكام استنباط استخراج الأحكام الشرعية الفرعية من الأدلة التفصيلية ولذلك يقال: إن الأصولي يخدم الفقيه. يعني: يجمع له القاعدة مطلق الأمر للوجوب هذه كيف يثبتها الأصولي يتتبع الكتاب والسنة إن كان من أهل التتبع ويستطلب بوادئ الأمر وما حكم عليه الشرع مع اقتران القرينة ومع عدمها، ثم فهم الصحابة، ثم قواعد اللغة، ثم أقوال العلماء فيستخلص من هذه الطريقة أو النظر يستخلص منه قاعدة عامة مطلق الأمر للوجوب هذه يقدمها جاهزة إلى الفقيه الفقِيه يستخدمها مباشرةً يطبقها ويحملها على الأدلة التفصيلية الجزئية عنده قد يكون الفقيه لا يدري الفقه قد يكون الأصولي لا يدري ما الفقه، إذن ليس كل أصولي فقيه وليس كل فقيه أصولي هذا إذا أردنا أن نميز العلوم الأصولي قد يكون على علم قواعد عامة لكن لا يدري الأحكام الخاصة لأنه لا ينظر في كتب الفقه، الفقيه قد لا يكون أصوليًّا لأنه وإن طبق هذه القاعدة فهو مقلد إن طبق هذه القاعدة دون نظر في دليل الأصولي كيف أثبت هذه القاعدة لأنه يأخذها كذا جاهزة مطلق الأمر للوجوب لا يسأل يقول: هذه قاعدة أصولية. ولذلك إذا قيل: والقاعدة الأصولية الناس يثبتون. كأنه قال: قال الله تعالى. والنص ما يحتمل لماذا؟ لأن هذا علم له مكانته عند الفقهاء علم جليل أصول الفقه يعني: ينبني عليه الفقه. إذا قيل: أصولي. يعني: أصولي. ليس الأصولي بمعنى الحادث أصولي يعني: على علم وتمكن بهذا الفن. فيقدم هذه القاعدة يأخذها منه ويستلمها الفقيه قد ينظر في دليل الأصولي كيف أثبت هذه القاعدة سيكون هو أيضًا أصولي فقيه وإذا أخذها كذا على عماها وطبقها صار مقلدًا في هذه القواعد إذن قد يكون الفقيه مقلدًا وبهذا تعرف الآن الخلط الموجود بعضهم يدعوا التحرر من المذاهب الأربعة كلية يقول: لا بد أن ننظر نحن نظر متجرد ونترك التقليد.

ودعوى المشاعة فيظن أنه كل ما قيل: مطلق الأمر للوجوب والعام يحمل على عمومه ولا تعارض يظن أنه بمجرد النطق بهذه القواعد أنه صار مجتهدًا لا بد أن تعرف كيف أثبتت هذه القواعد حينئذٍ تكون قد أخذت القاعدة بدليل أما أخذ القاعدة بتقليد ما خرجت عن كونك مقلدًا ولو تجردت في الأحكام الخاصة ليس الفقه فقط التجرد عن التقليد في المسائل الجزئية فقط قد يقول أنا لا أنظر إلى الخمرة رجس أو ليست من الرجس الدليل كذا ينظر في الدليل الآخر فيستخلص قول وانتهى لا قواعد عامة أنت طبقتها في استخراج الأحكام الشرعية هذه القواعد إن أخذتها بدليها فأنت متبع ولست مقلدًا إن أخذتها هكذا فأنت مقلد ولو طبقتها وخرجت بقول أنت ترى أنه باختيارك ولذلك لا ينفك الإنسان عن تقليد مهما كان لو أراد أن ينفك عن التقليد هذا لا أظن أن يكفيه ألف سنة حتى يبحث كل مسألة كل حديث كل قاعدة ثم هذه القواعد بعضها قد يكون مستند إلى قاعدة لغوية ثم تتبع كتب كُتب اللغة وتستخرج قول هذا قليل إذن ماذا نقول القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط هذا تعريف أصول الفقه عند الفتوحي قواعد التي يتوصل بها يعني: بقصد هذه القواعد إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية يطبقها الفقيه فيستخلص منها الأحكام الشرعية الفرعية إذن عرفنا حد أصول الفقه من جهة كونه مركبًا إضافيًّا باعتبار طرفيه وعرفنا حد أصول الفقه باعتبار كونه علمًا ولقبًا لهذا الفن. ما موضوع أصول الفقه؟ نقول: الأدلة نفسها نفس الدليل القرآن ثم يبحث عنه هل هو حجة أو ليس بحجة؟ لأن الدهرية ينكرون السنة هل هي حجة أو ليست بحجة؟ فالقرآن، والسنة، والإجماع، والقياس هذه موضوع أصول الفقه يبحث عنها من جهة العموم هل هي حجة أو لا؟ وكونها حجة أو ليست بحجة هذه أمور عارضة كالمرض والصحة لبدن الإنسان ثم هذا الدليل له أنواع كما ذكرناه في الدليل السمعي القرآني، الكتاب هذا له أنواع إضافة المحمولات أو حمل الأمور العارضة إثباتًا ونفيًا على هذه الأنواع نقول: هذا هو علم الأصول. الموضوعات كل قاعدة أول الكلمة التي هي المبتدأ هي موضوع أصول الفقه العام يبقى على عمومه يبقى هذا خبر العام هذا موضوع أصول الفقه الأمر للوجوب الأمر للفور قلنا: الأمر هذا من مباحث أو موضوع أصول الفقه القواعد العامة إثبات المحمول للموضوع هذا هو فن أصول الفقه إذن الموضوع الذي يبحث عنه الأصولي هو الأدلة نفسها هذا هو المشهور وعليه الجمهور وقيل: الأدلة والأحكام. لأنه لا يمكن أن يثبت قاعدة إلا بتصور الوجوب، والتحريم، والندب، والكراهة، والإباحة كيف يقول: الأمر يقتضي الوجوب. وهو ما يعرف الوجوب ممكن؟ إذن لا بد أن يتصور الحكم قالوا: الأحكام الذي تثبت لهذه القواعد داخلة في موضوع أصول الفقه. ولكن المشهور الأول والخلاف لفظي كما قال الشوكاني في ((إرشاد الفحول)): أن هذا الفن دائر بين الإثبات والثبوت. وإذا كان دائرًا بين الإثبات والثبوت فالخلاف لفظي لماذا؟ لأننا نبحث في هذه الأدلة ثبوت هذه الأدلة لماذا؟ لإثبات الأحكام ونبحث في إثبات هذه الأحكام بالأدلة إذن كل منهما متلازم. الأحكام والأدلة الموضوع ** وكونه هذه فقط مسموع

الأحكام والأدلة الموضوع هذا اختياره في مراقي السعود. وكونه هذه فقط مسموع التي هي الأدلة وهو قوله قول الجمهور. إثبات الدليل للحكم وثبوت الحكم بالدليل وهذا هو المرجح عرفنا موضوعه. غايته: معرفة أحكام الشرع معرفة أحكام الله تعالى والعمل بها لأنك إذا عرفت هذه القواعد طبقتها على الكتاب والسنة واستخلصت واستنبطت الأحكام الشرعية أيضًا يميز لك أصول الاستنباط تعرف ما الذي يجوز لك أن تقول: هذا يستنبط منه أو به الحكم الشرعي وما لا يستنبط منه الحكم الشرعي كما إذا بحثت في قول الصحابي مثلاً هل هو حجة أو لا؟ فاستخلص أنه حجة، إذن يعرف أن قول الصحابي مصدر للأحكام على خلاف وإذا قال أنه ليس بحجة يعرف أن قول الصحابي لا يثبت به حكم شرعي إذن عرفنا بأصول الفقه إذا أثبتا حجية قول الصحابي أو أن شرع من قبلنا شرع لنا أو أن المصالح المرسلة حجة نقول: عرفنا وميزنا الأدلة الصحيحة من غيرها.

لأنه قد يلتبس على الناظم في الأحكام هل هذا دليل شرعي صحيح أم لا أيضًا المسائل التي يعنون لها بالنوازل هذه لا يمكن أن يدركها الفقيه الذي ليس بأصولي فمعرفة أصول الفقه تجعل الناظر والمجتهد يدرك هذه الحوادث التي تنزل وهو ما يسمى بفقه النوازل لو لم يصل إلى درجة الاجتهاد يعرف الناظر في أصول الفقه مدارك إمامه إن كان مقلدًا فيعرف مثلاً أن مذهب الإمام أحمد في مسألة ما كذا لأن الأصل عنده كذا فإذا علل بالأصل وكان على علم بالأصول عرف كيف أخذ الإمام أحمد هذه المسألة كذلك يدرك بأصول الفقه إذا كان على جهة المقارن يدرك بأصول الفقه مدارك الخلاف بين العلماء لم يختلفون هل يجوز أن يؤجل الحج إلى السنة القادمة وقد تمكن في هذه السنة يجوز لا يجوز فيه خلاف مبناه هل الأمر {((((عَلَى النَّاسِ ((((} [آل عمران:97] هل هو للفور أو لا؟ المذهب للفور ولذلك لا يجوز تأخيره مع القدرة الشافعية ليس على الفور إذن يجوز عندهم تأخيره هذا مبناه على مسألة أصولية فإذا عرفت أصول الفقه عرفت لماذا اختلف الشافعي مع الإمام أحمد مع الإمام مالك مع أبي حنيفة إلى آخره فتعرف بأصول الفقه لو لم تصل إلى درجة الاجتهاد لو لم تصل إلى درجة إدراك الحوادث والنوازل تعرف مآخذ العلماء كيف أخذوا هذا الحكم وتعرف أيضًا لماذا اختلفوا هذا مبناه على أصل وهذا مبناه على أصل ولذلك الأئمة الكبار قَل بل نادر بل لا يكاد أن يتناقص فيه أصل ولا في فرع بخلاف المعاصرين الآن تجد يثبت في مسألة حكمًا يثبت نقيضه في مسألة أخرى والأصل مختلف وقد يكون الأصل الذي بنى على التحريم في مسألة ينفيه في مسألة أخرى فيقع نوع اضطراب لماذا؟ لعدم ضبط أصول الفقه ولذلك كل إمام له أصول ما هو مثل الآن أبو حنيفة له أصول خاصة يستنبط الأحكام الشرعية بها مالك له أصول الشافعي له أصول أحمد له أصول وأنت تسأل نفسك هل لك أصول أم لا؟ نعم صحيح لا بد لا يسير طالب العلم هكذا في الفقه يعني كل مسألة ينظر ((نيل الأوطار)) وما رجحه الشوكاني يأتي في مسألة أخرى أبو الرشد في ((بداية المجتهد)) تتضارب عنده الأصول وهذا واقع بكثرة حتى عند بعض أهل العلم تتضارب عنده الأصول لعدم معرفة أن هذا الفرع مبناه على أصله فيثبت مسألة في موضع مبناها على أصل وتأتي مسألة أخرى مبناها على نفس الأصل ينقض ما أثبته أولاً وهذا تناقض أو ليس بتناقض؟ تناقض واضح وهذا كثير حدث ولا حرج والله المستعان. غايتها معرفة أحكام الله تعالى والعمل بها طيب.

حكمه: فرض كفاية وقيل فرض عين والخلاف لفظي لأن من أراد أنه فرض عين باعتبار المجتهد المجتهِد لا يجوز أن يستنبط حكمًا شرعيًا هكذا ينظر نظرًا خاص في كتاب أو سنة ثم يقول: الذي تطمئن له النفس كذا. نقول: لا، لا بد أن يكون أصوليًّا. وهذه جملة هذه من النزعات أو النزغات الصوفية ليست الذي تظمئن إليه النفس هذا نبه عليه هل هو دليل شرعي؟ هل تثبت الأحكام الشرعية بما تطمئن إليه النفس؟ لا ليس بصحيح وإنما يعتبر اطمئنان النفس في حث الشخص فقط إن كان صاحب نظر وعلم فاطمئن مع الأصول ليس الاطمئنان هكذا مباشرة ليس عندنا إلهام فينظر نظر أصولي مجتهد ثم يطمئن قلبه إلى قول ما الاطمئنان هذا يكون مرجحًا في حظ نفسه وبهذا يقيد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض المواضع أن الإلهام يكون لاستنباط الأحكام الشرعية وإنما يقيد في حق نفسه نعم أما في حق الناس والفتوى فلا لا بد أن يكون منضبطًا بأصول الشرع وإلا لو فتح الباب لما تردد مبتدع في إثبات ما عنده كل مبتدع يقول: الذي تطمئن إليه النفس. فيثبت ما عنده لكن نقول: لا، لا بد من كتاب وسنة وإجماع وقياس وما صح من قول الصحابي وكان حجة أو لا وشرع من قبلنا إلى آخره أما هذه العبارة فليست بصحيحة، إذن حكمه فرض كفاية وهو المذهب عند الحنابلة وقيل: فرض عين. والمراد به للاجتهاد. وسبق وأن قلنا: أن أول من صنف في أصول الفقه الشافعي. الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا ** عِلْمَ الأُصُولِ لِلْوَرَى وَأَشْهَرَا عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي وَهَوَّنَا ** فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً دَوَّنَا أول من ألفه في الكتب ** محمد بن الشافعي المطلب وغيره كان سليقة ** مثل الذي العضو بالخليقة نقول: هذا الشافعي الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله أول من دون أصول الفقه أما قبله فقد كان غريزةً كما كان النحو واللغة غريزة في نفوس الصحابة ونحوهم الصحابة لم يقولوا الفاعل مرفوع ولا المفعول به منصوب ولا المنصوبات فضلات والمجرورات فضلات والمعرفات هل نطقوا بهذه؟ الجواب: لا، لكن هذه ثابتة عندهم ثابتة في ركائزهم وإنما الذي حصل بعدهم دونت هذه القواعد خرجت من الصدور إلى السطور وأما أصول الفقه فهو كذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحمل العام على عمومه ويقيد الخاص والناسخ والمنسوخ إلى آخره كذلك الصحابة كانوا كبار مجتهدين منهم المجتهد الفقيه وكانوا يستنبطون بواسطة هذه الأصول ثم لما حصل خلط فيما بعدهم كما حصل خلط في اللسان ودخلت العجمة في اللسان احتاجوا إلى وضع قواعد تضبط اللسان ليميز السقيم من الصحيح ولما اختلط الفهم والاستنباط احتاجوا إلى وضع قواعد تضبط هذا المنهج وهذه الطريقة إذن أول من صنف هو الشافعي رحمه الله تعالى من بعده لما احتاجوا إلى ضبط القواعد أو ضبط الاستنباط طريقة الاستنباط وضعوا قواعد واشتهر بعد الشافعي أن التأليف في أصول الفقه يكون على طريقتين: طريقة الفقهاء، وطريقة المتكلمين.

طريقة الفقهاء هي المشهورة عن الحنفية الأحناف ضابطها أو ميزتها أنهم عكسوا طريقة المتكلمين وإن كانوا هم أصل يعني: نظروا إلى التقعيد باعتبار الفروع نظروا في الفروع المنقولة عن أئمتهم فالقدر المشترك وما تحمله هذه الفروع من نكات استطاعوا أن يستخلصوا قواعد هذه القواعد جعلوها أصولاً لهذه الفروع أيهما فرع في الحقيقة الفروع أصل والقواعد فروع هذا الأصل لكنهم لما لم تنقل عن أئمتهم قواعد وأصول للاستنباط نظروا في هذه الفروع الكثيرة جدًا فاستطاعوا أن يستنبطوا منها قواعد وهذه مشتهرة أو اشتهرت بطريقة الفقهاء وجاء بعدهم ما يسمى بطريقة المتكلمين من اسمهم متكلمون يعني: أدخلوا علم الكلام في أصول الفقه. وأصل استنباطهم استدلالاتهم استدلال عقلي محض يعني: ليس كطريقة الفقهاء الفقهَاء نظروا في الفروع فأصلوا هنا لا نظروا إلى العقل المجرد ونظروا إلى القواعد المنطقية وقواعد الآداب أو أدب البحث والمناظرة والجدل فعلى غرار هذه القواعد أصلوا قواعد العامة الأصولية ولذلك كثير منها لا يُسَلم بالأصوليين إذن هذا نظر إلى الاستدلال العقلي البحت وذلك نظر إلى الفروع نظرًا بحتًا يعني لم ينظر إلى ما قعده المتكلمون والمتكلمون لم ينظروا إلى ما قعده الفقهاء جاء بعدهم لكل المؤلفات ومن الغرائب أن صاحب ((إتحاف ذوي البصائر)) جعل من أهم طريقة المتكلمين يعني ممن ألف على هذه الطريقة ((الرسالة)) للإمام الشافعي وهذا باطل ليس بصحيح الشافعي رحمه الله يقول: حكمي في أهل الكلام أنهم يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في القبائل والعشائر ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام. فكيف يجعل الرسالة من أهم ما صنف في أو على طريقة المتكلمين هذا عله سبق قلم وأنه فساد تصور فنقول: جاء بعد هاتين الطريقتين في أوائل القرن السابع عهد السبكي تاج الدين فمزجوا بين الطريقتين طريقة الفقهاء وطريقة المتكلمين وأكثر المصنفات بعد القرن السابع هي تجمع بين الطريقتين ولذلك أنفس ما ألف وهذا الذي ندرسه نحن الآن الفتوحي والروضة وإلى آخره وإن كانت الروضة متأثرة بطريقة المتكلمين فالذي يدرس الآن هو الجمع بين الطريقتين وأعلم صنف في هذا هذه الطريقة هو) (جمع الجوامع)) للسبكي مزج بين طريقة المتكلمين وطريقة الأحناف ولذلك قال في المقدمة: جمعته من زهاء نحو مائة مصنف. يعني أخذ من هذا وأخذ من تلك فجمع هذا الكتاب جمعته من ذو زهاء نحو مائة مصنف ونظمه السيوطي في ((الكوكب الساطع)) والعلوي في مراقي السعود وإن كان العلوي قد ضمنه أصول الإمام مالك لأنه مالكي جعل اللبنة الأصل هو ((جمع الجوامع)) وزاد عليه من أصول الإمام مالك ولذلك يقول السيوطي: وهذه أرجوزة محررة ** أبياتها مثل النجوم مزهرة ضمنتها جمع الجوامع الذي ** حوا أصول الفقه والدين الشجي إذ لم أجد قبلي من أبداه ** نظمًا ولا بعقده حلاه ولم يكن من قبلِه قد ألف ** كمثله ولم يكن من قبلَه من ألفه هذا وذاك ولا الذي بعد اكتفى

يعني: لم يأتي أحد بعد تاج الدين السبكي فألف على نمط كتابه ((جمع الجوامع)) لذلك تحدى في الأخير أن يختصره مختصر وقد تمكن من اختصاره زكريا الأنصاري السيوطي نظمه في ألف وأربعمائة وخمسين بيت، والمراقي نظمه في ألف بيت. ألف وبيت عدد المراقي ** ليس بسافل ولا براقي يعني: ألف بيت ليست بكثيرة ولا بقليلة ألف وبيت عدد المراقي ** ليس بسافل - ليس بقليل - ولا براقي - ليس بكثير - والله المستعان والسيوطي يقول: في ألف يت عدها يقين ** وأربع مئين مع خمسين أكثر. وألف ألف بيت عدها ** وأربع مئين مع خمسين ألف أربعمائة وخمسين والشيخ محمد آدم عدها ألف وأربعمائة وثمانين بيت هناك عشرون بيت زائدة إذن نقول: ألف على الطريقتين ((جمع الجوامع)) لذلك ذكر الشوكاني في ((أدب الطلب)) قال: من رام التحقيق في أصول الفقه فعليه بجمع الجوامع وشروحه وحواشيه والمختصر - الذي هو مختصر ابن الحاجب - وشروحه وحواشيه فيكفيه في أصول الفقه جمع الجوامع وخذ معه المحلي وخذ معه حاشية العطار واحفظ الكوكب الساطع مع كلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم ويكفيك إن شاء الله تعالى. كتب أصول الفقه بالمئات أعددت لك أربعة كتب المحلي على الجمع ((جمع الجوامع)) الأصل فيعتبر كالشرح على النظم ((جمع الجوامع)) والمحلي وخذ حاشية العطار وأحفظ الكوكب الساطع زد عليها كلام ابن تيمية لأنهم محققون ابن تيمية ابن القيم هناك زيادات للشوكاني كلام الشيخ الأمين رحمه الله في المذكرة ((نثر الورود)) ((أضواء البيان)) هذه يعتبر كالتحقيق أو لما قد يشكل على الطالب في بعض المسائل فحينئذٍ تكون أصوليا إن شاء الله تعالى. ثم قال: أَبوَابُ أُصُولِ الفِقْهِ الآن يفهرس لك فهرسة عامة لأصول الفقه قال: أَبوَابُ أُصُولِ الفِقْهِ أي: هذه أبواب. على حذف المضاف مضمون أبواب أصول الفقه أبواب جمع باب وهذا جمع قياسي لأن الباب يجمع على أبوبة وأبواب وبيبان أبواب جمع قياس وأبوبة وبيبان هذه سماعي أبواب الواو هذه الجمع يرد الأشياء إلى أصولها هذه قاعدة عند الصرفيين التجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها باب ألف نقول: هذه ألف منقلبة عن واو وأن الأصل بوب ما الدليل؟ جمعه على أبواب لأن الجمع يرد الأشياء إلى أصلها والتصغير كذلك بُويَب من أين جاءت هذه الواو؟ نقول: الأصل أن باب أصله بوب تحركت الواو وانفتح ما قبلها وانقلبت ألفًا. أَبوَابُ أُصُولِ الفِقْهِ

سبقت معنا إعرابها وبيانها في اللغة وفي الاصطلاح فلا عودة ولا إعادة باب (أَبوَابُ أُصُولِ الفِقْهِ) أي: سأذكر لك في هذا الموضع عدد أبواب أصول الفقه لذلك قال: (أَبْوَابُهَا). هنا الضمير يعود إلى أصول الفقه وهذا محل نزاع عند النحاة أهل اللغة هل يجوز عود الضمير على المضاف إليه؟ هذا فيه خلاف والجمهور على المنهج والصحيح الجواز الصحيح الجواز لوروده في القرآن عود الضمير على المضاف قال: والضمير يعود على المضاف أصلاً وقد يعاد على المضاف إليه إذا لم يحصل لبس {((((((((((((أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} {((((((((((((أَبْوَابَ ((((((((} أبواب مضاف وجهنم مضاف إليه {((((((((((فِيهَا} في الأبواب أو في جهنم؟ في جهنم عياذًا بالله فنقول: هنا الضمير قد عاد على المضاف إليه والقاعدة أن القواعد النحوية محكومة بالقرآن وليس القرآن محكومًا بالقواعد النحوية تنبه لهذا فإذا ورد أمر في القرآن استعمل ولو في بعض القراءات الصحيحة حينئذٍ نقول: يجوز لغة. ونقول: فصيح. لماذا؟ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين فإذا ثبت في القرآن ولو نفاه أكثر البصريين نقول: لا نبالي بما نفاه البصريون واضح تنبهوا لهذا ولا أن أنكره ابن مالك والشافعي وغيره نقول: لا ما دام أنه ثبت في القرآن والقرآن فصيح ونزل بلسان عربي مبين لا نبالي بأي أحد من النحاة خالف في هذا ولا بد أن تجد من خالف بهذا القول لا يمكن أن يطبق النحاة على أمر من منعه وقد جاء في القرآن جمهور النحاة على أنه لا يجوز عود الضمير غلى المضاف إليه نقول: يجوز إذا لم يحصل لبس يجوز لوروده في القرآن لأن القواعد محكومة بالقرآن وليس القرآن محكومًا بالقواعد. تنبه لهذا لأن القواعد هذه قد تبنى على غير القرآن ولذلك من العجيب الغريب أنهم يختلفون في السنة هل تثبت بها قاعدة أو لا؟ هل تثبت قاعدة نحوية أو صرفية أو بيانية في السنة أو لا؟ هذا فيه خلاف جمهور النحاة على المنع والحق لا مناص عن تثبت به قالوا: الصحابة يَرْوُونَ بالمعنى والتابعون يَرْوُونَ بالمعنى نقول: هم حجة أكثر منك الصحابي حجة في اللغة وسيبويه ليس بحجة كالصحابي ولو كان ناقلاً ليس هو كالصحابي الصحابي من أهل اللغة نزل القرآن بلغتهم وكانوا على علم رواية ودراية باللغة واستعمالات لغة العرب إلى آخره فحينئذٍ نقول: لو روي الحديث بالمعنى نقول: هو حجة وتثبت به قاعدة ولا إشكال ولله الحمد والمنة. (أَبْوَابُهَا) الضمير يعود إلى المضاف إليه وهو جائز على الصحيح. (عِشْرُونَ بَابًا). تمييز. (تُسْرَدُ) أي: أسردها لك آتيك بها متواليةً متتابعة. (وَفِي الْكِتَابِ) أي: وفي هذا الكتاب (أل) هنا للعهد الحضوري أحسنت أي: في هذا الكتاب أنا قدمت لك (وَفِي هذا الْكِتَابِ) كل اسم رأي كل اسم محل بـ (أل) بعد اسم الإشارة فـ (أل) فيه للعهد الحضوري قاعدة عامة كل اسم يأتي بعد اسم الإشارة فـ (أل) فيه للعهد الحضوري {(((((((الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:2] (أل) للعهد الحضوري وذلك هنا للعظمة إذن الكتاب هذه (أل) للعهد الحضوري. (كُلُّهَا سَتُورَدُ) كل هذه العشرون بابًا (سَتُورَدُ) أي: ستذكر وأحضرها لذلك في هذا الكتاب.

(وَتِلْكَ) أي: الأبواب العشرة مبتدأ أقسام الكلام هل هو من أبواب أصول الفقه؟ ذكرنا أن الأصوليين يذكرون مقدمتين: مقدمة لغوية، ومقدمة منطقية. وهاتان مقدمتان ومقدمة الشيء مقدمة الفن غيره أليس كذلك؟ مقدمة الفن غير الفن إذن كيف يجعل أقسام الكلام باب أقسام الكلام بابًا من أبواب أصول الفقه نقول: هذا من باب التغليب والأصل ليس داخلاً في مسمى أصول الفقه إذن (وَتِلْكَ) أي: الأبواب العشرة العشرون. (أَقْسَامُ الْكَلامِ) نقول: عَدُّهُ من باب التغليب وإلا فليس من الأصول (أَقْسَامُ الْكَلامِ ثُمَّا ** أَمْرٌ وَنَهْيٌ ثُمَّ لَفْظٌ عَمَّا). (وَتِلْكَ أَقْسَامُ الْكَلامِ) تلك هذا مبتدأ والخبر أقسام الكلام طيب تلك قلنا: بوبها عشرون بابًا. تفسير تلك اسم الإشارة يفسر بالمشار إليه. كيف عشرون بابًا هي أقسام الكلام؟ يصح راعى العطف قبل الحمل يعني: تلك أي: العشرون أقسام الكلام وما عطف عليها نقول: أقسام الكلمة اسم وفعل وحرف، أقسام الكلام مبتدأ اسم وما عطف عليه خبر المبتدأ إذن أقسام وما عطف عليه خبر المبتدأ (أَقْسَامُ الْكَلامِ ثُمَّا) هذا حرف عطف والمراد به ليس التراخي وإنما الترتيب (ثُمَّا) الألف هذه للإطلاق (أَمْرٌ) أي: باب الأمر (وَتِلْكَ أَقْسَامُ الْكَلامِ) أي: باب أقسام الكلام (ثُمَّا ** أَمْرٌ) أي: باب الأمر (وَنَهْيٌ) أي: ثم باب النهي (ثُمَّ لَفْظٌ عَمَّا) يعني: باب العام (لَفْظٌ عَمَّا) هذا فيه إشارة إلى أن العام من صفات اللفظ لا المعنى وسيأتي بحثه في موضعه (ثُمَّ لَفْظٌ عَمَّا) الألف للإطلاق. (أَوْ خَصَّ) هذا ببناء الفاعل أي: باب الخاص وأو هنا بمعنى الواو إذ لا فائدة للتخير أو التقسيم. (أَوْ مُبَيَّنٌ) أي: باب المبين. (أَوْ مُجْمَلُ) يعني: المجمل. وهذا يذكر في باب واحد باب المبين والمجمل أو باب المجمل والمبين. (أَوْ ظَاهِرٌ مَعْنَاهُ أَوْ مُؤَوَّلُ) أي: باب الظاهر والمؤول ويذكر فيه النص ولم يذكر المطلق والمقيد هنا لماذا؟ (أَوْ خَصَّ أَوْ مُبَيَّنٌ أَوْ مُجْمَلُ ** أَوْ ظَاهِرٌ مَعْنَاهُ أَوْ مُؤَوَّلُ) وفي هذا السياق الأصل أنهم يذكرون المطلق والمقيد لأنه ذكره في باب الخاص لم يعنون له بابًا خاصًا. (وَمُطْلَقُ الأَفْعَالِ) أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - (وَمُطْلَقُ الأَفْعَالِ) أي: من حيث هي لأن بعض الأفعال قد يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه التعبد، وبعض الأفعال قد يفعله على جهة العالم، وبعض الأفعال قد يفعله على جهة كونه مبينًا لنص إذن مطلق الأفعال مطلق ذكره في الشرع أنه حشر والظاهر أنه ليس بحشر لأن الأفعال لها خلاف يعني لها مواضع (وَمُطْلَقُ الأَفْعَالِ) أي: باب الأفعال. (ثُمَّ مَا نَسَخْ) ثم الذي نسخ. (حُكْمًا سِوَاهُ) ثم الذي الذِي اسم موصول نسخ الموصول مع صلته بقوة المشتق يعني: ثم الناسخ. (حُكْمًا سِوَاهُ) يعني: غيره هو لا ينسخ نفسه لا بد أن يكون دليل منفصل متأخر عنه كما سيأتي. (ثُمَّ مَا بِهِ انْتَسَخْ) ثم الذي انتسخ به أي: بالناسخ إذن هذا باب الناسخ والمنسوخ. (كَذَلِكَ الإجْمَاعُ) أي: من أبواب أصول الفقه من ما ذكر الإجماع باب الإجماع.

(وَالأَخْبَارُ) هذا ما يؤخذ من مصطلح الحديث. (مَعْ ** حَظْرٍ وَمَعْ إِبَاحَةٍ) يعني: مع الحظر والإباحة باب الحظر والإباحة أي: بيان ما هو الأصل فيهما بعد البعثة. (كُلٌّ وَقَعْ) أي: كل من ذكر هذه الأبواب السابقة وقع يعني: وجد في هذا الكتاب كما سيأتي. (كَذَا الْقِيَاسُ) أي: مثل ما ذكر من الأبواب القياس. أي: باب القياس. والقياس هذا أنواع: قياس العلة، وقياس الدلالة، وقياس الشبه. ولذلك قال: (مُطْلَقًا). يعني: سواء كان القياس لعلة في الأصل الأصلُ المراد به هنا أن نقيسه عليه العلة تكون فيه يحمل عليها الفرع المجهول الحكم بجامع العلة التي تكون في الأصل مثل الخمر والإسكارمع النبيذ نقول: النبيذ لو لم يرد فيه نص نقول: قياس على الخمر بجامع الإسكار لعلة في الأصل ما هو الأصل؟ الخمر فيه علة وهي: الإسكار. إذن قوله: (مُطْلَقًا). سواء كان القياس (لِعِلَّهْ ** فِي الأَصلِ) الذي هو المقيس عليه أو للدلالة أو للشبه كما سيأتي أنواع القياس الثلاثة. (وَالتَّرْتِيبُ لِلأَدِلَّهْ) يعني: ترتيب الأدلة عند التعارض باب خاص ما يفعل عند التعارض ما الذي يفعله المجتهد عند تعارض الأمر والخاص، والمطلق والمقيد إلى آخره. (وَالْوَصْفُ فِي مُفْتٍ وَمُسْتَفْتٍ عُهِدْ) عُهِدَ عُهِدْ لبيان شروطهما الوصف في مفت ومستفت يعني: صفة المفتي والمستفتي المستفتي له شروط وآداب والمفتي أيضًا له شروط وآداب. (وَهَكَذَا أَحْكَامُ كُلِّ مُجْتَهِدْ) (وَهَكَذَا) أي: مثل ما ذكر بيان أحكام كل مجتهد، كل مجتهد ومفتي لأن المجتهد والمفتي واحد هذه كلها ستأتي مفصلة بَابًا بابًا. وصلَّى الله وسلم على

19

عناصر الدرس * المقدمة اللغوية * أقسام الكلام باعتبار ما يتركب منه وباعتبار مدلوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

هذا شروع من الناظم رحمه الله تعالى في بيان ما ذكرناه سابقًا أن للأصوليين مقدمة يطلق عليها المقدمة اللغوية مقدمة لغوية تباين المقدمة المنطقية لماذا؟ لأن من العلوم التي استمد منه أو استمد منه أصول الفقه علم اللغة العربية بل هو ركنها الركين أساسا المتين أصول الفقه هو اللغة العربية ولذلك ذكر الزركشي في ((البحر المحيط)) في باب القياس قال: والذي دعا كثير من الأصوليين إلى التشعب أو التمطيط في كتاب القياس قِلة أطلعهم على السنة قالوا: من تشبع بالسنة أو كثر اطلاعه على السنة استغنى عن كثير من مسائل القياس ولذلك ذكر عن الشافعي والإمام أحمد أن القياس كالميتة يعني: لا يعدل إليه إلا عند الضرورة وهذا هو الأصل ولكن ترى أن الأصوليين تشعبوا كثير جدًا في باب القياس وكثير منهم فيه مغالطة إذن الركن الركين الذي يعتمد عليه في أصول الفقه هو علم اللغة العربية لأن كيفية الاستدلال بالصيغة إنما يعرف من جهة اللغة والوقف أهم أبواب أصول الفقه الأمر والنهي والمجمل والمبين والمطلق والمقيد والظاهر والمؤول والنص هذه كلها التي يعرف بها الأمر من النهي والعكس والمجمل والظاهر والنص والمؤول هذه تعرف من جهة اللغة وأكثر الأحكام الشرعية مأخوذة من هذه الأبواب ولذلك إتقان هذا الجانب في باب أصول الفقه متعين على الفقيه أن يعرف صيغ الأمر ومدلولات الأمر يعرف صيغ النهي ومدلولات النهي يعرف صيغ العام وصيغ الخاصة ومدلولات كلٍ منهما هذا يعرف من أي جهة لا يعرف بالعقل وإنما يعرف من جهة اللغة حينئذٍ كانت اللغة لها مدخلاً كبير جدًا في علم أصول الفقه إذن كيفية الاستدلال بالصيغة إنما يعرف من جهة اللغة والوقف ومعلومٌ أن معرف أصول الفقه متوقف على معرفة اللغة لورود الكتاب والسنة باللغة العربية الكتاب والسنة نزل: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 195] فحينئذٍ لا يمكن أن يستفيد المستفيد من الكتاب والسنة إلا إذا كانت لغته كلغة القرآن والسنة يعني: أن يكون على علمٍ بلغة العرب لدرجة عالية جدًا حتى يتمكن من الاستنباط، الاستنباط درجات مبتدئ ومتوسط ومنتهي بل الفقيه كما ذكر صاحب الموافقات أن اتصال اللغة العربية بالشرع أو بالحكم على العالم أنه عالم بالشريعة أو لا هذا مرتبط باللغة لذلك قال: المبتدئ باللغة مبتدئٌ في الشرع والمتوسط في اللغة متوسط في الشرع والمنتهي في اللغة منتهي في الشرع لماذا؟ هذا الكلام لم يصدر عبثا الشاطبي هذا الذي واضع الموفقات وشارح ألفية ابن مالك ووضع ( .. )

إذن هذا الكلام صدر عن عالمٍ يعرف أصول الفقه بل مقاصد الشريعة وعلى علمٍ كبير جدًا بلغة العرب ولذلك شرحه على ألفية ابن مالك يعد من أنفس الشروح وإن لم يظهر إلا الآن هو مخطوطة طبع في أو سك في عشرة مجلدات وإلى الآن لم يخرج منه شيء يقول: المبتدئ في اللغة العربية مبتدئ في الشرع لماذا؟ لأن الشرع عمدته اللغة العربية هو {(((((((((عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (((((} إذا كان الطالب مبتدئا في اللغة فهو مبتدئ في الشرع متوسطٌ في اللغة متوسط في الشرع منتهي في اللغة هو منتهيٍ في الشرع إذن بينهما ثلاثة فك اللغة عن الشرع هذا عبس والاشتغال بالشرع دون اللغة هذا أيضًا عبس لأن قاعدة التفسير بماذا نفسر؟ ما ورد من السنة ومن الآثار أو أقوال الصحابة لا شك أنه الأصل لكنه ليس كل لفظٍ في القرآن ورد فيه نص عن السلف وإنما من عمدة أو مع يسمى بآلة المفسر التي يجوز له أن يقدم على كلام الله فيفسر يقول: هذا معناه كذا وهذا مدلول كذا وأراد الله بهذا كذا لا يجوز له إلا إذا كان مليًا باللغة يعني: على قدرٍ كبير من اللغة إذن هذه المقدمة اللغوية يذكرها الأصوليون للترابط القوي أو الارتباط القوي بين أصول الفقه واللغة لأن هذه الأصول بالاستنباط قواعد توصل بها إلى الاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية فحينئذٍ إذا أراد أن يستنبط من الشرع لا بد أن يكون على مستوى عالٍ باللغة، يذكرون أهم ما يحتاجه الأصولي من المقدمات اللغوية مقدمة لغوية هذا نسبة إلى اللغة أصلها لغة من باب الثنى حذفت لامها اعتباقًا يعني: لغير علة تصريفية من باب الثنى حذفت اللام والواو اعتباطا يعني لغير علة تصريفية وعوض عنها التاء لأن الأصل في لغة العرب أنه لا يعوض عن المحذوف إلا إذا كان المحذوف أصلاً أما إذا كان زائدًا فلا يعوض عنه شيء ولم يحذف مباشرة إذًا لغةٌ نقول هذه التاء عوضٌ عن المحذوف وهو نائب الكلمة ووزنها فعلةٌ لغةٌ فعلٌ هذا الأصل فزيدت عليها التاء من لغوت إذا تكلمت وعرفوا اللغة في الاصطلاح بأنها الألفاظ المفيدة للمعاني. وهي كما صرحها أهل الشام ... ألفاظنا المفيدة المعاني الألفاظ المفيدة المعاني ألفاظ جمع لفظ يصدق عن المفرد والمركب المفيدة المعاني: يعني المفيدة لما وضعت له بأصل لغة العرب فخرج بذلك المهمل إذن اللغة في الأصل لا تطلق إلا على اللفظ الموسع أما اللفظ المهمل فهذا لم تنطقه العرب حتى يكون له معنى وهي كما صرحها أهل الشام ... ألفاظنا المفيدة المعاني

إذن اللفظ المهمل الذي لم تضعه العرب لا يسمى لغةً لأن العرب وضعت اللفظ دالاً على معنًى واستعملته فيه فحينئذٍ ما لم تضعه العرب مال تضعه اللغة من شيء وقول: هذا ليس من اللغة في شيء كذلك المركب على القول بأنه: مهمل كالهديان قالوا: هذا لم تضعه العرب بل قال بعضهم: غير موجود أصلاً في لغة العرب اللغة ( ... ) قال أهل العلم من الأصوليين وغيرهم أن الله عز وجل هو الواضع كما سيأتي وضع من باب التخفيف والتيسير على الخلق لأن الناس يحتاج بعضهم إلى بعض أليس كذلك لذلك قال: يحتاج إلى من يحتاج إلى من يكفيه في الصناعات الأخرى فهو يحتاج أن يعمل إلى من يصنع له الأكل يحتاج إلى دواء ويحتاج إلى من يصنع له الدواء يحتاج إلى طبيب يحتاج إلى ما يتخصص في الطب يحتاج إلى الماء يحتاج إلى، إلى آخره وهذه الاحتياجات تجعل الناس لابد أن يتعامل بعضهم مع بعض فإذا لم تكن اللغة فكيف يخص التعامل ... يتعامل بعضهم مع بعض إلا بلغةٍ إذا أطلقت من المتكلم فهم المعنى المراد عند المخاطب . موضوعاتنا للكشف ** عن الضمير من عظيم لطف يعني: من عظيم لطف الرب جل وعلا حدوث هذه الألفاظ لتدل على المعاني التي تكون مستكنة في الضمير. وهي من المثال والإشارة ** أشد في أفادت ويسرة لأنه إذا أراد أن يعبر عنا في نفسه ولم يكن ثم لغة فإما أن يشير بالإشارة إما أن يأتي بمثال وإما أن يعين وهذه بالمثال والإشارة قاصرة بخلاف اللفظ، اللفظ عام وهذه الإشارة والمثال نقول: هذه قاصرة لماذا؟ لأن اللفظ هذا يعبر به العقول والمحسوس يعني: تعبر باللفظ عن شيءٍ معقول في الذهن وتعبر باللفظ عن شيءٍ محسوس يدرك بالحواس الخمس يعبر باللفظ عن المعدود وعن الموجود ويعبر باللفظ عن الشاهد وعن الغائب أما الإنسان والإشارة الإشارة لابد أن تكون لمحسوس هذا فقط هذا في كاف هذا مسجد هذا مسجد هذا كتاب نقول: الإشارة قاصرة لأن المعقول كيف يشار إليه لا يشار إليه كذلك الغاب كيف يشار إليه لا يشار إليه إذن المثال والإشارة والتعين هذه تكون قاصرة ولا تكون عامة كعموم اللفظ إذن حدوث موضوعات للكشف ** عن الضمير من عظيم لطف وهي من المثال والإشارة ** أشد في إفادة ويسرة

يعني أكثر أفادت لصدق اللفظ على المعزول والمعقول بخلاف الإشارة والمثال، وليس كل شيءٍ له مثال أيضًا ليس كل شيءٍ له مثال ويسرة، يعني: يسرها على اللسان لأن الحروف هذه باعتبار المخارج نقول: هذه فيها يسرٌ على المتكلم مبدأ اللغات يعني: من الذي وضع اللغة عرفنا أن اللغة ألفاظ مفيدة المعاني من الذي وضع هذه اللغة هذا فيه خلاف بين الأصوليين وعند أهل اللغة أيضًا المشهور والجمهور على أنها توقيفية يعني: الواضع لها هو الله جل وعلا وقيل هي اصطلاحية وهذا قول أكثر المعتزلة وقيل بعضها توقيفي في الأصل وبعضها اصطلاحي إذن ثلاثة أقوال المشهور أنها توقيفية بمعني أن الله جل وعلا هو واضع اللغة علمها آدم عليه السلام كما نص عليه في القرآن: {((((((((آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ((((((((((((((((} [البقرة:31] هذا دليل عند الجمهور بأن اللغة كأصل وضعها توقيفية يعني: الله عز جل علم آدم ثم تعلمتها ذريته من آدم عليه السلام وتناقلها الخلق إلى أن تقوم الساعة فكل منهم يرث هذه اللغة عمن سلفه فهي إرث وتركة عمن سلف ولذلك ذكر الفتوحي قال: وهي وحيٌ وهي توقيفٌ ووحيٌ لا اصطلاحٌ وتواطؤٌ على الأشهر توقيفٌ ووحيٌ يعني: إذا قيل إنها توقيفية علمها الله عز وجل للخلق كيف علمها نقول بالوحي بدليل {((((((((آَدَمَ الْأَسْمَاءَ (((((((} لذلك قال ابن عباس: علمه اسم كل شيء أو قال: أسماء كل شيء حتى القصعة والقصيعة والفسوة والفسة، هذا نص من ابن عباس رضي الله تعالى عنه في تفسير هذه الآية هل يحتاج إلى أن ينكر ونقول: هذه المسألة لا داعي لذكرها أو نحو ذلك قلنا: ما دام أن آية كريمة تتلى ودلت على أن اللغة توقيفية إذن القول بمدلول هذه الآية ليس من العبث وليس من القول بلا علم توقيفٌ اللغات عند الأكثري ** ومنهم النوفورة والأشعري توقيفٌ اللغات: اللغات هذا جمع لغة يعني: ليست قضية منحصرة في اللغة العربية فحسب بل كل لغةٍ على وجه الأمر الواضع لها الرب جل وعلا لذلك نص في مناقب اللغة: الرب لها قد وضع، واللغة رب أل هذه للجنس وجمعها السيوطي هناك: توقيفٌ اللغات عند الأكثري ** ومنهم النوفورة والأشعري كون الأشعري اشتهر عنه هذا القول لا يلزم منه أن نقول: هذا قول الأشعري لا إذن دل النص على أن هذا الحق ولو قال به الأشعري أو النفورة وغيرهم بل نقول: هو الصواب ولا إشكال في ذلك: واللغة الرب لها قد وضعا ** وعزلها في الاصطلاح سمعا

أي سمع عزل ونسب هذه أو انتساب هذه اللغة للاصطلاح والاصطلاح كما هو معلوم اتفاق طائفة مخصوصة على أمرٍ معهود بينهم متى أطلق انصر إليه هذا هو حد الاصطلاح اتفاق طائفة مخصوصة هنا العرب مثلاً فيما لو وضعوا لغةً والبربر فيما لو وضعوا لغتهم والإنجليز فيما لو وضعوا لغتهم وهلم جر اتفاق طائفةٍ مخصوصة على أمرٍ معهود بينهم متى أطلق انصرف إليه متى أطلق هذا اللفظ انصر إليه فضعوا لفظ البيت على الشيء المخصوص المسمى فإذا أطلق لفظ البيت انصرف إلى مسماه ووضعوا السماء على الخ المعهود فمتى أطلق لفظ السماء انصرف إليه وكذلك الأرض والكوكب والشمس والقمر إلى آخره قالوا: هذه الاصطلاح ولكن هذا قالوا: يلزم عليه التسلسل يلزم عليه أي: هل هذا القول التسلسل لماذا؟ لأنهم إذا اجتمعوا لماذا اجتمعوا؟ اللغة لم توضع أصلاً لم يتكلم أحدٌ منهم بحرفٍ واحد فاجتمعوا لأجل أن يضعوا هذه الحروف الدالة على الكلمات المختلفة من هذه الحروف الدالة على المعاني فيه إذن اجتمعوا أو لا من الذي جمعهم وكيف جمعهم لا بد من كلماتٍ يحصل بها الجمع وهذه الكلمات التي حصل بها الجمع كيف حصل عليها في الاصطلاح إذن اجتمعوا فقابروا الكلمات التي يجتمعون بها وحينئذٍ يلزم منه التسلسل قالوا: باصطلاح والمفاهمة قبل الاصطلاح قالوا: حصلت بالإشارة والتعين. وعزلها للاصطلاح سمعَ ** فبالإشارة وبالتعين كالطفل فهم ....

حينئذٍ أُورد عليه قبل الاصطلاح كيف حصل المفاهمة قالوا: بالإشارة وقالوا: هذا السبب هذه ساعة هذا ماء هذا كأس هذه شعرة فإذا سمع المخاطب قال: هذه ما كانت موجودة في المثال هذه ساعة يفهم المخاطب إذًا كل ما أطلق لفظ الساعة فهم هذا المسمى هذا كأس وفيه ماء هذا قدح إذن لم يكن فيه ماء ما بداخله هذا يسمى ماء إذن إذا أشار باللفظ إلى المسمى متى ما أطلق المسمى حصل المراد يعني: فهم المخاطب المسمى من إطلاق اللفظ لكن من الذي أخبر الأول الذي قال: هذه ساعة وهذا ماء هذا يحتاج إلى إثبات يحتاج إلى نص ولا نقدر قالوا: كذلك بالتعين يقول له: اذهب هناك وأتني بالكتاب يذهب لا يجد شيء واحد فيعرف أنه هو الكتاب اذهب إلى السيارة بالخارج فيذهب ما يدري شيء معين أربع كفرات إلى آخره فيعرف أن هذه السيارة هل بدلت شيء معه قالوا: هذا التعيين. فبالإشارة وبالتعين كالطفل قالوا: كما أن الطفل يفهم اللغة من والديه بالإشارة والتعيين فيترفع حتى يصل إلى معرفة اللغة قالوا: كذلك أهل الاصطلاح قبل اصطلاحهم عرفوا بالإشارة وبالتعيين لكن هذا ضعيف أولاً لكونه معامل بظاهر الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى: {((((((((آَدَمَ الْأَسْمَاءَ (((((((} [البقرة:31]. والأسماء هنا ليس المراد الاسم الاصطلاحي مقابل للفعل والحرف لا المراد ما دل على مسماه الاسم في اللغة ما دل على مسماه فكل لفظٍ دل على مسماه سواءٌ كان مقترنًا بزمنٍ أو لا سواءٌ دل على معنى في نفسه أو في غيره فقط هذا يسمى اسمًا إذن {((((((((آَدَمَ ((((((((((((} هذا ليس المراد به الاسم الاصطلاحي وإنما المراد به الاسم اللغوي ما دل على مسماه كذلك جاء في الحديث الشفاعة: «لما جاؤوا إلى آدم وقالوا: علمك أسماء كل شيء». فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - وحكاه أليس كذلك نأخذ من الكتاب والسنة وهذا هو القول الظاهر ولو اعتمد على ظنٍ راجح لا بأس به إن لم يكن مقطوعًا لأن بعض النازلة يقول: الأصل التوقف يقول: ليس هناك دليل عقلي ولا نقلي لأن العقل ليس له مدخل في اللغة يعني: لا يثبت ولا ينفي يجوز عقلاً أن تكون اللغة كلها توقيفية ويجوز عقلاً أن تكون اللغة كلها اصطلاحية ما يمنع العقل ويجوز عقلاً أن تكون اللغة بعضها توقيفية وبعضها اصطلاحية يعني في الأصل توقيف وفي المتأصل أحواله اختارها ابن حزم ((في الأحكام)) أن أولها ابتداءً توقيفي وآخرها اصطلاحي يعني تلم اللغة العقل لا يمنع من هذا أو ذاك مجوزًا ثلاثة الأقوال أليس كذلك والنقل قالوا: ليس هناك دليلٌ سمعيٌ قطعيٌ نقول: إذا لم يكن دليل قطعي لا يكون دليل ظني؟ وجد دليل ولو ظني لأن بعض أهل العمل أورد على استدلال بالآية احتمالات أخرى لكن ظاهر النص أن الله جل وعلى {(((((((آَدَمَ الْأَسْمَاءَ (((((((} قال: {((((((((((((} أل داخلة على الجمع وهي استغراقية ثم أكد هذا المعنى بقوله: {(((((((} هذا توكيد وجاء في حديث الشفاعة أيضًا: «وعلمك أسماء كل شيء». فحينئذٍ نقول: الأصل في هذه اللغة أنها توقيفية وهذا قول الجمهور. توقيفٌ اللغات عند الأكثري ** ومنهم النوفورة والأشعري

علمها بالواحد أو بأقل احتمال ضروريًا وصوت ال ( ... ) إذن قيل: هكذا قل: بالوحي أو بالعلم الضروري إذا أثبتنا أنها توقيفية أن الواضع للغة هو الرب جل وعلا هل علمها كيف وصلت إلى الخلق؟ تقول: بالوحي بنص القرآن {((((((آَدَمَ ((((((((((((} وليس بالنبي والرب جل وعلا إلا الوحي كيف وصل التعليم إليه على سبيل قال بعضهم: خلق علمًا ضروريًا في النفوس فأطلق اللفظ وهم منه أن المعنى المراد بهذا اللفظ كذا نقول: هذا مصادر للنص والأولى وللأرجح أن يقال: اللغة توقيفية بمعنى أن الرب جل وعلى هو الواضع لهذه اللغة وقول أكثر: المعتزلة أنها اصطلاحية وقيل وهو قول ابن عقيل من الحنابلة وغيره وابن حزم أيضًا رجحه في ((الأحكام)) أن أولها توقيفي وآخرها يعني: بعضها توقيفي وبعضها اصطلاحي هل ينبني على هذه المسألة خلافٌ شرعي أو فائدة أو ثمرة كثير منهم يقول: أنه لا طائل تحت هذه المسألة وبعضهم يرى أن البحث فيها من ضياع الأوقات وأنها من فضول العلم نقول: لا مادام أن الآية دلت على هذا المعنى ففهم هذا المعنى وذكر ومدارسته ورد ما هو منافٍ للظاهر الآية هذا ليس من فضول العلم نعم التوسع فيها والتأليف والتصنيف أو ادعاء بعض الأشياء تحتاج إلى نقل وليس ثم نقل نعم التوسع فيها نقول: هذا ليس من أصول العلم وإن كان قد يعد به من ملح العلم لكن القول بأنها توقيفية والاشتغال بهذا ليس من عبث وليس قبول العلم الصحيح أنها توقيفية هل ينبني عليها ثمرة الأكثر على أنه لا ثمرة شرعية على هذه المسألة وبعضهم كصاحب ((المراقي)) وغيره قالوا: لا بل في ثمرة: يبنى عليه القلب والطلاق ** كاسقني الشراب والعتاق يبنى عليه القلب على القول في اللغة هل هي توقيفية أو لا أقل إذا قيل الرب جل وعلا وضع الإنسان بهذا الشخص ووضع الحجر لذات الحجر هل يجوز أن تقلب اللغة فيسمى هذا حجرا وهذا إنسان إذا قيل توقيفية لا يجوز لأن الله وضع لفظ الإنسان مرادًا به الذات الشخص الإنسان الذي يسمى عند المناطقة الحيوان الناطق إذا أطلق لفظ الإنسان انصرف إلى هذا المعنى لا تأتي تقلب تقول: الحجرُ إنسان والإنسان حجر لماذا؟ لأنه إذا قلنا: إن الراجح توقيفية امتنع هذا الوجه وإذا قلنا اصطلاحية لا بأس أن نصطلح أنا وأنت على تسمية السماء أرض والأرض سماء يبنى عليه القلب والطلاق ** كاسقني الشراب

لو قال: اسقني الشراب هذا اللفظ ليس موضوعًا في لغة العرب بإفادة الحل حل العقد وإنما اسقني الشراب لو تواطئي واصطلح في نفسه على أنه إذا أطلق هذا النظر لم يطلق، وقال لزوجته: اسقني الماء اسقني الشراب إذا قلنا اللغة توقيفية لا يحصل الطلاق ولولا اطلب وإذا قلنا اللغة اصطلاحية قال بعضهم ونسبه الشيخ الأمين رحمه الله لتحقيق أو المحقق في مذهب المالكية إن الطلاق يقع لأن الكناية الخفية هذه أصل أنها لا بد من نية وإذا كانت كناية خفية يعني: بعيدة غير مستعملة في لغة العرب الأصل أنه لولا الطلاق لم يقع وعلى هذه المسألة اسقني الشراب نقول: هذا اللفظ لم يضعه الواضع لإفادة مقتضاه من حل العقد فحينئذٍ نقول: لا يقع الطلاق ولا يقع الإثم كذلك لولا اصطلح بعضهم على تسمية الألف بالألفين كما قال بعضهم: ألف ريال أنا وأنت نسمي هذه ألفين قال: بعتك بألفين واحتكما إلى القاضي على القول بأن اللغة توقيفية لا يجوز ويستحق ألف وعلى القول بأنها اصطلاحية صارت الألف ألفين وهلم جره إذًا هناك ثمرة شرعية تنبي على هذه المسألة ولو لم يكن إلا فيها مسألة القلب يعني قلب الأسماء لمسميات لم يضعها الواضع لتلك المسميات كتسمية الحجر إنسانًا أو الإنسان حجرًا إذا عرفنا أن اللغة توقيفية وأنها بالوحي كيف وصلت إلينا هو علمها آدم عليه السلام كيف وصلت إلينا؟ وعرفت بالنقل لا بالعقل ... فقط بل استنباطه بالنقل

وعرفت بالنقل: يعني الأصل في اللغة العربية أن تكون منقولة عمن سلف الخلف ينقلها عمن خلف تواترًا أو آحاد هل هنا تواتر وآحاد؟ نعم قطعًا لأن لفظ السماء شيوعه عند الناس يعلمه الخاص والعام ولفظ الأرض هذا يعلمه العام والخاص النار السحاب المطر الجبال نقول: هذه الألفاظ لغوية وضعها الرب جل وعلا على مدلولاتها الخاصة ونقلت إلينا تواترًا بل بعض من نهى يرى بعضهم يرى أنها حقائق شرعية لأنها وردت في الكتاب والسنة حقائق شرعية وبعضها نقل بالآحاد كغضنفر للأسد، لا يعلمها أكثر الناس الزقيل للنار هذا لا يعلمه أكثر الناس فحينئذٍ نقول اللغة هذه وصلت إلينا بالنقل سواءً كانت تواترًا أو آحاد هل للعقل مدخل في اللغة؟ الجواب لا في تأصيل اللغة لا وإنما في الاستنباط فقط كما هو في حاله مع الشرع، نقول: الشرع العقل ليس مشرع لكن ليس معنى ذلك أن الشرع أهمل وظيفة العقل؟ لا جعل له مجال والاستنباط والفكر والإعمال النظر من أجل أن يستنبط في يستنبط الأحكام من أصولها كذلك هنا في اللغة العقل ليس مؤصلاً ومؤسسًا للغة وإنما قد يستنبط من استعمالات اللغة وأهل اللغة بعض القواعد فالاسم أو الجمع أو اسم الجنس الذي دخلت عليه أل الاستغراقية يقول العقل معلومٌ أن ما صح الاستثناء منه فهو عام أليس كذلك الاستثناء والعموم وأل الاستثنائية صح أل الاستغراقية إذا دخلت على الجمع أو على المفرد صح الاستثناء منها فيقتضي أن الاسم الذي دخلت عليه ال الاستغراقية فهو عامٌ {((((الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (((} [العصر:2] الإنسان أل هذه دخلت على إنسان، نقول: هذه استغراقية. ما الدليل؟ نقول العقل استنبط هذا لم يرد في لغة العرب أن أل الاستغراقية للعموم لم يلفظ أحد ولم يأتي نقل لا في الشرع ولا في غيره أن أل الاستغراقية تفيد العموم لكن من أين أخذنا الاستغراقية تفيد العموم بل العقل والنظر والتأمل والفكر والتدبر نظرنا أن ما يستثنى منه فهو عام والاستثناء معيار العموم ووجدنا أن أل الاستغراقية استثني من مدخولها إذن أفادت العموم {((((الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ ((((((((((} [العصر:3،2] هذا استثناء أو لا؟ استثناء من مدخول أل وهو إنسان وأل الاستغراقية منزلة قل حقيقة ولو قيل في غير القرآن إن كل إنسان لفي خسرٍ إلا الذين آمنوا صح لماذا لأن ال هذه استغراقية. وعرفت بالنقل لا بل العقل ** فقط بل استنباطه بالنقل العقل يستنبط وليس واضعًا وليس مؤصلاً وليس مقعدًا ولا مؤسسًا للغة العربية عرفنا هذا. قال: بَابُ أَقْسَامِ الكَلامِ إذن عرفنا أن هذه المقدمة أراد بها المقدمة اللغوية باب أقسام الكلام، أقسام الكلام. أي: هذا باب بيان أقسام الكلام.

أقسام الكلام: قلنا تقسيم ومقسم أليس كذلك والتقسيم صار هنا عن تصور الاسم المقصود، يعني: لا يتصور الإنسان أن يعرف الأقسام إلا إذا عرف الاسم المقصود، فما هو الكلام أولاً حتى تعرفه ثم بعد ذلك يذكر أقسامه. باب أقسام: جمع قسمٍ والمراد بالقسم ما يندرج تحت أصلٍ كليٍّ هو أعم منه، لو قيل أقسام الكلام خبر وإنشاء، نقول: الخبر هذا قسم يندرج تحت أصلٍ كلي هو أعم منه يعني: من القسم يندرج تحت الكلام والكلام أعم من الخبر الإنشاء قسمٌ وهو يندرج تحت أصل كلي وهو الكلام والكلام أعم منه يعني من القسم. الكلام بفتح الكاف احترازًا من الكِلام والكُلام لأن الكاف هنا مثلثة يقال: الكِلام والكُلام والكَلام مثلث ولكن لكلٍ منها معنى يختص به الكُلام: هذا اسمٌ مفرد بضم الكاف وهو اسمٌ للأرض الغليظة الصعبة فيقال: هذه أرضٌ كُلام أي: غليظة صعبة وكِلام بالكسر هذا جمع وليس مفردًا جمع كلمٍ كنصرٍ نصرَ ينصرُ نصراً كَلم يكْلُم كلمًا إذا جرح إذن كِلام هذا الجراحات والكلام هو الذي معنى كلام الاصطلاحي إذن الكَلام بفتح الكاف احترازَا من الكُلام والكِلام الكُلام هذا مفرد والكِلام هذا جمعٌ قيل: سمي الكلام كلامًا كما قال ابن يعيش في شرح المفصل قال: سمي الكلام كلامًا لأنه يُكْلِمُ القلب يعني: يجرحه ويؤثر فيه وهذا معنًى لا بأس به جراحات السنان لها التئام ** ولا يلتام ما جرح اللسان هكذا يقولون: جراحات السنان لها التئام: الجرح يلتئم، ولا يلتام ما جرح اللسان. إذن اللسان يجرح ومحل الجرح هو القلب لكن لا يلزم من هذا، يترتب عليه كما فعله بعض الزنادقة:

{((((((((اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (((((} [النساء:164]، حرَّف الآية {((((((((اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (((((} يعني: جرحه تجريحًا بناءً على هذا قلنا: إنه فاسد هذا باطل {((((((((اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (((((} جرحه تجريحًا هذه زندقة هذه إذن والكلام يكون له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي لكن الكلام هنا قال: باب أقسام الكلام. نقول ال هذه للعام الذكري لأنه قال: وتلك أقسام الكلام فنجعل أل هنا للعهد الذكري أو نجعل الإضافة باب أقسام الكلام لأن الإضافة تكون للعهد كما أن أل تكون للعهد الكلام له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي إما المعنى اللغوي فهو القول وما كان مكتفيًا بنفسه، هكذا عرفه في القاموس بأنه قول وما كان مكتفيًا بنفسه القول: هو اللفظ الدال على معنى اللفظ الدال على معنى وما كان مكتفيًا بنفسه أي الشيءٌ اكتفى بالدلالة على المعنى بنفسه دون لفظ وهذه هي يقصدون بها الدوال الأربعة وهي الإشارة والكتابة والنصب والعقد هذه أربعة تسمى الدوال الأربعة يعني ما يَدُلُّ على معنًى يستفاد من الشيء وليس معه لفظ قالوا: الدوال مثل ماذا؟ مثل المحراب تدخل المسجد وترى المحراب تعرف أن القبلة هنا ما الذي دلك على القبلة من؟ أو ما الذي دلك ما الذي دلك على القبلة؟ المحراب هل معه لفظ قال لك: هنا؟ لا وإنما بوجوده في هذه الجهة علمنا أن القبلة في هذا الاتجاه هذا يسمى دالاً والقبلة مدلولٌ عليه، إذن حصلت الدلالة لكن لا بلفظٍ الكتابة كذلك تقرأ المكتوب الذي أمامك كلام في الكتاب ليس بكلام اصطلاحي ولكنه كلامٌ لغوي لماذا؟ لأنه دل على معنًى وليس بلفظٍ لأن اللفظ هذا يشترط فيه أن يكون معه صوتٌ أن يكون معه صوت ولا صوت هنا وكذلك النصب والعقد هذا حد الكلام في اللغة قول وما كان مكتفيًا بنفسه إذن المركب من شيئين أما في الاصطلاح هو ما اجتمع فيه أربعة قيود الكلام هو اللفظ المركب المفيد للوضع اللفظ المركب المفيد بالوضع وهذه القيود الأربعة إن وجدت وجد المسمى وهو الكلام وإن انتفت كلها أو بعضها أو واحدة انتفى الكلام لا بد أن يكون لفظًا ولابد أن يكون مركبًا ولا بد أن يكون مفيدًا ولا بد أن يكون بالوضع أما اللفظ فحقيقته في الاصطلاح أنه صوتٌ مشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء مهملاً كان أو مستعمل إذن عرفنا بهذا ولا أستطيع أن أشرح كل التعاريف، الصوت المشتمل على بعض الحروف لجمعه مهملاً كان أو مستعملاً نأخذ من هذا أن اللفظ قسمان: مهمل، ومستعمل. المهمل: هو الذي لم يضعه الواضع. المستعمل: هو الذي وضعه الواضع.

هو الذي لم يضعه الواضع: كزيد مقلوب زيد أو رفعًا مقلوب جعفر هذا لم يضعه الواضع وضعه جعفر علم ولم يضع رفعًا قلب أو عكس جعفر كذلك زيد هذا اسم للذات لجسم جوهر وزيد مقلوب زيد هذا ليس لم تضعه العرب زيد لكن لو زدت عليه اللام موضعه لام هم ما عرفوا ما كان يعرفوا؟ إذًا مهملاً أو مستعمل الصوت نقول: صفةٌ مسموعة الصوت هذا نوعان، صوتٌ ساذج الذي لا حرف معه وصوتٌ مشتملٌ على حرف الصوت المشتمل إذن أخرج الصوت الساذج على بعض لا على كل لأنه لا يوجد عندنا لفظ يشتمل على كل الحروف على بعض الحروف الهجائية نسبة إلى الهجاء وهو التقطيع زيد زا ياه ده هذا تعرف من هذه الطريقة تركيب الكلمة زيد على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء هذا هو حد اللفظ إذن يشترط في الكلام أن يكون ملفوظًا به فإن لم يكن ملفوظًا به فلا يسمى كلامًا وهل المراد هنا اللفظ على المعنى أو اللفظ فقط أو المعنى فقط الذي يسمى كلاما اللفظ مع المعنى أو المعنى فقط أو اللفظ فقط اللفظ مع المعنى اسمٌ الكلام كالإنسان اسم للروح والجسد معًا لا نقول: الإنسان اسم للروح دون الجسد ولا للجسد دون الروح فحينئذٍ يبطل قول من يقول: إن الكلام مراد به المعنى حقيقة واللفظ مجاز، نقول: بإجماع أهل اللغة أن الكلام لا يسمى كلامًا إلا إذا كان ملفوظًا به هذا هو القول الأول: أن يكون لفظًا. الثاني: قال: المركب مأخوذًا من التركيب وهو وضع شيءٍ على شيء مطلقًا سواءً كان على جهة الثبوت أو لا؟ وسواءٌ كان بينهما مناسبة أو لا؟ والتركيب أنواع قد يكون تركيب إسنادي وقد يكون تركيب غير إسنادي تركيب غير الإسنادي كالمركب الإضافي غلامُ زيد هذا ليس إسنادي تركيب توصيفي الذي يسمى التقييدي زيدٌ جاء، جاء زيدٌ العالم أو حيوانٌ ناطق نقول: هذا مركبٌ تقييدي توصيفي مركبٌ مسجي بعلبكة حضر موت هذا مركب من كلمتين مزج بينهما تركيبٌ عددي أَحَدَ عَشْرَ أصلها وَاحدٌ أو أَحَدُ عَشَرَةُ هذا الأصل قصد المسجي أو قصد التركيب تضمن معنًى ... الأول وبني الثاني نعم، إذًا أحد عشر نقول: هذا مركبٌ عدد إذن المسجي والإضافي والتوصيفي والعدد وبعض مميزات الصوت غا غا هذا مركبٌ صوت هذا تقريب للغراب. والمركب الثاني، النوع الثاني: مركبٌ إسنادي وهذا على ثلاثة أنواع. مركبٌ إسناديٌ تام مقصودٌ لذاته. ومركبٌ إسناديٌ قصد لغيره. ومركبٌ إسناديٌ مسمًى به. ومركبٌ الإسناديٌ المقصد لغيره: هذا محصورٌ في سبع جمل. جملة الخبر. وجملة الحال. والصفة. والشرط. والقسم. وجواب الشرط. هذه سبعة، جملة الخبر، والصفة، والصلة، والحال، وجملة الشرط، وجوابه، والقسم.

هذه سبع جمل قصدت لغيرها هي مركب إسنادي فيها مسند والمسند إليه لكن فائدتها ناقص لماذا؟ لأنها ضمت إلى غيرها جعلت متممةً لمبتدأ: قام زيدٌ. هذا فعل وفاعل وهي مركبٌ إسناديٌ تام لكن لو أدخلته وجعلته خبرًا عن مبتدأ: زيدٌ قام أبوه. نقول جملة قام أبوه في الأصل قبل جعلها خبرًا للمبتدأ: زيد هي مركب إسناديٌ تام مفيد فائدة تامة لكن لما جعلت جزءًا جملة نقصت فائدتها كانت فائدتها فائدة تامة فصارت فائدتها فائدة ناقصة وإن كانت تركيبية لماذا؟ لأنها جعلت خبرًا للمبتدأ: زيدٌ قام أبوه، زيدٌ أبوه قائمٌ، جاء زيدٌ يضحك. يضحك هذا قصدت لغيرها مسند ومسند إليه: جاء الذي قام أبوه، قام أبوه صلة موصول جاء رجلٌ يضحك، يضحك هذه صفة إلى آخره إن قمتَ قمتُ، قمتَ لوحدها أفادت فائدة تامة لكن لما جعلت جزء جملة نقصت فائدتها هذا مركبٌ إسنادي قصد لغيره صار متممًا لغيره لا لذاته. النوع الثالث: مسمًى به. الجملة الاسمية تجعلها علم والجملة الفعلية تجعلها علم: تأبط شرًا. فعل فاعل ومفعولٌ به صارت علمًا هذه تعامل معاملة المفرد مثل: زيد. شاب قرناها. لو سمى ولده: قام زيدٌ تقول: جاء قام زيد، ورأيت قام زيد فنقول هذه تعامل معاملة المفرد هو سمع الجملة الفعلية وقيس عليه الجملة الاسمية. وجملةٌ وما ب ... ركب ** جاء ...

وجملةٌ ومنهم منقول. قال: وجملة، إذن نقل الجملة لكن المسموع الجملة الفعلية: تأبط شرًا. وشاب قرناها، زيدٌ قائمٌ هذا المقيس عليه هذا مسمًى به إذن التركيب الإسنادي ثلاثة أنواع إسناديٌ مقصود للغيره لم يقصد لذاته فائدته ناقصة إسناديٌ سمي به صار مفردًا بقي الثالث: إسناديٌ مركبٌ، إسناديٌ تامٌ قصد لذاته، إذن اللفظ المركب دخل فيه خمسة ستة سبعة ثمانية أنواع من المركبات مركب إضافي والمسجي والتوصيفي والعددي والصوتي والإسنادي الذي قصد لغيره والذي الإسناد المقصود بذاته والمسمى به قوله: المفيد، أخرج كل هذه المركبات وبقي معنى المركب الإسنادي المقصود بذاته، إذن جاء الذي قام أبوه قام أبوه لا يسمى كلامًا في اصطلاح النحاة ولكن يسمى جملةً جاء الذي يضحك، يضحك هذا لا يسمى كلامًا.

تأبط شرًا تأبط شرًا لا يسمى كلامًا في اصطلاح النحاة وإن كان مركبًا في الأصل إذن المفيد أخرج سائر المركبات وبقي معنا المركب الإسنادي المقصود لذاته المفيد قالوا: ضابط الإفادة هنا ما يحسن السكوت عليه من المتكلم بحيث لا يصله السماع منتظرًا لشيئ آخر انتظارًا تامًا هذا ضابط الإفادة هنا وإذا أطلقت الإفادة عند النحاة انصرف إلى الفائدة التامة لأن الفائدة أنواع فائدة تامة فائدة كلامية فائدة تركيبية فائدة جزئية فائدة ناقصة وكل هذا الكلام مقصود في شرح الملحة هذه خمسة فقط أنواع، المراد معنا الفائدة التامة والفائدة الكلامية وهما بمعنى واحد وبعضهم يطلق في هذا الموضع الفائدة التركيبية وهذا ليس بصحيح لأن الفائدة التركيبية أعم من الفائدة التامة، التامة تستلزم التركيبية ولا عكس لأن غلام زيد هذه فائدة تركيبية نسبة الغلام لزيد أخذناه من التركيب، التركيب أقله كلمتان فأكثر غلام زيدٍ هذا فيه فائدة والفائدة هنا تركيبية لكنه ليس بكلام لم يفد فائدة تامة كذلك إن قام زيد هذه كلمة وليس بكلام وفي فائدة تركيبية وليست فائدة تامة حينئذٍ المريد هنا المراد به الفائدة التامة وهي مستلزمهٌ للتركيب إذ لا فائدة تامة إلا إذا كان الكلام مركبًا من كلمتين فأكثر حقيقةً أو حكمًا بالوضع أشار به إلى أن الوضع هو جار مجرور متعلق بقوله: المفيد أشار إلى أن الوضع شرطٌ وقيدٌ في حد الكلام الاصطلاحي والأصح لا يفسر من وضع بالوضع العربي لماذا؟ لأن الكلام هنا بحثهم بحث المحققين في لغة العرب والقصد لا مدخل له في الأصل هم لا يبحثون عن مقاصد الناس وإنما يبحثون عن ما يتلفظ به الناس الذين هم العرب وبعضهم فسر القصد هنا الوضع للقصد وهو إرادة المتكلم إفادة السامع إذن لابد أن يكون لفظًا ومركبًا ومفيدًا ومقصودًا أن يقصد المتكلم إفادة السامع فإن لم يقصد قالوا: لا يسمى كلامًا وعلى الأول وهو الأصح أن الوضع هنا المراد به الوضع العربي فإن لم يقصد قالوا: لا يسمى كلامًا وعلى الأول وهو الأصح أن الوضع هنا المراد به الوضع العربي قصد وإن لم يقصد فهو كلامه ينبني على هذا إذا فسرنا الوضع بأنه الغربي يدخل معنى كلامٌ ساهي والنائم والمجنون ومن جرى أو من جرى على لسانه ما لا يقصدون الساهي إذا تكلم المغفل هل يسمى كلامًا في العربية نقول: نعم المجنون إذا تكلم؟ نعم يسمى كلامًا لأنه أتى بلفظٍ مركب مفيد أما ارتفاع الأحكام أو ما يترتب على كلامه من أحكام شرعية هذا الأمر قادم من الشرع لأن بعضهم قال: ينبني على هذا خلاف ذكره الفتوحي في ((الكوكب)) ينبني على هذا خلاف إذا قلنا الساهي أو النائم هل يشترط الكلام أن يكون مقصود أو لا ينبني عليه أن النائم لو قام وقال لزوجته أنت طالق في رابع نوم تطلق أو لا تطلق ما هذا ما هو صحيح لأن مسائل الطلاق والترتيب على النيات هذه مسائل شرعية وهذا نائم «رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ».

هو كلام عربي فصيح لكن كونه أتى أثر هذا الكلام أنه لا ينفذ هذا لمانعٍ شرعي الذي منع أن تطلق زوجة المتكلم النائم أو المجنون نقول: هو الشرع وليس هو لغة العرب أما كونه كلام فهو كلام إذن لا ينبني المسائل الشرعية على مثل هذه المسائل الثلاثة المراد بالوضع هنا القصد نقول الصواب المراد به الوضع العربي. باب أقسام الكلام: عرفنا حد الكلام باختصار من أراد التوسع فليرجع إلى شرح ((الملحة)) قال: أَقَلُّ مَا مِنْهُ الْكَلامَ رَكَّبُوا ** اسْمَانِ أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ كَارْكَبُوا أقسام الكلام. الكلام ينقسم من حيثيات متعددة قسمه من حيث ما يتألف منه الكلام وقسمه من حيثية مدلوله وقسمه تقسيمًا ثالثًا من حيث استعماله في مدلوله هذه ثلاثة أقسام سيذكرها الناظم متوالية. أما القسم الأول: وهو من حيثية ما يتألف منه الكلام فقال:

(أَقَلُّ مَا مِنْهُ الْكَلامَ رَكَّبُوا ** اسْمَانِ) أقل هذا لفظٌ له مفهوم أنه قد يتألف من أكثر (أَقَلُّ مَا مِنْهُ الْكَلامَ رَكَّبُوا ** اسْمَانِ) إذن مفهوم أقل أنه قد يتألف من أكثر مما ذكر فليس الكلام وتركيب كلام وتأليف كلام محصورًا فيما ذكره الناظم وإنما قد يتألف من أكثر من ما ذكر ولكن أقل ما يصدق عليه الكلام أنه إذا تالف من اسمين أو اسمٍ وحرف أو فعلٍ وحرف أو فعلٍ واسمٍ على ما ذكره الناظم (أَقَلُّ) هذا مبتدأ قوله: (اسْمَانِ) هذا خبر و (أَقَلُّ) هذه يضرب له النحاة مثلاً بأنه قد تأتي مبتدأ ولا خبر لها أقل رجلٍ يقول ذلك أقل مبتدأ وهو مضاف رجلٍ مضافٌ إليه يقول ذلك يقول هذه الجملة صفة لأنها وقعت بعد نكرة أقل رجلٍ هي صفة لرجل أين الخبر؟ لا خبر مبتدأ لا خبر له وهذا مثال اكتفي بالصفة عن الخبر يعني الصفة هنا سدت مسد الخبر كما أن الفاعل هناك سد مسد الخبر من الزيادات لكن هنا (أَقَلُّ) بهذا التركيب لها خبر وهو (اسْمَانِ) (أَقَلُّ مَا) اسم موصول بمعنى الذي (أَقَلُّ) مضاف و (مَا) مضافٌ إليه (رَكَّبُوا) فعل وفاعل (مِنْهُ) وهذا جار مجرور متعلق بقوله: (رَكَّبُوا) (الْكَلامَ) بالنصب على أنه مفعولٌ به مفعولٌ به بـ (رَكَّبُوا) (أَقَلُّ مَا مِنْهُ الْكَلامَ رَكَّبُوا) أصل التركيب (أَقَلُّ مَا) (رَكَّبُوا) (الْكَلامَ) (مِنْهُ) (اسْمَانِ) (أَقَلُّ) قلنا: اسم موصول بمعنى الذي لا بد أن يفسر بلفظٍ أو قولٍ من اعتبر اللفظ فهو جنسٌ بعيد ولا إشكال ومن اعتبر القول فهو اللفظ الدال على معنًى فهو جنسٌ غريب إذن لا بد من تفسيرها إما لفظٍ أو قولٍ (أَقَلُّ مَا) أقل قولٍ (رَكَّبُوا) الواو هنا يعود إلى العرب أو النحاة ويكون حينئذٍ تركيب النحاة حكما لا حقيقةً يعني: النحاة حكموا حكمًا جازمًا بأن أقل ما يتألف منه الكلم اسمان وإذا رجع الضمير للعرب أقل ما نطق وتكلم به العرب قي الكلام اسمان إذن يحتمل أن الواو هنا يعود للعرب ويحتمل أنه للنحاة أقل ما منه الكلام ركبوا بمعنى ألفوا والتركيب والتأليف عند كثير من الأصوليين بمعنى واحد وإن كان عند كثير من النحاة بينهما اختلاف فالتركيب وضع شيءٍ على شيءٍ مطلقًا ولا يشترط أن يكون بينهم مناسبة والتأليف وضع شيءٍ على شيءٍ بينهما مناسبة ولذلك ابن مالك قال: الكلام وما يتألف منه.

لماذا؟ لأنه يشترط أن يكون تم مناسبة بين مسند والمسند إليه لابد أن يكون تم ارتباط علاقة ونسبة بين الخبر والمسند إليه الذي هو المبتدأ أما إذا لم يكن ثم ارتباط فلا يصح الكلام فإذا اشترطنا التركيب دون المناسبة صح قول القائل: طار الجدار لأن فعل فاعل وقع أو لم يقع لا إشكال وعلى ما يشترط التأليف أن يكون بينهما مناسبة قل لا يتصور أن الجدار يطير إذن طار الجدار لا يصح لأنه ليس ثم تأليفًا بين الفعل وفاعله وعلى الأول لا حرج إذن (رَكَّبُوا) أي العرب والتركيب أقل ما يكون كلمتين أو كلمتان فأكثر أقل اسمان (أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ كَارْكَبُوا) (اسْمَانِ أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ) الكلام مشترط فيه أن يكون فيه إسناد ولذلك قلنا المركب هنا المراد به في التعريف المركب الإسنادي التام المقصود لذاته إذن لا بد من إسناد والإسناد يقتضي مسندًا ومسندًا إليه لا يمكن ولا يتصور وجود إسناد إلا وفيه مسندٌ ومسندٌ إليه ما حقيقة الإسناد؟ إثبات شيءٍ لشيء أو نفيه عنه أو طلبه منه نسبة حكمٍ إلى اسمٍ إيجاب أو سلب نسبة حكمٍ النسبة ما هي؟ الارتباط أو المعنى أو التعلق سمي ما شئت نسبة حكمٍ إلى اسمٍ إيجابًا أو سلبًا إما إثباتا وإما نفيًا والمراد بالنحو هنا عند النحاة نسبةُ حكمٍ المراد بالحكم الفعل والخبر إلى اسمٍ يعني: إلى مبتدأ أو فاعل أو نائب قام زيدٌ قام زيد أين الحكم؟ قام أين الاسم الذي أسند إليه أو نسب وعلق عليه الحكم زيد إذن زيدٌ محكومٌ عليه بإثبات القيام وهذه الجملة ثبوتية أو سلبية؟ إذن إيجابًا لم يقم زيدٌ فيه نفي الحكم وهو القيام عن زيدٍ وهذه جملة سلبية إذن نسبة حكمٍ إلى اسم إيجابًا أو سلبًا هذه إذا قلنا: نسبة إلى اسمٍ إذن لا بد من حكم ولابد من محكوم عليه ولا بد من محكومٍ به فزيدٌ محكومٌ عليه وقام محكومٌ به إذن اقتضى مسندًا ومسندًا إليه الكلام يتألف من اسمٍ أو فعل أو حرفًا ثلاثة أشياء يعني: يتألف من مجموع ما ذكر لا من جميعه يعني: قد يوجد في الكلام اسمٌ وهذا لا بد وفعلٌ أو حرف لا يخرج الكلام إذا أريد الكلام العربي الفصيح لا يخرج عن واحدٍ من هذه الثلاث لكن قد يوجد بعضها دون بعض وقد يوجد الكلام من جنس واحدٍ فقط دون الآخر باستقراء كلام عرب وتتبع كلام العرب بحسب الوضع لا العقل بحسب الوضع وجد أن الاسم يصلح أن يكون مسندًا ومسندًا إليه الاسم يصلح أن يكون مسندًا ومسندًا إليه يعني يقع مبتدأ وخبر زيدٌ قائم نقول: وكلام لا بد له من إسناد والإسناد يقتضي مسندًا ومسندًا إليه هل يأتي الاسم في كلام العرب في المنزلتين نقول: نعم يأتي مسندًا ويأتي مسندًا إليه زيدٌ قائم زيدٌ محكومٌ عليه مبتدأ وقائمٌ خبر مسند إذن وجد الاسم مسندًا أو مسندًا إليه وأما الفعل فلا يقع في كلام العرب إلا مسندًا ولا يأتي مسندًا إليه أبدًا قام زيدٌ.

زيدٌ هذا محكومٌ عليه وهو مسندٌ إليه وقام مسند إذن جاء الفعل مسندًا ولا يصح أن يأتي مسندًا إليه والحكمة في هذا أن الأفعال كلها سواء كان ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا هي في المعنى صفة ولذلك عند المناطقة كما سبق أن الفعل لا يكون إلا كليًا لأنه لا يقع إلا محمولاً ولا يحمل إلا كليًا هكذا سبق معي فالفعل كلي لماذا؟ لأنه في المعنى صفة إذا قيل قام زيدٌ في المعنى دعك من اصطلاح النحاة قام فعل كذا في المعنى أن وصفت زيد بالقيام ولكن في الزمن الماضي يقوم زيدٌ في المعنى وصفت زيد بالقيام في الزمن الحاضر أو المستقبل قم يا زيد هذا طلبت من زيدٍ أن يتصف بالقيام في المستقبل إذن عرفنا أن الأفعال كلها ماضيها ومضارعها وأمرها لا تكون إلا صفات والصفة تستلزم موصوفات والموصوف هذا هو المسند إليه ولا يمكن أن يقع التركيب من فعلين البتة بالإجماع لا خلاف قام جاء ما ينفع قام قلنا هذا صفة أين موصفها جاء الصفة لا تكون بالصفة لأن جاء يدل على موصوفٍ اتصف بالمجيء وقام يدل على موصوفٍ اتصف بي القيام فإذا قال: قام أين موصفه؟ لا يوجد لا بد من اسمٍ يكون محلاً لهذه الصفة وجاء لا يصلح أن يكون محلاً لهذه الصفة لأن جاء هو صفة والصفة لا تقوم بالصفة إذن لا يتركب من فعلين وهذا بالإجماع ولا يتركب من اسمٍ وحرف ولا من حرفٍ ولا من حرفين قبل هذا ولا من حرفين بالإجماع أيضًا لماذا؟ لأن الحرف لا يقع لا مسندًا ولا مسند إليه هو حرف كاسمه طرف لا يقع لا مسندًا ولا مسندًا إليه لأنه لا يدل على معنى في نفسه فحينئذٍ كيف يكون محكومًا به ومحكومًا عليه إذن بالإجماع يكون اسمٌ مسندًا ومسند إليه وبالإجماع لا يتألف الكلام من فعلين لانتفاء المسند إليه ووجود المسند وبالإجماع لا يتألف من حرفين لانتفاء المسند والمسند إليه ماذا بقي تأليفه من حرفٍ واسمٍ ومن فعلٍ وحرف هذه المسائل المختلف فيها لا يتألف على الصحيح من حرفٍ واسمٍ خلافًا لأبي علي الفارس فإنه قد جوز أن يتألف الكلام من حرفٍ واسمٍ في النداء وهذا الذي ذكره الناظم (وَجَاءَ مِنْ إِسْمٍ وَحَرْفٍ فِي النِّدَا) قال: لأن قول القائل: يا زيد حصلت الفائدة التامة أو لا؟ حصلت الفائدة التامة وإذا وجدت الفائدة التامة استلزم التركيب وإذا استلزم التركيب بإثبات الفائدة التامة وجد الكلام إذن وجد الكلام من حرف واسم يا زيد هذا صار اسمًا فكلامًا مركبًا من كلمتين وحصلت بهما الفائدة التامة ونظرنا إلى الكلمتين فإذا بهما حرفٌ واسم نقول: لا هذا لا يثنى لماذا؟ لأن التقعيد والتأصيل أنما يكون بالنظر إلى الأصول لا إلى الكلام ويا زيد فرد أدعوا زيدًا يا زيد هذا ليس بأصل هذا معدول محول عن جملة فعلية أدعوا زيدًا إذن زيد هذا الذي ركب مع الحرف هو في الأصل مفعولٌ به وإذا كان مفعولاً به حينئذٍ لم يكن مسندًا إليه ولا مسنِد لأن المسند والمسند إليه هذا محصور عند النحاة في الفعل والفاعل ونائبه والمبتدأ والخبر هذه خمسة فقط لا يكون المسند والمسند إليه إلا واحد من هذه الخمسة طيب يا زيد زيدًا المفعول به إذن ليس عندنا إسناد ويا هذه يعني نابت مناب ونابي أو أدعوا زيد حذفت أدعو اختصارًا وأقيمت مقامها يا ثم ركبت تركيب خمسة عشر

مع زيد فبنيت يا زيد ويدل على هذا أن المعنى الأصلي وهو كونه مفعولاً به هذا لم يهجر بالكلية بدليل المحض يتقول: يا زيد يا حرف ندا مبني على السكون لا محال له من الإعراب زيدٌ منادى مفرد مبني على الضم في محل نصب، من أين أتى النصب هذا؟ الياء عملت النصب؟ لا تعمل النصب لا تنصب، إذن جاء المحل هذا باعتبار الأصل إذن الأصل لم يهجر فحينئذٍ إذا أردنا أن نقعد على هذا التركيب نقعد باعتبار الأصل لا باعتبار الفرض إذن سقط هذا القول فالصحيح أنه لا يتألف من كلام لا من اسمٍ وحرفٍ البتة قال: (كَذَاكَ مِنْ فِعْلٍ وَحَرْفٍ وُجِدَا) إذن ركب من حرفٍ وفعلٍ ما جاء هل جاء زيدٌ؟ يقول: ما جاء ما حرف نفي جاء فعلٌ ماضي والكلام لا بد أن يكون ملحوظًا وحصل بالفائدة التامة وهو مركبٌ من حرفٍ وجاء إذن ليس عندنا في اللفظ إلا ما وهي حرف وجاء وهي فعل قالوا: إذن يترتب الكلام من حرفٍ وفعلٍ كقولك: ما جاء أو لم يقم. نقول: هذا ضعيف مردود هذا قاله الشلوبين قال: يترب الكلام من حرفٍ وفعلٍ. نقول: لا الصواب أن الفعل لا بد له من فاعل والفاعل قد يكون ملفوظًا به فإن لم يكن فهو مقدر. وبعد فعلٍ فاعلٌ فإن ظهر ** فهو وإلا فضميرٌ استتر هكذا قال ابن مالك وبعد فعلٍ فاعل لا بد بعده لا قبله ردًا على الكوفيين وبعد فعلٍ فاعلٌ فإن ظهر ** فهو، تحكم به قام زيدٌ نائب الفاعل لأنه ظهر وإلا، وإلا يظهر فضميرٌ استتر قدره لماذا؟ لأن الأفعال أحداث وكل حدثٍ لا بد له من محدثٍ يحدثه هذا بإجماع العقلاء فحينئذٍ إذا قال ما قال القيام هذا منفي عمن إذا لم يكن فاعل نفي عمن؟ لا بد من محلٍ ينفى عنه هذا القيام فحينئذٍ لابد من فاعلٍ فإن لم يكن في اللفظ فهو ضميرٌ مستتر والضمائر المستترة هذه ألفاظٌ على الصحيح وهي مقدرة لأن اللفظ هو الصوت والصوت هذا المراد به مطلق الصوت يعني يشمل الصوت المصوت بالفعل والصوت المصوت بالقوة فحينئذٍ يكون اللفظ له أفراد محققة وأفرادٌ مقدرة والعرب قد لاحظت هذا الضمير المستتر بثلاثة أدلة: أولاً: كونه مقصودًا للمتكلم يعني أسند إليه المتكلم: {(((((((أَنْتَ وَزَوْجُكَ ((((((((((} [البقرة:35] {(((((((} من المخاطب آدم عليه السلام إذًا هو مقصودٌ بالخطاب مراد فحينئذٍ أسند في بيت العرب وهو ضميرٌ مستتر. ثانيًا: أكد ولا يؤكد إلا اللفظ إلا الملفوظ به وهنا ليس عمدنا لفظ لكنه منزلٌ منزلةً الملفوظ به {((((((((((((} {(((((} هذا توكيد تَوكيد لأي شيء؟ للفاعل المستتر إذن أكدته وهذا دال على أنه معتبرٌ مراد. ثالثًا: عطفت عليه وكلها في آية واحدة {(((((((أَنْتَ ((((((((((} بالرفع الواو حرف عطف وزوج هذا معطوف على الضمير ولا تقل على أنت هذا معطوف على الفاعل والفاعل مرفوع إذن روعي أو لم يراع إذن راعته ( .. ) فحينئذٍ ما جاء نقول: الفعل هنا فيه ضمير مستكن وهو فاعل إذن بطل القول: بأن الاسم أن الفعل والحرف يتألف منه الكلام خلافًا .... .

باقي مذهب ابن طلحة وهو: أنه قد يوجد الكلام من حرف وحد وقال: نعم هل جاء زيد؟ تقول: نعم حصلت الفائدة التامة. وهذا ضابط صحيح، يعني: وجود الفائدة التامة يستلزم الكلام هذا لا إشكال فيه مسلم لكن ليس كل دليلٍ صحيح يصح تنزيله في أي موضع هذا يتنبه له بل الصحيح في نفسه لكن الاستدلال به في هذا الموضوع صحيح أو لا؟ ليس بصحيح الخوارج يستدلون بالقرآن كون مستدل بالقرآن يعني: مقالةٌ صحيحة؟ لا المعتزلة نفي صفات الكلام وغيره؟ يستدلون بالقرآن والصفة لكن لا يلزم من كون الدليل الصحيح أن يكون المستدل عليه صحيح فهنا قال: نعم هذا يدل على أن الفائدة التامة قد حصلت، ولا تحصل إلا إذا وجد الكلام نقول: الفائدة التامة تستلزم التركيب ولا إشكال ولكن التركيب هنا من مسندٍ ومسند إليه مقدرين بعد نعم، هل جاء زيد؟ نعم، يعني: نعم جاء زيد. لأن القاعدة المضطردة عند النحاة أن ما يعلم يجوز حتمًا وعند البيانين كذلك إذن قوله؟ نعم، نقول: بعده مسند ومسند إليه لكنهما محذوفان، نعم جاء زيد. وحذف ما يعلم جائزٌ كما ** تقول زيدٌ بعد من عندكما من عندكما؟ زيد، يعني: زيدٌ عندهم حذف الخبر. من جاء؟ تقول: زيد، زيد هذا فاعل أين فاعله أين العامل محذوف إذن حذف ما يعلم جائزٌ فإذا قال: هل جاء زيدٌ نطق بالفعل والفاعل كالأفصح والأبلغ أن يقول: نعم، ولا يقول: نعم جاء زيد، إلا إذا كان هناك ثم نك ( .. ) على التصحيح. هل جاء زيد؟ لا لم يأتي زيد إذن نعم ولا الجوابيتان عند ابن طلحة يصح أن يكتفا بهما عن الإسناد المسند والمسند إليه ونقول: هذا ضعيف وليس بصحيح إذًا، قوله: أقل ما منه الكلام ركبوا. أقل ما ألف منه النحاة أو العرب الكلام الفصيح الكلام العربي قسمان، وقلنا هذا مسندٌ ومسندٌ إليه وهذا صوره بالتتبع والاستقرار أربعة صوره أربعة: مبتدأ، وخبر: زيدٌ قائمٌ زيدٌ مبتدأ وقائمٌ خبره. الثاني: مبتدأ وفاعلٌ سد مسد الخبر: أقائمٌ الزيدان بقوة قولك: أيقوم الزيدان. الثالث: مبتدأ ونائب فاعل سد مسد الخبر: أمضروبٌ العمران أمضروبٌ مضروبٌ هذا مبتدأ وهو اسم مفعول ويرفع نائب فاعل نائب الفاعل العمران سد مسد الخبر هذا الثالث. الرابع: اسم فعلٍ وفاعل: هيهات العقيق، هيهات: اسم فعل وهو ملحق بالأسماء والعقيق فاعل هذه أربعة صور للتركيب من اسمين فقط: مبتدأ وخبر، مبتدأ وفاعل سد مسد الخبر، مبتدأ ونائب فاعل سد مسد الخبر، واسم فعلٍ وفاعله. قال: (أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ) وهذا تحته صورتان لأن الفعل قد يكون على الأصل مبنيًا للمجهول للمعلوم وقد يكون مغير الصيغة.

فالأول: نحو: ضَرَبَ زَيْدٌ عمرًا، ضرب: هذا فعل ماضي مبنيٌ للمعلوم، وزيدٌ فاعل، وعمرًا مفعول به ضُرِبَ زَيْد أو ضُرِبَ عمرٌو حذفت الفاعل لنك .. ما وأقمت المفعول به مقامه فارتفع ارتفاعه أخذ أحكامه وقلت ضُرِبَ زَيْد ضُرِبَ عمرٌو ضُرِبَ عمرٌو، ضُرِبَ: هل هو مثل ضَرَبَ زيدٌ مؤلف من اسمٍ وفعل ضُرِبَ عمرٌو مؤلف من اسمٍ وفعل طب نحن نقول: ضَرَبَ زَيْدٌ عمرًا، وعمرًا هذا ضَرَبَ زَيْدٌ عمرًا، نقول: هذا مؤلف من فعلٍ واسمٍ فعل مثال صحيح لما ذكره الناظم وعمرًا هذا كيف ما نعده ما هو؟ من الفضلات والفضلات هذه ليست داخلة في أصل الكلام ولذلك قلت: إذا وجد المسند والمسند إليه تم الكلام، ولذلك تضبط الفائدة قلنا: المفيد بحيث لا يصير السامع منتظرًا لشيءٍ آخر انتظارا تامًا، تامًا هذا احترازًا من انتظار الناقص وهو انتظار الفضلات كالمجرورات والمنصوبات ولذلك حصل نسبةٌ وإثبات بين الفعل والفاعل وبين الفعل والمفعول به إذا أطلقت النسبة عند النحاة كالمنطقيين إذا أطلقت النسبة المراد بها النسبة الكلية التامة وهذه تحصل بين الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر قد يكون هناك ارتباط ومعنى وعلاقة بين الفعل والمفعول إذا أخذنا المثال السابق ضَرَبَ زَيْدٌ عمرًا نقول: عندنا نسبتان هنا نسبة كلية تامة ونسبة ناقصة تقييدية علاقة زيد بضَرَبَ تامة لأنه مسند إليه وضَرَبَ مسند هذه النسبة هي التي تشترط في حد الكلام وإذا وجدت هذه النسبة وجد الكلام ضَرَبَ وعمرًا هل بينهما ارتباط؟ بينهما ارتباط وعلاقة ولا لا؟ بينهما ارتباط لكن هل ارتباط عمرًا بضرب كارتباط زيد بضرب؟ لا ارتباط زيد بضرب هذا ارتباط الفاعل بالفعل إذن لا يتصور وجود الضرب إلا بإحداث زيد وأما عمرًا هذا محلٌ لوقوع الضرب، ضَرَبَ زَيْدٌ: والمقصود الإخبار بأنه أوقع الضرب حصلت الفائدة التامة، أما عمرًا: فهذا لا تتعلق به الفائدة وإنما تتعلق به الفائدة الناقصة لأن السامع ينتظر شيئًا آخر لكنه انتظار ناقص نقول: ضَرَبَ زَيْدٌ، عرفت أن زيد أحدث الضرب لكن أين وقع هذا الضرب، عمرًا فالناس لا تتعلق به كتعلقها بمعرفة من أوقع الضرب ضرب زيدٌ النسبة كلية عمرًا علاقته بضرب نسبة تقييدية إذن (اسْمَانِ أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ) قال: (كَارْكَبُوا) الكاف هذه تمثيلية يعني: مثال قد تكون اسمية وقد تكون حرفية (كارْكَبُوا) إذا كانت اسمية فهي خبر لمبتدأ محذوف يعني: مثل قوله: (كَارْكَبُوا) وإذا كانت حرفية فهي جار مجرور متعلق بمحذوف كقولك، أو كنسبةٍ إلى قولك: (ارْكَبُوا)، (ارْكَبُوا) هذا فعل أمر والألف فيه؟ هذا فيه؟ أحسنت. فين فاعلة! (ارْكَبُوا) واو هذا فعل أمر مبني على حذف ال ...

أحسنت (ارْكَبُوا) والواو هذه ضمير للقصد مبني على السكون في محل رفع فاعل نائب فاعل (ارْكَبُوا) إذن عرفنا أن أقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو اسمٌ وفعل أيضًا يزاد على هذين الموضعين أن يتألف من جملتين وهذا تحته صورتان جملة الشرط وجوابه وجملة القسم وجوابه لأنه قد يظن ظان أقل ما يتألف منه الكلام (اسْمَانِ أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ) نقول: لا هناك ست صور اسمان اسمٌ وفعل جملتان والجملتان تحتهما صورتان جملة الشرط وجوابه: إن قام زيدٌ قمت، إن قام زيدٌ: جملة شرط قمت فعل فاعل جواب الشرط، أحلف بالله لزيدٌ عالمٌ، أحلف: هذا جملة قسم، والمقسوم أو المقسم به أو المقسوم عليه لزيدٌ قائمٌ أو عالمٌ هل يتألف جملة القسم من أقل من هذا التركيب؟ لا، إذا أراد الشرط هل يمكن أن يأتي به أقل من جملتين؟ لا يمكن إن هذه لا بد من جملة الشرط وجواب الشرط لا يتألف من أقل من الجملتين كذلك القسم لا يتألف من جملة القسم والمقسوم عليه أحلف بالله لزيدٌ قائم هذا من جملتين وهو الثالث. الرابع: من فعلٍ واسمين قال في الباب: كان وأخواتها: كان زيدٌ قائمٌ هنا لا يمكن أن يتألف أقل من فعلٍ واسمين كان زيدٌ قائم. الموضع الخامس: من فعلٍ وثلاثة أسماء: علم زيدٌ بكرًا فاضل، علم: هذا فعل زيدٌ بكرًا فاضل هذه ثلاثة أسماء. أن يتألف من فعلٍ وأربعة أسماء: أعلمت زيدًا بكرًا فاضلاً، أعلمت: التاء، زيدًا: ثاني بكرًا، ثالث فاضلاً هذا الرابع. إلى ثلاثةً رأوا علم ** عده إلى صرهر وأعلم هذه كم ست صور بقي واحدة يزاد على ما ذكرنا هشام وهي أن يتألف من اسمٍ وجملةٍ: زيدٌ قام أبوه زيدٌ أبوه قائمٌ إذن أقل ما يتألف منه الكلام سبع مراتب أو سبع طرق أو سبعة أنواع اسمان اسمٌ وفعل جملتان فعلٌ واسمين، فعلٌ وثلاثة أسماء، فعل وأربعة أسماء، اسمٌ وجملة. (كَذَاكَ مِنْ فِعْلٍ وَحَرْفٍ وُجِدَا) (كَذَاكَ) هذا متعلق بقوله: (وُجِدَا) أي: وجد الكلام كذاك أي: مثل الذي سبق في أقل ما يتألف منه الكلام من فعلٍ وحرف (وُجِدَا) الألف هذه للإطلاق (كَذَاكَ) جار مجرور متعلق بوجد ومن فعلٍ جار مجرور متعلق بقوله وجد كأنه قال: ووجد الكلام من فعلٍ وحرف وهذا مذهب الشلوبين وهو ضعيف وذكرنا وجه إضافي (وَجَاءَ مِنْ إِسْمٍ) بالقطع من وزن همزة قطع بالوزن (وَجَاءَ) أي ثبت أقل ما يتألف منه الكلام (مِنْ إِسْمٍ وَحَرْفٍ) حال كونه (فِي النِّدَا) في اسم بالقطع (فِي النِّدَا) أي: المنادى وهذا قول رد عليه فارس وقلنا: هذا ضعيف، ثم قال: وَقُسِّمَ الْكَلَامُ للِأَخْبَارِ ** وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالاسْتِخْبَارِ

هذا هو النوع الثاني يعني: قسم الكلام من حيثية أخرى وهو باعتبار مدلوله على أي شيءٍ يدل الكلام؟ الجمهور جمهور النحاة وصل في وأهل البيان أن الكلام ينقسم إلى قسمين خبر وإنشاء، وهذا محل نزاع بينهم بعضهم قسمه إلى ثلاثة أقسام بعضهم إلى أربعة بعضهم أوصله إلى ستة بعضهم إلى سبعة بعضهم إلى عشرة بعضهم إلى ستة عشر نوعًا والصحيح من هذه الأقوال كلها أنه منحصرٌ في نوعين خبر وإنشاء وذكرنا وجه الحصر في كلامٍ على ((الجوهر المكنون)) هناك ما احتمل الصدق والكذب بذاته نقول: هذا خبر ما لا يحتمل الصدق ولا الكذب لذاته نقول: هذا إنشاء. محتملٌ للصدق والكذب خبر ** وغيره الإنشا ولا ثالث .... وهذا نقل السيوطي في ((جمع الجوامع)) أن عامة أو أهل البيان على هذا القول قاطبةً والحذاق من النحاة بل ذكر في شرح ((عقود الجمان)) أن أول من زاد القسم الثلاثية وهو الطلب هو بعض النحاة قال: وقد رددنا عليهم في كتبنا النحوية، والصواب أنه منحصرٌ في نوعين لا ثالث لهما أنه غما خبر وإما إنشاء والخبر هو ما احتمل الصدق والكذب لذاته وشرحنا هذا الحد في ما سبق في ((الجوهر)) ويأتينا في باب الإخبار والإنشاء ما لم يحتمل الصدق ولا الكذب في ذاته وهذا تحته ثمانية يذكرها الناظم إذن من حيث اعتبار مدلول الكلام إما خبرٌ وإما أنشاء (وَقُسِّمَ الْكَلامُ للأَخْبَارِ) هذا جمع خبر إذن جعل الخبر قسمًا من أقسام الكلام باعتبار مدلوله وإذا كان الخبر مصدقه اللفظ هنا نقول ما وجه الجمع؟ الخبر شيءٌ واحد ما احتمل الصدق والكذب بذاته قام زيدٌ هذا خبر زيدٌ قائمٌ هذا خبر زيدٌ عالمٌ هذا خبر إذًا مصدق الخبر شيءٌ واحد نقول: هنا جمعه باعتبار الآحاد كأنه قال: زيدٌ عالمٌ خبر قام زيدٌ هذا خبر قدم زيدٌ من السفر هذه كلها عدها وقال: أخبار وإلا الخبر من حيث هو نقول هذا شيءٌ واحد ولا يقبل الجمع كما تقول: الإنسان هو حيوانٌ ناطق هل يجمع اللفظ ما يجمع لأن الحقيقة واحدة كذلك الخبر حقيقة واحدة وإنما الجمع يكون باعتبار الآحاد.

(وَالأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالاسْتِخْبَارِ) هذا جرى على مقالته هو عدها هنا ست عد الأقسام ستة جعل الأخبار التي هي خبر قسما من أقسام الكلام قال: (وَالأَمْرِ) يعني ومما قسم إليه الكلام الأمر والمراد به ما يدل على طلب الفعل ما دل على طلب الفعل فهو أمر، نحو: قم، قم هذا دل على طلب الفعل إذن فهو أمرٌ وبعضهم يقول: الأمر كلامٌ مشتملٌ على نحو: افعل دالٌ بالوضع على طلب الفعل أو تركٍ قم واترك اترك هذا أمر سيأتينا في مبحث الأصول وقم هذا أيضًا أمر إذن كلامٌ مشتملٌ على نحو: افعل دالٌ بالوضع على طلب فعلٍ أو ترك هذا يسمى أمر (وَالنَّهْيِ) هذا الثالث وهو ما يدل على طلب الترك نحو: لا تقم وإن شئت قل كلامٌ مشتمل على نحو لا تفعل دالٌ بالوضع على طلب الترك (وَالاسْتِخْبَارِ) والمراد به طلب الخبر وهو الاستفهام هل زيدٌ قائمٌ؟ نقول هذا استخبار يعني: طلب الخبر فتقول: نعم، أو لا هل زيدٌ قائمٌ هذا نوعٌ مستقل لكنها داخلة في الإنشاء إذا قيل القسمة ثنائية خبر وإنشاء، الأمر وما وقف عليه كله داخلٌ في الإنشاء لأن هذا لا يحتمل الصدق ولا الكذب إذا قال: قم هل تكون صدقت أو كذبت؟ ما يحتمل لو قال: لا تقم لا يحتمل هل زيدٌ قائمٌ لا يقال له صدقت أو كذبت ما يحتمل لو قال: لا تقم، لا يحتمل هل زيدٌ قائمٌ لا يقال له صدقت أو كذبت بل يقال: لا، أو نعم. (ثُمَّ الْكَلامُ ثَانِيًا قَدِ انْقَسَمْ) يعني: كأنه أراد أن يشير أن بعض الأصوليين كالبيانيين اكتفى بما سبق فقسم الكلام إلى أربعة وهذا ذكر: الخبر، والأمر، والنهي، والاستفهام. وبعضهم زاد على ما ذكر (تَمَنٍّ وَلِعَرْضٍ وقَسَمْ) لذلك أعاد الفعل قال: (ثُمَّ الْكَلامُ ثَانِيًا قَدِ انْقَسَمْ) أي: أن الكلام كما انقسم أولاً إلى ما ذكر قد انقسم ثانيًا (إلَى تَمَنٍّ وَلِعَرْضٍ وقَسَمْ) وهذا قولٌ آخر يعني: ذكر قولين الكلام إما خبر وأمر ونهي واستخبار ثم قال: الكلام إما خبر وأمرٌ ونهي واستخبار وتمنٍ وعرضٍ وقسم إذن ذكر لنا قولين (إلَى تَمَنٍّ) ما المراد بالتمني طلب ما لا طمع فيه أو ما فيه عسرٌ طلب ما لا طمع فيه كلامٌ دالٌ على طلب ما لا طمع فيه مثل ماذا؟ محفوظ معروف ليت لي جناحًا. ليت الشباب يعود يومًا ** فأخبره بما فعل المشيب

ليت الشباب يعود: يعود ما يعود أبدًا في الدنيا ما يعود إذن هذا طلب ما لا طمع فيه وصاحبنا يقول: ليت لي جناحًا فأطير به، نقول: هذا أيضًا لا طمع فيه أو ما فيه عسرٌ مثل ماذا؟ ليت لي مالاً فأحج به هذا فقير جدًا معدوم يقول: ليت لي مالاً فأحج به أو ليت لي مالاً فأشتري طائرة مثلاً وهذا ممكن ليس بمستحيل لكنه فيه عسر (إلَى تَمَنٍّ وَلِعرْضٍ) بإسكان الراء وإلى (عَرْضٍ) بإسكان الراء وهو طلبٌ برفقٍ وقيل كلامٌ مصدرٌ بألا دالٌ بالوضع على طلبٍ برفقٍ ولين ألا تنزل عندنا ألا تنزل عندنا فتصيبَ مأكلاً تصيبُ أو تصيبَ فتصيبَ لأنه لجواب الطلب وإذا كان الطلب بحقٍ وإزعاج يسمى تحضيضا هل لا يقوم زيد هل لا تقم معي نقول: هذا تحضيض لأنه فيه إزعاج وشدة (وَلِعَرْضٍ وقَسَمْ) قسم هذا كلامٌ دالٌ على اليمين فالمراد به هنا صيغة القسم لا المقسم عليه صيغة القسم هذه إنشاء والمقسم عليه خبر أحلف بالله لزيدٌ قائمٌ أحلف بالله هذه إنشاء أو خبر إنشاء لزيدٌ قائمٌ هذه خبر إذًا هذه ست مواضع: أمر، خبر، وأمرٌ، ونهيٌ، واستفهامٌ، وتمنٍ، وعرضٍ، وقسم. يزاد عليه الدعاء، والنداء، والتحضير. النداء مثل ماذا؟ يا زيد، هذا نداء جعلوه نوعًا مستقلاً والدعاء إن كان الطلب من الأدنى إلى الأعلى لأن الطلب يفصل عندهم وهذا ليس عليه دليل يعني: من جهة اللغة إن كان من أدنى إلى الأعلى يسمى دعاء وإن كان من أعلى إلى أدنى يسمى أمرًا ومن مساو لمساو زميل لزميل يقولون: هذا التماس. أمرٌ مع استعلا وعكسه دعا ** وفي التساوي فالتماسٌ وقعا هذا مجرد اصطلاح وذكرنا في شرح ((السلم)) عند هذا الموضع أن هذا لا تعرف اللغة وإنما يقال: ربنا اغفر هذا نقول: اغفر فعل دعاء تأدبًا مع الله عز وجل وإلا مقام والأصل أنها فعل أمر قال: وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ وَحَدُّهَا مَا اسْتُعْمِلا هذا يحتاج إلى تفصيل وبيان نقف عليه وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد.

20

عناصر الدرس * تكملة للمقدمة اللغوية * أقسام الكلام باعتبار استعماله في مدلوله * الحقيقة وأقسامها * فائدة معرفة أقسام الحقيقة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زال الحديث مع تبويب الناظم رحمه الله تعالى لهذا الباب قال: بَابُ أَقْسَامِ الكَلامِ وذكرنا أن المراد هنا أبحاث متعلقة باللغة يعني: شروعٌ منه في المقدمة اللغوية وذكرنا السبب في ذكر الأصوليين لهذه المقدمة في أوائل كتبهم والأصل في هذا المبحث كله أن يؤخذ من مضانه يعني: لا تظن أنه سيفسر لك أو ما قد ذكر أنه كل ما يحتاجه الطالب في هذه المسألة بل لا بد من دراستها من مضانه فما يتعلق بالكلام يأخذ من مضانه النحو، وما يتعلق بالحقيقة والمجاز هذا يؤخذ من مضانه فن البيان، وما يتعلق بمفردات اللغة هذا يؤخذ في فن الفقه اللغوي والوضع بالوضع أيضًا وإنما تُذكر إشارات في هذا الموضع علها أن تكون مفتاحًا يرجع إليه الطالب بنفسه وإن الحديث في الحقيقة والمجاز طويل جدًا وذكر أو ما ذكر إلا مسائل قليلة جدًا وما تركه أكثر وأكثر لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله فقال رحمه الله تعالى: (وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ). بَابُ أَقْسَامِ الكَلامِ

ذكر أن أقسام الكلام له حثيات وذكرنا أنه ينقسم من حيثية التركيب أو ما يتركب منه كلام إلى ما ذكره الناظم أربعة أقسام يتألف من اسمين، من فعلٍ واسمٍ، من حرفٍ وفعلٍ، من حرفٍ واسمٍ، كأنه أشار بهذه القسمة إلى حد الكلام كأنه قال لك الكلام هو اللفظ المتألف من اسمين أو من فعلٍ واسمٍ، كأنه أشار بهذه البيتين الذي هو التقسيم الأولي تقسيم الكلام من حيث ما يترتب منه الكلام وكأنه أشار إلى حد الكلام ثم قسم الكلام تقسيمًا آخر وهو من حيث مدلوله يعني: باعتبار مدلوله ينقسم إلى: خبرٍ، وأمرٍ، ونهيٍ، واستفهام، وزاد بعضهم إلى تمنمن ولعرضٍ، وقصر، (وَثَالِثًا) هذا التقسيم الثالث والأخير في هذا الموضع، (وَثَالِثًا) أي: وانقسم الكلام انقسامًا ثالثًا مغايرًا لما سبق وهو باعتبار استعماله في مدلوله (وَقُسِّمَ الْكَلَامُ للِأَخْبَارِ) هذا باعتبار مدلول الكلام ثم إذا عرفنا أن مدلول الكلام خبر وإنشاء هل يستعمل الخبر في مدلوله أو في غيره ينقسم بهذا الاعتبار كون الكلام بعد أن عرفنا مدلوله هل يستعمل في مدلوله أو لا ينقسم إلى حقيقة، وجاز لأنه إما أن يستعمل في مدلوله وهو ما وضعته له العرب فهذا هو الحقيقة وإلا فهو المجاز إذن (وَقُسِّمَ الْكَلامُ للأَخْبَارِ) هذا تقسيمٌ للكلام باعتبار مدلوله، (وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ) هذا باعتبار استعماله في مدلوله والذي دل على هذا التقسيم العقل بعد الاستقراء لأن الكلام إذا علم مدلوله إما أن يستعمل الكلام باللفظ المفرد أو التركيب في ما وضعت له العرب اللفظ أو التركيب فحينئذٍ هذا هو الحقيقة وإلا فهو المجاز لكن الذي ذكره الناظم هنا المجاز أو الحقيقة هو باعتبار المفرد لأن المجاز قد يكون مفردًا وقد يكون مركبًا وقد يكون عقليًا وقد يكون وضعيًا لكن مبحث الأصوليين في المجاز والحقيقة المفردين فقط ولا بحث لهم في المجاز المركب ولا المجاز العقلي وإنما الذي يبحث في المجاز العقلي والمجاز المركب هو في البيان يعني: عند البيانيين يبحثون هناك الأقسام أما هنا فالمجاز والحقيقة من أقسام المفرد إذن كيف هي من أقسام المفرد والناظم يقول: (وَثَالِثًا)؟ يعني: قسم الكلام إلى حقيقة ومجاز إذا عرفنا أن المجاز والحقيقة هنا مراد الأصوليين هو المفرد كأسد، وغائر، وعدرة، كما سيأتي فكيف جعل الحقيقة والمجاز قسمًا من أقسام الكلام نقول: لا يظهر وصف المفرد بالحقيقة أو المجاز إلا بعد الاستعمال أم قبل الاستعمال فلا يوصف كلٌ منهما لا بحقيقة ولا بمجاز من هذه الحيثية جعل الناظم كأصله الحقيقة والمجاز من أقسام الكلام وإلا فالأصل هو من أقسام المفردات وليس من أقسام الكلام وإنما قال: (وَثَالِثًا).

يعني: قسم الكلام تقسيمًا ثلاثة باعتبار ماذا؟ باعتبار كون هذا المفرد لا يظهر وصفه بالحقيقة أو المجاز إلا بعد استعماله لأنه كما سيأتي أن الحقيقة هي لفظ مستعمل والمجاز هو اللفظ المستعمل الحقيقة هي اللفظ المستعمل في ما وضع له ابتداءً والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ابتداءً إذن لاحظ أن الاستعمال أخذ في حد الحقيقة وأخذ في حد المجاز إذن صار الاستعمال جزءً من مفهوم الحقيقة وجزءًا من مفهوم المجاز إذن قبل الاستعمال لا حقيقة ولا مجاز اللفظ المستعمل في ما وضع له ابتداءً إذن لفظ المستعمل قبل الاستعمال لا تكون حقيقة في المجاز اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ابتداءً نقول: إذن لفظ المستعمل أخرج اللفظ قبل الاستعمال إذن وصف اللفظ المفرد بالمجاز أو الحقيقة هذا باعتبار التركيب يعني: بعد الاستعمال لأن الاستعمال داخلٌ في مفهوم وحينئذٍ الحقيقة والمجاز يعني: هو ركن في تعريف الحقيقة وهو ركنٌ في تعريف المجاز إذا انتفى وهذا هو حقيقة الركن إذا انتفى الاستعمال انتفت الحقيقة وإذا انتفى الاستعمال في المجاز أيضًا انتفى الحقيقة. وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ إذن هل ينحصر الكلام أو اللفظ المفرد في المجاز والحقيقة؟ نقول: لا لأنه إما حقيقة وإما مجاز وإما لا حقيقة ولا مجاز إذن قوله: (إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ). نقول: لا ينحصر اللفظ المفرد في الحقيقة والمجاز فيكون عندنا لفظٌ حقيقة ولفظٌ مجازٌ ولفظٌ لا حقيقةٌ ولا مجاز إذن هل القسمة هنا منحصرة في الحقيقة والمجاز الجواب لا قال: (وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ) التقسيم هنا ذكرنا أنه إما باعتبار عام يعني: عند البيانيين أو عند الأصوليين التقسيم هذا كما هو معلوم مختلفٌ فيه بين أهل العلم هل ينقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز هل اللغة فيها مجاز أو لا هذه فيها على الأشهر ثلاثة مذاهب:

إما أو القول الأول: أن اللغة مطلقًا محتملة على الحقيقة والمجاز وهذا قول الجماهير يعني: اللغة مطلقًا يعني: سواءً كان بالقرآن وفي الحديث وفي غيرهما وهذا قول جماهير أهل العلم أن اللغة فيها حقيقةٌ وفيها مجاز فيها ما هو حقيقة وفيها ما هو مجاز ودليلهم الاستقراء والتتبع قالوا: يستعمل لفظ الأسد في الحيوان المفترس ثم وجدناه يستعمل في الرجل الشجاع كذلك نار الحرب وكذلك الحمار يستعمل في البليد قامت الحرب على ساقها إذن ما لا ينحصر الألفاظ التي حكم عليها بكونها مجازًا أيضًا قالوا: المجاز لا ينافي الفصاحة اللغة بلغت أعلى درجات الفصاحة وأعلها القرآن وهل المجاز ينافي الفصاحة؟ الجواب: لا، لا ينافي الفصاحة فإذا كان المجاز غير منافٍ للفصاحة فحينئذٍ لا مانع من القول به وهذا يعتبر عن القائلين به من باب الاصطلاح يعني: كما قسمت علوم آخر إلى فاعل ومفعول به ونعت وتوكيد عند أهل الحديث المرسل والشاذ والمنكر إلى آخره كل الاصطلاحات التي في سائر العلوم يلحق بها تقسيم الخبر إلى كلام إلى حقيقة ومجاز هذا من حيث هو اصطلاحًا دون الاستعمال والنظر إلى مضانه ومحاله يعني: التقسيم من حيث هو أما إذا استعمل في العقيدة وال .. أخرجه إذن التقسيم من حيث هو نقول هذا من قبيل الاصطلاح كما قسم الكلام إلى خبر وإنشاء ما الدليل الاستقراء والتتبع هل هناك من ينازع في تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء نقول لا: وإنما قد يزاد عليهما من ما لا ينافيهما كذلك تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز يلحق بالتقسيم الأول (وَقُسِّمَ الْكَلامُ للأَخْبَارِ ** وَالأَمْرِ) إذن لا مانع من أن يقال حقيقة ومجاز هذا عند جماهير أهل العلم. القول الثاني: الملأ مطلقًا. الأول الجواز المطلق يعني: في اللغة وفي القرآن وفي الحديث.

القول الثاني: المنع مطلقًا يعني: لا في اللغة ولا في القرآن ولا في الحديث فإذا نفي عن لغة فمن بابٍ أولى عن القرآن وهذا أمرٌ جازم إذا نفي المجاز عن اللغة فمن بابٍ أولى أن ينفى عن القرآن والحديث وهذا ينسب لأبي عليٍ الفارسي وأبي إسحاق الاسفراييني واحتج بأن المجاز يوقع في الإبهام والإيهام فيلتبس المقصود بغير المقصود إذا قال رأيت أسدًا، أسدًا هذا إن استعمله المتكلم وأراد به المجاز أوقع في اللبس والإيهام لأنه يقول: إذا جاز أن يستعمل لفظ الأسد في الحيوان المفترس ثم استعمل في الرجل الشجاع قال: إذا قال رأيت أسدًا هذا يحتمل وإذا كان المجاز هو الغالب على رأي البيانيين إذن كان أكثر ما يتخاطب به الناس موقع في اللبس والإيهام لكن هذا الدليل جوابه من أسهل ما يكون وهو أن القائلين بالمجاز لا يطلقون المجاز هكذا عاتقه وإنما يشترطون علاقة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه مع قرينةٍ صارفةٍ وعن إرادة المعنى الأصلي فإذا قيل رأيت أسدًا عند البيانيين خاطبة هذا المراد به لأنه لا يجوز أن يستعمل مجاز إلا مع قرينه وحيث انتفت القرينة عمل بالأصل فعند البيانيين وهم أصل هذا المبحث عند البيانيين رأيت أسدًا لا يحتمل الرجل الشجاع وإنما يتعين أن يكون المراد به الأسد الذي هو الحيوان المفترس فإذا أراد المعنى المجاز تعين عليه أن يقول رأيت أسدًا ... أو يرمي أو يمشي لا يمشي لا رأيت أسدًا يرمي أو رأيت أسدًا يركض حينئذٍ ... هذا قرينة صارحة عن إرادة الأسد بالحيوان المفترس الذي هو الأصل في معنى اللغوي أليس كذلك نقول يتعين قرينة إذن إذا تعين قرينة تعين أن المفهوم من رأيت أسدًا أن المراد به الرجل الشجاع إذًا لا إبهام إيهام ولا لبس بين المقصود وغير المقصود، هكذا قال الجمهور لرد حجة أبي علي الفارسي وزاد بعضهم في رد المجاز بالكلية قال: هذا لم يكن معروفًا على عهد السلف وهذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن التقسيم إلى حقيقة ومجاز تقسيمٌ حالف ولم يعرف عن السلف والقرون المفضلة ثلاث القول بالحقيقة والمجاز.

والقول الثالث: في المسألة تفصيل بين اللغة والقرآن والحديث وهو أن المجاز واقعٌ في اللغة ومنفيٌ عن القرآن والسنة وهذا غريب وهو أضعفهم بل القول بالمجاز مطلقًا أقوى من القول بالمجاز في اللغة دون القرآن والسنة لماذا؟ لأن المجاز إذا ثبت فهو فصيح بل كما نص بعضهم أن المجاز قد يكون في بعض المواضع أفصح وأبلغ من الحقيقة وعليه إذا ثبت في اللغة المجاز وقد يكون أبلغ من الحقيقة والقرآن نزل بلسانٍ عربي مبين ونزل وهو متحدٍ للمشركين وللعرب أن يأتوا بمثله فحينئذٍ إذا كان بأيديهم المجاز وهو ممنوعٌ في اللغة لو كان بأيديهم وهو في بعض المواضع وليس بالقليل أفصح من الحقيقة حينئذٍ كيف تكون المعرفة فنقول: لا يمكن أن يقال بأن اللغة مشتملة على المجاز والقرآن لا يجوز أن يقال فيه حقيقة ومجاز وهذه الأقوال منسوبة لكبار من أهل العلم والشيخ الأمين رحمه الله له رسالة في هذه إنه ينفي المجاز في القرآن فقط دون اللغة وهذا كما ذكرت فيه ضعف والسلف رحمهم الله على علة أو على بعض ما يميز به المجاز من حقيقة وهو أن المجاز يصح نفيه فإذا صح نفيه دل على أنه مجاز لأن الحقيقة لا تنفى كما سيأتي فيما يعرف بحقيقة من المجاز فإذا قال رأيت أسدًا يخطب قل: لا هذا ليس بأسد يصح أو لا يصح؟ يصح تقول عندي طالبٌ حمار مثلاً تريد به البليد لا بأس هذا مجاز لكن يصح أن تقول: لا، لا ليس بحمار إذا صح أنه حمار وهذا علامة المجاز قالوا: إذا كان من علامة المجاز صحة نفيه فحينئذٍ لا يجوز أن يقال في القرآن ما يصح نفيه فحينئذٍ لو سلم بالمجاز في القرآن فحينئذٍ نقول لا يجوز في القرآن أن يكون فيه مجاز لصحة نفيه وأما اللغة أشعار العرب ونثرهم هذا لو نفي لا بأس به لا إشكال أما القرآن فلا وهذا رده بل هذا الدليل من أضعف ما يستند إليه منكر المجاز لماذا؟ لأنه قبل هذا قبل مسألة ما ذكرناه سابقًا وهو تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء هذه اجعلها في يدك تقسيم الكلام إلى خبرٍ وإنشاء ما حقيقة الخبر؟ محتملٌ لصدق ولكذب الخبر لذاته، لماذا لذاته؟ إدخال كلام الله جل وعلا المقطوع بصحته لأن الكلام ثلاثة أقسام باعتبارهما باعتبار صدقه وكذبه ما يقطع بصدقه فهو كلام الله ما يقطع بكذبه وهو كلام مسيلمة ومن على شاكلته، ثالثًا: ما يحتمل الصدق ويحتمل الكذب إذن لا يقطع بصدقه ولا يقطع بكذبه فهو جائز الصدق والكذب هذه الثلاثة الأنواع كلٌ منها خبر أرادوا أن يحدوا الخبر الشامل لهذه الأنواع الثلاثة وقال بعضهم: محتملٌ ما احتمل الصدق والكذب. فهذا دخل فيه النوع الثالث وخرج النوع الأول وهو ما قطع بصدقه وما قطع بكذبه أرادوا إدخال ما قطع بصدقه فقالوا: لذاته.

أي: لا بالنظر إلى قائله فإن نظر إلى قائله قطعنا بصدقه إن نظرنا إلى الكلام نفسه دون نسبته إلى قائله فهو محتملٌ بالصدق والكذب إذن كلام الرب من حيث هو ينطبق عليه حد الخبر وبالإجماع أن القرآن يشتمل على خبرٍ وإنشاء لو سلم في النفي هنا لرد المجاز بأن في القرآن ما يصح أو المجاز صح نفيه من علامات أن يصح نفيه وفي القرآن ما لا يصح نفيه إذن ليس في القرآن نفي، يلزم علينا أن نقول: الخبر يصح تكذيبه من حيث هو وحينئذٍ القرآن مشتملٌ على أخبار ولا شك إذن في القرآن ما يصح صدقه وكذبه وعليه فننفي أن يكون في القرآن خطأ وهذا ليس بصحيح لماذا إذن نقول على هذا أنه إذا سلم من وجود الخبر في القرآن وأن القرآن منقسم إلى أخبار إلى إخبارات وإلى إنشاءات والخبر محتملٌ للصدق والكذب للاحتمال الخبر بالكذب لا يلزم منه نفيه في القرآن كذلك المجاز للاحتمال أو لصحة نفيه لا يلزم منه نفي المجاز عن القرآن لأن الجواب المجازيين في مثل هذه المسألة قالوا نحن لا نقول: توارد النفي والمثبت في محلٍ واحد أليس كذلك؟ إذا قال: رأيت أسدًا يخطب قال: هذا ليس بأسدٍ ما هو المثبت وما هو المنفي، المثبت، المعنى المجاز الذي نقل إليه المجاز رأيت أسدًا يخطب أسدًا هذا الرجل الشجاع هو المثبت وهذا ليس بأسد ما هو المنفي الحيوان المفترس م .. ليس محل فك والنفي والإثبات ليس متواردين على محلٍ واحد إذن التعليل بكون هذا الموضع أو هذا هذه العلامة في الحكم على المجاز بكونها يصح نفيه وما صح نفيه لا يجوز أن يكون إلا في القرآن نقول: لو كان نفي ظاهر القرآن وهو مرادٌ به المجاز لقلنا نعم ظاهرٌ {((((((((((إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ((((} [الأحزاب:46]، سراج سِراج في الأصل أنه مصباح لو قال ليس بسراج {(((((((((مُنِيرًا ((((} هذا على التشبيه ليس المراد أنه سراجٌ حقيقي لو قال هذا ليس بسراج حينئذٍ المنفي السراج الحقيقي والمثبت السراج المجازي حينئذٍ ليس محل المنفي هو محل ظاهر القرآن فالذي نفي هو المعنى الحقيقي وظاهر القرآن الذي دل عليه ليس هو المعنى الحقيقي وإنما هو المعنى المجازي إذن ليس في القرآن ما يصح نفيه وإنما من علامة الحكم على كون هذا اللفظ مجاز صحة نفيه واضح هذه المسألة لأن البعض يلتبس عليه فيقول القرآن ليس فيه مجاز وأنا لا يظهر من كلامي أقر أو أنفي أنا أشرح المسألة فقط بعضهم يرى أن في القرآن لا يجوز أن يقال مجاز لماذا؟ لأن المجاز يصح نفيه نقول الذي صح نفيه وظاهر القرآن أنه المعنى المجازي ليس هو المعنى المجازي الذي نفي حتى يقال نفي في القرآن وإنما الذي نفي هو المعنى الحقيقي وليس هو ظاهر القرآن فيبينهما فرق تنبه لهذا إذًا علما أن في المسألة كم قول ثلاثة أقوال: المنع مطلقًا. الجواز مطلقًا. التفصيل.

وأيضًا ينبه على أن لو قال قائل بثبوت المجاز قال المجاز ثابت في اللغة وفي القرآن وفي الحديث نقول إثباته للمجاز هنا الخلاف معه إما أن يكون خلافًا جوهريا وإما أن يكون خلافًا فرعيًا لماذا؟ لأن المجازيين قد استطردوا في المجاز وسلطوا المجاز على آيات الصفات والأسماء والغيبيات فحينئذٍ نفوا مدلول الأسماء والصفات وكثير من الغيبيات بحجة أنها مجاز وهذا نقول: ضعف ولا شك في هذا وأن الخلاف مع من أثبت المجاز في مثل هذه المواضع خلاف العقل خلافٌ جوهري وليس لفظيًا لأن هذا سلك مسلك أهل البدعة يعني أنه أول الصفات لهذه الحجة أما في ما عدا الصفات والأسماء والغيبيات فهذا الخلاف معه خلافٌ فرعي وبعضهم يقول خلافٌ أدبي يعني: لا ينبغي أن مم رجح وجود المجاز لأن بعضهم يرى وجود المجاز مرجحًا وجود المجاز أنه يكون مختلفًا معهم في أصل وإنما الخلاف يكون في أمرٍ فرعي لأن من حجج من ينفي المجاز مطلقًا بحجة أنها للبدعة استخدموه في آيات الصفات والأسماء وغيبيات، أولاً: أنه لم يكن موجدًا في عهد السلف وذكرت أن هذه المسألة من باب الاصطلاحات يعني: كسائر الفنون عدم وجود المجاز أو القول به في القرون الثلاثة المفضلة إذا أردنا الحجة من حيث هي هذه الحجة من حيث هي نقول: لا يلزم عدم وجود المجاز في القرون المفضلة أنه باطل هذه ليس بلازم متى يكون باطلاً إذا كان علمًا شرعيًا تستقى منه الأحكام فحينئذٍ نقول هم أسبق إلى الخير منا فلما لم يكن موجودًا في عهد السلف ولم يصرح ولم ينقل أحدٌ بهذا نقول وجوده بعدهم هذا دليلٌ علة أنه محدث فحينئذٍ وجوده بعدهم هذا دليلٌ على أنه محدث فحينئذٍ نبطل من هذه الحيثية أما كونه علما لغويًا بحثًا في الأصل علمًا لغويًا بحثًا في الأصل يعني: لا يمس الشرع لا من قريب ولا من بعيد في بيان الأحكام الشرعية وعدمها حينئذٍ نقول من حيث هو علمٌ لغويٌ بحث كسائر الفنون وهل وجد تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء في عهد الصحابة هل وجد ما وجد هل وجد التقنين الموجود عند المتأخرين أن لهشام ثمانية أنواع: أمر، ونهي، واستخبار، وتمني، وعرض، وتحضيض، إلى آخره غير موجود إذن وجوده بعدهم لا يدل على أنه باطل وإنما هو كما قيل في سائر الفنون أنها من باب الاصطلاح استعماله في غير ما هو جارٍ عليه مذهب السلف حينئذٍ نقول: هذا باطل ورده أيضًا ليس ردًا لحجة أهل البدعة يعني: يظن الظان أنه لو أنكر المجاز وهذا موجود إذا أنكر المجاز معناها أبطل حجة المعتزلة والجهمية من أصلها لا ليس بصواب لماذا؟ لأن الاستمساك بالمجاز عند أهل البدع المؤولين للصفات هذا من باب الفراط وليس من باب أصل الفهم المعنى لأنه عندما يسمع {(((((((((((عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (((} [طه:5] لا يقول هذا مجاز مباشرة لا يقول وإنما يقول أنا لا أفهم من هذا إلا المعنى الظاهري الذي نراه أولاً ومحسوسًا عندنا، {((((يَدَاهُ ((((((((((((((} [المائدة:64]، نقول لا أعقل من هذا اللفظ إلا المعنى الظاهر هذا فسوى بينهما فحينئذٍ قال هذه النصوص ليست على ظاهرها لأنه لا يفهم منها إلا إِلا ما تبادر إلى ذهنه إذن هذا أصل أو فرع هذا أصل أولاً حكم بأن آيات الصفات ليست على ظاهرها لأنه لم يفهم من

مدلول اللفظ إلا ما يفهم بالحس المشاهدة إذن ماذا صنع هذا بلغة العرب وفي لغة العرب حقيقة ومجاز يقال إذا قال هذا مجاز وليس بحقيقة إذن القول بالمجاز في تهويل الصفات ليس أصلاً وإنما هو فرد يعني من باب الفرار عما اعتقده المحدث بكونه لا يفهم من ظاهر النصوص إلا الأمر الحث المشاهدة ولا يعقل من قوله تعالى {قد استوى} إلا ما يراه من نفسه ومن غيره ثم احتاج إلى أن يؤول هذه الآية ففر إلى المجاز إذن لو أبطلت المجاز ماذا سيصنع؟ هل سبق على أن هذه ليس على ظاهرها أبطأت المجاز قال ليس المراد بها اليد الحقيقة وإنما النعمة إلى آخره وهذا أسلوبٌ من أساليب العربي إذن لم نسميه مجاز ... فحينئذٍ إبطال المجاز ليس إبطالاً لأصل أهل البدع وهو فهم النصوص على هي على ظاهرها لكن هم لم يفهموا من الظاهر إلا ما يرونه بالحث المشاهد فحينئذٍ نحتاج إلى التأويل الحاصل أن هذا التقسيم الحقيقة أو إلى كلام الحقيقة ومجاز من قال به في غير الأسماء والصفات حينئذٍ لا نقول هذا ليس بسلفي ولا نقول أنه قد خالف السلف ولا نقول بأنه قد أحدث في الدين ما ليس منه وإنما هو خلافٌ فرعي نعم والمسألة محتملة للأخذ والعرض يعني: مسألةٌ اجتهادية القول بالمجاز في غير بغير الأسماء والصفات نقول مسألةٌ اجتهادية من أداه النظر إلى القول بالمجاز فلا إشكال ومن لم يؤده ذلك وأنكر المجاز أيضًا لا إشكال وأما القول بالمجاز في الأسماء والصفات ونحوها نقول: هذا من سلوك مسلك أهل البدعة وأيضًا لا نقول أن المجاز هو الغالب في الحقيقة. وليس بالغالب في اللغات ** والخلف فيه لابن الجني آتي

بن الجني قال: الحقيقة والمجاز ثابتان في اللغة. لكن أكثر اللغة مجاز وليس بحقيقة وهذه غلو ورده المجازيون قالوا: لا هذا من الغلو في إثبات المجاز لماذا؟ يقول لأن أخذ الاستعمال للتراكيب أكثرها ليس المراد باللفظ حقيقته إذا قلت ضرب زيد نقول هذا مجاز جلست في المجلس هذا مجاز سافرت إلى البلاد هذا مجاز لبست الثياب هذا مجاز أكلت الخبز هذا مجاز كيف مجاز إذا قال ضربت زيدًا زيد مدلوله الذات كله من رأسه إلى أخمص قدميه وظهره وبطنه جسمه وجوهره كله مسمى زيد فإذا قال ضربت زيدا هو ضرب زيد كل الجسم من جميع النواحي أم ضربه في جهةٍ في جهةٍ إذن لم يضرب زيد وإنما ضرب بعض زيد إذن هذا يكون من باب إطلاق الكل مرادًا به الجزء مجاز قالوا: مجاز مثل قوله تعالى هنا لا {(((((((((((أَصَابِعَهُمْ فِي (((((((((((} [البقرة:19] ليس الأصبع كله وإنما المراد بالقرآن أصابعه الأن هذا من إطلاق الكل مراد به الجزء إذا قلت ضربت زيدا أنت ما ضربت زيد كل الجهة إنما ضربت بعضه إذن هذا من إطلاق الجزء مرادًا به الكل ثم ضربت مطلق الضرب يمل جميع الأنواع باليد بالعصا بكل ما يمكن أن يضرب به وأنت ما أردت هذا أردت بعض أنواع الضرب أنا في المسجد المسجِد هذا اسمٌ مسماه ما بين الأطراف إذا قلت أنا في المسجد معناه أنت بداخل قد حللت بجميع أرض المسجد ولكن ليس الأمر كذلك أنت في جزءٍ من المسجد وهذا من باب إطلاق الكل مرادًا به والأصل أنا في طرف ولذلك جاء الحديث «فبال في طائفة من المسجد» لأن المسجد مسماه هذا كذلك إذا قال سافرت إلى البلد ال هذه للجنس لم تسافر كل البلاد، قال في مكة أو أنا قادمٌ من مكة أنت ليست قادمٌ من كل مكة أنت من جزء مكة المهم أن الغالب عند ابن الجني المجاز غالبٌ على الحقيقة هذا رد عليه بأن هذه الأساليب معروفة في لغة العرب وأنها محمولةٌ على الحقيقة وليس ثم نقل بين المعنى الأصلي ولا المعنى المجازي، (وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ) ثم قال: هنا قدم المجاز على الحقيقة لماذا لأنه سيذكر أولاً تعريف الحقيقة قال: (وَحَدُّهَا). أي: الحقيقة هذا نشر ونشر غير مرتب مشوش غير مرتب. وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ وإلَى ** حَقِيقَةٍ وَحَدُّهَا هنا بدأ بالحقيقة لتقدمها هنا بدأ طبعًا ووضعًا لأن الحقيقة أسبق من المجاز. وَحَدُّهَا مَا اسْتُعْمِلا مِنْ ذَاكَ فِي مَوْضُوعِهِ الحقيقة حدها يعني: في الاصطلاح، والحقيقة في اللغة فعيلة حقيقة هذا على وزن فعيلة من الحق يعني: مشتقةٌ من الحق هذا معناها اللغوي.

قال ابن فارس: الحقيقة من قولنا حق الشيء إذا وجب واشتقاقه من الشيء المحق وهو المحكم تقول هذا ثوبٌ محققٌ نسجي أي: محكمٌ. وقيل: هي من حَقَ الشيء يَحِقُ ويَحُقْ. يعني: من باب يَفْعِلُ ويَفْعُلْ، حَقَ يَحِقُ ويَحُقُ سمع فيه الكسر والضم إذا ثبت ووجب ومنه قوله تعالى: {((((((((حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ((((} [الزمر:71]. {((((((} بمعنى: ثبتت ووجبت إذن هي فعيلة وفعيل في اللغة يأتي بمعنى فاعل ويأتي بمعنى مفعول إذا كانت بمعنى فاعل فعيل حقيق بمعنى فاعل بمعنى الكلمة الثابتة في مكانها الأصلي يعني: الذي وضع له أصالة في لغة العرب فحينئذٍ تكون التاء للتأنيث كما يقال في عليم بمعنى عالم وسميع بمعنى سامع يعني بمعنى اسم مفعول وقد تكون بمعنى اسم المفعول فعيل بمعنى اسم المفعول أي: الكلمة المثبتة. يعني: التي أثبتت في مكانها الأصلي الذي وضع له في لغة العرب وحينئذٍ تكون التاء هنا ليست للتأنيث لأن فعيل في لغة العرب إذا كان بمعنى اسم مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث وما استوى فيه المذكر والمؤنث لا يحتاج إلى علامة فارقة بين التذكير والتأنيث إذًا ما تكون هذه التاء؟ نقول: هذه التاء تاء النقل نقلت الاسم الذي هو الحقيقة من الوصفية إلى الاسمية وظيفتها أنها تجعل المشترط في قوة الجامد يعني: سلب اشتقاقه ودلالته على الوصفية إلى الجمود ولذلك نقول: للنقل. يعني: نقل الاسم من الوصفية. يعني: دلالته على الوصف إلى الاسم بمعنى الجمود كأنه سلب منه المعنى فصار جامدً كالأعلام الجامدة إذن إذا كانت فعيل حقيقة فعيل بمعنى اسم مفعول فالتاء حينئذٍ تكون تاء الفرق وليست للتأنيث كما يقال: رجل جريح، وامرأة جريح لا يصح أن تقول: جريحة. لماذا؟ لأن الجريح فعيل بمعنى اسم مفعول وهذا يستوي فيه المذكر والمؤنث فلا يحتاج حينئذٍ إلى تاء مميزة مذكرة من المؤنث أما ما لا يستوي فهذا الذي يحتاج إلى تميز المذكر عن المؤنث ولذلك المذكر أصل والمؤنث فرع. علامة التأنيث تاء الأوانث ** وفي أسامي قدروا التاء ما احتاج للعلامة فرع عما لا يحتاج إلى العلامة لذلك كان المذكر أصلا للمؤنث هنا الوصفية نقل إلى الاسمية جمود لحقته هذه التاء سلبته الوصفية امرأة جريح ورجل جريح ولا يقال: جريحة. امرأة قتيل ورجل قتيل ولا يقال: امرأة قتيلة. يعني: بمعنى مقتول ومقتول فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث وهذا من شرائط صحة جمع الاسم جمع مذكر سالم أن لا يكون مما يستوي فيه المذكر والمؤنث فلا يقال: جريحون. لماذا؟ لأنه على وزن فعيل إذن عرفنا أن الحقيقة فعيلة من الحق بمعنى وجب وإذا كانت بمعنى اسم فاعل فهي الكلمة الثابتة في مكانها الأصلي وإذا كانت بمعنى اسم مفعول فهي الكلمة المثبت في مكانها الأصلي أما في الاصطلاح فعرفها الناظم تبعًا للأصل. مَا اسْتُعْمِلا مِنْ ذَاكَ فِي مَوْضُوعِهِ

يعني: الحقيقة اللفظ المستعمل في موضوعه الأصلي هذا هو التعريف اللفظ المستعمل في موضوعه الأصلي اللفظ هذا جنس يشمل المهمل كزيد والمستعمل كزيد والحقيقة والمجاز لأن لما أردنا تعريف الحقيقة والمجاز لا بد من جنس يجمعهما إذن اللفظ هذا يشمل المستعمل ويشمل المهمل والحقيقة والمجاز قوله: المستعمل. المستعمل هذا اسم مفعول من الاستعمال اسْتَعْمَلَ يَسْتَعْمِلُ فهو مُسْتَعْمِلٌ وذاك مُسْتَعْمَلٌ إذن اللفظ مُسْتَعْمَلٌ والاستعمال عندهم إطلاق اللفظ وإرادة المعنى يعني: المعنى الذي جعل لفظه ذلك اللفظ بإيذائه سواء كان مستعملاً الذي وضع له في لغة العرب كالحيوان المفترس للأسد أو المعنى المجازي كالرجل الشجاع للأسد لأن الواضع في لغة العرب وضع اللفظ مرادًا به معنيين: معنى أصلي بوضع أول، ومعنى ثانوي أو فرعي بوضع ثانوي وضع كلمة أسد للحيوان المفترس ثم جعل لهذا اللفظ معنى آخر وهو: الرجل الشجاع. وكلاهما وضع لكن الوضع الأول يسمى حقيقة والوضع الثاني يسمى مجازًا إذن اللفظ المستعمل نقول: المستعمل مأخوذ من الاستعمال. والاستعمال هو: إطلاق اللفظ وإرادة المعنى سواء كان هذا المعنى هو الذي وضع له في لغة العرب أو المعنى المجازي الذي نقل من المعنى الأصلي إلى المعنى الفرعي بعلاقة بينهما، المستعمل أخرج المهمل وبقي ماذا؟ المجاز معًا والحقيقة أيضًا دخلت الحقيقة والمجاز اللفظ المستعمل إذن عرفنا أن الاستعمال داخل في حقيقة الحقيقة، الحقيقة قلنا على الماهية فحينئذٍ اللفظ قبل استعماله لا يسمى حقيقة وإنما يكون بعد الاستعمال وهذا من حجج القائلين بنفي المجاز يقول: هذا كلام كله حقيقة. لماذا؟ لأن الأصل في الحقائق أنها إما إفرادية، وإما تركيبية الإفرادية كالحيوان المفترس للأسد والتركيب هي المفهومة من التركيب يعني: العرب إذا استعملت لفظ الأسد لا تنظر إلى مدلوله قبل الاستعمال وإنما تنظر إلى مدلوله بعض الاستعمال إذن المعنى المفهوم من قولك: رأيت أسدًا يرمي. أو يخطب. وهو الرجل الشجاع على المنبر قال: هو هذا المعنى المفهوم من التركيب والعرب قصدت المفهوم العام وليس المفهوم الخاص نقول: ما الدليل على أن العرب قصدت المعنى العام لا المعنى الخاص؟ هذا يحتاج إلى إثبات الحاصل قال: اللفظ المستعمل. أخرج اللفظ قبل الاستعمال (فِي مَوْضُوعِهِ) الأصلي (فِي مَوْضُوعِهِ) موضوع هذا مشتق من الوضع والوضع جعل اللفظ دليلاً على المعنى جعل اللفظ بإيزاء المعنى وهذا متفق عليه في المفردات زيد مدلوله ذات مشخصة من الذي وضع لفظ زيد دالاً على الذات المشخصة؟ نقول: الواضع. إذن هذا وضع عندنا وضع وعندنا موضوع وموضوع له أليس كذلك عندنا واضع وسبق أنه الرب جل وعلا. واللغة الرب لها قد وضع

عندنا موضوع وهو لفظ زيد وموضوع له وهو الذات المشخصة، أسد عندنا فيه واضع وهو: الرب. وموضوع وهو: لفظ أسد. وموضوع له وهو: الحيوان المفترس. وضعه في الرجل الشجاع نقول: أيضًا هذا موضوع لكنه بوضع ثاني كما سيأتي في حقيقة المجاز (فِي مَوْضُوعِهِ) أي: فيما وضع له. قال: الأصلي. يقصد به الأول وهذا يعبر بعضهم في هذا الموضع يقول: اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً. وقد عرفه السيوطي بهذا في الكوكب. الأول كلمة مستعمله ** فيما اصطلاحًا أولاً توضع له وهذا قول ابن الحاجب وأيضًا غيره اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً لكن أورد على أولاً هذا اعتراض فتركه الناظم لهذا الاعتراض وهو: أن الأول اختلف فيه هل يستلزم الثاني أو لا؟ إن قيل: كل أول لا بد له من ثاني والحقيقة هي الأول فحينئذٍ الحقيقة تستلزم المجاز. ولا قائل به وإذا قيل: لا يستلزمه حينئذٍ نقول: الحقيقة لا تستلزم المجاز وهذا هو الأصح أن الحقيقة قد يكون اللفظ مستعمل حقيقة ولم يستعمل في المجاز وهذا كثير أن يكون اللفظ استعمل في معناه الأصلي ولم ينقل إلى معنى فرعي إذن المجاز يستلزم الحقيقة كما سيأتي وهل كل حقيقة لها مجاز؟ الجواب: لا، إذن قوله: اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً هذا فيه إيهام دفعه أن نقول: موضوعه الأصلي الذي هو الابتدائي ولذلك بعضهم عدد هذه العبارة اللفظ المستعمل فيما وضع له ابتداءً إذًا ليس أول عندنا ولفظ أول فيه إيهام وفيه إشكال قال هنا: في موضوعه. يعني: الأصلي فيما وضع له الأصلي يعني: يقصد الأول الذي وضعت العرب اللفظ لذلك المعنى المدلول عليه بحيث إذا أطلق لم يفهم منه إلا المعنى الذي وضع له ابتداءً لفظ أسد وضع للحيوان المفترس نقول: معناه الأصلي هو الحيوان المفترس. اللفظ المستعمل في موضوعه إلى هنا في موضوعه هل خرج المجاز؟ لا لم يخرج المجاز وإنما خرج المجاز بقوله: الأصلي. لماذا؟ لأن الحقيقة موضوعه والمجاز أيضًا موضوع إلا أن المجاز وضعه نوعي لا شخصي بخلاف الحقيقة الحقِيقة المفردات هذا بالإجماع أنها موضوعة وإنما الخلاف في المركبات والوضع في المجاز وضعٌ وزعي يعني: يسمع لفظ واحد من إطلاق الكل مرادًا به الجزء ثم قس عليه ما بدا لك هل كل لفظ وضع مجازًا استعمالاً للكل في موضع الجزء؟ نقول: لا يحتاج هذا وإنما النوع فقط يعني: العلاقات التي تسمى علاقة المرسل مجاز المرسل خمس وعشرين نوع من استعمال أو إطلاق الاسم المسبب على السبب نقول: هذا لا يحتاج كل لفظ استعمل مجازًا من إطلاق المسبب على السب أو العكس أن يكون منقولاً وإنما جنس النوع استعملت العرب في موضع واحد من إطلاق المسبب على المسبب أو عكسه أو من إطلاق الكل مرادًا به الجزء نقول: نقيس عليه ما بدا لنا بعد ذلك. والسمع في نوع المجاز مشترك

نوع المجاز يشترط السمع يعني: النقل عن لغة العرب. وأما الحقائق هذه كل لفظ لا بد أن يكون منقولاً عن العرب لا يمكن أن يوضع لفظ مرادًا به معنى لم تضعه العرب لأن اللغة كما سبق أنها توقيفية إذًا في موضوعه نقول: لم يخرج المجاز لأن الحقيقة موضوعه وضعًا أوليًّا والمجاز أيضًا موضوع وضعًا ثانويًّا وكل منهما موضوع إلا أن الحقيقة وضعها جزئي يعني: جزئيات باعتبار الجزئيات كل لفظٍ لفظ والمجاز موضوع وضع ثانوي لكنه باعتبار المركبات ومثله ما سبق في حد الكلام والكلام هو اللفظ المركب المفيد للوضع الوضع قلنا المراد به الوضع العربي هل كل تركيب إسناد لا بد أن يكون منقولاً عن العرب؟ ما يمكن إذن بطل أكثر كلامنا إذا لم يطلق اللفظ يقول: صليت في مسجد الملك عبد العزيز. ما نقل عن أعرابي هذا اللفظ لو قلت: كل تركيب إسنادي لا بد أن يكون منقولاً آحاد الكلام ما صح هذا ما هو عربي ما صح الكلام العربي أليس كذلك هل نطقت العرب بهذا هل نطقت العرب صليت في مسجد الملك عبد العزيز ما يمكن ما نقل هذا إذن لا يشترط في الكلام أن يكون موضوعًا باعتبار الآحاد المركبات كل مبتدأ وخبر لا بد أن يكون منقولاً ولا تتكلم إلا بما تكلم به العرب هذا مستحيل هذا لا يمكن ومثله ما يقال: الشاعر أن فلان من الناس لا يتكلم إلا بالقرآن. ما أظنه صحيحًا لا يرد ولا يجيب إلا بألفاظ القرآن نقول: هذا ما يمكن ثانيًا نقول: هذا لا يمكن أن يتصور أن يكون الكلام منقولاً عن العرب بوضع والوضع يكون متعلقه الأفعال وإنما الأنواع أن يأتي بفعل مع فاعله العرب قالت مثلاً: قام زيد. قدمت الفعل على الفاعل إذن فعل وفاعل دل على الكلام أو دل على المعنى المفهوم من هذا التركيب أنت قس عليه ما شئت قل: جلس زيد. ولو لم ينطق بجلس زيد قام عمرو لا إشكال كذلك المجاز وضعه وضع النوعي ليس جزئيًا إذًا قوله: الحقيقة هي اللفظ المستعمل في موضوعه الأصلي. الأصلي هذا أخرج المجاز على هذا الحد الحقيقة لا تنقسم فحينئذٍ يكون حقيقةً لغويةً فقط وكل ما عداها مما أطلق عليها أنه حقيقة عرفية عامة أو خاصة أو حقيقة شرعية فهو مجاز {((((((((((((((((((((((} الصلاة على هذا التعريف مجاز، الدابة في اللغة لغة العرف العامة نقول: هذا مجاز على هذا التعريف وهو الذي قدمه الناظم بقوله: وَحَدُّهَا مَا اسْتُعْمِلا مِنْ ذَاكَ فِي مَوْضُوعِهِ (مَا) هذا لفظ اسم موصول بمعنى الذي يصدق على لفظ وقلنا: لفظ هذا جنس يشمل المهمل والمستعمل والحقيقة والمجاز (اسْتُعْمِلا) الألف هذه للإطلاق أي: لفظ مستعمل وقلنا: استعمل أخرج اللفظ قبل الاستعمال وأخرج المهمل أيضًا (مِنْ ذَاكَ) أي: من الكلام المشار إليه الكلام أو (مِنْ ذَاكَ) المشار إليه ما يعني اللفظ أو القول (فِي مَوْضُوعِهِ) أي: على معناه الذي وضع له في اللغة ابتداءً (فِي مَوْضُوعِهِ) في بمعنى على استعمل على موضوعه أي: على معناه الذي وضع له في لغة العرب ابتداءً فحينئذٍ رأيت أسدًا أَسدًا هذا المراد به الحيوان المفترس أطلق لفظ الأسد فانصرف إلى المعنى الأصلي الذي وضع له في لغة العرب وهو حيوان مفترس.

(وَقِيلَ مَا ** يَجْرِي خِطَابًا) هذا تعريف آخر ليشمل الأنواع الثلاثة لأن الصواب أن الحقيقة ثلاثة أنواع: حقيقة لغوية، وحقيقة عرفية، وحقيقة شرعية. نريد حدًا يجمع هذه الثلاث فقال: (وَقِيلَ مَا ** يَجْرِي خِطَابًا فِي اصْطِلاحٍ قَدُمَا). يعني: ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة ما استعمل أو اللفظ المستعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة والحدود نظمها فيه إدراكات وإنما تؤخذ نثرًا ما استعمل أو اللفظ المستعمل يقال فيه كما قيل فيما سبق ما استعمل فيما اصطلح اصْطلح افتعل من الاصطلاح والاصطلاح أصله اصتلاح التاء قلبت ألفًا التاء قلبت طاءً اصطلح أصله اصتلح مأخوذ من الاصطلاح والاصطلاح لغةً: الاتفاق. تقول: اصطلح زيدٌ وعمرو إذا اتفقا والاصطلاح في الاصطلاح اتفاق طائفة مخصوصة على أمر معهود بينهم متى أطلق انصرف إليه كل طائفة سمها فقهاء سمها أصوليين سمها مهندسين أطباء نحاة صرفيين بيانيين كل طائفة أتركت في عمل معين في فن معين إذا اصطلحوا على لفظ قالوا: اللفظ هذا إذا أطلقناه أردنا به المعنى كذا. وهذا المعنى ليس هو الذي وضع له في لغة العرب أو قد يكون هو الذي وضع له في الغرب أو قد يكون أعم أو قد يكون أخص لكن اصطلحوا على هذا اللفظ إذا أطلق انصرف إلى معنى معين كاصطلاح النحاة مثلاً إذا أطلقوا الفاعل قالوا: الفاعل في اللغة كل من أوجد شيئًا. كل من أوجد شيء فهو فاعل يعني: محدث. كل حدث أحدث اسمه فاعل زيدٌ قائم زيد هذا في اللغة فاعل لكن عند النحاة مبتدأ لا يسمى فاعل فزيد قائم زيد هو الذي أحدث القيام إذن هو فاعل لغة لكن عند النحاة لا يسمى فاعل فإذا أطلق لفظ الفاعل عند النحاة انصرف إلى الاسم المخصوص كذلك المفعول به إذا أطلق انصرف إلى الاسم المخصوص الفقيه عند الأصوليين إذا أطلق انصرف إلى العالم بالأحكام الشرعية إلى آخره المتكلم كل من نطق فهو متكلم لكن عند العلماء إذا قيل: هؤلاء متكلمون. يعني: ينطقون بالكلام وغيرهم لا؟ لا المراد به العالم على حد زعم العالم بعلم الكلام يطلق عليه أنه متكلم إذن هذه اصطلاحات خاصة عند النحاة أو عند الصرفيين إذا قيل: الميزان الصرفي إذا أطلق المراد به فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ إلى آخره نقول: هذه اصطلاحات خاصة إذا أطلق اللفظ انصرف إلى المعنى الذي جعل هذا اللفظ دليلاً عليه بحيث إذا أطلق الفاعل عند النحاة لم ينصرف إلى الاسم المخصوص وإذا أطلق الفاعل عند اللغة أهل اللغة لم ينصرف إلا إلى المعنى المخصوص وهو من أوجد الحدث وهلم جرا وكذلك العام والخاص والمطلق والمقيد عند الأصوليين لها معاني خاصة إذا أطلقت انصرفت إلى معانيها الموضوعة لها في ذلك الفن قال: ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة. يعني: من الجماعة المخاطِبة. والجماعة المخاطِبة خاطِبة بكسر الطاء أو بفتحها يجوز أن يقول المخاطَبة. بمعنى التخاطب يعني في اصطلاح التخاطب وإذا قيل: فيما اصطلح عليه من الجماعة المخاطِبة الجماعة المخاطِبة بعضهم لبعض قد يكونوا أهل لغة، وقد يكونوا أهل شرع، وقد يكونوا أهل عرف.

فحينئذٍ اشتمل هذا الحد على الحقائق الثلاثة بأنواعها وهي: الحقيقة اللغوية، والحقيقة الشرعية، والحقيقة العرفية وجه إدخالها بقوله: فيما اصطلح عليه من المخاطبة. المخاطبة المراد بها الجماعة التي تخاطب غيرها فحينئذٍ ينظر إلى واضع الحقيقة الشرعية وهو: الرب جل وعلا. هو الذي خاطب الناس بمصطلح خاص إذا أطلق انصرف إليه وهو: الصلاة. مثلاً هذه حقيقة شرعية كما سيأتي نقول: هذه إذا أطلقت في الشرع انصرفت إلى معنى خاص وهو: العبادة المخصوصة. كذلك عند أهل اللغة إذا أطلق الأسد انصرف إلى معنى الموضوع الذي هو: أصالته. وهو: الحيوان مفترس. لفظ الدابة إذا أطلق عند أهل العرف انصرف إلى ذوات الأربع وإن كان هذا مخالف للمعنى اللغوي المعنى اللغوي للفظ دابة كل ما يدب على الأرض قالوا: دَبَّ يَدِبُّ وَيَدُبُّ فيه وجهان كل ما دَبَّ على الأرض يسمى دابة لأنه مشتق من الدبيب ولكن في اصطلاح أهل العرف العام جعل هذا اللفظ مقيدًا ببعض أفراده وهو ذوات الأربع فإذا قيل: دابة. انصرف إلى هذا المعنى إذن قوله: فيما اصطلح عليه من المخاطبة أدخل الأنواع الثلاثة أما القول الأول أو التعريف الأول فهو يختص بالحقيقة اللغوية وكل ما عداها فهو مجاز عندهم. (وَقِيلَ) وهنا أشار بقيل للتضعيف لكنه أشار بعد ذلك بالتقسيم لأنه هو المرجح ولعله لضيق النظم قال: (وَقِيلَ). والأصل في استعمال قيل إنها للتضعيف يعني: تضعيف هذا الحد والصواب أن الأول هو الضعيف والثاني هو الأقوى ولكن أشار بـ (وَقِيلَ) لعله لضيق النظم، (وَقِيلَ مَا) يعني: لفظ أو قوله. (يَجْرِي) بمعنى استعمل (خِطَابًا) أي: التي. (خِطَابًا فِي اصْطِلاحٍ) يجري يعني: اللفظ المستعمل خطابًا يعني التي وقع التخاطب بها وإن لم يبقى على موضوعه الأصلي (وَقِيلَ مَا ** يَجْرِي) يعني: يستعمل (خِطَابًا) يعني: وقع التخاطب بها وإن لم يبق على موضوعه الأصلي لندخل الشرعية والعرفية وإن لم يبق يعني: يشمل ما بقي على موضوعه الأصلي وإن لم يبق على موضوعه الأصلي لتدخل حقيقة شرعية واللغوية والعرفية (فِي اصْطِلاحٍ قَدُمَا) يعني: في اصطلاح من المخاطِبة بكسر الطاء (قَدُمَا) يعني: متقدم. يعني: في اصطلاح متقدم هذا هو الحد الثاني وهو أصح من الأول اللفظ المستعمل فيما اصطلح عليه من المخاطِبة بكسر الطاء. قال: (أَقْسَامُهَا ثَلاثَةٌ). (أَقْسَامُهَا) الضمير يعود إلى الحقيقة وهذا التقسيم يجري على التعريف الثاني لا على الأول فدل على أنه مرجح للتعريف الثاني (أَقْسَامُهَا) يعني: باعتبار الواضع. التقسيم هنا باعتبار الواضع يعني: ننظر إلى الواضع. من الذي وضع الحقيقة الشرعية؟ من الذي وضع الحقيقة العرفية؟ من الذي وضع الحقيقة اللغوية؟ لأن الحقيقة لا بد لها من وضعٍ والوضع لا بد له من واضع والواضع مختلف حينئذ يتعين أن تختلف الحقائق (أَقْسَامُهَا) أي: الحقيقة. (ثَلاثَةٌ) بالاستقراء والتتبع ليس لنا دليل نصي من الشرع أن القسمة ثلاثية نقول: لا هنا نظر في لغة العرب باعتبار القرآن والسنة أيضًا فوجدوا أن الحقيقة ثلاثة أقسام (شَرْعِيُّ ** وَاللُّغَويُّ الْوَضْعِ وَالْعُرْفيُّ) جمعها في بيت وهناك السيوطي قسمها.

الأول الكلمة المستعملة ** فيما اصطلاحًا أولاً توضع له في لغة تكون أو عرفية ** عمومًا أو خصوصًا أو شرعية في لغة تكون أو عرفية والعرفية هذه نوعان: عامة، وخاصة. عمومًا أو خصوصًا أو شرعية أخر الشرعية لوجود الخلاف فيها اللغوية متفق عليها، والعرفية الخاصة متفق عليها، واللغوية العامة والشرعية فيها نزاع والصواب إثباتها. (شَرْعِيُّ) الياء هذه ياء نسبة يعني: منسوبة إلى الشرع باعتبار الواضع لها وهو الرب جل وعلا. اللغة أو الحقيقة الشرعية إذا أردنا تعريفها كتعريف والأحسن أن يذكر لها ضابط اللفظ المستعمل في الشرع ابتداءً وبعضهم يرى أنها الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع هذه الحقيقة الشرعية الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع هكذا حدها ابن قدامة في ((الروضة)) وإن أردت ضابطًا فنقول: اللفظ في لغة العرب لأن الحقيقة اللغوية هي الأصل تنبه لهذا الحقيقة اللغوية هي الأصل والشرعية والفرعية والعرفية فرعان إذن الأصل في وضع اللفظ أم يكون بلغة العرب فحينئذٍ يكون اللفظ موضوعًا وضعًا عاما شاملاً لجميع الأفراد الداخلة تحت مسماه يعني: لفظ عام في لغة العرب وهو الأصل هذا اللفظ العام له أفراد داخلة تحت مسماه فيأتي الشرع ينقل اللفظ العام ويطلقه على بعض الأفراد دون بعض هذا هو حقيقة اللغة الشرعية الحقيقة الشرعية أن يكون اللفظ عامًا شاملاً لأفراد متعددة فرد واحد يأتي الشرع فيأخذ هذا اللفظ ينقله نقلاً لكن جزئيًّا لمناسبة معتبرة بين اللفظ العام وهذا الفرد مثلوا لذلك بالصوم قالوا: الصيام في اللغة الإمساك مطلق الإمساك كل من أمسك عن شيء فهو صائم الإمساك عن الكلام صومٌ لكن في اللغة {(((((((((إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ (((((((} [مريم:26] يعني: إمساك عن الكلام بدليل {(((((أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ((((} [مريم:26] الدليل على أن المراد بالصوم هنا إمساك عن الكلام إذن الصوم هذا شرعي أو لغوي صوم لغوي كذلك الإمساك عن الجري قالوا: هذا يسمى صومًا لغة. خيل صيام وخيل غير صائمة ** تحت العجاج وأخرى تعلك اللجم خيل صيام يعني: صائمة من الفجر إلى الغروب؟ لا يعني: أمسكت عن الجري وقيل عن العلف إذن أطلق الصوم لكل إمساك تحته أفراد جاء الشرع نقل هذا اللفظ وهو الصوم وأراد به معنى خاص وهو إمساك البطن والفرج عن شهوتيهما من الفجر إلى الغروب هذا فرد من أفراد الصوم أطلق الشرع هذا اللفظ العام على هذا الفرد الخاص هذا نسميه حقيقة شرعية من أين نأخذ الحقيقة الشرعية؟ من أين نعرف أن هذه حقيقة شرعية؟ الشرع إذن شرعية نسبة إلى الشرع لأنها مستفادة من الشرع الواضع لها هو الشرع إما كتاب وإما سنة فقط فنقول: هذه الألفاظ الصوم في اللغة الإمساك لكن المراد به في الشرع هذا إمساك مخصوص هذا الإمساك المخصوص هو بعض أفراد مطلق الصوم لغةً. كذلك الحج في اللغة القصد لكنه في الشرع قصدٌ مخصوص. الصلاة في اللغة الدعاء وبعضهم يقيدها بالخير الدعاء بالخير لكنها في الشرع العبادة المخصوصة أقوال وأفعال إلى آخره. الزكاة في اللغة: النمو. وفي الشرع: إخراج مال مخصوص بشروطه.

إذن نقول: هذه ألفاظ لها معاني لغوية ومعاني شرعية الأصل هو المعنى اللغوي جاء الشرع نقلها إلى المعنى المراد بحيث لو أطلق لفظ الصلاة في الكتاب والسنة ينصرف إلى ماذا؟ إلى المعنى الشرعي وهو: العبادة المخصوصة. واللفظ محمول على الشرعي إن استعمل في لغة الشرع أما في الأبيات والنثر والشعر هذا لا نفسر الصلاة بماذا؟ بالمعنى الشرعي وإنما ننظر إلى استعمال الشرعي لهذا اللفظ الشرعي لأنه إذا أطلق اللفظ لا يقصد إلا ما جعله هو على المعنى المخصوص حينئذٍ إذا أطلق لفظ الصلاة، ولفظ الصوم، والزكاة، والحج في الشرع نحمله على المعاني الشرعية وهذا هو الصحيح وهو قول جماهير أهل العلم أن الحقيقة الشرعية ثابتة لأن بعض المعتزلة بل كل المعتزلة ينكرون الحقيقة الشرعية ولا يثبتونها ينكرونها عقلاً لذلك قال في المراقي: والخلف في الجواز والوقوع ** لها من المأثور والمسموع يعني: اختلف في الحقيقة الشرعية هل هي جائزة عقلاً أو لا؟ يعني: بعض من العقل ينفيها وهذا اعتمادًا على قول بعض المعتزلة أن ثَمَّ مناسبة بين اللفظ والمعنى يعني: إذا وضع الواضع في لغة العرب الصلاة مرادًا بها الدعاء بالخير يقول: ما اختير هذا اللفظ بهذا المعنى إلا لمناسبة بينهما وهذه المناسبة تمنع أن ينقل هذا اللفظ إلى معنى آخر. لأن المعنى الجديد الذي هو العبادة المخصوصة لا يناسبها لفظ الصلاة فحينئذٍ أنكروا الحقائق الشرعية وأنكروها عقلاً فضلاً عن كونها واقعة وكثير من الأشاعرة أجازوا الحقيقة الشرعية عقلاً واختلفوا في هل هي واقعة أم لا؟ وكثير منهم على أنها ليست بواقعة وما ورد من الشرع من الصلاة، والزكاة، والصيام إلى آخره قالوا: هذه استعملت في معناها اللغوي وزيد عليها شروط وهذا باطل وزيد عليها شروط يعني قالوا: {((((((((((((((((((((((} أول ما يتبادر الصلاة الدعاء بالخير ولكن جعلت الفاتحة، والركوع، والسجود إلى آخره شروطًا لـ أو زائدة على مدلول الصلاة في اللغة نقول: هذا باطل وليس بصواب. لماذا؟ لأنه إذا جعل الركن إذا جعل السجود والركوع شرطًا لـ شرطًا في إطلاق هذا اللفظ في الشرع جعل الركن خارجًا عن الماهية والأصل في الركوع والسجود أنهما أركان والركن داخل في ماهية الصلاة فحينئذٍ كيف يقال بأنه شرع؟ ثم الدعاء في اللغة بمعنى أو الصلاة في اللغة بمعنى الدعاء وهذا أقل وما زيد عليه من معاني الصلاة الركوع والفاتحة وإلى آخره هذه أكثر وهذا خلاف القياس أن يجعل الأكثر شرطًا للأقل. الحاصل: أن الخلاف هذا مبسوط في المطولات فنقول: الثابت والمرجح عند جماهير أهل العلم أن الحقيقة الشرعية ثابتة ولا حجة لمن أنكرها بالكلية ولا حجة لمن قال: إن الأصل هي المعاني اللغوية وزيدت عليها شروط. والأصل في هذه المسألة الخلاف في الحقيقة الشرعية الثابتة أو لا هي مسألة الإيمان. قال: (وَاللُّغَويُّ الْوَضْعِ). هذا عرفنا من التعريف الأول أنه اللفظ المستعمل فيما وضع له ابتداءً يعني: في لغة العرب وهذا لا إشكال فيه أو متفق على وجودها (وَاللُّغَويُّ الْوَضْعِ) يعني: التي وضعها واضع اللغة هذا. بإضافة الصفة للموصوف يعني: الوضع اللغوي وهذا لا إشكال فيه.

قال: (وَالْعُرْفيُّ). أي القسم الثالث هو العرفي نسبة إلى العرف والمراد بالعرف هنا غلبة الاستعمال ثم هذا نوعان: عرف عام، وعرف خاص. عرف عام ما لم يتعين ناقله. والعرف الخاص ما تعين ناقله. يعني: عرفنا من نقل هذا اللفظ عن المدلول اللغوي إلى المعنى الخاص فالنحاة قالوا: فاعل. عرفنا أن لفظ الفاعل مراد به نسبة المخصوص عند النحاة لكن لفظ الدابة الدَّابة كما ذكرنا أنه في الأصل لكل ما يدب على وجه الأرض {((((((خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى (((((((((} هذا ليس في أهل العرف {(((((((((مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور:45] العرف العام خص الدابة في الاستعمال لذوات الأربع كالفرس وكل ذات حافر فحينئذٍ نقول: هذا عرف عام. من الذي خص؟ ما ندري ما الذي خص لكنهم توافقوا على هذا فحينئذٍ نقول: هذا عرف عام أما إذا عرفنا مأخذ ومحل التغير والنقل نقول: هذا عرف خاص. أليس كذلك إذن (وَالْعُرْفيُّ) نقول: ما خص عرفًا ببعض المسميات إما أن يكون له أكثر من اسمين فيخص بواحد منهما وإما أن يكون بالنقد يعني: كيف نعرف أن هذا عرف؟ أو كيف نتوصل إلى كون هذا عرف؟ نقول: إما أن يكون للفظ معنيان فأكثر مثل الصوم له أفراد فيختص ببعض أفراده هنا اللفظ في لغة العرب يكون له أكثر من معنى فيختص ببعض أفراده ولكن الفارق بين الحقيقة الشرعية والحقيقة العرفية أن الواضع الذي خصص بعض الأفراد في الصوم هو: الشارع. والذي خص بعض الأفراد هنا كالدابة هو: العرف. أو أن يكون اللفظ له معنى فينقل إلى معنى آخر كالغائط قالوا: هذا في أصل لغة العرب المكان المنخفض ولما كان كثير التزاور عليه والترداد سمي الخارج المستقذر من الإنسان باسم ذلك المحل فهو من إطلاق المحل على الحال. هكذا قالوا من إطلاق المحل على الحال هذا عندهم مجاز لكنه في هذا المعنى نقول: حقيقةٌ عرفية. هو مجاز لغوي لكنه عند أهل العرف هو حقيقة، لكنه حقيقة عرفية عامة هل اللفظ لفظ معنيان فأكثر فاختص ببعض الأفراد نقول: لا ليس هو كالدابة وإنما نقل اللفظ من دلالته على المعنى الذي هو المكان المنخفض في أصل لغة العرب إلى الخارج المستقذر لعلاقة بينهما، ما هي هذه العلاقة؟ المجاورة أو من إطلاق المحل على الحال يحتمل هذا ويحتمل ذاك. إذن عرفي هذا نسبة إلى عرف ما خص عرف ببعض مسمياته إذن عرفنا أن الحقيقة ثلاثة أقسام: حقيقة شرعية، وحقيقة لغوية، وحقيقة عرفية. والعرفية نوعان: عامة، وخاصة. ما الذي ينبني على هذا؟ التقسيم أنه إذا أطلق اللفظ في لغة الشارع حول على معناه وإذا أطلق اللفظ في حقيقة العرف حمل على معناه العرف وإذا استعمل في لغة العرب حمل على معناه الأصلي وإذا حصل تعارض أيهما يقدم؟ نقول: الأصل إذا كان اللفظ له حقيقة شرعية أن تقدم الحقيقة الشرعية على العرفية، والعرفية على اللغوية. وهذا قول جماهير أهل العلم أن تقدم الحقيقة الشرعية إذا احتمل اللفظ هل هو حقيقة شرعية أم حقيقة عرفية أم لغوية؟ ماذا نصنع؟ نقول: نحمله على الشرعية. واللفظ محمول على الشرعي ** إن لم يكن كمطلق عرفي فاللغوي

على الترتيب وهذا قول الجماهير الأول عامة أهل العلم تقدم الحقيقة الشرعية، والعرفية على اللغوية عند الجمهور خلافًا للحنفية لأنهم قالوا: تقدم اللغوي على الشرعي. إذا قال: {((((((((((((((((((((((} نقول: الصلاة لها معنى لغوي ومعنى شرعي نحمله على المعنى الشرعي. {((((تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ (((((((} [التوبة:84] نحمله على المعنى الشرعي وهو: الصلاة صلاة الجنازة. وقيل: لا يحمل على المعنى اللغوي وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله أنها في هذه الآية تحمل على المعنى اللغوي لماذا؟ لأنه حملت على الصلاة الشرعية وكان ظاهر اللفظ هذا لأنه قال: {((((((عَلَى قَبْرِهِ}. لو حملت على المعنى الشرعي الصلاة الشرعية لدل على جواز الدعاء لهم لقال {(((((((((((} بل هو الصلاة الشرعية إذن الدعاء هذا جائز وإذا حمل الحقيقة اللغوية {(((((((((((} يعني: لا تدعو، يستلزم الحقيقة الشرعية وهذا اختيار الشافعي رحمه الله وإن كان ظاهر اللفظ أن المراد الحقيقة الشرعية لأنه قال: {((((تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} هذا ظاهر السياق أنه الحقيقة الشرعية، {(((((كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا ((((((((} [الأنفال:35] الصلاة هنا لغوية {(((((كَانَ ((((((((((} نقول: هذه ليست الشرعية كيف يثبت صلاة للمشركين؟ إذن نقدم حقيقة شرعية على غيرها طيب والعرفية إذا تعارضت مع اللغوية لو قال قائل: إن أكلت لحمًا فزوجته طالق. فأكل سمكًا تطلق أو لا تطلق؟ نقول: في العرف اللحم لا يطلق على السمك وإن أطلق في الشرع لحمًا طريًّا لكن في العرف ما يطلق اللحم على السمك وإنما يقال: أكلت سمكًا. ولا يقال: لحم سمك. أليس كذلك؟ إذن لو أكل سمكًا وقال: إن أكلت لحمًا فزوجته طالق. نقول: لا تطلق زوجته لأن العرف هنا مقدم على اللغوي. هذا من الفوائد نقول: الشرعية مقدمة على العرفية واللغوية ثم العرفية إذا تعارضت مع اللغوية نقدم العرفية على اللغوية مثالها ما نذكره لا آكل لحمًا فأكل سمكًا نقول: على مذهب الجمهور من تقديم العرفية على اللغوية لا تطلق زوجته ولا يحنث لو قال: والله لا آكل لحمًا. فأكل سمكًا لا يحنث لكن عند الأحناف بالعكس قدموا اللغوية على العرفية فحينئذٍ لو قال: لا آكل لحمًا. فأكل سمكًا تطلق زوجته ويحنث لو قال: والله لا آكل من هذه النخلة. أو قال: إن أكلت من هذه النخلة فزوجته طالق. فأكل من الخشب تطلق أو لا تطلق؟ النخل في الأصل في لغة العرب أنها تطلق على الثمرة وعلى الجذع أليس كذلك؟ {(((((((((((((((((((((} [ق:10] نقول: الأصل أنها تطلق على الجذع الذي هو الخشب وعلى الثمر فإذا قدمنا الحقيقة العرفية على اللغوية قلنا: لو أكل الخشب لا تطلق زوجته ولا يحنث إذا حلف وعلى مذهب الأحناف أنه لو أكل خشب من النخل نقول: طلقت زوجته ويحنث. كذلك مثلوا للو قال قائل لزوجته: أنتَ طالق. نكثر من الأمثلة علشان تضبط المسألة أنتَ طالقٌ عند الجمهور تطلق لماذا؟ لأن اللفظ هنا وإن استعمل المذكر في المؤنث هذا إذا كان عالم بأن هذا مذكر وهذا مؤنث أنتَ وأنتِ أما إذا كان عامي فالعبرة بالمقاصد قالوا: أنتَ طالق.

استعمل المذكر في المؤنث إلا الاعتبار هنا بالمقاصد وكون أنتَ استعمل في مقام أنتِ هذا لا أثر له في الحكم لأنه لا يعرف هل من العرف استعمال أنتَ في أنتِ ليس عرفًا فحينئذٍ نقول: تطلق. أما عند الأحناف فلا قال: لأن أنتَ لا يستعمل في اللغة عند أهل اللغة لا يستعمل في المؤنث. على عكس المسائل السابقة أنتَ طالق تطلق عند الأحناف دون الجمهور لأن الجمهور قالوا: العبرة بالمقاصد وأنتَ لم يستعمل عرفًا في مقام أنت. ونظر الأحناف إلى اللفظ أنتَ وأنتِ قالوا: لا ينظر إلى التخالف وإنما تطلق لأن الأصل لا تطلق لأن الأصل أن يقول: أنتِ. بكسر التاء إذن هذا ما يترتب على التقسيم الثلاثي. واللفظ محمول على الشرعي ** إن لم يكن فمطلق العرفي فاللغوي ولم يجب بحث عن المجاز ** فالذي انتخب يعني: لا ينظر في الحقيقة إنما تحمل على معناها الأصلي دون بحث عن المجاز هناك في باب العام سيأتي هل يجوز الاستمساك بالعام قبل البحث عن المخصص؟ نقول: نعم إذا بلغك لفظ وهو عام فالأصل أنه يحمل على عمومه ولا يحتاج إلى أن تبحث في هل له مخصص أم لا؟ هذا هو الصحيح هل يستمسك بالحقيقة قبل أن يبحث هل لها مجاز أو لا؟ هذا فيه خلاف والجمهور على أنه لا يجب. ولا يجب بحث عن المجاز ** فالذي انتخب ثُمَّ الْمَجَازُ مَا بِهِ تُجُوِّزَا ** فِي اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ تَجَوُّزَا هذا يحتاج إلى وقف. ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم.

21

عناصر الدرس * تكملة للمقدمة اللغوية * المجاز وأقسامه وأنواعه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: وهذا التقسيم الثالث كما ذكرنا بالأمس تقسيم الكلام إلى حقيقةٍ ومجاز وقلنا هذا التفصيل ليس من المتفق عليه بل فيه ثلاثة مذاهب مشهورة. ذلك أن بعض أهل نفوا أن يقسم الكلام إلى حقيقةٍ ومجاز وهذا أيضًا منهم من أول الصفات ومنهم من لم يؤول الصفات، قول مشترك، القول هذا مشترك لذلك ابن حزم رحمه الله مِن من يؤل الصفات وقد أنكر وجود المجاز في القرآن. وأيضًا ابن القاسم الشافعي هذا أيضًا مِمَنْ يؤل الصفات وقد أنكروا وجود المجاز إذن لا يلزم من نفي المجاز دفع حجة المؤول أو المحرف هذا ينبغي أن يتنبه له طالب العلم وإن لها دليل كثير من المتأخرين من الأشاعرة وغيرهم في كون ما يستند أو يتكئ عليه في التحريف هو المجاز، نقول هذا من باب الكلام من الحجة قال وهذا مجاز وهو نوعٌ من أنواع الكلام العربي الذي نزل القرآن بلسانٍ عربي مبين فحينئذٍ نقول المذاهب الثلاثة: المنع مطلقًا. الجواز مطلقًا. التفصيل. جوازه في اللغة منعه في الكتاب والسنة والأخير هذا قول ابن حزم وهو أضعفهم لأنه إذا ثبت في اللغة لزم أن يكون في القرآن وقد نفاه وقوعه أولوا ( .. ) ** وآخرون في الكتاب والسنن

وقد نفاه وقوعه ثلاثة ولما أثبت المجاز عرف قال: وقد نفاه وقوعه مطلقًا أولوا ( .. ) يعني: كبار تابعين للإسفراييني أبي إسحاق الإسفراييني وأبي علي فارسي وابن خويزالمنداد من مالكية وابن قاسم الشافعية والظاهرية أنكروا وجود المجاز، وآخرون في الكتاب والسنن كالظاهرية ونحوهم وكذلك الشوكاني يعد من المؤولة وهو مِن من شدد النكير على أبي إسحاق الإسفراييني في ((إرشاد الفحول)) قال: يدل على عدم إطلاعه للغة ووو إلى آخره كما شن حملةً لابن حجر رحمه الله في ((النزهة على ابن الصلاح)) لما ادعى أنه ليس بالمتواتر مثال يصح أن يعتمد عليه نقول هذا متواتر قيل أن يداع هذا في حديث «من كذب علي متعمدًا» إلى آخره. قال ابن حجر في ((النزهة)): هذا يدل على قلة اطلاعه على الرجال والأسانيد إلى آخره. الشوكاني في ((الإرشاد)) لما ذكر إنكار من أنكر من العلماء وجود المجاز في اللغة قال: هذا يدل على عدم اطلاعه على اللغة وعلى أسرار اللغة وعلى ما نقل عن العرب إلى آخره ولم يذكر ابن تيمية رحمه الله ضمنهم ولعله أراد أن يشدد على أبي إسحاق الإسفراييني دون ابن تيمية رحمه الله، إذن الأقوال الثلاثة والذي ينبغي أن ينتبه لها أنه القول بالمجاز في الآيات والصفات والأسماء هذا قولٌ نحكم عليه بأنه بدعة لأنه سلوك مسلك أهل البدعة وما عدا ذلك فالأمر فيه يعني: من أثبت المجاز دون آيات الصفات الخلاف معهم خلافٌ أدبي وليس خلاف أصليًا جوهريًا هذا ينبغي أن يعتمده طالب العلم، رجحت وجود المجاز فلا إشكال وإن قلت لا في اللغة المجاز أيضًا لا إشكال أما في آيات الصفات فالمنع مطلقًا والمخالف فيه يعتبر من أهل البدعة مِمن سلك مسلك أهل البدعة عرفنا الحقيقة بأنها لفظٌ يستعمل في موضوعه الأصلي، أو اللفظ المستعمل في ما وضع له ابتداءً، أو اللفظ المستعمل فيما وضع له أولاً. الأول الكلمة المستعمله ** ثم اصطلاحًا أولاً توضع له

ولكن نعدل عن الأولية لأن الأول يستلزم ثانيا وعليه يلزم أن يكون لكل حقيقةٍ مجاز وهذا لا قائل به لأنه إذا قيل أولاً يلزم منه أن يكون هناك موضوع ثاني إذن لكل حقيقةٍ مجاز وهذا لا قائل به بل هو باطل والعكس مختلفٌ فيه، والصواب أن لكل مجازٍ حقيقة، لماذا؟ لأن المجاز فرع والحقيقة أصل ولا يوجد الفرع دون الأصل، أيضًا المجاز مستعملٌ في ما وضع له ثانيًا، إذن لا بد أن يكون موضوعه أو مستعملاً في ما وضع له أولاً من يرى أنه لا يلزم من وجود المجاز أو المجاز أو التجوز من اللفظ أن يكون مستعملاً في حقيقته قالوا: يكون اللفظ موضوعًا ثم الاستعمال هذا طارئٌ ولا مانع أن يكون اللفظ قبل استعماله التركيب لا مجاز ولا حقيقة ثم بعد ذلك يتجوز به قبل استعماله في حقيقته وهذا فيه إشكال، بل هو قد يكون فرارًا من مسألة الصفات والآيات لماذا؟ كنت وفقت بعيدا يعني: قبل زمن على علة هذه المسألة لكن ضيعت الموضوع لكن وهو أن بعضهم أورد في آيات الأسماء الحسنى الرحمن تجد في البسملة يؤولون الرحمن هذا ليس مراد به الرحمة وإنما المراد به النعمة قالوا إذا قلنا مجاز أسماء الله تعالى هذه أزلية الله جل وعلا بذاته وأسماءه وصفاته أزلي فحينئذٍ إذا قلنا أزلية وأثبتنا أنها مجاز هم على رأيهم الفاسد أنها جاز إذن لا بد أن تكون قد استعملت أولاً في حقيقتها ومن استعملها هم يقولون: لا سابق له جل وعلا والرحمن هذا علمٌ من أعلامه إذن لا سابق كذاته إذن كيف نقول: هذا مجاز ثم نقول هو لفظٌُ مستعملٌ في غير ما وضع له أولاً إذن قد استعمل أولا متى استعمل ثم نقل؟ وما العلاقة بينهما؟ فأوجدوا مسألة أحدثوها ردًا على هذا المزلق وهذه المشكلة فقالوا: إذن يلزم من وجود المجاز أو إثبات المجاز أن يكون له حقيقة ليس لكل مجاز حقيقة فإذن سلمنا إذا قالوا: الرحمن هذا مجاز نقول عليهم أين استعمل أولاً المجاز واللفظ المستعمل في غير ما وضع له أولاً إذن ثبت مثل الأسد مثلاً نقول الحيوان المفترس في استعمال الحقيقة ثم نقل إلى الرجل الشجاع إذا نقل إلى الرجل الشجاع قد سبق استعمال له في حقيقته طب الرحمن إذا قلنا مجاز أين استعمل؟ الإشكال كبير لا ترى منه إلا أنهم أحدثوا هذه المسألة وهي أنه ليس لكل مجازٍ حقيقة فحينئذٍ إذا لم يكن لكال مجازٍ حقيقة إذن انتهت المشكلة إذا قيل الرحمن مجاز أين حقيقته؟ متى استعمل في ما وضع له أولاً؟ قالوا لا يلزم هذا مجاز ولا يلزم أن يكون له حقيقة إذن ننتبه لبعض المسائل مسائل المجاز فإنها متفرعة على مسائل عقدية إذن لكل مجازٍ حقيقة لا بد من هذا لأنه فرع والحقيقة أصل ولا يوجد فرع إلا بأصل، ثانيًا: المجاز يستعمل في غير ما وضع له أولاً فحينئذٍ لا بد أن يكون قد استعمل في ما وضع له أولا.

أليس كذلك؟ المجاز مستعملٌ في ما وضع له أو في غير ما وضع له نقول: في غير ما وضع له أولاً، إذن لا بد وأن يكون قد استعمل في ما وضع له أولاً، إذن الضابط هو القاعدة العامة ليس لكل حقيقة مجاز وهذا بالاتفاق، ليس لكل حقيقةٍ مجاز لأنه قد يكون اللفظ مستعملٌ فيما وضع له أولاً ولم يستعمل في مجازٍ آخر وهذا كثير في الكتاب والسنة أن يكون اللفظ المراد به الحقيقة ولا أن يستعمل في المجاز، العكس هل لكل مجازٍ حقيقة؟ نعم، هم يقولون: لا يلزم، نقول: لا، لا بد لكل مجازٍ حقيقة لأنه فرع والمجاز أصل ولأن المجاز استعمالٌ للفظ في غير ما وضع له أولاً فحينئذٍ يلزم أن يكون قد استعمل في ما وضع له أولاً تنبه لهذا، إذن الأقوال الثلاثة وذكرنا حقيقة أو حقيقة الحقيقة اللفظ المستعمل في موضوعه الأصلي وعرفنا الاحترازات وعلى هذا التعريف الحقيقة واحدة ولا تتعدد لأنه لغوية فقط وما عداها من الشرعية أو العرفية بقسميها نقول: هذه مجاز وليس بحقائق يعني: لا يطلق عليها أنها حقيقة لا يصدق أنها حقيقة وإذا عُرِّفَ عُرِّفَت الحقيقة بأنها ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة حينئذٍ انقسمت الحقيقة إلى ثلاثة أقسام انقسمت إلى ثلاثة أقسام: حقيقة لغوية وهي الأصل، وحقيقة عرفية، وحقيقة شرعية، وهما فرعان عن الأصل ذكرنا الحقيقة الشرعية بأنها اللفظ المنقول من اللغة إلى الشرع أو الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع منقولة ناقلة وليست هي على ما هي عليه في اللغة وزيد عليها شروط هذا فاسد وإن قال به بعض الحنابلة لكن جماهير الأصوليين على أن الحقائق الشرعية هذه أسماءٌ منقولةٌ من اللغة إلى الشرع يعني: استعملها الشرع الرب جل وعلا والنبي - صلى الله عليه وسلم - في معانٍ خاصةٍ بها هل النقل كلي أو ثم مناسبة معتبرة؟ نقول لمناسبةٍ معتبرة ليس النقل كليا وإن قال به بعض الخوارج والمعتزلة لأن النقل الكلي أبدًا لا على قيدٍ كالصلاة إذا قيل في اللغة الدعاء بشيء وفي الشرع العبادةُ المخصوصة طيب هل تم مناسبة بين العبادة المخصوصة والدعاء في اللغة؟ نقول نعم الدعاء لأن العبادة متمته للدعاء سواء كان دعاء مسألة أو دعاء عبادة إذن تم مناسبة معتبرة بين اللفظين عند من يقول بأن النقل هنا كلي يقول: ليس بين اللفظين مناسبة يعني: يمكن أن تسمى الصلاة العبادة المخصوصة إن كان تسمى صلاة ويمكن أن تسمى زكاة ويمكن أن يطلق عليها تسمى الحج مثلاً وهي الصلاة العبادة المخصوصة لماذا؟ لأن المقصود أن يؤخذ هذا اللفظ ويوضع على هذه العبادة فقط كأنك تأخذ هذا المسجل وتضعه في هذا المكان ليس لهذا المكان مناسبة مع الجهاز وليس لهذا المكان مناسبة مع الجهاز، قالوا: كذلك الأسماء الشرعية المنقولة نقلاً كليًا نقول هذا فاسد وهو منسوبٌ للخوارج والمعتزلة.

الحقيقة الثانية هي الحقيقة العرفية وقلنا هذه منقسمة إلى قسمين: حقيقة عرفية عامة، وحقيقة عرفية خاصة وهي ما خص ببعض مسمياته في العرف خص ببعض مسمياته في العرف كما أن لفظ الصوم في اللغة هذه له أفراد خصه الشرع ببعض أفراده نقل الاسم وجعله علمًا واسمًا لفرد من أفراده بالعرف أن الأكثر في الحقائق العرفية أن يكون للفظ معنيان فأكثر فيختص اللفظ العام ببعض أفراده الداخلة في مسماه لكن الواضع هذا من العرف وليس الشرع مثل الصوم ومثلنا بالدابة أنها في اللغة لك ما دب على الأرض أنها في اللغة لكل ما دب على الأرض الحية دابة والدجاجة دابة والفرس دابة والوزغ دابة هذه كلها دابة يطلق عليها دابة لأنها مما يدب على الأرض من الدبيب لكن في العرف في أكثر البلدان قديما لا وجود له عند الناس يختص لفظ الدابة بذوات الأربعة الفرس وكل ذات حافز إذن اختص ببعض الأفراد هذا نقول عرفٌ عام الذي لم يتعين ناقله يعني: لا يختص بطائفة دون أخرى أما الحقيقة العرفية الخاصة فهذه اصطلاحات خاصة عند أرباب الفنون ومن على شاكلتهم فكل صاحب فنٍ يختصون به ألفاظ إذا أطلقت هذه الألفاظ لها معانٍ خاصة عندهم مثل النحاة إذا قالوا: فاعل، ومفعول، ومبتدأ، وخبر. الخبر عمومًا ما احتمل صدقه والكذب لذاته، لكن عند النحاة إذا قالوا: هذا خبر إذا قال: لك النحوي ما هو الخبر؟ تقول: ما احتمل صدقه الكذب لذاته؟! لا هو الجزء المتم الفائدة الخبر الجزء المتم الفائدة إذن اختص النحاة بلفظٍ وهو الخبر له معنى خاص عندهم الأصوليون كذلك عندهم: العام، والخاص، والمطلق، والمقيد، القياس، الأصل، والفرع. كذلك أرباب المعاني: فن البيان، فن المعاني، فن البديع، كل هذه ألفاظٌ ومصطلحات إذا أطلقت انصرفت إلى معانٍ خاصة لذلك يعرف الاصطلاح بأنه اتفاق طائفةٍ مخصوصة على أمرٍ معهودٍ بينهم متى أطلق يعني: تلفظ بينهم انصرف إلى هذا المعنى المعهود فاعل، حينئذٍ نقول الفاعل الذي هو الاسم المخصوص عند النحاة أما الفاعل في اللغة فكل من أحدث الحدث كل من أوجد الحدث فهو فاعل زيدٌ قائمٌ زيد هذا فاعل في اللغة لكنه مبتدأ عند النحاة هذا الحقيقة العرفية. الثالث: الحقيقة اللغوية، وسبق تعريفها وهي التي لم ينقل عن أصلها اللغوي لا في استعمال الشرع ولا باستعمال العرف إذن الحقائق ثلاث وهذا عند جماهير أهل العلم وبعضهم أنكر الحقيقة الشرعية كالمعتزلة أنكروها عقلاً ووجودًا وواقعًا. والخلف في الجواز والوقوع ** لها من المأثور والمسموع

يعني: منقول عن العلماء والصواب أنها جائزةٌ عقلا يعني: العقل لا يمنع أن يختص أو تختص بعض المسميات بلفظٍ يخصه به الشارع لأن الرب جل وعلا شرع عبادات مخصوصة كثير منها ليس للمخاطبين عهد بها الصلاة العبادة المخصوصة سميت باسمٍ لائقٍ بها لماذا؟ لأنه عبادة مخصوصة ليس للمخاطبين علم بها فحينئذٍ تخصيص بعض المسميات لأسماء هي في الأصل لغوية أو نقل اللفظ من اللغة إلى المعنى المراد شرعًا العبادة المخصوصة ونحوها نقول هذا لا مانع منه عقلاً العقل لا ينبغي أن يجوز ذلك، كذلك في الواقع هي موجودة {(((((((((((((((((((((} [الأنعام:72] الصلاة هذا لفظ في الشرع في اللغة المراد به الدعاء لكن في الشرع استعملها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ما بينه بسنته لم يرد بيانها في هي مجمل في القرآن جاء بيانها في السنة، إذن بين النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة الشرعية ولذلك إذا أطلق لفظ الصلاة في الشرع على معنى الشرعي الفائدة من معرفة هذه الحقائق الثلاث أنه إذا وقع تعارض عند الفقيه أو عند الناظم في الكتاب والسنة أو فيما يتكلم به الناس يعني: قد ينظر في الكتاب والسنة فيقدم الحقائق الشرعية ولا إشكال لكن قد يرد الاستفتئات عند الناس حلف قال والله لا أكل من هذه النخلة ماذا تصنع؟ تقول النخلة هذه لها عرفٌ شرعي أو لا لها حقيقة أو لا؟ لا تبحث في الشرع وإنما تجعل هذا اللفظ له عرفٌ ماذا؟ وهو أنه في الأصل في اللغة إذا أطلقت النخلة صرفت إلى الجذع والثمرة، والثمرة تابعة لكن الأصل الجذع الذي هو الخشب فإذا قال: لا آكل والله لا أكل من هذه النخلة. فأكل من الخشب نقول: إطلاق النخلة على خشب هذا حقيقة أصل حقيقة لغوية لكنها حقيقة مماتة يعني: ميتة وبالإجماع أن الحقيقة إذا كانت ميتة يعني: مهجورة بالكلية فالمجاز مقدم وإطلاق النخلة على الثمرة فقط هذا مجاز فهو مجازٌ راجح مقدمٌ على الحقيقة المماتة. أجمعت الحقيقة تمات ** على التقدم له الأسباب تقدم له يعني: المجاز فهو مقدم على الحقيقة المماتة يعني: التي هجرت بالكلية فإذا قال لا أكل من هذه النخلة صرف إلى الثمرة فإذا أكل من خشبها نقول: لا يحنث. إذا أكل من الثمرة نقول: يحنث. إذن قدم المجاز على الحقيقة المماتة، إذا قال والله لا أشرب من هذا النهر الأصل في الشرب أن يقرع بفمه إذا قال أشرب من هذا النهر إيش معنى أشرب؟ يعني: يشرب مباشرة بدون واسطة لكن العرف هذا في اللغة، وفي العرف أنه يأخذ بيده أو بكأسٍ ونحوه فإذا قال والله لا أشرب من هذا النهر فقرع بفمه يحنث أو لا؟ يحنث نقول الشرب في اللغة يصدق على القرع بفمه لكن في العرف هنا مجازٌ راجح وحقيقةٌ متروكة ليست مماتة يعني لم تهجر بالكلية فتعارض المجاز مع الحقيقة المتروكة نقول المجاز هنا مقدم على الحقيقة. وحيث ما قصد المجاز قد غلب ** تعينه لدى القارفي منتخب إذن إذا تعارض الحقيقة والمجاز الحقيقة المتروكة ليست المهجورة بالكلية التي لها تعهد يعني تستعمل أحيانًا على قلة مع المجاز الراجح نقول تقدم المجاز الراجح على الأصح ومذهب النعمان عكس ما مضى إذًا نسرع الآن في بيان حقيقة المجاز (ثُمَّ الْمَجَازُ) عرفنا.

أَقْسَامُهَا ثَلاثَةٌ شَرْعِيُّ ** وَاللُّغَويُّ الْوَضْعِ وَالْعُرْفيُّ هذه الثلاثة الأقسام يستفيد منها في ماذا عند التعارف. واللفظ محمولٌ على الشرعي ** إن لم يكن فمطلق العرفي فاللغوي على الجميع تقدم الحقيقة الشرعية الحقيقة العرفية باسميها والعرفية على اللغوية هذا قول جماهير أهل العلم لماذا؟ نقول فائدة النقل ما هي؟ هي أنه يقدم المنقول على غيره في الحقائق الثلاثة ما كان منقولاً هو المقدم على غيره لأنه هذه فائدة لماذا قال الشرع؟ إذا خاطبنا الشرع بالصلاة وقلنا الصلاة هي المعنى الأصلي إذن لماذا لقال المعنى من اللغة إلى الحقيقة الشرعية لأننا إذا سمعنا هذا اللفظ ينطق في الشرع نحمله على المعنى الشرعي، لو قدمنا المعنى اللغوي ما الفائدة من النقل؟ لا فائدة، أليس كذلك؟ ليس فيه فائدة نقول فائدة النقل هو أن يقدم المنقل على غيره فتقدم الحقيقة الشرعية على العرفية، والعرفية على ماذا؟ على اللغوية. (ثُمَّ الْمَجَازُ) (ثُمَّ) هذه للترتيب الذكري وليس بينهما تراخٍ يعني: بعد أن ذكر لك القسم الأول وهو: الحقيقة وقدمه لماذا لأنه الأصل والمجاز فرع ولذلك إذا دار اللفظ بين أن يحمل على المجاز أو على الحقيقة نقول يحمل على الحقيقة لأنها الأصل. وحيث ما استحال الأصل ** ينتقل إلى المجاز أو لأقرب الحصر إذا راد اللفظ بين أن يحمل على حقيقته أو مجازه يحمل على الحقيقة لماذا؟ لأن الحقيقة هي الأصل والمجاز فرع.

(وحيث ما استحال الأصل ** ينتقل)، الأصل المراد به الحقيقة، ينتقل إلى المجاز، يعني: إلى المعنى المجازي إن كان معنًا واحدًا، أو لأقربٍ حصر، أو لأقرب المجازين، هذا مثل الشيخ الأمين في النثر بـ {((((((((((((((((((((((((((} [المائدة:6] هذا نسبه إلى مذهب المالكية {((((((((((((((((((((((((((} هنا المأمور به مسح الرأس قالوا: والرأس في أصل حقيقته اللغوية أن يمسح على الجلد، أليس كذلك؟ نعم لذلك تقول حلقت شعر رأسي هل الشعر من الرأس؟ لا هو عليه ولذلك يختلفون هل له حكم المتصل أو المنفصل أول قاعدة في قواعد ابن رجب هذه المسألة، هل الشعر له حكم المتصل أو المنفصل؟ ينبني عليه مسائل مثله مثل الظفر ونحوه شعر الميتة ينبني عليها وقرن الميتة وظفر الميتة إن كال له حكم المتصل فحكمه حكم الميتة نجس وإلا فالأصل فيه أنه طاهر.

فإذا قال: {((((((((((((((((((((((((((} الرأس في اللغة هو جلدة الرأس نفس الجلدة يرحمك الله الجلدة نفسها، لكن هل يمكن تقول فرطه امسح الجلدة؟ ما يمكن لأنه يلزم أن تحلق حينئذٍ ما يحصل فيه تعذب وفيه عسر على المكلف إذن ينتقل إلى المجاز قالوا: الرأس له مجازان: الشعر وهو قريب والعمامة وهي بعيدة فحيث ما استحال الأصل الحقيقة حمل اللفظ {((((((((((((((((((((((((((} على حقيقته استحال، يُنتقل إلى المجاز أو لأقرب الحصر إذن عندنا مجازان الشعر والعمامة أيهما أولى بالمسح؟ نقول إذا لم يكن سنة يعني مسألة افتراضية لو نظرنا إلى النص نفسه، وإلا مع النصوص الأخرى لا إشكال، لا نحتاج أن نقول تقدم الأقرب على الأبعد لكن المثال يعني للتوضيح فقط، فنقول الشعر هذا مجازٌ قريب والعمامة مجازٌ بعيد فيقدم القريب على البعيد {((((((((((((((((((((((((((} هنا استحال حمل اللفظ على أصله وهو الحقيقة جلدة الرأس ننتقل حينئذٍ من الحقيقة إلى المجاز إن كان له مجاز واحد أو للمجاز الأقرب إن كان للفظ مجازين فأكثر، يسمى مجاز بمرتبتي {((((((((((((((((((((((((((} عرفنا أن المراد به المجاز ماذا؟ القريب {((((((((((((((((((((((((((} إذن قدم الحقيقة على المجاز لأنها الأصل فإذا دار اللفظ بين أن يحمل على حقيقته أو مجازه حمل على حقيقته إلا إذا كان المجاز غالب أو ذكرناه نحن الآن أن المجاز إذا كان هو الأرجح والحقيقة مرجوحة أو متروكة حينئذٍ يقدم المجاز على الحقيقة كما ذكرناه سابقًا (ثُمَّ الْمَجَازُ) إلى حقيقة (وَثَالِثًا إِلَى مَجَازٍ) ثم قال: (ثُمَّ الْمَجَازُ) أل هذه للعهد الذكري يعني أعيدت النكرة معرفة وهذه يدل على أل للعهد الذكري يعني: المجاز الذي ذكر قسمًا من أقسام الكلام وهو قسيمٌ للحقيقة المجاز أصله في اللغة من جهة الوزن مجوز على وزن مفعل مجوز بفتح الميم والجيم لأنه من جَازَ، يَجُوْزُ وَجَازَ، يَجُوْزُ، مَجَاْزَ، مَجْوَزْ، كيف قلبت الواو ألفًا؟ نقول اكتفاءً بجزء العلة وهو تحرك الواو إذن تحركت الواو وهو لم ينفتح ما قبلها والقاعدة المطردة أنه لا يقلب حرف العلة إذا تحرك وانفتح مثل باب، بوبٌ بوابٌ تحركت الواو وفتح ما قبله فقلبت الواو ألفًا أليس كذلك؟ باع، بيع، قال، قول، تحركت الواو فتح ما قبلها إذا تحركت الواو ولم ينفتح ما قبلها الأصل أنه يبقى ولا يحذف، هذا الأصل قول هذا سكنت الواو وفتح ما قبلها أما إذا سمع من لغة العرب أنهم قلبوا الواو أو الياء ألفًا والقاعدة أو الضابط لم يوجد حينئذٍ لا بد من التكلف فتكلف القانون مجوز تحركت الواو ثم نقلت الفتحة إلى الجيم فعندنا نظران نظرٌ قبل النقل تحركت الواو ونظرٌ إلى ما بعد النقل وانفتح ما قبلها فقلبت الواو ألفًا، إذن مجوز تحركت الواو ثم قطعنا النظر عن حركة الواو نقلناها إلى الجيم إذن تحركت الواو باعتبار الأصل وانفتح ما قبلها باعتبار الفرع، إذن وجدت العلة وهي علةٌ القلب تحرك الواو فانفتح ما قبلها بعضهم يرى أن هذا تكلف والأصح أن يقال أنه اكتفي بجزء العلة لأن العلة مركبة هنا من تحرك حرف العلة وانفتاح ما قبله إذا وجد جزء العلة وهو تحرك الواو نكتفي به فنقول قلبت العرب هنا الواو

ألفًا لتحركها ولو لم ينفتح ما قبلها، إذن مجوز هو الأصل ومجوز مفعل هذا يحتمل أنه مصدر ويحتمل أنه اسم مكان أو اسم زمان يحتمل هذا وذاك وذَاك، إذن لأنه من باب يفعل ما كانت عينه مضمومة يأتي منه المصدر اسم الزمان اسم المكان على وزن مفعل والمراد بالمجاز هنا قلنا: هو مشتق من الجواز مجوز مشتق من الجواز والجواز في اللغة هو: الانتقال والعبور، يعني: من موضعٍ إلى آخر يقال: جزت المكان. أي: عبرته وانتقلت منه إلى مكانٍ آخر، إذن فيه تجوز انتقال من موضع إلى موضعٍ آخر وهذا وإن كان حقيقة في الأجزاء إلا أنه مجاز في المعاني لأن اللفظ هذا عرض كيف ينتقل اللفظ من معنى إلى معنى؟ نقول: هذا مجاز. إذن في لفظ المجاز مجاز لماذا؟ لأن الانتقال والعبور الذي هو معنى الجواز الذي اشتق منه المجاز هذا حسي في الأصل والذي معنا هنا معنوي حينئذٍ نقول: مجاز. مثل ما نقول: باب أصول الفقه. باب عام الباب هذا هو الأصل في الأجسام فكيف نقول باب أصول الفقه؟ نقول: هذا مجاز. حقيقة في الأجزاء مجاز في المعاني لأن هذا الباب إذا قرأته كله دخلت منه إلى المعاني هذا واضح أنه في الدخول إلى الشيء، كذلك الباب الذي يكون حسيًّا تدخل من الخارج إلى الداخل هنا نقول: المجاز الأصل العبور والانتقال يكون أمور حسية للأجسام أما في المعاني فهو مجاز. إذن يحتمل أنه مأخوذ مجاز من المصدر أو اسم المكان أو اسم الزمان، والأرجح أنه مأخوذ من المصدر أو اسم المكان ولا يتصور أخذه من الزمان، لماذا؟ لعدم العلاقة بين الزمان واللفظ الذي جيز به، أما المصدر فهذا يمكن أن يكون للملابسة إلى الفاعل كعادل بمعنى عادل والمكان أيضًا باعتبار اللفظ لأن اللفظ يتجاوز به من معنى إلى معنى آخر أسد أخذته من معنى من دلالته على الحيوان المفترس أخذته وجعلته دالاً على الرجل الشجاع إذن هذا فيه انتقال وعبور تجوز أليس كذلك؟ إذن احتمال أخذ المجاز من المصدر أو من اسم المكان هذا أرجح من أخذه من اسم الزمان لذلك قال الفتوحي: المجاز بالمعنى الاصطلاحي إما مأخوذ من المصدر أو من اسم المكان لا من اسم الزمان لعدم العلاقة فيه بخلاف المصدر واسم المكان فإنه إن كان من المصدر فهو متجوز به إلى الفاعل للملابسة كعادل بمعنى عادل، عَادل هذا مصدر تجوز به إلى بمعنى اسم الفاعل زيد عدل بمعنى عادل أو من المكان له فهو من إطلاق المحل على الحال فهذا مجاز وفيه تجوز آخر لأن الجواز حقيقة للجسم لا للفظ كما سبق هذا في اللغة.

أما في الاصطلاح فنقول: المجاز هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي. هذا بناءً على أنه ضد الحقيقة بالمعنى الأول قلنا: الحقيقة والمجاز متقابلان. الحقيقة هي: اللفظ المستعمل في موضوعه الأصلي، إذن المجاز ما هو؟ اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي لكن لا بد من قيد على وجه يصح أو إن شئت قل: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أولاً لعلاقة بينهما. لعلاقة بينهما هذا تصريح لما أجمل في قوله: على وجه يصح. لماذا؟ عرفنا الحدود بما سبق أو المحترزات بما سبق اللفظ هذا جنس يشمل المهمل، والمستعمل، والحقيقة، والمجاز ونحو ذلك المستعمل أخرج المهمل واللفظ الذي لم يستعمل لأننا ذكرنا أن الاستعمال ركن في حد الحقيقة وفي حد المجاز إذن اللفظ الذي لم يستعمل لا يوصف بكونه حقيقة ولا مجاز إذن القسمة ثلاثية وليست ثنائية حقيقة مجاز لا حقيقة ولا مجاز حقيقة ومجاز ثم الثالث لا حقيقة ولا مجاز لماذا الثالث؟ لأن الاستعمال قيد وركن في مفهوم الحقيقة وجزء من مفهوم الحقيقة والاستعمال أيضًا جزء وركن وداخل في مفهوم المجاز إذا لم يكن مستعمل فلا حقيقة ولا مجاز والاستعمال هو إطلاق اللفظ وإرادة المعنى عندهم ثلاث عبارات: الوضع، والاستعمال، والحمل.

الوضع جعل اللفظ دليلاً على المعاني وهذا قلنا: يكون في النوع ويكون في الأشخاص في الأشخاص في الآحاد الكلمات المفردات، وفي النوع كالمركبات الكلام ونحوه والمجاز أيضًا لأنه موضوع هذا الوضع جعل اللفظ دليلاً على المعنى الاستعمال إذن وضع اللفظ أسد يدل على حيوان مفترس ثم بعد ذلك إذا وضعناه ماذا نصنع فيه نستعمله إذن إطلاق اللفظ نتلفظ به وإرادة المعنى الذي وضع له ذلك الواضع وهو: الحيوان المفترس. إذا تكلمت أنا رأيت أسدًا أنت ما أنت المستمع على أي جهة ستفهم كلامي؟ على الحقيقي حمل اللفظ على ما أراده المتكلم من لفظه، الحمل ما هو؟ اعتقاد مراد المتكلم من لفظه إذن تعتقد أنت ما أردته منك من لفظ تقول: رأيت أسدًا. تعتقد معنى الرؤيا ومعنى الأسد لو قلت: رأيت أسدًا. تعتقد رأيت سيارة مثلاً نقول: هذا ما حملت اللفظ على ما أردته أنا فحينئذٍ يكون عندنا لفظ واستعمال وحمل اللفظ جعل اللفظ الوضع جعل اللفظ دليلاً على المعنى، والاستعمال إطلاق اللفظ وإرادة المعنى الحمل اعتقاد السامع مراد المتكلم من لفظه الوضع هذا من جهة الواضع الرب جل وعلا للغة عمومًا حقيقةً ومجازًا الاستعمال هذا من صفات المتكلم، الحمل من صفات السامع فالوضع سابق، والحمل لاحق، والاستعمال متوسط. هكذا قالوا الوضع سابق، والحمل لاحق، والاستعمال متوسط بينهما لأن اللفظ يوضع أولاً ثم يستعمل في مدلوله ثم أنت إذا سمعت حملت اللفظ على ما وضع له في لغة العرب إذن اللفظ المستعمل في غير موضوعه يعني: في غير ما وضع له أصلاً أو موضوعه الأصلي يعني: الذي وضع له في لغة العرب أصالة فإذا وضع الأسد للرجل أو وضع الأسد للحيوان المفترس أخذت هذا اللفظ واستعملته في غير ما وضع له أولاً فحينئذٍ نقول: هذا استعمال للفظ في غير موضوعه الأصلي لأن الأصل في وضع لفظ الأسد الوضع الأولي أنه يدل على الحيوان المفترس وأنت استعملته لا في معناه الأصلي الذي وضع له في لغة العرب وإنما استعملته في معنًى ثانٍ وضع له أيضًا لكنه وضع ثانوي لا أولي فالوضع نوعان: وضع أولي وهذا مختص بالحقيقة حتى لا يلتبس، ووضع ثانوي وهذا مختص بالمجاز. إذن كل من الحقيقة والمجاز موضوعان، لذلك قال السيوطي: فسبق وضع واجب بالاتفاق. لا بد وأن يكون المجاز موضوعًا والواضع هو واضع لغة العرب. توقيف اللغات عند الأكثر ** ومنهم النفورة والأشعري واللغة الرب لها قد وضع وهذا يشمل الحقائق والمجاز إن قلنا بالمجاز فهو داخل إن قلنا هذا مما جاءت به العرب فحينئذٍ يشملها الحكم ولعلهم يدخولنها أيضًا {((((((((آَدَمَ الْأَسْمَاءَ (((((((} [البقرة:31] إذا قيل بوجدها يشمله النص في غير موضوعه الأصلي إذن هذا مجاز، لكن نقول: على وجه يصح. يعني: المجاز ليس كل من أراد أن ينقل لفظًا من معنى أولي إلى معنى ثانوي يكون هكذا لا، لا بد من شروط ولا بد من قيود فليس كل استعمال للفظ في غير ما وضع له يكون مجاز ولذلك قسموا المجاز عندهم مجاز متفق عليه ومجاز متفق عليه يعني: على جوازه. ومجاز اتفقوا على منعه ولذلك قال صاحب ((المراقي)): فمنه جائز وما قد منعوا ** وكل واحد عليه أجمعوا

فمنه جائز منه يعني: من المجاز فمنه جائز وما قد منعوا يعني: منه ما قد منعوا وكل واحد عليه أجمعوا إذن مجاز متفق عليه وليس مطلق العلماء في خلاف كما سبق وإنما متفق عليه عند القائلين بالمجاز. ونوع أجمعوا على منعه عند القائلين بالمجاز، إذن نأخذ من هذا القسم الذي اختلفوا فيه الواسطة ثابتة استعمال اللفظ في حقيقتيه أو في حقيقته ومجازه أو في مجازيه فأكثر نقول: هذا مختلف فيه عند الأصوليين فالقسمة على الصحيح ثلاثية مجاز متفق على الجواز به نوع اتفقوا على منعه نوع مختلف فيه كالمشترك هذا لفظ له معنيان فأكثر قد يكون بينهما تضاد وقد لا يكون إذا كان بينهما تضاد كالقرء مثلاً في الحيض والطهر لا يمكن يستعمل ويراد به المعنيين هذا واضح {(((((((((قُرُوءٍ} [البقرة:228] لا يمكن أن يكون المراد بها الطهر والحيض معًا لأنهما ضدان لكن إذا لم يكن وعلق عليه حكم شرعي هل نحمل المشترك على معنييه أو نقول هو مجمل فنحتاج إلى دليل؟ قيل بهذا وقيل بهذا والصواب أنه يحمل على معنييه لماذا؟ لأن إطلاق المشترك اللفظ المشترك وإرادة المعنى نقول هنا على السواء ولا ترجيح إلا بدليل فإذا علق الحكم على اللفظ المشترك حينئذٍ يحمل على معنييه ومن هنا اختلفوا في مسألة الصلاة في مساجد الحرم يطلق على مسجد الكعبة الذي هو جوار الكعبة المسجد الحرام ويطلق على الحرم كله المسجد الحرم إذن لفظ المسجد الحرم لفظ مشترك يستعمل ويراد به المسجد الذي هو حول الكعبة ويستعمل ويراد به الحرم كله وإن كان أكثر النصوص في إطلاق لفظ المسجد الحرام مرادًا به الحرم كله فإذا علق عليه حكم شرعي هل يختص بما حول الكعبة أو يشمل الكل؟ نقول: يشمل الكل. لأن اللفظ حقيقة فحينئذٍ إذا أطلق في معنييه ولم يكن أحد المعنيين حقيقة والآخر مجاز ولم يكن بين المعنيين تضاد حينئذٍ يحمل على مدلوله كله سواء كان معنيان فأكثر ولذلك ما رتب من الأجر جمهور أهل العلم على أن الصلاة في مكة كلها بمائة ألف صلاة لماذا؟ لأنه علق على لفظ المسجد الحرام والمسجد الحرام هذا يطلق بالاشتراك على النوعيين وإطلاقه على الحرم كله أكثر في الشرع حينئذٍ نقول: لا يختص بمسجد الكعبة فقط لا يختص بمسجد الكعبة وهذا هو الصحيح وما جاء في رواية مسلم: «إلا مسجد الكعبة». هذا ما فيه إشكال واضح لا تعارض لماذا؟ لأن الكعبة هذا علم على مكة يعني: أطلق في الشرع ونترك اللغة هنا أطلق في الشرع واستعمل علمًا على الحرم كله قال تعالى: {(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا (((((((((} [المائدة:97]. والحرم كله هذا قبلة للناس نازع في هذه الآية قوله تعالى: {(((((((بَالِغَ ((((((((((((} [المائدة:95] {(((((((((((((((((((} هذا لو ذبح عند الحدود أجزأ ولا ما أجزأ أَجزأ إذن الكعبة هنا مراد بها الحرم كله فإذا قيل: إلا مسجد الكعبة.

نقول: مسجد هذا نكرة مضاف للكعبة وهو علم إذن إلا مساجد الكعبة الذي هو مكة لأنه مفرد يعم مثل قوله: {(((((تَعُدُّوا نِعْمَةَ ((((} [إبراهيم:34] نعمة واحدة أو نعم؟ من أين أخذنا النعم؟ نقول: هذا تمَّ سيأتي في باب العموم نعمة هذا اسم جنس نكرة مضاف إلى ماذا؟ {((((((((((((} مضاف إلى معنى فحينئذٍ من صيغ العموم اسم الجنس المضاف إلى المعرفة وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها، هنا إلا مسجد الكعبة إلا مساجد الكعبة فيعم فحينئذٍ لا يكون تعارض بين الحديثين هذا مختلف فيه عند الفقهاء عند الأصوليين أصلاً كذلك اللفظ المستعمل في حقيقته ومجازه إذا أطلق اللفظ وله معنيان أحدهما حقيقة والآخر مجاز هل يحمل عليهما أم لا؟ نقول: هذا ينبني على مسألة ستأتي معنا الآن خلافية بين البيانيين والأصوليين. إذن اللفظ المستعمل في غيره موضوعه على وجه يصح قلنا: هذا المراد به أنه لا بد من قيود ولا بد من شروط في حقيقة المجاز وليس المجاز هذا متروك لكل من هب ودب لا، لا بد من ضوابط ولا بد من قيود. فمنه جائز وما قد منعوا عرفنا الجائز أنه لا بد من علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي إذا قال: رأيت أسدًا يخطب. نقول: هذا اتحد محمله. يعني: معناه. رأيت أسدًا يخطب كم معنى يحتمل هذا اللفظ؟ كم معنى؟ معنى واحد لا ثاني لهما اتحد محمله يعني: معناه واحد. وهو: الرجل الشجاع. هل يحتمل الحيوان المفترس؟ لا ما يحتمل لماذا؟ لوجود قرينة يخطب إذن ماذا اتحاد جاء المحمل ** وللعلاقة ظهورٌ أول هذا هو النوع الأول المتفق عليه أن يكون بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي علاقة ظاهرة يعني: وصف مشترك هو الذي جعل اللفظ الثاني يصح حمله على المعنى الأول الذي هو المعنى الحيوان المفترس. رأيت أسدًا يخطب ما وجه المشابه هنا؟ الشجاعة إذن تَمَّ علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي وهذه الشجاعة وصف ظاهر في الأسد لماذا؟ لأنه اشتهر في لسان العرب أنهم إذا أرادوا أن يشبهوا شيئًا بالشجاعة شبهوه بالأسد لا يقول: رأيت حمارًا يخطب، الحمار بليد وإنما يقول: رأيت أسدًا. لأن الأسد هذا معروف بالشجاعة إذن نقول: هذا اتحد محمله معناه وهو: الرجل الشجاع. وبين اللفظ الذي جعل دليلاً على المعنى المجازي بعد تجوزه عن المعنى الحقيقي وهو: الحيوان المفترس. بينهم علاقة وهذه العلاقة ظاهرة إن لم تكن العلاقة ظاهرة فهذا ممنوع بالاتفاق. ثانيهما ما ليس بالمفيد ** لمنع الانتقال بالتعقيب لو قال: رأيت أسدًا يخطب. وقصد هنا بحمل اللفظ من مجازه من حقيقته إلى مجازه أنه أشبه الأسد في صفة البقر يعني: رأى رجلا أبقر. والأسد معروف أنه أبقر فقال: رأيت أسدًا يخطب. ما قصد الشجاعة قصد أن هذا الخطيب أبقر هل يصح؟ نقول: لا يصح بالإجماع لا يصح لماذا؟ لأن العلاقة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي غير ظاهرة فإذا قيل للمخاطب: رأيت أسدًا يخطب. وقصد به هذه الصفة الخفية التي لا يعرفها كل أحد بأن الأسد أبقر هو أسد أبقر لكن هذه الصفة لم تستعمل في لسان العرب للمشابهة لم يحمل عليها غيرها لماذا؟ لأن الأصل في المجاز أنه من اللغة والأصل في اللغة التوقيف ومعرفة اللغة كما سبق يكون بالنقل.

وعرفت بالنقل لا بالعقل ** فقط بل استنباطه من نقل إذن إذا لم يثبت هذا عن العرب وهم الذين استعملوا المجاز نقول: استعمال الصفة الخفية في الربط بين اللفظ الحقيقي بين معناه الحقيقي والمعنى المجازي هذا باطل لأن الانتقال من اللفظ إلى المعنى المراد غير واضح وإذا لم يؤدي المعنى المجازي إلى الظهور والبيان في ذهن المستمع والمخاطب نقول: ما الفائدة منه؟! أليس كذلك؟ بل يصدق هنا حجة أبي إسحاق الإسرائيلي: أن المجاز ممنوع لأنه يوقع في اللبس، وهذا بالفعل قد أوقع في اللبس فحينئذٍ منعوا ثانيهما الذي هو أجمعوا على عدم جوازه إذا كانت العلاقة التي هي المشابه بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي غير واضحة غير ظاهرة حينئذٍ يمنع المجاز فلا يتجوز باللفظ عن موضوعه الأصل. إذن على قول يصح على وجه يصح المراد به على وجه يصح بشروط معتبرة عندهم وهو أن يكون استعمال اللفظ في غير موضوعه بعلاقة علاقة بفتح العين وقيل بكسرها والأشهر أنها بالفتح يعني: تستعمل في المعاني بالفتح وفي الأجسام بالكسر هذا هو المشهور. إذن لعلاقة ما المقصود بعلاقة المشابهة بين المعنى الأول والمعنى الثاني لا بد من صفة ظاهرة إذا كانت العلاقة غير واضحة غير بينة نقول: نمنع أن ينقل اللفظ عن مدلوله الحقيقي إلى مدلوله المجازي إذن لا بد من علاقة وهذه العلاقة تكون حاصلة بين المعنى الأول والمعنى الثاني وهي المشابهو في هذا المثال العلاقة عندهم إما أن تكون المشابهة أو لا محصورة في اثنين أساسيين إما أن تكون المشابه أو لا إن كانت المشابهة نقول: هذه تسمى عندهم باتفاق إذا لم يذكر المستعار مثلاً باتفاق يسمى استعار إذا كان المجاز علاقته المشابهة فهي الاستعارة النوع الرابع الذي ذكره الناظم إن لم تكن المشابهة فهي محصورة في خمسة وعشرين نوعًا معلومة بالاستقراء والتتبع منها ما ذكرت: النقل، والزيادة، والنقص. هذه ثلاثة أشياء وبقي اثنين وعشرين هذه تأخذونها من مطولات تبحث لعلها تأتينا في ((الجوهر المكنون)) إن شاء الله خمس وعشرين نوع ولا يجوز عندهم يجوز يعني في الوضع لا يجوز في الاصطلاح عندهم أن يزاد عليها واحد لماذا؟ لأن هذه الأنواع معلومة بالاستقراء والتتبع والأصل في المجاز أنه لغة وحينئذٍ لا بد من وضع الواضع ولا يشترط فيها الآحاد وذكرنا بالأمس أيضًا من هذه العلاقات إطلاق المسبب على السبب وبالعكس، إطلاق المحل على الحال وبالعكس، نقل الكل على الجزء إلى آخره هذه كلها تسمى أقسام التجوز أو العلاقة بين المعنيين لا بد من علاقة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي إن كانت المشابه فهي استعارة رأيت أسدًا يخطب إن لم تكن فلا بد أن تكون واحدة من خمس وعشرين نوعًا فإن خرجت حينئذٍ يكون المجاز ممنوعًا بالاتفاق داخل في قول الناظم: ثانيهما ما ليس بالمفيد ** لمنع الانتقال بالتعقيب يعني: حصل تعقيب معنوي. ولذلك قال السيوطي: فسبق وضع واجب بالاتفاق. لا بد أن يكون المجاز موضوعًا ثم الوضع هذا هل هو وضع للأنواع أم للآحاد؟ قلنا: الصحيح أنه للأنواع. والسمع في نوع المجاز مشترط

إذن يشترط السمع لذلك لا يجوز الزيادة على هذه الخمس والعشرين لماذا؟ لأنه يشترط السمع أن يكون منقولاً قالوا: مثلاً إطلاق الكل على الجزء هذا نوع تحته ما لا يحصر من الأمثلة هل كل مثال لا بد أن يكون مسموعًا من لغة العرب؟ لا، وإنما النوع الذي هو إطلاق الكل على الجزء هذه مناسبة بين المعنى والمعنى المنقل إليه المنقول إليه حينئذٍ نقول: هذه العلاقة هي علاقة جزئية وهذا نوع عام لا بد أن يكون منقولاً، إذن اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح أو اللفظ المستعمل في غير موضوعه أو في غير ما وضع له أولاً لعلاقة بينهما فإن لم يكن لعلاقة حينئذٍ نقول: لا مجاز. العلاقة أيضًا أخرج يقولون: الْعَلَمَ المنقول. سميت رجل بفضل إذن هذا مصدر نقلته إلى عَلَم هل بينهما علاقة؟ لا، هل نقول: بينهما مجاز؟ لا، هل هو حقيقة؟ يقولون: لا ليست بحقيقة ولا مجاز. هذا هو المشهور إذن فضل هذا هل استعمل فيما وضع له في لغة العرب هو الزيادة؟ لا هل استعمل في غير ما وضع له؟ نقول: نعم لكن هل هو علاقة لعلاقة؟ نقول: لا، لا لعلاقة. إذن لا حقيقة ولا مجاز.

هناك جزئية اختلف فيها الأصوليون مع البيانيين وهي القرينة لعلاقة بينهما عند البيانيين يزيدون مع قرينة صارفة عن المعنى المراد أو عن إرادة المعنى الأصلي لا بد من قرينة، فإذن عندنا علاقة، وعندنا قرينة قَرينة هذه لا بد أن تكون مصاحبة للفظ إذا سمعها المخاطب علم أن المراد بهذا اللفظ هو المجاز من الحقيقة رأيت أسدًا يخطب رأيت أسدًا هنا العلاقة المشابهة شبه الأسد شبه الرجل الشجاع أو الخطيب بالأسد فنقل اللفظ من مدلوله الأصلي الذي وضع له في لغة العرب إلى المعنى الآخر طيب لو قال: رأيت أسدًا. وسكت هل يفهم أنه يريد الرجل الشجاع؟ لا، لا بد من أن يذكر لفظ مصاحب له هي أنواع بعضها عادية، وبعضها معنوية، وبعضها لفظية لكن المذكور معنا لفظية رأيت أسدًا هذا يحتمل أنه الرجل الشجاع ويحتمل أنه الحيوان المفترس، إذا أراد المجاز عند البيانيين يتعين أن يقول: يخطب. لأن الأسد الحقيقي ما يخطب والذي يخطب هو الرجل الشجاع، إذن هذه قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي للفظ الأسد هذه مشترطة عند البيانيين وغير مشترطة عند الأصوليين إذن فتم اختلاف بين الأصوليين والبيانين في حقيقة المجاز ينبني عليه مسألة واحد التي ذكرناها قبل قليل هل يجوز أن يراد باللفظ حقيقته ومجازه معًا؟ هل يجوز أن يراد باللفظ الواحد حقيقته ومجازه معًا في استعمال واحد؟ عند الأصوليين نعم وعند البيانيين لا يجوز لماذا نعم عند الأصوليين؟ لأنهم لا يتشرطون القرينة فإذا قال قائل: رأيت أسدًا. عند الأصوليين يجوز أن يكون الحيوان المفترس ويجوز أن يراد به الرجل الشجاع، أما عند البيانيين فيتعين حمله على الحيوان المفترس فإذا قال: رأيت أسدًا. هذا حقيقة لا مجاز قطعًا عندهم وإذا قال: رأيت أسدًا يخطب. هذا مجاز لا حقيقة إذن لا يمكن أن يجتمعا عند البيانيين لأنه إذا أراد المجاز لا بد من قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي وإذا أراد الحقيقة لا بد أن يعيرها عن القرينة إذن لا يمكن أن يجتمعا في لفظ واحد حقيقة مجاز في نفس الوقت عند الأصوليين لا يجوز ولذلك {(((((((((((((((((((((((} [الحج:77] ينبني عليه مسائل {(((((((((((((((((((((((} افعلوا افعل حقيقة في الوجوب مجاز في الندب أليس كذلك؟ لأن نقول: صيغة بصيغة افعل فالوجوب حققا سيأتينا صيغة افعل حقيقة في الوجوب مجاز في الندب لماذا؟ لأنه لا يعدل عن دلالته عن الوجوب إلى الندب إلا بقرينة وما احتاج إلى قرينة فرع عما لا يحتاج والمجاز فرع والحقيقة أصل إذن افعل للوجوب أصل إذا قيل: يجوز أن يدل اللفظ على حقيقته ومجازه معًا إذن لا مانع من أن يكون قوله جل وعلا: {(((((((((((((((((((((((}. أن يكون مرادًا به الواجب والمندوب سيدخل في قوله: {(((((((((((((((((((((((} المجاز والمندوب الواجبات والمندوبات أما عند البيانيين فلا إما أن يكون {(((((((((((((((((((((((} على أصله لم يكن قرينة صارفة عن الوجوب إلى الندب تحمل على الوجوب وإلا حمل على الندب.

