شرح كتاب العلم لأبي خيثمة - عبد الكريم الخضير

عبد الكريم الخضير

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (1)

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (1) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالعلم المورث لخشية الله -جل وعلا- من أفضل ما تصرف فيه الأوقات ومن أعظم ما تهدر فيه الأنفاس، فهو أفضل النوافل على الإطلاق؛ فالعلم الشرعي المورث لخشية الله -جل وعلا- جاءت النصوص القطعية من الكتاب والسنة بمدحه، والثناء على أهله، وبيان منزلتهم ومراتبهم في الدنيا والآخرة. والكتاب المسمى بكتاب العلم لأبي خيثمة زهير بن حرب النسائي شيخ الأئمة، شيخ الأئمة -شيخ البخاري ومسلم وغيرهما- هو مما يحث على طلب العلم، وليس هو من متين العلم الذي يقصده الناس، يتفقهون منه أو يعملون بأحكامه، بل هو آداب ومنارات، وهو أيضاً سياط تسوق المتردد في طلب العلم، وأقوال لسلف هذه الأمة يستنير بها طالب العلم، وتحدوه إلى المزيد من التحصيل وعدم التثاقل وعدم التخاذل، بل تحثه على طلب المزيد من العلم الشرعي المورث للخشية ببيان شيء من أقوال السلف وأفعالهم في هذا الصدد، فهو ليس من متين العلم -كما ذكرنا- بل هو من ملح العلم، وهي أشبه ما تكون بمنارات ودلائل تحدو طالب العلم للاستزادة منه، وإن شئت فقل: هو شبه المشهيات، شبه الكوامغ والجوارش التي يأكلها الناس قبل الطعام؛ لتكون مقدمة للأكل ومشهية ومشجعة عليه.

وإذا كان الأكل من الطعام والشرب من الشراب يقوم به دنيا الإنسان، ويقوم به أوده وجسمه، وبواسطته تتم عمارة الأرض، فالعلم يقوم به دين الإنسان الذي هو رأس ماله، دينك دينك، إنما هو لحمك ودمك، فالدين هو رأس المال، وإذا كنا ننتقي أطيب الطعام، ونأكل قبله المشهيات، ونشرب بعده المهضمات فلا أقل من أن يهتم الإنسان بدينه مثل اهتمامه ببدنه، والأصل أن يكون أعظم؛ لأنه إنما خلق للعبودية، لعبادة الله -جل وعلا- وخشية من أن يساق وراء هذه العبودية فينسى الدنيا التي بواسطتها وبها -بل هي ظرف لإقامة هذه العبودية- قيل له: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص]، {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}؛ لأن المسلم المعبد المذلل لله -جل وعلا- بصدد تحقيق هذه العبودية بحيث يخشى عليه أن ينسى نصيبه من الدنيا فاحتاج أن يذكر بها. لكن من نظر في واقع المسلمين عموماً، لا أقول: العامة فقط، بل بعض طلاب العلم، بل بعض من ينتسب إلى العلم هو بحاجة ماسة إلى أن يقال له: لا تنس نصيبك من الآخرة؛ لأنه انهمك في أمور دنياه ونسي آخرته. مثل هذا الكتاب يحدونا ويسوقنا إلى المزيد والاستزادة من العلم، والعلم يدلنا إلى ربنا، وإلى طريقه السوي المستقيم، ويجعلنا نعبد الله على بصيرة، ولذا تم اختيار هذا الكتاب؛ ليشرح في هذه الأيام الثلاثة -إن شاء الله تعالى- ونحن في مكان طيب مبارك -بيت من بيوت الله- نرجو أن نكون في روضة من رياض الجنة، تحفنا الملائكة، ولا ننسى من سعى في بنائه، وسعى في تجديده أيضاً، الباني الأصلي، والمجدد لهذا المسجد فندعو لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان، والتسديد في القول والعمل، وأن يحشرنا معهم في زمرة نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-. قبل البدء بالكتاب يحسن التعريف بمؤلفه، وذكرت أن كنيته أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي شيخ من شيوخ الأئمة -أئمة الإسلام البخاري ومسلم- والشيخ كتب -الشيخ عمر جزاه الله خيراً- كتب نبذة يسيرة عن صاحب بالكتاب يتحفنا بها -جزاه الله خيراً- تفضل. بسم الله الرحمن الرحيم، هذه الترجمة جاءت –أيضاً- بناءً على مشورة شيخنا وفقه الله وأثابه.

اسم المؤلف: هو زهير بن حرب بن شداد الحرشي النسائي ثم البغدادي. قال عنه الحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- في السير: الحافظ الحجة أحد أعلام الحديث مولى بني الحرش بن كعب بن عامر بن صعصعة، وكان اسم جده أشتال فعرب شداداً، نزل بغداد بعد أن أكثر التطواف في طلب العلم، وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن هو وابنه وحفيده محمد بن أحمد، وقل أن اتفق هذا لثلاثة على نسق، أما ولادة المصنف -رحمه الله-: فقد ولد سنة ستين ومائة. تعليقاً على ما ذكره الشيخ في كونه يقل أن يوجد من أهل العلم ثلاثة على نسق -كما يذكر أهل العلم في رواية الراوي عن أبيه عن جده- نعم هو قليل بل نادر، نادر جداً؛ لأن هذا العالم الذي يزدحم الناس عليه ويضربون آباط الإبل، ويشدون الرحل من أجل اللقاء به، والإفادة منه، تجد أزهد الناس فيه أهله وجيرانه، أزهد الناس، وهذه حكمه إلهية؛ لئلا يقول العالم الذي تخرج على يديه بعض أولاده وأحفاده؛ لئلا يقول: إنه بعلمه وفضله نالوا هذه المنزلة، لتقطع مثل هذه التصورات وهذه التوهمات، ولذا يوجد من أولاد الأنبياء بل من زوجات الأنبياء من هنَّ على ضلال -نسأل الله السلامة والعافية- فالهادي هو الله -جل وعلا- {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [(56) سورة القصص]. وأيضاً مما يصد عن أخذ الوالد عن أبيه كونه يراه على وجوه مختلفة، فمرة يراه على وجه مناسب، ومرة يراه على وجه غير محتشم؛ لأنه تزول الكلفة بينه وبين أولاده، فيختلف تصور الأولاد لأبيهم عن تصور الناس إليه، وكذلك الجيران وكثرة مخالطتهم له، وهذا في السابق، أما الآن الجار إن رآه في المسجد فخير وبركة، لكن هذه الكلفة تزول مع كثرة الخلطة، فلا يقدره قدره مثل ما يقدره الشخص الذي لا يراه إلا محتشماً في مجلسه متهيئاً لدرسه، والله المستعان.

أما شيوخه فهم كثر: ومنهم جرير بن عبد الحميد، وقد أكثر عنه المصنف في هذا الكتاب، وهشيم بن بشير وحميد بن عبد الرحمن الرواسي، وعبدة بن سليمان، والوليد بن مسلم، وسفيان بن عيينة، وأبو معاوية الضرير محمد بن خازم، ووكيع، ويحيى القطان وأبو سفيان محمد بن حميد، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق وابن علية، وخلائق كثر. يقول الذهبي -رحمه الله تعالى-: وينزل في الرواية إلى عفان ومعلى بن منصور وكامل بن طلحة الجحدري ونحوهم. أما تلاميذه فهم كثر أيضاً وعلى رأسهم الشيخان البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه، أما النسائي فقد روى عنه لكن بواسطة رجل، وأما الترمذي فإنه لم يرو عنه في جامعه لا بواسطة ولا بغيرها. وممن روى عنه من أكابر الأئمة أبو زرعة وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وأبو يعلى الموصلي، وموسى بن هارون، وأبو القاسم البغوي وغيرهم رحمهم الله جميعاً. وثقه يحيى بن معين وقال ابن معين في رواية: أبو خيثمة يكفي قبيلة، وقال أبو عبيد الآجوري: قلت لأبي داود: أبو خيثمة حجة في الرجال؟ قال: ما كان أحسن علمه. وقال عنه النسائي: ثقة مأمون، وقال عنه الحسين أبو فهم: ثقة ثبت، وقال عنه أبو بكر الخطيب البغدادي: كان ثقة ثبتاً حافظاً متقناً، وأما الحافظ ابن حجر -رحمه الله- فيقول عنه في التقريب: ثقة ثبت. روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث. يقول عنه ابنه الحافظ –ابن أبي خيثمة-: مات أبي في خلافة المتوكل ليلة الخميس لسبع خلون من شعبان سنة أربع وثلاثين ومائتين وهو ابن أربع وسبعين سنة -رحمه الله تعالى رحمة واسعة-. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ونبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

أخبرنا الشيخ الإمام العالم الزاهد عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري -أيده الله- في شهر رمضان من سنة أربع عشرة وست مائه بالموصل برباط أخيه قال: أنبانا الشيخ الإمام العالم مجد الدين أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الأصفهاني قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الإخشيد السراج في سنة ثمان عشرة وخمسمائة وسنة اثنين وعشرين وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد الكتاني المقرئ قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد عبد العزيز البغوي. هذه الأسانيد التي تذكر في أوائل الكتب ليست من صنع المؤلفين -مؤلفي الكتب- إنما هي من رواية تلاميذهم، ولذا بل من النساخ المتأخرين من رواة الكتب المتأخرين الذين يروونها بأسانيدهم، كل يذكر إسناده، فلو جاء راو بعد عز الدين بن الأثير الجزري راو ذكر بعد الراوي عن ابن الأثير هذا، يذكر ابن الأثير، ومن عادتهم الثناء على الشيخ، وذكروا هذا في آداب المحدث، في آداب المحدث أن يثني على شيخه عند الرواية عنه، وهذا موجود من قبل الصحابة والتابعين يثنون على شيوخهم.

لكن الشيخ أنا أقول: هو بحاجة إلى الدعاء أكثر من حاجته إلى الثناء، ولذلك يقول: أخبرنا الشيخ الإمام العالم الزاهد عز الدين إلى آخره، وهذه الأسانيد هي بمثابة الأنساب للكتب، يعني لولا هذه الأسانيد ما قبلت هذه الكتب، لصارت مقاطيع لا يعتمد عليها ولا يوثق بها، لكن إذا استفاضت هذه الكتب واشتهر أمرها بين الناس وصارت المعلومات التي تحتويها هذه الكتب على الجادة التي يسلكها من نسبت إليه واستفاض أمرها ونقل عنها الناس لا يضر أن توجد بلا أسانيد أو بأسانيد منقطعة أو فيها من تكلم فيه، لكن الأصل إذا خلت من ذلك كله ألا يثبت كلام إلا بإسناده، يعني لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، يعني لو وجد كتاب الآن يتداول لا يعرف مثلاً من كتب مما ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية أو للإمام أحمد أو غيرهما بدون إسناد ما قبلناه حتى ننظر في محتوى هذا الكتاب، هل هو ماشٍ على قواعد الإمام أحمد وأصوله، هل هو جارٍ على ما يراه شيخ الإسلام ابن تيمية أو لا، فإن كان جارياً على سننه وقواعده وملتئماً مع مؤلفاته قبلناه وإلا فلا، أما إذا وجد الإسناد بالرجال الموثوقين –بالثقات- فإننا نقبل وننسب هذا لشيخ الإسلام ونقول: إذا كان فيه مما يخالف ما يراه شيخ الإسلام، قلنا: قول آخر لشيخ الإسلام، يعني إذا وجدنا الأسانيد الصحيحة أثبتنا، إذا لم نجد نظرنا في محتوى هذه الكتب، ولذلك نجد بعض الكتب التي تكلم فيها بعض الحفاظ في نسبتها إلى الأئمة والعلماء الذين أضيفت إليهم، وهي جارية على سننهم ونقل عنها العلماء الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد تكلم فيه الحافظ الذهبي، الحيدة للكناني تكلم فيه .. ، كثير من الكتب تكلموا فيها، لكن يبقى أن هذه الكتب إذا نقل عنها العلماء واستفاض ذكرها بينهم من غير نكير، شيخ الإسلام ابن تيمية نقل عن الرد على الزنادقة في أكثر من مائة موضع من كتبه ينسبه إلى الإمام أحمد، وما فيه أيضاً مناسب -موافق لما يعتقده الإمام أحمد- فلا داعي لنفيه على طريقة الحافظ الذهبي.

هذه الأسانيد أقول: وجد كتب نسبت إلى بعض العلماء وهي لا تثبت نسبتها إليهم، إخبار النساء المنسوب لابن القيم هذا ليس بصحيح، أيضاً الفوائد -الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن- منسوب إلى ابن القيم وليس له؛ لأنه لا يمشي مع ما يراه ابن القيم وما يقرره ابن القيم -رحمه الله تعالى- فيه إثبات المجاز، فيه إثبات أنواع لا يثبتها ابن القيم، ابن القيم يشدد في نفي المجاز ويرى أنه طاغوت بواسطته توصل المبتدعة إلى نفي ما أرادوا نفيه، وإثبات ما أرادوا إثباته، فمثل هذه الكتب التي محتواها يخالف ما يعتقده الإنسان ترد، وما عدا ذلك إن وجدت أسانيد صحيحة أو الاستفاضة -وهي كافية- كالأنساب، يعني إذا أثبتنا نسب فلان بالاستفاضة بين الناس نثبت نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه بالاستفاضة، وكونه يتداول بين أهل العلم من غير نكير، نعم. طالب:. . . . . . . . . إيه غير الفوائد نعم، الفوائد المشوقة إلى علوم القرآن، غير الفوائد المطبوع باسم الفوائد المعروف من كتب ابن القيم -رحمه الله تعالى-. طالب:. . . . . . . . . لا، لا تتجاوز شيئاً أبداً، كما وضع. قال -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: "اغد عالماً أو متعلماً ولا تغد بين ذلك". نعم جرت عادة المؤلفين القدامى أن يذكر اسم المؤلف في بداية السند، وقد يذكر الراوي عن المؤلف في بداية السند، هذه طريقة المتقدمين في التصنيف. هنا حدثنا أبو خيثمة: من القائل؟ المؤلف أبو خيثمة، إذن من الذي يقول: حدثنا أبو خيثمة؟ الراوي عنه. طالب: القاسم البغوي. نعم أبو القاسم البغوي. الراوي عنه يقول: حدثنا أبو خيثمة، وهذه هي طريقة المتقدمين، وقد يذكر البغوي، حدثنا أبو القاسم البغوي، قال: حدثنا أبو خيثمة، كما يقال في المسند: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، وهو من وضع الإمام أحمد، يعني من تصنيف الإمام أحمد. إذن ما الفائدة من ذكر عبد الله ومن ذكر الإمام أحمد والمؤلَّف للإمام أحمد؟

في الموطأ يقول: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك: نعم هذه طريقة المتقدمين في التصنيف، المتأخرون لا يصنعون مثل هذا، المؤلف المتأخر يبدأ مباشرة بمن حدثه على التدريج، يعني لو وجدت طبقة أصحاب الكتب الستة ما تجدهم يذكرون أسماءهم ما تُذكر أسماؤهم في الكتب، مباشرة يقول البخاري: حدثنا الحميدي، ومباشرة يقول مسلم: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، فلا تجدهم يقولون: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا الحميدي، لا؛ هذه طريقة انقرضت في نهاية القرن الثاني، بدأت الطريقة التي تليها بحذف الأسماء التي لا علاقة لها بتصنيف الكتاب، لها علاقة بثبوت الكتاب ورواية الكتاب، لكن لا علاقة لها بتصنيف الكتاب، والذي لا يعرف طريقة المتقدمين يحصل عنده لبس، ويحصل عنده شك؛ ليس من المعقول أن يقول المؤلف: حدثنا، يعني نفسه، هذه لا يهضمها المتأخرون؛ لأنهم ليسو على صلة بمؤلفات المتقدمين. ولذا فتح الله على شخص لا علاقة له بالعلم، ألف كتاباً أكبر من هذا إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي، إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي الأم ليست للإمام الشافعي، وهذا أديب لا علاقة له بالعلم أصلاً، بل أديب ليس بسوي بعد، ليس بسوي، أكثر وقته وعقله غير موجود، ويكتب إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي الأم ليست للإمام الشافعي، ليش؟ لأنه يقول: حدثنا الربيع قال: حدثنا الشافعي، والشيخ أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- على أنه على صلة قوية بكتب المتقدمين مع ذلكم في نشره لمسند الإمام أحمد حذف حدثنا عبد الله، قال: حدثني أبي، حذف، بدأ بشيخ الإمام أحمد، ولا شك أن هذا تصرف غير مرضي من الشيخ مهما بلغت علمية الشيخ ومنزلة الشيخ، لكن هذا تصرف غير مرضي؛ لأن هذا تدخل في كتب الناس.

والشيخ أحمد يؤكد على الأمانة العلمية، وهذا ليس من الأمانة العلمية، وجدنا الكتاب ننشره كما هو، نعم نبين لماذا ذكر أبو خيثمة، لماذا يذكر من بعد أبي خيثمة، وهكذا فهذه أمور لا بد من الانتباه لها؛ لأن بعض الناس يثبت وينفي بناءً على ما عنده، وهذا الكلام ليس بصحيح، كما فعل الذي أصلح أشنع خطأ -على حد زعمه- فالذي ليس عنده علم ولا خبرة بكتب المتقدمين يقدم على مثل هذا، الجهل يصنع أعجب من هذا. يقول: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال: حدثنا وكيع: بن الجراح قال: حدثنا الأعمش: سليمان بن مهران، عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: أبو عبيدة ابن؟ طالب:. . . . . . . . . نعم .. قال عبد الله: قال: قال عبد الله، صيغة قال هذه هل تدل على أنه سمعه منه مباشرة أو هو منقطع؟ هل سمع أبو عبيدة من ابن مسعود؟ نعم الخلاف موجود ترى منهم من أثبت، نعم، الأكثر على أنه لم يسمع من أبيه، الأكثر على أنه لم يسمع من أبيه، لكن الكلام الذي نقله جازماً به، قال: قال عبد الله: نعم، ولن ينسب إلى أبيه إلا ما ثبت عنده نسبته إليه، والكلام صحيح، في الجملة، ومثل هذا الكلام لا يشدد في كيفية ثبوته، وإلا (قال)، مثل (عن)، لا تقتضي الاتصال إلا بالشروط المعروفة. قال عبدالله: "اغد عالماً": يعني صر عالماً، اسع لأن تكون عالماً، فإن لم تستطع فكن متعلماً، متعلماً تطلب العلم.

"ولا تغد بين ذلك": احرص على أن تكون عالماً ينفع الناس، حرصت فلم تستطع؛ لأن المسألة ما هي بـ .. ، هذه أقسام، الله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، النبي لا يعطي، المعطي هو الله -جل وعلا-، الشيخ لا يعطي طلابه بأي حال من الأحوال، لكنه يقسم العلم بينهم بالسوية، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يقسم على الناس هذا العلم، لكن من أخذه، من وفق له، من كتب له العطاء من هذا العطاء الذي هو من أفضل الأعطيات، من منحه الله -جل وعلا- شيئاً من العلم هذا مكتوب له كما كتب له رزقه وأجله، ونهايته أيضاً، فعلى الإنسان أن يسعى جاهداً لأن يكون عالماً؛ ليرفع بهذا العلم درجات في الدنيا والآخرة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [(11) سورة المجادلة]. "اغد عالماً": احرص على أن تكون عالماً، لكن عالم لماذا؟ لماذا تحرص أن تكون عالماً؟ هل تكون عالماً -تحرص لأن تكون عالماً- لأن تصدر في المجالس؟ لأن يحترمك الناس ويقدروك؟ لا لا، هذه حقيقة مرة الجهل خير منها، إنما تحرص أن تكون عالماً؛ لتنفع نفسك وغيرك، لتعبد الله على بصيرة، لتحقق الهدف الشرعي من وجودك -وهو العبودية- وتدعو إلى الله على بصيرة، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [(108) سورة يوسف]، أتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- هم العلماء الذين يدعون إلى الله على بصيرة. "اغدُ عالماً أو متعلماً": لأن بعض الناس يحرص أن يكون عالماً، لكن ما يقسم له شيء من هذا، يطلب العلم عشرات السنين، ومع ذلكم يستمر يطلب العلم، فمثل هذا إذا فاتته منازل العلماء لن يفوته ما رتب على مجرد سلوك الطريق، ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).

والله -جل وعلا- هو المعطي، تجدون الجموع والفئام يحضرون الدروس، وبعضهم أحرص من بعض، لكن النتائج مختلفة، تجد هذا بعد عشر سنين إماماً يشار إليه، وتجد هذا بعد عشرين ثلاثين أربعين سنة في مكانه جالس، لذا جاء في حديث معاوية: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وسيأتي هذا، ((وإنما أنا قاسم والله هو المعطي)): يعني لا أستطيع، نعم، العالم ما هو .. ، العلم ما هو بمواد محسوسة تنقل من مكان إلى مكان، لا، حتى الأمور المحسوسة لا يستطيع الإنسان إذا لم يوفقه الله -جل وعلا- للحصول عليها ما استطاع بجهده ولو كان من أبرع الناس وأذكاهم. فعلى الإنسان أن يحرص، أن يحرص لأن يكون عالماً، إذا لم يكن عالماً ولم يستطع ولم يوفق لهذه المنازل وهذه المراتب، أقل الأحوال أن يكون متعلماً يلازم حلق الذكر، رياض الجنة، يثني الركب عند أهل العلم، ويحرص ويلهج بالدعوة الصادقة إلى الله -جل وعلا- أن يبلغه منازل العلماء. ولا تغدُ بين ذلك: يعني لا تكن عائراً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا إلى العلماء ولا إلى المتعلمين. وجاء في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره: ((الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، أو عالماً ومتعلماً))، فالدنيا لا خير فيها، الدنيا لا خير فيها إن خرجت عن ما يرضي الله -جل وعلا- من ذكره والقيام بعبوديته، والعلم والتعليم، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت حنظلة يحدث عن عون بن عبد الله قال: قلت لعمر بن عبد العزيز: يقال: إن استطعت أن تكون عالماً فكن عالماً، فإن لم تستطع فكن متعلماً فإن لم تكن متعلماً فأحبَّهم، فإن لم تحبَّهم فلا تبغضهم، فقال عمر: "سبحان الله لقد جعل الله -عز وجل- له مخرجاً".

يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت حنظلة يحدث عن عون بن عبد الله قال: قلت لعمر بن عبد العزيز: الخليفة الراشد الزاهد: يقال: إن استطعت أن تكون عالماً فكن عالماً: هذه أمنية اسع لتحقيقها وتحصيلها، فإن لم تستطع: أن تكون عالماً، فكن متعلماً: وهو بمعنى ما سبق، وهو بمعنى ما سبق، فإن لم تكن متعلماً فأحبَّهم: عليك أن تحب العلماء والمتعلمين؛ لأن المرء مع من أحب، لأن المرء مع من أحب، فإن لم تحبَّهم: الإنسان قد يحصل له ما يعوقه عن تحصيل هذه المحبة؛ لأن المحبة عبادة وطاعة لله -جل وعلا- لكن قد لا يوفق الإنسان؛ لأن هذه أمور قلبية، قد يكون عنده من الأعمال ما يحول دونه ودون هذه المحبة؛ لأنه قد يقول قائل: إن الإنسان ويش اللي يمنعه من أن يحب أهل الخير؟ وهل كل شخص يوفق لحب أهل الخير؟ قد يكون عنده من الأعمال ما يحول دونه ودون هذا العمل الفاضل الخيِّر، {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [(54) سورة سبأ]، فإن الله -جل وعلا- يحول بين المرء وقلبه، لماذا؟ ظلماً؟ لا والله {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [(46) سورة فصلت]، وإنما لوجود بعض الأعمال التي تجعل هذا الشخص يحال بينه وبين قلبه، وبينه وبين مراده، قد يحب الإنسان، يود الإنسان أن يكون ذاكراً شاكراً؛ لما يسمع من فضل الذكر، لكن تجد من أيسر الأمور عليه الكلام الكثير -القيل والقال- لكن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أثقل من الجبال عنده، لماذا؟ هل هي بالفعل ثقيلة؟ ليست ثقيلة، لكن عنده من الأعمال ما يحول بينه وبين تسهيل هذه الأمور وتيسيرها.

فإن لم تكن متعلماً فأحبهم: لماذا؟ لأن المرء مع من أحب، فإن لم تحبهم فلا تبغضهم: أقل الأحوال عالج قلبك لا تبغضهم؛ لأن بعض الناس ما يكفيه أنه لا يحب أهل العلم، بل إذا رآهم يكاد يتميز من الغيظ -نسأل الله السلامة والعافية- لما جبل عليه من خبث طوية، وسوء النية، وكل هذا سببه التساهل بالأمور اليسيرة من فضول الكلام، وفضول الأكل وفضول النظر، وفضول النوم، هذه الفضول تتراكم على القلب وهي الران، ثم بعد ذلك تسهل عليه مزاولة المكروهات، ثم يجرئ على المحرمات ثم بعد ذلك يطبع على قلبه -نسأل الله السلامة والعافية- فمثل هذه الأمور ينبغي أن يتنبه لها الإنسان. فقال عمر: "سبحان الله قد جعل الله -عز وجل- له مخرجاً": نعم جعل الله -عز وجل- للإنسان مخرجاً؛ ما كل إنسان يستطيع أن يكون عالماً، وما كل إنسان تتيح له الظروف -ظروف معيشته ومن يمول- أن يكون متعلماً، ولا كل إنسان يستطيع أن يقهر نفسه على حب العلماء والمتعلمين، قد يتظاهر بذلك لكن المسألة مسألة المحبة القلبية، نعم، ما كل إنسان يستطيع ذلك، لكن أقل الأحوال جاهد قلبك ونفسك على عدم بغضهم. لو أدرك الناس قيمة العلم وأهمية العلماء وأنه لا صلاح للعباد في دينهم ولا دنياهم إلا بواسطة أهل العلم، لأحبهم من سويداء قلبه، من عمق فؤاده، حتى أفتى جمع من أهل العلم أنه يحرم البقاء في بلد ليس فيه عالم يفتي الناس ويبصرهم. يعني تصور نفسك أنك في واد مظلم، موحش، كثير السباع، وطريق طويل بين أشجار مظلمة موحشة، وسباع، وحيات، وصخور، وجبال، ووهاد، مظلم ثم جاء واحد معه نور -كشاف ولو صغير- يدلك الطريق، له معروف عليك وإلا ما له معروف عليك؟ نعم، هذا أنقذك من المهلكة، يعني أقل الأحوال تفقد العقل، هذا إذا سلم الجسم، فجاء صاحب هذا النور وأنار لك الطريق ولو كان يسيراً، والعلماء بهذه المثابة، يعني طالب العلم عنده نور يسير يمشي نفسه ويمشي الناس معه -بعض الناس معه- لكن العالم الذي مثل الشمس يغطي أرجاء الدنيا، هذا فضله على الأمة قد لا يدركه كثير من الناس. تصور نفسك وقعت في مأزق، وقعت في بلية، وقعت في هفوة في زلة وبحثت عن أحد ينقذك منها ما وجدت، كيف تتصور نفسك؟

لكن أهل العلم هم أهل هذه المشكلات وحل الأزمات، وهذا المثال ذكره أبو بكر الآجري في كتابه أخلاق العلماء، فالعلماء الناس بأمسِّ الحاجة إليه، يعني إذا كانوا بحاجة إلى الأطباء، بحاجة إلى الأطباء الذين يعالجون أمراض الأبدان، فهم أحوج إلى العلماء الذين يعالجون أمراض القلوب، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين". هذا الحديث الذي يروى بهذا الإسناد من كلام عبد الله موقوف عليه هو مخرج في الصحيحين وغيرهما من حديث معاوية -رضي الله عنه- مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. ((يفقهه في الدين)) ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)): والدين شامل للخصال كلها -للإسلام، والإيمان والإحسان- ولذا في حديث جبريل لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإيمان والإسلام والإحسان في نهايته قال: ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم))، فالدين شامل للإسلام، للأعمال الظاهرة والباطنة، ولما هو أعظم من ذلك من منزلة المراقبة لله -جل وعلا-، وبعض الناس يستدل بمثل هذا الحديث على فضل الفقه العملي، الذي مشتمل على العبادات والمعاملات والمناكحات والأقضية والأحكام، الذي هو الفقه المعروف عندنا، لكن نقول: أهم من ذلك الفقه الأكبر، العلم بالله -جل وعلا-، وما يجب له من صفات وأسماء ومن حقوق، وما لا يجوز أن يضاف إليه، هذا أعظم، وإن كان الفقه العملي مهماً، لكن الفقه في الدين يعني في جميع أبواب الدين، ((يفقهه في الدين)): يعني في جميع أبوابه. ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)): هل معنى هذا أن من لم يتفقه في الدين قد أراد الله به شراً؟ أراد الله به شراً؟ هل يفهم من هذا أن عوام المسلمين أراد الله بهم شراً؟

لا أبداًَ، لكنه يريد الله -جل وعلا- خيراً بمن يفقهه في الدين، خيراً وقدراً زائداً على أصل الدين، فعوام المسلمين عندهم الدين، والتفقه في الدين قدر زائد على أصل الدين، فهذا خير على خير، ولا يقول قائل: إن العوام الذين لا يطلبون العلم أراد الله بهم شراً، لا، الذين وفقهم الله -جل وعلا- لاعتناق هذا الدين والاستسلام والانقياد لله -جل وعلا-، بحيث لا يكون لهم خيرة إذا جاءهم أمر الله وأمر رسوله، هؤلاء أراد الله بهم خيراً، لكن من فقهه الله في الدين يضاف إلى ذلك الخير خير عظيم، فمفهومه أنه لم يرد الله به خيراً، نعم، لم يرد الله به خيراً: الخير المرتب على التعلم والتفقه في الدين، أما الخير الموجود في أصل الإسلام موجود في عوام المسلمين وموعود لهم، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا زائدة عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: "يا أيها الناس تعلموا فمن علم فليعمل". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا زائدة عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: "يا أيها الناس تعلموا: تعلموا لتناولوا من الله -جل وعلا- الأجر والثواب العظيم، المرتب على العلم والتعلم. فمن علم فليعمل": الثمرة العظمى المرتبة على العلم والمرجوة منه هي العمل به، وإلا فالذي لا يعمل بعلمه، لا يأتمر بالأوامر ولا ينتهي إذا نهي عن شيء هذا علمه وبال عليه. "تعلموا فمن علم فليعمل": بما علم؛ لأن الثمرة هي العمل، وإلا فالعلم بلا عمل كما يقال: كالشجر بلا ثمر، كالشجر بلا ثمر، لا فائدة فيه. والعمل يختلف، إن كان العمل واجب وجب العمل به، وفسق بتركه، وخرج عن دائرة أهل العلم ولو حصل شيئاًِ من العلم، فما يحمله الفساق من علم هو ليس بعلم في الحقيقة، إنما العلم ما نفع، وعمل به صاحبه، وبين له ووضح له الطريق الموصل إلى الله -جل وعلا-.

أما العلم الذي لا ينفع فقد جاء الأمر بالاستعاذة منه، نعم، يتعوذ الإنسان من علم لا ينفع؛ لأنه وبال على صاحبه، فإذا ترك ما أمر به وقد علم وبلغه الأمر أو ارتكب ما نهي عنه بعد أن بلغه وعرف النهي، هذا ليس بعالم، هذا جاهل، فالذي يحمله الفساق هو ليس بعلم، ليس بعلم، وإن سماه الناس علماً، لكنه ليس بعلم؛ ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله))، إنما يحمل العلم الشرعي العدول من الناس، قد يقول قائل: إنه يوجد في الواقع أناس يشار إليهم وعندهم علم، وعندهم شهادات بالعلوم الشرعية، لكن في الحقيقة ليس بعلم؛ لأنه جاء في الحديث وإن اختلف في تصحيحه. ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)) ابن عبد البر يقول: إن من يحمل العلم فهو عدل، يكفي كونه يحمل العلم. قلت ولابن عبد البر كل من عني ... بحمله العلم ولم يوهن فإنه عدل بقول المصطفى ... يحمل هذا العلم لكن خولفا لكن المسألة عرفية، يعني بعض الناس يقول: إنه عالم، لكنه عالم ليس بعالم رباني، ولا عالم حق، إنما هو عالم ضلال، والمتجه أنه جاهل وليس بعالم؛ بدليل قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [(17) سورة النساء]، يعملون السوء بجهالة، كل من عصى الله هو جاهل، ولو هو حامل علوم الدنيا، فكل من عصى الله -جل وعلا- فهو جاهل. هل معنى هذا أن الذي لا يعرف حكم الزنا ويزني تقبل توبته، والذي يعرف حكم الزنا ويزني لا تقبل توبته؟ لا، الذي يعرف الحكم والذي لا يعرف الحكم كلهم جهال، فدل على أن الذي لا يعمل بعلمه جاهل، دلت الآية على أن الذي لا يعمل هو جاهل، وإن ادعى، وإن ادعي له أنه عالم. فمن علم فليعمل: نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: "أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال: ما جاء بك؟ قلت: طلب العلم، فقال: "إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا لما يطلب".

يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود: القارئ المعروف، عن زر بن حبيش قال: "أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال: ما جاء بك؟: ما الذي جاء بك؟ قلت: أطلب العلم: جاء ليطلب العلم، مثل هذا يرحب به، فهو وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم ذكر له ما يعينه على الاستمرار في طلب العلم، فقال: "إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً لما يطلب": رضاً لما يطلب، تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً لما يطلب، تتواضع له، وهذا من خفض الجناح، فإذا كانت الملائكة تتواضع لطالب العلم، ومنهم من يقول: تضع أجنحتها لتظله مما يؤذيه وتحميه. على كل حال هذا الحديث جاء هكذا موقوفاً، وجاء مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى كل حال هو مرفوع حكماً، مرفوع حكماً؛ لأن مثله لا يقال بالرأي ((إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم)). وجاء فيما يتعلق بهذا الحديث من شؤم مخالفة السنة والاستهزاء بالسنة والاستهتار بالسنة، ذكر المؤرخون قصة حصلت لشخص معروف يعني عندهم، لما سمع بهذا الحديث شخص مستهتر وضع في خفيه مسامير -نسأل الله السلامة والعافية- قالوا: لماذا؟ قال: ليطأ أجنحة الملائكة، فخسف به، ساخت به الأرض. والقصص في هذا الباب كثيرة، يذكرها العلماء كالحافظ ابن كثير وغيره من المؤرخين، ذكروا أن شخصاً استاك في دبره، جعل السواك في دبره، كلهم يطلقون على أنه أحس بشيء في بطنه، وهذا الشيء يزيد شيئاً فشيئاً إلى أن بلغ أشهر فنزل منه قطعة -قطعة كبيرة من اللحم- فصارت تصرخ بأعلى صوت إلى أن جاءت ابنة هذا الرجل فرضختها بحجر! كل هذا من شؤم الاستهزاء والاستهتار بالسنة، وبعض الناس من قصد ومن غير قصد، حتى بعض الشباب الأخيار، وبعض العوام قد يقول كلاماً محتواه الاستخفاف بالسنة، لكن علينا أن ننتبه لهذا، ننتبه لهذا فالاستخفاف بالسنة شأنه عظيم؛ لأنه استخفاف بالدين، استخفاف بالدين، واستهزاء بالدين، والاستخفاف والاستهزاء كما يكون بالقول يكون بالعمل أيضاً، فنكون على غاية الحذر من هذا الباب، وليكن همنا وديدننا تعظيم الدين، وما جاء به الدين، نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن شمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "إن الذي يعلم الناس الخير يستغفر له كل دابة حتى الحوت في البحر". يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم هو أبو معاوية الضرير، يكثر عنه أبو خيثمة، قال: حدثنا الأعمش عن شمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "إن الذي يعلم الناس الخير يستغفر له كل دابة": الذي يعلم الناس الخير، ويبث الخير والعلم في الناس بنية صالحة خالصة صادقة، يستغفر له كل دابة، حتى الحوت في البحر ": وهذا الحديث وإن وقف على ابن عباس إلا أنه صح مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أقل الأحوال أن يكون حسناً، لكن منهم من صححه.

يستغفر له كل دابة، حتى الحوت في البحر: وينبغي أن نكون على علم بأن هذا الأمر -وهو التعلم والتعليم- ليس فيه نصف حل، بمعنى أنك تخرج كفاف لا لك ولا عليك، إما أن يستغفر لك كل شيء، كل دابة حتى الحوت، وإما أن تكون أول من تسعر به النار يوم القيامة -نسأل الله السلامة والعافية- فلنكن على اهتمام من هذا الأمر، يعني لا تحيدوا عن هذه النصوص؛ لأن الإنسان .. ، نعم هذه معالم في طريق طالب العلم ينبغي أن يعتني بها ويجعلها حادياً له للاستزادة، لكن لا ينسى الطرف الآخر وهو الإخلاص لله -جل وعلا-، يطلب العلم ويعلم مخلصاً لله -جل وعلا- في ذلك؛ لئلا يكون من أول من تسعر بهم النار -نسأل الله السلامة والعافية- نعم من تعلم بنية خالصة صالحة مخلصاً لربه في ذلك مهتدياً بهدي وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- له هذا الوعد، وما جاء في غيره من النصوص لكن ليكن على حذر من شرود النية، النية شرود لا بد من تعاهدها؛ لأنه في غمار الحياة لا شك أنه سوف يعرض له عوائق وصوارف تعوقه وتصرفه عن الإخلاص، لكن مع ذلك ينبغي له أن يتفقد النية، لا يعتمد على مثل هذا الخبر يقول: نتعلم ونعلم وينظر إلى الناس يتعلمون ويعلمون ويجزم بأن هذا العالم الفلاني، العالم الرباني يستغفر له كل شيء، نعم هذا وعد ممن لا يخلف الميعاد لكن يبقى مع ذلك أن هناك نصوص أخرى ينبغي أن يجعلها الإنسان نصب عينيه، فيتعلم ويعلم مستحضراً النية الخالصة الصالحة يقصد بذلك وجه الله -جل وعلا- نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا بشر بن منصور عن ثور عن عبد العزيز بن ظبيان قال: قال المسيح بن مريم -عليه السلام-: "من تعلم وعلم وعمل فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السماء".

يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا بشر بن منصور عن ثور عن عبد العزيز بن ظبيان قال: قال المسيح بن مريم -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-: "من تعلم وعلَّم وعمل: والواو هذه. . . . . . . . . المورث للخشية، وعمل به وعلمه الناس، فذاك يدعا عظيماً في ملكوت السماء": هذا عن المسيح -عليه السلام- وهو معنى الرباني في قول مشهور عند أهل العلم بل معتبر أن العالم الرباني هو الذي يتعلم ويعمل ويُعلم، يتعلم العلم ويعمل به في نفسه ويعلمه غيره، هذا هو العالم الرباني. المطلوب من العلماء أن يكونوا ربانيين، وجاء في الصحيح عن ابن عباس أن الرباني الذي يعلم الناس صغار العلم قبل كباره، يعني يبدأ بالتدريج، يبدأ الطلاب بالتدريج، لينظر في مصالح الطلاب، لا في مصلحته هو؛ لأنه إذا جاءك الطالب المبتدئ تبدأ به بالمتون الصغيرة، ثم بعد ذلك يترقى إلى أن يصل إلى مرتبة المتوسطين، ثم مرتبة المنتهين، ولكل طبقة من طبقات المتعلمين كتب تناسبهم، فيعلم صغار العلم قبل كباره، وبعض من ينتسب إلى العلم -وهذا من خلال التجربة موجود مع الأسف- ينظر في مصلحته هو، ينظر في حاجته هو، ويغفل عن حاجة الطالب، هو بحاجة إلى أن يسمع الكتاب الفلاني، هذا الطالب مبتدئ أو متوسط، محدث يقول: والله أنا بحاجة إلى أن أسمع علل الدارقطني تعال اقرأ يا ولدي علل الدارقطني، الطالب لا يستفيد شيئاً من هذا الكتاب، هل هذا من النصيحة للطالب؟ هل هذا من بداية التعليم لصغار العلم قبل كباره، هل هذا العالم يستحق أن يكون ربانياً؟ لا، يأتي طالب يقول له: بدي أقرأ، والله أنا شيخ الإسلام أحب شيخ الإسلام، يقول: يا الله هات درء تعارض العقل والنقل وإلا نقض التأسيس، وإلا غيرها، لا، لا هذا ليس بنصح أبداً للطالب، يعني على المعلم ألا ينظر إلى مصلحته هو، ينظر إلى مصلحة الطالب فيربي الطلاب بصغار العلم، إذا احتاج إلى قراءة شيء ينظر إلى طالب منتهي أو يقرأ بنفسه، الحمد لله المسألة فيها سعة، أما أن يكلف الطلاب ما لا يطيقون، ويبدأ بهم بما لا يستوعبون هذا ليس بصحيح وليس من النصح للطلاب، نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: "تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يُخْتَلُّ إليه". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا ابن خازم، هو أبو معاوية السـ. . . . . . . . . محمد بن خازم الضرير، قال: حدثنا الأعمش الأعمش: سليمان بن مهران عن شقيق: أبي وائل شقيق بن سلمة، التابعي الجليل عن عبد الله بن مسعود قال: "تعلموا، تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يختل إليه": متى تكون الحاجة ماسة إليه؟ الخلة شدة الحاجة، نعم؛ لأن الإنسان إذا تصور أن الأمة في يوم من الأيام تبي تحتاج إليه بيطلب العلم، لكن من نظر وقال: والله الحمد لله الآن طلاب، طلاب العلم والعلماء ألوف مؤلفة، الأمة ليست بحاجة لي، لا تنظر إلى نفسك بهذا المنظار؛ لأنك لن تطلب العلم إذا نظرت .. ، لكن ما تدري متى تكون الحاجة ماسة إليك، قد تشد الخلة إليك وأنت ما تأهلت لأن تكون أهلاً لأن يحتاج إليك. فعلى الإنسان أن يهيئ نفسه لهذا اليوم الذي يكون الناس بأمس الحاجة إليه، وسيأتي في الحديث في الخبر الذي يليه خبر عمر، نعم. أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا ابن عون عن الأحنف قال: قال عمر -رضي الله تعالى عنه-: "تفقهوا قبل أن تسودوا". يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا ابن عون عن الأحنف قال: قال عمر -رضي الله تعالى عنه-: "تفقهوا قبل أن تسودوا": الضبط الثاني: قبل أن تسودوا، لا شك أن من سود فقد ساد: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا يعني من سود فقد ساد، ويصلح أن يقال: تسودوا، يعني تولوا أمور العامة لأن تكونوا سادة على الناس وقادة، ومن سود فقد ساد، السيد قد تكون سيادته بنفسه كما هو الأصل، الأصل أن السيد يسود بنفسه، حتى لو أجبر على السيادة هو المتسبب لهذه السيادة، لو سود من قبل غيره وأجبر عليها وألزم بها هو السبب، وهو الذي بجهده وكل هذا كله بتوفيق الله وتقدير الله -جل وعلا-، وصل إلى هذا الحد بحيث يلزم بالسيادة، فإذا سود فقد ساد بلا شك، فأسباب السيادة هو الذي أوجدها.

"تفقهوا قبل أن تَسُودوا، قبل أن تُسُّودوا" تسودوا بأن تكونوا سادة على الناس، رؤوس يرجع إليكم الناس، فالذي يتفقه قبل ذلك لا شك أنه ينتفع وينفع غيره، لكن الذي يسود أو يسّود قبل أن يتفقه وقبل أن يتأهل، لا شك أنه سوف يتضرر بذلك؛ لأنه سوف يندم، ولات ساعة مندم، السيادة بحاجة إلى وقت؛ لأنه يكون وقته مشغول بأمر العامة إذا ساد، فمتى يتفقه؟ قد يشكل عليه أشياء، قد يعرض عليه مسائل ومشاكل لا يستطيع حلها؛ لأنه لم يتفقه، فإذا تفقه قبل ذلك حل المشاكل على مقتضى النظر الشرعي؛ لأن عنده ما يعينه على ذلك، قد تفقه قبل ذلك. أيضاً ما يصاحب هذه السيادة من أمور نفسية تجعله لا يطيق التفقه بعد ذلك، لا يستطيع أن يجلس بين الناس مع صغار الطلاب وكبارهم ليتعلم وقد ساد صار ملكاً أو وزيراً أو أميراً، صعب، يصعب عليه ذلك، ولذا يؤمر الإنسان بأن يتفقه قبل أن يسود، ومثل هذا يمكن أن يوجه لطلاب العلم الشرعي الذين يتوقع أن يكونوا سادة، إما دعاة وإلا قضاة، وإلا علماء، ومعلمين، عليهم أن يبنوا أنفسهم قبل أن يصلوا إلى هذه المرحلة، افترض نفسك في يوم من الأيام على كرسي القضاء وعندك الخصوم وعرضوا عليك المسألة لا تدرك أطرافها ولا أبعادها، ما عندك من العلم الشرعي ما يعينك على حلها، مثل هذا يجب عليه أن ينتبه لنفسه قبل ذلك. منهم من يقول: "قبل أن تسودوا": قبل أن تتزوجوا؛ لأن في الزواج مشغلة، والزوج سيد في بيته، فيحث طالب العلم في وقت -قبل الزواج- أن يحرص ويجد ويجتهد بتحصيل العلم. ومنهم من يقول: "تفقهوا قبل أن تُسَوِدوا: قبل أن تُسَوِّدوا، منهم من ضبطها هكذا وقال: معناه قبل أن تشيبوا، يبيض الشعر فتحتاجوا إلى تسويده، وهذا حث لطلب العلم في وقت الشباب والصغر.

يقول الإمام البخاري لما ساق الخبر: "وبعد أن تسودوا"؛ لأن الإنسان قد يسمع هذا الكلام، ثم يقول: إن عمر يقول: تفقهوا قبل أن تسودوا، مفهومه اتركوا الفقه بعد السيادة، خلاص فات الأوان ما يمديكم، نقول: لا ما فاتك، يقول الإمام أبو عبد الله: "وبعد أن تسودوا" وبعد أن تسودوا، يعني بعد السيادة، والأمثلة -ولله الحمد- في القديم والحديث كثيرة، يوجد من يحضر الدروس الآن من كبار القضاة يحضرون، بل من كبار الدعاة، ويوجد ممن يعلم الناس، ومشهور بالتعليم وعنده مئات من طلاب العلم يقرؤون عليه، إذا وفد عليهم الوافد من أهل العلم جاءوا بطلابهم وحضروا الدروس؛ تحقيقاً لمثل قول البخاري: وبعد أن تسودوا. فالسيادة ليست مانع، ليست بمانع حقيقي، قد تكون مانع وهمي، بعض الناس يتوهم أنه بعد أن ساد كيف يجلس، يعني تصور رئيس محاكم ببشته وهيئته وأتباعه من القضاة بحلقة درس جالسين ومعهم كتبهم يعلقون، هذا موجود -ولله الحمد- لكن ما في شك أن حظوظ النفس قد تصرف عن شيء من هذا، قد تصرف عن شيء من هذا، فكلام البخاري -رحمه الله تعالى- فيه ما يدل على أن طالب العلم يستمر في الطلب، ويستفيد من كل أحد، ولا ينبل الشخص حتى يأخذ عن من هو مثله، ومن هو فوقه، ومن هو دونه، قد تكون بحاجة إلى مسألة بحثها واحد من طلابك، فتأخذ من الطالب إيش المانع؟ نعم، أنت بأمس الحاجة إلى العلم، ما دمت سلكت هذا الطريق فلتستفد هذا العلم من كل أحد، من كل أحد. ورواية الأكابر عن الأصاغر باب معروف في علوم الحديث، يروي الكبير عن الصغير، إيش المانع، وهذا باب معروف وأمثلته كثيرة جداً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أعلم الخلق وأتقى الخلق وأخشاهم تلقى حديث الجساسة عن تميم الداري، وأبو بكر أخذ عن عائشة وعمر أخذ عن عبد الله بن عمر، وهكذا. . . . . . . . . الكبر هذا مشكلة أمره مشكل، الكبر لا يتعلم العلم مستحيٍ ولا مستكبر {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ} [(146) سورة الأعراف].

فعلى طالب العلم أن يتواضع لغيره ولو كان دونه إيش المانع؟ يستفيد من كل أحد، والمسألة مسألة جهاد؛ لأن النفس، النفس قد لا تقنع بهذا، يعني جبلت على خلاف هذا، لكن على الإنسان أن يتطبع ويتأدب بالأدب الشرعي، نعم. طالب:. . . . . . . . . ما في شك أن الانقطاع موجود، الانقطاع موجود في السند لكنه ثابت من وجوه أخرى، وخرجه الإمام البخاري تعليقاً إلى عمر مجزوماً به، ومخرج في كثير من المصادر، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: "والله إن الذي يفتي الناس في كل ما يسألونه لمجنون"، قال الأعمش: فقال لي الحكم: لو كنت سمعت بهذا الحديث منك قبل اليوم ما كنت أفتي في كثير مما كنت أفتي". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله: "والله إن الذي يفتي الناس في كل ما يسألونه لمجنون": مجنون لأنه يسعى في هلاك نفسه، والعاقل الذي يسعى في خلاصها، يسعى في هلاك نفسه، وجاء في الخبر: ((أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار))، والخبر فيه ضعف، لكن لا شك أن الذي يجرؤ على الفتيا في كل مسألة هذا لا بد وأن يقول على الله بغير علم، لا بد إن يكذب على الله، شاء أم أبى، والكذب على الله -جل وعلا-، والقول على الله بغير علم، شأنه عظيم، {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [(33) سورة الأعراف]، ذكر هذا بعد أيش؟ بعد الشرك، وأهل العلم يقررون أن الآية سيقت على سبيل الترقي، لا على سبيل التدلي، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [(7) سورة الصف]، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [(116) سورة النحل]، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ} [(116) سورة النحل]، فيدخل دخولاً أولياً في قول الله -جل وعلا-: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر].

فالذي يقول في كل ما يسأل عنه، يفتي، هذا مجنون بلا شك؛ لأنه يهلك نفسه، ويحرق نفسه، وأهل العلم يقررون أن على المفتي أن يسعى في خلاصه، لا في خلاص السائل، ومن ترك لا أدري أصيبت مقاتله. وحال السلف في هذا الباب معلوم، حال السلف في تدافعهم وتدارئهم الفتيا قد يتدافعه عشرة أو أكثر إلى أن تتعين على شخص فيفتي، وكثير ممن يتصدى للإفتاء اليوم قبل أن يتم السؤال يجاوب، في منتصف السؤال يبدأ بالجواب، منتصف السؤال، لا يتسنى له أن يتأمل السؤال حتى يجاوب. والنبي -عليه الصلاة والسلام- في قضايا كثيرة يسأل وهو المعصوم فيسكت، يسأل فيسكت، لا يجيب بسرعة، ثم يقول: أين السائل؟ فيجيبه. من أهل العلم من يقول: أنه ينتظر الوحي، ومنهم من يقول: إنه ليربي المفتين بعدم العجلة في السؤال؛ لأن من يتأنى في الغالب يسدد، إما أن يسدد فيوفق للجواب الصحيح، أو يتأمل المسألة فلا يجد عنده جواباً لها، فيقول: لا أدري، وليس فيه عيب أن يقول الإنسان: لا أدري، كما قال الإمام مالك: اذهب، اذهب يا أخي قل لأهل العراق: إن مالك يقول: لا أدري، إيش يصير. "والله إن الذي يفتي الناس بكل ما يسألونه لمجنون" قال الأعمش: فقال لي الحكم بن عتيبة؟ معروف، من الفقهاء،: لو كنت سمعت بهذا الحديث: يعني بهذا الخبر عن ابن مسعود وهو الذي ملئ علماً، لو كنت سمعت بهذا الحديث منك قبل اليوم ما كنت أفتي في كثير مما كنت أفتي": قد يقول قائل: إنه ابتلي، ابتلي بالفتوى؛ لأن الإشكال أن الإنسان يقرر مثل هذه الأمور وينقل حال السلف، فإذا تؤملت حاله وطبعه –طريقته- أنه مبتلى في هذا الباب، إما بالمقابل أو بغير المقابل، قد يقال: إن الذي من مقابل عليه أن .. ، يجب عليه أن يفتي، ولا يدرأ الفتيا؛ لأنه يخلع هذا، لكن الذي بغير مقابل، يعني ما عين من قبل ولي الأمر لهذا الأمر عليه أن يدرأ الفتيا بقدر ما استطاع، بقدر الاستطاعة، إلا إذا تعينت عليه، إذا تعينت عليه، عليه أن يفتي إذا كان يعرف، إذا كان يعرف، وقبل ذلك عليه أن يؤهل نفسه، عليه أن يتأهل للفتيا.

والفتيا شأنها عظيم، وظيفة الأنبياء، وهي التوقيع عن الله -جل وعلا-، قد تولاها كثير من خيار الأمة، من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم إلى صحابته ثم التابعين، ثم إلى عصرنا هذا، ويتولاها الخيار من الناس إلى آخر الزمان، إذا قبض الله العلماء، ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، بل يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً سئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا))، والبوادر الآن ظاهرة، من خلال الوسائل من خلال قنوات، ومن خلال، حتى من خلال -الله يعفو ويسامح- دروس ومحاضرات وندوات، تجد الأسئلة عشرات بل مئات ومع ذلك كلها يجاب عنها، إلا إذا كانت مسألة حساسة يخشى منها فقد يتورع عنها؛ خوفاً على نفسه، هذا الحاصل يا إخوان، هذه مشكلة، بلية بلية هذه، يعني الإنسان يستدرج يعني من أول الأمر شيئاً فشيئاً فشيئاً، إلى أن تصير عادة، عادة عنده خلاص، والحكم وهو الحكم في منزلته علماً وعملاً يقول: لو كنت سمعت بهذا الحديث منك قبل اليوم ما كنت أفتي في كثير مما كنت أفتي: يتورع الإنسان عليه أن يحتاط لنفسه، والله المستعان، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن رجاء الأنصاري عن عبد الرحمن بن بشر الأزرق قال: "دخل رجلان من أبواب كندة وأبو مسعود الأنصاري جالس في حلقة فقال أحدهما: ألا رجل ينظر بيننا؟ فقال رجل في الحلقة: أنا، قال: فأخذ أبو مسعود كفاً من حصى فرماه به وقال له: إنه كان يكره التسرع إلى الحكم". هذا الأثر يقول فيه: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن رجاء الأنصاري عن عبد الرحمن بن بشر الأزرق قال: "دخل رجلان من أبواب كندة: في أي مسجد؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، في الكوفة، وأبو مسعود الأنصاري: عقبة بن عمر البدري، الأنصاري على خلاف بينهم في نسبته إلى بدر، هل شهدها كما يقول البخاري، أو سكنها كما يقوله الجمهور. وأبو مسعود الأنصاري جالس في حلقة: وهي حلْقة -بإسكان اللام وفتحها شذوذ- يعني ما يقال حلَقة، يعني كما نسمع في دروس التحفيظ، نعم، فتحها شذوذ.

جالس في حلقة فقال أحدهما: ألا رجل ينظر بيننا؟: خصومة بين هذين الاثنين، ألا رجل ينظر بيننا؟ فقال رجل في الحلقة: أنا: تسرع تعجل، والنوايا والمقاصد بيد الله، عند الله -جل وعلا- لا يطلع عليها أحد؛ لأن فض المنازعات والإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال، فيظن به أنه أراد أن يبادر لهذا العمل الفاضل، ويظن به أيضاً -احتمال آخر- أنه تعجل ليرى مكانه، القلوب بيد الله -جل وعلا- ما يجزم عليه بشيء، لكن على كل حال العجلة مذمومة. فقال أحدهما: ألا رجل ينظر بيننا، فقال رجل في الحلقة: أنا، قال: فأخذ أبو مسعود كفاً من حصى: هذا فقه الصحابة علم الصحابة، أناة الصحابة، فأخذ أبو مسعود كفاً من حصى فرماه به وقال له: إنه كان يكره التسرع إلى الحكم": في عافية، الناس يتدافعون الفتيا التي ليس فيها إلزام، فضلاً عن القضاء، وهذا نوع من القضاء، هذا نوع من القضاء، وموقف السلف من القضاء معروف، يضربون عليه، يجلدون عليه، ولا يقبلونه؛ لأنه مزلة قدم، ((قاضيان في النار وقاض في الجنة))، فالسلف ينفرون منه، ويأبونه أشد الإباء، لكنه أمر لا بد منه، يجب على ولي الأمر أن يعين القضاة، يجب عليه أن يتولى القضاء بنفسه إن استطاع، فإن لم يستطع فيولي من يكفيه المؤونة. من أوجب الواجبات على ولي الأمر، لكن أيضاً بالمقابل .. ؛ لأن كثير من المسائل ينظر إليها من جهتين، من جهة العامة ومن جهة الخاصة، عندنا النصح لكل مسلم، والدين النصيحة، لو جاء شخص يستشير وقال: أنا رشحت للقضاء أيش رأيك أوافق أو لا أوافق؟ يعني هل كل شخص يبي يقال له: إن السلف ينفرون من القضاء؟ أو ينظر في المصالح العامة والخاصة في مثل هذا الأمر؟ فإذا اقتضت المصلحة العامة أنه يتولى القضاء ينصح بالقضاء، بغض النظر عن مصلحته الخاصة؛ لأن أمر العامة أهم، لكن إذا كانت المسألة غير متعينة عليه، أو كان مستواه أقل، ينصح أن يترك، يبين له طريقة السلف في القضاء، وهذا بادر -والله أعلم بنيته- لكن في الجملة العجلة والاستعجال لمثل هذا الأمر مكروه عند أهل العلم؛ لأنه من فروض الكفايات، فلعل الإنسان أن يقوم به من يكفي غيره، ويكفيه التبعة. سم. أحسن الله إليك.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن صالح بن خباب عن حصين بن عقبة عن سلمان قال: "علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن خازم قال: حدثنا الأعمش عن صالح بن خباب عن حصين بن عقبة عن سلمان الفارسي قال: "علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه": هذا الحديث موقوف على سلمان، ويروى مرفوعاً، ويروى مرفوعاً، وسيأتي إن شاء الله تعالى. "علم لا يقال به، علم لا يقال به": يعني لا يعمل به، علم لا يقال به: لا يعمل به؛ لأنه يطلق القول ويراد به الفعل والعمل، من ذلك حديث التيمم: "فقال بيديه هكذا"، فقال يعني ضرب بيديه، فالقول أعم من النطق، القول أعم من النطق، فيتناول النطق ويتناول العمل، فالعلم الذي لا يقال به لا باللسان ولا بالجوارح هذا مثل الكنز الذي لا ينفق منه، يعني تصور إنساناً عنده ألوف مؤلفة من الذهب والفضلة وكانزها طامرها تحت الأرض ويتكفف الناس، هذا عاقل وإلا مجنون؟ هذا ليس بعاقل قطعاً.

