شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول

أحمد بن عمر الحازمي

1

عناصر الدرس * مقدمة الكتاب. * مقدمة العلم. الدرس الأول من يهده الله فلا مُضل له من يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً، أما بعد، كما سمعتم نشرع - بإذن الله تعالى - في هذا اليوم الثامن عشرة من الشهر الخامس من عام ست وعشرين وأربعمائة وألف، فيما عُنون له بالدورة العلمية الصيفية الأولى. كما سبقنا مراد فيما إذا أُعلن لي على جهة الخصوص أنه دورة مراد به تكثيف الدروس فقط وليس المراد به الاستعجال والاختصار المخل بالشرح، لأن الدورات تختلف من مفهوم بعض طلابنا ومفهوم آخرين، المراد أن في هذه الإجازة الثلاثة أشهر أو أقل كانت الفكرة والاقتراح أننا نجعل بدل الدروس التي تكون في أيام السنة دروس مستقلة بالإجازة الصيفية، والجدول كما رأيتم في خمسة متون في خمسة فنون في أصول الفقه والنحو وهذا النحو الأصل أنه مُقام في هذا المسجد لكن حُوِّل إلى مسجد الملك عبد العزيز في ضمن الدورة يعني الجدول لا يُراعى فيه نظم الأجرومية، إنما يكون بعد المغرب اليوم في مسجد الملك عبد العزيز ضمن الدورة العلمية الصيفية هناك، والصرف أيضاً متن البنا والبيقونية ومنظومة الزمزمي في التفسير، هذه خمسة فنون خمسة فنون عُنوِن لها بخمسة متون، وهذا أريد أن أشير به دائماً إلى أن طالب العلم إنما عليه أن يتوسع في الفنون ولا يختص في دراسته في طلب العلم الشرعي بفن دون آخر، المشهور الآن أن البعض من طلاب العلم يظن أنه لابد ويجب أن يتخصص ابتداءاً في طلب العلم وهذا مفهوم خاطئ مفهوم فاسد، ولذلك لا يُعرف عن أهل العلم الكبار في زماننا هذا وعن المتقدمين أنهم يعنون بالتخصص هذا المفهوم الحادث أنهم يعنون بالتخصص هذا المفهوم الحادث وإنما مرادهم بالتخصص فيما سبق أن طالب العلم يدرس من كل علم نحسلة، فيأخذ من علوم العربية ما يحتاجه ويأخذ من علم أصول الفقه ما يحتاجه ولا يتوسع كأنه متخصص في هذه الفنون بحيث يدرس كل صغيرة وكبيرة ويمر على كل الكتب والشروع الحاشدة وإنما يأخذ زبدة خالصة من علوم اللغة ومن علم أصول الفقه ومن المصطلح وفن الصرف والاشتقاق والعروض والمنطق إلى آخره، يأخذ من كل علم من هذه الفنون خلاصته ثم بعد ذلك إذا نظر في علم المقاصد أو الذي ينبغي أن يعتني به طالب العلم وأن يتخصص فيه بالمفهوم السابق أنه إذا أخذ خلاصة من علوم الآلة التي تُسمى علوم الوسيلة أو علوم الوسائل إذا أخذ الزبدة والخلاصة منها يتخصص في فن من فنون مقاصد الشريعة كالحديث والفقه والتفسير.

يعني علم الوحيين الكتاب والسنة هما علم المقاصد وطالب العلم مغبون إذا تخصص في غير هذين الفنين الكتاب والسنة، أما التخصص في أصول الفقه على حده أو اللغة على حده فهذا قد إن لم يُفتَح عليه في علم المقاصد فيكون قد عرف قدرهم فتخصص في فن من فنون الآلة وإلا اسمها فنون الآلة علم الوسيلة علوم آلة بمعنى أنها وسيلة إلى غيرها، حينئذ لا يعتكف عليها طالب العلم، ولا يفني عمره في فن من هذه الفنون بل يأخذ منا يحتاجه، ولذلك أشيد بمثل طرح هذه المتون المتنوعة إلى هذا المقصد، يعني طالب العلم يتنوع في كل فن ثم بعد ذلك يتخصص بالمفهوم الذي عُرِف عند العلماء، أما المفهوم الخاص الآن للتخصص فهو أنه يعتني منذ الطلب لا يقرأ علوم اللغة بل لا يحفظ القرآن وقد يُزهِد في حفظ القرآن كما هو مشهور الآن لا يقرأ في علوم الآلة لا يقرأ علوم اللغة لا يقرأ في أصول الفقه، ثم بعد ذلك يتخصص في الفقه أو يتخصص في الحديث أو يتخصص في التفسير، أنَّى له أن يجيد فناً من هذه الفنون لأنه كمن يقطع اللحم بغير سكين، الذي يريد أن يتخصص في الفقه دون دراية لعلوم الآلة بأسرها كالذي يسعى ليقطع اللحم بغير سكين، لماذا؟ لأنه أتي البيوت من غير أبوابها حينئذ يتعين على طالب العلم أن يأخذ من كل علم أحسنه وأن يحفظ في كل فن من فنون الآلة متناً متوسطاً قد يكون هو المتن الأول والأخير عنده يختلف من طالب إلى طالب من فهم إلى فهم من حفظ إلى حفظ وقد يتلقى في كل فن على ما ذكره أهل العلم في تلك الفنون، فأصول الفقه يأخذ مثلاً الورقات، ثم إن أخذ مختصراً يكون وسطاً بين المراقي مثلاً والورقات أو الكوكب الساطع والورقات كهذا الكتاب فهذا حسن، وإذا انتقل مباشرة فأيضاً لا بأس، ولا نريد أن نُطيل في الكلام في المنهجية وإن اقترح البعض أن يكون الحديث اليوم عن المنهجية في طلب العلم، حقيقة أنا لا أحب الكلام في هذا الموضوع على جهة الخصوص، لماذا؟ لأن الكلام كَثر في مثل هذه المسألة وصار ديدن بعض الطلاب كأنه يتلذذ بسماعه للمنهجية في طلب العلم، كأنه يريد ماذا أحفظ ثم ما هي الشروع على المتن الأول ثم يسأل عن المتن المتوسط ثم المتن المُنتهي ويسمع كلاماً كثيراً لا أول له ولا آخر، ثم بعد ذلك يخرج ويصير الكلام أو المحاضرة أو الحديث كأنه نسياً منسيا، ونحن نريد أن نعمل ولا أن نتكلم كثيراً ولذلك من أراد المنهجية أقول له هذا الجدول بين يديك، إن كان عندك عزيمة وعندك إرادة قوية فجزاك الله خير فاصبر على ما قد تلاقيه من متاعب، هذا الكتاب الأول وهو كتاب

(قواعد الأصول ومعاقد الفصول) مختصر تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل تأليف صفي الدين عبد المؤمن بن كمال الدين عبد الحق البغدادي الحنبلي، هذا الكتاب يُعتبر مختصر لماذا؟ لأنه كما ذكر هو المُصنِّف كما سيأتي في المقدمة أنه مختصر تحقيق الأمل. إذاً هو كتاب ثم اختصره في هذه النبذة المختصرة، سيأتي الحديث عنه في ضمن الكتاب لكن نُترجم للمُصنف ترجمة مختصرة نقول اسمه (صفي الدين عبد المؤمن بن كمال الدين عبد الحق بن شمائل القطيعي البغدادي الحنبلي الفقيه) إذا هو في مذهب الحنابلة لأن المُصنف الحنبلي، والتصنيف هذا في مذهب الحنابلة، صفي الدين وقال كمال الدين هذه الألفاظ دخيلة على الإسلام والمسلم لم تُعرَف إلا عن طريق الفرس ونحوهم ممن دخلوا في الإسلام وإلا ما كان الصحابة يعرفون مثل هذه الإطلاقات وإنما دخلت بعد ذلك ركن الدين وشيخ الإسلام وصفي الدين وكمال الدين كل هذه الألفاظ دخيلة، لذلك الأولى تركها بل تُعتبر من المكروهات، مولده في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وخمسين وستمائة من الهجرة، نشأ كما نشأ غيره من أهل العلم في بيت علم ودين يعني كان أبوه كما قيل كان خطيباً لجامع ما، تفقه على علماء عصره، حيث تفقه على ابن أبي طالب عبد الرحمن بن عمر البصري ولازمه حتى برع وأفتى، وإلقاء مثل هذه التراجم ليس المراد تجادل بسيرة العلماء، لا المراد أن يقتني أو يقتفي طالب العلم سير العلماء، ولذلك كما يُقال من أنفع ما يُعين طالب العلم بعد الإخلاص وتوفيق الله - عز وجل - في طلب العلم هو الوقوف على تراجم العلماء، من أعز ما يمكن يكون دافعاً لطالب العلم ورافعاً للهمة هو الوقوف على تراجم العلماء، وليس المراد أن يحفظ ما جرى لهم حفظ كذا وحفظ كذا، المراد أن يقتفي أثرهم، هنا قال: ولازمه، إذاً العلم يحتاج إلى ملازمة إلى صبر إلى جد إلى اجتهاد، ولازمه حتى برع وأفتى، وأقبل على العلم بكليته، يعني لم يجعل للراحة وقتاً أكبر من العلم بل يكون طالب العلم ديدنه صباح مساء يجري في دمه ذكر العلم ومسائل العلم والبحث في العلم، وهذا العلم إذا أعطيته - كما قيل – إذا أعطيته كلك أعطاه بعضه، كلك يعني وقتك أربع وعشرين ساعة في اليوم يكون همك هو العلم الشرعي بحثاً ودراسة وتصنيفاً وتأليفاً ومذاكرة وحفظاً ومراجعة إلى آخره، هذه إن أعطيته كلك أعطاك بعضه، فكيف إذا أعطيته بعض البعض، لن تنال شيئاً، وأقبل على العلم بكليته، لازمه مطالعة وكتابة وتصنيفاً إلى حين وفاته، لذلك طالب العلم لا يكتفي ويقف عند حد ما، وهذا من الحرمان أن يظن طالب العلم أنه قد وصل إلى مرحلة أنه لا يحتاج إلى حضور درس ما أو إلى استفتاء لأهل العلم وإنما يكون طالب علم كما قال الإمام أحمد لما سُئل عن جريه وراء مُحدِث ما قال: من المحبرة إلى المقبرة، يعني ملازم لطلب العلم من المحبرة إلى المقبرة، يعني لا ينفك إلا ولا يقف دونه إلا الموت.

قام برحلات إلى الشام والتقى بابن تيمية – رحمه الله تعالى – وأجاز للحافظ بن رجب رحمه الله تعالى، إذا هو يُعد من شيوخ ابن رجب رحمه الله تعالى، قال عنه الحافظ بن رجب كان إماماً فاضلا ذا مروءة وأخلاق حسنة، إماماً: إذاً وصفه ابن رجب بأنه إمام، وابن رجب هو إمام أيضاً رحمه الله، فإذا وصف غيره بأنه إمام ليس كوصف معاصر الآن لغيره بأنه إمام، ذا مروءة وأخلاق حسنة وحُسن هيئة وشكل عظيم الحُرمة شريف النفس منفرداً في بيته، لماذا؟ لأنه أعطى العلم كله، ولذلك قيل العلم والخلطة لا يجتمعان، من أراد العلم فليطلق الخلطة ثلاثاً. شريف النفس منفرداً في بيته لا يخشى الأكابر ولا يُخالطهم ولا يزاحمهم على المناصب، بل الأكابر يترددون إليه. وقال عنه ابن حجر رحمه الله تعالى في الدرر الكامنة: وكان زاهدا خَيراً ذا مروءة وفتوة وتواضع ومحاسن كثيرة، طارحاً للتكلف على طريقة السلف مُحباً للخمول يعني ليس محباً للشهرة والتصدر، وكان شيخ العراق على الإطلاق، تُوفي رحمه الله تعالى ليلة الجمعة عاشر صفر سنة تسع وثلاثين وسبعمائة في بغداد. كتابه القواعد هذا ذكر عنه ابن بدران رحمه الله تعالى أنه من أنفع المختصرات في أصول الفقه ولذلك قال أنه مختصر مفيد يعني لما ذكر المصنفات والمختصرات في أصول الفقه عند الحنابلة ذكر القواعد هذا وقال إنه مختصر مفيد، وقال عنه جمال الدين القاسمي: وما وقفنا عليه حتى رأيناه من أنفس الآثار الأصولية وأعجبها سبكاً وألطفها جمعاً للأقوال وإيجازا في المقال. إذا هذان عالمان أثنيا على الكتاب. ومن ميزة الكتاب أنه فيه سهولة في العبارة، يعني عباراته سهلة لمن اطلع ووقف عليه مع الإيجاز، ولذلك قيل أنه مختصر من الروضة، وهذا فيه خلاف هل قواعد الكتاب مختصرة من الروضة أم لا؟ بعض المعاصرين يرى أنه مختصر من الروضة والظاهر أنه ليس مختصراً من الروضة لأن المصنف نفسه يقول مختصر وتحقيق الأمل، فكيف هو يقول عن كتابه بأنه مختصر كتاب له ثم يُقال عنه أنه مختصر من الروضة، نعم قد يكون متأثراً بالروضة، لكن أنه مختصر منها هذا ليس بسديد. أغفل في الغالب ما لا تعلقاً للأصول به من مباحث علم الكلام وآراء المتكلمين، أصول الفقه مما جعله من العلوم الصعبة المعقدة أنه محشو به كلام المتكلمين، ويجري في كثير من المصنفات ذكر مقدمات منطقية ونحوها بل تراه من أوله إلى آخره فيه من الألفاظ والمصطلحات المنطقية التي هي مبنية على علم الكلام وآراء المتكلمين، هنا المُصنف لم يذكر كثيراً من هذه الآراء، لذلك جاءت عبارته سهلة، إذا سبب سهولة عبارة المصنف أنه أغفل كثيراً من عبارات وآراء المتكلمين، فإذا سلم الكتاب من هذه العبارات وهذه الآراء رجع إلى أصله وهو السهولة في العبارة، ولذلك لم يذكر مقدمة منطقية وكثير من كتب الأصول المختصرة التي يعتبر من المتوسطات فما كان أعلى منها كثير منها يجعل المقدمة في بيان التصور والعلم والظن والشك والوهم إلى غير ذلك والدليل والنظر والفكر، وهذا المُصنف هنا لم يجعل مقدمة منطقية في ذلك، بل الورقات لم تسلم من هذا ذكر حد العلم والظن والشك إلى آخره وهذا يدل على أنه متأثر بطريقة أهل الكلام.

وهنا المُصنف لا، إنما جرد كتابه عن آراء المتكلمين وعلم الكلام. قدَّم وأخَّر في الترتيب على غيره النمط المحفوظ في تصنيف كتب الأصول وخاصة الحنابلة، يعني هناك ترتيب معين يزد عليه الأصوليون كما أن للنحاة ترتيب معين لم يزد عليه النحاة، هنا خالف قدَّم وأخَّر وليس هذا بعيب، ليس الترتيب مسألة توقيفية لا يجوز مخالفتها إنما ما رآه المُصنف هو الذي يعمل به. عنايته بالتعريفات والتقسيمات وهذا مما يُعين على فهم باب كله من أوله لآخره، إذا فهم طالب العلم حدود الباب وإذا كان قابلاً للتقسيم فكان مُقسماً حينئذ يكون أسهل في الفهم والحفظ، هذا كما ترون أن الكتاب مطبوع طبعة جامعة أم القرى بتحقيق دكتور علي عباس الحكم هذا أجود ما وُجد من نُسخ هذا الكتاب وإلا طُبع قديما وعلق عليه الشيخ جمال الدين القاسمي وكذلك طبعة علق عليها الشيخ أحمد محمد شاكر، وهذه طبعة تعتبر متأخرة وهي مُحقَّقة تحقيقاً على طريقة المعاصرين. وهذا الكتاب من جهة الشروح لم أقف إلا على شرحين اثنين للعالمين معاصرين، شرحه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى وهو موجود في أشرطة في أربعة عشرة شريطاً ولم يُتمه إنما وقف على باب القياس كان الشيخ ما ارتضي الكتاب من جهة أنه لم يسلم من بعض التعبيرات والاصطلاحات المنطقية، فقال ليتني ما بدأت به، ثم أوقف الكتاب ولم يُدرسه. كذلك أيضاً شُرِح من قبل الشيخ عبد الله بن فوزان الفوزان وهو موجود مطبوع في مجلدين، الأصل أنه في أشرطة ثم فُرغَت. إذا عرفنا الآن مزايا هذا الكتاب ولما اُختير فنبدأ إن شاء الله مستعينين بالله - عز وجل - في دراسته والطرقة التي سنسير عليها كما هو معلوم هي خمسة أسابيع، يعني خمسة وعشرون يوماً. وعليه لابد أن يكون الكتاب أو هذه الأيام مستوعبة لهذا الكتاب وكما ذكرت بالقيد السابق ليس المراد الاختصار المُخل وإنما نجري على حل عبارة المُصنف، يعني نقف على مراد المُصنف من كل كلمة يريدها ولو كثر الكلام في بيان مراده، ولا نذكر خلافاً إلا إذا كان القول الذي ذكره المُصنف مُخالفاً للقول الراجح، فإذا القول الذي ذكره المُصنف هو الصواب حينئذ نُبين مقصوده من المسألة يعني تصور المسألة ودليلها ووجه الاستنباط فقط، ولا نذكر أقوال للأصوليين، وبهذا إن شاء الله نكون قد نأتي على الكتاب كله من أوله إلى آخره.

فما يحتاج إلى وقوف وقفنا معه، وما لا يحتاج نبينه ونمر عليه كما يُقال مرور الكرام، وثم مسائل لا يمكن استيعابها في كتب الأصول، وهذا مما يجعل أيضاً أصول الفقه من الكتب أو من الفنون التي تعد من العلوم الصعبة على طلاب العلم، أنه مُركب من عدة فنون يدخل فيه مباحث في اللغة يدخل فيه مباحث من المنطق، مقدمة منطقية ومقدمة لغوية هذا المشهور عندهم، والمقدمة المنطقية هذه لم يذكرها المُصنف فأراحنا منها، وإلا لو ذكرها لاحتجنا إلى أن نُبين أصول المنطق من أوله إلى آخره، ولذلك لو ذُكر علم المنطق في هذا الكتاب أو في غيره من الكتب حينئذ يحتاج الطالب إلى أن يدرس المنطق في ضمن أصول الفقه، فإذا كان أصول الفقه نفسه فيه نوع صعوبة والمنطق في نفسه فيه نوع صعوبة أو هو صعب، فحينئذ دراسة أصول الفقه وفي ضمنه علم صعب يجعل ماذا الصعب صعباً يزيده، ولذلك من الحسن من طالب العلم أن يكون بصيراً فيعرف ما الذي يتألف منه أصول الفقه، فيعلم أنه مُستمد من علوم اللغة فيدرس كل فن فنون اللغة، ثم بعد ذلك يدرس أصول الفقه، لأنه ستأتيه مباحث حد الكلام حد الكلمة تعريف الكلام يأتي الاشتقاق تأتي الحقيقة والمجاز يأتي المعرب وليس بمُعرب، هذه كلها مباحث لغوية وليست بمباحث أصولية، وإنما تُذكر في أصول الفقه لأن من مبناة أنه مستمد من علم اللغة إذا كان مستمداً من علم اللغة فحينذ لابد أن يُذكر طرف من اللغة العربية مما يحتاجه الأصولي في هذا الفن، فإذا وُجد في كتاب ما قد تجد مثلاً مجلداً كاملاً فيه مطولات كله في اللغة العربية حينئذ كيف يفهم طالب العلم أصول الفقه إذا لم يُفرد هذا الفن بدراسة مستقلة، ولذلك الأولى لطالب العلم ألا يتعمق في دراسة المسائل الدخيلة على الفن، وأعني بالمسائل الدخيلة أنها ليست من فن أصول الفقه أصالة وإن بُني عليها وإنما يأخذ كل فن على حده فيدرس النحو على حده فإذا مرت به مسائل النحو في أصول الفقه لا يقف معها كثيرا، وإنما ينظر إلى رأي الأصوليين فحسب ما اختيارهم ما ترجيحهم، هل اصطلاحهم يخالف اصطلاح أهل اللغة أم لا فقط، أما أن يقف ويدرس النحو ويدرس الحقيقة والمجاز والاستعارة والكناية في أصول الفقه نقول أن هذا لا يستوعبه أصول الفقه على وجهه، بل ربما قد يرجع من حيث بدأ ولا يُتم الكتاب. لذلك المباحث التي ستأتينا في أصول الفقه هنا في اللغة وكذا لن نقف معها كثيراً وإنما نُبين مراد المُصنف ونسير، وبهذه الطريقة إن شاء الله نأتي على الكتاب من أوله إلى آخره. بسم الله الرحمن الرحيم " أحمد الله على إحسانه وأفضاله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، وأصلي وأسلم على نبيه المكمل بإرساله، المؤيد في أقواله وأفعاله، وعلى جميع صحبه وآله. وبعد: فهذه (قواعد الأصول ومعاقد الفصول) من كتابي المسمى بـ (تحقيق الأمل) مجردة من الدلائل، من غير إخلال بشيء من المسائل، تذكرة للطالب المستبين، وتبصرة للراغب المستعين، وبالله أستعين، وعليه أتوكل وهو حسبي ونعم الوكيل المعين."

- قال المُصنف رحمه الله تعالى بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)، إذا بدأ المُصنف رحمه الله تعالى ابتداءاً حقيقياً بالبسملة وهذا لأمور، يعني لماذا بدا بالبسملة قل لأمور أولا تأسياً بالكتاب العزيز، لأن أول القرآن أول ما يُقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين). ثانياً: تأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - المراد به السنة الفعلية حيث كان إذا أرسل أو كتب كتاباً إلى ملك ما قال (بسم الله الرحمن الرحيم) كما جاء في صحيح البخاري في أوله (بسم الله الرحمن الرحيم إلى هرقل عظيم الروم) إذاً بسمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه سنة فعلية، ثالثاً اقتداءاً بالأئمة المُصنفين، جرت عادة العلماء أنهم إذا كتبوا كتابا ما أو شرحوا أنهم يقولوا بسم الله الرحمن الرحيم، ولذلك قال ابن حجر - رحمه الله تعالى – " اتفق عمل الأئمة المصنفين على أنهم يفتتحون كتب العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل " إذا هو إجماع عمل من العلماء إذا أرادوا أن يشرحوا شرحا أو يؤلفوا كتاب يقولوا بسم الله الرحمن الرحيم. رابعاً: تبركاً بالتسمية، لأن بسم الله معناها أستعين بالله وأتبرك به، وحينئذ يكون المُبسمل طالباً لتوفيق الله - عز وجل - ومعونته فيما جعل البسملة مبدأ له، هذه أربعة أمور نقول جعلت المصنف كغيره من العلماء، وأما حديث كما يزيده البعض عمل بحديث كل أمر ذي باديء لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو ابتر هذا الحديث فيه كلام لأهل العلم ومُرجَح أنه حديث ضعيف. ولذلك نقول السنة الفعلية ولا نقول السنة القولية لأنها لم تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بسم الرحمن الرحيم: هذا من حيث إثبات هذه البسملة، وأما من حيث مفرداتها، هذا لا يتعلق به بحث في أصول الفقه فنتجاوزه، سيأتينا إن شاء الله في شرح الأجرومية ما يتعلق بها من جهة العراق ومعنى المفردات. (بسم الله الرحمن الرحيم) أهم ما يلفت إليه طالب العلم نظره في هذه البسملة أن الإضافة هنا تفيد العموم وهذا الذي يتعلق بأصول الفقه، (بسم الله) بسم هذا نكرة أُضيف إلى معرفة بل إلى أعرف المعارف وهو لفظ الجلالة الله، الاسم الأعظم كما قيل وعليه الجمهور، (بسم الله) أي بكل اسم هو لله سمى به نفسه أو أنزله في كتابه أو علمه أحد من خلقه أو استأثر به في علم الغيب عنده. إذاً (بسم الله) إذا قيلت بعد الاستعانة أو لتبرك مع المصاحبة إذا يستعين المُبسمل بماذا؟ بكل اسم هو لله بكل أسماء الله - عز وجل -، التي علمها والتي لم يعلمها يعني المخلوق.

قال (أحمد لله) إذا بعد البسمة ثنى بالحمدلة، وهذا أيضاً نقول تأسياً بالكتاب العزيز لأنه وراء البسملة في سورة الفاتحة وهو أول الكتاب (الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2} الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) هذا يسمى ابتداءاً إضافياً عند أهل العلم، والابتداء بالبسملة يسمى ابتداءاً حقيقياً، والابتداء الحقيقي هو الذي لم يُسبق بشيء أبداً، والابتداء الإضافي هو الذي لم يُسبق بشيء أبداً أو سُبق بشيء من غير المقصود، وهنا سُبق (أحمد الله) بالبسملة، لكن هل هي من المقصود الذي صنَّف المُصنف كتاباً لأجله؟ الجواب لا، حينئذ يكون الابتداء بالبسملة ابتداءاً حقيقاً إضافياً، والابتداء بالحمدلة ابتداءاً إضافياً لا حقيقاً، فكل ابتداء حقيقي إضافي ولا عكس، (أحمد الله) ما المراد بالحمد؟ نقول الحمد على الأصح، والأولى أن يُحد بما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – أنه ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، وإن كان المشهور أنه في اللغة تناوب الجميل على الجميل الاختياري على جهة التبجيل والتعظيم وأنه في الاصطلاح فعل يُنبئ عن تعظيم المُنعم بسبب كونه مُنعما على حامده أو غيره والكلام على هذين التعريفين يطول، والفرق بين الحمد والشكر أيضاً يطول، وليس المقام مقام تفصيل. (أحمد الله) هنا أتي بالجملة الفعلية ولم يأتي بالجملة الاسمية ومعلوم عن البيانيين أن الجملة الاسمية تدل على الثبات والدوام على الثبوت والدوام، والجملة الفعلية تدل على التجدد والاستمرار، عدل عن الجملة الاسمية فإن كانت أولى لنكت والمفضول قد يُعدَل إليه بنكتة فتُصيره أولى من الفاضل، وهذا حتى في العبادات، قد يكون الشيء مفضولاً ولكن يقترن به ما يكون في حق الشخص جاعلاً له أولى من الفاضل، وبذلك الإنسان مثلاً السنن الرواتب نقول الأفضل أن يصلي في بيته أليس كذلك؟ لكن لو صلى بيته قد يكون القلب مشغولاً ولو صلى في المسجد قد يكون أخشى وأقنع، حينئذ يكون في حق هذا الشخص وليس تقعيداً عاماً يكون في حقه صلاة النافلة في المسجد أولى من صلاته في بيته، إذا قد يصير المفضول فاضلاً هنا الجملة الاسمية هي الأولى، ولكن عُدل للجملة الفعلية للدلالة على التجدد والثبوت، وهنا قد عُلق الحمد على الإحسان والإحسان من الرب - عز وجل - على العبد مُتجدد ومُستمر، يعني يكون ثم يكون ثم يكون، يعني يوجد ثم يوجد ثم يوجد، وليس هو إحسان واحد مستمر ولا ينقطع ولا يتلوه إحسان آخر، ولذلك لما كانت النِعم مُتجددة في حق العبد والجملة الفعلية تدل على التجدد، ناسب أنه يأتي بالجملة الفعلية الدالة على التجدد والحدوث. فالحمد يُوجد كلما وُجدت النِعم، لما كانت النِعم متوالية متجددة تكون ثم تكون ناسبه أن يأتي بجملة دالة على الحدوث والتجدد، إذا كلما تجددت النعمة وُجد لها حمد وهذا يدل عليه الجملة الفعلية. ولابد من القول بالتفريق بين الجملة الفعلية والجملة الاسمية وخاصة في هذا الموقع، فحينئذ نقول الجملة الاسمية تدل على ماذا؟ تدل على الثبوت، فإذا قال

(الحمد لله) نقول الحمد ثابت ومستمر، ولماذا أتى بالجملة في مثل هذا التركيب في الجملة الاسمية؟ نقول لأنه علَّق الحمد بصفات الرب بذات الرب - عز وجل - وصفاته، فلما كانت ذاته مستمرة - عز وجل - ناسب أن يأتي بحمد دال على الاستمرار، فإذا قال (أحمد الله على إحسانه وإفضاله) علَّق الحمد هنا على الإحسان والإفضال وهو مُتجدد يوجد بعد أن لم يكون، فحينئذ يناسبه أن يأتي بجملة دالة على التجدد والحدوث، ولذلك جاء الحديث " إن الحمد لله نحمده " حمد بماذا؟ بجملتين بالجملة الاسمية والجملة الفعلية. (أحمد الله على إحسانه) من المشهور عند أهل العلم أن الحمد مُعلق بلفظ الجلالة ولا يُقال (أحمد الرحمن) أو (أحمد السميع البصير) لماذا؟ لأن اسم الجلالة الله - عز وجل - هذا جامع لجميع معاني الأسماء والصفات، فكل معنى دل عليه اسم غير لفظ الجلالة فهو داخل في (الله)، ولذلك الجمهور على أنه الاسم الأعظم. (أحمد الله على إحسانه وإفضاله): إحسانه وإفاضله مصدران، أحسن يُحسن إحساناً، وأفضل يُفضل إفضالاً، قيل متقاربان، يعني معنى الإحسان متقارب لمعنى الإفضال، وقد يُقال الإحسان مُجرداً إسداء المعروف، والإفضال زيادة على ذلك، وقال بعضهم الإحسان ضد الإساءة، أحسن وأساء إذا هما ضدان، والإحسان قد يكون في الإنعام على الغير على الآخرين {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} القصص77، وقد يكون الإحسان يعني يُطلق ويُراد به إتمام الفعل وإحسان الفعل في نفس الفعل دون تعد إلى آخر، ومنه قوله تعالى {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} السجدة7.

(كما ينبغي لكرم وجهه) يعني أحمد الله مثل الحمد الذي ينبغي، (ما) هنا بمعنى الذي اسم موصول، (ينبغي) بمعنى يليق، وهل يُمكن أن يحمد الله عبد بما يليق بالرب - عز وجل -؟ الجواب لا، حينئذ نقول هذا الحمد الذي شُبِه بما يليق بالرب - سبحانه وتعالى - على جهة الإجمال لا على جهة التفصيل، وإلا فعلى جهة التفصيل هذا متعذر أن يأتي به بشر ولو كان نبياً، ولذلك جاء في الحديث " لا أُحصي ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك "، (لكرم وجهه) ولا شك فيه كرم وجه الرب - عز وجل -، قال تعالى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} الرحمن27، (وعز جلاله) كما ينبغي لكرم وجهه، ولو قيل لكمال وجهه لما بَعُد، ولذلك هذه عبارة الشافعي في الرسالة، (أحمد الله كما ينبغي لكمال وجهه وعز جلاله) الجلال هو العظمة، والعز هو القوة الله والغلبة، معلوم أن العزة صفة من صفات الرب - عز وجل - الدال على كمال قهره وسلطانه، (وأصلي) إذاً حمد الرب ثم قال (وأصلي)، لماذا حمد الرب؟ نقول كما قلنا في البسملة أنه اقتداء بالكتاب العزيز وتباعاً لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الفعليه لأنه إذا خطب أو قال في خِطبة النكاح (إن الحمد لله) وهذه سنة فعلية لأنه لم يأمر بها، وأما حديث (كل أمر ذي بادئ لا يبدئ فيه بالحمد لله .. إلى آخره) فهو حديث ضعيف. لذلك ذكر بعضهم ويُنسب للشافعي أنه قال " يُستحب البداءة بالحمدلة لكل مُزوِج ومُتزوِج ودارس ومُدرس ومُعلم وخاطب وخطيب وبين يدي سائر الأمور المهمة) اذاً هو سنة مُطلقة على جهة الاستحباب، وإن كان بعضهم يقول يُستحب فيما لم يرد فيه نص وإذا ورد فيه نص يقول فيه يُسن. (وأصلي على نبيه) يعني بعد أن حمد الله وأثنى عليه صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -. (وأصلي) هذه جملة فعلية ويعبر عنها أهل البيان بأنها خبرية اللفظة إنشائية المعنى، وهي معطوفة على قوله (أحمد الله) مما يدل على أن المراد بـ (أحمد الله) أنها جملة خبرية اللفظة إنشائية المعنى يعني المراد بها طلب الحمد والمراد بـ (أصلي) طلب الصلاة، (على نبيه) الصلاة معروفة التي قال ابن القيم - رحمه الله تعالى – أنها ثناءه صلاة الله على عبده ثناءه على عبده في الملأ الأعلى ومن الملائكة والآدميين الدعاء والاستغفار، (وأصلي على نبيه) لم يقل وأسلم وهذه (وأسلم) زيادة من المحقق غير موجودة في المخطوطات (وأصلي على نبيه) نقول أتى بالصلاة دون السلام، وإن كان المشهور عند المتأخرين أنه يُكرَه إفراد الصلاة عن السلام كما يُكره إفراد السلام عن الصلاة، يعني لا تقل اللهم صل على محمد فقط ولا تقل وسلم، ولا يصح اللهم سلم ولا تقل صل على محمد، لماذا؟ قالوا: لقوله جل وعلا {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الأحزاب56، فقرن بينهما الرب جل وعلا، حينئذ إفراد الصلاة دون السلام وإفراد السلام دون الصلاة هذا لا يُعد ممتثلاً للأمر، لأنه قال {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} وهذه حجة كثير من المتأخرين، ونقول والصواب لا يُكرَه إفراد الصلاة عن السلام والعكس.

وأما الاستدلال بالآية نقول ذلك كقوله تعالى {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} قد تجب الصلاة ولا تجب الزكاة وقد تجب الزكاة ولا تجب الصلاة، والاستدلال بها استدلال بدلالة الاقتران، وهذه دلالة ضعيفة عند الأصوليين إن جاء حديث عنها بينَّاها، إذا (وأصلي) ولم يقل (وأسلم) هل فيه كراهة؟ الجواب لا، ولذلك الإمام مسلم - رحمه الله تعالى – بل والشافعي في الرسالة أنهم صلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسلموا والدال على أن ما ذكره كثير من الشافعية المتأخرين نسبة للشافعي بأنه كره الصلاة دون السلام أو إفراد السلام دون الصلاة مع أنه صلى ولم يُسلم في مُفتتح الرسالة، والقول هذا ليس بسديد.

(على نبيه) إذا أُطلق النبي في مثل هذا الترتيب نقول المراد به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، محمد بن عبد الله وقد جُعل على نبيه كما جُعل على الرسول إذا أُطلق جُعل علماً بالغلبة بحيث إذا أُطلق صرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبد الله، وهذا واضح علم بالغلبة، وقد يصير علماً بالغلبة مضاف له مصحوب (ال) كالعقبة، الرسول: هذا يصدق على موسي - عليه السلام - وقد يصدق على عيسى - عليه السلام - ويصدق على غيره من الرسل، لكن إذا قيل في مثل هذا الترتيب ممن هو من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - نقول هذا صار علماً بالغلبة. (على نبيه المُكَمَّل بإرساله): المُكَمَّل هذا يدل على ماذا؟ يدل على أنه كامل في نفسه وزادته الرسالة كمالاً على كماله، وهو كذلك امتثالاً لقوله تعالى {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} الأنعام124، المُكَمَّل بإرساله، المُؤيَّد في أقواله) المُؤيَّد يعني المُقوَّى والمُثبَّت، {هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} الأنفال62، إذا المُؤيِّد بالكسر هو الله - عز وجل -، والمُؤيَّد هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، (في أقواله وأفعاله) إذاً هو المُثبتَّ في أقواله هو المُثبتَّ في أفعاله هذا يدل على ماذا؟ يدل على أن أقواله كلها عليها شاهد الحق وكذلك أفعاله، كل قول للنبي - صلى الله عليه وسلم - عليه شاهد حق، وكذلك كل فعل عليه شاهد حق، وهذا يُشعر من كلام المُصنف هنا - رحمه الله تعالى – أنه يرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوماً مطلقاً في الأقوال والأفعال، والمسألة فيها نزاع، ولكن القول الراجح في هذه المسألة أن أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد تكون مبنية على الاجتهاد، وهذا القسم الذي هو من أفعاله المبنية على الاجتهاد قد يقع فيها ما هو خطأ ولكنه لا يُقر من السماء، ولذلك جاء العتاب في بعض آيات الكتاب {عَفَا اللهُ عَنكَ} التوبة43، لم هذا الكلام؟ إذاً وقع ما هو مخالف للصواب، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} التحريم1، {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ}. إذاً قد يقع في اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو مُخالف للصواب ولكنه لا يُقر وإنما يأتي التصحيح أو التصويب من السماء، فإذا لم يأتي علمنا أنه حق، (وعلى جميع صحبه وآله) صحبه: جمع صاحب والمراد به من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً به ومات على ذلك وزاد الحافظ بن حجر ولو تخللت ردة في الأصح وقال السيوطي في ألفية المصطلح (حد الصحابي مسلما لاقي الرسول وإن بلا رواية عنه وطول) إذاً لا يُشترط طول الصحبة وهذا على مذهب المُحدثين، وسيأتي أن مذهب كثير من الأصوليين أنهم يشترطون طول الصحبة فإذا لم تُطل صحبتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُعد عندهم صحابي، وسيأتي في موضوعه، (وعلى جميع صحبه وآله) آله أضافه إلى الضمير وهو الصحيح عند أهل التحقيق والمراد به أتباعه على دينه.

وفُسِر بأقاربه - صلى الله عليه وسلم -، وهنا عطف الآل على الصحب من العطف العام على الخاص، وهذا جائز على الصحيح، عطف الخاص على العام هذا فيه اتفاق، وأما عطف العام الخاص هذا فيه خلاف والصحيح أنه جائز، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} الحج77، هذا كله عطف عام على خاص. هذه (قواعد الأصول ومعاقد الفصول)، هذه: المشار إليه الأصل أن يكون حسياً، المصنف هنا لم يقل وبعد والزيادة هذه من المُحقق وليست من أصل الكتاب، هذه: قد تكون مقام أما بعد عند بعض المصنفين، الأصل أن يأتي بالسنة أما بعد ولا يُجزئ غيرها عنها، وبعد ليست سنة، أما بعد هي السنة، وبعد قالوا هذه الواو نائبة مناب أما، وبعضهم لا يأتي وبعد، لا يأتي بها وإنما يقول هذا، فحينئذ يكون لفظ هذا الاسم الإشارة اُستعمل استعمال أما بعد، لأن أما بعد تفيد الانتقال من أسلوب إلى أسلوب آخر يعني من أسلوب المقدمة إلى أسلوب الشروع في الكتابة. وليس المراد الانتقال من التمني إلى الترجي كما اعترض بعض أهل العلم – لا - المراد الانتقال من أسلوب المقدمة إلى أسلوب الشروع في المقصود. هذا أُقيمت مقام أما بعد، فانتُقِل بها من أسلوب وهو الانتقال من المقدمة إلى أسلوب آخر وهو الشروع في المقصود. هذه: المُشارة إليه في الأصل يكون محسوساً موجوداً، والكتاب كان كما هو عادة المصنفين المتقدمين أنهم يكتبون المقدمة قبل الكتاب، واسم الإشارة لابد أن يكون لشيء موجود، فحينئذ كيف يكون المُصنف أشار بلفظ هذه إلى شيء غير موجود؟ الجواب أن يُقال أنه نزَّل المعدوم منزل كالمحسوس، يعني لما صور لابد أنه يجعل في ذهنه أو في نفسه قواعد الكتاب أصوله أبوابه ما الذي سيقول ما الذي سيذكره في الجملة ثم لما أراد أن يشرع نزل هذا المعدوم كأنه موجود فيكتب، فعامله معاملة ماذا؟ الموجود. {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} المرسلات38، يوم الفصل هل هو موجود الآن؟ لا، لكنه نُزِّل للإيمان به قوي مُنزلة الموجود كأنك تراه فأُشير إليه بهذه.

(قواعد الأصول ومقاعد الفصول) قواعد جمع قاعدة والقواعد جمع قاعدة، والقاعدة في اللغة هي الأساس وبعضهم يعبر عنها بالضابط أو القانون وفي الاصطلاح قضية كلية يُتعَرف بها أحكام وجزئيات في موضوعها، كالأمر مُطلق الأمر للوجوب، هذه قضية كلية عامة، إذا عرفها وعرف معناها ومدلولها ودليلها استطاع يواسطة هذه القاعدة أن يتوصل إلى أحكام جزئيات موضوعها وسيأتي مزيد بيان. (قواعد الأصول) أصول المراد به علم أصول الفقه، لأن أصول الفقه هو قواعد نفسه لذلك سيأتي بحده معرفة دلائل الفقه، أن المراد بالدلائل الأدلة المتفق عليها الكتاب والسنة والإجماع والقياس هذه عينها نفسها أصول الفقه. والقواعد العامة التي استنبطها الأصوليون من الكتاب والسنة أيضاً هي أصول الفقه، (ومعاقد الفصول) معاقد جمع معقد يعني الذي يكون معقداً أو محلأ لما يُعقَد، الفصول جمع فصل والمراد به أنه فصَّله وجزَّأه، يعني هذا الكتاب مُجزَّأ ومُفصَّل لما هو معلوم عند أهل العلم أنهم إذا أرادوا أن يجعلوا كتاب ما فيه نوع طول يُفصَّل ويُبوَّب ويُكتَّب، لذلك يُقال كتاب الطهارة كتاب الصلاة كتاب الزكاة إلى آخره، ثم يُذكر تحت كل كتاب أبواب وتحت كل باب إذا طال يجعلون فصلاً، لماذا؟ تسهيلاً للعلم لأنه إذا كان مبوباً عرف طالب العلم أين يرجع إلى أحكام الطهارة، وإذا كان أحكام الطهارة مُفصلة أيضاً مُبوبَة عرف أيضاً إذا أراد أن يبحث مثلاً في إزالة النجاسة أين يبحث، أيضاً في تسهيل وتيسير على طالب العلم في الحفظ والفهم والمذاكرة، لأنه إذا انتهى إلى باب نشطت نفسه إلى الباب الذي يليه، وبعد هذه قواعد الأصول ومعاقد الفصول.

قال: (من كتابي) يعني هذه القواعد مأخوذة ومختصرة من كتابه هو، ما اسمه؟ قال (المسمى بـ تحقيق الأمل) وكما ذكره صاحب الأصل هنا تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل، والجدل هو داخل في فن الأصول كما سيأتي، (مجردة من الدلائل) يعني هذه القواعد الأصل أنها ذُكرِت بأدلتها وتعليلها في الأصل أنها مذكورة بالدليل والتعليل، حذف الدليل والتعليل فصارت مجردة كأنها رموز مُجردة من الدلائل، دلائل جمع دليل وسيأتي بيانه، من غير إخلال بشيء من المسائل: إذاً ذكر المسائل كلها وإنما حذف أدلتها وتعليلاتها، لماذا فعل ذلك؟ قالت (تذكرة) هذا مفعول لأجله، (تذكرة للطالب المُستبين) يعني الذي تبين العلم وأخذ بحظ وافر، إذا الطالب المُنتهي لا يستغني عن المختصرات لأنك لو أردت أن تُراجع العلم كله من أوله إلى آخره وجئت إلى المطولات تجده إلى أربع مجلدات إلى سبع إلى ثمان إلى عشر، لكن لو أخذت هذا الكتاب وجردته لاستطاع الطالب أن يستعيد الكثير من المسائل التي قد نسيها، (وتبصرة للراغب المستعين، تبصرة هذا مصدر بصره الأمر تبصيراً وتبصرة فهمه إياه، إذاً هو تفهيم، للراغب في العلم: الراغب في كذا وعن كذا، هنا الراغب في العلم، المُستعين: يعني الذي يحتاج إلى غيره إلى مُعين، وهذا من؟ هذا المبتدي، ولذلك يقولون العلم في الكتاب ومفتاحه في صدر معلمه، وبالله أستعين: يعني أطلب عونه، هذه باب استفعل استعون أصله، وعليه أتوكل: هنا قال أستعين يعني أطلب عونه، وعليه أتوكل: أي اعتمد وهو حسبي: يعني كافي ونعم المُعين يعني الذي يُستمد منه العون، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. (أصول الفقه): معرفة دلائل الفقه إجمالاً، وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد، وهو المجتهد. و (الفقه) لغة: الفهم. واصطلاحاً: معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد. و (الأصل): ما ينبني عليه غيره. فأصول الفقه: أدلَّته , والغرض منه: معرفة كيفية اقتباس الأحكام والأدلة وحال المقتبس. وذلك ثلاثة أبواب. قال: أصول الفقه: إذا بدأ المُصنف - رحمه الله تعالى – بتعريف أصول الفقه وذلك ليعلم طالب الفن بما يضبط مسائله الكثيرة ليكون حينئذ على بصيرة بما يطلب قبل الخوض في جزئيات المسائل، لذلك يقولون من أراد أن يشرع في فن ما لابد وأن يتصوره بوجه ما، لأن الطالب إذا طلب ما لا يتصوره حينئذ قد طلب مجهوداً وهو مُحال وإذا طلب ما حصل علمه تفصيلاً في نفسه أيضاً هذا مُحال، لأنه من باب تحصيل الحاصل، وإنما يتصوره بوجه ما، وأهل العلم نصوا على أنه يحصل بمبادئ العشرة: إن مبادئ كل فن عشرة الحدّ والموضوع ثم الثمرة ونسبة وفضلة والواضح والاسم الاستمداد حكم الشارع مسائل والبعض بالبعض اكتفى ومن درى الجميع حاز الشرفا.

هذه تُسمي مسائل المبادئ العشرة، لما أنهي المُصنف المقدمة مقدمة الكتاب، شرع يُبين لك يا طالب العلم مقدمة العلم، المقدمة عنده مقدمتان: مقدمة كتاب هي التي ذكرناها الآن، يذكر فيه اسمه غالباً والكتاب وطريقته بالكتاب، ومبادئ العلم مقدمة العلم يذكر حده والغرض منه وفائدته وموضوعه إلى آخره.

أصول الفقه: هذا مُركب إضافي، أصول مُضاف والفقه مُضاف إليه، النظر إلى هذا التركيب من جهتين، الذي يعتني به الأصوليون هو كونه لقباً وعلماً على الفن المُسمى بهذا التركيب لأنه صار ماذا؟ صار أصول الفقه الذي هو مركب إضافي نُقل عن التركيب في أصله وجُعِل علماً لمسمى هو أصول الفقه، إذا نظر الأصولي إلى أي شيء بالأصالة ينظر له من حيث إنه علم لهذا الفن ولقب لهذا الفن، قبل جعله علماً هو مُركب إضافي، أصول والفقه، عرفنا هذا الآن، إذا أردنا أن نُحده على أنه علم بهذا الفن، هل يُشترط في العلم بالعلم المُركب المُؤلَّف من جزأي هل يُشتَرط في حده والعلم به العلم بجزأيه قبل جعله علماً أو لا؟ هذا مُختَلف فيه بين الأصوليين، بعضهم يقول لا يمكن أن نُعرِف أصول الفقه وهو علم ولقب على الفن مُسمى وهو مُركَّب إضافي إلا بعد معرفة جزأيه، فحينئذ لابد من معرفة المراد بأصول ولابد من معرفة المراد بالفقه، كل منهما لغة واصطلاحا ثم ننتقل بعد ذلك إلى معرفة أصول الفقه علماً، لأنه صار مفرداً كلمة واحدة، كما إذا سُمي عبد الله عبد الله هذا وصف ثم جُعل علماً على شخص نقول عبد الله هذا كلمة واحدة، قال (أصول الفقه معرفة دلائل الفقه إجمالاً) إذا بدأ بماذا؟ بدأ بتعريفه علماً ولقباً لهذا الفن، ونقول المُصنف كأنه يميل إلى أن معرفة المركب العلم أنه لابد وأن يُعرَف جزأه أيضاً بدليل أنه عرَّف الفقه بعد ذلك لغة واصطلاحاً وعرَّف الأصل لغة واصطلاحاً، فكان الأولى عليه وله أن يُقدِّم ماذا تعريف الفقه أولاً لغة واصطلاحاً وتعريف الأصل أو الأصول أولاً لغة واصطلاحاً، حينئذ لابد من التقديم والتأخير، فنقول (الفقه) مقال المُصنف هنا الفهم، الفقه في اللغة الفهم لغة، هذه زيادة من المُصنف وجدها في بعض المخطوطات لغة بالنصب على أنه حال أو تمييز أو بنزع الخافض ثلاثة أقوال، ما حد الفقه في اللغة؟ الفهم، الفهم مُطلقاً أو يُقيد بشيء ما، بعض أهل العلم قيده قال الفهم لأشياء دقيقة خفية، وأما الأشياء الظاهرة إذا فُهمَت لا تُسمى فقهاً ولكن المُصنف هنا أطلق قال الفقه لغة الفهم، إذاً مطلقاً لما ظهر ولما دق وغمض، لماذا؟ لأن المُصنف هنا أطلق ولم يُقيد الفهم كما قيده أبو اسحاق الشيرازي، حيث قال: الفقه هو إدراك الأشياء الدقيقة، وهو معنى الفهم إدراك الأشياء الدقيقة، إذا إدراك الأشياء الظاهرة فهم الأشياء الظاهرة هذا لا يُسمى فقها في اللغة، ولذلك قال أبو اسحاق يُقال فقهت كلامك ولا يُقال فقهت السماء والأرض، ولا يُقال فقهت أن السماء فوق والأرض تحت، أليس كذلك؟ فدل على أن السماء لما كانت أمراً ظاهراً لم يتعلق بها اللفظ ولم يصح التركيب ولما كان الكلام في الأصل أنه لما دق وغمض ويحتاج إلى إمعان نظر صح عنه أن يُقال فقهت كلامك، لكن نقول الصواب أنه الفهم مُطلقاً سواء كان لما ظهر وبان وانتشر أو لما دق وغمض وخفي، الدليل على ذلك أنه جاء في إطلاقات الشرع مراداً به الفهم مطلقاً، {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} طه27 - 28، يعني يفهموا قولي، وقولي هذا مصدر مضاف إلى معرفة حينئذ يفيد العموم لأن قولًا قد يكون ظاهراً وقد يكون خفياً، فأُضيف

الشفتان عامة. إذا {يَفْقَهُوا قَوْلِي} الظاهرة والخفية، كذلك قوله جل وعلا {فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} النساء78، يعني لا يكادون يفهمون. {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ} هود91، والذي يدعوهم إليه شعيب هو التوحيد، والتوحيد فيه خفاء؟ أصل التوحيد وأصول التوحيد قواعد عامة، يعرفها العامي وغيره، فحينئذ لما كانت دعوة شعيب إلى التوحيد وهي من المُحكمات ليست من المتشابه، بل نصَّ ابن القيم على أنها أحكم المُحكمات كآيات الصفات ونحوها {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ} أي لا نفهم كثيراً مما تقول، ومُتعلق الفقه دون ماذا؟ هو الفهم الظاهر الفهم لما ظهر، إذاً قوله الفقه لغة الفهم نقول هذا عام يشمل الفهم لما ظهر ولما خفي، أما قوله لما يُقال فقهت كلامك ولا يُقال فقهت السماء والأرض، نقول هذا نعم صحيح لماذا؟ لأنه مُتعلق الفَهم هو المعاني، المعقولات وليست المحسوسات، حينئذ لا يتعلق الفقه بالمحسوسات، فإذا قيل فقهت المسجد نقول لا يصح هذا التركيب لأن المسجد هذا محسوس، فقهت السماء فوق فقهت الأرض تحت نقول أيضاً هذا لا يصح التركيب لماذا؟ لأنه محسوس، إذاً لم يُخالف لمعنى الفقه أنه لما دقَّ ولطف بل لكون الفقه من المعقولات لا من المحسوسات. إذا عرفنا حد الفقه في اللغة أنه الفهم، لكن يرد السؤال ما المُراد بالفهم؟ نقول إدراك معنى الكلام، والإدراك هو أصول النفس إلى المعنى بتمامه، إذا فهم السامع المراد من اللفظ المُفرد أو من المركبات نقول قد أدرك وإذا أدرك نقول قد فهم، والفقه لغة الفهم.

ثم قال واصطلاحاً: عرف الفقه في اللغة ثم عرفه في الاصطلاح، يرد السؤال: لماذا أهل العلم يعرفون المصطلحات أو إذا أرادوا أن يفسروا الاصطلاح يقدمون له بالمعنى اللغوي لابد أن يقول مثلاً الصلاة هو يريد أن يتكلم في الصلاة في اصطلاح الفقهاء ثم يقول الصلاة لغة الدعاء والزكاة لغة .. إلى آخره، يُقدمون بالمعنى اللغوي ثم بعد ذك يذكرون المعنى الاصطلاحي، مرادهم بهذا أن يشيروا بأني المعنى الاصطلاحي لا يُباين المعنى اللغوي مباينة مُطلقة، يعني ثم علاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي وهذا على إثبات أن الحقيقة العرفية وكذلك الحقيقة الشرعية أنها منقولة عن الحقيقة اللغوية وسيأتي بحثه في موضعه، فالأصل هو الحقيقة اللغوية، ثم يأتي العُرف فيُخصص المعنى العام العرفي المعنى العام الذي دلَّ عليه اللغوي، أو يُعمم المعنى الذي دلَّ عليه اللغوي. هنا قال واصطلاحاً معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد. هذا هو الفقه في الاصطلاح، والفقه في اللغة الفهم، أيهما أعم؟ اللغوي أعم لأنه فهم لكل شيء سواء كانت أحكام شرعية أم غيرها، أما الفقه في الاصطلاح هو فهم مُقيَّد، هذا الفهم المُقيَّد مُقيَّد بأنه أحكام شرعية، وليست مطلقة الأحكام الشرعية بل المتعلقة بأفعال العباد. إذاً المعنى الاصطلاحي هنا أخص مطلقاً من المعنى اللغوي، فكل فقه اصطلاحي فهو فقه لغوي ولا عكس. قال واصطلاحاً معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد، معرفة: بعضهم يعبر بالعلم وبعضهم يعبر بالمعرفة، وهذا بناء منهم على أن العلم هو إدراك جازم، وإذا عُبِر بالإدراك الجازم بالعلم صار الفقه كله قطعياً، وإذا عُبِر بالمعرفة والمعرفة تشمل النوعين الظني والقطعي صار الفقه منه ما هو مقطوع به ومنه ما هو مظنون، نقول الفقه بعضه قطعي يعني لا يحتمل الخلاف وهو من الدين بالضرورة، وجوب الصلاة هل فيه خلاف على أنها خمس صلوات؟ ليس فيه خلاف لأهل العلم بإجماع العامة والخاصة أنها خمس صلوات والليلة، نقول هذا فقه وهو قطعي يعني يقيني لا يحتمل النقيض ولا يحتمل الخطأ ولا يحتمل الشك، أما مثلاً وجوب صلاة الوتر عند أبي حنيفة نقول هذا مظنون، سنية الوتر عند الجمهور نقول هذا مظنون، لماذا؟ لوقوع الخلاف فيه ولاحتمال الأدلة فحينئذ ثار بعض الفقه قطعياً وصار بعض الفقه ظنياً لأن الأدلة من حيث الثبوت منها ما هو قطعي ومنها ما هو ظني، ومن حيث استنباط الحكم ودلالة النص على الحكم منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني وسيأتي في الكلام على الأدلة.

إذا قوله معرفة أراد به المُصنف الإشارة إلى أن المعرفة هنا تشمل الظن والقطع فحينئذ يدخل النوعان في مسمى الفقه، ولا يصح على قول أن يُعبَر بالعلم والمراد به الإدراك الجازم لإخراج ماذا؟ الظن، إذا قلنا الإدراك الجازم خرج كثير من الفقه و، وقصر الفقه على القطعيات دون الظنيات أو على الظنيات دون القطعيات هذا تحكم ولا دليل عليه، بل الصواب أن كل حكم شرعي قطعي ثبت عن دليل قطعي وأن كل حكم شرعي ظني ثبت عن طريق دليل ظني فهو فقه، لكن بقيد أنه مرتبط ومتعلق بأفعال العباد. إذاً قوله (معرفة) نقول المراد به مُطلق الإدراك، الشامل للأحكام القطعية والظنية، لماذا؟ لأن المراد مُطلق إطلاقه حكم شرعي سواء ثبت عن طريق دليل قطعي أو عن طريق دليل ظني، معرفة أحكام الشرع: نقول معرفة هذا جنس يشمل معرفة الذوات ومعرفة الصفات ومعرفة الأفعال ومعرفة الأحكام، معرفة الذوات كزيد ومعرفة الصفات كسواد أو بياض زيد، ومعرفة الأفعال كقيام أو اضطجاع زيد ومعرفة الأحكام كالحلال والحرام، ما المراد بالفقه هنا؟ معرفة أحكام الشرع، فحينئذ خرجت معرفة الذوات ومعرفة الصفات ومعرفة الأفعال. معرفة أحكام الشرع: ما المراد بالمعرفة هنا؟ نقول لما قُيدَت بالأحكام الشرعية والمراد بالأحكام الشرعية هي النسب التامة يعني الجُمل الاسمية أو الفعلية، الفقيه يُثبت حكم شرعياً لفعل من أفعال العباد، كل فعل لك أنت كعبد كمخلوق لله - عز وجل - كل فعل صادر منك سواء كان بالقلب أو باللسان أو بالجوارح لابد وله حكم شرعي إما التحريم وإما الإيجاب وإما الكراهة وإما الندب وإما الإباحة. إذاً كل فعل لك سواء صادراً من القلب أو من اللسان أو من الجوارح، هذه ثلاثة أشياء، لابد لكل واحد منها تعلق بالأحكام الخمسة فحينئذ نقول ثلاثة في خمسة بكم؟ خمسة عشر، ولذلك ابن القيم - رحمه الله تعالى – يقول: رحى العبودية تدور على خمس عشرة قاعدة من كملها فقد كمَّل مراتب العبودية. وذكر أن أفعال العباد مُنقسمة على هذه الثلاثة أشياء إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح، كل واحد منها له حكم من الأحكام الخمسة، يعني تتعلق به الأحكام الخمسة كقول اللسان، من القول ما هو مُحرَّم كالسب والشتم من القول ما هو واجب وتكبيرة الإحرام وما هو مكروه وما هو مندوب وما هو مُباح إذا خمسة كذلك الجوارح وكذلك القلب، إذاً خمسة عشرة قاعدة، من كملها ووقف قوله عند كل حكم شرعي ووقف فعله بالجوارح عند كل حكم شرعي ووقف اعتقاده وفعل قلبه عند كل حكم شرعي قد كمَّل مراتب العبودية.

إذاً أحكام الشرع نقول المراد بها النسب التامة، يأتي الفقيه يقول قولك كذا حرام، هذا مبتدأ وخبر يأتي ويحكم على فعلك مثلاً بالمشي فيقول هذا مكروه هذا مُباح هذا مندوب هذا واجب هذا مُحرَم، فيثبت كل حكم شرعي لما يناسبه من الأفعال، هذا يسمى نسباً تامة وهو الجملة الاسمية والجملة الفعلية، معرفة أحكام الشرع المتعلقة؟ أحكام الشرع: هذا قيد واحد أو قيدان لا بأس به إما أن يُقال إنهما قيدان وإما أنه قيد واحد، الأحكام الشرعية: نقول الأحكام تختلف باختلاف متعلقاتها، قد يكون حكماً عقلياً وقد يكون حكماً شرعياً وقد يكون حكماً حسياً وقد يكون حكماً جعلياً اصطلاحياً وقد يكون حكماً تجريبياً، هذه خمس. الحكم العقلي: هو أن يكون الحاكم بالنسبة هو العاقل، أنت تكون النسبة مستفادة من العاقل، يكون الكل أكبر من الجزء، هذا معروف من جهة العقل، الجزء ليس أكبر من الكل، هذا أيضاً نفي سلب مخوض من جهة العقل، الحكم الاصطلاحي الجعلي كما اصطلح عليه أرباب الفنون الفاعل مرفوع المفعول به منصوب هذا حكم اصطلاحي جعلي، الحكم الحسي كالنار مُحرِقة هذا حكم حسي، الحكم التجريبي كأن يُقال بعض الأدوية مفيدة للرأس ونحوها هذا مخوض من التجربة، الحكم الشرعي وهو المراد هنا أن تكون النسبة مستفادة من الشرع وسيأتي تعريفه في موضعه، إذاً معرفة أحكام الشرع يعني التصديق بها التصديق بهذه الأحكام الشرعية وليس المراد تصورها لأن الأحكام الشرعية قد تُثبَت للأفعال فيُقال الفعل كذا واجب أو حرام، قد تُثبت للأقوال قد تُثبَت لأفعال القلوب نقول هذه علم بتصديق الأحكام الشرعية وهو ما يُمسى بالنسب التامة، وقد يُنظَر للحكم نفسه فيقال حقيقة الواجب ما يُثاب على فعله ويُعاقب على تركه هذا يُسمى تصورا، وهل المراد هنا العلم بتصديق الأحكام الشرعية أو تصور الأحكام الشرعية؟ التصديق وليس المراد معرفة حقيقة الواجب ولا حقيقة الحرام إلى آخره، لماذا؟ لأن معرفة حقيقة الواجب وحقيقة الحرام هذا مبحث من مباحث الأصوليين وهنا المراد تعريف الفقه عند الفقهاء، المتعلقة بأفعال العباد: يعني المرتبطة بأفعال العباد لأن الأحكام الشرعية قد تكون متعلقة بالاعتقاد، اعتقاد القلب وعند الفقهاء وكذلك الأصوليين الأحكام الشرعية المتعلقة باعتقاد العبد كاعتقاد أن الله واحد وأنه يُرى في الآخرة هذا أكيدة، قالوا هذه العقيدة التي تكون في القلب لا تُسمى فقها في الاصطلاح، بل جُعلت علماً مستقلاً مسماه العقيدة أو التوحيد إلى آخره، وعليه نعرف أن المراد بالفقه هنا ليس الفقه الشرعي وإنما هو الفقه الاصطلاحي في اصطلاح الأصوليين ونحوه، إذا المتعلقة بأفعال العباد مُخرج للأحكام الشرعية الاعتقادية، فإنها علم مستقل متعلقه القلب.

بأفعال العباد: قال العباد لم يقل المُكلَفين لماذا؟ لأن من الأحكام الشرعية ما مُتعلقه غير المُكلَفين كالأحكام المترتبة على جنايات الصبي والمجنون والبهيمة، نقول يضمن صاحبها ويجب على الصبي إخراج الزكاة أو على وليه ويجب إخراج الزكاة في مال المجنون إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، فحينئذ هذه أحكام شرعية تعلقت بفعل غير مُكلف، فنقول هذا من ترتب الأسباب كما سيأتي من ترتب الأحكام على أسبابها.

بأفعال العباد: أفعال هذا يشمل الفعل بأنواعه الأربعة فعل الجوارح وفعل القلب وفعل اللسان وسيأتي معنا أن الترك على الصحيح أنه فعل، إذاً عرفنا حد الفقه معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد، كما ذكرنا أن العباد لهم أفعال تنزيل الأحكام الشرعية الخمسة على هذه الأفعال يُسمى فقهاً، فحينئذ موضوع علم الفقه هو أفعال العباد، فعل العبد من حيث تنزيل الأحكام الشرعية على هذه الأفعال لأنه ما من فعل للعبد إلا وله نصيب وحظ من هذه الأحكام الشرعية فحينئذ كل كلام يصدر منك هذا ليس مستوياً في الأحكام الشرعية والذي يُبين لك حقيقة هذا أن هذا القول مُحرَم وهذا القول واجب وأن هذا القول مندوب وأن هذا القول مُباح هو الفقيه وليس هو الأصولي، ولد على هذا التعريف إيراد وهو أنه يشمل علم المُقلِّد، المُقلد هو الذي يعرف الأحكام الشرعية المتعلقة بفعل العباد يعرف أن الربا مُحرم يعرف أن تكبيرة الإحرام ركن وهو مُقلد هنا استوى علم المُقلد مع علم المُجتهد ودخل في الحد معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد، حينئذ لابد من قيد يُخرج علم المُقلد فلابد من زيادة من أدلتها التفصيلية، علم معرفة بأحكام أو معرفة أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد من أدلتها التفصيلية من أدلتها، إذاً هذه المعرفة مأخوذة ومُقتبسة من الأدلة، والذي يعرف أن يأخذ ويقتبس الحكم الشرعي من دليله بإجراء القواعد الأصولية هو المُجتهد، أما المقلد فلا يُحسن وإنما يسمع فتوى فيرددها فيقول هذا حرام وهذا حلال موافقة لما قاله العالم الفلاني وغيره، إذاً من أدلته التفصيلية يكون هذا مخرج لعلم المُقلد، وأيضاً مُخرج لأصول الفقه لماذا؟ لأن الأصوليين قد يذكرون بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بفعل المُكلَّف على جهة المثال، ولا يذكرونه على جهة التأصيل والتقعيد لماذا؟ لأن بحث الأصولي في الدليل الجملي الكلي لأن الدليل الشرعي قسمان دليل تفصيلي وهو ما كان متعلقه خاصة يعني يتعلق بجزئية معينة كقوله تعالى {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} البقرة43، {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} نقول هذا دليل تفصيلي لماذا؟ لأنه أمر تعلق بجزئي وفعل من أفعال المُكلفين وهو الصلاة، {وَآتُواْ الزَّكَاةَ} نقول هذا دليل تفصيلي أنه أمر تعلق بجزئي وهو إيتاء الزكاة وهو فعل من أفعال المُكلَّفين، أما مُطلق الأمر للوجوب ومطلق النهي للتحريم هذه دليل جملي كلي لا يتعلق بجزئي معين، إذا من أدلتها التفصيلية نقول هذا مُخرج لعلم المقلد ومُخرج لأصول الفقه لأن بحث الأصول في الدليل الإجمالي الكلي لا في الدليل التفصيلي، ثم قال (والأصل ما يُبنى عليه غيره) والأصل ما يُبنى عليه غيره، لما فرغ من تعريف المضاف إليه لغة واصطلاحاً شرع في بيان حقيقة المضاف لغة واصطلاحاً، فقال والأصل ما ينبني عليه غيره، كأصل الجدار أي أساسه وأصل الشجرة أي أساسها التي يقوم عليها الفروع، قال فأصول الفقه أدلته، لماذا قال فأصول الفقه أدلته؟ لأن الأصل له معنيان معنى لغوي وهو الذي ذكره المُصنِّف ومعنى اصطلاحي في اصطلاح الأصوليين، ويُطلَق في اصطلاح الأصوليين على معاني أربعة وزاد بعضهم خامساً،

يُطلق الأصل ويُراد به الدليل يعني نقيض الأصل في تحريم الربا الكتاب والسنة والإجماع، أي دليل تحريم الربا الكتاب والسنة والإجماع، هنا عُبِر بالأصل وأُريد به الدليل يُطلق الأصل ويُراد به الرجحان، فيُقال الأصل في الكلام الحقيقة دون المجاز، يعني الراجح عند السامع حمل الكلام على حقيقته دون مجازه، يُطلق ويراد به القاعدة المستمرة يُقال إباحة أكل الميتة للمضطر على خلاف الأصل يعني على خلاف القاعدة المستمرة، يُطلق ويراد به المقيس عليه وهو المقابل للفرع عند أرباب القياس فيُقال الخمر أصل للنبيذ في الحرمة الخمر أصل يعني مقيس عليه للنبيذ فقيس النبيذ على الخمر بجمع ماذا الإسكار فسحب الحكم من الأصل وهو الخمر إلى النبيذ وهو الفرع، إذا هذه أربعة معان للأصل، يُطلق ويراد له الدليل ويُطلق ويُراد به الرجحان ويُطلق ويراد به القاعدة المستمرة، ويطلق ويراد به المقيس عليه، ويطلق عند بعضهم ويراد به المستصحب، فيقال الأصل براءة الذمة أي المستصحب على المُكلَّف براءة الذمة وعدم شغلها بتحريم أو نحوه ويُقال الأصل في الأشياء الإباحة أي دليل مُستصحب أو المستصحب على الأشياء هو الإباحة الحكم عليه بالإباحة، أي هذه المعاني أنسب هنا؟ نقول الدليل، ولذلك قال المُصنف (فأصول الفقه أدلته) فإذا عُرف معنى الفقه لغة واصطلاحاً وعُرف معنى الأصل لغة واصطلاحاً فنقول المراد بالمركب الإضافي أصول الفقه أدلته أي الأدلة المنسوبة إلى الفقه، لماذا؟ لأن الفقه مُقتبس ومأخوذ من هذه الأصول. إذاً عرفنا معنى أصول الفقه باعتباره مركباً إضافياً، فإذا قيل لك ما المراد بأصول الفقه على حالة كونه مركباً إضافياً تقول أدلة الفقه، جعلت محل الأدلة محل الأصول الأدلة لماذا؟ لأن معناها اللغوي ما يُبنى عليه الشيء أو ما يبتني عليه غيره والفقه مبني ومستند على أدلة الفقه، فحينئذ تقول أصول الفقه من حيث كونه مركب إضافياً أدلة الفقه، وأما معناه اللقبي فهو ما عرفه به بقوله نرجع إليه معرفة دلائل الفقه إجمالاً، وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد، جعل لك أصول الفقه من حيث كونه لقباً وعلماً على هذا الفن مركباً من ثلاثة أشياء، الأول متفق عليه بين الأصوليين وإنما الخلاف الزيادة في كلمة معرفة، الثاني والثالث هذا مُختَلف فيه، يعني هل هو داخل في حد أصول الفقه أم لا، والمشهور عند المتأخرين تبعاً لصاحب جمع الجوامع إدخال حال المستفيد وكيفية الاستدلال وهو أولى، معرفة دلائل الفقه إجمالاً. إذاً أصول الفقه هو معرفة وعرفنا المراد بالمعرفة أنها إدراك الشيء على ما هو عليه، هذا يسمى ماذا معرفة، قد يكون قطعياً وقد يكون ظنياً وأن بعضهم أن القواعد الأصولية لا تكون إلا قطعية الثبوت ولذلك تفارق القواعد الفقهية كما سيأتي.