إذن لا يمكن أن يجتمع الحقيقة والمجاز في نوع واحد باعتبار واحد وسيأتينا أنه قد يكون باعتبارين إذن اشتراط القرينة هذا زاده البيانيون وأسقطه الأصوليون. إذن نخلص من هذا أن المجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أولاً لعلاقة بينهما مع قرينة صارفة عند إرادة المعنى الأصلي. وإن شئت قل: اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي على وجه يصح. وهذا تعريف ابن قدامة في ((روضة الناظر)) اللفظ المستعمل في غير موضوعه على وجه يصح، مراده بوجه يصح أن يكون لعلاقة إذن عرفنا المجاز. قال: ثُمَّ الْمَجَازُ مَا بِهِ تُجُوِّزَا ** فِي اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ تَجَوُّزَا (ثُمَّ الْمَجَازُ) عرفنا حقيقته في اللغة واشتقاقه (مَا بِهِ تُجُوِّزَا) (مَا) أي: اللفظ. الذي تجوِّزا تجوَّزا يصح بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول تجوَّز المتجوز به وتجوِّز للبناء للمفعول مراد به ما تجوِّزا أي: ما تعديا. وقلنا: المجاز في الأصل أنه مأخوذ من الجواز وهو العبور والانتقال والتعدي عدى اللفظ من دلالته على معناه الحقيقي إلى دلالته على معناه المجاز عبر باللفظ من دلالته على المعنى الحقيقي لدلالته على المعنى المجازي انتقل اللفظ من دلالته على المعنى الحقيقي لدلالته على المعنى المجازي وكلاهما موضوعان لنفس اللفظ والأول وضع أولي والثاني وضع ثانوي إذن ما تجوِّزا أي: تعديا به أي: باللفظ والضمير يعود إلى ما وبه جار ومجرور متعلق بقوله: (تُجُوِّزَا). أو تجوَّزا (فِي اللَّفْظِ) أي: في اللفظ المستعمل أو في استعمال اللفظ إما أن تقدر مقامًا محذوفًا وإما أن تقدر صفة محذوفًا في استعمال اللفظ في اللفظ المستعمل لا بد منهما لأن الاستعمال كما ذكرنا أنه ركن وجزء وقيد داخل في مفهوم المجاز. (عَنْ مَوْضُوعِهِ) يعني: عما وضع له أصلاً في لغة العرب تجوزا تفعلا تَجَوَّزَ يَتَجَوَّزُ تَجَوُّزًا هذا مصدر تفعل والمراد به هنا التكملة أو يكون من باب التأكيد هكذا يقول الشارح في ((لطائف الإشارات)) أن المراد به التكملة ويمكن أن نجعل له معنى فنقول: تجوِّزا به تجوُّزًا أي: تمام التجوز المراد عند الأصوليين لأنه لم يذكر العلاقة وإذا لم يذكر العلاقة هل يصح الحد؟ لا يصح الحد اللفظ المستعمل في غير موضوعه لا يسقط لا بد من قول على وجه يصح أو لعلاقة فإذا قال: ما تجوِّزا به تجوُّزًا هذا تأكيد ضربت زيدًا ضربًا إذن لا يحتمل قوله تجوِّزَا به. لا لعلاقة أو لا على وجه يصح فحينئذٍ نجعل قوله: (تَجَوُّزَا). هذا من باب التأكيد للعامل السابق ما تجوِّزَا به تجوُّزًا أو ما تَجَوَّزَا به تَجَوُّزًا يعني: تامًا وهو التجوز الذي إذا أطلق عند الأصوليين انصرف إليه وهو أن يكون لقرينة أو على وجه يصلحه. قال: (بِنَقْصٍ أوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْلِ ** أَوِ اسْتِعَارَةٍ) هذه أربعة أقسام وهذا يدل على المعنى الذي حملناه على قوله: (تَجَوُّزَا).

(بِنَقْصٍ) هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (تَجَوُّزَا). يعني: التجوز هذا بماذا يكون؟ بسبب ماذا؟ بسبب نقص أو الباء تكون بمعنى مع يعني: مع نقص. لا إشكال وهذه يعتبر من أنواع العلاقة بين المعنى المنقول عنه إلى المعنى المنقول إليه أن يكون التجوز استعمال اللفظ في غير ما وقع له أولاً بسبب نقص لفظ أو كلمة في التركيب حينئذٍ نقول: هذا مجاز وسيأتي مثاله. (أوْ زِيَادَةٍ) زيادة ماذا؟ لفظ (بِنَقْصٍ) يعني: بنقص لفظ التنوين هنا عوض عن كلمة مضافة محذوفة (أوْ زِيَادَةٍ) أو للتنويع والتقسيم أو تجوزا حصل بسبب زيادة أو مع زيادة فصار استعمال اللفظ في غير ما وضع له أولاً بسبب الزيادة والعلاقة بينهما بين المعنى المنقول عنه إلى المعنى المنقول إليه المجاز هو الزيادة زيادة لفظ على التركيب. (أَوْ نَقْلِ) اللفظ نقلٍ كسر الوزن نقل اللفظ عن معناه الأصلي إلى معنى آخر لمناسبة وهنا إشكال كيف جعل النقل قسيمًا أو قسمًا من أقسام المجاز والمجاز كله نقل أما نقول: المجاز هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه؟ إذن حصل نقل نقلنا لفظ الأسد من دلالته على حيوان مفترس إلى دلالته على الرجل الشجاع. نعم كيف هو فيه إشكال الشراح استشكلوا هذا هو فيه إشكال نعم. نقل ماذا؟ النقل هو المجاز فكيف يجعل قسمة هذا محل إشكال على كلٍّ سيأتي مثال أنهم مثلوا له بالغائب وهذا حقيقة عرفية لكن يحتمل أنه أراد به النقل العرفي ليس النقل اللغوي يحتمل أنه أراد النقل الاصطلاحي العرفي وليس النقل اللغوي والنقل الذي يكون في المجاز هذا نقل لغوي وأما النقل في المراد هنا هو النقل الاصطلاحي هذا يكون هذا مراده.

(أَوِ اسْتِعَارَةٍ) هذا هو النوع الرابع أن تكون العلاقة بين المعنيين المعنى حقيقي والمعنى المجازي المشابهة هذه أربعة لكن التقسيم الكلي لهذه نقول: المجاز إما أن تكون العلاقة مشابه أو لا إن كانت المشابهة فهي استعارة إن لم تكن المشابهة فهو المجاز المرسل وهذا واحد من يعني علاقته واحد من خمسة وعشرين نوعًا لا يخرج عنها لا يزيد ولا ينقص اختلف في النقص لكن في الزيادة لا ثم مثل لكل واحد من هذه الأنواع الأربعة فقال: (كَنَقْص أَهْلِ). وهذا ترتيب لف ونشر مرتب مرتب أولاً: النقص، ثم الزيادة، ثم النقل، ثم الاستعارة، ثم يمثل لكل واحد من هذه الأربعة على الترتيب المذكور السابق وهذا قلنا: يسمى لفًا ونشرًا مرتبًا. فإذا لم يرتب نقول: هذا يسمى لفًا ونشرًا مشوش غير مرتب. مثاله في القرآن {((((((تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106] قسم قسَّم الوجوه إلى قسمين كما قسم هنا بنقص زيادة {((((((تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} ثم أراد أن يفصل {(((((((الَّذِينَ اسْوَدَّتْ (((((((((((} ثم قال: {(((((((الَّذِينَ ((((((((((} [آل عمران:107] {((((((((((شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا (((((((((} [هود:105،106]، رتب إذن وارد في القرآن قال: (كَنَقْص أَهْلِ) يعني: وذلك كنقص أهل يعني: التمثيل لقوله بنقص بنقص لفظ (كَنَقْص أَهْلِ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف وذلك هذا مبتدأ محذوف (كَنَقْص) لأن الكلام انتهى (بِنَقْصٍ أوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْلِ ** أَوِ اسْتِعَارَةٍ). هنا تضع نقطة انتهى الكلام ثم أراد أن يمثل لكل واحد فقال: (كَنَقْص). جار ومجرور هذا هل يبتدأ الكلام بمثل هذا؟ نقول: لا جار مجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف وذلك كنقص (أَهْلِ) يعني: لفظ أهل من ماذا؟ من قوله جل وعلا: {((((((((((((((((((((} [يوسف:82]. قالوا: هذا مجاز بالنقص ويسمى مجاز الإضمار. لكنه لا بد أن يشترط فيه أن يكون في المظهر دليل على المحذوف وهو ما يسمى عند النحاة بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه هذا جائز عند النحاة لكن بشرط أن يدل المذكور أو المظهر على المحذوف وإلا لم يجز. وما يلي المضاف يأتي خلفا ** عنه في الإعراب إذا ما حذفا

فحينئذٍ نقول: حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فأخذ حكمه نصبًا فأخذ حكمه نصبًا أو رفعًا أو جرًا. إذًا (كَنَقْص أَهْلِ) نقول: هذا مجاز الإضمار يشترط فيه أن يكون المظهر دليل على المحذوف مثل ابن عقيل في باب المضاف بالمحذوف قال: كقوله تعالى: {(((((((((((((} [الفجر:22] هذه مشكلة في المجاز هذه المشكلة {(((((((((((((} قال: هذا أصله وجاء أمر ربك أي حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه جاء أمر هذا فاعل وربك هذا مجرور لأنه مضاف إليه وأمر مضاف حذف المضاف ثم أقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه يعني أخذ حكمه ما القرينة؟ قال: لا بد من الإضمار لا بد من أن يكون في المظهر دليل. ما الدليل عندهم في هذا الترتيب {(((((((((((((}؟ الاستحالة استحالة المجيء قالوا: المجيء هذا صفة حادثة جاء بعد أن لم يكن وهذا دليل الحدوث ولذلك في المثال المنطقي دائمًا يذكرونه العالم متغير وكل متغير حال ودائمًا ننبه أن هذا هو دليل في نفي الصفات الاختيارية فقل جاء وكل متغير حادث هنا جاء بعد أن لم يكن هذا دليل جاء فعل ماضي يدل على وقوع الحدث وهو المجيء بعد أن لم يكن هذا الذي ... من لغة العرب إذن ثبت المجيء للرب بعد أن لم يكن قد جاء وهذا تعالى الله أن يكون لماذا؟ لأن هذه صفة حادثة والحادث لا يقوم إلا بحادث حينئذٍ نقص فقالوا: هذه هنا {(((((((((((((} أي: جاء أمر ربك. والقرينة هي القرينة الاستحالة العقلية هذا والمطلقة في جميع الصفات تحريفهم ودعوى المجاز للاستحالة العقلية الرحمن لا يتصف بالرحمة الرحمة رقة وهذا يستحيل على الرب جل وعلا لكن نقول: هذا كله فاسد والحقيقة وفي موضعه قد رد على هذه الشبه. هنا مثل {((((((((((((((((((((} [يوسف:82] قرية في الأصل أنها تطلق يراد بها الأبنية هذا الأصل في لغة العرب وأكثروا استعمالها على هذا شيخ الإسلام ينزاع في هذه المسألة يقول: لا الصواب أنها تطلق تارة على هذا وتطلق تارة على القرية بأهلها. قال: {((((((((((((((((((((} [يوسف:82]. والأصل في إطلاق لفظ القرية في لغة العرب على الأبنية والأبنية جامدات فكيف تسأل؟ قالوا: إذن يستحيل أن يوجه السؤال من الآدمي إلى الأبنية وهي الجمادات. إذن نقول: هذه القرينة تجعل أننا نحكم أن في الكلام مجازًا وأنه من مجاز الإضمار وأصل التركيب واسأل أهل القرية حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب انتصابه واسأل أهل القرية أهل مفعول به وهو مضاف والقرية مضاف إليه إذن هنا مجاز بالحذف مجاز بالنقص حذف اللفظ واضح هذا ويسمى مجاز الإضمار في مثل هذا {((((((((((((((((((((} [يوسف:82] لا إشكال الخلاف لفظي أما {(((((((((((((} لا هنا فاصلة نقول: باطل وهذا بدعة ومحدث في الدين. أما {((((((((((((((((((((} [يوسف:82] لا إشكال لو قال قائل: {((((((((((((((((((((} [يوسف:82] هذا مجاز. لا نختلف معه إلا خلاف لفظي واضح هذا {((((((((((((((((((((} [يوسف:82] أيضًا مثلوا له {(((((((((((((فِي قُلُوبِهِمُ ((((((((((} [البقرة:93] العجل يشرب؟ قالوا: لا بد من مضاف أي: حب العجل.

وهذا أوضح من مسألة {((((((((((((((((((((}، {(((((((((((((فِي قُلُوبِهِمُ ((((((((((} هذا واضح العجل ما يشرب لأن العجل مسماه نفس الحيوان حينئذٍ نقول: لا بد من حذف مضاف هذا يسمى مجازًا بالإضمار. (كَنَقْص أَهْلِ) كنقص لفظ أهل من التركيب. قال: (وَهْوَ الْمُرَادُ فِي سُؤَالِ القَرْيَهْ). (وَهْوَ الْمُرَادُ) ما هو؟ أهل لفظ أهل هو المراد في سؤال القرية يعني: في قوله جل وعلا: {((((((((((((((((((((}. (كَمَا أَتَى فِي الذِّكْرِ دُونَ مِرْيَهْ) (كَمَا أَتَى فِي الذِّكْرِ) يعني: في القرآن. (دُونَ مِرْيَهْ) هذا تميم يعني: دون شك أنه ورد في القرآن ولا إشكال لا شك أنه ورد في القرآن {((((((((((((((((((((}، المراد واسأل أهل القرية هذا هو المراد حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه حينئذٍ صار مجازًا.

(وَكَازْدِيَادِ الكَافِ) في قوله جل وعلا: {((((((كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] كازدياد الكاف هذه أيضًا معطوفة على قوله: (كَنَقْص). وذلك كنقص وذلك أيضًا كازدياد الكاف يعني مسمى الكاف ليست الكاف وإنما مسمى الكاف (فِي {كَمِثْلِهِ}) يعني: في قوله جل وعلا: {((((((كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. إذا أردنا ليس كمثله شيء نفهم المعنى العام المقصود من الآية ما هو؟ نفي المثيل عن الرب جل وعلا أليس هذا هو المقصود نفي المثيل عن الرب جل وعلا لا مثيل له لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لا مثيل له من مخلوقات، كما أنه لا يوصف بصفات المخلوقات كذلك لا يجوز أن يوصف المخلوق بصفات تختص بالخالق هذا المعنى واضح من الآية لكن إذا وقفنا مع اللفظ قلنا: {(((((((((((((((((} الكاف هذه الأصل أنه مرادًا به التشبيه إذا حملناه على معناه الحقيقي أنه ليس بزائد الأصل أنه ليس بزائد الكاف وإذا كانت ليست بزائدة فمعناه التشبيه فتفسر بكلمة مثل هذا مضطرد ومتفق عليه فحينئذٍ إذا فسرناه بهذا المعنى {(((((((((((((((((} صار المعنى ليس مِثْلَ مِثْلِهِ شيء قالوا: لو أثبتنا ليس مِثْلَ مِثْلِهِ شيء لزم منه إثبات المثيل وهذا منافٍ للمقصود بالآية أليس كذلك؟ ليس مِثْلَ مِثْلِهِ يعني: أثبتنا مثيل لله ثم هذا المثيل ليس له مثيل أليس كذلك؟ هذا ظاهر اللفظ وهذا صحيح حينئذٍ قالوا: لا بد انفراق. فاختلفوا مفسرون وغيرهم أو اختلف المفسرون وغيرهم في توجيه هذه الآيات فمن قائل إن الكاف زائدة صلة وحينئذٍ يكون التركيب ليس مِثْلَهُ شيء إذا حكمنا بأن الكاف زائدة ذهب معها معناها الأصلي لأن الحرف الأصلي هو ما له معنى خاص والمعنى الخاص إذا أثبتنا أن الكاف أصلية ما هو التشبيه فتفسر بمعنى مثل إذا حكمنا بأنها ليست أصلية بل هي زائدة نقول: أن الزائد لا معنى له إلا التوكيد. فحينئذٍ يكون معنى قوله تعالى: {((((((كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. ليس مِثْلَهُ شيء ولا إشكال إذن ما الفائدة من الكاف؟ نقول: التقوية وعند العرب أن الحرف زائد إذا زيد على الجملة فهو في قوة تكرارها مرتين أو ثلاثة. على خلاف بين أهل اللغة ليس مِثْلَهُ شيء ليس مِثْلَهُ شيء ليس مِثْلَهُ شيء حذفت الجملة الثانية عن قول: بأن التكرار مرتين. أو الثالثة والثانية وعوض عنها الكاف إذن لها معنى ولها فائدة إذن لا نقول: الحرف الزائد دخوله كخروجه بل معنى وهو التوكيد. وقال الخضري في حاشيته على ابن عقيل: قول النحاة إن الحرف الزائد لا معنى له قال: أي: لا معنى له سوى التوكيد. والمنفي هو المعنى الخاص نقول: اللام تفيد الملك، والكاف للتشديد، عن للتعدية، في للظرفية. هذا الأصل لكن لو قيل: في زائدة. نقول: ليس لها معنى خاص وليس المراد ليس لها معنى بالكلية وإنما لها معنى وهو التوكيد إذن {(((((((((((((((((} عرفنا أن الكاف هنا زائدة هذا قول وأنه قد جاء في لغة العرب زيادة الكاف ليس كمثل الفتى زهير نفس التركيب.

القول الثاني بأن الزيادة يحكم بها على مثل مدخول الكاف وليس على الكاف {(((((((((((((((((} حينئذٍ يكون المعنى ليس كهو شيء إذا جعلنا المثل هي الزائدة والقاعدة عند النحاة بل جماهير أهل اللغة أنه إذا تردد القول بزيادة الحرف أو الاسم فزيادة الحرف هي الأولى وهي الأرجح وهذا صحيح. بل قال بعضهم: إن زيادة الاسم شاذة تحفظ ولا يقاس عليها. إذن القول الثاني نقول: قول مرجوح لأن مثل هي الزائدة وقيل: هنا مثل مراد بها الذات {((((((كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي: ليس كذاته شيء. وقيل: المثل هنا بمعنى ليس كذاته قالوا: كما يقول القائل: مثلك لا يفعل كذا. مثلك ما يساوي كذا مثلك يعني: ذاتك أنت لا يصدر منها مثل هذا هَذا مبالغة فيه كأن هذا الفعل المنفي عنه لذاته هنا كذلك مبالغة في نفي المثل لكمال الرب جل وعلا بأنه لا مثيل له وقيل: مثل بمعنى صفة {(((((((((((((((((} أي: ليس كصفته شيء. هذه أربعة أقوال والمرجح الأول أن الكاف صلة زائدة ولا مانع أن نقول في القرآن ما هو زائد لكن بالمعنى المراد هذا لا أُقَوَّلُ مَا لَمْ أَقُلْ نقول: الحرف الزائد يقع في لغة العرب وكثير جدًا والقرآن نزل بلسان عربي مبين ووجدنا أن الحرف المزاد في لغة العرب وله نكتة وفائدة لا تجود عند حذف هذا الحرف أو عند عدمه حينئذٍ لا مانع أن نقول بأن الكاف هنا زائدة على المعنى المراد إذًا {(((((((((((((((((} نقول: الكاف هنا زائدة. إذن هو مجاز بالزيادة زيادة حرف على الكاف طيب إذا عرفنا هذا المجاز يكون بالنقص ويكون بالزيادة عل ينطبق على هذين النوعين المجازين مجاز الإضمار ومجاز النقص الزيادة هل ينطبق عليهما حد المجاز؟ اللفظ المستعمل في غيره موضوعه الأصلي؟ قال بعضهم: لا ينطبق عليه. ولذلك بعضهم لا يرى أن هذا من أنواع المجاز وإنما يقول: هذا أسلوب من أساليب العربية ولا ينطبق عليه حد المجاز. وأجيب بأن تَمَّ نقل بأن تَمَّ نقلاً للفظ عن موضوعه الأصلي إلى معناه استعمل نفي مِثْلِ الْمِثْلِ في نفي الْمِثْلِ أليس كذلك؟ {(((((((((((((((((} نقول: الأصل أنه حقيقة. الكاف أنها أصلية وحكمنا بزيادتها لتصحيح الفهم حينئذٍ نقول: {(((((((((((((((((} استعمل نفي مِثْلِ الْمِثْلِ في نفي الْمِثْل لأن المراد من الآية ما هو؟ نفي الْمِثْل لله عز وجل ولكن في اللفظ نفي مِثْلِ الْمِثْل هذا تجوز اللفظ المستعمل في غير موضوعه كذلك {((((((((((((((((((((} استعمل القرية أو سؤال القرية في سؤال أهل القرية حصل نقل أو لا؟ حصل نقل هذا جواب.

وأجاب بعضهم من شراح التلخيص أن النظر هنا والتحويل والنقل ليس للمعنى العام وإنما لحركة الإعراب لأننا بالزيادة نقلنا مدخول الكاف من النصب إلى الجر {(((((((((((((((((} الكاف هذا حرف جر زائد صلة توكيد لا بأس أن تقول: صلة. صلة قيل: لم سمي صلة؟ قيل: تشبيهًا له بصلة الموصول سمي صلة الكاف صلة أو تأكيد أو كل حرف زائد ومثله هذا خبر زائد منصوب لك اعتراض؟ {(((((((((((((((((} مثله هذا بالجر في اللفظ لكنه في الأصل أنه منصوب لأن خبر ليس يكون منصوب {((((((} هذا اسمها أين خبرها؟ مثله والخبر أصله منصوب إذن {(((((((((((((((((} جعل اللفظ أو نقل اللفظ من النصب إلى الجر ما السبب زيادة الكاف كما أن القرية أهل القرية نقل من الجر الذي هو القريةِ إلى النصب لحذف المضاف وأخذ المضاف إليه حكمه، إذن النقل هنا لم يحصل باللفظ من حيث هو وإنما حصل لحرجة الإعراب {(((((((((((((((((} نقل من النصب إلى الجر، {(((((((((((((((((} بالنصب كان مجرورًا واسأل أهل القرية مضاف إليه والثاني يجرر أليس كذلك؟ واسأل أهل القريةِ حذف أهل قال: {(((((((((((((((((}. إذن نقل من الجر إلى النصب والأول أوجه. (وَالغَائِطِ الْمَنْقُوْلِ عَنْ مَحَلِّهِ) هذا النوع الثالث (وَالغَائِطِ الْمَنْقُوْلِ عَنْ مَحَلِّهِ) أي: وكالغائط المنقول عن محله نقل عن محله ما هو المحل؟ المراد به مسمى الغائط في لغة العرب الغائط في الأصل أنه المكان المنخفض من الأرض كان العرب إذا أردوا قضاء حاجتهم ذهبوا المنخفضات لأنها أستر وهو يسمى في اللغة غائطًا فالكثرة الملازمة والمجاورة هذه العلاقة المجاورة لكثرة الملازمة والمجاورة أطلق المحل على الحال أطلق المحل الذي هو الغائط لفظ الغائط نقل من دلالته على المكان المنخفض إلى دلالته على الخارج المستقذر من الإنسان نقول: ما العلاقة بينهما المشابه؟ لا ليست المشابه وإنما المجاورة الشيء إذا جاور شيئًا آخر ولزمه أو كثرة مجاورته صح أن ينقل المحل إلى الحال ومنه يسمى الراوية الرَّواية قالوا: الجمل الذي يستقى عليه الماء يسمى راوية عند العرب نفس الجمل الذي يستعمل للسقيا يسمى رواية الوعاء الذي يوضع ويحمل عليه وعاء الماء هذا يسمى راوية أيضًا لكن تسميته راوية مجازًا لماذا؟ لكثرة مجاورته وملازمته للجمل الراوي كما قيل في الغائط كذلك الضعينة قالوا: الضعينة هذا أرض تسمي كل شيء باسم خاص. الضعينة اسم للجمل الذي تحمل عليه المرأة في السفر حينئذٍ تلازمه أليس كذلك فسميت المرأة ضعينة لماذا؟ لمجاورتها الجمل الضعينة الذي تحمل عليه المرأة وتلازمه بالركوب في السفر هنا العلاقة ما هي المجاورة؟ إذن من العلاقات بين المعنى المنقول عنه إلى المعنى المنقول إليه هو المجاورة. (رَابِعُهَا) أي: ما ذكر وهو الاستعارة وقلنا: الاستعارة مجاز علاقته المشابه.

(رَابِعُهَا كَقَولِهِ تَعَالَى: ** {يُرِيدُ) جدارًا ({يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ} يَعْنِي) فسر اللفظ (مَالا) يعني: سقط الألف هذه للإطلاق ({يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ}) جدارًا يريد هنا قيل: استعمل اسم المشبه به في المشبه قالوا: شبه ميله إلى السقوط الجدار مال هكذا يريد أن ينقض الجدار يكون ليس له إرادة هذا فهمهم أولاً قالوا: الجدار أراد منه ممتنعًا لماذا؟ لأن الإرادة من صفات الحي ومن قال لكم هذا الإرادة من صفات الحي فهي ممتنعة في الجماد إذن كل جماد لا إرادة له فإذا استعمل لفظ الإرادة في الجماد نقول: هذا مجاز. ما علاقته؟ المشابه ما هي المشابه؟ قالوا: ميله إلى السقوط كأنه أراد السقوط يعني: تصور أن رجل يريد أن يسقط هذا حي وهو متصف بالإرادة لا إشكال الجدار الذي مائل ويرد أن يسقط شبهوه بالرجل الذي يريد السقوط بجامع أن كل منهما مائل للسقوط مائل إلى السقوط أليس كذلك؟ هذا قالوا: مجاز علاقته المشابه. لماذا حكموا بأنه مجاز؟ قالوا: للقرينة العقلية وهي: استحالة اتصاف الجمادات بالإرادة. لكن هذا نقول: فاسد وليس بصحيح بل هذا على ظاهره {((((((يُرِيدُ أَنْ (((((((} [الكهف:77] ولا مانع من أن يوصف الجماد بالإرادة بل السنة والكتاب قبلها متظاهرة على وصف الجمادات بصفات قد تكون في الأحيان ولكنها تثبت للجمادات على وصف لائق بها ولذلك ثبت بل جاء في القرآن {(((((مِنْ شَيْءٍ إِلَّا (((((((((} [الإسراء:44] {(((((مِنْ ((((((} هذا إن شرطية وشيء هذا نكرة في سياق الشرط ومن هذه زائدة للتأكيد إذن ما من شيء ما من ما يصدق عليه شيء إلا وسيبح بحمده والتسبيح هذا أخص من الإرادة لأن الإرادة القصد والتسبيح فرد من أفراد المراد وسبق معنا مرارًا أن إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم ثبت التسبيح وهو أخص من الإرادة لأنه قد يريد التسبيح، قد يريد المحبة، قد يريد البكاء، قد يريد الشوق إلى آخره.

إذن الإرادة أعم والتسبيح أخص ولا تسبيح إلا بإرادة فحينئذٍ نقول: ثبوته أو إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم ولذلك جاء في الحديث: «أحد جبل يحبنا». فالمحبة هذه بدون إرادة؟ لا بإرادة نقول: على حقيقتها وإثبات الأخص الذي هو المحبة يستلزم إثبات الأعم وهو الإرادة، كذلك أثبت الله عز وجل القول للسماء والأرض {((((اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ (((((} خاطبها خاطب الله عز وجل من لا إرادة له {(((((((لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا (((((((} هذا أمر موجه من الله الرب جل وعلا {(((((((((} [فصلت: 11] نطقت لكن لا يلزم من هذا أنها نطقت بلسان وفك ومخارج حروف سبعة عشر ما يلزم لكن نثبت أنها تكلمت ونطقت كيف نطقت إيش نقول؟ الله أعلم أخبرنا أنها نطقت ولم يخبرنا أنها كيف نطقت العقل يمنع من هذا؟ ما يمنع فحينئذٍ {(((((((((أَتَيْنَا (((((((((((((((}، {((((((نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ (((((((((} [ق:30] خطاب {((((((ُ}، {((((امْتَلَأْتِ (((((((((} الحاصل أن تَمَّ أدلة ظاهرة تدل ولو قيل: متواترة وتفيد العلم. هذا لا إشكال فيه أنها تدل على أن الجماد له إرادة خاصة به الله أعلم بها ولها حواس خاصة بها ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشجرة لما نداها وخرقت الأرض أليس كذلك؟ كذلك الجذع حنين لما بكى بكَى هل بكى بدون إرادة؟ لا إذن هذه صفات خاصة بحواس خاصة بإرادة خاصة ثبتت للجمادات إذن نقول: {((((((يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ}. {(((((((((((((} إذن أثبت الإرادة هل هناك مانع؟ نقول: لا مانع بل هذه من الأدلة التي تدل على أن الجمادات التي تعبر عنها بالجمادات ونعرفها بأنها ما ليس لها حركة ظاهرة ولا نقول: الجماد ما ليس فيه روح. نقول: الجماد ما ليس له حركة ظاهرة في الظاهر ما نرى حركة لكن لا يمنع أن يكون تَمَّ أمور ما ثبت بشرع نثبته لا إشكال وما لم يثبت هذا موقوف لا نحكم بإثبات ولا بنفي فحينئذٍ نقول قوله: {(((((((((((((} لا مانع من إثبات الإرادة لا مانع من إثبات الإرادة. رَابِعُهَا كَقَولِهِ تَعَالَى ** {يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ} يَعْنِي مَالا إذن عرفنا أن المجاز هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي عللا وجه يصح هذا إثبات للعلاقة بين المعنيين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي وهذا متفق عليه بين الأصوليين وبين البيانيين وإنما الخلاف في القرينة سيأتي معنا في ((الجوهر المكنون)) أن أنواع القرائن لفظية ومعنوية وعادية والمراد هنا بالمجاز كما ذكرته بالأمس ما هو المجاز المفرد وليس المجاز المركب ولا العقل لأنه لا بحث للأصوليين إلا في المجاز المفرد وأما المجاز المركب والمجاز العقلي هذا يبحثه البيانيون حينئذٍ نقول: إذا قسمنا الحقيقة إلى ثلاثة أقسام باعتبار ماذا؟ تعريف الحقيقة بأنها ما استعمل فيما اصطلح له من المخاطبة ما يقابله إذا أردنا المجاز على حد الحقيقة بالسابق لأن المجاز الذي عرفناه الآن هو باعتبار التعريف الأول وهو الذي ذكره الناظم. ثُمَّ الْمَجَازُ مَا بِهِ تُجُوِّزَا ** فِي اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ تَجَوُّزَا

هذا مقابل للنوع الأول الذي لا ينقسم الحقيقة اللغوية التي لا تنقسم إلى شرعية ولا عرفية وإذا أردنا أن نقسم المجاز إلى مجاز لغوي ومجاز عرفي ومجاز شرعي حينئذٍ نقول: المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما اصطلح له من المخاطبة على وجه يصح. فتنقسم حينئذٍ أو ينقسم المجاز إلى ثلاثة: مجاز لغوي كالأسد في الرجل الشجاع لأن أصل وضع اللغة الأسد للحيوان المفترس فإذا استعمله اللغوي في الرجل الشجاع نقول: مجاز لغوي نسنده إلى اللغة. مجاز شرعي فيما لو استعمل الشارع الصلاة في غير العبادة المخصوصة الصلاة في العبادة المخصوصة نقول: حقيقة شرعية. الصلاة في غير العبادة المخصوصة نقول: مجاز شرعي. الحقيقة العرفية قلنا: الدابة لكل ما وضع أو لكل ما يدب على وجه الأرض. هذا معناه اللغوي استعمال الدابة في ذوات الأربع هذا مجاز عرفي حقيقة عرفية استعمال الدابة لذوات الأربع نقول: حقيقة عرفية إذا استعملت الدابة لكل ما يدب على ما وجه الأرض نقول: هذا حقيقة لغوية مجاز عرفي ولذلك ذكرت فيما سبق أن اللفظ لدلالته على المعنى قد يكون حقيقة فقط يعني: يوصف بأنه حقيقة رأيت أسدًا يفترس مثلاً هذا تأكيد نقول: هذا لا يراد به إلا الحقيقة. رأيت أسدًا يخطب هذا لا يراد به إلا المجاز هل يراد باللفظ الحقيقة والمجاز معًا؟ عند البيانيين مع وجود القرينة يقول: نعم باعتبارين لا باعتبار واحد. يعني: لفظ الدابة إذا نسبناه إلى اللغة وأردنا به كل ما يدب على وجه الأرض فهو حقيقة لغوية من جهة ومن جهة أخرى مجاز عرفي الصلاة في العبادة المخصوصة حقيقة شرعية من حيث دلالتها على العبادة المخصوصة مجاز لغوي أو شرعي من حيث دلالته على الدعاء بالخير فكل لفظ استعمل في ما وضع له في اصطلاح المخاطبة فهو حقيقة لما استعمل له إذا استعمل في غير ما اصطلح عليه المخاطبة حينئذٍ يكون مجازًا ولذلك ينقسم المجاز باعتبار انقسام الحقيقة. وهو حقيقة أو المجاز ** وباعتبارين يجي الجواز إذن يجوز أن يوصف اللفظ الواحد بأنه حقيقة ومجاز لكن باعتبارين باعتبار النظر إلى الواضع. والكلام غي المجاز طويل ويأتينا إن شاء الله في ((الجوهر المكنون)) مفصل هناك. ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

22

عناصر الدرس * الأمر لغة واصطلاحا * صيغ الأمر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى: بَابُ الأَمْرِ أي: هذا مبحثه. بَابُ الأَمْرِ أي: هذا مبحث الأمر وسبق أن باب هذا لا بد من تقدير محذوف يصلح أن يكون لفظ باب خبرًا عنه كما سبق باب مبحث الأمر سبق أن باب هذا لا بد من تقدير محذوف يصلح أن يكون لفظ باب خبرًا عنه كما سبق في نظائره. بَابُ الأَمْرِ باب مضاف والأمر مضاف إليه أي: الأمر المذكور والمعدود في ضمن أبواب أصول الفقه السابقة لأنه قال: أَبْوَابُهَا عِشْرُونَ بَابًا تُسْرَدُ **وَفِي الْكِتَابِ كُلُّهَا سَتُورَدُ وَتِلْكَ أَقْسَامُ الْكَلامِ ثُمَّا ** أَمْرٌ

وذكرنا أن إدخال باب أقسام الكلام في ضمن أبواب أصول الفقه هذا من باب التوسع وإلا الأصل أن المقدمة اللغوية ليست داخلة في مسمى أصول الفقه وإنما هي كاسمها مقدمة وتبدأ أصول الفقه من باب الأمر إذًا باب الأمر أي: باب الأمر المعهود أو الذي عد في ضمن أبواب الفقه السابقة فحينئذٍ تكون (أل) هذه للعد الذكري لأن النكرة أعيدت معرفة (وَتِلْكَ أَقْسَامُ الْكَلامِ ثُمَّا ** أَمْرٌ) ثم قال: (بَابُ الأَمْرِ). وإعادة النكرة معرفة تدل على أنها عين الأولى باب الأمر وكذلك باب النهي هذه أو هذان البابان يعتبران من أبواب أصول الفقه المهمة من أبواب أصول الفقه المهمة لأنهما أساس التكليف في توجيه الخطاب إلى المكلفين ولذلك عرف بعضهم التكليف بأنه الخطاب بأمر أو نهي إذن أساس التكليف في توجيه الخطاب إلى المكلفين الأمر والنهي لذا جعلهما كثير من الأصوليين في مقدمة كتبهم في الأصول يبدؤون بباب الأمر بعد المقدمات المنطقية واللغوية يبدؤون بباب الأمر ثم باب النهي، إذن معرف وهذين البابين نقول: من أهم ما يعتني به طالب العلم لمعرفة الحلال والحرام ولذلك نقل عن السرخسي أنه قال: فأحق ما يَبْدَأُ به أو يُبْدَأُ به في البيان الأمر والنهي. فأحق ما يُبْدَأُ به في البيان - يعني: من أبواب أصول الفقه. - الأمر والنهي لأن معظم الابتداء بهما وبمعرفتهما تتم معرفة الأحكام ويتميز الحلال من الحرام. يتميز الحلال من الحرام بماذا؟ بمعرفة الأمر لأن مدلول الأمر كما سيأتي أنه صيغة افعل وهذا يدل على الوجوب وكذلك مدلول النهي لا تفعل نقول: هذا يقتضي التحريم. إذن هو دائر بين الحلال والحرام فحينئذٍ صار هذان البابان الأمر والنهي أساس التكليف ولذلك تربط هذا بأن بعض الأصوليين عرف التكليف بأنه الخطاب بأمر أو نهي كأنه حصر التكليف في هذين ولذلك سبق أن بعضهم يرى أن الأحكام التكليفية محصورة في الإيجاب والتحريم فقط وأما الندب والكراهة فهذه ليست من الأحكام التكليفية بناءً على أن حد التكليف هو إلزام ما فيه كلفة ومشقة أما عن الحد الآخر فحينئذٍ تدخل فيه الكراهة والندب (بَابُ الأَمْرِ) إذن قدم باب الأمر على باب النهي نقول: لأن الأمر إيجاد الفعل إيجاد تحصيل الفعل. هذا مقتضاه والنهي مقتضاه الاستمرار على عدم الفعل سيأتي أنه للتكرار وحينئذٍ متعلق الأمر الموجود ومتعلق النهي المعدوم والموجود أشرف من المعدوم ولذلك قدم باب الأمر على باب النهي إذن هما بابان أساسيان في التكليف ثم قدم الأمر على النهي ولم يعكس لماذا؟ نقول: لأن الأمر متعلقه الموجوب إيجاد هذا في الأصل وفي الغالب ومتعلق النهي الاستمرار على عدم الفعل وهذا هو المعدوم يعني إذا قيل: لا تزن. معناه استمر على عدم وقوع الزنا هذا عدم أو استمرار على عدم وقوع الفعل أما صل وقم نقول: هذا أمر بتحصيل فعل. إذن متعلقه المجود ومتعلق النهي الاستمرار على عدم الفعل وهو المعدوم والموجود أشرف من المعدوم (بَابُ الأَمْرِ) الأمر هذا فيه مباحث وفيه مسائل.

أولها: معرفة حد الأمر لغة واصطلاحًا. يذكر الأصوليون في هذا أو مقدمة هذا الباب يقولون: اعلم أن لفظ أَمَ رَ هكذا فالتفكيك فعل ماضي أَمَ رَ يكتب مفكك همزة لوحدها، والميم لوحدها، والراء لوحدها. يقولون: أم ر ومقصودهم بذلك أن الإخبار هنا عن لفظ أمر لأن اللفظ كما سبق معنا مرارًا أن الإخبار عنه يعني: الحكم عليه. قد يقصد به معناه مسماه مدلوله مفهومه وقد يقصد به اللفظ دون المعنى إذن قد يقصد بالحكم أو الإخبار باللفظ عن اللفظ مرادًا به معنى اللفظ كما تقول: زيد قادم. هنا أخبرت عن زيد بأنه قادم أليس كذلك؟ طيب القدوم هنا ثابت لاسم زيد أو لمسمى زيد؟ لمسمى زيد، إذن حكمت هنا وأخبرت بالقدوم عن زيد والمراد به المدلول والمعنى وهذا هو الأصل كل إخبار عن لفظ فالأصل فيه أن المراد به المعنى إلا بقرينة لكن لو قلت: زيد اسم. زيد مبتدأ في قولك: زيد قادم. هنا الإخبار عن أي شيء؟ عن اللفظ لا عن المسمى إذن قد يحكم ويخبر باللفظ عن اللفظ مرادًا به معناه وهو الأصل كما في قولك: زيد قادم. وقد يخبر عن اللفظ باللفظ مرادًا به اللفظ عينه، ولذلك في الإعراب كما سبق معنا تقول: زيدٌ مبتدأ. زيدٌ مبتدأ هذا مبتدأ وخبر أليس كذلك؟ ضرب فعل ماضي مبتدأ وخبر مع كون ضرب هذا في الأصل في الأصل فعل متى يحكم بفعليته؟ في قولك: ضرب زيد عمرو. هنا أريد معناه وهو إحداث الضاربية من زيد وإيقاع المضروبية على عمرو نقول: ضرب زيد عمرو. في هذا التركيب ضرب فعل لأنم المراد به المعنى أما إذا أعربت وقلت: ضرب فعل ماضي. هذا كلام عربي فصيح هل يمكن إعرابه أو لا؟ نقول: يعرب كل كلام عربي فصيح فهو قابل للإعراب داخل تحت قواعد الإعراب حينئذٍ نقول: ضرب. مبتدأ كيف مبتدأ وهو فعل؟ المبتدأ لا يكون إلا اسمًا نقول: قصد لفظه ولم يقصد معناه فإذا قصد لفظ الفعل دون معناه وكذا إذا قصد لفظ الحرف دون معناه انتقلت الكلمة من الفعلية والحرفية إلى الاسمية والعالمية فصار علمًا ضرب فعل ماضي ضرب في هذا التركيب علمٌ على ضرب في ذلك التركيب الذي هو: ضرب زيد عمرو. اسم أو مسمى ضرب فعل ماضي هذا اسم مسماه ضرب زيد عمرو من قولك: ضرب. هنا ضرب من قولك: ضرب زيد عمرو. كذلك من حرف جر من متى تكون من حرف جر؟ في قولك: خرجت من المسجدِ. {((((((((الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ (((((((((((} [الإسراء:1] نقول: من في هذا التركيب حرف جر لأن المقصود هنا هو المعنى وهي أفادت الابتداء أما إذا جردت من التركيب وأخبر عنها صارت اسمًا لأن الإسناد إلى الشيء من علامات الاسمية. بالجر والتنوين والندا والـ ** ومسند يعني: وإسناد إليه. كل كلمة أسندت إليها فهي اسم لذلك قال ابن مالك: وإن نسبت لأداة حكما ** فاحك أو أعرب واجعلنها اسما

وإن نسبت لأداة سواء كانت فعلاً أو حرفًا فاحك أو نعم فأعرب أو ابني واجعلنها اسما وبعض النسخ فابني أو احك واجعلنها اسما يعني كيف تقول في إعرابها ضرب فعل ماضي هذا استطراد ضرب فعل ماضي ضرب مبتدأ فالمبتدأ مرفوع بماذا؟ بالضمة أين الضمة هنا تقول: ضَرَبَ؟ تقول: ضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية. يجوز أن تقول: ضربُوا. بالضم يعني: صار معربًا أخرجته من البناء إلى الإعراب ولكن تمنعه من الصرف فتقول: ضربُوا. فعل ماضي ضربُوا تقول: مبتدأ مرفوع وعلامة رفع ضمة ظاهرة في آخره ويجوز التنوين فتقول: ضربٌ. صار معربًا صرفًا فعل ماضي مثله منْ مبتدأ مبني على السكون في محل رفع منُ صحيح منُ بالضمة مرفوع علامة رفعة ضمة على آخره منٌ بالتنوين أخرجته. وإن نسبت لأداة حكما ** فاحك أو أعرب - في بعض النسخ فابني أو أعرب - واجعلنها اسما هنا في هذا المقام يقولون: أن لفظ أَمَرَ. بالتفكيك أَمَرَ المنتظر من هذه الأحرف الهمزة والميم والراء حقيقة في القول المخصوص هذا معناه من جهة اللغة حقيقية في القول المخصوص يعني: مسمى لفظ أمر لفظ. التفكيك هذا قالوا: هو الدليل على أن المراد هنا الحكم على لفظ أَمَرَ لا على معناه لأننا إذا نظرنا للمعنى عددناه بما حده للمصنف. وحده استعداء فعل واجب إلى آخره.

وأما إذا نظرنا إلى لفظ أَمَرَ فنقول: له مسمى له مدلول لكن مدلول اللفظ قد يكون معنى وقد يكون لفظًا مدلول اللفظ مسماه مفهومه قد يكون لفظًا وهذا لا مانع منه تقول: زيد اسم. اسم هذا اسم زيد وزيد مسماه كما تقول: الاسم كلمة. الكلمة هذا لفظ مفرد اللفظ مسمى الكلمة اسم والاسم لفظ إذن مسمى اللفظ لفظ الكلمة الفعل كلمة نقول: ضرب كلمة. إذن ضرب اسمها كلمة مسمى كلمة ضرب إذن مسمى اللفظ لفظ وقد يكون مسمى المعنى اللفظ معنى وهذا هو الأشهر والأكثر أن يكون مسمى اللفظ معنى ثم قد يكون مسمى اللفظ لفظٌ هنا في باب أَمَرَ مفككًا نقول: مسمى اللفظ لفظٌ. ما هو مسماه؟ قالوا: القول المخصوص. ما المراد بالقول؟ قالوا: الصيغة والمخصوص طالب للفعل. الطالب للفعل والمراد بالقول المخصوص عند الإفصاح نقول: هو صيغة افعل، صل، قم، نم. نقول: هذه ألفاظ اسمها أَمَرَ. إذن مسمى اللفظ لفظٌ إذن نقول: يطلق أَمَرَ مفككًا مرادًا به القول المخصوص والمراد بالقول هو الصيغة والصيغة عند أهل اللغة هي: الحروف، والحركات، والسكنات. إذا قيل: الصيغة. هي: الحروف، والحركات، والسكنات. افعل يعني: ما كان على وزن افعل. ولذلك يعبر عن الصيغة أيضًا بالميزان والوزن فحينئذٍ نقول: الحروف، والحركات، والسكنات هذه هي الصيغة. هل كل صيغة تدل على طلب الفعل؟ لا ليس كل صيغة ليس كل حروف أو كلمة مؤلفة من حروف، وحركات، وسكنات تدل على الطلب إذن القول المراد به الصيغة ثم يقيد المخصوص بكونه دالاً على الطلب وهو: صيغة افعل {((((((((أَهْلَكَ (((((((((((((} [طه:132] يعني: قل لهم: صلوا. صلوا هذا مسمى أَمَرَ إذن أمر لفظ مسماه لفظ هذا الأصل في إطلاقه في لغة العرب أن اللفظ أَمَرَ يطلق ويراد به حقيقة القول المخصوص ولذلك قال السيوطي: حقيقة في القول مخصوصًا أمر. ويطلق لفظ أَمَرَ ويراد به الفعل نحو قوله تعالى: {(((((((((((((فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159] أي: في الفعل الذي تعزم عليه ومنه قوله تعالى: {(((((((((((((مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود:73] يعني: من فعل الله، {((((((إِذَا جَاءَ (((((((((} [هود:40] أي: فعلنا إذن أطلق لفظ أَمَرَ وأريد به الفعل يعني: مسماه الفعل. يطلق لفظ الأمر أَمَرَ ويراد به الشأن {((((((أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ((((} [هود:97] {((((((أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ((((} يعني: وما شأنه {(((((((((}. يطلق لفظ أَمَرَ ويراد به الصفة نحو قول الشاعر: لأمر ما يسود من يسود أي: بصفة من صفات الكمال. ويطلق لفظ أَمَرَ ويراد به الشيء تحرك الجسم لأمر تحرك الباب لأمر يعني: لشيء. إذن عرفنا أن لفظ أمر يستعمل في اللغة ويراد به القول المخصوص وهو: صيغة افعل. ويطلق ويراد به الفعل، ويطلق ويراد به الشأن، ويطلق ويراد به الصفة، ويطلق ويراد به الشيء. هذه كم خمسة ألفاظ.

هل لفظ أَمَرَ حقيقة في الجميع أو في بعضها دون بعض؟ اتفقوا على أن أَمَرَ حقيقة في القول المخصوص هذا بالإجماع لكن استعماله في الفعل أو في الشأن أو في الصفة أو في الشيء هل هو استعمال حقيقي أو مجازي؟ جمهور الأصوليين على أن استعمال لفظ أَمَرَ في الفعل ونحوه يعني: وما ذُكر معه مجازي وما عداه الذي هو القول المخصوص فهو حقيقي إذن أَمَرَ حقيقة في القول المخصوص مجاز في الفعل وغيره هذه الخلاصة أمر حقيقة في القول المخصوص الذي هو افعل وهذا باتفاق مجازٌ في الفعل وغيره وهذا قول جمهور الأصوليين ولذلك قال السيوطي: حقيقة في القول مخصوصًا أَمَرْ ** في الفعل ذو تجوز فيما اشتهر أليس كذلك؟ أيْ فيما اشتهر يعني: فيما اشتهر عن الأصوليين. والأمر في الفعل مجاز واعتما ** تشريك ذين فيه بعض العلما والأمر في الفعل مجاز يعني: استعمال لفظ أَمَرَ مرادًا به الفعل مسماه الفعل مجازًا عندهم واستعماله أيضًا في الصفة والشأن والقصة ونحوها هذا يعتبر مجازًا وبعضهم قال: لا هو بين القول والفعل مشترك بالاشتراك اللفظي. يعني: حقيقة في القول المخصوص والفعل مجاز فيما عداهما ولذلك قال: واعتما. يعني: اختار. واعتما تشريك ذين في بعض العلما بعض العلماء اختار أن لفظ أمر لفظ مشترك بين الفعل والقول حجة الجمهور أن لفظ أمر إذا أطلق تبادر إلى الذهن القول المخصوص ومعلوم أن من علامات الحقيقة والمجاز أن ما تبادر إلى الذهن وسبق إلى الذهن فهمه فهو الحقيقة وما عداه فهو مجاز. وبالتبادر يرى الأصيل ** إن لم يكن دليل لا دخيل

وبالتبادر إلى الذهن يعني، وبالتبادر يرى الأصيل الذي هو: الحقيقة. لماذا؟ لأن من علامات ما يميز به المجاز عن الحقيقة أن اللفظ إذا أطلق وتبادر إلى الذهن معنى المعنى الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو المعنى الحقيقي والمعنى الآخر الذي يحتاج إلى قرينة وبحث وتأمل هذا هو المجاز إذن قيل: الأمر مشترك بين الفعل والقول بالاشتراك اللفظي. لماذا؟ لأنه أطلق عليهما استعمل في الشرع {(((((((((((((فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159] يعني: في الفعل. {((((((إِذَا جَاءَ (((((((((} [هود:40] يعني: فعلنا. {(((((((((((((مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود:73] إذن استعمل في الفعل، واستعمل في القول {((((((((أَهْلَكَ (((((((((((((} [طه:132] يعني: قل لهم: صلوا. والأصل في الإطلاق الحقيقة وقيل: للقدر المشترك بينهما. يعني: يكون متواطئًا بين القول والفعل. قالوا: لماذا؟ لأننا لو لم نقل بالتواطؤ يعني: بالقدر المشترك الذي هو مجرد الأمر أو مجرد مطلق الطلب نقول: لو لم نقل بذلك لقلنا بالاشتراك أو المجاز. الاشتراك اللفظي أو المجاز والقول بالقدر المشترك الذي هو المشترك معنوي أولى من القول بالمشترك اللفظي والمجازي لكن الجمهور على الأول وهذا وإن كان الخلاف لا ينبني عليه شيء في حد الأمر الشرعي فلا إشكال لا إشكال لأن كثرين من الأصوليين إذا عرفوا الأمر قالوا: استدعاء كما ذكره الناس قالوا: استدعاء فعل واجب بالقول. خصص الاستعداء بالقول لماذا؟ لأن الأصل في إطلاق الأمر حقيقة هو القول المخصوص وما عداه فهو مجاز نقول: إذن بنى عليه هذا فحينئذٍ نقول بالقول الآخر وهو أنه حقيقة فيهما وأنه مشترك لفظي بين القول والفعل وإلا إذا أردنا الانفكاك عن هذه الجهة فنقول: تَمَّ فرق بين الأمر اللغوي والأمر الشرعي. إذن نقول: الخلاف بين الأصوليين فيما يطلق الأمر عليه القول حقيقة والفعل وما عداه مجازًا إن لم ينبني عليه شيء في تعريف الأمر الشرعي فهو خلاف لفظي وإلا فهو خلاف معنوي لأن من قال: إن إطلاق الأمر على الفعل مجاز يقول إذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أشار إشارة تدل على الطلب فليست أمرًا حقيقيًّا وإنما هي أمر مجازي إذا كتب إلى الملوك أسلم تسلم قال: ليس بقول إذن لم يأمره وإنما هذا يعتبر أمرًا مجازيًّا. نقول: إذن انبنى على هذه المسألة مثل هذا الخلاف فهذا خلاف جوهري ومعنوي حينئذٍ إما أن نفرق بين الأمر اللغوي والأمر الشرعي فنقول: الأمر الشرعي أعم من الأمر اللغوي وإما أن نمنع إطلاق لفظ الأمر على الفعل مجازًا بل نقول هو لفظ مشترك بينهما وإطلاق اللفظ المشترك على معنييه هذا إطلاق حقيقي لأنه استعمل مرادًا به القول، واستعمل مرادًا به ماذا؟ الفعل هذا معناه من جهة اللغة أنه القول المخصوص إذن مسمى الأمر لفظ وهو صيغة افعل المعبر عنها بالقول المخصوص إطلاق أمر على هذا هذه الصيغة إطلاق حقيقي وعلى الفعل نقول: إطلاق حقيقي أو مجازي. ثم عرف الأمر في الاصطلاح عندهم. قال: وَحَدُّه استِدعَاء فِعْلٍ وَاجِبِ ** بِالقَولِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ (وَحَدُّه) أي: تعريفه، والمراد هنا الحد الاصطلاح الذي يكون جامعًا مانعًا (وَحَدُّه) أي: حد الأمر تعريفه.

استِدعَاء فِعْلٍ وَاجِبِ ** بِالقَولِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ اعلم أولاً أن الأمر هذا يعتبر نوعًا وقسمًا من أقسام الكلام والبحث هنا في القرآن أولاً وفي السنة ثانيًا ومعلوم أن مسألة الكلام هذه مختلف فيها عند المتأخرين أما السلف الأول فأجمعوا على أن الكلام على أن القرآن كلام الله تعالى لفظًا ومعنًى أليس كذلك؟ هذا مجمع عليه لكن عند المتأخرين ابتداءً من أبي الحسن الأشعري ومن بعده جعلوا مسمى الكلام هو المعنى النفس القائم بالذات مجردًا عن الحرفي والصوت واللفظ يعني فقالوا: مسمى الكلام الذي منه القرآن هو المعنى القائم بالنفس وحينئذٍ إذا أرادوا أن يعرفوا الأمر الذي هو نوع من أنواع الكلام هل خرج الأمر وكذلك النهي والعام والخاص هل خرج عن كونه معنًى قائمًا بالنفس أو لا؟ هو نوع من أنواع الكلام والكلام عندهم الذي هو القرآن معنًى قائم بالنفس وهو أنواع: أمر، ونهي، وعام، وخاص إلى آخره فهل إذا أرادوا أن يعرفوا الأمر يعرفوا الأمر الحقيقي الذي هو الأمر النفسي أو ما دل عليه؟ الأمر النفسي ولذلك يكاد يكون إطباق عند الأصوليين إذا أرادوا أن يعرفوا الأمر عرفوا الأمر النفسي ولذلك عرفه هكذا في ((جمع الجوامع)) ونص المحلي في شرحه على ذلك قال: ولذلك بدأ لما كان الأمر النفسي نوعان لما كان الأمر النفسي نوعين لما كان الأمر أو نعم لما كان الأمر نوعين لفظيًّا ونفسيًّا وكان النفسي هو الأصل والعمدة بدأ المصنف بحده. إذن الذي حده صاحب ((جمع الجوامع)) والذي حده غيره من الأصوليين هو الأمر النفسي ولذلك يصدر بقوله: إما قضاء أو استدعاء. لماذا؟ لأن الاقتضاء معنى والاستدعاء معنى أليس كذلك؟ الاقتضاء الذي هو الطلب هذا أمر معنوي والاستدعاء الذي هو موافق للاقتضاء هذا أمر معنوي فكل من عرف الأمر بأنه اقتضاء أو استدعاء فحينئذٍ نقول: هذا جرى على مذهب الأشاعرة. فكون المراد بالأمر الأمر النفسي ولذلك حده في ((جمع الجوامع)). هو اقتضاء فعل غير كف ** دل عليه لا بنحو كف قال في المراقي: هذا الذي حد به النفسي هكذا صرح هذا الذي حد به النفسي ** وما عليه دل قل لفظي

إذن الأمر نوعان أمر نفسي الذي هو اقتضاء ذلك المعنى فعلاً والأمر اللفظي اللفظ الدال عليه فحينئذٍ افعل قالوا: هذا ليس أمر هذا ليس بأمر نفس الصيغة صيغة افعل ليست أمرًا عندهم وإنما هي دليل الأمر، والأمر هو: المعنى القائم في النفس. ولذلك صرح الزركشي في ((تشنيف المسامع)) بهذا قال رحمه الله كلامًا أنقله كما هو ليتبين أن كل من عرف الأمر بأنه اقتضاء أو استدعاء أراد به النفس قال قَال الزركشي في مدلول الأمر: وقد اختلف فيه فذهب نفاة الكلام النفسي. نفاة الكلام النفسي من؟ السلف أهل السنة ويشاركهم في الظاهر المعتزلة في الظاهر وإن اتفقوا يعني في نسبة المذهب فقط لأنهم ينكرون الكلام النفسي ولذلك الشجار بين الأشاعرة والمعتزلة في هذه المسألة قال: ذهب نفاة الكلام النفسي إلى أنه عبارة عن اللفظ. الذي صدر باللفظ عبارة عن اللفظ الطالب للفعل فمن قال: إن الكلام النفسي أثبته له تعريف خاص ومن قال: إن الكلام أو الأمر هو اللفظ لا غير عبر بماذا؟ هو اللفظ لا بد أن يصدر باللفظ إلى أنه عبارة عن اللفظ الطالب بالفعل وذهب المثبتون يعني للكلام النفسي إلى تفسيره بالمعنى الذهني يعني: قائم في الذهن. ما هو؟ وهو ما قام بالنفس من الطلب الذي عبر عنه بالاقتضاء أو الاستدعاء كما ذكره الناظم لأن الأمر في الحقيقة هو ذلك الاقتضاء واللفظ دال عليه وعليه جرى المصنف ولهذا صدر الحد بالاقتضاء دون القول لماذا؟ لأن كلام الله عندهم معنًى قائم بذاته مجرد عن الألفاظ والحروف إذن الأمر النفسي عندهم هو: اقتضاء الفعل بذلك المعنى القائم بالنفس المجرد عن الصيغة هذا هو الأمر النفسي ما هو؟ هو: اقتضاء الفعل. يعني: طلب الفعل. اقتضاء الفعل بذلك المعنى القائم بالنفس المجرد عن الصيغة والأمر اللفظي هو اللفظ الدال عليه إذن ففرقوا بين الأمر النفسي والأمر اللفظي ونعلم أن القول بالأمر أو الكلام النفسي هذا قول باطل محدث ويدل عليه على بطلان الكتاب والسنة والإجماع عندهم الكتاب والسنة قوله جل وعلا: {(((((رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (((} [مريم:10] {(((((((((((((} إذن نهاه عن الكلام {((((تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى ((((((((((} يعني: أشار إليهم. {(((سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ((((} [مريم:10،11] إذن الإشارة هذه المعبرة عن المعنى القائم في النفس هل سميت الإشارة مع وجود المعنى القائم في النفس كلامًا؟ لا بدليل أنه منهي عن الكلام قال: {أَلَّا تُكَلِّمَ ((((((((}. ثم {((((((((((إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ((((} هذا لا بد من قيام معنًى في النفس معنًى ذهني حينئذٍ نهاه عن الكلام ووجد الكلام النفسي أو المعنى الذهني الذي قام في النفسي ولم يخالف النهي كذلك عن مريم عليها السلام أنها قالت: {(((((أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ((((} [مريم:26]. {(((((((((((إِلَيْهِ} [مريم:29] الإشارة هذه معبرة عن ما في النفس ولا شك في هذا أن المعنى قائم بالنفس قالت: {(((((أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ((((}.

إذن ثبت المعنى القائم بالنفس مع وجود الإشارة ومع ذلك لم يسمى كلامًا إذن نقول: وجد في القرآن ما يدل على أن المعنى القائم بالنفس لا يسمى كلامًا طب قد يقول قائل: قوله تعالى: {((((((((((((فِي (((((((((((} [المجادلة:8]. كيف؟ نقول: مقيد هنا إذا أريد بالقول يطلق القول على ما في النفس لفظ القول يطلق على ما في النفس لكن إذا أطلق عن القيد انصرف إلى اللفظ وإذا أريد به ما في النفس قيد وهذا دليل عليه لماذا؟ لأنه إذا كان الأصل في إطلاق القول هو ما في النفس إذن ما الداعي إلى القيد قال: {((((((((((((فِي (((((((((((}. طيب ويقولون لو سكت ولم يقيد حمل على كلامهم ماذا؟ على ما في النفس إذن {((((((((((((فِي (((((((((((} في أنفسهم قيد مرتين معنًى وقيد لفظًا وهذا دليل عليهم إذن لا يرد على أهل السنة قوله جل وعلا: {((((((((((((فِي (((((((((((}. أنه قيد القول هنا بأنه حديث النفس نقول: لأن القول يطلق ويراد به حديث النفس ولكنه لا بد أن يكون مقيدًا بقيد كما هنا {(((((((((((((((} أيضًا نقول: اتفق أهل اللسان أهل اللغة على أن الكلام اسم وفعل وحرف هذا بالإجماع، بالإجمَاع أن الكلام اسم وفعل وحرف، والاسم والفعل والحرف هذه ألفاظ وحروف تدل على معاني كذلك اتفق الفقهاء على أن من حلف أن لا يكلم زيدًا فحدث نفسه لم يحنث بالإجماع فلو كان حديث النفس كلامًا حنث أليس كذلك؟ كذلك اتفق أهل العرف على أن الساكت أو الأخرص لا يسم متكلمًا ولو جلس يحدث نفسه يومًا كاملاً لا يسمى متكلمًا أما على قولهم يسمى متكلمًا إذا سرح وذهب وأتى وقال وقلت وأكلت وشربت فهذا يسمى متكلمًا إذن الأخرص يسمى متكلمًا على قول الأشعري إذن بالكتاب والسنة واتفاق أهل اللغة وأهل العرف العام على أن الكلام النفسي أو الحديث النفسي لا يسمى كلامًا فبطلت حجة الأشاعرة ومن نحى نحوهم إذن الذي ينبغي أن يتبين له الطالب أن حد الأمر لا بد أن يكون موافقًا لمذهب أهل السنة والجماعة لأن المراد به هنا الأمر الشرعي فحينئذٍ لا بد أن يكون مصدرًا للفظ عرفه في ((جمع الجوامع)) اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه بغير كف وهو الذي نظمه صاحب المراقي. هو اقتضاء فعل غير كف ** دل عليه لا بنحو كف

لم صدر هنا الأمر بالاقتضاء؟ لأن مراده الأمر النفسي لم صدر المصنف هنا استدعاء؟ نقول: لأن مراده الأمر النفسي والجويني أشهد وحينئذٍ تعريفه للأمر هنا تعريفه للأمر النفسي، (وَحَدُّه استِدعَاء) (استِدعَاء) السين هذه نقول: للتأكيد وليست للطلب وإنما المراد بها التأكيد الاستدعاء المراد به الطلب وبعضهم يعبر هنا بالاقتضاء وهما سيان لأن الاقتضاء هو الطلب والاستدعاء هو: الطلب. وهو جنس يشمل الأمر والنهي ولو أضافه إلى الفعل على الصحيح كما سبق في الكلام في حد الحكم لأنه قال: استدعاء فعل. يعني: طلب فعل والمراد بالفعل هنا ما هو أعم من الفعل اللغوي يعني: ليس ما قبل الاعتقاد والقول والنية والترك وإنما الفعل العرفي فيشمل حينئذٍ القول، والنية، والاعتقاد، وعمل الجوارح، والصحيحة قلنا خامسًا الترك إذًا قوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). نقول: هذا جنس يشمل الأمر والنهي. أليس كذلك؟ هذا سبق معنا (استِدعَاء فِعْلٍ) قلنا: الفعل هذا يشمل القول، والنية، والاعتقاد، والترك إذن دخل النهي أو لا؟ دخل النهي (استِدعَاء فِعْلٍ) دخل النهي والإباحة؟ لماذا؟ ليس فيها طلب إلا على قول من؟ المعتزلي قول الكعبي الكَعبي يرى أن الإباحة مأمور بها أنها أمر فحينئذٍ الاستدعاء هنا لا يرد عليه قول الكعبي لأنه رد عليه كما سبق في موضوعه. وليس في المباح من الثواب ** فعلاً وتركًا بل ولا عقاب ذكرنا أن المباح على الصحيح ليس مأمورًا به حينئذٍ استدعاء فعل خرج به المباح وخرج به صيغة افعل وإن كانت في الأصل هي للطلب إذا لم يُرد بها الاقتضاء والطلب {(قُلْ كُونُوا (((((((((} [الإسراء: 50] {((((((((} هذا صيغة افعل هل هي استدعاء؟ لا هذا يسمى ماذا؟ تسخير وبعضهم يقولوا: التعجيز. {((((((((((((((((((} تعجيز في حده، {(((((((حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] إباحة نقول: كل ما خرج عن صيغة افعل في أصل دلالتها خرج بقوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). إذن (استِدعَاء فِعْلٍ) خرج به المباح وخرج به صيغة افعل وإن كان الأصل في أنها للطلب والاقتضاء إلا إذا أريد بها معنًى غير معنى الطلب. استِدعَاء فِعْلٍ وَاجِبِ ** بِالقَولِ إذا أدخلنا النهي في قوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). كيف نخرجه؟ كيف؟ النهي طلب ترك وهو داخل في قوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). إذن طلب فعل يشمل طلب إيجاب الفعل ويشمل طلب ترك الفعل نقول: هذا الحد على ما فيه من قصور من جهة تعريفه أو تصديره بالاستدعاء لم يخرج النهي والقول بأن قوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). خرج به النهي ليس بصواب لأن الترك فعل. والترك فعل في صحيح المذهب وذكرنا أدلته من الكتاب والسنة والقول الراجح. لأن قعدنا والنبي يعمل ** لكان ذاك العمل مظلل

إذن الترك فعل سمي فعلاً فحينئذٍ فيخرج من قوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). نقول: الحد غير مانع فاشتمل النهي على الصحيح والقول بأن إخراجه بقوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). خرج به استدعاء الترك ليس بصحيح ولذلك احترز عنه في ((جمع الجوامع)) بقوله: اقتضاء فعل بغير كف. غير كف هذا الذي أخرج النهي إذا أردنا على طريقة الأشاعرة في حد الأمر نقول: الأولى أن يقال: اقتضاء فعل غير كف. اقتضاء يعني: طلب فعل شمل الأمر والنهي نريد إخراج النهي قال: غير كف. لأن مدلول لا تفعل هو الكف كف النفس لأنه ترك خاص ليس مطلق الترك كما سيأتي في موضعه كف للنفس يعني: مع وجود الداعي والمجاهدة أما الترك الذي لا يخطر بالبال فهذا يسمى تركًا مطلقًا عدمًا وأما الترك الخاص الذي يكون فعلاً الذي هو كف النفس عن الفعل فحينئذٍ اقتضاء فعل نقول: هذا يشمل الأمر والنهي. غير كف أخرج النهي لماذا؟ لأن مدلول لا تفعل ترك الفعل أي: الكف عن الفعل. اقتضاء فعل غير كف الكف نوعان: كف مطلق مُطلق الكف، وكف خاص. مطلق الكف، وكف خاص. مطلق الكف يعني يراد به كل ما دل على طلب الترك والكف هذا مشترك بين الأمر والنهي ليس خاصًا بالنهي نقول: مطلق طلب الكف هذا ليس خاصًا بالنهي بل يشترك فيه الأمر والنهي لماذا؟ لأن صيغة لا تفعل هذا طلب كف أليس كذلك؟ إذن هذا نهي مدلول عليه بلا تفعل إذن طلب الكف المدلول عليه بنحو لا تفعل هذا الذي نعنون له بالنهي وهناك طلب كف مدلول عليه بصيغة افعل حينئذٍ نقول: هذا أمر أو نهي؟ طلب كف مدلول عليه بنحو افعل تعارض الآن في اللفظ افعل وفي المعنى طلب كف تعارض أو لا حصل تعارض هذا استثناه واستدركه صاحب ((جمع الجوامع)) على ابن الحاجب طلب اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه لا بنحو كُفَّ لو قال: اكْفُف نفسك عن هذا العمل. اكْفُف هذا طلب كف لكن له مدلول عليه بلا تفعل أو بافعل بالأول بالثاني ما دل عليه بنحو افعل نقول: هذا أمر وليس نهي إذن ليس كل طلب كف يكون نهيًا هذه قاعدة ضعوها ليس كل طلب كف يكون نهيًا بل هو قسمان: طلب كف مدلول عليه بنحو افعل كف ذر أترك خلي نقول: هذه مدلولها ماذا؟ طلب الكف، هل هي نواهي؟ الجواب: لا، نقول: هي أوامر. إذن استثنيت من مطلق طلب الكف فحينئذٍ نقول: الأمر نوعان: طلب تحصيل الفعل وهذا يكون بنحو: قم، وصل، ونم. النوع الثاني: طلب كف وهذا مدلول عليه بكفَّ، وذر، وخلي، وأترك. هذه أفعال قالوا: نستثنيها وإن كان الأصل فيها أن تكون من جهة المعنى ملحقة بالنهي. لماذا استثنوها؟ قالوا: موافقة للمدلول للدال في اسمه. لأن اكْفُف هذا فعل أمر لو نظرنا إلى المعنى معناه النهي لأنه طلب كف قالوا: لئلا نقرن ونفصل بين المدلول واللفظ ألحقوا المدلول باللفظ فسموه ماذا؟ فسموه أمرًا ولذلك قال: اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه لا بنحو كف. إذن طلب الكف نقول: نوعان: مطلق الكف وهذا يشترك فيه الأمر والنهي. طلب كف خاص هذا نقول: إن كان بصيغة لا تفعل فهو نهي وإن كان بصيغة افعل فهو أمر. واضح هذا؟ فنقول: طلب الكف نوعان وعليه الأمر نوعان: طلب إيجاد الفعل كقم، وصم. طلب ترك الفعل والكف عنه. وهذا إذا كان بصيغة افعل. هو اقتضاء فعل غير كف ** دل عليه لا بنحو كف

وهذا الحد لولا أنه صدره بالاقتضاء لكن أسلم الحدود ولذلك إذا أردناه على الجادة نقول: الأمر وإذا أطلق الأمر المراد به الأمر اللفظي اللفظ الدال على اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه لا بنحو كُفَّ اللفظ صدره باللفظ لماذا؟ لأننا نعرف الأمر الذي هو نوع من أنواع الكلام والكلام لا يكون إلا لفظًا وهذا مما يستدل به على أنه مراد بالاستدعاء والاقتضاء الأمر المعنوي الأمر النفسي لماذا؟ لأن القاعدة عندهم في سائر الفنون يقول: لا بد من أخذ الجنس في أول الحد ما يشمل المعرف وغيره فيأتينا نقول: اسم كلمة دلت على معنى فيه. كلمة لماذا كلمة؟ لتشمل الاسم وغيره هنا نقول: الأمر هو اللفظ إذن يشمل الأمر وغيره فنصدره باللفظ لماذا؟ لأن الأمر هو اللفظ واللفظ هو الأمر يعني: اللفظ المخصوص ليس مطلق اللفظ اللفظُ الدال على الاقتضاء هو عين الأمر والأمر هو عين اللفظ الدال على الاقتضاء لأنه لا فرق بين كلام الله عز وجل بحروفه ومعانيه هو صفة من صفاته لأن اللفظ والمعنى سيان لا يفرق بينهما فإذا أخذنا المعنى وقلنا: الاستدعاء. الأمر هو الاستدعاء الأمر هو الاقتضاء فرقنا بين اللفظ والمعنى وجعلنا المعنى هو الأصل واللفظ تابعًا له لأنه وإن عبر هنا بقوله: (بِالقَولِ). لأنه قد يقول قائل: قال (بِالقَولِ) إذن مراده الأمر اللفظي. نقول: الاستدراك عليه أنه جعل اللفظ تابعًا ولم يجعله أصلاً ونحن نقول: اللفظ والمعنى لا فرق بينهما مسمى الأمر هو اللفظ والمعنى معًا فإذا أخذ الاستدعاء الذي هو المعنى النفسي أو الاقتضاء الذي هو المعنى النفسي وجعل جنسًا نقول: هذا هو الذي صب عليه الحكم وهذا الذي نظر له ابتداءً إذن نقول في حد الأمر إذا أردنا تعريفه على الجادة هو

اللفظ الدال على اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه لغير كُفَّ اللفظ الدال ومنكم إياه# اللفظ الدال على اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه بغير كُفَّ هذا على طريقة أهل السنة والجماعة والعجب أن صاحب المعالم ألف رسالته على طريقة أهل السنة والجماعة وأتى باستدعاء الفعل على وجه الاستعلاء ولهذا مسألة تجديد العلوم هذه تحتاج إلى رجل مثل ابن تيمية رحمه الله تعالى والآن ما يصلح أن يأتي إنسان ويقول: يجدد العلوم. لماذا؟ لأنها تختلط عليه بعض المسائل مثل هذه المسائل كونه يقال: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة. ثم يقول: الأمر هو استدعاء. كيف تنسب هذه لأهل السنة والجماعة؟ ثم على وجه الاستعلاء كيف ينسب هذا لأهل السنة والجماعة؟ نقول: هذا فاسد. لذلك مسألة تجديد العلوم هذه ينظر إليها مسألة كبيرة ليست بالهينة اللفظ الدال على اقتضاء إذن اللفظ هذا جنس يشمل الأمر والنهي وغيرهما الدال على اقتضاء فعلٍ يعني: على طلب فعل وطلب الفعل هذا لا يخرج الدال على طلب الفعل أخرج ما لا يدل على طلب الفعل كالتمني والاستكبار ونحوه مما يطلق عليه أنه من أنواع الكلام غير كف هذا احترازًا عن النهي لأن النهي داخل في قوله: اقتضاء فعل مدلول عليه بغير كُفَّ. هذا أخرج الأمر الذي هو صيغة افعل ومدلوله طلب كف إذ ليس كل طلب إذ ليس كل طلب كف هو نهي ليس كل طلب كف هو نهي وإنما بعضه وضابطه أنه المدلول عليه بنحو لا تفعل وأما الكف طلب الكف المدلول عليه بنحو افعل نقول: هذا أمر {(((((((((الْبَيْعَ} [الجمعة:9] يعني: اتركوا البيع. هذا طلب كف لكن نقول: هذا أمر لماذا؟ لأنه وإن كان من جهة المدلول طلب كفٍّ إلا أنه لموافقة المدلول للدال سمي باسمه فسمي أمرًا استدعاء فعل إذًا هذا منتقد استدعاء فعل ما خرج النهي لأن الترك نهي لأن الترك فعل وقوله: (استِدعَاء فِعْلٍ). لم يخرج النهي (وَاجِبِ) هذا قيد صاحب الورقات قال: على سبيل الوجوب. ويقصد به احترازًا عن الندب وسبق معنا بحث الندب هل هو مأمور به أو لا؟ مأمور به أو لا؟ إن قلنا: الندب مأمورًا به. حينئذٍ لا بد من هذا القيد أليس كذلك؟ فحينئذٍ يكون قوله: (استِدعَاء فِعْلٍ) يشمل الفعل الجازم وغير الجازم ومسمى الأمر هو الفعل الجازم فلا بد من إخراج الندب فقال: (وَاجِبِ). أي: إذا كان استدعاء الفعل على جهة الاقتضاء الجازم احترازًا من الندب على سبيل الوجوب مخرج للأمر على سبيل الندب بأن يجوز الترك وعليه المندوب وليس مأمورًا به على هذا الحد المندوب ليس مأمورًا به على هذا الحد وإن قلنا: إنه مأمور به. فحينئذٍ الحد لا بد أن يكون شاملاً للواجب والندب (بِالقَولِ) هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (استِدعَاء). يعني: الاستدعاء والطلب حصل بماذا؟ حصل بالقول والمراد بالقول هنا الصيغة الدالة على الطلب وهي: صيغة افعل.

(بِالقَولِ) إذن خص الأمر ما كان بالقول وعليه إذا كانت الإشارة دالة على الطلب فلا تسمى أمرًا فقول النبي - صلى الله عليه وسلم - وإشارته الدالة على الطلب للصحابة لما صلى جالسًا أن اجلسوا هذه لا تسم أمرًا حقيقًا عندهم وكتابته للملوك ونحوهم أسلم تسلم، قالوا: هذا لا يسم أمرًا حقيقةً وإنما يسمى أمرًا مجازًا وعليه يصح أن يقال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أمرهم حقيقة بالإسلام وهذا باطل إذن (بِالقَولِ) هذا نقول: احترز به عن الكتابة فإذا دلت الكتابة على طلب فعل فلا تسمى أمرًا واحترز به عن القرائن المفهمة فكل قرينة دلت على الطلب فلا تسمى أمرًا واحترز به عن الإشارة المفهمة للطلب أو الدالة على الطلب حينئذٍ لا تسمى إشارةً لا تسمى أمرًا قالوا: لماذا خص بالقول؟ لأنه كما سبق أن إطلاق لفظ أمر حقيقة في القول المخصوص مجازٌ في ما عداه نقول: إن أريد بهذا القيد الأمر اللغوي فمسلم إن أريد به الأمر اللغوي فمسلم لماذا؟ لأن الأمر لو عمم الكلام والكلام لا بد أن يكون لفظًا فكل ما ليس بلفظٍ ليس بكلام فحينئذٍ الإشارة وإن دلت على الطلب فلا تسمى كلام ولا إشكال الكتابة وإن دلت على الطلب فلا تسمى كلامًا ولا إشكال لذلك نقول: الكلام هو اللفظ احترازًا من الدوال الأربعة هذا إذا أريد بالتعريف المعنى اللغوي لكن هل مرادهم المعنى اللغوي؟ لا ليس مرادهم المعنى اللغوي حينئذٍ نقول: إن أرادوا المعنى اللغوي فمسلم وإن أرادوا المعنى الشرعي فغير مسلم وعليه نقول: حقيقة الأمر في الشرع أعم من القول وغيره فيشمل الإشارة ويشمل الكتابة ويشمل القرائن المفهمة فكل ما دل على الطلب من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فحينئذٍ هذا يسمى أمرًا. قال بعضهم: استدعاء الفعل أعم من يكون بقول أو غيره. وهذا التزمه الآمدي فلذلك عرفه بقوله: الأمر طلب الفعل على جهة الاستعلاء طلب الفعل حذف ماذا؟ طلب الفعل على جهة الاستعلاء حذف ماذا؟ حذف بالقول القيد لماذا؟ لأن الاستدعاء يعم القول وغيره فتخصيصه في الشرع بالقول فيه نظر ليس بصواب فأصلحه الآمدي بقوله: اقتضاءُ طلب الفعل على وجه الاستعلاء. والفعل هنا الفعل العرفي فيعم القول والاعتقاد والنية وكل ما دل على طلبه إذن قوله: (بِالقَولِ) هذا فيه نظر ولا يسلم له (مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ) هذا قيد آخر أيضًا وأيضًا لا يسلم (مِمَّنْ) يعني: استدعاء فعل ممن: جار ومجرور متعلق بقوله: (استِدعَاء). (مِمَّنْ) يعني: من الذي كان أو وجد دون الطالب في الرتبة الاستدعاء وقع وحصل من الذي كان دون الطالب حينئذٍ يشترط المصنف العلوم وليس الاستعلاء يشترط المصنف هنا العلوم وهذا مذهب أن الأمر لا بد أن يكون صادرًا من آمرٍ أعلى رتبة من المأمور يعني هذا معنى العلوم معنى العلوم أن يكون الآمر أعلى رتبة من المأمور قالوا: كالخالق جل وعلا للمخلوقين، كالسلطان للرعية، كالأب لأولاده، كالزوج لزوجته في بعض الأحوال. فنقول: هذا يسمى أعلى وأدنى قالوا: لا بد أنه لا يكون أمرًا إلا إذا كان الآمر أعلى رتبة من المأمور.

وهذا قول نسب لأكثر المعتزلة ونسب أيضًا لأبي إسحاق الشيرازي في شرح ((اللمع)) وابن السمعاني والصباغ ونحوهم لكن منسوب أكثر ما عرف عن أهل الاعتزال وقال بعضهم: أنه يشترط فيه الاستعلاء. والاستعلاء هذا قالوا: المراد به أن يكون الأمر قد صَدَرَ بقهرٍ، وترفعٍ، وكبرياء، ونحوه، فحينئذٍ العلو هذه يكون صفةٍ في الأمر يكون من الأمور العارضة للناطق للمتكلم والاستعلاء هذا صفةٌ للكلام نفسه، إذن هذان قولان متقابلان العلو لا يكون أمرًا ولا يتصور إلا إذا كان صادرًا من عالٍ. الثاني: وهو قول جمهور الأصوليين: أنه لا يتصور الأمر ولا يكون صادرًا إلا إذا كان اللفظ الذي هو صيغة افعل مكيفًا بكيفية الترفع وإظهار القهر على المأمور بذلك الأمر. القول الثالث: أنه يشترط العلو والاستعلاء مع وهذا منسوب لعبد الوهاب المالكي والقشيري. القول الرابع: أنه لا يشترط فيه ما علوٌ، ولا استعلاء. هذا أربعة مذاهب هل الأمر يشترط فيه علوٌ أو استعلاء نقول فيه أربعة مذاهب: يشترطان. لا يشترطان. العلو فقط. الاستعلاء فقط. قول الجمهور ماذا؟ الاستعلاء والأصح أنه لا يشترط فيه لا علوٌ ولا استعلاء وليس عند جل الأذكياء ** شرط علو فيه واستعلاء وخالف الباجي بشرط التالي ** وشرط ذاك رأي بالاعتزال واعتبرا معًا على توهين ** لدى القشيري وذي التلقين عبد الوهاب المالكي صاحب التلقين في الفروع على مذهب مالك نقول الأصح أنه لا يشترط فيه علوٌ ولا استعلاء ومرادهم باشتراط العلو أنه يحترز به عن الالتماس والدعاء والسؤال وهذا سبق معنا إبطاله في المنطوق عند قوله: أمرٌ مع استعلاء وعكسه دعا ** وفي التساوي فالتماس وقع

قالوا: الأمر إن كان الطلب إن كان من أعلى إلى أدني فهو أمر وإن كان من أدنى إلى أعلى فهو دعاءٌ وسؤال وإن كان من مساوٍ لمساوٍ فهو التماس نقول: هذا باطل التقسيم لماذا؟ هل المسألة هذه لغوية أم عقلية لغوية هذه مسألة لغوية حينئذٍ لا بد من مستندٍ يستند إليه ولا يعرف عن أهل اللغة إلا أنهم إذا أطلقوا صيغة افعل أريد بها الدلالة على الطلب مطلقًا ولم يراع فيه لا علو ولا استعلاء استدل البيضاوي على إفساد مذهب المشترطين للعلو فقط والاستعلاء فقط بقوله تعالى حكاية عن فرعون: {((((((((تَأْمُرُونَ ((((} [الأعراف:110]. هل يتصور أن يكون الآمر وهو شعبه أعلى من فرعون ما يتصور يعبدونه كيف يكون أعلى منه كيف يكون الشعب أعلى من فرعون هل يتصور فيه استعلاء وقهر لا لا يتصور لأنه ذكره في مقام المشاورة حينئذٍ أطلق لفظ {(((((((((((} وهو صادر من رعية فرعون إليه مع انتفاء العلو قطعًا ومع انتفاء الاستعلاء قطعًا بعضهم أجاب عن هذه الآية لا إشكال نقول: قوله تعالى: {(((((((((((يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:268]. الشيطان أعلى رتبة من البني آدم لو مسلمين لا، إذن هذه الآية يأمركم بالفحشاء نقول: تدل على أنه لا يشترط العلو كما أن قوله أيضًا حكاية عن فرعون {((((((((تَأْمُرُونَ ((((} [الأعراف:110] دليلٌ على أنه لا يشترط فيه علوٌ ولا استعلاء والآية الثانية دليلٌ على أنه لا يشترط فيه علو أيضًا كثير من الأوامر في الشرع فيها رفق وفيها لين وفيها ترغيب {(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ((((((((} [آل عمران:133] هذا فيها قهر واستعلاء؟ لا، {(((((((((((النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ((((((((((} [البقرة:21]، {(((((((جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ((((((((} [البقرة:22]، تعداد نعم هذا فيه تلطف وفيه لين وفيه رفق كيف نقول لا بد أن يكون الأمر صادرًا من الخالق إلى المخلوق على جهة الاستعلاء ووجدنا في القرآن ما هو أوامر وفيها: تلطف، ولين، وترغيب، فحينئذٍ هذا يرد به على اشتراط استعلاء وهو قول جمهور الأصوليين أنه يشترط في الأمر الاستعلاء. وليس عند جل الأذكياء ** شرط علو فيه واستعلاء ولذلك أورد المحلي قصة لعمرو بن العاص مستشهدًا بقوله: أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني ** وكان من التوفيق قتل ابن هاشم

أمرتك عمرو ابن العاص يقول لولي الأمر معاوية رضي الله تعالى عنهما، أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني. أين العلو أين الاستعلاء إذًا لا علو ولا استعلاء ثم هذا يحتاج إلى دليلٍ من اللغة ولا دليل والدليل عدم الدليل وما استدل به كله مردود ولذلك أورد الزركشي في ((تشنيف المسامع)) استدلالاً على اشترط العلو قال: لو تخيل الأدنى في اشتراط العلو في اشتراط الاستعلاء قال: لو تخيل الأدنى في نفسه أنه يأمر الأعلى ثم يتبعه الأعلى. يصح أو لا يصح؟ يصح لكن نقول: هذا في مقام الخيال والعقل يجيب المستحيلات ولذلك عنده كليٌ يمتنع وجود فردٍ في الخارج عادة مثل ماذا بحر من زئبق يقال هذا كلي له أفراد في الخارج لا ليس له أفراد لماذا هل امتناع وجود فردٍ في الخارج لبحر بن زئبق عقلاً أو عادةً، عادةً أما العقل يجيز بحر وبحرين وثلاث ومحيط وأطلسي كلها من زئبق ما في مانع العقل يجيز ما يمنع شيخ ابن تيمية رحمه الله يقول: العقل يتصور أن يوجد الإنسان بعشرة رؤوس وعشرين رجل وثلاثين يد يتصور الإنسان عقلاً حينئذٍ هذا الذي ذكره الزركشي ليس دليلاً يثبت به أمر لغوي وإنما هو من مجرد تصور وتخيل إذن. وَحَدُّه استِدعَاء فِعْلٍ وَاجِبِ ** بِالقَولِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ اشترط المصنف هنا رحمه الله العلو والصواب أنه لا يشترط العلو ولا الاستعلاء وذكرنا ما ذكره بعض الأصوليين ثم قال: بِصِيغَةِ افْعَلْ فَالوُجُوبُ حُقِّقَا ** حَيثُ القَرِينَةُ انتَفَتْ وَأُطْلِقَا هنا يذكرون مسألة إذا عرفنا حد الأمر على قول أهل السنة أنه اللفظ على اقتضاء فعلٍ غير كفٍ مدلولٌ عليه لا بنحو كف هذا اضبطه وعلى قول الأشاعرة أنه اقتضاء فعلٍ إلى آخره أو استدعاء فعلٍ إلى آخره يذكرون مسألة هل للأمر صيغةٍ تخصه أو لا؟ هذا كثير في كتب الأصوليين هل للأمر صيغةٍ تخصه أو لا؟ نقول: هذا السؤال بدعة أصلاً هذا السؤال بدعة لماذا؟ لأنه فرعٌ عن إثبات الكلام النفسي لذلك نص على ذلك في ((جمع الجوامع)) قال: القائلون بالنفسي اختلفوا هل للأمرٍ صيغةٍ تخصه أو لا. قال السيوطي: لمثبت النفسي بخلفٌ يجري ** هل صيغةٍ يخصه للأمر

لمثبت النفسي الذي لا يثبت الكلام النفسي إذن عندهم قولاً واحدًا أن الأمر له صيغةٌ تخصه ولذلك بالإجماع، ونقول: هذا السؤال بدعة لأنه مبنيٌ على ماذا؟ على بدعة وما تفرع عن البدعة فهو كأصله فهو كأصله حينئذٍ نقول هذا السؤال الوارد يكثر في كتب الأصوليين وللأسف بعض المعاصرين يقول: في مسألة قولان، أو يقول: في مسألة خلاف، وهذا خطأ ليس بصواب بل تقول اتفاق السلف ونحكي الإجماع قطعًا نقول: إجماع السلف على أن الأمر له صيغةٌ تخصه يعني: صيغةٌ تخصه يقصدون ماذا فإذا أطلق لفظ إذا أطلق لفظ افعل ما الذي يفهم منه؟ إذن إذا قيل افعل نقول ما الذي يفهم منه؟ إذا قيل أن الأمر له صيغةٌ تخصه يعني: يفهم من صيغة افعل الدلالة على الطلب دون قرائن تدل على أنه دالٌ على الطلب هذا مراد أنه إذا قيل للأمر صيغة تخصه يعني: هناك لفظ في لغة العرب إذا أطلق لفظ ب إذا أطلق تفهم منه الدلالة على الطلب وأنه طلبٌ جازم هل وضعت العرب لفظًا يدل على هذا المعنى أو لا وضعت طبعًا من يقول بالكلام النفسي يقول صيغة افعل لا تدل على الطلب بل هو متردد وهذا ينسب إلى أبي حسن الأشعري بل هو متردد يحتمل أنه للطب الفعل أو لطلب الترك فحينئذٍ نحتاج إلى قرينة تدل على أن المراد به أمر أو نهي لماذا؟ لأن عندهم من إثبات كلام النفسي أنهم يختلفوا هل الكلام النفسي هذا شيءٌ واحدٌ أم أنه متعدد يعني: شيء واحد ماذا؟ أمرٌ واحدٌ لا يعقل أن يتعدد بتعدد المتعلقات لا يتعدد بتعدد المتعلقات وإنما هو شيءٌ واحدٌ إن تعلق بطلب إيجاد الفعل نفس الشيء سمي أمرًا وإن تعقل بطلب ترك الشيء سمي نفس الشيء ناهية هو نفسه الذي سمي أمرًا سمي مرًا ثانية بالنهي والشيء واحد وبعضهم يقول: لا يتنوع. وهذا الذي ذكره السيوطي في أول ((الكوكب)): وصححوا أن الكلام في الأجل ** يسمى خطابًا أو منوعًا

هم يقصدون منوع يعني: يكون أمرًا وناهيًا وعامًا وخاصًا وناسخًا إلى آخره إذن كلام النفس أنواع، وبعضهم يرى أن الكلام النفسي لا شيءٌ لا يتعدد غير قابل للتعدد وكلاهما بدعة لأن الأصل أنه لفظٌ ومعنى حينئذٍ إثبات هذا التفريق نقول باطلٌ بما ذكرناه سابقًا إذا عرفنا أن عند الأشاعرة الكلام النفسي والأمر النفسي هو الشيء الذي يكون في النفس ثم هل له صيغةٌ تدل عليه أو لا نقول: المرجح عندهم أن له صيغة تدل عليه لكن تسمية هذه الصيغة أمرًا إنما هي من قبيل المجاز ما دل على الأمر ليس هو أمر وإنما هي عبارات ودلائل تدل على الأمر وليست هي عين الأمر ولذلك أجمع الأشاعرة مع المعتزلة على أن القرآن على أنه مخلوق لكن المعتزلة أشجع من الأشاعرة يعني صرحوا بأن القرآن مخلوق والأشاعرة تقول لا نقول مقام التعليم تأدبًا تقول نسبة الكلام الله القرآن إلى الله عز وجل هذه في الظاهر لأن الله نسبه إليه قال: {((((((((((حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ ((((} [التوبة:6]. سماه كلام الله إذن تأدبًا مع الله وإذا اعتقدنا اعتقدوا هم أنه مخلوق قالوا لكن نسميه في الظاهر ماذا كلام أما في مقام التعليم فنقول لا ليس بكلام الله {(((((((((((} هنا الإضافة مثل {(((((((((((} [الشمس:13] من إضافة ماذا تشريف المخلوق إلى الخالق {(((((((اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ((((} [الشمس:13]. {(((((((((((} مخلوق والله عز وجل خالق فدل {((((((((((حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ ((((} [التوبة:6] قالوا: مثل إضافة {(((((((((((} [الشمس:13] إذن الإضافة مخلوق إلى الخالق هذا يقال في مقام التعليم وإلا اتفق الأشاعرة مع المعتزلة أن القرآن مخلوق ولهذا تعجب من يقول: أهل السنة ثلاث طوائف: أهل الحديث، والأشاعرة، والماتردية، يجعلون أهل السنة ثلاثة طوائف وهذا باطل ليس بصحيح فكيف تجعل البدعة مع السنة ما يجتمعان إذن قوله: (بِصِيغَةِ افْعَلْ). هذه يعنون لها الأصوليين هل للأمر صيغةٌ تخصه أم لا؟، نقول: هذا السؤال بدعة لأن مبناه على بدعة فحينئذٍ لا يجوز وقول من يقول في المسألة قولان واختلف الأصوليين هذا قولٌ باطل ليس بصحيح وإنما يحكم خلاف الذي يمكن أن يكون له دليلٌ مقبول وليس كل خلافٍ جاء معتبرًا إن خلافٌ له حظٌ من النظر وهذا خلاف لا حظ له لا من النظر .. قريب ولا بعيد إذن (بِصِيغَةِ افْعَلْ فَالوُجُوبُ حُقِّقَا) إذن بصيغة افعل للأمر صيغة تدل عليه ولكن بعض من أراد أن يرد على الأشاعرة أراد أن يثبت أن الأمر له صيغة حتى في الشرع في اللغة وفي الشرع أبو إسحاق الإسفراييني ذكر قوله تعالى: {((((((((أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ((((} [يس:82] قال: قال: {((((((((((}. ثم قال: {كُنْ} فكن هي أمر الله إذن له صيغة أو لا له صيغة {((((((((((((((((((} يعني: أمر الله عز وجل وقضاءه، {((((((أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ ((} إذن: هذا هو الأمر هو الصيغة فحينئذٍ {(((((((((} هذا ما ترتب على {((}، وأما قول من يقول الآن بأن الأمر هو بين الكاف والنون هذا يردد الآن هذا باطل ليس بصحيح الشيخ ابن تيمية رحمه الله يقول: بل أمره بعد الكاف والنون لأن قوله: {(((((((((}.

اتفهم بالترتيب والتعقيب يعني: ما بعد الفاء يكون مرتبًا على مال قبله أما بين الكاف والنون ليس بكلام هذا كاف ونون هذه حروف لا تعتبر كلام، وذكر أبو إسحاق الشرازي أيضًا في ((شرح الدمع)) كل دليلٍ استدل به على أن صيغة افعل تدل على الوجوب فهي دالةٌ على أن للأمر صيغة أليس كذلك ثم {((((قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا (((((((((} [الأعراف:10]، {(((((مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:11] ولامه وطرده من رحمته وأخرجه من الجنة لماذا؟ لأنه عصى الأمر لم يمتثل هل يمكن أن يمتثل شيئًا لا صيغة له لا يتصور إذن كل دليلٍ أثبت من الكتاب والسنة أنه للوجوب هو دليلٌ على أن للأمر صيغة (بِصِيغَةِ افْعَلْ) هنا هل المراد صيغة افعل عينها أو ما دل على الطلب؟ المراد ما على الطلب إذن تخصيص صيغة افعل هنا لكثرة دورانها وليس الحكم معلقًا على افعل، افعل مثل اضرب لقال استخرج فعل أمر أو لا؟ {(((((((((((((((((((((((} [هود:3] نقول ليس على وزن افعلها هذا على وزن افعلها هذا على وزن استفعلوا الظاهرية (بِصِيغَةِ افْعَلْ) نقول ليس المراد تخصيص هذا اللفظ أي الصيغة الدالة على الأمر افعل وليس المراد هذا الوزن بخصوصه بل كون اللفظ دالاً على الأمر بهيئته فحينئذٍ اِفْعَل، واَفْعِل، واَفْعِلاَ، وافعلي، وافعلوا، وافعلن نقول هذا كله من ما يستدل به على ماذا مما ما يكون صيغة للفعل، (بِصِيغَةِ افْعَلْ فَالوُجُوبُ حُقِّقَا) إذن للأمر صيغة عدها الأصوليون أربعة أنواع: صيغة افعل، فعل الأمر، وهذا بالإجماع صيغة افعل كقوله تعالى: {(((((((الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ((((} [طه:14]. الثاني: الفعل المضارع المقرون بلام الأمر الجازمة ليفعل، افعل للحاضر، ليفعل للغائب {((((لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ((((} [الحج:29]، ثلاثة أمثلة نقول هذا أمر أو لا {(((((((((((((((} الأمر دل عليه بماذا هنا باللام؟ هذا افعل هذا بالإجماع لا إشكال أنه دالٌ على أمر أما ليفعل هذا عند الجمهور لأن بعضهم لا يرى أن الفعل المضارع هنا دالاً بنفسه وإنما الدال هو لام الأمر لكن أكثر الأصوليين على عد ليفعل من صيغ الأمر. الثالث: اسم الفعل: فعل الأمر يعني: اسم الفعل: فعل الأمر {((((((((((أَنْفُسَكُمْ} [المائدة:105]، {(((((((((((} هذا إعرابه؟ مفعول به والعامل؟ {(((((((((} طيب السلام عليكم؟ السلام عليكم السلام مبتدأ وعليكم خبر كيف جاء خبر وهنا جاء فعل أمر؟ نقول: منقول نقل. إليك عني ابتعد عني إليك عليكم نقول: نقل من جار ومجرور إلى كونه اسم فعل أمر يعني: دل على الطلب ولم يقبل علامة الأمر هذا هو ضابطه ما ضابط اسم فعل الأمر؟ كل لفظ دل على الطلب ولم يقبل علامة فعل الأمر. والأمر إن لم يكن للنون محل ** فيه هو اسم نحو صه وحي هل هكذا قال ابن مالك، الرابع قلنا: كم هذه ثلاثة. الرابع: المصدر النائب عن فعله {((((((((((((((((((} [محمد:4] {((((((((} هذا مصدر ناب عن فعله أي: فاضربوا الرقاب فاضربوا هذه أربع صيغ. صيغة افعل الفعل المضارع المقرون باللام والأول مجمع عليه.

والثاني عند الجمهور لأن بعضهم يرى أن اللام هي الدالة على الأمر. الثالث: اسم فعل الأمر. الرابع: المصدر النائب عن فعله. هذا قوله: (بِصِيغَةِ افْعَلْ). هذا ليس بخصوص هذا اللفظ فَالوُجُوبُ حُقِّقَا ** حَيثُ القَرِينَةُ انتَفَتْ وَأُطْلِقَا ومن الوقت يكتفي هذا الكلام يطول في صيغة افعل وما تدل عليه يأتينا إن شاء الله غدًا بإذن الله. نقف على هذا وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

23

عناصر الدرس * تابع تعريف الأمر * مدلول وأحوال الأمر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: شرعنا بالأمس في باب الأمر كما أن هذا من أسوس أبواب أصول الفقه لأن التكليف إما بأمرٍ أو خطاب إما، لأن التكليف خطابٌ بأمرٍ أو نهيٍ وعليه .. التكليف والابتداء والتمييز بين المحرم والواجب. الأمر ذكرنا حده في اللغة وفي الاصطلاح قلنا: مسمى الأمر بلفظ: أَمَرَ يسمى لفظٌ وهو القول المخصوص والمراد بالقول الصيغة والمراد بالمخصوص الدال على طلب ومسمى الأمر أَمَرَ كما سبق أن المندوب على الصحيح مأمورٌ به وحينئذٍ يكون مدلول أَمَرَ ما يطلق عليه لا يختص بجازم وإنما عبر بعضهم بأن المراد بالقول المخصوص هنا صيغة افعل إن أراد به أن صيغة افعل على وجه حقيقة فالمراد به أن الأمر لا يكون إلا في الجازم وحينئذٍ يكون المندوب غير مأخوذًا به وإذا أطلقنا وقلنا مسمى الأمر أَمَرَ هو القول المخصوص يعني: اللفظ الدال على الطلب مطلقًا سواءٌ كان جازمًا أو غير جازمٍ وهذا نقول: يشمل الواجب يعني: أمر الجزم ويشمل المندوب الذي أمر غير الجازم. القول المخصوص: يفسر بصيغة افعل وأما صيغة افعل من حيث هي سيأتي أنها تدل على الوجوب حقيقة أمر حقيقة في الوجوب في الواجب وفي المندوب أمر حقيقة في الواجب وفي المندوب، أما صيغة افعل فهذه حقيقةٌ في الوجوب دون الندب لأنه مجازٌ في الندب لأنه لا يصرف إلى الندب إلا قرينة وهذا شأن المجاز. أما حده في الاصطلاح: فقوله: استِدعَاء فِعْلٍ وَاجِبِ ** بِالقَولِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ حده، يعني: حد الأمر (استِدعَاء) إذن لا بد من أن يكون الأمر مطلوبًا واستدعاء بمعنى الطلب وهذا الطلب جنس يشمل كل طلبٍ يشمل كل طلبٍ سواءٌ كان طلب فعلٍ أو طلب تركٍ وهذا على القول بأن الترك لا يسم فعل وإذا قلنا الترك يسمى فعلاً على الصحيح والمراد به الترك هنا ترك الخاص الذي هو كف النفس عن المنهي عنه فحينئذٍ نقول: استدعاء الفعل هذا لا يخرج به النهي استدعاء هذا أخرج ما لا استدعاء فيه وهو الإباحة وهو مذهب أهل السنة والجماعة وخالف الكعبي لكون الإباحة مأمورًا بها (استِدعَاء فِعْلٍ) قلنا: استدعاء هذا جنس يعني: سواءٌ كان الاستدعاء من أعلى إلى أدنى أو من أدنى إلى أعلى أو من المساوي إلى المساوي هذه ثلاثة أقسام استدعاء فعلٍ على القول بأن الترك لا يسم فعلاً خرج النهي لأنه ليس استدعاء فعلٍ بل هو استدعاء ترك وعلى القول الأصح أن الترك فعلٌ حينئذٍ نقول لم يخرج النهي حينئذٍ يكون هذا التعريف مع ما فيه من خلل من جهة معتقد نقول هذا التعريف غير مانع لماذا؟ لأنه لم يمنع من دخول بعض أفراد ليست داخلةً في الحد في الأصل حينئذٍ يكون بعض أفراد الأمر ليس منه وهو قد أدخل النهي ولذلك نقول لا بد من القيد استدعاء فعلٍ غير كفٍ غير كف هذا لإخراج النهي ثم الكف نوعان:

كف مطلق: وهذا يقع بصيغة لا تفعل وبصيغة افعل. وكف خاص: كف خاص ما المراد هنا؟ استدعاء فعلٍ غير كفٍ قلنا خرج النهي لكن عندنا إيراد وهو أن بعض ما هو مدلول بصيغة افعل المراد به كفٌ وإذا أخرجنا مطلق الكفِ حينئذٍ خرج معه الكف الخاص الذي هو مدلول الأمر فلا بد من إدخال بعض أفراد الأمر الذي مدلوله كفٌ فنقول استدعاء فعلٍ غير كفٍ مدلولٍ عليه لا بنحو كُفَّ لأن كُفَّ أكفف أترك خل ذر هذه من جهة الصيغة فعل أمر لكن مدلولها كاف مدلولها الكف لكن إذا قلنا مدلولا النهي لا تفعل هو الكف ومدلول افعل الذي هو ذر واترك كف إذم ما الفرق بين النهي وبعض أفارد الأمر اتحدا لكن نقول: الكف الذي هو نهيٌ مدلولٌ عليه بصيغةٍ خاصة وهي لا تفعل والكف الذي هو داخلٌ في حد الأمر مدلولٌ عليه بصيغة افعل فافتراقا إذم ليس كل كفٍ نهيًا هذه قاعدة، ليس كل كفٍ نهيًا بل بعضه أمرٌ وهو المدلول عليه بصيغة افعل وهذا الذي عرفه كما ذكرنا في ((مراقي السعود)). وهو اقتضاء فعلٍ غير كف ** دل عليه لا بنحو كُفِّ هو اقتضاء فعلٍ غير كف: احترز عن النهي. دل عليه: على الكاف. لا بنحو كُفِّ: إذن دل عليه بماذا؟ بلا نفع حينئذٍ نقول: نخلص من هذا أن الأمر نوعان: إيجاد فعل وتحصيله بقم ونم وصم. ثانيًا: كفٌ مدلولٌ عليه بصيغة افعل إذن بعض أفراد الأمر ماذا كف وليس إيجاد فعل فليس كل كفٍ يكون نهيًا بل بعضه أمرٌ هنا قال: (َحَدُّه استِدعَاء فِعْلٍ) هذا غير جامع لماذا؟ لأنه خرج به بعض ما هو كفٌ وهو فردٌ من أفراد الأمر وهو المدلول عليه بنحو كفُ وذر واترك وخلي فهذه أفعال أمر ومدلولها كفٌ وهي داخلةٌ في حيز النهي لا فيه قالوا: موافقةً للمدلول للدال في اسمه ألحق به لأن لا يكون هناك تنافي بين المدلول والدال الدال هو صيغة افعل والمدلول الكاف. الكاف في الأصل أنه مدلول لا تفعل إذن كيف يكون تضارب بين النهي والأمر حينئذٍ يقع التعارض والتناقض كيف نقول: كُفَّ أكفف ذر اترك هذه من جهة صيغة إطباق أهل اللغة أنها فعل أمر أعرب فعل أمر اترك: {(((((((((الْبَيْعَ} [الجمعة:9]. نقول: ذروا هذا فعل أمر لكن مدلوله الكف فإذا قيل مدلول النهي الكف وهذه صيغةُ أمرٍ فحينئذٍ وقع التعارض والتناقض لكن قالوا: موافقًا للمدلول للدال في اسمه ألحق بالأمر وهذا الذي أقوله إن تصدير حد الأمر لا بد أن يكون باللفظ ولا نصدره كما قال الناظم هنا (استِدعَاء) لطلب لأن المراعى هو اللفظ أصالةً والمعنى تبعه ولذلك قالوا: موافقةً لاسمه الدال الذي هو صيغة افعل في اسمه في كون الفعل أمر الحق به المعنى اعتبروا أن ماذا الأصل هنا؟ اعتبروا اللفظ أصلاً واعتبروا المعنى فرعًا وحينئذٍ لا بد من أخذ اللفظ جنسًا في حد الأمر إذن قوله: (استِدعَاء فِعْلٍ) هذا مدخول لم يخرج النهي على الصحيح لأن الترك فعلٌ. والترك فعلٌ في صحيح المذهب

وسبق بيان الأدلة أيضًا بعض أفراد الأمر ليس بإيجاد فعل وإنما هو كفٌ والأصل في الكف أنه مدلول لا تفعل فلابد من إدخال هذا النوع الذي دل عليه بنحو افعل وهو كفٌ لابد أن يشمله الحد ولم يذكره الناظم إذن هذا إيراد التعريف. (فِعْلٍ وَاجِبِ) يعني: (وَاجِبِ) يعني طلب فعلٍ مقتضٍ بالوجوب وهذا اعتراض ثالث يريد أن يفسد الحد هذا اعتراض فاسد وهو أن مسمى الأمر على الصحيح يشمل الواجب والمندوب وعلى هذا القيد (فِعْلٍ وَاجِبِ) تقيد الفعل بأنه واجب احترز به عن المندوب فليس مأمورًا به والصحيح أنه مأمورٌ به كما سبق في موضعه (بِالقَولِ) هذا اعتراضٌ رابع وهو أنه قيد الاستدعاء بماذا؟ بالقول احترازًا من الإشارة والكتابة والقرائن المفردة فكل ما دل على الطلب سواءٌ كان إشارة أو كتابةً أو قرينةً مفهمة هذا لا يسم أمرًا حقيقةً وإنما يسمى أمرًا مجاز بناءً على أن الأمر في اللغة إنما يطلق حقيقةً على القول المخصوص ويطلق على الفعل ونحوه مجازًا والأمر في الأمر في الفعل مجازٌ هكذا عندهم بناءً على هذا قالوا: لابد من تقييد مسمى الأمر معنى الأمر بالقول قلنا: هذا باطل ليس بصحيح لماذا؟ لأن الكلام هنا في الأوامر الشرعية وليس في الأوامر اللغوية لأن كل لفظٍ الأصل في فهمه من جهة الشرع أن يفهم معناه اللغوي ثم قد ينقل ويجعل له حقيقة شرعية ولكن تم مناسبة بين المعنيين معنًى لغوي والمعنى الشرعي ولذلك كما سبق في الحقيقة الشرعية أن النقل هن ليس نقلاً بالكلية خلافا للخوارج قالوا: النقل هنا نقلٌ كلي والخوارج لهم مذاهب في الأصول ليس نقلاً كليًا من المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي من الحقيقة اللغوية إلى الحقيقة الشرعية بل لابد من تناسلٌ ومناسبة بين المعنيين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي أن يكون ضعف مسمى المعنى اللغوي موجودًا في مسمى الحقيقة الشرعية أن يكون بعض مسمى المعنى اللغوي موجودًا في مسمى الحقيقة الشرعية فحينئذٍ نقول: تقيد الناظم هنا تبعًا للأصل الاستدعاء أنه بالقول احترازًا عن الاستدعاء بالإشارة أو بالكتابة وهذا ليس بصحيح لأنه يلزم منه أمرٌ فاسدٌ اتفاقه وهو أن كتابة النبي - صلى الله عليه وسلم - للملوك أسلم تسلم ونحو ذلك ليست بأمر ولذلك لو قال قائل: لم يأمر بإسلامهم يأمره بالإسلام لصح، أليس كذلك لو قلنا مجاز لزم قلنا مجاز لقلنا: لم يأمرهم بالإسلام وهذا باطل فحينئذٍ نقول: بالقول هذا لابد من حذفه هذه أربعة اضطرابات. (مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ) ولذلك الآمدي لما رأى هذا أنه صواب أن التقيد باستدعاء بالقول حذف كلمة القول قال: طلب الفعل على جهة الاستعلام، طلب الفعل مطلقًا لكن يرد عليه طلب الفعل غير كافٍ مدلول عليه لا بنحو كُفَّ على جهة الاستعلام ممن كان دون الطالب هذا أراد به الإشارة أنه يشترط في الأمر العلو فحينئذٍ خرج به الأمر أو خرج به الاستدعاء لا نقول أمر على كلامه خرج به الاستدعاء من الأدنى إلى الأعلى كأنه يسمى سؤالاً ودعاء وخرج به المساوي يعني الاستدعاء من المساوي إلى المساوي يعني: قرين إلى قرين فإنه يسمى التماسًا وهذا بناءًا على التقسيم الكلابي الذي يذكره البيانيون والمناطقة:

أمرٌ مع استعلا وعكسه دعا ** وفي التساوي فالتماسٌ وقعا وهذا قلنا مجرد اصطلاح أما نسبته إلى اللغة فيحتاج إلى دليل ولا دليل ولذلك نظرهم فيه أمرٌ عقلي ونقول: العقل بالنسبة للغة مستنبط وليس واضعًا. وعرفت بالنقل لا بالعقل ** فقط بالعقل فقط لوحده لا يثبت اللغة وإنما يستنبط بعض الأحكام وأطبق أهل اللغة على إن صيغة افعل فعل أمر يسمى أمرًا هذا بإجماع أهل اللغة أن صيغة افعل دائمًا نقول: صل مثلاً ما إعرابك؟ فعل أمر لكن تأدبًا في القرآن: {(((((((اغْفِرْ (((((} [آل عمران:147]. صيغة تأدبًا المخلوق مع خالقه يقول فعل دعاء لأنه بمقام دعا {(((((((اغْفِرْ (((((} لأن المقام مقام دعاء وهنا مسألة الخلق مع المخلوق كثير من الأصوليين وغيرهم لابد أن يحشر في الحدود وهذا خطأ. وإنما ينظر إلى أمر المخلوق بما يليق به ويحد على ما يناسبه. فالعلم إذا عرف علم المخلوق حينئذٍ لابد من احترازات عندهم على علم الخالق وعلم جبريل والنبي - صلى الله عليه وسلم - نقول هل المراد هنا تعريف علم الخالق أم علم المخلوق؟ علم المخلوق له صفات تختص به لا يمكن أن يشركه فيه علم الخالق والعكس وإن كان المعنى الكلي هذا مشترك من جهة إطلاق اللفظ وتمام المعنى لكن لكل صفةٍ صفة العلم التي تليق بالخالق مباينة لصفة العلم التي تليق بالمخلوق أليس كذلك؟ إذن لا داعي أن نأتي بتعريف واحدٍ يشمل النوعين (مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ) قلنا: هذا احترازًا من الالتماس ومن الدعاء والسؤال من الالتماس والدعاء والسؤال وبعضهم شرط الاستعلاء وهو الجمهور ولذلك قالوا: استدعاء الفعل بقول على جهة الاستعلاء وهذا أيضًا دليلهم عقلي كأنهم قالوا: الرجلٌ عظيم لو أمر غيره وقال له: افعل لا على وجه الاستعلاء ليس مأمورًا الرجل العظيم قالوا مثل ماذا: مثل السلطان مع الرعية لو أمر السلطان رعيته أمرًا لا على وجه الاستعلاء يعني: بغير الترفع والتقهر والكبرياء ونحو ذلك ولو ادعاء قالوا: هذا لا يسمى أمرًا ولو حصل الأمر من الأدنى إلى الأعلى مع الاستعلاء سمي أمرًا لو أمر الأدنى الأعلى الرعية بعض الرعية أمر السلطان بوجه الاستعلاء أو غلظة ونحوها قالوا: يسمى أمرًا ولكنه يوصف بالحماقة والسفهة لأنه تعدى قدره واستدلوا لذلك بحديث بريرة ولا دليل لهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبريرة: «لو راجعتيني». أو في رواية: «ارجعي إلى زوجك فإنه أب لأولادك» قالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال: «لا، إنما أنا شافعٌ» «ارجعي» هذا أمر فقالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال: «لا» إذن ليس بأمر إذا وجد «ارجعي» وهو صيغة افعل وليس فيه استعلاء ونفى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كونه آمرًا قال: «إنما أنا شافعٌ» وهذا فاسد لماذا؟ لأن مقام وحال النبي - صلى الله عليه وسلم - يختلف من وضعٍ إلى وضع حال النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يكون قاضيًا وقد يكون مفتيًا وقد يكون مشرعًا وقد يكون واليًا إذن أحوالٌ تختلف ويختلف التعامل مع من يتعامل معه بحسب اختلاف أحوالهم وهنا شافع وليس بمشرع إذ لو أمرها أمرًا شرعيًا هل يجوز لها أن تخالف؟ لا يجوز إذن قوله: «إنما أنا شافعٌ».

هذا دليلٌ على أنه مصلح وليس بمشرع المقام هنا ليس مقام تعامل بكونه نبيًا رسولاً مشرعًا وإنما بكونه شافعًا إذن لا دليل عليه وبعضهم اشترط العلو والاستعلاء معًا وإذا أبطلاً العلو وحده والاستعلاء وحده فهم معًا من باب أولى وأحرى والحق أنه لا يشترط فيهما علوٌ في الأمر لا علوٌ ولا استعلاء. وليس عند جل الأذكياء ** شرط علو فيه واستعلاء هذا هو الحق وذكرنا الآيات والاستدلال عليها بما سبق إذن قول: استِدعَاء فِعْلٍ وَاجِبِ ** بِالقَولِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ الطَّالِبِ هذه أقوال كلها فاسدة وخاصةً عند تصديره الأمر بالاستدعاء قلنا: هذا فيه إن لم تكن أشعرية فيه رائحة الأشعرية اقتضاء فعلٍ لأنه عندهم الأمر نوع من أنواع الكلام والكلام المراد به الكلام النفس القائم بالنفس وذكرنا أمس أدلةً من الكتاب والسنة وإجماع أهل اللغة وإجماع أهل العرف الفقهاء أن ما في النفس من حديث لا يسمى كلامًا هذا بالإجماع حينئذٍ لما كان الأمر نوعًا من أنواع الكلام وهو نفسيٌ والأمر النفسيٌ قالوا: الأصل هو الأمر النفسي والأمر اللفظي فرعٌ عنه ولذلك ما كان أصلاً وجب تقديمه وحده ثم بعد ذلك يعرف منه الأمر اللفظي ولذلك نص على ذلك المحلي في شرح ((جمع الجوامع)) قال: وهو العمدة ولذلك بدأ به المصنف قال: اقتضاء فعل غير كفٍ ** مدلولٍ عليه لا بال هذا عرف به ماذا؟ الأمر النفسي قال: وهو العمدة والأصل: هذا الذي حد به النفسي ** وما عليه دل كل لفظي إذن عرف ماذا النفسي ثم ما يدل عليه وهو اللفظ وقلنا هذا باطل بل الأمر هو عين اللفظ واللفظ هو عين الأمر واللفظ اسمٌ لمجموع أو الأمر اسمٌ لمجموع اللفظ والمعنى معًا لا يوصف اللفظ فقط بل الأمر دون المعنى ولا يوصف المعنى بالأمر دون اللفظ فقط بل هما كالإنسان الإنسان مسماه مسمى للجسد والروح معًا أليس كذلك فليس اسمًا للجسد دون الروح ولا للروح دون الجسد إذن اقتضاءُ فعل دون غير كف مدلولٍ عليه لا بنحو كف، نقول: هذا هو الأمر النفسي وإذا أردنا الأمر اللفظي نقول: هو اللفظ الدال على اتضاح فعلٍ غير كفٍ مدلولٍ عليه لا بنحو كف هذا إذا أردنا الأمر اللفظي نقول: هو اللفظ نصدر باللفظ ولا نصدر بالاقتضاء ولا بالاستدعاء اللفظ الدال على اقتضاء فعلٍ غير كفٍ مدلولٍ عليه أي على هذا الكف لا بنحو كف هذا الأمر اللفظي وإذا أردنا هنا الأمر الشرعي يعني قلنا: بالقول اعترضنا عليه أنه خصه باللفظ وإذا أردنا إدخال الإشارة والكتابة فنقول: الأمر اللفظي الشرعي الأمر الشرعي ما دل على اقتضاء فعلٍ غير كفٍ ** مدلولٍ عليه لا بنحو كف وما هنا يشمل اللفظ ونحوه لأنه اسم موصوف بمعنى الذي فيشمل القول واللفظ والإشارة والكتابة والقرائن أو الرموز المفيدة فكل ما دل على الطلب في الشرع سواء كان طلب أو غيره فهو داخلٌ في قوله: ما، لأنها اسم موصول بمعنى الذي ثم قال: (بِصِيغَةِ افْعَلْ) قلنا للأمر صيغة باتفاق السلف لا إشكال والخلاف هل للأمر صيغة هذا خلافٌ بعدت والسؤال بدعة والسؤال عنه بدعة هل للأمر صيغة هذا سؤال محدثٌ وبدعة لماذا؟ لأن هذا فرعٌ عن إثبات الكلام النفسي يلزمه لذا قال السيوطي: ليثبت لمثبت النفسي خلفٌ يجري

لمثبت النفسي: أما المعتزلة ليس عندهم خلاف ولا عبرة به وأهل السنة والجماعة ليس عندهم خلاف ليدخل في إطباق السلف أن الأمر له صيغة بل بعضهم منع أن يقال: صيغة الأمر كيف يقال: صيغة الأمر والأمر هو عين الصيغة هذا من باب إضافة الشيء إلى نفسه لكن يمكن تأويله هذا لا إشكال فيه لأنه ليس فرعًا عن مسألة عقدية. ولا يضاف اسمٌ لما به اتحد ** معنًى أو والموهم إذا ورد يعني: إذا ورد الموهمًا حينئذٍ له تأويل وهذا له تأويل من باب إضافة الاسم إلى المسمى المسمَى إلى الاسم جاء سعيدُ كرزٍ. سعيدُ هو كرزٍ هذا لقب وسعيد اسمٌ نقول: جاء مسمى هذا الاسم وصيغة الأمر. صيغة هي المسمى والأمر اسمه من باب إضافة المسمى إلى الاسم فلا إشكال وإن كان بعضهم منع هذا إذن قوله: (بِصِيغَةِ افْعَلْ). المراد بالصيغة الحروف والحركات والسكنات، (بِصِيغَةِ افْعَلْ) قلنا ليس المراد عين هذا الفعل وإنما المراد ما دل على الطلب فيشمل حينئذٍ افعل وأَفعِل أكرِم وتفعل تكرم وأيضًا استفعَل واستفعِل وانفعل وافعلي وافعلا وافعلوا وافعلن وهذا كله دال على الطلب وإنما خص صيغة افعل لكثرة دورانها على الألسنة إذن (بِصِيغَةِ افْعَلْ) أي: بالصيغة الدالة على الأمر افعل وليس المراد هذا الوزن بخصوصه بل كون اللفظ دالاً على الأمر بهيئته وذكرنا أربع صيغ للأمر (بِصِيغَةِ افْعَلْ) هذا جارٌ مجرور متعلق بقوله: (حُقِّقَا) (فَالوُجُوبُ حُقِّقَا) (بِصِيغَةِ افْعَلْ) هذا التركيب الفاء هذه يحتمل أنها عاطفة أو للترتيب ترتيب ما بعدها على ما قبلها يعني: إذا علم حد الأمر فلابد له من صيغته عند بعضهم وعليه ما مدلول هذه الصيغة قال: (فَالوُجُوبُ حُقِّقَا) (بِصِيغَةِ افْعَلْ) إذن (بِصِيغَةِ) هذا جار مجرور متعلق بقوله: (حُقِّقَا) بمعنى ثبت عند جمهور العلماء من أرباب المذاهب الأربعة أن صيغة افعل حقيقةٌ في الوجوب يعني وجوب ماذا؟ وجوب الامتثال (افْعَلْ) تدل على الوجوب وجوب ماذا؟ نقول: وجوب الامتثال امتثال المأمور به إذن إذا أطلق صيغة (افْعَلْ) نقول: تدل على الوجوب وصيغة (افْعَلْ) هذه لها ثلاثة أحوال، إذا أردنا البحث في دلالتها على الوجوب أو غيره نقول: لها ثلاثة صور أو ثلاثة أحوال إما أن تقترن بقرينة تدل على الوجوب افعل، صل وإلا قتلتك صل هذا أمر صيغة افعل وإلا قتلتك وإلا تصل أقتلك وإلا قتلتك هذا .. عقاب ولا يترتب العقاب إلا على ترك واجب حينئذٍ بالإجماع أن صل في هذا التركيب للوجوب لا خلاف إجماع أن قوله: صل وإلا قتلتك أن القرينة هنا عينت ودلت على الوجوب، هذه حالة وهذه لا خلاف فيها ليس فيها محل نزاع بين الأصوليين.

الحال الثانية: أن يقول صل إن شئت. صل: هذه صيغة افعل، إن شئت: علقه بالمشيئة هل في الأمر الواجب خيرة ومشيئة؟ لا ليس فيه خيرة ولا مشيرة وإنما هذا ضابطٌ للندب فدل على أن صلي هنا ليس للوجوب وهذا بالإجماع لا خلاف فيه إذن حالان بقي ماذا؟ أن يقول: صل لم يقترن بقرينة تقتضي أو تدل أو تعين الوجوب ولم يقترن بقرينة تدل أو تعين الندب هذه الصيغة صيغة صل مجردةً عن القرينة أي قرينة المقتضي أو الدالة على الوجوب والقرينة الدالة أو المقتضي للندب هذه محل نزاع ونقول: محل نزاع عند المتأخرين وإلا عند الصحابة لا نزاع بينهم قيل: صيغة افعل حيث القرينة انتفت وأطلق تفيد الوجوب يعني: تدل على؟ على الوجوب وجمهور المذاهب الأربعة على هذا جمهور أهل العلم لذلك قال: وافعل لدى الأكثر للوجوب. وافعل لدى الأكثر يعني: أكثر العلماء من أرباب المذاهب الأربعة للوجوب، يعني: تفيد الوجوب دلت على الوجوب. إذن إذا أطلق لفظ صلي بدون قرينة نقول: هذه تفهم الوجوب ومن قال بالوجوب: وهم الجمهور قالوا: دلالة الصيغة افعل للوجوب هل فهم الوجوب من صيغة افعل باللغة، أو الشرع، أو العقل، ثلاثة أقوال. والأصح أنه باللغة والشرع معًا دلت صيغة افعل على الوجوب بماذا؟ باللغة، والشرع. أما اللغة: فلو أمر السيد عبده أو الأب، ابنه بقوله: اسقني ماءً فذهب الولد وترك أباه فعاقبه هل يلام الأب في معاقبة ابنه لترك الامتثال أو لا؟ لا يلام ولا يعاتب وهنا معاقبته تدل على ماذا؟ على أنه ترك واجبًا حينئذٍ قالوا فلو أمر السيد عبده بفول: اسقني ماءً أو اشتري لي ماءً فلم يمتثل فعاقبه نقول: هنا يستحق العقوبة فلو رآه أهل اللغة واللسان فسأله لم عاقبت عبدك أو لم عاقبت ابنك. قال: لعدم امتثاله قولِ اسقني ماءً. اتفق أهل اللغة على عدم لومه وتوبيخه وذمه إذن دل من جهة اللغة على أنه يفيد الوجوب. من جهة الشرع: واضح لا إشكال فيه، قوله تعالى: {((((قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا ((((((} [الأعراف:11] {(((((((((((} هذا أمر مطلق أو مقيد مطلق لم يقيد بقرينة تدل على الوجوب ولم يقيد بقرينة تدل الندب {(((((((((((لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:12،11] ورتب على عدم امتثال إبليس للسجود طرده من رحمته وجنته وأبعده من رحمته حينئذٍ ترتب العقاب هنا على عدم امتثال إبليس للسجود يدل على ماذا؟ على الوجوب لماذا؟ لأنه لا يترتب العقاب إلا على ترك الواجب لأنه لو لم تدل صيغة {(((((((((((} للوجوب لقال إبليس: ما وجب علي ما قال: {(((((أَنَا خَيْرٌ (((((((} {(((((مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:12]. لو كانت صيغة افعل لا تدل على الوجوب ماذا يقول: هو ما درس أصول لكن ماذا يقول؟ يقول: لم يجب علي ما وجب عليّ السجود لأن صيغة افعل لا تدل على الوجوب لكن لما ترتب العقاب والذم حينئذٍ دل على صيغة افعل تدل على الوجوب شرعًا ولغةً. ومفهم الوجوب يدر الشرع ** أو الحدا أو المفيد ...

حينئذٍ يكون الصواب أن صيغة افعل تدل على الوجوب وجه دلالة صيغة افعل على الوجوب مأخوذ من اللغة ومن الشرع يترتب على هذا أنه لو أمر آمرٌ في غير الشرع هل يستحق العقاب عند عدم الامتثال أو لا؟ يستحق أو لا؟ يستحق لأن العقوبة تكون مستفادة من اللفظ كما أن الاقتضاء الجازم مستفادٌ من اللفظ افعل صل نقول: هذا اقتضاء جازم أو لا؟ اقتضاء جازم فهم من صيغة افعل كذلك يستفاد منه لدلالته على الوجوب ترتب العقاب حينئذٍ يكون العقاب مستفادًا من اللفظ كما أن الاقتضاء الجازم يكون مستفاد من اللفظ عرفنا هذا أن مفهم الوجوب مأخوذٌ من اللغة والشرع معًا وأما العقل فلا مدخل له في الشرعيات لا مدخل له في الشرعيات، يقولون في العقل يعني: لو أراد أن يستدل يقول: اللغة دلت على الطلب فلو لم يحمل صيغة افعل على الوجوب لدل على أن كل فعل أمرٍ في الشرع هو في تقدير افعل إن شئت وهذا أخرج الأوامر كلها عن الوجوب إلى الاستحباب والنفل وهذا باطل إذن من الصواب أن نقول: من الشرع لا من العقل، ما الأدلة من الشرع التي تدل على أن صيغة افعل تدل على الوجوب؟ نقول: هذا دل عليه الكتاب والسنة وإجماع أهل اللفة وإجماع الصحابة، وإذا قيل إجماع أهل اللغة والصحابة أين هو الخلاف؟ نقول: الخلاف متأخر، وحكا ابن قدامة رحمه الله: إجماع الصحابة على أن صيغة افعل تدل على الوجوب كما سيأتي إذن من الكتاب قوله تعالى: {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((((} [النور:63].

{((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ ((((((((} في الدنيا هنا مطلق الفتنة لم تعين قيل: الزلازل قيل نحو ذلك: {((((يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((((} هذا في الآخرة رتب على مخالفة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقيل مرجع الضمير الرب جل وعلا أو هما معًا لا إشكال رتب العقاب بالفتنة أو العذاب الأليم على مخالفة أمر الرب جل وعلا أو أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو هما معًا وترتب العقاب يدل على ترك الواجب قال القرافي: لا ذم إلا على ترك الواجب أو فعل محرم فإذا رتب العقاب على ترك الشيء في الشرع دل على أن ذلك الأمر واجب {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((((} جمهور الأصوليين المثبتين للوجوب بصيغة افعل يجعلون هذه الآية أول الآيات مما يستدل به على الوجوب ولكن فيه نوع إشكال فهمتم وجه الاستدلال أولاً أنه قال: {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ ((((((((((} أمر من أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - {((((((((((} واحد أو أوامره؟ أوامره أمره هذا اسم جنس مضاف مثل: {(((((تَعُدُّوا نِعْمَةَ ((((} [النحل: 18] نعمة واحدة أو عدد؟ عدد هنا {((((((((((} أمر هذا اسم جنس مضاف إلى الضمير فيعم أي: عن أوامره رتب الفتنة والإصابة بالعذاب الأليم في الآخرة على المخالف فدل على أنهم تركوا واجبًا إذن أمر النبي للوجوب وأمر الله جل وعلا يكون أيضًا للوجوب لكن هناك نوع إشكال في الآية في الاستدلال بالآية وهو قوله: {((((((((((((عَنْ ((((((((((} خالف زيدٌ عمرًا خالف بمعنى ذهب إلى الشيء دونه وهذه تتعدى إلى نص على ذلك الزمخشري في ((الكشاف)) ومنه قوله تعالى: {((((((أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88] يعني: ما أريد أن أذهب {((((((مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} دون غيره حينئذٍ تأتي خالف بمعنى: الذهاب هذه تتعدى بنفسها وخالف بمعنى: عدم الامتثال هذه تتعدى بنفسها خالف زيدٌ عمرًا، خالف: فعل ماضي زيدٌ فاعل، عمرًا مفعول به خالف، هنا يخالفون أمره قال: {((((((((((((عَنْ ((((((((((} ما إعراب أمره؟ اسم مجرور بعن أين مفعول {((((((((((((} السؤال أين مفعول {((((((((((((}؟ أقول: أين مفعول؟ فهم السؤال نصف الإجابة أين مفعول {((((((((((((} ونحن صغار يقولون: فهم السؤال نصف الإجابة {((((تُلْقُوا (((((((((((((} [البقرة:195] أين المفعول به؟ الباء زائدة نعم {((((((((((} هذا هو المفعول به فليحذر الذين يخالفون أمره هذا هو الأصل لأن خالف يتعد بنفسه حينئذٍ {(((((((((((((} إذا أردنا الاستدلال به على الوجوب نقول: هذه عن صلة.

الثاني: وهذا قول أبي عبيدة والأخفش أن {(((} في الآية صلةٌ يعني زائدة وعليه يكون {((((((((((} هذا مفعولٌ به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد هذا يكفي {(((((((((((((} فحينئذٍ نحكم على {(((} بأنها زائدة طيب، هذا وجه إذا حكمنا على عن بأنها زائدة فلا إشكال، وذهب الخليل وسيبويه إلى أن عن هنا بمعنى بعد يخالفون بعد أمره ففسقوا عن أمر بهم أي بعد أمر ربهم {((((((((((((طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ((((} [الانشقاق:19] عن تأتي بمعنى بعد وهذا لا إشكال فيه.

والقول الثالث: أن يقال: أن خالف هنا ضمن معنى فعلٍ يتعدى بعن، وهذا الفعل الذي يتعدى بعن إما صد أو يصد إذا أردنا الفعل المضارع أو يعرضون {(((((((((((عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: 47] {(((((((((((((} يتعد بعن {(((((أَعْرَضَ عَنْ (((((((} [طه:124] يتعد بعن إذن ضمن يخالفون معنى يصدون أو يعرضون عن أمره وإذا ضمن معني يصدون ومعنى يعرضون صار في الاستدلال بها على أن مطلق افعل للوجوب فيه نوع إشكال لأنه حينئذٍ يكون هذه الآية تابعة لما سبق في شأن المنافقين وليست في شأن عقاب المؤمنين وعليه إذا أردنا الاستدلال بها على الوجوب فحينئذٍ نقول: أن {((((((((((((} هنا على أصله وليس مشترك بمعنى: يصدون أو يعرضون ونجعل عن لأنها زائدة وأمره هو المفعول به وأن تصيبهم {((((((((} هذا هو مفعول {(((((((((((((((((((((} هذا فاعل يحذر {(((((((((((} المخالفون {(((((((((((((} إصابة {((((((((} لهم أو إصابة عذاب {(((تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ (((((((((((} أو إصابة {(((((((أَلِيمٌ ((((} فيكون التقدير هكذا: {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ ((((((((((} إصابة فتنة لهم أو إصابة عذاب أليم. ويكون الاستدلال به على أن افعل تدل على الوجوب فيه ضعف حينئذٍ ننتقل إلى الدليل الآخر، يعني يقوى هذا الاستدلال بقوله تعالى: {(((((كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ (((((((} [الأحزاب:36] {((((((((((} {(((((((} إذا شرطية، وقضى فعل ماضي، وأمرًا هذا مفعول به، وهو نكرة في سياق الشرط فيعم يعني يكون كل الأوامر هذا الأصل فيها {(((((قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] إذن إذا أمر الله بالأمر امتنعت الخيرة عن المؤمنين والمؤمنات وهذا شأن ماذا؟ شأن الواجب فالواجب لا تخير فيه وإنما هذا شأن الندب أيضًا قوله تعالى: {(((((((قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ((((} [المرسلات:48] هذا ذلهم على عدم الامتثال الأمر بقوله: {(((((((((((لَا يَرْكَعُونَ ((((} فدل على ماذا؟ على الوجوب لأنه لا ذم إلا على ترك واجب أو فعل محرم هذا من الكتاب ويكون الدليل حينئذٍ مركبًا لأن بعض الأحكام الشرعية قد تثبت بدليلٍ صحيحٍ من جهته ثبوت ومن جهة الاستدلال ولا يكون فيه أي إشكال هذا نقول يكون الدليل فيه بسيط وهذا قليل المسائل الفقهية الأكثر فيها أن الأدلة فيها مركبة يعني: مسألة واحدة تجد أن الأدلة متعاضدة بعضها على بعض في إثبات حكمٍ شرعي واحد وقد تثبت المسألة بدليلٍ واحدٍ إذا صح الاستدلال بالآية مثلاً أو الحديث ولا اعتراض فحينئذٍ من الكتاب نقول تدل الآيات بمجموعها على أن صيغة افعل للوجوب لأن الآية الأولى فيها نزاع {((((((((((((عَنْ ((((((((((} قالوا: نزلت في شأن المنافقين لأنهم يعرضون ويصدون وليس من شأن المخالفين أو فسقة المؤمنين وقوله: {(((((قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ (((((((} أيضًا فيه كلام لأن قضى قيل: بمعنى إلزام.

{(((((((قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ((((} قالوا: هذا في شأن المنافقين إذن بمجموع الآيات يثبت أن صيغة افعل تدل على الوجوب أما من السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عن كل صلاة» «لولا» تفيد امتناع الشيء لوجود غيره حرف امتناع لوجود هذا عند سيبويه لولا زيد لأكرمتك إذن انتفى الإكرام لانتفاء زيد ويثبت الإكرام لوجود زيد حرف امتناع لوجد فامتنع الإكرام لوجود زيد لولا زيد لأكرمتك يعني: لولا وجود زيد لأكرمتك يعني: زيد وجوده مانعٌ من الإكرام، طيب «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عن كل صلاة» لولا أن المشقة تثبت في السواك عند الأمر به لأمرتكم به إذًا حينئذٍ يلزم من وجود الأمر وجود المشقة وهذا شأن الواجب «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك». إذن انتفى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسواك أمر إيجاب لماذا؟ لأنه لو أمر لشق فلم يأمر فدل على أنه لو أمر لشق وهذا شأن الواجب كذلك كما جاء في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة بفسخ الحج إلى العمرة وافقوا أم عارضوا تأويلاً؟ عارضوا تأويلاً فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضب لماذا؟ لأنه أمر فخولف ولذلك لما دخل على بعض زوجاته قالت: من أغضبك أغضبه الله قال: «مالي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع». فدل على ماذا على أن مطلق الأمر يقتضي الوجوب هذا يضم مع الكتاب والسنة بمجموع الكتاب والسنة (بِصِيغَةِ افْعَلْ فَالوُجُوبُ حُقِّقَا).

الثالث: نقول: إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم فإنهم أجمعوا على وجوب طاعة الله وامتثال أوامره من غير سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - عما عنى بأوامره هل نقل عن الصحابة أن لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعة». قالوا: الأمر هنا أمر إيجاب وندب هل نقل؟ لم ينقل قوله تعالى: {(((((((((((((((((((((((} [البقرة:43] لم يستفسروا عما علا الرب جل وعلا عن أمره على الأمر يقتضي الوجوب أو الندب إذن عدم استفسارهم لحملهم على أوامر الله وأوامر رسوله - صلى الله عليه وسلم -: على وجوب امتثال دون السؤال هل تقتضي الوجوب أو الندب نقول هذا يدل على إجماعهم على ذلك وهو أن صيغة افعل تدل على الوجوب ولهم مقاعد كثيرة بمجموعها تفيد تواترًا تَواترًا معنويًا أن الصحابة يحملون صيغة افعل المجردة عن القرائن على الوجوب وذكر ابن قدامة في ((الروضة)) بعض الأمثلة قال: كما في أخذهم الجزية من المجوس احتار عمرو رضي الله تعالى عنه في الجزية هل يأخذها من المجوس أم لا؟ فشهد عنده عبد الرحمن بن عوف أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سنوا». هذا أمر «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» فحكم عمرو بأخذ الجزية من الصحابة وجوبًا والصحابة حاضرون ولم ينقل عن أحدٍ منهم أنه خالف وهذا يدل على الإجماع لأنه كما سيأتي معنا إذا نطق صحابي واحد بأمرٍ لا يخالف كتابًا ولا سنة بل يوافق كما هنا فسكت البقية فصار إجماعًا سكوتيًا فكان إجماعًا كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق: «فليغسله سبعا». أجمعوا على وجوب غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا كذلك في استدلال أبي بكرٍ رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى: {(((((((((((((((((((((} [البقرة: 4] على قتال المرتدين والصحابة بمحضٍر ولم ينكر واحدٌ منهم وإنما حصل نزاع في أمرٍ خارج عن وجوب الزكاة أيضًا استدل بعضهم بحديث بريرة أنها قالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال لها: «لا إنما أنا شافعٌ». إذن لو أمر لوجب الامتثال فهذه الوقائع بمجموعها تفيد تواترًا معنويًا أن صيغة افعل تدل على الوجوب هذا إجماع الصحابة. كذلك رابعًا إجماع أهل اللغة واللسان: على أنهم عقلوا من إطلاق الأمر الوجوب، لأمرين كما سبق أن السيد لو أمر عبده بأمر اسقني ماءً اشتري متاعًا فلم يمتثل فعاقبه لما ليم السيد على عقابه لعبده فلو رآه أهل اللغة وسألوه فبين لهم السبب لما أنكروا عليه أيضًا مخالفة الأمر معصية تسمى معصية. أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني {((يَعْصُونَ اللَّهَ مَا ((((((((((} [التحريم:6]، {(((((((((((((((((((} [طه:93] إذن المخالفة تسمى معصية والمعصية تقتضي العقوبة فحينئذٍ دل على أن الأمر يقتضي الوجوب هذه أربعة أدلة تدل على أن صيغة افعل عند الإطلاق عن القرينة الدالة على الوجوب وعن القرينة الدالة على الندب تحمل على الوجوب وهناك قول بأنها للندب لأنه المتيقن وهناك قول بأنها للإباحة وهناك قول بأنها لمطلق الطلب يعني: شامل بين الندب والإباحة وهناك من فصل بأن أمر الرب جل وعلا للوجوب وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - للندب هذه كلها أقوال لا أدلة صحيحة عليها.

وافعل ... أكثر الوجوب ** وقيل للندب أو المطلوب وقيل: للوجوب أمر الرب ** وأمر ما أرسله للندب حينئذٍ هذه مذاهب نقول الصحيح منها ولا داعي أن نقف مع أدلتهم والرد عليها وإنما نقول الحق أن صيغة افعل تدل على الوجوب لكن بالقيد السابق الصورة الثالثة هي التي محل النزاع أمر صلي وإلا قتلتك هذه واجب بالاتفاق، صل إن شئت مستحبٌ بالاتفاق إما إذا قال: صل وسكت هذه هي التي محل الخلاف عند المتأخرين وحكا ابن قدامة وغيره اتفاق السلف على أنها تفيد الوجوب (بِصِيغَةِ افْعَلْ فَالوُجُوبُ) يعني وجوب الامتثال (حُقِّقَا ** حَيثُ) (حَيثُ) هنا للتقييد (حَيثُ القَرِينَةُ) أي قرينة الصارفة عن الوجوب أو القرينة الدالة على الوجوب القرينة لها جهتان أما أن تدل على الوجوب وإما أن تصرف الفعل إلى الندب (حَيثُ القَرِينَةُ انتَفَتْ) يعني: عدمت (حَيثُ القَرِينَةُ انتَفَتْ وَأُطْلِقَا) (وَأُطْلِقَا) هذا عرفه على القرينة وإن كان الأصل صحاب الورقات قال: (فَالوُجُوبُ) عند الإطلاق وعدم القرينة أو كذا قال قدم الإطباق وأخر القرنية وهذا لا إشكال فيه. لماذا؟ لأن القرينة يكون من عطف بعض الشيء على الشيء الإطلاق قد يكون إطلاق عن قرينة وعن غيره فإذا عطف عليه القرينة يكون من بابا عطف بعض الشيء على الشيء أما إذا عكس يكون من باب عطف العام على الخاص لكن ليس فيه جهات عموم عنا (حَيثُ القَرِينَةُ) أي: صارفة عن الوجوب أو إلى الندب (انتَفَتْ) أي عدمت (وَأُطْلِقَا) أي: عند الإطلاق والتجرد عن القرينة هكذا عبر الأصل عند الإطلاق والتجرد عن القرينة والإطلاق يعني: إطلاق عن القرينة والتجرد من القرينة هو الإطلاق هذا هو الأصل لكن تخريجًا لكلام الناظم كأصله لا بد من وجود نوع مغايرة بينهما وإلا الإطلاق يكون الإطلاق عن القرينة والتجرد عن القرينة واضح هو عين الإطلاق إذن هما شيءٌ واحد هذا في الأصل لكن إذا أردنا أن تعتذر وأن نجعل لكلامي مخرجًا فنقول عرف على الإطلاق من باب عطف بعض أفراد الشيء عليه لماذا بين به أن الإطلاق المراد منه الإطلاق من شيءٍ مخصوص وهي القرينة الصارفة إذا قيل: افعل أذا أطلقت، أطلقت على أي شيء هذا يحتمل عن القرينة أو عن غيرها فقوله: عند الإطلاق والتجرد عن القرينة فسر الإطلاق ما هو وهو أنه التجرد عن القرينة الحاصل أن الإطلاق والتجرد عن القرينة هما بمعنى واحد ولا نتكلف. لامَعْ دَلِيلٍ دَلَّنَا شَرْعًا عَلَى ** إِبَاحَةٍ فِي الفِعْلِ أَوْ نَدْبٍ فَلا

يعني: أن صيغة افعل تحمل على الوجوب عند الإطلاق وعدم القرينة فإذا وجد الدليل يدل على الإباحة حملت على الإباحة ولا إشكال {(((((((حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] {((((((((((((((} هذا أمر نقول: للوجوب الصيد؟ لا لماذا؟ نقول: اصطادوا هذا فعل أمر والأصل فيه أنه يقتضي الوجوب ولكن وجدت قرينة صارفة للأمر عن الوجوب إلى الإباحة ولا نقول: للندب لماذا؟ لأن الأمر هنا وقع بعد حظرٍ والأمر بعد الحظر عند بعضهم للإباحة مطبقًا وعلى الصحيح أنه يرد الشيء إلى ما كان عليه قبل الحظر فإن كان واجبًا رجع واجبًا وإن كان مستحبًا رجع مستحبًا وإن كان مباحًا رجع مباحًا وهنا الاصطياد أصله مباح ثم حرم للإحرام ثم قال: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} رجع إلى أصله. {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]، {(((((((((الْبَيْعَ} هذا نهي أو أمر أمرٌ بترك البيع ففيه معنى النهي ثم قال: {(((((((قُضِيَتِ الصَّلَاةُ ((((((((((((((} [الجمعة:10] {(((((((((((((ْ} هذا فعل أمر نقول: يجب؟ لا يجب مندوب؟ لا مباح لماذا؟ لأنه أمرٌ بعد حرف وهذا قرينة صارفة بصيغة افعل من الوجوب إلى الإباحة قد يصرف إلى الندب قد يكون بقرينة متصلة أو بقرينة منفصلة مثله مثل إلى الإباحة يعني: القرينة لا يشترط فيها أن تكون متصلة بصيغة افعل {((((((((((((((إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور:33] {((((((((((((((} هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب فكل صحابي عنده عبدٌ مسلم فيه خير يجب ماذا؟ يجب إعتاقه لكن هل هذا فعله كل الصحابة لا بعض الصحابة عنده من توفر فيه هذا الشرط ولم يعتق أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - تقرير النبي عليه الصلاة والسلام حجة دليل شرعي فهو قرينة صالحة لصرف الأمر عن الوجوب إلى الندب، إذن {((((((((((((((} نقول: الأصل أنه يقتضي لكنه مصروف بقرينة منفصلة وهي السنة التقريرية «صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب». ثلاثة ثم قال: «لمن شاء». «لمن شاء» هذا قيد قرينة متصلة تدل على ماذا؟ على «صلوا قبل المغرب»، «صلوا». هذا فعل أمر يقتضي الوجوب والمغرب هذا مستمر فحينئذٍ إذا حملناه على الوجوب نقول: هذا زيادة صلاةٍ سادسة لو حملناه على الوجوب لكن نقول: هذا مصروف بماذا؟ بقوله: «لمن شاء» هذا قول، وقيل: لا مصروفٌ من الوجوب إلى الندب لقوله: «خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة». هذا هل عليّ غيرها. قال: «لا». إذن هذه قرينة منفصلة صارفة للأمر «صلوا قبل المغرب» من الوجوب إلى الندب وقوله: «لمن شاء». صارفٌ للأمر من كونها سنةً راتبة إلى كونها مطلق السنة واضح؟ «لمن شاء». ليس صارفًا له من كونه أمرًا إلى الندب، لا بل هو صارفٌ له من كونه سنةً راتبة إلى كونه مطلق السنة وإلا لو قلنا أنه صارفٌ مطلقًا وقلنا قبل المغرب هذا تحديد له فصار سنةً راتبة يلحق بغيرها ولكن نقول: «صلوا» هذا مصروفٌ بالأدلة الدالة على أنه لا زيادة صلاة مستقرةٍ كل يومٍ وليلة على الخمس المحفوظة «خمس صلوات» هل عليّ غيرها. قال: «لا».

حينئذٍ نقول: هذه قرينة صارفة لـ «صلوا قبل المغرب». من الوجوب إلى الندب ثم قد يكون ظاهر «صلوا قبل المغرب». هل هو الظاهر أنه سنة راتبة؟ «لمن شاء» صرف من السنة الراتبة إلى مطلق السنة هكذا قرره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، نقول: هذا يحمل على الندب هذا مثال للندب. إذن قوله: لا هذا بقوة الاستثناء لأنه قال: إلا في الأصل عبر بإلا في الورقات هنا ما استطاع أن يأتي بإلا فقال: لا. فهو في قوة الاستثناء المنقطع لأن الدليل هو القرينة ويمكن أن يكون متصلاً ويمكن أن يكون نعم ويمكن أن يكون منفصلاً أما القرينة تختص بما كان متصلاً بالصيغة لكن هذا فيه نظر يعني: كأنه يريد أنه يغاير بين إطلاق المصنف هنا كأصله قال: (حَيثُ القَرِينَةُ انتَفَتْ وَأُطْلِقَا) هذا لا إشكال فيه، قال: (لامَعْ دَلِيلٍ) إلا إذا دل دليل طيب ما الفرق بين هذا الكلام ما بعد إلا وعما قبله؟ لا فرق هو عينه قال: بِصِيغَةِ افْعَلْ فَالوُجُوبُ حُقِّقَا ** حَيثُ القَرِبنَةُ انتَفَتْ وَأُطْلِقَا انتهى الكلام حَيثُ القَرِبنَةُ انتَفَتْ وَأُطْلِقَا لامَعْ دَلِيلٍ دَلَّنَا شَرْعًا عَلَى ** إِبَاحَةٍ فِي الفِعْلِ أَوْ نَدْبٍ فَلا

هل في هذا البيت زيادة علمْ على البيت السابق؟ نقول: لا ليس فيه تأصيل المسألة وإنما فيه مزيد إيضاح وتبين وتفسير وشرح فقط ولذلك لما عبر صاحب الأصل بقوله: إلا إذا دل الدليل. قالوا: لابد من التفريق بين الدليل والقرينة، والقرينة لا تكون إلا متصلة والدليل قد يكون متصلاً وقد يكون منفصلاً يرد السؤال القرينة هل هي دليلٌ شرعي أو لا هي دليلٌ شرعي إذن ما الفرق بين الدليل والقرينة؟ لا فرق قالوا: من باب التكلف (لامَعْ دَلِيلٍ دَلَّنَا شَرْعًا) إذن لابد أن تكون القرينة صارفة معلومةً من جهة الشرع لأن صرف الواجب إلى الندب هذا حكمٌ شرعي وهو متنقل من الشرع وصرفه من الوجوب إلى الإباحة هذا حكمٌ شرعي إذن لابد أن يكون متنقل من الشرع يبقى سؤال هل القرينة هذه ضابط؟ هل للقرينة ضابط؟ الظاهرية عندهم لها ضابة واستقامت معهم الأمور قالوا: لا قرينة إلا بنصٍ أو إجماعٍ فقط. لا قرينة إلا يعني: لا قرينة صارفة للوجوب إلا النص يعني من الكتاب والسنة أو إجماعٍ فقط إلا النص أو إجماعٍ فقط وما عداه لا يصلح أن يكون قرينة صارفة للوجوب إلى الندب أو الإباحة لأن الوجوب إذا ثبت لمقتضًى شرعي لابد من دليلٍ مساوٍ له أو أعلى أما أن يكون دليل أدنى منهم فلا إذن على كلامهم هذا خالفوا جماهير أهل العلم نقول: {((((((((((((((إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور:33] قلنا هذا مصروف بماذا؟ بالسنة التقليلية ليست نصًا ولا إجماع ولذلك قالوا: بوجوب المكاتب لماذا؟ لعدم اعتبار هذه القرينة فلا تسمى قرينة عندهم المفهوم القياس الظاهر السنة الفعلية كل هذه لا تعد من القرائن أما عند الجمهور فأي قرينةٍ من نصٍ أو إجماعٍ أو قياس لصحيح أو ظاهرٍ معتبر أو مفهوم موافقة أو مخالفة يصلح يصبح أن يكون مادام أنه تثبت به الأحكام الشرعية صح أن يكون صارفًا للوجوب من الوجوب إلى الندب أو إلى الإباحة لماذا؟ لأنه لا يشترط في الصارف أن يكون مساويًا للمصروف لا يشترط، لا شك أن المنطوق أعلى من المفهوم لا شك في هذا لكن هل هما في درجةٍ سواء لا المنطوق أعلى درجة من المفهوم لكن المفهوم هل يصلح أن تثبت به الأحكام؟ نقول: نعم دليل شرعي إذا كان دليلاً شرعيًا إذن يجوز أن يصرف به مطلق الأمر من الوجوب إلى الندب الحاصل أن في تحديد القرينة خلاف بين المذاهب الأربعة والظاهرية جمهور الفقهاء والأصوليين على أن أي قرينةٍ صلحت لأن يثبت بها حكمٌ شرعي صارت دليلاً شرعيًا صح أن تكون صارفة للأمر عن الوجوب إلى الندب أو الإباحة وعند الظاهرية لابد من نصٍ أو إجماعٍ وما عداهما لا يصح أن يكون صارفًا للأمر عن الوجوب إلى الندب أو الإباحة وهذا بناءً منهم على أنه لابد من أن يكون الصارف مساويًا في الدلالة أو الثبوت بالمصروف. لامَعْ دَلِيلٍ دَلَّنَا شَرْعًا عَلَى ** إِبَاحَةٍ فِي الفِعْلِ أَوْ نَدْبٍ فَلا

يعني: فلا نحمله فلا نحمله على الوجوب (لامَعْ دَلِيلٍ) يعني: (فَالوُجُوبُ حُقِّقَا) (لامَعْ دَلِيلٍ) هذا تعطفه على قوله: (فَالوُجُوبُ حُقِّقَا) ليستقر الكلام (لامَعْ دَلِيلٍ دَلَّنَا شَرْعًا عَلَى ** إِبَاحَةٍ) (شَرْعًا) نأخذ منها أن الدليل الذي يكون صارفًا للأمر عن الوجوب لابد أن يكون شرعيًا مما تثبت به الأحكام الشرعية (إِبَاحَةٍ فِي الفِعْلِ) يعني: صرف صيغة افعل من الوجوب إلى الإباحة (أَوْ نَدْبٍ فَلا) فلا نحمله على الوجوب بل نحمله على الإباحة كما في قوله تعالى: {(((((((حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] أو على الندب كما في قوله: «صلوا قبل المغرب». (بَلْ صَرْفُهُ) (بَلْ) للانتقاص (صَرْفُهُ) أي: صيغة افعل (عَنِ الوُجُوبِ) هذا متعلق بقوله: (صَرْفُهُ) لأنه مصدر (حُتِمَا) الألف هذه للإطلاق والفعل مغير الصيغة يعني: لزم يتعين واجب يجب صرفه عن الوجوب لماذا؟ لأن الشرع إذا استعمل صيغة افعل مقيدة فالمعتبر القيد والمقيد معه كالأحكام الشرعية لا ننظر إليها بعين عوراء لا بد أن نجمع النصوص فننظر فيها معًا ولذلك أكثر الأحكام مثبتة بدليلٍ شرعي مركب انظر في كثير من المسائل تجد حكم واحد مأخوذ من دليل من الكتاب والسنة أو من السنة بالمجموع إلى آخره فحينئذٍ نقول: (بَلْ صَرْفُهُ عَنِ الوُجُوبِ حُتِمَا) يعني: واجبٌ ولا يجوز أن نقول: «صلوا قبل المغرب» أنه للوجوب لأننا تقولنا على الشرع ما لم يقل متى تدل افعل على الواجب إذا لم يكن ثم قيد فإذا كان ثم قيد ننظر في استقرار نصوص الشرع فإذا به لم يستعملها للوجوب إذا كان القيد صارفًا لها عن الوجوب وننظر في صيغة افعل باستقراء الكلام وحيين نجد أن صيغة افعل إذا قيدت بقيدٍ يدل على الوجوب كترتب العقاب لم يستعملها في الندب وإنما استعملها في ماذا؟ في الوجوب إذن: (بَلْ صَرْفُهُ عَنِ الوُجُوبِ حُتِمَا) هذا ليس مخيرًا للعبد أن يصرف أو لا يصرف نقول: لا بل هو واجبٌ ومتعين لأن الشرع له استعمالات بصيغة افعل إما مقيدة وإما مطلقة، إذا استعملها مطلقةً عن القيد فهي للوجوب وإذا استعملها مقيدةً فحينئذٍ لابد من حملها على ما استعملها الشرع فيه (بِحَمْلِهِ) يعني صيغة افعل (عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُمَا) يعني: من الإباحة أو الندب بقي بعض المسائل ولم يفي إلى آخره فهي تحتاج إلى درسٍ مستقل. نقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

24

عناصر الدرس * هل الأمر يقتضي الفور؟ * هل الأمر يقتضي التكرار؟ * قاعدة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب * الإتيان بالمأمور مسقط للطلب أو لا؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فآخر ما وقفنا عليها هي دلالة صيغة افعل المجردة عن القرائن علي أي شيء تدل عليه؟ وذكرنا أن دلالة الكتاب ظاهر الكتاب والسنة والإجماع وإجماع أهل اللغة أنها تدل عليه أنها تدل على الموجود حينئذٍ لو وجد صارف وقرينة تدل على أن المراد بصيغة افعل الندب حمل على الندب وإن دل الدليل على أن مراد صيغة افعل الإباحة حملت على الإباحة إذن تأتي بالوجوب وهو الحكم الشرعي، وتأتي بالندب وهو حكم شرعي، وتأتي بالإباحة وهو حكم شرعي، إذن صيغة افعل تأتي بثلاثة أحكام شرعية إذ أن الأصل لدلالتها هو الوجوب لذلك نقول: هي حقيقة في الوجوب مجاز في الندب وغيره. لماذا؟ لأن صيغة افعل لا تحمل على الندب إلا بقرينة وهذا شأن شَأن المجاز ولا تحمل أيضًا على الإباحة إلا بقرينة وهذا شأن المجاز هذا باعتبار الأحكام الشرعية تأتي بالتهديد وتأتي بالتسوية كما سيذكره الناظم في باب النهي لكن ينبغي أن نتنبه لمسألة وهي: أن صيغة افعل نعم تدل على الوجوب وتدل على وجوب ما دخل في منظوم افعل قد يظن ظان أن صيغة افعل تدل على وجوب ما دلت عليه بمثل مادة مصدر إذا قلت: صل دلت على وجوب الصلاة نقول: لو أطلق صل ولم يقيد بصفة أو مكان أو زمان نقول: حينئذٍ يحمل على مطلق الأمر للصلاة صل لكن لو قال: صل ركعتين. فحينئذٍ نقول: ركعتين هذا مقرون به وهو متعلق بصيغة افعل والأصل فيها أنها للوجوب فهل الركعتان داخلتان في مفهوم افعل الذي هو عدد الركعتان أم أن المراد مطلق الصلاة؟ الأول أم الثاني؟ الأول إذن حينئذٍ لو قال: صل ركعتين. فصلى ركعة واحدة هل امتثل؟ لم يمتثل مع أنه أثبت الصلاة نقول: لأن الامتثال هنا مركب من الصلاة والعدد حينئذٍ لا يكون ممتثلاً إلا بالإتيان بالمأمور به حالت كونه مركبًا لأن الشرع ( ... ) كان هذا المثال شرعي لم يأمر بصلاة مطلقًا بل أمر بالصلاة وعين لك عدد الصلاة عدد الركعات حينئذٍ صل ركعتين لا نقول: ركعتين هذا مفهوم عدد والعدد مفهوم مختلف فيه لا نقول: داخل في المأمور به فلا يكون الامتثال إلا بصلاة وعدد ركعاتها ركعتان لو قال: صل ركعتين في المسجد أو عند الميزان. فحينئذٍ لا يمتثل إلا بالإتيان بصلاة وعددها ركعتان وتحت الميزان نقول: هذا لا يصح الامتثال إلا بمجموع مركب. ولذلك النووي رحمه الله في المجموع في رده على من قال في حديث أسماء تحثه قال: «ثم تقرصه بالماء». تقرصه هذا خبر مرادًا به الأمر يعني: لتقرصه بالماء. قالوا: من لا يوجب غسل النجاسة بالماء قالوا: هذا لقب واللقب لا مفهوم هكذا يقول أليس كذلك؟ تقرصه بالماء بِالماء هذا جار ومجرور متعلق بتقرصه يقول: من لا يوجب غسل النجاسة بالماء يقول هذا لقب واللقب لا مفهوم له. قال ردًا على هذه المقولة: بل الماء داخل في المأمور به. وهذا هو الصحيح أن الماء داخل في المأمور به لأن الشرع لم يأمر بغسل النجاسة وأطلق نقول: لا، لا يمتثل «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله». يعني: بالماء إذا أطلق الغسل في لغة العرب انصرف إلى الماء أليس كذلك؟ لا غسل إلا بالماء حينئذٍ لو قال: فليغسله سبعًا فليغسله بالماء.

نقول: الماء داخل في مفهوم المأمور به فإذا وقع الغسل بغير الماء لم يكن ممتثلاً ولو جاز إيقاع لفظ الغسل على غير الماء لجاز أن يقع قوله تعالى: {((((((((((((((((((((((((} [المائدة:6] ولم يقل فاغسلوا وجوهكم بماذا؟ بالماء حينئذٍ الغسل إذا أطلق في لغة العرب لا ينصرف إلا باستعمال الماء في موضعه. الحاصل: أن صيغة افعل تنبهوا لهذا خاصة في الفقه أن النظر إذا صيغ في افعل لا تنظر إلى فعل الأمر فقط تقول: دل على الوجوب ثم ما عداه من المسائل والتميز والحال لا اعتبار لها لا نقول: دل كل ما تعلق بالفعل حينئذٍ هو داخل في مفهوم الأمر فإذا قال: أريقوا على بوله ذنوبًا من الماء. ما قال أريقوا وسكت قال ماذا؟ ذنوبًا من ماء إذن عين الماء فلا نقول: الماء هذا لقب واللقب لا مفهوم له. لا، نقول: هذا داخل في حيز المأمور به. تنبه لهذا لأن قوله: بِصِيغَةِ افْعَلْ فَالوُجُوبُ حُقِّقَا **حَيثُ القَرِبنَةُ انتَفَتْ وَأُطْلِقَا المراد به صيغة افعل تدل على الوجوب وكذلك على وجوب ما اتصل بها وتعلق بها من مفاعل ونحوها واضح هذه المسألة؟ نعم. بَلْ صَرْفُهُ عَنِ الوُجُوبِ حُتِمَا لا مَعْ دَلِيلٍ دَلَّنَا شَرْعًا عَلَى ** إِبَاحَةٍ فِي الفِعْلِ أَوْ نَدْبٍ فَلا يعني: تحمل على الوجوب ... الإطلاق عن القرائن والدليل اللازم قلنا: الدليل هنا هو المراد به قرينة لأن قرينة تكون شرعية فحينئذٍ لا يجوز الصرف بها لا بد أن يكون ما يصرف افعل عن الوجوب لا بد أن يكون مما تثبت به الأحكام الشرعية. (بَلْ صَرْفُهُ) صرف افعل (عَنِ الوُجُوبِ حُتِمَا) يعني: أمر لازم يتعين لماذا؟ لوجوب (حُتِمَا) المراد به هنا حتم الشرعي أم عقلي أم لغوي؟ لماذا شرعي لأن الشرع لم يستعمل افعل على حالة واحدة بل له حالات حالة مجردة عن القرائن والأدلة الصارفة عن الوجوب إلى غيره، وحالة افعل مركبة مع دليل دال على أن افعل المراد به الندب، وحالة دالة على أن افعل مقترنة بقرينة دالة على استعماله في الإباحة. إذن إذا استعملها الشرع مجردة عن القرائن حينئذٍ يجب أن نقول: إما للوجوب. إذا استعملها الشرع مع قرينة دالة على الندب يتعين ويجب أن نقول: إنها للندب لأن الشرع لم يستعملها في هذه الحالة دالةً على الوجوب فإذا حكمنا بالوجوب مع قيام القرينة الدالة على الندب نكون قد تقولنا على الشرع ما لم يقل. كذلك إذا اقترن بصيغة افعل دليل دالٌ على الإباحة نقول: حكمنا بالإباحة وهي حكم شرعي لأن الشرع استعملها في ماذا؟ في الدلالة على الإباحة فإذا حكمنا مع وجود القرينة الصارفة من الوجوب إلى الإباحة حكمنا بالوجوب على الأصل قد تقولنا على الشرع ما لم يقل حينئذٍ (حُتِمَا) هذا أمر واجب ليس مخير إلى المكلف أو الناظر أنه إذا وجد قرينة تصرف صيغة افعل عن الوجوب إلى الندب وهو مخير يصرف أو لا يصرف نقول: لا يجب علينا أن نصرف صيغة افعل عن الوجوب ويحكم بأن المراد هنا هو الندب أو الإباحة (بَلْ صَرْفُهُ عَنِ الوُجُوبِ حُتِمَا) الحتم هنا شرعي. (بِحَمْلِهِ) يعني: صيغة افعل (عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُمَا) من الندب أو الإباحة.

ثم قال رحمه الله: (وَلَمْ يُفِدْ فَورًا) الندب وصيغة افعل (وَلَمْ يُفِدْ فَورًا) هذه المسألة يعنون لها عند الأصوليين الأمر المطلق هل يقتضي فعل المأمور به على الفور أو ليس على الفور؟ الأمر المطلق هل يقتضي فعل المأمور به على الفور أو ليس على الفور؟ هذا أصح ما يعنون للمسألة بهذا التركيب الأمر المطلق مطلق يعني: عن قرينة عن دليل لأن الأمر صيغة افعل باعتبار دلالتها على الفور أو عدمه على ثلاثة أحوال: افعل ويقترن به قرينة تدل على الفور قم الآن، صم اليوم، نقول: هذا قرينة تدل على أنه لا يجوز تأخير امتثال المأمور به. هذا بالإجماع باتفاق الأصوليين أن افعل تدل على الفور وليس هو مما محل خلاف. الحال الثانية: أن يقترن بها ما يدل على جواز التأخير يعني: تأخير امتثال المأمور به اليوم ماذا؟ اليوم يوم السبت لو قال: صم يوم الخميس، هل يتعين أن يصوم غدًا؟ لا إذن أخر ماذا؟ الصوم بقرينة تدل على جواز التأخير هذه الحال الثانية، هذه باتفاق أنها ليست للفور وإنما تدل على جواز تأخير المأمور به إلى وقته المحدد هذه المسألة باتفاق والأولى باتفاق.

ماذا بقي؟ بقي صيغة افعل غير مقترنة بقرينة تدل على الفور أو على عدم الفور هذه هي محل النزاع بين الأصوليين هل تدل على الفور أو لا؟ إذن الأمر المطلق مطلق على أي شيء عن قرينة تدل على الفورية نحو صم اليوم أو صل الآن أو صم الآن، الآن هذه قرينة تدل على الفورية لا يجوز تأخير المأمور به أو قرينة تدل على جواز التأخير صم شهر رمضان وقت هنا يجوز التأخير إلى وقته إذا لم يقترن افعل بقرينة تدل على الفورية أو عدمها حينئذٍ وقع نزاع بين الأصوليين عرفنا المراد بأمر المطلق الأمر المطلق هل يقتضي للسلب هل يقتضي فعل المأمور له على الفور المراد بالفور البدار والمبادرة إلى امتثال المأمور به يعني: منذ أن يسمع صيغة افعل يجب عليه إيقاع المدلول الذي دل عليه صيغة افعل ولا يجوز له التأخير لو قال: صل. منذ أن يسمع نهاية اللام يجب عليه أن يصلي مباشرة ولو لم يتوضأ؟ نقول: لا يجوز لا التأخير إذا قيل بالفور إلا بما لا يتم إلا به. يعني: فعل المأمور. إذا كانت الصلاة متوقفة على وجود الوضوء حينئذٍ يتعين التأخير للوجوب وتحصيل الشرط المقاع للصلاة هذا المراد بالفور أنه يقتضي المبادرة وسرعة الامتثال إيقاع الفعل المأمور به مباشرة بعد صدور افعل أو ليس على الفور يعني: يجوز له تأخير المأمور به عن الإيقاع بعد صدور صيغة الأمر إلى وقت غير معين غير محدد فإذا قال: صل، على القول الأول يجب عليه أن يمتثل مباشرة عند سماع وصدور صيغة افعل، على القول الثاني ليس على الفور نقول: إذا قيل له صل يؤخر يومًا ويومين وثلاثة وعشرة وشهر وشهرين وسنة إلى أن ينتهي اختلفوا هل هو إلى غير غاية مع السلامة أو مع عدم السلامة؟ فيه نزاع بينهم إذن ليس على الفور المراد به يجوز له تأخير إيقاع الفعل الذي دل عليه صيغة افعل وبعضهم يعبر هل هو على الفور أو على التراخي؟ وهذا التعبير خطأ ليس بصحيح لماذا؟ لأننا إذا قلنا: صيغة افعل تدل مدلولها التراخي حينئذٍ صار صل ويجب أن تقع الصلاة بعد زمن يعني: ليس على الفور فحسب بل مدلول صيغة افعل إيقاع الفعل المأمور به بعد زمن وهذا لا قائل به لماذا؟ لأنه لو كان مدلول صيغة افعل التراخي فلو بادر على الفور هل يعد ممتثلاً أو لا؟ لا يعد ممتثلاً لماذا؟ كما ذكرنا الآن صل ركعتين لو جاء بصلاة ركعة واحدة لا يعد ممتثلاً لماذا؟ لأنه جاء بجزء مما دلت عليه صيغة افعل كذلك لو قال: صل، والمراد به التراخي نقول: صل يعني: ليس بعد صدور صيغة افعل حينئذٍ لو صلى مباشرة وبادر وسارع إلى الامتثال لا يكون ممتثلاً وهذا لا قائل به، لكن بعضهم يعتبر عن القرينة بالتراخي ليس مرادهم أن مدلول صيغة افعل هو التراخي لكن ظاهر عبارتهم هو هذا نقول: مرادهم أن صيغة افعل على التراخي يعني: يجوز تأخير إيقاع الفعل المدلول عليه بصيغة افعل، وحينئذٍ لا إشكال لماذا؟ لأنه يقول: يجوز تأخير إيقاع الفعل مع جوازه مبادرةً. واضح هذا أي نعم إذن قال المصنف: (وَلَمْ يُفِدْ فَورًا). عرفنا أصل المسألة الأمر المطلق ينتفي في الأمر المقيد بقرينة دالة على الفورية أو على عدم الفورية هذه المسألة اختلف فيها الأصوليون على أقوال ذهب المصنف هنا إلى قوله: (وَلَمْ يُفِدْ فَورًا).

يعني: لا يفيد صيغة افعل إذا تجردت عن القرائن عن الفورية إذا لم تدل على الفورية تدل على ماذا؟ على أنها ليست للفور أو على التراخي إذا عبرنا بالمعنى الصحيح أنه يجوز التأخير إذن قول الناظم أو رجح الجويني هنا أو الناظم تبعًا للأصل إلى أن صيغة افعل لا تقتضي الفور بل يجوز تأخير فعله يعني: يقتضي الامتثال من غير تخصيص بوقت. وهذا له أدلة على أن صيغة افعل لا تدل على الفور وهذا القول عليه أكثر الحنفية والشافعية والمالكية ولكن مقيد بالمواضع. وقال ذو التأخير أهل المغرب

وقال ذو التأخير يعني: من المالكية. أهل المغرب يعني: مغاربة مالكية المغرب. ونسب للشافعي وهو رواية عن الإمام أحمد دليلهم قالوا: قياس الزمن على الآلة والمكان والشخص. لو قال قائل: اقتل. اقتل هذا أمر بالقتل هل يقيد بقرينة تدل على الفورية أو لا؟ لا لم يقيد إذن هو محل للمسألة اقتل هذا فعل يقتضي الأمر بالقتل حينئذٍ لا بد للقتل من مكان يقتل فيه المقتول، ولا بد له من شخص يحل به القتل، ولا بد من آله يحصل بها القتل هذه ثلاثة أشياء لا بد من مكان، ولا بد من آلة، ولا بد من شخص يحل به القتل صيغة اقتل هل عينة المكان أو الآلة أو الشخص أم أنها مطلقة؟ مطلقة فحينئذٍ في أي مكان يحصل القتل فقد أجزأ، وبأي آلة حصل بها القتل فقد أجزأ، وأي إنسان كافر غير معصوم فإنه حصل القتل فقد أجزأ قالوا: كذلك الزمان يقاس على المكان، والآلة، والأشخاص الكفار. كما أن صيغة اقتل هذه لا تقتضي تحديد المكان، ولا تحديد الآلة، ولا تحديد الشخص كذلك لا تقتضي تحديد الزمن فحينئذٍ في أي زمن حصل امتثال الأمر فقد أجزأ كما أنه في أي مكان حصل القتل فقد أجزأ إلى آخره واضح هذا قياس الزمان على الآلة، والمكان، والشخص لماذا؟ لأن المقصود من صيغة اقتل ما هو؟ إيجاد الفعل وبأي صورة حصل وفي أي مكان وبأي آلة وفي أي زمن فقد حصل المراد والمطلوب لأن صيغة افعل تدل على طلب طَلب إيجاد القتل ولم تقيد الزمن حينئذٍ يكون مطلقًا كما أنه لم تقيد المكان حينئذٍ يكون مطلقًا واضح هذا لكن هذا إيقاع فيه أنه قياس مع فاسد لأن القياس هذا فاسد لماذا؟ لأنه قياس مع الفارق لأن عدم تعليل الزمان بإيقاع الفعل يؤدي إلى تفويته وتضيعه لو قال: اقتل. إذا لم يعين المكان لا إشكال وكذلك الآلة وكذلك الشخص لكن الزمن متى يقتل يجوز له التأخير إلى سكرة الموت يجوز حينئذٍ يؤدي إذا قمنا بإطلاق الزمن وحمله على المكان والشخص والآلة لأدى ذلك إلى فوات وتضييع المأمور به ففرق بين الزمن والمكان المكان تترتب عليه ما أصلح من إيجاز الفعل والقول بإطلاقه تترتب عليه مسألة فحينئذٍ لا بد من القول بأن الفرق هنا بين الزمن والمكان معتبر وإذا وجد الفرق حينئذٍ لا قياس والقياس يسمى قياسًا مع الفارق وهو فاسد عند الأصوليين إذن لأن عدم تعين الزمان بإيقاع الفعل يؤدي إلى تفويته وتضيعه بخلاف المكان لخلاف عدم تعين المكان والآلة والشخص لأهنه قد يكون في الزمن الأول مصلحة أو درء مفسدة لا توجد في الزمن الثاني وهذا واضح من بعض الأوامر الشرعية أنه عين في أزمان معينة إيقاع بعض العبادات لا يمكن إيقاعها في زمن آخر كالصلوات الخمس راعى الزمن أو لا؟ راعى الزمن إيقاع الصلاة ما بين طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس نقول: هذا له حكمة الله أعلم بها.

إيقاع الصلاة في غير هذا الوقت ليس كإيقاعها في نفس الوقت لذلك القياس فاسد يأتي ما بعد خروج الوقت على وقت الصلاة نقول: هذا قياس مع الفارق لماذا؟ لأن الشرع لما عين الزمن الأول دل على أن المصلحة مصلحة العبادة المتحققة في هذا الزمن وقياس الزمن الثاني عليه لا بد من جامع ولا جامع لأن إثبات المصلحة في الزمن الثاني لا بد أن تكون بدليل شرعي وحينئذٍ لا دليل كذلك هنا الزمن نقول: لا بد وأن يكون مفارقًا للمكان والآلة والشخص فالزمن الأول قد تكون فيه مصلحة أو درء مفسدة لا توجد هذه المصلحة وهذه المفسد في الزمن الثاني فلو أخره لفات ذلك بخلاف المكان فإن المصلحة لا تختلف باختلاف الأمكنة والآلات والأشخاص الكفار هذا هو الدليل الأول الذي اعتمد عليه المصنف قياس الزمان على المكان والآلة والشخص فيما إذا أطلق المكان والآلة والشخص حمل الزمان عليه قلنا: هذا قياس مع الفارق وهو فاسد. الدليل الثاني قالوا: قياس الأمر على الخبر. لو قال قائل: سأعطي زيدًا درهمًا أو جائزةً. هذا خبر أو أمر؟ خبر لأنه يحتمل الصدق والكذب سأعطي زيدًا درهمًا أو جائزةً لو أعطاه بعد شهر أو شهرين أو سنة صح؟ هل يقتضي الفور؟ لا يقتضي متى ما أعطى الدرهم في أي زمن دون تخصيص أو تحديد أجزأ وصدق قالوا: نحمل عليه الأمر. فحينئذٍ لو قال: أعطي زيدًا درهمًا. نقول: صدق في أي وقت من الأوقات وفي أي زمن الأزمنة دون تحديد أو توقيت. قياس الأمر على الخبر نحو سأعطي زيدًا درهمًا. يقول ممتثلاً في أي وقت شاء ودون تحديد قالوا: مثله الأمر. أعطيه درهمًا أو أعطي زيد درهمًا فإنه طلب بالفعل في المستقبل وذاك إخبار عن إيجاد فعل في المستقبل لهذا الجامع قاس الأمر على ماذا؟ على الخبر نقول: هذا قياس فاسد لماذا؟ لأنه قياس مع الفارق لأن الخبر يحتمل الصدق والكذب والأمر نوع من أنواع الإنشاء والإنشاء لا يحتمل الصدق والكذب وهما ضدان متقابلان قسمان يدخلان تحت الكلام؛ الكَلام إما خبر وإما إنشاء والإنشاء منه الأمر فكيف يقاس الأمر على مقابله وهو الخبر إذن ثم مباينة بين الخبر والأمر الخبر لا يحتمل الصدق والكذب والأمر لا يحتمل الصدق والكذب فكيف يقاس هذا على ذاك؟ ثم الأمر الأصل فيه أنه معدوم والخبر الأصل فيه أنه موجود فكيف يقاس المعدوم على الموجود؟ الذي يحتمل الصدق والكذب هو أمر مضى أو مستقبل؟ أمر مضى ما احتمل الصدق والكذب هذا أمر مضى لا بد أن يكون موجودًا والأمر شيء معدوم صم هذا في المستقبل لذلك لا يحتمل الصدق والكذب فكيف يقاس المعدوم على الموجود نقول: هذا قياس مع الفارق. قالوا الدليل الثالث: قياس الأمر على اليمين. لو قال: والله لأصومن. ولم يقيد ولم ينو والله لأصومن فإنه يبر بيمينه في أي وقت شاء والله لأصومن يوم السبت بعد شهر لأنه لم يحدد لم ينوي إذن في أي وقت صام حينئذٍ يكون بارًا بيمينه قالوا: فكذلك الأمر مثله وجوابه أنه قياس فاسد لأنه قياس مع الفارق لأن اليمين خير فيها بين أن يفعل أو أن لا يفعل وعليه الكفارة والأمر هل فيه تخير؟ ليس فيه تخير لأنه للوجوب فحينئذٍ لا تخيير فيه هذه ثلاثة أدلة استدل بها من قال إن صيغة افعل لا تقتضي الفورية.

الأول: قياس الزمان على الآلة والمكان والشخص وقلنا: هذا قياس فاسد. الثاني: قياس الأمر على الخبر وقلنا: هذا قياس فاسد. الثالث: قياس الأمر على اليمين وقلنا: هذا قياس فاسد وعليه يكون القول مرجوحًا. المذهب الثاني وهو المرجح والأصح أن صيغة افعل تدل على الفور والشيخ الأمين رحمه الله في ((الأضواء)) يقول: وقد دلت الأدلة العقلية واللغوية والشرعية على أن صيغة افعل تقتضي الفور. قال تعالى: {(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ (((((((((} عرفنا المراد بالفور المبادرة إلى الامتثال عند صدور صيغة افعل مباشرةً نبادر إلا بدليل حينئذٍ لو أخر هناك خلاف هل لا بد من البدل أو لا؟ وهل لدى الترتيب ذود البدل ** في النص أو لا ... الأول

إذن قوله تعالى: {(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ (((((((((} [آل عمران:133] سارعوا هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب إذن هنا أمر بالمسارعة وما المراد بالمسارعة إيقاع امتثال المأمور به عند صدور الأمر إيقاع المأمور به مباشرةً عند صدور الأمر هذا المراد بالمسارعة إذن المسارعة مأمورٌ بها لكن قال هنا: {((((((مَغْفِرَةٍ مِنْ (((((((((} {((((((((((} قيدها بعضهم بالتوبة قال: والتوبة تجب على الفور بالإجماع. فحينئذٍ لا دليل في الآية نقول: تقيدها بالتوبة هذا لا دليل عليه ثم لو سلمنا أن التوبة مقيدة أن الآية مقيدة بالتوبة فحينئذٍ التوبة دلت على وجوبها في صيغة افعل مطلقًا وحملت على الفور وقيس عليها سائر العبادة لو حصل تقيد لهذه الآية {(وَسَارِعُوا إِلَى ((((((((((} قال بعضهم: المراد به التوبة. وهذا بالإجماع على أنها على الفور قلنا: نمنع أن تحمل الآية على التوبة بل المراد فعل الطاعات لأنها تؤدي إلى المغفرة يترتب على فعل الطاعات المغفرة ولو سلمنا أن المراد بالمغفرة هنا التوبة نقول: دل عليها بماذا؟ بصيغة افعل مجردةً وفهم منها الفورية فيحمل عليه سائر العبادات لكن نقول: الأصل أن {((((((((((} المراد بها سائر الطاعات لأنه تترتب عليها المغفرة كل طاعة تترتب عليها {(((((((((((((((الْخَيْرَاتِ} هذا استدلاله كالأول {((((((((كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي (((((((((((((} [الأنبياء:90] {((((((((كَانُوا ((((((((((((} هذا مدح أو ذم؟ مدح إذن رتب المدح على المسارعة بالخيارات يفهم منه وقد ينازع فيه أن ترك المسارعة يذم عليه وهذا شأن ترك الواجب حينئذٍ تكون المسابقة والمسارعة والاستباق إلى الخيرات من الواجبات لأنه قال: {((((((((كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي (((((((((((((} وهذا مدح والمدح وإن لم يكون من الخواص ولا واجب إلا أنه يفهم من الآية أنهم لو تركوا المسارعة لترتب عليه الذم وهذا شأن الواجب هذا دليل الثاني أو الثالث، أيضًا قوله تعالى لإبليس: {(((مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:12] لو كان قوله تعالى: {((((قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ (((((((((((} [الأعراف:11] هذا ليس على الفور إبليس لم يمتثل لو كان على التراخي كما يقال عند ما قال الرب: {(((مَنَعَكَ أَلَّا ((((((((} قال: أمرتني بالسجود ولم تجب عليَّ الفرض أليس كذلك؟ لأنه لامه وعاتبه على ترك السجود أو على تأخير السجود؟ ترك السجود فلو كان تأخير السجود جائز هل يصح اللوم أو لا؟ لا يصح اللوم ولكن لامه فدل على أن صيغة افعل تقتضي الفور وهذا من أوضح الأدلة {((((قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف:11،12] لو لم تكن للفور لقال: أوجبت عليَّ أو أمرتني بالسجود ولم توجب عليَّ الفور ولا عكس عليه ولكن عاتبه فدل على أن صيغة افعل تقتضي الوجوب.

أيضًا من الأدلة على أن صيغة افعل تقتضي الفور أنه أحوط وأبرأ للذمة لأن الأصل في كل لفظ يقتضي معناه إيقاعه بعده مباشرةً هذا الأصل وحينئذٍ إذا قيل صيغة افعل تحتمل أنها للفور وليست للفور نقول: باب الاحتياط بقاء الذمة لأن الواجب إذا انعقد سببه حينئذٍ لا يمكن التخلص منه إلا بفعله وتأخيره هذا قد يوقع المكلف في حرج فحينئذٍ القول على أنه على الفورية نقول: هذا من باب الاحتياط والحفاظ على عبادات المكلفين وأبرأ للذمة لماذا؟ لأن الواجب هنا انعقد سببه قال: صل، وجد الواجب أو لا شغلت الذمة أو لا؟ شغلت الذمة ولا يمكن أن تبرأ إلا بفعله فإذا قيل بالتأخير إلى غير أم نقول: هو معرض إلى ترك الواجب فإبراءً للذمة واحتياطًا نقول: القول بالفورية. الدليل الرابع قال: إن اللغة تقتضي ذلك. وهو أنه للفور وهذا لو طال الأمر به اسقني ماء هذا أمر ويحتمل أنه للفور أو ليس للفور يحتمل فلو قال: اسقني ماءً. ثم ذهب الولد وبعد أسبوع جاء قال ( .. ) الماء. يصح فلو لامه وعاتبه وأوقع عليه العقوبة فسأله أهل اللغة لم عاقبته؟ لقال ماذا؟ أمرته فلم يتمثل حينئذٍ هل ينكر عليه؟ قالوا: لا ينكر عليه. فدل على أن صيغة افعل كما أنها للفور شرعًا كذلك هي للفور لغةً وهذا هو المراد أن صيغة افعل تقتضي الفورية لذلك أي أمر أطلق في الشرع ولم يقيد يحمل على الفور {(((((((((((((((((((((} نقول: {(((((((((((((((((((((} الزكاة مأمور بها وهي للفور حينئذٍ هل يجوز تأخيرها؟ ما يجوز إذا قلنا للفور على الصحيح لا يجوز تأخيرها وبعض الناس تجب عليهم في أول شعبان ويؤخرها إلى رمضان يقول: أفضل في رمضان. نقول: لا هذا يأثم لماذا؟ لأن صيغة افعل تدل على الفورية منذ أن حال الكون ووجد السبب وتم الشرط نقول: وجبت الزكاة لا يؤخر إلا مدة قرض المال لحصول الزكاة يعني: تحديد عدد الزكاة هذا الذي يجوز تأخيره أما ما عدا ذلك فحينئذٍ يتعين إخراجها منذ تمام حول وتمام شرط كذلك {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] هل يجوز تأخير الحج لمن استطاع؟ ينبني على هذه مسألة إذا قلنا بالفورية يتعين، وإذ قلنا ليس على الفور لا له أن يؤخر إذا قلنا على الصحيح إنه للفور حينئذٍ لا يجوز تأخيره فلو أخره أثم فلو مات قبل الحج القادم نقول: أثم لماذا؟ لأنه ترك الواجب (وَلَمْ يُفِدْ فَورًا) إذن قولان وهما أكثر بعضهم يرى أن صيغة افعل لمطلق الماهية وهذا الذي رجحه صاحب المراقي والأرجح قد وجد لإشارة. يعني: طلب الماهية من حيث هي ** من غير تعرض لقول ولا عدمه لكن نقول: هذا يرده اللغة والصرف لأنه لو دل عليه اللغة فحينئذٍ لا إشكال نقول: افعل من حيث الفور وعدمه في اللغة لمطلق الماهية من غير تقيد بوقت ولا بغير تقيد بقول ولا عدمه لكن له في الشرع حقيقة شرعية وهو الفورية لكن إذا دل دليل على أن اللسان واللغة لو قال قائل لابنه أو سيد لعبده: اسقني ماء. فتأخر فعاقبه وعذر بمعاقبته من جهة أهل اللسان نقول: دل لغةً وشرعًا. والأرجح القول الذي يشترك ** فيه وقيل إنه للشرع

لكن أرجح الأقوال هما ذلك وتَمَّ أقوال آخر بعضها يفتقر إلى أدلة، (وَلَمْ يُفِدْ فَورًا) هذه المسألة الأولى. المسألة الثانية قال: (وَلا تَكْرَارَا). أيضًا يقال فيها ما قيل في السابق أن المراد هنا في المسألة بالأمر المطلق هل يقتضي فعل المأمور به مرةً واحدة أو على التكرار؟ فيه خلاف لو قال: صل، فقام صلى مرة واحدة هل امتثل مقتطع الطلب أم لا بد أنه يصلي ثم يصلي حتى يأتي دليل يقل له: قف. إن قيل: إنه لمرة واحدة. نقول: منذ أن امتثل المرة الأولى سقط الطلب وإن قلنا بالتكرار نقول: لا مدة حياته وهو يصلي. قالوا: لا يتخلل هذا إلا ما يحتاجه من الضروريات كالنوم، والأكل ونحو ذلك وما عدا ذلك يشغل وقته بماذا؟ بامتثال الأمر هذا قول لكن المراد هنا أيضًا كالسابق أن الأمر المطلق يعني غير المقيد بالمرة وغير المقيد بالمرات لو قال: صل مرة واحدة. هذا مرة واحدة باتفاق لا فيه خلافي لو قال: صلي ثلاث مرات أو تصدق ثلاث مرات. نقول: هذا مقيد بالتكرار إذن هو محل إجماع للتكرار المراد هنا عن الذي حصل النزاع فيه الأمر المطلق عن قرينة تدل على المرة أو على قرينة تدل على التكرار هذا هو محل النزاع وفيه ثلاثة أقوال. وهل المرة أو إطلاقه جلى ** أو التكرر اختلاف قيل: لمرة واحدة وبعد ذلك سقط الطلب. وقيل: لمطلق الماهية. يعني: القدر المشترك. من غير تعرض لمرة ولا للتكرار. وقيل: للتكرار.

هذه ثلاثة أقوال بعضهم يلحق بها إذا كان معلق بشرط أو بصفة لكن هذا ليس محل نزاع ما كان معلقًا بشرط أو بصفة هذا نقول: ليس من الأمر المطلق بل هو من الأمر المقيد فحينئذٍ بعضهم يدخل الأقوال التي وردت في الشرع والصفة في مثل هذه المسألة نقول: لا الصواب أن الأقوال ثلاثة هنا قال: (وَلا تَكْرَارَا). أي: لا يقتضي فعل المأمور به إلا مرة واحدة فقط لماذا؟ قالوا: لأنها المتيقنة هي اليقين وما عداه الثاني والثالثة مشكوك فيها والأصل براءة الذمة إذا قال: صل، فسكت فقام فصلى نقول: هذه حصل بها امتثال المأمور به. المرة الثانية مشكوك فيها والأصل براءة الذمة أيضًا قالوا: اللغة تدل على ذلك أنه للمرة الواحدة إذا قال السيد لعبده: ادخل الدار. فدخل مرة واحدة ثم لم يدخل الثانية هل يحق له أن يلومه ويعاتبه لأنه لم يدخل للمرة الثانية؟ لا ليس من حقه فدل على ذلك على أن ادخل الدار يقتضي المرة الواحدة يقتضي يعني: مدلوله المرة والواحدة فبحصوله مرة واحدة خرج عن العهدة وبرأت الذمة حينئذٍ لا يجوز للسيد أن يلومه ولا يوبخه قال: قياس الأمر المطلق على اليمين. كيف قياس الأمر المطلق على اليمين؟ لو قال: والله لأصومن. هل يقتضي التكرار؟ يبرأ بماذا؟ بصيام يوم واحد برأت الذمة بصيام يوم واحد قالوا: كذلك الأمر المطلق لو قال: صم تبرأ الذمة بمرة واحدة. كذلك قالوا: قياس الأمر على الندب لله عليَّ أن أصومن. تبرأ الذمة بماذا؟ بصوم يوم واحد كذلك لو قال: صم. يقتضي المرة والواحدة فتبرأ الذمة بمرة واحدة لو قال لوكيله: طلق زوجتي فلانة. قالوا: لا يجوز له أن يزيد على مرة واحدة. كذلك الخبر لو قال: صمت. وسكت أو سوف أصوم لو صام يومًا واحدًا في الماضي أو سيصوم مرة واحدةً في المستقبل هل يصدق هذا الخبر أو لا؟ لو قال: صمت. وهو لم يصم إلا يومًا واحدًا يصدق؟ يصدق لو قال: سأصوم. في المستقبل يعني وقال: يومًا واحدًا. أو نوى أن يصوم يومًا صدق أو لا؟ قالوا: قياس الأمر المطلق على ذلك. هذا قول أنه يقتضي التكرار مرة واحدة فلا يقتضي التكرار بل هو للمرة الواحدة وحينئذٍ تكون المرة من مدلول افعل.

القول الثاني نقول: لطلب الماهية من غير تعرض لمرة ولا لتكرار لماذا؟ قال: لأنه استعمل في الشرع في التكرار قال تعالى: {(((((((((((((((((((((((} هذا للتكرار أو للمرة الواحدة؟ للتكرار {(((((((((((((((((((((} هذا للتكرار كذلك في العرف أحسن إلى الناس هذا التكرار هو أحسن مرة واحدة ثم ( .. ) أحسن إلى الناس مطلقًا هذا يقتضي التكرار أو لا؟ نقول: يقتضي التكرار. واضح كذلك وارد استعماله في المرة الواحدة شرعًا «إن الله كتب عليكم الحج فحجوا». مرة أو مرات؟ قالوا: مرة. لكن هذا بدليل هذا استدلاله كذلك في العرف لو قال: اشتر اللحم. اشتر مرة أو مرات؟ مرة واحدة يعني قال: اشتر اللحم. لو قال الأب لابنه أو السيد لعبده اشتر اللحم كل يوم يذهب ويشتري لا مرة واحدة وتكون أبرأت ذمته إذن ورد استعماله صيغة افعل في الشرع وفي العرف للتكرار وورد استعمالها في الشرع وفي العرف في المرة الواحدة إذن هي قدر مشترك بينهما حينئذٍ حذر من الاشتراك أو المجاز لأن إما أن تكون هي للمرة الواحدة حقيقة للمرات مجاز أو بالعكس للمرات حقيقة وللمرة الواحدة مجاز وإما أن تقول: هي لفظ مشترك بين المرة والتكرار. قالوا: والقدر المشترك أولى من القول به أولى من اشتراك اللفظ والمجاز. لكن هل يتصور إيجاز الماهية دون مرة؟ لو قيل بطلب الماهية دون وجود القدر ... الأمر اعتقاد ذهني لكن في الخارج لا بد من إيقاع هل يمكن أن يتصور إذا قيل: صل على هذا القول أنه لطلب الماهية دون مرة أو تكرار هل يمكن أن يوقع الصلاة في أقل من مرة؟ لا يمكن لا بد من مرة واحدة إذن ما الفرق بين هذا القول والقول السابق هو عينه صحيح ما الفرق بين القولين؟ القول الأول قالوا: دلالة افعل على المرة لغة مدلوله. والقول الثاني: أنه من قبيل المشترك قالوا: المرة الواحدة واجبة ودلالة افعل عليها بدلالة الالتزام. دلالة التزام لفرق بين القولين من حيث تكيف القول أما من حيث الثمرة فلا خلاف يعني: لا يترتب خلاف فقهي على القولين لكن على القول الأول أن صيغة افعل مدلولها تدل لغةً وشرعًا على المرة وعلى القول الثاني أنه لطلب الماهية من غير تعرض لمرة ولا لتكرار قالوا: المرة واجبة وهي من ضروريات صحة إيقاع صيغة افعل لأنه لا يتصور إيقاع الفعل في أقل من مرة ولا إيقاعه في مرتين متحدة هذا ممتنع حينئذٍ لا بد من المرة وهي لازمة له بدلالة الاستزادة وليست هي الأولى لذا فرق بين القولين. وهل لمرة أو إطلاق جلى ** أو التكرر اختلف من خلى القول الثالث: أنها للتكرار استدلوا به استدلال الصديق رضي الله تعالى في محاربة أهل الرد لقوله تعالى: {(((((((((((((((((((((} كيف استدل بها لأنهم آتوا الزكاة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم استدل بها في هذا الموضع فدل على أنها للتكرار بمحضر من الصحابة ولم يخالف فكان إجماعًا هكذا قال بمحضر من الصحابة ولم يخالف فكان إجماعًا لكن هنا نقول: قرينة {(((((((((((((((((((((} قرينة وهي قول النبي تقدم مرارًا منه إذن ليست في محل النزاع.

الثاني قالوا: إن الأمر لا اختصاص له بزمان دون زمان. إذا قال: صل الزمن الأول والزمن الثاني والزمن الثالث لا اختصاص له به فاقتضى إيقاع الفعل في جميع الأزمان إذن ليس في الزمن الأول مصلحة فيختص به إيجاد الفعل وليس في الزمن الثاني مصلحة خاصة عن سابقه ولاحقة فيختص الفعل به فقالوا: إذن جميع الأزمان صالحة بإيقاع مدلول صيغة افعل.

الثالث قالوا: قياس الأمر على النهي سيأتينا أن الأمر بالشيء نهي عن ضده وفيها تفصيل وأمرنا للشيء نهي مانع لضده إذا قال: صم. معناه نهي عن الفطر معناه لا تفطر ولا تفطر هذا في وقت دون وقت أو مطلقًا يعني: يقتضي التكرار أو لا؟ لا تفطر في صباح نهار رمضان لا تفطر هذا يستلزم أن يأخذ هذا المأمور به إلى الغروب وإلا في بعض الأوقات دون بعض؟ إلى الغروب إذن يقتضي التكرار هذا باتفاق إذا قيل: لا تزني لا تراءي. ليس المراد به في بعض الوقت دون بعض لا مدة حياتك حينئذٍ يقتضي التكرار أبدًا فالمنهي عنه هنا إيجاد الفعل أبدًا في هذه الأزمان قالوا: قياس الأمر عليه أيضًا كأن الأمر بالشيء نهي عن ضده حينئذٍ قال: صم. يعني: صم أبدًا حتى يأتيك دليل صم أبدًا مدة الأزمان يجب عليك إيقاع لكن هذا فاسد قياس فاسد لماذا؟ لأن المراد بالأمر ما هو؟ إيجاد الماهية وإيجاد الماهية يصدق بفرد واحد والمقصود من النهي عدم إيجاد الماهية وهذا لا يصدق إلا بانتفاء أفراد مقرون بها فكيف يقاس الأمر على الماهية نقول: هذا قياس فاسد. والأصح من هذا أن يقال: أن صيغة افعل تقتضي مرةً واحدةً لغةً. أنها تقتضي المرة الواحدة لغة لأن هذا مدلولها اللغوي ولم يأتي في الشرع ما يعاهده وابن القيم رحمه الله يقول: أكثر أوامر الشرع للتكرار. فحينئذٍ ما ورد محتملاً يحمل على الأمر هذا فيه إشكال {(((((((((((((((}، {(((((((((((((((} هذا يحمل للتكرار أو لا؟ {آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ}، {(((((((((((فِي السِّلْمِ ((((((((} [البقرة:208] هذا للتكرار أو لا؟ {(((((((((((((لِلَّهِ (((((((((((} [الأنفال:24]، {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} للتكرار أو لا؟ نقول: هذا للتكرار هذا لا إشكال ولكن هذا يقال: كلها قرائن خارجية ليست مطلق أمر أو الأمر المطلق ليست بالأمر المطلق وإنما لقرائن خارجية نحمل ما لم يرد فيه دليل أنه للمرة أولاً التكرار على غالب الشرع فحينئذٍ يقول: لو دلت اللغة على أن صيغة افعل لمرة واحدة لغة نقول: نحملها على المعنى الشرعي إذا صار افعل حقيقتها الشرعية التكرار يعني: كأنه جعل من حيث التكرار وعدمه جعل الحقيقة الشرعية من هذه الحيثية للتكرار وما ورد محتملاً حملوه على التكرار لكن هذا فيه إشكال إذن ثلاثة أقوال (إِنْ لَمْ يَرِدْ مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَا)، (وَلَمْ يُفِدْ فَورًا وَلا تَكْرَارَا) تكرار مصدر بفتح التاء ولا يقال: تِكرار هذا لحن تَفعال بفتح التاء إن لم ..... بكسر التاء هكذا نصه في كتب الصرف لكن أورد السيوطي في ((الأشباه)) ست عشرة كلمة القياس تفعال بفتح التاء وتِكرار هذا مخالف للقياس شاذ لكنه شاذ استعمالاً أو قياسًا؟ {(((((((تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ ((((((((} [القصص:23] هذا وارد {((((((((((((((((((} [النحل:89] إذن ورد {((((((((((} وورد {((((((((((} في القرآن وهما شذان لكن ليس المراد الشذوذ الاستعمالي حتى لا يرد على الصرفيين المراد به الشذوذ القياسي لأن الشاذ كما سبق معنا ثلاثة أقسام: شاذ قياسي فقط، شاذ استعمالاً فقط، شاذ استعمالاً وقياسًا.

الثلاث بالإجماع أنه لا يكون بالقرآن الشاذ استعمالاً أيضًا هذا بالإجماع لا يجوز أن يقال في القرآن ماذا بقي؟ القياس {(((((((((اللَّهُ إِلَّا (((} [التوبة:32] {(((((((((((((} هذا شاذ أو لا؟ هذا يأبى. شذ أبى يأبى عن الروية ** أما قال .... وهذا شاذ وقع بالقرآن إذن تكرار (إِنْ لَمْ يَرِدْ مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَا) يعني: ما يستلزم التكرار نقول: هذا يحكم بحكمه يعني: إن وردت صيغة افعل مقيدة بما يدل على التكرار حمل على التكرار كالصلوات الخمس، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والتقوى الأمر بالتقوى، والأمر بالدخول في الإسلام، وآمنوا بالله كل هذه {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ((((} [آل عمران:102] كيف لا تموتن إلا وأنتم مسلمون؟ هل الإنسان يعلم ما سيموت عليه؟ قالوا: لا يعني دوموا على الإيمان حتى يُوَفِّيكُمُ الأجر يُوَفِيَكُمُ الأجر. {((((تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ (((((((((((} إذن الطاعة، والتقوى، والإيمان هذا مأمور بها أن يداوم عليه حتى يأتي الأجل إن لم يرد ما يقتضي التكرار مثل بعضهم بهذا بالشرط {(((((كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] اطهروا هذا يقتضي التكرار كل ما وجدت الجنابة وجد الأمر بالطهارة كذلك المعلق ... هذه المسألة فيها نزاع طويل المعلق بصفة تقتضي التكرار يعني: تدور مقام العلة، والعلة تقتضي وجوب الحكم يعني تدور مع الحكم وجودًا وعدمًا والحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا يعني: العلة تكون مضطردة، {((((((((((((وَالسَّارِقَةُ ((((((((((((((} [المائدة:38] هذا أمر يقتضي التكرار أو لا؟ يقتضي التكرار لماذا؟ لأنه علق على الحكم {((((((((((((وَالزَّانِي (((((((((((((} [النور:2] هذا أمر يقتضي التكرار لماذا؟ لأنه علق على وقت وجود الزنا. أو التكرر إذا ما علقا ** بشرط أو بصفة تحقق هذا قول بأنه إذا علق على الشرط أو الصفة اتضح ماذا؟ اتضح .... باتفاق القائلين بالتكرار عند التجرد يعني من قال بأن صيغة افعل هكذا مطلقًا دون شرط أو صفة أو قرينة القائلون بالتكرار اتفقوا من باب أولى إذا علق بشرط أو بصفة أنه يريد التكرار وإنما الخلاف عند القائلين بعدم التكرار سواء كانت المرة دلالته على المرة لزومًا أو لغة كذلك القول بالفورية مع القرينة بالتكرار كل من قال بصيغة افعل أنها تدل على التكرار قال بالفورية ولا عكس من قال إن صيغة افعل تقتضي التكرار، التكرار متى يبدأ؟ منذ أن تصدر صيغة افعل يبدأ التكرار أول مرة هذا يستلزم ماذا؟ الفورية إذن كل من قال بأن صيغة افعل تقتضي التكرار عند عدم قيد أو شرط قال أنها للفور ولا عكس الذين قالوا: ليست بالفور. قد يقولون بالتكرار وقد لا يقولون بالتكرار واضح الثلاثة. وإن نقل بالتكرار فوفق قد ذكر ** وكونه للفور أصل المذهب وهو .... وقيل بالفور أو العدم وإن قل بالتكرار فوفق قد ذكر

يعني الكلام في يتكلم عن الفورية وعدمها قال وإن قل بتكرار فوفق يعني من قال بالتكرار اتفقوا على أن صيغة افعل للفورية لأنه لا يتصور التكرار إلا عند إيقاع أو مرة عند ظهور صيغة افعل واضح. ثم قال: وَالأَمْرُ بِالفِعْلِ الْمُهِمِّ الْمُنْحَتِمْ ** أَمْرٌ بِهِ وَبِالَّذِي بِهِ يَتِمْ هذا شروعٌ في القاعدة المشهورة العامة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولكن هنا قيد قوله: (الْمُهِمِّ الْمُنْحَتِمْ). لماذا؟ لأنه يتكلم عن الواجب الآن يتكلم عن الواجب فلا تدع المقيد هذه القاعدة بالواجب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (وَالأَمْرُ بِالفِعْلِ) عرفًا يشمل الاعتقاد ونحوه (الْمُهِمِّ الْمُنْحَتِمْ) هذا تكميل (الْمُنْحَتِمْ) تكميل، (أَمْرٌ بِهِ) يعني: بذلك الفعل المأمور به، (وَبِالَّذِي بِهِ يَتِمْ) يعني: إذا أمر الشارع بإيجاز فعل هذا الفعل قد يكون له وسيلة لا يمكن أن ينجز هذا الفعل إلا .. هذه الوسيلة وقد يكون له الأضداد أو ضد لا يمكن أن يجتمع هذا الفعل مع وجود ضده فحينئذٍ تحقيقًا لا جاد هذا الفعل لا بد أن يأمر بوسيلةٍ مقتضية الفعل وينهى عن كل ضدٍ يؤدي إلى عدم إيجاب المأمور به واضح المسألة إذا أمر الشرع بشيءٍ ما هل يمكن أن يوجد ك ل شيء بدون وسيلة توصل إليه لا إذًا لا بد من وسيلة المأمور به واجب أمر بالصلاة صلاة الجماعة واجب تجلس في الم ... تقول المشي ليس بواجب ما أمر الشرع بالمشي نقول كل وسيلةٍ تؤدي إلى إيقاع الصلاة في المسجد وحصولها فهي مأمورٌ بها لكن الشرع لم يأمر بالجملة الجملة لم يأمر بتفاصيل الوسائل وإنما أمر بإيجاد العبادات على ما جاء من الشرع ومن المعلوم عقلاً أن المأمور به لا بد له من وسيلةٍ تؤدي إليه وقد يكون ثم ما هو يمنع من وجوده من ضدٍ أو أضاد إذن لا بد من إيجاد هذا المأمور به بإيجاد الوسيلة المتوصل بها إلى إيجاب المأمور به ... ولا بد من النهي عن إيقاع كل ضدٍ أو أضادٍ يؤدي إلى عدم وجود المأمور به هذا هو القاعدة العامة، ولكن يفرق بين الواجب إذن صار عندنا واجبان واجبٌ أولي الذي هو المقصود الأصلي صلاة الجماعة وواجبٌ ليس قصدًا وإنما هو تبع إذن عندنا واجبٌ قصدًا وواجبٌ هو بالتبع وليس بالقصد وإنما أمر به لتحقيق المقصود الذي جاء به الشرع في الجملة هو الواجب المقصود قصدًا أولي ثم حكمنا بوجوب كل وسيلةٍ يتوقف عليها إيجاب الواجب الأصلي فصار الفعل هذا واجب تبعًا لتحقيق المقصود يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: فوسيلة المقصود تابعةٌ للمقصود وكلاهما مقصودٌ لكنه مقصودٌ قصد الغايات وهي مقصودةٌ قصد الوسائل.

فحينئذٍ يحكم بوجوب الوسيلة لماذا ليس عندنا دليل شرعي في هذه المسألة إ'نما هو نظرٌ محض لو قلنا لا يجب السير إلى صلاة الجماعة المشي ما هو واجب؟ بالسيارة ليس بواجب ما جاء دليل نقول: نعم ما جاء دليل حينئذٍ هل يمكن امتثال المأمور به لا إذن لو لم يقل بوجوب الوسائل المقضية إلى غاياتنا المقصودة بالوجوب أصالةً لو نقل بوجوب المسائل لسقط امتثال الواجب بقصد أصلي لسقط الواجب الأصلي قالوا: إذ أو لم يجز لجاز ترك الواجب المتوقف عليه فحينئذٍ قالوا: الوسائل لها أحكام المقاصد وهذه القاعدة أعم لكن كلاما في الواجب نقول الواجب هنا ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب لماذا إذ أو لم نقل بوجوب الوسيلة لجاز ترك الواجب المتوقف عليه وهذا يؤدي إلى ماذا؟ إلى ترك الواجب عليه لكن يفرقونه إلى الأخص كالأمر بالصلاة أمرٌ بالوضوء هل يصح هذا المثال أو لا؟ يصح أو لا يصح؟ لا يصح، لما لا يصح؟ المأمور؟ نقول ما ينطبق علينا هذه القاعدة نوعان المثال صحيح ولا إشكال المثال صحيح نقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب نوعان: ما جاء الشرع بإثباته، كالطهارة للصلاة، لأنه وسيلة قال: {(((((((((((((((((((((((} [البقرة:43] الصلاة أمر بإيجاد مهية الصلاة هل أمر بالوضوء في هذه الآية ما أمر بالوضوء الوضوء وسيلة لإيجاد وتحقيق الصلاة إذا هي متوقفةٌ عليه جاء النص بقوله تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ (((((((((((((} [المائدة:6] الآية، فدل على وجوب ماذا؟ وجوب الوضوء والوضوء وسيلة إلى صحة إيقاع الصلاة نقول يستدل بالآية ويستدل بالقاعدة يعني: اجتمع دليلان: قاعدة صحيحة، وجاء أمرٌ مستقلٌ من الشرع بإثبات الوجوب بهذه الوسيلة لأن الأصل في الوضوء هو النص هذا الأصل من حيث هي عبادة بقطع النظر عن تعلقها بالصلاة الوضوء عبادة مستقلة هذا الأصل والأصل فيها الندب متى تجب؟ هذه العبادة متى تجب؟ إذا توقف عليها ما لا يصح إلا بالوضوء كمسك المصحف، أو قلنا: الصلاة، والطواف، وصلاة الجنائز، ونحوها، نقول: إذا توقف على إيجاب الوضوء ما لا يصح إلا بالوضوء ا ... عن المد إلى ماذا؟ إلى الوجوب قد يأتي الدليل مستقل ليبين أن هذا الوجوب شرط في الصلاة فحينئذٍ نقول اجتمع عندنا دليلان: دليلٌ: الكتب والسنة. ودليلٌ: القاعدة.

فحينئذٍ يستدل بالقاعدة ويستدل بالدليل على أن إثبات ال ... وسيلة واجبة إذن فالأمر بالصلاة أمرٌ بالوضوء {((((((((((((((((((((((} [الأنعام:72] نقول: هذا أمرٌ لماذا؟ لإيجاب الصلاة وهو أمرٌ بالوجوب، وهو أمرٌ بالسترة، وهو أمرٌ باستقبال القبلة، وهو أمرٌ بتعلم أحكام الصلاة، لأنه لا يمطن أن تتم الصلاة إلا بالعلم بكيفية الصلاة. نقول: كل أمر قصد للصلاة يؤخذ من قوله تعالى: {((((((((((((((((((((((} إن جاء دليلٌ مستقل بالأمر بالستر واستقبال القبلة نقول: اجتمع عندنا دليلان إذًا المثلان صحيحان، (كَالأَمْرِ بِالصَّلَاةِ أَمْرٌ بِالوُضُو) بهذه القاعدة وبدليلٍ مستقل من الكتاب والسنة (وَكُلِّ) ... عطفٌ على قوله: (كَالأَمْرِ). يعني: (وَكُلِّ شَيءٍ) كستر ستر العورة، واستقبال القبلة، (لِلصَّلَاةِ يُفْرَضُ) حينئذٍ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب هذا نوعان: أن يكون مأمورًا به شرعًا، كالسائر إلى الجمع قال: {((((((((((((إِلَى ذِكْرِ ((((} [الجمعة:9] السعي إلى ذكر الله مراد به الجمعة فقط هنا هل هو مأمور به شرعًا نقول: جاء النص. ويؤيد بقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، الطهارة للصلاة ذكرناه.

النوع الثاني: أن يكون مباحًا لم يرد فيه دليلٌ مستقلٌ من الشارع وإنما اعتبرناه واجبًا في هذه القاعدة قالوا: كإفراز المال لإخراج حصة الزكاة قال: {(((((((((((((((((((((} [البقرة:43] هنا أنا ما أدري ... ال ... ما أدري كم الزكاة لو لم نقل بوجوب إفراز المال هل جاء نص في الشرع بإفراز المال يجب أو أن يفرز المال هل ورد في الكتاب والسنة ما ورد بالنص لكن لو نوجب عليه إخراج المال ونقول يجب إخراج المال ونقول: يجب إخراج المال لو لم نوجب عليه لقال: محل؟ إيش يعطيها؟ ما يعطيها شيء فحينئذٍ سقطت الزكاة لذلك قالوا: إذا توقف إيجاد العبادة على هذه القيمة فحينئذٍ لو لم يقل بوجوب الوسيلة لأدى ذلك إلى سقوط الواجب هذا ممتنع وهذا ممتنع إذن قد يوجد ما لا يدل عليه دليلٌ شرعي ونحكم بوجوبه بماذا؟ بهذه القاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب هذه يعبر عنها أن الوسائل لها أحكام المقاصد لكن أيهما أعم .. الثانية أعم لماذا؟ لأنها تشمل أحكام الشريعة كلها وسيلة الواجب واجبة، وسيلة المستحب مستحبة، وسيلة المباح مباحة، وسيلة المكروه مكروهة، وسيلة المحرم محرمة، كل ما أدى إلى واجب أو مستحب فهو واجب أو مستحب وكل ما أدى إلى مكروه فهو مكروه وكل ما أدى إلى محرم فهو محرم وبعضهم يعد يخص هذه القاعدة بالواجب والمأمور ما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمورٌ به هكذا عبر الشافعي وقال: هذه أولى. لكن أولى باعتبار الواجب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب قال: هذه أشهر، وهذه أجمع، والسبكي رحمه الله أو ابن السبكي ... قال: الأولى في هذه أن نقول ... قال الأولى بهذه ثلاثة قواعد أن نعلل بماذا؟ نعم قاعدة إنما الأعمال بالنيات لأن دليل هذه هو قاعدة أو الحديث حديث عمر إنما الأعمال بالنيات .. وسائل لها أحكام المقاصد يذكرون في حديث إنما الأعمال قال: الأولى أن يعبر هذا في أول الأمور بمقاصدها الوسائل لها أحكام المقاصد ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمورٌ به قال: قاعدة إنما الأعمال بالنيات أولى ليطابق الدليل الم ... أومد .... الدليل. لأن دليل عموم بمقاصدها هو حديث إنما الأعمال بالنيات والخلف لفظي كن بعضهم يقول: ما لا يتم الوجوب إلا به فهو غير واجب هذا صحيح ما لا يتم الوجوب إلا به فهو غير واجب إيش الفرق بين الواجب وغيره مثل ماذا؟ مثل زوال الشمس نعم لا يتم وجوب صلاة الظهر إلا إذا زالت الشمس لو قيل ما لا يتم الوجوب إلا به فهو واجب هذا يفعل العباد هل بأيديهم أن يزيلوا الشمس ما يستطيع {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ (((((((((((} [آل عمران:97]، هل تقسيم الاستطاعة متعين من أجل أن يوجب الحج على نفسه؟ لا، إذن ما لا يجب وهو متوقفٌ على تحصيل شرطٍ أو سبب نقول للمكلف اذهب واسعا في تحطيم السبب من أجل أن يقع عليك الحكم وإلا لقنا للناس إن استحبوا أن تأتوا بمال ويحل على ال ...

أن تجب الزكاة عليه وهذا لا يتعين حينئذٍ ما لا يتم الوجوب وجوب الحكم الشرعي أصالةً على المكلف إلا به فهو غير واجب عند من يشترط العدد في صلاة الجمعة حضر المسجد اثنين ثلاثة نقول: إذن يجمع أربعين ولو كان في قدرته قد يستطيع أن يجمع أربعين وثمانين لكن نقول: لا يتعين غير واجبة أما الذي ثبت الحكم الشرعي أنه واجب هذا نقول الذي يتعلق بفعل ... أما ما لم يثبت الحكم لتوقفه على شرطٍ أو سبب حينئذٍ لا نقول للمكلف يجب عليك السعي في تحقيق السبب أو إيجاد الشرط من أجل أن يقع عن حكم شرعي بالوجوب إذن فرقٌ بين ما لا يتم الواجب إلا الذي ثبت في ... المكلف إلا به فهو واجب، وبين الوجوب الذي لم يثبت أصلاً فمثلاً قد يقول ما وجبت عليه الزكاة لعدم وجود المال الذي يحول عليه الحول هل يتعين عليه أن يذهب ويجمع المال ثم ينتظر به سنة ولا يحركه من أجل أن يحول عليه الحول؟ لا ينبغي. وَحَيثُمَا إِنْ جِيءَ بِالْمَطْلُوبِ ** يَخْرُجْ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الوُجُوبِ

يعني: إذا امتثل المأمور فالأمر الشرعي على ما أمر به الشرع قام صلى مستوفيًا لشروطها وأركانها وواجباتها بعد أن انتهى هل سقطت الصلاة هل يعد أنه ممتثلٌ فسقط الطلب فأسقط القضاء أو لا؟ سقط القضاء أو لا؟ نقول: سقط القضاء ولا يعرف عن السلف مخالفٌ في هذه وإنما نقل عن قول عبد الجبار وأبي هاشم قالوا: لا يسقط قضاءه لأنه يحتمل أن يكون الحقي ماذا؟ أوجبت عليك الصلاة فإذا امتثلت ثبت الأجر وعليك القضاء هكذا يقولون: يقول: يجوز عقلاً إذا مشى عقليًا عقلانيًا يقول عندهم شرط يقولون: يجوز عقلاً أن يكون حقي أن يكون أوجبت عليك الصلاة فإذا امتثلت أنت مثاب ويجب عليك أن تقضي إذن لو امتثل الممتثل صام شهر رمضان حينئذٍ نقول: قد وأتى بشروطه وأركانه ولم يأت بمفسدٍ نقول: قد امتثل وأجزأ وأسقط الطلب وسقط القضاء، وعلى قول عبد الجبار وأبي هاشم لا يجب عليه أن يقضي لماذا؟ لعدم وجود دليل يدل على أجزاء الأول وعلى هذا يلزم ماذا؟ يغني عن ال ... كما يقول ابن حزم في ((تشنيف المسامع)) فساده يغني عن ... يعني: لا يحتاج إلى ... معه لماذا؟ لأنه يلزم عليه أنه من صلى الفجر من صلى الفجر منذ سنة إلى اليوم يلزمه أن يقضي لا بد من دليل حتى يأتي ويقول أن الصلاة تكون .. سنة وسنتين وثلاث أنها وقعت ممتثلة (وَحَيثُمَا إِنْ جِيءَ) يعني: فعل المأمور به بالمطلوب على وجه الشرع (يَخْرُجْ) المأمور به (يَخْرُجْ) المأمور (بِهِ) أي: بهذا الفعل المستوفي للشروط على ... الوجوب لأن الفعل الواجب إذا انعقد سببه حينئذٍ إن كان متعلقًا بالرب جل وعلا لا تقرأ ال ... إلا بفعله مستوفيًا للشروط فإذا فعله مستوفيًا للشروط دون أركانه والواجبات نقول قد وقع من مجزئًا وحينئذٍ أسقط القضاء فلا يقال ... أما إذا طولب بإعادة فهو إما لفسادٍ اعترى الجبال وإما لنصٍ في الشروط والأركان (عَنْ عُهْدَةِ الوُجُوبِ) أي: أمر فساد ... ... إذن نقول المكلف إذا أتى بالمأمور على الوزن المشروع هذه يستلزم الأجزاء وهذا لا خلاف عند السلف لماذا لأن الأصل براءة الجملة من جميع التكاليف هذا الأصل، الأصل أن يجيبه عدم الوجوب عدم الوجوب فإذا دل الدليل على الوجوب نقول الع .. السبب فحينئذٍ شبهت الذمة بهذا الفعل ولا تبرأ الذمة إلا بفعله على الوزن المشروع فإذا فعله نقول: برأت ذمته وهذا في حقق الرب جل وعلا أما العباد فقد يكون فيه الأموال والضمانات هذا يحدث بال ... يعني: تحدث البراءة في الذمة بالإبراء نقول أبرأت اثنين من ... فقط وإلا لا تبرأ ذمة إلا بتسليمه فإذا فعله وعادت الذمة إلى الأصلي وهو البراءة. الثاني: لو لم يحصل الإجزاء فهذا يتعين لو لم يحصل الأجزاء بالامتثال ولم يسقط القضاء لزم منه الامتثال طول عمره ولا قائل فيه، لزم من ذلك على قول القاضي عبد الجبار و .. هاشم لزوم الامتثال طول عمره ولا قائل به من ... وَحَيثُمَا إِنْ جِيءَ بِالْمَطْلُوبِ ** يَخْرُجْ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الوُجُوبِ

لكن بعضهم ... بين المقارنة بين الأجزاء وال ... يقول: يجتمعان ويستبقان إذا جاء بالفعل على الوجه المشهور باكتفاء أقسامه وشروطه ووجباته هنا اجتمع الأجزاء والإفادة يعني: أنه مجزئ .. الطلب فالأصل أنه ... وقد ي ... الإلزام عن ال ... يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل فعلٍ اقترن بمعصيةٍ فحينئذٍ تعود إلى ... في اللفظ أو بعدمه مطلقًا فحينئذٍ تقول العبادة ... كمن صام يومًا من رمضان وشغلته الغيبة والنميمة على قول الجمهور أنها ليست من المفطرات فحينئذٍ هل أجزأ الصوم أو لا أجزأ هل هناك ثواب الأصل لا ثواب هذا الأصل لا ثواب إذن انفرد الأجزاء دون ثواب وقد يثاب على الفعل ولا يجزى ولا يجزي رجلٌ تحرك من بيته توضأ ومشى وبا ... إلى الصلاة أذان الإقامة ثم كبر فصلى الركعة الأولى، والثانية، والثالثة والرابعة، في أولها أ ... أجزأت هذه الصلاة أو لا لم تجزأ يثاب نعم يثاب على تكبيرة على الإحرام وعلى قراءة القرآن وعلى الركوع والسجود إلى آخره إذن جدت الإثابة وانتفت أو انتفى الأجزاء. وَحَيثُمَا إِنْ جِيءَ بِالْمَطْلُوبِ ** يَخْرُجْ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الوُجُوبِ وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

25

عناصر الدرس * النهي لغة واصطلاحا * صيغ النهي * مدلول وأحوال النهي * هل الأمر بالشيء نهي عن ضده وبالعكس؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد قال الناظم رحمه الله وغفر له ولشيخنا ولجميع الحاضرين. بَابُ النَّهِي تَعْرِيفُهُ اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ ** بِالقَوْلِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ وَصِيغَةُ الأَمْرِ الَّتِي مَضَتْ تَرِدْ ** وَالقَصْدُ مِنْهَا أَنْ يُبَاحَ مَا وُجِدْ كَمَا أَتَتْ وَالقَصْدُ مِنْهَا التَّسْوِيَهْ ** كَذَا لِتَهْدِيدٍ وَتَكْوِينٍ هِيَهْ) فَصْلٌ وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ حسبك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى: (بَابُ النَّهِي). أي: هذا باب بيان حقيقة النهي وما يترتب عليه من مسائل ذكرنا أن الأمر والنهي هما أساس التكليف إذ بهما يتميز الحلال والحرام الأمر ينبني عليه كل ما حكم عليه بأنه واجبٌ، والنهي ينبني عليه كل ما حُكِمَ عليه بأنه محرم، إذن الحلال والحرام مبنيان على هذين البابين لذلك ينبغي العناية بهما، ولذلك قدمهما بعض من ألف في كتب الأصول كما سبق الكلام السرخسي ونحوه، وذكرنا أن الأمر والنهي يشتركان في مطلق الطلب، إذ أن الأمر طلب الفعل والنهي طلب الترك إذن مطلق الطلب قدرٌ مشترك بينهما ولكن قُدِّمَ الأمر على النهي لأن الأمر {طلب إيجاد الشيء إخراجه من حيث ما اعتمد الموجود} فمتعلقه الوجود والنهي طلب الاستمرار على عدم الفعل وهذا متعلقه العدد والوجود مقدمٌ على العدم أو الوجود أشرف من العدم، وابن القيم رحمه الله تعالى تبعا لشيخه ابن تيمية لهما ملحظ آخر وهو أن الأمر أصل والنهي فرع لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الأمر أصل والنهي فرع، يعني داخلٌ فيه ولذلك قعد قاعدة عامة ابن القيم رحمه الله تعالى وأكثر من بيانها في سائر كتبه أن جنس فعل المأمورات أعظم من جنس ترك المنهيات جنس ليس للأفراد والآحاد إنما جنس فعل المأمورات أعظم من جنس ترك المنهيات فيترتب على هذا أن يقال: المثوبة على فعل وأداء الواجبات أعظم من المثوبة على ترك المنهيات، والعقوبة على ترك الواجبات أعظم من العقوبة على ارتكاب المنهيات. إذن جنس المأمورات أعظم من جنس المنهيات. استدل في سائر كتبه بأمور منها: أن آدم عليه السلام نُهي ارتكب النهي وإبليس أُمِرَ فخالف الأمر ولذلك كانت عقوبة إبليس أشد من عقوبة آدم أو ما ترتب على مخالفة إبليس أشد مما ترتب على مخالفة آدم عليه السلام، لماذا؟ لأن هذا قيل له: {(((((((((((لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا (((((((((} [الأعراف:11] وهؤلاء قيل له: لا تأكل هذا نهي وهنا قيل اسجدوا فخالف إبليس وترك آدم عليه السلام، فترتب على مخالفة إبليس طرده من رحمة الله وإخراجه من الجنة، وكذلك آدم عليه السلام تاب وتُقبل منه وعُفي عنه وتجاوز ربه عنه فتاب عليه فاجتباه وتاب عليه. وأيضًا أن الغالب في ارتكاب المنهيات إنما سببه الشهوة والحاجة وهذه إنما تقع من الإنسان في غفلة أو في حالة غضب وأما ترك الامتثال الذي هو للأمر هذا الغالب أنه يكون مصدره العزة والكبر، إذن مصدر أو ارتكاب المنهيات هذا يدخل على ابن آدم من جهة الشهوة، والشهوة أخف من مسألة الكبر والعزة وترك امتثال المأمورات هذا يدخل من جهة الكبر والعزة «ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر»، «ومن مات وهو موحد دخل الجنة وإن سرق وإن زنا».

فدل على أنه أعظم كذلك يقول رحمه الله: أن من ترك جميع المنهيات أو من ترك جميع المأمورات وأتى أي من ترك جميع المأمورات ولم يأت، يعني: يرتكب المنهيات هل يسمى مطيعًا؟ لا يسمى مطيعًا ومن ارتكب جميع المنهيات مع فعل المأمورات هذا يسمى مطيعًا وعاصيًا وحينئذٍ هو إن كان مسلمًا باقيا لم يرتكب ما يناقض الإسلام فهو إما بين إن شاء تاب عنه وإن شاء عاقبه إذن هو بين المشيئة لهذه الأمور جعل رحمه الله أن باب المأمورات أعظم من باب المنهيات وبعضهم يعكس يجعل المنهيات أعظم من المأمورات قال رحمه الله: باب النهي. أي: هذا باب بيان النهي ومبحثه، النهي يقول فيه الأصوليون: أنه على وزان الأمر يعني ما يقال في الأمر يحكى ويعاد في النهي لأن بابهما واحد إذ هما يشتركان في مطلق الطلب حينئذٍ أكثر ما يرتب على مسائل الأمر يحكى ويعاد ويكرر في النهي لأنهما على وزانٍ واحدٍ. (بَابُ النَّهِي) النهي في اللغة يطلق ويراد به المنع قالوا: نهاه عن كذا إذا منعه ومنه سمي العقل نُهْيَ ويجمع على نُهَى الذي جاء في القرآن: {((((((((النُّهَى ((((} [طه:54]. يعني لأولي العقول والألباب إذن سمي العقل ناهيةً لماذا؟ قالوا: لأنه ينهى صاحبه عن الوقوع فيما يخالف الصواب، إذن سمي العقل ناهيةً لما ذكر لأنه ينهى صاحبه عن الوقوع فيما يخالف الصواب وقد يطلق النهي ويراد به الترك: {((((((((((خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 171] أي اتركوا ما أنتم عليه ولكن المشهور الأول أن النهي بمعنى المنع وهذا يوافق معناه الشرعي لأن مقتضاه الشرعي هو المنع مما نهي عنه. أما في الاصطلاح فقال: تَعْرِيفُهُ اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ ** بِالقَوْلِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ النهي على وزان الأمر قسمه هناك الأمر إلى أمرٍ نفسي وأمرٍ لفظي لماذا؟ لأن الكلام عنده هو المعنى القائم بالنفس ثم الكلام منه ما هو أمرٌ ومنه ما هو نهي والنهي إذا كان نوعًا من أنواع الكلام والكلام هو المعنى القائم بالنفس حينئذٍ يترتب عليه أن يكون الأصل في الأمر هو المعنى القائم بالنفس كذلك النهي لأنه يقابل الأمر وهو نوعٌ من الكلام قالوا النهي قسمان: نهيٌ نفسي، وهو الأصل والعمدة عندهم وهو الذي يصدر به الحد في باب النهي كما صدر الحد في باب الأمر كما نص على ذلك المحلي والزركشي في ((تشنيف المسامع)) أن الأصل الذي يحد في باب الأمر هو الأمر النفسي لأنه العمدة والأمر اللفظي فرعٌ عليه وكذلك هنا في مقام النهي أيضًا الذي يصدر فيه الباب في التعريف هو النهي النفسي لأن النهي اللفظي هذا يترتب عليه يعني: إذا قلنا النهي النفسي فهم النهي اللفظي ولذلك سبق معنا أنه قال: هذا الذي حد به النفسي. كما حد الأمر: باقتضاء فعلٍ غير كف ** دل عليه لا بنحو كف هذا الذي حد به النفسي ** وما عليه دل قل لفظي

إذن الذي يحد أصالةً هو النهي النفسي، هنا قال: استدعاء، وذكرنا أن التعريف إذا صدر بهذا الاقتضاء أو الاستدعاء أو الطلب في هذا المقام بقرينة كما ارتكب الأشاعرة نقول: المراد به النهي النفسي وهو ... على ذلك وبعضهم من الدرس الماضي ليس يسأل يقول: من أين أخذنا أن الأمر يصدر به نقول: اللفظ هو اللفظ الدال على اقتضاء الكلام أو أن النهي هو اللفظ الدال على اقتضاء الكف نقول: هذا الأمر ..... ولذلك .... عبارة الزركشي في ((تصنيف المسائل)) أن من عرف أن من أثبت كلام النفسي صدره بالاقتضاء ومن نفى الكلام النفسي صدره باللفظ وهذا نصهم: هذا الذي حد به النفسي ** وما عليه دل كل لفظي يعني: لا نحتاج إلى أن نعرف من أين أخذنا هذه العبارة بل هم نصوا على ذلك في كتبهم، إذن يصدر باب الحد النهي باقتضاء ولذلك عرفه ((في جمع الجوامع)) بأنه اقتضاء كفٍ عن فعلٍ لا بقول كفُ. هو اقتضاء الكف عن فعلٍ ودع ** وما يضاهه كذا قد امتنع هو اقتضاء الكف. اقتضاء، قلنا أن المراد بالاقتضاء هو الطلب هذا أمرٌ معنوي أمرٌ نفسي عندما يطلب الطالب المتكلم إذا أراد أن يطلب شيئًا أين يكون الطلب في نفسه أو خارج؟ في نفسه هذا الأصل وإنما تستدل أنت على أنه طلب بصيغة افعل لما تسمع كلمة: اركب السيارة، أو اشرب الماء. تعرف أنه لفظه بالصيغة استدللت على أنه واجب أما مجرد الطلب نقول: هذا ليس بأمرٍ لحده دون صيغة ولذلك نقول: الكلام عند أهل السنة والجماعة مركبٌ مجموع اللفظ والمعنى ليس الكلام اللفظ دون المعنى وليس الكلام المعنى دون اللفظ ولذلك أجمع أهل العربية على حد الكلام بأنها اللفظ أخذوا اللفظ جنس في حد الكلام لماذا؟ قالوا: احترازًا عما ليس بلفظي فلا يسمى كلامًا في اصطلاح النحاة، إذن اقتضاء نقول المراد به الطلب، وهذا الطلب جنس يشمل طلب الفعل وطلب الترك. طلب الفعل: هو الأمر. وطلب الترك على طرقتهم: هو النهي.