يعني لو تصرونا حال شخص توفي قبل خمس سنوات، مدرس من أربعين سنة يمن عليه من يعطيه كأس الماء، ويأخذ الماء بالجيك من المسجد، وليس عنده أي شيء من الوسائل التي تريحه، لا عنده كهرب، ولا فرش، ما عنده شيء، البيت على التراب، ومع ذلكم لما توفي وجدت رواتبه من يوم التعيين إلى وفاته، راتب كل شهر مربوط بحبل ومكتوب عليه شهر كذا من عام كذا، ويجمعه بعلب حليب، من أول يوم إلى أن مات، ووجدت مدفونة في المدفن، ووجد شنط فيها بشوت ومشالح بعدد بنات إخوانه، أكلتها الأرضة، بنات إخوانه؛ لأنه جرت العادة إنه إذا تزوج، هو ما تزوج، إذا تزوجت بنت الأخ، هو عم يصير عم، يعطى العم بشت، وجد بعدد بنات الإخوان، والدراهم وجدت مربوطة بحبال مكتوب عليها، مثل هذا مثل اللي عنده علم ولا ينفق منه، هذا محروم بلا شك، هذا محروم، وليس هو المحروم الذي تدفع له الصدقة، {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج]، ليس هو الأول، وإن سميت بالعرف محروم، نعم، هو محروم عرفاً، لكنه شحيح في الاصطلاح، نسأل الله السلامة والعافية، فالذي عنده علم ولا ينفع نفسه، ولا ينفع غيره مثل هذا، مثل الذي عنده كنز لا ينفق منه، يكون وبالاً عليه، وقوداً له يوم القيامة، تمثل له أمواله كما جاء في الحديث الصحيح، فيعذب بها، والله المستعان. هذا يقول: من عبد الله الذي يروي عنه أبو عبيدة؟ أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، فعبد الله هذا أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، ابن أم عبد، صحابي شهير من جلة الصحابة، وخيارهم، وبعضهم يرى أنه إذا أطلق عموماً عبد الله في السنة، إذا أطلق واشتبه ولم يتعين، ولم يستطع الباحث تعيينه أنه ابن مسعود، يعني من خلال التلاميذ ما استطاع أن يبين، إذا اشترك الراوي عن العبادلة مثلاً وابن مسعود فينصرف الذهن إلى ابن مسعود، وإذا أطلق عبد الله انصرف إليه، فضلاً عن كونه يروي عنه ابنه أبو عبيدة. يقول: الصوت في بداية الدرس ضعيف ولم نفهم سبب ذكر أبي خيثمة في بداية السند؟

أقول: هذه طريقة المتقدمين في التصنيف، طريقة المتقدمين في التصنيف، يذكر المؤلف، بل قد يذكر الراوي عن المؤلف في أثناء الكتاب، وهذه الطريقة موجودة إلى نهاية المائتين وبداية القرن الثالث، ثم بعد ذلك صاروا يقتصرون على ذكر شيوخ المؤلفين، فلا يذكر المؤلف ولا يذكر من يروي عنه. يقول: ألقي معكم في إذاعة القرآن موضوع عن مكتبة طالب العلم، فأطلب منك إعادة هذا الموضوع باختصار حول الكتب التي لا بد من توفرها عند طالب العلم؟ لعل هذا يكون في الوصايا التي تكون في آخر هذه الدورة إن شاء الله تعالى. يقول: كثر في الآونة الأخيرة السب والطعن في العلماء وطلبة العلم ما نصيحتكم؟

أقول: الطعن في المسلمين عموماً، أعراض المسلمين كما يقول ابن دقيق العيد: حفرة من حفر النار -نسأل الله السلامة والعافية- والغيبة جاء في النصوص القطعية من الكتاب والسنة على تحريمها والتعظيم من شأنها، وإذا كانت في من نفعه في الأمة ظاهر كانت أعظم، كان شأنها أعظم، يقرر أهل العلم أن لحوم العلماء مسمومة، نعم قد يوجد التقصير من بعض أهل العلم، قد يوجد، فهم بشر يصيبون ويخطئون، لكن هم في الجملة أهل علم وعمل إذا كان المقصود بهم الكبار من شيوخنا، هم عرفوا بالعلم والعمل والإخلاص، والنصح للأمة، لكن لا يعني أنهم معصومون من كل خطأ، لا، هم يخطئون كغيرهم، لكن يكفيهم أنهم يجتهدون ويبذلون ما يستطيعونه، وليعلم كل إنسان أنهم يبذلون ما يستطيعونه لكن ليس بالمقدور أن ينفذ كل ما يقولون، هذا على مر العصور، العلماء ينصحون ويوجهون ولا يلزمون، لا يستطيعون الإلزام على مر العصور، حصل من الصحابة -رضوان الله عليهم- إنكار على بعض الولاة ولم يمتثل، إذا حصل هذا يعني يرفع السيف، ما هو بصحيح، ليس معنى هذا أنه إذا لم يمتثل طلب العالم أو وجد منكر مثلاً أنكره من وفقه الله -جل وعلا- للإنكار، على حسب الدرجات المعروفة التي جاءت بها السنة، لكن لم يتغير هذا المنكر، حتى إنكار المنكر إذا ترتب عليه منكر أعظم منه في الشرع مندوح، لك مندوحة ألا تغير ولا يجب، بل لا يجوز لك أن تغير المنكر بمنكر يترتب عليه أعظم منه، فهل معنى هذا أنه إذا لم يستجب لأهل العلم أنهم يرفعون السيف وينزعون اليد من الطاعة؟ أبداً، عليهم أن ينصحوا، وعليهم أن يبينوا، وعلى أهل الحل والعقد أن يمتثلوا ويستتيبوا، لكن كل يؤدي ما عليه، وهذا موجود في علماء الأمة في القديم والحديث. نعم كثرت الشرور من الداخل ومن الخارج، وكيد للإسلام وأهله، وتواطأ الأعداء وتكالبوا عليه، لكن ما يلزم أن العلماء بيدهم كل شيء، ومعروف أن اليد لا يجوز نزعها حتى يرى الكفر البواح، ولا يجوز الخروج على الولاة إلا إذا رؤي الكفر البواح، والله المستعان. يقول: الذي يعلم الناس الخير حديث، هل هذا الأجر خاص للعلماء، هل المقصود بالخير العلم الشرعي فقط؟

على كل حال الخير يطلق ويراد به أمور كثيرة جداً، لكن إذا قرن بالتعليم فالمراد به العلم، وإلا فالمال خير، وجاء في القرآن تسميته خيراً، {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [(180) سورة البقرة] يعني مالاً، فالمال يقال له: خير، لا سيما إذا اكتسب من وجوهه شرعية وأنفق في مصارفه الشرعية، لكن إذا اقترن بالتعليم فالمراد به العلم، وهنا يقول: إن الذي يعلم الناس: فالمراد به العلم. يقول: كيف لطالب العلم أن يعمل بعد هذه الأخبار التي تحث على التعلم والأحاديث التي تحث على درء الفتيا ووجود أهل الفتيا في أكثر الأماكن؟ أما قوله: كيف يعمل بهذه الأخبار التي تحث على التعلم، أولاً: الحث على التعلم جاءت به نصوص الكتاب والسنة، ولم يطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يطلب المزيد من شيء إلا من العلم، وقد استشهد الله -جل وعلا- العلماء على أعظم مشهود به، وهو الشهادة له بالوحدانية، ولا يطلب لمثل هذا الأمر العظيم إلا الشهود العظماء، فقد شهد الله -جل وعلا- لنفسه، وشهد له ملائكته، وشهد له أولو العلم، بأنه لا إله إلا هو، فمنزلتهم لا شك أنها في الشرع عظيمة جداً. أما بالنسبة لدرء الفتيا فالمقصود به إذا لم تتعين؛ لأنها إذا لم تتعين ووجد من يفتي غيرك فأنت في حل، وأنت معرض للخطأ الصواب ادرأ مثل هذا الأمر، لكن إذا تعين عليك الإجابة، عليك أن تجيب: ((من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة))، فلا بد من التعلم، ما يقول الإنسان: والله أنا علي وعيد إذا أفتيت، أنا علي وعيد إذا أخطأت، لكن عليك أن تبذل الجهد، وتخلص لربك وتنصح لدينك، وإذا أخطأت لك أجر، مأجور، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (2)

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (2) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا يقول: من عبد الله الذي يروي عنه أبو عبيدة؟ أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، فعبد الله هذا أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، ابن أم عبد، صحابي شهير من جلة الصحابة وخيارهم، وبعضهم يرى أنه إذا أطلق عموماً عبد الله في السنة، إذا أطلق واشتبه ولم يتعين، ولم يستطع الباحث تعيينه أنه ابن مسعود، يعني من خلال التلاميذ ما استطاع أن يبين، إذا اشترك الراوي عن العبادلة مثلاً وابن مسعود فينصرف الذهن إلى ابن مسعود، وإذا أطلق عبد الله انصرف إليه، فضلاً عن كونه يروي عنه ابنه أبو عبيدة. يقول: الصوت في بداية الدرس ضعيف ولم نفهم سبب ذكر أبي خيثمة في بداية السند؟ أقول: هذه طريقة المتقدمين في التصنيف، طريقة المتقدمين في التصنيف، يذكر المؤلف، بل قد يذكر الراوي عن المؤلف في أثناء الكتاب، وهذه الطريقة موجودة إلى نهاية المائتين وبداية القرن الثالث، ثم بعد ذلك صاروا يقتصرون على ذكر شيوخ المؤلفين، فلا يذكر المؤلف ولا يذكر من يروي عنه. يقول: ألقي معكم في إذاعة القرآن موضوع عن مكتبة طالب العلم، فأطلب منك إعادة هذا الموضوع باختصار حول الكتب التي لا بد من توفرها عند طالب العلم؟ لعل هذا يكون في الوصايا التي تكون في آخر هذه الدورة إن شاء الله تعالى. يقول: كثر في الآونة الأخيرة السب والطعن في العلماء وطلبة العلم ما نصيحتكم؟

أقول: الطعن في المسلمين عموماً، أعراض المسلمين كما يقول ابن دقيق العيد: حفرة من حفر النار -نسأل الله السلامة والعافية- والغيبة جاء في النصوص القطعية من الكتاب والسنة على تحريمها والتعظيم من شأنها، وإذا كانت في من نفعه في الأمة ظاهر كانت أعظم، كان شأنها أعظم، يقرر أهل العلم أن لحوم العلماء مسمومة، نعم قد يوجد التقصير من بعض أهل العلم، قد يوجد، فهم بشر يصيبون ويخطئون، لكن هم في الجملة أهل علم وعمل إذا كان المقصود بهم الكبار من شيوخنا، هم عرفوا بالعلم والعمل والإخلاص، والنصح للأمة، لكن لا يعني أنهم معصومون من كل خطأ، لا، هم يخطئون كغيرهم، لكن يكفيهم أنهم يجتهدون ويبذلون ما يستطيعونه، وليعلم كل إنسان أنهم يبذلون ما يستطيعونه لكن ليس بالمقدور أن ينفذ كل ما يقولون، هذا على مر العصور، العلماء ينصحون ويوجهون ولا يلزمون، لا يستطيعون الإلزام على مر العصور، حصل من الصحابة -رضوان الله عليهم- إنكار على بعض الولاة ولم يمتثل، إذا حصل هذا يعني يرفع السيف، ما هو بصحيح، ليس معنى هذا أنه إذا لم يمتثل طلب العالم أو وجد منكر مثلاً أنكره من وفقه الله -جل وعلا- للإنكار، على حسب الدرجات المعروفة التي جاءت بها السنة، لكن لم يتغير هذا المنكر، حتى إنكار المنكر إذا ترتب عليه منكر أعظم منه في الشرع مندوح، لك مندوحة ألا تغير ولا يجب، بل لا يجوز لك أن تغير المنكر بمنكر يترتب عليه أعظم منه، فهل معنى هذا أنه إذا لم يستجب لأهل العلم أنهم يرفعون السيف وينزعون اليد من الطاعة؟ أبداً، عليهم أن ينصحوا، وعليهم أن يبينوا، وعلى أهل الحل والعقد أن يمتثلوا ويستتيبوا، لكن كل يؤدي ما عليه، وهذا موجود في علماء الأمة في القديم والحديث. نعم كثرت الشرور من الداخل ومن الخارج، وكيد للإسلام وأهله، وتواطأ الأعداء وتكالبوا عليه، لكن ما يلزم أن العلماء بيدهم كل شيء، ومعروف أن اليد لا يجوز نزعها حتى يرى الكفر البواح، ولا يجوز الخروج على الولاة إلا إذا رؤي الكفر البواح، والله المستعان. يقول: الذي يعلم الناس الخير حديث، هل هذا الأجر خاص للعلماء، هل المقصود بالخير العلم الشرعي فقط؟

على كل حال الخير يطلق ويراد به أمور كثيرة جداً، لكن إذا قرن بالتعليم فالمراد به العلم، وإلا فالمال خير، وجاء في القرآن تسميته خيراً، {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [(180) سورة البقرة] يعني مالاً، فالمال يقال له: خير، لا سيما إذا اكتسب من وجوهه شرعية وأنفق في مصارفه الشرعية، لكن إذا اقترن بالتعليم فالمراد به العلم، وهنا يقول: إن الذي يعلم الناس: فالمراد به العلم. يقول: كيف لطالب العلم أن يعمل بعد هذه الأخبار التي تحث على التعلم والأحاديث التي تحث على درء الفتيا ووجود أهل الفتيا في أكثر الأماكن؟ أما قوله: كيف يعمل بهذه الأخبار التي تحث على التعلم، أولاً: الحث على التعلم جاءت به نصوص الكتاب والسنة، ولم يطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يطلب المزيد من شيء إلا من العلم، وقد استشهد الله -جل وعلا- العلماء على أعظم مشهود به، وهو الشهادة له بالوحدانية، ولا يطلب لمثل هذا الأمر العظيم إلا الشهود العظماء، فقد شهد الله -جل وعلا- لنفسه، وشهد له ملائكته، وشهد له أولو العلم، بأنه لا إله إلا هو، فمنزلتهم لا شك أنها في الشرع عظيمة جداً. أما بالنسبة لدرء الفتيا فالمقصود به إذا لم تتعين؛ لأنها إذا لم تتعين ووجد من يفتي غيرك فأنت في حل، وأنت معرض للخطأ الصواب ادرأ مثل هذا الأمر، لكن إذا تعين عليك الإجابة، عليك أن تجيب: ((من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة))، فلا بد من التعلم، ما يقول الإنسان: والله أنا علي وعيد إذا أفتيت، أنا علي وعيد إذا أخطأت، لكن عليك أن تبذل الجهد، وتخلص لربك وتنصح لدينك، وإذا أخطأت لك أجر، مأجور .. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله ونبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش قال: بلغني عن مطرف بن عبد الله بن الشخير أنه قال: "فضل العلم أحب إليَّ من فضل العبادة وخير من دينكم الورع". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش: جرير بن عبد الحميد الضبي، من أوائل المصنفين في السنة. عن الأعمش قال: بلغني عن مطرف بن عبد الله بن الشخير أنه قال .. : ومطرف سيد من سادات الأمة وعابد من عبادها، وعالم من علمائها، أخباره ملأت الكتب لا سيما في العبادة والورع. يقول: "فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وخير من دينكم الورع": وهذا الخبر جاء مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- عند الطبراني وغيره وبإسناد لا بأس به -إن شاء الله تعالى- والعلماء يختلفون في أفضل العبادات بعد الفرائض، بعد الفرائض، فمنهم من يفضل الجهاد، ومنهم من يفضل الصلاة، ومنهم من يفضل الصيام، ومنهم من يفضل .. ، لكن الأكثر على تفضيل العلم، على تفضيل الاشتغال بالعلم على جميع نوافل العبادات.

الشرع نوع هذه العبادات، تنوع العبادات مقصد من مقاصد الشرع، أما بالنسبة للواجبات فلا مندوحة، ولا مفاضلة بينها لا بد من فعلها كلها، لا بد من فعل الواجبات كلها، ما يقول: والله الآن رمضان، والجهاد أفضل من الصيام ويجاهد، ما يقول: والله رمضان والعلم أفضل من الصيام أتعلم العلم، لا، الصيام لا بد منه، في وقته، الصلاة في وقتها لا بد منها، فلا يفضل على العبادات المحددة الموجبة في أوقاتها عليها شي، وكون الشرع يأتي بالعبادات القاصرة والعبادات المتعدية النفع، هذا أيضاً من مقاصد الشرع؛ لأن الناس يتفاوتون، لو فضلت العبادات القاصرة –مثلاً- على العبادات متعدية النفع أو العكس لتضرر كثير من الناس، كثير من الناس عنده استعداد يصلي ألف ركعة ولا يتصدق بدرهم، لكنه فرضت عليه الزكاة لينظر مدى امتثاله، وشرع في حقه الصلاة هذا أمر يسير بالنسبة له، وبعض الناس عنده استعداد يدفع الأموال الطائلة ولا يصلي ركعتين، فتنوعت العبادات في الشرع ليدلي ويسهم كل مسلم منها بسهمه، فتنوع العبادات من مقاصد الشرع، هذا بالنسبة للواجبات لا مندوحة من الإتيان بها ولا مفاضلة، بل كل شيء في وقته المحدد له، لكن ما زاد على ذلك، ما زاد على الواجبات يأتي التفضيل عند أهل العلم، وكل من فتح له باب خير فليلزمه، فليلزمه؛ لأنه يأتي إليه مقبل راغب منشرح الصدر، فمن فتح له في الصلاة: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) الصيام: ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) الزكاة ((من أنفق كذا ... إلى آخره، لكن بعض الناس ينشغل بالأمور المتعدية، والنفع المتعدي، وينفع هذا، وينصح هذا، ويقدم لهذا، نقول: نعم، النفع المتعدي في الجملة يعني في الغالب أعظم أجراً، لكن ليس على إطلاقه، ليس معنى هذا أنك تهمل نفسك من العبادات الخاصة، وإلا لو نظرنا في أركان الإسلام لوجدنا الصلاة أفضل من الزكاة، وأعظم منها، مع أن نفعها قاصر وهذه متعدي، فليست المسألة على إطلاقها.

إذا فتح للإنسان باب خير، باب من أبواب الدين فتح له ونشط للصلاة، صار ما يدرى يصلي مائة ركعة مائة ركعة في اليوم، نقول: الحمد لله هذا باب من أبواب الخير والحمد لله أنك وفقت لهذا العمل، فتح له باب الصيام وسهل عليه بينما غيره يشق عليه أن يصوم في مثل هذه الأيام، من الناس من يصوم صيام داود، نقول: هذا وفق لخير عظيم، يلزم هذا الباب، ولن يحرم أجره، وقد يلج الجنة من هذا الباب، لكن في الجملة -في العموم- العلم من أفضل نوافل العبادات، العلم، ولذا يقول: "فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة"؛ لأنه مصحح للعبادات؛ لأن العبادات بدون علم قد تكون على الوجه غير المرضي في الشرع، قد تكون مع خلل، قد تكون مع فقد شرط، مع ارتكاب مبطل من غير علم، لكن إذا تعلم وعبَد اللهَ على بصيرة تضاعفت أجوره في جميع أبواب الدين، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [(9) سورة الزمر]، وهذا جاء بعد أيش؟ هذا الكلام ما جاء عبث، تذييلاً لقوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر]؛ لأنه لا يتصور أن هناك عالم ما يتعبد، أبداً، ما يتصور هذا؛ لأنه متى يسمى عالم؟ من خلال هذه الآية، واضحة، {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر]، معناه الذي يقوم، يقوم الليل قانت آناء الليل أوقات الليل ساجد وقائم يصلي لله -جل وعلا- نعم يقطع الليل بالصلاة والتلاوة والذكر، التذييل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} الذين هذه أفعالهم، {وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} الذين لا يفعلون هذه الأفعال، فالعلم مقرون بالعمل، مقرون بالعمل.

"فضل العلم أحب إليَّ من فضل العبادة": يعني أنت بالخيار، أنت أمامك ساعة، ساعة جالس المغرب في المسجد، هل الأفضل أن تصلي، تصلي في المغرب ثلاثين ركعة مثلاً، تقول: أصلي ثلاثين ركعة بين الصلاتين، أو أقرأ أربعة أجزاء من القرآن، أو أحرر لي مسألة علمية، والمراجع بين يديك؟ أنت بين خيارات، أيهما أفضل؟ الأخير، العلم، تحرر هذه المسألة لماذا؟ لكي تصحح لك ما احترت فيه من الصلاة ومن التلاوة ومن الصيام ومن الحج ومن غيره، هذا هو السبب. "فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وخير دينكم الورع": وهنا تنقطع الأعناق، خير دينكم الورع: هذا الذي يشكل على كثير من الناس، وأحياناً تكون الأمور سهلة يمكن تجاوزها، مبالغ يسيرة تشك فيها تترك –تتركها- لكن إذا كانت مئات الملايين وسبيل الحصول إليها فيه ما فيه، تتورع وألا ما تتورع؟ هذا الامتحان، هذا الابتلاء، من يتورع من مثل هذا إلا القليل النادر، هو موجود في السلف كثير، ويوجد -ولله الحمد- ما زال، لكن هو عند بعض الناس أظهر من بعض. يقول حسان بن أبي سنان: "ما رأيت شيئاً أهون من الورع، ما رأيت شيئاً أهون من الورع؛ ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) "، هذا سهل الباب، لكن في نظره ما هو من وجهة نظرك، من وجهة نظره صحيح، ما رأيت شيئاً أهون من الورع دع ما يريبك إلى ..

سفيان الثوري إمام من أئمة المسلمين في الزهد والورع والعلم والعمل يقول: هذا الذي يقوله حسان بالنسبة له سهل، لكن لغيره -لنا مثل سفيان- يقول: صعب، ولا شك أن الناس منازل ومقامات، أقول: الناس لهم منازل ومقامات، فكل له منزلته ومقامه، ولذلك لو قيل لك: إن فلان من الناس يختم كل يوم، قلت: مستحيل، يصلي ثلاثمائة ركعة، الإمام أحمد يصلي ثلاثمائة ركعة في اليوم والليلة تقول: مستحيل، قيس الناس على نفسك مستحيل صحيح، نعم، لو يقول لك مثلاً: إنه يشرب قارورة الببسي هذه الكبيرة بنفس، قلت: مستحيل، لكنه موجود، كل إنسان على ما وطن نفسه وتعود عليه، قد يشق على الإنسان في بداية الأمر أن يجلس فيقرأ جزء من القرآن متتابع، يعني من غير أن يقطع القراءة، لكن في النهاية يوجد من يقرأ العشرة وهو في مجلسه، ما غير جلسته، لا شك أن المسألة -أن الجسم- على ما تعود، الجسم على ما تعود. "وخير دينكم الورع": الورع: أن ترك .. ، أي شيء تشك فيه تتركه، ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))، اترك كل ما تشك فيه، والسلف وجد فيهم -من الصحابة ومن دونهم- من يترك تسعة أعشار الحلال؛ خشية أن يقع في الحرام، ثم يتفلسف بعض الناس يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ} [(32) سورة الأعراف]؟ يا أخي ما حرموا، هم قائلين لك: حرام؟ ما قالوا لك: حرام يا أخي، نعم الذي يحرم ويحلل هذا يقال له: قف، ما دليلك؟ لكن الذي يمتنع ويكف، يربي نفسه على هذا؛ لأن النفس تواقة، فإذا حصل لها شيء لا بد أن تتوق إلى ما وراءه، ولذا جاء في الحديث الصحيح ((لو أن لابن آدم وادياً من ذهب تمنى ثاني وثالث)) ما يكفيه، وإلا بالله عليكم الذي يملك مليار أو مليارين وأيش الفرق؟ إيش الفرق بين الاثنين، في فرق؟ فرق عملي ما في، لا هو. . . . . . . . . ولا عشر المعشار ولا الزكاة ما هو. . . . . . . . .، فكونه ما يحتاج إلى القدر الزائد هذا وجوده مثل عدمه.

يتركون تسعة أعشار الحلال؛ لأنك إذا استوعبت الحلال تبي تطلب هذا الحلال لأن النفس تعودت عليه، أحياناً لن تجده من أبوابه، ما كل يوم يتيسر لك هذا الشيء الذي اعتدته من وجهه، تبي تتجاوز تقول: المكروه ما فيه إثم، المكروه ما فيه إثم، ثم تجرؤ على المكروه، ثم بعد ذلك قد تحتاجه وتضطر إليه، ما تجده إلا من طريق المحرم، والنفس. . . . . . . . . عليه. قد يكون الإنسان في أول الأمر لا يقدم على محرم صريح، لكن مع الوقت، مع الوقت يسهل عليه؛ لأنه مع كثرة الإمساس يقل الإحساس، ولذا تجدون كثير من الإخوان -كثير لا أقول الجميع- الذين صاروا في المقاولات، تجده في أول الأمر من أورع الناس، ووجد منهم من صار نصاباً، وأيش يصير؟ يصير أول الأمر يتحرى، عنده حسابات دقيقة، أنا أخذت عمارة من فلان، كشف حساب مستقل، ودراهمه لها رقم خاص، والثاني كذلك، والثالث، والرابع، والخامس، أعطاه هذا الأول مبالغ ما يحتاجها اليوم يحتاجها الثاني، صار يقترض من هذا لهذا، سهل عليه الأمر، سهل عليه التصرف في أموال الناس، ثم صار يحتاج هو لنفسه، حوائج البيت والله نقصت اليوم، عندنا حساب لفلان جالس متى ما بغاه ومتى ما احتاجه اطلعه، ثم بعد ذلك مع الوقت يتساهل، فالورع وحزم النفس وأطرها على الوقوف عند حد الله -جل وعلا- هذا خير الدين، لكنه من أشق الأمور إلا على من يسره الله عليه، مثل ما يقول: "ما رأيت شيئاً أهون من الورع" وذكر في ترجمته أمور؛ لأن النفس مجموعة ملكات، مجموعة .. ، يعني مجموعة متراكبة من أمور يكمل بعضها بعض. هل تظن الذي يقول: "ما رأيت شيئاً أهون من الورع" مخل في صلاته، أو مخل بصيامه، أو .. ؟ لا، لا أبداً، هذه أمور متكاملة عنده يدعم بعضها بعضاً، ويسهل بعضها بعضاً، فلا يتصور من إنسان يتساهل بالصلاة يبي يقول: أبى احصل علم، لا يمكن، أو مقصر في صيام أو يتناول بعض المحرمات و. . . . . . . . .، لا أبداً، لا بد أن تتعرف على الله -جل وعلا- في الرخاء ليعرفك في مثل هذه الأمور، في الشدائد. سم طالب: أحسن الله إليكم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن سليم عن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- قال: "بحسب المرء من العلم أن يخشى الله -عز وجل- وبحسبه من الكذب أن يقول: "استغفر الله وأتوب إليه ثم يعود". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن سليم عن حذيفة قال: "بحسب المرء من العلم أن يخشى الله -عز وجل-": العلم الشرعي الذي جاءت النصوص بالحث عليه، هو العلم المورث للخشية، العلم المورث للخشية {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر]، إنما: أداة حصر، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}، فالعلم الذي يورث الخشية هو العلم الشرعي المطلوب في النصوص، قد يوجد ممن يزاول العلوم الكونية -مثلاً- أو العلوم التطبيقية، يوجد من الأطباء من أورثه علمه خشية الله -جل وعلا-، يوجد هذا، ومن خلال طبه صار واعظاً بارعاً، وبضاعته من العلم الشرعي قليلة، إلا أنه أخذ ليدعم ما يقوله من علوم تجريبية، ومن خلال مشاهدات ومواقف بالنصوص الشرعية، وإلا فالأصل ما عنده شيء، وصار من أبرع الناس لماذا؟ لأنه تأمل في هذا المخلوق الذي دخل في شيء من خفاياه في قلبه –مثلاً- وهذا الباب باب عظيم جداً، والطب المورث للخشية داخل في قوله -جل وعلا-: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [(21) سورة الذاريات]، ابن القيم -رحمه الله تعالى- لما تكلم على هذه الآية أتى بالعجائب، والأطباء من خلال المشاهدة وقع لهم أمور مذهلة، أمور مذهلة، وهناك مواقف يعانيها الأطباء ومن يزور المرضى، ما يلزم أن يكون طبيباً، لكن لو الإنسان .. ، وقد جاء الشرع بالحث على زيارة المريض يرى العجائب، يرى إنساناً لا يحس بشيء، ولا يشعر بشيء البتة؛ مغمىً عليه، فإذا جاء وقت الأذان انتبه وأذن، تجد من يحصل له حادث بحيث يفقد الدنيا بالكلية ويسمع القرآن منه واضحاً؛ لأنه صاحب قرآن، يرى مثلاً بعض الناس إذا جاء وقت إقامة الصلاة استقبل القبلة وكبر وهو في العناية مغمىً عليه؛ لأنه صاحب صلاة، وهكذا، فالعلم الحقيقي هو المورث لخشية الله -جل وعلا-، أما العلم الذي لا يورث الخشية فليس بعلم.

بحسب المرء من العلم أن يخشى الله -عز وجل-: أن يخشى الله، ويتقي الله، والخشية والخوف باب عظيم من أبواب الدين، من أراد أن يطلع على شيء من أسرار الخشية والخوف من الله -جل وعلا- ينظر إلى منزلة الخشية في مدارج السالكين وفي غيرها من كتب ابن القيم تكلم كثيراً عن الخشية. بحسب المرء من العلم أن يخشى الله -عز وجل- وبحسبه من الكذب أن يقول: يعني بلسانه،: استغفر الله وأتوب إليه ثم يعود": يعني يعصي الله -جل وعلا- ثم يقول: استغفر الله، ثم يعود، هذا يسمى كذب؛ لأنه يخالف الواقع، يخالف الواقع، لكن الإنسان مفترض فيه أنه غير معصوم، تقع منه الهفوة، وتقع منه الزلة وهو مأمور بالاستغفار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يستغفر الله -جل وعلا- في اليوم أكثر من مائة مرة، وفي المجلس قد يستغفر الله سبعين مرة، فالاستغفار مطلوب، وفي الحديث الذي فيه مقال: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً)). وجاء في الباب قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [(33) سورة الأنفال]، فالاستغفار يدفع الله به الشرور والآفات، ويرفع الله به الدرجات ويحط به الخطيئات، فهو مطلوب، ومع ذلك نستغفر، والإنسان وهو يستغفر بلسانه يعالج قلبه في الاستحضار، ومعنى الاستغفار، ولماذا يستغفر، ومم يستغفر، يعالج قلبه، أما لو عملنا بهذا وقلنا: إن الاستغفار مجرد باللسان ما ينفع معناه ما نذكر الله أبداً؛ لأن كثير من الناس يستغفر الله ويسبح ويهلل ويذكر الله -جل وعلا- قائماً وقاعداً ومع ذلك بلسانه، والحمد لله أن أكثر النصوص جاءت بلفظ من قال: كذا، يعني رتبت الأجور على مجرد القول، وهذا من فضل الله -جل وعلا-، كونك يستحضر قلبك لهذه الأذكار قدر زائد على مجرد القول، ولذا كان الأجر المرتب على قراءة القرآن هو مجرد النطق بالقرآن، على الحروف فقط، لكل حرف عشر حسنات، لكن تدبرت لك أجر قدر زائد، رتلت لك أجر زائد، استنبطت لك أجر زائد، عملت لك أجر زائد، كل شيء بأجره، كل هذا في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، يحرص الإنسان.

فالمراد من كلام حذيفة هنا: الذي يستغفر وهو مصر على الذنب، يستغفر .. ، هذا لا شك أنه كذاب؛ لأنه يخالف، لكن من استغفر من عموم الذنوب التي تقع منه بقصد أو بغير قصد، هذا يؤجر على هذا الاستغفار، لكن إذا استغفر من ذنب هو مصر عليه وعازم على ارتكابه، هذا الذي يدخل في كلام حذيفة، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: "بحسب الرجل من العلم أن يخشى الله -عز وجل- وبحسب الرجل من الجهل أن يعجب بعلمه": الأثر هذا عن مسروق ابن الأجدع يسمونه مقطوعاً، والأول موقوف؛ الأول عن صحابي، والثاني عن تابعي، مقطوع. يقول: بحسب الرجل": يعني يكفيه من العلم: ما يورث في قلبه خشية الله -عز وجل-، وهذا موافق لكلام حذيفة: وبحسب الرجل من الجهل: يكفيه أن يعجب بعلمه: إذا أعجب الإنسان بنفسه، إذا أعجب الإنسان بما حصل له من علم هذا في غاية الجهل، في غاية الجهل، والعجب بالنفس والإعجاب بها آفة، آفة من الآفات من أخطر الأمور على دين الإنسان والعجب فاحذره إن العجب مجترف ... أعمال صاحبه في سيله العرم فإعجاب الإنسان بنفسه آفة؛ لأنه إذا أعجب متى يعرف ما تشتمل عليه هذه النفس من نقائص وعيوب وخلل ومخالفات، ليعالج هذه النقائص؟ من أعجب بنفسه فقد ادعى لها الكمال، من أعجب بنفسه احتقر غيره، ولا شك أن العجب آفة، وهو قبيح بالنسبة لعموم الناس، وهو في من ينتسب إلى العلم وطلبه أقبح، تجد الإنسان في روضة المسجد يقرأ القرآن، فإذا خرج زيد من الناس قال: هاه، وين يبي ويش اللي يطلعه، يا أخي انشغل بنفسك، اشتغل بعيوبك، اترك الناس، وما يدريك أنه انصرف إلى عمل أفضل من عملك، وإذا قام آخر أتبعه بصره إلى أن يخرج مع الباب، مثل هذه التصرفات تورث الإعجاب، فعلى الإنسان أن يغفل عن عيوب الناس وينشغل بعيبه، نعم إذا لاحظت على أحد شيء بينك وبينه تسدي له النصيحة والدين النصيحة، أما أن تتبعه نظرك وتلقه بلسانك هذا ليس من شأن المسلم فضلاً عن طالب العلم، والله المستعان، نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبي خالد شيخ من أصحاب عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: "بينما نحن في المسجد إذ جاء خباب بن الأرت -رضي الله عنه- فجلس فسكت، فقال له القوم: إن أصحابك قد اجتمعوا إليك لتحدثهم أو لتأمرهم قال: بم آمرهم؟ فلعلي آمرهم بما لست فاعلاً". يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبي خالد شيخ من أصحاب عبد الله قال .. : سمي وإلا ما سمي؟ طالب: ما سمي. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لا هو مجهول، مجهول، مجهول، شيخ من أصحاب عبد الله لكن يكفيه أنه من أصحاب عبد الله بن مسعود، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . معروفين أصحاب عبد الله كلهم أثبات. قال: "بينما نحن في المسجد إذ جاء خباب بن الأرت: الصحابي الجليل، فجلس فسكت، فقال له القوم: إن أصحابك قد اجتمعوا إليك لتحدثهم أو لتأمرهم قال: بم آمرهم؟: يعني ينتظر من صحابي مثل خباب ألا يضيعوا الفرصة في هذا الاجتماع، ينتظر من طالب علم أن ينفع الناس، ينتظر من عالم أن يوجه الناس إذا اجتمعوا ويستغلون الفرص، ينتظر منهم ذلك، وهذا المؤمل وهذا المرجو ألا تفوت الفرص، لكن على الإنسان أن يهتم بنفسه، إذا رأى أن النفس .. ، يحاسب نفسه إذا رأى أنه يستفيد من كلامه يتكلم، إذا رأى أنه يتضرر من كلامه يسكت، ولا يمكن أن يكون هذا الكلام على عمومه، فلعلي آمرهم بما لست فاعلاً: لا تأمرهم إلا بما أنت فاعل، نعم، لكن مثل هذا الكلام لا يصد العالم ولا طالب العلم من نفع الناس، وإلا لو فتحنا هذا الباب قلنا: لا يتكلم أحد، يتكلم الإنسان ويأمر الناس وينهاهم ويوجههم بما يفعل، فلا يأمر الناس ويترك، فقد جاء في الحديث الذي يرى في النار ((فيقال: ما بالك يا فلان كنت تأمرنا وتنهانا؟ قال: نعم، آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه))، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [(88) سورة هود]، فعلى الإنسان أن يأتمر وينتهي بدء من نفسه، ثم بعد ذلك يأمر غيره وينهاهم.

وهذه المسألة عند أهل العلم -وإن كانت الأدلة تدل على أن من ارتكب شيئاً لا يجوز له أن ينهى عنه، ومن ترك شيئاً لا يجوز له أن يأمر به- لكن أهل العلم يقررون أن الجهة منفكة، يعني تدل النصوص أن الإنسان لا يأمر بما يترك ولا ينهى عما يفعل، {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [(44) سورة البقرة]، توبيخ، لكن هل معنى هذا هو .. ، هل هو نهي عن مخالفة الأمر أو هو نهي عن الأمر بالمخالفة؟ أيش معنى هذا الكلام؟ هل هذه الآية تدل على أنك امتثل أنت قبل أن تأمر، أو لا تأمر حتى تمتثل؟ {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [(44) سورة البقرة]؛ لأن عندنا مخالفة، شخص يشرب الدخان، هل نقول لهذا الشخص: لا يجوز لك أن تنهى الناس عن الدخان، أو نقول: لك أجر الأمر بالمعروف وعليك إثم الفعل؟ والله -جل وعلا- يقول: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} [(44) سورة البقرة]، وأنتم أولى بالامتثال، انتهوا، لكن الأمر بالبر له أبواب، والنهي عن المنكر له نصوص، فالجهة منفكة، فأنت تأمر بالأمر وتحرص على أن تمتثل، فإذا أمرت، نعم، لك أجر الأمر، نهيت لك أجر النهي، لكن يبقى أن عليك إثم ارتكاب المحظور أو ترك المأمور، ما لم يكن الظاهر من فعلك أنه استخفاف، حينئذ نقول: لا يجوز لك أن تأمر؛ لأن هذا الأمر استخفاف فهو منكر. يعني تصور اثنين جالسين على كرسي حلاق اثنين، نعم، وحلاقين واثنين جالسين على الكرسي والحلاق شغال بلحاهم، يلتفت واحد على الثاني لا تحلق لحيتك، هذا يدل على أيش؟ نعم، هذا يدل على استخفاف، فنهيه مثل هذا النهي واضح أنه استخفاف، يعني لا نبالغ في انفكاك الجهة، نعم شخص ابتلي بالدخان وجاهد وحاول يقول: عجزت، ينهى عن الدخان، وإلا فالأصل أن أول من ينتهي عن المنكر من ينهى عنه، ولا نبالغ في انفكاك الجهة حتى قال بعضهم: إن على الزاني .. ، يجب عليه أن يغض بصره عن المزني بها، الجهة منفكة، هذا له نصوص، وهذا له نصوص!! لا لا؛ هذا ما حرم إلا من أجل هذا، أنت إذا لم تكن وصلت الغاية الباقي يهون، ما حرم النظر إلا من أجل الوقوع فيما هو أعظم منه.

على كل حال على الإنسان أن يأمر وينهى، وعليه أن يجاهد نفسه في أن يأتمر وينتهي، ولذلك يقررون في رجل الحسبة أنه ليس بشخص معصوم، لا، لكن عليه أن يكون أول من يأتمر وأول من ينتهي. "فلعلي آمرهم بما لست فاعله": فعلى الإنسان أن يبدأ بنفسه ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... . . . . . . . . . لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم فعلى الإنسان أن يحرص على نفسه وينفع غيره، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو سنان سعيد بن سنان قال: حدثني عنترة قال: سمعت بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- يقول: "ما سلك رجل طريقاً يلتمس فيه علماً إلا سهل الله له به طريقاً إلى الجنة". يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو سنان سعيد بن سنان قال: حدثني عنترة قال: سمعت ابن عباس يقول: "ما سلك رجل طريقاً يلتمس فيه علماً إلا سهل الله له به طريقاً إلى الجنة". الحديث مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وإن كان هنا موقوفاً، وسيأتي المرفوع بعد بضعة أحاديث من حديث أبي هريرة برقم خمسة وعشرين: ((من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).

"ما سلك رجل طريقاً يلتمس فيه علماً إلا سهل الله له به طريقاً إلى الجنة": وهذا من نعم الله -جل وعلا- أن رتب الأجور على بذل الأسباب وترك النتائج بيده، فالنتائج بيد الله -جل وعلا-، الإنسان يجتهد، يبذل السبب، هو مأمور ببذل السبب على ألا يعتمد على هذا السبب، فالمسبب هو الله -جل وعلا- والمسهل والميسر هو الله -جل وعلا-، عليه أن يبذل السبب ويسلك الطريق، ولو طال الطريق، وأيش. . . . . . . . . هذا، بعض الناس يطلب العلم خمسين ستين سنة، الأمر سهل، أنت يكفيك مثل هذا الوعد: "ما سلك رجل طريقاً يلتمس فيه علماً إلا سهل الله له به طريقاً إلى الجنة": أيش قصدك؟ قصدك تنجو من النار وتدخل الجنة، هذا الطريق، أما كونك تكون عالماً أو لا تكون هذا بيد الله، اسأل الله -جل وعلا-، فالسبب سلوك الطريق، والمسبب هو العلم، والمسبِب هو الله -جل وعلا- والنتائج بيده، وهذا في جميع أبواب الدين، أن تبذل السبب وتترك النتائج لله -جل وعلا-، تأمر، نعم، وهدفك أن ينتشر الخير بسببك، تنهى وقصدك أن ينكف الشر بسببك، وتمتثل أمر الله وأمر نبيه -عليه الصلاة والسلام- كون المأمور يأتمر أو المنهي ينتهي أو لا ينتهي هذا ليس بيدك، أجرك ثبت ووزره عليه، فهذا الطريق طريق إلى الجنة، وهذا الوعد من الصادق المصدوق كما في الخبر المرفوع الآتي، هذا مرتب على مجرد بذل السبب، والإنسان ليس بيده إلا هذا، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن مسعر عن معن بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله: "إن استطعت أن تكون أنت المحدَّث فافعل". وهذا الأثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: "إن استطعت أن تكون أنت المحدث فافعل": وهذا من باب التدافع والتدارؤ المعروف عند السلف، الناس يتسابقون على الكلام وابن مسعود يقول: "إن استطعت أن تكون أنت المحدث، أنت المستفيد من غيرك فافعل، لكن هل هذا يطرد؟ يستمر الإنسان طول عمره يستمع للناس ولا يفعل شيء؟

لا، يعني إذا وجد الأقران الذين ينفع بعضهم بعضاً احرص على أن تكون مستفيداً، أما إذا وجد عالم وجاهل فيحرص أن يكون هو المفيد العالم، والمستفيد الجاهل، ما نقول للعالم: انتظر خلي هذا يتكلم، أو نقول للكبير: انتظر خلي هذا، لا، لا لكن إذا وجد أقران وكأنه يوصي أصحابه وهم من طبقة واحدة وعلى درجة واحدة وكل واحد عنده من العلم ما ينفع به غيره، فليحرص الإنسان على أن يستفيد؛ لأن أهم ما على الإنسان نفسه. وفي هذا أيضاً كبح لجماح كثير من الناس الذين يريدون أن يتصدروا، ويريدون أن يستملوا المجالس دون غيرهم، وبعض الناس يستلم المجلس بفائدة وبغير فائدة، نقول: لا يا أخي، احرص على أن تستفيد من غيرك بقدر الإمكان، لا سيما إذا وجدت مع من هو أولى منك -أولى منك بالكلام- دعه يتكلم تستفيد أنت ويستفيد غيرك، أو أكبر منك سناً، نعم، اترك المجال للكبير، كبير القدر، كبير السن، ثم بعد ذلك إن وجد لك مجال تكلم، إذا وجد عندك علم تظن اندراسه أو لا يحمله إلا أنت عليك أن تؤديه، نعم. طالب:. . . . . . . . . إيه لا هو معروف؛ لأن بعض الأخبار هذه يوجد –مع الأسف- يوجد من طلاب العلم عنده شيء من العلم ومع ذلك لا يوجد لهم ذكر في النفع العام ولا التعليم ولا التوجيه ولا ... ، ما لهم ذكر، يستدلون بمثل هذه الأخبار، نقول: لا، يا أخي، من عنده شيء يتعين عليه، من عنده علم لا بد أن ينشره، ومضى من الآثار ما يدل على فضل تعليم الناس، لكن إذا وجد الأقران، وجد مثلاً عشرة زملاء في مجلس احرص تستفيد من غيرك، فإذا انتهوا من كلامهم وجمعت فوائدهم إذا كان عندك شيء تتحفهم به فالحمد لله، إذا وجدت مجالاً لفائدة عندك ابدي لهم نصيحة، ابذلها لهم ولا تكتم ما عندك، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن سفيان بن عيينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة قال: "كان ناس يأتون سلمان فيستمعون حديثه يقول: هذا خير لكم وشر لي". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن سفيان بن عيينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة قال: "كان الناس يأتون سلمان فيستمعون حديثه: سلمان من؟ طالب:. . . . . . . . . نعم الصحابي الجليل الفارسي.

فيستمعون حديثه فيقول: "هذا خير لكم": يعني لكم غنم هذا الكلام، تستفيدون منه وتنتفعون به. وشر لي": لأنه مظنة، المتكلم مظنة، مزلة قدم أن يداخله ما يداخله، قد يداخل الإنسان في أثناء كلامه الذي يتأثر به الناس ويستفيد منه الناس قد يداخله ما يحبط عمله، ولذا يقول: هذا خير لكم: تستفيدون من هذا الكلام لكن بالنسبة لي أنا، نعم قد يكون شر للمتكلم، وليس العلاج في الترك، إنما العلاج بالمجاهدة؛ لأنه قد يقول قائل: إنه ما دام هذا خير للمستمع وشر للمتكلم ليش يتكلم، هو يبحث عن الشر؟ لا، يبحث عن الخير، إذن لماذا لا يكون مستمعاً؟ نقول يا أخي بلا شك أنه خير للمستمع إذا فقهه وعمل به، وهو شر للمتكلم إن عرض له شائبة رياء أو حب مدح أو ثناء ويحمله ذلك على تزيين الكلام وتحسينه، هذا لا شك أنه شر له، لكن إذا أخلص لله -جل وعلا- وقصد بذلك، هو خير للجميع، بل هو خير منهم، وأفضل منهم، نعم. حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن يونس عن الحسن قال: "إن كان الرجل ليجلس مع القوم فيرون أن به عياً وما به من عي إنه لفقيه مسلم". نعم يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو خيثمة: من عبد الله هذا؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . الراوي، لما ذكرنا السند في الأول عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، الراوي عن المؤلف -عن أبي خيثمة- وهذا مثل ما يقول في المسند: حدثنا عبد الله قال حدثني أبي، وهذه أشرنا إليها في بداية الدرس الأول. يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن يونس عن الحسن قال: "إن كان الرجل ليجلس مع القوم فيرون أن به عياً: عجزاً، يظنون أنه ما يعرف التكلم، وقد رمي ابن عمر بالعي، رمي ابن عمر بالعي، لكن كما قال الله -جل وعلا-: {لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء]، فقال -رضي الله عنه- وأرضاه: "كيف يكون عيياً من في جوفه كتاب الله؟!

ليجلس مع القوم: يستمع يظنون ما يعرف يتكلم، وما به من عي: ما به عجز عن الكلام، ولا به جهل، ولا شيء، عنده علم وعنده قدره على الكلام لكنه فقيه مسلم، يحرص على سلامة نفسه، سلامة لسانه من الزلل، سلامة قلبه من التأثر، سلامة أحكامه من الخطأ. المقصود أنه إذا وجد من يقوم مقامك فلا تحرص على الكلام، وإذا لم يوجد يتعين عليك أن. . . . . . . . .، يتعين عليك أن تتكلم، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار، ما منهم أحد يسأل عن شيء إلا ودَّ أن أخاه كفاه، ولا يحدثه حديثاً إلا ودَّ أن أخاه كفاه". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار: على وجه الخصوص، ما منهم أحد يسأل عن شيء إلا ودَّ أن أخاه كفاه، يعني إذا كانت المسألة فيهم من يكفيك تحرص، السلامة لا يعدلها شيء، والكلام واللسان له تبعات، له تبعات، يعتريه ما يعتريه، يعتريه الخطأ، يعتريه الذهول والنسيان، نعم، فإذا وجد من يريحك ويتحمل عنك هذه المسئولية وهذه التبعة فافرح. ما منهم أحد يسأل عن شيء إلا ودَّ أن أخاه كفاه إياه؛ لأن الواجب يسقط بإجابة أحد ممن تبرأ الذمة بإجابته، لكن ليس معنى هذا أن الكفء يتأخر ليتصدر غير الكفء، يفتح المجال للجهال أن يجيبوا على أسئلة الناس وحوائجهم لا، هذا لا شك أنه كفء، ومع ذلك يود أن كفؤاً يكفيه الأمر، لا يجوز له أن يتأخر حتى يتصدر الجهال، ولذا جاء بعضهم .. ، جاء عن بعضهم أنه كان على ما سيأتي، عروة كان يتألف الناس على حديثه، وبعضهم يقول: اسألوني؛ لأنه لا يرى من يقوم مقامه، إذا تعين عليه الأمر لا بد أن يقوم به، وليست له مندوحة، لكن إذا وجد من يكفيه من الأكفاء ودَّ أن أخاه يكفيه؛ لأن الكلمة لها تبعة، وعليها حساب، فيحرص الإنسان على التقلل بقدر الحاجة إذا وجد من يكفيه.

ولا يحدثه حديثاً إلا ودَّ أن أخاه كفاه": نعم حتى الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مزلة قدم، قد يزيد وقد ينقص وقد يهم، وقد، إذا كان بعض أهل العلم يرى أن من يلحن في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- يدخل في حديث: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) يعني لو قال قائل: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمالَ بالنيات)) قلنا: كذبت، كذبت على الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما قال: إنما الأعمالَ بالنيات، إنما قال: ((إنما الأعمالُ بالنيات)) شوف مثل هذه الأمور تجعل للإنسان حساسية بالغة من أن يحدث عن الله -جل وعلا- أو عن رسوله بشيء يجزم بأن هذا مراد الله -جل وعلا- من كلامه، أو هذا مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديثه، يجزم به، هذا مزلة قدم، ولذلك أهل العلم الكبار يتوقون الكلام في النصوص، وجاء في القرآن: "من قال بالقرآن برأيه فقد أخطأ وإن أصاب". وجاء الوعيد الشديد على من كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ولذا كان أهل التحري من الأئمة الكبار الأثبات كالإمام أحمد وغيره يتحرون ويتوقون الكلام في الحديث؛ لأن الذي يشرح الحديث يقول: هذا مراد الرسول -عليه الصلاة والسلام- من هذا القول، وقد لا يصيب المراد، فيتقول على الرسول ما لم يقل. الأمام أحمد يسأل عن الغريب فيقول: اسألوا أبا عبيد، ويسأل الأصمعي عن معنى كلمة معروفة في لغة العرب ((الجار أحق بصقبه))، فيقول: أنا لا أفسر كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن العرب تزعم أن الصقب اللزيق، يعني الجار الملاصق، هكذا تزعم العرب. شخص يحفظ مئات الألوف من الأبيات من لغة العرب التي هي ديوان العرب، والتي يفسر بها الكلام العربي من نصوص الكتاب والسنة، ومع ذلك يقول هذا الكلام، وقد وجد من أهل العلم .. ؛ لأن أهمية العربية لطالب العلم لا تخفى على أحد.

وجد من أهل العلم من يقول: إنه أخذ مدة طويلة ثلاثين ما أدري أربعين سنة يفتي الناس من كتاب سيبويه، الواحد منا يقلب كتاب سيبويه ما فيه ولا حكم شرعي، لكنه بكتاب سيبويه يفهم النصوص، فالعربية لطالب العلم في غاية الأهمية، فإذا كان من قال: إنما الأعمالَ بالنيات يدخل في حديث: ((من كذب)) ويش بقي، كيف الناس اللي ما تسعفهم الحافظة يتخمطون قيلان. . . . . . . . . يسمع كلاماً يظنه خبراً ولا. . . . . . . . . ولا يحدثه حديثاً إلا ود أن أخاه كفاه إياه": لأن المسألة مسألة تعبة ومسألة نقاش، ولمَ قلت، وكيف قلت، لا بد، ومن لم يحسب كلامه من عمله هلك، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان عن الزهري قال: "كان عروة يتألف الناس على حديثه". يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان عن الزهري قال: "كان عروة: ابن الزبير التابعي الجليل أحد الفقهاء السبعة المعروفين، متفق على إمامته وجلالته. فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة هذا أحد هؤلاء الفقهاء السبعة وواحد منهم. يتألف الناس على حديثه": إذا رأى العالم من الطلاب شيئاً من الإدبار والانصراف والفتور لا بد أن يتألفهم، لا بد أن يتألفهم؛ إشفاقاً عليهم، وإرادة لهم، ونصحاً لهم، لا لتكثر الجموع عليه، لا يختلف مع ما قلنا سابقاً: إن الإنسان يبحث عما يكفيه المئونة نعم، يبحث عن من يكفيه المئونة، يفرح إذا قيل: إن الشيخ الفلاني العالم الفلاني، عنده مئات عنده ألوف يفرح، لكن إذا وجد هو في بلد ما وعنده عشرين طالباً ثلاثين طالباً ثم أخذوا ينقصون، من باب الشفقة عليهم أن يتألفهم، ويحثهم على الحضور وأحياناً ييسر لهم الأمر بأن يهديهم الكتب التي يحتاجونها، بأن يلين لهم الكلام، المقصود أنه يتألفهم، لا ليكثر الجمع عنده، ليس معنى هذا أنه ليصرف وجوه الناس إليه، لا، إنما لينتفعوا، لينفعهم بما عنده، ليثبت له أجر التعليم ويثبت لهم أجر التعلم، ويتعاونوا على البر والتقوى، لا أكثر ولا أقل نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان قال: قال عمرو: لما قدم مكة -يعني عروة- قال: ائتوني فتلقوا مني".

نعم قد يكون الإنسان في وقت أو في مكان أو في ظرف لا يوجد من يقوم مقامه، والناس لا يعرفونه، والناس لا يعرفونه، هو بحاجة إلى أن يصل إلى بلد لا يكون معروفاً فيها، ويجد الجهل المطبق في هذا البلد، وعنده شيء من العلم لا مانع أن يبين لهم الواقع من باب مجرد الإخبار أنه عنده شيء من العلم بفن كذا، أو باب كذا، ويتألفهم ويطلب منهم أن يقرؤوا عليه أيش المانع؟ لأن المسألة مسألة إفادة، ولا يرجو بذلك إلا وجه الله -جل وعلا- ولذا قال عروة: "ائتوني فتلقوا مني": نعم علم، لا يضيع هذا العلم، يعني مثل ما الإنسان يسعى أن يسجل كلامه، ينتفع منه من لم يسمعه، يحرص على أن ينتفع منه من حوله، فلا ضير في أن يقول الإنسان إذا كان في بلد لا يعرف فيه قدره أن يبين لهم أنه يحسن هذا الشيء، نعم، يحسن هذا الشيء فيود أن يتلقى عنه هذا العلم، وإن حصل بالتعريض أو بالتعرض كان أولى من التصريح، يعني لو أبدى لهم شيئاً من الفوائد أو بين لهم وقصده بذلك أن ينشر ما عنده من علم لينفع وينتفع بعلمه، لا شيء في ذلك، نعم، يعني بدلاً من أن يبقى مركوناً لا يستفاد منه نعم يريد أن ينشر العلم، ونشر العلم عبادة، وتعليم الناس من أفضل العبادات، وجد هذا الشخص -هذا العالم- في بلد الناس بحاجته وهم لا يعرفونه يتعرض لهم أو يعرض، إن اضطر إلى التصريح يصرح؛ لأن الأمور بمقاصدها، الأمور بمقاصدها، لكن إذا وجد من هو أولى منه بالتحديث أو من يكفيه أمر الحديث لا يحرص على هذا، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا زائدة عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لعلقمة: ألا تقعد في المسجد فيجمع إليك وتسأل ونجلس معك؛ فإنه يسأل من هو دونك؟ قال: فقال علقمة: "إني أكره أن يوطأ عقبي، يقال هذا علقمة هذا علقمة". يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا زائدة عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لعلقمة: ابن، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم النخعي.

ألا تقعد في المسجد فيجمع إليك: يعني يجتمع إليك الناس، فيأخذون عنك، وعادة السلف الفرار من الشهرة، واشتهار الأمر، واجتماع الجموع، والفئام، يكرهون هذا ويفرون منه، ولا يتعرضون ولا يعرضون أنفسهم، لكن إذا حصل، وقد حصل لكثير منهم من يحضر عنده الألوف، لكنهم يكرهون هذا أشد الكراهية؛ لأن هدفهم أن يستفاد من علمهم وينتشر علمهم من غير أن توطأ أعقابهم ويجتمع الناس إليهم، ويتبعونهم في المشي ويأتون وراءهم، هذا ليس بالمقصد، من كان هدفه هذا فلا شك أن في نيته شيء، من كان هدفه الكثرة، ومن غضب من القلة أو أثرت فيه الكثرة والقلة هذا في نفسه شيء؛ لأن بعض الناس إذا قيل له: لماذا ما تدرس؟ قاضي في بلد لا يوجد غيره مثلاً، لماذا لا تنفع وتنتفع، تنتفع أنت قبل الطلاب وتنفع الطلاب؟ يقول: والله يا أخي ما عندنا طلاب، جلسنا من أول ما جينا وجلس عشرة طلاب ما يسوون من يفتح لهم الكتاب، ثم بعد يوم جاء رمضان انقطعوا -انقطع خمسة- ويوم جاءت إجازة الحج ما جاء إلا اثنين!! يا أخي يكفيك واحد، واحد يكفيك يقرأ عليك، واحد يكفيك، الكثرة ما هي بعبرة، ((يأتي النبي وليس معه أحد، النبي ومعه الرجل والرجلان))، في أفضل من الأنبياء؟!! الأمر الثاني أن هذه مرحلة امتحان، الله -جل وعلا- يختبرك، يختبر ثباتك ويختبر صدقك، واحد الآن من كبار أهل العلم يحضره يعني درس الفجر يحضره ألف، وغيره أكثر وأكثر، أنا أدركت ما عاد حضر عنده إلا واحد، وها الواحد ما هو بسعودي بعد، المسألة امتحان امتحان، هذا ما حد لا الشيخ ولا الطالب كلهم يختبرون، يتعرضون لمرحلة امتحان، فإذا ثبت الإنسان وعرف الله منه الصدق يبشر. فهذا علقمة وهو من كبار علماء الأمة يقال له: ألا تقعد في المسجد فيجمع إليك وتسأل: نعم فيه من يكفيه، أهل العلم متوافرون، ونجلس معك فإنه يسأل من هو دونك؟ قال: فقال علقمة: "إني أكره أن يوطأ عقبي: لا يحبون الشهرة ولا الظهور، ولا كثرة الأتباع، ولا ليقال: الناس عند فلان انصرفت إليه وجوه الناس، هذا ما هو بهدف، يقال هذا علقمة هذا علقمة": راح علقمة جاء علقمة، ما يبون هذا، ما يبون هذا.

وواحد ينتسب إلى العلم قيل له: تخرج في القنوات المشبوهة؟ قال: وين من إذاعة القرآن ما يعرفني أحد، الآن أمراء ووزراء يتصلون عليَّ. هل هذا يدل على الصدق؟ هذا كلام واحد بالحرف، يعني هل هذا يتفق مع ما أثر عن سلف الأمة؟ الله المستعان، نعم. حدثنا جرير والضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أرى قال جرير: ((من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه)). يقول -رحمه الله تعالى- أبو خيثمة: حدثنا جرير بن عبد الحميد، والضرير هو محمد بن خازم، أبو معاوية الضرير يقول: عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما أُرى قال جرير: هذا من التحري، فيما أُرى قال جرير: ((من سلك طريقاً)): يعني عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، السند المذكور من النبي -عليه الصلاة والسلام-. ((من سلك يبتغي فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)): هذا سبق الحديث عليه -الكلام عنه- وهو في الصحيح مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. ((ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه)): يفترض أن هذا من الذرية الطاهرة من نسل محمد -عليه الصلاة والسلام- من نسل فاطمة، لكن عمله أقل، وهذا من نسل بلال وعمله أعظم، أيهما أفضل عند الله جل وعلا؟ لا شك أن الثاني أفضل. ((من أبطأ به عمله)): من تأخر به عمله، ((لم يسرع به نسبه)): فالنسب لا ينفع، {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ} [(101) سورة المؤمنون]، ما بتنفع الأنساب، نعم من آمن وعمل صالحاً وعرف بالفضل لا شك أن أولاده وذريته ينتفعون بهذا إذا كانوا على هديه وسننه، نعم، ودونه في المنزلة في الجنة يلحقون به، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} [(21) سورة الطور]، ما نقصناهم، نعم يستفيد من نسبه، لكن إذا كان عمله لا يوصله إلى أدنى مرتبة لم يصل، فمن أبطأ به عمله لن يستفيد من نسبه، نعم.

حدثنا أبو خيثمة زهير قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة قال: "أراد عمر أن يكتب السنة، ثم كتب في الناس: من كان عنده شيء من ذلك فليمحه". يقول: حدثنا أبو خيثمة زهير: أي بن حرب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة: ويحيى بن جعدة لم يدرك عمر، الخبر منقطع. أراد أن يكتب، قال: "أراد عمر أن يكتب السنة ثم كتب في الناس: من كان عنده شيء من ذلك فليمحه": جاء في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد: ((لا تكتبوا عني)) مرفوعاً، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب شيئاً غير القرآن فليمحه))، هذا في الصحيح - صحيح مسلم- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان هذا في أول الأمر؛ خشية أن يكتب مع القرآن شيء في صحيفة واحدة فيلتبس الأمر على الناس، وخشية أن يعتمد الناس على المكتوب فيضيع الحفظ، ولا علم إلا بالحفظ، ولا شك أن من يعتمد على الكتابة تضعف عنده الحافظة. فنهي الناس أول الأمر عن ذلك؛ ليعتمدوا على الحفظ، ثم بعد ذلك أذن بالكتابة، وجاء الأمر بها في بعض النصوص: ((اكتبوا لأبي شاه))، وحصل الخلاف في الصدر الأول في كتابة الحديث، ثم بعد ذلكم أجمعوا على مشروعية الكتابة وارتفع الخلاف. والكتابة والتدوين أمر مشروع، بل جعله بعضهم من الواجبات؛ لأنه لا يتم الواجب إلا به، لا يتم الواجب الذي هو حفظ السنة وحفظ الدين إلا به، فهو واجب، فالكتابة حفظت لنا الدين.

وهنا يقول: أراد أن يكتب: في الناس، يكتب السنة، ثم من كان عنده شيء من ذلك فليمحه: أولاً: الخبر صحيح بالنسبة للمرفوع من حديث أبي سعيد، لكنه منسوخ؛ جاء الأمر بالكتابة، والهدف منه والقصد ألا يلتبس الحديث بالقرآن -لا يلتبس غير القرآن به- ولا يعتمد الناس على الكتابة في أول الأمر، وهذا أمر معروف مجرب ومشاهد، كان الناس يحفظون، ثم بعد ذلك كتبوا فضعف الحفظ وضبطوا بالكتابة، لكن الآن تركوا الكتابة، مع ذلك تركوا الكتابة، اعتمدوا على الآلات فضعف التحصيل جداً، الآن تجد الإنسان لا يحفظ رقم والده، تلفون والده ما يحفظه، لماذا؟ لأنه خزنه في جواله، يضغط رقم وخلاص يطلع رقم أبوه، لماذا؟ اعتمد على هذه الآلة، قبل يحفظون، الإنسان يحفظ اللي يحتاجه بيحفظه، لكن إذا سجله ما هو بحافظه، إذا خزنه بالجوال يفتح الله ما في شيء، يسأل الإنسان عن رقم أبيه أو عن رقم أمه يقول: والله ما أدري، لكن سهل عندنا قريب. كل شيء له أثر على التحصيل، كل شيء له أثر على الحافظة، لو الناس يحفظون من أول ما يسمعون؛ لأنهم يهتمون بالحفظ ما في بديل، ثم انتشرت الكتابة، اعتمد الناس على الكتابة ضعف الحفظ، ضعف الحفظ؛ لأنه خلاص ما دام مدون ليش تكلف نفسك الحفظ، والكتابة لا شك أنها حفظت العلم، وحفظت لنا الدين، ومن عانى الكتابة استفاد فائدة عظيمة، لكن الكلام على الذي يعتمد على كتابة غيره.