معرفة دلائل الفقه: دلائل جمع دليل وهذا مما أُعترض به على صاحب جمع جوامع دلائل جمع دليل لأن دليل يُجمع على أدلة لا على دلائل، ولذلك يُقال أدلة الفقه لذلك لمَّا نظم جمع الجوامع لصاحب المرافق قال أصول ودلائل الإجمال، فما هي؟ السيوطي نكَّت على صاحب جمع الجوامع وقال أدلة الفقه الأصول مجملة، عدل عن دلائل إلى أدلة لأنه لا يُعرَف جمع دليل فعيل على فعائل هذا هو المشهور والله أعلم. دلائل الفقه إجمالاً: عرفنا أن أدلة الفقه نوعان، أدلة تفصيلية وأدلة جملية كلية، أصول الفقه أدلته كلية جملية يعني ينظر في الدليل الكلي كالكتاب والسنة والإجماع والقياس، هذا متفق عليها، والقياس عند الجماهير وحُكي الإجماع إجماع الصحابة وعليه نقول متفق عليها الكتاب والسنة والإجماع والقياس هذه أدلة إجمالية متفق عليها عند الأصوليين، ومنها ما هو مُختَلف فيه كقول الصحابي والمصالحة المرسلة وشرع من قبلنا إلى آخره. إذاً أدلة الفقه الكلية منها ما هو متفق عليه كالأربعة المذكورة ومنها ما هو المختلف فيه كما ذكرناه من الأمثلة الثلاثة.

دلائل الفقه معرفة دلائل، هل يشمل اللفظ الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها؟ نقول نعم لأن بعضهم قد يُرجح أن فعل الصحابي حُجة وبعضهم قد يُرجح أن المصالح المرسلة أنها يُحتج بها فحينئذ هي داخلة في مسمى أصول الفقه عند الناظرين. هل تدخل القواعد الأصولية؟ هذا محل نزاع بين الأصوليين، من جعل الدليل خاصاً بالوحي قال لا تدخل القواعد كمطلق الأمر للوجوب ومطلق النهي للتحريم والعام يبقى على عمومه حتى يرد المخصص هذه قواعد متفق عليها عند الأصوليين، حُكي فيها الإجماع عند المتقدمين، نقول القواعد إذ جعلت دليلاً يُستدل بها حينئذ لا إشكالها في إدخالها في الدلائل، وإذا جعلنا القواعد مغايرة للأدلة حينئذ لا يصح تعميم اللفظ لإدخاله نحو القواعد المشهورة، ولذلك عدل بعضهم قال أصول الفقه هو القواعد التي يُتوَصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية بالفعل أو بالقول، لماذا؟ لأن القواعد العامة هذه كلية لا تُسمى دليلاً عندهم ولذلك من جعل هذه القواعد أنها دليل لا إشكال ومن لم يجعلها جعل في اللفظ هنا إن جاز التعبير إشكالا وعدل عنه إلى القواعد ونقول الصواب أنه إذا قيل إنها أدلة من باب أنها ثبتت باستقراء الشرع فلا إشكال، إذا قيل أن مطلق الأمر دليل تثبت به الأحكام ومراد المُتكلم أنها ليست دليلا مستقلاً بذاته وإنما عرفها الأصولي باستقراء كلام الشرع نظر في أوامر الشرع المجردة ومقترنة فخلص إلى أن مطلق الأمر يدل على الوجوب حينئذ نقول هذه ليست قاعدة مستقلة وإنما هي مبناة على استقراء الشرع، هذا دليل شرعي فما ثبت به القاعدة يثبت به الجزئي فلا إشكال حينئذ، من قولنا بأن الأدلة تشمل القواعد الأصولية، معرفة دلائل الفقه إجمالاً، إجمالاً ما إعرابه؟ نقول حال من الأدلة يعني من حيث الجملة، فبحث الأصول يبحث في الدليل الجملي كتاب والسنة والإجماع والقياس، يبحث فيها من جهتين، أولاً يميز لك هذه الأدلة وهي متفق عليها ولا إشكال فيها يُميز لك الدليل الصحيح الذي يصح أن يعتمده الفقيه، ما هو الدليل الصحيح، ثم إذا ورد نزاع فيثبت الحجة في إثبات هذا الدليل، فمثلاً القرآن، هل فيه خلاف أنه دليل أو لا؟ عند المسلمين لا خلافاً للدهرية، فيُثبت لك الأصولي حجية في القرآن وهذا جدالا للدهرية ونحوهم يثبت لك الأصولي حجية السنة عندما نقول بأنه قرآني ولا يحتج به السنة إذا أثبت لك حجية الدليل العام هو السنة، الإجماع فيه نزاع، فيثبت لك الأصولي حجية الإجماع وكذلك حجية القياس وهلم جرة.

إذاً ميز لك الدليل الصحيح الذي يعتمد عليه الفقيه فيجعله مستنداً ومستمداً يستمد أحكام الشرع المتعلقة بأفعال العباد، ثم يأتي للأحكام أو الأدلة المختلف فيها هل فعل الصحابي حجة أو لا إن كان حجة أثبت له بالأدلة إن كان ليس بحجة أثبت أنه ليس بحجة بالأدلة، هل المصالح المرسلة حجة تثبت بها الأحكام أم لا؟ هلم جرة، نقول لك الأصولي يثبت لك هذه الأدلة ويميز لك الصحيح من الفاسد ويقيم الأدلة على الصحيح ويقيم الأدلة على بطلان الفاسد، ثم ينظر نظراً آخر، فاذا بالقرآن هو الدليل الكلي السمعي الشرعي المتفق عليه فينظر فيه نظراً آخر، فيقول لك القرآن ليس على صيغة واحدة لم يرد على صيغة واحدة فهو تراكيب عربية والتراكيب العربية ليست مستوية الاستعمال بل بعضها ما هو من جهة اللفظ أمراً وبعضها من جهة اللفظ نهياً وبعضها عام وبعضها خاص وبعضها مطلق وبعضها مُقيد، بعض الأحكام يدل عليها بالمنطوق وبعضها بالمفهوم، إذاً هذه تسمى أنواع للدليل الواحد الشرعي، إذاً الكتاب هذا واحد مشتمل على أنواع وهي الأمر والنهي والعام والخاص والمطلق والمقيد إلى آخره، نظر الأصولي في إثبات الدليل الكلي أنه حجة، ثم ينظر في أنواع هذا الدليل فينظر إلى الصفات المتعلقة بها أحوال الأمر يحتمل أنه للوجوب ويحتمل أنه للندب ويحتمل أنه للإباحة كما قاله بعض الأصوليين فيأتي يُثبت لك أن الأمر إذا جُرد عن القرائن أفاد الوجوب فيقول لك مقتضى الأمر مطلق الأمر يعني المتجرد عن القرائن الصارفة مطلق الأمر يقتضي الوجوب هذه قاعدة، مطلق الأمر، الأمر هذا نوع من أنواع الدليل السمعي الكلي أثبت له محمولاً وهو صفة كونه إذا جُرد عن القرائن اقتضى الوجوب.

الفقيه يأخذ هذه القاعدة العامة وهي مقتضى الأمر مُطلق الأمر يدل على الوجوب، فيأخذها جاهزة مستدلا عليها بالكتاب والسنة لأن الأصولي لا يثبت هكذا وإنما باستقراء كلام الشرع ينظر في الأمر فإذا به استُعمِل مقترناً بقرينة دالة الوجوب أو مقترنا بقرينة دالة على الندب أو مُجردا عن القرائن فيُثبت أن مطلق الأمر إذا جُرد عن القرائن دل على الوجود فيأخذها الفقيه فإذا وجد أمر مجرد عن القرائن حمله على الوجوب فيقول لك أقيموا الصلاة هذا أمر أليس كذلك، أقيموا هذا أمر ومجرد عن القرائن، يقول لك (أقيموا الصلاة) أمر والقاعدة الأصولية العامة مطلق الأمر للوجوب إذا الصلاة واجبة، ما فعل الفقيه؟ الفقيه ركب لك قياس هذا يسمونه قياس ركب لك القياس من دليل أو مقدمة صغرى التي هي (أقيموا الصلاة)، الصلاة مأمور بها في قوله تعالى (وأقيموا الصلاة) هذه مقدمة صغرى، هذا بحث الفقيه، ثم يأخذ القاعدة العامة من الأصولي فيكون مطلق والأمر يقتضي الوجوب إذاً أدخل قوله (أقيموا الصلاة) في القاعدة العامة فنتج من ذلك أن الصلاة واجبة، إذاً قول معرفة دلائل الفقه إجمالا احترازاً من الفقه، لماذا؟ لأن الفقه متعلقه الأدلة التفصيلية، وكيفية الاستفادة منها هذا المراد به معرفة كيف يُستفاد من هذه الأدلة كيف نستفيد ونقتبس الأحكام الشرعية من هذه الأدلة يعني وجوه الاستدلال بالقرآن نذكر فيه ما ذكرناه سابقاً أن القرآن ليس على وتيرة واحدة فالأمر يختلف عن النهي والعام يختلف عن الخاص ولكل نوع من هذه الأنواع حكم يخصه، وكل نوع من هذه الأنواع يُفرَد ببحث خاص عند الأصوليين، إذاً كيفية الاستدلال بالقرآن كيفية أخذ الأحكام الشرعية من القرآن هذا أين بحثه؟ في الأصول، إن عرفنا هذه أن من فوائد أصول الفقه معرفة اقتباس الأحكام، هل بعد ذلك يحتاج طالب العالم من يزهد في أصول الفقه هذا لا يمكن أن يقال، كيف يكون فقيه وليس بأصولي. وكيفية هذا بعطف على دلائل يعني معرفة كيفية الاستفادة كيف يستفيد الأصولي الأحكام الشرعية منها أي من الأدلة الإجمالية، وحال المستفيد، المستفيد المراد به طالب الحكم من الدليل، ولذلك قال وهو المجتهد فسر لك المستفيد من أفاد من الذي يستفيد الحكم الشرعي من؟ المجتهد، إذا ما يأتي المبتدئ أو يأتي طالب العلم أو العامي فيُرجح في مسائل ويذكر أشياء وهذا حلال وهذا حرام ثم هو ليس أهلا للنظر في الكتاب والسنة، إذا عرفنا أن أصول الفقه من حيث معناه اللقبي العلمي مبني على أركان ثلاثة، أولاً: الأدلة الإجمالية أي أدلة الفقه الإجمالية، والمراد بها الأدلة المتفق عليها الكتاب والسنة والإجماع والقياس والأدلة المُختَلف فيها كقول الصحابي ونحوه، والقواعد الأصولية العامة عند الأصوليين كمطلق الأمر للوجوب والعام حجة والعام أيضاً يُحمل على عمومه حتى يرد التخصيص. الحكم الثاني من وجوه الاستدلال بهذه الأدلة على إثبات الحكم الشرعي كيف نقتبس الحكم الشرعي من هذه الأدلة، الثالث من هو المقتبس؟ من هو المجتهد؟ هو ما سيذكره المصنف هنا في آخر باب يعني شروط المجتهد يعني ليس كل من نظر في الكتاب والسنة يكون مجتهداً، إذاً عرفنا أصول الفقه بمعنييه اللقبي والإضافي.

ثم قال والغرض منه معرفة كيفية اقتباس الأحكام والأدلة وحال المقتبس، يعني ما الفائدة من دراسة أصول الفقه، ما الفائدة من دراسة أصول الفقه، وأصول الفقه هذا يُزهَّد فيه منذ القِدم ولذلك أشار الزركشي في البحر المحيط إلى نحو من هذا قال بعضهم أنه لا يحتاج إليه؟ لأنه مركب من عدة فنون فإذا دُرست اللغة لوحدها وعلوم القرآن لوحدها والمنطق لوحده لا نحتاج إلى أن يُؤلَف في هذا الفن مؤلفات خاصة لمن اشتغلوا بها لأنه وهذا صحيح الركن الأساس والمتين في أصول الفقه هو اللغة العربية، فمن أتقن اللغة العربية حينئذ صح له أن يكون أصولياً مع معرفة ما انفرد أو زاده الأصوليون وما زاده الأصوليون يمكن أن يُختصر في وريقات على علوم اللغة ونحوها، فلذلك كل من تشبع بعلوم اللغة حينئذ لا يحتاج إلى كثير من كتب الأصول، ولذلك أذكر دائما كلمة الشاطبي - رحمه الله تعالى – يقول المبتدئ في اللغة العربية مبتدئ في الشريعة، جعل والانتهاء الابتداء والتوسط في الشريعة التي الوحيين الكتاب والسنة جعلها مرتبطة بعلوم اللغة، قال المبتدئ في علم اللغة مبتدئ في الشريعة والمتوسط في علم اللغة متوسط في الشريعة والمنتهي في علوم اللغة منتهي في الشريعة، وهذا كلام الشاطبي وهو أصولي. إذاً ثم ارتباط لا يمكن أن ينفك علم أصول الفقه عن علم اللغة ولذلك قال بعضهم علم أصول الفقه متوقف على معرفة اللغة وهو ركن ومعلوم أن الركن داخل في حقيقة الشيء، وأنه تفوت الحقيقة والماهية بفواته ولذلك يفوت أصول الفقه بفوات علم اللغة لورود الكتاب والسنة بها، والكتاب والسنة هما أدلة أصول الفقه. فمن لم يعرف اللغة لا يمكنه استخراج الأحكام من الكتاب والسنة وهذه كلمة حق، المبتدئ في اللغة مبتدئ في الشريعة والمتوسط في اللغة متوسط في الشريعة والمنتهي في اللغة منتهي في الشريعة. الغرض منه هو الفائدة كما قاله المصنف، معرفة كيفية اقتباس الأحكام، كيف نقتبس ولذلك في مختصر التحرير عرف بتعريف مغاير لهذا، قال أصول الفقه هو القواعد التي يُستنبط بها الأحكام الشرعية، إذا فائدة أصول الفقه أنه تُقتبس به الأحكام.

قال والأدلة، وهذا لا يمكن أن يكون فيه تحريف في النسخة كيفية اقتباس الأحكام من الأدلة وهذا لا إشكال فيه أو يكون على الأصل، معرفة كيفية اقتباس الأحكام هذا فائدة والأدلة يعني معرفة الأدلة الصحيحة من غيرها وهذا يحتاجه أو يُبحث عنه في أصول الفقه فعل الصحابي مثلاً هذا مما ينزع فيه هل هو دليل شرعي أو لا؟ من الذي يميز لك الأدلة الصحيحة من غيرها؟ من الذي يزيف لك الباطل ويُحسن لك الحق؟ هو الأصولي، وحال المستفيد الذي هو حال المقتبس يعني من هو الذي يقتبس الأحكام من أدلتها، هذه ثلاث وسائل ذكرها. أولاً تعريف أصول الفقه وهذا المراد بقول المبادئ كل فن، الحد حد لك أصول الفقه بمعنييه، ونسبة وفضله وفضله والواضح، فضله أونسبة – إنما بعد فن عشر الحد والموضوع ثم الثمرة، ثمرة الغرض المراد به الثمرة، أما فضله فإذا كانت الأحكام الشرعية مبناها على أصول الفقه فحينئذ نقول الوسائل لها أحكام المقاصد فضله ونسبته نسبته إلى سائر العلوم التباين أنه مُباين علم أصول الفقه مغاير لعلم التفسير مغاير لعلم الحديث ونحو ذلك، موضوعه في أي شيء يبحث؟ نقول في الأدلة، الأدلة نفسها الكتاب والسنة هي موضوع أصول الفقه، وقيل الأدلة والأحكام الشرعية، والجمهور على الأول، حكمه نقول فرض كفاية، وقيل فرض عين والمراد به أنه فرض عين في حق المجتهد يعني الذي أراد أن نزلت نازلة وأراد أن ينصب نفسه ويكفل أم في وجود حكم شرعي يتعلق بهذه النازلة، نقول في حقه فرض كفاية أو فرض عين؟ فرض عين، لماذا؟ لأنه نصب نفسه مقتبساً ومجتهداً، نقول من شروط الاجتهاد هو أن يقف على أصول الفقه. هل الأولى تقديم أصول الفقه على الفقه أم العكس؟ هذا مما وقع فيه نزاع بين الأصوليين أنفسهم، والأولى في مثل هذا يقال من عرف الأمور العينية الوضوء والصلاة وإذا وجبت عليه الزكاة عرف أحكام الزكام تفصيلا والحج إذا وجب عليه وعرف كيف يحج، الأولى فيما زاد على ذلك أن يقدم أصول الفقه على الفقه. أن يدرس أصول الفقه أولا ثم بعد ذلك إن أراد أني يدرس الفقه دراسة تفصيلية وبحثاً في أقولا الفقهاء والنظر في خلاف العلماء حينئذ لا يستفيد ولن يستفيد أبداً إلا إذا كان متقناً لأصول الفقه إتقان الأحكام لا يكون إلا بإتقان أصول الفقه. هذا ما يتعلق بشيء من المبادئ العشرة، ثم ذكر وقال: ذلك ثلاثة أبواب يعني أصول الفقه مذكور في ثلاثة أبواب في الحكم ولوازمه وهذا هو أول باب سيأتينا غداً بإذن الله تعالى وصلى الله وسلم على بينان محمد وعلى صحبه أجمعين. } - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - {

2

عناصر الدرس * الحكم ولوازمه * الحكم. والحاكم. والمحكوم فيه ,والمحكوم عليه. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا منحمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ ذكرنا في ما سبق المقدمة التي ذكرها المصنف رحمه الله تعالى فيما يتعلق بتعريف أصول الفقه بأنه يعرف من جهتين: من جهة كونه مركبا تركيبا إضافيا، ومن جهة كونه علما لقبيا لهذا الفن. قلنا المقصود هنا هو الحد الأول الذي ذكره، وهو معرفة الأدلة، أدلة الفقه إجمالا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد، هذه ثلاثة أركان، بعضهم زاد عليها: الأحكام الشرعية بمعرفة تصور الواجب والتحريم والإباحة والكراهة والندب، لماذا؟ لأن ثمرة الأدلة هي الأحكام الشرعية، عندنا مثمر وثمرة، المثمر هو الأدلة، والثمرة هي الأحكام الشرعية، والمستثمر هو المجتهد، وطرق الاستثمار هي وجه دلالة هذه الأدلة على الأحكام الشرعية التي ذكرها فيما سبق، والغرض منه معرفة كيفية اقتباس الأحكام، هذه تسمى طرق الاستباط، طرق الاستثمار. والمستثمر هو المجتهد، والثمرة هي الأحكام الشرعية. إذن هذه أربعة أركان لابد من الوقوف عليها. هل الأحكام الشرعية داخلة في موضوع أصول الفقه أو لا؟ هذه فيها نزاع، الجمهعور على أن موضوع أصول الفقه هـ الأدلة فقط، والأحكام ثمرة، حينئذ تكون الثمرة تابعة، والتابع لغيره غيرُه، لابد أن يكون مباينا مباينة تامة عنه. (الأحكام والأدلة الموضوع، وكونه هذي فقط مسموع) هكذا قال صاحب المراقي. (الأحكام والأدلة الموضوع) على قول من يرى الأحكام الشرعية داخلة في مسمى أصول الفقه ن يعني فيما يبحث عنه الأصولي، أفي ما يدور حوله موضوع أصول الفقه. ثم قال (وذلك ثلاثة أبواب). (وذلك) المشار إليه هو أصول الفقه، يعني كأنه حصر لك اصول الفقه في ثلاثة أبوزاب على سبيل الاقتصار، كما سبق أنه اختصر هذا الكتاب من كتاب مطول له، فقال: (وذلك ثلاثة أبواب، الباب الأول: في الحكم ولوازمه)، يعني سيذكر لك في هذا الباب حقيقة الحكم الشرعي؛ لأن البحث هنا في الشرعيات، ولوازمه: يعني لوازم الحكم، الحكم ولوازمه أربعة أقسام، لأن الحكم لا بد له من حاكم، ولا بد للحكم من محل، وهو المحكوم عليه، ولا بد من شيء يحكم فيه وهو المحكوم فيه، إذن أربعة أركان. إذن الحكم ولوازمه: الحكم هذا ركن خاص، ولوازمه: هذا جمع لازم، واللازم -كما هو معلوم-: ما يمتنع انفكاكه عن الشيء، حينئذ لا بد للحكم من حل، ولذلك حصر الأصوليون الأركان في أربعة أركان: وهي الحكم، هذا بحث خاص يبحثون فيه حقيقة الحكم، والحاكم، كم الذي يكون مصدرا للتشريع وهو الله عز وجل لأن كلامنا في الشرعيات، المحكوم فيه وهو أفعال العباد، فعل المكلف، المحكوم عليه، هو المكلف نفسه، الآدمي.

قال (في الحكم ولوازمه) قال: قيل فيه حدود، أسلمها من النقد والاضطراب: الحكم في اللغة المنع، يعني الحكم له معنيان، معنى لغوي ومعنى اصطلاحي، لابد – إذا اريد المعنى الاصطلاحي - أن يذكر المعنى اللغوي، ليعرف العلاقة بين المعنيين، المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، لأن المعنى الاصطلاحي هذا حقيقة عرفية أو شرعية، لا بد له من إحدى الحقيقتين إما حقيقة شرعية وإما حقيقة عرفية، ومعلوم أن الأصل في اللغات أنها تحمل على الحقيقة اللغوية، ولا يجوز التخصيص أو التعميم بنقله إلى حقيقة عرفية أو شرعية إلا إذا ثبت أن هذا المعنى قد استعمل في لغة العرب، هذا هو الأصل، ولذلك إذا عُرف الإيمان يقال الإيمان لغة كذا، والإيمان في الشرع كذا، الصلاة لغة الدعاء، وفي الاصطلاح أقوال وأفعال .. الخ، لم يذك الفقهاء هذه المعاني؟ ليبين لك أن ثَمَّ تناسبا بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي الذي يعبر عنه بالحقيقة العرفية أو الحقيقة الشرعية. إذن نقول هنا الحكم ليُعرف العلاقة بين الحكم الشرعي والحكم اللغوي. الحكم لغة: المنع، ومنه سمي القضاء حكما، لماذا؟ قالوا لأنه يمنع من غير المقضي منه، إذا حكم القاضي فقد أثبت الحكم الذي يراه، ومنع غره من أن ينفذ حكمه على المحكوم عليه. إذن الحكم في اللغة هو المنع، ولذلك قول جرير يُذكر في هذا الموضع: أبني حنيفة احكموا سفاءكم .. إني أخاف عليكمُ أن أغضبَ فإذا قيل: حكم الله في هذه المسألة الوجوب، معناه أن الله عز وجل قضى في هذه المسألة بالوجوب ومنع من مخالفة هذا الحكم. ولذلك سميت الحكمة حكمة كما قيل مشتقة مشتقة من الحكم، لماذا؟ لأن فيها منعا، تمنع صاحبها من الوقوع في الرذائل والأخلاق غير المحمودة. إذن عرفنا الحكم في اللغة. أما في الاصطلاح، فذكر بعضهم كالشيخ الأمير رحمه الله في المذكرة وغيرها، أن الحكم اصطلاحا هو إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه، إذن الحكم يكون بالإثبات إيجابا ويكون بالنفي سلبا، زيد قائم: هنا حكمت على زيد بثبوت القيام، زيد ليس بقائم: هنا حكمت على زيد بسلب القيام عنه. إذن الحكم يؤكون بالإثبات ويكون بالنفي. إذن لا يتصور كما يظن البعض أن الحكم دائما إذا قيل حرام معناه أنه قد حكم وأفتى، وإذا قيل ليس بحرام معناه ليس مفتى، لا هو أفتى في الموضعين، في الإثبات بإثبات التحريم، وفي النفي بنفي التحريم. هذا من حيث الجملة: إثبات أمر لأمر: زيد قائم، أو نفيه عنه: زيد ليس بقائم. هذا من حيث الجملة.

ثم يتنوع بالاستقراء إلى أنواع ثلاثة أو أربعة أو خمسة، على خلاف بينهم. إن كان موضع النسبة، محل النسبة مستفادة من الشرع، يعني إثبات أمر لأمر لأمر، من المثبت؟ إذا كان الشرع فحينئذ يكون الحكم شرعيا، الذي أثبت إذا كان المثبت لأمر آخر هو الشرع صار الحكم شرعيا، أو نفيه صار الحكم شرعيا. إذا كانت النسبة مستفادة من العقل، العقل هو الذي أثبت الأمر للأمر أو نفاه عنه، حينئذ يكون الكم عقليا. إن كانت النسبة مستفادة من التجربة، نقول حينئذ الحكم تجريبيا. إن كانت النسبة مستفادة بالإثبات أو النفي من الاصطلاح أو الجعل، كالفاعل مرفوع، والفاعل ليس بمنصوب، نقول هنا الحكم اصطلاحي أو جعلي. إن كانت النسبة مستفادة من الحس، بالإثبات أو بالنفي، حينئذ نقول الحكم حسي. إذن يتنوزع الحكم باعتبار محل النسبة. الوسط الذي يشترك فيه الكل إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه. في جميع الأنواع الخمس هذه نقول فيها إثبات وفيها نفي، لكن موضع الإثبات، أو محل استفادة الإثبات أو النفي يتنوع بتنوع المثبت أو النافي. إن الشرع فالحكم شرعي، إن كان العقل فالحكم عقلي. (الكل أكبر من الجزء) هذا إثبات، نقول هذا الحكم مستفاد من العقل، (الجزء ليس أكبر من الكل) هذا الحكم بالنفي والسلب، مستفاد من العقل. (بعض الأدوية ثبت أنها مسهلة أو مسهرة) فنقول هذه ثبتت بالتجربة. كذلك نقول (النار محرقة) النسبة هنا حسية , (النار ليست باردة) حسية، حسية لمن؟ أنت إذا حكمت بأن النار محرقة، هل أنت أحسست بأن النار محرقة؟ أم شاع وذاع بأن النار محرقة؟ أصل الحكم لمن جرب يكون حسيا، أما بعده فبعضهم يرى أنه عقلي، لماذا؟ لأنه شاع وذاع وصار كالضروري أن هذا الحكم حسي. والمراد الذي معنى المراد به الحكم الشرعي، الحكم قيل فيه حدود، يعني في الاصطلاح لا في اللغة، لماذا؟ لأنه أتى بـ (ال) وهذه للعهد الذكري، لأنه سبق هناك وقال في حد الفقه: معرفة أحكام الشرع. فقال والحكم، لما أخذ الأحكام الشرعية فصلا في حد الفقه اعاد الحكم معرفا بـ (ال). والنكرة إذا أعيدت معرفة فهي عين الأولى. إذن نقول الحكم هنا المراد الحكم الشرعي لأنه أطلق هناك في الفقه فقال معرفة أحكام الشرع. قيل فيه حدود، يعني كثرت الحدود، حدود جمع حد، والحد في اللغة المنع، وفي الاصطلاح الجامع المانع. الجامع المانع حد الحد ..

الجامع لكل أفراد المحدود، بحيث لا يخرج عنه فرد من افراده، المانع من غيره المحدود من الدخول في الحد، ولذلك قيل: سمي البواب حدادا، لأنه يمنع الخارج من الدخول، وقد يمنع الداخل من الخروج، إذن هو حامٍ يمنع الداحل من الخروج، كالصبيان، ويمنع الخارج من الدخول، حينئذ هو حداد، لذا قيل البواب هو حداد لأنه جامع مانع. وكذلك الحدود التي هي التعريفات عند أرباب الفنون، هي جامعة مانعة، تجمع أفراد المحدود، وتمنع غيرها من الدخول فيها. ولا يشترط فيه ألا ينتقد أو أن لا يعترض عليه باعتراض، لأنه كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية لم يسلم حد في الدنيا من الاعتراض، الحد التام الذي يعنون له المناطقة هو يقولون يعسر وجوده، فإذا كان أهل الصنعة يقولون يعسر الإتيان به مفمن باب أولى لا يأتس به أصحاب الأصول ونحوهم ز فحينئذ نقول كل ما يذكر في الأصول أو في الفقه أو في النحو أو في الصرف من الحدود، هذه أشبه ما يكون بالرسوم المقربة للمحدود، أما أنه لا يعترض عليه بأي اعتراض، أو أنه لا بد أن يسلم من كل اعتنراض هذا لا يمكن، لأنها رسوم وليست بحدود، ولأن المعرفات – كما هو معلوم – ثلاثة: حد ورسم ولفظي. معرف على ثلاثة قسم .. حد ورسمي ولفظي عُلم لذلك اختلفت الحدود فيه، اختلفت التعاريف، أسلمها من النقض والاضطراب. من النقض: النقض المراد به هنا أن يدخل في الحد غير المحدود، وهو التعريف غير المانع، إذن نقض أو انتقض الحد لكونه غير مانع مثل ماذا؟ لو قيل: ما الإنسان؟ فقال: حيوان، جميع أفراد المحدود (الإنسان) دخلت في لفظ حيوان، أليس كذلك؟ هل خرج فرد من أفراد المحدود (الإنسان) عن لفظ حيوان؟ الجواب لا. لكن هل منع هذا اللفظ من غير ألفاظ المحدود من الدخول في الحد؟ الجواب لا؛ لأن الحيوان هذا يصدق على الإنسان بكل أفراده، ويصدق على الفرس والحمار والبغل إلى آخره، إذن هذا غير مانع، هو جامع، لكنه ليس مانعا. هذا يسمى النقض. والاضطراب: أن يكون الحد غير منضبط، عكس الأول، يعني غير جامع، الحيوان ما هو؟ قال: الناطق، عرف لي الحيوان، فقال: الناطق، الناطق هذا خاص بالإنسان، حينئذ نقول هذا جامع أو مانع؟ لم يجمع كل الأفراد، لأن الحيوان ليس مختصا بفرد واحد هو الناطق وهو الإنسان، وبل يشمل الإنسان الناطق ويشمل عيره، إذن أسلمها من النقض والاضطراب لكونها غير جامعة أو غير مانعة هو ما سيذكره المصنف. لكن يرد السؤال: لماذا اضطرب الأصوليون في حد الحكم؟ اختلفت كلمة الأصوليين في حقيقة الحكم وتفسيره لأمرين، يعني سبب الاصطراب أمران:

الأول: أن بعض المكلفين غير موجود وقت الخطاب، وقت تنزل القرآن بعض المكلفين غير موجود، بل هو معدوم وخطاب المعدوم محال، لأنه ليس بشيء، المعدوم ليس بشيء، حينئذ كيف يخاطب؟ بعض المكلفين غير موجود وقت الخطاب، يعني إذا نزل قرآن بأمر أو نهي " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة "، المخاطب به من؟ وقت التنزيل المخاطب به الصحابة رضي الله عنهم، إذن الصحابة مكلفون، هل هم كل المكلفين من أول الدنيا إلى آخرها؟ لا، ليسوا كل المكلفين، غذن هم بعض المكلفين، نزل القرآن وخاطب الرب جل وعلا الصحابة بقوله " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة "، إذن بعض المكلفين حين التنزيل كان موجودا ولا إشكال أن الحكم كان متعلقا بهم، لكن انقرض عهد الصحابة وجاء بعدهم التابعون وبعدهم إلى يومنا إلى أن تقوم الساعة، هؤلاء مكلفون أم لا؟ إن قلتَ: مكلفون، فحينئذ لا يشملهم الخطاب لأنهم لم يثخاطبوا، لأن معنى الخطاب إلى الغير، أن يكون مباشرة، هذا الأصل فيه في لغة العرب، فحينئذ كيف يكون الخطاب الأول الموجه للصحابة، يكون موجها للصحابة وهم موجودون، وشاملا لمن يأتي بعدهم؟! فبعض الأصوليين أراد أن يأتي بحد جامع للصحابة ولغيرهم، لماذ؟ لأن الخطاب كما يشمل الموجود كذلك يشمل المعدوم، لكن بشرطه كما سيأتي. هذا أولا: أن بعض المكلفين غير موجودين في وقت الخطاب وقت تنزيل القرآن. والمعدوم ليس بشيء فحينئذ كيف يخاطب؟ ونريد في الحد حد الحكم الشرعي الجامع للموجودين ولغيرهم بحد واحد منضبط؟ فاضطربت كلمتهم. السبب الثاني: أن الأصوليين أكثرهم في باب المعتقد لم يكونوا جميعا على عقيدة الأشاعرة والكلابية والمعتزلة إلى آخره، بعضهم ينكر لكلام كلام الرب جل وعلا ويقول بأن هذا القرآن مخلوق، وبعضهم يثبت الكلام النفسي كالأشاعرة والكلابية، فحينئذ كلام الرب جل وعلا وهو خطابه الذي هو الحكم الشرعي عند الأصوليين، هذا معنى قائم بالنفس مجرد عن الصيغة. بسبب هذين الأمرين اضطربت واختلفت كلمة الأصوليين في حقيقة الحد. وسيأتي في موضعه إن شاء الله في (باب الأمر) إثبات فساد كلام الأشاعرة في إثبات الكلام النفسي. إذن عرفنا أن المصنف هنا – رحمه الله – حكم على كثير من الحدود بأنها مضطربة، وهو جاء بحد يرى أنه أسلم الحدود، وهو فيه نوع اضطراب وإيهام أيضا. قال إنه (قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نطقا أو استنباطا). (أنه) أي الحكم في الاصطلاح عند الأصوليين (قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نطقا أو استنباطا).

اعلم أولا أن الحكم الشرعي هذا يرد عند الفقهاء ويرد عند الأصوليين، فله مبحثان: مبحث فقهي، ومبحث أصولي، لماذا؟ لأن الأحكام الشرعية يثبتها الأصولي ويثبتها الفقيه أيضا، ولكن الأصولي يثبتها من حيث هي، والفقيه يثبتها من حيث تعلقها بأفعال المكلفين، ولكن النظر للحكم الشرعي من حيث هو عند الأصوليين، ومن حيث تعلقه بفعل المكلف عند الفقهاء. فحينئذ ترتب على هذا الاختلاف النظري، نظر الأصولي في الحكم الشرعي، ونظر الفقيه للحكم الشرعي، اختلفت عبارة الفقهاء مع الأصوليين في حد الحكم الشرعي. ولذلك حد الحكم الشرعي عند الفقهاء – كما عبر عن ذلك صاحب " مختصر التحرير بقوله – مدلول خطاب الشرع، خطاب الشرع الذي هو القرآن والسنة، مدلوه يعني الذي دل عليه، أثر خطاب الشرع هو الحكم الشرعي، مدلول خطاب الشرع هو الحكم الشرعي. فحينئذ قوله: مدلول، يعني ما دل عليه خطاب الشرع، هذا يشمل الأحكام الخمسة عند الفقهاء: الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح. خمسة أحكام دخلت في هذا الحد. ويشمل المعدوم والموجود، لماذا؟ لأن خطاب الشرع كما يتعلق – وإن كان هناك فلسفة لبعض المتكلمين، لكن نقول المسألة محسومة شرعا، الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: " وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ " إذن نحتاج أن نختلف؟ لا نحتاج أن يكون في المسألة خلاف لورود النص، هذا القرآن قانون عام لكل مكلف بشروط التكليف كما سيأتي، كل من وجد على وجه الأرض منذ أن نزل إلى أن تقوم الساعة فالقرآن حاكم عليه شاء أم أبى. فحينئذ نقول: قوله مدلول الشرع يشمل الأحكام الخمسة التكليفية عند الفقهاء، ويشمل المعدوم حين تنزل الخطاب، لكن بشرطه، المعدوم مخطاب لا شك في هذا، لكن مخاطب متى؟ بشرطه وهو إذا وُجد مستجمعا لشروط التكليف، يعني " أقيموا الصلاة " هذا موجه للصحابة، والمكلف منهم قد خوطب بهذا النص، من بعدهم مخاطب بهذا النص لقوله تعالى: " لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ "، لكن مطلقا لا، وإنما تعلق به الخطاب تعلقا معنويا، وهو أنه إذا وُجد وولد وساتكمل الشروط واستجمع شروط التكليف حينئذ تعلق به الخطاب. فقوله " اقيموا الصلاة " نقول متعلق بالمكلفين الموجودين ومتعلق أيضا بالمعدومين إذا وُجدوا مستجمعين لشروط التكليف. يسمى عن الأصوليين التعلق الأول (التعلق التنجيزي) إذا كان الخطاب نزل على المكلفين مباشرة وهم موجودون يسمى تعلقا تنجيزيا. وتعلقه بالمعدومين بشرط وجودهم مستكملين لشروط التكليف يسمى تعلقا معنويا. إذن التعلق نوعان تنجيزي ومعنوي. هذا ماذا؟ تعريف الحكم الشرعي عند الفقهاء: مدلول خطاب الشرع.

مدلول خطاب الشرع المراد به كما في قوله تعالى " وأقيمو الصلاة " وجوب الصلاة، هذا لفظ ومدلول، كلام مفيد أليس كذلك؟ مدلوله ماذا؟ وجوب الصلاة. ونفسه الكلام هذا دليل الحكم الشرعي عند الفقهاء وليس هو الحكم الشرعي، إذا قيل " وأقيمو الصلاة " نقول هذا دليل، ثبت به وجوب الصلاة. ما الحكم الشرعي عند الفقهاء؟ " أقيموا الصلاة " أم وجوب الصلاة؟ إذن: مدلول خطاب الشرع، ما دل عليه خطاب الشرع، " وآتوا الزكاة " نقول نفس الـ[ .. ] كلام الله عز وجل، هو خطاب مدلوله الذي دل عليه هو وجوب الزكاة. حينئذ عندنا دليل ومدلول، الدليل نفس الخطاب: كلام الله عز وجل، المدلول ما دل عليه الخطاب وهو وجوب الصلاة ووجوب الزكاة. نظر الفقيه إلى المدلول لكون بحث الفقيه في أفعال العباد، في أفعال المكلفين، ولا ينظر إلى الشرع إلا بهذا الارتباط، كل شيء يتعلق بفعل المكلفين يكون هو محلا لبحث الفقيه. أما الأصوليون فلهم نظرة أخرى. قالوا لا، ليس مدلول خطاب الشرع وهو وجوب الصلاة ليس هو الحكم الشرعي، وإنما الحكم الشرعي هو نفس اللفظ. " أقيموا الصلاة " نفسه اللفظ كلام الله هو الحكم الشرعي، وليس مدلوله. إذن اختلفت العبارات أم لا؟ اختلف النظر أن لا؟ اختلف النظر. عند الأصوليين قد يعترض عليهم بماذا؟ بأن يُقال: اتحد الدليل والمدلول، لماذ؟ لأن دليل وجوب الصلاة هو " أقيموا الصلاة "، وجوب الصلاة ثبت بماذا؟ بقوله " أقيموا الصلاة "، يرد عليهم عند بعضهم أنه اتحد الدليل والمدلول، لكن ليس بصواب هذا، اتحد الدليل والمدلول هذا نقول باختلاف النظرين، أن تفرق بين الحكم الشرعي عند الأصوليين وعند الفقهاء، فإذا علمت أن الحكم الشرعي عند الأصوليين هو نفس الخطاب، حينئذ لا يرد عليهم أنه المدلول، وإذا قلت إن الحكم الشرعي عند الفقهاء هو مدلول خطاب الشرع لا يرد عليهم أيضا ماذا؟ أن " اقيموا الصلاة " هو الحكم الشرعي. وعليه نقول: فرق الأصوليون بين الدليل والمدلول، فقالوا الدليل هو الحكم الشرعي، ولذلك عرفون بأن الحكم الشرعي عندهم هو (خطاب الله المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف به)، وزاد بعضهم (بالاقتضاء أالتقييد أو الوضع). (خطاب الله) عبر بعضهم بكلام الله، كما قال صاحب المراقي: كلام ربي إن تعلق بما ... يصح فعلا للمكلف اعلما من حيث إنه به مكلف ... فذاك بالحكم لديهم يعرف إذن ثَمَّ فرق بين الأصوليين والفقهاء في تحديد مفهوم الحكم الشرعي.

بعضهم يقول: الإيجاب هذا تعبير الأصوليين، والوجوب هذا تعبير الفقهاء، فإذا قيل أقيموا الصلاة نقول أوجب الله الله الصلاة إيجابا، فوجبت الصلاة وجوبا، فالإيجاب هذا وصف لنفس كلام الله لأنه هو الحكم الشرعي وهو صفة للحاكم، المدلول الذي هو الوجوب هذا ما دل عليه " أقيموا الصلاة "، إذن " أقيمو الصلاة " له نظران، له اعتباران، نظر الأصولي إذلى ذاته فنسبه إلى الله قائله، وهو حكم، والحكم صفة الحاكم، حينئذ قال " أقيموا الصلاة " هو الحكم الشرعي. الفقيه نظر باعتبار تعلقه بفعل المكلف، فقال ما دل عليه اللفظ " أقيموا الصلاة " وهو وجوب الصلاة. إذن نقول كما قال [ ... ] أن الحكم الشرعي عند الأصوليين والحكم الشرعي عند الفقهاء المعبر عنه بالإيجاب والوجوب هما متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، متحدان بالذات يعني الذات واحدة، وهي كقوله " وأقيموا الصلاة "، مختلفان بالاعتبار بالنظر، إن نسبت هذا اللفظ غلى كونه كلاما لله عز وجل، قلتَ هذا إيجاب وهو صفة له وهو حكم شرعي. إن نظرتَ إلى كونه متعلقا بفعل المكلف، فمدلوله وجوب الصلاة، هذا نظر الفقيه، وكلٌ نظر إلى بحثه؛ لأن موضوع أصول الفقه هو الأدلة، فحينئذ ينظر في نفس اللفظ، هذا بحث الأصولي، وموضوع الفقه هو أفعال العباد، فحينئذ ينظر الفقيه بهذا الاعتبار. هنا ظاهر كلام المصنف الذي أختار أنه أسلم الحدود أنه يميل إلى الحكم الشرعي عند الفقهاء، ولذلك قال قضاء الشرع يعني ما قضى به الشرع، والذي قضى به الشرع هو مدلول خطاب الشرع، فحينئذ يكون هذا الحد على طريقة الأصوليين أم على طريقة الفقهاء؟ نقول الظاهر إنه على طريقة الفقهاء. والأولى أن يعرف بما عرفه جماهير الأصوليين، وهو أسلم الحدود من النقض والاضطراب ما ذكرناه لكم سابقا: خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، هذا الحد تضعه بين قوسين وتقول: أسلمها من النقض والاضطراب، وهو أولى مما ذكره المصنف، ونشرحه ثم نأتي على ما ذكره المصنف. (خطاب الله) خطاب هذا فِعال: لِفَاعَلَ الفِعالُ والْمُفَاعَلَهْ = وغيرُ ما مَرَّ السماعُ عادَلَهْ

إذن هو مصدر، خطاب: فاعل، خاطب زيدٌ عمرا خطابا ومخاطبة، قاتل زيد عمرا قتالا ومقاتلة، إذن هو مصدر. له معنيان: قد يُنظر إليه بالمعنى المصدري، يعني معناه المصدري ماهو إذا قيل خاطب زيد عمرا؟ وجه الكلامَ إليه. كذلك توجيه الكلام أو اللفظ المفيد إلى الغير لقصد الإفهام نقول هذا هو الخطاب. لكن هل المراد المعنى المصدري هنا؟ نقول: لا، المراد المخاطب به، غذا قيل تلفظ وملفوظ به. التلفظ غير الملفوظ به، الملفوظ به هو الذي تسمعه، والتلفظ هو الذي تراه من حركة اللسان ونحوه، فالتكلم والتكليم غير الكلام ز أليس كذلك؟ تصور معي: التكليم هو فعل وإصدار الكلام، حركة اللسان من مخارجه إلى آخره نقول هذا تكليم، إذن معناه المصدري هو إخراج الكلام، المعنى المراد من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول هو ما تسمعه، فالكلام غير التكليم والملفوظ به غير التلفظ وغير الللفظ. الخطاب هو توجيه الكلام غلى الغير لقصد الإفهام، هل هو مراد هنا؟ نقول لا، بل المراد به المخاطب به، فحينئذ يكون في الكلام أو في التعريف هنا مجاز مرسل من إطلاق المصدر وغرادة اسم المفعول. بعضهم عدل عن هذه العبارة فقال: كلام الله، لماذا؟ لأنهم يختلفون في الخطاب هل يسمى في الأزل كلاما أم لا ن فعدل صاحب المراقي إلى قوله: كلام ربي .. إلى آخره، إذن عرفنا أن المراد بالخطاب هنا المخاطب به، وليس المراد به المعنى المصدري الذي هو توجيه الكلام إلى الغير. خطاب هذا جنس في التعريف، فيشمل خطاب الله عز وجل، ويشمل خطاب الرسول صلى الله عليه سلم، ويشمل خطاب الإنس للإنس والجن للإنس والعكس والملائكة إلى غيره. لكن المراد هنا: خطاب الله، فبإضافته للفظ الجلالة خرج خطاب الإنس لبعضهم وخطاب الملائكة وخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم. لمذا؟ لأن الإضافة قيد، الإضافة نسبة تقييدية، إذا قيل: جاء غلامٌ، يحتمل أنه غلام امرأة ويحتمل أنه غلام ارجل، فإذا قلتَ: جاء غلام امرأة، تخصص أو لا؟ تخصص. فإذا قلتَ جاء غلام هند ازداد تخصيصا. هنا إقا قيل: خطاب الله، أضيف إلى المعرفة فاكتسب التعريف، فحينئذ نقول هذا قيد أول احترز به المصنفون وأرباب الأصول عن خطاب غير الله عز وجل، لماذا؟ لأننا نعرف الحكم الشرعي، ومصدر الحكم الشرعي من؟ الله عز وجل! " إن الحكم إلا لله "، إذن لا حاكم إلا الله، " والله يحكم لا مقب لحكمه "، " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ " إلى آخر الآيات الدالة على أن الحكم محصور في الرب جل علا، فلا حاكم إلى الله، وكل تشريع من سواه فهو باطل مردود على أهله ز

ورد إشكال: إذا قيل: الحكم الشرعي خطاب الله كلام الله عز وجل، الأحكام الشرعية نقول في الفقه مثلا: تستمد الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وعند من صحح فعل الصحابي وقول الصحابي والمصالح المرسلة وشرع من قبلنا إلى آخره، إذا حصرنا الأحكام الشرعية بكونها مأخوذة من القرآن فحسب، أو بكونها كلام الله فحسب حينئذ خرج كثير من الأحكام التي ثبتت بالسنة، والتي ثبتت بالإجماع، والتي ثبتت بالقياس، فحينئذ يكون هذا الحد غير جامع لأن ثم أحكام ثابتة بالسنة وهي أحكام شرعية، وثم أحكام ثابتة بالإجماع وهي أحكام شرعية، وثم أحكام ثابتة بالقياس وهي أحكام شرعية. وإذا قلنا الحكم الشرعي محصور في خطاب الله عز وجل صار الحد غير جامع. الجواب عن هذا نقول: أولا: بالمنع، نمنع أن هذه المصادر مصادر الاقتباس للأحكام الشرعية نمنع كونها خارجة عن الحد، لماذا؟ أولا لأن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم راجع إلى خطاب الله عز وجل، لذلك قال المصنف: والرسول صلى الله عليه وسلم مبلغٌ ومبين لما حكم به " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ " أليس كذلك؟ وجميع ما في السنة داخل في قوله تععالى – كما نص أهل العلم -: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا "، " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ "، " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " إلى آخر الآيات الدالة على أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لله، وعلى أنا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما جاء به الرب جل وعلا، حينئذ لا غشكال، فكل حكم شرعي ثبت بالسنة بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم، نقول: السنة كاشفة للخطاب الإلهي الأصلي، وهو كونه وحيا، لقوله تعالى " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى "، إذن كل ما ثبت في السنة فهو داخل في القرآن فلا إشكال، فإذا قيل خطاب الله يشمل السنة كما يشمل القرآن. ما ثبت من الأحكام الشرعية بدليل الإجماع نقول: معلوم اتفاق أهل الإجماع أن الإجماع لا بد له من مستند يستند عليه، وهو كتاب أو سنة، حينئذ رجع إلى خطاب الله. ما ثبت بالقياس نقول: هذا لا بد له من أصل يعتمد عليه القائس، الأيس كذلك؟ المجتهد الآن عندما يجتهد لا بد أن ينقل حكم المعلوم إلى الفرع المجهول، المعلوم لا بد الذي هو الأصل الذي قيس عليه، لا بد أن يكون ثابتا بدليل شرعي. فإذا ثبت بالقرآن لا إشكال، فإذا ثبت بالسنة أرجعنا السنة إلى القرآن، فإذا ثبت حكم الأصل بالإجماع أرجعنا الإجماع إلى الأصل. حينئذ نقول لا تخرج هذه المصادر عن كونها خطاب الرب جل وعلا. إذن خطاب الله شامل للسنة ومشامل للإجماع وشامل للقياس. بعضهم عدل هذه العبارة، إذا تسليم الحل، نقول: خطاب الشرع أو قضاء الشارع كما قال هنا، لكن لا نعبر بالقضاء نقول خطاب الشارع أو خطاب الشرع، وإطلاق الشارع على الله عز وجل من باب الإخبار لا من باب أنه اسم من أسمائه جل وعلا، لقوله تعالى " شرع لكم من الدين ... "، حينئذ لا بأس من إطلاقه، فقيل الشارع هو الله ن وقيل أيضا الشارع هو النبي صلى الله عليه وسلم.

يرد إشكال فيما اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن له أصل في الكتاب، لأن السنة كما هو معلوم إما مؤكدة وإما مؤسسة، مؤسسة غذا قلنا " وما ينطق عن الهوى " حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم قد يجتهد في بعض المسائل فلا تكون موجودة في الكتاب، فهل النبي صلى الله عليه وسلم مشرع استقلالا؟ نقول: لا، ما اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ووافق الصواب وافق الحق حينئذ نستدل بإقرار الرب جل وعلا على هذا الحق، فهو مرجوع إلى خطاب الله عز وجل، وما اجتهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وكان خلاف الأولى فحينئذ لا بد ان يأتي الوحي بالتصحيح والإرجاع إلى الصواب. لذلك لما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة هل تكفر كل شيء؟ قال نعم، ثم دعا السائل فقال له: إلا الدين أخبرني به جبريل آنفا. فدل على مذا؟ النبي صلى الله عليه وسلم قد يجتهد ثم يُصحح من السماء. إذن (خطاب الله المتعلق)، عرفناأن المراد بخطاب الله هو كلام الله اقلرآن، وجميع المصادر الأخرى راجعة إلى القرآن، خطاب الله عز وجل متنوع، منه ما يتعلق بذاته، منه ما يتعلقبأسمائه وصفاته ن منه ما يتعلق بأفعال المكلفين ن منه ما يتعلق بذوات المكلفين، منه ما يتعلق بالجمادات، منه ما يتعلق بالبهائم، ونحو ذلك، إذن ليس على وتيرة واحدة، ما هو الحكم الشرعي من هذه المسائل كلها؟ قال: (المتعلق بفعل المكلف) هذا احترازا عن خمسة أشياء، لأن خطاب الله أنواع، فأخرج قوله (المتعلق بفعل المكلف) خطاب الله المتعلق بذاته جل وعلا كقوله تعالى " شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ "، هذا خطاب الله أم ماذا؟ خطاب الله، هل هو حكم شرعي؟ من حيث اللفظ نقول لا ليس بحكم شرعي، لأن متعلقه عند الأصوليين ليس بفعل المكلفوإنما بذاته جل وعلا فلا يسمى حكما شرعيا عند الأصوليين. خرج ما يتعلق بصفاته جل وعلا " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ "، " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى "، " وهو السميع البصير "، " إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا "، نقول هذا خطاب الله القرآن، لكن ليس متعلقا بفعل المكلف، وإنما تعلق بصفاته جل وعلا وأسمائه. الثالث ما تعلق بفعله كقوله " الله خالق كل شيء "، الرابع ما تعلق بذوات المكلفين لا بأفعال المكلفين، بذات المكلف " ولقد خلقناكم ثم صورناكم "، " خلقكم من نفس واحدة "، هذا متعلق بماذا؟ بالذات لا بالفعل الذي هو ثمرة الكسب والإرادة عن المكلف. خامسا خرج ما تعلق بالجمادات " يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة "، نقول هذا خطاب الله هل هو حكم شرعي؟ نقول لا، في الاصطلاح ليس بحكم شرعي، لماذا؟ لأنه وإن كان خطاب الله وإن كان كلام الله غلا أنهليس متعلقا بفعل المكلف، وإنما تعلق بالجمادات. زاد بعضهم سادسا: المتعلق بالبهائم " يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ "، " والطيرُ "، قراءتان، " الطيرَ " منادى، هذا خطاب موجه إلى الطير، هل ننقول هو حكم شرعي؟ الجواب لا لأنه خطاب متعلق بالبهائم. إذن خطاب الله انواع، كونه المتعلق بفعل المكلف أخرج الخمسة التي ذكرناها أو الستة.

ما المراد بـ (المتعلق)؟ التعلق المراد به الارتباط، يعني يأتي خطاب الله مبينا وكاشفا ورافعا لصفة فعل المكلف، هل هو مطلوب الفعل أو لا، هل هو مطلوب الترك أو لا، هل هو مأذون فيه أو لا. لأن فعلك أنت من ذهابك وإيابك، المشي القيام القعود، الكلام الاعتقاد النية،، كل الأفعال التي يمكن ان تصدر عن الإنسان نقول: هذه الإنسان ليس حرا فيها ن بل هي محكومة من سابع سماء، لماذا؟ لأنك عبد " وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون "، فحينئذ العبادة حاصرة للإنسان في كل وقته وفي كل أنفاسه، فكون خطاب الله متعلقا بمعنى أنه مرتبط ن وهذا الخطاب وهذا النص تعلقه ومفهومه ومدلوله وحديثه وكلامه عن فعل من أفعال المكلقين، من أي جهة؟ من كونه هذا الفعل هل هو مطلوب منك إيجاده، لا بد ان تتي به، على جهة الجزم أو الاستحباب، هل هو مطلوب الترك؟ لا بد أن تتركه جزما أو [ .. ]، هل أنت مخير فيه بين الفعل والترك؟ إذن (المتعلق) لا بد أن تدرك معنى المتعلق بمعنى المرتبط، وفسر بعضهم المتعلق الذي من شأنه أن يتعلق، يعني تسمية للشيء بما يؤول إليه، وهو نوع من أنواع المجاز المرسل عند البيانيين. قال (المتعلق بفعل المكلف) هذان لفظان (فعل) و (مكلف). من هو المكلف؟ الآدمي البالغ العاقل غير الملجئ بشرطه. م االمقصود بفعل المكلف؟ الفعل له إطلاقان: إطلاق لغوي، وإطلاق عرفي اصطلاحي عند الأصوليين، وهو متعَلَّق الخطاب أو الحكم الشرعي عندهم.

أما في اللغة فالفعل ما يقابل القول والاعتقاد والنية. إذا نظرنا في حال الإنسان إما أن يفعل فعلا صريحا، كالسرقة والزنا – والعياذ بالله – أو يمشي أو يجلس أو يقوم فيصلي، نقول هذا فعل ظاهر صريح. وإما أن يقول قولا، وإما أن ينوي، وإما أن يعتقد اعتقادا وإما أن يترك. هذه خمسة أشياء ولا سادس لها، هذا الذي يمكن أن يصدر من الإنسان. قلنا: الفعل في اللغة ما يُقابل القول والاعتقاد والنية، إذن ما هو؟ الفعل الصريح، الفعل في اللغة هو الفعل الظاهر الصريح من الإنسان كالمشي والقيام والقعود. أما القول فلا يسمى فعلا في اللغة، وأما الاعتقاد فلا يسمى فعلا في اللغة، وأما النية فلا تسمى فعلا في اللغة. وهذا من جهة النفي في اللغة فيه إشكال لأنه ثبت في الشرع. أما في الاصطلاح عند الأصوليين والعرف فالفعل: كل ما يصدر عن المكلف، فهو فعل، وتتعلق به قدرته من قول أو فعلا او نية أو اعتقاد. أربعة أمور كلها تسمى أفعالا عند الأصوليين ن وهي محل تعلق خطاب الله تعالى للحكم الشرعي، فنقول ماذا؟ هل سميى الفعل الصريح فعلا، نقول لا إشكال فيه، لأنه متفق عليه عرفا ولغة، فالسرقة تسمى فعلا والمشي يسمى فعلا لغة واصطلاحا، هل يسمى القول فعلا؟ نقول نعم يسمى القول لغة ونفيه في اللغة هذا فيه غشكال لأنه ورد في القرآن قال جل وعلا: " زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ "، أطلق الفعل على القول، غذن يسمى القول فعلا ن هل يسمى الاعتقاد والنية هل تسمى فعلا او لا؟ نقول نعم تسمى فعلا، بدليل مؤاخذة الشرع بها، جاء في النص قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " القاتل هذا فعلا فعلا صريحا ن والمقتول ما فعل شيئا، قالوا: يار سول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ فعل فعلا صريحا فأخذ به، إذن الجزاء المترتب كونه في النار مترتب على فعل صريح أما المقتول هاذا ما فعل شيئا ن فقال صلى الله عليه وسلم: " إنه كان حريصا على قتل صاحبه ". لإذن العزم المصمم والنية الجازمة والإرادة الجازمة هذه تسمى فعلا؛ لأنه لا تكليف إلا بفعل كما سيأتي. ما وجه الاستدلال؟ نقول: كون المؤاخذة مركبة على العزم المصمم والإرادة الجازمة، ولا غثم غلا على فعل. فحينئذ دل على أن العزم المصمم هذا فعل. ماذا بقي؟ الترك. الترك هذا مختلف فيه عند الأصوليين، هل يسمى فعلا أم لا؟ والأصح والأرجح أنه فعل. ولذلكقال صاحب المراقي: ولا يكلف بغير الفعل .. باعث الأنبيا ورب الفضل فكفنا في النهي مطلوب النبي .. والكف فعل في صحيح المذهب قال عبر عن الترك بالكف لأن الترك نوعان: مطلق ترك، ليس فيه حبس للنفس، هذا أمر عدمي لا يتعلق به التكليف، وهناك ترك مع كف نفس يعني يمنع نفسه من الداخل، فهذا يسمى كفا ويسمى تركا، لكن يسمى كفا لأنه أخص من مطلق الترك. هذا هو الذي هو متعلق التكليف، هل يسمى فعلا في الشرع وهل تترتب عليه الأحكام من جهة الثواب والعقاب أو لا؟ نقول: الصواب: نعم، والكف فعل في صحيح المذهب، الدليل على هذا من الكتاب والسنة واللغة.

أما الدليل من الكتاب فقوله جل وعلا: " كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " هو ترك التناهي عن المنكر، وهذا ترك، فسماه فعلا " لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " والصنع أخص مطلقا من الفعل. كل صنع فعلا ولا عكس، لأن الصنع فعل وزيادة، كونه على هيئة معينة، وإذا ثبت الأخص يستلزم ثبوت الأعم، حينئذ " لبئس ما كانوا يصنعون " نقول هذا أخص من مطلق الفعل، وثبوت أو إثبات الأخص يستلزم ثبوت أو إثبات الأعم. من السنة قوله صلى الله عليه وسلم: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "، قال " من سلم " وهو كف الأذى، كف الأذى إسلام أو لا؟ إسلام، ترتب عليه الثواب أو لا؟ يترتب عليه الثواب، حينئذ سمي الكف فعلا، سمي إسلاما. أما من اللغة فقول الراجز، وهو من الصحابة: لئن قعدنا والنبي يعمل .. لذاك منا العمل المضلَّلُ (لئن قعدنا) يعني ترك مساعدة النبي في حفر الخندق، تركنا العمل مع النبي صلى الله عليه وسلم، (لذاك منا) الذي هو القعود (العمل المضلل) فسماه الصحابي (العمل المضلل) إذن هو فعل. إذن نقول الفعل اصطلاحا: كل ما يصدر عن المكلف وتتعلق به قدرته، لماذ تتعلق به قدرته عنا؟ احترازا من المُلجأ الذي ألجئ إلى فعل ليس له قدرة واختيار في دفعه، أُخذ برمته وألقي من أعلى الشاهق على شخص فمات، هذا يثسمى المُلجأ، هل هو قاتل؟ لا ليس بقاتل بالإجماع، بالاتفاق أنه ليس مكلفا، فليس بآثم وليس بقاتل، فحينئذ نقول: هذا الذي لم تتعلق قدرته بالفعل، غير مراد هنا بالتكليف، لو قلنا مكلف لوجب إدخاله في الحد هنا (خطاب الله المتعلق بفعل المكلف). إذن الفعل في الاصطلاح هو المراد هنا في الحد: كل يصدر عن المكلف وتتعلق به قدرته من فعل أو قول أو اعتقاد أو نية أو كف. هذه خمسة اشياء. المكلف قلنا نفسره بماذا؟ البالغ العاقل، ولا نقول المكلف من تعلق به التكليف؛ لأنه يلزم علينا الدور وهو ممتنع. من هو المكلف؟ من تعلق به الحكم الشرعي. والحكم الشرعي يتعلق بمن؟ بالمكلف، هذا يسمونه ماذا؟ الدور، وهذا ممتنع، إذا كان أحدهما لا يفسر إلا بالآخر يسمى دورا عنده. قال (بفعل المكلف)، بعضهم يقول (بأفعال المكلفين) بالجمع، وهذا ليس بسديد، لماذا؟ لأن الحكم الشرعي قد يتعلق بفعل مكلف واحد، كخصائص النبي صلى الله عليه وسلم، زواجه بأكثر من أربع حكم شرعي أم لا؟ حكم شرعي، هل تعلق بأفعال المكلفين؟ ها؟ لا لم يتعلق بأفعال المكلفين، وإنما تعلق بفعل مكلف واحد. كذلك ما ورد من إجزاء الـ[ .. ] لأبي بردة في الأضحية هذا خاص به ولا يتجاوز إلى غيره على قول الجمهور. حينئذ (بفعل المكلف) نقول ناتي بالواحد ولا نأتي بالجمع للدلالة على أن بعض الأحكام الشرعية قد تتعلق بفرد واحد أو بفعل مكلف واحد كخصائص النبي صلى الله عليه وسلم. قال (بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع) هذا ليبين لك أن الحكم الشرعي نوعان، حكم تكليفي وحكم وضعي. قوله (بالاقتضاء أو التخيير) هذا تضع بين قوسين أنه حكم تكليفي، (أو بالوضع) هذا حكم وضعي.

قوله (بالاقتضاء) هذا جار ومجرور متعلق بفوله (خطاب الله تعالى المتعلق بالاقتضاء)، أخرج ما تعلق بفعل المكلف لا من حيث أنه مكلف به وإنما من حيثية أخرى، قوله جل وعلا: " والله خلقكم وما تعملون " هذا (خطاب الله تعالى متعلق بفعل المكلف) أليس كذلك؟ إذن يصدق عليه الحد إلى هنا، لكن هل هو مطلوب الفعل أو الترك أو مخير في الفعل والترك؟ لا، وإنما من حيثية اخرى وهي الإخبار بأن أفعال العباد مخلوقة، " يعلمون ما تفعلون " هذا خطاب الله المتعلق بفعل المكلف لكن لا من حيث أنه مكلف يعني مطلوب الفعل أو مطلوب الترك أو مخير بين الفعل والترك، وإنما من حيثية اخرى وهو أن الحفظة تعلم فعل أو أفعال المكلفين. " ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون " قالوا فيها ما قيل في الأول، إذن قوله: (بالاقتضاء أو التخيير) هذا مخرج لخطاب الله المتعلق بفعل المكلف لا من حيث غنه مكلف به بل من حيثية أخرى. (بالاقتضاء) المراد بالاقتضاء هو الطلب، يعني يُطلب الفعل أو يُطلب الترك من المكلفين، وعليه نقول الطلب نوعان: طلب فعل إيجاد شيء، قم، افعل مثلا، طلب ترك، لا تفعل، وطلب الفعل هذا إما أن يكون على وجه الجزم أو لا. إذا طلب الشارع فعلا من المكلفين إما أن يطلبه على وجه الجزم والقطع بأن يرتب الوعيد على الترك، كقوله: " أقيموا الصلاة " نقول هذا خطاب الله تعالى متعلق بفعل المكلفين على جهة اقتضاء الطلب مع الجزم بحيث لا يجوز لهم ترك المأمور به، فإن تركوا تعلق بهم الوعيد. هذا يسمى: إيجابا. نفس النص " أقيموا الصلاة " يمسى إيجابا. طلب الفعل إن لم يكن مع جزم بأن جوز له ترك الفعل هذا يسمى ندبا والفعل الذي تعلق به الندب يسمى مندوبا. إذن هذان نوعان: إيجاب وهو حكم الشرع ن والفعل الذي تعلق به الإيجاب يسمى واجب، النوع الثاني الندب والفعل الذي تعلق به الندب يسمى مندوبا. هذا النوع الأول مطلوب الفعل. الثاني: مطلوب الترك كقوله " لا تقربوا الزنا " هذا إما أن يكون مع الجزم أو القطع، بان رتب الوعيد والعقاب على الفعل، هذا يسمى تحريما، والفعل الذي تعلق به يسمى حراما أو محرما. فإن كان طلب الترك لا مع الجزم بأن جوز له ارتكاب الفعل ولم يرتب العقاب على الفعل هذا يسمى كراهة والفعل الذي تعلق به يسمى مكروها. إذن أربعة احكام دخلت في قوله (بالاقتضاء). بقي الحكم الخاص، حكم تكليفي ن وهو الإباحة دخل بقوله (أو التخيير)، و (أو) هذه للتنويع والتقسيم وليست للشك، لأن (أو) التي للشك لا يجوز إدخالها في الحدود. ولا يجوز في الحدود ذكر أو .. وجائز في الرسم فادرِ ما رووا حينئذ نقول (أو) هذه للتنويع والتقسيم، (أو التنخيير) يعني استواء الطرفين؛ إن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل، نقول هذا حد الإباحة، إذن بهاتين الكلمتين (بالاقتضاء أو التخيير) نقول: شمل الحكمَ التكليفي بأنواعه الخمسة، أدخل الحكم التكليفي بأقسامه الخمسة. الحكم التكليفي – كما سيأتي – بالاتفاق أنه يشمل الإيجاب والتحريم، هذا لا إشكال فيه، وإنما وقع نزاع في الندب والكراهية، هل هما من الحكام التكليفية أم لا؟ الصواب أنهما من الأحكام التكليفية وسيأتي.