وأيضًا جنس من جهة الطالب أو المقتضي حيث كان المقتضي أعلى درجةً ورتبةً من الطالب من المطلوب منه أو بالعكس أو المساوية لأن الدرجات عندهم ثلاثة إما أن يكون الطلب من أعلى إلى أدنى أو من أدنى إلى أعلى أو من مساوي إلى مساوي وسبق أن هذا التقسيم مجرد اصطلاحي وليس عليه آثاره دليلٍ من اللغة اقتضاء قال: اقتضاء كف أضافه إلى الكف احترز به عن اقتضاء الفعل الإنشاء الذي هو بعض الأندبة وليس كل الأمر، الأمر نوعان: طلب فعلٍ بمعنى الإيجاب، وطلب كفٍ بصيغة افعل قوله: اقتضاء كفٍ خرج به بعض الأندبة إن لم يكن أكثر ... اقتضاء كفٍ عن فعلٍ لا بقول: كف. اقتضاء كفٍ عن فعلٍ: هل خرج النوع الثاني من نوعي الأمر؟ لا لماذا لأن بعض الأمر اقتضاء كفٍ عن فعلٍ والمراد بالفعل هنا قلنا الفعل العرفي الشامل للاعتقاد والنية وأعمال الجوارح وقول الإنسان وسبق هذا في بيان حقيقة الحكم هناك عرفنا الحكم بأنه خطاب الله المتعلق بفعل المكلف قلنا الفعل هذا جنس يدخل تحته أربعة أنواع طلب اقتضاء أو اقتضاء كفٍ عن فعلٍ بأنواعه الأربعة وليس المراد بالفعل اللغوي بل الفعل الاصطلاحي عند الأصوليين هل خرج النوع الثاني من نوعين الأمر الذي هو اقتضاء كفٍ بصيغة كفُ؟ الجواب لا فحينئذٍ ( .. ) إلى إخراج النوع الثاني من نوعين الأمر فقال: لا بقول كفُ لأن كف مدلوله طلبُ كف مدلوله طلبُ الكف ولذلك إطلاق العبارة بأن مدلول النهي طلب الكف فقط للسقوط هذا فيها دخل لماذا؟ لأن بعض طلب الكف ليس بنهي بل طلب الكف يشترط فيه الأمر والنهي لأن طلب الكف قد يكون مدلولاً عليه بل تفعل وهذا هو الدليل وطلب الكف قد يكون مدلولاً عليه بنحو افعل وهذا هذا أمر، قالوا: أمرٌ وإن كان من جهة المعنى: هو موافق للنهي العام. قالوا: من جهة المعنًى هو نهي لكن سميناه أمرًا لماذا؟ ليوافق أو يطابق المدلول للدال الذي هو اسمه، افعل: أجمع النحاة على أن كف هذا فعل أمر بالإجماع لأنه على صيغة افعل فحينئذٍ هذا بالإجماع هذا فعل أمر لكن مدلوله طلب الكف إذا قيل طلب الكف هو مدلول النهي ثم دل عليه بنحو افعل حصل تناقض لو قلنا: مدلوله النهي وهو أمر أليس كذلك؟ إذا قيل: اترك وكف وخل وأمسك لو قلنا هذه من جهة اللفظ هي أوامر بالإجماع وهذا الفن كما سبق أنه ركنه الأعظم هو لغة العرب إذن لا بد من النظر إلى كلام النحاة فكف واترك وامسك وخل ود هذا من جهة اللفظ فعل أمر بالإجماع لكن مدلولها طلب كفٍ فحينئذٍ إذا أثبتنا أن المعنى هو نهيٌ وفي اللفظ أمر حصل تناقض قالوا: دفعًا لهذا نسمي هذا المدلول بكف واترك أمرًا ليطابق الدال فحينئذٍ أطلق على طلب الكف بأنه أمر لماذا؟ ليطابق المدلول الدال إذن حده ((في جمع الجوامع)) قول: اقتضاء كفٍ عن فعل لا بقول: كف ونحوه قال في ((المراقي)): وهو اقتضاء الكف عن فعلٍ ودع ** وما يضاهيه كذر كقد امتنع

هو اقتضاء الكف عن فعلٍ إلى هنا انتهى التعليق، ودع. هذا فعل أمر وما يضاهيه كذر يعني وما شابهه كقد امتنع يعني دخوله في حد النهي لأنها أوامر هذا حد النهي عندهم بناءً على مذهبهم أن النهي هو المعنى القائم بالنفس وإذا أردنا أن نحده من جهة اللفظ نقول: النهي هو اللفظ الدال على اقتضاء كفٍ عن فعلٍ لا بنحو كف أو لا بقول: كف لابد أن نأتي بكلمة اللفظ لأن اللفظ هو عين النهي والنهي هو عين اللفظ لا فرق بينهما قال: (تَعْرِيفُهُ اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ) (اسْتِدْعَاءُ) السين هذه قلنا: للتأكيد وليس للطلب وإلا فصار طلب الدعاء والدعاء هو الطلب طلب الطلب إذن السين هذه زائدة تعريفه الخاص به حد كما ذكر هناك في باب الأمر والتعريف أعم من الحد لأنه يصدق بالحد وغيره. معرفٌ على ثلاثةٍ قسم ** حد ورسميٌ ولفظيٌ علم إذن الحد هذا قسم من أقسام المعرف فالحد بالجنس وفصل وقع. هذا هو الحد وناقص الحد بفصل أو .. إلى آخره إذن قسمان حد تام وحدٌ ناقص، والمراد بحد هنا الحد الناقص بل بعضهم يرى أنه من باب الرسم وليس من باب الحد هنا قال: تعريفه عدل عن قوله حده بأنه ضد النظم وإلا تعريف أعم من الحد تعريفه أي: تعريف النهي أعاد الضمير إلى المضاف إليه وهو داخلٌ على الصحيح (اسْتِدْعَاءُ) قلنا المراد بالاستدعاء هو الطلب وهذا جنس يشمل طلب الفعل وطلب الترك (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ) أخرج استدعاء الفعل وهم يتساهلون في مسألة الترك وسبق معنا أن الترك أعم من الكف. الترك نوعان: إن كان لقصدٍ فهو الكف صرف النفس عن المنهي عنه هذا يسمى كفًا إن كان معه نية وصرف يسمى كفًا وإن لم يكن فهو الترك إذن مطلق الترك ليس مرادًا بالنهي وإنما المراد به الترك الخاص أو الكف المعنون عنه بالكف وسبق أن قول الناظم: ولا يكلف بغير فعل ** باعث الأنبيا ورب الفضل ولا يكلف بغير فعل: لا تكليف إلا بالفعل لأنهن في مقدور المكلف. غير الفعل لا تكليف به قد يرد النهي لأن النهي ترك قالوا: لا النهي ليس مطلق الترك وإنما هو تركٌ خاص حبس النفس وصرف النفس عن المنهي عنه وهذا صحيح أنه فعل وحينئذٍ لا تكليف إلا بالفعل يشمل الأمر والنهي معًا. ولا يكلف بغير فعل ** باعث الأنبيا ورب الفضل فكفنا في النهي مطلوب النبي ** والكف فعلٌ في صحيح المذهب كما سبق بيانه. لأن قعدنا والنبي يعملُ ** كذاك منّا العمل المفضلُ

(اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ) خرج به الأمر (تَرْكٍ) ماذا؟ (تَرْكٍ) التنوين هذا عوضًا عن المضاف إليه (اسْتِدْعَاءُ تَرْك) الفعل لأنه على وزان هناك استدعاء الفعل يعني نداء الفعل هنا (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ) نقول: التنوين هذا عوضًا عن المضاف إليه إذن أخرج الأمر لأن الأمر استدعاء الفعل (قَدْ وَجَبْ) على وزان ما سبق هل المكروه منهيٌ عنه حقيقةً أو لا؟ سبق معنا قلنا الصواب أنه، المكروه منهيٌ عنه أو لا؟ طيب، منهيٌ عنه هو باتفاق أنه منهي عنه، إنما الخلاف هل هو منهيٌ عنه حقيقةً أو مجازًا؟ الصواب أنه منهيٌ عنه حقيقةً كما أن المكروه هل هو مأمور به أو لا؟ نقول: إطلاق الخلاف في هذه الصورة فيه نوع مؤاخذة وإلا باتفاق أنه مأمورٌ به وإنما هل هو مأمورٌ بع على الحقيقة أو المجاز؟ نقول: الصواب أنه مأمور به على جهة الحقيقة. (تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ) يعني: تركٍ على سبيل الوجوب ليختص النهي بماذا؟ بالمحرم دون المكروه.

إذن قوله: (تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ) نقول: خرج النهي لأنه استدعاء تركٍ على سبيلٍ جواز الترك لا على التعين الترك لأن التعين الترك هذا هو حد المحرم، وأما من حيث يترتب عليه العقوبة على الفعل، أما جواز الترك أو استدعاء الترك مع جواز الفعل له هذا هو حقيقة المكروه قد وجب. نقول: خرج به النهي على سبيل الكراهة بأن يجوز الفعل أن يجوز له الفعل (بِالقَوْلِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ) (بِالقَوْلِ) المراد به صيغة النهي كما قيل هناك (بِالقَوْلِ) المراد به صيغة الأمر (بِالقَوْلِ) جار مجرور ومتعلق بقوله: (اسْتِدْعَاءُ) أي أن الاستدعاء كائنٌ ب (بِالقَوْلِ) والمراد (بِالقَوْلِ) هنا اللفظ الدال عليه الوضع احترازًا من الإشارة والكتابة والقرائن المفهمة فما دل على طلب الترك على سبيل الوجوب بالإشارة لا يسمى نهيًا وما دل على استدعاء الطلب على سبيل الوجوب بالكتاب لا يسمى نهيًا أو من القرائن المفهمة لا يسمى نهيًا إذن قيدوا النهي بالقول وما عداه لا يسمى قولاً ولذلك قيل لو قيد السيد عبده لو قال له: لا تخرج من الدار هذا نهي أو لا؟ نهي حصل بالقول الذي هو صيغة لا تفعل لا تخرج من الدار منعه من الخروج من الدار لم يقل له: لا تخرج وإنما أخذه فقيده بساريةٍ من البيت منعه أو لا؟ منعه هل هذا نهي على كلام المصنف ليس نهيا لماذا؟ لأنه طلب ترك للفعل وهو الخروج لا بالقول وإنما بالفعل حينئذٍ إذا قيده ومنعه وإن كان في الظاهر أنه أبلغ من القول، لو قال: لا تخرج وسكت أو أخذه وقيده في سارية المنزل أيهما أبلغ المنع؟ الثاني ومع ذلك لا يسمى نهيًا إذن (بِالقَوْلِ) نقول المراد به صيغة النهي لا تفعل (مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ) هذا يتأتى فيه القول السابق هل يشترط في الآمر أن يكون أمره على جهة الاستعلاء أو العلو أو لا يشترط فيما ذلك أو يشترطان أربعة أقول، وما رجح في باب الأمر هو المرجح هنا ولذلك ذهب الناظم هنا (كَانَ دُونَ) الطالب بمعنى أنه اشترط العلو في النهي أنه لا يكون نهيًا ولا يسمى نهيًا عن الحقيقة إلا إذا كان الناهي أعلى رتبةً من المنهي من المطلوب منه بمعنى: أنه يشترط العلو والجمهور على اشتراط الاستعلاء لذلك يقول: استدعاء ترك الفعل بالقول على جهة الاستعلاء والاستعلاء وصفٌ في اللفظ في الأمر أو في النهي أن يكون بترفع وغلظة وقهر والعلو هذه صفة في الآمر أو الناهي في المتكلم وقلنا: الصواب أنه لا يشترط فيهما علوٌ ولا استعلاء كما سبق وهما خارجان عن مجرد اللفظ لأن العرب وضعت افعل لتدل على طلب إيجاب الفعل دون تعرضٍ لصفةٍ في داخل اللفظ ودون تعرضٍ لصفةٍ في الآمر كذلك صيغة لا تفعل وضعتها العرب للدلالة على ماذا؟ على طلب الكف وهذا طلب الكف لم يتعرض فيه من جهةٍ تتعلق باللفظ غير دلالته على طلب الكف ولا بالمتكلم أن يكزن عاليًا إذن قوله: ممن كان ممن وجد دون من طلب يعني: دون الطالب من طلب هذه اسمٌ موصول وطلب هذه صلته والموصول مع صلته في قوة المشتق كأنه قال: دون الطالب يعني في الرتبة أخرج المساوي والأدنى إلى الأعلى، إذن صرف العلو في النهي حينئذٍ لو المساوي قرينة لقرينة قال له: لا تكتب هذا يسمى نهيًا؟ لا يسمى نهيًا

عندهم لماذا؟ لأنه لا يسمى نهيًا إلا إذا كان الناهي أعلى رتبةً من المطلوب منه فإذا كان مساويًا له حينئذٍ لا يتصور أنه نهاه إذن ارتفعت صيغة النهي عنه القرين لقرين الزميل لزميله لا ينفع النهي هذا لماذا؟ لأنه مهما قال: لا تفعل لا تكتب لا تصم لا تخرج لا تدخل فهو يسمى التماس وشفاعة ولا يسمى نهيًا إذن ارتفعت طلة النهي فيما بينهما كذلك الأدني إلى الأعلى قالوا: يسمى دعاء {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286]. هل نقول: هذا صيغة نهي؟ هل نقول صيغة نهي يقولون؟ لا، لماذا؟ لأن صيغة النهي لا تكون صيغةً للنهي إلا إذا كان المتكلم أعلى من الناهي أعلى من؟ من المطلوب منه الطالب أعلى من المطلوب منه نقول: هذا مجرد اصطلاح وإلا الأصح أن لغة العرب وضعت افعل دون اعتبار قائلٍ أوصفةٍ في القول ووضعت لا تفعل دون اعتبار القائل أو صفةٍ في القول. وليس عند ذل الأنف ياء ** سبق علوم فيه واستعلاء هذا هو التحقيق في باب الأمر والنهي أنه لا يشترط فيهما علو ولا استعلاء وخالف الباب بشرط ... ** وشرط ذاك رأيٌ لاعتزال واعتبر معًا على ... ** لدى القشيريين وذي التلقين (تَعْرِيفُهُ اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ) يعني على سبيل الوجوب (بِالقَوْلِ) لا بالإشارة والكتابة (مِمَّنْ كَانَ) أي: هذا الاستدعاء حصل ووقع (مِمَّنْ كَانَ) ووجد (دُونَ مَنْ طَلَبْ) يعني: المستدعى دون الطالب والمستدعي أعلى من الطالب هو إذن هذا على مذهب الأشاعرة وإن أخذ القول قيد إلا إنه لم يجعله جنسًا في حد النهي ولو كان المراد به النهي اللفظ لقال: تعريفه قولٌ يتضمن استدعاء الترك ولكنه لما علم أن حقيقة النهي هو النهي النفسي أخذ الاستدعاء جنسًا في حد النهي وقد نص على ذلك الزركشي في (تشنيف المسامع) وكثر السؤال عن هذا، يقولون: من أين أتيت، هل سبقك أحد؟ هم ينصون على هذا حتى لا يقول هذا أين نجد من كتب أهل السنة في الأصول التعريف الذي رجحتموه للأمر وهو يصدر باللفظ هم نصوا على هذا. هذا الذي حد به النفسي ** وما عليه دل كل لفظي ماذا تريد الأشاعرة هم نصوا قالوا: من أراد النفسي فليأخذ الاقتضاء جنسًا بالحد ومن أنكر النفي فحينئذٍ يأخذ اللفظ جنسًا في الحد فلا إشكال باتفاق عندهم وإذا أردنا نحن أن عرف هنا النهي على طريقة أهل السنة نقول: النهي هو ... الدال على اقتضاء تركٍ على اقتضاء كفٍ عن فعلٍ لا بقول كف، وإذا ثبت في الشرع أن يسمى منعًا وكفًا لا بالقول فحينئذٍ نقول: ما دل على اقتضاء كفٍ عن فعلٍ لا بقول كف لماذا؟ ليعم النهي بالقول بصيغة: لا تفعل والنهي بالإشارة والنهي بالكتابة أو بالقرائن المفهمة كما أدخلناه في حد الأمر لماذا؟ لأن الأمر له حقيقةٌ شرعيةٌ معتبرة ولا مانع من أن يقيد الأمر اللفظي في اللغة بالقول، بل هو أصح فحينئذٍ يكون له استعمالٌ في الشرع بمعنى زائدٍ على المعنى اللغوي فيكون المعنى اللغوي معنى الأمر اللغوي أخص من المعنى الشرعي، كذلك النهي لو ثبتنا الآن لا استحضر أمثلة في هذا، لو ثبت أن ثم أمر نهيٌ بالإشارة أو بالكتابة حينئذٍ نقول: النهي في حقيقةٍ شرعية ما دل على اقتضاء ليشمل القول صيغة لا تفعل والإشارة والكتابة والقرائن المفهمة.

(النَّهِي) عرفنا حده فإن قلنا بالنفس على طريقة أهل البدع أو باللفظ. هل للنهي صيغةٌ تخصه أم لا؟ كما قيل في الأمر هل له صيغةٌ تخصه أم لا؟ بماذا نجيب، نقول السؤال بدعة أي المعاصرون الآن يقولون: فيه مذهبان، نقول: نعم هذا ليس خلاف المعتبر، لا نقول فيه المذهبان وإنما نقول قولٌ واحد فقط: سبق السلف أجمع السلف على أن النهي له صيغة لماذا؟ لأن النهي المراد هنا البحث الشرعيات في نصوص الوحيين والقرآن معلوم أنه كلام الله ألفاظه ومعانيه: {((((((أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ ((((} [التوبة:6] إذن المستجير يسمع ماذا؟ يسمع كلام الله لم ما يسمع كلام الشجرة يسمع كلام الله إذن بألفاظه ومعانيه نقول: هو يسمع كلام الله حقيقةً ولا نقول: مجازًا. إذن النهي له صيغةٌ تخصه بإجماع السلف والمخالف خلافه غير معتبر لماذا؟ لأ، هم بنوه على القول بأن الأمر والنهي نفسيان لذلك السيوطي في باب الأمر نص على ذلك. لمثبت النفسي خلفٌ يجري هذا لمثبت احتراز إذن لمنقد المنفسي اتفاقٌ يجري، أليس كذلك لمنقد المنفسي؟ اتفاقٌ يجري أن صيغة الأمر هي افعل هم على البني على هذا الخلاف عندهم إذا قيل: هل للأمر صيغةٌ تخصه أو النهي هل صيغةً تخصه؟ يقولون: اللفظ مجمل افعل هذا يحتمل أنه نهي ويحتمل أنه أمر فحينئذٍ يحتاج إلى قرينة تنص على أن المراد به الأمر أو النهي كذلك صيغة لا تفعل يحتمل أنها أمر ويحتمل أنها نهي فحينئذٍ يحتاج إلى قرينة فيتوقفون حتى يرد الدليل المعين وهذا لا شك أنه بدعة، يرحمك الله، إذن هل للأمر صيغةٌ تخصه؟ نقول: هذا سؤال بدعة على وزانه النهي هل للنهي صيغةٌ تخصه؟ نقول: هذا سؤال بدعة، أجمع أهل اللغة على أن الكلام ينقسم غلى أمرٍ ونهيٍ وخبرٍ واستخبارٍ وتمنٍ وترجيٍ إلى آخره ولكل معنى من هذه المعاني لفظ يدل عليه إذا أطلق لا ينصرف إلا إليه فوقعوا لصيغة الأمر أو للأمر افعل ووقعوا للنهي لا تفعل والترجي لعل والتمني ليس والاستفهام هل والخبر قد فعلت إذن هذه إذا أطلقت نقول افعل هو عين الأمر لا تفعل هو عين النهي ليس هو التمني لعل هو الترجي وهذا بإجماع أهل اللغة بإجماع أهل اللغة كذلك لو قال القائل أو السيد لعبده لا تخرج عن الدار أو لا تدخل الدار فحينئذٍ ما الذي يفهمه العبد كفه عن الخروج أو الدخول إلى الدار أو عن الدار فلو خالف ولم يمتثل فعاقبه ورآه العقلاء من أهل اللسان قالوا له: لما عاقبته؟ قال: نهيتهُ فلم يمتثل ماذا يقال له هل يعذر في عقوبته لعبده أم لا؟ قالوا: يعذر. إذن بهذين الإجماعين والإجماع الأول أقوى أن أهل اللغة أجمعوا على وضع صيغةٍ للنهي إذا أطلقت تنصرف إليه ولا يفهم منها غير الكف طلب الكف كما هو في شأن الأمر نقول هذا يكفي في ثبوته وأيضًا في رد ما ذهبوا إليه أن ما بناه على أصلٍ محدث وما بني على أصلٍ محدث فهو محدثٌ إذن ما هي الصيغة التي إذا أطلقت فهم منها طلب الكف؟ هي صيغة لا تفعل الفعل المضارع المقرون بلا الناهية: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13] نقول هذه صيغة تدل على النهي إذا أطلقت صيغة لا تفعل ما الذي يفهم منها؟ نقول: الخلف في كما اختلف في صيغة افعل.

وافعل لدى الأكثر بوجوب وحكينا إجماع السلف على أنها تحمل على الوجوب كذلك لا تفعل إذا جردت عن القرائن على أي شيءٍ تحمل نقول: هذه لا تفعل يحتمل أنها تقرن بصفةٍ أو بقيدٍ يدل على عدم جواز الترك لا تصل وإلا وَإلا قتلتك لا تصل يعني: فإن صليت قتلتك هذه صيغة تدل على ماذا؟ تدل على تحريم الفعل لأنه رتب العقوبة على عدم الامتثال طيب، لا تصل ولا ت ... أو لا تصل إن شئت نقول: هذه لا تحمل على التحريم بالاتفاق إذن متى تحمل أو يختلف فيها؟ الأصوليون عند الإطلاق على القرينة كما قيل في صيغة افعل، افعل بقيدٍ يدل على الوجوب افعل لا بقيدٍ يدل على الوجوب افعل المطلقة هكذا قال: صل هذه محل نزاع هنا لا تفعل قد تقيد بقرينة تدل على التحريم ليست محل خلاف باتفاق للتحريم لا تفعل قد يقيد بقرينة تدل على عدم التحريم حينئذٍ محل اتفاق أنها ليست للتحريم أما لو قال: لا تفعل وسكت عن القرينة وأطلقها يعني: مجردة عن القرائن حينئذٍ محل نزاع جماهير أهل العلم وحكي الإجماع مع السلف على أن هذه للتحريم يعني إذا أطلق صيغة النهي لا تفعل وقد جردت عن القرائن الصارفة تحمل على التحريم بدليلين. أولاً: إجماع الصحابة والتابعين إجماع سكوتي إجماع الصحابة والإجماع المراد به السكوتي حيث إنه يستدلون على تحريم الشيء بصيغة لا تفعل خذوا مثلاً: الزنا محرم ما الدليل؟ {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء:32] إذن فهموا من قوله: {(((((((((((((((} التحريم الشرك محرم من قول الله: {((تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان:13]، قتل النفس محرم من قوله: {((((تَقْتُلُوا (((((((((} [الأنعام:151] الربا محرم من قوله: {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} [آل عمران:130] إذن استدلالهم على إثبات المحرمات بصيغة لا تفعل يدل على أنهم لا يفهمون منها إلا التحريم إذن استدلالهم على تحريم شيءٍ بصيغة لا تفعل فكانوا ينتهون عن ذلك بمجرد سماع الصيغة فينتهون هم بأنفسهم ويرتبون العقوبة على من لا ينتف فمن زنا رتبوا عليه العقوبة من ارتكب الشرك رتبوا عليه العقوبة ونحو ذلك. الثاني: أن يقال: إجماع أهل اللغة واللسان كما سبق أنه إذا قال السيد لا تخرج من الدار لم يعقل منه إلا كفه عن الخروج بحيث لو رتب العقوبة على عدم الامتثال لم ينكر عليه ولا عذر في لومه وعقوبته لعبده. الثالث: وحقه التقدير أن يقال قوله تعالى: {((((((آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] وجه الاستدلال أن يقال: {(((((نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} انتهوا هذا فعل أمر مقتضاه الكف، أليس كذلك؟ إذن هو فعل أمر مقتضاه الكف فالأمر بالانتهاء عما نهى عنه يقتضي وجوب الانتهاء، الانتهاء عما نهى عنه يقتضي وجوب الانتهاء ولازم ذلك تحريم الفعل {((((((((((((} هذا وجوب الكف عن ماذا؟ عما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا يدل على ماذا؟ على أن صيغة لا تفعل المراد بها التحريم هذا هو المشهور. ثم إذا حكمنا أن إفادة صيغة لا تفعل للتحريم هل هو مأخوذٌ من جهة الشرع أو مأخوذٌ من جهة اللغة أو مأخوذٌ من جهة العقل كما قيل هناك؟ ومفهم الوجوب يدر الشرع ** أو ال .... .........

نقول: الصواب أنه من جهة الشرع ولا مانع أيضًا أن يكون من جهة العقل لماذا؟ لأن الشرع هو الذي رتب العقوبة على عدم امتثال ما نهى عنه، وأما من جهة اللغة فحينئذٍ لا يمكن أن يقال: إن العقوبة مستفادة بجوهر هذا اللفظ فحسب بل لا بد من أمرٍ خارجٍ عنه كذلك نقول: كما قال هناك: واللفظ للتحريم شرعًا. نقول: من جهة العقل أنه لا يمكن أن يكون صيغة لا تفعل ألا يترتب العقوبة على عدم الامتثال فحينئذٍ يستوي هو وصيغة لا تفعل التي يراد بها الكراهة حينئذٍ نقول: التحريم مستفاد من الصيغة شرعًا وعقلاً ينبني على هذا أن العقوبة هل هي مستفادةٌ من اللفظ أو من الشرع أو من العقل؟ نقول: من الشرع العقوبة لا تكون منقولة إلا من جهة الشرع ثم انتقل إلى مسألة أخرى وهو: وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ (وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ) (وَأَمْرُنِا) نا هنا دلت على فاعل أليس كذلك؟ وأمر هذا مصدر مضاف هل أضيف إلى فاعل أم إلى مفعول؟ إلى فاعل إذن يتكلم عن ما هو أمر الشرع أو أمر اللغوي؟ عن أي شيءٍ يتحدث؟ الشرع هل هو مأمور أو آمر مأمور إذن كيف يكون نائبا عن فاعله (وَأَمْرُنِا) يعني: أمر الشارع إياه فيكون من باب إضافة المصدر إلى مفعوله من باب إضافة المصدر إلى مفعوله وإلا لو كان إلى فاعله لصار الآن المنع هو المكلف. وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ

الأمر عندهم المراد به في هذه المسألة هو الأمر النفسي الأمر النفسي وهذه المسألة من جهة خلافهم هل هو عينُ النهي أو يتضمنه أو لا عينه ولا يتضمنه مبناه على القول بالأمر النفسي ولذلك نص على ذلك الزركشي وأنبه نص الزركشي على ذلك في ((تشنيف المسامع)) أن نقول: فهم مبناه على القول بالأمر النفسي هل هو عينٌ أو يتضمنه أو لا عينه ولا يتضمنه ودائمًا صاحب المراقي يفضحه لذلك قال: والأمر النفسي بما تعين. هم لا ينصون في المتون هنا قال هذا الذي حد به النفسي وهنا قال: والأمر ذو النفسي إذن المراد به الأمر النفسي قال الزركشي: النواع عند القائلين بالنفس بأن الأمر هو الطلب القائم في النفس راجعٌ إلى ان طلب فعل الشيء هل هو طلب ترك ضاده أو لا؟ الأمر بالشيء الأمر النفسي إذا تعلق بشيءٍ ما هل هو عين النهي أم ضده أو لا أو مستلزمٌ له؟ بمعنى: أن ما يصدق عليه أنه أمرٌ نفسي ما يصدق عليه أنه أمرٌ نفسي هل يصدق عليه أنه نهيٌ عن ضده أو لا؟ إذا قال: صل هذا من جهة اللفظ صيغة افعل حقيقته اقتضاء الطلب لا بالفعل هذا أمرٌ نفسي هل هو عينه طلب الكف عن أضاد الصلاة أو لا؟ إذا قال: صل هذا يستلزم ماذا؟ يستلزم النهي عن أضاد الصلاة أو قال: صل قائمًا. مثلاً إذا قال: صل قائمًا. نقول: هذا الأمر يستلزم ماذا؟ يستلزم النهي والكف عن أداء القيام وهو القعود والق ... ولذلك جاء «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعل جنبك» القيام له أمران فإذا قال: «صل قائمًا». المعنى النفسي الذي دل عليه بصيغة صلي هل هو عين النهي عن القعود والاضطجاع أو يتضمنه أو مستلزمٌ له؟ ما يصدق عليه أنه أمرٌ نفسي هل هو عينه منهيٌ نفسي أو لا؟ هذا محل النزاع عندهم ومبناه على أصل آخر مختلف عندهم هل كلام الله يتنوع أو لا يتنوع عندهم القائلون بأن الكلام نفسي هل هو شيءٌ واحد يتعدد بتعدد متعلقاته فيوصف بكونه أمرًا هو عينه يوصف بكونه أمرًا إذا تعلق بطلب إيجاد الفعل وعينه يسمى نهيًا إذا تعلق بطلب كفٍ عن فعله والشيءٍ واحد وإنما يختلف باختلاف المتعلق أم أنه متنوع جماهير الأشاعرة على أنه شيءٌ واحد ولذلك وقع الخلاف وذهب بعض المتأخرين من الأشاعرة ومنهم تاج الدين السيوطي في ((جمع الجوامع)) إلى أنه يتنوع ولذلك قال السيوطي في ((الكوكب)): وصححوا أن الكلام في الأجل يسمى خطابًا أو منوعًا. ينوع. إذن الأمر النفسي هو مغاير للنهي النفسي فهما شيئان نفسيان وعند جماهير الأشاعرة أنهم شيءٌ واحد ويوصف بكونه أمرًا وعينه يوصف بكونه نهيًا وإنما سميناه أمرًا باعتبار المتعلق وسميناه نهيًا باعتبار المتعلق، واضح تأملوا هذا (وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ) قال الزركشي: النواع عند القائلين بالنفس ومبناه على هل كلام الله النفسي، على إثباته عندهم هل يتنوع أو لا إن قيل: تنوع فلا إشكال ليس عندهم خلاف وإذا قيل لا يتنوع بل هو شيءٌ واحد حينئذٍ يحتمل عندهم الخلاف لأن الأمر هو الطلب هو القائم بالنفس راجعٌ إلى أن الطلب فعل الشيء هل هو طلب الترك أو ضده أم لا؟

المنكرون للنفس القائلون: أن الأمر هو نفس صيغة افعل قد اتفقوا وهذا الزركشي قد اتفقوا على أن الأمر ليس نهيًا عن ضده باتفاق لماذا؟ قالوا: ضرورة التغاير أو مغيرة صيغة افعل لقوله: لا تفعل لأن الأمر عندنا هو صيغة افعل وليس هو الأمر النفسي الذي عندهم كذلك النهي هو صيغة لا تفعل إذن افعل مغايرٌ لصيغة لا تفعل لا يمكن أن يكون عينه وإنما عقلاً يستلزمه إذًا المنكرون للنفسي أو قائلون إن الأمر هو نفس صيغة افعل قد اتفقوا على أن الأمر ليس نهيًا عن ضده من جهة العين والتضمن ضرورة تغاير صيغة افعل من صيغة لا تفعل وإنما اختلفوا هل يستلزمه من جهة المعنى أو لا؟ والصواب أنه يستلزمه من جهة المعنى يعني: عقلاً إذا قيل: «صل قائمًا». نقول: هذا نهيٌ عن الجلوس في الصلاة، ونهيٌ عن ماذا؟ عن الاضطجاع من أين أخذنا؟ نقول: من صفة صلي لكن هل هو بطريقة استدلال عند أهل البدع؟ نقول: لا، وإنما عقلاً اللزوم العقلي يقتضي أنه لا يمكن أن يمتثل الصلاة قائمًا إلا إذا ترك الضاد المأمور به إذا كان للمأمور به وهو الصلاة قائمًا ضدين فأكثر نقول: الأمر بالصلاة قائمًا يستلزم من جهة العقل النهي عن القعود وعن الاضطجاع لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يمثل المأمور به إلا باجتناب القعود والاضطجاع هذا متى؟ إذا كان له أكثر من ضد إذن الأمر بالشيء، نقول: يستلزم النهي عن جميع أضاده إذا كان له أكثر من ضد وإذا كان له ضدٌ واحد نقول: يستلزم النهي عن ضده إذا قال: اسكت هذا أمرٌ بإيجاب السكون نقول: هذا لا يمكن الامتثال السكون إلا بترك التلبس بالحركة لأنه ليس عندنا ضد السكون إلا الحركة إما ساكن وإما متحرك لا واسطة أليس كذلك؟ إذا قال: اسكن معناه لا تتحرك إذا قال: تحرك معناه لا تسكت حينئذٍ لا يمكن المثال اسكن أن يمتثل مدلول اسكن إلا إذا ترك التلبس بضده وهو التحمل إذن الأمر بالشيء نقول: يستلزم من جهة اللزوم العقلي النهي عند ضده إذا كان له ضد واحد كقوله: اسكن فإنه يستلزم النهي عن الحركة والأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده عن جميع أضاده إن كان له أكثر من؟ من ضد مثل ماذا؟ «صل قائمًا». هذا له أكثر من ضد فالأمر بالصلاة قائمًا يستلزم النهي عن جميع الأضداد عن جميع الأضداد.

(وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ) هم يقولون بالشيء (وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ) يقصدون بالشيء هنا المعلم وهو الذي قيده في باب الأمر. والأمر بالنفس بما تعين يعني: إذا أمر بمن هو مخيرٌ فيه في واجب المخير هل يستلزم الأمر هنا النهي عن ضده؟ اتفاقًا لا الواجب الموسع هل يستلزم الأمر به النهي عن ضده أو أضاده؟ اتفاقًا لا، وإنما الخلاف في الواجب المعين أما الواجب المخير والواجب الموسع فالأمر بهما لا يستلزمان أو لا يستلزم النهي عن ضده (نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ) ويقصدون بالضد هنا الواحد إن كان له ضد أو أكثر من الواحد إذا كان له عدة أضداد ويقيدونه بالوجود عن ضده الوجود لماذا؟ لأن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن نقيضه اتفاقًا قم ترك القيام قم يستلزم ماذا؟ النهي عن ترك القيام، يستلزم النهي عن الاضطجاع يستلزم النهي عن الجلوس هذه كم؟ ثلاثة طيب ترك القيام هل هو ضد للقيام أو نقيضه؟ كيف نقرر؟ ها هل هو نقيض أم لا؟ تكلم في المنطلق؟ نعم إذا أردنا النقيض نقيض الشيء نأتي بنفس اللفظ وندخل عليه شيء ولذلك تقول: داخل عالم لا داخل لا داخل ولا خارج أليس كذلك؟ ويقولون: لا فوق ولا تحت هذا بمقابله لكن مع أداة السلب هنا قال: قم ترك القيام ليس ضدًا له وإنما هو نقيضٌ له إذًا الأمر بالشيء المعين يستلزم النهي عن نقيضه باتفاق ولا خلاف الأمر بالشيء المعين نهيٌ عن ضده لا نقيضه هذا محل خلافٍ بينهم قيل: عينه هو نفسه بناءً على أن الكلام النفسي لا يتنوع قيل: يتضمنه عقلاً وقيل لا عينه ولا يضمنه هذا أقوال أهل البدع ونقول: الصواب من جهة إثبات أن اللفظ مباينٌ للأمر اللفظي مباينٌ للنهي اللفظي نقول: من جهة المعنى ودلالة اللزوم العقلية الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده لأنه لا يمكن للامتثال إلا بترك ضده إذا كان له ضدًا واحد أو بترك جميع أضاده إذا كان له عدة أضاد (وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ) (وَالعَكْسُ) الذي هو النهي عن الشيء هل هو أمرٌ بضده أو لا قالوا: (وَاقِعُ) يعني الخلاف الأول الذي ذكر في الأمر بالشيء هو أن عينه مذكور في باب النهي يعني: النهي النفسي عن الشيء المعين هل هو أمرٌ بضده أو لا؟ نقول: على طريقتهم قيل: عينه وهو المشهور لأنه إذا قال: لا تقم. هذا يستلزم ماذا؟ لا تقم يستلزم الأمر بماذا؟ اترك الجلوس يستلزم الأمر إذا قيل: لا تقم بمعنى اجلس أليس كذلك أو اضطجع إذا قال: لا تتحرك هذا له أكثر من ضد إذا قال: لا تتحرك هذا نهي عن الحركة أمرٌ بالسكون إذن لا تتحرك نقول: هذا يستلزم الأمر بالسكون لا تقم هذا يستلزم الأمر بالجلوس أو الاضطجاع أو الاتكاء ونحو ذلك إذا قلنا هناك فيما سبق الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده نقول: (العَكْسُ) مثله النهي عن الشيء يستلزم النهي عن الأمر بضده إن كان له ضد واحد والنهي عن الشيء يستلزم النهي عن جميع الأضداد الأمر بجميع الأضداد أو بواحدٍ منها؟ بواحدٍ منها {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء:32].

هذا نهيٌ له أضاد أو لا؟ له لماذا يحصل ترك الزنا بالزواج، ملك اليمين، الصبر، الصيام، استعفاف هل نقول كل هذه مأمور بها أو بواحد منها بواحدٍ منها إذن النهي عن الشيء يستلزم الأمر بواحدٍ من أضاد إن كان له عدة أضاد ويستلزم الأمر بضده إن كان له ضدٌ واحد. وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ ومسألة تحتاج إلى مزيد تفصيل وتركت بعض المسائل غدًا إن شاء الله تعالى، بإذن الله.

26

عناصر الدرس * النهي يقتضي التحريم * هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه؟ * هل النهي يقتضي الفور والتكرار؟ * هل الأمر بالشيء نهي عن ضده وبالعكس؟ * استعمال (أفعل) لغير الوجوب * استعمال (لا تفعل) لغير الوجوب وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الناظم رحمه الله وغفر له وللحاضرين: وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ وَصِيغَةُ الأَمْرِ الَّتِي مَضَتْ تَرِدْ ** وَالقَصْدُ مِنْهَا أَنْ يُبَاحَ مَا وُجِدْ كَمَا أَتَتْ وَالقَصْدُ مِنْهَا التَّسْوِيَهْ ** كَذَا لِتَهْدِيدٍ وَتَكْوِينٍ هِيَهْ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى: بَابُ النَّهِي أي: هذا مبحثه عقب باب الأمر باب النهي لأنهما شقان للتكليف كما سبق أن الأمر أحد شقيه التكليف كذلك النهي فهما أساس التحليل والتحريم وعليهما يبنى الفقه بأكمله هذا الباب فيه مسائل: المسألة الأولى في حد باب النهي قلنا: النهي هذا له معنيان: معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي. أما معناه اللغوي فهو: المنع. وقيل: الترك. يقال: نهاه عن كذا إذا منعه. ومنه سمي العقل نهيه ويجمع على نهى فعل لماذا؟ قالوا: لأنه يمنع صاحبه أو ينهى صاحبه عن الوقوع في ما يخالف الصواب {((((((((النُّهَى ((((} يعني: لأصحاب العقول. أما في الاصطلاح عرفه المصنف هنا بقوله: تَعْرِيفُهُ اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ ** بِالقَوْلِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ هذه قيود أولاً قوله: (اسْتِدْعَاءُ). وهذا الاستدعاء استدعاء ترك وهذا الاستدعاء ترك استدعاء ترك واجب ثم يكون بالقول لا بغيره ثم يكون على جهة العلوم فهذه قيود إن وجدت وجد النهي عندهم وإن انتفت كلها أو بعضها انتفى النهي (اسْتِدْعَاءُ) قلنا: السين هذه لزائدة تأكيدًا وليست للطلب والدعاء هنا مراد به الطلب وهو جنس يشمل طلب الفعل وهو الأمر وطلب الترك وهو النهي (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ) أيضًا يشمل جهة صاحب الصيغة وهو أن يكون أعلى من المنهي أو دونه أو مساوي له فحينئذٍ قوله: (اسْتِدْعَاءُ). يشمل الأمر والنهي ويشمل استدعاء ممن كان دون الطالب وممن كان أعلى من الطالب وممن مساويًا له استدعاء ترك هذا قيد لإخراج الأمر لماذا؟ لأن الأمر استدعاء فعل وهذا بناءً منهم على أن الترك مغاير للفعل وإذا قلنا: الصواب أن الترك فعل كما سبق. وترك فعل في صحيح المذهب حينئذٍ قوله: (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ). يكون فيه نظر لأنه غير جامع لأن بعض الترك ما هو فعل لأن الترك مطلق الترك ليس بفعل وليس هو المراد وليس هو الذي يحصل به التكليف في النهي. فكفنا بالنهي مطلوب ... ** والكف فعل في صحيح المذهب

الترك نوعان: ترك خاص، وترك عام. الذي يكون معه كف النفس والقصد هذا يسمى كفًا تركًا خاصًا ويسمى كفًا يعني: اصطلح الأصوليون على تسمية ترك خاص بالكف فحينئذٍ إذا أطلق لفظ الكف انصرف إلى ماذا؟ هل انصرف أو ينصرف إلى مطلق الترك أي ترك نقول: لا وإنما ترك بقيد وهو أن يكون خاصًا، أن يكون بقصد، أن يكون كف النفس عن المنهي عنه يعني: صرف النفس وهذا فعل داخلي صرف النفس عن المنهي عنه ليس هو كالترك المطلق الذي لا التفات للمنهي إذن (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ) نقول: هذا فيه نظر من جهة إطلاق الترك على الترك العام على الفعل مطلقًا (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ) على سبيل الوجوب ليبين لك أن النهي حقيقة إنما هو في نهي التحريم وأما ما كان على جهة الكراهة فهذا لا يسمى نهيًا حقيقةً وإنما يسمى نهيًا مجازًا إذن النهي نوعان: نهي تحريم، ونهي تنزيه. نهي التحريم هذا حقيقة يعني: يسمى نهيًا حقيقةً والنهي التنزيه هذا يسمى نهيًا مجازًا هذا على قول المصنف والصواب أن كل منهما منهي عنه كما أن الأمر أمر الإيجاب وأمر الندب كل منهما مأمور به كما سبق وكذلك الحرام والكراهة كل منهما منهي عنه حقيقة والخلاف إنما هو هل يطلق النهي على المكروه حقيقةً أو مجازًا؟ هذا محل خلاف والصواب أنه يطلق عليه حقيقةً إذن قوله: (قَدْ وَجَبْ). أيضًا يوجه إليه نقد لأنه خص النهي بماذا؟ بنهي التحريم وأخرج المكروه (بِالقَوْلِ) هذا قيد أن يكون الاستدعاء بالقول يعني: باللفظ الدال عليه بالوضع يعني: اللفظ الدال عليه بالوضع يعني: بصيغة النهي التي يعنون لها بلا تفعل لا الناهية جازمة والفعل المضارع مجزوم بلا نقول هذا هو صيغة لا تفعل والنهي (بِالقَوْلِ) هنا احترازًا عن استدعاء الترك بالإشارة أو بالكتابة أو بالفعل فحينئذٍ لو منعه بالفعل قالوا: كأن يقيد السيد عبده ليمنعه من الخروج من المنزل مثلاً من البيت من الدار قالوا: هذا لا يسمى نهيًا وإن كان هو أبلغ من القول لا يسمى نهيًا وإن كان أبلغ من القول. أيضًا الإشارة لو أشار إليه لا تخرج هكذا قالوا: لا يسمى نهيًا وإلا دلت الإشارة على المنع. كذلك الكتابة لو كتب إليه لا تذهب أو لا تسافر قالوا: لا يسمى نهيًا. فحينئذٍ قوله: (بِالقَوْلِ). هذا فيه نظر لأنه قيد النهي كونه بالقول فقط وما عداه لا يسمى نهيًا نقول: هذا فيه نظر. (مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ) يعني: ممن الاستدعاء ممن كان وجد كان هنا ( .. ) (دُونَ مَنْ طَلَبْ) دون الطالب يعني في الرتبة أخرج المساوي فحينئذٍ لو كان الاستدعاء بصيغة لا تفعل هذا لا يسمى إذا كان من المساوي من قرين بقرينه هذا لا يسمى نهيًا عندهم وإذا كان من الأدنى إلى الأعلى هذا لا يسمى نهيًا الأول يسمى التماسًا أو شفاعة والثاني يسمى دعاء {(((((((لَا (((((((((((((} [البقرة:286] قال: هذه لا تفعل صيغة النهي من الأدنى إلى الأعلى لا تسمى هذه الصيغة نهيًا وإنما تسمى دعاء وإذا قال القرين لقرينه: لا تكتب. هذا لا يسمى نهيًا إنما يسمى التماسًا أو شفاعةً إذن هذا حد النهي عند الناظم. اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ ** بِالقَوْلِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ

عرفه في ((جمع الجوامع)) بقوله: اقتضاء كف عن فعل لا بقول كف. اقتضاء قلنا: الاقتضاء مراد به هو الطلب هو عينه الطلب هو عينه الاستدعاء إنما اختلف اللفظ والمعنى واحد اقتضاء كف عن فعل اقتضاء كف أخرج اقتضاء الفعل الذي هو الأمر عن فعل هذا للإيضاح لا بقول كف هذا أخرج به بعض الأمر المدلول عليه بنحو كف فإن الأمر عند الأصوليين ينتظم أمرين: طلب إيجاد نحو قم، وصل، وصم، وزك، وحج ونحو وطلب كف ولكن يدل عليه على الكف هذا بنحو افعل. فحينئذٍ نحو كف وذر واترك وخلي وأمسك وإياك نقول: هذه أوامر وإن تضمنت النهي. هذه أوامر لماذا أوامر؟ لأنها من جهة الصيغة بإجماع أهل اللغة هي فعل أمر أو أفعال أمر حينئذٍ تسميةً للمدلول بالدال باسم الدال قالوا: موافقة لهما بأن لا يحصل تناقض بأن يكون اللفظ دالاً على الأمر والنهي والمعنى يكون مدلول النهي في الأصل مثل صيغة لا تفعل لئلا يقع التناقض سموا ذر واترك أوامر وإن كان مقتضاها مدلولها الكف إذن الأمر نوعان: أمر إيجاد وهذا الذي ينبغي أن نعتني به أمر إيجاد كقم، وصم، وأمر الكف وهذا مدلول عليه بنحو كف إذن اقتضاء فعل غير كف فعل غير كف هكذا هو اقتضاء الكف عن فعل ليس اقتضاء فعل هذا حد الأمر. هو اقتضاء كف عن فعل ودع ** وما يضاهه كذر قد امتنع

إنا اقتضاء الكف عن فعل لا بنحو كف لا بنحو هذا استدراك أو استثناء لقوله: اقتضاء كف. لأن اقتضاء الكف نوعان مدلول عليه بنحو: لا تفعل. ومدلول عليه بنحو: كف، افعل. اقتضاء الكف نوعان مدلول عليه بنحو: لا تفعل. الثاني مدلول عليه بنحو: كف. أيهما النهي وأيهما الأمر؟ نقول: الأول نهي والثاني أمر. لكن قلنا هذا التعريف كتعريف هذا الناظم على أصلهم الفاسد وهو أنهم يصدرون الأمر والنهي بما يدل على المعنى حينئذٍ قوله: (اسْتِدْعَاءُ). نقول: هذا هو عينه اقتضاء. هو عينه اقتضاء وهم نصوا على هذا في كتبهم أن من أراد حد الأمر النفسي فليقل اقتضاء ومن أراد الأمر اللفظي فليقل اللفظ إذن (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ) هل عرف الناظم النهي النفسي أم اللفظي؟ نقول: النفسي هذا الظاهر والعلم عندكم أنه أراد النفسي لأني ما وجدت من ينتقد هذا الحد كلهم قاطبة يقولون: حد النهي هو استدعاء ترك الفعل بالقول على جهة الاستعلاء. حتى من المعاصرين يأتون بهذا الحد لكن الذي يظهر والعلم عند الله أن هذا حد النهي النفسي لأنهم تتبعت أنا المسألة هذه في كتب الأشاعرة وجدت أنهم يقولون: من أراد الحد النفسي أو النهي النفسي لا بد أن يصدره بالاقتضاء أو الاستدعاء أو الطلب. إذن هؤلاء أشاعرة وإنما الأعمال بالنيات هذا عمل يفسره بماذا؟ يفسره بما أراده هو كما قال هنا: (وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ). ما أراد الأمر اللفظي أراد الأمر النفسي إذًا قوله: (اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ). الفعل أو اقتضاء كف عن فعل لا بقول كف هذان الحدان يجريان على إثبات النهي النفسي وعليه إذا أردنا الحد الصحيح الذي يكون على الجادة أن نقول: هو اللفظ الدال على اقتضاء كف مدلول عليه لا بنحو كف. اللفظ الدال على اقتضاء كف لأن النهي عندنا لفظي أليس كذلك؟ النهي لفظي {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء:32] هذا نهي ولا نقول: هذا دليل النهي أو عبارة عن النهي أليس كذلك؟ هم عندهم يقولون: لا {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا}، {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} [آل عمران:130] ليس هو عين النهي وإنما هو دليل أو عبارة عن النهي. حينئذٍ نقول: النهي هو اللفظ الدال على اقتضاء كف مدلول عليه لا بنحو كف هذا إذا أردنا النهي اللفظي، وإذا أردنا أن يكون للنهي حقيقة شرعية بحيث يشمل ما عدا القول كالإشارة والكتابة ونحوها أو الفعل حينئذٍ نقول: ما دل. نعبر بما ولا إشكال نعبر بما بما ما دل على اقتضاء كف مدلول عليه لا بنحو كف وقد وقفت قبل يومين على حديث أيضًا حديث عبد الله بن عقيل ون كان فيه في إثباته نظر أنه كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن لا تنتفعوا». كتب إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بشهر «أن لا تنتفعوا من الميتة بإيهاب ولا ... ». «أن لا تنتفعوا». هذا صيغة ماذا؟ صيغة نهي لا تنتفعوا إذًا حصل بكتابة أو لا؟ عند ما صحح الحديث يكون حينئذٍ النهي وقع بالكتابة إذًا يكون النهي في الشرع له حقيقة مغايرة لو قيد النهي في اللغة بالقول بأنه ما عبر عنه بصيغة لا تفعل أو عينه صيغة لا تفعل فلا إشكال لماذا؟ لأن مبحث اللغويين في الأصل للفظ ولذلك نقول: النهي نوع من أنواع الكلام المعرف بقولنا هو اللفظ المفيد.

فأخذنا اللفظ جنسًا في حد الكلام إذم كل نوع من أنواع الكلام لا بد أن يؤخذ اللفظ جنسًا في حده أليس كذلك؟ حينئذٍ لا بد أن نعرف النهي بأنه هو اللفظ ونعرف الأمر بأنه هو اللفظ وكذلك التمني والترجي ونحو ذلك إذن قوله: تَعْرِيفُهُ اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ ** بِالقَوْلِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ قوله: (مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ). هذا فيه ما يقال في الأمر هل يشترط فيه العلو والاستعلاء؟ أو العلو فقط؟ أو الاستعلاء فقط؟ أو لا يشترط فيه لا علو ولا استعلاء؟ الرابع هو الصواب أنه لا يشترط في النهي علو ولا استعلاء فقوله: (مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ). نقول: هذا القيد يسقط لأن الصحيح أنه لا يشترط في النهي أن يكون صادرًا من أعلى رتبة من المطلوب ولا العكس ولا يشترطا. وليس عند جل الأذكياء ** شرط علو فيه واستعلاء هذا هو الحق في الأمر والنهي، هذه المسألة الأولى وهي: تعريف النهي. المسألة الثانية: اتفق السلف وأجمع السلف على أن للنهي صيغة تخصه إذا أطلقت هذه الصيغة عند التجرد لا يفهم منها إلا الكف عن الفعل ونقول: هذا بإجماع السلف. ويمكن أن يستدل أيضًا بإجماع أهل اللغة من جهتين: أولاً: أنهم قسموا الكلام إلى: أمر، ونهي، وتمني، وترجي إلى آخره وخبر واستفهام ولكل نوع من هذه الأنواع قد جعلوا له صيغة تدل عليه عند الإطلاق فالأمر وضعوا له: افعل. والنهي: لا تفعل. والتمني: ليت. والترجي: لعل. والخبر: قد فعلت. والاستفهام والاستخبار: هل فعلت؟ نقول: هذه أنواع للكلام.

الثاني: أن يقال لو قال السيد لعبده هذا يتمم الأول لو قال السيد لعبده: لا تدخل الدار. فدخل فعاقبه لامه وضربه فرآه بعض العقلاء من أهل اللغة فقالوا له: لم عاقبته لم ضربته؟ قال: نهيته بقولي: لا تدخل الدار. فعصى ودخل فدخل فعصى. هل يلام؟ لا يلام هل يعاتب السيد نقول: لا يعاتب. إذن يفهم من صيغة لا تفعل عند الإطلاق طلب الكف عن الفعل وهذا هو النهي إذن نقول بالإجماع: النهي له صيغة تخصه. وأما السؤال بهل للنهي صيغة تخصه؟ نقول: السؤال غير وارد والجواب بأن العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة على مذهبين نقول أيضًا غير وارد الأشاعرة بناءً على مذهبهم الفاسد أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس هو حقيقة الأمر وهو حقيقة النهي، وهو حقيقة التمني، والترجي وإلى آخره هذا هو الأمر النفسي هذا هو النهي النفسي هذا هو العام والخاص والعموم والخصوص النفسي هل له لفظ يدل عليه أو لا؟ بينهم خلاف عندهم خلاف بعضهم يقول: ليس له لفظ يخص. بحيث لو أطلق اللفظ لا ينصرف إلى طلب الكف عن الفعل فلو قيل: لا، لا تقربوا الزنا. يقول هذا ما ندري إيش هو هل هو نهي؟ يقول: لا يحتمل أنه أمر يحتمل أنه للإرشاد يحتمل أنه للتصبر والتزكية يحتمل أي معنى من معاني التي جاءت لها لا تفعل لماذا؟ لأن لا تفعل هذه ليست هي عين النهي وإنما النهي هو المعنى القائم بالنفس الذي دل عليه لا تفعل حينئذٍ إذا سمعوا لفظًا يدل على طلب الكف قالوا: لا نجزم بأنه النهي وإنما يحتمل النهي التحريم يحتمل الكراهة يحتمل الإرشاد إلى آخره فيتوقفون حتى ترد قرينة خارجية تدل على أن المراد بقوله: لا تفعل. هو طلب الكف على جهة التحريم حينئذٍ على مذهب السلف {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} نقول مباشرة: هذا للتحريم. هم يقولون: نتوقف الله أعلم حتى ترد قرينة تبين أن المراد بقوله: {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} هو ماذا؟ هو طلب التحريم وإلا يحتمل يحتَمل أنه للإباحة، ويحتمل أنه للكراهة، ويحتمل أنه للإرشاد إلى آخره نقول: هذا مذهب فاسد مبناه على فاسد وفساده يغني عن إفساده كما يقول ابن حزم في مواضع متعددة إذن عرفنا أن للنهي صيغة طيب إذا عرفنا هذه المسألة على أي شيء تدل صيغة لا تفعل عند الإطلاق؟ هذا فيه خلاف أربعة أو خمسة أو ستة مذاهب. واللفظ للتحريم شرعًا وافترق ** للكره والشركة والقدر انفرق

المذهب الأول وحكي عليه الإجماع أن صيغة لا تفعل عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تحتمل على ماذا؟ على التحريم عند الإطلاق والتجرد عن القرينة تدل على التحريم وقرينة تدل على عدم التحريم عند الإطلاق عن القرينتين يحمل على التحريم لو قال: لا تسافر وإلا قتلك. يعني: إن سافرت قتلتك. نقول: لا تسافر هذا للتحريم قطعًا بالإجماع لا خلاف، لا تسافر أحب لك ذلك أو أرغب أن لا تسافر نقول ماذا هنا؟ نقول: للكراهة لماذا؟ لأنه قيده بقرينة لا تسافر أحب أو رغبتي لك ذلك نقول: هذه قرينة صارفة أن المراد به النهي لأنه لم يجزم كأنه خيره وعلقه بمشيئته لو قال: لا تسافر. فقط وسكت نقول: هذه هي التي محل نزاع عند المتأخرين نقول: الحق والصواب أنها عند التجرد عن القرينة الصارفة عن التحريم للكراهة أو القرينة المؤكدة الدالة على التحريم إذا تجردت صيغة لا تفعل تحمل على التحريم أو الإجماع الصحابة والتابعين كما سبق أن الصحابة سمعوا {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا} حملوه على التحريم حكموا على قربان الزنا والزنا أنه محرم مستدل به واستدلوا بماذا؟ بقوله: {((((تَقْرَبُوا الزِّنَا}. إذن ماذا فهموا؟ فهموا التحريم {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} حكموا بحرمة الربا بماذا استدلوا؟ {((تَأْكُلُوا ((((((((((((} أليس كذلك؟ {((((تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء:29] على تحريم قتل النفس وهلم جره أحكام كثيرة استدل الصحابة وكبار التابعين على تحريمها ودليلهم مجرد الصيغة فقط حينئذٍ فهمهم مقدر على فمفهوم من؟ من بعدهم لأنهم حجة في اللغة كما أنهم حجة في الشرع طيب إذن انتهوا عما استدل عليهم بقوله: لا تفعل.

منعوا غيرهم ورتبوا التعذير والمعاقبة على من تلبس بالمنهي فهذا يدل على أنهم فهموا التحريم أيضًا إجماع أهل اللغة واللسان حتى ما سبق لا تخرج من الدار فخرج عاقبه لماذا عاقبه؟ لأنه خالف النهي فلو خالف النهي وكانت للكراهة أو للإرشاد ونحوه لا بد له أن يعاقب أيضًا قوله تعالى وهذا أولى بالتقريب {((((((آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] {((((((((((((} وجه الاستدلال أن يقال: الأمر بالانتهاء عما نهى عنه يقتضي وجوب الانتهاء ومن لازم ذلك تحريم الفعل إذن ثلاثة أدلة تدل على أن صيغة لا تفعل عند التجرد من القرائن تدل على التحريم ولا تحمل على ما عداها إلا بقرينة لا بد من قرينة صارفة عن ظاهر اللفظ إلى أمر مرجوح فالأمر الراجح في صيغة لا تفعل هو التحريم إذن هي ظاهرة في التحريم مرجوحةٌ في ما عداه ولا يجمل اللفظ الظاهر على المرجوح إلا بقرينة صارفة وسبق بيان القرينة في حد الأمر قال بعضهم: للكراهة، لا تفعل عند التجرد من القرينة تحمل على الكراهة لماذا؟ قالوا: وجدنا أن في الشرع يأتي لا تفعل مرادًا به التحريم ووجدنا أيضًا في الشرع تأتي لا تفعل مرادًا بها الكراهة وأيهما اليقين الكراهة فنحمل لا تفعل على اليقين حتى يرد دليل ما يرفع هذا اليقين ونحمله على التحريم لكن نقول: هذا مخالف لم ذكر من الآية وإجماع الصحابة وإجماع أهل اللغة، بعضهم قال: للقدر المشترك وهو مطلق الترك لماذا لأنهم كما قيل في الدليل السابق وردت صيغة لا تفعل بالاستقراء في الشرع للتحريم ووردت للكراهة بدلاً من أن ننظر لليقين وما زاد على اليقين قال: ننظر إلى قدر مشترك بينهما وهو مطلق الترك حينئذٍ ماذا نصنع إذا جاء {((((يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات:12]؟ نتوقف {((((يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} إذا نظرنا إلى هذا النص دون قرينة أخرى {(((((((((((} نقول: لا ناهية يغتب فعل مضارع مجزوم بلا على مذهب القائلين بالتحريم الغيبة ما حكمها؟ حرام دون النظر إلى قرائن أخرى {(((((((((((} للتحريم على المذهب الثاني كراهة، على مذهب الثالث نتوقف الله أعلم {(((((((((((} ما حكمه؟ الله أعلم تقول حتى يرد دليل يبين لك ويكشف أن المراد بصيغة النهي هنا لا تفعل هو التحريم أو الكراهة بعضهم جعلها من قبيل اللفظي المشترك اللفظ المشترك فحينئذٍ يكون قوله: لا تفعل. هذا لفظ مشترك كالعين كما أن العين لفظ مشترك يصدق على العين الباصرة والجارية والذهب والفضة إلى آخره كذلك صيغة لا تفعل تصدق على التحريم وتصدق على الكراهة حينئذٍ نتوقف حتى يرد قرينة تبين المراد من اللفظ. واللفظ للتحريم شرعًا وافترق ** للكره والشركة والقدر انفرق

افترق الفرق يعني افترقوا في ماذا؟ في بيان مدلول لا تفعل عند الإطلاق والتجرد من القرينة والصواب أن يقال إنها تحمل على التحريم بإجماع الصحابة كما ذكرنا سابقًا وهل التحريم هنا مستفاد من اللغة أو من الشرع أو من المعنى؟ الأصح أن يقال: إنه مستفاد من الشرع ومن اللغة لماذا؟ إذا قيل: من اللغة يبنى عليه أن العقوب مستفادة من اللفظ العقوبة المترتبة على الفعل أما نقول: إن النهي إذا كان على جهة الجزم بأن يترتب العقوبة على عدم الامتثال طيب ترتب العقوبة هذا لا بد من دليل منفصل عن اللفظ أو نستفيده بنفس اللفظ إذا قيل: لا تشرك بالله. نقول: دل على التحريم. طيب دل على التحريم والعقوبة لا بد من دليل منفصل أو نأخذها من قوله: لا تشرك؟ من قوله: لا تشرك. حينئذٍ لا بد أن نثبت أن العقوب مستفادة من اللفظ فدلالة لا تفعل على التحريم مستفادة من الشرع ومستفادة من اللغة مستفادة من اللغة ومن الشرع أما العقل فلا مدخل له في مثل هذه الأمور إذًا عرفنا الآن ما تقتضيه صيغة لا تفعل عند التجرد وهو التحريم أمر آخر تقتضيه صيغة لا تفعل عند التجرد من القرينة وهو فساد المنهي عنه حينئذٍ صيغة لا تفعل عند التجرد من القرائن تقتضي أمرين: تحريم المنهي عنه، وفساده. والمسألة الثانية التي هي فساد المنهي عنه هذه من المسائل الكبار عند الأصوليين والفقهاء لأنه يترتب عليه مسائل عديدة وهي هل النهي عن الشيء يقتضي فساده أو لا؟ هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه أو لا؟ إذا نهى الشارع عن عبادة معنية نهى عن عبادة معنية نهى عن الصلاة في أوقات النهي صلى هذه الصلاة منهي عنها هل النهي يقتضي فساد هذه الصلاة فنحكم عليها بالبطلان أو لا؟ نهى عن البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة إذن تعلق النهي بماذا؟ بنفس البيع ولو صحة أركانه وشروطه هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه فنحكم عن البيه بأنه باطل فاسد أو لا؟ هذه مسألة فيها نزاع اختلف الأصوليون فيها على خمسة أقوال: القول الأول: أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه مطلقًا. وهو الذي صححه ونسبه لأكثر المالكية صاحب ((مراقي السعود)). وجاء في الصحيح للفساد ** إن لم يجد دليل للسداد وجاء في الصحيح يعني: القول الصحيح. للفساد الذي هو: النهي. النهي يقتضي فساد المنهي عنه مطلقًا النهي عرفنا حده يقتضي يعني: يستلزم فساد المنهي عنه الفساد يقابل الصحة. وقابل الصحة بالبطلان ** وهو الفساد عند أهل الشام وخالف النعمان الفساد ** ما نهيه للوصف يستفاد

إذن الفساد يقابل الصحة الصِّحة سبق أنها ترتب الألفاظ على الفعل سواء كان عبادةً أو معاملةً إذا وصفت العبادة بكونها صحيحة معناه أنها أسقطت الطلب يعني: سقط القضاء وبرأت الذمة لأنه كما سبق أن الواجب إذا انعقد سببه اشتغلت ذمة المكلف فحينئذٍ لا يبرأ إلا بفعله فحينئذٍ إذا فعلى على جهة الصحة مع تمام الشروط والأركان والاستفاء الشروط والأركان نقول: عبادة صحيحة. ترتب الأثر عليه حكمنا للعبادة بكونها صحيحة ترتب الأثر عليها وهو: براءة الذمة. غير مطالب بالصلاة غير التي صلاها سقط القضاء لا يطالب بالقضاء كذلك في المعاملات إذا صح البيع نقول: ترتب حل أو إفادة الملك ملك السلعة للمشتري وملك الثمن للبائع أو في الأنكحة حل الوطء ونحو ذلك حينئذٍ نقول: صحة العبادة وصحة المعاملة ترتب الأثر عليهما. بصحة الأثر بصحة العقد يكون الأثر. وفي الفساد عكس هذا يظهر

إذا قيل: الصحة هي ترتب الآثار والفساد عكس هذا يظهر إذن الفساد هو عدم ترتب الآثار فحينئذٍ إذا تعلق النهي بالعبادة نقول: اقتضى فساده على هذا القول لا زلنا في القول الأول على هذا القول إذا تعلق النهي بالعبادة نقول: اقتضى فسادها بمعنى لا يسقط الطلب ولا تبرأ الذمة فلإزالة الذمة مشغولة إذن هو مطالب بصلاة الظهر مثلاً والصلاة التي أداها وهو منهي عنها نقول: هذه فاسدة. لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه كذلك في البيع إذا لم يستوف الشروط والأركان كأن يكون في أركانه ما هو محرم باع خنزير باع ميتة إذن المثمن هذا وهو ركن من أركان البيع نجس ولا يجوز بيعه بالإجماع نقول ماذا؟ نقول: البيع فاسد لا يترتب عليه الأثر وهو إفادة الملك ملك السلعة للمشتري وملك الثمن للبائع كذلك في النكاح نكاح الشغار نقول: هذا باطل فاسد لأنه منهي عنه فحينئذٍ لا يحل الوطء، لا يحل البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة نقول: منهي عنه. إذن تعلق به النهي يقتضي الفساد النهي يقتضي فساد المنهي عنه عرفنا معنى فساد المنهي عنه سواء كان عبادة أو معاملة مطلقًا هذا ليشمل العبادة والمعاملة ويشمل ما إذا كان النهي عائدًا إلى ذات المنهي عنه كركنه أو شرطه أو خارج عنه سواء كان لوصف لازم له لا ينفك عنه أو لوصف منفك وهو المعبر عنه بالمجاور أو لغير ذلك مطلقًا بلا استثناء بلا تفصيل فكل منهي عنه عبادة أو معاملة سواء كان النهي راجعًا لذات العبادة كيف لذات العبادة؟ أو لذات المنهي عنه يعني نفس المنهي عنه مطالبٌ شرعًا ألا يقع وحينئذٍ يمنع إيقاعه على أي وجه من الوجوه وعلى أي صورة من الصور فكل فرد من أفراد المنهي عنه فهو محرم لا يمكن أن يحل أو يجوز في صورة ما، لا تشرك بالله نقول: النهي هنا عائد لماذا؟ لذات وعين الشرك كل صورة يمكن أن يقع عليه الشرك فهي منهي عنها لا يمكن أن يكون تَمَّ الصورة من الشرك لا بأس بها أو جائزة الوقوع {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} نقول: منهي عنه لذاته لنفسه. {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا} منهي عنه لذاته، قد يكون النهي عائد لركن كما مثلنا في المثمن إذا كان محرم باع دمًا نجسًا باع ميتة أو باع دمًا نجسًا بميتة الثمن والمثمن تقول: هذا البيع باطل. لماذا؟ لأن الثمن والمثمن كونهما نجسين منهي عنهما والنهي يقتضي فساد المنهي عنه هذا عاد النهي إلى الركن قد يعود للشرط كيف للشرط؟ قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ». صلاة المحدث فاسدة منهي عنها والنهي يقتضي الفساد هنا الصلاة لو نظرنا إليها ذات أركان وأقوال وواجبات نقول: الطهارة شرط لها والشرط خارج عن الماهية هناك الثمن داخل في الماهية وهنا الشرط خارج عنها والركن جزء الذات والشرط خارج هكذا يقول في ((المراقي)) والركن جزء الذات والشرط خرج كلاهما يتوقف عليه ما صحة الماهية لا توجد الماهية إلا بوجود الركن والشرط إلا أن الركن داخل في الماهية والشرط خارج عن الماهية «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ».

نقول: صلاة المحدث منهي عنها وإذا صلى وهو محدث صلاته باطلة لماذا؟ لفوات شرطه لانتفاء شرطه فهنا النهي وقع للمنهي عنه لفوات شرطه لا لركنه ولا لذاته لوصف قالوا: الوصف هذا إما أن يكون لازمًا وإما أن يكون منفكًا مجاورًا. لازمًا وهذا فيه لبس عندهم أن يكون لازمًا مثلوا له بقوله تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ (((((((((} [النساء:43]. صلاة السكران مثل صلاة المحدث إلا أن المحدث هنا الطهارة شرط وهنا وصف لازم لأنه وقت السَّكْر لا يمكن أن يتصف بأن يأمر بالصلاة فحينئذٍ قوله: {((((((((((((((((((} هذه جملة حالية والجملة الحالية وصف في المعنى والموصوف هنا قوله: {(((((((((((((} الواو هذا صاحب الحال السَّكْرُ هنا وصف لازم للفاعل لا ينفك عنه هل يمكن أن توجد صورة ويجوز فيها أن يصلي السكران؟ لا يمكن كل سكران بأي وجه من الوجوه بأي نوع من أنواع السَّكْر نقول: هذا سكرته لا تصح فحينئذٍ هنا النهي عن صلاة السكران لوصف السَّكْرِ وهذا السَّكْرُ أو السِّكْرِ يجوز الوجهان وهذا السَّكْرُ أو السِّكْرِ نقول: وصف لازم للمصلي لا ينفك عنه ما دام أنه سكران في غير السُّكْرِ هذا لا إشكال ما دام أنه متلبس بهذه المعصية فحينئذٍ لا يمكن أن ينفك الوصف عنه وصف غير لازم يمكن أن ينفك عنه مثل ماذا؟ قالوا: الصلاة في الدار المغصوب مسألة كبيرة هذه الصلاة في الدار المغصوبة أو في الأرض المغصوبة غصب دار نهارًا جهارًا لا يبالي ولا يخشى أحد غصب الدار فصلى فيها الصلوات كلها لأنها لا تنفك عنه لو خرج أخذت الدار فبقي في الدار محارب فنقول: هذه الصلوات التي يصليها منهي عنها أو لا؟ منهي عنها لا خلاف أن صلاة الظهر التي صلاها في الدار المغصوبة أو الأرض المغصوبة أنه منهي عنها لكن قالوا: هذا الوصف ليس بلازم للصلاة لماذا؟ لأن العقل لا يمنع أن يتصور الصلاة منفكة عن الغصب كل منهما مأمور به من جهة منهي عنه من جهة هل يمكن إيقاع صلاة لا في أرض مغصوبة؟ يمكن هل يمكن يغصب ولا يصلي فيها إذن وجد إذا كان الوصف لأمر خارج ليس بلازم يمكن أن يوجد في بعض الصور منفكًا عن الآخر كل منهما يوجد عن الآخر وهذا ما يسمى بانفكاك الجهة بخلاف الشرك والزنا والربا الجهة متحدة على هذا القول الأول مطلقًا سواء كان النهي لذات المنهي عنه أو لركنه أو لشرطه وداخلان في الأول أو لوصف ملازم كصلاة السكران أو لوصف مجاور منفك عن موصوفه كالصلاة في الدار المغصوبة هذه الأحوال كلها النهي يقتضي الفساد فكل منهي عنه نقول: هذا فاسد. وجاء في الصحيح للفساد ** إن لم يجد دليل للسداد قالوا: هذا إن كان وهذه المسألة مفترضة في ماذا؟ كما افترضناها في التحريم إذا قال: لا تفعل، لا تسافر. النهي هنا الصيغة مجردة عن قرينة تدل على ماذا؟ على التحريم أو قرينة تدل على أنه مصروف عن التحريم كذلك النهي قد يأتي بدليل يدل على الفساد هذا باتفاق أنه يقتضي الفساد وقد يأتي جليل يدل على الصحة مع النهي فحينئذٍ هذا لا يقتضي الفساد اتفاقًا وإنما الخلاف فيما إذا تجرد عن قرينة تدل على الصحة وعلى الفساد. وجاء في الصحيح للفساد ** إن لم يجد دليل للسداد

فإن جاء دليل السداد أنها صحيحة نقول ماذا؟ نقول: صحيحة. الصلاة في الوقت المنهي عنه منهي عنها لكن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - من يصلي سنة الفجر بعد صلاة الفجر ماذا نقول صحيحة أم النهي يقتضي الفساد؟ نقول: صحيحة. طيب القاعدة هو صلى في وقت نهي وهي منهي عنها نقول: جاء الدليل للسداد دل الدليل على ماذا؟ على أن الصلاة تصح صلى داخل المسجد بعد صلاة العصر فصلى ما حكم الصلاة؟ لا نقول: الصلاة باطلة لا تنعقد. لماذا؟ لعدم وجود على القول الأول لعدم وجود دليل يدل على الصحة وجد دليل يدل على صحة الصلاة المنهي عنها بعد صلاة الفجر وهي ركعتا الفجر السنة لأنها تفارق بقية الرواتب إذن لا تترك حضرًا وسفرًا وجاءت الأحاديث في فضلها وأيضًا اختلف في وجوبها يعني تفارق عن بقية الرواتب حينئذٍ اختصاصه بكون ... المنهي عنه ليس فيه إشكال إذن نقول: إن جاء الدليل يدل على السداد نقول: حكمنا بصحة المنهي عنه، إن جاء دليل يدل على الصحة حكمنا بماذا؟ بصحة المنهي عنه أما إذا لم يأتي دليل على القول الأول قالوا: يقتضي الفساد مطلقًا عبادةً أو معاملةً لعينه أو لغيره استدلوا بأدلة أولاً قوله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». ولا تجد قول من الأقوال الخمسة يستدل بسنة أو بحديث إلا هذا القول أرباب هذا القول من «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». وجه الاستدلال قوله: «من عمل عملاً». «من». شرطية مبنية على السكون في محل الرفع مبتدأ «عمل». فعل شرط «عملاً ليس عليه أمرنا». جملة أمنعت لعمل إذن «عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». الجملة جواب الشرط فهو رد ليس عليه أمرنا يعني: ليس عليه ديننا ليس مما جاء الأمر به في الدين ليس عليه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حكمه؟ «فهو رد». هذا حكم من الشرع من هذه صيغة شرط وتفيد العموم «من عمل». سواء كان العامل جاهل أو عالم إلى آخره «عملاً». نكرة في سياق الشرط فيعم قال: «فهو ردٌّ». ردٌّ ردَّ يَرُدُّ ردًّا مصدر. فعل القياس مصدر المعدل ** من ذي ثلاثة كرد رد

أتى به نسخه ابن مالك رحمه الله كرد در يعني: ردَّ يَرُدُّ ردًّا. لكن هل المراد به معنى المصدر هنا؟ قالوا: لا إنما هنا مجاز مَجاز مرسل من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول فهو مردود إذن يدل الحديث على ماذا قال ابن قدامة رحمه الله: أي مردود عليه «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». أي: مردود عليه. وما كان مردودًا على فاعله فكأنه لم يوجد إذن إذا خوطب المكلف قبل فعل أو إيجاد العمل بهذا الحديث فامتنع من العمل الذي حكم عليه بكونه مردودًا حينئذٍ لم يوجد حقيقةً أو لا؟ لم يوجد ما وجد قيل لك: الصلاة في الوقت المنهي عنه باطل. فدخلت المسجد جلست مباشرة هل وجدت الصلاة؟ ما وجدت الصلاة إذن مردود هذا حقيقة لا إشكال لكن إن وجد صلى ما حكمه فإن وجد فيبقى مردودًا فيما عداها يقصد به الذات فيما عدا الذات لماذا؟ فيما عداها من آثاره وما يتعلق به فحينئذٍ ننظر إلى هذه الصلاة التي صليت في الوقت المنهي عنه نقول: الذي يترتب عليها الصحة أو الفساد؟ نقول: الأثر الذي هو الصحة هو المردود وأما الصلاة فقد الفعل فقد وجد «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا». نقول: فعل هذا وجد إذن كيف نحكم عليه بأنه مردود؟ إما مردود من حيث الذات قبل فعله، وإما مردود من حيث الآثار وما يتعلق به من الصحة والإجزاء وإسقاط الطلب بعد وجوده فلا إشكال الحديث لأن بعضهم أشكل أو استشكل حينئذٍ نقول: مردودٌ إما ذاتًا قبل فعله ولا إشكال والرد يطلق بمعنى هذا وبمعنى إنه إن وجد لا تتعلق به الآثار من إسقاط الطلب أو إفادة الملك وحل الوطء هذا هو النص الأول. الثاني: أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين استدلوا على فساد العقود بالنهي عنه حكموا ببطلان نكاح المتعة، حكموا ببطلان نكاح الشغار، حكموا ببطلان كل ما ترتب من العقود على الربا، من أين أخذوه؟ من صيغة لا تفعل إذن استدلال الصحابة على فساد العقود بالنهي عنها فاستدلوا على فساد عقود الربا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل» الحديث واحتج ابن عمر رضي الله تعالى عنهما على فساد نكاح المشركات بقوله تعالى: {((((تَنْكِحُوا (((((((((((((((} [البقرة: 221]. هذا نهي {((((((((((((((} نقول: يقتضي التحريم فإن وقع فما حكمه؟ فاسد من أين أخذنا الفساد؟ من الصيغة نفسها، إذن الصيغة دلت {((((((((((((((} دلت على التحريم وعلى فساد المنهي عنه وهو نكاح المشركات ولم ينكر عليه أحد على ابن عمر باستدلاله بالآية فكان إجماعًا، وفي نكاح المحرم بالنهي «لا ينكح المحرم». وفي بيع الطعام قبل قبضه بالنهي وغير ذلك مما يطول في استدلال الصحابة على فساد البيوع أو المعاملات بمجرد ورود النهي عنها هذا الثاني.

الثالث: تعليل أن يقال وهو تعليل جيد أن النهي عن الشيء يدل على تعلق المفسدة به أو بما يلازمه أن تعلق النهي عن الشيء إذا نهى الشرع عندنا قاعدة معلومة بالاستقراء ولا يكاد أن يخالف فيها أحد إذا أمر الشارع بأمر لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة هذا بالاستقراء، ولا ينهى عن شيء إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة لأن الأشياء من جهة المصلحة والمفسدة أربعة أليس كذلك؟ خالصة، مفسدة خالصة، مصلحة خالصة، مفسدة راجحة، مصلحة راجحة أما الاستواء هذا يختلف بنظر المجتهد إذا كانت المصلحة خالصة تعين الأمر به، إذا كانت المصلحة راجحة تعين الأمر به، إذا كانت المفسدة راجحة تعين الأمر به، إذا كانت خالصة كذلك إذن هنا النهي عن الشيء إذا نهى الشرع عن الشيء دل على ماذا؟ إما مفسدته خالصة وإما راجحة هذا بالاستقراء إذا جاء النهي لا تفعل مباشرة نقول: باستقراء كلام الشارع المفسدة في هذا الفعل إما خالصة وإما راجحة الأول قطعي والثاني ظني والعمل بهما واجب على تعلق المفسدة به أو بما يلازمه يعني: بالخارج عنه يقصد به سواء كان النهي لعينه أو لملازم له كصلاة السكران والمحدث هناك أو البيع بعد وقت بعد النداء الثاني يوم الجمعة فالمنهي عن مفسدته راجحة فالمنهي عنه فالمنهي عنه مفسدته راجحة وإن كان فيه مصلحة فمصلحته مرجوحة بمفسدته إذن نقول: الصلاة في الدار المغصوبة منهي عنها أليس كذلك؟ منهي عنها قطعًا باتفاق أصحاب المذاهب الخمسة أن الصلاة في الدار المغصوبة منهي عنها إذا تعلق النهي بمثل هذه الصلاة بعينها نقول: إما المفسدة خالصة، وإما المفسدة راجحة وكلاهما مطلوب الترك والإعدام ولذلك لا نقول بانفكاك الجهة كما سيأتي وإن كان فيه مصلحة فمصلحته مرجوحة بمفسدته والشارع حكيم لا ينهى عن المصالح وإنما ينهى عن المفاسد فما نهى الله عنه إنما أراد منع وقوع الفساد ودفعه لماذا؟ لأنه لا ينهى إلا عن مفسدة خالصة أو راجحة فإذا نهى عن الشيء أراد ماذا؟ وقوعه أو عدم وقوعه؟ عدم وقوعه والقول بالصحة يؤيد هذه الحكمة أو يخالفها؟ يخالفها الأمر واضح أمر واضح لا يحتاج إلى كثير كلام إنما أراد منع وقوع الفساد ودفعه لأن الله إما ينهى عما لا يحبه {((((((لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ((((} [البقرة:205] فعلم أن المنهي عنه فاسد ليس بصالح قال ابن قدامة رحمه الله: وفي القضاء بالفساد إعدام لها بأبلغ الطرق. إذا حكمنا بفساد المنهي عنه ابن قدامة من أنصار هذا القول إذا حكمنا بفساد المنهي عنه هذا أبلغ طريقة إلى إعدامها والقضاء عليها أما إذا قلنا: الجهة منفكة والصلاة صحيحة والغصب تأثم عليه هل الناس يكفون عن الغصب؟ ما ينهى هذا منافي مضاد لحكمة الشارع لأن المنهي عنه مطلوب الإعدام والإزالة مطلقًا بلا استثناء ولا تفصيل ومن فصل فعليه الدليل هذا الوجهة الثالثة.

الرابع: أن يقال أن النهي عن الشيء يقتضي تركه أليس كذلك؟ النهي عن الشيء يقتضي تركه إذا نهاه الشرع ما المطلوب مننا ترك المنهي عنه والأمر بذلك الشيء يقتضي إيجاده وعدم تركه وهذان نقيضان الترك وعدمه نقيضان كيف نقول: أنت مطالب بالكف عن هذه الصلاة في الأرض المغصوبة وأنت مطالب بإيجاد هذه الصلاة في الأرض المغصوبة هذان نقيضان والانفكاك عن هذا النقيض وإزالته إلا بقول أن النهي يقتضي الفساد مطلقًا وإلا كيف يكون هذه الصلاة مأمور بها منهي عنها كيف يكون مأمور بها منهي عنها الأمر يقتضي إيجاد الشيء والنهي يقتضي إعدامه فحينئذٍ يكون الشيء موجودًا معدومًا هذا محال. الخامس: أن يقال مقتضى النهي درء المفاسد أليس كذلك؟ ومقتضى الأمر جلب المصالح ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح الصلاة في الدار المغصوبة قالوا من حيث هي صلاة مأمور بها وهذا جلب المصالح وكونها واقعة في غصب هذا منهي عنها وهو درء مفسدةٍ ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح إذن نحكم بكون هذه الصلاة باطلة هذه أدلة من قال بأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه مطلقًا بلا تفصيل ولا استثناء هذا قول جماهير أهل العلم من الشافعية، والمالكية، والحنابلة، والظاهرية، وبعض من المتكلمين، وبعض من الفقهاء أن النهي يقتضي فسادًا منهي عنه مطلقًا سواء كان لعينه أو لخارج عنه وسواء كان عبادةً أو معاملةً.

القول الثاني: التفرقة قالوا: إن عاد النهي بعين الشيء اقتضى فساده أو لخارج عنه لا يقتضي فساده. التفرقة إن عاد الشيء لذات المنهي عنه كالنهي عن الشرك، والكفر، والظلم، والزنا، والربا قالوا: يقتضي الفساد مطلقًا والنهي عن الشيء لخارج عنه لا يقتضي الفساد سواء كان عبادةً أو معاملةً في الحالية ما الدليل؟ قالوا: تعليل لأن الشيء قد يكون لجهتان الذي يقال فيه اتحدت الجهة واختلفت الجهة ما اتحدت الجهة هذا باتفاق المذاهب أنه باطل ما كان منهي عنه من جهة واحدة كالشرك ونحوه هذا باطل يقتضي فساده في المعاملات وفي غيرها معاملات خالف بعض المعتزلة ولا عبرة بهم إن عاد النهي لخارج عنه يعني: لوصف لازم أو لوصف لازمٍ لا ينفك عن موصوفه أو لوصف مجاور يعني: يمكن أن ينفك عن موصوفه قالوا: إذا عاد النهي لهذا الأمر لا يقتضي فساده حينئذٍ النهي عن البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة على هذا القول صحيح لماذا؟ صحيح، لماذا؟ لأن ذات المنهي صحيح البيع باع مسجل بمائة ريال ما حكم البيع؟ صحيح لو باع خارج المسجد الآن مثل هذا البيع نقول: استوفى الشروط والأركان. وقع بعد النداء الثاني يوم الجمعة نقول: لوصف ملازم له وهو الوقت إذا جعل المعيار الثاني له نزل الوصف هنا منزلة نزل الوقت هنا منزلة الوصف قالوا: هذا لا النهي هنا ليس لعين المنهي عنه البيع تمت أركانه وشروطه وهو صحيح بحيث لو وقع بغير هذا الوقت حكي بالإجماع أنه صحيح لكونه في الوقت المنهي عنه قالوا: جهة منفكة. إن نظرنا إلى ذات البيع فصحيح وإن نظرنا إلى الوقت كونه منهي عنه هذا يأثم على كونه أوقع البيع في وقت منهي عنه والبيع صحيح صلى في وقت النهي قالوا: الصلاة صحيحة ويأثم على كونه أوقع الصلاة في وقت منهي عنه هل هناك حجة أخرى؟ قالوا: لا ليس عندنا إلا هذه الحجة أن العبادة إذا نظر إليها من جهتين فصحة من جهة من كونها مأمورًا بها ومن جهة أخرى منهي عنها قالوا: هذا لا يقتضي الفساد أما إذا اتحدت الجهة فهذا قالوا: يقتضي الفساد. وهذا القول منسوب لأبي حنيفة والشافعي نقول منسوب إلى الشافعي يحتاج إلى تثبت هذا يرد عليه بماذا؟ بماذا نرد؟ نقول: الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا». هل قال: إن عاد للنهي لذاته أو لخارجه؟ هل فصل؟ إذن عام؟ عام يحتاج إلى مخصص فكل استثناء بتصحيح ما نهي عنه لا بد من مخصص يرجع إلى الحديث بالتخصيص لأن قلنا هنا: «عملاً». نكرة في سياق الشرط فيعم كل عملاً كل عملٍ منهي عنه فهو داخل في هذا الحديث من استثنى عملاً جاء في السنة فعلى العين والرأس وإن لم يأت فالأخذ بظاهر السنة أحب إلينا «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». لم يفصل النبي - صلى الله عليه وسلم - بين ما كان النهي فيه لعين لذات وما كان لخارج عنه ثم يعلل ويرد عليه بماذا؟ أن النهي إذا كان لخارج إذا نهى الشرع عنه هذا النهي هنا لمفسدة خالصة أو راجحة؟ يختلف كلاهما سواء كانت المفسدة خالصة أو راجحة هل هو مطلوب الإعدام أم لا؟ نطبق عليه ما ذكره ابن قدامة وغيره في الدليل الثالث أو الرابع واضح.

المذهب الثالث: التفرقة بين العبادات والمعاملات قالوا: إن عاد النهي إلى العبادات اقتضى فسادها مطلقًا سواء عاد لعينها أم لخارج عنها وإن عاد للمعاملات فلا يقتضي الفساد مطلقًا سواء عاد لعينها أو لخارج عنها وهذا منسوب لأبي الحسن البصري المعتزلي فرق بين العبادات والمعاملات حينئذٍ نرد عليه ماذا؟ أنتم ردوا؟ الحديث عام فرق بين العبادات والمعاملات؟ ما فرق بماذا استدل؟ عنده علة أو نقول: شبهة قال: العبادات قربة وطاعة والطاعة موافقة الأمر والأمر والنهي متضادان لا يجتمعان فكون العبادة مأمورًا بها وهي طاعة منهي عنها وهي معصية لا يمكن أن يجتمعان حينئذٍ لا بد من إبطال إما النهي أو الأمر هذا جاء به الشرع أمر ونهى الآمر هو الشرع والنهي هو الشرع لا يمكن أن يجتمعان حينئذٍ لا بد من تقديم أحدهما على الآخر قال: في مثل هذا نقول: النهي يقتضي الفساد إذن قدم النهي على الأمر أما في المعاملات قال: ما ليست بقربة ما ليست بطاعة إذن هل هي مأمورٌ بها لأن الطاعة موافقة الأمر هل المعاملات مأمورٌ بها ليست مأمورًا بها إذا تعلق النهي بالمعاملات هل تعارض أمرٌ ونهي؟ لم يتعارض العبادة مأمورٌ بها إذا تعلق بها نهيٌ لا يجتمعان لا تكون العبادة مأمورٌ بها منهيًا عنها لأن الأمر يقتضي أنها طاعة والنهي يقتضي أنها معصية حينئذٍ لا يكون الشيء معصيةً طاعةً والآمر هو الشارع والناهي هو الشارع حينئذٍ لا بد من تقديم الأمر على النهي أو النهي على الأمر قال: النهي يقتضي الفساد فحينئذٍ ترجح النهي فصار هذه العبادة منهيًا عنها وأسقط الأمر المعاملات وليست بقربة وليست بطاعة إذن ليس فيها أمر إذن هل حصل تضارب عندنا؟ لا قال: إذا تعلق النهي بالمعاملات حينئذٍ صار المعاملات منهيًا عنها فقط فليس عندنا تعارض فحينئذٍ لا نقول من مثل هذا بأن النهي يقتضي فسادًا منهي عنه وإنما نقول: المعاملة الصحيحة مع الاسم حينئذٍ البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة صحيح مع الإثم لماذا؟ على هذا القول، لأنها معاملة ولم يتعارض عندنا أمرٌ ولا نهي الصلاة على هذا القول الصلاة في الوقت المنهي عنه فاسدة لأنها مطلقًا سواء عاد لذات المنهي عنه أو لخارجٍ هذا القول الثالث وهو قول أبي الحسن المعتزلي نص المعتزلة قيل أن الفخر الرازي وافقه في بعض كتبه وبعض الفقهاء. الرابع: أن يقال وهو ما نسب لأبي حنيفة وهذا نتجاوزه أن النهي يقتضي صحة المنهي عنه وهذا ضعيف جدًا أن النهي يقتضي صحة المنهي عنه يقول إذا نهى الشرع عن الشيء دل على أنه ينعقد لماذا لأن المحال الذي لا ينعقد لا يتعلق به النهي لا يقال عندك مريض زمن لا يتحرك لا تقل له لا تخرج من الدار صحيح؟ لأنه ما يتصور منه الخروج أما الذي يمكن منه أن يخرج هو الذي تقول له لا تخرج من الدار قال: إذا نهى الشارع عن الصوم يوم النحر دل على أنه لو صام انعقد وإلا لما نهى عنه وهذا ضعيف جدًا.

المذهب الخامس والأخير: مذهب عامة المتكلمين أنه لا يقتضي صحة ولا فسادًا قالوا: لأن النهي إذا نهى الشارع عن العبادة أو المعاملة النهي من خطاب التكليف والصحة والفساد من خطاب الوضع ولا يتعارض ولا يتنافى الوضع مع خطاب التكليف أليس كذلك؟ قالوا: لا يمنع العقل أن يقول الشارع لا تطلق امرأتك وهي حائض فإن فعلت وقع الطلاق، هل بينهما تعارض؟ ليس بينهما تعارض لكن هذا يرد عليه بكل الأدلة الذي ذكرت في المذهب الأول وهو أن النهي يقتضي فسادًا منهي عنه مطلقًا.

هذه خمسة مذاهب أشهرها الأول والثاني، أما القول بانفكاك الجهة هذا فيه إشكال وهو أن القائلين به يتصورون عبادةً من حيث هي يقول الصوم يوم النحر لا يقولون بهذا القول الصوم يوم النحر هذا منهيٌ عنه أليس كذلك؟ قالوا: الصوم من حيث هو مشروح أليس كذلك؟ وكونه في يوم العيد هذا غير مشروع يرد السؤال هل الشرع جاء بصومٍ من حيث هو هل الصوم من حيث هو مشروع في الفعل لا ليس عندنا صوم لا باعتبار الكمال ولا باعتبار المكان فليس عندنا تصور هذا في ظني والله أعلم لا تقل تثبت في نسبة القول للشافعي وفي ظني أنها لوشة كلامية هذه لأن قوله: من حيث هو. هذه الأمور العقلية ليست الأمور الشرعية من حيث هو يعني: لا بوصف وإذا كان لا بوصف كيف يكون مشروع لأنه وصفٌ له فيقال الصلاة من حيث هي مأمورٌ بها وكونها في دارٍ مغصوبة منهيٌ عنها نقول ليس عندنا في الشرع صلاةٌ من حيث هي ما يوجد هذا ... مثال واحد أن الشارع أم بصلاة من حيث هي لا باعتبار المكان ولا باعتبار الزمن فهذا ال .. الجهة القول به فين ... وأظنه لوشة كلامية دخلت وخاصة قولهم من حيث هو هذا تعبيرٌ ليس تعبير السلف ولا يقع اعتبار الصحابة ولا التابعين ... يعدون أشياء من حيث هو بل شيخ الإسلام يقول: من حيث هو هُو، ومن حيث هي هِيَ، التعبير عن الذات ونحوها في الكلام في الصفات نقول هذا بدعة المتكلم لا يعرف عن السلف لماذا لأنهم يتصورن ذات مجردة عن كل الصفات يقولون: الذات من حيث هي يعني: ماذا من حيث هي؟ يعني: مجردة حتى من صفة الوجود لأن الوجود عن القدر ذائد على الذات فيتصورون ذات لا من ذاتٌ من حيث هي ذات من حيث هي هِي من حيث هي الضمير الأول يعود إلى الذات وهي الثانية يعود عين الذات لا بوصفٍ هذا ... يجب هذا حتى في العقل أظنه ما يجب وفي ظني أن هذه المسألة الشرعية نزلت على هذا ال ... الله أعلم إذا لا .. ثبت عن عالم كبير أو إمام يضلل يعني في التعبير في مثل هذه المسألة قد يكون بنو مسألة انفكاك الجهة على مأخذ غير هذا المأخذ والله أعلم أما القول بأن الجهة منفكة لأن الصيام من حيث هو صيامٌ مشروع نقول هذا لا وجود له إن كان في العقل فالعقل ليس مصدرًا للتشريع وإن كان في الشرع نقول ائتوا بمثالٍ واحد وصلاةٌ من حيث هي نقول ائتوا بمثالٍ واحد والله أعلم إذن هذه المسألة الرابعة أن صيغة لا تفعل تقتضي التحريم وتقتضي ماذا الفساد فساد المنهي عنه مطلقًا لما ذكرناه من الأدلة طيب، صيغة لا تفعل إذا قال لا تفعل هل تقتضي الثوب والانتهاء مباشرة أو لا تقتضي الفور والتكرار ماذا قلنا في الأمر هناك؟ الأمر يقتضي الفور طيب هل يقتضي التكرار لا قلنا الصواب أنه لا يقتضي التكرار طب النهي إذا قال لا تسافر هل يقتضي الفور؟ لو قلت لا تسافر طيب إذن نقول: لا تفعل تقتضي فور وتقتضي التكرار والدوام هذا هو الصحيح وبعضهم ...

لكن جماهير أهل العلم على هذا لماذا؟ قالوا: يفيد الانتهاء عن المنهي عنه على الفور والدوام والتكرار أيضًا فيتضح حينئذٍ الاستعاب لجميع الأزمنة لماذا؟ قالوا: لأنه يتصور الامتثال امتثال ترك المنهي عنه إلا بترك جميع أفراده في جميع الأزمنة إذا قيل لا تخرج من الدار فخرج مرة هل امتثل؟ لا لم يمتثل، إذا قال: المراد بالنهي هنا أنه على الفور أو لا على الفور فقدم وأخر نقول هذا خالف النهي إذن نقول: يفيد الانتهاء عن المنهي عنه على الفور ويقتضي التكرار دائمًا لماذا؟ حينئذٍ يقتضى استعاب للأزمنة استعاب عدم جميع أفراد المنهي عنه في كل الزمن وفي كل وقتٍ لأن الترك المطلق إنما يصدق بذلك حينئذٍ إذا نهى الشرع عن الشيء المطلوب عدمه إيجاد الفعل إذا قال لا تسافر ما المراد المطلوب عدم إيقاعه وإيجاب ماهية السفر في الوجود هذا المطلوب والماهية تصدق بماذا؟ بفرد واحد فلو أوقع سفرًا واحدًا لم يمتثل إذا قال: لا تسافر. نقول: مدلول اللفظ ما هو؟ عدم، أو الكف، أو المنع، من إيجاد ماهية السفر، وهذا لا يكون إلا بالامتناع عن جميع الأفراد في كل الأوقات، أيضًا الناهي إنما ينهى لماذا؟ لأن المنهي عنه قبيح والقبيح هذا يمتنع إيجاده على الفور وعلى التكرار قال بعضهم: هذا على الأمر لا يقتضي الفور ولا التكرار لكن هذا فاسد لماذا؟ لأن قياس الأمر كما سبق معنا على النهي أو قياس النهي على الأمر نقول قياس معرفة أي قياس يمر بك في كتب الأصول دليل قياس الأمر على النهي أو بالعكس تقول: هذا قياس معرفة لأن هذا طلب إيجاب وهذا طلب أعداء، معدوبٌ، وهذا موجوب، فكيف يقاس المعدوم على الموجوب أو بالعكس نعم قال: تَعْرِيفُهُ اسْتِدْعَاءُ تَرْكٍ قَدْ وَجَبْ ** بِالقَوْلِ مِمَّنْ كَانَ دُونَ مَنْ طَلَبْ وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ

هل الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده أو لا؟ هذا ذكرنا في ما سبق أن لها جهتين جهة أهل البدع بالنظر إلى أن الأمر نفسي وهو مرادهم هنا وفي كتبهم أن الأمر النفسي هل هو عين المنهي عنه أو يتضمنه أو أم الإيجاب يتضمنه دون أمر الندب أو لا عينه ولا يتضمنه أربعة أقوال: اختلفوا على هذا اختلفوا على أربعة أقوال: ومرادهم بهذا أن الأمر النفسي الذي هو طلب القائل بالنفس هل هو عينه يوصى لكونه تعلق بالإيجاب فهو باعتبار الإيجاب أمرٌ وباعتبار طلب الكف عن أضداده ناهيٌ في نفس الوقت أو لا هذا محل الخلاف بينهم أما أهل السنة والجماعة القائلون بأن الأمر لفظيٌ والنهي لفظيٌ ماذا قالوا؟ إذن لا يخالفون كأصل المسألة وإنما يخالفون في دليل المسألة إذا اتفق قد يكون القول متفق عليه عند أهل السنة وأهل البدعة لكن بينهما خلاف كما بين السماء والأرض كما يقول الأشاعرة: نسبة صفة الكلام ونحن نثبت صفة الكلام لكن كيف نثبتها؟ بالنص وهم بالعقل هنا أيضًا نقول: الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده لكن من جهة المعنى من جهة دلالة ال ... وهم يقولون: لا، لا ينظر إلى اللفظ وإنما ينظر إلى المعنى القائم بالنفس لماذا لأن الأمر حقيقته هو المعنى القائم بالنفس والنهي هو حقيقته هو المعنى القائم بالنفس فحينئذٍ إذا تعلق هذا المعنى القائل بالنفس بطلب إيجاب فعلٍ ولا يمكن امتثال إيجاد هذا الفعل إلا بالكف عن ضده أو أضداده هل يستلزمه الذي هو الكف أو عينه أو يتضمنه هذا بينهم خلاف ولكن في كل أمر وإنما مقيدٌ بقيدين: وهو كونه معين، أخرج الموسع فالأمر بالواجب الموسع لا يستلزم ليس نهيًا عن ضده أو أضداده. الثاني: لا أن يكون معين أخرج المقيد أحسنت، والأمر بالنفس بما تعينا وقته مضيقٌ، والأمر بالنفس بما تعينا يعني: الأمر بالشيء المعين احترازًا عن المخير، وقته مضيقٌ بقيدين يعني: أخرج الموسع، فالمخير، والموسع الأمر بهما أو بأحدهما ليس ضد ليس نهيًا عن ضدهما أو ضد أحدهما وإنما الكلام في الأمر النفسي بشيءٍ معين وهذا الشيء المعين يسمى المضيق الذي يقابل المخير، ووقته مضيق يقابل الموسع هل هو عين المنهي عنه وهذا مبناه على؟ مبناه على الأمر النفسي أو الكلام النفسي العام هذا هل هو شيء واحد أو يتنوع عندهم خلاف يتنوع يعني: قد يكون مثل لو أردنا أن نمثل هو أمر بدعة لو مثلناه بالمحسوسات فلا إشكال مثل الخطوط التي تؤدي إلى المدينة هل نقو الكلام النفسي شيء واحد خط واحد أو نقول عدة خطوط عندهم؟ اختلفوا في هذا وصححوا أن الكلام في الأزل ** يسمى خطابًا أو منوعًا حصل

المصحح عند المتأخرين أما أكابر الأشاعرة و ... هذا على أنه عين شيء واحد فإذا قالوا شيءٌ واحد وإن كان لا يتعين أن يقال بأنه عين قد يستلزمه لكن الأكثرون الأشعري ومن وافقه من كبار الأشاعرة على أنه عين وهذا هو المشهور كما نص عليه صاحب ((تشنيف المسامع)) لأن الأشهر عند الأشاعرة أن الأمر النفسي هو عين النهي فحينئذٍ أمر النفس هو الأمر النفسي عينٌ نهي عن أضداده ليس عين النهي النفسي منفكين هما الأمر النفس هو عين النهي عن ضده إن كان له ضدٌ واحد أو عن أحد أضداده أو عن جميع أضداده كذلك بالعكس النهي هو عين المنهي هو نعم النهي عن الشيء المعين ووقته مضيق هو عين الأمر بضده إن كان له ضد أو بأحد أضداده على كلٍ هذه المسألة لها أربعة أقوال عندهم لا تعنينا وإنما نقول على طريقة أهل السنة بينهما أو فيهما قولان يستلزمه من جهة المعنى أما الأمر اللفظي والنهي اللفظي فهو متغايران بالإجماع ومفهوم الأمر الذي هو طلب الإيجاد ومفهوم النهي متغايران بالإجماع وإنما الخلاف من جهة المعنى فعند أهل السنة نقول الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده إن كان له ضدٌ واحد ويستلزم النهي عن جميع أضداده إن كان له أضاد أخرى، مثلنا لهذه المسألة النهي عن الشيء يستلزم الأمر بضده إذا كان له ضدٌ واحد أو بأحد أضداده {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} [الإسراء: 32] له أضداد حينئذٍ نقول: النهي يستلزم الأمر بأحد أضاد الزنا وسبق معنى هذا (وَأَمْرُنِا بِالشَيءِ نَهْيٌ مَانِعُ ** مِنْ ضِدِّهِ) (وَأَمْرُنِا) هنا بعضهم يعمم يقول الأمر سواء كان أمر إيجاب أو أمر ندبٍ (بِالشَيءِ) المعين ووقته مضيق نهيٌ مانعٌ من ضده ويقيد بكون الضد هنا للوجود احترازًا من النقيض لأن المأمور يستلزم ماذا؟ يستلزم النهي عن ترك المأمور قم يستلزم النهي عن ترك القيام صل يستلزم النهي عن ترك الصلاة نقول هذا نهيٌ عن النقيض فحينئذٍ يستلزمه اتفاقًا وإنما الخلاف في الضد (وَالعَكْسُ أَيضًا وَاقِعُ) العكس النهي عن الشيء سواء كان نهي تحريم أو نهي كراهة أمرٌ بضده إن كان له ضدٌ واحد أو بأحد أضداده إن كان له أضداد، (وَاقِعُ) يعني: في الشرع وفي العقل. وَصِيغَةُ الأَمْرِ الَّتِي مَضَتْ تَرِدْ ** وَالقَصْدُ مِنْهَا أَنْ يُبَاحَ مَا وُجِدْ

هذه الأصل يذكروه أو لا ولكن ذكرها هنا ولا أدري ما المناسبة، (وَصِيغَةُ الأَمْرِ الَّتِي مَضَتْ) وهي افعل قلنا هي حقيقةٌ في الوجوب يعني: ظاهرةٌ في الوجوب هل يجوز أن ترد صيغة افعل لغير الوجوب نقول: نعم ترد في الشرع للندب، وترد للإباحة هل وجود صيغة افعل للندب حقيقة أو مجاز؟ مجاز ومرودها للإباحة حقيقة أو مجاز؟ نقول مجاز على القول بالمجاز طيب ودورها للإرشاد مثلاً مجاز لكن هل هو شرط إن وقع في الشرع فنقول شرعي وإلا فلا (وَصِيغَةُ الأَمْرِ) التي هي افعل، (الَّتِي مَضَتْ) في باب الأمر (تَرِدْ) يعني توجد، (وَالقَصْدُ مِنْهَا) من تلك الصيغة (أَنْ يُبَاحَ مَا وُجِدْ) مثل ماذا؟ {(((((((حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] هذا أمر نقول أمر يقتضي الوجوب ولكن هنا صرف بقرينة (كَمَا أَتَتْ) هذه الصيغة السابقة، (وَالقَصْدُ مِنْهَا التَّسْوِيَهْ) تسوية مثل ماذا؟ {(((((((((((((أَوْ لَا ((((((((((} [الطور:16] تسوية بها التسوية يعني: يستوي صبركم وعدمه {((((((((((((} ليس أمر بإيجاد الصبر وإنما هنا للتسوية يعني: يستوي صبركم وعدمه (كَذَا لِتَهْدِيدٍ) تأتي بالتهديد {(((((((((((مَا شِئْتُمْ} [فصلت:40] تأتي للتهديد {(((((((((((مَا شِئْتُمْ}، {((((شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29] هذا تهديد وليس الأمر بإيجاد الكفر، (وَتَكْوِينٍ هِيَهْ) (وَتَكْوِينٍ) يعني: تأتي بمعنى الإيجاد بعد العدم {((((((((أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ((((} [يس:82] كذلك صيغة لا تفعل الأصل فيها أنها للتحريم وقد تأتي للكراهة للتحريم نحو قوله تعالى: {((تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13]. وتأتي أيضًا للكراهة ومثل له بقوله تعالى: {((((تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]، وتأتي للدعاء {(((((((((((((((} [البقرة:286]، وتأتي للإرشاد {((تَسْأَلُوا عَنْ ((((((((((} [المائدة:101]، وتأتي لبيان العقل {((((تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ (((((((((} [آل عمران: 169] إلى آخره، وتأتي للتقليل والاعتقال {((تَمُدَّنَّ ((((((((((} [الحجر: 88]، وتأتي للتصبر {((تَخَافَا إِنَّنِي ((((((((((} [طه: 46]، وتأتي لليأس {((تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} [التحريم: 7]، والأصل أنها حقيقةٌ في التحريم أنها حقيقةٌ في التحريم هذا ما يتعلق بباب النهي، ثم قال: فَصْلٌ في من يدخل في الخطاب بالأمر والنهي وفي من لا يدخل، (وَالمؤْمِنُونَ) هذا فصلٌ مستقل وليس داخلاً في النهي وإنما عقب به بعد النهي والأصل أنه بعد الأمر في الورقات النف .. بعد الأمر ولكن لشمول هذا الباب بالأمر والنهي أخره لأن المخاطب والمكلف المخاطب بماذا؟ بأمرٍ أو نهيٍ حينئذٍ من هو المخاطب هل الأحسن أن يذكر بعد الأمر فقط أو بعد الأمر والنهي بعد الأمر والنهي؟ هذا سيأتينا غدًا بإذن الله. وصلَّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

27

عناصر الدرس * التكليف وشروطه * من يدخل في الخطاب ومن لا يدخل؟ * حصول الشرط الشرعي هل هو شرط في صحة التكليف به؟ * الكفار مخاطبون بفروع الشريعة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا إِلا الصَّبِي وَالسَّاهِي قلنا هذا في الأصل أنه فصل مستقل عن باب النهي وقد أورده الجويني صاحب الأصل في باب الأمر يعني: بعد ما أتى بالأمر أتى بهذا الفصل ما يدخل أو من يدخل في الخطاب وما لا يدخل. ثم عقب بعد ذلك في باب النهي هنا الناظم خالف الأصل لأن الأولى أن يؤخر من يدخل في الخطاب وما لا يدخل عن النهي لماذا؟ لأن هذا الفصل ليس خاصًا بباب الأمر بل يشترك فيه الأمر والنهي فحينئذٍ كان من المناسبة تأخيره وليس هو داخلاً من مباحث النهي كان الأولى أن يفصل ولعله فصل ولكن لم يذكر في النسخ يعني: فصل من يدخل في الخطاب وما لا يدخل. من عبر بمن لأنها العاقل في الأصل إن كان الأولى أن يقال: لمن يعلم. وما لا يدخل لأن الذي لا يدخل لا يصف أو لا يوصف بالعقل إما لفقده وإما لتريان ما يجعل العقل يعمل عمله فحينئذٍ عبر فيما لا يدخل بما لأنها في الأصل بما لا يعقل من للعاقل هذا المشهور عند النحاة والأولى أن نقول: للعالم. أو لمن يعلم. لماذا؟ لأنها تطلق في حق الله عز وجل ولا يوصف بكونه عاقلاً ما الأصل أنها لمن لا يعقل الأصل في من أنها لمن يعقل وقد تستعمل قليلاً فيما لا يعقل {(((((((((مَنْ يَمْشِي ((((((} [النور: 45]، {(((((((((مَنْ يَمْشِي عَلَى (((((((((} هذا يعقل أو لا يعقل؟ لا يعقل أتى بمن نقول: هذا قليل. والأصل فيها أن يؤتى بما لأنها لم لا يعقل وقد يستعمل ما وهي لمن لا يعقل في من يعقل كما قال تعالى: {((((((((((((مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ ((((((((((((} [النساء: 3] ما هنا عبر بما والنساء ممن يعقل أو لا؟ ممن يعقل وعبر هنا بما، قال بعض المفسرين: العدول لا بد أن يكون لنكته لفائدة هنا عدل عن من والأصل أن يؤتى في النساء بمن لأن من تشمل الذكور والإناث. ومن للأنثى يشمل

كما قال صاحب المراقي، النساء في الأصل في النكاح أنها تنكح لصفاتها هذا في الأصل أليس كذلك؟ هذا الأصل أنها تنكح للصفات فحينئذٍ الصفات كانت ممن أو مما لا يعقل ولذلك عدل عن من إلى ما لما كانت المرأة تنكح لصفاتها والصفات مما لا يعقل عبر هنا بما دون من واضح إذن {((((((((((((مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ ((((((((((((} [النساء: 3] عدل عن من وهو الأصل هنا خروج عن الظاهر لأن النكاح هنا إنما متعلقه صفات المرأة من الجمال والنسب إلى آخره والمال والحسب هذه صفات وهي لا تعقل فحينئذٍ صح إطلاق ما على من، من يدخل في الخطاب ومن لا يدخل وأكثر الأصوليون في المصنفات الكبار يعقدون لهذا فصلاً باسم التكليف يقول: فصل في التكليف. وهذا هو الأنسب يقال: فصل في التكليف. والتكليف مصدر كَلَّفَ يُكَلِّفُ تَكْلِيفًا فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيلاً خَرَّجَ يُخَرِّجُ تَخْرِيجًا كَلَّمَ يُكَلِّمُ تَكْلِيمًا التكليف له معنيان: معنًى لغوي، ومعنًى اصطلاحي. أما معناه اللغوي فنقول: هو إلزام ما فيه مشقة. إلزام ما فيه مشقة أو ما فيه كلفة ومشقة والكلفة بمعنى المشقة فإلزام الشيء والإلزام به قال صاحب القاموس: هو تصيره لازمًا لغيره لا ينفك عنه مطلقًا أو وقتًا ما. إذا قيل: إلزام ما فيه مشقة. ما معنى إلزام الشيء؟ والإلزام به تصيره لازمًا لغيره تصيره لازمًا لغيره بحيث لا ينفك عنه مطلقًا أو لا ينفك عنه في وقت ما أي قد ينفك في بعض الأوقات دون بعض الأوقات وهذا المعنى مأخوذ من لغة العرب كما قالت الخنساء في أخيها صخر: يكلفه القوم ما نابهم وإن كان أصغرهم مولدا. يكلفه القوم ما نابهم يعني: ما نزل بهم من النائبات، والنائبات جمع نائب وهي: المصيبة العظيمة التي لا يقدرها أو يقدر حقها إلا الرجل العظيم. حينئذٍ دل على أنه التكليف المراد به في اللغة هو إلزام ما فيه مشقة. تكلفني ليلى .... وليها ** وعادت عوادٍ بيننا و .... يكلفه القوم ما نابهم إذن يلزمونه بما يشق عليه من المصائب العظام. وأما في الاصطلاح فاختلفت عبارة الأصوليين إما معبرًا بقوله: إلزام ما فيه مشقة. وهذا يكون موافقًا لمعناه اللغوي، وإما طلب ما فيه مشقة، وإما الخطاب لأمر أو نهي، وإما إلزام مقتضاه خطاب الشرع هذه أربع. وهو إلزام الذي يشق ** أو طلب فا بكل خلق

إلزام ما فيه مشقة نقول: هنا التكليف في الاصطلاح هو معناه اللغوي ولا نكارة في ذلك قد يكون الشيء في الاصطلاح باقيًا على أصله في اللغة ولا نكارة في ذلك فحينئذٍ على هذا التعريف نقول: التكليف يختص بماذا؟ إذا قيل: إلزام ما فيه مشقة؟ الواجب والمحرم لأن خطاب الإيجاب هو الذي يكون فيه إلزام وخطاب التحريم هو الذي يكون فيه إلزام فخرج عن هذا الحد المندوب والكراهة والإباحة فحينئذٍ ليس المندوب مكلَّفًا ليس المندوب حكمًا تكليفيًّا وليست الكراهة حكمًا تكليفيًّا وليست الإباحة حكمًا تكليفيًّا هذا على القول بأنه إلزام ما فيه مشقة، وأما القول ثاني طلب ما فيه مشقة فهذا يشمل الأربعة أنواع وإنما خرج عنه الإباحة فقط لأن الإباحة ليس فيها طلب لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته هو المباح وهنا قال: الطلب. إذن رجح الطلب على الترك والطلب إما أن يكون طلب جزم أو لا والأول إما أن يكون طلب ترك جازمًا أو لا، هذا يشمل المحرم والمكروه وإما طلب فعلاً جازمًا أو لا هذا يشمل الواجب والمندوب إذن على هذا التعريف طلب ما فيه مشقه الواجب، والمندوب، والمحرم، والمكروه، أحكام تكليفية والإباحة خرجت على الحدين وهو: إلزام الذي يشق ** أو طلب فا بكل خلق لكن الجمهور على أنه فرجح في حده إلزام ذي كلفة لا طلبه المرجح أنه إلزام ما فيه كلفة لكن هل ينبني على هذا التعريف أو الخلف في تعريف التكليف فرع أو لا؟ لا ينبني عليه وإنما هو خلف لفظي فقط هل يسمى المندوب حكمًا تكليفيًّا أم لا؟ هل يسمى الكراهة حكمًا تكليفيًّا أم لا؟ فقط من باب الاصطلاح والتسمية. لكنه ليس يفيد فرعَا ** فلا تضق لفقد فرع ذرعَا وهو إلزام الذي يشق ** أو طلب فاه بكل الخلق لكنه يعني هذا خلاف في تعريف الحد في تعريف التكليف. (لكنه ليس يفيد فرعا) لا ينبغي عليه فرع فقهي ولا أصولي. فلا تضق أيها الطالب لأن الطالب إذا قرأ وقرأ مسألة وبحث ثم وجد أن الخلاف لفظي وأنه لا ينبني عليه مسألة عملية أو اعتقادية يعني يقول: ضيعتوا وقتي. فلا تضق لفقد فرع ذرعا

وقال بعضهم: هو إلزام مقتضى خطاب الشرع. إلزام مقتضى خطاب الشرع والإلزام بالمعنى المتقدم يعني: تصير الشيء لازمًا لغيره تصير الشيء لازمًا لغيره مقتضى خطاب الشرعي خطاب الشرع كما سبق أن الخطاب هو توجيه الكلام للغير وهذا قد يكون بالإثبات وقد يكون بالنفي قد يكون إثباتًا وقد يكون نفيًّا قم هذا توجيه من المتكلم للمخاطب بإيجاد فعل لا تقم هذا بالكف عن إيجاد فعل هذا خطاب لماذا؟ الأول بالأمر والثاني بالنهي إلزام مقتضى خطاب الشرع إذن خطاب نقول: هو توجيه الكلام للغير إثباتًا أو نفيًا لكن لو أردنا خطاب الشرع هنا الشرع هذا لا يختص بخطاب الرب جل وعلا كما سبق بيانه في حد الحكم بل يشمل خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، خطاب الشرع إذن هو توجيه كلام الرب جل وعلا للمكلفين على هذا الحد تدخل الأحكام الأربعة التكليفية المشهورة ويزيد عليه الإباحة فحينئذٍ على هذا التعريف تكون الإباحة حكمًا تكليفيًّا ولذلك نقول: هذا الحد فيه نظر. لماذا؟ لأن الحد في الأصل أنه يؤتى به للكشف عن ماهية المحدود وهنا التكليف إذا كان لا يشمل في الأصل الإباحة الشرعية حينئذٍ كيف تجعل فردًا من أفراد المحدود؟ نقول وقد ذكرنا فيما سبق أن عد أو ذكر الحكم أو الإباحة الشرعية في ضمن الأحكام التكليفية هذا من باب التساهل والتسامح كما نص عليه الشيخ الأمين في عدد من كتبه وإما أنه سميت الإباحة الشرعية حكمًا التكليفيًّا باعتبار متعلقها لأن متعلق الحكم الشرعي الذي هو الإباحية حكم شرعي قطعًا لكنها ليست حكمًا تكليفيًّا فإذا قيل: ليست الإباحة حكمًا تكليفيًّا. لا يفهم منه أنها ليست حكمًا شرعيًا نقول: لا ما خير الشرع بين فعله وتركه نقول: هذا جاء به الشرع إذن هو حكم شرعي وإنما هل هو حكمٌ تكليفي أو لا؟ هذا محل النزاع والجماهير على أنه ليس حكمًا تكليفيًّا وإنما سمي حكمًا تكليفيًّا إما أن يقال للتسامح والتوسع في العبارة وإما أن يقال إنه مما يختص بفعل المكلفين لأن البهيمة والجماد أي أن البهيمة وفعل المجنون والصبي هذه لها أفعال أليس كذلك؟ هل توصف أفعال المجنون والصبي والنائم والساهي بكونها مباحة؟ هل توصف؟ لا توصف بكونها مباحة لماذا؟ لأنها حكم شرعي وسبق أن الحكم الشرعي هو: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف. والمجنون كما سيأتينا (وَذَا الْجُنُونِ كُلَّهُمْ لمَ ْيَدْخُلُوا) غير مكلف والصبي غير مكلف (إِلا الصَّبِي) والساهي، والنائم، والغافل غير مكلفين (وَالسَّاهِي) إذن وصفة الإباحة بكونها حكمًا شرعيًّا وهذا جيد الأولى أن يقال هذا ولا يقال أنه من باب التسامح والتوسع لأن متعلق الإباحة فعل المكلف وفعل المكلف هو الذي يوصف بكونه مباحًا لماذا؟ لأن الإباحة حكم شرعي والحكم الشرعي متعلقه فعل المكلف أما المجنون والصبي ومن كان في نحوهم أو على شاكلتهم فهؤلاء غير مكلفين إذا حد بعض الأصوليين التكليف بأنه إلزام مقتضاه خطاب الشرع ليشمل الإباحة لكونها حكمًا تكليفيًّا نقول: هذا فيه نظر فيه نظر.

الحد الرابع: أن يقال: التكليف هو الخطاب بأمر أو نهي. خطاب المراد بالخطاب هنا خطاب الرب خطاب الشارع لأن الحديث والكلام فيما يختص بكلام الرب جل وعلا لأوامره ونواهيه ويشمل خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم: 3، 4] حينئذٍ كل ما يقال في خطاب الرب فهو شامل لخطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعضهم يقول: خطاب الله نعدل عنه إلى خطاب الشرعي لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصف بكونه مُشَرِّعًا لكن لا ابتداءً وإنما يقر من السماء حينئذٍ يقال ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - إما أن يكون تلقاه عن طريق الوحي فلا إشكال أنه منزل، وإما أن يكون عن طريق الاجتهاد فحينئذٍ إما أن يصوب وإما أن يقر إن صوب فلا إشكال الصواب النازل هو الحكم الشرعي وإن أقر نقول: أقره الرب جل وعلا ومن هنا نثبت إقرار الرب جل وعلا هل يوصف الرب كونه مقرًا للشيء؟ نقول: نعم ما سكت عنه فهو عفو. الخطاب بأمر مطلقًا سواء كان أمرًا جازمًا أو غير جازمٍ فيشمل حينئذٍ الواجب والمندوب أو بأمر أو نهي جازمًا كان أو غير جازم فيشمل الحرام والمكروه وعليه تكون الأحكام التكلفية الأربعة داخلة في هذا الحد خطاب بأمر أو نهي، هذا هو حد التكليف، والخلف قلنا: الخلف في هذه المسألة لا ينبني عليها فرع. ولذلك نص الشاطبي على أن هذه المسألة ليست من أصول الفقه أصلاً ليست من أصول الفقه فحينئذٍ الاشتغال بها يرى أنه من قبيل العمل لكن نبين من أجل أن الطالب إذا قرأ يفهم ما يقرأ وإذن لو قيل: كل مسألة البحث فيها مما لا يستفيد الطالب منه عملاً تترك. حينئذٍ لو قرأ الطالب ومرت به هذه المسائل كيف يفهم نقول: لا بد أن الترك للمسائل يكون عن علم أنت عندما تحكم أن هذه المسألة أو يستقر في نفسك أن هذه المسألة مما ينبني عليه عمل أو اعتقاد هذا الفرع الذي بني على هذه المسألة هل تذكره أو تعتقده بعلم أو بدون علم؟ نقول: لا بد أن يكون بعلم، والحكم كذلك بالسلب والنفي عندما تحكم على مسألة بأن هذه غير مفيدة والاشتغال بها عبث هذا لا بد أن يكون عن علم والعلم لا يمكن أن يثبت دون أو الحكم على الشيء لا يمكن أن يثبت دون تصوره فحينئذٍ تصور هذه المسائل ولو قال بعض أهل العلم: أن الاشتغال بها مما هو مضيعة للأوقات أو طويلة الذيل قليلة النيل. نقول: هذا تصوير المسألة دون التطويل فيها هذا مما يستفيد منه طالب العلم. والفائدة تكون لا من جهة العمل وإنما من جهة الاعتقاد حينئذٍ إذا اعتقد أن هذه المسألة لا طائل تحتها نقول: لا تحتكم بهواك وإنما تحكم عن علم والعلم يؤخذ بطريقه. هذا التكليف له شروط شرُوط ترجع إلى الْمُكَلَّفِ الآدمي أو الشخص الذي تعلق به الخطاب كما سبق هناك خطاب الله أو خطاب الشرعي المتعلق بفعل المكلف هذا في حد الحكم أليس كذلك؟ كلام ربي إن تعلق بما ** يصح فعلاً للمكلف فعل ما من حيث إنه به مكلف ** فذاك بالحكم يعرف

إذن الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من هو المكلف؟ هو سيذكر هذا في الفصل من هو المكلف؟ هذا ما عقد له الناظم في هذا الفصل سيبين من هو المكلف حينئذٍ هل كل آدمي أو إنساني يكون مكلفًا شرعًا؟ الجواب: لا، لا بد من شروط تُذْكَرُ لبيان من الذي يدخل في خطاب التكليف فحينئذٍ يكون مأمورًا منهيًّا ومن الذي لا يشمله خطاب التكليف فلا يكون مأمورًا منهيًّا كل من خلق ومشى على رجلين من بني آدم يكون مأمورًا منهيًّا؟ الجواب: لا، إذن لا بد من تميز من الذي يكلف ومن الذي لا يكلف من الذي لا يكلف وهناك شروط ترجع إلى المكلف به يعني ما هو الفعل الذي يكلف به المكلف؟ إذن عندنا تكليف وعندنا مكلفٌ وهو المحكوم عليه يعبر بعض الأصوليين بالمحكوم عليه، وعندنا مكلف به ويعبر عنه بعض الأصوليين بالمحكوم به المحكوم به والفعل المكلف به هذا لم يتعرض له الناظم وإنما يذكر في المطولات لأنه يذكر في تكليف ما لا يطاق، والمحال لغيره، والمحال لذاته فلذلك كما ترك نترك ونذكر ما ذكره وهو شروط المكلف قال أهل العلم: أن التكليف المحكوم عليه وهو المكلف بالفعل شرطان: العقل، وفهم الخطاب العقل. وفهم الخطاب لا بد من هذين الشرطين من توفرهما معًا في الآدمي والمخلوق الذي يصح تكليفه لا بد أن يكون عاقلاً فاهمًا للخطاب العقل المراد به آلة التميز والإدراك يعني ما يميز به بين الحقائق ويدرك به الحقائق حقائق الأمور يميز بين الحسن والقبيح، يميز بين الحق والباطل، والجيد والرديء إنما يكون بماذا؟ يكون بالعقل إذن العقل هو آلة التمييز والإدراك وسبق معنا مرارًا معنى الإدراك التميز يعني: تمييز بين الحق والباطل فصل بينهما غير العاقل لا يفصل بين الحق والباطل لا يقول: هذا باطل لا يحكم. ولا يقول: هذا حق. ولا يقول: هذا حسن وهذا قبيح وهذا جيد وهذا رديء. لا يميز بين الأمور الحسنة والأمور القبيحة لماذا؟ لكونه فاقد العقل والعقل هو الذي يحصل به التمييز والإدراك الذي هو وصول النفس إلى المعنى بتمامه القوة المدركة التي تنطبع فيها حقائق الأمور أو معاني ومدلولات الألفاظ مفردات كانت أو مركبات هذا العقل قيل: العقل والأصل فيه بمعنى المنع. ولذلك قيل: سمي العقل عقلاً لأنه يمنع صاحبه من الوقوع فيما يخالف الصواب أو من الوقوع في سفاسف الأمور، ورذائل الأمور والأخلاق. لأنه يمنع صاحبه من الوقوع فيما يترفع عنه العقلاء على جهة العموم، وفهم الخطاب هذا الشرط الثاني فهم الخطاب خطاب عرفنا أنه المراد به كلام الله وهو الذي عدل إليه صاحب المراقي: كلام ربي. الذي هو خطاب الله فهم خطاب الله الفهم كما سبق أن معناه في اللغة هو: إدراك معاني الكلام. إدراك معاني الكلام الفهم لغةً الفقه لغةً هو: الفهم. ما هو الفهم؟ قلنا: العلم بمعاني الكلام. وهذا نسبناه للعسكري أو نقول: إدراك معاني الكلام. فإذا أدرك المخاطب ما المراد بهذا الكلام؟ نقول: قد فهم الخطاب. قد فهم الخطاب إذن اشترط هذان الشرطان العقل وفهم الخطاب لماذا؟ قالوا: لأن التكليف خطاب وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال. كيف يخاطب؟ أنت تخاطب العاقل تقول له: قم، اسقني ماء، زرني، أكرمني، هات، تعال.

هذا خطاب أليس كذلك؟ الخطاب يكون لمن يعقل ولمن يفهم أما الذي لا عقل له ولا فهم له خطابه يكون محالاً إذن عرفنا اشترط الأصوليون هذين الشرطين بأن التكليف خطاب وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال لأن المكلف به مطلوب حصوله الفعل الذي أمر به المكلف والنهي الذي نهي عنه المكلف مطلوب حصوله من المكلف يعني لا بد من امتثال المأمور به إيجادًا وامتثال المنهي عنه تركًا أليس كذلك؟ المطلوب بالأمر والنهي هو: الامتثال والطاعة. لأنه مأمور والمأمور يجب أن والمأمور الذي هو المكلف يجب أن يقصد إيقاع المأمور به على سبيل الطاعة والامتثال يعني: إذا أمر بشيء حينئذٍ المأمور لا بد أن يوقع هذا المأمورَ به على جهة القربة والقصد والامتثال وهذا يتعين له القصد والنية نية التقرب وإنما يتصور التقرب بنية التقرب متى؟ بعد الفهم والعلم أما من لم يفهم فحينئذٍ كيف يوقع المأمورَ به على جهة القربى؟ هو ما فهم الخطاب أصلاً فحينئذٍ كيف يوقع هذا المأمورَ به الذي أمر به كيف يوقعه على جهة القربى، والطاعة، والامتثال؟ نقول: هذا ممتنع حينئذٍ لا يقال لمن لا فهم له: افهم. كما قال ابن قدامة رحمه الله لا يقال لمن لا فهم له: افهم. لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يمتثل المأمور به ويتقرب به إلى الله عز وجل إلا بالنية لا عمل إلا بنية «إنما الأعمال بالنيات». أليس كذلك؟ لا بد من النية في القربى، والطاعة. لأن الطاعة هي موافقة الأمر فحينئذٍ إذا تعذر القصد وتعذرت النية سقط التكليف هذا هو وجه اشتراط العقل وفهم الخطاب نقول: العقل هنا احترزوا به عن المجنون. إذا اشترطنا العقل في المكلف إذن خرج المجنون فأرادوا بهذا الشرط إخراج المجنون لأنه غير مكلف وفهم الخطاب أرادوا به إخراج الساهي الذي ذكره الناظم والصبي، والنائم، والغافل. إذن بهذين الشرطين أدخل وأخرج أليس كذلك؟ كل من اتصف بالعقل وفهم الخطاب فهو مكلف بالأمر والنهي كل من اتصف بالعقل وفهم الخطاب فهو مكلف بالأمر والنهي أليس كذلك؟ كل من فقد الشرطين أو أحدهما فهو غير مكلف الذي خرج بالشرط الأول العقل المجنون بأنواعه والذي خرج بالشرط الثاني فهم الخطاب هو: الصبي، والنائم، والساهي. إذن أرادوا بالعقل ما يخالف المجنون وأرادوا بالفهم ما يخالف الصبي، والنائم، والغافل، والساهي. ونحو ذلك إذا قيل: عاقل أن يكون المكلف عاقلاً فاهمًا للخطاب هل يشترط فيه أن يكون حيًّا؟ تتوقفون لا بد، إذن هل نحتاج أن نزيد كما زاد بعض الأصوليين عاقلاً فاهمًا للخطاب حيًّا احترازًا عن الميت فإنه لا يوجه إليه الخطاب لا نحتمل لأن الميت ما يفهم الخطاب أليس كذلك لو قيل: قم.

هو ميت يفهم؟ صلي انتهى انقطع التكليف انقطع التكليف إذن اشتراط الحياة حينئذٍ نقول: لا داعي له لأنه مأخوذ من الاتصاف بالعقل وفهم الخطاب زاد بعضهم أن يكون المكلف من الجن والإنس هل نحتاج إلى هذا؟ لماذا؟ هل نحتاج أن نقول: من الجن والإنس؟ لا بد أن يكون جني أو إنسيًّا؟ لماذا لا نحتاج؟ لأنه غيرهما غير الجن والإنس غير مكلف فالجمادات غير مكلفة هذا باعتبار الظاهر والبهائم غير مكلفة هل الجن مخاطبون بالشريعة أصولاً وفروعًا؟ نعم نقول: الجن مخاطبون بفروع الشريعة بالشريعة كاملة أصولاً وفروعًا عِلْمِيَّات وَعَمَلِيَّات قلنا بالأول أو بالثاني {(((((خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ((((} [الذاريات: 56] إذن ذكر الجن وذكر الإنس {((((((((((((لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ((((} [الرحمن: 39] وأجمع العلماء اتفق العلماء على أن القرآن الذي نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - هو للإنس والجن وما كان فيه قد خوطب به الإنسي من أمر أو نهي فالأصل أنه مخاطب به الجني إلا بدليل وإن كان تمَّ بعض الأمور قد لا يتفق الإنسي مع الجني لاختلاف الخلقة هذا الله أعلم بحاله لا نفصل فيه ونقول: الله أعلم بحاله. إذن احترز بالعقل عن المجنون وبفهم الخطاب عن النائم والساهي وما ذكر ولا نحتاج إلى أن نقول: يشترط الحياة وأن يكون إنسيًّا أو جنيًّا للعلم به لأن بحث الأصوليين يبحثون في ماذا؟ فيما يتعلق بالإنسي أما ما يتعلق بالجني فالأصل أنهم لا ينصون عليه لأن ما ثبت للإنس الأصل أنه ثابت للجن ولذلك هم قد يتعلمون بعض الأصول أو نحو ذلك الله أعلم بحالهم قال: وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا إِلا الصَّبِي وَالسَّاهِي يحكون عن بعض الجن أنه يحضر بعض المجالس العلمية وكذا وبعضهم يقول: إنه احتل مجالس الشيخ ابن عثيمين رحمه الله؟ هكذا يذكر والعلم عند الله لا ننفي ولا نعم. الله أعلم، يدخلون في الإنسي يعني. الجنة؟ ما فيه إشكال هذا الصحيح يدخلون الجنة ويدخلون النار. قال: وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا إِلا الصَّبِي (وَالمؤْمِنُونَ) أي: العاقلون الفاهمون للخطاب والمؤمنون هنا وصفهم بالإيمان لأن الإيمان هو أصل التكليف. وذلك الإسلام فالفروع ** تصحيحها بدونه ممنوع

ولذلك علق الحكم هنا بوصف الإيمان (وَالمؤْمِنُونَ) أي: البالغون. أو العاقلون الفاهمون للخطاب والمؤمنات؟ قالوا: (وَالمؤْمِنُونَ). هذا جمع مذكر سالم هل يشمل الإناث أو لا؟ هذه مسألة فيها خلاف إذا قيل: المؤمنون. هل يشمل المؤمنات أو لا؟ أما في اللغة فالأصح لا في اللغة في الأصح لا لماذا؟ لأن العرب وضعت لكل معنى صيغة تخصه أما ذكرنا افعل حتى يضطرد الكلام ويستقيم افعل هذا أمر وضعت العرب صيغة افعل لتدل على الأمر أو هو عين الأمر، والنهي لا تفعل، وليت للتمني، ولعل للترجي، ولم أريد منه الدلالة على جمع الذكور الخلص وضع له الجمع بواو أو ياء ونون فكل ما جمع بواو أو ياء ونون فهو خاص بالذكور هذا هو الأصل لكن استعمل الشرع جمع المذكر السالم في بعض المواضع وأراد به ما يشمل الإناث وإلا لو جعل هذا اللفظ دالا لغةً كما يقول به بعض الأصوليين هذا سيأتي في العام لو جعل هذا اللفظ دالاً لغةً على الإناث ماذا نقول في قوله تعالى: {((((الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ ((((((((((((((} [الأحزاب: 35]؟ لو كان لفظ المسلمين يشمل لغةً المسلمات كان قوله: {(((((((((((((((((} ما الداعي له؟ يحتاج إلى جواب محكم ولا جواب فحينئذٍ نقول: الأصل في وضع اللغة أن ما جمع بواو ونون خاص بالذكور ولا يشمل الإناث هذا ما يحتمل أو نعم هذا ما جمع بواو ونون {(((((((((مِنَ الْقَانِتِينَ ((((} [التحريم: 12] ما قال: ما القانتات. ما الجواب؟ قال: {(((((((((} في مريم عليها السلام {(((الْقَانِتِينَ ((((} هذا بياء ونون والأصل فيه أنه للذكور نقول: في لغة الوضع يختص هذا اللفظ بالذكور الخلص وأما في استعمال الشرع فقد يجعل فيه أو يجعل ويدخل فيه الإناث فحينئذٍ يشمل لفظ المؤمنون الإناث تبعًا لا استقالالاً وهذا نجعله شرعًا يعني: حقيقة شرعية. وإلا في استعمالات أهل اللغة وفي ما هو خارج الشرع الكتاب والسنة حينئذٍ لا نجعل الإناث داخلات في قوله: (وَالمؤْمِنُونَ). أما في الشرع فلا لأن الحكم العام أن كل حكمٍ انصب على الذكور فهو شامل للإناث النساء شقائق الرجال هذا من أين أخذناه من الشرع إذن كل لفظ علق على لفظ الذكور حينئذٍ يدخل فيه الإناث تبعًا حقيقةً شرعية لا لغةً إذن قوله: (وَالمؤْمِنُونَ). نقول: ومثله المؤمنات. والمؤمنون قد دخلوا (وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا) (وَالمؤْمِنُونَ) هذا مبتدأ جملة (قَدْ دَخَلُوا) خبر المبتدأ في خطاب الله هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (دَخَلُوا). والأصل والمؤمنون دخلوا في خطاب الله دخولاً أوليًّا لأن الأصل في الخطاب كما سبق أنه خطاب بأمر ونهي وهذا لا يفهمه ولا يعقله إلا العقلاء الفاهمون للكتاب الفاهمون للخطاب إذن قد دخلوا في خطاب الله نقول: دخولاً أوليًّا. وهل يشمل غيرهم؟ هل يشمل خطاب الله لأمر أو نهي غير العقلاء الفاهمين للخطاب؟ نقول: لا يشملهم. حينئذٍ قوله: (إِلا الصَّبِي وَالسَّاهِي). هذا استثناء من ماذا؟ هل هو استثناء من قوله: (وَالمؤْمِنُونَ).

أو من قوله: (قَدْ دَخَلُوا)؟ قد دخلوا أو المستثنى منه (إِلا الصَّبِي) إلا أداة استثناء والصبي هذا مستثنى منصوب على الاستثناء ونصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون الوزن حينئذٍ نقول: (إِلا) مستثنى منه ما هو؟ الواو؟ ولم لا يكون المؤمنون؟ هو يحتمل أن يكون التركيب والمؤمنون إلا الصبي والساهي وذا الجنون قد دخلوا في خطاب الله حينئذٍ يكون المستثنى منه هو المؤمنون لكن يلزم من هذا أن الخطاب قد يشمل الصبي والساهي ولكنهم أخرجوا لعائق وإذا قيل: أنه مستثنى من الدخول فحينئذٍ يكون التركيب والمؤمنون قد دخلوا في خطاب الله إلا الصبي فلم يدخل في خطاب الله أصلاً لم يدخل في خطاب الله أصلاً فحينئذٍ هو لم يدخل حتى يخرج وإنما أخرج قبل الدخول على القاعدة المضطردة عند سيبويه والتي حررها ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) أن الاستثناء يكون خارجًا أو مخرجًا من المستثنى منه وحكمه كما فصلناه في المنطق الكلي لا إله إلا الله وأحلكم على ما سبق، إذن (وَالمؤْمِنُونَ) أي: البالغون العاقلون الفاهمون للخطاب قد دخلوا في خطاب الله قال: (إِلا الصَّبِي). هذا استثناء من تام موجب. ما استثنت إلا مع تمام ينتصب إذن واجب النصب لأنه تام موجب حينئذٍ (إِلا الصَّبِي) بالإسكان للضرورة نقول، الأصل إلا الصبيَّ وخفف للوزن (إِلا الصَّبِي) هذا لم يدخل في الخطاب لماذا؟ إذا أردنا أن ننظر إلى الشرطين العاقل وفهم الخطاب (إِلا الصَّبِي) نقول: لم يدخل في الخطاب لفقد أحد الشرطين، هذا في المميز أو لفقدهما إن كان في أول عمره إن كان فقدهما إن كان غير مميز إذن قوله: (إِلا الصَّبِي). نقول: هذا مستثنى من الدخول في خطاب الله الصبي هذا منسوب إلى الصبا هذه الياء ياء النسب وهو: الصِّغَرُ من صَغُرَ صِغَرًا صَغُرَ ككَرُمَ وصَغِرَ كفَرِحَ يعني فيه وجهان ككَرُمَ وفَرِحَ هكذا في القاموس صَغُرَ صِغَرًا صِغَر كعنب وَصَغَرًا وَصُغْرانًا فهو صغير إذا قل حجمه أو سنه نقول صغير متى؟ متى نقول صغير؟ إذا قل حجمه نقول: هذا مسجد صغير. ونقول: هذا سنه صغير. إذن قل حجمه أو سنه والمراد هنا سنه لأن الكلام هنا في التكليف إذن عرفنا أن الصبي منسوب إلى الصبي وهذا الصبي هو مرحلة من مراحل الإنسان من ولادته إلى أن يبلغ يسمى صبيًّا في اللغة يسمى صبيًّا والأشهر أيضًا أنه يسمى غلامًا يصح إطلاق الغلام على الكبير لكن المشهور أنه يسمى صبيًّا ويسمى غلامًا في لغة العرب الصبي هذا عند الأصوليين ونحوهم قسمان: صبي مميز، وصبي غير مميز. إذن الصبي (إِلا الصَّبِي) هنا أطلق الناظم وأتى بـ (أل) حينئذٍ يشمل النوعين الصبي المميز، والصبي غير المميز. إذن كلاهما غير مكلفين لا الصبي مميز ولا الصبي غير المميز إذا عرفنا أن القسمة ثنائية صبي غير مميز وصبي مميز ما الفرق والفاصل بين النوعين؟ اختلف الأصوليون هل يكون الفاصل هو السن أو الوصف؟ هل هو السن؟ نقول: إذا بلغ سن كذا عُمُر كذا فهو مميز أو إذا توفر فيه وصف كذا فهو مميز لأن الأصل عدم هو التميز على قولين:

الجمهور أنه يحد بالسن بالعُمُر وجمهورهم على أنه إذا بلغ تمام السابعة إذن منذ الولادة منذ أن يخرج من بطن أمه إلى أن يبلغ تمام السابعة فهو غير مميز يعني: لا يميز بين حقائق الأمور ومنذ أن تمت السابعة إلى الخامسة عشر فهو صبي مميز وهذا ضابط جيد ودل عليه الحديث لأنه قال: لم حد الجمهور السن بالسابعة وقد قيل السادسة؟ قال به بعض الأصوليين قالوا بالسادسة إذا تمت السادسة حينئذٍ يكون مميزًا ولكن الأشهر والأصح أنه بتمام السابعة لحديث «مروا أولادكم بالصلاة لسبع». قيد الشرع هنا قيد الشرع الأمر بالصلاة - للصبي الذي هو الولد - لمن تم سبع سنين وإذا اختلف النظر وكان ثَمَّ مرجح من جهة الشرعي يصلح أن يعلق الحكم به فهو أو القول به أولى يعني: إذا جاء أو ثبت عندنا مسألة وقع فيها نزاع بين أهل العلم هل نحده بوصف أو بسن؟ نقول: إذا وجدنا في الشرع قد علق بعض الأحكام على سن معين فحينئذٍ القول بالسن هنا أولى من القول بالوصف لأن الشرع لم يعتبره وإنما اعتبر السن فحينئذٍ نقول: إذا بلغ تمام السابعة لهذا الحديث «مروا أولادكم بالصلاة لسبع» جعل من تم عنده السن السابعة جعله أهلاً أن يصلي أليس كذلك؟ إذن يفرق بينه وبين من لا يدخل في السابعة أصلاً ما دون السابعة هل يؤمر بالصلاة؟ لا يؤمر بالصلاة لأنه ليس أهلاً أن يقف ويصلي أما من تمت عنده السابعة فقد حصل عنده نوع تمييز أو نوع عقل أو نوع فهم وإن لم يكن العقل تامًا والفهم تامًا لكن وجد أصل العقل ووجد أصل الفهم فحينئذٍ علق الشرع بهذا السن المعين الأمر بالصلاة وقيل: السادسة. إذن نقول: القول الأول أن الفاصل بين الميز وغير الميز هو السن. وبعضهم قال: الوصف. ما الوصف؟ قال: ليختبر إذا استطاع أن يميز سئل الإمام أحمد عن الصبي متى يصح سماعه للحديث؟ قال: إذا عقل وضبط. هذا وصف وسئل موسى بن هارون الحمال متى يصح سماع الصبي للحديث؟ قال: إذا فرق بين البقرة والحمار. وبعضهم قال: إذا فرق بين الجمرة والتمرة. حينئذٍ يوصف هذا الصبي بكونه مميزًا لماذا؟ لأنه ميز بين حقائق الأمور قال: هذه بقرة وهذا حمار، وهذه جمرة وهذه تمرة، وهذا بيت وهذا مسجد، وتلك سماء وهذه أرض. إذن ميز بين حقائق الأمور أليس كذلك؟ فحينئذٍ قالوا: هذا الوصف إن وجد فيعتبر حينئذٍ مميزًا هذا قد يوجد قبل السادسة وقد لا يوجد إلا بعد قد يوجد قبل السابعة وقد لا يوجد إلا بعد السابعة وهذا معتبر عند أهل الحديث في تحمل الحديث لا في الأداء. والمشتهرون سِنَّ للحمل بل المعتبر تميزه أن يفهم الخطاب قد ضبطوا ورده الجواب

تمييزه لا سِنَّ للحمل والمشتهر لا سِنَّ للحمل بل المعتبر تميزه هكذا يقول السيوطي والمشتهر عند أهل الحديث لا سِنَّ للحمل بل المعتبر تميزه أن يفهم الخطاب يفهم قم فيقوم، اجلس يجلس لكن لو قلت له: قم. فجلس هل يفهم الخطاب؟ نقول: ما يفهم الخطاب قد ضبطوا ورده الجوابَ تعال يأتي اذهب يخرج أَغْلِقَ الباب أَغْلَقَ الباب نقول: هذا يفهم الخطاب ويأخذ الكلام على معانيه فيفهم المراد فحينئذٍ هذا يسمى مميزًا، إذن نقول الفاصل بين الصبي المميز وغير المميز هو ماذا؟ إما بالسن وإما بالوصف بالسن الأرجح أن يكون بسبع سنين للحديث، بالوصف أن يميز بين حقائق الأمور أو أن يفهم الجواب ويرد أن يفهم الخطاب ويرد الجواب. تمييزه أن يفهم الخطاب ** قد ضبطوا ورده الجواب وغالبًا يحصل إن خمس غبر ** فحده الجل بها ثم استقر هذا عند أهل الحديث وغالب الذي هو تميز بين البقرة والحمار ورد الجواب ونحو ذلك. وغالبًا يحصل إن خمس غبر ** فحده الجل بها ثم استقر أكثر أهل الحديث على هذا أنه يصح تحمله لكن كلامنا نحن ليس في هذا وإنما في الصبي المميز لأن تَمَّ أحكامًا تتعلق به قد قيل بتكليفه كما سيأتي إذن عرفنا حد الصبي. الجنون مصدر جَنَّ يَجِنُّ جَنًّا وَجُنُونًا جَنَّ يَجِنُّ لأنه مضاعف لازم والمضاعف اللازم يأتي فعل بمضارع بكسر عينه. ذا الواو فاء أو اليا عين أو كأتى ** كذا المضاعف لازمًا كحن طلا كذا المضاعف لازمًا كحن طلا حَنَّ يَحِنُّ. وضم عين معداه ويندر ذا ** كسر كما لازم إذا ضم احتمل وضم عين معداه إذن غير المعدى تكسر عينه أليس كذلك؟ حَنَّ يَحِنُّ وَأَنَّ يَئِنُّ نقول: هذا بكسر العين. جَنَّ يَجِنُّ جَنًّا وَجُنُونًا إذا زال عقله وقيل: جنة الليل أو جنه الليل إذا ستره وكل ما ستر عنك فقد جن عنك ويقال: تَجَنَّنَ وَتَجَانَّ وَأَجَنَّهُ الله فهو مجنون إذن تَجَنَّنَ هذه صحيحة ذكرها صاحب القاموس تَجَنَّنَ يعني: فهو مجنون أجنه الله فهو مجنون جَانَّ فهو مجنون حينئذٍ إذا زال عقله والجنون نوعان: جنون أصلي، وجنون طارئ.

الجنون الأصلي هو الذي إذا ولد زائل العقل يعني: يولد فاقد العقل. نقول: هذا مجنون أصلي. وإذا ولد بعقله حتى بلغ ثم سلب العقل حينئذٍ نقول: هذا الجنون طارئ وأيضًا جنون مطبق وجنون غير مطبق الجنون المطبق هذا الذي لا يفيق بوقت من الأوقات مستمر والجنون غير المطبق هو الذي قد يفيق في بعض الأوقات دون بعض إذن الصبي والمجنون غير مكلفين لماذا؟ لأن مقتضى التكليف كما سبق دائمًا القاعدة المضطردة مقتضى التكليف ما المراد بالتكليف؟ الطاعة والامتثال الطاعة والامتثال تستلزم ماذا؟ القصد قصد القربة والتقرب إلى الله عز وجل هل هذه الموجودة في المجنون؟ الجواب: لا، هل هي موجودة في الصبي بنوعيه؟ الجواب: لا، إذن لا يمكن أن يمتثل المأمور ولا يترك المنهي عنه إلا بقصد القربة والطاعة هنا قال: لأن مقتضى التكليف الطاعة والامتثال ولا يمكن ذلك إلا بقصد الامتثال وشرط القصد العلم بالمقصود والفهم للتكليف لأن القصد إما أن يكون بعد الفهم روي عن الإمام أحمد أن المجنون يقضي الصوم والصلاة، إذا عرفنا أن المجنون غير مكلف وروي عن الإمام أحمد رحمه الله رواية مشهورة أن المجنون يقضي الصوم والصلاة يلزم منه أن المجنون مكلف لأن القضاء فرع الأداء ولا يكون مطالبًا بالأداء إلا إذا كان مكلفًا حينئذٍ افترق أصحابه على فرقتين: منهم من ضعف الرواية قال: لا تصح عن الإمام أحمد، ومنهم من حملها على المجنون غير المطبق الذي يفيق أحيانًا في وقت دون وقت إذن عرفنا أن الصبي بنوعيه غير مكلف أما الصبي غير المميَّز المميِّز فهذا لا إشكال في عدم تكليفه يعني باتفاق أنه غير مكلف، وأما الصبي المميِّز فهذا وقع فيه خلاف والمشهور عند الجمهور أنه غير مكلَّفٍ مطلقًا يعني: لا بصلاة ولا بغيرها لماذا؟ لانتفاء القصد ولحديث: «رفع القلم عن ثلاث». وذكر منها: «الصبي حتى يحتلم». وفي رواية: «حتى يكبر». وفي رواية: «حتى يبلغ». «رفع القلم». يعني: قلم التكليف إذن لا يكلف لا بأمر ولا بنهي الصبي بنوعيه غير مكلف حتى يكبر، حتى يحتلم، حتى يبلغ وإذا ورد نص الأصل أنه يذكر النص ثم يذكر التعليل. ذهب بعضهم إلى أنه مكلف بالصلاة إذا بلغ عشرة وهو رواية مشهورة عن الإمام أحمد رحمه الله إذا بلغ عشرًا للحديث المذكور السابق «مروا أولادكم بالصلاة لسبعٍ واضربوهم عليها لعشرٍ». إذا تركوا الصلاة وهم عشر سنين قال: «واضربوهم». ولا يضربون إلا لفوات واجب لأنه لا عقاب إلا على ترك واجب فدل على أن الصبي الذي بلغ عشر سنين ولو لم يبلغ هو مكلف بالصلاة فحسب أليس كذلك؟ هذا ظاهر الاستدلال أجيب عن هذا: بأن الصبي مطلقًا غير مكلفٍ على الصحيح ويجاب عن هذا الحديث بأن الأمر هنا «مروا أولادكم». هو ليس للصبيان وإنما هو لولي الصبي بأن يأمر صبيه وهذه مسألة فيها نزاع إذا أمر الشرع شخصًا أن يأمر ثالثًا هل الثالث مأمور بالأول أو لا؟ المشهور لا وإنما الأمر موجه للأولياء والأولياء هم الذين يأمرون صبيانهم أولادهم. وليس من أمر بالأمر أمر لثالث ** إلا كما في ابن عمر

وليس من أمر بالأمر أمر لثالث يعني: أمر ثالثًا اللام زائدة من أمر شخصًا أن يأمر الثالث هل يعد آمرًا لذلك الثالث؟ الجواب: لا إلا في حديث ابن عمر «مره فليراجعها». عندما طلق في الحيض «مره فليراجعها». هنا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مره أنت يا عمر مره يعني: أؤمر ابنك. هل يعتبر النبي - صلى الله عليه وسلم - آمرًا لابن عمر مباشرةً في هذا الحديث؟ نعم يستثنى لقرينة وهي كون النبي - صلى الله عليه وسلم - مبلغ مشرع أما ما عداه لا. وليس من أمر بالأمر أمر لثالث ** إلا كما في ابن عمر إذن هذا الحديث الاستدلال به على أن الصبيان أو الأولاد مأمورون بالصلاة؟ نقول: فيه نظر لأن مبناه على قاعدة مختلف فيها والأصح أنه لا يكون الأول آمرًا للثالث وأما قوله: «واضربوهم عليها لعشر». نقول: الضرب هنا هو ضرب تأديب أو عقاب؟ هذا ضرب تأديب كما أن الأمر بالصلاة أمر تمرين على الصلاة وليس من أجل أنها واجبة عليه كذلك الضرب هنا ضرب تأديب لا ضرب عقاب لأنه ترك واجبًا إذن الجواب على الحديث اتضح ويكون المرجح القول الأول. قال بعضهم: أن الصبي مكلف مطلق. يعني: بالصلاة وغيرها. وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله الإمام أحمد في الصبي ثلاث روايات: غير مكلف مطلقًا وهو المرجح عند أصحابه، مكلف بالصلاة إذا بلغ عشر سنين وهذه الرواية المشهورة، مكلف مطلقًا لتوفر الشرطين. لكن الصواب هو الأول إذن المجنون والصبي غير مكلفين (إِلا الصَّبِي وَالسَّاهِي) الساهي هذا اسم فاعل من السهو أليس كذلك؟ اسم فاعل من السهو والمراد به النسيان والنوم وهذه الأمور الثلاثة تتداخل يعني: السهو، والنسيان، والنوم، والغفلة من حيث ترتب الأحكام عليها هي متداخلة متقاربة أما من جهة اللغة فالسهو والنسيان قيل: هما مترادفان بمعنى واحد حينئذٍ يعني هنا قوله: (وَالسَّاهِي). أن الساهي لم يدخل في الخطاب المراد به الناسي هذا على القول بأنهما مترادفان وقيل: النسيان هو ضد الذكر والحفظ وهو زوال المعلوم عن القوة الحافظة والقوة المدركة. زوال المعلوم عن القوة الحافظة والقوة المدركة فيحتاج حينئذٍ إلى سبب جديد هذا كما نحفظ بعض المعلومات فتنسى تطير نحتاج أن نحفظها من جديد لماذا؟ لأن هذا هو شأن النسيان زوال المعلوم كان معلومًا مستقرًا فزال من القوة المدركة والقوة الحافظة حينئذٍ يحتاج إلى سبب جديد لأنه غير حاصل لزواله فلما زال احتيج إلى إعادته مرة أخرى فمن يحفظ فينسى ثم يحفظ فينسى مرة أخرى يجلس حياته كلها ما بين ناسٍ ومعيد لما نسى، أما السهو على القول بالتفريق هو الذهول عن المعلوم الحاصل فيتنبه له بأدنى تنبيه يعني: المعلوم موجود في الذهن لكنه حصل نوع غفلة عليه. فحينئذٍ لو نبه تنبه أما النسيان لا لو نبه لم يتنبه وإنما يحتاج إلى استحصال جديد أن يوجد المعلومة من جديد المعلومة زالت وأما السهو المعلومة موجودة وإنما ذهل عنها. زوال ما علم قل نسيان ** والعلم في السهو له اكتنان والعلم في السهو له اكتنان يعني: اختفى المعلومة موجودة لكن طرأ عليها ما يحتاج إلى أن ينبه فحينئذٍ يزال الغبار فتبقى المعلومة كما هي على أصلها زوال ما علم قل نسيان.

زوال المعلوم قل نسيان ** والعلم في السهو له اكتنان وقيل النسيان غفلة عن المذكور والسهو غفلة عن المذكور وغيره ولكن في اللغة لا يعرف التفريق بين السهو والنسيان فالأصح أن يقال إنهما لغةً مترادفان نقول: الساهي والنائم غير مكلف إذن عرفنا الساهي والناسي والنائم هذا مشتق من النوم والنوم معلوم لا يحتاج إلى تعريف الساهي والناسي والنائم نقول: هؤلاء غير مكلفين في حال نومهم وفي حال سهوهم وفي حال نسيانهم ليس المراد أنه ارتفع التكليف كل من نام ارتفع التكليف عنه لا إنما في وقت نومه هذه خمس ساعات التي ينام فيها غير مكلف نقول: خمس لا ثمان. نقول: في هذا الوقت هو غير مكلف في حال نسيانه هو غير مكلف في حال سهوه هو غير مكلف لماذا؟ نريد أن نربطها بالشرطين أي الشرطين فقد؟ فهم الخطاب لو قيل للنائم: صل ماذا يقول؟ الساهي سها عن وقت الصلاة اشتغل بأمر ما فما يدري عن دخول وقت الصلاة حتى خرج ممكن هذا يقع نقول: في هذا الوقت هو غير مكلف. الناسي كذلك نقول: هو غير مكلف. إذن الساهي والنائم غير مكلفين حال النسيان وحال النوم وهو مذهب جمهور العلماء مذهب الجماهير أنهم غير مكلفين وقيل: مكلفان.

وهو قول الحنفية قيل بأن الصبي والمجنون والساهي نجمعهما مرةً واحدة قيل هؤلاء الأصح أنهم غير مكلفين وقال بعضهم: بأنهم مكلفون الصبي مطلقًا مكلف، والمجنون مطلقًا مكلف، والساهي مطلقًا مكلف واستدلوا بأدلة منها قالوا: وجوب الغرامات وأروش الجنايات وقيم المتلفات لو جاء مجنون وكسر زجاج سيارتك مثلاً يضمن أو لا يضمن؟ يضمن صبي لعب في بيتك وأتلف شيئًا ما يضمن القيمة أو لا؟ يضمن كيف يضمن وهو غير مكلف الزكاة عنده مال حال عليه الحول وجبت الزكاة في مال الصبي ووجبت الزكاة في مال المجنون وكذلك لو نام يومًا كاملاً وكان تمام الحول نقول: وجبت الزكاة عليه قال بعضهم: إذن المجنون مكلف، والصبي مكلف، والساهي والنائم أيضًا مكلف لوجود الغرامات وقيم المتلفات أروش الجنايات هذا واحد ما الجواب؟ هذا من قبيل خطاب الوضع من قبيل ربط الأسباب بمسبباتها وخطاب الوضع لا يشترط فيه عقل ولا فهم للخطاب وإنما الذي يشترط فيه العقل وفهم الخطاب هو خطاب تكليف وهو الذي نبحث فيه أنه يجب عليه الصلاة، والصوم، والحج إلى آخره نقول: هذه العبادات التي لم يربطها الشرع بأسباب خارجةً عن المكلف نقول: هذه مكلف بها لأنها من خطاب التكليف وما عدا ذلك كالذي يرتب فيه الحكم على وجود سبب حينئذٍ نقول: إذا وجب السبب تعين وجوب المسبب فإذا تم الحول على مال بلغ النصاب وهو مالك له تمام الملك نقول: وجبت الزكاة سواء كان عاقلاً غير عاقل كان صبيًّا غير صبي نقول: هذا الوجوب لا يلزم منه الحكم بأنه مكلف والزكاة هنا حكم ماذا؟ حكم وضعي والكلام في الشروط هنا في الأحكام التكليفية قال بعضهم: السكران هل هو مكلف أو لا؟ السكران؟ نطبق عليه القاعدة الشرطين هل هو عاقل؟ هو الآن سكران هل هو عاقل؟ ليس بعاقل هل نفي العقل لزواله أصلاً أو لطروء ما يخدش فيه؟ الثاني إذن العقل موجود في الأصل ولكن طرأ عليه بسبب هذا المشروب ونحوه غطى عليه يعني هذا من باب الطرء كالنوم فحينئذٍ السكر هذا يعتبر مغطيًا للعقل إذن زال أحد شرطي التكليف هل يفهم الخطاب لو قيل له: قم صل؟ ما يفهم شيئًا ما يمكن إذن انتفى في حقه الشرطان وجماهير أهل العلم على أن السكران غير مكلف لما ذكرنا أما قوله تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ (((((((((} [النساء: 43]. احتج بها بعض من قال: بأن السكران مكلم بهذه الآية {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ (((((((((} ماذا نقول؟ {((((((((((((((((((} جملية حالية {(((((((((((((} الواو صاحب الحال {((((((((((((((((((} مبتدأ وخبر والجملة في محل النصب حال من الواو هل تصلح هذه الآية دليلاً لمن استدل بها على أن السكران مكلف؟ نقول: لا. لماذا؟ لأنه ثبت بالبرهان القاطع أنه لا تكليف إلا لعاقل فاهم للخطاب وهذا لا يفهم وحينئذٍ لا بد من تأويل الآية قال ابن قدامة رحمه الله: السكران غير مكلف مطلقًا.

وهو مذهب جمهور الأصوليين وهو الحق لأنه في حالة سكره لا يفهم الخطاب فانتفى أحد الشرطين التكليف أما إذا كان يعقل ويفهم الخطاب فهذا مكلف لتوفر الشرطين ولكن هذا لا يسمى سكرانًا الذي كان في مبادئ الطرب والنشوة هذا الأصل أنه لم يوصف بكونه سكران لماذا؟ لأن السكر يزيل العقل ويزيل الفهم فحينئذٍ إذا كان في أول سكره ونشوته وطربه نقول: هذا لا يسمى سكرانًا فحينئذٍ إذا لم يكن اتصف بوصف يحكم عليه بكونه لا يفهم الخطاب أو غطي على عقله نقول: الأصل التكليف فهو مكلف. إذن من كان في مبادئ النشاط وفي أوائل السكر نقول: هذا مكلف ولا إشكال. لماذا؟ لأنهم لم يكن سكرانًا من حيث النتيجة وأيضًا لتوفر الشرطين فيه وذهب بعضهم إلا أن السكران مكلفًا مطلقًا وهو مذهب الحنفية وقول للشافعي لو وجبت الزكاة على من تلبس بالسكر وجبت الزكاة هل نقول لكون الزكاة قد وجبت في حال سكره أنه مكلف؟ لا لماذا؟ لأن وجوب الزكاة على السكران من قبيل ربط الأحكام بأسبابها لو قتل هل يضمن؟ يضمن لماذا؟ يضمن هو غير مكلف نقول: أروش الجنايات هذا من قبيل ربط الأحكام بأسبابها طيب وحكم الوضع وحينئذٍ التكليف الذي يشترط فيه العقل وفهم الخطاب هو الحكم التكليفي لا الوضعي أما قوله تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ (((((((((} [النساء: 43] نقول: هذا الجواب عنه أنه كان في ابتداء الإسلام أول الإسلام كان الخمر ليست محرمة وكان النهي عنها نزل تدريجيًا فكان النهي {((تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ (((((((((} أي: لا يأتي وقت الصلاة وأنتم في حال سكر إذن ليكن السكر في وقت ليس ملابسًا لوقت الصلاة بحيث إذا حضر وقت الصلاة وأنتم سالمون من هذا الوصف إذن {((((((((((((((((((} ليس المخاطب به هنا السكارى وإنما المخاطب به الصحابة في حال صحوهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} هذا خطاب {((تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ (((((((((} إذن المخاطب من؟ الصحابة هل خوطبوا في حال يعني: بعض الصحابة هل خوطبوا في حال سكرهم أم قبل سكرهم؟ الثاني إذن نهوا عن القربان إلى وقت الصلاة وهم متلبسون بهذا الوصف إذن لم يكن الخطاب هنا للسكران، قال ابن قدامة: الجواب أن يقال هذا كان في ابتداء الإسلام قبل تحريم الخمر - يعني: التحريم النهائي {(((((((((((((((} [المائدة: 90]- والمراد منه المنع من إفراط الشرب في وقت الصلاة كي لا يأتي عليه وقت الصلاة وهو سكران كما يقال: لا تقرب التهديد وأنت شبعان. أي: لا تشبع لتكون خفيفًا حتى يأتي وقت التهديد وأنت غير ثقيل كما في قوله تعالى: {((((تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ((((} [آل عمران: 102]. كيف يعلم هو ما سيموت عليه هذا غيب أي: الزموا الإسلام حتى إذا وافاكم أو جاءكم الموت وافاكم وأنتم مسلمون مثله {((تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ (((((((((} [النساء: 43] أي: الزموا صحوكم حتى يأتي وقت الصلاة وأنتم ليسوا على هذا الوصف، وقيل هو خطابٌ لمن وجد منه مبادئ النشاط والطرء إذن هذا ليس بسكران في الأصل لأن عقله مازال وفهمه للخطاب ما زال إذن قوله هنا:

وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا إِلَّا الصَّبِي خرج من الحكم التكليفي، (وَالسَّاهِي) خرج من الحكم التكليفي، (وَذَا الْجُنُونِ) المجنون (وَذَا) صاحب الجنون ذا بمعنى صاحب من الأسماء الستة منصوب لأنه معطوفٌ على الصبي والمعطوف على المنصوب منصوب إذن هؤلاء الثلاثة نقول مكلفون أو لا الصواب والذي عليه الجماهير أن الصبي بأنواعه والمجنون بأنواعه والساهي والنائم غير مكلفين، وكل ما رتب عليه الشرع من وجوب الغرامات ونحو ذلك فنقول: هذا خطابٌ وضعي وليس خطابًا تكلفيًا (وَذَا الْجُنُونِ كُلَّهُمْ) بالنصب تأكيد لما سبق من الثلاث (لمَ ْيَدْخُلُوا) في خطاب ثم قال: وَالكَافِرُونَ فِي الخِطَابِ دَخَلُوا فِي سَائِرِ الفُرُوْعِ لِلشَّرِيعَهْ ** وَفِي الَّذِي بِدُوْنِهِ مَمْنُوعَهْ وَذَلِكَ الِإسْلَامُ فَالفُرُوْعُ ** تَصْحِيحُهَا بِدُوْنِهِ مَمْنُوْعُ نقف؟ حصول شرط الشرع هل هو شرطٌ في صحة التكليف أو لا هذه قاعدة اختلف فيها الأصوليون حصول شرط الشرع هل هو شرطًا في صحة التكليف أو لا؟ يعبر بعضهم في مثل هذا يقولون: الإسلام هل هو شرطٌ في صحة التكليف أو لا؟ ولكنها ليست خاصة بالإسلام بل هي أعم على الصحيح حصول شرط الشرع الآن المحدث إذا أردنا مثال المحدث هل هو مكلفٌ بالصلاة إذا دخل وقت صلاة الظهر وهو محدث هل نقول هذا المحدث الآن مكلفٌ وجبت عليه الصلاة أو نقول: أمر بالوضوء ثم بعد ذلك يأمر بوجوب الصلاة؟ أيهما؟ فيه خلاف أكثر أهل العلم علة أن حصول الشرط الشرعي وهو الوضوء للصلاة ليس شرطًا في صحة التكليف بل يكلف بالصلاة بإيجاد الصلاة وهو محدثٌ وبما لا يتم به المأمور إلا به فحينئذٍ نقول هو مأمورٌ وهو محدثٌ بإيجاد الصلاة وبما لا تصح الصلاة إلا به تفريعًا على قاعدة سابقة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب إذن تكليف من أحدث بالصلاة ** عليه مجمعٌ لدى الثقات

الثقات العلماء لماذا؟ قالوا: لو قلنا كما البعض وهم قلة قالوا: لو قالوا هذا غير مكلف بالصلاة وإنما يؤمر بالوضوء ثم إذا توضأ يتوجه إليه الخطاب بإيجاب الصلاة إذن لو ترك الصلاة كليًا هل وجبت عليه الصلاة؟ إذن ما وجبت عليه الصلاة يؤدي هذا إلى إسقاط الصلاة فحينئذٍ يكون العقاب على ترك الوضوء لا على ترك الصلاة لأنه لا يعاقب على ترك لا يعاقب إلا على ترك الواجب والصلاة لم تجب أصلاً واضح هذا؟ فحينئذٍ نقول: المحدث وقت حدثه نقول الحدث ظرفٌ للتكليف وليس ظرفًا لفعل المكلف به ظرفٌ للتكليف إذن المحدث هذا الحدث ظرف يصح فيه التكليف لا إيجاد الفعل المكلف به تصورتم؟ عندنا تكليف وهو توجيه الخطاب وجبت عليك الصلاة فقم صل هذا تكليف نقول: المحدث وقت حدثه نقول الحدث ظرفٌ لإيقاع التكليف فحينئذٍ يصح تكليفه أما إيقاع الصلاة في وقت الحدث نقول ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب هذا مثال لهذه القاعدة حصول الشرط الشرعي ليس شرطًا في صحة التكليف عند الأكثر أكثر أهل العلم على هذا مثال آخر الكافر هو مخاطبٌ بأصول الشريعة بالإيمان والإسلام بالاتفاق لا خلاف هو مأمورٌ بالإسلام لكن بغير الإسلام كالصلاة يعني: نقول مأمور بالأصول بالفروع هل هو مخاطب بفروع الشريعة أو لا؟ ينبني على هذه قاعدة من قال حصول الشرط الشرعي ليس شرطًا في صحة التكليف قال الكافر مخاطب بفروع الشريعة ولو لم يسلم حينئذٍ نقول للكافر أنت مخاطبٌ بالإسلام، وأنت مخاطبٌ بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وبر الوالدين، سائر الفروع كلها مخاطبٌ بها في وقت كفره كما قلنا ماذا.

قلنا المحدث قد خوطب بالإيجاب الصلاة وقت حدثه هل ثم تنافٍ بينهما؟ هل ثم تنافي بين أن يقال هو محدثٌ وقد وجب عليه الصلاة؟ ليس بينهما تنافي في ماذا لأن وقت حدثه قد وجه إليه خطاب ولم يأمر بإيجاد الفعل وقت الحدث كذلك وقت كفره حين كفره قد وجه إليه الخطاب بالصلاة وحينئذٍ نقول له كما نقول لذلك توضأ فصل هذا نقول له أسلم وصل لماذا؟ لأن العبادة لا تصح إلا بالإسلام أليس كذلك؟ فحينئذٍ نقول الصواب في هذه المسألة فيه خلاف طويل وهذا أيضًا من ما يقال فيها طويلة الذيل قليلة النيل يعني: الأحكام التي تترتب على الخلاف في الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أو لا؟ خلاف ليس عمليًا وإنما هو خلاف إن أثبت فهو نفسي يعني: يكون من باب دخول السرور أو إدخال السرور على الكافر فيقول له أنت الآن ليست مخاطب بفروع الشريعة إذن خمسين سنة وأنت على كفرك لو قيل هو مخاطب بفروع الشريعة لا سيأتي هذا نتركه الآن إذن نقول: (وَالكَافِرُونَ فِي الخِطَابِ دَخَلُوا) هذه المسألة مبناها على حصول الشرط الشرعي هل هو شرطٌ في صحة التكليف أو لا نقول الصواب أنه ليس شرطًا في صحة التكليف فحينئذٍ يأمر المحدث بالصلاة وقت حدثه ويطالب بالوضوء وبالصلاة ولا تنافي بين الحدث وبين توجيه الخطاب إليه لأنه لم يأمر بإيجاد الصلاة وقت الحدث هذا أولاً، ثانيًا الكافر نقول: الصواب أنه مخاطبٌ بفروع الشريعة فيؤمر بالصلاة ونحوها وقت كفره وحين كفره لا يتنافى أن لا يخاطب لماذا؟ لأنه حين كفره هذا ظرفٌ لتوجيه الخطاب إليه وليس ظرف الإيجاد بالفعل المكلف به وهذا هو الصواب أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة والأدلة على ذلك أن يقال ورد آيات عامة تشمل كل إنسانٍ صح خطابه {(((((((((((النَّاسُ اعْبُدُوا ((((((((} [البقرة:21] الناس هذا يشمل، يشمل المسلم والكافر فهذا الخطاب ليس من أو من ما يختص بالمسلم دون الكافر نقول هذا اللفظ عام {((((((((((((((((} [يس:60] نقول: هذا لفظٌ عام {(((((((((((((((((((} [البقر:21]، {(((((((((((((((((((((} [الأنعام:72]، {(((((((((((((((((((((} [البقرة:43] نقول: {(((((((((} [الأنعام:72] هذه واو الجماعة تشمل المسلم وتشمل الكافر كذلك {(((((((((((((((((((((} [البقرة:43]، {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ ((((((((((} [آل عمران:97] الناس كل لفظٍ عام لا يختص بالمسلم نقول هذا في الأصل أنه عام يشمل الكافر والمسلم إذن وردت آيات شاملة لهم {((((((((((فَاتَّقُونِ ((((} [الزمر: 16] بعضهم ذكر هذه الآية {((((((((((فَاتَّقُونِ ((((}. الثاني: أن يقال: الكافر مخاطبٌ بالإيمان وهذا متفق عليه الكافر مخاطبٌ بالإيمان والإيمان شرط العبادة يعني: لا تصح العبادة إلا بالإيمان والإسلام ومن خوطب بالشرط كالطهارة كان مخاطبًا بالصلاة من خوطب بالشرط وهو الإسلام والإيمان هنا كان مخاطبًا بالمشروط وهو الصلاة ونحوها.

الثالث: أن يقال: وردت نصوص صريحة بأن الكافر يعاقب في الآخرة على تركه الفروع في الدنيا ومن هذه الآيات: {(((سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ((((} [المدثر: 42،43]، والصلاة لا تصح إلا بالإسلام: {((((((نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ((((((((((((((((45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ((((} [المدثر: 44،46] هذا الثالث تكفير يعني هذا كفر أوجب خلودهم في النار أما إطعام الطعام وهو الزكاة وترك الصلاة هذا عندهم يعتبر من الفروع ونقول من الفروع في الصلاة هذا بناءً على من لا يكفر بالصلاة وإذا لو كان من يكفر بالصلاة فحينئذٍ لا يصح أن يقال: الصلاة من الفروع بل هي من الأصول كذلك نقول: هي من الأصول لكن جرى المثال هذا: {((((((((لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ((((} [المدثر: 43] قالوا هذا فرع قد خوطب به الكافر وعوقب عليه لو لم يكن تركه في الدنيا لو لم يكن مخاطبًا به في الدنيا لما كان عدم امتثاله سببًا لزيادة العقاب عليه لو لم يكن مكلفًا بالصلاة في الدنيا لم يكن ترك الصلاة أمرًا زائدًا في العذاب عليه لأنه يعذب على كفره ويزداد عذابًا على ترك الفروع وهذا هو فائدة هذه المسألة أنها أخروية يعني: الكافر يعذبُ عذابًا خاصًا على كفره ثم الفروع المأمور بها كلها التي تركها يزداد عذابه على عذبه: {(((((((((كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ ((((((((((} [النحل:88] هذا نص واضح صريح {(((((((((((عَذَابًا فَوْقَ ((((((((((} يعني: عذاب الكفر: {(((((((((((لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] ذكر ثلاثة أشياء: الشرك، وقتل النفس، والزنا.

{((((يَفْعَلْ (((((((} [الفرقان: 68] المشار إليه ثلاثة {((((((((((((((} [الفرقان: 68] ثم قال: {(((((((((لَهُ (((((((((((} [الفرقان: 67] المضاعف هنا على ماذا؟ على أصل الكفر يعني: عوقب على كفره وضوعف له العذاب لماذا؟ لتركه الفروع نقول: هذه نصوص صريحة: {• (((((((لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ (((((((((((} [فصلت: 6، 7] آيات كثيرة تدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهذا هو الحق عليه جمهور أهل العلم وهو رواية مشهورة عن الإمام أحمد وبعضهم فصل قال: مخاطبون بالأوامر دون النواهي مخاطبون الكافر الأصلي دون المرتد بعضهم يرى أنه مخاطبون بالمرتب والمناهج دون الجهاد إلى آخره نقول: هذه كلها أقوال مصادرة لظاهر هذه النصوص لأنها عامة: {(((((((((كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ ((((((((} [النحل: 88]. {• (((((((لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ (((((((((((} نقول هذه آيات صريحة واضحة في أن الكافر مخاطبٌ في الدنيا بالفروع إذن الفائدة أخروية وهي زيادة مضاعفة العذاب وفي الدنيا هل يقضي الصلاة لو أسلم؟ لا يقضي إذن ما الفائدة؟ نقول: هو مخاطب في الدنيا. ما الفائدة؟ هذا عند الله، نقول: في الدنيا عندنا هنا في الحكم عليه؟ نعم ترغيب قالوا: ترغيب والتيسير عليه وخاصةً إذا أسلم وهو كبير السن خمسين سنة ونحوها لو قيل له كل الصلوات تقضيها وكل الرمضانيات التي سبقت تقضيها وتحج، ماذا يصنع؟ سيسلم؟ أبدًا ما أظنه يسلم يقول: هذه مشاق. نقول: لا {(((((جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، {(((لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ ((((((} [الأنفال: 38] أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ نقول: حينئذٍ الفائدة لأن بعض أهل العلم قالوا: غير مكلفين لأنه لا يأمر العام بالأداء هل الكافر يقوم يصلي؟ أو يصوم؟ نقول: لا، لا يأمر بالأداء وهذا اتفاق وما فيه إشكال، لماذا؟ لعدم وجود الشرط الشرعي كما نقول لا نقول: للمحدث قم الآن صل وأنت محدث كذلك لا قول: للكافر صل وزك وإلى آخره وأنت على كفرك وإنما نقول: كما نقول للمحدث: توضأ وصل، نقول له: أسلم وصل لأن من شروط صحة الصلاة الإسلام إلا قصدًا ولا إخلاص إلا للمسلم هذا الأصل ولا يتصور القصد التقريبي إلى الله عز وجل ... من المشرك ولا يتصور الإخلاص في العبادة من المشرك إذن وقت كفره لا يطالب بفعلها من حيث هي وإنما يطالب بشرطها الشرعي أولاً ثم إيجادها ثم إذا أسلم لا يطالب بالقضاء تخفيفًا ورحمةً ورفعًا للحرج في الشريعة {(((لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ ((((((((((} عن كفره {((((((((لَهُمْ مَا قَدْ ((((((}.

ما: اسم موصول يعم كل {(((قَدْ ((((((} فهو مغفورٌ له إذن نقول: الفائدة هنا من باب التيسير والتخفيف عليه بالدخول في الإسلام وأخروية عند الله عز وجل وهي أنه يضاعف عليه العذاب (وَالكَافِرُونَ فِي الخِطَابِ دَخَلُوا) يعني: دخلوا في الخطاب (وَالكَافِرُونَ فِي الخِطَابِ دَخَلُوا) في سائر الفروع للشريعة طيب ما ذكر الأصول لأنه مجمعٌ عليها وذكر مسائل مختلف فيها (وَالكَافِرُونَ فِي الخِطَابِ دَخَلُوا) يعني في التكليف هم مكلفون. فِي سَائِرِ الفُرُوْعِ لِلشَّرِيعَهْ ** وَفِي الَّذِي بِدُوْنِهِ مَمْنُوعَهْ (** وَفِي الَّذِي بِدُوْنِهِ) الضمير يعود إلى ماذا؟ إلى الإسلام! وأين هو متأخر إذن عاد الضمير إلى متأخر هل هو مما استثني؟ لا يجوز عود الضمير على متأخرٍ إلا في ست مسائل ذكرناها

وعودٌ مض .. على ما أخر. في لفظ .. آدم وليس هذه المسألة منها لأنهم قالوا (وَفِي الَّذِي بِدُوْنِهِ) أي: الإسلام (مَمْنُوعَهْ ... وَذَلِكَ الإسْلامُ فَالفُرُوْعُ) إذن عاد الضمير إلى متأخرٍ لكن نقول هنا عاد الضمير ليس إلى متأخرٍ وإنما إلى أمرٍ ذهني لأن الناظر في كتب الأصول أو الموقف كما يقال: يعلم اتفاق العلماء على أن الإسلام لابد منه وأن الكفار عمومًا مخاطبون بأصل الدين وهو الإسلام (وَفِي الَّذِي بِدُوْنِهِ مَمْنُوعَهْ) إذن الذي يمنع بدونه واضح عند الموقف أنه هو الإسلام (وَذَلِكَ الإسْلامُ) يكون من باب التأكيد والتنصيص على ما علم سابقًا (وَذَلِكَ الإسْلامُ) والإيمان إجماعًا الإسلام والإيمان والإسلام إذا أطلق دخل فيه الإيمان وإذا أطلق الإيمان دخل فيه الإسلام وإذا اجتمعا افترقا صار الإسلام على الأعمال الظاهرة والإيمان باطن هكذا نقول: نقول إذا اجتمعا فالإسلام للأعمال الظاهرة وبما يصححها من الإيمان والإيمان للأعمال الباطنة وما يصححه من الأعمال الظاهرة وإذا لكنا نفصل بين الظاهر والباطن فالإسلام نقول: للأعمال الظاهرة بحثا هكذا الأعمال الظاهرة قول اللسان دون إخلاص ويقين وعلم؟ لا إذن لا يكفي العمل الظاهر فقط أن يحد به الإسلام بل لابد مما يصححه من الإيمان إذًا ثم قدر مشترك لابد من وجوده لا يفترقان ولو قيل بالافتراق فهو افتراقٌ في شيءٍ دون الشيء أما لابد من قدرٍ مشترك يستوي فيه الإسلام والإيمان كذلك يكون الإيمان الأعمال الباطنة نقول تارك الصلاة كافر، نقول: الأعمال الباطنة وبما يصححها أو ما يصححها من الأعمال الظاهرة إذا اجتمعا افترقا تنبهوا لهذا القيد مهم (وَذَلِكَ الإسْلامُ) إجماعًا (فَالفُرُوْعُ) الفاء للتفريع (تَصْحِيحُهَا بِدُوْنِهِ مَمْنُوْعُ) لأنه لا يقبل إلا من الإسلام من المسلمين أما الكفار فحينئذٍ ينتفي في حقهم الإخلاص الذي هو شرطٌ لصحة العبادات كلها إذا لم تأثرون نقول: الصواب أنهم مخاطبون بفروع الشريعة أوامر ونواهي يعني: يطلب منهم إيجاد المأمور به ويكلب منهم الكف عن المنهي عنه بخلاف من فرق بين المأمورات والمنهيات وكذلك المأمور سواءٌ كان جهادًا أو غيره لأنه إذا قيل: الكافر مخاطب بفروع الشريعة والجهاد منه يجاهد من كأنه كلف أن يجاهد نفسه صحيح فقالوا: يستثنى من المأمورات هو مخاطبٌ بفروع الشريعة كلها إلا الجهاد لماذا؟ استثني الجهاد؟ قال: لأن الجهاد يجاهد من يجاهد الكفار طب هو كافر هل هو مأمورٌ أن يجاهد نفسه قالوا: إذن نستثني الجهاد فهو غير مكلف به. نقول: لا هو مأمورٌ أن يجاهد الكافرين ويسلم أولاً لأن الجهاد عبادة وقربة وطاعة إذن لابد من الإسلام أولاً ثم يجاهد فالاستثناء هنا غير وارد وقيل: المرتد مخاطب غير المرتد الذي هو الكافر الأصلي غير مخاطب لماذا؟ قالوا: المرتد استصحابًا للأصل وهو الإسلام نستصحبه بعد كفره فحينئذٍ نقول: هو مخاطبٌ بل قيل: لأنه يقضي ما فاته في وقت ردته.

والصواب أنه لا قضاء لأنه يصدق عليه أنه كافر فحينئذٍ يخاطب بإيجاد المأمورات والكف عن المنهيات بشرطها وهو داخلٌ في قوله تعالى: {(((لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ ((((((((((} [الأنفال: 38] {(((((((((((((((((((} هذا عام يشمل الكافر الأصلي والفرعي الذي هو المرتد {(((لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ ((((((} فالصواب أن نقول: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وهم لا يطالبون بها وقت كفرهم ولذلك ترد في كتب الفقه خلاف ما يذكرونه في كتب الأصول والخلاف لفظي فقط لأنهم يشترطون هناك يقولون: من شروط صحة الصلاة الإسلام فالكافر غير مخاطب والمراد بهم عند الفقهاء أنه غير مخاطب إيجادًا للفعل يعني: في وقت كفره هو غير مطلوب الفعل مطلقًا حتى يسلم وهذا متفق عليه بين الأصوليين والفقهاء فالمنفي عند الفقهاء لا يخالف المثبت عند الأصوليين فالأصوليون يقولون: مخاطب لفروع الشريعة لكن وقت كفره غير مطالب والنفي الذي يقع عند الفقهاء هو النفي عنه وقت كفره إذن لا خلاف بين الأصوليين والفقهاء. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

28

عناصر الدرس * أنواع المكره * هل المكره مكلف؟ * العام لغة واصطلاحا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: عرفنا فيما سبق في الفصل الأخير في بيان من يدخل في الخطاب ومن لا يدخل لأن التكليف حده إلزام مقتضى الشرع على القول بأن الأحكام الخمسة داخلة في حد التكليف أو بأنه بقاء الأمر أو نفيه. ذكرنا في شروط التكليف أنها مشتملة على شرطين لابد من تحققهما وهما: العقل، وفهم الخطاب. وكلُ من كان عاقلاً فاهمٌ للخاطب الأصل أنه مخاطبٌ بالأمر والنهي. إذن قال: (وَالمؤْمِنُونَ فِي خِطَابِ اللهِ ** قَدْ دَخَلُوا). إذن كل المؤمنين ممن اتصف بالإيمان وتوفرت فيهما أو وتوفر فيهم شرطان التكليف وهما: العقل، وفهم الخطاب. وذكرنا أن العقل المراد به آلة التمييز والإدراك والفهم المراد به إدراك معاني الكلام ويعنيه معاني الكلام خاصةً باحترازهم أو ذكر العقل إخراج ما يخالفه وهو المجنون وهو المجنون بأنواعه وفهم خطاب المراد به احتراز عن الصبي بنوعي، والنائم، والساهي، والغافل ونحو ذلك وهل يزاد على هذين الشرطين الحياة أو كونه أي: التكليف أو الخطاب لجن أو إنس؟ قلنا: لا يشترط لأنه مفهومٌ من بيت الشرطين وهل يشترط الإسلام؟ قلنا: الصواب أنه لا يشترط حصول الشرط الشرعي ليس شرطًا في صحة التكليف هكذا، حصول الشرط الشرعي ليس شرطًا في صحة التكليف وذكرنا مثالاً واضحًا وهو المحدث وهو: تكليف من أحدث في الصلاة ** عليه مجمعٌ لدى الخطاب

هذا بالإجماع أن المحدث وقت حدثه صار هذا الحدث ظرفًا للتكليف وليس بظرف لإيقاع المكلف به ولا إشكال بين النوعين، حينئذٍ يفرع عن هذه القاعدة أيضًا خطاب الكفار لفروع الشريعة، وحينئذٍ نقول: هم لا يطالبون بها وقت كفرهم لأن يصلوا، ويزكوا إلى آخره وإنما الفائدة تكون في الدنيا باعتبار التخفيف والتيسير لمن أراد الدخول في الإسلام، وباعتبار الآخرة الزيادة في العذاب وتضعيفه على من لم يدخل في الإسلام لأنه يعاقب على كفره ويزداد عذابًا على ترك هذه المأمورات وارتكابه هذه المنهيات بل بعضهم يرى أن المسلم إذا عوقب على ترك الأمر أو على فعل النهي فالكافر من باب أولى وأحرى فكيف يترك المسلم المأمور به ويعاقب الكافر يتركه ولا يعاقب؟ وكيف يرتكب المسلم المنهي عنه ويعاقب والكافر يتمتع ويكتسب المناهي كلها ولا يعاقب؟ إذن يفرع على هذه القاعدة هذه المسألة بعض أهل العلم لا يذكر القاعدة ابتداءً وإنما يذكرون خطاب الكفار في فروع الشريعة في هذا الموضع وقد لا يتنبه الطالب إلى أنها مبنية على قاعدة مختلف فيها وهي: حصول الشرط الشرعي ليس شرطًا في صحة التكليف. هذا هو الصواب وإن كان يعنون لها بالخطاب حصول الشرط الشرعي هل هو شرط في صحة التكليف أم لا؟ نقول: الجواب: لا، ليس شرطًا في صحة التكليف عرفنا أن المجنون غير مكلف لفقد العقد وحينئذٍ لو صلى المجنون هل تصح صلاته؟ الجواب: لا، لماذا؟ لانتفاء العقل عنه حينئذٍ لم تجب الصلاة ولم تصح الصلاة سواء كان المجنون أصليا أم طارئا عليه الجنون أو كان مطبقًا أو غير مطبق بأنواعه الثلاثة نقول: هو غير مكلف لماذا؟ لعدم القصد لأنه إذا تلبس بالعبادة إنما يتلبس بها على وجه القربة والطاعة والقربة والطاعة لا بد لها من نية تقرب إلى الله لا عمل إلا بنية {((((((أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ (((((((((} [البينة:5] وهذا لا يتصور أن يخلص المجنون إذ هو مجنون مسلوب العقل. إذن يترتب على ثبوت الجنون ارتفاع التكليف والأولى في مثل المجنون والصبي أن يعلل بالحديث لماذا ارتفع التكليف عن المجنون وعن الصبي؟ نقول: لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «رفع القلم». يعني: قلم التكليف والسبكي الكبير له رسالة في شرح هذا الحديث «رفع القلم عن ثلاث». أي: قلم التكليف لا أمر ولا نهي «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم». أو «يكبر» أو «يبلغ» روايات «وعن المجنون حتى يفيق». إذن يفيق هذا مغير الحكم هنا مغير المجنون ارتفع عنه التكليف لا خطاب بأمر ولا بنهي لماذا؟ للحديث ثم نعلم لأن هذه العبادة لو توجهت إليه بالإيجاب حينئذٍ لا بد من قصد التقرب إلى الله وهذا لا بد له من النية ولا نية إلا من عاقل ليفهم ما يريد لأن النية كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: تتبع العلم حيث علم الشخص ما سيصنع وجدت النية فلا يحتاج إلى تحصين. فلا تحتاج إلى تحصين إذن لو صلى المجنون حينئذٍ نقول: صلاته باطلة ولا تنعقد أصلاً. صلاته غير منعقدة لعدم إيجابها عليه وعدم صحتها منه الصبي بنوعيه المميز وغير المميز على الصحيح أنه غير مكلف للحديث المذكور «وعن الصبي حتى يحتلم»، «حتى يكبر»، «حتى يبلغ».

إذن الحكم مغير فحينئذٍ إذا كبر الصبي نقول: قد بلغ وإذا بلغ قد وقع عليه التكليف بأمر أو نهي الصبي بنوعيه قلنا: الصبي غير الميز هو الذي لا يدرك حقائق الأمور لا يميز بين الحسن والقبيح، لا يميز بين الجيد والرديء، لا يميز بين الحق والباطل، حينئذٍ الصبي غير المميز نقول: الصلاة غير واجبة عليه لماذا؟ لعدم خطابه بالصلاة لكن لو صلى هل تصح صلاته؟ الجواب: لا، من كان دون السابعة إذا حددنا التميز بالسابعة إذا صلى دون السابعة نقول: صلاته غير صحيحة ولذلك لا يتم به الصف ولا يصح أذانه ولا صلاته إمام ولا خطيب ولا نحو ذلك، الصبي المميز نقول: هذا أيضًا غير مكلف على الصحيح الأول لا خلاف فيه والثاني وقع فيه خلاف الصبي المميز وقع فيه خلاف الجمهور على أنه غير مكلف لأمرين: للحديث الشريف أولاً. الثاني: لفقد القصد. وهنا القصد قد يقول قائل ولذلك وقع الخلاف في الصبي المميز دون الصبي غير المميز لماذا؟ لأن الصبي غير المميز هذا لا يميز بين حقائق الأمور لو وقف يصلي أبوه ما يدري ماذا يفعل يركع؟ ترون أنتم ينسرح ويمدد رجليه ما يدري ماذا يصنع لكن الصبي المميز هذا يدري ويدرك إذن فرق بنيهما حينئذٍ الصبي غير المميز لا خلاف لأنه غير مكلف وإنما وقع الخلاف للصبي المميز على ثلاثة أقوال:

جماهير أهل العلم على أنه غير مكلف وهو الرواية المشهورة عن الإمام أحمد وهي المذهب للحديث قد يرد الإشكال أن الصبي المميز عنده نوع ما عقل ما وفهم ما ولذلك لما وجد نوع العقل ونوع الفهم قال بعض أهل العلم بتكليفه مطلقًا لتوفر شرطي التكليف لكن نقول هنا: العقل وجد ولكن ليس على التمام، والفهم وجد نعم لكن ليس على التمام ولذلك لو قام فصلى قد يدرك أن هذه صلاة ويعرف أنه إذا قيل له: اركع وقل سبحان ربي العظيم. يقول: سبحان ربي العظيم. لكن هل يعرف أن هذه الصلاة يرتب عليها ثواب في الجنان وأنها مرضات للرب جل وعلا وأنها بتكبيرة الإحرام ترفع الحجب إلى آخره؟ هل يدرك هذا؟ لا يدرك أن حقيقة المرْسِل أراد الطاعة والابتلاء من العباد ولأن المرْسَل وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - يجب طاعته بما جاء به من الشرع هذه لا يدركها بل قد لا يعرف كثير مما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ لما وجد نوع العقل ونوع فهم الخطاب قال بعضهم بتكليفه نقول: لا وجد العقل لكن لا على تمامه ووجد فهم الخطاب لكن لا على تمامه وإنما جعل الشرع علامة على تمام العقل وتمام الفهم علامة وهي: البلوغ. ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله: لما كان تمام العقل هذا يحصل تدريجيًّا شيئًا فشيئًا هو صاحب العقل مميز قد لا يدرك هذا وكذلك الفهم التام هذا يحصل تدريجيًّا شيئًا فشيئًا إذن العقل تمامه والفهم تمامه هذا خفي وباطن لا يدرك بالظاهر ولا يحكم على الشخص عندما تراه مثلاً ولا تعرفه لا تحكم عليه بأنه كامل العقل وهو دون البلوغ أو تام الفهم وهو دون البلوغ لماذا؟ لأن هذا الأمر خفي يحصل شيئًا فشيئًا ولما كانت الحكمة منتشرة يعني: لا يمكن ضبطها. جعل لها الشارع علامة ظاهرة بينة متى ما وجدت ترتب عليها الأحكام وإلا لوقع الناس في حرج متى يبلغ الولد الصبي ومتى لا يبلغ هذا يقع فيه نوع حرج على الناس فرفعت هذه المشقة بجعل العلامة المميزة للصبي العلامة الظاهرة البينة الواضحة لكون الصبي المميز قد بلغ ووجبت عليه أحكام الشريعة وتعلق به التكليف هو: البلوغ. ثلاثة أحوال للذكر وتزيد الأنثى بأمر الرابعة وهي معلومة خمسة عشر على قول الجمهور الاحتلام إنزال المني الثالث إنبات الشرع من قُبُل تزيد الأنثى عليه بالحيض هذه أمور بارزة أو لا؟ أي بارزة في الجملة حينئذٍ رتب الشرع عند وجود هذه الأمور التكليف لو صلى الصبي المميز ما حكم صلاته؟ صحيحة، الصبي غير المميز؟ غير صحيحة ومن هنا وقع إشكال في مسألة تكليف الصبي المميز وهذا إشكال كما قال العطار في حاشيته على المحلي شرح الجمع قال: وعدم تكليف الصبي فيه نوع إشكال بل قال مشكل عندي ولذلك المالكية فروا من هذا الإشكال بالقول بتكليف الصبي بالندب والكراهة والإباحة دون التحريم والإيجاب لماذا؟ لأننا إذا قلنا: إن الصبي صحت صلاته ولهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رفعت له المرأة الصبي صغير لم يبلغ إن لم يكن دون تميز ألهذا حج؟ قال: «نعم». حج شرعي أم لغوي؟ شرعي، هل يقع الحج لا على الوجوب والندب؟ لا، إذًن ألهذا حج؟ قال: «نعم». يعني: له حج.

جملة محذوفة إذن له حج الصبي له حج فإذا حج صح حجه صح على الندب مثلاً لأنه غير مكلف فلا يجب عليه طيب المندوب مكلف به أو لا؟ قلنا: الصحيح أنه مكلف به أليس كذلك؟ قوله الصحيح أنه المندوب مكلف به طيب إذا قلنا: حكم تكليفي وصحت صلاة الصبي وصح حج الصبي حينئذٍ كيف نقول: هو غير مكلف ثم نقول: هو قد فعل مندوبًا وصحت صلاته ونرفع عنه التكليف. قد كلف صبي على الذي اعتمي ** بغير ما وجب والمحرم جمع المتأخرون المالكية بين هذا الأمرين بالحكم بكون الصبي مكلفًا بالندب والكراهة والإباحة حينئذٍ وافق الحديث أو لا؟ ألهذا حج؟ وافق الحديث لأنه مندوب في حقه ليس واجبًا ووافق الأصل هناك وهو أن الصبي غير مكلف بأمر الإيجاب ونهي التحريم فحينئذٍ توسطهم هذا يعني أحسن ما يرفع الإشكال أن يقال: أن الصبي لا أقوله ترجيحًا إنما بحثًا أن يقال: الصبي مكلف بالمندوب والمكروه والمباح أما التحريم والإيجاب فلا لماذا؟ لأن الحق أن المندوب مكلفًا به حكم تكليفي والكراهة حكم تكليفي أليس كذلك؟ وقد صحت صلاة الصبي وصح حج الصبي وهو مندوب كيف نقول: هو غير مكلف بالأحكام الشرعية كلها ومنها الندب، والكراهة ثم نقول: إذا فعل مندوبًا صحت صلاته وصح حجه هذا نوع تناقض لذلك قال العطار: وهذا مشكل عندي. أن يقال بعدم تكليف الصبي مطلقًا ثم يقال حجه صحيح لأنه حجه إذا وقع يقع ندبًا ولا يمكن أن يقع مباحًا أليس كذلك إذا وقع الحج حج الصبي إذا وقع إنما يقع إما وجوبًا أو ندبًا الوجوب هذا مرتفع «رفع القلم عن ثلاث». وحينئذٍ بقي أن يقال أنه مندوب. قد كلف صبي على الذي اعتمي - على الذي اختير - بغير ما وجب والمحرم أليس كذلك؟ واضح هذه المسألة حينئذٍ نقول: القول بعدم تكليف الصبي مطلقًا مع الترجيح هناك بأن الندب حكم تكليفي نعم من يقول: إن المندوب ليس حكمًا تكليفيًّا لا إشكال من يقول بأن المندوب ليس حكمًا تكليفيًّا على الأصح أنه ليس داخلاً في التكليف وأن حد التكليف هو إلزام ما فيه مشقة وخرج الندب وخرجت الكراهة فالصبي غير مكلف عندهم ولا تعارض أما على ما اخترناه فيما سبق أن المندوب حكم تكليفي ثم نقول: الصبي غير مكلف مطلقًا. هذا فيه اضطراب ولذلك الإشكال إما بأن نقول نرفع الإشكال إما بأن نرجع هناك ونقول: أن الندب غير مكلف به ليس حكمًا تكليفيًّا وإما أن نقول: إن الصبي مكلف بالمندوب والمكروه والمباح غير مكلف بالتحريم والإيجاب إذًا عرفنا الصبي بنوعيه أنه غير مكلف بالتحريم والإيجاب وقول جماهير أهل العلم على هذا أنه غير مكلف مطلقًا ولذلك قول الجمهور بأن الندب ليس حكمًا تكليفيًّا فلا تعارض الجمهور على أن الندب ليس حكمًا تكليفيًّا وأن المكروه ليس حكمًا تكليفيًّا لذلك قال السيوطي في ((الكوكب)): فرجح في حده إلزام ذي الكلفة لا طلبه وليس مندوب وكره في الأصح مكلفًا

لذلك اتفق قولهم في الصبي بأنه ماذا؟ بأنه غير مكلف مطلقًا ولذلك طالب العلم ينبغي أن يتزن لا يختار هناك قولاً ثم يأتي في موضع آخر ينسفه كما هو كثير في الفقهيات فحينئذٍ إما أن يقال بأن الندب ليس حكمًا تكليفيًّا موافقةً للجمهور وأن حد التكليف هو إلزام ما فيه مشقة أو نقول بأن الصبي يفصل فيه يدخل في التكليف في الندب والكراهة ويخرج عن التكليف في التحريم والإيجاب هذه مسألة مما تعلق بالدرس الماضي. (قَدْ دَخَلُوا إِلا الصَّبِي وَالسَّاهِي) عرفنا أن الساهي أيضًا غير مكلف لماذا؟ لعدم الفهم فحينئذٍ لما توجه إليه الخطاب وهو نائم أو ناسٍ أو ساهي أو غافل توجه إليه الخطاب مع فقد أحد شرطي التكليف فحينئذٍ سقط التكليف لكن هل معنى ذلك أنه لا يقضي الصلاة ونحوها مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها». هل ثَمَّ تعارض بين القول بأن النائم غير مكلف وبين الحديث؟ لذلك بعض أهل العلم قال: لا، النائم مكلف، والساهي مكلف، والناسي مكلف، والسكران مكلف، والغافل مكلف، لماذا؟ لتعلق إما من جهة الأحكام الوضعية كالغرامات وجوب الغرامات، والزكوات، وقيم المتلفات، وأروش الجنيات ... إلى آخره ومثل الساهي والنائم والغافل بنحو الصلاة «من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها»، «من نام عن صلاة أو نسيها». والناسي غير مكلف والنائم غير مكلف نقول هنا انعقد السبب سبب الوجوب فوجبت الصلاة قضاءً أو نقول: أداءً لا إشكال إما أن نقول: إنه من باب القضاء، وإما أن نقول: إنه من باب الأداء والثاني أظهر أنه أداء من نام عن صلاة لذلك في بعض الروايات: «فذاك وقتها». ولذلك من نام معذورًا حتى استيقظ من نومه صلاة الفجر فطلعت الشمس نقول: خرج الوقت في حقه أم لا؟ لا لم يخرج الوقت في حقه منذ أن استيقظ بدأ وقت صلاة الفجر عندهم لذلك قال: «فليصليها إذا». إذا ظرف ما يستقبل من الزمان «فليصليها إذا ذكرها». «فذاك وقتها» في بعض الروايات حينئذٍ نقول: انعقد السبب الوجوب فتعلقت في ذمة النائم أو الناسي أو الساهي أو الغافل الصلاة فإذا زال المانع من توجه الخطاب أداءً له في ذلك الوقت تعين عليه فعل الصلاة.

(وَذَا الْجُنُونِ) عرفنا أنه غير مكلف لم؟ لم سبق هؤلاء الثلاثة أو الأربع ومنهم السكران قلنا الراجح أنه غير مكلف عند الجماهير كل ما ثبت من وجوب الغرامات وقيم المتلفات وأروش الجنايات أو بقضاء بعض العبادات أو أدائها نقول: كل هذا من قبيل الحكم في التكليف أو أنه لم يتوجه إليه الخطاب آن ذاك وإنما توجه إليه بعد زوال المنع كالنوم والنسيان وما استدل به بعض الأصوليين بوجوب هذه الأمور أو بعضها على كون النائم مكلفًا أو الساهي مكلفًا نقول: هذا ليس بوجيه بل الصواب أنه ليس بمكلف للأدلة التي ذكرناها شرعًا ثم قال: (وَالكَافِرُونَ). إذًا عرفنا أن الإسلام ليس شرطًا في حصة التكليف وينبني عليه مسألة الكافرين وهل الاختيار شرطًا في صحة التكليف أم لا؟ بعضهم زاد الإسلام أنه من شروط التكليف، وبعضهم زاد الاختيار وهذا ليؤدي إلى أو ينبني عليه مسألة التكليف المكره مكره اسم مفعول من اكره لأن المكره هنا عقله موجوده وفهمه موجود بل تام العقل وتام الفهم وإنما وقع النزاع فيه في كونه مسلوب القدرة فإذا سلبت قدرة المكلف فإذا سلبت قدرة المكروه هل ارتفع التكليف عنه أم لا؟ نقول: الإكراه أولاً هو من حمل المكره من حمل على أمر يكرهه ولا يرضاه مطلقًا من حمل على أمر يكرهه ولا يرضاه مطلقًا سواء تعلقت به قدرته واختياره أم لا ثم المكره قسمان الذي يعنون له بالملجأ وهو الذي عبر عنه هناك: وصوب امتناع أن يكلف ** ذو غفلة وملجئ من هو الملجأ؟ هو أحد نوعي المكره الذي تسلب قدرته واختياره بكونه صار آلة في يد من فعل به الفعل كمن أخذ وألقي من شاهق على رجل فقتله هذا مكره وحمل على أمر لا يرضاه ولا يحبه مع كون عقله موجودًا وفهمه للخطاب موجودًا إلا أنه مسلوب الاختيار والقدرة ليس له اختيار هذا يسمى الملجأ حمل على أمر يكرهه ولا يرضاه ولا تتعلق به قدرته ولا اختياره قالوا: فهو آلة محضة. يعني: كالسكين في يد القاطع يؤخذ فيضرب به شخص ما فيموت هل هو مكلف؟ هذا باتفاق ليس بمكلف المكره الذي يعبر عنه بالملجأ هذا باتفاق أنه ليس مكلفًا وهو الذي عناه السيوطي هناك: وصوب امتناع أن يكلف ** ذو غفلة وملجئٌ

بالرفع واختلف في مكره الثاني الذي لم يكن قد سلبت قدرته بل له نوع اختيار هذا الذي وقع فيه النزاع مكره غير ملجأ حمل على أمر يكرهه ولا يرضاه ولكن تتعلق به قدرته الأول لا تتعلق به قدرة أخذ من آلة الدور الرابع مثلاً وألقي على شخص ما فمات هل له أن يمتنع؟ ليس له لا يستطيع لم تتعلق القدرة هنا بالكف كف من أخذه فرماه من شاهق أما الثاني فهو مكره غير ملجئٍ حمل على أمر يكرهه ولكن تتعلق به قدرته واختياره هذا هل هو مكلف أم لا؟ هذا الذي عناه السيوطي في قوله: واختلفا في مكره. ومذهب الأشاعرة جوازه وقدر رآه أخرًا الأول هناك من يكلف أو يرى التكليف بالمحال بعضهم يسير عليه يقول: مكلف. لكن الاتفاق عند النافين للتكليف بالمحال أن المكره الملجأ غير مكلف أما المكره الذي هو غير ملجئٍ فهذا فصل فيه ابن القيم باعتبار ما أكره عليه قال: إما أن يكون قولاً وإما أن يكون فعلاً والفعل إما أن يكون حقًا لله أو حقًا للآدمي أما ما كان من الأقوال فهو غير مؤاخذ بما يقول حينئذٍ غير مكلف والدليل على ذلك قوله تعالى: {((((مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ (((((((((((} [النحل:106]. فإذا أكره على كلمة الكفر فما كان أدنى منها وأقل خطرًا وضررًا أولى وأحرى إذا كان عذر بقول كلمة الكفر عذره الرب {((((مَنْ ((((((((} هذا بقيد {(((((((((((} جلة حالية {((((مَنْ أُكْرِهَ (((((((((((} يعني: والحال أن قلبه مطمئن بالإيمان حينئذٍ هل هو معذور أو لا؟ نقول: هو غير مكلف وغير مؤاخذ بهذه الكلمة ولا يترتب عليها ما يترتب على ما لو قيلت من غير المكره لأن من قال كلمة كفر وخرج من الملة من سب الله خرج مطلقًا بلا تفصيل فحينئذٍ نقول: من أكره على سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو على سب الله عز وجل حينئذٍ نقول: إذا أكره هنا غير مكلف فهو معذور ولا يترتب على هذه الكلمة ما يترتب على ما لو قالها وهو غير مكره هذا في الأقوال ما هو دون الكفر نأخذ بمفهوم الأولى لماذا؟ لأنه إذا انتفت التكليف بقولك كلمة الكفر فانتفاءه بقول ما هو دون كلمة الكفر من باب أولى وأحرى هذا في الأقوال. الثاني: الأفعال ما كان حقًّا لله فهو معذور وغير مكلف يصوم في رمضان فيكره على الإفطار أفطر نقول: هذا الفطر متعلق بماذا؟ بحق الله عز وجل لا يترتب عليه معذور غير آثم لا يأثم أما الإكراه على فعل متعلق بآدمي نقول: اقتل زيدًا وإلا قتلناك. نقول: هذا الصواب أنه مكلف. واختلف في مكره ومذهب الأشاعرة جوازه وقد رآه آخرًا

إذًا نقول: الذي وقع فيه خلاف هو المكره الغير الملجأ أما الملجأ فباتفاق أنه غير مكلف ثم المكره غير الملجأ يفصل في الفعل الذي أكره عليه فإن قولاً فهو غير مكلف ولا يؤاخذ به وإن كان فعلاً فينظر فيه فإن كان متعلقًا بحق الرب جل وعلا فهو مؤاخذ وغير مكلف به أما إن كان متعلقًا بحق الآدمي اقتل زيدًا وإلا قتلناك حينئذٍ نقول: لا هو مكلف وهذا وقع فيه نزاع عند الأصوليين فقيل: المكره غير الملجأ مكلف. وهو مذهب أكثر الأصوليين نقول: وهو صحيح أنه مكلف لماذا؟ لأنه عاقل يفهم الخطاب إذًا وجد فيه شرطا التكليف عاقل، ويفهم الخطاب وقادر على تنفيذه وعدم تنفيذه أليس كذلك؟ لو قيل له: اقتل زيدًا وإلا قتلناك. فإذا لم يقتل زيدًا ماذا سيصير؟ سيقتل هو إذن هو قادر على التنفيذ فإن قتل زيدًا فإن قتل معصومًا فيأثم لأنه قادر على الكف والامتناع فإذا لم يقتل زيدًا فقتل فحينئذٍ نقول: هل هو آثم؟ {((((تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء:29] غير آثم لماذا؟ لأنه لو قتل زيدًا فقد قدم قتل نفسٍ معصومة على نفسه فحينئذٍ لو قتل آثم بخلاف ما لو قتل هو فلا يأثم لماذا؟ لأنه قادر على الكف وهو مطالب بعدم قتل نفس معصومة وأما دفع القتل عن نفسه فهذا مع القدرة والإمكان {((((تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} نقول: هذا ليس المراد به في هذا الموضع لأنه لم يقتل نفسه وإنما أكره على فعل قادر على تركه فتركه فكان جزاؤه أن قُتِلَ وإلا لو قَتَلَ زيدًا فحينئذٍ نقول: هو قتل نفسًا معصومةً فيقتل بها في الأصل إذن نقول: المذهب الصحيح أنه مكلف لأنه قادر على تنفيذ ما أكره عليه وعدم تنفيذه إذن له اختيار ما وإن لم يكن تامًا وينسب إليه الفعل حقيقةً لو أكره على قتل زيد فقتله هل نقول: هو قاتل؟ هل نشتق له اسم فاعل؟ نقول: نعم الفعل ينسب إليه حقيقةً وأما لو رمي من شاهق على زيد فَقُتِلَ فَقَتَلَهُ نقول: ها هو قاتل؟ لا من القاتل الذي رمى وأما هو صار كالسكين في يد القاطع هكذا يقولون فلا ينسب إليه الفعل إلا مجازًا أما حقيقةً فلا لأنه لا فعل إلا بقدرة وإرادة جازمة قدرة تامة كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله: إلا بقدرة تامة، وإرادة جازمة فكل فعل لم يحصل فإما لانتفاء أحد الأمرين القدرة التامة أو الإرادة الجازمة أو ضعف القدرة التامة أو ضعف الإرادة الجازمة كل ما تخلف فعل فعلم أنه من أحد هذين إذا أردت أنت تحفظ كتابًا فحزت فاعرف أن السبب واحد من هذين إما القدرة ليست تامة وإما الإرادة فيها نوع تردد ها أحفظ ولا ما أحفظ واضح حتى في طلب العلم لأنه فعل وإيجاد وكل فعل يصدر عن الإنسان فراجع لهذين الأمرين قدرة تامة، وإرادة جازمة هذا المذهب الأول.

المذهب الثاني: أن المكره غير الملجأ غير مكلف وهو مذهب بعض المعتزلة وبعض الشافعية وبعض الحنابلة لماذا؟ قالوا: لأنه أتى بالفعل المكره عليه بدافع الإكراه لا غير لكن نقول له اختيار ما هو ليس كالأول إكراهه هنا يمكن دفعه له قدرة في دفع هذا الإكراه بحيث إنه يقدم قتل نفسه على قتل النفس المعصومة قالوا أيضًا: أنه لا يثاب على الفعل المكره عليه فيمتنع تكليفه به لو صلى أكره على الصلاة ما يصلي لو قال له: صل وإلا ضربتك بالسكين فصلى يثاب ولا يثاب؟ بينه وبين الله ديانة نقول: لا يثاب لكن في الحكم الشرعي في الدنيا هل نقيم عليه حد الردة لأنه ترك الصلاة؟ لا نقيم إذن ارتفعت عنه الأحكام الدنيوية وهذا هو المطلوب. ثالثًا قالوا: إنه في حال مباشرة فعل الكره عليه يمتنع تكليفه بتركيبه لأنه جمع بين نقيضين. نقول: لا ليس جمعًا بين النقيضين لأنه هو مكلف من جهة المكره بماذا؟ بقتل زيد ثم يعطيه إشارة يقول: لا تقتل. اقتل لا تقتل هذان نقيضان لكن نقول ماذا قدم؟ حكم شرعًا على ما عداه والصواب أنه أن المكره غير الملجأ أنه مكلف. وصوب امتناع أن يكلفا ** ذو غفلة وملجئٍ واختلفا في مكره ومذهب الأشاعرة جوازه ** وقد رآه آخرا ابن قدامة رحمه الله في ((المغني)) قيد قال: لا، لا نقول أنه غير مكلف أنه مكلف إلا بأمور: أولاً: أن يكون قادرًا بسلطان أو تغلب كاللص ونحوه. هذا الذي نقول أنه أكره أن يكون الإكراه وقع من قادر لو هدده إنسان ولا يقدر أن ينفذ هل نقول هذا مكره؟ ليس مكره لماذا؟ لأنه لو خالف لا يقع ما رتب عليه من العقوبة إذًا أن يكون من قادر بسلطان أو تغلب كاللص هجم عليه لص فأكرهه على أمر ما حينئذٍ نقول: هو مكلف هو مكره. يعني: هذا ضابط الإكراه متى نقول هذا مكره ليس كل ما أكره فهو مكره أن يغلب على ظنه نوزل الوعيد به وهذا نستفيد منه في الأقوال مثلاً أننا نقول: هو غير مكلف لو تكلم بكلمة الكفر؟ لو أكره على كلمة الكفر هل هو مكلف؟ غير مكلف طيب من الذي أكرهه؟ لو جاءه صبي قال: هيا قل سب الله. فسب نقول: هذا مكره؟ ليس بمكره لأنه صبي ما يستطيع أن ينزل الوعيد إذن لا يسمى مكرهًا ليس كل من وجه له العقوبة أو الوعيد نقول: هذا مكره لا بد أن يكون من قادر على التنفيذ أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به أما إذا لم ينزل فلا حينئذٍ لا يجوز أن يتكلم بكلمة الكفر ولا يجوز له أن يفطر في رمضان أن يكون ممن يستطيع ممن إذا وقع كان ضرره كبيرًا عليه يعني لو هدده وكان سلطانًا وقادرًا وغلب على ظنه لكن هذا الوعيد الذي لو وقع به كان ضرره قليلاً قال: أصفعك على وجهك. ليقول كلمة الكفر هل هو مكره هو سلطان وقادر على الإنزال وغلب على ظنه أنه سيقع لكن نقول: هذا ليس فيه ضرر. أو ضربه بمسواك نقول: هذا ليس بمكره، وإنما إذا كان قتل مثلاً أو كان ضررًا شديدًا من ضرب ونحوه نقول: هذا مكره إذًا ليس كل من أكره على كلمة الكفر ونحوها من محرم وغيبة ونحوها نقول: هو مكره بل لا بد من توفر لهذه الشروط الثلاثة وقد ذكرها ابن قدامة رحمه الله في ((المغني))، بعضهم فرق بين المعتوه والمجنون لكن نحذفه للوقت.

ثم قال رحمه الله بعد أن فرغ من بابي الأمر والنهي الذين كما سبق أن حقهما التقديم لتعلقهما بنفس الخطاب الشرعي شرع في الكلام على العموم ثم أتبعه بالخصوص المتعلقين بمدلول الخطاب باعتبار المخاطب به لأن الأمر قد يكون بلفظ عام، والنهي قد يكون بلفظ عام كذلك الأمر قد يكون بلفظ خاص وقد يكون بلفظ خاص قد يكون الأمر بلفظ خاص وقد يكون بلفظ خاص قال: بَابُ العَامِّ عام هذا اسم فاعل عَمَّ يَعُمُّ إذا قال: من قولهم: عَمَمْتُهُم بعَمَمْتُ بفتح الميم لا بكسرها فَعَلََ يَفْعُلُ من باب نَصَرَ يَنْصُرُ فهو عام ونقول: المصدر عموم. عَمَّ يَعُمُّ أَعَمَّ هذا فعل ماضي مضاعف لا ندري ما حركة عينه أليس كذلك؟ لا ندري ما حركة عينه فيحتمل إما مفتوحًا وإما مكسورة وإما مضمومة لأن فَعَلَ فعِلَ فَعُلَ. الماضي للمجرد الثلاثي ** أبنية تحصر في ثلاثي فَعَلَ أو فَعِلَ ثم فَعُلَ ويلزم الثالث مثل الثاء هنا فَعَلَ أو فَعِلَ ثم فَعُلَ إذًا عم إما أن يكون من باب فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ يَعُمُّ طيب أشكل علينا عَمَّ ما ندري لو أشكل عليك الفعل الماضي هل هو مفتوح العين أو مكسورها أو مضمومها مثل: عَمَّ، وَشَدَّ، وَمَدَّ، وَطَلَّ، وزلَّ إلى آخره؟ نقول: هذا العين ما ندري عنها ما حركتها لأنها ساكنة سلبت حركتها فأدغم في العين في اللام شَدَّ وَمَدَّ وَعَمَّ نقول: من الأمور المرجحة والمبينة للقرائن الشيء يعرف ويميز بقرينته يَعُمُّ نقول: مضارعه يَعُمُّ من باب يَفْعُلُ أصله يَعْمُلُ يَعُمُّ يَعْمُمُ أريد إدغام الميم الأولى في الثانية فنقلت حركت الميم الضمة إلى العين وهي حرف صحيح ساكن فصح النقل إذًا هو إعلان بالنقل ثم أدغمت الميم في الميم صار عَمَّ يَعُمُّ أصله يَعْمُمُ يَفْعُلُ من باب نَصَرَ يَنْصُرُ عَمَمَ يَعْمُمُ نقول: عَمَّ أشكل علينا إذًا ننظر إلى المضارع يَفْعُلُ إما ماضيه فَعُلَ أو فَعَلَ إذًا امتنع فاعلاً سقط إذن عَمَّ ليس من باب فَعِلَ ليس مكسور العين لماذا؟ لأن المضارع يَعُمُّ بضم العين وفَعِلَ الماضي مكسور العين لا يأتي مضارعه على يَفْعُلُ إذن سقط هذا الباب ماذا بقي؟ فَعَلَ وَفَعُلَ نقول: فَعُلَ هذا خاص بالطبائع والسجايا والعموم ليس من الطبائع والسجايا ليس كـ: كَرُمَ، وشَرُفَ، وظَرُفَ. حينئذٍ سقط باب فعل ماذا بقي؟ فَعَلَ هكذا تأتي في الحصر ... تقسيم هذا عند الأصوليين فتسقط باب فَعِلَ وتسقط باب فَعُلَ ثم يتعين الثالث لأنه ليس عندنا إلا بالفتح أو بالكسر أو الضم فانتفى الكسر والضم تعين الثالث كما يقال هناك في باب النحو هذا صرف كما يقال في باب النحو الكلمة ثلاثة أقسام: اسم، وفعل، وحرف. إذا أشكل عليك هذه الكلمة اسم أم فعل أم حرف ولا تدري تأتي بالتنوين وأل مثلاً العلامات فتدخلها على الكلمة فإن قبلتها علامة الاسم فهي اسم فإن لم تقبلها فأدخلها على الفعل فإن قبلت فهي فعل فإن لم تقبل نحكم بأن هذه حرف ولا يحتاج إلى أنك تجرب بعض العلامات. والحرف ما ليست له علامة ** فقس على قولي تكن علامة

فقس تكن علامة يعني: ضبط القواعد والأصول لأن العلم قواعد وأصول ليس مسائل فهذا من الخطأ الموجود عندنا الآن في التدريس وخاصة في باب الفقه وإلا العلم قواعد وأصول الحاصل يَعُمُّ نقول: من باب يَفْعُلُ دل على أن ماضيه عمم إذًا اسم عَمَّ يَعُمُّ عمومًا إذن من باب فعل العموم لغةً الشمول عَمَّ الشيء عمومًا شمل والعام الشامل أليس كذلك؟ إذن العام هو الشامل والعموم هو الشمول وبعضهم قال: العام لغةً شمول أمر لمتعدد أمر واحد يشمل ويصلح ويدخل تحته متعدد هذا المتعدد سواء أكان الأمر الشامل المتعدد لفظًا أم غيره ومنه قولهم - يعني: قول العرب. - عمهم الخير إذا شملهم وأحاط بهم فالعام في اللغة الشاملة. وبعضهم يقول في حده لغةً ما عم شيئين فصاعدًا ولكن هذا قد يقال إنه مبني على أقل الجمع أقل الجمع مختلف فيه الجمهور على أنه ثلاثة وهو الأصح، وعند المالكية اثنان. أقل معنى الجمع في المشتهر ** لاثنان في رأي الإمام الحِمْيَرِ الإمام مالك رحمه الله تعالى وهو الأصح أنه ثلاثة وعليه نقول: ما عم ثلاثة أشياء فصاعدًا هكذا قيل لكن هذا يشكل عليه أن العام يجوز تخصيصه إلى أن يبقى فرد واحد يجوز أن يخصص العام فَيَخْرُج من اللفظ الذي أو فَيُخْرَجُ من الأفراد التي دل عليها اللفظ كل الأفراد فيبقى واحد ولذلك دلالته على الفرد قطعية وعلى بقية الأفراد ظنية كما سيأتي أما العام في الاصطلاح عندهم فهو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد دفعةً واحدةً بلا حصر هذا طويل وكل لفظ له محترزات اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد بعضهم يقول: بحسب ما يصلح له. ويقف هنا وهذا الذي عرفه في ((جمع الجوامع)): ما استغرق صالحٍ دفعة بلا ** حصر من اللفظ كعشر مثلا

ما الذي المستغرق ما يصلح له وقف هنا وقف على هذه عبارة لكن يرد عليه يقولون: غير مانع. والأصح أن نزيد عليه: بحسب وضع واحد. ثم يأتي في الاستغراق هل يشمل العموم الشمولي والبدلي فنحتاج إلى زيادة دفعةً واحدةً بلا حصر بخروج أو إخراج الأسماء أسماء العدد إذن اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد دفعةً واحدةً بلا حصر اللفظ هذا جنس كما سبق أن الحدود إنما تعرف في أول ما يؤخذ في حد المعرف هو الجنس لماذا؟ ليشمل المعرف وغيره لماذا؟ حتى يكون ماذا؟ حتى يكون جامعًا مانعًا فلو كان بمساوٍ كيف يحصل الاحتراز لو كان بمساوٍ صار هذا المعرف لفظيًّا ما القمح؟ قال: البُرُّ. ما البُرُّ؟ القمح مساوٍ قد يكون أوضح منه أما إذا كان في شأن الحدود فكما سبق أنه لا بد من أن يؤتى بالجنس والفصل والحد بالجنس وفصل وقعا الجنس لا بد أن يكون أعم من المعرف وغيره يعني: يشمل المعرف وغيره ليصح الاحتراز لأنه لا يصح الإخراج إلا مما هو أعم لا يصح الإخراج إلا مما كان هو أعم وإلا ما صح الإخراج من المساوي أو الأدنى ما صح الإخراج وإنما يصح الإخراج والاحتراز إذا كان اللفظ أعم يعني: اللفظ المخرج منه. فإذا قيل: العام هو اللفظ. نقول: اللفظ يشمل العام، ويشمل الخاص، ويشمل المطلق، والمقيد، والحقيقة، والمجاز ونحو ذلك لماذا؟ لأن كل هذه الأنواع هي ألفاظ إذن العام نقول: هو اللفظ. واللفظ كما سبق مرارًا معنا يتلفظ به يعني: ما يتألف ويتكون من حروف بصوت صوت مشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء هذا هو اللفظ حينئذٍ يشمل الأنواع التي ذكرناها سابقًا فيشمل العام المعرف، ويشمل الخاص، ويشمل الحقيقة والمجاز، والمطلق والمقيد اللفظ نقول هذا المقصود به اللفظ الواحد وقيد ابن قدامة في روضته حد العام بأنه اللفظ الواحد احترازًا عن اللفظ المركب فإنه يدل على أكثر من شيئين ولكن بلفظين ضرب زيدٌ عمروًا دل على الفعل والفاعل والمفعول بتركيب دل على أكثر من شيئين أو لا؟ ضرب زيدٌ عمروًا دل على أكثر من شيئين على شيئين فصاعدًا الضرب وهو: الفعل، الضارب وهو: زيد، المضروب وهو: عمرو. كلام منتشر دل على أكثر من شيئين فصاعدًا قصيدة طويلة دل على شيئين فصاعدًا لكن حصل هنا الدلالة على شيئين فصاعدًا بماذا؟ بالتركيب والعام إنما يكون وصفًا للفظ الواحد إذًا المراد بقوله: اللفظ. المراد به اللفظ الواحد ولم ينص على لفظ الواحد للعلم به كما فعل ابن قدامة رحمه الله ولو نص لا بأس إذًا لا ينافي الحد لو قيل: اللفظ الواحد. يكون من باب التأكيد ولا إشكال لأن التحقيق أن هذه التي تنكر أنها حدود هي رسوم وليست بحدود هذا هو الأصح وقد احترز باللفظ عن ثلاثة أمور يعني ما الذي أخرج به اللفظ؟ أدخل وأخرج جنس هذا من شأنه الإخراج والإدخال ماذا أخرج؟ نقول: أخرج ثلاثة أمور:

أولاً: أخرج العموم المعنوي الذي يسمى المجاز وهذا سيأتينا هل يوصف العموم هل يوصف المعنى بكونه عامًا أو لا؟ هذه مسألة فيها نزاع اتفق الأصوليون على أن العموم أو العام وصف للفظ حقيقة وهو من عوارض المباني مباني يعني: الألفاظ. عارض عوارض يعني: ما يجيء ويزول هذا هو العرض الأصل فيه أنه وصف لموصوفه قد يوجد وقد لا يوجد ولذلك سمي المال عرضًا لماذا؟ لأنه قد يأتي ويذهب هذا شأنه يأتي المال فيبقى وقت ويذهب ولا يأتي فيبقى مدةً طويلة وإنما يذهب {((((((((((عَرَضَ ((((((((((} [الأنفال:67] والدنيا عرضها زائل ليس بباقي إذن اتفق العلماء على أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقةً والعوارض جمع عارض كما ذكرنا وهو الذي يذهب ويجيء فحينئذٍ نقول: العموم يلحق الألفاظ. يعني: الذي يوصف بالعموم هو اللفظ. كل الألفاظ توصف بالعموم؟ كل الألفاظ؟ نقول: العموم من أوصاف وعوارض الألفاظ وهو من عوارض المباني يعني: الألفاظ لا المراد بأن العموم وصف للألفاظ عن الوصف العام الذي استغرق وتوفر فيه الحد الذي سيذكر ليس كل لفظ وإنما هو لفظ كل وجميع صيغه. كل أو الجميع وقد تلا الذي الأدلة الفروع كما سيأتينا إذن المراد هنا بأن العام أو العموم من عوارض الألفاظ ليس مراد كل لفظ وإنما المراد به اللفظ الدال على ماذا؟ الدال على العموم الألفاظ التي يعبر عنها بأنها صيغ العموم كما سيأتي معنا ولتنحصر ألفاظه في أربعِ هي التي توصف بكونها موصوفة بماذا؟ بالعموم وهل المراد أن العموم وصف لذات اللفظ أو باعتبار المعنى؟ باعتبار المعنى لا يوصف اللفظ بكون ذاته في أنه عام وإنما يوصف اللفظ بكونه عامًا باعتبار معناه لأن الألفاظ قوالب المعاني ولذلك المشهور المصطلح عندهم أنه إذا أريد اللفظ قيل: عام. وإذا أريد المعنى قيل: أعم. وإذا أريد اللفظ في الخاص قالوا: خاص. وإذا أريد المعنى قيل: أخص. يقال للمعنى أخص وأعم ** الخاص والعام به اللفظ اتسم هكذا يقول السيوطي، يقال للمعنى أخص وأعم هذا أخص من كذا وتريد به المعنى هذا أعم من كذا وتريد به المعنى هذا خاص هذا عام تريد به اللفظ قالوا: تفرقةً بين الدال والمدلول مجرد اصطلاح فلو خولف لا إشكال ولا مشاحة في الاصطلاح حينئذٍ نقول: أخص وأعم وصفان للمعنى خاص لفظ وصفان للفظ. يقال للمعنى أخص وأعم ** الخاص والعام به اللفظ اتسم تفرقة بين الدال والمدلول ولو عكس لا إشكال ولا حرج إذن اللفظ نقول: خرج به العموم المعنوي الذي يسمى المجازي قيل: مطر عام. عَمَّ المطر المدينة يعني: شمل المطر المدينة إذن هذا وصف للفظ أو للمعنى؟ قالوا: للمعنى. هل وصفه به حقيقة أو مجاز؟ هذا فيه خلاف سيأتينا إن شاء الله هذا الأمر الأول الذي احترز به باللفظ. الأمر الثاني الأفعال: الفعل لا يوصف بكونه عامًا كما سيأتي ثم العموم أبطل دعواه في الفعل ولذلك ذكر في الأصل أن العموم من صفات النطق يعني: من صفات اللفظ القول أما المعنى فلا يوصف بكونه عامًا حقيقةً وأما الفعل فلا يوصف بكونه عامًا حقيقةً ثم العموم أبطلت دعواه إذن احترز باللفظ عن الأفعال فلا عموم لها.