ثم بعد ذلك جاءت المطابع، صارت تزف بألوف الكتب، الكتاب بعشرة مجلدات، كان الإنسان إذا أراد كتاب يستعيره من زميله من شيخه من كذا، يجلس له يومين ثلاثة مثل هذا ينسخه وخلاص ينتهي، لكن إذا انتهى من النسخ أفضل من قراءة الكتاب عشر مرات، نعم، لو ما يعرف يكتب ولا في كتابة ولا أذن بالكتابة يبي يمسكه ويحفظه، هذا أفضل، لكن الآن الكتابة انتهت، اعتمد الناس على المطابع، يجيب الكتاب عشرة مجلدات عشرين مجلداً، آخر عهده إذا ر صه في الدالوب، في درج الكتب، المطابع أثرت في التحصيل بلا شك، يعني هي نعمة من نعم الله وفرت الكتب، والإنسان الجاد يدرك، لكن الكثير من الطلاب إذا ضمن الكتاب وأقفل عليه الدالوب قال: خلاص، هذا غاية جهدي، فأثر هذا، ويسر تحصيل الكتب، وكثرة الكتب لا شك أنها مع أنها نعمة لكنها مشغلة عن التحصيل، مشغلة عن التحصيل، ثم بعد ذلك ظهرت هذه الآلات -الإنترنت وغيره والكمبيوتر وما أدري إيش- صار الإنسان لا يكلف نفسه شيء، إذا أراد مسألة ضغط زر طلعت عنده المسألة بمصادرها بالجزء والصفحة، لكن أيش الحصيلة وأيش النتيجة؟ النتيجة أنه يطلع عليه وهو جالس مثل ما يمر على لوحات المحلات وهو بسيارته، كم يبي يحفظ من لوحة؟ نعم، ما يحفظ شيء، لكن لو كان بالمراجعة، أراد المسألة وراجع الكتب كم يستفيد من فائدة قبل أن يصل إلى مسألته؟ يستفيد عشرات المسائل كثير منها أهم من مسألته التي يبحث عنها، ابن حبان لما ألف الأنواع والتقاسيم على طريقة مذهلة معجزة ما تستطيع أن تصل إلى الحديث، أيش قصده؟ قصده على شان ما تجي تقول: والله كتاب الصلاة في أول الكتاب تطلعه وتفتش لك صفحتين قبل وإلا بعد وتجده، لا، تقرأ الكتاب من أوله إلى آخره، على شان تشوف حديث. . . . . . . . .، وكم بتستفيد من فائدة بهذه الطريقة، قد يقول قائل: العمر ما يسعف يا أخي، نبي حديث ونضيع يوم؟ قال: ضيع سنة مش يوم، يعني هو كثير يوم على حديث تمر بعشرات الأحاديث؟

مو سافر جابر بن عبد الله شهراً من أجل حديث على الراحلة، وأنت الآن في بيتك عندك الكتب مطبوعة بأفخر طباعة ما عندك استعداد تفتح كتاباً تستفيد، تقول: يسر الله هذا الكمبيوتر يجب لنا كل شيء، لكن لا شك أن أثره بالغ على التحصيل، ولذا النهي عن الكتابة في أول الأمر ليس عبثاً، وحرص العلماء على حفظ الصدر حتى منع بعضهم من حفظ الكتاب، وجعله ليس بحفظ، ولا يعتمد على الكتاب، نعم. هذه أسئلة وردت إلينا من ليبيا عن طريق الإنترنت: يقول السائل بعد السلام يقول: سلام عليكم فضيلة الشيخ: مر علي بعض الأحاديث ولم أجد لها شرحاً، أرجو من فضيلتكم توضيحها لي، منها: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحداً أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله، وصغر ما عظم الله، وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه -هكذا شكلت- أو يغضب فيمن يغضب، أو يحتد فيمن يحتد، ولكن يعفو ويصفح بفضل القرآن)) [رواه الطبري]. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: هذه أسئلة جاءت من خارج المملكة، وكلها في الغالب عن القرآن، ((من قرأ القرآن ... ))، هذا يذكر في فضائل القرآن مستفيض عند أهل العلم، ((من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه)) ومعناه صحيح، ومعناه صحيح؛ لأن القرآن نزل على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو كتاب الإسلام الأول، ودستوره الخالد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ((كأنما استدرجت النبوة بين جنبيه)): يعني أصول الدين كلها موجودة في القرآن {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(38) سورة الأنعام]، وما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- إنما هو مبين للقرآن وموضح للقرآن، وشارح للقرآن، إلا أنه لا يحال إليه؛ لأن الوحي انقطع بوفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

((ومن قرأ القرآن فرأى أن أحداً أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله)): لأنه إذا أعطي القرآن، ولا شيء أعظم من القرآن، وهو كلام الله، وفضله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، ولا شك أن ما دون القرآن يصغر بالنسبة للقرآن، وإذا استثنينا ما يبين القرآن ويشرح القرآن من كلام المعصوم -عليه الصلاة والسلام- فبقية كلامك لا شيء بالنسبة لكلام الله -جل وعلا-. من أعطي الدنيا بحذافيرها والدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، قد صغرها الله، وصغرها نبيه -عليه الصلاة والسلام- وصار أمرها كذلك. . . . . . . . . كما شرح عند العقلاء، عند العقلاء، ((وركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها))، الدنيا كلها لا تزن عند الله جناح بعوضة، فمن رأى أن من أعطي الملايين بل أعطي المليارات بل من جاءته الدنيا بحذافيرها أفضل ممن أعطي القرآن، فلا شك أن هذا عظم ما صغر الله، عظم الدنيا وقد صغرها الله، وصغر ما عظم الله -وهو كتابه- وكتابه ما يشرح كتابه هذا عظمه الله -جل وعلا-، فإذا فضل غيره عليه فقد صغر ما عظمه الله، فالمعنى صحيح، وهو مشهور ومتداول عند أهل العلم، لكن درجته بدقة الآن ما تحضرني، يذكر في فضائل القرآن. يقول: ((وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه)): لا شك أن حامل القرآن ينبغي أن يعرف بالقرآن، يعرف بخشوعه يعرف بتواضعه، يعرف بإخباته، يعرف بصيامه النوافل، يعرف بقيام الليل، يعرف بالتلاوة، يعرف بما حمل من قرآن، لا شك أن القرآن من تأدب بآدابه، وأتمر بأوامره، وازدجر عن نواهيه، مثل هذا لا بد أن يكون متميزاً عن غيره. ((وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه)): مع الناس: يعني إذا لغط الناس واستغلوا بالكلام المباح وغير المباح فصاحب القرآن ينبغي أن يعنى بما يحمله من كتاب الله -جل وعلا-. ((أو يغضب فيمن يغضب، أو يحتد فيمن يحتد)): أما الغضب بالنسبة لما يفوت من أمور الدنيا، أو على أمور الدنيا ومشاكلها، فقد جاء النهي عنه، النبي -عليه الصلاة والسلام- كرر لمن قال له: أوصني، قال: ((لا تغضب))، ولا شك أن الغضب آفة آفة، إلا أن تنتهك محارم الله، فالغيرة لله ولرسوله ولدينه هذا أمر مطلوب في الشرع.

((أو يحتد فيمن يحتد ولكن يعفو ويصفح بفضل القرآن)): لأنه ينبغي أن يجعل ما أمامه نصب عينيه، وإن كان همه الآخرة ما غضب من أجل الدنيا، ولا سفه مع من يسفه في أمور الدنيا، ولا خاض مع من يخوض في أمور الدنيا. وهذا الحديث مخرج في السنن، وعند ابن حبان والحاكم يقول: عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: أتى رجل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: أقرئني يا رسول الله؟ فانتهى إلى قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [(7 - 8) سورة الزلزلة]، فقال: يكفيني وانصرف، وانصرف الرجل فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أنصرف الرجل وهو فقيه)). هذه الآية فيها الحديث الصحيح، لما تكلم النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الخيل وأنها لثلاثة رجال سئل عن الحمر فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((لم ينزل علي فيها شيء إلا ما كان من قوله: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [(7 - 8) سورة الزلزلة]. يعني هذه آية عامة شاملة لكل خير ومن كل شر، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. يقول: عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل مؤدِب يحب أن تؤتى مأدبته)): المؤدبة الوليمة، كل صاحب وليمة يحب أن تؤتى مأدبته وأن يؤكل منها. ((ومأدبة الله القران)): ومأدبته يعني وليمته ونزله وإكرامه لخلقه هذا الكتاب، فهو يحب أن تؤتى هذه المأدبة وهذا القرآن. ((فلا تهجروه)): نعم؛ لأن من هجر بمنزلة من لم يأكل من هذه المأدبة. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن لله أهلين))، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته)). هذا معروف مخرج عند الدارمي في المسند وابن ماجه بإسناد حسن، عند الدارمي إسناده جيد، لا بأس به. ((هم أهل الله وخاصته)): فأهل العناية بكتاب الله -جل وعلا- هم أهل الله وخاصته.

ويقرر ابن القيم -رحمه الله تعالى- أن أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته هم أهل العناية به، هم أهل العناية به والاهتمام بقراءته وتدبره وترتيله والعمل به، يقول: هم أهل القرآن وإن لم يحفظوه، على أنه جاء في الحفظ على وجه الخصوص ما جاء من نصوص تحث عليه، لكن لا ييأس من لم يستطع حفظ القرآن، تكن له عناية بالقرآن، وورد يومي من القرآن، يعنى بكتاب الله -جل وعلا-، ينظر في عهد ربه، بحيث لا تغيب شمس يوم إلا وقد قرأ حزبه من القرآن، والمسألة تحتاج إلى همة، تحتاج إلى عزيمة، والتسويف لا يأتي بخير، وإذا فات ورد النهار قرأناه في الليل، فات ورد الليل نضاعف حزب الغد، ما ينفع هذا. أناس نعرفهم إذا جاء وقت الورد -وقت الحزب- وهو في سفر في طريق في البراري والقفار يلبق السيارة يقرأ حزبه ويواصل إذا لم يحفظ، هنا لا يضيع الحفظ بهذه الطريقة. من حدد لنفسه ورداً وحزباً يومياً بحيث لا يفرط فيه مثل هذا يفلح، ولا يفرط في نصيبه من القرآن، وتلاوة القرآن لا تكلف شيئاً ترى، لا تكلف شيئاً، يعني بالتجربة من جلس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس قرأ القرآن في سبع، يعني في كل جمعة يختم القرآن، ما تكلف شيئاً، المسألة تحتاج إلى ساعة، لكن مع ذلكم تحتاج إلى همة تحتاج إلى همة، أما من يقول: إذا جاء الصيف والله الآن الليل قصير، فإذا طال الليل أجلس بعد صلاة الصبح -إن شاء الله- وإذا جاء الشتاء قال: والله براد إذا دفينا شوية جلسنا، الفجر برد في الشتاء معروف، لكن إذا قال مثل هذا لن يصنع شيئاً.

ومعروف أن أناس ما ينامون بالليل ويجلسون بعد صلاة الصبح؛ لأنهم اعتادوا هذا ووطنوا أنفسهم على هذا، وجعل هذا جزء من حياته كغداه وعشاه، كأكله وشربه، ما يفرط في هذا وإذا جلس إلى أن تنتشر الشمس يقرأ السبع بدون أي مشقة -سبع القرآن- فتكون هذه القراءة بتعهد القرآن والنظر في عهد الله -جل وعلا- في هذا الكتاب، وأيضاً من أجل اغتنام الأجر المرتب على الحروف أقل الأحوال، ويكون له ساعة أيضاً من يومه قراءة تدبر يقرأ فيها ولو يسيراً، يراجع عليه ما يشكل من التفاسير الموثوقة، وبهذا يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، لكن المشكل التسويف، هذا الإشكال، والله إذا دفينا إذا بردنا ما ينفع يا أخي، ينتهي العمر وأنت ما دفيت، أو الآن والله انشغلنا جاءنا ما يشغلنا نجعل نصيب النهار إلى الليل، ثم جاء الليل والله جاءنا ضيف، جاءنا كذا، والله الإخوان مجتمعين بالاستراحة، وإلا ... ، ما يجدي هذا، هذا ما يمشي، فإذا اقتطع الإنسان من وقته جزءاً لا يفرط فيه مهما بلغت المساومة، مهما بلغت المغريات حينئذ يستطيع أن يقرأ القرآن بالراحة في كل سبع، وقد جاء الأمر بذلك في حديث عبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد))، نعم لا يزيد على سبع؛ لأنه مطالب بواجبات أخرى لكن الذي عنده من الفراغ أكثر وارتباطاته العامة أقل مثل هذا لو قرأ القرآن في ثلاث ما كلفه شيئاً، يزيد ساعة من بعد صلاة العصر يقرأ القرآن في ثلاث، والدنيا ملحوق عليها ترى ما فاته شيء، والرزق المقسوم با يجي، وليت الناس ما ينشغلون إلا بما ينفعهم؛ لأن من اليسير أن يجلس الإنسان بعد صلاة العشاء يسولف إلى أذان الفجر، سهل مع الإخوان ومع الأقران، ومع الأحباب، يمشي سهل، لكن تقول له: اجلس، وهو ما تعود يقرأ ما يستطيع، والمسألة تحتاج إلى أن الإنسان يري الله -جل وعلا- منه شيئاً في حال الرخاء، ويتعرف عليه في حال الرخاء بحيث إذا أصابه شدة أو مأزق أو جاءه ضائقة أو شيء يعرفه الله -جل وعلا- ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة))، ثم جربت كثيراً من الإخوان ومن الأخيار ومن طلاب العلم يهجرون بلدانهم وأهليهم إلى الأماكن المقدسة في الأوقات الفاضلة من أجل أن يتفرغ

للعبادة، ثم إذا فتح المصحف. . . . . . . . . مع الجهاد يقرأ جزء بين صلاة العصر وهو جالس ما طلع من المسجد الحرام إلى أذان المغرب يا الله يقرأ جزء، يقرأ ويتلفت ويناظر، عسى الله يجيب أحد، إن جاء أحد وإلا هو قام يدور؛ لأنه ما تعود، ما تعود صعب، وهو بالراحة بعض الناس ما يغير جلسته يقرأ عشرة وهو مرتاح؛ لأنه تعود، فالمسألة مسألة تعود. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال: "إن كان الرجل يكتب إلى بن عباس -رضي الله عنهما- يسأله عن الأمر فيقول للرجل الذي جاء بالكتاب: أخبر صاحبك بأن الأمر كذا وكذا، فإنا لا نكتب في الصحف إلا الرسائل والقرآن". الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال: "إن كان الرجل: طاووس بن كيسان اليماني التابعي الجليل المعروف. قال: إن كان الرجل يكتب إلى بن عباس يسأله عن الأمر: فتوى، يريد أن يحرر له فتوى مكتوبة، وهذا يكتب في باب تقييد العلم، يسأله عن الأمر فيقول للرجل الذي جاء بالكتاب: أخبر صاحبك بأن الأمر كذا: الجواب كذا، يجوز أو لا يجوز، أخبر صاحبك بأن الأمر كذا وكذا، فإنا لا نكتب في الصحف إلا الرسائل: يعني ما يكتبه النبي -عليه الصلاة والسلام- ويبعث به إلى عماله وإلى ملوك الأرض وأقطارها، ما يكتب إلا ما يؤثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.، والقرآن: أما ما عدى ذلك فلا يكتب، وهذه المسألة مسألة تدريجية، تدرج تاريخي في هذا العلم، جاء النهي عن الكتابة لغير القرآن، ثم جاء الإذن بكتابة الحديث، ثم تتابع الناس على الكتابة -كتابة الحديث- ثم بعد ذلك كتبت الآثار من أقاويل الصحابة والتابعين، ثم دونت أقوال الناس كلهم، المسألة تدريجية، يعني في أول الأمر يخشى من الاختلاط -اختلاط الأمر بغيره- أول الأمر يخشى من اختلاط السنة بالقرآن، ثم بعد ذلك يخشى من اختلاط أقوال الصحابة بكلام النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم بعد ذلكم يخشى اختلاط الآراء بالآثار، ثم لما أمن اللبس انتهت المشكلة وارتفع السبب الذي من أجله امتنعوا من الكتابة، فصاروا يكتبون كل شيء، هذه مسألة تدريجية، نعم، والله المستعان، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (3)

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (3) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا ابن فضيل عن ابن شبرمة عن الشعبي قال: "ما كتبت سوداء في بيضاء ولا سمعت من رجل حديثاً فأردت أن يعيده عليَّ". نعم، هذا الشعبي عامر بن شراحيل المعروف بالحفظ والضبط والإتقان، نقل عنه المؤلف أنه ما كتب سوداء على بيضاء، وذكر عنه في كتب التواريخ والأدب أنه إذا دخل الأسواق وضع أصبعيه في أذنيه؛ يسجل، أي شيء يمر ما يفوت شيء، ما يفوت شيء، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} [(4) سورة الجمعة]، وما كتب سوداء في بيضاء، الناس تعرفون الآن حتى فيما بين الإخوان والأقران والشيوخ والتلاميذ وغيرهم، هذه هبة من الله -جل وعلا- يتفاوتون، اثنان من الأقران يقرءان كتاب واحد في مدة واحدة، مجلد في أسبوع، تسأل هذا ماذا أدرك من هذا الكتاب، تجد مثلاً هذا أدرك عشرة بالمائة، وهذا لا يذكر شيئاً البتة، وهذا أدرك سبعين ثمانين بالمائة، وبعض الناس يحفظ من أول مرة فيكون مسحه مسحاً ضوئياً في آن واحد كله مسح، انتهى، الشعبي ما كتب سوداء على بيضاء، لكن مع أن الحفظ ملكة غريزة ثابتة قوتها وضعفها في البداية من الله -جل وعلا- نعم، ثم بعد ذلك يكون القدر الزائد على ذلك مكتسب كغيرها من الغرائز، فهناك من الغرائز ما هو جبلي، ومنها ما هو مكتسب، يزيد مع التمرين والتدريج، والأساس والمدار على النية الخالصة الصالحة مع التقوى، {وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} [(282) سورة البقرة]. يقول الشافعي -رحمه الله-: شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي وقال اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتاه عاص

قد يقول قائل: إننا نشاهد بعض العصاة يحفظون كثيراً، عندهم حوافظ قوية جداً، وبعض الأخيار الصالحين. . . . . . . . . يدخل مع هذا يطلع مع هذا ما يثبت شيء، نقول: نعم، هذه أمور مقدرة من الله -جل وعلا-، والله -جل وعلا- هو المعطي، ما هي المسألة أخذاً باليد، لكن الإنسان يبذل السبب، فعليه بذل السبب لا أكثر ولا أقل، ويغتنم وقت الفراغ، وراحة البال، وعدم المشاغل، وقبل السيادة، يغتنم هذه في الحفظ والفهم وتعلم العلم بجميع فنونه، وما يحتاج إليه طالب العلم، أما إذا انشغل بالأسرة، وانشغل بالمعيشة، وانشغل ببناء البيت وتأمين السيارة، وتربية الأولاد، والروابط والعلاقات الاجتماعية، لا شك أن هذا له أثر كبير على الحفظ بل وعلى الفهم، وإن كان الماوردي يقرر أن الحافظة ما تزيد ولا تنقص عند الكبير والصغير سواء، يعني إنسان عمره عشر سنوات خمسة عشر سنة، عشرين، ثلاثين، خمسين، سبعين، واحد، وهذا خلاف ما عليه عامة أهل العلم.

هو يقول: الغريزة واحدة، لكن المؤثرات، الموانع، الأسباب تختلف من وقت إلى وقت، لكن هذا الواقع يرده، الواقع يرده؛ لأن الإنسان يجد من نفسه أحياناً الظروف واحدة، اليوم هذا وغداً أو بعد سنة أو سنتين يجد الإنسان في أول الأمر سهلاً أن يحفظ ورقة في مجلس يحفظ ورقة، لكن قد يصعب عليه فيما بعد حفظ آية، لا سيما إذا ترك الحفظ مدة طويلة ثم عاد إليه هذا يصعب عليه، يحتاج من جديد يبدأ، يبدأ من جديد، والإنسان -مما يرد كلام الماوردي- أن الإنسان يذكر ما حفظه في الصغر، يذكر ما حفظه في الصغر، لكن بعد ذلك، بعد مدة خمس عشر سنوات وإن حفظ وأتقن في وقت إلا أنه إن لم يتابع المراجعة والمذاكرة يفوته، يتلفت، الآن الذين درسوا في العلم الشرعي في المعاهد العلمية، والكليات الشرعية، ثم بعد ذلك جاءت ما بعد ذلك من المراحل، يذكر ما قرأه وحفظه في المعهد أكثر مما حفظه في الجامعة، وإن كان هذا أقرب عهد، هذا يتفق عليه هذا، يتفق عليه، وأنا أعرف كثيراً من طلاب العلم والعلماء من هو عأيش الآن على ما درسه في المعهد، نعم العلم ينمو، التصور يكون أوضح، لكن مع ذلكم العبارة وحفظها يذكر ما حفظه في الصبا أكثر مما حفظه في الكبر، والحفظ في الصغر كالنقيش في الحجر كما يقرر أهل العلم، وفي الكبر كالخط على الماء أو على التراب، يذهب بسرعة، يذهب بسرعة، والله المستعان. يقول: ولا سمعت من رجل حديثاً فأردت أن يعيده عليَّ": فأردت أن يعيده عليَّ، ما يعيد مرة مرتين عشر عشرين، وتراجع الكتاب تحفظ قبل الحضور، وتنتبه وقت الحضور، وتذاكر بعد الانصراف، وتراجع من الغد و ... ، تثبت، عسى العلم يبقى، لكن فضل الله يعطيه من يشاء، فعلى الإنسان أن يحرص ويبذل الأسباب لحفظ العلم وتثبيته، ولا ييأس إذا كانت حافظته ضعيفة، لا ييأس؛ لأن الأجر مرتب على سلوك الطريق، على ما تقدم، ابذل السبب وأنت مأجور على بذل السبب والنتائج بيد الله -جل وعلا-، وكم من شخص برز في حفظه وفي فهمه ثم في النهاية لا شيء، ودونه بمراحل بعض الناس من صار ممن يذكر، ممن يذكر على مستوى الأمة وهو من دون الأول، لكن هذا تابع، وذاك ضيع، نعم. طالب: أحسن الله إليكم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(74) سورة الفرقان] قال: "نأتم بهم ونقتدي بهم حتى يقتدي بنا من بعدنا". نعم هذا من تفسير مجاهد في قول الله -جل وعلا-: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(74) سورة الفرقان]، يعني يقتدى بهم في الخير، بعد أن يقتدوا بمن قبلهم، هم يقتدون بمن قبلهم، ويقتدي بهم من بعدهم ليسنوا السنن الحسنة بالقول والفعل، ويكونوا قدوات يقتدى بهم، ومن دل على هدى كان له مثل أجر فاعله، من دل على هدى كان له من الأجر مثل أجر فاعله، والدلالة كما تكون بالقول تكون بالفعل، والتأثير بالفعل أكثر من التأثير بالقول، كثير من الناس يقتدي بهدي الإنسان وسمته وطريقته وتعامله وعبادته، أكثر مما يقتدي بأقواله؛ لأن المعول على العمل، المعول على العمل، والعمل لا يتصور فيه الكذب بخلاف الكلام، قد يقول كلاماً وهو من أبعد الناس عنه، يوجه الناس وينصح الناس ويعظ الناس وهو بعيد كل البعد عنه، مثل هذا لا يؤثر ولا يفيد بخلاف العمل، القدوة الصالحة الحسنة هي المؤثرة، ومن أمر الناس ونهاهم ولم يفعل هذا لا يكاد يكون له من الأثر شيئاً، ولذا في حجة الوداع لما حذر النبي -عليه الصلاة والسلام- بل حرم الدماء والأموال والأعراض، قال: ((أول دم يهدر دم .. أيش؟ ربيعة)) ابن عمه، قدوة، ((وأول ربا يوضع ربا العباس)) ما تقول لي: والله أمنع الناس من الربا، وأنت الله أعلم بمعاملاتك، لا، كن قدوة للناس، والأب الذي ينهى أبنائه عن التدخين وهو يدخن ما له أثر، أو ينهاهم عن الإسبال أو غيره من المحرمات وهو يفعلها ويزاولها ما له أثر، لكن إذا أردت أن تطاع بادر، والأثر بالفعل أكثر من الأثر بالقول، ولذا لما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحابة في الحديبية أن يحلقوا ترددوا، ترددوا لكن لما حلق كادوا أن يقتتلوا على الحلق، فعلى الإنسان أن يكون قدوة يقتدى به في أفعاله قبل أقواله، والله المستعان، نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن رجل عن ليث عن مجاهد {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ} [(31) سورة مريم] قال: "معلماً للخير".

نعم وهذا أيضاً من تفسير مجاهد في قول الله -جل وعلا-: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ} [(31) سورة مريم] قال: "معلماً للخير". في أي مكان يحل فيه يعلم الناس الخير، وإذا علم الناس الخير فالبركة تتبع، البركة من نتاجها الخير، فإذا علم الناس الخير في أي مكان يحل فيه -أينما كان- إذا علم الناس في أي مكان يصل إليه، صار مباركاً أينما كان، وأينما حل، والله المستعان، نعم. حدثنا أبو خثيمة قال: حدثنا جرير عن مغيرة قال: قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحداً أعلم منك؟ قال: "نعم عكرمة"، فلما قتل سعيد بن جبير قال إبراهيم: ما خلف بعده مثله قال: وقال الشعبي لما بلغه موت إبراهيم: أهلك الرجل قال: فقيل له: نعم قال: لو قلت: أنعي العلم ما خلف بعده مثله، والعجب أنه يفضل ابن جبير على نفسه، وسأخبركم عن ذلك، إنه نشأ في أهل بيت فقه فأخذ فقههم، ثم جالسنا فأخذ صفوة حديثنا إلى فقه أهل بيته فمن كان مثله". نعم على حامل العلم وطالب العلم أن يتواضع، ويعرف قدر نفسه، ويعرف لغيره أقدارهم، ويحط من قدره ويرفع الآخرين، هذه طريقة السلف، فهنا سعيد بن كبير يقول: إن عكرمة أعلم منه، ثم إبراهيم يقول: قال إبراهيم: ما خلف بعده مثله.

لما قتل سعيد بن جبير قال إبراهيم: ما خلف بعده مثله قال: وقال الشعبي لما بلغه موت إبراهيم النخعي: أهلك الرجل: يعني مات، ودلالتها اللغوية والعرفية على هذا، دلالتها اللغوية والشرعية على هذا؛ {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا} [(34) سورة غافر]، هلك، لكن الاستعمال العرفي، الاستعمال العرفي عند أهل العلم إنما يستعملون هلك فيمن لا تحمد سيرته، وجاءت -جاء إطلاقها- في القرآن في حق نبي من الأنبياء، وفي الفرائض هلك هالك، ولو كان من خير الناس، لكن استعمالها العرفي عند أهل العلم في التواريخ والسير الغالب أنهم إذا قالوا: "هلك" في حق من لا ترضى سيرته، وهنا يقول على الاستعمال اللغوي والشرعي: أهلك الرجل، يعني مثلما نقول: هلك جهم، هلك الجهم سنة كذا، هنا يقول: أهلك الرجل: وهو من خيار الناس، قال: فقيل له: نعم قال: لو قلت: أنعي العلم، العلم خلاص انتهى، مات العلم، ما خلف بعده مثله والعجب أنه يفضل ابن جبير على نفسه: هذه عادة، ما في أحد من أهل الفضل يعرف قدر نفسه مهما بلغ من العلم والرسوخ فيه أن يقول: هو أعلم من فلان، أو .. ، ما يحتاج إلى هذا، ولا هو بالإنسان الذي يبرز نفسه، أبداً، بل العكس إذا حاول إبراز نفسه سقط. وقد حضرت مجلساً جاء فيه شيخ من العلماء من كبار علماء المغرب، لكن الذكاء والعلم وحده لا يكفي لا بد أن يعطى الإنسان الزكاء، يعرف به واحد من الكبار أيضاً هذا الشيخ الفلان العلامة الفاعل التارك المحدث، الكبير، ولا يضاهيه في علم الحديث إلا فلان، قال: يا شيخ فلان ما يعرف الحديث، أيش يعني هذا؟!! فلان لا يعرف الحديث، وقد ألف في الحديث وعلومه أربعين كتاباً، قال: يا شيخ سبعين، هل هذه طريقة السلف؟!

الآن يشم بل يصرح أحياناً في بعض المجالس؛ لأن هذا الداء دب إلينا بعد أن كنا لا نعرف هذه الأمور دب إلينا، ومن يلاحظ بعض المجالس العلمية الرسمية في المناقشات والرسائل وغيره يشم بعض هذا، يعني هل معنى هذا أنك ما تطلع إلا على أكتاف غيرك؟ يعني بحيث يستشير برأيك فلان وفلان،. . . . . . . . . يا أخي أنصف الناس، الإنصاف مطلوب، أنصف فالإنصاف مطلوب لا بد منه، لك عليه ملاحظات ناصحه وناقشه، ويبقى أنك تتفق معه في جل أبواب الدين، يعني ما بينكم خلاف إلا في شيء يسير، أما تهضم قدره أو تسبه وتغتابه وتبلغ عنه في أمور هو بعيد كل البعد عنها من أجل أيش؟ لأن بعض الناس إذا استشير عن فلان علان هضم قدره؛ لأنه يتصور أنه ما .. ، أنهم في كفة، لا بد ليطلع هذا لا بد ينزل هذا، لا، ليس بصحيح، والله -جل وعلا- هو الذي بيده قلوب العباد، إذا رأى منك الإخلاص والصدق والإنصاف رفعك، والله المستعان. هنا يقول: يفضل ابن جبير على نفسه: نعم يفضله، هذه عادتهم، وكثير من أهل العلم يقال في ترجمت: إنه ما رأى مثل نفسه، أيش معنى هذا الكلام؟ ما رأى مثل نفسه، يعني أنه فاق شيوخه، فاق شيوخه في العلم، لا أنه يترفع عليهم، لا، أو يدعي ذلك، يعني أنه فاق شيوخه في العلم، لكن لو سئل عن تلاميذه ما فضل نفسه عليهم فضلاً عن شيوخه، والتواضع هو الذي يرفع الإنسان في الدنيا والآخرة، تواضع تكن كالنجم لاح لناظر ... على صفحات الماء وهو رفيع ولا تك كالدخان يعلو بنفسه ... إلى طبقات الجو وهو وضيع فالتواضع هو الذي يرفع الإنسان. وسأخبركم عن ذلك، إنه نشأ في أهل بيت فقه: النخعيون كلهم أهل فقه وأهل علم، فأخذ فقههم: فأخذ فقههم المأخوذ المتلقى عن ابن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه-. فأخذ فقههم ثم جالسنا فأخذ صفوة حديثنا: يعني ضم إلى فقه قومه حديثنا، إلى فقه أهل بيته فمن كان مثله": بهذا تكون ينبغي أن تكون عناية طالب العلم مقرونة بين الحديث والتفقه فيه، بين الحديث والتفقه فيه، والله المستعان، نعم. طالب: أحسن الله إليكم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا أيوب الطائي قال: سمعت الشعبي يقول: "ما رأيت أحداً من الناس أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق". يقول الشعبي عامر بن شراحيل السابق ذكره: "ما رأيت أحداً من الناس أطلب للعلم في أفق من الآفاق: يعني في بلد من البلدان ولا في قطر من الأقطار. من مسروق": مسروق بن الأجدع من سادات الأمة ومن علمائها العاملين، من العُبَّاد المعروفين، العلم لا يأتي بالدعاوى ولا بالتمني، إنما يأتي بتوفيق الله -جل وعلا- ثم بذلك الأسباب، فلا يوجد أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق، وبهذا يحصل العلم ويدرك العلم، ولا يستطاع العلم براحة الجسم أبداً، الذي يسترخي ويبي العلم يجيه ما يمكن، حتى أخذ العلم من الوسائل الميسرة السهلة قد لا يتسنى أبداً، قد لا يتسنى لطالب العلم أن يأخذ علمه المؤصل المضبوط المتقن من الأشرطة أو من الإنترنت أو من غيرها، لا بد من الحضور، مذاكرة الأقران، مزاحمة الشيوخ، لا بد من التعب، من السهر، فالعلم لا يستطاع براحة الجسم، وهكذا كان مسروق لا يوجد أطلب للعلم في أفق من الآفاق منه، اجتهد تجد، من جد وجد، والله المستعان نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا سيار عن جرير بن حيان أن رجلاً رحل إلى مصر في هذا الحديث فلم يحل رحله حتى رجع إلى بيته: ((من ستر على أخيه في الدنيا ستر الله عليه في الآخرة)). نعم الرحلة في طلب الحديث معروفة من عهد الصحابة حيث رحلوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ورحل بعضهم إلى بعض الشهر الكامل؛ من أجل حديث واحد، ولا تظنون أن الوسائل مثل الوسائل الموجودة الآن، ولا تظنون أن أمور المعيشة متيسرة كما هي موجودة الآن، يكابدون الشدائد من أجل تحصيل حديث واحد، لكن هل تظن أن هذا الشخص الذي رحل شهراً من أجل حديث بينسى هذا الحديث؟ لا يمكن، ورحلته عبادة، ومشقته حسنات، والأجر على قدر النصب يقال في مثل هذا؛ لأنه تابع للعبادة، فرحل عقبة بن عامر إلى مسلمة بن مخلد أمير مصر من أجل ((من ستر على أخيه في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة)) وهو جزء من حديث مخرج في الصحيح.

فالستر هو الأصل، ينبغي على من اطلع على هفوة أو زلة من أخيه ألا ينشرها، بل يستر عليه، وهذا الأصل في المسلم أنه يستر على أخيه، لكن هذا ليس على إطلاقه، فالإمام مالك وغيره يقررون أن أهل السوابق والمعاصي المتكررة مثل هؤلاء لا يستر عليهم؛ لأن الستر عليهم -أهل السوابق وأهل المعاصي، وأهل المنكرات الذين لا يرعوون، ولا يراعون ديناً ولا غيره، ولا يستحييون من الله ولا من خلقه- مثل هؤلاء ينبغي ألا يستر عليهم؛ لأن المناداة بالستر المطلق هذه توطئة للإباحية، وتعطيل لحدود الله -جل وعلا-، فالذي تكرر منه المنكر ولا يزدجر ولا يرعوي مثل هذا يبلغ عنه، ولا يجوز الستر عليه، لكن من حصلت منه هفوة وزلة وندم على ذلك يستر عليه، نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان عن بن جريج قال: "أملى علي نافع". نعم الإملاء طريق من طرق التحمل بل يقرر أهل العلم أنه أقوى طرق التحمل؛ لأنه فرع من الطريق الأول الذي هو السماع من لفظ الشيخ، والعلماء يجمعون على أن السماع من لفظ الشيخ من طرق التحمل المعتبرة، بل التلقي بها صحيح إجماعاً، وهي أقوى الطرق، يليها القراءة على الشيخ، وقال بعضهم: هما سواء، ومنهم من فضل القراءة على الشيخ على السماع لكنهم قلة، قول شاذ هذا، فأقوى طرق التحمل السماع من لفظ الشيخ، وأقوى أنواع السماع الإملاء من الشيخ للطالب؛ لما يتضمنه من تحرز الشيخ والطالب. الشيخ وهو يملي يتحرى ويتحرز ويحرر، والطالب وهو يكتب ينتبه ويدون، بخلاف ما إذا كان الشيخ يلقي والطلبة يسمعون من غير إملاء ولا كتابة ولا ... ، مثل هذا قد يفوت بعض الشيء، والسماع عموماً هو الطريق الأول، وهو الأصل في الرواية من لفظ الشيخ، وأقواه ما جاء من طريق الإملاء، نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن وراد كاتب المغيرة قال: "أملى عليَّ المغيرة وكتبته بيدي".

نعم وراد كاتب المغيرة معروف وله جاء أحاديث بهذه الصيغة: أملى عليَّ المغيرة، في هذا الإملاء، وكتب بيده، هذا أيضاً دليل على صحة التحمل بطريق المكاتبة، المكاتبة وهي طريقة معتبر من طريق التحمل والرواية، فالمكاتبة حصلت بين الصحابة كما هنا، وهو جزء من حديث مخرج في الصحيح، والمكاتبة حصلت بين الصحابة، وحصلت بين التابعين، وتتابع أهل العلم على الرواية بها إلى عصر الأئمة المصنفين، ففي البخاري يقول: كتب إلي محمد بن بشار، فالمكاتبة طريق معتبر من طرق الرواية، نعم. وهناك كتابة ومكاتبة، فرق بين الكتابة والمكاتبة، الكتابة يكتب ابتداءً من غير طلب، والمكاتبة يكتب إليه، يطلب أن يكتب إليه بالأحاديث، ثم بعد ذلك يجيبه فيكتب له، فهذه المكاتبة مفاعلة بين الطرفين، نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش قال: ذكر إبراهيم فريضة أو حديثاً فقال: "احفظ هذا لعلك تسأل عنه يوماً من الدهر". نعم هناك فوائد يخشى من فواتها، والعلم صيد والكتابة قيده والكتابة نائبة مناب الحفظ، الأصل الحفظ، وكثير ما يمر بالطالب وهو يقرأ في كتب أهل العلم: احفظ هذا، احرص على هذا، كثيراً ما يقول: احفظ هذا -ابن القيم -رحمه الله تعالى- علك ألا تجده في مصنف آخر البتة"، وهو يحث طالب العلم على هذه الفائدة التي تعب عليها ابن القيم، ولا يعني هذا أنه معجب بكتابته، لا يعني هذا أن ابن القيم معجب بكتابته، وأنه يزدري غيره، أو أنه أتى بما لم يأت به غيره، لا، هو يحث طالب العلم أن ينتبه لهذا الموضوع، هذا من باب النصيحة. وهنا يقول: إذا ذكر إبراهيم النخعي فريضة أو حديثاً، قال: احفظ هذا: وجاء في حديث وفد عبد القيس المخرج في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((احفظوهن وأخبروا بهن من روائكم))، فهذا حث على الحفظ، وأيضاً الذي لا يحفظ يقال له: اكتب، اكتب يا أخي، اكتب هذه الفائدة، نعم؛ لأنها فائدة يعني متعوب عليها ما تجدها في أي كلام، والذي لا يحفظ -لا يسعفه الحفظ- يستعمل القلم، استعن بيمنك بالكتابة فالعلم صيد والكتابة قيده ... قيد صيودك بالحبال الواثقة

فمن الحماقة أن تصيد غزالة ... وتتركها بين الخلائق طالقة وكم ندمنا على فوائد مرت بنا ونريد أن نتذكرها فلا نذكر، نريد أن نراجع أي كتاب ما تقدر، إلا إذا استعملت الكتابة، ولو كتبت العناوين ورؤوس المسائل، يعني معك هذا الكتاب تقرأ فيه تمر عليك الفوائد تدون صفحة كذا فيها كذا، كفهرس خلاصة للفوائد ورؤوس المسائل، وهذه طريقة معروفة من كتب العلماء والأئمة والمتقدمين والمتأخرين يستعملون هذه الكتابة، أي نعم. طالب: أحسن الله إليك حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم قال: "كانوا يكرهون أن يظهر الرجل ما عنده". وهذا من باب ورع السلف -رحمهم الله- يكرهون أن يظهر الرجل ما عنده، والآن يوجد في مجالس أهل العلم من الطلبة الصغار من لا ينتظر الخبر، إذا قال الشيخ: مبتدأ، جاء بالخبر، ما ينتظر؛ ليلفت أنظار الناس إليه، والسلف كانوا يكرهون أن يظهر الرجل ما عنده، لا سيما إذا وجد من يكفيه، إذا وجد من يكفيه، يعني الدين محفوظ بلا شك، والأمة معصومة من أن تفرط بشيء من دينها، فإذا وجد من يكفيك احمد ربك على العافية؛ لأنك إذا قمت بالشيء نعم حمل الدين فرض على الأمة، فإذا وجد من يكفيك علك لو تصدرت وسبقت الناس يمكن تخطئ فيدون عليك الخطأ فافرح بمن يحمل عنك هذا الواجب، وإذا تأملنا فيما يحفظه الأئمة من مئات الألوف من الأحاديث، ووجدنا في مصنفاتهم ولا العشر مما يحفظونه عرفنا هذا، كانوا يكرهون أن يظهر الرجل ما عنده، بل الواحد منهم إذا صنف كتاباً ووجد كتاب غيره يغني عنه أتلفه؛ المقصود أن ينتشر الخير ويتعلم الناس ولا يلزم أن ينسب هذا العلم إلى فلان أو إلى فلان.

الإمام أحمد يحفظ سبعمائة ألف حديث وليس في مسنده ولا نصف العشر، ولا نصف العشر؛ لأنه وجد أن هذا أدى واجباً، وذاك أدى واجباً، وهذا صنف، وهذا ألف، وهذا جمع يكفي، قاموا بالواجب ورأى أن هذا القسم الذي دونه يسقط به الواجب عن نفسه، نعم، وعلى هذا إذا كان الإنسان يستقل بمسألة حررها وتعب عليها لا يتصدر بها المجالس، كما يلاحظ من بعض الناس، لا يتصدر بها المجالس، ينتظر حتى يسأل عنها، وإن طرحها على طريقة السؤال واستفاد منها، ومناقشة مع الإخوان، على ألا يظهر نفسه باعتبار أنه هو -على ما يقولون في تعبيراتهم- سيد الموقف، لا، نعم على أنه مستفيد، عله أن يجد عند غيره ما ليس عنده، نعم، يكرهون أن يبدأ هو بالحديث، ويصلح أيضاً اللفظ الآخر أن يحدث بكل ما عنده، يفيد الناس لكن لا يظهر كل ما عنده؛ لأنه يوجد عند الناس ما يسقط عنه الواجب وهذا في الأمثلة الذي ذكرناها ما يدل عليه، نعم. طالب: أحسن الله إليك حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عثام بن علي العامري قال: سمعت الأعمش يقول: "ما سمعت إبراهيم يقول في شيء برأيه قط".

نعم هذا إبراهيم النخعي الفقيه المعروف ما يقول في شيء برأيه، إما أن يفتي بنص، أو بقول صاحب، قال بعضهم: "إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل"؛ لأنك معرض للخطأ، معرض لا سيما الطالب الذي لا يحيط بأقوال أهل العلم معرض، فكونه يفتي بالنص فقد حصل من الصحابة الفتوى بالنص، يسأل عن مسألة كذا فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كذا، الجواب في كلامه -عليه الصلاة والسلام-؛ ليأمن الزلل، وأما الفتوى بمجرد الرأي لا شك أن هناك مسائل منصوص عليها لا مجال فيها للرأي والاجتهاد؛ لأن العبرة بالنص، أما إذا نزلت نازلة لا يوجد فيها نص فأهل العلم لهم أن يجتهدوا في حكمها ويلحقوا النظائر بنظائرها ويقيسوا الأشباه بأشباهها، والأمر معروف عند أهل العلم، فالإكثار من الرأي هذا مذموم، أما استعمال الرأي بعد النصوص عند الحاجة إليه فهو ممدوح، لكن الإشكال في من أعيته النصوص وعجز عن حفظها ثم صار يفتي الناس برأيه -كما هو شأن كثير من الفقهاء المنتسبين إلى مدرسة الرأي- نص بعض أهل العلم أنهم عجزوا عن حفظ النصوص فصاروا يفتون برأيهم، وهذا ملاحظ، يعني كثير من طلاب العلم -والله يعفو ويسامح- يعني سهل عليك أنك تسأله عن معنى حديث، لكن يصعب عليه أن تسأله عن درجة حديث، أو لفظ حديث؛ لأن حفظ النصوص معجز صعب، لا سيما الذي ما مسك الطريق من أوله، ما انتبه إلى الأمر إلا بعد فوات الأوان، أما من يسر الله له من يأخذ بيده إلى الطريق الصحيح من أول الأمر هذا يحمد الله على هذه النعمة، نعم. طالب: أحسن الله إليك حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا بن يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير {يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [(37) سورة النساء] قال: "هذا من العلم". من الذي بعدها، بعد يبخلون ويأمرون الناس بالبخل؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، الدلالة فيما بعدها، {يَبْخَلُونَ}: بما عندهم {وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}: يعني في العلم في باب العلم لا ينفق مما أعطاه الله من علم، ولا يحث الناس بل يثبط من رآه يعلم الناس، أنت ما أنت بملزوم، أنت ما أنت بمكلوف، أنت تعرض نفسك لكذا، أنت ... ، ويحفظ بعض ما جاء في مسائل ورع السلف، يحفظ شيئاً من ورع السلف وهو لا هو بمشتغل ولا هو مخلي الناس يشتغلون، وقصده من ذلك التبرير لنفسه وتحطيم الناس وتثبيطهم عن فعل الخير، وهذا مشاهد في كافة وجوه الخير، تجد شخص يذهب إلى مكة لأداء العمرة ولزوم بيت الله في الأيام الفاضلة، وينفق في ذلك في العشر الأواخر -عشرين ألف مثلاً- يأتيه من يأتيه يقول: هذه العشرين الألف، يعني المسألة هذا نفع لازم، وهناك فقراء محتاجين، لو أنفقت هذه العشرين على خمس أسر تغنيهم أيام رمضان وما بعد رمضان أفضل من كونك تترك بلدك وتذهب، لكن هل الناصح هذا وهو أكثر غناة -يعني أغنى من المنصوح- هل هذا دفع شيئاً؟ ما هو بدافع، لكن يبي يحرم هذا العمرة والمجاورة والأوقات الفاضلة ومضاعفة الصلوات، نعم، ولا هو منفق ولا .... ، وما قصده أن ذاك ينفق، بس ما يبيه يروح ولا يستفيد ولا يغتنم هذه الفرص، نعم، أبداً هذه طريقة بعض الناس، يعني يشق عليه أنه من جيرانه راح ثم يبدأ عليه الضغوط من بيته، الناس راحوا وخلونا، أنت وش تبي، يمسكهم واحد، واحد يا أخي ها الأموال التي تنفقونها لو تصرفونها على الفقراء، ولا هو بمصرف ولا منفق على الفقراء ولا مغتنم للأوقات ولا أزمان، ولا أماكن فاضلة، فمثل هذا يخذل الناس ولا هو مطلع شيء، ومثله أيضاً من بعض من ينتسب إلى العلم تجده محروماً، محروم لا يريد أن يعطي، وإذا رأى شخصاً نفع الله به وبذل من نفسه، يقول: يا أخي شوف السلف يتورعون ويتدافعون وهذه مزلة قدم وأنت يحفظ عنك كذا، هذا إن استفاد من نصوص السلف. . . . . . . . . تعرض لأذى، تعرض نفسك للمسائلة، تعرض نفسك، لا نفع به الباب اللي باب السلف وإلا جاب له باب الخلف بعد، هذا حرمان يا إخوة، هذا الحرمان بعينه، {يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}، ولا هو بنافع ولا مخلي الناس ينفعون، ومع الأسف لهم

وجود مثل هؤلاء. وأحياناً قد لا يكون من سوء نية، قد يكون من تلبيس الشيطان عليه، مثل شخص عنده دروس مرتبة ومنظمة إذا جاء رمضان أوقف الدروس، طيب لماذا أوقفت؟ هذا وقت مضاعفة الأجور؟ قال: يا أخي السلف ما يخلطون مع القرآن شيء، لا يحدثون ولا يعلمون ولا شيء، خلاص، اطبق الكتب إلى أن يطلع رمضان، هذا شهر القرآن، وهو بالنهار نائم، صائم نائم، وبالليل في الاستراحة إلى الفجر، هل هذا هدي السلف؟ لا ليس هدي السلف، هذا من تلبيس الشيطان عليه، وقد يقوله لغيره، قد ينقل هذا لغيره، الإمام مالك ما يتكلم بحديث في رمضان، يقبل على المصحف، لكن هات مثل مالك، اشتغل مثل مالك، ثم إذا قيل له: إن فلان يقرأ القرآن في رمضان في يوم جاء بالأحاديث المتشابهة، لا يفقه من يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، إذا قيل له ثلاث، قال: ابن عمر، الرسول قال لابن عمر: ((أقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) وختمة مع التدبر، وهو لا هو داري لا بتدبر ولا بغير تدبر، لكن كما قال: {يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}، وأمثلة هذا كثيرة وموجودة في الواقع، لكن ومع ذلكم يوجد -ولله الحمد- من العلماء الربانيين الباذلين ما يكفي حاجة الأمة ولله الحمد، فالخير موجود. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث قال: "كان أبو العالية إذا جلس إليه أربعة قام". يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث: معروف ابن أبي سليم، وهو محكوم بضعفه، لكن هذا أثر لا يترتب عليه حكم. يقول: "كان أبو العالية إذا جلس إليه أربعة قام": لا يحب الفتنة، ولا يحب أن يوطأ عقبه، ولا يحب أن تلفت عليه الأنظار، ولا يقال: فلان يحضره كذا، فلان مسكين ما يحضره إلا كذا، ما يهمهم، ما يهمهم هذا أبداً. إذا جلس طالب علم ما هو بمنزلة هؤلاء، وجلس عنده عشرين ثلاثين قال: ذولا ما يسوون العنوة، ما يسوون العنوة، ويتأثر إذا طلع واحد من الباب، خليه يطلع، وأيش فيه؟، أنت جاي لها الواحد وإلا جاي لموعود الله -جل وعلا-؟

إذا جلس إليه أربعة: قام؛ يظنهم كثرة، ثلاثة يكفون، ولو وجد واحد يحمل العلم بحقه يكفي، يكفيك واحد، وبعض الناس ينظر إلى الكثرة وأنه مقياس، وأن هذا العالم هو. , .. ؛ لأنهم ينظرون إلى أنه كلما كثرت الجموع كانت الدلالة على أنه أعلم من غيره، أو الناس أحوج إليه من غيره!! ما هو بصحيح؛ نشوف فئام الناس يجتمعون على القصاص أكثر من أهل العلم الراسخين، هذا الحاصل، تذكر محاضرة لفلان أو علان، في نهايتها لو تقول له: اعطني فائدة أو فائدتين من هذه المحاضرة ما أدرك شيئاً، والعالم الرباني اللي معك كتابك يشرح لك كلام الله وكلام رسوله بعلم متين مؤصل متعوب عليه، كل كلمة فيها فائدة، ومع ذلك الحضور يكون أقل. وهذا أبو العالية إذا اجتمع إليه أربعة قام، فليست العبرة بالكثرة، العبرة بمن يحمل هذا العلم عنك وينشره بعدك، فيكون لك أجره وأجر من تبعه إلى يوم القيامة، وجاء في الحديث الصحيح: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: من علم ينتفع به .. )) علم ينتفع به، وهذا يكون بالتعليم والتأليف، ينتفع بالتعليم وبالتأليف، لكن المدار على النية والإخلاص؛ ((إنما الأعمال بالنيات)) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [(5) سورة البينة]، فلا بد من الإخلاص، وإذا نوى الإنسان النية الصالحة الخالصة ما تهمه الكثرة ولا القلة، لا تهمة الكثرة ولا القلة، ولست العبرة بالكثرة، أكثر من يحضر الدروس تجزم بأنهم لا قيمة لهم. الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- قيل له: إن طلاب، طلاب كلية الشريعة -هذا الكلام قبل أربعين سنة- كثروا، لكن ما تشوف بهم ناس يعتمد عليهم ويعول عليهم، قال: إذا صفى لنا العشر يكفي، يكفينا عشر، البقية هؤلاء يسدون وظائف ومرافق والناس .. ، يكفون حاجة المسلمين في بعض المرافق، أما علماء، علماء ما نبي ما نحتاج ولا عشرهم، الذين يحملون العلم بحق ويؤدونه إلى من بعدهم، هذا الكلام صحيح، أنت تجد الآن في الحلقة خمسمائة أو ألف، يعني لو خرج منهم خمسين يكفي، يفون بحاجة الأمة، والله المستعان، نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني عبد الله بن العلاء قال: سمعت مكحولاً قال: "كنت لعمرو بن سعيد العاصي أو لسعيد بن العاص، فوهبني لرجل من هذيل بمصر، فأنعم عليَّ بها، فما خرجت من مصر حتى ظننت أنه ليس بها علم إلا وقد سمعته، ثم قدمت المدينة فما خرجت منها حتى ظننت أنه ليس بها علم إلا وقد سمعته، ثم لقيت الشعبي فلم أر مثله -رحمه الله-". وهذا الأثر عن مكحول، وهؤلاء العلماء الأئمة، إبراهيم، والشعبي، وسعيد بن جبير، وأبو العالية، ومكحول، لهم قصص ولهم أخبار، على طالب العلم أن يعنى بها ويطلع عليها، في السير كثير من أخبارهم، يعني تنشط همة طالب العلم وتفتح له آمال وآفاق؛ لأنه كما يقول أهل العلم: بذكر الصالحين تتنزل الرحمات، فإذا قرأنا في كتبهم -في سيرهم وما دون عنهم- من أخبارهم نشطنا، نعم المعول على الكتاب والسنة، لكن هؤلاء تطبيق عملي للنصوص؛ لأنهم عملوا واقتدوا، ونفذوا، ائتمروا وانتهوا، فيستفاد من سيرهم. هذا يقول -مكحول بن عبد الله الشامي- مكحول من يعرف من أوصافه شيئاً؟ أوصافه الخلقية؟ مكحول مولى، مولى عبد يباع ويشرى، وإذا اطلعنا إلى بعض الأوصاف التي ذكرت سواءً كانت في خلقه أو في خلقه ومثله أو أشد من عطاء عرفنا أن الدنيا لا تسوى شيئاً، الإنسان يحرص على ثوبه باستمرار يصير مكوي ما فيه عرافيط ولا فيه شيء، أو شماغه أو ملبسه أو مركبه، هذولا خلقة فيهم عاهات، لكن ليست العبرة بالشكل، ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))، يعني تصور شخصاً بمستشفى النقاهة محكوم عليه أنه ما هو بطالع إلا بعد .. ، ما هو بطالع أبداً إلا. . . . . . . . . فيه عاهات وفيه تعكفات وفيه أمور يعني .. ، يوجد من أهل العلم مثله في خلقته، ومع ذلكم على رؤوس الخلفاء يوضعون تاج، وهذا كان مولىً لعمرو بن سعيد بن العاص، أو لأبيه سعيد بن العاص.

يقول: فوهبني لرجل من هذيل: لرجل من هذيل، بمصر فأنعم عليَّ بها: يعني أنعم عليه بالحرية، أعتقه، ولا شك أن الرق مع ما جاء في فضله من النصوص، في من أدى حق الله وحق مواليه هذا له أجران، لكن يبقى أن الحرية لا يعدلها شيء، يتعبد، يتعبد على راحته، وينتقل من بلد إلى آخر، ويقضي وقته في ما يرضي الله -جل وعلا- يرتاح من خدمة المولى. يقول: فأنعم علي بها، فما خرجت من مصر حتى ظننت أنه ليس بها علم إلا وقد سمعته: من عالم إلى عالم، من حلقة إلى حلقة، من كذا إلى كذا، أدرك كل علم المصريين. ثم قدمت المدينة فما خرجت منها حتى ظننت أنه ليس بها علم إلا وقد سمعته: وهكذا ينبغي للإنسان أن يعنى بعلم أهل بلده، فإذا انتهى منهم ينتقل إلى بلد آخر، فإذا انتهى منهم ينتقل إلى بلد آخر، ليحصل ما عندهم من علم مما ليس عند أهل بلده. يقول: ثم لقيت الشعبي: يقول: يكفيني علم مصر وعلم المدينة؟ لا، وقف على هذا الحبر –الشعبي- يقول: فلم أرَ مثله -رحمه الله-": أيش السبب؟. السبب ما يفوته شيء، مثل ما تقدم أنه ما كتب سوداء على بيضاء، يحفظ، والحفظ لا علم إلا بحفظ، ما في علم إلا بحفظ، العلم الشرعي ما في بدون حفظ، نعم العلوم التجريبية مبنية على العمل اليدوي أمرها سهل ما تحتاج إلى حفظ، إذا نظرت إلى الآلة وعرفت المسمار ومعك المفك عرفت، ما يحتاج حفر، ولذا الذين تعلموا قيادة السيارة، وتعلموا الهندسة وصناعة السيارات بالخبرة أفضل من الذين درسوها، في كتب تعليم قيادة السيارة، لكن أيش الفائدة؟ وقل مثل هذا في الأمور العملية، عندك كتاب مجلد في تخريج الأحاديث ودراسة الأسانيد وكذا، هل هذا أفضل -الذي يحفظ هذا الكتاب- أو الذي يزاول بيده؟ لا، هذا يحتاج إلى مران، ويحتاج إلى عمل، لكن قال الله، وقال رسوله، لا بد من الحفظ، لا بد من الحفظ، وهناك دعاوى مغرضة للصد عن العلم الشرعي، قضايا يزعمون أنها تربوية، يقولون: الحفظ يبلد الذهن، أيش معنى هذا حفظ كتاب، زاد في البلد نسخة ثم. . . . . . . . . نقول: نعم يزيده نسخة، احفظ وافهم، وحرر ونقح ووجه واستنبط؛ هذا العلم. ثم لقيت الشعبي فلم أر مثله -رحمه الله-: نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني تميم بن عطية العنسي قال: سمعت مكحولاً يقول: "اختلفت إلي شريح أشهراً فلم أسأله عن شيء؛ اكتفي بما أسمعه يقضي به". وهذا أيضاً عن مكحول يقول: "اختلفت إلي شريح أشهراً: شريح القاضي معروف من مشاهير القضاة، من الدهاة المعروفين في هذا الباب من أهل العلم، والنباهة، يقول: اختلفت إليه شهراً، فلم أسأله عن شيء؛ اكتفي بما أسمعه يقضي به": ومثل شريح قاضي عالم مفتي، من جلس عنده ولو دقائق استفاد؛ لأن المجالس معمورة بما ينفع، ليست مجالس قيل ولا قال، تجلس عند العالم، وهذه طريقة كثير من العوام وأدركناهم يجون يجلسون عند الشيخ يستفيدون، يستفيدون من المجالس -من مجالس الذكر مجالس العلم مجالس الشيوخ- والآن كثير من عوام المسلمين من كبار السن رجال ونساء صار عندهم معرفة ببعض المسائل الفقهية وبكثير من المسائل الفقهية أكثر من بعض من ينتسب إلى العلم وطلبه؛ بسبب مجالستهم لعلماء الآن، ما يقوم مقامهم، برنامج نور على الدرب تفتحه العجوز أو الشايب ويسمعون واستفادوا فوائد عظيمة، هذه مجالس معمورة بالخير والفضل. مجلس شريح أيش تتصورون، كم الأرض الفلانية، وكم المخطط الفلاني. . . . . . . . . ما فيه، ما في إلا علم، قضاء، إفتاء، حل مشاكل، مشورة، نصح، توجيه، إلى غير هذا. فيقول: اختلفت إلى شريح أشهر فلم أسأله عن شيء؛ أكتفي بما أسمعه يقضي به: شريح هذا جاءه ولده وقال: إنه له مع آل فلان خصومة، يريد أن يعرضها عليه، ليختصر عليه الطريق إن كان له حق قال: هاتهم، وإلا تركهم، سمع القضية شريح قال: هاتهم، جيبهم، فلما مثلوا بين يديه ادعى عليهم، أيش تقولون؟ قالوا: ما لك شيء، قال له: يا أبت أنا جئت قلت لك قبل كان ريحتني ما نجيبهم لا نتعب ولا نتعبهم، قال: لا، خليك من هنا، هنا مقاطع الحقوق، أنت لو قلت لك: ما لك شيء، رحت تصالحهم ولو على شيء يسير.

الآن بعض الناس. . . . . . . . . ما في ذمته شيء، لكن بدل ما يجاب ويجبر المحكمة يدعى عليه المليون تقول: أعطيك عشرة آلاف وأعفيك، يعطيك عشرين!! صحيح، وهو ما هي شيء، يبي يفدي نفسه ووقته وجهده، يعني لو قال: ما لك شيء، راح يصالحهم، والله المسألة محرجة، والقاضي هو الوالد وتعرفون المسألة إحراج، أيش رأيكم نصلح، ويصلحون ولو على شيء يسير، هذا شريح وهذا قضاء شريح. في الإسلام على مر العصور قضاة دهاة ممن يستطيعون الوصول إلى الحقوق بأيسر الطرق، وأسهل الأسباب، وما زلنا إلى وقتنا هذا نسمع عن النوابغ ما نسمع، وأخبارهم مدونة في الكتب، منها أخبار القضاة لوكيع معروف ثلاثة مجلدات مطبوع، نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال: "تواعد الناس ليلة من الليالي إلى قبة من قباب معاوية فاجتمعوا فيها فقام، فيهم أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- يحدثهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح": نعم وهذا الخبر يقول مكحول:

"تواعد الناس ليلة من الليالي إلى قبة من قباب معاوية: قبة خيمة، قبة من قباب معاوية، فاجتمعوا فيها: ليغتنموا فرصة وجود الصحابي الجليل حافظ الأمة أبي هريرة الذي حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يحفظه غيره بسبب الدعوة النبوية، وبسبب وبركة بسط الرداء الذي أمره به النبي -عليه الصلاة والسلام-، كان يحفظ ولا ينسى، وأقرانه وإخوانه من كبار الصحابة ومتوسطيهم وصغارهم يشغلهم الضرب في الأسواق والشغل بالأموال وهو متفرغ للحفظ، حتى صار بحق حافظ الأمة، ولا يطعن فيه إلا عدو للإسلام؛ لأن الطعن في مثل أبي هريرة يريح العدو، يهدم به نصف الإسلام، ولذا تجدون الحملة على أبي هريرة من قبل المبتدعة أكثر منها على غيره؛ لأنه بالطعن في أبي هريرة يرتاحون من نصف ما يروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن ما في أحد طعن في آبي اللحم، أو أبيض من حمال، أو الصحابة المقلين، ويتعبهم، يحتاج إلى اللي يطعن لألف شخص على شان يعادل أبي هريرة، وقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحببه إلى الأمة ويحبب الأمة إليه، فكان كل من رآه من أهل الفضل يحبه، ولا يبغض أبا هريرة إلا من كان في قلبه نفاق، نسأل الله السلامة والعافية. ويذكر العلماء ويؤكدونها بأسانيد ثابتة أنهم كانوا في مجلس -تداولها أهل العلم هذه القصة- فتكلم شخص في أبي هريرة فنزلت حية من السقف فلدغته فمات. اجتمعوا فيها، فقام أبو هريرة يحدثهم: لأنه أخذ العهد والميثاق على من كان عنده شيء من العلم أن يبلغه لغيره ولا يكتمه، نعم، وهذا له مجال، وذاك أيضاً التدافع له مجال، إذا وجد من يكفيه يحرص ألا ينسب إليه العلم، لكن إذا لم يوجد من يكفيه يحدث، ((بلغوا عني ولو آية)) -كما سيأتي- مأمور بالبلاغ، وقد أخذ الله -جل وعلا- الميثاق على أهل العلم بالبيان أن يبينوا للناس ما نزل إليهم.

قام فيهم أبو هريرة يحدثهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح": وقد حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يحفظه غيره، فهذا المثال للعطاء، وتلك أمثلة للورع، وكلاهما مطلوب، لا نضرب هذا بهذا، لا نضرب هذا بهذا، الورع مطلوب في وقته، والبذل والعطاء والبيان مطلوب في وقته، مثل ما يحتاج إلى الحلم أحياناً، ويحتاج إلى السيف أحياناً، هذا لا يصح في موضع هذا ولا يصح في موضع هذا، لو أن أبا هريرة تورع ودفع من ينقل لنا هذه الأحاديث، من ينقل لنا؟ ما في أحد، ولو أن أولئك الأقوام من سلف هذه الأمة وخيارها ما ضربوا لنا أمثلة في الورع من يتوقف عن التحديث بكل شي؟ ما يكون هناك خطام ولا زمام، السلف يحدثون نحدث، لكن هذا علاج -صنيع أبي هريرة- علاج لمن بخل بعلمه، وصنيع أولئك من الورع علاج لمن حدث بكل شيء، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن مكحول قال: "إن لم يكن في مجالسة الناس ومخالطتهم خير فالعزلة أسلم". العزلة والخلطة: جاءت النصوص بهذا وهذا، النصوص الصحيحة جاءت بالخلطة -مخالطة الناس- ونفع الناس والصبر على آذاهم، وشرعت الجمع والجماعات والأعياد والحج، كل هذا من أجل الخلطة وهي الأصل، لكن إذا خشي الإنسان على دينه فالسلامة لا يعدلها شيء، ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، يفر بدينه من الفتن)) فبعض الناس المتجه في حقه المخالطة، وبعض الناس المتجه في حقه العزلة، والشراح من القرن الثامن وهم يقولون: والمتعين في هذه الأزمان العزلة؛ لاستحالة خلو المحافل من الجرائم والمعاصي، يعني مجتمعات الناس ما تسلم، فكيف بهم لو رأوا زمننا هذا؟!