الحكم الخامس وهو الإباحة، هل هو حكم تكليفي أم لا؟ يكاد يكون إجماع أنه ليس بحكم تكليفي، إذن إذا لم يكن حكما تكليفيا لماذا أدخله في حد الحكم الشرعي؟ هو حكم شرعي وليس بحكم تكليفي، ولذلك يتنبه طالب العلم أن نفي الأصوليين عن الإباحة كونها حكما تكليفيا لا يلزم من ذلك أن تكون الإباحة ليست حكما شرعيا، بل هي حكم شرعي، وحديثنا الآن في التعريف هل هو من حيث الحكم الشرعي التكليفي فقط أم الحكم الشرعي من حيث هو؟ الحكم الشرعي من حيث هو، حينئذ نقول: إدخال التخيير هنا والمراد به الإباحة لا إشكال فيه أما عدها دون ذكرها في الحد يعني هكذا لو قال قائل: الأحكام التكليفية خمسة، دون النظر إلى حد الحكم الشرعي، فقال خمسة: الإيجاب وكذا وكذا والإباحة، نقول: ذكر الإباحة في ضمن الأحكام التكليفية هذا من باب التسامح والتوسع في العبارة، هكذا ذكر بعضهم، وبعضهم يرى – وهو أحسن – أن الأحكام التكليفية ذُكر فيها الإباحة لن متعلق الإباحة هو المكلف، لأن البهيمة فعلها لا يوصف بكونه مباحا، المجنون الذي لا يتعلق به التكليف لا يسمى فعله مباحا، وإنما هي حكم شرعي، وحينئذ إذا كانت حكما شرعيا كانت خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، والمجنون ليس مكلفا، ففعله ليس مباحا، والصبي بنوعيه المميز وغير المميز ليس مكلفا إذن فعله ليس مباحا، إذن ذُكرت ليس من باب التسامح والتوسع والتساهل، وإنما لكون متعلق الإباحة فعل المكلف، فبالنظر لهذه العلة ذُكرت ضمن أحكام الشرع التكليفية. (أو بالوضع) هذا لذكر الحكم الثاني وهو الوضع ن المراد بالوضع الجعل، وهو كون الشرع وضع علامة للدلالة على شيء آخر، لكونه إما سببا له، أو شرطا له، أو مانعا، أو كون الفعل صحيحا أو فاسدا، أو وُصف بالأداء أو بالقضاء أو بالإعادة كما يعبر بعضهم ويعمم الحكم الشرعي الوضعي. ولكن اتفق الأصوليونن على أن الأسباب والشروط والموانع أحكام تكليفية، هذا باتفاق، واختلفوا في الصحة والفساد والقضاء والرخصة والعزيمة والأداء والإعادة، هذه أحكام تكليفية ام لا؟ والصواب أنها ليست أحكاما تكليفية وإنما محصورة في الثلاثة كما سيأتي بيانه. إذن عرفنا الخلاصة أن الحكم الشرعي قسمان: حكم شرعي تكليفي، وهذا يدخل تحته خمسة أحكام، وحكم شرعي وضعي، هذا يدخل تحته ثلاثة أقسام: الشروط والأسباب والموانع. ثم خطاب الوضع هو الواردُ ... بأن هذا مانع أو فاسد أو ضده أو أنه قد أوجبا .. شرطا يكون أو يكون سببا

كون الزوال سببا لوجوب الصلاة، نقول هذا حكم وضعي لماذا؟ لأنه لست مكلفا بتحصيل الزوال، هل هو كإيجاب الصلاة وإيجاب الزكاة ونحوها؟ نقول لا، ليسا متساويين، المراد بالحكم الشرعي التكليفي أن يكون الفعل صادرا من المكلف، أن يسعى المكلف في تحصيل ما أمر به أو نهي عنه، أما الحكم الشرعي الوضعي فهذا من وضع الرب جل وعلا، هذا من وضع الرب جل وعلا، كون الحيض مانعا من الصلاة نقول هذا حكم وضعي، إذا وُجد الحيض مُنعت المرأة من اصلاة، غذن هو مانع أو سبب أو شرط؟ نقول: مانع. هل بيدها أن تأتي بالحيض؟ لا ليس بيدها هذا هو الأصل، إذن جُعل الحيض علامة من الرب، إذا وجد هذا السبب الذي هو من فعل الرب جل وعلا أول إذا وُجد ترتب عليه الحكم التكليفي وهو تحريم والصوم. إذن هذا هو حد الحكم الشرعي عند الأصوليين ن وهو أولى ما يُذكر من الدود وعليه جماهير الأصوليين، بأنه (خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع). هنا قال أنه (قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نُطقا أو استنباطا) وهذا كما ذكرتُ سابقا أنه يميل إلى حد الحكم الشرعي عند الفقهاء، يعني يميل إلى مذهب الفقهاء، وأولى ما يُعرف به مذهب الفقهاء بأنه مدلول خطاب الشرع، فرق بين أن يُقال: الحكم الشرعي خطاب الشرع، وبين أن يقال الحكم الشرعي مدلول خطاب الشرع. هنا قال: والحكم قيل فيه حدود أسلمها من النقض والاضطراب أنه قضاء الشارع، أتي بقضاء لماذا؟ لإظهار المناسبة بين المعنى الاصطلاحي والمعنى اللغوي. ذكرنا أن القضاء يسمى قضاء لمنعه، إذن وُجد المعنى اللغوي في المعنى الاصطلاحي، وهذا لا بد من ذكره، ليس ثم تباين وتغاير تام بين المعنى اللغوي والاصطلاحي، ليس بينهما تغاير أبدا، فإما أن يأتي العرف فيخصص أو يعمم، وإما أن يأتي الشرع فيخصص أو يعمم، والأكثر التخصيص، الأكثر أن يكون اللفظ في اللغة معناه عاما ثم يأتي الشرع فيخصص إلا في مسألة واحدة وهي مسألة الإيمان، معناه لغة التصديق، لكن معناه في الشرع مركب من ثلاثة أركان، يعني ليس الإيمان الشرعي هو تصديق القلب فحسب، بل جعل هو ركن وجعل القول ركن وجعل العمل الظاهر ركن في الإيمان فإذا فات واحد من هذه الأركان فات الإيمان على مذهب أهل السنة والجماعة.

قال: (قضاء الشارع) إذا أتى بقوله قضاء للدلالة على العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، قضاء الشارع المراد به حكم الشارع، وذكرنا أنه إذا قيل حكم الله في المسالة بالوجوب بمعنى أنه قضى فيها بالوجوب ومنع من المخالفة، قضاء الشارع نقول فيه أنه جرى على الحكم عند الفقهاء من أنه أثر خطاب ومدلوله وليس الخطاب نفسه كما هو عند جمهور الأصوليين، فكأنه فصل وميز بين الدليل الشرعي وبين الحكم الشرعي الذي دل عليه ذلك الدليل، إذن " أقيموا الصلاة " عند الفقهاء دليل وليس بحكم، وجوب الصلاة مدلول ذلك الدليل وليس بدليل، وأما عند الأصوليين " أقيموا الصلاة " هذا حكم شرعي وهو الدليل نفسه. لإذن اتحد الدليل والمدلول عند الأصوليين، (قضاء الشارع) قلنا أضاف الشارع لما ذكرناه في خطاب الله عز وجل، للدلالة على أنه لا حكم إلا لله عز وجل، وأكثر ما قيل في ذاك الحد قاله هنا. والشارع هذا قلنا يستعمل استعمال الأخبار يعني ليس اسما من أسماء الله عز وجل، ويجوز إطلاقه على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أيضا مشرع من حيث إنه موافق لخطاب الرب جل وعلا وليس بخارج عنه. قضاء الشارع على المعلوم: يعني على شيء معلوم، معلوم هذا عند الأصوليين كما سيأتي أنه لفظ عام لا أعم منه، يعني إذا قيل اللفظ منه خاص ومنه عام، ثمَّ خاص لا أخص منه، وثم عام لا أعم منه، أعلى كلمة يدخل تحتها ساشر الموجودات، قالوا لفظ المعلوم، لأنه يشمل المعدوم والموجود، وكل ما وُجد فهو داخل تحت لفظ الموجود، والمعدوم كل ما ليس بموجود، إذن المعلوم يشمل الموجود والمعدوم، أليس كذلك؟ لذلك نقول: الله يعلم ما كان وما يكون وما سيكون لأن متعلق العلم أعم. (على المعلوم) يعني على شيء معلوم وجودات وعدما، على شيء معلم وجودا وعدما، لأن المعلوم عام لا أعم منه فيشمل الموجود الآن ومن سيوجد، فيشمل المكلف بالفعل والمكلف بالقوة، لو قال متعلق بفعل المكلفين لكان أولى من فعل المعلوم، أيهما أوضح؟ الأول، وليس بهذا، هو يقول أسلمها من النقض والاضطراب، نقول هذا فيه نوع إيهام لماذا؟ لأن المعلوم هذا يحتاج إلى تأمل أكثر من قوله المتعلق بأفعال المكلفين. إذن (على المعلوم) قلنا يشمل الموجود والمعدوم، يعني المكلف بالفعل والمكلف بالقوة، الوصف للشيء عند أهل المنطق ونحوهم قد يوصف كونه موجودا بالفعل، وقد يوصف كونه موجودا بالقوة، كيف؟ قالوا بالفعل يعني أنه الآن متصف بهذا الوصف، أنت جالس أليس كذلك؟ هو الآن متصف بصفة الجلوس، طيب الآن صفة الجلوس كائنة فيه، أليس كذلك؟ نقول هو جالس بالفعل، وهو أيضا في نفس الوقت قائم، تصدقون؟ نعم صحيح، هو قائم لأنه قائم بالقوة، لأنه لو أراد أن يقوم الآن قام مباشرة، يعني لا يمتنع أن يقوم، حينئذ وصف بالقيام بالقوة لأنه لو أراد ووُجدت النية وانتفى المانع لصار قائما، وكونه متصفا بالجلوس نقول هذا بالفعل، أنت الآن مستيقظ لأنه الآن مستيقظ وليس بنائم، لكنك نائم بالقوة [يضحك الشيخ]، لأنه ينام لو أراد أن ينام.

إذن قوله (على المعلوم) يشمل الموجود والمعدوم، يعني يشمل المكلف بالفعل والمكلف بالقوة، المكلف بالقوة مثل المعدوم الذي سيولد فإذا استجمع شروط التكليف صار مكلفا. الطبيب مكلف أو لا؟ هو موجود مخلوق، مكلف أو لا؟ إن قلت مكلف أخطأت، إن قلت غير مكلف أخطأت، على الكلام هذا، فنقول هو ليس مكلفا بالفعل وهو مكلف بالقوة، لأن مآله أن [ ... ] ز (على المعلوم بأمر ما) هذا متعلق بفوله (قضاء لأمر ما) هذا يريد ما ذكرناه أولا (بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع) وذاك أوضح من هذا التعريف (بأمر ما) نقول أنها نكرة صفة أي بأمر، أي أمر، وهذا الأمر على ما ذكرناه سابقا، إما طلب أو تخيير أو وضع، والطلب إما طلب فعل وإما طلب ترك، وكل منهما إما جازم أو ليس بجازم. إذن قوله 0 بأمر ما) أراد أن يوضح التعريف واختار تعريف أسلم وأوضح من ذلك التعريف المشهور فأتى بهذه العبارة، إذن نقول هو نفسه بهذه العبارة ليس سالما من النقض والاضطراب. (بامر ما) إذن فهو شامل لنوعي الحكم الشرعي التكليفي والوضعي، (نطقا أو استنباطا) هذا حال قوله (قضاء الشارع) أو تمييز. قضاء الشارع - حكم الشارع: قد يكون ماخوذا من نطق، يعني دلالة الللفظ على الحكم الشرعي منطوقة، " فلا تقل أف " تحريم التأفيف مأخوذ من النص ما دل عليه اللفظ في محله، نقول هذا تحريم للتأفيف مأخوذ من النص. طيب ضرب الوالدين محرم أو لا؟ محرم لا إشكال بل هو أولى بالتحريم من التأفيف. ما الدليل عليه؟ نفس الآية " فلا تقل لهما أف " من جهة الاستنباط من جهة التأمل من جهة التدبر من جهة قياس الضرب على التأفيف من باب الأولى أو ما يسمى بقياس الأولى نظرنا فيه فاستنبطنا من هذا الدليل ماذا؟ تحريم التأفيف دل عليه قوله " فلا تقل لهما أف " نطقا، وتحريم الضرب - وهو من باب أولى - دل عليه قوله تعالى "فلا تقل لهما أف " استنباطا. إذن الحكم الشرعي قد يكون مأخوذا من النطق وقد يكون ماخوذا من الاستنباط. إذن قوله (قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نطقا أو استنباطا) نقول الأولى ما ذكرنا سابقا.

إذا عرفنا الحكم الشرعي عن الفقهاء، من هو الحاكم؟ هو الله سبحانه وتعالى، لا حاكم سواه " والله يحكم لا معقب لحكمه "، " إن الحكم إلا لله "." إن الحكم " هذه نافية بمنزلة (ما) نافية تحل محلها، إلا إذا وقعت في جواب ما أفادت القصر والحصر. " إن الحكم إلا لله " يعني ما الحكم إلا لله، فإثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه، وهذه أعلى صيغ الحصر (ما) و (إلا)، لذلك قيل الحصر مفهوم منه من النطق، وسيأتي. هو الله سبحانه لا حاكم سواه، يرد عليه ما ذكرناه سابقا، وهو السنة النبوية، والإجماع، والقياس، قال: والرسول صلى الله عليه وسلم، هذا جواتب سؤال مقدر، (الواو) هذه تسمى عند أهل البيان للاستنئناف البياني، وهو ما كان واقعا في جواب سؤال مقدر، يعني المصنف يستحضر سؤال، فإذا قال الحاكم هو الله عز وجل، طيب والرسول صلى الله عليه وسلم؟ الأحام المتلقاة من السنة؟ فيستحضر في ذهنه هذا السؤال فيجيب، والرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ " إن عليك إلا البلاغ " مبلغ عن الله عز وجل، ومبين للتشريع، لما حكم به سبحانه، إذن " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم "، إذن هو مبين عليه الصلاة والسلام، فإن حكم باجتهاد نقول أقره الرب جل وعلا، " وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى ". (والمحكوم عليه) عرفنا الحاكم عرفنا الحكم، والحاكم، بقي المحكوم عليه قال هو المكلف، المكلف اسم مفعول من كُلِّف يُكلف، فهو مكلف، مشتق من التكليف والتكليف من التفعيل، كلف يكلف تكليفا، كـ علم يعلم تعليما، والتكليف في اللغة عندهم إلزام ما فيه مشقة وكلفة: تكلفني ليلا قد شق وليها ..... وعادت عوادٍ بيننا وخطوب. يكلفه القوم ما نابهم .. وإن كان أصغرهم مولدا.

إذن التكليف في اللغة إلزام ما فيه مشقة، فإلزام الشيء والإلزام به هو تصييره لازما لغيره، لا ينفك عنه مطلقا أو لا ينفك عنه في وقت ما. هذا في اللغة، وأما في الاصطلاح فعبارات الأصوليين مختلفة ومضطربة، سبب الاضطراب أنهم اتفقوا على أن الإيجاب والتحريم حكمان تكليفيان، هذا متفق عليه ن فمن اقتصر على هذين النوعين أراد أن ياتي بحد يشمل النوعين فقط ويخرج الكراهة والندب والإباحة، ومن يرى أن الإباحة والندب والكراهة أحكاما تكليفية اراد أن يأتي بحد يشمل الخمس. من أراد قصرها على الأربعة دون الإباحة اراد أن يأتي بحد يشمل الربعة دون الإباحة ن فحينئذ تكون التعاريف مختلفة لهذا السبب، فقال بعضهم: التكليف اصطلاحا هو طلب ما فيه مشقة، الإباحة هل فيها طلب؟ ليس فيها طلب لا طلب فعل ولا ترك، إذن خرجت الإباحة بقوله طلب ما فيه مشقة. خرجت الإباحة لأنه ليس فيها طلب. قلنا الطلب كم نوع؟ طلب فعل، وطلب ترك، وطلب الفعل نوعان: مع الجزم، ولا مع الجزم، وطلب الترك نوعان: مع الجزم، ولا مع الجزم، هذه أربعة. أخرج الإباحة وقصر الحكم التكليفي على الإيجاب والتحريم والندب والكراهة، الحد الثاني قال التكليف (إلزام ما فيه مشقة) إذن جزم (لا مع الجزم) خرج بقوله إلا، خرجت الإباحة ليست فيها إلزام، وخرجت الكراهة ليس فيها إلزام، والندب ليس فيه إلزام، إذن اقتصر هذا الحد على ماذا؟ على الإيجاب والتحريم، إذن هذا الخلاف في التعريف لليس خلافا هكذا جاء، وإنما لخلاف سابق، وهخل المندوب مكلف به أم لا، وهل المكروه مكلف به أو لا، الجمهور على عدم التكليف لذلك قال السيوطي: وليس مندوب وكره في الأصح ... مكلفا ولا المباح فرجح بحده إلزام ذي الكلفة لا طلبه المرجح ما هو عند الجمهور؟ (إلزام ما فيه مشقة) لأن المندوب ليس مكلفا به والمكروه ليس مكلفا والمباح مكلفا به حينئذ يقتصر الحكم على الإيجاب والتحريم. وليس مندوب وكره في الأصح ... مكلفا ولا المباح فرجح إذا [ ... ] لذلك ربط لك الحدود بالخلاف السابق، إذا تبين أن المندوب ليس بحكم تكليفي وكذلك المكروه وكذلك المباح. (فرجح، في حده) الذي هو التكليف، (إلزام ما ذي الكلفة لا طلبه)، إذن (إلزام ما فيه مشقة) هو الراجح، و (طلب ما فيه مشقة) هو الأرجح [كذا قال الشيخ ولعله يريد المرجوح]، ونقول الصواب العكس، أن طلب ما فيه مشقة هو الأرجح، وإلزام ما فيه مشقة هو المرجوح، والصواب أن المندوب مكلف به وأن الكراهة مكلف بها ن فهما حكمان تكليفيان، وأما المباح فليس حكما تكليفيا، إذن عرفنا تعريف التكليف وهو: إلزام الذي يشق .. أو طلب فاه بكل الخلق. لكن إذا قيل المندوب هو مكلف به أم لا، وهل المكروه مكلف به أم لا، لا ينبني عليه حكم عملي، وإنما هو خلاف تنظيري تقريري، يعني في تأصيل المسائل، يعني خلاف لفظي، ولذلك قال: وهو إلزام الذي يشق .. أو طلب فاه بكل الخلق لكنه ليس يفيد فرعا .. فلا تضق لفقد فرع ذرعا هكذا قال صاحب المراقي.

(لكنه) يعني في التكليف (ليس يفيد فرعا) لا ينبني عليه حكم من الأحكام العملية، وإنما هو خلاف في التأصيل فقط، خلاف في التأصيل، والمحكوم عليه هو المكلف، من هو المكلف؟ نقول من تعلق به التكليف، متى يُحكم على الشخص بكونه مكلفا؟ نقول شرط المكلف بالفعل أمران، يعني لا يكون الآدمي مكلفا إلا بوجود شرطين اثنين لا ثالث لهما على الأصح: وهما العقل وفهم الخطاب. المسائل المتعلقة بهذا المبحث طويلة وكثيرة ومتفرعة جدا، لكن نقتصر اقتصارا غير مخل بإذن الله، نقول: العقل وفهم الخطاب. ما المراد بالعقل؟ آلة التمييز والإدراك. ما يُدرك به الإنسان يسمى عقلا، قيل سمي عقلا من العقل، يعني المنع، لأنه يمنع صاحبه عن سفاسف الأمور، كما قيل في الحكمة هناك، العقل هو آلة الإدراك، آلة الإدراك والتمييز، لأن العاقل إذا اتصف بهذه الآلة ميز بين حقائق الأمور، أدرك معنى المساء ومعنى الأرض ومعنى الماء البارد وميز بين الحق والباطل والجيد والردئ إلى آخره، بواسطة هذه الآلة. (فهم الخطاب) المراد بالفهم إدراك الكلام هذا هو الفهم كما ذكرناه بالأمس، الفهعم في اللغة هو إدراك معنى الكلام، إذا أدرك المخاطب معنى الكلام، ما الذي يريده المتكلم بهذا الكلام على وجه التمام نقول هذا قد فهم الخطاب، والخطاب المراد به خطاب الشرع لأن بحثنا في الشرعيات. أجمع العلماء على اشتراط العقل في التكليف، هذا باتفاق. لماذا اشترط الصوليون هذين الشرطين؟ لأن التكليف خطاب كما سبق، حكم الشرع خطاب من الله عز وجل، وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال، تجلس تتحدث مع مجنون؟! تأخذ وتعطي معه تدعوه في بيتك؟! ما يمكن هذا، محال. لمذا؟ لأن من لا عقل له هذا لا يمكن أن يُخاطب. كذلك من لا يفهم هذا لا يمكن أن يخاطب، وإذا كان الله قد شرع العبادات لحكم ومصالح عظيمة حينئذ لا بد أن يكون المكلف عاقلا فاهما للخطاب. إذن نقول: لأن التكليف خطاب وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال، أيضا قالوا لأن المكلف به مطلوب حصوله من المكلف طاعة وامتثالا، إذا أمر الله عز وجل - كما قيل في تعريف التكليف عند بعضهم: خطاب بامر أو نهي - إذا أما أنك مأمور أمر إيجاب أو استحباب، أو أنك منهي نهي تحريم أو كراهة. ما المطلوب بهذا الأمر وبهذا النهي؟ الطاعة والامتثال لأنه مأمور، والمأمور إنما يُتصور بعد الفهم، لا يمكن ان يمتثل ما أمر به إلا إذا فهم المأمور، ومن لا فهم له لا يمكن أن يقول له افهم ن هو ما يفهم، هناك لا يمكن أن تأتي برضيع تقول له " وأقيموا الصلاة "! لأنه لا يفهم، لو قيل له افهم يتعذر أن يفهم، لذلك ارتفعه عنه التكليف. هذان شرطان: العقل وفهم الخطاب.

العقل أخرج المجنون فالمجنون حينئذ ليس مكلفا بالإجماع لفقد ما ذكر ولدليل قوله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث وذكر منهم المجنون حتى يفيق، فإن اعترض على هذا بتعلق قيم المتلفات وأروش الجنايات ووجوب الزكاة بمال المجنون أجبنا بأن هذا من قبيل الحكم الوضعي لا التكليفي ن والذي يشترط فيه العقل وفهم الخطاب هو الحكم التكليفي لا الوضعي، المكلف هنا المراد به المكلف بالحكم التكيفي الذي هو الإيجاب والتحريم، أما الحكم الوضعي فحينئذ هذا لا شترط له عقل ولا فهم الخطاب، ولذلك تجب الزكاة في مال المجنون، كيف وجبت؟ نقول هذا من ربط الأحكامك بأسبابها وهو من قبيل الحكم الوضعي، إذن إذا ورد اعتراض عليك بكون المجنون قد تتعلق به بعض الأحكام كقيم المتلفات، لو خرج مجنون وكسر الزجاج وفعل كذا وكذا، آثم؟ ليس بآثم، هل يضمن؟ نعم يضمن، كيف ضمنته وقد نفيت عنه الإثم؟ نقول الإثم مترتب على التحريم وهذا مرفوع عنه لأنه غير مكلف بالتحريم وكونه قد أتلف وجنى ترتبت قيم المتلفات واروش الجنيات لأنه من ربط الأحكام بأسبابها، وجد السبب كما إذا قيل غذا زالت الشمس وجبت عليكم صلاة الظهر، هذا حكم تكليفي مربوط بزوال الشمس، إذا المجنون أتلف، تعلق بوليه قيم المتلفات ن حينئذ الاعتراض بهذا لا وجه له، فنقول المجنو ليس مكلفا بدليل السنة والتعليل لا نحتاج إليه. (فهم خطاب) هذا أخرج الصبي لأن الصبي نوعان: مميز وغير مميز، والضابط اختلف فيه الأصوليون، هل يميز بين النوعين بالصفة أو بالسن؟ على خلاف، منهم من قال بصالفة، يعني إذا بدا يفهم الخطاب [ ... ] إذا استطاع أن تقول ويرد، فيأخذ ويعطي معك، تقول هذا يفهم، إذا أراد أيوه أن يختبره فقال اشترِ دجاجا فذهب واشتراه نقول هذا صار مميزا، لو قلت له اشترِ عيشا فراح واشترى ببسي؟! ماذا نقول؟! نقول هذا غير مميز، إذن هذا إذا جعل الفرق بين المميز وغير المميز بالوصف. أن يفهم، إذن لا يُحد بسن، قد يكون صاحب 5 سنين أو من صاحب 7 سنين أو 10 ولا إشكال.

بعضهم رأى ان يضبط بالسن وهذا أولى واحسن لورود السنة، أولا يضبط بالسن لأن السن معيار يمكن أن يضبط به دون الوصف، لأن قد يختلفون الناس، قد يقول فلان هذا الصبي قد يفهم ويرد، أو أنه قد اتصف بصفة ميزته عن الصبي غير المميز، يختلف الناس في هذا ن لكنه بلوغه سبع سنين هذا لا يختلف فيه أحد، والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة لسبع " فلما علق الشرع الأمر بالصلاة وهي عبادة من أهم العبادات بعد التوحيد علقها بتمام سبع دل على أن السن هذا معتبر شرعا، فحينئذ الأولى، قد يقول قائل: الحديث لا يدل، نقول الحديث فيه إشارة ولو نوعا ما، والقول بالوصف لا دليل عليه من الكتاب السنة، فتعليق الحكم بمنا يحتمل أنه مراد من الحديث أولى من تعليقه بما لا دليل عليه أصلا، حينئذ نقول: الفرق بين المميز وغير المميز هو سن سبع سنين، يعني إذا تمت السابعة ودخل في الثامن فهذا مميز. كما الذي ينبني عليه؟ ينبني عليه أنه دون التمييز ليس مكلفا بالإجماع، فلو صلة لا تصح صلاته أصلا ن ولا يصح أن يصف بين الصفوف في الصلاة، وأما إذا بلغ 7 سنين ففيه خلاف في تكليفه والجمهور على أنه ليس مكلفا، إذا الصبي غير المميز ليس مكلفا بالإجماع، والصبي المميز هذا ليس مكلفا على مذهب الجماهير، لأن بعضهم كالإمام أحمد يرى أنه مكلف إذا بلغ العاشرة لأنه قال صلى الله عليه وسلم في الحديث " واضربوهم عليها لعشر " فدل على أن العشر موضوع تكليف لأنه علق عليه الضرب وهو عقاب ولا عقاب إلا على ترك واجب، ولا واجب إلا متعلق بمكلف، حينئذ من يلغ العشر فهو مكلف، والجواب عن هذا أن يُقال عند الجماهير - وهو الأصح - أن الضرب هنا ضرب تأديب وليست عقوبة على واجب، وإنما الأمر " مروهم بالصلاة لسبع " من باب التحبيب والتعويد على الصلاة والمخاطب هنا أولياء الأمور، إذن نقول الصواب أن الصبي ليس مكلفا، لماذا؟ لأنه لا فهم له، غير المميز لا عقل له، والمييز قد يوجد عنده عقل لكنه ليس ذا فهم تام، ولو وجد نوع فهم فغنه غير تام والدليل قوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاث " وذكر منهم " عن الصبي " نسبة إلى الصبا وهو من الولادة إلى البلوغ، قال " حتى يكبر " وفي رواية " حتى يحتلم "، وفي رواية " حتى يبلغ "، إذن الصبي مرفوع عنه قلم التكليف. حينئذ نقول الأصح أنه ليس مكلفا، إذن نقول الصبي والمجنون غير مكلفين؛ لأن مقتضى التكليف الطاعة والامتثال، ولا يمكن ذلك إلا بقصد الامتثال، وشرط القصد العلم بالمقصود والفهم للتكليف لأن القصد إنما يكون بعد الفهم. والأولى أن يعلل بثبوت السنة، إذا وردحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى من التعليلات. إذن نقول المحكوم عليه وهو المكلف لا بد أن يكون متوفرا فيه شرطان وهما العقل وفهم الخطاب. كلما فقد العقل نقول ارتفع التكليف، وكلما فقد فهم الخطاب ارتفع التكليف، ولذلك نقول الأصح في الناسي والساهي والغافل ماذا؟ عدم التكليف، هذا هو الصواب لعدم فهم الخطاب.

لأن الخطاب إذا قيل " وأقيموا الصلاة " وهذا نائم، هل هو فاهمل للخطاب أو لا؟ لا يفهم، هو نائم ويشترط في الإفهام أن يكون المخاطب سامعا، وهذا ليس بسامع، إذن فيما ذكر نقول الأصح عدم التكليف. يرد الإشكال: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها "، هذا قضاء ولا قضاء إلا لترك واجب. إذن هو مكلف وقت النوم، نقول الصواب أنه مخاطب خطاب أداء في ذلك الوقت، لذلك جاء في بعض الروايات: " وذلك وقتها " فالذي ينام عن الصلاة وقد خرج الوقت ثم قام فصلى الأصح أنه يصلي أداء لا قضاء، ثم يقال هذا من باب ربط الوجوب بسببه، إذا انعقد السبب، حينئذ إما أن يؤدى في وقته وإما أن يتعلق به إلى أن يستيقظ فحينئذ يكون مخاطبا بالأداء لا بالقضاء. أما المُكره فهذا نوعان عند أهل العلم، الذي يعبر عنه بالمُلجأ، الذي سلب القدرة كأن يحمل ويلقى من شاهق، هذا يسمى الملجأ يعني الذي سلب القدرة والاختيار، ليس له أي قدرة وليس له أي اختيار في الفعل. هذا بالإجماع أنه غير مكلف. ولذلك لو أخذ الشخص وألقي من شاهق على شخص آخر فمات فلا يضمن، ليس آثما، غير مكلف، وهذا بالإجماع، أما من بقي معه قدرته واختياره كأن قيل له افعل هذا الشيء وإلا قتلناك، إذن هو لم يُكبل، هو بقي باختياره يمشي ويقوم ويجلس، حينئذ نقول قد أُكره، يعني حمل على شيء لا يرضاه، هذا المكره الذي قيل له هذه العبارة نقول هذا له أحوال، إما أن يكون الإكراه على القول: قولا واحدا ليس بمكلف لقوله تعالى " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان "، فإذا عفي عنه للإكراه - وهو قول هنا - في كلمة الكفر فما دونها من باب أولى وأحرى، لو أكره قيل له سب الله - والعياذ بالله - أو سب النبي صلى الله عليه وسلم أو سب زيد أو عُبيد من الناس، نقول هذا قول محرم، فإذا أكره عليه خينئذ نقول لا تكليف، للدليل السابق أنه إذا أكره عن كلمة الكفر ورفع عنه التكليف فمن باب أولى وأحرى أن ما دون ذلك ألا يكون مكلفا، هذا في القول. أما الفعل فهذا يفصل فيه: إما أن يكونفعلا متعلقا بحق الله عز وجل أو متعلقا بحق الآخرين. ما كان متعلقا بحق الله عز وجل كما لو أكمره الصائم على الإفطار، نقول له أفطر وأنت لست مكلفا لأن هذا الفعل متعلق بحق الله عز وجل، ومعلوم أن مبناها على المسامحة لا المشاحة. أما الفعل المتعلق بحق الآخر: اقتل زيدا وإلا قتلناك الأصح مع وجود الخلاف أنه مكلف، ولا يجوز له أن يثقدم على قتل غيره حفظا لنفسه، لوجود شرطي التكليف وهما: العقل وفهم الخطاب، ولذلك الأصح عند الكثيرين أنه لا يشترط على هذين الشرطين الاختيار. إذن ثم فرق بين المكره المُلجأ الذي فقد القدرة وسلب الاختيار كمن كبل وأدخل بيتا وقد حلف ألا يدخله، نقول هذا غير مكلف بالإجماع، وبين المكره الذي لم يصل إلى تلك الدرجة وإنما له نوع اختيار ونوع قدرة، نقول هذا نفصل فيه من جهة القول والفعل، فما كان قولا فهو ليس مكلفا به بل هو معفو عنه، ومن كان فعلا متعلقا بالله عز وجل فهو معفو عنه ليس مكلفا، ما كان متعلقا بحق الآخرين حينئذ نقف ونقول هو مكلف وذلك قرره ابن القيم - رحمه الله - في مواضع عديدة، والمحكوم عليه هو المكلف.

يبقى مسالة واحدة ونختم بها: الفعل الذي كُلف به. عرفنا المكلف، من هو؟ العاقل البالغ غير الُملجأ والذاكر غير الناسي، طيب الفعل الذي كُلف به ن هل كل فعل يكلف به؟ الجواب لا، يُشترط فيه ثلاثة شروط: أولا: أن يكون الفعل معلوما، أما غير المعلوم هذا لا يمكن أن يفعله، ولذلك يشترط في تنزيل الأحكام عند أهل العلم أن يكون عالما " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " لماذا؟ لأن شرط التعذيب والثواب العلمُ، لا عقاب إلا بعد علم، ولا ثواب إلا بعد علم. الثاني: أن يكون معدوما، يعني غير موجود، الإنسان مخاطب بصلاة ظهر في يومه هذا مثلا بصلاة واحدة، إذا صلى، هل يخاطب مرة أخرى فيقال له صل الظهر؟ لا يمكن هذا محال، لماذا؟ وُجد، وإيجاد الوجود تحصيل حاصل وهو محال، لا يمكن أن يصلي مرة ثانية، ولو أعاد الصلاة ولم يكن ثمة خلل في الصلاة الأولى تكون الثانية نافلة، لو أعاد مئة مرة نقول هذه الثانية نافلة، لأنه لو اراد أن يعيد الظهر ظهرا امتنع عليه، لأن من باب تحصيل الحاصل وهو محال. الثالث: أن يكون ممكنا مقدورا عليه ن ولذلك لا تكليف بمحال على الأصح " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "، " فاتقوا الله ما استطعتم "، " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "، هذه شروط الفعل المكلف به. ثم قال (والأحكام قسمان) سيتكلم عن تفصيل الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية. وسيأتي غدا بإذن الله تعالى. وصلِّ اللهم على نبينا محمد.

3

عناصر الدرس * اقسام الحكم الشرعي * الواجب وأقسامه. الدرس الثالث الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ذكرنا أن هذا الباب معقود في بيان الحكم ولوازمه. وأقسام الحكم أربعة: حكم، ومحكوم فيه، ومحكوم عليه، وحاكم. وذكر المصنف هذه الأوجه كلها إلا المحكوم فيه وهو فعل المكلف، إلا لما بين لك حد الحكم فيما يراه هو بأنه قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نطقا أو استنباطا، وقلنا هذا أقرب إلى مدلول الحكم عند الفقهاء وليس عند الأصوليين؛ لأنه عرفه بماذا؟ بقضاء الشارع، يعني حكم الشارع على المعلوم، حينئذ هذا أقرب إلى قول الفقهاء بأنه مدلول خطاب الشارع، ثم بعدما عرف لك الحكم ذكر ضمنا في الحد السابق أن الحكم الشرعي قسمان: حكم تكليفي، وحكم وضعي. فقال: "والأحكام قسمان" الأحكام الشرعية وليست غيرها، لماذا؟ لأن الحديث في الحكم الشرعي. "والأحكام قسمان: قسم يُعنوَن له بالأحكام التكليفية" يقال أحكام التكليف، وعرفنا معنى التكليف مما سبق لغة واصطلاحا، وهذه الإضافة هنا (أحكام التكليف) من باب إضافة الشيء إلى سببه، يعني الأحكام التي تسبب في وجودها هو التكليف، لأن التكليف هو سبب ثبوت الأحكام، إذ لا حكم شرعي إلا إذا وُجد التكليف، فإذا ثبت التكليف حينئذ ذا حكم شرعي، هذا هو الأصل، إذن أحكام التكليف نقول هذا من باب إضافة الشيء إلى سببه، لأن التكليف سبب ثبوت الأحكام. أحكام تكليفية وأحكام وضعية، أحكام تكليفية مايكون البحث فيها عن التأثيم وعدمه، هل يأثم أو لا يأثم، هل يثاب أو لا يثاب، وهذه المعاني [ .... ] الآتية. وأحكام وضعية، وهي ما يكون البحث فيها عن النفوذ وعدمه، كالصحة والفساد والأداء والقضاء ونحو ذلك، كما سيأتي بيانه. وعلى طريقة الأصوليين أن يقال: "الأحكام التكليفية ما اقتضى الخطاب طلبه أو تخييره، إذا اقتضى الخطاب الشرعي طلبا أو تخييرا حكمنا عليه بأنه حكم تكليفي؛ لأن الطلب قسمان كما سبق وسيأتي، والتخيير المقصود به الإباحة، والوضعية هي جعل الشيء علامة أو صفة لشيء آخر، كجعل دلوك الشمس سببا لوجوب صلاة الظهر ونحو ذلك، حينئذ نقول: الحكم الوضعي هذا مأخوذ من الجعل، كون الشيء علامة على شيء آخر، كأن الرب جل وعلا يقول إذا وُجد هذا في الكون (وهو من فعله سبحانه)، إذا وُجد فقد صار هذا الوجود علامة على وجود الحكم التكليفي وهو إما الإيجاب أو التحريم، حينئذ يكون حكم الجعل في الأصل ليس من فعل العبد وإنما هو من فعل الله عز وجل. "والأحكام قسمان" كما ذكرناه سابقا، وهو شامل في الحد الأصح أو المشهور عند جماهير الأصوليين بأن الحكم الشرعي خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، "بالاقتضاء أو التخيير" قلنا هذا مختص بالأحكام التكليفية، "أو الوضع" هذا مختص بالأحكام الوضعية. قال: "تكليفية" يعني القسم الأول "تكليفية" نسبة إلى التكليف، قال وهي خمسة، أي هذه الأحكام التكليفية محصورة بعدد عند جماهير أهل العلم وأنها خمسة أحكام لا سادس لها، ودليل القسمة هو الاستقراء، هو الاستقراء والتتبع لنصوص الشرع.

فقالوا: "خطاب الشرع إما أن يقتضي طلبا أو تخييرا" لأن الكلام الآن في الأحكام التكليفية، فننظر إليه من جهة القسم الأول، "خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع" وعرفنا أن الاقتضاء المراد به الطلب، خطاب الله تعالى إما أن يقتضي طلبا أو تخييرا، والاقتضاء (الذي هو طلب) إما أن يكون طلب فعل أو طلب ترك، وكل منهما إما جازم أو غير جازم [اثنان في اثنين بأربعة]، حينئذ نقول عند التخصيص: "خطاب الله تعالى المقتضي الطالب للفعل على جهة الجزم بحيث لا يجوز معه الترك، بأن يكون رتب العقاب على ترك الفعل، هذا يسمى إيجابا عند الأصوليين، مُتَعَلَّقُه الذي هو فعل المكلف يسمى واجبا. "خطاب الله المتعلق بفعل المكلف المقتضي لطلب فعل لا على جهة الجزم" هذا يسمى ندبا عند الأصوليين ومتعلقه الذي هو فعل المكلف يسمى مندوبا. هذا النوع الأول (ما اقتضى طلبا لإيجاب فعله). النوع الثاني (ما اقتضى طلبا وهو تركه) وهذا أيضا قسمان: "ترك مع جزم" يعني بأن قطع بالمنهي عنه بحيث رتب العقاب على الفعل (هذا الأول) هذا يسمى عند الأصوليين تحريما، ومتعلقه الذي هو فعل المكلف يسمى حراما أو محرما أو محظورا. "طلب الترك لا مع الجزم" بأن لم يرتب العقاب على الفعل، هذا يسمى عند الأصوليين كراهة، ومتعلقه الذي هو صفة فعل المكلف يسمى مكروها. هذه أربعة أقسام داخلة في قوله بالاقتضاء، وهذا بالاستقراء والتتبع لا يوجد لها خامس.

"أو تخييرا" الذي هو خير الشارع بين الفعل والترك، خير المكلف بين أن يفعل أو يترك، هذا يسمى إباحة، وهكذا نقول على قول الجمهور، لماذا؟ لأن بعض الشافعية والحنابلة أيضا زادوا قسما سادسا، وهو المسمى بخلاف الأولى، وخلاف الأولى هذا متعلقه النوع الرابع "ماطلب الشارع تركه لا على الجزم" هذا يسمى ماذا؟ كراهة، ومتعلقه صفة الفعل الذي هو المكروه، قالوا: لا هذا لا نقول مكروها كذا بإطلاق، وإنما نقول: "ما طلب الشارع تركه لا على الجزم، إما أن يرد بنص خاص بالنهي عنه، أو لا، إن ورد بنهي خاص عنه بأن نص الشرع وكان النهي هنا ليس على جهة الجزم نقول هذا مكروه" كقوله (صلى الله عليه وسلم): [إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس] هذا نهي، مطلوب الترك، هل هو على وجه التحريم؟ نقول لا، لأنه ليس على وجه الإلزام، هل هو طلب ترك للفعل لاعلى وجه الجزم؟ نقول نعم، هل ورد فيه نص خاص؟ نقول نعم، هذا النص، حينئذ يسمى مكروها، لماذا؟ لأن الشارع طلب ترك الفعل لا على الجزم، وقد نص عليه بعينه، فقال: [لا يجلس]، أما إذا طلب الشارع تركه لا على الجزم، ولم ينص عليه، وإنما عُلِمَ من جهة أخرى، من جهة الفهم، من جهة الالتزام فهذا يسمى خلافَ الأوْلَى، وهو كل المأمورات على جهة الندب، قالوا: كل أمْرٍ أمَرَ به الشرع على سبيل الندب فهو مستلزم من جهة المعنى النهي عن ضده، كما قالوا في باب الأمر: أمر إيجاب. أمر إيجاب الذي هو صيغة (افعل)، نقول: هذا يدل على الوجوب، يستلزم من جهة المعنى النهي عن ضده نهي تحريم، الأمر على جهة الإلزام، صيغة (افعل) فلا نقول إنها تدل على الوجوب، هذه الصيغة تدل على النهي من جهة المعنى، ما نوع النهي الذي اقتضته من جهة المعنى؟ التحريم. إذا أمر الشرع بأمر على سبيل الندب، قالوا هذا يستلزم من جهة المعنى النهي عن ضده نهي خلاف الأولى، قالوا مثل ماذا؟ قالوا إذا أمر الشارع أو كما أمر بصلاة الضحى، صلاة الضحى هذه سنة، هل ورد النهي عن ترك صلاة الضحى؟ قالوا لا، لما أمر بها على سبيل الندب استلزم من جهة المعنى النهي عن تركها، إذن ترك صلاة الضحى هذا لم يرد به نص خاص وإنما استلزم الأمر بها ندبا النهي عن تركها ولكنه لا وجه الكراهة وإنما على وجه خلاف الأولى، ولذلك قعدوا قاعدة [الأمر بالشيء ندبا يستلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى]، وهو قاعدة عامة كل أمر أمر به الشرع على جهة الندب ولم يرد نهي خاص في ضده فهو محمول على النهي ولكنه نهي خلاف الأولى، هذه ستة، إذن ليست بخمسة، ولذلك قلنا على قول الجمهور. ثم الخطاب المقتضي للفعل.:. جزما فإيجاب لدى ذي النقل وغيره الندب وما الترك طلب.:. جزما فتحريم له الإثم انتسب أو لا مع الخصوص أو لا فَعِ ذا.:. خلاف الاولى وكراهة خذا لذاك والإباحة الخطاب.:. فيه استوى الفعل والاجتناب

هذا الذي ذكره صاحب المراقي تبعا للسبكي في جمع الجوامع، إذن بعض المالكية كما هو مذهب كثير من الشافعية المتأخرين أم القسمة سداسية وليست بخماسية، والأحناف يزيدون على القسمة الخماسية أمرين؛ فيجعلونها سبعة، زادوا ماذا؟ زادوا الفرض والكراهة على جهة التحريم، الكراهة التنزيهية عند الجمهور، والكراهة التحريمية عند أبي حنيفة وأصحابه، ما وجه التفرقة؟ قالوا: نأتي إلى جزء معين، وهو ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، هذا سميناه بماذا؟ بالإيجاب مطلقا، ولا نفصل، يعني سواء ثبت هذا الطلب بدليل قطعي أو بدليل ظني كلاهما يسمى ماذا؟ يسمى إيجابا، عند الاحناف لا، قالوا: ما طلب الشارع فعله على جهة الجزم لا نقول مطلقا هو واجب، وإنما ننظر إلى طريق الثبوت، فإن ثبت ما طلبه الشارع طلبا جازما بدليل قطعي هذا نسميه فرضا، وما طلب الشارع فعله طلبا جازما بدليل ظني فلا نسميه فرضا وإنما نسميه واجبا، إذن القسم الذي أطلق عليه الجمهور أنه واجب مطلقا سواء ثبت بدليل قطعي أو بدليل ظني، عند الأحناف لا، لا يسوون بين الطريقين، بل لابد من التفرقة بين الدليل القطعي والدليل الظني ولذلك عندهم تفرقة بين الفرض والواجب، الواجب ما ثبت بدليل ظني والفرض ما ثبت بدليل قطعي، وعند الجمهور لا، بل هو عينه، ولذلك قال صاحب المراقي: (والفرض والواجب قد توافقا). وهذا هو الأصح، لماذا؟ لاستواء حدهما كما سيأتي، لأن الفرض ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه على ما يذكره المصنف هنا، وكذلك حكم الواجب، إذن استويا في الحد. أما الكراهة التحريمية فزادوها في القسم السادس، [هو ماطلب الشارع تركه طلبا جازما]، قلنا هذا نسميه تحريما مطلقا، سواء ثبت بدليل قطعي أو بدليل ظني، عند الأحناف لنظرهم في الفرض والواجب من جهة الدليل والثبوت نظروا أيضا في هذا القسم، فقالوا: ما ثبت بدليل قطعي نسميه حراما، وما ثبت بدليل ظني [ما طلب الشارع تركه طلبا جازما بدليل ظني] لا نسميه حراما، وإنما نطلق عليه الكراهة التحريمية، إذن الفرض عند الأحناف أعلى من الواجب، والحرام عند الأحناف أعلى من الكراهة التحريمية، لأن الفرض ثبت بدليل قطعي والحرام ثبت بدليل قطعي، والواجب ثبت بدليل ظني والكراهة التحريمية ثبتت بدليل ظني، إذن على الترتيب الفرض أعلى ثم الواجب ثم الحرام ثم الكراهة التحريمية، لكن الجمهور يقولون: لا، لا ننظر إلى الدليل بل إلى الحكم نفسه وهو خطاب الله عز وجل، لماذا؟ لاستواء حد كل منهما، الحرام والكراهة التحريمية يشملهما حد واحد، ولذلك لو قيل: حُدَّ لنا الكراهة التحريمية، لقال: ما طلب الشارع تركه طلبا جازما، ما حد الحرام؟ ما طلب الشارع تركه طلبا جازما، إذن نوع الدليل لا مدخل له في حقيقة الشيء، وإنما ننظر إلى مدلول النص نفسه. إذن: "تكليفية"، قال: وهي خمسة معلومة بطريق الاستقراء، وهذا قول الجماهير، وعند الشافعية وبعض المالكية زيادة خلاف الأولى، وعند الأحناف زيادة الفرض والكراهة التحريمية.

قال: "واجب"، هذا هو الأول، الحكم التكليفي الأول هو الواجب، وذكرنا أن متعلق الإيجاب هو فعل المكلف، فإذا تعلق الإيجاب بفعل المكلف سمي الفعل واجبا، وهنا يقول أولها واجب، هل هذا مستقيم؟ هل هذا يستقيم؟ هل الواجب حكم شرعي؟ لا ليس بحكم شرعي، الواجب ليس بحكم شرعي، ولذلك ذكرنا فيما سبق أن الأصوليين يقولون إيجاب ووجوب وواجب، ولكل معنى، الإيجاب والوجوب متحدان في الذات مختلفان في الاعتبار؛ لأن الإيجاب هو عين الخطاب، هو نفسه (وأقيموا الصلاة)، وهو نظر الأصولي، والوجوب هو مدلول (وأقيموا الصلاة)، إذن بالنظر إلى فعل المكلف تعلقت الآية (أقيموا الصلاة) فدلت على الوجوب، أما هي عينها فهي إيجاب، ولذلك الأصح أن يقال: "أوجب الله الصلاة إيجابا فوجبت الصلاة وجوبا، مبحث الأصوليين في الأول (أوجب الله الصلاة إيجابا)، ومبحث الفقهاء في الثاني (فوجبت الصلاة وجوبا)، تعلق الإيجاب بفعل المكلف يجعل وصف فعل المكلف أنه واجب، فحينئذ الواجب هذا على زنة اسم فاعل، يدل على ذات وصفة، إذن ذات متصفة بصفة هي الإيجاب، والفعل الذي تعلق به الإيجاب لا يمكن أن يكون هو عين كلام الله عز وجل، مع تقرير أن الإيجاب هو عين كلام الله عز وجل، ولذلك نقول هو حكم والحكم صفة الحاكم، إذن نقول واجب هذا ليس بحكم شرعي وإنما هو فعلٌ، أو فعل المكلف الذي تعلق به الإيجاب فهو من متعلقات الحكم وليس من أقسامه، إذن هو من متعلقات الحكم، يعني ما تعلق به الحكم هو فعل المكلف كما سبق هناك، ولذلك هذه المسائل كلها التي تأتي في الأحكام التكليفية ما يضبطها حق الضبط إلا من عرف محترزات الحكم الشرعي على وجهه الصحيح، ولو بتعمق ولو بدقة ولو بتكلف، هناك قلنا خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، حكم الله أو خطاب الله المتعلق بفعل المكلف، إذن المتعلِّق ليس هو عين المتعلَّق، عندنا متعلِّق ومتعلَّق، ما هو المتعلِّق؟ خطاب، خطاب الله المتعلِّق، نعت لخطاب، المتعلِّق بفعل المكلَّف، فعل المكلَّف متعلَّق به، مثلما نقول هكذا (المروحة) تعلقت بالسقف، المتعلِّق هو الإيجاب، والمتعلَّق به هو فعل المكلَّف، حينئذ الواجب من قسم المتعلِّق أو المتعلَّق؟ المتعلَّق، حينئذ ليس حكما شرعيا، وإنما توسع الأصوليون في ذلك توسعا مما جعل النقد موجها إليهم من هذه الحيثية، وإنما يقال: عرَّف الواجب باعتبار كونه متعلَّقا للحكم الشرعي الذي هو الإيجاب، إذا أردنا أن نحد الواجب باعتبار المتعلِّق لا باعتبار المتعلَّق، فنقول: الواجب باعتبار المتعلِّق وهو الإيجاب، الذي هو الحكم الشرعي الحقيقي، حده ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، وإذا أردنا أن نحده باعتبار المتعلَّق به فنقول كما قال المصنف هنا ما يُثاب أو ما يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك، إذن له حيثيات، ننظر إليه من حيث المتعلِّق فنعرفه من حيث الإيجاب، وننظر إليه من حيث المتعلَّق فنعرفه من حيث كونه صفةً لفعل المكلَّف، نقول الواجب له معنيان: معنى لغوي ومعنى اصطلاحي، أما معناه في اللغة فهو الساقط والثابت، يعني يأتي بمعنى الساقط ويأتي بمعنى الثابت، من مجيئه بمعنى الساقط قوله جل وعلا: [فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا] {الحج:36}، يعني سقطت

ولزمت محلها، هذا هو الأصح، وجاء في الحديث في الميت: "فَإذَا وَجَبَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةً" أي: سقطَ ولَزم محله، ويأتي بمعنى الثابت، ومنه قوله (صلى الله عليه وسلم): "اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ"، موجبات: جمع موجبة، وهي الكلمة الموجبة للرحمة، فالواجب يأتي بمعنى الساقط والثابت، الساقط كما ذكرناه في المثالين: "فَإذَا وَجَبَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةً"، والثابت كما في قوله (صلى الله عليه وسلم): "اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ"، موجبات: جمع موجبة، وهي الكلمة الثابتة أو التي تثبت لصاحبها الرحمة، إذن يأتي الواجب بمعنى الساقط والثابت، طيب الوجوب يكون على هذا بمعنى السقوط والثبوت، وورد أيضا بمعنى اللزوم، لذلك جاء في المصباح: (وجب البيع والحق، يجب وجوبا ووجبا لزم وثبت)، إذن يأتي بمعنى اللازم ويأتي بمعنى الثابت ويأتي بمعنى الساقط. أطاعت بنو عوف أميرًا نهاهُمُ.:. عن السِّلم حتى كان أول واجبِ.

أما في الاصطلاح فنقول: الواجب له اعتباران: إما أن يُنظَر إليه باعتبار المتعلِّق فحينئذ نقول من حيث كونه حكما شرعيا: ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، ووردت حدود كثيرة في تعريف الواجب في الاصطلاح وأكثرها صحيح، وإن كان يعترض كثير من الأصوليين على كثير منها، لكنها كلها متقاربة والانتقاد قليل ويمكن أن يُجابَ عنه، والذي يمكن أن يناسب هذا المقام أن نقول: الإيجاب هو ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، (ما) حكم شرعي، أو خطاب الله، (طلب الشارع) أخرج ما لا طلب فيه وهو الإباحة، أخرج المباح، ليس فيه طلب، (ما طلب الشارع فعله) أخرج ما طلب الشارع تركه وهو الحرام والمكروه، (طلبا جازما) أخرج المندوب، إذن صار هذا الحد على جهة التقريب صار هذا الحد مختصا بالإيجاب، ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، (ما طلب) نقول هذا جنس، (ما) جنس يشمل جميع الأحكام الشرعية التكليفية، (طلب الشارع) أخرج الإباحة أو المباح لأن ليس فيه طلب، استوى فيه الطرفان الفعل والترك، (طلب الشارع فعله) خرج ما طلب الشارع تركه وهو الحرام والمكروه لأنهما مطلوبا الترك والإعدام، (طلبا جازما) ما طلب الشارع فعله = لم يخرج الندب بعد، لأنه مطلوب الفعل، (طلبا جازما) طلبا هذا مصدر، (طلبا جازما) يعني على وجه القطع، بأن رتب الشارع على تركه الوعيد، وهذا أخرج الندب لأنه مطلوب الفعل طلبا غير جازم، بأن لم يرتب الشارع على تركه الوعيد، هنا عرفه من جهة أخرى وهو كونه صفة لفعل المكلف، قال: "واجب" حينئذ نقيده من حيث تعلقه بفعل المكلف، لابد من تقييده لأنه أراد أن يعرف الواجب لكونه حكما شرعيا، قلنا هذا لايصح في هذا الحال، وإنما نعرف الواجب من حيث كونه حكما شرعيا، الذي هو الإيجاب في التعريف السابق، ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، الذي ذكره المصنف هنا على المشهور عند المتأخرين ما يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك، هذا تعريف للواجب من حيث تعلقه بفعل المكلف، لأن الواجب صفة الفعل الذي فعله المكلف وليس هو صفة لكلام الله عز وجل ولا مدلولا لكلام الله عز وجل، إذن الواجب ليس هو الحكم الشرعي عند الأصوليين وليس هو الحكم الشرعي عند الفقهاء، لأن مدلول الحكم الشرعي في (أقيموا الصلاة) عند الفقهاء هو الوجوب لا الواجب، والحكم الشرعي عند الأصوليين هو الإيجاب لا الواجب ولا الوجوب، إذن نقول قوله واجب أي من حيث تعلقه بفعل المكلف، قال: واجب يقتضي الثواب على الفعل، (يقتضي) يعني يترتب عليه، والاقتضاء الأصل فيه الطلب، يعني يطلب ويترتب على فعله وإيجاده الثواب، هذا إذا نظرت فإذا به تعريف للواجب فيه بلازمه، لماذا؟ لأن الثواب والعقاب حكمان مترتبان على تحصيل وإيجاد الواجب، وليس هو عين الواجب، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولذلك يقال في هذا إنه رسم وليس بحد، لأن ذكر الثمرة أو ذكر الحكم نقول هذا من قبيل الرسوم لا من قبيل الحدود، حينئذ نقول إذا ذكر الشيء برسمه بثمرته بحكمه بلازمه نقول هذا فرع عن حقيقة الشيء، (يقتضي الثواب) الثواب والعقاب، الثواب هو الجزاء مطلقا، هكذا في اللغة، الثواب هو الجزاء مطلقا، يعني سواء كان الجزاء بخير على خير أو بشر على شر، ولا يختص الثواب بجزاء

الخير على الخير، وهذا وارد في الكتاب: [قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ] {المائدة:60}، هنا الثواب على شر إذا وقع الثواب على الشر، [هَلْ ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ] {المطَّففين:36}، ثواب الكفار ليس هو بخير وإنما هو بشر جزاء على ما فعلوا، إذن نقول الثواب لغة: الجزاء مطلقا، ومنه قول الشاعر: لكل أخي مدح ثواب علمته.:. وليس لمدح الباهلي ثواب. أي: جزاء. والعقاب في اللغة: التنكيل على المعصية، ومنه قول الشاعر: ومن عصاك فعاقبه معاقبةً.:. تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد. إذن عرفنا حقيقة الثواب، وحقيقة العقاب. (يقتضي الثواب على الفعل) على الإيجاد، وهنا قال الفعل وهو عام، يشمل القول ويشمل النية والاعتقاد والترك ويشمل أيضا الفعل الصريح وهو ظاهر الدخول. (والعقاب على الترك) إذن لازم الواجب وثمرة الواجب أنه إذا وجد وسقط به المكلف إيجادا له على وجهه الشرعي نقول ترتب عليه الثواب إذا وُجد، وإذا عُدِم ولم يأت به المكلف على وجهه الشرعي حينئذ ترتب العقاب، إذن العقاب وجودا، العقاب والثواب لازمان للواجب وجودا للثواب وعدما في الترك، إذا ترك الواجب هل يثاب؟ نقول لا يثاب، ما الذي يوجد؟ العقاب، إذا وجد الفعل الواجب وجد ماذا؟ الثواب وانتفى العقاب، لكن يذكر أن العلم هنا ضابطين لابد من ذكرهما: (يقتضي الثواب على الفعل) قالوا لابد من القيد امتثالا، لأن شرط الثواب هو النية، نية التقرب إلى الله جل وعلا بكون هذا الفعل طاعة، وقربة إلى الرب سبحانه، ولذلك يقسم الواجب باعتبار اشتراط النية في الاعتداد به وعدمه إلى قسمين: فيقال [واجب لا يعتد به إلا بوجود النية]، إذا وجدت النية _نية التقرب إلى الله سبحانه_ حينئذ صار الواجب صحيحا ويثاب عليه، إذا فقدت النية لا يصلح الواجب ولا يثاب عليه، بل يعاقب عليه إذا تعمد ذلك، وهذا مثل ما يقال فيه إنه من العبادات المحضة، كالصلوات الخمس، هذا واجب، ولا يمكن أن يثاب على هذا الواجب، بل لا يمكن أن يعتبر ويصح إلا إذا وجدت نية التقرب إلى الله عز وجل، "لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ"، "إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"، فكل عمل يكون مشروطا بالنية في ترتب الثواب عليه، إذن الواجب الذي يترتب عليه الثواب ولا يوجد الثواب إذا انتفت النية وأثرت فيه صحة نقول هذا في العبادات المحضة التي يُعبَّر عنها بأنها غير معقولة المعنى، هذا في الأصل، إذن قسم لا يُعتد به يعني لا يصح إلا بوجود نية التقرب والامتثال كالصلوات الخمس وصيام رمضان والحج ونحو ذلك، القسم الثاني: [واجب يعتد به] يعني يعتبر صحيحا، وبفعله تبرأ الذمة، ويسقط الطلب ولكن لا ثواب عليه إذا فقدت النية، إذا وجدت النية مع هذا القسم ترتب عليه الثواب، إذا لم توجد النية نقول الواجب صحيح وتخلف الثواب لتخلف النية. وليس في الواجب من نوال.:. عند انتفاء قصد الامتثال. فيما له النية لا تُشترطُ.:. وغير ما ذكرته فغلط.

لأن بعضهم يرى أنه يثاب مطلقا، مثل ماذا هذا؟ النوع الثاني؟ مثل ماذا؟ النفقة على الزوجة أو على الزوجات، هذه واجبة، أليست كذلك؟ واجبة، لكن إذا أنفق على الزوجة خوفا منها، سقط الواجب أو لا؟ سقط، هل تبرأ الذمة بهذا؟ نقول نعم برأت الذمة وسقط الطلب؛ لكن هل يثاب؟ لا؛ لأنه لم ينفق على الزوجة طلبا لمرضاة الرب جل وعلا، وإنما لأمر آخر، كذلك رد الدين ورد المغصوب، هذه إذا حصل الرد، رد المغصوب كما هو وحصل رد الدين كما هو نقول فعل الواجب، لكن هل يثاب؟ نقول لا يثاب إلا إذا نوى أنه رد الدين امتثالا لأمر الله عز وجل، أو أنه رد المغصوب أو العارية لأمر الله عز وجل، فحينئذ نقول هذا القسم الثاني يجزيء ويسقط الطلب وتبرأ الذمة ويثاب عليه إذا وجدت النية، وأما إذا فعله بغفلة عن نية الامتثال فأجزأ وأسقط الطلب ولكن لا ثواب، ولذلك هذا الذي نص عليه صاحب المراقي: (وليس في الواجب) هذا نفي، (وليس في الواجب من نوال) يعني من عطاء وأجر وثواب. وليس في الواجب من نوال.:. عند انتفاء قصد الامتثال. فيما له النية لا تشترط.:. وغير ما ذكرته فغلط. يعني الواجب الذي يعتد به ويكون صحيحا ولا تشترط النية في صحته (فيما له النية لا تشترط) يصح الواجب، (وليس في الواجب من نوال) يعني من ثواب، فالنفي يكون للثواب لا للصحة، (وغير ما ذكرته فغلط). ومثله الترك، اجتناب المحرم قد يجتنب المكلف الحرام فيترك الحرام، هل كل ترك للحرام يقتضي الثواب؟ الجواب لا، بل إذا ترك الحرام ممتثلا أمر الله عز وجل نقول هذا وُجد شرط النية، وجد شرط الثواب وهو وجود نية التقرب والامتثال فيثاب حينئذ، وأما إذا ترك الحرام ولم ينوِ (يعني تركه بغفلة، ما استحضر في قلبه هيبة أو عظمة الرب جل وعلا أو التقرب من الله عز وجل أو أنه انتثال لأمره سبحانه) فهل يعاقب؟ لا، لا يعاقب، وإنما نقول انتفى الثواب لانتفاء شرط الثواب وهو النية، فحينئذ ترك الحرام لا يثاب عليه مع الغفلة، ويثاب عليه مع النية، ولذلك لو فكر إنسان كم وكم وكم ترك من الثواب، يعني ترك الربا لأنه مثلا الإنسان قد يكون غير مرابي، وهذه نعمة عظمى، لكن هل ينوي بأنه تارك للربا ما خطر في قلبه أو أنه ما جاءت المناسبة أو أنه تتقزز نفسه منه، نقول إذا كانت هذه هي الموجبات فحينئذ لا ثواب على الترك، أما إذا استحضر في نفسه أنه قد يفتن في هذه البلية ولكن ابتعاده عنها واجتنابه لها خوفا من الله عز وجل وامتثالا لنهيه سبحانه وتعالى حينئذ توجد النية، يوجد الثواب لوجود شرط الثواب وهو النية، لذلك قال: ومثله الترك لما يُحَرَّمُ.:. من غير قصد ذا نعم مسلم.

ومثله، أي مثل الواجب الذي يعتد به ولا ثواب الترك لما يحرم، لأن الترك للمحرم من غير من قصد ذا (الذي هو الامتثال) نعم مسلم، نعم هو مسلم من الإثم، لماذا؟ لأن الإثم على الزنا مثلا أو الربا مرتب على وجوده، فإذا لم يوجد لا إثم، لكن لا يلزم من ارتفاع الإثم وجود الثواب، ليس بينهما تلازم، قد يرتفع الإثم لعدم وجود المقتضِي، لكن هل يلزم من ذلك وجود الثواب؟ نقول: لا، نقول: لا، ولذلك قال بعضهم: (ترتب الثواب وعدمه في فعل الواجب وترك المحرم راجع إلى وجود شرط الثواب وعدمه وهو النية)، هكذا قال في شرح الكوكب المنير، وجود الثواب وعدمه في فعل الواجب وترك المحرم راجع إلى وجود شرط الثواب وعدمه وهو النية، إذا وجدت النية حينئذ ترتب الثواب، إذا انتفت النية نقول: صح الواجب فيما لا يشترط له النية وصح ترك المحرم ولكن لا ثواب، ولذلك يقيد هذا فيقال: يقتضي الثواب على الفعل مطلقا؟ امتثالا لأمر الرب جل وعلا، والعقاب على الترك، إذن يقتضي العقاب، هل كل واجب يقتضي العقاب؟ لابد وأن يعاقب؟ هل كل واجب يقتضي العقاب؟ أم بعض الواجبات قد يحصل العفو من الرب جل وعلا؟ أحسنت، الثاني، من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الفاسق الملي إذا مات من غير توبة فإنه تحت المشيئة، قد يكون فاعلا لمحرم وقد يكون تاركا لواجب وقد يعفو الرب جل وعلا، فإذا قيل والعقاب على الترك، حينئذ يُفهم من هذا في ظاهره أنه يلزم العقاب، ففرق كثير من الأصوليين والشرَّاح عن هذه الجملة (والعقاب) قالوا: يترتب ويستحق، لأن ترتب العقاب لا يلزم منه حصول العقاب، واستحقاق العقاب لا يلزم منه وجود العقاب، ولذلك اعتُرض على ابن مالك (رحمه الله تعالى) في قوله: (وكل حرفٍ مستحق للبنا) قد يستحق الشيء ولا يأخذه، إذن لا يُفهم من هذه العبارة ماذا؟ أن الحرف مبني، لماذا؟ لأن الاستحقاق شيء ووجود الشيء بالفعل شيء آخر، فحينئذ إذا قيل يستحق العقاب لا يلزم منه وجود العقاب، وإذا قيل ترتب العقاب لا يلزم منه وجود العقاب بالفعل، ولكن هذا مع كثرة الناظمين له والقائلين به أنا أقول: لا وجه لهم، لماذا؟ لأن النظر هنا في الواجب باعتبار الفعل فعل المكلف وأما كونه معفوا عنه في الآخرة هذا ليس للناظم في الكتاب والسنة، وإنما دلت النصوص على أن الأصل في تارك الواجب ما هو؟ وجود العقاب أو العفو؟ وجود، هذا هو الأصل، والعفو أصل أم طاريء؟ طاريء، إذن لا نقول الطاريء حدا في الواجب، وإلا لو قلنا للناس مثلا: والعقاب على الترك الواجب ما يستحق، قد لا يقع العقاب، هذا يكون فيه تقوية لهم في الجرأة على ترك الواجبات، ولذلك نقول والعقاب على الترك لا إشكال فيه، لماذا؟ لأنه باعتبار أمر الدنيا والنظر في مدلول النصوص (نصوص الكتاب والسنة) ثبت بالاستقراء أن الأصل في الواجب تركه مقتض للعقاب، يعني يترتب ويستحق والأصل وقوع الشيء، ثم كونه قد يعفو عنه الرب جل وعلا هذا أمر طاريء وليس لنا أن نتدخل فيه، وإنما ننظر فيما يعنينا، أما كونه يعفو عنه أو لا يعفو ليس في نظرنا. "واجب يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك"، هذا حده، وعرفنا أن الأصح أن الواجب والفرض مترادفان، أن الفرض والواجب مترادفان.