الثالث: ما ذكرناه سابقًا وهو الألفاظ المركبة فما دل على شيئين فصاعدًا بلفظين فأكثر نقول: هذا من جهة المعنى هو عام لكنه عموم كما سيأتي أنه مجاز أي ما أفاد العموم ولكن بلفظين فأكثر كضرب زيدٌ عمروًا قصيدة طويلة وكلام منتشر. إذًا قوله: اللفظ. احترز به عن ثلاثة أمور العموم المعنوي الأفعال فلا عموم لها الثالث الألفاظ المركبة التي أفادت شيئين فصاعدًا فحينئذٍ هذه لا توصف بالمجاز حقيقةً وإنما الذي لا توصف بالعام حقيقةً وإنما إذا وصفت فتوصف من قبيل المجاز المستغرق اللفظ المستغرق قال في القاموس: استغرق استوعب. ويفسره الأصوليون هنا بغير هذا اللفظ يقولون: المتناول أو الذي يتناول. إذن المستغرق هنا المراد به بالاستغراق هو التناول لما وضع له اللفظ فحينئذٍ إذا قيل: هذا لفظ مستغرق يعني: تناول ما وضع له ودخل تحت مسماه فإذا قيل: المشركون. هذا لفظ يتناول ما وضع له اللفظ وهو كل مشرك كل فرد مشرك دخل تحت هذا اللفظ إذن نقول: المشرك والمشركون والرجل هذا لفظ مستغرق ما معنى مستغرق؟ يعني: استوعب وتناول كل ما وضع له اللفظ كل من اتصف من بني الإنسان كل من اتصف ووجد فيه وصف الشرك فحينئذٍ هو داخل في هذا اللفظ عرفنا معنا الاستيعاب والتناول والاستغراق أن اللفظ إذا أطلق يشمل جميع الأفراد الذي وضع له اللفظ ودخلت تلك الألفاظ برمتها تحت مسماه الاستغراق والتناول لما وضع له اللفظ وحينئذٍ تتدخل الأفراد كلها بلا استثناء تحت مسماه واحترز به عن ثلاثة أمور يعني: أخرج بقوله: مستغرق. ثلاثة أمور اللفظ المهمل لأن قوله اللفظ المستغرق اللفظ قلنا: هذا يشمل المستعمل والمهمل لأنه جنس كل لفظ يصدق على المهمل وهو الذي لم تضعه العرب ويصدق على المستعمل وهو الموضوع اللفظ الذي أو اللفظ الذي جعل دالاً على المعنى ما هو الوضع؟ جعل اللفظ دليلاً على المعنى المستغرق إذًا هذا دل على معنى أو لا؟ دل على معنى أو لا؟ نقول: دل على معنى، إذًا مستغرق فاستلزم الوضع فأخرج المهمل لأن الوضع سابق والاستعمال والحمل لاحق والاستعمال متوسط هكذا قال ابن النجار الوضع سابق والحمل لاحق الحمل ما هو الحمل؟ اعتقاد السامع أو المخاطب مراد المتكلم من كلامه ثم الاستعمال متوسط وهو إطلاق اللفظ وإرادة المعنى وضع اللفظ أول المشرك ثم استعمل في اللفظ التركيب {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] ثم لما سمع السامع {((((((((((((((((((((((((((((} حمل هذا واعتقد اعتقد في نفسه مدلول اللفظ الذي جعل الواضع يضع ذلك اللفظ على أفراده متضمنًا لذلك الوصف فحينئذٍ نقول: المستغرق أخرج المهمل لأن المستغرق يستلزم ماذا؟ الوضع والوضع ضد المهمل اللفظ المهمل ك ... وهل هناك مركب مهمل فيه خلاف كبير بين النحاة وحتى عند الأصوليين والمشهور أن المركب لا يوصف بالإهمال وإنما هو من قبيل المفردات لأن التناول والاستغراق فرع الوضع والاستعمال هكذا قال بعضهم والصواب أنه فرع استعمال المستلزم للوضع والمهمل غير موضوع لمعنًى فمن باب أولى أنه لا يستغرق فحينئذٍ لا يكون موضوعًا وإذا لم يكن موضوعًا تعين النوع الثاني وهو أنه مهمل النوع الثاني الذي أخرجه قوله: المستغرق.

اللفظ المطلق وهذا الإخراج ذكره كثير من الأصوليين بناءً على ماذا؟ على أن قوله: المستغرق. هذا لا يتناول إلا العموم الشمولي إذا قلنا: التناول هنا التناول نوعان: تناول شمولي، وتناول بدلي. كيف شمولي؟ يعني: بحيث إن اللفظ إذا أطلق حمل على جميع أفراده حمل مواطئة ولا يخرج عنه فردٌ من أفراده إلا بمحصٍ بدليلٍ خاص هذا إذا قيل {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] المشركين هذا اللفظ له أفراد حينئذٍ دخول الأفراد تحت مسمى اللفظ دخول شموليًا كل فردٍ اتصف بالشرك فهو داخلٌ تحت اللفظ لا يختص الدخول بفردٍ دون آخر هذا يسمى عموم شمولي وهو المراد في باب العام هناك نوع آخر يسمونه عموم بدلي وهو الذي يكون في المطلق، المطلق نوعٌ من أنواع العام ولكن عمومه بدليًا لا شموليًا فإذا أطلق اللفظ يتناول جميع ما وضع له اللفظ لكن على جهة البدل {(((((((((((((((((((} [النساء:92] أو قال اقتل رجلاً، رجلاً هذا نكرة النكرة ما هي؟ ما شاع في جنس ما شاع في جِنسه جنسه، يعني: في جنس أفراده لا بد من تقدير هنا ذكرناه في الملحة وإلا الجنس لا شيوع فيه جنس ... واحد كالحيوان الناطق في الذهن لا شيوع له هو شيءٌ واحد إذا شاع في جنس يعني: لا بد أن يكون شائعٌ منتشر في الجنس نقول هذا ممتنع وإنما شاع في جنسه يعني: في أفراد جنسه يعني: أفراد هي التي تتصل بالشيوعة أما المعنى كله فلا هنا نود .. أن نقول هذا نكرة تشمل لها شمول تتناول نعم، تستغرق نعم، تستغرق من هذا رجل وهذا رجل وذاك رجل وآخر رجل إلى آخره لكن إذا قال اقتل رجلاً هل المراد أن ما يصدق عليه رجل، رجل، رجل دخلوا في اللفظ مرةً واحدة دفعةً واحد كدخول أفراد المشركين في قوله: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5]. أم على جهة البدل اقتل رجلاً فلو قتلت هذا أجزأ وكفى وخرجتما على العهدة نقول هنا العموم بدلي يعني: متى ما حصل الأول أسقط الطلب وخرج المكلف عن العهدة فنقول حينئذٍ النكرة أو المطلق الذي سيأتي معنا ويحمل المطلق على ما قيد إلى آخره نقول: هذا عامٌ وشامل لكن شموله وعمومه بدلي وليس شموله وعمومه متناولاً لأفراده دفعةً واحدة لأن رجل هذا له أفراد هو جنس وجوده في الذهن أليس مر معنا أنه كلي وله أفراد غير متناهية أو متناهية في الخارج مهما أفراده؟ زيد، وعمرو، وخالد، حينئذٍ ولو قال اقتل رجلاً هل أقتلهم كلهم لا وإنما المرادفة رجلاً واحدًا إذن شموله هنا شمول بدلي قوله: المستغرق. إذن المستغرق نقول: هل المراد به ما يشمل البدلي والشمولي أم لا بعضهم يرى أن الاستغراق هنا خاصٌ بالعموم لبدلي عفوًا العموم الشمولي، أحسنت، العموم الشمولي، فحينئذٍ قوله: (اللفظ). ويشمل العام أردنا الاحتراز عن المطلق الذي عمومه هو شموله بدلي فقال: المستغرق.

على هذا القول بأن المستغرق المستوعب المتناول لأفراده على جهة الشمول دفعةً واحدة خرج به المطلق فلا يدخل فلذلك صح الإخراج فنقول المستغرق أخرج ماذا؟ المهمل وأخرج المطلق، لكن لو توسعنا في العبارة وقلنا المستغرق هذا المراد به المتناول لأفراده مطلقًا بقطع النظر عن كونه بدليًا أو شموليًا هل خرج المطلق؟ حينئذٍ نقول نحتاج إلى قيدٍ لإخراج المطلق إذا عممنا لفظ المستغرق فلذلك زاد بعضهم دفعةً واحدة مَنْ قال إن المستغرق يشمل النوعين: العموم الشمولي، والبدلي، زاد دفعةً واحدة إخراج المطلق ومن قال لا المستغرق هذا خاصٌ بالعموم الشمولي أخرج به هذا اللفظ المطلق فحذف دفعةً واحدة ولذلك أسقطه صاحب ((جمع الجوامع)) ما استغرق الصالح دفعةً هذا زاده صاحب ((المراقي)) استدراكًا على الأصل والأصل أن يقال المستغرق هنا يشمل النوعين لأنه بمعنى ماذا؟ الاستعاب والنكرة مستوعبة لأفرادها لا إشكال والمطلق مستوعبٌ ومتناولٌ لأفراده يصدق على كل رقبةٍ أنه يمكن أن تحرر فحينئذٍ نقول: هذا اللفظ دل على جميع الرقاب ولكن عند قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92]. نقول المطلوب رقبةٍ واحدة فصدقها على زيد أو عمرو أو عبيد نقول تناول اللفظ لا لهذه الأفراد تناولاً بدليًا وإلا اللفظ يصدق على أفرادٍ أو لا نقول يصدق على أفراد ولذلك سبق معنا أن الكلي معنى ذهني له أفرادٌ في الخارج ومنه النكرة كرجل وامرأة وإنسان فحينئذٍ الأولى أن نقول المستغرق هذا يشمل نوعين ما تناول أفراده دفعةً واحدة وما تناول أفراده بدلاً يعني: فردًا بعد فردٍ فحينئذٍ نقول قوله: المستغرق لا يخرج النكرة ولا يخرج المطلق وإنما نحتاج إلى قيد فقوله: المستغرب نفسره من جهة المعنى أنه المتناول لجميع أفراده ولم يخرج المطلق ولم يخرج النكرة في سياق الإثبات بل لا بد من قيدٍ يخرج هذين النوعين وقد جعل بعض الأصوليين المستغرق مخرجًا لثلاثة أمور: الأول: المهمل. الثاني: المطلق. الثالث: النكرة في سياق الإثبات.

بناءً على أن قوله المستغرق هذا خاصٌ بالشامل لأفراده شمولاً بدليًا أو دفعةً واحدة، دفعةً واحدة وإذا عممنا نقول لا يخرج هذين النوعين لا يخرج هذان النوعان إذًا قوله المستغرق المراد بالاستغراق هو التناول لما وضع له اللفظ واحترز به عن المهمل فقط وكثير من الأصوليين يرونه احترز به عن الطلق وعن النكرة في سياق الإثبات وعلى الكلام على قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}. قالوا: اللفظ المطلق يتناول واحدًا لا بعينه لأن المقصود بهذا التركيب اقتل رجلاً أن براءة الذمة بطلب هنا تحصل بأي رجلٍ كان لكن نقول تناوله لأفراده اللفظ من جهة اللغة يشمل كل من اتصف بالرجولة فحينئذٍ كل الأفراد داخلون في لفظ رجل وإلا لو قيل إن رجل لا يتعين في الخارج إلا بواحدٍ لا بعينه كيف نقول له أفراد في الخارج هذا سبق معنا في الكلي أن الرجل المراد به أو رجلٌ المراد به الذكر من بني آدم البالغ الذكر البالغ من بني آدم هذا له أفراد أو فردٌ في الخارج؟ أفراد موجودة بلا نهاية في الدنيا فحينئذٍ صدق اللفظ على أفراده ولو كان على جهة البدل نقول هو شاملٌ ومستغرق لها {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} قالوا: هذا لفظ مطلق رقبة لماذا؟ لأن اللفظ المطلق يتناول واحدًا لا بعينه واللفظ العام يتناول أفرادًا بأعيانه نقول: هذا لا إشكال إلا أن العام والمطلق كلٌ منهما متناولٌ لأفراده وإن كان المراد من جهة التكليف أو العمل بامتثال الكلام في قول اقتلوا رجلاً هذا من جهة ماذا جاء هل هو من جهة كلمة الرجل أو من جهة التركيب إذا قيل اقتل رجلاً نقول هذا جاء من جهة التركيب يعني: من جهة إرادة الآمر بذلك وإلا اللفظ من حيث هو مستغرقٌ لأفراده كما مر معنا النكرة في سياق الإثبات لأنها وضعت للفرد الشائع بجنس فردٌ شائع بمعنى أنه منتشر في جنسه يعني: في أفراد جنسه لا بد من التقدير سواءٌ كان مفردًا أو مثنًا أو جمعًا اقل رجلاً أي رجل اقتل رجلين بدون تعريف أي رجلين اقتل رجالاً أي رجالٍ ثلاثة يصدق هنا تبرأ ذمة بماذا اقتل رجالاً أقل الجمع ثلاثة حينئذٍ لو قتل ثلاث برأت الذمة وخرج عن العهدة اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له أي اللفظ الضمير هنا يعود إلى الن .. أي: ما وضع له اللفظ فالمعنى الذي لم يوضع له اللفظ لا يكون اللفظ صالحًا له إذا قيل على قول من لا يرى أن من وهي للعاقل لا يجوز استعمالها وضعت من لمن يعقل ولو توضع في أصل الوضع لمن لا يعقل فحينئذٍ نقول: من استعمالها فيمن يعقل استعمل اللفظ في جميع ما يصلح له وهو كل من اتصف بالعقل لو استعمل اللفظ في غير ما يصلح له كأن يقال اشتري من رأيته في السوق هنا استعمل من بمعنًى غير العاقل قالوا: هذا لا يجوز.

على قولٍ قالوا: هذا لا يجوز لماذا؟ لأن اللفظ هذا للعموم من للعموم كما سيأتي وحينئذٍ يشترط في العموم أن يكون اللفظ مستغرقًا لجميع ما يصلح له وهنا الذي يصلح له من العاقلين أو الذين لم يعقلوا الأول إذًا استعمالهم في الدالة على غير العاقلين هذا استعمالٌ للفظ لما لا يصلح له كالقصد بهذا القيد حينئذٍ تحقيق معنى العموم تأكيد لأن العموم لا بد فيه من الشمول واستعمال اللفظ المستغرق المتناول لجميع أفراده الذين وضع لهم هذا اللفظ نقول هذا من باب تحقيق معنى العموم واحترز به عن اللفظ الذي استعمل في بعض ما يصلح له اللفظ الذي يسمى العام لا العام الذي أريد به الخصوص عندنا عام كما سيأتي أقسامٌ ثلاثة منها عامًا أريد به الخصوص يعني: اللفظ في الأصل قبل الاستعمال مستغرقٌ لجميع ما يصلح له لكن في الاستعمال والحكم أطلقه على بعض ما يصلح له حينئذٍ نقول: هذا عام أو لا؟ لا هو خاص هو في النتيجة خاص لأنه في الأصل هو عام لكنه استعمل في بعض المفردات أو بعض آحاده فأطلق اللفظ ابتداءً مرادًا به البعض العام يطلق اللفظ ابتداءً استعمالاً ويراد به جميع ما يصلح له فإذا أطلق اللفظ استعمالاً وابتداءً مرادًا به البعض نقول: هذا عامٌ باعتبار اللغة في الأصل أريد به الخصوص ولذلك أجمعوا أنه مجاز. والثاني يعزوا للمجاز جزما ** وذاك للأصل وفرعٌ يم ... كما سيأتي حينئذٍ نقول: قوله: لجميع ما يصلح له. واحترز به عن العام الذي أريد به الخصوص {(((((((((قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ ((((((((} [آل عمران:173] إذا كان الناس هم المتكلم كل الناس، الناس هذا لفظٌ عام إذا أطلق اللفظ يتناول جميع ما يصلح له اللفظ وضع اللفظ لكل من يصدق عليه أنه من الإنس يقف جمع أو لا واحدة لا لآخره فحينئذٍ {(((((((((قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ ((((((((} قالوا، قالوا لمن؟ إذا أريد به أن متناول للجميع أفراده نقول ما يمكن تعريف لا ليس هناك مخاطب لأنهم كل الناس يخاطبون من ما وجد أحد يخاطب لكن نقول هنا الناس لفظٌ عام أريد متناولٌ لجميع أفراده باعتبار الأصل ولكنه استعمل في ماذا؟ استعمل مرادًا به البعض ابتداءً فصار مجازًا من باب إطلاق الكل وإرادةٍ البعض أو الجزء لا نقول جزء نقول: البعض وهو الذي يعبر عنه بيانيون بأنه مجازٌ م ... علاقةٌ كلية، وجزئية علاقته الكلية وهذا بالإجماع أنه مجاز عند من يثبت المجاز. والثاني يعزوا للمجاز جزما ** وذاك للأصل وفرعٌ يم ...

{(((((((((((((((((((((((((((} [آل عمران:39] هو جبريل عليه السلام، {((((يَحْسُدُونَ ((((((((} [النساء:54] النبي - صلى الله عليه وسلم -، {(((((((((قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ ((((((((} [آل عمران:173] من معين ابن مسعود و ... إذن أطلق اللفظ ابتداءً استعمالاً مرادًا به الواحد وسيأتينا تفصيل هذا، إذن قوله: لجميع ما يصلح له. أخرج به ماذا؟ اللفظ العام الذي استعمل في بعض ما يصلح له {(((((((((قَالَ لَهُمُ ((((((((} فالناس عامة في الأصل وقصد به معين ابن مسعودٌ رضي الله تعالى فليس بعامًا فالمراد بهذا القيد جميع الأقوال كما سيأتي إن شاء الله، بحسب وضع واحد تقسيم العام إلى ثلاثة أقسام، بحسب وضعٍ واحدٍ لأن اللفظ قد يتناول معنيين فأكثر بتعدد الوضع قال: يتناول معنيين فأكثر بتعدد الوضع وهذا سميناه ماذا؟ المشترك أحسنت العين لفظ واحد يتناول عدة أشياء الباصر عين، الذهب عين، الفضة عين، الجارية عين، بل بعضهم يقول كل ذات يصح أن تسمى عين ... الأربعة هذا نقول دل على شيئين فصاعدًا عام لفظٌ مستغرقٌ لجميع ما يصلح له صحيح نعم توفرت الشروط فالعين يراد بها معنى وهو الذهب ويراد به معنى وهو الفضة، ويراد به معنى الباصر، والجارية نقول هذه معالم أربعة واللفظ واحد إذن متناولٍ لعدة أفراد فصدق عليها أنه عام نقول: لا الباصرة هذا معناه وضع له وضعًا خاص وهو لفظ العين والجارية هذا معنى وضع له وضعٌ ثانٍ ليس العين هو الأول أخذ مرة لا وضع وضعًا جديد فأطلق لفظ عين على الجارية وأطلق لفظ عين وضعًا جديدًا أيضًا على الذهب وضعًا جديدًا على إذًا تعدد الوضع المشرك يدل على أفراده يتناول ويستغرق جميع الأفراد التي اتصفت بهذا الوصف لكن زيد المشرك هل وضع له مشرك خاص وعمرو المشرك هل وضع له لفظٌ خاص؟ الجواب لا. إذن فرق بين اللفظ المشترك وبين العام كلٌ منهما يدل على معانٍ أو معنيين فأكثر إلا أن اللفظ المشترك قد وضع لكل معنًا وضع خاص كذلك القرء يدل على معنيين الحيض، والطهر، نقول: القُرْءُ هو القَرْء يجوز به الوجهان القُرْءُ هو القَرْء، ويجمع على أقراه وقروء، فدل علي الصلاة الصَّلاة أيام أقرائك، وقروء {(((((((((قُرُوءٍ} [البقرة:228] إذن له جمعان أقراء أفعال جمع قلة وقروء جمع كثرة وفي المفرد يقال وقرء فعل، وفعل يطلق على الحيض وهذا معنى ويطلق على الطهر وهو معنى إذن دل على معنيين أن نقول: هذا عام نقول لا وضع لفظ القرء دالاً على الطهر ووضع وضعًا جديدًا دالاً على ..

الحيض حينئذٍ دلالته على المعنى أو المعاني المتعددة وهو لفظٌ واحد نقول هنا ليس بوضعٍ واحد كما هو دلالة العام وإنما هو بتعدد ماذا بتعدد الوضع إذن بحسب وضعٍ واحدٍ يعني: اللفظ المتناول لجميع ما يصلح له من أفراد بحيث يصدق على يطلق ذلك اللفظ مرادًا به جميع الأفراد بحسب وضعٍ واحدٍ أما إذا تعدد الوضع فحينئذٍ نقول هذا ليس بعام وأخرج به أولاً اللفظ المشترك لأنن معنى المشترك متعدد فيدل على معنيين فأكثر لا مزية لأحدهما على الآخر كالعين والقرء والعام وضع لمعنًا واحد كذلك الأسد رأيت أسدًا رأيت أسدًا يخطب وضع لمعنيين لفظ الأسد وضع لمعنيين حقيقةً ومجاز وعند من لا يشترط القرينة لو قال رأيت أسدًا يحتمل أسدًا ولعل هذا مرادهم لأن المنسوب إلى الأصوليين أنهم لا يشترطون قرينة كالبيانيين هناك البيانيين لا بد من أنم يكون اللفظ المستعمل في غير ما وضع له ابتداءً أو أولاً كل معترض هذا لا بد من قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأولي إلى المعنى الجديد حينئذٍ رأيت أسدًا وتريد به الرجل الشجاع عندهم ما يجوز عند البيانيين فيحمل اللفظ على أن المراد به الحيوان المفترس حملاً أوليًا أما عند الأصوليين فالمشهور أنهم لا يشترطون القرينة فحينئذٍ رأيت أسدًا هذا يحتمل أنه أراد به الرجل الشجاع ويحتمل أنه أراد به الحيوان المفترس إذن دل اللفظ الواحد تناول شيئين لكن بوضع واحد أو بوضعٍ متعدد؟ بوضعٍ متعدد ولذلك ذكرنا فيما سبق في ((الجوهر)) أن الحقيقة موضوعةٌ أولاً ثم استعمل اللفظ في غير ما وضع له ابتداءً ولكن هذا الوضع الثاني أو هذا الاستعمال موضوعٌ وضعًا نوعيًا ليس كالأول الوضع في الحقيقة وضعٌ جزئي وضع المفردات يعني: كل فردٍ فرد من المفردات لا بد أن يكون موضوعًا وأما هنا في المجاز لا فلا يشترط أن يكون المجاز مسموعًا في كل كلمة وإنما في النوع كإطلاق الكل مرادًا به الجزء ثم أنكت تصرف في هذا القاعدة العامة كذلك إطلاق السبب على مسبب والعكس نقول: هذا قاعة وضابط لا بد أن يكون موضوعًا ثم مفرداته فأنت وشأنك إذن اللفظ الصالح للحقيقة والمجاز كالأسد الأسد هذا يستعمل مرادًا به الرجل الشجاع ويستعمل مرادًا به الحيوان المفترس ولكن نقول: كلٌ منهما وضع له وضعٌ خاص فدلالة الأسد على الحيوان المفترس هذا وضع وضعًا أوليًا وهو شأن الحقيقة ودلالة الأسد على الرجل الشجاع هذا موضوعٌ وضعًا سنويًا ولذلك يختلف الأصوليين هل يجوز أن يراد باللفظ الواحد حقيقة ومجاز معًا أو لا؟ تفرع عليه مسائل يتفرع عليه مسائل أما عند البيانيين فهذا مسألة ليست واردة لماذا؟ لأنهم يشترطون القرينة فلو ذكرت القرينة رأيت أسدًا يخطب لا يمكن أن يراد به الحقيقة والمجاز حيوان مفترس يخطب ما يمكن لكن الرجل الشجاع هذا الأصل أنه يخطب، بحسب وضع واحدٍ، إذن احترز به عن اللفظ المشترك واللفظ الصالح للحقيقة والمجاز كالأسد، دفعةً واحدة، يعني: مرةً واحدة احترز به عن المطلق وقلنا هذه من فسر هناك المستغرق الاستغراق بنوعيه الشامل دفعة واحدة ومرةً واحدة والشمول البدلي ماذا يحتاج؟ إلى زيادةٍ دفعةً واحدة ومن خص المستغرق بأنه الشامل لأفراده مروةً واحدة أو دفعةً واحدة لا يحتاج إلى هذا

القيد ولكن نقول: الصواب أنه نحتاج إلى هذا القيد لأن المستغرق هناك نعممه ونجعله بنوعيه وهنا دفعةً واحدة نقول: احترز به عن المطلق فإنه يتناول أفراده لكن على جهة البدل فهو عامٌ ولكن عمومه بدليٌ إذًا دفعةً واحدة، أي: مرةً واحدة عرفنا التفريق بين البدل والمرة الواحدة نعم احترز به عن المطلق لأن المطلق عامٌ وعمومه بدليٌ لا شمولي بلا حصر احترز به عن أسماء العدد لأنها تتناول اثنين فصاعدًا لكن يشترط في العام أن يتناول اثنين فصاعدًا بلا منتهى لا يحد أبدًا اقتلوا المشركين مئة ألف مليون مليار ما يحد ليس له نهاية أما اقتل عشرة رجال نقول هذا عام أو خاص نقول: هذا المرجح المعروف المشهور أنه خاصٌ لذلك خطئ صاحب ((المراقي)): ما استغرق الصالح دفعةً بلا ** حصرٍ من اللفظ كعشرٍ مثل بالعشر جعله مثالاً للعام والمعروف والمشهور أنه ليس من العام إذن قوله: (بلا ** حصرٍ) أخرج به أسماء العدد فإنها متناولةٌ لكل ما يصلح له لكن مع الحصر فإذا قيل عندي عشرة دنانير عشرة هذا يتناول الواحد، والاثنين، والثلاثة، والأربعة، ومرةٌ واحدة دفعةً واحدة نعم دفعةً واحدة لكن ورد الإشكال عليه أنه منتهٍ محصور إذن أسماء العدد متناولة لكل ما يصلح له اللفظ لكن مع الحصر وهذا بناءً على أنها ليست بعامة وهو المعروف المشهور عند الأصوليين والمراد هنا أن الأعداد وأسماء العدد تدل على انحصار الشيء والشرط في العام أن لا يدل على انحصاره في عدد معين إذن اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضعٍ واحدٍ دفعةً واحدة بلا حصرٍ، قالوا: (وَحَدُّهُ) أي: العام، (لَفْظٌ) إذن أخرج المعنى فالمعنى لا يوصف إلا بالعموم وأخرج الفعل (يَعُمُّ) هنا قال: (العَامِّ) حد العام لفظٌ يعم إذًا استخدم ماذا؟ هذا ماذا نسميه؟ الدور لأنه يرد السؤال حد العام ما هو لفظ (لَفْظٌ يَعُمُّ) ما المراد بيعم؟ قال: مشتقٌ من العام ما هو العام (لَفْظٌ يَعُمُّ) فحينئذٍ نقول: هذا دور وهذا يجب إسقاطه في الحدود لكن نقول: هنا يعم ليس المراد به العام الاصطلاحي (وَحَدُّهُ) أي: حد العام ماذا اللغوي أم الاصطلاحي؟ الاصطلاحي ويعمه هنا المراد به ما يرادف الاستغراق والاستيعاب والتناول والشمول حين ... أراد بالمعنى هنا للعام المعنى اللغوي هل يلزم منه الدور الجواب لا إذن لا دور (يَعُمُّ) أي: يتناول أفراه دفعةً، (أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ) أكثر الألف هذه للإطلاق، (مِنْ وَاحِدٍ) خرج به المطلق، وخرج به العلم الجزئي شخصي وخرج به النكرة في سياق الإثبات هذه ثلاثة أمور وتؤخذ من ما فصلناه في الحد (مِنْ غَيْرِ مَا حَصْرٍ يُرَى) من غير حصرٍ (مَا) هذه زائدة يعني: من غير دلالة على حصرٍ فإن دل على حصر ولو كان متناولاً فليس بعام ليس برور (يُرَى) هذا مبنيٌ لما لم يسمى فعليلٌ تكملة، (مِنْ قَولِهِمْ) أي: مشتقٌ (مِنْ قَولِهِمْ عَمَمْتُهُمْ) (عَمَمْتُهُمْ) بفتح الميم لا بكسرها (عَمَمْتُهُمْ) لأنه من عم يعم من باب نصر ينصر عم يعم، (مِنْ قَولِهِمْ) من قول العرب، (عَمَمْتُهُمْ بِمَا مَعِي) يعني: (بِمَا) يعني: بالعطاء الذي (مَعِي) عممهم بالعطاء يعني: شملهم وأحاطهم بالعطاء.

بقي بعض المسائل نأتي عليها إن شاء الله غدًا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

29

عناصر الدرس * تابع لحد العام وما يوصف بالعموم * أنواع العام * هل يشمل العام الصورة النادرة والصورة غير المقصودة؟ * دلالة العام على أفراده بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: لا زال الحديث في باب العام، أخذنا المسألة الأولى وهي في حده لغة واصطلاحًا، قلنا: هو في اللغة يدل على الشمول، والعموم هو: الشمول. والعام هو: الشامل. وفي الاصطلاح عرفناه بتعريفٍ جامع مانع يقل الاعتراض عنه لا يسلم أحد من الاعتراض لكن هذا أقل ما يمكن أن يعترض عليه وهو بأن العام اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضعٍ واحدٍ دفعةً واحدةً بلا حصر، إذن القيد الأول لا بد أن يكون لفظًا احترز به عن المعنى. والمعنى لا يكون موصوفًا بالعموم كما سيأتي وهذا اللفظ أن يكون مستغرقًا، هذا القيد الثاني. لجميع ما يصلح له، هذا هو القيد الثالث. لحسب وضعٍ واحدٍ، هذا قيد الرابع. دفعةً واحدةً: هذا قيد خامس. بلا حصر، هذا قيد سادس. لا يكون العام عامًا أو لا يوصف اللفظ بأنه عام إلا إذا توفرت فيه هذا القيود الستة. ما استغرق صالحا دفعة بلا ** حصر من اللفظ كعشر مثلا فحينئذٍ نقول هذا عام فلو نظرت في لفظ المشرك مثلاً هو مفرد معرف بأل وجدت أن هذه القيود الستة قد توفرت فيه فهو لفظ المشرك وهو مستغرق لجميع ما يصلح له لأن المشرك هذا اسم فاعل دخلت عليه (أل) الموصول في على فحينئذٍ له أفراد إذا أطلق المشرك انصرف إلي جميع أفراده بحسب وضع واحد لأنه يصدق على زيد وعمرو ومشرك وبكر ومشرك إلى آخره بوضع واحد يعني لم يوضع لكل فرد وضعًا خاصًا وإنما وضع اللفظ مرة واحدة وصدق على الجميع، دفعةً واحدة قلنا هذا احترازًا من المطلق فإنه مستغرق لكنه على سبيل البدل والشمول هنا في العموم المصطلح عليه عندنا هو العموم الشمولي الذي يدخل تحته أفراده تحت مسماه أفرادَهَ أفرادُهُ دفعة واحدة يعني مرة واحدة لا على التوالي، بلا حصر هذا احترازًا من أسماء العدد فإنها لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له وبوضع واحد ودفعة واحدة لكن مع حصر وهنا شرط العام أن يكون بلا حصر هذا هو حد العام وبين المحترزات فيما سبق. المسألة الثانية: نقول العموم من عوارض الألفاظ حقيقة. وهو من عوارض مباني ** وقيل للألفاظ والمعاني

وهو من عوارض المباني قلنا: عوارض جمع عارض والمراد به الذي يجيء ويذهب كالمال يسمى عرضًا لأنه يأتي ويذهب يجيء ويذهب {((((((((((عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ} [الأنفال:67] إذن الذي يوصف بكونه عامًا هو اللفظ باعتبار مفهومه وليس المراد وصف اللفظ لذات اللفظ ليس المراد بأن إذا قيل كل عام هل المراد لفظ كل دون المعنى يوصف بالعموم؟ الجواب: لا، وإنما كل لفظ باعتبار معناه الشمولي لتحقق معنى العام أنه شامل أو أمر واحد لمتعدد نقول: هو من حيث المعنى عام ويوصف اللفظ باعتبار المعنى لأنه عام ولذلك قال: العموم بمعنى الشركة في المفهوم. العموم هكذا قال ابن النجار العموم بمعنى الشركة في المفهوم فإذا قيل كل عام لفظ كل عام وجميع نقول: الشركة أين وقعت؟ في لفظ كل أو فيما دل عليه كل؟ فيما دل عليه كل حينئذٍ الشمول والتناول والاستغراق إنما وقع لمدلول كل ولذلك نقول: العموم بمعنى الشركة في المفهوم لا بمعنى الشركة في اللفظ هو الذي يقال فيه إنه من عوارض الألفاظ الحقيقة إجماعًا يعني: يوصف اللفظ بكونه عامًا إجماعًا وأما ما ذكرناه بالأمس قول السيوطي رحمه الله: يقال للمعنى أخص وأعم. نقول: هذا من قبيل المجاز الخاص والعام به لفظ اتسم هذا حقيقة إجماعًا إذن يوصف اللفظ بكونه عامًا حقيقة بالإجماع بمعنى أن كل لفظ عام يصح شركة الكثيرين في معناه إذا قيل هذا لفظ عام معناه أنه يصح شركة الكثيرين في معناه لماذا؟ لأنه في الأصل هو مستغرق لم؟ لجميع ما يصلح له لا أنه يسمى عامًا حقيقةً إذ لو كانت الشركة فيه مجرد الاسم لا في مفهومه لكان مشتركًا معه والحاصل أن بعض الأصوليين قال: إذا قيل لفظ كل عام أو هذا اللفظ عام المراد به اللفظ لذاته. نقول: لا، ليس بصواب بل اللفظ باعتبار مفهومه إذ لا انفكاك عندنا بين اللفظ والمعنى لأن الشمول والأفراد إنما هي في مدلول اللفظ إذا قيل: المشرك. مدلوله الاتصاف بالشرك أليس كذلك؟ هذا هو المدلول ذات متصفة بشرك فحينئذٍ نقول: هذا اللفظ المشرك من حيث هو وجوده في الذهن لأنه كلي فلا بد له من أفراد فحينئذٍ وقعت الشركة في ماذا؟ في المفهوم الذي وجد في ضمن أفراده في الخارج والكلام في الأفراد التي خارج الذهن لا في المفهوم الذهني حينئذٍ نقول: لو كانت الشركة في مجرد الاسم لا في مفهومه لكان مشتركًا لا عامًا فبطل القول بأن العموم من عوارض الألفاظ لذاتها وذكر الزركشي رحمه الله قال: من عوارض الألفاظ - يعني: العموم من عوارض الألفاظ حقيقة. - بمعنى وقوع الشركة في المفهوم لا بمعنى الشركة في اللفظ والمراد وصفه به باعتبار معناه الشامل للكثيرين إذن تبين أن مرادهم بأن العموم وصف للألفاظ حقيقةً ليس لذات الألفاظ فحسب دون المعاني وإنما اللفظ باعتبار معناه لأن الشركة والشمول والتناول والاستغراق إنما هو باعتبار المعنى لا باعتبار اللفظ من حيث هو إذ لا فصل بين اللفظ ومعناه، إذن عرفنا أن ماذا؟ أن العموم وصف للألفاظ حقيقة هل يوصف المعنى لكونه عامًا؟ السيوطي يقول: يقال للمعنى أخص وأعم.

هو يوصف المعنى بأنه عام لكن هل وصفه بأنه عام حقيقة أم مجاز؟ هذا محل نزاع بين الأصوليين بعضهم يقول: لا يوصف بكونه حقيقة ولا مجازًا. هذا القول مهجور عندهم وإنما انحصر الخلاف في كونه حقيقةً فقط أو مجازًا فقط قال بعض الأصوليين: إن العموم ليس من عوارض المعاني حقيقةً بل مجازًا وهذا المنسوب إلى أكثر الأصوليين أنه إذا قيل: عَمَّ المطر. نقول: هنا أمر واحد شامل للمتعدد. هل يوصف هذا المعنى وهو عموم المطر واستغراقه وتناوله لكثير من الأودية ونحوها هل يوصف بأنه عام أو لا؟ قالوا: يوصف بأنه عام مجازًا لا حقيقة وهذا مذهب جمهور الأصوليين لدليلين:

أولاً: أن من لوازم العام اتحاد الحكم لا بد أن يكون الحكم حكم مستويًا أو متساويًا في جميع الأفراد، وأما العموم المعنوي فهذا غير متساوي بل هو مختلف فإذا قيل {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] المشركين هذا محكوم عليه وهو لفظ عام كل مشرك استوى في القتل أصل القتل مستوٍ بين كل الأفراد هل تتفاوت الأفراد لتفاوت هذا الحكم؟ الجواب: لا، لأنه يلزم من الحكم بكون اللفظ عامًا أن يكون الحكم متساويًا في جميع الأفراد لا يختلف بعض الأفراد عن البعض الآخر بأن يكون الأفراد متساويين في الحكم أكرم الطلاب نقول: هذا عام. أكرم الطلاب طلاب هذا لفظ عام يصدق على بكر، وزيد، وخالد، وعمرو يجب أن يكون الإكرام إكرام زيد مساويًا لإكرام عمرو مساويًا لإكرام خالد مساويًا لإكرام بكر لماذا؟ لأن هذا من لوازم العام اتحاد الحكم، أما إذا تفاوت الحكم بإكرام عمرو زيادةً على خالد فهذا لا بد من قرينة زائدة على مجرد اللفظ أو بأن أحدهما أنقص من الآخر نقول: هذا لا بد من قرينة زائدة على مجرد اللفظ، أما العام فيلزم فيه الاستواء استواء الحكم بين أفراده أكرم الطلاب يجب أن يتساوى جميع الطلاب في الحكم وهو: الإكرام دون زيادة أو نقصان. ومثله في الشرع {(((((((((((((((((((((((} [البقرة:43] أقيموا الواو هذه واو الجماعة يستوي فيها الرئيس والمرؤوس، الحاكم والمحكوم، العالم والجاهل، الكبير والصغير، العزيز والحقير نقول: كلهم يستوي في هذا الحكم بحيث تجب على الكل صلاة الفجر ركعتان، وصلاة الظهر أربعة، وصلاة العصر أربعة هل نقول: للحاكم صلاة الفجر ركعة، وللعامة ركعتان؟ لا، بل لا بد أن يكون الحكم مستويًا بين جميع الأفراد هذا من لوازم من لوازم الحكم أما لو قال: عَمَّ المطر المدينة. يعني: شمل المطر المدينة. هل شمول المطر للمدينة مستوٍ في جميع البقاع والأودية أم أنه متفاوت؟ قالوا: متفاوت. وهذا قطعًا لأنه قد يكون في منطقة شديد، وفي منطقة خفيف بل قد ينزل على منطقة دون أخرى فحينئذٍ لو قيل: عَمَّ المطر المدينةَ. لا يلزم منه أن كل بقعة من بقاع المدينة قد نزل عليها المطر وأن هذا المطر مستوٍ في جميع الأجزاء والأودية ونحوها نقول: هنا اختلف الحكم، وهناك لزم منه اتحاد الحكم لا يوصف بالعام إلا إذا اتحد الحكم فلما انتفى اتحاد الحكم في العموم المعنوي وصف به مجازًا دون الحقيقة عَمَّ المطر المدينة ونحو ذلك من أمثلة العموم المعنوي فهنا الحكم غير متحد بل هو مختلف لأن المطر قد يكون في بعض الأودية دون بعض أو أكثر من البعض الآخر ومثله عَمَّ القبيلة العطاء يعني: من الخليفة. عَمَّ القبيلة العطاء العطاء عَمَّ القبيلة طيب هل يستوي رئيس القبيلة ومن دونه في العطاء؟ لا يلزم قد يعطى زيد أكثر مما أعطي عمرو، وقد يعطى خالد أنقص مما أعطي عمرو وهلم جره إذن لا يلزم اتحاد الحكم فالعطاء هنا غير متحد كما أن الحكم هناك بالمطر وشموله للأودية غير متحد فحينئذٍ صار فرقًا بين العام اللفظ والعام المعنوي وهو تخلف اللازمِ عن العموم المعنوي وهو: اتحاد الحكم. هذا الأول.

الثاني: أن العموم لغةً هو: الشمول. شمول أمر واحد لمتعدد أليس كذلك؟ والمتبادر هنا شمول أمر واحد المتبادر هو الوحدة الشخصية وهذه الوحدة الشخصية إنما توجد وتشخص في اللفظ دون المعنى لأن المعنى لا يوصف بكونه شخصًا فحينئذٍ لزم أن يكون العموم وصفًا للفظ دون المعنى لأن شمول أمر واحد الذي هو حقيقة العام لمتعدد هذا الأمر الواحد وهذا الشمول لا يمكن أن يكون إلا مشخصًا فحينئذٍ نقول: هنا الوحدة مشخصة، وحدة نوعية، وحدة شخصية، وحدة جنسية. هذه يفصلونها في باب المحرم وهنا الوحدة الشخصية لا بد أن تكون مشخصة وهي: موجودة في اللفظ. كل هذا تشخص أما المعنى هل هو مُشَخَّص هو أمر ذهني عموم المطر للمدينة سائر المدينة أمر ذهني لا يشخص بلفظ لا يعبر عنه بلفظ هذا الأصل أما كل وجميع نقول: هذا لفظ مشخص. فحينئذٍ الوصف يكون للمشخص لا لم لا يشخص فإذا وصف غير المشخص بالعموم نقول: هذا مجاز. هذا هو الأصل وهذا هو المضطرد عند كثير من الأصوليين أن وصف المعاني بالعموم هو مجاز وليس حقيقةً والمشهور عند ابن الحاجب رحمه الله أنه حقيقة لماذا؟ يقول: لأنه نقل عن العرب عَمَّ المطر المدينة وعَمَّهُمُ القحط وَعَمَّ الخليفة القبيلة بالعطاء. ونحو ذلك قال: استعملوا العموم في المعنوي واستعملوا العموم في اللفظ والأصل في الاستعمال الحقيقة فحينئذٍ لا مانع أن يحمل اللفظ على حقيقته في المعنيين هذا عطاء عام وعَمَّ القحط وعَمَّ المطر إذن لا مانع أن يكون هذا موصوفًا به اللفظ وأن يكون موصوفًا به المعنى لكن يرد عليه ماذا لأنهم لما اتفقوا واجمعوا أن الوصف بالعموم حقيقةٌ للفظ فلو وصف به المعنى لكان من قبيل المشترك يعني: وضع وضعًا خاصًا للفظ الذي هو العموم ووضع وضعًا خاصًا للمعنى لأن هذا له شأن المشترك أن يوصف به بوضعين بخلاف لو قلنا: الأول حقيقة، والثاني مجاز قد يقول قائل: أيضًا المجاز وضع بوضع ثاني كالمشترك. نقول: إذا تعارض الحقيقة وإذا تعارض المجاز واللفظ المشترك والقول بالمشترك فالمجاز مقدم عليه لماذا؟ لأن المجاز المتبادر منه معنى واحد ولو كان معنى ثانويًّا أما المتبادل من اللفظ المشترك هو معنيان قد لا يكون لأحدهما مزية على الآخر، ولذلك إذا كان اللفظ المشترك مطلقًا على معنيين متضادين كالقرء مثلاً الحيض والطهر إذا لم يظهر أحد المعنيين ما الحكم؟ صار ماذا؟ صار مجملاً أحسنت صار مجملاً والحكم الحكم المجمل ما هو كما سيأتينا؟ الوقف يتوقف حتى يأتي دليل يبين المراد من المسألة، أما المجاز فلا لذلك إذا تعارض عندهم المجاز مع اللفظ المشترك قدم المجاز لأن المتبادل معنى واحد لا بد من قرينة ظاهرة تبين المراد تبين المراد عرفنا هذا إذن المسألة التي معنى هل العموم من عوارض المعاني حقيقة أو لا؟ قلنا: الصواب أنه مجاز، وما ذكر أو مال إليه ابن الحاجب وهو من عوارض المعاني المباني نعم. وهو من عوارض المباني ** وقيل للألفاظ والمعاني وهو من عوارض المباني هذا الصواب هذا متفق عليه وقيل للألفاظ والمعاني مع الحقيقة وهو مذهب ابن الحاجب لكنه مرجوح مردود بكونه لو قيل به لقيل بأن اللفظ العام لفظ مشترك.

أقسام العموم قسم بعض أهل العلم الأصوليين ونحوهم العمومة باعتبارات قسموا العمومة باعتبارات. الأول: باعتبار ما فوقه وما تحته قد يكون اللفظ داخلاً تحت لفظ آخر من جهة المعنى، وقد يكون يدخل تحته لفظٌ ولا يدخل هو تحت لفظ آخر هذا مر معنى في المنطق ينقسم باعتبار ما فوقه وما تحته إلى نوعين: عام مطلق، وعام نسبي إضافي. نوعان لا ثالث لهما عام مطلق، وعام نسبي إضافي. العام المطلق هو: العام الذي لا أعم منه ليس فوقه لفظ يشمل هذا اللفظ كالمعلوم اختلفوا في تحديده لكن المشهور أنه المعلوم معلوم هذا يشمل الموجود والمعدوم لو قيل الموجود لخرج المعلوم لكن لو قيل المعلوم يعني: ما من شأنه أن يعلم. هذا يشمل ماذا؟ يشمل الموجود ويشمل المعلوم حينئذٍ الشيء إما موجود وإما معلوم إذا قيل: هو معلوم. حينئذٍ شمل اللفظ للنوعين هل ثَمَّ لفظ عام يدخل تحته المعلوم؟ قالوا: لا. وقيل: المذكور المذكُور. قالوا: هذا يشمل الموجود والمعلوم وبعضهم يرى أنه يشمل المعلوم والمجهول وذكر ابن النجار أن ما يوصف بكونه أعم ما هو متصور بصيغة اسم مفعول يعني: ما يتخيل في الذهن وإذا جعل أو أحيل الشيء على الذهن فالذهن يتصور ما لا يمكن تصوره لأنه يتصور المستحيل فحينئذٍ المتصور أي: الذي يتخيل صورته في الذهن قال: هو أعم أو عام لا أعم منه. وهو لفظ المتصور. أما العام النسب الإضافي فهو أن يكون داخلاً تحت أعم منه ويشمل تحته أفراد أو فرد أخص منه مثل ماذا؟ قالوا: الحيوان. الحيوان يشمل الإنسان والفرس والبغل إلى آخره إذن هو عام الحيوان عام بالنسبة للإنسان يعني بالنظر إلى ما هو دونه، والحيوان داخل في النامي، النامي الذي يقبل النمو فيشمل الحيوان ويشمل النبات مثلاً إذن الحيوان هذا عام نسبي إضافي إذا نسبناه إلى ما فوقه وهو النامي فهو خاص وإذا نسبناه إلى الإنسان والبغل والفرس فهو عام هذا نسميه عام عامًا نسبيًّا، إذن باعتبار ما فوقه وما تحته ينقسم العام إلى قسمين: عام لا أعم منه وهو العام المطلق، وعام تحته خاص وفوقه عام ويسمى العام النسبي الإضافي. ينقسم أيضا باعتبار المراد منه ما المراد منه؟ ينقسم إلى ثلاثة أقسام: عام أريد به العام، وعام مخصوص، وعام أريد به الخصوص.

عام أريد به العام هو الذي لم يدخله تخصيص البتة الذي يسميه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بالعام المحفوظ يعني: محفوظ عن أي شيء عن المخصص لم يستثنى منه أيُّ فرد وهل هذا له مثال أو لا؟ بعضهم يقول: هذا عزيز. يعني: وجوده في الكتاب والسنة قليل جدًا لكن الصواب أنه كثير ومنه قوله تعالى: {((((((عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (((((} [البقرة:284] نقول هذا عام {(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ (((((((((} [هود:6] نقول: {(وَمَا مِنْ ((((((((} دابة نكرة في سياق النفي هو عام محفوظ هل يستثنى منه شيء؟ لا يستثني منه شيء {((((((بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (((((} [البقرة:282] هل يستثنى منه شيء؟ نقول: لا يستثنى منه شيء {((مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة:284] نقول: هذا عام مفهوم إذا عام أريد به العام بحيث إن تناوله لجميع أفراده لم يستثنى من أفراده أي فردٍ واحد - يعني: لم يقرأ عليه أي تخصيص - وهذا هو الأصل في العام. النوع الثاني: عامٌ مخصوص بمعنى: أن أصل وضع اللفظي وضع متناولاً ومستغرقًا لجميع أفراده ولمن هذا في الاستعمال إذن هو متناولٌ لجميع أفراده استعمالاً لا حكمًا لماذا؟ لأن بعض أفراد المدلول أو الذي دل عليه العام قد أخرجه المخصص أخرجه من ماذا؟ أخرجه على المشهور من الحكم فحينئذٍ يكون داخلاً على المشهور أقول: يكون داخلاً في اللفظ العام استعمالاً لا حكمًا: {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] {(((((((((((((((((} هذا عام يشمل المطلقة المتوفى عنها زوجها المدخول بها الآيس ونحوها هل هذا عام؟ {(((((((((قُرُوءٍ} من جهة اللفظ يشمل المدخول بها وغير المدخول بها المتوفى عنها زوجها وغير المتوفى عنها زوجها هذا اللفظ {(((((((((((((((((} لكن هل الحكم وهو التربص {(((((((((قُرُوءٍ} عامٌ لجميع أفراد اللفظ العام؟ الجواب لا لماذا؟ لورود المخصص حينئذٍ نقول: المطلقات من حيث الاستعمال هو متناولٌ لجميع أفراده مستغرقٌ لجميع أفراده لماذا؟ لأنه لو لم يكن مستغرقًا لجميع أفراده لتخلف قيدٌ من القيود العام لأنه لا يحكم عليه بأنه لفظٌ عام إلا إذا كان مستغرقًا لجميع ما يصلح له فإذا قيل: المطلقات لكونه استثني بعض أفراد ليس بعام أو ليس متناولاً لكل أفراده استعمالاً لما سبق عليه أنه عام لأننا أولاً نثبت أنه عام لتطبيق الحد فنقول: المطلقات هذا مستغرقٌ لجميع أفراده إذن تناول جميع الأفراد استعمالاً أما من جهة الحكم نقول: لا. وذو الخصوص هو ما يستعمل ** في كل الأفراد لدى من يعقل إذن العام المخصوص الذي دخله التخصيص نقول: متناولٌ لجميع أفراده استعمالاً لا حكمًا العام الذي أريد به الخصوص هذا غير متناول لأفراده يعني: لم يشمل جميع الأفراد غير مستغرق لجميع ما يصلح له لا استعمالاً ولا حكمًا يعني: ابتداءً أريد باللفظ بعض الأفراد في العام المخصوص أريد ابتداءً كل الأفراد ثم جاء الحكم على البعض دون البعض وهنا ابتداءً أريد بعض الأفراد وجاء الحكم على هذا البعض المراد هذا يسمى ماذا؟ يسمى العام الذي أريد به الخصوص.

وذو الخصوص هو ما يستعمل ** في كل الأفراد لدى من يعقل وما به الخصوص قد يراد ** جعله في بعضها النقاد ما الفرق بينهما الثاني مثل ماذا؟ {(((((((((قَالَ لَهُمُ ((((((((} [آل عمران:173] {(((((((((} هذا اسم موصول لصيغة العموم {(((((لَهُمُ ((((((((} هذا من صيغ العموم إن الناس من صيغ العموم هنا يتعذر حمل هذه العمومات الثلاثة على أصلها وهو تناول جميع الأفراد لأن الناس هم القائلون كل الناس وقد قالوا لمن؟ لكل الناس يمكن لا يمكن عقلاً ولا واقعًا فحينئذٍ نقول: هذا لفظ الناس عامٌ باعتبار الأصل ولكنه أطلق وأريد به البعض وهو واحد نعيم بن مسعود رضي الله تعالى عنه فحينئذٍ إن الناس هنا المراد به واحدٌ هل شمل لفظ الناس جميع الأفراد؟ الجواب لا هل الحكم نزل على جميع الأفراد؟ الجواب لا. إذن الفرق من حيث الاستعمال والحكم بين العام والمخصوص والعام الذي أريد به الخصوص ما هو أن الأفراد في العام المخصوص اللفظ متناولٌ لها ابتداءً إذن أريدت الألفاظ استعمالاً أما الألفاظ في العام الذي أريد به الخصوص لم تدخل كل الأفراد استعمالاً وإنما أريد بعض الأفراد استعمالاً، من جهة الحكم ما المراد بالحكم في العام المخصوص البعض أم الكل؟ البعض والعام الذي أريد به الخصوص البعض، إذن الخلاف في ماذا؟ في الاستعمال في التناول الاختلاف في التناول أما العام الذي أريد به العام فهو مستغرقٌ لجميع الأفراد والحكم جاء متناولاً لجميع الأفراد فهو متناولٌ لجميع أفراده استعمالاً وحكمًا. والثاني: استعمالاً لا حكمًا. والثالث: لا استعمالاً ولا حكمًا. الثاني: العام الذي أريد به الخصوص هذا باتفاق عند الأصوليين أنه مجاز {(((((((((قَالَ لَهُمُ ((((((((} قالوا: الناس هذا مجاز مرسل باتفاق. والثاني يعزو للمجاز جزمًا

اتفقوا على أنه مجازٌ مرسل علاقته الكلية والجزئية وأما العام الذي خص أو العام المخصوص فهذا فيه خلاف هل هو حقيقة أم مجاز؟ والصواب أنه حقيقة، لماذا؟ لأن اللفظ قد تناول البعض يعني: إذا قيل: {(((((((((((((((((} يعني: إذا أخرج منه المتوفى عنها زوجها - في الأصل هي الداخلة ثم أخرجت بمخصصٍ طيب قبل التخصيص دل اللفظ على ماذا؟ على كل الأفراد قبل التخصيص دل اللفظ على كل أفراد المطلقات بعد التخصيص خرج نوعٌ أو نوعان دلالة اللفظ على الباقي بعد التخصيص هي التي محل الخلاف بين الأصوليين هل هي حقيقة أم مجاز؟ نقول: دلالة اللفظ بعد التخصيص على بعض الأفراد أو على الباقي بعد التخصيص كدلالته قبل التخصيص ودلالة اللفظ على كل الأفراد وقبل طروء التخصيص حقيقة ثم إذا أخرج بدليل بقي الباقي دلالة اللفظ على هذا الباقي كدلالته قبل التخصيص إذن استوى الأمران قبل التخصيص وبعد التخصيص فحينئذٍ استعمل اللفظ فيما وضع له ابتداء ً وهو حد الحقيقة وأما القول بأنه مجاز لأن الباقي هذا قد استعمل قبل التخصيص مع غيره الذي أخرج فيما بعد ثم دل اللفظ على الباقي دون ذات الذي أخرج نقول: هذا ليس من علاقات المجاز وإنما الأول هو المرجح أنه حقيقةٌ في الباقي بعد التخصيص وهو حجةٌ على الأصح وقد قال بعضهم أنه ليس بحجة إذن العام المحفوظ هذا حجةٌ باتفاق وهو حقيقةٌ باتفاق لا خلاف فيه وأما العام المخصوص قد اختلفوا فيه هل دلالته على الباقي بعد التخصيص حقيقة أو مجاز ثم اختلفوا اختلافًا آخر هل هو حجة أم لا؟ فإذا تعارض النوعان أيهما يقدم؟ المحفوظ ما اتفق على حجيته وأنه حقيقة مقدمٌ على ما اختلفوا في حجيته ولذلك نقول: الواجب المتفق عليه ليس كالواجب المختلف فيه والمحرم المتفق عليه ليس كالمحرم المختلف فيه مطلقًا من جميع الوجوه أيهما أشد تحريمًا المجمع عليه أم المختلف فيه؟ المجمع عليه إذن درجات التحريم درجات وكذلك الواجبات درجات الواجب المجمع عليه ليس كالواجب المختلف فيه إذن نقول: الصواب أن العام المخصوص حجةٌ في الباقي بعد التخصيص وأنه حجة كما أنه قبل التخصيص حجة كذلك بعد التخصيص حجة وهذا باتفاق السلف لأننا لو لم نجعله حجة لسقط كثير من عمومات القرآن لأنه قيل: ما من عامٍ إلا وقد خص وهذا في الأحكام ما من عامٍ إلا وقد خص طيب إذا قيل: ما من عامٍ وقد خص ودلالته على الباقي ليس بحجة ماذا بقي؟ نحتج بماذا؟ سقطت أكثر عمومات القرآن إن لم يكن كلها حينئذٍ نقول: القول بكونه ليس بحجة في الباقي بعد التخصيص هذا قول باطل، لا يمكن أن يعول عليه وإنما نقول: هو حجة وهو حقيقةٌ في دلالته على الباقي باعتبار تخصيصه نقول: عامٌ محفوظ، وعامٌ مخصوص - يعني ينقسم العام باعتبار تخصيص وهذا داخلٌ فيما سبق عامٌ محفوظ، وعامٌ مخصوص - طيب ذكرنا مثالاً واحدًا للعام الذي أريد به الخصوص نأتي بمثال آخر: {((((يَحْسُدُونَ ((((((((} [النساء:54].

ثالث: {(((((((((((((((((((((((((((} [آل عمران:39] من هو جبريل؟ هو ملائكة لكن لابد من نكتة هنا ليس استعمال اللفظ العام الذي أريد به الخصوص لابد في العدول عن من نكتة -يعني: من فائدة - لا يستعمل اللفظ هكذا ابتداءً لذلك قيل: {((((يَحْسُدُونَ ((((((((} لما جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صفات الخلق أطلق عليه أنه الناس طيب وكل ما قيل أنه عامٌ أريد به الخصوص لابد من فائدة: {(((((((((آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ ((((((((} [الأنعام:82] {((((((((} هذا الأصل أنه ظلم عام يشمل الصغائر ويشمل الكبائر ويشمل الشرك لكن المراد به في الآية ماذا؟ الشرك المراد به الشرك نقول: هذا عامٌ أريد به الخصوص وهو مجاز ذكرنا في حد العام المستغرق لجميع ما يصلح له يعني ما يصلح له اللفظ وضعًا ما وضع له اللفظ في لغة العرب متناولاً لجميع الأفراد ثم فردان مختلفٌ حكمهما عند الأصوليين هل يشملهما اللفظ العام أم لا؟ الفرد الأول: الفرد النادر أو التي يعبر عنها بالصورة النادرة التي لم يخطر ببال المتكلم دخولها في اللفظ العام هل يشملها هذا اللفظ العام أم لا؟ النادر في ذي العموم يدخل ** أو لا خلافٌ وق .. ومطلقٍ أو لا خلاف ينقل

بمعنى إذا قيد اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له اللفظ - يعني: له أفراد -طيب من حيث الشهرة ومن حيث المعرفة ومن حيث العلم ومن حيث استحضار المتكلم هل هذه الأفراد كلها مستحضرة في ذهن المتكلم هل هي مستوية كلها في الشهرة وفي الندرة وما يتعلق بها؟ الجواب لا. قد يستحضر المتكلم أفرادًا معينة وتغيب عن ذهنه بعض الأفراد هذه الأفراد التي لم تخطر بالبال عبر عنها الأصوليون بماذا؟ بالفرد النادر والأصول النادرة إذا علق الحكم خاصةً بالشرعيات على لفظٍ ثم سمى صورة نادرة خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة ولم يكن عندهم فردٌ من أفراد العموم هل هو داخلٌ في العموم أو لا؟ اختلف الفقهاء في المسابقة على الفيل هل تجوز أو لا تجوز؟ الفيل من ذوات الخف وسبب الخلاف هو هذه القاعدة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا سبق إلا في خفٍ أو حافٍ». «في خفٍ». يعني: في ذي خفٍ صاحب خف هنا اختلفوا هل هذا من قبيل المطلق أو العام هذا أولاً؟ نقول الصواب أنه من قبيل العام لأنه وإن كان نكرة في سياق الإثبات إلا أنه في قوة الشرط أو في معنى الشرط يعني: «لا سبق إلا». إن كان السبقُ في خفٍ فحينئذٍ «خف» هذا نكرة في سياق الشرع فتعم، طيب الفيل من ذوات الخف النبي - صلى الله عليه وسلم - خاطب الصحابة هذا فردٌ نادر هل خطر ببال المتكلم أن يحكم على الصحابة بأنهم لا يتسابقون في ذوات الخف كالبعير ومنه الفيل أيضًا أم لا؟ قالوا: هذه صورة نادرة من قال: بدخول النادر في حد العام وبأن اللفظ العام متناولٌ لجميع أفراده وحتى الصورة النادرة قال: بجواز المسابقةِ على الفيل لماذا؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إلا في خفٍ». وهذا من ذوات الخف فشمله اللفظ وبعضهم يقول: لا هذه نادرة ولم تخطر ببال المتكلم ولم يستحضرها الصحابة حتى يسألوا عنها أو لا فحينئذٍ ليست داخلة في قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا سبق إلا في خفٍ». فقالوا: لا تجوز المسابقة على الفيل. «إنما الماء من الماء». حديثٌ صحيح «إنما الماء» يعني: الغسل. غسل الجنابة «من الماء» يعني: من المني. من سببية، والماء نقول: هذا عام ما اسم جنس إفراد دخلت عليه أل فعم الجمع والفرد المعرفان بلام إذن هو عام يشمل ماذا يشمل المني الذي خرج بلذةٍ ويشمل المني الذي خرج بلذةٍ غير معتادة ويشمل المني الخارج بغير لذةٍ لكن ما الذي هو ظاهر من اللفظ أو المتبادر إلى ذهن المتكلم والمخاطب الذي يخرج بلذة حينئذٍ اللفظ هذا «الماء من الماء» هل يشمل الصورة النادرة التي لا تخطر ببال المتكلم ولا المخاطب وهو خروج المني بغير لذة هل هذه الصورة حاضرة في الذهن أو لا؟ قالوا هذه صورة نادرة من قال بدخول الصورة النادرة في عموم اللفظ وأن اللفظ العام مستغرقٌ لجميع أفراده النادرة وغير النادرة حكم بجوب الغسل من الماء مطلقًا بلا استثناء فقال يجب الغسل ولو خرج المني بغير لذةٍ ومن قال: لا منعه قال: لا يجب الغسل إلا بخروج المني المعتاد وهو بلذة لأنه هو الظاهر من اللفظ ولذلك يقول: الفقهاء وموجبه خروج المني دفقًا**بلذةٍ لا بدونهما من غير ماءٍ

هذا المذهب عندهم، وموجبه. يعني: الغسل خروج المني دفقًا بلذةٍ احترازًا من غير اللذة لماذا؟ لأنه فردٌ نادرٌ مختلفٌ فيه والمرجح أنه ليس بداخلٍ عن بعضهم عند بعض الحنابلة إذن يتفرع على هذه المسألة وهي دخول الفرد النادر وعدم دخوله فروعٌ في الفقهيات: {(((((((((((((((((((} [المجادلة:3] رقبة هذه ذكر أو أنثى لو قال: اعتق رقبة لو أعتق خنثى تجزئ أو لا تجزئ قالوا: الخنثى هذا فردٌ نادر من قال: بدخوله في المطلق ومثال المطلق إلى مسألة عامة مشتركة من قال بدخول الفرد النادر حكم بإجزاء الخنثى أن تعتق الخنته ومن قال: لا منع إذن هذه ثلاثة أمثلة عن هذه القاعدة. فما لغير لذةٍ والفيل ** ومشبهةٌ في تناف القيل فنادرٌ في ذي العموم يدخل ** ومطلقٍ أو لا خلاف ينقل فما لغير لذةٍ، لغير لذةٍ. - يعني: المني الذي خرج بغير لذة -. والفيل: مسابقة على الفيل، ومشبهةٌ - مشبه الذكر والأنثى، الخنته - في تناف القيل: اختلف العلماء في هذه المسائل الثلاث بناءً على خلاف في دخول الصورة النادرة في اللفظ العام وأصح القولين والمذهبين والعلم عند الله أن اللفظ يتناول الصورة النادرة لو قيل بعدم تناولها بين الخلق لما كان بعلمٍ أما في الشرعيات فلا لأن الشرع محكم والمتكلم محكم أيضًا أو الكلام محكم لأن الشرع عام في كل زمن وفي كل مكان فإذا قيل: «لا سبق إلا في خفٍ» إذا لم يكن في خف هذا الحديث «بلغوا عني ولو آية». الحديث هذا انتشر وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبليغه وإبلاغه إذن سيصل إلى اليمن سيصل إلى الهند سيصل إلى الأماكن التي يكون فيها الفيل تجري عليه المسابقة وإذا لم يكن مشهورًا في الجزيرة عندنا هنا أو في المدينة النبوية التي كان فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمنع أن يكون الحديث مرادًا به كل الخف وهذا مثل المسألة المختلف فيها «صوموا لرؤيته». توحيد الأهلة وما نحو ذلك لأن الخطاب عام «صوموا» أيها المؤمنون «لرؤيته» هنا كذلك «لا سبق إلا في خفٍ» نقول: هذا الحديث عام يشمل كل من يبلغه الحديث سواءٌ كان الفيل مشتهرًا عندهم استعمالاً ومسابقة ونحو ذلك ومن لم يكن الفيل عندهم مشهورًا حينئذٍ نقول: الصواب جواز المسابقة على الفيل ووجوب الغسل من المني الخارج بغير لذةٍ والجواز إعتاق الخنثى مطلقًا.

المسألة الثانية: وهي الفرد غير المخصوص هل يشمله ويتناوله اللفظ العام أو لا؟ يعني: الصورة التي لم تقصد في العموم إذا أطلق لفظ عام وسمى صورة غير مقصودة غير المقصودة هذه وغير النادرة أو النادرة بينهما عمومٌ أو اشتراط لماذا؟ لأن الصورة النادرة قد تكون مقصودة وقد تكون غير مقصودة غير المقصودة قد تكون نادرة وقد تكون غير نادرة إذن بينهما قاسمٌ مشترك لو قال: اشتري عبيدي موكل وكل قال لزيد: اشتري عبيد زيدٍ قال لموكله الوكيل قال: للموكل اشتري عبيد زيدٍ طيب عبيد زيد هذا عام أو خاص؟ عام أليس كذلك؟ عام إذا كان في عبيد زيد من يَعْتُقُ على الموكِل بمجرد الشراء كأن يكون أمه أو أباه هو لم ينوي ولم يعلم بأن ثمَّ من العبيد من يعتق عليه فحينئذٍ لو اشتراه هل يعتق أو لا؟ مبنيًا على هذا الخلاف هل الصورة التي لم تقصد لم تعلم هل هي داخلةٌ في العام أم لا؟ والمشهور عند الأصوليين أنها داخلة فحينئذٍ يصح الشراء ويعتق من لزمه عتقه إذن صورتان الصورة النادرة الصواب أنه يشملها اللفظ العام والصورة غير المقصودة المرجح عند بعضهم والشيخ الأمين نصر هذا رحمه الله في ((الأضواء)) أنهها أيضًا داخلةٌ في الحد العام في مدلول العام يعني: يتناولها العام فحينئذٍ لو وكل فقال: اشتري عبيد زيد وكان فيه أبوه عبدٌ مثلاً كان أبوه عبدًا معهم عتق عليه ولا نقول: هو لم ينوي هذه الصورة ولم يقصدها لماذا؟ لأن اللفظ عام ولذلك الزركشي علل بتعليل جيد قال: فلا مبالاة بصورةٍ لم تقصد. فلا مبالاة: إذن يجري اللفظ العام على أصله وأن الحكم يتناول كل الأفراد. فلا مبالاة بصورةٍ لم تقصد فإن المقاصد لا انضباط لها. لا تنضبط وخاصة في الخصومات ونحو ذلك لأنه قال: ما نويت قد يكذب من الذي يدلنا على أنه قصد أو لم بقصد إذن لا تنضبط هذه إذن: فإن المقاصد لا انضباط لها. حينئذٍ يتعين الرجوع إلى ما يمكن أن ينضبط وهو الوقوف مع اللفظ إذا تعارض اللفظ والقصد نرجع إلى اللفظ إذا اختلف في صورةٍ نادرة هل هي داخلة في النظر أو لا؟ نقول: نرجع إلى اللفظ لماذا؟ لأنه هذا لفظٌ عام والأصل في العام تناوله واستغراقه لجميع أفراده. دلالة العام على أفراده: يذكرون أن مدلول العام كليًا بل حكم عليه بالتركيب من تكلم مدلوله كليةٌ والكلية كما سبق أنه وصل للجملة، والكلي وصفُ للمفرد فإذا قيل: مدلول العام كلية المراد به أن الحكم المحمول على لفظٍ عام يتبع كل فردٍ فرد من أفراد العام هذا معنى أنه كليًا. وحيثما لكل فردٍ حكما ** فإنه كليةٌ قد علما

فإذا قيل: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] كل مشرك كل من اتصف بالشرك فالحكم ثابتٌ عليه وهو وجوب القتل إلا ما استثني بالمخصصات {((((((((((((((((((((((((((((} حينئذٍ نقول: مدلول العام كليًا لكن متى؟ مدلول العام كليًا متى؟ بعد التركيب بعد أن يدخل في جملةٍ مفيدة ولذلك يقول: الوصف بالكلية والجزئية وصف للجملة ليس للمفرد {((((((((((((((((((((((((((((} نقول: هذا كلية لأن المشركين هنا لا ينظر إليهم باعتبار كونه عامًا فقط وإنما ينظر إليه باعتبار كونه عامًا محكومًا عليه ففرقٌ بين أن يقال: المشركون، وبين أن يقال: {((((((((((((((((((((((((((((} المشركون هذا لفظٌ عام مستغرقٌ لكل الأفراد لن يتناول كل أفراد ولكن بلا حكم {((((((((((((((((((((((((((((} يتناول كل الأفراد ولكن مع الحكم على كل فردٍ فرد واضح هذا إذن المشرك والمشركون وكل وبعض والجميع والذين إلى آخره كل ألفاظ العموم قبل التركيب قبل أن تجعل في جملة مفيدة اسمية أو فعلية نقول: ماذا؟ هي كلي تدل على كل الأفراد لكن بلا حكمٍ لو قال: المشركون. نقول: هذا دخل فيه كلُ من اتصف بالشرك لكن ما حكمه لم نحكم عليه بشيء لكن إذا قيل: {((((((((((((((((((((((((((((} نقول: هذا لفظٌ عام وهو كليةٌ إذًا قبل التركيب هو كليٌ لأنه مفرد والمفرد الكلي هو ما أفهم اشتراكه وهنا أفهم اشتراكه بين أفراده على جهة التساوي مع اتحاد الحكم أما {((((((((((((((((((((((((((((} نقول: هنا أيضًا دل على أفراد وتساووا في الحكم وهو وجوب القتل إذن مدلوله كليةٌ إن حكما عليه في التركيب من تكلم إذن حينئذٍ نقول: الأصح التركيب في اللفظ العام قبل التركيب وبعد التركيب هو كليٌ قبل التركيب كليةٌ بعد التركيب الوصف الأول للمفرد والوصف الثاني للجملة كما سبق: وهو على قسمين أعني المفردا. التقسيم لماذا؟ للمفرد. وهو على قسمين أعني المفردا ** كليٌ أو جزئي حيث وجدا فمفهم اشتراكٍ الكلي ... عكسه جزئي ثم قال: وحيث لكل فرد قلنا اللام - بمعنى: على - وحيثما لكل فردٍ حكما فإنه كليةٌ إذًا حُكم عندنا محكوم ومحكومٌ عليه ففرقٌ بين الحالين قبل التركيب وبعد التركيب أما دلالته على الفرد الواحد .. .. لكن لا يكون على الفرد الواحد وإنما يقولون: دلالته على أصل المعنى وهذا أصل المعنى إنما يوجدُ في فردٍ واحدٍ في غير التثنية والجمع قطعية المشركون هذا يجوز لو قيل: المشرك مفرد يجوز تخصيصه على الصحيح إلى أن يبقى واحد وفي الأصل في الاستعمال في الوضع اللغوي يتناول أفراد بلا حصر لكن لو جاءت مخصصات وأخرجت وأخرجت وبقي واحد فقط زيد المشرك صح؟ صح، هل يجوز إخراجه؟ لا ما يجوز لماذا؟ سقط اللفظ سقط المعنى حينئذٍ دلالة المشرك على أصل المعنى الذي يوجد في فردٍ واحد لا يمكن أن يرد أصل المعنى بلا فرد وإلا كان في النية لا وجود له في الخارج وإنما لا بد من فردٍ واحد دلالة المشرك على أصل المعنى الذي يكون في ضمن فرد واحد هذه دلالة قطعية: وهو على فردٍ يدل حتمًا

هكذا قال، وفهم الاستغراق ليس جزمًا كيف يعني؟ يعني دلالة المشرك على كل الأفراد ظنية ودلالة على الفرد الواحد أصل المعنى الموجودة في ضمن ألفاظ الواحد دلالة قطعية لماذا فرقنا بين الدلالتين؟ الظن المشرك إذا قيل: المشرك ودل على أفراد متعددة بلا حصر اللفظ العام هل يقبل التخصيص أو لا؟ إذا كان يقبل التخصيص لا يمكن أن يلزم بالحكم على كل شخص الاحتمال التخصيص صار اللفظ على كل الأفراد دلالة ظنية لأنه يحتمل كل فرد يحتمل أنه يأتي مخصص فيكون ... أليس كذلك؟ وهذا حقيقة الظن والظن تجويزٌ لأمرين مرجحًا لأحد الأمرين حينئذٍ لاحتمال أن يرد المخصص على بعض الأفراد وهذا الفرد أو هذه الأفراد غير معينة ضعفت الدلالة من القطع إلى الظن أما دلالة المفرد على الواحد فهذه قطعية لأنه لو لم يكن لسقط اللفظ ولكن هذا اللفظ على الواحد هذا في المفرد أقل ما يمكن أن يبقى بعد التخصيص واحدٌ من اللفظ المفرد أما المثنى فاثنان والجمع فثلاثة لو قيل: {((((((((((((((((((((((((((((} نقول: المشركين هذا يجوز تخصيصه إلى أن يبقى ثلاثة لأنه أقل الجمع وعند من يرى أن أقل الجمع اثنان نقول ماذا؟ يجوز أن يخصص إلى أن يبقى اثنان والصواب أن أقل الجمع ثلاثة فحينئذٍ {((((((((((((((((((((((((((((} يجوز أن يخصص إلى أن يبقى ثلاثة هل يجوز أن يخصص دون ثلاث؟ لا، لا يجوز. لماذا؟ لأن اللفظ هنا دالٌ على الجمع المذكر السالم وأقل الجمع ثلاثة فحينئذٍ لو خصص إلى ما دون الثلاث لسقطت دلالة اللفظ التي هي أصل المعنى حينئذٍ دلالة الجمع على الثلاثة دلالةٌ قطعية ودلالة الجمع على الاستغراق دلالةٌ ظنية المثنى لو قال: فاقتلوا المشركين. سيأتينا المثنى المحلى بأل من صيغ العموم فاقتلوا المشركين لأن المشركين هذا يصدق على زيد وعبيد ومحمد وخالد إلى آخره فكل اثنين يحتمل أنه يدخل تحت اللفظ طيب التخصيص هنا إذن صار اللفظ متناولاً لأفرادٍ بلا حصرٍ كل اثنين اتصفا بالشرك يصدق عليهما هذا اللفظ مشركين فحينئذٍ يجوز التخصيص والإخراج إلى أن يبقى اثنان إذن دلالة التثنية على الاثنين دلالة قطعية ودلالته على الاستغراق دلالةٌ ظنية: وهو على فردٍ يدل حتمًا ** وفهم الاستغراق ليس جزمًا بل هو عند الجمهور بالرجحان ** والقطع فيه مذهب النعمان عند أبي حنيفة أنه يدل على جميع الأفراد دلالة قطعية وينبني على هذا إذا دل دلالة قطعية أنه لا يجوز تخصيص القرآن الكتاب والسنة المتواترة بخبر الواحد والقياس لو قيل بهذا لما جاز تخصيص الجمع أو العام إذا كانت دلالته قطعية جازمة يقينًا على كل الأفراد لما جاز تخصيصه بخبر الواحد والقياس لكن نقول: الصواب أن دلالته على الجمع على الاستغراق على كل الأفراد دلالةٌ ظنية لاحتمال التخصيص، وأما دلالته على ما يؤدي أصل المعنى وهو الواحد في المفرد، والاثنان في التثنية، والثلاثة في الجمع فهي دلالةٌ قطعية. إذن وَحَدُّهُ لَفْظٌ يَعُمُّ أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ مَا حَصْرٍ يُرَى مِنْ قَولِهِمْ عَمَمْتُهُمْ بِمَا مَعِي ** وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ فِي أَرْبَعِ ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد.

30

عناصر الدرس * هل للعموم صيغة تخصه؟ * ألفاظ العموم وأنوعه الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله وغفر له ولشيخنا ولجميع المسلمين: بَابُ العَامِّ وَحَدُّهُ لَفْظٌ يَعُمُّ أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ مَا حَصْرٍ يُرَى مِنْ قَولِهِمْ عَمَمْتُهُمْ بِمَا مَعِي ** وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ فِي أَرْبَعِ الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ ** بِالَّلامِ كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ ** مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ وَلَفْظُ مَنْ فِي عَاقِلٍ وَلَفْظُ مَا ** فِي غَيْرِهِ وَلَفْظُ أَيٍّ فِيْهِمَا وَلَفْظُ أَيْنَ وَهْوَ لِلْمَكَانِ ** كَذَا مَتَى الْمَوضُوْعُ لِلزَّمَانِ وَلَفْظُ لا فِي النَّكِرَاتِ ثُمَّ مَا ** فِي لَفْظِ مَنْ أَتَى بِهَا مُسْتَفْهِمَا ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْواهُ ** فِي الفِعْلِ بَلْ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زال الحديث في هذا الباب الذي عقده الناظم رحمه الله تعالى في بيان العام الذي هو وصف لأوصاف أو وصف من أوصاف اللفظ باعتبار مدلوله كما سبق وذكر في هذا الباب ثلاث مسائل: أولاً: في حده. وثانيًا: في ألفاظه.

ثم ختم الباب بقوله: (ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْواهُ ** فِي الفِعْلِ): هل العموم من صفات النطق أو لا؟ هل يعم الفعل أو لا؟ وما جرى مجرى الفعل هل يعم كالقول أو لا؟ وهذه سبق وأن تعرضنا لها في حد ماذا؟ في حد العام قلنا: الصواب أنه أو اتفقوا على أن العموم من صفات الألفاظ حقيقةً ثم اختلفوا هل يطلق وصف العموم على المعاني حقيقةً أو مجاز؟ إذن اتفقوا على أنه يطلق لفظ العموم على المعنى ولكن هل هو من قبيل الحقيقة أو المجاز؟ هذا محل النزاع ثم قال في بيان المسألة الثانية: (وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ فِي أَرْبَعِ). (وَلْتَنْحَصِرْ) هذا فعل مضارع مقرون بلام الأمر ولام الأمر متعد من الجوازم فهو فعل مضارع مجزوم بلام الأمر (وَلْتَنْحَصِرْ) إذن هي جملة طلبيه مصدرة بلام الأمر وهل المراد هنا الطلب أو أنه طلب بمعنى الخبر؟ يحتمل يَحتمل أنه مرادًا بها طلب يعني: واحصر أيها الطالب ألفاظ العموم في أربعٍ. وهذا لا بأس به ويحتمل أنه من قبيل ذكر الأمر مرادًا به الخبر وهذا وارد في لغة العرب بل حتى في القرآن يذكر الخبر مرادًا به الأمر {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] {(((((((((((((((((} هذا مبتدأ {((((((((((((} جملة خبر إذن هي خبر وليست بطلب نقول: لا هي في قوة والمطلقات ليتربصن، هذا أمر إذن جملة خبرية مرادٌ بها الأمر {(((((((الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ ((((((((((((} [العنكبوت:12] {((((((((((((} هذا فعل مضارع مقرون بلام الأمر مجزوم بها هل المراد به الطلب أم مراد به الخبر؟ نقول: مراد به الخبر والتقدير حينئذٍ ونحن نحمل خطاياكم إذن كل منهما يأتي موضع الآخر ولكن لا يكون هكذا عبثا بل لا بد من حكمة لأن خروج الشيء عن ظاهره الأصل أنه لا يكون إلا لفائدة وحكمة إذن قوله: (وَلْتَنْحَصِرْ). يحتمل أنه يريد به الطلاق إذًا واحصر يكون على هذا التقدير واحصر أيها الطالب ألفاظ العموم في أربعِ وإذا أريد به الخبر كأنه قال: ألفاظ العموم محصورة. أو تنحصر ألفاظ العموم في أربع. ألفاظه فِي في أربع ولا مانع من إجراء اللفظ على المعنيين (وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ) هذا فاعل تنحصر ألفاظه وليس المراد به أن الألفاظ هي التي تحصر وإنما باستقراء كلام العرب نظر أهل اللغة وأهل الأصول فوجدوا أن ألفاظ العموم محصورة إذن (وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ) نقول: هنا الإسناد في الأصل أن يكون الحصر لمن؟ لأهل اللغة وأهل اللسان أو أهل الأصول ولكن أسنده إلى اللفظ من باب إسناد الشيء إلى غير ما هو له (أَلفَاظُهُ) أي: ألفاظ العموم. ألفاظ جمع لفظ واللفظ هو: الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء. (أَلفَاظُهُ) الضمير يعود إلى العموم إذن ألفاظ العموم قال: (فِي أَرْبَعِ) نرجع إلى ألفاظ العموم (فِي أَرْبَعِ) يعني: في أربعة أنواع وهل هي محصورة في أربع ولا تزيد؟ الجواب: لا، وإنما أوصلها بعضهم إلى العشرين وبعضهم زاد إلى المائة يعني: ما بين العشرين والمائة.

وكلها ترجع إلى قرابة العشرين كما ذكرا القرافي رحمه الله تعالى (فِي أَرْبَعِ) يعني: في أربعة أنواع. وليست محصورة بل هي في أكثر من أربعة أنواع وإنما قيد (فِي أَرْبَعِ) مراعاة للمبتدئ لأن المبتدئ إذا قيل له: هذه خمسة أقسام أو عشرة أنواع. فهو أسهل للضبط وأدعى للحفظ إذن نقول: هذا من باب الضبط للمبتدئ. وإلا هي أكثر من مِن أربعة (فِي أَرْبَعِ) هنا في إشكال لغوي أن المقدر مميز أو التميز أربع أنواع أو أقسام ومعلوم أن الأقسام جمع قسم أو أنواع جمع نوع وكل منهما مذكر حينئذٍ يتعين أن يكون أربع مخالفًا للمعدود لأنه من الثلاث إلى التسع نقول: الأصل فيه المخالفة واحد والاثنان المطابقة يطابق المعدود تذكيرًا وتأنيثًا، وأما ما زاد من الثلاث إلى التسع الأصل فيه المخالفة عشر رجال، وعشرة نساء هذا الأصل عشر نساء وعشرة رجال لا ليس العشرة تسع نسوة وتسعة رجال إذن الأصل فيه المخالفة هنا (أَرْبَعِ) أنواع يعني: أربع أنواع. لما لم يخالف الناظم رحمه الله تبعًا للقاعدة؟ لأن المحذوف عند العرب كالثابت المحذوف والمقدر هذا يعتبر يعني: من جهة المعنى فهو كالثابت. حينئذٍ لا بد من مراعاته فيذكر مع المؤنث المحذوف فيذكر العدد مع المعدود المؤنث المحذوف ويؤنث العدد مع المعدود المذكر المحذوف إجراءً للقاعدة نقول: الجواب أن القاعدة قاعدة المخالفة بين العدد والمعدود هذه إنما تكون إذا ذكر لفظ العدد أو الاسم المعدود حينئذٍ إذا قيل: تسعة رجال. نقول: يجب هنا التأنيث لماذا؟ لأن المعدود وهو رجال قد ذكر ولفظ به أما إذا تقدم الاسم المعدود أو حذف فالقاعدة ليست واجبة وإنما يكون المتكلم مخيرًا بين التذكير والتأنيث فحينئذٍ لو أراد الرجال وحذف لعلم المخاطب لذلك قال: عندي تسعة. عندي تسع لا إشكال ويعني به الرجال لا يجب هنا أن نقول: لا بد من التأثيث لأن المعدود مذكر وحينئذٍ في العدد يجب التأنيث نقول: لا يجب وكذلك إذا تقدم إذَا تقدم الاسم المعدود على العدد جاز للمتكلم التذكير والتأنيث إذن اشتراط القاعدة تطبيقها مخالفة اسم العدد للمعدود تذكيرًا وتأنيثًا نقول: هذا يجب إذا ذكر الاسم المعدود، أما إذا حذف فحينئذٍ يجوز التأنيث ويجوز التذكير ولذلك جاء في الحديث هذا يريده بعض أهل العلم عند قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من صام رمضان ثم اتبعه ستًا من شوال». قال: «ستًا». وهنا المحذوف ست أيام لأن الصيام يكون في اليوم الذي هو النهار لا في الليل إذن المراد ستًا ليالي وإنما المراد ستة أيام إذن لم يؤنث مع وجوب التأنيث الجواب عن هذا نقول: لا إشكال ليس في الحديث مخالفة للقاعدة وهذا التعبير فيه إشكال نقول الحديث مخالف للقاعدة لأن القاعدة تأخذ من الكتاب ومن السنة وهذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن التعبير من باب التساهل فقط حينئذٍ نقول: لا مخالفة بين القاعدة والحديث الحديث جاء ماذا؟ مع حذف الاسم المعدود وإذا حذف الاسم المعدود جاز التذكير والتأنيث أما القاعدة وهي وجوب المخالفة فيما إذا ذكر المعدود هنا قال: (فِي أَرْبَعِ). والأصل أن يقول: في أربعةِ.

متى؟ إذا ذكر الاسم المعدود في أربعة أنواع أما إذا حذف فحينئذٍ يجوز أن نقول: في أربع، أو في أربعةٍ. (وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ) يعني: ألفاظ العموم إذن أثبت المصنف هنا الناظم رحمه الله أن للعموم ألفاظ ويجري الخلاف عند الأصوليين كما جرى في الأمر والنهي هل للعموم ألفاظ تخصه أو لا؟ نقول: اتفق السلف رضي الله تعالى عنهم وأجمع الصحابة أيضًا أن للعموم صيغة في اللغة خاصة به موضوعة له هذه الصيغة متى ما أطلقت فهم منها استغراق اللفظ لجميع ما يصلح له وهذا هو حقيقة العموم إذن تدل هذه الصيغ وهذه الألفاظ على العموم حقيقةً ولا يجوز العدول بها عن العموم إلا لقرينة ظاهرة وسيأتي بيان هذه الصيغ والصحابة كما هو معلوم إذا أجمعوا وهم أهل اللغة وهذه مسألة لغوية لأن دلالة أو استفادة العموم من الألفاظ هذه استفادة لغوية وإذا كان الصحابة أئمة في اللغة وهم من فصحاء اللغة وبلغاء أهل اللغة حينئذٍ نقول: هذا دليل تثبت به الأحكام لماذا؟ لأنه يترتب على استفادة العموم من اللفظ أحكام شرعية وإذا أجمع الصحابة على استفادة العموم من ألفاظ ما حينئذٍ نقول: إجماعهم يعتبر حجة من جهتين: أولاً: أنهم أهل لغة. وثانيًا: من حيث ترتب الأحكام على هذه الصيغ.

إذن حينئذٍ لما كان الصحابة يجرون هذه الألفاظ التي يعنون لها بألفاظ العموم أو صيغ العموم في الوحيين على العموم ولا يطلبون دليل على أن هذا اللفظ يدل على العموم أو لا وإنما يفهم ويستفاد العموم مباشرة من اللفظ وإنما البحث يكون عن المخصص ولذلك يسألون عن التخصيص والمخَصِّص إذا وجد تم معارض وأما في الأصل فيجب كما تركناه اختصارًا أنه يجب اعتقاد العموم من اللفظ دون بحث عن مخصص يعني: بعض أهل الأصول قال: لا ما تعتقد أن هذا اللفظ يدل على العموم حتى تبحث.

لأنه سيترتب عليه أحكام شرعية وهي أن الحكم ثابت لكل فرد فردٍ من أفراد العموم حينئذٍ لا تتجرأ وتثبت هذا الحكم الشامل المستغرق للفظ العموم إلا بعد أن تبحث في الكتاب وفي السنة وفي أقوال الصحابة هل وجد مخصص لهذا العموم أو لا؟ وهذا القول ليس له أثر بل هو مخالف لإجماع الصحابة كما سيأتي لأن تمَّ وقائع وأحداث حصلت للصحابة استدلوا بالعموم مباشرةً وأجروا الحكم المرتب على القول العام دون طلب للتخصيص حينئذٍ يعتقد العموم بل يجب اعتقاد العموم ولو لم يبحث عن المخصص لكن إن أشعر لفظ عالم أو نحوه بوجود مخصص حينئذٍ تمَّ ما يخدش في النفس فحينئذٍ لا بأس أن يقف المجتهد فيبحث عن المخصص أما قبل ذلك فنقول: يجب اعتقاد العموم المستفاد من اللفظ وإجراء الحكم الشرعي المرتب على أفراد أو على جميع أفراد ما دل عليه اللفظ العام دون بحث عن مخصص ولا يبحث إلا إذا وجد معارض بمستدل ونحو ذلك نقول: تم أحكام أو وقائع ثبتت للصحابة أجروا اللفظ العام على مدلوله لغةً ولم يبحثوا ولم يسألوا عن المخصص فدل على أن هذا الأمر مستقر في نفوسهم إجراء اللفظ العام على مقتضاه اللغوي نقول: هذا مستقر في نفوس الصحابة من هذه الوقائع أنهم أجروا قوله تعالى: {((((((((((((((((((((((((((} [المائدة:38] السارق والسارقة هذان لفظان عامان مفردان دخلت عليهما (أل) الاستغراقية {(((((((((((((((((((((((} [النور:2] نقول: هذا لفظ عام {(((((((((((((((((((((((} مفردان دخلت عليهما (أل) الاستغراقية عمل الصحابة بمفهوم هذا العام السارق فنزلوا وطبقوا الحكم المركب على لفظ السارق وهو في اللفظ مفرد دخلت عليه (أل) الاستغراقية على جميع السارقين ولم يستثنوا وحدًا منهم وأيضًا على جميع السارقات ولم يستثنوا واحدًا منهم وعلى جميع نزلوا الحكم المرتب على الزنا ونحوه على جميع الزناة والزانيات ولم يفرقوا بين زانٍ وزانٍ وزانية وزَانية، إذن ما الذي فهم من هذا اللفظ؟ فهم دلالته على العموم وتنزيل الحكم المرتب على لفظ السارق وهو مفرد في اللفظ وعلى لفظ الزانية وهو مفرد في اللفظ نقول: هذا حكم شرعي ترتب على مفهوم لغوي عمل به الصحابة ولم يعلم لواحد منهم نكير فكان إجماعًا لكنه إجماع سكوتي فكان إجماعًا منهم لكنه إجماع سكوتي، أيضًا من الوقائع تمسكوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» تمسك به بعض الصحابة في عدم جواز قتال مانع الزكاة لماذا؟ لأن قوله: «الناس» هذا لفظ من ألفاظ العموم مستغرق لجميع ما يصلح له وهذا هو الأصل فلما عورض أبو بكر رضي الله تعالى عنه بهذا النص هل أنكر على فهم العموم من النص؟ الجواب: لا، ما الدليل؟ الدليل أنه عارضهم بوجود المخصص لقوله: «إلا بحقها».

إذن لو كان لفظ الناس لا يفيد العموم لأنكر عليهم مباشرةً قال: ما فهمتموه ليس بوجيه أو ليس بحق أو ليس بصواب ولكنه أقرهم على فهمهم أن كل من قال لا إله إلا الله فالأصل فيه أنه لا يقاتل وهنا أورد عليه المخصص فقط ولم ينكر عليهم ماذا؟ فهمهم والتخصيص «إلا بحقها» هذا يدل على ماذا؟ يدل على أن المستثنى منه لفظ عام لأن الاستثناء معيار العموم يعني: يدل الاستثناء على أن لفظ المستثنى منه عام وهنا «أمرت أن أقاتل الناس» إلى قوله: «إلا بحقها» هذا استثناء من قوله: «الناس». فدل على أن لفظ الناس هذا لفظ عام. كذلك احتجاج أبي بكر رضي الله تعالى عنه على الأنصار لما قالوا: منا أمير ومنكم أمير، من قريش مهاجرين ومن الأنصار احتج عليهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الأئمة من قريش». والأئمة هذا لفظ عام جمع دخلت عليه (أل) الجمع والفرد المعرفان باللام، هل عورض أم انسحب الأنصار؟ الثاني إذن لم يعارض إذن أقروا بأن فهم أبي بكر وأبي بكر رضي الله تعالى عنه العموم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الأئمة من قريش». لم ينكره أحد من الأنصار وأقروه المهاجرون فدل على أن الجمع المعرف بـ (أل) يفيد العموم وهذا إجماع من الصحابة أيضًا احتجاج علي رضي الله تعالى عنه بقوله تعالى: {(((((تَجْمَعُوا بَيْنَ ((((((((((((} [النساء:23] الأختين هذا لفظ عام مثنًى دخلت عليه (أل) الاستغراقية وأن تجمعوا بين كل أختين فحينئذٍ فهم علي رضي الله تعالى عنه ماذا؟ أن لفظ الأختين هنا يشمل الأختين الحرتين والأمتين إذن فيه عموم من الحرية والعبودية {(((((تَجْمَعُوا بَيْنَ ((((((((((((} هذا عام كذلك لما نزل قوله جل وعلا: {(((((((((آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ ((((((((} [الأنعام:82] هذا نكرة في سياق النفي فهم الصحابة العموم أي ظلم ولو كان بال .... لذلك قالوا: أينا لم يظلم نفسه. فدل على أنهم فهموا ماذا؟ فهموا العموم هل أنكر لما أوردوا ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - هل أنكر عليهم هذا الفهم؟ لا وبهذا يستدل لو قيل يعني الذي يدل على العموم أن له ألفاظ لو استدل بالسنة التقريبية لكان هذا أولى ما يستدل به لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرهم وإنما بين لهم أن هذا العام ليس من العام الذي أريد به العموم وإنما العام الذي أريد به الخصوص وقد سبق أن العام ثلاثة أقسام: عام أريد به العام {(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ (((((((((} [هود:6] هذا عام أريد به العموم. وعام الذي سمى العام المحفوظ

وعام أريد به الخصوص. يعني: لم يورد من جهة الاستعمال جميع الأفراد لا استعمالاً ولا حكمًا ومثله أو ومنه هذه الآية فالمراد هنا {بِظُلْمٍ} الشرك الأكبر لذلك قال: أما سمعتم قول العبد الصالح {((((الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ((((} [لقمان:13] ففسر الشرك هنا بماذا؟ بفسر الظلم هنا بالشرك أيضًا قوله جل وعلا: {(((((((((مَا بَقِيَ مِنَ ((((((((((((} [البقرة:278] ذروا الواو هذه للجمع ما اسم موصول الربا اسم دخلت عليه اسم مفرد دخلت عليه (أل) فهم الصحابة ترك جميع أنواع الربا بهذه الآية كل ربا يجب تركه ما الدليل {(((((((((مَا بَقِيَ مِنَ ((((((((((((} كل أنواع الربا يجب تركه كذلك فاطمة رضي الله تعالى عنها بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مات أبوها عليه الصلاة والسلام جاءت إلى أبي بكر تطالب بالميراث محتجة بقوله تعالى: {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء:11] أولاد هذا جميع وقد أضيف إلى معرفة هل عارضها أبو بكر رضي الله تعالى عنه بأن فهمها ليس بصحيح أما أقرها وأظهر لها التخصيص؟ الثاني أو أظهر لها المخصص «إنا معاشر الأنبياء لا نُورَث» فدل على أن قوله: {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} ظاهره العموم كل أولاد الناس سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو غيرهم اللفظ عام لكن بين لها أبو بكر رضي الله تعالى عنها أن هذه الآية مخصوصة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنا معاشر الأنبياء لا نُورَثُ ما تركناه صدقة»، كذلك قوله جل وعلا لما نزل قوله تعالى: {((يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ (((((((((((((((} [النساء:95] فهم عبد الله بن أم مكتوم ماذا؟ أن اللفظ العام {((((((((((((((} يشمل الضرير وغيره وهو ضرير فقال: إني ضرير. فبين ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأقره على فهمه لم ينكر عليه كما أنكر على علي قال: «إنك عريض القفا». لأن الفهم ليس في موضوعه هنا لم ينكر عليه وإنما سكت حتى نزل التقييد {((يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي (((((((((}، {((((((أُولِي (((((((((} لم تنزل ابتداءً مع أول الآية وإنما نزلت ثانيةً فَفَهْمُ عبد الله بن أم مكتوم وهو صحابي جليل لغوي نقول: فهمه للعموم من قوله: {((((((((((((((} وهو جمع دخلت عليه (أل) فأفاد العموم الضرير وغيره ثم أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فأقره على فهمه حتى نزل قوله تعالى: {((((((أُولِي (((((((((} كذلك لما قال لبيد بن ربيعة: ألا كل شيء ما خلا الله باطل

ألا كل هذه صيغة من صيغ العموم بل هي أم الباب ألا كل شيء ما خلا الله باطل قال عثمان بن مظعون: صدقت. في محضر قريش ولما قال: كل نعيم لا محالة زائل. قال: كذبت. لأنه يشمل ماذا؟ نعيم الجنة قال: كذبت نعيم الجنة لا يزول. فماذا فهم عثمان هنا؟ فهم العموم من قوله كل في الموضعين فصدقه في الأول وكذبه في الثاني وكل نعيم لا محالة زائل هذا يشمل نعيم الدنيا بأنواعه ويشمل نعيم الآخرة فلما صدق في الأول هو كذب في الثاني قال له: كذبت. إذن هذه الوقائع تدل على ماذا؟ تدل على أن العموم له صيغة تدل عليه إذن يستفاد العموم من ماذا؟ العموم يستفاد من اللفظ فاللفظ هو الذي يدل على العموم الدليل على هذا كل الوقائع المذكورة ذكر ابن قدامة رحمه الله في ((الروضة)) أكثر من هذه الوقائع أن تَمَّ وقائع للصحابة فهموا العموم من ألفاظ وأجروها على ظاهرها دون طلب للمخصص فدل على أن هذا الأمر مستقر في أنفسهم وهذا واضح لا يحتاج إلى وقوف معه لكن بعض الأصوليين يذكر هذه المسألة يقول: هل للعموم صيغة تخصه أو لا؟ فيه مذهبان نقول: لا ليس فيه مذهبان بل مذهب واحد حق وما سواه فهو .... (أَلفَاظُهُ) يستفاد من هذا أن الناظم كصاحب الأصل يثبت أن للعموم ألفاظًا تدل عليه وأن هذه الألفاظ تثبت باستقراء كلام أهل اللغة وأن دلالتها على العموم دلالة لغوية أقرها الشرع إن ثبت بطريق استقراء النصوص وحيين أن تمَّ مخالفة بين ما دل عليه العموم في اللغة وقد استعمل الشرع إما تخصيصًا أو إطلاقًا لألفاظ العموم هذا يحتاج إلى استقراء ونظر ولم أقف على مثل هذا الكلام أن تمَّ مخالفة بين العموم الشرعي أو العموم اللغوي فحينئذٍ كل لفظ ثبت لغةً أنه عام فإذا جاء في الشرع نحمله على العموم كل لفظ دل على العموم في اللغة فإذا جاء هذا اللفظ في الشرع نحمله على العموم دون طلب دليل. وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ فِي أَرْبَعِ الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ ** بِالَّلامِ كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ

يذكر أهل العلم من الأصوليين وبعض النحاة أن العموم نوعان هذه الألفاظ التي تدل على العموم نوعان منها ما هو نص في العموم ومنها ما هو ظاهر في العموم منها ما هو نص في العموم ومنها ما هو ظاهر من العموم نص صريح في العموم يسمى العموم النصي ضابطه هو الذي لا يخرج من أفراده شيء نقول: هذا نص في العموم {(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ (((((((((} [هود:6] هذا عام نكرة دخلت عليه من الزائدة وهي نص في العموم هل ثبت خروج لفظ أو خروج فرد من أفراد هذه الآية؟ هل تمَّ لفظ من ألفاظ الدابة رزقها ليس على الله؟ لم يرد لا عقلاً ولا شرعًا فحينئذٍ نقول: هذه الآية نص في العموم هو الذي العموم النصي هو الذي لا يخرج من أفراده شيء بل اللفظ يكون مستغرقًا لجميع الأفراد مثاله هذه الآية {(((((مِنْ إِلَهٍ إِلَّا ((((} [ص:65] هل تمَّ إله غير الله يعبد؟ الجواب: لا، نقول: هذه نص في العموم {((((مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ((((} [فاطر:3] هل تَمَّ غير الله يوصف بالخلق؟ الجواب: لا، إذن لا يوجد فرد خارج من هذه الآية {((((مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ ((((}، {(((((مِنْ إِلَهٍ إِلَّا ((((} لا إله إلا الله نقول: هذا لا يخرج عنه فرد العبودية الحقة ثابتة لله عز وجل ولا يوجد فرد يثبت له هذا الوصف وهو أنه معبود بحق أما المعبود بالباطل فهذا كثير قديمًا وحديثًا ولا إله إلا الله نقول: هذا نص في العموم. إذن ما هو العموم النصي؟ هو الذي يخرج من أفراده شيء وهذا قال بعضهم أنه مستفاد من لفظ كل لأن أم الباب عند الأصوليين في العموم كل ولذلك قدمها في المراقي قال: صيغه كل أو الجميع

صيغه يعني: صيغ العموم. إذن كل هي أم الباب ومثلها جميع هل هما ظاهرتان في العموم أم نصان؟ نقول: يفهم بمعرفة القسم الثالث ما هو العموم الظاهر؟ نقول: هو الذي يحتمل خروج شيء من أفراده يحتمل ليس المراد أنه لا بد أن يخرج لا يعني: يحتمل التخصيص ولو كان هذا الاحتمال ضعيفًا نقول: هذا ظاهر في العموم أو عمومه عموم ظاهر إذن العموم المستفاد من ألفاظ العموم نقول: نوعان: عموم نصي وهو الذي لا يخرج عن ألفاظه شيء، وعموم ظاهر وهو الذي يخرج عن أفراده أو ما يحتمل نعبر بالاحتمال ما يحتمل خروج شيء من أفراده لكن هذا الاحتمال يكون ضعيفًا. قيل: كل نصٌّ في العموم وجميع ظاهرة ي العموم وقيل وهو المشهور: أن كل وجميع ظاهرتان في العموم. وهذا الأظهر لماذا؟ لأنه إذا قيل: كل نص في العموم وعلمنا أن العام الذي يعبر عنه بأنه عام نصي أنه لا يخرج فرد عن أفرداه هذا ورد بعض الآيات خرج مدخول أو بعض أفراد مدخول كل عنها بدليل بقرينة {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} أورد بعض أهل العلم من أهل العقيدة الصحيحة {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} كل شيء هذا لفظ كل وهو صيغة من صيغ العموم أضيف إلى شيء ومعلوم أن الشيء يجوز شرعًا بل ورد شرعًا إطلاقه على الرب جل وعلا بدليل قوله تعالى: {((((أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام:19] إذن الله عز وجل يقال أنه شيء {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} هل الشيء المراد به ما يشمل الرب جل وعلا أو لا؟ لو قيل: كل نص في العموم لدخل الرب جل وعلا وهذا باطل فحينئذٍ نؤول أو يبقى هو الظاهر {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} يعني: ما يمكن أن يسمى شيئًا وهو ممكن مخلوقٌ قابل للخلق فحينئذٍ هذا الشيء الذي أطلق في الآية لا يشمل الرب جل وعلا بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله إذن لا نقول: الرب جل وعلا يتصف بهذا الوصف أو سلط عليه الخلق. كذلك أسمائه ليست مخلوقه ولا أفعاله ولا صفاته وإنما نقول: الرب جل وعلا بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} خالق إذن لو قيل كل نص في العموم وقد أضيفت إلى لفظ شيء وشيء قد أطلق على الرب جل وعلا وقد خرج بعض أفراده إذن كيف نقول: هي نص في العموم بل الصواب أنها ظاهرة في العموم {(((((((((((مِنْ كُلِّ ((((((} [النمل:23] من كل شيء حتى عرش سليمان عليه السلام؟ لا لم تؤت كل شيء وإنما أوتيت من كل شيء مما يؤتاه الملوك عادةً فحينئذٍ خرج بعض أفراد مدلول كل إذن لا نقول: كل هنا نصًا في العموم. {(((((((((كُلَّ ((((((} [الأحقاف:25] كل شيء حتى السماوات والأرض؟ نقول: الحس خصص كما سيأتينا الحس من المخصصات إذن {(((((((((كُلَّ ((((((} مما أذن الله في تلك الساعة بتدميره وليس كل شيء ما صدق عليه لفظ كل إذن نقول: الصواب أن كل ليست نصًا في العموم وإنما هي ظاهرة في العموم ومثلها جميع إذن الخلاصة أن العموم المستفاد من اللفظ نوعان: نصي، وظاهري.

النصي بعضهم مثل له بكل والصواب أنه في القسم الثاني أنه ظاهر، ومثل بعضهم وهو صحيح النكرة في سياق النفي أو النهي أو الاستفهام أو الشرط إذا زيدت عليها من، إذا دخلت عليها من وكانت في سياق النفي {((((مِنْ (((((((} [فاطر:3] نقول: هذا نص في العموم أما لو قيل: هل خالق غير الله؟ نقول: ظاهرة في العموم. النكرة في سياق النفي دون زيادة من وفي سياق الشرط وفي سياق الاستفهام وفي سياق الشرط والاستفهام والنفي والشرط والنهي هذه أربعة إذا جاءت النكرة في سياق واحد من هؤلاء الأربعة دون زيادة من فهي ظاهرة في العموم وأما إذا زيدت وسبقتها من فهي نص في العموم لذلك نقول: {(((((مِنْ (((((((} [ص:65] ما نافية من زائدة إله نكرة في سياق النفي فتعم هي نص في العموم وأما إذا لم تسبق بمن فهي ظاهرة في العموم ولا نقول هي نص أما إذا ركبت تركيب خمس عشر خمسة عشر وكانت لا نافية للجنس فهي أيضًا نص للعموم إذن الذي يصح أن يكون مثالاً للعموم النصي أمران: لا النافية للجنس إذا بنيت مع النكرة لا رجل في الدار هذا نص في العموم ولذلك لا يصح أن يقال: لا رجل في الدار بل رجلان. باطلة تناقض لا رجل يعني: لا جنس. لا وجود لهذا الجنس وإذا نفي الجنس استلزم نفي الأفراد لأن الجنس أين يوجد؟ في ضمن أفراده في الأصل أين يوجد؟ في الذهن أحسنت الجنس وجوده ذهني أما في الخارج وجوده في ضمن أفراده فإذا وجدنا أو نفينا وجود الجنس أصالةً فمن باب أولى لا يوجد في ضمن أفراده حينئذٍ نقول: لا رجل في الدار. هذا نص في العموم لا إله لا إلا الله هذا نص في العموم لأنه قد يقال: إذا قيدت النكرة في سياق النفي بأنها نص في العموم إذا زيدت عليها من فكيف نقول: هنا نص في العموم لا إله إلا الله بعضهم يقول: من مقدرة. من التي لبيان الجنس مقدرة ولكن أحسن من هذا أن يقال أنها ركبت معها تركيب خمسة عشر وحينئذٍ صارت هذه لا التي تسمى لا لنفي الجنس لا التبرؤ تسمى لأنها برأت الاسم من حكم الخبر ولا التي لنفي الجنس هذا من باب التسامح وإلا لا التي لنفي حكم الخبر عن جنسه هذا الأصل في التركيب لأن الجنس ما ينفى في الأصل وإنما لا التي لنفي الحكم الخبر عن جنسه إذن هذا النوع الذي يصدق عليه أنه عموم نصي. النوع الثاني: إذا زيدت من على النكرة في سياق النفي أو النهي أو الاستفهام أو الشرط ومما عدا ذلك فهو عموم ظاهر لاحتمال أن يخرج بعض أفراده ولو كان هذا الاحتمال ضعيفًا مجرد الاحتمال لو قال: كل الطلاب عندي. يحتمل أن زيد لم يكن عنده في الذهن هكذا يحتمل لكن {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ} لا يحتمل لا عقلاً ولا شرعًا لأنه ليس تمَّ إلا خالق ومخلوق لا واسطة {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} حينئذٍ الدابة هذه لا يمكن أن تكون خالق وإنما هي مخلوقة فلزم أن تكون مفتقرة إلى خالقها جل وعلا {(يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر:15].

قال: (وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ فِي أَرْبَعِ). قلنا: أربع هذا المراد به تيسير على المبتدأ واللاهية أكثر من ذلك هناك صيغتان مشهورتان كما ذكرت آنفًا هما أصل الباب كل وجميع ولذلك صدر بهما صاحب المراقي فقال: صيغه كل أو الجميع ** وقد تلا الأدلة الفروع صيغه كل أو الجميع وهما ظاهرتان في العموم ودليل الظهور ردًا على من قال بنصية كل قوله جل وعلا: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}. لأن تمَّ فردًا لم يدخل تحت قوله: {كُلِّ شَيْءٍ}، {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} كذلك قوله: {(((((((((((مِنْ كُلِّ ((((((} [النمل:23]، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25] نقول: هذه تدل على أن كل ليست نصًا في العموم بل هي ظاهرة في العموم. إذن كل هذه من صيغ العموم إذا رتب الحكم عليها حمل الحكم على كل أفرادها فردًا فَردًا كل الطلاب ناجحون {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} نقول: كل هذا من صيغ العموم وأضيفت إلى نفس وهي المؤكدة هنا {ذَائِقَةُ} هذا خبر {كُلُّ نَفْسٍ} نقول: هذا عام ما دليل العموم؟ هل يصح الاستثناء من كل؟ هل يصح أن تقول: كل الطلاب عندي إلا زيدًا يصح؟ كل استثناء معيار العموم والاستثناء معيار العموم إذن كل هذه من صيغ العموم بدليل صحة الاستثناء منها ذكروا أدلة لكن هذا أشهرها وأحسنها صحة الاستثناء منها دليل عموميتها {كُلُّ نَفْسٍ} نقول: هذا لفظ عام حكم عليه بقوله: {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. كل فرد من أفراد الأنفس يثبت لها هذا الحكم ولذلك قلنا: إن مدلول له كلية {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وإذا قيل: مدلوله كلية كما يقول شيخ الأمين رحمه الله هذا التركيب وهذا يدل على أن القاعدة الكبرى كما يقول السيوطي في ((الأشباه والنظائر)) القاعدة قاعدة العرب الكبرى هي الاختصار يعني: متى ما أمكن الاختصار فتم لغة العرب {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} هذا الترتيب لو لم نقل كل أو نوجب لفظًا يدل على أفراد بلا حصر لقيل: زيد يقال ذائق الموت، وعمر ذائق. إلى ما لا نهاية فلفظ كل أغنى عن هذه القضايا المتعددة بلا منتهى ولذلك يقول عبارة الشيخ الأمين رحمه الله أن قوله: {كُلُّ نَفْسٍ} أو في اللفظ العام الذي مدلوله الكلية أنه في قوة قضايا متعددة بلا حصر معي في قوة قضايا قضايَا يعني: جمع قضية جملة اسمية وفعلية في قوة قضايا متعددة بلا حصر {كُلُّ نَفْسٍ} الأنفس منذ آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من الذي يحصهم؟ لا أحد يحصهم إلا الله عز وجل فلو أريد أن يخبر عن هذه الأنفس بكل جملة مستقلة عن الأخرى ما الذي يحصل؟ ما تأتي عليها قواميس لا يمكن حصرها فحينئذٍ هذا التركيب يعتبر من الاختصار تبعًا للقاعدة الكبرى التي عنون لها السيوطي رحمه الله في ((الأشباه)) الاختصار قاعدة العرب الكبرى الاختصار إذن {كُلُّ نَفْسٍ} نقول: هذا لفظ {كُلُّ} من صيغ العموم أخبر عنه بـ {ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} حينئذٍ يثبت الحكم لكل فرد من أفراد مدخول كل وهو ما أضيفت إليه كُل كل تضاف إلى الجمع وتضاف إلى المفرد سواء كان نكرتين أو لا وتضاف إلى المفرد والمثنى وإلى الجمع ولذلك قيل إنها أم باب بخلاف جميع جمِيع لا تضاف إلا للمعرفة لا يقال: جميع رجل.

وإنما يقال: جميع الرجال. ولا يقال: جميع رجال. نكرة بل لا بد من إضافتها إلى المعرفة أما كل فلا تضاف إلى المعرفة وتضاف إلى النكرة سواء كان مفردًا أو مثنى أو جمعًا مذكرًا أو مؤنثًا ولذلك صارت أم الباب. قال: الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ ** بِالَّلامِ كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ الجمع في اللغة هنا مصدر إذن النوع الأول الذي أراده الناظم هنا من ألفاظ العموم الجمع هذا مصدر فَعْل فَعْلُ القياس المعدل ** من ذي ثلاثة كرد ردا لكن هل أريد به المصدر المعنى المصدري؟ الجواب: لا، وإنما هو من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول أي: المجموع لأن الجمع كيف نقول: الجمع المعرف؟ نقول: على اللفظ رجل رجال الرجل الرجال أما الجمع الذي هو ضم الشيء إلى شيء آخر نقول: هذا لا يدخل عليه (أل) لا يعرف باللام لو أبقينا اللفظ على معناه المصدري والذي هو معنى المعنى المصدري لضم شيء إلى شيء آخر نقول: هو الذي تدخل عليه (أل). وهذا فاسد وحينئذٍ لا بد من التأويل في مثل هذه التراكيب فنقول: الجمع هنا مصدر أريد به اسم المفعول أي: المجموع. والمجموع الذي وقع عليه الجمع أو حصل به الجمع هو اللفظ إذًا الجمع نقول: المراد بالجمع المجموع والجمع لغةً هو اللفظ الدال على جماعة يعني: كل ما دل على جمع والمراد بالجمع ما هو؟ قال أهل اللغة: الذي يدل على الجمع. يعني: الأشياء التي يفهم منها الجمع ستة أشياء يعني: الألفاظ التي تدل على الجمع ستة أشياء. الأول: اسم الجمع وهذا ضابطه أنه الذي دل على أكثر من اثنين ولا واحد له من لفظ كقوم، ورهط، ونسوة. قوم دل على أكثر من اثنين يعني: ثلاثة فأكثر لأنه أقل الجمع. ورهط دل على ثلاثة فأكثر ونسوة دل على ثلاثة فأكثر هل لرهط واحد من لفظه؟ لا، هل لقوم واحد من لفظه؟ الجواب: لا إذن نقول: هذا اللفظ دال على الجمع دال على معنى الجمع ولا واحد له من لفظه ما عنوانه في اللغة؟ نسميه اسم الجمع. النوع الثاني: اسم الجنس الجمعي اسم الجنس نوعان: اسم الجنس الجمعي، واسم لجنس الإفرادي. اسم الجنس الجمعي أيضًا دل على أكثر من اثنين لا بد من وجود معنى الجمع أو أقل ما يصدق عليه الجمع في هذه الأشياء الستة إذن اسم الجنس الجمعي ما دل على أكثر من اثنين ثلاثة فأكثر ويفرق بينه وبين واحده بالتاء أو الياء بالتاء مثل ماذا؟ كلمة وكلم التاء تكون غالبًا في المفرد بقرة بقر شجرة مفرد التاء وجدت في المفرد شجر سقطت التاء من الجمع تفاحةٌ تفاح تمرةٌ تمر نقول: وجدت التاء في ماذا؟ في المفرد دجاجة في الجمع دجاج إذًا دجاج هذا اسم جنس جمعي قالوا: دَجَاج وَدِجَاج ودُجاج. مثلث الجيم نمل ونملة إذن نقول: اسم الجنس الجمعي ما فرق بينه وبين واحده بالتاء وهذه التاء توجد غالبًا في المفرد ووجدت نادرًا في الجمع وسقطت من المفرد ككم أتٍ بالجمع وكم للمفرد أو يفرق بينه وبين واحده بالياء روم ورومي وزنج وزنجي إذن هذا اسم الجنس الجمعي.

أما اسم الجنس الإفرادي وهذا ليس معنا هنا هو ما يصدق ما دل على الحقيقة على ماهية الشيء من حيث هي ويصدق على الكثير والقليل يعني: لفظ واحد تطلقه على القليل والكثير ماء دل على الحقيقة ويصدق على القليل تقول: هذا ماء. وتأتي عند البحر تقول: هذا ماء. إذن صدق على القليل وعلى الكثير بل على النقطة الواحدة تقول: هذه ماء. زيد، خل، تراب، ذهب، فضة تقول: هذا أسماء أجناس إفرادية دلت على الحقيقة وتصدق على القليل والكثير. هذا الثاني باعتبار ماذا اسم الجنس قلنا نوعان: جمعي، وإفرادي. اسم الجنس الجمعي هو الذي يعد من الأشياء التي تدل على الجمع، والإفراد ذكر لبيان اسم الجنس. الثالث: جمع التكثير لمذكر كزيوت وجمع التكثير لمذكر رجال، غلمان، نقول: هذا جمع تكثير لمذكر. الرابع: جمع تكثير لمؤنث كهنود وضاربيه يجمع على ضوارب. الخامس: جمع المذكر السالم كالزيدي والمسلمين. هذا الخامس. السادس: جمع المؤنث السالم كالهندات والمسلمات. هذه ستة أشياء تدل على معنى الجمع يعني: أقلها ثلاثة إلى ما لا نهاية. هذه المراد بقوله: (الجَمْعُ). إذن الجمع يصدق على كل هذه الأشياء الستة الجمع والفرد المعرفان باللام إذن الجمع المعرف باللام هذا النوع الأول من ألفاظ العموم كل جمع دخلت عليه (أل) فهو دال على العموم لكن قال: (بِالَّلامِ). معرف باللام كأنه يميل إلى أن مذهب الأخفش هو الأصح وهو ما عليه جمهور النحاة المتأخرين أن التعريف إنما يحصل باللام. أل حرف تعريف أو اللام فقط ** فنمط عرف طل فيه النمط

أل حرف تعريف أو اللام اختلف النحاة في المعرف إذا دخل على نكرة وكان المعرف (أل) رجل عرفته بـ (أل) إذن حصل التعريف بالإجماع الرجل معرفة كان نكرة فدخلت عليه اللفظ (ال) فصار معرفةً بالإجماع لكن أيهما المعرف هل هو (أل) برمتها أو اللام أو الهمزة؟ نقول: اختصارًا اثنان ثنائيان واثنان أحاديان يعني: اثنان من العلماء قالوا بأن المعرف ثنائيان الذي هو (أل) واثنان من العلماء أحاديان يعني: المعرف الهمزة فقط دون اللام أو العكس الاثنان الثنائيان هما سيبويه وشيخه الخليل فذهب الخليل إلى أن (أل) برمتها هي المعرفة (أل) برمتها والهمزة همزة قطع وإنما سقطت لكثرة الاستعمال إذًا سقطت تخفيفًا وذهب سيبويه إلى أن المعرف أيضًا (أل) بجملتها ولكن الهمزة همزة وصل معتد بها وضعًا وفتحت لكثرة الاستعمال لأنك تقول: الرجل إذا كانت همزة وصل فالأصل أنها تحرك بالكسر لأنه التقى ساكنان الألف واللام اللام وضع ساكنًا قال: اجتلبت الهمزة همزة الوصل واعتد بها وضعًا ثم التقى ساكنان فالأصل تكسر الألف لكن فتحت لكسرة الاستعمال طلبًا للخفة الرجل هذان اثنان ثنائيان، اثنان أحاديان مذهب الأخفش وعليه الجمهور أن اللام هي المعرف وأن هذه اللام قد وضعت ساكنة ولا يمكن تحريكها لا بالفتح ولا بالكسر ولا بالضم لما ذكرناه في الملحة فوضعت ساكنة ثم اجتلبت همزة الوصل للتمكن من النطق بالساكن إذن همزة الوصل ليست من المعرف والمعرف هو اللام مذهب المبرد حكي عنه أنه رأى أن الهمزة فقط هي المعرف وأن اللام زائدة لفرق بين همزة التعريف وهمزة الاستفهام، وهذا ضعيف والصواب أن (أل) برمتها هي المعرف وهذا هو اختيار ابن مالك رحمه الله ولذلك قدمه (أل) حرف تعريف أو اللام من عادة ابن مالك رحمه الله أنه إذا اختار قولاً قدمه في الذكر كما هو عادة كثير من المصنفين آلة التعريف وآلة التعريف ال هكذا قال الحريري: وآلة التعريف ال فمن يرد ** تعريف كابن مبهم قال الكبد وقال قوم الأخفش وقال قوم إنها اللام فقط ** إذ ألف الوصل متى يدرى سقط هنا قال: (بِالَّلامِ). على مذهب الجمهور بناءً على مذهب الجمهور اللام إذا عرفنا ما المراد بال هنا؟ هل كل (أل) تدخل على الجمع تكون مفيدة للعموم؟ الجواب: لا، أن (أل) أو اللام هذه على قسمين: عهدية، وجنسية. وكل منهما ثلاثة أقسام لأن العهد إما حضوري، أو ذكري، أو ذهني. العهد الذكري هو: أن يسبق ذكرٌ أو يجري ذكرٌ للنكرة ثم تعاد معرفة جاء الرجل جاء رجلٌ فأكرمت الرجل نقول: أل هذه للعهد الذكري وهي التي عهد مصحوبها ذكرًا {((((((أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ ((((((((((} [المزمل:15،16] الذي ذكر السابق لو نكرة لكان غيره لو نكرة لاحتمل أنه غيره {(((زُجَاجَةٍ (((((((((((} [النور:35]، {((((((مِصْبَاحٌ (((((((((((((} [النور:35] نقول: أل هذه للعهد الذكري ضابطها هي التي عهد مصحوبها ذكرًا يعني: ذكر قبلها في نفس الجملة أو السياق.

العهد الذهني النوع الثاني: تقول: العهد الذهني وهي التي عهد مصحوبها ذهنًا بين المخاطب والمتكلم {(((هُمَا فِي (((((((((} [التوبة:40] هل سبق ذكرٌ لهذا الغار؟ الجواب لا وإنما يعلم الصحابة ثم غار قد اختفى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبي بكر. للعهد الحضوري وهي التي عهد مصحوبها حضورًا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] {الْيَوْمَ} أي: هذا اليوم أل هذه نزلت صورة في يوم عرفة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ} أي: هذه وكل أل بعد اسم الإشارة فهي للعهد الحضوري كل أل بعد اسم الإشارة فهي للعهد الحضوري لماذا؟ لأن اسم الإشارة يقتضي مشارًا إليه محسوسًا حاضرًا، هذا العالم، هذا الأصل فيه حقيقته أنه لا يكون إلا لمشارٍ إليه محسوس حينئذٍ لو قيل العالم دل على أنه حاضر وهو المشار إليه هذه ثلاثة أنواع للعهدية. الجنسية هذه أيضًا ثلاثة أنواع: إما لاستغراق أفراد الجنس وذكرنا الاستغراق معناه الاستعاب والتناول وهذه ضابطها أن يصح حلول كل محلها ويصح الاستثناء من مدخولها {((((الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (((} [العصر:2] {(((((((((((((} أي: كل إنسان بدليل أنه استثنى الجم الغفير {((((الَّذِينَ ((((((((((} [العصر:3] فلو كان الإنسان مفرد دخلت عليه أل وهذه أل العهد ما صح أن يقال {((((الَّذِينَ ((((((((((}، {((((((((الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ((((} [النساء:28] كل إنسان {((((((الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء:37] كل إنسان إذن إذا صح أن يؤتى بكل حقيقةً لا مجازًا وصح الاستثناء من مدخولها فهي لاستغراق أفراد الجنس. النوع الثاني: الجنسية لاستغراق صفات الجنس أنت الرجل علمًا وهذه ضابطها الذي يصح حلول كل محلها مجازًا لا حقيقة، لو قيل أنت كل الرجال علمًا مبالغةً صح أنت الرجل كرمًا وفضلاً نقول: هذا يصح أن يقال أنت كل الرجال علمًا يعني: جمعت صفات الرجال من باب المبالغة إن كان فيه غلو. الثالث: ككل بيان الحقيقة أو لنفس الماهية، وضابطها هي التي لا يصح حلول كل محلها لا مجازًا ولا حقيقةً {(((((((((((مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء:30] {(((((((((((مِنَ ((((((((((} أي من حقيقة الماء من نفس الماء لا من كل أنواع المياه وإنما جعلنا من الماء يعني: من حقيقة الماء إذن أل هذه لبيان الحقيقة.

إذن هذه ستة أنواع عند التفصيل لأن المراد هنا الذي يحكم عليه الجمع أو الفرد بأنه إذا دخلت عليه أل أفاد العموم هو ما دخلت عليه أل الاستغراقية إذن العهدية خرجت وأي أنواع أي الجنسية إذا قيل الجنسية نقول: التي لاستغراق الأفراد فخرجت التي لبيان الحقيقة وخرجت التي لاستغراق الصفات فإنه لا تعم لأنه من قبيل المجاز إذن نوعٌ واحد من أنواع أل وهي أل الاستغراقية، ضابطها (بِالَّلامِ) كأنه أو ينبغي أن يقيد (بِالَّلامِ) الاستغراقية التي ضابطها أن يصح حلول كل محلها حقيقةً لا مجازا ويصح الاستثناء من مدخولها، أما العهدية فعلى حسب المعهود إن كان المعهود جمعًا فهو جمع وإن كان المعهود اثنين فهما اثنان، وإن كان المعهود واحد فعلى حسب المعهود، وأما التي لبيان الحقيقة فهي إذا لم توجد ثم قرينة تبين ما يصدق عليه اللفظ فيحمل على الواحد هذا الأصل ولذلك المثال المشهور الرجل خيرٌ من المرأة إيش المراد؟ هذا الأصل كل رجل خيرٌ من كل امرأة الجواب لا كثير من النساء خيرٌ من الرجال في الشرع وفي العلم وفي الدين إلى آخره التقوى والصلاح إلى آخره إذن ليس المراد كل رجلٍ خيرٍ من كل امرأة بل المراد جنس وحقيقة الرجل خير من جنس وحقيقة المرأة إذن قوله: (بِالَّلامِ). المراد بهذا اللام الاستغراقية الجمع المعرف باللام إذًا النوع الأول من ما يدل على العموم هو الجمع بأنواعه إذا دخلت عليه أل الاستغراقية قال: المعرف، إذن غير المعرف هل هو من ألفاظ العموم؟ التقييد هذا هل هو للاحتراز أم لبيان الواقع؟ نعلم من أضيف هو يقول: الجمع المعرف باللام هل هو احتراز من الجمع النكرة فإنه لا يعم؟ نقول: هو كذلك احتراز من الجمع الذي هو نكرة ولم تدخل عليه أل لأنه لم يعرف لا باللام ولا بالإضافي عندي رجالٌ هل يعم كل الرجال لا يحمل على أقل الجمع وهو ثلاثة وما زاد احتاج إلى قرينة اللفظ الجمع إذا أطلق وهو النكرة يحمل على أقل الجمع وهو ثلاثة، إذن الجمع المعرف باللام إذن الجمع النكرة قومٌ جاء قومٌ لا يدل على العموم جاء رهطٌ لا يدل على العموم عندي ابن نقول: لا يدل على العموم عندي مسلمون أو رأيت مسلمين نقول: لا يعم مسلمات لا يعم لا بد أن يكون محلاً بأل الجمع عندهم من حيث دلالته قسمان: جمع قلة، وجمع كثرة، جمع قلة محصور في أربعة أوزان: أَفْعِلَةٌ، أَفْعُلُةٌ، ثم فِعْلَة ** ثم كأفعال جموع قلة

وما عداها فهو جمع كثرة أَفْعِلَةٌ كأسلحة، وأرغفة، أَفْعِلَةٌ أفعلوا مثل ماذا؟ أرجل وأفلس، أَفْعِلَةٌ، أَفْعُلُ، فعل صبية فتية تم كأفعال كأفراس وأحماد نقول هذه كلها جموع قلة وما عداها فهو جمع كثرة كقلوب ورجال وغلامان كل هذه كل ما لم يكن على هذه الأوزان الأربعة فهو جمع كثرة ما دلالة كل منهما حصل نزاع بين النحويين والأصوليين في هذه المسألة: أولاً اتفق الأصوليون على أن جمع القلة وجمع الكثرة إذا دخلت عليهما أل استغراقية فهو للعموم يبدأ من الثلاث إلى ما لا نهاية متى إذا دخلت عليه أل الاستغراقية وهو الذي معنا الآن قال: (الجَمْعُ) إذن بنوعيه جمع القلة، وجمع الكثرة المعرف باللام يفيد العموم وإفادته للعموم معناه أنه يدل على أقل الجمع وهو ثلاثة إلى ما لا نهاية إذن لا فرق بينهما تعريفًا بقي ماذا؟ تنكيرا المشهور عند النحاة أن جمع القلة ما دل على الثلاث إلى العشرة هذا جمع قلة وجمع الكثرة ما دل على أو مبتدأ وهو أحد عشر إلى ماذا؟ ما لا نهاية إذن فصلوا بينهما لا يجتمعان ما سمع فيه في لغة العرب بعض الألفاظ الجموع سمع فيه جمعان جمع قلة وجمع كثرة مثل قروء، وأقراء، قروء هذا جمع كثرة لأنه ليس من الأربعة وأقراء أفعال أفراس دع الصلاة أيام أقرائك جاء في السنة {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة: 228] جمع كثرة ما سمع فيه الجمعان لا إشكال القلة للقلة والكثرة للكثرة أقراء يستعمل من الثلاث إلى العشرة وقروء يستعمل من أحد عشر إلى ما لا نهاية لكن بعض التراكيب بعض الجموع سمع قلة فقط كرجل يجمع على أرجل ولم يسمع كثرة وبعضها سمع الكثرة ولم يسمع القلة مثل رجال، رجال جمع رجل نقول الرجال جمع كثرة لم يسمع قلة إذن ما الذي يحصل عند النحاة إذا استعمل جمع الكثرة في القلة فهو مجاز، وإذا استعمل جمع القلة في الكثرة فهو مجاز، إذن ينوب أحدهما عن الآخر مجازًا وما وضعته العرب للقلة فاستعمل للقلة وما وضعته للكثرة فاستعمل لكثرة فهو حقيقة هذا على قول من؟ النحاة لكن المرجح عند كثير من الأصوليين الذي عبر عنه الشيخ الأمين رحمه الله قال: ولا تبال بقول كثير من النحاة أن جمع القلة وجمع الكثرة يشتركان مبدأً ويختلفان انتهاءً، يشتركان مبدأً وهو أن أقل الجمع ثلاثة على الصحيح ويختلفان انتهاءً يعني: يبدأ جمع القلة وجمع الكثرة في ثلاث ثم يسيران إلى العشرة يقف جمع القلة ثم يستمر ويواصل جمع الكثرة لأن التفريق لا دليل عليه نحن نقول الآن هذه المسائل لغوية العموم مستفاد من لغة العرب ودائمًا إذا عرف الأمر مستفاد من أي شيء هل هو من اللغة أو من الشرع؟ هذه ينتبه لها طالب العلم لأنها تأتي مسائل يرجحها هذا الأصل فإذا قيل إن العموم مستفادٌ من اللفظ وقد دلت اللغة على هذا إن ثبت شرعًا ولا أعلم هذا الله أعلم إن ثبت شرعًا تم مغايرة بين العموم الشرعي مع العوم اللغوي؟ حينئذٍ نقول: هات الدليل إن أثبت فعلى العين والرأس وإلا يبقى الأصل أن الاستفادة استفادة العموم تكون من اللفظ لغةً إذن هل فرق أهل اللغة بين جمع القلة وبين جمع الكثرة ابتداءً؟ الجواب لا ومن عنده دليل فليأتي به أليس كذلك؟ حينئذٍ نقول إذا

عرف جمع القلة وجمع الكثرة اتفقا مبدءا وانتهاءً لماذا؟ ما الجواب؟ لأن أل هذه الاستغراقية والقاعدة أن كل جمع دخلت عليه أل الاستغراقية فهو للعموم وإذا كان للعموم حينئذٍ يكون أقله الثلاث وإلى ما لا نهاية ومسألة الجمع أقله هذه مسألة طويلة لكن الأصح أن يقال أنه ثلاث، قال: (الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ) إذن عرفنا النوع الأول، ثم قال: (وَالفَرْدُ). ما المراد بالفرد؟ هذا أيضًا مصدر فردٌ فعل .. قياس المصدر المعدل من ذي ثلاثة وهل المراد به المعنى المصدري الجواب لا إذن من باب إطلاق اسم من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول الذي هو المفرد والمفرد كما هو معلوم مختلفٌ عند النحاة له معنى في باب الإعراب وله معنى في باب أو مصطلح خاص في باب الخبر، وباب لا باب المناداة ما المراد هنا نقول المراد بالمفرد هنا الذي هو الكلمة الواحدة أو الاسم الواحد حينئذٍٍ يصدق بالمفرد عند النحاة في باب الإعراب ويخرج بهذا التفسير المثنى يخرج به المثنى وإنما قلت مراده الاسم الواحد لأنه قال: (كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ) عبر بالمفرد الذي هو الاسم الواحد وإلا من صيغ العموم المثنى إذا دخلت عليه أل كما استدل علي رضي الله تعالى عنه بقوله: {(((((تَجْمَعُوا بَيْنَ ((((((((((((} [النساء:23]. إذن الجمع والمفرد الذي هو الاسم الواحد والمثنى إذا دخلت عليه أل الاستغراقية أفاد العموم إذن قوله: (وَالفَرْدُ). أي: النوع الثاني من أنواع الألفاظ التي يستفاد منها العموم لغةً وشرعًا هو المفرد الاسم الواحد المعرف باللام إذن إذا كان نكرةً لا يفيد العموم ولذلك عند النحاة وعند الأصوليين أن النكرة في سياق الإثبات لا تعم وسبق هذا الاحتراز بقوله: المستغرق. أو دفعةً واحدة على القولين السابقين (وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ ** بِالَّلامِ كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ) (كَالكَافِرِ) كافر هذا عام؟ كيف فاعل؟ اسم فاعل إذن هو اسم مفرد دخلت عليه أل الاستغراقية لو قيل الكافر في النار كل كافرٍ في النار يعني: مات على هذا كل كافرٍ مات على كفره فهو في النار وهذا قيد مفهوم يعني كل كافرٍ مات على كفره فهو في النار إذن أفاد العموم (الإنْسَانِ) كل {الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 2] حكم عليه في الآية بالخسارة {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] يعني: كل إنسان {((((((((الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ((((} [النساء:28] أي: كل إنسانٍ خلق ضعيفًا.

إذن النوع الأول هو الجمع المعرف باللام الاستغراقية أم إذا لم يكن معرفًا حينئذٍ يكون غير دالٍ على العموم وإنما يستفاد منه عند الإطلاق إثبات الحكم على أقل الجمع فإذا قال عندي دراهم فمات عندي دراهم لزيد اعترف بالدراهم لزيد كم نعطي زيدًا ولم يثبت قرينة خارجة أقل الجمع ثلاثة وعلى مذهب المالكية نعطيه دينارين أو درهمين، درهمين أليس كذلك؟ لو قال عندي لزيدٍ، لكن الدراهم على قول النحاة كم نعطيه هنا دراهم؟ نعطيه أحد عشر هذا على القول الصحيح نحن خرجنا المسألة، فقال عندي دراهم لزيد فمات على قول النحاة نعطيه أحد عشر لأن دراهم هذا جمع كثرة وهو نكرة فحينئذٍ يصدق على أحد عشر فما إذا يريد الثاني عشر يثبت بقرينة أما اللفظ أثبت له أحد عشر لكن على القول الصحيح نقول نعطيه ثلاثة دراهم. كذلك الثاني المفرد كل اسمٍ مفردٍ دخلت عليه اللام الاستغراقية فإنه يفيد العموم كالكافر والإنسان. ثم قال: (وَكُلُّ مُبْهَمٍ) هذا النوع الثالث هذا يحتاج إلى تفصيل هو وما بعده نقف على هذا، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

31

عناصر الدرس * تكملة ألفاظ العموم وأنواعه * هل العموم يدخل الأفعال ونحوها؟ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى في ذكره لألفاظ العموم بعد أن حصرها في أربع: وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ فِي أَرْبَعِ الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ ** بِالَّلامِ كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ

قلنا: النوع الأول الذي يفيد العموم لغةً يعني: يستفاد العموم من جهة اللغة الأول الجمع والجمع له حالان قد يكون منكرًا وقد يكون معرفًا والمنكر لا يفيد العموم بل يحمل على أقل ما يدل عليه الجمع إذا قال: أكرم رجالاً. نقول: هذا رجالاً يصدق على ثلاث فأقل لأنه أقل الجمع ثلاث ولا يحمل على العموم والمعرف هذا أيضًا معرفٌ قد يكون معرفًا باللام وقد يكون معرفًا بالإضافة وعليه في النوعين يكون من صيغ العموم إذن نقول: الجمع نوعان: نكرة، ومعرفة. النكرة لا يفيد العموم وإنما يحمل على أقل ما يدل عليه الجمع وهو ثلاثة على الصحيح والمعرف نوعان قد يكون تعريفه باللام وهو الذي ذكره الناظم هنا وقد يكون تعريفه بالإضافة يعني إذا أضيف إلى معرفة لأن النكرة إذا أضيفت إلى نكرة أفادت التخصيص أو استفادت التخصيص وإذا أضيفت إلى المعرفة استفادة التعريف حينئذٍ صار جمعًا معرفًا فيكون حكمه حكم المعرف بـ (أل) لأنه ذكر المعرف بـ (أل) وترك المعرف بالإضافة إذن النوع الأول نقول: الجمع ومراده بالجمع هنا الجمع بالمعنى اللغوي يعني: ما دل على ثلاثة فأكثر أو ما دل على أكثر من اثنين أو اللفظ الدال على جماعة والجماعة تصدق بثلاثة باثنين فأكثر أكثر من ثلاثة أكثر من اثنين لأن أقل الجمع ثلاثة بقطع النظر عن مفرده فيشمل حينئذٍ الأنواع الستة الذي ذكرناها بالأمس اسم الجمع، واسم الإنس الجمعي إلى آخره فإذا حمل مدلول الجمع هنا معناه اللغوي وهو ما دل على أكثر من اثنين ثلاثة فأكثر بقطع النظر عن واحده عن مفرده شمل الأنواع الستة الذي ذكرناها البارحة إذا دخلت عليه (أل) كما قال هنا المعرفان باللام الاستغراقية احترازًا عن اللام العهدية والجنسية فإن العهدية كما كان الجمع دخلت عليه (أل) العهدية فيكون بحسب المعهود إن كان ثلاثة فثلاثة إن كان فعشر إن كان عشرة فعشرة إلى آخره بحسب المعهود بين المتكلم والمخاطب وإن كانت (أل) لبيان الحقيقة فحينئذٍ يصدق بأقل ما يصدق عليه الجمع وهو الثلاثة أما الاستغراقية والتي قلنا ضابطها أن يصح حلول كل محلها ويصح الاستثناء من مدخولها حلول كل محلها حقيقةً لا مجازًا هذه هي التي إذا دخلت على الجمع بأنواعه استفاد العموم فيكون مبدأه سواء كان جمع قلة أو جمع كثرة مبدأه ثلاث إلى ما لا نهاية (73 - الجَمْعُ وَالفَرْدُ) لو قال قائل: ما الدليل على أن الجمع يفيد العموم لغةً؟ قلنا: ما ذكرناه بالأمس من فهم الصحابة من صيغ العموم التي وردت الجمع أو بمعنى الجمع واستفادوا منها العموم مثل ماذا؟ {((يَسْتَوِي ((((((((((((((} [النساء:95] هذا جمع فهم منه عبد الله بن أم مكتوم أنه يشمل الضرير وغيره فقال: إني ضرير. فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكت عليه الصلاة والسلام حتى نزل الوحي بالتقييد {((((((أُولِي (((((((((} إذن {((((((((((((((} هذا جمع واستفاد منه الصحابي وهو صاحب لغة استفاد منه العموم كذلك لما قال الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. قال أبو بكر: الأئمة من قريش.

هذا جمع الأئمة من قريش هذا جمع كذلك استدلال فاطمة رضي الله تعالى عنها بقوله جل وعلا: {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}] النساء:11] هذا جمع مضاف إلى المعرفة استفاد التعريف فأفاد العموم كالمعرف بـ (أل) الاستغراقية إذن فهم الصحابة أو ممكن يقال: إجماع الصحابة. على أن الجمع المحلى بـ (أل) أو المضاف إلى معرفة أنه يفيد التعريف كذلك لما احتج على أبي بكر رضي الله تعالى عنه في عدم جواز قتال مانعي الزكاة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس». والناس هذا جمع يدل على الجمع يفيد العموم هل أنكر عليهم أبي بكر رضي الله تعالى عنه؟ الجواب: لا، وإنما أظهر المخصص فقال: لكنه قال: «إلا بحقها». وأن الزكاة من حقها. أيضًا يقال: تأكيده بما يقتضي العموم إذا أكد الجمع بما يقتضي العموم كما في قوله تعالى: {((((((((الْمَلَائِكَةُ ((((((((} [ص: 73] هذه دخلت عليه (أل) الاستغراقية فسجد كل الملائكة هذا الأصل ولذلك استثني على القول بأن الاستثناء متصل بقوله: {(((((((((((((} [ص:74] على القول بأن الاستثناء متصل والاستثناء معيار العموم إذن قوله: {((((((((} {((((((((الْمَلَائِكَةُ ((((((((} هنا ماذا؟ حصل التأكيد بما يقتضي العموم ولا شك أن الكل تفيد العموم صحة الاستثناء منه كما ذكرنا في الآية السابقة {((((((قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا (((((((((} على القول بأن الاستثناء هنا متصل وقيل: منقطع. إذن هذه ثلاثة أدلة تدل على أن الجمع المحلى بـ (أل) يفيد العموم أكرم الطلاب إلا زيدًا نقول: الطلاب هذا جمع دخلت عليه (أل) الاستغراقية فأفاد العموم بدليل الاستثناء لأن الاستثناء معيار العموم يعني: يدل على أن المستثنى منه لفظٌ عام إذا أضيف إلى معرفة أيضًا أفاد العموم بدليل ما سبق أيضًا بدليل إجماع الفقهاء أن القائل لو قال: أعتقت عبيدي وإيمائي. عبيدي هذا جمع أضيف إلى ياء المتكلم فتعرف بها فأفاد العموم من الذي يعتق؟ كل العبيد أعتقت عبيدي وإيمائي عبيد إيماء جمعان مضافان إلى ياء المتكلم فأفاد التعريف أعتقت عبيدي إلا زيدًا صحت الاستثناء مثلاً منه والاستثناء معيار العموم فيدل على أنه مستثنى منه لفظ عام إذن قوله: (الجَمْعُ). المعرف باللام الاستقرائية يلحق به الجمع المضاف إلى معرفة فإنه يدل على العموم كما سبق ولا فرق بينهما. النوع الثاني الذي أشار إليه بقوله: (وَالفَرْدُ). يعني: الاسم المفرد الاسم الواحد هذا يفيد العموم متى؟ إذا حلي بـ (أل) الاستغراقية إذا دخلت عليه (أل) الاستغراقية أفاد العموم وكذلك إذا أضيف إلى معرفة إذن نقول: المفرد المحلى بـ (أل) الحق وفيه نزاع كالمسألة السابقة الأصح والذي عليه الجماهير أنه يفيد العموم بشرط أن تكون (أل) هذه ليست عهدية ولا لبيان الحقيقة وليست للعهد الشرعي كما سيأتي حينئذٍ نقول: المفرد أفاد العموم سواء كان مفردًا مقابلاً لاسم الجنس أو لا «إنما الماء من الماء». «من الماء». قلنا: هذا يشمل. النادر في ذي العموم يدخل ** ومطلق أو لا خلاف ينقل فما لغير لذة

يشمل الصورة النادرة وغيرها إذن فيه عموم فيشمل خروج المني بلذة معتادة خروج المني بلذة غير معتادة خروج المني بغير لذة والصواب في هذه المسائل الثلاثة أنه يوجب الغسل لأن الحق أن الصورة النادرة داخلة في لفظ العموم والماء هذا اسم جنس جمعي اسم جنس إفرادي لماذا؟ لأنه يدل على الماهية ويصدق على القليل والكثير ومثله خالد وزيد وذهب وفضة إلى آخره إذن دخلت (أل) على اسم الجنس الإفرادي فأفاد العموم ما الدليل على أن المفرد إذا دخلت عليه (أل) الاستغراقية أفاد العموم أولاً صحة الاستثناء بمدخوله بدليل قوله جل وعلا: {((((الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ ((((((((((} [العصر:2،3]، والاستثناء معيار العموم يعني: دل على أن المستثنى منه وهو لفظ الإنسان لفظ عام مستغرق لجميع ما يصلح له هذا معنى العام مستغرق لجميع ما يصلح له إذن {((((الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (((} يعني: إن كل إنسان، الله أكبر كل الأفراد داخلة في هذا اللفظ {((((الَّذِينَ ((((((((((} وعلى القاعدة المشهورة كما سيأتي في باب موضع الاستثناء أن الأصح أو الذي عليه الجمهور أنه لا يستثنى الأكثر وإنما يستثنى الأقل حينئذٍ يكون قوله: {((((الَّذِينَ ((((((((((}. المؤمنون أقل من الخاسرين والله المستعان {((((الَّذِينَ ((((((((((} نقول: {((((} أداة استثناء والاستثناء معيار العموم فدل على أن لفظ المستثنى منه لفظ عام الثاني أن يقال: إن المفرد المحلى بـ (أل) يؤكد بما يؤكد به العموم وسبق أن العموم قد يؤكد هناك {((((((((الْمَلَائِكَةُ ((((((((} [ص:73] أكد بماذا؟ أكد بلفظ يقتضي العموم وهو لفظ الكل {((((الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي ((((((((((((} [آل عمران:93] أين الاسم المحلى بـ (أل)؟ الطعام نقول: هذا أفاد العموم {(كُلُّ ((((((((((} كل ما يصدق عليه أنه طعام أين التأكيد؟ كل، كُل هنا كما سبق أنه لا بد إضافتها للفظ يحصل فيه العموم {((((((إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء:13] كل إنسان نقول: كل هذا لفظ من ألفاظ العموم. في أي موضع يصلح هذا العموم في أي شيء يكون هذا الاستغراق لو قيل: كل. لوحدها هكذا هل أفاد شيئًا؟ لا لذلك تستلزم الإضافة إلى مفرد أو جمع معرفةً أو نكرة يعني: مطلقًا ولذلك صارت أم الباب.

صيغه كل أو الجميع بخلاف الجميع فإنها تتعين إضافتها إلى المعرفة إذن كل أم الباب لأنه يستلزم إضافتها إلى ما يحصل فيه العموم فإذا أضيفت كل حينئذٍ تقول: المضاف إليه هو الذي وقع فيه العموم. {(كُلُّ ((((((((((}، {(((((((((((((}، {((((يَعْمَلُ عَلَى ((((((((((((} [الإسراء:84] هل هو من ألفاظ العموم؟ {((((((((((((} تنوين عوض عن المضاف إليه تنوين عوض عن المضاف إذن كل سواء أضيفت لفظًا أو قطعت عن الإضافة وعوض عنها التنوين هي من صيغ العموم {((((آَمَنَ ((((((} [البقرة:285]، {((((((((((} نقول: كل هذه من صيغ العموم ولو حذف المضاف إليه لأن الأصل اعتباره وإنما حذف وعوض عنه هذا التنوين الذي يقال فيه إنه عوض عن المضاف إليه عوض عن الكلمة إذن {(كُلُّ ((((((((((}، كل هذا مبتدأ وهو مضاف الطعام مضاف إليه الطعام في المعنى مؤكد وكل في المعنى مؤكد حينئذٍ أكد الطعام الذي هو المفرد الذي دخلت عليه (أل) بما يؤكد به العموم فدل على أن الاسم المفرد الطعام لفظ عام واضح وجه الاستدلال يقال: الاسم المفرد المحلى بـ (ال) الاستغراقية دال على العموم بدليل أنه يؤكد بما يؤكد به اللفظ العام وهو لفظ كل في مثل هذا التركيب فحينئذٍ نقول: {(كُلُّ ((((((((((}، كل هذا جاء مؤكدًا للجمع في قوله: {((((((((الْمَلَائِكَةُ ((((((((} إذن هو لفظ عام وجاء مؤكدًا في المعنى هناك مؤكدًا في اللفظ والمعنى وهنا جاء مؤكدًا في المعنى لقوله: {((((((((((}، فدل على أنه يفيد العموم وصحة الاستثناء كما ذكرناه في السابق قال بعضهم: ينعت بما ينعت به العموم. قال جل وعلا: {((((الطِّفْلِ (((((((((} [النور:31] الذين شارفوا اسم موصول شارفوا نعت والطفل ما العود والقاعدة تطابق الصفة مع الموصوف إفرادًا وتثنيةً وجمعًا لا يصح أن يكون الموصوف مفردًا والصفة مثنى أو بالعكس ولا أن يكون الموصوف مثنى والصفة جمع لا بد من التطابق هنا قال: {((((الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:31] فدل على أن قوله: {((((((((((}. هذا مفرد حلي بـ (أل) الاستغراقية فأفاد العموم وما أفاد العموم ولو كان باللفظ مفردًا الطفل واحد في اللفظ إلا أنه يصح مراعاة المعنى كما سبق معنا مرارًا في قوله تعالى: {(((((النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا (((} [البقرة:8] هم مرجع الضمير من {(((((النَّاسِ مَنْ (((((((} {((} اسم موصول بمعنى الذي أو بمعنى الذين هنا {(((((((} ما قال: يقولون.

أفرد الضمير لأنه راعى فيه لفظ من هي في اللفظ مفرد وفي المعنى من صيغ العموم كما سيذكرها (وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ) حينئذٍ يجوز في اللفظ العام المفرد في اللفظ يجوز مراعاة اللفظ فيؤكد بالمفرد أو يرجع إليه الضمير مفردًا ويجوز مراعاة المعنى فيؤكد بما يدل على الجمع كالذين {((((الطِّفْلِ (((((((((} يرجع الضمير إليه بصيغة الجمع {(((((هُمْ (((((((((((((}، {(((((((((جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر:33] أين الخبر؟ {((((((((((((} مشار إليه بالجمع قال: {(((((((((} هذا هو المبتدأ {((((((((((((} وشرط التطابق بين المبتدأ والخبر إفرادًا لم قال: {((((((((((((}؟ مراعاةً لمعنى {(((((((((} القاعدة إذن نقول: ما كان في اللفظ مفردًا هذه قاعدة ما كان في اللفظ مفردًا وفي المعنى عام يجوز إعادة الضمير إليه مفردًا مراعاة للفظه أو جمعًا مراعاة لمعناه وجاز في الخبر أيضًا أن يخبر بالمفرد مراعاة للفظ وأن يخبر بالجمع مراعاة للمعنى {(((((((((}، قال: {((((((((((((}، {(((((النَّاسِ مَنْ (((((((} عاد الضمير مفردًا وقالوا: {((((((((} عاد الضمير هنا جمعًا مراعاةً لمعنى من إذن {((((الطِّفْلِ (((((((((} نقول: نعت الطفل وهو مفرد محلى بـ (أل) الاستغراقية نعت بما ينعت به الجمع و {(((((((((} فدل على أن معنى الطفل الجمع وهو معنى العام.

إذن نقول: النوع الثاني الاسم المفرد المحلى بـ (أل) الاستغراقية معرف بـ (أل) الاستغراقية ومثله المضاف إلى معرفة فيستفاد منه العموم الدليل على ذلك صحة الاستثناء لو قال: أكرم عالم المدينة إلا زيدًا. لو قال: أكرم عالم المدينة. عالم هذا مفرد وأضيف إلى المدينة وهو معرفة فاكتسب التعريف نقول: هذا عام بدليل صحة الاستثناء منه إلا زيدًا ولذلك لو قال: أوقفت داري على ولدي. وعنده أولاد وعنده دور نقول: كل الدور موقوفة وقفًا على كل الأولاد الذكور والإناث على ولده ومنه قوله جل وعلا: {(((((تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل:18] نعمة الله واحدة في اللفظ قال: {((تُحْصُوهَا} كيف لا يحصى الواحد؟ نقول: لا المراد وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها. من أين أخذنا نعم الله؟ نقول: مفرد نعمة أضيف إلى لفظ الجلالة وهو أعرف المعارف فاكتسب التعريف وهو من صيغ العموم بدليل صحة الاستثناء منه هذه القاعدة العامة أن الاسم المفرد إذا دخلت عليه (أل) الاستغراقية أفاد العموم نقول: ما لم يكن اللفظ الذي دخلت عليه (أل) له حقيقة شرعية يعني هذا يستثنى من القاعدة ما لم تكن أو يكن الاسم المفرد الذي دخلت عليه (أل) الاستغراقية له حقيقة شرعية فحينئذٍ نقول: هذا لا يفيد العموم لماذا؟ لأن ما أفاد العموم نقول: هذا حقيقة لغوية وذكرنا بالأمس أن الذي يستفاد أو الذي دل على استفادة العموم من اللفظ اللغة فحينئذٍ نقول: (أل) أفادت العموم (أل) الاستغراقية تدل على العموم لغةً إذن هذا حقيقتها اللغوية إذا دخلت على لفظ له حقيقة لغوية وله حقيقة شرعية مثل بعضهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «تحريمها». في الصلاة «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم». التكبير نقول: (أل) هذه للاستغراق وتكبير (أل) للاستغراق إذن له (أل) استغراقية إذًا لها حقيقة لغوية وهي دلالته على العموم إذن كل فرد دخلت عليه (أل) من مسمى مدخول (أل) فهو داخل في الحكم تكبير نقول: هذا حقيقة لغوية وله حقيقة شرعية. الحقيقة اللغوية أن هذا اللفظ يصدق على كل تكبير الله أكبر هذا تكبير الله الأكبر بـ (أل) هذا تكبير الله كبير هذا تكبير الله الكبير بـ (أل) هذا تكبير أليس كذلك؟ كل فرد من هذه الأفراد الأربعة يسمى في اللغة تكبير إذن تحريمها التكبير لو طبقنا القاعدة نقول: (أل) هذه تفيد الاستغراق وهي أن يصح حلول كل محل حقيقةً إذن تحريمها كل تكبير ويصح الاستثناء من مدخولها إذن أفادت العموم وإذا قلنا: أن اللفظ جاري على القاعدة الأصلية اللغوية السابقة حينئذٍ يجوز الدخول الصلاة بكل لفظ من هذه الألفاظ الأربعة فلو قال: الله كبير. صح لو قال: الله الأكبر. صح لو قال: الله الكبير.

صح لماذا؟ لأن (أل) الاستغراقية دخلت على اسم المفرد فأفاد العموم حينئذٍ يحمل على كل أفراده كما هو شأن اللفظ العام لكن نقول: لا تكبير هذا له حقيقة شرعية وهو خصوص قول الله أكبر ما عداه ليس بتكبير في الشرع الله كبير لم يقله النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الأوراد هذه والألفاظ تعبدية موقوفة على السماع فما ورد من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يحمل عليه اللفظ يكون مخصوصًا به حينئذٍ التكبير نقول: لا يصدق في الشرع إلا على لفظ الله أكبر وما عداه ليس بتكبير في الشرع فلو قال: الله كبير. لم تنعقد صلاته ولو قال: الله الكبير. لم تنعقد صلاته. ولو قال: الله الأكبر. بـ (أل) لم تنعقد صلاته حتى يقول: الله أكبر. لماذا؟ لأن العبادات توقيفية إذن موقوفة على الوحي ما ثبت عمل وما لا فلا إذن نقول: في مثل هذا التكبير تعارضت عندنا حقيقة لغوية وحقيقة شرعية (أل) تقتضي حمل اللفظ على كل أفراده لأنه عام والتكبير له حقيقة شرعية إذن تعارضت عندنا حقيقة شرعية وحقيقة لغوية على مذهب أبي حنيفة تقدم الحقيقة اللغوية على الشرعية وعلى مذهب الجمهور تقدم الحقيقة الشرعية على اللغوية فحينئذٍ نقول: التكبير هل هو داخل في القاعدة؟ نقول: لا فصارت (أل) حينئذٍ نقلت من دلالتها على الاستغراق إلى دلالتها على العهد الشرعي إذن عهدية شرعية واضح هذا؟ «تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم». يقال فيه ما قيل في التكبير سلام عليكم عليكُم السلام السَّلام عليكم ورحمة الله سلام سلامٌ عليك سلام كل هذه يسمى في اللغة تسليم دخلت عليه (أل) الدالة على الاستغراق «تحليلها التسليم». فنقول: تعارضت عندنا حقيقة لغوية وهو مدلول (أل) الاستغراق والتسليم له حقيقة لغوية لكن الشرط خصه بتسليم خاص وهو قوله: السلام عليكم ورحمة الله. حينئذٍ تعارضت عندنا حقيقة شرعية وحقيقة لغوية وعلى الخلاف عند أبي حنيفة يقدم الحقيقة اللغوية على الشرعية وعند الجمهور تقديم الحقيقة الشرعية على اللغوية والصواب كما سبق معنا أن الحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة اللغوية. واللفظ محمول على الشرعي ** إن لم يكن فمطلق العرفي فاللغوي على الجلي هذا الترتيب واللفظ محمول على الشرعي إن لم يكن شرعي فاللغوي إن لم يكن فمطلق العرفي مطلق العرفي ليشمل القول والفعل فاللغوي إذن جاءت الحقيقة اللغوية بعد الحقيقة العرفية وجاءت الحقيقة العرفية واللغوية بعد الحقيقة الشرعية لماذا؟ كما سبق أن هذا الشرع يفصل بما جاء في الشرع هذا الأصل صاحب الشرع ألفاظه تحمل على ما أراده الشارع ولا نحمله على ما جاء في اللغة ولا في العرف إذن هذا هو النوع الثاني. الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ ** بِالَّلامِ كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ

النوع الثالث: أشار إليه بقوله: (وَكُلُّ مُبْهَمٍ). (وَكُلُّ) هذا معطوف على قوله: (الجَمْعُ وَالفَرْدُ)، (وَكُلُّ مُبْهَمٍ) كل مضاف ومبهم مضاف إليه (مُبْهَمٍ) هذا مأخوذ من الإبهام يقال: طريق مبهم. إذا كان خفيًّا لا يستبين واستبهم الأمر إذا استغلق استبهم الأمر إذا استغلق والمراد هنا كل مبهم، المراد به الأسماء أسماء الشرط والجزاء، أسماء الاستفهام، أسماء الموصولة هذه ثلاثة المعنون لها هنا كل هذه الأسماء أسماء الشرط بأنواعها برمتها جميعها تفيد العموم، وأسماء الاستفهام كلها تفيد العموم، والموصولات الاسمية أيضًا تفيد العموم (وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ) الأسماء أسماء الاستفهام وأسماء الشرط هذه قال: ويطلق عليها أنها مبهمة، لماذا؟ أين الخفاء فيها لأنه لا يفهم معناها إلا أو لا يتعين معناها إلا بما بعدها لا يمكن إذا قيل: أردت الاستفهام عن مكان زيد أين وتسكت أين من؟ ما يصح صار مبهمًا تسأل عن من ومن وحيثما كيف لو أطلقت هذه العبارات هكذا صار فيها إبهام خفاء عدم ماذا؟ عدم إيضاح المراد منها إذن قوله: (وَكُلُّ مُبْهَمٍ). أي: ما لا يتبين معناه إلا بغيره. الأسماء الموصولة يتبين معناها بجملة الصلة وكلها يلزم بعده صلة إذن لا بد من صلة تبين وتكشف المراد من الاسم الموصول لو قال: جاء الذي وسكت الذي من؟ لا يفهم معناه إلا إذا قرنه بجملة الصلة جاء الذي أبوه قائم إذن كشف المعنى المراد من الذي، {(((((((((جَاءَ (((((((((((} [الزمر:33] إذن جاء بالصدق صارت هذه كاشفة إذن الإبهام في الموصولات يرفع بالصلة والإبهام في أسماء الشرط وأسماء الاستفهام يرفع ويعين بما بعده إما أن يكون خبرًا وإما أن يكون مبتدأً قال: (مِنَ الأَسْمَاءِ). هذا احترازًا من الحروف لأن أسماء الاستفهام أو الاستفهام لذلك يقال: أدوات الاستفهام. وهذا التعبير أولى يعني: في غير هذا المقام. يقال: أدوات الاستفهام. لأن الأداة أعم يشمل الاسم ويشمل الحرف من أداة استفهام وهي اسم، الهمزة هل أداة استفهام وهما حرفان إذن أداة هذا يعم الاسم ويعم الحرف لكن الذي يقبل ويكون من صيغ العموم هو الاسم لماذا؟ لأن الحرف لا معنى له في نفسه فكيف يكون عامًا؟ هو فقير من المعنى أصلاً لا يدل على معنى في نفسه أصلاً فكيف حينئذٍ يقول: يفيد العموم والخصوص. فتعين حينئذٍ أن تكون الأسماء هي الدالة على العموم لأن الاسم هو ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بزمن من الأزمنة الثلاثة (وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ) (مِنَ الأَسْمَاءِ) أخرج الحروف سواء كانت في الشرطيات كإن وإما هذان حرفان الأول باتفاق والثاني على الراجح والاستفهام أيضًا أخرج الحروف من الاستفهام كالهمزة وهل وأخرج الحروف من الموصولات وهي خمسة أن المصدرية، وأَنَّ أخت إن، وكي، ولو، وما هذه خمسة أن المصدرية {(((((((((((((((} [البقرة:184] وما المصدرية الظرفية، ولو، وكي، وأن أخت إن {((((((((يَكْفِهِمْ أَنَّا ((((((((((} [العنكبوت:51] أولم يكفهم إنزالنا، هذه موصولات لكنها حرفية إذن قوله: (مِنَ الأَسْمَاءِ).

نقول: هل هذا قيد لبيان الواقع أو للاحتراز؟ الثاني للاحتراز أخرج حروف الاستفهام وأخرج حروف الشرط وأخرج حروف الموصولات. (مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ من وَالجَزَاءِ) (مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ) الواو أحسن (مِنْ ذَاكَ) أي: من ذاك. من الأصل أن يقول: فمن ذاك على التفريع لأنه قعد قاعدة عامة ثم أراد أن يفرع لأن الجملة ما من بعد (مِنْ ذَاكَ) إلى أربعة أبيات كلها يسمى تفريعًا على القاعدة العامة (وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ) هذا معطوف على الجمع (وَلْتَنْحَصِرْ أَلفَاظُهُ) ألفاظ العام (فِي أَرْبَعِ*الجَمْعُ) إذن يفيد العموم (وَالفَرْدُ) شرطه يفيد العموم (وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ) يفيد العموم فمن ذاك الأصل أن يكون مفرعًا (مِنْ ذَاكَ) حقه التفريع بالفاء أي: فمن الأسماء المبهمة (مَا) لفظ ما (مِنْ ذَاكَ) المشار إليه الأسماء المبهمة (مِنْ ذَاكَ) أي: من الأسماء المبهمة لفظ ما حالت كونه يعني اللفظ مستعملاً في أفراد ما لا يعقل كما سيأتي تقيده فيما بعد (لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ) يعني: مستعملاً في الدلالة على تحقق مضمون الجزاء لتحقق مضمون الشرط فعل الشرط وهذا فائدته الشرط يعني الشرط في اللغة هو التعليق إن جاء زيد فأكرمه أفادت التعليق علقت الجزاء الذي هو الإكرام على وجود الفعل فعل الشرط إن جاء زيد فأكرمه عندنا تعليق هنا رتب حكم على حكم رتب الإكرام على وجود زيد تحقق مضمون جواب الشرط موقوف على تحقق مضمون جملة الشرط. وَكُلُّ مُبْهَمٍ مِنَ الأَسْمَاءِ ** مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ

(مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ) قيد ما هنا (مَا لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ) وهي: عامة. يعني: تكون للعموم سواء كانت شرطية أو استفهامية أو موصولية ما نقول: مطلقًا تفيد العموم سواء كانت شرطية وسواء كانت موصولة وسواء كانت استفهامية هل تأتي ما لغير هذا؟ نقول: نعم تأتي صفة مررت بما معجِب لك كسر الجيم معجَب لا بفتح الجيم مررت بما معجَب لك أو بك هذه نقول: موصوفة نكرة موصوفة مررت بما معجَب بك يعني: برجل أو بشيء معجب بك ما هذه لا تفيد العموم لماذا؟ لأنها نكرة نقول: نكرة موصوفة والنكرة إذا وصفت أفادت التخصيص ولا تستفيد العموم إلا بالمعرفة طيب ما أحسن زيدًا نقول: ما هذه تعجبية. شيء حسن زيد شيء عظيم حسن زيدًا نقول: ما التعجبية هذه تفيد العموم إذن تقييد ما بكونها للشرط أو الاستفهام أو موصولية أخرج ما النكرة الموصوفة إذا كانت نكرة موصوفة مررت بما معجَب لك وأخرج أيضًا أي بشيء معجب لك والتعجبية ما أحسن زيدًا فلا تعم لا النكرة الموصوفة ولا التعجبية لو قال قائل ما الدليل على أن أدوات الشرط أو الأسماء الشرطية تفيد العموم؟ نقول: أولاً صحت الاستثناء مما دخلت عليه من دخل داري فأكرمه إلا زيدًا أليس كذلك؟ من دخل داري فأكرمه نقول: من هذه شرطية دخل فعل الشرط فأكرمه الجملة جواب الشرط إلا زيدًا هذا استثناء حينئذٍ نقول: من تفيد العموم لماذا؟ لأنها استثني منها وسبق أن الاستثناء معيار العموم أيضًا إجماع الفقهاء وأهل اللسان على ترتب الأحكام العامة إذا عبر بلفظ من هذه الأدوات لو قال قائل: من دخل من نسائي هذه الدار فهي طالق. ودخلت واحدة ما الحكم؟ تطلق؟ ليش متردد كده تطلق قطعًا يترتب الجزاء على فعل فِعل الشرط فإذا وجد الدخول مرة واحدة ترتب عليها ماذا؟ الحكم وهذا باتفاق من دخل داري من نسائي فهي طالق. نقول: من شرطية ودخل فعل شرط وجملة فهي طالق هذه الجواب نقول: من الشرطية تفيد تحقق مضمون جملة الجواب على تحقق مضمون جملة الشرط فحينئذٍ يترتب الطلاق على دخول إحدى نسائه أو نسائه الدار كذلك توجيه الذم والاعتراض من السيد لعبده إن قال له: من دخل داري فأكرمه. لو قال: من دخل داري فأكرمه. فإذا أكرم الجميع استحق المدح فإذا أكرم البعض وترك البعض استحق الذم لماذا؟ لأن من أفادت العموم والتفرقة هذه بدون نص مخصص تفرقة وتحكم نقول من جهة العبد حينئذٍ لو عاتبه وذمه وعاقبه ورآه أهل اللسان من العقلاء فسألوه لم عاقبته؟ فقال: قلت له: من دخل داري فأكرمه. فلم يكرم البعض لكان كلامه مقبولاً عند العقلاء إذن نقول: أدوات الشرط تفيد العموم لكن الذي ينبغي التنبيه له أن المراد بالعموم عموم الأشخاص لا عموم الأفعال لماذا؟ لأنه لو قال قائل: من دخل داري من نسائي فهي طالق.

عموم الأشخاص لا عموم الأفعال أين الأشخاص؟ مدلول عليه بلفظ من مَن دخل دَخل هذا فعل هل تدل من على عموم الفعل بحيث أنه لا يترتب الحكم إلا إذا وجد كل أفراد الدخول أم هي مطلقة في الحكم المعلق سواء كان شرطًا أو جوابًا؟ نقول: القاعدة أن من أو أدوات الشرط عمومًا تدل على عموم الأشخاص لا على عموم الأفعال لأن الفعل هذا كما سيأتي أنه من قبيل المطلق وهو وإن كان مستغرقًا لجميع ما يصلح له يعني: شاملاً له عموم إلا أن عمومه بدلي يعني: يصدق بفعل واحد فقط فلذلك لو قال: من دخل داري من نسائي فهي طالق. نقول: عندنا عموم وعندنا مطلق عموم في قوله: من. هذه تفيد العموم عموم الأشخاص فيشمل مثل الذي كان متزوجًا أربعًا يشمل الأربعة لأن من هذه صيغة من صيغ العموم طيب والدخول هل هو عام أم مطلق؟ نقول: مطلق، والطلاق عام أو مطلق؟ إذا قلت: عام. يفترق إذا قلت: عام، فحينئذٍ إذا قيل: من دخل داري من نسائي فهي طالق، إذا قلت: عام. الثلاثة وإذا قلت: مطلق. المطلق يصدر بواحد فحينئذٍ تطلق مرة واحدة والدخول إذا قلت: عام. حينئذٍ لو قال: من دخل داري من نسائي فهي طالق. إذا قلنا الإطلاق في الطلاق والعموم في الدخول لو دخلت مرة واحدة ثم خرجت استحقت طلقة واحدة فلو قلنا: الدخول المراد به العموم لو دخلت مرة ثانية استحقت طلقة ثانية لو دخلت مرة ثالثة استحقت طلقة ثالثة والحكم يختلف وهذا ينبني عليه الحديث «من تركها فقد كفر» مبني على هذه المسألة فحينئذٍ نقول: أدوات الشرط تفيد عموم الأشخاص لا عموم الأفعال والفعل سواء كان جواب الجواب وسواء كان الفعل إنما هما مطلقان لأن الفعل لا عموم له ثم العموم أبطل دعواه في الفعل لماذا؟ لأنه من قبيل المطلق الصادق بفعل واحد ولا يقتضي تكرارًا ولا يقتضي التكرار إذن من دخل داري من نسائي فهي طالق نقول: العموم في الأشخاص في كل زوجاته والدخول يصدق بمرة واحدة والطلاق يقع مرة واحدة فلو دخلت الزوجة هند مثلاً وخرجت نقول: طلقة واحدة. لو دخلت مرة ثانية لا يصدق عليها الطلاق خلاص مرة واحدة لماذا؟ لأن دخل هذا مطلق وليس بعام ليس شاملاً للدخول الثاني وإنما هو يصدق بالدخول الأول أليس كذلك؟ هذا هو حقيقة المطلق ويأتينا إن شاء الله حقيقة المطلق، المطلق يدل على عمومٍ بدلي يعني: مراد به واحد لا بعينه عموم بدلي هكذا يقال والعام الذي معنا عموم شمولي العموم البدلي واحد لا بعينه فإذا دخلت مرة واحدة نقول: وقعت عليها طلقة واحدة لأنها دخل مطلق فيصدق بمرة واحدة فحينئذٍ لو دخلت مرة ثانية نقول: لا يترتب عليها الحكم فلا تنزل عليها طلقة ثانية وإنما يكتفي بطلقة واحد «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر». من هذا عموم في الأشخاص ترك عام لا بد يترك الفجر والظهر والعصر والسبت والأحد والشهر الأول والثاني أو نقول: مطلق، مطلق فحينئذٍ يصدق بترك صلاة واحدة وهذا حجة ابن القيم رحمه الله والشيخ ابن باز في تكفير من ترك فرضًا واحدًا يعني: بغير عذر شرعي حتى يخرج الوقت بشرطه إذن «فمن تركها». يعني: ترك الصلاة.

نقول: ترك هذا فعل والفعل مطلق لا عام عمومه بدلي لا شمولي فلو ترك فرضًا واحدًا بلا عذر شرعي حتى خرج الوقت نقول: وقع عليه الحكم. والمسألة واحدة من دخل داري، «من تركها فقد كفر». إذن نقول: أدوات الشرط تقتضي عموم الأشخاص لا عموم الأفعال ويقتضي وجود الجزاء عند أول وجود الشرط متى يكون أول وجود الشرط؟ بفعل واحد، متى يقع الطلاق؟ بالدخول الأول إذن وجد الجواب عند أول وجود الشرط فلو وجد مرة ثانية الشرط لا يترتب الحكم الشرعي لماذا؟ لأن هذه صيغة لا تقتضي التكرار لا تقتضي التكرار هكذا نص الزركشي في ((تشنيف المسامع)) إذن قوله: (مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ). الأدوات أو أسماء الشرط في العموم تفيد العموم قال: (وَلَفْظُ مَنْ) سبق أن ما تكون شرطية، وتكون استفهامية وتكون موصول مثال الموصولة مثل ماذا؟ أعطوني هذا نحو موصولة {(((((تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ((((((((((} [البقرة:197] هذه آية هذه شرطية طيب إذن مثال الشرطية {(((((تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}، الموصولة {(((((((((لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ((((((((} [الجمعة:1]، استفهامية ما عندك {(((((((أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ((((} [القصص:65] هذا استفهام (وَلَفْظُ مَنْ فِي عَاقِلٍ) (وَلَفْظُ مَنْ) يعني: ومن الأسماء المبهمة أيضًا لفظ من غير الموصوفة مررت بمن معجبٍ بك نقول: هذه نكرة موصوفة لا تعم أنها نكرة والنكرة لا تعم إلا إذا كانت في سياق النفي كما سيأتي إذن ومن الأسماء المبهمة أيضًا لفظ من عامًا مستعملاً في أفراد من يعقل قيده قال: (مَنْ فِي عَاقِلٍ) (عَاقِلٍ) هذا اسم فاعل من العقل وسبق معنا بيان العقل لكن المراد هنا بمن شأنه أن يعقل ما من شأنه أن يعقل فحينئذٍ يشمل المجنون وليس المراد هنا بالعاقل ضد المجنون وإنما المراد به ما من شأنه أن يعقل لو قيل أكرم من في الدار من المجانين صح؟ صح لأن من هذه للعاقل والمجنون من شأنه في الأصل أنه عاقل لكن يعترض بعضهم في التعبير بعارض لماذا؟ لأن لفظ من هذا استعمل في حق الله عز وجل {((((لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (((} [الحجر:20] {((((((((((((} {(((لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ (((((((} [المؤمنون:84] {((((((((((((((} هذا يصدق على من؟ الله عز وجل حينئذٍ لا يجوز أن ينسب الرب جل وعلا بالعقل لماذا؟ الصفات توقيفية. صفاته كذاته قديمة ** أسماؤه ثابتة عظيمة لكنها في الحق توقيفية ** لنا بذا أدلة وافية صفاته كذاته قديمة أزلية الأصل لكنها في الحق توقيفية إذن موقوفة على السماع إذن (فِي عَاقِلٍ) نقول: الأولى أن يقال: أن يعلم لأن من هذه أطلقت على الرب جل وعلا {((((لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (((}، {(((لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ} [الأنعام:12] من هذه موصولة، وتأتي شرطية، وتأتي استفهامية من عندك؟ زيد {((((يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (((} [الطلاق:2] وشرطية، وموصولة، كيف؟ {((((((تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي (((((((((((((} [النور:41] من هذه موصولية.

(وَلَفْظُ مَا*فِي غَيْرِهِ) أي: ومن الأسماء المبهمة أيضًا لفظ ما سواء كان شرطًا أو موصولاً أو استفهامًا (فِي غَيْرِهِ) يعني: في غير العاقل شرطًا مثل ماذا؟ {(((((تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة:197] وسبق ذكره إذن ما فائدة الذكر هذه إعادتها مرة أخرى (مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ).

ثم قال: (وَلَفْظُ مَا*فِي غَيْرِهِ) أراد هناك أن يبين ما تأتي شرطية وهنا أنها تأتي لغير العاقل وهذا هو الأصل في من أنها لمن يعلم وقد تأتي لغير من يعلم يعني: لغير العقلاء والأصل في ما أنها لغير العاقل وقد تأتي أيضًا للعاقل مثال من في غير العاقل، لغير العاقل {(((((((((مَنْ يَمْشِي عَلَى (((((((((} [النور:45] والذي يمشي على بطنه دابة فحينئذٍ نقول هذا ليس من العقلاء استعمال ما لمن يعقل {((((((((((((مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ ((((((((((((} [النساء:3] {((((((((((((مَا (((((} لكن لا يعدل هذا الأصل أو يخرج عن الظاهر إلا لنكتة كما هو مبين عند أهل البيان لا يمكن الأصل في من أنها للعاقل لمن يعلم لا يستعمل هذا اللفظ في غير العاقل إلا لفائدة ونكتة لا بد من التماسها ويعلم بالسياق والتركيب كذلك الأصل في ما أنها لغير العاقل وإذا استعملت في العاقل نقول هذا خلاف الأصل ولا بد من نكتة (وَلَفْظُ أَيٍّ فِيْهِمَا) يعني: للعاقل ولغير العاقل تأتي أي شرطية واستفهامية وموصولية وكلها يستفاد منها العموم والبسط كأدوات الاستفهام وأدوات الشرط والموصولات هذا محله كتب النحو إذن هنا تستفيد أن هذه الموصولات تفيد العموم وهناك يعدد لك الموصولات الاسمية ويفرق بينها وبين العموم بين الحرفية وأحكامها من جهة الجملة إلى آخره إذن ثم ارتباط بين الأصول والنحو باب العام كله من أوله لآخره مأخوذ من من اللغة بعمومها باب الخاص من أوله لآخره مأخوذٌ من اللغة إذن لا يمكن الانفصال درسنا نحو نعم لا فرق بين الأصول والنحو ليس بينهما فرق بل العمدة في أصول الفقه أنه مستمدٌ من اللغة العربية هذا عمدته اتكاؤه في الأمر والنهي والعام والخاص والمطلق والمقيد إلى آخره والمجمل والمبين كله على اللغة العربية وهذا أهم ما يعتني به الفقيه أما حد الواجب إلى آخره هذا أمره سهل لكن هذه المسائل مبناها على اللغة إذن ليس بينهما ليس بينهما تباين وإنما بينهما تداخل كلي (وَلَفْظُ أَيٍّ فِيْهِمَا) يعني: للعاقل ولغير العاقل وقلنا أي تأتي استفهامية مثل ماذا؟ {(((((((((((((((((((} [القصص:28] استفهامية {((((أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعام:19] هذه استفهامية، {((((الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ ((((((((} [مريم:73] شرطية {(((((((((((((((((((} [القصص:28]، {(((((مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110] ولذلك نقول: {(((((مَا (((((((((}، {((((أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} هذا يجعلنا أن نجعل أي نقول: أيضًا لمن يعلم لماذا لأنها أطلقت على الرب جل وعلا {((((أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام:19] إذن هذه أفادت العموم وهنا أجيب بالرب جل وعلا {((((} إذن هو داخلٌ في قوله: {(((ُّ}.

وإذا قيل أي لمن يعقل لا يوصف الرب بصفة العقل إذن نقول: أي لمن يعقل لمن يعلم {(((((مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} يقال فيه ما سبق، (وَلَفْظُ أَيٍّ فِيْهِمَا) لكن يقال: أي هذه تأتي استفهامية، وتأتي شرطية، وتأتي موصولية، وتأتي وصفية، وتأتي حالية، وتأتي عند بعضهم مناداة المراد هنا التي تفيد العموم الثلاثة الأول أما الوصفية فلا تفيد العموم والحالية لا تفيد العموم وكذلك إذا جاءت مناداة {(((((((((((الَّذِينَ (((((((((((} [البقرة:140] عند بعض هذه مناداة أي مناداة والصواب الذي بعده المناداة لكن هل تفيد {(((((((((((} هذه تفيد العموم؟ الجواب: لا، لا مررت برجلٍ، أي رجلٍ هذه وصفية مررت بزيدٍ أي رجلٍ هذه حالية وسبق في ((شرح القواعد)) بيان هذه المسألة (وَلَفْظُ أَيْنَ وَهْوَ لِلْمَكَانِ) (أَيْنَ) هذه تأتي شرطية وتأتي استفهامية هل تأتي مأصولية؟ من يقول نعم لا ما تأتي مأصولية إذن (أَيْنَ) هنا تقيد بشرطية واستفهامية {((((((الْمَفَرُّ (((} [القيامة:10] المفر أين {((((((الْمَفَرُّ (((} {(((((((((تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ ((((((((((} [النساء:78]، {((((((الْمَفَرُّ (((} أين زيد عندي مثلاً استشكل بعضهم كيف الاستفهامية تكون مفيدة للعموم والجواب يكون بواحد وهذا سؤال مشكل عند الأصوليين إذا قيل أين زيد؟ تقول في الدار كيف أفاد العموم والجواب واحد قالوا إفادة العموم هنا في أين وأين مكانية وأين الزمانية وأين زمانية النظر إلى السؤال فقط دون الجواب إذا قيل أين زيد أو {((((((الْمَفَرُّ (((} هنا السؤال على أي شيء عن أي مكانٍ يتصور الذهن الفرار إليه أليس كذلك؟ وهذا يعم هل يمكن أن يخرج فردٌ من أفراد المكان عن هذا السؤال الجواب لا {((((((الْمَفَرُّ (((} نقول هذا صيغة عموم ما وجه الاستغراق هنا نقول: استغرقت كل شيءٍ يصدق عليه أنه كمان أي لذلك يصلح الجواب بكل ما يمكن أن يكون مكانًا من في الدار من نقول: الاستفهام هنا حصل عن أي شيء عن كل فردٍ يتصور وجوده وكينونته في الدار وهذا يشمل الواحد، والعشرة، والمائة، والألف، فلو كان الموجود واحدًا لقال زيد فلو كان الموجود عشرة لوجب عدهم زيد، عمرو إلى آخره فلو نقص واحد من العشرة ما حصل الجواب إذن وجه العموم نقول: هنا في الزمانية والمكانية في الاستفهامية أن المستفهم عنه يصدق أن يكون الجواب فردًا من أفراده وإذا قيل أين زيد نقول: زيد هذا يتصور أن يوجد في داخل الدار في خارج الدار على السقف إلى آخره كل مكان يتصور وجود زيد فيه فهو داخل في هذا السؤال فحينئذٍ صار عامًا مستغرقًا لجميع الأمكنة التي يمكن وجود زيد فيها، متى الساعة؟ نقول: هذا مستغرق لجميع الأزمنة التي يمكن أن تقع فيها الساعة هذا وجه العموم ولا ينظر إلى الجواب لأن الجواب إنما يكون باعتبار الواقع والحاصل ولا يكون باعتبار؟ ولا يكون باعتبار اللفظ الدال على العموم، أين زيدٌ اللفظ عام في الدار واحد يكفي المكان (وَلَفْظُ أَيْنَ وَهْوَ لِلْمَكَانِ) يعني: وهو الموضوع لأفراد المكان بحسب اللغة (كَذَا مَتَى الْمَوضُوْعُ لِلزَّمَانِ) مثل المكان أو مثل لفظ أين، (مَتَى الْمَوضُوْعُ لِلزَّمَانِ) لكن يقيد

الزمان عند كثير من الأصوليين الزمان المبهم فلا يقول حينئذٍ زالت الشمس فأتني هذا معين متى زالت هذا معين ليس فيه عموم لكن متى تزرني أزرك، متى تزرني هل هناك عمومٌ في الزمن؟ نعم كل وقتٍ يصدق أن تحصل فيه الزيارة في الليل، في النهار، في أوسط الليل، في أول الليل في أول، كل وقت يوم السبت، يوم الأحد إلى آخره عموم الزمن دخل في قوله: (مَتَى) إذن عرفنا أن من تأتي شرطية واستفهامية وموصولية (وَلَفْظُ مَا) تأتي أيضًا مثلها ثلاثية (وَلَفْظُ أَيٍّ فِيْهِمَا) لكن يقولون: في (أَيٍّ) قد تكون عامةً في الأشخاص وقد تكون، وقد تكون عامةً في الأزمنة، وقد تكون عامةً في الأمكنة أي مكانٍ جلست فيه أجلس، أي زمانٍ تسافر أسافر هذا عمومه في الزمان، أي رجلٍ تقابله قابلته هذا عمومٌ في الأشخاص، عمومٌ في الأشخاص، وعمومٌ في الأزمان، وعمومٌ في المكان، ثم الرابع ذكره بقوله: (وَلَفْظُ لا فِي النَّكِرَاتِ). إذن (وَكُلُّ مُبْهَمٍ) نقول: هذا هو النوع الثالث من ما يستفاد من الأمور وهو ثلاثة أشياء: أسما الاستفهام كلها، وأسماء الشرط كلها، وأسماء الموصولة كلها، وهناك تفاصيل كثيرة عند الأصوليين تركناها اختصارًا، (وَلَفْظُ لا فِي النَّكِرَاتِ) هذا هو الرابع وهو النكرة في النفي وبعضهم يقول: في سياق النفي وفيه قصور لأن في سياق النفي قد يستفاد منه أن النافي لم يباشر النكرة ليس في الدار أحدٌ هذه نكرة في سياق النفي لكن لا أحد في الدار هل نقول أن لا أحد هذا في سياق النفي أو تسلط عليه النفي مباشرةً؟ الثاني إذن قول بعض الأصوليين بل كثير النكرة في سياق النفي هذا يفيد أن النكرة تكون عامةً إذا لم يباشرها النافي نحو ليس في الدار أحدٌ ليس نافية أحدٌ فصل بينها وبين مدخولها بينها وبين النكرة أما لا أحد في الدار نا نقول تسلط النفي على ماذا على النكرة إذن سواءٌ باشر النافي الحرف النكرة أو لم يباشره فهي تفيد العموم وهي تفيد العموم ثم فائدتها للعموم كما سبق قد تكون نصًا وقد تكون ظاهرةً قد تكون نصًا في العموم وقد تكون ظاهرةً في العموم تكون نكرة في النفي والنهي والاستفهام والشرط إذا سبقت بمن الزائدة أفادت العموم نصًا هذا واحد. الثاني: النكرة إذا سلط عليها النفي وهو لا النافية للجنس وبني معها على الفتح كانت نصًا في العموم هذا الثاني. ما عدا ذلك فهي ظاهرةٌ في العموم زاد بعضهم ثالثًا للنوع الأول وهو ما كان ملازمًا للنفي نحو: أحدا، وديارا، ونحو ذلك. ثم ألفاظٌ ملازمةٌ للنفي قيل هذه نصٌ في العموم لا أحد في الدار نقول: هذا نصٌ في العموم لا صافر قيل هذا من الصفير لا وابر يعني: لا صاحب وبر لا ديارا قالوا: هذه كلها ألفاظ لا تستعمل هكذا في الإثبات وإنما تستعمل في النفي فهي نصٌ للعموم يضاف إلى الاثنين معدا هذه الثلاثة نقول: هذه ظاهرة في الأمور إذن النكرة في سياق النفي أن تسلط عليه النفي ولم تسبقها من الجارة الزائدة فهي ظاهرةٌ في العموم قوله: (وَلَفْظُ لا فِي النَّكِرَاتِ). (وَلَفْظُ لا) يعني: النافية هل اللفظ النافي هنا خاصٌ بلا؟ هل هو خاصٌ بلا؟ نقول: لا ليس خاصًا بلا يشمل ما ويشمل لن ويشمل ليس ولم ولما قلت:

وأما نفيه فالأحرف ** ستٌ لكل حرفٍ معنًا يؤلف فما وإن كليس نفي الحال ** ولا ولن لنفي الاستقبال هذه أربعة فما وإن كليس لنفي الحال وما ولن أو ولا ولن ثم قال: ** ولا ولما هذه ست إذن أحرف النفي ستة والفعل ما هو؟ ليس، ليس هذا فعل النافي لكنه لنفي الحال إذن قوله: ولفظ لا. لا يختص النفي هنا بلا (فِي النَّكِرَاتِ) يعني: سواءٌ دخل على النكرة مباشرةً أو فصل بينهما فاصل إن لم يباشر نحو ليس في الدار رجلٌ، وإذا باشر ما أحدٌ في الدار أو لا أحد في الدار نقول: هذه مباشرة وهذا مذهب الجمهور العلماء أن النكرة إذا تسلط عليها النفي أفادت العموم بنوعيه النصي والظاهري الدليل صحة الاستثناء تقول: ما قام أحدٌ إلا زيدًا. ما قام أحدٌ، أحدٌ نكرة في سياق النفي ما، إلا زيدًا استثني من أحد فدل على أنه عام لو لم تكن النكرة في سياق النفي تعم لما صح النفي لجميع الآلهة سوى الله جل وعلا بقولٍ موحد لا إله إلا الله هذه تفيد العموم أو لا بل هي نصٌ في العموم لأن لا هذه نافيةٌ للجنس إله لا إله إلهًا نقول: هذا اسم لا بعضهم يرى أن هذه على تقدير من الزائدة فيجعل من الزائدة داخلةً ظاهرةً أو مقدرةً، مقدرةً في ماذا؟ إذا بني اسم لا النافية للجنس معها إذا بني معها فحينئذٍ قالوا: من مقدرة لا إله يعني لا من إلهٍ وهذا نصٌ في العموم فحينئذٍ وهذا نصٌ في العمومي لا لنفي الجنس هذه نقول: تفيد العموم لماذا؟ أنه إذا نفي الجنس اقتضى ماذا واستلزم نفي كلِ فردٍ من أفراد الجنس يتبع نفي كل الأفراد لا أحد في الدار نقول: لا أحد. لا رجل في الدار هل يصح بل رجلان لا يصح لماذا؟ لأنك نفيت جنس الرجال عن الدار فإذا قلت بل رجلان أثبت فصار أو الجملة يناقض آخرها أو آخرها يتناقض أولها، لا رجلٌ في بل رجلان يصح؟ لا يصح، يصح لا رجلٌ بالرفع في الدار بل رجلان نقول: يصح ولا يصح نعم يصح الجهة يصح إذا أرت نفي الوحدة لأن لا رجل في الدار هذا فصل التنصيص على استغراق مذكور لا نفي لا رجل سلب الجنس من بابٍ أولى أن يتبع الأفراد لا رجلٌ هذه التي تعمل عمل الجنس إن كان قصدك نفي الوحدة واحد يصح أن تقول لا رجل بل رجلان لا يوجد واحد وإنما يوجد اثنان هذه إذا كان مرادُ نفي الوحدة واحدة وإذا كان قصدك نفي الجنس أو الاستغراق لا رجلٌ في الدار بل رجلان لا يصح إذن إنما الأعمال بالنيات النية هي التي تفسر هذا ذكره السيوطي في ((منتهى الأمال)) شرح حديث «إنما الأعمال».

له رسالة في شرح هذا الحديث قد يدخل النحو في بعض مسائل هذا أو بعض مسائل النحو تدخل في هذا التحليل منها مثل هذه المسائل إذا سمعت رجلٌ في الدار بل رجلان تعرف أنه أراد نفي الوحدة خاصٌ عند أصحاب التورية، لا رجلٌ في الدار وسكت تعرف أنه أراد نفي الجنس الفرق بين لا رجلٌ في الدار وأريد به نفي الجنس استغراق الجنس مع قوله لا رجلاً في الدار أن الثاني نصٌ في النفي والأول ظاهرٌ في النفي لأنه محتمل إذن كل لا أو كل نكرةٍ في النفي فهي للعموم سواءٌ ركبت مع لا تركيب خمسة عشر فبنيت مع أو رفع الاسم بعدها لكن لا رجلٌ في الدار بل رجلان هل هو مفيدٌ للعموم؟ لا، لا يفيد إذن تستثنى هذه الصورة كما نص على ذلك القرافي قال: العجب من النحاة أو الأصوليين النكرة في سياق النفي تعم فأورد هذا المثال لكن ليس مرادهم هذا مرادهم استغراق الجنس نصًا، أو ظاهرا، نصًا بقوله لا رجل في الدار، أو ظاهرًا بقوله لا رجلٌ في الدار ولا يجوز حينئذٍ أن يقال بل رجلان. وَلَفْظُ لا فِي النَّكِرَاتِ ثُمَّ مَا ** فِي لَفْظِ مَنْ أَتَى بِهَا مُسْتَفْهِمَا هذه ما الذي أراد به هنا كرر ما ثلاثة مرات أو ثلاث مرات (مِنْ ذَاكَ مَا لِلشَّرْطِ وَالجَزَاءِ)، (وَلَفْظُ مَا ** فِي غَيْرِهِ) ثم قال: (ثُمَّ مَا ** فِي لَفْظِ مَنْ أَتَى بِهَا مُسْتَفْهِمَا) أفاد المرة الأولى بأن ما للشرط والجزاء، وأفاد في المرة الثانية أنها لغير العاقل، وأفاد في المرة الثالثة أنها تستعمل للاستفهام. ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْواهُ ** فِي الفِعْلِ بَلْ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ

(ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْواهُ ** فِي الفِعْلِ) وهذا ما قررناه سابقًا أن العموم وصلٌ حقيقةً للألفاظ والمعاني مجاز ولا يوصف اللفظ أو الفعل بالعموم ولو وصف فهو مجاز، (ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْواهُ) أي: أن العموم أبطل العلماء دعواه في العلل يعني: لا يوصف الفعل بكونه عام وإنما يقال الفعل من قبيل المطلق إذن فيه استغراق لكن هذا الاستغراق بدليٌ لا شمولي سها النبي - صلى الله عليه وسلم - فسجد سها فسجد هل يشمل كل سهوٍ أو لا؟ الأصل إذا وقفنا مع اللفظ دون قرينة في الفعل المجرد هذا الكلام دون قرينة نقول: لا سها فسجد الصحابي أخبر عن حالةٍ واحدة رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - سها فسجد هل يعم كل سهوٍ؟ الجواب لا والعموم يأخذ من قرينة خارجة عن اللفظ لأن الفعل يحتمل احتمالات متعددة والذي أخبر عنه الصحابي هو حالةٌ واحدة والشيء واحد كمدلول ذا أو كمدلول لفظ زيد قلنا مدلول زيد زا لا يشاركه هذه الذات غيرها من الذوات وهذا معنى الجزئي كذلك الفعل الذي وقع الآن نقول: لا يشاركه غيره سافر فقصر الصحابي رآه سافر سفرًا واحدا سفرًا طويلاً مثلاً هل نقول: هذا السفر يشمل الطويل، والقصير، وسفر، النزهة، وسفر النسك، وإلى آخره والمعصية والطاعة، نقول لا يصح هذه كلها ما يشمل لماذا لأنه أخبر عن حالةٍ واحدة وغيرها مسكوتٌ عنه فإذا جاء عمومٌ فيكون من خارج اللام ذات اللفظ إذن العموم نقول: لا يستفاد من الفعل وإنما الفعل يدل على الإطلاق (ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْواهُ ** فِي الفِعْلِ) لماذا؟ أنه إنما فعل حالةً واحدةً من تلك الحالات المحتملة (بَلْ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ) (وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ) يعني: مجرى الفعل له شبهٌ بالفعل قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة للجار هل يعم كل جار قالوا: لا. لماذا؟ لاحتمال الخصوصية حكم بشاهد واليمين هل يحمل كل قضية على هذه قضية قالوا: لا هذه التي تسمى عند الفقهاء بقضايا الأعيان حكمها يعتبر خاصًا بمن وقعت له الواقعة ولا يعمم الحكم إلا بقرينة فلا يكون العموم مأخوذًا من نفس القضية إذن ما يجري مجرى الفعل من الأحوال الخاصة وبعضهم يقول: من الأحكام والأخذية التي حكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - على أحوال معينة أو قضى على أحوالٍ معينة وهذا يعتبر فعلاً منه هو من جهة تكلم ومن جهةٍ فعل ولكن لوحظ فيه معنى الفعل ولذلك قال: (وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ) إذن هو ليس كالفعل لأن فيه قول بخلاف السفر سفر فعل وليس فيه قول أليس كذلك؟ أما قضى بالشفعة تكلم أو لا إذن فيه نوع أو قول، وفيه نوع فعل فغلب أجانب الفعل على القول فنفي العموم ثُمَّ العُمُومُ أُبْطِلَتْ دَعْواهُ ** فِي الفِعْلِ بَلْ وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ يعني: ما جرى مجرى الفعل إذن هذا الأصل فيه أنه يذكره بعد حد العام ثم ذكر بعض ذلك ألفاظ العموم وباب العموم هذا بابٌ طويل عند أصوليين يأتيكم في المطول إن شاء الله تعالى. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

32

عناصر الدرس * الخاص لغة واصطلاحا * المخصص وأنواعه * الشرط لغة واصطلاحا * أنواع الشرط وأحكامه * الصفة والمراد بها * أنواع الصفة بَابُ الخَاصِّ تخفيف الخاص وَالخَاصُ لَفْظٌ لا يَعُمُّ أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ تخفيف الخاص والخاصُ وَالخَاصُ لَفْظٌ لا يَعُمُّ أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ أَوْ عَمَّ مَعْ حَصْرٍ جَرَى وَالقَصْدُ بِالتَّخْصِيْصِ حَيْثُمَا حَصَلْ ** تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ فِيهَا دَخَلْ وَمَا بِهِ التَّخْصِيْصُ إِمَّا مُتَّصِلْ ** كَمَا سَيَأتِي آنِفًا أَوْ مُنْفَصِلْ فَالشَّرْطُ وَالتَّقْيِيدُ بِالوَصْفِ اتَّصَلْ ** كَذَاكَ الاسْتِثْنَا وَغَيرُهَا انْفَصَلْ وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ مَا بِهِ خَرَجْ ** مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: أردف الناظم رحمه الله تعالى باب العام بباب الخاص فكما سبق أن العام والخاص ومثله المطلق والمقيد، والمجمل والمبين، من المباحث المهمة عند الأصوليين والتي يترتب عليها كثير من الأحكام الشرعية والعلاقة بين العام والخاص واضحة بينة لأن العام كما سبق أنه اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له وهذا جميع ما يصلح له اللفظ قد يراد ترتب الحكم على كل الأفراد وقد يأتي ما يخرج بعض الأفراد، فحينئذٍ لا بد من معرفة ما الذي يدخل في مدلول اللفظ العام، وما الذي لا يدخل. فإذا كان لفظ مثلا قوله تعالى: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] نقول: المشرك هذا لفظ عام يتناول جميع ما يصلح له اللفظ لكن خَصَّ أو خُصَّ بأهل الذمة مثلاً فحينئذٍ مدلول اللفظ وهو المشرك هنا وإن كان في الأصل في الاستعمال يشمل كل مشرك إلا أن الشارع قد خص بعض الأفراد بحكم يخالف الحكم الذي رتب على العام إذن العلاقة بين العام والخاص واضحة ولذلك بعضهم يذكر التخصيص في ضمن باب العام يعني: لا يفرده في باب مستقل. هنا قال: بَابُ الخَاصِّ باب الخاص بالتشديد (الخَاصِّ) في الأصل أنه وصف للفظ وإنما المراد هو التخصيص الذي هو ذكره في قوله: (تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ فِيهَا دَخَلْ). إذن الخاص هذا وصف للفظ وإنما يكون قد ذكره خاصة في الحد (وَالخَاصُ لَفْظٌ) نقول: هذا ذكره من باب الاستطراد يعني: يبين لنا أن اللفظ كما يكون عامًا متناولاً لجميع ما يصلح له اللفظ كذلك يكون اللفظ خاصًا وهو يقابل العام، إذن ما لا يتناول شيئين فصاعدًا بلا حصر إذا كان الخاص ضد العام كما سيأتي إذن هو ضده من كل وجه قال: بَابُ الخَاصِّ نقول: الخاص لغةً هو: يدل على الانفراد وقطع الاشتراك. خُصَّ فلانٌ بكذا أي: انفرد به فلم يشاركه أحد وأما حده هنا قال: وَالخَاصُ لَفْظٌ لا يَعُمُّ أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ أَوْ عَمَّ مَعْ حَصْرٍ جَرَى

إذا قلنا: الخاص يقابل العام إذن حينئذٍ يؤخذ حد الخاص من حد العام، العام سبق أنه ما هو؟ اللفظ المستغرق على ما ذكره الناظم هنا لأنه نظم الخاص على وفق ما ذكره صاحب الأصل وهو ما يتناول شيئين فصاعدًا بلا حصرٍ هذا حد العام عند الجويني صاحب ((الورقات)) ما يتناول شيئين فصاعدًا بلا حصرٍ إذن الخاص ضده ما لا يتناول شيئين فصاعدًا بلا حصر ما لا يتناول شيئين فصاعدًا بلا حصرٍ أو من غير حصرٍ وإنما يتناول شيئًا محصورًا ولذلك بعضهم يقول: الخاص هو اللفظ الدال على محصورٍ بشخصٍ أو عدد. الخاص ما هو؟ هو: اللفظ الدال على محصورٍ بشخصٍ. وعدد لشخصٍ. يعني: به أعلام علم الشخص زيد هذا مدلوله شخص لا يتناول غيره أو بعدد سواء دل على واحد كرجل أو اثنين كرجلين أو ثلاثة فأكثر كرجال وعشرة عشرة الذي هو الأعداد ثلاثة أربعة خمسة ستة عشرة نقول: هذه الأعداد تدل على شيء محصور ولذلك هي عند الكثيرين من الأصوليين من الخاص الذي أريد به من العام الذي أريد به الخاص وسبق أن هذا النوع العام الذي أريد به الخاص ليس من العام الذي أريد به العموم ولا من العام المخصوص فالذي يبحث عنه الأصوليون لترتب الأحكام الشرعية عليه هو العام الذي أريد به العموم يعني: لم يخرج عنه فرد من أفراده أو العام المخصوص الذي دخله التخصيص لقوله تعالى: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] أما العام الذي أريد به الخاص فهذا من قبيل الخاص لذلك عند جماهير الأصوليين عشرة إلا ثلاثة هذا من قبيل العام الذي أريد به الخاص والقرينة هي إلا. ولذلك يرد إشكال كبير وبضعهم يقول: لا جواب عنه. إذا قيل: الاستثناء معيار العموم وسبق أن الذي يدل على شيئين فصاعدًا مع حصر كأسماء العدد ليس من العام وسبق أن ما دخله الاستثناء يدل على أن المستثنى منه عام جاء القوم إلا زيدًا القوم هذا عام لماذا؟ قبل اسم الجمع نقول: إلا دليل ظاهر لفظي قرينة جاء القوم إلا زيدًا الاستثناء معيار العموم إذن زيدًا هذا مستثنى والمستثنى منه القوم فدل الاستثناء الذي قلنا: إنه معيار العموم على أن لفظ القوم عام طيب له عليَّ عشرة إلا ثلاثة، إلا ثلاثة إلا أداة استثناء ثلاثة مستثنى مُستثنى منه عشرة وتناول شيئًا فصاعدًا هل هذا عام أم لا؟ قال بعض الأصوليين: إنه عام. والأكثر والمشهور والذي عليه التعويل أنه خاص كيف وجه الاستثناء هنا مع الحكم عليه بأنه خاص؟ قالوا: عشرة إلا ثلاثة المراد به سبعة كني به عن السبعة هذا هو الجواب، وبعضهم يستشكل هذا الجواب والمسألة فيها نوع إشكال إذن نقول: اللفظ الدال على محصور بشخص كزيد علم الشخص أو على محصور بعدد سواء كان نصًا في العدد أو من حيث الدلالة رجل يدل على واحد هل هو اسم عدد؟ لا، واحد يدل على واحد على معدود واحد أليس كذلك؟ أما رجل رَجل نكرة دل على الوحدة لكن من حيث المعنى رجلان دل على الاثنين بألف الاثنين رجال دل على ثلاثة فأكثر نقول: هذا محصور.

كيف يقال في رجال أنه محصور وهو جمع؟ نقول: القاعدة أن الجمع جمع الكثرة وجمع القلة كما سبق أنه يعتبر من صيغ العموم إذا دخلت عليه (أل) ولذلك يستويان جمع القلة وجمع الكثرة ابتداءً وانتهاءً مبدأهما الثلاث على الأصح ومنتهاهما ما لا نهاية أما إذا جردا عن (أل) فحينئذٍ نقول: الأصح أنهما يتفقان مبدأً جمع القلة يدل على الثلاثة وجمع الكثرة يدل على الثلاثة ويفترقان انتهاءً يقف جمع القلة عند العشرة ثم يواصل جمع الكثرة هذا متى؟ إذا كان نكرة، إذا جاءت النكرة في سياق الإثبات هل نقول: يعم أو لا يعم؟ لا يعم مطلقًا سواء كانت النكرة مفردة أو مثناة أو جمعًا؟ نقول: نعم قاعدة عامة عندي رجل لا يعم، عندي رجلان لا يعم، عندي رجال لا يعم، عندي رجل يحمل على الواحد عندي رجلان يحمل على الاثنين عندي رجال يحمل على الثلاثة التي هي أقل الجمع ومن رأى أن أقل الجمع اثنين يحمله على الاثنين. إذن رجال لا يعم لا نقول: يتناول كل ما يصدق عليه قول رجال كما يقال: عندي الرجال. إذا قيل: عندي الرجال بـ (أل) نقول: هذا من صيغ العموم فيعم كل ما يصدق عليه اللفظ. انظر الفرق بين كلمتين بوجود (أل) فقط (الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ **بِالَّلامِ) يعني: اللام الاستغراقية (كَالكَافِرِ وَالإنْسَانِ). إذن نقول: إذا جاءت النكرة في سياق الإثبات سواء كانت مفردة أو مثناه أو جمعًا بأي أنواع الجموع مكثر جمع مؤنث سالم مذكر لمؤنث إلى آخره سواء كان جمع مكثر جمع قلة أو جمع كثرة نقول: لا يفيد العموم أما المحلى بـ (أل) سواء كان مفردًا أو مثنًى أو جمعًا نقول: هذا من صيغ العموم وهنا الناظم لم يذكر المثنى سبق أن علي رضي الله تعالى عنه احتج بقوله جل وعلا: {(((((تَجْمَعُوا بَيْنَ ((((((((((((} [النساء:23]. الأختين هذا عام في ماذا؟ في الحرتين والأمتين لا يختص بواحدة دون أو بنوع دون الآخر من أين أخذنا العموم؟ هو مثنى يدل على اثنين نقول: لا دخله (أل) كأنه قال: وأن تجمعوا بين كل أختين. إذن نقول: الخاص هو اللفظ الدال على شخص أو دال على محصور بشخص أو عدد وعلى كونه ضد ما ذكره صاحب الأصل نقول: هو ما لا يتناول شيئين فصاعدًا من غير حصر وإنما يتناول شيئًا محصورًا واحدًا أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر إذن عرفنا أن قولهم: عشرة إلا ثلاثة. هذا عام أريد به الخصوص هذا عند جماهير الأصوليين وبعضهم ينازع يقول: لا الاستثناء معيار العموم.

قال رحمه الله: (وَالخَاصُ). بالتخفيف الأصل بالتشديد الخاصّ لكن عند العروضيين لا يجتمع الساكنان الألف ساكنة والصاد الأولى المدغمة في الصاد الثانية المتحركة ساكنة إذن التقى الساكنان حينئذٍ تحذف إحدى الصادين ولذلك يقال (وَالخَاصُ لَفْظٌ) (وَالخَاصُ) (وَالخَاصُ لَفْظٌ لا يَعُمُّ أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ) هذا ما ذكرناه (وَالخَاصُ) نقول: الخاص هذا وصف للفظ وسبق أن الأصل في العموم أنه يوصف به اللفظ حقيقة ويوصف به المعنى مجازًا ولذلك من باب الاصطلاح والتمييز الذي لا مشاحة في خلافه أنهم فرقوا بين وصف العموم للفظ بسمة عام وإذا أرادوا المعنى قالوا: أعم. وكذلك الخاص يوصف به اللفظ ويوصف به المعنى إذا أرادوا المعنى قالوا: أخص. على زنة أفعل التفضيل وإذا أرادوا اللفظ قالوا: خاص، يقال للمعنى أخص وأعم. الخاص والعام اللفظ به ارتسم يقال للمعنى: أخص وأعم. أخص من كذا وأعم من كذا. الخاصُ أيضًا للتخفيف للوزن من أجل القاعدة الخاص والعام أيضًا بالتخفيف

به اللفظ ارتسم يعني: ارتسم اللفظ بكونه موصوفًا بعام وخاص بخلاف المعنى فإنه يقال فيه أعم وأخص، إذن قوله: (وَالخَاصُ). من هذه القاعدة ومن هذا التمييز عند الأصوليين نقول: يريد حد اللفظ الخاص وهل الذي يبحث عنه الأصوليون هو حد اللفظ الخاص أم التخصيص بمعنى قصر العام على بعض أفراده؟ الثاني إذن ما الداعي إلى قوله: (وَالخَاصُ لَفْظٌ)؟ نقول: هذا ذكره استطرادًا (وَالخَاصُ لَفْظٌ لا يَعُمُّ أَكْثَرَا) (لَفْظٌ) هذا يشمل العام، والخاص (لا يَعُمُّ أَكْثَرَا) (لا يَعُمُّ) نقول: العام هنا عموم لغويًّا يعني: لا يتناول ولا يستغرق ولا يستوعب أكثر من واحد وإنما يدل على شيء واحد النكرة في سياق الإثبات جاء رجل عندي رجل مات رجل نقول: هذا يدل على الواحد لماذا؟ لأن لفظ رجل هذا خاص لماذا هو خاص؟ لأنه لا يعم أكثر من واحد يعني: لا يشمل اثنين فصاعدًا كل ما لا يشمل اثنين فصاعدًا فهو لفظ خاص زيد عمرو علام الشخص العلامة الشخصية نقول: هذه من قبيل الخاص لماذا؟ لأنها لا تتناول غير المسمى فإذا سميت الذات المشخصة بزيد نقول: هذا اللفظ زيد اختص بمسماه وأما زيد وزيد وَزيد المكرر عند الناس نقول: هذا من قبيل اللفظ المشترك وضع لكل واحد اسمًا بوضع خاص إذا كان هذا زيد وهذا زيد هل الاسم واحد؟ في اللفظ نعم لكن في الأصل لا نقول: وضع لفظ زيد فسمي به هذا ووضع لفظ زيد فسمي به هذا ووضع وضعًا ثالث لفظ زيد وسمي به هذا لأنه من اللفظ المشترك واللفظ المشترك حده ما اتحد معناه ولفظه ما اتحد لفظه وتعدد معناه ووضعه اتحد اللفظ والمعنى متعدد والوضع متعدد، إذن اتحد اللفظ زيد زَيد زيد عين عَين عين قرء قُرء وتعدد المعنى قرء يراد به الحيض وقرء يراد به الطهر هل القرء نفسه وضع للحيض وللطهر معًا؟ نقول: لا وضع لكل معنى بوضع خاص ولو كان اللفظ واحدًا هذا المثال واضح نقول: قرء هذا يدل على ماذا؟ هذا لفظ مشترك يعني: اتحد اللفظ وتعدد المعنى يطلق القرء على الطهر ويطلق على الحيض إذن لفظ واحد له معنيان متضادين المعنى الأول الطهر يقابله الحيض هل وضع وضعًا واحدًا يعني مرة واحدة أطلق لفظ القرء فحمل على المعنيين المتضادين؟ نقول: لا وإنما وضع وضعًا خاصًا مرادًا به الطهر ثم وضع وضعًا آخر مغاير للأول مرادًا به الحيض مثله زيد، وعمرو، وخالد نقول: زيد لفظ متحد اتحد لفظه والمعنى اختلف لأن مدلول زيد هذا ذات مشخصة ذات مستقلة ومدلول زيد زاد مستقلة ومدلول زيد زاد مستقلة لا يمكن أن تشترك يمكن أن حل الذات في الذات فيصدق؟ لا ما يمكن إذن لكل لفظ له معنًى خاص تعدد الوضع والمعنى واتحد اللفظ إذن نقول: وَالخَاصُ لَفْظٌ لا يَعُمُّ أَكْثَرَا ** مِنْ وَاحِدٍ

مثل ماذا؟ الأعلام الشخصية نقول: الأعلام الشخصية هذه تدل على شيء واحد ولا تتناول شيئين فصاعدًا فزيد لا يتناول شيئين فصاعدًا يرد عليك إشكال تعدد الأسماء زيد وزيد وَزيد تجيب بما ذكرناه سابقًا أنه من قبيل اللفظ المشترك أو الاشتراك اللفظي وضابط الاشتراك اللفظي أنه ما تعدد وضعه ومعناه واتحد فيه اللفظ بخلاف الاشتراك المعنوي عندنا اشتراكان: اشتراك لفظي وهذا الذي ذكرناه، الاشتراك المعنوي لأنه يرد إشكال نقول: زيد وزيد وَزيد قلنا: متعدد المعنى والوضع. طيب إنسان هذا إنسان وهذا إنسان وهذا إنسان هل هو مثل زيد زَيد زيد؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن الإنسانية هذا مصدر صناعي محدث لأن الإنسانية متحدة هي التي في هذه الذات هي عينها التي في الذات هي التي في الذات إذن اتحد المعنى اتحد اللفظ واتحد المعنى واتحد الوضع هذا نسميه ماذا؟ جنس نسميه اشتراكًا معنويًّا إذن الاشتراك نوعان: اشتراك لفظي، واشتراك معنوي. هذا أخذناه كله في المنطق. فمفهم اشتراك اللفظي كأسد ** وعكسه الجزئي لكن نعيده للاختصار حينئذٍ نقول: الاشتراك نوعان: اشتراك لفظي، واشتراك معنوي. الاشتراك اللفظي: ما تعدد معناه ووضعه واتحد لفظه. ثلاثة أشياء معنى، ولفظ، ووضع الاشتراك اللفظي اختلف وتعدد المعنى واختلف وتعدد الوضع اشترك في اللفظي فقط والاشتراك المعنوي اتحد في الجميع كلها متحدة المعنى واحد حينئذٍ إنسانية هذا هي عينها إنسانية هذا هي عينها إنسانية هذا فالإنسان نقول: حيوان ناطق. الحيوانية الناطقية التي في مسمى زيد هي عينها التي في مسمى خالد حينئذٍ لا فرق لم يتعدد المعنى الإنسان هو إنسان ولذلك هو وجوده في الذهن فقط لا وجود له في الخارج وإنما يوجد في ضمن أفراده ليس عندنا شيء نقول: هذا إنسان وليس بخالد ولا عمرو ولا إلى آخره يوجد؟ لا يوجد مثل النوم هل تقول: هذا نوم وليس بخالد ولا عمرو يوجد؟ ما يوجد هذه صفات لا وجود لها إلا في محلها عرض لا يقوم بذاته الأجناس كذلك وجودها وجود ذهني إذن نقول: (لا يَعُمُّ أَكْثَرَا) يعني: لا يتناول هذا اللفظ الخاص ولا يستوعب ولا يستغرق أكثر من واحد وإنما يدل على شيء واحد كالنكرة في سياق الإثبات جاء رجل ومثله علم الشخص وعلم الشخص هذا يقال إنه شخص الخاص كما سبق معنا أن أعم العام ما هو؟ عام لا أعم منه ما هو؟ واحد يجيب أسمع بودن واحدة. المعلوم هذا أعم العام قالوا: لا أعم منه. على قول وقيل المذكور لا أعم من المعلوم لأنه يشمل الموجود والمعدوم هل هناك أخص ما يطلق عليه إنه أخص ولا أخص منه؟ قالوا: نعم علم الشخص لا يتناول غيره أبدًا هذا النوع الأول مما هو خاص باعتبار اللفظ (لا يَعُمُّ) يعني: لا يتناول. (أَكْثَرَا) الألف هذه للإطلاق (مِنْ وَاحِدٍ أَوْ عَمَّ) (أَوْ) للتنويع والتقسيم وهذا جائز خلافًا لابن مالك رحمه الله أنكر كون أو تأتي للتنويع والتقسيم وجماهير أهل اللغة وأهل العلم على جوازها. وأنكر التقسيم في التسهيل هكذا يقول السيوطي وأنكر يعني: ابن مالك رحمه الله في التسهيل هذا قرينة على أنه ابن مالك.

(أَوْ عَمَّ) تناول الشيئين فصاعدًا إذن لا يقال بالضدية المطلقة أن العام يتناول شيئين فصاعدًا والخاص ما لا يتناول شيئين أبدًا لا قد يتناول ولكنه يكون مع حصر وأما التناول الذي يمتاز به العام فهو التناول بلا انتهاء إذا تناول العام أو إذا تناول نطلق إذا تناول اللفظ شيئين فصاعدًا لا نحكم عليه بأنه عام أو خاص أليس كذلك؟ إذا تناول شيئين فصاعدًا هل كل ما تناول شيئين فصاعدًا فهو عام؟ سؤال نعم أو لا؟ هل كل ما تناول شيئين فصاعدًا هو عام؟ نقول: لا وإنما لا بد بقيد النظر إلى الانتهاء هل هو محصور أم لا؟ إذن ما تناول شيئين فصاعدًا فنظرنا فيه فإذا هو بلا حصر نقول: هذا عام. تناول شيئين فصاعدًا فنظرنا فيه فإذا هو بحصر نقول: هذا خاص. (أَوْ عَمَّ) يعني: تناول الشيئين فصاعدًا ولكن (مَعْ حَصْرٍ جَرَى) يعني: حصر تكملة للبيت (مَعْ حَصْرٍ) مثل ماذا؟ المثنى لكن متى إذا كان نكرة مثنى النكرة خاص جاء رجلان نقول: هذا خاص. أليس كذلك؟ تناول شيئين فصاعدًا نقول: جاء رجال. ومنه ما احترزنا به هناك بلا حصر الذي هو الأعداد. ما استغرق الصالح دفعة بلا ** حصر من اللفظ كعشر مثلا

كعشر هذا استغرق ولكن بحصر هذا استغرق ولكنه بحصر هنا قال: (أَوْ عَمَّ). يعني: استغرق لكن مع حصر مد الأول هناك أخرج الأسماء أسماء العدد وهنا أدخلها هناك أخرجها وهنا أدخلها إذن، هي من الخاص لماذا؟ لكونها من العام الذي أريد به الخاص والعام الذي أريد به الخاص ليس مراد العام أي بمعنى الاصطلاحي وإنما المراد بالعام المعنى اللغوي الذي هو الشمول هذا الذي يظهر والعلم عند الله أن مرادهم بهذا أنه العام الذي أريد به الخاص أنه العام الشمولي باعتبار اللغة لأن العموم في اللغة والعام في اللغة هو الشامل إذن هذا لفظ شامل عشرةٌ لكنه يشمل ويتناول عددًا شيئين فصاعدًا مع حصر يعني له منتهى ينتهي إليه فتشمل العشرة الواحد والاثنين إلى التسعة إلى العشرة ثم الحادي عشر لا يتناوله فنقول: عشرة. هذا ليس بعام وإنما هو خاص إذا جاء عشرة إلا ثلاثة نقول: هذا عام أريد به الخاص. إذن ليست العشرة فقط وإنما حتى مع التركيب سواء كانت مفردةً أو مركبة مع الاستثناء عشرة إلا ثلاثة له عليَّ عشرة يعني: كأنه قال: له عليَّ سبعة. إذن (أَوْ عَمَّ مَعْ حَصْرٍ جَرَى) (جَرَى) قلنا: هذه تكملة بمعنى حصل إذًا الخاص باعتبار كونه لفظًا أو وصفًا للفظ قسمان: لا يعم أكثر من واحد كعلم الشخص (أَوْ عَمَّ) تناول شيئين نكرة ندخلها في الأول (أَوْ عَمَّ) شيئين فصاعدًا ندخل المثنى النكرة والجمع وأسماء العدد واضح هذا؟ إذن هذا هو حد الخاص لكن قلنا: هذا ذكره استطرادًا وإنما مراده التخصيص، التخصيص هذا مصدر خَصَّ خَصَّصَ لا مصدر خَصَّصَ خَصَّ يَخُصُّ تَخْصِيصًا نعم مصدر خَصَّ والمراد به ما ذكره هنا (تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ) لكن هذا ما التعريف هذا فيه نوع قصور (تَمْيِيْزُ) مراد به الإخراج لكن الحد المشهور وهو الأولى أن يقال: قصر العام على بعض أفراده. تخصيص مصدر خَصَّصَ وليس خَصَّ أي مصدر خَصَّ هذا من التلقين مصدر خَصَّصَ تَخْصِيصًا خَصَّصَ يَخُصُّ تَخْصِيصًا بمعنى خَصَّ هكذا ذكره الشيخ الأمين رحمه الله في ((نثر الورود)) إذن نقول: الحد الأسلم والأولى والأقل اعتراضًا للتخصيص أنه قصر العام على بعض أفراده هذا هو التخصيص لأن التخصيص قلنا هذا مصدر والأصل في المصادر أنها أوصاف لفاعليها وإذا كان المصدر وصفًا لفاعله فحينئذٍ يكون المراد بالتخصيص هو فعل الفاعل كما نقول في التكليم: هو فاعل الكلام، والتسليم هو فاعل السلام، والتخصيص هو فاعل التخصيص الذي هو القصد بالمعنى الاصطلاحي وسيأتينا أنه يطلق مجازًا على أو يطلق مرادًا به المخصِّص بكسر الصاد لأن مبحثهم هنا يتناول ثلاثة أشياء: تَخْصِيص، وَمُخَصِّص، وَمُخَصِّص. التخصيص الذي هو المعنى العام المعنى المصدري قصر العام على بعض أفراده ماذا يعنون بالتخصيص؟ هو الذي حده، من هو المخصِّص؟ وما هو المخصَّص؟ هذه أبحاث في هذا الموضع. إذن نقول: التخصيص مصدر خَصَّصَ بمعنى خَصَّ وحده قصر العام على بعض أفراده قصر القصر في اللغة يأتي بمعنى المنع وبمعنى الحبس والثاني هو المراد هنا {(((((مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ((((} [الرحمن:72] يعني: ممنوعات أو محبوسات.

{((((((((((((} هذا مأخوذ من القصر مشتق منه حينئذٍ نقول: قصر العام. يعني: حبس العام الذي هو العام الاصطلاحي اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له إلى آخر التعريف قصر العام نقول: المراد به العام الذي يتناول شيئين فصاعدًا بلا حصر أو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له كيف يكون القصر هنا؟ إذا قال: قصر العام حبس العام. هل العام يحبس عن بعض أفراده؟ هل يمكن أن يدل اللفظ كالمشركين على كل من اتصف بالشرك ثم نأتي فنقول: هذا لا يشمله اللفظ أو لا؟ هذا لا يمكن لماذا؟ لأن دلالة العام كما سبق أنها لغوية فاللفظ الذي هو مشركون يشمل كل فردٍ فرد اتصف بالشرك فالمشرك جمعه مشركون إذن كل مشرك كل ذات متصفة بصفة الشرك فهي داخلة في هذا اللفظ فكيف يكون القصر حينئذٍ والكلام هنا المسألة في حكم شرعي قالوا: لا بد من التقدير قصر العام أي: قصر حكمه على بعض أفراده لأن قوله: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5]. نقول: المشركين هذا عام لغةً متناول لجميع ما يصلح له اللفظ ولا يمكن أن يخرج فرد من أفراده لغةً لا يمكن إلا إذا أريد النوع الثاني وهو: العام الذي أريد به الخصوص. فحينئذٍ طلق اللفظ الذي باعتبار الأصل هو متناول ابتداءً مرادًا به البعض فحينئذٍ استعمل في البعض المدلول عليه بلفظ المشركين مثلاً كالناس استعمالاً وحكمًا أما نحو قوله: {((((((((((((((((((((((((((((}. نقول: المشركين هنا أريد أفراده مطلقًا جميع مدلول اللفظ استعمالاً ولكن من جهة الحكم هو مخصوص ما معنى أن نقول: المشركين مخصوص أو مقصور؟ نقول: حكمه المرتب على المشركين الذي هو وجوب القتل قد استثني وأخرج منه بعض أفراده فلا يشمله الحكم إذن الاستثناء والإخراج هنا من أي شيء؟ من الحكم إذا قيل: أهل الذمة لهم أحكام خاصة ولا يتناولهم قوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}. هل معنى ذلك أن المشركين من جهة اللغة لا يتناول أهل الذمة؟ لا يتناولهم هم مشركون وإنما قصر وحبس الحكم عنهم فصار الحكم الذي هو القتل منزلاً عن بعض أفراد المشركين دون بعض هذا معنى التخصيص أن يقال: هذا لفظ مخصوص بمعنى أن الشرع قد خص بعض أفراد اللفظ بحكم مخالف للحكم المرتب على اللفظ العام {((((((((((((((((((((((((((((} الحكم المرتب؟ القتل وجوب القتل بعض الأفراد لا يشملهم هذا الحكم وهو: وجوب القتل. عدم القتل هو الحكم المرتب عليهم. {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] المطلقات هذا عام أو خاص؟ عام جمع محلى بـ (أل) الاستغراقية فهو عام فداخل في قوله: (الجَمْعُ وَالفَرْدُ الْمُعَرَّفَانِ ** بِالَّلامِ). وهناك جهة أخرى للعموم يقال: مطلقات. هذا جمع مطلقة وهي صفة اسم مفعول فدخلت عليه (أل) و (أل) الداخلة على الصفة (أل) الموصولية وسبق أن الموصولات من صيغ العموم. هذا وجه آخر يعني: تقرر العموم من جهتين جمع محلى بـ (أل) وهذه قاعدة عامة سواء كان الجمع جمعًا لوصف أو لا؟ لأنك تقول: رجال.

جمع رجل الرجال بـ (أل) هذا عام طيب ما وجه العموم (أل) دخلت على جمع هذا الجمع هل هو جمع لصفة لمشتق لاسم فاعل لمفعول؟ الجواب: لا، و (أل) الداخلة عليه حرف مطلقًا بلا استثناء سواء قلنا: عهدية، استغراقية إلى آخره لأن (أل) الموصولية لا تدخل على رجال لكن هناك إذا كانت الصفة إذا كان الاسم المجموع اسم الفاعل أو اسم مفعول وهذا متفق عليه وما عداه مختلف فيه كالصفة المشبهة (أل) الداخلية عليه موصولية وهي اسم على الصحيح فالمطلقات هذان اسمان وليس حرف واسم لماذا؟ لأن المطلقات هذا جمع مطلقة وهي اسم مفعول فدخلت عليه (أل). ومن وما وأل تساوي ما ذكر يعني: هي من الموصولات ثم قال: وصفة صريحة صفة أل. إذن هي من صيغ العموم. صيغه كل أو الجميع ** وقد تلا الذي أدلة الفروع إذن كل ما يكون من الأسماء الموصولة فهو من صيغ العموم إذن المطلقات نقول: هذا عام ووجه عمومه من جهتين على ما فصلناه يعم ماذا؟ يعم الحامل وغيرها يعم المدخول بها وغيرها والآيس وغيرها حينئذٍ نقول: المطلقات. كل مطلقة على أي وجه كان وعلى أي حالة من أحوالها وعلى أي زمن الأزمان الحكم مرتب عليها هذا الأصل في العموم لو لم يرد خاص لوجب اعتقاد ظاهر اللفظ على ما هو عليه ولا يجب البحث عن مخصِّص فنقول: كل مطلقة عدتها ثلاثة قروء لكن جاء النص {(((((((((((الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] إذن {(((((((((((الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} نقول: هذا الدليل قد أخرج بعض أفراد المطلقات خروج بعض أفراد المطلقات بلفظ أو بقوله تعالى: {(((((((((((((((((((((} هل معنى ذلك أن اللفظ الأول غير شامل لما أخرج؟ نقول: لا هو شامل شاملٌ له من جهة اللغة لأن اللفظ موضوع لكل من وقعت عليها أو وقع عليها الطلاق ولكن الحكم المرتب الذي هو التربص ثلاثة قروء قد استثني في حق الحوامل فقيل: {(((((((((((((((((((((} هذا مستثنى لا يشمله الأفراد لا يشمله الحكم إذن بعض أفراد المطلقات قد قصر نقول: العام الذي هو المطلقات قد قصر على بعض أفراده فحينئذٍ التربص ثلاثة قروء لا يشمل كل المطلقات وإنما بعض الأفراد لوجود ما أخرج بعض الأفراد بحكم مخالف لما رتب على اللفظ العالم وقال في غير المدخول بها: {(((((لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49] وهي مطلقة إذن ليس عليها عدة هذا استثناء آخر فبعض الأفراد وهي المطلقة التي غير مدخول بها لا يشملها الحكم العام وهو التربص ثلاثة قروء فنقول: هذا اللفظ مخصوص المطلقات نقول: هذا عام وخص بمعنى أنه قصر على بعض أفراده فالحكم المرتب على المطلقات الذي هو التربص مقصور على بعض الأفراد دون بعض لماذا؟ لوجود دليل خاص قد حكم على بعض الأفراد بحكم مخالف للحكم العام هذا نسميه ماذا؟ نسميه تخصيصًا قصر العام أي: حبس العام. على بعض أفراده من الذي يقصر؟ من الذي يحبس الحكم على بعض الأفراد؟ الشارع ولذلك بعضهم زاد: بدليل. قصر الذي عم مع اعتماد ** غير على بعض من الأفراد

مع اعتماد غير قال: وأراد به أنه لدليل فزاد على هذا الحد قصر العام على بعض أفراده لدليل، لكن نقول: قد نستغني عن هذا لدليل لا لكونه يثبت التخصيص لا بدليل لا وإنما نأخذ من الحد وقصر العام نقول: هذا قصر مصدر أضيف إلى مفعوله، أين فاعله؟ محذوف قصر الشارع العام على بعض أفراده هذا أصل التركيب قصر الشارع العام إذن من الذي يقصر؟ الشارع فحينئذٍ من هذه الحيثية أو بهذا النظر نقول: لا نحتاج إلى قوله: لدليل. إما لهذا التعليل وهو أوجه وذكر الزركشي في ((تشنيف المسامع)) أنه لا نحتاج إلى قوله: لدليل. لأن القصر والتخصيص لا يكون إلا بدليل لكن هذا خارج عن الحد ونحن نريد شيئًا من داخل الحد فإما أن نزيد كلمة وإما أن نأخذ المفهوم الذي دلت عليه الكلمة الزائدة من ذات اللفظ فحينئذٍ نقول: قصر العام من إضافة المصدر إلى مفعوله والفاعل محذوف تقديره قصر الشارع العام على بعض أفراده بعضهم يقول: على بعض أجزائه. ولا إشكال وبعضهم يقول: على بعض مسمياته. وفيه إشكال وهو تعبير ابن الحاجب رحمه الله على بعض مسمياته هذا فيه إشكال من جهة أن بعض الأفراد لا يطلق إنه مسمى العام وإنما مسمى العام ما هو؟ كل الأفراد مسمى العام كل الأفراد هو شيء واحد ولكن له أفراد وله أجزاء المشركون اللفظ ينطبق على كل مشرك إذن المسمى الأفراد كلها إذا قلنا: قصر العام على بعض مسمياته كأننا جعلنا بعض الأفراد أو كل فرد هو مسمى للعام ليس بصحيح وإنما مسمى العام كل الأفراد مسمى واحد وليس له مسميات هو كأنه أراد أن مسمى المشركين زيد المشرك وعمرو المشرك وخالد المشرك إلى آخره نقول: لا هذا بعض أفراد المسمى وليس هو مسمًى بذاته فالمشرك الواحد ليس مسمًى للفظ المشركين وإنما كل أفراد المشركين هو مسمى لفظي واضح هذا إذن قصر بعض ألفاظ العام على العام على مسمياته نقول: هذا فيه إشكال. قوله: قصر العام. أي: قصر حكمه وسبق وإن كان لفظ العام باقيًا على عمومه لكن لفظًا لا حكمًا هذه تنبهوا لها، أن التخصيص إذا أخرج بعض أفراد العام نقول: العام باقيًا على أصله من جهة الاستعمال وأما من جهة الحكم فلا من جهة الاستعمال لا الحكم ولذلك نقول: العام المخصوص هو ما تناول الأفراد استعمالاً لا حكمًا كأننا قسمنا الأفراد إلى نوعين أليس كذلك؟ من جهة الإطلاق الاسمي كل الأفراد داخلة في مسمى اللفظ العام ومن جهة الحكم لا، بعض الأفراد يصدق عليه الحكم وبعضه لا يصدق عليه الحكم واضح نعم إذن وإن كان لفظ العام باقيًا على عمومه لكن لفظًا لا حكمًا فخرج العام الذي أريد به الخصوص الناس {(((((((((قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ ((((((((} [آل عمران:173] نقول الناس هذا عام أريد به الخصوص هل فيه قصر؟ قالوا: ممكن أن نقول نعبر قصر العام هذا من جهة التناول من جهة الحكم قصر العام على بعض أفراده وذكرنا أن العام الذي أريد به الخصوص ابتداءً يريد البعض يطلق اللفظ العام مريدًا به البعض قالوا: هنا حصل قصر للإرادة إرادة المتكلم. إرادة المتكلم هنا هي التي قصرت إذن حصل قصر أو لا؟ قالوا: إذن قوله: قصر العام.