العزلة لا شك أنها في حق بعض الناس متعينة، وفي حق آخرين ممنوعة، وفي حق أقوام فاضلة، وفي حق آخرين مفضولة، ومرد ذلك إلى التأثير والتأثر، فإن كان الشخص يستطيع أن يؤثر في الناس الخير ولا يتأثر بشرورهم هذا تعينت عليه الخلطة، يخالط الناس، أما إذا كان بالعكس يتأثر بشرورهم ولا يستطيع التأثير بهم، هذا يتعين في حقه العزلة، وبقية الناس سجال، يؤثر ويتأثر والحكم للغالب، وهنا يقول: "إن لم يكن في مجالسة الناس ومخالطتهم خير: إذا لم تستفد من الناس فالعزلة أسلم": إذا لم تكسب منهم خير، وتجني منهم ثمرات تنفعك في دينك ودنياك، وإلا دينك دينك، الزم كن حلف بيتك إن استعطت، وإن غشمك الناس ذهبت إلى بيتك وما استطعت أن تعتزل وإلا انتقل، والله المستعان، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية. حسان: مصروف وإلا غير مصروف؟ طالب: مصروف. أو على الخلاف، كانت النون أصلية أو زائدة؟ هو من الحسن أو من الحس؟ طالب: من الحسن. من الحسن أو من الحس؟ طالب: يقال من الحسن. من الحسن أو من الحس؟ طالب: الظاهر أنه من الحسن. من الحسن إذن النون أصلية فهو مصروف، مصروف نعم. طالب:. . . . . . . . . حسان بن .... ، أيش رأيكم بأبان؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن قالوا:. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . أبان مصروف وإلا غير مصروف؟ هل هو من الإبانة أو من الإباء؟ إذا كان من الإبانة فهو مصروف، وإذا كان من الإباء -من الرفض- فهو ممنوع من الصرف لأن النون زائدة، مثل حسان، ويقولون في هذا قبل ما يتكلم أحد يحرج، يقولون: من منع أبان فهو أتان، هاه حسان من الحسن يصير مصروف، نعم، يقولون: من منع أبان فهو أتان، مع أن ابن مالك الإمام المعروف المشهور يمنعه من الصرف نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي عن حسانِ بن عطية، قال: ... طالب: ما اتفقنا أنها النون أصلية يا شيخ؟ . . . . . . . . . أصلية يصرف، متى يمنع من الصرف؟ إذا كانت الألف والنون زائدة. طالب: نعم، أحسن الله إليكم.

عن حسان بن عطية قال: حدثني أبو كبشة أن عبد الله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما- حدثه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)). هذا الحديث مخرج في الصحيح، فيه الأمر بالبلاغ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه الرد على من يتورع عن نشر الخير وبذل الخير وتعليم الناس والبيان للناس. ((بلغوا عني ولو آية)): بأقل القليل، يعني من حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيئاً فليبلغه إلى غيره، هذا أمر، ولا يجوز الكتمان، لا بد من البلاغ، لكن إذا حصل من يكفي سقط عن الباقين. ((بلغوا عني ولو آية)): يعني ولو كان المبلَّغ آية، ولو آية واحدة، من حفظ شيء من القرآن أو من السنة يعلم غيره. ((وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)): حدثوا عن بني إسرائيل، وفي بعض الروايات عند البزار: ((فإن فيهم الأعاجيب)) فإن فيهم الأعاجيب، والأخبار المتلقاة من بني إسرائيل وما يعرف بالإسرائيليات منها ما جاء ما يشهد له في شرعنا، مثل هذا لا تردد في أنه من شرعنا؛ لأنه جاء ما يشهد له في شرعنا فهو شرع لنا، ومنها ما جاء في شرعنا ما يرده مثل هذا يرد، أما ما كان لا هذا ولا هذا، لم يأت في شرعنا ما يشهد له ولا ما يرده، هذا الذي قيل فيه: ((حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)) هذا أمره سهل، وفيهم أعاجيب، وفيهم أخبار، وفيهم علوم، نعم، ولذا تجدون كتب التفسير محشوة بالإسرائيليات كتب التواريخ، كتب الأدب، مملوءة بالإسرائيليات، لكن الشأن في الإسرائيليات التي تخالف ما عندنا من شرع، هذه ترد ولا ينبغي تسويد الورق بها، أما الأخبار التي لا تحمل مخالفة لشرعنا وديننا فمثل هذه يحدث بها.

((ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)): وليس في هذا الحديث، ليس في هذا الحديث ما يدل على أن الإنسان يتلقى علومه ويعتمد على كتب الأمم الأخرى؛ لأن بعض الناس يقول: لماذا لا أقرأ التوراة، أقرأ الإنجيل، أقرأ أي كتاب يؤلفه أي شخص، بنو إسرائيل وهم مخالفون وأمرنا بمخالفتهم، لماذا لا نقرأ الكتب؟ هنا نقول: شوف استفد نطلع، السخاوي له كتاب اسمه (الأصل الأصيل في ذكر الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل) والمراد بهذا ليس المراد به مجرد التحديث للإخبار وللتسلية مثل ما هنا، لا، إذا كان المقصود به العمل، ولذا غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- على عمر لما رأى في يده قطعة من التوراة، نعم، الدين لا يخلط بغيره، لكن إذا كانت المسألة مجرد سواليف وهذه السالفة والقصة ما في شرعنا ما يردها، ما في ما يمنع من أن تذكر وتتناقل. ((ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)): يتخذ له مقعد من النار، يختار له مقعد من النار، وهذا وعيد شديد لمن يتعمد الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- موبقة من الموبقات، حتى صرح بعضهم –كالجويني- بكفر من يتعمد الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن عامة أهل العلم على أنها كبيرة من كبائر الذنوب ولا يكفر كغيرها من المعاصي. والخلاف في قبول توبة الكذاب معروفة عند أهل العلم، منهم من يرى أن توبته لا تقبل، ليس معنى أنها لا تقبل عند الله -جل وعلا-، إذا جاءت بشروطها ما في ما يمنع من قبولها، وليست بأعظم من الشرك، لكن المقصود في رواية الكذاب إذا تاب، هل تقبل روايته أو لا تقبل؟ هذا محل الخلاف. ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)): وهذا قدر من الحديث متواتر معروف مقطوع به عند أهل العلم، نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: "بحسب امرئ من العلم أن يخشى الله وبحسبه جهلاً أن يعجب بعلمه".

نعم هذا تقدم فيما مضى، يكفي المرء من العلم ما يوصله إلى الخشية، إلى الخشية؛ لأنه كل ما كان أخشى لله كان علمه أكثر وأعظم وأنفع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- هو أتقى الناس وأعلمهم بالله وأخشاهم، ولا شك أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف، والعلم الذي لا يقود إلى الخشية والخوف من الله -جل وعلا- ولا يحمل على العمل الصالح فليس بعلم. وبحسبه جهلاً أن يعجب بعلمه: يعجب بنفسه، يعجب بنطقه، يعجب بعرضه، يعجب بنفسه، يزدري غيره، يكفيه، هذا جاهل؛ لأنه إذا جهل نفسه كان بغيره أجهل، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يحيى بن يمان قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم قال: "كان عبد الله لطيفاً فطناً". نعم عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل كان -رضي الله عنه وأرضاه- لطيفاً فطناً؛ لأن بعض الناس إذا ألين له الكلام وتلطف معه اتهم هذا بالغفلة، لا ما يلزم، ما يلزم، قد يكون الإنسان لطيفاً ولبقاً ويتحبب إلى الناس، ويتودد إليهم، ويتألفهم، ومع ذلك من أذكى الناس وأفطنهم، ومن هؤلاء ابن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه- لطيف يحسن التعامل مع الناس. وبعض اللئام يتصور الناس مثله، يتصور الناس مثله، هو لئيم ويدعي الفطنة والحذق، فيقرن هذا بهذا، فإذا انتفى اللؤم عند شخص من الأشخاص وصار قلبه طيباً سليماً صافياً قال: هذا مغفل مسكين، ولا يدري المسكين أنه هو المسكين.

وبعض الناس مجبول على مثل هذه الأمور بحيث لو قيل له: السلام عليكم، قال: هذا خائف مني، هذا أكيد أنه خائف مني، لا يا أخي، هذا يريد ما عند الله -جل وعلا-، هذا أذكى منك؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((خيرهم الذي يبدأ بالسلام)) وافطن منك، لكن القلوب مدخولة، القلوب مدخولة، الآن ما تجد قلب إلا في القليل النادر سليم مثل سلامة قلوب السلف والصحابة على وجه الخصوص، يأتي الشخص إلى الآخر يهديه ابنته، ما يشك أنه ناصح لكن لو جاء شخص لواحد من طلاب العلم قال: ترى عندنا. . . . . . . . . أيش اللي يقول؟ يقول: هذا ناصح ومتخير أو مقتدي؟ لا، يقول: لولا أن فيها عيب ما. . . . . . . . . يزعل الناس، زقع، يمكنه. . . . . . . . . العشرين، ما في قلب سليم يتعامل مع الخلق على ما أمر به، كما كان السلف يتعاملون به، ولذلك يحتاج الإنسان إذا أراد أن يسلك هذه المسلك يتحايل، يقول: والله أنا ودي بفلان. . . . . . . . . لكن بطريقتك دقق، بحيث لا يشعر أنه بايذلك، وأيش الداعي ويش اللي يحد الناس إلى هذا الأمر إلا أن القلوب مدخولة، رانت عليها الذنوب، فنسأل الله السلامة والعافية، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88 - 89) سورة الشعراء]، فالمعول على هذا الأمر، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق قال: قال عبد الله: "لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد قال: وكان يقول: نعم ترجمان القرآن ابن عباس -رضي الله عنه-".

يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح: هو أبو الضحى السابق -في السند السابق- نعم، عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق، هو مسلم بن صبيح عن مسروق قال: قال عبد الله: هذا ابن مسعود: "لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد: يعني ابن مسعود من كبار الصحابة، من الكبار بينما ابن عباس من صغارهم، يقول: لو كان قريناً لنا، لو أدرك ما أدركنا -ما أدركناه- من أول حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى آخرها ما عاشره منا أحد، فاق، فاق ما صار قريناً لنا ولا احنا بحوله ولا إليه، على صغره أدرك ما لم يدركه الكبار، فـ "لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد قال: وكان يقول: "نعم ترجمان القرآن ابن عباس": هو ترجمان القرآن، وهو حبر الأمة، ودعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعلمه التأويل وأن يفقهه في الدين فاستجيبت الدعوة، ولذا أقواله أكثر ما يدور في كتب التفسير من أقوال الصحابة أقوال ابن عباس، أكثر من غيره، هو أكثر من غيره رغم صغر سنه، عمره يوم وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة عشرة سنة، ما احتلم، يناهز الاحتلام ولما يحتلم. المقصود أن ابن عباس أدرك ما لم يدركه الكبار، رغم حداثته وصغر سنه، وكان عمر -رضي الله عنه- يجلسه مع الكبار، يجلسه مع الكبار، فيغار بعض الكبار؛ لأن لهم أولاد في سنه حدثاء مثله، فليش ما يجلسون، فاختبرهم واختبره عمر -رضي الله عنه- فأدرك الناس السبب، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: قال عبد الله: "إن من العلم أن يقول الذي لا يعلم: الله أعلم".

نعم يقرر أهل العلم أن مقالة من لا يعلم عن حكم مسألة ما الله أعلم، نصف العلم، نصف العلم، والذي لا يقول: الله أعلم فيرد العلم إلى مصدره هذا تصاب مقاتله، الذي لا يقول: لا أدري، هذا لا شك أنه لا بد أن يقع في خطأ، لا بد أن يقع في الخطأ، فعلى الإنسان إذا شك في مسألة ما أن يقول: الله أعلم، وهذا لا يغيظه بل تزيده رفعه، والكبار قالوا: الله أعلم، مالك قال: لا أعلم، لا أدري، والإمام أحمد يقولها كثيراً، وهذه سمة السلف الصالح، والصحابة كثيراً ما يسألهم النبي -عليه الصلاة والسلام- فيقولون: الله ورسوله أعلم، يكلون العلم إلى عالمه. فعلى الإنسان أن يكثر منها، وإذا كان لا يدري يقول: الله أعلم، أيش المانع، الله أعلم، وهل ينقصه شيء؟ لا ينقصه شيء، يعني حتى لو قدر أنه موظف معين من قبل ولي الأمر لإفتاء الناس، هل يلزمه أن يفتي في كل مسألة؟ ما يلزمه، هو وظف وولي على أن يفتي بما يعلم، توقع عنده من العلم ما يفتي به الناس فلا يلزم، والأجرة ليست على كل فتوى بعينه، الذي يقول: إن هذه المسألة أخذت معناها مقابل لا، أنت عينت في هذا الأمر لما عندك من مجموع علم يمكن أن تمشي به حاجة بعض الناس، ما يلزم أن يكون جميع الناس، ولا يتصور في شخص مهما بلغ من العلم أن يجيب في كل ما سئل، أبداً، إن أجاب في كل مسألة دليل على جهلة، ودليل على عدم ورعه ولا احتياطه، ومن أهم شروط المفتي الورع. وليس في فتواه مفت متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع لأن الذي لا يتورع لا يؤمن أن يفتي الناس بجهل، لا يؤمن أن يفتي الناس بهوى، والله والمستعان نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: "ما نسأل أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- من شيء إلا علمه في القرآن، إلا أن علمنا يقصر عنه".

الله -جل وعلا- يقول: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(38) سورة الأنعام] {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ}، كل شيء في القرآن، ما من مسألة تمر إلا وجوابها في القرآن، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، لكن العلوم الأخرى، يحتاج إليها لفهم القرآن، وتوضيح القرآن، وتفسير القرآن، فالسنة التي فيها الأدلة التفصيلية على المسائل الشرعية هي تفصيل لما جمل في القرآن، وتوضيح لما أبهم في القرآن، فما من شيء نسأل عنه أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا كان علمه في القرآن، وطالب العلم في كل يوم لا سيما المتابع، في كل يوم يتكشف له من عجائب القرآن وغرائب القرآن ما لا يخطر على البال، ينزل عالم بالاستدلال للمسألة من آية شيئاً خفي على كثير من أهل العلم، من أين جابه هذا، هذا بتوفيق الله -جل وعلا- ثم بركة هذا الكتاب العظيم، فعلينا أن نعنى بالقرآن، ونهتم بالقرآن، نحفظ القرآن، نقرأ القرآن، نتدبر القرآن، نعمل بالقرآن، نتدارس القرآن، نتذاكر القرآن، نعنى بما يعين على فهم القرآن.

ومع الأسف أنه ينظر الآن إلى المتخصصين في القرآن وعلوم القرآن إلى أنهم كغيرهم كمن يتخصص في الفقه أو يتخصص في التاريخ أو يتخصص في الأدب، أو تخصص من هذه التخصصات، لكن لو أدركنا حقيقة القرآن وما يحويه القرآن من علم لكانت نظرتنا إلى أهل القرآن غير نظرة. . . . . . . . . نعم قد يوجد ممن يحمل القرآن نماذج تسيء، يعني يحفظون القرآن، ويتغنون بالقرآن، ويؤدون القرآن، الحروف من مخارجها بالتجويد، بالقواعد المعروفة، لكن تجدهم عن العمل أقل، بل قد وجد من يقصر في الواجبات ويرتكب بعض المحرمات وهو يحمل كلام الله -جل وعلا-، فجعل نظرة بعض الناس إلى أهل القرآن من هذه الزاوية، لكنها نظرة قاصرة؛ الأصل في حامل القرآن أنه متميز عن غيره؛ ((إن الله ليرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين)) لا شك أن لهم ميزة أهل القرآن، لهم ميزة، نعم العلماء لهم منازل لكن ما يتصور أن عالماً ليست له يد في القران، أو لا يعتني بالقرآن أو لا يهتم بالقرآن، لا يمكن أن يسمى عالماً وهو لا يد له في القرآن، وليست له عناية بالقرآن، ما قلنا: إن العصر عصر تخصص صاحب الفقه لا يفتح القرآن، ما هو بصحيح، المتخصص في السنة لا يقرأ القرآن، ما هو بصحيح، القرآن للجميع، ومن خصه بمزيد العناية لا شك أنه يبين فضله، وتظهر مزيته على الناس، والله -جل وعلا- ((يرفع بهذا القرآن أقواماً، كما في الحديث الصحيح، ويضع به آخرين)) كيف يرفع به؟ يرفع من اهتم به، واعتنى بشأنه، احترم القرآن، عمل بالقرآن، تدبر القرآن، لكن من أعرض عن القرآن، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [(124) سورة طه]، فلا يمكن أن يوجد شخص يتسمى بالعلم، أو ينوي طلب العلم، أو ينتسب إلى العلم ليست له قدم راسخة في القرآن وما يتعلق بالقرآن.

القرآن هو المتعبد بتلاوته، مجرد ما تفتح المصحف وتقرأ تؤجر على ذلك، كل حرف عشر حسنات، لكن لو فتحت البخاري وأنت لا تريد التفقه، بس مجرد أنك تقرأ، تؤجر؟ ما تؤجر، وهو البخاري وكلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن المتعبد بتلاوته لذات التلاوة هو كلام الله -جل وعلا-، ((من قرأ القرآن، فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) يعني ألف لام ميم فيها ثلاثون حسنة، والختمة الكاملة كما هو معروف فيها ثلاثة ملايين حسنة، ولا يترك قراءة القرآن إلا محروم، محروم بيِّن الحرمان، يعني إذا شغلنا بالصحف والمجلات والقنوات والتحليلات هذا وبال على الإنسان، يعني إذا رأيت الإنسان يتتبع هذه الأمور وهو يغفل عما خلق من أجله اعرف أنه محروم مفلس. فعلينا جميعاً أن نعنى بكتاب الله -جل وعلا- نتدارس القرآن نتدبره، نحفظ القرآن وهذا من أهم المهمات، ونعنى بالقرآن قراءة بعد الحفظ بلتدبر والترتيل، وقراءة القرآن على الوجه المأمور به، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: تعطي القلب من اليقين والإيمان والطمأنينة ما لا يدركه إلا من فعله. ابن القيم يقول: فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآن ما في علم أبداً إلا من خلال قال الله قال رسوله، والسنة منزلتها من القرآن معروفة، مبينة للقرآن، موضحة للقرآن، مفسرة للقرآن، وإلا فالأصل كلام الله، المحفوظ السالم من الزيادة والنقصان، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء -رضي الله تعالى عنه-: "معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء، وليس في سائر الناس خير بعد". السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال: قال أبو الدرداء: سالم لم يدرك أبا الدرداء، فالسند منقطع، يقول فيما يروى عنه: "معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء، معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء: يعني في جنس الأجر سواء، لأن المتعلم مأجور، والمعلم مأجور، وهذا لا إشكال فيه، يعني في جنسه، وإن لم يتحدا في مقداره؛ لأن المتعلمين يتفاوتون، والمعلمين يتفاوتون فكيف بالمعلم مع المتعلم؟ لكنه في جنس الأجر كلهم مأجورون، وأما بالنسبة لسائر الناس يقول: وليس في سائر الناس خير بعد": يشهد لهذا الحديث -وهو في الترمذي وغيره-: ((الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، أو عالماً أو متعلماً)) يعني ما عداها لا خير فيه، لكن هل عوام المسلمين لا خير فيهم؟ فيهم خير، بقدر ما عندهم من دين وفضل، وهذا تقدم تقريره في حديث: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) فهل مفهومه أن من لم يرد الله به خيراً لا يفقهه في الدين؟ معناه أنه أراد به شراً، تقدم تقرير أن هذا المفهوم ليس بالمراد، وإنما عنده من الخير بقدر ما عنده، أما بالنسبة للخير المتعلق بالفقه فلا يكون إلا لمن تفقه في الدين، وهذا مثله، نعم. حدثنا أبو خيثمة عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن ابن لبيد قال: "ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قال: ((وذاك عند أوان ذهاب العلم))، قالوا: يا رسول الله وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرؤه أبناؤنا أبناءهم؟ قال: ((ثكلتك أمك ابن أم لبيد، أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا ينتفعون منها بشيء؟ )).

يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن ابن لبيد قال: "ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً": شيئاً من أمر من الأمور، وقال: إن هذا الشيء إنما يكون عند أوان ذهاب العلم، ذهاب العلم، يذهب العلم والمصادر موجودة؟ يذهب، نعم والمصادر موجودة، ويذهب العلم بذهاب العلماء وبقبضهم ((حتى لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً))، والكتب موجودة والقرآن موجود والسنة موجودة لكن مثل هؤلاء ما أفادوا من هذه المصادر، إنما تلقفوا علومهم من غيرها، فبقوا على جهلهم. ((وذاك عند أوان ذهاب العلم)) قالوا: يا رسول الله وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن؟: تقرءون القرآن، لكن لا على الوجه المأمور به، ونقرؤه أبناءنا: كذلك هو مجرد قراءة من غير تدبر ولا تفهم، ولا تفكر، ولا محاولة استنباط، هذه حال كثير من الناس، لا يستفيد من القرآن كما ينبغي. ويقرؤه أبناؤنا أبناءهم؟: يعني تواتر العمل والتوارث موجود في الأمة إلى رفع القرآن، وتواتر العمل والتوارث والقرآن، وقراءة القرآن موجودة، فهؤلاء يتوارثونه عن آبائهم، وأولئك عن آبائهم، وأولئك عن آبائهم، لكن الإفادة منه تتفاوت، وكل له ما يكتب له من هذا العلم وهذا الخير، وهذا الفضل.

قال: ((ثكلتك أمك ابن أم لبيد، أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل)): عندهم كتب، ((لا ينتفعون منها بشيء)): فالإنسان لا يستطيع أن ينتفع إلا إذا قدر الله له ذلك، وأتى الأمور من أبوابها، أما إذا .. ، ولو أكثر القراءة، من الناس من يقرأ السنين بل العقود ولا يستفيد شيئاً؛ لأن الله -جل وعلا- لم يكتب له إفادة، سواءً كان بسببه أو كان خارجاً عن إرادته، لكنه مع النية الصالحة إذا كان خارجاً عن إرادته يكتب له أجر سلوك الطريق، لكن من الناس من يقرأ السنين الطويلة وهو مؤهل، ومع ذلك لا يدرك شيئاً؛ لأنه يتخبط، مرة يقرأ كذا، ومرة يقرأ كذا، ويقرأ كلام، ويقرأ نقيضه، ويقرأ ضده، وينشغل بغير شاغل، وتشغله الملهيات وتشغله المصادر المشبوهة، وينشغل بذلك عن الكتاب والسنة، ثم بعد ذلك لا يكتب له شيء من العلم، فعلى الإنسان أن يلزم الجادة المعروفة عند أهل العلم فيأخذ العلم من مصادره وعن أهله على الجواد والطرق المعروفة المرتبة عند أهل العلم، بالرفق واللين والنصح له لنفسه ولغيره من أقرانه، وبذل الخير والفضل لأحبابه ومعارفه، ومن يستطيع بذله لهم، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه قال: قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: "أتدرون ما ذهاب العلم من الأرض؟ قال: قلنا: لا، قال: أن يذهب العلماء". الحديث حديث ابن لبيد صححه الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- وقال: رجاله رجال الشيخين، ثقات، وسماع سالم بن مجاهد عن ابن لبيد، يعني عدم سماعه من أبي الدرداء هاذ مفروغ منه، لكن سماعه من ابن لبيد هذا مختلف فيه، مختلف فيه، وعلى كل حال الحديث معناه صحيح، ما فيه إشكال.

الحديث الذي يليه: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه قال: قال ابن عباس: "أتدرون ما ذهاب العلم من الأرض؟ قال: قلنا: لا، قال: أن يذهب العلماء": هذا الحديث موقوف على ابن عباس وفي معناه الحديث الصحيح المتفق عليه: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، بل يقبض العلم بقبض العلماء)) بقبض العلماء، إنما يذهب العلم بذهاب العلماء، فإذا ذهب الأخيار فالخير أدبر، إذا ذهب العلماء انتهى العلم؛ لأنه لا علم إلا من طريقهم؛ لأن العلم في بطون الكتب، لكن هل بطون الكتب تنطق، هل بذاتها تدخل في قلوب الرجال؟ لا، إنما يثيرها العلماء من بطون الكتب، يثيرها العلماء من بطون الكتب، والمسألة مفترضة في ذهاب أهل العلم ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) هذا متى؟ هذا إذا ذهب العلماء، ذهب العلماء، وأنتم أدركتم شيئاً من هذا النموذج، وإن كان العلم موجود وأهل العلم موجودون، لكن توفي بعض العلماء الذين يشار إليهم بالبنان من كبار علماء الأمة، ثم بعد ذلك انفتح المجال لغيرهم لمن يفتون خلال الوسائل والقنوات والصحف والمجلات، نعم، وكثير منهم ليس بأهل لأن يفتي، ويبقى أن عندنا -ولله الحمد- من أهل العلم والعمل من تقوم بهم الحجة، ويحفظ الله بهم الدين، موجودون، لكن انفتح الباب على مصراعيه، وتعددت الوسائل، وأتيحت الفرص لغير أهل العلم، فصاروا يفتون الناس بغير علم، والله المستعان، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن العلاء عن حماد عن إبراهيم قال: قال عبد الله: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة".

نعم هذا من كلام عبد الله ابن مسعود موقوفاً عليه: "اتبعوا ولا تبتدعوا": "اتبعوا": شرط لصحة كل عبادة أن تكون متبعاً فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- فالإخلاص هو الشرط الأول، والمتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- هو الشرط الثاني، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [(2) سورة الملك]، قال الفضيل بن عياض: "أحسن العمل أخلصه وأصوبه، قيل يا أبا علي: ما أخلصه وما أصوبه؟ قال: إذا كان العمل صواباً غير خالص لم يقبل، وإذا كان خالصاً ليس بصواب -على السنة- لم يقبل" فلا بد من الاتباع، وكل بدعة ضلالة. "اتبعوا ولا تبتدعوا": لا تحدثوا في الدين ما لم يسبق له مشروعية من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-. "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم": نعم الإسلام دين ليس بحاجة إلى ترويج مروج وإلا مزيد وإلا نقص، لا، لا يقبل. الدين كامل وشامل ومحفوظ من الزيادة والنقصان، فليس بحاجة إلى بدع تلصق به، أو إلى أخبار تلحق به، فكفينا هذا الأمر، فعلينا أن نستثير ما في كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- من علم ويكفينا هذا، وفيه غنية، ومن لم يكفه القرآن والسنة فلا كفاه الله، من لم يهتد بالقرآن، فلا هداه الله، نعم. "وكل بدعة ضلالة": جاءت في الحديث الصحيح ((كل بدعة ضلالة))، وجاء أيضاً في السنن: ((وكل ضلالة في النار))، كل بدعة ضلالة، كل شيء مبتدع في الدين لم يسبق له شرعية من الكتاب والسنة فهو ضلالة، وهذا فيه رد على من يقسم البدع إلى محمودة ومذمومة، بدع حسنة، وبدع سيئة، بل منهم من قال: إن من البدع ما هي بدع واجبة، ومنها ما هي بدع مستحبة، ولكن يرده عموم هذا الحديث ((وكل بدعة ضلالة)). اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (4)

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (4) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال: المصنف -رحمه الله تعالى-: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس قال: قلت لأبي: "كيف تأتي علقمة وتدع أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: يا بني إن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كانوا يسألونه". في هذا الخبر يقول: "كيف تأتي علقمة، وتدع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟: علقمة من كبار التابعين وخيارهم وفقهائهم وعلمائهم، "وتدع أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-": وعليهم المعول في الدين، ونقل العلم والفتوى. "قال: يا بني إن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كانوا يسألونه": نعم، انقرض الجيل الأول من الصحابة -كبار الصحابة- وبقي أوساطهم وصغارهم، لا شك أنه يوجد في التابعين من هو أعلم من بعض الصحابة، وإن كان التفضيل الإجمالي للصحابة، والفضل المطلق للصحابة، لا يوجد من بعد الصحابة من هو أفضل من الصحابة، لكن قد يوجد من جمع من مسائل العلم وأحاط بها أكثر من بعض الصحابة ممن جاء بعدهم، ولا يعني هذا أنهم أفضل من الصحابة؛ لأن الصحبة لا يعادلها أي شرف، ولذا جاء في الحديث أن العامل المتمسك بالسنة في آخر الزمان له أجر خمسين من الصحابة، له أجر خمسين من الصحابة، يعني بالنسبة للعمل أجر العمل أفضل من أجر خمسين؛ لأنه في عصر الصحابة يجد ما يعينه على هذا العمل، أما في آخر الزمان لا يجد من يعينه على العمل، فيؤجر وتضاعف له الأجور، لكن يبقى أن الصحبة شرف لا يناله أي شخص جاء بعدهم، بعد الصحابة.

"كيف تأتي علقمة وتدع أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: يا بني إن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- كانوا يسألونه": وقد جاء من حديث أنس في آخر عمره، يقول: "سلوا الحسن فإنه قد حفظ ونسينا"، لا شك أن الإنسان إذا عمر وطالبت به الحياة يدب إليه النسيان، فيوصي بأن يرجع إلى كبار تلاميذه، بل يرجع هو أحياناً إليهم، والمسألة مسألة دين، ما هي بمسألة احتكار، لا، الدين يؤخذ ممن هو عنده والله المستعان، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع قال: قال لي إبراهيم: "حدثني عن أبي زرعة فإني سألته عن حديث ثم سألته عنه بعد سنتين فما أخرم منه حرفاً". يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع قال: قال لي إبراهيم: "حدثني عن أبي زرعة: ابن عمرو، ابن جرير البجلي، يروي عن أبي هريرة، ويروي عنه عمارة بن القعقاع. يقول: حدثني عن أبي زرعة، فإني سألته عن حديث: يعني أكثر لي من حديث أبي زرعة، لأني اختبرته فوجدته ضابطاً حافظاً متقناً، ما يخل ولا بحرف، فكل ما عندك من حديث أبي زرعة هاته، اعطني إياه، ولذا يحرص طالب العلم على أحاديث الثقات المتقنين الحفاظ الضابطين. يقول: حدثني عن أبي زرعة فإني سألته عن حديث ثم سألته عنه بعد سنتين فما أخرم منه حرفاً": يعني ما أسقط منه ولا حرف، دل على أنه حافظ متقن؛ لما يضبطه من أحاديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ويلهمه رشده فيه".

نعم هذا الحديث، أو هذا الخبر المقطوع على .. ، موقوف على عبيد بن عمير، قال: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين": وهذا تقدم، تقدم وأنه في الصحيحين وغيره من حديث معاوية -رضي الله عنه- ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))، والمراد بذلك الفهم في جميع أبواب الدين، في جميع أبواب الدين، في جميع أبواب الدين، وعلى رأس ذلك الفقه الأكبر العقائد، وفقه العمل، فقه العبادات، فقه المعاملات إلى آخره، فقه القلوب، أعمال القلوب، والسلوك، أيضاً طالب العلم بأمس الحاجة إليه، فلا بد أن يتفقه طالب العلم بجميع أبواب الدين؛ ليكون ممن أراد الله به خيراً. هذه الزيادة: "ويلهمه رشده فيه": هذه لا توجد في الصحيحين ولا في غيرهما من الكتب الستة، وإنما هي عند البزار والطبراني وبعضهم يحسنها، بعضهم يحسنها، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن عمرو بن مرَّة عن أبي البختري قال: حدثني شيخ من عبس قال: "صحبت سلمان فأردت أن أعينه وأتعلم منه وأن أخدمه، قال: فجعلت لا أعمل شيئاً إلا عمل مثله، قال: فانتهينا إلى دجلة وقد مدت وهي تطفح فقلنا: لو سقينا دوابنا؟ قال: فسقيناها ثم بدا لي أن أشرب فشربت، فلما رفعت رأسي قال: يا أخا بني عبس عد فاشرب قال: فعدت فشربت وما أريده إلا كراهية أن أعصيه، ثم قال لي: كم تراك نقصتها؟ قال: قلت: يرحمك الله وما عسى أن ينقصها شربي؟ قال: وكذلك العلم تأخذه ولا تنقصه شيئاً فعليك من العلم بما ينفعك". هذا الخبر عن سلمان المروي من طريق شيخ من عبس مجهول، قال: "صحبت سلمان فأردت أن أعينه وأتعلم منه": يعني يخدم سلمان الفارسي الصحابي الجليل، أراد أن يعينه ويخدمه في مقابل ما يسمعه منه من علم.

قال: "فجعلت لا أعمل شيئاً إلا عمل مثله": يعني لا أقدم له الخدمة إلا قدم لي مثلها، "لا أعمل شيئاً إلا عمل مثله": مكافأة، لذا بعض الناس يفرح أن يجد من يخدمه ويريحه من بعض الأمور، نعم خدمة أهل الفضل مطلوبة، لكن أيضاً أهل الفضل لا ينبغي أن يكونوا عالة على غيرهم، يَخدِمون ويُخدَمون، لكن إذا كانت خدمتهم من أجل إراحتهم وتفرغهم للعلم والتعليم ونشر الفضل هذه قربة وعبادة، أما خدمتهم لذواتهم فهذه مسألة أخرى، فمن صنع إليك معروفاً فكافئه، من خدمك اخدمه. "فجعلت لا أعلم شيئاً إلا عمل مثله، قال: فانتهينا إلى دجلة": النهر المعروف في العراق، "وقد مدَّت": المد معروف، الذي يقال خلاف الجزر، نعم يعني زاد في مائه حتى طلع وتعدى حدَّه، هذا المد، والجزر نقصانه. "قد مدت وهي تطفح": قد تناولت بعض اليابس، فقال: "لو سقينا دوابنا، فقلنا: لو سقينا دوابنا؟ قال: فسقينا": سقينا الدواب، "ثم بدا لي أن أشرب فشربت": شربت من دجلة، "فلما رفعت رأسي": من الشرب، "قال: يا أخا بني عبس عُد فاشرب": اشرب ثانية؛ لأنه لو سأله قبل احتمال يقول: أنا ما شربت إلا شيئاً قليلاً، لكن اشرب ثانية، ولو شربت ثالثة وعاشرة ومائة، ماذا ينقص النهر شربه هذا؟ "يا أخا بني عبس عد فاشرب، قال: فعدت فشربت وما أريده": يعني ما له حاجة للشرب روي قبل ذلك، "إلا كراهة أن أعصيه، ثم قال لي: كم تراك نقصتها؟ ": نقص؟ كم تراك نقصتها، نقصت هذه الجهة هذا النهر؟ "قال: قلت: يرحمك الله، وما عسى أن ينقصها شربي؟ ": يريد أن يمثل، يقارن المعقول ويبينه بالمحسوس، "قلت: يرحمك الله، وما عسى أن ينقصها شربي؟ قال: وكذلك العلم تأخذه ولا تنقصه شيئاً": نعم العلم مهما أخذ منه، ومهما تزود الإنسان منه، أولاً أنك لا تنقص من أخذت منه العلم؛ لأن العلم يزيد بالإنفاق، ما ينقص. الأمر الثاني: أنك قد أخذت فأنت ومن أخذت منه وممن أخذ منه كل هذا شيء يسير لا يذكر في جانب علم الله -جل وعلا-؛ {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء]، وما علم موسى والخضر إلا كما نقر العصفور من البحر بالنسبة لعلم الله -جل وعلا-.

"فعليك من العلم بما ينفعك": عليك من العلم بما ينفعك، أولاً العمر لا يستوعب كل العلم، فأنت تبدأ بالمهم؛ لتدرك هذا المهم، واترك غيره وإن كان فيه شيء من النفع والفائدة. وبالمهم المهم ابدأ لتدركه ... وقدم النص والآراء فاتهم لا بد أن يبدأ الإنسان بالمهم؛ لأنه إذا كان يخبط مهماً وغير مهم، ويلقط من ذا ويمين ويسار ويخلط ما يصلح، يضيع العمر بدون فائدة، فعلى طالب العلم أن يرتب نفسه ويأخذ من العلم ما ينفعه؛ لأنه لن يحيط بالعلم، يقول: نبي نأخذ ما ينفع وما لا ينفع، العمر ما يستوعب، عمرك لا يستوعب كل ما ينفع، فضلاً عما لا ينفع، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاوية بن عمرو قال: حدثنا زائدة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: "جالست أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانوا كالإخاذ يروي الراكب والإخاذ يروي الراكبين والإخاذ يروي العشرة والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم وإن عبد الله من تلك الإخاذ". مسروق من التابعين الذين أدركوا جمعاً من الصحابة يقول: "جالست أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانوا كالإخاذ": الإخاذ هو مجتمع الماء، نعم، مجتمع الماء مثل الغدير، هذه الإخاذات متفاوتة منها الكبير ومنها الصغير، منها من يؤثر فيه شرب الشخص الواحد، ومنها ما يؤثر فيه شرب الاثنين، ومنها ما لا يؤثر فيه شرب المئات، بل الألوف.

"فكانوا كالإخاذ يروي الراكب": يروي واحد مع رحله، "والإخاذ يُروي الراكبين": يكفي الاثنين، "والإخاذ يروي العشرة": أكبر منهم، "والإخاذ" لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم": إخاذ كبير يصدرهم، "وإن عبد الله من تلك الإخاذ": لا شك أن أهل العلم يتفاوتون، منهم من مستواه لا يؤهله لأن يستقل في قرية، ومنهم من يستقل في قرية، منهم من يستقل ببلد أكبر، منهم من يستقل –ينوء- بعلم الأمة وحاجة الأمة وهو واحد، ترد عليه الفتاوى من كل بلد ومن كل فج، ومن كل صقع، مشاكل متعددة وأعراف مختلفة، ومع ذلك يصدرون عن رأيه، وهذا كل له نصيبه مما يعطيه الله -جل وعلا- من هذا العلم، فالله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي قاسم، فعلى الإنسان أن يحرص أن يكون إخاذاً ليروي قدر ما يستطيعه من الناس، وإذا كان الذي يروي الناس من الماء المحسوس ثبت فضله العظيم في النصوص، فكيف بمن يرويهم بما ينفعهم في أمور دينهم؟ هو لا شك أن تعليم الناس أفضل من سقي الماء، لا شك أنه أفضل من سقي الماء، فبقدر ما تروي الناس من هذا العلم بعد تحصيله احرص على ذلك، احرص على أن تكون كالإخاذ الذي يروي أهل الأرض، احرص على ذلك إن تيسر، وإلا ما لك إلا ما كتب لك، لكن إذا حصلت شيئاً فابذله لغيرك، نعم. طالب: أحسن الله إليك. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل قال: قال عبد الله: "لو أن علم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وضع في كفة الميزان": شوف كِفَّة إيه، في كِفَّة وفيه كُفَّة، ما الفرق بينهما؟ طالب:. . . . . . . . . أيش هي؟ طالب:. . . . . . . . . يقولون: كل مستدير كِفة، وكل مستطيل كُفة، نعم، كل مستدير كِفة، وكل مستطيل كُفة؛ لأنه في كتاب اسمه (الكفة في فضائل أهل الصفة) بعضهم يقول الكِفة، لا، لا ما هو بصحيح، ليتم التناسق بين جملتي السجع تقول: الكُفَّة، كل مستطيل كُفَّة، كفة الثوب هذه مستطيلة، نعم، وكِفَّة الميزان كِفَّة، وهنا المطلوب كِفَّة الميزان، فهي بالكسر، نعم. طالب: أحسن الله إليكم "لو أن علم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وضع في كِفة الميزان ووضع علم أهل الأرض في كِفَّة لرجح علم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-".

نعم قد يقول قائل: إنه لو جمع فقه عمر وما أثر عن عمر ما يعادل كتاب من ها الكتب المطولة، يعني لو فقه عمر جمع من المصادر كلها يعادل المغني أو المجموع أو غيرها من الكتب المطولة؟ لا، لكن علم السلف الكلمة الواحدة تعادل مجلدات؛ لأنه علم مبارك مأخوذ من معدنه مباشرة بخلاف علم الخلف الذي شيب بغيره، علم السلف مختصر وقليل لكنه مبارك، فعمر بن الخطاب من هذا النوع إذا تكلم بكلمة خلاص يصدر عنها الناس، تعادل كتاب بالنسبة لغيره هذه الكلمة، ومن أراد أن يعرف قدر علم السلف وقلة كلام السلف مع متين علمهم فليقرأ في (فضل علم السلف على الخلف) لابن رجب -رحمه الله تعالى-، علمهم وإن كان كلامهم قليل إلا أنه مبارك بخلاف علم الخلف، يكتب لك رسالة في مجلد كبير وهي مسألة واحدة، في مسألة واحدة، لكن مثل هذا لا يوجد عند السلف.

ويقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: "ومن فضل عالماً على آخر بكثرة كلامه فقد أزرى بالسلف"؛ لأنهم ليسو أهل كلام، ليسو أهل كلام، وليسو أهل تشقيق للكلام وتفريع وتنظير لا، أبداً يعطيك الجواب، يعجبني، أكره، لا يعجبني، وقد اقتفى أثرهم من جاء بعدهم من سادات هذه الأمة من علماء هذه الأمة كمالك وأحمد وغيرهما، جوابهم قصير مختصر، وتجد الآن إذا سئل الإنسان عن مسألة فأجاب بسطر قال: ما ينقد عليَّ؟ سطر ما يسوى الكتابة، فتجده يأتي بكلام له حاجة، وكلام لا حاجة إليه من أجل أن يقال: ما شاء الله عنده بحور العلم، ما هو بصحيح؛ ليس مرد هذا كثرة الكلام، وإلا يوجد من الكتب الغثاء التي يملأ المكتبات الآن، بسبب مسألة واحدة يطبع له كتاب كبير، نعم قد يحتاج إلى شيء من التوضيح، يحتاج إلى شيء من البيان، يحتاج إلى شيء من التفصيل، هذا مطلوب، لكن إذا كانت المسألة ليست بحاجة، المسألة لا تحتاج إلى هذا، شيخ الإسلام يسأل عن المسألة الواحدة يفتي بمائتي صفحة، لكن عصره وجيله ووقته وقت شبه تحتاج إلى تجلية، وتحتاج إلى توضيح وبيان، كتب عن فتوى مائتين وثلاثين صفحة يقول: وصاحبها مستوفز يريدها، يعني ما تورث يبي هذه الفتوى، لكن العصر والشبه التي نشرت فيه تحتاج إلى توضيح، تحتاج إلى تجلية، تحتاج إلى بيان، لكن أحياناً كتب مسائل واضحة وما فيها شيء، أو ليست مسائل ما هن شيء، لكن لا بد يكتب، يقول: ها أنا موجود، لا بد أن يقول هذا، فتجده يفتح الأمور ويكرر ويزيد وينقص ويشرق ويغرب ويطلع للناس كتاباً ما يدرى وأيش رأسه من صاصه، هذا موجود، غثاء كثير في المكتبات، لكن علم السلف غير، فنصيحتي لكل طالب علم أن يقرأ كتاب (فضل علم السلف على الخلف) للحافظ ابن رجب؛ ليعرف مقدار السلف، لا يأتينا من يقول: أنه لو جمع علم الصحابة كلهم ما عادل فتاوى ابن تيمية، ما هو بصحيح.

هنا يقول: لو أن علم عمر بن الخطاب وضع في كفة الميزان ووضع علم الأرض في كفة لرجح علم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-": عمر بن الخطاب صدرت الأمة منذ أربعة عشر قرناً من بعض اجتهاداته، ويكفينا أنه الخليفة الراشد الذي أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- باتباع سنته: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي))، ((اقتدوا باللذين من بعدي)) نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد الله: "إني لأحسب عمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم". وهذا أيضاً بين فيه ابن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه- منزلة عمر في العلم ومتانته وأصالته، ولا يعني هذا أنه أفضل من أبي بكر -رضي الله عنه-؛ لأن بعض الناس يسمع هذه الأمور ويظن فيها إزراء لأبي بكر، لا، لو وضع إيمان أبي بكر في كفة لرجح بإيمان الأمة، والمعول على القلب، لكن الذي نقل عن عمر في كثير من القضايا أكثر مما نقل عن أبي بكر؛ لأن عمر طالت مدة خلافته، واحتاج الناس على ما عنده بخلاف أبي بكر لم تطل مدة خلافته فلم يحتاج الناس، ما استطاع أن ينشر من العلم مثل ما نشره عمر في عشر سنين، فإيمان أبي بكر هو الذي رفعه وجعله أفضل الأمة بعد نبيها، فننتبه لمثل هذا؛ لأن بعض النصوص، وبعض من يكتب في التراجم يذكر أوصاف وأمور لعمر قد يقر في قلب الإنسان شيء يجعله أفضل، لا ما هو بصحيح، لا، إذا قارنا عمر بأبي بكر صار شبه لا شيء، فلو وزن، إيمان أبي بكر لو وزن بإيمان الأمة لرجح، ويليه في الفضل عمر -رضي الله عنه- ثم عثمان ثم علي. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد في قوله: {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [(59) سورة النساء] قال: "أولي الفقه والعلم". {أَطِيعُواْ اللهَ}: هذا هو الأصل، {وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}: فطاعة ولاة الأمور واجبة على خلاف بين أهل العلم في المراد بولي الأمر في هذه الآية وفي حديث ((الدين النصيحة))، ولاة الأمر هم أئمة المسلمين، وكما اختلف في ولاة الأمر هنا هل هم الولاة الذين هم الأمراء والحكام، أو هم العلماء؟

ولا شك أن كل طرف من هذين له نصيب من الولاية، فالعلماء لهم الولاية الدينية، ولهم التوجيه الديني، وطاعتهم في هذا الباب واجبة، لكن الأمراء والحكام لهم أيضاً طاعتهم فيما لا معصية فيه لله -جل وعلا-، .... "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره"، لا بد من هذا ولا تتم الأمور ولا تنتظم أمور الدين والدنيا إلا بطاعة ولي الأمر، أولاً: لا بد من وجود ولي الأمر، ثم بعد ذلك لا بد من طاعته، وولي الأمر كما هو معروف في الشرع له حقوقِ، وعليه حقوق، لكن إذا أمر بما لا معصية فيه وجبت طاعته، وجبت طاعته. هنا يبين في هذا الخبر وهو من تفسير مجاهد أن أولي الأمر هم أولي الفقه والعلم، والمسألة خلافية بين أهل العلم، ولكل منهما نصيب، من هذه الآية ومن حديث: ((الدين النصيحة))، فالعلماء تجب طاعتهم، والأمراء والملوك والولاة تجب طاعتهم، وكما أن العلماء تجب نصيحتهم والأمراء والولاة تجب نصيحتهم، كما جاء في حديث تميم وكما هنا، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش قال: "كنت أسمع الحديث فأذكره لإبراهيم، فإما أن يحدثني به أو يزيدني فيه". نعم هذا من سعة علم إبراهيم، سعة محفوظه من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا سمع الأعمش حديث -وهو من الثقات الأثبات الحفاظ- إذا سمع حديثاً ذكره لإبراهيم، لعله أن يأتي له بما ليس عنده، يتحفه به، يظن أنه ليس عند إبراهيم منه علم –النخعي- "فإما أن يحدثني به": يعني يرويه لي من طريقه، يكون محفوظاً عنده قبل أن أذكره، "وإما أن يزيدني فيه": يكون قد ترك جملة منه أو كلمة أو شيء يزيده، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن مسعود بن مالك قال: قال لي علي بن الحسين: "تستطيع أن تجمع بيني وبين سعيد بن جبير؟ قال: قلت: وما حاجتك إليه؟ قال: أشياء أريد أن أسأله عنها إن الناس يأبنوننا فقال: بما ليس عندنا".

هذا علي بن الحسين زين العابدين بن علي بن أبي طالب، يقول لمسعود بن مالك: "تستطيع أن تجمع بيني وبين سعيد بن جبير؟ قلت: وما حاجتك إليه": ماذا تريد منه؟ يريد أن يسأله عن أمور يتهم أهل البيت فيها أن عندهم علماً خصهم النبي -عليه الصلاة والسلام- به دون غيرهم، وهم ما عندهم علم، ما خصهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بشيء أبداً، كما جاء عن علي لما سئل قال: ما عندنا شيء، أبداً، إلا ما استثني أيش عندهم؟ يحفظ ما عندهم؟ ما عندنا إلا .... طالب: إلا ما في هذه الصحيفة. إيه ما عندهم إلا الصحيفة التي يروونها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي متاحة لهم ولغيرهم، ما عند أهل البيت شيء يستقلون به، وأما ما وضع عليهم وكذب عليهم، وافتري عليهم وادعي فيهم، هذا لا أساس له، بل هو من وضع الأتباع. يقول: "قلت: وما حاجتك إليه؟ قال: أشياء أريد أن أسأله عنها، إن الناس يأبنوننا بما ليس عندنا": يتهموننا بأن عندنا علماً غير، يعني أنهم مخصوصون بعلم لم يصل إلى الناس، والذي يتهم بالعلم، يتهم بالعلم، لا شك أنه يتعرض لمسألة الناس، يتعرض لسؤال الناس، فعليه أن يسعى لتكميل نفسه؛ خشية أن يسأل أسئلة يحرج فيها، لا يجد لها جواباً، وهذا يريد أن يجتمع، وزين العابدين إمام من أئمة المسلمين معروف يريد أن يجتمع بسعيد بن جبير ليسأله عن بعض المسائل التي يخشى أن تطرح عليه، نعم بعض الناس يكون في موقع، أو يكون له ذكر بين الناس، بعض الناس يكون ذكره أعظم من واقعه، فمثل هذا يحرج إذا سئل عن مسائل مشكلة، مثل هذا يتعرض لإحراج، فعليه أن يسعى لتكميل نفسه، وهذا لما كان من أهل البيت، نعم، يتصور الناس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خصهم بشيء لا يوجد عندهم، فهو يحاول أن يكمل نفسه بحيث إذا سئل يجيب، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث عن مجاهد أن عمر -رضي الله تعالى عنه- نهى عن المكايلة يعني المقايسة".

هذا الخبر يرويه جرير عن لليث بن أبي سليم وهو ضعيف عن مجاهد، مجاهد أدرك عمر وإلا ما أدركه؟ نعم، مجاهد لم يدرك عمر، "أن عمر نهى عن المكايلة": و (أن) هذه لا تحمل على الاتصال مطلقاً، حكمها حكم السند المعنعن، لو قال: عن عمر، أو قال عمر، أو أن عمر نهى، هذه كلها لا تجب على الاتصال إلا بالشروط المعروفة إذا عرف، عرفت المعاصرة، وعرف اللقاء -على الخلاف في ذلك- وأمن من تدليس الراوي، تحمل على الاتصال وإلا فلا، وهنا لا توجد المعاصرة فضلاً عن اللقاء فلا اتصال. هذا الخبر: "نهى عن المكايلة يعني المقايسة": وعمر -رضي الله عنه- قد يقول مثل هذا الكلام، احتياطاً للدين، وخشية أن يسترسل الناس في الأقيسة والرأي ويتركون النصوص، جاء ذم الرأي، جاء ذم القياس، لكنه مع وجود النصوص، أما مع عدم النصوص التي تدل على المسألة بعينها لا بد من استعمال الرأي؛ لأن هناك نوازل لم ينص عليها في الكتاب والسنة، وإنما لها أشباه ولها نظائر لا بد من استعمال القياس، والقول بالقياس هو قول جماهير العلماء، لكن شريطة ألا يوجد نص في المسألة؛ لأنه لا قياس مع النص، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن الحسن قال: "إن لنا كتباً نتعاهدها". نعم هذا من كلام الحسن -رحمه الله- معروف التابعي الجليل الحسن البصري، على حفظه وعلى سعة علمه واطلاعه وفهمه، وفقهه يشبه فقه السلف، وكلامه ومواعظه تشبه بكلام النبوة، يعني من كبار الوارثين من علم النبوة يقول: "إن لنا كتباً نتعاهدها": نعم لا بد من التعاهد، يعني الذي يعتمد على حفظه ويترك المكتوب، ما يراجع الكتب، ولا ينظر فيها هذا ينسى، ويخلط، إذا طال به العهد نسي هل القول لفلان، أو لعلان، هل القول مذكور في كتاب كذا أو في كتاب كذا؟ يحصل عنده شيء من الخلط، فإذا كان يتعاهدها ويراجعها عند الحاجة ازداد علماً وثبت ما عنده، نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق قال: "كنا عند عبد الله جلوساً وهو مضطجع بيننا نراه، فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن إن قاصاً عند أبواب كندة يزعم أن آية الدخان تجئ فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام، فقال عبد الله -وجلس وهو غضبان-: يأيها الناس اتقوا الله فمن علم منكم شيئاً فليقل بما يعلم، ومن لا يعلم فليقل: الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، فإن الله تعالى قال لنبيه -عليه السلام-: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [(86) سورة ص] ". نعم، وهذا من ابن مسعود -رضي الله عنه- توجيه للعلماء وطلاب العلم ألا يتكلفوا ما لا علم لهم به؛ لأن بعض الناس إذا سئل يحاول يعصر ذهنه ويتمحل ويتكلف لا بد أن يجيب، لا، لا الأمر أهون من ذلك، ما تعرف، قل: الله أعلم، ما أنت مكلف. فهذا مثال، أن قاصاً -القصاص الوعاظ- الوعاظ وهم في الغالب عمدتهم على القصص والأخبار والحكايات، ويغفلون عن نصوص الكتاب والسنة؛ لأنها معروفة لدى الخاص والعام فلا تجذب الناس، لكن بالحكايات والقصص والأخبار ينبسط الناس ويجتمعون، يطربون لذكر القصص. فهذا القاص يزعم أن آية الدخان المشار إليها في سورة الدخان، نعم {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [(10) سورة الدخان]، هذا الدخان يجيء فيأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين، وعلى الخلاف بين أهل العلم هل هو حصل أو ما حصل؟ والمسألة معروفة.

"ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام، فقال عبد الله -وجلس وهو غضبان-: يأيها الناس اتقوا الله فمن علم منكم شيئاً فليقل بما يعلم": نعم، قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، من عنده شيء من العلم يقوله به، من لا علم عنده يمسك، "ومن لا يعلم فليقل: الله أعلم": يكل العلم إلى عالمه ويرده إلى مصدره، "فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم": هو أعلم، هو أسلم وأحكم، أن يقول: الله أعلم، قد يقول قائل: كلمة الله أعلم كل يتقنها ويستطيعها إذن ليست بعلم، نقول: هي علم، ولو لم تكن إلا علم الإنسان بقدر نفسه فهي علم، ولو لم يكن من ذلك إلا حرص الإنسان على سلامة نفسه فهي أسلم، والحكيم الذي يسعى لخلاص نفسه، ولذا يقرر أهل العلم أن المفتي يكون حرصه على خلاص نفسه، أشد من حرصه على خلاص المستفتي. "فإن الله تعالى قال لنبيه -عليه السلام-: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} ": إنما يريد الأجر والثواب من الله -جل وعلا-، {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [(86) سورة ص] ": جاءني علم، جاءني شيء عن الله -جل وعلا- بلغته، والذي لم يأت لا أتكلفه، وهكذا ينبغي للعالم وطالب العلم إن كان عنده علم متأكد منه محقق، يفتي به وإلا يقول: الله أعلم، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت أبا جعفر يذكر عن الربيع بن أنس قال: "مكتوب في الكتاب الأول: ابن آدم علم مجاناً كما عُلمت مجاناً". هنا يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: سمعت أبا جعفر: الرازي، عيسى بن ماهان؟ طالب: ابن أبي عيسى. هاه؟ طالب: عيسى بن أبي عيسى. هو، هو؟ طالب: أبو عيسى اسمه عبد الله. هو أبو جعفر الرازي نعم، لكنه ضعيف عند أهل العلم، هو هو؟ طالب: هذا الثاني أبو جعفر. . . . . . . . . إيه صحيح، صحيح معروف.

يقول: سمعت أبا جعفر يذكر عن الربيع بن أنس قال: "مكتوب في الكتاب الأول": يعني في الكتب المتقدمة: ابن آدم علم مجاناً كما عُلمت مجاناً": وقد يكون مكتوب في اللوح المحفوظ كما يقرر بعضهم، على كل حال التعليم مجاناً كما تعلم الإنسان هو الأفضل، وأما أخذ الأجرة على التعليم وعلى التحديث، وعلى قراءة القرآن وإقرائه هذه مسألة مختلف فيها بين أهل العلم، لكن جاء في الحديث الصحيح: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله))، فإذا جاء أخذ الأجرة على كتاب الله -جل وعلا- وعلى تعليمه فمن باب أولى غيره من العلوم، ومن أهل العلم من يتورع من أخذ الأجرة على تعليم العلم الشرعي، ويأخذ الأجرة على غيره، يعلم الكتاب والسنة مجاناً، لكن يعلم التواريخ، يعلم الأدب يعلم العربية، يعلم غيرها من العلوم بالأجرة، فيتورع عن أن يعلم ما يبتغى به وجه الله يعلمه بالأجرة، وعلى كل حال المقرر عند أهل العلم أن التعليم بالأجرة لا سيما إذا لم يكن له مصدر ولا كسب يكفيه ويكفي أولاده، أنه يفرض له من بيت المال ولا شيء في ذلك، نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ليث عن مجاهد قال: "ذهب العلماء فلم يبق إلا المتكلمون، وما المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم". يقول مجاهد: "ذهب العلماء فلم يبق إلا المتكلمون": نعم الكلام كثير، لكن هل الكلام هو العلم؟ لا، ما أكثر الكلام الذي لا ينفع ولا يفيد، لكن العلم ما يفيد. "ذهب العلم فلم يبق إلا المتكلمون": أهل الكلام الكثير تشقيق الكلام تفريع المسائل نعم، "وما المجتهد فيكم": يعني بالنسبة لمن قبلكم "إلا كاللاعب": المجتهد كاللاعب إذنً ما حال اللاعب؟ وإذا كان هذا يقوله في عصر التابعين في القرون المفضلة، فكيف لو رأى أزمان جاءت بعده؟ أزمان جاءت بعده تقضى على أحسن الوجوه بما لا خير فيه ولا فائدة، فضلاً عن كونها تقضى الأزمان والأوقات وتفنى الأعمار فيما لا يرضي الله -جل وعلا- والله المستعان! نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعي قال: سمعت بلال بن سعد يقول: "عالمكم جاهل وزاهدكم راغب وعابدكم مقصر".

هنا يقول: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعي قال: سمعت بلال بن سعد يقول: "عالمكم جاهل": يعني نسبي –بالنسبة- عالمكم جاهل؛ لأن هذه الأمور، العلم والجهل، والعبادة، والزهد وغيرهن، يعني زيادة ونقصاً أمور نسبية، أمور نسبية، يعني تصور أن العالم في هذا الوقت مثل العالم قبل قبل خمسمائة سنة أو ستمائة؟ لا، لا لا، يعني حتى من يقال له: حافظ في هذه الأوقات يعني لا يساوي شيء بالنسبة لحفاظ الصدر الأول، فالعالم بالنسبة لأولئك جاهل، يعني تجد العامي في عصر السلف عنده من العلم ما هو أفضل من علم كثير من علماء هذا الوقت، "عالمكم جاهل": لأنها أمور نسبية. وجاء شخص من الجمهوريات بعد سقوط الشيوعية نائب مفتي، نائب مفتي في جمهورية من الجمهوريات، أيش تتصورون عنده من العلوم؟ ما عنده شيء، يسأل عن أمور بدهية، يسأل عن أمور في الوضوء والصلاة، ... نائب مفتي! أمور نسبية احنا في هذه البلاد نعيش -ولله الحمد- صحوة علمية عارمة -ولله الحمد- على الجادة من القرآن والسنة، لكن في غيرها من البلدان عندهم جهل، جهل مطبق، بعد تيسر الأسباب وانتقال العلم بواسطة هذه الوسائل بدأت العلوم تصل إلى أقاصي الأرض، والدروس -ولله الحمد- دروس المشايخ الكبار والمتوسطين حتى الصغار تصل إلى أقصى المشرق وأقصى المغرب، وإشكالاتهم وأسئلتهم تصل إلينا، ويختبر بعضهم هناك ويجد عندهم خير كثير، ممن تحصل علماً، وهذه نعمة ولله الحمد. "عالمكم جاهل وزاهدكم راغب": يعني عندنا الزاهد نعم الذي يترك الدنيا لكنه قلبه قد يكون متعلق بها، لكن هناك إذا زهد الإنسان خلاص قلبه قالب، نعم، هذا زاهدكم راغب بالنسبة لزاهدهم. "وعابدكم مقصر": يعني لو نجد شخصاً يجلس بعد كل صلاة مثلاً نصف صلاة قلنا: هذا وين، هذا راهب ذا، هذا عابد هذا، وين؟ ويمكن أنه بعد يظلم نفسه شيء عظيم، بينما لو قراناه بعباد مضوا في الصدر الأول لا شيء، وأخبارهم يعجز الإنسان عن بيانها، نعم.

"عابدكم مقصر": لا هي أمور نسبية، لكن لا شك أنه مع كثرة المعين يسهل الأمر ومع قلة المعين في هذه الظروف التي نعيشها إذا وجد العالم ولو عنده شيء من الخلل لو وجد الزاهد، لو تعلق قلبه بشيء من أمور الدنيا؛ لأنه لا يمكن أن ينفك عنها؛ لأن ظروف الحياة تضطره إلى هذا، لو وجد عابد لو كان عنده شيء من التقصير في العبادة أمور نسبية بالنسبة لغيره عابد، وبالنسبة لغيره زاهد، بالنسبة لغيره عالم، فالأمور تقاس بنظائرها وأمثالها، ما نقول: والله الآن نختبر قاضي أو داعية، نقول: لا، لازم هذا الداعية يصير مثل ابن تيمية، وإلا ما يصير ذا؟ ما هو بصحيح، أنت تنظر إليه إن كان أفضل قومه هو الأنسب، قاضي إن كان أمثل زملائه هو الأنسب، نفترض أن بعض الشروط اختلت لكن موجود العلم، نعم، أفضل من كون المسألة تبقى خالية. . . . . . . . . ما في شيء ممن يسد هذه الثغرة، نعم، لو وجد مجموعة فساق وجاء وقت إقامة الصلاة نقول: لا تصح إمامة الفاسق؟!. . . . . . . . . المطوع. . . . . . . . . وأيش يسوون، لا بد أن تسد هذه الحاجة، فلا شك أن يقولون: الزكاة من نفس المال، من أين تبي تطلع، الزكاة من نفس المال، نعم. هذه أسئلة. يقول الله -جل وعلا-: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [(121) سورة طه]، هل ينطبق على آدم -عليه والسلام- قولنا: كل من عصى الله فهو جاهل، كونه عصى الله وأكل من الشجرة أم هذا لا يشمل الأنبياء؟ مقتضى قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [(17) سورة النساء]، فآدم عمل سوء، نهي عن أكل الشجرة فأكل، وتاب فتاب الله عليه، فهو داخل في هذه الآية، لكن من باب الأدب مع الأنبياء لا يقال: جاهل، هذا من باب الأدب وإن كانت الآية تشمله وتعمه كغيره، ولا يتصور في أحد أنه يشمل العلم كله، فالعلم نسبي والجهل نسبي. يقول: ما حكم الزواج من رجل شيعي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- عبده ورسوله، وهذا السؤال عاجل جداً، هذا من روسيا؟

لا شك أن الشيعي –الشيعة- طوائف متفاوتة، وفرق متعددة منهم الغلاة الذين يدعون أئمتهم من دون الله -جل وعلا- ويشركون بهم الشرك الأكبر، ومنهم من يدعي العصمة لأئمتهم، ومنهم من يكفر الصحابة، ومنهم من يزعم نقص القرآن، ومنهم من يقذف عائشة كل هؤلاء كفار ولا يجوز الزواج منهم، أما كونه يميل إلى أهل البيت، ويعظم ويقدر أهل البيت، وعنده شيء من تفضيل أهل البيت هذا تشيع لا شك، لكنه تشيع خفيف لا يبطل العقد، فالإشكال فيما يخرج عن الملة، فإذا كان الإنسان في دائرة الملة فيصح الزواج منه وإلا فلا، وهم مثل ما ذكرنا، وفصل أهل العلم فيهم، هم طوائف كثيرة، منهم من بدعته كبرى مغلظة تخرج من الملة، فهذا لا يجوز الزواج منه، ومنهم من بدعته صغرى فمثل هذا ما زال في دائرة الإسلام ونكاحه صحيح. يقول: من تعلم وعلم وعمل هل هذه العبارة تنطبق على العامي وطالب العلم والعالم، أم أنها خاصة بالعالم الرباني؛ لأن أي شيء يمكن يتعلم .. أيش؟ لأن أي إنسان ممكن أن يتعلم سنة ويعمل بها ويعلمها غيره؟ على كل حال من تعلم شيئاًِ لزمه أن يعمل به، من بلغه شيء لزمه العمل به، فإذا علمه الناس وتعدى نفعه، كان لهم أجر الدلالة على هذا الخير، لكن لا يسمى عالماً إلا إذا حوى جملة صالحة لهذه التسمية. يقول: هذا من الإمارات: إذا تسبب شخص في الإفساد بين اثنين وهو لم يقصد الإفساد، بل لم يتوقع حدوث ذلك منه، ويشهد الله أنه كان يريد كل خير، هذا والأخ المتضرر يتهمه ويدعو عليه ليل نهار بألا يسامحه الله، وينتقم منه؟ لابد من استحلاله، لأنه لا يكفي عدم القصد، لأن هذه حقوق العباد تثبت ولو بالخطأ، حق الله معفو عنه في الخطأ، لكن ما يترتب على ذلك من حقوق العباد تلزم وتترتب آثارها على مجرد الفعل ولو لم يقصد الخطأ، ولذا قتل الخطأ معروف، هو خطأ يريد أن يقتل صيد فيرمي إنسان يدان به، عليه الدية بالكفارة إذا كان مسلماً، فيقول هذا: وهو لم يقصد الإفساد، على كل حال يسعى في الإصلاح بقدر ما سعى في الإفساد، وبذلك ينتهي أثر هذه المعصية مع الندم على ذلك وعدم العود، وإذا تحلل وطلب أن يبيحوه وعادوا إلى .. ، يكفي إن شاء الله.