والفرض والواجب ذو ترادف.:. ومالَ نعمان إلى التخالف. والفرض والواجب قد توافقا.:. كالحتم واللازم مكتوب وما. هذه الألفاظ كلها مترادفة، يقال هذا فرض وهذا واجب وهذا مكتوب: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ] {البقرة:183}، دل على الوجوب، كذلك اللزوم وكذلك الحتم، محتوم وملزوم، من لزمته [ .... ] كذلك الحتم: [كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا] {مريم:71} نقول هذه الألفاظ كلها مترادفة ومصدقها ما يثاب على فعله امتثالا ويعاقب على تركه، إذن كلها أسماء مترادفة في الشرط، والتفرقة بينها وخاصة بين الواجب والفرض لا دليل عليه، ولذلك ابن قدامة في الروضة قال: (لاستواء حدهما) والفرض هو الواجب لاستواء حدهما، يعني حد الواجب هو عين حد الفرض، ولذلك جاء في الحديث قول الرب جل وعلا: "مَا تَقَرِّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِأحَبَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ"، فدل على ماذا؟ ماذا نفهم من هذا؟ "وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إَلَيَّ بِالنَّوَافِلِ"، إذن قابل النوافل بماذا؟ بالفرض، وهذا يشمل ماذا؟ الواجب والفرض عند الأحناف، فحينئذ يستوي النوعان، إذن نقول الخلاصة أن الأصح أن الفرض والواجب والحتم والمكتوب كلها ألفاظ مترادقة، تصدق على محل واحد وهو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، إذا قيل ما صِيَغ الواجب؟ متى نحكم على الشيء بالشرع أنه واجب؟ نقول: أولا: بصيغة افعل، صيغة الأمر (افعل)، [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ] {البقرة:43} نقول هذا واجب. الثاني: المضارع المقرون بلام الأمر، [لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ] {الطَّلاق:7} نقول هذا واجب وفرض، لماذا؟ لأنه فعل مضارع مقرون بلام الأمر، وهو دال على الوجوب. ثالثا: اسم فعل الأمر، [عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ] {المائدة:105} (عليكم) هذه اسم فعل أمر، وهو يدل على الوجوب. رابعا: المصدر النائب عن فعل الأمر، [فَضَرْبَ الرِّقَابِ] {محمد:4} يعني (فاضربوا رقابهم). الخامس: التصريح بلفظ الأمر، [إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ] {النحل:90} (يأمر) نقول هذا يدل على الوجوب، والأظهر أنه لا يدل على الوجوب، لماذا؟ لأنه يشمل الندب. السادس: ترتب العقاب على الترك، [لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ] {الزُّمر:65} نقول هنا ترتب العقاب، نقول: (صَلِّ وإلا قتلتُكَ) نقول (صَلِّ) هذا يدل على الوجوب من جهتين، من جهة كونه أمرا ومن جهة ترتب العقاب على الترك. إذا وُجد واحد من هذه الأمور نقول: يُفهم منها الوجوب. وثم صِيغ يذكرها كثير من الأصوليين.

قال: "وينقسم من حيث الفعل" الآن شرع في بيان أقسام الواجب، الواجب له أقسام ثلاثة، "ينقسم الواجب من حيث الفعل" هذا تقسيم، "وينقسم أيضا من حيث الوقت، وينقسم أيضا من حيث الفاعل" وكلها ذكرها المصنف، إذن له ثلاث حيثيات: ينقسم من حيث الفعل، يعني باعتبار ذاته، نفس الفعل، فعل المكلف، باعتبار ذاته، بحسب فعل المكلف، ننظر إلى فعل المكلف الذي حكمنا عليه بأنه واجب، يعني ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، كالصلاة والزكاة والحج، نقول ننظر إلى الصلاة نفسها، فنقسم الواجب باعتبار الفعل إلى نوعين: إلى معين وإلى مبهم في أقسام محصورة، كما ذكره المصنف، إلى معين وإلى مبهم في أقسام محصورة، إلى معين، قال في حده: "لا يقوم غيره مقامه"، يعني أن يكون الفعل مطلوبا بعينه، يعني يحدد لك الفعل شيء واحد، وهذا تعرفه وينضبط معك بالواجب المخير، لأن الواجب المخير كما قال: "مبهم في أقسام محصورة" أن يذكر لك الشارع ثلاثة أشياء، ويقول لك يجب واحد منها، هل عيَّن لك الواجب؟ لا، لم يعين، وإنما ذكر لك واحدا في أقسام محصورة، إذن هو مبهم، لو عيَّن لك شيئا واحدا، قال: [أَقِمِ الصَّلَاةَ] {الإسراء:78} هل أنت مخير في الصلاة؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن هذا الواجب يسمى واجبا معينا، لا يجزيء غيره ولا يقوم غيره مقامه، لا يمكن أن يؤمر الآن بصلاة الظهر مثلا ثم يقول: لا، أنا أخرج لعرفة، يأتي بالحج، لماذا؟ لأن الصلاة (صلاة الفرض) التي هي الظهر لا يقوم غيرها مقامها، قال: "إلى معين" يعني أن يكون الفعل مطلوبا بعينه لا يقوم غيره (يعني غير الفعل) مقامه، فيتعين عليك إذا قيل لك [أقم الصلاة] أن تصلي ولا خيار لك في الترك، وإذا قيل: [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] {البقرة:185} يتعين عليك الصوم ولا يجزيء غير الصوم مقام الصوم في شهر رمضان، هذا نسميه ماذا؟ واجبا معينا، لا يقوم غيره مقامه، كالصلاة كما مثلنا، والصوم كما مثلنا، ونحوهما كالحج وبر الوالدين والصدق ونحوها من الواجبات، فالمطلوب في هذه الواجبات كلها واحد لا خيار فيه، لماذا؟ لأن الشارع قد طلب منك هذا الفعل وعينه، ولم يخيرك بين شيئين أو ثلاثة وأنت تختار واحدا منها.

"وإلى مبهم" هذا هو القسم الثاني الذي يقابل المعين، "وإلى مبهم" مبهم من الإبهام، وهو عدم التعيين، الإبهام هو عدم التعيين إذا قيل جاء الذي، قالوا: (الذي) هذا اسم موصول وهو مبهم، (هذا) اسم إشارة وهو مبهم، لا يتعين إلا بالمشار إليه، (هذا زيد)، (جاء الذي قام أبوه) إذن (الذي، وهذا) من المبهمات، لماذا؟ لأن المراد منها عند إطلاقها غير معين، لابد أن يأتي شيء آخر يبين المراد منها، هنا قال: "مبهم" غير معين، "في أقسام محصورة" لأنه لو أوجب شيئا مبهما لا في أقسام محصورة صار من التكليف بالمحال، لا يمكن هذا يتصور، أن يأمرك بشيء مبهم، ماهو؟ الله أعلم به، أن يأمرك بشيء مبهم ثم لا يحصره لك في شيء معين، هذا لا يقع وإنما يكون من التكليف بالمحال، وإنما قال: "في أقسام محصورة" لحكاية الواقع الذي جاء به الشرع، وهذه بعضهم ينكر وجوده، لكن الصواب أنه ثابت وجائز عقلا وواقع شرعا، أما جائز عقلا فلا يمتنع أن يقول الأب لولده (ائت بكذا أو كذا)، خيره بين شيئين، أو أن يقول السيد لعبده (خِط لي ثوبا أو ائت بماء) خيره بين شيئين إذا أتى بواحد منهما أجزأ وأسقط الطلب، إذن بالعقل لا يمنع، وبالشرع أيضا هو واقع، قال تعالى: [فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ] {المائدة:89}، [أو] هذه للتخيير، إذن هل الواجب كل هذه الثلاثة أشياء؟ لا، وإنما الواجب واحد، ما هو؟ نقول مبهم، مطلقا؟ مبهم مطلق؟ نقول: لا، مبهم في أقسام محصورة، عدَّ لك ثلاثة أشياء وخيرك أيها المكلف تخفيفا ورحمة أن تختار أنت، فحينئذ لو ترك الجميع أثم، لو فعل الجميع أُجر، قيل على أعلاها، وقيل على أدناها، قال: "مبهم في أقسام محصورة" وهذا الذي يسميه الأصوليون الواجب المخير، والأول الواجب المعين، واجب معين وواجب مخير، إذن "مبهم في أقسام محصورة" يجزيء واحد منها، يعني يجزيء ويسقط الطلب فعل واحد منها، لماذا؟ لأن الشرع قد خيرك أيها المكلف في فعل واحد، وعين لك ثلاثة أشياء كما في خصال الكفارة، واضح هذا؟ إذن نقول ينقسم الواجب باعتبار الفعل نفسه بالنظر إلى ما طلبه الشارع إلى نوعين: واجب معين وواجب مخير، "واجب معين" عين لك شيئا واحدا ليس لك الخيار في تركه، كقوله تعالى: [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ] {البقرة:43} عين لك الصلاة، هل يقوم غير الصلاة مقامها؟ الجواب: لا، "وإلى واجب مخير" يعني خيرك الشرع بين أشياء هو الذي حصرها لك، فذكر لك عدة أشياء، ثلاثة أو أربعة، وقال لك يجب عليك واحد منها، أي شيء فعلته منها أجزأ وأسقط الطلب وبرأت الذمة، [فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ] {المائدة:89} حدد لك ثلاثة أشياء، الواجب منها واحد فقط، نسميه هذا واجب مخير.

"ومن حيث الوقت" يعني ينقسم الواجب من حيث الوقت، يعني باعتبار الزمن الذي يقع فيه الواجب، يعني باعتبار زمن أدائه، متى يُفعل هذا الواجب؟ الأصل فيه أو الغالب الكثير أن بعض الواجب قد يكون مؤقتا محددا، وبعضه يكون غير مؤقت وغيرمحدد، غير مؤقت يعني لم يُجعل له وقت معين، مثل الزكاة، الزكاة متى تجب؟ هل لها وقت أول وآخر؟ ليس لها وقت، متى ما تم الحول والنصاب ودار الحول وجبت الزكاة، في وقتها، منذ أن وجد الشرط والسبب وجدت الزكاة، إذن نقول الزكاة لا وقت لها، وإنما وقتها حيث وجبت، وبعض الواجبات عين له الشارع وقتا، فحينئذ يكون هذا الوقت مقدرا من الشرع، ولذلك يُعَرَّف الوقت بأنه الزمن الذي قدره الشارع للعبادة، قدره الشارع للعبادة، لأنك لو نظرت نظرا عقليا هكذا، العبادة المأمور بها إما أن يكون الوقت مساويا لها (لفعلها) ولا يسع الوقت أكثر من فعل الواجب، وإما أن يكون الوقت أكثر من فعل العبادة، وإما أن يكون أقل، قسمة عقلية، إما أن يكون أقل من وقت العبادة (من فعل العبادة)، يعني لا يسعها، مَثَّلَ بعض الأصوليين كأربع ركعات في طرفة عين، لو كلفك الشارع بأربع ركعات في طرفة عين، هكذا، غَمَّض عينك وافتح، أربع ركعات، قالوا: هذا محال؛ لأنه تكليف بالمحال لا يوجد هذا، ماذا بقي؟ بقي أن يكون الوقت أكثر من فعل العبادة، وإما أن يكون مساويا لفعل العبادة، إذن قسمان، قالوا: نسمي الوقت أو الواجب الذي كان مساويا للعبادة نسميه واجبا مضيقا، والوقت الذي يكون أكثر من العبادة نسمي الواجب الذي حل فيه واجبا موسعا، إذن قوله: "ومن حيث الوقت" أي ينقسم الواجب من حيث الوقت الذي يقع فيه الواجب، والوقت هو الزمن الذي قدره الشارع للعبادة، "إلى مضيق" يعني إلى واجب مضيق، ضيق فيه على المكلف، بحيث لا يجد سعة إلى تأخيره، فلو أخره لصار قضاءً، عرفه المصنف بقوله: "ما تعين له وقت لا يزيد على فعله" (ما) أي فعل، واجب، قول وعمل إلى آخره، تعين له وقت، يعني حُدِّدَ له وقتٌ من قِبل الشارع لا يزيد على فعله من جنسه، قال: "كصوم رمضان" صوم رمضان نقول هذا واجب مضيق، لماذا؟ لأن من جنس رمضان الواجب صوم النفل مثلا أو واجب آخر، كالكفارة أو النذر، فحينئذ لو صام أول يوم من رمضان هل يسع أن يجمع بين صوم رمضان وصوم النافلة وصوم النذر مثلا؟ هل يمكن؟ لا يمكنه، إذن نقول: هذا الوقت من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لا يسع إلا عبادة صوم رمضان فقط، وأما ما كان من جنس الصوم كالنفل أو الواجب الآخر غير صوم رمضان فلا يسعه، لماذا؟ لأن الوقت هنا مواز ومساو لوقت العبادة، لذلك قال: "ما تعين له وقت" يعني حدد له وقت في الشرع، لا يزيد هذا الوقت على فعله، بل هو مساو له، من جنسه، لا بد من قيد من جنسه لأن الصوم قد يأتي بواجب آخر يصوم مثلا ويتصدق ويزكي ويبر والديه ويأتي بواجبات أخرى، إذن جمع في وقت واحد بين الصوم وبين غيره من الواجبات، أما من جنس الصوم فلا، "كصوم رمضان"، "وإلى واجب موسع، وهو ما كان وقته المعين يزيد على فعله من جنسه" يعني يسع الوقت الفعلَ وزيادة، كالصلاة والحج، كالصلاة، أوقات الصلاة مثلا إذا صلى الظهر نقول هل الوقت موازٍ للصلاة بحيث لا يزيد الوقت على

فعل الصلاة أم يزيد؟ نقول: يزيد، هل له أن يفعل من جنس الواجب الموسع الذي هو الصلاة نفلا أو واجبا آخر في نفس الوقت أو لا؟ يسعه، يمكن أن يأتي بصلاة واجبة غير صلاة الظهر، أن صلاة الظهر الآن هل يمكن أن تأتي بصلاة واجبة أخرى؟ يمكن، مثل ماذا؟ القضاء، لو تذكر صلاة منسية واجبة، ما صلى صلاة الظهر أمس، فصلى صلاة الظهر اليوم، نقول جاء بالواجب، وهذا الواجب موسع، لأن الوقت يسع هذه الصلاة الأربع ركعات، ويسع غيرها من جنسها، وهو قضاء صلاة أخرى، القضاء للصلاة الأخرى هو عين أو من جنس الواجب الموسع الذي هو صلاة الظهر أولا، كذلك له أن يتنفل بما شاء من النوافل للصلوات، نسمي هذا الوقت أو نسمي هذا الواجب واجبا موسعا، كصوم رمضان، قال: "كالصلاة" يعني المراد بها الوقت، "والحج" الحج هل وقته موسع أم مضيق؟ هل المراد أن يحج مرتين في سنة؟ أو المراد أنه يستطيع أن يرمي في الصباح ثم يتفرغ لسائر العبادات ببقية يومه؟ أو أن يطوف بالصباح ويتفرغ لسائر العبادات في يومه؟ نقول باعتبار أفعال وأعمال الحج هو واجب موسع، وباعتبار كونه لا يسع غيره بمعنى أنه لا يستطيع أن يحج مرتين هو واجب مضيق، لأن هذه السنة مثلا إذا حج لا يسع أن يحج مرة أخرى كما إذا صام رمضان لا يسع أن يصوم رمضان آخر سابق أو يقضي صوما، أما باعتبار الآحاد وباعتبار الأفراد نقول: يسع أن يأتي بالرمي وهو واجب ثم يتفرغ لسائر العبادات، إذن وَسِعَ الوقت الرمي وزيادة، وإن كان المثال فيه نوع إشكال، قال: "فهو مخير في الإتيان به في أحد أجزائه" (فهو) أي المكلف، (مخير في الإتيان به) أي بالواجب الموسع (في أحد أجزائه) يعني في أي جزء من أجزاء وقته، ولذلك فيه إن الوجوب يتعلق بجميع الوقت، ثم هو مخير في أي جزء من أجزاء الوقت أوقع هذا الفعل، فوقت الظهر مثلا جميعه نقول محل لأداء الصلاة الواجبة وهي الظهر، هل إذا وقعت في أول الوقت تكون أداء؟ نعم، هل إذا وقعت في أثناء الوقت (منتصفه) تكون أداء؟ نقول: نعم، هل إذا وقعت في آخر وقت الظهر تقع أداء؟ نعم، معنى هذا الكلام يستفاد منه أن جميع وقت الظهر محل أداء صلاة الظهر، فحينئذ صار الوقت كله وقت أداء، ولذلك نص الأصوليون على أن تعلق الواجب يكون بجميع الوقت، وقتا موسعا، أداء لا قضاء، لأن بعضهم يرى أن فعل العبادة في آخر وقتها يكون قضاء، كما هو مذهب بعض أو ما يُنسب إلى الأحناف، والصواب أنه يكون أداء، فلو أخر الصلاة إلى آخر وقته الظهر نقول جائز أو لا؟ جائز، هل يجب عليه أن ينوي التأخير؟ أو يعزم على التأخير؟ نقول: لا، هذا هو الصواب، والجمهور على أنه لابد أن يأتي بالعزم، بدل التأخير، والصواب أنه لا يجب ذلك. جميع وقت الظهر قال الأكثر.:. وقت أداء، وعليه الأظهر. لا يجب العزم على المؤخر.:. وقد علم وجوبه للأكثر.

يعني عند الجمهور أنه إذا أخر الواجب الموسع إلى آخر وقته يجب عليه أن ينوي ويعزم أنه سيأتي به في آخر الوقت، لماذا؟ لأن هذا واجب، والوجوب قد تعلق بأول الوقت، فحينئذ إما أن يأتي به وإما أن يأتي ببدله، إما أن يأتي به، بفعله في أول الوقت، وإما أن يأتي ببدله، ببدل الفعل وهو العزم، والصواب أنه لا يجب، لماذا؟ لأمرين: أولا: التعريف، قالوا: إما أن يأتي به ومن أتى به في آخر الوقت فقد أتى به في وقته، إذن هو لم يخرجه عن وقته حتى لابد أن يأتي ببدله كالقضاء والعزم، الثاني: وهو أصرح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما نزل جبريل (عليه السلام) علمه أول الوقت ثم جاء بعدها في اليوم التالي وصلى به في آخر الوقت، هل قال له في اليوم الأول: انوِ؟ اعزم أن تأتي به متأخر؟ هل قال له ذلك؟ لا، لم يُقَل هذا، فدل على أنه لا يجب العزم على من أخر الصلاة في الواجب الموسع إلى آخر الوقت، لماذا؟ لأنه فعل ما يجوز له فعله وهو التأخير، إذن ما المراد إذا قيل هو واجب موسع؟ معناه أنه مخير في أي وقت من أوقات الفعل أن يوقع الصلاة، هذا حيث لا تعليل آخر، قد يقول قائل: طب صلاة الجماعة تقع في الأول فلا يجوز أن يتأخر، نقول هنا النظر ليس لفعل الصلاة، وإنما لأمر آخر، لنصوص أخرى، دلت على وجود الجماعة في أول الوقت فحينئذ وجوب التقديم هنا لا لذات الصلاة وإنما لأمر آخر تعلق بالصلاة وهو وجوب الجماعة على قول من يرى وجوبها، إذن لا يعتبر بوجوب صلاة الجماعة على أنه يجب أن يأتي بها في أول الوقت وإنما النظر إلى الصلاة نفسها، فنقول وجبت الصلاة، قد يكون مسافرا وعند بعضهم لا تجب عليه الجماعة، فحينئذ نقول: له أن يؤخر في آخر الوقت، ولا يجب على الصحيح أن يأتي ببدل هذا التأخير وهو العزم، (جميع وقت الظهر قال الأكثر وقت أداء وعليه) إذا قيل وقت أداء حينئذ كيف نقول يجب عليه العزم؟ (وعليه الأظهر لا يجب العزم على المؤخر وقد علم وجوبه للأكثر) لكن الجمهور والأكثر إذا لم يكن الدليل معهم حينئذ لا نوافق وإن كان الأكثر إصابة الجمهور لكن الدليل أولى بالاتباع، إذن قال: "فهو مخير في الإتيان به في أحد أجزائه" ولذلك هو من جهة المعنى فيه نوع الواجب المخير، الواجب المخير هناك التخيير وقع في ماذا؟ في عين الواجب، واحد من ثلاث، وهنا وقع في ماذا؟ في إيقاع الفعل في أي وقت، إذن الاختيار هنا والتخيير في الوقت، بين أجزاء الوقت، وهناك وقع بين الواجبات أنفسها، وهنا في الوقت، فلو أخر ومات قبل ضيق الوقت لم يعص لجواز التأخير بخلاف ما بعده، هذه مسألة تتفرع على مسألة الواجب الموسع، إذا جاز له أن يؤخر فتأخيره إما إلى أن يضيق عليه الوقت أم قبله، كيف يضيق عليه الوقت؟ فلو أخر صلاة الظهر إلى أن بقي عشر دقائق ويخرج الوقت، نقول: عشر دقائق هذا في الغالب تسع أربع ركعات، صار الوقت مضيقا عليه، إذن قد يصير الواجب الموسع مضيقا، متى؟ إذا أخر الواجب حتى بقي عليه ما لا يسع إلا الواجب، ولذلك يجوز للمرأة مثلا أن تؤخر قضاء شهر رمضان حتى (هي مخيرة وموسعة) من شهر شوال (هي عليها ستة أيام مثلا) من شهر شوال هي مخيرة أو الواجب موسع في أن تؤخرها إلى أن يبقى ستة أيام من شعبان، حتى يبقى

ستة أيام من شعبان، يعني وينتهي شهر شعبان، إذا بلغت القدر المعين لها في قضائها نقول: ضاق عليها الوقت فتعين، فيجب عليها أن تصوم ثاني يوم، أما ما قبل ذلك فهي مخيرة أن توقع الصيام في شهر شوال في شهر ذي القعدة إلى آخره، حتى يبقى قدر الأيام التي عليها، فإذا بقي قدر الأيام حينئذ نقول ضاق عليها الوقت فصار الوقت مضيقا، هنا من المسائل [ ... ]

فلو أخر ومات، أخر من جاز له التأخير حتى بقي وقت يسع الصلاة وغيرها، يعني لم يضق عليه الوقت، أخر صلاة الظهر حتى الساعة الثالثة، نقول: بقي عليه وقت موسع، يسع الصلاة الأربع ركعات وزيادة، لو مات قبل أن يصلي هل يموت عاصيا أم لا؟ هل عصى؟ مات، ما صلى الظهر، ترك واجبا أو لا؟ تراك واجبا، نعم ما صلى الواجب، هل يعصي أو لا؟ نقول: لم يعص، وهذا مذهب الأئمة الأربعة، وحُكي إجماعا أنه ليس عاصيا، لذلك قالوا هنا: فلو أخر من له التأخير ومات قبل أن يفعلها كالصلاة فإنها تسقط بموته عند الأئمة الأربعة، لماذا؟ لأنها تسقط بموته يعني لا يطلب قضاؤها من غيره من الورثة، لأنها لا تدخلها النيابة فلا فائدة في بقائها في الذمة بخلاف الزكاة والحج، يعني سقط وجوب الصلاة فلا تتعلق بها الذمة، لماذا؟ لأن الصلاة لا نيابة فيها، بخلاف الزكاة، لو لم يُزكِّ فمات حينئذ وجبت الزكاة في التركة، "قبل ضيق الوقت" هنا قيدٌ هذا، له مفهوم، قبل أن يضيق عليه الوقت، الجواب: لم يعص، لم يعص بالتأخير كما قلنا عند الأئمة الأربعة وحُكي إجماعا، لماذا لم يعص بالتأخير؟ لأنه لم يضق عليه الوقت، يعني لم يتعين عليه فعل الصلاة في ذلك الوقت، أنت مخير دخل الوقت الساعة الثانية عشرة والنصف، يجوز أن تصلي الساعة الواحدة، أنت وشأنك، تريد أن تصلي الواحدة والربع، الواحدة والنصف، الثانية، الثانية والنصف، أنت مخير في أي جزء من أجزاء الوقت أنت مخير أن توقع الصلاة فيه، إذن فعل ما يجوز له، لأنه لما أخر إلى الساعة الثانية مثلا فمات قبل الساعة الثانية نقول: قد فعل جائزا، وإذا فعل جائزا لا يترتب عليه العقاب، لذلك قوله: "قبل ضيق الوقت" هذا قيد، لم يعص، لماذا؟ قالوا: لجواز التأخير، اللام هنا للتعليل، تعليل الحكم، ما هو الحكم؟ عدم العصيان، عدم العصيان بترك الصلاة حتى قُبِضَ، لجواز التأخير لأنه فعل ماله فعله، فلماذا لا يقدر في نفسه أنه قد لا يعيش؟ هل ممكن الإنسان يجعل في نفسه ابتداء من نومه كل لحظة ممكن يأتيه ملك الموت، لماذا لم يحسب حساب هذه الجزئية؟ قالوا: واعتبار السلامة العاقبة ممنوع لأنه غيب، يعني قد يعتذر معتذر فيقول لماذا لم يعتقد في نفسه أنه قد يقبض في هذه اللحظة؟ نقول لاعتبار سلامة العاقبة ممنوع، لماذا؟ لأنه غيب، أنت ما تدري، الأصل أنك تعيش، الأصل السلامة أما عدم السلامة فهذا أمر غيبي، لا تدري متى سيأتيك ملك الموت، لكن الأصل أنك تعيش، ولذلك أنت الآن قدرت نفسك أنك بعد العصر ستذهب إلى كذا وكذا وكذا، أليس كذلك؟ لأنك جريت على الأصل وأنك باق بإذن الله تعالى، "بخلاف ما بعده" بعد ماذا؟ بعد ضيق الوقت، فإنه يعصي، وهو من أخر الفعل في الوقت الموسع مع ظن مانع منه، فعدم البقاء أثم إجماعا، يعلم أنه سيقتل قبل خروج الوقت بنصف ساعة، يعلم هذا أن القصاص سيأتي عليه الساعة الثالثة فأخر حتى الساعة الثالثة، ولم يُصل فقتل، يعصي أو لا؟ يعصي، هل خرج الوقت؟ هل خرج الوقت في حقه؟ خرج الوقت في حقه، أما الوقت باعتبار نفسه فهو باق، حينئذ نقول أثم إجماعا، لماذا؟ لأنه يعتبر تاركا للصلاة عمدا، لذلك قال: "بخلاف ما بعده وهو ضيق الوقت، وهو من أخر الفعل في الوقت الموسع مع ظن

مانع منه كعدم البقاء أثم إجماعا"، طيب لو بقي؟ حكم عليه بالقصاص الساعة الثالثة، فأخر حتى الساعة الثالثة فلما جاء الوقت قالوا: عفونا عنه، ثم صلى، يأثم؟ يأثم، ما نوع الصلاة؟ أداء أم قضاء؟ اختلف فيها والأصح أنها أداء، لماذا؟ لأن خروج الوقت باعتبار ظنه، هو ظن أنه سيقتل في الساعة الثالثة فلما عفي عنه نقول الظن صار خطأ ولا عبرة بالظن البين خطؤه، فحينئذ لو صلى قبل خروج الوقت نفسه حكمنا على الصلاة بأنها أداء وليست قضاء، ثم قال: "ومن حيث الفاعل" إذن عرفنا أن الواجب ينقسم من حيث الوقت إلى واجب مضيق وإلى واجب موسع، ثم قال: "ومن حيث الفاعل" يعني بالنظر إلى المكلف والمخاطب، قد يخاطَب بالواجب كلُّ فرد بذاته، بعينه، وقد يخاطب كل المخاطبين أو كل المكلفين والمطلوب بعضهم، والمطلوب بعض المخاطبين، ومن حيث الفاعل أي من حيث المخاطب أو المكلف ينقسم الواجب إلى قسمين: فرض عين، يعني إلى واجب هو فرض عين، سمي فرض عين لماذا؟ لأن المخاطب به كل عين، كل شخص بذاته، لا يقوم واحد عن غيره في فعل الواجب، حينئذ هذه تسمى فرض عين، "وهو" أي فرض العين ما لا تدخله النيابة مع القدرة وعدم الحاجة، يعني لا ينوب شخص عن شخص، لا يمكن أن تقول لابنك أو لصاحبك صلِّ الظهر اليوم عني، يمكن؟ لا يمكن، لماذا؟ لأن الصلاة مخاطب أنت بعينك بنفسك، لا يجزيء، لا يقوم غيرك بفعل هذا الواجب، يسمى هذا واجبا عينيا، "ما لا تدخله النيابة"، قال: "مع القدرة وعدم الحاجة" مع القدرة لا تدخله النيابة، إذن إذا لم تكن قدرة تدخله النيابة، وهذا محل إشكال، هذا التعريف ليس بصواب، "ومع القدرة وعدم الحاجة" مثل بالعبادات الخمس، مَثَّل لها في التعريف بالعبادات الخمس، "كالعبادات الخمس" ما هي العبادات الخمس؟ الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، أربعة أو خمسة؟ أربع، أين الخامس؟ هذا محل إشكال، إما ان نقول إنه من باب التغليب، أو نقول بعَدِّ الطهارة منها، والشيخ الفوزان في شرحه عَدَّ الطهارةَ، قال: خمسة، وأرجع إلى الفروع، بأن العبادات الخمس المراد بها في هذا الموضع كمثال الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، حينئذ صارت خمسة، أو نقول كما قال الشيخ بن عثيمين (رحمه الله تعالى) إنه من باب التغليب، وإلا التخميس هنا فيه نظر، قال: "كالعبادات الخمس" الصلاة، إذا أردنا أن نطبق الحد نقول: ما لا تدخله النيابة مع القدرة وعدم الحاجة، القدرة المراد بها القدرة البدنية، إذن إذا وجدت القدرة لا تصح النيابة، إذا عدمت القدرة صحت النيابة، هل هذا صحيح في الصلاة؟ لا، الصلاة أبدا لا تدخلها النيابة مطلقا إلا في موضع واحد تبعا لا استقلالا، وهو ركعتي الطواف، ركعتي الطواف لمن حج نيابة عن شخص آخر، فحينئذ يطوف عن ذلك الشخص المنيب، فإذا صلى صلى تبعا للطواف، صلى لنفسه أو لغيره؟ قالوا: لغيره، كيف نقول الأصل عدم النيابة؟ نقول: يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا، هذا الموضع الوحيد الذي استثناه كثير من الفقهاء، إذن نقول الصلاة لا تدخلها النيابة مع القدرة ولا مع عدم القدرة مطلقا، الصلاة لا نيابة فيها، الزكاة هل تدخلها النيابة أم لا؟ وجبت الزكاة عن المرأة فأخرج الزوج عنها بإذنها، صحَّ؟ صحَّ، إذن

دخلتها النيابة، الصوم لا تدخله النيابة، لا مع القدرة ولا مع العدم، لكن ورد من مات قام عنه وليه، هذا يقيد بالنذر، الحج هل تدخله النيابة؟ نعم تدخله النيابة لكن مع العجز، أما مع القدرة فلا تدخله النيابة، يعني إذا قدر أن يحج بنفسه حجا واجبا حينئذ يتعين بنفسه، إذن قوله: "ما لا تدخله النيابة مع القدرة وعدم الحاجة كالعبادات الخمس" هذا التعريف ليس بصواب، وإنما نقول: "ما طلب الشارع فعله من كل واحد بالذات" أو "من معين كالخصائص النبوية" كل واحد لابد أن يقوم بهذا الفعل، "أو من معين" من شخص معين مُسَمّى، كالخصائص النبوية، فرضت بعض الأشياء خُص النبي (صلى الله عليه وسلم) ببعض الواجبات، إذن هذا هو فرض العين، قالوا: "وفرض كفاية" فرض كفاية هذا مأخوذ من (كفى_يكفي) سمي فرض كفاية لأن البعض يكفي، بعض المخاطبين يكفي في سقوط الطلب وبراءة الذمة، إذا فعله البعض أسقط الإثم عن الآخرين، قال: "فرض كفاية" لأن قيام البعض به يكفي، وهو (أي فرض الكفاية): "ما يسقطه فعل البعض" يعني واجب إذ افعله البعض أسقطه عن الآخرين، "مع القدرة وعدم الحاجة" يعني ولو كان الآخرون الذين أسقط عنهم فرض الكفاية أو الواجب = ولو كانوا قادرين، نقول الصلاة، كما مثل هنا، قال: "كالعيد والجنازة" العيد على قول إنها فرض كفاية إذا فعلها البعض سقط عن الآخرين ولو كان الآخرون قادرين على الإتيان؟ نقول: نعم، ولو كان الآخرون قادرين على الإتيان، الجنازة يعني يقصد بها تجهيزها وغسلها ودفنها والصلاة عليها، هذه إذا فعله البعض أسقط الإثم عن الباقين، ولو كان الباقون الآخرون قادرين على الفعل، إذن بفعل البعض أسقط عن الآخرين، " وهو ما يسقطه فعل البعض مع القدرة وعدم الحاجة" يعني ولو كانوا قادرين عليه وليسوا محتاجين لغيرهم كالعيد والجنازة، قال: "والغرض منه (والحكمة منه) _من فرض الكفاية_ وجود الفعل في الجملة" النظر في فرض العين إلى الفاعل، إلى الفاعل بالأصالة، والنظر في فرض الكفاية إلى الفعل بالأصالة، وإلى الفاعل بالتبع، إذن نظر الشارع في فرض العين إلى الفعل إلى إيجابه، ولذلك صار أهم وأفضل من فرض الكفاية لأن الفعل مقصود بالذات، وعُين كل فاعل لفعل وإيجاد هذا الفعل، إذن صار أولى ومقدما وأفضل، وأما في فرض الكفاية فالمقصود إيجاد الفعل، المقصود أن هذا الميت يغسل، لابد أن يغسل، أي واحد منكم غسله أسقط الإثم عن الباقين، لماذا؟ لأن المقصود ماهو؟ حصول التغسيل، حصول الدفن، حصول الحمل، حصول الصلاة، فإذا وقعت هذه الأمور نقول: حصل الفعل، ولذلك قال: "والغرض منه" _أي من فرض الكفاية_ وجود الفعل في الجملة" يعني من البعض، إذا قيل في الجملة وبالجملة، في الجملة بـ (في) يعني في البعض دون الآخرين، وإذا قيل بالجملة بـ (الباء) حينئذ يلزم الجميع، وهذا بالجملة يقابل المجموع عند المناطقة، وبالجملة يقابل الجميع، هكذا ينطق في كتب الفقه، فلو تركه الكل أثموا، لو تركه الكل أثموا، لماذا؟ فَرْضُ الْكِفَايَةِ مُهِمٌّ يُقْصَدُ.:. وَنَظَرٌ عَنْ فَاعِلٍ يُجَرَّدُ. وَزَعَمَ الأُسْتَاذُ وَالْجُوَيْنِي.:. وَنَجْلُهُ يَفْضُلُ فَرْضَ الْعَيْنِ.

وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ.:. وَالْقَوْلُ بِالْبَعْضِ هُوَ الْمَنْصُورُ. إذا قيل صلاة الجنازة واجبة، وخوطب بها المكلفون، من المخاطب؟ هل كل الناس أم بعضهم؟ الخطاب هنا موجه إلى من؟ هل إلى الكل أم إلى البعض؟ هذا فيه خلاف، الجمهور على أنه موجه إلى البعض، بدليل ماذا؟ أنه إذا فعل البعض وامتثل ذلك الواجب سقط عن الباقين، قالوا: لو خوطب الباقون لَمَا سقط عنهم الإثم بفعل الآخرين، والأصح أنه: (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ) عفوا العكس هو الصواب، أن الخطاب هنا موجه للبعض على قول بعض الشافعية وهو اختيار السيوطي كما هنا، (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ* وَالْقَوْلُ بِالْبَعْضِ هُوَ الْمَنْصُورُ)، يعني القول المرجح عند السيوطي أن المخاطب بفرض الكفاية هو من قام بهذا الفعل، ومن عداه ليس مخاطبا بذلك الفعل، والأصح أن الجميع مخاطبون بإيجاد الفعل، (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ) يعني المخاطب بفروض الكفاية الكل، لماذا؟ لما ذكره المصنف هنا، "فلو تركه الكل أثموا"، لماذا؟ لو كان الخطاب موجها للبعض لِمَا يأثم الكل؟ إنما أثموا لكونهم مخاطبين بهذا الفعل، فحينئذ دل على أن الخطاب موجه إلى الكل، (وَهوَ عَلَى الْكُلِّ رَأَى الْجُمْهُورُ) لفوات الغرض، ما هو الغرض؟ وجود الفعل في الجملة، من أدلة الجمهور على أن الخطاب موجه للكل ما ذكره المصنف هنا، " أثموا بالترك" ولا إثم إلا على ترك واجب، أيضا العمومات الواردة في قوله تعالى (ويكاد يكون إجماعا، بل هو إجماع) أن الجهاد في الأصل فرض كفاية، ومع ذلك قال جل وعلا: [وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ {البقرة:190}، (قاتلوا) الواو هذه للعموم، خطاب لمن؟ للكل، وهو فرض كفاية إذا فعله البعض سقط عن الآخرين، إذن عرفنا من هذا أن الواجب ينقسم باعتبار المخاطب إلى قسمين: فرض عين وفرض كفاية، (فرض عين) وهو أن يكون المخاطب به كل واحد بالذات، (وفرض كفاية) أن يكون المخاطب به كل المكلفين فإذا فعله البعض سقط عن الآخرين، ثم ذكر مسألة تتعلق بالواجب وهي: (ما لا يتم الواجب إلا به) قسمان، فلا تقدر، (وما لا يتم الواجب إلا به قسمان) بمعنى أن الواجب قد يكون واجبا لذاته، وقد يكون واجبا لغيره، قال: "وما لا يتم الواجب إلا به قسمان: القسم الأول: إما غير مقدور للمكلف" يعني ليس في قدرته، ولا في سعته، ولا في طاقته تحصيله وإيجاده، لا يستطيع إيجاده هذا الفعل، كالقدرة واليد في الكتابة، القدرة هنا مثلا كالصلاة، نقول الأصل وجود القيام، فإذا عجز ولم يقدر على القيام نقول ماذا؟ سقط عنه القيام؟ لا نقول سقط عنه القيام، نقول لم يجب عليه القيام، لم يتعلق به الوجوب أصلا، لماذا؟ لأن القدرة مع عجزه ليس في قدرته، الاستطاعة أن يقوم فيصلي قائما ليست في قدرته، إذا كان مريضا مكسور الظهر هل يستطيع أن يرفع عن نفسه هذا الشيء؟ لا يستطيع، فحينئذ لا نقول إنه وجب عليه فسقط للعجز، وإنما نقول التعبير الصحيح أنه لم يجب عليه أصلا، "كالقدرة واليد في الكتابة"، لو وجبت عليه الكتابة كالوصية مثلا وهو مقطوع اليدين كيف يكتب؟ هل هو قادر أم عاجز؟ عاجز، هل نقول تعلق به الوجوب

فوجب عليه أن يكتب ثم عجز فسقط عنه الوجوب؟ أو نقول لم يتعلق به الوجوب أصلا؟ الثانية، لم يتعلق به الوجوب أصلا، واستكمال عدد الجمعة، عدد الجمعة عندهم أربعون، لابد، فإذا جاء تسع وثلاثون ما وجبت الجمعة، إذن إذا كان شخص في بيته ويعلم يقينا أن المسجد فيه ثلاثون شخصا، هل وجبت عليه الجمعة وهو في بيته حتى يخرج؟ الجواب لا، لماذا؟ لعدم استكمال عدد الجمعة، والصواب أنه لا يشترط فيه، لكن مثال ذكره، "إما غير مقدور للمكلف" يعني ليس في قدرته، قال: "فلا حكم له" يعني لا يتعلق به الحكم الشرعي، إذن لا يجب ولا يحرم عليه، فلا حكم له، يعني لا يتعلق به الحكم الشرعي، فلا نقول وجب فسقط كما هو تعبير الكثير، نقول يسقط عنه القيام، لا، لا يسقط عنه القيام، إنما لم يجب عليه القيام أصلا، هذا النوع الأول، قال: "وإما مقدور عليه" يعني في قدرته وسعته وطاقته أن يحصله ويوجده، كالسعي إلى الجمعة، والسفر إلى مكة، السعي إلى الجمعة ما حكمه؟ واجب، لماذا واجب؟ لأنه ما لا يتم الواجب إلا به، وهو في مقدوره (لابد من هذا القيد حتى تخرج النوع الأول) فهو واجب، إذن السعي إلى الجمعة والجمعة واجبة ولا يمكن أن يحقق ويوجد هذا الواجب وهو صلاة الجمعة إلا بالمشي إلى الجمعة، فحينئذ نقول: وجب المشي، لماذا؟ لأن الجمعة واجبة، والمشي لابد منه، يتوقف الذهاب إلى المسجد على وجود المشي، أو يتوقف إيقعا صلاة الجمعة على وجود المشي والحركة، فحينئذ نقول: ما لا يتم الواجب وهو صلاة الجمعة إلا به كالمشي والسعي إلى الصلاة وهو في قدرته فهو واجب، "كالسعي إلى الجمعة والسفر إلى مكة مع الاستطاعة وإحصاء المال لإخراج الزكاة" كل هذه نقول واجبة، لماذا؟ لأن الزكاة واجبة، وما لا يتم الواجب إلا به وهو في مقدوره فهو واجب، "وصوم جزء من الليل" يعني في الصوم الواجب، "وصوم جزء من الليل" هذه المسألة فيها خلاف، "وصوم جزء من الليل" يعني لابد أن يصوم جزءا من الليل، من أوله وآخره، لماذا؟ لأنه مأمور بإيقاع الصوم في نهار رمضان، ولا يمكن أن يتحقق بإيقاع الصوم في نهار رمضان إلا إذا أخذ جزءا من قبل الفجر وجزءا من بعد الغروب، ولكن في تسميته صوما هذا ليس بصواب، وإن قال بعضهم بوجوب الإمساك النزاع معه خفيف، لكن تسميته صوما الصحيح لا، لأن الصوم الشرعي لا يكون إلا في نهار رمضان، أما في الليل فلا يعتبر صوما وإنما يعتبر إمساكا، كذلك بعد غروب الشمس لا يعتبر صوما وإنما يعتبر إمساكا، ولذلك لو قال كما قال بعضهم: (وإمساك جزء من الليل في الصوم الواجب ما لا يتم الواجب إلا به وهو تحقيق إيقاع الصوم في نهار رمضان إلا به وهو إدخال جزء من الليل قبل الفجر وجزء من الليل بعد الغروب إلا به في هذا الفعل فهو واجب) والصواب أنه إذا تحقق أنه صام في النهار فلا يجب عليه، والاحتياط يحتاج إلى دليل، "وغسل جزء من الرأس" يعني لغسل الوجه، غسل الوجه واجب واستيعاب الوجه واجب ولا يتحقق غسل الوجه إلا بغسل جزء من الرأس، هكذا قالوا والصواب أنه لا يجب في المسألتين، لماذا؟ لأنه قد يستطيع أن يغسل وجهه دون أن يغسل جزءا من رأسه، "ما لا يتم الواجب وهو غسل الوجه وتعميمه إلا به وهو غسل جزء من الرأس فهو واجب"،

إذن غسل جزء من الرأس واجب على هذه القاعدة على مراد المصنف، وصوم جزء من الليل قبل الفجر وبعد الغروب هذا واجب على ما رأى المصنف والصواب أنه لا يجب في المسألتين، "فهو واجب لتوقف التمام عليه"، تمام ماذا؟ تمام إيجاد الواجب، لأنه لو (والمسألة عقلية نظرية ليس فيها دليل شرعي) لو جعل للمكلف أن يحتج بعدم إيجاب المشي إلى الصلاة لسقطت الجمعة عن كل الناس، أليس كذلك؟ فهذا يؤدي إلى إبطال الصلاة لأنه إذا لم يمش فيجب عليه المشي قال الصلاة واجبة والمشي غير واجب، إذن لا آثم بترك الصلاة، فحينئذ يسقط عنه الواجب لسقوط الوسيلة إليه، نقول: لا، الصواب لها أحكام المقاصد، ولذلك نقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا مغاير لقوله: "ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب" وهو النوع الأول، النوع الأول هنا " ما لا يتم الواجب إلا به إما غير مقدور للمكلف" هذا يعبر عنه الأصوليون بقاعدة "ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب" نقول الزكاة مثلا، الزكاة لا تجب إلا ببلوغ النصاب، إذا وجد النصاب وجبت الزكاة بحولان الحول، هل يجب عليك أن تذهب وتشتغل وتعمل حتى تجمع النصاب؟ هذا في قدرتك أو لا؟ ممكن يكون في قدرتك أن تذهب وتعمل وتجمع مالا ليحول عليه الحول فتجب الزكاة، نقول هذا غير مكلف به، لماذا؟ لأن المقدمة هنا مقدمة وجوب لا مقدمة وجود مقدمتان: (مقدمة وجوب) يعني ما كان وسيلة لإيجاد الحكم الشرعي، الصلاة الزكاة ليس بواجبة، الذي ليس عنده مال يزكَّى الزكاة ليست بواجبة، هل لك أن تسعى لتجب عليك الزكاة؟ ليس بواجب، لذلك نقول ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، إذن لا يجب عليك أن تسعى لتجمع مالا فيحول عليه الحول فتجب عليك الزكاة، لأن هذه المقدمة وهي جمع النصاب ليست مقدمة لوقوع الواجب الذي تعلق به التكليف وإنما هي لإيجاب الفعل ولذلك نقول المقدمة مقدمتان مقدمة وجوبٍ، وهي التي يتعلق بها التكليف بالواجب، كدخول الوقت للصلاة، الصلاة لا تجب إلا إذا دخل الوقت، ليس في وسعك أن تذهب أو تصنع شيئا ليدخل عليك الوقت، لماذا؟ لأن الوجوب يتعلق بالصلاة متى؟ إذا دخل الوقت، تحصيل ما يؤدي أو يثبت الوجوب للصلاة ليس في وسعك وليس في قدرتك، كدخول الوقت للصلاة والاستطاعة للحج، غير المستطيع لا يجب عليه أن يسعى فيأتي بالمال ليجب عليه الحج، نقول الحج ليس واجبا عليك، لماذا؟ لأنك غير مستطيع، ولا يجب الحج إلا بالاستطاعة، الاستطاعة هذه مقدمة لوجوب الحج، لا يلزمك الإتيان بمقدمة الوجوب، فلا يقال لك اذهب واشتغل واعمل من أجل أن تأتي بمال فيجب عليك الحج، كذلك الحولان والنصاب للزكاة، هذا يسمى ماذا؟ يسمى مقدمة وجوب، فهذه المقدمة ليست واجبة باتفاق العلماء، لماذا؟ لأن الفعل نفسه ليس بواجب، فإن تتوقف على ما يؤي إلى وجوبه حينئذ ليس واجبا عليك تحصيله، المقدمة الثانية (مقدمة وجود) يعني ثبت أنه واجب، ثبت بالشرع أنه واجب ثم توقف إيجابه وحصول هذا الواجب على وسائل، نقول الوسائل لها أحكام المقاصد، ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب، مقدمة وجود وهي التي يتوقف عليها وجود الواجب على وجه شرعي صحيح لتبرأ منه الذمة، هذه قسمت إلى قسمين (مقدمة الوجود): ما هو في مقدرو

المكلف وما ليس في مقدور المكلف، قالوا: ما كانت في مقدور المكلف فهي واجبة، وما ليست في مقدور المكلف هي محل النزاع عند الأصوليين والأصح أنها لا تجب، ولذلك ما لا يتم الواجب إلا به بعضهم يرى أنه يعبر بما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به، لماذا؟ تشمل الندب، ليعم مقدمة الواجب بالوجوب وليعم المندوب، ثم ما لا يتم الواجب إلا به قد يكون منصوصا عليه في الشرع، وقد لا يكون منصوصا عليه في الشرع، فإذا كان منصوصا عليه في الشرع = جاء دليل خاص به كالوضوء جاء دليل خاص وحينئذ نقول ثبت بدليلين بنص الشرع وبهذه القاعدة، وما لا يرد فيه نص أو لم يرد فيه نص حينئذ نقول: ثبت وجوبه بهذه القاعدة، مثل إحصاء المال لإخراج الزكاة، إذا وجبت الزكاة بشرطها لا يمكن إن كان عنده مال كثير = لا يمكن أن يخرج الزكاة إلا إذا عرف ما الذي عنده، وجبت الزكاة لكن كم مقدارها؟ لابد أن يحصي المالأ، إحصاء المال هذا واجب، هل نص عليه الشرع؟ نقول: لا، لم ينص عليه الشرع، وإنما ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ينبني على هذه القاعدة: "ما لا يتم ترك الحرام إلا به فتركه واجب". فَمَا بِهِ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ يَرَى.:. وُجُوبَ تَرْكِهِ جَمِيعُ مَنْ دَرَى. ترك الحرام واجب، "ما لا يتم ترك الحرام إلا به فهو واجب" هو داخل وفرع في ضمن القاعدة السابقة، "ما لا يتم ترك الحرام إلا به فتركه واجب"، هذا يتفرع على القاعدة السابقة، لأن الوجوب قد يكون في الوجود الذي هو الإيجاد، وقد يكون الوجوب فيما هو ترك للمحرم، إذا كان لا يتم ترك الحرام إلا بشيء جائز حينئذ نقول هذا الجائز واجب الكف عنه، مثلا له مثال مشهور عند الأصوليين: فلو اشتبهت أخته بأجنبية أو ميتة بمذكاة، قال: وجب الكف تحرجا عن مواقعة الحرام، فلو (الفاء) للتفريع، بأن يتفرع عن القاعدة السابقة (اشتبهت أخته بأجنبية) هذا يمكن، هل لها صورة؟ يمكن تشتبه بالرضاعة، هذا يحصل كثيرا، يغفل يسأل عنه الناس، إذا اشتبهت أخته بأجنبية ويعلم أن واحدة منهما أخته بالقطع والثانية أجنبية = فلو اشتبهت أخته بأجنبية لم يجز العقد عليهما، لا يجوز أن يعقد عليهما، الأجنبية حلال أم حرام؟ حلال، وأخته حرام، نقول وجب الكف عنهما، أما الأجنبية فلاشتباهها بالمحرم، وأما أخته فبالأصالة، إذن صارت الأجنبية حراما لاشتباهها بأخته، وترك العقد على أخته هذا واجب ولا يتم هذا الواجب إلا بترك العقد على الأجنبية، حينئذ نقول: فَمَا بِهِ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ يَرَى.:. وُجُوبَ تَرْكِهِ جَمِيعُ مَنْ دَرَى.

حينئذ يجب ترك العقد على الأجنبية دفعا للوقوع في العقد على أخته، (أو ميتة بمذكاة) هذا واضح، (ميتة بمذكاة) يعلم أن واحدة منهما مذكاة والأخرى ميتة، يحرم عليه الأكل من الميتة، والأصل في المزكاة أنه جائز أن يأكل منها، فإذا حصل الاشتباه نقول حرم الأكل منهما، الميتة بالأصالة والمزكاة للاشتباه، وجب الكف تحرجا، وجب الكف يعني عن العقد على الأخت والأجنبية، ووجب الكف عن أكل المزكاة المشتبهة بالميتة، تحرجا، تفعلا، هذا التفعل يأتي مرادا به = يأتي بمعنى التجنب، يعني بعدا عن الوقوع في الحرج، ولذلك جاء في الحديث: "فأخبر بها معاذ تأثما" يعني خروجا عن الوقوع في الإثم، هنا تحرجا يعني خروجا عن الوقوع في الحرج، وجب الكف عن مواقعة الحرام وهو أخته والميتة، ولا يتم ذلك إلا باجتناب الميتة والمزكاة ولا يتم ذلك في العقد إلا بالكف عن الأخت والأجنبية، فلو وطيء واحدة أو أكل فصادف المباح لم يكن مواقعا للحرام باطنا، ما تورع فتزوج واحدة منهما فظهر أنها الأجنبية بعد ذلك هل يكون قد وقع في الحرام؟ نقول: لا، نقول يجب الكف عنهما، لا يتزوج هذه ولا تلك، لكن ما تورع فعقد النكاح، نقض، فحينئذ نقول إن صادف أنها أخته فالعقد باطل لا إشكال، وإن صادف أنها الأجنبية قال هنا لم يكن مواقعا للحرام باطنا، يعني بينه وبين الله عز وجل لا إثم، لا يأثم على أنه قد وقع في زنا، وإنما يأثم على المخالفة، يأن ثم أمرين عندنا في مثل هذه المسألة، إذا حُرِّمَ أكلُ المذكاة لاشتباهها بالميتة عندنا أمران، إثم على أكل الميتة وإثم على مخالفة الإقدام، فحينئذ إذا أكل وثبت أنها ميتة قد أثم من وجهين، (ولم يكن مضطرا) قد أثم من وجهين، أولا: أكل الميتة، وثانيا: مخالفة الأمر، لأننا نقول يجب الكف عنهما، عن أكل واحدة منهما، فحينئذ يأثم من جهتين، فلو صادف أن المأكول هي المذكاة نقول لا يأثم من جهة كونها ميتة لأنه لم يأكل ميتة، وإنما يأثم من جهة مخالفة الواجب وهو الكف، ولذلك قال: "فلو وطيء" يعني بالتزوج، تزوج واحدة منهما أو أكل من الميتة أو المذكاة فصادف المباح" معنى ذلك عرف أن الذي أكله هو المذكاة، وعرف أن المعقود عليها هي الأجنبية = "لم يكن مواقعا للحرام باطنا، لعدم تيقنه الحرام، لكن ظاهرا" يعني لكنه مواقع له ظاهرا، "لفعل ما ليس له"، مواقع للحرام ظاهرا لأنه خالف الوجوب، "لفعل ما ليس له" يعني ما ليس له فعله؛ لأنه الواجب عليه الكف للاشتباه، لماذا؟ لأننا نقول: الإثم من جهتين: من جهة مخالفة الكف ومن جهة التلبس بمواقعة الأخت أو الأكل من الميتة، فإذا انتفى الإثم المرتب على مواقعة الأخت وانتفى الإثم المرتب على أكل الميتة بقي إثم واحد وهو المخالفة.

وبهذا نعلم ما يشتهر الآن من بعض طلاب العلم، يُستفتى في مسألة فيظن الجواب، أو لا يعلم الجواب، هذا يحصل معي كثيرا، يُسأل في مثل هذا المسألة فيجيب بما يراه في وقته وأفتى له عقله، ثم يسألني فأقول له الجواب، يقول الحمد لله أنا قلت له كذلك، هل هذا يأثم أو لا؟ هو صادف الحق، أفتى على ما يوافق الحق فيما يظنه لكنه نقول هو آثم، لماذا؟ لأنه خالف، هو ممنوع من الإفتاء بغير علم، إما يكون عندك علم أو لا، قسمان لا ثالث لهما، [فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ] {النحل:43} والآن يقولون مثقف ومفكر، وليس في العالِم مثقف، إما أن يكون في العالِم وإما أن يكون في الجاهل، وليس بين العالِم والجاهل منزلة وسط، [فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ] {النحل:43}، إن سُئلْتَ عن مسألة وتعلم يقينا الجواب فأفتِ بها، إن وافقت الحق فالحمد لله فلك أجران كل من أهل الاجتهاد، إن كنت مخطئا فحينئذ يتحمل صاحب الفتوى الذي نقلت عنه، أو إذا كنت مجتهدا فلك أجر، أما ان تفتي هكذا من عندك ثم تسأل عن العلم فإذا وافق الفتوى التي أفتيت بها قلت الحمد لله (كلها)، إنما أنت آثم لأنك خالفت وأقدمت على الفتوى، أنت ممنوع من الفتوى، فإذا أفتيت بعقلك وبرأيك وبظنك في ذلك الوقت وخاصة إذا كان مبناها على الهوى والعقل فصادف أن هذه الفتوى وافقت الحق نقول أنت آثم، ولا يكفيك أن تقول الحمد لله قد أفتيت بهذا، وهذا كثير يسأل في مسألة كهذه المسألة، يفتون هكذا وخاصة في الحج وفي رمضان، يلتقي الناس بعضهم ببعض فالعوام يصيرون مفتين، ولذلك الشيخ بن عثيمين يقول: [ما أكثر من يفتيك يوم الحج] العوام كلهم ينقلبون علماء، الله المستعان، إذن قوله: "فلو اشتبه" المقصود بها تفريع للمسألة السابقة، "فلو اشتبه محرم بمباح" هذا الخلاصة، لو اشتبه محرم بمباح وجب الكف، ولا يحرم المباح في ذاته، يعني لا ينقلب المباح محرما، بل هو على أصله، وإنما المباح لم يحرم، فالمنع لا لكونه حراما، يعني انقلب من الإباحة إلى التحريم، وإنما لأجل الاشتباه، إذن المباح يبقى مبحا، فالمذكاة مباحة، فلو ظهر بعد ذلك وارتفع الاشتباه وعلمت أن هذه مذكاة هل يجوز الأكل منها؟ يجوز الأكل منها، قبل رفع الاشتباه لا يجوز، لماذا؟ لأنها محرمة؟ هل هي محرمة لذاتها؟ الجواب لا، وإنما حرمن لأجل الاشتباه، فإذا زال الاشتباه وعلمت أن هذه المذكاة حينئذ زال الأمر الذي توقف عليه وجوب الكف ظاهرا، إذن نقول فوجوب الكف ظاهرا لا يدل على شمول التحريم لما كان أصله مباحا، ولهذا لو أكلهما لم يعاقب إلا على أكل ميتة واحدة، إنما لو أكل الثنتين لم يعاقب إلا على أكل الميتة، لو تزوج الثنتين لم يعاقب إلا على وطء أخته، هذا خاتمة هذا الفصل، ومسائله كثيرة، وترجعون إليها في المطولات.

4

عناصر الدرس * المندوب * المحظور. الدرس الرابع الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فلا زال الحديث في بيان الأحكام التكليفية التي ذكر المصنف (رحمه الله تعالى أنها خمس) وبدأ بالواجب، وذكرنا أن الواجب هنا ليس هو قسما من أقسام الأحكام وإنما هو فعل المكلف، تعلق به الإيجاب فهو من متعلقات الحكم وليس من أقسامه، وقد وهمت بالأمس وعرفت الإيجاب بأنه ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، وهذا ليس بصحيح بل هو وَهَم، وإنما نقول الإيجاب هو الخطاب المقتضي للفعل اقتضاء جازما، لأن الإيجاب هو نفسه الخطاب، فذكرت أن تعريفه ما طلب الشارع، هذا هو الحق، فنقول: ماذكره المصنف هنا، قوله: "واجب يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك" نقول هذا التعريف بالثمرة واللازم والحكم، والثمرة واللازم والحكم هذه فرع، والحكم على الشيء نقول فرع عن تصوره، إذن ما تصور حقيقة الواجب الذي هو فعل المكلف؟ نقول: "ما طلب الشارع فعله طلبا جازما" إذن الواجب الذي هو صفة فعل المكلف له حكم وله حقيقة، حقيقته تدرك بالحد والتعريف، تعريفه: نقول: "ما طلب الشارع فعله طلبا جازما". (ما): هذه اسم موصول بمعنى (الذي) يصدق على فعل المكلف، حينئذ يكون جنسا، بمعنى أنه تدخل فيه الأحكام التكليفية الخمسة، (طلب): خرج من قوله (ما) الذي هو جنس الإباحة أو المباح، لماذا؟ لأنه لا طلب فيها، "طلب الشارع فعله" خرج المكروه والمحرم، لأن الشارع طلب تركه، بقي معنا المندوب، حينئذ نقول: "طلبا جازما" بمعنى أنه لا يجوز له الترك، بأن رتب العقاب على ترك الفعل فخرج به المندوب، هذا هو حقيقة الواجب الذي هو صفة فعل المكلف "ما طلب الشارع فعله" حكمه، ثمرته، نقول ما يثاب على فعله امتثالا ويعاقب على تركه، أما الإيجاب الذي هو صفة الطاعات، الذي هو القرآن نفسه، الذي هو صفة الحاكم، نقول "الخطاب المقتضي للفعل اقتضاء جازما"، "الخطاب المقتضي" يعني الطالب للفعل، خرج به الخطاب المقتضي للترك وهو التحريم والكراهة، "المقتضي للفعل اقتضاء جازما" خرج به الخطاب المقتضي للفعل اقتضاء غير جازم وهو المندوب، ولذلك [ ... ] كما سبق، ثم قال بعدما انتهى من حد الواجب وحقيقته والمسائل التي يتعلق بها: "ومندوب" ومندوب هذا معطوف على قوله "واجب" = "تكليفية وهي خمسة: واجب ومندوب" و"مندوب" هو القسم الثاني من أحكام الشرع التكليفية ويقال فيه ما قيل في الواجب، أنه في الأصل صفة فعل المكلف، فحينئذ عرَّف الحكم الشرعي من حيث تعلقه بفعل المكلف، والمندوب هذا من جهة الصيغة اسم مفعول من (نَدَبَ يَنْدُبُ) فهو (مَنْدُوبٌ) والأصل أنه يقال مندوب إليه، أي مدعوٌّ إليه ولكن هذه تسمى عند أهل اللغة الحذف والإيصال، مندوب إليه = يُحذَف (إلى) ثم يتصل الضمير بالمندوب، وهو اسم مفعول فيستتر فيه، يسمى حذفا وإيصالا، الحذف للحرف والإيصال للضمير المستتر، الضمير الظاهر يصير ضميرا مستترا، حذفت الحرف ووصلت الضمير بعامله الأصلي وهو المندوب، لأنه اسم مفعول فيرفع نائب الفاعل، قلنا "مندوب" مشتق من الندب، حقيقة الندب في اللغة الدعاء، وبعضهم يقيده بـ (الدعاء بأمر مهم).

لا يسألون أخاهم حين يندبهم.:. في النائبات على ما قال برهانا. إذن المندوب لغة: المدعو لمهم _كما قال الآمِدِيُّ_ من الندب، وهو الدعاء، ومنه حديث: (انتدبَ اللهُ لمن يخرج في سبيله) أي أجاب له طلب مغفرة ذنوبه، (انتدب الله لكذا) أي أجاب. والمندوب في الاصطلاح إذا عرفنا أنه صفة فعل المكلف حينئذ نعرفه بما عرفنا به الواجب، فنقول: "ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم" (ما) اسم جنس بمعنى الذي، أي اسم موصول بمعنى الذي، وهي جنس، تشمل الأحكام التكليفية الخمسة، (طلب الشارع) خرج ما لا طلب فيه وهو الإباحة، (طلب الشارع فعله) خرج المحرم والمكروه لأن الشارع ترك الترك هنا، (طلبا غير جازم) يعني طلبا غير جازم أي طلبا غير مقطوع به بحيث لم يرتب على تركه العقاب، خرج به الواجب، فالواجب والمندوب يشتركان في طلب الفعل وفي ترتب الثواب على الفعل، ولذلك ولهذه العلة ثنَّى المصنف بعد الواجب بالمندوب، وإلا جماهير الأصوليين عند التصنيف يذكرون أولا الواجب ثم الحرام ثم المندوب ثم المكروه ثم المباح، على هذا التفسير، والمصنف هنا جرى على ما جرى عليه ابن قدامة في الروضة، لذلك قيل إن هذا الكتاب اختصر من الروضة، بدأ بالواجب وثنى بالمندوب وثلث بالمحظور وربع بالمكروه والمباح، نعم ذكر المكروه ثم المباح، ما الفرق بينهما؟ نقول الفرق: بعضهم راعى أن كلا من الواجب والمندوب طلب فعل، بقطع النظر عن كونه جازما أو ليس بجازم، الواجب فيه طلب فعل والمندوب طلب فعل، إذن اشتركا في هذه الحيثية، وزد على ذلك أن الواجب يترتب على فعله ثواب، والمندوب يترتب على فعله ثواب، إذن الأولى أن يثنى بالمندوب بعد الواجب لاشتراكهما في هاتين العلتين ثم يذكر بعد ذلك المحظور والمكروه لاشتراكهما في طلب الترك، وإن افترقا من جهة ترتب العقاب، لأن المحظور يترتب العقاب على فعله، والمكروه لا يترتب العقاب على فعله، إذن بقطع النظر عن العقاب وعدمه يقدم المحظور على المكروه، ويثلث بالمحظور بعد المندوب لاشتراكهما في مجرد الطلب، لماذا؟ لأن المندوب والواجب طلب الفعل، والمكروه والمحظور طلب الترك، بهذه الحيثية رتب المصنف ابن قدامة في الروضة، جماهير الأصوليين ليسوا على هذا الترتيب، وإنما يذكرون الواجب أولا ثم الحرام، لماذا؟ قالوا: لاشتراكهما في صيغة متحدة، وهي الصيغة الجازمة، إذن الواجب طلب جازم، والمحرم طلب جازم، إذن كل منهما طلب جازم بقطع النظر عن كون الواجب طلب فعل والمحرم طلب ترك، لمجرد الجزم نقول الأولى أن يثنى بالمحرم بعد الواجب، لهذه العلة رتب كثير من الأصوليين الحرام بعد الواجب، ثم يذكرون المندوب ثم المكروه، يعني يقدم المندوب على المكروه لاشتراكهما في الصيغة أيضا، ما هي الصيغة؟ عدم الجزم، كل منهما ليس بجازم، يعني مطلوب الترك مطلوب لا على وجه الجزم، المندوب مطلوب لا على وجه الجزم، والمكروه مطلوب لا على وجه الجزم، إذن اشتركا في عدم الجزم مع اختلافهما في كون المندوب مطلوب الفعل والمكروه مطلوب الترك، فهمتم الآن هذا الترتيب؟ نقول هنا رتب باعتبار مطلق الطلب، والجمهور رتبوا باعتبار مطلق الجزم، واضح هذا؟ فنقول المندوب في اللغة هو المدعو لمهم، من الندب وهو

الدعاء. لا يسألون أخاهم حين يندبهم.:. في النائبات على ما قال برهانا. وفي الاصطلاح نقول: "ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم". هنا قال: "ما يقتضي الثواب على الفعل، لا العقاب على الترك" وهذا يسمى كما ذكرنا أنه حَدٌّ أو رسمٌ بالثمرة واللازم والحكم، والحكم فرع عن تصور حقيقة الشيء، أن يصور أولا بالحد المقرب للجنس والفصل ثم بعد ذلك يبين حقيقته من جهة الثمرة واللازم، "ما يقتضي الثواب على الفعل" = "ما" يعني فعل ويشمل (فعل المكلف) يشمل الجوارح والقلب واللسان، فهذه الثلاثة مَوْرِدٌ للندب، من الأفعال الظاهرة ما هو مندوب، من أعمال القلوب ما هو مندوب، من أعمال اللسان ما هو مندوب، "يقتضي" يعني يطلب الثواب على الفعل، وعرفنا أن المراد بالثواب هو الجزاء بخير مطلقا، "يقتضي الثواب على الفعل" مطلقا؟ أم لابد من قيدٍ؟ لابد من قيد، وهو امتثالا، لأن العبادة إذا وقعت لا على وجه القربة فليس فيها ثواب، "ما يقتضي الثواب على الفعل" مطلقا سواء كان فعل جوارح على الظاهر أو اعتقاد القلب أو اللسان، "لا العقاب على الترك" إذن لا يقتضي ترك المندوب الوقوع في العقاب، لماذا؟ لأنه مطلوب الفعل لا على وجه الجزم، بخلاف الواجب فإنه مطلوب الفعل مع الجزم، يعني مقطوع به، بحيث رتب الشرع العقاب على الترك، وهنا لا العقاب على الترك، لماذا؟ لأنه مطلوب لا على وجه الجزم والقطع بأن لم يرتب الشارع العقاب على ترك الفعل، قال: "وبمعناه" إذن عرفنا حده من جهة الثمرة وحقيقته من جهة الجنس والفصل، قال: "وبمعناه" يعني بمعنى المندوب "المستحب والسنة والنفل" وهذا مراده أن المندوب له أسماء، يعني ليس مقطوعا في هذا اللفظ، وإنما له أسماء متعددة كلها تتفق على هذا القدر المشترك، وهو ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، وذكر في مختصر التحرير أنه يسمى سنة، يعني المندوب يطلق عليه أنه سنة، ومستحبا وتطوعا ونفلا وقربةً ومرغبا فيه وإحسانا، هذه كلها ألفاظ روعي فيها المعنى اللغوي وأما من جهة الاصطلاح فمصدقها شيء واحد وهو ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم، وإن شئت قل: "ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك"، وهذا هو الأصح أن هذه الألفاظ كلها مترادفة، وكثير من أرباب المذاهب المتأخرين يجعلون فروقا بين بعض هذه الأسماء، وكلها فروق فيها تكلف وفيها كثير من المخالفات للشرع أصلا، فحينئذ نقول لا يقيد المندوب بمعنى يفترق به عن السنة، ولا تقيد السنة بمعنى يفترق عن المستحب وهلم جرا، لماذا؟ لأن المسألة عندهم اصطلاح، فإذا اتفقوا على الأصل وهو أن مطلوب الفعل لا على وجه الجزم وهو ما اقتضى الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، وهذا القدر كله مشترك بين مدلول هذه الأسماء، فحينئذ نحكم بأنها مترادفة، وجعل أي قيد يزيد على بعض هذه الأسماء حينئذ يكون تقييدا لهذا الحد، والأصل فيه أنه مطلق ولا يزاد عليه إلا ما قد ذكره الأصوليون أنفسهم، فنقول المندوب ما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم، سواء أظهره النبي (صلى الله عليه وسلم) في جماعة، سواء أقره في بيته، سواء داوم عليه، سواء ذكر ثوابا محددا، سواء ذكر ثوابا غير محدد، سواء رغب فيه على المنبر، سواء رغب فيه

بعض الصحابة، نقول هذا القدر كله لا يجعلنا نجعل لكل معنى من هذه المعاني مصطلحا خاصا، أو هذه الصفات التي ذكرت لا تجعلنا نجعل لكل معنى من هذه المعاني مصطلحا خاصا، لأن الأصل تقليل الاصطلاح، هذا الأصل عندهم، كلما أمكن ألا يوزع ويشتت في الاصطلاح فهو أولى، وعليه نقول هذه الأسماء كلها مترادفة في الاصطلاح، وكل من فرق من المالكية والحنابلة والشافعية فنقول هذا تفريق يعتبر من جهة الاصطلاح وأما المعنى الأصلي عند كثير من المتقدمين من الأصوليين فهي مترادفة، ولذلك ما قال بعضهم أو بعض الأئمة المتأخرين أنهم حكموا بأن هذه التفرقة في هذه الاصطلاحات أمر محدث، يعني بدعة، فحينئذ نقول الأصل الترادف ولا نأثر عنه. فضيلة والندب والذي استحب.:. ترادفت ثم التطوع انتخب. رغيبة ما فيه رغب النبي.:. بذكر ما فيه من الأجر جبي. أو دام فعله بوصف النفل.:. والنفل من تلك القيود أخل. والأمرِ بل أعلم بالثواب.:. فيه نبي الرشد والصواب. وسنة ما أحمد قد واظبا.:. عليه والظهور فيه وجبا.