أخرج العام الذي أريد به الخصوص فهو قصر إرادة لفظ العام لا قصر حكمه المطلق {(((((((((((((((((((} رقبة هل قصرت وقيدت المطلق أو لا؟ تحرير رقبة {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} [النساء:92] رقبة هذا مطلق يشمل المؤمنة وغير المؤمنة كافرة الغيرية هنا بالاتحاد يشمل المؤمنة والكافرة إذا قيل: {((((((((((((((((((} القيد هذا هل التركيب هذا والتقييد هل فيه قصر أم لا؟ نقول: نعم فيه قصر حبسنا بعض الأفراد أفراد الرقبة على المؤمنة إذن قوله: قصر عام أو العام. أخرج قصر المطلق لماذا؟ لأنه من قبيل التقييد كما سيأتي من قبيل التقييد لأننا لو قلنا القصر على بعض أفراد اللفظ هل خرج المطلق؟ لو قلنا: العام هو قصر بعض أفراد اللفظ؟ ما خرج لأنك {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} مؤمنة قصرت بعض ألفاظ اللفظ وإلا الرقبة تشمل الكافرة والمؤمنة قوله: {(((((((((((}. هذا قيد للمطلق اللفظ المطلق قصر اللفظ على بعض أفراده إذن اتحد مع المطلق نقول: لا قصر العام أخرج قصر المطلق فإنه تقييد له كما سيأتي بيانه في موضوعه إذن هذا هو حد التخصيص قصر العام على بعض أفراده بعضهم يعبر بإخراج كما ذكره هنا (تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ) (تَمْيِيْزُ) أراد به الإخراج كما ذكره الشراح لكن فيه إشكال وهو أنه يوهم مسألة وقع فيها نزاع كبير أن المخرَج بالحكم قد دخل أولاً ثم خرج أليس كذلك؟ إذا قيل: إخراج معناه ترتب الحكم على قتل أهل الذمة بقوله: {((((((((((((((((((((((((((((}. ثم أخرج وهذا محل إشكال وخاصة في باب لا إله إلا الله ويأتينا مزيد إيضاح حكم تخصيص العموم ما حكمه هل يجوز تخصيص العموم أو لا؟ الله المستعان ذكرناها مرارًا نقول الآن: ما حكم تخصيص العام هل يجوز أو لا؟ نقول: المشكلة أنه يُذكر خلاف في المسألة وإلا إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم أن العام يدخله التخصيص وبعضهم يذكر خلافًا لكن ابن قدامة رحمه الله لم يعتبر هذا الخلاف في روضته حيث قال: ولا نعلم خلافًا. أو قال: لا نعلم اختلافًا في جواز تخصيص العموم. اعترض بعض الشراح يقول: كيف؟ أبو بكر الرازي خالف وفلان وَفلان نقول: لا إذا ثبت إجماع وجماهير السلف على مسألة ما فحينئذٍ لا عبرة بمن خالف من الأصوليين تنبهوا لهذه المسألة لا نعلم اختلافًا في جواز تخصيص العموم سواء كان العام لفظًا أو سواء كان لفظ العام أمرًا أو نهيًا أو خبرًا يعني: مطلقًا. التخصيص يدخل اللفظ العام سواء كان في باب الأمر كما في قوله تعالى: {((((((((((((((((((((((((((((}.

هذا في باب الأمر المشركين مأمور بقتلهم دخله التخصيص بأهل الذمة ونحوهم إذن دخل التخصيص اللفظ العام وهو أمر والنهي {((((تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة:222] هل كل قربان منهي عنه؟ الجواب: لا، دخله التخصيص قد يأتينا في المخصصات بفعل النبي وقوله، إذن {((((((((((((((((} نقول: هذا عام ما وجه العموم؟ نقول: هذا عام {((((تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} مضارع في سياق النفي أو النهي نقول: هذا من صيغ العموم التي تركناها اختصارًا فعل المضارع إذا وقع في سياق النفي أو النهي عم صار من صيغ العموم وجه العموم أن الفعل المضارع منسبك من مصدر وزمن والمصدر الأصل فيه أنه نكرة فحينئذٍ هو نكرة في سياق النفي أو النهي {(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا (((((((((((} [النساء:36] نقول: هذا عموم. نستدل بهذه الآية على عموم النهي عن الشرك سواء كان شرك أكبر أو أصغر أو خفي أثبتناه لا تشركوا ما وجه العموم؟ نقول: نكرة في سياق النفي. ما وجه كونها نكرة؟ نقول: (أل) هذا مضارع مستبق من مصدر وزمن فإذا تسلط النفي أو النهي على المضارع تسلط على النكرة الذي هو المصدر فعم إذن {((((تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} نقول: هذا كأنه قال: ولا قربى للحائض حتى يطهرن لا قربى مثل لا رجل في الدار {(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:36] لا شرك وهذا يعم كما سبق فحينئذٍ نهي عن القربان مطلقًا لكنه مخصوص قطعًا هذا في النهي وفي الخبر كما ذكرناه سابقًا {(((((((((((مِنْ كُلِّ ((((((} [النمل:23] هذا خبر مخصوص أليس كذلك؟ لأن لم تؤت السماوات والأرض ولم تؤتى ملك سليمان إلى آخره ولا الجبال ولا شيء وإنما أوتيت كل شيء مما يؤتاه الملوك عادةً فقط {(((((((((كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ ((((((((} [الأحقاف:25] هل دمرت السماوات والأرض والجبال؟ الجواب: لا، ولذلك قال: {(((((((((((((لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف:25] قال بعضهم: إنه استثناء. إذن نقول: {((((((((إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ ((((((} [القصص:57] كل شيء ترونه في الأسواق الآن؟ ما بكل شيء إنما بحسب وقته وزمنه قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: لا نعلم اختلافًا في جواز تخصيص العموم مطلقًا سواء كان اللفظ عامًا العام في الأمر أو في النهي أو في الخبر. لأن بعضهم نازع لكن الجماهير بل يكاد يكون إجماع على هذا وكيف ينكر ذلك مع الاتفاق على تخصيص قول الله تعالى: {((((خَالِقُ كُلِّ ((((((}. هذا بالإجماع لأن الله تعالى يطلق عليه بنص الكتاب أنه شيء {((((أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام:19] إذن الله شيء؟ نقول: نعم هو شيء، {((((خَالِقُ كُلِّ ((((((} يشمله؟ نقول: لا إما خالق أو مخلوق والرب جل وعلا هو الخالق الله بأسمائه وصفاته وأفعاله خالق وما عداه فهو مخلوق وكيف ينكر ذلك مع الاتفاق على تخصيص قول الله تعالى: {((((خَالِقُ كُلِّ ((((((}. وقوله: {((((((((إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ ((((((}، {(((((((((كُلَّ ((((((} وقد ذكرنا أن أكثر العمومات مخصوصة؟ بل قيل: لا عام إلا وقد خص.

يعني: لا يوجد عام إلا وهو مخصوص لكن شيخ الإسلام ابن تيمية يرفض هذا يقول: لا، بل العمومات المحفوظة في القرآن والسنة أكثر من المخصوصة. وهذا حق وهذا حق قول الأصوليين والفقهاء حق أنه لا عام إلا وقد خص وقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حق أيضًا لأنه مراده ما هو أعم من الأحكام الفقهية ومراد الأصوليين والفقهاء الأحكام الفقهية يعني: نصوص الأحكام لا يكاد تجد حكمًا عبر عنه أو أمر به أو نهي بصيغة عموم إلا وقد خص وشيخ الإسلام استدل بقوله: {((((((((((لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (((} [الفاتحة:2] قال: هذا عام. وهذا ليس في الأحكام ما وجه العموم الحمد مصدر دخلت عليه (أل) كل حمد استغرق جميع أنواع {((((((((((لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (((}، {(((((((يَوْمِ الدِّينِ (((} [الفاتحة:4]، {((((((بِكُلِّ شَيْءٍ • ((((((} هذا استثناها بعض الفقهاء {((((((بِكُلِّ شَيْءٍ • ((((((} نقول: هذه الآية الوحيدة التي لم تخص. هذا فيه نظر الآيات كثيرة مثل ما ذكره شيخ الإسلام {(((((((يَوْمِ الدِّينِ (((} هل هو مخصوص؟ لا ليس مخصوصًا إلى آخره {(((((مِنْ دَابَّةٍ فِي ((((((((} ليس مخصوص إذن لا خلاف بين كلام شيخ الإسلام رحمه الله وبين كلام الفقهاء وقد ذكرنا أن أكثر العمومات مخصوصة إذن عرفنا الآن حد التخصيص وعرفنا أنه يجوز في الشرع أو يجوز التخصيص بدليل وقوعه في الشرع إذن الجواز دليله الوقوع ولذلك نقول: {((((((((((((((((((((((((((((}. مخصوصًا بأهل الذمة {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء:11] هذا مخصوص {(((((((((((((} عام هل يدخل فيه القاتل الكافر لا مخصوص أولاد {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} مطلقًا المؤمن والكافر نقول: مخصوص بالسنة. كذلك العبد على قول نقول: هذا مخصوص بالسنة. القاتل أيضًا مخصوص إذن ما من عام إلا وقد خص التخصيص يطلق بمعنى المخصِّص إذن عندنا تخصيص وعرفنا حده وعندنا مخصِّص ما هو المخصِّص؟ قال: المخصِّص يطلق عرفًا عند الأصوليين على الدليل الذي حصل به التخصيص يسمى مخصصًا إذن المخصصات يقال متصلة ومنفصلة الكتاب والسنة والعقل إلى آخره نقول: هذه مخصصات. لكن هذا يقال إنه حقيقة عرفية يعني: مجاز والأصل في التخصيص أنه فعل الفاعل ولذلك يقال: التخصيص لغةً الإفراد وهو ضد التعميم. والمخصِّص في الحقيقة هو الذي يقصر العام على بعض أفراده يعني: هو فاعل التخصيص وهو المخرج حقيقةً والمراد به هنا إرادة المتكلم الإخراج إذن المخصص هو إرادة المتكلم الإخراج ثم نقل هذا المعنى إلى الدليل الذي حصل به التخصيص فصار فيه حقيقة عرفية أو إن شئت قل مجازًا إذًا يطلق المخصص عرفًا على الدليل المفيد للتخصيص قال هنا: وَالقَصْدُ بِالتَّخْصِيْصِ حَيْثُمَا حَصَلْ ** تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ فِيهَا دَخَلْ

هذا على ما ذكرناه سابقًا واخترنا أن التعريف الأصح أن يقال: التخصيص هو قصر العام على بعض أفراده هنا قال: (وَالقَصْدُ بِالتَّخْصِيْصِ). يعني: المراد (بِالتَّخْصِيْصِ) الذي هو وصف للفاعل (حَيْثُمَا حَصَلْ) حيث زيدت عليها ما (حَيْثُمَا حَصَلْ) يعني: في أي موضع حصل في كتاب أو سنة في الشرع أو في غيره مطلقًا التخصيص هو (تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ) تمييز هنا بمعنى إخراج وهذا هو الذي يحصل به الميز {(((((((((اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ (((((((((} [الأنفال:37] والتمييز بمعنى الإخراج وإن شئت قل: الفصل. الفصل والميز بين الأشياء (تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ) أي: إخراج بعض الجملة التي يتناولها اللفظ العام والمراد بالجملة هنا كناية عن الأفراد المخرجة من مدلول اللفظ العام تمييز جملة أي: إخراج بعض الجملة التي يتناولها اللفظ العام كإخراج أهل الذمة من قوله: {((((((((((((((((}. {((((((((((((((((((((((((((((} (تَمْيِيْزُ بَعْضِ) ولم يقل كل لماذا؟ لأنه لو كان كلاً لصار نسخًا لو قال: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5]. ثم قال: لا تقتلوا المشركين. صار ماذا؟ رفع الحكم عن كل أفراد المشركين هذا نسميه ماذا؟ نسخًا وسيأتينا في موضوعه (تَمْيِيْزُ بَعْضِ) إي: إخراج بعض. (جُمْلَةٍ) التي هي الأفراد (فِيهَا دَخَلْ) دخل فيها يعني: دخل في اللفظ العام وأحن من هذا أن يقال: قصر العام على بعض أفراده ثم قال: وَمَا بِهِ التَّخْصِيْصُ إِمَّا مُتَّصِلْ ** كَمَا سَيَأتِي آنِفًا أَوْ مُنْفَصِلْ والذي يحصل به التخصيص إذن هنا أطلق التخصيص وأراد به المخصص عرف التخصيص أولاً الذي هو فعل الفاعل ثم انتقل إلى المراد بالمخصص عند الأصوليين الذي يعبر عنه بالتخصيص أحيانًا فقال: (وَمَا بِهِ التَّخْصِيْصُ إِمَّا مُتَّصِلْ) (إِمَّا) هذه نقول: حرف شرط وتفصيل وتوكيد وسبق بيانها مرارًا (إِمَّا مُتَّصِلْ ** كَمَا سَيَأتِي آنِفًا) أي: قريبًا (أَوْ) النوع الثاني (مُنْفَصِلْ) إذن نوعان لا ثالث لهما مخصص منفصل، ومخصص متصل حقيقة المنفصل هو ما يستقل بنفسه بألا يكون مرتبطًا بكلام آخر {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} هذا لفظٌ عام جاء في موضعٍ منفصل عن هذه الآية في موضعٍ آخر {(((((((((((الْأَحْمَالِ (((((((((} [الطلاق:4] نقول: هذا منفصل مستقلٌ بنفسه ليس مرتبطًا مع العام الذي خص منفصل، وأما المتصل هو ما لا يستقل بنفسه بل يكون مرتبطًا مع العام {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ (((((((((((} [آل عمران:97] {((((عَلَى ((((((((} عام المستطيع وغير المستطيع {((((((((((((((} نقول: هذا بدل بعض من كل وهو من المخصصات المتصلة إذن هل استقل بنفسه لا صار متصلاً مع اللفظ قام القوم إلا زيدًا الاستثناء نقول: هذا متصل، أكرم بني تميم إن جاءوك نقول هذا الشرط هذا متصل إذا واضح المتصل ما لا يستقل بنفسه، والمنفصل هو ما يستقل بنفسه وَمَا بِهِ التَّخْصِيْصُ إِمَّا مُتَّصِلْ ** كَمَا سَيَأتِي آنِفًا أَوْ مُنْفَصِلْ ذكر الناظم ثلاثة أشياء من المتصلات، قال:

فَالشَّرْطُ وَالتَّقْيِيدُ بِالوَصْفِ اتَّصَلْ ** كَذَاكَ الاسْتِثْنَا وَغَيرُهَا انْفَصَلْ إذن ذكر لك ثلاثة أشياء من المخصصات المتصلة الشرط، والصفة، والاستثناء هذه ثلاثة أشياء. الشرط قال: (فَالشَّرْطُ) الفاء فاء الفصيحة وسبق معناها مرارًا الشرط بإسكان الراء المشهور عند الأصوليين أنهم يقولون الشرط لغة هو العلامة لكن إذا رجع إلى المعاجم يقولون: الشَّرَطُ بفتح الراء العلامة ومنه {((((((جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد:18] أي: علامتها، والشَّرْطُ بإسكان الراء هو الأجزاء إذن فرقٌ بين الشرْطِ، والشرَطِ، الشرَط هو الذي يأتي بمعنى العلامة، وأكثر الأصوليين على هذا يقول: الشرط لغةً العلامة لكن في المعاجم لا يثبتون هذا وإنما يقولون: الشرَط بتحريك الراء أو بفتح الراء لغةً العلامة ومنه قوله تعالى: {((((((جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي: علامتها، والشرْط بالإسكان هو الإلزام، واصطلاحًا: ما لا يوجد المشروط مع عده هكذا عرفه ابن قدامة في ((الروضة)) ما لا يوجد المشروط مع عدمه ولا يلزم أن يوجد عند وجوده وهو بمعنى الحد المشهور ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدمٌ لذاته. ولازمٌ من انعدام الشرط ** عدم مشروطٌ لدى بالضبط كسببه وذا الوجود لازم ** منه وما في ذاك شيءٌ قائم ما يلزم من عدمه العدم قالوا: كالشرط كالطهارة في الصلاة كالطهارة للصلاة يلزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة ما يلزم من عدمه العدم ما يلزم من عدمه كالطهارة عدم صحة الصلاة ولا يلزم من وجوده وجود الطهارة وجود الصلاة لأنه قد يتوضأ ولا يدخل الوقت إذن لا يصلي لا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدمٌ لذاته لأنه قد يتوضأ ويصلى الظهر فتنعدم صحة الصلاة لأن الوقت لم يدخل بعد ممكن إذن انعدم صحة الصلاة أو عُدِمَتْ لا نقول عَدِمَتْ هذا خطأ إذن نقول: عُدمت الصلاة لماذا مع وجود الشرط وهو الطهارة ووجدت الصلاة الذات لكن لم توجب صحة الصلاة الذي هو المشروط لا لعدم الشرط الذي هو الطهارة وإنما لعدم شيءٍ آخر كدخول الوقت هذا هو حد الشرط وله تفاصيل ليس هذا موضعها، أقسام الشرط باعتبار وصفه ينقسم إلى أربعة أقسام: شرطٌ عقلي: يكون التلازم بين المشروط والشرط محكومًا بماذا بالعقل هو العقل الذي حكم بانتفاء المشروط لانتفاء الشرط قالوا: كالحياة للعلم هل يمكن أن يوجد عالم بلا حياة؟ يمكن؟ لا يمكن كيف نقول هذا عالمٌ متحدثٌ ويفتي إلى آخره متصف بصفة العلم ثم هو ليس حيًا نقول: لا. إذن اشتراط الحياة للعلم حكم به العقل انتفاء المشروط الذي هو العلم بانتفاء الشرط الذي هو الحياة نقول: هذا حكم به العقل عدم الوجود لعدم الوجود حكم به من جهة العقل والعلم للإرادة هكذا قالوا كالأول العلم هذا مشروط والإرادة العلم شرط والإرادة مشروطة إذن لا إرادة إلا بعلمٍ.

الشرط العادي النوع الثاني: الشرط العادي: وهو ما حكم ترتب المشروط على وجود الشرط عادةً عرفًا عند الناس لا يمكن أن يتصور إلا وجود هذا الشيء لكن العقل لا يمنع قالوا: كالسلم لصعود السطح هيا اطلع الدور الثالث يقول كيف يطلع ولا في درج ولا مصعد هل يمكن عادةً نقول لا يمكن لا بد من شيء يصعد عليه إما حس وإما مصعد وإما حبل ونحو لذلك نقول: لا بد من وسيلةٍ يصل بها إلى السطح إذن نقول: الشرط العادي كالسلم لصعود السطح بأن العادي حكمت أنه لا يمكن أن يصل إلى السطح إلا بواسطة السلم ونحوه. النوع الثالث: الشرط الشرعي وهو الذي حكم فيه الشرع بانتفاء المشروط لانتفاء الشرط ووجود المشروط لوجود الشرط على ما ذكر كالطهارة للصلاة. الرابع: الشرط اللغوي: والمراد به التعليق بإن أو إحدى أخواتها.

هذه أربعة أنواع للشروط: الشرط العقلي، والشرط العادي، والشرط الشرعي، والشرط اللغوي، أيُّ هذه الشرط مرادٌ هنا؟ الرابع والأخير (فَالشَّرْطُ) المراد به الشرط اللغوي لكن في كونه داخلاً في مسمى الشرط هذا نزاع ابن القيم رحمه الله تبعًا للقرافي ونحوه يقول: لا الشرط اللغوي ليس من الشروط وإنما هو من الأسباب لماذا؟ لأنه ينطبق عليه حد السبب وهو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لو تأملت الشرط اللغوي إن جاء زيدٌ فأكرمه لا ينطبق عليه الحد السابق وإنما ينطبق عليه حد السبب ولذلك نصوا على أن الشرط اللغوي ليس من الشروط وإن سمي شرطًا باعتبار اللغة لا باعتبار الاصطلاح لماذا؟ قالوا: لأنه ينطبق عليه حد السبب ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم فتأملوا إذن ما حقيقة الشرط اللغوي سواءٌ سميناه شرطًا كأكثر الأصوليين أو سميناه سببًا ما حقيقته نقول: التعليق بأن أو إحدى أخواتها إن جاء زيدٌ فأكرمه هنا كما ذكرنا أن التعليق بين مضمون جملتين تحصيل أو حصول المضمون جملة الجواب مرتبةٌ على تحصيل أو حصول مضمون جملة الشرط لأنه التركيب هنا ليس بين مفردات فحينئذٍ إن هنا علقت وربطت وجود الإكرام بوجود المجيء إن جاء زيدٌ فأكرمه هنا إن ربطت بين ماذا؟ بين مضمون جملة الإكرام وهو ثبوت الإكرام حصوله ثابتٌ متى إذا تحقق وحصل مضمون جملة إن جاء وهو المجيء إذن ربط الإكرام بثبوت المجيء يثبت الإكرام إذا ثبت المجيء بأن أو إحدى أخواتها كل سواء كانت حروف أو أسماء سبق هناك أن الذي يعد من العموم هو الأسماء الشرطية أسماء الشرط أما هنا لا تعليق بأن خصت إن دون أخواتها لأنها أم الباب لأنها حرف والأصل في الشرط أنه معنى من المعاني والأصل في المعاني أم يعبر عنها بالحروف لا الأسماء ثانيًا أن إن عامة من جهة ماذا الشرط والمشروط يعني: لا تخص بعامة وعدم عاقل أو بالزمن أو بالمكان كما تخص سائر الأسماء لأن يقال من هذه للعاقل وما لغير العاقل حيثما للمكان أي للزمان إلى آخره أما إن فلا ولذلك صارت أم الباب ودائمًا أم الباب يعنون به ما انفرد بأحكامٍ عامة لا يشاركه فيها غيرها كما قالوا: كال أم الباب، وإن أم الباب هناك والهمزة أم الباب إلى آخره أم الباب يعني: أصل الباب فحينئذٍ لا بد إذا قيل أم الباب لا بد لها أحكام لا تثبت في سائر الأخوات والأخوات المراد بها هنا النظائر إذا قيل بأن وأخوتها إيش معنى أخوات رضاعة أو نسب لا إنما المراد به نظائرها في العمل إذن التعليق بأن أو إحدى أخواتها صيغه كما سبق أن إن هي الأصل وما عداها أحد عشرًا هي منقسمة على أربعة أقسام: منها ما هو حرفٌ باتفاق وهو إن، ومنها ما فيه خلاف هل هو حرفٌ أو اسمٌ والصواب أنه حرفٌ وهو إما، ومنها ما هو مختلفٌ فيه هل هو اسمٌ أو حرف الصواب أنه اسمٌ وهو مهما، وما عدا ذلك أسماء. واجزم بأن ومن وما ومهما ** أيٍ متى أيان أي إذما وحيثما أنا وحرفٌ إنا ** كأن وباقي الأدوات أسماء

إذن متفقٌ على حرفيته وهو إن الراجح أنه حرف وهو إما اختلف في اسميته وحرفيته وأرجح أنه اسم وهو مهما والباقي أسماء وباقي الأدوات أسماء، أحكام الشرط إذا جاء متصلاً بالعام نقول حكمن الشرط الأول أنه يغير الكلام عما كان يقتضيه يغير كلامه عما كان يقتضيه لولاه حتى يجعله متكلمًا بالباقي وهذا الذي ذكرناه سابقًا أن الشرط والاستثناء وما يعد من المخصصات يجعل الكلام كأنه لم يرد أصلاً بمن أخرج فإذا قيل: فاقتلوا المشركين إلا أهل الذمة نقول هل دخل أهل الذمة في قوله: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] ثم أخرج هل دخلوا؟ لا إذن كأنه قال ابتداءً اقتلوا المشركين غير أهل الذمة فأراد بقوله المشركين كل مشركٍ يصدق عليه الوصف ولم يرد ماذا؟ ولم يرد أهل الذمة كأنه ابتداءً في أول كلامه تكلم بلفظٍ رتب الحكم على بعض الأفراد غير المخرجة أما الأفراد التي أخرجت بالحكم ونعبر بالإخراج هنا باعتبار الحكم نقول لم تدخل أصلاً والشرط والاستثناء يجعل المتكلم كأنه تكلم بالباقي الذي دل عليه اللفظ لفظ المشركين كأنه تكلم بالباقي ابتداءً فحينئذٍ كأنه أشبه العام الذي أريد به الخصوص لكن هناك القصر قصر الإرادة ابتداءً أولاً وهنا باعتبار الحكم إذن نقول: الحكم الأول من الأحكام الشرط أنه يغير الكلام عما كان يقتضيه لولاه لو لم يرد الشرط {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} نحمله على ماذا؟ على كل الأفراد ومنهم أهل الذمة أليس كذلك إذن وجود الشرط غير الكلام كان الأصل دخول أهل الذمة في قوله: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ}. لما وجد الشرط جعل الكلام السابق {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} كأنه ابتداءً في غير أهل الذمة واضح هذا؟ تأملوه أنه يغير الكلام عما كان يقتضيه لولاه حتى يجعله متكلمًا بالباقي لا أنه يخرج من الكلام ما دخل فيه ليس عندنا دخولٌ ثم إخراج لم يدخل أهل الذمة في قوله: {الْمُشْرِكِينَ}. ثم أخرجوا لماذا لأن رفع ما ثبت الحكم عليه أول مرة أولاً محال هذا الأصل ولذلك قال ابن قدامة رحمه الله: لو قال قائل أنت طالق إن دخلت الدار أنت طالقٌ إن دخلت الدار أنت طالق دخلت الدار وعدم دخول الدار يشمل النوعين أليس كذلك؟ طيب أنت طالقٌ إن دخلت الدار لو قلنا دخول الدار مخرجٌ من قوله: أنت طالق لقلنا وقع الطلاق على الحالين ثم استثني بعد ذلك أخرج فقوله: أنت طالقٌ. يشمل إن دخلت وإن لم تدخلي فحينئذٍ رتب الحكم على أفراد العام أنت طالقٌ وقع الحكم مطلقًا أليس كذلك؟ دخلت الدار أو لم تدخل الدار ثم قال: إن دخلت الدار. حينئذٍ أراد أن يخرج ما وقع عليه الطلاق أولاً وهذا محال واضح ولذلك ابن القيم في ((بدائع الفوائد)) بهذه القاعدة يرد قول من يقول: أن قوله لا إله إلا الله دخل المستثنى ثم خرج يقول: هذا كفر.

لماذا؟ لأنك تنفي لا إله إلا يشمل الكل بحق وغير حق إذن نفيت الأولهية عن الرب جل وعلا ثم تقول: إلا الله وتثبت له هذا تناقض هذا كيف تثبت ما نفيته أولاً صار تناقض لكن نقول: الاستثناء ومثله الشرط الذي نقرره الآن أن الاستثناء من ماذا؟ من الاسم والحكم فحينئذٍ لا إله لم يدخل في الله عز وجل لأن هذا ماذا؟ هذا نفيٌ للألوهية عن كل ما هو سوى الله ثم قال إلا الله فأثبت لله عز وجل لو قلنا دخل أولاً ثم أخرجنا لصار تناقض لأننا حكمنا لا إله سلبنا وصف الألوهية عن كل مألوه بحق أو بباطل هذا إسلام أو كفر؟ كفر هذا فإذا قلت إلا الله أثبت إذن ما دخل في الإسلام هذا، هذا سوى بينهما مثله أنت طالقٌ إن دخلت الدار هذا يشمل ماذا إن دخلت الدار أو لم تدخلي ثم قال إن دخلت الدار نقول: هذا وقوع وحصول ما وقع سلبه بعد ذلك محال وحينئذٍ يلزمنا أن نقول من أجل تصحيح الكلام أن المستثنى وكذلك المخرج بالشرط لم يشمله اللفظ أصلاً فالإخراج حصل من الاسم والحكم وابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)) له كلام طويل في باب الاستثناء في هذه المسألة على جهة الخصوص فيقول: من نسب لسيبويه أنه أن مستثنى دخول المستثنى في الاسم فقد قال عليه ما لم يقل إذن لا أنه يخرج من الكلام ما دخل فيه فإنه لو دخل ما خرج فلو قال أنت طالقٌ إن دخلت الدار كيف نفسرها نقول: معناه إنك عند دخول الدار طالق إذن قيد أنت طالقٌ إن دخلت الدار معناه إنكِ إن دخلتي الدار أو عند دخول الدار فأنت طالق ونظر لهذه المسألة بقوله تعالى: {• (((((((لِلْمُصَلِّينَ (((} [الماعون:4] كل مصلٍ صحيح دخل في اللفظ كل مصلي النبي - صلى الله عليه وسلم - مصلٍ عليه الصلاة والسلام أبو بكر مصلي إلى آخره لكن نقول: لا ما شمله وإنما المراد {• (((((((لِلْمُصَلِّينَ (((} بهذا القيد ابتداءً {• (((((((لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (((} [الماعون:4،5، 6] قال: لا حكم له قبل إتمام الكلام {• (((((((لِلْمُصَلِّينَ (((} لا حكم له قبل إتمام الكلام حينئذٍ لا يشمل كل مصلي وإنما يختص اللفظ من جهة المدلول والحكم بالقيد المذكور بعده ولذلك الناس الآن يعترضون يقول {• (((((((لِلْمُصَلِّينَ (((} إذن رتب الحكم عليه قل لا ليس هذا المراد وإنما المراد بماذا إذا تم الكلام أما لوحده فلا يؤخذ منه حكمٌ لا حكم له قبل إتمام الكلام فإذا تم الكلام كان مقصورًا على من وجد منه السهو والرياء لا أنه دخل في كل مصلٍ ثم خرج البعض إذن هذه المرتبة الأولى لحكم الشرط أنه يجعل الكلام كأنه ابتداءً.

المسألة الثانية، أو الحكم الثاني: يجب اتصاله بالمشروط اتصالاً عاديًا يعني: عرفًا الحكم العرفي لو قال أكرم بني تميم إن جاءوا تقول هذا اتصال حقيقي أكرم بني تميم ثم جاء في اليوم الثاني إن جاءوا هل يصح؟ نقول: لا، لأنه يشترط اتصالٌ للشرط بمشروطه عرفًا يعني: في العرف انفصال أو فصلٌ لا يضر كأن يقول مثلاً أكرم بني تميم ثم عطف فقال: إن جاءوا. هذا الفاصل هم انفصلوا عرفًا إذن الاتصال الحقيقي أن يقول: أكرم بني تميم إن جاءوا والاتصال الملحق به عرفًا أكرم بني تميم ثم مثلاً سعل وعطس أو شمت يرحمك الله إن جاوا نقول: هذا اتصالٌ محتومٌ لشرط أنه متصل لكنه عرفًا لماذا لأن الزمن هنا غير فاصل كالمولاة هناك في با ... . الثالث: أن يصدر الشرط والجزاء لكن تصدير الشرط هذا فيه كلام لأنه أيهما الأصل أن يتقدم الشرط على المشروط أو العكس الشرط له صبر كلام الشرط له صدر كلام لذلك قال: يجوز تقديم الشرط وتأخيره أكرم بني تميم إن جاءوا، إن جاوا أكرم بني تميم يجوز هذا وهذا والحكم مركب على التأخير هو عين المركب على التقديم لماذا؟ قالوا: وإن كان الأصل في الكلام أن يصدر الشرط والتقدم على المشروط لفظًا لكنه متقدمٌ عليه في الوجود طبعًا إذا قال إن جاء زيدٌ فأكرمه في الوجود أيهما أسبق؟ المجيء الشرط إن جاء زيدٌ فأكرمه في الوجود المجيء مقدم على الإكرام فإن قدم أو أخر أكرم زيدًا إن جاء هل يحصل لبس؟ لا يحصل لبس لذلك قالوا: إن قدم أو أخر فالحكم على ما هو عليه. الحكم الثالث: أن يصدر من متكلمٍ واحد فلو قال قائل: إن جاء زيدٌ أو أكرم بني تميم ثم قال صاحبه إن جاؤوا هل يعتبر مرتبًا عليه الحكم؟ الجواب لا ومثله في الاستثناء كما سيأتينا لو قال نسائي طوالق قال واحد إلا هند هل يعتبر استثناء ما يعتبر أما إلا ( .. ) هذا سيأتينا جوابه أي نعم الذي يليه إن وقع بعد جملٍ رجع إلى الجميع قيل هذا باتفاق وقيل قول الجمهور إن وقع بعد جمل عاد إلى الجميع لو قال قائل أكرم الطلاب وتصدق على فقرائهم إن حضروا الدرس مثلاً، أكرم الطلاب وتصدق على فقرائهم إن جاءوا إن جاءوا هذا يعود على أي شيء على الجملة الأولى أو الثانية؟ يعود على الجميع قيل باتفاق أنه يعود على الجميع يعني: أكرم الطلاب إن جاءوا وتصدق على الفقراء أو فقراءهم إن جاءوا فحينئذٍ يكون الشرط مقيدًا للجملتين لماذا؟ قالوا: لأن له صدر الكلام فإذا قيل أكرموا الطلاب وتصدق على فقرائهم إن جاءوا أصل التركيب إن جاءوا فأكرم الطلاب لأن الشرط بجميع أدواته له صدر الكلام (فَالشَّرْطُ وَالتَّقْيِيدُ بِالوَصْفِ) التقييد إيش المراد به هل هو قدرٌ زائد على الصفة والشرط لا يكون تقيدًا والاستثناء لا يكون تقييدًا نقول: لا التقييد هذا عام وإنما زاده لعله من أجل الوزن، (فَالشَّرْطُ وَالتَّقْيِيدُ بِالوَصْفِ اتَّصَلْ) ما المراد بالصفة؟ الصفة عند النحاة ما هي؟ النعت وما هو النعت؟ كيف؟ التابع والمشتق إذن أكرم الطالب الناجح الطالب هذا عام والناجح هذا نعت صفة طب غير الناجح لا تكره الناجح هذا نعت على زنة فاعل مشتق ونعتٍ من مشتقٍ كصعبٍ و ... ** وشبهه كذا وذي والمنتسب

لكن ليس مراد الأصوليين الصفة التي هي عين الصفة عند النحاة وإنما يعنون بها ما أشعر بمعنًى يتصف به بعض أفراد العام فيشمل حينئذٍ الصفة التي هي النعت عند النحاة، ويشمل الحال، ويشمل البدل، ولذلك بدل البعض من الكل هذا يعتبر من المخصصات {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ (((((((((((} [آل عمران:97] الاستطاعة وصفٌ أو لا وصفٌ اتصف به بعض أفراد الناس إذن هو يعتبر من المخصصات، {((((يَقْتُلْ مُؤْمِنًا ((((((((((((} [النساء:93] هذا إيش إعرابه حال يعتبر من المخصصات لأنه صفة عندهم أنه صفةٌ عندهم. إذن الصفة ما أشعر كل لفظٍ أشعر بمعنًى ليدخل النعت، والحال والبدل، يتصف به بعض أفراد العام دون البعض فحينئذٍ إذا قيد العام بهذه الصفة انصب الحكم على الأفراد المتصفة بهذا القيد وما عداها فهو مخرجٌ أحكام التخصيص في الصفة: أولاً: لا بد من اتصالها بالموصوف لا يمكن تقول أكرم الطالب ثم بعد يوم تقول الناجح لا بد أن يكون متصلاً بالموصوف فلا يصح الفصل بينها إلا إذا كان الفصل فرعًا كما ذكرناه في الشرط. الثاني: أن تصدر الصفة والموصوف من متكلمٍ واحد كالشرط. الثالث: ألا تخرج الصفة مخرج الغالب {((((((((((((((((اللَّاتِي فِي ((((((((((} [النساء:23] هنا خرجت مخرج الغلب فليس الاستثناء كما قال ابن حزم. الرابع الصفة المخصصة لا تخلو إما أن تكون عقبة جملةٍ أكرم الطلاب المجتهدين عقب الجملة بعد الجملة يعني: أكرم الطلاب، الطلاب هذا هو اللفظ العام، المجتهدين هذا هو الصفة أخرجت غير المجتهدين وإما أن تكون عقب جمل عقب جملٍ أكرم العلماء والتجار والطلاب المتقين نقول عادت على الجميع كالأصل كالشرط يعني: أكرم من العلماء المتقين، والطلاب المتقين، والتجار المتقين، إذن يرجع إلى كل الجمل وقيل إلى أقرب مذكورة ومرجوحة. الثالث: أن تكون قبل جملٍ أكرم المتقين من العلماء والتجار والطلاب أيضًا على الصحيح عادت إلى على عادت على الجميع. الحالة الرابعة والأخيرة: أنها تكون وسط بين الجمل، أكرم العلماء المتقين والطلاب تعود إلى أي شيء؟ إلى ما قبله وما بعده؟ لا يدخل لا يدخل إذن تختص بماذا تختص بما تلته أما ما بعدها فلا يشمها الحكم لماذا؟ لأن الصفة على عمومها إنما تكون صفةً لموصوفٍ سابقٍ لها ولذلك الأصل أنه لا تتقدم الصفة على الموصوف. إذن هذه أربعة أحوال: أن يكون تكون الصفة عقب جملة، أو عقب جمل، أو تكون قبل جمل، أو وسط عقب لا إشكال أكرم الطلاب المتقين، عقب جملٍ لا إشكال على الكل، قبل جملٍ على الكل، وسط على ما قبل دون البعد دون بعد. فَالشَّرْطُ وَالتَّقْيِيدُ بِالوَصْفِ اتَّصَلْ ** كَذَاكَ الاسْتِثْنَا وهذا فصله بأبيات ستأتينا في موضعها (وَغَيرُهَا) أي: غير هذه الثلاثة إن فصل فهو دليلٌ منفصل. ونقف على هذا، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد.

33

عناصر الدرس * الإستثناء لغة واصطلاحا * شروط الإستثناء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله وغفر له ولشيخنا وجميع المسلمين: وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ مَا بِهِ خَرَجْ ** مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا ** وَلمَ ْيَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا وَالنُّطْقُ مَعْ إِسْمَاعِ مَنْ بِقُرْبِهِ ** وَقَصْدُهُ مِنْ قَبْلِ نُطْقِهِ بِهِ وَالأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ ** مِنْ جِنْسِهِ وَجَازَ مِنْ سِوَاهُ وَجَازَ أَنْ يُقَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى ** وَالشَّرْطُ أَيضًا لِظُهُورِ الْمَعْنَى وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ مَهْمَا وُجِدَا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زال الحديث في باب الخاص وذكرنا حد الخاص وحد التخصيص ثم ذكر أن التخصيص يطلق ويراد به المخصص وهو الدليل المفيد للتخصيص كل ما أفاد تخصيصًا يسمى مخصصًا ويطلق عليه تخصيص وهذا قسمان قلنا: المخصص قسمان. مخصص متصل. ومخصص منفصل. المتصل: ضابطه هو ما لا يستقل بنفسه يعني: لا يوجد في كلامٍ إلا وهو مرتبطٌ بالعام. والمنفصل: هو ما يكون مستقلاً يعني: يستقل بنفسه عن لفظ العام. وذكر مخصصات المتصلة عند الأصوليين خمسة: وذكر منها ثلاثة قال: (فَالشَّرْطُ وَالتَّقْيِيدُ بِالوَصْفِ) عرفنا أن الشرط يعتبر من المخصصات المتصلة ولكن هل كل شرطٍ يعتبر مخصصًا؟ هذا ما ذكرناه في الدرس الماضي في حكم تخصيص الشرط. ثم قال: والتقييد بالوصف والمراد بالوصف إنما هو أعم من الوصف عند النحاة وهو الوصف المعنوي فيشمل البدل ويشمل النعت بالواسطة عند النحاة ويشمل أيضًا قلنا: الحال - لأن الحال وصفٌ في المعنى - والبدل وصفٌ فبالمعنى بدل البعض من الخلف: {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ (((((((((((} [آل عمران:97] {((((((((((((((} نقول: إعرابه بدل بعض من كل قوله الناس {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ ((((((((((} يعني: {((((عَلَى ((((((((} مستطيعين إذن صار تقييدًا للناس مخرجًا لما هو غير مستطيعين ثم قال: (كَذَاكَ الاسْتِثْنَا) (كَذَاكَ) أي: مثل التقييد بالوصف والشرط في كونه اتصل (الاسْتِثْنَا وَغَيرُهَا) قال وغيرها غير هذه الثلاثة: الشرط، والصفة، والاستثناء انفصل - يعني: الواو منفصل - إذن قال: (اتَّصَلْ) في أول البيت في الشطر الأول ثم قال: انفصل هذا بين لك أن المخصص نوعًا متصلٌ ومنفصل سيأتينا المنفصل في آخر الباب ثم شرع في المخصص المتصل الثالث وقال:

(وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ) لم يذكر الشرط ولم يذكر الصفة لأن أمرهما أخف وأوضح وأسهل والخلاف في الشرط وفي الصفة مفرعٌ على الخلاف في الاستثناء والأصل أن يقدم الاستثناء كما صنعه كثير يقدمون الاستثناء والكلام في مسائل الاستثناء ثم يقال في الشرط أنه كالاستثناء في تلك المسائل والصفة كالاستثناء في بعض المسائل مثله مثل الأمر والنهي كما ذكرنا الأمر أنه يترتب عليه مسائل والنهي على وزان الأمر فكل ما قيل في النهي فكل ما قيل في الأمر فالنهي على وزانه كذلك هنا الشرط الصفة الأصل أن تكون مؤخرة عن الاستثناء لأن أحكام الاستثناء موجودةٌ في أحكام الشرط والصفة ولذلك يجري السؤال لماذا فصل في الاستثناء ولم يفصل في الشرط والصفة؟ نقول: الجواب أن الاستثناء هو الأصل، وأحكام الاستثناء مفرعٌ عليها أحكام الشرط وأحكام الصفة ثم الاستثناء كثير وفيه نوع غموض في بعض المسائل بخلاف الشرط والصفة فإنها أوضح وأيسر وأسهل، قال: (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ). (وَحَدُّ) حدا مصدر حد يحد حدً والمراد بالحد هنا بمعنى المعرف لأن الحد في الأصل أنه ما اشتغل على الجنس والفصل والحد: والحد بالجنس وفصلٍ وقعا هل هنا وقع فصل وجنس؟ الجواب لا، وإنما كل ما يذكره أرباب الفنون من النحاة والصرفيين والبيانيين والأصوليين هي في الأصل أصول وليست في الحدود هو هذا الأصل فيها ولذلك إذا قيل: (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ) وحد الأمر نعمم اللفظ، نقول: ليس مراده الحد بمعنى الحد عند المنطقيين ولذلك بعضٌ يرى أن الحد والمعرف عند الأصوليين بمعنًى واحد على خلف ما وقع عند المناطقة فإن الحد نوعٌ من أنواع المعرفات: معرفٌ على ثلاثةٍ قسم ** حدٌ ورسميٌ ولفظيٌ علم إذن الحد نوعٌ من أنواع المعرف ولكن عند كثير من الأصوليين فيما نسبه إليه بعضهم أن الحد والمعرف بمعنى واحد: الجامع المانع حد الحد ** أو بانعكاسٍ إن تساوى ( .. )

هذا هو معنى الحد أو المعرف عند الأصوليين وسبق بيان علاقته بالمُعَرِّف عند المناطقة إذن (وَحَدُّ) حد في الأصل بالمعنى اللغوي هو المنع وهذا المنع موجودٌ في المعنى الاصطلاحي الجامع المانع الجامع للأفراد المانع من دخول غيرها فيه حينئذٍ لا بد أن يكون الحد جامعًا مانعًا وهذا يمكن أن يوجد في الحد بالمعنى الخاص عند المناطقة ويمكن أن يوجد في الرسم الذي يعنون له النحاة والصرفيين وغير ذلك نقول: خرج بقوله: كذا ودخل بقوله: كذا لو لم يكن جامعًا مانعًا لما صح أن نقول: خرج بقوله: كذا ودخل بقوله: كذا واحترز بكذا عن كذا لأن المحترزات هذه لإدخال أفراد أو إخراج أفراد ولا ثالث لهما وهذا هو معنى الجامع المانع الجامعُ المانعُ حد الحد (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ) أي: تعريفه الاستثناء لأنه لم يذكر جنسٌ ولا فصل (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ) أي: تعريف الاستثناء (الاسْتِثْنَاءِ) هذا مصدر استثنى يستثني استثناءً وهذه السين للطلب هنا في هذا التركيب للطلب والاستثناء المشهور أنه مأخوذٌ من الثني وهو العطف تقول: ثنيت الحبل. بمعنى: عطف بعضه على بعضه ثنيت الحبل بمعنى: عطف بعضه على بعضه ثنيت الحبل أثنيه بمعنى: العطف يعني عطفت بعضه على البعض الآخر وقيل: مأخوذٌ من الثني بمعنى الصرف تقول: ثنيته عن كذا. أي: صرفته عن كذا. إذن الثني أو الاستثناء مأخوذٌ من الثني قيل من الثني بمعنى العطف أو بمعنى الصرف هذا في المعنى اللغوي وهو أصل الاشتقاق. وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ مَا بِهِ خَرَجْ ** مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ هنا الاستثناء كما هو معلوم سيأتي أصله فيما أن مستثناه من جنسه وجاز من سواه. الاستثناء نوعان: متصلٌ، ومنقطع. والأصل في الاستثناء أنه متصل والمنقطع هذا سيأتي هل يصح تسميته استثناءً أو لا؟ ثم هل هو حقيقة أو مجاز؟ هنا يريد بهذا الحد الاستثناء المتصل، لأن الاستثناء إذا أطلق في اللفظ أو في التركيب انصرف إلى أصله لكثرة الاستعمال واستعمل الاستثناء بإلا وإحدى أخواتها في أخراج الشيء من جنسه وهذا هو حقيقة الاستثناء المتصل على المشهور المشتهر عند النحاة وغيرهم إذن قوله: (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ) نقول: أطلق الاستثناء هنا أطلق الاستثناء وأل هنا يمكن حملها للعهد الذهني أي الاستثناء الذي إذا أطلق اللفظ انصرف إليه وإلا الاستثناء قد يطلق على الاستثناء المنقطع فحينئذٍ لابد من قرينة نقول: القرينة هنا العهد الذهني والذي يبين أن أل للعهد الذهني للمبتدئ والموقف - يعني: المدرس - فيقول أل هنا للعهد الذهني أي: الاستثناء المعهود ذهنًا وهو إذا أطلق لفظ الاستثناء انصرف إلى الاستثناء المتصل. إذن نقيد هذا الاستثناء هنا المراد الاستثناء الحقيقي وهو المتصل.

(مَا بِهِ خَرَجْ ** مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ) هذا على المشهور من حد الاستثناء لأنه إخراج نقول: النظم يتصرف ببعض التقديم والتأخير وإلى أصل التركيب أن يقال: الاستثناء هو إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا أو إحدى أخواتها إن كان يرد على الناظم هنا أنه لم يقيد سيأتي إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا أو إحدى أخواتها إخراج إذن لابد من شيءٍ مُخرِج وشيءٍ مُخرَج منه فإذا انتفى الإخراج انتفت حقيقة الاستثناء ولذلك من عرف الاستثناء بهذا الحد جعل الاستثناء المنقطع مجاز ولم يجعله حقيقة بل نفى حقيقة الاستثناء على المنقطع فإذا قيل: قام القوم إلا زيدًا نقول: هنا إخراج أين الإخراج عندنا مُخرج ومخرج منه ما هو المخرج زيدًا ما هو المخرج منه القوم هل زيدًا من جنس القوم؟ الجواب نعم أنه من جنس القوم إذن حصل الإخراج حقيقةً فنقول هذا استثناءٌ متصل حقيقي وإذا قيل: قام القوم أو جاء القوم إلا حمارًا هل عندنا إخراج هنا؟ ليس عندنا إخراج إذن انتفى حقيقة الاستثناء عند الاستثناء المنقطع ولذلك قيل: هو استثناءٌ مجازًا إن صح إطلاق لفظ الاستثناء عليه إذن قوله: إخراج هذا لإخراج المنقطع الاستثناء المنقطع فعنده ليس باستثناء حقيقةً أيضًا دخل فيه الشرط لأن فيه إخراجٌ كما سبق والصفة المعنوية لأن فيها إخراجًا كما سبق إذن المخصصات المتصلة داخلة بقوله: إخراج ما شيءٌ إخراج ما هو اسمٌ موصول بمعنى الذي يصدق على أي شيء فقل: اشتريت كتابًا إلا كتاب كذا اشترينُ كتبًا إلا كتاب كذا نقول هذا استثناء وهو إخراج ما شيءٌ وهو كتاب جاء القوم إلا زيدًا تركت القوم إلا عمرًا إذن أخرج عمرًا أو زيد وهو شيء إذن قوله: ما. ليعم كل مستثنًى من كل مستثنًى سواءٌ كان من العقلاء أو من غيرهم إذن نفسر ما هنا بمعنى الشيء إخراج ما.

أي إخراج الشيء ما لولاه الذي لولاه لو الاستثناء ولولا مجيء هذا الإخراج لدخل في الكلام السابق - يعني: لو قيل: زيدٌ داخلٌ في لفظ القوم لأن القوم هذا لفظٌ مستغرقٌ لجميع ما يصلح له وهو اسم جمعٍ محلى بالألف فإذن هو من صيغ العموم فيشمل زيد وعمرو وخالد إلى آخره فإذا قيل جاء القوم شمل زيد فإذا قلت إلا جاء تداخل الاستثناء جاء الإخراج إلا زيدًا إذن زيد صار مخرجًا من القوم لولا إلا التي أخرجت زيد لدخل زيد في الحكم السابق وهو ثبوت القيام للفظ القوم فيشمل حينئذٍ كل فردٍ فرد ومنهم زيد إذن نقول: إخراج ما لولاه إخراج شيء لا لولا هذا الاستثناء ولولا هذا الإخراج لدخل في الكلام السابق إلى هنا لم تخرج المخصصات المتصلة الإخراج إخراج ما لولاه لدخل في الكلام هذا يشمل المخصصات المتصلة الخمسة لأن الشرط إخراج ما لولاه لدخل في الكلام والصفة المعنوية بأنواعها إخراج ما لولاه لدخل في الكلام لكن لما تميز الاستثناء بحرفٍ وأدواتٍ تدل عليه لغةً من جهة استعمالٍ ووضع أهل اللغة لما كان كذلك قال: بإلا الباء هنا الجار مجرور متعلق بقوله: إخراج إذن الإخراج هذا لم يقع بإنّ الشرطية ولم يقع بحتى الغائية ولم يقع من جهة كونه بدلاً أو بعض بدل بعضًا من كل وإنما وقع بحرفٍ وهو إلا وإلا هذه استثنائية ما استثنت إلا إذن هي استثنائية هي حرف الإخراج إذن قوله: بإلا أخرج الشرط وأخرج الصفة المعنوية وأخرج بدل البعض من الكل وأخرج الغاية لأن المخصصات المتصلة خمسة: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام دخلت الخمسة يريد إخراج الشرط والصفة المعنوية بدل البعض من الكل حتى الغاية ونحوها قال: بإلا. إذن خرجت هذه الأربع بـ إلا هي حرف استثناء أو إحدى أخواتها بعضهم يقول: وإحدى أخواتها بإلا وإحدى أخواتها هذا فيه إشكال وقلنا: إن الاستثناء لا يحصل إلا بإلا ومعها حرفٌ آخر أو أداةٌ أخرى لكن أولى وكلام صاحب المنهاج أول بأنه أراد الواو هنا بمعنى أو ولذلك عدل كثير عن الواو إلى أو لأنها تفيد التقسيم والتنويع إذن بإلا أو إحدى أخواتها وإن كانت إلا داخلة في أدوات الاستثناء إلا أنه وصلها لماذا؟ لأنها أم الباب ولذلك صدر بها ابن مالك رحمه الله وما ... ثم قال: واستثن مجرورًا واستثن ناصبًا**ولا يكون

إلى آخره فحينئذٍ إلا لما كانت أم الباب أفردها بالحكم وألحق كل ما دل على معنى استثنائي بها فقال: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا وهي أم الباب وهي حرفٌ بالإجماع أو إحدى أخواتها أخوات إلا هكذا عرفه أكثر الأصوليين وعبارة صاحب ((المختصر التحرير)) قال: إخراج ما لولاه لوجب دخوله لغةً. هل هو كالتعريف السابق، إذا قيل: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا أو إحدى أخواتها. وإذا قيل: إخراج ما لولاه لوجب دخوله في الكلام السابق - يعني: لغةً - هل هما بمعنى واحد؟ الجواب لا، لماذا؟ لأن الحد الأول قال: لدخل إخراج ما لولاه لدخل في الكلام ولم يعين حكم الدخول هل هو واجبٌ أم جائز؟ ولذلك عبر بعضهم قال: إخراج ما لولاه لوجب دخوله لغةً. وبعضهم قال: إخراج ما لولاه لجاز دخوله لغةً، ومحل الخلاف هو النكرة في سياق الإثبات هل يصح أن يقال: جاء رجالٌ إلا زيدًا أو لا؟ من عَرَّفَ الاستثناء بأنه إخراج ما لولاه لوجب دخوله لغةً هل يجب دخول لفظ زيد أو الفرد زيد في رجال وهو نكرة جمع؟ نقول: لا، لا يجوز. لماذا؟ لأن النكرة كما سبق سواءٌ كانت مفردة أو مثناه أو مجموعة هي من قبيل العام هل هي من قبيل العام؟ لا ليست من قبيل العام، وإنما من قبيل الخاص لأن اللفظ دل على محصورٍ لعدد والواحد كرجل يحمل على الواحد ورَجُلَيْن يحمل على الاثنين ولا يعم ورجال يحمل على أقل الجمع إذن هل يجب دخول زيد في قوله: رجال لو قيل: جاء رجالٌ إلا زيدًا؟ الجواب لا حينئذٍ إذا عرفنا الاستثناء بأنه إخراج ما لولاه لوجب دخوله لما صح الاستثناء من النكرة من سياق الإثبات لأن زيد لا يجب دخوله في ما قبل فيكون احترز بالوجوب هنا عن قوله: جاء رجالٌ إلا زيدًا، لأن رجال هذا نكرة والنكرة في سياق الإثبات ولو كانت جمعًا لا تعم فزيد حينئذٍ ليس بواجب الدخول في رجال لأنه إذا قيل رجال وأقل الجمع ثلاثة قد يعني به بكرًا ومحمدًا، وخالدًا، أما زيد فلا يجب دخوله فإذا حمل اللفظ على الثلاثة الذي هو أقل معنى الجمع أو مدلول الجمع وهو الأصح حينئذٍ لا يجب دخول زيد في لفظ رجال أما إذا قيل: إخراج ما لولاه لجاز دخوله حينئذٍ جاز وصح الاستثناء من النكرة. فإذا قيل على القاعدة السابقة أن الاستثناء معيار العموم أي القولين يرجح عندكم؟ لوجب دخوله الاستثناء من النكرة؟ الثاني: أنه لجاز دخوله. إذن إذا أطلق الأصوليون القول بأن الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل في الكلام يحمل الدخول هنا على الوجوب أو على الجواز؟ على الجواز وابن مالك رحمه الله يقول: إذا وُصفت النكرة صح الاستثناء منها بإلا وإلا فلا إذا وصفت النكرة وهذا يشكل على قول الأصوليين بأن الاستثناء معيار العموم إلا إذا حمل على المجاز أو على أنه من العام الذي أريد به الخصوص كعشرة إلا ثلاثة حينئذٍ لا إشكال، لكن ابن مالك رحمه الله يرى أن النكرة إذا وصفت جاز الاستثناء منها وإلا فلا إذن هذا فصلٌ بين القولين.

قيل: يجب قيل: يجوز ابن مالك توسط وقال: النكرة إذا وصفة جاز الاستثناء وإلا فلا وعلى القاعدة السابقة أيضًا نقول: هذا فيه نوع إشكال إذن قول الناظم هنا: (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ مَا بِهِ خَرَجْ) ما خرج به الضمير يعود على ماذا؟ الضمير يعود على ماذا؟ ما التركيب (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ) الذي خرج به؟ الضمير ما أحسنت يعود على ما (مِنَ الكَلامِ) ما هو إعرابه هذا من إيش نوعها أنتم على أبواب الاختبارات الآن مِن ما نوعها؟ بيانية أحسنت من بيانية بينت ماذا؟ ما إذن يصدق ما هنا على كلامٌ خرج به بعض ما فيه اندرج يعني بعض ما اندرج فيه يعني بعض ما دخل فيه الاندراج هنا يريد به الدخول هو معنى الحد السابق كأنه قال: الاستثناء ما خرج به كلامٌ خرج به من الكلام هذا تفسيرٌ لما ولو أسقطناه قلنا: أن ما خرج به بعضُ ما اندرج فيه لكن لابد من التقييد بأنه بإلا أو إحدى أخواتها وإلا هذا تعريف على مذكره يشمل الشرط والصفة المعنوية والاستثناء وبدل البعض من الكل والغاية أليس كذلك؟ لأن الشرط خرج به بعض ما اندرج في الكلام أكرم بني تميم إن جاؤوك إذن خرج به بعض ما اندرج في قوله: بني تميم لأنه عام يشمل الجائين وغيره إذن الشرط حصل به الخروج أو الإخراج والصفة أيضًا نقول: حصل بها الإخراج أكرم العلماء العاملين. العاملين هذا صفة أخرج العلماء غير العاملين إذن حصل به: {((((أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187]. إلى غاية إذن خرج بها {((((((((((((((((((((} مطلق الليل وغير الليل خرج ما بعد الليل بقوله: {(((((} إذن حصل بها الإخراج فلابد من التقييد فيقال: ما خرج به من الكلام بعض ما اندرج فيه بإلا أو إحدى أخواتها إذن عرفنا حد الاستثناء لكن يرد الإشكال السابق الذي ذكرناه مرارًا وهو أن الاستثناء هنا على تعريف الجمهور بأنه إخراج وسبق أن الاستثناء هل هو إخراجٌ من الاسم والحكم أو من الاسم فقط أو من الحكم فقط أو منهما؟ هو الأول أنه استثناء من الاسم والحكم إذن قوله: الإخراج إخراج من أي شيء من اسمه وحكمه لكن هذا فيه تحريف لأنه قال: (بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ) إذن هو دخل أولاً ثم خرج، لهذه الإرادات عدل ابن قدامة رحمه الله كغيره ممن تنبه لهذا عن هذا التعريف المشهور لأنه مدخول التعريف هذا مدخول فقال: الاستثناء ليرد القول بالتناقض لكون الشيء حكم عليه أولاً في ضمن اللفظ العام ثم أفرد بحكم مخالفٍ للسابق: قام القوم إلا زيدًا. قام القوم ومنهم زيد إذن زيد ثبت له القيام إلا زيدًا لم يقم إذن قام زيدٌ ولم يقم زيدٌ هذا ما نسميه؟ تناقض أحدهما صادق والآخر كاذب وهذا كثيرٌ في القرآن فلزم عليه أن يقال: إن في القرآن ما هو كذبٌ محض، وهذا باطل وخاصةً يترتب عليها معنى ومدلول لا إله إلا الله فلذلك قال ابن قدامة رحمه الله: الاستثناء قولٌ متصلٌ وهذا أولى ما يعرف به الاستثناء قولٌ متصلٌ يدل على أن المذكور معه غير مرادٍ بالقول الأول قولٌ متصلٌ يدل على أن المذكور معه - وهو ما بعد إلا - غير مرادٍ بالقول الأول.

قولٌ: هذا أراد به إخراج المخصصات العقلية والحسية لأن الغير مخصص ما هو عقلي كما خصص قوله تعالى بالعقل: {((((خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:62]. هنا لم يشمل الشيء هنا لم يشمل الرب جل وعلا بأسمائه وصفاته وأفعاله والتخصيص هنا حصل بالعقل دليله العقل، الحس: {(((((((((كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ ((((((((} [الأحقاف:25]، {(((((((((كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ ((((((((} {((((((((((} مدمر نحن نرى السماء باقية إلى الآن ونرى الأرض والجبال إلى آخره نقول: بالحس حصل التخصيص لهذه الآية إذن قوله: قولٌ أخرج المخصصات الحسية والعقلية. متصلٌ: أخرج المنفصل والمراد أن يكون الاستثناء متصلاً بالجملة ولا يستقل عنها وهذا واضح سيأتي الخلاف في الاتصال.

قولٌ متصلٌ إذن قول أخرج المخصصات الحسية والعقلية متصلٌ أخرج المنفصل والمراد بهذا أن الاستثناء لابد أن يكون متصلاً مستثنى منه قام القومُ إلا زيدًا لابد أن يكون متصل أما قام القوم ثم يأتي بعد شهرٍ فيقول: إلا زيدًا لم يحصل الاتصال لذلك لا يسمى استثناءً يدل هذا أخرج الصيغة أو الصيغ المهملة يدل على ماذا؟ يدل على أن المذكور معه وهو إلا أو إحدى أخواتها وهو المستثنى المراد به أن المذكور معه وهو المستثنى غير مرادٍ بالقول الأول، إذن إلا هذه قرينة هذا الصواب نقول: إلا قرينة. قرينة على أي شيء على أن زيدًا لم يدخل في المسمى في الاسم السابق ولا في حكمه دلت على أن المذكور معها ما بعدها غير مرادٍ بالقول الأول، قام القوم فقد يظن الظان أن زيدًا منهم فيقول: إلا زيدًا كأنه يقول له: أني لم أحكم على زيدًا الذي يشمله اللفظ القوم بالحكم وهو المجيء والقيام إذن ما الفائدة من إلا هنا؟ نقول: قرينة تدل على أن الاستثناء مبين وليس مخرجًا ماذا بين؟ بين أن المذكور مع إلا أو إحدى أخواتها غير مرادٍ بالقول الأول إذن لم يدخل في الاسم ولم يدخل في الحكم ولو قلنا: بدخوله لوقعنا في تناقضٍ لا مخرج عنه البتة لا يمكن الجواب مهما أجاب البعض فحينئذٍ نقول: لا كله تكلف وإلا إذا قيل: قام القوم أدخلت زيد في القوم حكمت عليه بالقيام ثم قلت إلا زيدًا والاستثناء من الإثبات نفيٌ إذن إلا زيدًا لم يقم فالتركيب باعتبار زيد، نقول: زيدٌ قام وزيدٌ لم يقم وهذا عين التناقض وكيف يصح التوحيد كما يقول بعضهم: لا إله إلا الله. لو أدخلنا الذات الرب جل وعلا الإله الحق في قول لا إله إذن هذا كفر كيف نقول: توحيد، من نفى الإلوهية الحق عن الرب جل وعلا ما حكمه؟ كافر. إلا الله لا إله لا معبود بحقٍ إلا الله، إذن نقول: الرب جل وعلا بعد إلا دلت إلا على أنه ليس داخلاً في المنفي وأن النفي إنما تسلط على الآلهة بالباطل وبذلك رددنا على المناطقة فيما سبق الكل الذي له فردٌ واحدٌ وليس له ثانٍ أنهم مثلوا بإله قلنا: لا هذا ليس بصحيح إذن قولٌ متصلٌ يدل على أن المذكور معه غير مرادٍ بالقول الأول لكن يعكر على هذا التعريف أنه لم يبين لماذا يكون فيزاد يدل بإلا أو إحدى أخواتها على أن المذكور معه غير مرادٍ بالقول الأول وحينئذٍ يسلم الحد ويكون هو المقدم على كل ما يدل على أن المستثنى مخرجًا من أو مخرجٌ من المستثنى منه فقولٌ متصلٌ يدل -بإلا أو إحدى أخواتها- على أن المذكور معه غير مرادٍ بالقول الأول.

إذن عرفنا حد الاستثناء وأن هذا الحد خاصٌ بالاستثناء الحقيقي لماذا؟ لأن المنقطع هذا مجاز والحقيقي كاسمه حقيقي لا يمكن أن يَجمع أن يُجمع في حدٍ واحد بعضهم أراد أن يتكلف فيجمع بحد واحد الاستثناء الحقيقي والمجاز الذي هو المنقطع فقال: مذكورٌ بعد إلا أو إحدى أخواتها ما هو الاستثناء قال: هو المذكورٌ بعد إلا أو إحدى أخواتها مذكور سواءٌ كان من جنس الأول أو لا لكن نقول: هذا لا يمكن لأن الاستثناء منقطع مجاز وليس بحقيقة ليس بحقيقة إذن عرفنا أن المستثنى خارجٌ من المستثنى منه وحكمه - يعني: لم يدخل في لفظ المستثنى منه حتى نحتاج إلى إخراجه - ولم يشمله الحكم السابق حتى نحتاج إلى إخراجه وهذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين وابن القيم أفاض في هذه المسألة في كتابه ((بدائع الفوائد)) وبذلك ذكر بعضهم أن مذهب سيبويه أن المستثنى لم يندرج في الاسم المستثنى منه ولا في حكمه بهذا النص أن المستثنى لم يندرج في الاسم المستثنى منه ولا في حكمه إذ ما نقله الزركشي في ((تشنيف المسامع)) وغيره من تبعه أنه بالإجماع أن الاستثناء إخراج نقول: هذا يرده مذهب سيبويه وجمهور البصريين لأن بعضهم يقول: أنه بالإجماع بإجماع أهل اللغة أن الاستثناء إخراجٌ وإلا لما صح أن يطلق عليه أنه استثناء نقول مذهب البصريين تبعًا لي أو جمهور البصريين تبعًا لسيبويه بالنص أن المستثنى لم يندرج في الاسم المستثنى منه ولا في حكمه ومذهب الكسائي لا يندرج في المستثنى منه وهو مسكوتٌ عنه باعتبار الحكم يعني: قام القوم إلا زيدًا قال: كون زيد لم يندرج في المستثنى منه واضح أما في الحكم قال: فهو مسكوتٌ عنه، قام القوم إلا زيدًا، زيدًا لم يقم قطعًا لكن لم يدخل في القوم قطعًا أظنه استثنى منه لكن هل ثبت له القيام أو لا؟ يقول: مسكوتٌ عنه لكن المشهور خلاف هذا. وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ مَا بِهِ خَرَجْ ** مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ إذن قوله: بإلا أو إحدى أخواتها. نقول: هذا قيدٌ لابد من زيادته على تعريف ابن قدامة رحمه الله تعالى لإخراج المخصصات المتصلة السابقة الشرط، والصفة، والغاية، وبدل البعض من الكل لإخراج المخصصات المتصلة يبقى ماذا؟ لو حصل معنى الاستثناء لا بإلا أو إحدى أخواتها لو قال قائل: جاء القوم استثني زيدًا. هل هو استثناء؟ المشهور أنه ليس استثناء لسبين: أولاً: أنه لم يكن بإلا أو إحدى أخواتها، ويستثني هذا فعل مضارع من الاستثناء ولم يكن معدودًا في ضمن أدوات الاستثناء هذا أولاً. ثانيًا: هل فيه إخراج للفعل أم أنه وعد بالإخراج؟ الثاني أم الأول؟ لماذا؟ لأن استثني هذا فعل مضارع لا يدل على شيءٍ قد وقع وإنما يدل على شيءٍ يقع أو سيقع والأول حقيقة، والثاني مجاز. حروف الاستثناء والمضارع ** من فعل الاستثناء وما يضارع

إذًا لو قال قائل جاء القوم استثني زيدًا عندهم لا يسمى استثناءً لأنه لم يكن بـ إلا أو إحدى أخواتها ولذلك نصوا على الحد بأنه يكون بإلا أو إحدى أخواتها لإخراج المخصصات المتصلة كالشرط ونحوه ولإخراج ما حصل فيه معنى الاستثناء ولم يكن بإلا أو بإحدى أخواتها جاء القوم دون زيدٍ قالوا: هذا لا يسمى استثناءً وإن كان فيه معنى الإخراج على كلامهم إذًا لا بد من القيد بإلا أو بإحدى أخواتها صيغ الاستثناء قيل هي إحدى عشرة صيغة هذا هو المشهور عند الأصوليين أمها أم الباب إلا وهي حرفٌ باتفاق. وغير وسوى ثلاث هذه وهما اسمان باتفاق وما عدا وليس ولا يكون ... وحاشا وخلا وسيًا وما خلا وعدا وهذه منها ما هو فعلٌ باتفاق وهو لا يكون، ومنها ما هو فعلٌ على الأصح وهو ليس، ومنه ما هو حرفٌ على الأصح عند سيبويه وحشا، ومنه ما هو فعلٌ واسمٌ باعتبار استعماله وهو عدا أو وما عدا وخلا لأن عدا وخلا مثل حشا لكن عند سيبويه أنها حرفٌ عدا وخلا وحشا هذه قد تكون أفعالاً وقد تكون حروفًا هذا على المشهور على ما اعتمده ابن مالك رحمه الله أن حشا قد تكون فعلاً وقد تكون حرفًا لكن لا تسبقها ما مصدرية لو قيل ما عدا، جاء القوم ما عدا زيدًا وجب النصب وهي فعلٌ حينئذٍ، جاء القوم عدا زيدٍ نقول: هي حرف جر لأنها جرت ما بعدها إذًا قد تكون فعلاً وقد تكون فعلاً وقد تكون حرفًا لكن إذا سبط بما تعين أن تكون فعلاً وانجرار قد يرد قيل هذا سماع وليس بقياس لو قيل جاء القوم معادا زيدٍ نقول: لا تقس ولا تستدل بقول مالك رحمه الله وانجرار قد. نقول: قد يرد قد هذه للتقليل وإذا عبر عند النحاة والصرفيين بقد لأنه قليل أو نادر إذًا لا يقاس عليه هذا هو الأصل وإنما القياس يتبع الأكثر والأشهر فإن كان الأكثر والأشهر ما عدا زيدًا بالنصب حينئذٍ يتعين النصب ولا يجوز القياس على ما سمع وما سمع يحمل على أنه مسموعٌ فلا يقاس عليه إذًا هذه إحدى عشرة أدى منها ما هو حرفٌ باتفاق، ومنها ما هو حرفٌ على الأصح عند سيبويه، ومنها ما هو حرفٌ فعلٌ باتفاق وهو لا يكون منهما ما هو فعلٌ على الأصح وهو ليس، ومنه ما هو حرف اسمٌ باتفاق وهو غير وسوا وفيها لغات، ومنها ما هو باستعماله يعني: حسب الاستعمال قد يكون حرفًا، وقد يكون فعلاً وهو عدا وخلا، قال: وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا ** وَلمَ ْيَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا

لما كان الاستثناء بابه اللغة اعتمد كثير من الأصوليين في هذا المبحث أقوال اللغويين فحينئذٍ رتبوا شروطًا لصحة الاستثناء ليس كل استثناء يكون صحيحًا بل لا بد من شروط إذا وجد هذه الشروط سمي استثناء لماذا شددوا في هذا الباب لأنه يترتب عليه أحكام شرعية من عتق وطلاق وحنث إلى آخره فأموال وعقود وأنكحة وطلاق وفسخ إلى آخره يترتب على كثير من مسائل الاستثناء وحينئذٍ لا بد من تقييدها بحيث لا يتلاعب الناس فيها ليس كل من ... ... استثنيت ثمل على مذهب ابن عباس رضي الله تعالى .. صح أنه يقول أنتي طلق ثلاثة ثم يأتي بعد شهر يقول إلا واحدة كيف هذه يقع الطلاق أو لا يقع ... إذن لا من ضبط الباب حتى لا يحصل عند لا بد من تقدير المضاف لأنه ليس كل استثناء يكون صحيحًا الناس ولذلك يذكر الأصوليون مثل هذه الشروط لا لكونها لغةً فحسب إن كان هو الأصل في الاعتماد وإنما لكونها يترتب عليها مسائل شرعية ونحوه كما سيأتي (وَشَرْطُهُ) إذن لا بد من شروطٍ إن وجدت صح تسمية ما وقع بأنه استثناء فيترتب عليه الحكم الشرعي فإذا لم يجد أو لم توجد هذه الشروط أو تخلف بعضها فلا يسمى استثناءً فلا يترتب عليه الأحكام الشرعية لأن الشرط ما حقيقته؟ ما حقيقة الشرط؟ ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدمٌ لذاته إذًا لا بد من تحقيق هذا المعنى (وَشَرْطُهُ) أي: وشرط صحة الاستثناء لا بد من تقدير مضاف لأنه ليس كل استثناء يكون صحيحًا (وَشَرْطُهُ) أي: وشرط صحة الاستثناء (أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا) وهذا ما يعنون له البعض كونه متصلاً أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه يعني: في كلامٍ واحدٍ لأنه من المخصصات المتصلة وضابط المخصص المتصل أنه ما لا يستقل بنفسه حينئذٍ لا بد أن يكون الاستثناء الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية وأنه من المخصصات لا بد أن يتوفر فيه حقيقة المخصص المتصل إذن أن لا يرى منفصلا هذا لا غرابة في اشتراطه لأننا نبحث في المخصص المتصل وهو الذي لا يستقل بنفسه (وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا) وهذا يرتبه بعضهم على مسألة وهي هل يشترط في الكلام أن يكون من متكلمٍ واحدٍ أو لا الذي يعنون له عند النحاة باتحاد الناطق يبحث في مبحث الكلام وسبق بيانه في شرح ((الملحة)) موسعًا هناك هل يشترط اتحاد الناطق أو لا في المبتدى والخبر زيدٌ قائم زيد مبتدى وقائم خبر حينئذٍ إذا قيل زيدٌ مبتدأٌ وقائمٌ خبر لا مبتدى إلا بخبر ولا خبر إلا بمبتدأ فحينئذٍ لا يمكن أن توجد فائدة المبتدى إلا إذا ارتبط به خبر والخبر الجزء المتم الفائدة والخبر كذلك لا يمكن أن يكون خبرًا إلا إذا ارتبط بمبتدى لو قال قائل زيدٌ ثم قال جاره وصاحبه قائمٌ هل يسمى كلامًا أو لا؟ يسمى كلامًا أو لا يسمى كلامًا هل يسمى كلامًا؟ حد الكلام ما أفاد المستمع ** نحو سعى زيدٌ وعمرٌو متبع

هل يسمى كلامًا أو لا؟ هل يسمى وجدت في الشروط الأربعة لفظًا مركبًا مفيدًا بالوضع أين التركيب؟ لا ما يسند الكلام إلى الشخص إلى إذا ذكر لفظًا ونوى الثاني هنا ليس في هذه المسألة لو قيل زيدٌ فنوى قائم وذاك قال قائم فنوى زيدٌ هذا لا إشكال فيه والمسألة ليست مفروضة في هذا مفروضة فيما لو قال زيدٌ ولو ينوي الخبر وقال الآخر قائمٌ ولم ينوي المبتدى هل يسمى كلامًا أو لا جماهير النحاة على أنه لا يسمى كلامًا خلافًا لابن مالك رحمه الله تعالى ابن مالك يقول: لا يشترط اتحاد الناطق. قاسه على الخط قال: لا يعتبر الخط خطًا قال: يعتبر الخط خطًا ولو كان مركبًا من اثنين فأكثر، لو جاء كتب زيد ثم كتب الآخر قائم قال: اتحاد الخط لا يشترط فلو كان متعددًا سمي كلامًا فالمكروه هذا الذي لا يعرف أن زيد كتبها شخص وقائم كتبها شخص آخر يقرأها يقول: زيد قائمٌ ماذا يقول؟ يقول: هذا كلام ولا شك أنه يقول أنه كلام فهل اعتبر هنا اتحاد الخط أو لا لم يعتبر قال: كذلك اتحاد الناطق لا يعتبر لكن هذا ضعيف ورده كثير من النحاة أنه يشترط اتحاد الناطق لماذا؟ لتخلف شرطٌ من شروط الكلام اللفظ المركب لا بد أن يكون مركبًا والتركيب المراد به التركيب الإسنادي التام من مسند أو من مسند إليه كيف ورد الإسناد ولا إسناد إلا بمسندٍ ومسندٍ إليه فإذا قال زيد ولم ينو عمرًا الخبر مثلاً أو قال الآخر عمرو قائمٍ ولم ينو المبتدلأ أين الإسناد؟ أين الإخبار؟ هذا انتفى فيه ركنٌ من أركان الكلام فحينئذٍ لا يعتبر بل لا بد من إتحاد الناطق بعضهم لم يعتبره، فرتب عليه مسائل رده أظنه الفتوحي في أول ((كوكب المنير)) قال: لا يشترط إتحاد الناطق لأنه لو قيل بصحة الكلام مع عدم اتحاد الناطق لو قال قائل: زوجتي. وقال إنسان حاقد علي قال: طالق كلامه أو ليس بكلام كلام ليس بكلام أبدًا لأنه يترتب عليه مثل هذه المسائل لو قيل هذا كلام في اللغة العربية فحينئذٍ ينبغي أن يتفرع عليه مسائل ... الطالب لن يختار أصول في مواضع ثم ينقضها من أساسها في مواضع أخرى وإلا لو قيل أنه كلام لترتب عليه مثل هذه المسائل إذن نقول هذه المسألة بعضهم فرعها على أنه هل يشترط أن يكون المستثنى والمستثنى من متكلمٍ واحدٍ أو لا نقول هذه المسألة كالمسألة السابقة لماذا؟ لأنه لو قال قائل: جاء زيد جاء القوم ثم قال إلا زيدًا هل نقول هذا كلام هل نقول إنه كلام؟ إيش فيكم؟ قام القوم ثم قال أبا بكر إلا زيدًا صح ليس بصحيح لا يصح أنه كلام لا هذا خطأ كلامٌ في المسند والمسند إليه والذي لا يعتبر كلامًا هو المستثنى فقط هو الذي لا يعتبر كلامًا فمن قال جاء القوم هذا كلام ولا إشكال لأنه مركب من مسند ومسند إليه ولم يقصد المستثنى حتى يستثني وإنما الآخر هو الذي حشر نفسه فقال: إلا زيدًا فحينئذٍ إلا زيدًا هو الملغى ولا يعتبر كلامًا وما جاء «إلا الادخر». هذا أعاده النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتركه كما هو لأنه قد يرد إيراد على هذه قول العباس النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يختلا خلاه إلا الادخر». طيب هل سكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقره لا قال: «إلا الادخر».

لما عاده ليكون الكلام مرتبطًا بعضه ببعض أما قوله: «إلا الادخر». من العباس قال أهل العلم: إنه من باب التذكير فقط أراد به أن يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستثناء فاستثنى عليه الصلاة والسلام إذن نقول: لا بد من أن يكون المستثنى والمستثنى من المستثنى والمستثنى منه من متكلمٍ واحد كما أنه لا يصح المبتدأ والخبر إلا من متكلمٍ واحد والشرط مع المشروط لا يصح أن يكون إلا من متكلمٍ واحدٍ كذلك المستثنى مع المستثنى منه لا يصح أن يكون إلا من متكلمٍ واحدٍ إذن (وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا) يعني: منفصلاً عن الكلام المستثنى منه بأن يكون المستثنى متصلاً بالكلام يعني: بالنطق أو في حكم المتصل يعني: لا يفصل بين المستثنى والمستثنى منه فاصلٌ ولا سكوتٌ يمكن الكلام فيه يعني: لو قال: قام القوم إلا زيدًا نقول: هذا متصل، قام القوم ثم قال استغفر الله سبحان الله والحمد لله إلا زيدًا هل هذا متصل؟ نقول ليس بمتصل إذن يلغى ما بعد إلا فلا يعتبر استثناءً لا نسميه استثناءً لماذا؟ لأن من شرط الاستثناء لغةً أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه حقيقةً لفظًا فلو فصل بينهما فاصل نقول: ألغي الاستثناء واعتبر الأصل في الجملة المستقلة السابقة فلا نفى المسند والمسند إليه لا نقول جاء القوم فثبت المجيء لكل القوم وإلا زيدًا هذا هو الملغي هو الذي لا يعتبر صحته من جهة اللغة طيب لو قال: جاء القوم احم. ثم حمحم أو سعل أو تنفس ثم قال: إلا زيدًا. حصل سكوت لكنه لا يعتبر فاصلاً طويلاً وإنما هو مغتفر عادةً ما حكم هذا الاستثناء؟ قالوا: هذا في حكم المتصل. ولذلك يقولون: يشترط أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه لفظًا وحكمًا لفظًا بأن لا يفصل بينهما فاصل البتة أو حكمًا بأن يكون تَمَّ فاصلٌ بين المستثنى والمستثنى منه لكنه مغتفر عرفًا كأن يكون بلع ريقه أو شرب شربة ماء أو عطس قال: الحمد الله. أو شمت غيره قالوا: هذا فاصل لكنه فاصل مغتفر ويعتبر الكلام الذي أو الاستثناء الذي وقع بعد هذا الفاصل ملحقًا بالأول لكنه في الحكم لماذا في الحكم ولم نجعله في الحقيقة؟ لأنه لم يتصل بالحقيقة لأن الاستثناء الحقيقي يدرك بالحس قام القوم إلا زيدًا بالسمع لكن قام القوم إلا ثم قال: يرحمك الله. إلا زيدًا نقول: حصل فاصل. ولكن هذا فاصل مغتفر هذا الفاصل مغتفر إذًا الشرط الأول كونه متصلاً بالمستثنى منه عادةً بأن يتصل الكلام بحيث لا يفصل بينهما كلام ولا سكوت يمكن الكلام فيه وهذا واضح لأن من سكت ليعطس أو سكت ليشمت غيره هذا السكوت هل يمكن أن يتكلم فيه؟ الجواب: لا، وإنما حصل عرضًا فالفصل حينئذٍ بين المستثنى والمستثنى منه يعتبر ماذا؟ يعتبر في حكم المتصل وهذا مذهب جمهور العلماء أنه لا بد أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه.

المذهب الثاني وهو المشهور عن ابن عباس وبعضهم يرفضه نسبة له أنه لا يشترط اتصال المستثنى بالمستثنى منه هذا منسوب لابن عباس والحسن البصري وعطاء وسعيد بن جبير استدل العلماء على مذهب ابن عباس يعني من أجل إثباته من جهة الدليل لأنه يحتاج إلى إثبات أولاً نقل عن ابن عباس هذا القول وبعضهم ينفيه ولذلك قال الحافظ أبو موسى المديني: أنه لا يثبت عن ابن عباس. ولو صح النقل لا بد من تأويله كما سيأتي.

إذن نقل عنه أنه لا يشترط الاتصال طيب إلى متى؟ يعني يقول: جاء القوم. ثم يسكت يومًا ثم يأتي مباشرة ويقول: إلا زيدًا. هنا لم يحصل الاتصال حصل فصل طيب إلى متى؟ قيل: إلى شهر. وقيل: إلى سنة. وقيل: أبدًا. يعني: يأتيه في أول الأمر يقول: لك عليَّ جاء القوم إلا زيدًا أمره سهل لكن إذا جاءت الأموال لك عليَّ مائة وسكت ثم جاء بعد شهر فقال: إلا تسعين. ما حكمه؟ على ما ذكر عن ابن عباس أنه يصح الاستثناء فحينئذٍ تلزمه العشرة وعلى مذهب الجمهور أن الثاني ملغاة يعتبر عبثًا ولغوًا فحينئذٍ لزمته المائة إذن نقل عن ابن عباس هذا القول واختلف في أمده فقيل: إلى شهر، وقيل: إلى سنة، وقيل: أبدًا. واستدلوا له بقوله عليه الصلاة والسلام: «لأغزون». فعل مضارع «لأغزون قريشًا». ثلاثًا ثم سكت ثم قال: «إن شاء الله». حصل فاصل بين «لأغزون قريشًا». ثم سكت ثم قال: «إن شاء الله» ولما سأله اليهود عن لبس أصحاب الكهف فقال: «غدًا أجيبكم» فتأخر الوحي بضعة عشر يومًا ثم نزل قوله تعالى: {((((تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23،24]. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن شاء الله». بعد بضعة عشر يومًا إذًا بهذين الحديثين استدل العلماء لابن عباس بصحة الفصل بين المستثنى والمستثنى منه أولاً حديث: «لأغزون قريشًا». ثم سكت ثم قال: «إن شاء الله» ولما سأله اليهود عن لبس أهل الكهف فقال ماذا؟ ينتظر الوحي فتأخر الوحي قال: «أجيبكم غدًا» ولم يقل: إن شاء الله. فنزل الوحي بماذا؟ {((((تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23،24]. ثم قال بعد بضعة عشر يومًا: «إن شاء الله» إذن حصل الفصل أو لا؟ حصل الفصل قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: إن صح ذلك عن ابن عباس فهو محمول على أن السنة أن يقول الحالف: إن شاء الله. ولو بعد سنة. إذن هو مؤول على ماذا؟ على الحلف وعلى إيقاع الأفعال في المستقبل وليس على الاستثناء الذي هو معنا وقال الحافظ أبو موسى المديني: إنه لا يثبت عن ابن عباس. أي: هذا النقل لا يثبت عن ابن عباس ثم قال: إن صح فمحمول على أنه إذا نسيت الاستثناء فاستثني إذا ذكرت. إذن على ماذا؟ على النسيان لو نسيت بعد سنة أن تقول: سأحفظ، سأسافر إلى آخره من الأفعال المستقبلية إذا نسيت وتذكرت ولو بعد شهر أو سنة أنك لم تستثني فقل: إن شاء الله.

أما حجة الجمهور فهو ما ذكرناه أن الاستثناء كالخبر مع المبتدأ فلا يتم الكلام إلا بذكر الخبر والمبتدأ معًا ولذلك سبق ذكر قول الصباني رحمه الله في الفضلات هل تعد من الكلام أو لا؟ فيه خلاف بين النحاة المشهور أنها ليست من عمد الكلام وذهب الصباني إلا أنه توقف المعنى عليها فهي من مسمى الكلام وإلا فلا يعني النواصب أو المنصوبات التي يعنون لها النحاة أنها من الفضلات ما معنى الفضلة؟ ما يمكن الاستغناء عنه هذا هو المشهور وليس بصحيح بل ما ليس بعمدة المشهور في كتب النحاة المتأخرين على جهة الخصوص أن الفضلة هي ما يمكن الاستغناء عنه إذًا الحال من الفضلات {((((تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} مرحًا يمكن الاستغناء عنه؟ لا يمكن إذًا الحال ونحوها قد إذا أسقطت سقط المعنى وقد لا يسقط المعنى إذًا لا بد من النظر في الفضلات فقال الصبان: إن ترتب عليها خلف في المعنى فحينئذٍ صارت من أجزاء الكلام وإلا فهي ليست من أجزاء الكلام. إذن هل الفضلات داخلة في مسمى الكلام أو لا؟ يقال: إن كانت الفضلات بسقوطها يسقط أصل الكلام حينئذٍ نقول: لا بد من دخلوها في مسمى الكلام وإلا فهي خارجة عنها. هنا نقول: المستثنى هل هو مما لو أسقط لسقط المعنى الأصلي أو لا؟ هل يؤثر إسقاط المستثنى في الكلام أو لا يؤثر؟ له عليَّ مائة إلا خمسين أثر أو لا لو أسقطنا إلا خمسين لوجبت المائة له عليَّ مائة إلا خمسين هذا لا يمكن إسقاطه لا يمكن أن يستغنى عنه إذن مثل مرحًا حينئذٍ نقول: هذا جزء من أجزاء الكلام لأن ابن قدامة رحمه الله قال: لا يجوز الفصل لأنه من أجزاء الكلام كيف يقال من أجزاء الكلام وأجزاء الكلام معلوم أنها مسند ومسند إليه فعل وفاعل ومبتدأ وخبر وإلا زيد هذا ليس مبتدأً ولا خبرًا ولا فعلاً ولا فاعلاً نقول: النظر في المنصوبات ومثلها الملفوظات إما أن يسقط مفهوم الكلام الجملة السابقة بسقوطها فحينئذٍ لا بد من القول بدخولها في أجزاء الكلام وإلا فلا.

إذن يشترط كون المستثنى متصلاً بالمتصل منه قال ابن قدامة رحمه الله: لأنه جزء من الكلام يحصل به الإتمام فإذا انفصل لم يكن إتمامًا كالشرط وخبر المبتدأ. إن جاء زيد ثم سكت وجاء بعد سنة فقال: أكرمه. أو فأكرمه كيف يحصل التمام هل من سمع فأكرمه يعقل أنه مرتبط بما سبق؟ لا يعقل إذن لا يحصل به، لم يحصل به، الإتمام وأيضًا يقال: لو قيل بجواز الفصل لما استقر عتق ولا طلاق ولا حنث لماذا؟ لجواز الاستثناء بعده يقول لزوجته: أنت طالق ثلاثا، ثم يذهب بعض أسبوع ويقول القاضي: طلقت؟ يقول: نعم إلا ثنتين. ما حصل طالق هنا كيف طلق ثلاث ثم رجع عن ثنتين أعتقت عبيدي إلا زيدًا وعمروًا وخالد نقول: لو استثنى بعد شهر هل حصل العتق؟ ما حصل، إذن لم يثبت سقطت العقود بعتك أرضي ثم يذهب بعد شهر يقول: إلا الجهة اليمنى مثلاً. إذًا كيف حصل البيع؟ أجرتك بيتي ثم يأتي بعد شهر يقول: إلا الدور الأول الشقة اليمين. كيف يحصل هذا؟ إذن فسدت العقود لو قيل بهذا القول لفسدت العقود والأنكحة ونحوها واستدل أيضًا لهذا المذهب بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين فرأى غيرها خير منها فليكفر عن يمينه وليأتي الذي هو خير». «من حلف على يمين فرأى غيرها خير منها». ماذا فليستثني قال أو يكفر؟ لماذا يقول: «فليكفر»؟ أيهما أسهل إن شاء الله وإلا التكفير؟ لو كان الاستثناء جائزًا لما عدل عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التكفير فحينئذٍ هذا الحديث عمدة الجمهور أنه لا يصح الاستثناء منفصلاً عن المستثنى منه وقوله تعالى لأيوب: {((((((بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص:44]. لو كان الاستثناء جائزًا لقال له: قل إن شاء الله. وانتهت المسألة لا يحتاج أن يقول له: {((((((بِيَدِكَ (((((((}. فحينئذٍ مع هذا الحديث استدل الجمهور على أنه يشترط الاتصال لا بد أن يكون المستثنى متصلاً من المستثنى منه لفظًا أو حكمًا يعني: في حكم المتصل. وما عدا ذلك لا يترتب عليه أحكام البتة فحينئذٍ لو قال: زوجتي طالق ثلاثًا. ثم جاء بعد يوم قال: إلا واحدة. هل الاستثناء ينفعه؟ لا ينفعه وعلى القول الذي نسب لابن عباس ينفعه لو قال: زوجتي طالق ثلاثًا إلا ثنتين. وقعت واحدة صحيح زوجتي طالق ثلاثًا إلا ثنتين وقعت واحدة طيب قال: زوجتي طالق ثلاثًا. ثم جاء بعد يوم قال: إلا ثنتين. وقعت كم؟ ثلاثة على القول به وقعت ثلاثة حينئذٍ يعتبر الاستثناء الذي وقع ولم يتوفر فيه شرط الاتصال لفظًا أو حكمًا يعتبر ملغى. وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا ** وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا

مستغرقًا ما معنى مستغرقًا؟ يعني: مستوعبًا لما خلى يعني: لما مضى قبل المستثنى (لِمَا خَلا) يعني: لما مضى قبل المستثنى بأن يبقى بعد الاستثناء من المستثنى منه شيء وإن قل الشرط الثاني الذي أشار إليه الناظم قال: (وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا). يعني: وشرطه. ولم يكن المستثنى مستغرقًا لما خلى الذي خلى هو المستثنى منه يعني: لم يكن مستغرقًا له مستوعبًا لكل أفراده بحيث لم يبقى ولو فرد واحد وإلا لما صح الاستثناء فلو قال: علي عشرة إلا عشرة. صار مستغرقًا وهذا يعبر عنها بعض الأصوليين بعبارة أسهل من هذه استثناء الكل من الكل وهذا أوضح لو قال لزوجته: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا. يقع كم؟ لم ولا شيء؟ يقع ثلاثة دائمًا الجملة التامة المسند والمسند إليه تصححها الإلغاء لا يكون للمسند والمسند إليه وإنما يكون للاستثناء فإذا قال: أنت طالق ثلاثة. هذا وقع إلا ثلاثًا نقول: هذا هو الملغى هذا الاستثناء هو الذي يشترط فيه الشروط ليست إلى ما قبله ولكن يلاحظ فيه ما قبله فحينئذٍ نقول: ولم يكن مستغرقًا. يعني: المستثنى ننظر إلى المستثنى هل استوعب كل الأفراد أو لا؟ إن استوعب كل الأفراد نقول: الاستثناء إلا وما بعدها مسقطه ملغاة يعتبر لفظًا وعبثًا إذن نقول: يشترط في الاستثناء أن لا يكون المستثنى مستغرقًا لما خلاه يعني: لم تبعه وهو المستثنى منه قالوا: لأن الاستثناء من أنواع التخصيص وهو لا يرفع جميع ما تقدم كما سبق هنا قلنا: وَالقَصْدُ بِالتَّخْصِيْصِ حَيْثُمَا حَصَلْ ** تَمْيِيْزُ بَعْضِ

قلنا: بعض. لا كل لماذا؟ بعض لا كل إخراج النسخ لأنه لو كان كل لكان نسخًا إذن (حَيْثُمَا حَصَلْ ** تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ) إذا قيل: له عليَّ عشرة إلا عشرة. هل يسمى تخصيصًا؟ لا يسمى تخصيصًا والاستثناء نوع من أنواع التخصيص إذن بطل كونه تخصيصًا لأن التخصيص قصر العام على بعض أفراده أو (تَمْيِيْزُ بَعْضِ جُمْلَةٍ فِيهَا دَخَلْ) وهنا لم يحصل تمييز بعض الجملة وإنما كل الجملة وهذا ليس بمخصص إذن نقول في التعليل: لأن الاستثناء من أنواع التخصيص وهو لا يرفع يعني: التخصيص لا يرفع جميع ما تقدم والاستثناء نوع منه لأن العام الذي هو الأصل المقسم إلى مستثنى الاستثناء وشرط وصفة لا بد أن يكون حقيقته موجودة في كل الأفراد فإذا كان الأصل الذي هو التخصيص لا يرفع الكل وإنما يرفع البعض كذلك الاستثناء وكذلك الشرط وكذلك الصفة لا ترفع الكل وإن كان بعضهم يوجز في الصفة والشرط (وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا) أحوال الاستثناء باعتبار المستثنى منه استغراقًا وعدمه أربعة: إما أن يكون استثناء الكل من الكل، أو استثناء الأكثر من الأقل، أو الأقل من الأكثر، أو النصف. أربعة لا خامس لها استثناء الكل من الكل باطل بالإجماع لكن متى يكون باطلاً؟ إذا لم يرد بعده من لا يصححه يعني: لو قال: له عليَّ عشرة إلا عشرة. ووقف هنا عشرة هذا استثناء الكل من الكل بطلت العشرة الثانية فتعينت العشرة الأولى لأنه قال: له عليَّ عشرة إلا عشرة. استثنى العشرة من العشرة ما عليه شيء أليس كذلك؟ أي نعم فحينئذٍ نقول: بطلت العشرة الثانية فلزمه العشرة الأولى لكن لو قال: له عليَّ عشرة إلا عشرة إلا خمسة. نقول: إلا خمسة هل هو استغراق لم سبق؟ لا، إذن لا إبطال الاستثناء الآخر فعندنا استثناءان هنا الأول إلا عشرة باعتبار ما قبله مستغرقًا إذن بطل هذا الاستثناء إلا عشرة تسقطها من الكلام فحينئذٍ يكون التركيب له عليَّ عشرة إلا خمسة فيلزمه خمسة إذن استثناء الكل من الكل يعتبر باطلاً عند الجماهير وقيل باتفاق: يعتبر باطلاً إذا لم يتلوه ما يصحح ما قبله. يعني: إذا لم يرد في السياق استثناء صحيح فإن جاء استثناء صحيح فيلغى استغراق الكل ويعتبر الكلام مستقيمًا لما قبل السابق وبما كان الاستثناء فيه صحيحًا فحينئذٍ قال: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا إلا واحدة. كم؟ أي تطلق ثنتين لأن ثلاثًا إلا ثلاثًا إلا ثلاثًا هذا تسقطه من التركيب لأنه يعتبر لغوًا فتسقطه لا حكم له وعندك استثناء آخر معتبر وهو الاستثناء الأقل من الكل إذن تقول: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة. فحينئذٍ تطلق ثنتين. إذن هذا استغراق كل من الكل وهذا باطل باتفاق.

الثاني: استثناء الأكثر من الأقل لو قال: له عليَّ عشرة إلا تسعة. هل يصح هذا الاستثناء أو لا؟ هذا فيه خلاف كبير بين النحاة والأصوليين جماهير النحاة على المنع عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة استثنى الأكثر لأنه إذا قال: له عليَّ عشرة إلا خمسة. هذا لم يستثن الأكثر وإنما استثنى النصف له عليَّ عشرة إلا أربعة هذا استثنى الأقل له عليَّ عشرة إلا ستة إلا سبعة إلا ثمانية إلا تسعة من الست إلى التسع نقول: هذا استثنى الأكثر. جماهير النحاة على بطلان الاستثناء لأنه لم يرد لغةً، وجماهير الأصوليين على الجواز إذن هذه المسألة وقع فيها نزاع بين الأصوليين وغيرهم. نعم إذن استثناء الأكثر نقول: هذا على مذهب النحاة لا يجوز وأكثر الفقهاء والمتكلمين يجوز الاستثناء الأكثر وهو مذهب أكثر نحاة الكوفة وإنما يطلق بعض الأصوليين أن أكثر النحاة على عدم الجواز لأن العمدة عندهم هو مذهب البصريين ولذلك قال بعضهم: ذهب البصريون إلا أنه لا يجوز استثناء الأكثر ولا المساوي إنما يستثنى دون النصف. إذن نقول: ذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين إلى جواز استثناء الأكثر وهو مذهب أكثر نحاة الكوفة واستدلوا بقوله جل وعلا عندهم دليل من القرآن قوله جل وعلا: {((((((((((((لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ((((} [ص:82،83] قال ماذا؟ {((((((((((((((أَجْمَعِينَ ((((} من؟ {((((((((((((((} بني آدم قال: {((((عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ((((}. من الأقل ومن الأكثر؟ أقل المخلصون أقل إذن هنا استثنى الأقل من الأكثر أليس كذلك؟ هل فيه نزاع؟ لا باتفاق جائز بل نحاة البصرة يحصرون الاستثناء في هذا النوع عندهم استثناء الكل من الكل باطل واستثناء الأكثر من الأقل باطل والاستثناء المساوي الذي هو النصف باطل ماذا بقي؟ الأقل لا يصححون إلا له عليَّ عشرة إلا أربعة فما دون أما خمسة عندهم باطل لأنه استثناء النصف ولم يرد على لغة العرب واستثناء الستة فما فوق باطل والكل باطل لكن هذه الآية {(((((فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ((((} إذن استثنى الأقل وهم المخلصون من الأكثر وهم الغاوين قال في آية أخرى: {((((عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ((((} [الحجر:42]، استثنى من؟ الأكثر استثنى الأكثر على أي حال سواء كان المخلصون أكثر أو الغاوون فقد استثنى بعضهم في موضع واستثنى الآخر في موضع وعلى أي حال قد استثنى الأكثر ولا بد في إحدى الموضعين فحينئذٍ قالوا: يجوز أن يكون هذا أو تحمل الآية على أنه من قبيل الاستثناء الأقل الأكثر من الأقل إذن نقول: هذه الآية مركبة إذن هذا دليل مركب من آيتين استثنى كل واحد منهما من الآخر وأيهما كان الأكثر حصل المقصود لكن قوله: {((((((((((((لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ((((}.

هذا لا إشكال أن المخلصين أقل لكن {((((عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ ((((((((} هذا مؤول عند البقية {((((((((} عام يشمل الملائكة، ويشمل من بني آدم، ويشمل الجن، حينئذٍ إذا قيل: {((((عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ((((}. الملائكة من العباد وبنو آدم من العباد والجن من العباد {((((مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ((((} لا يمكن أن يدخل الملائكة هنا فحينئذٍ يكون من باب استثناء الأقل من الأكثر إذن لا دليل على جواز استثناء الأكثر من الأقل بهذه الآية لماذا؟ لأن قوله: {((((((((} على القول الأول أن المراد به بنو آدم وعليه إذا كان المراد به بنو آدم لا إشكال يكون من قبيل الأكثر من الأقل لكن لو عمم قوله: {((((((((}. كما هو مقتضى اللغة نقول: هذا ماذا؟ يشمل الملائكة وهم كلهم مخلصون ويشمل الجن وبني آدم حينئذٍ يكون من قبيل استثناء الأقل من الأكثر ولأنه إذا جاز استثناء الأقل جاز استثناء الأكثر يعني: قياسًا على ماذا؟ على جواز استثناء الأقل فإذا ورد في لغة العرب له عليَّ عشرة إلا أربعة فما المانع أن يقال له عليَّ عشرة إلا ستة إذا كان المراد هو الإخراج وهو الاستثناء أو كون ما بعد إلا دالاً ليس داخلاً فيما قبلها إذن يقاس ما سمع من لغة العرب استثناء الأقل على أو استثناء الأكثر على الأقل بجامع أن كلاً إخراج بعض مما شمله اللفظ العام ولأنه أيضًا رفع بعض ما تناوله اللفظ فجاز في الأكثر كالتخصيص عنده هناك إذا قيل: {((((((((((((((((((((((((((((}. هذا يجوز إلا أن يبقى واحد على قول وأن يبقى أقل الجمع على قول: جوازه لواحد في الجمع

إذن يجوز أن يقع التخصيص إلى أن يبقى واحد في الجمع وموجب أقله القفار يعني: أقل الجمع الذي هو الثلاث أوجبه القفاري حينئذٍ إذا جاز أن يستثنى من الجمع إلى أن يبقى واحدًا على قول الجمهور أو إلى أن يبقى الأجمع وكان المراد إخراج بعض الأفراد ليبقى الحكم مسلطًا على البعض إذن ما المانع أن يقال باستثناء الأكثر وهو موجود في عشرة إلا ستة أو سبعة لأن المراد إخراج بعض ما تناوله العشرة فكما جاز أن يقال {((((((((((((((((((((((((((((} يستثنى أو يتخصص يخص لو حتى يبقى واحد ما المانع أن يقال وهذه العلة موجودة في قوله: عشرة إلا سبعة. إذن المعنى لا يمنع أن يستثنى الأكثر من الأقل إذن ولم يكن مستغرقًا لما خلا أخرج استثناء الكل من الكل على كلامه الصور الثلاث الأخرى باستثناء الأكثر والنصف والأقل هل كلام الناظم يدل على الجواز أو المنع؟ بالمفهوم دل على جواز الأكثر وذكرنا أدلة ما ذكر وبالمفهوم دل على جواز استثناء النصف واستدلوا بقوله تعالى: {(((اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) (((((((((((} [المزمل:2،3]. يعني: نصف الليل. أليس كذلك؟ قالوا: هنا استثني النصف فدل على الجواز وإن أجيب عن هذه الآية أن فيه تقديم وتأخير وأن نصف هذا إعرابه بدل قم الليل نصفه هذا بدل بعض من كل وهذا هو الأظهر أنه يعرب بدل بعض من كل لكن يقال فيه ما قيل في استثناء الأكثر أن الاستثناء المراد به إما الإخراج على القول أو نقول أن ما بعده إلا غير مراد بالسابق فإذا وجد في الأقل لا مانع أن يقال في الأكثر وفي النصف إذن قوله: ولم يكن مستغرقًا لما خلا. دل على جواز الاستثناء النصف والأقل والأكثر وهذا هو الأصح. وشرطه أن لا يرى منفصلاً ** ولم يكن مستغرقًا لما خلا وَالنُّطْقُ مَعْ إِسْمَاعِ مَنْ بِقُرْبِهِ والنطق يعني: التلفظ به فحينئذٍ لو نوى في قلبه الاستثناء ما صح له عليَّ عشرة ثم أضمر في نفسه إلا خمسة ثم جاء عند القاضي فقال: لا أنت قلت له عليَّ عشرة وأضمرت في نفسه إلا خمسة. هل يعتبر قوله؟ نقول: لا، لا بد من النطق لا بد من النطق لماذا؟ لأننا لو لم نعتبر النطق لحصل تلاعب عند الناس في العقود وغيرها وصح كل واحد يدعي أنه أضمر في نفسه ما يصح أن يجعل استثناءً فيأكل أموال الناس حينئذٍ أليس كذلك؟ إذن والنطق المراد به التلفظ به يعني: بالاستثناء مع إسماع من بقربه لا بد أن ينطق ولا بد أن يسمع من بقربه يعني: حتى يثبت الحكم المترتب على هذا ثم هل يمكن أن يؤخذ هذا من لغة العرب؟ هل يمكن أن يؤخذ أن يقال الاستثناء في لغة العرب لا بد من النطق ولا يسمى استثناءً ها يا نحاة؟ لا يكون إلا لفظًا نعم أحسنت الكلام هو اللفظ واللفظ هو الصوت المشتمل لا بد أن يكون صوتًا وما هو الصوت؟ عرض مسموع كل ما يسمع يسمى صوتًا حينئذٍ نقول: هذا الشرط يعتبر أيضًا من اللغة. وَالنُّطْقُ مَعْ إِسْمَاعِ مَنْ بِقُرْبِهِ ** وَقَصْدُهُ مِنْ قَبْلِ نُطْقِهِ بِهِ

يعني: نيته لا بد أن يكون المستثنى الذي هو إلا وما بعدها لا بد أن يكون منويًا إذن على الشرط السابق والنطق مع إسماع من بقربه إذا نواه ولم ينطق نقول: لا يعتبر. إذا نطق ولم يسمع؟ أيضًا لا يعتبر كأنه تضمن شرطين لا بد من النطق لأنه قد يقول: إلا زيدًا. ويسمع نفسه ما أسمع غيره حينئذٍ يكون هذا لا يعتبر لو نواه في نفسه ولم يسمع غيره لا يعتبر استثناءً لو نطق حرك الشفتين وأسمع نفسه ولكنه لم يسمع ما بقربه حينئذٍ لا يسمى استثناءً قال بعضهم: اتفق من اشترط الاتصال على أن ينوى الاستثناء فلو لم ينوه إلا بعده لم يعتد به لذلك قال: (وَقَصْدُهُ). إذن هذا مرتبط ومفرع على من شرع الاتصال وقصد أي: نيته. من قبل نطقه به ونيته الضمير يعود على الاستثناء (وَقَصْدُهُ) أي: ونيته الاستثناء قبل تمام المستثنى منه (مِنْ قَبْلِ نُطْقِهِ بِهِ) والأصح أنه لا يشترط الاستثناء أن يكون منويًا عند أول الكلام بل أنه يعتبر بالفراغ يعني لو قال له عليَّ عشرة ولم ينوي الاستثناء ثم مباشرة وصل وقال: إلا خمسة. صح أو لا؟ صح متى وجدت النية في أول الكلام أو في أثنائه؟ في أثنائه إذًا المعتبر هو أن توجد النية قبل الفراغ من الاستثناء، ولذلك قال: قال الأكثر: يكفي وجود النية قبل فراغه. وهذا هو المصوب. ثم قال: وَالأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ ** مِنْ جِنْسِهِ وَجَازَ مِنْ سِوَاهُ قسم لك المستثنى إلى نوعين: حقيقي، ومجازي. وهذا يحتاج إلى طول، ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

34

عناصر الدرس * تكملة شروط الإستثناء * تقديم المستثني والشرط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد. فلا زال الحديث في المخصص الثالث في المخصصات المتصلة التي ذكرها الناظم تبعًا للأصل فإنه اكتفى بالشرط والتقيد بالوصف والاستثناء حيث قال في الاستثناء: وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ مَا بِهِ خَرَجْ ** مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ وهذا قلنا: أراد به أن ينظم الأصل وهو قوله: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا أو إحدى أخواتها. إخراج إذن لا بد في الاستثناء أن يكون فيه إخراج فلو لم يكن فيه إخراج فحينئذٍ لا يسمى استثناءً ومن هنا نص بعضهم على أن الاستثناء المنقطع أو على أن الاستثناء المنقطع ليس بمستثنى حقيقةً لأن الاستثناء الحقيقي المتصل هو ما كان فيه إخراج وما لم يكن فيه إخراج حينئذٍ لا يسمى استثناءً ودخل فيه أيضًا أنواع المخصصات المتصلة كالشرط، والصفة، والغاية، وبدل البعض من الكل. ما لولاه ما من شيء لولاه لولا الاستثناء لدخل في الكلام يعني: لدخل في حكم المستثنى منه لدخل فيه اسمًا وحكمًا. هذ هو المشهر فلولا الاستثناء لدخل زيد في قوله: القوم قام القوم إلا زيدًا. لولا إلا لولا الاستثناء بإلا لكان زيدًا دخلاً في القوم في لفظ القوم لأن لفظ القوم هذا عام ويشمل زيد وغيره لكن لما جاءت إلا دل على أن القوم لم يدخل فيه زيد وفي حكمه أيضًا وهو ثبوت القيام قام القوم أخرجنا زيد من القوم وأخرجنا زيد من الحكم عليه بثبوت القيام فقيل: إلا زيدًا. فدل على أنه ليس بقائم إخراج ما لو لاه لدخل في الكلام بإلا لماذا قال: بإلا. لإخراج المخصصات المتصلة كالشرط، والصفة، وبدل البعض من الكل، والغاية. لأنها كلها إخراج ما لولاه لدخل في الكلام فلما جاء الشرط أخرج بعض ما دخل في الكلام السابق كذلك الإستثناء وظيفته كوظيفة الشرط من حيث الإخراج إلا أن الإستثناء يكون بإلا أو إحدى أخواتها وأو هنا قلنا: للتعبير وإن عبر صاحب المنهاج بالواو بإلا وإحدى أخواتها قالوا: هذا يلزم منه أنه لا يكون الاستثناء إلا مركبًا، إلا ومعها إحدى أخواتها يعني: نظائرها في المعنى والعمل نظائرها في المعنى يعني: فائدة الإخراج ولذلك يُعدل عن الواو إلى، أو لماذا؟ لأن إلا هي أم الباب فلما فصلها عن أخواتها لأحكام خاصة بها عطف عليها أخواتها فحينئذٍ إلا داخلة في أدوات الاستثناء كأنه قال: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بأدوات الاستثناء وإلا ما خص إلا أو عدل عن هذه العبارة بأدوات الاستثناء إلى المركب المشهور بإلا وإحدى أخواتها ليبين أن الأصل في الاستثناء إنما هو بإلا وما عداه فإنما هو فرع عنه لذلك قدمه ابن مالك بقوله: ما استثنت إلا مع تمام انتصب

ثم بعد ذلك ذكر المستثنيات بغير، وسوى، ولا يكون، وليس، وخلا، وعدا، وحاشا. هذه كلها من المستثنيات أو من أدوات الاستثناء لذلك يعبر بالأدوات هذا هو الحد المشهور وهو الذي نظمه العمريطي هنا تبعًا للأصل (وَحَدُّ الاسْتِثْنَاءِ مَا) الذي خرج به بهذا الاستثناء من (مِنَ الكَلامِ) السابق (مِنَ الكَلامِ) من هنا قلنا: بيانية لتبين المراد أو المدلول بقوله: (مَا). الذي هو اسم موصول (بَعْضُ) هذا فاعل خرج خَرج بعض (بَعْضُ مَا فِيهِ) الذي فيه يعني: في الكلام السابق (انْدَرَجْ) فدخل في اسمه وحكمه بإلا أو أحد أخواتها لا بد من القيد وإلا على هذا التعبير نقول: لم يخرج الشرط ولم تخرج الغاية ولا بدل البعض من الكل ولا الصفة المعنوية لأن الصفة المعنوية إخراج إذا قيل: أكرم العلماء العاملين. العاملين هذا يصدق عليه الحد (مَا بِهِ خَرَجْ ** مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ) أليس كذلك؟ إذا قيل: أكرم العلماء العاملين. نقول: العاملين خرج به من الكلام بعض ما فيه اندرج اندَرج بالسابق لأن قوله: أكرم العلماء. يشمل العاملين وغيرهم فلما قال: العاملين قيده بالوصف صَدق عليه الحد، كذلك في الشرط أكرم بني تميم إن جاؤوك أكرم بني تميم يشمل الجائين وغيرهم إن جاؤوك هذا شرط أخرج به (مِنَ الكَلامِ بَعْضُ مَا فِيهِ انْدَرَجْ) لا بد من القيد بإلا أو إحدى أخواتها هذا على ما ذكره الناظم وإلا قلنا قول ابن قدامة رحمه الله أولى قال: قول متصل يدل على أن المذكور. يعني: مع إلا أو بعد إلا. المذكور معه غير مقابل للقول الأول لكن يزاد عليه بإلا أو إحدى أخواتها هذا أولى قول متصل يدل بإلا أو إحدى أخواتها على أن المذكور معه يعني: مع تلك الأداة غير مراد بالقول الأول هنا إن فسر غير مراد بالقول الأول بالإخراج فحينئذٍ لا خلاف، صحيح غير مراد بالقول الأول هنا إن فسر غير مراد بالقول الأول بالإخراج فحينئذٍ لا خلاف، صحيح؟ غير مراد بالقول الأول يعني: مخرج من القول الأول هل هناك خلاف بين هذا الحد وحد الناظم؟ لا خلاف أما إذا قلنا: غير مراد. يعني: لم يدخل أصلاً حتى يحتاج إلى إخراج وإلا قرينة أكرم القوم إلا زيدًا نقول: القوم هذا لم يدخل فيه زيد ما القرينة الدالة على ذلك؟ إلا، إذن الاستثناء إخراج أو بيان؟ نقول: الأصح أنه بيان بيانٌ لغرض المتكلم لأنه ما أراد بلفظ القوم زيدًا فحينئذٍ يكون زيد قد أخرج من القوم من اللفظ ومن الحكم ثم قال: وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا ** وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا

شرطه يعني: ليس كل استثناءٍ يسمى استثناءً في اللغة وإنما لا بد من شروط وضوابط لأن المسائل هنا ينبني عليها أحكام شرعية فحينئذٍ لا بد أن نقيد المسائل هنا أو نقيد باب الاستثناء بشروط حتى يضيق عليه فحينئذٍ لا يقع الناس في التلاعب وخاصة في باب المعاملات ونحوها (وَشَرْطُهُ) الشرط الأول: (أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا) يعني: أن يكون متصلاً شرط الاستثناء أن يكون متصلاً وسبق أن هذا مبني على ماذا؟ هل يشترط اتحاد الناطق أو لا يعني: يشترط في أن يكون المستثنى والمستثنى منه صادرين من متكلم واحد الذي نطق باللفظ العام المستثنى منه هو عين الناطق بالمستثنى فإذا قال: قام القوم إلا زيدًا. القوم المستثنى منه زيدًا مستثنى إذن الناطق واحد حينئذٍ نقول: هذا صادر من ناطق واحد قال بعضهم: نشترط هذا لإخراج ما لو هو ليس له مثال شرعي لكن باب تصوير المسائل فقط لو قال الله عز وجل: {((((((((((((((((((((((((((((}. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلا الذميين. أو إلا أهل الذمة إذن صدر من واحد أو لا؟ اختلف فيه قال بعضهم: صادر من واحد من متكلم واحد لأن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله فحينئذٍ {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم:3،4] كأنه متكلم واحد فحينئذٍ يصير قول النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً إلا الذميين أو إلا أهل الذمة صار ماذا؟ استثناءً متصلاً على القول بأنه من متكلم واحد، وإذا قلنا من متكلمين قالوا: لا هذا لا يكون استثناءً متصلاً وإنما يكون استثناءً منفصلاً، كما يأتي اللفظ العام في القرآن ويأتي تخصيصه في السنة هذا مثله كأنه قال: {((((((((((((((((((((((((((((}. هذا عام في المشركين وجاء التخصيص من السنة حينئذٍ لا نقول: هذا استثناء متصل لم يدخل في المخصصات المتصلة وإنما دخل في المخصصات المنفصلة لأنه خصص القرآن {((((((((((((((((((((((((((((} بماذا؟ بالسنة {((((((((((((((((((((((((((((} خصص بماذا؟ نقول: بالسنة والصواب أنه يشترط أن يكون المستثنى منه والمستثنى صادرين من متكلم واحد فلو لم يقع كذلك لا يعتد به وإنما يكون لغوًا، لو قال قائل: قام القوم. ثم قال آخر صديقه: إلا زيدًا. نقول: هذا لا يسمى استثناءً والصحيح في الكلام عمومًا عند النحاة وإن لم يقل به ابن مالك رحمه الله نخالفه أنه يشترط اتحاد الناطق فحينئذٍ لا بد أن يكون المتلفظ بالمبتدأ هو عينه المتلفظ بالخبر والمتلفظ بالخبر هو عينه المتلفظ بالمبتدأ لأن جزء الكلام لا يكون إلا من مبتدأ وخبر مسند ومسند إليه وكذلك في جملة الشرط الجواب إذن (وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا) يعني: كونه متصلاً. وهذا مبني على أنه يشترط في الاتصال يشترط في الاستثناء أن يكون المستثنى منه والمستثنى متكلم واحد، أما ما أورده البعض في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما قال في بيان حرمة مكة: «لا يختلى خلاه». قال العباس: إلا الإدخر. قال بعضهم: لا يشترط. نقول: لا هذا جوابه سهل وهو أعاده النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إلا الإدخر».

حينئذٍ نقول: لا يستدل بهذا الحديث على أنه لا يشترط اتحاد الناطق لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان الاستثناء الذي حصل من العباس رضي الله تعالى عنه معتبرًا؟ لو كان معتبرًا لسكت فكان سكوته يعتد به من جهة إقراره عليه الصلاة والسلام فيكون داخلاً ولكن لما لم يكن معتبرًا قال: «إلا الإدخر». وإلا لما أعاده النبي ? لأنه يكون لغوًا إذا كان الاستثناء قد حصل من العباس وهو استثناء يلحق بالمستثنى منه في لفظ النبي ? وكان هذا معتبر في اللغة حينئذٍ يكون قوله عليه الصلاة والسلام: «إلا الإدخر». ما وجهه؟ ما الفائدة منه؟ ليس له فائدة واضح المسألة؟ حينئذٍ نقول: قول العباس أراد به التذكير تذكير النبي ? فقط كأنه قال: إلا الإدخر. وإلا هو في نفسه لو لم يعتبر إقرار النبي ? لو سكت عليه بأنه حجة شرعية في نفسه يعتبر لغوًا لأنه لا بد أن يكون جزء الكلام متصلاً بجزئه الأكبر قام القوم هذا جزء أكبر وهو الجملة مستقلة إلا زيدًا حينئذٍ لا بد أن يكون متصلاً به إذن (أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا) بأن يكون متصلاً بالكلام لفظًا أو حكمًا، لفظًا كما يطرد في الكلام قام القوم إلا زيدًا أو حكمًا بأن يكون ثَمَّ فاصل بين المستثنى منه والمستثنى لكنه فاصل يسير عرفًا بحيث إنه لا يعتبره السامع سكوتًا بين المستثنى منه والمستثنى فيصير به قد ألغى الكلام أو كان فاصلاً طويلاً يعني: إذا سمع قام القوم ثم سكت كأن يبلع ريقه أو يشمت عاطسًا أو يقول: الحمد لله. أو يعطس ونحو ذلك إلا زيدًا السامع هل يعتبر أن الفاصل هذا هل يعتبره غير ملحق بكلام السابق؟ الجواب: لا، وإلا لو جُعل كلامًا منفصلاً لكان كلام أكثره منفصل بعضه عن بعض لكن الفاصل الذي يعتبر اضطراريًّا أو قهريًا للمتكلم هذا لا يفصل بين أجزاء الكلام، إذن الشرط الأول: أن لا يكون منفصلاً. يعني: من الكلام بل لا بد أن يكون متصلاً بالمستثنى منه وما ذكر عن ابن عباس ذكرنا الجواب عنه بالأمس أنه روي عن ابن عباس أنه قال: يصح ولو بعد سنة. وأوردنا الجواب يعني: استدلاله ورده ولكن العمدة على هذا أنه لا بد من الاتصال.

(وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا) هذا الشرط الثاني قلنا: نفى استغراق الاستثناء أو المستثنى للمستثنى منه (وَلَمْ يَكُنْ) هذا نفي (وَلَمْ يَكُنْ) الاستثناء أو المستثنى (مُسْتَغْرِقًا) يعني: مستوعبًا لكل أفراد المستثنى منه وهذا حكي عليه الاتفاق الإجماع أنه باطل لا يصح كما إذا لو قال: عليَّ عشرة إلا عشرة. إلا عشرة هذا استثناء وهو مستغرق للمستثنى منه كأنه أخرج عن القول بالإخراج كأنه أخرج كل أفراد المستثنى منه قلنا: هذا لغو ولا يعتبر من جهة اللغة أنه كلام ولا تترتب عليه أحكام شرعية. ولذلك لو قال: له عليَّ عشرةٌ إلا عشرةً. لزمه عشرة لماذا؟ إلا عشرة هذا يعتبر لغوًا ولا يلتفت إليه لا من جهة اللغة ولا يترتب عليه ماذا؟ حكم شرعي ولذلك قال ابن قدامة رحمه الله في ((الروضة)): ولا نعلم خلافًا في أنه لا يجوز استثناء الكل. ولذلك لو قال لزوجته: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا. نقول: وقع ثلاث طلقات على القول به لكن هذا يقيد بما لم يعقبه باستثناء صحيح يعني: قال: عشرة إلا عشرة، له عليَّ ألفٌ إلا ألف. انتهى الكلام هنا نقول: هذا باطل. لكن لو أتى باستثناء آخر يصح حينئذٍ اختلف فيه والمشهور والأصح أنه يعتبر ما استثناه كُلاًّ مستغرقًا لما سبق باطلاً والاستثناء الذي بعده إن كان من يجوز الأكثر أو النصف فكان الأكثر أو النصف فهو صحيح وإن أقل من النصف فلا إشكال يعني: لو قال: له عليَّ عشرة إلا عشرة إلا خمسة. نقول: عشرة إلا عشرة هذا مستغرق حينئذٍ نقل الاستثناء الأول إلا خمسة نقول: كأنه قال ابتداءً: له عليَّ عشرة إلا خمسة. فيلزمه خمسة. هذا قول وهو الأصح هناك قولان أيضًا (وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا) إذن المنفي هو الاستغراق الكلي يفهم بطريق المفهوم أن الناظم تبعًا للأصل يجوز استغراق استثناء الأكثر ويجوز استثناء النصف لأن الأحوال أربعة: استثناء الكل من الكل باطل بالإجماع. استثناء الأقل من الكل هذا جائز باتفاق إذن متقابلان. استثناء الأكثر من الأقل أو النصف الذي هو المساوي هذا فيه نزاع. واستثناء الأكثر والمساوي عند جمهرة البصريين من النحاة لا يجوز. ولذلك قال بعضهم: ذهب البصريون إلى أنه لا يجوز استثناء الأكثر ولا المساوي وإنما يستثنى دون النصف فذهب أبو عبيدة وهو إمام من أئمة اللغة إلى جواز استثناء الأكثر حينئذٍ لا ينبغي حكاية الإجماع على أن أهل اللغة يجمعون على ماذا؟ على أنهم لا يجيزون استثناء الأكثر بل هو مذهب الكوفيين وبعضهم يقول: الإجماع. وهذا غريب وذهب أبو عبيدة إلى جواز الاستثناء استثناء الأكثر وبه قال كثير من الأصوليين إذن المرجح عند الأصوليين جواز استثناء الأكثر لأنه يجوز إخراج أكثر أفراد العموم بالتخصيص فكذلك إخراج أكثر الجملة بالاستثناء وسبق أن كثير من الأصوليين يجوزون استثناء أو التخصيص في الجمع إلى أن يبقى واحد. جوازه لواحد في الجمع

هكذا قال يعني: يحوز أن يقول: {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5]، ثم تأتي المخصصات هذا حتى يبقى مشرك واحد هذا في الجمع وإن كان الأولى أن يقال في الجمع أن يبقى أقل الجمع لماذا؟ لأنه تَمَّ فرق بين الجمع وبين من وما الموصولة والشرطية التي هي لا يقيد أقلها بعدد {((((يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (((} [الطلاق:2] نقول: {((((} هذه من صيغ العموم لأنها شرطية فحينئذٍ تعم تَعم ماذا؟ هل لها أقل استعملت له في اللغة؟ لا، تصدق على الواحد وعلى الاثنين والعشرة والمائة فإذا جاء المخصص إلى أن يبقى واحد لا إشكال لأن ليس لها أقل من حيث الاستعمال في اللغة لكن مشركون هذا واضح أنه يقال: مشرك، ومشركان، ومشركون. فرقت اللغة حينئذٍ المشرك يدل على واحد هذا الأصل أو الرجل نأتي بالرجل لأن المشرك فيه إشكال الرجل يدل على واحد رجل يدل على واحد ورجلان يدل عل اثنين ورجال يدل على ثلاثة فأكثر إذن الأولى أن يقال فيما لو خصص الجمع أن يبقى أقل الجمع هذا أولى ما يقال: وموجب أقله قفال يعني: أوجب القفال وهو من المالكية أن يبقى في الجمع أقل الجمع وهو ثلاثة أما معداه من الصيغ كالذي، ومن، وما فحينئذٍ لا بأس يقال بأن يبقى واحد إذا جاز التخصيص إلى أن يبقى واحد وأن يخرج أكثر الأفراد فما المانع أن يقال: الاستثناء يخرج أكثر الأفراد وهو الكلام في الأحكام الشرعية؟ فإذا جاء من جهة اللغة ذاك فحينئذٍ لا مانع أن يقال به في الاستثناء وإذا رتبت الأحكام الشرعية من تحليل وتحريم إلى آخره في ذاك لا مانع أن يقال في الاستثناء ولذلك قال: وبه قال كثير من الأصوليين لأنه يجوز إخراج أكثر الأفراد أفراد العموم التخصيص فكذلك أكثر الجملة بالاستثناء النصف إذا جاز الأكثر فمن باب أولى أن يجوز النصف والمذهب عند الحنابلة أنهم منعوا في الأكثر وجوزوا النصف الصحيح من المذهب جواز النصف لقوله تعالى: {(((اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) (((((((((((} [المزمل:2،3]. قال: هذا استثناء بناء على أنه بدل من بدل بعض من الليل وهو الكل والأصح أنه كل ما ثبت به جواز الأكثر يثبت به جواز النصف أما الأقل نقول: هذا جائز باتفاق. عشرة له عليَّ عشرة إلا ثلاثة جائز باتفاق، عشرة له عليَّ عشرة إلا أربعة جائز باتفاق، له عشرة إلا خمسة هذا فيه خلاف والأصح الجواز، له عليَّ عشرة إلا ستة إلى تسعة نقول: هذا فيه خلاف والأصح الجواز سواء استدللنا بالآية السابقة {(((((((((((((} {(((((((((((((لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ((((} [ص:82،83]، وفي أخرى: {((((عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ((((} [الحجر:42]. على كل حال في الحالين استثنى الأكثر من الأقل ولو أجيب نقول: من جهة المعنى ما ذكره أبو عبيدة أنه إذا جاز التخصيص إلى أن يبقى واحد فلا يمنع مانع من أن يقال بالإخراج في باب الاستثناء إلى أن يجوز إخراج الأكثر فيبقى الأقل هذا هو الشرط الثاني.

إذن (وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا) المانع الذي منعه الناظم أن لا يكون المستثنى مستغرقًا لما خلا هذا ممنوع لا يصح الاستثناء ما عداه بالمفهوم يؤخذ منه جواز استثناء الأكثر والنصف من باب أولى الأقل ثم قال: (وَالنُّطْقُ مَعْ إِسْمَاعِ مَنْ بِقُرْبِهِ). يعني: يشترط التلفظ به التلفظ بالمستثنى قام القوم فنوى إلا زيدًا في قلبه هذا لا يجوز استثنى الإمام أحمد يمين الخائف إنسان أخيف فأرادوا منه أن يحلف فاستثنى في نفسه في قلبه استثناه الإمام أحمد لأنه أصلاً لم تنعقد يمينه أما عمومًا فالأصل أنه لا بد من أن ينطق به أما النية فلا تكفي زيادةً على النطق (إِسْمَاعُ مَنْ بِقُرْبِهِ) لا بد أن يسمعه لأنه ستترتب عليه أحكام حتى اللغة لا مانع أن يقال باشتراط النطق والإسماع لماذا؟ لأن الكلام لا يسمى كلامًا إلا إذا كان لفظًا واللفظ هو الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية إذن هو صوت والصوت ما هو عرض مسموع أو صفة مسموعة كل ما يسمع فهو صوت لا يمكن أن تحكم على شيء بأنه صوت إلا إذا سمعته ما لم تسمعه لا تحكم عليه بأنه صوت إذن يمكن أن يؤخذ هذا الشرط من اللغة أيضًا فيقال: (وَالنُّطْقُ مَعْ إِسْمَاعِ مَنْ بِقُرْبِهِ). مأخوذ من اللغة لأنه لفظ واللفظ صوت (وَقَصْدُهُ مِنْ قَبْلِ نُطْقِهِ بِهِ) (وَقَصْدُهُ) يعني: نيته من قبل أن ينطق به وهذا على القول بماذا؟ على قول من اشترط الاتصال قال: لا بد أن يكون الاستثناء منويًا قيل: قبل الكلام أول الكلام. وقيل: قبل فراغه من آخر المستثنى. والثاني هو الأصح إذن هذا كم شرط أربعة: أن لا يرى منفصلاً بأن يكون متصلاً، (وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِمَا خَلا)، (وَالنُّطْقُ) هذا الثالث (مَعْ إِسْمَاعِ مَنْ بِقُرْبِهِ) رابع، (وَقَصْدُهُ مِنْ قَبْلِ نُطْقِهِ بِهِ) هذا خامس. وَالأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ **مِنْ جِنْسِهِ

هذا أيضًا يعد من الشروط أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه وهذه المسألة فيها نزاع قال: (وَالأَصْلُ). يعني: الغالب والراجح أو يمكن أن يكون الأصل هنا بمعنى القاعدة والضابط والقانون خاصة على قول من يرى أنه لا يجوز استثناء غير الجنس على قول من يرى أنه لا يجوز الاستثناء غير الجنس حينئذٍ لا يمكن أن يقال: الأصل هنا بمعنى الغالب أو الراجح. بل يقال: القاعدة والضابط لا بد أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه. إذن (وَالأَصْلُ فِيهِ) يعني: في الاستثناء أو في المستثنى (وَالأَصْلُ فِيه) أي: في الاستثناء. (أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ) (مُسْتَثْنَاهُ) الضمير يعود على مستثنى الاستثناء الذي هو بعد إلا مستثنى الاستثناء لأن عندنا استثناء ومستثنى منه ومستثنى الاستثناء الذي هو الإخراج أو الفعل المعنى المصدري، والمستثنى منه هو ما قبل إلا في الأصل، والمستثنى هو ما بعد إلا (وَالأَصْلُ فِيه) يعني: في الاستثناء (أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ **مِنْ جِنْسِهِ) أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه وهل المراد هنا الجنس المنطقي الذي هو ما صدق فيه جواب ما هو على حقائق أو على مختلفين بالحقيقة مثل الحيوان قلنا: الحيوان هذا جنس، يصدق في جواب ما هو، ما هو الإنسان والفرس والبغل؟ فيقول: حيوان. أليس كذلك؟ إذن صح الجواب هنا بالحيوان عن مختلفين في الحقيقة أشياء كثيرة مختلفة بالحقيقة الإنس الإنسان حقيقته مخالفة لحقيقة البغل وهكذا والفرس نقول: هذا يسمى جنسًا هل المراد هنا هذا المعنى؟ (وَالأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ **مِنْ جِنْسِهِ) يعني: من جنس المستثنى منه؟ نقول: لا ليس المراد به الجنس المنطقي. لماذا؟ لأننا لو قلنا الجنس المنطقي لما وقع خلاف في الاستثناء المنقطع لأنك إذا قلت: رأيت القوم إلا حمارًا. صار مستثنى من جنسه لأن القوم المراد به الإنسان أفراد أليس كذلك؟ فحينئذٍ إذا قلت: رأيت القوم إلا حمارًا. نقول: هنا الحمار من جنس القوم لأنه يصدق أن يقال: القوم زيد وعمرو وخالد وحمار يقال أنها حيوان لكن ما المراد بالاستثناء؟ قال بعضهم: ليس المراد هنا الجنس المنطقي بل المراد به غير المشارك في الدخول تحت المحكوم عليه. إذن ليس داخلاً تحت المحكوم فالحمار ليس داخلاً تحت المحكوم عليه وهو المستثنى منه وهو لفظ القوم هذا المراد بالجنس وليس مرادًا به الجنس المنطقي.

إذن يقول الناظم هنا يشترط في الاستثناء أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، وهذا باتفاق أنه استثناء حقيقي متصل بالإجماع، ولكن الخلاف فيما لو وقع المستثنى من غير جنس المستثنى منه هل يصح لغةً أو لا؟ هل يصح في اللغة أن يقال: رأيت القوم إلا حمارً أو لا؟ نقول: هذا فيه نزاع بضعهم قال: لا يصح. قالوا: لا يصح أصلاً أن يقال هذا. ولكن هذا وإن نسب للإمام أحمد المخالف رده بأنه وقع كثيرًا في الكتاب والسنة وفي لغة العرب كما سيأتي ولذلك قال العضد لما ذكر المنقطع العضد الإيجي قال لما ذكر المنقطع قال: لا نعلم في صحته خلافًا. أو لا نعلم خلافًا في صحته لغةً. وقال ابن عطية: لا ينكر وقوعه في القرآن إلا أعجمي. لا نقول أعجمي لأن الإمام أحمد ينكره ولكن نقول: وجوده يدل على الجواز وقوعه في الكتاب والسنة يدل على الجواز. ثم إذا وقع هل هو استثناء حقيقي أو مجازي؟ أولاً مسألة هل يقع في اللغة الاستثناء المنقطع؟ نقول: فيه خلاف جماهير أهل العلم على الوقوع فحينئذٍ يصح أن يقول المتكلم: رأيت القوم إلا حمارًا. هذا التركيب هل يصح في اللغة أو لا؟ نقول: يصح. بعضهم نفاه يقول: لا يصح. هذا أولاً ثم إذا قيل: يصح في اللغة الاستثناء بإلا هنا هل هو استثناء حقيقي استثناء متصل أو استثناء مجازي؟ هذا فيه نزاع على مذهبين جمهور أهل العلم على أنه مجاز على أن استثناء غير الجنس هذا يسمى مجازًا إذا وقع لأنه لا يصح في الأصل الاستثناء من غير الجنس فإذا وقع وسمع في القرآن والسنة وكلام العرب حينئذٍ نقول: هذا مجاز. لماذا؟ قالوا: لاستثناء إخراج كما سبق وهذا لم يدخل حتى يخرج إذن لم يوجد فيه حقيقة الاستثناء ولذلك قلت في الحد هناك: الاستثناء هو إخراج. لماذا إخراج؟ لإخراج المنقطع لأنه ليس باستثناء حقيقةً لماذا؟ لأنك إذا قلت: قام القوم إلا زيدًا أخرجت زيدًا من لفظ قوم وهذا لا إشكال فيه لكن إذا قلت: جاء القوم إلا حمارًا. هل الحمار داخل في لفظ القوم حتى يخرج؟ لا لم يدخل إذن إخراج ما لم يدخل هذا لا يمكن وعليه نقول: أن الأصل لا يوجد في اللغة ولا يستساغ استعماله ثم إذا سمعنا نقول: هذا من قبيل المجاز. حينئذٍ يفسر إلا لفظ إلا بلكن وتكون إلا هنا للاستدراك رأيت قوم إلا حمارًا، ما رأيت القوم إلا حمارًا يعني: لكن حمارًا رأيته فحينئذٍ يكون إلا هنا بمعنى لكن مخفف أو مثقله. إذن من منع الاستثناء من غير الجنس ثم إذا سمع قال: هو مجاز. قال: الاستثناء الإخراج. وهذا لا إخراج فيه فانتفت حقيقة الاستثناء في قام القوم إلا حمارًا، فهذه الجملة الأولى باقية على أصلها قام القوم هذه الجملة الأولى باقية على حالها ولا تعلق للثانية بها أصلاً لأنها كلام مستدرك جديد قام القوم إلا حمارًا قام القوم هذه جملة مستقلة إلا حمارًا هذه جملة تعتبر كأنها مبتدئة جديدة ولكن لا تعلق لها بالأول لأن الاستثناء المتصل علاقته الإخراج قام القوم إلا زيدًا حينئذٍ ثَمَّ ارتباط بين الجملتين ما بعد إلا وما قبل إلا إذن ثَمَّ ارتباط لكن قام القوم إلا حمارًا ليس عندنا ارتباط فحينئذٍ يكون إلا وما بعده هذا كلام كأنه كلام جديد مستقل لذاته هذا الدليل الأول.

الثاني قالوا: الاستثناء من الجنس هذا استعمل كثيرًا في لغة العرب في الكتاب والسنة وما ورد من نثر ومن شعر إذن كثر استعماله حتى إذا أطلق تبادر إلى الذهن إذا أطلق لفظ الاستثناء لكثرة استعماله في لغة العرب أنه المراد به الاستثناء من الجنس لكثرة استعماله إذا أطلق لفظ الاستثناء انصرف إلى استثناء الجنس وهذا علامة الحقيقة. وبالتبادر يرى الأصيل ** إن لم يجد دليل لا الدخيل حينئذٍ نقول: هذه علامة أن المنقطع مجزوم لأن لفظ الاستثناء إذا أطلق انصرف في لغة العرب للكثرة الكاثرة من استثناء الجنس من جنسه نقول: إذا أطلق انصرف إلى هذا المعنى وهو: الاستثناء الحقيقي المتصل. ما عداه يحتاج إلى قرينة وهذا هو علامة المجاز. الثالث: أنه على غير وضع اللغة فلو قال قائل: رأيت العلماء. وهذا فيه تكلف رأيت العلماء إلا الكلب والحمير قالوا: هذا يستقبح. نقول: من يقول هذا أصلاً التراكيب التي تكون مصطنعة هذه لا يلتفت إليها حتى ولو كانت من الأصوليين ومن أهل اللغة وإنما الحجة تعتبر في ماذا؟ في النقل ما نقل عن العرب الخلص حينئذٍ ينبني عليه كلام فإذا ورد مثل هذا الكلام رأيت العلماء إلا الحمير والكلاب والبهائم إلى آخره قالوا: هذا كلام مستقبح حينئذٍ اللغة لا تأتي بمثل هذا لا تأتي بمثل هذا طيب {((يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم:62] هذا ليس من هذا القبيل إذن مثال معتبر ومثال يعني: يصح أن يعتمد عليه أما إذا رأيت العلماء إلا حمارًا هذا لا يمكن أن يلتفت إليه إذن القول الأول أنه لا يصح الاستثناء من الجنس من غير الجنس فإذا ورد من كلام العرب نقول: هذا مجاز.

القول الثاني: أنه قد استعمل في القرآن يعني: يصح استثناء غير الجنس من أنه يصح الاستثناء من غير الجنس هكذا العبارة أنه يصح الاستثناء من غير الجنس ما الدليل؟ قالوا: وقوعه كثرة في الكتاب والسنة. يعني: في القرآن ولغة العرب. وهذا الاستعمال يدل على ماذا؟ يدل على أنه جائز وواقع بل بعضهم يدل على أنه حقيقة بشركة وبالتواطؤ قال بعضهم مدام أنه استعمال الاستثناء بإلا في الجنس وفي غيره والأصل الاستعمال أن يكون حقيقة ولا يعدل إلى المجاز إلا بقرينة صارفة تمنع اللفظ على حقيقته على الأصل أنه حقيقة وبذلك الشيخ الأمين في ((نثر الورود)) يقول: وهو حقيقة أكثر أهل العربية أنه حقيقة في الاستثناء المتصل وفي الاستثناء المنقطع لكن المشهور عن الأصوليين هو الأول أنه مجاز والأصل أنه لا يصح لكن كثير في القرآن قالوا: إنه قد استعمل في القرآن ولغة العرب. والاستعمال يدل على ماذا؟ على الحقيقة أولاً قوله تعالى: {((يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم:62]. استثنى السلام من ماذا؟ من اللغو ليس من جنسه، {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29] استثنى التجارة من الباطل تجارة مباحة كيف تكون من الباطل ليست من جنسها، {(((لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء:157] استثنى الظن من العلم وليس من جنسه، {((((((قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا (((((((((} إبليس استثناه من الملائكة وهل هو من جنس الملائكة؟ فيه خلاف ولم يكن من جنس الملائكة لقوله تعالى: {((((إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف:50] وهو يقول: {(((((((((((مِنْ (((((}. والملائكة خلقت من نور يقول: {(((((((((((مِنْ (((((} نص في القرآن والنبي ? يقول: «الملائكة خلقت من نور» إذن ليس من جنس الملائكة. وبلدة ليس بها أنيس ** إلا اليعافير وإلا العيس

يعافير قالوا: هذه جمع يعفور. وهو ولد الظبي يعني: والعيس هي إبل بيض يخالط بياضها شقرةً واصفرار واليعافير والعيس هل هي من جملة اليعافير من جنسه؟ لا هذا الأصل أنه لا يستأنس بالعيافير والعيس وإنما يستأنس ببني آدم قول العرب: ما زد إلا ما نقص. والنقصان ليست من جنس الزيادة هذه الكثرة الكاثرة ونحوها من لغة العرب نقول: تدل على أنه جائز في لغة العرب أن يستثنى من غير الجنس ومن ينفي على القول الأول يأتي للآيات هذه والآثار ونحوها يجيب عليها بأحد الجوابين إما أن يثبت أنها من استثناء الجنس وإما أن يقول: إنها على تقدير إلا بلكن فيكون استثناءً منقطعًا لكن الأصل عدم التأويل وعدم التقدير. إذن قوله: (وَالأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ). يحمل هنا الأصل بمعنى الغالب والراجح لأن الناظم تبعًا للأصل يرى جواز الاستثناء من غير الجنس ولذلك قال: (مِنْ جِنْسِهِ). يعني: من سوى الجنس وجاز الاستثناء من سوى الجنس وهو الاستثناء المنقطع لكنه ليس من المخصصات الذي يعتبر من المخصصات هو ماذا؟ هو الاستثناء المتصل وإنما ذكره استطرادًا لأنه قد يستطرد ليبين حقيقة الشيء بتمام بيان ضده وبضدها تتبين الأشياء وقيل: مخصص بطريق المفهوم. قيل: مخصص. ولكن بطريق المفهوم لكن لا أميل أيضًا لو قال: قام القوم أو جاء القوم إلا حمارًا نقول: هذا مخصص كأن المعنى جاء القوم وما يتعلق بعهم إلا حمارًا أليس كذلك؟ الآن جاء القوم وهم لوحدهم هكذا يمشون وإلا معهم الزاد وما يركبون عليه ونحوه؟ الثاني إذن إذا قال: جاء القوم لم يأتي القوم فقط وإنما جاء القوم وما يتعلق بهم إلا حمارًا هذا مستثنى بالمفهوم مما يتعلق بالقوم إذن عرفنا أن الاستثناء يكون متصلاً ويكون منقطعًا ما الفرق بينهما؟ كيف نفرق بين كون هذا متصلاً وكون هذا منقطعًا؟ المشهور عند أهل أكثر النحاة والأصوليين أن ضابط الاستثناء المتصل أنه أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه هذا هو الضابط والجنس المراد به ( .. ) الداخل تحت المحكوم عليه جاء القوم إلا زيدًا قالوا: هذا استثناء متصل. لماذا؟ لوجود الحقيقة حقيقةً الاستثناء المتصل وهو كون المستثنى من جنس المستثنى منه يعني: داخل تحت المحكوم عليه. هذا ضابط الاستثناء المتصل أما المنفصل والمنقطع أن يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه قام القوم إلا حمارًا حمار ليس من جنس القوم هذا هو المشهور قال القرافي: هذان الضابطان باطلان. وإن كان مشهورا عن الأصوليين بل يشترط في الاستثناء المتصل أن يكون من جنس المستثنى منه وأن يحكم عليه بنقيض حكم المستثنى منه لا بد من شيئين أن يكون الاستثناء المستثنى من جنس المستثنى منه وأن يحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه لا بد من ضابطين. الحكم بنقيض الحكم حصل ** لما عليه الحكم قبل متصل

أو كما قال، إذن نقول: المتصل هو أن تحكم على جنس ما حكمت به أولاً بنقيض ما حكمت به أولاً هذا، تعريف القرافي الاستغناء أن تحكم على جنس ما حكمت به أولاً بنقيض ما حكمت به أولاً يعني: قام القوم إلا زيدًا. هذا استثناء متصل لا بد من قيدين إذا وجد حكمنا على قول الاستثناء متصلاً إذا فقد أحدهما حكمنا عليه بكونه منقطعًا جاء القوم أو قام القوم إلا زيدًا نقول: هذا استثناء متصل لماذا؟ لأن المستثنى من جنس المستثنى منه هذا أولاً ثم الحكم بنقيض الحكم المحكوم على المستثنى منه ثابت للمستثنى ما هو نقيض الحكم عدم القيام هو المحكوم به على المستثنى منه نقيضه عدم قيام هو المحكوم به على المستثنى، أليس كذلك؟ الحكم بنقيض الحكم حصل ** لما عليه الحكم قبل متصل

يعني: حقيقة الاستثناء المتصل حينئذٍ لما توفر القيدان في هذا الضابط في هذا المثال حكمنا عليه بأنه متصل فلو انتفى كون المستثنى من جنس المستثنى منه حكمنا عليه بأنه منقطع جاء القوم إلا حمارًا نقول: حمارًا هذا استثناء منقطع لماذا؟ لكونه ليس من جنس المستثنى منه ولو كان الحكم عليه بنقيض الحكم على السابق ثم لو كان من جنسه وهذا الذي يكون فارقًا لو كان من جنس المستثنى منه على القاعدة المضطردة عند الأصوليين والنحاة أنه ماذا؟ أنه استثناء متصل مطلقًا سواء حكم عليه على المستثنى بنقيض الحكم السابق أو لا {((يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان:56] هذا فيه نزاع كبير هل هو استثناء متصل أو منقطع؟ {((يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} الموت مستثنى من الموت من جنسه أو لا؟ من جنسه على قاعدة والأصل فيها أنها مستثناه من جنسه نقول: هذا استثناء متصل لكن نقول: لا ليس استثناءً متصلاً وإن كان المستثنى من جنس المستثنى منه لماذا؟ لأنه لم يحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه وهذا ضابط لا بد من توفره في الاستثناء المتصل {((يَذُوقُونَ ((((((} يعني: الدار الآخرة {((يَذُوقُونَ فِيهَا ((((((((((} إذن عدم ذوق الموت في الدار الآخرة {((((الْمَوْتَةَ الْأُولَى} ذوقه في الدنيا المحكوم به على المستثنى منه عدم ذوقه في الآخرة عدم ذوق الموت {((((الْمَوْتَةَ الْأُولَى} المحكوم به على المستثنى ذوقه في الدنيا {((((الْمَوْتَةَ الْأُولَى} في الدنيا هل هما نقيضان؟ عدم ذوقه في الآخرة هل هو نقيض ذوقه في الدنيا عدم الذوق وذوق الموت هاه إيش رأيكم؟ المستثنى منه عدم ذوقه المستثنى ذوقه عدم ذوق وذوق نقيضان؟ الجهة منفكة، نقيضان؟ نعم صح الجهة منفكة صحيح لا تحتاج إلى تفصيل نقول: ذوق الموت في الدنيا نقيضه عدم ذوقه في الدنيا وعدم ذوقه في الآخرة نقيضه ذوقه في الآخرة أما إذا اختلفت بين الدنيا والآخرة نقول: الجهة منفكة فهذان خلافان أو ضدان ولا نقول أنهما نقيضان، إذن الآية هنا {((يَذُوقُونَ فِيهَا ((((((((((} عدم ذوقه في الآخرة {((((الْمَوْتَةَ الْأُولَى} التي ذاقوها في الدنيا، إذن لم يحكم على ما بعد إلا بنقيض الحكم على مستثنى منه لو كان نقيضه لقال عدم ذوقه في الآخرة {((((الْمَوْتَةَ الْأُولَى} وهو ذوقه في الآخرة؛ لأن الآخرة ينظر لها باستقلال عن الدنيا ذوقه في الآخرة عدم ذوقه في الآخرة هذا نقيضان في الدنيا ذوقه وعدم ذوقه نقيضان أما إذا كان الاعتبار الدنيا والآخرة فهما خلافان لا نقيضان، واضحة؟ النقيضان يكون باعتبار الدنيا فقط لا باعتبار الآخرة أو باعتبار الآخرة فقط لا باعتبار الدنيا وهنا الآية باعتبار الدنيا والآخرة {((يَذُوقُونَ فِيهَا ((((((((((} في الآخرة {((((الْمَوْتَةَ الْأُولَى} في الدنيا فليس بنقيضين بل هما خلافان إذن نقول: ضابط الاستثناء المتصل أن يوجد فيه أمران: أن يكون المستثنى من الجنس المستثنى منه. الثاني: أن يكون المحكوم به على المستثنى نقيض الحكم على المستثنى منه. إن انتفى الأول أو الثاني حكمنا عليه بأنه منقطع بأنه استثناء منقطع

وَالأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ ** مِنْ جِنْسِهِ وَجَازَ مِنْ سِوَاهُ إذن الكلام الذي يختص بنا هنا قوله: (وَالأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مُسْتَثْنَاهُ ** مِنْ جِنْسِهِ) هو الذي يعتبر من المخصصات أما (وَجَازَ مِنْ سِوَاهُ) نقول: هذا ذكره استطرادًا وليس من المخصصات والاستثناء المتصل عرفه القرافي بقوله: أن تحكم على جنس ما حكمت به أولاً بنقيض ما حكمت به أولاً فمتى انخرم أحد هذين القيدين كان منقطعًا. وعليه عرف أيضًا المنقطع بأنه أن تحكم على غير جنس ما حكمت عليه أولاً أو بغير نقيض ما حكمت به أولاً ولو كان على جنسه. ثم قال: وَجَازَ أَنْ يُقَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى ** وَالشَّرْطُ أَيضًا لِظُهُورِ الْمَعْنَى (وَجَازَ) هذا يذكر لماذا جاز ولماذا ذكره في السابق (وَجَازَ مِنْ سِوَاهُ) الجواز قد يراد به دفع المنع وهذا يأتي في كتب الفقهية كثير يجوز كذا وقد يكون مستحبًا أو واجبًا يعني: قد يطلق الجواز ويراد به الوجوب هذا استطرادًا أيضًا قد يطلق الجواز ويراد به الجوب أو السنة فيأتي مثلاً من منع مسألة ما قال: لا يجوز. تقول: لا، يجوز. ويكون المراد بالجواز ماذا؟ أنه يجوز مأذون به على جهة الاستحباب أو مأذون به على جهة الوجوب فالجواز لا ينافي الاستحباب ولا ينافي الوجوب. وهي والجواز قد ترادفا ** في مطلق ( .. ) سبق معنا هذا (وَجَازَ) المراد به ودفع من منع كما قال في الأول (وَجَازَ مِنْ سِوَاهُ) جاز أراد به منع دفع قول من منع (وَجَازَ أَنْ يُقَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى) على ماذا؟ على المستثنى منه ولم لا نقول: على العام إلا زيدًا قام القوم؟ كلام عام هناك (وَجَازَ أَنْ يُقَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى) على ماذا؟ على المستثنى منه قيل: وعلى العامل أيضًا إلا زيدًا قام القوم لكن من اشترط الاتصال يمنع هذا باتفاق كل من اشترط الاتصال قال: يمنع أن يتقدم المستثنى على العامل وإنما الذي عني عنها لأنه يقال: (وَشَرْطُهُ أَنْ لا يُرَى مُنْفَصِلا). حينئذٍ نقول: وجاز أن يقدم المستثنى أي: لفظ المستثنى مع أداة الاستثناء مع أداة الاستثناء على المستثنى منه دون العامل فيقال: قام إلا زيدًا القوم. هذا يجوز أو لا؟ ما دليل الجواز؟ الوقوع أحسنت نعم دليل الجواز الوقوع هكذا يقال هل يخصص الكتاب بالإجماع؟ نقول: نهم دليل الوقوع هل يخصص العام مطلقًا؟ هكذا القاعدة هل العام يقبل التخصيص؟ نقول: نعم. دليله؟ الوقوع نستدل بالوقوع على جواز التخصيص هنا نقول: يقدم المستثنى على المستثنى منه مع أداته يعني: لا يقام زيدًا القوم إلا. هل يصح؟ نقول: لا ما يصح هذا، هذا بالإجماع يعني: مع أداته. قام إلا زيدًا القوم هل هناك دليل مشهور أو شيء بيت؟ أي فما لي أو. وما لي إلا آل أحمد شيعة ** وما لي إلا مذهب الحق مذهب فما لي شيعة إلا آل أحمد هذا مستثنى قدمه على المبتدأ. فما لي إلا آل أحمد شيعة ** وما لي إلا مذهب الحق مذهب

إذن قدم المستثنى هنا على المستثنى منه لوروده سماعًا ولأنه لا يخل بالفهم هكذا قال ابن قدامة ولأنه لا يخل بالفهم وجاز أن يقدم المستثنى (وَالشَّرْطُ أَيضًا) الشرط أيضًا أَيْضًا إيش إعرابها؟ مفعول مطلق، والعامل؟ محذوف آض يَئِيضُ أيضًا صار مصدرًا مفعول مطلق بمعنى رجع يعني: ونرجع رجوعًا إلى ذكر جواز تقديم الشرط كما ذكرناه في المستثنى. (وَالشَّرْطُ أَيضًا) يعني: والشرط جاز أن يتقدم على المشروط لكن نقيد الشرط هنا بالشرط اللفظي وليس شرط الوجود لأن الوجود بالطبع لا يمكن أن يوجد قبل أن يوجد الشرط قبل المشروط إن جاء زيد فأكرمه الشرط الوجودي ما هو؟ مجيء زيد أليس كذلك؟ هل يمكن أن يتقدم الإكرام قبل مجيء زيد؟ ما يمكن، إن خرجت من البيت فأنت طالق. لا يمكن الطلاق أن يتقدم على خروجها من البيت يمكن؟ ما يمكن لكن المراد هنا الشرط اللفظ وليس المراد الشرط الوجودي، (وَالشَّرْطُ أَيضًا) أما الشرط الوجودي فيجب أن يتقدم على المشروط نعم أنا عكست الآن نقول: الشرط الوجودي يجب أن يتقدم على المشروط يعني: لا يثبت الطلاق الذي هو جواب الشرط إلا إذا وجد الشرط الوجودي وهو الخروج مثلاً عكس ما ذكرته أولاً (وَالشَّرْطُ أَيضًا لِظُهُورِ الْمَعْنَى) وشرطيه أيضًا (وَالشَّرْطُ أَيضًا) إن جاؤوك بني تميم فأكرمهم صح التركيب هذا؟ إن جاؤوك بني تميم فأكرمهم أكرم بني تميم إن جاؤوك هذا الأصل أكرم بني تميم إن جاؤوك إن حرف شرط جاؤوك فعل الشرط أين الجواب؟ محذوف لم حذف؟ ما سبق أكرم بني تميم إن جاءوك أكرم بني تميم والشرط كالمبتدأ إذا دل دليل عليه جاز حذفه فحينئذٍ أكرم بني تميم إن جاؤوك فأكرمهم هذا الأصل فحذف فأكرمهم لدلالة ما قبله عليه يحوز أن يقدم الشرط فيقال: إن جاؤوك فأكرم بني تميم. فأكرم بني تميم إن جاءوك هذا متأخر يجوز تقديمه إن جاؤوك فأكرم بني تميم (وَالشَّرْطُ أَيضًا لِظُهُورِ الْمَعْنَى) يعني: يجوز تقديم الشرط على المشروط متى؟ لظهور المعنى يعني: إذا ظهر المعنى لأن اللام هذه للتعليل ولظهور المعنى هذا جار ومجرور متعلق بقوله: جاز. جاز أن يقدم، أن يقدم وما دخلت عليه في تأويل المصدر فاعل وجاز تقديم المستثنى والشرط لظهور المعنى وجاز تقديم المستثنى والشرط لظهور المعنى إذن قوله: (لِظُهُورِ الْمَعْنَى) وإيضاح المعنى، وعدم الخفاء، وعدم الالتباس حينئذٍ جاز أن يقدم المستثنى والشرط وهذه علة لجواز تقديم المستثنى على المستثنى منه والشرط على المشروط. إذن نقول: هذا باب أو الكلام في الدليل الثالث وهو الاستثناء بشروطه ولا بد من النظر في هذه الشروط لأنه لا بد أن يترتب عليها أحكام شرعية وهناك أمور مختلف فيها في المطولات تأتيكم إن شاء الله تعالى. ثم قال: وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ مَهْمَا وُجِدَا ** عَلَى الَّذِي بِالوَصْفِ مِنْهُ قُيِّدَا نقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

35

عناصر الدرس * المطلق لغة واصطلاحا * الفرق بين المطلق والنكرة * المقيد لغة واصطلاحا * أحوال المطلق والمقيد وحكمهما بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

قد شرع الناظم رحمه الله تعالى في بيان الأحكام المتعلقة بالمطلق والمقيد وهذا الأصل أنه يفرد ببابٍ خاص بعد إتمام العام، والخاص، ثم يقال باب المطلق والمقيد ولكن هنا ذكر الناظم تبعًا للأصل المطلق والمقيد في ضمن باب الخاص وقدم أحكام المطلق والمقيد على بيان المخصصات المنفصلة حينئذٍ ذكر الخاص والمخصصات المتصلة ثم ذكر المطلق والمقيد ثم ذكر المخصصات المتصلة وهذا خلاف المشهور عند الأصوليين والذي سوغ له هذا أن يقال إن المطلق كالعام يعني: المناسبة في ذكر المطلق هنا في باب الخاص والعام لأن الخاص والعام كالباب الواحد وإن انفردا من جهة التصنيف الأحكام أحكامهما متداخلة أن الخاص يخصص العام حينئذٍ هما مترابطان الخاص والعام فيقال الخاص والعام قرينان، ويقال المطلق والمقيد، المطلق كالعام، والمقيد كالخاص فلما اشتبها في الأصل جعل الناظم هذا الباب المطلق والمقيد في ضمن العام لأن المطلق كما سبق أنه يستغرق كالعام فيه تناول فيه شمول كما يعبر الأصوليون فيه شمول إلا أن شمول العام أو شمول العام شمولٌ دفعيٌ قالوا: فيه دفعي وشمول المطلق شمولٌ بدلي إذن كلٌ منهما يشمل أفراد إلا أن العام يشمل الأفراد دفعةً واحد يعني: يدخل فيه كل الأفراد والمطلق يدخل فيه كل الأفراد على جهة البدل لماذا؟ لأن مدلوله في الخارج واحد فرد واحد كالنكرة فحينئذٍ يصدق على كل واحدٍ على جهة البدل فإذا قيل جاء رجلٌ نقول: جاء رجل، رجل واحد يعني، لكن رجل هل يختص به زيدٌ عمرًوا خالد إلى آخره؟ لا وإنما يصدق على زيد وعلى بكر وعلى عمرو لكن الصدق ليس دفعةً واحدة لا نقول: زيد وخالد وعمرو كل هؤلاء يدخلون دفعةً واحدة تحت لفظ رجل نقول: لا لأن رجل وإن صدق على الكل إلا أنه يصدق عليه على جهة البدل فإذا صدق على الأول امتنع شمول الثاني، والثالث، والرابع، لهذه المناسبة جعل هنا المطلق مع العام، الخاص يقيد العام كذلك المقيد الذي هو القيد الذي سيتعرض له هنا كالأمثال مثلاً {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} [النساء:92] نقول: {((((((((((} هذا قيد أشبه الخاص كما أن الخاص يخرج بعض الأفراد أفراد العام فيختص الحكم بما دل عليه الخاص هنا أيضًا قيد المطلق ببعض ما يصدق عليه اللفظ الدال على الماهية كما سيأتي {(((((((((((((((((((} نقول: رقبة هذا يصدق على الكافر والمؤمن فإذا جاء المقيد قيد بالصفة قيل: {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((}.

نقول: اختص بوصف الإيمان وأخرج وصف الكفران حينئذٍ نقول المقيد أشبه الخاص إذن بينهما مناسبة وما يخصص به العام بالكتاب والسنة والإجماع والقياس كذلك يخصص به المطلق ولذلك أخر المخصصات المنفصلة ذكرها بعد المطلق والمقيد لماذا؟ لأن الحكم عام العام يخصص بالكتاب ويخصص بالنسبة، ويخصص، بالإجماع، ويخصص بالقياس، كذلك المطلق يقيد بالكتاب ويقيد بالسنة، بالإجماع، وبالقياس، هذه مناسبة تأخير المخصصات المتصلة بعد ذكر العام والمطلق لأن كلاً منهما يخصص ويقيد على حسب التعبير العام والمطلق يقيد بالكتاب والسنة إلى آخره (الْمُطْلَقُ) نقول: هذا اسم مفعول أطلق، يطلق فهو مطلقٌ، ومادة الإطلاق هذه تدور حول الانفكاك تدل على ماذا؟ تدل على الانفكاك من أي قيدٍ كان حسيًا أو معنويًا فيقال: هذا الفرس مطلقٌ. مطلق يعني: يقيد والتقييد ونقول: المعنوي الأدلة الشرعية المطلقة إذن يوصف الدليل الشرعي بالإطلاق وهذا وصفٌ بإطلاقٍ معنوي ويوصف الحسي كالفرس فنقول: هذا فرسٌ مطلقٌ. فحينئذٍ يكون هذا الإطلاق إطلاقًا حسياً إذن نقول المطلق في اللغة هذه المادة كلها أطلق، ويُطْلِقُ، وَإِطْلاَق، وَمُطْلَق وَمُطْلِق، هذه تدل حول الانفكاك انفكاك الشيء عن أي قيدٍ كان يكون في الحس، ويكون في المعنى، في الحس نحو هذا فرسٌ مطلقٌ، وفي المعنى هذه أو هذا دليلٌ مطلق {(((((((((((((((((((((} فنقول: هذا مطلق إذن هنا الإطلاق هل هو حسي أو معنوي نقول: معنوي أما في الاصطلاح فعرفه صاحب ((جمع الجوامع)) بقوله: هو الدال، أو اللفظ الدال على الماهية بلا قيدٍ اللفظ الدال على الماهية بلا قيدٍ فما على الذات. بلا قيدٍ يدل فمطلقٌ

إذن ما هو المطلق؟ نقول: المطلق هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيدٍ اللفظ الدال لفظ هذا جنس يشمل المفيد وغير المفيد، الدال يعني: ذو الدلالة إذن يدل على ماذا مفهوم اللفظ الذي يوصف بكونه مطلقًا مفهومه الماهية والماهية قلنا هذا المراد به الذات أو إن شئت قل الحقيقة التي هي الأمر الذهني التي يعبر عنها بالحقائق الذهنية ماهية، ماهية هذا مصدر اصطناعي لماذا؟ لأنه يقال: ما حقيقة الإنسان؟ فيقال: حيوانٌ ناطق ما حقيقة الفرس فيقال: حيوانٌ صاهٍ، الذي وقع جوابًا لماهية هو الماهية وهو الحقيقة إذن ماهية هذا مصدرٌ صناعي مأخوذٌ من التركيب ما استفهام هية ضمير فقيل: ماهيةٌ لماذا ماهيةٌ؟ المراد بالماهية الحقيقة وهذه الحقيقة كما قلنا الإنسان حقيقته ماذا؟ حيوانٌ ناطق، حيوانٌ ناطق هو هذا الذي يعبر عنه بالماهية رجل قلنا له ماهية له حقيقة كلٍ ذكرٍ بالغٍ من بني آدم نقول: هذا يسمى ذكرًا إذن حقيقة لفظ ذكر كل ذكرٍ أو كل حقيقة لفظ الرجل كل ذكرٍ من بني آدم بالغ هذه الحقيقة وجودها وجودٌ ذهني وجودٌ ذهني قوله: بلا قيدٍ. هذا احتراز عن المعرفة، واحترازٌ عن النكرة لأن اعتبار الشيء من حيث هو هذا المراد بلا بقيدٍ، بلا قيدٍ يعني: الدال على الماهية من حيث هي يعني: لا باعتبار قيدٍ لأن الماهية قد تقيد بالدلالة على فردٍ معينٍ في الذهن وقد تدل أو تقيد بقيدٍ بفردٍ معينٍ في الخارج، وقد تقيد بفردٍ غير معينٍ في الخارج، هذه كم ثلاثة اللفظ الدال على الماهية من حيث هي إذن لم تقيد بشيء، بلا قيدٍ قلنا: هذا أخرج المعرفة لماذا لأن المعرفة لفظٌ دالٌ على الماهية لكن بقيد الوحدة يعبر عنها الوحدة المعينة لكن في الخارج وأخرج أيضًا النكرة لأنها تدل على الماهية المقيدة بالوحدة غير المعينة في الخارج لأن زيد هذا يدل على ماذا يدل على ذات مشخصة والرجل يدل على ماذا على معينٍ أو غير معين؟ علم معين، ورجل يدل على فردٍ غير معين هذا باعتبار ماذا باعتبار الخارج إذًا الرجل بأل دل على فردٍ معينٍ في الخارج، رجلٌ دل على فردٍ غير معينٍ في الخارج هذان المعرفة والنكرة أخرجهما بقوله: بلا قيدٍ. فحينئذٍ المطلق ينظر إليه باعتبار حقيقته الذهنية بلا قيدٍ في الخارج يعني: لا يعين له فرد يوجد في ضمنه تلك الحقيقة لكن سبق معنا أن الحقيقة ذهنية لا يمكن أن توجد في الخارج إلا في ضمن فردٍ من أفرادها أو أفراد إذن على هذا نقول: كيف يخرج قوله: بلا قيدٍ. النكرة وهي تدل على الماهية ولكن بشرط وقيد الوحدة غير المعينة كذلك المطلق يدل على الماهية لكن من حيث هي باعتبارها في الذهن لا باعتبار الخارج يعني: في فردٍ معين أو غير معين لكن هل يمكن أن يوجد المطلق لا في فردٍ؟ نقول: هذا ممتنع

لأن ما يدل على الماهية وجوده وجدٌ ذهني كما ذكرناه في باب الكليات فحينئذٍ نقول: لا بد وأن يوجد في الخارج ولكن في ضمن فردٍ من أفراده إذا كان له أفراد وعليه فيقال: ما الفرق بين النكرة والمطلق على هذا الحد تم فرقٌ بين النكرة والمطلق المطلق يدل على الماهية، والنكرة تدل على الماهية اشتركا في الدلالة على الماهية النكرة تدل على الماهية لكن بقيد بالنظر إلى فردٍ في الخارج يعني: وضعت الماهية في الذهن لكن باعتبار وجودها في فردٍ في الخارج لكنه غير معين والمعرفة وضعت اللفظ دالاً على الماهية في الذهن لكن باعتبار وجودها في فردٍ خارجٍ معين، والمطلق وضع للدلالة على الماهية في الذهن فقط ولم ينظر إلى الفرد الخارج لا معين ولا غير معين إذن فرقٌ بين المطلق والنكرة إذا قيل المطلق لا يمكن أن يوجد الآن عندما نبحث في المطلق الذي هو من ألفاظ الشرع هل نبحث عنه وهو حقيقة ذهنية أو باعتبار الخارج؟ ليس لنا بحث في الذهنيات الأصوليون لا يبحثون في الحقائق الذهنية وإنما يبحثون عن الموجود من الكتاب والسنة إذن لا بد وأن يكون للمطلق فردٌ في الخارج لكنه غير معين فحينئذٍ قد يكون سوى النكرة لكن ثم فرقٌ بينهما وهو أن النكرة تدل على ذلك الفرد الخارج غير المعين بدلالة المطابقة، والمطلق يدل على ذلك الفرد غير المعين الذي يتعذر وجوده إلا في ضمنه بدلالة الالتزام، ولذلك بنى بعضهم على هذه المسألة الفرق بين المطلق والمقيد المطلق والنكرة لو قال رجلٌ لزوجته إن ولدتي ذكراً فأنت طالق هنا الحكم المعلق على الذكر إن ولدتي ذكراً إن اعتبرناه نكرة أو اعتبرناه مطلقًا على التعريفين السابقين طيب، إن ولدتي ذكراً فأنتي طالق فولدت اثنين تطلق أو لا؟ إذا اعتبرنا ذكر النكرة لا تطلق، إذا نظرنا إليه أنه نكرة لا تطلق، لماذا؟ لأن النكرة توجد في ضمن فردٍ واحدٍ فالوحدة هذه مأخوذة قيدٌ في الماهية الوحدة مأخوذة قيدٌ في الماهية فحينئذٍ قوله: إن ولدتي ذكرًا في قوة قوله إن ولدتي ذكرًا واحدًا فأنت طالق فولدت اثنين، أو سبعة تطلق نقول لا لأن المعلق عليه الذكر الواحد ولو يوجد ولد اثنان فأكثر وإذا قلنا الماهية من حيث هي ومن حيث هي قد يكون لها فردٌ أو أفراد في الخارج وجودها في ضمن أفرادها وإن كان بطريق دلالة الالتزام إلا أن الحكم المرتب على الماهية من حيث هي يوجد في أي فردٍ من أفرادها لو قل أو كثر فلو اعتبرنا ذكرًا هذا مطلق مقابل النكرة فولدت قال إن ولدتي ذكرًا إذن قيد أو علق الحكم على الماهية فلو ولد ذكرٌ واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة وقع الطلاق لأن ماهية اللفظ الذي دل عليه الذكر قد وجدت لأن الوحدة والكسرة ليس مأخوذةً في حد المطلق، ولذلك نقول المطلق هو اللفظ الدال على الماهية في العقل فقط في الذهن أم وجودها في الخارج لا بد أن توجد في ضمن فرد أو أفراد لو علق الحكم على تلك الماهية فأي فردٍ من أفرادها قلت أو كثرت وجد الحكم أما إذا قلنا أنه من قبيل النكرة نقول: لا. إذن فرقٌ بين النكرة والمطلق، اللفظ الدال على الماهية بلا قيدٍ يعني: بلا قيدٍ بلا تعين أو دلالةٍ على وحدةٍ معينةٍ في الخارج فأخرج المعرفة.

تقول هذا الرجل معين أو لا الرجل دل على الماهية ذكر بالغ من بني آدم لكنه معين وحلي بأل وعين باسم الإشارة هذا محسوس إذن دل على وحدةٍ معينةٍ في الخارج هذا نسميه ماذا؟ معرفة، الدال على الماهية أيضًا بقيد الوحدة أشبه المعرفة لكن هذه الوحدة إذن لا باثنين ولا الثلاث ولا العشر دل على واحد لكنه غير معين نقول: هذا هو حقيقة النكرة لا هذا ولا ذاك نقول هذا هو المطلق إذن نقول المطلق هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيدٍ يعني: من حيث هي هِي لا باعتبار قيد من حيث هي هِي من غير اعتبار عارضٍ من عوارضها كقولنا الرجل خيرٌ من المرأة يعني: حقيقة الرجل وجنس الرجل خيرٌ من جنس وحقيقة المرأة المراد الحقيقة مع الحقيقة الرجل هنا لا ننظر إلى فردٍ من أفراده وإنما ننظر إلى حقيقة الرجل من حيث هو خيرٌ من حقيقة المرأة من حيث هي أما لاعتبار الأفراد فالحكم يختلف فخرج بقوله: بلا قيدٍ المعرفة والنكرة أما المعرفة فلأنها تدل على الحقيقة مع وحدةٍ معينةٍ وأما النكرة فلأنها تدل عليها مع وحدةٍ غير معينةٍ كرجل فظهر الفرق بين المطلق والنكرة لكن لما كان البحث بحث الأصوليين في أمورٍ ليست عقلية وإنما هي في أمورٍ خارجية لم يلتفتوا لهذا الفرق وإلا الأصل أن ثم فرقٌ بين المطلق والنكرة لما كان بحثمه ليس في الحقائق الذهنية وإنما في الأمور الخارجية أطلقوا التعبير بأنه لا فرق بين المطلق والنكرة قالوا: لا. لا فرق بين المطلق والنكرة هذا لا من حيث هي هِي وإنما من حيث ما يتم نظر الأصولي فيه لأن نظر الأصولي ليس في الحقائق الذهنية ذاك بحث المنطق المعقولات من بحوث المناطقة أما الأصولي فيبحث في الأدلة الشرعية هذا محل بحثه فحينئذٍ لا داعي أن يقول المطلق الدال على الماهية بلا قيد ما الذي استفاد منه؟ ما استفاد شيء فلذلك أطلق بعضهم كالآمدي وابن الحاجب أن لا فرق بين النكرة والمطلق نظرًا لا لكون ليس فرقا بين الحقيقتين لأن الماهية بشرطٍ مغايرة للماهية بلا شرط أليس كذلك؟ إذا أخذت الماهية في الذهن يقيد بشرط هل هي مثل الماهية بلا شرط لا ليس متغايران قطعًا فحينئذٍ هذا التغاير لم يلتفت إليه الأصوليون وإنما نظروا إلى كون مدلول المطلق في ضمن فردٍ غير معين وهذا هو حقيقة النكرة فقالوا: المطلق والنكرة بمعنًى واحد، لذلك قيل لا فرق بينهما. وبه صرح الآمدي فقال المطلق عبارة عن النكرة في سياق الإثبات الآمدي قال: المطلق عبارة عن النكرة. إذن عرف المطلق بالنكرة، النكرة في سياق الإثبات وتابعه ابن الحاجب فقال: المطلق ما دل على شائعٍ في جنسه إذن هل هناك فرق بين تعريف المطلق الأول وتعريف الآمدي؟ نقول: لا، لا فرق بينهما الأول نظر للمطلق من حيث هو والثاني نظرًا للمطلق باعتبار الخارج لأنه لا بد وأن يوجد في ضمن فرد أو فردين أو ثلاث إذن لا بد من أفرادٍ خارجة معينة وهذا هو حقيقة أو غير معينة وهذا هو حقيقة النكرة فلذلك قال الآمدي: المطلق عبارة عن النكرة في سياق الإثبات ولذلك قيد قال: النكرة في سياق الإثبات لماذا؟ لأن بحث الأصوليين في مثل هذه التراكيب النكرة في سياق الإثبات احترازًا من النكرة في سياق النفي فإنها تعم مثل النفي والشرط إلى آخره فقوله: شائعٌ.

أي: لا يكون متعينًا يبحث يمتنع صدقه على كثيرين. شائع يعني: قد يصدق على واحد وعلى اثنين وعلى ثلاثة وعلى أربعة إلى آخره لا يمتنع صدقه على كثيرين كما قيل هنا في الولد الذكرًا إن ولدتي ذكرًا فأنتي طالق فولدت اثنين نقول على كون المثل الأول بالحد الأول تطلق لو ولدت ثلاثة أو أربعة تطلق، على النكرة لو ولدت واحدًا نقول: تطلقُ. في جنسه أي: له أفرادٌ تماثله وهذا يتناول الدال على الماهية من حيث هي والدال على واحدٍ غير معين وهو النكرة يعني: إذا قلنا على التعريف ابن حاجب أنه ما دل على شائعٍ في جنسه، هذا يشمل الدال على الماهية بلا قيد لأنه لا بد وأن يوجد في ضمن فردٍ في الخارج ويتضمن النكرة الذي هو الدال على الماهية بقيد الوحدة غير المعينة أفاد التعريف يشمل النوعين المطلق من حيث هو، والمطلق باعتبار كونه موجودًا في ضمن أفراده هذا هو حد المطلق. فما على الذات بلا قيد يدل ** فمطلقٌ وباسم جنسٍ قد عقل هناك فرق بين النكرة، والمطلق، واسم، وعلم الجنس، والمحلى بـ (أل)، الذي هو معرفة، وأل الجنسية، ومن جهة المعنى تكون نكرة هذا يحتاج إلى درس كامل ويأتينا إن شاء الله في المطولات، ذكرنا خلاف عند الأصوليين وعند البيانيين وعند النحاة في مسائل النكرة، واسم الجنس، هل بين النكرة واسم الجنس فرق وهل بين النكرة ولا لو المطلق فرق وهل بين النكرة والمعرف من جهة الفرق بـ (أل) الجنسية فرق أو لا مباحث طويلة بعضهم أفرد هذه المسائل بمصنفات خاصة.

إذن عرفنا حد المطلق بعضهم لما نظر إلى الحد إلى كون المطلق لا بد وأن يوجد في ضمن فرده عرفه بتعريفٍ آخر يعني: بالنظر إلى الفرد الخارج فقال: المطلق في الاصطلاح هو اللفظ المتناول لواحدٍ لا بعينه باعتبار حقيقةٍ شاملةٍ لجنسه، هكذا عرفه ابن قدامة في ما أظن في ((الروضة)) فاللفظ جنس يشمل المفيد وغيره والمتناول لواحدٍ أخرج اسمها الأعلام أخرج غير المفيد المتناول لواحدٍ أخرج غير المفيد لأن غير المفيد لا يتناول شيئًا أصلاً لا واحدًا ولا أكثر وأخرج ألفاظ الأعداد المتناولة لأكثر من واحدة إذا قيل اللفظ المتناول لواحدٍ خرج اللفظ الذي يدل على اثنين كاثنين والذي يدل على الثلاثة كثلاثة اللفظ الذي يدل على أكثر من واحدٍ خرج بقوله المتناول لواحدٍ أليس كذلك؟ طيب، لا بعينه أخرج الأسماء الأعلام لأن زيد يدل على واحد لكن بعينه إذن أخرج المعنى هذا الرجل هذا تناول واحدًا بعينه والمطلق يتناول واحد لا بعينه إذن أخرج الأعلام وأخرج ما مدلوله واحدٌ معين كقوله هذا واحدٌ واحد هذا مدلوله واحد واحدٌ مدلوله واحدٌ وهذا الرجل هذا مدلوله أيضًا واحد والعام المستغرق لأن العام المستغرق مسماه كل الأفراد ولذلك قلنا: من قال في حد الخاص قصر العام على بعض مسمياته، قلنا: هذا خطأ لماذا؟ لأنه بَعَّضَ مسميات العام، العام ليس له مسميات وإنما مسماه شيءٌ واحد باعتبار حقيقةٍ شاملةٍ لجنسه حقيقة شاملة لجنسه هذا الذي عبر عنه في الحد الآخر الدال على الماهية أخرج ماذا؟ المشترك، المشترك يتناول واحدً لا بعينه لكن بحقائق مختلفة لأنك تقول القُرْءُ هذا ماذا له؟ معنيان، إذن هل يمكن أن يراد بالمشترك الذي معنياه ضدان كالقرء يطلق على الطهر وعلى الحيض هل يراد به المعنيان أم واحدٌ لا بعينه؟ واحد لا بعينه لكن هل الحقيقة متحدة أو مختلفة؟ مختلفة حقيقة الطهر مغايرة للحقيقة الحيض كذلك الواجب المخير نقول: الواجب المخير مثلاً في كفارة اليمين واحدٌ لا بعينه إذن مسمى الإيجاب واحدٌ لا بعينه لكن هل هي متحدة أم حقائق مختلفة أما {(((((((((((((((((((} [النساء:92] نقول: {((((((((} هذا يدل على واحدٍ يتناول لا بعينه هل هي متحدة في الجنس أم مختلفة؟ متحدة في الجنس إذن اللفظ المتناول لواحدٍ لا بعينه باعتبار حقيقةٍ شاملةٍ لجنسه الأخير هذا القيد أخرج المشترك والواجب المخير فإن كلاً منهما متناولٍ لواحدٍ لا بعينه باعتبار حقائق مختلفة حقائق مختلفة إذا عرفنا حقيقة المطلق نقول: مثاله كما قال بعض {(((((((((((((((((((}، {((((((((} هذا مطلق يدل على الماهية بلا قيد أو نقول: لفظٌ متناولٌ لواحدٍ لا بعينه فله شمول إلا أن شموله بدليٌ لأن {((((((((} هذه تصدق على زيد وعمرو وخالد إلى آخره وهذه الحقائق الذي يصدق عليه لفظ {((((((((} حقائق متحدة في الجنس إذا عرفنا هذا نقول: المطلق يكون في أشياء يعني: يوجد في ماذا؟ نقول: أولاً يوجد في معرض الأمر أعتق رقبةً هذا مطلق إذن يقع في سياق الأمر كذلك يكون في مصدر الأمر كالآية المشهور {(((((((((((((((((((} يعني حرروا تحرير هذا مصدر مبتدأ هنا {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} أو حسب موقعه من الإعراب {(((((((((((} نقول: هذا مصدرٌ

وقع موقع الأمر كأنه قال فحرروا رقبةٍ مؤمنة إذن هو قريبٌ من الأول، الثالث: يكون معرض الخبر عن المستقبل لا نكاح إلا بوليٍ ولي هذا مطلق لا نكاح إلا بولي هذا في المستقبل أو في الماضي؟ في المستقبل، سأعتق رقبةَ هذا في المستقبل، يبقى ماذا هل يقع المطلق في سياقٍ ماضي أو باعتبارٍ حدثٍ قد مضى قابلت رجلاً، أعتقت رقبةً، هل نقول: قابلت رجلاً؟ رجلاً هذا متناولٌ واحدٍ لا بعينه أم أنه تعين باعتبار وقوع الحدث في الوجود؟ تعين لأن قابلته عرفت من هو الرجل إذن هذا تناول واحد بعينه قابلت رجلاً، أعتقت رقبةً ضرورة وجود ما دل عليه اللفظ في الوجود لأنه لا يمكن أن يوجد إلا في ضمن الفرد وقد وقع هذا الفرد لأنه لا يصدق أن يقول قابلت رجلاً ولم يقع هذا الرجل وإلا صار كذبًا إذن لا يقع المطلق في معرض الخبر عن الماضي لماذا؟ لكون الفرد معينًا والمطلق الذي معنا يكون الفرد غير معين اللفظ المتناول لواحدٍ لا بعينه وقابلت رجلاً هذا تناول فردًا واحدًا بعينه إذن نقول: لا يكون المطلق في خبر الماضي نحو رأيت رجلاً وأعتقت رقبة فقد تعين بالضرورة هذا هو المطلق يقابله ماذا؟ المقيد، المقيد هذا من جهة صيغة اسم ماذا؟ اسم مفعول قيد، يقيد، فهو مقيدٌ، فهو مقيد، نقول المقيد هذا مأخوذٌ من القيد وهو لغةً ما يقابل المطلق إذا قلنا المطلق هناك يدور حول الانفكاك هنا عدم الانفكاك وهو كونه مقيدًا بوصفٍ أو شرطٍ إلى آخره. إذن نقول: المطلق أو المقيد لغةً ما يقابل المطلق وهو لغةً ما قيد بشيءٍ كالوصف والشرط ونحوه ما قيد بشيءٍ. وأما في الاصطلاح فهو اللفظ المتناول لمعينٍ أو لغير معينٍ موصوفٍ بأمرٍ زائدٍ على الحقيقة الشاملة لجنسه اللفظ المتناول لمعين أو لغير معين لكنها موصوفة موصوفٍ بأمرٍ زائدٍ على الحقيقة الشاملة لجنسه متناول لمعين مثل ماذا؟ لو قال أكرم هذا الرجل معين أو غير معين، معين إذن مقيد أو غير مقيد؟ مقيد هذا الرجل المشار إليه بالحس إذن اللفظ المتناول لمعينٍ لو قال: أكرم هذا الطالب وهو هذا الرجل حينئذٍ نقول هذا معينٌ بأل وباسم الإشارة لأن أل هذه معرفة والمعرفة تدل على واحدٍ معين وأيضًا هذا نقول: هذا اسم إشارة والأصل فيه أن يكون للمحسوسٍ أكرم زيدًا، زيدًا معين أو لا معين عين بماذا؟ اسمٌ يعينٌ مسمى مطلقا ** علامة كجعفرٍ وخرنقا

إذن علم معين عين ماذا عين المسمى إذن اللفظ زيد هو القيد والمقيد هو الذات لأن تقول ذاك أي إنسان يمشي يتحرك قد يكون زيدًا وقد يكون عمرو وقد يكون خالدًا وحينئذٍ إذا قلت هذا زيد، أو أكرم زيد، قيدت الذات بلفظ زيد وهو علم اسمٌ يعينٌ مسمى إذن المسمى بالعلم هو المقيَد والاسم العلم هو المقيِد، إذن اللفظ المتناول لمعينٍ أو لغير معينٍ، لغير معين لكنه موصوف بأمرٍ زائدٍ على الحقيقة الشاملة لجنس أكرم طالبًا، طالبًا معينًا أو غير معين غير معين لو قال: أكرم طالبًا مجتهدًا غير معين أو معين؟ معين؟ معين أو غير معين؟ لو قيل معين ما الفرق بين؟ النوعين نقول: المقيد هو اللفظ الدال على المعين أو لغير معين هو يقول: لغير معين موصوفٍ بأمرٍ زائدٍ عن الحقيقة حينئذٍ إذا قلت أكرم طالبًا نقول: طالبًا هذا نكرة مطلق يدل على واحدٍ لا بعينه، ثم قال: مجتهدًا هذا طالبٌ مجتهد هذا طالبٌ مجتهد، إذا قيل أكرم طالبًا مجتهدًا مدلوله واحد غير معين لكن لو علم أن المتكلم لا يعلم إلا واحدًا مجتهدًا صار أمر آخر وإنما الكلام هنا في ماذا إذا أطلق اللفظ وقيد بوصفٍ هذا الوصف يحتمل أن يدخل تحته زيد، وعمرو، وخالد إلى آخره لكثرة الطلبة المجتهدين فحينئذٍ نقول: أكرم طالبًا مجتهدًا هذا لغير معين طالبًا غير معين، موصوف بشيءٍ أو بصفةٍ أو بأمر زائد عن مجرد الحقيقة على مجرد الحقيقة نقول: هذا المقيد اصطلاح وقيل: المقيد ما زيد معنًى على معناه لغير معناه كيف هذا؟ {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((}. [النساء:92] رقبة تدل على ماذا؟ على معنى الرقبة المعنى المفهوم من اللفظ رقبة مؤمنة زيد على معناه معنى لغير معناه هل المعنى الذي هو وصف الإيمان لمعنى مدلول الرقبة من حيث أم زائد عليه؟ زائد عليه هذا هو المقيد إذن نقول: المقيد يعرف بتعريفين: الأول: هو المتناول للمعين إلى آخره.

والثاني يقال: المقيد ما زيد معنًى على معناه لغير معناه نحو {((((((((((((((((((} فالإيمان معنًى زيد على معنى الرقبة فالرقبة مقيدة بالإيمان هذا القيد قد يكون ظاهرًا وقد يكون مقدرًا، طيب الذي يقيد به المؤمن قد يكون ظاهرًا كما في قوله: {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} يعني مذكورًا، وقد يكون مقدرًا كما في قوله تعالى: {(((((((وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ((((} [الكهف:79] {كُلَّ سَفِينَةٍ} قيل: صالحة. وهذا حكي الإجماع عليه حكي عليه الإجماع وذكره الشيخ الأمين رحمه الله في ((نثر الورود)) {(((((((وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ((((} أي: كل سفينة صالحة صحيحة. وهكذا قرأها ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إذن عرفنا حقيقة المطلق والمقيد قال أهل العلم: إذا ورد لفظان: مطلق، ومقيد. يعني: جاء في موضع كتاب أو سنة مطلقًا كما في قوله: {(((((((((((((((((((}. وجاء في موضع آخر نفس المطلق لكنه مقيد {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} ما العمل؟ هل نقيد الرقبة الأولى {(((((((((((((((((((} فنقول: هذا مطلق وورد مقيدًا في موضع آخر بصفة الإيمان فنحمل المطلق على المقيد أو ننظر نظرًا آخر؟ قالوا: لا الحمل هنا في باب المطلق على المقيد ليس على إطلاقه بل ينظر فيه من جهات متعددة من جهة اتحاد الحكم والسبب أو اختلاف أحدهما أو هما معًا، ولذلك كانت الأقسام ثلاثة كانت الأقسام من حيث الجملة ثلاثة والثالث يتضمن قسمين إذا ورد لفظان مطلقٌ ومقيد فلا يخلو إما أن يتحدا في الحكم والسبب يعني: يتحدا في الحكم والسبب أن يكون حكم المطلق هو عين حكم المقيد وأن يكون السبب الذي ورد عليه اللفظ المطلق هو عين السبب الذي ورد عليه المقيد هذا النوع الأول. الثاني: أن يتحدا في الحكم ويختلفا في السبب أن يكون الحكم الذي ورد عليه المطلق هو عينه في المقيد لكن سبب المطلق مخالف لسبب المقيد هذا القسم الثاني. الثالث: أن يختلفا في الحكم سواء اتفقا في السبب أم اختلفا، فالثالث تحته قسمان اختلفا في الحكم لأن مجرد اختلاف الحكم ينفي الحمل وعليه سواء اتفقا في السبب أم اتحدا لا ينظر إليه لأنه عند كثيرين أنه من باب القياس والقياس لا يصح الحمل فيه إلا إذا اتحدا حكمًا أما إذا اختلفا انتفى القياس. إذن هذه ثلاثة أقسام.

أما القسم الأول وهو أن يكونا في حكم واحد بسبب واحد يعني: اتحدا حكمًا وسببًا. مثل ابن قدامة رحمه الله بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين». وجاء في حديث آخر: «لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل». من يجمع هنا؟ ما الحكم هنا؟ واحد يجيب ما هو الحكم؟ هذا نهاية ما الحكم؟ «لا نكاح». نفي النكاح نفي الصحة هذا هو الحكم نفي الصحة صحة النكاح أو وجود النكاح إلا بوجود الولي والشاهدين والسبب متحد أو لا؟ ها يا إخوان هذا من الحديث نأخذه متحد وهو النكاح الحكم نفي الصحة والنكاح هو السبب إذن السبب متحد والحكم متحد وجاء مطلقًا في رواية: «إلا بولي». ولم يقيد بصفة الرشد «وشاهدين». لم يقيد بصفة العادلة وجاء في رواية أخرى: «إلا بولي مرشد». مقيد هذا صفة «وشاهدي عدل». قيد الشهود والشاهدان بالعدالة قولاً واحدًا يحمل المطلق على المقيد فيحمل المطلق في قوله: «لا نكاح إلا بولي». فيقيد يحمل على المقيد فيقيد بصفة الرشد ويحمل قوله: «بشاهدين». المطلق فيقيد بالعدالة والحكم واحد وهو نفي وجود أو صحة النكاح إلا بوجود الولي والشاهدين والسبب واحد وهو النكاح. إذن قولاً واحدً إذا اتحد الحكم والسبب يحمل المطلق على المقيد هذا هو الأول يجب حمل المطلق على المقيد قولاً واحدًا لماذا؟ ما العلة؟ إذا قيل: نقدم المطلق على المقيد فحينئذٍ نقول: «لا نكاح إلا بولي». مرشد وغير مرشد ولو كان سفيهًا «شاهدي». عدل أو غير عدل ماذا صنعنا؟ طرحنا النص الأول أحسنت أسقطنا أحد الدليلين لأن عندنا حديثين كل واحد منهما حجة بنفسه وتضمن أحد الدليلين ما لم يتضمنه الآخر فإذا قدمنا المطلق فقلنا: نعمل المطلق، حينئذٍ لا نكاح إلا بولي مطلقًا مرشدًا أو سفيه وشاهدين مطلقًا بقطع النظر عن العدالة ونحوها نقول: هنا أهدرنا الدليل الآخر وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما هذا هو حجة الجمهور أو الذي حكي عليه أنه اتفاق.

النوع الثاني: أن يتحدا في الحكم ويختلفا في السبب الحكم واحد والسبب مختلف كما قال في كفارة الظهار {(((((((((((رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة:3] أطلق هنا الرقبة لم يقيدها بصفة الإمام، {(((((((((((((((((((} الذي ذكره الناظم. وقال في كفارة القتل: {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} [النساء:92] قيدها بصفة الإيمان، الحكم واحد وهو وجوب عتق رقبة في الموضعين {(((((((((((((((((((} يعني: فحرروا رقبة. فحرروا رقبة مؤمنة الحكم واحد وهو وجوب التحرير لكن السبب المطلق جاء سببه الظاهر والمقيد سببه القتل هل يحمل المطلق على المقيد فيقيد أو تقيد الرقبة في كفارة الظهار بالإيمان كما قيدت بالقتل أم لا؟ جمهور العلماء على أنه يحمل المطلق على المقيد هنا إذا اتحد الحكم واختلف السبب اتحد الحكم وماذا؟ اختلف السبب نقول: يحمل المطلق على المقيد وهل يحمل لغةً أو قياسًا؟ فيه قولان يعني: هل اللغة تدل على ذلك أم من قبيل القياس؟ فيه قولان والمذهب على أنه من قبيل اللغة يحمل المطلق على المقيد لغةً لماذا؟ لوروده في الشرع {(((((((((((((ذَوَيْ عَدْلٍ ((((((((} [الطلاق:2] هذا في مقام الشهادة قيد الشهداء هنا بماذا؟ بالعدالة وقال في آية المداينة: {(((((((((((((((((شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:282] أطلق، وأجمعوا على أنه لا شهادة إلا بعدالة يدل على ماذا؟ على أن آية المداينة مقيدة بآية الشهادة، أليس كذلك؟ قال في موضع: {(((((((((((((ذَوَيْ ((((((}. قيد الشهداء بماذا؟ بالعدالة، وقال في موضع آخر آية المداينة: {(((((((((((((((((شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}. مطلق عدلين أو غيرهما لكن الإجماع على أن العدالة شرط في الشهادة فدل على ماذا؟ دل على أن ظاهر القرآن حمل المطلق على المقيد ولأن العرب قال ابن قدامة: ولأن العرب تطلق في موضع وتقيد في موضع آخر. يعني: من عادة العرب تطلق في موضع وتقيد في موضع آخر وحينئذٍ يفسر المطلق بالمقيد. نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضٍ والرأي مختلف نحن بما عندنا يعني: راضون. وأنت بما عندك راضٍ إذن قيدت في موضع وحذفت في موضع فيحمل أحدهما على الآخر هذا هو المشهور وقال بعضهم: لا يحمل المطلق على المقيد فيما إذا اتحد الحكم واختلف السبب لكن الجمهور على الأول وهذا مذهب أو روي عن الإمام أحمد أنه لا يحمل في مثل هذا الموضع إذا تحد الحكم واختلف السبب وهو مذهب كثير من الحنابلة وأكثر الحنفية وبعض الشافعية قالوا: الحمل تحكم محض يخالف وضع اللغة. لأنه إذا أطلق في موضع فقد أراد الإطلاق وإذا قيد في موضع فقد أراد التقيد فحينئذٍ حمل المطلق على المقيد دون دليل خارج قالوا: هذا تحكم محض لكن العمل على الأول أنه يحمل المطلق على المقيد هذا الثاني. الثالث: أن يختلف الحكم والسبب مطلقًا نقول سواء اتحد السبب أو اختلف السبب يعني: النوع الثالث ينظر فيه إلى اختلاف الحكم فقط وأما كون السبب متحدًا أو مختلفًا لا فرق بينهما لأنها في الموضعين لا يحمل على الصحيح أحدهما اتفاقًا والثاني على الراجح. الأول: اتحد الحكم والسبب إذن الحكم متحدان لأن نظرهم هنا إلى الحكم الأول اتحد الحكم والسبب.

النوع الثاني: اتحد الحكم أيضًا واختلف السبب. النوع الثالث: اختلف الحكم لما اختلف الحكم امتنع الحمل سواء اتفق السبب أو اختلف لأنه عند الأشهر أنه من باب القياس والقياس لا يجوز الحمل إلا مع اتحاد الحكم أن يختلف الحكم، ما حكمه؟ قال: فلا يحمل المطلق على المقيد سواء اتفق السبب أو اختلف كخصال الكفارة إن قيدت بالتتابع وأطلق الإطعام {(((((((((((((((إِطْعَامُ عَشَرَةِ ((((((((((} [المائدة:98] {((((كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (متتابعات) صحيح؟ كيف؟ {(((((((((ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (متتابعات) هكذا قرأ ابن مسعود قراءة شاذة (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) القراءة الشاذة لا يجوز القراءة بها لا داخل الصلاة ولا خارجها لكن تعامل معاملة الخبر يعني: من جهة الحكم يعتبر كالمرفوع كأنه حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الصحابي الظن فيه أنه لا يقيد إلا بدليل فلما كان شرط القرآن التواتر وانتفى هنا امتنع الحكم بكونه قرآنًا متتابعات ولذلك حكم بكونها قراءة شاذة لكن هل معنى هذا أن يسقط الحكم التي تضمنته هذه القراءة الشاذة؟ الجواب: لا، ولذلك تحمل على أنها كخبر فنقول: تعامل معاملة الخبر إذن نقول: تقيد أو يقيد الصيام في كفارة اليمين بالتتابع لكن إطعام عشرة مساكين هل نقيده بالتتابع أو لا نقيد؟ نقول: الحكم هنا متحد أو مختلف؟ مختلف هذا صيام وهذا إطعام حكمنا في موضع بالصيام والموضع الآخر بالإطعام إذن هو مختلفان والسبب هنا كفارة اليمين إذن اختلف الحكم واتحد السبب الحكم اثنان: صيام، وإطعام. والسبب واحد نقول: لا يحمل المطلق على المقيد فلا نقيد الإطعام بالتتابع كما قيدناه في الصيام لاختلاف الحكم وإن اتحد السبب إذن نقول: تقييد الصوم بالتتابع في كفارة اليمين (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات) وإطلاق الإطعام فيها فالحكم مختلف إطعام وصوم والسبب متحد وهو: كفارة اليمين. بعضهم مثل بماذا؟ في آية الوضوء {((((((((((((((إِلَى (((((((((((((} [المائدة:6] {(((((((((((((وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] هل نقيد الأيدي في التيمم بما قيدت به في الوضوء؟ هل الحكم واحد هنا أم مختلف؟ مختلف وضوء وتيمم والسبب واحد وهو: الحدث. حينئذٍ نقول: لا يحمل المطلق على المقيد على الصحيح، هذه المسألة فيها نزاع.

إذن هذا اختلف الحكم واتحد السبب طيب اختلف السبب والحكم معًا نقول: هذا قولاً واحدًا لا يحمل المطلق على المقيد «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة». «من جر ثوبه خيلاء»، «ما أسفل الكعبين ففي النار». حديثان أيهما المطلق وأيهما المقيد؟ خيلاء هذا مقيد «من جر ثوبه خيلاء». وصف هذا {((((يَقْتُلْ مُؤْمِنًا ((((((((((((} [النساء:93] مثله متعمدًا هذا حال من فاعل يقتل إذن هو وصف مقيد والتقيد بالوصف وهنا قال: «من جر ثوبه خيلاء». خيلاء هذا حال متعمدًا إذن هذا مقيد «ما أسفل من الكعبين ففي النار». هذا مطلق لم يقيد بخيلاء ولا عمده هل اتحد السبب هنا؟ «من جر ثوبه خيلاء». إسبال بخيلاء هذا سبب الحكم المرتب عليه «لم ينظر الله إليه». «ما أسفل من الكعبين». دون خيلاء إذن الحكم مقيد بماذا؟ بنزول الثوب دون الكعبين قال: «ففي النار». هل لم ينظر الله إليه وفي النار حكمان متحدان أو مختلفان؟ مختلفان حكمان مختلفان لأنه لم ينظر إليه أيهما أشد عقوبةً عدم النظر متأكد؟ صحيح؟ أيهما أشد عدم النظر أشد من كونه في النار طيب السبب «من جر ثوبه خيلاء». هل هو عين السبب بكون الثوب أسفل الكعبين أم مغاير؟ نقول: الأصل أنه مغاير هل نحمل المطلق على المقيد؟ نقول: لا، لا يحمل المطلق على المقيد قولاً واحدًا وإن قيل به عند بعض العلماء أنه يقيد ما أسفل الكعبين بناءً على ماذا؟ على هذه المسألة أنه يحمل المطلق على المقيد ولو اختلف الحكم والسبب لكن بعضهم يدعي الإجماع في مثل هذه المسألة يقول: باتفاق أنه لا يحمل المطلق على المقيد. لماذا؟ في المسألتين العلة اختلاف الحكم لأن الحمل في الظاهر أنه من قبيل القياس ولا قياس إلا مع اتحاد الحكم النبيذ لا يحمل على الخمر إلا إذا اتحدا حكمًا أما إذا اختلفا فقد علم بل علم حكمهما حينئذٍ لا يمكن أن يقال هذا من قبيل القياس لأن القياس الفرع في الأصل أنه مجهول الحكم ويحمل على معلوم الحكم الذي هو الأصل أما إذا علم وهذا مغاير لهذا حينئذٍ يمتنع أن يقال: أنه من قبيل القياس. قال رحمه الله: وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ مَهْمَا وُجِدَا ** عَلَى الَّذِي بِالوَصْفِ مِنْهُ قُيِّدَا

(وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ) قال: (مَهْمَا وُجِدَا). يعني: حيث وجدا كيف حيث وجدا؟ يعني: تقدم أو تأخر وسواء كان في الكتاب أو السنة (عَلَى الَّذِي بِالوَصْفِ) على الذي قيدا (بِالوَصْفِ مِنْهُ) الضمير يعود على ماذا؟ على المطلق لأن اللفظ في أصله المقيد اللفظ المقيد في أصله قبل القيد هو هُو مطلق لكن لما اتصف بوصف صار يسمى ماذا؟ مقيدًا وإلا الأصل أنه مطلق مقيد ومطلق مطلق {(((((((((((((((((((} نقول: هذا مطلق عن القيد مطلق مُطلق، و {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} [النساء: 92] رقبة في الأصل أنه مطلق مثل {(((((((((((((((((((} إلى أنه قيد لفرق بينهما سمي مقيدًا وإلا في الأصل أنه مطلق مقيد إذن قوله: (مِنْهُ). الضمير يعود على ماذا؟ على المطلق وصاحب الشرح يقول: أنه تكملة زائدة ليس بصحيح. إذن (وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ مَهْمَا وُجِدَا) يعني: في أي وضع يمكن حمله كتابًا أو سنة أو غيرهما (عَلَى الَّذِي بِالوَصْفِ مِنْهُ قُيِّدَا) الألف هذه للإطلاق قيد بالوصف الوصف ما المراد به النعت هنا؟ يشمل الحال، والصفة، والبدل ونحو ذلك لكن الشيخ الأمين رحمه الله يقول: لا يمكن أن يتأتى الشرط هنا والبدل والغاية مخصصات المتصلة تكون مقيدة للمطلق ولا إشكال كلها الأربعة سيأتينا بحثها أما المخصصات المتصلة نقول: الظاهر أنه لا يكون إلا بالوصف الذي يعم الحال فقط الوصف الذي هو النعت عند النحاة ويشمل الحال أيضًا وما عدا ذلك فلا الشرط وبدل البعض والغاية نقول: هذه لا تكون مقيدة للمطلق لماذا؟ لأن المطلق على القولين قلنا: الماهية من حيث هي أو الماهية باعتبار الوحدة غير المعينة في الخارج ليس فيها أفراد يحتاج إلى إخراج والشرط يأتي متى؟ يأتي إذا كان اللفظ له أفراد فيحتاج إلى إخراج بعض الأفراد وكذلك الغاية وكذلك بدل البعض أما الصفة فلا {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} هذا قدر زائد على مدلول اللفظ الأصلي إذن (عَلَى الَّذِي بِالوَصْفِ) نقول: المراد بالوصف هنا ليس كالوصف الذي قلناه فيما سبق فلا يشمل حينئذٍ بدل البعض من الكل وإنما يختص بالوصف الذي هو النعت عند النحاة والحال.

(فَمُطْلَقُ التَّحْرِيرِ فِي الأَيمَانِ) هذا مثال لأي شيء؟ ما اختلف سببه واتحد حكمه (فَمُطْلَقُ التَّحْرِيرِ فِي الأَيمَانِ) تحرير ماذا؟ (أل) هذه عوض عن المضاف إليه (فَمُطْلَقُ التَّحْرِيرِ) عتق الرقبة أو تحرير الرقبة فمطلق عتق الرقبة أو تحرير الرقبة (فِي الأَيمَانِ) في كفارة الأيمان على حذف مضاف أيمان بفتح الهمزة وجمع يمين وهو الحلف (مُقَيَّدٌ) (فَمُطْلَقُ التَّحْرِيرِ) هذا مبتدأ وقوله: (مُقَيَّدٌ). هذا خبر (مُقَيَّدٌ فِي القَتْلِ) يعني: في كفارة القتل بوصف الإيمان إذن عندنا مطلق وعندنا مقيد الرقبة مطلقة في الأيمان في كفارة اليمين {(((((((((((((((((((} [المجادلة:3] وهي أيضًا مقيدة في كفارة القتل {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} [النساء:92] ماذا نصنع؟ قال: (فَيُحْمَلُ). الفاء هذه للتفريع والفاء في البيت السابق (فَمُطْلَقُ التَّحْرِيرِ) هذه فصيحة لعلها تكون فصيحة أنسب (فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فِي التَّحْرِيرِ) دل على كفارة الأيمان (عَلَى الَّذِي قُيِّدَ فِي التَّكْفِيرِ) فحينئذٍ نقول: {(((((((((((رَقَبَةٍ ((((((((((} [النساء:92] في كفارة اليمين يشترط الإيمان في كفارة اليمين وإذا لم نحمله لو حرر رقبة كافرة أجزأ؟ أجزأ إذن هل تجزأ في كفارة اليمين الرقبة الكافرة أم لا؟ المسألة فقهية تقول: هذا مَرَدُّه إلى الخلاف الأصولي من حمل المطلق على المقيد مع اتحاد الحكم واختلف السبب قال: يشترط الإيمان في الرقبة. ومن قال: لا. قال: لا. من قال: لا يحمل المطلق على المقيد إذا اتحد الحكم واختلف السبب. قال: لا تجزئ الرقبة الكافرة في كفارة الأيمان. فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فِي التَّحْرِيرِ** عَلَى الَّذِي قُيِّدَ فِي التَّكْفِيرِ عرفنا هذا إذن هذه ثلاثة مواضع ذكر الناظم مثالاً واحدًا لماذا؟ لما اتحد حكمه واختلف سببه ثم قال: ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ خَصَّصُوا ** وَسُنَّةٌ بِسُنَّةٍ تُخَصَّصُ هذه هي مخصصات المتصلة. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد.

36

عناصر الدرس * ما يحصل تقييد المطلق * المخصصات المنفصلة وأنواعها * حمل الخاص على العام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زال الحديث في بيان الباب الذي تلا باب العام وهو الخاص وذكر الناظم تبعًا للأصل رحمه الله تعالى في الخاص وحده ثم ذكر التخصيص ثم قسم التخصيص مرادًا به المخصص لأنه كما سبق المخصص هو فاعل التخصيص وهو شائع ثم أطلق وأريد به الدليل المبين أو المفيد أن هذا الخاص أو هذا الفرد غير مراد للفظ العام وإلا الأصل في المخصص هو الإرادة كما ذكرناه أنه إرادة المتكلم أراد أن هذا الفرد غير داخل في لفظ العام ما الذي دلنا على هذه الإرادة؟ المخصص إذن المخصص هو دليل الإرادة هذا الأصل ولكن شاع عرفًا عندهم مجازًا إذا أطلق المخصص أريد به الدليل وإلا الأصل المخصص هو الإرادة لأنه لم يرد هذا الفرد الخاص من ذلك اللفظ العام أليس كذلك؟ حينئذٍ نقول: المخصص في الأصل هو: إرادة المتكلم. ثم إرادة المتكلم هذه خفية لا بد من علامة تدل عليها فأطلق المخصص وأريد به الإرادة مجازًا ثم قسم المخصص من هذا الاعتبار إلى متصل ومنفصل. وَمَا بِهِ التَّخْصِيْصُ إِمَّا مُتَّصِلْ ** كَمَا سَيَأتِي آنِفًا أَوْ مُنْفَصِلْ

المتصل هو الذي لا يستقيل بنفسه يعني: يكون مرتبطًا مع العام وهذا خمسة على المشهور عندهم ذكر الناظم منها ثلاثة وهي: الشرط، والصفة، والاستثناء، وبدل البعض من الكل، والغاية. هذه خمسة ولكن لم يذكر الغاية كما ذكر بعض الشراح لعله لا يرى فيها خلاف هل هي من المخصصات أو لا؟ {((((((يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ ((((} [التوبة:29]. وكذلك بدل البعض من الكل هو داخل في معنى الصفة، حينئذٍ يكون كأنه ذكر أربعة وترك واحدًا، علل بأن الجويني لا يرى أن الغاية مخصصة. {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ (((((((((((} [آل عمران:97] كأنه قال: ولله على الناس المستطيعين. وهذا كالصفة ثم شرع في بيان المطلق والمقيد وذكرنا أن المناسبة بينهما أو مناسبة وضع هذا الباب في داخل باب العام أن المطلق عام كما أن العام عام يعني: هذا له شمول وهذا له شمول إلا أن الشمول في العام الاصطلاحي شمول دفعي والشمول في المطلق شمول بدلي والمقيد يوازي الخاص ولذلك ذكر هنا هذا الباب في ضمن باب العام ثم شرع في بيان المخصصات المنفصلة ولهذا حكمة وهو أن المطلق يقيد بما يقيد به العام العَام يخصص بالكتاب، ويخصص بالسنة، ويخصص بالإجماع، ويخصص بالقياس كذلك المطلق يقيد بالكتاب، ويقيد بالسنة، ويقيد بالإجماع، ويقيد بالقياس، ولذلك ذكر الشيخ الأمين رحمه الله أمثله لهذه في ((نثر الورود)) قال: مثال ما قيد من المطلق في الكتاب قوله تعالى: {((((دَمًا ((((((((((} [الأنعام:145]. هذا جاء في موضع مقيد {(((((((((((((((} قيد بالمسفوحية قال: كل دم أطلق في القرآن يقيد بها {(((((((((عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (((((((((} [المائدة:3] الدم مطلق هنا من جهة القلة والكثرة جاء في موضع {((((دَمًا ((((((((((} إذن نقيد هذا بهذا والمسألة فيها خلاف لكن. والشأن لا يعترض مثال ** وقد كفى الفرض الاحتمال

إذن هذا مقيد وهذا مطلق وكلاهما في الكتاب قيد الكتاب بالكتاب، وأما التقييد بالسنة كتقييد إطلاق حد السرقة ما يصدق عليه أنه سرقة قال: {((((((((((((وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا (((((((((((((} [المائدة:38]. السارق مطلقًا ولو سرق مسواكًا؟ نقول: لا مقيد. «لا قطع إلا في ربع دينار». إذن قيد إطلاق السرقة لأنه من جهة قد يقول قائل: كيف يكون هذا من جهة الخاص وهو عام؟ نقول: عام باعتبار الأشخاص السارق يعم كل سارق من جهة ماذا؟ من جهة الأشخاص يعني: لا يخرج شخص ويدخل شخص آخر وإنما الحكم عام على العالم والجاهل والحاكم والمحكوم إلى آخره إذن هو داخل في قوله: {((((((((((((((((((((((((((} أما من جهة السرقة لها قلة ولها كثرة هذا يسمى تقييده يسمى إطلاق هذه يسمى مطلقًا من جهة السرقة قلةً وكثرة نقول: هذا يسمى مطلقًا وباعتبار الأشخاص يسمى عام، إذن لا إشكال قد يكون اللفظ الواحد له جهة عموم وله جهة خصوص من جهة الأشخاص هو عام لأن (أل) هذه موصولية فتعم كل شخص قد أوقع السرقة من جهة مقدار السرقة نقول: هذا مطلق قيد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا قطع إلا في ربع دينار». التقييد بالإجماع كالمثال السابق {(((((((وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ((((} [الكهف:79] كل المفسرون كل المفسرين اتفقوا على أنه مقيد بخصوص الصحيحة الصالحة لذلك قرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والتقييد بالقياس {(((((((((((((((((((} [المجادلة:3] في موضع في كفارة الظهار واليمين {(((((((((((((((((((} قيدت بالإيمان قياسًا على تقيدها في كفارة القتل إذن هذا من قبيل القياس على قول وقيل أنه من قبيل اللغة. إذن المطلق قد يقيد بالكتاب قد يقيد بالسنة قد يقيد بالإجماع قد يقيد بالقياس لهذه المناسبة ذكر المخصصات المنفردة ثانيةً للمطلق والمقيد لأنه يرد السؤال لماذا إذا كان المخصص المتصل والمخصص المنفصل قسمان أو قسمين للمخصص من حيث هو فنقول ماذا لماذا فصل بينهما والأصل أن يكون المخصص المفصل تاليًا للمخصص المتصل؟ نقول: لكون المطلق والمقيد يخصص ويقيد بما يخصص به العام فاشتركا من هذه الحيثية. ثم قال: (ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ خَصَّصُوا). إذن عرفنا أن المتصل ما لا يستقل بنفسه دون العام لا بد وأن يأتي مع العام يعني لا يمكن أن يتصور أن يأتي في موضع اللفظ ويأتي في موضع آخر الشرط بل لا بد أن يكون معه في سياق واحد في آية أو في حديث، أما المنفصل لا لا يستقل بنفسه دون العام يوجد العام في كتاب ويوجد تخصيصه أو الخاص الذي يقيد به في السنة والعكس في العكس وقد يكون اللفظ العام في الكتاب ويأتي تخصيصه بالإجماع أو بالقياس إذن هو منفصل إذن استقل بنفسه. المخصص المنفصل ما يستقل بنفسه (ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ خَصَّصُوا) هو لم يذكر من المخصصات إلا الدليل السمعي وقد ذكروا في جملة مخصصة أنها ثلاثة: الحس، والعقل، والدليل السمعي. الذي هو الشرعي. وسمي مستقله منفصلا ** للحس والعقل نماه الفضلا ثم الحديث ثم الكتاب وخصصوا الكتاب والحديث به ** أو بالحديث مطلقًا فلتنتبه

إذن محصورة في ثلاثة: الحس، والعقل، والدليل السمعي. الذي ذكره الناظم هنا ترك الحس والعقل الحس مجمع عليه أنه يقع التخصيص به أنه يصح أن يكون الحس مخصصًا للفظ العام بمعنى أن الحس يدل على أن بعض أفراد العام غير داخل في العام هذا المراد وهذا معنى التخصيص ما المراد بالتخصيص؟ أن يأتي لفظ يدل على بعض أفراد العام أنها ليست داخلة في لفظ العام وهذا موجود بالحس والمثال المشهور {(((((((((((مِنْ كُلِّ ((((((} [النمل:23] قالوا: {((كُلِّ ((((((} شيء يصدق على كل ما يصدق عليه أنه شيء ولكن هل أوتيت السماوات والأرض والجبال؟ لا، هل أوتيت ملك سليمان؟ الجواب: لا. إذن المراد {(((((((((((مِنْ كُلِّ ((((((} مما يؤتاه الملوك عادة فيكون اللفظ العام قد خصص بالحس هذا مثال وبعضهم يقول: لا ليست مخصصة بالحس هذه الآية وإنما مخصصة أنه من العام الذي أريد به الخصوص وعليه يكون لا تخصيص وأظهر من هذا قوله تعالى: {(((((((((كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ ((((((((} [الأحقاف:25] {(((((((((} أي: الريح عاد {(((((((((كُلَّ ((((((} نقول: بالحس بالواقع المشاهدة لم تدخل السماوات والأرض ولم تدخل الجبال أليس كذلك؟ لأن هذا مدرك بالواقع بالمشاهدة حينئذٍ نقول: {(((((((((كُلَّ ((((((} هذا مخصص بالحس وأنها لم تدمر السماوات والأرض والجبال ونحوها. هذا قول وقيل: لا، مخصص باللفظ. ولكن هذا هو المشهور قوله: {((((((((((((((((}. إذن {(((((((((كُلَّ ((((((} مما أمر بها أمر به ربها إذن ما لم يأمر به كالسماوات والأرض فلا تخصيص لماذا؟ لأنها مأمورة بكل شيء أنها إذا أتت عليه ما تذر {(((تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ((((} [الذاريات:42] إذن هي مأمورة بشيء إذا أتت جعلته كالرميم ما عدا ذلك فليست مأمورة به قيل هكذا وقيل مخصوص بالآية الأخرى لكن المشهور أنها مخصوصة بدلالة الحس بدليل الحس والمراد بالحس الأصل فيه أن الحس يطلق ويراد به الحواس الخمس لكن في هذا الموضع لا المراد به المشاهدة البصرة فقط لأن لو قيل أن النصوص تخصص العمومات عمومات الكتاب والسنة المخصص بالذوق ماذا حصل ماذا يحصل لو قلنا تخصص بالذوق؟ كل عالم كل صاحب بدعة كل صاحب ضلالة يقول ماذا؟ يقول: ذوقي يخصص هذه المسألة أو رأي يخصص هذه المسألة إذن نقول: لا يمكن أن يخصص بالحواس إلا بالمشاهدة وهذا مجمع عليه وما عداه فهو منفي إذن قوله: الدليل الحسي أو التخسيس بالحس المراد به الأصوليين المشاهدة أو الواقع بالمشاهدة ما عدا ذلك فَلا فلا تخصيص بالذوق ولا بالشم ولا باللمس ولا كم هي؟ خمسة الذوق، الشم، السمع، البصر، اللمس. هذه خمسة لا تخصيص إلا بالبصر المشاهدة البصرية وما عداه فلا إغلاقًا للباب لأنه لو فتح الباب لما ترك عام إلا وقد خصصه صاحب بدعة ومن على شاكلته إذن نقول: الأول: الدليل الحسي أجمع العلماء على جواز التخصيص به دليله الوقوع لأن الوقوع يدل على ماذا؟ يدل على الجواز لو قال قائل: ما الدليل؟ نقول: الوقوع ما ذكرناه من الآيتين {(((((((((((مِنْ كُلِّ ((((((} على نزاع فيها و {(((((((((كُلَّ ((((((} نقول: هذا على نزاع أيضًا فيه.

الثاني: العقل تخصيص بالعقل وهذا مختلف فيه لكن مختلف فيه من جهة اللفظ وإلا أجمعوا على صحة أن يأتي أو يدل العقل على أن بعض أفراد العام غير داخل في لفظ العام هذا بالإجماع لكن الخلاف هل يسمى تخصيصًا أو لا؟ الشافعي رحمه الله ينفي هذا يقول: لا لا يسمى تخصيصًا بل هو من العام الذي أريد به الخاص. {((((خَالِقُ كُلِّ ((((((} هذا مخصوص بالإجماع أن الله جل وعلا يطلق عليه أنه شيء {((((شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88] شيء يشمل الله عز وجل {((((أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} [الأنعام:19] إذن أطلق عليه شيء {((((خَالِقُ كُلِّ ((((((} هل هو خالق لذاته؟ نقول: لا إذن ما الذي دل على أن ذاته غير داخلة في هذا النص العموم العقل والدلالة هنا ضرورية لأن دلالة العقل على التخصيص نوعان: ضرورية، ونظرية. ضرورية مثل هذا يستحيل أن يحكم العقل بدخول فرد في ضمن هذا اللفظ لماذا؟ لقيام أن الله جل وعلا عقلاً وشرعًا أنه خالق لذاته وأسمائه وصفاته وما سواه فهو مخلوق هذا لا إشكال فيه إذن إذا جاء لفظ عام فحينئذٍ نقول: دل العقل دلالة ضرورية على أن الله جل وعلا بذاته وأسمائه وصفاته غير داخل في هذا اللفظ هذا من جهة العقل الضروري النظرية يعني: يحتاج إلى ترتيب مقدمات ونتائج مثلوا له بقوله تعالى: {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] من استطاع حج البيت قالوا: من استطاع هذا يشمل الصبي والمجنون لماذا؟ لأنه كما سبق لا بد من الفهم فهم الخطاب والعقل وحينئذٍ دل العقل على أن من لا فهم له لا يمكن أن يكون موجه إليه الخطاب لكن هذا بالنظر لا لضرورة العقل لأن العقل من حيث هو لا يمنع أن يكلف الصبي والمجنون لا يمنع العقل ولكن بالنظر إذا تأمل ونظر ما على المكلف من جهة الصبي أنه يذهب ويأتي إلى آخره وأن المطلوب هو الخشوع وأن يعلم أنه مأمور بهذه العبادة وأن العبودية ترقي من الأدنى إلى الأعلى وأنه يحتاج إلى أن يعلم أن الرب جل وعلا خلق الجنة والنار إلى آخره هذه لا يمكن أن يدركها الصبي وإلا من حيث هو العقل لا يمنع لكن إذا تأمل العقل نظر أن الصبي لا يدرك مثل هذه الأمور حينئذٍ نقول: دليل العقل يكون مخصصًا وله وجهتان: ضرورية، ونظرية. ضرورية قوله تعالى: {((((خَالِقُ كُلِّ ((((((} ونظرية مثل هذه الآية {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} هذا دليل العقل. وسمي مستقله منفصلا ** للحس والعقل نماه الفضلا

ثم قال: (وَخَصَّصُوا بِالسُنَّةِ الكِتَابَا). كما قال هنا: (ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ خَصَّصُوا). المخصِّص من جهة الدليل السمعي وهو الثالث الدليل السمعي إما أن يكون كتابًا وإما أن يكون سنةً كتابًا أو سنةً والكتاب قد يكون مخصِّصًا وقد يكون مخصَّصًا مخصِّص بالكسر هو يخصص غيره لفظ عام وقد يكون مخصَّصًا يعني: دخله التخصيص والسنة كذلك إما أن تكون مخصِّصة بكسر الصاد اسم فاعل وإما أن تكون مخصَّصة بفتح الصاد اسم مفعول اثنان في اثنين بأربعة إذن الكتاب قد يكون مخصِّصًا وقد يكون مخصَّصًا والسنة قد تكون مخصِّصة لغيرها وقد تكون مخصَّصةً إذن القسمة رباعية قسمة رباعية، (ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ خَصَّصُوا) (ثُمَّ) هذا للترتيب الذكري الكتاب المراد بالكتاب هنا القرآن و (أل) هذه للعهد الذهني لأنه غلب استعماله على القرآن {((((((((((((((((((} [البقرة: 2] اسم شرعي. قد يصير علمًا للغلبة ** مضاف أو مصحوب أل كالعقبة

إذن مصحوب (أل) وهو الكتاب هنا متى ما أطلق لفظ الكتاب انصرف إلى القرآن {((((((((((لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ (((((((((((} [الكهف:1] هنا القرآن، {(((((((الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:2] لأن الكتاب في الأصل اسم جنس يقع على كل ما هو مكتوب فعال بمعنى اسم المفعول مكتوب مأخوذ من الكَتْبِ وهو الجمع الكَتْبُ لغةً الجمع يقال تَكَتَّبَ بنو فلان إذا اجتمعوا ومنه سمي لجماعة الخير كتيبة ومنه كتائب معلومة في الجيوش ونحوها (ثُمَّ الكِتَابَ) إذن عرفنا أن المراد بالكتاب هنا القرآن وهذا اسم شرعي غلب على القرآن (ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ) أيهما المخصَّص وأيهما المخصِّص مدخول الباء أو المفعول؟ مدخول الباء مخصِّص بكسر الصاد أحسنت والكتاب المفعول به وقع عليه التخصيص إذن يكون ثم خصصوا الكتاب خصصوا الكتاب إذن دخله التخصيص بماذا خصصوه؟ (بِالكِتَابِ) إذن المخصَّص والمخصِّص هو الكتاب تخصيص الكتاب بالكتاب (خَصَّصُوا) يعني: جوزوا تخصيصه والمراد به الأصوليون يعني: حكم الأصوليون بجواز تخصيص الكتاب بالكتاب وهذا مذهب جماهير أهل العلم أنه يجوز أن يخصص الكتاب بالكتاب بمعنى أنه قد يأتي في الكتاب في القرآن لفظ عام ويأتي في موضع آخر لأنه دليله منفصل لو اتصل به لقلنا هذا تخصيص متصل {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ (((((((((((} هذا لا يأتي مثال معنا لماذا وإن كان في الكتاب لماذا؟ لأنه متصل والمثال أو المحل هنا البحث في المخصص المنفصل إذن يرد في موضع ما من القرآن لفظ عام ويأتي في موضع آخر لفظ خاص ثم لا بد في النظر بين اللفظ العام واللفظ الخاص أن يكون ثَمَّ مخالفة لأن العام والخاص قد يكون بينهما تنافٍ وقد لا يكون ولذلك القاعدة التي عليها جمهور أهل العلم أن العام أن الخاص إذا أفرد بحكم لا يخالف حكم العام لا يعد تخصيصًا لو قال: أكرم الطلبة وأكرم زيدًا. هل هذا تخصيص؟ لا يسمى تخصيص لماذا؟ مع أن زيد فرد من أفراد العام هل يسمى تخصيصًا لماذا؟ لاتحاد الحكم مع كون الفرد الذي حكم عليه وهو الخاص داخل في اللفظ العام هذا لا يسمى تخصيصًا إذن ورد لفظ عام ولفظ خاص هل كل ما ورد لفظ عام وخاص قلنا لا يخصص به العام فحينئذٍ نقول: لا تكرم أحد من الطلبة ولا تكرم إلا زيد خصص الإكرام بزيد؟ نقول: لا ليس هذا هو المراد {((((((((((عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ ((((((((((((} [البقرة:238] نقول: هذا خاص وعام. {((((((((((عَلَى ((((((((((((} عام الخمس {(((((((((((((((((((((((((} هذا يعني: وحافظوا لأنه عطف على تقدير تكرار العامل وحافظوا على الصلاة الوسطى هل يعتبر الأمر الأول ملغي والحكم متقيد بالسابق؟ نقول: لا إذن النظر بين العام والخاص لا بد أن ننظر إلى الحكم هل هو مخالف أم لا؟ إن لم يخالف فالصحيح أنه لا يعد تخصيصًا وإنما يكون ذكر هذا الفرد الخاص بحكم لا يخالف العام للاهتمام به. وذكر خاص بعد ذي عموم ** منبهًا بفضله المحتوم

هذا هو المشهور عند البيانين وعند الأصوليين وهو الأصح إذن ننظر بين الخاص والعام إن اتفقا في الحكم فلا تخصيص إن اختلفا فحينئذٍ يرد الذي معنا يرد اللفظ العام في موضع ما في أنه عام ويأتي في موضع آخر خاص في الحكم قد اختلفا {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] نقول: هذا حكم وهو التربص {(((((((((((((((((((((((((((((} وسبق معنا أن هذا خبر في اللفظ وفي المعنى أمر {(((((((((((((((((((((((((((((} وهذا أبلغ من الأمر لماذا؟ لأن الأمر إذا أمر به قم صلي صم حج نقول: هذا يحتمل أنه قد يقع الامتثال وقد لا يقع لكن إذا جاء بصيغة الخبر وخاصة في الكتاب والسنة لأنه في أعلى درجات البلاغة نقول: إذا ورد في الكتاب والسنة يدل على أن الأمر مستقر استقرارًا كأنه قد وقع وحصل ولا خلاف فيه ولا يحتاج إلى أن يؤمر به إذا ورد الأمر بصيغة الخبر نقول له نكته له فائدة ليست هكذا ارتباطًا وإنما ليدل على أن الأمر المأمور به قد وقع التسليم به وقد وقع الاستقرار به كأنه لا يحتاج أن يؤمر به حينئذٍ قال: {(((((((((((((((((((((((((((((}. يعني: ليتربصن.

إذن هو خبر متضمن للأمر أو لك أن تقول: هو أمر جاء بصيغة الخبر حينئذٍ لا بد من نكتة كما ذكرنا طيب {(((((((((((((((((} هذا لفظ عام يشمل كل مطلقة سواء كانت حامل أو حائض سواء كانت مدخولاً بها أو لا يائسة أو لا نقول: يعم الحكم كل مطلقة لأن اللفظ عام والحكم يصدق على كل فرد من أفراد العام إذن كل مطلقة تعتد ثلاث أيام هذا لفظ العام جاء في آية أخرى {(((((((((((الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4] إذن فرد من أفراد العام السابق {(((((((((((((((((} قد حكم عليه بحكم مغاير للحكم الأول {(((((((((((((((((} يدخل فيه الحوامل ليتربصن أو {((((((((((((بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} وهنا قال الحوامل: {(((يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} حتى {(((((((((أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} حينئذٍ نقول: حكم على هذا الفرد وهو المطلقة الحامل بحكم مخالف للأصل ماذا نصنع؟ نقول: يقصر الحكم على ما عدا الحوامل فحينئذٍ نقول: كل مطلقة تتربص ثلاثة قروء إلا الحوامل فتكون عدتها بقضاء أو بوضع الحلم لماذا؟ لأنه تعارض عندنا دليلان تعارض عندنا دليلان وعام وخاص إما أن نحكم بأن نعمل بالعام والخاص معًا فحينئذٍ المطلقة الحامل عدتها وضع الحمل وثلاثة قروء وهذا باطل لأنه جمع بين متناقضين وإما أن لا نعمل لا بالعام ولا بالخاص فحينئذٍ قد نكون قد أسقطنا دليلين شرعيين وهذا باطل وإما أن نعمل بالعام ونترك الخاص نقول: {(((((((((((((((((} هذا وقع عليه العمل {(((((((((((((((((((((} نقول: هذا مؤول أو نبحث له عن على فحينئذٍ ماذا صنعنا؟ طرحنا أحد دليلين شرعيين لأن الخاص دليل شرعي والعام دليل شرعي فإذا قدمنا العام على الخاص حينئذٍ أسقطنا دليل شرعي لماذا نقول: دليل شرعي؟ لأن الخاص لو جاء وهو خاص دون أن يعارض عامًا لوجب العمل به باتفاق عند من يعتد بقوله ولو جاء اللفظ عامًا دون أن يعارض بخاص وجب العمل به أو لا؟ وجب العمل به إذن كل منهما عند استقلاله وعدم تعارضه مع غيره وجب العمل به فإذا اجتمعا فالواجب العمل بهما معًا فإذا تركنا الاثنين أو عملنا بالاثنين أو قدمنا العام في هذه الصور الثلاث لم نعمل الدليلين متى نعمل الدليلين؟ إذا قصرنا الحكم على ما عدا صورة الخاص فنقول: المطلقات يتربصن ثلاثة قروء فيما عدا الحوامل ثم نأتي {(((((((((((الْأَحْمَالِ (((((((((} الحكم باقٍ على أصله فحينئذٍ نقدم الخاص على العام ونعمل العام فيما بقي بعد التخصيص فحينئذٍ نكون قد جمعنا بين الدليلين وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما إعمال الدليلين متى ما أمكن عند المجتهد وطالب العلم متى ما أمكن أن يعمل الدليلين ولو في بعض الوجوه ولذلك هنا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية له مقولة يقول: معلوم من الأصول المستقرة - جعله من الأصول شيخ الإسلام - ومعلوم من الأصول المستقرة إذا تعارض الخاص والعام فالعمل بالخاص أولى - لأنه جمع بين الدليلين - لأن ترك العمل به إبطال له وإهدار والعمل به ترك لبعض معاني العام لو تركنا الخاص بالكلية أهدرناه وهو دليل شرعي لا يجوز تركه الأصل أنه يجب العمل به وإذا قدمناه على العام عملنا بهذا الخاص وعملنا ببعض العام لأنه متى ما

أمكن الجمع فهو أولى فهو مقدم كما يأتينا في تعارض الأدلة إذن نقول: إذا تعارض لفظ عام مع لفظ خاص في الكتاب في القرآن وكان الحكم مختلفًا بين العام والخاص وجب حمل العام على الخاص أو يقيد العام بالخاص فحينئذٍ نعمل الخاص فيما دل عليه ونعمل العام فيما بقي بعد التخصيص وهذا مذهب جماهير العلماء أنه يخصص الكتاب بالكتاب كذلك الآية نفسها تخصص ببعض أفرادها في المطلقة غير المدخول بها {((((طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:49] إذن {(((((((((((((((((} هذا خص بالحوامل وخص بغير المدخول بها وإذا ثبت نص ثالث ورابع وآخر حينئذٍ نخصص من هذا العام الأفراد التي دلت الأدلة الخاصة بأنها غير مراده بالحكم إذن هل يجوز وهذا سؤال غريب هل يجوز أن يخصص الكتاب بالكتاب؟ نقول: نعم وعليه جماهير أهل العلم وهو الحق لما ذكرناه بالوقوع الوقوع دليل الجواز دائمًا أهل العلم وهو الحق لما ذكرناه بالوقوع الوقوع دليل الجواز دائمًا هذه قاعدة عامة عند الأصوليين وغيرهم حتى عند النحاة والصرفيين هل يجوز كذا؟ نقول: نعم دليله قال الشاعر إذًا وقوع والوقوع دليل دَليل الجواز إذًا وقوعه في الكتاب {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء:11] هذا مخصص مُخصص بماذا؟ هذا مخصص بالسنة لكن التخصيص بالكتاب كما ذكرناه آنفًا كذلك {((((((((((((وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2] الزاني هذا يشمل الأحرار والعبيد والزانية يشمل الحرائر والإيماء هل ورد تخصيص؟ {((((((((أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:25] إذن {((((((((((((} هذا خاص بمن؟ {(((((((((((((كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} هذا هو الحكم خاص بالحرائر أما الإيماء فخرجن بالآية الأخرى إذن هذا تخصيص الكتاب بالكتاب بعضهم قال: لا لا يصح تخصيص الكتاب بالكتاب لا يصح لماذا؟ لأن الله عز وجل يقول لنبيه: {(((((((((((((إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ ((((((((((} [النحل: 44]. وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مبين للقرآن لا يمكن أن يبين القرآن الْقرآن لكن هذا غير جدًا وهذا نسب لبعض أهل الظاهر وجوابه أن يقال قال تعالى: {(((((((((((عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ ((((((} [النحل:89]. إذن لا يحتاج إلى بيان إن فسرنا {(((((((((((((إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ ((((((((} بمعنى إزالة الإشكال ورفع الإشكال والتعارض بين الإجمال ونحوه فحينئذٍ يتعارض مع قوله: {((((((((((لِكُلِّ ((((((}.