يقول: الإسناد إلى المسيح ما حقيقته وكيف يصل إليه؟ على كل حال وجد، نقول: وصلتنا عن طريق أهل الكتاب، ومثل هذه في الغالب أنها لا تكون أسانيد متصلة إلا إذا حفظت في دواوين الإسلام المعروفة المشهورة بالأسانيد الصحيحة. يقول: سمعت لبعض المتأخرين قوله: لقد ذهب العلماء ولم يبق إلا أوعية سوء، وهل هذا يعارض ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله))؟ أولاً: كلمة ذهب العلماء، ما ذهب العلماء، والعلماء موجودون، أهل العلم والفضل والصلاح والخير والاستقامة موجودون، عندنا علماء، عندنا دعاة، عندنا قضاة، عندنا عباد، والحمد لله الأرض فيها خير، لكن مع ذلكم عليهم تبعات كبيرة في تبليغ هذا العلم، وفي نشر هذا الدين، وفي متابعة ذلك. يقول: من طلب العلم ودرس في الجامعة لينال الشهادة والوظيفة هل يكون من ممن يصيب من عرض الدنيا، لم يرح رائحة ... ؟ إذا كان الهدف والباعث على دخوله الجامعة وطلب العلم هذا متوعد بالوعيد المذكور، وعليه أن يجاهد نفسه. يقول: من عبد الله في الأحاديث؟ الأحاديث التي مرت عبد الله من غير تبيين، ومن غير تمييز هو عبد الله بن مسعود. يقول: ذكر النووي -رحمه الله- أن الغيبة تجوز في فاسق، فما تفسير الفاسق؟ الفاسق هو المعلن، المعلن بمعصيته الذي يتظاهر بها، أجاز جمع من أهل العلم غيبته، لا غيبة لفاسق عندهم، وقال غيرهم: إنه ما دام في دائرة الإسلام فعرضه محترم لا يجوز الكلام فيه، نعم إذا كان الباعث على الكلام فيه النصيحة فالنصيحة واجبة وإلا فالأصل أن يكون الكلام بينك وبينه من باب النصيحة إليه سراً ليقلع. وهل أي شخص نغتابه وفي بعض المجالس ننكر، فيقولون بعض طلبة العلم: فلان فاسق، الغيبة فيه جائزة، كيف الرد؟ على كل حال الأمور بمقاصدها، إذا كان الكلام في هذا الشخص -حتى على القول بجواز غيبة الفاسق- إذا كان القصد والهدف من الكلام فيه التحذير منه ومن فعله فلا بأس، أما إذا كان المراد من ذلك التشفي بعرضه لا يجوز، وينبغي أن يكون الكلام بقدر الحاجة، أن يكون الكلام مع الحاجة الشديدة والماسة إلى ذلك، ويكون أيضاً بقدر الحاجة، وعلى الإنسان أن يحفظ لسانه.

يقول: إذا كان طالب العلم يحضر دروس ويستمر إلى قبيل الإقامة، فهل يجوز له الخروج من المسجد بعد الأذان إذا كان يفوته الدرس وهو إمام راتب؟ إذا كان أماماً وخرج من المسجد لأداء الصلاة في جماعته لا شيء عليه، الكلام إذا لم يكن هناك حاجة. يقول: هل هناك من شروح مطبوعة لهذا الكتاب؟ ليس له شرح مطبوع. هل من إعادة توضيح لطريقة التأليف عند المتقدمين؟ هذا يطلب .. ، طريقة المتقدمين التي ذكرت في أول الدرس الأول، فذكر الراوي وذكر المؤلف في سند الكتاب التي يستنكرها بعض من لم يعامل مصنفات المتقدمين بأن يذكر المؤلف وقد يذكر الراوي عنه، هذه لا يستسيغها كثير من الناس وهذه أطلنا فيها، هذه انقرضت في عصر أصحاب الكتب الستة وشيوخهم. يقول: ورد قول عبد الله -رضي الله عنه-: إن الذي يفتي الناس في كل ما يسألونه لمجنون، فمن يجيب السائل إذا لم يفته العالم في كل سؤال؟ الذي يجيب الناس في كل ما يسألونه مهما بلغ من العلم لن يجيب الناس في كل ما يسألونه، إذا كان مرده إلى علمه، أما إذا كان يجيب كل شيء فيضطر أن يجيب بغير علم؛ لأنه لا يتصور مهما كان من العلم والإحاطة أنه سوف يجيب عن كل ما يسأل عنه، لا بد أن يمر عليه أسئلة لا يعرفها، فإذا أجاب عن كل ما سئل عنه، لا شك أنه لمجنون. ما هو حديث الجساسة الذي أخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحد الصحابة؟ عن تميم الداري في صحيح مسلم في قصة الدجال، فلتراجع. قوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(38) سورة الأنعام]، أليس هو المراد بالكتاب وهو اللوح المحفوظ؟ على خلاف بين أهل العلم في المراد بالكتاب، وعلى كل حال المقرر عند أهل العلم أن القرآن فيه أصول الأشياء كلها. يقول: لو تفضلتم بذكر كتاب واحد معتمد في فقه كل مذهب، المذهب الحنبلي، المالكي، الشافعي، الحنفي وغيرها.

بالنسبة لمذهب الحنابلة معروف كتبهم مرتبة يعني بدءاً من آداب المشي إلى الصلاة في الفقه، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ثم العمدة، ثم الدليل ثم الزاد، ثم بعد ذلك الإقناع والمنتهى، ثم بعد ذلك المقنع والكافي، ثم الكافي، ثم المغني، كتبهم موجودة ومرتبة ومعروفة، لكن بعضها يغني عن بعض لا سيما إذا أراد الإنسان التفقه من طريق كتاب يجعله خطة عمل يسير عليها، يكتفي بكتاب واحد ويراجع كتب أخرى. المالكية عندهم كتب ومختصرات يعني بدءاً من العشماوية متن مختصر جداً، إلى مختصر خليل وهو في غاية الصعوبة والتعقيد، لكنه متن معتمد عندهم، يربون عليه طالب علم؛ لأنه صعب وشديد، إذا تربى عليه طالب العلم أصعب من الزاد عندنا، إذا تربى طالب العلم على مختصر خليل خلاص اتركه، يبحث على كيفه، يفهم كل كلام من كلام الفقهاء. الشافعية عندهم، عندهم متون كثيرة من أهمها المنهاج للنووي، وعليه شروح كثيرة جداً، ومنها التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي وعليه أيضاً شروح وحواشي، ومنها أطول منها المهذب لأبي إسحاق الشيرازي، كتب كثيرة جداً، والوجيز للغزالي، ثم بعد ذلك يتدرجون في الكتب التي تعنى بذكر الدليل والخلاف. والحنفية عندهم مختصر القدوري وعندهم غير مختصر القدوري، عندهم الهداية مطولة قليلاً، بداية المبتدئ التي هي متن الهداية، الهداية في شرح البداية، يعني البداية يعني تعادل الزاد عندنا، وعندهم مختصر القدوري عندهم كتاب مفصل وله شروح. بداية المبتدي عليها بعض الملاحظات اليسيرة، يعني ما هي مرضية من كل وجه عندهم، والهداية كذلك، لكن مع ذلكم هي عمدة عندهم،. . . . . . . . . وشرحوها شروح كثيرة، لها شرح للعيني، ولها شرح للكمال ابن الهمام، وهو من أفضل شروحها؛ لأنه من تلاميذ الحافظ ابن حجر ويدعم اختياراته بالدليل، وهو كتاب مناسب لطالب العلم. يقول: إذا بدأ الطالب في حفظ صحيح البخاري مباشرة وحفظ أفراد كل واحد من أصحاب الكتب الستة ... ؟

نعم ويجعل محور درسه صحيح البخاري، ويعنى بصحيح البخاري ويدرس صحيح البخاري من كل وجه، هذا إذا تجاوز مرحلة حفظ المتون الأولى، الأربعين ثم العمدة ثم البلوغ أو المحرر، حينئذ يتسنى له النظر في صحيح البخاري ويجعله هو ديدنه، ثم بعد ذلك إذا مر بحديث يتفق مع البخاري في تخريجه مسلم يراجع صحيح مسلم، ويكتب على هذا الحديث أنه تمت مراجعته مع صحيح البخاري، وهكذا إلى أن ينتهي الكتاب، إذا مر حديث خرجه الترمذي يشير عليه أنه تمت دراسته من صحيح البخاري، إذا مر عليه حديث في سنن النسائي يشير عليه أنه درس من صحيح البخاري، إذا مر .. ، وهكذا، إذا انتهى من صحيح البخاري يأتي إلى مسلم، أحاديث مسلم عنده جزء كبير منها وافق فيها البخاري. . . . . . . . . فيها، فيأخذ القدر الزائد من مسلم على صحيح البخاري، وهو يدرس صحيح مسلم يجعل بجانبه السنن الأربع، يوافق مسلم على تخريج هذا الحديث أبو داود يشير إليه أن هذا الحديث في سنن أبي داود تم مع صحيح مسلم، وافقه عليه النسائي يشير إلى أن هذا الحديث درس في صحيح مسلم، فإذا انتهى من صحيح مسلم يبدأ بسنن أبي داود، يصير الآن ممكن نصف سنن، أقل من .. ، ثلث سنن أبي داود يطرحها في حسابه، فيجعل محور العمل بعد ذلك زوائد سنن أبي داود على الصحيحين، طريقة سهلة يا إخوان، صحيح أنها تحتاج إلى وقت لكن هذا العلم. أنت الآن انتهيت مما في الصحيحين ومن سنن أبي داود، نسبة كبيرة، ثم بعد ذلك إذا هذا الحديث الذي ليس في الصحيحين من زوائد أبي داود على الصحيحين موجود في الترمذي تشير إلى أن هذا سبق دراسته في سنن أبي داود يطرح في حسابه، في سنن النسائي كذلك إلى أن ينتهي سنن أبي داود، فتأتي إلى الترمذي تجد عندك نصف الترمذي انتهى في الصحيحين وسنن أبي داود، هذا. . . . . . . . . تدرسه مع بقية السنن تشير على ما في سنن النسائي ما درس مع الترمذي هذه الزائدة، عندك مجموعة من سنن النسائي درست مع البخاري، درست مع مسلم، درست مع أبي داود، درست .. ، نعم ثم بعد ذلك بهذه الطريقة تصل إلى سنن ابن ماجه وعندك آخر الزوائد.

الآن كثير. . . . . . . . . تعتني بالكتب الستة بخمس سنن؟ هذا كثير؟ ليس بكثير، العمر ينتهي، يوم ثم يوم، ثم يوم وتنتهي الأيام وأنت ما سويت شيئاً، سوي شيء، ما مسكت الطريقة لكي تتفقه بها، فهذه الطريقة نقول: قبل أن ينشغل الإنسان عن تنفيذ هذه الطريقة يبدأ بها، وذلك بعد العناية بكتاب الله -جل وعلا-، فإذا طبقنا هذه الطريقة انتهينا من الكتب الستة، صار عندنا تصور كامل للكتب الأصلية، أما نعتمد على المختصرات، نأخذ مختصر الزبيدي، ثم نأخذ الزوائد من صحيح مسلم من مختصر المنذري ما يصلح هذا، يفوت طالب العلم خير كثير، يفوته خير كثير، نعم الطالب الصغير الذي يوجه للحفظ في بداية الأمر قد لا يستوعب كثير من الأمور التي توجد في الأصول يقول: أنا أحفظ، خزن الآن، ثم بعد ذلك تفقه فيما بعد، لكن الطالب المتأهل ما في أنفع له من هذه الطريقة. يقول: هل الأولى بمن خرج من المسجد ليتوضأ ثم رجع وكان هناك محاضرة أو درس يصلي تحية المسجد أو يجلس؟ أولاً: تحية المسجد سنة جاء الأمر بها، ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))، لكن إذا كان هناك درس النبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبة الجمعة قال للداخل: ((هل صليت ركعتين؟ )) قال: لا، قال: ((قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما)) هذه في خطبة الجمعة واجبة الاستماع، لكن لما دخل الثلاثة ما حفظ أنه قال للذي جلس هل صليت ركعتين، لكن من أهل العلم من يقول: إن هذا محفوظ ولا يحتاج التنصيص عليه، هذا ثابت بنصوص أخرى ما يحتاج إلى أن ينص عليه في كل مناسبة، فلعل النبي -عليه الصلاة والسلام- رآهم صلوا فما يحتاج إلى أن يسألهم، فتحية المسجد سنة مؤكدة، سنة مؤكدة، يبقى أن من خرج ليدخل، ما هو بقصده الخروج، ما هو بقصده الخروج من المسجد، فمن خرج ليدخل بعض أهل العلم يتسامح في حقه، ومثله من تكرر منه الخروج أو خرج قريباً ثم عاد، مثل هذا يتسامح في حقه، مع أن الأولى أن يصلي ركعتين. هل من وصية حول العناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأقل في البيوت ثم بيوت الأقارب؟

جاء في الحديث الصحيح: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) ((من رأى منكم)): هذه (من) من صيغ العموم تتجه إلى كل من يسمع هذا الكلام، كل من يتجه إليه الخطاب يتعين عليه، ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)) الذي لا ينكر المنكر بقلبه ليس عنده إيمان بالكلية، ليس له على ذلك من الإيمان حبة خردل -نسأل الله السلامة والعافية- لكن ينبغي أن نفقه كيف ننكر المنكر، بحيث لا يترتب على المنكر شر أعظم منه، مفسدة أعظم منه، منكر أعظم منه؛ لأن الإنسان قد يثق بنفسه ثم بعد ذلك يجرؤ على إنكار منكر بيده، أو بلسانه في بعض المناسبات وبعض الأماكن يترتب على ذلك منكر أعظم منه، إما يختصه وهذا مسألة ارتكاب العزيمة، مسألة معروفة عند أهل العلم، وارتكبها بعض الصحابة، لكن الإشكال إذا كان هناك مفسدة متعدية إلى غيره، هنا حينئذ يلزمه أن يكف، يكف عن الإنكار ويكتفي بالإنكار بقلبه، وعلى كل حال خصيصة هذه الأمة وسبب تفضيلها على سائل الأمم هو أيش؟ قيامها بهذه الشعيرة، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} لماذا؟ لأنكم عرب؟ لا، لأنكم تسكنون هذه البلاد؟ لا، السبب: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(110) سورة آل عمران]، هذه خصيصة، هذه مزية هذه الأمة، أما إذا عطلنا هذه الشعيرة ما صار لنا مزية أبداً على سائر الأمم، بل حلت بنا العقوبة، وحلت بنا المثلات، وصدمنا الغير، لكن إذا وجدت المدافعة للمنكرات والشرور بالطرق المناسبة والطرق المتاحة، يدفع الله عنا بذلك الشر العظيم، لكن الإشكال في التواطؤ على السكوت، وإقرار المنكرات هو الذي يجعلها تستشر وتزيد ثم يعلن الناس العجز، ثم يقولون: عمت بها البلوى، ما عمت البلوى حتى تواطئنا على السكوت، وإلا لو كل إنسان يمر على صاحب محل يبيع شيئاً محرماً، يقول له: هذا محرم، ما صارت مثل هذه المنكرات، لو كل واحد منا يمر على مستوصف أو مستشفى به مخالفات لو يدخل بس مع الباب يهابونه الفساق فضلاً عن كونه يسدي نصيحة أو كلمة أو يتحسس بعض الأمور التي قد توجد بل استفاضت في بعض المحافل، وقصور الأفراح والاجتماعات

كلها فيها منكرات تحتاج إلى وقفة صادقة بالإنكار، بالطرق التي تتاح للإنسان بحيث لا يترتب عليها مفسدة أعظم منها. قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: حدثنا عبد الله، هذا هو الراوي عن المؤلف "قال: حدثنا أبو خيثمة": المؤلف، "قال: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره": يعني ينتقي طالب العلم بعض الأقران المعروفين بجودة الفهم وقوة الحفظ والجد، فيذاكر معه أو معهم ما حفظ، يذاكر معهم ما فهم، والطريقة لحضور الدروس وتحضيرها ومذاكرتها، ولا يفلح طالب العلم حتى يعتني بدرسه، فيقرأ الدرس قبل الحضور، ويحفظ ما يراد حفظه، ويراجع ما يمكنه من الشروح، ثم يحضر الدرس إلى الشيخ ويناقش، ويسأل عما يشكل عليه، وينصت ويتأدب، ثم بعد ذلك إذا انتهى الدرس تذاكر الأقران، ذاكر الأقران بما حفظ وبما فهم وبما سمع، وقل أن يفلح طالب العلم الذي لا يعرف الكتاب إلا في الدرس، قل أن يفلح، فالعلم متين لا يأتى بسهولة ولا يستطاع براحة الجسم، فلا بد من المعاناة، لا بد من الاهتمام قبل حضور الدرس، والإنصات والإفادة والانتباه أثناء حضور الدرس، ومناقشة الشيخ عما يشكل، ثم بعد ذلك بعد الانصراف من الدرس يتذاكر الطالب مع أقرانه، لا سيما مع من عرف منهم بالجد، أما الأقران المعروفين بالهزل فهؤلاء يضيعون الوقت، فلا يحسن رفقتهم إلا على شيء يسير منهم بحيث يفيدهم ويستفيد منهم بقدر الحاجة، ولا يضيع وقته معهم، أما الطلاب -طلاب العلم الجادون- فهؤلاء هم الذين يصطفون، لا سيما إذا عرفوا مع حرصهم على العلم شيء من العمل، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف]، أما أهل اللهو والغفلة والطرائف والنكت هؤلاء يضيعون الوقت، والله المستعان نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "إحياء الحديث مذاكرته فذاكروه، قال: فقال عبد الله بن شداد: يرحمك الله، كم من حديث أحييته في صدري قد كان مات". يعني ماذا مثله، "إحياء الحديث مذاكرته فذاكروه" لا بد من المذاكرة، ولذا يقول عبد الله بن شداد: "يرحمك الله": يعني، يعني من؟ عبد الرحمن بن أبي ليلى؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، يعني عبد الرحمن بن أبي ليلى، يقول عبد الله بن شداد، يقصد بذلك يخاطب عبد الرحمن بن أبي ليلى، يقول: "يرحمك الله، كم من حديث أحييته في صدري قد كان مات": يعني هو يذاكر معه، يذاكر معه الأحاديث التي سمعوها، فيذكر الحديث الذي قد نسي، ونسيان العلم هو موته، وتذكره هو حياته، وتذكره إنما يكون بمذاكرته، والله المستعان نعم. طالب: أحسن الله إليك. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء قال: "كنا نجمع الصبيان فنحدثهم".

نعم يقول: "كنا نجمع الصبيان فنحدثهم": الصبي يحضر مجالس العلم من تمام الخامسة عند الأكثر؛ لأنه حينئذ يكون قد عقل، عملاً بحديث محمود الذي عقل المجة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو ابن خمس سينين وجعل الجمهور الحد الفاصل بين من يحضر المجالس ومن يحدث خمس سنين، وأهل التحقيق يرون أن الصبي لا يحدث إلا إذا عقل سواءً في الخمس أو قبلها أو بعدها، إذا توقع منه أنه يفهم ويلقن فيتلقن من الخمس، إذا كان يقبل التلقين من التمييز، سواءً ميز قبلها أو بعدها لكن قبل خمس يندر أن يميز، فإذا صار الصبي بحيث يفهم الكلام ويحفظ الكلام يبادر بتسميعه الحديث، وإضافة إلى أن من يحدث هذا الصبي الذي يرجى انتفاعه أيضاً ينتفع نفسه المحدث، فكونه يحدث هذه مذاكرة، نعم كونه يلقي هذا الحديث على هذا الصبي مذاكرة، وبعض الناس الذين صارت لهم مهمة في الوعظ والتوجيه والإرشاد لهم طرق في كيفية التعلم على هذا الأمر، منهم من يذهب إلى حوش غنم، يلقي عليهم كلمة؛ لأنه يتمرن، يعني لو ألقاها على كبار في مسجد وإلا في درس وإلا شيء ما تمرن ولا تعلم يستمر هكذا، لكن بعضهم يجمع حصى أو أخشاب أو شيئاً يحدثهم، وهذا يجمع صبياناً ويحدثهم، فالصبيان أفضل بلا شك يستفيدون ويستفيد هو، ويثبت علمه ويجرؤ على الكلام ويرتب أموره، وكل يوم أفضل من الثاني، هذه طريقة يسلكها بعضهم، يدخل على حوش الغنم ويتحدث، ليتمرن لا يقصد منهم، من هذا إفادتهم لكن ليتمرن هو على ذلك، وتحديث الصبيان أولى مما ذكر، أولى مما ذكر؛ لأنه قد يكون في الصبيان من يفهم، قد يكون فيهم من يحفظ، نعم، والناس يحتقرون الصبيان الصغار في الثلاث في الأربع، لا، وجد منهم نوابغ، يحفظون حتى في هذه السن، ذكر أهل الحديث في هذا قصصاً كثيرة، جيء للمأمون بصبي طلب منه قراءة قرآن فقرأ، من أي سورة يقرأ، وعمره ثلاث سينين، وطلب منه بعض الأحاديث فيحدث، يقولون: غير أنه إذا جاع يبكي، وهو صغير ما زال طفلاً، فلا نحتقر هؤلاء الصبيان، وفي هذا أكثر من فائدة:

أولاً: الإنسان يتذكر ما حفظه، ويتمرن أيضاً على الإلقاء على هؤلاء الصبيان، إذا عرفنا أن بعض الناس -هذه واقعة ما هي بنسج خيال- شيوخ، شيوخ جاءوا وافدين، ما تعلموا الخطابة إلا بهذه الطريقة، ندخل حوش الغنم ونخطب، ويزبد ويرعد ويزمجر قلك قدام الغنم. . . . . . . . . وفي واحد يقول: جمعنا حصى وأخشاب وكذا وتصورناهم أناس وألقينا عليهم الخطب، وصاروا من الخطباء المشهورين، وتعلموا الخطابة، فكونهم يجمعون الصبيان ويحدثونهم الفائدة للطرفين، الفائدة للطرفين، نعم. رأيت أخوين شقيقين واحد في العاشرة والثاني في الحادية عشرة، يحفظون القرآن، وأتموا حفظ الصحيحين بالأسانيد، بالأسانيد يعني كما ألف المؤلف، وبدءوا بسنن أبي داود والترمذي معاً، كل يوم خمسين حديث من هذا وخمسين حديث من هذا بأسانيدها. طالب:. . . . . . . . . الصبيان ما يحضرون، الله المستعان نعم. طالب: أحسن الله إليك. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء عن أبي البختري عن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- قال: "إن أصحابي تعلموا الخير وأنا أتعلم الشر، قيل: وما يحملك على هذا؟ قال: إنه من تعلم مكان الشر يتقه". نعم هذا حذيفة -رضي الله عنه- صاحب السر، يسمونه الآن السكرتير، صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أصحابي": من الصحابة -رضوان الله عليهم- "تعلموا الخير": من النبي -عليه الصلاة والسلام- "وأنا أتعلم الشر": ولذا تجدون جل أحاديث الفتن إنما يرويها حذيفة، وقد خص بشيء من ذلك حذيفة، يتعلم الشر، يتعلم الشر لماذا؟ لاتقائه: تعلمت الشر لا للشر ... ولكن لأتقيه الذي لا يعرف الشر لا شك أنه يكاد أن يقع فيه، ولذا كان أمتن الناس ديانة الذين عاشوا في الجاهلية وعرفوا الشرور ثم أسلموا، أمتن وأقوى ديانة ممن ولد في الإسلام ولا يعرفون الشر، وأيضاً تجد التائب الذي منَّ الله عليه بتوبة نصوح، الذي منَّ الله عليه بتوبة نصوح بعد أن زاول منكرات وجرائم تجده من أنفع الناس في كشف الجرائم وأهلها، يصير عنده خبرة، وعنده معرفة بوسائل الأشرار وطرقهم.

على كل حال تعلموا الشر، أولاً: ينبغي أن الإنسان يحصن نفسه بقدر ما يستطيع من الخير، ثم بعد ذلك يتعلم من الشر ما يجعله يتقيه، وبعض الخطباء قد يذكر قصة، قصة على المنبر حقيقة للتنفير من هذه الواقعة أو التحذير من أهلها، أو من وسائلهم وطرقهم في .. ، لكن قد يوجد من الناس من إذا سمع مثل هذه القصة تأثر بها وطبقها وزاولها، ولذلك تجدون كثيراً من القضايا الموجودة الآن التي لا تخطر على بال الإنسان، لا تخطر على البال، إذا سئل عنها وجدها مطبقة في مسلسل وإلا في شيء، شاهدها الأطفال وطبقوها، فالذي يلقى إليه بمثل هذه القصص وهذه الشرور وهذه المخالفات من غير تحصيل سابق من غير ديانة متينة يخشى عليه، لكن إذا تأهل وتمكن ورسخ الإيمان في قلبه وتعلم الخير، يتعلم الشر ليتقه، وليحذر منه؛ لأن مثل هذا الخبر فيه انقطاع عن حذيفة لكنه معروف عنه، هو معروف عنه، وبسبر ما رواه من أحاديث وأخبار الواقع يشهد له، وأيضاً مثل هذا لا يتحرى فيه اتصال الأسانيد، أو نظافة الأسانيد، هذا معروف مستفيض عن حذيفة -رضي الله عنه-. نعم. طالب: أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا موسى بن عُلي عن أبيه قال: "كان زيد بن ثابت -رضي الله عنه- إذا سأله رجل عن شيء قال: آلله لكان هذا؟ فإن قال نعم تكلم فيه وإلا لم يتكلم".

وهذا الأثر المروي عن زيد بن ثابت كان -رضي الله عنه وأرضاه- إذا سأله رجل عن شيء يستحلفه هل وقعت هذه المسألة؟ هل وقعت بالفعل؛ ليتكلف الجواب وإلا لم يتكلف جوابها؛ لأنها لم تقع، كان السلف يتورعون عن الفتيا عن شيء لم يقع، لكن أهل العلم لما صنفوا ودونوا من أجل تمرين الطلاب على فهم المسائل واستنباط المسائل، وتطبيق المسائل على الوقائع، صاروا يشققون المسائل، ويفترضون مسائل لم تقع للتنبيه، وفرق بين أن يلقى على العامة مسائل لم تقع، وهم ليسو من أهل هذا الشأن، وبين أن يكون طالب علم يتمرن ليترقى حتى يكون فقيهاً ينفع الله به الأمة، فمثل هذا يفرع ويشقق، ويشقق له مسائل، أما إذا جاء شخص يستفتي -عامي لا علاقة له بالعلم ولا صلة له بالعلم، ولا ينوي التعلم- فمثل هذا يقتصر على ما وقع له، فيجاب، وما عدى ذلك يصرف عنه إلى ما هو الواقع، نعم. أحسن الله إليكم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الملك بن أبجر عن الشعبي عن مسروق قال: "سألت أبي بن كعب -رضي الله عنه- عن شيء فقال: أكان بعد؟ قلت: لا، قال: فأجمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا لك رأينا".

وهذا أيضاً أثر عن أبي بن كعب إذا سئل عن شيء، سأله مسروق عن شيء، ومسروق طالب علم، سأله عن شيء فقال: "أكان بعد؟ قلت: لا، قال: فأجمنا حتى يكون": مثل هذا يسلك حتى مع طالب العلم أحياناً إذا لم يكن الجواب واضحاً في ذهن المسؤول، واضح وضوحاً بيناً، والمسألة متصورة، يعني قد يصرف طالب العلم لعدم وضوح الصورة في ذهن المسؤول، يصرف عنها بهذه الطريق، أكان؟: يعني أوجد، أوجد الآن بعد؟ نعم، قلت: لا، "قال: فأجمنا": يعني أرحنا حتى يكون، فمثل هذا فرق بين المسائل التي حصلت فيطلب جوابها، وبين المسائل التي لم تحصل، وفرق بين سائل وسائل، سائل يصرف باستمرار؛ لأنه ليس من أوعية العلم، ولا يتمرن ليكون عالماً، وبعض السائلين وإن كانوا من طلاب العلم قد يصرف أحياناً من باب التمرين والتأديب له على هذا المنهج السلفي، وقد يصرفه الشيخ لعدم وضوح الجواب؛ لأنه أحياناً الجواب يحتاج إلى تكلف، يحتاج إلى عناء، يحتاج إلى عصر ذهن؛ لأنه ليس بحاضر في ذهن الشيخ، فمثل هذا يصرف السائل بهذه الطريقة. "قال: فأجمنا حتى يكون": يعني حتى يوجد هذا الشيء، "فإذا كان اجتهدنا لك رأينا": لكن لو كان في المسألة المسؤول عنها وضوح وفيها نص، مثل هذه يجاب طالب العلم ولو لم تقع، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا مالك عن الزهري عن سهل بن سعد -رضي الله تعالى عنهما- قال: "كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسائل وعابها".

نعم وهذا الحديث عن سهل بن سعد المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كره المسائل وعابها، والمقصود بالمسائل المكروهة، التي يظهر فيها التعنت وإفحام المسؤول، أو المسائل التي لا تكاد تقع، وقد نهو عن المسألة، نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المسائل، وجاء النهي عن الأغلوطات، لكنه سأل -عليه الصلاة والسلام- وسألوه، جاءت الأسئلة في القرآن، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ} [(189) سورة البقرة]، يسألونك، يسألونك لكن كثرة المسائل بحيث يظهر منها تعنت السائل، والأغاليط والمسائل العويصة التي لا تكاد تقع، مثل هذه يكره السؤال عنها، اللهم إلا للاختبار، للاختبار لا للتعنيت، اختبار ذكاء الطالب وجودته، ليلقى عليه ما يناسبه من العلم، فحصه ليوضع في منزلته التي أمر أن ينزل فيها، مثل هذا يسأل، وكانوا يحبون أن يأتي الرجل العاقل من أهل البادية ليسأل؛ لأنه ما بلغه النهي عن السؤال فيسأل فيجيبه النبي -عليه الصلاة والسلام- فيستفيد الحاضرون، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن زبيد قال: "ما سألت إبراهيم عن شيء قط إلا رأيت فيه الكراهية". لا شك أن تعرض الإنسان لأسئلة الناس تكليف، تكليف لهم، وهو أيضاً مزلة قدم، مزلة قدم؛ يخطئ يصيب، عرضة لأن يخطئ وأن يصيب، وعلى هذا المكان الذي فيه .. ، أو الظرف الذي فيه خوف، الإنسان لا بد أن يكون خائفاً من هذا الباب، أما الذي يفتي الناس وهو يضحك هذا مشكلة، لا بد أن يكون خائفاً وجلاً، أولاً من مسألة الخطأ، أن يقع الخطأ في فتواه، وأن يقصر في بحث المسألة، أو يتسرع في جوابها قبل فهم سؤالها، لا بد أن يتحرى في كل ذلك، ومعروف أن هذه تتطلب جهد ذهني وعقلي من الشخص، وهذا الجهد العقلي وكد العقل مكروه لدى الإنسان، ولذا يقول: "ما سألت إبراهيم عن شيء قط إلا رأيت فيه الكراهية": والآن من شيوخنا منهم ممن رسخ في العلم إذا سئل، إن كان جالساً قام، وإن كان قائماً اضطجع، لازم يتغير وضعه؛ يحمل هم الفتوى، هؤلاء هم أهل التحري وأهل الورع، أما الآن كثيراً ممن .. ، من الطلاب اللي ما بعد صار له شيء، يفتي في عضل المسائل وهو مرتاح، والله المستعان نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حجاج عن عطاء وابن أبي ليلي عن عطاء قال: "كنا نكون عند جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- فيحدثنا فإذا خرجنا من عنده تذاكرنا حديثه، فكان أبو الزبير من أحفظنا للحديث". يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حجاج عن عطاء وابن أبي ليلي": معاً، حدثنا حجاج عن عطاء وبن أبي ليلى معاً، ثم اقتصر على لفظ عطاء، "عن عطاء قال": لما يكون تركيب الإسناد عن عطاء، وابن أبي ليلى عن عطاء، عطاء عن عطاء ما تجيء، نعم، إنما يحدثهم عن عطاء وابن أبي ليلى ثم اقتصر على لفظ عطاء، فقال: عن عطاء قال. "كنا نكون عند جابر بن عبد الله": الصحابي الجليل، "فيحدثنا فإذا خرجنا من عنده تذاكرنا الحديث: هذه عادتهم، المذاكرة، ماذا قال الشيخ، ماذا تحفظ في كذا؟ نعم، تذاكروا الحديث. "فكان أبو الزبير": محمد بن مسلم بن تدرس، الراوي عن جابر بكثرة "من أحفظنا للحديث": مع أنه عرف بالتدليس، لكن هو معروف بملازمة جابر والأخذ عنه، فهو من أحفظهم للحديث، وهو حافظ من حفاظ الحديث لا إشكال فيه، ثقة حافظ إلا أنه موصوف بالتدليس، فيطلب تصريحه بالسماع من جابر في غير الصحيح، أما في الصحيح فتدليسه مقبول عند أهل العلم، خلافاً لمن. . . . . . . . . نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان قال: "صلينا يوما خلف أبي ظبيان صلاة الأولى ونحن شباب كلنا من الحي إلا المؤذن فإنه شيخ، فلما سلم التفت إلينا ثم جعل يسأل الشباب من أنت؟ من أنت؟ فلما سألهم قال: إنه لم يبعث نبي إلا وهو شاب، ولم يؤت العلم خير منه وهو شاب".

يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس بن أبي ظبيان قال: "صلينا يوماً خلف أبي ظبيان": يعني أباه، "صلاة الأولى": صلاة الظهر، هي الصلاة الأولى لأنها أول ما أمَّم جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، سميت الصلاة الأولى، "ونحن شباب كلنا من الحي إلا المؤذن فإنه شيخ": المؤذن شيخ كبير والبقية كلهم شباب، صلوا خلف أبي ظبيان، "فلما سلم": التفت إليهم ثم جعل يسألهم، "من أنت؟ من أنت؟ ": من أنت هذه طريقة معروفة، السؤال عن الشخص، عن اسمه وعن أبيه، وعن ما يتم تعريفه به، لتتم معاملته والتعامل معه بما يليق به، بما يليق به، فقد أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، فيتعامل معهم على حسب منازلهم، وكل إنسان له معاملة خاصة. "من أنت؟ من أنت؟ فلما سألهم قال":. . . . . . . . . شباب كلهم في سن الشباب لم يصلوا إلى حد الكهولة ولا الشيخوخة، "قال: إنه لم يبعث نبي إلا وهو شاب": وهو شاب، يعني ما بعث شيخاً كبيراً أبيض اللحية، تعدى مرحلة الكهولة والشباب، إنما بعث وهو شاب، ومعروف أن الأنبياء يبعثون على رأس الأربعين -عليهم الصلاة والسلام- هذا في الغالب وعلى رأسهم نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- في الأربعين بعث. "ولم يؤت العلم خير منه وهو شاب": وهذا حث لهم على طلب العلم، حث لهم على طلب العلم، فالشاب يحرص على طلب العلم؛ لأن السن يؤهله للتحمل، وأيضاً البال فارغ، والتبعات والمسؤوليات أقل، والقوى كلها مكتملة ومجتمعة، الشاب يحرص على طلب العلم، ولا ييأس الشيخ، ولا ييأس الشيخ؛ يوجد من كبار السن من تعلم، من تعلم واستفاد. يذكر عن صالح بن كيسان أنه تعلم وهو ابن تسعين سنة، وأدرك حتى صار من كبار الآخذين عن الزهري، ويختلفون في السن، يعني أقل ما قيل خمسين، لكنه كبير، كبير جداً لما بدأ الطلب، فلا ييأس كبير السن، والآن -ولله الحمد- دور التحفيظ للذكور والإناث من أكبر الشواهد على هذا، يعني في السبعين امرأة تحفظ القرآن كاملاً! أمية لا تقرأ ولا تكتب، الحمد لله فتحت آفاق وآمال، واليأس التام الذي كان مطبق ومسيطر على الناس انتهى ولله الحمد.

ليس على الإنسان إلا أن يعزم ويصدق مع الله -جل وعلا- ويدرك ما يريد -إن شاء الله تعالى- وإذا لم يدرك يكفيه أنه يموت وعنده هذه النية في طلب العلم، والله المستعان نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: "ما أوتي شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم". نعم، "عن عطاء بن يسار قال: "ما أوتي شيء إلى شيء": يعني ما انظم شيء إلى شيء، أفضل وأحسن، "من حلم إلى علم": لأن العلم دون حلم يصاحبه ما يصاحبه من شطط ما يصاحبه من عنف، فالعلم بمفرده .. ، نعم العلم الشرعي قال الله وقال رسوله يربي الناس، لكن يبقى أيضاً أن الإنسان إذا طبع وجبل على ما يحبه الله ورسوله وهو الحلم كان نوراً على نور، وازدان بذلك، وزان علمه، وانظم الحلم إلى علمه، فصار نوراً على نور، يبقى أنه إذا جبل على سوء الخلق مثلاً، عليه أن يتحلم ويحاول أن يقهر نفسه على الحلم، ويرفق ويتأدب بالآداب الشرعية، ولا يلبث -إن شاء الله تعالى- أن يكون سجية له، لكن لو حصل له في يوم من الأيام أنه غفل عن هذا التحلم ثم حصل منه ما ينتقد به، يعود إلى رشده، ويندم على ما فات وينتهي أثره. فالحلم لا شك أنه غريزة والله -سبحانه وتعالى- جبل بعض خلقه على هذا الخلق العظيم، لكن بعض الناس ما عنده هذا الخلق، جبل على غيره، لكن إذا تحلم، الحلم بالتحلم، كما أن العلم بالتعلم، فإذا وجد حلم بدون علم صار نقصاً، وإذا وجد علم بدون حلم لا شك أنه نقص، فإذا انظم الأمران معاً صار نوراً على نور واكتملت الحياة، الحياة الطيبة نعم. والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (5)

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (5) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان يقول: أدنوا يا بني فروخ، فلو كان العلم معلقاً بالثريا لكان فيكم من يتناوله". أبو هريرة -رضي الله عنه- مع ما حمله من علم عظيم أخذه من مشكاة النبوة صار يتألف الناس، ويقصدهم في أماكنهم، ويحثهم على الأخذ عنه، حتى قال لأبناء العجم: "ادنوا -وخذوا عني- يا بني فروخ -هذه كنيتهم كنية العجم- فلو كان العلم معلقاً بالثريا لكان فيكم من يتناوله" وجاء في الحديث الصحيح: ((لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجال من فارس)) على كل حال ضرب العجم في جميع أنواع العلوم والمعرفة بسهم وافر، وإذا عرفنا أن فروع اللغة العربية، اللغة العربية بجميع فروعها أكثر المؤلفين فيها من العجم، أكثر المؤلفين فيها من العجم، أيضاً العلوم الأخرى، التفاسير أكثرها من العجم، شروح الحديث أكثرها من تلك الجهات، من غير العرب، فهذا العلم مشاع، وهذا الدين لكل أحد، والفضل والتفاضل إنما هو بالتقوى، مهما كان نسبه، مهما كان حسبه، ((من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)) ولو كان من الذرية الطاهرة، ما يستفيد ولا ينتفع، ما لم يكن عمله مسرعاً به، ومن أسرع به عمله لم يضره نسبه، والله المستعان، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن سهيل قال: "كان أبو هريرة -رضي الله عنه- إذا نظر إلى أبي صالح قال: "ما كان على هذا أن يكون من بني عبد مناف".

نعم أبو هريرة -رضي الله عنه- إذا نظر إلى أبي صالح ذكوان السمان من الملازمين لأبي هريرة، ومن الآخذين عنه، إذا نظر إليه وهو مولى، مولى جويرية بنت الأحمس، هو مولى، أبو صالح مولى، إذا نظر إليه أبو هريرة "قال: "ما كان على هذا أن يكون من بني عبد مناف" ما ضره ما فاته، لا يضره ما فاته من نسب، بعد أن جمع من العلم والعمل ما جمع، ولا شك أن العلم كمال، فمن اتصف به لا يضره ما يفوته لا سيما إذا اقترن بالعمل، إذا اقترن العلم بالعمل لا يضر الإنسان ما فاته من أمور الدنيا، لا في مال ولا في نسب، ولا في جمال، ولا في جاه، ما يضره أبداً؛ لأنه حصل على أعظم ذخر، أعظم ذخر يوصله إلى الله -جل وعلا- وإلى مرضاته، هذا العلم إذا اقترن بالعمل، وأُخذ عن أهله بالإخلاص والاتباع، وعمل به هذا هو الذخر الذي ينبغي أن يدخره الإنسان لنفسه، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يحيى بن يمان عن الأعمش عن أبي صالح قال: "ما كنت أتمنى من الدنيا إلا ثوبين أبيضين أجالس فيهما أبا هريرة". هذا أبو صالح السمان الذي سبق ذكره، وهو مولى يتمنى من الدنيا ويش يتمنى؟ يتمنى الملايين والمليارات أو القصور أو العمائر الشاهقة، أو الضياع والمزارع والاستراحات أو المراكب الفارهة، ما يتمنى شيء، يتمنى ثوبين أبيضين، ثوبين مثل ثيابنا هذه يعلق واحد بالدالوب ويلبس واحد؟ لا، ثوبين معناه إزار ورداء، يبي يلبسهم مرة واحدة، يتمنى ثوبين أبيضين بس، على شان إيش؟ يبي يقابل الأمير الفلاني أو الوزير الفلاني أو الملك الفلاني أو التاجر الفلاني علشان ما ينتقد؟ لا، يبي يجالس أبا هريرة من فقراء المسلمين "أجالس فيهما أبا هريرة" ليأخذ عنه العلم، والمسلم مأمور بالنظافة المناسبة، ما هو بالمبالغة في النظافة، فالبذاذة من الإيمان، لكن يبقى أن الإنسان عليه أن يتوسط في أموره كلها، بحيث لا يزدرى بين الناس ويحتقر، ولا يظن به ظن السوء، ولا أيضاً يبالغ في نظافة بدنه أو ثوبه مبالغة تعوقه عن تحصيل ما ينفعه، فديننا وسط، ولله الحمد، نعم. أحسن الله إليك:

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير قال: قال قابوس: عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في قوله: {كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء} إلى قوله: {فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [(135) سورة النساء] قال: "الرجلان يقعدان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه إلى أحد الرجلين على الأخر". {كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء} [(135) سورة النساء] القاضي يلزمه العدل بين الخصوم، لا يجوز له أن يلتفت إلى أحد الخصوم دون الآخر، ولا أن يصغي إلى أحد الخصوم دون الآخر، ولا أن يبش في وجه أحد الخصوم دون الآخر، بل عليه أن يعدل بينهما، ولا يكون لأحدهما مزية مهما كانت منزلته، ولو كان هذا من أهل العلم وهذا من أهل الجهل، لا يؤثر هذا في هذه القضية، لكن إذا انتهت القضية يعامل كل إنسان بما يليق به، ومثل القاضي المدرس -المعلم- في الفصل في القاعة عليه أن يعدل بين طلابه، ومثلهما الوالد في بيته عليه أن يعدل ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) وعلى كل حال العدل مطلوب، وبه قامت السماوات والأرض ((المقسطون على منابر من نور يوم القيامة)) ((المقسطون على منابر من نور يوم القيامة)) الذين يعدلون في كل شيء، في جميع ما ولوا يعدلون، بخلاف القاسطين، القاسطون {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [(15) سورة الجن] وهم العادلون عن طريق الحق، يعني المائلون، فالمقسطون العادلون، وأما القاسطون فهم المائلون الحائدون عن طريق الحق، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن قابوس عن ابن عباس قال: "قال موسى حين كلم ربه: رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكراً، قال: رب أي عبادك أحكم؟ قال: الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس، قال: رب أي عبادك أغنى؟ قال: الراضي بما أعطيته".

نعم وهذا الخبر المروي عن موسى الكليم ابن عمران الرسول الشهير قال "حين كلم ربه -أي-: ربِ أي عبادك أحب إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكراً" والذكر فضله معروف، وفوائده لا تحصى، أثبت ابن القيم -رحمه الله تعالى- في مقدمة الوابل الصيب ما يقرب من مائة فائدة من فوائد الذكر، فالذكر لا يكلف شيء، في آية الأحزاب قال في آخرها لما عدد الأصناف قال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [(35) سورة الأحزاب] فالذكر جاء في فضله أحاديث ونصوص كثيرة تبين فضله وأهميته ((سبق المفردون)) من المفردون؟ ((الذاكرون الله كثيرا ًوالذاكرات)) {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] الباقيات الصالحات لا تكلف، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، في كل واحدة يغرس لك شجرة في الجنة، تجلس سنين تعمل في شجرة يمكن تموت، يمكن تحيا، وسبحان الله ما تبي لك ولا ثانية، شجرة في الجنة، يقول إبراهيم -عليه والسلام-: ((أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم بأن الجنة قيعان وغراسها التسبيح والتحميد)) سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: أو ما سمعت بأنها القيعان ... فاغرس ما تشاء بذا الزمان الفانِ وغراسها التسبيح والتحميد ... والتكبير والتوحيد للرحمانِ

سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل)) ومن قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مائة مرة خذ من الأجور شيء لا يعد ولا يحصى، جاءت في فضله في الصحيحين، جاء عتق عشر رقاب، وجاء مائة درجة، ويحط مائة خطيئة، وكانت حرزاً له من الشيطان، شيء ما .. ، لا إله إلا الله هذه مائة مرة تقال بعشر دقائق بالراحة، سبحان الله وبحمده من قالها في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، يعني في دقيقة ونصف، ما يحتاج لا تلبس ثوبك ولا تلبس نعلك وأنت بمكانك، في دقيقة ونصف سبحانه الله وبحمده حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، وهذا الخبر في الصحيحين ليس لأحد كلام، يعني إذا رتبت الأجور العظيمة على خبر يقبل الأخذ والرد وفضل الله واسع، يعني ما في حد .. ، لا يحد فضله، فهذا الخبر في الصحيحين ما لأحد كلام، في دقيقة ونصف تحط عنك خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر، لكن لو أحصيت من يقولها من عموم المسلمين لوجدت نفراً يسيراً، الموفق من وفقه الله، والمحروم .. ، الحرمان ما له نهاية، والله المستعان. فالذكر شأنه عظيم ((ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)) نعم، بعض الناس لو يقال له: إن التاجر الفلاني البارحة أثنى عليك، يمكن ما ينام، فضلاً عن أن يقال له: الأمير الفلاني أو الوزير الفلاني ذكرك ما شاء الله، وأثنى عليك خير، يمكن ما ينام تلك الليلة، لكن من قال: لا إله إلا الله في نفسه، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والحمد لله، والله أكبر ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي)) هذا الذكر الذي ينفع، هذا الذكر الذي ينفع، يعني كونه يذكرك يثني عليك، ولا أحد مدحه زين وذمه شين إلا الله -جل وعلا-، لما جاء الأعرابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: يا محمد أعطني، فإن مدحي زين وذمي شين، قال: ((لا، ذاك الله -جل وعلا-)) مدحك لا يقدم ولا يؤخر، ولا ذمك ما يضر.

"أكثرهم لي ذكراً، قال: رب أي عبادك أحكم؟ قال: الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس" ينصف، يعدل في نفسه، يعدل في نفسه، وفي ولده قبل أن يقضي على الناس، ويحكم عليهم "قال: رب أي عبادك أغنى؟ قال: الراضي بما أعطيته" لا شك أن الذي يرضى ويقنع هذا غني، ولو كان عنده من المال شيء يسير، هذا غني، أما إذا وجدت الأموال الطائلة مع عدم الرضا وعدم القناعة هذا الفقر بعينه، هذا الفقر بعينه وكن صابراً للفقر وادرع الرضا ... بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ بعض الناس على سرير المستشفى يلهج بذكر الله وشكره ليل نهار، لو يشوفه واحد من ها الأصحاء قالوا: ويش يشكر عليه؟ هذا على ظهره بعد، ومقعده متكسر من كل .. ، يا أخي يشكر الله على أن جعله مسلم، مآله -إن شاء الله- إلى الجنة، كيف لو زاغ به طوفان الدنيا الموجود الآن، ثم انحرف عن دين الإسلام، ومات على غير هدى، يقول ابن القيم -رحمه الله-: والله ما خوفي الذنوب وإنها ... لعلى سبيل العفو والغفرانِ لكن خوفي أن يزيغ القلب عن ... تحكيم هذا الوحي والقرآنِ ورضاً بآراء الرجال وخرصها ... لا كان ذاك بمنة الرحمنِ فعلى الإنسان أن ينتبه لنفسه، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال: "كان ابن عباس -رضي الله عنهما- يسأل عن الشيء فيقول: إن هذا لفي الزبر الأولى". "كان ابن عباس يسأل عن الشيء" طاووس يذكر عن ابن عباس أنه كان يسأل عن الشيء فيقول: "إن هذا لفي الزبر الأولى" هل معنى هذا أنه على اطلاع في الكتب المنزلة الأولى، أو على أنه مما كتبه في أول الأمر وحفظه وضبطه، كما يدل على ذلك الحديث الذي يليه؟ فلا شك أن ما يحفظه الإنسان ويكتبه في أول الأمر أضبط مما يحفظه في آخر الأمر، ويكتبه في آخر الأمر، والأمر محتمل أنه يسأل عن الشيء فيقول: هذا موجود في كتب الأنبياء السابقين، كما جاء في آخر سورة الأعلى {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [(14 - 16) سورة الأعلى] هاه؟ بعده؟ طالب: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى} [(18) سورة الأعلى].

نعم {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [(18 - 19) سورة الأعلى] يعني مثل هذا، أو يكون المراد أنه في الزبر يعني الكتب، الكتب المتقدمة التي كتبها في أول الأمر، وهي في الغالب أضبط وأتقن مما يكتب في آخر الأمر، بعد أن يتطرق له النسيان، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حفص بن غياث قال: حدثنا عاصم عن أبي عثمان قال: قلت له: "إنك تحدثنا بالحديث فربما حدثتناه كذلك، وربما نقصت، قال: عليكم بالسماع الأول".

نعم هذا حديث عن أبي عثمان النهدي "عن أبي عثمان" هو النهدي عبد الرحمن بن مل، بتثليث الميم "قال: قلت له: "إنك تحدثنا بالحديث فربما حدثتناه كذلك" يعني أعدته علينا مرة ثانية وثالثة ورابعة، نعم "وربما نقصت" يعني وربما زدت، يعني ليس من عندك، لكن جمل في الحديث، يكون الحديث مشتمل على الجمل ينشط الإنسان فيحدث به كاملاً، الحديث مكون من أربع جمل يحدث به كاملاً، وأحياناً يحدث بطرفه، جزئه، ربعه، نصفه، لا سيما إذا كان ما يتركه لا يترتب عليه فهم ما ذكره، هذا جائز عند أهل العلم تقطيع الحديث والاقتصار على جزء منه جائز لكن بشرط ألا يكون آخره متعلق بأوله، أو ترتب فهم أوله المذكور على المحذوف، فإذا جئنا إلى آية النساء مثلاً، وكان الحديث عن الأمانة لك أن تقول: يقول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] وتقف، لك ذلك، ولا يلزمك أن تقول: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [(58) سورة النساء] كما أنه إذا كان الحديث عن العدل لا يلزمك أن تقول: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] بل يكفي أن تقول: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [(58) سورة النساء] فتأتي بما تحتاجه من الحديث شريطة أن يكون مستقل المعنى كامل المعنى، فربما زاد المحدث وربما نقص، لكن ما يزيد من كيسه من عنده، لا، ولا ينقص شيء المذكور بحاجته، لكن يقول: "عليكم بالسماع الأول" الذي أديناه في وقت نشاط الذهن، ولذا أنس بن مالك لما طالت به الحياة، عُمّر بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من ثمانين سنة، لما طالت به الحياة قال: سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا، لا شك أن الإنسان يضعف في آخر عمره، وينسى بعض الشيء، لكن عليك بما سمعته منه أولاً، نعم.

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: حدثنا ليث عن عدي بن عدي عن الصنابحي عن معاذ -رضي الله تعالى عنه- قال: "لا تزول قدم بن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عمره فيما أفناه؟ وعن جسده فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وعن علمه ما عمل فيه؟ ". نعم هذا الخبر عن معاذ موقوف عليه، هو جاء بالمرفوع بأسانيد بمجموعها تدل على أن له أصلاً، صححه بعضهم: ((لا تزول قدم ابن آدم)) المقصود الجنس، جاء في الرواية الأخرى "قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟ " عمرك ماذا صنعت فيه؟ العمر المدة التي مكثتها في هذه الحياة، هل أنفقتها وصرفتها فيما يرضي الله -جل وعلا-؟ أو فيما يغضبه؟ أو في المباح والإكثار منه؟ ولم تلتفت إلى ما ينفعك في الآخرة؟ لا بد من السؤال عن عمره فيما أفناه، ماذا صنعت في هذه المدة؟ مدة بقائك في الدنيا، والعمر إذا لم يفنَ فيما ينفعه في الآخرة فلا قيمة له، يعني كون الإنسان يستمر السبت الأحد الاثنين الثلاثاء الأربعاء، ثم الأسبوع الثاني كذلك، ما في جديد، مثل هذا حياته وعدمه واحدة، إذا لم يكتسب ما يقربه إلى الله -جل وعلا-، ولذا يقول الشاعر: عمر الفتى ذكره لا وطول مدته ... وموته خزيه لا يومه الداني

فحقيقة بعض الناس بين الناس يأكل ويشرب ويروح ويجي ويبيع ويشتري وهو في حكم الأموات، يعني ما يزداد من الله قرب، هذا إذا لم يكن الأموات أفضل منه؛ لأنه يزداد من الله بعد، وبعض الناس وهو ميت في التراب -في القبر- وهو حي بين الناس يفيدهم وينفعهم، بعض الناس يجري عليه عمله مئات السنين، وبعض الناس تكتب عليه أوزار الناس؛ لأنه تسبب فيها مئات السنين، كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] ما شاء الله مؤلف هذا الكتاب وغيره من المؤلفين الآن متوفى له ما يقرب من اثنا عشر قرن، وكتابه يتداوله الناس ويقرؤونه ويفيدون منه، مثل مؤلف هذا الكتاب، وغيره من الأئمة، لكن الكتب تتفاوت نفعها، ماذا تتصور للإمام البخاري من الأجور؟ نعم، وبعض الناس يؤلف الكتاب في عشرين مجلدة كبيرة، ومن نعمة الله عليه قبل غيره أن الأرضة كلت الكتاب من أوله إلى آخره ما أبقت ولا ورقة، من نعمت الله عليه قبل غيرة؛ لأن الكتاب فيه طوام، وهو شرح للبخاري، لكن على الإنسان أن يحرص أن ينفع نفسه أولاً، ومن ولاه الله أمانته وجيرانه، وأقاربه، ومعارفه وجماعته، ثم ينتشر علمه بين الناس، ومن دل على هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه. "وعن جسده فيما أبلاه؟ " جسده فيما أبلاه الجسد ليس ملك لك، تقول: أنا حر، ما أنت بحر، أنت عبد مذلل لله -جل وعلا-، ها الجسد لا بد أن يمتثل هذه العبودية، ولا بد أن يسخر لهذه العبودية، أما تبلي جسدك وتعرض نفسك للمهالك وتقول: أنا حر، أبداً لا تستطيع أن .. ، لو قطعت أصبع من أصابعك حرام عليك، وبهذا يتجه القول بمنع التبرع بالأعضاء؛ لأن الإنسان لا يملك من جسده شيء.

"وعن جسده فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ " من أين؟ من أين جاء السؤال؟ بعض الناس يلهث المسكين ما يستفيد من أمواله، يوجد تجار يملكون مئات بل المليارات مئات الملايين أو أكثر من ذلك، ليل نهار أمام هذه الشاشات ارتفع الدولار نقص اليورو، زاد كذا، نقص كذا، ارتفع الين، وإذا ارتفع شيء أكل حبة، وإذا نزل شيء أكل حبة، على شان إيش؟ وأمواله من بنوك وربا ومشاكل، ثم بعد ذلك يقتسمها الورثة يتنعمون ويتلذذون، وقد يدخل بعضهم بها الجنة، وهو مآله إلى الحساب، من أين؟ من أين اكتسبت؟ "وعن ماله من أين اكتسبه؟ " يعني وفيما أنفقه؟ لا بد أن ينفق، الزكاة ركن من أركان الإسلام "وعن علمه ما عمل فيه" نعم هذا أشد من المال، هذا أشد من المال، المال تسأل من أين جاءك هذا؟ من أين أتاك؟ وين وداك؟ وين رحت؟ وانتهيت، لكن العلم، هل أخذت القرآن ونمت عنه؟ هل أخذت القرآن وسفهت مع الناس؟ هل هجرت القرآن؟ هل عملت بالسنة؟ هل كذا؟ هل كذا؟ إيه لماذا تعلمت؟ والله تعلمت لأنفع نفسي وأنفع غيري، لا، كذبت، تعلمت ليقال: عالم، وقد قيل، حصل خلاص، اللي تبيه حصل في الدنيا، لكن الآن أول من تسعر به النار، نسأل الله السلامة والعافية، ومثله الذي ينفق، بعض الناس جواد ينفق، هات، أي مشروع هاته، مستعد، ماذا فعلت بمالك؟ والله أنفقته في سبيلك، لا، أنفقته ليقال: جواد، فيكون الثاني ممن تسعر به النار، والمجاهد في سبيل الله الثالث.

تصوروا أن بعض التجار يكتب الشيك يفرح أنه يجيه أحد، لكن يصير بمجمع من الناس، جماعة تحفيظ القرآن يحتاجون .. ، خذ خذ هذه مائة ألف، قدام الناس، قدام زملائه وأقرانه التجار وكذا، هل أعطى هذا الشيك ليكون قد سن السنة الحسنة ليتبرع الناس؟ إذا طلع ماسك الشيك دخل من داخل وكلم على البنك احجزوا الشيك لا يصرف، يعني هذه مصائب، ويوجد -ولله الحمد- من تجار المسلمين من فيه خير، من يبذل لله -جل وعلا-، من يسارع، من يعمر المساجد، من يدعم حلق القرآن، من. . . . . . . . . بعض مجالس العلم يوجد -ولله الحمد-، لكن بالمقابل يوجد أمثال هؤلاء، كما أنه يوجد من العلماء العاملين المجاهدين الأتقياء الأبرار الربانيين، يوجد أيضاً من يتعلم ليقال: عالم، فليحرص الإنسان على نجاة نفسه، يحرص الإنسان أشد الحرص على نجاة نفسه، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: "لأن يعيش الرجل جاهلاً خير له من أن يفتي بما لا يعلم". هذه مشكلة، بعض الناس تورط، سموه الناس عالم، وقصدوه للفتيا، يشق عليه إذا جاءه شخص وهو ما يعرف مسألة يقول: لا أعلم، ثم يجيه ثاني يقول: لا أعلم، ويش مقعدك وأنت لا تعلم، هذا يشق عليه، ومن أثقل شيء على النفس مثل هذا، خلاص لما تورط صار بنصف الطريق ما يمديه ينكسر، فعلى الإنسان أن يسعى في خلاص نفسه، فـ "لأن يعيش الرجل جاهلاً" جاهل "خير له من أن يفتي الناس بما لا يعلم" لأن العلم من أمور الآخرة، لا بد أن يكون مطلوب بنية خالصة، وأن لا يجرؤ على الفتيا من غير علم، وعيشة الجاهل لا شك أنها قد يسلم من كثير من الشرور التي يتلبس بها بعض من ينتسب إلى العلم، ولذا يقول الحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى-: "لأن يعيش الرجل خلف أذناب البقر -يعني فلاح مزارع- خير له من علم مثل علم فلان أو فلان"، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه قال: "كان يقال: أزهد الناس في عالم أهله".

نعم وهذا ظاهر "كان يقال: أزهد الناس في عالم أهله" وفي بعض الألفاظ: "وجيرانه" والسبب في ذلك أن الناس البعيدين عنه يحرصون عليه؛ لأنه يرونه دائماً متماثل أمامهم متماسك، بينما أهله وجيرانه يطلعون منه على أشياء قد تنزل قيمته عندهم بسببه، وأيضاً كثرة المجالسة تزيل الهيبة، كثرة المجالسة مع الشخص تزيل الهيبة، فإذا زالت الهيبة خفت قيمة الرجل عند هذا الشخص، لكن من نظر إلى الأمور بحق، وأعطاها حقها، ووازن بين ما يسمعه من هذا العالم، وما يسمعه من غيره، لا شك أنه يقصد هذا العالم، ولو كان من أقرب الناس إليه، لكن هذا كثير يعني قل أن تجد من أولاد العلماء من يعنى بوالده ودروس والده، ويحرص عليها، ويلازمه ملازمة تامة، هذا قليل نادر، ولذا تجدون أقل القليل من الرواة من يقول: حدثني أبي عن جدي، إنما يحدث البعيد عن البعيد، هذا الغالب، يعني يندر جداً أن يوجد سلسلة بهذه الطريقة، اللهم إلا سلاسل معروفة ثلاث أو أربع أو خمس بالكثير، وإذا رويت رويت أحاديث قليلة يعني ما هي .. ، ما تدل على أنه لزمه ملازمة تامة، نعم، والواقع يشهد بذلك، ترون عيال المشايخ ترونهم أزهد الناس بوالدهم، والله المستعان، نعم. طالب:. . . . . . . . . وابنه وحفيده. نعم المؤلف هذا وابنه وحفيده من أهل العلم، والله المستعان، يوجد الآن من بعض العلماء ممن أولاده سبعة كلهم حملوا العلم، لكن لو رأيت بعين البصيرة وجدت جلهم قد تلقوا العلم عن غيره، لكنهم من أهل العلم، نعم. أحسن الله إليكم: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش قال: قال لي مجاهد: "لو كنت أطيق المشي لجئتك".