هذه كلها اصطلاحات فقط لا دليل عليها، (وسنة ما أحمد واظبا _عليه الصلاة والسلام_ والظهور فيه وجبا) يعني السنة تختص عند بعض المالكية المتأخرين بما واظب عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأظهره في جماعة، طيب هذا في السنة أم ليس في السنة؟ نقول سنة أو لا؟ والأصل فيه عدم الظهور، إذن على هذا الحد وهذه التفرقة نقول خرج كثير من السنن التي حكاها الكثير من زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه فعلها في بيته، فنقول ما فعله عند النوم ولم يأمر به نقول هذا ليس من السنة وإنما يسمى نفلا، [ ... ]، حينئذ كل ما يشتر نقول هذا لا أصل له، (والندب والسنة والتطوع والمستحب بعضنا قد نوهوا) والضد لفظ، يعني مع اختلافهم وذكرهم مصطلحات خاصة قالوا الضد لفظ، يعني لا يقبل [ ... ] على هذا الاختلاف، إذن لا فائدة أن نقيد كل معنى بمصطلح خاص، لذلك قال هنا: (وبمعناه)، يعني في معنى المندوب السابق (ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك) (المستحب) إذن المندوب يسمى مستحبا، لماذا؟ (مستحبا) اسم مفعول، من (استُحِبَّ، يُستَحَبُّ، فهو مُسْتَحَبّ) يعني بمعنى أن الشرع أحبَّه، والأصل هل الشرع أحب المندوب فقط دون الواجب؟ إذا قلنا المستحب من المحبة بمعنى أن الشرع أحبه، والواجب؟ هو أشد حبا، لا نقول أحب، أشد حبا أو أشد محبة من المندوب، لماذا؟ لأنه آكد، ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، وأما المندوب فليس بجازم، ولذلك الواجب منه ما هو معين، فإذن الواجب معناه المستحب، يعني المستحب يأتي أو يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، بعض المتأخرين كالحنابلة يفرق بين السنة والمستحب، نقول ما ثبت بدليل فهو سنة، وما ثبت بتعليق فهو مستحب، نقول هذا أيضا لا أصل له، والأصل عدم التفرقة، ولذلك يقول يستحب دخول الخلاء أو يستحب عند دخول الخلاء قول بسم الله، هذا بدليل أو بتعليل؟ بدليل، فكيف يعبر عنه بالاستحباب وهو قد نص على أن الاستحباب في كثير من المتون الفقهية بمعنى ما ثبت بتعليل لا بدليل!! على كل الأمر فيه كثير من التناقضات، (وبمعناه المستحب والسنة) يعني السنة هي ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، أو إن شئت قل: ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، هذا عند الأصوليين، يطلق السنة مرادا به المندوب، ولا يطلق الآخر عندهم أيضا، سيأتينا مبحثه في موضعه. ثم قال (وهي الطريقة) لما ذكر السنة أنها تأتي بمعنى المندوب قال وهي (الطريقة) يعني وهي لغة = السنة لغة: الطريقة والسيرة، ولذلك يقال السنة _كما قال بعضهم_ السيرة حميدةً كانت أو ذميمةً، قال لبيد: من معشر سنَّت لهم آباؤهم.:. ولكل قومٍ سُنَّةٌ وإمَامُها.

يعني طريقة ولها إمام، ولذلك يأتي في القرآن: [سُنَّةَ اللهِ]، أي طريقة الله جل وعلا في المكذبين لرسله، إذن الطريقة والسيرة هو معنى السنة في الاصطلاح، فكلها في اللغة، قال لكن تختص بما فُعِل للمتابعة فقط، وهذا ليس باستقصاء على هذا الإطلاق، وإنما نقول السنة تطلق ويراد بها ما يقابل الواجب، يعني لها إطلاقات ثلاثة، تطلق السنة ويراد بها ما يقابل الواجب، وهو الذي ذكره هنا بمعنى المندوب، يعني ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، وتطلق السنة في ما يقابل القرآن، ولذلك نقول السنة هي قول النبي (صلى الله عليه وسلم) وفعله وأقواله وتقريراته، أقواله وأفعاله وتقريراته، هذه مقابلة للقرآن، تسمى السنة، ولذلك نقول أدلة الفقه كم؟ أربعة، الكتاب والسنة، ما المراد بالسنة هنا؟ ما يقابل الواجب؟ نقول لا، ما يقابل القرآن، وهي أقوال النبي (صلى الله عليه وسلم) وأفعاله وتقريراته، السنة تطلق إطلاقا ثالثا عند كبار الأئمة وخاصة في باب المعتقد في ما يقابل البدعة، كل ما وافق القرآن والحديث ويدخل فيه عمل الصحابة مطلقا، فهذا يسمى سنة، ولذلك جاءت كتب السنة عند الأئمة ويذكرون فيها الاعتقاد وأصول أهل السنة والجماعة، وهنا أهل السنة والجماعة، ما المراد بالسنة؟ ما يقابل البدعة، هذا على قولي، ما يقابل البدعة، إذن تطلق السنة ويراد بها واحد من هذا الإطلاقات الثلاثة، ما يقابل الواجب، ما يقابل القرآن، ما يقابل البدعة، هنا قال (لكن تختص بما فعل للمتابعة فقط)، (لكن) هذا حرف استدراك، يستدرك فيما سبق إذا كانت السنة تأتي مرادفة للمندوب فيما طلب الشارع فعله طلبا غير جازم إلا أنها تختص _أي لفظ السنة_ تختلف عن المندوب في إطلاقه، ذكر إطلاقا واحدا فقط، وهو أنها تختص بما فعل للمتابعة فقط، يعني متابعة النبي (صلى الله عليه وسلم) مطلقا، سواء كان واجبا أو مستحبا، ولذلك جاء قول أنس (رضي الله تعالى عنه): "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا"، هذا واجب، عبَّرَ عنه من السنة، قال الصحابي: "من السنة" وإذا قال الصحابي (من السنة) فله حكم الرفع، ليس مرفوعا حقيقة، وإنما هو له حكم الرفع. وليعط حكم الرفع في الصواب.:. نحو من السنة من صحابي. فإذا قال الصحابي (من السنة) لحمل على أنها سنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، لكن لو قال أمِرنا ونُهينا. وليعط حكم الرفع في الصواب.:. نحو من السنة من صحابي. كذا أمرنا وكذا كنا نرى.:. في عهده أو عن إضافة عرا.

هذا سيأتينا إن شاء الله لاحقا في السنة، إذن نقول ما فعل للمتابعة فقط مرادا به متابعة النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو المعبر عنه بالتالي: [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ]، (أسوة=فُعلَة) من التأسي، قال بعض الأصوليين بتحديد مفهوم التأسي: (أن تفعل كما فعل لأجل أنه فعل، وأن تترك كما ترك لأجل أنه ترك)، (أن تفعل كما فعل) لا تقل هل هذا فعله على جهة الوجوب، وهل هو واجب عيني أو واجب كفائي، هل هو على جهة الاستحباب أو لا، هل تركه هذا على جهة التحريم، أو الكراهة، لا مادام هو أنه بلغك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) فعل هذا الفعل فافعل، وهذا هو الأصل في المسلم، وهذا هو الأصل على جهة الخصوص في طالب العلم، وإلا ما فائدة العلم؟ ما فائدة العلم إذا كان طالب العلم يتعلم من أجل أن يقول هذا واجب إذا لو تركته آثم، وهذه من السنة (رحم الله السنة)، فيترك ويتساهل بالسنة من أجل أنه علم هذه المصطلحات، نقول هذه المصطلحات فائدتها عند التعارض، إذا تعارض على المكلف، على المسلم، على طالب العلم _ بعض الأمور فأيهما يقدم؟ حينئذ يجد السؤال، هل أقدم هذا على ذاك؟ هل أترك هذا؟ هل هذا قابل التأكيد؟ هل هذا كذا؟ هل يترتب على تركه شيء (مؤاخذة)؟ حينئذ تأتي هذه الاصطلاحات، نقول هذا سنة = تركه لا يعاقب عليه، هذا واجب، أما الأصل أن تفعل كما فعل (عليه الصلاة والسلام)، (لأجل أنه فعل) فقط لا لكونه واجبا، لأجل أنه فعل، (وأن تترك كما ترك لأجل أنه ترك)، ذكرها الفتوحي في مختصر التحرير، هذا الضابط للتأسي. هنا قال: (فيما فُعِلَ للمتابعة فقط، واجبا كان الفعل أو لا) ولذلك جاء في الحديث: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي"، (بسنتي) مطلقا، يشمل الدين كله، ولذلك هذا إطلاق بما يقابل البدعة، ذكره بعضهم. (والنفل)، (وبمعناه المستحب والسنة والنفل) إذن النفل يكون بمعنى المندوب، هذه ألفاظ كلها مترادفة، وبعضهم يخص النفل بما؟ بمعنى خاص به، وليس للتفريق سبيل.

والنفل وهو الزيادة على الواجب، النفل في اللغة الزيادة، مطلق الزيادة، كل زيادة فهي نفل، وفي الاصطلاح قالوا: وهو _أي النفل_: (الزيادة على الواجب) أي النفل يطلق على العبادات التي يبتدؤها العبد زيادة على الواجب، ما ليس بواجب فهو نفل، مثل ماذا؟ قيام الليل نفل أو لا؟ نفل، الرواتب نفل أو لا؟ نفل، كل ما زاد عن الواجب أو على الواجب فو نفل، وبعضهم يجعل من هذا قول جل وعلا: [وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ]، وبعضهم يقول لا، ليس المراد هذا، لماذا؟ لأن النافلة في هذه الآية لو كان المراد بها المرادف للمستحب والمندوب لَمَا قال (لكَ)، هذا تخصيص، أليس كذلك؟ لأن قيام الليل هذا نافلة مستحب للكل، وهنا ورد التخصيص، لذلك استدل بعضهم بهذه الآية على وجوب القيام على النببي (صلى الله عليه وآله وسلم)، "وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه" إذن ما يزاد على الواجب، كل ما زاد على الواجب فهو نافلة، ثم قال: (وقد سمى القاضي ما لا يتميز) هذه مسألة أخرى، إذن عرفنا أن المندوب الآن حده ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، وله أسماء كلها مترادفة، كلها بمعنى واحد تقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على الترك، يرد السؤال: هل المندوب مكلف به؟ نقول: الصواب نعم، أنه حكم تكليفي، ولذلك ذكره المصنف هنا في الأحكام التكليفية، وإن كان الكثير من الأصوليين لا يرون أن المندوب حكم تكليفي. ولَيْسَ مَنْدُوْبٌ وَكُرهٌ في الأَصَحّْ.:. مُكَلَّفًا ........ .

إذن ليس بحكم تكليفي، وإذا لم يكن حكما تكليفيا لماذا يفترض في هذا الموضع؟ والأصح أنه حكم تكليفي، لماذا؟ لأن فيه معنى التكليف اللغوي، التكليف في اللغة ماهو؟ ما فيه كلفة ومشقة، ليس فيه إلزام ولا طلب، التكليف في اللغة ما فيه كلفة ومشقة، إذا قلت حد التكليف في الاصطلاح: طلب ما فيه كلفة ومشقة، حينئذ ثبت بالحس أن المندوب فيه كلفة ومشقة، فإذا ثبتت المشقة في المندوب فحينئذ نحكم عليه بأنه حكم تكليفي، ولذلك قيل: (وهو تكليف _أي المندوب_ إذ معناه طلب ما فيه كلفة) بل نص بعضهم أنه قد يكون أشق من الواجب، وهذا مدرك بالحس، قد يكون المندوب أشق من الواجب، الصيام في الصيف هل هو كالصيام في الشتاء؟ أيهما أشق؟ الصيف، قد يكون صوم رمضان موعده في الشتاء، وقد يتنفل ويتطوع المكلف بالصيام في الصيف، أيهما أشق؟ الثاني لا شك، لا شك أن صيام التطوع في الصيف أشد مشقة على المكلف من الصيام في الشتاء ولو كان فرضا، ولو كان صوم رمضان، حينئذ ثبتت المشقة في المندوب، فإذا ثبتت المشقة حينئذ نحكم عليه بأنه حكم تكليفي، قال بعضهم: السواك ليست به مشقة، أليس كذلك؟ فقول (سبحان الله) ليس فيه مشقة، نقول كذلك الواجب بعضه ليس فيه مشقة، كذلك الواجب بعض أفراده ليس فيه مشقة، إذن انتفاء المشقة عن الواجب وهو تكليف بالإجماع لا يلزم منه ارتفاع الحكم التكليفيعنه، أو وصفه بأنه حكم تكليفي، الواجب نقول في الواقع = في الأصل أنه إلزام أو طلب ما فيه كلفة ومشقة، هذا في الواجب، لكن قد يكون بعض آحاد الواجب ليس فيه مشقة، فإذا انتفت المشقة عن بعض آحاد الواجب لا يلزم منه أن يرتفع الحكم التكليفي من جهة الوصف عن الواجب، نقول كذلك المندوب، وجود المشقة هو الأصل فيه وكون بعض المندوبات لا مشقة فيه لا يلزم منه أن يرتفع الوصف بأنه حكم تكليفي، ولذلك عبر الزركشي في تشنيف المسامع قال المراد بالمندوب المشقة، وجود المشقة، جنس المشقة، وإذا كان جنس المشقة حينئذ تصدق في بعض الأفراد دون بعض، وكذلك الواجب، الإنسان قد يكون يصلي أربع ركعات قد لا يجد فيها مشقة، كذلك قد يصوم رمضان كاملا ولا يجد فيه مشقة، والحج كذلك قد لا يجد فيه مشقة، فحينئذ نقول انتفاء المشقة عن الواجب لا يلزم منه ألا يكون حكما تكليفيا، بل الأصل فيه أن فيه مشقة، والأصل في المندوب أن فيه جنس المشقة كما هي في الواجب، فعدم وجودها أو [ .. ]

في بعض الأفراد كالسواك والتسبيح والتهليل، نقول لا يلزم منه ألا يكون المندوب حكما تكليفيا، وبعضهم يرى أن فيه تكليفا ومشقة من جهة ماذا؟ من جهة أن صاحب القلب الحي إذا فاته ثواب المندوب تحسر وتقطع قلبه ألَمًا لفوات هذا الثواب، إذن فيه مشقة أو لا؟ فيه مشقة، لأن المسلم لا يرضى أن يفوته هذا الخير العظيم، كثير من المندوبات قد تكون أكثر من الواجبات وفيها من الثواب والخير العظيم الذي يعود على القلب بالانشراح والخشوع إلى آخره = لا يرضى بفوات هذا الثواب إلا من عنده نقص في إيمانه، وخاصة المضطرب، ولذلك الإمام أحمد يقول: (لا تقبل شهادة تارك الوتر) لماذا؟ لا لكونه واجبا، عند أصحابه أن الوتر لكثرة الأحاديث الدالة على أهميته حتى قال أبو حنيفة بوجوبه (عليه رحمة الله) قال بوجوبه، لا يترك ويعتاد ترك هذه السنة إلا من كان في قلبه مرض، ولذلك لا يعتاد ترك السنن إلا من كان في قلبه مرض، وخاصة إذا كان من طلاب العلم فهذا لا تقبل شهادته كما قال الإمام أحمد، لماذا؟ لأنه لا يترك هذا الفضل العظيم إلا رغبة عنه، وهذا قد يكون فيه خفة بالثواب، هذا الأول، أنه تكليف، وهو مأمور به حقيقةً، اختلفوا هل المندوب مأمور به أو لا؟ نقول: نعم، الأصح أنه مأمور به حقيقة لا مجازا، بدليل ماذا؟ بدليل أنه داخل في حد الأمر، الأمر سيأتينا أنه اللفظ الدال على طلب، والأمر لفظ دال على طلب، لو قال (افعل) ومراد بها الندب: [وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ]، [وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ]، نقول هذا (أشهدوا) دال على طلب ومراد به الندب، ليس واجبا، إذن هو داخل في قوله: (اللفظ الدال على طلب)، كما أن قوله: [وَأقِيمُوا الصَّلاةَ] داخل في قوله (اللفظ الدال على طلب) إذن استوى الندب أو المندوب والواجب في حد واحد، والانقسام الأمري [ .. ]، شاع عند الفقهاء أنهم قالوا الأمر قسمان: أمر إيجاب وأمر استحباب، يعني أمر جازم وأمر غير جازم، وهذا الشائع هو عليه الاعتماد عند الفقهاء والأصوليين، ولذلك قال عمرو بن العاص لمعاوية: "أمرتك أمرا جازما" إذن قيد الأمر بماذا؟ بالجزم احترازا من الأمر غير الجازم، فهذا التقييد دل على أن الأمر نوعان: جازم وغير جازم، إذن أطلق على غير الجازم وهو المندوب أمر، والأصل في الإطلاق الحقيقة. أمرتك أمرا جازما فأعطيتني.:. وكان من التوحيد قتل ابن هاشم.

كذلك هو مستدعًى ومطلوبٌ، وذكرناه، وأيضا أطلق عليه في الكتاب أنه أمر، قال تعالى: [إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى]، (إن الله يأمر) هذا أمر، (بالعدل) وكله واجب، (والإحسان) والإحسان منه واجب ومنه مستحب، إذن الإحسان مأمور به لقوله (يأمر) ومن الإحسان ما هو مندوب، إذن المندوب مأمور به، (وإيتاء ذي القربى) إيتاء ذي القربى ليس كله واجب، بل بعضه واجب وبعضه مستحب، وهو داخل في مفهوم قوله (يأمر) إذن (إيتاء ذي القربى) مأمور به، وإيتاء ذي القربى المندوب مأمور به، كما أن الواجب مأمور به، إذن أطلق لفظ الأمر في الشرع، في الكتاب على ماذا؟ على المندوب، والأصل الحقيقة، يعني لا نقل مجازا، يعني من ينفي يقول: إطلاق لفظ أمر على المندوب مجازا وليس بحقيقة، نقول: لا، حقيقة، بدليل هذه الآية، أن الله عز وجل قال (يأمر) فحينئذ نقول الأصل حمل اللفظ على الحقيقة، ولا يُعدَل عنه إلى المجاز إلا بخبر ولا خبر، يعني إلا بدليل وقرينة، ولا دليل ولا قرينة. وحيثما استحال أصل انتقل.:. إلى المجاز أو لأقربه حصل. (وحيثما استحال أصل) فالمراد بالأصل هنا الحقيقة، وحيثما استحال حمل اللفظ على حقيقته انتقل إلى المجاز، حينئذ نقول انتقل لمجاز، وبهذه القرينة أو بهذا التقييد أو بهذه القاعدة نرد مؤولة الصفات فنقول حمل الصفات على ظاهرها لا يستحيل، ولا نحتاج أن نبطل المجاز من أجل أن نثبت الصفات على ظاهرها، ونقول أجمع أهل المجاز كلهم قاطبة من أهل البيان والأصوليين وغيرهم على أنه لا يجوز حمل اللفظ على مجازه إلا بقرينة وخبر، فحينئذ الأصل أن يحمل اللفظ على حقيقته، على ظاهره، فإذا استحال ولم يمكن حمله على ظاهره لابد من قرينة حتى نقول هذا هو مجاز، ونقول آيات الصفات كلها لا يستحيل حملها على ظاهرها، والقرينة التي جعلوها للاستحالة الأصلية قرينة فاسدة باطلة تدل على فساد عقولهم، ولا نحتاج أن نقول نبطل المجاز من أجل أن نبطل قاعدة التحريف والتأويل عند الأشاعرة وغيرهم، إذن هو مأمور به لقوله تعالى: [إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى]، وإطلاق الأمر عليه بالكتاب أو السنة إطلاق حقيقي، أيضا لأنه طاعة، المأمور به طاعة، أليس كذلك؟ وكل طاعة مأمور بها: [قُلْ أطِيعُوا اللهَ]، (أطيعوا) مأمور بالطاعة، إذن المندوب طاعة وهذا بالإجماع، وكل طاعة مأمور بها لأن الطاعة ضد المعصية، المعصية ما هي؟ مخالفة المأمور، الطاعة ما هي؟ امتثال المأمور، إذن المندوب طاعة، فينتج أن المندوب مأمور به، هذا قياس [ .. ]. المندوب طاعة (مقدمة صغرى) وهذا بالإجماع، وكل طاعة مأمور بها، ولها وجهان: من جهة الدليل: [قُلْ أطِيعُوا اللهَ وَأطِيعُوا الرَّسُولَ] وهذا أمر، والمأمور به الطاعة، من جهة أخرى أن الطاعة ضد المعصية، والمعصية مخالفة الأمر، والطاعة امتثال الأمر، حينئذ ينتج أن المندوب مأمور به، وهذا هو الحق، أما قول السيوطي: (ولَيْسَ مَنْدُوْبٌ وَكُرهٌ في الأَصَحّْ.:. مُكَلَّفًا .. ) نقول هذا قول مرجوح، ولو قال به جماهير الأصوليين، فإذا ثبت الدليل من الكتاب والسنة والنظر الصحيح نقول به ولا نخالف.

ثم قال: (وقد سمى القاضي ما لا يتميز من ذلك كالطمأنينة في الركوع والسجود واجبا) بمعنى أنه يثاب عليها ثواب الواجب لعدم التميز، وخالفه أبو الخطاب، ثم قال (والفضيلة والأفضل كالمندوب) يرد سؤال بعد هذا، وهو قبل الشروع في هذه المسألة: هل للمندوب صيغ تدل عليه؟ من أين نأخذ المندوب؟ عرفنا أن الواجب نأخذه من صيغة (افعل)، أو الفعل المضارع المقرون باللام ونحو ذلك من مصدر إلى آخره، والمندوب؟ متى نقول هذا مندوب وهذا واجب؟ نقول هذا واجب إذا دل عليه دليل مما ذكرناه بالأمس من صيغ الواجب، أما المندوب فالأكثر والأشهر أنه يأتي بصيغة (افعل) إذا دلت قرينة على عدم إرادة الوجوب منها، الأصل في (افعل) ماهو؟ الوجوب، وحُكِيَ الإجماع عليه. وافعل لدى الأكثر للوجوب.:. وقيل للندب أو المطلوب. وقيل للوجوب أمر الرب.:. وأمر من أرسله للندب. بصيغة افعل فالوجوب حققا.:. حيث القرينة انتفت وأطلقا. لا مع دليل دلنا شرعا على.:. إباحة في الفعل أو ندب فلا. إذن نقول الأصل في (افعل) أنه للوجوب، إذا دلت قرينة صرفته عن الوجوب إلى الندب إذن مدلول الندب يكون بصيغة (افعل) إذا اقترنت بقرينة تدل على عدم الوجوب، [وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ]، (أشهدوا) هذا صيغة (افعل) والأصل فيه أنه للوجوب، لكن نقول هنا للندب، لوجود قرينة وهي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) باع ولم يُشهد، [وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ] إذن باع النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يشهد، وفعله (عليه الصلاة والسلام) حجة أو لا؟ نقول: حجة، لأنه دليل شرعي فحينئذ صار قرينة صارفة للوجوب، [وَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا]، (كاتبوهم) هذا إطلاق، (إن علمتم فيهم خيرا) إذن بهذا القيد مَن كان عنده عبد يربيه وفيه خير للإسلام والمسلمين قال (كاتبوهم) وهو أمر، والأمر للوجوب، إذن يجب المكاتبة، لكن هل كل الصحابة كاتب؟ الجواب لا، طيب والصحابة عندهم من فيه خير للإسلام والمسلمين وأبقى الرقيق عنده رقيقا فلم يكاتب فأقرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) فعل الصحابة لا يعتبر صارفا إلا عند من يجعل فعل الصحابة حجة، وهنا ما دام النبي (صلى الله عليه وسلم) حيا فهو الحجة (عليه الصلاة والسلام) فأقرهم يعني سكت عما هم عليه فصار تقرير النبي (صلى الله عليه وسلم) قرينة صارفة للوجوب في قوله (وكاتبوهم)، هذا صيغة (افعل)، كذلك لو صُرِّحَ بالسنية، "وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ" هذا سنة أو واجب؟ سنة " وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ" نقول هذا سنة، كذلك إذا صُرِّحَ بالأفضلية، "فَمَن اغْتَسَلَ فالغُسْلُ أفضَلُ" دل على أنه مستحب وليس بواجب، كذلك لو جاء بصيغة الترغيب، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لبريرة: "لو رَاجَعْتِهِ" ليس فيه وجوب، وإنما هو من صيغ الندب، ولكن أشهرها الأول، وأما التفريق عند بعضهم أن ما كان في العبادات فهو للوجوب وما كان في الآداب أو المعاملات فهو للندب هذا تفريق لا دليل عليه، وهذا شاع عند كثير من الفقهاء المتأخرين، ما كان في الآداب بصيغة (افعل) فهو ماذا؟ فهو للاستحباب، وكذلك في النهي، قالوا: ما كان في الآداب فهو للكراهة، والصواب أنه ليس عليه دليل.

قال: (وقد سمى القاضي) أبو يعلَى، وإذا أطلق القاضي فالمراد به أبو يَعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي، (وقد سمى القاضي _أبو يعلى_ ما لا يتميز من ذلك كالطمأنينة في الركوع والسجود واجبا) عرفنا أن النفل يطلق ويراد به المندوب، وهو الزيادة على الواجب، نخلص من هذا أن النفل قسمان = أن الزائد على الواجب قسمان = النفل الذي بالمعنى الاصطلاحي عندهم وهو الزائد على الواجب قسمان: قسم متميز بذاته، منفصل، زيادة متميزة منفصلة بذاتها عن الواجب، كالسنن الرواتب بالنسبة للفرائض، نقول سنة المغرب منفصلة عن الفريضة، هي نفل وزيادة عن الواجب، أليس كذلك؟ هذه منفصلة ولا إشكال فيها، وبالإجماع أنها نفل، ندب، مستحب، لا خلاف فيها، لم يقل أحد بوجوبها، النوع الثاني .. نقول: زيادة غير متميزة، بمعنى أنها غير منفصلة بذاتها غير مستقلة، وإنما وردت مع واجب ولا يتميز عن الواجب، مثلوا له بالطمأنينة في الركوع والسجود، ما حكم الطمأنينة؟ واجب، ركن في الصلاة، فإذا ركع مقدار تسبيحة واحدة قد أتى بالواجب، لو زاد إلى عشر يسبح إلى عشر، ما زاد على الواجب، على الركن، ما حكمه؟ نقول هذا أولا نفل أو لا؟ نفل، زيادة عن الواجب، هو أتى بالواجب، ركع فأتى بالواجب، لو سبح مرة واحدة ثم رفع أتى بالواجب ولا إشكال، لكنه زاد على الواجب، هل هذه الزيادة متميزة منفصلة بذاتها كالسنن الرواتب مع الفريضة؟ الجواب لا، الزيادة على الواجب فيما هو صورته كالطمأنينة هذه مختلف فيها بين الأصوليين، هل هي واجبة أم ندب، الأئمة الأربعة على أنها ندب وليست بواجبة، لماذا هي ندب وليست بواجبة؟ لأنها جائزة الترك، يجوز أن يترك الزيادة، يأتي بتسبيحة واحدة ثم يقوم، إذن ترك التسبيحة الثانية والثالثة والعاشرة، ولو كانت واجبة لَمَا جاز تركها، والمندوب هو الذي يجوز تركه، فحينئذ عند الأئمة الأربعة أن ما زاد على أقل الواجب من الطمأنينة في الركوع والسجود=قالوا هذا ماذا؟ هذا ندب، (ما لا يتميز من ذلك كالطمأنينة في الركوع والسجود واجبا) هذا عند القاضي أبي يعلى، عند القاضي أبي يعلى سمى ما زاد على الواجب مما لا يتميز بذاته وينفصل عنه بذاته سماه واجبا، واختلفوا في تفسير كلامه، هل مراده أن الكل واجب لأنه امتثال للمأمور فصار واجبا؟ كما هو قول بعض الشافعية والكركي، أم أن مراده أنه مندوب إلا أن ثوابه ثواب الواجب؟ على قولين في تفسير كلام القاضي، هنا قال (بمعنى)، أراد أن يسمى إشكالا في كلام القاضي، قال بمعنى أنه يثاب عليها ثواب الواجب لعدم التميز لا أنه في ذاته واجب، لا بل هو مندوب، لكن الثواب ثواب الواجب، فرق بين أن يقال مندوب يثاب ثواب المندوب وبين أن يقال مندوب يثاب ثواب الواجب، أيهما أعظم ثواب المندوب أو الواجب؟ الواجب، ما الدليل؟ أحد الطلاب: ............ الشيخ: نعم أحسنت.

إذن نقول ثواب الواجب أعظم من ثواب المندوب، القاضي أبو يعلى رأى أن هذا الواجب لا يتميز _الذي هو أقل ما يصدق عليه أنه واجب_ لا يتميز عن النفل الزائد عليه، فحكم أن الكل يثاب ثواب الواجب، واضح هذا؟ وخالفه أبو الخطاب، خالف شيخه، أبو الخطاب تلميذ القاضي، وخالفه أبو الخطاب، أي: خالف شيخه أبا يعلى، فقال: إن هذه الزيادة ندب كما هو قول الأئمة الأربعة فيترتب عليها أنه يثاب ثواب الندب. إذن الخلاصة أن نقول: ما زاد على الواجب = النفل الزائد على الواجب قسمان: [مستقل بذاته] وهو ندب بالإجماع كالسنن الرواتب مع الفرائض، يعني منفصل بذاته، النوع الثاني: [ما لا يتميز بذاته] لا ينفصل عنه بل هو معه، فحينئذ اختلف الأصوليون، الجماهير على أن ما زاد على أقل الواجب فهو ندب ويثاب عليه ثواب النفل، عند الكركي وبعض الشافعية أنه واجب لأنه امتثال لواجب، فصار الكل واجبا، فيثاب عليه ثواب الواجب مع الحكم على المحكوم عليه بأنه واجب، توجيه القاضي أبي يعلى أنه ليس بواجب وإنما الثواب ثواب الواجب، وعليه في الحقيقة ثلاثة أقوال في ما لا يتميز، واجب يثاب عليه ثواب الواجب، ندب يثاب عليه ثواب الندب، ندب يثاب عليه ثواب الواجب، وهو قول القاضي أبي يعلى. واضحة هذه المسألة؟ نعم. ثم قالوا: والفضيلة والأفضل كالمندوب، يعني مما يصدق على ما يقتضي الثواب على الفعل لا العقاب على التركالفضيلة، والأفضل كالمندوب في المعنى والحكم، يعني في الحقيقة والحكم، والقاعدة والقول الأصح في هذا _حتى لا يلتبس على طالب العلم_ أن كل ما ذكر من الأسماء المتعلقة بالمندوب كلها مترادفة، وحينئذ لا تشتغل أو تشغل نفسك بما ذكره كثير من الأصوليين في ذلك التفرقة بين تلك المصطلحات، لأن ذلك فيه نوع صعوبة، الأحناف عندهم عشرات المصطلحات للتفرقة بين المندوبات، وكذلك الشافعية والمالكية والحنابلة إلى آخره، فتضبط ماذا؟ تقول كلها مترادفة وأرح قلبك من الجدال. [هنا قام أحد الطلاب يقرأ من متن المصنف] .................................. .................................. ............................ .................................. .................................. ............................ .................................. ..................................

الشيخ: نعم، قال: (ومحظور) القسم الثالث من أقسام الأحكام التكليفية ما يسمى بالمحظور، وهو اسم مفعول من الحظر، وسبق أن هذه كلها التي يذكرها المصنف (رحمه الله تعالى) إنما هي أوصاف لفعل المكلف، وليست هي الأحكام التكليفية، إذن المحظور من حيث وصفه، من حيث تعلقه بفعل المكلف: "ما يعاقب على فعله ويثاب على تركه" المحظور اسم مفعول من الحظر مأخوذ من الحظر، فسمي الفعل بالحكم المتعلق به، إذن الحظر المراد به في اللغة الممنوع، الحظر=المنع، والمحظور=الممنوع، ولذلك قال هنا: (وهو لغةً الممنوع)، يعني بمعنى اسم المفعول، (والحرام بمعناه) يعني بمعنى المنع، أو بمعنى المحظور، لا إشكال، إما يكون بمعنى المنع أو بمعنى المحظور، إذن كل منهما الحظر يفسر في اللغة بالمنع والحرام يفسر في اللغة بالمنع، ولذلك جاء في: [وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ]، [وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ]، كلها بمعنى المنع. جالت لتصرعني فقلت لها اقصري.:. إني امرؤ صرعي عليكِ حرام. أي: ممنوع. ومنه قول الناس إن قابل البعض: حرام عليك، بعضهم يقول: كيف تحرم ما لا يحرمه الله، في ظني أن المراد به المنع، حرامٌ عليكَ كذا، لا يقصد به الشرع، فلذلك يتوسع في هذه الكلمة لأنها موافقة للغة. إذن محظورٌ وهو لغة الممنوع، (والحرام بمعناه) يعني بمعنى المحظور، بمعنى الحظر أو بمعنى الممنوع، قال: (وهو ضد الواجب) الحرام ضد الواجب، والأصل في الحقيقة أن الحرام ليس بضد الواجب، وإنما هو ضد الحلال، ولذلك تقول هذا حرام وهذا حلال، كما قال تعالى: [وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَرَامٌ وَهَذَا حَلالٌ]، إذن في الشرع أن الرام يقابل الحلال، ولذلك جاء في الحديث أيضا: "إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ"، (بينهما أمور مشتبهات) يعني ليست بحلال خالصة وليست بحرام خالصة، ومن هنا من الجهل أن يعطى هذا المشتبه حكم الكراهة. كالحتم واللازم مكتوبٍ وما.:. فيه اشتباه للكراهة انتمى. لماذا؟ لأنه ليس بحلال خالص وليس بحرام خالص، فلا يعطى حكم الإذن المطلق كالوجوب والندب ولا يعطى المنع مطلقا كالتحريم وإنما يعطى درجة وسطى وهو الكراهة، وهذا من التقييد.

إذن نقول: (الحرام ضد الواجب) في الأصل ليس بضد الواجب، وإنما جعله الأصوليون ضد الواجب باعتبار تقسيم أحكام التكليف، لماذا؟ لأنك إذا قلت: (الواجب ما يثاب على فعله امتثالا ويعاقب على تركه)، اعكسه، تقول: (الحرام ما يثاب على تركه امتثالا ويعاقب على فعله) إذن هو ضده أو لا؟ ضده، نقول الحرام ضد الواجب، من أي حيثية؟ لا من حيثية الشرع، أنه في الشرع كذا، بل الحرام ضد الحلال، طيب لماذا إذا كان الشرع يقول: "إن الحلال بين وإن الحرام بين" إذن جاء الحلال والحرام متقابلين، لماذا جعل الأصوليون _وهم يبحثون في الأدلة التي تثبت بها الأحكام الشرعية_ لماذا جعلوا الحرام ضد الواجب؟ تقول: من حيث تقسيم الأحكام التكليفية، لأنهم حكموا أن الواجب ما يثاب على فعله والحرام يثاب على تركه، الواجب يعاقب على تركه والحرام يعاقب على فعله، إذن هما ضدان، من هذه الحيثية هما ضدان، فلا إشكال ولا اعتراض حينئذ على الأصوليين. والحرام بمعناه وهو ضد الواجب، قال: (ما يعاقب على فعله ويثاب على تركه)، (ما) جنس، يعني اسم موصول بمعنى الذي، وهو جنس يشمل جميع الأحكام التكليفية، (يعاقب) من العقوبة وهو معناها، (على فعله) إذا فعله حينئذ استحق العقوبة وترتبت العقوبة يعاقب، هذا الأصل، الأصل أنه يعاقب، وأما طروء العفو حينئذ لا يرد لفظا بهذا الرسم، (ما يعاقب على فعله) إذن إذا فُعِلَ المحظور نقول فاعله يعاقب، لكن هذا من حيث الوصف، يعني لو رأيت إنسانا يفعل كبيرة من الكبائر لا تقل هذا يعاقب، تنزل الوصف على الشخص، لا، وإنما تقول من فعل الزنا يعاقب، هذا الأصل، أليس كذلك؟ أما الأشخاص فلا تنزل عليهم الأحكام، (ما يعاقب على فعله ويثاب على تركه) إن تركه ترتب عليه الثواب، وإن فعله ترتب عليه العقاب، لكن يقيد قوله (ويثاب على تركه) امتثالا، لأن الثواب في الواجب والحرام وجودا وعدما مترتب على شرطه، وشرط الثواب هو وجود النية، نية التقرب إلى الله عز وجل، ولذلك ذكرنا بالأمس: وليس في الواجب من نوال.:. عند انتفاء قصد الامتثال. فيما له النية لا تشترط.:. وغير ما ذكرته فغلط. ومثله الترك لما يحرم.:. من غير قصد ذا نعم مستلزم. إن ترك المحظور ولم ينوِ شيئا نقول هذا مُسَلَّمٌ من الإثم، لماذا؟ لأن الإثم والعقاب مرتب على الفعل وهو لم يفعل، حينئذ سقط العقاب، لكن الثواب مرتب على ماذا؟ مرتب على أنه ينوي بهذا الترك القربة إلى الله خوفا وعظمة للرب جل وعلا، فحينئذ نقول: الثواب تركه نية التقرب إلى الله، إن وجدت هذه النية ترتب عليها الثواب، إن انتفت انتفى الثواب، هذا من حيث الجملة لكن من حيث التفصيل نقول الإطلاق هذا فيه نظر، لأن تارك المحرم أو تارك الحرام هذا على أربعة أنحاء، أربعة أقسام=نقول تارك المحظور أربعة أقسام:

[أولا] أن يترك المحظور لأنه لم يطرأ على قلبه أصلا، ماحدَّث نفسه، بل قد يعيش مدة عمره ولم يعرف معنى الربا أصلا، ولا يفعله، في قرية نائية، لا بنوك ولا شركات ولا أسهم ولا أي شيء، نقول هذا سَلِمَ من الربا ولم يحدث نفسه أصلا بالربا، هذا نقول لا ثواب ولا عقاب، لا عقاب لماذا؟ لأنه لم يفعل الربا، والعقاب مرتب على ماذا؟ على وجود الفعل، وهو الربا، لا ثواب لفقد شرط الثواب، وهو نية التقرب، لأنه لم يخطر بباله أصلا. هذا النوع الأول لتارك المحظور. [النوع الثاني] أن يكون تركه له مخافة وتعظيما لله، وهذه نسعى أن نكون من أهل هذه المرتبة، تركه مخالفة وتعظيما لله، فهذا يثاب، لماذا؟ لوجود شرط الثواب، وهو نية التقرب إلى الله عز وجل، ولذلك جاء في الحديث الصحيح: "أنَّ مَنْ هَمَّ بالسيئةِ فلم يعملها كتبَ اللهُ له ذلك حسنة كاملة"، جاء في الحديث: "لأنه تَرَكَهَا مِن جَرَّائِي" أي: من أجلي، إذن كُتبَ الهَمُّ بالسيئة حسنة، إذن أثيب على الترك، لماذا؟ لأنه تركها (قال جلَّ وعلا: "من جرَّائي" أي: من أجلي) فوجد شرط الثواب وهو نية التقرب إلى الله عز وجل. هذا الثاني. [الثالث] أن يتركه عجزا عنه، يعجز عنه، دون القيام بفعله، يعني ما نوى أن يفعل، وإنما همَّ بقلبه أن يتركه عجزا عنه دون القيام بفعله، فهذا لم يهم بالفعل أصلا، يعني يكون كمن يرى مالا مع شخص ما، ينوي في قلبه أنه لو وجد له مال لفعل وفعل من المعاصي والمنكرات، هل فعل؟ لم يفعل، نوى؟ نعم نوى، هذا يعاقب عقاب نية الفاعل، ولذلك جاء في الحديث: "فهما في الوزر سواء"، "لو أن لي مالا مثل فلان لفعلت وفعلت، فهما في الوزر سواء"، هو ما فعل، لكنه نوى، لكنه في العقاب عدلا يعاقب عقاب نية الفاعل، لأن النية عمل وقد يعاقب عليها كما أن الظاهر عمل وقد يعاقب عليه، أليس كذلك؟ حينئذ لا إشكال، [ .... ] نقول: لا، النية عمل، عمل قلب، إذن هو فعل مكلف، فتعلق به التحريم، فحينئذ نقول: فهما في الوزر سواء، مرتب على هذا مع أنه لم يعمل. [الرابع] أن يكون تاركا للمحظور عجزا عنه مع فعله الأسباب، فهذا يعاقب عقوبة الفاعل، كمن بذل الأسباب، أراد أن يسرق فذهب ليسرق فأعد العدة فإذا وجد الشرطي أمام الباب [ .. ]، نقول هذا همَّ وفعل الأسباب لكنه عجز، عجزه مع نيته وبذل الأسباب استحق أن يرتب عليه عقاب الفاعل، كأنه فعل ذلك، ولذلك جاء في ال حديث الثابت: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" كأنه بذل الأسباب وعجز، تحرك، حاول أن يقتله ولكنه عجز مع بذله الأسباب، نقول يعاقب عقاب الفاعل، إذن هذه أربعة أحوال.

وحينئذ قوله: (ويثاب على تركه امتثالا) نقول هذا إطلاق فيه نظر يقصر على [ .. ] الأحوال الأربعة، قال (فلذلك يستحيل كون الشيء الواحد في العين واجبا حراما) (فلذلك) ما هو المشار إليه؟ الحرام، وهو ضد الواجب، لكون الحرام ضد الواجب ترتب عليه ما سيذكره المصنف، (فلذلك) أي: لأجل أن الحرام ضد الواجب، قبل ذلك نقول من أسماء الحرام عدة أسماء، تسمى محظورة وممنوعة ومزجورة ومعصية وذنبا وقبيحا وسيئة وفاحشة وإثما وحرجا وتحريجا وعقوبة، كلها أسماء لمسمى واحد، وهو ما يعاقب على فعله ويثاب على تركه امتثالا.

صيغ الحرام، متى نحكم على أن هذا الفعل حرام _كما حكمنا على الواجب بأنه واجب والمندوب بأنه مندوب_؟ لابد من صيغة تدل عليه، لابد من لفظ يدل عليه، الحرام نقول الأصل فيه أنه يدل عليه بصيغ: منها وأشهرها وأولها صيغة (لا تفعل)، (لا) الناهية الداخلة على الفعل المضارع: [لا تُشْرِكْ بِاللهِ]، الثاني: التصريح بلفظة التحريم وما اشتق منها: [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أمَّهَاتُكُمْ]، [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ]، نقول هذا حرام أو لا؟ حرام، ما الذي دل؟ لفظ التحريم، صُرِّحَ به، نُطِقَ بِهِ، كما قلنا في الأول: [لا تُشْرِكْ] نقول الشرك حرام، بدليل دخول (لا) الناهية على الفعل المضارع وجُزِمَ بها والنهي يقتضي التحريم، مطلق النهي يقتضي التحريم، وسيأتي في موضعه، الثالث: التصريح بعدم الحِلِّ، أو بنفي الحِلِّ: [وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا]، نقول هذا لا يحل، يعني يحرم عليكم الأخذ، الرابع: أن يقال ترتيب العقوبة، إذا رتبت العقوبة على الفعل _كما هناك إذا رتبت العقوبة على الترك في الواجب حكمنا عليه أنه واجب_ هنا ترتيب العقوبة على الفعل تجعلنا نحكم عليه بأن الفعل محرم: [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ] ما هي العقوبة؟ [فَاقْطَعُوا]، إذن ما حكم السرقة من الآية؟ التحريم، ما الدليل؟ ما وجه الاستدلال؟ رتب عقوبة، [وَالسَّارِقُ] هذا فعل أو ترك؟ فعل، إذن فَعَلَ السرقة، فلما رتبت العقوبة وهي (فاقطعوا أيديهما) على فعل وهو السرقة=دلَّ على أن السرقة حرام، ثم قال: (فلذلك) أي: لأجل أن الحرام ضد الواجب يستحيل كون الشيء الواحد بالعين واجبا حراما، بمعنى أنه إذا كانا ضدين يستحيل اجتماع الضدين في محل واحد من جهة واحدة، هذا مراده، هل يمكن تقول (زيد قائم جالس) في آن واحد في زمن واحد؟ لا، لا يمكن، لماذا؟ لأن القيام والجلوس ضدان، فلا يمكن أن يكون في الساعة الواحدة في الوقت نفسه قائما جالسا، إذن يستحيل كون الشيء الواحد قد اجتمع فيه الضدان، كذلك إذا كان الواجب ضدا للحرام لا يمكن أن يكون الشيء الواحد حراما واجبا معصية طاعة، هذا من باب التقريب، ثم نقول: (الواحد) المراد به الوحدة يعني الاتحاد يعني اتحاد الشيء، إذن نقول المراد بالوحدة هنا الاتحاد، اتحاد الشيء في مكان واحد، قال: (الواحد بالعين) والمراد بالعين بالشخص، لأن الشخص قد يكون واحدا، يعني يوصف الفاعل بالوحدة، وهذا قد يجتمع فيه الثواب والعقاب، الحسنات والسيئات، وهذا مما يُرَدُّ به على المعتزلة، يعني الشخص الواحد الذي هو الآدمي يجتمع فيه ثواب وعقاب، هذا مذهب أهل السنة والجماعة، فيثاب على الحسنات تكتب له ويثاب عليها بشرطها، أما السيئات إن تاب منها قبل موته فإن قبلت التوبة بشرطها فالحمد لله، إن مات ولم يتب فهو تحت المشيئة، إن شاء الرب آخذه وإن شاء عفا عنه، هذا مذهب من؟ أهل السنة والجماعة قاطبة، بخلاف أهل البدع من المعتزلة ونحوهم الذين ينفون اجتماع الثواب والعقاب في شخص واحد، ولذلك عندهم أن من مات على كبيرة من غير توبة فهو خالد مخلد في النار، أما أهل السنة والجماعة فلا. ولا نقول إنه في النار.:. مخلد فالأمر للباري.

تحت مشيئة الإله النافذة.:. إن شا عفا عنه وإن شا آخذه. بقدر ذنبه إلى الجنان.:. يُخرَجُ إن مات على الإيمان. هذا الفاسق المِلِّيُّ الذي مات على الإسلام وهو مرتكب لكبائر ولم يتب منها، نقول أمره للباريء إن شاء عفا عنه وإن شاء آخذه، أما الجزم بأنه خالد مخلد في النار فهذا مذهب أهل البدع.

هذا الواحد بالشخص الآدمي، أما الفعل فقال هنا يستحيل كون الشيء الواحد بالعين، قال (بالعين) احترازا من الشيء الواحد في الجنس، فإنه قد يجتمع فيه الحلال والحرام، يعني قد يتحد شيئان أو يجتمعان في الجنس، البعير والخنزير، كما مثَّلَ الشيخ الأمين، البعير والخنزير ما جنسهما؟ حيوان، إذن اجتمعا في جنس واحد، نقول الوحدة بالجنس لا تنفي اجتماع الواجب والحرام، بل قد يجتمعان، إذن لا يستحيل اجتماع الواجب والحرام في ما اتحد جنسه، فتقول البعير حلال والخنزير حرام، إذن اجتمع الحلال والحرام أو لا؟ اجتمعا، في ما اتحد جنسا، الواحد بالعين احترز به أيضا عن الواحد بالنوع، أن يكون الفعل واحدا وله أشخاص آحاد، حينئذ نقول لا يستحيل اجتماع الحلال والحرام في الواحد بالنوع، مثل ماذا؟ السجود، السجود هذا نوع، أليس كذلك؟ فعل للمكلف، له أشخاص وآحاد أو لا؟ كيف له أشخاص؟ لا، سجود للصنم، وسجود لله، إذا قيل آحاد وأشخاص يعني اثنين فصاعدا، كل ما له أفراد اثنين فصاعدا صار نوعا، كما نقول الإنسان هذا نوع للحيوان، فيدخل تحته الذكر والأنثى، والذكر هذا نوع يدخل تحت زيد وعمرو وخالد، والأنثى نوع يدخل تحته هند وفاطمة ... إلى آخره، فحينئذ نقول السجود هذا نوع، ذو أشخاص ذو آحاد، لا يمتنع أن يوصف بعض أفراد النوع بالوجوب، وبعض أفراد النوع بالتحريم بل بالكفر، فإذا سجد لله عز وجل فهو واجب، وإذا سجد للصنم فهو حرام بل وكفر، أليس كذلك؟ أي نعم، فحينئذ نقول: الواحد بالعين لا يستحيل اجتماع الوجوب والتحريم، الواحد بالجنس لا يمنع اجتماع التحريم والوجوب، ماذ بقي؟ الواحد بالعين كزيد، الواحد بالعين، الشخص الواحد، حينئذ قالوا: هذه إما يكون لها جهة واحدة وإما ان يكون لها جهتان، في كلتا الحالتين على المذهب، في كلتا الحالتين نقول لا يجوز بل يستحيل أن يجتمع الواجب والحرام معا، فلا يسعك ان تقول زيد مسلم كافر، يجتمعان؟ لا يجتمعان، كذلك لا يصح أن تقول هذه الصلاة حرام وهي في نفس الوقت واجبة، لماذا؟ لأنها بالعين، ليس عندنا صلاة متعددة، أنت لا تحكم بأن صلاة الظهر بطلت، حرام، باطلة، وأن صلاة العصر صحيحة، حينئذ يكون ثمت صلاة لغير الله، [ .. ] أن تحكم على صلاة واحدة، زيد قام يصلي فتقول هذه الصلاة واجبة حرام، يمكن؟ لا يمكن، قال: (يستحيل، إذن فلذلك يستحيل كون الشيء الواحد بالعين واجبا حراما، طاعة معصية) لا يمكن أن يكون الفعل الواحد طاعة وفي نفس الوقت هو معصية، هذا مستحيل، لماذا؟ لأن الجهة هنا ليست منفكة، وإنما هي جهة واحدة، أو جهتان يمتنع القول بانفكاكهما، على قول من يرى صحة الانفكاك، قال: (كالصلاة في الدار المغصوبة) أراد أن يمثل لنا بما استحال فيه اجتماع الواجب والحرام، فقال: (كالصلاة) الصلاة هي نوع واحد في العين، المراد به صلاة [ ....... ]

لا الظهر مثلا، ليس المراد طول الصلاة، يدخل فيها كل الأفعال، لا، المراد بها صلاة حتى تصير واحدا بالعين، لو أريد بها صلاة الفجر والظهر والمغرب لَمَا صحَّ المثال، وإنما تقيد المثال (كالصلاة) يعني صلاة زيد بطهر واحد مثلا، أو إذا كانت عدة فرائض في زمن الغصب على ما سيذكره، (كالصلاة في الدار المغصوبة في أصح الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى)، (الصلاة في الدار المغصوبة) هذه مسألة عويصة عند الأصوليين، ودائما تذكر في هذا الباب وفي باب النهي، قال: (كالصلاة في الدار المغصوبة) ما صورة الصلاة في الدار المغصوبة؟ بل كيف تغتصب الدار؟ تغتصب الدار، يعني ما هي سرقة، بل اغتصبها جهارا نهارا، فحينئذ صار اشتغاله أو إشغاله أو كينونته في هذه الدار حراما، أليس كذلك؟ كل وقته الذي مكث في هذه الدار وهو غاصب لها ومعلوم أن الغصب حرام وأن ما ترتب على الحرام فهو حرام = حينئذ كل فعل فعله في هذه الدار من حركة وسكون وقول ومشي وأكل وشرب وصلاة نقول الأصل فيه التحريم، فحينئذ لو دخل وقت صلاة الظهر وهو غاصب للدار في داخل الدار، وقا صلى، نقول الأصل في استعمال المغصوب حرام، فكل حركة من قيام وركوع وسجود واضطجاع ونوم = هذا هو الأصل أنه التحريم، فحينئذ وجبت عليه الصلاة، صلاة الظهر، فقام تحرك في دار مغصوبة، اجتمع عندنا ماذا؟ حرام وواجب، اجتمع عندنا حرام وواجب، هل يمكن أن يكون الشيء الواحد بالعين حراما واجبا من جهة واحدة؟ قالوا: لا، إذن نقول هذه الصلاة التي أُدِّيَتْ بحركات محرمة في الدار المغصوبة المحرمة نحكم ببطلانها، لماذا؟ لأنها ليست صلاة مأمورا بها، قال جل وعلا: [أقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ]، (أقم الصلاة) هل الصلاة التي صلاها في الدار المغصوبة داخلة في هذا النص؟ الجواب: لا، فحينئذ لما لم يشملها الأمر (أقم الصلاة) لم تكن الصلاة مأمورا بها، فالذي يجتمع عندنا واجب وحرام، فإذا فعل هذه الصلاة فيما حرم عليه فعله فيه كالصلاة في الدار المغصوبة حكمنا عليه ببطلانها، ولذلك قال: (كالصلاة في الدار المغصوبة في أصح الروايتين) يعني ماذا؟ أين الجواب؟ (كالصلاة في الدار المغصوبة في أصح الروايتين) لا تصح، لابد من التقدير، لا تصح، ولا يسقط بها الطلب، ولا تبرأ بها الذمة، لماذا؟ لأن هذه الصلاة منهي عنها، والقاعدة الكبرى أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" وسيأتي بحث هذه المسألة (النهي يقتضي الفساد) في باب النهي بإذن الله تعالى، فالأصل أنه لا يذكر هذه المسألة هنا، ولكنه تفرع من أجل قوله (وهو ضد الواجب).

قال: (في أصح الروايتين عن الإمام أحمد) يعني لا تصح الصلاة في الدار المغصوبة في أصح الروايتين عن الإمام أحمد، وهو المذهب عند الحنابلة، المذهب الملتزم به أنها لا تصح في الدار المغصوبة، ولا يسقط بها الطلب، لماذا؟ قالوا لأن النهي يقتضي الفساد، والصحة تقتضي الثواب، فلا يجتمعان، ثواب وعقاب في شيء واحد من جهة واحدة لا يجتمعان، فحينئذ نقدم الحكم بالبطلان، لعلة أن هذه الصلاة منهي عنها فلا تشملها الأوامر التي نصت على وجوب الصلاة، [أقِمِ الصَّلاةَ]، [أقِيمُوا الصَّلاةَ]، نقول ليست هذه الصلاة داخلة فيها، لأن المراد (أقم الصلاة) على وجه الشرع، أن يكون المكان مباحا، أن يكون بوضوء، أن يكون مجتنبا للمحرمات، ألا يصلي في ثوب حرير ..

إلى آخره، أن يأتي بالواجبات وبالأركان، ليس المراد مطلق الصلاة، وإنما الصلاة مقيدة بالشرع، فيصير (أقم الصلاة) فقام عمدا صلى في مكان نجس أو في الحمَّام أو في المقبرة حكمنا في الصلاة بأنها باطلة، لماذا؟ لأن النهي يقتضي الفساد، هل نقول هذه الصلاة مأمور بها؟ لا، ليست مأمورا بها، وليست داخلة في الأوامر وإنما هي منهي عنها، وحينئذ الواجب والأمر لا يشمل المنهي عنه، قال: (لأن النهي يقتضي الفساد والصحة تقتضي الثواب فلا يجتمعان في عمل واحد، ومن أخل ومتى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها) لو صلى بلا وضوء ما الحكم؟ الصلاة، نقول باطلة أو لم تنعقد؟ إذا أحدث في أثناء الصلاة نقول بطلت الصلاة، وإذا أقدم وهو غير متوضيء نقول لم تنعقد الصلاة، وفرق بينهما، لم تنعقد الصلاة = لم يدخل بالصلاة أصلا، أما الثاني دخل في الصلاة وبطلت الصلاة، إذن: (ومتى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها) ونية التقرب بالصلاة شرط كما ذكرناه سابقا أن الواجب باعتبار اشتراط النية في الاعتداد به قسمان: منه ما لا يقبل إلا بنية الامتثال، ومنه الصلاة، إذن لابد أن يأتي بشرط الثواب وهو نية التقرب إلى الله عز وجل، فإذا لم يأتِ به كمن صلى بلا وضوء، أليس كذلك؟ من لم يأتِ به كمن صلى بغير وضوء، لماذا؟ لأن صحة هذا الواجب متوقفة على شرط الثواب، ونية التقرب بالصلاة شرط والتقرب بالمعصية محال، لأن الصلاة منهي عنها وفعله الذي قضاه بالحركة أو السكون أو قيام أو ركوع أو سجود نقول هذه ليست بعبادة، لأنها معصية والتقرب بالمعصية محال، إذن هل ممكن أن يأتي بشرط الثواب وهو فاعل لمعصية؟ لا يمكن، لا يمكن أن يصح شرط التقرب إلى الله عز وجل وهو فاعل لمعصية، لأنه لا يتقرب إلى الله عز وجل بالمعاصي، وإنما يتقرب إليه بالطاعات، وشرط الطاعات امتثال الأمر، أيضا من شرط الصلاة إباحة الموضع، أن يكون مباحا الموضع الذي تصلي فيه، والغصب محرم، فهو كالصلاة في المكان النجس، لو صلى عمدا في مكان نجس دون ضرورة حكمنا ببطلان صلاته، لأن اشتراط الطهارة في الموضع كاشتراطه في البدن والثوب، ولذلك شرط الطهارة طهارة الموضع والبدن والثوب هذا عند جماهير أهل العلم، إذن من شرط الصلاة إباحة الموضع وهو محرم فهو كالنجس، أيضا لأن الأمر بالصلاة لم يتناول هذه المنهي عنها، هذا أهم ما تقف معه، مع قوله (النهي يقتضي الفساد) أن الأمر بالصلاة لم يتناول هذه الصلاة المنهي عنها، هو منهي أن يستعمل الدار المغصوبة مطلقا، لا يرد أن يستعملها لأنها محرمة، لو صححنا استعماله أو مكنا له بعض الاستعمال لجعلنا له يدا على هذه الدار والأصل انتفاؤها، إذن هذه حجة المذهب في عدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة وهو الأرجح، لأن القاعدة أن النهي يقتضي الفساد مطلقا، (وعند من صححها) تفرع المصنف، تفرع فقال (وعند من صححها) إذن بعض العلماء وهو الجمهور يرون أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة، لماذا؟ لأنهم يقسمون النهي إلى ثلاثة أقسام: كلها ذكرها المصنف هنا، (وعند من صححها) يعني من صحح الصلاة في الدار المغصوبة (النهي ثلاثة أقسام: إما أن يرجع إلى ذات المنهي عنه) يعني يكون محل النهي هو الذات، هذه الذات لا توجد،

لا ينبغي أن توجد، وإنما النهي تعلق بها لإعدامها، كقوله: [وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا]، نقول الزنا تعلق به النهي، والمراد بالنهي هنا عدم إيجاد هذه الذات، [لا تُشْرِكْ بِاللهِ]، نقول النهي هنا تعلق بذات الشرك، والذي يضبط لك هذه المسألة أن المراد هو الذات أنه لا يمكن أن يوجد فرض منه وهو صحيح، مثلا قال (لا تشرك بالله) إذن الشرك منهي عنه، هل ثم فردٌ من أفراد الشرك دلَّ دليلٌ خارج عنه بالتصحيح له والإقرار؟ الجواب: لا، أبدا، (لا تشرك) هذا فعل مضارع، وهو مصدر [ .. ]

من مصدر وزمن، دخلت عليه (لا) الناهية، إذن صار نكرة في سياق النهي فتعم، النكرة في سياق النهي من صيغ العموم، حينئذ (لا تشرك) يعني لا يقع منك أي فرد من أفراد الشرك، كل فرد من أفراد الشرك فهو منهي عنه بهذه الآية، فحينئذ نقول: هذا النهي عائذ إلى ذات المنهي عنه، بدليل أنه لا يوجد فرد منه صحيح قد جوزه أو استثني في موضوع آخر، (لا تقربوا الزنا) أيضا نقول إن النهي هنا عائد إلى ذات الزنا، [لا تَأْكُلُوا الرِّبَا] نقول هذا النهي عائد إلى ذات المنهي عنه، إما ان يرجع إلى ذات المنهي عنه حينئذ فيضاد وجوبه، فحينئذ لا يمكن أن يُصحَّح، فإذا قال: (لا تأكلوا الربا)، [وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا]، لا يمكن أن يأتي عقد بربا صريح ليس فيه شبهة أو لم يقل عالم له باستثناء هذه الصورة فنقول هذا صحيح، لماذا؟ لأنه باطل، والبطلان والصحة لا يجتمعان في شيء واحد، كذلك الوجوب والتحريم لا يجتمعان في شيء واحد وقد تعلق النهي بذات المنهي عنه، إما أن يرجع إلى ذات المنهي عنه فيضاد وجوبه، فلا يجتمعان حينئذ، فيستحيل الاجتماع، (أو إلى صفته) يعني النوع الثاني من أقسام النهي عند من صحح الصلاة في الدار المغصوبة أن يرجع النهي إلى صفته، يعني إلى صفة الفعل المنهي عنه لا إلى ذاته، بأن يكون الداء من حيث هي مطلوبة الفعل ولكن لما قام بها وقد نهي عنها فحينئذ نجعل النهي راجعا إلى صفة المنهي عنه، كما مثل هنا وبالمثال يتضح المقال، (أو إلى صفته) يعني صفة المنهي عنه، (أن يكون الفعل مطلوبا والنهي راجع إلى صفة من صفاته، كالصلاة في السُّكْر الصلاة من حيث هي مطلوبة، أليس كذلك؟ [وَأقِيمُوا الصَّلاةَ]، [أقِيمُوا الصَّلاةَ]، "خَمْسُ صَلَوَاتٍ" إذن هي مطلوبة، لكن والسكر أيضا منهي عنه مطلقا، فلما قام بالصلاة وصف السكر بأن كان المصلي سكرانا حينئذ نُهِيَ عن هذه الصلاة وقال: [لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ] صلاة منهي عنها أو لا؟ الصلاة هنا في الآية منهي عنها أو لا؟ نقول منهي عنها، هل النهي لذات الصلاة بحيث أن الصلاة لا يمكن أن توجد كالشرك والزنا؟ نقول: لا، لماذا؟ لتصحيح الصلاة، بل للأمر بها في مواضع أخَر، فحينئذ ننظر إلى هذا النص [لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى] فنقول: النهي هنا راجع إلى صفة في الصلاة لا إلى ذات الصلاة، إذن الصلاة مطلوبة ونُهِيَ عنها لوصف السكر القائم بالمصلي، والحيض، لو صلت الحائض نقول صلاتها منهي عنها، هل النهي هنا لذات الصلاة؟ نقول: لا، وإنما لوصف قائم بالمُصَلِّيةِ، وهي كونها حائضا، ولذلك جاء في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لفاطمة: "فإذا أقبلتِ الحيضةُ فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرتِ اغتسلي وصلي" والأماكن السبعة، ما هي الأماكن السبعة؟ ذكرها هنا في الحاشية، التي جاءت في حديث ابن عمر: "نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يُصَلَّى في سبع مواطن: المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله" نقول الصلاة في موضع من هذه المواضع السبعة منهي عنها، هل نُهِيَ عنها لذاتها؟ الجواب: لا، وإنما نُهِيَ عنها لوصفٍ قام بها وهو كونها في محل منهي عنه، والحديث ضعيف، وإنما

ثبت النهي عن ثلاثة مواضع فقط: المقبرة، والحمام لحديث أبي سعيد: "الأرض كلها مسجد إلا الحمام"، ومعاطن الإبل، لحديث أبي هريرة: "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل"، أما السبعة هذا حديث ضعيف. (والأوقات الخمسة)، أوقات النهي الخمسة، (من طلوع الفجر أو بعد صلاة الفجرإلى طلوع الشمس ومن طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح، وعند قائمة الظهيرة ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، أو عند الشروع في الغروب إلى أن تغيب أو يغيب قرص الشمس كاملا) كما هو في أول النهار، لذلك أول النهار وقتان: من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ومن طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، أيهما أشد كراهة؟ الثاني، والصواب التحريم ليس الكراهة، لكن على قول الجمهور، أشد كراهة من ارتفاع الشمس، من طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح، لذلك جاء النص فيها، والأوقات الخمسة، إذن نقول هذه الأمثلة التي ذكرها المصنف أمثلة لصلاة اتصفت بصفة وهي منهي عنها، ولكن النهي راجع إلى الوصف، فسماه أبو حنيفة فاسدا، المنهي عنه لوصفه النوع الثاني سماه فاسدا، وسيأتينا في الصحة والبطلان. وقابل الصحة بالبطلان.:. وهو الفساد عند أهل الشان. وخالف النعمان فالفساد.:. ما نهيه للوصف يستفاد.