كيف هو تبيان ويحتاج إلى بيان؟ لكن المراد {(((((((((((((إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ ((((((((} أي: تبينه وتتلوا عليهم القرآن و {((((((((((لِكُلِّ ((((((} بمعنى أنه واضح ولا يحتاج إلى إيضاح وما ورد من الإيضاح من السنة لا يجعل القرآن كله مجملاً أو أنه لا تثبت أحكامه بدلالة واضحة قد يقع في بعضه إجمال وقد يقع في بعضه عموم يحتاج إلى تخصيص والإجمال يحتاج إلى بيان وهذا لا يخرج القرآن كله عن كونه تبيانًا إلى كونه مجملاً أو أن عموماته لا تكون واضحة الدلالة حتى تحتاج إلى تخصيص إذن لا تعارض بين هذه الآية وبين الوقوع وقد فهم الصحابة كلهم أن الكتاب يخصص بالكتاب ولا إشكال (ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ خَصَّصُوا) خصصوا يعني: حكموا بجواز تخصيصه أو أن الشرع قد خصص الكتاب بالكتاب لأن الحكم قد يكون مسندًا إلى الشرع وقد يكون مسندًا إلى الأصوليين. ثُمَّ الكِتَابَ بِالكِتَابِ خَصَّصُوا ** وَسُنَّةٌ بِسُنَّةٍ تُخَصَّصُ وسنة تخصص بسنة بِسنة الثاني هذا متعلق بقوله: (تُخَصَّصُ). (وَسُنَّةٌ) هذا مبتدأ وجملة تخصص بسنة في محل رفع خبر المبتدأ (وَسُنَّةٌ) نقول: هنا هي في قوة المعرفة بل هي معرفة يعني: يرد الإشكال ولا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تفد وهنا قد أفادت إما من جهة كونها كالعلم لأن السنة أو السنة هذه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أطلقت انصرفت إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فصارت كالعلم وإما لكونها قد علمت باستقرار كلام الأصوليين أنهم إذا أطلقوا السنة هنا المراد به سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإما من جهة الشرع وإما من جهة إطلاق الأصوليين (وَسُنَّةٌ بِسُنَّةٍ) هل تخصص السنة بالسنة؟ قالوا: وقع فيه نزاع كما في تخصيص الكتاب بالكتاب. قال بعضهم: لا يجوز تخصيص السنة بالسنة لأن السنة بيان للقرآن ولا يجوز أن يفتقر البيان إلى بيان. لكن نقول: هذا فاسد بدليلين:

أولاً: الوقوع خصت السنة بالسنة وهذا واقع بكثرة قال - صلى الله عليه وسلم -: «فيما سقت السماء العشر». فيما ما هذا من صيغ العموم اسم موصول بمعنى الذي في الذي سقت السماء العشر يعني: سواء كان وسقًا وسقين عشرة إلى آخره فهو عام كل ما سقته السماء فيه العشر تجد فيه الزكاة وجاء حديث: «لا زكاة فيما دون خمسة أوسق». هذا خاص أو عام؟ خاص لأنه قيد الزكاة بقدر من جهة الكمية معينة إذن ما كان دون خمسة لا تجب فيه الزكاة وحديث: «فيما سقت السماء العشر». الثلاث والاثنين والواحد الوسق فيه زكاة إذن تعارضا أو لا؟ نقول: تعارضا فيخص عموم «فيما سقت السماء العشر». بخصوص حديث: «لا زكاة فيما دون خمسة أوسق». فنقول: الزكاة لا تجب إلا بلغ النصاب خمسة أوسق هذا واقع أو لا؟ واقع، ثم يقال من جهة النظر ما قيل في الكتاب أنه إذا ورد عام في السنة وخاص في السنة إما أن يتركا وهو إما أن يعمل بهما معًا وهذا تناقض وإما أن يتركا معًا وهذا باطل وإما أن يقدم العام على الخاص وهذا إهدار لدليل خاص وإما أن يعمل الخاص وباقي أو ما بقي بعد التخصيص من اللفظ العام وحينئذٍ نكون قد جمعنا بين الدليلين (وَسُنَّةٌ بِسُنَّةٍ تُخَصَّصُ) أطلق الناظم هنا لأنهم ينوعون السنة يقولون: متواترة، وآحاد. إذن كل سنة متواترة أو آحاد تخصص بالسنة فيخصص الآحاد بالمتواتر والمتواتر بالآحاد والمتواتر بالمتواتر والآحاد بالآحاد هكذا؟ (وَسُنَّةٌ بِسُنَّةٍ) نقول: هذا مطلق أطلق الناظم هنا وإذا أطلق يحمل على جميع أفراده والذي يتصور من تخصيص السنة بالسنة نقول: المتواتر بالمتواتر، والآحاد بالآحاد، والمتواتر بالآحاد، والآحاد بالمتواتر، وهذه بعضها فيه خلاف والصواب أنه يخصص السنة بالسنة مطلقًا سواءٌ كانت متواترةً أو آحادًا المتواتر بالمتواتر، والآحاد بالآحاد ولا إشكال لماذا لما سبق أن هذه أدلة شرعية وإذا ثبت الشيء دائمًا قاعدة عامة حتى في المفهوم المخالفة في القياس في الإجماع في المفهوم الموافقة إذا ثبت أنه دليل شرعي تثبت به الأحكام استقلالاً دون تعارض فحينئذٍ إذا تعارض مع غيره فالأصل أن يعامل معاملة دليلين شرعيين متعارضين ولا نحتاج أن نقول هذا أقوى وهذا أضعف هذه علةٌ عليلة وإن كثرت عند الأصوليين وكثير من الفقهاء هذا أقوى وهذا أضعف نقول: لا تعارض بين متواتر وآحاد يقدم المتواتر لماذا؟ لأنه يفيد اليقين ويفيد العلم الضروري أو النظري على نزاع عندهم، والآحاد يفيد الظن مطلقًا عند جماهير الفقهاء حينئذٍ إذا تعارض المتواتر مع الآحاد قالوا: لا، لا يخصص.

ولهذا كثير من الفقهاء لا يخصصون المتواتر بالآحاد بل لا يخصصون الكتاب أيضًا بالآحاد بناءً على هذه التفرقة ولذلك نقول التفرقة هذا من حيث الصنعة لا بأس بها نقول: هذا متواتر وهذا آحاد لكن من حيث ما يترتب عليه من الأحكام التي جاءت من جهة المعتزلة نقول لا هذا يفيد الظن حينئذٍ لا تثبت به العقائد أو أنه لا يخصص به العام القرآن لأنه قطعي إلى آخر هذه التعليلات العليلة نقول: هذه الأحكام المترتبة على هذه القسمة أحكامٌ باطلة بل الآحاد دليلٌ شرعي ولو جاء خبر واحد عن صحابيٍ عن تابعي عن صحابي إلى آخره وأثبت عقيدة يثبت به عقيدة لماذا؟ لماذا نثبت به عقيدة وهو خبر واحد؟ لأنه دليلٌ شرعي وقد أجمع الصحابة على العمل خبرٍ واحد هذا بالإجماع وأما كونه لا يقبل في العقائد والتفرقة بين العمل والعلم بناءً على هذه المصطلحات نقول: هذا التفرقة باطلة ولا يلزم من هذا كما ذكرنا في المجاز والحقيقة لا يلزم من استخدام أهل البدع للمجاز في تأويل وتحريف الصفات نقول: ما في مجاز ما يلزم ممكن أن يقول قائل في مجاز في اللغة ولكن لا يلزم منه أنه تحرف به العقائد ولذلك ابن قدامة سلفي المعتقد وأبو الخطاب سلفي المعتقد مع ذلك يرجحان أن اللغة بل القرآن فيه مجاز ما يلزمهم هذا القول لماذا؟ لأن القول بالتحريف ولا أقول تأويل بتحريف الصفات هذا مبنيٌ ليس على كونها مجاز وإنما المجاز هذا ( .. ) فقط لأنهم أولاً اعتقدوا بعقودهم الفاسدة وأرائهم الساقطة اعتقدوا أنهم لا يفهمون من هذا النص إلا المشابهة {(((((((((((} [المائدة:64] هذه اليد نقول: هل ... في ظاهر النصوص لا ليس هذا بظاهر النصوص إذا أضيفت الصفة إلى الرب جل وعلا لا يشاركها أحد من المخلوقين حينئذٍ لا نفهم {(((((((((((عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (((} [طه:5] واستوى المعنى قعد تقعد هذا لا ما نفهم هذا الشيء فهم فهموا أن الاستواء {(((((((((((عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (((} بمعنى قعد كقعودنا هذا حينئذٍ ماذا نقول: هذا إشكال ماذا نقول: قال: لا نقول: هذا مجاز إذن حرفوا أولاً من جهة اعتقدوا ماذا أن ظاهر النصوص هو التشبيه ثم احتاجوا إلى ...

قالوا: لغة العرب منها ما هو حقيقة ومنهما ما هو مجاز إذن هذا من قبيل المجاز فحرفوا جميع النصوص لا يلزم من هذا نرد نقول: لا ليس ظاهر النصوص هو التشبيه فحينئذٍ إذا أسقطنا هذه العلة العليلة وهذا الدليل الساقط عندهم لو أسقطنا هذا لسلم لنا المجاز هناك كذلك هنا القسمة متواترة وآحاد ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية لم ينكر التواتر هو يقول: يمثل للمتواتر بالمعنوي والمتواتر اللفظي على ما جرى عليه أهل الاصطلاح ولكن ما يترتب عليه من أحكام لكون هذا يفيد العلم وهذا يفيد الظني ثم ترد أحكام بسبب هذا الحكم حينئذٍ نقول: لا حكمكم هذا المبني على كون هذا الحديث أنه آحاد الحكم باطل وكنه آحاد لا مانع منه لا يختلف اثنان عند الذي أخبره بخبر وهم عشرة من خير خلق الله ثم جاءه واحد ولو كان صادقًا هل بينهما مساوى لا يمكن أن يسوى هذا بهذا هذا أمر قطعي لكن إذا جاء الشرع حينئذٍ نقول: لا الصحابة أجمعوا على العمل بخبرٍ واحد حينئذٍ نعمل بما عملوا به والنبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل معاذ في ماذا «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله». هذا معتقد أو لا يكفي هذا الحديث في رد مقولة أهل البدع بأنه لا يقبل الآحاد في صرف العقائد إذن نقول: السنة لا بأس أن نقول هذا متواتر وهذا آحاد، إذن هل يخصص المتواتر بالآحاد نقول نعم يخصص به بالآحاد ولا نقول هذا قطعي وهذا هما دليلان شرعيان لو جاء حديث واحد في العقيدة فضلاً عن غيرها نقول: يقبل ويجب العمل به بإجماع السلف ولم نقل في المسألة خلاف ولا فيه مذهبان حينئذٍ إذا ثبت بدليل واحد وهو آحاد حينئذٍ إذا تعارض مع لفظ العام سواء كان في الكتاب أو في السنة نقول: ماذا يجب العمل بهما فيحمل العام على غير صورة الخاص إعمالاً للدليلين ولكن القاعدة السابقة أو الت .. السابق لأنهما عامٌ وخاص ثبتا بدليلين شرعيين إما أن يعمل بهما معًا أو يسقطا أو يقدم العام على الخاص وهذه ثلاثة باطلة والرابع أن يقدم الخاص على العام مثال لتخصيص السنة بالسنة ذكرناه فيما ذكرناه (وَخَصَّصُوا بِالسُنَّةِ الكِتَابَا) كتاب الذي هو القرآن يخصص بالسنة أو لا نعم يخصص المتواترة باتفاق عندهم والآحاد فيه خلاف بناءً على ما ذكرناه أنه ظني وقطعي إلى آخره وكنا ذكرنا فيما سبق في مسألة يبني عليه كثير من الأحناف وهي دلالة العام على أفراده قلنا دلالة العام الأصح أنها ظنية وهو على فردٍ يدل حتما ** وفهم الاستغراق ليس جزما

يعني: دلالة العام على مسماه الأفراد الأحناف يرون أنها قطعية يعني: إذا قيل {((((((((((((((((((((((((((((} [التوبة:5] زيدٌ مشرك عمرٌو مشرك خالد مشرك دلالة المشركين على زيد قطعية عندهم وحينئذٍ لا يجوز إخراج زيد من المشركين إلا بدليل القطعي وخبر الآحاد عندهم ظني فلا يجوز أن يخصص العام بخبر الآحاد لأنه ظني والصواب أنه دلالة العام على أفراده دلالة ظنية أما أقل الجمع فهذا قطعية ولا إشكال إذا قيل: {((((((((((((((((((((((((((((} هذا أقله ثلاثة دلالة اللفظ على الثلاث قطعية يعني: أقل ما يمكن أن يخصص اللفظ هو ثلاثة اثنان لا واحد لا على الأصح أو الأقرب هذا في لفظ الجمع وما عدا ذلك يصح أن يخصص إلى واحد من جاءني أكرمته من صيغة عموم يجوز أن يخصص إلى واحد لأن اللفظ لا يدل على الجمع حينئذٍ ما عدا الجمع يجوز تخصيصه إلى واحد والجمع أقل الجمع هذا أظهره أحسن إن كان المذهب عند الحنابلة أنه مخصص إلى واحد إذن علة عدم تخصيص الكتاب بالسنة الآحادية عند الأحناف هي مسألة سابقة وقع فيها النزاع هل دلالة العام على أفراده كلها ظنية أو قطعية إذا قيل قطعية حينئذٍ الظني لا يخرج القطعي لأنه ليس في قوته وإذا قلنا ظنية فحينئذٍ لا بأس أن يخصص العام بدليل الظن (وَخَصَّصُوا بِالسُنَّةِ الكِتَابَا) السنة يأتي فيها لفظٌ عام (وَخَصَّصُوا بِالسُنَّةِ الكِتَابَا) الكتاب يأتي فيه لفظٌ عام هنا المخصص هو السنة والكتاب هو المخصص وقول: (بِالسُنَّةِ) يشمل الآحادية والمتواترة إذن يقع اللفظ عامًا في الكتاب ويأتي تخصيصه في السنة وإذا قلنا على كلام أهل الاصطلاح أنه لا يوجد حديث لفظي متواتر إلا «من كذب علي متعمدًا» كيف تكون صور تخصيص العام بالمتواترة؟ كيف يرد هذا إشكال عند الأصوليين إذا قيل: لم يوجد إلا «من كذب علي متعمدًا» ومع السيوطي في كتابه ((المتوتر)) كلها متوتر تواترًا معنويًا أما التواتر اللفظي أنكره المصطلح ورد عليه ابن حجر في ((مقدمة النخبة)) لكن المشهور أنه حديث: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار». ما عدا هذا لا يكون متواترًا فكيف يخصص به عام الكتاب قالوا: هنا النظر إلى ومن التخصيص وهذا أجاب به القرافي دائمًا في هذه القرافي يفتح الله عليه ويسعف الأصوليين ولذلك حتى الشافعية هو مالكي ويسعف الأصوليين كثير من مثل هذه المسائل فيقول: لا العبرة هنا بزمن التخصيص {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:11] {((((أَوْلَادِكُمْ} هذا عام يشمل أولاد الأنبياء وغيرهم جاء حديث «إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة». هذا آحاد ولا متواتر هذا آحاد إذن ليس متواترًا يمثلون لهذا بالمتواتر قالوا: هذا الحديث ومثله «لا يورث القاتل»، «ولا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر».

كلها مخصصات لهذه الآية قالوا: هذه الأحاديث بالنظر إلى زمن الصحابة متواترة وبالنسبة إلينا آحاد وكلام أمروه كما جاء لكن نقول: هذه إجابة الأصوليين أن هذه الأحاديث بالنسبة إلى زمن الصحابة لقلة الرجال أو الراوي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين من روى قد يكون واحد مثلاً أو قد يكون الصحابي نفسه الذي سمعه هو الذي خصص لهذه المسألة قالوا: إذن هذا متواتر لماذا متواتر لأن أفاد العلم اليقيني وكل ما أفاد العلم اليقيني عندهم فهو متواتر لكن أين ... أين العدد؟ لأنهم يدخلون طبقة الصحابة في العدد. وما رواه عدد جمٌ يجب ** إحالة اجتماعهم على الكذب فالمتواتر إذن لا بد من شروط المتواتر أن يكون كل طبقة من طبقات السند إما أربعة أقل ما يمكن أن يقال أو ستة أو عشرة أو أربعين أو سبعين خلاف فيه إذن لا يمكن أن يكون التواتر أو يصح مثال واحد للمتواتر مخصصًا للكتاب لكن ما ذكره الأصوليين نذكره هذه الأحاديث الثلاثة وقعت مخصصة لقوله تعالى: {(((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. حينئذٍ أخرج قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة». نقول: هذا ماذا؟ هذا خاص إذن أولاد الأنبياء لا يرثون إذن أفراد خرجت من قوله تعالى: {(((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} ولو اختلفت الملتين قل «لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر». أخرج اختلاف الملتين فالولد الكافر لا يرث أباه المسلم والعكس بالعكس وكذلك {((((((((((اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} إذن ولو كان قاتلاً نقول: «لا يرث القاتل». أخرج ماذا؟ أخرج القاتل فلا يرث إذن هذه الأحاديث يصلح أن تكون مثالاً للمتواتر يخصص به الكتاب ويصح أن يكون ماذا مثالاً للآحاد كذلك {((((((((لَكُمْ مَا وَرَاءَ (((((((((} [النساء:24] {((((((((لَكُمْ (((} ما صيغ عموم ولو جمع المرأة مع عمتها أو خالتها جاء حديث: «لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها». إذن يعتبر مخصص في زمن الصاحبة قالوا: متواتر هو الآن آحاد (وَخَصَّصُوا بِالسُنَّةِ الكِتَابَا) إذن الدليل نقول: الوقوع وقع أن العام وهو في الكتاب قد جاء مخصصه في السنة ويقال فيه العلة السابقة وهو أن العام والخاص إما أن يعملا إلى آخره ما ذكرناه (وَعَكْسَهُ اسْتَعْمِلْ يَكُنْ صَوَابَا) ما هو عكسه؟ لكن ما المراد بالسنة هنا السنة لها عدة اصطلاحات ما المراد بالسنة وسنة ما أحمدٌ قد واظبا ** عليه والظهور فيه وجب والندب والسنة والتطوع ** والمستحب بعض .. قد نوعوا

ما طلب الشارع فعله طلبًا غير جازم أي إذن السنة هنا عند المحدثين هذا الأصل أقواله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته إذن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يقع مخصصًا لعموم الكتاب وفعله عليه الصلاة والسلام يقع مخصصًا للفعل الكتاب لعام الكتاب وكذلك تقريراته وهذا لم أقف على مثال له يصلح أن يكون مخصصًا لعموم الكتاب ومثل التقريرات الآن هذه تقعد قاعدة عامة ولو لم يوجد لها مثال وهذا يوجد له نظائر لماذا؟ لأن التقرير دليلٌ شرعي تثبت به الأحكام الشرعية عند عدم التعارض فإذا تعارض غيره نقول: دليلان شرعيان يتعارضا فجيري القاعدة العامة لكن بحثها مثال له عند الأصولي فلم نقف على مثال أنه خاص تقريرٌ خاص يخصص اللفظ العام لكن تذكر من جهة القاعدة العامة لكن هل خصص عموم الكتاب بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: نعم {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعز أليس كذلك؟ فدل على أن المراد الزاني والزانية في الآية البكر وليس المحصن. وَخَصَّصُوا بِالسُنَّةِ الكِتَابَا ** وَعَكْسَهُ اسْتَعْمِلْ

(وَعَكْسَهُ) عكس ماذا؟ العام أين يكون في السنة العام يكون في السنة والخاص يكون في الكتاب وهذا وقع في نزاع فنقول: لا الصواب أنه يصح ولذلك استدلوا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله». إذن يجب أن يقاتل كل من لم يقل لا إله إلا الله حتى ولو كان من أهل الكتاب حتى يقول لا إله إلا الله هل هذا على إطلاقه عمومه {((((((يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ ((((} [التوبة:29] هذا خاصة في أهل الكتاب إذن «أمرت أن أقاتل الناس». هذا أخرج من أهل الكتاب ومن سن بهم سنة أهل الكتاب كالمجوز حينئذٍ يكون هذا الحكم مخصصًا بالكتاب حكمٌ عام هي السنة وقد خصص بالكتاب حتى يعطوا الجزية {((((((يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ((((} [التوبة:29] (وَعَكْسَهُ اسْتَعْمِلْ) يعني: استعمل عكسه مخالفه خلافه العكس هنا بالمعنى اللغوي لا المعنى الاصطلاحي (وَعَكْسَهُ اسْتَعْمِلْ) يعني: واستعمل عكسه عكس ما سبق وهو تخصيص الكتاب تخصيص السنة بالكتاب تتدخل الباء على المخصص وتطلق المخصص (اسْتَعْمِلْ يَكُنْ صَوَابَا) (يَكُنْ) قولاً (صَوَابَا) لأنه موافق للواقع، (وَالذِّكْرُ بِالِإجْمَاعِ مَخْصُوصٌ) الذكر مراد به القرآن لأنه يطلق الذكر ويراد به القرآن إيش الدليل {إنا أنزلنا إليك الذكر} []، {(((((أَعْرَضَ عَنْ (((((((} [طه:124] هذا على أحد التفسيرين (وَالذِّكْرُ بِالِإجْمَاعِ مَخْصُوصٌ) (وَالذِّكْرُ) مبتدى (مَخْصُوصٌ) خبر (بِالِإجْمَاعِ) متعلق به إذن يخصص القرآن بالجماعِ يخصص القرآن بالجماع وهذا فيه خلاف هل الإجماع نفسه مخصص أم مستند الإجماع الصواب أنه مستند إجماع لأنه لا إجماع إلا بدليل من كتاب أو سنة وعليه يكون هذه المسألة ترجع إلى القسمة الرباعية لأنه إما أن يخصص الكتاب بالسنة أو العكس أو الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة فحينئذٍ مستند الإجماع الصواب أنه هو المخصص لذلك بعضهم يقول: لا تخصيص بالإجماع بناءً على هذا دليله قوله: {(((((((((((((((((((((((} [النور:2] قلنا {(((((((((} هذا مخصصٌ بقوله: {((((((((أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ (((((((((((} [النساء:25] الآية هذه مخصصة للإيمان من قوله: {((((((((((((}.

ما العلة الفرق بين الحرائر والإيمان الرق وجود الرق وهذه العلة نفسها موجودة في العبد نقص الرق فقيس العبد على الأمة في تنصيص الجلد أو الحد وأجمعوا على هذا فحينئذٍ يستدل قبل القياس بالإجماع على أن حد العبد هو النصف من الحر إذن {((((((((((((} هذا خاصٌ بالحرائر {(((((((((((} خاصٌ بالأحرار خرج الزانية الإيماء من قوله: {((((((((((((} خرج بالنص تخصيص من الكتاب بالكتاب {(((((((((((} خرج العبد بالإجماع قياسًا للعبد على الأمة هذا مثال ولذلك لا يوجد مثال إلا إما أن يذكر معه دليل وإما أن نقول القاعدة العامة لا إجماع إلا بدليل (وَالذِّكْرُ بِالِإجْمَاعِ) هنا خصص وهذا من زيادات الناظم على صاحب الأصل لأنه لم يذكرها الجويني (وَالذِّكْرُ بِالِإجْمَاعِ مَخْصُوصٌ) هنا خص الذكر القرآن إذًا السنة لا تخصص بالإجماع أنه مفهوم أو نقول إذا كان الذكر وهو أعلى وخصص بالإجماع فمن بابٍ أولى أن تخص السنة الأول أم الثاني؟ الثاني هو أولى أن يقال السنة تخصص بالإجماع هل هناك مثال بعضهم ينكر أن يوجد مثال لتخصيص السنة بالإجماع لكن الظاهر أنه في مثال وهو أن حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء». هذا مخصوصٌ بالإجماع ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه، وأما حديث أبي أمامة هذا ضعيف لا يعول عليه وهل الإجماع يصلح أن يكون مصححًا أو لا الصواب أنه لا عند أهل الحديث لا يصحح يعني: إذا أجمعوا ولا حكم ثم جاء حديث أبي أمامة مثل هذا الحكم الذي معنا أجمعوا على أن الماء أن النجاسة إذا وقعت في الماء فتأثر الماء لونه أو طعمه أو رائحته ثم وجدنا حديث ضعيف هل نقول: حديث صحيح هذا لأن معناه صحيح قالوا: لا. فيه خلاف لكن قالوا: لا، لا يصح لأن العبر هنا بالنظر في أحوال السند وهذا لا يصح من جهة السند حينئذٍ لا يصلح أن يكون الإجماع مقويًا للحديث نقول: الحديث ضعيف والإجماع لعله استند إلى نصٍ أظهر من هذا وأصح ولكنه لم ينقل إلينا إذن صح أن تخصص السنة بالإجماع «إن الماء طهور لا ينجسه شيء». هذا عام ولو تغير بالنجاسة نقول: هذا مخصوصٌ بالإجماع والآية أيضًا مخصوصة بالإجماع (كَمَا ** قَدْ خُصَّ بِالقِيَاسِ كُلٌ مِنْهُمَا) القياس الجلي وهذا سيأتينا في موضعه هذا باتفاق أنه يصلح أن يكون مخصصًا للكتاب والسنة ما عداه هذا فيه نزاع والأئمة الأربعة على أنه إذا صح القياس فهو دليلٌ شرعيٌ خاص والقاعدة السابقة أنه إذا ثبت أن دليلٌ شرعيٌ خاص وتعارض مع عام حينئذٍ نقول: لا تعارض بين عامٍ وخاص يحمل الخاص على ما دل عليه ويحمل العام على باقي الأفراده بعد إخراج سورة التخصيص (كَمَا) أي مثل ما (قَدْ خُصَّ بِالقِيَاسِ كُلٌ مِنْهُمَا).

(كُلٌ مِنْهُمَا) يعني: الكتاب والسنة (مِنْهُمَا) يعود على الكتاب والسنة لا على الذكر والإجماع إجماع لا يخصص غير قابل للتخصيص لأنه لا يحتمل حينئذٍ ما لا يحتمل يكون خاصًا وما كان خاصًا لا يقبل التخصيص وإنما الذي يقبل التخصيص هو المحتمل (قَدْ خُصَّ بِالقِيَاسِ) أي: خص بالقياس ما هو الذي خص؟ الكتاب والسنة أين الفاعل؟ (خُصَّ) إيش إعرابه .. .مغير الصيغة أين نائبه (كُلٌ مِنْهُمَا) الضمير يعود على الكتاب والسنة لماذا نقول: لأن القياس دليلٌ شرعيٌ خاص ولذلك لا بد أن يستند إلى نصٍ من كتابٍ أو سنة فروعي فيه عند بعضهم ما روعي في الإجماع فصار ذاك الدليل المعتمد عليه الذي ثبت به الحكم حكم الأصل المقيس عليه كالخمر والتحريم قالوا: صار ذاك دليل المستند إليه هو المخصص لا نفس القياس مثال ما ذكرناه سابقًا تنصيف العبد قياسًا على الأمة، إذن هذه المخصصات المنفصلة سميت منفصلة لأنها مستقلة عن لفظ العام الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة مطلقًا سواء كانت متواترة، أو آحادية، قولية، فعلية، تقريرية، كذلك السنة بالكتاب والعكس، والإجماع يخصص الكتاب، ويخصص السنة والقياس أيضًا يخصص الكتاب والسنة، ونقول: القاعدة هنا يحمل الخاص على العام مطلقًا بدون تفصيل يعني: سواءٌ علم المتأخر منهما أو لا لأن بعض أهل العلم قالوا إذا علم المتأخر فإن كان المتأخر العام فلا يحمل وهو رواء الإمام أحمد أنه لا يحمل بل يعتبر ناسخًا والصواب الذي عليه الجماهير أنه يخص العام مطلقًا متى ما ورد للفظان دليلان أحدهما عام والآخر خاص خص به مطلقًا سواءٌ علم المتقدم أم المتأخر جهل التاريخ أم لا كانا في قوة واحدة قطعي مع قطعي، أو ظني مع قطعي ولا إشكال في هذه المسألة. ونقف على هذا. وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

37

عناصر الدرس * المجمل لغة واصطلاحا وحكمه وأسبابه * البيان لغة واصطلاحا * النص لغة واصطلاحا وحكمه * الظاهر لغة واصطلاحا * المؤول لغة واصطلاحا وشرطه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زال الحديث في ما ذكره الناظم رحمه الله تعالى في نظم الورقات فيما يتعلق بمباحث دلالات الألفاظ وذكرنا أن هذا هو لب علم أصول الفقه أن ينظر الناظر أو الطالب في مباحث دلالات الألفاظ لأن الأمر والنهي والعام والخاص والمطلق والمقيد وكذلك ما سيذكره المجمل المبين والنص والظاهر كل هذه من مباحث دلالات الألفاظ وهي التي يستقى منها ويستنبط بها الأحكام الشرعية فحينئذٍ يتعين الناظر أو على الناظر أن ينظر في هذه على جهة الخصوص وما عدا ذلك من أبواب الأصول والفقه فأمره أخف من هذه المسائل لأن الإجماع والقياس مسائل معدودة ما يحتاجه الفقيه من الإجماعات هذه تعد على الأصابع فيما نقل عن السلف من الإجماعات وكذلك ما يحتاجه من القياس لأن باب القياس كله كما قال الإمام أحمد كالميت يعني: لا يعدل إليه إلا عند عدم وجود النص وقل بل ندر أن توجد مسألة ولا نص يدل عليها إما من جهة المنطوق أو المفهوم ونحو ذلك. قال رحمه الله تعالى: بَابُ الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ

أي سيذكر لك أي هذا باب بيان حقيقة المجمل والمبين، المجمل والمبين متقابلان كما أن العام يقابله الخاص والمطلق يقابله المقيد كذلك المجمل يقابله العام ويُذكر في هذا الفصل أيضًا أو هذا الباب ما يتعلق بالنص والظاهر والمؤول هذه خمسة مباحث يبحث فيها الأصوليون المجمل والمبين والنص والظاهر والمؤول هذه خمسة أنواع لماذا؟ لأن اللفظ من جهة التقسيم العقلي من حيث المعنى إما أنه يدل على معنى واحد لا يحتمل غيره أو يدل على معنيين فأكثر الأول النص ما دل على معنى واحد فقط أو ما لا يحتمل غير معنى واحد هذا هو النص وإن دل على أكثر من معنى أو دل على معنيين فأكثر فإما أن يكون أحدهما أظهر من الآخر حينئذٍ يكون تمَّ معنى راجح ومعنى مرجوح فإذا كان اللفظ في دلالته على معنى أظهر من الآخر فهذا هو الظاهر فإن حمل اللفظ على معناه المرجوح فهذا المؤول ماذا بقي؟ ما استوى فيه المعنيان لأنا قلنا: ما دل على معنيين فأكثر إما أن يكون أحدهما أظهر من الآخر أو لا أو لا يعني يستوي فيه المعنيان أو أكثر حينئذٍ هذا هو المجمل والإجمال يحتاج إلى بيان فحينئذٍ تَمَّ مجمل ومبين إذن قسمة عقلية من حيث النظر فيما أثر من لغة العرب كما ترى أن اللفظ والمعنى هذا مبحث لغوي وليس بشرعي يعني لا تقول: اللفظ يدل على معنى واحد أو معنيين فأكثر أو في أحدهما أظهر هذا قد دل عليه الشرع. لا وإنما هذا مما دل عليه أو استعمل في لغة العرب إذن ثبت أولاً كونه استعمال العرب ثم لما نزل القرآن على القاعدة العامة الكبرى أن ما كان في القرآن فالأصل فيه أنه مما اشتهر وذاع على ألسنة العرب {(((((((((عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (((((} [الشعراء:195] فهذا هو الأصل فحينئذٍ لما كان في لغة العرب ما هو نص وما هو مجمل وما هو يحتاج إلى بيان وما هو المجمل وما هو ظاهر وما هو مؤول حينئذٍ وجد في القرآن كذلك لماذا وجد في القرآن كذلك؟ لأنه نزل بلغة العرب ولغة العرب فيها هذه الألفاظ الخمسة فحينئذٍ ولذلك يرد على داود الظاهر رحمه الله بقوله: إنه لا يقال في القرآن والسنة إجمال لأنه منافي للبلاغة. كما سيأتي نقول: لا لأنه وقع والوقوع دليل الجواز مشاهدة الوقوع دليل جواز ثم قبل ذلك نقول: القرآن نزل {(((((((((عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (((((} فإذا وجد في لغة العرب ما هو مجمل ويذكر الشيء إجمالاً أولاً تتشوق إليه النفس ثم يذكر قيده بعد أن قد وقع في النفس وتتشوق إلى ذلك المعنى حينئذٍ نقول: وجوده في القرآن والسنة لا مانع منه لا من جهة اللغة ولا من جهة الشرع يعني: الشرع لم يرد دليل ينهى عن القول بأن في القرآن مجملاً وإنما نزل {(((((((((عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (((((} فحينئذٍ نقول: هو في القرآن كذلك، إذن عرفنا هذه القسمة باب المجمل والمبين أن المجمل يقابله المبين لأنهما متقابلان لأن المجمل هو ما استوى معنياه أو ما تردد بين معنيين محتملين على السواء كما سيأتي حينئذٍ يحتاج إلى بيان فلذلك قال: (الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ). ويزاد عليه النص لأنه ذكره. وَالنَّصُ عُرْفا كُلُ لَفْظٍ وَارِدِ

إلى آخره وكذلك الظاهر والمؤول وعرفنا وجه القسمة لماذا هي خمسة؟ لأن اللفظ إما أن يحتمل من جهة المعنى ويدل على معنى واحد فقط ولا يحتمل غيره فهذا هو النص. نص إذا أفاد ما لا يحتمل ** غيرًا وظاهرٌ إن الغير احتمل فإن احتمل غيره فإما أن يكون في أحدهما أظهر أو لا؟ الأول: الظاهر. والثاني: المجمل. فإن حمل ما الظاهر حمل على المعنى المرجوح حينئذٍ صار مؤولاً أو ظاهرًا بالدليل كما سيذكره والمجمل يحتاج إلى بيانه. قال رحمه الله: بَابُ الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ

المجمل هذا على وجه مُفْعَل على وزن مُفْعَل فهو اسم مفعول من أُجْمِلَ يُجْمَلُ فهو مُجْمَل إذن فهو اسم مفعول وهو في اللغة بمعنى المجموع يطلق في لغة العرب بمعنى المجموع ومنه أجملت الشيء إجمالاً يعني قولك أجملت الشيء إجمالاً أي: جمعته من غير تفصيل ويطلق أيضًا في اللغة على الخلط والمبهم والمحصل فيقال: أجمل الشيء إذا حصله يعني: أجملت الحساب إذا حصلته. حينئذٍ صار الحساب محصلاً وهو مجمل هذا من جهة معناه في اللغة أما في الاصطلاح فاختلفت عبارات الأصوليين في بيان المجمل لكن من حيث ما ذكرناه من التقسيم السابق يعرف معنى المجمل وإذا دل عليه برسم أو تقسيم حينئذٍ قد لا نحتاج إلى ماذا؟ إلى التعريف لكن ذكر كثير من الأصوليين بعض التعاريف وأجودها في ظني ما ذكره صاحب المختصر التحرير وهو قوله: ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء. ما: هذا لفظ يعني: اسم موصول يصدق على اللفظ، واللفظ هنا في باب الإجمال المجمل قد يكون مفردًا وقد يكون مركبًا لأنه كما سيأتي في أسباب الإجمال أن الإجمال قد يكون في المفردات وقد يكون في المركبات فلا يختص بالمفرد فقط وإنما يكون في المفردات والمركبات إذن قوله: ما. أي: لفظ سواء كان مفردًا أو كان مركبًا والمفرد قد يكون فعلاً، وقد يكون اسمًا، وقد يكون حرفًا بمعنى أنه يشمل أقسام الكلمة الثلاثة: الاسم، والفعل، والحرف. فقوله: ما. هذا من صيغ العموم فيشمل كل لفظ مما وضعته العرب واستعمل في معناه تردد بين محتملين تثنية المحتمل يعني: ما يجوز أن يراد منه لفظ منه معنًى مع إرادة معنى آخر ما يجوز أن يراد منه معنى من اللفظ يعني: يطلق اللفظ في لغة العرب ويراد به معنى مع إرادة معنى آخر حينئذٍ لا يختص ذلك اللفظ بمعنى الواحد دون غيره يعني أنه إذا كان محتملاً لمعنى واحد فقط صار نصًا إذن ما تردد بين محتملين أخرج النص لأن ما لا يتردد بين محتملين هذا هو النص وما تردد بين محتملين فأكثر نقول: هذا مجمل لكن بشرط الذي ذكره وهو قوله: على السواء.

يعني: أن يكون دلالة اللفظ على المعنيين معًا يستوي إطلاق اللفظ على المعنيين معًا ولا يكون ذلك اللفظ في أحد المعنيين أظهر من الآخر لأنه إذا أطلق اللفظ وكان له معنيان فأكثر فإذا انصرف اللفظ إلى أحد هذه المعاني صار راجحًا في معنًى دون المعنى الآخر وهذا هو حقيقة الظاهر لكن يشترط في المجمل بالحكم عليه بأنه مجمل أن يكون اللفظ دالاً على معنيين على السواء فإذا أطلق اللفظ لا تدري أي المعنيين يراد ومنه قرء وهو لفظ مشترك بين معنيين متضادين وهما: الطهر، والحيض {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] قُروء جمع قرء أو قَرء بالفتح أو الضم هل هو المراد هنا في النص الآية المراد به الأطهار أم الحيض؟ هذا يحتمل لأنه في لغة العرب القرء يطلق ويراد به المعنيان على السواء ليس هو في أحدهما أظهر من الآخر حينئذٍ نحتاج إلى دليل خارجي ليعين لنا أن المراد هنا في هذه الآية هو الحيض أو الطهر ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء إذن بين محتملين أخرج النص لماذا؟ لأن له محملاً واحدًا على السواء أخرج الظاهر لأنه هو في أحدهما أظهر من الآخر وأخرج الحقيقة التي لها مجاز لأنه يكون من قبيل الظاهر كالأسد كما سيذكره، الأسد واحد السباع نقول: الأسد في أصل لغة العرب يطلق على الحيوان المفترس لكن له معنى آخر موضوع له وضعًا ثانويًا وهو المعنى المجازي وهو: الرجل الشجاع. إذن الأسد نقول: له معنيان لكن هل دلالة الأسد على معنييه الرجل الشجاع، والحيوان المفترس على السواء؟ الجواب: لا بل هو في أحدهما أظهر متى يكون أظهر في أحدهما؟ إذا جرد عن القرينة الصارفة عن إرادة المعنى المجازي حينئذٍ صار أظهر في معناه الحقيقي وهو إذا قيل: رأيت أسدًا. حينئذٍ جرد عن قرينة تدل على أن المراد بهذا اللفظ الرجل الشجاع فنحمله على معناه الحقيقي وهو الحيوان المفترس لكن لو قلت: رأيت أسدًا يخطب. حينئذٍ اقترن اللفظ بقرينة تدل على أن معناه الظاهر هنا المتبادر إلى الذهن ما هو؟ الرجل الشجاع إذن نقول: دلالة لفظ الأسد على معنييه ليست على السواء بل هو في أحدهما أظهر ولا نحكم بأنه أظهر في المعنى الحقيقي دون المجاز أو العكس لا وإنما نحكم بأن المعنى الحقيقي أظهر إذا جرد عن القرينة ولذلك سبق في معنى الأصل في أول الكتاب أنه يطلق ويراد به -ما أسمعك- الرجحان نعم أحسنت ولذلك مثلنا بقولنا: الأصل في الكلام الحقيقة.

يعني: الراجح عند السامع حمل الكلام على حقيقته دون مجازه وذلك فيما إذا جرد عن قرينة تدل على أن اللفظ قد استعمل في غير ما وضع له في لغة العرب إذن أنا أريد أن أبين أن المعنى الظاهر من اللفظ الذي يكون حقيقةً وله معنى مجازي لا يحكم بمعنى القول الظاهر هو المعنى الحقيقي مطلقًا هكذا لا وإنما يحكم عليه بكون المعنى يحمل على معناه الحقيقي إذا جرد عن قرينة وأما إذا اقترن بقرينة فحينئذٍ نقول: هذا المعنى الظاهر هو المعنى المجاز ولذلك انتقد من جعل التبادر أو الكون المعنى أسبق إلى الذهن أنه من علامات الحقيقي لماذا؟ لأنه قد يكون يعني لا بد من تقييد في ذلك الضابط فإذا قيل: المعنى أو ضابط الحقيقة أن يكون المعنى أسبق إلى الذهن نقول: دون قرينة أما مع القرينة فلا وإنما يكون أسبق إلى الذهن والمعنى المجازي إذن على السواء أخرج الظاهر والحقيقة التي لها مجاز وشمل القول والفعل والمشترك والمتواطأ يعني: الإجمال يكون في القول بأنواعه التي ذكرناها المفرد الاسم والفعل والحرف ويكون في المركب ويشمل الفعل قد يكون فيه إجمال كما مثل بعضهم بقول بعض السلف أو الرواة: جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر. قالوا: هذا فيه إجمال لأنه لا يدرى هل هو سفر طويل أم قصير كذلك اللفظ المشترك والمتواطئ المشترك عند الكثير من الأصوليين هو من قبيل المجمل وهذا بناءً على ماذا؟ بناءً على هل يجوز حمل المشترك على معنييه معًا في وقت واحد أم لا؟ فمن منع حينئذٍ جعل المشترك من قبيل المجمل مطلقًا سواء كان المعنيان مختلفين أو متضادين والأصح في هذه المسألة وما ذهب إليه الشافعي رحمه الله تعالى ونسبه ابن تيمية رحمه الله إلى مذهب الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمة الله عليهم أجمعين أن المشترك إذا علق عليه حكم ولم تكن تمَّ قرينة فيحمل على جميع معانيه لكن بقيد ألا تكون هذه المعاني متضادة بمعنى أنه إذا أمكن حمل اللفظ على كل المعاني فحينئذٍ نقول: الأصل حمل المشترك على جميع معانيه لو قال: عند عين. فنقول: عين هذا يطلق يراد به الذهب والباصرة والجارية إلى آخره فيحمل اللفظ على كل المعاني ولا يختص بمعنى دون الآخر إلا إذا وجدت قرينة حينئذٍ لا إشكال إن وجدت قرينة تعين أحد هذه المعاني فحينئذٍ نحمل المشترك على هذا القرينة وهذا لا نزاع فيه وإنما النزاع فيما إذا أطلق وجرد عن قرينة تعين أحد المعاني فحينئذٍ نقول: الأصح أنه يحمل على جميع معانيه ما لم تكن المعاني متضادة فلو قيل: أقرأت المرأة. هذا إجمال في الفعل أقرأت مأخوذ من القرء وعرفنا أن القرء يطلق على معنيين على السواء وهما: الحيض، والطهر. هل هما مختلفان أم متضادان؟ متضادان لا يمكن أن يجتمعا في وقت واحد بل لا بد أن تكون إما طاهر وإما حائض وليس تَمَّ منزلة بين المنزلتين فحينئذٍ إذا قيل: أقرأت المرأة.

هنا لا يجوز أن يحمل على معنيين فصار مجملاً هذا لا إشكال فيه إذا كان المشترك بين معانيه المضادة ولا يمكن أن يجتمع المعنيان معًا لوجود التنافي والتضاد حينئذٍ لا إشكال في أنه لا بد من قرينة ولا يحمل على كل المعاني بل صار مجملاً ولا بد من دليل خارجي يبين المعنى الذي أريد بهذا اللفظ أو التركيب ولكن إذا لم يكن تَمَّ تنافي فحينئذٍ نقول: الصواب أنه من قبيل الإجمال في شيء بل يحمل على كل المعاني ولذلك من القواعد عند السلف وغيرهم أن اللفظ القرآني يعني إذا جاء لفظ وفسر بعدة تفاسير عن السلف ثابتة فحينئذٍ نقول: القاعدة ما هي أن اللفظ يحمل على كل هذه المعاني إذا لم يكن تَمَّ تنافي بين الأقوال ولذلك قسموا في هذا المقام وفي غيره الاختلاف إلى نوعين: اختلاف تضاد، واختلاف تنوع. ونص شيخ الإسلام ابن تيمية في المقدمة وغيرها أن أكثر ما نقل عن السلف في تفسير القرآن إنما هو من اختلاف التنوع لا من اختلاف التضاد وهذا هو أشبه ما يكون بالمعنى أو اللفظ المشترك وإن لم يكن ثَمَّ نص في كون ذاك اللفظ أنه مشترك وهو اتحاد اللفظ مع تعدد الوضع والمعنى إلا إنه يشمله من جهة المعنى العام ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء قال ابن الحاجب: المجمل ما لم تضح دلالته. هذا هو المشهور عند كثير من الأصوليين بأن المجمل ما لم تضح دلالته وهو ظاهر كل ما لم يكن متضح الدلالة فحينئذٍ صار مجملاً لماذا؟ لأنه إما أن يكون متضحًا أو لا الثاني لا يمكن أن يستقل بنفسه بالفهم فلا بد من الخارجي وكل ما احتاج إلى خارج فهو مجمل ولا إشكال في هذا الحد أيضًا وذهب ابن مفلح والسبكي إلى أن المجمل ما له دلالة غير واضحة لفظٌ أو تركيب له دلالة غير واضحة يعني: في المراد منه يحتمل معنيين فأكثر ولا إشكال في هذا فهذا الحد موافق لحد ابن الحاجب. وابن قدامة رحمه الله عرفه في ((الروضة)) بقوله: ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى. يعني: الإطلاق عن القيد إذا لم يقيد حينئذٍ لا يفهم منه معنى {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} نقول: قروء هذا لا معنى له من جهة ماذا؟ كونه أطلق عن القيد ليدل على أن المراد به هل هو الطهر أم الحيض حينئذٍ لا يفهم منه معنى ولكن نكت على ابن قدامة رحمه الله بأنه لا بد من التقييد ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى معين لأنه لو قيل: ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى صار ماذا؟ صار مهملاً أحسنت صار مهملاً والمهم لا يوصف بكونه مجملاً أو نصًا أو مؤولاً إلى آخره لأن المهمل مُفْعَل مهمل مُفْعَل هذا مأخوذ من الإهمال وهو الترك يعني: أهمل في لغة العرب وترك ذلك اللفظ فلم يوضع له معنى بإزائه فصار مهملاً متروكًا إذن يقيد تعريف ابن قدامة رحمه الله ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى معين لأن قروء وهذا وارد في القرآن نقول: له معنى قطعًا لكن هذا المعنى غير معين لا بد من دليل خارجي يبين هذا المعنى عرفنا حد أو حقيقة المجمل.

حكمه: يجب التوقف في العمل بالمجمل حتى يرد دليل يعين المعنى المراد من هذا اللفظ لأنه رتب عليه حكم شرعي فالعدة مثلاً المطلقات {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} إذا احتمل الطهر واحتمل الحيض كيف يتم العمل والامتثال حينئذٍ يجب أن يتوقف في اللفظ حتى يرد دليل والحمد لله لم يوجد حكم تكليفي في القرآن ولا في السنة رتب عليه وهو مجمل رتب عليه حكم من جهة إيجاب وتحريم وغيره وهو باقٍ على إجماله كما سيأتي بيانه إذن حكم التوقف على البيان الخارجي لا بد من دليل خارجي يبين ويعين المعنى المراد من هذا اللفظ المجمل فلا يجوز العمل بأحد محتملاته إلا بدليل خارج عن لفظه لعدم دلالة لفظه على المراد به وهذا واضح وامتناع التكليف بما لا دليل عليه لأنه لا يمكن أن تكلف المرأة فيقال لها {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ثم لا يعين لها المعنى فتجلس ماذا أطهارًا أم حيضًا؟ ما تدري هذا يمتنع التكليف به ولا تكليف بالمحال وهل هو مجود في الكتاب والسنة جماهير أهل العلم بل يكاد يكون إجماع خلافا لداود الظاهري أنه موجود في الكتاب والسنة يعني: المجمل موجود والآية نص صريح ودائمًا إذا اختلف أو اختلف أهل العلم في وجود الشيء أو نفيه فإذا وجد مثالٌ فحينئذٍ تأخذ هذا المثال دليلاً على الوقوع دليلاً على الجواز لأن مشاهدة الوقوع دليل الجواز هذه قاعدة عامة سواء في الأصول أو في غيره مشاهدة الوقوع يعني: تشاهدها أنت مشاهدة الوقوع دليل الجواز إذن يجوز أن يكون في القرآن ما هو مجمل ويجوز أن يوجد في السنة ما هو مجمل وهذا قول جماهير أهل العلم خلاف لداود الظاهري داود الظاهري علل بعلى يقول رحمه الله: الإجمال بدون البيان لا يفيد. لو أجمل ولم يبين هل أفاد؟ لم يفيد ثم إذا بينه صار معه تطويل أليس كذلك؟ إما المجمل إما أن يبقى هكذا بدون بيان أو يبين بقائه بدون بيان لا فائدة فيه وإذا بين حينئذٍ صار بدلاً أن يقال اللفظ واحد صار لفظين صار معه تطويل رحمه الله ولا يقع في كلام البلغاء ولا يقع هذا في كلام البلغاء فضلاً عن كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -. لكن الجواب أنه واضح كما ذكرناه وأن الشيء قد يوجد أولاً مجملاً فتتشوق إليه النفس فحينئذٍ يدفع إليها الكلام مفصلاً فيكون أوقع في النفس وهذا يجاب به على داود رحمه الله تعالى.

الإجمال له أسباب أسبَاب الإجمال أولاً نقول: الاشتراك في اللفظ المفرد وهذا عند من يمنع تعميم اللفظ على كل المعاني مطلقًا في المعاني المختلفة أو المتضادة يعني في اللفظ المشترك والمشترك سبق معنا مرارًا أنه ما اتحد لفظه وتعدد وضعا ومعنى اللفظ واحد كالقُرء والقَرء واللفظ واحد قاف راء همزة والمعنى متعدد له معنيان: حيض، وطهر. وتعدد الوضع يعني: وضع مرةً أولى للحيض، ووضع مرةً ثانية للطهر، هذا هو المشترك على قولنا السابق أن المشترك لا إجمال فيه إذا كانت المعاني لم تكن متضادة حينئذٍ لا يقال بأن أسباب من أسباب الإجمال الاشتراك في اللفظ إلا بقيد ماذا؟ بقيد التنافي وعدم إمكان حمل اللفظ على كل معناه معانيه على كل معانيه إذن السبب الأول الاشتراك في اللفظ المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه وأكثر الأصوليين على أنه لا يحمل المشترك على كل المعاني لكن ذكرنا أن هذا على خلاف الصواب واللفظ المشترك قد يكون بين معنيين مختلفين كالعين أو بين معنيين متضادين كالقرء والثاني مجمل والأول على الصحيح ليس بمجمل. الثاني: الاشتراك في اللفظ المركب مثلوا له بقوله تعالى: {((((يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة:237] من الذي بيده عقدة النكاح قيل: هذا مجمل حصل من جهة التركيب {((((((((((الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} والذي بيده عقدة النكاح {(((((((بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} {(((((((((عُقْدَةُ النِّكَاحِ} هذه صلة الموصول والذي هنا فاعل والمفعولات معلوم أنها من المبهمات حينئذٍ وقع الإبهام الذي يقع على من؟ على الزوج أو على الولي؟ وقع الإبهام هنا فحصل الاشتراك فترتب عليه الحكم بالإجمال وهذا في اللفظ المفرد أو في التركيب؟ في التركيب لماذا قلنا في التركيب ونحن نقول: {(((((((}؟ نحن نقول: {(((((((} هو المبهم فكيف نمثل بهذا المثال بالتركيب؟ كونه فاعل أحسنت {((((يَعْفُوَ (((((((} قلنا: {(((((((} ليس مستقلاً وإنما ركب في جملة فعلية فحينئذٍ {(((((((} هو فاعل كأنك تقول: قام زيد زَيد هو الذي أحدث القيام {(((((((((((((((((} أحدث ماذا؟ العفو وهذا لا يحصل إلا بتركيب مسند ومسندًا إليه إذن صار {(((((((} محكوم عليه {(((((((((} هو الحكم لذلك قلنا ماذا؟ أن الاشتراك هنا وقع في التركيب فـ {(((((((بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} مشترك بين أن يكون الزوج لأنه هو الذي بيده دوام العقدة والعصمة وهذا رأي أبي حنفية والشافعي و (جرير) وأحمد في أصح الروايتين عنه الجمهور على هذا المراد به من؟ الزوج ويحتمل أن {(((((((بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} هو الولي لأنه هو الذي يعقد نكاح لأن المرأة لا تزوج نفسه وعليه الإمام مالك رحمه الله تعالى هذا النوع الثاني.

الثالث: قد يكون الإجمال بسبب التصريف في الكلمة كما ذكرناه مختار مثلاً مختار مُختار هذا الألف هذه منقلبة عن ياء يحتمل أنه اسم مفعول أو لأنه اسم فاعل لكن الألف هذه لم تبقى على أصل ما حركت عليه الياء أما أن يكون مُخْتَيَرٌ أو مُخْتَيِرٌ بالكسر أو بالفتح فإذا قلت: زيد مختارٌ. نقول: وقع الإجمال. هل زيد اختار غيره أم وقع الاختيار على زيد؟ اللفظ مجمل نقول: زيد مختارٌ. هل هو زيد مختار نفسه اختِير أو أنه هو أوقع الاختيار على غيره؟ يحتمل حينئذٍ لا بد من دليل خارجي يبين ماذا؟ المراد ومثله قوله تعالى: {((((يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة:282]. هذا يحتمل أن يُضَار يُضَارَر يُضَارِر بكسر الراء أو بالفتح يُضَارِر أو يُضَارَر وعليه يكون {((((يُضَارَّ (((((((} إما أنه فاعل أو نائب فاعل وهذا تدرس به نقول: اعرب {((((يُضَارَّ (((((((} يأتيك الظاهر وتقول: فعل فاعل مباشرة وهذا يحتمل نقول: {((((((((} يحتمل أنه فاعل {(((((((((((((((} يحتمل أنه فاعل إذا جعلت يضارِر مبني للفاعل مبني للمعلوم يضارَر هذا مبني لما لم يسم فاعله فيكون كاتب هذا نائب فاعل وليس بفاعل قد يكون الإجمال بسبب حرف ومعلوم أن الحروف لها معاني فحينئذٍ إذا وجد حرف له معنيان فأكثر فيحتمل المعنى أحد أو يحتمل التركيب على أحد معانيه كالواو مثلاً تصف عاطفة أو مبتدئه {(((((يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ (((((((((((((((} [آل عمران:7] هذا مما وقع فيه نزاع {(((((يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ (((((((((((((((} الواو هذه هل هي استئنافية أو ابتدائية أم أنها عاطفة هذا وقع فيه نزاع لماذا؟ لكون الواو لها معنيان فأكثر قد تكون عاطفة فحينئذٍ {(((((يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي (((((((((} يكون الراسخون في العلم مما يعلموا تأويل متشابه لكن بحسب ما يعلمهم الرب جل وعلا ليس على إطلاقه لذلك قيل به هذا القول، ويحتمل أن الواو استئنافية مبتدأة والنحاة قاطبة ينكرون أن تكون الواو استئنافية لكن أكثرهم إذا جاء في الإعراب يقول: الواو للاستئناف للابتداء. لأنها عاطفة مطلق الجمع إذا قيل: استئنافية معناه الكلام ابتدئ جديدًا وحينئذٍ لا يصلح وقوعها في وهذا يشكل في المتون تقع الواو في أول الكلام يقول: كتاب الطهارة وهي ارتفاع الحدث. الواو هذه إيش لها معنى كتاب الطهارة ثم يقول: وهي ارتفاع الحدث. الواو هنا للاستئناف إن جعلت عاطفة عطفت ماذا على ماذا؟ لا بد من التكلف والتقدير الحاصل أن الإجمال وقع في الآية هنا لسبب الواو لأنها محتملة لمعنيين فأكثر ومنه قوله: {(((((((((((((بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6] التيمم {(((((((} يحتمل أنها للتبعيض ويحتمل أنها للابتداء وينبني عليه خلاف فقهي هل يشترط أن يكون تَمَّ اضطراب مأخوذ في اليد أو لا؟ الحذف كذلك مما يكون سببًا في الإجمال الحذف ومنه قوله تعالى: {(((((((((((((أَنْ (((((((((((} [النساء:127] ترغبون في أو عن؟ لأن الراغب يتعدى بفي رغبت في كذا حينئذٍ يصير محذوفًا ورغبت عن كذا أي انصرفت صار مرغوبًا عنه حينئذٍ يحتمل صار في اللفظ.

مَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيَانِ ** فَمُجْمَلٌ قال الناظم رحمه الله: مَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيَانِ ** فَمُجْمَلٌ هذا اتبع فيه صاحب الورقات بأن عرف بأنه عرف المجمل بأنه ما افتقر إلى البيان يعني: ما احتاج إلى بيان فكل لفظ مفرد أو مركب لا تتضح دلالته إلا ببيان فهو مجمل كل لفظ مفرد أو مركب لا تضح دلالته ولا يفهم منه معناه فحينئذٍ صار مفتقرًا إلى البيان فحينئذٍ صار مجملاً وهذا يشمل أو يدخل تحت كل التعاريف السابقة ولذلك أكثر التعاريف التي تذكر في حد الأمر أو النهي وإن وجد من الاعتراضات الكثيرة على بعض الحدود لأنها متقاربة وقل أن يسلم تعريف بل شيخ الإسلام رحمه الله يقول: قل أن يوجد حد في الدنيا - يعني: في جميع الفنون - قد سلم من الاعتراض. وهذا لا إشكال فيه (مَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيَانِ) إذن ما افتقر إلى البيان هذا هو حقيقة المجمل فما هنا اسم موصول بمعنى الذي يصدق على اللفظ المفرد والمركب والمركَب عرفنا مثاله {ويَعْفُوَ الَّذِي} الذي فعله فاعل وحصل الإجمال بالتركيب أو المفرد كالاسم كمختار أو الفعل أو كيضار وهذا في التصريف أو في الحرف كالواو ومن التي ذكرناها في السابق (مَا كَانَ مُحْتَاجًا) أي: مفتقرًا إلى بيان خرج المبين لأن المبين لا يحتاج إلى بيان هو مبين بحد ذاته هو واضح الدلالة يفهم منه معناه الاستقلالي فحينئذٍ نقول: (مَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيَانِ) خرج به المبين لاتضاح دلالته (مَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيَانِ) أي: هو اللفظ الذي يتوقف فهم المقصود منه على أمر خارج عنه إما بقرينة حالية أو بدليل منفصل وقد تكون متصلة وقد تكون منفصلة يعني: المبين قد يكون متصل باللفظ أو النص وقد يكون منفصلاً {((((اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا ((((((((} [البقرة:67] جاء تفصيلها في آية أخرى {((((((((((فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ((((} [البقرة:69] هذا بيان حصل البيان {(((((((((وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] {(((الْفَجْرِ} هذا بيان ولذلك نزلت متأخرة فحينئذٍ نقول: هذا بيان متصل لمجمله وكذلك النص السابق منفصل عن مجمله (فَمُجْمَلٌ) أي: ومجمل مجمل هذا خبر مبتدأ محذوف فهو مجمل والفاء هذه واقعة في واجب المبتدأ أو رابط الخبر بالمبتدأ على القاعدة العامة عند النحاة أن المبتدأ إن كان من صيغ العموم أو فيه معنى العموم جاز اتصال الخبر بالفاء ثم قال: وَضَابِطُ البَيَانِ إِخْرَاجُهُ مِنْ حَالَةِ الإشْكَالِ ** إِلَى التَّجَلِّي وَاتِّضَاحِ الحَالِ كَالقُرْءِ وَهْوَ وَاحِدُ الأَقْرَاءِ ** فِي الحَيْضِ وَالطُّهْرِ مِنَ النِّسَاءِ

(كَالقُرْءِ) هذا مكانه ليس في البيان (كَالقُرْءِ) يعني: فالإجمال كالقرء بضم القاف أو بفتحها لغةً ويجمع على أقراء وقروء جمع قلة أقراء وجمع كثرة قروء وكلاهما بمعنى واحد يحتمل الحيض والطهر ومن خصه بأحدهما دون الآخر هذا تخصيص بدون دليل (كَالقُرْءِ وَهْوَ) أي: الإجمال كالقرء في الاسم المفرد (كَالقُرْءِ وَهْوَ وَاحِدُ الأَقْرَاءِ) معروف أنه واحد الأقراء لكنه أراد ماذا؟ الإشارة إلى الآية وإن كانت الآية جاءت على صيغة جمع الكثرة (كَالقُرْءِ وَهْوَ وَاحِدُ الأَقْرَاءِ) يستعمل لجهة الدلالة في الحيض والطهر فحينئذٍ وقع الإجمال لاستعماله في معنيين متضادين صار اللفظ مشتركًا والاشتراك سببٌ من أسباب الإجمال أثبت أنه مشترك لأنه قال: (فِي الحَيْضِ) (كَالقُرْءِ) في الحيض يعني: يستعمل أو كائن أو ثابت أو محصل في الحيض يعني: مستعمل في الدلالة على الحيض ويستعمل في الدلالة على الطهر قد يكون معناه الحيض وقد يكون معناه الطهر فهما معنيان فاحتمل اللفظ معنيين أو تردد بين معنيين على السواء (مِنَ النِّسَاءِ) من جار ومجرور هذا للاحتراز أو بيان؟ هذا لبيان الواقع ليس بالاحتراز لأن الرجال لا إما الذكر أو الأنثى والذي يحيض ويطهر هو النساء (مِنَ النِّسَاءِ) لكن بعض الحنابلة كان يسمي العزل حيض الرجال ذكره ابن رجب في الذيل في طبقات الحنابلة عن بعض الفصحاء. وَضَابِطُ البَيَانِ إِخْرَاجُهُ مِنْ حَالَةِ الإشْكَالِ

عرفنا المجمل في أحكامه ثم ننتقل إلى بيان الْمُبيَّن بضم الميم وتشديد الياء مفتوحة هذا اسم مفعول بَيَّنَ يُبَيِّنُ يُبَيَّنُ فهو مُبَيِّن وذاك مُبَيَّن اسم فاعل واسم مفعول والكلام هنا في المبيَّن، المُبَيَّن هذا اسم مفعول وهو لغةً الموضح والمظهر البين والمبين نقول: فيهما أنهما في مقابلة المجمل ولذلك قابله الناظم هنا (الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ) ذكر المبين لأنه المجمل فما تقدم للمجمل من تعريفات فخذ ضدها في المبين كل ما قيل في المجمل من تعريف ضده تذكره في المبين فمن ذكر أن المجمل ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء عرف المبين بأنه ما نص على معنى معين من غير إبهام ما نص ما لفظ مفرد لأن القيد قد يكون صفةً وهو مفرد وقد يكون دليلاً منفصلاً مستقلاً جملة فعلية وجملة اسمية ما نص على معنًى معين من غير إبهام من غير غموض وخفاء وإشكال في اللفظ بل هو إذا أطلق اللفظ انصرف إلى معنًى معين وهذا له حقيقة المبين يعني متضح الدلالة واضح المعنى يفهم منه المعنى استقلالاً دون نظر إلى شيء آخر دون النظر إلى شيء آخر لكن هذا يختص على ما ذكره الناظم هنا إذا جعل البيان أو المبين مختصًا بالمجمل حينئذٍ صح هذا الكلام وإلا فلا أو ما فهم منه عند الإطلاق معنى معين هذا على حد من؟ ابن قدامة رحمه الله ما لا يفهم المجمل ما لا يفهم منه معنى عند الإطلاق أو ما لا يفهم عند الإطلاق معنى معين إذن المبين ما هو؟ عكسه ما يفهم منه معنى معين عند الإطلاق انصرف إلى معنًى ولو كان محتملاً إلى معاني أخرى فإذا كان المتبادر منه معنى دون آخر حينئذٍ صار مبينًا البيان الذي هو اسم مصدر بين يطلق على التبيين لأنه يطلق على بيان كما قال الناظم هنا: (وَضَابِطُ البَيَانِ). البيان هذا اسم مصدر بَيَّنَ يُبَيِّنُ تَبْيِنًا وَتِبْيَانًا وَبَيَانًا. أليس كذلك؟ بَيَّنَ هذا فعل مثل خرج مصدره تِبْيَانًا ما فيه بأس أما البيان فهذا اسم مصدر لأنه يشترط فيه المصدر في الفعل أن يكون في الفعل حروف المصدر كان مشددًا لا بد أن يكون مشددًا عَلَّمَ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا.

بَيَّنَ يُبَيِّنُ تَبْيِنًا هذا هو الأصل فإذا قلت: كَلَّمَ يُكَلِّمُ تَكْلِيمًا وكلامَ نقول: كلام هذا اسم مصدر والتكليم هو المصدر بَيَّنَ يُبَيِّنُ بَيَانًا نقول: هذا اسم مصدر إذن البيان الذي هو اسم مصدر بين له اطلاقات ثلاث عند الأصوليين له اطلاقات ثلاث يطلق على التبيين الذي هو مصدر بَيَّنَ وهو فعل مبين يعني: قد يطلق ويراد به المعنى المصدري هذا المراد فعل مبين الذي هو الإخراج ولذلك مر معنا في قواعد الأصول والإخراج هو البيان والمخرج هو المبين هكذا قال، الإخراج هو البيان والمخرج هو المبين إذن فعل المبين هذا هو التبيين لأنه المعنى المصدري والمعنى المصدري هذا لا بد من فهمه لا يكون طالب العلم يأتي كثير جدًا لا بد من حسن تصور ما المراد بالمعنى المصدري فاللفظ إذا قيل: معناه المصدري المراد به التلفظ والكلام المراد به التكلم وفرق بين اللفظ وبين الملفوظ وبين التكلم والكلام الكلام هو الثمرة النتيجة الذي لفظ الملفوظ الذي تسمعه بأذنك هذا ماذا؟ هذا اللفظ إذا كان المراد به اسم المفعول وإذا أريد به التلفظ هو فعل الفاعل إذا تكلم الإنسان فيحرك لسانه وشفتيه ليخرج الحروف من مخرجها فعله هذا تلفظ فعله هو التلفظ وهو التكلم هذا هو الفعل المصدري هذا هو المعنى المصدري وهو فعل الفاعل وأما ما تسمعه أنت فهذا هو الملفوظ به وهو الكلام اللفظ المركب المفيد بالوضع ولذلك الكلام يدرك بالسمع ولا يدرك بالبصر والذي تراه من حركة الفم ونحو ذلك في إخراج المخارج والحروف إلى غير ذلك هذا كلام أو تكلم؟ تكلم فالذي يدرك بالحس بالبصر وهو فعل فاعل هذا هو المعنى المصدري أما ما يخرج من الفم يدرك بالأذن لا بالنظر فهذا أثر فعل فاعل وفرق بينهما فهنا البيان بالمعنى المصدري يطلق ويراد به فعل المبين إذن فعل المبين يسمى بيان فالإخراج يسمى ماذا؟ يسمى بيانًا الإخراج يسمى بيانًا ويطلق معنى الثاني على ما حصل به التبيين وهو الدليل يطلق ويراد به الدليل فالدليل بيان الدليل بيان نقول: {(((الْفَجْرِ} هذا بيان نزل متأخرًا، أليس كذلك؟ {((((((((((فَاقِعٌ (((((((((} هذا متأخر إذن هو دليل وعرفنا الدليل فيما سبق ما يمكن توصل صحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري فحينئذٍ حد البيان هو حد الدليل حده وحده إذن يطلق البيان ويراد به الدليل وهذا رجحه ابن قدامة في ((روضة الناظر)) ونسب إلى كثير من الأصوليين أن البيان هنا المراد به الدليل ويعرف الدليل أو يعرف البيان هنا الذي بمعنى الدليل بما عرف به في السابق ويطلق على متعلق التبيين وهو المدلول ما تعلق به التبيين فعل مبين تعلق بماذا؟ تعلق باللفظ المجمل مثلاً إذا كان واردًا على لفظٍ قد أشكل يحتاج إلى بيان نقول: المعنى والمدلول الذي بين فصار اللفظ مبينًا يسمى بيانًا يعني: يطلق ويراد به المبين فالمبين حينئذٍ الذي جاء دليل ليعين أحد المعاني التي أريد بها اللفظ فصار اللفظ ماذا؟ مبينًا والدليل مبين وبيان ويطلق على المبين بيان هذه ثلاث اطلاقات يطلق البيان على فعل المبين وهو المعنى المصدري ويراد به الإخراج كما سيأتي ويطلق ويراد به الدليل وعليه كثير من الأصوليين ورجحه ابن قدامة في ((الروضة)) ويطلق على

المبين على المبين ولذلك الاختلاف هذه الإطلاقات الأصوليون في بيان في حده بماذا نحده؟ حينئذٍ من أراد الدليل فحده بما حد به الدليل ومن أراد به فعل المبين حده بما يدل على ذلك المعنى ومن أراد به المبين في صيغة اسم المفعول حينئذٍ نقول: حده بحد مفارق لما سبق فقيل هو الدليل فحده حده وهذا اختيار الباقلاني والغزالي والتميمي لصحة إطلاق عليه لغةً وعرفًا يعني: يسمى الدليل بيانًا وهذا لا إشكال فيه والأصل في الإطلاق ماذا؟ الحقيقة حينئذٍ نقول: الأصل في البيان المراد به الدليل والتعريف الثاني ذكره الناظم بقوله: وَضَابِطُ البَيَانِ إِخْرَاجُهُ مِنْ حَالَةِ الإشْكَالِ ** إِلَى التَّجَلِّي وَاتِّضَاحِ الحَالِ أراد به ما عرفه به الجويني رحمه الله في الورقات بقوله: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والظهور والإيضاح. إخراج هذا دليل ولا فعل المصدر ولا؟ المعنى المصدري إخراج إذن عرفنا هنا (وَضَابِطُ البَيَانِ) ضابط هذا اسم فاعل من الضبط ضبط الشيء حفظه بالحزم من باب ضرب ورجل ضابط يعني: حازم. (وَضَابِطُ البَيَانِ**إِخْرَاجُهُ) إذن البيان بمعنى التبيين لا بد أن تقيد البيان بمعنى التبيين يعني: بالمعنى المصدري، (إِخْرَاجُهُ) يعني: إخراج الشيء الذي حكم عليه بأنه مجمل من حيز الإشكال إلى حيز التجلي يكون مشكلاً أشكل الأمر إذا التبس يعني: فيه خفاء لأن اللفظ إذا تردد بين معنيين فأكثر على السواء حصل فيه لبس ولا يدرى أي المعنيين هو مراد بهذا اللفظ فحينئذٍ وقع الإشكال لأنه فيه خلط وفيه لبس ومنه قول القائل: حتى ما أدل أشكل. يعني: اختلط بالدماء. فحينئذٍ نقول: إذا التبس الأمر أشكل فإذا أشكل اللفظ إخراج هذا اللفظ من حيز الإشكال والخفاء وعدم وضوح الدلالة وفهم المراد منه إلى إيضاح المراد منه إلى التجلي إلى الظهور إلى الانكشاف نقول: هذا هو البيان. ولكن بالمعنى ماذا؟ بمعنى التبيين فعل الفاعل فعل المبين وأرد على هذا التعريف أمران:

أولاً: أنه لا يشمل التبيين ابتداءً لا يشمل التبيين ابتداءً لأن أحكام الشرع كلها إما مبينة ابتداءً وإما أنها مبينةً ثانية مبينةٌ ثانية يعني: إما أن يكون على جهة الاستقلال أن يكون أن يقع على لفظ مشكل ثم يرد البيان بل يقع ابتداءً استقلالاً يرد الحكم الشرعي {((((((عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة:196] هذا بيان نص كما سيأتي نقول: هذا بيان أو لا؟ بيان لا شك في ذلك {((((((عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}، «في أربعين شاةً شاةٌ». نقول: هذا بيان أو لا؟ بيان لكنه في هل هو مشكل فيحتاج إلى إيضاح؟ الجواب: لا حينئذٍ نقول: البيان قد يكون بأصل الوضع والمراد به الوضع الشرعي فينزل الحكم أو تنزل الآية أو يتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بنص واضح بين في الدلالة ليس فيه غموض ولا خفاء نقول: هذا بيان ولكنه ابتداء وقد يقع البيان للفظ مشكل يشكل اللفظ ما المراد بهذا اللفظ؟ هل معناه كذا الذي ذكرناه في المجمل فيرد النص معينًا لتلك المعاني فحينئذٍ إذا قيل الإخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي يختص بماذا؟ اختص بماذا؟ اختص بأحد نوعي البيان وهذا ما يسمى عند أهل المنطق تعريف الجامع المانع وحد الحد غير جامع يقال فيه النقل غير جامع لأن المعرف شيئان وهو قد اختص التعريف هنا بشيء واحد فحينئذٍ نقول: هذا الحد غير جامع إذًا اعترض عليه أنه لا يشمل التبيين ابتداءً قبل تكرير الإشكال.

الثاني: أن التبيين أمر معنوي هذا على تعريف ابن الجويني رحمه الله لأنه قال: إخراج الشيء من حيز. والحيز هذا لا يكون إلا في الأجساد الكلام في المخلوقات لا يكوم إلا للأجساد يعني: لا يكون تم استقرار شيء في شيء إلا إذا كان حسيًّا وهذا أمر واضح وبين فحينئذٍ إذا قيل: (إِخْرَاجُهُ) أو إخراج الشيء من حيز الإشكال والإشكال هذا أمر معنوي إلى حيز التجلي والوضوح والظهور وهذا أمر معنوي فكيف يحصل ماذا تحيز هنا؟ قالوا: هذا وارد عليه ولذلك بعضهم يقول: في حيز العدم. وهذا خطأ يخطأ في حيز العدم إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي لكن الناظم رحمه الله أبدل الحيز بقوله: (مِنْ حَالَةِ الإشْكَالِ ** إِلَى التَّجَلِّي) والحالة تأتي كما هو معلوم الحالة في اللغة ما عليه الإنسان من خير وشر حينئذٍ يكون بمعنى الوصف والوصف قد يكون لأمر حسي وقد يكون لأمر معنوي هذا لا إشكال فيه قد يوصف المعنى وقد يوصف الحس فقوله: (إِخْرَاجُهُ). أي: إخراج الشيء أو إخراج المجمل لا بأس والأولى هنا أن يجعل الضمير على المجمل (إِخْرَاجُهُ) أي: المجمل. (مِنْ حَالَةِ الإشْكَالِ) وعدم فهم معناه والمراد بالحال هنا مضنة الإشكال ومحله (إِلَى التَّجَلِّي) قال: (حَالَةِ). وقدر حالة التجلي لأن حال بدون تاء أفصح يجوز التذكير والتأنيث حال وحالة يجوز فيه الوجهان إلى أن ترك التأنيث أصفح من التأنيث لذلك يقال: هذه حال حسنة. حسنة بالوصف بالتأنيث والإشارة إليها بالمؤنث ويقال: تحسنت حال المريض. تحسنت بالتاء على أنه مؤنث حينئذٍ يقال فيه دون تاء بالتأنيث وما كان كذلك الأفصح ترك التاء فيقال مثلاً حال ويؤنث من جهة المعنى وما كان كذلك الأفصح فيه أن لا تلحق به تاء التأنيث لأن تاء التأنيث إنما تلحق ماذا؟ في القاعدة أنها تلحق ما يشتبه أو يشترك فيه الذكر والأنثى فمسلم هذا وصف الإسلام هذا يشترك ماذا فيه؟ الذكر والأنثى حينئذٍ إذا أريد أن يذكر قال: مسلم هذا لا يشمل المؤنث فنحتاج ماذا؟ نحتاج إلى التاء إذًا هذه التاء تاء الفرق لكون الموصوف بهذا اللفظ مؤجل فإذا قيل: مسلمة. لا يشمل المسلم، وإذا قيل: مسلم. لا يشمل المسلمة هذا من جهة اللغة أما في الشرع لا إذا أطلق على مسلم يشمل وإذا أطلق على المسلم هذا الأصل استواء الذكر والأنثى أما في اللغة فلا فما عين بالتاء فيختص فما كان مشتركًا أو معناه مؤنث أو يشار إليه بالتأنيث هذا الأفصح فيه ترك لكن صنع فيه الأمران على حالة لو كان في الأمر حاكمًا على حالة قاله بالتاء حينئذٍ يكون فصيحًا لكن الأفصح ترك التاء. إِخْرَاجُهُ مِنْ حَالَةِ الإشْكَالِ ** إِلَى التَّجَلِّي

يعني: الظهور إلى حال التجلي أي الظهور والوضوح (وَاتِّضَاحِ) هذا عطف تفسير قد يكون العطف عطف تفسير كذبًا ومينًا المين هو الكذب أليس كذلك هذا جائز في لغة العرب لكنه ليس في كلام البلغاء ولم يكن يسمى أو لم يكن اللغة الشائعة الذائعة ولذلك نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله باتفاق على أنه لا يكون هذا النوع من العطف في القرآن لا يكون هذا العطف عطف التفسير عطف العام على الخاص والعكس هذا وارد في القرآن ولا إشكال ولكن عطف التفسير لأنه أريد بهذا العطف أن اللفظ الذي بعد الواو مفسرًا فقط لما قبلها نقل شيخ الإسلام في كلامه على مسألة {(((((((((آَمَنُوا وَعَمِلُوا (((((((((((((} في أوائل الإيمان الكبير أن هذا لا يوجد في القرآن وأظنه نقل اتفاق الله أعلم لمن أنسب (إِلَى التَّجَلِّي وَاتِّضَاحِ) يعني: اتضاح معناه وفهمه بنص يدل عليه من حال أو قال (وَاتِّضَاحِ الحَالِ) هذا تعريف تبع الناظم في صاحب الأصل ويعرف أيضًا بتعريف آخر وهو أشمل يقال في البيان أو المبين ما فهم منه عند الإطلاق معنًى معين بأصل الوضع أو بعد البيان هذا أحسن ما يقال في حد المبين أو البيان بمعنى التبيين ما فهم منه عند الإطلاق معنًى معين لأنه يقابل المجمل، المجمل لا يفهم منه عند الإطلاق معنًى معين هنا يفهم منه ما فهم منه عند الإطلاق معنًى معين ثم ندخل النوعين بأصل الوضع أو بعد البيان بأصل الوضع يعني: أصل الوضع الشرعي لأن الكلام هنا كلامنا في الشرعيات فإذا جاء النص القرآني من السماء مبينًا وواضحًا نقول: هذا بيان وتبين وإن لم يكن تَمَّ مجمل سابق على هذا النص أليس كذلك؟ فحينئذٍ نقول: هذا بيان {((((((((بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:36] هل سبق أنه إجمال؟ ما سبق هل هذا بيان؟ نقول: نعم بيان لا إشكال في هذا لكنه بيان في أصل الوضع فإذا كان ثَمَّ إجمال واشتراك ثم جاء الدليل معينًا لأحد هذه المعاني نقول: هذا دل أو فهم منه المعنى عند الإطلاق بعد البيان فشمل النوعيين شمل النوعين هذا عند الأصوليين وعند جمهور الفقهاء البيان إظهار المراد بالكلام الذي لا يفهم منه المراد إلا به قال ابن السمعاني كما حكاه في ((الكوكب المنير)) وهو أحسن من جميع الحجج لكن السابق أولى ما فهم منه عند الإطلاق معنًى معينٍ ما فهم منه عند الإطلاق معنًى معينٌ بالرفع لأصل الوضع أو بعد البيان. مَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى بَيَانِ ** فَمُجْمَلٌ أي: فهو مجمل (وَضَابِطُ البَيَانِ) بمعنى التبيين لأنه ذكر هذا الحد على جهة الخصوص (إِخْرَاجُهُ) أي: إخراج المجمل. وهذا الحد لأبي بكر الصيرفي وكثير من الأصوليين على رده كثير من الأصوليين على رد هذا الحد وذكره في ((البرهان)) وقال: قد حده بما لا علم له من الأصول. أو كلمة قريبة من هذا، (إِخْرَاجُهُ) أي: إخراج الشيء أو المجمل (مِنْ حَالَةِ الإشْكَالِ) يعني: من مضنة الإشكال ومحله (إِلَى التَّجَلِّي) (حَالَةِ الإشْكَالِ) يعني: خفاء المعنى والمراد من اللفظ (إِلَى التَّجَلِّي) إلى حال التجلي والظهور واتضاح معناه وفهمه وهذا بنصٍ يكون أو قرينةٍ حالية أو ..

كَالقُرْءِ وَهْوَ وَاحِدُ الأَقْرَاءِ ** فِي الحَيْضِ وَالطُّهْرِ مِنَ النِّسَاءِ وعلى القول بهذا إذا ثبت أو على قول أبي بكر الصيرفي في بأن البيان أو المبين هو إخراج الشيء من حالة الإشكال إلى التجلي لتثبت الواصفة فيكون عندنا مجمل ومبين ثم لا مجمل ولا مبين تثبت الواصفة أليس كذلك؟ يكون عندنا مجمل وهو ما تردد بين محتملين على السواء وعندنا مبين لأنه خص المبين بما سبقه إشكال، إذن إذا لم يسبقه إشكال فليس بمجمل ولا مبين فثبتت الواصفة كقوله تعالى: {((((((((بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ (((((((} [النحل:36] الآية نقول: هذا لا مجمل ولا مبين وعلى القول التعريفي الراجح ما فهم منه بأصل الوضع أو بعد البيان نقول: لات واسطة بين المجمل والمبين هل يجوز إلقاء المجمل بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - دون بيان أو لا هذه مسألة تنوع فيها الأصوليون على ثلاثة أقوال: الأصح التفصيل أنه إن تعلق به حكمٌ تكليفي من حلال أو تحريم أو إيجاب أو امتثال مطلقًا نقول: لا يجوز بقائه لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وهذا بالإجماع أهل العلم لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فلو جوز أن يقع مجملٌ وقد أمر المكلف بامتثاله بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الذي يبينه الذي يبين المجمل هو النبي عليه الصلاة والسلام فإذا مات عليه الصلاة والسلام ثم بقي المجل وهو متعلق بالحكم التكلفي كيف يمتثل لا يمكن الامتثال إذن لا يجوز أن يبقى وما عدا ذلك فلا بأس يمكن أن يقال بأن المجمل في غير ما تعلق به حكمٌ تكليفي لأنه لا يتعلق به ضرورة تحتاج إلى بيان ولذلك اختلفوا في {((((((((} [البقرة:1]، {(((((} [طه:] كفا إلى آخره ما المراد بها إذن أصحها لا يجوز إلقاء المكلف بالعمل به ويجوز إلقاء غيره أي: التفصيل بين ما يتعلق به حكمٌ تكليفي فلا يجوز لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وغيره يجوز لعدم وجود الضرورة لبيانه وقيل: لا يجوز مطلقًا. يعني: لا يجوز إلقاء المجمل بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا سواءً تعلق بحكمٍ تكليفي أو لا كقوله تعالى: {(((((((((((((إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ ((((((((((} [النحل:44] هذا عام يشمل ما تعلق به حكمٌ تكليفي ودونه لكن الوقوع يدل على المشاهدة في الوقوع يدل على الجواز. الثالث: يجوز مطلقًا قالوا: لا يترتب عليه محال وهذا بناءً على هل يجوز التكليف بالمحال أو لا والصواب أنه لا يجوز ثم قال رحمه الله: (وَالنَّصُ عُرْفا). هذا هو المعنى أو اللفظ الثالث. وَالنَّصُ عُرْفا كُلُ لَفْظٍ وَارِدِ ** لَمْ يَحْتَمِلْ إِلا لِمَعْنىً وَاحِدِ كَقَدْ رَأَيْتُ جَعْفَرًا وَقِيلَ مَا ** تَأْوِيلُهُ تَنْزِيلُهُ فَلْيُعْلَمَا

(وَالنَّصُ) لغةً الكشف والظهور النص لغة الكشف والظهور أو هو رفع الشيء إلى أقصى غايةٍ له ومنه نصت الظبية رأسها أي: رفعته، ومنه سمي يعني: رفعته وأظهرته ومنه منصة العروس وهو الكرسي الذي يرفع لتظهر عليه، واصطلاحًا: هو ما يفيد بنفسه من غير احتمالٍ منصة العروس هذه قديمة تذكر في المعاجم فليست بأمرٍ محتم كما يظنه البعض هو ما يفيد بنفسه من غير احتمال ما يفيد بنفسه ذكرنا في التقسيم السابق أن اللفظ إما أن يدل على معنًى واحدٍ فقط دون احتمالٍ معنًى آخر أو لا الأول قلنا هذا هو النص وهو ما يفيد معنًى بنفسه بذاته أما المجمل وغيره والمشترك هذا يفيد معنًى لكن لا بنفسه وإنما يحتاج إلى ماذا إلى دليلٍ خارج {(((((((((قُرُوءٍ} [البقرة:228] هذا ما أفاد معنًى بنفسه هو يدل على معنًى ولا شك لكنه لم يفد معنًى بنفسه بل احتاج إلى قرينة إلى دليلٍ منفصل ليعين المراد ما يفيد بنفسه من غير احتمال ما يفيد بنفسه خرج المشترك إذا لم يحمل على كل المعاني فإنه لا يفيد بنفسه بل لا بد من قرينة وخرج اللفظ الصالح للحقيقة والمجاز فلا يحمل على مجازه إلا بقرينة رأيت أسدًا يخطب لا يحمل على معناه المجازي إلا بقرينة عندي عينٌ جاريةٌ لا يحمل على العين الجارية هنا إلا عين قلنا: تعين المراد هنا. عندي عينٌ باصرةٌ حينئذٍ نقول: عين المراد بهما ماذا؟ مراد به العين الباصرة بدليل ماذا الوصف فالوصف قائد هنا فصار ماذا؟ مبينًا فأفاد لفظ عين معنًا معين بنفسه أو بغيره؟ بغيره عندي عينٌ باصرةٌ عندي عينٌ جاريةٌ بالوصف من غير احتمالٍ خرج الظاهر فإنه يفيد معنًا بنفسه لكنه ماذا؟ مع احتمال معنى آخر لأن اللفظ الظاهر له معنيان معنًى راجح ومعنىً مرجوح مثاله {((((((• (((((((} [البقرة:196] {• (((((((} أسماء العدد هذا لا يحتمل تسعة ولا أحد عشر ولذلك الصواب أن العدد له مفهوم له مفهوم ومن قوله أيضًا - صلى الله عليه وسلم -: «في أربعين شاةً» شاة لا يحتمل تسع واحد وأربعين ولا تسع وثلاثين أليس كذلك نقول: هذا نص أفاد معنًى بنفسه أربعون أربعُون فالأربعون أربعون ولا نقص وكذلك العشرة لا زيادة ولا نقص وقيل: هو الصريح في معناه. هذا يختلف عن السابق ما أفاد بنفسه معنًى لكن لا يحتمل معنًى آخر ولو كان بعيدًا وهو الصريح في معناه هذا له ظاهر إذا أطلق اللفظ انصرف إليه لكن له معنًى بعيد معنًى آخر لكنه بعيد لذلك قال: هو الصريح في معناه.

زاد بعضهم وإن كان محتمِلاً أو محتمَلاً في غيره لكن الوجه هنا يكون على جهة البعد لا على جهة القرب، والصريح المراد به ما عرفه بعضهم الخالص الذي لا يشوبوه معنًى يشوش على الذهن فإذا أطلق {((((((((((((وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2] ما الذي يفهمه السامع؟ {((((((((((((وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} ثبوت الحد مئة جلدة على الزاني والزانية لكن ثم تفصيل آخر هذا الظاهر المتبادل ثم تفصيلٌ آخر فيه بعد يحتاج إلى دليل خارجي وهو هل الحكم شامل لكل من البكر والثيب أو لا هذا له دليله مستقل إذن الصريح أي: الخالص الذي لا يشوبوه معنًى يشوش على الذهن فيفهم منه أي: لا يشترط في النص أن لا يحتمل إلا معنًى واحدً الأول الحد السابق والذي ذكره الناظم هنا لم يحتمل إلا لمعنًى واحد هذا شرط في النص لا يسمى النص نصًا ولا يكون النص نصًا إلا إذا انتفى عن احتمال آخر فإن وجد فليس بنصٍ لكن هل هذا كثير وجوده في لغة العرب أو في الشرع هذا بعضهم يرى أنه نادر قليل أن يوجد لفظٌ لات يحتمل إلا معنًى واحد ولا يكون ثم احتمال آخر، مثال الصريح ما ذكرناه سابقًا {((((((((((((وَالزَّانِي (((((((((((((} إلى آخره فهذا نصٌ في أن الزاني يجب عليه الحد وليس بنصٍ في صفة الزاني هل هو بكرٌ أو ثيب هذا معنًى بعيد يحتاج إلى تفصيل وحكم النص أنه يصار إليه ولا يعدل عنه إلا بنسخ يعني: يجب العمل بخلاف هناك المجمل يجب التوقف لا تعمل به حتى يرد المبين لكن العكس يجب العمل بالنص ولا يعدل عنه إلا بنسخ ولا يعدل عنه إلا بنسخٍ هذا إطلاق عن الأصوليين أن النص يراد به ماذا ما يفيد بنفسه من غير احتمال وقد يطلق النص على الظاهر يعني: يستعمل لفظٌ النص على الظاهر. والكل من زينٍ له تجلى نصٌ إذا أفاد ما لا يحتمل ** غيرًا وظاهرٌ إن غير احتمل والكل من زينٍ له تجلى

يعني: كل من زين الذي هو النص والظاهر له تجلى ظهر إطلاق النص عليه فيطلق النص على معناه الخاص ويطلق النص على الظاهر وسيأتي حد الظاهر يطلق النص على الظاهر وهو ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر يحتمل معنيين هو في أحدهما أظهر فإذا أطلق اللفظ صرف إلى المعنى الظاهر ولا يحمل على معناه المرجوح إلا بدليل ولا مانع منه يعني: إطلاق النص على الظاهر لا مانع منه لا لغةً ولا شرعًا فإن النص يرد في اللغة بمعنى الظهور والارتفاع هذا النص كما ذكرناه سابقًا الكشف والظهور يريد النص في اللغة بمعنى الظهور والارتفاع فالنص مرتفعٌ ظاهرٌ في الدلالة ومثله الظاهر لأنه إذا أطلق اللفظ انصرف إلى معناه الظاهر إذًا فيه ارتفاع أو لا فيه ارتفاع لأنه حمل على المعنى الراجح دون المعنى هذا فيه ظهور وفيه ارتفاع أليس كذلك؟ تأملوه وإن كان أدنى طهورًا وارتفاعًا من النص لا شك {((((((• (((((((} [البقرة:196] لا يحمل اللفظ إلا على العشرة على التمام لكن رأيت أسدًا يخطب أو رأيت أسدًا له معنًى ظاهر راجح وله معنًى مرجوح حينئذٍ إذا حمل على معناه المرجح صار مرتفعًا ذاك اللفظ ارتفع بهذا المعنى الذي حمل عليه على المعنى المرجوح ففيه نوع ظهور وفيه نوع انكشاف واتضاح إلا أنه أدنى ظهورًا وارتفاعًا من النص هذا المعنى الثاني الذي يطلق عليه النص ويطلق النص على كل ما دل كل دليل كل ما يفيد المعنى من كتابٍ أو سنة أو قياس أو إجماع ولذلك يقال: ثابت بالنص نص الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمراد بالنص هنا كل ما أفاد ويطلق النص على الوحي على جهة الخصوص الكتاب والسنة فهذه أربعة اطلاقات يطلق النص بمصطلحه الخاص عند الأصوليين ما لا يحتمل إلا معنًى واحد ويطلق النص على الظاهر وحينئذٍ صار ردفيًا له مرادفًا له ويطلق النص على كل ما أفاد كل دليل ثبت به الحكم الشرعي من وحيٍ أو غيره ويطلق النص على الوحي على جهة الخصوص لكن من جهة إطلاق الأصوليين إذا أطلقوا للفظ انصرف إلى المعنى الأول ويكون المعنى الثاني والثالث والرابع هذا من باب التجوز عند الفقهاء على جهة الخصوص وغيرهم على جهة التباعد (النَّصُ عُرْفا) إيش المراد بالعرف هنا عرفًا يعني: في عرف الأصوليين بمعنى أن له حقيقة لغوية وحقيقة عرفية والحقائق العرفية هي .. اصطلاحية هي جعلية قد تكون عرفية في عرف الشارع وقد تكون عرفية في عرف غيره كالأصوليين والنحاة وغيرهم. النَّصُ عُرْفا كُلُ لَفْظٍ وَارِدِ ** لَمْ يَحْتَمِلْ إِلَّا لِمَعْنىً وَاحِدِ

هذا هو الحد الذي ذكرناه بأنه ما يفيد بنفسه من غير احتمال (كُلُ لَفْظٍ وَارِدِ) يعني: ثابت وهذه تكملة ليس داخلة في الحد (لَمْ يَحْتَمِلْ) ذالك اللفظ إلا لمعنًى والمعنى هذا ما يقصد من اللفظ المعنى ما يعني من اللفظ ما يقصد من الشيء إذا أردنا تعميمه للفظ وغيره وإذا خصصناه للفظ فنقول المعنى ما يعني ما يقصد باللفظ وما يقصد باللفظ قد يكون معنىً واحدًا فقط لا يحتمل غيره وقد يكون ما ... معنيين فأكثر إما على جهة الرجحان وإما على جهة السواء وهنا قال: (إِلَّا لِمَعْنىً وَاحِدِ) دون غيره فحينئذٍ خرج ماذا لم (لَمْ يَحْتَمِلْ إِلَّا لِمَعْنىً وَاحِدِ) خرج ماذا؟ المجمل لأنه يحتمل معنيين فأكثر وخرج ماذا؟ الظاهر لأنه .. يحتمل معنيين هو في أحدهما أظهر من الآخر (كَقَدْ رَأَيْتُ جَعْفَرًا) قد رأيت جعفرًا (كَقَدْ رَأَيْتُ) قد حرف وقد حرف ودخل الحرف على الحرف ... كقولك قد رأيت حينئذٍ دخلت على المحذوف مقدم كقولك قد رأيت أو تجعل الكاف اسمية واستعمل اسمًا أي: كاف شبه بكافٍ ثم قال: واستعمل اسمًا يعني: استعمل الكاف اسمًا فصار علم فصار اسمًا حينئذٍ مثل قد رأيت جعفرًا فتصير الكاف خبر لمبتدئٍ محذوف وذلك كقولك وذلك مثل وإذا جعلته جارٌ مجرور والمقدر محذوف كقولك صار خبرًا للمبتدئٍ محذوف يعني متعلقًا بمحذوف (كَقَدْ رَأَيْتُ جَعْفَرًا) جعفرًا هذا لا يحتمل إلا معنًى واحد لأنه علم والعلم ما هو؟ اسم يعين المسمى مطلقا ** علامه كجعفرٍ أتى به كجعفرٍ وخرنقا اسمٌ يعين المسمى مطلقًا دون قيد لا لفظي ولا حسي ولا غيره ولا عقلي علمه يعني: العلم علم الاسم علمه الضمير يعود على الاسم علمه العلم اسمٌ يعين المسمى إذًا لا يحتمل إلا لمعنًى واحد وهو صدق هذا العلم على ذاتٍ واحدة لا يشاركه فيها غيره وإنما الشركة تكون قبل الإطلاق قبل العلم جعفر من حيث هو وضعه العرب ماذا ليطلق علمًا على ذاتٍ مشخصة مشاهدة في الخارج حينئذٍ يحتمل أن زيد ابنه جعفر ومحمد يسمي ابنه جعفر ... جرة هذا صار مشترك لكنه اشتراك لفظي تعدد فيه الوضع لكن إذا عين نزل على ذات فحينئذٍ لا يمكن أن يدخل تحت هذا الاسم غيره فذات جعفر وذات جعفر الآخر حينئذٍ لا يمكن أن يكون بعض مسمى جعفر هو بعض مسمى جعفر الآخر لاحتمال لعدم احتمال الشركة (كَقَدْ رَأَيْتُ جَعْفَرًا) إذًا الأعلام هذه نص ومنها أسماء العدد على ما ذكرناه في السابق هذا هو المشهور. وَقِيلَ مَا ** تَأْوِيلُهُ تَنْزِيلُهُ فَلْيُعْلَمَا

(وَقِيلَ) في حد النص (قِيلَ) هذا من باب التضعيف حكا هذا القول وضعفه (وَقِيلَ) في حد النص (مَا) أي: لفظٌ (تَأْوِيلُهُ) أي: حمله على معناه وفهمه منه، (تَنْزِيلُهُ) أي: يحصل بمجرد نزله وسماعه بمعنى أنه إذا أطلق اللفظ انصرف ذهن السامع إلى ماذا إلى معنى قال: هذا نص ولو احتمل غيره حينئذٍ (وَقِيلَ مَا) أي: لفظٌ (تَأْوِيلُهُ تَنْزِيلُهُ) (تَأْوِيلُهُ) يعني: حمله على معناه وفهمه منه (تَنْزِيلُهُ) يعني: يحصل بمجرد نزوله وتلفظ اللفظ به وحصوله هل يعلم تأوليه تنزليه فهو بمجرد ما ينزل ويحصل يفهم معناه ولا يتوقف فهمه على أمرٍ خارجٍ عنه لكن الأول أشهر وهذا فيه احتمال (فَلْيُعْلَمَا) هذا من باب التتميم (فَلْيُعْلَمَا) الفاء هذه احتمل أنها للتفريع يعني: إذا ذكر لك حد النص (فَلْيُعْلَمَا) الألف للإطلاق ولا ... أحسنت نعم أحسنت الألف هذه لا تكون للإطلاق (فَلْ) اللام هذه جازمة فيكون آخره سكون وألف الإطلاق إنما تلحق ما كان مفتوح وهنا الفتح هذا فتح بناء وليس بفتح إعراب فتح بناء حينئذٍ فليعلمن هذا الأصل فالألف هذه بدل عن نون التوكيد الخفيفة والفاء هذه الظاهر أنها للتفريق أو العطف أو زائدة من باب التتميم ثم انتقل إلى بيان الظاهر قال: وَالظَّاهِرُ الَّذِي يُفِيدُ ما مَنْ سَمِعْ ** مَعْنىً سِوَى الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ وُضِعْ كَالأَسَدِ اِسْمُ وَاحِدِ السِّبَاعِ ** وَقَدْ يُرَى لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ وَالظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ أَشْكَلَا ** مَفْهُومُهُ فَبِالدَّلِيلِ أُوِّلَا وَصَارَ بَعْدَ ذَلِكَ التَّأْوِيْلِ** مُقَيَّدًا فِي الِاسْمِ بِالدَّلِيلِ

يعني: ذكر ظاهر بعد أن ذكر لنا النص لماذا؟ لأن النص قدم النص على الظاهر لأنه أقوى لأنه لا يحتمل إلا معنًى واحدًا على ما ذكره المصنف الناظم فحينئذٍ ما احتمل معنيين ولو كان في أحدهما أظهر يكون أدنى مرتبة إذًا النص أقوى ثم هما يشتركان في وجوب العمل في وجوب العمل يعني: يجب العمل بالنص ولا يعدل عنه إلا بنسخ ويجب العمل بالظاهر فاتحدا واشتركا اتحدا واشتركا نقول: الظاهر في اللغة في لغة العرب الظاهر هذا اسم فاعل من الظهور من ظهر الظاهر لغةً خلاف الباطل عندنا باطل وظاهر إذًا هو خلافه خلاف الباطل وهو الواضح المنكشف ومنه ظهر الأمر إذا اتضح وانكشف ويطل الظاهر على الشيء الشاخص المرتفع هذا جبلٌ ظاهر يعني: شاخص مرتفع سواءٌ كان في الارسام أو ي المعاني كالجبل والبيت هذا ظاهر يعني: مرتفع وفي المعاني تقول: هذا المعنى أظهر من ذاك المعنى وأما في الاصطلاح فحده هو من سبق إلى فهمٍ منه عند الإطلاق معنًى مع تجويز غيره ما سبق إلى الفهم منه عند الإطلاق معنًا مع تجويز غيره ما سبق هذا خرج به المجمل ما اسم موصول مع الذي يعني: لفظ سبق إلى الفهم من اللفظ خرج منه خرج بهذا القيد المجمل لأن المجمل لا يسبق إلى الفهم منه معنى لا يسبق إلى الذهن منه معنًى واشترك معه ماذا النص عند الإطلاق خرج ما فهم منه معنًى بقرينةٍ كالمجاز رأيت أسدًا هذا يحتمل إذا قلت رأيت أسدًا يخطب تعين وسبق منه فاء المعنى أو سبق إلى الذهن معنى معين لكنه بقرينة مع تجويز غيره أخرج النفس لأن قوله: ما سبق إلى فهم منه عند الإطلاق معنى اشترك معه النص فاحتجنا إلى إخراجه والأظهر من هذا التعريف أن يقال ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر هذا أقصر وأوضح ما احتمل معنيين خرج النص ودخل معنا المجمل هو في أحدهما أظهر خرج المجمل حكمه أنه يصار إلى معناه الظاهر ولا يجوز تركه إلا بتأويلٍ صحيح يعني: إذا كان للفظ معنيان هو في أحدهما أظهر يجب حمل اللفظ والحكم الشرعي المعلق على ذلك الظاهر على معنى الراجح المتبادر إلى الذهن وأما المعنى الذي يحتمله اللفظ وهو مرجوح هذا لا يجوز حمل اللفظ عليه إلا بدليلٍ صحيح حينئذٍ يسمى مؤولاً إذا حمل على معناه المرجوح قال هنا: (وَالظَّاهِرُ) عرفنا معناه لغةً قال: (الَّذِي يُفِيدُ ما مَنْ سَمِعْ ** مَعْنىً) هذا البيت في ركة (وَالظَّاهِرُ) يعني: في اصطلاح الأصوليين هو (الَّذِي يُفِيدُ ما مَنْ سَمِعْ) هو (الَّذِي) اللفظ (يُفِيدُ ما مَنْ سَمِعْ) يفيد سماعه فنجعل ما هنا مصدرية نجعل ما مصدرية وسمع هذا مغير الصيغة هو يفيد سماعه يعني: من جهة المعنى الراجح بأن وضع وضعًا حقيقيًا له (مَعْنىً سِوَى الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ وُضِعْ) سوى المعنى الذي وضع له في لغة العرب لكن هذا في فيه ركة (وَالظَّاهِرُ الَّذِي يُفِيدُ ما مَنْ سَمِعْ) يفيد سماعه إذا سمع السامع معنًى سوى المعنى الذي وضع له في لغة العرب لكن نقول: الظاهر له معنيان احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر المعنى الراجح والمعنى المرجوح كلاهما وضع له في لغة العرب فإذا قيل أسد معناه الحقيقي ومعناه المجازي كلاهما وضع في لغة العرب فكيف يقال هنا ما يفيد سماعه معنًى سوا المعنيان يعني: غير

المعنى الذي وضع له إلا اللهم إذا قيد الظاهر هنا بالحقيقة والمجاز فحينئذٍ يكون نفي المعنى الذي وضع له المراد به الوضع الأولي لا المعنى لا الوضع الثانوي ولذلك مثل (كَالأَسَدِ اِسْمُ وَاحِدِ السِّبَاعِ) إذن قوله: الَّذِي يُفِيدُ ما مَنْ سَمِعْ ** مَعْنىً سِوَى الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ وُضِعْ يعني: وضعًا أوليًا فيحمل على معناه الذي وضع له وضعًا ثانويًا وهذا خاصٌ بالحقيقة والمجاز وليس الظاهر خاص بالحقيقة والمجاز بل الظاهر يستعمل في معناه المرجوح بدليلٍ ويكون حقيقةً ولذلك نقول: {(((((((((((إِذَا قُمْتُمْ إِلَى (((((((((((} [المائدة:6] هذا ظاهره ماذا إذا قام للصلاة كبر {(((((((((((((وُجُوهَكُمْ ((((((((((((((} [المائدة:6] وهذا ليس بالمراد فنحمل اللفظ على المعنى المرجوح المعنى الثانوي وهو إذا أردتم أو عزمتم على القيام إلى الصلاة استعمال {(((((قُمْتُمْ إِلَى (((((((((((} في الإيراد هذا اصطلاح لغوي ومعلوم من لغة العرب وليس بمجاز حقيقي وليس بمجاز وعلى كلام الناظم هنا هذا اللفظ ليس بداخل في الحد فظاهر كلام الناظم هنا أنه أراد به ما استعمل في معناه الثانوي وهو المجاز وليس الظاهر خاص بالمجاز والظاهر في اصطلاح أهل الاصطلاح هو الذي يعني: هو اللفظ (الَّذِي يُفِيدُ ما مَنْ سَمِعْ ** مَعْنىً) هذا المعنى غير المعنى الذي وضع له في لغة العرب من الذي وضعه حينئذٍ يتعين أن نحمله هنا (سِوَى الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ وُضِعْ) أي: الوضع الأولي فاستعمل فيما وضع له ثانية بدليل البيت الآخر الذي قال: (كَالأَسَدِ اِسْمُ وَاحِدِ السِّبَاعِ) (كَالأَسَدِ) يعني: وذلك كالأسدي (اِسْمُ وَاحِدِ السِّبَاعِ) الحيوان المفترس فإنه راجحٌ في الحيوان المفترس هذا لا إشكال فيه لأنه المعنى الحقيقي الذي وضع له في لغة العرب ولا صارف له عنه (وَقَدْ يُرَى) قد يعمل أو يستعمل أو استعملوا (لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ) يعني: في المعنى المرجوح وهو الرجل الشجاع لأنه معنى المجاز له يعني: لفظ أسد ولا صارف إليه يعني: إذا أطلق لفظ الأسد حمل على ما وضع له أولاً في لغة العرب ولا يحمل على المعنى الثانوي الذي هو المرجوح الرجل الشجاع إلا بدليل وقرينة حينئذٍ إذا قيل رأيت أسدًا على مذهب البانيين رأيت أسدًا يحمل على ماذا؟ ... على الحقيقة وهو الحيوان المفترس ولا يجوز مع كونه يستعمل في ماذا في لغة العرب في الرجل الشجاع ولا يجوز حمله على الرجل الشجاع إلا إذا ثم قرينة أسدًا يخطب الأسد الحيوان المفترس ما يخطب حينئذٍ نقول: خَطَبَ يَخْطُبُ خُطْبَةً، وَخَطَبَ يَخْطُبُ خِطْبَةً، وبعضهم يلحن يقول خَطَبَ يَخْطُبُ وَخَطَبَ يَخْطِبُ بكسر الطاء هذا غلط بل هما سيان في الماضي وفي المضارع وإنما الفرق في المصدر الفرق في المصدر خَطَبَ يَخْطُبُ نَصَرَ يَنْصُرُ خِطْبَةً خِطْبَة المعلومة النكاح وَخُطْبَةً رأيت أسدًا يخطب ... خُطْبَةً حينئذٍ نقول: المراد به الرجل الشجاع ولا يحمل على الحيوان المفترس أبدًا ولا يحمل على كونه عاقد النكاح هذا قطًا لا إشكال فيه. كَالأَسَدِ اِسْمُ وَاحِدِ السِّبَاعِ ** وَقَدْ يُرَى لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ

ثم قال: (وَالظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ) السابق الذي هو ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر (حَيْثُ أَشْكَلَا ** مَفْهُومُهُ) (حَيْثُ) هذا للقيد حيث قيدية حيث هنا للتقييد (حَيْثُ أَشْكَلَا**مَفْهُومُهُ) أشكل الأمر أشكل (أَشْكَلَا) الألف للإطلاق وأشكل من باب أفعل ومصدره الإفعال أشكل الأمر التبس أشكل هذا فعلٌ ماضي (مَفْهُومُهُ) هذا فاعله يعني: بأن حمل على الاحتمال المرجوح (فَبِالدَّلِيلِ أُوِّلَا) أولا بالدليل أول بالدليل يعني: إذا امتنع حمل الظاهر على معناه الراجح حملناه على معناه المرجوح هذا مرادهم. وَالظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ أَشْكَلا ** مَفْهُومُهُ يعني: مفهومه المراد به ماذا هنا المعنى الراجح (حَيْثُ أَشْكَلا) التبس حمل اللفظ على معناه الراجح (فَبِالدَّلِيلِ أُوِّلا) يعني: أول بالدليل وهذا ما يسمى بالمؤول إذًا عندنا المجمل والمبين والنص والظاهر بقي المؤول وهذا هو خاتمة الباب (فَبِالدَّلِيلِ أُوِّلا) نقول: التأويل مصدرٌ من آل الشيء يئول إلى كذا بمعنى رجع إليه فالتأويل في اللغة هو الرجوع التأويل في اللغة هو الرجوع ومنه قوله تعالى: {((((((((((((((تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:7] أي: طلب ما يؤول إليه معناه وهو مصدر أولت الشيء إذا فسرته لأنه من آل إذا رجع لأنه رجوعٌ من الظاهر كيف يكون الرجوع هنا لأنه رجوعٌ من الظاهر المعنى الراجح إلى ذلك الذي آل إليه في دلالته فحصل رجوع الأصل أن يحمل اللفظ على المعنى الراجح أنت رجعت وحملت اللفظ على المعنى المرجوح لذلك صار التأويل صار تأويلاً وهذا التأويل له عند السلف معنيان، وله عند الخلف معنًى اصطلاحي له معنًى اصطلاحي، أما عند السلف فله معنيان: الأول: تأويل الكلام بمعنى ما أوله إليه المتكلم أو ما يؤول إليه الكلام ويرجع والكلام إنما يرجع ويعود إلى حقيقته وهو نوعان إنشاءٌ وإخبار هذا سبق شرحناه في ((منظومة الزمزمي)) ومن الإنشاء الأمر فتأويل الأمر ما هو؟ ... امتثاله أحسنت تأويل الأمر امتثاله يعني: فعل المأمور به لذلك جاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم وبحمدك الله اغفر لي» يتأول القرآن. لأنه قال في سورة النصر: {(((((((((بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (((} [النصر:3] يتأول القرآن يعني: امتثل فعل المأمور إذًا هذا نقول: تأويل آل الأمر إلى الامتثال إذًا تأويل الأمر الذي هو الإنشاء الامتثال امتثال المأمور به وتأويل الأخبار أو الإخبار هو وقوع عين المخبر به إًّذا جاء زيدٌ سأضربه تأويل هذا الخبر ما هو إيقاع الضرب فإذا ضربته بالفعل نقول هذا تأويل هذا الكلام وهو وقع عين المخبر به كقوله تعالى {((((يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ (((((((} [الأعراف:53] الآية {((((((يَأْتِي ((((((((((((} يعني: تحقيق ذلك اليوم الموعود فيقع ما أخبر الرب جل وعلا بوقوعه في ذلك اليوم سمي ماذا؟ سمي تأويلاً.

المعنى الثاني: للتأويل عند السلف تأويل الكلام بمعنى تفسيره وبيان معناه القول في تأويل قول الرب جل وعلا كذا وكذا هذه عبارة من ابن جرير الطبري رحمه الله. هذان المعنيان مأثوران عن السلف واصطلح الخلف على معنًى خاص قالوا: التأويل عندهم هو صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إلى احتملٍ مرجوحٍ به وهذا تعريف ابن قدامة في ((روضة الناظر)) صرف اللفظ عن الاحتمال الظاهر إلى احتمالٍ مرجوحٍ به لاعتداده بدليلٍ يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي دل عليه الظاهر يعني: صرف اللفظ عن المعنى الظاهر إلى المعنى المرجوح بدليل صرف اللفظ عن المعنى الظاهر إلى المعنى المرجوح بدليلٍ لا بد من دليل فإن لم يكن دليل حينئذٍ صار تأويلاً فاسدًا ولذلك يقال هذا الحد الذي ذكره ابن قدامة هذا تعريفٌ للتأويل الصحيح وأما التأويل الفاسد فهذا لا اعتبار به ولا اعتداد به لماذا لأنه صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى المرجوح بالهوى والتحكم وهذا بالطلب لأن إذا كان اللفظ الظاهر هو ظاهرٌ في أحد المعنيين صار شرعًا ولا يستعمل اللفظ في المعنى المرجوح وهو في الشرع إلا بدليلٍ شرعي لا بد لا يحمل اللفظ على المعنى المرجوح إلا بدليلٍ شرعي ثم هذا الدليل الشرعي لا بد أن يكون صحيحًا في نفس الأمر لا في ظن المستدل لأنه لو كان في ظن المستدل صحيحًا وفي ظن غيره إذا صح أن يؤل حتى الصفات على طريقة الخلف أنهم أولوا الصفات بل حرفوا الصفات بدليل ماذا؟ أنه من قبيل التأويل وأنه صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنًى مرجوح بدليل وهذا الدليل عندهم قرينة الاستحالة العقلية كل الآيات التي هي أسماء والصفات صرفت بقرينة وهو ما يسمى بالعقل بالاستحالة العقلية يستحيل حمل اللفظ على ظاهره {((((يَدَاهُ ((((((((((((((} [المائدة:64] قالوا: اليد هنا النعمة لماذا؟ لأن اليد المراد بها في الظاهر يد الجارحة وعندهم قاعدة التنزيه وهذا قاعدة صحيحة قاعدة التنزيه لكنها على وفق الشرع {((((((كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ((((} [الشورى:11] إذن التنزيه يكون بالإثبات ويكون بالنفي إثبات ما أثبته الرب جل وعلا لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو نفي ما نفاه الرب جل وعلا عن نفسه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - إذًا يكون المصدر الأصلي والشرع وأما إذا كان التنزيه على قاعدة العقول وتحكيم الهوى فهذا يكون خروجًا عن الجادة فلذلك نقول: الدليل لا بد أن يكون صحيحًا في نفس الأمر لا في ظن المستدل لأننا لو قلنا صحيحًا في نفس المستدل لصححنا تأويلات المحرفين ولا نقول تأويل هذا بل هو تحريف {((((((((((((الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ((((((((((((} [النساء:46] إذن نقول: صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى المرجوح بدليلٍ صحيح في نفس الأمر ولذلك الرافضة مع أكثر ما يحرفون الكتاب ولذلك حرفوا قوله جل وعلا: {((((اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا ((((((((} [البقرة:67] الشاهد {(((تَذْبَحُوا ((((((((} قالوا: عائشة رضي الله تعالى عنها، وقالوا في قوله تعالى: {((((((الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ((((} [الرحمن:19] قالوا: عليٌ وفاطمة {(((((((((((بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ

(((} [الرحمن:20] راح القرآن كله في أهل البيت نزل القرآن كله من أوله لآخره في فضائل أهل البيت وهذا كله من باب اللعب والتلاعب بالكتاب والسنة إذًا لا بد أن يكون التأويل بدليلٍ صحيح فإن لم يكن دليل صحيح فحينئذٍ لا يعتبر بل هو تأويلٌ فاسدٌ مثاله تأويل الصحيح الجار أحق بسقبله حمله على الشريك القاسم حملٌ له على محتملٍ مرجوح لقاء الجار، الجار يحتمل الجار بالبناء الذي بجواره أحقٌ بجواره والجار الذي هو شريكٌ ومقاسمٌ لصاحبه هذا معنًى مرجوح فحمل النص هنا لدليل خارجٍ وهو صحيح إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة حمل النص على المعنى المرجوح وهو الشريك المقاسم بدليلٍ صحيح. وَالظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ أَشْكَلا ** مَفْهُومُهُ فَبِالدَّلِيلِ أُوِّلا فأول بالدليل فصار مؤولاً تسمى مؤولاً وصار بعد ذلك التأويل مقيدًا في الاسم بالدليل كأنه أثبت له اسمًا آخر ويسمى على التسمية المشهورة مؤولاً ولكن يسمى أيضًا على ما ذكره ظاهرًا بالجليل إذًا المؤول له اسمان مؤول ويسمى أيضًا ظاهرًا بالدليل قال هنا وصار بعد ذلك الدليل التأويل الذي هو حمل اللفظ على المعنى المرجوح بدليل صار ماذا اللفظ الظاهر مقيدًا في الاسم بالدليل فيقال ظاهرٌ بالدليل كما يسمى مؤولا هذا ما يتعلق بالمصطلحات الخمسة التي ذكرها الناظم رحمه الله تعالى وهي: المجمل، والمبين، والنص، والظاهر، والمؤول. ونقف على هذا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

38

عناصر الدرس * السنة لغة واصطلاحا * أقسام السنة باعتبار ذاتها * أقسام السنة باعتبار القرآن * السنة الفعلية وأقسامها * السنة التقريرية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى: بَابُ الأَفْعَالِ لما قدم البحث أو مباحث القول في ما سبق الأمر، والعام، والنهي، والخاص، والمطلق، والمقيد، والمجمل، والمبين، والنص، والظاهر، والمؤول هذه كلها يقال قيها أنها مباحث القول، وهذه متعلقها الكتاب والسنة مباحث القول هذه السابقة كالمجمل والمبين قد يوجد في الكتاب وقد يوجد في السنة وبعدما ذكر ما ذكر عقب ذلك بفعله - صلى الله عليه وسلم - بأن المصدر الثاني من مصادر التشريع هو السنة كأنه قال: باب السنة وهذه الأفعال يذكرها الأصوليون ليس ببابٍ خاص ولكن لكون هذا النظم أو هذا الكتاب للمبتدئين لا يناسبه أن يعنون بالسنة بصفةٍ عامة وإنما ذكر نوعًا يختص بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مصدر من مصادر التشريع ولا شك في هذا فيشمل الأفعال حينئذٍ التقرير تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمرٍ لقولٍ أو لفعلٍ حصل أو قيل به في مجلسه لأنه كفٌ عن الإنكار والكف عن الإنكار فعل، والكف فعلٌ في صحيح المذهب لذلك عبر بعضهم بكون التقرير يجري مجرى الخطاب. (بَابُ الأَفْعَالِ) أي: باب بيان حكم الأفعال وأل هذه للعهد الذهني لأن الذي يتعلق به البحث وينظر في فعله هل هو حجةٌ أم لا هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حينئذٍ تكون أل هذه للعهد الذهني والمعهود هو النبي عليه الصلاة والسلام لأنه مشرع إذن (بَابُ الأَفْعَالِ) أي: باب أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلنا هذا مراده به باب السنة، أو كتاب السنة، والسنة في اللغة هي طريقة والسيرة حميدةً كانت أو حسنة حميدةً كانت أو ذميمة يعني: سواءٌ كانت السنة الطريقة مذمومة أو كانت محمودة، واصطلاحًا: السنة ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قولٍ غير القرآن، أو فعلٍ، أو تقرير، هذه ثلاثة أشياء وعليه تدور وعليها تدور أقسام السنة من حيث ذاتها سنةٌ قولية، وسنةٌ فعلية، وسنةٌ تقريرية، والسنة القولية هذه يخرج منها القرآن لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بلغ القرآن فحينئذٍ يكون القرآن من قوله تبليغًا لا ابتداءً فلا ينسب إليه بأنه سنة وإن كان مبلغًا للقرآن فيستثنى القرآن لأنه مصدرٌ مستقلٌ بذاته، ويدخل تحت الفعل كما سيأتي الإشارة، والكتابة، والهم، والترك، هذه أربعة مع القول ومع التقرير صارت سبعة أو ستة أقواله عليه الصلاة والسلام، وفعله سواءٌ كان في فعلاً ظاهرًا بالجوارح، أو إشارةً باليد ونحوها، أو كتابةً، أو تركًا هذه خمسة مع تقريره عليه الصلاة والسلام قال المصنف رحمه الله تعالى وسيأتي مزيد بيان الآن. أَفْعَالُ طَهَ صَاحِبِ الشَّرِيْعَهْ ** جَمِيْعُهَا مَرْضِيَّةٌ بَدِيْعَهْ

(أَفْعَالُ طَهَ) (أَفْعَالُ) أي: ما يقابل القول (أَفْعَالُ) جمع فعل بكسرٍ فالسكون والفعل له إطلاقات عند الأصوليين وله معنى في اللغة، في اللغة ما يقابل الفعل ما يقابل القول والاعتقاد والنية، وأما في اصطلاح الأصوليين كما سبق فالفعل ما يقابل كل ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قولٍ، أو فعلٍ، أو نيةٍ، أو اعتقادٍ أو تركٍ على الصحيح، والترك هذا فيه خلاف والصواب أنه داخلٌ في مسمى الفعل والترك فعل في صحيح المذهب ذكرناه في أول الكتاب إذن. (أَفْعَالُ طَهَ) (أَفْعَالُ) جمع فعلٍ والمراد به هنا ما يقابل القول لأنه ذكر القول أولاً وهو المجمل، والمبين، ونحوه وهذا يشمل الكتاب والسنة الآن أفرد ما يقابل القول ببابٍ فحينئذٍ أطلق عليه بأنه فعل ولذلك ذكر فيه التقرير. (أَفْعَالُ طَهَ) (طَهَ) من طه ذكر بعضهم أن طه اسمٌ من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - بناءً على قوله تعالى: {(((1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (((} [طه:1،2]. كأن الكلام يا طه فصار طه هذا منادى وحرف النداء محذوف وهذا جائزٌ في لغة العرب. وحذف يا يجوز في النداء ** كقولهم ربي استجب دعائي

لكن هذا لا يصح لماذا؟ لأنه لم ينقل نقلاً صحيحًا أن من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم طه وعدم النقل حينئذٍ لا يثبت به وإذا لم يثبت نقلٌ لم يثبت بكونه اسمًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أيضًا نقول: (طَهَ) هذان حرفان هجائيان والحرف الهجائي لا معنى له فحينئذٍ يسير قوله: (طَهَ) مؤلفٌ من يصير قوله: (طَهَ) مؤلَفًا من حرفين الطاء والهاء ومعلومٌ أن أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلامٌ وأوصاف يعني: ليست علمًا مجردًا كما هو الشأن في غيره عليه الصلاة والسلام؛ بل هذا يذكر قاعدة عامة في أعلام الرب جل وعلا بأنها أعلامٌ وأوصاف وفي أسماء القرآن بأنها أعلامٌ وأوصاف، وفي أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - على ورود خلافٍ فيه بأنها أعلامٌ وأوصاف، إذن هو علمٌ يدل على مسماه يدل على الذات، كذلك متضمن لصفة لصفةٍ اتصفت بها تلك الذات، ولذلك قيل: {(((((((((الَّذِي نَزَّلَ (((((((((((((} [الفرقان:1] {((((((((((((} هذا علمٌ من أعلام القرآن يدل على معنًى وهو كون مشتقًا من طرف الشيء بمعنى فصل لأنه يفصل بين الحق والباطل كذلك اسمه عليه الصلاة والسلام محمد هذا أخذ من حمد حينئذٍ يدل على ماذا؟ يدل على معنًى وهو أنه محمودٌ عليه الصلاة والسلام لجمعه الصفات التامة التي تكون في الخلق كذلك قوله: {طه} حينئذٍ إذا قرر هذا بأن أعلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلامٌ وأوصاف نقول: ما المعنى الذي دل عليه لفظ طه؟ ليس فيه معنى ليس فيه معنى وإذا أورد بأن الخطاب {(((1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (((} [طه:1،2] يقال جاء الخطاب أيضًا بعد غير طه {((((((((1) كِتَابٌ أُنْزِلَ ((((((((} [الأعراف: 1، 2] {(((((((} هل يصح أن يقال من أسمائه عليه الصلاة والسلام {((((((((((}؟ الجواب لا كذلك {((((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ ((((((((} [إبراهيم: 1] هل يقال بجود الخطاب هنا يعني: يا المر؟ كذلك طه حينئذٍ سقط الكون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسمائه طه (أَفْعَالُ طَهَ) إذن لا يصح لا أثرا لعدم النقل ولا نظرا لعدم صحة دلالة {((} على معنى في الذات. (أَفْعَالُ طَهَ صَاحِبِ الشَّرِيْعَهْ) (صَاحِبِ الشَّرِيْعَهْ) يعني: الذي صَاحَبَ الشريعة الذي هو مشرع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصف بكونه مشرعا لا ابتداء وإنما ناقد ومبلغ عن الرب جل وعلا وإذا اجتهد عليه الصلاة والسلام وهو الصواب أنه قد يجتهد فحينئذٍ يكون إقرار الرب جل وعلا له تأيدًا ونصرةً لقوله: أَفْعَالُ طَهَ صَاحِبِ الشَّرِيْعَهْ ** جَمِيْعُهَا

الرفع على أنه مبتدأ ثاني و (مَرْضِيَّةٌ) هذا خبرٌ مبتدأ لثاني وقوله: (أَفْعَالُ) هذا مبتدئٌ أول إذًا (أَفْعَالُ طَهَ) (أَفْعَالُ) هذا مبتدأ أول وهو مضاف طه مضافٌ إليه (صَاحِبِ الشَّرِيْعَهْ) بدل أو عطف بيان من طه و (جَمِيْعُهَا) أي: جميع أفعال طه هذا مبتدئٌ ثالث و (مَرْضِيَّةٌ) هذا خبر مبتدئٍ ثاني و (بَدِيْعَهْ) هذا خبرٌ بعد خبر حينئذٍ يكون قوله (جَمِيْعُهَا مَرْضِيَّةٌ بَدِيْعَهْ) جملة اسمية مؤلفة من مبتدأ وخبر في محل رفع خبر المبتدأ الأول (جَمِيْعُهَا) أي: جميع أفعاله عليه الصلاة والسلام (مَرْضِيَّةٌ) يعني: رضي الله عنها ورضي عنها أيضًا الناس لأنهم تلقوها بالقبول، (بَدِيْعَهْ) فعيلة أي: مبدعة بمعنى أنها عجيبة ليس لها مثال والبديع هذا الأصل في معنى اللغة {(((((((السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة:117] أي: أنشأها وخلقها على غير مثالٍ سابق إذن (بَدِيْعَهْ) أي: عجيبة ليس لها مثال لأنها شرع والشرع يكون وحيا وما ينطق عن الوحي {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم:3،4].إذن: أَفْعَالُ طَهَ صَاحِبِ الشَّرِيْعَهْ ** جَمِيْعُهَا مَرْضِيَّةٌ بَدِيْعَهْ (بَدِيْعَهْ) نقول: هذا فعيلة بعضهم رأى أنه من مبدعة مبتدعة لكونه جاء بشرعٍ جديد وحمله على أنها عجيبة أو لا ومناسبٌ للمعنى اللغوي. وَكُلُّهَا إِمَّا تُسَمَّى قُرْبَهْ ** وَطَاعَةً أَوْ لاَ فَفِعْلُ القُرْبَهْ

عرفنا أن المراد هنا السنة البحث هنا في السنة وهي ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قولٍ غير القرآن أو فعلٍ، أو تقرير وقلنا هذا يشمل الإشارة ويشمل أيضا الكتابة، فلو كان أمر عليه الصلاة والسلام بكتابةٍ، حينئذٍ نقول: هذا داخلٌ في فعله عليه الصلاة والسلام أو إن كتب هو وهو لا يكتب لكن لو أمر فحينئذٍ نقول هذا داخلٌ في قوله عليه الصلاة: «اكتبوا لأبي شاه»، نقول: هذا داخلٌ في قوله عليه الصلاة والسلام: ولو أشار بيده كما سيأتي في حديث كعب حينئذٍ نقول هذا داخلٌ في الفعل إذن لو أمر بالكتابة نقول هذا داخلٌ في القول كذلك أمره علي رضي الله تعالى عنه بالكتابة يوم الحديبية الإشارة داخلةٌ في مسمى الفعل على الصحيح لأن بعض أهل الأصول ينكر كون الإشارة ممن ما يؤخذ منه تشريع والصواب بأنه داخلةٌ في مسمى الفعل لأنه كالأمر منه عليه الصلاة والسلام إذا أشار بشيء كأن نقط بما أشار إليه كما جاء في حديث كعب ابن مالك قال: «يا كعب». قال: لبيك يا رسول الله «فأشار إليه بيده أن ضع الشطر هكذا» يعني: ضع شطر من دينك وأشار أيضا لأبي بكر رضي الله تعالى عنه لتقدم في الصلاة وإشارته أيضا عليه الصلاة والسلام في الطواف للحج نقول هذا سنة وهو ثابتٌ من فعله عليه الصلاة والسلام وهل يدخل الهم أو لا؟ هذا فيه نزاع والصواب أنه يشمله وهو داخلٌ في مسمى الفعل إذن يدخل في الفعل الهم حيث إنه من أفعال القلوب والقصد منه إيقاع الفعل لكنه لم يقع القصد من الهم إيقاع الفعل ولكنه لم يقع مثلوا له بماذا مثلوا له بهمه عليه الصلاة والسلام أن يجعل أسفل الرداء أعلاه في الاستسقاء فثقل عليه فتركه، ولذلك استدل بعضهم على أنه ندب لماذا؟ لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد هم بهذا الفعل وهو عليه الصلاة والسلام لا يهم بشيء إلا وهو مشروعٌ لأنه مبعوثٌ على الأصل والظاهر أنه مبعوثٌ لبيان الشرعي فكل فعلٍ يصدر منه فالأصل فيه أنه تشريع هذا هو الأصل فكل فعل يصدر منه فالأصل فيه أنه تشريع فالسنة حينئذٍ تكون من حيث ذاتها ثلاثة أقسام: أ-سنةٌ قولية. ب-وسنةٌ فعلية. ج-وسنةٌ تقريرية.

هذا تقسيمٌ باعتبار ذاتها نفسها بالنظر إليها دون أمرٍ آخر وهذه السنة بأنواعها الثلاثة قولية، والفعلية، والتقريرية حجة بإجماع المسلمين بإجماع المسلمين هي حجةٌ يعني: يحتج بها في إثبات الأحكام الشرعية والدليل على ذلك قالوا: دلالة المعجز على صدقه عليه الصلاة والسلام يعني: دل القرآن على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صادق بل نص على أنه لا ينطق عن الهوى {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم:3،4]. فكل ما يقوله عليه الصلاة والسلام فهو مما أوحاه إليه الرب جل وعلا، كذلك أمر سبحانه بطاعته في عدة مواضع من الكتاب، كما في قوله تعالى: {((((((((((((اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (((((} [آل عمران:132] وقال: {((((أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ((((} [آل عمران:32]، {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] هذه كلها آيات وغيرها تدل على طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي مصدرة بفعل أمرٍ وذهب معنا أو مضى معنا أن فعل الأمر المطلق يدل على ماذا يدل على الوجوب إذن أمر بطاعته وحذر بمخالفة أمره كما في قوله تعالى: {((((((((((((الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((((} [النور:63] إذن حذر من مخالفة أمره فدل على ماذا على أنه إذا أمر وجب قبول أمره عليه الصلاة والسلام بل نفى الخيرة للمؤمن والمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا {(((((كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] فهذا يدل على ماذا؟ على وجوب قبول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله وتقريراته وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم. ثم السنة باعتبار القرآن ومكانتها من القرآن تنقسم إلى ثلاثة أقسام يعني: من حيث التشريع فهي ثلاثة أقسام: التقسيمات الأولى: قولية، والفعلية، والتقريرية، من حيث ذاتها. وأما باعتبار مقابلتها للقرآن وكونها مشرعة فهي ثلاثة أقسام: السنة المؤكدة وهي الموافقة لما جاء في القرآن كوجوب الصلوات هذا ثابتٌ بالقرآن وثابتٌ في السنة وكثيرٌ ما يذكر الفقهاء بعض الأحكام فيقول هذا دل على وجوب الكتاب والسنة إذن توافقا الكتاب مع السنة. النوع الثاني: السنة المفسرة والمبينة يعني يرد إجمالٌ في الكتاب فيأتي يتبينه في السنة إذن جاءت السنة مبينة ومفسرة لما في لما أجمل في القرآن وذلك كما في صفة الصلاة قال: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [البقرة: 43] وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة فحينئذٍ توافقا من حيث إيجاب الصلاة لكن صفة الصلاة كيف هي؟ عدد ركعاتها أوقاتها ابتداءً وانتهاءً إلى آخره شروطها أركانها واجباتها سننها هذه كلها ثابتة بالسنة النبوية فعلية كانت أو قولية حينئذٍ نقول: السنة مبينة ومفسرة لما أجمل في القرآن فيشمل فيه التخصيص والتقييد المطلق ونحو ذلك.

النوع الثالث: السنة الزائدة على ما في القرآن يعني: لم يثبت حكم ذلك الحكم الذي دلت عليه السنة بالكتاب وهذه الأنواع الثلاثة كلها بإجماع العلماء أنها داخلة في عموم النصوص السابقة الدالة على وجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكل آيةٍ تدل على وجوب طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتحذير من مخالفة أمره ونفي أو انتفاء الخيرة فيما إذا قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول: هذه كلها عامة تشمل السنة المؤكدة وتشمل السنة المبينة المفسرة وتشمل السنة المستقلة بحكمٍ زائد على القرآن كأحكام الشفعة هذه ما جاءت في القرآن أحكام الشفعة وإنما هي ثابتة بسنة زائدةٍ على ما شرع بالقرآن واضح هذا نعم. قال المصنف رحمه الله تعالى: (وَكُلُّهَا) أي: أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -. وَكُلُّهَا إِمَّا تُسَمَّى قُرْبَهْ ** فطاعة وَطَاعَةً () أَوْ لاَ يعني: قسم لك أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قسمين رئيسيين إما أن تكون قربة وطاعة وإما أن لا تكون قربة ولا طاعة. (وَكُلُّهَا) أي: أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - (إِمَّا) هذا حرف تفصيل وشرط وتأكيد (تُسَمَّى قُرْبَهْ) يعني: فيقال فيها هذه مما قصد بها النبي - صلى الله عليه وسلم - التقرب إلى الرب جل وعلا يعني: ما ظهر فيها قصد التعبد أو ما فعلها عليه الصلاة والسلام على جهة التعبد قال: (قُرْبَهْ فَطَاعَة) هل هناك فرق بين القربة والطاعة كثير من الشراح شراح الورقات عندهم شافعية على أن القربة والطاعة بمعنًى واحد لكن المشهور في كتب أصول الحنابلة على التفريق بين الطاعة والقربة فالعبادة هي الطاعة قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في ما حكاه عنه صاحب ((مختصر التحرير الشارح)) كل ما كان طاعةً ومأمورًا به فهو عبادة كل ما كان طاعةً ومأمورًا به فهو عبادةٌ عند أصحابنا، والمالكية، والشافعية، يعني: عند الجمهور، وعند الحنفية العبادة ما كان من شرطها النية إذن الجمهور على أن العبادة هي الطاعة والمراد بالطاعة موافقة الأمر وامتثال الأمر امتثال المأمور به يسمى طاعة عبادة سواءٌ اشترط في صحتها في إيقاعها النية أو لا لذلك سبق معنا عند الكلام على الواجب أن الواجب باعتبار الاعتداد به وعدم الاعتداد به قسمان: قسمٌ: لا يعتد به إلا بالنية. وقسمٌ: يعتد به ولو بدون نية.

ومثلنا له برد الودائع والمغصوبة ونحو ذلك والنفقة على الزوجة ونحو ذلك هذا واجبٌ وهو طاعةٌ ولا يشترط في صحة إيقاعه وإجزاءه النية إذن كلٌ من النوعين عبادةٌ وطاعة ولا يشترط في العبادة والطاعة وجود النية عند الحنفية لا، لا تكون عبادة وطاعة إلا إذا اقترنت بالنية حينئذٍ النفقة على الزوجة ليس بعبادة لماذا؟ لأنه لا يشترط في إيقاعها أو إجزائها وجود النية فدخل في كلام أصحابنا الأفعال والتروك كترك المعاصي والنجاسة والزنى وكل محرم والأفعال كالوضوء ونحوه مع النية وقضاء الدين والنفقة الواجبة ولو بلا نية هذا ما ذكرته أنه يشمل قول الحنابلة والجمهور عبادة هي الطاعة والطاعة هي امتثال المأمور ولو بدون نية يشمل الواجبات التي لا يعتد بها إلا بوجود النية والواجبات التي يعتدد بها ولو بدون نية أما عند الأحناف فلا العبادة لا تكون إلا إذا وجدت النية أو اشترط فيها النية (قُرْبَهْ فطاعةٌ) إذا قنا (قُرْبَهْ فطاعةٌ) والقربة والطاعة بمعنًى واحد حينئذٍ صارت الفاء هذه عاطفة لمجرد العطف وليس للترتيب فيها أن يقال (قُرْبَهْ فطاعةٌ) يعني: هي طاعةً لكن الأولى أنه يرفع ويجعل خبرًا لمبتدئٍ محذوف يعني: فهي طاعة قربة فهي طاعةٌ هذا أولى (أَوْ لاَ) يعني: أولى تسمى قربة ولا طاعة وهذه ما يعنون لها بالأفعال الجبلية والعادية يعني: منسوبةً إلى الجبلة وهي الخلقة والفطرة ومنسوبةً إلى العهد فحينئذٍ تكون أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أقسام ما ظهر فيه التعبد إما بيقين أو برجحان وما لم يكن بيقينٍ أو رجحان فالأصل عدم التعبد به والأفعال التي تنسب إلى الجبلة وهي الخلقة كالقيام والقعود والأكل والشرب والنوم ونحوه ذلك. والثالث: الأفعال العادية التي تكون من عادة المجتمع مثلاً كاللباس ولباس الإيذار والرداء والعمامة وترك الشعر مثلاً ونحو ذلك هذه تنسب إلى العادات ولا تنسب إلى الجلبة. إذن الأقسام كم ثلاثة أقسام (أَوْ لاَ) يعني: أولا تسمى قربة هنا انتهى الكلام وكلها إما تمسى قربة أولا (وَكُلُّهَا إِمَّا تُسَمَّى قُرْبَهْ ** فطاعة) قربةً (قُرْبَهْ) وقف عليه بالسكون للوقف (فطاعة) يعني: فهي طاعةٌ خبرٍ مبتدئٍ محذوف (أَوْ لاَ) يعني: أولى تسمى قربة وهي الأفعال الجبلية والعهدية القسمة ثلاثية ثم شرع في بيان كل ما يتعلق بهذه الأقسام الثلاثة من الأحكام فقال: (فَفِعْلُ القُرْبَهْ). الفاء هذه تسمى فاء الفصيحة يعني: إذا عرفت التفصيل على جهة الإجماع وهو قسمان ما فعل على وجه التقرب وما لم يفعل على وجه التقرب وأردت معرفة أحكام كل منهما فأقول لك (فَفِعْلُ القُرْبَهْ) يعني: ففعل القربة فالفعل الذي ظهر فيه قصد القربة إما بيقين أو برجحان (حَيْثُ قَامَا ** دَلِيْلُهَا). مِنَ الخُصُوصِيَّاتِ حَيْثُ قَامَا ** دَلِيْلُهَا هذه الأفعال التي تفعل على وجه القربة نوعان: إما أن تكون على جهة الخصوصية أو لا يعني: إما أن يختص بها النبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره من أمته ولا يشاركه فيها أحدٌ من أمته أولى فما كان من خصيته هذا لا إشكال فيه باتفاق أنه يحرم التأسي به وما لم يكن كذلك سيأتي التفصيل فيه. أَوْ لاَ فَفِعْلُ القُرْبَهْ

مِنَ الخُصُوصِيَّاتِ (الخُصُوصِيَّاتِ) هذا مصدر مأخوذٌ من الخاص وسبق أن الخاص ضد العام وهو اللفظ الدال على محصور أو على شخصٍ معين محصورٌ في شخص معين فحينئذٍ (مِنَ الخُصُوصِيَّاتِ) يعني: هذا الحكم الذي هو قربة خاصٌ ومحصورٌ في شخصٍ واحدٍ وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - (مِنَ الخُصُوصِيَّاتِ حَيْثُ قَامَا) (حَيْثُ) هذا للتقييد الحيثية هنا للتقييد (حَيْثُ قَامَا) الألف للإطلاق (حَيْثُ قَامَا**دَلِيْلُهَا) يعني: دل دليل على الاختصاص بكون هذا الفعل من خصوصيات النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم يعني: دل دليلٌ على الاختصاص به فيحمل حينئذٍ على الاختصاص يحمل على الاختصاص ولا يجوز أن يلحق به غيره بذلك الحكم عليه الصلاة والسلام (كَوَصْلِهِ الصِّيَامَا) مثل بوصل الصيام وصل الصيام يعني: أن يصل يومًا بيوم فلا يُفْطِرُ بينهما هذا يسمى وصال أن يصل يومًا بيوم فلا يُفْطِرُ بينهما هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه نهى أصحابه عن الوصال فلما رأوه واصل عليه الصلاة والسلام واصلوا قالوا: إنك تواصل فقال: «لست كهيئتكم» ثبت دليل الاختصاص وهذا واضحٌ في أن الوصال خاصٌ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (كَوَصْلِهِ) أي: كوصل النبي - صلى الله عليه وسلم - (الصِّيَامَا) الألف هذه للإطلاق والصيام هذا مفعولٌ به لوصله لأن مصدر فإن الصحابة لما أرادوا الوصال نهاهم - صلى الله عليه وسلم - عنه وقال «لست كهيئتكم» لما قالوا له: إنك تواصل. فحينئذٍ نقول يحرم التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيما ثبت أنه من خصوصياته كذلك النكاح في ما زاد على أربعة نقول: هذا من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم - والنكاح بالهبة {((((((((((((مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ (((((((((((((((} [الأحزاب:50] نقول: هذا دليل نصٌ صريح قرآني على أن من الأحكام ما يختص به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يشاركه فيه غيره من أمته ويستدل به على أن الأصل هو التأسي إذا احتجنا إلى دليل يثبت به أو تثبت به الخصوصية للنبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أن الأصل هو التأسي لعموم قوله جل وعلا: {((((((كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ • (((((((} [الأحزاب:21] كما سيأتي.

إذن (فَفِعْلُ القُرْبَهْ) ما تقرب أو ظهر فيه وجه التقرب وقصد التقرب إما بيقين أو رجحان (مِنَ الخُصُوصِيَّاتِ حَيْثُ قَامَا ** دَلِيْلُهَا) إن قام دليلٌ على أن هذا من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم - فحينئذٍ يختص الفعل به فلا يتعدى غيره عليه الصلاة والسلام بل نقول: يحرم التأسي به في هذا الفعل وذكرنا أو ذكر الناظم مثالاً لذلك وهو وصله عليه الصلاة والسلام الصيام بعضه ببعض ولذلك أجمع أهل العلم على أنه إذا، أجمعوا على أنه لا يثبت شيءٌ لخصوص النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بدليل لأن الأصل هو الإتباع قال: فاتبعوه، أو {((((((((((((} [الأعراف:158]، {((((((آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر:7]، {((((((((((اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران:32]، {((((((كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ • (((((((}، هذه كلها نصوص تدل على ماذا؟ تدل على أن الأصل أن الأمة تشارك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحكم سواءً كان قولاً، أو فعلاً، أو تركا، ولذلك جاء قوله تعالى: {(((((((((((((((((((} هذا خاص {(((((((((((النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم:1] ثم قال: بعد ذلك {((((فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ (((((((((((((} [التحريم:2] جاء بالإفراد أولاً ثم جاء بالجمع لماذا؟ لأن الحكم ليس خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مع كونه قد صدر السورة بماذا؟ بخطابٍ خاص {(((((((((((((((((((} هذا خاص في الوصف لا يشاركه أحد النبوة لا يشاركه فيه أحد، وأما الحكم الشرعي فيشاركه فيه غيره، لذلك قال: {((((فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ (((((((((((((}، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ((((((((((((} [الطلاق:1] قال: {((((((((} واحد {(((((طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ (((((((((((((} إذن هذا جمع يدل على ماذا؟ على أنه على أن الأمة في الأصل هي مشاركة للنبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك قال هناك: وما به قد خوطب النبي ** تعميمه في المذهب السلي

فما خوطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - فالأصح أنه عامٌ له ولأمته عليه الصلاة والسلام ولا يعدل عن ذلك إلا بدليلٍ واضح بين على أن هذا الفعل خاصٌ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك من المسائل التي تذكر عند تعارض القول والفعل ولا شك أن القول أقوى من الفعل قوله عليه الصلاة والسلام أقوى من فعله لماذا؟ لكون الفعل محتمل يحتمل النسيان يحتمل لكون من خصوصياته على من يرى التوسع يحتمل أن يقع عن غفلة كما قال بعضهم وأما القول فلا ولذلك إذا تعارض قولٌ مع فعلٍ فبعض الأصوليين يرى أن القول مقدمٌ مطلقا ولذلك يختلفون في مسألة «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة» هذا قول وجاء من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما حكاه ابن عمر في الصحيحين أنه رقي أو ارتقى بيت حفصة فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستقبل يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر، إذن وقع بعض فعله مخالفًا لبعض ما أمر به أمته من يقدم القول على القول بأنه أطلق مطلقًا على الفعل فيجعل القول عامًا سواء كان في البنيان أو غيره فيقول لا تستقبلوا القبلة مطلقا سواء كان في بنيان أو غيره فإذا أورد عليه حديث ابن عمر كما يفعل الشوكاني رحمه الله في النيل وفي غيره إذا أورد عليه حديث ابن عمر قال: هذا يحمل على خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا خطابٌ للأمة والقول أقوى فإذا عارض فعله قوله قدم القول على الفعل والأصح أنه يعتبر مخصصًا وأن احتمال الخصوصية لا يخرجه عن كونه مخصصًا لأنه كما ذكرت أنه بالإجماع أنه لا يعدل إلى الخصوصية إلا بدليلٍ صحيح واضح بين، وفعله تشريع عليه الصلاة والسلام بدليل أنه لو لم يعارض قولاً لصار فعله مستقلاً بالتشريع وهذه اجعلها قاعدة معك في باب المفهوم وفي باب الخاص وفي باب التقرير وفي كل ما يحصل فيه النزاع عند التعارض تجعل الحكم أو الدليل المعارض الذي يدعى بأنه أضعف فيقدم عليه غيره فقل هذا لو لم يرد المعارض لصار دليلاً مستقلاً في إثبات حكمٍ شرعي فإذا كان كذلك فحينئذٍ إذا عارض غيره صار دليلاً شرعيًا وتسلك القاعدة العامة فيما إذا تعارض الدليلان فإذا تعارض منطوق ومفهوم إما أن يكون خاصين فحينئذٍ لا إشكال أن المنطوق أقوى وهو مقدمٌ على الخاص وهو المفهوم أما إذا كان المنطوق عامًا والمفهوم خاصًا حينئذٍ لا تقل بأن المنطوق أقوى من المفهوم فيقدم عليه مطلقًا لا تقول: هذا دليل شرعي الذي هو المفهوم دليلٌ شرعي تثبت به الأحكام الشرعية فإذا عارض دليلاً عامًا صار كماذا؟ صار كخاصٍ كمنطوقٍ خاص فيجعل مخصصًا للفظ العام إذن «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبوا» نقول: الصواب أنه مخصوصٌ بحديث ابن عمر فحينئذٍ يكون الحكم هنا خاصا بالبنيان بالفضاء وأما كان في البنيان فهو مخرجٌ بحديث ابن عمر وحديث جابر وغيرهما فيكون الحكم ماذا عامًا للأمة وللنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يجعل حديث ابن عمر من الخصوصيات. (مِنَ الخُصُوصِيَّاتِ حَيْثُ قَامَا ** دَلِيْلُهَا) إن قام دليلها دليل الخصوصية فحينئذٍ نقول: هذا ماذا؟ خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

(وَحَيْثُ لَمْ يَقُمْ دَلِيْلُهَا) يعني: دليل الخصوصية كالتهجد مثلاً كالتهجد نقول: لم يثبت دليل بأنه خاصٌ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فحينئذٍ لا يخص به إذا لم يثبت دليل الخصوصية سواءٌ علم حكمه أو لا نقول هذا لا يخص به عليه الصلاة والسلام لقوله جل وعلا: {((((((كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ ((((((((} [الأحزاب:21] {((((((((} بضم الهمزة أو كسرها قراءتان {((((((((• (((((((} أي: قدوةٌ صالحة و {((((((((} هذا اسمٌ موضع مصدر أي: اقتداءً حسنا فإذا لم يخصه ذلك الحكم فيعم الأمة حينئذٍ إذا لم يكن من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم - فحينئذٍ نقول: هذا الحكم ثابت بفعله عليه الصلاة والسلام عامًا يشمل الأمة جميعها ثم إذا تقرر ذلك فيكون الحكم الذي لم يثبت دليل الخصوصية إما أن يكون معلوما أو لا إما أن يكون معلوما حكمه بأنه واجبٌ أو مستحبٌ أو مباحٌ إن علم فلا إشكال فيكون الوجوب في حقه عليه الصلاة والسلام وفي حق أمته وكذلك الاستحباب وكذلك الإباحة ولكن يبقى إذا لم يعلم حكمه فحكى الناظم هنا ثلاثة أقوال: قيل: الوجوب. وقيل: موقوفٌ. وقيل: مستحب. الأقوال الثلاثة هذه ليست في كل فعلٍ لم تثبت خصوصيته للنبي - صلى الله عليه وسلم - بل في فعلٍ تثبت خصوصيته للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلم حكمه هل هو واجبٌ أو مندوبٌ، أو مباح، أما إذا علم حكمه من وجوبٍ وندبٍ وإباحة فلا إشكال فنقول هذا وجب على النبي - صلى الله عليه وسلم - بدليل كذا فالأمة مثله هذا مستحبٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فالأمةُ مثله وكذلك الإباحة وأما إذا لم يعلم الحكم فذكر الناظم فيه ثلاثة أقوال. (وَحَيْثُ لَمْ يَقُمْ دَلِيْلُهَا وَجَبْ) هذا لا يخص به، وحكمه: إذا لم يعلم قيل: الوجوب أنه يجب عليه وعلى أمته لذا قال:

(فِي حَقِّهِ وَحَقِّنَا). (وَجَبَ) أي: في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجب في حق الأمة لماذا؟ لقوله تعالى: {((((((آَتَاكُمُ الرَّسُولُ (((((((((} [الحشر:7] {((((((((((((((((} هذا يشمل القول ويشمل الفعل ويشمل التقرير كل ما أتى من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - {(((((((((} وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب إذن كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يعلم حكمه فالأصل فيه الوجوب وعليه وإن لم يقل به أحد كون النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته ابتدأ بالسواك نقول: هذا لم يعلم حكمه فحينئذٍ نقول: هذا حكمه الوجوب لماذا لقوله تعالى: {((((((آَتَاكُمُ الرَّسُولُ (((((((((} وكذلك قوله: {(((((((((((((} [الأعراف:158].

هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب والاتباع يكون في القول ويكون في الفعل وهذا القول منسوبٌ لأصحاب أو بعض أصحاب الشافعي وهو قول أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد للدليل السابق من الكتاب قالوا: ولأنه أحوط لأنه أبرأ للذمة لأنه إما أن يكون واجبا وإما أن يكون مستحبًا ومتى لو قيل بالاستحباب يخشى عليه من الوقوع في الإثم والعقاب فحينئذٍ الاحتياط أن يقال فيه أنه إنه واجب وبه قال مالك وأكثر أصحابه، (وَقِيْلَ مَوْقُوفٌ) قيل موقوفٌ (مَوْقُوفٌ) يعني: متوقفٌ فيه لا نحكم بكونه واجبًا ولا بكونه مستحبًا ولا مباحا بل نقول: هو قربة وطاعة ونفعل كما فعل لكن هذا فيه إشكال من حيث لو تركت الفعل فحينئذٍ إما أن يقال بالوجوب فيتبين أنه ترك واجبًا فيستغفر ويتوب أو لا فلا بد من تعيين الحكم الشرعي والقول بالوقف هذا لا يعول عليه (وَقِيْلَ مَوْقُوفٌ) لتعارض الأدلة فيه في ذلك (وَقِيْلَ مستحبٌ) يعني: مندوبٌ لماذا لأنه هو المتحقق وهو اليقين لأن الفعل إذا كان مطلوبًا وقد طلب الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا فإما أن يكون واجبًا وإما أن يكون مندوبًا إذ كل منهما مطلوب الإيجاد وأيهما اليقين الذي يجزم الإنسان بأنه مطلوب القول بالوجوب أو القول بالندب القول بالندب ثم هل يترتب على ترك هذا المطلوب عقاب أو لا هذا متيقن أو مشكوكٌ فيه؟ مشكوك فيه فحينئذٍ نقول اليقين لا يزول بالشك فنبقى على ماذا على أنه مستحب وأنه مندوب ولا يقال بالوجوب إلا بدليل لأنه زيادة على مجرد طلب الفعل لأن الندب والواجب يشتركان في مطلق الطلب مطلق الطلب وأقله الندب ويزيد عليه الواجب حينئذٍ لا نعدل إلى الوجوب ونرتب العقاب على الترك والإثم والحرج على الأئمة بمجرد الشك والاحتياط بل نقول: الأصل أنه والمتيقن والمتحقق أنه مندوبٌ وما عدا ذلك فنحتاج إلى دليل، إذن (وَقِيْلَ مستحبٌ) لأنه متحقق المتيقن ولرجحان الفعل على الترك هذا لا إشكال فيه لأنه مطلوب مادام أن الشارع قد طلبه بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذن فعله راجحٌ على الترك وهذا هو حقيقة الندب وبه قال بعض الشافعية ورواية عن أحمد واختاره الشوكاني في ((إرشاد الفحول)) وهو الأصح أنه مستحبٌ ولا يقال بالوجوب إلا في ماذا إلا بثبوت الدليل ولكن قد يقال بالوجوب في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يثبت التشريع إلا بفعله عليه الصلاة والسلام لأن ما شرعه عليه الصلاة والسلام إما أن يقترن القول بالفعل فحينئذٍ قد يكون القول دالاً على حقيقة الفعل وإما أن يجرد عن القول فلا يحصل التشريع إلا بمجرد الفعل ومعلومٌ أن التبليغ واجب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا سواءٌ كان المبلغ واجبًا أو مستحبًا أو مباحًا فالتبليغ يكون واجبًا {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67] حينئذٍ يكون التبليغ واجبًا والمبلغ مستحبًا ولا تعارض أليس كذلك؟ يكون التبليغ واجبًا عليه الصلاة والسلام ويكون المبلغ مستحبًا لماذا لأن التبليغ وإيصال الشرع إلى الناس كافة هذا واجبٌ شرعي كله الشريعة كلها من حيث التبليغ واجبة التبليغ

للناس ثم منها ما يكون واجبًا ومنها ما يكون مستحبًا ومنهما ما يكون مباحًا فحينئذٍ نقول في هذه المسألة من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - التفصيل ومن جهة الناس نقول: هذا مستحبٌ مطلقًا بلا استثناء. وَقِيْلَ مَوْقُوفٌ وَقِيْلَ مُسْتَحَبْ فِي حَقِّهِ وَحَقِّنَا لكن (فِي حَقِّهِ وَحَقِّنَا) هذا فيه نظر في حفنا هذا صحيح لا إشكال في حقه نقول: لا هذا إذا علقناه بالمتأخر أما إذا علقناه بالوجوب فنقول هذا في حقه وجب في حقه وحقنا في حقه وجب لا إشكال أما في حقنا ففيه نظر ببداءته بالسواك إذا دخل بيته هذا فعلٌ لم يأمر به عليه الصلاة والسلام يعني: لم يقترن قولٌ مع فعلٍ فيحب عليه أن يتسوك لبيان التشريع والأمة تقتدي به على جهة الندبية والاستحباب فهو واجبٌ عليه لأنها عبادة ما علمنها إلا بطريق خاصٍ والفعل وهو مأمورٌ بالتبليغ وأما نحن فحينئذٍ نقول: من باب الاستحباب. وَأَمَّا ** مَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبَةٍ يُسَمَّى 108 - فَإِنَّهُ فِي حَقِّهِ مُبَاحُ إذن القسمة العامة بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - إما أن تكون قربة أولا إن كانت قربة إما أن يثبت دليل الخصوصية فهو خاصٌ به ويحرم التأسي به إن لم يثبت دليل الخصوصية فيكون عامًا شاملاً للأمة وله عليه الصلاة والسلام فحينئذٍ إما أن يكون معلوم الحكم أو لا إن كان معلوم الحكم بإيجاب أو ندبٍ أو إباحة فلا إشكال واضح وإن لم يكن معلومًا حكمي فوقع فيه خلاف على ثلاثة أقوال: واجبٌ مطلقًا في حقه وحقنا مستحبٌ مطلقٌ في حقه وحقنا

موقوفٌ، يعني: التوقف لتعارض الأدلة فحينئذٍ نقول: ماذا الخلاف محكيٌ في ما لم يعلم حكمه وظاهر كلام الناظم ماذا كل ما لم يقم دليل الخصوصية ففيه ثلاثة أقوال نقول: لا الظاهر ليس بمراد قال بعضهم: أقسام أفعاله - صلى الله عليه وسلم - فإنها على ثلاث أقسام نأتي بعد ذلك على ما لم يكن بقربة لأن فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يخلو إما أن يكون صدر منه بمحض الجبلة وهذا سيأتي الكلام فيه أو صدر منه بمحض التشريع وهذا قد يكون عامًا للأمة وقد يكون خاصًا به هذه ثلاثة أقسام هذه وذكرنا قسمين وهو ما ثبتت خصوصيته عليه الصلاة والسلام وما كان عامًا له وللأمة وأما ما لم يكن بقربة فهذا أشار إليه بعضهم نقدمه قال: أما الأفعال الجبلية الجِبلية بكسر الجيم جِبلية سمعت بعضهم يقول جَبلية هذا لحن الصحافيون هكذا يقرؤون الأفعال الجبلية كالقيام والقعود والأكل والشرب هذا المشهور عند الأصوليين أنه لا حكم له فلا يتأسى به عليه الصلاة والسلام فحينئذٍ يكون قيامه وقعوده هذا أمرٌ فطري تحتاجه الناس تحتاجه النفس والفطرة موجبة لذلك كأن يقوم أو يجلس إن احتاج إلى القيام قام وإن احتاج إلى الجلوس جلس هذا لا تعلق بالحكم التكلفي ولا تعلق له بالتشريع فالمشهور عند جماهير الأصوليين بأنه لا حكم له يعني: لا ينسب بكونه واجبًا ولا مستحبًا ولا مباحًا فلا يأتي آتٍ فيقولك أقتدي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بأقعد وأنوي أني أريد القعود لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قعد هذا مرادهم ولا تقوم وتمشي وتنوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قام ومشى فتقتدي به عليه الصلاة والسلام نقول: هذا لا حكم له فهذه ثلاثة أقسام نعم فلا حكم له لأنه ليس من باب التكليف فلم يقصد به التشريع لم يعن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقصد به التشريع ولم يتعبد به ولذلك نسب إلى الجبلة وهي الخلقة وقيل يندب التأسي به حتى في الأفعال الجبلية يتأسى به حتى في الأفعال الجبلية وهذا حكاه وعزاه الإسفرايني لأكثر المحدثين أنه يتأسى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا حتى في الأفعال الجبلية والعادية فحينئذٍ يكون قوله تعالى: {((((((كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ • (((((((} [الأحزاب:21] {(((} أتى بفي لماذا هنا في للظرفية الماء في الكوز الماء في الكأس بمعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كله ذاته قال: {(((رَسُولِ ((((} رسول هذا ذات أي التأسي في الذات هذا مجاز أين المنكرون للمجاز {((((((كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ • (((((((} رسول هذا ذات متصل بوصف الرسالة والتأسي يكون بماذا بالذات أولاً وآخرا لأنه علق الظرفية هنا بالذات فحينئذٍ يدل على ماذا؟ يدل على أن ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا سواءٌ كان على وجه التعبد أو على وجه الجبلة أو على وجه العادة فالأصل فيه التأسي فالآية عامة فحينئذٍ استثناء بعض الأفعال والقول بأن هذا الحكم لا يحتاج إلا دليل شرعي فإن جاء الدليل شرعي فعلى العين والراس وإلا يكون أصل عموم مدلول الآية، وقيل: مباح. إذن: قيل لا حكم له. وقيل: يندب ونسب لأكثر المحدثين وقيل: مباح.

لذلك قال بعضهم: لا ينكر على من تأسى به لأنه محل اجتهاد وقد اجتهد بعض الصحابة في ذلك ولذلك مما ورد على بعض السلف في التأسي ببعض الأفعال الجبلية ما ورد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يلبس النعال السبتية، نعال لبس النعال هذا لم يرد فيه أمرٌ ولا ترغيب ولا ترهيب أنت حر البس ما شئت ما لم يكن فيه تشبه ونحو ذلك كان ابن عمر يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة فسئل عن ذلك فقال: وأما النعال السبتية فإني رأيت، انتبه، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر هذه السبتية التي ليس فيها شعر إذن تأسى ابن عمر بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أمرٌ جبلي أو عادي سواءٌ كان هذا نقول أمر عادي ليس من الجبلية، ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها، وهذا قول الصحابي وفعل الصحابي، وأما الصفرة فإن رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها فأن أحب أن أصبغ بها. رواه البخاري الحديث في البخاري وذلك جاء عن أنس أنه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتتبع الدباء، الدباء هذا فطرة أو لا ليس من العادات هذا من الأمور الجبلية يقول: فلا زلت أحبه. لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبع الدباء. كذلك في الخاتم لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا ثم بعد ذلك لبسه كل أصحابه فنزعه فنزعوه لكن علل بماذا هل نهاهم أولاً عن الاقتداء أو علل بصفةٍ تختص به عليه الصلاة والسلام الثاني لم يقل لم لسبتم أليس كذلك؟ كذلك في الصلاة لما خلع النعل خلع كل الصحابة الذين خلفه النعال أليس كذلك قال لما خلعتم وإلا قال إني جبريل أخبره أن فيه خبثًا أو نجسًا، الثاني لا شكل فدل على أن الأصل في الصاحبة كانوا يتأسون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا ولذلك ورد عن الشافعي أنه قال لبعض أصحابه: «اسقني». اسقني ماءً فشرب قائمًا قال: فإنه - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا تأسى به في القيام مع أن القيام يقولون هذا ماذا؟ جبلي أليس كذلك يقولون فيه إنه جبلي والإمام أحمد رحمه الله تسرى واختفى ثلاثة أيام اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في التسري واختفاءه في الغار ثلاثة وقال: ما بلغني حديث إلا عملت به حتى أعطى الحجام دينارا.

هذا يدل على ماذا؟ على أنهم كانوا الأئمة الكبار يتأسون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا، الثاني: الفعل الخاص به وهذا واضحٌ وبيناه الأفعال البيانية التي يقصد بها البيان والتشريع كأفعال الصلاة ومناسك الحج فحكم هذا الفعل حكمٌ مبين يعني: ما وقع بيانا للمجملٍ في القرآن هل نقول واجبٌ أو مستحب أو مباح؟ ما وقع بيانا لمجملٍ في القرآن أو تقيدا لمطلقٍ في القرآن نقول حكمه حكم المبين فإن كان المبين واجبا فصار فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبا وإن كان المبين مستحبا صار فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مستحبا فحينئذٍ يكون هذا من المعلوم حكمه من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن كان المبين واجبا كذلك حكمه وإن كان المبين مندوبًا فكذلك حكمه يعني: حكم فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن البيان لا يتعدى رتبةً مبين وإلا لما كان بيان كيف يصير بيان والمبين واجب ثم المبين يكون مستحبًا أو بالعكس لا بد أن يكون في رتبته من حيث الحكم هذه ثلاثة أقسام مشهورة وبقي قسمٌ رابع وهو المحتمل للجبلي والتشريعي يحتمل أن هذا الفعل للتشريع ويحتمل أنه أمرٌ جبلي مثلوا له أو ضابطه قالوا: بأنه ما وقع في أثناء العبادة كجلسة الاستراحة، أو وقع في وسيلة عبادة كالركوب في الحج اختلفوا قالوا: هذا تعارض فيه أصلٌ وظاهر إذن ما كان محتملاً للجبل والتشريع وهو ما تقتضيه الجبلة لكنه وقع متعلقًا بعبادةٍ بأن وقع فيها كجلسة الاستراحة أو في وسيلتها كالركوب في الحج فهذا قد اختلفوا فيه هل هو مباح أو مندوب يعني: نتأسى به أو لا ومنشأ الخلاف تعارض الأصلي والظاهري الأصل والظاهري الأصل عدم التشريع والظاهر في أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التشريع فمن قدم الأصل على الظاهر قال: ليست بسنة. ومن قدم الظاهر على الأصل قال: هذه سنة. والصواب في المسألتين أنه من السنن، (مَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبَةٍ يُسَمَّى). وَأَمَّا ** مَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبَةٍ يُسَمَّى فَإِنَّهُ فِي حَقِّهِ مُبَاحُ ** وَفِعْلُهُ أَيْضًا لَنَا يُبَاحُ (وَأَمَّا ** مَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبَةٍ) يعني: ما لم يظهر فيه وجه التقرب إلى عز وجل ولم يقصد فيه طاعة والقربة وهذا يشمل الأمور الجبلية والعادية وفرقٌ بينهما العادية ما كان معتادًا في المجتمع كلبس العامة ولبس الإيثار والرداء النعل السبتية ونحو ذلك هذا لا تقتضيها الجبلة والجبلي ما كان بطبيعة النفس يجوع فيأكل يعطش فيشرب يحتاج إلى النوم فينام وهلم جرا نقول هذه تقتضيه الجبلة.

(وَأَمَّا ** مَا لَمْ يَكُنْ بِقُرْبَةٍ يُسَمَّى) ما لم يكن يسمى بقربة، (بِقُرْبَةٍ) هذا جار مجرور متعلق بقوله: (يُسَمَّى)، (فَإِنَّهُ) هذا واقعٌ في جواب الشرط (فَإِنَّهُ) أي: ذلك الفعل الذي وقع منه عليه الصلاة والسلام لا على وجه القربة مباحٌ في حقه وذكرنا أنه لا يتأسى به لا حكم له عند الجماهير وأنه يندب في التأسي به عند جهور المحدثين وبعضهم يرى أنه مباح هو الذي اختاره الناظم هنا إذن ثلاثة أقوال: لا حكم له، يعني: لا يوصف حتى بالإباحة لماذا لا حكم له؟ لأنه ليس مما يتعلق به فعل المكلف وسبق معنا مرارًا بأن الإباحة حكم شرعي خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف به أو إن شئت قل: بالاقتضاء أو التخير. والتخير هذا هو الإباحة إذن الإباحة حكم شرعي وليست بحكم تكليفي وإذا قيل بأنه مباح صار ماذا؟ له حكم شرعي أو لا؟ له حكم شرعي وعلى قول جماهير وأكثر الأصوليين بأنه لا حكم له إذن لا يوصف بكونه مباحًا إذن هو خارج عن مسألة التشريع بالكلية وهذا قول فيه ضعف وإنما الأصح إما أن يقال بأنه مباح وإما أنه يندب التأسي به (فَإِنَّهُ فِي حَقِّهِ) الحق هو المراد به الأمر المقضي والموجود والثابت وهذا يقال في حقه وحقنا (مُبَاحُ) قيده بعضهم قال: بأنه في أصل الفعل وأما في صفته فإذا ورد على الصفة معينة فيكون مندوبًا فالنوم من حيث هو نوم قالوا: هذا مباح هذا فعل جبلي لا حكم له أو مباح لكن من جهة صفته كونه يكون متطهرًا لا ينام إلا متطهرًا مثلاً أو يأتي بأذكار النوم أو على جنبه الأيمن هذه صفات لفعل الجبلي فحينئذٍ هذا لا يمكن أن يقال بأنها أيضًا لا حكم لها في الشرع وإنما يقال أصل النوم هو الذي وقع فيه الخلاف وأما طرد صفة الفعل الجبلي مع الفعل الجبلي هذا لا شك أنه ضعيف (فَإِنَّهُ فِي حَقِّهِ مُبَاحُ) هذا في أصل الفعل وأما صفته فقال بعض المالكية وغيرهم بل كثير أنه يحمل على الندب، وقال: بعضهم مباحٌ مطلقًا في الأصل وفي الصفة لكن هذا فاسد (وَفِعْلُهُ أَيْضًا لَنَا يُبَاحُ) كأنه قال فإنه مباحٌ في حقه وحقنا. هذا هو النوع الثالث: وهو الأفعال الجبلية، ثم قال، أو انتقل إلى النوع الثاني من أنواع السنة وهي التقريرية فقال: وَإِنْ أَقَرَّ قَوْلَ غَيْرِهِ جُعِلْ ** كَقَوْلِهِ كَذَاكَ فِعْلٌ قَدْ فُعِلْ التقرير المراد به أن يقال قولٌ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بحضرته في مجلسه ثم يسكت عليه عليه الصلاة والسلام فلا ينكر هذا يسمى ماذا. يسمى تقريرًا أو يفعل بحضرته فعلٌ في مجلسه فيسكت عليه عليه الصلاة والسلام هذا يسمى ماذا؟ يسمى تقريرًا (وَإِنْ أَقَرَّ) من؟ صاحب الشريعة أَفْعَالُ طَهَ صَاحِبِ الشَّرِيْعَهْ ** جَمِيْعُهَا مَرْضِيَّةٌ بَدِيْعَهْ

(وَإِنْ أَقَرَّ) أي: صاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام أقر ماذا؟ (قَوْلَ غَيْرِهِ) يعني: قولاً صابرًا من أحدٍ غيره (أَقَرَّ قَوْلَ غَيْرِهِ) مراد به بيان واقع لأنه لا يمكن أن يقر قول نفسه وإنما هذا بيان الواقع فأقر قول غيره يعني: قولاً صابرًا من أحدٍ بحضرته في مجلسه وبعضهم قال: غير كافرٍ لأن الكفار هذا معلومٌ حكمهم من خارج والمراد هنا أن بين متعلق الحكم أو متعلق التقرير من حيث إثبات الإيجاب ونحو ذلك (وَإِنْ أَقَرَّ قَوْلَ غَيْرِهِ جُعِلْ) ذلك الإقرار (كَقَوْلِهِ) عليه الصلاة والسلام كأنه قاله، لكنه حكمًا لا صريحًا قالوا: كإقراره أبا بكرٍ رضي الله تعالى عنه على قوله بإعطاء سلب القتيل قاتله قاله أبو بكر رضي الله تعالى عنه فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - وكإنشاد الشعر المباح بحضرته في مجلسه أنشد الشعر فسكت عنه عليه الصلاة والسلام بل أثنى لكن تأتي بمسألة السكوت فنقول: هذا تقرير يجعل كقوله عليه الصلاة والسلام فحينئذٍ يحكم عليه بماذا؟ بجوازه أو استحبابه (وَإِنْ أَقَرَّ قَوْلَ غَيْرِهِ جُعِلْ ** كَقَوْلِهِ) يعني: كأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قاله، إذن التقرير صار حجةً تثبت به الأحكام الشرعية هذا المراد لأن السنة القولية لا شك أنها تثبت بها الأحكام الشرعية والسنة الفعلية ذكرنا التفصيل فيها وأنها تثبت بالأحكام الشرعية بقي ماذا؟ التقرير نقول: التقرير حجة تثبت به الأحكام الشرعية فإذا ذكر قول لم يقله النبي - صلى الله عليه وسلم - في محضر النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكت عنه دل على جوازه وإذا فُعِلَ فِعْل في حضرته عليه الصلاة والسلام فسكت عنه فدل على جوازه إذن إقراره حجة لماذا؟ لأنه لا يجوز في حقه عليه الصلاة والسلام تأخير البيان عن وقت الحاجة فلو كان هذا الفعل أو النقل مخالفًا للشرع لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أخر البيان علمنا أنه جائز لماذا؟ لأنه لو كان حرامًا لماذا؟ لو كان حرامًا لوجب أن يبينه عليه الصلاة والسلام كما سبق أن التبيين واجب عليه ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وقد دعت الحاجة أن يبين حرمة هذا القول أو هذا الفعل إذن لأنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة إذ سكوته يدل على جواز الفعل أو القول بخلاف غيره لو أقره أي صحابي آخر نقول: لا يدل على الجواز لو فعل فِعل أو قيل قول بحضرة الصحابي أو تابعي أو عالم أو نحو ذلك لا نقول هذا يدل على جواز الفعل أو على أن العالم راض عن هذا لا يعلم من ذلك هذا هو الأصل ومن خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن إنكار المنكر لا يسقط عنه بالخوف على نفسه لأنه يرد لو قيل لعالم مثلاً وقع منكر قد يخاف على نفسه أليس كذلك؟ قد يخاف على نفسه قد يسكت عن بعض الحق خوفًا على نفسه لكن في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا غير وارد {((((((يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67] إذن ليس بوارد فلا يسقط عنه إنكار المنكر بخلاف غيره (كَذَاكَ فِعْلٌ قَدْ فُعِلْ) (كَذَاكَ) أي: مثل القول الذي فعل أو قيل بحضرته فصار كقوله (كَذَاكَ فِعْلٌ) صادر عن أحد بحضرته في مجلسه (قَدْ فُعِلْ) كفعله عليه الصلاة والسلام أيضا حكما لا صريحا

كإقراره من؟ خالدا على ماذا؟ على أكل الضب على مائدته عليه الصلاة والسلام نقول: هذا حكم القول، إذن الفعل والقول إذا صدر من أحد في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكت نقول: هذا دل على جوازه والجواز والإباحة هذا حكم شرعي. وَمَا جَرَى فِي عَصْرِهِ ثُمَّ اِطَّلَعْ ** عَلَيْهِ إِنْ أَقَرَّهُ فَلْيُتَّبَعْ هذا نوع آخر ولذلك قيدنا في المسألة السابقة ما فعل أو قيل بحضرته في مجلسه هنا لم يفعل الفعل ولم ينقل القول في مجلسه عليه الصلاة والسلام بل في زمنه في عصره ثم يحتمل أمرين: إما أن يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو يشيع ذلك حتى يظن أنه بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا؟ الأول الذي اطلع عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أجراه مجرى السابق يعني: له حكم الإقرار فحكمه حكم الإقرار يعني: حكمه حكم القول أو الفعل الذي جرى في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - (وَمَا جَرَى) ما أي: فعل أو قول جرى وحصل ووقع (فِي عَصْرِهِ) في وقته في زمنه عليه الصلاة والسلام في غير مجلسه بهذا القيد في غير مجلسه (ثُمَّ اِطَّلَعْ ** عَلَيْهِ) أخبر به فحكمه حكم ما فعل في مجلسه وهو سيان (إِنْ أَقَرَّهُ) وهذا الكلام فيه فليتبع يعني: فليتبع هذا الإقرار في إثبات الأحكام الشرعية لأن الإقرار والتقرير هذا نقول يثبت به حكم شرعي قوله: (ثُمَّ اِطَّلَعْ). هذا قيد للاحتراز فإن لم يطلعه فحينئذٍ لا تتبع (إِنْ أَقَرَّهُ فَلْيُتَّبَعْ) (ثُمَّ اِطَّلَعْ) إن لم يطلع عليه جرى في عصره أو قيل زمنه في غير مجلسه ولم يطلع حينئذٍ نقول: هذا يحتمل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمه والنبي عليه الصلاة والسلام لم يعلم الغيب أليس كذلك حينئذٍ لا نثبت بأن النبي عليه الصلاة والسلام ترك الإنكار لكن ذلك الفعل جائزًا بل نقول: يحتمل أنه جائز، ويحتمل أنه ليس بجائز. ويشترط في الإقرار إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقع في عصره الإطلاع فإن لم يطلع فلا حكم له بل نرجع إلى الأصول ولكن هذا القول ضعيف بل الصواب أنه سواء اطلع عَليه عليه الصلاة والسلام أو لم يطلع لأنه لو لم يطلع حينئذٍ يستدل بإقرار الرب جل وعلا وحينئذٍ نثبت إقرار الرب جل وعلا ونقول: أقره الرب سبحانه وتعالى بدليل حديث جابر في مسلم: كنا نعزل والقرآن ينزل. هذا العزل مما لا يطلع عليه النبي عليه الصلاة والسلام واستدل هنا بماذا؟ بالقرآن نزول القرآن من السماء يكون ليس من النبي - صلى الله عليه وسلم - كما نعزل والقرآن ينزل يعني: لو كان العزل الحرام لنزل القرآن بتحريمه فلما لم ينزل القرآن دل على أن الرب قد رضي هذا الفعل أليس كذلك؟ إذن قوله: (ثُمَّ اِطَّلَعْ). لا وجه له بل نقول: الصواب وما جرى في عصره مطلقًا سواء اطلع عليه أو لم يطلع عليه يعتبر إقرارًا إما من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما من الرب جل وعلا إذن نقول: قوله

وإن أقر قول غيره جعل إلى آخر البيتين هذا مراده بالسنة التقريرية السنة التقريرية هل له مثال ما جرى في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلوا له بعض شراح الورقات بعلمه - صلى الله عليه وسلم - بحلف أبي بكر قالوا: حلف أبو بكر رضي الله تعالى عنه أنه لا يأكل الطعام في وقت غيضه ثم أكل لما رأى ذلك خيرًا. هذا فعله في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أعلم النبي عليه السلام فسكت فدل على ماذا؟ دل على الجواز مع كونه ثبتت فيه سنة هذا ما يتعلق بمجمل أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ثم قال رحمه الله: بَابُ النَّسْخِ أي: هذا باب بيان حقيقة النسخ لما ذكره الأحكام الشرعية وهو ومتعلقها من الأقوال والأفعال الحكم الشرعي قد يبقى زمنًا ثم يرتفع إذن ليس كل ما ثبت بالقول أو بالفعل لا بد وأن يكون مؤبدًا لا بل قد يكون تَمَّ أحكام شرعية لها وقتها شرعها الرب جل وعلا لمصلحة ثم هذه المصالح التي تتعلق بالعباد قد توجد في وقت دون وقت فحينئذٍ لا مانع لا عقلاً ولا شرعًا من القول برفع بعض الأحكام وبيان أن هذا الحكم قد شرع لمصلحة اقتضت ذلك الحكم ثم زالت المصلحة فزال الحكم لا مانع من ذلك ولا يلزم منه القول بالبداء كما تقوله أو يقوله اليهود وإخوانهم من الرافضة ومن على شاكلتهم بأنه إذا قيل بالنسخ فحينئذٍ يلزم منه البداء والمراد بالبداء عندهم أن يبدو شيء للرب جل وعلا يعني: شرع الحكم لمصلحة ثم ظهر له شيء جديد آخر لم يعلمه سابقًا هذا هو البداء عندهم وهذا كفر وردة عن الإسلام. (بَابُ النَّسْخِ) أي: هذا باب بيان حقيقة النسخ عند الأصوليين قال رحمه الله عرف النسخ في اللغة والنسخ في الاصطلاح وذكرها فيما سيأتي. النَّسْخُ نَقْلٌ أَوْ إِزَالَةٌ كَمَا ** حَكَوهُ عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ فِيهِمَا وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ ** ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ **لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ ** مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي)

طال عليه النظم فأتى التعريف بعدة أبيات (النَّسْخُ نَقْلٌ) يعني: النسخ لغةً يطلق على معنيين وليس المراد هنا بأو تنويع القولين قيل وقيل لا إنما المراد أن النسخ يطلق على معنيين في لغة العرب نقل أو إزالة يرد بمعنى النقل ويرد بمعنى آخر وهو الإزالة وقيل التغير ومرده في الأصح إلى الإزالة (النَّسْخُ نَقْلٌ) يعني: في لغة العرب نقلٌ كقولك: نسخت الكتاب. أي: نقلته بأشكال كتابته. قالوا: بأشكال كتابته لماذا؟ لأنك أنت لا تأخذ الحروف تنقلها إلى كتابك أنت وإنما تكتب في كتابك مثل ما في ذلك الكتاب هذا سمي نقلاً لكنه ليس بحقيقي إنه مجازي لماذا؟ لأن حقيقة النقل إنه يزال الأصل وأنت لم تزل الأصل بل كتبت في كتابك مثل ما في ذلك الكتاب حينئذٍ نقلته ونقلك هذا لا يستلزم ماذا؟ تجريد الأصل عن الكتابة (النَّسْخُ نَقْلٌ) نسخت الكتاب أي: نقلته بأشكال كتابته. هو في الحقيقة إيجاد مثل ما كان في الأصل في مكان آخر هكذا قال بعضهم إيجاد مثل ما كان في الأصل في مكان آخر فإذا جئت إلى هذا الكتاب كتبت باب النسخ، النسخ نقل أو إزالة أوجدت شيء في أصلك أنت مثل ذاك الذي في الكتاب ولم تنقله على جهة الحقيقة (أَوْ إِزَالَةٌ) أو هنا للتنويع يعني: تنويع ما يطلق عليه لفظ النسخ وليس تنويع الخلاف لأنهم اتفقوا على أن النسخ يطلق بمعنى النقل ويطلق بمعنى الإزالة يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته ورفعته بانبساط ضوئها والإزالة والرفع بمعنى واحد وهذا هو مأخذ النسخ في اصطلاح الأصوليين لأنه بمعنى الإزالة وهم قد عبروا بماذا بالرفع لأن الإزالة والرفع بمعنى واحد وهذا هو أصل معناه الاصطلاحي لكنهم اختلفوا أي الإطلاقين حقيقة والآخر مجاز؟ فقيل: النسخ حقيقة في النقل وحقيقة في الإزالة. فهو لفظ مشترك مثل القرء يستعمل في الطهر وفي الحيض كذلك النسخ يستعمل في النقل ويستعمل في الإزالة فهو حقيقة فيهما وقيل: حقيقة في الإزالة مجاز في النقل. وقيل بالعكس وفيه بعد بل إما أن يكون مشتركا بينهما وهذا هو الظاهر وإما أن يكون حقيقة في الإزالة مجازًا في النقل النَّسْخُ نَقْلٌ أَوْ إِزَالَةٌ كَمَا ** حَكَوهُ عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ فِيهِمَا

هذا بيان للمصدر مصدر هذان المعنيين في هذا اللفظ ما هو المصدر؟ قال: (كَمَا ** حَكَوهُ) إذن حكى يحكي حكايةً وحكى يحكوا فيه وجهان حكى يحكي، وحكى يحكوا. (حَكَوهُ) أي: بمعناه أو معنييه اللغويين السابقين (عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ) يعني: عن أهل اللغة لأن هذه مفردات محلها أهل اللغة يعني: مأخذها ليست من قبيل الاجتهاد لا اجتهاد في إثبات اللفظ لمعنى (كَمَا ** حَكَوهُ) أي: مثل ما حكوه مثل حكايتهم (عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ) أهل اللغة (فِيهِمَا) في المعنيين السابقين لأن النسخ نقل أو إزالة ثم قال: (وَحَدُّهُ). وقال بعضهم: يرد بمعنى التغير. هذا قول ثالث لكنه الأكثر على طرحه يقال: نسخت الريح آثار الديار. بمعنى غيرتها لكن هذا يرجع إلى معنى الإزالة لذلك قل من ذكره يعني: يذكرون ثلاثة معاني: نقل، إزالة، تغيير. والتغيير في الأصح أنه راجع إلى الإزالة، (112 - وَحَدُّهُ) أي: تعريفه اصطلاحًا أو شرعًا في اصطلاح الأصوليين هذا حد المراد به عند المتأخرين وإلا فالنسخ كما ذكرنا سابقا عند السلف معناه البيان النسخ معناه البيان ولذلك يدخل فيه تخصيص العام وتقييد المطلق وتبيين المجمل ورفع الحكم بجملته والأخير هذا هو النسخ عند المتأخرين فإذا قيل: هذه الآية منسوخة لقول ابن عباس أو غيره من كبار الأئمة لا تذهب إلى أنه النسخ الذي معنى بل لا بد من التثبت والتحري ما المراد؟ لأنه يحتمل أنه مراده أنها مخصوصة بحديث أو بآية ويحتمل أنها مقيدة يحتمل أنه النسخ بمعنى النسخ عند المتأخرين قال: وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ ** ثُبُوتَ حُكْمٍ

(رَفْعُ) هذا خبر المبتدأ حده (وَحَدُّهُ) الضمير يعود على النسخ (رَفْعُ) هذا خبر المبتدأ (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) خطاب مضاف إليه رفع مضاف والخطاب مضاف إليه (اللاحِقِ) هذا صفة للخطاب (ثُبُوتَ) بالنصب مفعول به لرفع لأن رفع هذا مصدر (رَفْعُ الخِطَابِ) رفع ماذا؟ (ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ) (بِالخِطَابِ) هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (ثُبُوتَ)، (ثُبُوتَ حُكْمٍ) ثبت بالخطاب (السَّابِقِ) هذا نعت له (رَفْعًا) هذا مفعول مطلق لقوله: (رَفْعُ). رفع الخطاب رفعًا (عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ) لولا ذلك الخطاب اللاحق الثاني لكان ذلك أي: الخطاب السابق ثابتًا كما هو إلى آخر التعريف الأئمة يقولون: حد النسخ هو رفع الخطاب. إذن رفع لا بد من الرفع والمراد بالرفع هنا التغيير إزالة الشيء بمعنى التغيير لأن الحكم قد يغير من إيجاب إلى ندب أو هذا يسمى نسخا إذا كان الحكم في الأصل واجبا ثم صار مندوبا لدليل نقول: هذا نسخ لأنه رفع الحكم كله أو انتقل من حكم شرعي إلى الإباحة فصار ماذا؟ صار نسخا ومثلوا له بآية النجوى {(((((نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ ((((((((} [المجادلة:12] هذه كانت واجبة فقيل: نسخت إلى أو غير الحكم من الإيجاب إلى عدم الإيجاب وبعضهم يرى أنه نسخ من الإيجاب للندب كما هو رأي شيخ الأمين رحمه الله أن النسخ هنا ليس نسخ للحكم الشرعي كليًّا وإنما نسخ للإيجاب فصار الحكم بعد ذلك مندوبًا والجمهور على أن الحكم نسخ أصلاً فلم يصل لا واجبًا ولا مندوبًا إذًا (رَفْعُ) المراد بالرفع الإزالة إزالة الشيء أي تغيره. عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ ** لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا

لولا هذا الرفع والتغير والإزالة لبقي الحكم ثابتًا كما هو، لولا قوله تعالى: {((((((((((((((أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجادلة:13]. نقول: هذا لولا هذه الآية لبقي الآية التي قبلها في إيجاب الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة كما هي إذن لولا وجود هذا التغير وهذه الإزالة لبقي الحكم على أصله من إيجاب أو نحوه فحينئذٍ لو زال الحكم بخروج وقته لا بخطاب نقول ماذا؟ لا يسمى نسخا لذلك الرفع الخطاب قيده فلو لم يكن رفع خطاب فحينئذٍ لا يكون نسخا كما سينص عليه (رَفْعُ الخِطَابِ) عبر بالرفع هنا ولم يقل رفع حكم ولم يقل النسخ هو الخطاب الدال لأن بعضهم يقول: رفع حكم. وهذا هو المشهور وهذا تعريف للنسخ وبعضهم يعبر كما عبر الناظم (رَفْعُ الخِطَابِ) كأنه قال: الخطاب الرافع. وبعضهم يقول: الخطاب الدال. من عرفه بأنه (رَفْعُ الخِطَابِ) ولم يقل رفع الحكم أو قال الخطاب الدال هذا عرف الناسخ ولم يعرف في النسخ ومن قال: رفع حكم. فهذا قد عرف النسخ، وهنا تعريف لماذا؟ للناسخ ولذلك قال: (رَفْعُ الخِطَابِ). ولم يقل النص لماذا؟ ليشمل اللفظ والفحوى والمفهوم وكل حكم وكل دليل يثبت به حكم شرعي حينئذٍ يثبت به النسخ ولذلك نقول: لو قال: رفع حكم. لكان أولى أو قال: رفع دليل. لكان أولى لماذا؟ لأن الدليل يشمل الفعل وأما الخطاب فلا يشمل الفعل وقد يقع النسخ بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أنه صلى بوضوء واحد خمس صلوات بوضوء واحد وقد كان ماذا الحكم أنه يشرع لكل أو يجب لكل صلاة وضوء مستقل (وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ) أي: رفع تعلق الخطاب بفعل المكلف فلا يتعلق هذا الحكم الشرعي بفعل المكلف انتهى وقته (اللاحِقِ) يعني: الثاني المتأخر (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) يعني: الخطاب الثاني المتأخر عن الأول ماذا رفع؟ (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) الخطاب اللاحق الثاني يرفع يرفَع ماذا؟ رفع ثبوت (ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ) (ثُبُوتَ حُكْمٍ) أي: ثبوت تعلق حكم بفعل المكلف ثبت هذا (بِالخِطَابِ السَّابِقِ) إذن عندنا خطابان: خطاب سابق، وخطاب لاحق. أيهما المنسوخ وأيهما الناسخ؟ نقول: ما ثبت بالخطاب السابق هذا منسوخ وما ثبت بالخطاب اللاحق هذا ناسخ لذلك قوله رفع ثبوت إذن (ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ) هذا متقدم وهو منسوخ والأول الشطر الأول هو الناسخ ثبوت حكم بفعل المكلف بالخطابِ هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (ثُبُوتَ).

(السَّابِقِ) أي: الأول المتقدم في الورود إلى المكلفين خرج بثبوت حكم بالخطاب السابق ما لو جاء خطابٌ ورفع حكم البراءة الأصلية فهذا لا يسمى نسخا لماذا؟ لأن الحكم السابق الذي هو البراءة الأصلية من الإباحة ونحوها هذا ثابت بما يسمى بالبراءة الأصلية وهو عدم التكليف وتسمى الإباحة العقلية فحينئذٍ الخطاب اللاحق إذا رفع حكم البراءة الأصلية لا يسمى نسخا وإلا صارت الشريعة كلها ناسخة إذن خرج به الثابت بالبراءة الأصلية وهو عدم التكليف بشيء (رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ) يعني: لولا هذا الخطاب اللاحق الثاني (لَكَانَ ذَاكَ) أي: الخطاب السابق الأول (ثَابِتًا كَمَا هُو) خرج به ما لو كان الخطاب الأول مغيى بغاية أو مرتب على معنى فإذا جاء الخطاب الآخر الثاني رفع الغاية أو بين زوال ذلك المعنى الذي رتب عليه الحكم في الخطاب السابق لا يسمى نسخا {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] محرم أو لا؟ محرم، متى؟ بعد الأذان الثاني إلى أن يسلم الإمام طيب قوله تعالى: {(((((((قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ ((((} [الجمعة:10] ومنه البيع هل يعتبر هذا الخطاب رافعا للحكم الثابت أو رافعا لغايته؟ لغايته لأن قوله: {(((((((((الْبَيْعَ}. هذا مقيد بماذا؟ بانقضاء الجمعة إذا انقضت الجمعة حينئذٍ نقول: ما بعد انقضاء الجمعة حكمه على الأصل وقوله تعالى: {(((((((((((((مِنْ فَضْلِ ((((} الذي منه البيع حينئذٍ نقول: هذا ليس بناسخ، وكذلك قوله: {(((((((((عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:96] هذا مقيد بماذا؟ بمعنى إذا زال هذا المعنى فجاء دليل يدل على الأصل {(((((((حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] لا نقول: {(((((((حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} هذا يعتبر ناسخًا لقوله: {(((دُمْتُمْ حُرُمًا} لماذا؟ لأن الخطاب الأول قد رتب الحكم فيه على معنى دل الخطاب الثاني على زوال ذلك المعنى فحينئذٍ هذا ليس بنسخ أو إذا دل على أن الخطاب الأول قد غُيَّ بغاية حينئذٍ إذا تضمن الخطاب الثاني زوال وارتفاع لا يعتبر نسخًا. إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ ** مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي هذا قيد (إِذَا تَرَاخَى) يعني: يشترط في الخطاب الثاني أن يكون متراخيا عن الخطاب الأول (إِذَا تَرَاخَى) الضمير هنا يعود على الخطاب الثاني (عَنْهُ) أي: عن السابق المتقدم في الزمان خرج به البيان والمخصصات المتصلة والمنفصلة فالتخصيص ليس بنسخ، والبيان المجمل ليس بنسخ لأنه قد يكون مقترنا بالمخصص اللفظ العام أو المجمل. إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ ** مَا بَعْدَهُ يعني: الذي (بَعْدَهُ) أي: بعد الخطاب الأول السابق من الخطاب اللاحق الثاني يعني: يشترط في الخطاب الثاني أن يكون متراخيا عن الخطاب الأول فلو كان مقارنا له فحينئذٍ لا يكون نسخا والحد يحتاج إلى مزيد شرح وأراكم تعبتم يعني صراحةً. ونقف على هذا وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد.

39

عناصر الدرس * النسخ لغة واصطلاحا * شروط النسخ * الحكمة من النسخ * النسخ جائز إجماعا * أقسام النسخ باعتبار التلاوة والحكم * أقسام النسخ باعتبار البدل وعدمه * أنواع الناسخ والمنسوخ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد. قال المصنف رحمه الله تعالى: (بَابُ النَّسْخِ) ذكرنا أن الحكم قد يثبت بدليلٍ شرعي، ثم يأتي ما يرفعه فهو قابلٌ للرفع، وإن كان هذا ليس في كل الأحكام، بل هو خاصٌ بالأحكام التكلفية، كما سيأتي بيانه في الحد. (بَابُ النَّسْخِ) أي: باب بيان حقيقة النسخ، للنسخ معنيان: معنى لغوي ومعنى اصطلاحي، معنى لغوي أشار إليه المصنف -أو الناظم- بقوله تعالى: النَّسْخُ نَقْلٌ أَوْ إِزَالَةٌ كَمَا ** حَكَوهُ عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ فِيهِمَا إذن يطلق النسخ ويراد به النقل، ويطلق النسخ ويراد به الإزالة، وإن كان الأصل فيه أنه بمعنى الإزالة، ولذلك قيل: هو حقيقةٌ في الإزالة مجازٌ في النقل، وقيل حقيقةٌ فيهما، فيكون حينئذٍ مشتركا لفظيا، وهذا لا مانع منه أن يكون النسخ إذا استخدم في لغة العرب -بمعنى النقل واستعمل بمعنى الإزالة- فلا مانع من أن يقال بأنه مشتركٌ لفظي. إذن النسخ لغة: (نَقْلٌ أَوْ إِزَالَةٌ) إسقاط الهمزة للوزن أي: وقيل معناه إزالةٌ فليس تم اختلاف، لم يقصد الناظم بـ (أَوْ) أن يذكر خلافا في المعنى، وإنما المراد أنه يطلق على معنيين أو بأحد معنيين، فحينئذٍ نقول: النسخ حقيقته في الإزالة وهذا هو المشهور وقيل: مجازٌ في النقل، يقال نسخت الكتاب أي نقلته بأشكال كتابته، وإن كان هو في الحقيقة إيجاد مثل ما كان في الأصل في مكانٍ آخر ليس فيه نقل بمعنى النقل الذي هو إزالة الشيء من مكانٍ لإيقاعه أو إيجاده في مكانٍ آخر، هذا هو الأصل. تقول نقلت الكأس من هذا المكان إلى هذا المكان، إذن أزلته من هذا المكان إلى هذا المكان. هذا أصل النقل لكن إذا قلت أزلت الكأس من هنا إلى هنا والكأس كما هو، هذا ليس في حقيقة النقل. كذلك الكتاب إذا كتبت ونقلت ما فيه تنقل نفس الحروف، أو أنك توجد مثل ما أوجد في الكتاب السابق، لا شك أنه ثانٍ، حينئذٍ يكون النقل المراد به هنا إيجاد مثل ما كان في الأصل في مكانٍ آخر. (أَوْ إِزَالَةٌ) يعني: وقيل معناه الإزالة، يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته ورفعته بانبساط ضوئها. والإزالة والرفع بمعنى واحد، لا بد من أن نقول: الإزالة والرفع بمعنى واحد، لأننا سنأخذ الرفع الذي هو بمعنى الإزالة جنسا في حد النسخ، سنأخذ ماذا؟ الرفع الذي هو بمعنى الإزالة في حقيقة النسخ، ومعلومٌ أن العلاقة بين المعنى الاصطلاحي والمعنى اللغوي لا بد أن يكون مطلق المعنى اللغوي موجودا في المعنى الاصطلاحي، وإلا ليس تم علاقة بينهما، فإذا كان النسخ بمعنى الإزالة والرفع فلا بد أن يكون النسخ الاصطلاحي بمعنى الإزالة والرفع، وإن لم يكن إزالة كل شيء.

(النَّسْخُ نَقْلٌ أَوْ إِزَالَةٌ كَمَا ** حَكَوهُ) يعني: مثل ما حكوه أي حكوا معنى النسخ في المعنيين السابقين (عَنْ أَهْلِ اللِّسَانِ فِيهِمَا) أي: في المعنيين المذكورين النقل والإزالة، زاد بعضهم التغيير، قال: يرد النسخ بمعنى التغيير فيقال نسخت الريح آثار الديار، أي: غيرتها، ولكن غيرت هل بمعنى أنها أزالتها من هيئةٍ أو من صفةٍ أو من حالٍ إلى هيئةٍ؟ أخرى حينئذٍ يكون معنى التغيير هنا في هذا المثال هو معنى الإزالة، فلا يخرج عن معنى الإزالة والتغيير. وأما في الاصطلاح فقال: (وَحَدُّهُ) {الحد هو الجامع المانع}. تعريف المعرف بمعنى المعرف، وغالب ما يذكر في الحدود هنا في هذا المقام وفي غيره إنما هو رسوم، يعني: من باب تقريب المحدود فقط المعرف، وإلا الحد الذي هو الجامع المانع بمعنى الكلمة هذا لا يكاد أن يوجد، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: {ما من حدٍ في الدنيا إلا وعليه اعتراض}، بيان إما بعض الأفراد ليست بداخلة في الحد، وإما بعض الأفراد داخلة وقد لا يحصل الاحتراز عنها ببعض ما ذكر في الحد، فلا بد من الاعتراض. لو قيل بكذا لكان أولى، لو قال هذا لخرج ماذا؟ إلى آخره. فلا يسلم حدٌ في الدنيا من الاعتراض، ولكن المراد التقريب فقط. نعرف النسخ، لا بد أن نحكم بأن الشريعة فيها نسخ، فحينئذٍ ما هو النسخ؟ لا بد من ألفاظ تقرب معنى النسخ، وهذه الألفاظ قد تكون آتية بمعنى النسخ من كل وجه، وإما أن تكون فيها نوع قرب للمعنى الذي أريد بيانه، حينئذٍ لا إشكال. وَحَدُّهُ ...................... أي: اصطلاحا أو شرعا. .. رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ ** ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ ** لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ ** مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي هذه ثلاثة أبيات في حد واحد، وهذا قد صعب عليه؛ وإلا الأصل أن يؤتى بالحد في بيتٍ واحد، يأتي بالحد في بيتٍ واحدٍ. هنا قال: (رَفْعُ الخِطَابِ) إذا قيل الخطاب الدال في حد النسخ، أو قيل (رَفْعُ الخِطَابِ) فهذا تعريفٌ للناسخ لا للنسخ، لأن حقيقة النسخ هي الرفع، {رفع حكمٍ شرعي بدليلٍ شرعي}. رفع حكم شرعي -حكم شرعي-: يعني ثبت بدليلٍ شرعي. بدليلٍ شرعيٍ: متراخٍ عنه. هذا أوجز ما يقال في حد النسخ، وهو أولى وبه حده في ((مختصر التحرير)) أنه ماذا؟ {رفع حكمٍ شرعي بدليلٍ شرعيٍ متراخٍ}، وهذا فيه إيجاز وفيه اختصار، كل ما ذكره الناظم أو غيره في هذا الحد الطويل فهو داخلٌ في هذا الحد الموجز.

(وَحَدُّهُ رَفْعُ الخِطَابِ)، (وَحَدُّهُ) أي: اصطلاحًا (رَفْعُ الخِطَابِ) عبر بالخطاب هنا، يشمل ماذا؟ اللفظ، والمفهوم، والفحوى، وكل دليل، وإن كان تم خلاف. هل يحصل النسخ بالمفهوم سواءً كان مفهوم موافقة أو مفهوم مخالفة؟ وهل يحصل النسخ بالفعل أو لا؟ الصواب أن كل دليلٍ شرعي وهو كائنٌ من الوحيين من كتابٍ أو سنة، فحينئذٍ يصح النسخ به مطلقًا -كما سيأتي بيانه-. لا يشترط في الدليل الناسخ أن يكون مساويا للدليل الثابت للحكم المنسوخ، أن يكون مساويا له في القوة أو في الرتبة، بل متى ما ثبت أنه دليلٌ صحيحٌ تثبت به الأحكام الشرعية فحينئذٍ يصح أن يكون ناسخا، ولذلك قال: (رَفْعُ الخِطَابِ) ليعم كل خطابٍ يصح النسخ به، ومعلومٌ أن الحكم الشرعي الثابت بخطاب شرعي إما أن يكون من جهة المنطوق، وإما أن يكون من جهة المفهوم، وكلاهما دليلان شرعيان تثبت بهما الأحكام الشرعية. وأما الفعل –كذلك- فهو داخلٌ فيه، ولذلك التعبير برفع حكمٍ شرعي هذا أولى؛ لأنه يشمل ماذا؟ يشمل الفعل، ولذلك جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مما مست النار ثم صلى، وقد أكل ما مسته النار، فدل على أن الفعل الثاني ناسخٌ للأول. «توضئوا مما مست النار»، هذا منسوخ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أكل مما مست النار، ثم قام فصلى. هذا ثبت، النسخ بماذا ثبت؟ بفعل. وكذلك كان الأصل أنه يتوضأ، يجب الوضوء لكل صلاة، وقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح خمسة أو أربع صلوات بوضوءٍ واحد، فدل بالفعل على أن الفعل يكون ناسخا. فلو قيل حده رفع الخطاب الفعل ليس بخطاب، فكيف حينئذٍ يشمل الفعل؟ نقول: رفع حكمٍ شرعي هذا أولى، ليعم فعل النبي صل الله عليه وآله وسلم. (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) أي: الثاني المتأخر (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) والمراد برفع الخطاب رفع تعلقه بفعل المكلف، يعني الحكم الشرعي يكون في الأصل متعلقه ماذا؟ فعل المكلف كما سبق في بيان حقيقة الحكم، الخطاب أو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، إذن الناسخ أو المنسوخ يكون في الأصل متعلقه ماذا؟ فعل المكلف فإذا قيل (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) رفع ماذا؟ رفع تعلق الخطاب بفعل المكلف، فحينئذٍ لا يكون متعلقه فعل المكلف، وإذا لم يكن متعلقه فعل المكلف فحينئذٍ بطل كونه حكمًا شرعيًا.

(رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) أي: الثاني أي المتعلق، رفع ماذا؟ الخطاب الثاني رافعٌ، ولذلك قلنا هذا حدٌ للناسخ ليس للنسخ. الخطاب الثاني هو الذي عناه بالشطر الأول (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ) هذا الناسخ رفع ماذا؟ رفع ثبوت حكمٍ بالخطاب السابق، إذن عندنا خطابان وكلاهما وحي، ولذلك لا يخرج الناسخ والمنسوخ عن الوحي أبدا، لأنه تشريع ولا تشريع إلا بوحيٍ، ولذلك لا يكون ناسخا، الإجماع ولو قياس، ولو بمجرد العقل، لا تكون هذه الثلاثة من الأدلة الناسخة، وإن كان الإجماع في نفسه دليلاً مستقلاً، وإن كان القياس في نفسه دليلاً مستقلاً لماذا؟ لكون الإجماع لا ينعقد إلا بعد وفاة النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم، وإذا كان كذلك والناسخ لا بد أن يكون تشريعا يكون وحيا، فبوفاة النبي عليه الصلاة والسلام انقطع الوحي، ولا ناسخ إلا بوحي فكيف يُتصور أن يكون الإجماع ناسخا؟ لا يمكن، وإذا قال أهل العلم هذه الآية منسوخة بالإجماع، أو هذا الحكم منسوخٌ بالإجماع، المراد به مستند الإجماع. أما مجرد الإجماع فلا يكون ناسخا البتة، لماذا؟ لأن الناسخ تشريع حكم جديد، وهذا وقته زمن الوحي، وأما بانقطاع الوحي فلا تشريع. كذلك القياس لا يكون إلا عند عدم النص، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: كالميتة، القياس كالميتة؛ بمعنى أنه لا يلجأ إليه إلا عند فقدان النص، فإذا وجد النص فكيف حينئذٍ نقول القياس الذي لا يوجد إلا عند فقدان النص ناسخًا للنص؟ فإذا وجد النص بطل القياس من أصله، فلا يكون تم تعارض، بحيث لا يمكن الجمع بين القياس والنص إلا بالقول بكون النص منسوخا، والقياس هو الناسخ لأن الناسخ القياس لا يوجد إلا عند عدم النص، وإذا ورد النص بطل القياس، حينئذٍ لا يصح أن يكون القياس ناسخًا. (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ ** ثُبُوتَ حُكْمٍ) يعني: ثبوت تعلق حكمٍ، لأن المراد هنا بالخطاب تعلقه بفعل المكلف، يتعلق أولاً بفعل المكلف على جهة الإيجاب أو الحرمة، ثم يأتي خطابًا آخر لاحقٌ متراخي يرفع ذاك التعلق ويثبت حكمًا جديدا أو لا يثبت حكمًا جديدًا كما سيأتي. إذن (ثُبُوتَ حُكْمٍ) هذا مفعولٌ به، لقوله: (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ ** ثُبُوتَ) فحينئذٍ يكون الخطاب فاعلٌ في المعنى هو مضاف إليه في اللفظ لكنه في المعنى فاعل، ولذلك قلنا هذا حدٌ للناسخ وليس للنسخ رفع ماذا؟ (ثُبُوتَ حُكْمٍ) ثبوت تعلق حكمٍ بفعل المكلف بالخطاب السابق، إذن تم خطابان: خطابٌ سابق ثبت به حكمٌ شرعي، وتعلق بفعل المكلف.

ثم جاء خطابٌ متراخٍ عنه تعلق بفعل المكلف، بمحل ما تعلق به الخطاب الأول، فكان رافعا له مزيلاً لحكمه مغيرا لحكمه، كان إيجابا فصار ندبا، كان تحريما فصار كراهةً، كان واجبا ثم انتقل إلى عدم الحكم الشرعي البتة، صار إلى الإباحة. وهذا المراد بـ (رَفْعُ الخِطَابِ) تغييره، إزالته من حالٍ إلى حال، من حكمٍ وهو الإيجاب إلى عدم إيجابٍ أصلاً، كما في آية النجوى {(((((نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12]. هذا دل على ماذا؟ على إيجاب الصدقة بين يدي النجوى، إذا ناجيتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - نسخ هذا الحكم وهو الإيجاب، والجمهور على أنه نسخ إلى غير بدل، إذن رفع الحكم، وأزيل الحكم وتغير الحكم المتعلق بفعل المكلف، ولم يأت خلفٌ له. (ثُبُوتَ) تعلق حكمٍ بفعل المكلف (بِالخِطَابِ السَّابِقِ) (بِالخِطَابِ) هذا متعلق بقوله ماذا؟ (ثُبُوتَ)، ثبت الحكم السابق بخطابٍ، إذن الناسخ والمنسوخ تأخذ من هذين الشطرين الناسخ والمنسوخ لا يكونا إلا وحيين سمعيين: قال الله، قال رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ما عداه لا يكون ناسخ لأن الناسخ والمنسوخ تشريع، والتشريع لا يكون إلا بوحيٍ، ولما مات النبي عليه الصلاة والسلام انقطع الوحي، فالإجماع لا يكون ناسخا، وإذا رأيت أهل العلم يحكون الإجماع على النسخ فاعلم أن الإجماع هنا على ماذا؟ على مستند يعني: دليل وهو الناسخ في الحقيقة، وقد لا ينقل قد لا ينقل الناسخ، وإنما يجمع على الدليل، ثم قد لا ينكر ذلك الدليل. (ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ) خرج به (ثُبُوتَ حُكْمٍ) يعني: الحكم السابق ثبت بخطاب، إذن إذا كان الحكم السابق لم يثبت بخطاب بل ثبت بالبراءة الأصلية، وهو عدم التكليف بشيء، أو الاستصحاب العدم، أو البراءة العقلية، نقول ورود الخطاب الثاني بحكمٍ شرعي ولم يثبت الحكم السابق بخطابٍ شرعي لا يسمى نسخا، لا بد أن يكون الخطاب المرفوع المنسوخ ثبت بقال الله، قال رسوله - صلى الله عليه وسلم -. فعدم إيجاب الصلوات، وعدم إيجاب الزكاة في أول الأمر، هذا حكمٌ، أليس كذلك؟ إباحة لكنها ليس إباحة شرعية، هي إباحة حكم ليس المكلف أو المخاطب والصحابة وغيرهم ليسوا مكلفين بإيجاب الصلاة، ولا إيجاب الصلاة، ولا الصيام كمثال، ثم جاء فرض الصلاة، هل فرض الصلاة هنا رفع حكمًا سابقًا أو لا؟ رفع وحصل رفع عدم إيجاب الصلاة، هذا حكمٌ وجاء {(((((((((((((((((((((} [الأنعام: 72]،هذا مثبت لحكم سابق، لكن الحكم السابق لم يثبت بخطابٍ شرعي وإنما ثبت بماذا؟ ثبت بالبراءة الأصلية فحينئذٍ رفع الحكم السابق الثابت بالبراءة الأصلية، استصحاب العدم، لا يسمى نسخًا، وإلا لعدت الشريعة كلها ناسخة لما ثبت بالبراءة الأصلية. وما من البراءة الأصلية ** قد أخذت فليست الشرعية

أليس كذلك؟ فما كانت الإباحة شرعية، فحينئذٍ الخطاب الثاني إذا رفع الإباحة الشرعية يعد نسخا، لأن الإباحة الشرعية حكمٌ شرعي ثبتت بخطاب الشرع، وأما ما ثبت بالبراءة الأصلية كعدم إيجاب الصلوات الخمس في أول الأمر، والزكاة والصيام، ونحو ذلك. فإذا جاءت النصوص دالة على إيجاب الحكم الشرعي نقول: هنا حصل رفع -لا إشكال في هذا-، حصل رفعٌ، لكن رفع الحكم السابق الثابت بالبراءة الأصلية، والنسخ لا يكون نسخا إلا إذا كان الحكم الثابت السابق ثبت بوحيٍ، بخطابٍ شرعي فإن لم يكن ثبت بوحيٍ، فلا يسمى نسخا. (رَفْعُ الخِطَابِ اللاحِقِ ** ثُبُوتَ) تعلق حكمٍ بفعل المكلف بالخطاب السابق خرج أيضا ما لو حصل الرفع لا بخطاب، قد يحصل رفع التكليف بالكلية زيدٌ مكلفٌ من الناس يقوم فيصلي ويزكي وإلى آخره ثم جن، ارتفع عنه الحكم أو لا؟ ارتفع عنه الحكم بالكلية. حينئذٍ نقول: نسخ في حقه إيجاب الصلاة؟ هنا زال عنه التكليف فرفع عنه إيجاب الصلوات، وإيجاب الزكوات، وإيجاب الصيام، رفع عنه لا شك. لكنه لا بخطابٍ شرعيٍ متراخ وإنما رفع عنه بماذا بزوال التكلفي، لأن التكليف يزول بماذا؟ بفقد أحد شرطي التكليف السابقين الذين ذكرناهما فيما مضى. (ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ) إذن لو ارتفع الحكم الشرعي لا بخطابٍ لاحقٍ، وإنما بزوال التكليف فحينئذٍ نقول: هذا لم يعد نسخا لا يعد نسخا وإنما يعتبر نسخا للحكم التكليفي أو رفعًا للتكليف بالكلية لفوات محله، لأن محل التكليف المكلف لا بد له من شروط وهنا انتفى الشرطان في حق المجنون ونحوه. (ثُبُوتَ حُكْمٍ بِالخِطَابِ السَّابِقِ) يعني: الخطاب الأول المتقدم في الورود إلى المكلفين. رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ ** لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو (رَفْعًا) إعرابه؟ مفعول مطلق لقوله: (رَفْعُ) رفع الخطاب (رَفْعًا) مفعول مطلق (عَلَى وَجْهٍ) يعني: كائن هذا الرفع (رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ) كائنا هذا الرفع (عَلَى وَجْهٍ) على حالةٍ وصفةٍ (أَتَى لَولَاهُ) (أَتَى) هذا الرفع (لَولَاهُ) لولا الخطاب اللاحق الثاني، الضمير يعود على الخطاب الثاني لولا مجيء الخطاب الثاني الذي هو رافعٌ للحكم (لَكَانَ ذَاكَ) أي: الخطاب السابق الأول (ثَابِتًا كَمَا هُو) أليس كذلك؟ لولا قوله: {((((((((((((((أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجادلة: 13]. لولا هذا الخطاب الثاني لكان قوله تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ ((((((((((} [المجادلة: 12]. ثابتا كما هو صحيح؟ نعم لولا الخطاب الثاني لبقي الخطاب الأول حكم شرعي ثابتا كما هو.

(رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ) لولا الخطاب اللاحق الثاني (لَكَانَ ذَاكَ) أي: الخطاب السابق وما ثبت به من حكمٍ شرعيٍ متعلقٍ بفعل المكلف (ثَابِتًا كَمَا هُو) كما هو في نفسه ولم يعتبر منسوخا، لم يرفع لم يزل لم يتغير من حالٍ إلى حال، قالوا: خرج به بهذا القيد لكان ثابتا كما هو، لولا الخطاب الثاني خرج به ما لو كان الخطاب الأول مغيى لغاية، أو معللاً بمعنى مغيى بغاية مثلوا له بقوله تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]. تحريم البيع هنا مُغيى بانقضاء الجمعة لو، لم يرد إلا هذه الآية فحينئذٍ نقول: يحرم عليه البيع والشراء، وعلى المذهب النكاح والهبة والوكالة إلى آخره. تحرم عليه هذه الأمور كلها حتى تنقضي الجمعة، فإذا انقضت الجمعة حينئذٍ عاد الأصل إلى ما كان عليه، هل نحتاج إلى دليل آخر يبين أن ما بعد الغاية يرجع إلى ما كان سابقا؟ لا نحتاج. إذن لو جاء دليل يدل على أن الغاية قد انتهت وأن مفعولها قد انتهى، حينئذٍ لا نعد الدليل الثاني ناسخا للأول، فقول تعالى: {(((((((قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10] ومن فضل الله البيع إذن قال: {(((((((((الْبَيْعَ} ثم قال: {(((((((((((((مِنْ فَضْلِ ((((} هل هذه الآية الثانية ناسخة للأولى، رفعت الحكم كان الحكم بتحريم البيع وقت صلاة الجمعة ثم جاء قال: {(((((((((((((مِنْ فَضْلِ ((((} دل على تحليل البيع بعد انقضاء صلاة الجمعة، هل نعد الثاني ناسخ للأول؟ أو أنه مبينٌ بأن الغاية قد انتهت وزال مفعولها؟ الثاني، فحينئذٍ إذا كان النص الأول أو الدليل الأول مغيى بغاية فجاء دليل ثانٍ مصرح بانقضاء تلك الغاية لا نعد الثاني ناسخا للأول بل هو مؤكدٌ لمعناه، لأنه لو لم يرد الدليل الثاني لكان المغيى بغاية يؤخذ من نفس النص أن ما بعد الغاية مخالفٌ لما بعده، فلما كان {(((((((((الْبَيْعَ} هذا خاصٌ بصلاة الجمعة، {(((((((((الْبَيْعَ} التحريم خاصٌ بصلاة الجمعة من أجلها حينئذٍ إذا علق على شيء إذا انتهى ذلك الشيء وانتهى زمانه وولى عاد الحكم إلى ما كان عليه لو لم يرد نص أو كان معلقا على معنى ومثلوا له بقوله تعالى: {(((((((((عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:96]. أي: مدة دوام إحرامكم، فإذا زال الإحرام يجوز الصيد أو لا؟ يجوز من نفس النص لا نحتاج إلى نصٍ آخر، قوله: {(((((((حَلَلْتُمْ ((((((((((((((} [المائدة: 2]. هذا رافع لما دل عليه الأول لكنه مبينٌ لزوال الحكم بزوال المعنى مؤكد له فلا نعد الثاني. قوله: {(((((((حَلَلْتُمْ ((((((((((((((}، {(((((((((((((((((} خرجتم من الإحرام: {((((((((((((((} لا نقول: بأن هذه الآية ناسخة للآية الأولى، لماذا؟ لأن الآية الأولى معلق الحكم فيها بمعنى متى ما زال المعنى رجع الحكم إلى أصله.

{(((((((((عَلَيْكُمْ ((((((} مدة دوام إحرامكم إذن إذا لم تكونوا محرمين، {(((((((((عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} مدة إحرامكم فإذا لم تكونوا محرمين أو إن قضيتم من الإحرام أحل لكم صيد البر هذا نأخذه من نفس النص فإذا جاء نص خطاب آخر مؤكد لهذا المعنى لا نقول الآية الأخرى ناسخة للأولى. رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولَاهُ ** لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو إذن فرفع الحكم بارتفاع محله أو بانتهاء غايته ليس بنسخٍ، وكذلك مثل بعضهم بانقضاء صلاة الجمعة؛ لو تعمد إخراج الجمعة حتى دخل وقت العصر ولم يصل هل يصلي بعد صلاة العصر؟، لا يصلي لماذا؟ لخروج الوقت لأن الحكم إيجاب صلاة الجمعة على المكلفين بشروطها المعتبرة، هذا مغيى وقت مثله مثل {(((((((((الْبَيْعَ} مغيى بوقت حتى يخرج وقت صلاة الجمعة فإذا دخل وقت صلاة العصر ارتفع عن الوجوب، نقول: هذا ارتفع الوجوب بماذا؟ هل يعد نسخا لا وإنما زال الحكم وارتفع الذي هو وجوب صلاة الجمعة وإن كانوا مكلفين لخروج الوقت فلا يعد عدم إيجاب صلاة الجمعة بالقضاء أو الإعادة على من وجبت عليه في وقتها، لا نعد ذلك ناسخًا للأول. (إِذَا تَرَاخَى) رفع الخطاب اللاحق ثبوت حكمٍ بالخطاب السابق. رَفْعًا عَلَى وَجْهٍ أَتَى لَولاهُ ** لَكَانَ ذَاكَ ثَابِتًا كَمَا هُو (إِذَا) هذا تقييد (إِذَا) هذا حرف أو ظرف زمان مضمنٌ معنى الشرط خافضٌ لشرطه منسوبٌ بجوابه (إِذَا تَرَاخَى) الضمير يعود الخطاب الثاني (إِذَا تَرَاخَى) الخطاب الثاني (عَنْهُ) عن الخطاب الأول، إذن لا بد من هذا القيد أن يكون الناسخ متراخيا عن المنسوخ احترازا عن البيان والتخصيص احترازا عن البيان، والتخصيص كالاستثناء والبدل والصفة ونحو ذلك كلها المخصصات المتصلة والمنفصلة، هذه نقول: ماذا؟ خرجت بهذا القيد وإن كانت المنفصلة قد تلتبس، إلا أن التخصيص الأصل فيه أنه رفعٌ لبعض الحكم لا لكل الحكم، وهذا ذكرناه من الفوارق بين النسخ والتخصيص؛ أن التخصيص الأصل فيه بل مطرد يكون الرافع أن يكون الحكم المرفوع بعضه لا كله، وأما النسخ فالأصل فيه أن يكون الحكم المرفوع كله لا بعضه وقد يوجد البعض، وقل من نبه على ذلك أنه قد يوجد النسخ ببعض أفراد الحكم المنسوخ ويبقى الأصل على ما هو عليه.

إذن قوله: (إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ) الخطاب الثاني (عَنْهُ) عن السابق المتقدم (فِي الزَّمَانِ ** مَا بَعْدَهُ) (مَا) أي: ما الذي (بَعْدَهُ) هذا يعني: بعد الخطاب الأول السابق هذا من باب التأكيد، (مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ) اللاحق الثاني بمعنى أنه يشترط تراخي الناسخ عن المنسوخ فلو كان متصلاً به لا يعد نسخا {((((عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] {((((عَلَى ((((((((} يشمل المستطيع وغير المستطيع {((((((((((((((} بدل أخرج غير المستطيع رفع بعض الحكم أو لا؟ رفع بعض الحكم أو رفع الحكم من غير المستطعين عبر بهذا أو بذاك رفع الحكم عن غير المستطيعين الذي هو إيجاب الحج هل هذا نسخ ليس بنسخ لماذا؟ لكونه متصلاً به لكونه متصلاً حينئذٍ المخصصات المنفصلة لا يمكن أن تكون ماذا؟ أن تكون من الناسخ وأما المنفصل فهذا ينظر فيه. إِذَا تَرَاخَى عَنْهُ فِي الزَّمَانِ ** مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي

(مِنَ الخِطَابِ) هذا جار مجرور من بيانية فسرت معنى (مَا) (مَا) اسمٌ موصولٌ بمعنى الذي مبهم فيحتاج إلى بيان، قوله: (مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي) هذا مثل قوله: {(مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ ((((((((} [البقرة:106]. (مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي) كأنه قال إذا تراخى عنه في الزمان ما بعده فوقف إلى هنا قوله: (مَا بَعْدَهُ مِنَ الخِطَابِ الثَّانِي) هذا من باب التكميل وفيه إيضاح للمبهم وهو اسمٌ موصول الذي هذا هو حقيقة النسخ أو الناسخ، وإذا أردنا النسخ من هذا نقول: {النسخ هو رفع حكمٍ شرعيٍ بدليلٍ شرعيٍ متراخٍ} هذا أحسن ما يمكن أن يقال أو {رفع الحكم الثابت بخطابٍ متقدمٍ بخطابٍ متراخٍ عنه}. من التعريف نأخذ ماذا؟ أنه لا بد أن يكون الناسخ والمنسوخ سمعيين، لأنه نص في الناسخ والمنسوخ على كون كل منهما خطابا خطاب بمعنى كلام الله لا بد أن يكون خطابا فحينئذٍ الناسخ والمنسوخ من الحد تأخذ أنه لا بد أن يكونا سمعيين ولا أيضا تنسخ الأخبار لأنه قال: رفع حكمٍ شرعي إذن الخبر إذا كان محضا ولم يكن بمعنى الحكم فحينئذٍ لا يدخله النسخ أبدا، لأن الخبر {ما احتمل الصدق والكذب لذاته}، فإذا كان تم خبران أحدهما يثبت والآخر ينفي فحينئذٍ لا بد أن يكون أحدهما كذبا والآخر صدقا وهذا ممتنع، ولذلك لا يدخل النسخ الأخبار إلا إذا كان الخبر في معنى الحكم قد يرد الحكم الشرعي ليس بأمرٍ ولا نهيٍ وإنما يرد في صورة الخبر وهذا له مغزى كما ينص عليه أهل البيان كما في قوله تعالى: {(((((((((((((((((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ ((((((((} [البقرة:228].

هذا خبر أو أمر أو نهي في اللفظ؟ خبر، هذا خبر، لكنه متضمنٌ لحكم شرعي هذا يقبل النسخ في مثل هذه الأخبار التي هي لم يرد لفظها ومعناها من جهة الخبرية، وإنما أريد لفظها وتضمنت من جهة المعنى حكما شرعيا نقول: هذه يدخلها النسخ إذن لا تنسخ الأخبار إلا إذا كان الخبر بمعنى الحكم، وذكرنا فيما سبق أن النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكمٍ منها التيسير والتخفيف على الأمة، وهذا يتصور فيما إذا نسخ إلى غير بدلٍ أو نسخ الأثقل إلى الأخف، لأن فيه واضح التيسير وتكثير الأجر للمؤمنين ونحو ذلك، وذلك في تصور فيما إذا نسخ من الأخف إلى الأثقل، ويرد فيما نسخ من مساوٍ إلى مساوٍ أن يكون فيه ابتلاء هل تمتثل الأمة أم لا؟ إذن يكون فيه تيسيرٌ وتخفيف على الأمة وذلك يتصور فيما إذا نسخ إلى غير بدلٍ على ما هو مقرر عند الجمهور من جوازه أو إذا كان المنسوخ من أثقل إلى أخف نقول: هذا واضح فيه التيسير فإذا كان من أخف إلى أثقل أين التيسير؟ نقول: هذا فيه تكثيرٌ للأجر لأجور الأمة للمؤمنين إذا كان من مساوٍ إلى مساوٍ نقول: هذا ليس فيه تخفيف وإنما فيه ابتلاء لأن المؤمن مبتلى هل يمتثل أو لا يمتثل؟ ولذلك جاز النسخ قبل التمكن من الفعل، وقد أجمع المسلمون على جوازه بإجماع الأمة -ممن يعتد بها- أجمعوا على جوازه ووقوعه، جوازه عقلاً، ووقوعه وهو وجوده في الكتاب والسنة لماذا؟ لأن حكمه تعالى مترتب على مصلحة حكمه جل وعلا مترتبٌ على مصالح للعباد كلها ترجع للعباد لا ترجع إلا الله جل وعلا، فحينئذٍ لما كانت المصالح تختلف من زمن إلى زمن ومن حال إلى حال ومن أشخاص إلى أشخاص ناسب أن يكون الحكم الشرعي دائرا مع المصلحة، فقد توجد حكمة الحكم في وقتٍ ثم ترتفع تلك الحكمة فيزول معها الحكم إذن عقلاً لا مانع من وجود النسخ ولا يلزم من ذلك ما قاله اليهود ومن على شاكلتهم بأنه يلزم منه البداء بمعنى أنه يبدو للرب جل وعلا لم يعلمه ثم شرع نقول: هذا فاسد بل علم سبحانه وتعالى أنه يشرع الحكم مدة من الزمن ثم بعد ذلك يفوت أو تذهب أو ترتفع تلك المصلحة فيتغير مع الحكم فهو عالمٌ جل وعلا بالناسخ والمنسوخ قبل أن تخلق السماوات والأرض جل وعلا. إذن نقول: أجمع المسلمون على جوازه لأن حكمه تعالى لمصلحةٍ فيتغير بتغيرها لأنها تختلف باختلاف الأوقات والأزمان والأشخاص. ثم قال رحمه الله: وَجَازَ نَسْخُ الرَّسْمِ دُوْنَ الحُكْمِ ** كَذَاكَ نَسْخُ الحُكْمِ دُوْنَ الرَّسْمِ

هذا باعتبار ماذا؟ قسم لك النسخ باعتبار التلاوة والحكم (وَجَازَ نَسْخُ) قسمه إلى قسمين وترك قسمًا ثالثًا وجاز عقلا ووقوعًا، عقلاً وشرعًا، عقلاً يعني: لا مانع من أن يرد اللفظ القرآني ثم يرتفع ويبقى حكمه أو يرتفع ما هو حكم العقل لا يمنع وكل ما جاءت به الشريعة والحمد لله العقل لا يمانع هذا قاعدة عامة كل ما جاءت به الشريعة وأمر الرب إذا ثبت بدليلٍ صحيح بالسنة أو غيرها من أقوال الصحابة فحينئذٍ نقول: العقل لا يمنع هذا لا تعارض بين العقل الصحيح والنقل، العقل الصريح والنقل الصحيح لا تعارض ولله الحمد والمنة (وَجَازَ) أي: عقلاً وشرعًا (نَسْخُ الرَّسْمِ) أي رسم الآية من القرآن ترتفع الآية تتلى تنزل الآية ثم تتلى وقتًا ما ثم تترفع وقد يرتفع الحكم معها وقد يبقى الحكم بعدها فهذان كم قسم؟ قسمان (وَجَازَ نَسْخُ الرَّسْمِ) أي: رسم الآية من القرآن (دُوْنَ الحُكْمِ) فيبقى الحكم والتكليف به فترتفع وجوب قرآنية الآية يرتفع ماذا؟ وجوب قرآنية الآية وخاصية القرآن مثل ماذا؟ {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم}، هذه قيل: ليست بلفظها ليست محفوظة إنما نقلت بالمعنى ولذلك حكم أهل البيان أن هذا الكلام فيه رِكَّة فلا يقال بأن هذه الألفاظ هي عين الآية المرفوعة وإنما هذا من باب التقرير فقط أو رواية بالمعنى وإلا قالوا: الإعجاز القرآني والبياني أعلى من هذا الترتيب الشيخ والشيخ إذا زنيا فارجموهما البتة هذا بالمعنى فقط هذه أو هذا المعنى كان آيةً تتلى ثم رفعت تلك الآية نسخت وبقي حكمها بدليل ماذا بقي حكمها؟ بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم، رجم من؟ المحصن رجم المحصن إذا نحو آية الرجم وهي الشيخ والشيخ إذا زنيا فارجموهما البتة الحديث رواه البيهقي بتمامه عن عمر فإنه كان قرآنًا قال عمر رضي الله تعالى عنه قد قرأناها. يعني: الآية لكن ليست بذات اللفظ قال عمر: قد قرأناها.

رواه الشافعي وغيره، وبقي حكمه ولذلك قد رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - المحصنين من أحصن ثم زنا رجمه عليه الصلاة والسلام (وَجَازَ نَسْخُ الرَّسْمِ دُوْنَ الحُكْمِ) فيبقى الحكم يرد السؤال هنا قلنا في حد النسخ رفع حكم شرعي وهنا يقول: ارتفع الرسم وبقي الحكم أين حقيقة النسخ هذا نسخ تلاوة لا حكما نسخ تلاوة لا حكما وحقيقة النسخ رفع حكمٍ شرعي فكيف يدخل في الحد؟ نعم، نعم، رفع ماذا؟ وجوب اعتقاد قرآنيتها مسها قراءتها للجنب قراءتها في الصلاة هذه الأحكام متعلقة بالآية فارتفعت، لكن نحن نقول: نسخ لفظًا أو تلاوة لا حكمًا فحينئذٍ الحكم المنفي ما هو؟ هل كل حكم يعني: ارتفعت التلاوة وبقي حكم وجوب قرآنيتها لا حكمًا يعني: لا الحكم الخاص الذي تضمنه المرفوع، إذن المنفي الحكم هنا ليس مطلق الحكم تعبير أهل العلم ما نسخ تلاوة لا حكمًا لا حكما مطلقا أو خاص؟ خاص ما هو هذا الحكم الخاص؟ مدلول اللفظ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما، ما دل عليه اللفظ هذا الذي بقي وأما الأحكام الأخرى الثابتة بكونها قرآنية وبوجوب الطهارة لمسها أو كونها تقرأ في الصلاة هذا ارتفع معها فوجد حقيقة النسخ وجد حقيقة النسخ إذن قوله: (وَجَازَ نَسْخُ الرَّسْمِ دُوْنَ الحُكْمِ) هذا لا شك أنه داخلٌ في حقيقة النسخ، وقوله: (دُوْنَ الحُكْمِ) الحكم المنفي حكمٌ خاص وهو مدلول اللفظ فقط، وأما الأحكام الأخرى من وجوب القرآنية وخاصية الآية من وجوب مسها بطهارة وكون الجنب لا يقرأها على قول الجمهور وهو قول ضعيف وكون صحة قراءتها في الصلاة ونحو ذلك فهذه مرتفعة كلها فتحقق رفع حكمٍ شرعي. (كَذَاكَ نَسْخُ الحُكْمِ دُوْنَ الرَّسْمِ) (ذَاكَ) هذا النوع الثاني، (كَذَاكَ) أي: كما يجوز نسخ الرسم دون الحكم يجوز نسخ الحكم دون الرسم عكس يجوز نسخ الحكم دون الرسم فتبقى التلاوة باقية مثاله {(((((((((((يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة:240] هذه منسوخة مع كونها باقية، (كَذَاكَ نَسْخُ الحُكْمِ دُوْنَ الرَّسْمِ) الدال على ذلك الحكم فتبقى القرآنية تبقى القرآنية وخاصيتها لأننا نقول: هذا قرآن لو قرأها في الصلاة لوحدها ثم ركع صح أو لا؟ صح لأنها قرآن لكن لو قرأ الشيخ والشيخة، صحت صلاته أو بطلت؟ بطلت صلاته لأنه كلامٌ خارجٌ عن الصلاة.