هذا من باب التواضع في العلم من الكبير للصغير يقول الأعمش: "قال لي مجاهد: "لو كنت أطيق المشي لجئتك" يعني لأخذت عنك، وأخذ الكبير عن الصغير فيه تربية، فيه تربية للطلاب، يعني لما تجد عالم كبير جالس في حلقة من هو دونه لا شك أنك تجل هذا العالم الجالس الذي تواضع للأخذ عن من هو دونه، وأيضاً تحتقر نفسك، تزدري نفسك، أنت تفرط في هذا العلم، وهؤلاء الكبار جاءوا ليأخذوا هذا العلم، فلا شك أن هذا من باب التربية للطلاب، أن يجلس العالم وإن كان ليس بحاجة إلى ما عند هذا الصغير، نعم وإن كان لا يخلو مجلس من فائدة، لكن من باب تربية الطلاب، فعلى طالب العلم أن يعنى بهذا، وأن يجلس لسماع العلم من كل أحد، لكن إذا جاءت المفاضلة فالأخذ عن الكبار أولى، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل عن ابن عون أن محمداً كره كتاب الأحاديث في الأرضين". نعم الكتابة في الأرض، تكتب حديث على الأرض نعم، لا شك أن هذا امتهان للحديث، أو تكتب اسم من أسماء الله -جل وعلا-، أو آية من الآيات هذا امتهان، فكره محمد بن سيرين كتابة الأحاديث في الأرضين، منهم من قال: في الكراريس، لكن واضح يعني كراهة الكتابة في الأرض؛ لأن الأرض تداس وتهان، فينبغي أن تصان، إذا أراد الإنسان أن يعبث وهذه طريقة موجودة عند كثير من الناس أو يتعلم الخط ويتفنن فيه ويكتب على الأرض يكتب أي كلام عادي، لا يكتب أحاديث ولا آيات، ولا ما فيه لفظ الجلالة؛ لأن هذه ينبغي أن تحترم وتوقر وترفع عن مستوى الأرض، كثير من الناس إذا جلس. . . . . . . . . يشخط بأصبعه وإلا بعود وإلا بشيء، مثل هذا يترفع عما فيه ذكر الله -جل وعلا-، نعم، وأما كتابة العلم في الكراريس فكرهها جمع من السلف، ثم بعد ذلك أجمعوا على أنها من أفضل العمل، نعم. أحسن الله إليكم:

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عباد بن العوام عن الشيباني عن الشعبي قال: "كان يؤخذ العلم عن ستة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان عمر وعبد الله وزيد -رضي الله تعالى عنهم- يشبه علمهم بعضهم بعضاً، وكان يقتبس بعضهم من بعض، وكان علي وأبي والأشعري -رضي الله عنهم- يشبه علمهم بعضهم بعضاً، وكان يقتبس بعضهم من بعض، قال: فقلت له: وكان الأشعري إلى هؤلاء؟ قال: كان أحد الفقهاء". نعم هذا الشعبي يقول: "كان العلم يؤخذ عن ستة من الصحابة، والآن يجمع النظائر بعضهم إلى بعض، ونص على هؤلاء الستة من باب التمثيل، وإلا فعلماء الصحابة فيهم كثرة، ومن يروي الحديث منهم أيضاً كثر، ومن يفتي الناس فيهم كثرة أيضاً، أستوعبهم ابن القيم -رحمه الله تعالى- في إعلام الموقعين، هم علماء الأمة، أما يؤخذ العلم عن ستة من الصحابة فقط، لا، لكن هو يريد أن ينظر يجمع، هؤلاء يشبه بعضهم بعض، وهؤلاء يشبه بعضهم بعض، يمكن ثلاثة آخرين .. ، وعشرة آخرين يشبه بعضهم بعض، لكن اقتصر على التمثيل بهؤلاء "كان يؤخذ العلم عن ستة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا لا يفيد الحصر، "فكان عمر وعبد الله -بن مسعود-، وزيد -بن ثابت- يشبه علمهم بعضهم بعضاً" متقارب علمهم بعضهم من بعض، ينحون منحاً معين في تقرير المسائل، وفهمها، واستنباطها "وكان يقتبس بعضهم من بعض، وكان علي" والثلاثة الآخرون "يشبه ... بعضهم بعضاً" علي وأبي بن كعب، علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، "والأشعري" أبو موسى الأشعري "يشبه علمهم بعضهم بعضاً" كمشابهة الثلاثة الأولين بعضهم لبعض "وكان يقتبس بعضهم من بعض، قال: فقلت له" يعني كأنه تضم أبو موسى الأشعري لعلي بن أبي طالب وأبي؟ كأنه جعل شأنه أقل، قال: "وكان الأشعري إلى هؤلاء؟ " يعني يمكن أن يضم إلى هؤلاء؟ نعم، "قال: كان أحد الفقهاء" كان أحد الفقهاء، يعني أنت ما تقدره قدره، ولا بلغك من علمه ما بلغك، لكن إحنا نعرفه بلا شك، مقدار الرجال يعرفها الرجال، وقد يخفى عليك من أمر هذا العالم ما يبين لغيرك، نعم، إيه نعم. أحسن الله إليكم:

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي نضرة قال: قلت لأبي سعيد: "إنك تحدثنا أحاديث معجبة، وإنا نخاف أن نزيد أو ننقص فلو اكتتبناه، قال: لن نكتبكم ولن نجعله قرآناً، ولكن احفظوا عنا كما حفظنا". نزيد أو ننقص، نزيد أو ننقص، بعد ما أحفظ عنك. يقول: "عن أبي نضرة قال: قلت لأبي سعيد -الخدري-: "إنك تحدثنا أحاديث معجبة" يعني نعجب منها، تأتينا بجديد يعني، تأتينا بشيء جديد لا نجده عند غيرك، فمثل هذا يحتاج إلى تدوين، يعني العلم الذي تجده عند شخص ولا تجده عند غيره، احرص عليه ودونه واكتب؛ لأنه يفوت، أما العلم المشاع الذي وجد عند فلان، وفلان وفلان من الناس هذا لو فاتك من فلان أخذته من فلان "وإنا نخاف أن نزيد أو ننقص" نزيد أو ننقص، يعني مع طول الوقت، لأن الحفظ خوان، إذا اعتمدنا على الحفظ لا نأمن أن نزيد في هذا العلم وننقص "فلو اكتتبناه" يعني تملي علينا نكتب "فقال: لن نكتبكم" لن أملي عليكم لتكتبوا أبداً "ولن نجعله قرآناً" لا نشبه الحديث والأخبار بالقرآن الذي يكتب "ولكن احفظوا عنا كما حفظنا" وهذا من طريق أبي سعيد الذي روى حديث: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب غير القرآن فليمحه)) هو راوي هذا الحديث، وكان الخلاف في الكتابة معروف، ثم أذن بها وأجمع الناس على جوازها، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: "إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله الموعد، كنت رجلاً مسكيناً أخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئاً سمعه مني)) فبسطت ثوبي حتى قضى حديثه، ثم ضممتها إلي فما نسيت شيئاً سمعته بعد".

أبو هريرة -رضي الله عنه- حافظ الأمة قد يتعرض مثل هذا للاتهام، يعني كيف حفظت شيء وأنت ما أسلمت إلا في السنة السابعة من الهجرة قبيل الوفاة النبوية ومع النبي -عليه الصلاة والسلام- من أسلم قبلك بعشرين سنة وما حفظ ما حفظت؟ من أين جئت بهذا العلم؟ يتهم بكثرة الحديث، لكن بسبب الدعوة النبوية، والحرص الشديد، وبذل الأسباب ونفي الموانع أدرك أبو هريرة ما أدرك، وأنتم عاصرتم وقرأتم وسمعتم أن من أهل العلم من صار من بحور العلم في زمن يسير، في زمن يسير، وبعضهم من استمر العقود ما أدرك شيء يذكر، هذه هبات وأعطيات من الله -جل وعلا-، الإنسان ما يأخذ بيده، لكن عليه أن يبذل السبب. "إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله الموعد" يعني بيني وبينكم إن كنت كذبت عليه فسوف يعاقبني، وإن كنتم كذبتم علي واتهمتموني فسوف يعاقبكم "والله الموعد، كنت رجلاً مسكيناً أخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ملء بطني" بهذا يقال: إن التقلل من الدنيا أفضل من التكثر لمن يريد العلم "على ملئ بطني، وكان المهاجرون -أصحاب الأموال- يشغلهم الصفق بالأسواق" بيع وشراء متى يفرغون لطلب العلم؟ "وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم" أهل زروع، وقل مثل هذا في أهل العقارات، مثل أهل الصنائع، مثل أهل الوظائف المشغلة، هذه تشغلهم أعمالهم عن تحفظ الحديث، وهو لا يذم بذلك المهاجرين ولا الأنصار، إنما يبين الواقع، والشغل بالتجارة في الأسواق أو في الأموال والحروث والزروع والضياع .... ، هذا لا يذم بل مع النية الصالحة يصبح عبادة، وهذا أمر لا بد من القيام به في الأمة، لا بد من القيام بما تحتاجه الأمة، لكن هو يريد أن يوضح موقفه "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئاً سمعه مني)) فبسطت ثوبي" بادر وبسط ثوبه، "فبسطت ثوبي حتى قضى حديثه، ثم ضممتها إلي -يعني الثوب- فما نسيت شيئاً سمعته بعد". ببركة هذه الدعوة النبوية صار لا ينسى شيئاً، والله المستعان، نعم.

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن أيوب قال: "قال رجل لمطرف: أفضل من القرآن تريدون؟ قالوا: لا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا". نعم يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن أيوب -بن أبي تميمة السختياني-: "قال رجل لمطرف -بن عبد الله بن الشخير-: أفضل من القرآن تريدون؟ " تريدون أفضل من القرآن؟ تجلبون ها الكتب، وتشترون، يعني يمكن أن يقال لأي شخص يعتني بالعلم، وعنده كتب كثيرة، تريدون أفضل من القرآن؟ يا أخي يكفيك المصحف، يعني إيش تشتري أربعين خمسين تفسير وعندك المصحف؟ يكفي يا أخي، تريد أفضل من القرآن؟ ما في "قالوا: لا" ما في شيء أفضل من القرآن، لكن نريد من هو أعلم منا بالقرآن يعيننا على فهم هذا القرآن، قد يقول قائل: التفاسير كلام عربي واضح كله يكفي، نقول: نعم، لكن من يستطيع أن يستخرج كنوز القرآن، ويعينه على فهم القرآن إلا من أهل العلم الموثوقين، سواءً كانوا من المتقدمين أو من المتأخرين، يقول: "قالوا: لا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا" نعم يعيننا على فهم القرآن، وهو سواءً كان موجوداً أو مفقوداً، مدوناً علمه في الصحف والكتب، نعم، فكون الإنسان يعنى بالكتب لا يعني أنه ليست عنايته بالقرآن إنما يعتني بالقرآن، ويشتري هذه الكتب من أجل فهم القرآن، ومن أجل فهم السنة، ومن أجل أن يعينه هذا على فهم النصوص، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا أبو خلدة، قال: سمعت أبا العالية يقول: "حدث القوم ما حملوا قال: قلت: ما حملوا؟ قال: ما نشطوا".

نعم وهذا الخبر عن أبي العالية -رحمه الله- "يقول: "حدث القوم ما حملوا" يعني ما كان عندهم استعداد للحمل، عندهم استعداد لأن يحملوا العلم، أما تشوف وجوههم كلها ما عندهم استعداد، اللي ينوم، واللي يتشاغل وكذا، اتركهم لوقت آخر، تخولهم بالتعليم "حدث القوم ما حملوا، قلت: ما حملوا؟ قال: ما نشطوا" يعني صار عندهم استعداد لقبول الدرس، أما إذا كان ما عندهم استعداد، لذلك الذي يأتي من الدوام مثلاً، يطلع من الدوام ثنتين ونصف افترض أن المسألة في الرياض يحتاج إلى أن يصل البيت إلى ثلاث ونصف تقول: تعال عندنا درس، تعال، شوف له أصعب كتاب، الله المستعان، يا أخي خليه يرتاح وينبسط ويجيك بنفس يعني مقبلاً، نعم هذه الأوقات لها ناس ما عندهم دوام مثلاً اجعل درس العصر، لكن عندك درس العصر للموظفين هذا صعب، فلا بد من تخول الطلاب في العلم وفي الموعظة والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتخولهم، كان يتخولهم في الموعظة، وهذا العلم لا بد أن يؤخذ بانشراح صدر ليكوم مقبول، لا يمل الناس بتحديثه، نعم. أحسن الله إليكم: فقط تنبيه على التصحيف الموجود هو أبو العالية وليس أبا علية، كما هو موجود في السند رقم ثمانية وتسعين. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا الأحوص يقول: كان عبد الله -رضي الله تعالى عنه- يقول: "لا تملوا الناس".

نعم وهذا. . . . . . . . .، "لا تملوا الناس" بحيث لا تتركون فرصة يرتاحون فيها ويستجمون فيها، يعني تجعل درس بعد صلاة الصبح، ثم درس ثاني بعده مثلاً بساعة، إذا انتهى هذا تجيب له درس ثاني، ثم ثالث ثم رابع، هذا لا شك أنه يمل الناس، والدورات العلمية المكثفة التي فيها في كل يوم دروس متتابعة وحفظ من هذا، وفهم من هذا، وشرح لهذا على طول اليوم، لا شك أنها تمل الناس، لكن لاعتبار قصر مدتها، أسبوع يتحمل الإنسان، خلاص ينقطع للعلم لمدة أسبوع؛ لأنه يعرف أنه بعد الأسبوع الثاني بيرتاح، أو أسبوعين، أو شهر على الكثير، لكن يكون العام كله بهذه الطريقة، من درس إلى درس، الضحى فيه ثلاثة دروس، الظهر درس أو درسين، العصر درسين، المغرب وبعد العشاء درس، هذا يمل الناس، يمل الناس، فعلى هذا طول العام ينبغي أن يكون درس أو درسين في اليوم، أما في الدورات المكثفة يتحمل الناس لمدة أسبوع أسبوعين ثلاثة أسابيع إلى شهر بالكثير، يأخذ الإنسان أربعة دروس خمسة دروس في اليوم لمدة ساعة.

إذا وجد الإنسان همة ونشاط من نفسه على سبيل الخصوص أو اتفق مع مجموعة من زملائه فيهم هذه الهمة، لا بأس، النووي كان عنده اثني عشر درس في اليوم، لكن الناس يتفاوتون، ويوجد من الناس من يقرأ الكتب خمسة عشر ساعة متواصلة، وجدت هذه الهمة، ووجد هذا النهم، ووجدت هذه الرغبة، وانتهى من زمن المجاهدة وصار يتلذذ بالعلم الله. . . . . . . . . نعم، وقل مثل هذا في سائر العبادات، مثل هذا في سائر العبادات، شخص يصلي في اليوم والليلة أربعين ركعة، الفرائض سبعة عشر، الوتر إحدى عشر، الرواتب ثنتا عشر، ولا يزيد على ذلك هذا على خير كثير، ويقول ابن القيم: "من طرق الباب أربعين مرة يوشك أن يفتح له" لكن إذا قال: أنا بزيد، أنا عندي أوقات زادت، وأتلذذ بالصلاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) أنا بصلي باليوم والليلة مائة ركعة، نقول: الله يقويك، وجد من يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، وبالمقابل وجد من يقول: مستحيل يصلي ثلاثمائة ركعة؛ لأنه يحسب ويضرب ثلاثمائة ركعة في ثلاث دقائق، أو في دقيقتين ستمائة دقيقة يعني كم؟ عشر ساعات صالب يصلي، يا أخي تقيس الناس على نفسك؟ يعني بعض الناس إذا سمع أن بعض الناس يأكل ذبيحة قال: هذا مستحيل، ما هو بصحيح، وهو موجود،. . . . . . . . . يقيس الناس على نفسه إذا أكل له فخذ دجاجة شبع، يا أخي هذه الأمور، أمور توفيق من الله -جل وعلا-، تقدر تقول لي: إن واحد بجلسة واحدة جلس مع طلوع الشمس وهذا معروف ما أذن الظهر إلا وهو خاتم للقرآن، تقول له: مستحيل؟ يعني حصل محاورة بين اثنين من كبار أهل العلم، واحد من المشايخ يقول: يقرئ القرآن في يوم، قال: لا ما يمكن، يقول الثاني: يمكن يا أخي هذا مجرب معروف، فالإنسان اللي بيقيس الأمور على نفسه لا شك أنه بيحكم مسبقاً وهو ما يدري عن الناس، فلا شك أن الذي عنده رغبة ويستطيع مثل هذا العمل ويتلذذ فيه أكثر الله أكثر، أكثر من العمل الصالح، والإكثار من التعبد ليس ببدعة كما يقول بعضهم، ليس ببدعة في الأمور المطلقة، لا تتعبد بشيء ما شرعه الله، لكن عندك نص: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله

وجهه عن النار سبعين خريفاً)) صم يا أخي، لكن لا تحمل على نفسك على شيء تمله ((مه عليكم من الدين ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) لكن الذي يتلذذ بالعبادة وجد من يتلذذ بها من سلف الأمة إلى يومنا هذا، وهو على خير -إن شاء الله تعالى-، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا إذا انتهينا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس أحدنا حيث ينتهي". نعم هذا الحديث يذكرون أنهم كانوا إذا انتهوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يحدث أصحابه في المسجد أو في غيره يجلسون يجلس أحدهم حيث ينتهي به المجلس، وهذا الأدب الشرعي، ما يتخطى رقاب الناس ويؤذيهم، ويجلس بينهم، أو لا بد أن يجلس بجانب الشيخ، أو بجانب العالم، لا يا أخي، ولو كان من علية القوم أو من كبارهم، لا، يجلس حيث ينتهي به المجلس، نعم إن احترمه غيره كما هو المطلوب والمرغب فيه؛ لأنه أكبر فقام عن مجلسه أو توسع له، الأمر لا يعدوه، أما أن يقام شخص من مكان .. ، من سبق إلى شيء فهو أحق به، تنتهي حيث ينتهي بك المجلس، لكن إذا آثرك أحد في مجلسه فاقبل هديته، نعم. حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عمرو بن شعيب قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكره أن يوطأ عقبه، ولكن عن يمين وشمال". يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عمرو بن شعيب" وقف السند هنا، وعمرو بن شعيب دون التابعين، فالخبر معضل، نعم "قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكره أن يوطأ عقبه" يعني يمشي الناس وراءه، يمشي الناس وراءه "ولكن عن يمين وشمال" عن يمين وشمال، وهو مروي بإسناد متصل عن عمرو بن شعيب على الجادة عن أبيه عن جده، عن أبيه عن جده، مخرج عند الحاكم وغيره، ولا شك أن المشي خلف الإنسان جاء فيها ما جاء من السلف، أنه ذل للتابع، وفتنة للمتبوع، فإذا كان الناس عن يمينه وعن شماله فذلك المطلوب، نعم. طالب:. . . . . . . . . الخلاف في سماع شعيب من جده. طالب:. . . . . . . . . لا عمرو. . . . . . . . . بتابعي، نعم.

أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة عن عطاء بن السائب قال: "كان أبو عبد الرحمن يكره أن يسأل وهو يمشي". من أبو عبد الرحمن؟ هذه كنية أكثر من واحد من الصحابة، نعم، الغالب إذا أطلق أنه ينصرف إلى ابن مسعود. يقول: "كان أبو عبد الرحمن يكره أن يسأل وهو يمشي" يكره أن يسأل وهو يمشي، كراهة تنزيه، لا شك أن كون الإنسان يعلم ويفتي وهو على أكمل هيئة، ذلك المطلوب، لكن إذا احتيج إلى الفتوى وهو قائم وهو قاعد وهو مضطجع وهو يمشي لا بأس -إن شاء الله تعالى- {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران]، {يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} فإذا كان هذا في الذكر فالفتوى من باب أولى، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن عبد الله بن المبارك عن رياح بن زيد عن رجل عن ابن منبه قال: "إن للعلم طغياناً كطغيان المال". هذا الخبر عن وهب بن منبه وهو منقطع أيضاً، بل فيه راوي مجهول، ضعيف الخبر، لكن معناه في الواقع ما يشهد له، في الواقع ما يشهد له "إن للعلم طغياناً كطغيان المال": نعم {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(6 - 7) سورة العلق] وبعض الناس يطغى إذا حصل شيئاً من العلم، وذكره الناس فيه، تجدون بعض من ينتسب إلى العلم حياته وعيشته وطريقته وتعامله مع الناس مثل التجار بل مثل الملوك، يحتقر بعض الناس ويزدريهم وينهر بعض الناس، حياته لا تختلف كثيراً عن حياة أرباب الدنيا، لكن عالم الآخرة ليس كذلك، العالم الذي يريد بعلمه وجه الله والدار الآخرة ليس كذلك، لا يطغى لأنه .. ، وإذا رأى أنه علم، إذا رأى أنه علم فقد جهل، كمن رأى أنه استغنى فقط طغى، والله المستعان. فعلى العالم وطالب العلم أن يتواضع بعلمه، والعلم الذي لا يدل على التواضع هذا ليس بعلم، نعم. طالب: أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معن بن عيسى قال: حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن واثلة -رضي الله تعالى عنه- قال: "إذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم".

نعم واثلة بن الأسقع يقول: "إذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم" يكفيكم من أن نحدث بالمعنى، ورواية الحديث بالمعنى يجيزها جمهور أهل العلم شريطة أن يكون المحدث عارف بمدلولات الألفاظ، وما يحيل المعاني، لا بد، أما شخص لا يعرف مدلولات الألفاظ، ولا يعرف ما يحيل المعاني قد يقلب المعنى إذا أراد أن يحدث بالمعنى، لكن لا بد أن تتوفر الشروط للعالم الذي يستطيع أن يؤدي المعنى باللفظ غير المسموع، على أن من أهل العلم كابن سيرين من لا يرى الرواية بالمعنى، يقول: إذا كنت لا تحفظ الحديث بلفظه لا تحدث به، ولا شك أن مثل هذا أحوط، لكن الحاجة داعية إلى التحديث بالمعنى، وكتب الأئمة شاهدة في ذلك، فالقصة الواحدة تروى بألفاظ مختلفة فدل على جواز الرواية بالمعنى وعليه عمل الأئمة، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معن قال: حدثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "كان إذا حدث بالحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم إلا هكذا أو كشكله". وهذا من باب الاحتياط في الرواية لأن الإنسان لا يضمن أن يأتي بالحديث على وجهه، فيأتي بلفظ يدل على تحريه، فيقول: هكذا، أو مثل هذا، أو نحو هذا، أو شكل هذا، أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، أو بمعناه، يأتي بلفظ يدل على تحريه، وأنه لا يضمن أن هذا اللفظ هو المسموع، المؤدى هو المسموع المتحمل، لا يلزم؛ لأن الرواية بالمعنى جائزة، لكن إذا بين للسامع أن هذا لا يضمن أنه اللفظ برئ من العهدة نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معن قال: حدثنا أبو أويس ابن عم مالك بن أنس قال: "سمعت الزهري يقول: "إذا أصبت المعنى فلا بأس". وهذا أيضاً مثل ما يقول به جماهير أهل العلم في جواز الرواية بالمعنى بشرطها، بشرطها، لا تتاح الفرصة لمن لا يعرف المعاني كما يحصل من بعض العوام يسوق لك أحاديث ما تدري من أين جاءت؟ نعم، وقد سمع حديثاً حرفه وصحفه وأداه على فهمه يفهم من الحديث شيء ثم يعبر عنه، وهو ليس من أهل العلم، مثل هذا يَضيع ويُضيع، فالرواية بالمعنى وإن أجازها جمهور أهل العلم إلا أنها لها شروط:

أولاً: إذا استحال الإتيان باللفظ، لكن معك كتاب بين يديك صحيح البخاري فتقول: روى البخاري -رحمه الله- ما معناه كذا، ما يجوز، الآن ما يستحيل عليك أن تأتي باللفظ، أيضاً إذا نقلت من مصنف من كتاب إلى آخر، لا يجوز لك إلا أن تنقل باللفظ؛ لأن جواز الرواية بالمعنى إنما هي لحاجة، حينما لا يستطاع اللفظ تجوز الرواية بالمعنى بشرطها، لكن يبقى أنه لا بد أن يكون الراوي عالم بما يحيل المعاني، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حجاج بن محمد عن بن جريج قال: أخبرني عطاء أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- والناس يسألونه يقول: "لولا آية أنزلت في سورة البقرة لما أخبرت بشيء، فلولا أنه قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة] ".

نعم لولا هذه الآية التي فيها الوعيد الشديد على من كتم العلم لكان للعلماء مندوحة ألا يعلموا ولا يفتوا، ولا يبينوا للناس، لكن هذه الآية عظّمت من شأن الكتمان، لولا آية أنزلت في سورة البقرة، فأبو هريرة كأنه يضيق ذرعاً بمن يقول له: أكثرت يا أبا هريرة، أكثرت من الحديث، بعد أن أبدى عذره قال: لولا هذه الآية ما حدثت بكلمة "لولا آية أنزلت في سورة البقرة لما أخبرت بشيء، فلولا أنه قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة] " نسأل الله السلامة والعافية، وقد يحتاج إلى البيان فيجبن العالم عن البيان، ويتفق ويتواطأ الناس على عدم البيان خوفاً على أنفسهم، هذا الوعيد الشديد الذي يؤكد أنه لا بد من البيان للناس، لا بد من البيان لهم، وبالمقابل تجد من يتصدى ويتصدر ويبين على غير هدى، فهناك لا شك إفراط وتفريط، إفراط وتفريط، لا يجوز الكتمان إذا تعين البيان، وأهل العلم يقررون بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، هذا بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- فيكيف بغيره؟ إذا احتيج إليه لا بد من البيان، لكن إذا لم يحتاج إليه ففيه سعة؛ لأن البيان فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا ابن فضيل عن أبيه قال: "كنا نجلس أنا وابن شبرمة والحارث العكلي والمغيرة والقعقاع بن يزيد بالليل نتذاكر الفقه فربما لم نقم حتى نسمع النداء لصلاة الفجر". السهر مكروه وكان -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح يكره النوم قبلها يعني صلاة العشاء، والحديث بعدها، والسنة الإلهية أن الليل سكن، والنهار معاش، لكن السمر في العلم جائز ولا شيء فيه، بل قد يستحب، ويطلب إذا كان أهيأ من النهار فهذه طريقة السلف، الأصل أن الليل سكن، لكن إذا جلس للتحديث والمسامرة بالعلم ومذاكرته فهذا من أفضل الأعمال؛ لأنه أفضل من قيام الليل.

يقول: "كنا نجلس أنا وابن شبرمة والحارث العكلي والمغيرة والقعقاع بن يزيد بالليل نتذاكر الفقه" الأحكام، يستنبطون من النصوص، أحكام شرعية ويتذاكرونها "فربما لم نقم حتى نسمع النداء لصلاة الفجر" في الليل، نعم العلم، العلم من أوغل فيه له لذة وله متعة، وينسي، ينسي، يعني لو قيل: إن بعض الناس يمكن يجرى له عملية جراحية وهو يتذاكر مسألة ما هو ببعيد، كما أنها فعلت، قطعت رجل من يصلي ولا يدري، فواحد من العلماء في القرن الماضي في ليلة زفافه، ليلة زواجه لما دخل على المرأة إيش تذكر؟ مسألة، تذكر مسألة تفسير آية، أشكل عليه تفسيرها فنزل التفاسير من تفسير إلى تفسير إلى أن أذن الفجر، ليلة العرس. طالب: بعد ما دخل وإلا قبل يا شيخ؟ لا، عاده ما دخل على المرأة، تذكر هذه المسألة فنزل، ويش تظن المسألة عشر دقائق ربع ساعة وهو طالع، لا، الكتب، الكتب إذا التفتيش فيها متعة، فضلاً عن الإفادة فيها. يقول: كنا "نتذاكر الفقه فربما لم نقم حتى نسمع النداء لصلاة الفجر" سبحان الله، أذن، نعم، ومر علينا وعلى غيرنا يعني لما كان الإنسان يقرأ الكتب الآن شغلنا عن القراءة، حقيقة ما ينظر إلى الساعة يتمنى أنها تتعطل ليضحك على نفسه أن الزمن فيه بقية، نعم، ويفاجئ بالأذان، يفاجئ بقرب موعد وإلا شيء، فلا شك هؤلاء يتذاكرون ربما لم يقوموا حتى يسمعون النداء لصلاة الفجر، قد يقول قائل: إيش .... ؟ علم، هذا علم ثقيل من يطيقه؟ لا، العلم يحتاج إلى مجاهدة، إذا تعدى مرحلة المجاهدة خلاص لذة الآن، يعني مثل ما يتلذذ الناس على فرشهم، ومثل ما يتلذذ أهل التجارة بمكاسبهم وأرباحهم، ومثل ما يتلذذ أهل الصيد بصيدهم، وأهل اللهو بلهوهم يتلذذ أهل العلم بعلمهم، وأهل القيام بقيامهم، وأهل الصيام بصيامهم، يعني الذي يبكي عند الوفاة ويش يبكيه؟ ويش يبكيه؟ يبكيه فوات قيام الليل وصيام الهواجر، الله المستعان، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عبد الله بن يزيد يعني الصهباني عن كميل بن زياد عن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: "إنكم في زمان كثير علماؤه، قليل خطباؤه، وإن بعدكم زماناً كثير خطباؤه، والعلماء فيه قليل".

يقول عبد الله وإذا أطلق ينصرف إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: "إنكم في زمان كثير علماؤه" العلماء كثير تجد من يفتيك بالجواب الصحيح "قليل خطباؤه" الصحابة ترى الخطباء فيهم قليل، والتابعين وعموم سلف الأمة الكلام فيهم قليل، كلامهم قليل، يعني تجلس عند العالم الكبير تظنه عيي ما يعرف يتكلم، أيضاً العلماء الراسخين الآن إذا صففت أحدهم إذا أردت يتكلم عن موضوع وإلا عن شيء يمكن تنقد عليه، لكن إذا جاء سين جيم خذ العلم، نعم وتجد الشاب من الشباب اللي تعلم الخطابة والكلام يمكن عنده استعداد يتكلم ساعة ساعتين ما يقف، لكن علم السلف غير، كلام قليل، فهم للنصوص على المطلوب، وتصور صحيح دقيق للمسائل، وتصوير. هنا يقول: "إنكم في زمان كثير علماؤه، قليل خطباؤه، وإن بعدكم زماناً كثير خطباؤه" سيأتي الناس الكلام فيهم يكثر جداً، وهذا واقع "والعلماء فيه قليل" والعلماء فيه قليل، هذا الواقع، يعني تجد المسألة لا تجد من يفتيك في المسألة التي من عضل المسائل أو من .. ، إلا القليل النادر، بينما مستعد يخطب لك عن أي موضوع تريده، بس اقترح اقترح، ولا يحتاج إلى تحضير ولا مراجعة كتب، ويمتطي المنبر ويتكلم بما شئت، لكن إذا جاء السؤال والجواب ما في، بعكس طريقة السلف، والله المستعان نعم. طالب: له حكم الرفع هذا؟ نعم له حكم الرفع باعتبار أنه حديث عن مستقبل، حديث عن مستقبل، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن مجاهد قال: "لا بأس بالسمر في الفقه". نعم عرفنا أن السهر مكروه، وإذا ترتب عليه ترك واجب صار محرم، الذي يسهر ومن جراء السهر تفوته صلاة الفجر، هذا يحرم عليه السهر، إذا كان عادة وديدن له كلما سهر فاتته الصلاة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، يجب عليه أن ينام، لكن إذا ترتب عليه ما دون ذلك من ضعف في قيام الليل فهو مكروه، يبقى أنه إذا ترجحت المصلحة واستغل هذا السهر فيما يرضي الله -جل وعلا-، وفيما يقرب إليه صار مطلوباً، ولذا قال: "عن مجاهد: لا بأس بالسمر في الفقه" وترجم الإمام البخاري في كتاب العلم: باب: السمر في العلم، فالعلم مطلوب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- فعله، نعم. أحسن الله إليكم:

"حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن الحسن بن عمرو عن إبراهيم النخعي قال: "من طلب شيئاً من العلم يبتغي به الله -عز وجل- آتاه الله -عز وجل- به ما يكفيه". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا الأثر عن إبراهيم النخعي يقول: "من طلب شيئاً من العلم" والمقصود به العلم الشرعي المورث لخشية الله -عز وجل-، المتلقى من نصوص الوحيين، "يبتغي -بذلك وجه الله- - عز وجل-" لا يريد به عرض من عرض الدنيا، ولا يرائي به "آتاه الله -عز وجل- به" بسبب هذا العلم "ما يكفيه" من أمور دينه ودنياه، يوصله إلى المراد من أقرب طريق بالنسبة لأمور الدين، وبالنسبة لأمور الدنيا هذا الذي جعل الآخرة نصب عينيه، يأتيه رزقه من حيث لا يحتسب، ويرزقه من حيث لا يحتسب، يأتيه ما يكفيه بحيث لا يحيجه إلى الناس. وقد يقول قائل: إننا نرى كثير من طلاب العلم، أو من أهل العلم منهم بأمس الحاجة إلى ما في أيدي الناس؛ لأنهم انقطعوا للعلم الشرعي، وغفلوا عن تحصيل أسباب المعيشة، فاحتاجوا إلى الناس. نقول: نعم قد يبتلى الإنسان بالحاجة والعوز إلى ما عند الناس، وقد يبتلى بزيادة الأموال، فالدنيا ليست هدف للمسلم فضلاً عن العالم وطالب العلم، بل صرح بعضهم أن العالم إذا رؤي في عيشته سعة وزيادة، لا شك أن هذا سببه نقص في دينه؛ لأن منهم من يقول: "إذا رأيت العالم موسع عليه في أمر دنياه فاتهمه" لكن لا يلزم هذا، هذا ليس بلازم، هذا ليس بلازم، لكن وجود الأموال وعدمها ابتلاء من الله -جل وعلا-، ويبتلى به العالم وغير العالم، الصادق وغير الصادق، العابد وغير العابد، يبتلون بزيادة الدنيا لينظر في مدى شكرهم، كما أنهم يبتلون بالحاجة والفاقة لينظر مدى الصبر عندهم، وعلى كل حال من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن أبي يزيد المرادي قال: "لما حضر عبيدة الموت دعا بكتبه فمحاها".

هذا الخبر عن عبيدة بن عمر السلماني لما دنت وفاته وظهرت الأمارات على دنو أجله دعا بكتبه فمحاها، عبيدة السلماني من الرواة الأثبات من الثقات، "دعا بكتبه فمحاها" السبب في ذلك لئلا يعتمد عليها ويترك الحفظ، وكان السلف يحذرون من الكتابة؛ لأن من يعتمد على الكتابة لا شك أنه يضعف حفظه، وقد يكون في هذه الكتب من الأحاديث الضعيفة التي لا تثبت نسبتها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من أجل أن يعرفها، فالأحاديث الصحيحة مدونة، والأحاديث الضعيفة مدونة، والموضوعات أيضاً مدونة، من أجل أن تعرف؛ لئلا يختلط الصحيح بغيره، وهذا من باب معرفة الشر لا للشر لكن ليتقى، تدون الأحاديث الضعيفة والموضوعة من أجل أن يتقيها المسلم ويعرف ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يثبت، فقد يكون من هذا النوع في كتب عبيدة فخشي أن يغتر به ناس فيرونه فيما بعد مروي منسوب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيتلقونه بالقبول، والضعيف إنما يرويه أهل العلم ويكتبونه والأحاديث الموضوعة وغير الصحيحة إنما لتعرف فتتقى، وهكذا ينبغي لكل عالم أو طالب علم عنده مكتبة كبيرة أو صغيرة تحتوي على كتب فيها مخالفات، فيها مخالفات لا سيما العقدية، وفيها شر يتعدى إلى طلاب العلم، فمثل هذا إن كان شرها أكثر من نفعها هذه تحرق ولا كرامة، وإن كان فيها نفع كبير وفيها ضرر ويخشى أن تؤثر على طلاب العلم، مثل هذه يكتفى بالتنبيه عليها، يكتب عليها أن هذا الكتاب فيه مخالفات عقدية فيه بدع، فيه كذا، ولا يلزم إتلافه، ولا يلزم إتلافه، وقد كان أئمة الدعوة يوصون بإحراق بعض الكتب، يوصون بإحراق بعض الكتب لأنها نفعها معدوم، والضرر منها متحقق، وهكذا كتب الشرك أو كتب السحر أو غيرها تتلف ولا كرامة، لكن كتب البدع التي فيها ما ينفع وفيها الضرر هذه ينبه عليها؛ لأن اليوم مسألة الإتلاف قد لا يكون حل؛ لأن المطابع التي طبعت هذا الكتاب طبعت عشرات الألوف.

لما كان البلد يتداول كتاب واحد، يتجه إحراقه والخلاص منه، لكن الآن البلد كل طالب علم عنده نسخة من كتاب كذا، وفيه بدع، لكن يكتفي بالتنبيه عليه، وإذا كان طالب العلم مكثر من الكتب التي من هذا النوع، لا سيما من يحتاجها للرد عليها، يصنع ختم مكتوب عليه: (هذا الكتاب فيه مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة فليحذر) ويختم على هذه الكتب، وبهذا -إن شاء الله تعالى- يبرأ من العهدة، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن ابن عبد الله قال: قال عبد الله -رضي الله تعالى عنه-: "رحم الله من سمع منا حديثاً فرواه كما سمعه، فإنه رب محدث أوعى من سامع". نعم هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود يرويه عنه ابنه أبو عبيدة يقول: "رحم الله من سمع منا حديثاً فرواه كما سمعه" يعني حفظه عنا، فرواه كما سمعه "فإنه رب محدث أوعى من سامع" وهذا فيه تحذير، وفيه ترغيب، فيه ترهيب وفيه ترغيب، ترهيب من المسارعة إلى نقل الأقوال دون فهم لها، أو على فهم يخالف مراد القائل، وكم حُرف من قول من محب مشفق ينقل القول على أساس أنه ينتفع به الآخرون وهو ما فهمه أصلاً، نعم ما فهمه، "وهل آفة الأخبار إلا رواتها" ينقل قول عن فلان وعن علان أنه قال كذا، وفي الحقيقة ما قال، لكن هذا فهم منه أنه قال، فروى على حسب فهمه، ولذا يقول: " فرواه كما سمعه" لا يتصرف فيه في لفظه ولا في معناه "فإنه رب محدث أوعى من سامع" هذا فيه أيضاً حث على نقل العلم، ينقل العلم من السامع إلى من يبلغه عنه، فقد يكون المبلغ أوعى وأحفظ من المبلغ، وهذا الخبر ثبت مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ((فإنه رب مبلغ أوعى من سامع)) وفي هذا يقرر أهل العلم أنه وإن كان العلم بالنسبة للسلف أكثر وفي الخلف أقل، وفهمهم أدق، فهم السلف أدق وأصح، إلا أنه قد يوجد في المتأخرين من يفهم فهماً دقيقاً صحيحاً في بعض المسائل أفضل ممن سمعها من قبله، وعلى كل حال هذا الخبر فيه حث للرواة وطلاب العلم على التبليغ، وهو فيه أيضاً حث لهم على التحري والتثبت في النقل وفي الفهم، نعم. أحسن الله إليكم:

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- قال: "العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه". وهذا الحديث -هذا الخبر- عن أبي الدرداء، ويروى مرفوعاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو بشواهده مقبول بالجملة "العلم بالتعلم" يعني ما يولد الإنسان عالم إلا بالتعلم، والتعلم تفعل، يعني يأتي بالتدريج، بالتدريج، كما أن الحلم والأناة والرفق والتؤدة تأتي بالتمرين والتدريج وقهر النفس على هذا، وقسرها على ذلك، فقد يكون الإنسان مجبول على الحلم كما جبل الأحنف وغيره، لكن قد يكون مجبولاً على الغلظة والشدة وسوء الخلق، ويأمل أن يكون حليماً، يأمل أن يكون رفيقاً ليناً، وقد جبل على خلاف ذلك، يتخلق بالحلم، يتخلق بالرفق والأناة، ثم تصير سجية له وطبعاً له، فإذا حاول وجاهد نفسه حصل له ما يريد -إن شاء الله تعالى- لا سيما إن صدق في اللجأ إلى الله -جل وعلا-. "ومن يتحرى الخير يعطه" التحري -التثبت- أمر لا بد منه للمسلم، أمر لا بد منه، يتحرى الخير ويتحسس مواطن الخير، فيسلك هذه الموطن، ويتتبعها، فيوفق لها، "ومن يتوقى الشر يوقه" نعم من توقى .. ، ما زج بنفسه في أمور لا يدرك أبعادها، يتحرى في كل ما يسمع، وفي كل ما يرى، وكل ما يفعل، وكل ما يقول، فإذا تحرى وقاه الله الشر وأهله، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزعراء عن أبي الأحوص عن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "إن أحداً لا يولد عالماً، والعلم بالتعلم".

نعم وهذا كسابقه، العلم ما في أحد يولد وهو عالم، يولد المرء وهو ساذج ما عنده شيء، لا يعلم شيء، ثم بعد ذلك تتكون هذه العلوم شيئاً فشيئاً ببذل السبب والاجتهاد في ذلك حتى يكون عالماً، ولا يوجد أحد ولد عالم، ولا يوجد أحد ولد عالماً، قد يقول قائل: الله -جل وعلا- يلقي في روع الإنسان ما ينفعه، وكما علم آدم الأسماء كلها، كما أنه -جل وعلا- علم آدم الأسماء كلها، هل تعلمها آدم؟ علمه الله -جل وعلا-، لكن هذه أمور على خلاف الأصل، وعلى خلاف العادة، جعلها الله -سبحانه وتعالى- من خصائص آدم، وإلا بينتظر الإنسان عمره كله ما يطلب العلم يقول: لا أبداً اللي علم آدم يعلمني، هذا ما هو بصحيح، إذاً لا تتزوج وانتظر الولد، إن كان الله كاتب لك ولد يبي يصير لك ولد وما تزوجت، هذا الكلام ما هو بصحيح، لا بد أن يتعلم ليكون عالماً، لا بد أن يتزوج ليكون أباً وهكذا، فلا بد من بذل السبب. "والعلم بالتعلم" يعني يأتي بالتدريج، مع الإخلاص لله -جل وعلا-، وأخذه على الطرق المعروفة عند أهل العلم، ويتكون شيئاً فشيئاً كنمو بدن الإنسان، وعقل الإنسان، وكنمو النبات، ونمو ينمو، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن أبي سنان عن سهل الفزاري قال: قال عبد الله -رضي الله عنه-: "اغدُ عالماً أو متعلماً أو مستمعاً، ولا تكونن الرابع فتهلك".

"اغد عالماً" يعلم الناس الخير، أو طالب علم متعلم يغدو ويروح إلى حلق العلم والذكر ليفيد من علم العلماء "أو مستمعاً" إذا كنت لست من أهل العلم ولا من طلابه استمع للخير والفضل، ومسألة الاستماع اليوم متاحة -ولله الحمد- ومتيسرة بالإمكان أن يصلي الإنسان في المسجد ويجلس يستمع العلم والذكر والخير يكتب له الأجر، وحلق الذكر هي رياض الجنة، حلق الذكر هي رياض الجنة، فإذا جلس الإنسان من أجل أن يستفيد ولو لم يكن متعلماً معه كتاب ويعلق، لو كان عامياً لا يقرأ ولا يكتب، يمر به شيء يفهمه ويستفيد منه، إن لم يستزد علم فإنه على أقل الأحوال أنه ما دام في روضة من رياض الجنة والملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، والاستماع متيسر في المسجد، في البيت، في السيارة، والإنسان على فراشه يستمع من خلال إذاعة القرآن -ولله الحمد- هذه الإذاعة المباركة فيها علوم كثيرة، وفيها برامج نافعة لعوام المسلمين، اليوم الآن ما في أحد له عذر، إذا كان في السابق لا تتيح له ظروفه المعيشية أن يجلس عند العلماء، وفاته كما يقال القطار، قطار التعلم، وبيته ما في أحد يعلمه، ولا .. ، الآن ما في عذر، كل بيت فيه من الذكور والإناث بالإمكان أن يعلم هذا الشيخ الكبير السن، أو هذه المرأة كبيرة السن التي لا تحفظ شيئاً من القرآن، يجلس، يجلس وتمسكه البنت أو الولد ويلقنونه تلقين ويش عاجلين عليه؟ يكفيه أنه يأتيه أجله وهو يزاول ويعاني حفظ كتاب الله -جل وعلا-، والله المستعان.

"ولا تكونن الرابع" لأنه إن لم تكن عالم أو متعلم أو مستمع يعني معنى الرابعة معرض، الرابع هو المعرض عن دين الله لا يعلمه ولا يتعلمه ولا يحاول أن يسمعه، هذا معرض، وقد دخل ثلاثة نفر على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في المسجد يحدث أصحابه فجلس اثنان وانصرف الثالث ثم قال: ((ألا أخبركم بخبر النفر الثلاثة: أما الأول فأوى فآواه الله، وأما الثاني: فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث: فأعرض فأعرض الله عنه)) نسأل الله العافية؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو المعلم، والذي أوى هو المتعلم، والذي استحيا وجلس استمع، ونتصور الرابع هو المعرض الذي يهلك، نسأ الله العافية؛ لأنه أعرض فأعرض الله عنه، نسأل الله السلامة والعافية، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث عن أبي السليل قال: "كان رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس فيكثر عليه فيصعد فوق بيت فيحدثهم".

نعم هذا إذا كثرة الجموع عند العالم، وقد حصل لبعض الصحابة كما هنا: "كان رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس" هذا حصل لجمع من الصحابة عند ابن عباس، عند ابن مسعود، عند غيرهما من الصحابة كثرة الجموع فاحتاج ابن عباس إلى المترجم، المستملي الذي يبلغ الناس الحديث، يعني إذا افترضنا أن الشيخ هنا ولا نتصور مكبرات صوت ولا غيرها، يجلس الشيخ في المسجد أو في مكان متسع فتكثر عليه الجموع يمتلأ المسجد والساحات والشوارع والبيوت المجاورة أحياناً، كيف يبلغهم الشيخ؟ كيف يبلغهم؟ اتخذ أهل العلم المستملين، المستملي: هو الذي يبلغ كلام الشيخ، يجلس واحد هناك عند الباب يسمع الشيخ يبلغ أولئك، سمعه شخص عند الباب الثاني يبلغ من وراه وهكذا، وقد يكون في المجلس الواحد عشرة من المستملين إذا كثر العدد وهنا "كان رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدث الناس فيكثر عليه -يكثر عليه الحضور- فيصعد فوق بيت فيحدثهم" لأنه إذا كان من علو ويطل عليهم يسمعهم، ولذا اتخذ المنبر؛ لأن الذي .. ، بحيث يراه الناس كلهم، لا شك أن الرؤيا تساعد على السماع، الرؤيا تساعد على السماع، أما الذي لا يرى الشيخ ولو كان قريباً منه قد لا يسمع صوته؛ لأن من الأمور القولية والفعلية ما يستدل ببعضها على بعض، ولذا جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم- أنهم كانوا يتجهون إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يخطب بوجوههم، كما عند الترمذي والحديث مختلف فيه. على كل حال الرؤيا تساعد على البيان، فإذا صعد على بيت، على سطح بيت وحدثهم سمعوا، ولذا شرع الأذان في المنارة، والخطبة على المنبر، من أجل تبليغ الناس، وابن عباس -رضي الله عنهما- عرض على أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي أن يجلس عنده يترجم له، يعني يبلغ كلامه، يبلغ كلامه الذين لا يسمعونه، وهذه سنة متبعة عند أهل العلم، حتى كثر الجموع في القرن الثاني والثالث إلى أن بلغوا ألوف، كيف يبلغون إلا بهذه الطريقة؟ والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (6)

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (6) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. "حدثنا أبو خيثمة عن يحيى بن عمير قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "يُرفع العلم، ويظهر الجهل، ويكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل". نعم هذا الحديث وإن وقف على أبي هريرة هنا إلا أنه معروف مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين وغيرهما، يعني في آخر الزمان من علامات الساعة أنه "يرفع العلم" ويكون ذلك بقبض العلماء، وإذا رفع العلم يثبت ضده وهو الجهل، إذا رفع العلم ثبت ضده وهو الجهل "ويظهر الجهل، ويكثر الهرج" في بعض الروايات: "يكثر شرب الخمر ويكثر الزنا" وهي في الصحيح، وهنا قال: "يكثر الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل" في رواية في حديث أبي موسى قال أبو موسى: الهرج القتل بلسان الحبشة، فالهرج هو القتل، وهذا في زمان الفتن، نسأل الله السلامة والعافية منها.

فليس هذا مجرد خبر، بل هذا حث على تحصيل العلم، ما دام بيرفع في آخر الزمان، ما نقول: ما دام مرفوع مرفوع لماذا نتعب وإحنا في آخر الزمان،. . . . . . . . . لا أنت مأمور بأن تطلب العلم؛ لأن هناك أمور أو إرادة شرعية وإرادة قدرية، قدراً أراد الله -جل وعلا- كونه قدراً أن يكون هذا وصف آخر الزمان، لكنه أراد منا شرعاً أن نتعلم، ونحن مأمورون بأن ندور مع الإرادة الشرعية، لا يعني هذا أن الإنسان كما جاء في الحديث أن الضعينة تسير من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب نعم من عدن إلى صنعاء أو من كذا إلى كذا بدون محرم ولا تخشى .. ، ما تخشى شيء، هل معنى هذا أننا نسير نساءنا بهذه الطريقة؟ لا، لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم، لكن قدراً يوجد هذا، الله -سبحانه وتعالى- كتب أن يوجد هذا، لكن مع ذلك أنت لا تكون الضحية، يعني كونه مثلاً يكثر الهرج، يكثر القتل، تقول: والله هذا قدر، موجود بيكثر القتل لماذا؟ نقول: لا يا أخي لا تكون الضحية، نعم هذا سوف يوجد قدراً، وقد أخبر الله عنه، لكن أنت مأمور بأن تصون نفسك، نعم، ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) والقتل الذي سوف يكثر في آخر الزمان هذا موبقة من الموبقات، يبقى أنه من كبائر الذنوب ((لا يزال المسلم في فسحة من أمره حتى يصيب دماً حراماً)) يعني نصدق أنه سيوجد، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يكون هو الضحية في هذا الأمر، لا، لا قاتل ولا مقتول، احرص على نفسك، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا الربيع عن الحسن قال: "أفضل العلم الورع والتفكر".

هذا الأثر عن الحسن بن أبي الحسن البصري التابعي الجليل يقول: "أفضل العلم الورع والتفكر" يعني قد يكون الإنسان عنده شيء من العلم، يعرف شيء كثير من الأحكام، لكن إذا لم يتصف بالورع والتفكر والاعتبار لا يفيده علمه خشية الله -جل علا-، والعلم الذي لا يورث الخشية لا قيمة له، لا قيمة له، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فإذا استفاد من علمه الورع، الورع والتفكر والاعتبار في مخلوقات الله -جل وعلا-، والاستدلال بمخلوقاته عليه وعلى عظمته، حينئذ يكون استفاد من علمه، أما إذا لم يتصف بالورع فلا قيمة له، ولا قيمة لعلمه، ولا قيمة لفتواه؛ لأنه لا يؤمن على العلم إذا لم يكن هناك ورع، قد يفتي بعرض من الدنيا، وحينئذٍ يكون ضالاً مضلاً، إذا أفتى في مقابل عرض من الدنيا بغير ما حكم الله به، ولذا يقرر أهل العلم أن الورع شرط لقبول الفتيا. وليس في فتواه مفت متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع لا بد من الورع، والورع التحري والتثبت سواءً كان في مسائل العلم، أو في مسائل المحسوسات من مال ومأكل ومشرب وغير ذلك، لا بد أن يتحرى ويتثبت، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي عن ثمامة بن عبد الله قال: "كان أنس -رضي الله عنه- يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب". نعم هذا أمر من الصحابي الجليل أنس بن مالك يقول لبنيه وبنوه فيهم كثرة كاثرة؛ لأنه دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بكثرة المال والولد وعُمّر، فرأى من صلبه ومن أحفاده وأسباطه العدد الكبير، وفيهم طلاب علم، فيهم طلاب علم كثير، ولذا يوصيهم بأن يقيدوا العلم بالكتابة؛ لأن الحفظ خوان، تسمع الكلام لا تقيده تندم فيما بعد. فالعلم صيد والكتابة قيده ... قيد صيودك بالحبال الواثقة كما هنا تمر عليك فائدة ما يصير معك قلم، وإلا تقول: خلاص أنا بحفظها ويكفي، تتمناها في أحلك الأوقات، وأحرج الظروف ما تسعفك الحافظة، فإذا قيدتها على ألا تعتمد على هذا القيد، يعني أنت قيد هذه، احفظها وقيدها وتعاهدها من الكتاب، وحينئذ تثبت -إن شاء الله تعالى-، نعم.

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)). نعم هذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس)) هذا في الجملة، ما في يوم من الأيام يصبح الناس إذا صدورهم فاضية خاوية من العلم، لكن قد يعاقب عالم أو طالب علم بنسيان العلم، لكن هذه حالات فردية، قد يعاقب لارتكابه معصية، يعاقب بنسيان العلم، أما بالنسبة لعموم العلماء فلا، العلماء إنما يفقد العلم بانتزاعه، تقبض أرواحهم واحد بعد الآخر، حتى إذا لم يبق عالماً، لم يبق الله عالماً من العلماء الذين يعتمد عليهم اتخذ الناس رؤساء وفي رواية: رؤوساً جهالاً يصدرونهم لتعليم الناس وإفتائهم في القضاء بينهم، وحل خصوماتهم ومنازعاتهم، ويرجعون إليهم وقت الشدائد لكنهم لا علم لهم، ويضطرون إلى أن يفتون ما في غيرهم، يضطرون إلى أن يفتون؛ لأنه لا يوجد غيرهم " ((فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) " نسأل الله العافية، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن صالح قال: قال ابن شهاب: "ولكن عروة يحدث عن عمران أنه قال يوماً فلما توضأ عثمان قال: والله لأحدثنكم حديثاً لولا آية في كتاب الله -عز وجل- ما حدثتكموه، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يتوضأ رجل فيحسن الوضوء، ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي يصليها)) قال عروة: الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة].

نعم حديث عثمان -رضي الله عنه- في الوضوء مخرج في الصحيحين وغيرهما في تعليم الوضوء حينما توضأ بالمقاعد -رضي الله عنه وأرضاه- بعد ذلك حدثهم بما يقال بعد الوضوء، والترغيب في ذلك، وشرح لهم كيفية الوضوء كما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ، ثم قال: ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك)) .. إلى آخره ((دخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)) في الصحيح: ((ولا تغتروا)) يعني لا تغتروا بمثل هذا الكلام، تتوضأ وتقول: أشهد ألا إله إلا الله، وتزاول المنكرات، لا، ترتكب الكبائر والجرائم، لا، ولذا ينبغي لطالب العلم أن ينظر إلى أحاديث الوعد هذه ويقرنها بأحاديث الوعيد فلا يغتر بهذا. يقول: "والله لأحدثنكم حديثاً لولا آية في كتاب الله -عز وجل- ما حدثتكموه إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يتوضأ رجل فيحسن الوضوء، ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة التي يصليها)) " الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس كفارة لما بينهم ما اجتنبت الكبائر، فالصلوات تكفر الصغائر، رمضان إلى رمضان يكفر الصغائر، العمرة إلى العمرة تكفر الصغائر، الجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهما وزيادة ثلاثة أيام، كلها في الصغائر، أما الكبائر لا بد لها من التوبة.

هذه مسألة المسألة الثانية: أن هذه العبادات المكفرة هي التي يؤتى بها على وجهها، هي العبادات التي يؤتى بها على وجهها، أما صلاة لا يخرج صاحبها منها إلا بعشر أجرها هذه تكفر؟ يرى شيخ الإسلام أنها يا الله إن كفرت نفسها فطيب، نعم، صحيح،. . . . . . . . . الإنسان وقلبه ما دخل مع باب المسجد، دخل الجسم والقلب برع، ويركع مع الإمام صلاة لا يدري هل هو في الأولى أو في الرابعة؟ تسأله ماذا قرأ الإمام؟ ما يدري عن شيء، هل هذه الصلاة تكفر الذنوب ذي؟ هذه عند أهل العلم من الفقهاء الذين يسمونهم فقهاء الظاهر تسقط الطلب، بمعنى أنه لا يؤمر بإعادتها وسقط الطلب، لكن علماء الباطن يرونها لا شيء هذه الصلاة، أصحاب القلوب الحية يرون هذه الصلاة ما تجدي، ولذا في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(45) سورة العنكبوت] تجد كثير من الناس يصلي ويزاول الفحشاء والمنكر هل هذا خلف في وعد الله؟ أو في خبر الله؟ أبداً، لكن ويش الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ الصلاة المؤداة على ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- "قال عروة: الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [(159) سورة البقرة] هذه حجة أبي هريرة، وهذه حجة كل عالم، لولا هذه الآية في السلف لم يعدوا بها شيء، بالإمكان أن يقول: أنا ما علي من أحد، أنا أعتزل، أخذ لي مزرعة واحرث وازرع وأتعيش، ولا علي من الناس كلهم، هذه سلامة لا شك وعزلة وترتاح من الناس ومشاكلهم وفتنهم، لكن يبقى هذه الآية لمن؟ هذا الخطاب؟ هذا الخطاب لأهل العلم {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [(159) سورة البقرة] لا بد من البيان لا بد من البيان {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة].

الأمر ليس بالسهل، مش تقول: والله أنا حر، أفتي ما أفتي أنا لا أنا موظف ولا أتقاضى راتب، ولا شيء، ما أنت بحر يا أخي، أنت مثل ما ضمن لك أعلى الدرجات، أيضاً عليك تبعات، يتذرع كثير من طلاب العلم، الورع وما الورع، وأثر عن السلف التتابع وأنهم .. ، لا، ما يكفي هذا، وإلا كل الناس .. ، هذا سهل كل الناس يستطيع هذا، لكن أين أنت من هذه الآية؟ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا} [(159) سورة البقرة] لا بد من البيان والبيان فرض على علماء الأمة، من قام به أسقط الواجب، لكن إذا لم يقم به أحد أثم الجميع، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حجاج بن محمد عن شعبة عن الهيثم عن عاصم بن ضمرة أنه رأى أناساً يتبعون سعيد بن جبير فنهاهم، وقال: "إن صنيعكم هذا مذلة للتابع، وفتنة للمتبوع". هذا عاصم بن ضمرة رأى أناساً يتبعون سعيد بن جبير، سعيد بن جبير التابعي الجليل المقتول ظلماً على يد الحجاج، يتبعون سعيد بن جبير كما يتبع أي متبوع، الناس يتبعون من يفيدهم سواءً كان في أمور الدنيا أو أمور الآخرة، الذي يوجههم ويرشدهم يعلمهم يتبعونه، والذي يعطيهم وينفق عليهم من أهل البذل والإحسان يتبع، لكن عاصم بن ضمرة نهى هؤلاء وقال: "إن صنيعكم هذا مذلة للتابع" نعم إذا كان هناك حاجة، هناك مسألة، هناك شيء، هناك .. ، تريد أن يسدي لك نصيحة، أو تستشيره في شيء تتبعه، لكن إذا لم يكن شيء من ذلك مجرد تشهيره، هذا مذلة للتابع "وفتنة للمتبوع" التابع ذليل حينما يمشي إلى تشييع شخص من غير فائدة يستفيدها، وأيضاً هو فتنة للمتبوع، المتبوع قد يرى نفسه، ويتكبر على غيره، ويرى أن له حق على غيره، هذه فتنة له. طالب: الذي نهى سعيد وإلا عاصم؟ وين؟ طالب:. . . . . . . . . هو يقال: إن ظاهر السياق هذا، لكن الذي .. ، والأصل أن سعيد هو الذي ينهى، "أنه رأى أناساً يتبعون سعيد بن جبير فنهاهم" الضمير محتمل، الضمير محتمل، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا يونس عن أبي إسحاق عن الأغر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "إن الله وملائكته يصلون على أبي هريرة وجلسائه".

نعم يقول: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا يونس عن أبي إسحاق -السبيعي- عن الأغر عن أبي هريرة قال -سلمان الأغر؟. . . . . . . . . الأغر المزني نعم- عن أبي هريرة قال: "إن الله وملائكته يصلون على أبي هريرة وجلسائه" إن الله وملائكته يصلون على أبي هريرة وجلسائه؛ لأنهم يجلسون مجالس علم، فمن يجلس في مجلس علم تصلي عليه الملائكة، تصلي عليه الملائكة، وإذا جلس الرجل في مصلاه تصلي عليه الملائكة، نعم فهذا الخبر عن أبي هريرة لا لأنه أبو هريرة، إنما لأنه يعلمهم الخير، وهم يتعلمون ذلك الخير، نعم. طالب: معنى الصلاة؟ ويش هو؟ طالب: معنى الصلاة؟ الصلاة، صلاة الله -جل وعلا- على نبيه هذا الأصل، كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [(56) سورة الأحزاب] قال ابن عباس: يبركون، نعم، ومنهم من يرى كأبي العالية أن صلاة الله -جل وعلا- ثناؤه، ثناؤه، وصلاة الملائكة دعاؤهم واستغفارهم، ونعم. أحسن الله إليكم: والصلاة على غير الأنبياء محل خلاف بين أهل العلم، إذا مر مثلاً ذكر عمر، مر ذكر أبي بكر، مر ذكر أبي هريرة هل تقول -صلى الله عليه وسلم-؟ لا، إن كان تبعاً للنبي -عليه الصلاة والسلام- فلا بأس، اللهم صلِ على محمد وعلى آله محمد وعلى أصحابه تبعاً لا بأس، أما على سبيل الاستقلال فأهل العلم خصوا الصلاة بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والترضي عن صحابته الكرام، والترحم على من دونهم، فكما أنه لا يقال: محمد -عز وجل-، هذا أمر عظيم يعني لو يقول الإنسان: محمد -عز وجل-، لكنه عزيز جليل، -عليه الصلاة والسلام-، لكن العرف العلمي عند أهل العلم تواطئوا على هذا وتوارثوه، أنه لا يقال: محمد -عز وجل-، ولا يقال: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-، إنما يقال: الله -عز وجل-، ومحمد -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر -رضي الله عنه-، والحسن -رحمه الله-، إلى آخره، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حبيب بن الشهيد عن بن طاوس عن أبيه قال: قال عمر: "إنا لا نحل أن نسأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن".