الباطل والفاسد عند الأحناف في العبادات سيان وفي المعاملات مختلفان، هكذا قاعدة الأحناف، في العبادات سيان يعني مترادفان كالجمهور، وفي المعاملات مختلفان، الباطل ما مُنع بأصله ووصفه، والفاسد هو الذي ذكره هنا ما شُرع بأصله ومُنع بوصفه، بيع الخنزير بالدم، الثمن والمثمن منهي عنه لذاته في البيع فحينئذ نقول هذا باطل، العقد باطل لماذا؟ لأنه مُنِعَ بأصله ووصفه، أما بيع الدرهم بدرهمين الأصل جواز بيع الدرهم بالدرهم بشرطه، فإذا باع درهما بدرهمين حُرِّمَ لا لكون عدم جواز بيع الدرهم بالدرهم (المال بالمال) وإنما للتفاضل الذي وقع في هذا العقد، فهذا شُرعَ بأصله وهو بيع الدرهم بالدرهم إلا أنه لما كان الثمن أكبر من المبيع وقع الربا، وهذا سيأتينا بحثه، فسماه أبو حنيفة فاسدا لأنه شُرع بأصله ومُنعَ بوصفه، ثم قال: (وعندنا) وعند الشافعية (وعندنا) يعني معاشر الحنابلة (وعندنا وعند الشافعية أنه من القسم الأول) وهو أنه منهي لذاته، (وعندنا وعند الشافعية أنه من القسم الأول) يعني النهي لذاته، فحينئذ يكون باطلا، فإذا صلى في الأوقات الخمسة، ما حكم الصلاة؟ باطلة، هكذا إذا صلى في الأوقات الخمسة الصلاة باطلة عند الفقهاء، إذا صلى في أوقات النهي ما حكم الصلاة؟ لم تنعقد، إذا صلى (إذا) شرطية، و (صلى) هذا فعل ماضٍ، كل صلاة في أوقات النهي فهي باطلة؟ كيف تقول باطلة؟ قضاء الفوائت (الفرائض الفائتة) بالإجماع أنها صحيحة وجائزة وليست بباطلة في أوقات النهي، إذن ما يعمم الحكم وإنما تقول ما ليس بقضاء فريضة، أما قضاء الفريضة فهو جائز باتفاق، ما لم يكن كذلك ولم يكن من ذوات الأسباب فالجمهور على البطلان، وما كان من ذوات الأسباب فهذا فيه خلاف بين الشافعية وغيرهم، والجمهور أيضا على البطلان، ولذلك المذهب لا تصح، سواء كان من ذوات الأسباب أو من غيرها وهذا هو الأصح، أن التنفل مطلقا في أوقات النهي محرم على الصحيح وليس بمكروه والصلاة باطلة، إذن أرجعناه إلى الأول وهو كون النهي هنا عائدا إلى الذات (ذات المنهي عنه) وليس عائدا إلى وصفه لأن المنهي عنه الصلاة نفسها بوصف السكر [لا تقربوا الصلاة] حينئذ الصلاة نفسها منهي عنها لأن الصلاة هذه القول بالامتثال في مثل هذه لا يمكن، متعذر، لأن الرجل الآن قائم يصلي، أنت لا تتحدث عن سكر دون صلاة ولا عن صلاة دون سكر، تنبه لهذا!! أنت لا تحكم الآن على صلاة دون سكر ولا سكر دون صلاة، وإنما رجل أمامك الآن يصلي وهو سكران، ما حكم الصلاة؟ نقول الصلاة هذه منهي عنها، نفسها منهي عنها، لماذا؟ لقوله تعالى: [لا تقربوا الصلاة] والنهي يقتضي الفساد مطلقا، أيضا فوات شرط التقرب وهو النية، هل يمكن أن ينوي السكران؟ إيش ينوي؟ ظهرا أو عصرا؟ ما ينوي، فحينئذ لانتفاء النية لا يمكن أن يتصور، لذلك فهو غير مكلف إذا كان قد أخذ في السكر، غير مكلف، إذن غير مخاطب بالصلاة، لو صلى حكمنا على صلاته بأنها باطلة، للنهي ولانتفاء القصد، ما هو المنهي عنه هنا؟ هل هو السُّكر لكونه في الصلاة؟ أو الصلاة التي أُدِّيَتْ بسُكر؟ الثاني، المنهي عنه الصلاة نفسها التي وُصفَتْ بالسُّكر، لا النهي راجعا إلى السُّكر ابتداءً، لا، السُّكر

ابتداءً هذا منهي عنه بنصوص أخرى، يعني التحريم ثابت قبل الصلاة وبعد الصلاة، كذلك صلاة الحائض نقول هذه الصلاة عينها منهي عنها وليس النهي عائدا للحيض لكونه صفة في الصلاة، فدعوى أن النهي متعلق بالصفة (صفة المنهي عنه) لا بذاته هذه عقلية ولا تصح، يعني هذه الدعوة باطلة، وإنما انتفاء الصفة عن الموصوف في مثل هذه الأمثلة التي فيها بالخصوص لا يتصور، بل نقول هذا داخل في القسم الأول فيكون باطلا، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد (رحمة الله عليهم أجمعين) لأن المنهي عنه هو الموصوف وليس الصفة، هو الصلاة نفسها وليس الامتثال، هو الموصوف وليس الصفة، الصلاة الواقعة في حالة السُّكر، الصلاة الواقعة في المقبرة، الصلاة الواقعة وقت الزوال، إذن المنهي عنه هو نفس الصلاة، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة، لأن المنهي عنه نفس هذه الصلاة الواقعة في حالة السُّكر والحيض أو نحوها، ولذلك حكمنا ببطلانها، قال: (ولذلك بطلت)، لأن حكم القسم الأول هو البطلان، (أو لا)، يعني إيش؟ (أو لا إلى واحد منهما)، فالقسم الأول أن يكون عائدا إلى ذات المنهي عنه، القسم الثاني أن يكون عائدا إلى صفة في المنهي عنه، (أو لا إلى واحد) يعني ليس عائدا إلى ذات المنهي عنه ولا إلى صفة قائمة بالمنهي عنه وإنما لأمر خارج عنه، (كلبس الحرير في الصلاة) جاء النص بتحريم لبس الحرير للذكر، وجاء الأمر بالصلاة (صلاة الظهر ونحوها)، فإذا صلى وهو لابس للحرير حينئذ نقول النهي هنا هل هو إلى ذات المنهي عنه؟ قالوا: لا، هل هو إلى وصف قائم بالمنهي عنه؟ الجواب: لا، هكذا عندهم، (فإن المصلي فيه جامع بين القربة والمكروه، إذن هو مطيع من جهة قيامه للصلاة، وهو عاصٍ) هو يقول بين القربة والمكروه، لعله يرى أن لبس الحرير مكروه، والصحيح أنه حرام، بين القربة والتحريم، إذن لبس الحرير حرام، فيأثم على لبس الحرير وفعل الصلاة واجب فيثاب على فعل الصلاة، فحينئذ تصح الصلاة مع الإثم، لا نقول الصلاة باطلة كما قلنا هناك، أن الصلاة في حالة السكر باطلة، بل نقول هنا الصلاة صحيحة مع الإثم على فعل المحرم وهو لبس الحرير، لماذا؟ قال: لأن الجهة منفكة، وهو أن الصلاة مطلوبة من حيث هي ولبس الحرير منهي عنه، محرم من حيث هو، وليس لبس الحرير صفة داخلة في ذات الصلاة أو مؤثرا على الصلاة، فحينئذ نقول الجهة منفكة، ولذلك قال: (فإن المصلي فيه جامع بين القربة) يعني بالصلاة (والمكروه) يعني بلبس الحرير (بالجهتين) جهة القربة والكراهة ولا استحالة في ذلك، فلذلك قال: (بل تصح)، ومن هنا قال بعضهم إن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة لانفكاك الجهة، قال المكان المغصوب كلبس الحرير، الغصب (هذا قول الجمهور لكنه ليس بالصحيح، أن الغصب محرم من حيث هو، والصلاة مطلوبة من حيث هي، إنما الجهة منفكة، فإذا صلى في دار مغصوبة نقول الصلاة صحيحة ويثاب عليها ويأثم من حيث الغصب) لكن نقول هذا ليس بالسديد، لماذا؟ لأن الحكم هنا (دائما نقول) الحكم على صلاة معينة، نجد أمامنا الآن يصلي في دار مغصوبة، كيف نقول الصلاة من حيث هي مطلوبة مثال عليها، والغصب من حيث هو محرم؟ إذا قيل الشيء من حيث هو فاعلم أن هذا القسم منطقي أو

عند المتكلمين، لماذا؟ لأنه إذا قيل في مثل هذه الصلاةِ صلاةٌ من حيث هي نقول هذا أمر ذهني لا وجود له في الخارج، لماذا؟ هل أمرنا الله عز وجل بصلاة من حيث هي؟ أو بصلاة بشروط ومنها إباحة المكان؟ الثاني وليس الأول، أما من حيث هو يعني معناه تصور صلاة لا في مكان، يمكن؟ هل تتصور الرجل يصلي لا في مكان؟ في الهواء؟ نقول هذا مستحيل، فحينئذ القول بانفكاك الجهة في الصلاة في الدار المغصوبة لا وجه له، وهو قول الجمهور، بل نقول هذه الصلاة عينها لا يمكن أن تنفك الجهة بل الجهة واحدة، فحينئذ يكون من القسم الأول فالصلاة باطلة، وسيأتينا في بحث النهي أن النهي يقتضي الفساد مطلقا، وسيأتي هذا الباب في موضعه، ونقف على هذا. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

5

عناصر الدرس * المكروه * المباح. الدرس الخامس 4 - و (مكروه) وهو ضد المندوب: ما يقتضي تركه الثواب ولا عقاب على فعله، كالمنهي عنه نهي تنزيه. 5 - و (مباح)، و (الجائز) و (الحلال) بمعناه: وهو ما لا يتعلق بفعله أو تركه ثواب ولا عقاب. وقد اختلف في حكم الأعيان المنتفع بها قبل الشرع بحكمها، فعند أبي الخطاب والتميمي الإباحة كأبي حنيفة، فلذلك أنكر بعض المعتزلة شرعيته، وعند القاضي وابن حامد وبعض المعتزلة: الحظر، وتوقف الجزري والأكثرون. بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد. فهذا هو الحكم الرابع وهو المكروه الحكم الرابع من الأحكام التي عنَّون لها المصنف بعنوان الأحكام التكليفية قال وهي خمسة، ذكر الواجب والمندوب ثم هذا الرابع وهو المكروه، كما سبق تصنيف هذه الأحكام يختلف طريقة الأصوليين من مذهب إلى مذهب ومن عالم إلى آخر.

وهنا ربَّع بالمكروه، يعني ذكر المكروه بعد الحرام لاشتراكهما في مطلق الطلب، يعني كل منها حرام والمكروه مطلوب وإن كان الحرام مطلوب الترك على جهة الجزم والمكروه مطلوب الترك ليس على جهة الجزم، وأيضاً يشتركان في اللفظ فكما أن المكروه كراهة ذيلية يُطلق في الاصطلاح كراهة أو مكروه، فكذلك الحرام يُسمى مطلقاً في الشرع، وتخصيص المكروه به ما هو منهي عنه نهي تنزيه كما ذكر المصنف وله اصطلاح خاص بالأصوليين، وإذا في الشرع فيُطلق المكروه مراداً به كراهة التحريم كما في قوله تعالى {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} الإسراء38، كل ذلك المشار إليه من قوله {َألاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} إلى آخر ما ذكر من المُحرمات وأشار {كُلُّ ذَلِكَ} من أشد المُحرمات وهو الشرك بالله إلى أدناها {كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} إذاً أطلق عليه الكراهة. إذاً يشتركان في اسم الكراهة، ثالثاً ذكر المكروه بعد الحرام لكون كل منهما منهي عنه، فالحرام منهي عنه والمكروه أيضاً منهي عنه، وإن كان النهي في الحرام نهياً على جهة الجزم نهياً جازماً وفي المكروه منهي عنه نهياً غير جازم. إذا اشتركا في ثلاثة أمور، في مُطلق الترك في التسمية في مُطلق النهي، كل منهم منهي، وعليه نقول الأصح عند الجمهور أن المكروه منهي عنه حقيقة كما أن الحرام منهي عنه حقيقة. وذِكر المُصنف لمكروه في ضمن أحكام التكليف يُبين لك أنه يره أن المكره حكم تكليفي وهو الأصح، ولذلك يُقال المكره على وزان المندوب يعني مثله، وكما الأول الذي هو المندوب مأموراً به حقيقة عند الجمهور كذلك المكروه منهي عنه حقيقة عند الجمهور. وكما أن المندوب حكم تكليفي وإن لم يكن موافقاً للجمهور ولكنه على الأصح كذلك المكروه حكمه تكليفي وإن لم يوافق الجمهور. إذاً الجمهور لهم خلافان، إثبات أن المندوب مأمور به حقيقة وعليه الجمهور وغير الجمهور على أنه مأمور به مجازاً. هل المندوب حكم تكليفي؟ الجمهور على أنه ليس بحكم تكليفي وغير الجمهور على أنه حكم تكليفي هو الأصح. المكروه هل هو منهي عنه حقيقة؟ الجمهور نعم هو منهي عنه حقيقة وأدلة هذا دليل ذلك والدليل الدليل والاختلاف الاختلاف كما قال بعضهم، وهل المكروه حكم تكليف؟ الجمهور لا على أنه ليس بحكم تكليفي والصواب بأنه حكم تكليفي ولذلك ذكره المصنف هنا في ضمن الأحكام التكليفية، ولذلك تعجب كثيراً للأصوليين يرى أنه ليس بحكم تكليفي ثم يقول الأحكام التكليفية تقسم: الواجب والمندوب والحرام والمكروه المُباح، المُباح يكاد يكون اتفاق أنه ليس مكلفاً له أما المكروه والمندوب فهذان يذكران في ضمن أحكام الشرع التكليفية، فريق يُرجح بأنهما ليسا بحكمين تكليفيين، إذاً قول هو مكروه شروع في القسم الرابع والمناسبة ما ذكرناها مع المحظور، مكروه على زنة مفعول من كُرِه يُكرَه فهو مكروه. ولا تقل من كَرِه، لأن اسم المفعول يأتي من الفعل مُغيَّر الصيغة، لا تقل من كَرِه لا من كُرِه يُكرَه فهو مكروه.

وأما كاره هذا يأتي من كَرِه يكره فهو كاره، اسم الفاعل يأتي من الفعل المبني للمعلوم، واسم المفعول يأتي من الفعل مُغيَّر الصيغة، حينئذ نقول مكره على زنة اسم مفعول، مُشتق منه كُرِه يُكرَه فهو مكروه. المكروه لغة المبغوض وقيل ضد المحبوب أصلاً من الكره، وقيل من الكريهة وهي الشدة في الحرب، فالمكروه في اللغة هو المبغوض، وكل بغيض إلى النفس فهو مكروه في اللغة، إذاً نقول المكروه ضد المحبوب، وذلك جاء في القرآن {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} الحجرات7، إذاً المكروه ضد المحبوب، وفي الاصطلاح وهو ضد المندوب، ضد المندوب من أي حيثية نقول كما قلنا في الحظر هناك أنه ضد الواجب باعتبار أنه تقسيم أحكام التكليف لأن المندوب ما يُثاب على فعله ولا يُعاقب على تركه، هنا عكسه يُثاب على الترك امتثالاً ولا يُعاقب على الفعل. من هذه الحيثية هو ضد المندوب. ولذلك عند هذه الجملة يُقرر الأصوليون أن المندوب يسير على وزان المكروه ولذلك في كثير في المسائل التي يذكرونها في المندوب لا تُعاد في المكروه، ولذلك لا يبحثون هل المكروه حكم تكليفي أم لا وأصلاً لا يتكلمون على هذه المسألة ولكن يُقال على وزان المندوب، حينئذ إذا كان على وزانه فالأرجح عند من رجَّح أن المندوب حكم تكليفي حينئذ صار المكروه حكم تكليفي وعند من رجَّح أن الأصح أن المندوب مأمور به حقيقة حينئذ صار المكروه مأمور به حقيقة. وهو أي المكروه ضد المندوب من حيث الأحكام كلها. ما يقتضي تركه ثواباً ولا عقاب على فعله، نأخذ من هذا أن قوله مكروه في الأصل ليس حكماً شرعياً ليس هو الحكم الشرعي وإنما هو مُتعلَق الحكم الشريعي فحينئذ يكون المُصنف هنا أطلق المُتعلَق على المُتعلِق لأن المُتعلِق بالكسر هو الحكم الشرعي ولذا نقول (خطاب الله المُتعلِق) بكسر اللام بفعل الُمكلَّف، إذا فعل المُكلف مُتعلَق به، المكروه صف لفعل المُكلَف، حينئذ نقول الخطاب المُقتضي للفعل أو في المكروه نقول للترك الخطاب المقتضي لترك الفعل اقتضاءاً غير جازم هذا هو الكره.

كونه مُتعلقاً بصفة فعل المُكلَّف حينئذ صارت فعل المكلف مكروها إذا المكروه صفة للفعل المكلف وهو بحكم شرعي، ولذلك قال (ما يقتضي) هذا تعريف به الثمرة واللازم والحكم وإذا أردنا تعريفه من حيث الحقيقة وذكر حد يُبين ويكشف المعنية نقول ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم أكثر الحدود التي تُذكر في الواجب وفي المندوب وفي الحرب والمكروه مُتقاربة وأكثرها لا بأس بها، ولذلك أتي في هذا الدرس على جهة الخصوص بالأسهل، ما طلب الشارع تركه هذا فعل جنس يشمل جميع الأفعال التكليفية الواجب والمندوب والحظر والمكروه والمباح، طلب خرج الإباحة لأنه لا طلب فيها ما طلب الشارع تركه خرج الواجب والمندوب لأن الشارع طلب فعله، طلباً غير جازم، طلباً هذا إعرابه مفعول مطلق مُبين للنوع، طبي غير جازم يعني غير مقطوع به ووجه القطع وعدم القطع في هذا الموضع في الواجب والمندوب يُفسر بترتب العقاب إما على الفعل أو على الترك لماذا لأنك تقول طلباً جازماً، ما هو الطلب الجازم طلب غير جازم ما المراد به طلباً جازماً غير محكوماً به متى حكمنا عليه أنه طلب جازم وهذا طلب غير جازم نقول طلب الجازم في الواجب بحيث رتب الشارع العقوبة على تركه، إذاً عرفنا الجزم باعتبار ترتب العقوبة، قد لا يرد في بعض الأوامر ترتب هل كل واجب أمر به الشرع نص على العقوبة عليه وإلا لما وقع خلاف في كثير من المسائل هل هي واجبة أم لا، نقول صيغة افعل إذا ترجَّح أنها للوجوب حينئذ كلف الصيغة نفسها على ترتب العقاب لأن هذا هو حقيقة الواجب، فإذا قيل صلي ولم يرد ترتب العقوبة على ترك الصلاة حينئذ نأخذ أن صيغة افعل صلي دلت على العقوبة لماذا؟ لأنني لما أقول صلي عند الإطلاق يفيد الواجب، ما ضابط الواجب ذكرناه في الثمرة ما يُثاب على فعله ويُعاقب على تركه، هنا لم تُذكر عقوبة في صلي نقول من جهة اللفظ أُخذت العقوبة وإلا لا معنى لدعوى أن صيغة افعل تدل على الوجوب. إذاً ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم غي قاطع غير مقطوع به بحيث لا يرتب العقوبة على الترك فحينئذ نقول هذا هو المكروه وبعضهم يقول ما نهى الشارع عنه نهياً غير جازم وهذا قليل من الأول على سنن قولهم في الواجب ما أمر به الشارع أمراً غير جازم وكل التعاريف هذه متقاربة وغالباً النقد لا يكاد يسلم منه حد ولكن يكون الأقرب هو الذي يذكر.

ما يقتضي إذا عرفنا حقيقة المكروه من حيث الحقيقة والماهية، من حيث الحكم والثمرة وما يترتب عليه، قال ما أي فعله هذا جنس يقتضي تركه يعني يترتب على تركه أو يطلب تركه، يعني ترك هذا الفعل الثواب، وعرفنا معنى الثواب الجزاء مطلقاً، ولا عقاب على فعله، ما يقتضي تركه الثواب، إذا تركه ولم يفعله ترتب عليه الثواب بشرطه ولذلك نُقيد هنا الثواب ما قيدنا به الحرام لماذا لأن مطلق الترك لا ثواب فيه، وإنما الثواب يترتب على من أتى بهذا الترك وهو فعل أتى به على وجه القربة لله - عز وجل - ومثله الترك لما يُحرَم من غير قصد زال عن مُسَلم، وأن قصد الترك غير مشترط بلى لتحصيل الثواب يُشترط، هكذا قال السيوطي. حينئذ نقلو ما يقتضي تركه يعني فعله يقتضي تركه الثواب من الله - عز وجل - بشرطه وهو النية التقرب إليه - عز وجل -، فإن تركه لا بنية التقرب نقول لا عقاب هو لا يُعاقب أصلاً وإنما لا يُثاب بزوال شرط الامتثال وهو نية التقرب إليه سبحانه ولا عقاب على فعله لماذا نفينا العقاب؟ لو قال قائل ولا عقاب على فعله لماذا ننفي العقاب على فعل المكروه؟ لأن طلب غير جازم ومعنى أنه طلب غير جازم أن الشرع لم يرتب على فعله العقوبة، إذاً قوله لا عقاب على فعله هذه مرتبة بالجزم وعدم الجزم، عدم الجزم كونه مطلوباً تركه طلباً غير جازم قلنا لابد أن نقف مع جازم وغير جازم، لماذا نفسرها؟ نفسرها جازم بمعنى قاطع ما دليل هذا الجزم لأن رتب الشارع على الفعل في الواجب أو على الترك في المحظور العقوبة. عدم الجزم يعني عدم قطع يعني ما طلب الشارع هذا الفعل قطعاً بمعنى أنه لو تركه لا إثم عليه، ولو ترك الواجب عليه إثم إذا قيده بالجزم.

إذاً ولا عقاب يعني ولا عقوبة ولا تنكيل على المعصية على فعله يعني على فعل المكروه لماذا؟ لأن طلبه غير جازم بحيث جوَّز الشرع الترك مع كونه مطلوباً، إذاً تركه راجح وفعله مرجوح، إذاً عندنا في المكروه راجح ومرجوح كما أن في المندوب راجحاً ومرجوح، عندنا في الاثنين قلنا المكروه ضد المندوب أليس كذلك؟ هذه قاعدة لذلك تصدر بها الباب هنا ومكروه وهو ضد المندوب، ولذلك المتون المفسرة تأتي في الغالب الكلمات تكون تحتها معاني كثيرة، ومكروه وهو ضد المندوب، المندوب فيه فعل وترك، أيهما راجح وأيهم مرجوح؟ فعله راجح وتركه مرجوح، الترك هل مُترب عليه عقاب؟ الجواب لا، وهذا هو شأن المندوب أنه جائز الترك، ولذلك قيل لا يمكن أن يكون الواجب جائز الترك، وهذه على شبهة ما أنكر الواجب الموسع من المعتزلة ونحوهم، أن جائز الترك لا يمكن أن يكون واجباً لماذا؟ لأن الواجب قد رتب على الشرع على تركه العقوبة وجائز الترك مطلقاً لا عقوبة على تركه، إذاً نقول عندنا في المندوب فعل وترك، الفعل راجح لأن الشرع طلب إيجاده والترك مرجوح لأن الشرع لم يرتب العقوبة على الترك، المكروه عكسه عندنا فعله وترك، تركه راجح لأن الشارع طلب الترك لذلك صار راجحاً والفعل مرجوح لأن الشرع لم يُرتب العقوبة على فعله، ما يقتضي تركه ثواب ولا عقاب على فعله إيقاعه وإيجاده كالمنهي عنه نهياً تنزيه، هذه العبارة قد يكون فيها تصحيح أو نوع خطأ في الطابعة ونحوها، المنهي عنه نهي تنزيه، قال مكروه ضد المندوب وعرفه، قال كالمنهي ما هو المُشبَه وما هو المُشبَه به؟ المكروه والمنهي عنه نهي تنزيه هو المكروه، كذلك هو هذا ظاهر العبارة، فما الذي يريده المُنصف من هذه العبارة يمكن أن يكون قوله كالمنهي وهو النهي عنه نهي تنزيه تصح العبارة ولا إشكال، لماذا لأنه فيه بيان أن المنهي نوعان منهي عنه نهي تنزيه ومنهي عنه نهي تحريم ولذلك يُقال لعل في النسخة تصحيحاً، كالمنهي وهو منهي عنه فحينئذ يكون زادنا مسألة وهو أن المكروه منهي عنه وهذه المسألة وإن كانت دخيلة في قول ضد المندوب لكنها من جهة دلالة التضمن، وهنا قد نقف على هذه المسألة، لو قيل وهو منهي عنه نهي تنزيه نستفيد من هذا مسألة جديدة وهو أن المكروه على الأصح عند الجمهور أنه منهي عنه وهذا النهي وهذا النهي نهي تنزيه اعتراضاً من نهي التحريم. هذا عند المتأخرين اصطلاح المفروض على المنهي عنه نهيا تنزيه، المكروه في عرف المتأخرين للتنزيه لا للتحريم وهذا اصطلاح خاص بهم عند الأصوليين وكذلك الفقهاء وإن كان عندهم لا يمتنع أن يُطلق على الحرام لماذا؟ لورده في الكتاب والسنة، {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ} إذاً أُطلق المكروه على الحرام، وبعضهم يمثل إطلاقه على كراهة تنزيهية بقوله - صلى الله عليه وسلم - (وكره لكم قيل وقال) كره هنا فُسرت عند بعضهم بالكراهة التنزيهية، حينئذ على هذا القول المكروه في الشرع يطلق مراداً به التحريم حرام ويُطلق ويُراد به المكروه الذي هو في الاصطلاح للأصوليين المتأخرين.

وحينئ نحتاج إلى قرينة إذا وُسع في هذا المصطلح، لماذا؟ لأنه يصير من قبيل المشترك، إذا كان له معنيان نهي نهي تحريم ونهي نهي تنزيه حينئذ نحتاج إلى دليل يفصل في هذه المسألة كالمنهي عنه نهي تنزيه يُطلق المكروه على الحرام كما ذكرناه أليس كذلك؟ وهذا الإطلاق كثير عند المتقدمين كالإمام أحمد والشافعي وغيرهم من الأئمة ولذلك قيل إن الإمام أحمد قال أكره المتعة والصلاة في المقابر، أكره المتعة وهي حرام والصلاة في المقابر وهما مُحرمان، وإنما كانوا يخافون من إطلاق لفظ الحرام تورعاً لئلا يدخل في قوله - عز وجل - {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} النحل116، لأنهم أئمة أعلام، كان الواحد منهم يتورع أن يقول هذا حرام وإنما يقول أكره كذا أكره المتعة أكره الصلاة في المقابر، كذلك يُطلق المكروه على ترك الأولى وهذا ما ذكرناه سابقاً في اصطلاح الشافعية والمالكية، لأن المفهوم لا يُطلق على ما طلب الشارع طلباً غير جازم وإنما يُقيد المكروه ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم بنص خاص، لابد أني ُعين المنهي عنه كقوله - صلى الله عليه وسلم - (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي) قالوا هنا نص وهذه لا يجلس لا الناهية ويجلس فعل مضارع مجزوم بها والأصل فيها أنه للتحريم وصُرف بقرائن أخرى، حينئذ قالوا لما نص هنا فيصدق عليه الحد، حد المكروه ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم ويسمى مكروهاً لأنه نُص عليه بخبر خاص وأما إذا لم ُنص عليه بأن يكون طلب غير جازم لا بنص خالص وإنما بعمومات تدل عليه حينئذ يسمى خلاف الأولى، بناءاً على القاعدة عندهم أن الأمر بالشيء على وزان الواجب، الواجب عندهم قد يأتينا في الأمر ونهي ما أمر به الشارع، الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده نهي التحريم الأمر بالشيء على جهة الإيجاب الأمر بالشيء وجوباً يستلزم النهي عند ضده نهي التحريم، إذا أمر بالشيء ندباً قالوا يستلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى ولا نقول مكروه، لماذا؟ لأن المكروه لابد أن يكون بدليل خاص وهنا ليس عندنا دليل خاص، يدخل تحت هذا كل ترك للمندوبات فهو خلاف الأولى، قاعدة عامة كل ترك للمندوبات فهو خلاف الأولى، مثلوا لذلك ما مثَّل الشيخ الأمير رحمه الله في الندب بصلاة الضحى، صلاة الضحى أُمر بها شرعاً إذاً هي مندوبة هي منهي عن تركها بطريق ماذا؟ بطريق أن الأمر بالشيء ندباً يستلزم النهي عن ضده نهي خلافاً أولى فإذا ترك صلاة الضحى حينئذ نقول وقع في خلاف الأولى، طلب الشارع تركه ما هو؟ ركعتي الضحى طلب الشارع تركه على ماذا يعود الهاء هنا على ترك الترك وليس ترك الفعل، ما طلب الشارع تركه طبياً غير جازم لا على وجه الخصوص لم ينص عليه، لم يقل لا تتركوا صلاة الضحى، فلو جاء نص لا تتركوا صلاة الضحى حينئذ نقول هذا مكروه ترك صلاة الضحى مكروه، لكن لما لم يرد نص حينئذ نقول هذا خلاف خلاف الأولى عن القاعدة العامة الأمر بالشيء ندباً يستلزم النهي عن ضده نهي خلاف الأولى.

إذاً على المذهب فسوا ترك الأولي بشيء مُخالف لنص الشافعية والمالكية يقول في مختصر التحريم ويطلق على ترك الأولى وهو ترك ما فعله راجح أو عكسه ما تركه ترك ما فعله راجح على فعله أو عكسه يعني ترك ما تركه راجح على فعله، فإذا رجح من جهة الشرع الفعل على الترك فحينئذ المخالفة تكون تركاً للأولى وإذا العكس حينئذ يثبت العكس ولكن الأصح عند المتقدمين عدم التفرقة ولا يثبت النهي عن شيء مُعين إلا بنهي خاص، ولذلك كثير من المتقدمين لا يذكرون الكلام في الأولى البتة وإنما الأقسام عندهم خمسة ويذكرون المكروه ويمثلون بما ذكرنها سابقاً، فالمنهي عنه نهي تنزيه، ماذا يُقال للفاعل المكروه؟ قالوا يُقال للفاعل المكروه إذا تلبس به هل يُعاقب؟ لا يُعاقب ولا عقاب على فعله طلباً غير جازماً إذا ليس عندنا عقاب، لكن بماذا يُوصف؟ قالوا يُوصَف بأنه مُخالف لماذا؟ لأنه طُلب منه الترك وهو لم يتركه إذا خالف أو لا؟ خالف ويُطلق عليه إنه مُسيء بمعنى أساء وهذه فيها نزاع هل يُطلق على تارك المكروه أو فاعل المكروه أنه مُسيء أن لا؟ المذهب أنه يُطلق ولذلك الإمام أحمد لما أخبر عن تارك الوتر قال رجل سوء والوتر معلوم أنه مندوب وهذا لمقام الوتر على جهة الخصوص لأنه قيل بوجوبه، وغير ممتثل إذاً مخالف ومُسيء وغير ممتثل مع أنه لا يُذم فاعله ولا يأثم، ما هي صيغ المكروه؟ متى نحكم على الفعل بأنه مكروه أو على القول بأنه مكروه؟ نقلو إذا صُلح على قول من يُقيد الكراهة بأنها خاصة في الشرع بكراهة التنزيه، إذا جاء لفظ كُرِه أو كَرِه وما اُشتق منها حملوه على التنزيه وهذا فيه إشكال الإطلاق هذا فيه إشكال مع ثبوت أن الحرام يُطلق عليه مكروه وحينئذ لابد من البحث عن قرينة عيب هذا في النصوص الشرعية أما في اصطلاح الفقهاء والأصوليين إذا مر معك هذا مكروه تحمله على المصطلح، لماذا؟ لأن أصحاب الحقائق العرفية يتكلمون بألسنته، فالفقيه والأصولي يتكلم بلسانه أن المكروه مراد به ما ذكره المصنف هنا، أما في نصوص الكتاب والسنة فلا يستعجل طالب العلم ويحكم بأنه مكروه لمجرد التصريح أو التنصيص على أنه مكروه وإن ذكر كثير من الأصوليين أن صيغ المكروه أولها هو صيغة كُره ويُكره وما اًشتق منها، ولذلك يمثلون أن الله كُره قيل وقال وكثرة السؤال. ثانياً من صيغ المكروه لفظة البغض وما اشتق منها ويمثلون لذلك بحديث فيه كلام أبغض الحلال إلى الله الطلاق.

أبغض هذا إن صحَّ فحينئذ لا يختص بالمكروه، الثالث وهو أكثرها شيوعاً صيغة لا تفعل إذا دلت قرينة على عدم التحريم، الأصل في النهي مطلق النهي إذا جُرد عن قرينة تدل على التحريم أو قرينة تدل على عدم التحريم يُحمل على التحريم، كذلك مُطلق النهي لا تفعل هذه فيها ثلاثة أحوال إما أن يقترن بها قرينة تدل على التحريم فإجماعاً لها التحريم لا تُشرك {لئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الزمر65، لا تُشرك بالله، إذاً دلت هذه الآية على أن لا تُشرك للتحريم قطعاً، إذا وُلدت قرينة لا تفعل لا تصلي لا تؤجل مثلاً، حينئذ دلت قرينة على أن لا تفعل هذه مراداً بها التنزيه وليس مراداً بها التحريم، إذا جاءت لا تفعل فقط حينئذ تُحمل على الصحيح على التحريم، أما إذا دلت قرينة حينئذ تُحمل على مكروه كراهة تنزيه وليس مكروه كراهة تحريم، إذاً هذه هي الصيغ وأشهرها الثالثة. أما ما جاء للآداب أو كان النهي متعلقاً بالأدب وما نحو ذلك أنه يُحمل مطلقاً دون قرينة على التنزيه هذا يحتاج إلى دليل شرعي وإن شاع عند كثير من الفقهاء أتباع الأئمة الأربعة يقولون هذا النهي للأدب ولذلك بعضهم يقول الكراهة كراهة إرشادية، ويُكثر منها النووي رحمه الله في المجموع يقول هذه كراهة إرشادية وهي ما تعلقت بأمر دنيا، لكن نقول القاعدة العامة ونأتي عليها في موضعها أن صيغة افعل إذا كانت ألأدلة الشرعية هي التي دلت على وجوبها فحينئذ الأدلة عامة أليس كذلك، افعل مُطلق الأمر للوجوب أليس كذلك، الأدلة التي دلت على وجوب على مدلول الأدلة الشرعية التي دلت على أن مدلول افعل هو الوجوب عامة لم تفصل في العابدات للوجوب في غير العبادات والعادات للاستحباب والندب، نقول التحريم هذا والأدلة عامة يحتاج إلى دليل، كذلك هنا نقول لا تفعل دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والنظر الصحيح للغة العربية دلت على أن مُطلق النهي للتحريم والأدلة عامة لم تُفصل بين الآداب وبين غيرها وبين الأمور الدنيوية ونحوها حينئذ كل لا تفعل في الكتاب والسنة بدون قرينة يُحمل على التحريم، وهل الأدب ونحوه يعتبر قرينة صارفة؟ الجواب لا، فالمنهي عنه نهي تنزيه ثم قال ومُباح، هذا ما يتعلق بالمكروه، ثم قال ومُباح، يعني والحكم تكليفي الحكم الشرعي التكليفي الخامس المُباح أليس هكذا التقدير؟ قال ومُباح هذا معطوف على ماذا؟ على واجبة، دائمة القاعدة أن العطف بالواو إذا عُطفت عدة أشياء يكون على الأول لا يكون على ما قبله، يعني لا نقول هنا مباح معطوف على مكروه ومكروه معطوف على ما قبله هذا خطأ وإنما معطوف على واجبة، إلا إن كان العطف يقتضي الترتيب نقول جاء زيد فعمرو فخالد فحمد إذا لابد من الترتيب، أما إذا جاء زيد وعمرو وخالد ومحمد، محمد هذا معطوف على زيد، ولا ينبني على هذا شيء أبداً.

ومُباح: إذاً والحكم الخامس حكم التكليف الخامس المباح، يلد إشكال كيف يكون المباح حكماً تكليفياً ومعلوم أن التكليف إما ما أمر به الشارع الخطاب بأمر أو نهي إلزام ما فيه مشقة طلب ما فيه مشقة حدود، إذا قيل طلب ما فيه مشقة المباح ليس فيه طلب فلا يدخل في هذا الحد وإذا قيل التكليف إلزام ما فيه مشقة إذاً الإباحة ليس فيها إلزام ولا فيها مشقة، حينئذ لا تكون حكماً تكليفاً، إذا قيل التكليف ارتباط بأمر أو نهي والمباح ليس بأمر ولا نهي، إذاً كيف نجعل هذا الحكم تكليفي وهو لا يدخل في الحكم في حد التكليف؟ جوابان: الأكثر أنه من باب التسامح والتساهل أكثر المعتذرين لهذا يُقال من باب التوسع والتساهل والتسامح، لأن الأحكام أربعة والخامس بدلاً من أن نُخرجه نُدخله معهم، فهم قوم لا يشقى بهم جليسهم، بدلاً من أن نقول خاص ونجعل له حكماً خاص نقول لا هو داخل معهم، والجواب الآخر وهو أحسن وأقعد أن يُقال مُتعَلق الإباحة هو فعل المُكلف وهو اقعد وأحسن أصوب، لماذا؟ لأنه لا شك أنه لا يكاد يكون إجماع إن ل نقل إجماع ولا نلتفت للمعتزلة لأن الإباحة حكم شرعي ولذلك دخلت في الحد السابع، الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بفعل المُكلف بحيث أنه به مُكلف أو احذف هذه الكلمة وقل بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع أو التخيير قلن هنا لإدخال الإباحة، إذاً الإباحة داخلة في قوله خطاب الله المتعلق بفعل المُكلف، إذاً مُتعلق الإباحة هو فعل المُكلف، من هو المُكلف؟ البالغ العاقل، إذاً هل أفعال الصبي تُوصف بكونها مُباحة؟ لا، هل أفعال المجنون تُوصف بكونها مُباحة؟ لا، هل أفعال النائم والساهي والسكران والغافل تُوصف بأنها مُباحة؟ الجواب لا، من أين أخذنا هذا القيد، نقول لأن الإباحة حكم شرعي ومُتعلق الحكم الشرعي هو فعل المُكلف وهؤلاء الذين ذكرناهم ليسوا بمُكلفين، حينئذ أفعالهم لا حُكم لها كالبهيمة، البهيمة لا يتعلق بفعلها إيجاب ولا تحريم ولا كراهة ولا ندب ولا إباحة، كذلك المجنون لا يتعلق به بفعله إيجاب ولا تحريم لأنهما حكمان شرعيان تكليفيان كذلك لا يتعلق بفعله إباحة فحينئذ الأنسب في ذكر المباح في ضمن الأحكام التكليفية أن متعلق الإباحة هو فعل المُكلف من عدا المُكلف لا يوصف فعله بكونه مباحاً إذاً فعل الصبي لا حكم له، حينئذ لا يُضرب الصبي إذا كان على جهة التأديب إذاً فعلى ما هون قبيح، لماذا؟ لأن فعله لا يتعلق به إيجاب ولا تحريم ولا إباحة ولا ندرب ولا كراهة حينئذ كيف تعاقبه على شيء لم يكتبه الله عليه؟ وإنما إذا كان من باب التأديب ونحو ذلك ما يره ولي أمره من مصلحة فلا إشكال، أما أنه يعامل معاملة المُكلف أو يُنظر إليه أنه كالمُكلف هذا فيه تجني.

إذا ومباح على وزن مُفعَل وهو اسم مفعول أباح يُبيح فهو مُبيح، ثم قلنا أُبيح يُباح فهو مُباح، هنا مُباح أصلها مُبيَح مُفعَل على وزن صيغة المفعول، مُفعَل مُبيَح، نُقلت الحركة إلى الساكن قبلها فحينئذ قيل نُبر إلى مُبيَح قبل النقل فقيل تحركت الياء ثم نقل وندر إلى الوجه الثاني فقيل تحرك ما قبلها أو سكنت الياء باعتبار الثاني هو ما تحرك ما قبلها، أولاً مُبيَح الباء ساكنة والياء متحركة، متى نستطيع أن نقلب الياء للمد إذا تحركت الياء وفتحت ما قبلها، مُبيَح لا يمكن أن نقلب الياء لباء فلابد من نقل الحركة لباء فنقول مُباح بإسكان الياء، فننظر نظرين لكلمتين تحركت الياء قبل النقل فقيل مُبيَح فتحركت الياء ثم ننظر إلى بعد النقل فنقول وانفتح ما قبلها فقلت ألفاً هكذا يقول كثير من الصرفيين، لماذا يكون هذا التكلف لأنه ورد قلبها ومعلوم أن القاعدة عندهم أن الياء لا يصح قلبها ألفاً إلا إذا تحركت وفتح ما قبله لا لن تتحرك تحركت ولم ينفتح ما قبلها فالأصل أن تبقى على حقيقتها، لكن ما سُمع مُبيَح ولكن سُمع مُباح فحينئذ لابد من هذا التكلف، وبعضهم يرى وهم قلة أنه اكتفاءاً لجزء العلة فيُقال الأصل تحرك الياء وفتح ما قبلها وهنا وُجد جزء العلة، العلة مركبة عندهم من تحرك وانفتاح فحينئذ نكتفي بجزء العلة فنقول قُلبت الياء ألفاً اكتفاءاً بجزء العلة وهذا أيضاً لا مانع منه.

مُباح قلنا وزنه مُفعَل، المباح لغة المُعلَن والمأذون، يُقال باح الشيء بوحاً ظهر ويتعدى بالحرف فيُقال باح به صاحبه وبالهمزة أيضاً فيُقال أباح، باح به وأباحه، وأباح الرجل ماله أذن في ألأخذ والترك، وجعله مًطلق الطرفين، إذا باح به وأباحه، أباح الرجل ماله يعني أذن في الأخذ منه وسوى بين الطرفين، وأما حده في الشرع فهو ليس فيه طلب وليس فيه إلزام ولذا لا يمكن أن نقول هو طلب ما طلب الشارع فعله، وإنما يقول ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته، ما هذا جنس يشمل الأحكام التكليفية كلها لا يتعلق به أمر خرج الواجب المندوب ولا نهي خرج به الحرام والمكروه لذاته خرج بعض أفراد المُباح أو نوع المباح لأن المُباح نوعان نوع يكون مقدمة طاعة مقدمة واجب أو مقدمة مندوب وقد يكون مقدمة معصية مقدمة حرام أو مقدمة مكروه، فحينئذ القاعدة العامة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، إنما الأعمال بالنيات، فإذا وقع وحصل أن المباح كان وسيل للواجب أخذ حكمه، حينئذ تعلق الثواب بالمباح والأصل في المباح أنه لا يتعلق به أمر فحينئذ كيف تعلق به الثواب وهو مباح من حيث هو ولا يتعلق به أمر ولا نهي نقول هنا الذي لا يتعلق به أمر ولا نهي هو المباح الذي لم يُجعَل مقدمة طاعة ولا معصية، يعني المباح من حيث هو بقطع النظر عن اعتباره وسيلة لغيره، أما إذا كان المباح هو وسيلة للواجب فهو مقدمة واجب أخذ حكم الواجب، وإذا كان المباح وسيلة المندوب فهو مقدمة المندوب حينئذ أخذ حكم المندوب فيصير المباح واجباً ويصير المباح مندوباً ويصير المباح حراماً كل وسيلة أدت على الحرام فهي حرام، فالأصل هي مباحة لا يتعلق بها إثم لكن لما كانت وسيلة إلى المًحرم صارت محرمة، كذلك الوسيلة التي يُتوَل بها إلى المكروه صار حكمها حكم المكروه، قوله لذاته يعني لا يتعلق به أمر الذي يترتب الثواب ولا يتعلق به نهي الذي يترتب على إيجاده العقاب، بذاته يعين بالنظر لنفسه دون اعتبار دونه مقدمة لغيره، أما إذا كان مقدمة لغيره فأخذ حكمه ما جُعل مقدم له، لكن يُتنَبه إلى أن المباح لا ينقلب بذاته واجباً يعني إذا قيل مثلاً قد يُتوَصل بالنوم إلى أداء الواجب وجاء عن السلف يقول احتسب نومتي وقومتي وأكلتي وشربتي إلى آخره، الأكل مثلا الأكل مباح في ذاته حكمه مباح الشرب مباح لكن لو كان الأكل يدفع به موت نفسه كاد أن يموت من الجوع ووجد أكلاً ما حكم الأكل؟ واجباً، الأكل من حيث هو مباح لما كان وسيلة لدفع مُحرم صار واجباً ما لم يترك المحرم وهو قتل النفس ما لم تم قتل المحرم إلا به ففعله واجب، فحينئذ صار الأكل واجباً، لكن هل الأكل انقلب من الإباحة ذاته إلى الواجب، نقول لا، وإنما يُعاقب أو يُثاب من جهة النية، وكذلك يقال في النوم نفسه أحتسب نومتي يعني النية أنني أتقرب إلى الله - عز وجل - بهذا الفعل المباح ليكون معونة على قيام الليل أو صلاة الفجر ونحو ذلك، أما نفس النوم فلا ينقلب عبادة، لماذا؟ لو قلنا هذه المُباحات انقلبت إلى عبادات ما وجه أن تكون العبادات توقيفية، هل يستقيم أني ُقال العبادات توقيفية وهذا متفق عند السلف أن العبادات توقيفية، ما معنى أن العبادات توقيفية بمعنى أنها موقوفة على

السمع لابد من الإذن {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} الشورى21، إذاً من الذي يُشرع؟ هو الله - عز وجل - فحينئذ يكون مصدر التشريع والحكم على الشيء بأنه عبادة فعلاً أو تركاً هو الشرع فما طلب الشارع فعله أو تركه على جهة التقرب أو شئت قلت أن العبادة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة هذا اسم جامع للعبادة، أما ذات المباح فلا ينقلب واجباً ولا ينقلب مندوباً ولا ينقلب عبادة وإنما يأخذ حكم الواجب ويأخذ حكم المندوب ويأخذ حكم المكروه ويأخذ حكم المُحرم، تنبه لهذا، إذاً ما لا يتعلق بفعله أمر ولا نهي لذاته حينئذ نعرف أن المباح قسمان مباح صار مقدمة طاعة أو مقدمة معصية ما كان مقدمة طاعة أخذ حكمه وما كان مقدمة معصية أخذ حكمه، وما ليس كذلك فهو الذي يدخل معنا هنا ما لا يتعلق به ثواب ولا عقاب. ومباح قال في حده كما سيأتي في الجائز والحلال قال في حده وهو ما لا يتعلق بفعله أو تركه ثواب ولا عقاب لذاته، لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، لماذا؟ لأنه غير مطلوب الفعل وغير مطلوب الترك، والعقاب والثواب مترتبان متوقفان على ما طلب الشارع فعله جزماً أو غير جزم أو طلب الشارع تركه جزماً أو غير جزم وما عدا ذلك لا ثواب ولا عقاب، إذاً ما وجه نفي الثواب والعقاب عن المُباح نقول لأن الشارع لم يطلب المباح، لا طلب فعله ولا طلب تركه، فلذلك لم يترتب عليه العقاب أو الثواب، هل المباح مأمور به؟ الأئمة الأربعة على أنه ليس مأموراً به، وهذا واضح لا إشكال فيه والكعبي يرى أنه مأموراً به ونحوه عبرة بالخلاف للكعبي المعتزلي، لماذا هو ليس مأموراً به؟ لأن الأمر يستلزم ترجيح الفعل ولا ترجيح في المباح أو شئت قلت الأمر طلب، وإذا كان طلباً صار الفعل راجحاً على الترك، وهل المباح فيه ترجيح من جهة الفعل أو الترك، نقول لا هو مستوي الطرفين، ولذلك قال هناك (والإباحة الخطاب فيه استوى الفعل والاجتناب وسنة ما أحمد قد واظبا عليه والظهور فيه وجبا ثم الخطاب المقتضي للفعل جزما فإيجاب لدى ذي النقل وغيره الندب وما الترك طلب جزما فتحريم له الإثم انتسب أولى مع الخصوص أولى فع ذا خلاف الأولى وكراهة خذا لذاك والإباحة الخطاب فيه استوى الفعل والاجتناب) والإباحة الخطاب فيه استوى الفعل والاجتناب هما مستويا الطرفين الفعل والترك، حينئذ نقول لو قيل بأن المباح مأمور به لكان جهة الطلب مُرجَحة على جهة الترك وهذا مناف لحقيقة المًباح.

قال هنا: مباح الجائز والحلال بمعناه: كما ذكرنا في المستحب وفي المندوب أنه له أسماء إذاً هنا المباح له أسماء، قال ومباح والجائز والحلال، ويُزاد عليه الطِلْق بكسر الطاء وإسكان اللام، قالوا في القاموس الطِلق الحلال، هذه أربعة مباحة وجائز وحلال وطِلق هذه أربعة ألفاظ في الأصل أنها تُحمل على في اصطلاح الأصوليين والفقهاء تُحمل على ما استوى طرفاه، والإباحة الخطاب به استوى الفعل والاجتناب، وإذاً قال هناك وهي (وهي والجواز قد ترادفا في مطلق الإذن لدى من سلفا) وهي أي الإباحة والجواز قد ترادفا إذاً الجائز والمباح مترادفان في مطلق الإذن لكن ثم تفصيل عند التحقيق ثم تفصيل بين الحلال والجائز والمباح، فيُقال يُطلق المُباح والحلال على غير الحرام وهو الذي عليه في المراقي وهي والجواز قد ترادفا في مطلق الإذن يعني ما أذن الشارع في فعله، الفعل إما أن يأذن الشارع في فعله وإما أن يمنع، إذا قلنا في هذا الاعتبار لذلك بعضهم قسم الأحكام التكليفية إلى قسمين، قال حلال وحرام، ما أذن الشارع في فعله يعني أذن في فعله إما على جهة الجزم أو لا على جزم أو مع كونه مرجوحاً، فهذا يعم الواجب والمندوب والمكروه ويخرج الحرام لأنه غير مأذون في الفعل وذلك قال (وهي والجواز قد ترادفا في مطلق الإذن) المراد بمطلق الإذن يعني ما أذن الشارع في فعله بقطع النظر عن كونه واقعاً مع الجزم أولا وبقطع النظر عن كونه واقعاً مع رجحانه أو لا لأن فعل المكروه أذن الشارع في فعله أليس كذلك أذن في فعله إلا أنه مرجوح أو راجح فعل المكروه مكروه أو راجح؟ كرجوح إذاً داخل في مطلق الإذن أم لا داخل في مطلق الإذن، فحينئذ نقول يطلق المباح والحلال على غير الحرام فيعم الواجب والمندوب والمكروه والمباح إذا أطلقنا الحلال، لكن المباح يطلق على الثلاثة الذي هو ماذا الواجب والمندوب والمكروه لأن المباح لا يطلق على المباح، وإنما يطلق على الثلاثة والحلال يطلق على ألربعة، إذاً الحلال يشمل الواجب والمندوب والمكروه والمباح، الحلال يطلق على المباح أم المباح فيطلق على الواجب والمندوب والمكروه ولا يدخل المباح وهذا واضح، لأن المباح لا يطلق على المباح، أما الجائز نقول الحلال يطلق على الأربعة والمباح يطلق على الثلاثة لكن إطلاق المباح على ما استوى طرفاه هو الأصل بمعنى أن لفظ المباح في الأصل في استعمال الأصوليين والفقهاء أنه ما استوى طرفاه، لكن هل يأتي طالب فيفهم إذا قال فقيه هذا المباح يعني واجب؟ هو يطلق على الواجب ولكن إذا جاءت المصطلحات حينئذ يتميز كل مصطلح عن مصطلح آخر، إنما التداخل هذا للتوسع فقط، يعني يجوز المتحدث أن يتوسع فيُدخل الواجب تحت المباح أما إذا جاء في تحرير المسائل حينئذ إذا قيل هذا مباح فلا تقل أنه يحتمل أنه واجب ويحتمل أنه مندوب لأن الواجب يسمى مباحاً وإنما هذا يُذكر في باب التوسع فقط.

أما الجائز لغة فهو العابر يُقال جاز المكان يجوز مجوزاً وجوزاً صار فيه والجائز في اصطلاح الفقهاء أن يُطلق على ما لا يمتنع شرعاً إذاً عندنا شيء يمتنع من جهة الشرع وآخر لا يمتنع شرعاً، ما هو الذي يمتنع وجوده شرعاً؟ الحرام، وما الذي لا يمتنع وجوده شرعاً؟ الأربعة التي هي الواجب والمندوب والمكروه والمباح، إذاً الجائز في اصطلاح الفقهاء يطلق على ما لا يمتنع شرعاً فيعم غير الحرام ويُطلق على ما استوى فيه الأمران شرعاً فحينئذ يختص بالمباح، إذاً الجائز له استعمالان؛ استعمال بمعنى استواء الطرفين وهذا يكون مرادفاً للمباح وهو المراد هنا يُطلق الجائز مراداً به ما لا يمتنع شرعاً فحينئذ لا يكون مرادفاً للمباح بل يكون أعم منه لأنه يشمل المباح وغيره.

صيغ الإباحة كيف نحكم على الشيء بأنه مباح، أولاً صيغة لا حرج، لا حرج إذا جاء في الشرع لا حرج {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} النور61، نقول هذا فيه نفي الحرج ونفي الحرج هو معنى المباح، وجاء في الحديث افعل ولا حرج، كذلك نفي الجناح {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} البقرة198، هذا مباح، كذلك أحل أو اُحل {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} البقرة187، أيضاً هذا مباح، إذاً من صيغ الإباحة أو ممن يدل على الإباحة نفي الحرج ونفي الجناح ولفظ الإحلال وما اشتق منه. الإباحة عن الأصوليين قسمان إباحة شرعية وإباحة عقلية، الإباحة الشرعية بياء النسبة هي المنسوبة إلى الشرع بمعنى بأنها المأخوذة من الشرع يعني دليلها جاء بخطاب يعني لابد من سمع كتاب أو سنة، ولذلك نقول الإباحة الخطاب فيه استوى الفعل والاجتناب، الخطاب بمعنى كلام الله - عز وجل -، لابد أن يرد الإذن من الشرع. {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} البقرة187، نقول الجماع في ليال رمضان هذا مباح أم لا؟ مُباح، هل هي إباحة شعرية أم عقلية؟ إباحة شرعية، ما المراد بالإباحة الشرعية؟ أنها مأخوذة من الشرع، ما الدليل؟ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} البقرة187، لابد من دليل. الإباحة الأخرى إباحة عقلية منسوبة إلى العقل وهذه هي التي تسمى عندهم بالبراءة الأصلية أو عدم الأصل وما من البراءة الأصلية قد أُخذت فليست الشرعية، وما من الإباحة من البراءة الأصلية قد أُخذت؟ أُخذت من البراءة الأصلية إذا الإباحة المأخوذة من البراءة الأصلية والمراد بالبراءة الأصلية براءة الذمة أو شئت قل استصحاب العدم بمعنى استصحاب عدم التكليف حتى يرد دليل ناقل عنه، استصحاب عدم التكليف لأن أصل التكليف أو عدمه؟ عدم التكليف الأصل عدم الوجوب، فلا إيجاب إذاً بدليل، والأصل عدم التحريم فلا تحريم إلا بدليل وهكذا، حينئذ نقول استصحاب وعدم التكليف يستصحبه معه حتى يرد دليل ناقل عنه، هذه تسمى إباحة عقلية.

وما من البراءة الأصلية قد أُخذت فليست الشريعة، الفرق بينهما بين الإباحتين أن رفع الإباحة الشرعية يسمى نسخاً ورفع الإباحة العقلية لا يسمى نسخاً، كان في أول الأمر المُكلف مُخيراً بين الصيام والفطر في شهر رمضان يعني يفطر ويُطعم {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} البقرة184، هذا هو الأصل هذا مباح شرعاً أم لا؟ مباح شرعاً لأنه مأذون به بخطاب شرعي {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} يعني لا يطيقونه على قولين {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} إذا يجوز له أُبيح له أن يُفطر وأن يأتي بالبدل، نزل قوله تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} البقرة185، رُفعَت الإباحة الأولى، ماذا نسميه؟ نسميه نسخاً لماذا؟ لأن النسخ يكون رافعاً لما سبق لما ثبت بخطاب شرعي فالنسخ رفع أو بيان والصواب في الحد رفع حكم شرعي بخطاب، لابد أن يكون الحكم الناسخ ثابتاً بخطاب، والحكم المنسوخ أيضاً ثابتاً بخطاب، حينئذ تسمى رفع الإباحة الشرعية تسمى نسخاً.

أما الإباحة العقلية فرفعها لا يسمى نسخاً مثل ماذا؟ إباحة الربا في الأول الإسلام كان الربا مباحاً قم نزلت الآيات للتحريم {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} البقرة275، {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا} آل عمران130، حينئذ نقول رُفع الحكم الأول لكن لا نسميه إباحة، وإنما نسميه شرعاً استقلالاً ولأن السابق الذي هو إباحة الربا هذا نعبر عنه بأنه مباح نقول كان الربا مباحاً كان الزنا مباحاً ثم بعد ذلك رُفع الحكم هذا بشرع جديد باستئناف شرع جديد، ولو سُمي الأول مباحاً ولكن لا نسميه نسخاً لأن إباحة الربا قبل نزول التحريم لم يكن ثابتاً بشرعه وإنما كان ثابتاً استصحاب العدم وأن الأصل هو استصحاب العدم وأن الأصل هو عدم التكليف، ولذلك ذكر الشيخ الأمير رحمه الله أن استصحاب العدم يعتبر حجة في عدم المؤاخذة، ولذلك جاء في غير موضع إلا ما قد سلف {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} النساء23، هذا استثناء منقطع، {مَا قَدْ سَلَفَ} يعني ما حصل وما سلف من الجمع بين الأختين باعتبار الإباحة العقلية البراءة الأصلية استصحاب العدم هو معقول عليه، إذاً لا مؤاخذة، كذلك لما نزل تحريم الربا كان في أيدي الصحابة أموال ناتجة عن الربا فاستشكلوا وخافوا أني أكلوا منها فنزل قوله تعالى {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} البقرة275، لذا أُبيح ما كان في أيديهم، فحينئذ نقول هذه البراءة الأصلية تعتبر حجة في عدم المؤاخذة، ولذلك جاء قوله {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ} التوبة115، فحينئذ لا عقاب إلا بعد الشرع لا مؤاخذة إلا بعد الشرع، {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} الإسراء15، إذا عرفنا النوعين من الإباحة الشرعية والعقلية، قال وقد اُختلف في الأعيان المتنفع بها قبل الشرع وهذه من المسائل الدخيلة على أصول الفقه بل على المسلمين عموماً يعني ليست من أصول الفقه وليس مما ينبني عليها شيء إلا راداً على المعتزلة وأهل البدع، وقد أُختلف في الأعيان المتنفع بها قبل الشرع: وقد اُختلف بين أهل البدع وأما أهل السنة والجماعة فلا خلاف بينهما، وقد اُختلف في الأعيان: المراد بالأعيان هنا جمع عين أي الذوات، الأعيان مثل الأكل والمأكولات والمشروبات والملبوسات، هذه تسمى أعيان، عين ألأكل يسمى عين وعين المشروب يسمى عين وهلم جرة. وكذلك يذكرون هناك وفي الأفعال الاختيارية والعقود والمعاملات، إذاً كل ما هو صادر عن الآدمية ولا نقول عن المُكلف لأن المسألة مفروضة قبل ورود الشرع.

وقد اُختلف في الأعيان أي في الأفعال والذوات والعقول والمعاملات المُتنفَع بها قبل الشرع يعني قبل ورود ونزول الشرع بحكمها، هذا يُفهَم منه ماذا؟ قبل ورود الشرع ولذلك يقولون إن فُرض خلو زمن عن شرع إذاً المسألة ليست واقعة لأنه لا يخلو زمن عن شرع أبداً، {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ} فاطر24، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً} النحل36، {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} القيامة36، ولذلك لما خُلق آدم أُمر ونُهي وكذلك في كل زمان. ولذلك لا يمكن أن يُتصَور ورود هذه المسألة أبداً إلا إذا قُيضت بعد الشرع وجُبل حكم المسألة أو تُتَصور المسألة بأنها بعد نزول الشرع وفي آدمي نشأ في برية ولا يعرف شرعاً ولا غيرها. يعني رجل نشأ في برية بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرد إليه سمع بذلك وعنده أعيان، ما المراد بالأعيان؟ عنده بستان به ثمار هل يجوز له أن يأكل منها أم لا؟ هو محل خلاف الذي يذكره الأصوليون في هذه، وقد اُختلف في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع بحكمها، نقول إن فُرض بهذا القيد أنه خلا وقت عن الشرع والصحيح عدم خلو وقت عن شرع وهو ظاهر كلام الإمام أحمد - رحمه الله تعالى – لأنه أول ما خُلق آدم قال له {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} البقرة35، إذً أمره ونهاه منذ أن خُلق آدم أُمر ونُهي، والتكليف هو الخطاب بأمر أو نهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لا يمكن القول بخلو عن زمن عن شرع، ومن هنا أنكر بعض العلماء ما يسمى بأهل الفترة. لأن عنونته بما اشتهر بأنه بين الأصوليين لم يدركوا الأول ولم يدركهم الثاني يلد عنه إشكال كبير، الله - عز وجل - يقول {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ} إن هذه نافية، من هذه زائدة تأكيد صلة، أمة نكرة في سياق النفي، إذا تنصيص نص في العموم، لا يمكن أن توجد أمة إلا وفيها نذير، فكيف يتصور حينئذ قوم عاشوا ولم يدركوا النبي ولم يدركهم الرسول الذي بعده هذا بعيد. أنا لا أثبت ولكن أقول المسألة مطروحة هكذا وهذا ينافي قول الله - عز وجل - {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات56، الجن والإنس إذاً الإنس هذا اسم جنس مُحلل بـ (ال) فيفيد العموم، كل فرد الحكمة في خلقه ما هو؟ إيجاد العبادة، وما نزل الرسل إلا لبيان هذه العبادة، حينئذ إذا خُلق قوم ولم ينزل إليهم رسول يُبين لهم أو لم يأتي لهم رسول يُبين لهم ما الحكمة التي من أجلها خُلقوا، هل يعتبر هذه التقرير موافق للآية أو مخالف؟ مخالف للآية، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً} النحل36، على كل حال الطبري - رحمه الله تعالى – يرون بعدم وجود بما يسمى بأهل الفترة لهذه النصوص وهو أمر صعب.

وقد اُختلف الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع بحكمها، قوله المُنتفَع بها هذا قيد احترز به عن بعض الأمور وعليه يُقال هذه مسألة لها التي هي الأعيان قبل ورود الشرع إن فُرض خلو الشرع لها ثلاث أحوال، الأعيان من حيث هي بقطع النظر عن كونها مُنتفع بها أو لا لها ثلاثة أحوال، أولاً ما فيه ضرر محض وليس فيه منفعة البتة، قالوا كالأعشاب التي تكون سامة قاتلة، بعض الشجر إذا أكل منه الإنسان مات لأن أعشابه تكون سامة، هذا فيه ضرر محض، النوع الثاني الذي يكون فيه ضرر من جهة ونفع من جهة أخرى، اجتمع فيه المصلحة والمفسدة المضرة والمنفعة من جهة وهذه م جهة الجهة منفكة، والضرر أرجح من المنفعة أو مساوي في هاتين الحالتين نقول الأعيان مُحرمة لقوله - صلى الله عليه وسلم - ل (لا ضرر ولا ضرار) ما فيه ضرر محض هذه الحالة الأولي، الثانية ما فيه ضرر من جهة ومنفعة من جهة، هاتان محرمتان، لأن الشرع القاعدة العامة الكبرى أن الشارع لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى عن ما مفسدته خالصة أو راجحة، لا يمكن أن ينهى عما مصلحته خالصة أو ينهى عما مصلحته راجحة ولا يمكن أن يأمر بما مفسدته خالصة أو مفسدته راجحة وهذا من أدلة بعض القائلين ببطلان الصلاة في الدار المنصوبة لأنها منهي عنها، وإذا كانت منهي عنها إما أن تكون المفسدة خالصة أو راجحة حينئذ المصلحة التي تضمنتها هذه الصلاة المنهي عنها تكون غير مُلتفت إليها والعبرة بالمفسدة الراجحة، الحالة الثالثة ما فيه منفعة محضة وليس فيه مضرة بوجه من الوجوه أو فيه ضرر خفيف لكنه غير مُلتفت إليه، الحالة الثالثة هي التي ذكرها المصنفون، لذلك قال في الأعيان المُنتفَع بها، إذاً هذه إمام أن تكون منفعتها خالصة أو يكون فيها نوع ضرر لكنه خفيف والمنفعة أرجح، احترازاً من ما كانت مضرته خالصة فلا يدخل في الحكم معنا، أو كانت فيه مضرة وفيه منفعة إلا أن المنفعة أقل والمضرة أرجح، إذا خرج بها القيد أمران. وقد اختلف في حكم الأعيان المنتفع بها قبل الشرع بحكمها، فعند أبي الخطاب – الحنبلي - والتميمي الإباحة كأبي حنيفة يعني أنها مُباحة، لماذا؟ قالوا لأن الله - عز وجل - خلقها لحكمة فإن لم نُثبت الحكمة هذا خلقها عبثاً، وهل يمكن أن يُفهم حكمة من خلق الأشجار والثمار وجري الأنهار بأنها تكون هكذا زينة للناس ولا يأكلون ولا يشربون؟ لا، لا يدرك العقل هذا وإنما يدرك أن الله - سبحانه وتعالى - خالق للإنسان وخلق هذه الأشجار وهذه المياه وكل ما يمكن أن ينتفع به على وجه الأرض ولم يُعلَم حكمه على قولهم لم يثبت شرع لا يمكن أن يدرك العقل أن هذه خُلقت هكذا عبثاً لا ليُستفاد منها لا ليُأكل لا ليُشرب وإنما نقول خلقها لحكمة ولا تُعلَم هذه الحكمة ولا تُدرَك إلا بكون الآدمي ينتفع بها، إذا هو خالل عن المقصود.

واستدلوا بقوله تعالى هذه تعليل واستدلوا بقوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} البقرة29، لكم: اللام هذه لام الملكية {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}، ثم امتن سبحانه بما خلق على وجه الأمر، امتن على العباد {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} هذا امتنان على العباد بخلق ما في الأرض جميعاً، وسبحانه لا يمتن ولا يتمدَّح - عز وجل - بما هو مُحرم على العباد، كيف يتمدَّح وأفتخر بشيء ثم اقل لك لا تمسك هذا الشيء أو لا تأكله؟ هذا ممتنع، وإنما يمتدح ويتمدَّح ويمتن جل وعلا بما استفاد العباد منه حينئذ ظاهر الآية أن ما خُلق من الأعيان أنه مُباح للعباد ولا يُسأل عنه إلا إذا دلَّ دليل، وعليه نقول هذه الآية عامة وتُخصص بكل دليل ينقل الأصل من الإباحة إلى التحريم أو الكراهة. {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم} كل على وجه الأرض من مشروبات ومأكولات ومن ملبوسات الأصل فيه الإباحة والحل، إذا جاء نوع مُعين مُحرم إذا نحتاج إلى دليل يخصه من الأعيان، كذلك قوله {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} الأعراف32، كالآية السابقة، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - (من أعظم الناس جرماً من سأل عن شيء لم يُحرَّم وحُرِم من أجل مسألته) هذا واضح، (من أعظم الناس جرماً من سأل عن شيء لم يُحرَّم) إذا لم يُحرَم إذاً هو مباح، وحُرِم من أجل مسألته. كذلك حديث ما سكت عنه فهو عفو، إذا الأصل في الأشياء في الأعيان في العقول في الملبوسات المشروبات المأكولات الأصل فيها الإباحة، هذا بعد الشرع، أما قبل الشرع فحينئذ تكون الإباحة عقلية، فعند أبي الخطاب والتميمي الإباحة أي حكمها هو الإباحة، كأبي حنيفة، فلذلك أنكر بعض المعتزلة شرعيته: فلذلك أي لأجل أن الأصل في المسألة فعل إباحة أنكرت المعتزلة أن المباح من الأحكام الشرعية، الإباحة عند الأصوليين عند أهل السنة والجماعة وإذا توسعنا قلنا الأشاعرة معهم وليست بمصطلح صحيح لكن نقول عند الأصوليين أن الإباحة نوعان شرعية وعقلية، عند المعتزلة الإباحة نوع واحد فقط وهي الإباحة العقلية وينكرون الإباحة الشرعية، وهذا خرق للإجماع. وإذا دلت نصوص الكتاب والسنة على ثبوت الإباحة (وأُحل لكم) إلى آخره من الآيات التي وردت كلها تدل على أن الأشياء قد تكون مباحة.