(كَذَاكَ نَسْخُ الحُكْمِ دُوْنَ الرَّسْمِ) يعني: دون الرسم الدال على ذلك الحكم فتبقى القرآنية وخاصيتها وهذا هو الغالب في القرآن نسخ الحكم دون الرسم مثاله ما ذكرناه من آية العدة وكذلك مثل بعضهم بقوله تعالى: {(((((((الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ • (((((((} [البقرة: 184]. هذا في شأن الصيام نسخ حكمه على بعض الأقوال والآراء نسخ حكمه وهو جواز الفطر من الفدية الإطعام وبقي رسمه وتلاوته وبقي رسمه وتلاوته وأيضا من المثال المشهور ما ذكره أبو بكر بن عربي ذكرناه في مقدمة التفسير كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف وهي قوله تعالى: {(((((((انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ (((((((((((((} [التوبة:5]. الآية هذه الآية نسخت مئة وأربعا وعشرين آية ثم نسخ آخرها أولها هذه تحتاج إلى أن يبحثها طالب العلم مئة وأربعة عشرة وأربع عشرة آية نسخة بهذه الآية والحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة من وجهين كما ذكر السيوطي في ((الإتقان)) وفي غيره: الأول: أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم والعمل به كذلك يتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه فأبقيت التلاوة لهذه الحكمة، إذن من قبيل ماذا؟ تكثير أجور الأمة بقراءة هذه الآية لأنه لا حكم لها ليس تم عمل نحن نقول: الأصل بالقرآن أنه أنزل ليعمل به هذا الأصل فوجود بعض الآيات التي ارتفع حكمها وبقيت تلاوتها من باب تكثير أجور الأمة فالقرآن يعمل به أنزل بالعمل في الأصل وأيضا ليتلى وإن لم تكن التلاوة هي الأصل فلا يجعل الفرع أصلا والأصل فرعا وإنما التفقه في الدين هو الأصل. الثاني: أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرا للنعمة ورفعا للمشقة رفعا للمشقة، وبقي نوع ثالث لم يذكره المصنف فهو رفع التلاوة والحكم معا، مثاله حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: «كان فيما أُنْزِلَ أو فيما أَنْزَلَ الله عشر رضعات معلومات يحرمن»، هذه آية «عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس رضعات معلومات يحرمن» وهذه الآية ناسخة ثم نُسخت الثانية، نسخن بماذا؟ «خمس رضعات يحرمن» هذه نسخة لفظًا وبقيت حكمًا والأولى لفظا تلاوةً، وحكما فهذا الحديث فيه نوعان: «عشر رضعاتٍ معلوماتٍ يحرمن فنسخن بخمس رضعات معلومات يحرمن» الثاني على أنها آية نسخت الأولى تلاوةً وحكما عشرة ثم صارت خمسة وهذا فيه أو تأخذه مثال لما نسخ بعضه عشر ثم صارت خمس لم يرد حكم مغاير كليا للحكم السابق وإنما التحريم هو هُو والرضاعة هي هِي لكن نقصت من عشر إلى خمس فماذا حصل؟ هذا نُسخ فيه البعض ورُفع فيه البعض مثل الحول من حول إلى أربعة أشهر وعشرا، ثم نُسخن الخمس أيضًا لكن تلاوةً لا حكما فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ من القرآن ومرادها رضي الله تعالى عنها بهذا أي يقرؤهن من لم يبلغه نسخهن دون من بلغه النسخ وإلا أشكل على بعض المالكية هذا النص فقالوا: لا فأثبتوا الرضاعة بالمصة والمصتين. وَنَسْخُ كُلٍّ مِنهُمَا إِلَى بَدَلْ ** وَدُونَهُ

إذن عرفنا التقسيم الأول باعتبار ماذا؟ باعتبار التلاوة والحكم معا إما أن تنسخ تلاوةً لا حكما أو حكما لا تلاوةً أو تلاوةً وحكمًا معًا (وَنَسْخُ كُلٍّ مِنهُمَا إِلَى بَدَلْ ** وَدُونَهُ) ينقسم النسخ إلى نسخٍ ويأتي بدله يرتفع الحكم ولا يرتفع كليًا وإنما يرد بدله بدل عنه عوض عنه وقد لا يكون تم بدل، الأول: مجمع عليه، الأول: النسخ إلى بدل مجمعٌ عليه ومثاله كل الآيات التي ذكرنها سابقًا إلا آية النجوى. (وَنَسْخُ كُلٍّ مِنهُمَا إِلَى بَدَلْ) (كُلٍّ مِنهُمَا) الضمير يعود إلى ماذا هنا؟ الرسم والحكم لأن قد ترتفع التلاوة وتأتي تلاوة أخرى وكذلك الحكم قد يرتفع ويأتي حكم آخر (وَنَسْخُ كُلٍّ مِنهُمَا) أي: من الرسم والحكم (إِلَى بَدَلْ) مثاله نسخ استقبال بيت المقدس الثابت في السنة الفعلية في حديث الصحيحين بقوله تعالى: {((((((وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:144]. هذا فيه نسخ السنة بماذا؟ بالكتاب وقوله: {(((((((((((بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234]. فإنه نسخ قوله: {((((((((((يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى (((((((((} [البقرة:240]. إذن ثبت النسخ إلى بدل وهذا متفق عليه ولا إشكال فيه. (وَدُونَهُ) يعني: ينقسم النسخ إلى بدل وإلى نسخٍ من غير بدل (وَدُونَهُ) يعني: وإلى غير بدلٍ يعني: يرتفع الرسم والحكم ولا يأتي بدله وهذا على قول جمهور أهل العلم وإلا بعضهم منع أن بنسخ إلى غير بدلٍ منع النسخ إلى غير بدلٍ لأن الله تعالى يقول: {(((نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106]. فحينئذ يتعين إذا نسخا وحينئذ لا بد من بدل أليس كذلك؟ لكن الجمهور على الجواز استدلالاً بآية النجوى كالندب حينئذٍ لا يتأتى له مثال إلى غير بدلٍ لأن القواعد أحيانًا تأصيل في خاصة في أصول الفقه قد لا تجد مثالا مثل النسخ متواتر بمتواتر من السنة يحكونه لكن لا مثال له لكن لو وجد فلا بأس به هذا مثاله ليس عندهم إلى مثال واحد يعني: كثير في باب النسخ وخاصة في باب النسخ كثير من القواعد لا يكاد أن يوجد إلى مثال واحد وفيه اعتراضات كثر.

{(((((نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ ((((((((((((} [المجادلة:12] هذا واجب دل على الإجابة {(((((((((((((} [المجادلة:13] الآية دلت على النسخ ما الذي ارتفع؟ الإيجاب هل خالفه شيءٌ أم لا الجمهور على أنه لا يعني: لم ينتقل الحكم من الإجابة إلى الندب فثبت ماذا؟ ثبت النسخ إلى غير بدلٍ إلى غير بدل فصار حكمًا شرعيًا وهو الإباحة لكن بعضهم يرى أنه لا يجوز النسخ إلى غير بدلٍ للآية السابقة ويجيب عن هذا المثال الذي يذكره الجماهير يقول: لا ليس بصحيح أنه نسخ إلى غير بدلٍ بل نسخ الإيجاب إلى الندب إذن إلى بدل أو لا إلى بدلٍ (وَنَسْخُ كُلٍّ مِنهُمَا إِلَى بَدَلْ ** وَدُونَهُ) يعني: وغيره إلى غير بدلٍ وليس له مثال إلا آية النجوى وهذا عند الجمهور وقيل: لا يجوز إلى غير بدلٍ وهو قول الظاهرية لأنه مخالفٌ لقوله تعالى: {(((نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ} [البقرة:106] الآية ورجحه الشيخ الأمير في ((نثر الورود)) قال: الصواب أنه لا يقال بالنسخ إلى غير بدل وما استدل به الجمهور، فالصواب أنه نُسخ من الإيجاب إلى الندب والله أعلم. (وَذَاكَ تَخْفِيفٌ حَصَلْ) يعني: إلى غير بدل حصل بماذا؟ ما الفائدة منه: فيه تخفيف والآية واضحة قد ذكرنا فيما سبق أثر علي رضي الله تعالى عنه لما استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة إذا قال: شعرك قال: «إنك لبخيل» إلى آخر ما ذُكر. وَجَازَ أَيْضًا كَونُ ذَلِكَ البَدَلْ ** أَخَفَّ أَوْ أَشَدَّ مِمَّا قَدْ بَطَلْ هذا تقسيمٌ آخر ممن قال بالبدل، البدل إذا نظرنا إليه ولو بقسمة عقلية إما أن يكون أخف، أو أثقل، أو مساوي، وكلها موجودة في القرآن والسنة كلها موجودة في القرآن والسنة (وَجَازَ أَيْضًا) أيضا هذا مفعول مطلق (وَجَازَ) فعل ماضي (كَونُ) هذا فاعله (كَونُ ذَلِكَ البَدَلْ) المتفق عليه بأنه واقع في الشرع وحتى الظاهرية (كَونُ ذَلِكَ البَدَلْ ** أَخَفَّ) (أَخَفَّ) هذا إعرابه خبر كان خبر الكون نعم خبر الكون كون هذا فاعل جاز ويقتضي ماذا؟ يقتضي اسمًا وخبرًا اسمه ذلك المضاف إليه ذا (البَدَلِ) هذا بالجر الأصل فيه (أَخَفَّ أَوْ أَشَدَّ مِمَّا قَدْ بَطَلْ) (مِمَّا قَدْ بَطَلْ) هذا متعلق بقوله: (أَخَفَّ).

يعني: وقع تنازع فيه (أَخَفَّ أَوْ أَشَدَّ مِمَّا قَدْ بَطَلْ) (أَوْ أَشَدَّ مِمَّا قَدْ بَطَلْ) أما أن تقدر الأول أو تقدر للثاني هذا يسمى التنازع (أَخَفَّ) كون ذلك البدل (أَخَفَّ أَوْ أَشَدَّ مِمَّا قَدْ بَطَلْ) ما الذي بطل؟ هو المنسوخ إن صار باطلاً لم يكن حكمًا شرعيًا فيكون هذا البدل أخف والحكمة منه بيان رحمته جل وعلا بالعباد الحكمة فيه ماذا؟ بيان رحمته جل وعلا بعباده ولمصلحة التخفيف، والتيسير، والتسهيل على العباد كان ثقيلاً فصار خفيفا فالحمد لله نقول: هذا من باب التخفيف والتيسير مثاله؟ نسخ مصابرة العشرة من الكفار في القتال إلى مصابرة اثنين في قوله تعالى: {(((يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:65] بقوله: {(((((يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا ((((((((((((} [الأنفال:66]. هذا أخف، كذلك وجوب صوم عاشوراء إلى الاستحباب كان واجبا، ثم نسخ بوجوب صوم رمضان فصار مستحبا نقول: هذا نسخٌ إلى بدل أخف وهذا لا خلاف في جواز ووقوعه متفق عليه لا خلاف بين الأصوليين وغيرهم في جوازه ووقوعه (أَوْ أَشَدَّ) وجاز أيضًا كون ذلك البدل (أَشَدَّ) (أَوْ أَشَدَّ) (أَوْ) للتنويع والتقسيم (أَوْ أَشَدَّ) يعني: أثقل (مِمَّا قَدْ بَطَلْ) أثقل من المنسوخ (مِمَّا قَدْ بَطَلْ) يعني: من منسوخ وهذا ذكرنا فيه ماذا؟ أن المصلحة كثرة الثواب للمؤمنين مثاله نسخ التخيير بين صيام رمضان والإطعام لوجوب صيام رمضان كان مخيرا وهذا خفيف أو لا؟ لا شك أنه خفيف ثم تعين الصيام صار فيه ثقل لكن باعتبار ماذا؟ باعتبار المكلف ولذلك باتفاق أن الناسخ خيرٌ من المنسوخ لأن المنسوخ ارتفع لم تعد فيه مصلحة ولم يترتب الحكم على مصلحة انقضت المصلحة فصارت المصلحة في ماذا؟ في الناسخ فحينئذٍ نقول: هذا ليس فيه ثقل ولا نعبر بهذا وإنما نعبر باعتبار فعل المكلف المخاطب إنسان بشر خلقه الله عز وجعل على هذه يعتقد أن هذا ثقيل على نفسه وهذا خفيف كالصيام في الشتاء ليس كالصيام في الصيف هذا باعتبار فعل المكلف أما باعتباره كونه حكمًا شرعيا فلا يوصف بذلك (أَوْ أَشَدَّ) يعني: جاز كون ذلك البدل (أَشَدَّ مِمَّا) يعني: من الذي (قَدْ بَطَلْ) النسخ إلى أشد فيه خلاف بين الأصوليين والصحيح الجواز والوقوع كما ذكرناه فيما سبق وأنكره البعض والصحيح أنه جائز وواقع وقيل لا يقع لماذا للآيات الدالة على التيسير والتخفيف ورفع الحرج ماذا بقي؟ مساوٍ هو من كل قسم يترك واحد، المساوي مثل ماذا يا أحمد؟ أحمد يقول أحمد سمي هذا تحويل القبلة نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة بماذا؟ بالقرآن وكلاهما مساوٍ، مساوٍ لمن؟ للمكلف، أما باعتبار التشريع فلا شك أن {(((((وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ (((((((((((} [البقرة:144] هذا خيرٌ من استقبال بيت المقدس لا شك في هذا لأننا نقول: النسخ هذا رفع الحكم مرتب على مصلحة فدل قوله: {(((((وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ (((((((((((} [البقرة:144] أن المصلحة هنا وارتفعت من تلك فكيف نسوي بينهما بين الناسخ والمنسوخ؟ لا، وإنما نقول: الناسخ خيرٌ للعباد من المنسوخ. ثم قال:

ثُمَّ الكِتَابُ بِالكِتَابِ يُنْسَخُ ** كَسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ فَتُنْسَخُ الناسخ والمنسوخ قلنا لا بد أن يكونا وحيين والوحي محصور في الكتاب والسنة لا دين إلا من الكتاب والسنة، فكل ما كان من الوحيين فهو دين وكل ما لم يكن كذلك فليس من الدين، هذه قاعدة. أليس كذلك؟ الدين محصورٌ في ماذا؟ الكتاب والسنة في الوحي فكل ما كان من الوحي فهو من الدين وما لم يكن من الوحي فليس من الدين في شيء وجد على هذه القاعدة مطلقا حياتك كلها هذا الوحي الناسخ والمنسوخ إما أن يكون كتابًا أو سنةً وكلٌ منهما يصح أن يكون ناسخًا أو منسوخًا اثنان في اثنين بأربعة إذن القسمة رباعية قسمة رباعية (ثُمَّ الكِتَابُ) (ثُمَّ) أي: بعد أن بينا لك حقيقة النسخ وتقسيم النسخ باعتبارين سابقين أذكر لك ما يكون ناسخًا أو منسوخًا من الوحيين، لأن تم نوعا أو نوعين اختلف فيه الأصوليون هل يجوز أن يكون ناسخًا أو منسوخًا؟ القاعدة العامة عند الشافعي وأحمد ابن حنبل وغيره أن النسخ لا يكون إلا بين قرآن وقرآن وسنة لا ينسخ القرآن إلا قرآن ولا ينسخ السنة إلا سنة فلا يكون القرآن ناسخ للسنة ولا السنة ناسخ للقرآن مطلقًا هذا ما عليه الشافعي رحمه الله تعالى وابن قدامة وابن تيمية وابن باز إلى آخر ما ذكر (ثُمَّ الكِتَابُ بِالكِتَابِ يُنْسَخُ) ولكن جماهير الأصوليين على أن القسمة رباعية وينازعون في مسألة الآحاد نسخ الآحاد بالقرآن أو للسنة المتواترة.

(ثُمَّ الكِتَابُ بِالكِتَابِ يُنْسَخُ) (ثُمَّ الكِتَابُ) الكتاب القرآن (بِالكِتَابِ) ينسخ بالكتاب، بالكتاب الثاني هذا متعلق بقوله: (يُنْسَخُ). وقوله: (الكِتَابُ). المراد به بعضه لأن الكتاب لا ينسخ كل الكتاب وإنما بعض الكتاب ينسخ ببعضه هذا هو المراد، أما الكتاب إذا حملت أل على كل الكتاب ينسخ بالكتاب هذا كيف يكون الناسخ والمنسوخ هو عينه؟ هذا باطل، الشريعة أن لا يمكن نسخه لا يتصور أنها تنسخ كلها وهنا يذكرون مسألة هل يتصور العقل نسخ الشريعة؟ كلها نقول: امتنع أن يأتي نبي بعد النبي عليه الصلاة والسلام فكيف نتصور نسخ الشريعة هذا بعيد إذن (ثُمَّ الكِتَابُ بِالكِتَابِ يُنْسَخُ) ثم ينسخ الكتاب القرآن بعضه ينسخ ببعضه كما ذكرناه في آيتي العدة والمصابرة هذا مثال لما كان الناسخ والمنسوخ من القرآن وهذا متفق عليه لا خلاف فيه بين أهل العلم أن بعض القرآن ينسخ القرآن الشافعي وغيره المحدثون والأصوليون لا خلاف بينهم مجمع عليه أن الناسخ والمنسوخ يكونان من القرآن (كَسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ فَتُنْسَخُ) يعني: أي ويجوز نسخ حكمِ بعض السنة بالسنة، أما كل السنة بالسنة هذا لا يتصور، وإنما يجوز نسخ بعض حكم السنة بعضها الآخر (كَسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ فَتُنْسَخُ) وهذا مراده به معاد نسخ السنة المتواترة بالآحاد لأنه سيأتي أنه يستثنيه (كَسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ فَتُنْسَخُ) أن يكون الناسخ والمنسوخ متواترين من السنة وأن يكون الناسخ متواترًا والمنسوخ آحادًا وأما نسخ المتواتر بالآحاد فهذا سيفرده بنص خاص، إذن مراده (كَسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ فَتُنْسَخُ) مراده ما عدا نسخ السنة المتواترة بالآحاد هذا لا يريده الناظم هنا لأنه تبع الأصل صاحب الورقات. إذن قوله: (كَسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ فَتُنْسَخُ) هذا لا يريد به نسخ السنة المتواترة بالآحاد فإنه سيصرح بعدم جوازه (َسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ) كما في حديث «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» الثاني «فزوروه» ناسخٌ لقوله: «كنت نهيتكم» النهي والأمر والمحل واحد والمتكلم واحد والزمن واحد إذن صدق أن الثانية نقيض للأولى فلا يمكن الجمع بينهما فحينئذٍ نجعل قوله «فزوروها» هذا ناسخ لقوله: «كنت نهيتكم» وهذا صريح واضح بين. كَسُنَّةٍ بِسُنَّةٍ فَتُنْسَخُ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْسَخَ الكِتَابُ ** بِسُنَّةٍ

هذا على رأي الشافعي رحمه الله لا إشكال فيه مذهب الشافعي الإمام الشافعي وأحمد وهو اختيار ابن قدامة في ((الروضة)) وابن تيمية رحمه الله وابن باز عليه رحمة الله أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة مطلقًا سواء كانت متواترة أو آحادا لقوله تعالى: {(مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106] قالوا: لا ينسخ القرآن إلى قرآن مثله وحجتهم هذه الآية لا يكون مثل القرآن ولا خيرا منه إلا قرآن، لأنه صرح {((((((بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ولا يمكن أن تكون السنة مثل القرآن أو خيرًا من القرآن فحينئذٍ نقول: أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة مطلقًا سواء كانت متواترة أو آحاد كذلك قوله تعالى: {((((مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس:15] والنسخ بالسنة تبديل منه هكذا قالوا النسخ بالسنة تبديل منه عليه الصلاة والسلام وذهب جمهور الأصوليين إلى أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة، لماذا؟ قالوا: لأن الجميع وحي والآحاد ليست بوحي. غريب هذا! على كلٍ قالوا: الجميع الكتاب والسنة المتواترة وحيٌ كلاهما وحيٌ من عند الله عز وجل فالناسخ والمنسوخ من عند الله تعالى والله جل وعلا هو الناسخ في الحقيقة لكنه أظهر النسخ على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخص بالتواتر إذن؟ إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أظهر على لسانه الناسخ والناسخ في الحقيقة هو الله عز وجل وتثبت أحكام شرعية بالتواتر السنة المتواترة وبالآحاد فعلى ما حينئذٍ يفرق بين المتماثلين التفريق بين المتماثلين لغير حجةٍ شرعية هذا من باب التناقض والاضطراب وكذلك استدلوا بقوله: {(((((((((((((إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ ((((((((((} [النحل44]. والبيان يحصل بالسنة المتواترة وبالسنة الأحادية، مثلوا له بآية التحريم بعشر رضعات نسخن بالسنة نسخن بماذا؟ نسخن بالسنة وبقوله أيضا مثلوا له بقوله: {(((((عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ (((((((((((((((} [البقرة:180]. نسخ بحديث «لا وصية لوارث» إن كان صح أنه ليس بناسخ وإنما الناسخ له آية المواريث ومن أنكره قال: الناسخ آية المواريث إذن الجمهور الأصوليين على أنه يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة، وأما الشافعي والإمام أحمد وابن تيمية وابن قدامة على أنه لا ينسخ القرآن بسنة مطلقا لذلك قال هنا: وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْسَخَ الكِتَابُ ** بِسُنَّةٍ أيضًا نقيده بأنه أراد السنة الأحادية ولم يرد المتواترة ولم يرد الناظم هنا المتواتر فإطلاقاته في البيتين السابقين هذا فيه نوع إيهاب.

(وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْسَخَ الكِتَابُ ** بِسُنَّةٍ) يعني: أحادية، أما المتواترة فيجوز وسيأتي تعليله (بَلْ عَكْسُهُ صَوَابُ) (عَكْسُهُ) عكس ماذا؟ عكسه العكس المراد به المخالف العكس اللغوي (عَكْسُهُ) أي: عكس نسخ الكتاب بالسنة وهو نسخ حكم السنة بالكتاب صوابٌ واضح؟ نسخ ماذا؟ السنة بالكتاب هذا صواب نسخ السنة مطلقًا سواء كانت متواترة أو آحاد مثاله؟ مثال للسنة نسخة بالكتاب؟ {((((((((((((((} [البقرة: 144] لأن استقبال القبلة استقبال بيت المقدس هذا ثابت في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أشار حديث الصحيحين لذلك فالناسخ له من القرآن فنسخت السنة بماذا؟ بالقرآن واستقبال القبلة هذا يعد من المتواتر عندهم ثم قال: وَذُوْ تَوَاتُرٍ بِمِثْلِهِ نُسِخْ ** وَغَيْرُهُ بِغَيْرِهِ فَلْيَنْتَسِخْ (وَذُوْ تَوَاتُرٍ) هذا يشمل ماذا؟ الكتاب والسنة (وَذُوْ تَوَاتُرٍ) يعني: ما ثبت بطريق تواتر وهذا المراد به الكتاب والسنة لأن الكتاب الذي هو القرآن الأصل فيه عند الجماهير أنه لا يثبت إلا القرآن لا يثبت إلا بتواتر إلا بتواتر والسنة المراد بها هنا المتواترة (بِمِثْلِهِ) يعني: بمتواتر مثله فالقرآن لا ينسخ إلا بقرآن هكذا؟ أو بالسنة المتواترة أحسنت إذن لا نقول القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن نقول: ينسخ القرآن قرآن وهذا متواتر نسخ بمثله وهذا نص عليه في قوله: ثُمَّ الكِتَابُ بِالكِتَابِ يُنْسَخُ

وينسخ الكتاب بسنة لكنه أيُّ السنة؟ المتواترة وكذلك السنة المتواترة لا ينسخها إلا السنة المتواترة ماذا بقي؟ خبر الآحاد فلا ينسخ القرآن آحادٌ ولا ينسخ السنة المتواترة آحادٌ وهذا جمهور الأصوليين على هذا على أنه لا ينسخ المتواتر سواء كان قرآنًا أو سنة لا ينسخه خبر الواحد وهذا مبناه على أن خبر الواحد أدنى قوة من المتواتر فالمتواتر يفيد العلم اليقيني، والآحاد يفيد الظن والظن أدنى من اليقين فلا يكون رافعًا لما ثبت باليقين هذه حجتهم وإذا قلنا الأصل في خبر الواحد أنه يفيد العلم فحينئذٍ يرد الاعتراض بأن خبر الواحد أدنى رتبةً ومرتبةً من التواتر الجواب لا بل نقول: العلة السابقة التي ذكرت في جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة هي عينها وذاتها ونفسها وجوهرها موجودة في نسخ الكتاب أو السنة المتواترة بأحاديث الآحاد لأن الناسخ في الحقيقة هو الرب جل وعلا، وكلٌ من الناسخ والمنسوخ وحي النبي - صلى الله عليه وسلم - تقسيم السنة أنها متواترة وآحاد باعتبار الطريقة الوصول إلى من بعد الصحابة وأما الصحابة المشافهون فهذا ليس عندهم تواتر وآحاد فلذلك كل ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيصح النسخ به ولا نسخ بعده فحينئذٍ التفريق هذا هل له وجه أم لا؟ ليس له وجه لأن التواتر والآحاد هاتان القسمتان وإن سلمت يعني: في ما بعد الصحابة إلا أنها في زمن التشريع في زمن النسخ لا وجود لها فحينئذٍ نقول: {(((((يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (((} [النجم:3،4] هذا يشمل كل ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون ناسخًا ورافعًا فتلك العلة نفسها نسحبها إلى هذا الموطن فنقول: لا يشترط في الناسخ أن يكون أعلى رتبةً أو في مرتبة المنسوخ بل كل ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيصح أن يكون ناسخًا الشرط فيه أن يكون ثابتًا بطريق صحيح عند أهله فإذا ثبت كذلك فصح أن يكون ناسخًا سواءً كان لكتاب أو سنة متواترة لا إشكال في هذا. (وَذُوْ تَوَاتُرٍ بِمِثْلِهِ) مذهب الجمهور أنه يجوز نسخ السنة بالقرآن، وذهب الشافعي لأن السنة لا ينسخها إلى سنة مثلها لكن هذا يرد عليه ماذا إذا قيل السنة لا ينسخها إلى سنة مثلها نقول: يكاد أن يكون اتفاقا استقبال بيت المقدس هذا ثابت بالسنة ولم يثبت بالقرآن وجاء النسخ بقوله: {((((((وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:144]. هذا ثابتٌ بماذا؟ بالقرآن حينئذ ما أدري ما وجه نفي شافعي وهو إمام جليل في هذا المقام نفي كون الكتاب يكون ناسخًا للسنة مع وجوده في أظهر المسائل إذن مذهب الجمهور إلى أنه يجوز نسخ السنة بالقرآن يعني: مطلقا المراد به المتواترة هنا، وذهب الشافعي إلى أن السنة نسخ السنة بالقرآن، مطلقًا سواء كانت السنة متواترة أم أحادية، وذهب الشافعي إلى أن السنة لا ينسخها إلا سنة مثلها ويرد عليه ما ذكرناه في استقبال القبلة وكذلك صوم عاشوراء ثابت بالسنة فنسخ وجوب صومه بوجوب صوم رمضان. (وَذُوْ تَوَاتُرٍ بِمِثْلِهِ) يعني: بمتواترٍ مثله، أما نسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة نصوا عليه قالوا: لا مثال له.

(وَغَيْرُهُ بِغَيْرِهِ) (وَغَيْرُهُ) غير المتواتر (بِغَيْرِهِ) يعني: بالآحاد وبالمتواتر (فَلْيَنْتَسِخْ) إذن يجوز نسخُ الآحاد بالآحاد ويحوز نسخ الآحاد بالمتواتر، وهذا مراده (وَغَيْرُهُ) يعني: غير المتواتر الذي هو الآحاد (بِغَيْرِهِ) يعني: بالمتواتر وبالآحاد (فَلْيَنْتَسِخْ) نعم قال بعضهم: لا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد لأنه دونه في القوة إذ المتواتر قطعيٌ والآحاد ظنيٌ فلا يرتفع به وعليه جمهور الأصوليين وهذا القول هذا قولٌ ضعيف بل الصواب أنه يصح نسخ القرآن بحديث الآحاد إذا صح، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الشرط ولم يمكن الجمع على ما يذكرونه في موضعه. وَاخْتَارَ قَوْمٌ نَسْخَ مَا تَوَاتَرَا ** بِغَيْرِهِ هذا الذكر للقول الذي رجحناه (وَاخْتَارَ قَوْمٌ) من الأصوليين (نَسْخَ مَا تَوَاتَرَا ** بِغَيْرِهِ) وهو ماذا؟ (بِغَيْرِهِ) بغير المتواتر وهو الآحاد يعني: يجوز نسخ المتواتر سواءٌ كان كتابًا أو سنةً (بِغَيْرِهِ) وهو الآحاد وهذا هو الراجح، لماذا؟ لأن محل النسخ هو الحكم محل النسخ هو الحكم والدلالة عليه بالمتواتر سواء كان كتابًا أو سنة دلالة عليه ظنية الدلالة عليه ظنية فهو كالآحاد ثم نقول: كما قلنا في السابق الكل وحيٌ ومحل النسخ هو الحكم وليس اللفظ إذا قيل القرآن متواتر، حينئذٍ نقول: هذا من حيث اللفظ ثم دلالة القرآن على الحكم قد تكون قطعية وقد تكون ظنية وإذا كانت قطعية قد يكون متفق عليها، وقد يكون مختلف فيها فما كان ظنيًا وما كان قطعيًا المختلف فيه فحينئذٍ لا يقال بأنه أعلى درجةً من مدلول الآحاد بل هو في رتبته (وَعَكْسُهُ حَتْمًا يُرَى) (عَكْسُهُ) أي: عكس جواز نسخ المتواتر بالآحاد وهو جواز نسخ الآحاد بالمتواتر (حَتْمًا يُرَى) يعني: يعلم حتما، حتما عقلية إذا جاز نسخ المتواتر بالآحاد فعكسه نسخ الآحاد بالمتواتر من باب أولى وأحرى إذا نسخ الأعلى بالأدنى فنسخ الأدنى بالأعلى من بابٍ أولى وأحرى وهذا القول هو الصواب (وَاخْتَارَ قَوْمٌ نَسْخَ مَا تَوَاتَرَا ** بِغَيْرِهِ) وهو الآحاد (وَعَكْسُهُ) أي: جواز نسخ المتواتر بالآحاد وهو جواز نسخ الآحاد بالمتواتر (حَتْمًا) أي: وجوبا عقليا (يُرَى) أن يعلم جواز ذلك هذا ما يتعلق بالنسخ. ثم قال: بَابٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ الأَدِلَّةِ وَالتَّرْجِيْحِ يأتي معنا غدًا بإذن الله تعالى. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

40

عناصر الدرس * التعارض لغة واصطلاحا * أقسام التعارض وقواعده * الترجيح وقواعده * أقسام التعارض في الكتاب والسنةوحكم كل منهما بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى: (بَابٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ الأَدِلَّةِ وَالتَّرْجِيْح) بعدما ذكر ما يتعلق بالكتاب، وما يتعلق بالسنة، قد يقع نوع تعارض بين مفهوم بعض تلك الأدلة؛ بعضها مع بعض، فاحتاج أن يبين القواعد العامة عند الأصوليين فيما إذا حصل تعارض في ظن المجتهد، أما نفس الدليل فليس فيه تعارض ولا تناقض كما سيأتي. قال: (بَابٌ فِي التَّعَارُضِ) يعني في بيان حقيقة التعارض ولم يبين حقيقة التعارض؛ وإنما يفهم أو يؤخذ من فيما يؤخذ مما ذكره من القواعد العامة عند وجود التعارض، والتعارض هذا تفاعل وزنه تفاعل من عرض الشيء يعرض كأن كلا من النصين عرض للآخر حين خالفه كل منهما عرض للآخر، فالعام يعرض للعام الآخر؛ أي يكون مفهومهما واحدا. حينئذ حصل التقابل بين الدليلين إذن التعارض نقول هذا تفاعل من عرض الشيء يعرض، كأن كلا من النصين عرض للآخر حين خالفه إذن لابد من وجود المخالفة ولكنها في الظاهر وفي ظن المجتهد (بَابٌ فِي التَّعَارُضِ) هذا التعارض من جهة الاشتقاق. أما في الاصطلاح عند الأصوليين فالتعارض "تقابل الدليلين على سبيل الممانعة". (تقابل الدليلين على سبيل) على جهة على طريق (الممانعة) والمراد بالممانعة هنا بحيث يخالف أحدهما الآخر، فأحد الدليلين يحكم بالجواز على المحل في زمن واحد ويرد، الدليل الآخر يحكم على نفس ذاك المحل الذي حكم عليه الدليل الأول بالجواز فيحكم عليه بالتحريم؛ حينئذ حصلت الممانعة كل منهما يدفع الآخر فالجواز دليل الجواز يمنع التحريم، ودليل التحريم يمنع الجواز إذن حصلت الممانعة بينهما كل منهما عارض الآخر أو قابل الآخر، ولا يمكن اجتماعهما إلا على ما سيذكره المصنف.

إذن التعارض تقابل الدليلين على سبيل الممانعة بحيث يخالف أحدهما الآخر، وجه المخالفة بحيث يدل الدليل الأول في محل دل عليه الدليل الثاني فيحكم الدليل الأول بالجواز والثاني يحكم بالتحريم كيف حصلت المعارضة الممانعة؟ نقول دليل الجواز يحكم بالجواز ويمنع التحريم إذن منع التحريم، ودليل التحريم يحكم بالتحريم ويمنع الجواز، إذن كل منهما مانع من الآخر، والتعارض عند الأصوليين نوعان تعارض كلي وتعارض جزئي تعارض كلي متى؟ إن كان التعارض بين الدليلين من كل وجه بحيث لا يمكن الجمع بينهما في حال من الأحوال يستحيل ويمتنع أن يُجمع بين الدليلين في نفس المحل أكرم زيدًا لا تكرم زيدًا والمحل واحد والوقت واحد والصفة واحدة، هذا يستحيل أن يجمع بينهما وهذا هو التناقض بأن تأتي قضية سالبة وقضية موجبة وكل منهما في زمن واحد وفي محل واحد مع الوحدات الثمانية المشروطة عند المناطقة، حينئذ نحكم بأن هذا تناقض ويسمى عند الأصوليين التعارض الكلي، التعارض الكلي بأن تكون الممانعة من كل وجه لا يمكن أن يجمع بين الدليلين بين النصين بوجه من الوجوه، هذا لا يمكن أن يوجد في نصوص الوحي أبدا، وهذا لا بحث لهم فيه هذا يبحثه المناطقة هناك ويشترطون له الشروط التي ذكرناها فيما سبق وهي ثمان التعارض الجزئي وهو المراد هنا عندنا تعارض الجزئي ليس من كل وجه ضد.

الأول: إن كان التعارض بين الدليلين من وجه دون وجه يعني من جهة دون جهة، يمكن اجتماعهما في جهة ويمكن اجتماعهما في جهة حينئذ يمكن الجمع بينهما، فإذا أمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين من وجه دون وجه حينئذ نقول هذا تعارض جزئي لا كلي، وهذا الذي بحثنا فيه وهو الذي يعنون له الأصوليون من المعلوم أنه لا تناقض بين القضيتين إذا اختلف زمنهما لاحتمال صدق كل منهما في وقتها، إذا اختلف الزمانان لكل قضية حينئذ لا يمكن أن يحكم بكونهما متناقضتين، إذا قيل أكرم زيدًا، ولا تكرم زيدا، وكان المراد أكرم زيدًا يوم السبت/ ولا تكرم زيدًا يوم الخميس، إذن الزمن اختلف أو لا؟ هل نحكم بكون الجملتين متناقضتين؟ لا، أكرم زيدا، ولا تكرم زيدا، الأولى أمرك بالإكرام، والثانية نهاك عن الإكرام، الزمن مختلف، أريد بها في الأولى زمن غير الزمن الذي قيد به الثاني، حينئذ لا نحكم بالتناقض لا يحكم بالتناقض إلا إذا وجدت الوحدات الثمان التي عند المناطقة، وقد سبق أنه يشترط في الحكم بالتناقض بالقضيتين في الوحدات الثمان التي منها الزمن والمكان؛ فحينئذ إذا فُك بين القضيتين إذا اختلف الزمن فلا تناقض بين ناسخ ومنسوخ؛ لأن المنسوخ له وقته، والناسخ له وقته، فإذا قيل أمر الرب باستقبال بيت المقدس، وأمر الرب باستقبال الكعبة حين الصلاة هل بينهما تناقض؟ لا ليس بينهما تناقض لماذا؟ لانفكاك الزمن متى نقول بينهما تناقض؟ إذا كان التشريع في وقت واحد يوم السبت أمر باستقبال بيت المقدس حين الصلاة يوم السبت نفسه أمر باستقبال الكعبة حين الصلاة حينئذ نحكم بالتناقض لكن الناسخ والمنسوخ لاختلاف وانفكاك الزمن بينهما، لذلك اشترطنا إذا تراخى عنه في الزمان ما بعده من الخطاب الثاني فلما اشترطنا الزمن تراخي الزمان أو تراخي الخطاب الثاني عن الخطاب الأول في الزمن انفكت القضيتان عن الحكم بكونهما متناقضتين.

إذن لا تناقض بين القضيتين إذا اختلف زمنهما لاحتمال صدق كل منهما في وقتها وأيضا لا تناقض بين ناسخ ومنسوخ ولا بين خاص وعام، لأننا نحمل الخاص على حالة لا يدل عليها العام اختلف المحل اقتلوا المشركين لا تقتل زيدا المشرك، هل بينهما تناقض؟ نقول: لا اقتلوا المشركين إلا زيدًا واقتل زيدًا المشرك هذا محله زيد الذات المشخصة المشركة حينئذ نقول: لاختلاف المحل وهنا لا يشترط الزمان لاختلاف المحل انفكت القضيتان ولا نحكم بالتناقض، إذن لا تناقض بين ناسخ ومنسوخ لاختلاف الزمان ولا تناقض بين عام وخاص لاختلاف المحل، لأن قاعدة التخصيص أنه يخرج من اللفظ العام ما دل عليه اللفظ الخاص فلا يكون شاملا له الحكم فليس بينهما تناقض فإذا قال: اقتلوا المشركين هذا عام يشمل زيدًا المشرك وإذا قال لا تقتل زيدا المشرك لا نقول بينهما تناقض نقول: الثاني النص الخاص دل على أنه مستثنى من الأول فكأنه قال اقتلوا المشركين إلا زيدًا إذن زيدًا لم يشمله الحكم فدل على ماذا؟ على أن المحل مختلف ولا بين مطلق ومقيد، فيقال فيه ما قيل في العام والخاص لأن الحكم واحد فحيث أمكن الجمع فلا تناقض، لأن تناقض الجزء هو الذي يبحث عنه الأصوليون، وهو الذي يمكن الجمع بين الدليلين ولو بوجه ما دون تعسف أو تكلف وإذا لم يمكن الجمع بحال من الأحوال هذا لا يمكن أن يقع في ولا نحكم بأن تم ناسخ ولا منسوخ وعام وخاص ومطلق ومقيد هذا لا يوجد في الكتاب والسنة فحيث أمكن الجمع فلا تناقض لأن التناقض يمتنع ويستحيل معه الجمع بوجه من الوجوه. أدلة الشرع الكتاب والسنة والإجماع والقياس هذه لا يمكن أن تكون متناقضة في نفسها، فالقرآن لا يتناقض لا يناقض بعضه بعضًا بل هو سالم من الاضطراب والتناقض، لأنه حق من حق والحق لا يختلف ولا يتناقض ولا يقابل بعضه بعضًا على جهة الممانعة {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [سورة النساء:82]. كذلك السنة لا يمكن أن تتناقض بعضها مع بعض، إذا صح الحديث سواء كانت متواترة أم آحاد لأنها وحي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [سورة النجم:4،3] والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الاضطراب والتناقض والاختلاف الذي لا يمكن الجمع بين قوليه بإجماع الأمة فهو معصوم من ذلك بالإجماع. كذلك الإجماع لا يمكن أن يناقض إجماع أليس كذلك؟ لا يمكن أن يجمع على مسألة إجماع صحيح واضح بين منقوض ويجمع على مسألة ضدها أخرى؛ لأنه لو قيل بذلك لتناقض الإجماع مع الإجماع وهذا لا وجود له لأن الإجماع الأصل فيه أنه قطعي، والقطعي لا يعارض القطعي كما ذكرنا سابقا. كذلك القياس إذا صح لا يتناقض مع قياس صحيح لماذا؟ لأن مستند القياس هو النص من كتاب أو سنة وإذا ثبت الأصل بأن الكتاب والسنة لا تناقض في بعضها مع بعض كذلك القياس المبني على الأصل.

إذن الكتاب لا يتناقض بعضه مع بعض، والسنة لا تتناقض بعضها مع بعض، وكذلك الإجماع لا يناقض الإجماع، وكذلك القياس الصحيح بهذا القيد لا يناقض القياس الصحيح إذا كان كذلك فحينئذ كل من هذه الأدلة الشرعية إذا ثبت انتفاء التناقض في نفسها كذلك لا يناقض بعضها الآخر البعض الآخر، لا يناقض بعضها البعض الآخر، فلا تناقض السنة القرآن ولا القرآن السنة ولا الإجماع القرآن أو السنة ولا القياس الكتاب أو السنة أو الإجماع، كلها متفقة لأنها وحي كما سبق مرارا أن الإجماع ثابت بالكتاب والسنة ولابد له من مستند يستند إليه المجمعون، لا ليس عندنا مجرد إجماع ليس مستندا على نص من قول الرب جل وعلا أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، حينئذ مرده إلى الكتاب والسنة وحجية الإجماع ثابتة بالكتاب والسنة، كذلك القياس من شرطه أن يكون معتمدا على نص ثبت به حكم الأصل حينئذ كان مرده إلى الكتاب أو إلى السنة، حينئذ لا يمكن دعوى التناقض والاضطراب بين كل من هذه الأدلة، إذن نقول القاعدة أدلة الشرع لا تناقض في نفسها ولا تتناقض مع بعضها لا تتناقض في نفسها يعني القرآن لا يناقض القرآن، ولا تتناقض مع بعضها يعني القرآن لا يناقض السنة والسنة لا تناقض القرآن بل إنها متفقة لا تختلف، متلازمة لا تفترق لأن أدلة الشرع حق والحق لا يتناقض بل يُصدق بعضه بعضًا، وكذلك لا تتعارض الأدلة الشرعية مع العقل لأن الرب جل وعلا خلق العقل وجعل مناط التكليف في الإنسان هو العقل وشرفه بالعقل وميزه عن البهيمة والجماد بالعقل، فحينئذ {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [سورة الملك:14] شرع الشرائع من أجل إفادة العباد أنفسهم فمنفعة العبادة راجعة إلى الخلق حينئذ لا يمكن أن يحصل تناقض واضطراب بين العقل الصريح والنقل الصحيح بهذا الشرط أن يكون العقل ليس كل ما دل العقل يظنه الإنسان أنه مدلول العقل الصريح بل لابد أن يكون مدلوله مما يتفق عليه العقلاء، أما الأوهام والتخرصات والظنون هذه لا يمكن أن يعارض بها الكتاب ولا السنة بل لا يمكن أن يعارض بها العقل الصريح في نفسه، وإذا صح النقل بهذا الشرط أيضا لا يمكن أن يحصل تناقض مع العقل الصريح، فلذلك نقول لا تتعارض الأدلة الأدلة الشرعية مع العقل بل هما متوافقان، فالعقل الصريح موافق للنقل الصحيح فما وجد من تعارض بعد هاتين المقدمتين أن أدلة الشرع لا تتناقض في نفسها ولا مع بعضها الآخر وأن الشرع لا يناقض العقل ولا العقل يعارض الشرع، فحينئذ إذن وجد تعارض هذه النتيجة إذا وجد تعارض وظن الظان بأن هذه الآية تعارض هذه الآية أو هذه السنة تعارض هذه السنة نقول هذا ليس في نفس الأمر بل هو بحسب ظن المجتهد عرفنا هذه هذه مهمة جدا نقول إذا حصل تعارض وجد تعارض حينئذ نقول هذا بحسب ظن المجتهد، لأن الحق لا يتناقض ولا يعارض بعضه بعضًا بل كله حق فحينئذ إذا فُهم وجه التعارض في الكتاب والسنة بعضها مع بعض أو في كتاب نفسه، فنقول هذا في ظن المجتهد لا في نفس الأمر، إذا ظهر تعارض بين الأدلة الشرعية في القواعد العامة في هذا الباب فإن كان بين خبرين خبر يعارض خبرا فحينئذ إما أحدهما باطل إما لعدم ثبوته أو لكونه منسوخا،

لابد أن نحكم بكون أحد الخبرين باطل هو ليس كالأمر والنهي، يمكن الجمع لأن الخبر محتمل الصدق والكذب إما أن نقول: صادق، أو نقول: كاذب، ويأتي ضده في خبر الآخر وإما أن نقول صادق فينفي كذب السابق وإما أن نقول كاذب فينفي صدق الآخر المقابل، فإما أن يجتمعان في الصدق، وإما أن يجتمعا في الكذب، وأما أن يجتمعا صدقاً وكذبًا، أحدهما صادق والآخر كاذب، فهذا لا يمكن فإذا تعارض عندنا خبران فإنه يعني نحكم فأحدهما باطل قطعا إما لكونه ليس بثابت في نفس الأمر يظن أنه خبر صحيح فإذا به ليس بصحيح، وإما لكونه منسوخًا ولا يعلم بالناسخ ليس كل عالم يعلم بالناسخ والمنسوخ قد يفوته بعض الشيء، هذا إن وقع التعارض بين الأدلة الشرعية بين خبرين. فإن وقع التعارض بين الخبر والقياس فإما الخبر باطل وإما القياس فاسد، لأن كل قياس صحيح لا يعارض القرآن ولا يعارض السنة ولا يعارض الإجماع لأنه مستند إلى نص وحي، فإذا كان مستندا إلى وحي فهو حق حينئذ لا يتعارض مع الوحي الآخر، فإن حصل تم تعارض في نظر المجتهد فإما أن يكون الخبر باطلاً، وإما أن يكون القياس فاسدًا واحد منهما إذا ثبت الخبر بطل القياس، وإذا ثبت القياس بأنه صحيح مستوف لأركانه حينئذ نحكم ببطلان الخبر. التعارض لا يقع بين قطعيين مطلقًا سواء كانا سمعيين أو عقليين أو مختلفين لا يقع بين قطعيين لا يقع تعارض بين قطعيين سواء كانا سمعيين أو عقليين أو مختلفين أحدهما سمعي والآخر عقلي، وهذا متفق عليه عند العقلاء وبعضهم يحكي خلاف لكنه فيه نوع ضعف فإنه يلزم منه اجتماع النقيضين، لو أثبتنا تعارض بين قطعيين حينئذ لابد من اجتماع النقيضين وهو مرتفع دعوى اجتماع النقيضين هذا مما يكذبه العقل الصريح، وهذا من الأحكام العقلية القطعية لا يمكن أن يجتمع نقيضان وإذا أمكننا اجتماع تعارض قطعيين فقد اجتمع عندنا نقيضان وهذا باطل ودل على ماذا؟ إذا كان هذا باطلا دل على أنه لا يمكن اجتماع أو تعارض القطعيين لا تعارض بين قطعي وظني صحيح لا تعارض بين قطعي وظني، لأن الظني هذا لا يرفع ليس بيقين لا يرفع اليقين اليقين لا يزول بالشك ولا بالظن أليس كذلك؟ حينئذ نقول لا تعارض بين قطعي وظني، فإذا جاء دليل قطعي مجمع عليه من جهة الثبوت ومن جهة الدلالة وجاء خبر ظني حينئذ لا يمكن أن يقع التعارض بل القطعي مقدم مطلقًا لأن اليقين الذي دل عليه القطعي لا يمكن أن يرتفع بالظني إذن لا تعارض بين قطعي وظني، فالعمل بالقطعي والظني لا يرفع اليقين وبعضهم يقول لا يحصل تعارض بين القطعي والظني، ويكون من المرجحات تقديم القطعي على الظني والخلاف لفظي، يقول يقع التعارض بين القطعي والظني وهذا هو الظاهر، وإذا وقع كذلك فحينئذ يكون من المرجحات تقديم القطعي على الظني والخلاف لفظي، إذا عرفنا أنه لا تعارض بين قطعيين ولا بين قطعي وظني، وإن وقع فالقطعي يقدم. حينئذ ينحصر التعارض بين الظنيان من جهة الثبوت ومن جهة الدلالة، فالتعارض إذا وقع في ظن المجتهد بحسب رأيه وفهمه وقد لا يقع هذا التعارض عند غيره نقول هذا يكون بين الظنيات، وأما القطعيات فلا تعارض بينها والقطعي والظني لا تعارض بينها.

(بَابٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ الأَدِلَّةِ) المراد بالأدلة هنا الأدلة الشرعية لكن ظاهر كلامه أن المراد به النطقين أن المراد به النطقان كتاب وسنة ما كان من الوحي لأن هذه التي سيذكرها كلها تجري في الكتاب والسنة (وَالتَّرْجِيْحِ) ترجيح تفعيل من رجح يرجح ترجيحا والمراد به عند الأصوليين تقوية أحد الدليلين على الآخر في ظن المجتهد في أول نظره أن الدليل يساوي الدليل الآخر إذا وقع التعارض بينهما، الدليل يساويه ثم إذا نظر وتأمل وبحث فيجد أن بعض أو أحد الدليلين اقترن به زيادة إما من جهة السند وإما من جهة المتن وإما من دليل خارجي فتكون هذه الزيادة مقوية لظنه على ظن الآخر وإذا قوي أحد الظنين العمل بأيهما؟ بالظن الأقوى على الظن الأدنى حينئذ نقول الترجيح تقوية أحد الدليلين على الآخر، هذا يكون فرعا يثبت أولا أنه أنهما متعارضان هذا النص يعارض هذا النص، وكلاهما في الظنيات لأنه كما ذكرنا أن التعارض يقع في الظنيات، فيظن في أول أمره وقوع التعارض وإذا وقع التعارض حينئذ في بادئ الأمر أن كلا من الدليلين مساوي للآخر من جهة الظني، فإذا بحث ونظر وتأمل وجد أن أحد الدليلين قد اقترن به زيادة، إما من جهة السند وإما من جهة المتن وإما من أمر خارج، حينئذ هذه الزيادة زادته ظنًا فإذا زادته ظنا صار هذا الظن أرجح من ذاك الظن والعمل يكون بماذا؟ بماذا؟ إيش فيكم؟ بأقوى الظنين بأرجح الظنين العمل يكون بماذا؟ بأرجح الظنين حينئذ ما قوي بزيادة زاد الظن زادت دلالته على الظن الذي يقع في نفس المجتهد، فيقدمه ويكون العمل به، لأن العمل واجب عند الظن يعني إذا وجد الظن، وكان أرجح من غيره فالعمل به واجب، إذن الترجيح تقوية أحد الدليلين على الآخر ومحل الترجيح هو الظنيات أيضًا كما قلنا في التعارض. إذن الترجيح فرع التعارض يقع التعارض أولاً ثم نبحث عن مرجحات من القواعد، هنا يقال لا يصار إلى الترجيح بين الأدلة المتعارضة إلا بعد محاولة الجمع بينهما، لأن الترجيح فيه إهمال أحد الدليلين والجمع فيه إعمال الدليلين، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحد الدليلين، هذه قاعدة عامة مطردة فإذا كان ترجيح تقوية أحد الدليلين على الآخر يعني تقديم العمل بدليل على الدليل الآخر، فصار الدليل الذي قوي ظنه هذا صار مقدما على الدليل الآخر، فالثاني صار مطرحًا. إذن أعمل أحد الدليلين والجمع بين الدليلين فيه إعمال لهما وحينئذ لا يُصار إلى طرح أحد الدليلين، وهو الترجيح إلا بعد عدم إمكان الجمع بين الدليلين، وهذا واضح لأن الأصل عدم التعارض وعدم التناقض كما قررناه أولاً.

هذا الأصل فلابد من طرده عند الترجيح إذن لا يصار إلى الترجيح بين الأدلة المتعارضة إلا بعد محاولة الجمع بينهما فإن الجمع مقدم على الترجيح لأنه إعمال الدليلين وهو أولى من إهمال أحدهما فإن أمكن الجمع وزال التعارض امتنع الترجيح إذا أمكن الجمع امتنع الترجيح لماذا؟ لأنه إعمال للدليلين والترجيح طرح لأحد الدليلين، ومتى امتنع الجمع بين المتعارضين وجب الترجيح عكس إذا أمكن الجمع امتنع الترجيح، ومتى امتنع الجمع وجب الترجيح كل منهما يخدم الآخر لا يجوز الترجيح بدون دليل، لماذا؟ لأنه تحكم -أحسنت-، والتحكم هذا هوى ووقوف مع شهوات النفس، حينئذ نقول لابد من ترجيح أحد الدليلين تقوية أحد الدليلين على الآخر، ونجعل أحد الدليلين راجحا لابد أن يكون المرجح دليل وإلا لفتح باب الهوى والتشهي ويكون من باب التحكم. قال رحمه الله: (بَابٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ الأَدِلَّةِ وَالتَّرْجِيْحِ) تَعَارُضُ النُّطْقَيْنِ فِي الأَحْكَامِ**يَأْتِي عَلَى أَرْبَعَةٍ أَقْسَامِ (تَعَارُضُ) عرفنا معنى التعارض (تَعَارُضُ النُّطْقَيْنِ) يعني النصين ويريد به هنا الوحيان الكتاب والسنة، تعارض النطقان وهل نقول في السنة نطق؟ هل نعبر عن السنة بأنها نطق؟ السنة نعم أحسنت {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} [سورة النجم:3]، والقرآن نعبر نعم دليله هذا وصف لابد من دليل {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ} [سورة الجاثية:29] إذن جاء الوصف، حينئذ لا بأس أن يقال النطقان نعبر عن الوحيين بالنطقين تعارض النطقين يعني النصين من قول الله جل وعلا أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، يعني سواء كان النصين المتعارضين سواء كالنصان المتعارضان من قول الرب جل وعلا أو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو مختلفين أحدهما من القرآن والآخر من السنة، هذه وجوه التعارض بين النطقين إما أن يحصل التعارض في القرآن في ظاهره في الظاهر حسب ظن المجتهد دائما قيدوه فنقول إما أن يكون التعارض بين القرآن نص ونص وإما بين السنة نص ونص وإما أن يكونا بين السنة والقرآن في الأحكام تعارض النطقين في الأحكام إذن في الأخبار والغيبيات يرد أو لا يرد؟ لا يرد لأن النظر هنا في تعارض النطقين إذا صحا بهذا الشرط وهذا إنما يتصور في ماذا؟ في الأحكام أما في الأخبار والغيبيات فلا، فإما أحدهما باطل والآخر هو الصحيح وإما أن الخطأ يكون في فهم أو نظر المجتهد فحينئذ قوله في الأحكام هذا من باب الاحتراز لأن النظر هنا على تسليم صحة النصين أما القرآن فلا إشكال فيه والنظر يكون في الصحة من حيث السنة، يأتي هذا التعارض على أربعة بالتنوين للضرورة الأصل أنه مضاف أصلها على أربعة أقسام نون من أجل الضرورة (يَأْتِي عَلَى أَرْبَعَةٍ أَقْسَامِ). إِمَّا عُمُومٌ أَوْ خُصُوصٌ فِيْهِمَا**أَوْ كُلُّ نُطْقٍ فِيْهِ وَصْفٌ مِنْهُمَا أَوْ فِيْهِ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُعْتَبَرْ**كُلٌّ مِنَ الوَصْفَيْنِ مِنْ وَجْهٍ ظَهَرْ

إما أن يكونا النصان عامين كل منهما عام هذا عام وهذا عام فتعارض العامان إذن التعارض وقع بين عمومين. وإما أن يكونا خاصين، هذا خاص وهذا خاص فيكون وقع بين خاصين، وإما أن يكون التعارض بين عام وخاص، وإما أن يكون التعارض وقع بين نصين كل من النصين عام من وجه خاص من وجه، ويكون النص الآخر عام من وجه وخاص من وجه آخر هذه كم ستة أو خمسة؟ أربعة عمومان خاصان، عام، وخاص، عموم من وجه خصوص من وجه، هذا نص والنص الآخر عام من وجه خاص من وجه آخر. هذا الذي أراده بهذين البيتين إما عموم فيهما، فيهما تنازع فيه عموم وخصوص إما عموم إما للتفصيل هذه يعني: القسم الأول: إما عموم فيهما في النصين في النطقين المتعارضين كل منهما عام، هذا النص عام والآخر النص عام. أو خصوص أو للتنويع والتقسيم يعني. والقسم الثاني: خصوص فيهما يعني خاصان كل من المتعارضين خاص ولا عموم له بوجه من الوجوه. أو هذا القسم الثالث: وأو أيضًا للتنويع والتقسيم أو كل نطق كل نص من النطقين فيه وصف منهما لكن على جهة الاستقلال قد يفهم فيه منه أنه أراد الرابع وليس كذلك أو كل نطق من النطقين على انفراده فيه وصف فيه وصف واحد منهما من الوصفين السابقين لأنهما إما عموم أو خصوص ليس عندنا وصف ثاني، إذن قوله أو كل نطق من النطقين فيه وصف أحدهما عام والآخر خاص وُجد في أحدهما وصف وهو العموم وانتفى الآخر وهو الخصوص ووُجد في الثني الخصوص وانتفى العموم أو كل نطق فيه وصف منهما، يعني من العموم والخصوص أي أن يقع التعارض بين النطقين أحدهما عام والآخر خاص. أو القسم الرابع: فيه يعني في النطق الواحد منهما من النطقين كل منهما من العموم والخصوص يجتمعان في نص واحد يكون عاما من وجه وخاصا من وجه آخر، نقول هذا فيه عموم وخصوص، عموم باعتبار وخصوص باعتبار آخر، ويعتبر كل من الوصفين العموم والخصوص في وجه في حالة الوجه، والجهة بمعنى والهاء عوض عن الواو كل من الوصفين العموم والخصوص في وجه وحال ظهرا يعني له ظهور من جهة كذا يظهر العموم، وكذلك الخصوص يظهر من جهة كذا فيقيد {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين} هذا فيه عموم وخصوص عموم الأوقات إذا دخل أي وقت سواء كان وقت نهي أو لا هذا عام أو لا؟ إذن عام في الزمن خاص في الصلاة وهي صلاة تحية المسجد، إذن نقول له جهتان عموم وخصوص من جهة الزمن فهو عام لأنه يشمل وقت النهي وغيره وصلاة التحية تحية المسجد هذا نقول فيه أنه خاص أو فيه يعني في النطق الواحد كل منهما فيه في الواحد يجتمع الوصفان. ثم قال ويُعتبر يعني يُنظر كل من الوصفين في وجه ظهر، هذا تكرار للشطر الأول ثم قال: فَالجَمْعُ بَيْنَ مَا تَعَارَضَا هُنَا**فِي الأَوَّلَيْنِ وَاجِبٌ إِنْ أَمْكَنَا

الفاء هذه الفاء الفصيحة لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر كأنه قال عرفنا هذه الأقسام الأربعة التي يمكن أن توجد في التعارض بين النطقين فما العمل؟ وجد التعارض فماذا نعمل؟ وكيف نصنع؟ قال فالجمع هذا مبتدأ بينما تعارض هنا بينما تعارضا يعني بين المتعارضين بينما تعارضا بين الذين تعارضا بينما تعارضا بين المتعارضين، هذه ما موصولة إيش فيك؟ الموصول مع صلته في قوة المشتق، كأنه قال فالجمع بين المتعارضين هنا في الأولين ما المراد بالأولين؟ العمومان إما عموم أو خصوص فيهما، فالأولان في الأولين ما المراد؟ أي قسم عامين وخاصين يعني القسمين أراد أراد القسمين أو القسم الأول؟ أراد القسمين نعم صحيح أراد القسمين في الأولين أي في القسمين الأولين فيما إذا وقع التعارض بين عامين أو بين خاصين وهذا التبس على الشارح ( ... )، قال وأسقط فيما إذا تعارض عن تعارض بين خاصين وهو لم يسقطه ذكره في الأولين، في الأولين يعني في القسمين الأولين لأن الحال واحدة ما يقال في التعارض بين العامين هو عينه ما يقال في التعارض بين الخاصين بدليل قوله: وَخَصَّصُوا فِي الثَّالِثِ الْمَعْلُومِ**بِذِي الخُصُوصِ لَفْظَ ذِي العُمُومِ إذن بعدما انتهى من الجمع بين المتعارضين العامين وبين المتعارضين الخاصين قال: (وَخَصَّصُوا فِي الثَّالِثِ) فدل على أن مراده في الأولين القسمين الأولين وهما فيما إذا كانا التعارض بين عامين عام وعام. والقسم الثاني فيما إذا وقع التعارض بين خاصين خاص وخاص، فلا يقال حينئذ أسقط النوع الثاني فالجمع بين ما تعارضا هنا في الأولين يعني في القسم الأول والقسم الثاني واجب واجب شرعًا أو صناعة شرعًا؟ واجب شرعًا لأن كلا من المتعارضين كل منهما دليل شرعي ووحي والأصل إعماله، وحينئذ الجمع بينهما يكون واجبًا هذا الأصل متى ما أمكن الجمع لا يجوز العدول إلى الترجيح، حينئذ نقول واجب أي شرعا فالوجوب هنا شرعي فالجمع بين ما تعارضا هنا في الأولين واجب، واجب هذا خبر المبتدأ الذي هو الجمع لأن فيه إعمالا للدليلين ووجه الجمع هنا أن يُحمل كل منهما على حال مغايرة للحال الأخرى يحمل هذا على حال وهذا على حال يعني ينفك المحل، الأصل فيه أن يكون دلالة اللفظ العام الأول محله ومصدقه هو عين ما دل عليه اللفظ العام الآخر إذن محلهما واحد، فحينئذ إذا أمكن الجمع دون تعسف أو تكلف بأن يفك المحل فيجعل لهذا العام محل ويجعل لهذا العام محل، فقد أعملنا الدليلين على مرادهما والجمع حينئذ يكون مجازا، فالجمع بين ما تعارضا واجب وذلك بأن يحمل كل منهما على حال مغايرة للحال الأخرى كل منهما يحمل على حال إذ لا يمكن الجمع بينهما مع إجراء كل منهما على عمومه تجد ما بينهما هذا عام وهذا عام/ وكل منهما يدل على عين ما دل عليه الآخر والحكم مختلف كيف يتم الجمع؟ لا يمكن هذا ولكن نقول نفك المحل بأن نجعل مدلول الأول من حيث مصدقه مغايرا لمدلول الثاني من حيث المصدق، فحينئذ نقول هذا الجمع وتسميته جمعا من باب المجاز إذ لا يمكن الجمع بينهما مع إجراء كل منهما على عمومه، لأن ذلك محال لأنه يفضي إلى الجمع بين النقيضين فإطلاق الجمع بينهما مجاز عن تخصيص كل واحد منهما بحال.

إذن نقول إعمال الدليلين هنا سواء كانا عامين أو خاصين بالجمع أولا هو الواجب لكن بقيد الإمكان، إن أمكن فلا نعدل إلى المرتبة الثانية إذن إلا بعد تعذر الجمع مثاله إن أمكن الجمع بين عامين حديث مسلم كما مثل صاحب الورقات قوله صلى الله عليه وسلم {ألا أخبركم بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها} (الذي) هذا من صيغ العموم حكم عليه بماذا بالخيرية الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها نقول هذا لفظ عام من أتى بالشهادة قبل أن يسألها حكم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية وقال الذي وهو من صيغ العموم وحديث الصحيحين {خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يكون بعدهم قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا قوم} هذا من صيغ العموم يشهدون قبل أن يستشهدوا هذا مخالف أو موافق في الظاهر أنه مخالف لأنه قال في الأول الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها حكم عليه بالخيرية والثاني قوم يشهدون قبل أن يسشهدون حكم عليهم بالشرية لأنه قال {خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يكون بعدهم} يعني بعد زمن الخيرية وهو الشرية حينئذ وقع ماذا؟ تعارض بين عمومين صيغة العموم في الحديث الأول الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها هذا خير والثاني حكم عليه بالشرية، واللفظ العام قوله قوم ثم يأتي بعدهم قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا، يعني يبذلون الشهادة قبل أن يطلبوها والأول حكم عليه بالخيرية لأنه يبذل الشهادة قبل أن يسألها، إذن باذل الشهادة قبل أن يسألها خير أو شر؟ الحديث الأول حكم عليه بالخيرية، والحديث الثاني حكم عليه بالشرية، فوقع التعارض في بين مفهوم الحديثين فجمع بينهما بفك الحالين على كل حال نُزل الحديث على كل من الحالين نُزل الحديث فإن الموصول في الأول ولفظ القوم في الثاني عامان في كل شهادة بدون استشهاد، وحكم في أحدهما بالخيرية وفي الآخر بالشرية، وهما متنافيان لكن أمكن الجمع بينهما فحمل الأول على إذا على ما إذا كان من له الشهادة غير عالم بها على من كانت له الشهادة غير عالم بها، فجاء الحديث {ألا أخبركم بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها إذا كان من له الشهادة لا يعلم بأن الشهادة عند زيد} وحمل على الثاني على ماذا؟ على العكس إذا كان المشهود له يعلم بالشهادة فكان بذل الشهادة قبل السؤال خير لمن لم يكن عالما بكون هذه الشهادة عند زيد وصارت شرا إذا تطفل من نفسه وبذل شهادته دون أن يسألها، إذن هذان حالان أم لا نقول هذان حالان متغايران فحينئذ أمكن الجمع بين الحديثين فحمل الأول على ما إذا كان من له الشهادة غير عالم بها، والثاني على ما إذا كان عالما بها، وقيل لا بل يحمل الأول على حق الرب جل وعلا كالعتاق والطلاق، والثاني على حق العباد. المهم أن يحمل كل من الحديثين على مفهوم مغاير لمفهوم الآخر يعني محل يصدق عليه، الحديث الأول مغاير لمحل يصدق عليه الحديث الثاني؛ فنقول الجهة انفكت فأُعمل الحديثان عملنا بالحديثين وحينئذ لا إشكال. فَالجَمْعُ بَيْنَ مَا تَعَارَضَا هُنَا**فِي الأَوَّلَيْنِ وَاجِبٌ إِنْ أَمْكَنَا

هذا التعارض فيما إذا أمكن الجمع بين عامين، كذلك قد يقع بين خاصين فنفك أحد الدليلين على محل لا يصدق عليه مفهوم الدليل الآخر وهذا أمثل له بالآية: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [سورة المائدة:6] هاتان القراءتان متغايرتان وكلاهما سبعية {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} مفهومه ماذا؟ مفهوم الآية مسح الرأس والرجلين {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} بالنصب عطفًا على فاغسلوا وجوهكم يقتضي ماذا؟ غسل مسح الرأس هذا على القراءتين لا إشكال فيه الكلام في الرجلين، دلت الآية الأولى قراءة الجر على مسح الرجلين، ودلت القراءة الثانية على غسل الرجلين، والمحل واحد وهل هذا لفظان عامان أو خاصان؟ خاصان إذن ليس فيه لفظ عام، وإنما هما خاصان فوقع التعارض ويمكن الجمع من أسهل ما يمكن بأن يحمل وأرجلكم بالجر على ما إذا كانت الرجل في خفها، وأرجلكم فيما إذا كانت الرجل مكشوفة لأن الرجل لها حالان حالة مكشوفة وحالة مستورة، وإذا كانت مستورة ما حكم الشرع؟ دلت عليه سنة وإجماع العلماء وهو جواز مسح الخفين، حينئذ نثبت مسح الخفين بالإجماع والسنة وبدلالة هذه الآية: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} نقول هنا المراد به المسح على ظاهره، ولا نقول بالمجاورة لأن حمل اللفظ هنا على المجاورة ضعيف، لأن المجاورة هذه لغة قبيلة معينة ودائما القرآن إنما يحمل على ما اشتهر وذاع من لسان العرب، ولا يحمل على ما قل وندر من لسان العرب. حينئذ نقول بدلا من أن نحمل القراءة هنا نقول لا توافقتا والمراد بالقراءتين غسل الرجلين ونحمل وأرجلكم بأنه جر والأصل فيه النصب جر للمجاورة، نقول هذا ضعيف والأولى من هذا أن يقال بأن ننزل قراءة الجر على حالة الرجل فيما إذا كانت مستورة بخفها، وحالة النصب في على فيما إذا كانت الرجل مكشوفة فيجب غسلها، وتلك يجب مسحها أو يجوز مسحها ثم قال: وَحَيْثُ لَا إِمْكَانَ فَالتَّوَقُفُ**مَالَمْ يَكُنْ تَارِيْخُ كُلٍّ يُعْرَفُ فَإِنْ عَلِمْنَا وَقْتَ كُلٍّ مِنْهُمَا**فَالثَّانِ نَاسِخٌ لِمَا وَحَيْثُ لَا إِمْكَانَ

لأنه قيد في الأول وقال إن أمكن الجمع فيجب الجمع، وإذا امتنع الجمع أو أمكن الجمع على وجه متكلف متعسف فيه فحينئذ ننتقل إلى المرحلة الثانية فنقول إما أن يعلم التاريخ أو لا، إن علمنا التاريخ فالثاني ناسخ للأول ولا إشكال، وإن لم نعلم التاريخ فحينئذ نبحث عن المرجح وهنا عبر بالتوقف، وإن كان التوقف هذا في آخر المراحل وإن كان المراد التوقف إلى أن يبحث عن مرجح فلا إشكال، وأما إن كان التوقف يكون هو القول الراجح فيه بأن يتوقف في الجمع بين الدليلين أو تقديم أحدهما على الآخر ففيه نظر، وحيث لا إمكان الجمع بين النصين النطقين فالتوقف فالمرتبة الثانية الفاء هنا للترتيب والتعقيب فالتوقف فيهما عن العمل بهما إلى أن يظهر مرجح لأحدهما على الآخر لابد من أن نفسر كلام الناظم، هكذا فالتوقف فيهما عن العمل بهما لا يتوقف لا يعمل بهما لوجود التعارض إلى أن يظهر مرجح يرجح أحد الدليلين على الآخر، مثاله قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [سورة النساء:3] {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [سورة المؤمنون:6] هذه الآية أتت ما نقول هذا خاص أو عام عام {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يشمل الجمع بين الأختين الأمتين، فحينئذ يجوز الاستمتاع بهما مع قوله تعالى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [سورة النساء:23] وأن تجمعوا يعني جمعكم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [سورة النساء:23] إلى أن قال {وَأَنْ تَجْمَعُوا} [سورة النساء:23] يعني وجمعكم بين الأختين محرم وأل هنا تفيد العموم فيشمل ماذا؟ تحريم الجمع بين الأختين الحرتين وبين الأختين الأمتين، حينئذ المحل الذي هو الجمع بين الأختين الأمتين، أحلتها الآية الأولى أو ما ملكت أيمانكم وحرمتها الآية الثانية حرمتها الآية الثانية، فتوقف عثمان رضي الله تعالى عنه لما سئل عنها وقال أحلتهما آية وحرمتهما آية فتوقف لكن مطلقا أو نتوقف إلى أن يظهر مرجح؟ إلى أن يظهر مرجح فرجح الفقهاء التحريم بدليل خارج عن الآيتين بدليل خارجي عن الآيتين، وهذا وهو أن الأصل في الأبضاع التحريم حينئذ يكون من باب الاحتياط القول بتحريم الجمع بين الأختين. ومن أحسن ما يُرجح به أيضا أن يقال: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [سورة النساء:23] هذا جاء نص في تعداد المحرمات وذاك أو ما ملكت أيمانكم جاء في سياق الامتنان والتمدح، وحينئذ إذا تعارض نصان وقد جاء أحدهما في موضعه وهو تحديد الأحكام الشرعية المتعلقة فما كان في ذاك النص فهو مقدم على غيره يكون من قبيل المرجحات، لأن قوله {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} هذا جاء في مقام التمدح حينئذ ليس المراد فيه تحديد الأحكام من حيث هي أحكام الحل والحرمة، وأما {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}، {وَأَنْ تَجْمَعُوا} إلى أن قال {وَأَنْ تَجْمَعُوا} هذا محل لذكر الأحكام الشرعية ومتعلقاتها من حيث الحل والحرمة، فيكون ما ذكر في موضعه في آياته ولذلك يقال آيات الأحكام فما ذكر في آية في موضعه نقول هو مقدم على غيره. التَّوَقُفُ**مَالَمْ يَكُنْ تَارِيْخُ كُلٍّ يُعْرَفُ

لأن معرفة التاريخ كما ذكرنا في السابق أنها تفيد، قلنا مدني ومكي من فوائده معرفة الناسخ والمنسوخ فإذا عُرف التاريخ حينئذ ولم يمكن الجمع بينهما وليس تم ولم يمكن الجمع بينهما وعرف التاريخ نحكم بكون الثاني ناسخا للأول، ولا يعدل إلى النسخ إلا عند عدم تعذر الجمع، لا يعدل إلى الحكم بكون النص منسوخا إلا عند عدم الجمع بين النصين. مَالَمْ يَكُنْ تَارِيْخُ كُلٍّ يُعْرَفُ فَإِنْ عَلِمْنَا وَقْتَ كُلٍّ مِنْهُمَا وهذا يعلم بالتاريخ أو بنص صحابي فالثان فإن علمنا فالثان بحذف الياء للوزن أو لغة فالثان وقع في جواب الشرط الثاني المتأخر في النزول لا في التلاوة، ناسخ لما تقدما الألف للإطلاق وما تقدم على اسم موصول وهو مع صلته في قوة المشتق يعني فالثان المتأخر في النزول لا في التلاوة ناسخ للمتقدم، ومثلوا له كما ذكرناه سابقا بآيتي عدة الوفاة وآيتي المصابرة، فالثانية ناسخة للأولى، هذا ما يتعلق بالأول ما يتعلق بالقسمين الأول والثاني وهو فيما إذا تعارض عامان فلم يمكن الجمع أو أمكن الجمع وفيما إذا تعارض خاصان وذكرنا مثال للخاص إذا تعارض خاص مع خاص وأمكن الجمع وبقي فيما إذا لم يمكن الجمع ونحتاج إلى مرجح حينئذ نبحث عن التاريخ أو ونحكم بكون الثاني أحدهما ناسخا للآخر وإلا فالترجيح سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض فقال: {ما فوق الإزار} وجاء حديث آخر {اصنعوا كل شيء إلا النكاح}. ما وجه التعارض هنا؟ المراد بالنكاح هنا الوطء حينئذ يدل هذا الحديث على ماذا؟ على جواز الاستمتاع بما تحت الإزار والحديث الآخر يدل على ماذا على أنه ليس له من امرأته الحائض إلا ما فوق الإزار فليس له ما تحت الإزار حينئذ المحل واحد والوقت واحد فتعارض النصان فنطلب إلى أو نبحث عن مرجح واختلفت المذاهب في الترجيح والمراد المثال فقط، ثم انتقل إلى النوع القسم الثالث وهو فيما إذا كان أحد النصين عامًا والآخر خاصًا قال: وَخَصَّصُوا فِي الثَّالِثِ الْمَعْلُومِ**بِذِي الخُصُوصِ لَفْظَ ذِي العُمُومِ

وخصصوا من الذي خصص؟ الأصوليون وهل لهم أن يخصصوا هم أو يحكموا بالتخصيص؟ يحكموا بالتخصيص حينئذ إذا جاء مثل هذه العبارات نقول: وخصصوا أي حكم الأصوليون أو إن شئت قل علماء الشريعة بالتخصيص وخصصوا في الثالث أي في القسم الثالث المعلوم بما سبق بذي الخصوص لفظ ذي العموم خصصوا لفظ ذي العموم أي اللفظ العام من النطق العام بذي الخصوص لفظ ذي العموم ذي العموم يعني صاحب العموم يعني لفظ العام بذي الخصوص يعني بصاحب الخصوص وهو اللفظ الخاص حينئذ يحمل الخاص على العام أو يحمل العام على الخاص، فنخرج صورة الدليل الذي دل عليه الخاص ونطرح ونهمل تلك الصورة من مدلول اللفظ العام كما ذكرناه قبل قليل {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [سورة التوبة:5] فقال: لا تقتل زيدًا المشرك، هذا عام وخاص ماذا نصنع؟ نحمل العام على الخاص فنقول صورة العام هذه عامة تشمل كل الأفراد، ما دل عليه اللفظ الخاص نطرحه من مدلول اللفظ العام، فنقول لفظ العام: يشمل كل الأفراد ويصدق الحكم على كل الأفراد إلا -نستثني- إلا الفرد الذي دل عليه اللفظ الخاص هذا جمع بينهما، وإلا محل الفرد الذي دل عليه العام والخاص، نقول هذا في الأصل أنه محل التعارض؛ لأنه ليس من كل وجه غير زيد المشرك لن يقع فيه تعارض، أليس كذلك؟ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [سورة التوبة:5] يشمل بكر وعمرو وخالد إلا زيدا المشرك زيد هذا هو الذي وقع فيه التعارض، وما عداه فليس تم تعارض، حينئذ نقول خصصوا لفظ ذي العموم خصصوا اللفظ العام بذي الخصوص سواء وردا معا أو تقدم أحدهما على الآخر أو جهل التاريخ يعني متقدم كما ذكرناه سابقا أنه لا يشترط بين الخاص والعام معرفة التاريخ، ولا معرفة كون أحدهما متقدما والآخر متأخر، بل متى ما وجد اللفظ العام واللفظ الخاص حمل العام على الخاص، {فيما سقت السماء العشر} هذا عام أو خاص؟ عام فيما كل ما سقته السماء سواء كان دون خمسة أوسق أو أكثر، جاء حديث {ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة} إذن أربعة أوسق ليس فيها صدقة وحديث فيما سقت السماء العشر يدل على أن فيها صدقة حينئذ نحمل العام فيما سقت السماء العشر على ما هو خمسة أوسق فأكثر، وما دونه نخرجه بالنص الخاص وهذا سبق بيانه في موضعه وفي الأخير يعني القسم الرابع، وهو إذا تعارض عام أو تعارض نص وله عموم وخصوص عام من وجه خاص من وجه والآخر عام من وجه خاص من وجه حينئذ ماذا نصنع؟ العام من النص الأول نخصه بخاص النص الثاني والعام من النص الثاني نخصه بالخاص من النص الأول واضحة؟ العام في النصين هذا عام فيه عموم وهذا فيه عموم هذا فيه خصوص هذا فيه خصوص، تجعل بينهما تزاوج العام يخصه خاص الدليل الثاني من النص الأول والعام من النص الثاني يخصه الخاص من الدليل الأول تزاوج بينهما فتخرج ما دل عليه الخاص من كل من الدليلين من العام الذي دل عليه كل من الدليلين، وهذا المراد بالبيت الذي سيذكره في إشكالاته وفي الأخير الذي هو القسم الرابع شطر كل نطق من كل شق حكم ذاك النطق وهذا البيت مشكلة عندي منذ أن درست إلى يومنا هذا. وَفِي الأَخِيْرِ شَطْرُ كُلِّ نُطْقِ

(شَطْرُ) يعني نصف شطر الشيء نصفه شطر كل نطق يعني نص من النطقين (مِنْ كُلِّ شِقٍّ) الشق هو نصف الشيء حينئذ كيف يكون شطر الشيء من شطر الشيء لو أردنا إعراب البيت ماذا تقولون من يعربه؟ شطر إيش إعراب شطر هذا مبتدأ طيب شطر مبتدأ وهو مضاف وكل نطق هذا مضاف إليه وكل مضاف ونطق مضاف إليه. مِنْ كُلِّ شِقٍّ حُكْمُ ذَاكَ النُّطْقِ بعض النسخ هكذا من كل شقٍ حكم ذاك النطق من كل شق هذا جار ومجرور وشق مضاف وحكم مضاف إليه وحكم مضاف وذاك مضاف إليه والنطق عطف بيان أو بدل طيب إذا قلنا شطر هذا مبتدأ أين خبره؟ في الأخير في القسم الأخير وفي الأخير يعني في القسم الرابع الأخير شطر كل نطق نصف كل نص من كل نصف حكم ذاك النطق نصف من نصف هذا لا يتأتى إلا اللهم لو جعلنا قوله شطر كل نطق المراد بالنطق هنا النطقان أليس كذلك؟ النطقان حينئذ يكون النطق الواحد له شق أما إذا أريد به واحد من النصين حصل تعارض بين النصين، لو قلنا الكلام في أحد النصين وحكمنا له بكونه شطر كل نطق من كل شق حكم ذاك النطق كيف يكون نصف ما دل عليه الشطر الأول أو النص الأول مأخوذ من نصف ما دل عليه الشطر الثاني؟ هذا فيه ركاكة إلا لو جعلنا الأول شطر كل نطق المراد بالنطق هنا، النطقان الدليلان حينئذ أحدهما أحد الدليلين نصف الاثنين نصف من الاثنين، الحكم ما هو نأخذ من شق من كل شق حكم ذاك النطق لأن النطق الواحد له حكم وهو عموم وخصوص عموم من وجه وخصوص من وجه العموم لوحده نصف النطق والخصوص نصف الآخر فحينئذ ماذا نصنع؟ كل من الشقين في الدليل الواحد نزاوجه مع أحد النصفين أو الشقين من الدليل الآخر، هذا الذي أراده الناظم لكنه عسر عليه وإلا مراده أن أنه أطلق على النطقين نطق واحد لأنهما في قوة الحديث الواحد المتعارضان الحديثان الدالان على مسألة واحدة ووقعت التعارض بينهما هذا كأنه نطق واحد نَزَّلَ الدليلين محل أو منزلة الدليل الواحد ثم جعل نصف الدليلين وهو نطق واحد حكمه أنه مخصوص بنصف النطق الآخر فيما إذا كان عامًا أو هو نصفه العموم يكون مخصصا للعموم الآخر لكن العبارة فيها ركاكة والمعنى واضح أنه إذا كان في الدليل الواحد عموم وخصوص والآخر فيه عموم وخصوص يبين بما ذكره بالبيت الثاني وهو قوله: فَاخْصُصْ عُمُومَ كُلِّ نُطْقٍ مِنْهُمَا

هنا يدل على ما ذكرت سابقا عموم كل نطق، هذا في دليل الواحد أو في دليلين؟ في دليلين وأطلق عليه أنه نطق واحد هذا يدل على أنه أراد شطر كل نطق أي نصف الدليلين نصف النطقين وهو دليل واحد من كل شق حكم ذاك النطق يعني يُنظر له باعتبار شقي الدليل الآخر، فعمومه يخص بخاص الآخر وخصوصه يخص به عموم الآخر هذا مراده لعل الصورة واضحة مع ما فيها؟ (فَاخْصُصْ عُمُومَ كُلِّ نُطْقٍ مِنْهُمَا) بالضد فما في الأول من عام يخص بضده الخاص من النص الثاني وما في الثاني من العام يخص بضده، الخاص من النص الأول من قسميه قسميهما العموم والخصوص واعرفنهما هذا من باب التتميم واعرفنهما يعني اعرف الدليلين أو الحكمين، إذن الحكم فيما إذا كانا في القسم الرابع عموم وخصوص في الدليل الواحد وتعارض مع عموم وخصوص في الدليل الواحد حينئذ العمل أنه يجمع بينهما إن أمكن، وذلك بتخصيص العام في كل من الدليلين مثلوا له بحديث القلتين: {إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس أو لم يحمل الخبث مع حديث}، {الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه}، {إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث}. هذا خاص أو عام خاص وعام خاص في القلتين عام في المتغير وغيره فالأول خاص في القلتين عام في المتغير، وفي غيره والثاني حديث ابن ماجه على فرض صحته الماء لا ينجسه شيء هذا عام، عام في ماذا؟ عام في القلتين وفي غيرها خاص في المتغير إذن إذا كان الماء قلتين عام في المتغير وغيره خاص بالقلتين والثاني عام في القلتين وما دون القلتين ما فوق القلتين ما فيه إشكال في القلتين وما دون القلتين خاص بالمتغير فيخص عموم الأول بخصوص الثاني فيحكم على ما دون القلتين بأنه ينجس وإن لم يتغير، لماذا؟ لأن مفهوم إذا كان الماء قلتين أن ما دون قلتين ينجس مطلقًا وإن لم يتغير وهنا قال: {الماء لا ينجسه شيء}. هذا عام في القلتين وفيما دون القلتين فنقول: نقدم مفهوم حديث: {إذا كان الماء قلتين}. وهو خاص على العام الذي دل عليه حديث: {الماء لا ينجسه شيء}. هذا متى إذا أمكن الجمع وأما إذا لم يمكن الجمع فهو مثلوا له بحديث: {لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس}. هذا عام وخاص عام في ماذا؟ عام في الصلاة، خاص في الزمن مع حديث {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين} عام في الوقت الزمن خاص بالصلاة إذن من دخل المسجد في وقت نهي منهي بحديث لا صلاة مأمور بالصلاة بحديث إذا دخل أحدكم المسجد فماذا يصنع؟ لا يمكن الجمع بين الحديثين هنا نطلب مرجح ( .. ) فيقول يقف ينتظر ( .. )

هذا فاسد فنقول ماذا لابد من مرجح خارجي فنطلب المرجح فمن قدم حديث لا صلاة حينئذ قال النهي مقدم على عموم الصلوات، ومنهم من قدم الصلاة إذا دخل أحدكم المسجد خصوص الصلاة تحية المسجد على النهي المذاهب معروفة مختلف فيها، المراد أنه لا يمكن الجمع بين الحديثين في هذا الموضع لأن المنهي عنه والمأمور به شيء واحد دخل زيد وقت النهي فحينئذ يجب أن يصلي له أن يصلي بدليل حديث: {إذا دخل أحدكم المسجد} لا تصل بدليل النهي حينئذ ماذا؟ نقول: عين الصلاة منهي عنها فمن قدم الأول بأنه نهي والنهي يقتضي الفساد قال: لا يصح ومنهم من جعل أن الحديث هذا أخذ منه فائدة وهو أن ذوات الأسباب مخصوصة بحديث من الحديث الآخر حينئذ لا إشكال المراد المثال. والشأن لا يعترض المثال ... إذ قد كفى الفرض والاحتمال إذن: وَفِي الأَخِيْرِ شَطْرُ كُلِّ نُطْقِ**مِنْ كُلِّ شِقٍّ حُكْمُ ذَاكَ النُّطْقِ فَاخْصُصْ عُمُومَ كُلِّ نُطْقٍ مِنْهُمَا** بِالضِدِّ الذي هو الخاص يعني يخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر هذا إن أمكن وإلا عدنا إلى الترجيح إن علم التاريخ لا إشكال فيه هذا ما يتعلق بباب التعارض بين الأدلة والترجيح. ونقف على هذا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

41

عناصر الدرس * الإجماع لغة واصطلاحا * هل الإجماع ممكن وكيف ينقل إذا وقع؟ * حكم الإجماع * هل يشترط انقراض عصر المجمعين؟ * أنواع الإجماع وكيفية حصوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى: (بَابُ الإِجْمَاعِ)

هذا هو ثالث الأدلة الشرعية التي تكون مستند الفقيه ونحوه والأدلة كما هو معلوم منها ما هو متفق عليه ومنها ما هو مختلف فيه والمصنف كأصله لم يذكر إلا بعض هذه الأدلة أما المجمع عليها فهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس فذكرها كلها وأما المختلف فيه فكأنه ذكر قول الصحابي والاستصحاب كما سيأتي في موضعه فالإجماع هو ثالث الأدلة الشرعية من الأدلة الأربعة ولذلك جعله بعضهم أقوى الأدلة مقدم على النص مطلقا سواء كان كتابا أو سنة لأنه لا ينسخ الكتاب قد يدخله النسخ والنص من السنة قد يدخله أيضا النسخ وأما الإجماع فلا يدخله النسخ ولا يحتمل تأويلا لأن كما سيأتي أنه يجمع على حادثة معينة نازلة شرعية أو على أمر جاء به شرع فهذا يكون معينا وما كان معينا كان أشبه ما يكون بالنص وهو ما احتمل معنى واحدا دون غيره من المعاني حينئذ لا يمكن أن يكون الإجماع مؤولاً ولا يمكن أن يكون الإجماع منسوخًا حينئذ صار مقدما على الكتاب والسنة ولكن من حيث الإجماع قالوا: أنه لا بد له من مستند يعني لماذا؟ لا يقدم الإجماع على الكتاب والسنة إذا كان هذا هو المقرر أن الإجماع لا يحتمل النسخ ولا التأويل إذن لماذا ندرسه مؤخرًا بعد الكتاب والسنة لأن الإجماع لا بد له من مستند يستند عليه ليس ثَمَّ إجماع بحت إجماع ليس ثم إجماع مجرد هكذا دون أن يكون أهل الإجماع قد اعتمدوا على نص من قرآن أو سنة لا بل لابد له من مستند شرعي ولذلك نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على أنه لا يمكن أن يوجد إجماع إلا وفيه نص سواء كان ظاهرا أو خفيا يعني الإجماعات التي تنقل عن أهل العلم في كل المسائل هذه لابد وأن النصوص الشرعية كتاب وسنة لابد وأنها تدل عليها لكن الدلالة قد تكون ظاهرة وقد تكون خفية وإذا كانت ظاهرة أو خفية قد يعلمها البعض ويجهلها البعض الآخر حينئذ لا يمكن أن ينفرد الإجماع بمسألة ليس فيها نص من كتاب أو سنة لذلك نقول هو ثالث الأدلة الشرعية باب الإجماع الإجماع هذا مصدر أجمع يجمع إجماعا هذا هو من باب الإفعال وهو الضرب الأول من النوع الأول من الثلاثي المزيد بحرف واحد باب الإكرام أكرم يكرم إكراما كما أخذناه في متن البناء الإجماع له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي عند الأصوليين وأما معناه أو فأما معناه اللغوي فهو يطلق على معنيين يعني يستعمل تارة مرادًا به المعنى الأول ويستعمل تارة مرادًا به المعنى الثاني أما المعنى الأول فهو العزم المؤكد ومنه قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} [سورة يونس:71] فأجمعوا أمركم أي اعزموا على أمركم ومنه قوله جمع أمره أي عزم عليه فأجمعوا أمركم أي اعزموا عليه جمع أمره أي عزم عليه المعنى الثاني الذي يستعمل الإجماع فيه في اللغة الاتفاق يقال أجمع القوم على كذا أي اتفقوا ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: {لا تجتمع أمتي على ضلالة} أي لا تتفق وأي المعنيين أنسب للمعنى الاصطلاحي؟ الثاني وهو الاتفاق ولذلك صدر معناه الاصطلاحي قوله هو اتفاق حينئذ كان المعنى الثاني من معنيي الإجماع أنسب للمعنى الاصطلاحي من حيث التفرقة اللغوية إذا قيل بأنه يطلق على العزم ويطلق على الاتفاق حينئذ أي المعنيين يصح إطلاقه على الواحد العزم

إذا قيل الإجماع هو العزم حينئذ يصح أن يطلق الإجماع على الشخص الواحد عزم زيد أمره وإذا كان بمعنى الاتفاق فحينئذ لا يتصور الاتفاق مع واحد يعني واحد في نفسه يقال اتفقوا على كذا أو اتفقا هذا لا يتصور حينئذ لا يطلق الإجماع بمعنى الاتفاق على الواحد فيطلق على الاثنين فصاعدا قال رحمه الله تعالى: هُوَ اتِّفَاقُ كُلِّ أَهْلِ الْعَصْرِ** أَيْ عُلَمَاءِ الْفِقْهِ دُوْنَ نُكْرِ عَلَى اعْتِبَارِ حُكْمِ أَمْرٍ قَدْ حَدَثْ** شَرْعًا كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثْ هذا هو المعنى الاصطلاحي عند الأصوليين وقل أن تجد خلافا جوهريا بين تعريف الإجماع عند الأصوليين بين التعاريف المذكورة في كتبهم قال (هُوَ اتِّفَاقُ كُلِّ أَهْلِ الْعَصْرِ) ومراده كل أهل العصر مراده بهم أهل الاجتهاد لذلك قال: أي. أي هذه حرف تفسير أي علماء الفقه والمراد بعلماء الفقه أي المجتهدين كأنه قال: هو اتفاق كل المجتهدين كأنه قال هو اتفاق كل المجتهدين دون نكر يعني دون نكير النكر بمعنى النكير والنكير يأتي بمعنى الإنكار والإنكار معناه التغيير حينئذ دون نكر يعني دون إنكار هذا الاتفاق على أي شيء؟ قال: عَلَى اعْتِبَارِ حُكْمِ أَمْرٍ قَدْ حَدَثْ** شَرْعًا كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثْ

على اعتبار حكم أمر قد حدث شرعا هذا مراد بعضهم بقوله هو اتفاق المجتهدين على حكم الدنيا أو على حكم ديني أو على حكم شرعي أو على حادثة شرعية هذه الزيادة لابد منها وثم قيدان تركهما الناظم وهو اتفاق أهل كل العصر بعد النبي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عليه الصلاة والسلام لابد من هذين القيدين فليس كل اتفاق وإنما ولا بد وأن يكون الاتفاق ممن؟ المجتهدون يكونوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم المراد بهم أمة الإجابة وأن يكون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هذان قيدان لا بد منهما تركهما الناظم وعليه نقول حد الإجماع إذا أردنا نثره هو "اتفاق مجتهدي عصر من العصور من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته على أمر ديني".

هو اتفاق مجتهدي عصر من العصور من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته على أمر ديني إذن ليس على أمر دنيوي هو اتفاق عرفنا المراد بالاتفاق أجمعوا على كذا أي اتفقوا أي حصول الموافقة بين طرفين فأكثر ولذلك عبر بعضهم بأن الاتفاق المراد به الاشتراك والاتحاد إما في معتقد في عقيدة وإما في قول وإما في فعل وإما في سكوت وإما في تقرير ونحو ذلك كل ما يمكن أن يثبت به حكم شرعي حينئذ يصح أن يكون الاتفاق عليه وقد يكون الاتفاق بالقول وقد يكون الاتفاق بالاعتقاد أو بالفعل أو بالتقرير أو بالسكوت ونحو ذلك إذن الاتفاق المراد به ما ذكرناه اتفاق خرج به الخلاف كل خلاف ولو من واحد فإذا كان ثم خلاف حينئذٍ لا يصح دعوى الإجماع لأن حقيقة الإجماع الاتفاق فإذا انتفى الاتفاق انتفى الإجماع فهذا جنس أو كالجنس الاتفاق كالجنس فحينئذ إذا لم يكن اتفاق بأن وجد خلاف بين كثيرين أو بين ولو كان المخالف واحدا وكان الأكثر على اتفاق فحينئذ نقول الإجماع غير متحقق إذن هو اتفاق خرج به كل خلاف ولو من واحد فلا إجماع مع الخلاف فحينئذ نزيد في هذا بأن الاتفاق هنا يكون باعتبار من سبق أيضا ولذلك كان الأصح في المسألة المذكورة في باب الإجماع عند الأصوليين أنه إذا اختلف الصحابة على قولين فحينئذ لو أجمع على أحد القولين اتفق على أحد القولين بعد زمن الصحابة فلا يعد إجماعا يعني لا يطلق بأنه الإجماع الذي يكون حجة على الناس لماذا؟ لأن الصحابة اختلفوا وإذا اختلفوا وانقرضوا هل ماتت أقوالهم معهم؟ الجواب: لا، المذاهب لا تموت بموت أصحابها المذاهب والأقوال لا تموت بموت أصحابها حينئذ اتفقوا مع وجود الخلاف بين الصحابة فاتفاق التابعين مثلاً على أحد قولين الصحابة نقول: اختلاف الصحابة معتبر في زمن باتفاق حينئذ لم يحصل حقيقة الاتفاق وإذا رُوعي هذا -وهذا يقوله كثير من الأصوليين- إذا روعي هذا حينئذ يقوى قول من يخصص أو يجعل الإجماع مخصوص في زمن الصحابة لأنه لا يتصور حينئذ إجماع بعد الصحابة مع الخلاف في زمن الصحابة إذا رجح هذا القول وقيل بأنه لا يقع الإجماع على أحد قولي الصحابة مع اختلافهم فحينئذ لا يمكن أن يقع الإجماع مع وجود الخلاف بين الصحابة فينتفي الإجماع (هُوَ اتِّفَاقُ) نقول خرج كل خلاف ولو من واحد فلا إجماع مع الخلاف لأنه لو وافق الأكثر وخالف الأقل هل دائمًا يكون الصواب مع الأكثر؟ لا قد يكون الصواب مع الأقل فليس دعوى أن الكثير يكون ماذا؟ يكون معه الصواب، ولذلك قد يصيب الأقل ويخطئ الأكثر كما جاء في إصابة عمر رضي الله تعالى عنه في أسرى بدر هو واحد كان مخالف وكان المخالف له النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وجاء النص بماذا؟ بتصويب عمر رضي الله تعالى عنه إذن الأقل قد يكون مصيبًا والأكثر قد يكون مخطئًا ودعوى كون الأكثر دائمًا يكون مصيبًا هذه ليست بصواب أو ليس بصواب (هُوَ اتِّفَاقُ كُلِّ أَهْلِ الْعَصْرِ) أي علماء الفقه هنا المراد به الاتفاق هنا اتفاق مجتهدي عصر من العصور اتفاق مجتهدي جمع مجتهد والمجتهد من استوفى شروط الاجتهاد التي سيأتي ذكرها والمشهور عند الأصوليين بأن المراد بالمجتهد هنا الذي يعتبر قوله في الإجماع هو المجتهد المطلق

وهذا المجتهد المطلق الذي سيأتي ذكر الشروط فيه قالوا بأنه نادر الوجود قليل الوقوع فحينئذ إذا قيل بهذا وحكم يرد دعوى إمكان الإجماع إذا عُلق الحكم بالمجتهد المطلق والمجتهدون قلة وندرة حينئذ يمكن حصر أرباب الإجماع ويمكن دعوى الوقوع بأن الإجماع حاصل في كل عصر من العصور لكن تقييد الحكم أو الإجماع بكونه في المجتهد المطلق هذا فيه نظر بل الصواب أن الاجتهاد يكون معتبرًا ولو كان من المجتهد الذي لم يستوف كامل الشروط كما سيأتي في بيانه في موضعه حينئذ يتجزأ الاجتهاد كما هو مرجح في بابه بأن الاجتهاد يتجزأ وإذا تجزأ الاجتهاد حينئذ يتبعض من يؤخذ قوله في حد الإجماع أو في حقيقة الإجماع فقد يكون مجتهدًا في مسألة دون مسألة وإذا أجمع على هذه المسألة التي اجتهد فيها صار معتبرًا وإن لم يكن مجتهدًا اجتهادًا مطلقًا إذن اتفاق مجتهدي المراد بالمجتهد هنا ولو كان مجتهدا جزئيًا لأن الاجتهاد كما سيأتي أنه يتبعض وإذا تبعض الاجتهاد حينئذ يؤخذ قوله في المسألة التي اجتهد فيها وكان أهلاً للفتوى أو النظر فيها مجتهدي العصر إذا قيل مجتهدي العصر حينئذ غير المجتهدين سواء كان مجتهدا مطلقا أو جزئيًا اجتهادًا جزئيًا حينئذ نقول ما عدا المجتهدين لا عبرة بقولهم فلا يعتبر وفاق غير المجتهدين من الفقهاء دونهم يعني دون الفقهاء غير الفقهاء من غير المجتهدين لا عبرة بقوله لماذا؟ لأننا أخذنا الاجتهاد سواء كان مطلقًا أو جزئيًا في حد الإجماع وهذا أخذناه لماذا؟ للإدخال والإخراج أدخل المجتهد الكلي المطلق والمجتهد الجزئي أخرج كل من ليس من أهل الاجتهاد فلو اجتمع أو اجمع أو اتفق من عدا الفقهاء المجتهدين على حكم شرعي لا عبرة به لأنه ليس من أهل النظر والاستدلال والاجتهاد فلا يعتبر وفاق غير المجتهدين من الفقهاء دونهم يعني دون الفقهاء أي الفقهاء ولا وفاق الأصوليين على الأصح لو اختلف الفقهاء مع الأصوليين وأجمع الأصوليون على مسألة هل ينفك الأصوليون بحكم شرعي دون النظر في أقوال الفقهاء؟ الأصح لا لأن الأصولي هو في الأصل من نظر في القواعد دون أن يتمرس على فروعها وإذا كان كذلك فحينئذ نقص من اجتهاده ولم يكن مجتهدا اجتهادا مطلقا على حد قولهم ولا وفاق الأصوليين على الأصوليين على الأصح ولا وفاق العوام وهم من عدا العلماء فهم لا عبرة بقولهم من وفاق ولا خلاف العوام من هم العوام من عدا العلماء ولو كان طالب علم لا عبرة بقوله سواء كان موافقًا أو مخالفًا وإنما العبرة بأهل العلم ولا وفاق اللغويين ونحوهم لأن العبرة بمجتهدي أهل الملة أهل الشريعة لأن الإجماع يُثْبَتُ به حكم شرعي فإذا أجمع أهل اللغة حينئذ يعتبر إجماعهم في فنه أما في الشريعة فلا يعتبر إجماعا ولا وفاق اللغويين أو نحوهم ولا وفاق بعض المجتهدين هو اتفاق مجتهدي اتفاق المجتهدين كل المجتهدين فأل هنا للاستغراق أو مجتهدي عصر تجعله مضاف ومضاف إليه فيعود حينئذ نقول اتفاق كل المجتهدين هذا قيد في حقيقة الإجماع فإذا اتفق بعض المجتهدين دون البعض حينئذ لم يحصل حقيقة الإجماع لأن الأصل في الإجماع أن يكون الاتفاق حاصل من الكل من الجميع لا من البعض فالعصمة إنما ثبتت للأمة كلها {لا تجتمع أمتي

على ضلالة} أمتي كل الأمة أمة الإجابة لا تجتمع على ضلالة حينئذ بعض الأمة قد يجتمع على ضلالة ولو كان الأكثر لأن العصمة ماذا؟ مسلوبة عن الكل وإذا اتفق البعض حينئذ لا يثبت الحكم الذي ثبت بالكل للبعض أليس كذلك؟ ما ثبت للكل لا يلزم منه أن يثبت للبعض مجتهدي عصر من العصور قال كل أهل العصر ما المراد؟ العصر المراد به الزمن {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} [سورة العصر:1،2 [أي الزمان كل الزمان المراد بالعصر عصر من كان من أهل الاجتهاد في العصر الذي حدثت فيه المسألة أما من بلغ درجة الاجتهاد بعد حدوث الحادثة ووقوع النازلة والحكم عليها فلا يعتبر من أهل ذلك العصر يعني حصل اتفاق من أهل العلم على حكم حادثة ما شرعًا فحينئذ مَنْ المعتبر في ذلك العصر؟ هم من حصل بهم الاتفاق في وقت نزول النازلة حصلت النازلة ونزلت الحادثة فحصل الاتفاق ونقول وقع الإجماع أما من قبله ممن مات لا عبرة له في الإجماع وكذلك من ولد بعد وقوع الاتفاق ولو صار مجتهدًا ووجد معه أهل الإجماع فحينئذ نقول وقع الإجماع وصار حجة على أهله وعلى من ولد في ذلك العصر إذن المراد ليس المراد به القرن أولاً وآخرًا لماذا؟ لأننا لو اعتبرنا أن من وُلد بعد وقوع الاتفاق أنه من أهل العصر فحينئذ يصح أن يخالف أهل الإجماع وإذا خالف أهل الإجماع انتفى الاتفاق فإذا انتفى الاتفاق انتفى الإجماع أليس كذلك؟ إذا قلنا: العبرة بكل عصر هو الزمن الذي عاشه أولئك الذين أجمعوا حينئذ إذا أجمعوا في عام أربعمائة وعشرين وولد في تلك السنة من صار بعد خمسة عشر عالما يصير عالم ما في ...

خمسة عشر سنة صار عالما ولو خالف حينئذ نقض ذلك الإجماع وصار ماذا قولهم الذي أجمعوا عليه صار محلا للخلاف ولكن الصواب أن المراد بالعصر الزمن الذي وقع فيه ذلك الاتفاق فلا عبرة بمن مات قبل ذلك الاتفاق ولا عبرة بمن ولد بعد ذلك الاتفاق وقوله من أمة محمد المراد بأمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة الإجابة لا أمة الدعوة حينئذ يختص الإجماع بالمسلمين اليهود والنصارى الآن نقول من أمة محمد صلى الله عليه وسلم صحيح؟ نقول: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة الدعوة لأنهم مدعوون بشريعة الإسلام بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهم أهل الدعوة من أجاب صار من أمة الإجابة من لم يجب منهم صار من أمة الدعوة ولم يكن من أمة الإجابة لو قلنا من أمة محمد عموما لصارت اتفاق اليهود والنصارى إجماعا معتبرا في إثبات الأحكام الشرعية وهذا فاسد هذا باطل فحينئذ لابد وأن نخص أمة محمد صلى الله عليه وسلم هنا بأمة الإجابة حينئذ لا بد من شرط الإسلام فخرج اتفاق الأمم السابقة صحيح إذا قلنا من أمة محمد نحن أخرجنا به أمة الدعوة فمن باب أولى وأحرى أن تخرج الأمم السابقة فإذا كانوا من غير شريعة محمد أي فإذا كان من خوطب بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن ليس أهلاً للإجماع في شريعتنا فمن باب أولى أو أحرى أن من سبق ممن لم يكن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ألا يكون من أهل الإجماع وخرج بقوله بعد وفاة نبيها لا بد من هذا القيد خرج به ماذا؟ فيما لو وقع الاتفاق في زمن الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهل يمكن أن يقع الاتفاق؟ يمكن؟ كل باتفاق هل تم خلاف النبي صلى الله عليه وسلم يحكم بمسألة ثم يحصل نزاع بين الصحابة فيها؟ ليس بوارد ولو وقعت بعض الخلافات في مفهوم بعض الأحاديث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قليل ويكون قد رجعوا للنبي صلى الله عليه وسلم فإما أن يقر الفهمين وإما أن يصوب ويخطئ أليس كذلك؟ حينئذ نقول الأصل هو الاتفاق لكن هل يسمى إجماعا أو لا؟ نقول: لا، لا يسمى إجماعًا وإنما قيده لا بد من قيده بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فإن حصل الاتفاق وقد حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يسمى إجماعًا بالمعنى الأصولي اتفاق المجتهدين في حياته فلا يسمى إجماعًا هذا هو حقيقة الإجماع اتفاق مجتهدي عصر من العصور فيشمل عصر الصحابة وعصر التابعين وعصر من بعدهم إلى زمننا هذا إلى قيام الساعة أليس كذلك؟ اتفاق مجتهدي عصر من العصور أي العصور فلا يختص الإجماع بزمن الصحابة كما هو المرجح أنه لا يختص بزمن الصحابة بل هو إلى قيام الساعة لكن يبقى الخلاف في هل يمكن الوقوف عليه والاطلاع عليه أو لا؟ أما كونه واقعا في كل الأزمان وفي كل العصور هذا هو الصواب وليس مختصا بزمن الصحابة خلافا لداود الظاهري رحمه الله تعالى عُلم من هذا الحد أنه لا يشترط في المجمعين عدد التواتر هل يشترط عدد التواتر؟ من قال أربعة من قال عشرة من قال عشرين من قال ثلاثين هل يشترط أم لا نقول من الحد لا يشترط وجهه اتفاق مجتهدي عصر اتفاق والاتفاق أقل ما يصدق على اثنين فصاعدا والاثنان عندهم يكاد يكون اتفاق عند الأصوليين أنه ليس من عدد التواتر حينئذ قد يحصل

بين اثنين اتفاق على حكم ما وليس ثم غيره ويحصل الإجماع وينعقد حينئذ نقول من الحد نعلم منه ونأخذ منه أنه لا يشترط فيه عدد التواتر لصدق المجتهدين بما دون ذلك وهو الأصح اثنان فأكثر وعلم منه أنه إذا لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد من باب التنزل لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد فهل يعد قوله إجماع أو لا؟ قيل إنه إجماع وحجة وقيل حجة لا إجماع وقيل ليس بحجة ولا إجماع والصواب الثالث أنه ليس بحجة ولا إجماع إلا على العامي على الأصل {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [سورة النحل:43 [وهذا خاص بأهل الذكر هو من أهل الذكر وغيره لا يوجد حينئذ واجب العامي الرجوع إلى إليه إلى هذا المجتهد الواحد ومن عداه من طلاب العلم لأن نقول المجتهد المراد به عنده المجتهد المطلق ومن عداه فهذا ما تحصل من نظره هو الذي يلزمه لأن الاجتهاد يتبعض، فإذا تبعض طالب العلم المتمرس على استنباط الأحكام الشرعية له أن ينظر في الأدلة فإذا ترجح عنده قول وكان أهلا يعرف مآخذ أهل العلم ولا يشترط الكمال إذا ترجح عنده دليل على دليل وقول على قول لزمه الأخذ بالراجح وترك المرجوح لكنه ليس من أهل الاجتهاد الذين يعتبر قولهم في الإجماع فحينئذ العامي واجبه أن يلجأ إلى هذا المجتهد الواحد ومن عداه فلا وعُلم منه أنه إذا لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد لم يحتج به إذ أقل ما يصدق به اتفاق المجتهدين اثنان فصاعدا وأما الواحد فلا يعتبر إجماعا وإلا فيه ثلاثة أقوال عند الأصوليين هل يشترط الإسلام؟ نعم يشترط الإسلام لأننا نقول من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة الإجابة حينئذ أمة الإجابة هي التي أسلمت لله عز وجل حينئذ نقول يشترط أن يكون المجمعون مسلمين وأما الكافر فلا اعتداد بقوله بلا خلاف والمراد به الكافر الأصلي والمرتد وأما من كفر ببدعة فهذا لا يعتبر عند مكفره من كفر ببدعة صاحب بدعة عنده لا يَعتبر خلاف هذا العالم فلو خالف زيد من الناس واتفق كل العلماء وهذا زيد مرتكب لبدعة مكفرة وقد كفرتم مثلاً هل يعتبر قوله نقضًا مخالفًا للإجماع؟ نقول لا عند من؟ عند المكفر وعند غيره فلا حينئذ نقول يشترط الإسلام وأمَّا الكافر الأصلي والمرتد هذا لا عبرة بقوله وأما من كفر ببدعة فهذا عند المكفرين لا يعتبر قوله والفاسق الملي هل يعتبر أو لا يعتبر هذا فيه خلاف فيه خلاف وظاهر النصوص أنه يعتبر لأنه قال {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النساء:115] {لا تجتمع أمتي على ضلالة} وهذا من جملة الأمة هذا المشهور وإن كان تقييد هذه النصوص بالنصوص الأخر فيه يعني وجه حسن وهو أن الرب جل وعلا قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [سورة الحجرات:6] فدل على أن الفاسق الأصلي التوقف في خبره والفتوى من قبيل الخبر لأنه يخبر عن الرب جل وعلا كذلك قوله تعالى من أدلة صحة الإجماع وأنه حجة {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [سورة البقرة:143] وسطًا فسر بماذا؟ عدولاً خيارًا والفاسق ليس بعدل ولا خيار حينئذ لا يعتبر قوله على كل المسألة محل بحث واجتهاد هل الفاسق يعتبر قوله أو لا منهم من اعتبره ومنهم من لم

يعتبره وأما الكافر الأصلي والمرتد فلا خلاف بينهم في أنه غير معتبر اشترط بعضهم أن يكونوا أحياء وهذا ذكرناه فيما سبق إشارة أن يكونوا أحياء أما الموتى فلا اعتبار بقولهم هذا بناء على ماذا؟ على جواز إجماع العصر المتأخر على احد قولي الصحابة وإذا قلنا: هذا فاسق حينئذ لا يكون إجماعًا إذا اختلف الصحابة ولم يجمعوا على أحد القولين لأنه قد يكون في أول الأمر اختلاف ثم يقع في زمن الصحابة قد يقع في أول الأمر خلاف ثم بعد ذلك يجمعون على أحد القولين نقول الإجماع وقع أما بعد زمن الصحابة فهذا فيه نظر هو اتفاق كل أهل العصر هو أي الإجماع اتفاق كل أهل العصر أي الزمان زد عليه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاة نبيها أي علماء الفقه لأن قوله كل أهل العصر يشمل الكل والمراد به المجتهدون حينئذ نحتاج إلى التقييد فقال أي هذا حرف تفسير على مذهب البصريين أي علماء بالجر على أنه بدل أو عطف بيان ( ... ) بدل أو عطف بيان وعند الكوفيين أي حرف عطف مثل الواو وعلماء هذا معطوف على كل والمعطوف على المجرور مجرور هكذا يقولون والصواب الأول أي علماء الفقه دون نكر علماء الفقه ليس خاص بعلماء الفقه من حيث الفقه الاصطلاحي بل الفقه في الدين أي علماء الفقه دون نكر إلا إذا أريد بأن المراد هنا الأحكام الشرعية العملية وإلا مستند الإجماع الذي هو الدليل الشرعي قد يكون في المعتقد وقد يكون عند أرباب الحديث مثلا أجمعوا على صحة حديث قد يكون عند النحاة قد يكون عند المفسرين إذن يختلف باخلاف العلوم فكل علم المعتبر فيه أهله كل علم وقد نص على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى المعتبر فيه إجماع أهله حينئذ لو أجمع المحدثون على صحة خبر وخالف بعض الفقهاء هل يعتبر خلافه؟ لا يعتبر خلافه بل يحكى الإجماع لماذا لأن العبرة في كل فن بأهله لو أجمع أهل اللغة على حكم ما ثم جاء عامي فخالف قال لا نحن نتكلم بهذا لا عبرة به لماذا؟ لأنه ليس من أهل اللغة وهلم جرا أي علماء الفقه دون نكر من غير نكير والنكر والإنكار والنكير تغيير المنكر ثم قال على اعتبار هذا جار ومجرور متعلق بقوله اتفاق لأنه مصدر والمصدر من متعلقات الجار والمجرور هي أحد عشر متعلقا على. عَلَى اعْتِبَارِ حُكْمِ أَمْرٍ قَدْ حَدَثْ

هذا الذي قلنا إنه على أمر ديني إذن المراد به هنا اتفاق خاص ليس مطلق الاتفاق على أمر قد حدث هذا تقييد وإذا كان تقييدا حينئذ صار للاحتراز للإدخال والإخراج فحينئذ يكون الاتفاق هنا اتفاقًا خاصًا على اعتبار حكم أمر حكم حكم أمر بالإضافة الحكم قد يكون بالإثبات وقد يكون بالنفي قد أجمعوا على إثبات أمر كقولهم مثلا حل البيع إثبات الحلية للبيع أو انتفاع أمر كعدم حل الربا مثلا نقول هنا حصل الإجماع بماذا؟ على حكم تارة بالإثبات كحل البيع وتارة بالنفي والسلب كعدم حل الربا على اعتبار حكم أمر قد حدث شرعا أمر حدث يعني حادثة والمراد به الأمر النازل لكن هذا ليس على إطلاقه بل قد يحصل على الاتفاق على أمر حادث بمعنى أنه يوجد من فعل المكلف ويكون منصوصا في الكتاب أو في السنة كما مثل الناظم هنا بماذا بحرمة الصلاة بالحدث هذا اتفق عليه أهل العلم أليس كذلك؟ مجمع عليه ولا خلاف بل من الضروريات من المعلوم من الدين بالضرورة حينئذ هل يصح دعوى الإجماع في مثل هذا أو لا المثال هذا هل هو صحيح أم لا؟ نقول الصواب أنه صحيح لأنه لا إجماع إلا بنص ولذلك عشرات بل مئات المسائل يذكرها الفقهاء ويقولون دليلها الكتاب والسنة والإجماع وكم من مسألة يحكى فيها الإجماع كوجوب الصلاة وكوجوب الصيام والزكاة والحج إلى آخره وكم من شروط أو واجبات في الصلاة يحكى فيها الإجماع مع دلالتها نصا صريحا واضحا بينا في الكتاب أو في السنة حينئذ نقول هذا المثال الصحيح ولا نقول بأنه ليس بصحيح لأنه ثابت بالكتاب والسنة نقول نعم لأن الإجماع لابد له من مستند وهذا المستند قد يكون مقبولا وقد يكون مقبولا ظاهرا وقد يكون في دلالته نوع خفاء ولا يشترط في الإجماع أن يقع الإجماع ثم لا يوجد دليل من كتاب أو سنة فيصح الإجماع نقول لا ما أكثر الإجماعات مع نقل دليلها أو أدلتها كحرمة الصلاة بالحدث يعني وذلك كحرمة الإجماع الذي وقع عليه أو الاتفاق الذي وقع علي حكم هو حرمة الصلاة مطلقًا سواء كانت فرضًا أو نفلاً بالحدث سواء كان أكبر أو أصغر والدليل على هذا قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [سورة المائدة:6] {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [سورة المائدة:6] لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ حينئذ نقول هذا إجماع ثابت والاتفاق حاصل ونص ومستنده منقول في الكتاب وفي السنة وهذا يدل نأخذ من هذا المثال أن الإجماع لابد له من مستند قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ولا يوجد مسألة يتفق عليها أو يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص لا يوجد مسألة يتفق عليها إلا وفيها نص يتفق عليها أي يجمع عليها إلا وفيها نص وبين أن هذا النص قد يكون ظاهرا وقد يكون خفيا وإذا كان خفيا قد يعلمه البعض وقد يخفى على البعض فدعوى أن هذا الإجماع لا مستند له ظاهر هذه تحتاج إلى تمحيص على اعتبار حكم أمر قد حدث شرعا شرعا إيش إعرابه هذا تمييز أين المميز؟ حكم أحسنت نعم مضاف لأن الحكم قد يكون عقليا وقد يكون دنيويا وقد يكون عاديا وقد يكون حسيا إلى آخره وقد يكون جعليا اصطلاحيا والمراد هنا الحكم الشرعي إذن شرعا هذا تمييز للإخراج خرج به الأحكام اللغوية والعقلية

والدنيوية وكل ما يطلق عليه بأنه حكم عرفنا حقيقة الإجماع هل الإجماع ممكن أو لا؟ هل يمكن يتصور العقل يعني اتفاق كل المجتهدين في عصر من العصور العقل يمنع أو لا اسألوا عقولكم ما يمنع ممكن ممكن أن يتفق كل المجتهدين في عصر من العصور إنكار الإجماع الإجماع جائز عقلا بلا خلاف العقل لا يمنع أن يتفق كل أهل العصر بل المجتهدون وغيرهم يجوز العقل ذلك ولا مانع حينئذ من جهة الدلالة العقلية الإجماع ممكن بلا خلاف لكنه من جهة العقل الضروريات من الدين هذا لا خلاف في تصور الإجماع بل والوقوع ما علم من الدين بالضرورة هذا العقل لا يمنع التصور بل الوقوع دليل على أو مشاهدة الوقوع دليل على جوازه على جوازه شرعا وعقلا أليس كذلك؟ وجوب الصلاة مجمع عليه أو لا متفق عليه وجوب الصوم رمضان بشرطه نقول متفق عليه إذن الضروريات حرمة الزنا حرمة الربا أليس كذلك؟ بر الوالدين وجوبهم تحريم العقوق إلى آخره هذه يطلق عليه أهل العلم المعلوم من الدين بالضرورة وايش المراد بالمعلوم من الدين بالضرورة يعني اترك الجهل والعذر لا هذا مما يستوي فيه العام والخاص يعني العامي يعرف هذا الحكم الشرعي والعالم يعرفه بدليله إذن إذا استوى العامة والخاصة في حكم ما واشتهر ولا يعرف سواه حينئذ نقول هذا من المعلوم من الدين بالضرورة هذا نوع آخر جائز وواقع ولا خلاف بين أهل العلم في وقوعه وبعضهم يحصر الإجماع الذي يمكن أن تكون الأدلة الدالة عليه في الكتاب والسنة يحصرهم في هذا قد كتب بعضهم نظرات في الإجماع من المعاصرين في هذه المسألة أن مراد الأصوليين بالإجماع هو المعلوم من الدين بالضرورة هذا هو الذي يمكن أن يتصور ويمكن أن يحكم عليه بأنه واجب لأنه واقع ما عدا المعلوم من الدين بالضرورة هل يمكن الإجماع فيه أو لا؟ هذا فيه خلاف إذن الإجماع جائز عقلا بلا خلاف المعلوم من الدين بالضرورة جائز عقلا ولا إشكال وواقع بلا خلاف ما عدا المعلوم من الدين بالضرورة هل يمكن دعوى الإجماع فيها أو لا من جهة الوقوع أما العقل عرفنا أنه جائز أما في غير ذلك فيما هو ليس بمعلوم بالضرورة من الدين فاختُلف في إمكانه على مذهبين الأول ممكن يعني الوقوع وهو مذهب الجمهور جمهور الأصوليين على أنه ممكن وواقع ودليله مشاهدة الوقوع كالإجماع على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة هذه قل من يثبت فيها دليل الإجماع الماء إذا تغير بالنجاسة حكمنا عليه بأنه نجس هذا مجمع عليه ما دليله؟ هو لابد من دليل لكنه لم ينقل هذا هو المشهور لذلك يمثل بهذا الإجماع على وجوده في غير المعلوم من الدين بالضرورة كذلك تحريم شحم الخنزير كلحمه قالوا هذا أيضا مجمع عليه ولا نص يعني لم ينقل إذا قيل ولا نص يعني لم ينقل إذن الإجماع في غير المعلوم من الدين بالضرورة ممكن ودليله الوقوع القول الثاني غير ممكن يقابل الأول لماذا؟ قال نحن نقول في الإجماع اتفاق أليس كذلك؟ فإذا انتشر أهل الإجماع في الأرض في مشارقها ومغاربها فكيف يدعى الإجماع اتفاق مجتهدي عصر من العصور وبعد زمن الصحابة أوائله قبل الفتنة كان الصحابة ممكنا تحصر أقوالهم وتعرف أقوالهم ومذاهبهم حتى من خرج من المدينة أو من مكة يعرف مكانه ويمكن أن يُتَّبَع فيعرف

قوله أما بعد الصحابة فكيف يدعى الإجماع هذا القول الثاني أنه غير ممكن لانتشار أهل الإجماع في الأرض ويمتنع نقل الحكم إليهم عادة أن ينقل الحكم إلى كل المجتهدين في كل أنحاء المعمورة عادة هذا ممتنع فحينئذ إذا اجتمع نقل الحكم إليهم امتنع اتفاقهم لأنه يعلم بأن ثم أقول انتشرت لأهل العلم اتفقوا عليها فلابد أن يبلغه ذلك القول حتى يوافق عليه فإذا لم ينقل وامتنع نقله عادة امتنع الاتفاق فامتنع حقيقة الإجماع. إذن إمكان الإجماع في غير المعلوم من الدين بالضرورة الجمهور على إمكانه وأنه واقع واستدلوا له بهذه الأمثلة المذكورة والمذهب الثاني أنه غير ممكن وهذا يمكن أن يكون مستنده حصر الإجماع إما في زمن الصحابة وهو قول وإما في القرون الثلاثة الأولى وهو قول آخر كما سيأتي بيانه ثم قال رحمه الله بعد أن عرفنا حقيقة الإجماع وإن كان الإجماع لكن يرد السؤال كيف ينقل الإجماع إذا وجد الإجماع في عهد الصحابة كيف ينقل العلم نحن قلنا الإجماع ممكن ويقع لكن العلم هو الاطلاع على هذا الإجماع العقل لا يحكم به ولن نجد ذكر الإجماع لا في خبر الله جل وعلا ولا في خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فامتنع أن يكون الكتاب والسنة دالان على خاصية الإجماع لا على أنه دليل كونهم أجمعوا على هذه المسألة لانجد لا في القرآن ولا في السنة والعقل لا يدل عليه ماذا بقي؟ بقي طريقان إما أن يكون معاصرا لهم وهو من المتفق حينئذ يستدل بحصول الإجماع بالمشاهدة والحضور وإما بالنقل والنقل إما أن يكون متواترا وإما أن يكون آحادا ومن الذي ينقل الإجماع؟ الله أعلم هذا مما ينتقد الإجماع عند المتأخرين ثم قال رحمه الله: وَاحْتُجَّ بِالِإجْمَاعِ مِنْ ذِي الأُمَّهْ** لَاغَيْرِهَا إِذْ خُصِّصَتْ بِالْعِصْمَهْ

واحتج بالإجماع واحتج أي احتج أهل العلم احتج هذا فعل ماض مغير الصيغة وفاعله معلوم واحتج العلماء أو أهل العلم بالإجماع يعني صار حجة يعني اعتبروه حجة فحكموا على الإجماع بأنه حجة وسبق معنا أن الحجة من الألفاظ المرادفة للدليل في القواعد أن الدليل يرادفه البرهان أليس كذلك؟ والسلطان ومنها الحجة إذن المراد بكون الإجماع حجة أنه دليل سمي الإجماع حجة للغلبة به على الخصم يعني سمي الدليل كالإجماع حجة لأنه يستعان به للغلبة على الخصم يغلب به إذا قلت هذه المسألة مجمع عليها حينئذ قطعا أما إذا قلت قال الله يقول لعله منسوخ وقال فلان وقال فلان إلى آخره والحديث يحتمل يمكن أن يورد بعض الاعتراضات لكن إذا قلت هذا مجمع عليه بين أهل العلم صار حجة وصار قاطعا للنزاع من ذي الأمة أي من هذه الأمة بلا غيرها لا غيرها يعني لا يحتج بإجماع اليهود على مسألة ما عندهم في دينهم أليس كذلك؟ ولا يحتج بإجماع النصارى على مسألة ما في دينهم ولا نقول شرع من قبلنا شرع لنا كما قاله البعض بعضهم يقول حجة بدليل ماذا بعض الأقوال فيها شذوذ واضح بين يقول حجة لماذا؟ لأن شرع من قبلنا شرع لنا لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أمتي لا تجتمع أمتي أليس كذلك؟ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [سورة النساء:115] هذا يدل على أن الإجماع خاص بهذه الأمة ولا يشاركه غيره من الأمم السابقة إذن من ذي الأمة أي من هذه الأمة لا من الأمم السابقة ولذلك قال لا غيرها لا غير هذه الأمة وقيل حجة يحتج به بناء على مسألة شرع من قبلنا شرع لنا وهذا قول باطل فاسد من أصله نظرا وأثرا إذ خصصت بالعصمة إذ للتعليل يعني لماذا كأنه قال واحتج بالإجماع من ذي الأمة لا غيرها لماذا؟ اختص الإجماع بهذه الأمة دون غيرها قال لأن الأمة خصصت يعني اختصت بالعصمة والعصمة في اللغة المنع وهي أيضا الحفظ يقال عصمه يعصمه بالكسر عصمة فانعصم يعني ممنوعة من الوقوع في الخطأ اتفاقا يعني لا تتفق على باطل ولا على ضلالة ابدا فحينئذ هذه الخاصية هل هي موجودة في الأمم السابقة؟ الجواب لا هم لم يحفظ دينهم الذي هو أصل عقيدتهم فكيف تحفظ إجماعاتهم على مسائل مختلف فيها هذا لايمكن أن يتصور إذن: وَاحْتُجَّ بِالِإجْمَاعِ مِنْ ذِي الأُمَّهْ** لَاغَيْرِهَا

إذ لأنها أي أمة محمد صلى الله عليه وسلم خصصت وانفردت من جهة الرب جل وعلا بالعصمة فلا تجتمع على ضلالة أبدا فكل ما اتفق عليه العلماء وثبت أنه إجماع حينئذ لابد وأن يكون حقا ما دليل الإجماع؟ نقول الإجماع حجة بدليل الكتاب والسنة أما الكتاب فمنه قوله جل وعلا {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [سورة النساء:115] قال: الشاهد {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النساء:115] رتب العقوبة على اتباع غير سبيل المؤمنين فدل على أن اتباع سبيل المؤمنين واجب أليس كذلك؟ فدل على أنه حجة توعد بالعقاب على متابعة غير سبيل المؤمنين وهذا يدل على ماذا؟ على وجوب المتابعة بسبيل المؤمنين وتحريم مخالفته فلا يجوز حينئذ المخالفة هذا معنى كونه دليلا وجحة يجب اتباعة وتحرم مخالفته يجب إتباعه إتباع الإجماع وتحرم مخالفته ومنها قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [سورة البقرة:143] والوسط الخيار العدل فالله سبحانه وتعالى عدلهم بقبول شهادتهم فيكون حجة فيجب العمل بمقتضاه لأن قول الشاهد يعتبر حجة تثبت به الأحكام وكذلك قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [سورة آل عمران:110] وهذا يقتضي ماذا؟ أن قولهم حق في جميع الأحوال لأنهم لو اتفقوا على أمر وكان مخالفا للحق لكان منكرا فوجب إنكاره أليس كذلك؟ تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر إذن لا يمكن إذا كان اتفقوا على باطل كلهم اتفقوا على باطل وقد ميزهم الرب جل وعلا بأنهم ينهون عن المنكر وهذه خاصية من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم حينئذ لا يتفق مع مدلول الآية ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم {لا تجتمع أمتي على ضلالة} هذا بعضهم جعله من المقبول من جهة المعنى لا من جهة السند يؤيده حديث {لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتيهم أمر الله} وهم ظاهرون هذا يدل على ماذا؟ على أن ثم طائفة قائمة بالحق منصورة ثم قال: وكُلُّ إِجْمَاعٍ فَحُجَّةٌ عَلَى** مَنْ بَعْدَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ أَقْبَلَا

وكل إجماع فحجة على من بعدهم من بعدهم فقط أو عليهم وعلى من بعدهم هو يقول على من بعدهم فكان كان حجة على من بعدهم فعليهم من باب أولى وأقوى وكل إجماع في عصره فحجة وقلنا المراد بالحجة أنه دليل يعني يجب الأخذ به وتمتنع مخالفته فحجة وكل إجماع حجة الفعل وقع في جواب المبتدأ حجة هذا خبر وكل هذا مبتدأ كل إجماع حجة هذا الأصل والفاء هذه رابطة للخبر للمبتدأ جوازا لا وجوبا وأما في الشرط جواب الشرط بشرطه فهذا واجب وكل إجماع فحجة على من بعدهم كما أنه حجة على أصحابه فمنذ أن انعقد الاتفاق حصلت الحجية على أهله فلا تجوز حينئذ مخالفته وعلى كل عصر من العصور التالية لذلك العصر على كل عصر يرد ويأتي بعد ذلك العصر الذي وقع فيه الإجماع فإذا وقع الإجماع في زمن الصحابة فيكون الإجماع حجة على الصحابة أنفسهم لا تجوز مخالفته ولا نقضه ثم يصير حجة على كل العصور إلى أن تقوم الساعة وإذا اجمع التابعون أو أتباع التابعين على مسألة حدثت في زمنه ولم تكن ثم واقعة في زمن الصحابة فيكون ذلك الإجماع حجة عليهم في زمن الأتباع إلى أن تقوم الساعة فيصير حجة لماذا؟ لعموم الأدلة (وكُلُّ إِجْمَاعٍ فَحُجَّةٌ عَلَى**) (من بعدهم أو على) (مَنْ بَعْدَهُ) ودليل الشرع يجب العمل به لأن الأدلة الدالة على حجية الإجماع تشمل جميع العصور {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النساء:115] في زمن الصحابة فقط ومن بعدهم وحينئذ يكون الحكم منتفي هذه {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة النساء:115] يرتب العقاب على وجود هذه الصفة إلى منذ زمن الصحابة إلى أن تقوم الساعة فكلما وجد مخالفة سبيل اتباع أو مخالفة طريق المؤمنين إذا أجمعوا على شيء ما حينئذ الوعيد مرتب في ذلك العصر على أهله إذن عموم الأدلة الدالة على حجية الإجماع هي التي تدل على أن الإجماع حجة على أهله وعلى من بعدهم وكل إجماع فحجة على من بعدهم يعني على العصر الثاني كعصره إلى آخر الزمان ولذلك قال (فِي كُلِّ عَصْرٍ) من العصور (أَقْبَلَا) إلى قيام الساعة والألف هذه للإطلاق قال ابن تيمية رحمه الله تعالى وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحدهم أن يخرج عن إجماعهم وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحدهم أن يخرج عن إجماعهم لأحدهم مطلقا سواء كان من أهل الإجماع أو من عموم الأمة إلى أن تقوم الساعة أقبلا الألف هذه للإطلاق ثم قال أو تعرض لمسألة اختلف في هل هي شرط في الإجماع أو لا وهي انقراض عصر المجمعين قال ثم أي بعد أن ذكر لك حقيقة الإجماع من حيث الحد وأنه حجة على أهله وعلى كل عصر من العصور المقبلة هل انقراض عصر المجمعين شرط في صحة الإجماع وانعقاده أو لا؟ اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال (ثُمَّ انْقِرَاضُ عَصْرِهِ) أي عصر الإجماع الضمير يعود على الإجماع انقراض يقال قرض فلان أي مات وانقرض القوم درجوا ولم يبق منهم أحد هكذا في مختار الصحاح المراد بانقراض عصر المجمعين موتهم جميعا بعد اتفاقهم على الحكم في الحادثة التي وقعت في زمنه هذا المراد بانقراض المجمعين يعني اتفقوا ثم هل هو حجة أو لا؟ اتفق كل العلماء المجتهدين اتفقوا على حكم حادثة متى

يحصل أو تحصل الحجية والاستدلال بذلك الإجماع هل يشترط موت كل المجمعين ثم يكون حجة أو منذ أن حصل الاتفاق بثواني حصلت الحجية؟ هذا محل النزاع بعضهم يقول لا لا يكون إجماعا حقيقة ولا يثبت حجيته على أهله عصره وعلى من بعدهم حتى ينقرضوا كلهم يموتون وحينئذ إذا ماتوا بعد سبعين سنة تحصل ايش الحجية ومنهم من قال لا لا يشترط الانقراض بل منذ الاتفاق ولو لحظة بعد الاتفاق ثواني حصل الإجماع إذن المراد بانقراض عصر المجمعين موتهم جميعا بعد اتفاقهم على الحكم في الحادثة التي وقعت في زمنهم قد اختلف العلماء باعتبار هذا الشرط الأول لا يشترط كما قال الناظم هنا ثم انقراض عصره يعني موت أهله عصر أي لم يشترط ليس بشرط في صدق الإجماع أو في إمكان الإجماع أو في حقيقة الإجماع مطلقا يعني سواء كان صريحا قوليا أو سكوتيا وسواء كان في زمن الصحابة أو إجماع الصحابة أو غيرهم إن أمكن مطلقا لأنه ورد أن بعضهم قد يقيدهم وهذا مذهب الجمهور جمهور أهل العلم قيل منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي وهو رواية عن أحمد أنه لا يشترط انقراض عصر المجمعين بل يحصل الاتفاق ويحصل الإجماع ويصير حجة عليهم وعلى من بعدهم منذ أن وقع الاتفاق لأنه هو حقيقة الإجماع عندما نعرف الإجماع ولذلك دائما خذ الحد وتستطيع أن تحل به كثير من المسائل اتفاق مجتهدي عصر من العصور على حكم إلى آخره هل فيه قيد انقراض العصر حصل الاتفاق فإذا حصل الاتفاق وجدت حقيقة الإجماع حينئذ دعوى أن الشرط أو انقراض العصر لابد منه في حقيقة الإجماع نقول لابد منه لابد فيمن شرط هذا الشرط أن يزيد قيدا في الحد أليس كذلك؟ لابد أن يزيد قيدا في الحد اتفاق مجتهدي عصر بعد موتهم يعني لا يعتبر ذلك الاتفاق إلا بعد موته إذن الصواب أو القول الأول لا يشترط مطلقا الأدلة نقول الأدلة حجية الإجماع مطلقا أدلة حجية الإجماع مطلقا توجب أن الإجماع حجة بمجرد حصول الاتفاق ولو في لحظة فاشتراط الانقراض هذا زيادة على مدلول الأدلة وليس له دليل خاص الثاني أو الدليل الثاني في أنه لا يشترط احتجاج التابعين بإجماع الصحابة في آخر عصرهم ولا شك أن التابعين ما صاروا تابعين إلا أنهم أدركوا الصحابة حينئذ بعض الصحابة احتج بعض التابعين كبار التابعين كالحسن وغيره بإجماع الصحابة مع وجود بعض الصحابة إذن لم ينقرضوا أليس كذلك؟ لو اعتبرنا شرط الانقراض لا يصح للتابعي أن يحتج بإجماع الصحابة إلا بعد موت كل الصحابة وقد وُجد من كبار التابعين من احتج بإجماع الصحابة في وجود بعض الصحابة فدل على أنه ليس بشرط واضح هذا دل على أنه ليس بشرط إذن احتجاج التابعين بإجماع الصحابة في آخر عصرهم ولم ينكره أحد فعلم أن شرط الانقراض غير معتبر الثالث الدليل الثالث أن اشتراط الانقراض يؤدي إلى تعذر الإجماع وعدم العقاب مع حجيه لو قيل يشترط الانقراض ما وقع إجماع أبدا كما سيذكره المصنف في نظمه.

القول الثاني أنه شرط مطلقا وأشار إليه بقوله وقيل مشترط شرط مطلقا يعني سواء كان سكوتيا أو صريحا قوليا وسواء كان إجماع الصحابة أو غيرهم إن أمكن وقيل مشترط وهو رواية عن أحمد الإمام أحمد وهو اختيار أيضا أبي يعلى وابن عقيل من أصحابه لأنه لو كان الاتفاق حجة قبل انقراض العصر لامتنع رجوع المجتهدين عن اجتهادهم أو المجتهد عن اجتهاده إذا ظهر له خطؤه وهذا مخالف للإجماع قالوا نقول لابد من موته لماذا لأنه قد يقول المجتهد قولا فيحصل الاتفاق عليه ثم يعيش خمسين سنة فيظهر له قول آخر غير هذا القول الذي حصل له الاتفاق مع المجمعين والإجماع منعقد على أن من ظهرت له سنة وجب اتباعها وأن يرجع عن القول الأول أليس كذلك؟ قالوا إذن لا يشترط انقراض العصر لأنه بالإجماع إذا ظهر له الخطأ أنه الذي اتفق مع غيره من العلماء أنه خطأ وجب عليه الرجوع فإذا وجب عليه الرجوع حينئذ صار مخالفا ولم يحصل الاتفاق لكن نقول الصواب أنه لا يشترط الانقراض ومنذ حصول الاتفاق صار حجة عليه وعلى غيره فلا يجوز المخالفة وما رآه بعد ذلك هذا إما أن يكون مفهوما له ونحكم عليه بأنه خطأ بالإجماع وإما أنه اعتمد على نص بالإجماع نحكم عليه أنه منسوخ إذا كان لا يحتمل التأويل إذن القول الثاني له شرط مطلقا لأنه لو كان الاتفاق حجة قبل انقراض العصر لامتنع رجوع المجتهد عن اجتهاده لظهر له خطؤه وهذا مجمع على أنه يجب الرجوع لكن نقول الإجماع على رجوعه ما لم يكن ثم دليل معارض وهنا قد عارضه إجماع آخر حينئذ الإجماع على وجوب رجوع الخطأ عن خطأه لم يتحقق في هذا المجتهد لأنه ظن أن ما أجمع عليه خطأ وظنه الثاني وظنه الثاني هو الذي نحكم عليه بأنه خطأ لا الأول فلا يجوز له أن يخالف أبدا. القول الثالث أن الانقراض شرط في إجماع الصحابة فقط وهذا اختيار الطبري رحمه الله تعالى أنه شرط في إجماع الصحابة فقط وما عداهم فلا وافق الجمهور لماذا قال دليله الوقوع حيث إنه أجمع عمر وعلي على أن أم الولد لا تباع ثم خالف علي بعد وفاة عمر صحيح خالف علي بعد وفاة عمر لكن نقول الإجماع هنا لم يتحقق أصلا اتفاق علي وعمر على المسألة ليس بإجماع بل الخلاف كان موجودا والصواب نقول هو الأول أنه لا يشترط انقراض العصر بل متى ما حصل الاتفاق ولو لحظة واحدة انعقد الإجماع وصار حجة على أهله وفي زمنه وأهل عصره وعلى وحجة على من بعده إلى أن تقوم الساعة بدليل ما ذكرناه: أولا عموم حجية أدلة الإجماع. ثانيا أن التابعين احتجوا بإجماع الصحابة في زمن الصحابة في آخر عصرهم من غير نكير ثالثا أنه يؤدي إلى تعذر الإجماع ثم انقراض عصره لم يشترط أي في انعقاده في وجوده وثبوته وحصوله وكونه حجة وقيل بل مشترط. وَلمَ ْيَجُزْ لِأَهْلِهِ أَنْ يَرْجِعُوا** إِلَّا عَلَى الثَّانِي

ولم يجز لأهله أن يرجعوا إلا على الثاني ما الذي ينبني على القولين يشترط أو لا يشترط هو ما ذكرناه أوما ذكره هنا ولم يجز لأهله أن يرجعوا إلا على الثاني ولم يعني وعلى القول الأول لأنها انقراض العصر ليس بشرط وهو قول الجمهور والأئمة الثلاثة لم يجز لأهله لأهل الإجماع أن يرجعوا عن قولهم لا يجوز لهم أن يرجعوا لماذا؟ لأن الإجماع صار حجة عليهم فهم ملزمون بمدلول الإجماع لأن دليل السمع كما قال بعضهم عام يتناول ما انقرض وما لم ينقرض ولو في لحظة واحدة مطلقا غير مقيد بانقراض العصر إلا على الثاني يعني إلا على القول الثاني فليس يمنع رجوع بعض المجتهدين عن قولهم فيجوز له أن يخالف ولا يحتج عليه بالإجماع لماذا؟ لأن الإجماع لم ينعقد أصلا واضح إلا على الثاني إلا على القول الثاني وهو كون انقراض العصر شرطا في انعقاد الإجماع فليس يمنع يعني لا يمنع رجوع بعض المجتهدين عن أقوالهم وحينئذ لا يصح أن نقول الإجماع حجة عليهم لماذا؟ لأنه لم يكن إجماع بعد هو لابد أن يموت ويبقى قوله إلا على الثاني أي إلا على القول الثاني فليس يمنع فيجوز أن يطرأ لبعضهم ما يخالف إجماعهم ونجيب بأنا نمنع رجوعه للإجماع قبله يعني لا يجوز له أن يرجع فلو أتى بقول ظن أنه هو الحق نقول قد خالفت الإجماع وليعتبر عليه هذا الإيراد الثاني على المسألة أو ما ينبني على الخلاف في المسألة. وَلْيُعْتَبَرْ عَلَيْهِ قَوْلُ مَنْ وُلِدْ**وَصَارَ مِثْلَهُمْ فَقِيهًا مُجْتَهِدْ

يعتبر عليه يعني يعترض ويهمل في القول الثاني الذي اشترط انقراض العصر وليعتبر عليه يعني على القول باشتراط انقراض أهل الإجماع قول من ولد في حياة المجمعين وتفقه وصار عالما فقيها مثلهم مجتهد .. لو اتفقوا وولد شخص ما فتفقه صار فقيها من أهل الاجتهاد فخالف ماذا يحصل؟ لا ينعقد الإجماع وعليه لا يمكن أن يوجد إجماع في الدنيا صحيح لأنه لا يمكن أن يحترز أن لا يولد شخص ولا يفقه في الدين ولا يعلم من أجل ألا ينقض الإجماع أقول لا بل إذا اتفقوا ثم ولد بعد ذلك شخص فتربى على العلم وصار من أهل العلم والاجتهاد فخالف قول المتفقين نقض الإجماع وهكذا لو وافقهم ثم ولد آخر إلى أن تقوم الساعة كلما اتفقوا ولد آخر فنقض الإجماع نقول هذا يؤدي إلى تعذر الإجماع وهذا هو الدليل الثالث لو قلنا باشتراط انقراض العصر أدى إلى تعذر وجود الإجماع ولا يمكن أن يقال بالإجماع وقد أثبتت الأدلة الشرعية حجية الإجماع ولا يمكن أن يكون حجة إلا بعد وجوده أليس كذلك؟ بل إجماع الصحابة لا يمكن أن يقع لأن كبار الصحابة لو أجمعوا ثم جاء صغار الصحابة نقضوا إجماعهم ولو أجمع كل الصحابة كبار وصغار ثم جاء كبار التابعين وصار عالم نقض إجماعهم وأتباع التابعين مع التابعين وهلم جرا فما بقي إجماع لذلك قال وليعتبر عليه يعني على القول الثاني أما على القول الصحيح فلا يقدح في إجماعهم من ولد في عصرهم ولا يجوز لهم الرجوع ويعتبر عليه قول من ولد يعني في حياة المجمعين وتفقه وصار مثلهم مثل المجمعين فقيها مجتهد هذا صحيح على لغة ربيعة أصله فقيها مجتهدا وصار مثلهم فقيها مجتهدا وقف عليها على لغة ربيعة للوزن فإن خالفهم لم ينعقد إجماعهم السابق فلهم الرجوع عن قولهم السابق قلنا هذا فاسد بل باطل ثم قال: وَيَحْصُلُ الِإجْمَاعُ بِالأَقْوَالِ**مِنْ كُلِّ أَهْلِهِ وَبِالأَفْعَالِ وَقَوْلُ بَعْضٍ حَيْثُ بَاقِيهِمْ فَعَلْ** وَبِانْتِشَارٍ مَعْ سُكُوتِهِمْ حَصَلْ

قسم لك الإجماع إلى نوعين إجماع صريح وهو قولي وإجماع سكوتي إقراري قال (وَيَحْصُلُ الِإجْمَاعُ) يحصل الإجماع ويتحقق ويوجد (بِالأَقْوَالِ) يعني بأقوال المجتهدين أن يتفق قول الجميع على الحكم بأن يقولوا بلسانهم هذا حلال فيجمعوا عليه أو هذا حرام فيجمعوا عليه لابد أن ينطقوا وهذا أعلى درجات الإجماع أن يتكلم الكل بالحكم أن ينطق الكل بالحكم فيقولوا كلهم عن بكرة أبيهم هذا حلال أو يقولوا هذا حرام فيحصل الاتفاق على الحل أو على الحرمة ومثله أن يفعل الجميع الشيء فهذا إن وجد فهو حجة قاطعة بلا خلاف أن يفعل كل العلماء ذلك الفعل كلهم يفعلونه حينئذ نقول هذا دليل على الجواز وهذا إجماع من أهل العلم على جواز هذا الفعل وإن لم ينطقوا ففي هاتين الحالتين التصريح بالقول أو الفعل فعل الجميع قالوا هذا حجة قاطعة بلا نزاع لكن أين هو من كل أهله وبالأفعال بالأقوال من كل أهله من كل أهله يعني من كل أصحابه وهم المجتهدون وبالأفعال يعني ويحصل ويصح بفعلهم هذا الذي جعل في حكم القول يعني بعضهم قال صريح وكذا وكذا ومثله يعني يوازيه ويساويه في الدرجة أن يفعلوا الفعل كلهم وبالأفعال أي ويحصل ويصح الإجماع بالأفعال يعني بأفعال المجتهدين بأن يفعلوا فعلا فيدل فعلهم على جوازه وإلا كانوا مجمعين على ضلالة يعني تصور أن كل المجتهدين يتفقوا على فعل من الأفعال ثم يكون باطلا يكون هذا اتفاق على ماذا؟ على ضلالة وهذا مردود بالنص السابق لا تجتمع أمتي يعني قولا أو فعلا لا تجتمع لا على قول ولا تجتمع على فعل هو ضلالة مثل له هذا بعضهم يقول لا يكاد أن يوجد قالوا ولا يكاد يتحقق ذلك فإن الأمة متى فعلت شيئا فلابد من متكلم بحكم ذلك هذا من باب التنزل يعني لو حصل أن العلماء اتفقوا بفعلهم على فعل من الأفعال فعلوه كلهم حينئذ نقول يدل على الجواز لكن هل هذا موجود أو لا؟ قال بعضهم هذا لا يكاد أن يتصور أبدا لأنه لا يمكن ألا يتكلم أحد بالحق حينئذ لابد من وجود الفعل ومن وجود القول ولا يكاد يتحقق ذلك فإن الأمة متى فعلت شيئا فلابد من متكلم بحكم ذلك الشيء قيل ومثال الإجماع الفعلي فقط دون القول مثلوا له بمثال وهذا أرباب الحواشي تجد عنده هذه النكات مطولا يعجزون يقول لا مثال له أما عند المحشين تجد مثل هذه الأمثلة ومثال الإجماع الفعلي إجماع الأمة على الختان فهو مشروع بالإجماع الفعلي وأما وجوبه وسنيته فمأخوذ من أقوالهم وهو أمر مختلف فيه فرق بين أن يقال مشروع وبين أن يقال واجب أو سنة واجب يستلزم أنه مشروع سنة يستلزم أنه مشروع لكن مشروع يعني جاءت به الشريعة ثم هل هو واجب أو لا؟ هذه مسألة أخرى حصل بالإجماع الفعلي ماذا؟ مشروعية الختان وأما كونه واجبا أو سنة فهذا محل نزاع لأن القولين اتفقا على أنه مشروع القول بالوجوب والقول بالسنية يدل على ماذا هذان القولان على أن الختان مشروع مما جاءت به الشريعة أن اتبع ملة إبراهيم شرع من قبلنا أيضا وقول بعض هذا النوع الثاني وهو الإجماع السكوتي. وَقَوْلُ بَعْضٍ حَيْثُ بَاقِيهِمْ فَعَلْ** وَبِانْتِشَارٍ مَعْ سُكُوتِهِمْ حَصَلْ

(وَقَوْلُ بَعْضٍ حَيْثُ بَاقِيهِمْ فَعَلْ) يعني يقول البعض قولا ثم ينتشر ولا يوجد نكير أو يفعل البعض فعلا ثم ينتشر ولا يوجد نكير مع سكوت بقية العلماء سكتوا لكن مع قدرتهم واستطاعتهم على الإنكار حينئذ قالوا هذا إجماع لكنه إجماع سكوتي إقراري يعني الاتفاق لم يحصل من الكل بالصيغة التي وقع بها القول أو الفعل فمن قال قولا وسكت كل العلماء حينئذ سكوتهم يدل على الرضا هكذا قيل فصار اتفاقا منهم وقول بعضهم أي بعض المجتهدين حيث باقيهم فعل وبانتشار يعني بانتشار ذلك القول أو انتشار ذلك الفعل مع سكوتهم سكوت من؟ سكوت الباقين من المجتهدين عنه عن ذلك القول دون إنكار أو عن ذلك الفعل من غير إنكار مع سكوتهم وقدرتهم على الإنكار حصل ذلك الإجماع السكوتي هذا هوحقيقة الإجماع أن يقول البعض بعض المجتهدين قولا فينتشر فيسكت الباقون من المجتهدين قالوا هذا إقرار من الساكتين للقائلين فحصل الإجماع أو فعل بعضهم فعلا وسكت الباقون دون إنكار ولا نكير قالوا هذا إجماع لماذا لأن الآخرين الذين لم يفعلوا وإن لم يفعلوا إلا إنهم رضوا ذلك الفعل الذي وقع من الفاعلين وعبارة الناظم هنا تدل على ماذا؟ في ظاهرها أنه لابد أن يقول البعض قول ويفعل الآخرون وليس هذا بمراد وقول بعض حيث باقيهم فعل ليس مراده أن يقول البعض والبعض الآخر يفعل ما قاله الأول لا ليس هذا المراد المراد أنه يقول البعض قولا ويسكت الباقون لأن الإجماع القول السابق يحصل بماذا؟ يحصل بالأقوال إذن قد يحصل بالأقوال من الكل صار إجماعا صريحا قوليا ولا إشكال فيه لو لم يحصل من الكل وقال البعض وسكت الباقون مع انتشارهم وقدرتهم على الإنكار قالوا الساكتون عن القول موافقون للقائلين الثاني قال ويحصل من كل أهله وبالأفعال يعني يحصل الإجماع بالأفعال أفعال الكل الكل يفعل طيب لو فعل البعض وترك البعض الآخر دون نكير على الفاعلين قالوا هذا حصل اتفاق هذا مرادهم وعبارة الناظم لا تفهم هذا الإجماع السكوتي قيل إجماع معتبر في التكاليف أي حجة قطعية في الأحكام المتعلقة بالتكاليف وأما إذا لم يكن الحكم تكليفيا لم يكن إجماعا ولا حجة اختلفوا الإجماع السكوتي هل هو إجماع وحجة أو إجماع لا حجة أو حجة ليس بإجماع؟ ثلاثة أقوال ومنهم من فرق قال في التكاليف الأحكام الشرعية العملية حلال وحرام وسنة ومكروه قالوا هذا يعتبر الإجماع السكوتي وما عدا ذلك فلا ما عدا ذلك كالمعتقد فلا يعتبر حجة ولا إجماعا تنزيلا للسكوت منزلة الرضا والموافقة يعني جعلوه إجماعا في التكاليف لأن الساكت راض عن ذلك القول ولأن الساكت راض عن ذلك الفعل وقيل حجة لا إجماع فرق بين الحجة والإجماع حجة يعني دليل يجوز له أن يخالف لا إجماع يعني ليس بقطعي بحيث لا يجوز له المخالفة قيل حجة لا إجماع أي حجة ظنية لا إجماع يمتنع مخالفته لعدم تحقق الإجماع وهو الاتفاق لكن لرجحان دلالة السكوت على الموافقة اعتبر حجة ظنية وقيل لا إجماع ولا حجة والسكوت له احتمالات وأيضا لا يُنسب لساكت قول إذن هل الساكت ينسب له قول أم لا؟ هذه محل خلاف فمن نسب لساكت قولا فحينئذ جعل سكوت بعض المجتهدين عن الإنكار جعله ماذا؟ جعله قولا فظن هذا القول مع القول الصريح

فصار إجماعا ومن لم يجعل للساكت قولا قال أولئك قالوا وهؤلاء لم يقولوا فلم يحصل حقيقة الإجماع فانتفى الإجماع ومن قال إنه حجة لا إجماع نظر إلى ماذا؟ إلى ظنية أن الساكت إنما سكت وهو راض ولم يجزم بهذا لأن الساكت يحتمل يحتمل أنه سكت برضاه ويحتمل أنه سكت خوفا لكن قلنا ماذا؟ في القيد مع سكوتهم وقدرتهم واعتراضهم وإنكارهم إذن لا يرد الاحتمال الثاني فيكون الاحتمال الأول ظنا وعليه يكون حجة ظنية لا إجماع وقول بعض حيث باقيهم فعل وبانتشار مع سكوتهم حصل إذن إذا لم ينتشر لم يحصل الإجماع السكوتي نعم إذا انتشر وكان ثم من يخيف ولم يحصل إنكار لم يكن إجماعا سكوتيا ثم الصحابي قوله عن مذهبه على الجديد فهو لا يحتج به هذا المسألة تحتاج إلى تفصيل نقف علي هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

42

عناصر الدرس * تابع لأنواع الإجماع وكيفية حصوله * هل قول الصحابة حجة؟ * الأخبار لغة واصطلاحا * أقسام الخبر وحكم كل واحد منها * أقسام الآحاد وحكم كل واحد منها * الحديث المعنعن وحكمه * ألفاظ التحمل والرواية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: عرفنا حقيقة الإجماع وأنه حجة وأنه يمكن الاطلاع عليه وخاصة في عصر الصحابة، ومن بعدهم، يعسر النظر أو في نقل الإجماع ثم ذكر بعض المسائل المتعلقة بذلك. ثم قال رحمه الله تعالى: وَيَحْصُلُ الِإجْمَاعُ بِالأَقْوَالِ** مِنْ كُلِّ أَهْلِهِ وَبِالأَفْعَالِ وَقَوْلُ بَعْضٍ حَيْثُ بَاقِيهِمْ فَعَلْ** وَبِانْتِشَارٍ مَعْ سُكُوتِهِمْ حَصَلْ

هنا هذا أراد بهذين البيتين تقسيم الإجماع إلى نوعين إجماع قولي وهو الصريح وإجماع سكوتي وهو إقراري والإجماع القولي قال فيه: أو نص عليه بقوله (وَيَحْصُلُ الِإجْمَاعُ بِالأَقْوَالِ) يعني بأقوال المجتهدين من كل أهله في حكم من الأحكام الشرعية حينئذ إذا اتفقت كلمة العلماء صراحة نطقًا لأنهم كلهم قالوا: هذا حلال نطقوا بهذا اللفظ حينئذ حصل الإجماع القولي أو قالوا: هذا حرام حينئذ يحصل الإجماع القولي إذن الإجماع القولي هو الصريح إذا قيل الإجماع الصريح مرادهم به الإجماع القولي وبعضهم يقول: الإجماع القطعي. يعبر عن هذا بالإجماع القطعي وخاصة إذا نقل بطريق التواتر، وأما إذا نقل بطريق الآحاد فهذا فيه نزاع أن يتفق قول الجميع على الحكم بأن يقولوا كلهم: هذا حلال أو يقولوا كلهم: هذا حرام. ومثله مما أشار إليه بقوله وبالأفعال مثله يعني مثل الإجماع القولي الصريح أن يفعل الجميع الشيء ف ... من حيث الفعل اتفقت كلمة العلماء على جواز لكن الكلمة هذه لم تنطق بقول وإنما علم بلسان الحال. إذن اتفقوا في الأول بلسان المقال واتفقوا في الثاني بلسان الحال وكلاهما إجماع، فهذا إن وُجِدَ فهو حجة قاطعة بلا خلاف بين العلماء إِنْ وُجِدَ هذا وتحقق الإجماع القولي بالقول من كل الفقهاء المجتهدين أو إجماع بالفعل من كل فعل العلماء والفقهاء المجتهدين حينئذ نقول: هذا حجة قاطعة بلا خلاف (وَبِالأَفْعَالِ) أي ويحصل الإجماع بالأفعال ويصح بفعلهم بأن يفعلوا فعله فيدل فعلهم على جوازه وإلا كانوا مجمعين على الضلالة: {لا تجتمع أمتي على الضلالة} لا تجتمع لا بقول ولا بفعل، لا يمكن لا يتصور أن تجتمع كلمة العلماء كلهم على قول بتحريم شيء ثم كلهم يكونوا مخطئين لأنه حينئذ يكون قد خلا العصر عن ناطق بالحق ولا يمكن أن يتصور أن يفعل الجميع فعلا يكون حرامًا لأنه حينئذ يلزم منه خلو العصر عن فاعل للحق وهذا كلاهما باطل، لكن الإجماع بالفعل قالوا: ما يكاد يتحقق ذلك لأنه فيه صعوبة فإن الأمة فيه صعوبة من جهة النقل وفيه صعوبة من جهة أخرى هي ما ذكرها بعض الشراح فإن الأمة متى فعلت شيئًا فلابد من متكلم بحكم ذلك الشيء لا بد إذا فعلوا لابد من ناطق كما أنه إذا قيل القول في زمن الصحابة ولم يكن موافقًا للحق حينئذ لابد من ناطق صحابي آخر بالحق لا بد، ولذلك استدللنا بعدم نطق البعض الآخر من الصحابة استدللنا على أحقية الناطق لأن قوله حق، لأنه لو كان باطلاً ولم يتكلم أحد من الصحابة بذلك الحق الذي هو ضد هذا الناطق حينئذ لزم منه خلو العصر عن ناطق بالحق وهذا باطل ومثلوا للإجماع الفعلي بإجماع الأمة على الختان فهو مشروع بالإجماع الفعلي وأما وجوبه وسنيته مأخوذ من أقوالهم وهذا أمر مختلف فيه.

إذن مشروعية الختان مجمع عليها وهذا بالفعل وأما كونه واجبًا أو سنة فهذا مختلف فيه، وفرق بين أن يقال الشيء مشروع وبين أن يقال واجب، إثبات المشروعية لا يستلزم الوجوب لأنه قد يكون سنة وإثبات المشروعية غير ثابت للسنية لأنه قد يكون واجب إذن فرق بينهما ثم قال: وقول بعض هذا هو النوع الثاني من أنواع الإجماع (وَقَوْلُ بَعْضٍ حَيْثُ بَاقِيهِمْ فَعَلْ) ظاهر كلام الناظم هنا وقد ذهب بعض المعاصرين إلى شرحه على ظاهره لكن ما وقفت عليه بأن يقول بعض العلماء قولاً ويسكت عن النطق آخرون، وإنما يفعلوا بموجب ذلك القول حينئذ حصل الاتفاق بماذا؟ كل العلماء قد فعلوا ونطقوا بالحق لكن بعضهم قالوا: ولم يفعلوا والآخرون فعلوا ولم يقولوا قالوا: هذا إجماع سكوتي وهذا لا شك لو حصلته إجماع سكوتي لكن ليس هذا مراد أكثر الأصوليين بل مرادهم أن يقول البعض قولاً ويسكت الآخرون أو أن يفعل البعض الفعل ويسكت الآخرون أو ويترك الآخرون هل هذا إجماع أو لا؟ هذا محل خلاف وإلا لو قال البعض وفعل الآخرون ما قاله البعض حينئذ لا إشكال أنه إجماع لماذا؟ لأنهم الأولون قالوا بلسان المقال والآخرون لم ينطقوا وإنما فعلوا ما قاله الأولون، حينئذ حصل الإجماع ولا إشكال فيه ولكن الإشكال في ماذا؟ في أن ينطق البعض بقول ثم ينتشر ولم ينطق الآخرون بذلك القول وإنما سكتوا هل السكوت علامة الرضا أو لا؟ هذا محل الخلاف (وَقَوْلُ بَعْضٍ حَيْثُ بَاقِيهِمْ فَعَلْ**وَبِانْتِشَارٍ) يعني لابد أن ينتشر ذلك القول الذي قاله بعض المجتهدين ينتشر لماذا؟ لنستدل على أن الآخرين الذين لم يقولوا قد بلغهم ذلك القول وسكتوا والسكوت علامة الرضا هكذا قيل، (وَبِانْتِشَارٍ) أيٍ لذلك القول أو لذلك الفعل (فَعَلْ) البعض ولم يفعل الآخرون لكنهم علموا بما فعله الآخرون ولم ينكروا تركوا الإنكار حينئذ هل هذا اتفاق أم لا هل هذا إجماع أم لا (وَبِانْتِشَارٍ) أي بانتشار ذلك القول أو الفعل (مَعْ سُكُوتِهِمْ) يعني سكوت الباقين لم ينكروا مع قدرتهم واعترافهم واستطاعتهم وعلمهم لم ينكروا (مَعْ سُكُوتِهِمْ حَصَلْ) هذا هو الإجماع السكوتي أن يقول البعض قولاً ويسكت الآخرون أن يفعل البعض فعلاً ولا يفعل الآخرون هذا هو إجماع أو لا فيه خلاف على ثلاثة أقوال: قيل بالتفصيل إجماع في التكاليف إن كان الحكم المجمع عليه إن كان الحكم الذي قال ونطق به البعض ولم ينطق به البعض الآخر إن كان في التكاليف فهو إجماع حجة قطعية في الأحكام المتعلقة بالتكليف وإذا لم يكن الحكم تكليفيًا لم يكن إجماعًا ولا حجة تفريق بين الحكم التكليفي وبين غيره.

إذن المسائل العقدية على هذا القول لا يحتج بالإجماع السكوتي هو تسميته إجماع سكوتي مع الخلاف فيه، هذا من باب الاصطلاح فقط ليميز عن غيره فيقال هو إجماع وإلا لو ثبت أنه إجماع سكوتي وحكمنا عليه بأنه إجماع المراد به إجماع الأصوليين فحينئذ لا يمكن أن يقع فيه خلاف ولكن هذا من باب التنزل نقول: إجماع من أجل أن تتضح المسألة فقط. حينئذ يعرف محل الخلاف والنزاع إذن القول الأول التفصيل إن كان المجمع عليه سكوتيًا حكما تكليفيًا فهو إجماع وحجة قاطعة فلا يجوز حينئذ مخالفتها وإن لم يكن كذلك فحينئذ لا يعد إجماعًا ولا حجة لماذا اعتبروه في الأحكام التكليفية إجماعًا ولم يعتبروه في الآخر؟ قالوا: لأن السكوت هذا محتمل السكوت محتمِل يحتمل الرضا ويحتمل عدم الرضا من باب الإحسان بالعلماء أنهم لم يسكتوا مع علمهم وعدم إنكارهم قال إحسانًا أو إحسان الظن فيهم ننزل هذا السكوت منزلة الرضا فقالوا هو في الأحكام التكليفية لا بأس من اعتباره أما في العقائد فلا لابد من الجزم القول الآخر قالوا: حجة لا إجماع وذكرنا أن المراد بالحجة أنه ماذا؟ دليل وإذا كان حجة لا إجماع حينئذ يصح مخالفته لا إجماع لماذا؟ لأنه لم يحصل الاتفاق وإذا لم يحصل الاتفاق الذي هو حقيقة الإجماع حينئذ انتفى الإجماع ولذلك أول ما يُصدر به الحد حد الإجماع اتفاق مجتهدي أين الاتفاق هنا لم يحصل إنما نطق البعض ولم ينطق الآخرون وفعل البعض ولم يفعل الآخرون فلم يحصل حقيقة الإجماع ثم السكوت هذا له احتمالات ومع الاحتمال لا يمكن إثبات حكم شرعي قيل حجة لا إجماع أي حجة ظنية لا قطعية لأن الحجة القطعية ملازمة للإجماع لا تجوز مخالفتها كالإجماع أما الحجة الظنية فيمكن مخالفتها لا إجماع يمتنع مخالفته لماذا لعدم تحقق الإجماع وهو الاتفاق إذا كان ليس بإجماع لماذا اعتبرتموه حجة؟ قالوا: لرجحان دلالة السكوت على الموافقة اعتُبر حجة ظنية إحسان الظن أليس كذلك؟ لرجحان احتمال موافقة هؤلاء العلماء الساكتين لأن الأصل كيف يجمع كيف يسكت مائة عالم عن إنكار منكر قد فعله أو قاله عشرة من العلماء؟! هذا بعيد في الظن هكذا من باب التحصيل هذا بعيد فحينئذ قالوا: تنزيلاً لرجحان دلالة السكوت على الموافقة اعتبر حجة لكن ليست حجة قطعية بها يصير إجماعًا بل حجة ظنية هذا هو القول الثاني. والقول الثالث قيل: لا إجماع ولا حجة. وهذا لو قيل به في غير زمن الصحابة لكان قولاً جيدًا أنه لا يعتبر إجماعًا ولا حجة والسكوت له احتمالات وأيضًا لا ينسب لساكت قول سبب الخلاف بينهم هو السكوت سكوت العلماء هل يعتبر رضا بالحاصل من قول أو فعل أو لا؟ هل يدل على الرضا أو على خلافه؟ فمن رجح الرضا بأنهم راضون ولم يجزم به جعله حجة ظنية من رجح السكوت أنه دليل الرضا لكنه لم يجزم به وإنما ظن من باب تحسين الظن بالعلماء حينئذ قال: هو حجة ظنية ومن جزم به اعتبره حجة قطعية ومن رجح المخالفة قال لا يدل حينئذ جعله ماذا؟ لا حجة ولا إجماع إذا قلنا السكوت يحتمل ماذا؟ الرضا وعدمه، إذا رجحنا عدم الرضا هل يكون حجة وإجماع؟ لا يكون حجة ولا إجماع.

إذن ماذا بقي؟ ترجيح الرضا، إما على جهة الجزم والقطع بأن تدل قرائن شيخ الإسلام يقول: قد تدل القرائن على أن على الجزم بالموافقة فإن دلت القرائن يقول: فهو حجة وإجماع قاطع لا تجوز مخالفته هذا متى؟ إذا رجحنا جانب الرضا ترجيحًا جازمًا بالقرائن والسياق، وإن رجحنا جانب الرضا ولكنه ليس على جهة الجزم فهذا يعتبر حجة ظنية، وهذا التفصيل تفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى أن النظر إلى السكوت وسبب الخلاف هو السكوت هل هو يحتمل الرضا وعدمه؟ يحتمل أنهم راضون ويحتمل أنهم ليسوا براضين، فإذا رجحنا الثاني عدم الرضا ليس بحجة ولا إجماع لا يمكن أن يعتبر، وإذا رجحنا الرضا إما أن نرجحه على جهة الجزم بقرائن والسياق فحينئذ يعتبر إجماعًا وحجة قاطعة لا تجوز مخالفته، وإن رجحناه لا على جهة الجزم لم نقطع وإنما غلب الظن أن كل العلماء قد رضوا واتفقوا على هذا من جهة السكوت حينئذ يعتبر حجة ظنية لا إجماعًا هذا ما يقال في الإجماع السكوتي. ثم قال: ثُمَّ الصَّحَابِي قَولُهُ عَنْ مَذْهَبِهْ**عَلَى الْجَدِيدِ فَهْوَ لَايُحْتَجُّ بِهْ وَفِي الْقَدِيمِ حُجَّةٌ لِمَا وَرَدْ** فِي حَقِّهِمْ وَضَعَّفُوهُ فَلْيُرَدْ

هذا من المسائل التي اختلف فيها الأصوليون قد انتهى من الإجماع ولكن هذا له علاقة بالإجماع السكوتي قول الصحابي هل هو حجة أم لا؟ هل يحتج به في إثبات الأحكام الشرعية أم لا؟ هذه مسألة اختلافية بين أهل العلم من رجح أنه حجة حينئذ يجعله أصلاً فالكتاب والسنة والإجماع والقياس فهو أصل لاستنباط الأحكام الشرعية فيكون قول الصحابي حينئذ تثبت به الأحكام الشرعية فتقول: هذا حلال لماذا؟ ابن عباس أفتى به، هذا حرام لأن ابن عمر أفتى به، كما تقول: هذا حلال لقوله جل وعلا كذا لأنه صار مصدراً من مصادر التشريع وإن لم يكن مصدرًا مستقلاً كالإجماع والقياس بل وبعض السنة نقول: قول الصحابي مسألة تحتاج إلى تحرير محل النزاع قول الصحابي ولا مجال فيه للرأي والاجتهاد له حكم الرفع إذا قال الصحابي قولاً ولم يقل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ ننظر في هذا المقول وهذا المتن إن كان لا للرأي فيه مجال ولا يحتمل الاجتهاد كأن يخبر عن الغيبيات كما قال ابن مسعود:] يؤتى يوم القيامة بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام [. هذا ما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هكذا: يؤتى بجهنم يوم القيامة إلى آخر الحديث. هذا هل العقل يثبت تفصيل ما سيقع يوم القيامة لا إذن هذا غيب محض حينئذ لا يمكن أن يقول ابن مسعود ذلك القول من قبل نفسه ورأيه واجتهاده لأنه يعتبر من باب التقول على الله بغير علم {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [سورة الإسراء:36] حينئذ صار هذا منه حينئذ نقول: هذا له حكم الرفع، هذا القول، هذا الحديث، هذا الأثر له حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بجهنم .. الحديث، هذا متى؟ إذا لم يكن للرأي فيه مجال، قيده أهل العلم بأن لم يُعرف الصحابي بالأخذ عن الإسرائيليات، فإن عُرِفَ بذلك فحينئذ يتوقف في أمره ولا يحكم له بالرفع هذا الأمر الأول قول الصحابي فيما لا مجال فيه للرأي والاجتهاد له حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهل يحتج به حينئذ؟ نقول: نعم. يحتج به في العمل بمقتضاه مطلقًا سواء كان في باب المعتقد وفي باب العمل يعني في العمليات وفي العلميات بشرط ألا ألا يعرف عن الصحابي بالأخذ عن الإسرائيليات الأمر الثاني إذا اختلف الصحابة فيما بينهم لم يكن قول بعضهم حجة على بعض ولم يجز للمجتهد بعدهم أن يقلد واحدًا منهم لا يجوز للمجتهد بعد الصحابة من كبار التابعين إلى يومنا هذا إلى أن تقوم الساعة لا يجوز إذا اختلف الصحابة أن يقلد واحدًا منهم بل لابد من النظر في أقوالهم والاختيار منها بحسب الدليل فينظر في أقوالهم وما استدلوا به إن نقل ذلك ويرجح بين تلك الأقوال بأقربهم موافقة للدليل حينئذ يكون الدليل هو المحكَّم وليس قول الصحابي هو المحكم ولا يجوز الخروج عنها يعني إذا اختلف الصحابة في مسألة على قولين لا يجوز إحداث قول ثالث مباين لهذين القولين لماذا؟ لأنه إذا كان الحق في القول الثالث فقد خلا ذلك العصر المزكى عن قائل بالحق فإذا قيل: هذا حرام. وقال آخر: هذا مكروه. ثم جاء ثالث وقال: هذا مستحب.

نقول: هذا القول الثالث باطل لماذا؟ لأنه يلزم منه أنه لم يقل به أحد في ذلك الزمن فخلا ذلك الزمن عن ناطق بالحق وهو باطل لا بد في كل عصر أن يكون ثم ناطق بالحق. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: وإن تنازعوا في الكلام على الصحابة وإن تنازعوا رُد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول ولم يكن قول بعضهم حجة مع مخالفة بعضهم له باتفاق العلماء. إذن هذا التفصيل يحكي ابن تيمية رحمه الله اتفاق العلماء أنه إذا اختلف الصحابة حينئذ لا يجوز تقليد واحد منهم بل لا بد رد ما اختلفوا فيه إلى الكتاب والسنة {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [سورة النساء:59] وهذا يشمل زمن الصحابة ومن بعدهم حينئذ لا إنكار قد يقول كيف هذا الكلام في شأن الصحابة الأمر الثالث إذا قال الصحابي قولاً واشتهر ذلك القول ولم يخالفه أحد من الصحابة صار إجماعًا وحجة عند جماهير العلماء متى هذا إذا قال الصحابي قولاً واشتهر ولم يُعلم مخالف له صار حجة وإجماعًا لأنه إجماع سكوتي. قول الصحابي: إذا اشتهر ولم يخالفه أحد من الصحابة صار إجماعًا وحجة عند جماهير العلماء.

قال ابن تيمية رحمه الله: وأما أقوال الصحابة فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء هذا قول من ابن تيمية رحمه الله تعالى وأما أقوال الصحابة فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء هذه ثلاثة أحوال لأقوال الصحابة إن كان لا مجال للرأي فيه وعرفنا حكمه إن اختلفوا فيما بينهم عرفنا حكمه الثالث إن قال واحد منهم أو اثنان قولاً فانتشر ولم ينكر فهو حجة وإجماع يعتبر إجماعا سكوتيًا قول الصحابي فيما عدا ذلك وهو إذا لم يخالفه أحد من الصحابة ولم يشتهر بينهم أو جهل ذلك هل اشتهر أو لا؟ لا ندري قد نعلم أنه اشتهر وقد نعلم أنه لم يشتهر وقد نجهل أنه اشتهر أو لا فإن علمنا أنه اشتهر ولم ينكر فهو داخل في النوع الثالث وهنا ولم يشتهر أو جهل أخرجنا النوع الأول وهو فيما إذا اشتهر وكان للرأي فيه مجال يحتمل أنه من باب الاجتهاد ليس من باب القطع لأنه منفي عنه الاجتهاد هذا محل خلاف بين أهل العلم وهو الذي أراده الناظم هنا فهذا القول الذي لم يخالفه أحد من الصحابة وقول الصحابي الذي لم يخالفه أحد من الصحابة ولم يشتهر بينهم أو جهل ذلك وكان للرأي فيه مجال فقول الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء أنه حجة خلافًا للمتكلمين هذا قول ابن تيمية أيضًا رحمه الله وابن القيم أنه قول الأئمة الأربعة وما نسب إلى الشافعي بأنه ليس بحجة ابن القيم يقول: لا يثبت عنه رحمه الله تعالى كما سيذكره الناظم هنا ويزاد على ما ذكر من الشروط ألا يخالف نصًّا هكذا قال أهل العلم ولكن هذا لا يتصور أن يكون الصحابي قال قولاً ويخالف نصًّا ثم لا ينكَر فإن وجد فحينئذ يكون هذا القول إما أنه له حكم الرفع وإما أنه لا يثبت عن الصحابة أن يقول الصحابي قولاً ثم يخالفه نصًّا وهذا يذكره بعض الأصوليين أنه يعتبر حجة ممن قال بحجيته بشرط ألا يخالف نصًّا فكيف يتصور أن زمن الصحابة ينطق واحد منهم بقول مخالف للنص ولم ينكر، هذا باطل وبعيد لأنه يلزم منه أن يكون الناطق بالخطأ ولم يكن ثم ناطق بالحق في ذلك الزمن ويزاد على ما ذكر أن لا يخالف نصًّا وأن لا يكون معارضا بالقياس لأنه لا يعارض هذا القول قول الصحابي الذي وجدت فيه الشروط السابقة أن لا يكون معارضا للقياس أو معارضًا بالقياس وما خالف القياس فإن وجد من أقوال الصحابة أو قول الصحابي ولم مع بقية الشروط وخالف القياس فالأكثر على أنه له حكم الرفع موقوف على أنه له حكم الرفع حينئذ يكون موقوفًا يكون مرفوعًا حكمًا إذ لا يمكن أن يخالف الصحابي القياس برأيه لا يمكن أن يخالف القياس الصحيح بهذا القيد برأيه وعند هؤلاء قول الصحابي مقدم على القياس يكون من باب ترجيح نص على نص ولذلك سبق هذا في القواعد أنه مقدم على من قال إنه حجة مقدم على القياس يعني إذا خالف القياس أما إذا وافق القياس فهما دليلان وأما إذا خالف القياس فقول الصحابي مقدم على القياس وهل يخص به العموم قلنا: الأصح لا، لا يخص به العموم ولا يقيد به المطلق وعند هؤلاء قول الصحابي مقدم على القياس بأنه نص والنص مقدم على وذهب بعضهم إذا خالف قول الصحابي القياس لا يكون حجة لأنه خالف دليلا شرعيا فسقط حينئذ

الاعتبار قول الصحابي إذن إن خالف قول الصحابي القياس الصحيح ففيه قولان قول أنه حجة كذلك وأنه مقدم على القياس وقول آخر أن القياس مقدم عليه لأنه دليل شرعي وقول الصحابي لا يكون حجة إلا عند عدم المعارض إذن عرفنا أن الحالة الرابعة لقول الصحابي وذلك فيما إذا اشتهر ولم يخالفه أحد من الصحابة صار إجماعا وحجة عند جماهير العلماء حكينا فيه قول ابن تيمية رحمه الله تعالى وهذا هو الأصح أنه يعتبر حجة واستدلوا على حجيته بما ورد في الكتاب والسنة من الثناء على الصحابة وتزكيتهم وتعديلهم وهذا كثير وكثير في الكتاب وفي السنة ومنه قوله جل وعلا: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [سورة التوبة:100] قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ". وغير ذلك من النصوص الدالة على ماذا؟ على تزكيتهم وتعديلهم ومدحهم والثناء عليهم وأيضًا لو نظرنا من حيث النظر أن الصحابة أولى من يُقتَدى بهم من حيث الأقوال والأحكام الشرعية لأنهم أهل النظر ولأنهم استجمعوا شروط المجتهدين ولأنهم كفوا مؤونة ما اشتغل به المتأخرون من النظر في الإسناد والنظر في اللغة والبحث عن قواعد أصول الفقه ونحو ذلك فقد كفوا المؤونة في ذلك وهم أهلها وأصحابها وهم منبعها ومنهم تؤخذ حينئذ كانوا أقرب إلى القول الصواب وأقرب إلى الحق والتعلق بأقوالهم أولى وأحرى قال رحمه الله تعالى: (ثُمَّ الصَّحَابِي) الصحابي بإسكان الياء للوزن ثم الصحابي هذا الأصل خففت الياء للوزن والصحابي معلوم أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك. حد الصحابي مسلما لاقى الرسول**وإن بلا رواية عنه وطول ثم الصحابة قوله قول الصحابي المجتهد الواحد عن مذهبه عن رأيه يعني عن قوله عن ما اختاره لنفسه إذا كان عالِمًا وأهلاً للاختيار، وهذا زاده البعض وهو أولى لأنه إذا قيل كل صحابي قوله يعتبر حجة المراد به من نقلت أقوالهم وهذا القيد الذي زاده البعض لأنه إذا كان عالما هذا هو الأصل لكن هل نُقل قول غير العالم وجعل مناط للفقهاء؟ هذا لا يكاد أن يكون له مثال فإذا أتى أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم لحظة واحدة وسأله ثم ذهب فنقل قول عن هذا الأعرابي هل يعتبر حجة أو لا؟ هذا لا يعتبر حجة لا إشكال لكن هل له مثال هذا عزيز وإنما الكلام في أقوال الصحابة العالمين المجتهدين. (ثُمَّ الصَّحَابِي قَولُهُ عَنْ مَذْهَبِهْ) أي قول المجتهد الواحد الصحابي إذا كان عالما. هو قوله عن مذهب نفسه**فليس بحجة على غيره

لذلك قال عن مذهبه والمذهب مفعل اسم مكان للذهاب ما يذهب إليه يقال مذهب المذهب هذا مفعل إما اسم مكان أو مصدر ميمي أو اسم زمان ولا يرد هنا اسم زمان إما مكان بمعنى مجازي وإما المصدر الميمي من الذهاب حينئذ يكون عن مذهب أي ما ذهب إليه وسار في تجاه ذلك القول (عَلَى الْجَدِيدِ) ماذا الجديد؟ أي قول الشافعي الجديد المذهب الجديد عنده مذهبان جديد وقديم عليه رحمة الله على الجديد يعني على القول الجديد أو على المذهب الجديد من قولي الشافعي الإمام الشافعي وهو مذهبه في مصر ومذهبه في العراق هذا قبل دخول مصر يسمى المذهب القديم لأنه رجع عن كثير من أقواله على الجديد يعني على مذهبه أو قوله الجديد فهو أي قول الصحابي لا يحتج به الآن ليس بحجة لأنه قال عن مذهبه فهو يعبر عن رأي نفسه حينئذ لا يكون ملزما لغيره من الصحابة ولا لمن بعدهم من التابعين ولا من بعدهم لا يحتج به إذ لا دليل على كونه حجة فوجب تركه إذ إثبات الحكم بلا دليل لا يجوز إذن قول الشافعي رحمه الله بأن مذهب الصحابي على القول الجديد مذهب الجديد الذي هو في مصر أنه لا يحتج به بناء على أنه لم يثبت دليل شرعي على كونه حجة وحينئذ إذا لم يثبت فحينئذ لا يثبت بذلك الأصل أصل أليس كذلك؟ أو لا يثبت بذلك الأصل الذي يقوله الصحابي فرع إذ لا حكم إلا بدليل شرعي وليس ثم حكم ليس ثم دليل شرعي يدل على صحة الاحتجاج بقول الصحابي. ثُمَّ الصَّحَابِي قَولُهُ عَنْ مَذْهَبِهْ** عَلَى الْجَدِيدِ

فهو أي قول الصحابي لا يحتج به إذ لا دليل على كونه حجة فوجب تركه إذ إثبات الحكم بلا دليل لا يجوز (وَفِي الْقَدِيمِ) أو المذهب القديم وهو ما كان عليه في العراق عليه رحمة الله حجة شرعية والثاني عنده ناسخ للأول عند الشافعي لذلك قدمه فالمرجح عنده أنه لا يحتج به لأنه هو الجديد والأول قديم والثاني ناسخ للأول لأنه رجع عنه عنده وابن القيم يقول لا يثبت رجوع الشافعي عن قوله بل هو حجة ولذلك حكى ابن تيمية أنه حجة على قول الأئمة الأربعة وذكر منهم الشافعي عليه رحمة الله وفي القديم حجة شرعية وهو كونه حجة هذا قول جمهور أهل الحديث وهو المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله قول جمهور أهل الحديث وهو الذي حكاه شيخ الإسلام عن جماهير العلماء وشيخ الإسلام دائما من طريقته أنه لا يعتبر هذا أقوله من عند نفسي أنه لا يعتبر أتباع المذاهب بل من الأئمة وما قبلهم فإذا قال عن جماهير العلماء فحينئذ يبدأ من أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وما قبلهم ولا يلتفت إلى المخالفين ولذلك قد يكون مذهب أبي حنيفة كذا والمفتى به خلافه لأنه يرجع إلى أقوال أبي حنيفة نفسه ولا يرجع إلى ما يفهمه المتأخرون حتى في مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى ولذلك ابن القيم في مسألة الطلاق الثلاث حاول وجاهد في زاد المعاد أن يجعل قول شيخ الإسلام ابن تيمية قولاً في المذهب يقول: هو أولى من كثير من أرباب المذهب لأنه لا ليس في المذهب القول بأن من طلق ثلاث لا يقع وإنما قولاً واحدًا في مذهب الإمام أحمد أنه ماذا؟ أنه يقع ثلاث ولم يقل أحد من أرباب المذهب أنه لا يقع إلا واحدًا أو أنه طلاق بدعي ونحو ذلك، ابن القيم جعل قول شيخ الإسلام قولاً في المذهب فحكى في المذهب قولين ورجح قول شيخه رحمه الله تعالى وفي القديم حجة أي شرعية وهو قول جمهور أهل الحديث وهو المشهور عن الإمام أحمد لِمَا وَرَدْ** فِي حَقِّهِمْ) إذن حجة لماذا؟ لِمَا ورد في شأنهم من الثناء من الرب جل وعلا ومن الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه اختار تارة الأصح ما يمكن أن يروى وذكر أضعف ما يمكن أن يروى في هذا المقام وهو مرادهم به في حقه الذي هو: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ". هكذا يذكرونه عنهم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم فحينئذ صار ماذا؟ صار قوله حجة لكن هذا حديث ضعيف قال: وضعفوه. بل قال بعضهم: وضعوه. يعني حكموا عليه بأنه ضعيف أو أنه موضوع هو ضعيف جدًا بل قال في ظني أن الشيخ الألباني حكم بوضعه في الضعيفة وضعفوه فليرد أي فليرد ذلك الحديث الضعيف وما بُني عليه إذا كان القول القديم بأنه حجة مبني على هذا الحديث فإذا كان الحديث أصلاً لذلك القول والحديث ضعيف فيرد حينئذ القول المبني على ذلك الحديث واضح هذا حينئذ للشافعي قولان منسوبان إليه عند أصحابه أتباعه وذكرت لكم أن ابن القيم رحمه الله وشيخ الإسلام لا يسلمان بأن الشافعي لا يرى أنه ليس بحجة بل القول القديم وهو الأصح وهو المقدم عندهم ثم قال رحمه الله: بَابُ الأَخْبَارِ

وحكمها بعد أن انتهى من الإجماع وما يتعلق به الأصل في هذه المسألة التي ذكرها الأخيرة أنها تفرد ببحث خاص وهو هل قول الصحابي حجة أو لا؟ من الأصول المختلف فيها شرع من قبلنا والاستحسان والمصلحة المرسلة ومنها قول الصحابي هل هو حجة أم لا؟ ولكن هنا لمناسبة الإجماع السكوتي ذكرها ولأنها مهمة ومما يحتاجه طالب العلم المبتدئ لأنه ذكر في هذا النظم كأصله أهم ما يحتاجه طالب العلم في أصول الفقه ما عليه الجمهور وما عليه أو ما كان أشهر المسائل وهذا الضابط في المتون المختصرات أنها تشتمل على أشهر المسائل في ذلك الفن لو نظرت إلى الآجرومية وجدت أنها أشهر المسائل التي يحتاجها الطالب ويكثر وقوعها هي ما ذكره في ذلك النظم وكذلك الورقات وكذلك الرحبية وكذلك البرهانية كل المتون المختصرة تشتمل على أهم وجمهور وجماهير مسائل ذلك الفن مما يحتاجه ويتردد بكثرة في كل الفنون ولذلك كانت العناية بها أولى يجب أن يقدمها طالب العلم على غيرها ولذلك الذي يبدأ بالمطولات غالبا يتشتت ثم بعد أن يسبح كثير في المطولات يرجع إلى الآجرومية والورقات (بَابُ الأَخْبَارِ) وحكمها أي هذا حكم بيان الأخبار وحكمها وهذا الأصل أنه يذكر تبعا للسنة ولكن فصله الناظم هنا بفصل خاص تبعا للأصل وإلا الأصل أن يقال باب الأفعال (بَابُ الأَخْبَارِ) وحكمها كلها داخلة في كتاب السنة لأن السنة تنقل إما من طريق التواتر وإما عن طريق الآحاد، وأهم ما ذكره في هذا الباب هذين النوعين (بَابُ الأَخْبَارِ) وحكمها باب بيان حقيقة الأخبار أي هذا باب الأخبار بفتح الهمزة جمع خبر وهو قول مخصوص كما سيذكره الناظم والخبر اللفظ المفيد المحتمل صدقًا وكذبًا يعني ما احتمل صدقًا وكذبًا لذاته وهذا خبر مخصوص ليس كل خبر وإنما خبر مخصوص قول قول ليس خبر قول مخصوص لأنه بعض القول القول جنس يشمل الإنشاء ويشمل الخبر ويشمل الكلمة ويشمل المركب الإضافي ويشمل ويشمل .. إلى آخره، فكل لفظ دال على معنى هو قول فهو أخص مطلقًا من اللفظ فكل قول لفظ ولا عكس، والخبر نوع من أنواع القول لذلك نقول الخبر هو قول مخصوص ثم يأتي حد وبيان هذا القول المخصوص على ذكر الإجماع السكوتي بالأمس بعضهم قال: إجماع لا حجة هذا سبق لسان إجماع وليس بحجة هذا لا يمكن أن يقال به لكنه من باب سبق اللسان وإلا لو كان إجماعًا لزم أن يكون حجة وحكمها أي وما يتعلق بها من جهة القبول وإفادتها العلم وإفادتها وجوب العمل وحكمها يقصد بها ما يترتب على التواتر من إفادة العلم ووجوب والقطع به ووجوب العمل وما يترتب على الآحاد على ما اختاره الناظم من وجوب العمل لا العلم. قال رحمه الله: وَالْخَبَرُ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ الْمُحْتَمِلْ** صِدْقًا وَكِذْبًا

والخبر هو واحد الأخبار لأنه ذكره جمعًا ثم أفرده لأنه لا يمكن ولا يتصور أن تحد الأخبار وإنما الذي يحد الخبر لماذا؟ لأن الأخبار جمع والجمع آحاد وأفراد والأفراد لا وجود لها في الذهن وإنما وجودها خارجي والخبر واحد مفهومه شيء معين واحد وهذا وجوده بالذهن لا في الخارج واضح فحينئذ لا بد من إذا شيء إذا ذكر جمعًا فأراد أن يعرفه فلا بد أن يأتي بمفرده لو قال كلمات ثم يجب عليه أن يقول والكلمة قول مفرد ولا يصح أن يقال والكلمات قول مفرد لأن قول المفرد هذا وجوده ذهني لا وجود له في الخارج لأنه حد وحقيقة الحد وجودها ذهني لأنها من قبيل الكليات الذهنية هذه وجودها في الذهن وأما الأفراد هي التي توجد في الخارج والذي يقبل الجمع هو الأفراد التي وجدت في خارج الذهن ولذلك قال الخبر هو اللفظ المفيد هذا حد ماذا؟ حد الكلام كلامنا لفظ مفيد كاستقم إن الكلام عندنا فلتستمع**لفظ مركب مفيد قد وضع لفظ مركب اللفظ المفيد هو حقيقة الكلام إذن اللفظ المفيد لماذا أخذه جنسا في حد الخبر لأن الخبر نوع من أنواع الكلام فناسب أن يأخذ الأعم وهذه القاعدة دائما في باب الحدود أن يؤتى بالجنس والجنس يكون أعم من المحدود تقول الكلمة قول مفرد القول أعم من الكلمة الكلام هو اللفظ المركب الكلام اللفظ ما العلاقة بين الكلام واللفظ العموم والخصوص المطلق فيكون اللفظ أعم مطلقا من الكلام كذلك الخبر هو اللفظ المفيد وأراد به المركب الكلامي المركب التركيبي المركب الكلامي حينئذ لزم أن يكون أعم من المحدود إذ الخبر نوع من نوعي الكلام لأن الكلام ينقسم عند أرباب البيان إلى قسمين خبر وإنشاء ولا ثالث لهما. محتمل للصدق والكذب الخبر**وغيره الإنشاء ولا ثالث قر يعني استقر القول على هذا قر بمعنى استقر هنا حينئذ نقول القسمة ثنائية الخبر هو اللفظ المفيد اللفظ المفيد هذا هو حد الكلام وشرحناه في موضعه اللفظ المفيد هذا يشمل نوعي الكلام اللفظ المفيد كأنه قال الخبر هو الكلام المحتمل الكلام جنس واللفظ المفيد جنس فحينئذ جعل هذا اللفظ المركب مركب توصيفي هذا اللفظ المفيد مركب توصيفي جعل كالجنس في الحد فشمل نوعي الكلام لأنه هو حقيقة مفهوم الكلام فدخل فيه الخبر ودخل فيه الإنشاء أراد أن يُخرج الإنشاء فقال: الْمُحْتَمِلْ** صِدْقًا وَكِذْبًا ما احتمل الصدق والكذب هذا هو حقيقة الخبر وهو نوع من الكلام فقوله محتمل صدقا وكذبا أخرج الإنشاء لأن الإنشاء لا يحتمل الصدق ولا الكذب لماذا لأنه شيء لم يقع والذي وقع هو الذي يحتمل الصدق والكذب ومرادهم بالصدق مطابقة الواقع وهذا وهذا أقوله كله الكلام باختصار لأنه شرح في أو سيشرح في الجوهر المكنون المقصود بالصدق مطابقة الواقع وبالكذب عدم مطابقة الواقع والذي يطابق الواقع هي النسبة المفهومة من الكلام النسبة الكلامية قام زيد ثبوت قيام زيد هل طابق الواقع بالفعل بأن زيدا قد قام؟ فيقال إن طابق حينئذ تقول هذا الكلام صدق وإن لم يطابق حينئذ تقول هذا الكلام كذب لأنه لم يطابق الواقع هذا مرادهم بالصدق والكذب تطابق الواقع صدق الخبر**وكذبه عدمه في الأشهر

عرفنا الآن الصدق والكذب لابد من زيادة قيد يتركه كثير من البلاغيين وهو لذاته وهذا لذاته للإدخال والإخراج لأن الكلام بالاستقراء يحتمل ثلاثة أنواع ما يقطع بصدقه ما يقطع بكذبه ما يحتمل النوعين الصدق والكذب فإذا قلنا الخبر هو ما احتمل الصدق والكذب فقط إذن ما احتمل الصدق والكذب على السواء يحتمل أنه صادق ويحتمل أنه كاذب إذن ما قطع بصدقه ليس بداخل ما قطع بكذبه ليس بداخل وهي أخبار حينئذ لابد من إدخالها لأن ما قطع بصدقه كخبر الله جل وعلا وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم نقول هذا مقطوع بصدقه لكن من حيث المتكلم {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)} [سورة النساء:122]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)} [سورة النساء:87] نقول بالنظر إلى كون هذا الكلام منسوبًا إلى كلام الرب جل وعلا لا يحتمل إلا الصدق وأما لذاته من حيث هو هو فهو يحتمل الصدق والكذب وكذلك كلام النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار كونه الصادق المصدوق نبي لا يكذب ومعصوم عن ذلك نقول هذا الكلام لا يحتمل إلا الصدق لكن من حيث هو بقطع النظر عن قائله تقول هذا الخبر {إنما الأعمال بالنيات} يحتمل الصدق والكذب فإذا قلت هذا كلام رسول الله قلت لا يحتمل إلا الصدق إذا نسبته إلى قائله وهو معصوم عن الكذب قطعت بصدق الكلام وإذا نظرت إليه دون قائله قلت يحتمل الصدق والكذب قول مسيلمة أنه نبي مقطوع بكذبه قطعا لماذا؟ {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [سورة الأحزاب:40] إذن لدليل خارجي لكن لو نظرت إليه أنا نبي يوحى إلي هكذا دون أي دليل آخر يحتمل أو لا يحتمل؟ يحتمل لكن لو نظرت أنه قاله بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأن النبوة قد ختمت حينئذ تقول: هذا كذاب هذا يكذب وتقطع بكونه كاذب وإلا صار إيمانك في إذن صدقًا وكذبًا يقال صدق وكذب كذب وكذب ولكن يناسب إذا قيل صدق أن يقال كذب ولا يقال كذب هذا مناسب أحسن لذاته، لذاته للإدخال والإخراج دخل ما قطع بكذبه وما قطع بصدقه والأخبار المعلومة الصدق من جهة العقل فالواحد نصف الاثنين هذا مقطوع بصدقه لأنه من المعلوم بالضرورة عقلا ودخل كذلك المعلوم بالعقل كذبه كالواحد نصف الأربعة هذا صدق أو كذب واحد نصف العشرة صِدق؟ المحتمل صدقًا وكذبًا المحتمل صدقًا وكذبًا نزيد عليه فدخل ما ذكرناه ما قطع بكذبه وما قطع بصدقه والأخبار المعلوم صدقها بضرورة العقل والمعلوم كذبها بضرورة العقل وخرج به ما احتمله لا لذاته احتمل الصدق والكذب لكن لا لذاته بل لأمر خارج اسقني ماءا هذا إنشاء أليس كذلك؟ اسقني ماءا هل يحتمل الصدق والكذب لا يحتمل لذاته اسقني أمر هذا سيوجد بعد وما كان معدومًا سيقع في المستقبل هذا لا يحتمل الصدق ولا يحتمل الكذب حينئذ قالوا هذا لا يحتمله من حيث ذاته وإنما هو في قوة الخبر فيحتمله من حيث اللازم اسقني ماءً أنا أطلب منك ماءً للسقيا أليس كذلك؟ أنا أطلب منك ماءً للسقيا هذا يحتمل الصدق أو لا؟ يحتمل الصدق والكذب لكن اسقني ماءً في قوة الخبر من حيث كونه في قوة الخبر ولازمه خبر يحتمل الصدق والكذب لكن ليس بخبر وإنما نريد ما احتمل الصدق والخبر لذاته لا للازمه فقوله لذاته أخرج ما احتمله للازمه حيث موسع كما سيأتي في

الجوهر المكنون والخبر اللفظ المفيد المحتمل صدقًا وكذبًا فهو محتمل لهما لا أنهما يدخلانه جميعًا في نفس الوقت؟ لا. وإنما إن ترجح الصدق امتنع الكذب وإن ترجح الكذب امتنع الصدق منه نوع قد نقل إذن شرع في تقسيم الخبر أراد بحد الخبر هنا أنه توطئة للتقسيم وليس مراده عين الخبر وإلا بحثه لا يذكر هنا وإنما يذكر في علم البيان فيرجع إليه منه نوع قد نقل تواترا وما عدا هذا اعتبر آحاد إذن قسم لك الخبر من حيث هو لا باعتبار الشرع لأن الأصوليين لا ينظرون إلى الخبر من حيث كونه خبرًا عن الرب جل وعلا ككلامه أو خبرا عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بل مطلق الخبر ولذلك يتوسعون في الشروط ويذكرون ما لا يقبل عند أهل الحديث منه نوع قد نقل يعني ينقسم الخبر من حيث نقله ومن حيث سنده إلى نوعين إلى قسمين متواتر وآحاد لذلك قال: نقل تواترًا أي حالة كونه متواترًا تواترًا هذا حال منصوب على الحالية تواترًا نقول: هذا حال التواتر هذا مشتق من تواتر هو مصدر تواترًا مصدر ومراد ومعناه لغة التتابع تعاقب الأشياء واحدًا بعد واحد بينهما مهلة يعني أن يتبع الشيء الآخر وبينهما مهلة واحدا بعد واحد لكن بينهما مهلة {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [سورة المؤمنون:44] أي متتابعين لكن بينهما مهلة وأما في الاصطلاح فعرفه بأنه ما أفاد العلم أو ما يوجب بنفسه العلم لذلك قال للعلم قد أفاد هذا أشهر ما يضبط به المتواتر ما أفاد العلم يعني اليقين ولكن بشروط لابد من استيفائها سيذكرها الناظم تواترًا للعلم قد أفاد حده عندهم ما يوجب بنفسه العلم ويفيده بصدق مضمونه ما يوجب العلم أو ما يفيد العلم بنفسه دون قرائن وتكون تلك الإفادة للعلم بوقوع أو بصدق مضمونه بأنه وقع وحصل فيجزم بقطع أو يقطع بصدق مضمونه لأنه جاء عن طريق التواتر تواترًا للعلم قد أفادا أفادا الألف هذه للإطلاق وللعلم ماذا إعرابها؟ اللام هذه زائدة صحيح لأن أفاد العلم ما أفاد العلم بتعدد نفسه يتعدى بنفسه فإذا قدم عليه مفعوله حسن وجاز لغة أن تدخل عليه اللام تقوية لأن العامل فعل الأصل أنه يعمل فيما بعد ويقوى فيما إذا عمل فيما بعده فإذا تقدم عليه معموله ضعف فحسن تقويته بالحرف الزائد إذن للعلم نقول اللام زائدة والعلم هذا مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ولا نقول للعلم جار ومجرور متعلق بأفاد هذا فاسد باطل للعلم قد أفاد إذن أفاد المتواتر العلم والمراد بالعلم هنا العلم اليقيني فالخبر المتواتر يفيد العلم اليقيني باتفاق العقلاء فضلا عن العلماء إذ حصول العلم بالخبر المتواتر أمر يضطر إليه الإنسان لا حيلة له في دفعه والواقع يشهد بهذا لأن تم أخبارًا أنت تعلمها لن تقف عليها بنفسك وإنما وصلتك عن طريق التواتر كالعلم بوجود مصر مثلاً لمن لم يراها أو بوجود كذا أو بوقوع حرب كذا أو بوجود أي أمر من الأمور التي تكون منقولة بالتواتر ولم ترها أنت فحينئذ نقول هذا أفاد العلم إذن التواتر يفيد العلم اليقيني وهل أفاد العلم اليقيني الضروري أو النظري؟ الضروري ما لا يحتاج إلى نظر واستدلال والنظري ما احتاج للنظر والاستدلال فحينئذ

إذا قيل بأن المتواتر أفاد العلم اليقيني والعلم اليقيني نوعان هل ما يفيده المتواتر العلم اليقيني الضروري أو النظري؟ الجمهور على الأول أنه الضروري لماذا؟ لأنه يحصل لمن ليس أهلاً للنظر والاستدلال فحينئذ الآن من العلم الضروري المتواتر العلم بوجوب الصلوات الخمس يعلمها الصغير وتعلمها العجوز الكبيرة في السن وتعلم النساء والصبيان يعلمون أن الصلاة الخمس واجبة وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة وإذا أفاد العلم اليقيني فلو كان العلم اليقيني هنا نظريا لاحتاج إلى الوقوف على مقدمتين أو أكثر وهذه منتفية في حق النساء والصبيان ما تدري مقدمة ولا أكثر بل ما تعرف أصلاً النظري وإنما أفاد العلم الضروري فلحصوله لمن ليس أهلاً للنظر والاستدلال حكم الجمهور بأنه ضروري وهذا هو الحق ولا إشكال فيه الجمهور على أنه ضروري من غير نظر ولا استدلال فيضطر العقل إلى تصديقه والعمل بمقتضاه من غير حاجة إلى دليل أو قرينة وقيل نظري نسبة إلى النظر والاستدلال، لماذا؟ قالوا: لافتقار المتواتر إلى مقدمات. وهذا قاله الدقاق وابن القطان وأبي الحسين البصري أنه نظري لماذا؟ لأنك لا تحكم عليه بأنه متواتر إلا إذا نظرت في كونه رواه جمع عن جمع عن مثله إلى منتهاه والحس إلى آخر الشروط فإذا تحققنا من تلك الشروط حكمنا بأنه متواتر.

إذن وقف على ماذا؟ على مقدمات، وقف على مقدمات، ولو كانت بديهة حينئذ نقول: هو نظري أليس كذلك؟ لكن نقول: الصواب الأول وأن المتواتر هو ما أفاد العلم بنفسه سواء كان بالنظر إلى الجمع عدد أو لا، بالنظر إلى القرائن أو لا، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ليس بالنظر إلى ما رواه جمع عن مثله بل ما أفاد العلم بنفسه مطلقًا سواء كان بالنظر إلى العدد كثير أو قليل بل إن الواحد والاثنين أو كان معه قرائن أو انتفت القرائن لكنه أفاد العلم حينئذ نقول هذا متواتر تواترًا للعلم قد أفاد وما عدا هذا الذي هو المتواتر اعتبر آحادًا اعتبره آحادًا لأنه قسمة ثنائية ولا ثالث له ليس عندهم مشهور ولا مستفيض ولا إلى آخره فهو إما آحاد وإما متواتر ما استجمع ما أفاد العلم فهو متواتر ما لم يفد العلم بل أفاد الظن فهو عكس فهو الآحاد فعند الأصوليين جماهير الأصوليين جماهير المتكلمين أن خبر الواحد لا يفيد العلم مطلقا ولو احتفت به القرائن ولو كان في البخاري ومسلم ولو اتفق الأئمة والعلماء على أنه خبر على أنه صحيح ولكنه لم يبلغ درجة التواتر فهو مفيد للظن ولذلك جعل هنا القسمة ثنائية قال: وما عدا هذا وما يعني الخبر أو الحديث الذي هو عدا هذا الذي هو المتواتر اعتبره آحادًا اعتبره حذف الضمير الأول للعلم به اعتبر آحادًا آحادًا هذا جمع أحد وهمزته أصلها واو والواحد يعني أصله واحد أحد واحد أحد أحد الهمزة منقلبة عن الواو والواحد المراد به الفرد وعلى طريقتهم الآحاد ما يوجب العمل ويفيده ولم يوجب العلم على طريقتهم طريقة الأصوليين والفقهاء الآحاد ما يوجب العمل بمقتضاه ولا يوجب العلم بل يفيد الظن مطلقا عندهم ولو احتفت به القرائن وهذا كما ترى أنه مخالف لما عليه أهل الحديث بل أهل السنة والجماعة تواترا للعلم قد أفاد وما عدا هذا اعتبر آحادا إذن قسم لك الخبر إلى نوعين متواتر وهو ما أفاد العلم بنفسه العلم اليقيني وقلنا الصواب أنه الضروري وآحاد وهو ما لا يفيد العلم ويوجب العمل ثم بين لك أو شرع في بيان شروط المتواتر فقال: فَأَوَّلُ النَّوْعَيْنِ مَا رَوَاهُ** جَمْعٌ لَنَا لِمِثْلِهِ عَزَاهُ وَهَكَذَا إِلَى الَّذِي عَنْهُ الْخَبَرْ** لَا بِاجْتِهَادٍ بَلْ سَمَاعٍ أَوْ نَظَرْ وَكُلُّ جَمْعٍ شَرْطُهُ أَنْ يَسْمَعُوا** وَالْكِذْبُ مِنْهُمْ بِالتَّواطِي يُمْنَعُ

هذه شروط لا بد من وجودها في المتواتر حتى يحكم عليه بأنه متواتر وهي عامة ليست خاصة بالحديث وليست خاصة بالقرآن بل كلامه عام فأول النوعين فأول الفاء هذه فصيحة وأول النوعين المراد به المتواتر ما رواه جمع كلام ما اسم موصول بمعنى الذي أي كلام وخبر رواه جمع لنا جمع كثير جمع النون هنا للتكثير والتعظيم تنوين يعني جمع كثير لنا عن مثله جمع هل يشترط فيه عدد معين أو لا الجمهور على أنه لا يشترط لا يحد بأربعة ولا بعشرة ولا بعشرين ولا بأربعين ولا بسبعين فلا يشترط في التواتر عدد معين فحصول العلم بالخبر المتواتر ليس له عدد محصور بل متى ما حصل العلم بخبر المخبرين المجرد عن القرائن علمنا أن الخبر بلغ التواتر وإذا لم يحصل العلم انتفى التواتر وهذا مذهب الجمهور أنهم لا يعتبرون وإن كان السيوطي قيده في ألفيته بأنه يعتبر. وما رواه عدد جمع يجب**إحالة اجتماعهم على الكذب فالمتواتر وقوم حددوا**بعشرة وهو لدي أجود

فاختار أنه عشرة فإذا رواه تسعة فليس بمتواتر وإن رواه عشرة فهو متواتر أين الدليل لا دليل إذن الصواب أنه لا يحد بعدد ولذلك لو قيل بقول شيخ الإسلام مطلقًا أنه ما أفاد العلم ولو واحد اعتبر متواتر فلو أخبر أحد الصحابة أبو بكر المتحدث المخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم نقول: يفيد الظن؟ يفيد الظن؟ يفيد العلم قطعًا يقيني ضروري هل نقول خبر واحد أنه يفيد الظن أو أنه ليس بمتواتر هذا فاسد جمع لنا عن مثله عزاه أي عزاه ونسبه ذلك الجمع عن جمع مثله وهذا يشترط في كل الطبقات أن يرويه جمع عن جمع عن جمع عن جمع حتى ينتهي إلى المخبر عنه الصحابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه جمع لنا عن مثله عزاه عن مثله جار ومجرور وتعلق بقوله عزاه جمع عزاه عن مثله أي عزا ذلك الجمع عن جمع مثله وهكذا أي ورواه مثل ذلك الجمع هكذا أي كرواية هذا الجمع في أنها عن مثله فيما ذكر إِلَى الَّذِي عَنهُ الْخَبَرْ وهكذا أي كل جمع يعزوه إلى مثله يعني تابع لما سبق إلى الذي إلى أن ينتهي إلى المخبر عنهم إلى الذي الخبر عنه خبر عنه مبتدأ وخبر وهو صلة الموصول وهكذا إلى الذي عنه الخبر إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه سواء كان الصحابي مثلا أو النبي صلى الله عليه وسلم وهو منتهى الخبر وهكذا إلى الذي عنه الخبر لا باجتهاد هذا شرط آخر بل سماع أو نظر يعني يشترط فيما ينتهى إليه الخبر أن يكون مستنده الحس أمر محسوس سمعت رأيت شممت ذقت إلى آخره يعني أن يخبر أن يكون منتهى الخبر إحدى الحواس وما عدا ذلك فلا يكون خبرا فإن كان باجتهاد عن اجتهاد عن رأي شخص معين ثم نقله جمع عن جمع إلى ذلك المجتهد قالوا: هذا لا يعد خبرًا لماذا؟ لأن الاجتهاد هذا يحتمل السهو ويحتمل الغفلة ويحتمل الخطأ حينئذ لا يكون مفيدا للعلم بل للظن وأما ما أُخذ به بالحس فهذا مفاده ماذا مفاده العلم وكلامنا فيما أفاد العلم وهكذا إلى الذي عنه الخبر لا باجتهاد وذلك كأخبار ماذا؟ كأخبار من؟ يمثل له بخبر الفلاسفة لقدم العالم هذا مجمع عليه عندهم لكنه منتهاه الاجتهاد وهو بطل قطعا حينئذ لا يعد متواترا لا يعد متواترا لا باجتهاد كما أخبر الفلاسفة بقدم العالم لماذا؟ لماذا نشترط عدم الاجتهاد ونجعله مقيدًا بالحواس أو إحدى الحواس؟ لأن الاجتهاد قابل للخطأ والسهو الغفلة وما كان كذلك لا يمكن أن يفيد العلم على زعمهم بل سماع أو نظر سماع خبر المخبر عنه أن تسمع بنفسه بنفسه نفسه هو الناقل يقول الصحابي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول هذا ماذا منتهاه السمع أو نظر الذي هو المشاهدة لأن ما لا يكون كذلك فإنه يحتمل عدة احتمالات من غلط ونحوه وسهو أو غفلة فلا يحصل به العلم. وَكُلُّ جَمْعٍ شَرْطُهُ أَنْ يَسْمَعُوا**وَالْكِذْبُ مِنْهُمْ بِالتَّواطِي يُمْنَعُ

وكل جمع شرطه هذا تأكيد لما سبق والأولى أن يأتي كما قال الشارح بالفاء فيقول فكل جمع لأنه ... عما سبق وكل جمع من الجمع المتواتر الذي نقلوا طبقة عن طبقة شرطه أن يسمعوا هذا تأكيد لما سبق بل سماعي أو نظر يعني أن يكون منتهاه الخبر هو الحس أن يسمعوا أو يروا والكذب منهم أي من الجمع بالتواطئ يمنع يعني يمتنع عادة أو عقلا بملاحظة العادة أن يتفقوا على الكذب يعني إذا أخبر عشرون تعلم أن هذا من آخر القبيلة هنا والثاني من كذا وآخر من المدينة الفلانية تقول هذا خبر حق لماذا لأنه لا يمكن أن يتفقوا على حكاية أمر ما ثم لم تقع والكذب منهم أي من ذلك الجمع بالتواطؤ يمنع يعني يعني بالتوافق يمنع يعني أن يمتنعوا عادة أو عقلا بملاحظة العادة توافقهم على الكذب هذه شروط ما يحكم عليه بأنه متواتر ولا يشترطون الإسلام ولا العدالة لماذا لأن الكلام في مطلق الخبر وأما إذا كان الخبر هو القرآن أو السنة فحينئذ لابد من الإسلام ولابد من العدالة لأنه شرط في صحة النقل ثم قال ثانيهما الآحاد يوجب العمل عرفنا حقيقة التواتر التواتر ينقسم باعتبار متنه إلى نوعين متواتر لفظا ومتواتر معنى فحينئذ يكون متواترا لفظا وهو ما اتفق فيه الرواة على اللفظ والمعنى كالقرآن هذا متواتر لفظا أليس كذلك؟ كالقرآن وأما في السنة فهو عزيز كما قال بعضهم ومثل له بحديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار والمتواتر المعنوي هو ما اتفق رواته على معناه دون لفظه كأحاديث الروية والشفاعة والحوض والصراط ونحو ذلك فأكثرها وفضائل أبي كما مثل شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك فأكثرها في باب المعتقد ولذلك أكثر ما يذكر في المعتقد هو المتواتر المعنوي ثانيهما أي ثاني النوعين الآحاد أي ثاني النوعين الآحاد الذي هو مقابل المتواتر وهو الذي يوجب العمل لا العلم عكسه الأول أوجب العلم والعمل معا وهذا عكسه من حيث العلم هذا الظن.

(ثَانِيهِمَا الآحَادُ يُوجِبُ الْعَمَلْ) والآحاد هو الذي لم تبلغ رواته عدد المتواتر ولذلك يحد بعضهم ما لم يبلغ التواتر هو الذي لم يبلغ حد التواتر واحدا كان راويه أو أكثر وشرطه عدالة راويه يعني لابد من استيفاء الشروط التي ذكرها أهل الحديث سندا ومتنا فينظر فيه من جهة المصطلح فيثبت أنه حديث صحيح يعني قوله ثانيهما الآحاد بشرط الصحة فإذا لم يكن صحيحا بل كان حديثا ضعيفا إذن كيف يوجب العمل؟ هذا لا يوجب علما ولا عملا لأنه ضعيف وإذا أطلق هنا الحديث الآحاد فالمراد الحديث إذا استوفى الشروط من حيث السند والمتن يوجب العمل قال الشافعي رحمه الله تعالى في بيان أن خبر الواحد يوجب العمل وهذا قد أجمع عليه أهل العلم قال ولو جاز لأحد من الناس أن يكون في علم الخاصة الذي هو الإجماع أجمع المسلمون قديما وحديثا على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي يعني يقول لو جاز لي أن أحكي الإجماع نصًّا على تثبيت فقهاء المسلمين على الخبر العمل بخبر الواحد لجاز لو جاز لقلت ذلك ولكن يقول لا نعلم فيه خلافا وفرق بين أن يقال لا نعلم خلافا وبين أن يقال بإجماع فرق بينهما؟ كيف يكون الفرق؟ إذا قال لا أعلم خلافا حكى علم نفسه وإذا قال أجمع حكى علم غيره مع نفسه صحيح إذا قال أجمع إذن نقل اتفاق العلماء إذن وافق زيد عمرو خالد إلى آخره وإذا قال لا أعلم خلافا حكى علم نفسه فقط ولم يحك علم غيره والإجماع حكاية لعلم نفسه وعلم غيره ولكن أقول لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد لما وصفت من أن ذلك موجود على كلهم يعني اتفقوا على وجوب العمل بخبر الواحد وقال الخطيب البغدادي رحمه الله وعلى العمل بخبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن احد منهم إنكار لذلك ولا اعتراض عليه وهذا واضح وبين واستدل أهل العلم على وجوب العمل بخبر الواحد لأدلة منها ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان يبعث الرسل والسعاة والقضاة والأمراء إلى البلدان والقرى والنواحي لتبليغ الدين والأحكام وأخذ الصدقات ونحو ذلك ليعتقدوا ذلك ويلتزموا به كان يرسل الرجل الواحد بأصول الدين فضلا عن فروع الدين أليس كذلك؟ وهذا مرادهم به أن يلتزموا ويعتقدوا ويعملوا فلو لم يكن خبر الواحد مفيدا للعمل حينئذ لما كان في بعثهم فائدة الأمر الثاني إجماع الصحابة على قبول خبر الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتهر ذلك ولم ينكر واستدل أهل العلم بتحويل القبلة عندما دخل ذاك الرجل على أهل قباء وأخبرهم بأن القبلة قد تحولت فتحولوا عن بكرة أبيهم والخبر صادر عن وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فاقره يعني أقر تحويلهم على بناء على ذلك الخبر قوله جل وعلا {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [سورة التوبة:122] طائفة تقع على القليل والكثير وأوجب الحذر وهو

الاحتراز عن الشيء بإنزال طائفة من الفرقة والفرقة من ثلاثة فاكثر أليس كذلك اسم ثلاثة فأكثر فالطائفة منها يصح أن يكون واحدا أو اثنين إذا كان طائفة من فرقة والفرقة ثلاثة فأكثر إذن طائفة بعض الثلاثة أليس كذلك حينئذ يصدق بالواحد ويصدق بالاثنين إذن حصل الإنذار بماذا بواحد فلو لم يكن خبر الواحد مفيدا لللإنذار لما صح تعليق الحكم عليه كذلك حديث نضر الله امرأ واحد سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه عُلق الحكم هنا على واحد قال امرأ وهو واحد إذن يجب العمل بخبر الواحد وهذا مجمع عليه بين أهل العلم بين أهل السنة والجماعة يجب العمل بخبر الواحد مطلقا في العقائد والأحكام يعني لا فرق لأن الأدلة التي دلت على وجوب العمل بخبر الواحد لم تفرق أليس كذلك؟ لم تفرق بين عقيدة وعمل بل أطلقت الإيجاب فيحمل على العموم دون تفريق بينهما وهذا أمر قد أجمع عليه السلف والأدلة السابقة عامة مطلقة لم تفرق بين باب ولا باب ولا بين ما تعم به البلوى وما لا تعم به البلوى ولا بين ما يسقط بالشبهات وما لا يسقط بها ولا بين ما زاد على القرآن وما كان مبينا له أو موافقا ولا بين ما يقال فيه إنه مخالف للقياس أو موافقا له فالحديث إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عمل به مطلقا فالمدار على الصحة وأما التفريق بين كون حديث الآحاد يفيد العمل دون العلم أو بأنه يعمل في به في العمليات دون العقائد أو التفريق بين ما تعم به البلوى أو عداها فهذا تفريق حادث وينسب إلى البدعة لأنه لا يعرف عن السلف لا يعرف عن الصحابة التفريق المذكور ولذلك ما يبنى على التفريق بين الخبر خبر النبي صلى الله عليه وسلم على جهة الخصوص بكونه متواترا أو آحاد هذا من حيث الاصطلاح بكون المتواتر ما رواه جمع عن جمع وما ذكر من بعض الشروط السابقة التي لا نقد لها ولا اعتراض عليها إذا لم يبن عليه من جهة العلم ولا العمل فهو اصطلاح مجرد ولا مشاحة في الاصطلاح وأما إذا بني عليه التفريق من حيث القبول وعدم القبول ثم التمييز إذا صح الحديث يقول هذا خبر واحد لا يعمل به في العقائد فيحكم على هذا القول بأنه بدعة وحدث في الدين لأنه لا يعرف عن السلف إذن التفصيل في مسألة التفريق أو التقسيم تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد ينسب إلى كونه بدعة من جهة ما يبنى عليه من الأحكام والتفريقات لأن هذا وحي وهذا وحي ولذلك سبق التفريق بناءا على هذا التفصيل بأن القرآن ينسخ بالسنة المتواترة واستدلوا بقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} [سورة النجم:3] هذا مشهور ولا ينسخ بالآحاد مع كونه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو صحيح داخل في قوله {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} [سورة النجم:3] إذن من أين التفرقة هذه؟ فنقول التفرقة هذه مبنية على ماذا على ما ذكره الناظم هنا من كونه أوجب العلم أوجب العمل لا العلم نقول هذا التفريق بدعة في الدين وكل ما انبنى عليه سواء كان في باب الناسخ وفي باب المطلق والمقيد والعام والخاص كله من الحدث في الدين ولذلك أكثر ما يردده تجده من المتكلمون لأنهم لا دربة ولا دراية لهم بالحديث واضح هذا؟ فحينئذ نقول الحديث إذا صح عن المعصوم صلى

الله عليه وسلم يجب الأخذ به مطلقا متى ما صح السند وليس تم نقض أو قدح للسند ولا للمتن فحينئذ نقول هذا حديث صحيح ولا يرد بشيء أبدا إلا بحديث مثله ناسخ له يعني لا يرد الحديث إلا بحديث مثله فيكون الثاني ناسخا للاول قال الشافعي رحمه الله إذا وجدتم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى أحد إذا وجدتم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعوها يعني لا تفرق هذا آحاد وهذا كذا وهذا تعم به البلوى هذا زيادة على النص إلى آخره فاتبعوه ولا تلتفتوا إلى أحد مهما كان قائله وقال الإمام أحمد من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة إذن ثانيهما الآحاد يوجب العمل هذا لا إشكال فيه نوافقه في هذا لا العلم لا يوجب العلم لماذا؟ لأنه لا يفيد إلا الظن لذلك قال لكن عنده الظن حصل حصل الظن عنده يعني لا يوجب العلم لا يوجب العلم لماذا؟ لاحتمال الخطأ لأنه ما رواه من لم يبلغ عدد التواتر يعني الواحد والاثنين وبعضهم جعل الاثنان من التواتر وبعضهم جعلها من الثلاثة وبعضهم جعلها ابتداءا من أربعة حينئذ ما رواه الواحد هذا يحتمل أنه خطأ ويحتمل عليه النسيان والغفلة والسهو وما كان كذلك فحينئذ لا يمكن أن يكون قوله وخبره مفيدا للعلم اليقيني هكذا قال وكذلك إذا رواه الاثنان حينئذ لا يمكن أن يكون خبره مفيدا للعلم إذن لا العلم أي لا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه بالسهو والنسيان يعني لكن عنده الظن حصل يعني حصل به الظن فالظن يحصل به لا عنده أليس كذلك؟ خبر الواحد يفيد الظن على كلامهم هم تنزلا يفيد الظن فحصل الظن به لا عنده لأنه سبب والظن مسبب فحصول المسبب بتأثير السبب بجعل الله جل وعلا أليس كذلك؟ لأنه هذا مبني على الأسباب هم يقولون حصل الظن عنده هذه من عبارة الأشاعرة كما يقولون انكسر الزجاج عند الحجر لا به ونبت الشجر عند المطر لا به فينفون تأثير الأسباب عن مسبباتها ونحن نقول الحق أن السبب له تاثير لكن تأثيره ليس بمستقل بل بجعل الله عز وجل الله جل وعلا جعل في هذا الماء قدرة وتأثير على الشبع والري مثلا وفي الخبز على الشبع بذاته بنفسه يشبع الإنسان هم يقولون لا لو تأكل مائة قرص هذا ما تشبع قال ما تشبع ولو شربت مائة كاس هذا قد لا ترتوي لماذا لأنه ليس فيه تأثير هو لا يرويك وإنما جعل الرب الري عنده لا به والظن نقول ما حصل عنده وإنما حصل به لذلك أريد أن أنكت على تعبير عند الناظم هنا قد يكون فيه شيء من اللبس لكن عند الظن عنده الظن لا به على عقيدة الأشاعرة من إنكار تأثير السباب في المسببات نحن نقول الظن حصل به كما أن الإنبات يحصل بالمطر فالمطر سبب للإنبات ولولا المطر لما حصل إنبات أليس كذلك؟ ولكن جعل الرب في المطر خاصية بجعل الرب سبحانه وتعالى وإذا قيل نبت النبات بالمطر ليس فيها أنه إثبات خالق مناف لله عز وجل لا هذا فاسد إذن ذهب الناظم إلى أن خبر الآحاد لا يفيد العلم مطلقا لكن عنده الظن حصل أي لم يفد العلم لأن دلالته ظنية وإذا كانت دلالته ظنية حينئذ لا يفيد العلم ومرادهم بأن الخبر خبر الواحد لا يفيد العلم أي لا يُقطع بصدق مفهومه فإذا روى الراوي وكان الخبر خبر آحاد قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم لا نجزم بأن هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم هذا مدلوله نظن الرجحان للصدق يحتمل أنه أخطأ ويحتمل أنه صدق ونرجح جانب الصدق على الخطا حينئذ نحتمل ما نقطع يقينا بأن هذا القول قاله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لماذا؟ لأنه خبر واحد أما إذا كان متواترا من كذب علي متعمدا فتحلف بين الركنين بأنه قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا تحنث أما الثاني فلا يكون لا لماذا؟ لاحتمال السهو والنسيان والخطأ هل خبر الواحد ييد العلم أو الظن نقول المراد بذلك مطابقة خبر الواحد للواقع فهل يُقطع ويجزم بصدقه فيفيد العلم أو أنه أمر ظني فيحتمل الخطأ أو الكذب ولو بنسبة ضئيلة هذا محل نزاع بين الأصوليين إن كان فيه نزاع أما قوله حجة فهو أمر ثابت وقاطع بأدلة قاطعة القول الأول هو ما رجحه الناظم هنا بأنه يفيد الظن مطلقا ولا يفيد العلم يفيد الظن مطلقا يعني ولو احتفت به القرائن لا يفيد العلم بل يفيد الظن مطلقا وهو مذهب جمهور الأصوليين والفقهاء على هذا أنه يفيد الظن مطلقا ولو احتفت به قرائن ولو اتفق عليه الشيخان أليس كذلك؟ لماذا لأدلة منها خبر الأنبياء إذا أخبروا ببعثهم يخبرون بماذا؟ بكونهم مرسلين من عند الرب جل وعلا قالوا لو انظروا التنظير الرجوع إلى العقل أحيانا يورث المهالك قالوا الأنبياء يقولوا نحن رسل ثم الناس لا يصدقون لابد من معجزات فلو كان خبره خبر النبي الذي يحكي عن نفسه بأنه موحى إليه لو كان يفيد العلم وهو خبر واحد لما احتاج إلى المعجزات هذا فاسد قالوا لو كان مفيدا للعلم لما احتاجوا إلى المعجزات ولأن القاضي يطلب البينة لخبر الواحد يأتيه الواحد يدعي يقول فلان أخذ مالي يقول له ائت ببينة لو كان خبر الواحد يفيد العلم لما احتاج إلى البينة ولصدقه مباشرة وكذلك الشهود اثنان فأكثر فلو أفاد خبر الواحد العلم لما احتجنا إلى البينة في الدعوة ولا إلى شهود وهذا كله من باب العقل فقط وإلا لو خرجوا إلى السنة وإلى أقوال العلماء لما احتاجوا إلى هذه الأدلة المتكلفة الثاني أنه يفيد العلم مطلقا يعني سواء احتفت به قرائن أو لا يفيد العلم مطلقا وهذا مذهب داود الظاهري والكرابيسي والنحاس وابن حزم ورواية عن الإمام أحمد لماذا قالوا للأمر بالعمل بخبر الواحد وهذا يستلزم أنه مفيد للعلم إذا لا تكليف إلا بعلم القول الثالث التفصيل وهو إن احتفت به القرائن أفاد العلم وإن لم تحتف به القرائن أفاد الظن التفصيل فيقال خبر الواحد قد يفيد العلم وذلك إذا احتفت به القرائن وقد يفيد الظن وذلك إذا تجرد عن القرائن وهذا مذهب الشافعي ونسبه صاحب { ... } والخطيب البغدادي وابن قدامة وابن تيمية وابن القيم والإمام الشنقيطي عليهم رحمة الله جميعا أنه يفصل فيه إن أفاد إن احتفت به القرائن على ما حكاه ابن حجر في النخبة إن احتفت به القرائن أفاد العلم اليقيني الضروري وإن لم تحتف به القرائن فهو مفيد للظن (لَا العِلْمَ لَكِنْ عِنْدَهُ الظَّنُّ حَصَلْ). ثم قسم خبر الواحد إلى قسمين: (لِمُرْسَلٍ وَ (¬1) ¬

_ (¬1) وفي نسخة أَوْ.