نعم هذا الخبر عن عمر -رضي الله عنه- قال: "إنا لا نحل أن نسأل عما لم يكن" هذه كراهية من السلف يتواطئون ويتفقون عليها أنه إذا لم تقع المسألة أنه لا ينبغي السؤال عنها، لا ينبغي السؤال عنها، لكن إذا وقعت يسأل عنها فيجاب السائل "إنا لا نحل أن نسأل" يعني لا يحلون أحداً يسألهم عما لم يكن ولم يقع "فإن الله قد بين ما هو كائن" يعني الواقع له جوابه، والذي لم يقع إن وقع أيضاً يوجد له جوابه، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مهدي بن ميمون عن غيلان قال: قلت للحسن: الرجل يحدث بالحديث لا يألوا فيكون فيه الزيادة والنقصان، قال: "ومن يطيق ذلك". يقول: "قلت للحسن" هذا غيلان يقول: قلت للحسن: "الرجل يحدث بالحديث لا يألوا" يعني يجتهد في أن يؤدي الحديث كما سمع، يجتهد بقدر الإمكان "فيكون فيه الزيادة والنقصان" الزيادة التي لا تحمل معنىً جديداً، والنقصان الذي لا يترتب عليه إخلال بفهم النص المذكور، وهذا من باب الرواية بالمعنى "قال: ومن يطيق ذلك" لا يستطيع أحد يطيق أن يحفظ كل ما سمع، ويحدث بكل ما سمع بالحرف لا يزيد ولا ينقص ولا يقدم ولا يؤخر، من يطيق ذلك؟ يعني الإنسان مجبول على النسيان، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، قال: سمعت وهباً يقول: "لا يكون البطال من الحكماء، ولا يرث الزناة ملكوت السماء". نعم هذا من أخبار وهب بن منبه، ولعلها متلقاة عن أهل الكتاب "يقول: "لا يكون البطال من الحكماء" إنما الحكيم الحازم الذي يحفظ وقته، الذي يحفظ وقته، لا يكون من الحكماء "ولا يرث الزناة" البطال: واحد البطلة، وجاء في سورة البقرة أنها إيش؟ طالب: لا يستطيعها البطلة. لا يستطيعها البطلة يعني السحرة، وعلى كل حال إن كان المقصود به السحرة لم يكونوا حكماء في يوم من الأيام؛ لأن الحكمة شيء والسحر شيء آخر، أيضاً البطال العاطل الذي يضيع أوقاته على حسب المعنى العرفي، أيضاً لا يكون حازماً حكيماً متحرياً متثبتاً لا، لا بد أن يحصل الخلل في أقواله وأفعاله.

"ولا يرث الزنا ملكوت" هذا تنفير من الزنا، وقد جاء في الزنا ما جاء من النصوص في الكتاب والسنة، {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [(68 - 69) سورة الفرقان] فالزناة لهم الوعيد الشديد، وحينئذٍ لا يرثون ملكوت السماء، ملك السماء، والواو والتاء هذه للمبالغة كما يقال: رحموت في الرحمة، فهؤلاء محجوبون عن هذا نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثنا عبد الصمد، يعني بن معقل قال: قدم عكرمة الجند فأهدى له طاوس نجيباً بستين ديناراً، فقيل لطاوس: ما يصنع هذا العبد بنجيب بستين ديناراً؟ قال: "أتروني لا أشتري علم ابن عباس لعبد الله بن طاوس بستين ديناراً".

نعم يقول: "قدم عكرمة الجند" الجند ينتسب إليها كثير من المحدثين، الجندي، وهي بلد مشهور في اليمن "فأهدى له طاووس" عكرمة مولى، عكرمة مولى لابن عباس، عبد "فأهدى له طاووس نجيباً بستين ديناراً" مثل هذا كل شيء يكفيه على اعتبار الناس وعرفهم، عبد أعطه اللي يجي، أعطه نجيب بدينار أو اثنين أو ثلاثة، ويش لون ستين؟ فأهدى، مثل الذي يجي له مثلاً، يجيك واحد من سائر المسلمين وما طمع ولا بأدنى سيارة تفك له تعطيه من السيارات الفارهة إما شبح وإلا فيتارا وإلا لكسز وإلا شيء من .. ، نعم وإلا من السيارات الغالية تلام، تقول: يا أخي هذا كل شيء يكفيه، كل عمره يمشي على حمار، لو تفك له دلسن طار من الفرح، قال: لا يا أخي مانا ما جئت على شان إنه عبد، هذا عنده علم ابن عباس كله، هذا العبد عنده علم ابن عباس، ويش لون نطلع علم ابن عباس إلا إذا أكرمناه، لا بد نكرم هذا العبد على شان نطلب ما عنده من العلم، نعم، فطاووس يحتاج إلى علم ابن عباس من أجل ابنه عبد الله "فقيل لطاووس: ما يصنع هذا العبد بنجيب بستين ديناراً؟ " ستين دينار ذهب يعني مالية كبيرة عند أولئك "قال: "أتروني لا أشتري علم ابن عباس لعبد الله بن طاووس بستين ديناراً؟ " علم ابن عباس حبر الأمة، وترجمان القرآن، الذي تلقاه عنه عكرمة ما أشتريه لولدي بستين دينار؟ ولا ستمائة دينار، ولا ستة آلاف دينار، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن نسير يعني بن دعلوق، قال: "كان الربيع بن خثيم إذا أتوه قال: أعوذ بالله من شركم". نعم الربيع بن خثيم العابد الزاهد العالم المعروف، أخباره امتلأت بها الكتب، وفاض بزهده وعلمه المصنفات، إذا أتوه -يعني الطلاب- ليتعلموا منه قال: "أعوذ بالله من شركم" لا شك أن المعلم بصدد أن يفتن، إذا أقبلت عليه وجوه الناس لا تؤمن الفتنة عليه، فيستعيذ بالله من شرهم، وهؤلاء يعرفون يحسبون للعواقب حسابها، ونسأل الله أن يقينا هذه الفتنة، الإنسان يمكن من يبدأ يحدث إلى أن ينتهي وهو يخوض في غمار الفتن، لكن القلوب التي غطى عليها ران الذنوب ما تحس بمثل هذه الأمور، لكن أولئك صفاء قلوبهم يدركون مثل هذه الدقائق، نعم.

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن علياً -عليه السلام- مر بقاص فقال: "أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت". نعم هذا الأثر الثابت عن علي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- "مر" على "قاص" واعظ يعظ الناس "فقال" له: "أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ يعني تعظ الناس بآية أو بحديث عله أن يكون منسوخاً وأنت لا تدري، "قال: لا" والله ما أعرف الناسخ ولا المنسوخ "قال: هلكت وأهلكت" فكيف بمن يفتي الناس في الحلال والحرام وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ؟ يوجد، يفتي يتصدر لإفتاء الناس ما يعرف ناسخ من منسوخ، ولا من عام وخاص، ولا مطلق من مقيد، ولا مجمل من مبين، ما يعرف شيء، ويتصدى للمجالس، يتصدر المجالس ويفتي الناس هو، وهذا فتنة له ولغيره. فعلي بن أبي طالب مر بهذا القاص فقال له -اختبره-: تعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، فقد ورع هذا الواعظ؛ لأنه قد يقال لبعض الناس: تعرف الناسخ والمنسوخ؟ وبعدين تصوير الناسخ والمنسوخ كل شيء نعرفه، يوجد هذا، اللي بيتصدر الناس ما هو بعاجز أن يقول هذا الكلام، نعم والذي يجيب في كل مسألة يبي يقول: ويش الناسخ من المنسوخ؟ ورآه ما يعرف؟ لا بد أن يكون على علم مما له أثر في تقرير الحكم، فالنسخ الذي هو رفع كلي للحكم بدليل آخر، أو التخصيص الذي هو رفع جزئي، أو التقييد الذي هو رفع جزئي لبعض الصفات، هذا لا بد منه لمن يعلم الناس، من يفتي الناس، من يتولى أمور الناس، لا بد من هذا، "قال: لا، قال: هلكت وأهلكت" قد تقص عليهم بآية منسوخة تقررها لهم، قد تقص على الناس وتحرضهم على الجهاد مثلاً وتقول لهم: لا يجوز لك أن تفر في مقابل عشرة، وهي منسوخة بالآية التي تليها، قد تقص على الناس وتأمرهم بقتل الكلاب، والأمر بقتل الكلاب منسوخ، نعم، وغير ذلك من القضايا، نعم. أحسن الله إليك: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان بن سعيد قال: حدثنا" الظاهر أن هذه فيها تقديم؟ ثنا هذه قبل سفيان، عن أبي حصين، ثنا هذه قبل سفيان، نعم. طالب:. . . . . . . . .

هذه قبل سفيان، تقديم وتأخير بس، أو قال: سعيد بن سفيان حدثنا، يجوز تأخير الصيغة، نعم يجوز تأخير الصيغ، يستعملونه أحياناً، تأخير صيغة الأداء عند بعضهم معروف، نعم. "قال سفيان بن سعيد: حدثنا عن أبي حصين، قال: أتيت إبراهيم أسأله عن مسألة، فقال: "ما كان بيني وبينك أحد تسأله غيري". نعم، "أتيت إبراهيم النخعي أسأله عن مسألة" أتاه وكأنه من بعد جاءه، قال: ها المسافة التي قطعتها ما فيها شخص تسأله غيري؟ يعني لو قدر أن واحد من ها البلاد يذهب إلى الرياض، يعني ما في طريقك إلى الرياض، أو إلى الحجاز أحداً تسأله غير هذا؟ هذا كله من ورع السلف، وإبراهيم من أئمة المسلمين "أسأله عن مسألة فقال: ما كان بيني وبينك أحد تسأله غيري؟ " ما لقيت أحد؟ نعم إذا ما لقيت أحد يتعين عليه أن يجيب، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: قال عبد الله -رضي الله عنه-: "إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها". نعم، العلم موهبة وعطية من الله -جل وعلا-، وإذا عمل الإنسان الخطيئة قد يحتاج إلى عقوبة من أجل هذه الخطيئة فيعاقب بنسيان شيء من العلم. "إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة" هذا من تعجيل العقوبة، هذا من تعجيل العقوبة، وقد نظر بعضهم نظرة محرمة فأنسي القرآن بعد ذلك بسنين عوقب بذلك. وعلى كل حال عقوبة الدنيا أسهل من عقوبة الآخرة، ويبقى أن نسيان العلم عقوبة دنيا وآخرة، والله المستعان نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة قال: حدثنا أبو سلمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل عند باب أحدهم ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار" علم الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو ما جاءه عن الله -جل وعلا-، وما يقوله مما أوحي إليه من غير القرآن فكلامه وحي؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، لكن إذا نظرنا في حقيقة كلام ابن عباس، وجدنا أن أكثر من يحفظ السنة من غير الأنصار، أبو هريرة مثلاً، عائشة، ابن عمر، ابن عباس، يعني إذا عددنا المكثرين وجدنا أكثرهم من غير الأنصار، فيهم أنس، ويليه في المرتبة الثانية جابر، وأبي سعيد وغيرهم، لكن المكثرين من الرواية جلهم من غير الأنصار. إذاً كلام ابن عباس يقول: "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار" يعني على حد ظنه هو، وما تبين له من خلال استقرائه، كما قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "ما كان أحد أكثر مني حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا ما كان من عبد الله بن عمرو"، هذا على حسب ظنه، وعلى حسب توقعه، أو يكون قال ذلك قبل الدعوة النبوية التي ما نسي بعدها شيئاً. على كل حال الأنصار عندهم علم، وعندهم خير عظيم، وآية الإيمان حب الأنصار، وجاء في فضلهم ما جاء من النصوص الصحيحة الصريحة، ولولا الهجرة لتمنى أن يكون من الأنصار، تمنى أن يكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- من الأنصار، لكن فضل الأنصار وأيضاً علم الأنصار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أوى إليهم، وآووه ونصروه وآزروه، والمهاجرون أيضاً لهم السبق في هذا الباب. "وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأنصار، وإن كنت لأقيل عند باب أحدهم" ابن عباس حبر الأمة ترجمان القرآن، ابن عم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بإمكانه أن يطرق الباب، ويستقبل استقبالاً يليق به، لكن من أدبه -رضي الله عنه وأرضاه- يقيل، لا يريد أن يكدر على من يستفيد منهم، وهذا أدب من ابن عباس يتأدب به طالب العلم.

وذكروا في آداب طالب الحديث: ألا يضجر شيخه، ألا يضجر شيخه، وأن يتحين الوقت المناسب للأخذ، وللسؤال والإفادة، والشيخ بشر، يعتريه ما يعتري البشر، له ظروفه مثل ظروف الناس، يتصل شخص الساعة الواحدة والثانية ليلاً نعم هذا ما هو بمناسب، ويقول: نأسف على الإزعاج، إيش تأسف على الإزعاج؟ لكن هناك مسائل تفوت ولا بد منها، لا بد أن يجد جواباً في هذا الوقت، فإذا اتصل مثلاً وهذا حاصل في الواحدة والنصف يتصل شخص يقول: إن امرأته في حال الطلق تطلق في حال الولادة، وقد طلقها لو انتظر ربع ساعة أو ساعة خرجت من العدة، يعني لو انتظر إلى صلاة الفجر خرجت من العدة، ويريد جواب عاجل، مثل هذا يعذر، لكن هناك مسائل يتصل الساعة واحدة يسألك عن طبعة كتاب، لا هذا ما هو بمناسب إطلاقاً، يعني الإنسان عليه أن يتحين الفرص المناسبة، نعم لو قلنا: إن بعض من ينتسب إلى العلم في هذا الوقت يعني يمكن غيرهم أصيبوا بداء السهر مثل غيرهم، ونرجو أن يكونوا على خير -إن شاء الله تعالى-، لكن يبقى أن المسألة تسديد ومقاربة.

هذا ابن عباس ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام- تصور يقيل عند الباب، ينام، ما يطرق الباب خشية أن يزعج من يريد أن يأخذ عنه العلم "ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن" لا نشك أن هذا الأنصاري الذي قال ابن عباس عند بابه يفرح بوجود ابن عباس، أو مثل ابن عباس في بابه، وعموماً طلاب العلم على الشيخ أن يفرح بهم، عموماً، سواءً كان بهذه المنزلة أو دونها، ويرحب بهم، وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا الشيخ يخاطب بهذا، عليه أن يعنى بطلابه، وعليه أن يفرح بهم، ويقضى حوائجهم، والإشارة عليهم بما ينفعهم، وتسديدهم، لكن أيضاً الطالب يخاطب بما يليق به من الرفق بالشيوخ، وتحين الأوقات المناسبة "ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه" نعم أحياناً الشيخ يكون طيب النفس، يبسط لك المسألة إذا سألتها، ويوضح لك، ويعلل ويدلل، وأحياناً تأتيه في وقت غير مناسب يعطيك يجيبك بالإيماء والإشارة، نعم ما يبسط لك المسألة من وجهها، وقد تأخذ عنه تصور غير طيب؛ لأن الظرف غير مناسب، أنت السبب يا أخي، فتحين الوقت المناسب، والله المستعان، المسألة تسديد لا من الشيخ ولا من الطالب، وعلى من ينتسب إلى العلم أن يرفق بطلابه، وأن يبذل لهم، ويمحض لهم النصيحة، وأن يقضي حوائجهم، ويجيب على أسئلتهم وإشكالاتهم، والطالب أيضاً مطالب بمثل هذا الأدب من ابن عباس -رضي الله عنهما-، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا بن عون قال: "كان القاسم بن محمد وابن سيرين ورجاء بن حيوة يحدثون الحديث على حروفه، وكان الحسن وإبراهيم والشعبي يحدثون بالمعاني".

نعم الرواية إما أن تكون باللفظ أو بالمعنى، رواية الحديث بالمعنى بشرطه على ما تقدم شرحه وبيانه جائزة عند جماهير العلماء؛ لأن لو اشترطنا الرواية بالحرف باللفظ قد لا يطيقها كثير من حملة العلم، لكن رفقاً بالرواة، وحفظاً للدين لئلا يضيع أجاز أهل العلم الرواية بالمعنى بشرطها: أن يكون الراوي عالم بمدلولات الألفاظ، وما يحيل المعاني، وأن لا يستطيع الإتيان باللفظ؛ لأنه إذا حفظ اللفظ عليه أن يؤدي كما سمع، لكن إذا لم يستطع لا يضيع الدين بهذه الطريقة، وكتب السنة بما في ذلك الصحيحان طافحة بالرواية بالمعنى؛ لأنك تجد القصة الواحدة يسوقها البخاري في مواضع متعددة بألفاظ مختلفة، يسوقها مسلم على وجوه، وألفاظ، وزيادات ونقصان، كل هذا لا يضر؛ لأن الزيادة في الخبر إذا كانت منه ممن رواه ناقصاً مقبولة، والزيادة والنقص منه ممن رواه تاماً في مجلس آخر مقبولة، شريطة أن ترتفع منزلة الراوي عن التهمة بحيث إذا رواه ناقصاً ما يتهم أنه فرط بشيء من الخبر، وإذا رواه تاماً لا يتهم بأنه زاد في الخبر ما ليس منه، فإذا رواه مرة تاماً، ومرة ناقصاً، ومرة على وجه كل هذا يراعي فيه أحوال السامع، ويقتصر منه على ما يريد من جمل لا بأس به، نعم. "يقول: كان القاسم بن محمد" أحد الفقهاء السبعة المعروفين الذين يجمعهم قول الشاعر: فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة "وابن سيرين" محمد بن سيرين، ينص أهل العلم على أنه لا يجيز الرواية بالمعنى "ورجاء بن حيوة يحدثون بالحديث على حروفه" لا شك أن هذا أورع، وأضبط، وأتقن، وأحرى، وأجدر، وأليق، لكن ما كل الناس يطيق هذا "وكان الحسن وإبراهيم والشعبي يحدثون بالمعاني" على أن الشعبي من الحفاظ المعرفين، الذي لا يحتاج إلى تكرار، يحفظ الحديث من أول وهلة، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا بن عون قال: "دخلت على إبراهيم فدخل علينا حماد فجعل يسأله ومعه أطراف قال: فقال: ما هذا؟ قال: إنما هي أطراف، قال: ألم أنه عن هذا؟ ".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا بن عون قال: "دخلت على إبراهيم -النخعي- فدخل علينا حماد -بن أبي سليمان- فجعل يسأله -يسأل إبراهيم- ومعه أطراف" أطراف أجزاء أحاديث، طرف الحديث الأول أو آخر أو منتصف الحديث يستذكر به، المقصود أنه طرف الحديث يعني جزء منه، أطراف الحديث أجزاؤه، يكتب بعض الناس تذكرة يتذكر بها يذكر جملة من الأحاديث، أو طرف من الأحاديث، فجاء دخل على إبراهيم يسأله، ومعه أطراف "فقال: ما هذا؟ قال: إنما هي أطراف" أنت إذا أردت أن تتأكد من ثبوت خبر أو من معناه تكتب طرفه، وما يلزم أن تكتب الحديث كاملاً، لا سيما إذا كنت تريد أن تسأل أحداً من الحفاظ، إذا كنت تريد أن تسأل حافظاً عن ثبوت هذا الخبر الذي يكفيه طرفه، أما إذا كنت تريد تسأل عن معنى حديث لمن لا يحفظه، لا بد أن تأتي به كاملاً، نعم فهذا .... هم يقتصرون على الأطراف في هذه الحالة، إنما هي أطراف "قال: ألم أنه عن هذا؟ " يعني كتابة الأطراف اكتب الحديث كاملاً، هذا وجهة نظر عنده، وجهة نظر، لئلا يقف أحد على هذه الأطراف من بعدك فيظن أن الحديث كاملاً، وقد يكون الحديث مبتور في هذه الجملة التي أثبتها في هذا الطرف ما لا يبين أو ما لا يتم إلا بما حذفت، واختصار الأحاديث عند أهل العلم إنما يجوز بشرط ألا يكون الموجود منه محتاجاً إلى .. ، أو بحاجة إلى ما حذف، فلو كان ما حذف شرط في الموجود، شرط ما ينفك، ((فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) يسوغ هذا؟ لا بد أن نقول: ((إذا كان يداً بيد)) لأن هذا شرط، لأنه إذا سمعنا هذا الكلام ((إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم)) معناه أننا نبيع البر بالتمر، أو الذهب بالفضة نسيئة، وهذا لا يجوز، فمثل هذا الشرط لا بد من ذكره، ولا يجوز الاختصار بدونه، نعم. طالب: ما قال أبو خيثمة. . . . . . . . . يا شيخ؟ نعم، ويش هو؟ طالب: على خلاف ما سبق هنا في الحاشية. . . . . . . . . . حدثنا جرير، نعم. طالب: حدثنا أبو خيثمة، أقول: حدثنا أبو خيثمة حدثنا أبو خيثمة؟ لا، لا. "عن جرير عن منصور عن إبراهيم قال: "لا بأس بكتاب الأطراف"

هذا إبراهيم الذي نهى عن الأطراف، يقول: "لا بأس بكتاب الأطراف" وبكتابة الأطراف، يكتب الإنسان الأطراف، لا بأس ليتذكر بها في نفسه، على أن يكملها أو يمسحها ويمحوها إذا انتهت الحاجة إليها. الآن كتب الأطراف الموجودة عندنا مثلاً كتاب: (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف) المؤلف يذكر طرف الحديث، وترتيبه على الرواة، يكتب طرف الحديث، هل نقول: إن طالب العلم بيعتمد على هذا الكتاب ويقتصر على هذا الطرف، وفي بقية الحديث ما يشترط لهذه الجملة الموجودة؟ أبداً؛ لأن هذا معروف بمثابة فهرس، والفهارس لا يلزم فيها كتابة الخبر كامل، فينهى عن الأطراف لمن يخشى عليه أن يعتمد على هذه الأطراف، وعلى هذه الجمل الموجودة مع حذف ما قد تحتاج إليه، هذا في حال، ويؤذن بكتابتها في حال أخرى، إذا أمن ذلك، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ قال: حدثنا عمران عن أبي مجلز عن بشير بن نُهيك قال: كنت .. " نَهيك. أحسن الله إليكم: "عن بشير بن نَهيك قال: كنت أكتب الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فلما أردت أن أفارقه أتيته بالكتاب فقلت: هذا سمعته منك؟ قال: نعم".

يقول: "بشير بن نَهيك قال: "كنت أكتب الحديث عن أبي هريرة" يعني يروي الحديث عن أبي هريرة بطريق السماع، ومع ذلك يتأكد مع كونه سمعه منه وكتبه وضبطه وأتقنه يعرضه عليه "فلما أردت أن أفارقه أتيته بالكتاب فقلت: هذا سمعته منك؟ قال: نعم" يعني يرويه بطريق السماع، وهو الأصل في الرواية والتحمل ويكتبه ويدونه ويضبطه ويتقنه ثم يعرضه عليه، وعلى هذا المقابلة والمعارضة تشترط؛ لأن من نسخ أو كتب ولم يقابل، هو الآن يكتب من حفظ الشيخ كأن حفظ الشيخ كتاب، فإذا عُرض عليه وأقره انتهى الإشكال، كأنه عارضه بالكتاب الأصل، فالمقابلة والمعارضة أمر لا بد منه لتصحيح الكتب، أما الذي ينسخ ولا يقابل يقع فيه الأخطاء، ثم إذا نسخ منه ولم يقابل من النسخة الفرعية ولم تقابل يقع الخطأ، ثم إذا نسخ من النسخة الثانية وثالثة وهكذا يخرج الكتاب أعجمياً، يُمسخ، الناسخ الأول يخطئ، والثاني يجيب خطأ، والثالث يزيد خطأ، ومتى تقع النسخة بيد عالم فاهم متقن ضابط، ثم يصحح ما يقع من الأخطاء؟ على أنه لا يمكن التصحيح بالاجتهاد إلا بالمقابلة، نعم قد يستظهر الإنسان شيء ويعلق عليه، يقول: لعل المراد كذا، أما أن يتصرف بالكتب ويصحح فلا، ولذا يقرر أهل الحديث بعد خلاف بينهم أن الراوي ومثله المحقق للكتب إذا وجد في كتاب خطأ لا يحتمل الصواب، أما إذا كان الخطأ في آية وليست هذه قراءة معتبرة يصحح، وينبه في الحاشية أنه وجد في الأصل كذا، وصححه على مقتضى القرآن، لكن إذا كان في غير القرآن، من أهل العلم من يقول: يثبت الخطأ، يثبت الخطأ، وينبه في الحاشية أنه وجده كذا في الأصل أو في الأصول، وهو خطأ صوابه كذا، وإن لم يجزم قال: لعل الصواب كذا، أو. . . . . . . . .؛ لأنه يأتي من يبين له وجه ما تظنه خطأً، وكثيراً ما نقرأ عن بعض المحققين حتى من الكبار منهم أنه يثبت لفظ في الأصل في الصلب ويقول: في الأصل كذا، والصواب ما أثبتُ، ثم إذا تأملت الكلام من خلال ما تقدم وما تأخر تجد الصواب الذي حكم عليه بأنه الخطأ، هذا موجود، وهذا يكثر فيمن يتعاطى غير فنه، يتعاطى غير فنه، يعني في إعلام الموقعين في إحدى طبعاته مرت مسألة التورق، في طالب علم يخفى عليه مسألة التورق؟ أو

ما مرت أقل الأحوال على ذهنه؟ ما في أحد، يجيك وهو من كبار المحققين لكن ما له يد في العلم الشرعي، وإن أقحم نفسه فيه، يقول: مسألة التورق كذا في الأصول كلها، ولا أعرف لها معنىً، فلعلها تصحيف من النساخ، ما استطاع أن. . . . . . . . . لا، طُبع الكتاب، طبعه واحد رئيس جماعة، جماعة معروفة، نعم هذه الجماعة معروفة بالاعتماد على الكتاب والسنة، وهو رئيسهم، طبع الكتاب مرة ثانية وذكر من أخطاء الطبعة الأولى أن المحقق الأول لم يتبين له معنى بعض الكلمات التي وردت منها: مسألة التورق، يقول: مسألة التورق هذه الذي توقف الشيخ في فهمها بحثت عنها كتب ابن تيمية الذي يعتمد عليه ابن القيم -هذا في تحقيق إعلام الموقعين- بحثت عنها في كتب ابن تيمية الذي يعتمد عليه ابن القيم، فتوصلت إلى أنها مسألة ربوية محرمة، ابن القيم يجيزه، ابن القيم يجيزه، وشيخه معروف رأيه فيه، قد حاول معه مراراً، ناقشه مراراً في أن يعدل عن رأيه ما .. ، فهذه آثار جرأة بعض الناس على التحقيق، وعدم العناية بالأصول، الأصول، الآن التحقيق الأخير لإعلام الموقعين مثلاً على جودة المحقق واهتمامه وعنايته،. . . . . . . . . إنه ما اطلع على الطبعة الأولى، ولا على الثانية التي هي عمدة أهل العلم؟ ما اطلع عليها، وشخص يحقق كتاب الآن مشهور ويتداول ويقرر في الدورات، مجمع له ثلاث نسخ أصلية، مخطوطات، يقول: وبلغني أن الكتاب طبع ثلاث مرات، وين؟ وين بلغك؟ بالبر وإلا بالبحر؟ وين بلغك؟ كل الثلاث الطبعات موجودة عندنا -ولله الحمد-، إيه، بلغني أن الكتاب طبع ثلاث مرات، وكلها طبعات نفيسة، وكلها اعتنى بها أهل العلم، الثلاث الطبعات، فالذي يتعاطى التحقيق لا بد أن يكون عنده خبرة ودراية،؟؟ وإلا نسخ الكتب سهل، بعضهم يكتب ضبط وتحقيق، والأولى أن يكتب مسخ وتحريف، فهذا أمر مهم جداً. فقلت: هذا سمعته منك؟ بطريق العرض؟ تأكد يا أخي، قال: نعم، الآن ارتاح، ولذلك يشترط أهل العلم عرض الأصل على الأصول، لا بد أن يعرض على أصول، ما يكفي أصل واحد، النووي -رحمه الله- قال: يكفي واحد، يكفي أصل واحد، نعم.

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ قال: حدثنا أشعث عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من الصدقة أن يعلم الرجل العلم فيعمل به ويعلمه)) قال الأشعث: ألا ترى أنه بدأ بالعلم قبل العمل؟ " يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا معاذ، قال: حدثنا أشعث عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا مرسل، ومراسيل الحسن عند أهل العلم لا شيء، ضعيفة، لكنه مروي من طريق أبي هريرة بإسناد لا بأس به -إن شاء الله تعالى-. "يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من الصدقة أن يعلم الرجل العلم)) " أو يعَلم، أن يعَلم الرجل العلم، إيش عندك؟ طالب: يَعلم الرجل العلم. ((أن يَعلم الرجل العلم فيعمل به ويعلمه)) ليكون يعلم ويعمل ويعلم، هذا حد الرباني عند جمع من أهل العلم، يتعلم ثم يعمل بما علم، ويعلمه غيره، وسبق الكلام فيه. "قال الأشعث: ألا ترى أنه بدأ بالعلم قبل العمل؟ " لأن العلم مصحح للعمل، فكم من شخص يعمل من غير علم، فيتضرر بعمله أكثر مما يستفيد؛ لأنه إذا عبد الله على جهالة، وقد يخل بشرط، وقد يخل بركن من أركان العمل، فيكون عمله باطلاً وهو لا يشعر، لكن العمل ولو قل بعد العلم والعبادة على بصيرة لا شك أنه هو الأصل، ألا ترى أنه بدأ بالعلم قبل العمل، وقد ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- باب: العلم قبل القول والعمل، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: "إنكم تسألونا عما لا نعلم، والله لو علمناه ما كتمناه، ولا استحللنا كتمانه". نعم هذا الأثر أو الخبر المقطوع عن القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة يقول: "إنكم تسألونا عما لا نعلم" يعني لا يتصور ولا يتوقع من العالم مهما بلغة منزلته في العلم، ورسخ قدمه فيه، أنه يعلم كل شيء.

"إنكم تسألونا عما لا نعلم" إذاً العالم في مسائل كثيرة لا يعلم، فما المانع من أن يقول: لا أعلم؟ ليس في هذا أي مانع ولا غضاضة، بل المتعين يجب عليه أن يقول: الله أعلم، لا أعلم، ويش اللي يترتب على هذا من الآثار؟ الشيطان، الشيطان يسول له أنه إذا قلت: لا أعلم يتنقصك الناس، إذا قلت ثانية: لا أعلم، ثالثة، رابعة، عاشرة، طيب ويش لون تصدر نفسك وأنت لا تعلم؟ نعم ويش اللي بقي؟ أبداً لا أعلم، لكن الشيطان يسول له، فعلى الإنسان أن يسعى في خلاص نفسه قبل سعيه في خلاص غيره، "إنكم تسألونا عما لا نعلم، والله لو علمناه ما كتمناه" ما قصرنا، فجاءوا إلى الفقيه من الفقهاء السبعة من كبار فقهاء الأمة، إيش اللي جعله يتصدر؟ إلا لينفع الناس، لكن لا يلزم بشيء لا يطيقه، كونه يقحم نفسه، أو يقحم في أمور لا يحسنها ولا يجيدها هذا ظلم له، ظلم من غيره له، وظلم من نفسه لنفسه "والله لو علمناه ما كتمناه" ومضت الآية مراراً التي لولاها ما حدث الناس، ولا أفتى الناس {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [(159) سورة البقرة] نسأل الله العافية "ولا استحللنا كتمانه" لا يجوز الكتمان، من سأل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، نعم. طالب:. . . . . . . . . إيه تقديم الميم على الياء ابن علية، هو ابن علية، المعروف بابن علية، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن مصعب، قال: حدثنا الأوزاعي عن أبي كثير قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: "إن أبا هريرة لا يكتم ولا يكتب". لا يكتم وإلا لا يكتب؟ طالب: هنا لا يكتب لكن هو هكذا في الأصل، عند الخطيب في تقييد العلم لا يكتب.

هو الظاهر، قد قال عن نفسه، هو يقول: "سمعت أبا هريرة يقول: "إن أبا هريرة لا يكتم" لأنه استدل بالآية التي تحرم الكتمان، فهذا له وجه، في بعض النسخ والأصول والمصادر لا يكتب، وقد أبان عن نفسه أن عبد الله بن عمرو كان يكتب ولا أكتب، يحفظ حفظ "ولا يُكْتِب" يعني لا يرضى أن يكتب عنه، لا يرضى أن يكتب عنه، ومر بنا أنه كتب عنه وعرض عليه ما كتب، فالمسألة مسألة مواقف وأوقات وظروف، يعني يأتي العالم في يوم من الأيام أنه يمنع التسجيل، ثم بعد ذلك يسمح به، يمنع المكبر ثم يرضى بذلك، فالظروف هي تفرض نفسها عند الحاجة، عند الحاجة للكتابة يكتب، وعند الحاجة للكتابة عنه يكتب عنه، وعند عدم الحاجة لا يرضى بذلك؛ لأن الأصل هو الحفظ. هذه سائلة من الإمارات تقول: يصيبنا الفتور في أثناء الطلب، أعني طلب العلم عن طريق الأشرطة، كيف نستمر ونتشجع على ذلك؟ أولاً: إذا استحضر طالب العلم النصوص الواردة في فضل العلم، وفي منازل العلماء في الدنيا والآخرة، فضل من يسلك الطريق لطريق العلم، من يسلك طريق العلم، ومن يعلم الناس الخير، هذا يكفيه، وهذا يحذوه ويحثه على الاستمرار والمتابعة، لكن لا يتصور أن الإنسان أيضاً يستمر في عمره كله على وتيرة واحدة، نعم يسترخى شيئاً يسيراً، هذا طبيعي عادي، لكن يستعيد النظر في النصوص التي تحث على طلب العلم، وموفور الأجر والثواب من الله -جل وعلا- لمن يسلك هذا الطريق، والله -جل وعلا- يسهل له به طريق إلى الجنة، فليس الأمر بالسهل، فإذا تصورنا هذا واستحضرناه لن نفتر -إن شاء الله تعالى-. يقول: هذه الحروف الموجودة في السند ثنا وأنا هل لها قاعدة عند قراءتها؟ لا شك أنهم يختصرون الصيغ، حدثنا يقولون: ثنا، يحذفون الحاء والدال، ويقتصرون على ثنا، وقد يقتصرون على نا فقط يحذفون الثاء، وأحياناً لكنه قليل يقولون: دثنا، يحذفون الحاء وحدها، هذا موجود لكنه قليل، وأما أنا هذه اختصار لأخبرنا. السائل هذا من مصر يقول: ما حكم الصور بجميع أنواها وخاصة صور الفوتوغرافيا؟

كل ما يطلق عليه صورة بأي وسيلة كان بآلة أو باليد كله داخل في حكم التصوير الذي جاء الوعيد الشديد على فاعله، سواءً كان بآلة بكاميرا بفيديو بيد كل هذا داخل في حكمه. يقول: بني فروخ ألا يراد بهم الفرس خاصة؟ على كل حال الفرس من الأعاجم، كل من يطلق العربية فهو أعجمي ونعم بني فروخ هم العجم خاصة. يقول: وهل هناك فرق بين الحلم والبرود؟ إيش البرود هذا؟ يعني يمكن برود الطبع؛ لأن بعض الناس حر الطبع، وبعض الناس بارد الطبع، لا، هذا فيه فرق؛ لأن الناس قد يكون من أحلم الناس ومن أحزم الناس، البارد ما هو بحازم، نعم، البارد في طبعه هذا في الغالب ليس بحازم، لكن الحليم قد يكون من أحلم الناس وأحسنهم خلق، ومع ذلك من أحزمهم. إذا كان يكتب الحديث على الأرض ثم يمسحه من حينه هل في ذلك من بأس؟ على كل حال الحديث كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- ينبغي أن يرفع عن مستوى الأرض. كيف الطريقة المثلى للتخصص في علم من العلوم كعلم الحديث أو القرآن؟ وهو من المبتدئين؟ يقرأ في متون هذا العلم الصغار، وكل كتب كتب كل علم مرتبة للصغار والمتوسطين والمنتهين، فعليه أن يقرأ بكتب المبتدئين وخاصة في هذا الفن وفي غيره. هذا يقول: ذكر في زاد المعاد أن رجلاً شكى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كثرة الآفات، فقال له: ((قل بسم الله على نفسي وأهلي ومالي)) هل لهذا أصل؟ ما أدري والله، هل له أصل أم لا؟ هل يعتبر تفسير أضواء البيان من أحسن التفاسير؟ نعم هو من أفضل التفاسير التي تعنى بأحكام القرآن. يقول: هل حفظ الحديث وطلب العلم من أجل الإجابة عندما أسأل عن مسألة ينافي الإخلاص طلب العلم؟ الكلام على الدافع لهذه الإجابة، ما الذي دفعك إلى أن تجيب؟ هل الذي دفعك إلى أن تجيب أن ترفع الجهل عن من يسألك؟ أنت مأجور، ولأجل هذا يطلب العلم، وإن كان القصد أنك تجيب عندما تسأل لتحترم وتقدر وتصدر في المجالس هذه حقيقة مرة، نسأل الله العافية. هل شعور الإنسان أنه كثير النسيان أو هو ضعيف الحفظ مسوغ لترك العلم؟ كيف يوجه من هذا حاله مع أنه يحب العلم؟

هذا عليه الصبر، الصبر والمثابرة، والطريقة المناسبة وترتيب الوقت، وكثرة التكرار، مثل هذا يرسخ العلم -إن شاء الله تعالى-. يقول: ذكر البخاري في كتاب اللقطة آخر حديث فيه وهو حديث حلب الشاة عن أبي بكرة فما علاقة الحديث بالباب؟ العلاقة أن اللقطة مال للغير، مال للغير تجده وتلتقطه ولها حكمها، وأيضاً مما يلتقط الشاة مما يلتقط الشاة وإذا التقطت الشاة هل تستفيد من حليبها وإلا ما تستفيد؟ وهل تلتقط أو لا تلتقط؟ نعم. يقول: في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [(1) سورة الأنعام] هل جعل بمعنى خلق؟ لا، لو كانت خلق بمعنى جعل أو جعل بمعنى خلق ما عطفت عليها، فدل على التغاير بينهما. يقول: هل جعل بمعنى خلق كما يقول المعتزلة في الثانية يحتجون به على خلق القرآن؟ أبداً. يقول: ورد في الحديث ((أو علم ينتفع به)) هل هذا خاص في علوم الشريعة، أو يتعدى إلى كل علم ما به نفع من العلوم كبعض علوم الإدارة الحديثة مثلاً؟ على كل حال العلم الذي وردت النصوص بفضله والحث عليه هو العلم الشرعي، المستفاد من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، المورث للخشية، لكن العلوم الأخرى الطب والهندسة والإدارة وغيرها شأنها شأن الحرف الدنيوية والصنائع والحروث والزراعات والتجارات كل هذه أمور دنيا، إن نوي بها النية الصالحة بأن ينوي بها أن ينفع الآخرين يؤجر على هذه النية. يقول: المذاكرة مع الأقران فما هي صورتها وكيفيتها نريد أمثلة؟ إذا اجتمع خمسة ستة أربعة ثلاثة من الإخوان على مستوى واحد من التحصيل والحرص والجد يتذاكرون ماذا سمعت؟ وماذا فهمت؟ وما معنى كذا؟ ما معنى كذا؟ إلى أن ينتهي الدرس، في مسائل الدرس تجعل عناصر، ويوضع عليه أسئلة وكل واحد يسأل الثاني.

يقول: تنتابني نشوة عندما أحضر مجالس العلم أحس فيها بالسعادة، ولكن يأتيني شعور خصوصاً مع كثرة انصراف الناس عن طلب العلم شعور يحملني على ازدراء الناس وتسفيه عقولهم حتى ربما أتطاول على شباب المراكز الصيفية وبعض الدعاة، فما توجيهكم لي؟ وهل هذا يدخل في الرياء والعجب بالنفس؟ وما هو الواجب علي فعله؟ وجزاكم الله خيراً. أولاً: ينبغي للإنسان أن يهضم نفسه، ويعرف قدر نفسه، وأن يعذر غيره، يعذر غيره؛ لأنه يعرف من عيوبه ما يشتغل به، من عيوب نفسه ما يشتغل به عن غيره، وما يدريك لعل فلاناً من الناس الذي طلع خرج من المسجد، وترك الدرس ذهب إلى عمل هو أفضل من عملك، ما تدري، تعذر الناس، ولعل عنده من صفاء النية وطيب السريرة وسلامة القلب ما يرفعه فوقك درجات، أو ما يرفعه عن كثير من أهل العلم درجات، فعلى الإنسان أن يشتغل بنفسه، ويلتفت إليها، ويسعى لتكميلها، وإن ينشغل بذلك عن عيوب الناس. يقول: ذكرتم عن صنيع الشيخ أحمد شاكر في المسند وأنه حذف عبد الله والقعنبي؟ ما هو القعنبي لا. عبد الله يقول: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، وهو الإمام أحمد، يعني حذف من السند ما لا يحتاج إليه، ولا أثر له في دراسة السند، يعني وقف على شيخ أحمد. وبدأ بشيوخ الإمام أحمد مباشرة، وأن هذا مخالف للأمانة العلمية، وأقول: ألا يعتذر أن الشيخ -رحمه الله تعالى- قد بين في المقدمة ما صنعه، ومن الدوافع لفعله ذلك حتى لا يحتج مثل الذي طعن في نسبة الأم للشافعي؟ لا نريد أن تكون تصرفاتنا ردود أفعال، لا، تبقى الكتب على ما هي، وجد هذا لا بد ... ، لا، لا، أبداً، يبقى العلم كما هو، تبقى الكتب كما هي كما ألفت، وينبه عليها، ويوضح، كون الشيخ ذكر ذلك في المقدمة هذا جيد من الشيخ، لكن يبقى أنه تصرف في المسند -رحمة الله عليه-. وأن الشيخ قد حقق الأمانة العلمية بذكره ذلك في المقدمة، ولا يكون عمله ذلك مخالف؟ على كل حال اجتهد الشيخ -رحمه الله-، ويكفيه أنه يؤجر على هذا الاجتهاد، لكن ليس هو الصواب. يقول: ما رأيكم بطبعة متن صحيح البخاري الذي حققها الخطيب، والتي تسمى المطبعة السلفية؟ حتى يقول بعضهم: لا بد من المقابلة على النسخة السلطانية؟

النسخة التي طبعها قصي ابن الشيخ محب الدين الخطيب من صحيح البخاري في أربعة مجلدات هي استلت مما أودعه محمد فؤاد عبد الباقي من صحيح البخاري مع فتح الباري، وهذه نسخة ملفقة، لا تنتمي إلى رواية معينة، ولذا إدخالها في فتح الباري خطأ، ثم استلت وجعلت مستقلة، نقول: الآن أفضل طبعة على وجه الأرض من صحيح البخاري هي الطبعة السلطانية التي صورت ورقمت وخدمت من كل وجه، النسخة التي أحضرناها العام الماضي وقرأنا فيها. يقول: هل سيطبع التحقيق لكتاب فتح المغيث؟ نعم هو تحت الطبع. طالب:. . . . . . . . . إي لا، هي موجودة السلطانية طبعت سنة (1311هـ) واندرست وانقطعت حتى كثير من طلاب العلم ما عنده .. ، حتى كثير من الكبار ما عندهم منها شيء؛ لأنها طبعت سنة (1311هـ) وقف، جميع النسخ وقف، كتب عليها وقف الله تعالى في كل صفحة، وانتهت في وقتها، لكن قيد الله لها من يخدمها وينشرها من جديد. يقول: ما رأيكم أن يشتغل الطالب في أثناء الطلب بالتعليم مع الطلب؟ أو يتفرغ للطلب؟ إذا كان عنده ما يؤهله للتعليم فالجمع بينهما أفضل؛ لأن التعليم من أنفع وسائل التحصيل، ومما يعين على التعلم. يقول: ما معنى قول المحقق الألباني -رحمه الله تعالى- في الحاشية أقوال المحدثين: إسناده على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم؟ هذه طال الكلام فيها بين أهل العلم، لكن المرجح أن المراد بشرط الشيخين رجال الشيخين، إذا كان الحديث مروي من طريق رواة خرج لهم في البخاري قلنا: على شرط البخاري، من طريق رواة خرج لهم في صحيح مسلم، قلنا: على شرط مسلم، خرج لهم الشيخين، قلنا: على شرط الشيخين، بالهيئة المجتمعة، يعني السند متكامل، ما يصير ملفق السند. يقول: هل الأجور المتعلقة بالأذكار بمجرد قولها باللسان أم لا بد من استحضار القلب؟ الذي قرره ابن حجر وجمع من أهل العلم أنه مجرد قولها باللسان يثبت الأجر؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: من قال كذا فله كذا، فهو معلق بالقول، أيضاً ذكر القلب له أجر زائد -ولله الحمد-. يقول: ما الفرق في التحمل بين حدثنا وأخبرنا وأنبأنا؟

الأصل أنه لا فرق بينها، من حيث الأصل اللغوي، التحديث {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] فهي متقاربة من حيث المعنى، لكن أهل الاصطلاح خصوا حدثنا بما تحمل بطريق السماع، وأخبرنا بما تحمل بطريق العرض، وأنبأنا خصوها بالإجازة. ذكرتم أنه يجب على الإنسان المحافظة على قراءة القرآن، وإن لم يحصل له إلا أجر الحروف، وهناك من يقول: لا بد لقارئ القرآن من التدبر لما يقرأ، ومن قال: لا تهذوا القرآن كهذ الشعر؟ على كل حال جاءت النصوص بمن قرأ، والقراءة تحصل بالهذ، وجاء في المسند والدارمي بإسناد لا بأس به ((كما كنت تقرأ في الدنيا هذاً كان أو ترتيلاً)) فلا تحجر واسع، الهذ له أجره، وأجر الحروف، ويبقى أن التدبر منزلة عليا، يعني من ختم القرآن مرة واحدة بالتدبر والترتيل على الوجه المأمور به، أو ختمه عشر مرات بالهذ ابن القيم يقول: كمن أهدى درة، ختم مرة واحدة بالتدبر أهدى درة ثمينة نفيسة جداً، وهذا أهدى عشر درر ما تساوي شيء بالنسبة للدرة الثمينة، لكن لها أجرها، نعم. ما أدري والله يقول: هل كلمة عويص لها أصل في اللغة؟ الآن ما أذكر. متى يقال وما الضابط من قوله: إسناد جيد، إسناد لا بأس به، إسناد حسن؟ جيد عندهم تعادل صحيح، إلا أنهم يقولون: إذا أطلقها الجهبذ فإنه لا يعدل عن صحيح إلى جيد إلا للنكتة، يعني قد لا يصل عنده إلى رتبة الصحيح، لكنه فوق الحسن ولم يقل: حسن، ولذا جاء في بعض أحكام الترمذي حديث حسن جيد، يعني في مقابل حديث حسن صحيح، إسناده لا بأس به: يعني أنه مقبول في الجملة، ومثله حسن، إسناده حسن يعني مرتبة متوسطة بين الصحيح والضعيف. يقول: ذكرتم بالأمس جواز خروج الإمام الراتب بعد الأذان فكيف الإجابة عن حديث: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم"؟ أهل العلم ينصون على هذا، يقولون: إن الذي له هدف شرعي صحيح؛ لأن الذي يخشى منه أنه إذا خرج بعد الأذان تفوته الصلاة، هذا لن تفوته الصلاة؛ لأنه هو الإمام. هل يمكن إعطاء الزكاة لطالب علم نظراً لحاجته الدائمة إلى الكتب والمراجع وغيرها ولأنه منقطع لذلك، ولصعوبة البحث عن الفقراء؟

دفع الزكاة لطالب العلم من أجل أن يشتري كتب قال به شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن لم يقل به غيره. يقول: من أعظم آفات العلم النسيان فما توجيهكم لمن ابتلي بذلك؟ عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، {وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} [(282) سورة البقرة] وعليه أن يُكرر، يُكرر ما حفظ يذاكر من معلوماته، ويتعاهده. يقول: أحسن شرح للبخاري للطالب المبتدئ؟ الطالب المبتدئ، المبتدئ بمعنى مبتدئ ما حفظ الأربعين والعمدة والبلوغ على الجادة المعروفة عند أهل العلم وسمع شروحها من أهل العلم، هذا لا ينبغي أن يتطاول على شرح البخاري، ينتظر حتى يجعل له سلم يصعد بواسطته إلى هذه المرتبة، وهي قراءة شروح الكتب الأصلية، فإذا حفظ الأربعين، وقرأ عليها بعض الشروح، وسمع عليها أشرطة، ثم حفظ العمدة، وقرأ عليها شروح، والبلوغ كذلك، له أن يقرأ في شروح البخاري، يعني يعاني صحيح البخاري، ويهتم بصحيح البخاري، ويتفقه من صحيح البخاري، فإن كانت لديه همة بقراءة الشرح كامل فهذا طيب، إن لم تكن هناك همة فليراجع عليه ما يشكل، شروح البخاري كثيرة جداً، لكن من أهمها فتح الباري لابن حجر، فتح الباري لابن رجب، شرح الكرماني، شرح العيني، شرح القسطلاني، شرح القسطلاني مناسب للطالب المتوسط؛ لأنه ما فيه توسع، مناسب جداً للطالب المتوسط، أحسن شرح لصحيح مسلم شرح النووي، شرح النووي على مسلم أفضل الشروح للطالب يعني بداية، عنده ما يؤهله لفهم الكتاب، وليس من الطلاب الذين يطلبون التوسع في الشرح، يكفيه شرح النووي، على ما فيه من مخالفات عقدية. وأحسن طريقة لحفظ الحديث بالإسناد أو التفريق بين المخرجين للحديث؟ الطريقة لحفظ الإسناد معروفة بأن تحفظ السلاسل المشهورة من خلال تحفة الأشراف، تشوف لك سلسلة يروى بها أحاديث كثيرة، أحياناً مائة حديث، سبعين ثمانين، ستين، خمسين حديث، تحفظها وترتاح من كل هذه الأحاديث، تحفظ هذه السلسلة فتحفظ الأحاديث التي رويت بها، هذا يفيدك كثيراً. يقول: أحسن طريقة لحفظ الحديث بالإسناد أو التفريق بين المخرجين للحديث؟

أفضل طريقة لمعرفة مخرجين الحديث ترجع إلى الأصل، قال لك ابن حجر: رواه الخمسة، ارجع إلى الخمسة وتأكد، وأنت إذا عرفت أنك رجعت من أجل هذا الحديث لمسلم تعرف أنه مخرج في مسلم إذا وقفت عليه، فالمعاناة والتعب على الشيء هو الذي يثبته في الذهن، قد يكون أرقام، أربعة، خمسة، ثلاثة، تنساها مع الوقت، لكن إذا تذكرت أنك راجعت هذا الحديث في المسند لن تنسى أنه مخرج في المسند، تذكرت أنك راجعت في سنن أبي داود أو الترمذي أو النسائي وابن ماجه ما أنت بناسي؛ لأن المعاناة تحفر القلوب. أحسن كتب المصطلح للمبتدئ المتوسط في الطلب النخبة، النخبة وشروحها، ثم مختصر علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم ألفية العراقي مع شروحها. يقول هذا: نرجو إعادة الطريقة التي ذكرتموها في حفظ الكتب الستة؟ وهل هو حفظ ودراسة أم حفظ فقط؟ وهل حفظ السند يحفظ السند أيضاً؟

ذكرنا بالأمس طريقة ونرجو أن تكون نافعة إذا جد الإنسان، لا بد من الجد والاهتمام وصرف الوقت الكافي، وإلا الذي يصرف وقت يسير هذا بيطول، يطول به الأمد، فذكرنا أنه يكون محور الدراسة صحيح البخاري، صحيح البخاري مخدوم مخرج ومرقم، ما عاد يشكل شيء على طلاب العلم، فإذا جئت إلى الحديث الأول تنظر في مواضع تخريج البخاري لهذا الحديث، تنظر في أسانيدها وتراجمها، وزيادات المتون ونقصها، وتتصور هذا الحديث تصور كامل في صحيح البخاري، ثم بيقول لك المخرج من خلال الطبعة السلطانية التي ذكرناها المصورة بيقول لك: قدامه ميم، ترجع إلى صحيح مسلم، تشوف ماذا قال عنه مسلم؟ في سياق أسانيده ومتونه وكذا، والترجمة التي ترجم عليها شراح مسلم، ثم تضع عليه علامة أن هذا سبقت دراسته في البخاري؛ لأنه من المتفق عليه، تنظر أيضاً إذا كان الحديث الأول مخرج في أبي داود ترجع إلى أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وتضع على كل شيء علامة، إذا نظرت وتصورت وقرأت ترجمة الإمام على. . . . . . . . . ترجم عليه البخاري بكذا وكذا وكذا في سبع تراجم، ترجم عليه في شرح النووي بكذا، في شرح القاضي عياض بكذا؛ لأن كل شارح من شروح مسلم له ترجمة، والترجمة معناها الفقه المستنبط من هذا الحديث، ثم تأتي ترجم عليه أبو داود بكذا، ترجم عليه النسائي بكذا، ترجم عليه .. إلى آخره، وتضع علامات على أن هذا الحديث درس في صحيح البخاري. إذا انتهيت تكون انتهيت من الأحاديث التي اتفق عليها الشيخان، فتأتي إلى زوائد مسلم فتدرسه على الطريقة السابقة، خلاص انتهيت من البخاري، على جنب، تأتي إلى هذه الزوائد زوائد مسلم فتدرسه على الطريقة السابقة بمقارنة السنن، وتضع علامات، ما تنتهي من آخر كتاب إلا عندك الزيادات قليلة -إن شاء الله تعالى-، لكنها تحتاج إلى همة، وتحتاج إلى وقت، فاحرصوا. الحريص على طلب العلم والغيور على واقع الأمة لما يراه من تقصير وتفريط يكون على حيرة من أمره فإن بنى نفسه وقرأ وحصل غفل عن نفع الأمة والنصح لها، ويخشى أن يموت قبل أن يقدم، وإن تقدم بذل وتكلم يكون قد أقحم نفسه في مرتقاً صعب، ينتج منه صدارة قبل النضج، وسيادة قبل العلم، فما هو المخرج؟

لا بد من .. ، التعلم هو الأصل في المرحلة الأولى، والنفع يكون تبعاً لهذا التعلم، ينفع بقدر ما يسعفه الوقت وبقدر ما يرى من ضرورة لهذا النفع، وليكن على صلة بأهل العلم، يبلغهم بما يرى، يبلغهم بما وصل إليه من علم، وهو في طريقه للتعلم، ثم إذا تمكن تصدر لإقراء الناس وإفتائهم وتدريسهم، والتغيير المباشر لنفسه مع من يتعاون معه من أهل الولاية والعلم. هل الإنسان إذا عوقب في الدنيا على ذنب ينتهي تبعة هذا الذنب بمعنى أنه لا يعاقب عليه في الآخرة؟ بقدر العقوبة، أما الحدود فهي كفارات، إذا أقيم عليه حد في الدنيا فهو كفارة له. يقول: ما الفرق بين الزهد والورع؟ الورع في الأمر قبل أن تملك، قبل أن يدخل تحت ملكك، والزهد إذا دخل في ملكك، تتورع عن كسب تشك فيه هذا ورع، ما أنت بزاهد فيه، لكن إذا حصل بيدك وزهدت فيه وأنفقته في سبيل الله تكون زاهد، ولذا لما قيل لسفيان: أنت الشيخ الزاهد؟ قال: لا، الزاهد عمر بن عبد العزيز؛ لأنه ما جاءه شيء يزهد فيه، الزاهد عمر بن عبد العزيز. يقول: ما حكم العنعنة في الحديث بغير علة في السند؟ العنعنة معروف حكمها، وأنها محكوم لها بالاتصال بالشروط المعروفة عند أهل العلم: أن يبرأ الراوي من التدليس، وأما المدلس لا بد أن يصرح، لا سيما إذا كان من المراتب الثالثة فما دون، وأيضاً يكون الراوي قد عاصر أو لقي من روى عنه على الخلاف المعروف عند أهل العلم. يقول: نأمل أن تحدثونا عن بداياتكم في الطلب؟ هذا فيه أشرطة، وفيه لقاءات، والله المستعان، الله يعفو ويسامح، ويعامل الجميع بالعفو. يقول: في كلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في المجلد السابع ما أفهم منه أنه -رحمه الله- قد يجعل الكبائر تكفر بغير التوبة، واستدل بمثل صلاة الجنازة، وقوله -سبحانه- في أهل بدر اطلع على العباد وقال: ((اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)). . . . . . . . .

على كل حال الكبائر يقرر أهل العلم أنها لا بد لها من توبة، وفي تكفير الذنوب بالطاعات بالصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس ورمضان كلها ينص عليها: ((ما اجتنبت الكبائر)) وفيها: ((ما لم تغش كبيرة)) {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة النساء] لكن إذا تصور، لو قدر أنه يتصور شخص يعمل هذه الطاعات كما أمر، وليس عنده صغائر تكفر، هذا إذا تصورنا مع أنه ما يتصور، ليس عنده صغائر تكفرها هذه الطاعات، عنده كبائر، يقولون: تخفف من هذه الكبائر، ولو قدر أن التكفير بهذه العبادات الكبيرة أتى على الصغائر كلها وبقي شيء يخفف من الكبائر، أما الكبائر فيقرر أهل العلم للنصوص الكثيرة ((ما لم تؤت كبيرة)) ((ما لم تغش كبيرة)) ((ما اجتنبت الكبائر)) يدل على أن الكبائر لا بد لها من توبة، والله -جل وعلا- يغفر لمن يشاء، والناس أقول: المسلم تحت المشيئة. يقول: أفضل طبعة لمعاجم الطبراني الثلاثة؟ أما بالنسبة للكبير فطبعة السلفي، نعم حمدي عبد المجيد السلفي، وأما بالنسبة للأوسط فالطبعة المصرية، ويش اسمها؟ طالب:. . . . . . . . . نعم تحت إشراف الشيخ طارق عوض الله، والصغير هو طبع محققاً في كم نسيت؟ طالب:. . . . . . . . . هي الطبعة القديمة في مجلد، وقبل الطبعة الهندية، اللي يقف على الهندية أفضل، لكنها مطبوعة من مائة وثلاثين سنة، ما تتاح، طبع بعدها بالمطبعة السلفية بالمدينة طبعة ما تسلم من أخطاء، وحقق في مجلدين (الثمر الداني) لا، الثمر الداني في المعجم الصغير للطبراني، (المطالب العالية) هذه رسائل علمية طبعت في مطبعة العاصمة من عشرين جزء، وأنا أشرفت على ثلثها، يعني أربع رسائل أنا مشرف عليها. العلل لابن المديني هذا طبع في جزء صغير بالمكتب الإسلامي، وطبع منه القلعجي أيضاً قطعة، على كل حال هو مطبوع في المكتب الإسلامي طبعة جيدة لا بأس. اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (7)

شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (7) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. قال المصنف رحمنا الله تعالى وإياه: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أحسبه رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((منهومان لا يقضي واحد منهما نهمته، منهوم في طلب العلم لا يقضي نهمته، ومنهوم في طلب الدنيا لا يقضي نهمته)). هذا حديث ابن عباس، وفيه ليث بن أبي سليم معروف ضعفه عند أهل العلم، لكن له طرق وشواهد تدل على أن له أصلاً، مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((منهومان لا يقضي واحد منهما نهمته)) وفي لفظ: ((منهومان لا يشبعان، طالب علم، وطالب مال)) هنا يقول: ((منهوم في طلب العلم لا يقضي نهمته)) قد يستغرب بعض الطلاب الذين هم في أول الأمر يجاهدون أنفسهم على طلب العلم، يقولون: متى نبي نوصل ها المرحلة؟ متى نبي نوصل ها المرحلة؟ نعم. طالب:. . . . . . . . .

أقول: بعض الإخوان يستشكل، يقول: منهوم، طلب المال معروف الناس يلهثون وراء المال، لكن منهوم في طلب العلم؟ نعم، يوجد منهوم، ومر بنا أنهم يتذاكرون الفقه حتى يفاجئهم أذان الصبح، نعم، يوجد الآن من يزاول القراءة قراءة الكتب والبحث فيها إلى حد قد يُظن ضرب من الخيال، لكن المسألة مسألة تدريج، مسألة مجاهدة ثم تلذذ، يجاهد الإنسان نفسه ثم يتلذذ إذا وقع على فائدة، ثم مسألة، ثم طرفة، ثم قصة، ثم حكاية، ثم مسألة علمية، ثم .. ، ما ينتهي، فالمنهوم بالعلم لا يشبع ((منهوم في طلب العلم لا يقضي نهمته، ومنهوم في طلب الدنيا)) لكن لنعلم أن المنهوم بالكلام والقيل والقال لا يمكن أن تجتمع معه نهمة العلم، المنهوم بالأكل لا يجتمع معه نهمته بالعلم، المقصود أن الإنسان يتخفف من الفضول كلها، ليتسنى له أن يكون منهوماً بالعلم والعمل، هناك من هو منهوم بقراءة القرآن، منهوم بالصلاة، منهوم بالصيام، منهوم بكذا، لا يشبع منه، قد رؤي أحد الأشخاص -وهو من العباد- في المنام، فقال لمن رآه: كيف يشبع المسلم من قول: لا إله إلا الله؟ وقال آخر: كيف يشبع المسلم من قراءة القرآن؟ وهكذا، المقصود أنه إذا وصل إلى مرحلة التلذذ حدث ولا حرج. ((ومنهوم في طلب الدنيا لا يقضي نهمته)) منهوم في طلب الدنيا، رسوله إلى المحل الشمس، إذا طلعت الشمس فتح، ولا يغلق الحانوت إلا بعد هزيع من الليل، يتمنى أن ترجع جميع الأعمال بعد منتصف الليل، على حساب راحته ونومه أسهل من كونها على حساب تجارته، وقد توفي شخص قريب لواحد من التجار وأرادوا أن يصلوا عليه بعد صلاة العصر، جاهد وسعى أن تؤجل الصلاة إلى أن يغلق المحل، حاصل، هذا منهوم، نسأل الله السلامة.