إذاً أنكروا أن المباح من الأحكام الشرعية لأن المباح عندهم له حد خاص ما اقتضى نفي الحرج في فعله وتركه وهذا ثابت قبل الشرع وبعد الشرع، ونقول هذا خرق للإجماع بل المباح حكم شرعي. وعند القاضي وابن حامد وبعض المعتزلة: الحظر .. هذا القول الثاني، إذا في الأعيان المُنتفع بها قولان ذكر المصنف الأول الإباحة والثاني الحظر ويأتي الثالث، الحظر معناه المنع أنه لا يجوز ليأكل أو يشرب حتى يرد دليل على أنه مأذون له هذا الأكل أو الشرب لماذا؟ قالوا لأن هذه المخلوقات ملك لله - عز وجل -، وهذا فيه خلاف؟ ليس فيه خلاف، ما دام ملك لله والتصرف في ملك الغير لا يجوز إلا بإذنه وإثبات قياساً عن الغائب على الشاهد، ما المقصود بالغائب على الشاهد؟ الغائب يعني الله لأنه غيب والشاهد الإنسان الذي، لو كان فيه مثلاً شاة مملوكة لك هل يجوز أن نتصرف فيها؟ لا يجوز هذا تعدي والأصل المنع، قالوا كذلك نقيس الغائب على الشاهد فنمنع أن يُتصَرف في ملك الله إلا بإذنه، نقول هذا قياس فاسد لأن الشاهد لا يتضرر، لو تصرفت في سيارة شخص وأخذتها هل تضرر أو لا؟ تضرر، لكن الله - عز وجل - غني - عز وجل -، هذا القياس نقول فاسد وهو مُصادم للأدلة السابقة، إذاً يُرد بثبوت الإباحة وإذا ثبتت الإباحة شرعاً يُرد ما ثبت بالعقل ثم نقول نفس القياس هذا الذي قستموه الغائب عن الشاهد فاسد. لثبوت الفارق وهو أن الشاهد يتضرر إذا تُصرف في ملكه بغير إذنه بخلاف الرب - عز وجل - فإنه غني حميد. وتوقف الجزري والأكثرون: هذا القول الثالث في هذه الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع وبعده على ما ذكرناه من قيود، وتوقف معناه أن الحكم متوقف على ورود الشرع بحكمها ولا حكم لها في الحال وليس المراد عدم العلم بأنها محظورة أو مباحة – لا – ليس هو التوقف الذي عند الأصوليين الذي يعتبر حكما، يقول ما حكم كذا؟ يقول أتوقف، يعني لا أدري هل هي حلال أو حرما، نقول لا هذا ليس المراد هنا، المراد أنه أوقف الحكم على الشرع، ثم في الحال، هل نستعمل أو لا نستعمل؟ فيه قولان، بعضهم يرى أن مرد هذا القول إلى الإباحة يعني أقرب إل الإباحة حينئذ يكون القولان متفقين، وبعضهم يرى أنه أقر إلى الحظر وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -. إذا الخلاص في الأعيان المنتفع بها قبل الشرع نقول تصور المسألة هذه ليس على ما أراده المعتزلة وإنما نقول الشرع قبل أن يرد الشرع ثابت قبل شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - الشرع والذي قبله إلى بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو باق ثابت، وأما بعد ورود الشرع فحينئذ تلد المسألة التي معنا وفيها ثلاثة أقوال: الإباحة الحظر التوقف، وهذا خلاصة ما ذكره المصنف - رحمه الله تعالى – في الأحكام الشرعية التكليفية وسيأتينا إن شاء الله بعد الأحكام المرئية يوم السبت بإذن الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. } - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - {

6

عناصر الدرس * الحكم الوضعي * الفرق بين التكليفي والوضعي * العلة والسبب والشرط والمانع. الدرس السادس بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد توقفنا عند قوله و (وضعيةٌ) أي أنه لما ذكر القسم الأول من قسمي الحكم الشرعي وهو قسم التكليفي شرع في بيان القسم الثاني وهو القسم الوضعي، لذلك ذكرنا أنه قسمة ثنائية وأن كلا النوعين داخلان في الحكم الشرعي، لذلك قنا الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المُكلَف بالاقتضاء أو تخيير أو الوضع، هذه ثلاثة أقسام، التخير والاقتضاء يشملهما قسم واحد وهو التكليفي الحكم الشرعي التكليفي، أو الوضعي نقول هذا قسم مستقل أُدخل في حد الحكم الشرعي للدلالة على أن الحكم الوضعي حكم شرعي رداً على ما زعم أن الحكم الوضعي إنما هو حكم عقلي لا شرعي، والصحيح أن الأسباب شرعية أي أنها مأخوذة من الشرع وأن الموانع شرعية بمعنى أنها ثابتة من الشرع وأن الشروط أيضاً شرعية بمعنى أنها ثابتة من الشرع، فلا يُجعَل الشيء سبباً ولا يكون له دليل في الشرع ولا يُجعل الشيء شرطاً لشيء آخر ولم يكن دليل في الشرع، ولا يُجعل الشيء مانعاً من شيء آخر ولا دليل له في الشرع، إذاً لابد من إثبات الحكم الوضعي بدليل شرعي، وعليه يُجعَل قسماً من أقسام الحكم الشرعي، إذاً نقول القسمة ثنائية حكم تكليفي وحكم وضعي، وكلا النوعان شرعيان.

لأن بعض الأصوليين يرى أن الحكم الوضعي السبب هذا حكم عقلي، نقول لا ليس بعقلي، من الذي أخبرنا بأن دلوك الشمس سبب لوجود صلاة الظهر؟ الله - عز وجل - {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء78، من الذي أخبرنا بأن الطهارة شرط لصحة الصلاة؟ الله - عز وجل -، من الذي أخبرنا بأن الحيض مانع من الصلاة والصوم صحة وجوازاً؟ هو الله - عز وجل -، إذاً مراد هذه الشروط والأسباب والموانع هي الشرع فما أثبته الشرع سبباً أثبتناه وما لم يثبته الشرع سبباً لم نُثبته، وما أثبته الشرع شرطاً أثبتناه وما لم يثبته لم نثبته وهلم جرة، لماذا؟ لأن الحكم مأخوذ من الشرع، لذلك قررنا القاعدة كما سبق قوله الحاكم هو الله - عز وجل - {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} الأنعام57، يعني لا حكم شرعياً سواء كان وضعياً أو تكليفياً إلا لله - عز وجل - {وَاللهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الرعد41، قال: و (وضعيةٌ): هذا معطوف على قوله تكليفية لأنه قال الأحكام قسمان تكليفية وهي خمسة وانتهى من ذكرها وبعض المسائل المتعلق بها أو المتعلقة بها ثم قال ووضعية هذا معطوف على قوله تكليفية، يعني أن القسم الثاني من قسمي الحكم الشرعي هي الأحكام الوضعية، نسبة إلى الوضع لأنه يُقال خطاب وضع، والوضع في اللغة الولادة، يُقال وضعت المرأة إذا ولدت ويلد أيضاً بمعنى الإسقاط والحط فيُقال وضعت الدين عن زيد بمعنى أسقطته وحططته، هذا في اللغة، أما في الاصطلاح فالحكم الشرعي الوضعي هو خطاب الله تعالى المُتعلِق لجعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه، إذاً خطاب الله لابد من أن يكون مأخذ هذا الحكم الوضعي هو الشرع، ويرد فيه ما وُرِد على الحكم التكليفي بجعل الشيء سبباً لشيء آخر كدخول الوقت سبباً لوجوب الصلوات المكتوبة نقول هذا سبب، من الذي جعل هذا الشيء سبباً؟ نقول خطاب الله المتعلق بكون هذا الشيء سبب لشيء آخر، أو شرطاً له كالطهارة بالنسبة للصلاة والحول بالنسبة للزكاة، أو مانعاً منه كون هذا الشيء مانعاً من كذا نقول هذا أيضاً مأخذه من الشرع، قال خطاب الله المتعلق لكون الشيء مانعاً من هذا الشيء كالحيض مانعاً من الصلاة والصوم ثم خطاب الوضع هو الوارد بأن هذا مانع أو فاسد أو ضده أو أنه قد أوجب شرطاً يكون سبباً وعلى هذا التعريف خطاب الله تعالى المُتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه، تفهم منه أن الحكم الوضعي منحصر في ثلاثة أشياء الأسباب والشروط والموانع، وهذه مُتفق عليها عند الأصوليين أن السبب حكم شرعي وضعي، وأن الشرط حكم وضعي وأن المانع حكم وضعي، واختلفوا في الصحة والفساد والنقصة والعزيمة والأداة والقضاة والإعادة ونحوها مما يُجعَل وصفاً للحكم التكليفي والأصح أن هذه كلها ليست بحكم وضعي وإنما هي أوصاف للحكم التكليفي كما سيأتي بيانه.

وكذلك العلة أُختلف فيها هل هي من الحكم الوضعي أو من الخطاب التكليفي للنزاع عند الأصوليين أو نقول في حده خبر أُستفيد بنصب الشارع علماً مُعرِفاً لحكمه، خبر أُستفيد أُخذ هذا الخبر من نصب الشارع علماً، نصب الشارع أشياء هذه الأشياء أعلام وأخبار مُعرفة لحكمه، حيث جعل الشرع الحكم التكليفي متوقفاً على وجود هذا الشيء في الحس، كأنه قال إذا زالت الشمس وهذا أمر محسوس إذا زالت الشمس فقد أوجبت عليكم صلاة الظهر نقول هذا حكم وضعي جعله الشرع مُعرِفاً وعلماً على وجوب صلاة الظهر حينئذ خبر إذاً لا إنشاء وهذا من الفوارق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي أن الحكم التكليفي إنشاء والحكم الوضعي خبر والخبر وإنشاء قسمان من أقسام الكلام، بل ينقسم الكلام إلى اثنين ولا ثالث لهما، نقول في حد التكليف الخطاب بأمر أو نهي أليس كذلك؟ الخطاب بأمر سواء كان بأمر إيجاب أو أمر استحباب أو نهي سواء كان نهي إلزام تحريم أو نهي كراهة، إذاً هذه أربعة أنواع ودخلت فيها الأحكام التكليفية حينئذ نقول هذه الأنواع الأربعة هل هي من قبيل الإنشاء أو الخبر عند النُحاة أو عمد البيانيين يقسمون الكلام إلى قسمين خبر وإنشاء ولا ثالث لهما كما قال السيوطي في عقود الجمان (محتمل للصدق والكذب الخبر وغيره الإنشاء ولا ثالث قر. (ما لم يكن محتملاً للصدق والكذب الإنشاء كقل بالحق) هكذا قال جوهر المكنون. (محتمل للصدق والكذب الخبر) ما احتمل الصدق والكذب فهو خبر يعني ما احتمل أن يُقال لقائله أنت صادق أو أنت كاذب هذا هو الخبر، لذاته يعني بقطع النظر عن قائله، الإنشاء عكسه ما لم يكن محتملاً للصدق ولا الكذب وهذه يدخل فيها ثمانية أمور منها الأمر والنهي، ما لم يكن محتملاً للصدق والكذب ككن بالحق ما لم يكن بالصدق والكذب كقل بالحق.

إذاً الإنشاء ما لم يحتمل الصدق والكذب إذاً لا يُقال لقائله كذبت أو صدقت، إذا قال كن هل يُقال صدقت أو كذبت؟ لا يصح أن يُقال له صدقت أو كذبت، لماذا؟ لأن الصدق والكذب إنما يكون لشيء موجود وقع، والأمر والنهي إنما يكونان لشيء معدوم، ولذلك مُتعلق الأمر شيء مستقبل إذاً لم يوجد، ومتعلَق النهي شيء متقبل لم يوجد، ولذلك لا تدخل قد عند النحاة على فعل الأمر لماذا؟ لأن قد هذه تفيد التحقيق وتفيد التأكيد والتأكيد إنما يكون لشيء موجود ثابت، وأما الأمر هذا أمر معدوم، حينئذ نقول خطاب التكليف هذا هو محصور في أمر ونهي بقسمي الأمر والنهي بقسميه، فحينئذ نقول هذا إنشاء وليس بخبر، أما الخبر وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته نقول هذا مفهوم من خطاب الوضع، إذاً خطاب التكليف أو الأحكام التكليفية هذه من قبيل الإنشاء والأحكام الوضعية أو الخطاب والوضعي هذا من قبيل الأخبار، ولذلك يُسمى خطاب الوضع والإخبار أو خطاب الوضع والإعلام والإخبار، هذه أسماء، ولذلك حده في مختصر التحليل يُقال هذا خبر، إذاً ليس بإنشاء للاحتراز عن الحكم التكليفي فإنه إنشاء وليس بخبر، هذا الخبر من أين أُستُفيد من أين أُخذ؟ من الذي أفاد في هذا الخبر؟ أُستفيد بمعنى اُخذ من نصب الشارع علماً معرفاً لحكمه، نصب الشارع أموراً محسوسة هذه الأمور المحسوسة جُعلت أعلاماً وجُعلت أموراً تكشف عن حكم الرب - عز وجل - وهو الحكم التكليفي، ولذلك قيل لا خطاب تكليف إلا ومعه حكم وضعي، لماذا؟ لأن هذه الأحكام الوضعية هي أصل وضعها من الرب جل وعلا وُضعت كاشفة للحكم التكليفي، ولذلك ينفك الوضع عن التكليف ولا عكس، بل قيل لا يُتصوَر وجود حكم تكليفي إلا وله سبب أو شرط أو مانع لا يمكن، فحينئذ لا يمكن أن يوجد الحكم التكليفي إلا ومعه حكم وضعي، خبر أُستفيد من نصب الشارع علماً مُعرفاً هذا العلم وهذا المُعرِّف وظيفته أنه يكشف عن حكمه التكليفي، ولذلك سُمي خطاب الوضع والإخبار، لم سُمي خطاب الوضع؟ قالوا لأن الشرع وضع بمعنى شرع أموراً سُميت أسباباً وشروطاً أو موانع يُعرَف عند وجودهاً أحكام الشرع، إذا وُجدت هذه الموانع أو الأسباب أو الشروط حينئذ يُعرف إذا صارت مُعرِفات، وذلك قال الفتوحي والأسباب معرفات، لماذا؟ لأن الشرع وضع هذه الأمور الثلاثة أسباب وشروط وموانع يُعرف عند وجودها أحكام الشرع من إثبات أو نفي، ومُتعلق الحكم الشرعي كما سبق أنه يكون إثباتاً ويكون نفياً، يعني تُبت الصلاة متى عند دلوك الشمس وهو سبب، وتُنفى الصلاة عند وجود الحيض وهو مانع، أليس كذلك؟ وتوجد عند وجود الشرط وتنتفي بانتفاء الشرط وإن لم يكن الشرط لازماً لوجود المشروط، من إثبات الأولى فيه، فالأحكام توجد بوجود الأسباب والشروط وتنتفي بوجود المانع وانتفاء الأسباب والشروط، هذا معنى كونه وضعاً، يعنى الشرع وشع وجعل هذه الأسباب وهذه الشروط وهذه الموانع مُعرفات على حكم الله وجعلها أعلاماً على حكمه جل وعلا، ولذا قيل فائدة الخطاب الوضعي أن فيه تخفيفاً على العباد، لماذا؟ لأنه لو أُحتيز لكل سبب وشرط ومانع أن يكشف عنه نبي بوحي ثم انقطع الوحي لتعذر تطبيق كثير من أحكام شرعية.

فلو قيل لا يُحكم بدخول وقت الصلاة إلا بخبر نبي عن وحي، طيب مات النبي وانقطع الوحي ماذا يحصل؟ ارتفعت الصلاة، لو قيل ما يُحكم بدخول شهر رمضان إلا بخبر نبي عن وحي فمات النبي وانقطع والحي إذاً لا صيام، لا يُعرف دخول شهر ذي الحجة إلا بدخول خبر نبي عن وحي إذاً فائدة الخطاب الوضعي أنه مُخفف عن الأمة ولولاه لولا أن جعل الله - عز وجل - هذه الأمور المحسوسة التي لا يلتبس فيها الناس ولا يحصل فيها خلل في إثباتها أو انتفائها لولا جعل هذه الأمور لارتفعت الكثير من الأحكام الشرعية، ففيها تيسير على المُكلَفين، وسُمي أيضاً خطاب إخبار لماذا؟ لأن الرب جل وعلا بوضع هذه الأمور أخبر بوجود أحكامه وانتفائها عند وجود تلك الأمور وانتفائها، فثم وجدت هذه الأسباب فثم حكم الله، ومتى ما انتفت حينئذ ينتفي حكم الرب جل وعلا وهو الحكم التكليفي.

إذاً عرفنا أن الحكم الوضعي هو علم على الحكم التكليفي، يرد السؤال ما العلاقة بينهما؟ نقول الصحيح على خلاف بين الأصوليين العموم والخصوص المطلقة، وهو من ذاك أعم مطلقة، العموم والخصوص المطلق، أيهما أعم وأيهما أخص مطلقاً؟ الوضع اعم مُطلقاً لأنه قد يوجد الحكم الوضعي ولا يوجد الحكم التكليفي والتكليفي أخص مطلقاً لأنه لا يمكن أن يوجد الحكم التكليفي إلا حيث يوجد الحكم الوضعي، قالوا الزنا هذا حرام هذا حكم تكليفي أو وضعي؟ تكليفي تحريم الزنا هذا حكم تكليفي، كونه سبباً للحد؟ هذا حكم وضع، وجوب الزكاة في مال الصبي؟ الصبي هل هو مُكلف أم لا؟ ليس مكلفاً ولذلك كما ذكرناه سابقاً في حد الحكم خطاب الله المُتعلق بفعل المُكلف، من هو المكلف؟ البالغ العاقل هذا أخرج الصبي، إذاً الصبي ليس مكلفاً بالإيجاب والتحريم وهذا متفق عليه. بقى سؤال اعتراض نقول الصبي غير مكلف ولو كان عنده ملايين وحال عليها الحول نقول وجبت؟ كيف وجبت وهو ليس مكلف، نقول هذا حكم وضعي، إذاً ثبت الحكم وضع دون الحكم التكليفي، كذلك ما أتلفه الصبي أو ما أتلفه المجنون أو ما أتلفته بهيمة فحينئذ نحكم بوجود الحكم الوضعي مع عدم وجوب الحكم التكليفي، إذاً الأعم هو الذي ينفرد بصورة لا يشاركه فيها الأخص وهذا هو ضابط العموم والخصوص المطلق أنه يحتاج إلى مادتين، مادة الاجتماع ومادة الافتراق، مادتين بمعنى مثال يصدق عليه أنه تكليفي وأنه وضعي ثم نأتي بمثال آخر ينفرد فيه الأعم عن الأخص وعندنا مثالان الزنا اجتمع فيه حكم تكليفي والحكم الوضعي كونه حكم تكليفياً مُحرماً، كونه حكماً وضعياً سبب للحد. حينئذ اجتمعا فيع وهذا معنى العموم والخصوص، معنى العموم أنهما مجتمعان أما الخصوص فيختص الحكم الوضعي بحكم لا يشاركه فيه الحكم التكليفي هذا العموم ليس الخصوص عفواً العموم الخطاب الوضعي ينفرد بصورة لا يشاركه فيها الحكم التكليفي، إذاً هو شارك التكليفي في صوره ثم انفرد في صورة فيكون أعم، التكليفي لا يمكن أن يوجد في صورة وليس معه الحكم الوضعي هذا هو المراد بالعموم والخصوص والمطلقة أنهما يجتمعان في مادة واحدة كما في صورة المثال ثم الأعم ينفرد بصورة لا يشاركه فيها الأخص بخلاف العموم والخصوص الوجهي فيحتاج إلى ثلاث مواد ثلاثة أمثلة مادة اجتماع ومادة افتراق أحدهما عن الآخر ومادة ثالثة افتراق ما لم يفترق الأول عن الثاني حينئذ نقول هذا يحتاج إلى ثلاث مواد، وهذا ذكرناه هناك.

إذاً عرفنا الآن العلاقة بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي وهو من ذاك أعم مطلقا لما ذكر الحد أو ضابط الحكم الوضعي قال وهو أي هذا الوضعي أعم من ذاك من ذاك أعم مطلقاً، يعني بينهما العموم والخصوص المطلقة، من الفوارق بين الحكم الشرعي التكليفي والحكم الشرعي الوضعي قالوا من حيث الحقيقة أن الحكم الوضعي إخبار وإعلام جعله الشارع علامة على حكمه متى ما وُجد فثم الحكم الشرعي التكليفي وأما الخطاب الشرعي التكليفي فهو خطاب طلب فعل أو ترك أو تخيير، فحينئذ يكون خطاب التكليف مُرتباً على ما قرره السبب أو الشرط أو المانع، يكون الخطاب الشرعي التكليفي مُقرراً لما قرره الشرع بالأسباب والشروط والموانع، فيكون الحكم الوضعي كاشفاً عن الحكم التكليفي، الثاني أن يُقال من حيث الحكم التكليفي يُشترط فيه أن يستطيع المكلف فعله إذاً يُشترط فيه القدرة، خطاب الشرعي التكليفي يُتشرط فيه القدرة أما الوضعي فقد يكون مقدوراً للمُكلف وقد يكون غي مقدور للمكلف، إذاً لا يُشترط في الحكم الشرعي الوضعي أن يكون مقدوراً للمُكلَّف {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن16، {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة286، (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا خاص بالحكم الشرعي التكليفي، فلا يشمل الحكم الشرعي الوضعي، لماذا؟ لأن الحكم الشرعي الوضعي لم يُؤمر به العباد لم يُنط بأفعال العباد وإنما هو من فعل الله - عز وجل - ولذلك لا يُطلب تحصيله من العباد، فلم تُشترط فيه القدرة كما اُشترطت في الحكم الشرعي التكليفي، لأنه تعلق الحكم الشرعي وهو فعل العبد فحينئذ لابد أن يكون مقدوراً وتكليف المحال أو بما لا يُطاق هذا ممنوع شرعاً وإن جاز عقلاً {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة286، إذاً ما في وسع ما ليس في طاقتها هذا غي مُكلف به العبد.

إذاً من الفوارق بين الحكم الشرعي التكليفي والوضعي أن التكليفي لابد أن يكون مقدوراً للمكلف لأنه متعلق بفعل المكلف والحكم الشرعي الوضعي لا يُشترط فيه أن يكون مقدورأً للمكلف بل قد يكون مقدوراً له كالسرقة سبب للحد هل يقدر المكلف أن يسرق أو لا؟ يقدر إذاً هذا في مقدوره، لكنه غير مطلوب منه الفعل ومطلوب الترك، وقد يكون غير مقدور على فعله كدولك الشمس دخول الوقت دخول شهر رمضان هل هذا في يد المُكلَّف؟ لا، إذاً قد يكون حكم الشرع الوضعي في مقدور المكلف يستطيعه ولكن لم يُؤمر به وقد لا يكون في مقدوره كدخول الوقت والنقاء من الحيض، إذاً من حيث الحكم التكليفي يُشتَرط فيه الاستطاعة والوضعي لا يُشترط فيه الاستطاعة، التكليفي لا يتعلق إلا بفعل المُكلَف المستجمع لشروط التكليف أبداً لا يمكن أن يوجد إيجاب أو تحريم أو كراهة أو ندب أو تخيير إلا لفعل من استجمع شروط التكليف، وهو البالغ العاقل الذاكر غير المُلجَأ هذا الذي يصح تكليفه، أما الحكم الشرعي الوضعي فلا يُشترط بل يتعلق بكل إنسان مطلق إنسان، أيهما أعم الإنسان أم المكلف؟ الإنسان لأن كل مكلف إنسان ولا عكس، الصبي إنسان وليس مكلفاً والمكلف بالغ عاقل وهو إنسان، بل قد يتعلق بغير الإنسان كالبهيمة هل يتعلق الحكم الشرعي الوضعي بالبهيمة؟ نقول نعم، من ترك بهيمته تسرح وأتلفت يضمن أو لا يضمن؟ إذاً وجب الضمان بشرطه وجب الضمان، نقول وجب الضمان بفعل البهيمة نفسها هي التي أتلفت وصاحبها قد يكون نائماً في بيته ولا يدري، إذا يجب عليك الضمان، لماذا؟ لأن فعل البهيمة يُنزَّل مُنزَلة فعل صاحبها فيُنسب إليه إذا فرط في تركها، إذاً قد يتعلق الحكم الشرعي الوضعي بغير فعل الإنسان، ويتعلق بالإنسان مطلقاً سواء كان مكلفاً وغير مكلف. إذاً التكليفي لا يتعلق إلا بفعل المكلف المستجمع لشروط التكليف بخلاف الوضعي فإنه يتعلق بفعل المكلف وغير المكلف.

التكليفي يُتشرط فيه الكسب والمباشرة من المُكلف نفسه هذا تفصيل ما ذكرناه سابقاً، أن الصلاة والزكاة والصيام والحج نقول هذه أمور مُكلف بها من استجمع شروط التكليف ويُشترط في امتثال هذا الأمر أن يكون مباشراً لها ما يُعبَر بالكسب في هذا الموضع، حينئذ لابد أن يكون هو المباشر لكن الحكم الوضعي لا، لا يشترط فيه أن يكون مباشراً، كما ذكرناه في الصبي والمجنون والبهيمة، بل حتى النائم لو أتلف شيئاً وهو نائم نقول وجب الضمان مع أنه لا يُنسب إليه فعل النائم غير مكلف، فعله كفعل المجنون لا يُنسب إليه فعل، فحينئذ لو أتلف شيئاً وهو نائم نقول وجب الضمان، الحكم التكليفي يُشترط فيه العلم بخلاف الوضع كالنائم يُتلف شيئاً حال نومه فيضمن والرامي قد يريد الصيد من وراء حائل فيُصيب إنسان خطئاً ما يعلم أنه وراءه إنسان ما يعلم أن ثم إنسان وراء هذا الحائل فرمى يريد صيداً فأصاب إنسان يعلم أو لا يعلم؟ نقول لا يعلم، هل يجب عليه الضمان؟ نعم يجب عليه الضمان، لماذا مع كونه كما ذكرنا سابق أن من شروط المُكلف أو المُكلف به العلم به أني كون معلوماً مقدوراً معدوماً ثلاثة شروط والعلم والوسع على المعروف شرط يعم كل ذي تكليف لابد في الحكم الشرعي التكليفي أن يكون الفعل المُكلف به العبد معلوماً له فإذا لم يكن حينئذ لا تكليف لا إيجاب ولا تحريم ولا كراهة ولا ندب، أما الحكم الوضعي فلا، فإذا رمي به شيئاً من خلف الجدار فإذا به نزل على إنسان ومات وجب عليه الضمان، لا يدري نقول لا يشترط فيه العلم. هذه فروق أو أهم ما يُذكر من الفروق بين الحكم الشرعي التكليفي والحكم الشرعي الوضعي.

قال وضعية عرفنا المراد بوضعية، وهي أربعة وهي الاستقراء الشرع يعني معدودة بالأربعة وهذه المسألة فيه نزاع بين الأصوليين وذكرت لكم أن الأسباب والشروط والموانع متفق عليها أنها أحكام وضعية واختلفوا في العلة والأداة والقضاة والإعادة والرخصة والعزيمة والصحة والفساد، هل هذه أحكام وضعية أم لا؟ هل هي أحكام عقلية أم لا؟ نقول والصواب بأنها أوصاف للحكم التكليفي أما العلة فهي جزء من السبب فهي داخلة في السبب، فبعضها يتداخل مع السبب والشرط والمانع، وبعضها قد يكون مبايناً فيكون وصفاً للحكم التكليفي كما سيأتي في الرخصة والعزيمة، الرخصة والعزيمة تنقسم إلى خمسة أقسام لأقسام الأحكام التكليفية، وضعية وهي أربعة: المُصنف هنا جرى على أنها أربعة بجعل العلة أو بقوله ما يظهر به الحكم جعله قسماً مستقلاً فأدرج فيه العلة والسبب وجعل الشرط والمانع من توابعهما، ثم عنون للمنعقد ثم الثالث الصحة والفساد ثم الرخصة والعزيمة، هذه أربعة، أولاً ما يظهر به الحكم وقسمهم إلى قسمين علة وسبب ثم الشرط والمانع لم يجعله داخلاً في جُملة السبب بل جعله من توابع السبب والعلة يعني مكملاً لهما، ثم جعل المُنعقد نوعاً مستقلاً سماه المُنعقد وسيأتي ثم نوعاً ثالثاً وهو الرخصة والعزيمة، ثم نوعاً رابعاً وهو الصحة والفساد وستأتينا، قال أحدها ما يظهر به الحكم، ما شيء يظهر به الحكم، به الباء سببية هنا أي أن الحكم يظهر ويُوجد بوجود هذا الشيء إن وُجد فثم الحكم الشرعي، ولذلك سُميت هذه المعرفات وسُميت أعلام وسُميت أخبار، لماذا؟ لأنها بوجودها تعلم حينئذ حكم الله، حكم الله في الجملة قد يكون معلوم عندك وجوب الصلاة معلوم صلاة الظهر لكن دخوله الآن هذه الساعة وجبت صلاة الظهر من الذي عرفك بهذا الحكم؟ زوال الشمس، فصارت زوال الشمس هو المُعرِّف وهو المُخبِر وهو الذي أعلمك بوجوب بدخول الصلاة مع علمك بالجمل أولاً، ما يظهر به الحكم أي أن الحكم يظهر ويوجد بوجود هذا الشيء فما يوجد التحريم في الخمر إذا وُجد الإسكار، إذا وُجد الإسكار على تحريم الخمر هو الإسكار كل ما وُجد الإسكار فثم التحريم، أليس كذلك؟ كل ما وُجد الإسكار فثم التحريم، قد يلتبس عليك بعض الأمور المشروبة تقول حلال أو حرام؟ فحينئذ تكتشف أو تعرف بدليل آخر أن هذه المشرب مشتمل على إسكار حينئذ نقول ثبت الحكم إذاً ظهر وبان حكم هذا المشروب بوجود هذا الشيء وهو الإسكار فصار الإسكار حينئذ قد أظهر الحكم الشرعي وهو التحريم، كذلك زوال الشمس أنت يلتبس عليك الآن هل وجبت صلاة الظهر أو لا فتعلم بطريق ما أن الشمس قد زالت فحينئذ ظهر الحكم الشرعي وهو وجوب صلاة الظهر بسبب زوال الشمس إذاً صار زوال الشمس مُظهراً للحكم الشرعي وهو وجود الصلاة صلاة الظهر وصار زوال الشمس كاشفاً ومُعرفاً لك بكون أن الآن هذا الوقت قد وجبت عليك صلاة الظهر، ما يظهر به الحكم وهو نوعان قسمه لك المُصنف إلى قسمين علة وسبب، جعل المصنف هنا العلة مقابلة للسبب وهذا محل خلاف، هل العلة من الخطاب الوضعي أم لا؟ قم هل العلة مرادفة للسبب أم لا؟ ومع علة ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، العلة والسبب قيل هما بمعنى واحد ومع علة ترادف

السبب بمعنى واحد بمعنى أن كل منهما قد جُعل مُعرفاً للحكم سواء كان بين الحكم والوصف مناسبة أو لا، فيكون عاماً، يعني لا تُجعَل العلة وصفاً مناسباً للحكم فيترتب الحكم على وجود هذا الوصف فتكون ثم مناسبة للحكم المناسبة مثل ماذا لو قيل الإسكار علة تحريم الخمر ما هي؟ الإسكار، والحكمة لا ضرر ولا ضرار حفاظاً على عقول الناس، لأن هذه أم الخبائث، فحينئذ حفظاً للأموال وحفظاً للنفوس والأعراض والعقول نقول لهذه الحكمة حُرمت الخمر لوجود الإسكار الذي يُغيب العقل، هل ثم مناسبة يدركها العقل بأن حكم التحريم مناسب لهذه العلة وهي الإسكار أو لا؟ بينهما مناسبة، أما وجوب صلاة الظهر لدلوك الشمس أو لزوال الشمس العقل لا يدرك أن هذا السبب مؤثر في الحكم فيكون بينهما مناسبة، لا نقول لا مناسبة، نقول أن العقل لا يدرك، ويوجد فرق بينهما، لماذا؟ فرق بين أن نقول لا مناسبة بين الزوال ووجوب صلاة الظهر وبين أن نقول العقل لا يدرك المناسبة؟ إذا قلنا العقل لا يدرك المناسبة بين وجوب صلاة الظهر ودلوك الشمس أو زوال الشمس هل هذا التعبير يرفع وجود المناسبة بالفعل أم لا؟ لا يرفعها لأننا نعلم أن أفعال الله - عز وجل - مُعللة بحكمة وأحكامه الشرعية كلها مُعللة لحكم ومصالح، حينئذ ما يُجعل الشيء مرتباً على شيء إلا لحكمة، نحن ما نعلم ما أدركنا لا من جهة النص ولا العقل يستنبط أن ثم مناسبة بين زوال الشمس ووجوب صلاة الظهر، إذاً لا نمنع المناسبة لكن باعتبارنا نحن كباحثين في كتاب الله وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - نقول هذا لم تظهر لنا مناسبة فحينئذ يُعبَر تعبيراً دقيقاً فيُقال العقل لم يُدرك تأثير زوال الشمس في وجوب صلاة الظهر، ولا نقل أن وجوب صلاة الظهر مع زوال الشمس لا مناسبة بينهما، فحينئذ من قال بأن السبب والعلة مترادفان بمعنى واحد عمم معنى العلة وعمم معنى السبب فحينئذ كل من العلة والسبب ينقسم إلى قسمين ما يكون بينهما مناسبة بين الوصف والحكم وما لا يكون بينهما مناسبة لأن زوال الشمس هذا يعتبر وصفاً، هل ثم مناسبة ظاهرة بين وجوب صلاة الظهر وهذا الوصف؟ العقل لا يدرك، الإسكار مع التحريم؟ نقول العقل أدرك، إذاً كل منهما يشمل النوعين وبعضهم فرَّق بينهما جعلهما متباينين كل منهما مباين للآخر، فجعل العلة مختصة بالوصف الذي له أثر في الحكم الشرعي كالإسكار مع التحريم وجعل السبب ما لا تُدرك علته بالعقل كالزوال مع وجوب صلاة الظهر، إذاً رجع إلى القسم الأول وهو عند القائلين بالترادف بين السبب والعلة فقال لا نفصل بين العلة والسبب، فنجعل العلة مختصة بما أثر في الحكم الوصف المؤثر في الحكم أو الوصف الذي أدرك العقل ترتب الحكم على هذا الوصف فنسميه علة. ونأتي إلى السبب فنجعله مُقيدَاً بوصف لا تظهر مناسبته بينه وبين الحكم عقلاً من جهة العقل لا من جهة الواقع، إذاً جعل العلة مُباينة للسبب، ما كان الوصف مناسباً ومؤثراً في الحكم سماه علة وما كان الوصف لا يظهر تأثيره في الحكم كالزوال مع وجوب الصلاة قال هذا نسميه سبباً، وهذا منسوب لمذهب أبي حنيفة وأتباعه.

القول الثالث ونُسِب إلى أكثر الأصوليين أن بينهما عموماً وخصوصاً مطلقاً فكل علة سبب ولا عكس، العموم والخصوص المطلقة، ومع علة ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، ومع علة ترادف السبب هذا قول منسوب لأبي حنيفة مترادفات بمعنى واحد والفرق بعضهم إليه قد ذهب، بعضهم فرَّق وهذا يدخل تحته قولان، إما أن يُجعَلا متباينين وإما أن تُجعَل العلة أعم من السبب، فيكون السبب أعم من العلة تكون العلة خاصة بالوصف المناسب للحكم ويكون السبب أعم شاملاً للوصف المناسب للحكم والوصف غير المناسب للحكم، أيهما أعم؟ السبب، فكل علة سبب ولا عكس، لماذا؟ لأن السبب يشمل نوعين، الوصف المناسب للحكم والوصف غير المناسب للحكم، الوصف المناسب للحكم كالإسكار للتحريم والوصف غير المناسب للحكم كالزوال مع وجوب صلاة الظهر، كل منهما يُطلق عليه سبب فحينئذ نقول الإسكار علة وسبب للتحريم علة وسبب للتحريم، زوال الشمس علة وسبب لوجوب صلاة الظهر، لماذا؟ كل منهما يسمى على وسبب ولكن العلة تختص بالوصف المناسب للحكم، فحينئذ يصدق أن يكون بينهما العموم والخصوص المطلق، كل علة سبب ولا عكس، لا يُطلَق العلة إلا على ما كان ثم مناسبة بين الوصف والحكم، الإسكار نقول هذا علة للتحريم، زوال الشمس نقول هذا علة وسبب لوجوب صلاة الظهر، هذا مثالاً صحيحاً، أن نقول زوال الشمس علة وسبب لوجوب صلاة الظهر والإسكار علة لتحريم الخمر. وهو نوعان علة وسبب.

قال (إما عقلية أو شرعية) يعني قسم لك العلة إلى علة عقلية وعلة شرعية فذكر لك مثالاً للعلة العقلية، عقلية نسبة إلى العقل، عقلية أي ما أوجب الحكم لكنه من جهة العقل أن يكون ثم تلازم بين المعلول والعلة ولكنه من جهة العقل كالكسر للانكسار، ما أوجب حكماً عقلياً لذاته يعني لا باعتباره أمر خارج عنه كاصطلاح أو جعلي حينئذ يختلف الحكم فلا تصير حكمة عقلية، ككسر الانكسار، الكسر هذا علة للانكسار كلما وُجد الانكسار لابد وأن يكون ثم كسر لأن التلازم هنا هو عقلي الذي حكم بوجوب الكسر أو الذي حكم بترتب الانكسار على وجود الكسر هو العقل، إذاً من جهة العقل نحكم بأن الكسر علة للانكسار وأن الانكسار معلول للكسر كالتحريم بالنسبة للإسكار في العلة الشرعية، أما من جهة العقل فهي ما أوجب حكماً عقلياً لذاته ككسر لانكسار كالكسر للانكسار كما مثل المصنف هنا، والتسبيب الموجب أي المؤثر للسواد لو أخذ لوناً أسود ثم سوَّد به موضعاً لزم منه أن يكون هذا الأثر وهو السواد حالاً في الموضع الذي سوَّده إذاً عندنا تسويد وسواد، السواد أثر التسويد إذا حصل التسويد إذاً هو كالكسر لابد وأن يترتب عليه الانكسار من جهة العقل والتسويد لابد أن يترتب عليه أثره وهو الكسر من جهة العقل والتحريك بالنسب للحركة إذا حركت شيئاً ما لابد أن يتحرك هذا معلول وهذه علة هل يمكن أن توجد التحريك ولا يوجد الحركة؟ قالوا لا في الأصل ولو مُنعت فحينئذ يكون لأمر خارج عن العلة كذلك التسكين بالنسبة للسكون إذا حصل التسكين أوجب السكون، تسكين الشيء وهو مُتحرك فتسميك به فحينئذ هذا يسمى تسكيناً، أثره الذي هو السكون، هنا نقول ما اوجب حكماً لكنه من جهة العقل، التلازم هنا بين الكسر والانكسار حكم العقل والتلازم بين التسويد والسواد حكم عقلي، والتسكين والسكون والتحريك والحركة هذه عقلية.

أو شرعية وهذا الذي يعنينا، أو شرعية أي تكون مأخوذة من الشرع منسوبة إلى الشرع والمراد بها العلة في اصطلاح أهل الشرع، ما هي العلة في اصطلاح أهل الشرع؟ نقول العلة لها معنيان معنى لغوى ومعنى اصطلاحي أما العلة لغة فهي ما اقتضى تغييراً، كل ما اقتضى تغييراً يسمى علة، كل ما ترتب عليه تغيير سُمي علة ولذلك سُمى المرض علة، لماذا؟ لأنه يحصل تغيير من الصحة القوة إلى المرض والضعف، إذاً اقتضت هذه العلة تغييراً في بدن الإنسان من القوة إلى الضعف ومن الصحة إلى المرض، وأما في الاصطلاح فقال: قيل: يعني قال بعض الأصوليين في حد العلة الشرعية، إنها المعنى الذي علق الشرع الحكم عليه: وهنا المعنى لا يقصدون به المعنى المناسب، وإنما يقصدون به كل وصف علَّق الشرع الحكم عليه، فالإسكار معنى ورُتب عليه الحكم الشرعي وبينهما مناسبة كذلك الزوال معنى والحيض معنى والنقاء معني كل هذه الأسباب والشروط والموانع تعتبر معنى، لأنها ليست بأمور حسية في الأصل ليست بأمور حسية وإنما هو اعتبار لأمر حسي، إن المعنى الذي علَّق الشرع الحكم عليه وأناطه به فتكون العلة حينئذ أمارة وعلامة على وجود الحكم الشرعي وثبوته في جميع محاله كالإسكار في الخمر علامة على وجود الحكم وهو التحريم، وكالزوال علامة على وجوب صلاة الظهر فحينئذ قوله المعنى الذي علق الشرع الحكم عليه هذا تعريف نُسب للمُتكلمين ولكن الكثير ينسبون إلى المتكلمين أنه ليس ثم اقتضاء العلة للحكم يعني العلة لا تكون مُقتضية للحكم بمعنى أن هذه المسألة مرتبة على أحكام الرب جل وعلا وأحكامه الشرعية، هل هي مُعللة أم لا؟ هذا فيه نزاع عند أهل السنة والجماعة والحق أن الأحكام كلها مُتربة على مصالح للعباد، فحينئذ لا حكم شرعي إلا وثم مصلحة لكن ليست للرب جل وعلا وإنما للعباد، المتكلمون يرون هذا لماذا؟ لأنهم يقولون إذا كان ترتيب الحكم لأجل مصلحة فحينئذ تصير هذه المصلحة مُكملة للمُشرِّع والله - عز وجل - مُنزَه عن النقص نقول هذا فاسد لماذا؟ لأن بابه قياس الخالق على المخلوق، إذا فعلت أنت أي أمر مع الناس وكان قصدك بهذا الفعل مكاناً أو وجاهة عن الناس هذا صار تكميلاً لك أو لا؟ صار تكميلاً لأنك ناقص وأنت فعلت هذه الأمور من أجل ماذا؟ من أجل ما يترتب من المصالح لك أنت، لكن الرب جل وعلا إذا رتب المصالح على الأحكام الشرعية إنما يكون مردها لمن؟ للعباد، فحينئذ قياس الخالق أو ما يُعبَر عندهم الشاهد على الغائب نقول هذا فاسد قياس فاسد، وقيل: الباعث له على إثباته: الباعث له أي للشرع على إثباته ليس على إتيانه وإنما على إثبات الحكم الشعري هذا، وقيل في حد العلة أنها الباعث له على إتيانه لكن نقول ليس على إتيانه على إثباته تُعدَّل النسخة، الباعث له أي للشرع على إثباته أي على إثبات الحكم الشرعي، الباعث له أي للشرع على إثباته أي على إثبات الحكم الشرعي، كالإسكار بالنسبة للتحريم، ولذلك فُسِر هنا في هذا الموضع بكونها أي هذه العلة مشتملة على حكمة صالحة لأن تكون مقصود الشارع أن تكون هذه العلى التي هي الإسكار ورُتب عليها التحريم تكون مشتملة على مصلحة هذه المصلحة راعاها الشرع نظر إليها فإذا ترتيب الحكم

الشرعي عليها بالتحريم مناسب، إذاً صارت هذه العلة باعثة للشارع ليس المُراد أنها تبعث الرب جل وعلا على أن يُحرِّم – لا – وإنما يُفسَر البعث هنا كونها باعثة تُفسَر بكون هذه العلة مشتملة على مصلحة وإن الله لا يبعثه شيء غير إرادته - سبحانه وتعالى - {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} القصص68، {وَاللهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الرعد41 فحينئذ تكون هذه العلل التي رُتب عليها الأحكام الشرعية تكون باعثة بمعنى أن فيها مصلحة رُوعيت وجُعلت مناسبة للحكم الشرعي وبهذا تُفسَر الباعث هنا، كالقتل العمد فإنه باعث للشرع على شرع القصاص حفظاً للنفوس أليس كذلك نقول القصاص هنا حكم شرعي علته ما هي؟ حفظ النفوس {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ} البقرة179، إذاً في القصاص حياة، فكون الشرع رتب القصاص على القتل العمد بعدوان نقول هذه وهي حفظ النفوس علة باعثة بمعنى أن فيها مصلحة واضحة بيِّنة لترتيب الحكم وهو وجوب القصاص على القتل العمد العدوان، وكذلك الزكاة وجوب الزكاة هي حكمة وهو مواساة الفقراء، إذاً مواساة الفقراء هذه مصلحة جُعلت مرتباً عليها الحكم الشرعي وهو وجوب الزكاة، وهذا المراد بقوله (الباعث على إثباته)، قال وهذا أولى: يعني الأخير، لماذا؟ لأن الأول منسوب للمتكلمين وهم يرون عدم تعليل أحكام الرب جل وعلا، ولذلك يقوون وُجد المُسَبب عند السبب لا به، لماذا؟ لأنهم يذكرون تأثير الأسباب في المُسببات، وُجد عنده لا به هذا تعبير الأشاعرة ويدخل في كتب الأصوليين لأن أكثرهم أشاعرة فحينئذ لا يجعلون ثم مناسبة بين السبب والمُسَبب ولا يجعلون أن للسبب تأثيراً بجعل الله - عز وجل - في المُسبب بل يقولون السبب مخلوق مستقل لا تأثير له في مسببه والمُسَبب مخلوق مستقل أبداً لم يترتب على السبب من شيء، كل منهما مستقل ولذلك يقولون كسر زجاج عند الكسر عند الحجر ولم ينكسر بالحجر يعني لو رميت حجر في الزجاج فانكسر قالوا انكسر الزجاج عند الحجر لا به، هذا كيف هذا؟ ما يُقبَل لأن قلت أن الحجر هو الذي كسر الزجاج إذاً الانكسار مخلوق ومن الذي خلقه؟ هو الحجر، هذا صحيح؟ لا، نقول الله - عز وجل - جعل تأثيراً في الحجر هذا التأثير موجود في قوى خاصة جعلها الله - عز وجل - بخلقه، جعل الانكسار مُسَببا عن الحجر ولا يخرج عن خلق الله - عز وجل - كما جعل للإنسان الضعيف له أفعال له إرادة له اختيار حينئذ كونه يفعل ويُقدم على الشيء ويُمسك حينئذ نقول هو خالق لأفعاله؟ لا، نقول له قدرة وله اختيار وله إرادة لكنها ليست خارجة عن إرادة الرب جل وعلا.

إذا قوله (وهذا أولى) يقصد به أن تعريف العلة بأنها الباعث للشرع على إثبات الحكم أولى من الأول، لماذا؟ لأن فيه ربط الأحكام الشرعية بالعلل، وحينئذ لا مانع أن يُقال الشرع مُعللة للرب جل وعلا، وإن كان بعضهم يُعبر بالأغراض لكن هذا يُترك هنا في هذا الموضع، ثم قال (وسبب) إذاً عرفنا حد العلة أنها المعنى الذي علق الشرع الحكم عليه أو أنها الباعث له على إثباته، ثم قال (وسبب) هذا عطف على وقله وعلة، أي والقسم الثاني مما يظهر به الحكم هو السبب، والسبب لغة ما تُوصِل به إلى غيره، قال جوهري السبب الحبل، {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء} الحج15، يعني بحبل، وكل شيء يُتوَصل به إلى أمر من الأمور، قيل هذا سبب وهذا مُسَبب عن هذا، إذاً عندنا أمران سبب ومُسَبب، وأما في الاصطلاح الشرعي فالسبب ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته، ما يلزم من وجوده وجود السبب وجود الحكم الشرعي الذي هو المُسَبَب كالزوال بالنسبة لوجوب صلاة الظهر، يلزم الوجوب الزوال وجود المُسَبَب وهو الحكم الشرعي وهو وجوب صلاة الظهر، يلزم من وجود النصاب في الزكاة وجوب الحكم الشرعي وهو وجوب الزكاة، إذاً ما يلزم من وجوده الوجود هذا هو السبب، ومن عدمه العدم ومن عدم السبب يلزم منه عدم الحكم الشرعي، عدم دخول أوقات الصلاة يلزم منه ويترتب عليه عدم وجوب الصلوات المكتوبة، عدم النصاب يلزم منه عدم وجوب الزكاة، إذاً ثم تلازم وجوداً وعدماً في السبب والمُسَبَب، كل سبب إذا وُجد لابد وأن يوجد مُسَبَبه، كل سبب إذا عُدم لابد وأن ينعدم مُسَبَبه أو يُعدم مسببه، إذا بينهما تلازم في الوجود والعدم، ما يلزم من وجوده الوجود نقول هذا احترز به عن الشرط لأن الشرط لا يلزم لوجوده الوجود، الطهارة لا يلزم منها وجود الصلاة قد يتطهر ويتوضأ ولا يصلي ولا تجب عليه الصلاة، حينئذ نقول احترز بقوله ما يلزم بوجوده الوجود عن الشرط، لأنه لا يلزم من وجوده الوجود، بخلاف السبب، يلزم بوجوده الوجود، ومن عدمه العدم هذا احترز به عن المانع، المانع لا يلزم من عدمه وجوداً ولا عدم كالدين بالنسبة للزكاة، نقول هو مانع على قول بعض الفقهاء الدين مانع لكن هل يلزم من عدم المانع وجود أو عدم قد يُعدَم الدين لا تجب عليه الزكاة لأنه فقير أليس كذلك؟ قد يُعدَم الدين وتجب عليه الزكاة، إذاً قد يُعدَم المانع ولا يلزم منه إثبات حكم أو نفي، لذاته هذا للاحتراز عن السبب الذي لا يلزم لوجوده الوجود، قلنا السبب لابد أن يلزم لوجوده الوجود أليس كذلك؟ كلما وُجد السبب وُجد المُسَبَب، قد يوجد السبب ولا يوجد المُسَبَب ينتفي هل هو نقض لهذا التعريف؟ نقول لا، مثاله النِصاب بالنسبة للزكاة، قلنا إذا وُجد النصاب ترتب عليه وجوب الزكاة لكن هذا ليس لذاته وإنما قد يوجد النصاب ولا تجب الزكاة، متى؟ لفقدان شرطه لأن شرط الزكاة مع وجود السبب وهو النصاب الحولان، إذاً هنا لم يترتب على السبب مُسَببه، هل هو لذاته أو لفقدان شرط؟ لفقدان شرط، إذاً قوله لذاته أي لذات السبب ضمير يعود إلى السبب، أخرجنا ما لو قارن السبب فقدان الشرط كالنِصاب مع عدم الحول، حينئذ وُجد السبب ولم يترتب عليه المُسَبب هل نقول هذا طعن

في السبب؟ نقول لا، هنا وُجد السبب ولم يترتب عليه أثره وهو المُسَبب لفقدان شرط وهو الحَول، أو ما قارن السبب وجود مانع مثل ماذا؟ لما قلنا الدين مانع من الزكاة عند بعضهم قد يوجد السبب وهو بلوغ النصاب ويحول عليه الحول يعني مع شرطه ولا تجب الزكاة، لماذا؟ لوجود مانع، إذاً قارن السبب وجود مانع وهو الدين، وقارن السبب فوات شرط فحينئذ إذا فات السبب يعني مُسَببه لفقدان شرط أو وجود مانع لا يمنع من كونه سبباً لماذا؟ لأن عدم ترتب المُسَبب على السبب هنا لا لذات السبب وإنما لأمر خارج عنه وهو إما فقدان شرط أو لوجود مانع، هذا هو حد السبب ما يلزم من وجوده الوجود، لابد إذا وُجد السبب أن يترتب عليه مُسَببه، ولا يلزم من عدمه ومن عدمه العدم، إذا عُدِم السبب لابد وان ينعدم أو يُعدَم المُسَبب، هذا الأصل في السبب، قد يوجد السبب ولا يوج المُسَبب، قد يُعدَم السبب ويُوجد المُسَبب، قد يوجد السبب ولا يوجد المُسَبب، قد يوجد السبب ويوجد المُسَبَب هذا الأصل ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم، لو قارن السبب وجود مانع هل يترتب عليه أثر المُسَبَب؟ الجواب لا، إذاً وُجد السبب ولم يترتب عليه المُسَبب لوجود مانع، قد يوجد السبب ولا يترتب عليه أثره لفقدان شرطه، إذاً في الحالين السبب موجود، لأنه إذا انتفى السبب حينئذ لا إشكال في انتفاء المُسَبَب، إذا لم يدخل وقت الصلاة حينئذ لا نقول لم وجبت الصلاة، لأنه لا يمكن أن تجب الصلاة إلا إذا وُجد السبب، فحينئذ قوله لذاته عائداً على الأول وهو وجود السبب مع عدم ترتب المُسَبَب إما فقدان وفوات شرط وغمام لوجود مانع، هذا هو حد السبب عند الأصوليين. وسبب وقد استعمله الفقهاء في ما يقابل المباشر يعني يريد أن يبين لك أن السبب له مطلقات أربعة عند الفقهاء، يعني له استعمالات مصطلحات مختلفة يُطلق مراداً به كذا ويُطلق في موضع آخر مراداً به كذا بمعنى أنه ليس كل مر رأيت لفظ السبب فتفسره بهذا الذي ذكرناه الآن، وإنما الاصطلاحات تختلف كالمًفرد عند النحاة. لابد أن نربط بين الأصول والنحو. المفرد في باب الإعراب له معنى في باب المبتدأ والخبر له معنى في باب لا له معني والمُنادى كذلك، إذا قلت هذا مُفرد تفسره بأي شيء؟ بحسب السياق، حينئذ اختلف معنى الُمفرد اختلاف الأبواب، وهنا أيضاً يختلف معنى السبب باختلاف الأبواب، وقد استعمله أي لفظ السبب لا بمعناه السابق وإنما بمعنى آخر ولذلك نقول استعمله أي لفظ السبب نرده إلى اللفظ لأن المعنى هو الذي سيُستعمَل فيه فيما يذكره من المعاني الأربعة.

وقد استعمله الفقهاء أي استعار الفقهاء لفظ السبب فيما يُقابل المباشر، كالحفر مع التردية كالحفر هذا مثال كالحفر فيم ما هو الذي يسبق على الحافر؟ الذي يُقابل المباشر أول شيء تقول المباشرة كالحفر حفر بشر مع التردية بمعنى الدفن، مثاله لو حفر زيد بئراً في الطريق حفر بئر عميق فجاء هذا زيد هو الحافر فجاء عمرو فدفع بكراً فأسقطه في البئر فمات، عندنا حافر وعندنا مباشر وعندنا مقتول، المقتول انتهى رحمه الله بقي الحافر والدافع الذي يسمى المباشر إذا عندنا حافر ومباشر، قال هنا استعمله الفقهاء يعني أطلقوا اللفظ على ما يقابل المباشر، من الذي يقابل المباشر؟ الحافر، إذاً سمى الفقهاء الحافر في هذا المثال سموه سبباً، لماذا؟ لأن الحفر سبب والتردية علة لأن الهلاك بها لا بالحفر الموت وقع لبكر بم بالحفر أو بالدفع؟ بالدفع وإن كان الأصل أن الموت حصل بالاثنين، لماذا؟ لأنه لو وقع تردية بلا حفر هل وقع موت؟ قد لا يقع الموت لكن حفر الغالب أنه موت، لو حفر ولم تحصل تردية هل يقع موت؟ لم يقع موت، إذاً في الحقيقة أن الذي حصل به الموت مُشترك بين الاثنين، لكن الفقهاء إذا اجتمع متسبب ومباشر من الذي يضمن؟ المباشر، وأما السبب والمتسبب هذا انقطع حكمه، فحينئذ في مثل هذا الترتيب قالوا المباشر وجب عليه الضمان وأما الحافر فهذا ليس عليه حكم ولا يُرجع إليه إلا عند عدم إمكان تضمين المباشر، إذا أمكن تضمين المباشر فلا إشكال هو الذي يجب عليه الضمان، وإذا لم يُمكن رجع به إلى السبب، مثلوا لذلك ما إذا ألقى شخصاً في بحر فأكله الحوت، الضمان على من؟ الأصل على الحوت، هذا الأصل لأن هو المباشر، وذاك سبب الذي دفع هذا كالذي حفر والحوت كالذي دفع فهو المباشر، الأصل في الحوت أنه هو المباشر هو الذي وقع به الهلاك هو على الهلاك وأما الدفع الذي دفع فهذا الأصل أنه لا يضمن، لكن لما تعذر تضمين المباشر وهو الحوت رُجع به إلى السبب، إذا من إطلاقات الفقهاء لفظ السبب على ما يُقابل المباشر، قال كالحفر مع التردية فأول سبب الذي هو الحفر وثان علة الذي هو التردية، فالحفر سبب والتردية علة، لماذا التردية علة؟ لأن الهلاك بها لا بالحفر، هذا من باب التجود وترتيب الأحكام الشرعية وإلا فالأصل فأن العلة مركبة من السبب والمباشر، هذا الذي يُطلق عليه سبب في إطلاق الفقهاء وهو النوع الأول، النوع الثاني يطلق السبب على علة العلة، قال كالرمي في القتل للموت، الرمي هو علة أليس كذلك؟ يعني سبب للقتل، والموت هذا مترتب على أي شيء؟ على الرمي على الإصابة من أين أتيتم بالإصابة؟ الرمي سبب للإصابة والإصابة هي علة الزهوق زهوق النفس، إذاً عندنا علة وعندنا علة العلة، الزهوق هذا معلول والإصابة علة سببها الرمي علة العلة تسمى سبباً على العلة الذي هو الرمي الذي ترتب عليه الإصابة الذي ترتب على الإصابة الزهوق والموت سُمى سبباً أطلق الفقهاء عليه بأنه سبباً، إذاً وفي علة العلة يعني يُطلق لفظ السبب على علة العلة كالرمي فإنه يُمسى سبباً وفي الحقيقة ليس هو علة وإنما هو علة العلة يعن سبب العلة، إذا رجعنا إلى المعاني كالرمي في القتل للموت لأن الرمي ليس هو العلة في الأصل وإنما

الإصابة هي علة الزهوق رماه فأصابه فمات، رماه لأن ليس كل رمي يقتل، لو كان كل رمي يقتل حينئذ تعيَّن أن يكون قتل حصل بالرمي، لكن المعلوم حساً ليس كل رمي يكون قاتل وإنما بعضه يكون قاتل وبعضه ليس بقاتل، إذاً هو ليس بعلة، وإنما العلة هي الإصابة، أًصيب إصابة موت فموت، فحينئذ نقول أُطلق السبب على الرمي وليس هو علة وإنما هو علة العلة، هذا الإطلاق الثاني.

الثالث قال يُطلق السبب أو استعمل الفقهاء السبب في العلة بدون شرطها يعني إذا وُجد السبب الذي هو ملك النِصاب ولم يحل عليه الحول حينئذ ماذا نسمي النصاب؟ نسميه سبباً يُمسى سبباً عند الفقهاء، قال وفي العلة بدون شرطها يعني إذا وُجدت العلة الشرعية وفات شرطها حينئذ سمى الفقهاء هذه العلة بالسبب، وهذا بناءاً على التفرقة بين السبب والعلة هذا القول يجري على من فرَّق بين العلة والسبب وغلا لو كان مترادفين حينئذ يُقال يطلق السبب على العلة وإنما يكون أصالة في الاصطلاح أن كل منهما يُمسى على ويُسمى سبباً يطلق عليه أنه علة ويُطلق عليه أنه سبب، إذاً قوله في العلة الشرعية بدون شرطهاً هذا يتمشى على قول من فرَّق بين السبب والعلة، بل بعضهم جعل هذه التفرقات الأربعة أو المعاني ألربعة خاصة بالأحناف، بدليل قوله وقد استعمله الفقهاء وإذا أُطلق الفقهاء في باب الأصول عنوا به الأحناف لأن طريقة طريقتان طريقة الفقهاء وطريقة المتكلمين، فإذا أطلق المتكلمون المالكية والشافعية والحنابلة الفقهاء أرادوا به الأحنف، حينئذ يُحمل هذه المعاني الأربعة التي أُطلق عليها السبب أنها في اصطلاح الأحناف فحسب دون غيرهم، لكن أنه يُطلق في مقابل المباشر ليست خاصة بالأحناف لكن هذه المسألة وبالعلة بدون شرطها هذا يختص بالأحناف، وفي العلة نفسها يعني استعمله الفقهاء استعملوا لفظ السبب في العلة نفسها أي العلة كاملة وهذا عندما تكون العلة مركبة من أجزاء لأن العلة قد تكون شيئاً واحدة كالإسكار وقد تكون مركبة وقد تكون متعددة تختلف، تكون شيئاً واحداً كالإسكار وهو واضح، وتكون مركبة كالقتل العمد العدوان قصاص متى يكون هل كل قتل يترتب عليه القصاص؟ الجواب لا، لو خطئاً لم يترتب عليه القصاص، لو كان قتلاً عمداً لكنه في حد وقصاص لم يترتب عليه القصاص، إذاً نقول هذه علة ذات أجزاء وقد تكون متعددة كالوضوء يجب بماذا ما هي أسباب الحدث؟ قد يكون نوماً وأكلاً للحم الجذور والخارج من السبيلين، إذا اجتمعت هذه علة واحدة أو علل؟ هي علل ليست علة واحدة، هذه علل لأن الواحد منها يكفي في ترتب الحكم الشرعي عليها، قد يوجد أكل لحم الجَذور فقط إذاً هو علة، لو قلت علة مركبة حينئذ إذا وُجد جزءاً منها لم يترتب عليها الحكم الشرعي مثل العلة المركبة القتل العمد العدوان هذه لو وُجد قتل عمد لا عدوان وإنما كان بحق وُجد جزء العلة هل يترتب عليه الحكم؟ لا يترتب، إذاً وجود جزء العلة المُرَكبة من عدة أشياء لا يترتب عليه الحكم إلا ما يترتب الحكم إذا وُجدت العلة بمجموعها، أما إذا قلت علل مُتعددة فحينئذ إذا كان عندنا ثلاثة علل نوم وأكل لحم جذور وخارج من السبيلين لو قلت هذه علة واحدة حينئذ لو وُجد النوم لوحده لم يترتب عليه الحكم الشرعي، وإنما نقول العلل المتعدية تستقل كل علة بترتب الحكم الشرعي عليها، والعلة المركبة لا المركبة بالأجزاء قالوا هذه تشمل العلة العقلية، هنا قال وفي العلة نفسها أي العلة كاملة وهي المجموع المركب من مقتضيه يعني مقتضي الحكم وشرطه وانتفاء المانع ووجود الأهل والمحل كالقتل للقصاص فإنه سبب وعلة أيضاً، القتل للقصاص نقول هذه علة مركبة من عدة أجزاء أطلق

الفقهاء اسم السبب على هذه العلة نفسها وأطلقوا على كل جزء من أجزائها أنه جزء سبب كما نص عليه المُصنف، ولذا لهذا الإطلاق أنهم أطلقوا السبب على العلة كاملة وهي ذات أجزاء ولذا سموا أي الفقهاء الوصف الواحد من أوصاف العلة يعين الجزء والواحد من أجزاء العلة كالعمد فقط والقتل فقط والعدوان فقط سموه جزء السبب، لماذا؟ لأن العلة كلها هي سبب وجزء السبب حينئذ يُسمى جزء السبب، لماذا؟ لأنها مُؤلَفة من ثلاثة أجزاء والقتل جزء من هذا الكل والعدوان جزء من هذا الكل، إذاً صار جزء سبب. هذه أربعة علاقات للفظ السبب عند الفقهاء أنه يُطلق على ما يقابل المباشر، ويُطلق على علة العلة كالرمي بالنسبة للقتل ويُطلق على العلة دون شرطها ويُطلق على العلة كاملة إذا كانت ذات أجزاء وكل جزء منها يطلق عليه بأنه جزء سبب، هذا عند الفقهاء في كتب الفقه أما عند الأصوليين فلا، وإنما السبب الشرعي هو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم ذاته، إذاً هل ينبني على ذكر هذه المسألة هنا فائدة أصولية؟ الجواب لا، وإنما إذا قرأت في كتب الفقهاء فحينئذ تتنوع كلمة السبب بتنوع أرباب المذاهب والأبواب المختصة بها، ثم قال ومن توابعهما أي توابع العلة والسبب الشرط والمانع، الشرط هذا من التوابع جعله المصنف هنا من توابع العلة والسبب والمانع كذلك جعله من توابع العلة واسبب، وإن كان كثيراً من الأصوليين يجعلون السبب والشرط والمانع كل منهما متبايناً، يعني كل منهما مغايراً للآخر.

قال ومن توابعهما الشرط بإسكان الراء وهو إلزام إلزام الشيء والتزامه، وجمعه شروط وشرائط وإن كان كثير من الأصوليين يفسر الشرط هنا بالعلامة وقد جاء أشراطها أي علاماتها، وسُمي الشرط علامة لأنه علامة على المشروط إذا وُجد وُجد وإذا انتفى انتفى، إذاً الشرط علامة على المشروط، وإن كان بعضهم ينكر أن يكون الشرط بإسكان الراء هو بمعنى العلامة عند الأصوليين، وأجاب الطوخي بأن الشرط هو مُخَفَف عن الشَرَط فإذا صح أنه من لغة العرب الشرط مُخفَف عن الشَرَط فحينئذ لا إشكال في تفسير الشرط هنا بالعلامة، وإن لم يكن كذلك فحينئذ لا يصح تفسير الشرط هنا بكونه العلامة، وإنما يُقال الإلزام الإلزام بالشيء والتزامه، والشرط في الاصطلاح حده ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدمه لذاته، إذاً عُدِمت الطهارة عُدمت الصلاة لا تصح الصلاة لماذا؟ لفوات الشرط، إذاً يلزم من عدم الشرط عدم المشروط أو الطهارة، يلزم من عدم الحول عدم وجوب الزكاة، إذاً ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود قد يوجد الحول ولا يلزم منه وجوب الزكاة قد توجد الطهارة ولا يلزم منها وجود الصلاة، قد يتطهر ولم يدخل الوقت، إذاً ما لزمته الصلاة، قال ذاته سيأتي تفسير لذاته، ما يلزم من عدمه العدم نقول أخرج المانع لأن المانع لا يلزم من عدمه شيء البتة المانع هذا ضابط لا يلزم من عدمه شيء البتة كما قلنا في الدين، الدين باعتبار الزكاة، إذا عُدِم الدين ماذا نقول؟ لا يلزم من عدم الدين وجوب الزكاة لأنه قد يكون فقيراً ليس عليه دين، هل كل من ليس عليه دين وجب عليه الزكاة؟ نقول لا قد لا يكون غنياً قد يكون فقيراً، وكذلك قد يُعَدم الدين وتجب الزكاة، إذاً لا يلزم من عدم المانع وجود ولا عدم لا يلزم العدم المانع عدم الدين وجوب الزكاة أو انتفاء وجوب الزكاة، إذاً أخرج بقوله ما يلزم من عدمه العدم المانع، ولا يلزم من وجوده الوجود هذا أخرج السبب لأن السبب يلزم من وجوده الوجود، وكذلك المانع لأن المانع يلزم لوجوده العدم، كالحيض عدم صحة الصلاة، لذاته احترز به عن مقارنة الشرط وجود السبب، قلنا الحول هذا شرط لا يلزم من وجود الحول وجوب الزكاة، لكن لو وُجد السبب وهو النصاب لزم أو لا يلزم؟ يلزم، هل لزم لذات الشرط أو لأمر خارج؟ لأمر خارج وهو وجود السبب، فإذاً لو قارن الشرط وجود السبب لزم منه الوجود والأصل في الشرط لا يلزم من وجوده الوجود، لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط هذا هو الأصل فيه، لكن إذا وُجد السبب مع وجود الشرط نقول لزم الوجود لا لذات الشرط وإنما لأمر خارج عنه وهو وجود السبب، إذاً لذاته احترز به عما لو قارن الشرط وجود السبب، فليزم الوجود على خلاف الأصل في الشرط وهو عدم لزوم الوجود، أو مقارنة الشرط للمانع فيلزم عدم الوجود، لو قارن الشرط المانع مثل ماذا؟ الحول مع الدين، يلزم الوجود أو لا يلزم؟ لا يلزم، إذا وُجد الشرط وهو الحول ووُجد المانع ما الذي يترتب؟ عدم لزوم الشرط، أو مقارنة الشرط المانع فيلزم عدم الوجود لكن لا لذاته بل لأمر خارج عنه وهو مقارنة السبب أو قيام مانع، إذاً قد لا يُؤثر الشرط شيئاً في المشروط، متى؟ إذا قارنه مانع، وقد

يلزم من وجود الشرط وجود المشروط إذا قارنه وجود السبب، هنا قال مثلاً تمام الحول في الزكاة شرط، إذا قارنه وجود السبب فإنه يلزم وجود الزكاة، تمام الحول شرط، إذا قارنه وجود النصاب لزم منه وجود الزكاة، لا لذات الشرط بل لوجود السبب وإذا كان عليه دين مع الحول يلزم منه عدم وجوب الزكاة لا للشرط بل لقيام المانع، هذا هو الشرط في اصطلاح الأصوليين.