مُسْنَدٍ قَدْ قُسِّمَا) كل ما سيقوله الناظم هنا نمر عليه سريعا والتفصيل يكون من مظانه وهو كتب المصطلح لأن الأصوليين لهم مذهب خاص أو أشبه ما يكون به اصطلاحات خاصة في قبيل المتن والسند لكن الاعتماد لا يكون عليها ولا يمنع ذلك من النظر في ما كتبوه وقالوه قد يكون الحق في بعض المسائل وهي قليلة قد يكون معه وإلا الأصل أنه يطلب من مظانه وهو كتب أهل الحديث لمرسل ومسند قد قسما قسما الألف هذه للإطلاق يعني خبر الواحد ينقسم إلى قسمين عندهم مسند ومرسل لا ثالث لهما أما عند أهل الحديث كثيرة وسوف يأتي ذكر كل منهما تعريف كل منهما فحيثما بعض الرواة يفقد فمرسل المرسل عندهم ليس هو المرسل عند المحدثين المرسل عندهم ما لم يتصل إسناده ظاهرا بأن سقط من السند بعض رواته واحدا كان أو أكثر فهو قول غير الصحابي كذا مسقطا للواسطة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم يقول الأعمش قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أسقط ما بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم يقول البخاري قال صلى الله عليه وسلم أسقط ما بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا يسمى عندهم مرسل أما عند أهل الحديث المرسل هو مرفوع التابعي مطلقا كبيرا كان أو صغيرا المرسل المرفوع بالتابعي أو بكبر أو سقط راو قد حكوا أو سقط راو قد حكوا هو الذي مذكور هنا في كتب الأصوليين أشهرها الأول الذي هو مرفوع التابعي مطلقا أشهرها الأول ثم الحجة به رأى الأئمة الثلاثة ورده الأقوى فحيثما هذه الفاء الفاء الفصيحة فحيثما بعض الرواة يفقد فمرسل هذا اصطلاح الأصوليين والفقهاء وأما عند المحدثين فهو قول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل بحضرته فإن كان القول من تابع التابعين فمنقطع أو ممن بعده فهو إما معضل أو منقطع معضل إن كان متتاليا ومنقطع إن كان بينهما فاصل فمرسل وما عداه مسند ما عداه يعني ما عدا المرسل فهو المسند عكسه يعني وحقيقته إذا قلنا المرسل ما لم يتصل إسناده فالمسند ما اتصل إسناده لكن عند المحدثين المتصل المرفوع المسند المرفوع الاتصال وقيل أول وقيل الثاني المسند المرفوع ذو اتصال المتصل المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم هذا يسمى المسند وأما عندهم هنا وما عداه يعني ما عدا المرسل مسند وهو ما اتصل إسناده ظاهرا فيسمى مسندا للاحتجاج صالح لا المرسل يعني المسند هو الذي يحتج به لماذا لأنه متصل السند أما المرسل فهذا فرق فيها بين نوعين للاحتجاج صالح صالح للاحتجاج الذي هو المسند وهذا لا خلاف فيه بينهم لا عند الأصوليين ولا عند المحدثين أنه إذا اتصل السند بشرطه عدالة ورواة إلى آخره ولم يكن تم شذوذ ولا علة فهو مقبول فيحتج به لا المرسل فليس بحجة عند الشافعي رحمه الله تعالى إلا بشروط لماذا لاحتمال أن يكون الساقط مجروحا لأنه أسقطه يقول القائل الراوي قال صلى الله عليه وسلم وقد يسقط واحدا وقد يسقط اثنين قد يسقط ثلاثة أربعة ثم المسقط هذا هل هو معلوم أو لا غير معلوم وشرط الرواة العدالة لناقل الأخبار شرطان هما عدل وضبط كيف نعرف العدالة وهو مجهول العين هذا ممتنع فلابد أن نثبت عدالته وكيف نثبت عدالته ولم يعلم إذن لابد أن

يعين أولا ثم ننظر في حاله وشأنه فنحكم عليه بأنه عدل أو لا إذن لا المرسل فليس بحجة عند الشافعي هكذا أطلق الشراح لكن الشافعي المشهور عنه أنه يشترط فيه خمسة شروط ورده الأقوى ثم الحجة به رأى الأئمة ورده الأقوى وأشهرها الأول ثم الحجة به رأى الأئمة الثلاثة ورده الأقوى وقول الشافعي كالأكثر أي نعم به يحتج إن يعتضد بمرسل أقوى ذكر الشروط أن الشافعي رحمه الله لا يرد المرسل مطلقا وإنما يشترط أن لابد من ما يعتضده من مرسل آخر أو قول جمهور أو قول صاحب أو قياس صحيح إلى آخره إذن ليس بحجة لماذا؟ لاحتمال أن يكون الساقط مجروحا لأن عدالة من أسقط غير معلومة والعلم بالعدالة عدالة الراوي فرع العلم به لكن مراسيل الصحابي تقبل استثنى من الأول إذن قوله لا المرسل إن لم يكن من الصحابي فإن كان من الصحابي فهي مقبولة إذا قال الصحابي قال صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه متصل أو منقطع؟ متصل لماذا؟ لأنه أسقط صحابي ولم يعلمنا أنه أسقط صحابي حينئذ لا نقول من هو هذا لأنهم كلهم عدول فحينئذ لا نبحث عن عدالته عدلهم الرب جل وعلا من فوق سبع سماوات فلا نتكلم لكن مراسيل الصحابي تقبل ومرسل الصاحب وصل في الأصح هكذا قال السيوطي في ألفية المصطلح. لَكِنْ مَرَاسِيلُ الصَّحَابِي تُقْبَلُ لأنه بالتتبع أنه لا يسقط إلا صحابيا وأما رواية بعض الصحابة عن بعض التابعين وقد وجد هذا نادر قليل ولا حكم له ويحمل الأصل على ماذا؟ على أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فإن علم هذا الأصل إذا قال الصحابي قال صلى الله عليه وسلم فالأصل أنه سمعه منه لكن إن علمنا بطريق آخر بأن الصحابي لم يدرك هذه الحادثة حينئذ لابد من البحث فنقول هذا مرسل صحابي وأما إذا لم نعلم هل أدرك الحادثة أو لا؟ فنحمله على السماع على الأصل واضح هذا متى نحكم بأنه مرسل الصحابي إذا علمنا أن ما رواه لم يدركه الصحابي وإذا لم نعلم شككنا فنحمله على السماع وإذا علمنا أنه أدركه هذا ما فيه إشكال من باب أولى وأحرى. كَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ اقْبَلَا** فِي الاحْتِجَاجِ مَا رَوَاهُ مُرْسَلَا

هذا استثناء من استثناء يعني بعدما استثنى مراسيل الصحابة استثنى مراسيل سعيد ابن المسيَّب أو المسيِّب كل مسيب فبالفتح سوى أبي سعيد فلوجهين حوى أما سيب الله من سيبني هذا ضعيف لا يثبت عنه كذا أي ومثلها استثناء مراسيل الصحابة يستثنى سعيد بن المسيب من كبار التابعين اقبلا اقبلن اقبلا هذه الألف مبدلة عن نون التوكيد الخفيفة كذا سعيد بن المسيب اقبلا في الاحتجاج ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه مرسلا بأن اسقط الصحابي فقال قال صلى الله عليه وسلم قالوا لأنها فتشت فوجدت أنه يسقط أبا هريرة رضي تعالى الله عنه صهره أبو زوجته أنه يسقط أبا هريرة فإذا كان الغالب كذلك فحينئذ يحمل على الغالب والنادر لا حكم له فيحكم له بالاتصال وينظر فيما بعد سعيد بن المسيب ثم قال وألحقوا المسند المعنعن في حكمه الذي له تبين المعنعن هذا اسم أو مصدر عنعن الحديث إذا رواه بكلمة عن ومن روى بعن وأن فاحكم بوصله إذا قال الراوي سمعت فلان قال سمعت رواه بصيغة التحديث حدثني أخبرني هذا يحكم عليه بالوصل ما فيه إشكال لكن عن هذا محتمل أنه سمعه ويحتمل أنه لم يسمع فالاحتمال وارد الاحتمال وارد لكن قال أهل الحديث أن له حكم الاتصال لكن بشرط ألا يكون مدلسا وأن يشارط المعاصرة لابد من المعصرة وانتفاء التدليس ومن روى بعن وأن فاحكم بوصله إن اللقاء يعلم ولم يكن مدلسا وقيل لا ثم قال ومسلم يشرط تعاصرا فقط يعني اللقي لا يشترطه والبخاري يشترطه وحكي الإجماع عليه إذن (وَأَلْحَقُوا) أي أهل الحديث وأهل الأصول والبحث عند الأصوليين (وَأَلْحَقُوا بِالْمُسْنَدِ الْمُعَنْعَنَا) يعني الحديث المعنعن والألف هذه للإطلاق في حكمه يعني في حكم المسند وهو كونه يحتج به لأنه قال للاحتجاج صالح فيحتج بالمعنعن الذي له تبين في حكمه الذي له تبين في السابق والألف للإطلاق في قوله المعنعنا وتبينا ثم انتقل إلى بيان بعض صيغ الأداء وهذه تفصيلها في كتب الحديث وهو هنا ذكر طرفا منها نمر عليها وقال من عليه شيخه قرأ حدثني كما يقول أخبر وقال إذا أراد أن يعبر بصيغة التحمل فماذا يقول؟ وقال من عليه شيخه قرا إذا قرأ الشيخ على الطالب فبماذا يعبر الطالب أو الراوي عن المحدث. وَقَاَل مَنْ عَلَيْهِ شَيْخُهُ قَرَا** حَدَّثَنِي كَمَا يَقُولُ أَخْبَرَا إذا كان القارئ من الشيخ فيقول المستمع الناقل إذا أراد أن يخبر ويحدث يقول حدثني فلان واخبرني فلان لأنه صدق أنه حدث وأنه أخبر هذا من جهة الاصطلاح فقط وإلا حدثني وأخبرني بمعنى واحد. وَلَمْ يَقُلْ فِي عَكْسِهِ حَدَّثَنِي عكسه أن يقرأ الطالب على الشيخ يقول أخبرني فلان ولا يقول حدثني فلان لأنه لم يحدثه وهذا مجرد اصطلاح لأن حدث بمعنى أخبر وأخبر بمعنى حدث ولم يقل أي الراوي في عكسه في كونه هو القارئ على شيخه حدثني لأنه لم يحدثه.

(لَكِنْ يَقُولُ رَاويًا) عن شيخه (أَخْبَرَني)، (وَحَيْثُ لَمْ يَقْرَأْ) الطالب ولا الشيخ (وَقَدْ أَجَازَهْ) يعني من غير قراءة من الشيخ عليه ولا منه على الشيخ (يَقُولُ قَدْ أَخْبَرَنِي) لكن مقيدا إجازة (قَدْ أَخْبَرَنِي إِجَازَهْ) إذن إذا قرأ الشيخ فيخبر الطالب بماذا أخبرني وحدثني وإذا قرأ الطالب على الشيخ يقول أخبرني ولا يقول حدثني إلا إذا قال حدثني قراءة عليه هذا جائز بلا خلاف أما بدون قيد فلا يجوز وإذا أجازه يقول أخبرني إجازة وجوز بعضهم حدثني إجازة هذا مباحثها طويلة جدا في كتب المصطلح فليرجع إليها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

43

عناصر الدرس * القياس لغة واصطلاحا * هل القياس حجة؟ * أقسام القياس باعتبار قوته وضعفه * أقسام القياس باعتبار علته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد. قال الناظم رحمه الله تعالى: بَابُ القِيَاسِ أي هذا باب بيان حقيقة القياس، وما يتعلق به من شروط وأركان القياس، هذا هو رابع الأدلة الشرعية التي يقتبس بها أو منها الفقيه الأحكام الشرعية، لأنه كما ذكرنا سابقا الحكم الشرعي من إيجاب ونحوه لابد له من مرتكز يرتكز عليه، وقلنا أن هذا حكم شرعي حينئذ لابد من مستند شرعي؛ إما كتاب، وإما سنة، وإما إجماع، وإما قياس، هذه الأدلة الأربعة متفق عليها يحكى الاتفاق عليها إن كان بعضهم يرى في القياس أنه قول جماهير أهل العلم. إذن (بَابُ القِيَاسِ) أي باب بيان حقيقة القياس الذي هو رابع الأدلة الشرعية، اتفق جماهير العلماء على إثبات القياس، والاحتجاج به من حيث الجملة -كما سيأتي بيانه-. والقياس هذا مصدر قاس يقيس قياسا، حينئذ تكون الألف منقلبة عن ياء قاس قيس وقيل الألف هذه منقلبة عن واو، وأما قايس يقايس فلا يقال فيه قياس وإنما يقال مقايسة، هنا فاعل يأتي المصدر منه على مفاعلة قاتل يقاتل مقاتلة وقتالا وقيتالا، فله ثلاثة مصادر حينئذ لا يصح أن يقال قايس على وزن فاعل والقياس مصدر منه بل هو من قاس وإما أن تكون هذه الألف منقلبة عن واو عن ياء، كما هو المشهور أنها تكون منقلبة عن واو قاس قوس. والقياس في اللغة: يأتي بمعنى التقدير يقال قست الثوب بالذراع إذا قدرته، ويأتي بمعنى التشبيه يقال يقاس المرء بالمرء، ويأتي بمعنى المساواة يقال فلان لا يقاس بفلان أي لا يساويه، وإن كان المشهور أنه يأتي بمعنى التقدير وبمعنى المساواة هذا هو المشهور، واختلفوا هل هو حقيقة في الأول مجاز في الثاني أم العكس أم أنه مشترك لفظي بينهما؟ والظاهر أنه مشترك لفظي بينهم، يعني يطلق القياس ويراد به المساواة، ويطلق القياس ويراد به التقدير. وأما في الاصطلاح فله حدود، منها ما ذكره الناظم هنا في قوله. أَمَّا الْقِيَاسُ فَهْوَ رَدُّ الْفَرْعِ** لِلأَصْلِ فِي حُكْمٍ صَحِيحٍ شَرْعِي لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ فِي الْحُكْمِ هذا هو تعريف القياس رد الفرع إلى الأصل في حكم بعلة جامعة في حكم شرعي قدم وأخر، لا بأس إذا اشتمل الحد على أركان القياس الأربع بعضهم يعبر بالرد، وبعضهم يعبر بالإلحاق، وبعضهم يعبر بالإثبات، وبعضهم يعبر بالحمل، وكلها ألفاظ متقاربة، والنقد موجه إلى بعضها دون بعض، ولكن إذا كان مشتملا على الأركان الأربعة للقياس فحينئذ لا إشكال من جهة اللفظ. (أَمَّا الْقِيَاسُ) أما هذه حرف تفصيل وتوكيد، وهي متضمنة معنى الشرط والإتيان بها في أول الكلام وارد ولا بأس به، أما القياس فكأنه قال ذكرت لك الأدلة المتفق عليها وهو الكتاب والسنة والإجماع لا خلاف فيها، وأما القياس فهذا مختلف فيه.

(أَمَّا الْقِيَاسُ فَهْوَ رَدُّ الْفَرْعِ) لذلك جاءت الفاء واقعة في جواب الشرط، (أَمَّا الْقِيَاسُ فَهْوَ رَدُّ الْفَرْعِ) أما القياس فهو الفاء هذه وقعت في جواب الشرط أين هو جواب الشرط؟ القياس هو رد الفرع، حينئذ كان أصلها أن تدخل هذه الفاء على القياس المبتدأ، ولكنها زحلقت إلى الفاء من باب دفع الثقل في الترتيب، أما فالقياس فيه ثقل لكن أما القياس هذا خفيف حينئذ زحلقت هذه الفاء من المبتدأ إلى الخبر، وإلا لم تدخل على الجملة الاسمية. أما القياس في اصطلاح الأصوليين فهو (رَدُّ الْفَرْعِ** لِلأَصْلِ) وبعضهم "يقول تسوية الفرع بالأصل" فتم فرع وأصل، والفرع هذا هو المحل المشبه، والأصل هو المحل المشبه به، حينئذ عندنا تم ركنان أحدهما معلوم والآخر مجهول الفرع مجهول الحكم هو معلوم المحل تعرف/ كالنبيذ مثلا هو معلوم المحل لكن من حيث الحكم مجهول، حينئذ والأصل معلوم المحل أيضا ولكنه من حيث الحكم فهو معلوم أيضا، رد الفرع أي رد حكم الفرع لمعرفة حكمه وهو ما يسمى بثمرة القياس إثبات الحكم في الفرع رد الفرع إلى الأصل والأصل معلوم الحكم حينئذ ترد الفرع للأصل يعني تُلحق الفرع بالأصل في إثبات حكمه له فتثبت للفرع الحكم الذي أثبته للأصل، هذا هو المراد بالرد وهذا هو المراد بالإلحاق أن تُثبت في الفرع الحكم الذي أثبته للأصل وهذا الذي عنى به ما قال تسوية فرع بأصل في حكم، إذن أثبت حكم الأصل المعلوم في الفرع الذي هو مجهول الحكم لذلك لا يذكر حكم الفرع من أركان القياس لأنه ثمرة القياس، ثمرة القياس ولا يذكر حكم الفرع لا في الحد حد القياس ولا في أركان القياس لماذا؟ لأنه ثمرة القياس وثمرة الشيء خارجة عنه فالحكم على الشيء فرع عن تصوره حينئذ لا يدخل عنده. من جملة المردود**أن تدخل الأحكام في الحدود

ومنها الثمار أما القياس فهو رد الفرع أي إلحاق الفرع بالأصل وإثبات حكمه له والفرع هو المحل الذي أريد إثبات الحكم فيه للأصل يعني إلى الأصل اللام هنا للانتهاء وهي بمعنى إلى رد الفرع للأصل أي إلى الأصل أي المحل المعلوم ثبوت الحكم فيه المحل المشبه به لأن عندنا مشبه وهو الفرع ومشبه به وهو الأصل وعندنا حكم المجهول وهو حكم الفرع وعندنا حكم المعلوم وهو حكم الأصل حينئذ تسوي الفرع مع الأصل تجعلهما متساويين في إثبات الحكم لهما أو تقول تثبت حكم الأصل في الفرع للأصل أي المحل المعلوم ثبوت الحكم فيه في حكمه أي في حكم معلوم للأصل فتنقل الحكم الذي ثبت للأصل إلى الفرع وهذا الحكم قد يكون تكليفيًا وقد يكون وضعيا لأنه القياس يجري في الأسباب والحدود ونحو الأسباب والشروط وأما الحدود الصواب لا يجري فيها في حكم صحيح أي في حكم معلوم صحيح شرعي حينئذ الحكم المنقول ليس بحكم عقلي وليس بحكم لغوي وليس بحكم عادي ولا حسي وإنما هو حكم شرعي ويشترط كما سيأتي أن يكون عمليًا لا عقليًا ولا أصوليًا وهذا الحكم قد يكون مثبتًا وقد يكون منفيا الحكم قد يكون بالإثبات وقد يكون بالنفي ولذلك نقول الحكم من حيث هو إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه إذن تضمن ماذا؟ تضمن شقين إثبات كزيد عالم نفي زيد ليس بعالم القياس كذلك قد يكون مثبت وقد يكون منفي فحينئذ يكون القياس في المثبت يعني الحكم المثبت كقياس الضرب على التأفيف بجامع الإيذاء في كل فيكون حراما فأثبتنا تحريف التأفيف في الضرب أثبتنا تحريم التأفيف الثابت بقوله: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [سورة الإسراء:23] لأنه نهي أثبتنا هذا الحكم في الضرب والشتم والسب واللعان أليس كذلك؟ أثبتناه هل هذا الحكم إثبات أم نفي إثبات نقول هذا إثبات وأما النفي فقولنا الكلب نجس فلا يصح بيعه كالخنزير الكلب نجس هل يصح بيعه أو لا؟ هذا هو الفرع نريد أن نعرف حكم بيع الكلب نقول الكلب نجس فلا يصح بيعه هذا هو الحكم الذي أثبتناه للفرع لماذا؟ لأنه كالخنزير الخنزير نجس وهو معلوم من جهة الشرع أنه نجس ومعلوم أنه لا يجوز بيعه ولا يصح بيعه حينئذ نثبت نفي البيع الذي ثبت للخنزير نثبته في ماذا؟ في بيع الكلب بجامع أن كلا منهما نجس إذن قد يكون القياس بالإثبات تارة وقد يكون بالنفي تارة أخرى حينئذ هذا يكون تابعا للحكم إذن قوله (لِلأَصْلِ فِي حُكْمٍ) حكم أطلق الحكم هنا فيشمل الحكم الوضعي والحكم التكليفي والحكم كذلك أيضا تارة بالإثبات وتارة يكون بالنفي لعلة هو في الأصل قال بعلة وليته عبر بالباء لعلة أي بعلة هذا تعليل للرد رد الفرع للأصل في حكمه رد الفرع لعلة إذن متعلق بقوله رد هذا هو الظاهر لعلة سيأتي تعريف العلة بأنها في اللغة المرض وأنها الوصف المناسب هنا إذن حصل الرد هنا والإلحاق والتسوية بسبب وهو كون الأصل مشتمل على علة رتب عليها الحكم في الأصل فوُجدت تلك العلة بتمامها في الفرع فناسب نقل حكم الأصل إلى الفرع واضح لعلة يعني رد الفرع إلى الأصل ليس مطلقا هكذا وإنما ينظر في حكم الأصل كتحريم الخمر مثلا يُنظر في حكم الأصل هل ثبت تعبديا أم بعلة إن ثبت تعبديا لا قياس سقط القياس إن ثبت بعلة حينئذ إن كان معقول المعنى

حينئذ نقول الأصل معلل رُتب الحكم على ذلك المعنى لمناسبة بينهما ننظر في الفرع إن وجدت فيه تلك العلة بتمامها بعينها أو بجنسها كما سيأتي نقول وُجد في الفرع ما رتب عليه الحكم في الأصل فنقلنا الحكم من الأصل إلى الفرع هذا المراد بقوله لعلة أو بعلة هذه العلة وظيفتها الجمع بين الفرع والأصل لأنه ثبت الحكم في الأصل لوجود تلك العلة هذه العلة متعدية هذا هو الأصل فيها إذا صح القياس هي التي يصح قياسه عليها إن وجدت في الفرع بتمامها حكمنا بثبوت الحكم الذي وُجد في الأصل لذلك قال لعلة أي بسبب علة فاللام هنا بمعنى الباء أو إن جاءت للسببية نجعلها سببيه أو تعليلية لا بأس وهو أمر مشترك بينهما العلة أمر مشترك بين الأصل والفرع أمر قد يكون حكما وقد يكون وصفا ولكل منهما شروط يؤخذ من المطولات أمر مشترك بينهما يعني بين الأصل والفرع يوجب الاشتراك في الحكم أمر مشترك وصف حكم شرعي مشترك بينهما بين الأصل والفرع يوجب هذا الأمر الاشتراك في الحكم وقد تكون العلة وصفا كالإسكار وقد تكون حكما شرعيًا وجوديًا فالإسكار الإسكار هذا وصف نقول النبيذ كالخمر أليس كذلك؟ النبيذ كالخمر فيحرم النبيذ للإسكار لأن الخمر محرم وعلة التحريم هو الإسكار هذه هي العلة إذن تم وصف مناسب لتعليق تحريم الخمر على محلها هذه العلة الإسكار وجدت بعينها في النبيذ فماذا نصنع؟ نرد الفرع إلى الأصل يعني نسوي بينهما فنسحب حكم الأصل إلى الفرع هذا الوصف هذه العلة وصف لأنه إسكار وصف وليس بحكم شرعي وقد تكون العلة حكما شرعيا وجوبيا ومثله له بالكلب نجس فلا يجوز بيعه كالخنزير هنا ألحق فرع وهو الكلب نجس بأصله وهو الخنزير نجس ولا يجوز بيعه قيس عليه نجاسة الكلب فلا يجوز بيعه لا يصح بيعه هنا الوصف الجامع بين عدم صحة بيع الكلب على عدم صحة بيع الخنزير بجامع أن كلا منهما نجس نقول العلة ماذا؟ النجاسة وهذا حكم شرعي أو لا حكم شرعي إيش نوعه تكليفي وضعي حكم شرعي وضعي تكليفي يعني من الخمسة والحكم واجب ومندوب وما أبيح والمكروه مع ما حرم هذه خمسة فقط هذه خمسة تكليفية ما عداها مع الصحيح مطلقا والفاسد إلى آخره نقول هذه كلها تكليفية وضعية نعم وضعية هذه وضعية لعلة جامعة أي دالة هذا الذي فسرناه هو سابق لعلة وظيفة هذه العلة تكون جامعة في الحكم يعني دالة على اجتماعهما الأصل والفرع في الحكم هذه العلة الأمر المشترك أوجبت ماذا أوجبت؟ اشتراك الفرع والأصل في الحكم إذن هي جمعت بينهما هذه جمعت كالإسكار جمعت بين النبيذ والخمر في ماذا في الحكم وهو التحريم إذن (عِلَّةٍ جَامِعَةٍ فِي الْحُكْمِ) أمر مشترك بينهما بين النبيذ والخمر وظيفتها إيجاب اشتراكهما أي النبيذ والخمر في الحكم وهو التحريم لعلة جامعة في الحكم رد الفرع للأصل في حكم صحيح شرعي لعلة جامعة في الحكم فمعنى رد الفرع إلى الأصل كما قال الشارح جعله راجعا إليه جعل الفرع راجعا إليه إلى الأصل ومساويا له في الحكم كما أن الخمر محرم كذلك نسوي النبيذ به فنجعله محرم لأن التحريم والتحريم شيء واحد المساواة إذا سُوي الفرع مع الأصل في التحريم كقياس الأرز على البر في الربا لعلة جامعة بينهما وهي الاقتيات والادخار عند المالكية

وكونه مطعومًا عند الشافعية وما مثلناه أوضح هذا هو حقيقة القياس أو ماهية القياس ثم هل القياس حجة؟ إذا عرفنا ما هو القياس جماهير أهل العلم على إثبات القياس والاحتجاج به من حيث الجملة وهكذا يحكي كثير من الأصوليين جماهير وإذا أرادوا أن يذكروا الأدلة حكوا الإجماع وهذا نعتبره من الغرائب عند الأصوليين لماذا؟ لسببين أولا إذا ثبت الإجماع كما سيأتي الكلام الآن الآمدي والرازي حينئذ لا ينبغي أن يعلق بالأكثرية بل يقال إجماع ثم لو نظرت إلى المخالف هنا هم الظاهرية فإذا قيل هل يعتد بخلاف الظاهرية قالوا لا جماهير الأصوليين على أنه لا يعتد به وإذا حكوا هل القياس حجة؟ قالوا عند الجماهير حجة من هم غير الجماهير؟ هم الظاهرية فكيف يقال لا يحتج أو لا يلتفت إلى خلاف الظاهرية ثم يعتبر خلافهم هنا وإذا حكوا الأدلة على حجية القياس قالوا بالإجماع الإجماع السكوتي على كل نقول اتفاق السلف على اعتبار القياس ولكن اعتبار القياس الصحيح لأنه نقل عن كثير من السلف ذم القياس الذي هو الرأي ونقل عن كثير من السلف مدحه والعمل بالقياس واستعماله إذن روي ذمه وروي مدحه واستعماله وما روي من ذمه فقد عني به الذي على الفساد قد بني وما روي من ذمه فقد عني به الذي على الفساد قد بني إذن إذا عرفنا ذلك حينئذ لا خلاف بين السلف فما ورد من ذمه على ألسنة السلف المراد به القياس الفاسد والقياس الباطل غير المعتمد على دليل شرعي صحيح أو لم يستوف شروط القياس الصحيح حينئذ صار ذمه متوجها وما ورد من استعماله حتى من بعض ممن ذمه حينئذ نقول هذا لاستيفاء الشروط في القياس فيكون القياس صحيحا معتبرا من جهة الشرع إذن لا خلاف بين السلف في استعمال القياس ولا خلاف بينهم في مدح القياس والثناء على القياس بأنه دليل شرعي معتمد إذن نقول حجية القياس التعبد به جائز عقلا وشرعا التعبد به جائز عقلا لأن العقل لا يمنع وشرعا لوروده في الشرع كما سيأتي التعبد به جائز عقلا وشرعا عند عامة العلماء إذ لو كان ممتنعا لما وقع لو كان ممتنعا لما وقع ولكنه وقع فوقوعه دليل على أنه لا يمتنع عقلا ووقوعه في الشرع دليل على أنه جائز شرعا إذن الوقوع دائما تاخذ الوقوع هذا معك في إثبات حجية الأشياء التي يتنازع فيها أهل العلم فإن ثبت حينئذ تقول مشاهدة الوقوع دليل الجواز دليل الجواز من جهة العقل ومن جهة الشرع يختلفون هل النسخ جائز عقلا أم لا؟ يقول جائز عقلا والدليل الوقوع جائز شرعا ما ورد من الآيات والنصوص كذلك القياس هل هو جائز عقلا يقول نعم جائز عقلا لماذا لأنه وقع ووقوعه دليل على أنه جائز عقلا إذ لو كان ممتنعا عقلا لما وقع ما كان ممتنعا ومستحيلا من جهة العقل لا يمكن أن يقع في الوجود وما كان حراما شرعا حينئذ لا يمكن أن يحث عليه بالكتاب والسنة ويستعمله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة إذ لو كان ممتنعا لما وقع لكنه وقع ولأن اتحاد الحكم في المتماثلات مما يقضي به العقل بل العقل قاضي بقياس النظير على نظير لأننا نقول حقيقة القياس إلحاق النظير بنظيره إلحاق المثيل بمثيله نقول وجدت العلة التي رتب عليها الحكم الشرعي في الخمر وفي الإسكار وجدت بعينها بتمامها بكمالها في النبيذ

والعقل لا يفرق بين المتماثلات وكذلك الشرع لا يفرق بين المتماثلات فحينئذ إلحاق النظير بنظيره لا يمنع منه العقل كذلك من جهة الأدلة الشرعية نقول وردت آيات كثيرة تأمر بتدبر الآيات الكونية وأخذ العبرة من الأمم الماضية وكذلك ضرب الأمثال والتشبيه بل قيل كل مثل في القرآن فهو دليل على صحة القياس لأنه تشبيه ولذلك قال بعضهم القياس في اللغة يأتي بمعنى التشبيه كما ذكرناه سابقا يقاس المرء بالمرء يعني يشبه المرء بالمرء المرء على دين خليله فيكون مثله حينئذ فيكون قوله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2)} [سورة الحشر:2] هذه دليل وتوجيه إلى أخذ الحكم من النظير بالنظير وإلحاق الشبيه بالشبيه. {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [سورة الصافات:22] يعني ونظراءهم ليس أزواجهم الزوجات وأزواجهم إذن نظراءهم لأن النظير على هيئة وشاكلة نظيره أما من السنة فحديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله: {ولد لي غلام أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق مشكل؟ -يعني- قال: نعم، قال: فأنى ذلك؟ قال لعله نزعه عرق، فقال: كذلك لعل ابنك نزعه عرق} هذا قاس قياس الثالث وهو الأولى بالتقديم لأن تلك النصوص يمكن أن ينازع فيها بل ردها ابن حزم كلها الثالث إجماع الصحابة السكوتي على أن القياس دليل من الأدلة الشرعية والاستدلال بالإجماع في إثبات القياس أقوى الأدلة كما نص غير واحد من الأصوليين لماذا لأن الإجماع لا يقبل النسخ ولا يقبل التأويل ولو ورد آية أو نص لقال المعارض لا أنا لا أسلم بهذا المعنى بل مراده كذا وكذا إذن يمكن أن ينازع ويأول في النص سواء كان كتابا أو سنة وأما الإجماع فلا لا يمكن أن يقبل التأويل ولا يقبل النسخ أبدا بخلاف النص من الكتاب أو السنة فإنه يقبل ذلك وما لا يقبل شيئا من ذلك مقدم على ما قبل شيئا من ذلك فالمحتمل وغير المحتمل أيهما أولى بالتقديم غير المحتمل أولى بالتقديم قد نص بعضهم على أن ترتيب الأدلة يكون هكذا الإجماع أولا وسيأتي بيانه في ترتيب الأدلة قال الرازي الإجماع هو الذي يعول عليه جمهور الأصوليين يعني في حجية القياس يحكون الإجماع ويعتبرون خلاف الظاهرية وقال العاملي الإجماع أقوى الحجج في هذه المسألة وقال أكثرهم إن إجماع الصحابة على العمل بالقياس يعد أقوى الأدلة على ثبوت حجيته ووجوب العمل به أقوى الدلة الإجماع السكوتي وقائع كثيرة أورد كثيرا منها ابن قدامة في الروضة فليرجع إليها لكن مرادهم القياس الصحيح القياس الصحيح وليس كل قياس لأن القياس كما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى لفظ مجمل لم يرد في القرآن مدحه ولا ذمه لماذا لأنه محتمل للصحيح ومحتمل للفاسد حينئذ لابد من تمييز صحيحه عن فاسده فنقول الصحيح هو الذي أجمع الصحابة عليه والفاسد هو الذي أجمع الصحابة على ذمه وضوابط القياس الصحيح ثلاثة:

ألا يوجد في المسألة نص لذلك قال الشافعي رحمه الله فلا يحل القياس والخبر موجود بل نص هو والإمام أحمد رحمهم الله على أنه ضرورة بمنزلة الضرورة وقال أحدهم ولا أدري لا أذكر من هو إنه كالميتة أظنه الشافعي أو أحمد نسيت أحمد؟ أي نعم إنه كالميتة والميتة متى تجوز أكلها؟ عند الضرورة كذلك القياس عند الضرورة ولذلك نص الزركشي في البحر المحيط قال وإنما أحوج كثير من الفقهاء إلى القياس لقلة نظرهم في االسنة فمن نظر في السنة وأمعن في السنة اكتشف كثير من أن الأقيسة المذكورة في كتب الفقه أنها موجودة في الكتاب في القرآن وكذلك في السنة ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله في كلام معناه أنه لا يوجد قياس إلا ونص يدل على ذلك القياس علمه من علمه وجهله من جهله لأنه قد يكون خفيا بل هو ظاهر لكن يمكن أن يقولوا خفي حينئذ ما من قياس إلا وثم نص يدل عليه يعني الذي يدل الذي ثبت حكمه بطريق القياس قد يظن الظان أنه لم يثبت إلا بهذا الدليل ابن تيمية وابن القيم رحمهم الله يريان أنه لا بل ما من قياس صحيح إلا وثم نص يتضمن مدلول ذلك القياس وإذا قيل بهذا حينئذ لا يمكن أن يتصور أن يقال القياس على خلاف النص يمكن؟ لا يمكن بل هذه مقولة باطلة لا أصل لها ولذلك لا يقال إذا خالف القياس خبر الواحد نعمل بأيهما نقدم؟ ماذا؟ ما يرد المسألة من أصلها؟ نقول إيراد المسألة باطلة من أصلها كما قلنا فيما سبق هل العموم له ألفاظ أم لا؟ نقول السؤال هذا بدعة لأنه مبني على ماذا؟ على أن العموم وصف للكلام النفسي أولا هذا الأصل فيه وخاصة إذا كان المراد به الكتاب والسنة نقول السؤال من أصله بدعة هل الأمر له صيغة تدل عليه أم لا نقول هذا السؤال بدعة ليس له أصل لا عند السلف ولا عند الخلف ممن على العقيدة الصحيحة حينئذ لا يرد أن القياس يخالف خبر الواحد بل كل قياس لابد من نص يدل عليه حينئذ لو ثبت حكم شرعي بالقياس مخالف لنص نقول القياس فاسد لماذا لأنه على خلاف النص إذن الضابط الأول أن لا يوجد في المسألة نص فلا يحل القياس والخبر موجود. الثاني: أهلية القائس هذا مهم أهلية القائس من الذي يقيس هو المجتهد الذي استوفى شروط الاجتهاد الآتي ذكرها بإذن الله تعالى. الثالث: أن يكون في نفسه صحيحا قد استكمل أركان القياس وشروطه لابد أن يستوفي على الحد الذي ذكره الناظم رد الفرع إلى الأصل.

حينئذ إن توفرت هذه الضوابط الثلاثة حكمنا على القياس بأنه صحيح وهو حجة شرعية فإن انتفى واحد منها أو كلها حكمنا على القياس بأنه باطل وفاسد وقد يتردد كما حكم بعضهم القياس بين الصحة والبطلان يعني يحتمل أنه صحيح ويحتمل أنه باطل وهذا ينظر في كل قياس من هذا النوع بحد ذاته ويحكم بدليل خارج إما بالتصحيح وإما بالتضعيف ينقسم القياس باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين لا ثالث لهما القياس له تقسيمات مختلفة لكن الذي يعنينا ما ذكره الناظم هنا باعتبار العلة وباعتبار قوته وضعفه في نفسه هذا أهم ما يعتنى به في هذا المقام ينقسم باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين جلي وخفي جلي واضح بين وخفي فيه نوع خفاء فالقياس الجلي ما هو؟ ما قطع فيه بنفي الفارق المؤثر يعني جزم فيه بنفي الفارق المؤثر يعني الفارق في الحكم بين الفرع والأصل فيجب استواؤهما في الحكم كإلغاء الفارق بين البول في الماء الراكد وبين البول في إناء وصبه فيه هل تم فرق؟ ليس بينهما فرق قطعا أو ظنا قطعا حينئذ نفي الفارق بين النوعين البول مباشرة والبول في إناء وصبه نقول هذا مقطوع به ومثله تحريم إتلاف المال مال اليتيم بالإحراق أو الدفن.

{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [سورة النساء:10] يأكلون أكل هذا معلوم ما اكلوها حرقوها دفنوها يكون الحكم واحد أو لا لا فرق بين الأكل وبين الإحراق بل أيهما أولى الأكل اولى لماذا انتفع نعم استفاد لكن لو أحرقه ما استفاد شيئا أحرق قلبه وقلب اليتيم نعم إذن كذلك نفي الفارق بين الضرب والتأفيف، {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [سورة الإسراء:23] والضرب ضرب الوالدين أو أحدهما نقول هذا مثله نفي نقطع بنفي الفارق بينهما فنثبت الحكم الثابت للتأفيف هو تحريم التأفيف إلى الضرب ما قطع فيه نفي الفارق المؤثر أو كانت العلة منصوصة أو مجمعا عليها العلة إما تكون منصوصة نص جاء بها: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [سورة الحشر:7] من أجل ذلك نص هذا أو يكون مجمعا عليها لا يقضي القاضي وهو غضبان قالوا التشويش مجمع عليه أو تكون مستنبطة التعليل بالعلة المنصوصة وبالعلة المجمع عليها متفق عليه التعليل بهاتين العلتين متفق عليه والتعليل بالعلة المستنبطة هذا مختلف فيه إن كان التعليل بعلة منصوصة أو مجمع عليها حكمنا عليها بأن القياس هنا قياس جلي وهذا النوع لا يحتاج إلى التعرض فيه لبيان العلة الجامعة يعني لا يشترط إذا ألحقت فرعا باصل أو أن تذكر حكم الفرع بناءا على الأصل لا يحتاج إلى أن تقول العلة كذا يعني لا يحتاج أن تأتي به بترتيب القياس الخفي كما سيأتي لا يحتاج فيه إلى التعرض إلى العلة بل تقول يحرم الضرب ضرب الوالدين أو أحدهما كالتأفيف ونكتفي لا نحتاج نقول هذا للإيذاء والجامع بينهما كذا وهذا فرع عن الأصل لا نحتاج أن نطبقه هكذا لماذا؟ جلي لأنه مختلف في تسميته قياس وبعضهم يرى أن هذا من مفهوم الموافقة وسبق أن دلالة مفهوم الموافقة الذي هو إلحاق المسكوت بالمنطوق أنه إن كان قطعا على ما ذكره هنا أن الأصح أن دلالته لفظية لا قياسية هذا هو الصحيح حينئذ إطلاق القياس عليه يكون من باب المجاز أو التوسع وهذا النوع لا يحتاج إلى التعرض فيه لبيان العلة الجامعة لذلك سمي بالجلي وهذا النوع متفق عليه حتى ابن حزم يقول بهذا لكن لا يسميه قياسا وهذا أقوى أنواع القياس لكونه مقطوعا به مع الاختلاف في كونه هل يسمى قياسا أو لا والأصح أنه .. أن دلالة الحكم على المسكوت عنه دلالة لفظية كما سبق في بيان مفهوم الموافقة ...

في القواعد والقياس الخفي الذي هو مقابله ما لم يقطع فيه بنفي الفارق ولم تكن علته منصوصا أو مجمعا عليها ضد الأول الأول قطع فيه بإلغاء الفارق بين الأصل والفرع وهذا لم يقطع بل ظن ومثلوا له برد شهادة الكافر قياسا على رد شهادة الفاسق أليس كذلك؟ مثلوا هكذا قالوا شهادة الكافر ترد قياسا على ماذا؟ على رد شهادة الفاسق لأنه إذا ردت شهادة الفاسق وهو أدنى من الكافر فالكافر من باب أولى إذن نلغي الفارق لكنه ليس مقطوعا به قالوا لأن الكافر قد يكون صادق قد يكون ملتزم عندهم فحينئذ قد يكون صادقا ولا يكذب أليس كذلك يحتمل هذا إذن هل نفي الفارق هنا مقطوع به نقول لا مظنون وليس مقطوعا به وكذلك العلة إن كانت مستنبطة يعني مأخوذة بطريق الاستنباط وهو الاجتهاد والاجتهاد الأصل فيه أنه مظنون حينئذ ما رتب على علة مستنبطة وهي مظنونة يكون الحكم كذلك مظنون لذلك سمي خفيا القياس الخفي ما لم يقطع فيه بنفي الفارق ولم تكن علته منصوصة أو مجمع عليها هذا النوع لابد فيه من التعرض لبيان العلة لابد ليس كالأول لابد أن نقول حرم الأول الأصل لعلة كذا ثم نثبت تلك العلة في الفرع ثم نسوي الفرع بالأصل نرد الفرع إلى الأصل ونثبت الحكم للفرع الذي أثبتناه للأصل وبيان وجودها في الفرع حينئذ نحتاج إلى مقدمتين أن علة الأصل هو كذا الوصف كذا تقول السكر مثلا أو الإسكار علة تحريم الخمر وهذه لا تثبت إلا بدليل شرعي تقول أولا إذا أردت أن تطبق هذا النوع الثاني لابد أن تثبت علية الأصل فتقول الإسكار علة تحريم الربا وهذه لا تثبت إلا بأدلة الشرع المقدمة الثانية تحريم الخمر نعم قلت أنا الربا لا نقول الإسكار علة تحريم الخمر هذه مقدمة أولى ولا تثبت إلا بطريق الشرع ثم المقدمة الثانية وجود تلك العلة في الفرع وهذه لا تختص بالشرع قد تكون بالشرع وقد تكون بالحس وقد تكون بالعرف وقد تكون بالعقل لأنه أمر يدرك تأخذ العنب فترى تشم مثلا الرائحة هل وجد أو لا تحتاج إلى دليل أن النبيذ قد اشتمل على الإسكار ما يحتاج إلى دليل بل يدل الحس والعقل والعرف والعادة وأدلة الشرع قد تأتي في بعضها حينئذ نقول لابد من مقدمتين أن السكر مثلا علة التحريم في الخمر أن السكر موجود في النبيذ وهذا النوع متفق على تسميته قياسا حينئذ نقول القياس نوعان جلي وخفي الجلي تسميته قياسا هذا من باب المجاز والتوسع وإلا هو من قبيل دلالة الألفاظ وهو مفهوم الموافقة والثاني النوع الثاني القياس الخفي هذا عند أرباب القياس متفق علي تسميته قياسا وليعتبر ثلاثة في الرسم هذا التقسيم باعتبار آخر تقسيم باعتبار الأول تقسيم باعتبار قوته وضعفه والضعف هنا إذا قيل أكثر استعمال الفقهاء للقياس الخفي لا نقول ضعيف في نفسه الضعف هنا نسبي يعني باعتبار الجلي يعتبر ضعيف لاشك أن ما لم يجزم بنفي الفارق ليس هو بل هو أضعف مما قطع فيه بنفي الفارق لكن لا نقول كونه ضعيفا لا يستعمل لا بل أكثر القياس عليه وليعتبر ثلاثة في الرسم هذا تقسيم للقياس باعتبار علته باعتبار العلة النظر إلى العلة وليعتبر أي ولينظر فيه ثلاثة في الرسم كأنه قال في الحد أو في التعريف كأن قوله لعلة جامعة هذا يشمل قياس العلة وقياس الدلالة يشمل

قياس العلة وإن كان هو أظهر في قياس العلة وليعتبر ثلاثة في الرسم إذن حاصله أنه قسم لنا القياس باعتبار علته إلى ثلاثة أقسام لعلة أضفه اضفه لعلة أضف هو الضمير يعود إلى القياس إلى علة فقل قياس علة مضاف ومضاف إليه لذلك قال أضفه يعني الإضافة المعلومة عند النحاة اجعله مضافا والعلة مضافا إليه فقل قياس علة لعلة هذا جار وجرور متعلق بقوله أضفه والضمير يعود إلى القياس أضفه لعلة يعني قل قياس علة أو أضفه لدلالة فقل قياس دلالة أو أضفه لشبه فقل قياس شبه ثلاثة أنواع ثم اعتبر أحواله وهذا من باب التكملة يعني انظر في أحوال كل نوع من هذه الأنواع ليتميز النوع الأول عن الثاني والثاني عن الثالث لأن بالحقائق تتميز الأشياء وبالنظر في الشروط والأركان ونحوها أيضا يحصل كمال التمييز أولها أي أول هذه الأنواع الثلاثة وهو قياس العلة حقيقته ما قياس كان فيه العلة موجبة للحكم مستقلة وهذا ضابطه ضابط التفسير نقول قياس العلة ما جمع فيه بالعلة نفسها منصوصة كان أو مجمع عليها يعني صرح فيه بالعلة نقول هذا قياس علة إذن جمع فيه بالعلة نفسها فقيل النبيذ حرام للإسكار كيف حكمنا بأنه حرام للإسكار قياسا على الخمر بعلة الإسكار إذن العلة منصوص عليها أو لا جمع فيه بالعلة صرح بالعلة فقيل الإسكار هذا يسمى قياس علة أولها ما كان فيه العلة ما كانت العلة فيه هنا ذكر للفصل والعلة هذا مما يجوز تذكيره وتأنيثه لأنه مؤنث مجازي موجبة للحكم أي علة موجبة للحكم بمعنى أنها مقتضية له تقتضي الحكم قال في الشرح بمعنى أنه لا يحسن عقلا تخلف الحكم عنها لا يحسن عقلا وليس المراد أنه يمتنع وإنما المراد لا يحسن بمعنى أنه يقبح وجود العلة دون الحكم وأما الامتناع ليس المراد هذا لأن ذاك يكون في العلل العقلية وأما العلل الشرعية فليس فيها استحالة بل قد قد توجد إذا دل النص توجد ولكن يكون من باب الاستثناء وإلا الأصل أن العلة تتبع الحكم يتبع العلة بمعنى أنه لا يحسن عقلا تخلف الحكم عنها توجد العلة ولا يوجد الحكم هذا ليس بحسن قبيح العلة في تحريم التأفيف الإيذاء والضرب فيه إيذاء أو لا بل هو آكد وأوضح وأظهر الإيذاء واضح بين فيه هل يمكن أن توجد العلة في الضرب ولا يوجد التحريم هذا لا يحسن عقلا أن توجد العلة في الفرع وهو الضرب أو الشتم أو السب واللعن ونحو ذلك ثم لا يوجد التحريم معها ونقول علة تحريم التافيف هو الإيذاء والعلة بنفسها بعينها موجودة في الفرع حينئذ تخلف الحكم عن العلة مع وجودها بتمامها وكمالها في الفرع نقول هذا لا يحسن عقلا لكن لو جاء الشرع به يمنع العقل لا يمنع العقل إذن ليس المراد هنا الامتناع الامتناع العقل الذي يكون في العلل العقلية وأما في العلل الشرعية فيمكن أن تنفك بمعنى أنه لا يحسن عقلا تخلف الحكم عنها ولو تخلف عنها لم يلزم منه محال كما هو في شأن العلل الشرعية والمحال إنما يكون في العلل العقلية وليس المراد الإيجاب العقلي بمعنى أنه يستحيل عقلا تخلف الحكم عنه إذن وجود العلة في الفرع لا يحسن أن توجد ويتخلف عنها الحكم هذا ضابط على ما ذكره الناظم هنا وإذا قلنا ما جمع فيه بين الفرع والأصل بالعلة نفسها بأن صرح بالعلة كفينا من كلام

الناظم هذا لكن ذكره على أن العلة تكون موجبة للحكم يعني مقتضية للحكم طالبة للحكم طلبا شديدا بحيث لا يمكن عقلا وليس مستحيلا لا يمكن تخلف الحكم عن العلة مع وجودها في الفرع كما مثلنا في المثال المذكور أولها أي قياس العلة ما أي قياس كان فيه العلة كانت العلة في ذلك القياس (مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ مُسْتَقِلَّهْ) بنفسها يعني مستقلة بنفسها دون غنيمة شيء آخر موجبة للحكم أي مقتضية له تقتضيه اقتضاءا بحيث لا يحسن تخلف الحكم مع وجودها. فَضَرْبُهُ لِلْوَالِدَيْنِ مُمْتَنِعْ** كَقَوْلِ أُفٍّ وَهْوَ لِلِإيذَا مُنِعْ

فضربه أي وذلك كالقياس ضرب الولد للوالدين أو أحدهما فضربه الضمير هنا يعود على الولد هذا مفهوم من السياق ولا تقل لهما أف لا تقل لهما أنت فضربه أي كقياس ضرب الولد للوالدين معا أو أحدهما هذا ممتنع فضربه ممتنع كقول أف يعني مثل قول أف في كونه ماذا ممتنعا وهو أي تحريم التأفيف منع للإيذاء إذن علة منع التأفيف الإيذاء فمنع التأفيف لذلك الإيذاء نفسه وعينه موجود في ضرب الوالدين نقول كذلك هو ممتنع فضربه أي الولد ممتنع ضربه ممتنع كقول أف كما امتنع قول أف وهو أي تحريم التأفيف منع للإيذاء أي منع لعلة الإيذاء وهو موجود بعينه بكماله بتمامه في الضرب بل ظهوره في الضرب من باب أولى وأحرى هذا يسمى ماذا يسمى قياس العلة حاصله أن الجمع بين الفرع والأصل يكون بذكر العلة نفسها أن يصرح بذكر العلة ويتميز بمعرفة النوع الثاني والثاني ما لم يوجب التعليل حكما به لكنه دليل والثاني أي والنوع الثاني من أنواع القياس الثلاثة قياس الدلالة وهو ما لم يوجب التعليل حكما به لكنه دليل يعني ما جمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة لا بالعلة نفسه الأول بالعلة نفسها هنا بدليل العلة يعني شيء يدل على العلة وليس هو عين العلة وإنما يكون بذكر حكمها أو لازمها والثاني ما لم ما أي قياس لم يوجب التعليل أي العلة حكما به هذا نفي لماذا للتعليل بالعلة ما لم يوجب ما لم يقتضي حكما به يعني فيه الباء بمعنى فيه هنا التعليل أي العلة يعني ما لم تذكر فيه العلة وإنما ذكر فيه لازم من لوازمها كأثرها أو حكمها فيكون الجامع حينئذ دليل العلة لذا قال: لكنه دليل، دليل على ماذا؟ على العلة قال في الشرح هنا دليل على الحكم يعني على العلة قياس الدلالة ما جمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة ليدل اشتراكهما في الدليل على اشتراكهما في العلة فيلزم اشتراكهما في الحكم يعني كما يكون الجامع بين الفرع والأصل هو العلة نفسها كذلك يكون الجامع بين الفرع والأصل ليس هو العلة نفسها وإنما ما دل على العلة فكما حصل الاشتراك بين الفرع والأصل بالعلة نفسها كذلك حصل الاشتراك بين الفرع والأصل بدليل العلة وكما سحبنا حكم الأصل على الفرع بالعلة نفسها كذلك نسحب حكم الأصل على الفرع بدليل العلة وليس بالعلة نفسها فيلزم اشتراكهما حينئذ في الحكم لوجود دليل العلة مثاله قياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة الكريهة والشدة الدالة على الإسكار قالوا السكر لابد له من شدة مطربة الله أعلم بها هكذا يذكر إذا وجدت هذه الشدة والرائحة الكريهة دلت على لازمة من لوازم الإسكار وجود السكر هذا علة قد لا يعرف أن ثم إسكار لكن يعرف علامة الأسكار أنه إذا وجد الإسكار في الخمر أو في النبيذ وجدت معه رائحة كريهة وشدة مطربة يعني ينبسط كذا هذه تسمى شدة مطربة إذا شربه يحصل له خفة حينئذ يستدل بهذا على ماذا على وجود الإسكار فيقال النبيذ حرام لماذا قياسا على الخمر بجامع ماذا الرائحة الكريهة والشدة المطربة فالخمر فيه شدة مطربة وفيه رائحة كريهة عينها تلك الموجودة في النبيذ فنقول يحرم كالخمر بجامع ماذا؟ لا نقول بجامع الإسكار لو قلنا بجامع الإسكار صار قياس علة وإنما نقول بجامع الكراهة الشديدة والشدة المطربة

هذا دليل العلة لأنه لازم من لوازم الإسكار وأثر من آثار الإسكار كذلك إلحاق القتل بالمثقل أو المثقل بالقتل بالمحدد في القصاص بجامع الإثم عندهم عند بعضهم أن القتل العمد عدوان إنما يكون بالمحدد أو المحدد يعني شيء حاد إذا ضرب به يعرف أن هذا ماذا قاتل لكن لو أخذ شيء ثقيل حجر مثلا والأصل فيه أن الناس ما يقتلون بالحجر فضربه نقول نقيس هذا اللي هو القتل بالمثقل على المحد بجامع الإثم هذا حكم من أحكام ماذا العلة والعلة ما هي القتل العمد العدوان موجودة في المحدد وموجودة في المثقل حينئذ نقول الجامع بين الفرع والأصل ليس هو عين العلة فنقول يحرم أو يثبت القتل قصاص يثبت القصاص في القتل بالمثقل قياسا على ماذا؟ على القتل بالمحدد بجامع ماذا الإثم في الأول ووجوده في الثاني هكذا قالوا والثاني ما لم يوجب التعليل حكما به لكنه دليل يعني لم تذكر فيه العلة وإنما ذكر فيه لازم من لوازمها قياس العلة كما ذكره صاحب الأصل هو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر هذا بمعنى آخر استدلال بأحد النظيرين على الآخر وهو أن تكون العلة دالة على الحكم ولا تكون موجبة للحكم لأن الذي أوجب الحكم في الخمر هو الإسكار والرائحة الكريهة والشدة هذه علامة على وجود الإسكار لو قيل كيف نستدل على وجود الإسكار منه الشدة المطربة وجودها في الخمر ليس هو المقتضي في الحقيقة للحكم وهو التحريم وإنما عين العلة وهو الإسكار هو الذي اقتضى التحريم فحينئذ قوله أن العلة دالة على الحكم ولا تكون موجبة للحكم العلة دلت على الحكم لماذا لأن الجامع بين الفرع والأصل ليس هو عين العلة وإنما هو ما ترتب على العلة من أثر وحكمه فحينئذ العلة ساعدت فقط وليست هي عين الحمل حمل الفرع على الأصل وإنما دلت على الحكم وليست هي الدالة بنفسها وإنما دلت بواسطة الحكم والأثر وهذا النوع الذي هو قياس الدلالة غالب أنواع الأقيسة واضعف من الأول وهو ما يكون الحكم فيه لعلة مستنبطة يجوز أن يترتب الحكم عليها في الفرع ويجوز أن يتخلف لأن الاستنباط هذا الاجتهاد فإذا كان مجتهد العلة مجتهدا فيه حينئذ لا يلزم منها الاتفاق على ترتب الحكم الشرعي عليها بل قد يوجد وقد يتخلف قد يقول به قائل وقد يمنع الآخرون بخلاف ما لو كانت مستنبطة مجمع عليها لأنها قد تكون مستنبطة ثم يجمع عليها مثل ماذا لا يقضي القاضي وهو غضبان أجمعوا على أن العلة هنا التشويش مع أنها مستنبطة ليست منصوص عليها وإنما هي مجمع عليها وكونها مجمع عليها قد تكون منصوصة وقد تكون مستنبطة والمستنبطة التي لم يجمع عليها هي التي ذكرها هنا المستنبطة غير المجمع عليها وأما المجمع عليها فهذا داخل في الجلي وهذا النوع هو غالب أنواع الأقيسة وهو ما يكون الحكم فيه لعلة مستنبطة يجوز أن يترتب الحكم عليها في الفرع ويجوز أن يتخلف وهذا النوع أضعف من الأول فإن العلة الدالة على الحكم وليست ظاهرة فيه ظهورا لا يحسن معه تخلف الحكم قد توجد الرائحة الكريهة في النبيذ ولا يوجد الحكم وهو التحريم وانتفاء التحريم في النبيذ لوجود الرائحة الكريهة هذا ليس كانتفاء التحريم في ضرب الوالدين هناك يقبح وهنا لا يقبح.

فَيُسْتَدَلُّ بِالنَّظِيرِ الْمُعْتَبَرْ** شَرْعًا عَلَى نَظِيرِهِ فَيُعْتَبَرْ هذا ما ذكرناه من أنه استدلال النظير بالنظير الاستدلال بالنظير على النظير إذا عرفت ذلك (فَيُسْتَدَلُّ) الفاء هذه هي الفاء الفصيحة فليستدل بالنظير على ثبوت الحكم في نظيره يستدل بثبوت النظير (فَيُسْتَدَلُّ بِالنَّظِيرِ) على ثبوت الحكم في نظيره يعني استدل بالنظير وهو ماذا مثلا الرائحة الكريهة في الخمر على ثبوت الحكم المترتب على هذه الرائحة في نظيره وهو النبيذ لوجود تلك الرائحة الكريهة فيه حينئذ يأخذ حكمه فيستدل بالنظير على ثبوت الحكم في نظيره شرعا على نظيره هذا متعلق بقوله يستدل فيستدل بالنظير على النظير شرعا يعني من جهة الشرع لا من جهة العقل ولا من جهة العادة ولا العرف يعني الحكم الشرعي هو الذي يستدل بنظيره على النظير الآخر أما الأحكام العقلية فلا يستدل هذا هو المقصود هنا (فَيُسْتَدَلُّ بِالنَّظِيرِ الْمُعْتَبَرْ) فيعتبر هذه تكملة يعتبر هذا تكملة فيعتبر هذا تكملة نظيره المعتبر يعني المنظور إليه وأنه مما يلتفت إليه الفقيه ليثبت الحكم الشرعي فيه كقولنا مال الصبي تلزم زكاته فبالغ أي للنمو فقولنا يعني قياس مال الصبي على مال البالغ هل تجب فيه الزكاة أو لا نقول أولا الله أعلم ثم ننظر فإذا مال البالغ وجبت فيه الزكاة لماذا لأنه مال نام ينمو وجدنا تلك العلة التي تعلق بها الحكم الشرعي وهو إيجاب الزكاة في مال البالغ موجودة في مال الصبي لأن مال الصبي ينمو حينئذ نقول ماذا يجب تجب الزكاة في مال الصبي حملا على مال البالغ بجامع ماذا أن كلا منهما مال نام والحكم هو الإيجاب إيجاب الزكاة هكذا قيل وإلا الأصل دليل دال على وجوب الزكاة في مال الصبي، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [سورة التوبة:103] لم يقل خذ منهم من أموالهم دل على أن النظر والاعتبار بماذا بالمال فإذا وجد شرطه حينئذ وجبت الزكاة لقطع النظر عن كونه صبيا أو مجنونا بالغا أو عاقل إلى آخره لكن كمثال هنا والشأن لا يعترض المثال ... إذ قد كفى الفرض والاحتمال وعندهم أن الحكم النص الشرعي إذا دل على حكم شرعي وأمكن إثباته بقياس صحيح قالوا يؤتى به هذا يستثنى مما سبق استثناه كثير حتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يعني قد يثبت الحكم الشرعي بنص واضح بين قد يكون بالإجماع ثم يقال دلالة كذا أو حكم كذا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والقياس والقياس لماذا أتينا به قالوا تكثيرا للأدلة وهذا على ما سبق لا إشكال إذا قيل ما من قياس إلا ودل عليه النص حينئذ لا إشكال بل يكون مرغبا فيه لماذا لأن الأصل في ترتيب القياس هو العقل فحينئذ يكون النقل والعقل قد دلا على الحكم الشرعي ولا إشكال ولا تخالف بين العقل والنقل لماذا؟ لأنه أما في باب العبادات فهذا كما هو معلوم في أصول العبادات لا قياس إذن كما سيأتي الشرط في العلة أن تكون معقولة المعنى حينئذ إذا كانت معقولة المعنى لا مانع من إثبات الحكم الشرعي بالنص من كتاب أو سنة أو إجماع ثم يقال قد دل القياس على صحة ذلك الحكم أو على تأكيد ذلك الحكم ما نقول صحة ذلك الحكم.

(كَقَوْلِنَا مَالُ الصَّبِيِّ تَلْزَمُ** زَكَاتُهُ) تجب الزكاة في مال الصبي هذا فرع ثبت حكمه بماذا بالقياس كبالغ أي حملا على ماذا على وجوب الزكاة في مال البالغ بجامع ماذا أن كلا منهما مال نام (كَبَالِغٍ أَيْ) كما وجبت في مال البالغ (أَيْ لِلنُّمُو) أي فالجامع كونه مالا ناميا للنمو هذا تعليل كما قالوا هو للإيذاء منع أي الإيذاء هو علة التحريم هنا وهو أي للنمو أي فالجامع كونه مالا ناميا هذا هو النوع الثاني وهو قياس الدلالة أن يكون الجمع بين الفرع والأصل لا بعين العلة وإنما بذكر شيء من لوازمها أو حكمها أو أثر من آثارها فحينئذ تكون العلة دالة على الحكم النوع الثالث قال والثالث أي من أقسام القياس وهو قياس الشبه والثالث أو شبه قال هناك (والثَّالِثُ) أي من أقسام القياس والقسم الثالث من أقسام القياس وهو قياس الشبه وهو (الْفَرْعُ الَّذِي تَرَدَّدَا** مَا بَيْنَ أَصْلَيْنِ) الفرع المتردد بين أصلين هذا يذكر فيه من جهة التأصيل أن يقال الوصف الذي هو العلة عند أهل العلم أنهم يقسمون الأوصاف إلى ثلاثة أقسام؛ وصف مناسب ووصف طردي الذي هو غير مناسب وصف تعلم مناسبته لترتيب الحكم الشرعي عليه يعني ليدرك العقل أن الحكم الشرعي رتب أن الشرع قد رتب هذا الحكم على وجود هذا الوصف وتم مناسبة بينهما كالإسكار لتحريم الخمر حفظا للعقل والأموال والناس ونحو ذلك، فنقول تم مناسبة لأنه إذا سكر شرب الخمر حينئذ ماذا يحصل؟ أفسد بدنه وعقله ودينه وغيره كذلك فناسب أن تحرم ماذا؟ الخمر إذن التحريم تحريم الخمر لوجود علة الإسكار هذا مناسب أليس كذلك؟ أدرك العقل وجه المناسبة ربط الحكم بالعلة نقول ما تعلم وصف تعلم مناسبته لترتيب الحكم الشرعي عليه هذا يعرف من جهة العقل يدرك العقل هذا ولا مانع، نحن نقول العقل لا يؤصل لكنه يستنبط، الشرع لم يغلق إعمال العقل بالكلية وإنما جعل له مجال من حيث الاجتهاد والاستنباط والنظر لكن بضوابط كمناسبة الإسكار لتحريم الخمر، فهذا يسمى بالوصف المناسب وهو صحيح يجوز فيه القياس ولا إشكال. النوع الثاني وصف غير مناسب بل لا يتوهم مناسبته لبناء الحكم عليه ليس بينهما مناسبة ولم يعرف من جهة الشرع أنه رتب الحكم الشرعي على هذا كالطول والقصر والسمن والبياض والسمار هل الشرع رتب أحكاما شرعيا راعى فيها كون هذا طويل فيلزمه كذا وهذا قصير لا يلزمه؟ لا نقول إن هذا وصف غير مناسب لأن الشرع لم يلتفت إليه ولا في حكم من الأحكام ولا في أي موضع من المواضع فهذا يسمى وصفا غير مناسب ويسمى وصفا طرديا والقياس به لا يصح وهو قياس باطل.

الثالث وصف بين القسمين السابقين متردد بينهما ليس هو بالوصف الطردي وليس هو بالوصف المناسب متردد بين المناسبة وعدمها وهذا يسمى بقياس الشبه فهو من حيث إنه لم تتحقق فيه المناسبة أشبه الطردي يعني بهذا النظر أشبه الطردي ومن حيث إنه لم يتحقق فيه انتفاء أشبه المناسب ولهذا سمي شبها لأنه تردد بين أصلين مثاله العبد مقتول إذا قتل هل تلزم فيه الدية أم القيمة قالوا العبد متردد بين أصلين روعي فيه من حيث أنه مال يعني أشبه المال لأنه يباع ويؤجر ويوهب ويملك إلى آخره، هذا أشبه ماذا؟ أشبه المال الشيء الذي يتمول والفقهاء يقولون أشبه البهيمة ومن حيث إنه مكلف بالتوحيد والصلاة وعبادة الرب جل وعلا والصيام هذا أشبه ماذا؟ أشبه الحر إذن تردد بين أمرين أيهما أكثر شبها من قال: إنه أشبه الحر حينئذ لزمت فيه الدية ومن قال إنه أشبه المال أو البهيمة كما قيل حينئذ تلزم فيه القيمة يضمن القيمة ولو كانت أكثر من الدية كانت الدية مائة بعير وقيمته هذا يعني رجل له مسؤولية وكذا وهو رقيق لو لزم منه مائتين نقول يعطى مائتين ولو كانت أكثر من الدية هذا الذي ينبني عليه أنه إذا كانت قيمته أكثر من الدية تعينت وإن قلنا الدية حينئذ لا يتعداها، والثالث الفرع الفرع الذي هو المشبه المحل المطلوب إثبات حكم الأصل فيه الفرع الذي ترددا بألف الإطلاق ما زائدة هذه ما زائدة ترددا بين أصلين اثنين كونه وصفا مناسبا وكونه وصفا غير مناسب اعتبارا وجدا وجد اعتبارا ألف الإطلاق وجدا الألف هذه للإطلاق وجد اعتبارا هذا من باب التكملة فليلتحق الفاء هذه هي الفاء الفصيحة فليلتحق يعني فليلحقه المجتهد بأي ذين أكثرا من غيره في وصفه الذي يرى الذي يرى المجتهد أنه أكثر شبها به فليلحقه به فإن رأى أنه أشبه الحر فليلحقه به تختلف الأنظار وإن رأى أنه أشبه البهيمة فليلحقه به وإن ترتب عليه ما ذكرناه فليلتحق بأي ذين الأصلين أكثرا بألف الإطلاق من غيره متعلق بأكثر في وصفه هذا متعلق بأكثرا الذي يرى الذي يعتقده ويعلمه الناظر وهو القائس والمجتهد فليلحق الرقيق في الإتلاف كأنه قال إذا عرفنا هذا فالرقيق المقتول ماذا نصنع فيه قال فليلحق الفاء هنا فاء فصيحة أو فاء التفريع يعني يتفرع على ما سبق المسألة المختلف فيها (فَيُلْحَقُ الرَّقِيقُ) العبد الرقيق المقتول (فِي الِإتْلَافِ) إذا قتل مثلا في الضمان المتردد بين الإنسان الحر والمتردد بين كونه بهيمة فليلحق الرقيق في الإتلاف بالمال فتضمن قيمته حينئذ فتضمن قيمته وإن زادت على دية الحر لا بالحر في الأوصاف في الإتلاف بالمال لا بالحر في الأوصاف هذا لعله متنازع بينهما في المال والحر يعني فليلحق الرقيق في الإتلاف بالمال في أوصافه المترتبة عليه وهو كونه يباع ويوهب إلى آخره لا بالحر في أوصافه من كونه مكلفا بالتوحيد والصلاة ونحو ذلك حينئذ نقول العبد المقتول متردد في الضمان بين الإنسان الحر من حيث إنه آدمي وبين البهيمة من حيث إنه مال وهو بالمال أكثر شبها بدليل أنه يباع ويورث ويوقف إلى آخره هذه الثلاثة الأنواع قياس العلة قياس الدلالة قياس الشبه وبعضهم لا يذكر الرابع هذا الثالث قياس الشبه وإنما يذكر القياس في معنى الأصل

وهذا هو المراد به بالقياس الجلي فيجعلهم ثلاثة قياس العلة قياس الدلالة قياس في معنى الأصل وهو القياس الجلي ولا يُذكر قياس الشبه لأن كثبر من أهل العلم يرون أنه ضعيف وإن كان يستعمل بكثرة في كتب الفقه ثم شرع في بيان بعض الشروط المتعلقة بالقياس يحتاج إلى وقت هذا نقف وغدا إن شاء الله بإذن الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

44

عناصر الدرس * شروط القياس * حكم الأعيان قبل ورود السمع * الاستصحاب لغة واصطلاحا * أنواع الاستصحاب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زال الحديث في باب القياس وذكرنا القياس في اللغة هو بمعنى التقدير والمساواة. وأما في الشرع أو في اصطلاح أهل الشرع قد عرفه المصنف بأنه "رد الفرع للأصل في حكم لعلة جامعة في الحكم" حينئذ اشتمل هذا التعريف على أركان القياس الأربعة الفرع وهو المقيس والأصل وهو المقيس عليه والعلة وهو الجامع أو الوصف الذي يجمع بين الأصل والفرع والحكم الذي هو حكم الأصل، لذلك إذا أطلق الحكم هنا إنما يراد به حكم الأصل لأنه هو المعلوم الذي يراد إلحاق الفرع به وحكم الفرع يكون مجهولاً بل ثمرة القياس إثبات حكم الفرع تبعا للأصل، هذا حد القياس وهنا كما ترى أنه قال رد الفرع للأصل في حكمه لعلة جامعة في الحكم، هذا عند أهل العلم المراد به القياس الصحيح لأن القياس كما سبق قد يكون صحيحا وذلك إذا استجمع الضوابط الثلاثة التي ذكرناها بالأمس، وهي عدم وجود النص وأهلية القائس واستيفاء الأركان والشروط، حينئذ يكون القياس صحيحا فيصح إثبات الأحكام الشرعية بها وبه، وإذا تخلف واحد من هذه الضوابط الثلاثة أو كلها حينئذ يكون القياس فاسدا هل هذا الحد صالح للقياس الفاسد والصحيح أم أنه مختص بالصحيح؟ مختص بالصحيح لماذا؟ لأن قوله رد الفرع للأصل الفرع للأصل رده إذا أطلق الشيء عن القيد حينئذ حمل ذلك اللفظ على ما طابقه في نفس الأمر، إذا كان كذلك فحينئذ يختص بالقياس الصحيح وإذا أراد أن يعرف أن يجعل التعريف شاملا للقياس الصحيح والفاسد زاد لدى الحامل، فيقال رد الفرع للأصل في حكم لعلة جامعة في الحكم لدى الحامل أو في نظر المجتهد فحينئذ يشمل ماذا؟ يشمل القياس الفاسد والقياس الصحيح لأن القياس الفاسد قد يعمل به المجتهد فيظن أنه صحيح فيعمل به ثم بعد ذلك يتبين له فساده حينئذ حين عمله أو حين نعم حينئذ حين امتثاله لذلك القياس يكون عمل بالقياس الصحيح أو الفاسد؟ قبل أن يتبين له فساده يكون قد عمل بقياس صحيح أم فاسد صحيح في ظنه في ذلك الوقت، هذا النوع نريد إدخاله في الحد فنقول لدى الحامل يعني القائس أو نقول في ظن المجتهد، إذن ثم أربعة أركان لكل من هذه الأركان شروط سيذكر المصنف بعضها فيما بقي من الأبيات وأما تفصيل القياس باعتبار قوته وضعفه فهذا قد سبق وتقسيمه باعتبار علته فأيضًا قد سبق ولا إشكال فيما مضى قال والشرط في القياس كون الفرع مناسبا لأصله، الفرع لغة "ما تولد عن غيره وانبنى عليه" أو إن شئت قل "ما تفرع عن غيره كفروع الشجرة" هذا في اللغة. فالأصل ما عليه غيره بني**والفرع ما على سواه ينبني

هذا سبق معنا في أول المنظومة وهنا في هذا الموضع يراد بالفرع المحل المطلوب إلحاقه يعني إلحاقه بماذا؟ بالأصل ليسوى بينه وبين الأصل في الحكم، لوجود العلة الجامعة في الفرع كما هي موجودة في الأصل المحل المطلوب إلحاقه أو إن شئت قل ما يراد إلحاقه بغيره وهو الأصل هذا الفرع ليس كل فرع يصح أن يكون ركنا من أركان القياس بل لا بد من شروط إن وجدت فيه حينئذ يصح اعتباره ركنا من أركان القياس ويصح قياسه على غيره قال: والشرط في القياس الشرط الشرط في اللغة الإلزام أو إن شئت قل العلامة وقيل الشرط هو العلامة وليس هو بإسكان الراء وقيل هو عينه بتحريك الراء إلا أنه سكن من باب التخفيف فالشرط هو عين الشرط وإنما خففت الراء فسكنت هكذا قيل إن كان مشهورا له أنه غيره والشرط في اللغة العلامة والإلزام وفي الاصطلاح ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته حينئذ لا يمكن أن يوجد الفرع إلا إذا وجد شرطه فإذا انعدم الشرط انعدم الفرع من حيث اعتباره ركنا في القياس والشرط في القياس يعني والشرط الأول من شروط القياس أو في اعتبار القياس متى يعتبر إذا استوفى الشروط ومن شروطه كون الفرع مناسبا لأصله كون الفرع وهو المحل المشبه بالأصل مناسبًا لأصله وهو المحل المشبه به لأن القياس قائم على التشبيه كما سبق ولذلك كل تشبيه في القرآن أو ضرب مثل في القرآن فإنما هو دليل على حجية وإثبات القياس لأن التشبيه لأن القياس قائم مقام التشبيه فثم تشبيه ومشبه به ومشبه ووجه الشبه والعلة الجامعة هنا كون الفرع مناسبًا لأصله وهو المحل المشبه به في ماذا مناسبًا له في ماذا المناسبة هنا بمعنى الملائمة أن يكون ملائما له في أي شيء قال في الجمع أي في الأمر الذي يجمع به بينهما بين الأصل والفرع في الجمع أي في الأمر الذي يجمع به بينهما بالحكم فلا تفاوت بينه وبين الأصل ثم بين هذا المراد به قال بقوله أو أشار إليه بقوله أن يكون جامع الأمرين مناسبًا للحكم الباء هذه تسمى ماذا تسمى نعم الباء شرطية هذه بدعة لغوية الباء هنا للتصوير ولذلك نقول مرفوع بالضمة سبق معنا مرارًا نقول الباء هذه للتصوير يعني رفعًا مصورًا بالضمة وهنا الجمع كائنا أو مصورا بأن يكون جامع الأمرين أي فيما يجمع به بينهما لأجل غثبات الحكم مناسبا للحكم جمع الأمرين يعني بما يجمع بين الفرع والأصل مناسبا للحكم يعني حكم الأصل في الفرع إما بأن تكون علة الفرع مماثلة لعلة الأصل في عينها وإما في جنسها يعني لا بد أن تكون العلة الموجودة في الفرع الذي هو المشبه موجودة في الذي هو المشبه به إما بعينها يعني مماثلة لها وإما بجنسها في عينها كالإسكار في النبيذ نقول النبيذ مسكر والخمر مسكر إذن علة تحريم الخمر هو الإسكار وجدت العلة بعينها مماثلة لعلة الأصل فحينئذ لما وجدت العلة وهي الإسكار في الفرع ألحقنا الفرع بالأصل فسوينا بينهما في الحكم هنا نقول وجدت العلة في الفرع وهو مناسب للأصل في حكمه الترتب على تلك العلة وهنا المماثلة حصلت في عين العلة وإما في جنسها في جنسها يعني لا في عينها وإنما في أمر عام يشملها ويشمل غيرها كقياس وجوب القصاص في الأطراف هذا واجب قياسا على وجوب القصاص

في النفس هذا قصاص في الأطراف وهذا قصاص في النفس هل هي عينها؟ الجواب: لا، وإنما نقول الجامع هنا بين القياس بين الأصل والفرع هو الجناية والجناية أعم من أن تكون في الأطراف وأعم من أن تكون في النفس بل هي تشمل النوعين حينئذ صار الجامع بين الفرع والأصل جنس العلة لا عينها أما عينها فهو ماذا القتل العمد العدوان وهو جناية والاعتداء على الطراف هذا جناية إذن كل منهما جناية هذا متحد بالجنس مختلف بالعين أليس كذلك متحد بالجنس وهو الجناية كل منهما جناية ومختلف بالعين فعين الجناية الأولى في الأطراف وعين الجناية الثانية قتل النفس عمد عدوان حينئذ نقول وجدت علة الأصل في الفرع لكن في جنسها فاشبه الفرع الأصل بوجود العلة لكن لا بعينها وإنما بجنسها بأن يكون جامع الأمرين مناسبًا للحكم دون مين من غير كذب هذا من باب التكميل والتتمة إذن نقول شرط الفرع وجود علة الأصل فيه بتمامها وكمالها ولا يشترط عينها وإنما قد تكون مماثلة لعين علة الأصل وقد تكون مماثلة لها في جنسها وهذا يكفي ويكفي الظن ولا يشترط القطع يعني لا يشترط القطع بوجود علة الأصل في الفرع بل يكفي الظن لأن الظن متعبد به أليس كذلك؟ الظن متعبد به فحينئذ إذا ألحق الفرع بأصله لعلة جامعة بينهما نقول: لا يتم القياس إلا بتحقق وجود العلة في الفرع لا بد أن نقطع قطعًا جازما لاشك فيه ولا مرية فيه بأن العلة موجودة في الفرع أو يكفي الظن نقول يكفي الظن حينئذ يظن وجود الحكم المترتب على ظن وجود العلة إذن شرط الفرع وجود العلة علة الأصل فيه بتمامها لماذا لأن مناط لأنه مناط تعدي الحكم إليه وإلا فلا قياس إذا لم تكن العلة متعدية من الفرع إلى الأصل هل يمكن أن يوجد قياس لا يمكن لذلك نقول لعلة جامعة هذه العلة لا بد أن تكون متعدية حينئذ وجودها في الفرع كوجودها في الأصل وإلا انتفى القياس ولذلك لا يصح أن يكون الجامع بين الفرع والأصل علة قاصرة لا تتعدى ليس لها تأثير وإن صح التعليل بها في محله كالثمنية بالنسبة للذهب في الربا ونحوه فنقول الثمنية هذه علة لكنها قاصرة بمعنى أنه لا يلحق غير الذهب بالذهب في الثمنية لماذا؟ لأن من صح التعليل بها في محلها ولا يصح تعديها إلى غيرها فإذا بطل تعديها إلى غيرها حينئذ بطل القياس إذن شرط الفرع وجود علة الأصل فيه بتمامها لأنه مناط تعدي الحكم إليه وإلا فلا قياس هذا هو الشرط الأول الثاني أن يقال ألا يكون حكم الفرع منصوصًا عليه بحكم يخالف حكم الأل ألا يكون الفرع منصوصا عليه فإن كان منصوصا عليه لا قياس لماذا؟ لأن ثمرة القياس إثبات حكم الفرع وهو مجهول ولذلك نقول: رد الفرع للأصل في حكمه يعني يجهل حكم الفرع فنريد الوقوف عليه فنلحقه بأصله فنعلم حينئذ الحكم هذا هو الشرط الثاني ألا يكون حكم الفرع منصوصا عليه والشرط في القياس كون الفرع مناسبا لأصله في الجمع بأن يكون هذا تصوير لبيان المناسبة في الجمع بين الأصل والفرع بأن يكون جامع الأمرين بين الفرع والأصل مناسبًا للحكم إما في عينها وإما في جنسها والمثالين ما ذكرناهما ثم انتقل إلى بيان شرط الأصل قال وكون ذاك الأصل ثابتا لما يوافق الخصمين في رأييهما وكون ذاك الأصل الأصل في اللغة هو

ما انبنى عليه غيره فالأصل ما عليه غيره بني والمراد به هنا المقيس عليه ولذلك سبق أن غطلاق الأصل في الاصطلاح يكون على أربعة معاني منها الصورة المقيس عليها وهو الذي معنا الآن كالخمر بالنسبة للنبيذ فإنه مقاس عليه إذن المقيس عليه نقول هذا أصل لأنه انبنى عليه الفرع والفرع هذا فرع لماذا لأنه انبنى على غيره الأصل ينبني عليه غيره والفرع هو انبنى على غيره فثم فرق بينهما إذن الأصل في اللغة ما انبنى عليه غيره وأما في الاصطلاح فهو المحل الثابت له الحكم الملحق به يعني يلحق به الفرع فالخمر هذا محل ثابت له الحكم وهو التحريم ملحق به النبيذ لذلك صار أصلا أو تقول هو محل الحكم الشبه به فشبه النبيذ بالخمر بجامع ماذا؟ الإسكار، فالإسكار وجه الشبه والنبيذ هذا مشبه والخمر مشبه به وشرطه أن يكون معقول المعنى هذا لم يذكره المصنف يعني حكم الأصل شرط حكم الأصل أن يكون معقول المعنى يعني يدرك بالعقل مناسبته للمحل وشرطه أن يكون معقول المعنى أي حكم الأصل لا نفس الأصل لماذا ليعدى حكم الأصل إلى الفرع لا بد من التعدية وإن انتفت التعدية انتفى القياس والمقصود أن يكون حكم الأصل مدرك العلة التي لأجلها شرع هذا الحكم لأن القياس مبني على إدراك العلة إذ هو تعدية الحكم من محله وهو الأصل إلى محله وهو الفرع بواسطة تعدية العلة تعدية ماذا العلة من محل إلى محل من الأصل إلى الفرع بواسطة ماذا تعدية العلة فإن لم تكن العلة متعدية امتنع القياس إن لم يكن حكم الأصل معللا مدركا بالعقل وجه المناسبة بينه وبين الحكم أو الوصف الذي علق عليه ورتب الحكم حينئذ نقول امتنع القياس لماذا لأنه امتنع تعدية ذلك الوصف إلى الفرع فامتنع القياس بطلت القياس أما ما لا يعقل معناه كعداد الصلوات والسعي والطواف فإنه لا يجوز القياس فيه لماذا لأنه غير معقول المعنى المراد به محض التعبد فالتعبد به لا يصح القياس عليه كنقض الوضوء بأكل لحم الإبل يأتيك قائل يقول الوضوء ينتقض بلحم الإبل بأكله وهو طاهر بالإجماع والخنزير نجس بالإجماع حينئذ أيهما أولى بالنقض الخنزير أو الإبل أيهما أولى لا لو كان أولى موافقا للعقل لجاء به الشرع ...

فنقول في الظاهر الذي يبدو أنه الخنزير لكن نقول لا لتعلق الشرع أو الحكم الشرعي بلحم الإبل نقول هو أولى وإن لم يظهر لنا بدليل ماذا ترتب النقض على أكل لحم الإبل لم يرد في الخنزير لو قال قائل متفيقه قال: نلحق الخنزير بأكل لحم الإبل فنقول ينتقض الوضوء بأكله لأنه نجس بل هو أولى بلحم الإبل نقول: هذا باطل لماذا؟ لأن حكم الأصل وهو لحم الإبل النقض المرتب على أكل لحم الإبل هذا غير معقول المعنى وإن قيل فيه شياطين إلى آخره لكن نقول غير معقول المعنى هو الصواب أن الحكم تعبدي فإذا كان كذلك لا يمكن أبدا إلحاق أي لحم بلحم الإبل لأن الأصل الذي هو نقض الوضوء بأكل لحم الإبل هذا غير معقول المعنى ما المناسبة بينهما الله أعلم لا ندري وما ذكره بعض الفقهاء كله يعتبر من الحكم أما نص شرعي أو علة مستنبطة راجحة حينئذ لا وجود لها إذن التعبد لا يصح القياس عليه هذا هو الشرط الأول أن يكون حكم الأصل معقول المعنى الشرط الثاني موافقة الخصم عليه (يرحمك الله) موافقة الخصم عليه على ماذا على هذا الحكم لأنه لو نازع الخصم في ترتب ذلك الحكم على العلة كيف يتفقا معه ويصير القياس حجة عليه هذا يمتنع وهذا ما يسمى بالانتشار يعني منع الخلاف في علة حكم الأصل أو في حكم الأصل منع قالوا دفعا للانتشار الانتشار لماذا لأنك تتكلم في مسألة تريد أن تثبتها بالقياس فتقول هذا مقاس على كذا يقول لك لا أنا ما أوافقك في هذه المسألة فتخرج عنها إلى مسألة أخرى ثم قد يأتي في المسألة الأخرى ما يحتاج إلى أن تخرج إلى مسألة ثالثة وهلم جرا هذا يسمى عندهم انتشار دفعا لهذا الانتشار قالوا: لا بد في باب المناظرة أن يكون القياس الذي يراد أن يحتج به يعني أحد المتناظرين على الآخر لا بد أن تكون العلة متفق عليها وكذلك الحكم دفعا للانتشار وأما إذا لم يكن خصم حينئذ يصح إثبات الحكم بماذا بأي دليل يصح عند القائس سواء وافق عليه غيره أم لا وإنما هذا الشرط يعتبر في ماذا في باب المناظرة فقط إذن الثاني موافقة الخصم عليه بعضهم قال كل الأمة وهذا باطل إذن موافقة الخصم عليه لا كل الأمة أي على المستدل إثبات حكم الأصل بالنص لا بعلة ينازع فيها الخصم فلا يكون القياس أو بعلة مسلمة بين الطرفين لأن المراد دفع الانتشار فالشرط هنا أن يكون حكم الأصل ثابتا بدليل متفق عليه بين الخصمين أي المتناظرين في مسألة فيها قياس فإن لم يكن خصم فالشرط ثبوت الحكم للأصل بدليل يقول به القائس لأن المراد إثبات الحكم الشرعي فإذا ثبت الحكم الشرعي بأي دليل صحيح نقول ثبت الحكم الشرعي سواء وافق الخصم أو لم يوافق لكن إن كان ثم مناظرة فحينئذ لها شروطها وآدابها وكون ذاك الأصل أي وشرط الأصل هذا معطوف على قوله كون الفرع والشرط في القياس كون الفرع والشرط في القياس كون ذاك الأصل كون ذاك الأصل والمراد بالأصل هنا الحكم لا ننس الأصل المحل الخمر مثلاً وإنما المراد الحكم لأن يكون ذلك الحكم ثابتًا بنص أو إجماع أو مرتبًا على علة متفق عليها بين الخصمين وكون ذاك الأصل إي حكمه من حيث كونه أصلاً ثابتًا له بما يوافق يعني بما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على نص أو إجماع متفق عليه ثبوتا أو دلالة بما يوافق

الخصمين يعني المتنازعين في ثبوت ذلك الحكم للفرع بأن يتفقا على علة علة حكمه أن يتفقا على علة حكمه ليكون القياس حجة على الخصم المنكر لذلك الحكم في الفرع هذا ما يتعلق بالشرط الثاني وهو متعلق بحكم الأصل أن يكون حكم الأصل ثابتا إما بنص أو إجماع أو باتفاق الخصمين عليه زاد بعضهم ألا يكون منسوخا لأنه لو كان منسوخا لو كان حكم الأصل منسوخا لا يقاس عليه لماذا ليس نعم ليس حكما شرعيًا والقياس هنا يجري في ماذا في إثبات الأحكام الشرعية إذن لو قيس على حكم منسوخ وأثبت ذلك الحكم للفرع كان ماذا؟ صار القياس باطلاً وصار الحكم الثابت للفرع حكما باطلا لأنه ليس بحكم شرعي ثم انتقل إلى بيان العلة وشرط كل علة أن تطرد في كل معلولاتها التي ترد لم تنتقض لفظا ولا معنى فلا قياس في ذات انتقاض مسجلا مسجلا بألف الإطلاق يعني مطلقًا مسجلا يعني مطلقًا وشرط كل علة العلة في اللغة بمعنى المرض أو عما يقتضي أو اقتضى تغييرا عما اقتضى تغييرا لأن العلة تغير حال المحل كيف تغير حال المحل أي محل الفرع نعم تغير حال المحل من حيث كونه لا حكم له يعني يجهل حكمه غير معلوم إلى كونه معلوم الحكم فالنبيذ نقول هنا مجهول الحكم النبيذ المسكر مجهول الحكم لكن لما وجدت تلك العلة فيه بعد أن لم تكن تغير حكم الفرع النبيذ من كونه لا حكم له إلى كونه محرما فحصل التغيير كما أن المرض يغير حال الإنسان من الصحة إلى السقم ومن القوة إلى الضعف كذلك العلة تغير حال الفرع من حال لا حكم له إلى حال ووصف له حكم لذلك كانت المناسبة بين تسمية مناط المناط مناط الحكم الذي يسمى علة سمي علة لهذا الوصف وهو اقتضاؤه تغييرا وإلا يسمى مناطا ويسمى مؤثرًا ومظنة وسببًا ومقتضيًا ومستدعي وجامع وكلها أسماء لمسمى واحد ولها اعتبارات مختلفة مرت معنا في القواعد إذن العلة لغة تأتي بمعنى المرض وأما في الاصطلاح فبعضهم يقول: هي المعرف للحكم يعني جعلها الشارع علامة على وجود الحكم فمتى ما وجد الإسكار وجد الحكم وهو التحريم، ومتى ما انتفى الإسكار انتفى التحريم المرتب على الإسكار إذن علامة أو لا علامة وأمارة وبعضهم يقول: هو الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة لإثبات الحكم الإسكار هذا علة ومشتمل على الحكمة وهي حفظ العقل والبدن والمال ونحو ذلك هذه حكمة ولا نقول هي علة كما نقول السفر علة القصر والحكمة دفع المشقة ففرق بين العلة وبين الحكمة حينئذ يوجد أو يترتب أحكام السفر مطلقا على مطلق وجود السفر وأما وجود الحكمة وانتفاء الحكمة هذا لا يكون قدحا في ترتب الأحكام المرتبة على العلة لأن الحكمة قد تعلم وقد تخفى وقيل هي الوصف الجامع بين الفرع والأصل المناسب لتشريع الحكم الوصف الجامع بين الفرع والأصل المناسب لتشريع الحكم هذا كالأول ولكن باختصار نقول العلة هي المعرف للحكم يعني ما جعله الشرع علامة وأمارة على وجود الحكم فمتى ما وجد هذا الوصف المناسب لترتب الحكم عليه حينئذ نقول وجد الحكم ومتى انتفى ذلك الوصف انتفى الحكم هنا قال شرط كل علة أن تطرد يعني الاطراد هل هو شرط في صحتها أم لا هذا فيه نزاع والمصنف مال هنا إلى كونه شرطًا يعني كلما وجدت العلة وجد الحكم هذا المراد بالاطراد كلما

وجدت العلة وجد الحكم فإن تخلف الحكم مع وجود العلة دل على عدم صحتها وهذا ما يسمى بالنقض حينئذ يكون النقض قادحًا في صحة العلة إذن ما المراد بالاطراد كلما وجدت العلة وجد الحكم فإذا تخلف الحكم مع وجود العلة هذا يسمى بالنقض فيكون قادحًا في صحة العلة فالعلة تكون باطلة فالاطراد شرط في صحة العلة على ما ذهب عليه المصنف هنا أو مال إليه فإذا تخلف الحكم عنها مع وجودها استدللنا على أنها ليست بعلة إذا وجدت العلة في محل ولم يوجد الحكم المرتب عليها في الأصل حينئذ نقول هذا دليل على أن تلك العلة ليست بعلة وإنما توهمنا ووهمنا أنها ..

في الأصل أنها ليست بعلة لماذا؟ لأن شرط العلة الاطراد كلما وجدت العلة وجد التحريم الحكم معها فكلما وجد الإسكار وجد التحريم وكلما انتفى التحريم دل على أن الإسكار ليس بعلة إن وجد الإسكار دون التحريم قلنا إذن ليس بصحيح أن تعلل الخمر بالتحريم لأجل الإسكار فدل على أن العلة باطلة وفاسدة وهذا ما يسمى بالنقض فالنقض حينئذ يقدح في صحة العلة وهذا قول القاضي أبي يعلى وبعض الشافعية وقيل لا يشترط اطراد العلة ليس بشرط أن تطرد العلة بل متى ما رتب الشرع الحكم على وصف مناسب وعلمنا في ذلك الموضع وذلك وذلك المورد أن الحكم مرتب على هذا الوصف فإذا وجد حينئذ تلك العلة ولم يوجد الحكم لا نقول إن العلة ليست بصحيحة بل هي صحيحة وعدم ترتب الحكم أو تخلف الحكم عنها في ذلك الموضع لا بد أن يكون لأمر خارج عنها وهي ثلاثة أشياء إما الاستثناء وإما لفوات شرطه أو محله أو معارضته بعلة أخص منها هذه ثلاثة أمور سيأتي الآن بيانها وقيل: لا يشترط اطراد العلة فلا يقدح النقض في صحتها بل هو تخصيص لها يختص بمورد الحكم وتبقى العلة صحيحة فيما عدا المحل المخصوص يعني هذا أشبه ما يكون بالخاص مع العام إذن هل العلة تقبل تخصيصًا نقول: نعم إذا دل الدليل على عدم اعتبار ذلك الحكم على تلك العلة في موضع نستثني هذا الموضع ونجعل العلة لها مفعولها وأثرها في بقية المحال فحينئذ نقول: النقض ليس إبطالاً للعلة بل هو تخصيص للعلة النقض ما المراد بالنقض وجود الحكم دون العلة هذا المراد بالنقض تخلف الحكم مع وجود العلة نقول هذا نقض هل كل نقض يعتبر قدحا في صحة العلة الجواب لا ثم مظان إن تخلف الحكم عن العلة نقول هذا مستثنى وما عداه يبقى على الأصل إذن لا يشترط اطراد العلة فلا يقدح النقض في صحتها بل هو تخصيص لها يختص بمورد الحكم وتبقى العلة صحيحة في ما عدا المحل المخصوص كالعام إذا خص لماذا قالوا لأن ثبوت الحكم على وفق المعنى المناسب في موضع ما دليل على أنه هو العلة إذا ثبت تحريم الخمر لعلة الإسكار في ذلك الموضع وعلمنا أن هذا الحكم مناسب لذلك الوصف حكمنا بماذا بأن هذه علة لذلك الحكم ثم إذا تخلف الحكم في موضع آخر وجدت فيه تلك العلة نقول هذا لا يعتبر نقضا وتخلف الحكم حينئذ يحتمل ماذا يحتمل إنه لمعارض يعني عارض ترتب الحكم المرتب على العلة أمر خارج عنها لا لذات العلة وإنما منع من تاثيرها مانع أو فقد شرط أو عورضت بما هو أولى منها يحتمل أنه لمعارض كفوات شرط أو وجود مانع ويحتمل أنه لعدم العلة فلا يطرق الدليل المغلب للظن لأمر محتمل إذن نقول القاعدة أن الأصل هو اطراد العلة ولكن إذا تخلف الحكم عنها في موضع من المواضع حينئذ لا بد من التماس سبب التخلف فنقول لا يخرج عن ثلاثة أحوال إما لاستثنائه من جهة الشرع يعني تخلف الحكم عن العلة له ثلاثة أضرب إما استثناؤه منن جهة الشرع يعني استثني من قاعدة القياس على جهة الاستحسان مثل ماذا قالوا كالتمر في المصراة المصراة هي الشاة التي تكون حلوب يعني فيها اللبن الكثير يبيعها بائعها ثم يأتي المشتري فيحلبها ثم يتبين بها عيب فيردها واللبن الذي ذهب لا بد من رده والأصل في هذا أنه يرد مثليا لبن بلبن هذا الأصل لكن جاء

الحديث ردها وصاعا من تمر إذن تخلف الحكم أو لا تخلف الحكم لماذا استثني من جهة الشرع وإذا استثني من جهة الشرع لا إشكال ومثله مسألة العرايا لأنها في الأصل هي ربا ولكن نقول هي مستثناة من الأصل إذن كالتمر في المصراة إيجاب صاع من تمر في لبن المصراة إذا ردها المشتري مع أن علة إيجاب المثل في المثليات التماثل بينهما لا بد أن يتماثلوا وهنا تخلف ليس فيه تماثل فالأصل أن يضمن لبن المصراة بلبن مثله لهذه العلة وهي وجوب التماثل لكنه استثني شرعا فلا تلزمه العلة الثاني أن يكون تخلف الحكم مع وجود العلة لمعارضة علة أخرى أخص منها مثلوا له بماذا؟ بتعليل رق الولد برق أمه هذا ثابت بالإجماع الأم إذا كانت رقيقة فالولد حينئذ يتبعها رقا أليس كذلك؟ هذا ثابت بالإجماع قد يوجد رق الأم ولا يوجد رق الولد العلة موجودة أو لا إذا ثبت حرية الولد مع رق الأم نقول هنا ماذا وجد الحكم أو لا تخلف لم يوجد الحكم لأننا نقول الأصل بالإجماع أن رق الولد تابع لرق أمه فإذا كانت الأم رقيقة حينئذ لزم أن يتبعها الولد إذن علة رقة الولد رق الأم قد يوجد أو توجد العلة مع تخلف الحكم ويكون الولد رقيقا يكون حرا مثلوا له بمن تزوج امرأة يظنها حرة فتبين أنها أمة حينئذ حصل غرر أولاده منها أحرار أم عبيد أحرار وجدت العلة كون أمهم رقيقة وانتفى الحكم المرتب على ذلك لماذا لمعارضة هذه العلة بعلة أخرى أخص منها وهي علة الغرر يعني اعتقاد الأب حرية أولاده فروعي لأن الشرع يقولون متشوف لماذا؟ للعتق [أيوه] هذه قاعدة عامة الشرع متشوف للعتق فحينئذ روعيت هذه العلة وهي اعتقاد الأب حرية أولاده لأنه لو لم يعتقد أو علم أن الأم أمة حينئذ لامتنع من الإقدام فروعيت هذه العلة وعورضت بها علة الأصل مثال تعليل رق الولد برق أمه وهذا إجماع لكن ولد من تزوج امرأة على أنها حرة فبانت أمة يكون ولده منها حرا مع أن العلة وهي رق الأم موجودة لكنها عورضت بعلة أخرى وهي الغرر الذي صار سببا لحرية الولد فهنا علتان علة رق الأم أو علة رق الولد تبعا لأمه وعلة الحرية تبعًا لاعتقاد أبيه حريته وثبت مقتضاه العلة الثانية قدمت على الأصل إذن تخلف الحكم مع وجود العلة لماذا لأن هذه العلة العامة عورضت بعلة أخص منها ولا يعتبر ذلك نقضا للعلة بل هو تخصيص لها الثالث تخلف الحكم مع وجود العلة قد يكون لعدم المحل أو فوات شرطه شرط العلة يعني الوصف لعدم المحل أو لفوات شرطه شرطها يعني العلة فالأول الذي هو عدم المحل نحو القتل العمد العدوان هذا علة لوجود ماذا القصاص فلو قتل الأب ابنه الوالد ولده عمدا عدوانا هل يثبت الحكم القصاص لا يثبت لماذا لعدم صلاحية المحل حينئذ تكون الأبوة مانعة من تأثير الحكم من تأثير العلة في الحكم هل تخلف الحكم عن الأب القاتل العمد العدوان لولده عدم نعم هل تخلف الحكم عن قتل الأب القاتل لولده عمدًا عدوانا يعتبر نقضا للعلة هل يعتبر نقضًا للعلة نقول: لا بدليل زيد لو قتل عمرا عمدًا عدوانًا قتل به، أليس كذلك؟ إذن أثرت العلة أو لا؟ أثرت، لكن لو وجد وصف الأبوة حينئذ نقول: المحل الذي هو الوالد ليس محلا للحكم الثاني الذي هو فوات شرطه الزنا علة للرجم وشرطه الإحصان فإذا

تخلف الحكم وهو الرجم مع وجود العلة وهي الزنا لا يقال إن العلة منقوضة وإنما نقول: علة فات شرطها زيد زنا فلم يقتل وجدت العلة وهي الزنا لم يقتل نقول هذه العلة لها شرط وهو الإحصان إذن فات القتل مع وجود العلة وهي الزنا لفوات شرط العلة وهو الإحصان فتخلف الحكم عن العلة في هذه المواطن الثلاثة لا يعد نقضا لها بل هو تخصيص لها وما سواه فناقض للعلة لأن الأصل هو انتقاض العلة هذا هو الأصل إذا تخلف الحكم دل على أن العلة باطلة ليست بصحيحة ويستثنى منها هذه المواطن الثلاثة وترك الحكم في الأنواع الثلاثة لقيام الدليل عليه ففي غيرها يعمل بالأصل وشرط كل علة أن تطرد في كل معلولاتها معلولاتها أي محالها التي وجدت فيها تلك العلة التي ترد هذا من باب التكملة لم تنتقض لفظا ولا معنى هنا غاير بينهما وإن كان هذا مجرد اصطلاح لم تنتقض تلك العلة لم تفسد لم تبطل لفظًا ولا معنى إذا بطلت أو انتقضت لفظًا لزم أن تنتقض معنى وإذا انتقضت معنى لزم أن تنتقض لفظًا إذًا لماذا غاير بينهما؟ نقول: لأن النقض في اللفظ راجعا للعلة المركبة كالأبوة مع ولده إذا قتل لأن العلة مركبة وإذا انتقض انتقضت العلة وهي مفردة غير مركبة قالوا هذا راجع للمعنى وهذا مجرد اصطلاح إذن المرجع في الانتقاض لفظا ومعنى إلى وجود العلة بدون الحكم نقول هذا نقض لها إما في اللفظ وإما في المعنى ومردهما واحد وإلا ما غاير بينهما لأن العلة في قتل الوالد لولده ما هي العمد العدوان قتل عمد عدوان إذن هي مركبة فإذا انتقضت قيل انتقضت لفظا لأنها مركبة من أوصاف متعددة نظر فيها إلى جانب اللفظ وإذا كانت العلة واحدة مفردة حينئذ فنقضت يعبر عنها بأنها انتقضت من جهة المعنى وهذا مثلوا له بماذا تجب الزكاة في المواشي لدفع حاجة الفقير تجب الزكاة في المواشي لو علل بهذا ليس المراد أنه هو الصواب لو علل بأنه دفع لحاجة الفقير فيكون هذا منقوض لماذا؟ لأن الجواهر موجودة فيها تلك العلة تدفع حاجة الفقير إذن يلزم منه ماذا وجوب الزكاة في الجواهر فنقول هذه علة منقوضة من جهة المعنى لماذا لأنها مفردة لم تنتقض لفظا بأن تصدق الأوصاف المعبر به عنها في صورة لا يوجد معها الحكم ولا معنى بأن يوجد المعنى المعلل به في صورة ولا يوجد معها الحكم وكلاهما بمعنى واحد ولكن التغاير هذا من باب الاصطلاح فلا قياس أي فلا يصح القياس في ذات انتقاض يعني في علة منتقضة لفظا أو معنى مسجلا أي مطلقا هذا ما يتعلق بماذا ... طرد العلة يقال اشتراط اطراد العلة فيه تفصيل وهل يشترط انعكاسها أو لا يعني انتفاء الحكم لانتفاء العلة عكس الأول كلما وجدت العلة نظر للعلة وجد الحكم ..

كلما انتفى الحكم انتفت العلة هذا الانعكاس هل يشترط فيها أم لا هذا فيه تفصيل الصواب التفصيل وهو إذا اتحدت العلة فلابد من عكسها إذا اتحدت العلة فلابد من عكسها لأن انتفاء العلة يوجب انتفاء الحكم إذ لا بد له من علة كالإسكار مع خمر نقول علة واحدة أو متعددة واحدة إذا انتفى انتفى إذا انتفى الحكم انتفى التعليل بالإسكار هذا فيما إذا اتحدت العلة كانت واحدة وأما إذا تعددت وانتفت علة معينة فانتفى الحكم لانتفاء تلك العلة هل هذا يصح وأما إذا تعددت العلة فلا يلزم من انتفاء بعض العلل انتفاء الحكم نقض الوضوء يكون بماذا بنواقض الوضوء كالبول والريح ونحو ذلك لإغذا قيل عدم البول لم ينتقض بالبول مثلاً عدم البول لا يلزم منه عدم نقض الوضوء صحيح عدم البول لا يلزم منه عدم نقض الوضوء صحيح لأنه قد ينتقض بماذا بناقض آخر إذن إذا تعددت العلل لا يشترط الانعكاس ثم قال: والحكم من شروطه أن يتبع علته نفيًا وإثباتًا معًا هذا يعلم حكمه مما سبق حكمه يدور مع علته وجودا وعدما هذا المراد الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ايش المراد بهذا الحكم يدور مع علته وجودا وعدما أيهما الذي يوجد مع الآخر يوجد الحكمة مع العلة وينتفي مع انتفائها إذا وجد الحكم وجدت العلة وإذا انتفى الحكم انتفت العلة والعكس صحيح إذا وجدت العلة وجد الحكم وإذا انتفت العلة انتفى الحكم وإلا ما استثني فيما سبق والحكم أي حكم الأصل وهو حكم الشرع الذي ورد به نص من كتاب أو سنة أو إجماع من شروطه والحكم من شروطه يعني بعض شروطه ليست كل الشروط كل ما ذكر كلها بعض الشروط من شروطه أن يتبع علته نفيًا وإثباتًا نفيًا أي عدما وإثباتًا أي وجودًا فإن وجدت العلة وجد الحكم وإن انتفت العلة انتفى الحكم وهذا فيما علل بعلة واحدة الطرد هنا أو طرد الحكم مع العلة وجودا وعدما هذا فيما إذا علل بعلة واحدة وأما إذا كان الحكم معللا بعلل فإنه لا يلزم من انتفاء علة معينة منها انتفاء الحكم كالقتل مثلاً القتل يجب بماذا؟ بأسباب قد يجب بماذا؟ بالردة، قد يجب بمفارقة الجماعة، قد يجب بماذا أيضًا؟ بالقتل بالزنا إذًا قتل هذا حكم معلق بعدة علل لو انتفى علة معينة منها كالردة مثلاً هل يلزم منها انتفاء الحكم لا قد يقتل لا للردة بل لمفارقة الجماعة أو لترك الصلاة فيقتل حينئذ إذن نقول: لا يلزم هنا طرد الحكم مع علته لأنه قد يوجد الحكم وهو القتل مع انتفاء العلة وهو الردة أليس كذلك هل كلما انتفت الردة انتفى الحكم وهو القتل لا وإنما قد يوجد القتل مع علة أخرى إذن إذا تعددت العلل حينئذ القاعدة هذه مستثناة فلا يقال الحكم يدور مع علته وجودا وعدما وإنما يقيد بعلته إذا كانت واحدة وأما إذا كانت مخركبة أو معددة متعددة فحينئذ انتفاء علة معينة لا يلزم منه انتفاء الحكم فهي التي له حقيقة تجلب وهو الذي لها كذاك يجلب فهي ضمير العلة التي له للحكم يشرح تجلب تجلب الحكم نعم يعني هي الجالبة للحكم حقيقا يعني بنفسها ليست مؤثرة وإنما بتأثير الرب جل وعلا فهي التي له حقيقا تجلب فالعلة هي الجالبة للحكم أي الوصف المناسب لترتيب الحكم عليه وهو أي الحكم الذي لها للعلة كذاك يجلب فالحكم مجلوب للعلة كل منهما جالب

ومجلوب خاطب ومخطوب كل منهما جالب ومجلوب كل يخطب ود الآخر كذاك يجلب أي فالحكم مجلوب للعلة أي هو الأمر الذي يصح ترتب العلة عليه أو ترتبها على العلة هذا ما يتعلق بالحكم وثم شروط أخر ذكرها بعضهم في المطولات ومنها مما لا بد من ذكره أن يكون حكم الفرع مساويًا لحكم الأصل هذا لا بد إذا ألحق الفرع بالأصل وكان الأصل واجبًا لا يمكن أن يكون الفرع مندوبًا بل لا بد أن يكون مساويًا له فإن كان الأصل واجبًا كذاك الفرع يكون واجبًا أما التخلف بأن يكون الأصل واجبًا والفرع مندوبًا أو بالعكس نقول: هذا لا يصح إذا من شروط الحكم حكم الفرع أن يكون مساويًا لحكم الأصل كقياس الأرز على البر في التحريم فلا يصح قياس واجب على مندوب ولا العكس لعدم مساواتهما في الحكم ومن الشروط أيضًا أن يكون الحكم شرعيًا لا عقليًا ولا أصوليًا بمعنى أنه يكون حكمًا عمليًا القياس إنما يثبت في الأحكام الشرعية العملية ولذلك الأصل في التوحيد أن لا قياس لا يجري القياس في التوحيد ولا في العقيدة واستثني قياس الأولى فقط وهو كل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ثبت للمخلوق فالخالق أولى به لأنه معطي الكمال وكل نقص ثبت للمخلوق كل نقص وجب نفيه عن المخلوق فالخالق من باب أولى وأحرى هذا الذي يصح القياس فيه فقط قياس الأولى وأما ما عداه فلا يصح لماذا لأنه يلزم منه الشرك ولو كان لفظيا يعني يجعل الرب جل وعلا مع غيره في داخلاً تحت موضوع المقدمة لما نقول الفاعل مرفوع وزيد فاعل والفاعل مرفوع الفاعل مرفوع هذه مقدمة الكبرى هذا يشمل زيد وغيره على جهة السواء فصار زيد جزئية من جزئيات موضوع المقدمة الكبرى فلو جعل الخالق مع المخلوق في قياس مثل هذا للزم ماذا لزم التسوية بينهما تحت موضوع واحد وهذا باطل أو لا هذا باطل لا شك مثل أن يقال الله محمد الآن تجد في المساجد هكذا الله محمد في جهة واحدة نقول: هذا باطل لا يصح فصل لما أنهى المصنف رحمه الله تعالى الأدلة المتفق عليها وهو القياس وما سبق شرع في بيان مسألة يمكن أن تجعل أصلا من الأصول لكنها مختلف فيها وذكر في ضمنها الاستصحاب وهذه المسألة يعنون لها في المطولات بالأعيان المنتفع بها قبل ورود السمع ما حكمها العيان الذوات ومثلها الأفعال والأقوال والعقود والمعاملات والعادات كل هذه قبل ورود السمع ما حكمها ولكن تقيد بالأعيان المنتفع بها بيانا لمحل الخلاف لأن الأعيان إما أن تكون فيها منفعة محضة وهذه هي التي وقع فيها النزاع وإما أن تكون فيها مضرة محضة خالصة وإما أن تحتمل المنفعة والمضرة المصلحة والمفسدة فإن ترجحت المفسدة على المصلحة فنقول في هذين الموضعين فيما إذا كانت المفسدة خالصة أو المضرة خالصة أو فيما إذا ترجحت المفسدة على المصلحة التحريم لقوله لا ضرر ولا ضرار أي في ديننا لا ضرر ولا ضرار وأما إذا كانت الأعيان منتفع بها كانت الأعيان منتفعا بها هذا محل النزاع لكن نجد الإشكال في ماذا أننا قبل ورود السمع يعني قبل الشرع هل ثم زمن لا شرع فيه قالوا هذا من باب التنزل فقط حكم الأعيان قبل ورود الشرع إن خلا زمن عن شرع والحق أنه لا يخلو زمن عن شرع ثم بعد ورود الشرع إن لم يكن تعرض الشرع لحكمها وهذا كالأول باطل

لكن من باب التنزل الثالث إن جهل حكمها مع تعرض الشرع لها هذا لا بأس به إذن صورة هذه المسألة يتصور في ثلاثة محال أولاً في حكم الأشياء قبل ورود الشرع وهذا بناءً على ماذا على جواز خلو زمن من الأزمان عن شرع وهذا باطل الثاني أنه بعد الشرع ولكن الشرع لم يذكر لها حكمًا يعني ذكر كل الأشياء أو حكم عليها وهذه المسألة لم يحكم عليها ما حكمها هذا محل نزاع الثالث أنه لها حكم ولكنها مجهولة الحكم كمن نشأ في بادية ما يدري عند فواكه عنده عنب يأكل أو ما يأكل تأتي هذه المسألة قال رحمه الله: لا حكم قبل بعثة الرسول بل بعدها بمقتضى الدليل وهذه من المسائل التي لا طائل تحتها ثم مسائل عند الأصوليين لا فائدة منها إما لكونها لا مجال للتطبيق وإما لأنها من باب العبث الفكري إن صح التعبير لا حكم هذا لا النافية للجنس وحكم اسمها لا حكم يعني لا حكم شرعي سواء كان أصليا معتقد أو فرعيا هكذا عمم ولذلك جاءت مسألة أهل الفترة لا حكم قبل بعثة الرسول أي رسول هذا أي رسول لا ليس هذا المراد الجنس قبل أن يبدأ الشرع الرب جل وعلا بإرسال الرسل ما حكم الأشياء والعنب والفواكه وهذه الأشياء ما حكمها قبل أن يبدأ الشرع المسألة مفروضة في هذه قبل أن يبدأ الشرع قبل أن يرسل أول رسول ما حكم هذه الفواكه لا حكم قبل بعثة الرسول لا حكم أصليا ولا فرعيا يتعلق بشيء هذا متى إن فرض أنه خلا وقت من الشرع والصحيح والحق عدم خلو وقت عن شرع وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى لأنه أول ما خلق آدم عليه السلام قال له: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا} [سورة البقرة:35] إذن أمرهما ونهاهما إذن أول ما خلق آدم أمر ونهي حينئذ كيف يتصور وجود شرع قبل هذا وهو أول ما خلق أمر ونهي هذا شرع أو لا شرع لكن نقول لا آدم عليه السلام نبي إذن لا بد من شريعة يحكم بها في نفسه وفي أولاده حينئذ نقول كيف يتصور وجود المسألة هذه واضح هذا قال الجزري رحمه الله: لم تخل الأمم من حجة، واحتج بقوله جل وعلا: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)} [سورة القيامة:36] أي لا يؤمر ولا ينهى لا يمكن هذا لذلك لا يمكن أن يقال بأن ثم زمن ليس فيه تشريع وهنا ترد مسألة، ماذا؟ أهل الفترة وفي إثباتها هذا إشكال كبير إذن نقول قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)} [سورة فاطر:24] هذا يدل على ماذا؟ على أنه لا يخلو زمن من نذير: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل:36] إذن كل أمة من الأمم بعث إليها رسول ليأمرهم بالتوحيد إذن هذه المسألة مبنية على ماذا على افتراض خلو وقت من الأوقات عن تشريع والصواب أنه لم يخل البتة لا حكم قبل بعثة الرسول يعني قبل تبليغه الخلق الشريعة قبل تبليغه أي الرسول جنس الرسول الخلق الشريعة بل الحكم بعدها لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} [سورة الإسراء:15] فإن بعثنا الرسول حينئذ وقع التعذيب والإثابة وهذا من باب: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ}، أي ولا مثيبين

{حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} بل الحكم بعدها أي بعد بعثة الرسول بمقتضى الدليل يعني بموجب الدليل وهو ما ذكرناه قوله جل وعلا وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ثم قال والأصل في الأشياء قبل الشرع تحريمها لا بعد حكم شرعي والأصل يعني القاعدة المستمرة المراد بالأصل هنا القاعدة المستمرة التي ينبغي طردها حتى يرد ما يخالفها والأصل في الأشياء مطلق الأشياء شاملا للأقوال والأفعال وغيرهما والأعيان المنتفعة بها والأنكحة والمعاملات والعقود الأصل فيها ماذا قبل الشرع تحريمها قبل ورود الشرعي تحريمها فإذا قيل قبل الشرع تحريمها حينئذ لزم ماذا إثبات التحريم دون الشرع والتحريم كما هو معلوم حكم شرعي تكليفي ولذلك هذه المسألة مبنية على ماذا على مذهب المعتزلة وهو أن العقل له مدخل في إثبات الأحكام الشرعية وحكمت المعتزلة العقل هكذا قال في الجمع وحكمت المعتزلة العقل يعني رجعت إلى العقل في الحسن والقبح فما حسنه العقل أثبتوه تحري ...

إيجابا أو ندبا وما قبحه العقل نقول أثبتوه تحريما وكراهة وهذا مبنية على ماذا على قولهم ولذلك المسألة تذكر من باب التنزل ولكن من قال بها من أهل السنة وإن قلنا أهل السنة هنا بما يجمع الأشاعرة لكن ليس بصواب أرادوا به ماذا أرادوا إثبات التحريم لا بالعقل بل لا بد من بحث عن سبب آخر تثبت به الأحكام قالوا وهو الإلهام حينئذ ثبت التحريم قبل ورود الشرع لا بالعقل وإنما بالإلهام لماذا انفكاكا عن مذهب المعتزلة لأنك لو قلت بالتحريم قبل ورود الشرع لزمك مذهب المعتزلة لأنه ليس الشرع وإنما حينئذ حكمتا العقل قالوا لا بد من الانفكاك فوضعوا غير العاقل وهو الإلهام فقالوا إذن حصل التحريم هنا بإلهام اطمئنان النفس إلى ما يمكن أن يكون حكما ينسب إلى الشرع وكلا القولين باطل يعني جعل العقل مصدر من مصادر التشريع أو جعل الإلهام مصدرا من مصادر التشريع هذا باطل وما ذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن الإلهام قد يكون مصدرًا فالمراد به في حق النفس أنت تطمئن نفسك إلى قول مع وجود بعض الأدلة والمرجحات تعمل بها في حق نفسك أما في حق الناس فلا تقول الذي يطمئن إليه القلب لماذا؟ لأننا عندنا قواعد فلو كان اطمئنان القلب مرجحًا من المرجحات حينئذ لا يمكن سد باب أهل البدع فالكل يأتي يقول هذا ما اطمأن إليه قلبي وإنما يكون ذلك مستحسنًا ومستساغًا في حق نفسه هو وأما في حق غيره فالجواب لا والأصل في الأشياء قبل الشرع تحريمها الأصل تحريمها وهذا قال به بعض الحنفية وبعض الشافعية والأبهري من المالكية لكن ليس مستندهم العقل لينفكوا عن مذهب المعتزلة ما دليلهم على أن الأصل في الأشياء قبل ورود الشرع التحريم قالوا: لأن الفعل تصرف في ملك الله بغير إذنه فحرم كالشاهد قال: لو جئت لك أنت وعندك ملك وتصرفت فيه بغير إذنك هذا حرام أو جائز هذا حرام الشاهد الذي هو الحاضر قالوا التصرف في ملك الغير لو جئت أخذت سيارته وبعتها يجوز أو لا يجوز لا يجوز قالوا كذلك إذا جئت في ملك الله عز وجل ولم يرد إذن منه بالتصرف في هذه الأشياء حينئذ صار ماذا صار محرما لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه ونقول القياس باطل لأن المخلوق الذي هو الشاهد إذا تصرف في ملكه بغير إذنه تضرر وأما الخالق جل وعلا فالعلة منفية حينئذ صار قياسا باطلاً تحريمها لا بعد حكم شرعي هذا واضح أن الكلام في ماذا؟ فيما هو قبل ورود الشرع لا بعد حكم شرعي فإن جاء حكم شرعي فما أحله الشرع حللناه وما حرمه الشرع حرمناه حينئذ يكون المرد إلى الشرع بل ما أحل الشرع حللناه لأن ما جاء بحله الشرع وجب اعتقاده وما نهانا عنه حرمناه هذا بناءً على أن النهي يقتضي التحريم وحيث لم نجد دليل حل شرعًا تمسكنا بحكم الأصل يعني إذا كان الأصل في الأشياء قبل ورود الشرع التحريم ثم جاء الشرع فما أحله حللناه وما حرمناه حرمه الشرع حرمناه وما سكت عنه نستصحب حكم الأصل فنقول هو محرم حكم الأصل قبل الشرع هذا باطل لماذا؟ لأنه يلزم منه أن يكون الشرع قد سكت عن شيء لم يحكم به يلزم منه أن الشرع قد سكت عن شيء لم يحكم به وهذا الذي ذكرناه أن ثم ثلاث صور يمكن تصوير هذه المسألة خلو الزمن عن الشرع وهذا باطل أن يرد الشرع ثم

يخلو عن بيان حكم ما بينه الشرع لا بحل ولا بتحريم ولا ثم قوائم نرجع إليها إذن ماذا نصنع؟ نستصحب الأصل قبل الشرع فنقول: ما كان حرامًا فهو حرام حتى يرد دليل ناقل عن الشرع فإن وجد دليل ناقل من التحريم إلى الحل قلنا حلال وإن لم يرد استصحبنا حكم الأصل وحيث لم نجد في الشرع دليل حل يعني دليلا على الحل شرعا أي في الشرع تمسكنا بحكم الأصل قبل ورود الشرع وهو التحريم مستصحبين هذا استدلال بماذا؟ بالاستصحاب وهو ما قبل التكليف مستصحبين الأصل لا سواه يعني لا غيره، هذا هو القول الأول في الأشياء قبل ورود الشرع هي للتحريم ثم لما جاء الشرع فما حلله الشرع حللناه وما لم يرد الشرع بحله رجعنا إلى الأصل قبل ورود الشرع فنقول هو حرام بهذا الدليل وقال قوم: هذا القول الثاني وهو قول أكثر الحنفية وبعض الحنابلة كالتميمي وأبي الخطاب وبعض المالكية وبعض الشافعية وقال قوم ضد ما قلناه ما هو ضد التحريم ضد التحريم الحل أو الإباحة لا بأس الإباحة وقال قوم ضد ما قلناه وهو الإباحة قبل البعثة أي أصلها أصل الأشياء قبل البعثة التحليل فكذلك هي بعد البعثة على الأصل وهو التحليل إنما ورد تحريمها في شرعنا فلا يرد يعني يتبع فلا يرد إذن ما ورد تحليله في الشرع فحينئذ ثبت تحليله بدليلين ما قبل الشرع بدليل العقل أو الإلهام وما بعد الشرع بالشرع حينئذ اجتمع دليلان أي أصلها هذه أي تفسيرية يعني فسر الضد أي أصلها التحليل فهي بعد البعثة أيضًا على التحليل إلا ما ورد تحريمها في شرعنا فلا يرد يعني فيتبع ولا يرد فتكون حينئذ مباحة إن شاء المكلف انتفع بها واستعملها وإن شاء تركها ولا ذم ولا مدح على فاعلها ولا لتاركها لا يذم ولا يمدح كأنه فعل فعلا مباحًا ما الدليل قالوا: الدليل لأن الله جل وعلا خلقها لماذا؟ هل خلقها لحكمة أو عبثًا؟ لحكمة لا شك أنه خلقها لحكمة وهذه الحكمة الظاهر منها انتفاعنا بها أو استعمالنا لها هل ثم حكمة يمكن أن تلتمس من خلق الأشجار والبساتين والمياه جريانها ونحو ذلك لا يعلم منها إلا ماذا إلا انتفاع الخلق بها إذ لا مفسدة على الرب جل وعلا بانتفاع الخلق ويدل على ذلك ما بعد الشرع قوله جل وعلا هو الذي خلق لكم هذا تأييد لِمَ ثبت قبل الشرع: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [سورة البقرة:29] ووجه الاستدلال أن ما هذه من صيغ العموم فيدل على أن مصدق ما الأصل فيه الجواز لأنه ذكره في سياق الامتنان وما ذكر في سياق الامتنان قائل العامة فيه أنه يدل على الطهارة وأنه يدل على الجواز إذ لا امتنان بنجس لأنه ممنوع التصرف فكيف يمتن به كذلك لا يمتن بما هو حرام فنجد كل ما امتن به على العباد نأخذ منه حكمين وهو الطهارة والجواز غذ لا فائدة في الامتنان إلا هذا لأنها خلقها لا لحكمة فيه عبث ولا حكمة إلا انتفاعنا بها إذ هو خال عن المفسدة، ولقوله الآية التي ذكرناها، ولقوله جل وعلا: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [سورة الأعراف:32] وقوله صلى الله عليه وسلم {من أعظم المسلمين الجرم من سأل عن شيء لم يحرم فحرم لأجل مسألته} والحديث {وما سكت عنه فهو عفو} هذا

يحمل به على ما جاء بعد الشرع فما لم يثبت تحريمه نقول الأصل فيه ماذا؟ الحل والإباحة مستصحبين هذا الأصل الذي دل عليه الشرع وأما قبل الشرع فالأصل فيه التوقف ولم يذكره الناظم بل ذكر قولين التحريم والإباحة والقول الثالث هو التوقف وهو مذهب أهل السنة والجماعة لأنه قبل الشرع لا حكم أبدا ولا مدح ولا ذم هذا إن تصور ماذا خلو الزمن عن شرع من باب التنزل فقط تحريمها في شرعنا فلا يرد وقيل أي قال قائل إن الأصل فيما ينفع جوازه وما يضر يمنع وهذا القول مرده إلى القولين لأن المسألة مفترضة في ماذا في الأعيان المنتفع بها وأما التي هي مضرتها خالصة أو راجحة هذا لا إشكال في التحريم حينئذ يكون هذا القول لا طائل تحته والقول الثالث الذي سكت عنه الناظم وهو الوقف هو المرجح وقيل إن الأصل فيما ينفع يعني الأشياء النافعة الجواز للآية التي ذكرناها سابقا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ} [سورة البقرة:29] الآية، وما يضر يعني والأصل في الأشياء الضارة يمنع لحديث لا ضرر ولا ضرار ولذلك نقول الأصل في حكم الأشياء قبل ورود السمع إن خلا زمن عن شرع مذهب أهل السنة في هذه المسألة الوقف هذه المسألة مذهب أهل السنة فيها التوقف لا حكم أبدا لأنه لا شرع وإذا انتفى الشرع حينئذ انتفى الحكم الشرعي الأصل في الأشياء بعد بعثة الرسل الإباحة الأصل في الأشياء مطلقا إلا العبادات كما سيأتي الأصل فيها الإباحة لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [سورة البقرة:29] وما سكت عنه فهو مما عفا عنه هذا نسب لابن عباس قال ابن تيمية رحمه الله تعالى الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى فلا يشرع منها لا قول ولا فعل ولا ترك إلا ما شرعه الله تعالى فلا يتعبد الرب إلا بما شرع وإلا دخلنا في معنى قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [سورة الشورى:21] يعني شرعنا من عند أنفسنا وجعلنا العبادات ليست توقيفية دخلنا في معنى هذه الآية والعادات الأصل فيها العفو عادات الناس الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله وإلا دخلنا في معنى قوله "قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً".

هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية إذن الأصل في العبادات المنع والتوقيف والأصل في المعاملات والعادات الإباحة وكل منهما لا بد من الوقوف عليه وأما ما قبل الشرع فلا تحليل ولا تحريم ولا شرع أصلا فالواجب حينئذ التوقف ثم قال رحمه وحد الاستصحاب أخذ المجتهد بالأصل عن دليل حكم قد فقد لما ذكر قوله مستصحبين الأصل إذن ذكر الاستصحاب فأراد أن يدونه والاستصحاب استفعال من الصحبة ولذلك نقول هو في اللغة طلب الصحبة وهي الملازمة وأما في الاصطلاح عند الأصوليين فهي استدامة إثبات ما كان ثابتا أو نفي ما كان منفيا استدامة يعني يستمر الحكم الثابت على ما كان عليه فيكون ثابتا ويكون الحكم المنفي مستديما ومستمرا على ما هو عليه فينفى إذا أطلق الاستصحاب فيراد به استصحاب العدم وهو البراءة الأصلية براءة الذمة عن التكاليف هذا المراد بالاستصحاب البقاء على الأصل فيما لم يعلم ثبوته وانتفاؤه بالشرع وهذا يسمى بدليل العقل المبقي على النفي الأصل وهذا ذكرنا أنه حجة في أول الكتاب عند الكلام في الإباحة ولذلك جاء فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ذكرنا وجه الاستدلال بهذه الآيات أنواع الاستصحاب استصحاب البراءة الأصلية أو استصحاب دليل العقل أو استصحاب العدم الأصلي هذا كله بمعنى واحد وإذا أطلق الاستصحاب انصرف إلى هذا المعنى مثل ماذا لو قال قائل: تجب صلاة سادسة ..

وجوب صلاة سادسة أو قال: يجب صيام شهر رجب كاملاً ماذا تقول له؟ الأصل عدم الوجوب إذن عدم صيام شهر رجب كاملاً نقول الأصل عدمه ويستمر هذا العدم حتى يرد الناقل فإن ثبت الناقل من الشرع حينئذ يسلم وإن لم يرد نبقى على الأصل إذن البقاء على الأصل السابق استدامة الإثبات أو النفي هذا هو الاستصحاب هنا تحقق المعنى مثل نفي وجوب صلاة سادسة إذن هذا هو النوع الأول وهذا النوع متفق على اعتباره بل جعل من الأدلة الشرعية المتفق عليها ولذلك عده في القواعد هناك من الأدلة المتفق عليها كما سبق معنا النوع الثاني استصحاب دليل الشرع وهذا نوعان استصحاب عموم النص حتى يرد المخصص إذا جاء لفظ عام رتب عليه الشرع حكمه جاء من يستثني فردا من أفراد العام تقول الأصل بقاء العموم حتى يرد المخصص إذن استصحبت ماذا عموم النص حتى يرد المخصص حتى يرد الناقل عن بعض الأفراد من تنزيل ذلك الحكم عليه فإن ثبت الناقل حينئذ صار مخصصا النوع الثاني استصحاب العمل بالنص حتى يرد الناسخ إذا اختلف في الآية أو الحديث منسوخ أو لا نقول: الأصل عدم النسخ فتستصحب هذا الأصل وهو النفي حتى يثبت يقينًا أنه منسوخ هذا يعتبر ماذا؟ يعتبر استصحابًا لدليل الشرع والاتفاق واقع على صحة العمل بهذا النوع إذ الأصل عموم النص لكن وقع خلاف في تسميته استصحابًا لكن العمل عليه النوع الثالث استصحاب حكم دل الشرع على ثبوته واستمراره لوجود سببه حتى يثبت خلافه كاستمرار ماذا؟ الطهارة تطهر ثم شك في الحدث حكم الشرع قبل الشك في الحدث الطهارة ماذا نصنع شك في الطهارة نستصحب الحكم الأصلي وهو الطهارة حتى يثبت الناقل لذلك جاء حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وهذا النوع أيضًا لا نزاع في صحته النوع الرابع استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع وهذا محل خلاف والأكثر على أنه ليس بحجة لأنه يؤدي إلى تكافؤ الأدلة هنا قال وحد الاستصحاب يعني استصحاب الحال الذي يحتج به عند عدم الدليل الشرعي أخذ المجتهد بالأصل ما هو الأصل هنا الأصل براءة الأصل الأصل المراد بها براءة الذمة عدم التكليف أو العدم الأصلي عبر بما شئت هنا فيستصحب المجتهد يأخذ هذا الأصل في ماذا عند عدم وجود حكم شرعي مستند إلى دليل شرعي فالأصل عدم وجوب الوتر والأصل عدم وجوب الزكاة في مال الصبي والأصل بقاء الطهارة على ما هي عليه حتى يثبت الناقل والأصل ثبات الملكية فيما بيد الإنسان حتى يرد الناقل حينئذ يأخذ المجتهد بالأصل في استمرار الحكم إثباتا ونفيا حتى يرد الناقل وحد الاستصحاب أخذ المجتهد بالأصل يعني بالعدم الأصلي متى عند فقد دليل الحكم الشرعي هذا مراده عند فقد دليل الحكم الشرعي عن دليل حكم قد فقد أي ذلك الدليل فقد ذلك الدليل المترتب عليه الحكم يعني عند عدم الدليل الشرعي إذا لم يجده المجتهد بعد البحث عنه بقدر طاقته ولذلك لا يصح العدول إلى الاستصحاب إلا بشرط البحث وبذل الوسع في البحث ولذلك نص شيخ الإسلام رحمه الله على أنه من أضعف الأدلة إذن هذا ما يتعلق بهاتين المسألتين حكم الأشياء قبل ورود الشرع وذكرنا ما فيها وأن الأصل أنها لا طائل تحتها ثم ذكر تعرض لمعنى الاستصحاب.

ونقف على هذا. وصلِّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

45

عناصر الدرس * باب ترتيب الأدلة * المفتي والمستفتي وشروطهما * التقليد لغة واصطلاحا * هل يجتهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ * الاجتهاد لغة واصطلاحا * أقسام الاجتهاد * الخاتمة أخونا اللي اقترحت أكثر من مرة أن يكون الدرس إن شاء الله بعد الورقات الكوكب الساطع لكن بعض الإخوة يقولون لا أن النفوس تميل إلى المراقي قالوا: أنت تستشهد بالمراقي وهي واضحة يعني وبينة بخلاف الكوكب الساطع هذا صحيح ما فيه إشكال لكن دائما طالب العلم المستطيع أن يحفظ الأشمل والأوسع مع القدرة فلا يعدل به شيء وذلك من أنفس ما نظمه السيوطي (الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع) حرفي بخلاف المراقي المراقي ممكن يكون مستوعب لبعض المسائل الكثير لكن كلها طوعها على مذهب مالك رحمه الله يعني جعل المرجح هو الذي يرجحه في النظم هو مذهب مالك ومعلوم أن الدارس للمذهب الحنبلي قد يكون ثم تفاوت بينه وبين أصول الإمام مالك لكن من درس الشافعي وهو الكوكب الساطع مثلاً يرجح مذهب الشافعية والشافعية والحنابلة في الفقه يعني سيان متقاربان الخلاف في الأصول بينهم يسير جدا ولذلك أكثر كتب الحنابلة تجد في الأصول كثير يقول: قال تقي الدين السبكي قال كذا قال (البرمكي) قال كلها استشهاد بأقوال الشافعية هذا نفهم منه أن هذا نفهم منه ماذا أن المذهبان أن المذهبين متقاربان لذلك الكوكب جيد طيب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: بَابُ تَرْتِيبِ الأَدِلَّةِ بعد أن بين لك الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها قال ترتيب الأدلة لماذا؟ يعني الأدلة ليست على مرتبة واحدة، الأدلة المراد بها الكتاب والسنة والإجماع والقياس، والمختلف فيه كالاستصحاب الذي ذكره، والأصل في الأشياء قبل ورود الشرع وبعد ورود الشرع هل هي الإباحة أو التحريم؟ قلنا الصواب أنه بعد الشرع الأصل فيها الإباحة إلا ما حرمه الشرع وقبل ورود الشرع نقول هذا المسألة لا ورود لها أصلا من باب التنزل نقول لا حكم لها التوقف لا تحريم ولا تحليل المراد. بترتيب الأدلة جعل كل دليل في رتبته التي يستحقها بوجه من الوجوه. لأن الأدلة الشرعية كما ذكرنا تنقسم منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، قد يكون المختلف فيه الراجح أنه حجة أو أصل يعتمد عليه. ومنها ما هي قطعية وظنية قد تكون قطعية، وقد تكون ظنية قطعية الثبوت قطعية الدلالة قطعية الثبوت ظنية الدلالة ظنية الثبوت قطعية الدلالة ظنية الثبوت ظنية الدلالة، القسمة رباعية من جهة الثبوت ومن جهة الدلالة. وإلى نقلية وعقلية نقلية سمعية بمعنى معتمدة على السمع الكتاب والسنة والإجماع وعقلية كالقياس، القياس ثبت أنه ماذا؟ أنه حجة شرعية على الصحيح والأدلة الشرعية من حيث وجوب العمل بها في مرتبة واحدة كلها في مرتبة واحدة لأن الكتاب يجب العمل به ويجب إتباعه كذلك السنة كذلك الإجماع كذلك القياس الصحيح إذن من حيث العمل بالأدلة كلها في مرتبة واحدة إذ الجميع يجب إتباعه والعمل به.

وأما ترتيبها من حيث المنزلة والمكانة فلا شك أن الكتاب وهو كلام الله أولا، ثم السنة لأنها مرتبتها أدنى من مرتبة الكتاب لأنها كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الإجماع، ثم القياس، هذا من حيث ماذا؟ من حيث المنزلة والمكانة، وأما ترتيب الأدلة من حيث النظر فيها والبحث في الأحكام الشرعية عند التعارض فهذا الذي عقد له المصنف له هنا هذا البحث، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن السلف اتفقوا على أنهم ينظرون أولا في الكتاب، ثم في السنة، ثم في الإجماع، ثم في القياس. والأصل في هذا حديث معاذ المشهور عندما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: {بماذا تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: اجتهد رأيي ولا آلو}. هذا الحديث عمدة عندهم تلقاه العلماء بالقبول وإن كان في سنده كلام. إذن نقول: ترتيب الأدلة المراد بالأدلة هنا المتفق عليها والمختلف فيها، المصوب والأدلة ليست على مرتبة واحدة بل هي متفاوتة في القوة فبعضها أقوى من بعض، فنحتاج حينئذ إلى معرفة الأقوى، لماذا؟ لأنه إذا حصل نوع تعارض ولم يمكن الجمع حينئذ نقدم الأقوى على ما دونه فإذا حصل التعارض وسبق بيان التعارض معناه ووجوهه وإذا لم يمكن والأصل فيما إذا تعارض نصان الأصل فيه الجمع، فإن لم يمكن حينئذ لا بد من الترجيح إن لم يعلم التاريخ تاريخ الثاني فإذا علم حينئذ الأقوى قدم على غيره إذا لم يمكن الجمع. بَابُ تَرْتِيبِ الأَدِلَّةِ وقال رحمه الله: وَقَدَّمُوا مِنَ الأَدِلَّةِ الْجَلِي** عَلَى الْخَفِيِّ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ

وهذا الباب في الغالب أنه يكون عمليا يعني ما يستفيد طالب العلم إلا من باب النظر، العام فقط أنه يقدم الجلي على الخفي يقدم الكتاب على السنة يقدم السنة والكتاب على القياس يقدم كذا على كذا أمر نظري لكنه لا يستفيد منه حقيقة الاستفادة إلا عند ممارسة الفقه فيرى حينئذ الخلاف ويرى ما أمكن الجمع فيه فيجمع وما لم يمكن حينئذ يأتي كل مسألة لها اختصاصها لها واقعها لها ما يحتفها من قرائن ونحو ذلك فليس تم قواعد عامة مطلقة مائة في المائة لا يمكن تجاوزها وهذا يعرف بماذا يعرف؟ بالممارسة في الروضة لابن قدامة رحمه الله رتب الأدلة ترتيب ذكره صاحب القواعد كما مر معنا قال يبدأ في النظر أولاً في الإجماع يعني يبحث في مسائل إن وجد إجماع حينئذ لا نلتفت إلى غيره والمراد بالإجماع هنا المقدم الذي ينظر إليه أولا الإجماع القطعي، وأما الظني فلا يبدأ في النظر بالإجماع فإن وجد إجماع حينئذ لم يحتج إلى غيره يعني لا نلتفت إلى كون جاء نص من كتاب أو سنة فإن خالفه نص من كتاب أو سنة عُلم أن النص منسوخ إذا خالف النص سواء كان كتابًا أو سنة أو إجماع نعلم بصدق الإجماع إذا ثبت أنه إجماع بالفعل نعلم أن هذا النص منسوخ فيطرح أو أنه متأول وإذا كان متأولاً يعني ظاهره غير مراد حينئذ لم يصر صريحًا في معارضة الإجماع فيكون غير صريح في معارضة الإجماع لأن الإجماع قاطع لا يقبل نسخًا ولا تأويلاً هذا قاعدة أن النسخ لا يمكن أن يقبل أن الإجماع لا يمكن أن يقبل نسخًا ولا تأويلا لا يأول كما يأول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [سورة المائدة:6] يقول المراد بالقيام العزم أو الإرادة لأن ظاهره غير مراد أو يقع الخلاف في لفظ مشترك: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [سورة البقرة:228] نقول لعل المراد به الحيض أو المراد به الطهر فنختلف لا الإجماع نص صريح واضح بين أجمعوا على كذا حينئذ هذا الإجماع لا يصح أن يكون منسوخًا لأن الإجماع إنما يقع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم والناسخ لا بد أن يكون تشريعًا حينئذ كيف ينسخ المتأخر بالمتقدم لا يمكن لا يتصور هذا؟ كذلك لا يحتمل تأويلاً لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يقال بأنه من جهة اللفظ المنقول إجماعًا لا يمكن أن يقول هذا يحتمل كذا فيكون لفظا مشتركًا أو يكون الظاهر غير مراد بل لا بد أن يكون نصًا ولو قيل بأن الإجماع من قبيل النصوص التي لا تحتمل معنى غير الظاهر لكان هذا هو المناسب ثم بعد الإجماع ينظر في الكتاب والسنة المتواترة لأنها أقوى بعد الإجماع. الكتاب لأن كله متواتر والسنة المتواترة لا إشكال في ثبوتها ثم في أخبار الآحاد ثم في قياس النصوص في القياس إذن جعل القياس مرتبته متأخرة لماذا لأنه يحتمل الوهم يحتمل الخطأ لأنه رأي المجتهد ومن جعل قول الصحابي حجة قدمه على القياس هذا ما ذكره خلاصة في الروضة. وَقَدَّمُوا مِنَ الأَدِلَّةِ الْجَلِي** عَلَى الْخَفِيِّ

هذا أشبه ما يكون بقاعدة عامة كل ما كان جليًا واضحًا بينا فهو مقدم على ما كان فيه خفاء ونوع التباس ولو قيل هكذا نكتفي بترتيب الأدلة لكان وافيًا كل ما كان جليًا واضحًا بينا ولا إشكال في ظاهره فحينئذ نقول: هذا مقدم على ما كان فيه نوع خفاء من جهة الدلالة وقدموا من؟ الأصوليون يعني حكم بتقديم الدليل الجلي على الدليل الخفي وقدموا من الأدلة مطلقًا عند اجتماعها وتنافي مدلولاتها أما إذا لم يكن ثم تنافي فحينئذ لا نقول ترتيب الأدلة إذا لم يقع اختلاف وتعارض فنحتاج إلى ترجيح لا يرد هذا الباب من أصله وإنما هذا الباب معقود فيما إذا وقع تنافي في مدلولات الأدلة هذا يثبت وهذا ينفي كيف نجمع بينهما؟ إذا لم يمكن الجمع حينئذ نرجح ولم يعلم التاريخ نرجح ما كان مثلاً المثبت على المنفي نقول من معه إثبات هذا حفظ والمنفي أو والنافي لم يحفظ ومن حفظ حجة على من لم يحفظ حينئذ نقول هذه قاعدة لكن ليست مطردة مطلقًا بل قد يقدم النافي على غيره وقدموا أي حكم الأصوليون بتقديم (وَقَدَّمُوا مِنَ الأَدِلَّةِ) عند اجتماعها وتنافي مدلولاتها أي من الأدلة الجلي على الخفي جلي بالإسكان هو مفعول به قدموا الجلي يعني الدليل الجلي على الخفي على ما فيه خفاء على الدليل الخفي الجلي قالوا كظاهر مع المؤول عندنا دليل ظاهر ودليل مؤول ولم يمكن الجمع نقول: الظاهر مقدم على المؤول، واللفظ في معناه الحقيقي على معناه المجازي لأن المعنى الحقيقي واضح بين والمعنى المجازي قد يكون فيه نوع خفاء قد يكون لم يرد أصلاً، المجاز حينئذ نقول: الحقيقة مقدمة على المجاز لا إشكال على الخفي كذلك المحكم مقدم على المتشابه يعني يرد المتشابه إلى المحكم فالمحكم حينئذ يكون أصلاً للمتشابه: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [سورة آل عمران:7] يعني أصل الكتاب حينئذ إذا وقع تشابه في مدلول بعض الآيات فنرد المتشابه إلى المحكم فيفسر به وهذا نقول من تعارض الأدلة إن وقع التعارض ولم يمكن الجمع إلا بذلك حينئذ نقدم الجلي على الخفي يعني المحكم على المتشابه باعتبار العمل هذا جار ومجرور متعلق بقوله مقدم يعني عند العمل هذا أكثر ما يقع في الأحكام الشرعية العملية أكثر ما يقع التعارض في الأحكام الشرعية العملية وأما العقيدة فالأصل أنها واضحة أصولها لا غبار عليها واضحة أتم الإيضاح وما وقع فيه نزاع أو بعضهم قال بأن آيات الصفات متشابهة هذا مردود عليه بل ذكر ابن القيم رحمه الله آيات الصفات ليست من المحكم بس قال من أحكم المحكم حينئذ لا يرد أو قول الاختلاف في آيات الصفات بأنها محتملة نقول لا ليست محتملة (وَقَدَّمُوا مِنْهَا) يعني من الأدلة (مُفِيدَ العِلْم** عَلَى مُفِيدِ الظَّنِّ) إذا لم يمكن الجمع إلا بأن يقدم ما أفاد اليقين على ما أفاد الظن (لِلْحُكْمِ) فهو مقدم مفيد العلم في المعنى كتاب تعارض معه حديث آحاد ولم يمكن الجمع فنقدم الكتاب فإن كله مفيد للعلم من حيث الثبوت على مفيد الظن كالآحاد والسنن متواترة كذلك مفيدة للعلم أما إن كان الآحاد حديث صحيح وهو قطعي الدلالة فحينئذ لا يمكن أن يقال بأنه يقدم على السنة المتواترة إلا إذا كان السند في حديث الآحاد مما اختلف فيه أما إذا صح

باتفاق فلا وإنما يجمع بينهما بتقديم ما كانت دلالته قطعية على ما كانت دلالته ظنية لكن هو لم يرد هذا هنا إنما أراد مفيد العلم ما أفاد العلم وهو الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي مقدم على ماذا؟ على ما أفاد الظن بالحكم والمراد به أحاديث الآحاد لأن أحاديث الآحاد عنده مفيدة للظن مطلقا هذا عند جمهور المتكلمين مطلقا سواء اقترنت بها قرائن أو لا حينئذ كل ما عارض المتواتر أو مفيد العلم من الآحاد ولم يمكن الجمع فما أفاد اليقين فهو مقدم مطلقا وقدموا منها أي من الأدلة مفيد العلم أي الدليل المفيد للعلم والعلم المراد به هنا اليقين كالمتواتر من الكتاب والسنة وإنما استثناه من العموم والخصوص فيما سيأتي على مفيد الظن على الدليل المفيد للظن كالآحاد الظن بأي شيء بالحكم يعني ما كانت دلالته ظنية يعني أفاد الحكم ظنًا ولذلك عندهم الآحاد يوجب العمل لا العلم أليس كذلك؟ يوجب العمل لا العلم حينئذ يوجب العمل ويكون الحكم المثبت بذلك الآحاد حكم ظني استثنى من هذا الأخير تعارض المفيد للعلم مع المفيد للظن فيما إذا كان أحدهما عاما والآخر خاصا حينئذ لا تقديم وإنما نخصص العام بمفهوم الخاص فنقدم الخاص على العام يعني نهدر الصورة التي دل عليها اللفظ العام فيما دل عليه اللفظ الخاص يعني الخاص له صورة له مسألة يبحث عن جزئية أو رتب حكمًا على مسألة ما هذه الصورة التي دل عليها الخاص نخرجها من اللفظ العام مطلقا سواء كان الخاص مفيد للعلم أو للظن وسواء كان العام مفيدا للعلم أو للظن إذن هذا كالاستثناء مما سبق (إِلَّا مَعَ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ) يعني مع الدليل الخاص والدليل العام حينئذ يؤتى (فَلْيُؤْتَ بِالتَّخْصِيصِ لَا التَّقْدِيمِ) لا نقدم المتواتر أو ما أفاد العلم على الخاص إذا كان عاما وإنما نقول يخصَّص العام بالخاص ولذلك قال: (فَلْيُؤْتَ بِالتَّخْصِيصِ لَا التَّقْدِيمِ) هذا يتصور في ماذا؟ إذا كان اللفظ العام مفيدًا للعلم قطعي الثبوت والخاص ظني الثبوت حينئذ إذا سرنا على القاعدة السابقة نقدم مفيد العلم على مفيد الظن فنقول العام مقدم مطلقا حينئذ الخاص أهملناه لكن لو كان العكس؟ لا إشكال أحسنت لو كان العكس؟ يعني لو كان الآحاد قطعي الثبوت والعام ظني الثبوت نقدم الخاص على العام في ماذا؟ في الصورة التي دل عليها الخاص فلا إشكال وإنما يتصور الإشكال فيما سبق إذا كان اللفظ العام ظني إذا كان اللفظ العام قطعيًا والخاص ظنيًا حينئذ إذا قدمنا القطعي على الظني مطلقًا حينئذ نقدم اللفظ العام حتى في الصورة التي استثناها الخاص أليس كذلك؟ ولكن نقول الصواب فيما إذا كان أحدهما عاما والآخر خاصًا أنه يخصص العام بالخاص (فَلْيُؤْتَ بِالتَّخْصِيصِ لَا التَّقْدِيمِ) إذن هذا استثناء من القاعدة الأخيرة وهو قوله: وَقَدَّمُوا مِنْهَا مُفِيدَ العِلْمِ** عَلَى مُفِيدِ الظَّنِّ

إلا إذا كان مفيد العلم عاما ومفيد الظن خاصا فحينئذ يقدم الخاص على العام نعكس الأمر ثم قال (وَالنُّطْقَ قَدِّمْ عَنْ قِياسِهِمْ تَفِ)، تفي هذا مجزوم قدم تفي: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} [سورة الأنعام:151] مثله واقع في جواب الطلب وفى يفى وفا الشيء يفي إذا تم يعني يتم استدلالك في إثبات الحكم إذا وقع تعارض بين نطق وقياس أن تقدم القياس أن تقدم النطق هذا من التمام في الاستدلال ومن التمام في الإتباع أنك تقدم النطق ومراده بالنطق هنا الكتاب والسنة مطلقا يعني سواء كانت السنة متواترة أو آحادًا إذا وقع تعارض بين نطق وقياس نقدم النطق وهذا صحيح؟ هل يتصور قياس معارض لنص؟ ماذا يكون؟ يكون القياس فاسدًا لكن هذا يتصور على مذهب كثير من المتكلمين لا على كلام شيخ الإسلام الذي ذكرناه أنه ما من قياس إلا والنص يدل عليه علمه من علمه وجهله من جهله سواء كانت الدلالة ظاهرة أو خفية على هذا الكلام؟ نقول: هذا الكلام فاسد لا أصل له وإذا قلنا جرينا على طريقة المتكلمين حيث إن القياس عندهم قد يكون في شيء لم يدل عليه الكتاب والسنة أصلاً لا بدلالة الإشارة ولا بدلالة الالتزام ولا بالإيماء ولا بالنطق ولا بغيره حينئذ يرد الإشكال فقد يتصور الذهن والعقل ارتباط أو إيقاع قياس معين فتكون النتيجة الحكم المرتب نتيجة القياس مخافة لكتاب أو سنة حينئذ إن سلمنا بهذا فنقول وقع تعارض بين قياس ونطق فنقدم النطق على القياس لأن النطق سمعي والأصل فيه الإتباع والقياس الأصل أنه معتمد على الرأي والاجتهاد والاجتهاد محتمل للخطأ فحينئذ لا يقد القياس على النطق إذن والنطق يعني وهو النص من كتاب أو سنة متواترة كانت أو أحادية قدموا النطق، النطق هذا مفعول مقدم والنطق قدم أي قدم النطق عن قياسهم قياسهم مطلقًا يعني القياس بأنواعه سواء كان جليًا أو كان خفيًا سواء كان قياس دلالة أو علة أو شبه مطلقا لأنه أضافه فيعم قدم عن قياسهم عن هنا بمعنى على والنطق قدم عن قياسهم على قياسهم ونسبه لهم لماذا؟ لأن مصدره الرأي والنطق هنا أطلقه لأنه مصدره الوحي وما كان مصدره الوحي أو كان من الوحي حينئذ صار مقدمًا تقديمًا مطلقًا على ما كان مصدره الرأي والعقل لأن دليل العقل يقع فيه الوهم وقدموا جليه على الخفي قدموا أي إذا تعارض قياسان وهذا أيضًا التسليم به فيه نوع تنزل وإلا كيف يتعارض قياسان جلي وخفي؟ هذا فيه نوع بعد لكن من باب التنزل لو وقع تعارض قياس جلي على قياس خفي لأن القياس الجلي قلنا ضابطه ما قطع فيه بنفي الفارق المؤثر أو كانت علته منصوصة أو مجمعًا عليها، وقلنا: إن الصواب إنه من مفهوم الموافقة وأنه من دلالة اللفظ على الحكم الشرعي وأنه ليس من باب القياس وإن سمي قياس فهو من باب التوسع والمجاز حينئذ كيف يكون هذا تعارض مع ماذا على القياس؟ هذا فيه نوع إشكال (وَقَدَّمُوا جَلِيَّهُ عَلَى الْخَفي) يعني على القياس الخفي إلا إذا جعلناه في ماذا؟ فيما سبق إذا قلنا من دلالة اللفظ حينئذ يكون الجلي من حكم المنطوق والخفي هو ما لا يقطع فيه بنفي الفارق أو كانت علته غير مجمع عليها أو غير منصوص عليها حينئذ نقول: هذا قياس ومسمى بقياس باتفاق فإذا خالف القياس الخفي

القياس الجلي نقول: هذا إذا قلنا القياس الجلي هذا من دلالة اللفظ حينئذ دخل في الشطر الأول والنطق قدم عن قياس ويشمل النطق ما كان من دلالة اللفظ بنفي الفارق القاطع وما كانت علته منصوصة أو مجمع عليها حينئذ نقول لا فائدة من الشطر الثاني واضح هذا؟ إذا قيل بأن القياس الجلي من دلالة اللفظ ودلالة اللفظ دلالة نطقية حينئذ تعارض النطق مع القياس الخفي وهذا داخل في قوله والنطق قدم عن قياسهم حينئذ لم نستفد شيء من قوله وقدموا جليه على الخفي لأنه باتفاق القائلين بالقياس بأن الجلي هذا متفق عليه أنه قياس بل حتى ابن حزم رحمه الله ملزم به وقد يقول به أحيانًا فحينئذ نقول لم يكن تعارض بين قياس وقياس وإنما حصل تعارض بين قياس ونطق لأنه من دلالة اللفظ وابن قدامة رحمه الله في ((الروضة)) قسم دلالة اللفظ على الحكم ثلاثة أقسام دلالة اللفظ على الحكم بصيغته ونطقه وقال: هذا هو الأمر والنهي والمطلق والمقيد والظاهر والمؤول والمجمل والعام والخاص ودلالة اللفظ على الحكم بمعناه وفحواه وهذه جعلها خمسة أقسام دلالة الإيماء والتنبيه والإشارة إلى آخره ودلالة اللفظ على الحكم بمعقوله وخصه بالقياس، إذن جعل القياس من دلالة اللفظ وهذا متنازع فيه أن يكون القياس من دلالة اللفظ ولذلك قال: باب القياس ولم يقل كتاب القياس لماذا؟ لأنه جعله من دلالة الألفاظ أكثر الأصوليين في التصنيف الكتاب والقياس إذن هو دليل مستقل ليس من دلالة اللفظ في شيء، وابن قدامة رحمه الله يرى أنه من دلالة اللفظ ولذلك قال: باب في القياس وَالنُّطْقَ قَدِّمْ عَنْ قِياسِهِمْ تَفِ** وَقَدَّمُوا أي حكموا بتقديم القياس الجلي على الخفي هذا قد لا يسلم به ثم قال: وَإنْ يَكُنْ فِي النُّطْقِ مِنْ كِتَابِ** أَوْ سُنَّةٍ تَغْيِيرُ الاسْتِصْحَابِ فَالنُّطْقُ حُجَّةٌ إِذًا

سبق أن الاستصحاب هو البراءة الأصلية حينئذ هذان البيتان لم يرد فيه شيء جديد على ما سبق لأنه قال: وحد الاستصحاب أخذ المجتهد بالأصل عن دليل حكم قد فقد عند عدم الدليل على الحكم الشرعي نأخذ بماذا؟ بالاستصحاب إن وجد الدليل الشرعي نقدمه على الاستصحاب الأصل عدم وجوب الصلوات مطلقًا أليس كذلك؟ هذا الأصل البراءة الأصلية عدم التكليف لا يجب على المكلف ولا تشغل ذمته بصلاة مطلقًا لا يطالب بها، لكن جاء: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [سورة البقرة:238]، {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [سورة البقرة:43] الخ. {خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة} .. إلى آخره كل دليل دل على وجوب الخمس الصلوات حينئذ نقول: هذا غير الاستصحاب حينئذ بطل الاستدلال بالاستصحاب لماذا؟ لثبوت دليل شرعي ماذا؟ دل على أن الاستصحاب السابق غير مستمر حينئذ نقول: الأصل وجوب خمس صلوات وإيجاب صلاة سادسة نستصحب الأصل وهو عدم الوجوب ونستثني هذه الخمس صلوات فقط فإذا وقع خلاف ولم يكن ثم دليل واضح بين في الوتر هل هو واجب أو سنة؟ نقول: الأصل عدم الوجوب ومن قال بالوجوب هو الذي يأتي بالدليل. وأما المشروعية والسُّنيَّة فهذه ثابتة باتفاق القولين لأن من قال بالوجوب لا ينفي أنه مشروع ومن قال بالسنية يستلزم أنه مشروع حينئذ كلا القولين على أن الوتر مشروع فإما أن يكون واجبًا وإما أن يكون مندوبًا أو مستحبًا حينئذ من زاد أو رتب العقاب على ترك هذا الفعل يطالب بالدليل قال رحمه الله: وإن يكن. يكن يعني يوجد كان هذه بمعنى التامة: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [سورة البقرة:280] فلا تطلب خبر ولا ماذا؟ لا تطلب اسمًا ولا خبرًا وإنما ترفع فاعلاً وإن كان ذو عسرة هذا فاعلها وذو تمام ما برفع يكتفي ارتفع ماذا؟ عن طلب خبرها لذلك هي أفعال ناقصة لأنها تطلب ماذا أخبارًا ولذلك سمي مفعولاً به في المعنى مجازًا وإن يكن في النطق وإن يوجد في النطق من كتاب أو سنة من هذه بيانية بين النطق وسبق أن النطق يطلق على كتاب والسنة لا إشكال فيه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3)} [سورة النجم:3]، {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ} [سورة الجاثية:29] إذن أطلق النطق على الكتاب فلا إشكال وإن يكن في النطق من كتاب أو سنة مطلقا سواء كانت متواترة أو أحادية تغيير الاستصحاب يعني إن وجد في الكتاب والسنة تغيير الاستصحاب ما يغير الأصل أي العدم الأصلي فالنطق حجة يعني مقدم حجة يعني دليل يحتج به على إثبات ما يغير الاستصحاب فإن كان الأصل عدم الوجوب حينئذ نأتي بالنطق ونستدل به على الوجوب إن كان الأصل عدم الاستحباب والنطق دل على الاستحباب نقول الأصل ماذا؟ الأصل عدم الاستحباب ودل الدليل على الاستحباب إذن صار النطق حجة في إثبات الاستحباب هذا مرادهم وإن يكن في النطق من كتاب أو سنة تغيير الاستصحاب أي تغيير الأصل أي العدم الأصلي الاستصحابي أي للأصل المستصحب وهو العدم الأصلي فالنطق الفاء واقعة في جواب الشرط فالنطق من كتاب أو سنة حجة إذن حجة إذن التنوين هذا عوض عن الجملة فالنطق حجة إذن يعني إذ كان أو إذ يكن أو إذ يوجد إن وجد النطق فهو (حُجَّةٌ إِذًا) تقدر المضاف إليه المحذوف أو الجملة.

وألزموا إضافة إلى الجملة حيث وإذ**وإن ينون يحتمل إفراد إذ وما كإذ معنى كإذ إذن فالنطق حجة إذن إذ كان إذ وجد النطق فهو حجة وإلا يوجد يعني وإلا يوجد يعني وإن لم يوجد النطق وإن لم يوجد في النطق ما يغير الأصل فكل أيها المستدل مستدلاً بالاستصحاب يعني صار الاستصحاب حجة متى عند عدم النطق إذن الاستصحاب حجة إذا لم يوجد نص يغيره من كتاب أو سنة وإن لم يكن نص من كتاب أو سنة فالاستصحاب حجة إذن لا يجتمعان تستصحب الأصل ومع وجود النطق المغير لا يجتمعان أليس كذلك؟ ولا يرتفعان لأنه إذا لم يوجد نطق حينئذ نرجع للاستصحاب لأنه براءة عقلية دلالة عقلية والعقل موجود باق حينئذ لا يجتمعان ولا يرتفعان إن وُجِدَ النطق رفع الاستصحاب إن لم يوجد رجعنا للاستصحاب واضح وإن يكن في النطق من كتاب أو سنة تغيير الاستصحاب فالنطق حجة إذن إذا وجد النطق وإلا يعني إن لم يوجد في النطق ما يغير الأصل فيستصحب الحال أي العدم الأصلي فيعمل به لذلك قال فكن الفاء واقعة في جواب الشرط وإن لا وإن هذا حرف شرط فكن للاستصحاب مستدلاً كن أنت أيها الناظر مستدلاً أي محتجا بالاستصحاب وهو حجة كما سبق بيانه في أول الكتاب هذا ما يتعلق بترتيب الأدلة وهذا لا يتقن حق الإتقان إلا بالممارسة ينظر في الأدلة وعلى ما ذكره أهل العلم في هذه المواطن وإلا الترجيحات كما أيضًا سبق كثيرة أنها كثيرة. بَابُ في ِالْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي

والتقليد باب في المفتي والمستفتي والتقليد بعد أن ذكر ترتيب الأدلة وبين لك أنه يقدم منها كذا على كذا من الذي يقدم ومن الذي يؤخر؟ هل كل من هب ودب أم ثم ضوابط لا بد من الرجوع إليها؟ لاشك أنه الثاني ولذلك عقد هذا الباب باب في المفتي، المفتي هذا اسم فاعل مشتق من أفتى يفتي فهو مفتي إذن مأخوذ من الفتوى والفتوى والفتيا لغة بيان الحكم الفتوى هي بيان الحكم وهذا مطلق لا يختص بالحكم الشرعي من بين الحكم في اللغة فهو مفتي من بين الحكم في الطب فهو مفتى أفتى ولكن في الشرع في الاصطلاح عندهم بيان الحكم الشرعي إن كان المبين هو الحكم الشرعي فصارت الفتوى شرعية باب في المفتي والمراد به هنا إذا أطلق المفتي في هذا الموضع المراد به المجتهد المطلق يعني غير مقيد بمذهب وغير مقيد بعلم بل هو مجتهد في كل فن من الفنون وعنده من الملكة والقوة ما يصلح أن ينظر في كل مسألة مسألة من مسائل الشريعة كلها أصلاً وفرعًا هذا يسمى مجتهدًا مطلقًا وهذا عز وجوده بل قيل عدم منذ زمن بعيد والمستفتي يعني طالب الفتوى والمراد به المقلد العامي: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [سورة النحل:43] إذن صار مستفتيًا طالبًا للفتوى الذي يطلب الفتوى هذا عامي مقلد هذا الأصل ولو كان مجتهدًا ولم يعلم بعض المسائل فسأل فيها فهو عامي في تلك المسألة ولذلك قيل العامي سمي عاميا مأخوذة من العمى لأن الأعمى يحتاج من يقوده إلى الوصول في الطريق كذلك من لا يعرف الطريق الموصلة إلى الجنة أن هذا حلال وهذا حرام يحتاج من يقوده أليس كذلك؟ لكن بدون عصى وإنما يبين له هذا حلال فيتبع هذا واجب هذا سنة هذا حرام فيجتنبه إذن يحتاج من يقوده ولذلك سمي عاميا والتقليد حقيقة التقليد ما هو التقليد هذا ما سيذكره في هذا الفصل وما بعده قال (وَالشَّرْطُ فِي الْمُفْتِي اجْتِهَادٌ)، (الشَّرْطُ) يشترط لصحة الاجتهاد هو قدم شروط المجتهد على معنى الاجتهاد وعكس ما عليه كثير من الأصوليين وإلا الأصل لا بد أن نعرف ما هو الاجتهاد أولا وما هي أقسامه هل هو جائز أم لا؟ وهل يتبعض أو لا؟ ثم بعد ذلك تذكر شروط المفتي لكنه هنا خالف وقدم هذه الشروط على حقيقة الاجتهاد لأن المراد أن يحصل مطلق علم للطالب فقط وينزجر قبل أن يعرف الاجتهاد ينزجر بهذه الشروط لعله هكذا فإذا سمع يعرف ...

الكتاب والسنن والنحو واللغة والأدب إلى آخره وفقه ومسائل ينزجر عن الاجتهاد إذن ليس بالسهل فإذا عرف الاجتهاد حينئذ ماذا يكون وقع في نفسه موقعًا عظيمًا لكن لو عرف أن الاجتهاد بذل الجهد في طلب يقول ممكن أنا أبحث فإذا جاءت تلك الشروط حينئذ يكون قد وقع أضعف لعل هذا المراد والله أعلم يشترط في صحة الاجتهاد شروط بعضها يرجع لنفس المجتهد وبعضها يرجع إلى المسألة المجتهد فيها مسائل المجتهد فيها يعني ليس كل مسألة قابلة للاجتهاد وإنما بعض المسائل لا تقبل الاجتهاد أصلاً كمسائل العقيدة فلا اجتهاد فيها أبدا أصول الدين الإيمان بالله الملائكة الكتب القضاء والقدر اليوم الآخر هذا لا اجتهاد فيه ليست قابلة للاجتهاد كما سيأتي فإذن بعضها راجع إلى المجتهد وبعضها إلى المسائل المجتهد فيها عموم ما سيذكره المصنف يدور حول شرط واحد وهو إحاطة المجتهد بمدارك الأحكام بمدارك جمع مدرك يعني الطرق التي تثبت بها الأحكام ولاشك أن هذا مبناه على معرفة اللغة العربية وكيفية الاستنباط اللغة العربية وكيفية الاستنباط ولما كان هذا المدرك الذي هو محل إدراك الحكم الوحي اشترط العلم بالوحي على كيفية سيذكرها إذن شرط المجتهد الشرط العام إحاطته بمدارك الأحكام المثمرة لها ما يثمر الأحكام ما هو؟ الكتاب والسنة والإجماع والقياس كيف يثمر الكتاب الأحكام؟ كل ما سبق من مسائل الأحكام مجمل ومقيد وظاهر ومؤول هذه لا بد من الوقوف عليها حتى نعرف كيف يثمر الكتاب الأحكام كيف تبنى على الكتاب؟ وهي الأصول التي سبق بيانها الكتاب والسنة والإجماع والقياس وتقديم ما يجب تقديمه منها فأما العدالة هذه ليست شرطا في الاجتهاد كونه مجتنبا للكبائر آتيا بالواجبات فليست شرطا في كونه مجتهدا فله أن يأخذ باجتهاد نفسه ولو كان فاسقا المجتهد قد يكون عادلا وقد يكون فاسقا فإن كان فاسقًا هل له أن يجتهد؟ هو عالم يعلم آيات الأحكام ويعلم أحاديث الأحكام وعنده من النحو واللغة لكنه فاسد يدخن حينئذ نقول ماذا؟ له أن يجتهد ويأخذ في نفسه بما وصل إليه اجتهاده ولذلك يحكى عن بعض المشايخ ولا أسميه هنا يقول هذا يشيش يقول الشيشة جائزة إذن فأما العدالة فليست شرطًا لكونه مجتهدًا فله أن يأخذ باجتهاد نفسه لكنها شرط لجواز الاعتماد على قوله فمن ليس عدلا لا تقبل فتياه إذن: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [سورة النحل:43] من العلماء العاملون من عدلهم الشرع ليس كل من نصب نفسه للفتوى يكون أهلاً للاستفتاء أما هو في شأن نفسه فحينئذ لا بأس أن يأخذ بما أدى إليه اجتهاده أما أن يكون مرجعًا للناس فلا والشرط في المفتي اجتهاد أن يكون مجتهدًا المفتي الذي يبين الأحكام الشرعية للناس وينصب نفسه أهلاً للفتوى هذا ليس على إطلاقه لا بد من شرط والشرط حقيقته ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته إذن إذا انتفى الإدراك أو الإحاطة بمدارك الأحكام الشرعية انتفى كونه مفتيًا لأن الإفتاء مبناه على الاجتهاد والاجتهاد لا بد له من شروط والشرط في المفتي اجتهاد أن يكون مجتهدا وشروط الاجتهاد قال: وَهْوَ أَنْ**يَعْرِفَ مِنْ آيِ الْكِتَابِ

أن يعرف ولم يقل يحفظ لأن المراد هنا الوقوف على معاني الآي وليس المراد حفظ الآي وإن كان هذا يعد من الكمال وهو أن يعرف وهو معرفة وهو مبتدأ وأن يعرف أن وما دخلت عليه تأويل مصدر خبر المبتدأ أن يعرف من للتبعيض (آيِ الْكِتَابِ) يعني من آيات الكتاب جمع آية حينئذ لا يشترط الوقوف على كل معاني القرآن هذا المشهور عند الأصوليين أنه لا يشترط الوقوف على كل معاني القرآن بل لا بد أن يعرف بعضا منها وما هو هذا البعض؟ قالوا: الواجب عليه في معرفة الكتاب معرفة ما يتعلق منه بالأحكام ثم ما يعنون له بآيات الأحكام هذا هو الذي يتعين عليه هذا هو الواجب على المجتهد على المفتي أن يعرف من آي الكتاب يعني من آيات الأحكام وهل هي محصورة في عدد معين أو لا؟ على خلاف قيل هي قدر خمسمائة آية وقيل تسعمائة آية وقيل ألف ومائة آية والصحيح أنه لا تحصر بعد معين أنه لا تحصر آيات الأحكام بعدد معين لماذا؟ لأن القرآن كله من أوله إلى آخره لا يخلو شيء منه عن حكم يستنبط منه سواء دل على الحكم بدلالة المطابقة أو بدلالة التضمن أو بدلالة الالتزام لا يخلو تخلو آية من آي القرآن إلا وهي دالة على حكم وهذا الحكم إما أن يخرج من الآية بالمطابقة أو بالتضمن أو بالالتزام حينئذ لا يمكن أن يفصل القرآن إلا اللهم أن يريد بأن الآيات المتعلقة بعموم الأمة، الأمة قد تكون محصورة فلا إشكال لا بأس بهذا ما يتعلق بالصلاة بالحج بالصيام بالطلاق هذه يمكن حصرها أما عموم الأحكام المستنبطة سواء كانت في معتقد أو في فروع المعتقد أو فيما يتعلق بحال الرعية أو حال الراعي نقول هذا لا بد من آي الكتاب كلها ولا يفصل ولا يشترط حفظها لذلك قال أن يعرف يعني يعرف مواضعها وإن لم يحفظها لأنها مستنبطة منه يعني من الكتاب إذن لا يشترط حفظها بل علمه بمواقعها حتى يطلب الآية المحتاج إليها وقت حاجته وهذا مذهب الجمهور أنه لا يشترط الحفظ فيكفي معرفة معانيها ليرجع إليها عند الحاجة ولا يفهم من هذا أنه يزهد في حفظ القرآن لا بل يعتني بحفظ القرآن لكن هل هو شرط في الإفتاء أو لا؟ نقول الحفظ ليس بشرط لأن المراد العمل بالقرآن وهذا يحصل بماذا؟ بالوقوف على معاني القرآن وقد حصلت بالمعرفة حينئذ لا إشكال (مِنْ آيِ الْكِتَابِ وَالسُّنَنْ) يعني ويعرف من السنن جمع سنة والمراد بها هنا أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته السنة عند الأصوليين والسنن لماذا؟ لأن من السنن ما هو متعلق الأحكام الشرعية وهو ما يسمى بأحاديث الأحكام الواجب عليه في معرفة السنة معرفة أحاديث الأحكام وهي وإن كانت كثيرة فهي محصورة قيل محصورة بثلاثة آلاف وقيل خمسمائة حديث وقيل إن أصول الأحاديث التي تدور عليها الأحكام خمسمائة حديث وهي مفصلة في نحو أربعة آلاف حديث ونسبه البعض لابن القيم رحمه الله تعالى أن الأحاديث الأحكام الأصول هذا كما ذكرته في آيات الأحكام يمكن أن تكون متعلق عامة الأمة بها أن الأصول من أحاديث الأحكام قد تصل إلى خمسمائة حديث ولكن تفصيلاتها والتوسع في بيان تلك الأصول هذا قد يكون ماذا؟ يصل إلى أربعة آلاف حديث ولذلك قيل سنن أبي داود يكفي المجتهد لأنه نحوًا من هذا العدد وهو لا يشترط حفظها ..

بل معرفة معانيها ومواقعها إذا احتاجها يحتاج إلى الرجوع إليها. (وَالفِقْهِ فِي فُرُوعِهِ الشَّوَارِدِ) يعني يكون عالِمًا بالفقه إذا لم يكن عالِمًا بالفقه كيف يجتهد والفقه في فروعه يعني يكون عالِمًا بالفقه أن يعرف الفقه من آي الكتاب يعني ومن الفقه يعني يكون عالِمًا بالفقه والمراد بالفقه هنا ليس الحد الاصطلاحي السابق لا المراد الفقه هنا المسائل إذا قال في فروعه إذن المسائل أصلاً وفرعًا ومذهبًا واختلافًا يعرف الفقه منه ما هو أصل ومنه ما هو فرع يعني الأصل الذي يحتاجه عامة الأمة والفرع الذي يتعلق بالبعض دون بعض قد يكون بعيد الوقوع ومذهبا يعني مذهب الشافعي مذهب أبي حنيفة المذاهب الأربعة وخلافًا ما وقع في المسائل من خلاف لا بد أن يقف على هذا حتى يصير مجتهدا (وَالفِقْهِ فِي فُرُوعِهِ) يعني في مسائله الفروع هنا بمعنى مسائل (الشَّوَارِدِ) جمع شاردة وهي المسائل البعيدة فإذا عرف المسائل البعيدة التي قد لا تقع فمن باب أولى وأحرى أن يعرف مسائل القريبة وفيه استعارة مكنية بينها الشارح فليرجع إليها (الشَّوَارِدِ) فيها استعارة مكنية حيث شبه الفروع التي هي مسائل الفقه المدونة في كتبه الصعبة بالظباء (الشَّوَارِدِ) بجامع النفور في كل تشبيها مضمرًا في النفس وطوى لفظ المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه على طريق الاستعارة بالكناية و (الشَّوَارِدِ) تخيير إما باق على معناه الحقيقي أو مستعار للمسائل المذكورة هذا لا بد من فهم الاستعارة المكنية (وَكُلِّ مَا لَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ) يعني القواعد الفقهية لا بد أن يعرف القواعد الفقهية وقف على المصنفات التي كتبت في هذه أو في هذا الفن في كل مذهب مذهب لأن الأحناف لهم قواعد فقهية والمالكية لهم قواعد فقهية والشافعية والحنابلة كل مذهب له قواعد فقهية واختلفوا هل يستدل بها؟ يعني يحتج بها مثل ما يحتج بقول الصحابي هل هو حجة أو لا؟ الصواب في هذا التفصيل إن كان القاعدة أصل يعني مستندة إلى أصل بلفظه أو بمعناه حينئذ لو ذكرت القاعدة كاستدلال فهو استدلال بالأصل مثل قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد هذا قاعدة متفق عليها في كل المذاهب وعبر ابن السبكي في الأشباه يقول: الأولى لا نقول هكذا بل الأولى أن نقول: قاعدة إنما الأعمال بالنيات يعني بدل أن نعدل عن لفظ الحديث وهو أصل متفق عليه بدلاً من أن نقول الوسائل لها أحكام المقاصد ودليلها إنما الأعمال بالنيات لا نأتي بإنما الأعمال بالنيات هو في لفظه قاعدة حينئذ نقول: قاعدة إنما الأعمال بالنيات هذا أصلها حديث الأحكام لها أحكام المقاصد فإذا قال: هذا الأمر يحرم لأن الوسائل لها أحكام المقاصد جعل القاعدة كدليل يحتج به هذا لا بأس به لماذا؟ لأن فيه إرشادا إلى الأصل وهو الحديث وأما إذا كانت مستنبطة القواعد الفقهية أو كانت أشبه ما يكون بالضوابط فهذا من باب التيسير فقط تيسير العلم (وَكُلِّ مَا لَهُ) وكل الذي له يعني للفقه (مِنَ الْقَوَاعِدِ) المدونة في المذاهب كلها مع يعني يظن مع ما سبق.

(مَعْ مَا بِهِ ما فيه مِنَ الْمَذَاهِبِ الَّتِي** تَقَرَّرَتْ) هذا ذكرناه فيما سبق يعني يعلم الفقه والمسائل أصلاً وفرعًا ومذهبًا وخلافًا (مَعْ مَا بِهِ) ما فيه ما دون في الفقه (مِنَ الْمَذَاهِبِ الَّتِي** تَقَرَّرَتْ) التي استقرت وعرف أصحابها أئمتها وعرفت مسائلها وضبطت ودونت وعرفت مآخذها من حيث الاستدلال والدليل وما اتفق عليه وما اختلف فيه وما ثبت عن إمامه وما رجع عنه هذا تقول فيها مذاهب مستقرة يعني ثبتت هذه المذاهب وما عداه هذا محل النزاع هل يجوز الخروج إليه أو لا؟ هذا محل خلاف مع ما به من المذاهب التي تقررت أي المستقرة ومن خلاف مثبت يعني ما أثبت في كتب الفقه المعتمدة من خلاف لماذا؟ لئلا يخرج عن الأقوال المدونة فائدة معرفة الخلاف إذا كان في المسألة قولين إذا كان في المسألة قولان فحينئذ لا يجوز أن يزيد قولا ثالثًا حينئذ المجتهد لئلا يأتي بقول: لم يقل به أحد ولم يسبقه به أحد حينئذ لا مفر من هذا إلا إذا وقف على خلاف إذا لم يقف على خلاف كيف يعرف أنه مسبوق أو لا لا بد أن ينظر من قال بهذا القول. إذا انقدح في نفسه قول لا بد أن يقف هل قال أحد من الأئمة المعتبرين هذا القول أو لا؟ فإن لم يقل به أحد فإذن لا يجوز لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من كبار التابعين لا يجوز أن يقول به صحيح أي نعم لماذا؟ لأنه لو قال به لجاز على دعواه خلو ذلك العصر من قائل بالحق وهذا باطل وإذا لزم منه الباطل فما هو مبناه فهو باطل ومن خلاف مثبت يعني فائدة معرفته ليذهب إلى قول منه ولا يخالفه بإحداث قول آخر. وَالنَّحْوِ وَالأُصُولِ مَعْ عِلْمِ الأَدَبْ** وَاللُّغَةِ الَّتِي أَتَتْ عَنِ الْعَرَبْ

يعني لا بد أن يعرف لسان العرب هذا مراده لسان العرب لابن منظور أو لسان العرب الجامع للنحو والصرف والبيان الثاني لماذا؟ لأن القرآن نزل بلغة العرب فحينئذ لا يمكن استيعاب القرآن على وجهه الصحيح من جهة البلاغة ومن جهة التراكيب ومن جهة المفردات ومن جهة معاني تلك المفردات إلا بإتقان لسان العرب ولا يتعب نفسه إنسان يأتي إلى القرآن دون أن يتسلح بهذا السلاح وكذلك السنة لا بد من هما عربيان لا بد من إتقان لسان العرب بل هو شرط في معرفة ماذا؟ بل هو شرط في الاجتهاد وسبق قول الشاطبي رحمه الله تعالى تنظير العالم باللغة في بالمجتهد ماذا قال؟ المبتدي في العربية مبتدئ في الشريعة والمتوسط متوسط والمنتهي منتهي هذا يدل على ماذا؟ على أن هذا الشرط قوي ليس بالهين لأنه إذا وقف على لسان العرب كفاه كثير من البحث في علوم الآلة إذن لا بد أن يعرف بـ أو يعرف من العربية ما يميز به بين صريح الكلام و ...

ومجمله وحقيقته وجازه وعامه وخاصه ومحكمه ومتشابهه ومطلقه ومقيده ونصه وفحواه كل هذه مبناها على لغة العرب ولذلك أعظم ما يبحث وأجل ما يبحث ويعتنى به عند الأصوليين مبحث دلالة الألفاظ العام والخاص والأمر والنهي إلى آخره وهذه مبناها الأصل والفرع والمتوسط ولغة العرب وإنما يقف على بعض الاستدلالات التي لا بد منها والنحو يعني يعرف من النحو لأنه يعتني بالتراكيب ليفهم حقيقة المراد من النص الآية أو الحديث والأصول المراد بالأصول هنا ما المراد أصول الفقه وأصول الدين معتقد يعني أصول الدين المراد بها المعتقد وأصول الفقه لأن أعظم فائدة من دراسة الأصول الفقه هو معرفة الاستنباط قواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية فتعرف أن مطلق الأمر للوجوب وهذا لا يبحث عنه أهل اللغة فإذا دلت قرينة صارفة حمل على الندب هذا تأخذه من أين من كتب أصول الفقه ذلك العام يحمل على كل أفراده إلا إذا عارضه خاص حينئذ يحمل على ما عدا صورة الخصوص نقول: هذا كله يؤخذ من أصول الفقه إذن لا بد من أن يكون محيطًا بهذا الكلام وكذلك أصول الدين (مَعْ عِلْمِ الأَدَبْ) الشامل لاثني عشر علما منها النحو إعرابًا وتصريفًا (وَاللُّغَةِ الَّتِي أَتَتْ عَنِ الْعَرَبْ) يعني اللغة العربية مراده فقه اللغة أو علم اللغة علم المفردات يعني المراد بالبيت كذا المراد بسنة كذا في اللغة طريقة هذه تأخذها من المعاجم يعني لا بد من العناية بالمعاجم واللغة التي أتت من العرب يعني اللغة العربية عالِمًا بمفرداتها ومركباتها لأنها قاعدة الاجتهاد قدرًا به قدرًا إيش إعرابه؟ مفعول به أي العامل الفاعل العامل أن يعرف قدره نعم أحسنت فليعرف قدرا إذن ليس كل تلك العلوم لأن منها ما يتعلق بالشرع ومنها ما هو زائد النحو ليس كل النحو يحتاجه المجتهد وليس كل أصول الفقه يحتاجه المجتهد وليس كل اللغة العربية بمفرداتها وتراكيبها وتصنيفها وبيانها إلى آخره يحتاجه المجتهد بل تم ما هو أصول وتم ما هو من الفروع أو من المتممات الذي يحتاجه هو العلم بأصول ذلك الفن قدرًا أن يعرف (قَدْراً بِهِ) بهذا القدر (يَسْتَنْبِطُ الْمَسَائِلَا) المسائل الألف هذه للإطلاق وهي جمع مسألة وهي لغة السؤال وفي الاصطلاح مطلوب خبري يبرهن عليه في العلم يعني مبتدأ وخبر أو فعل وفاعل يبرهن عليه في العلم يعني يثبت له دليله الوتر مندوب هذا مطلوب خبري لا بد من البرهان والبرهان يؤخذ من العلم لا من الهوى ولا العقل ولا التحكم إنما لا بد من الرجوع إلى أصول العلم قدرا به يستنبط يعني يأخذ المسائل بنفسه يستنبط يعني يأخذ الاستنباط هو الأخذ والاستخراج ولذلك نقول علة مستنبطة يعني مأخوذة بطريق الاستنباط وهو الإخراج من النص لا تكون منصوصة ولا تكون مجمعًا عليها وهذا له معنى أن المسائل ليس كل مسألة تكون محلا للاجتهاد قدرًا به يستنبط أي يأخذ المسائل بنفسه من أدلتها بنفسه يستنبط المسائل هذا يصدق على مسألة واحدة لأن الاجتهاد الصواب أنه يتجزأ يعني يتبعض لكن مع وفور الآلة لا يعقل أن الاجتهاد يتجزأ معناه أنه لا تشترط هذه الآلة لا لا يصح الاجتهاد ولو في مسألة واحدة إلا باستجماع هذه الشروط ولو

في مسألة واحدة حينئذ الشروط هذه ليست معتبرة لكمال الاجتهاد فقط وإنما حتى لو كانت مسألة واحدة فحينئذ إذا قيل بتجزؤ الاجتهاد وأنه يتبعض ولو في مسألة ولو في باب واحد أو عدة مسائل حينئذ نقول ما اجتهد فيه فهو ماذا؟ فهو صادق في اجتهاده وما لم يجتهد فيه فحكمه حكم العامي إذن يستنبط (بِنَفْسِهِ) يعني المسائل بنفسه ولو في مسألة بعينها وإن لم يعرف غيرها فيصير مجتهدا (لِمَنْ يَكُونُ سَائَلا) أي فيفتي بها لمستفتيه يستنبط المسائل بنفسه لمن جار ومجرور متعلق بقوله يستنبط لمن يكون سائلاً يعني لسائلة لمستفتيه فيفتي نفسه أولا لأنه هو المقصود الأصلي ثم بعد ذلك إن سئل ماذا؟ يحتاجه فيبذل الوسع فيستخرج الحكم لمن يكون سائلاً مع رجع إلى بقية الشروط تتميم مع علمه التفسير في الآيات وفي الحديث حالة الرواة (مَعْ عِلْمِهِ التَّفْسِيرَ فِي الآيَاتِ) إما أنه آيات الأحكام وإما على جهة العموم يعني يعرف التفسير والمراد بالتفسير الذي اشترطه أهل العلم المبني على آلة التفسير الحقيقية يعني معرفة أسباب النزول معرفة الناسخ والمنسوخ معرفة المكي والمدني إلى آخر ما ذكر في علوم القرآن كل ما يبنى على صحة التفسير وما يعتبر شرطا أو من شروط المفسر حينئذ يكون داخلاً في شروط المجتهد لأنه لا يعرف آيات الأحكام يفسرها إلا بماذا؟ إلا إذا استكمل أدوات المفسر حينئذ لا بد أن يكون عالِمًا باللغة ولا بد أن يكون عارفًا بالمكي والمدني والناسخ والمنسوخ أسباب النزول إلى آخره (وَفِي الْحَدِيثِ حَالَةَ الرُّوَاةِ) لا بد أن يعرف حالة الرواة لماذا؟ ليعرف الصحيح من الضعيف فالصحيح هو الذي يعتمد والضعيف هذا يرد باطل لا يعتمد عليه في استنباط أحكام الشرع مطلقا حتى في فضائل الأعمال (وَفِي الْحَدِيثِ حَالَةَ الرُّوَاةِ) يعني جرحا وتعديلا ليثبت حينئذ الحديث الصحيح ويميز عن ماذا عن الضعيف والمراد بالصحيح هنا ما يشمل الحسن ليترجح أيضًا عند أو يقدم الصحيح على الحسن لذاته مثلا عند التعارض هذا يصل إليه بماذا بمعرفة حالة الرواة (وَمَوْضِعَ الِإجْمَاعِ) يعني وعلمه مع علمه التفسير وموضع هذا معطوف على التفسير ومع علمه موضع الإجماع يعني ما كان الإجماع ما الذي أجمعوا عليه وما الذي اختلفوا فيه لأنه إذا لم يعرف بأن هذه المسألة مسألة إجماع كما يحصل البعض الآن يأتي يبحث أسبوع وأسبوعين وثلاثة في المسألة وهو لا يدري أن المسألة مجمع عليه لأن بعض المسائل قد يقع فيها النزاع عند المتأخرين وهي بإجماع يعني بإجماع السلف مع علمه التفسير وموضع الإجماع كي لا يخرقه ولئلا يفتي بخلافه لكن هذا كيف يتصور مفتي أو مجتهد لا يعرف الإجماع ثم يفتي بخلافه لكن هذا من باب التنزل فقط أنه لا بد أن يقف على الإجماع وإلا لو عرف الفقه السابق بفروعه الشوارد حينئذ لزم أن يعرف ما أجمع عليه وما اتفق عليه والخلاف هذا كرره للتقطيع وإلا سبق بيانه في قوله ومن خلاف مثبت والخلاف من باب التكرار (فَعِلْمُ هَذَا الْقَدْرِ فِيهِ كَافِ) كافي للمجتهد المطلق كل ما ذكر هذا يكفيه فقط لا يزيد عليه لو زاد عليه؟ ما بقي شيء هو ما ترك شيء (فَعِلْمُ هَذَا الْقَدْرِ فِيهِ) يعني في المجتهد المطلق

ليجوز له الاجتهاد (كَافِ) يكتفي به ثم قال: وَمِنْ شُرُوطِ السَّائِلِ الْمُسْتَفْتِي** أَنْ لَّا يَكُونَ عَالِمًا كَالْمُفْتِي هذا راجع إلى بيان المستفتي بعد أن بين لك شروط المجتهد المفتي بين لك السائل المستفتي يعني طالب الفتوى من شروطه من شروط السائل المستفتي ألا يكون عالِمًا كالمفتي يعني يكون جاهل بالحكم الشرعي سواء كان جاهلا مطلقا أو جاهلا بتلك المسألة لأن القسمة ثنائية: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [سورة النحل:43] أهل الذكر هم العلماء إن كنتم لا تعلمون هؤلاء الجهلاء حينئذ سائل ومسؤول السائل يكون جاهلا والمسؤول يكون عالِمًا إذن من شروط السائل المستفتي ألا يكون عالِمًا كالمفتي بل يكون من أهل التقليد فحيث كان الفاء هذه من باب التفريع يعني تفرع على ما سبق فحيث كان مثله مجتهدا السائل يكون مجتهدا أهل الاجتهاد فلا يجوز كونه مقلدا لأنه عنده آلة الاجتهاد والتقليد الأصل فيه على قول بعض التحريم حينئذ لا يجوز أن يقلد غيره وهو عنده آلة الاجتهاد وإنما يجب عليه أن ينظر في الأدلة فيستنبط حكم الشرع بنفسه فحيث كان مثله مجتهدا فلا يجوز كونه مقلدا قالوا إذا اجتهد فغلب على ظنه الحكم لم يجز التقليد إذا كان من أهل الاجتهاد فغلب على ظنه حكم لم يجز التقليد وإنما يقلد العامي المجتهد العامي هو الذي يقلد والمقلد هو المجتهد ومن لا يتمكن من الاجتهاد في بعض المسائل فهو عامي فيها وله أن يقلد غيره إذن. فَحَيْثُ كَاَنَ مِثْلَهُ مُجْتَهِدَا** فَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُقَلِّدَا

يعني إذا أمكن أن يبحث في هذه المسألة مع توفر الشروط لا يجوز له أن يكون مقلدًا وإنما واجبه الاجتهاد لأن الاجتهاد حينئذ يكون واجبا فإن تعذر عليه الاجتهاد في هذه المسألة بعينها حينئذ يجوز له أن يقلد غيره فيكون المجتهد مقلدا في هذه المسألة بل عامي في هذه المسألة وإن تعذر عليه الوقت لم يسعفه الوقت قالوا حينئذ أيضًا يجوز له أن يسأل من باب الضرورة أما المستفتي يستفتي من؟ قالوا ولا يستفتي العامي إلا من غلب على ظنه أنه من أهل الاجتهاد بما يراه من انتصابه للفتيا بمشهد من أعيان العلماء هذا في القديم وأخذ الناس عنه وما يتلمحه من سمات الدين والستر أو يخبره عدل عنه هذا لا بد من معرفته يستفتي من؟ قالوا: يستفتي من نصب نفسه للفتيا مع مشهد أعيان أهل العلم نقول: هذا قديم الآن غير معتبر وأخذ الناس عنهم أيضًا هذا الآن غير معتبر وما يتلمحه من سمات الدين والستر الله أعلم بهذا أو يخبره عدل عنه يثق فيه بأن هذا أهل للفتوى أهل للاستفتاء فيستفتى فأما من عرفه بالجهل فلا يجوز أن يقلده اتفاقًا من عرف أن هذا جاهل ولو كان ناصبا نفسه للفتوى لا يجوز تقليده بالإجماع لا خلاف فإن جهل حاله لا يدري هل هو جاهل ولا عالم؟ لكن نصب نفسه للفتوى فإن جهل حاله فجمهور العلماء على أنه لا يجوز تقليده ولا العمل بفتواه فلا بد من السؤال عنه والبحث لا بد من الجرح والتعديل فكل من وجب عليه قبول قول غيره وجب معرفة حاله قال ابن قدامة في ((الروضة)) إذ كيف يقلد من يجوز أن يكون أجهل من السائل؟ هذا نص ابن قدامة هذه مسألة قديمة إذ كيف يقلد من يجوز أن يكون أجهل من السائل إذن لا بد من السؤال عمن يستفتى ثم قال رحمه الله: فَرْعٌ هذا ما يتعلق بالقسم الثاني لأنه قال باب في المفتي والمستفتي ولكل منهما شروط والتقليد ما حقيقة التقليد؟ قال: فرع الفرع لغة ما انبنى عليه غيره ويقابله الأصل والفرع ما فالأصل ما عليه غيره بني والفرع ما على سواه ينبني واصطلاحا اسم لألفاظ مخصوصة مشتملة على مسائل غالبًا لكن هنا ما ذكر إلا مسألة واحدة قد يذكر يذكر الفرع ويشتمل على مسائل غالبًا وقد يشتمل على مسألة واحدة وهذا كثير في المجموع عند النووي رحمه الله فرع ويذكر مسألة واحدة تجد عدة فروع في صفحة واحدة وكل فرع مشتمل على مسألة واحد. تَقْلِيدُنَا قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ** مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ حُجَّةٍ لِلسَّائِلِ

التقليد هذا تفعيل مصدر يعني قلد يقلد تقليدًا كخرج يخرج تخريجا وهو في اللغة جعل القلادة في العنق وقيل وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به ويسمى ذلك قلادة أليس كذلك؟ واصطلاحا عرفه الناظم هنا بقوله قبول الغير قبول قول القائل من غير ذكر حجة للسائل يعني إتباع قول الغير من غير معرفة دليله الإتباع بمعنى قبول هنا قبول قول الغير من غير معرفة دليله ما حكم الخمر؟ حرام ويمشي هذا تقليد لم يذكر له الدليل ما ذكر له الحجة وهي قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوهُ} [سورة المائدة:90] فإن قيل له الخمر حرام لقوله تعالى إنما الخمر إلى قوله فاجتنبوه صار ماذا؟ إتباع على قول وقيل: لا، لا بد أن يعرف وجه الاستدلال إذن هو إتباع قول الغير من غير معرفة دليل قول الغير احترز به عن الأخذ بالكتاب والسنة والإجماع فلا يسمى تقليدًا إنما هو إتباع إذا أخذ بالنص إنما هو إتباع فيكون المراد من قول الغير اجتهاده قبول قول الغير يعني اجتهاده والاجتهاد مبناه على الرأي لأنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص كما سيأتي لا صحة ولا اعتبار لاجتهاد مع وجود النص بل يعتبر اجتهادًا فاسدًا مردود على صاحبه فالتغليب إنما يكون مع عدم معرفة الدليل إذن (تَقْلِيدُنَا قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ) المفتي يعني من غير ذكر حجة لا من دليل لا بكتاب ولا سنة ولا يبين وجه الاستدلال ولا أن هذا مأخذ الآية كذا ولا الحديث كذا للسائل فيعطيه القول الحكم الشرعي التكليفي فقط هذا واجب هذا حرام صلاة الفجر واجبة ولا يسأل عن الدليل وقراءة الفاتحة ركن في الصلاة ولا يخبره بدليل يقول هذا من باب التقليد إذن التقليد في عرف الفقهاء قبول قول الغير من غير حجة وبناءً على هذا التعريف فلا يسمى الأخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم والإجماع تقليدًا أليس كذلك؟ لا يسمى تقليدًا لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو حجة قوله وفعله وتقريره حجة حينئذ يكون من باب الإتباع لا من باب التقليد فلو استفتي النبي صلى الله عليه وسلم وقال حرام ومشى نقول الصحابي قلد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يذكر له حجة أو نقول قوله صلى الله عليه وسلم حرام هو حجة؟ الثاني لا شك أنه الثاني لأن قوله عليه الصلاة والسلام حرام هو حجة بنفسه قوله هذا سنة والسنة واجبة الإتباع إذن بناءً على هذا التعريف فلا يسمى الأخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم والإجماع تقليدا لأن ذلك هو الحجة في نفسه حكم تقليد قال ابن عبد البر رحمه الله ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها وأنهم المرادون بقول الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [سورة النحل:43] وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بميزه بالقبلة إذا أشكلت عليه فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به لا بد له من تقليد عالم إذن التقليد ضرورة لا بد منه والعوام إذا قيل لهم لا بد من الاجتهاد لأنه ليس عندنا إلا اجتهاد وتقليد وعرفنا شروط الاجتهاد فحينئذ لو قيل للعامة لا بد أن تجتهدوا وواجبكم الاجتهاد ماذا يحصل؟ يقول ابن قدامة في الروضة

خربت الدنيا لأن الناس كلهم تفرغوا لدراسة النحو وأصول الفقه خربت الدنيا لأنه لا صنائع ولا طب ولا هندسة ولا جغرافيا ولا رياضيات ولا إلى آخره خربت الدنيا أليس كذلك؟ حينئذ نقول تقليد العامة العوام لعالم موثوق في علمه هذا ضرورة لا بد منها ولو حكمنا بوجوب الاجتهاد على كل الأمة جملة وتفصيلاً لخربت الدنيا لأنه ولا بد أن يتفرغوا لبحث شروط المفتي والمجتهد وهذه تفنى فيها الأعمار قال ابن تيمية رحمه الله: والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة والتقليد جائز في الجملة أن الاجتهاد جائز في الجملة وأن التقليد جائز في الجملة ولا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد إذن الاجتهاد سائغ والتقليد سائغ وإنما بشرط الاجتهاد جائز في الجملة بشروطه والتقليد أيضًا جائز في الجملة بشرطه أن يكون جاهلا ولا يمكن البحث في كتاب ولا السنة واضح هذا؟ هذا حكم التقليد والشيخ الأمين رحمه الله يقول في المذكرة: واعلم أن قول الغير لا يطلق إلا على اجتهاد يعني قوله في التعريف إتباع قول الغير لا يطلق إلا على اجتهاد أما ما فيه نص أو ما فيه النصوص فلا مذهب فيه لأحد لا يقال هذا مذهب الشافعي في صلاة الفجر واجبة أو سنة يقال هذا؟ أي نعم لذلك لا يقال ما عقيدة مالك هل هي مخالفة لعقيدة الشافعي؟ هل هي مخالفة لعقيدة أحمد؟ لأن هذه مأخذها النصوص ولا خلاف فيها ولا يقبل قول مخالف فيها واعلم أن قول الغير لا يطلق إلا على اجتهاد أما ما فيه النصوص فلا مذهب فيه لأحد ولا قول فيه لأحد لوجوب إتباع على الجميع فهو إتباع لا قول حتى يكون فيه التقليد والاجتهاد إنما يكون بشروط يعني في المسائل المجتهد فيها هذا يتممه مع ما سبق هنا المجتهد هناك شروط في الاجتهاد في نفسه وهناك شروط في المسائل هنا ناسب ذكر المسائل التي تكون محلا للاجتهاد. أولا: ما لا نص فيه أصلا يعني متى يصح دعوى الاجتهاد في المسائل هل كل مسألة؟ نقول المسائل نوعان مسائل فيها نصوص من الوحيين وفيها إجماع هذه ليست محلا للاجتهاد مسائل لا نصوص فيها وهذه محل الاجتهاد لا نصوص فيها باعتبار كلام المتأخرين أو على رأي الشيخ الإسلام ابن تيمية أن دلالتها من النصوص دلالة خفية لا يظهر لكل أحد وإنما لا بد من بذل الوسع فيها. إذن المسائل التي يسوغ الاجتهاد فيها أولا ما لا نص فيه أصلا ولا إجماع قالوا: لحديث معاذ أخر أجتهد رأيي ولا آلو قدم الكتاب ثم إن لم يكن فالسنة ثم إن لم يكن فالاجتهاد حينئذ الاجتهاد جاء مرتبته ماذا؟ بعد عدم وجود دليل من الكتاب وبعد عدم وجود دليل من السنة فإذا انتفيا حينئذ قال: أجتهد رأيي ولا آلو.

الثاني: من المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد ما فيه نصوص ظاهرها التعارض فيوجب الاجتهاد في الجمع بينهما أو الترجيح مثل ماذا؟ مثل له بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة} هذا وقع فيه خلاف في الفهم بين الصحابة لأنه محتمل لا يصلين أحد العصر ولو خرج الوقت إلا في بني قريظة لا المراد الحث في الوقت وعليكم الإسراع والعجلة حتى تصلوا قبل خروج الوقت يحتمل هذا ويحتمل ذاك ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف الطائفتين. الثالث: ألا تكون المسألة مجتهدًا فيها من مسائل العقيدة وخاصة أصول الدين أما ما وقع فيه نزاع بين السلف هل يقع العذاب على البدن فقط أو على الروح؟ نقول هذا هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه عيانا أو لا والمسائل التي وقع فيها لا إشكال هذا محل اجتهاد ما عداها فلا التوحيد الألوهية الأسماء والصفات الربوبية الإيمان بالملائكة إلى آخره نقول هذه ليست محلا للاجتهاد كما سيأتي نص في كلام المصنف فالاجتهاد خاص بمسائل الأحكام أو فروع العقيدة إن وقع فيها نزاع عن السلف وما اتفقوا عليه فيجب المتابعة الرابعة تكون المسألة المجتهد فيها من النوازل أو مما يمكن وقوعه في الغالب استدلوا له بحديث إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته إذن هذه ضوابط لا بد من مراعاتها في المسألة التي تكون محلا للاجتهاد إذن قبول قول القائل نقول هذا المراد به المسائل التي يصح ويسوغ الاجتهاد فيها لا مطلقًا أما إذا كان نص أو إجماع حينئذ ليس عندنا إلا إتباعه وليس فيه تقليد وقيل بل قبولنا مقاله مع جهلنا من أين ذاك قاله وقيل في تعريف ماذا التقليد قبولنا مقاله يعني قول القائل مع جهلنا من أين ذاك قاله؟ من أين أخذه؟ يعني ما وجه الاستنباط من هذا النص؟ حينئذ نقول إذا لم يعرف ولو ذكر له الدليل وأخذه دون معرفة مأخذه فهو مقلد إذن على التعريفين لو قال الخمر حرام لقوله فاجتنبوه ومشى هذا صار متبع لأنه أخذه بدليل على القول الثاني لا مقلد لأنه لم يقل له فاجتنبوه أمر والأمر يقتضي الوجوب لا بد أن يبين له وجه الاستدلال هذا المراد بقوله (بَلْ قَبُولُنَا مَقَالَهْ) يعني قول القائل وأنت لا تدري من أين قاله أي لا تعلم مأخذه في ذلك. فَفِي قَبُولِ قَوْلِ طَهَ الْمُصْطَفَى** بِالْحُكْمِ تَقْلِيدٌ لَهُ بِلَا خَفَا

لكن هذا ليس بصواب هل النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد أو لا؟ مسألة وقع فيها النزاع والصواب أنه يجتهد وإذا اجتهد هل يقع الاجتهاد هل يقع الخطأ في اجتهاد أولا؟ فيها نزاع والصواب أنه قد يقع خطأ في اجتهاده ما الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد اجتهاده في أسرى بدر طيب هل وقع اجتهاده موافقا للصواب أم لا الثاني بدليل ماذا جاء العتاب وجاء التصحيح من السماء إذن يجتهد عليه الصلاة والسلام وقد يكون اجتهاده فيه مخالف للصواب ويأتي التقرير أو التصحيح من السماء حينئذ القول بكونه قد يخطئ في اجتهاده نقول هذا لا محذور فيه من جهة تبليغ الشريعة لماذا؟ لأنه لا يُقَرُّ عليه وحينئذ نقول إذا اجتهد وقال باجتهاده وأخذ بذلك الاجتهاد أما قلنا التقليد قبول قول الغير يعني ما قاله من تلقاء نفسه باجتهاده هل يكون تقليدا أو لا نقول الصواب أنه ليس بتقليد لأن قوله إما أن يكون مأخوذا من الوحي نصا حينئذ صار إتباعًا وإما أن يكون مبنيا على الرأي والنظر والاستدلال وذل الوسع فنقول أقره الرب جل وعلا فصار سنة إذن على كل حال من الأحوال قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون تقليدًا بل هو إتباع ففي قبول قول طه المصطفى طه هذا المصنف على أن طه من أسمائه أفعال طه وقلنا هذا نظرا وأثرا لا يصح وسبق بيانه في الأفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم قبول قول المصطفى صلى الله عليه وسلم بالحكم يعني يعني فيما يذكره من أحكام تقليد يعني يسمى تقليدًا له بلا خفاء لماذا؟ لانطباق الحد عليه لكن إذا عممنا قبول قول الغير مطلقا أما إذا خصصناه بما لا نص فيه حينئذ نقول ما قاله عليه الصلاة والسلام مما لا نص فيه قد أقر من السماء فيكون حينئذ القول حجة ودليل تقليد له يعني النبي صلى الله عليه وسلم بلا خفاء يعني أمره واضح لا جدال فيه وإن لم يذكر دليل ذلك الحكم لأنه قد قام الدليل على قبول قوله صلى الله عليه وسلم نقول: قوله حجة هو عليه الصلاة والسلام فكيف نقول ذكر قولاً ولم يذكر دليلاً كيف يتصور هذا ذكر حكمًا شرعيًا ولم يذكر دليله هو قوله حكم شرعي هو قوله دليل هذا غريب وقيل: لا، لا يسمى تقليدًا وهذا هو الصواب لأن ما قد قاله عليه الصلاة والسلام جميعه بلا استثناء بالوحي قد أتى له إما أن يوحى إليه مباشرة وإما أن يقول القول فيقر من السماء فأقره الرب سبحانه وتعالى حينئذ كله داخل في قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [سورة النجم:4،3]، حينئذ متابعة النبي صلى الله عليه وسلم تسمى متابعة ولا تسمى تقليدًا لا تسمى تقليدًا قال في الشرح وإن قلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد ولا يقتصر على الوحي فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليدًا وهذا فاسد ليس بصحيح لماذا؟ لأنه إذا اجتهد ولم يعتمد على الوحي المباشر حينئذ نقول جاء التقرير من السماء هذا في قوة الوحي ويسمى قبول قوله تقليدًا لاحتمال أن يكون قاله عن اجتهاد وإن قلنا: لا يعني لا يجتهد عليه الصلاة والسلام فلا يسمى تقليدًا إذن المأخذ في الحكم بكون النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ بقوله أو لا مسألة الاجتهاد هل يجتهد أو لا إن قلنا: يجتهد فحينئذ

قالوا قبول قوله تقليدا وإن قلنا: لا، لا يجتهد فحينئذ كله وحي فهو إتباع والصواب أنه يجتهد وأن أخذ قوله ولو كان باجتهاد هو إتباع لا تقليد إتباع لا تقليد باب الاجتهاد قال رحمه الله: الاجتهاد هذا افتعال افتعال من الجهد أو الجهد بفتح الجيم أو ضمها وهو الطاقة والوسع يعني في اللغة وفي اللسان لسان الميزان لسان العرب أنهما لغتان في الوسع والطاقة الجهد والجهد بمعنى واحد لغتان وقال ابن الأثير هو بالفتح المشقة الجهد وقيل المبالغة والغاية وبالضم الوسع والطاقة يعني جعل الاجتهاد مأخوذا من الجهد لا من الجهد والصواب أنه لغتان في الوسع والطاقة وأما اصطلاحًا فهو بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل هذا ليس باصطلاح هذا في اللغة بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل ولا يستعمل إلا فيما فيه جهد يقال: اجتهد في حمل الرحى ولا يقال اجتهد في حمل الخرذلة اجتهد في حمل كذا إذا كان الشيء شاق وأما إذا كان ساعة فلا يقول اجتهدت في حمل هذه الساعة لأنها خفيفة لا تحتاج إلى بذل وسع اجتهدت في حمل المسواك من قال هذا لماذا؟ لأن الجهد والجهد هذا يطلقان في ماذا؟ في ما إذا كان في بذل مجهود ومشقة وما عدا ذلك لا يقال هذا في ماذا؟ في اللغة حينئذ المعنى المناسب للمعنى الاصطلاحي هو هذا بذل الوسع يعني المجهود واستفراغ الوسع في فعل ولا يستعمل إلا فيما فيه جهد يقال اجتهد في حمل الرحى ولا يقال اجتهد في حمل الخردلة وأما في الاصطلاح عند الأصوليين والفقهاء فهو بذل المجتهد ما في وسعه في طلب العلم بأحكام الشرع بذل المجتهد ما في وسعه في طلب العلم بأحكام الشرع بذل هذا جنس في التعريف يشمل كل بذل من المجتهد وغيره حتى من العامي قد يبذل سواء كان في الأحكام أو في غيرها أضيف إلى المجتهد بذل المجتهد لإخراج بذل غير المجتهد والمراد بالمجتهد هنا الفقيه الذي له القدرة في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها هذا المراد بالمجتهد إذا أطلق المجتهد في هذا المقام انصرف إلى الفقيه الذي له القدرة في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها إذن لما أضيف بذل المجتهد أخرج بذل اللغوي والطبيب والمهندس ونحو ذلك وقد يبذلون ما في وسعهم لكن لا يسمى في الاصطلاح اجتهادًا لماذا؟ لأن الاجتهاد هو بذل الفقيه وليس بذل الطبيب ولا المهندس والمجتهد من عنده ملكة استنباط وليس المراد المتفقه بالفعل هذا أخذناه في حد الفقيه هناك فقه المراد به بالفعل أو بالقوة القريبة والوسع معناه الجهد والطاقة فخرج به بذل المقصر يقال ما في وسعه يعني ما في طاقته تمامها ولذلك سيأتي أنه الاجتهاد ينقسم إلى تام وناقص وإذا أطلق الاجتهاد انصرف إلى التام إذن إذا بذل بعض وسعه نقول: هذا ليس بمجتهد وليس باجتهاد بل لا بد أن يبذل أقصى ما يمكن أن يبذله في طلب الحكم الشرعي إذن الوسع معناه الجهد والطاقة فخرج به بذل المقصر فإنه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح بحث في كتابين وثلاثة أراد أن يعرف حكم سند نظر في الإرواء ومشى هذا ليس بمجتهد لماذا؟ لأنه وإن بذل بعض الوسع إلا أنه ليس أقصى ما يمكن بذله ولذلك قسموه إلى قسمين اجتهاد تام واجتهاد ناقص والتام هو أن يبذل الوسع في الطلب إلى أن يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب

لا يمكن أن يترك كتاب إلا وقد نظر فيه والناقص أن ينظر المجتهد نظرًا مطلقًا لتعرف حكم حادث يعني نظر مفتقر مقيد بعض النظر بعض الوسع ينظر في كتابين وثلاث بعضهم ينظر في المغني فقط يقول الحكم الذي تطمئن إليه النفس كذا ما يكفي هذا لا بد أن تبحث لا بد أن تبحث قال رحمه الله: (وَحَدُّهُ) يعني في عرف الأصوليين والفقهاء (أَنَّ يَبْذُلَ) يعني بذل أن وما دخلت عليه بتأويل مصدر خبر المبتدأ الذي هو حده يعني تعريفه أن يبذل أي بذل (الَّذِي اجْتَهَدْ) المجتهد الموصول مع صلته في قوة المشتق أن يبذل الذي اجتهد أي المجتهد والمراد به الفقيه الذي له القدرة في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها (مَجْهُودَهُ) يبذل مجهوده مفعول به طاقته ووسعه وإذا أطلق اللفظ حمل على الغاية والأقصى حينئذ لا يشمل هذا الحد الاجتهاد الناقص بل أن يبذل مجهوده يعني كل مجهوده فيحمل اللفظ على تمامه وكماله لا على بعضه (فِي نَيْلِ أَمْرٍ قَدْ قَصَدْ) يعني في بلوغ الغرض المقصود من العلم في نيل يعني في بلوغ الغض المقصود من العلم لتحصيله بأن يبذل تمام طاقته في النظر في الأدلة ليحصل الظن بالحكم الشرعي إذن حاصله بذل المجتهد جهد في تعرف الأحكام بذل المجتهد جهده في تعرف الأحكام يريد أن يعرف الحكم الشرعي يقول فابذل فيه جهدك وطاقتك لتصل إلى النتيجة وهي إما قطع بالحكم الشرعي وإما ظن بالحكم الشرعي والقطع والظن نسبيان لا يقال إن الاجتهاد دائمًا لا يكون إلا نسبي لا قد يكون قطعيًا لأن القطع والظن أمر نسبي يختلف من شخص إلى شخص حكم الاجتهاد نقول حكم الاجتهاد على جهة الإجمال الجمهور على جوازه ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [سورة الأنبياء:79،78] قال: إذ يحكمان إذن يدل على ماذا على أن داود وسليمان قد حكما معا، قد حكما معا في هذه الحادثة النازلة واختلفا إذن هل اعتمدا على نص أو رأي؟ الثاني لأنهما لو اعتمدا على نص لما وقع الخلاف إذن هنا اجتهاد مسألة لا نص فيها فاجتهد فيها سليمان وداود فاختلفا إذ يحكمان يدل على أنهما حكما معا في هذه الحادثة واختلفا ولو كان وحيا لما ساغ الخلاف فدل على أنهما اجتهدا يؤيد هذا الكلام قوله تعالى ففهمناها سليمان أي الحكم الصحيح ولو كان نصا لاشتركا في فهمه قال ابن قدامة في ((الروضة)) فلو استويا في إصابة الحكم لم يكن لتخصيص سليمان بالفهم معنى لو استويا في الحكم كل منهما صواب حينئذ كيف يقول ففهمناها سليمان هذا خصه أو لا خصه بمزيد عناية توفيق هذا توفيق لإصابة الحق فحينئذ ففهمناها سليمان لو كان قد استويا في فهم الحكم لما كان لتخصيص سليمان بالفهم مزيد معنى وإذا ما كان كداود.

إذن هذا يدل على ماذا؟ على جوازه في الجملة الثاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم وقوله صلى الله عليه وسلم إذا حكم الحاكم فاجتهد إذن أثبت الاجتهاد فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر هذا يدل على أنه جائز في الجملة الثالث وقوع الاجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم في وقائع منها أنه أخذ الفداء في أسرى بدر فنزل قوله تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)} [سورة الأنفال:67] إذن اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع غيره من الاجتهاد وهو أسوة حينئذ يجتهد كما اجتهد عليه الصلاة والسلام رابعا إذنه لأصحابه بالاجتهاد وكان يقرهم على الصواب منها لسعد ابن معاذ لما حكمه في بني قريظة لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وكذلك: {لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة} اجتهدا فأقرهما إذن هذا يدل على ماذا؟ على وقوع الاجتهاد في زمنه عليه الصلاة والسلام ثم قد يقره وقد يصوب ما يصوب ما يصوب خامسًا إجماع الصحابة فقد اشتهر عنهم في وقائع لا تخفى إطلاق الخطأ على المجتهدين فدل على ماذا على أن الاجتهاد واقع وأنه ينقسم إلى اجتهاد صواب واجتهاد خاطئ هذا من حيث الإجمال وأما من حيث التفصيل فتجري فيه الأحكام التكليفية الخمسة قد يكون الاجتهاد واجبا وقد يكون مندوبًا وقد يكون حرامًا وقد يكون مكروهًا وقد يكون مباحًا يختلف باختلاف المسائل والوقائع والنظر أما الحرام فهذا إن صدر من غير أهله وأما ما عداه فهذا لا بد أن يكون صادرا من أهله ثم ينظر في المسألة وهل هي واقعة والزمن متسع؟ أو ليست بواقعة والزمن متسع أو ليس بمتسع؟ فيختلف الحكم بحسب المسألة إذن من جهة التفصيل نقول قد يكون الاجتهاد حراما وقد يكون واجبًا وقد يكون مستحبًا وقد يكون مكروها وقد يكون مباحًا ومن حيث الجملة فهو جائز المجتهد إن كان كامل الآية في الاجتهاد فهو المجتهد المطلق إن استوفى كل ما ذكره الناظم في السابق فهو مجتهد مطلق ودونه مجتهد المذهب وهو المتمكن من أن يخرج الدليل منصوصًا زائدًا على نصوص إمامه ودونه مجتهد الفتوى وهو المجتهد المتبحر في مذهب إمامه المتمكن من ترجيح قول على قول آخر يعني ترجيح أحد القولين على آخر إذا أطلقهما إمامه وكلامه دائما يكون في ماذا؟ في نفي المجتهد المطلق أما المجتهد المذهب فهذا يكون خاصًا بإمامه يعني تبحر في معرفة أقوال إمامه وفي أدلة إمامه ثم إذا جاءت نازلة جديدة لم ينص عليها الإمام يخرجها على أقواله فيقول هذه على المذهب كذا وأما مجتهد الفتوى هذا إما إن كان فتوى مطلقة فهذا لا إشكال فيه واضح يعني لم يكن متقيدًا بمذهب وأما مجتهد المذهب الذي هو مجتهد فتوى فهذا يرجح بين قولين أطلقهما إمامه قال: تارة يندب وقال: تارة أخرى يجب أطلق لم يرجح يأتي على حسب أصول ما يعلمه منها يقول القول بالندب هو الموافق لأصوله وذاك لا يوافق أصوله ثم قسم الاجتهاد إلى قسمين ولينقسم هذه اللام للأمر ولينقسم يعني يجب تقسيمه لماذا؟ للحديث نعم أحسنت ولذلك لا ينبغي وقوع النزاع في هذه المسألة وهو

أن الاجتهاد ينقسم إلى اجتهاد صائب واجتهاد خاطئ لأن الذي قسم أصلاً هو النبي صلى الله عليه وسلم والحديث واضح بين ولا إشكال فيه إذا اجتهد الحاكم إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ إذن حكم عليه مرة بالصواب وحكم عليه مرة أخرى بالخطأ هل نقول كل مجتهد مصيب بعد ذلك؟ أما نكون قد رددنا حديث لأن القول بأن كل مجتهد مصيب نقول هذا قول فاسد هذا اجتهاد في مقابلة النص اجتهاد في مقابلة النص ومتى يحق له أن يجتهد ليعرف أن كل الاجتهاد خطأ أو كل الاجتهاد صائب إذا لم يكن نص وهنا قد وُجِدَ النص قسم الاجتهاد إلى قسمين صائب وخطأ إذن الاجتهاد الخاطئ ثابت بالسنة إذن فيه نص فحينئذ من أتى واجتهد نقول هذا اجتهاد مع وجود النص فلا عبرة باجتهاده ولينقسم إلى صواب وهو ما وافق الحق من خطأ وهو ما جانب الحق فالحق في قول واحد من المجتهدين الحق في قول واحد من المجتهدين ومن عداه فهو مخطئ لو قيل في مسألة خمسة أقوال فالصواب مع واحد والأربعة أخطأوا في نظر الناظر المجتهد حينئذ نقول هذا القول صواب وهذا القول خطأ ليس بصواب لأن هذا موافق لكذا وهذا مخالف ومن عداه مخطئ وهؤلاء يسمون بماذا بالمخطأة ضدهم المصوبة كما سيأتي فلله جل وعلا في كل حادثة حكم معين الحادثة التي تقع لها حكم عند الرب جل وعلا معين بالاجتهاد قد يصل ولذلك نقول الاجتهاد أو المجتهد ليس مشرعا وإنما وظيفته الكشف والإظهار والبيان والإباحة الحكم مختفي يأتي يكشف عنه ويظهره وإلا لو قيل بأنه يأتي بحكم جديد حينئذ يقول هذا مشرع لماذا؟ لأنه قد أتى بحكم لا يستند إلى دليل ولذلك النظر يكون في ماذا؟ من شرطه الاجتهاد النظر في آيات الأحكام وأحاديث الأحكام والإجماع والخلاف لماذا؟ ليكون اجتهاده مبنيا على أصل فإن كان اجتهاده مبنيا على أصل حينئذ صار قريبا إلى الحق وإذا كان اجتهاده مبنيا لا على أصل صار بعيدا عن إصابة الحق إذن فلله جل وعلا في كل حادثة حكم معين أصاب الحق من أصابه وأخطأه من أخطأه أخطأه يعني أخطأ الحق من أخطأه إذن الحق لا يتعدد (وَقِيلَ) أي قال بعض المتكلمين (فِي الْفُرُوعِ يُمْنَعُ الْخَطَأْ) كل مجتهد مصيب في الفروع إذا قالوا قراءة الفاتحة واجبة يندب بدعة كلهم على حق صحيح؟ كلهم على حق من أخذ بكونها بدعة أو بدع هذا أصاب أصاب الحق ومن قال بأنها واجبة وركن قال هذا حق ومن قال بأنها واجبة وتسقط كالتشهد قال: إن هذا على حق ومن قال بأنها سنة هذا حق لماذا لأن الحق يتعدد وقيل في الفروع يمنع الخطأ بمعنى أن كل مجتهد في الفروع مصيب وأن حكم الله لا يكون واحدا معينا إذن المسألة هنا في ماذا؟ هل حكم الله في الحادثة حكم واحد معين أم لا حكم له والمطلوب هو الاجتهاد فحيث وجد الظن فتم حكم الله الأول أم الثاني؟ الأول هذا محل النزاع لكن نقول هذا النزاع فاسد من أصله لوجود النص إذن كل مجتهد مصيب على هذا القول وأن حكم الله لا يكون واحدًا معينًا بل هو تابع لظن المجتهدين ولعدم القطع بصواب واحد من هذه الاجتهادات وإذا لم يكن كذلك قالوا لم يقطع لكون واحد من هذه الاجتهادات صائب فحينئذ كلها محتملة ولذلك قلت سابقًا أن الاجتهاد لا يشترط فيه القطع بل قد يكون ظنيًا

وقد يكون قطعيًا يعني يظن الحكم بعد الاجتهاد ويقطع بالحكم بعد الاجتهاد لكن نقول: هذا القول فاسد أو لا يسمون بالمصوبة لماذا؟ لأنهم صوبوا كل المجتهدين في الفروع وقيل: أي قال بعض المتكلمين في الفروع التي لا قاطع فيها من نص أو إجماع فالمصيب فيها واحد وفاقًا وهذا لا إشكال فيه لأن الاجتهاد ليس محله ما فيه نص أو إجماع ولذلك قيدوا الفروع هنا بما لا قاطع فيه يعني إن وجد نص لا اجتهاد بل المصيب واحد وإن وجد إجماع فلا اجتهاد بل المصيب واحد ولا بد من التخطئة فمحل قولهم فيما لا نص فيه ولا إجماع يمنع الخطأ يعني يمنع القول بكون هذا الاجتهاد خطأ بل كله صواب فنقول هذا القول باطل فاسد لمعارضته للنص السابق لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا حكم فأخطأ أنت تقول أصبت هذا محادة وفي أصول الدين ذا الوجه امتنع إذا عرفنا أن الاجتهاد ينقسم إلى صواب وخطأ هل هو اجتهاد في الأصول أيضًا؟ هل هذا التقسيم يجري في العقيدة وأصول الدين أم أنه خاص بالفروع؟ ولذلك ذكرنا من شروط المسألة التي تكون محلاً للاجتهاد ألا تكون من مسائل المعتقد لأنه لو جوز وفتح باب الاجتهاد في العلميات والعمليات في الأصول والفروع لقال كل مبتدع أنا قولي حق لماذا؟ لأني مأمور بالاجتهاد وقد بذلت ما في وسعي ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها فالله جل وعلا لا يُرى في الآخرة نقول: أصبت صحيح؟ نقول: أخطأت. لأنه لو فتح الباب له لصار الاجتهاد حجة لكل داع لكل زاعق وناعق كما سيذكره المصنف هنا (وَفِي أُصُولِ الدِّينِ ذَا الْوَجْهُ) الذي هو تقسيم الاجتهاد إلى صواب وخطأ (امْتَنَعْ) لماذا؟ ما التعليل إذا هذه تعليلية (إِذْ فِيهِ تَصْوِيبٌ لِأَرْبَابِ الْبِدَعْ) وهذا هو الظاهر أنه يلزمه لو لم يصوبه يلزمه لو لم يصوبه لعد قوله سائغًا لماذا؟ لأن المسألة صارت من مباحث الاجتهاد وفي أصول الدين ذا الوجه الذي هو تقسيم الاجتهاد امتنع. إِذْ فِيهِ تَصْوِيبٌ لِأَرْبَابِ الْبِدَعْ مِنَ النَّصَارَى حَيْثُ كُفْراً ثَلَّثُوا

إن الله ثالث ثلاثة اجتهدوا فحينئذ نقول نحن اجتهدنا كونك تحكم علينا بأنا مخطئين هذا في ظنك ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها إذ فيه تصويب لأرباب البدع من النصارى القائلين بالتثليث حيث كفرا ثلثوا والزاعمون (وَالزَّاعِمِينَ) يجوز فيها الوجهان (أَنَّهُمْ لَنْ يُبْعَثُوا) يعني من أنكروا المعاد في الآخرة من أداه اجتهاده إلى إنكار المعاد نقول هذا باطل لا محل اجتهاد في إثبات المعاد أو نفيه والزاعمون ولذلك جاء: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [سورة التغابن:7] فالزعم هنا القول الباطل (أَوْ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْعَيْنِ) يعني من المبتدعة من نفوا رؤية الرب جل وعلا بالعين حينئذ لو قيل لهم بأن الاجتهاد في العقيدة ينقسم إلى صحيح وفاسد وخطأ حينئذ لسوغ أن يعتمدوا في قولهم على الاجتهاد (كَذَا الْمَجُوسُ فِي ادِّعَا الأَصْلَيْنِ) الذي هو ماذا النور والظلمة الأصلين العالم فالنور هو خالق الخير والظلمة هو خالق الشر إذن خلاصة ما الكلام هذا أن دعوى الاجتهاد وأنها منقسمة إلى صواب وخطأ ليس محلها العقيدة وإنما محلها ماذا؟ الأحكام العملية وإذا قيل بأن العقيدة توقيفية وكلها نصوص وإجماعات والاجتهاد حينئذ لا يكون إلا فيما لا نص فيه ولا إجماع كيف يتصور الاجتهاد كيف يتصور الاجتهاد في مسائل العقيدة وخاصة أصول المعتقد كيف يتصور وجود الاجتهاد نقول عقيدة توقيفية بمعنى أنها موقوفة على السمع غير موقوفة على السمع حينئذ إذا وقفت على السمع وجد النص وإذا وجد النص امتنع الاجتهاد فكيف يوجد الاجتهاد أولا ثم كيف يقال هذا صواب وهذا خطأ وصح حينئذ لو جوز الاجتهاد في باب المعتقد لكان كل مبتدع له أن يحتج بهذه الحجة ولقوله نصيب من الصحة إذا اجتهد وأخذ بعموم النص السابق إذا اجتهد الحاكم هذا نحمله على الخصوص بفعل السلف أن المراد به في غير مسائل المعتقد فإذا اجتهد حينئذ نقول: ليست العقيدة محلاً للاجتهاد فاجتهاد فيها باطل، ثم قال: وَمَنْ أَصَابَ فِي الْفُرُوعِ يُعْطَى** أَجْرَيْنِ

قلنا الاجتهاد محله الفروع حيث لا قاطع لا نص ولا إجماع فإن أصاب يعطى كم يعطى أجرين أجر على إصابة الحق وأجر على بذل الوسع تعب يسهر الليل كله يبحث في سند الحديث نقول هذا ماذا؟ هذا مأجور على هذا الفعل ولو أخطأ لكن إن وافق الصواب حينئذ نقول: له أجران، أجر على الإصابة موافقة الحق وأجر على ماذا؟ على بذل الوسع لكن من الذي يقطع بأنه أصاب الحق في نفسه إذن هذا ليس المراد به لا يمكن العلم به إذا قيل أعطي أجرين حينئذ لا يمكن العلم به هذا في علم الغيب هذا يجتهد يقول صلاة قراءة الفاتحة ركن وهذا يقول مستحبة من الذي يحكم بأن هذا له أجرين وهذا له أجر واحد هذا أمر غيبي إنما يعرف في الآخرة ومن أصاب في الفروع يعطى أجرين أجر على اجتهاده وأجر على إصابته (وَاجْعَلْ نِصْفَهُ) وهو أجر الواحد (مَنْ أَخْطَا) من أخطأ له أجر واحد بنص الحديث فله أجر على ماذا على إصابة الحق نقول: لا بل على بذل الوسع حينئذ عمله ليس مهدرًا وإنما فضل الله واسع واجعل نصفه من أخطأ ولا إثم عليه لخطأه على الصحيح إلا أن يقصر في اجتهاده فيأثم أخطأ إذا قيل له أجر واحد حينئذ على بذل الوسع وعلى عدم إصابة الحق لا أجران ولا وزر لا يأثم إلا إن كان مقصرًا حينئذ يأثم ثم لما انتهى من نظمه لا ما انتهى بقي لما رووا عن النبي الهادي في ذاك من تقسيم الاجتهاد يعني لما قيل بأن من أصاب له أجرين أو أجران ومن أخطأ له أجر واحد لا بد من إثبات دليل للحديث السابق (لِمَا رَوَوْا) يعني العلماء أو أهل الحديث (عَنِ النَّبِيِّ) صلى الله عليه وسلم الهادي هداية الدلالة لا هداية التوفيق (في ذَاكَ) الحكم السابق (منْ تَقْسِيمِ الاجْتِهَادِ) الذي هو النص السابق من تقسيم الاجتهاد إلى صواب وخطأ حيث قال إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر. ثم ختم نظمه بما بدأ به فقال (وَتَمَّ نَظْمُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَهْ) هذه تسمى خاتمة والمقدمة ما ذكره في السابق لا بد في كل كتاب من مقدمة وخاتمة (وَتَمَّ نَظْمُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَهْ) المشار إليها الورقات، الورقات مقدمة، مقدمة لأي شيء لأصول الفقه لفن أصول الفقه يقدم الطالب من الابتداء إلى كونه متوسط إن أتقنها وفهما وتم نظم هذه المقدمة الورقات في فن الأصول (أَبْيَاتُهَا في الْعَدِّ) يعني عدها كم قال در يعني مائتان وأربعة أبيات لكن بدون الخطبة لأن الدال هنا بأربعة والرا بمائتين أبجد هوز الراء بمائتين والدال بأربعة إذن مائتان وأربعة أبيات لكن بدون الخطبة التي هي المقدمة لأنها سبعة أبيات وبها تكون أحد عشر ومائتي بيت على ما ذكر في العد في عام (مُحْكَمَهْ)، (أَبْيَاتُهَا في الْعَدِّ دُرٌّ مُحْكَمَهْ)، (مُحْكَمَهْ) يعني متقنة هذه المنظومة ليس داخلا في ضابط العد بل هو وصف للمقدمة أو النظم فِي عَامِ طَاءٍ ثُمَّ ظاءٍ ثُمَّ فَا** ثَانِي رَبِيعِ شَهْرِ وَضْعِ الْمُصْطَفَى

يعني متى تم نظم هذه المقدمة قال في عام طاء والطاء عندهم بتسعة ثم ظاء يعني زائدا الظاء وهي بتسعمائة ثم فا بثمانين والمجموع تسعمائة وتسع وثمانين تسعة وثمانين وتسعمائة ثاني ربيع أي في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول وهذا الشهر هو الذي وضع فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم (فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِتْمَامِهِ) حمد الرب جل وعلا ابتداءً وانتهاء أي أثني عليه الثناء الجميل على جهة التعظيم لأجل إتمامها على هنا بمعنى لام التعليل وأن تكبروا الله على ما هداكم أي لأجل هدايته إياكم فالحمد لله أثنى على الرب جل وعلا على جهة التعظيم على إتمامه على لأجل إتمامه هذا النظم الجلي ثم بعد أن حمد الرب وأثنى عليه صلى على النبي صلى الله عليه وسلم تبعًا ل أو إعمال لقوله جل وعلا: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} [سورة الشرح:4] أي لا أُذكر إلا وتُذكر معي ثم بعد بيان والثناء على الرب جل وعلا وهو الخالق سبحانه أثني على أعظم مخلوق وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأفضل الخلق على الإطلاق نبينا ... (ثُمَّ صَلَاةُ اللهِ) أي رحمته تعالى المقرونة بالتعظيم على ما اشتهر على ألسنة المتأخرين أو أطلب ثناء الرب جل وعلا على عبده في الملأ الأعلى صلاة الله (مَعْ سَلَامِهِ) ليكون مصليا مسلما لأنه لو أفرد أحدهما دون الآخر وقع في الكراهة عند المتأخرين والصواب أنه لا كراهة يجوز أن يصلي ولا يسلم ويجوز أن يسلم ولا يصلي هذا الصواب وأما: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [سورة الأحزاب:56] نقول هذه دلالة اقتران هذا مثله مثل قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)} [سورة البقرة:43] أليس كذلك؟ أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة الصلاة لا دخل لها بالزكاة والزكاة لا دخل لها بالصلاة مثله: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} [سورة الأحزاب:56] إن جُمِعَ بينهما فهو أفضل وأتم في الامتثال وإن أفرد أحدهما على الآخر فلا إشكال في أنه جائز بلا كراهة مع سلامه أي تحيته تعالى اللائقة به صلى الله عليه وسلم على النبي هذا متعلق بقوله صَلَاةُ اللهِ مَعْ سَلَامِهِ عَلَى النَّبِي

هذا خبر بإسكان الياء للضرورة وسبق بيان النبي وآله وهو كل مؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولو عاصيًا أتباعه على دينه الآل يفسر في مقام الدعاء أتباعه على دينه يعني ولو كان عاصيا وصحبه اسم جمع صاحب بمعنى الصحابي عرفنا حده فيما سبق وعطفه على الآل من عطف الخاص على العام وحزبه أي جماعته المراد هنا حزب الجماعة الذين أمرهم واحد في خير أو شر: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)} [سورة المؤمنون:53] فالمراد بهم هنا من غلبت ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم فهو خاص الخاص فهو أخص من الصحب الذين هم أخص من الآل إذن حزب المراد به خاصة أصحابه هكذا ينبغي تفسيره هنا وإلا لا معنى له لو كان الحزب المراد به المؤمنين حينئذ صار كقوله تعالى: {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)} [سورة المجادلة:22] يعني المؤمنون صار مرادفا لقوله وآله وكل مؤمن به فلا بد من التفريق فنجعل (وَحِزْبِهِ) هنا المراد به خاصة أصحابه (وَكُلِّ مُؤْمِنٍ بِهِ) أي صالح مستقيم فهو معطوف على الآل من عطف الخاص على العام كل مؤمن به يعني بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا داخل في حد الصحابة بهذا نكون قد ختمنا هذا النظم فلله الحمد أولاً وآخرًا. وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

§1/1