لكن مع ذلك جاء قوله تعالى: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] نعم الأصل أنك مخلوق للعبودية، تشغل وقتك بما خلقت له، ثم لا تنس نصيبك من الدنيا الذي يعينك على تحقيق الهدف، العبودية، أما أن تنقلب الموازين يكون الأمر بالعكس في حياة الناس، كأنه مخلوق للدنيا، ويوصى بألا ينسى نصيبه من الآخرة هذه مشكلة، هذا قلب للموازين، ويأتي من يقول: إن الدين دين جد، ودين عمل، ودين عمارة أرض، كل هذا صحيح، لكن عمارة أرض بأي شيء؟ بالعبودية تعمر الأرض {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(55) سورة النور] هنا يكمن الأمن، ويتحقق الأمن، الناس يقولون: أبداً خلقنا لعمارة الأرض، والحمد لله الدين علينا الصلاة نصلي ويش تبون بعد؟ هذا لسان حال، بل لسان المقال من كثير من الناس، والله يا أخي أنت خلقت للعبادة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] وخشية أن ينهمك المسلم في هذه العبودية، وينسى ما يقيم أوده، ويعينه على تحقيق هذه العبودية يحتاج أن يقال له: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث عن عطاء قال: قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "من كتم علماً ينتفع به ألجم بلجام من نار".

هذا الحديث الموقوف في إسناده ليث بن أبي سليم، وهو مر مراراً بنا وأنه ضعيف، لكنه يروى مرفوعاً من طريق أبي هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة)) وهو صحيح لغيره، يثبت، فطالب العلم لا بد أن يجعل نصب عينيه هذه النصوص مجتمعة، لا يدفعه مثل هذا الخبر إلى أن يقحم نفسه فيما يحسن وما لا يحسن، ويجعل الآية التي توجب عليه البيان نصب عينيه أيضاً بألا يكتم، لا يكتم وعليه أيضاً ألا يسترسل، لا يكتم ولا يسترسل، يقول بما يحسن، من علم فليعلم، من علم يبين، من كان عنده علم يفتي الناس، من كان عنده علم يقضي بين الناس، أما من لا علم عنده فلا يجوز له أن يجرؤ على الفتيا، ولا يجوز له أن يتصدر ليقضي بين الناس، يحرم عليه ذلك، والقضاة ثلاثة قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة، منهم الجاهل الذي لا يعلم يقضي بين الناس بجهل، أو يفتي، يفتي الناس بجهل، هذا يكذب على الله، هذا يكذب على الله، يقول: إن مراد الله من هذه المسألة كذا، أو حكم الله في هذه المسألة كذا، فهو موقع عن الله، فليحذر كل الحذر أن يجرؤ على الفتيا، ويحذر أيضاً كل الحذر أن يكتم مع العلم، المسألة تحتاج إلى إلى توسط في الأمر، والنظر إلى النصوص كلها، النصوص التي تمنع فمن الممنوع؟ والنصوص التي تحث من الذي يحث؟ من الذي يقدم؟ ومن الذي يحجم؟ مع الأسف أن كثير ممن توفرت لديه الأهلية أحجم فترك المجال لأناس ليست لديهم الأهلية، فوقعنا في المحظورين معاً، والله المستعان، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث عن يحيى عن علي -رضي الله عنه- قال: "ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يرخص للمرء في معاصي الله، ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره، إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا خير في علم لا فقه فيه، ولا خير في قراءة لا تدبر معها".

وهذا أيضاً أثر موقوف على علي -رضي الله عنه- في طريقه ليث بن أبي سليم، يقول: "ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه" الفقيه حق الفقيه الذي هو بمنزلة الطبيب الماهر "الذي لا يقنط الناس من رحمة الله" نعم لأن القنوط واليأس من رحمة الله موبقة من الموبقات، هذا يبعث على الترك، ترك العمل، كما أنه أيضاً بالمقابل لا يؤمنهم من مكر الله، فينبغي أن يكون طبيباً حكيماً نبيهاً، يضع العلاج في موضعه، يشخص الداء ويضع العلاج، وذكرنا أنه إذا وجد هذا الفقيه الذي هو بمنزلة الطبيب، هذا العالم في مجتمع لحظ فيه التفريط يعالج مثل هؤلاء بنصوص الوعيد، ليردهم إلى حضيرة التوسط؛ لأنهم في الأصل مفرطون، لكن بالعكس إذا لحظ في مجتمعه الإفراط والتطرف والغلو يعالج داءهم بنصوص الوعد، فلا يقنط من رحمة الله، ولا أيضاً يجعلهم يأمنون من مكر الله، هذا هو الفقيه كل الفقيه "ولا يرخص للمرء في معاصي الله" لا يرتكب الرخص باستمرار، ويتتبع الأقوال التي تسهل على الناس على حد زعمه، الآن يُنادى بفقه التيسير الذي هو في الحقيقة فقه التضييع، فقه التضييع والتمييع ويستدل لذلك بأن الدين يسر، نعم الدين يسر {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] لكنه أيضاً دين عبودية، دين عبودية ودين تكاليف، والجنة حفت بالمكاره، والتكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة، ماذا يقول صاحب فقه التيسير عن صيام الهواجر؟ ماذا يقول عن قيام الليل؟ قام حتى تفطرت قدماه -عليه الصلاة والسلام-، نعم التيسير في مقابل العسر، في مقابل الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا، تكليف ما لا يطاق، ما عندنا تكليف ما لا يطاق، يعني ما كلفنا في اليوم والليلة ألف ركعة، لا، خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة، ومن زاد زاد أجره ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فمثل هذه الأمور التي هي في مقدور العبد هي داخلة في التيسير، ويشملها إن الدين يسر، أما ما لا يطيقه الإنسان ((مه، عليكم من الدين ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) فعلى الإنسان أن يرفق بنفسه بحدود، ولا يعطيها من الآمال ويفتح لها الآفاق بحيث يترك العمل، لا، فالمسألة مسألة توسط، فلا يرخص للمرء في معاصي الله،

يعني يأتيه من، من شرب نبيذ مثلاً يقول: الحمد لله عند أبي حنيفة جائز، نعم، جاءه من أكل ذبيحة أو من حيوان لا يجيزه عامة أهل العلم يقول: الحمد لله هذا عند مالك فيه سعة، ويأتي يقول: هذا عند أحمد كذا، لا، لا، هذا تضييع، هذا الذي يسميه أهل العلم تتبع الرخص، هذه زندقة عند أهل العلم؛ لأنه ما من مسألة إلا وفيها قول سهل، حتى يخرج الإنسان من دينه.

يستدلون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وهذا في وقت، يعني في وقت قبل استقرار الحكم، اختار أيسرهما ليكون شرعاً أما بعد أن استقر الحكم بدليله فعلى المرء أن يعمل ما يدل عليه الدليل، سواءً كان أيسر أو أشد، ولذا إذا جانب ما يدل عليه الدليل صار في الإثم، والمسألة مقيدة بما لم يكن إثم، فالذي يختار غير ما يدل عليه الدليل ارتكب الإثم، والله المستعان "ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره" مع الأسف أن كثير من المسلمين انشغلوا عن القرآن بالقيل والقال، والصحف والمجلات والقنوات، تجد بعض طلاب العلم عنده استعداد يفلي الجرائد كلها، أو المسلم الموظف بعد ما يطلع من وظيفته إلى أن ينام وهو يقلب الجرائد، على شان إيش؟ ماذا تستفيد من هذه الجرائد؟ هذا خبر سيء، وهذا تهكم بالدين، وهذا استهزاء بالمتدينين، وهذه صورة عارية، وهذا خبر .. ، إيش الكلام؟ ومع ذلك هذا ديدن كثير من الناس، ويمر عليه اليوم واليومين والأسبوع والشهر ما فتح المصحف، إن تيسر له أن يحضر إلى الصلاة قبل الإقامة بدقيقتين، ثلاث، خمس قرأ قراءة الله أعلم بها، قرأ له ورقة ورقتين وعليها، وبعض الناس ما يعرف القرآن إلا في رمضان، هذه مشكلة، ولذا يقول: "ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره" نعم هناك علوم يعني لا يشمل هذا الكلام النظر في السنة مثلاً، أو في العلوم المساندة التي تعين على فهم القرآن، كلها من العناية بالقرآن؛ لأن السنة تفسر القرآن، توضح القرآن، العلوم التي تعين على فهم القرآن والإفادة من القرآن، والاستنباط من القرآن كلها داخلة في تعلم القرآن "إنه لا خير في عبادة لا علم فيها" عبادة على الجهل لا خير فيها، قد يرتكب هذا العابد مبطل لهذه العبادة وهو لا يشعر "ولا خير في علم لا فقه فيه" يعني تجد بعض الناس منهوم بقراءة الكتب، لكن لا يفهم ولا يريد أن يفهم، مجرد سرد لا يقف عند المسائل، ولا يحرر المسائل، ولا يحقق المسائل، لا خير في علم لا فقه فيه "ولا خير في قراءة لا تدبر معها" يعني الخير المرتب على التدبر لا يأتي إلا بالتدبر، وأما قراءة الحروف فتتم مع غير التدبر، وفضل الله واسع، والله المستعان. أحسن الله إليكم:

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "يا أيها الناس لا تسألوا عما لم يكن، فإن عمر كان يلعن أو يسب من يسأل عما لم يكن". وهذا علته ما في سوابقه من وجود ليث بن أبي سليم، هذا يرويه مجاهد عن ابن عمر قال: "يا أيها الناس لا تسألوا عما لم يكن" ومر بنا أنهم يتثبتون عن المسألة هل وقعت؟ تكلفوا جوابها، ما لم تقع أجمنا وأرحنا حتى تقع "فإن عمر كان يلعن أو يسب" عمر كان -رضي الله عنه- شديد على أهل المخالفات، وكانت عنده الدِرة -بكسر الدال- يضرب بها المخالف، كان يضرب بها من يصلي بعد العصر، الدِرة، فهو شديد على المخالفين محتاط لدينه أشد الاحتياط، لا يريد من الناس أن يتساهلوا في مثل هذه الأمور، يكثرون السؤال والنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن السؤال، وكان الصحابة يعجبهم أن يأتي العاقل من أهل البادية يسأل فيستفيدون، فمثل هذا الأسئلة عما لم يقع كان مكروهاً عند السلف، إلا أن أهل العلم رأوا الفائدة والمصلحة في تمرين الطلاب على تشقيق المسائل وتفريعها ولو لم تقع، لمجرد التمرين، فهذه مصلحة راجحة عند أهل العلم، وتمرين الطالب غير كون العامي يسأل عما لم يقع، يتكلف شيء لم يقع، أما تمرين طالب العلم ليؤهل أن يكون عالماً ينفع الأمة فلا يدخل في مثل هذا، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هشيم عن إسماعيل بن سالم عن حبيب بن أبي ثابت قال: "من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعاً، ولا يخص أحداً دون أحد". نعم يقول: من السنة، حبيب بن أبي ثابت، هذا إيش ويصير؟ تابعي وإلا تابع تابعي وإلا .. ؟ من الأتباع؟ ويش يصير خبره؟ معضل، وإذا قال: من السنة؟ إذا قال الصحابي: من السنة معروف أنه له حكم الرفع. قول الصحابي: من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصر ... . . . . . . . . . إذا قال الصحابي: من السنة فحكمه الرفع، لكن إذا قاله التابعي؟ يحتمل أن يكون سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- أو سنة من بعده من الخلفاء، وسالم يقول: "وهل يريدون بالسنة إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيح".

على كل حال هذا خبر مقطوع يحتمل أن يكون سنة من أدركه من أهل العلم، أو من الولاة الذين يخطبون بالقوم، أو يحدثون القوم. "من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعاً، ولا يخص أحداً دون أحد" نعم يعني على العالم أن يقسم بين طلابه بالسوية، فينظر إليهم جميعاً، نعم، إذا تيسر له ذلك، أما إذا كثر الجمع، وبعد من عن اليمين والشمال بحيث يشق عليه، المقصود أنه لا يخص بحديثه واحد بعينه فيغار بقية الطلاب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما أنا قاسم)) والقاسم عليه العدل في القسمة، نعم، ((والله المعطي)) فيقسم عليهم جميعاً، يقبل عليهم جميعاً، ويعتني بهم جميعاً، ولا يخص أحد دون أحد، لا سيما إذا كان بحضور الآخرين، إذا كان بحضور الآخرين، لكن لو مدح الشيخ كتاب أو سئل عن كتاب وأثنى عليه وأشاد به، والطلبة جمع غفير لا يستطيع أن يؤمن الكتاب لهم، فانقسم الطلاب منهم من غادر الدرس يبحث عنه في المكتبات، ومنهم من بقي قال له الشيخ: ترى موجود في المكتبة الفلانية، ومنهم من خواص الشيخ قال: عندي لكم نسخ، وبين للجميع أهمية الكتاب، ووضح لهم أنهم يحتاجون هذا الكتاب، بعض الطلاب صار يتخبط يمشي الرياض أخذ له يوم يومين يبحث في المكتبات عن هذا الكتاب، وبعضهم الذين بقوا قال لهم: تروا في المكتبة الفلانية، فأراحهم، ساعة وهم راجعين أو نصف ساعة، بعض من حوله من الطلاب الذين لهم اتصال به مباشر، قال: عندي لكم نسخ، هل يكون ظلم بعضهم على حساب بعض؟ البيان المطلوب للجميع بين، ولا يلزم أن يؤمن الكتاب للجميع، أو يدل الجميع، لكن من النصيحة إذا أمكنه أن ييسر على الجميع، ومن تمام النصيحة والفضل أيضاً أن يسعى في تأمينه لهم، لكن إذا ما تيسر؟ هذا لا يلزمه، نعم. أحسن الله إليك: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن أبي كيران قال: سمعت الشعبي قال: "إذا سمعت شيئاً فاكتبه، ولو في الحائط".

نعم الشعبي مر بنا أنه لا يكتب، ما كتب سوداء على بيضاء، فيحث غيره بالكتابة، والذي يحث على الكتابة الذي يحتاج إليها، الذي لا يحفظ من أول مرة، الذي يسمع الشيء ولا يحفظه، مثل هذا يؤمر بالكتابة ولو في الحائط، إذا لم يجد عنده ما يكتب به من قرطاس ونحوه، فلا تضيع الفائدة، ولا يضيع العلم، يكتب الفائدة، لكن ليس معنى هذا أننا نكتب في الحائط ما يكتب الآن في أسوار الناس وبيوتهم من كلام ساقط وبذيء، لا، هذا لا يجوز بحال، هذا اعتداء، هذا لو كان مباح ما يجوز، لو كان كلام مباح ما يجوز، لكن العلم خشية أن يضيع، وهذا للمبالغة، للمبالغة في تقييد العلم، اقتناص الفوائد والشوارد والمحافظة عليها، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبي عن عبد الله بن حنش قال: "لقد رأيتهم يكتبون على أكفهم بالقصب عند البراء". فيها ألف عندك؟ طالب: إي نعم "لقد رأيتهم يكتبون على أكفهم بالقصب عند البراء" أو البرء؟ طالب: هكذا عند البراء. البراء أو البرء؟ ويش يكون معناه؟ طالب: البراء وإلا البرء؟ البراء أليس الصحابي؟ يسمعون الحديث في مجلس البراء فيكتبونه؟ مجرد ما يلبث، هل المقصود صحيح وإلا غير صحيح؟ نعم. طالب. . . . . . . . . أيوه؟ البراء وإلا البرء؟ طالب:. . . . . . . . . ويش معنى البرء؟ طالب: الشفاء من المرض؟ لا، لا، أنا ذهب ذهني إلى شيء ما أدري يمكن أنه يصير صواب؟ أنهم يجربون القلم -قلم القصب- إذا بري، يجربونه بالأكف هل انضبط وإلا ما انضبط؟ طالب: يعني عند البري؟ إيه، إيه، لكن أصلها مهموز. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . هذا اللي اتجه إليه فهمي، والله أعلم، إن كان من الآخذين عن البراء يمكن، كما يكتب عند أبي هريرة يكتب عند البراء، لكن كتابة بالأكف ما تحتمل كتابة أحاديث، وإلا كتابة .. ، لكن يمكن أن يجرب بها القلم ممكن بعد بريه وإعداده يمكن، القصب -قلم- قلم القصب، القلم القصب معروف، نعم. طالب:. . . . . . . . .

ما أدري عند البرء الذي هو البري، تخفيفه وتسهيله بالبري، برى القلم يبريه أو .. ، ما أدري عاد مهموز أصله أو لا؟ هذا الذي ذهب إليه فهمي، وبمراجعة المصادر يمكن يتبين، نعم، وعلى كل حال هو أثر، يكتبون على أكفهم، مستحيل يكتبون أحاديث بأكفهم، نعم، اللهم إلا إذا كتبوه في وقت ما عندهم قرطاس، ثم ذهبوا نقلوه لئلا ينسى ممكن، على كل حال هذا من حرصهم على الكتابة، من حرصهم على الكتابة، نعم. أحسن الله إليك: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قيدوا العلم بالكتاب، من يشتري مني علماً بدرهم". واللي بعده مثله. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع قال: حدثني المنذر بن ثعلبة عن علباء، قال: قال علي -عليه السلام-: "من يشتري مني علماً بدرهم؟ "، قال أبو خيثمة: يقول: يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم".

لا يبيعون العلم، وجمهورهم لا يأخذ على التحديث أجر، وإنما يشترون هذا العلم، يعني تكلفة هذا العلم، قد يكلف مثلاً حضور الدرس عند فلان من الناس مبلغ، ويراد بذلك ما يحتف به، وما يحتاج إليه، يحتاج إلى قلم، يحتاج إلى دفتر، يحتاج إلى كتاب، تراجع حساباتك، هل هذا الشيخ عنده من العلم ما يكلف بمقدار ما يعلمنا به؟ الآن -ولله الحمد- توسعت الدنيا والتعليم مجان، لكن في السابق مثلاً يذكر أن الطلاب يأتون إلى الشيخ ليقرؤوا عليه في الكتاب، فيقول مثلاً: هذا اليوم كل واحد منكم يجيب درهم للقربة، قربة الماء، اليوم الثاني تحضرون درهم من أجل الرمل الذي يفرش به المدرسة، درهم للبسط، درهم لكذا، وشاف المسألة موازنة، من يشتري العلم بثلاثة دراهم عند هذا؟ المسألة ما نتصور أن المسألة درهم لو تعطيه بزرك وإلا شيء ريال ريالين عشرة ما ترضيه، الآن -ولله الحمد- الأمور متيسرة، لكن في وقت الدرهم يحتاج إليه، يفك أزمة، فإذا كان هذا العلم لا يسوى درهم عند هذا الشيخ، الحضور عنده مضيعة وقت، لكن بعض أهل العلم من يكون العلم عنده بخزائن الأرض، كما فعل طاووس، أهدى لعكرمة نجيباً بستين ديناراً، عكرمة مولى، يقول الحاضرين: تهدي مولى ستين دينار يكفيه نجيب بدينارين أو ثلاثة، قال: لا، لا، ألا أشتري علم ابن عباس بستين دينار؟ يُشترى علم ابن عباس بميزانيات الدول، ويش ستين دينار؟ المسألة مسألة علم، يعني رفعة في الدنيا والآخرة. فمن يشتري علماً بدرهم؟ هو محتاج إلى قلم وورقة وشيء من هذا كلها ما تساوي درهم، وهذا من باب التنشيط على طلب العلم، درهم ويش هو بالنسبة للعلم؟ "قال أبو خيثمة: يقول: يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم" فيكون هذا العلم كلفه درهم، الناس في أمور الدنيا يحسبون حساباتهم وميزانياتهم كذا، وينظرون في الربح والخسارة معقولة، لكن في العلم ترى ربحان على أي وجه، تقول: والله العلم يكلفنا كتب، يكلفنا مسجل، وأشرطة، وتعب، وروحات وجيات، وبنزين وأوقات، يا أخي ويش هو هذا بالنسبة لما تستفيده من علم؟ هذا لا شيء، هذا لا شيء بالنسبة لما تستفيده من علم، نعم. أحسن الله إليك:

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن بن عون عن محمد قال: "قلت لعبيدة: أكتب ما سمعت؟ قال: لا، قلت: إن وجدت كتاباً أقرؤه؟ قال: لا". نعم هذا عن عَبيدة بن عمرو السلماني، يقول: أكتب، يسأله عن محمد قال، محمد ابن؟ طالب: سيرين. نعم التابعي الجليل محمد بن سيرين، يسأل عبيدة أكتب ما سمعت؟ قال: لا، لماذا؟ لأنك إذا كتبت اعتمدت على الكتابة فأهملت الحفظ، قال: إن وجدت كتاباً أقرأه؟ قال: لا، احفظ، لا تعتمد على الصحف، ولا على الكتب؛ لأنك إذا اعتمدت على كتابتك نسيت الحفظ، إذا اعتمدت على كتاب غيرك لا تأمن التحريف والتصحيف، فالذي يعتمد على الكتب لا شك أنه يقع في شيء من التصحيف والتحريف، والذي لا يعتمد على الأخذ من أفواه الشيوخ هذا يكثر عنده الخطأ، شيخ من الكبار يقرأ في ترجمة راوي: روى عن فلان وفلان وعنه سلمة بن كهبل، ها؟ ابن كهيل، يقول: ابن كهبل، وهو من الكبار -والله- أنه من الكبار اللي تولون إفتاء الناس، لكن هذا سببه إيش؟ ما أخذ من الشيوخ، ما تلقى عن الشيوخ، أخذ هذا العلم من الصحف، فكونه يعتمد على كتاب يقرأه لا، نعم إذا تأهل وصار عنده ملكة وخبرة ودربة على معرفة كيف يقرأ الكتب؟ ويعرف الرجال؛ لأن معرفة الرجال من أشق الأمور؛ لأنها أمور توقيفية، لا بد تسمعها، لا بد .. ، إن لم تسمعها تذهب إلى كتب الضبط التي تضبط لك اسم هذا الرجل، أما تقرأ من كتاب يحتمل تصحيف، يروح نقطة خلاص، انتهى، .... يضحك عليك. طالب: مثل عَبيدة. مثل عبيدة لو يضبط بضم العين الذي يقرأ على. . . . . . . . . يبي يضم العين، فلا بد من العناية بالأخذ من أفواه الشيوخ المتقنين، ومراجعة الكتب التي تُعنى بالضبط ككتب المشتبه، كتب المشتبه، وكتب المؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، لا بد من مراجعتها، ومن كان علمه من كتابه كان خطأه أكثر من صوابه. وإذا انتقدوا شخصاً قالوا: علمه من الكتب، من الصحف، هذا يقع في المضحكات، نعم. أحسن الله إليك: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن شريك قال: "سمعت شيخاً فحليته، فقالوا: ذاك أبو ضمرة، قال: رأيت حماداً يكتب عند إبراهيم عليه كساء له أنبجاني، وهو يقول: والله ما نريد به دنياً".

يقول: "رأيت حماداً يكتب عند إبراهيم -حماد بن أبي سليمان الفقيه، يكتب عند إبراهيم النخعي- عليه كساء له أنبجاني" أنبجاني هذا رفيع وإلا وضيع؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . في حديث الإنبجانية، في حديث أبي جهم أو أبي جهيم، ويش طلب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ما الذي أهدي له في أول الأمر فشغله في صلاته ثم طلب طلب إيش؟ إذاً الانبجانية أقل. طالب:. . . . . . . . . لا هي الإنبجانية كساء غليظ، ولم يكن من صوف "وهو يقول: والله ما نريد به دنياً" ما نريد بعلمنا الدنيا، لا نريد بعلمنا الدنيا، فالإنسان يحضر الدروس متواضعاً، وقد حج النبي -عليه الصلاة والسلام- على رحل، وحج أنس بن مالك على رحل، ولم يكن شحيحاً، إنما تواضعاً لله -جل وعلا-، الرحل مركوب متواضع، مركوب متواضع، ولم يكن شحيحاً، إنما تواضعاً لله -جل وعلا-، وحج النبي -عليه الصلاة والسلام- على رحل. وهنا أوساط الناس يبحثون عن الحملات المريحة، التي تهيئ لهم كل شيء على حد الزعم، حملات بألوف مؤلفة، يعني ذُكر مبالغ لا تخطر على البال على شان إيش؟ أنت ذاهب لعبادة انكسار بين يدي الله -عز وجل-، تواضع لتقرب من الله -جل وعلا-، أما أن تتكبر وتتبختر، وفي النهاية أنا أخذت أنا سويت، أنا حجيت مع الحملة الفلانية بمبلغ كذا، الحملة الفلانية .. ، إيش الكلام هذا؟ وين أنت رايح؟ كذلك الذين يذهبون في رمضان إلى الأماكن المقدسة من أجل العبادة، يقول: أنا والله إن ما لقيت فندق خمسة نجوم ما سكنت، ما يناسبني، كيف يجتمع قلبك وأنت في فندق مزخرف ويمكن يسكنه ناس ما هم على الشرط الذي تريد؟ يعني الإنسان عليه أن يقرب في أموره كلها، ويتواضع في أموره كلها ليقرب من الله -جل وعلا-؛ لأن الانكسار والتذلل والخضوع والتواضع بين يدي الله هذا الذي يقربك من ربك، أما تقول: والله أنا ألبس أفخر الملابس، وآكل وأفعل وأركب وما أدري ويش؟ لا، المسألة أقل من ذلك.

الإمام أحمد يقول: نعل دون نعل حتى نصل الجنة، النعل بيدعس بالرجلين وبالتراب، وبعض الناس يشتري أنا رأيت -يا الإخوان- فاتورة، فاتورة حذاء في محل بسبعة آلاف ريال، بسبعة آلاف ريال فاتورة حذاء، لكن كما قال الإمام: "نعل دون نعل حتى نصل الجنة" ويش يصير؟. . . . . . . . . كل شيء له ضريبة، إذا اهتم الإنسان بهذه الأمور أضاع أمور كثيرة جداً ما وُفق لها، وعلى الإنسان أن يتوسط في أموره كلها، في ملبسه في مأكله لا يزدرى ولا يتهم، ولا بعد يزاول شيء لا يطيقه؛ لأن بعض الناس نفسه رفيعة لا يطيق بعض الأمور، بعضهم يتكلف ما لا يطيق غير صحيح، لكن في الجملة الإسراف مذموم {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [(29) سورة الإسراء] فالأمور .. ، خير الأمور أوسطها، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الحكم بن عطية عن ابن سيرين قال: "كانوا يرون أن بني إسرائيل إنما ضلوا بكتب ورثوها". نعم بنو إسرائيل إنما ضلوا بكتب محرفة، محرفة ورثوها، وكتب تروى بدون أسانيد، لا خطوم لها ولا أزمة، ورثوا هذه الكتب لا يدرون ما مصادرها؟ وما رواتها؟ بخلاف هذه الأمة المحمدية التي من خصائصها الرواية بالأسانيد، أنه لا يمكن أن تعمل بشيء حتى يثبت عندها، أولئك إذا سمعوا أدنى خبر عملوا، ثم يسمع خبر ثاني يعمل به، ثم ثالث وهكذا، إما من كتاب سماوي محرف، أو من أخبار تذكر عن أتباع الأنبياء لا خطام لها ولا زمام، تروى بدون أسانيد فضلوا بعملهم في هذه الكتب، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة قال: "كتبت عن أبي كتاباً فظهر علي فأمر بمركن، فقال: بكتبي فيها فغسلها".

عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، يقول: "كتبت عن أبي كتاباً -يعني من مروية ومن علمه- فظهر علي -ورأى الكتاب بيدي- فأمر بمركن" مركن: إناء يغسل فيه الثياب مثل الطشت وإلا الطنجرة وإلا شيء "فقال: بكتبي فيها فغسلها" مثل ما يغسل الثياب، يعني محا، محا الكتابة؛ لأنهم .. ، كأن كتابته عن أبيه من علم أبيه ومن فقه أبيه، لا يريد له أن يعتني بفقه أبيه -علم أبيه- وينشغل به عن نصوص الكتاب والسنة، فالطالب عليه .. ، طالب العلم عليه أن يعنى بنصوص الوحيين الأصل، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن عمران بن حدير عن أبي مجلز عن بشير بن نهيك قال: "كتبت عن أبي هريرة كتاباً فلما أردت أفارقه قلت: يا أبا هريرة إني كتبت عنك كتاباً فأرويه عنك؟ قال: نعم اروه عني". نعم هذا كتب عن أبي هريرة من علمه بشير بن نهيك، تقدم، كتب عن أبي هريرة، واستأذنه في أن يرويه عنه، استأذنه في أن يرويه عنه؛ لأنه ما كل العلم يتاح للرواية والنقل؛ لأن بعض التعليقات لبعض الناس لا يريدون أن تنتشر عنه، ولا يريد شيء من هذا العلم ينسب إليه، من باب التحري، ومن باب الورع، وبعض الناس يقول: اسمعوا ولا ترووا بس، نعم، لكن إذا حدث المحدث بحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمعه منه المتلقي، هل له أن يمنع من روايته عنه؟ ليس له ذلك، ليس له ذلك، فلو قال: لا ترووه عني، يروى عنه، ولو خص بعضهم قال: أنت لا تروي عني، لا يمتثل، إلا إذا قال: أخطأت، هذا الحديث ليس من روايتي، أخطأ في هذا الحديث، فلا تجوز الرواية عنه حينئذٍ، هنا استأذن أبا هريرة "فأرويه عنك؟ قال: نعم اروه عني" نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: قال عبد الله -رضي الله تعالى عنه-: "إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في ذوي أسنانكم، فإذا كان العلم في الشباب أنف ذو السن أن يتعلم من الشباب".

نعم هذا عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: "إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في ذوي أسنانكم" نعم إذا كان العلم عند الكبار الذين يقنع بهم من دونهم، يقنع بهم من دونهم، ويكون كلمة إجماع بالنسبة لمن دونهم بحيث لا يأنفون من الأخذ عنهم؛ لأن الأقران يكون بينهم ما يكون، فيأنف الإنسان أن يأخذ عن قرينه فضلاً عن أن يأخذ ممن هو دونه، فإذا كان العلم عند الأحداث كبار السن يأنفون في الأخذ عنهم، وهذه النفوس مجبولة على هذا، لكن لا ينبل الإنسان ولا يكمل حتى يأخذ عن من هو مثله ومن فوقه ومن تحته، التواضع لا بد أن تكون سمة العالم وطالب العلم، يأخذ العلم من أي شخص يوجد عنده، ولا يأنف أن يروي عن الصغير، ولا يأنف أن يأخذ عن الكبير، أما هو في الغالب أنه إذا كان عند الأحداث صغار الأسنان، هؤلاء يأنف الكبار جبلة، يعني خلقة، يأنفون من الأخذ ممن هو دونهم، وقد يتهمونهم بالعجلة، وعدم الحنكة، وهؤلاء ما حنكتهم التجارب، ولا عصرتهم الأيام ولا كذا، يتعللون بهذا فلا يؤخذ العلم عنهم، لكن ما العذر إذا كان العلم عند أكبر شخص في البلد؟ ما يأنف أحد، ومر بكم نماذج تكاد تكون إجماع من الناس، ما في أحد يبي يأنف أن يأخذ العلم عن ابن باز أبداً، إجماع بين الناس، وكذلك علماؤنا وشيوخنا الكبار ما في أحد بيأنف عنهم، لكن وجد شخص صغير إما أن يحذر منه بسبب أو بغير سبب، قد يقول قائل: من باب الحسد مثلاً، وبمثابة أولاده كيف جمع العلم؟ متى حصل؟ من شيوخه؟ ما له شيوخ ما له كذا، هذا في الغالب يبعث عليه شبه حسد، وقد يكون كلام بعض الناس من حسن نية، يعني ليصرف الطلاب عن هذا الشاب إلى الكبار؛ لأن الكبار في الغالب هم الذين يفوت علمهم بوفاتهم، والصغير هذا ملحوق عليه، لكن في سلف هذه الأمة نماذج من الصغار تلقى عنهم الكبار، مالك جلس للتحديث قبل العشرين، وازدحم الناس عليه، ويش المانع؟ يعني إذا تميز صار الشخص متميز بارع وهو صغير يأخذ عنه، فمتى احتيج إلى العالم عليه أن يجلس للتعليم صغير أو كبير، فمثل هذا ليس على إطلاقه، لكن في الجملة أن الناس يأنفون من الأخذ عن الصغار، نعم. أحسن الله إليكم:

"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "ما سمعته وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة". لا شك أن الحفظ في الصغر والتعلم في الصغر كالنقش في الحجر، ويستمر مع الإنسان إلى وفاته، إن لم يختلط قبل ذلك، يستمر معه هذا المحفوظ، وقد يستمر معه بعد الاختلاط، إذا تلقاه في الصغر، أما ما تلقاه بعد ذلك فيضبط منه ما يضبط، وما احتاج إليه، وما كرره، وما راجعه، وما ذاكر فيه يثبت، أما الباقي ينساه، وذكرنا فيما سبق أن كثير من طلاب العلم يذكرون ما تلقوه في المعاهد أكثر مما يذكرون مما تلقوه في الكليات؛ لأن في المعاهد وقت الحفظ، وقت التحصيل الصحيح بالحفظ والتخزين، يعني في وقت المراهقة، هذا أنسب وقت للحفظ، ثم بعد ذلك يضعف، نعم يزداد الفهم ويصح التصور بعد ذلك، لكن الحفظ يضعف قليلاً، لكنه في النهاية بعد عشرين، ثلاثين، أربعين، خمسين سنة يذكر ما حفظه في الصغر، وليكن من طلاب المعاهد يحفظ ما حفظه في المعاهد، والمعاهد فيها متون مباركة يؤسس ويؤصل عليها طالب العلم، ومازالت -ولله الحمد- بهذه المثابة، وإذا انتقل من هذه المرحلة إلى مرحلة تليها هو أيضاً مازال في قوة الشباب ونشاط الشباب، لكن حفظه أقل مما سبق. يقول: "ما سمعته وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس أو ورقة" ولذا تجدون الإنسان إذا هرم أو خرف يكون المسح للأقرب فالأقرب في ذهنه، أبداً، الأقرب فالأقرب حتى يأتي إلى آخر ما اللي هو في أول أمره، يعني الذي سمعه العام الماضي هذا ما فيه إشكال ما هو مستحضره أو اليوم أو أمس أو العام، أو الذي قبله، أو الذي قبله، إلى أن يأتي إلى العصر الذهبي بالنسبة لعصر الشباب، يعني يذكر منه شيء، ثم يبدأ يمسح يمسح إلى أن ينتهي، يطبق، وهذا موجود في المختلطين، يعني آخر ما ينسى ما عرفه في الصغر، وما حفظه في الصغر. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي"

في من المختلطين من يبدأ بالنسيان في الأمور العامة ثم الأقرب فالأقرب إلى أن يبدأ –وهذه حكمة- بنسيان أصغر أولاده، ثم الذي يليه، إلى أن يبقى الكبير، هذا آخر ما ينسى، وهذا حاصل ليش؟ لأن هذا الكبير معه في وقت شبابه، هؤلاء ما جاءوا إلا بعد، فإذا كان هذا في أولاده اللي في بيته، فكيف بالعلوم والمعارف التي سهل النسيان؟ بس افتح له مجال وتطير، بدون مذاكرة العلم لا يثبت، فحياة العلم المذاكرة، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن عبد الله بن عبيد قال: "العلم ضالة المؤمن، كلما أصاب منه شيئاً حواه، وابتغى ضالة أخرى". نعم العلم شارد، الأصل أنه ما هو بعندك، فأنت تبحث عنه كلما وجدت من هذه الضوال أضبط وأتقن واحفظ وجود، وتصور، وصور، وحرر، وابحث، أتقنها، إذا حويتها وضمنتها ابتغِ ضالة أخرى، لكن الذي يجمع مسائل كثيرة من غير تحرير ولا تحقيق وكذا هذا كله تبي تطير جميعاً، لكن العلم بالتعلم وبالتدريج، إذا ضبطت هذه المسألة وأتقنتها انتقل إلى التي تليها، وهكذا إذا أتقنت علماً فابتغِ ما وراءه، نعم. أحسن الله إليك: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: "كانوا يكرهون أن توطأ أعقابهم". نعم هذا تقدم ما يشهد له في معناه من الموقوف والمرفوع "كانوا" يعني الصحابة إذا قال التابعي: "كانوا" فهو يريد بهم الصحابة "يكرهون أن توطأ أعقابهم" بأن يمشى خلفهم، بل من يمين ومن شمال، ليس من المناسب أن الإنسان يترك الناس يمشون وراءه، إنما إذا كانوا عن يمينه وعن شماله فهذا هو الأصل، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: "كانوا يجلسون ويتذاكرون العلم والخير، ثم يتفرقون لا يستغفر بعضهم لبعض، ولا يقول: يا فلان ادعُ لي".

نعم "كانوا" مثلما تقدم في الغالب الصحابة "يجلسون ويتذاكرون العلم" فإذا انتهى، يتذاكرون العلم "والخير" إذا انتهى الدرس تفرقوا، وعرفنا أنه ينبغي لهم في هذه الحالة أن يتذاكروا ما سمعوه من الشيوخ في الدرس، ثم إذا تذاكروه، يقول: "ثم يتفرقون لا يستغفر بعضهم لبعض" لا يطلب أحد من بعض أن يستغفر له "ولا يقول يا فلان ادعُ لي" هذا الغالب؛ لأنهم بمنزلة واحدة، لكن إذا وجد من هو متميز، مثل عمر، أو مثل أويس، يعني ممن ترجى إجابة دعوته فلا يوجد في النصوص ما يمنع من ذلك، بل يوجد ما يدل عليه، إذا كان شخص متميز، أما إذا كان مثلك -والله المستعان- ادعُ لنفسك، وإذا دعا لك بظهر الغيب، وإن طلبت له أن يدعو لك بظهر الغيب إيش المانع؟ لأن هذا مطلب من مطالب الشرع، دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مطلوب شرعاً، نعم فطلب المطلوب مطلوب، لكن إذا وجد شخص متميز كأويس مثلاً مجاب الدعوة، أو من في منزلته من العلم والعمل والورع ترجى إجابته ما في ما يمنع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح مسلم أوصى كبار الصحابة حتى عمر أوصاه إذا جاء أويس أن يستغفر له، وقال لعمر: ((لا تنسانا يا أخي من دعائك)) وهذه مسألة معروفة عند أهل العلم في المتميزين الذين ترجى إجابتهم، أما عموم الناس فيتفرقون ولا أحد يطلب من أحد، اللي ما له مزية ما يطلب منه، نعم. طالب:. . . . . . . . . الغالب أن التابعي إذا قال: كانوا، هذا الأصل يعني الصحابة، لكن إذا عُرف بمعرفة أو ملازمة قوم لهم وصف معين يشملهم وصف معين فهم أقران، نعم. طالب: إبراهيم؟ إبراهيم النخعي، يعني في الغالب إما الصحابة الذين أدركهم، أو أصحاب ابن مسعود الذي هو ألصق بهم. طالب:. . . . . . . . . الذي يظهر، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: "كانوا يكرهون الكتاب". نعم يكرهون الكتاب، أن يدون الطالب مروياته خشية أن يعتمد عليه فيضعف حفظه، أو يعتمد على كتاب غيره فيقع في التصحيف والتحريف، كما مضى معناه مراراً، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال: "لا بأس بكتاب الأطراف".

وهذا تقدم، أطراف الأحاديث التي يتذكر بها طالب العلم بقيته، قد يكون عنده الورق ما يستوعب كتابة الأحاديث، أو الوقت لا يستوعب فيذكر طرف الحديث ليتذكر به، وهذا مثل ما نكتب العناصر، عناصر خطبة، أو عناصر درس وإلا شيء، تتذكر بها ما تريد الكلام فيه، نعم. أحسن الله إليكم: "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا الحسن بن موسى قال: حدثنا ابن لهيعة قال: حدثنا دراج عن بن حجيرة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مثل الذي يعلم العلم ولا يحدث به كمثل رجل رزقه الله مالاً فلم ينفق منه)). هذا مضى أيضاً هذا الخبر، مثل الذي يعلم العلم، يحصل شيئاً من العلم ولا يحدث به هذا مثل رجل رزقه الله مالاً فلم ينفق منه، يعني مع الفارق إذا وجد الإنفاق من صاحب المال ووجد الإنفاق من صاحب العلم، العلم لا شك أنه تزيده النفقة، وأما المال فتنقصه النفقة ولو ظاهرة، تنقصه النفقة ولو ظاهراً، وإن كانت تزكية وتنمية وتطهير للمال، لكن المسألة مسألة الظاهر، إذا أخذت من الألف مائة وأعطيتها فقير نقص مائة، لكن وإن كان في باطن الأمر أن المال ينمو ويزكو، لكن هذا نقص حقيقي مشاهد وملموس، لكن العلم إذا أنفقت منه ينقص؟ لا، يزيد، فالعلم تزيده النفقة، والمال ينقص بها، كما قرر ذلك ابن القيم من المقارنة التي عقدها بين صاحب العلم وصاحب المال. يقول: مثل الذي يعلم -هذا البخيل- الذي يعلم يتعلم العلم ويتعب عليه، ثم بعد ذلك لا يعلمه الناس مثل هذا بخيل، نعم. "حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة قال: "اطلبوا ذكر الحديث لا يدرس". تمت أحاديث أبي خيثمة، والحمد لله رب العالمين.

نعم ذكر الحديث يعني مذاكرته ومدارسته، مع الأقران فإذا طلبت مذاكرته ومدارسته بين الأقران وفعلوا ذلك، فإنه لا يدرس، ولا ينمحي، ولا ينسى من الصدور، لكن يمحى إذا ترك، وينمو ويزكو بالتعاهد والإنفاق والتعليم، مثل هذا لا شك أنه ينمو العلم، ولذا لا ينبغي لمن كان عنده شيئاً من العلم أن يضيع نفسه، يعني شخص متميز معروف بالحفظ والفهم يتخرج من الكليات الشرعية وقد حصل شيئاً من العلم، ثم بعد ذلك يتوظف بوظيفة إدارية كتابية لا تمت إلى العلم بصلة، هذا بضع سنوات وهو راجع عامي، لكن زميله الذي يُسر له التعليم، ويسر له التأليف مثل هذا يتابع العلم، ويزكو علمه وينمو، ويدرك -إن شاء الله تعالى-. في زوائد خمسة أحاديث مرفوعة من زوائد البغوي على أبي خيثمة، هذه تسمى زوائد، والاصطلاح في مثل هذه الزوائد أن الراوي يزيد في الكتاب ما ليس من أصله، يعني من غير طريق صاحب الكتاب، من غير طريق صاحب الكتاب، كما في زوائد عبد الله بن أحمد على المسند، وزوائد القطيعي، والزوائد كثيرة. نقرأها وإلا .. ؟ طالب:. . . . . . . . . لو نقرأها على شان بس لو سرداً نعلق عليها بما تيسر اقرأ جميعاً. "حدثكم أبو حفص إبراهيم الكتاني المقرئ -هو الراوي عن البغوي كما تقدم في إسناده، نعم- قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا محمد بن خلف بن هشام البزار ومنصور بن أبي مزاحم ومحمد بن سليمان الأسدي قالوا: حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس -رضي الله عنه- قال: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه قيل: هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، قال: ((اقتلوه)). حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو نصر التمار قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع، وقول لا يسمع)). حدثنا عبد الله قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج إلى صلاة الفجر ورأسه يقطر من جماع لا احتلام ثم يصوم".

حدثنا عبد الله قال: حدثنا سريج بن يونس قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حميد عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتمنى أحدكم الموت فإن أحدكم لا يزداد كل يوم إلا خيراً)). حدثنا عبد الله البغوي قال: حدثنا أبو عمران الوركاني قال: حدثنا سعيد بن ميسرة البكري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعاً". تمت الأحاديث، والحمد لله رب العالمين، وصلاته على نبيه محمد وآله أجمعين. صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. هذه الزوائد التي ذكرها الراوي، راوي الكتاب عن صاحبه البغوي جرت في العادة بأنه إذا كان طريق الرواية العرض أن يقال للشيخ: حدثكم فلان، لتعرض عليه، وهل يشترط أن يقول في النهاية: نعم أو لا يشترط؟ اشترطه بعض أهل الظاهر، والجمهور على عدم اشتراطه، فإذا سكت يكفي. "حدثكم أبو حفص إبراهيم الكتاني المقرئ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي" الراوي عن أبي خيثمة "قال: حدثنا محمد بن خلف" الكتاب كله يرويه عن أبي خيثمة هذه الزوائد لا تكون من طريق صاحب الكتاب "حدثنا محمد بن خلف بن هشام البزار ومنصور بن أبي مزاحم ومحمد بن سليمان الأسدي قالوا: حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس قال: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى رأسه المغفر" يعني في فتح مكة، دخل وعلى رأسه المغفر، دل على أنه غير محرم "فلما نزعه قيل له: هذا ابن خطل" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهدر دم بعض الناس ومنهم ابن خطل "متعلق بأستار الكعبة" يظن أن الكعبة تعيذه من إهدار الدم، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بقتله، "فقال: ((اقتلوه)) ".

ثم قال: "حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو نصر التمار قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع)) العلم الذي لا ينفع وبال على صاحبه، شقاء في الدنيا والآخرة "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع" كذلك تعب، لا فائدة فيه "وقلب لا يخشع" القلب القاسي، أبعد القلوب من الله القلب القاسي الذي لا يخشع "وقول لا يسمع" القول الذي لا يسمع ضياع، كل هذه أمور هباء لا قيمة لها، إن لم تضر ما نفعت. "قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة" عاصم بن أبي النجود القارئ المعروف، إمام من أئمة القراء، وفي حفظه شيء من الضعف، في حفظه سوء "عن أبي صالح عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج إلى صلاة الفجر ورأسه يقطر" يعني من أثر الاغتسال بسبب جماع "لا احتلام ثم يصوم" لأن النبي لا يحتلم كما هو معروف، وإذا أخر الغسل ولو بعد طلوع الفجر من الجماع صومه صحيح، فصومه صحيح. "قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا سريج بن يونس قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا حميد عن أنس قال: لا يتمنى أحدكم الموت فإن أحدكم لا يزداد كل يوم إلا خيراً" فإذا كان الشهيد التي حصلت له الشهادة، وتأخر صاحبه عنه فاقه، فاقه لماذا؟ لأنه صلى صلوات، وذكر الله بأذكار، وصام رمضانات، مثل هذا لا يضيع عند الله -جل وعلا-، فقد يفوق فيه الشهيد، فلا ينبغي للمسلم أن يتمنى الموت؛ لأنه في كل يوم يزداد خير، وخيركم من طال عمره وحسن عمله، لكن إذا خشي على نفسه الفتنة، وأنه سبب هذه الفتنة يخشى على رأس المال، على الدين، نعم فيضحى حينئذٍ ببعض المكاسب التي يستفيدها في عمره، فيقول: إن كان ولا بد فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي. "يقول: حدثنا عبد الله البغوي قال: حدثنا أبو عمران الوركاني قال: حدثنا سعيد بن ميسرة البكري عن أنس قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعاً".

وثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في يوم موت النجاشي نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، فخرج بمن معه. . . . . . . . .، فصلى عليه فكبر بهم أربعاً، وتكبيرات الجنائز مختلف فيها من تسع إلى ثلاث، لكن كأن الإجماع أو شبه الإجماع عند أهل العلم من فقهاء الأمصار استقر على الأربع. "تمت الأحاديث، والحمد لله رب العالمين" يعني آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين "وصلاته على نبيه محمد وآله -وصحبه- أجمعين". وأفرد الصلاة دون السلام والأولى أن يأتي بهما معاً، امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا يقول: ما هو الأصح أن يقال: زوائد البغوي، أو زيادات البغوي؟ وكذا في زيادات عبد الله بن أحمد والقطيعي على المسند؟ هي زيادات؛ لأن الزوائد اصطلح عليها اصطلاحاً يخصها، وهي الأحاديث التي يزيدها كتاب عن كتاب مثل زوائد مسلم على البخاري، زوائد كذا هي زيادات. ما هي المناسبة في ذكر هذه الأحاديث؟ ما أرى لها شيء، إنما هي من مرويات الراوي أدخلها بعد نهاية الكتاب. يقول: سمعت كلامكم عن الصور يوجد لدي بعض الكتب والمجلات الإسلامية التي تحتوي على صور ماذا أفعل بها؟ هل أمزقها؟ على كل حال إذا احتوت على فوائد وعلم وإن كان العلم إنما يؤخذ عن أهله، ومن أبوابه، فيحرص الإنسان على ألا يدخل في بيته صورة؛ لأن الملائكة لا تدخل بيت فيه صورة، يحرص ألا يدخل في بيته صورة، الصور التي هي في بطون الكتب، أو في بطون المجلات، هي في حكم المغطى، يُتسامح فيه بعض العلماء، لكن يحرص كل الحرص أن ينظف بيته عن الصور، فإذا زاد، زادت مصلحتها على هذه المفسدة يبقيها وإلا فلا. يقول: كيف نجمع بين أحاديث الحث على التبكير إلى المساجد والرباط فيها، وبين أحاديث فعل السنن في البيت، وكذلك أحاديث إخفاء الأعمال من حيث قراءة القرآن؟

هذه لها وقتها، وهذه لها وقتها، التبكير إلى الصلاة له أجره، والرواتب تصلى في البيوت أفضل، فيجمع الإنسان بينها، لا تشبه بيتك بالمقبرة التي لا يزاول فيها شيء من العبادات، ولا تجعل أيضاً المسجد مهجور لا تأتيه إلا دبار، تأتي إلى المسجد وأنت مقبل راغب نشيط من أول الأمر، تجيب داعي الله، وتجلس بعد الصلاة هذا الرباط، ومع ذلك تصلي الرواتب في البيت. يقول: ما حكم من يتخيل أجنبية عند جماع زوجته؟ هذه الأجنبية إن كانت ذات بعل أو لها حقيقة في الوجود لا شك أن تخيلها يغري بها، إذا كانت حقيقة لها وجود، بنت الجيران، امرأة الجيران، امرأة فلان، أخت فلان، هذه تخيلها يغري بها فلا يجوز، أيضاً تكرار التخيل لا شك أنه يرسم في القلب رغبة، ويؤكد فيه عشق يصعب اجتثاثه، فعلى الإنسان أن يتغافل، ويرضى بما قنعه الله، ويطمع في نساء الجنة التي لا يوجد من يقاربها، ولا يدانيها. ما حكم قضاء الوتر شفعاً بعد صلاة الفجر مباشرة؟ إذا انتهى وقت الوتر ووقته ينتهي بطلوع الفجر، فإذا خشيت الصبح فأوتر، أو فصلي واحدة توتر لك ما قد صليت، هذا نهاية وقت الوتر، بعد نهاية وقت الوتر وأذان الصبح وطلوع الفجر يبدأ وقت النهي، إلى انتشار الشمس هذا وقت نهي، فلا يقضى في مثل هذا، ما رخص إلا في قضاء راتبة الصبح بعد صلاة الصبح، النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى من يقضيها فأقره، ثبت عن بعض السلف وبعض الصحابة أنهم يوترون بعد طلوع الصبح، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- انتهى وتره إلى السحر، انتهى وتره إلى السحر، وقال: ((فإذا خشيت الصبح فصلي واحدة توتر لك ما قد صليت)) فمن أراد أن يقضي الوتر فعليه أن يقضيه بعد ارتفاع الشمس. طالب:. . . . . . . . . مناسبته لكتاب العلم أن المعلم لا سيما الذي يأخذ أجر من بيت المال حكمه حكم القاضي عليه أن يعدل بين طلابه. يقول: وضعت (وسلم) بين قوسين؟ يعني أنها لا توجد في الأصل وتوجد في نسخ أخرى. يقول: إذا كانت كتب السنة فيها زيادات بالمعنى فمتى يجب على طالب العلم إثبات الفوارق بين الروايات؟

إذا نص على أنها روايات، الفرق بين الروايات في الكتب وبين روايات الكتب، فمثلاً البخاري فيه زيادات من بعض الرواة على بعض، وفيه زيادات على الكتب الأخرى، هذه من أصل وضع الكتاب، هذه من أصل وضع الكتاب، لكن زيادات بعض الرواة للصحيح عن البخاري عن بعض، لا شك أن البخاري حدث به في مجالس، فبعض الرواة ضبط بعضاً، وبعضهم ترك بعضاً، وهو شيئاً يسير يعني الفوارق بين النسخ قليل جداً، فإن كان هذا المراد فيعتنى بالزيادات؛ لأن بعض الروايات أتقن من بعض. هل سنن الدارمي هي مسند الدارمي؟ ذُكر في ترجمته في تاريخ بغداد وغيره أن له جامع وله مسند، فالموجود بين يدي الناس سنن وليس بمسند، إلا على الاصطلاح العام في المسند الذي تروى فيه الأحاديث بالأسانيد، لكن الحافظ العراقي تبعاً لابن الصلاح لما عد المسانيد .. ، أو ابن الصلاح لما عد المسانيد التي ترتب على الصحابة عد الدارمي، ولذا قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: ودونها في رتبة ما جُعلا ... على المسانيد فيدعى الجفلا كمسند الطيالسي وأحمدا ... وعده للدارمي انتقدا لأن ابن الصلاح عد الدارمي من المسانيد، ويعني بالأسانيد الأحاديث .. ، الكتب التي رتبت على أسماء الصحابة، بدليل أنه ضمه إلى مسند أحمد والطيالسي، فالموجود ليس على مسانيد الصحابة، إنما هو على الألفاظ، إن كان ابن الصلاح يريد بالمسند الذي ذكر في ترجمته فلا بأس. يقول: نريد منك باختصار أن تذكر ترتيب الكتب التي يجب على طالب العلم الرجوع إليها في الحكم على سند معين بل جمعه من كتب السنة؟ طالب العلم عليه أن يجمع الطرق، ويدرس الأسانيد من خلال كتب الرجال، ويوازن بين أقوال أهل العلم في الجرح والتعديل من خلال القواعد التي أثبتها أهل العلم، ويتمرن ويعرض عمله على أهل العلم، فإذا تأهل يحكم. يقول: ما حكم إطالة الأظفار سواءً أظفار اليدين أو أظفار الرجلين حيث أرى كثيراً من الناس أظفار أرجهلم طويلة حتى أكاد أجزم أنهم لا يقلمونها مطلقاً، أو لمدة طويلة؟ على كل حال المحدد ألا تزيد على الأربعين، لكن بعض الناس تنمو أظفاره بسرعة، مثل هذا يتعاهدها، ولو تعاهدها في كل جمعة لكان أولى.

يقول: ما أحسن طبعات ثقات العجلي والمجموع للنووي؟ وما أحسن طبعات سنن أبي داود المطبوعة مع عون المعبود أو المطبوعة بتحقيق الدعاس؟ وما أحسن طبعات معالم السنن للخطابي؟ وما رأيكم بطبعة القلعجي لضعفاء العقيلي؟ هناك طبعات لا يوجد غيرها، هذه فرضت نفسها، أما إذا وجد طبعات متعددة يتخير بينها. المجموع للنووي عندي أفضل الطبعات الطبعة الأولى اللي معها فتح العزيز، ومعها تلخيص الحبير، هذه أفضل الطبعات عندي، ومصورة وموجودة. ثقات العجلي، طلع شيء جديد؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . إيه معروف ترتيب الهيثمي معروف، مطبوع ومحقق أيضاً. يقول: أيهما أحسن من طبعات أبي داود المطبوعة مع عون المعبود أو بتحقيق الدعاس؟ المطبوعة مع عون المعبود الطابع أو الناشر أو المحقق لا شك أنهم ليسوا على المستوى المطلوب لتحقيق مثل هذه الكتب، فهيا أخطاء وأوهام، لكن أخطاؤهم في عون المعبود أسهل من تحفة الأحوذي، أسهل من تحفة الأحوذي وأقل، لكن طبعة الدعاس أفضل من التي مع عون المعبود، وظهر طبعة جديدة لمحمد عوامة، اعتمد فيها على نسخة ابن حجر فلعلها أمثل النسخ. أحسن طبعات معالم السنن الطبعة التي مع المختصر، مختصر سنن أبي داود، وتهذيب ابن القيم بتحقيق الشيح أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي في مطبعة أنصار السنة في ثمانية أجزاء. أيضاً ضعفاء العقيلي لا أعرف أنه طبع في غير طبعة القلعجي الأربعة. طالب:. . . . . . . . . الجديدة؟ كتب المطبوعات الجديدة أنا ما لي بها عناية. طالب:. . . . . . . . . إيه، لا بد، لا بد. يقول: هل ورد في الحديث أن من دعا لأخيه المؤمن أمنت الملائكة على دعائه؟ يعني يقولون: ولك بمثله، ولك بمثله، إذا دعا له في ظهر الغيب. يقول: طرح علي أحد الأصدقاء سؤالاً أطرحه عليكم لعلي أجد الجواب عندكم، وهو يشتكي من نفسه حيث يقول: أنا محافظ على الصلاة وعلى حضور المحاضرات، وسماع المسجل، ومظهري مظهر أهل الخير، ولكن أجد عندي كثيراً من المعاصي مثل إطلاق النظر، سهولة عمل المعصية إذا حانت الفرصة، كالزنا نسأل الله السلامة والعافية، وأجد قسوة في قلبي ووحشة، وعدم الخشوع أبداً بأي موقف من المواقف المؤثرة؟

على كل حال عليك أن تسعى لعلاج قلبك، عليك أن تسعى لعلاج قلبك، ولا تعرض نفسك لهذه المعاصي التي أنت تزاولها، إذا كنت تطلق النظر، ولا تستطيع كف بصرك، وغض البصر فلا عليك إلا أن تفارق المجتمعات التي يوجد فيها النساء، التي يوجد فيها النساء، سواءً كانت بحقائقها أو بصورها، وتصدق إلى ربك -جل وعلا-، وتتضرع إليه، وتدعو لنفسك في السجود، وفي جوف الليل، والله -سبحانه وتعالى- إذا علم منك صدق النية أعانك. يقول: الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا} [(159) سورة البقرة] خاصة بالعلماء أم بطلاب العلم ومن لديه أقل شيء من العلم كالعوام؟ من عرف الشيء تعين عليه تبليغه، إلا إذا قام به غيره. وكيف الجمع بينها وبين قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((بلغوا عني ولو آية)) لأن أغلب الناس عنده علم من الدين قل أو كثر؟ أنا أقول: من عرف شيئاً من العلم عليه أن يبلغه إلا إذا قام به غيره. يقول: ما حكم أطفال الأنابيب؟ وقد سمعت برنامج سؤال على الهاتف ولم أجد الإجابة؟ يمكن في حلقة ما سمعتها أنت، على كل حال طفل الأنابيب فيه بحوث، وفيه فتاوى، ومن مجامع وهيئات علمية، لكن في البداية نقول: على المسلم أن يرضى ويسلم بما قدر الله له، ولا يدري أين الخير؟ هل هو بالإنجاب أو بالعقم؟ لا يدري أين الخير؟ فعليه أن يرضى ويسلم لما قدر الله، لعله أن يسعى في حصول الولد ويكون مصدر شقاء له في الدنيا والآخرة، ما تدري؟ لكن إذا عرف أن هذا الماء من هذا الرجل، وهذا الماء من هذه المرأة، ولم يتطرق أدنى شك في حفظ هذا الماء مع هذا الماء، فمن أهل العلم من يجيز مثل هذا. يقول: يوجد في بعض البلدان موالد يقيمونها وفيها منكرات مثل الاختلاط والتبرج والسفور، إضافة في الآونة الأخيرة استماع للأغاني، فهل على المرء إثم في حضورها إذا تيقن أنه سيغير أو يخفف هذه المنكرات؟ نعم من ذهب لينكر فهو مأجور، وما عدا ذلك لا يجوز له أن يحضر. يقول: هناك في هذا الزمان حملة شرسة ضد الجهاد، وندر أن نسمع خطبة أو محاضرة عن الجهاد، فما واجب العلماء والخطباء؟

العلماء بينوا، وحكم الجهاد معروف في الشرع، والآيات القطعية والنصوص القطعية من السنة لا يخفى فيها أمر الجهاد، وأهل العلم هم المرجع في هذا. يقول: سمعنا قرار مجلس الوزراء قبل شهر وأكثر من قرار إدخال المرأة في جميع الوظائف، وعلى كل دائرة تطبق ذلك، فما دور العلماء في مثل هذه القرارات في مثل هذا الوقت الذي تعصف به الفتن؟ أهل العلم كلموا ولاة الأمر في هذا الباب، نسأل الله -جل وعلا- أن يجد كلامهم أذان صاغية، وأن يدل ولاة الأمر على الحق والخير، وأن يوفقهم للعمل به. يقول: ما معنى قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن الله لا يمل حتى تملوا))؟ منهم من يثبت الملل لله -جل وعلا-، على ما يليق بجلاله وعظمته، كسائر الصفات، وأنه لا يشبه ملل المخلوق، ومنهم من يقول: إن هذا ملل منفي، وليس بملل مثبت، لكنه ملل وإن كان منفياً إلا أنه معلق على أمر لا بد من وقوعه، فلا بد من وقوعه، ومنهم من يقول: إن إثبات مثل هذه النصوص يقولون: من باب المقابلة، من باب المقابلة، يعني من باب المقابلة اللفظية فقط، كما في قوله -جل وعلا- {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] الجناية سيئة، ومعاقبة الجاني حسنة وليست بسيئة، لكن أطلق عليها سيئة من باب المقابلة. قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقيمصاً هذه مقابلة. يقول: إذا كان عندكم وقت أرجو إعادة الكلام عن مسألة التيسير التي تكلمت عليها في الأثر؟ على كل حال التيسير، الدين يسر، إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، وهذا في الأمور التي للإنسان فيها مندوحة، يعني في السنن ما تكلف نفسك تصلي العشاء وتستمر تصلي إلى أذان الفجر، أو تقرأ القرآن في ركعة هذا يشق عليك، وإن وجد من بعض السلف أنه قرأ القرآن في ركعة، ومعروف عن عثمان وغيره، لكن أنت في هذا الظرف في هذا الوقت تظن هذا شديد عليك لكنك مع التمرين مع الوقت يصير من أيسر الأمور عليك، وأخفها على نفسك، وعلى كل حال على الإنسان أن ينوع من العبادات فتنويع العبادات في الشريعة مقصد، ما جاء عبث، بل من نعم الله على المسلمين أن نوع لهم العبادات، ليجد كل مسلم ما يناسبه من هذه العبادات.

تصور لو كان جميع النوافل محصورة في المال والإنفاق، بعض الناس مستعد يصلي ألف ركعة ولا يدفع درهم، بعض الناس يطالب أن تكون هذه الغرامات عن السرعة أو الإشارة أو غيرها تصرف جلد،. . . . . . . . . تسعمائة يجلد تسعمائة أسهل من تسعمائة ريال، نعم، أقول: الناس أجناس عندهم مستعد يشيل يحمل الأثقال يصوم الأيام الحر ولا يفطر، وبعض الناس مستعد ينفق كل ما يملك ولا يصلي ركعتين، فتنع العبادات -ولله الحمد- من نعم الله -جل وعلا- على المسلمين؛ لأن كل إنسان يجد ما يناسبه من هذه العبادات، وعلى كل حال أن يرفق الإنسان بنفسه، وأن لا يغفل عن عبادة ربه. وأما الواجبات فلا مندوحة من الإتيان فيها، ما هو إذا قال لك: قم صل تقول: والله الدين يسر، ما هو بصحيح، الدين دين تكاليف، دين عبودية، والجنة حفت بالمكاره، مو المسألة لك الخيار أو لك مندوحة في أن تفعل أو تترك {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(36) سورة الأحزاب] مالك نظر، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

§1/1