قال الشرط وهو ما يتوقف على وجوده إما الحكم أو عمل العلة، قسَّم لك الشرط إلى قسمين شرط الحكم وشرط العلة، قال الشرط وهو ما يتوقف على وجوده قسمان إما الحكم كالإحصان الحكم الذي هو حكم الجلد متوقف على الإحصان إن وُجد الإحصان ترتب عليه الحكم وهو وجوب الرجم، هذا يُسمى شرط حكم الذي يسميه البعض شرط الوجوب، والذي أخذناه سابقاً ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، قد يتوقف إيجاب الشيء من جهة الشرع على أمر خارج، الأمر الخارج يقول هذا شرط في الحكم يعني لا يتم تكليف المُكلف إلا إذا وُجد هذا الشرط، وهو ما يتوقف على وجوده يعني شرط الوجوب ما يصير الإنسان به مُكلفاً قالوا كالنقاء من الحيض قالوا شرط في وجوب الصلاة، شرط الوجوب ما به يُكلف وعدم الطلب فيه يُعرف مثل دخول الوقت والنقاء وكبلوغ بعث الأنبياء، إما الحكم كالإحصان للرجم، الإحصان مُراد به الوطء في نكاح صحيح هو الإحصان المعتبر الوطء في نكاح صحيح، للرجم أي لترتب حكم الرجم وهو وجوبه لا نقول وجب الرجم إلا إذا وُجد شرطه حينئذ وجوب الرجم وهو الحكم له شرط يُسمى شرط الحكم، إن وُجد ترتب الحكم وإلا فلا، ويسمى شرط الحكم أو القسم الثاني عمل العلة إذا لم تثبت العلة وهو شرط العلة كالإحصان مع الزنا، قالوا الزنا هذا علة وسبب للرجم للحد مطلقاً وللرجم خاصة، الإحصان هذا عمل العلة وهو الزنا وتأثيرها في الحد وهو الرجم إذا عُيِّن الرجم لا يمكن أن يعمل عمله إلا إذا وُجد الشرط وهو الإحصان، هناك جُعل الإحصان شرطاً للحكم نفس الرجم وهنا جُعل الإحصان عملاً لتأثير العلة وهي الزنا لأن الزنا يُسمى سبباً ويُسمى علة، يترتب على وجود الزنا الرجم، لا يمكن أن تؤثر هذه العلة أثرها في إيجاب الرجم إلا بوجود الإحصان، إذاً عمل العلة مرده من حيث المعنى إلى شرط الحكم، ولذلك التفريق بينهما عسير لماذا؟ لأن جَعل العلة هي الزنا هي عينها ما يترتب على ألإحصان من الرجم وعدمه لأ، الإحصان ليس معتبراً لوحده وإنما مُعتبراً بشيء آخر وهو وجود الزنا، ولذلك ما كان محصناً ولم يفعل شيء من هذه الفواحش هل يترتب حد أو لا؟ نقول لا يترتب عليه حد لماذا؟ لأنه وُجد الإحصان مع عدم وجود العلة التي هي أو السبب التي هي الزنا، فحينئذ نقول التفريق بين شرط الحكم وعمل العلة هذا يكاد يكون مجرد اصطلاح فقط وإلا مردهما إلى شيء واحد، ولذلك قال أو عمل العلة يعني يتوقف وجود عمل العلة على وجوده كالإحصان مع الزنا، ولذلك مثَّل بالإحصان في الموضعين في شرط الحكم وفي عمل العلة، وإنما غاير في المشروط، جعل المشروط هناك الرجم وجعل المشروط هنا الزنا، أو عمل العلة يعني أو ما يتوقف على وجوده عمل العلة وهو شرط العلة بخلاف العلة إن كانت واحدة لا يلزم من وجودها وجود الحكم، كالإحصان مع الزنا، قال فيُفارق حينئذ الشرط العلة من حيث إنه لا يلزم الحكم من وجوده، الشرط مع المشروط لا يلزم الحكم أو ترتب الحكم المشروط على وجود الشرط لأن حقيقة الشرط أنه لا يلزم من وجوده الوجود أما العلة فيلزم من وجودها وجود المعلوم كما ذكرناه سابقاً، الباعث على إثباته أي على حكم الشرع إثبات الحكم الشرعي فحينئذ إذا وُجدت العلة ترتب عليها

المعلول وهذا هو السبب في تفريق بعض الأصوليين بين شرط الحكم وعمل العلة وإلا الأصل المراد بها إلى شيء واحد. إذاً فارق الشرط العلة من حيث إنه لا يلزم الحكم من وجوده، إذاً وُجد الشرط لا يلزم منه وجود المشروط أما العلة فلا سيكون ثم الفرق بين الحكم الشرعي أو شرط الحكم وبين عمل العلة أن العلة يلزم من وجودها وجوب المعلول، وشرط الحكم لا يلزم من وجوده وجود الحكم ولذلك يوجد الإحصان ولا يوجد الرجم إذا انتفت العلة وهي الزنا، لكن إذا وُجدت العلة وهي الزنا مع الإحصان لابد وأن يترتب عليها الرجم، والتفريق يسير ودقيق جداً. وهو عقلي أي الشرط سنقسم على ثلاثة أقسام عقلي ولغوي وشرعي، عقلي ولغوي وشرعي، عقلي هذا باعتبار الوصف يعني ينقسم الشرط باعتبار الوصف إلى ثلاثة أنواع عقلي ما لا يوجد المشروط ولا يمكن بدونه من جهة العقل لأن الحكم هنا هو العقل، لا يمكن أن يوجد المشروط بدون شرطه كالحياة للعلم الحياة شرط للعلم، هل يمكن أن يكون عالم وليس بحي؟ الميت لا يُصف بكونه عالم لأنه جماد أليس كذلك؟ إذاً الحياة للعلم شرط لكنه عقلي يلزم من وجود العلم الذي هو المشروط وجود الشرط ولا يلزم من وجود الحياة وجود العلم، قد يكون حياً ويكون جاهلاً، إذاً لا يلزم من وجود الحياة وجود العلم ويلزم من وجود العلم وجود الحياة، ما الذي دل على أن العلم لا يكون إلا مع حياة؟ العقل هو الذي دلَّ. إذاً لا يمكن انفكاكه عنه من جهة العقل ولا يوجد المشروط بدون شرطه من جهة العقل نقول هذا شرط عقلي. لغوي يعني نسبة إلى اللغة مأخوذ من جهة اللغة، تعليق المشروط بالشرط والشرط هنا قد يكون إن وأخواتها لأن قد يكون حرفاً وقد يكون اسماً وهو المُعلَق أو التعليق بإن ونحوها {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا

عَلَيْهِنَّ} الطلاق6، نقول هذا شرط لغوي، وهذا يبحث عنه الأصوليون ليس في هذا الموضع وإنما يبحثون عنه في المخصصات هناك للعموم، يقسمون المخصصات متصلة ومنفصلة والمتصلة منها الشرط ويعنون به التعليق بإن أو إحدى أخواتها، وليس المراد هنا عند الأصوليين في هذا الموضع، ولغوي أي منسوب إلى اللغة ما لا يوجد المشروط ولا يمكن بدونه من جهة اللغة يعني مأخوذ ومفهوم من جهة اللغة بأن وضع أهل اللغة ألفاظاً حروفاً وأسماء إن وُجدت دخلت على التعليق، إن دخلت الدار فأنت طالق، لا يمكن أن ينجز الطلاق إلا بدخول الدار، وابن القيم وغيره قالوا هذا أقرب إلى السبب لأنه يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لكن لا يتحقق عليه حد أي الشرط هنا، والشرط قلنا فيه ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود، هل ينطبق على قوله إن دخلت الدار فأنت طالق؟ نقول لا لا يترتب عليه، وإنما يصدق عليه حد السبب ولذلك قال وهي أسباب، وليست بشروط، ولغوي كالمقترن بحروفه بحروف ماذا؟ بحروف الشرع هذه تُعلَم من جهة الوقت، وشرعي كالطهارة للصلاة وهو المراد هنا الشرط الشرعي وهو الذي فُسر بما ذكرناه ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، هذه ثلاثة أنواع للشرط، قسمها ليُبين لك ما المراد هنا، فالمراد ببحثنا هو الشرعي كالطهارة للصلاة، إذا وُجدت الصلاة لابد أن تُوجد الطهارة ولا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة، إذاً هو الذي يعنيه الأصوليون هنا.

والمانع ومن توابعهما الشرط: والمانع وعكسه والمانع اسم فاعل من المنع وهو ضد الإعطاء وقيل المانع هو الحائل بين الشيئين، قال عكسه يعني عكس الشرط وهو ما يلزمه من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، ما يلزم من وجوده العدم كالحيض هذا مانع إذا وُجد الحيض عُدِم صحة الصلاة إذا لزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم، قد لا يكون حيض ولا يلزم منه ترتب الصلاة لعدم دخول الوقت أو عدم ترتب الصلاة، إذاً لا يلزم من عدم وجود المانع وجود ولا عدم، الأول أخرج السبب لأنه يلزم من وجوده الوجود والثاني أخرج الشرط لأن الشرط يلزم من عدمه عدم المشروط، لذاته هذا للاحتراز لأن المانع قلنا ما يلزم من وجوده العدم وقد لا يترتب عليه هذا الحكم لأمر خارج عنه، لذاته نقول للاحتراز عن مقارنة المانع لوجود سبب آخر فإنه يلزم الوجود ولكن لا لعدم المانع بل لوجود السبب الآخر مثل المرتد القاتل لولده قالوا المرتد القاتل لولده، هل يُقتل بولده؟ لا لا يُقتَل، إذاً وُجد مانع أم لا؟ وُجد مانع، إذاً نقول الأبوَّة مانعة من القصاص لكن لو كان قاتلاً أباً مرتداً يُقتل أو لا يُقتَل؟ وُجد المانع، هل أثَّر؟ لم يؤثر، إذاً لماذا قُتل، إذاً لأ لم يُقتل من جهة كونه قاتلاً لابنه بل قُتل لسبب آخر وهو وجود الردة فالقتل هنا مُرتب على سبب آخر غير قتله لابنه، لماذا؟ لأن الأبوَّة مانع يلزم من وجودها عدم الحكم وهو القصاص، فحينئذ وُجد مع هذا المانع سبب آخر، رُوعي السبب الآخر فترتب على ما لو أُعمِل السبب الأول وهو وجوب القصاص وهو كونه قاتلاً دون نظر إلى الأبوَّة يترتب عليه القصاص فأُعمِل باعتبار السبب الثاني لا باعتبار السبب الأول، فمن ثم عندنا سببان قتل ورِدة كل منهما مُوجب للقتل، قتل للغير نفس معصومة ورِدة كل منهما مُوجب للقتل ولكنه قُتل للاعتبار الثاني وهو كونه مرتداً لماذا؟ لعدم وجود المانع ولم يُتَل باعتبار الأول لقيام المانع، إذاً هنا نقول للاحتراز عن مقارنة المانع لوجود السبب أو سبب آخر، فإذاً يلزم الوجوب، هنا لزم الوجوب وهو القتل وهو القصاص، نقول هذا ليس لكونه قاتلاً وإنما باعتبار آخر وهو كونه مرتداً لأن المانع إنما منع أحد السببين فقط وهو القصاص وحدث القصاص بسبب آخر وهو الرِدة.

إذاً هو المانع عكسه أي عكس الشرط لأن الشرط ينتفي الحكم لانتفائه والمانع ينتفي الحكم لوجوده، إذاً كل منهما ينتفي الحكم عنده إلا أن الشرط ينتفي الحكم لانتفائه والمانع ينتفي الحكم لوجوده. وهو ما يتوقف السبب أو الحكم على عدمه لأنه قسم لك المانع إلى قسمين مانع السبب ومانع الحكم، قد يوجد السبب ولا يؤثر لقيام مانع فحينئذ يُسمى مانع السبب قد يوجد شرط الحكم ولكنه لا يؤثر، لماذا؟ لوجود المانع، إذاً المانع قسمان، مانع للسبب ومانع للحكم، لذا قال ما يتوقف السبب أو الحكم على عدمه، توقف السبب على عدم المانع وتوقف الحكم على عدم المانع، فمانع السبب - أراد أن يُمثل لك – مانع السبب كالدين مع ملك النِصاب، ملِك النِصاب سبب مُسَببه وجوب الزكاة، هل أثَّر هذا السبب؟ لا، لقيام مانع وهو الدين صار مانعاً للسبب، ومانع الحكم وهو الوصف المناسب لنقيض الحكم، المعصية بالسفر المنافي للترخيص السفر سبب يترتب عليه الترخص قصر الصلاة والإفطار، هذا السبب نقول يترتب عليه الترخيص عند بعضهم من الفقهاء أن السبب الذي هو السفر هنا لابد أن يُقيض بطاعة فحينئذ يصح الترخص والترخيص فإذا كان السفر معصية قالوا امتنع الترخيص، كالمعصية بالسفر المنافي للترخيص لأن الترخيص ما الحكمة منه؟ رفع المشقة وهل يناسب ذلك المُطيع أو العاصي؟ المطيع، إذاً العاصي لا يناسبه أن يُخفَف عنه لماذا؟ لأن التخفيف عنه فيه إعانة يمسح ويجمع بين الصلوات ويقصر ويُطفر إلى آخره، نقول كون السفر سفر معصية يمنع من الترخص، هنا الحكم الذي هو الترخيص وُجد مانع له وهو المعصية، لذلك قال في حد وهو الوصف، المراد بالوصف هنا المعصية، المناسب لنقيض الحكم عدم ترخيص ما هو الحكم الترخيص، لماذا؟ لأن الترخيص يناسبه طاعة للمعصية، فحينئذ لما وُجدت المعصية منعت الحكم فصارت المعصية مانعة من الحكم، ما هو الحكم؟ الترخيص، لماذا؟ لكون المعصية وصفاً مناسباً للحكم وهو عدم الترخيص لذلك قال فمانع السبب ثم قال ومانع الحكم وهو الوصف المناسب أي الظاهر المُنضبط الذي يلزم منه وجوده عدم الحكم، يلزم من وجود المعصية عدم الحكم وهو الترخيص كالمعصية بالسفر المنافي للترخيص ثم قيل هما من جملة السبب ثم قيل يعني قال بعضهم إن الشرط والمانع من جملة السبب يعني داخلان في السبب وليسا من توابع السبب، لتوقفه أي السبب على وجود الشرط وعدم المانع لأنه إذا اختل شرط أو وُجد مانع لم يُوجد السبب لماذا؟ لأن ثم تلازماً بينهما قال وليس بشيء يعني وليس هذا القيل بشيء لماذا؟ لأن الشرط والمانع من التوابع وليسا من جملة السبب، لأن السبب قد يوجد ولو لم يوجد الشرط، كالنِصاب يوجد ولا يوجد الشرط وهو الحول أليس كذلك، ولم يوجد الشرط أو وُجد المانع كالنصاب مع عدم الحول أو وجود الدين، ولأنه يجوز فعل الواجب إذ انعقد سبب الوجوب قبل وجود شرطه كإخراج الزكاة قبل الحول، الخلاصة أن عد المانع والشرط من جملة السبب ليس بصحيح بل هما تابعان لهما ولو قيل أنهما مستقلان فما هو عليه أكثر الأصوليين لكان أجود، حينئذ نقول خلاصة ما ذكره المصنف هنا أنه قسَّم الأحكام الوضعية إلى أربعة أقسام أحدها ما يظهر به الحكم ما يكون سبباً

وكاشفاً ومُعرفاً للحكم الشرعي وقسمه إلى نوعين هذا خلاصة ما ذكره: علة وسبب، ثم جعل للعلة والسبب تابعين وهما الشرط والمانع وقسَّم لك الشرط إلى شرط حكم وشرط علة وقسم لك المانع إلى مانع سبب ومانع الحكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم.

7

عناصر الدرس * الصحيح * الفاسد * المنعقد. الدرس السابع لازال الحديث في الأحكام الشرعية عند قول المُصنف و (وضعيةٌ) وهي أربعة ذكر النوع الأول وهو ما يظهر به الحكم وهو نوعان علة وسبب قلنا العلة داخلة في السبب فحينئذ لا نحتاج إفراد وكل ما يتعلق بالعلة سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى في باب القياس، وجعل الشرط والمانع من توابع العلة والسبب، إذاً ليست هذه الأشياء مستقلة وإنما جعل العلة مقابلة للسبب، قلنا الجموع على أن العلة أخص من مطلق السبب، كل علة سبب ولا عكس ومع علة ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، والشرط والمانع جعلها المُصنف هنا على اختلاف المشتهر عند الأصوليين بأن السبب مستقل والشرط مستقل والمانع مستقل وكل منها له بحث يختص به، ثم قال الثاني أي الثاني من الأحكام الوضعية الأول ما يظهر به الحكم والثاني الصحيح أو الفاسد هذا ليسا من الأحكام الشرعية وإنما متعلق الصحة هو الصحيح، متعلق الفساد هو الفاسد يعني ذكرنا أن الحكم الشرعي هو خطاب الله إن تعلق بفعل المكلف حينئذ يكون بحسب نوع ذلك الخطاب إذ كان إيجاباً فالفعل واجب فلذلك هنا فعله هو الذي يُوصف بأنه صحيحاً أو فاسداً العبادة نفسها هي التي يُقال عبادة صحيحة أو فاسدة، وكذلك المعاملة هي التي يقال فيها بأنها معاملة صحيحة أو فاسدة حينئذ صار الوصف للصحة بفعل المكلف والوصف بالفساد بفعل المكلف، الثاني الصحيح الصحة والفساد من الأحكام الشرعية ولا شك، ولكنهما ليسا داخلين في الاقتضاء والتكليف وهذا هو المشهور من كلام الأصوليين بأنه إذا قيل هذه عبادة صحيحة أو عبادة باطلة أو معاملة صحيحة أو معاملة باطلة لا يُفهم من هذا اقتضاء ولا تخيير ليس فيه طلب فعل ولا طلب ترك ولا تكليف فحينئذ إذا انتفى الاقتضاء وانتفى التخيير تعين الثالث وهو الوضع لأن القسمة ثلاثية على ما أصلناه في حد الحكم الشرعي خطاب الله تعالى المتعلق بالفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، فإذا انتفى الاقتضاء وانتفى التخيير فحينئذ تعين الوضع، ولذا حكم بكون الصحة والفساد من الأحكام الوضعية وقال بعضهم الصحة بمعنى الإباحة ولا يُنسب للراجح الصحة بمعنى الإباحة وفساده بمعنى الحرمة فإذا فُسرت الصحة بمعنى الإباحة والإباحة حكم شرعي تكليفي وإذا فُسر الفساد بمعنى الحرمة والحرمة حكم شرعي تكليفي صار كل من الصحة والفساد حكمين شرعيين تكليفيين، إذاً هذا القول بأن الصحة ليستا من الأحكام التكليفية وليست من الوضعية وهذا قلة من قال بهذا، الثالث هو قول ابن الحاجي والمنتبهة بأن الصحة والفساد حكمان عقليان بأن الصحة عبارة عما استجمع الشروط مع انتفاء الموانع والفساد عبارة عما لم يستوفي الشروط أو مع وجود مانع، والحكم في الاستيفاء أو عدم الاستيفاء أول بوجود المانع أو عدم الوجود أو فوات الشرط هذا أمر يُدرك بالعقل فحينئذ نحكم بأن الصحة حكم عقلي ونحكم بأن الفساد حكم عقلي إذاً ليست من الأحكام الشرعية البتة، فأخرجها ابن الحاجي من الحكام الشرعية إنما داخلة في الحكم الشرعي هذه ثلاثة أقوال والمشهور أنها من الأحكام الوضعية لذلك أدرجها المصنف هنا، ولو جُعلت من أوصاف الأحكام التكليفية لا بأس بذلك، حينئذ تكون تابعة لها وليست منها على جهة

الاستقلال، الثاني الصحيح والفساد سيأتي معطوف عليه، هذا تقسيم للحكم باعتبار اجتماع الشروط المعتبرة في الفعل وعدم اجتماعها فيه يعني هذا التقسيم ما وجهه من أي حيثية للحكم، نقول من حيثية اجتماع الشروط المعتبرة في الفعل وعدم اجتماعها فإن اجتمعت الشروط المعتبرة في الفعل فحينئذ نحكم عليه بأنه صحيح وإذا لم تجتمع الشروط المعتبرة للفعل حينئذ نحكم عليه بأنه فاسد، إذاً هذا التفصيل تابع لهذه الحيثية لأن ثم حيثيات ينقسم الحكم الشرعي مطلقاً سواء كان تكليفياً أو وضعياً لكل تقسيم حيثية تخصه وهنا من حيث اعتبار الشروط المعتبرة في الفعل أو عدم اعتبارها، هل هي مجتمعة أم لا؟ كل فعل شرعه الشراع لابد وأن يكون متوقفاً على ركن أو شرط أو سبب أو ينتفي عند وجود مانع، كل حكم لابد من أنه متوقف على هذه إذا استوفى الفعل الشروط والأركان والواجبات وكل ما يتوقف عليه الفعل مع انتفاء المانع نقول هذا صحيح، وإذا لم يستوفي الأركان والشروط والواجبات ووُجد مانع أو بعض الموانع حينئذ نحكم عليه بأنه فاسد إذا هذا التفصيل من حيث اعتبار الشروط المعتبرة للفعل أو عدم اعتبارها، إن وُجدت مجتمعة حينئذ حكمنا بالصحة وإلا حكمنا بالفساد، قال اثنان أي من الأحكام الوضعية الصحيح الصحيح وهو لغة المستقيم فسره في اللغة بالمستقيم وإن كان المشهور عند أهل اللغة أن الصحيح هو السليم من المرض ولا مانع أن يُقال المستقيم إذا حُلل عن السلامة من المرض لأنه مستقيم على الصحة المستقيم ضد المعوج حينئذ إذا لم يكن معوجاً حينئذ يُنسَب للاستقامة ولا بأس ولكن أكثر ما يرد على السنة أهل اللغة وحتى الأصوليين في هذا الموضع يقولون أنه السليم من المرض، أي كل سالم من المرض فهو مستقيم وهو صحيح، الصحيح وهو لغة المستقيم واصطلاحاً في العبادات ما أجزأ وأسقط القضاء في حد الصحة عند الأصوليين بخلاف بينهما أولاً باعتبار المتكلمين والفقهاء ثم بالنظر إلى العبادات والمعاملات، فرقوا بين المعاملات وبين العبادات، الصحة في العبادات مغايرة للصحة في المعاملات ثم النظر هنا نظر الفقهاء يختلف عن نظر المتكلمين الأصوليين، المراد بالفقهاء هنا الأحناف ونحوهم والمراد بالمتكلمين المالكية والشافعية والحنابلة، هؤلاء إذا أُطلق المتكلمون حينئذ صرف إلى هؤلاء، فحينئذ لما كان علمهم مبناه على قواعد المناطق والجمل والتنزل إلى آخره سموا متكلمين ولذلك في علم الكلام سُمي علم الكلام علم الكلام لكثرة كلامهم وقيل لكثرة كلامهم في صفة الكلام المختصة بالرب جل وعلا، وهنا سموا متكلمين لأن طريقتهم جارية على القواعد المنطقية يعني ينظروا إلى القواعد من جهة ولا ينظرون من جهة اقتباسها من الفروع ولذلك طريقة الأحناف أليق من فقه طريقة المتكلمين، ومن ثم قواعد المتكلمين قد تكون راسخة ولكن ليس كل ما قاله المتكلمين يُسَلَّم له ولكن كثر فيهم أهل البدع من الأشاعرة والمعتزلة ونحوهم إذاً قم خلاف في حد الصحة بين المتكلمين وبين الفقهاء، المتكلمون عرَّفوا الصحة بأنها موافقة الفعل للوجهين للشرع مطلقاً والصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً من دول مين، إذاً الصحة في العبادات عند المتكلمين موافقة إذاً لا مخالفة،

موافقة الفعل فعل المكلف للوجهين عنده فعل ذو وجه وفعل ذو وجهين والمراد بالفعل ذي الوجهين هو الذي له طرفان يعني يقع تارة موافقاَ للشرع لاستجماع الشروط وانتفاء الموانع ويقع تارة مخالفاً للشرع فكل فعل يمكن أن يكون للشرع لاستيفاء الشروط والأركان وانتفاء الموانع ويمكن أن يقع مخالفاً للشرع لعدم استيفاء الشروط والأركان أو وجود مانع هذا يسمى عندهم ذا وجهين هذا يُحتِرز به عن الفعل ذي الوجه الواحد فقط لأنه لا يكون إلا صحيحاً لا يقع إلا موافقاً للشره، مثلوا لذلك بمعرفة الرب جل وعلا قالوا معرفة الله هذه لها طرف واحد لا يمكن أن يعرف ربه على الوجه الشرعي ثم نقول هذه المعرفة قد تكون صحيحة أو تكون فاسدة لا تحتمل الصحة والفساد بل لا تقع إلا صحيحة فإن لم يعرف ربه على الوجه الشرعي كأن يكون محرفاً للتوحيد والصفات ونحوها نقول يسمى جهلاً ولا يسمى معرفة.

إذاً معرفة الله هذه لا تقع إلا موافقة للشرع فحينئذ نقول هذه المعرفة لا توصف إلا بالصحة لأنها لا تكون إلا موافقة للشرع كذلك رد الوداع قالوا هذا لا يقع إلا موافقاً للشره لأنه لا يمكن أني رد الوديعة على وجه مخالف للشرع، وسقطوا فعل ذي الوجهين للشرع مطلقاً يعني سواء كان في العبادات أو في المعاملات وسقطوا فعل للوجهين للشرع مطلقاً قالوا نقول الفعل ذو الوجهين الذي يقع تارة موافقاً للشرع وتارة مخالفا للشرع في المرة التي وقع موافقاً للشرع عُلق عليه وصف الصحة إذا متى يُحكم بالصحة على فعل ذي الوجهين؟ الفعل ذي الوجهين له حالان إما أن يكون موافقاً وإما أن يكون مخالفاً، إن وافق الشرع فهو صحيح وإن خالف الشرع فهو فاسد، هذا الصحيح عند المتكلمين وأما عند الفقهاء فالصحة ما أسقط القضاء أو شئت قلت سقوط القضاء إذا كان الفعل مأمور به قد أسقط القضاء بحيث برأت الذمة من الفعل الذي تعلق بذمة المكلف بسبب خطاب الشرع قالوا حينئذ يُوصف الفعل بكونه صحيحاً فإذا وقع الفعل مطلقاً موافقاً للشرع وأسقط القضاء بحيث لم يُطالب بإعانته مرة أخرى وبرأت الذمة وخرج من العهدة قالوا الفعل صحيح، لماذا؟ لأنه أسقط الطلب وهذا هو عند جمهور الفقهاء وصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً بدون مين، وفي العبادة للجمهور أن يسقط القضاء مدى الدهور متى ما سقط القضاء صحت العبادة فإذا لم يسقط القضاء وبقيت الذمة مشغولة وصار المكلف مطالباً بالإعادة نقول هذا لم تصح عبادته، ما الفرق بين الحدين؟ الفرق بينهما في مسألة وقع النزاع فيها صلاة من ظن الطهارة يعني إنسان قد تطهر ثم شك في طهارته هل انتقض أو لا الراجح أنه يقع على أنه متطهر لأن الطهارة قيل لا يزول بالشك فحينئذ إذا صلى ظاناً أنه متطهر ثم بعد صلاته تيقن أنه مُحدِث الصلاة التي صلاها السابقة على قول المتكلمين صحيحة وعلى رأي الفقهاء تعريف الفقهاء فاسدة وليست بصحيحة، لماذا؟ لأن المتكلمين نظروا إلى ظن المكلف موافقة للفعل للوجهين من ظن المكلف، لم يعتبروا الشيء في نفسه باعتبار موافقته للواقع، فقالوا من صلى ظاناً الطهارة ثم تبين له أنه غير متطهر وقت صلاته قد امتثل الأمر أم لا نقول امتثل الأمر، وكذلك لو لم يكتشف حدثه قلنا هذه الصلاة قد أسقطت الطلب، لكنه لما تبين أنه مُحدِث حينئذ صلى وقد وافق أمر الشرع لأنه دخل وقت الصلاة {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء78، فقام يصلي ثم شك فاعتبر الظن إذاً الأمر الأصلي أقيموا الصلاة قد امتثله فقام صلى أربع ركعات صلاة الظهر ثم شكه في الطهارة والأصل أنه متطهر قال اعتبر عمل الظن لأنه إذا شك المتطهر في طهارته نقول الأصل أنه اليقين اليقين أنه متطهر إذاً عمل بدليلين شرعيين في المسألتين، إذاً وافق الأمر وكيف حينئذ نُبطل صلاته؟ قالوا صلاته صحيحة والعبرة بالظن هنا فلما تبين فساد ظنه نحكم بصحة صلاته سابقاً وحينئذ نقول لا تسقط تلك الصلاة طلباً بل لازال مكلفاً بالصلاة ولذلك اتفقوا على أنه مطلب بالقضاء وإنما في تسمية الصلاة التي اكتشف أنها قد أُديت بغير طهارة عند المتكلمين فهي صحيحة لأنها وافقت الأمر وعند الفقهاء العبرة ليست بظن المكلف لأن الأمر

بإعمال الظن أو بالعمل بالظن هذا مُقيد ليس على إطلاقه الظن المعتبر شرعاً وهو الذي لم يتبين فساده فإذا تبين فساد الظن حينئذ نقول لا عبرة للظن البين خطأه فحينئذ نقول هذا لم يوافق الأمر ولازال مطالباً بالصلاة ونحكم على تلك الصلاة بأنها فاسدة لأنها لم تُسقط القضاء والفعل الصحيح هو الذي يسقط القضاء ومالا يسقط القضاء لا يوصف بكونه صحيحاً إذاً الخلاصة لما قيل أن الصحة عند المتكلمين يختلف حدها عن الصحة عند الفقهاء، الفقهاء ما أسقط الطلب أو ما أسقط القضاء كل فعل فعله المكلف وسقط به الطلب وسقط به القضاء فهو صحيح لأن الذمة قد برأت وخرج عن العهدة وهذتا هو المراد وكل ما لا يسقط الطلب فليس بصحيح وعند المتكلمين ما وافق أمر الشرع في ظن المكلف، حينئذ يوصف بالصحة ولو تبين بعد ذلك أنه لم يوافق الأمر لأنه لابد أن يكون متطهراً لا صلة إلا بطهارة فإذا صلى مُحدثاً حينئذ لم يوافق الأمر لكن قالوا لما أعمل الظن وهو مأمور بالوقوف مع الظن لا يخيب رجائه فنقول هذه الصلاة صحيحة ونلزمه بالإعادة، إذاً مأخذ الخلاف هو النظر في ظن المكلف هل هو المعتبر في الكم بصحة العبادة أو نفس الأمر نقول نفس الأمر لابد أن يكون موافقاً للأمر في نفس الأمر لا باعتبار ظنه، فلو ظن شيئاً ثم تبين أن الظن خطأ نقول الظن لا عبرة به فنرجع إلى الأصل وصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً بدون مين وفي العبادة لدى الجمهور أن يسقط القضاء مدى الدهور يبنى على القضاء بالجديد أو أول الأمر لدى المجيد، هذا محل نزاع عند بعضهم أن محل النزاع بين المتكلمين والفقهاء هل الأمر أو هل القضاء يكون بالأمر الأول أو بنص جديد الآن إذا قلنا الصلاة هذه باطلة عند المتكلمين لا يمكن أن يؤمر بصلاة الجديد إلا بأمر جديد وعند الفقهاء أن نفس النص الأول السابق الذي دل على طلب إيجاد الصلاة هو عينه الذي دل على طلب قضاء الصلاة. لكن الأصح ليس هذا هو محل النزاع المحل هو هل العبرة بظن المكلف أو بموافقة نفس الأمر وهي وفاقه لنفس الأمر أو ظن مأمور لدى ذي خُبْر هكذا قال السيوطي.

الحكمة هل العبرة في الصحة ضد المكلف أو نفي الأمر نقول الصواب نفس الأمر وبذلك يترجح مذهب الفقهاء أما كون الطلب أو كون القضاء لا يجب إلا بدليل جديد هذا هو الأصح أنه لا قضاء إلا بدليل جديد وكل ما دل على إيجاد عبادة في وقت ما ثم خرج الوقت ولم تُفعَل حينئذ نقول لابد من دليل جديد يدل على قضاء هذه الصلاة، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها كنا نُؤمَر بقضاء الصوم ولا نُؤمَر بقضاء الصلاة، نستدل بهذا على أن القضاء لا يكون بنفس الأمر الأول وإنما لابد من أمر جديد والأمر لا يستلزم قضاء بل هو بالأمر الجديد جاء، فحينئذ كنا نُؤمَر بقضاء الصوم مع وجود الأدلة التي تدل على وجوب أداء الصوم، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} البقرة183، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ} البقرة185، هذه آيات تدل على وجوب أداء الصوم أي قضاء الصوم إذا خرج الوقت ولم يصم لابد من دليل جديد، لا قضي إلا بدليل جديد، كنا نُؤمَر بقضاء الصوم مع وجود الأدلة التي تدل على وجوب أداء الصوم ولا نُؤمَر بقضاء الصلاة إذاً لم يرد أمر جديد بقضاء الصلاة مع وجود قوله {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} البقرة43، إذاً كل من الصوم والصلاة قد دلت أدلة متواترة على وجوب أداءهما في الوقتين المحددين لهما الصلاة بأوقاتها المحدودة والصوم بوقته المحدود، هذه الأدلة مع وجودها لم تشمل منها عائشة أو أحد من الصحابة أنها تدل على القضاء فإذا خرج الوقت نقول لابد من دليل فكل من أوجب قضاء الصلاة بعد خروج وقتها عمداً دون عُذر شرعي حينئذ لابد من دليل لأن قوله {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء78، هذا أوجب صلاة الظهر وحدد لها وقت وهذا الوقت مشتمل على مصلحة ولا شك فحينئذ إذا خرج الوقت وقت صلاة الظهر دون عذر شرعي نقول هل نقول له صلي بعد خروج الوقت لأن الدليل الأول يدل على ذلك نقول لابد من دليل جدياً يحمل الوقت الثاني بعد الخروج عن الوقت الأول الذي أوجب فيه الصلاة لأن الوقت ما أوجبت فيه الصلاة بهذين الحدين الطرفين الأول والآخر إلا لمصلحة عظيمة اشتمل عليها ذلك الوقت فحينئذ إن صح دعوى إجماع وجوب قضاء صلوات مكتوبات على من تركها عامداً نقول الإجماع ودليله مستنده هو الذي أوجب لا الأدلة السابقة النص الأول وإن لم يصح الإجماع هنا نقول الأصل أنه لا يقضي لو قضى مائة مرة ما أجزأه لماذا؟ لأنه لابد من دليل جديد وهذا رأي ابن حزم رحمه الله. أنه لابد من دليل جديد حتى يثبت في ذمة المكلف قضاء صلاة تركها عمداً فنقول إن صح الإجماع حينئذ لا إشكال وإن لم يصح الإجماع فلابد من دليل يُوجب قضاء الصلوات بعد خروج وقتاه.

الثاني الصحيح وهو لغة المستقيم قال هنا واصطلاحاً في العبادات يعني المتكلمين يخالفون الفقهاء في حد الصحة في العبادات وإن كان الحد السابق للمتكلمين عام ليس خاصاً بالعبادات وصحة الوفاق للوجهين للشرع مطلقاً يعني سواء كان في العبادات أو في المعاملات وأما الفقهاء فرقوا بينهما واصطلاحاً في العبادات أي في اصطلاح الشرع أو في اصطلاح أهل الاصطلاح في العبادات لا في المعاملات ما أجزأ وأسقط القضاء، القضاء المراد به ليس القضاء الاصطلاحي الذي هو فعل العبادة كاملة بعد خروج وقتها وإنما يُفَسَر هنا بمعنى الإعادة وهو فعل العبادة في وقتها مرة أخرى مرة ثانية إذاً إدخال القضاء هنا ليس المراد به إدخال القضاء الاصطلاحي إنما المراد به معنى الإعادة والإعادة هي فعل العبادة في وقتها مرة أخرى يعيدها في نفس الوقت إما لخلل وإما لطلب فضيلة كما سيأتي، ما أجزأ وأسقط الطلب بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها مرة أخرى، الصحة في العبادة ما أجزأ وأسقط القضاء بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها مرة أخرى فإذا صلى في أول الوقت ظاناً أنه متطهر فتبين له أنه على حدث نقول هذه الصلاة ما أجزأته لم تسقط الطلب ويلزمه فعلها مرة أخرى في نفس الوقت، لماذا؟ لأن الصحة ما أسقط القضاء وهذه الصلاة الأولى لم تسقط القضاء حينئذ حكمنا ببطلانها وأنه يلزمه إعادة الصلاة مرة أخرى، ما أجزأ وأسقط القضاء الإجزاء وإسقاط القضاء وهنا عطف الشيء على المراد فيه كفاية العبادة الإجزاء وهي أن يسقط الاقتضاء أو السقوط للقضاء، إذاً الكفاية كفاية العبادة بأن تكون كافية في إسقاط القضاء هو الإجزاء كفاية العبادة الإجزاء يعني إذا كانت العبادة كافية كفت فعلها مر المرة الأولى كفت بإسقاط الطلب أُمر فقام فصلى مستوفياً للشروط ولم تكن موانع نقول هذه العبادة كافية في إسقاط الطلب إذاً هي مُجزأة بمعنى أنها أسقطت الطلب، إذا أجزأ من الفعل أجزأ في إسقاط الطلب وأسقط القضاء بمعنى أنه لم يحتدم إعادتها مرة أخرى وهذا هو معنى الأجزاء، بمعنى أنه لا يحتاج إلى فعلها ثانية ما أجزأ وأسقط القضاء هذا بفعل للعبادة نفسها هذا عند الفقهاء وعند المتكلمين ما وافق الأمر فعل وافق الأمر أُمر بصلاة فقام فصلى مستجمعاً للشروط في ظنه ثم اكتشف أنه لم يأتي ببعض الشروط قالوا هذه الصلاة صحيحة ويلزم القضاء إذاً حكموا بعدم إسقاط الصلاة بالقضاء مع الحكم بكونها صحيحة لذلك ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى – يُرجح مذهب الفقهاء ويقول لولا المتكلمين لم يوافقوا الأمر الأصلي والمر بالإعمال الظني ظن المكلف لماذا؟ لأنهم يقولون ما وافق الأمر يعني الأمر الأصلي وهل أمر الشارع بصلاة صاحبها ليس على طهارة؟ لا، (أقم الصلاة) المراد بها الصلاة المستجمة للشروط فإذا صلى بغير طهارة فحينئذ نقول الصلاة هذه لم توافق الأمر، ثم قوله بأنه اُعمِل ظن المكلف بأنه مأمور بالظن هنا مأمور بالعمل بالظن حينئذ لما تبين خطأ ظنه هل عُمل بالظن الذي اعتبره الشرع ظناً يُوقف عنده أم لا؟ لا الثاني إذاً لم يوافق الأمر الأصلي ولم يوافق الأمر الذي أمره بإعمال الظن لأن الأمر الأصلي أقم الصلاة أُكتشف أنه لم يوافقه على وجهه الشرعي فصلى صلاة بغير

طهارة كذلك الأمر بعمل بالظن نقول هذا ليس على إطلاقه وإنا الظن الذي لم يتبين فساده فإذا تبين فساده حينئذ ليس مأموراً بالعمل بهذا الظن إذاً تبين أنهم لما يوافق الشرع في الجهتين، ولذلك ضعَّف مذهب المتكلمين ورجَّح مذهب الفقهاء، المتكلمين عندهم ما وافق الأمر أي أن يوافق فعل المُكلف أمر الشارع في ظنه هو، والمراد بالموافقة أعم من أن تكون بحسب الواقع أو بحسب الظن مطلق الموافقة سواء كان موافقا له في الواقع أو موافقا له في ظنه لأنه ليس مفترضاً أن يكون مذهب المتكلمين أنه موافق للظن قد يكون الظن موافقاً للواقع ولا إشكال فحينئذ يكون مُسقطاً للقضاء واتفقوا مع الفقهاء لكن الإشكال فيما إذا ظن ظنة وتبين فسادها، بشرط عدم ظهور فسادها لأننا أُمرنا باتباع الظن ما لم يظهر فساده والمُسقط للقضاء هو الموافقة الواقعية الذي يسقط القضاء هو الموافقة للأمر في نفس الأمر، أما إذا تبين عكس ذلك فحينئذ يلزمه القضاء، ما وافق الأمر تقيضه في ظن المكلف لا في الواقع وإن لم يثبت القضاء فهي صحيحة ولو وجب عليه أن يصلي الظهر مرة أخرى ثم قال وفي العقود ما أفاد حكمه المقصود منه عند المتكلمين الصحة في العقود والمراد بها المعاملات كالبيع والإجارة والنكاح ونحو ذلك الصحة عندهم موافقة الفعل بالوجهين الشره مطلقاً حينئذ يستوي حد الصحة في المعاملات وفي العبادات أما عند الفقهاء ليس الأمر كذلك بل الصحة في العبادات ما أسقط القضاء وفي المعاملات ما أفاد حكمه المقصود منه يعني ترتب أحكام العقود عليها إذا وُجد العقد وترتبت عليه الثمرة بدلالة الثمرة حكمنا على صحة العقد كل عقد بين طرفين إذا توفر أو ترتبت عليه آثاره التي رتبها الشرع فحينئذ نحكم على العقد بأنه صحيح فكل عقل ترتبت عليه أحكامه المقتضي لها ذلك العقد حكمنا على العقد بأنه صحيح لأنه يلزم من ترتب الآثار صحة العقد تلازم بينهما يلزم من ترتب الآثار صحة العقد من غير عكس ليس كل ما صحَّ العقد ترتبت آثاره ولذلك ذكروا أن بيع الخيار صحيح لكنه لا تترتب عليه آثاره قبل إتمام العقد فإذا تم العقد حينئذ ترتب آثاره قبل إتمام العقد هو صحيح لكنه لا تترتب عليه ثماره، فالذي يترتب على عقد البيع ما هو إذا باع واشترى ماذا يريد البيع والشراء انتقال ملكية السلعة من البائع إلى المشتري وانتقال ملكية المال من المشتري إلى البائع إذا ترتبت هذه الآثار على العقد نقول صح العقد لكن لابد أن يكون متسجمعاً للشروط ولم يوجد موانع حينئذ نحكم على العقد بأنه صحيح لترتب الأحكام المقصودة من العقد على العقد كذلك النكاح المراد به والثمرة التي تترتب عليه هو الاستمتاع بالمنكوحة إذا وُجد هذا الأثر حكمنا على العقد بأنه صحيح فإذا حكم أهل العلم بترتب الثمرة ثمرة العقد على العقد فهو صحيح وإلا فهو فاسد فحينئذ قال وفي العقود يعني الصحة في العقود ما أفاد حكمه أي حكم العقد بالصحة المقصود منه ما هو المقصود انتقال الملكية من البائع إلى المشتري والعكس، ما هو المقصود في النكاح الاستمتاع بالمنكوحة، حينئذ إذا ترتبت هذه الأحكام المقصودة من العقد على العقد حكمنا عليه بأنه صحيح، وعند المتكلمين مخالفة ذي الوجهين الشرع مطلقاً

سواء كان في العبادات أو في المعاملات. إذاً عرفنا حد الصحة قال والفاسد وهو ما يقابل الصحة مقابل الصحة بالبطلان إذا قابله من كل وجه حينئذ إذا أردنا أن نفصل فنقول مذهب المتكلمين في الفاسد ما هو؟ إذا قيل الصحة موافقة للفعل للوجهين الفساد عند المتكلمين مخالفة الفعل للوجهين الشرع، وعلى مذهب الفقهاء في العبادات الصحة ما هي؟ ما أجزأ وأسقط القضاء إذاً الفساد عند الفقهاء في العابدات ما لم يُجزأ ولم يُسقط القضاء ضده مباشرة وفي المعاملات ما لم تترتب عليه آثاره المقصودة من البيع ونحوه، إذا ترتبت عليه الآثار فهو صحيح إذا لم تترتب عليه الآثار فهو فاسد وباطل قال والفاسد وسيأتي الباطل، الفاسد لغة المختل مأخوذ من الاختلال وهو خروج تغير الشيء عن الحالة السليمة هذه يسمى مختلاً ومنه المجنون يقال له مختل العقل، واصطلاحاً ما ليس بصحيح الفاسد في الاصطلاح ما ليس بصحيح بمعنى أنه نقيض الصحيح لأن الصحيح نقيض ما ليس بصحيح فحينئذ يرجح التعريف هذا ليس بتعريفاً وإنما يريد أن الطالب يقيس على التعريفات السابقة للصحة فيستنبط منها تعري الفاسد، ما ليس بصحيح يعني نقيض الصحيح فالفاسد عند الفقهاء ما لم يُجزأ ولم يسقط الطلب والفساد في العقود ما لم يفد حكمه المقصود منه قال ومثله الباطل ومثله أي مثل الفاسد بمعنى أن البطلان والفساد مترادفان وقابل الصحة بالبطلان وهو الفساد عند أهل الشان وخالف النعمان فالفساد ما نهيه للوصف يستفاد، وقابل الصحة بالبطلان إذاً الصحة والبطلان متقابلان وهو الفساد أي بمعناه فساد، فالفساد والبطلان مترادفان عند الجمهور وعند أبي حنيفة الفساد والبطلان في باب العبادات سيان وفي المعاملات مختلفان إذا وافق الأحناف الجمهور في ترادف الفساد والبطلان في باب العبادات وخالف الأحناف الجمهور بالتفرقة بين البطلان والفساد في باب المعاملات، هنا قال ومثله الباطل أي سيقابل الصحة الذي هو الفساد والبطلان سواء كان في العبادات أو في المعاملات فكل فاسد باطل وكل باطل فاسد ولذلك جاء في الحديث (كل شرط ليس بكتاب الله فهو باطل) أي فاسد فأُطلق البطلان والفساد بمعنى واحد، وخص أبو حنيفة باسم الفاسد ما شرع بأصله ومنع بوصفه، أبو حنيفة - رحمه الله تعالى – يفرق بين الفاسد والبطلان لكن يقيده بالمعاملات، أما في باب العبادات فهما مترادفات، الفساد والبطلان في باب العبادات سيان وفي باب المعاملات مختلفان، ما وجه التفرقة في المعاملات؟ نقول الباطل ما مُنع بأصله ووصفه في أصل الفعل هو ممنوع ووصفه الذي يكون محله الأصل أيضاً ممنوع فله جهتان مثلوا بذلك بيع الخنزير بالدم يجوز؟ لا يجوز لماذا؟ كلاهما نجس وبيع النجس لا يصح حينئذ إذا صار النجس ثمناً أو مبيعاً نقول هذا ممنوع بأصله فالنهي محله نفس العقد النهي محله نفس العقد لكن بيع الدرهم بالدرهم جائز أو لا؟ جائز بشرطه للكن لو باع درهما بدرهمين؟ لا يجوز هل هو ممنوع بأصله لأن الدراهم لا يجوز ببيعها بعضها ببضع كالخنزير والدم أو لكونه اشتمل على وصف وهو الدرهم الزائد؟ اشتمل على وصف، سمى الأول الباطل وهو ما مُنع بأصله ووصفه وسمى الثاني الذي شُرع بأصله ومُنع بوصفه سماه فاسداً، إذا هو

مجرد اصطلاح وذلك قال وهنا وهو اصطلاح له. هذا عند أبي حنيفة والجمهور على أنهما سيان والمذهب عند الحنابلة أنهم لا يفرقون بين الفساد والباطل إلا في موضعين اثنين لا ثالث لهما في الحج وفي النكاح ولذلك نقول المذهب عند الحنابلة الباطل والفاسد مترادفان إلى في موضعين الإحرام قالوا قد يكون فاسداً وقد يكون باطلاً، ما ضابط الفساد؟ قالوا إذا جامع قبل التحلل الأول حكمنا عليه بأنه فاسد وتترتب عليه الأحكام المترتبة على الحج الفساد من وجوب الاستمرار والقضاء وذبح الفدية إلى آخره حينئذ هو معتبر ويُعامل معاملة الصحيح بأنه عبادة ووجب استمراره فيها ووجب قضائها إلى آخره حينئذ نُزِل منزلة الحد الحج الصحيح فترتبت عليه الحكام المترتبة على الحج الصحيح، الحج الباطل الذي حُكم عليه بأنه باطل هو الحج الذي ارتد فيه أحرم ثم أثناء إحرامه ارتد وخرج عن الإسلام هذا يُقال فيه أنه باطل هل يلزمه الاستمرار الجواب لا وإنما يحل إحرامه ويدخل في الإسلام مرة أخرى ويُحرم إن كان بقي في الحج منتفع، هذا الباطل والفساد إن فرق بين الباطل والفاسد في باب الحج عند الحنابلة فإذا قالوا هذا حج باطل معناه أن صاحبه وقع في الردة وبطل حجه ولا يجوز استمراره فيع فإذا قيل هذا حج فاسد بمعنى أنه وقع في الجماع قبل التحلل، حلوه متى قبل رمي الجمرة الكبرى يوم العيد يسمى التحلل الأول، أما في باب النكاح فقالوا ما أجمع الفقهاء على بطلانه فهو باطل ما اُجمع على فساده فهو باطل كمن نكح امرأة في عدتها هذا بالإجماع ولا خلاف فيه امرأة ما زلت في عدتها فعقد عليه النكاح ما حكم هذا النكاح؟ نقول باطل ولا يقل فاسد في المذهب لماذا؟ لأنه مُجمَع على فساده لو تجوز امرأة رضع من أمها ثلاث رضعات هكذا يكون هو الباطل تجوز امرأة رضع هذا الزوج من أم الزوجة ثلاث رضعات ما حكم النكاح فيه خلاف مبناه على الثلاثة هل هي معتبرة أم لا، من قال إنها معتبرة في التحريم قال هذا النكاح فاسد ومن قال ليست معتبرة بل لابد من الخمس قال النكاح صحيح، إذاً وقع النزاع وخلاف في هذا النكاح، المذهب لابد من الخمس فحينئذ يحكمون بفساد هذا النكاح لا يحكمون بأنه باطل لماذا؟ لأن الخلاف واقع فيه، إذاً في النكاح البطلان والفساد عند الحنابلة مختلفان، الفساد ما كان النكاح مُختَلف فيه إذا وقع خلاف في العقد صحة وفساداً صار فاسداً وإن أُجمع على بطلانه وعلى فساده سمى باطلاً هذا هو المذهب وما عدا ذلك فهما سيان مطلقة في العبادات وفي المعاملات.

قال (الفاسد) لغة: المختل واصطلاحاً: ما ليس بصحيح، ومثله (الباطل) وخص أبو حنيفة باسم الفاسد ما شرع بأصله كالدرهم بالدرهم هذا مشروع جائز أن تبيع الدراهم بعضها ببضع لكن بشرطها ومُنع بوصفه بكونه متفاضلاً والباطل عند أبي حنيفة ما مُنع بهما أي بأصله ووصفه، قال وهو اصطلاح إذا كان اصطلاح فلا وشاحة في الاصطلاح بل يختص كل مذهب بما يصطلح عليه إذا فُهمت المقاصد وعُملت النصوص بما تستحق المعاملة، ثم قال و (النفوذ) لغة: المجاوزة، لم ذكر النفوذ هنا؟ ما مناسبة هذه المسألة أو لكونه ذكر الإجزاء، قال في حد الصحة عن الفقهاء ما أجزأ إذاً العبادة يُقال فيها مُجزأة وهل يُقال في العقد مُجزأ؟ لا ولذلك نقول لا يُقال في العقد مُجزأ وإنما يُقال نافذة أو عبادة مُجزأة ولذلك أُخذ في حد الصحة العبادات وكفاية العبادة لإجزاء وهي أن يسقط الاقتضاء أو السقوط للقضا وذا أخص من صحة إذ العبادة يخص.

وذا الذي هو الإجزاء أخص من صحة كل مُجزئ صحيح ولا عكس، لماذا كل مجزئ صحيح ولا عكس؟ لأن الصحة أعم متعلقها العبادة والمعاملة والإجزاء أخص متعلقة العبادة لا المعاملة، فحينئذ صح أن تُقال القاعدة كل مجزئ صحيح ولا عكس، وذا أخص من صحة إذا بالعبادة يُخص بالعبادة سواء كانت واجبة أو نافلة هذا قول الجمهور وخُصص الإجزاء بالمطلوب وقيل بل يختص بالمطلوب يعني هل يختص الإجزاء بالعبادة الواجبة فقط أو أنه يدخل العبادة الواجبة والنافلة المندوبة فيُقال هذه نافلة مُجزأة أو سنة مُجزأة وهذه صلاة مكتوبة مُجزأة هذا قول الجمهور أنه يوصف بالإجزاء العبادة مطلقة سواء كانت واجبة أو مندوبة وبعضهم خصص الإجزاء بالمكتوب الذي هو الواجب ومبناه على الإجزاء هل ورد استعماله في الشرع أم لا؟ قال - صلى الله عليه وسلم - اذبحها ولن تُجزأ عن غيرك، وقال أربع لا تُجزأ في الأضاحي، هل الأضحية واجبة أو سنة، إن قلت سنة كما هو قول الجمهور حينئذ أُطلق الإجزاء على المندوب، حينئذ لا يختص بالواجب وإنما يُقال هذا واجب مُجزأ وهذه سنة مُجزأة لأن الأضحية سنة وقال اذبحها ولن تُجزأ عن غيرك وقال أربع لا تُجزأ في الأضاحي، إذا هذا سنة وأطلق عليه الإجزاء، من قال الأضحية واجبة قال لم يُسمَع إطلاق الإجزاء على المندوب فيختص بالمكتوب ولذلك قال خُصص الإجزاء بالمطلوب الشامل بالواجب والمندوب، وقيل بل يختص بالمكتوب الذي هو الواجب وهذا قول القرافي، هنا قال النفوذ إذا يقابل الإجزاء النفوذ فيُطلق عن العقد بأنه نافذ ولا يُطلق على العبادة بأنها نافذة، والنفوذ لغة المجاوزة إذاً مناسبة هذه المسألة أن الإجزاء يختص بالعبادة عند الجمهور والنفوذ يختص بالعقود عند الجمهور أيضاً كلاهما قولان للجمهور والنفوذ لغة المجاوزة، النفوذ أصله في اللغة من نفوذ السهم وهو مبلوغ المقصود من الرمي وكذلك العقد إذا أفاد المقصود المطلوب منه سُمي بذلك نفوذاً إذا ترتب على السهم إذا أطلقه وأصاب الموضع قد نفذ موضعه ومكانه، كذلك العقد إذا ترتبت عليه الآثار سُمى العقد نافذاً لقيام الآثار والأحكام المترتبة عليه بذلك، فإذا على العقد ما يُقصد منه قيل له صحيح ويُعتد به وهو نافذ فالاعتداد بالعقد هو المراد بوصفه لكونه نافذاً إذاً إذا قيل هذا عقد معتد به معناه أنه نافذ وما المراد بأنه نافذ معناه ترتبت عليه آثاره وهذا الوصف الذي هو النفوذ لا يوصف به العبادة وإنما به العقد فحسب، ثم قال واصطلاحاً: التصرف الذي لا يقدر التصرف هذا من آثار العقود لا من آثار العبادات التصرف بنقل الملكية إلى الغير وانتقال الملكية من الغير للشخص نقول هذا تصرف كذلك رفع اليد عن الشيء المملوك فيتصرف فيه هبة وإعطاءاً ووقفاً على آخره نقول هذا من أوصاف العقود الذي لا يقدر متعاطيه يعني فاعله على رفعه الذي لا يقدر متعاطيه على رفعه هذا في العقود اللازمة كالبيع والإيجار والنكاح ونحوها هذا لا يستطيع من تعاطى الإيجار أن يرفع يده عن الإيجار لأنه عقد لازم بين طرفين كما سيأتي تفصيل العقود هنا في المنعقد إذاً النفوذ هو التصرف الذي لا يقدر متعاطيه على رفعه وقيل كالصحيح يعني قبل والنفوذ كالصحيح المرادف للصحيح وإذا

قيل أنه مرادف للصحيح والصحة يوصف به العبادة ويوصف بها المعاملة حينئذ يصح العبادة بكونها نافذة لكنه قول ضعيف لذلك قال وقيل والصواب أنهما متباينان، وقيل فيصح وصف العبادة بالنفوذ والأول أصح لأن المعنى اللغوي لا يساعده، إذاً الصواب أن النفوذ والصحة متغايران لأن كل نافذ ولا عكس كما قلنا كل مُجزأ صحيح ولا عكس إلا إن الإجزاء يختص بالعبادات والنفوذ يختص بالمعاملات. إذاً هذا هو كلامه حوله الفاسد والصحة.

ثم قال و (الأداء) يذكرون قبول باعتبار الصحة يذكرون هذا القبول يقول والصحة والقبول هل هما مترادفان أم متباينان أم أحدهما عام والآخر خاص؟ هناك قولان والصحة القبول فيها يدخل إذاً الصحة أعم من القبول والصحة القبول فيها يدخل وبعضهم للاستواء ينقل، إذاً هما مترادفات بعضهم يرى أن الصحة مرادفة للقبول فإذا جاء نفي للقبول في الكتاب والسنة فهو نفي للصحة وإذا جاء نفي الصحة في الكتاب والسنة فهو نفي للقبول فإثبات أحدهما إثبات للآخر ونفي احدهما نفي للآخر إذاً هما مترادفان ولذلك جاء في أحاديث (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) لا تُقبل صلاة حائض إلا بخمار، لا تُقبل صلاة بغير طهور، {فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} آل عمران91، كلها نفي للقبول وهو نفي للصحة في نفس الوقت، فحينئذ قالوا إن الصحة والقبول مترادفان نفي أحدهما نفي للآخر وإثبات أحدهما إثبات للآخر، لكن يرد إشكال أن النفي قد ورد إطلاقه على القبول مع الحكم بالصحة، (من أتى عرافاً لن تُقبل له صلاة أربعين صباحاً) صحيحة أو ليست بصحيحة؟ لو صلى صلاته صحيحة أو لا؟ صحيحة مع كون القبول منفياً أليس كذلك، (من أتى عرافاً لن تُقبل – هذا نفي - له صلاة أربعين صباحاً).

(إذا أبق العبد لن تُقبل له صلاة حتى يرجع إلى مواليه) من شرب الخمر لن تُقبل له صلاة أربعين صباحاً، نقول صلاة شارب الخمر وصلاة من أتى عرافاً وصلاة العبد الآبق صحيحة ولا إشكال والذي يدل على صحتها أن القيد هنا مُقيد بأربعين صباحاً وهذا يدل على أنه عقوبة فإذا دل على أنه عقوبة فإذا استوفت الصلاة شرائطها وأركانها وانتفت الموانع حكمنا على الصلاة بكونها صحيحة وإثبات الصحة الذي هو أعم لا يستوجب القبول إثبات الصحة لا يستوجب القبول وهذا القول أصح أن العلاقة بين الصحة والقبول العموم والخصوص مطلقاً فكل مقبول صحيح ولا عكس، حينئذ إذا أثبتنا الصحة ونفينا القبول يكون القبول هنا بمعنى الثواب حينئذ يكون الصلاة صحيحة ولكنه لا ثواب عليها ومُطالب بالصلاة ولكن المعصية التي فعلها رُتب الشرع عقوبة عليها بسلب الثواب المترتب على هذه الصلاة وهذا نوع عقوبة إذاً كل مقبول صحيح ولا عكس يستلزم من نفي القبول نفي الصحة كذلك يستلزم من نفي القبول نفي الصحة صحيح؟ هل يستلزم نفي القبول نفي الصحة؟ لا لأنه قد يُنفى الثواب وتبقى الصلاة صحيحة، هلي يستلزم نفي الصحة نفي القبول؟ نعم لماذا؟ لأن القاعدة أنه إذا نُفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص كما أن إثبات الأعم يستلزم إثبات الأخص وإثبات الأخ لا يستلزم إثبات الأعم العكس، إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم وإثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص، هذه أربعة ليتكم لتحفظونها مهمة جداً، نفي باعتبار الأعم الأخص باعتبار النفي والثبوت، عندنا أعم وعندنا أخص مثل القبول والصحة المثال الذي معنا قبول وصحة إذا أُثبتت الصحة فهي الأعم نقول إثبات الأعم لا يستلزم إثبات الأخص فإذا قال هذه صلاة صحيحة لا يستلزم أنه يُثاب عليها بل هي صحيحة وغير مقبولة إذاً إثبات أعم لا يستلزم لا يستلزم إثبات الأخص وإثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم، فإذا قبل هذه صلاة مقبولة يستلزم أن تكون صحيحة لا يمكن أن تكون مقبولة وغير صحيحة هذا من حيث الإثبات إذا نقول الأعم لا يستلزم إثبات الأخص والأخص يستلزم إثبات الأعم هذا في مقام الإثبات، في مقام النفي نقول نفي الأعم يستلزم نفي الأخص فإذا قيل هذه صلاة غير صحيحة هل يمكن أن تكون يثاب عليها؟ لا يمكن، إذاً نفي الأعم وهو الصحة يستلزم نفي الأخص ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم فإذا قيل هذه صلاة غير مقبولة لا يلزم منه أنها غير صحيحة بل هي صحيحة وليست مقبولة إذاً نقول الخلاصة أن الحق والصواب أن الصحة أعم من القبول والقول في الترادف قول ضعيف ترده السنة الأحاديث التي ذكرنها حينئذ كل مقبول صحيح ولا عكس والصحة القبول فيها يدخل وبعضهم للاستواء ينقل والصواب هو الأول وباعتبار الصحة والإلزام أيهما أعم؟ الصحة أعم من الإلزام لماذا؟ لأن الصحة تطلق على العبادات والمعاملات والإلزام يختص بالعبادات، والصحة والنفوذ كذلك الصحة أعم لأن الصحة شاملة للعبادات والمعاملات والنفوذ خاص بالمعاملات والإجزاء والنفوذ متباينان على القول بأن النفوذ ليس كالصحيح على القول الأول الذي هو التصرف الذي لا يقدر متعاطيه على رفعه أما قول بأنه مرادف للصحة فلا والصواب الأول، ثم قال و

(الأداء) فعل الشيء في وقته و (الإعادة) فعله ثانياً لخلل أو غيره و (القضاء) فعله بعد خروج وقته، وقيل: إلا صوم الحائض بعد رمضان، وليس بشيء هذه المسألة الأصل أنها تُوضع في الواجب المُضيَّق والمُوسَّع هناك لأنه لما تعلق الواجب بالوقت من حيث الضيق والسعة وقُسِّم إلى قسمين واجب مُوسَّع وواجب مُضيق ناسب أن يذكر أحكام الوقت هناك كالإعادة والقضاء لآخره، والمسالة سنمر عليها هكذا.

ثم قال و (الأداء) نقول شرع في بيان أحوال الواجب المقيد بوقت أو بوقت في الصلاة وهذا من لواحق خطاب الوضع لذلك عد بعضهم الأداء والقضاء والإعادة من أحكام الوضع كما ذكرنها بالأمس وهذا من لواحق خطاب الوضع لأن الوقت سبب للأداء وخروجه سبب للقضاء والسبب كما سبق أنه من أحكام الوضع، والأداء فعل الشيء في وقته نقول العبادة إما أن يُعيَن لها وقت أو لا إن لم يُعيَن لها وقت من جهة الشرع لم تُوصف بأداء ولا قضاء ولا إعادة مثل النفل المطلق قال يصلى هكذا دون أن يعين عليه أو يخصص من جهة الشرع فحينئذ نقول هذه العبادة النافلة المطلقة لا توصف بأداء ولا توصف بقضاء ولا توصف بإعادة لماذا؟ لأن متعلقات هذه المصطلحات متعلقاتها بالعبادة التي لها طرفان أول وآخر يعني ما عيَّن له الشارع وجعل له طريقين أولاً وآخراً هذه المصطلحات الثلاثة تتعين أو تتعلق به وما عدا ذلك فإما أن يُوصف بأداء ولا قضاء ولا إعادة كما في النوافل المطلقة من صلاة وصوم وصدقة ونحوها وسواء كان لها سبب أو لا كتحية المسجد ما توصف بأداء ولا قضاء ولا إعادة وإن عيَّن الشارع وقتاً ولم يُحَد عين له حداً ولكنه لم يجعل له طرفين أولاً وآخراً كرمضان أو الصلوات المكتوبة كالكفارات وزكاة المال هل عيَّن لها وقت متى ما بلغ النصاب وحال عليه الحول نقول وجبت الزكاة في ذلك الوقت هل عيَّن لها منذ أن حال الحول وبلوغ النصاب وقت معين مدة كذا أول وآخر فإذا فُعل في ذلك الوقت المعين أدائها؟ نقول لا، فالكفارات كلها وكذلك الحج وكذلك زكاة المال بخلاف زكاة الفطر زكاة المال نقول هذه لم يُعيِّن لها الشرع وقتاً لماذا؟ لأنه متى ما تم السبب ووُجد الشرط فثم الوجوب وإذا قلنا الأمر بالفور حينئذ لا يجوز تأخيره سواء كان في الكفارات أو في غيرها وإن حُد وقت للعبادة من الطرفين أولاً وآخراً كالصلوات المكتوبة وُصفت بالأداء والقضاء والإعادة كما ذكرناه صلاة الظهر إن فُعلت في الوقت نقول الشرع عين لها وحدد لها وقتاً أولاً وآخراً فعل الشيء في وقته إن فُعلت في الوقت المُحدد لها فهو أداء إن فُعلت جميعها كلها في الوقت الذي لم يُحدد لها الشرع لذلك الوقت نقول هذا قضاء إن فُعلت مرة أخرى في نفس الوقت المُحدد لها شرعاً فهو إعادة والأداء فعل الشيء في وقته، الجمعة هل توصف بقضاء؟ لا، هل توصف بأداء؟ نعم توصف بأداء، هل يمكن أن تُعاد؟ يمكن أن تُعاد، فتوصف بالأداء والإعادة لكن لا تُوصف بالقضاء فحينئذ تُوصف بالأداء والإعادة فقط لأنه قد يصلي بما دون الأربعين هذا مذهب فينتهون فنقول لا عيدوا لماذا لفوات الشرط الصحيح أنه لا يشترط ولكن كمثال، والأداء فعل هذا جنس يشمل الأداء والإعادة القضاء فعل الشيء في وقته المحدد له شرعاً أولاً فعل الشيء العبادة التي عين لها الشرع في وقته الذي قدره له الشرع أولاً لابد بأن نقيده بأولاً لأن الإعادة فعل الشيء في وقته لكنه ثانياً لا أولاً فعل الشيء كله أو بعضه؟ إما أن يفعل كل العبادة في وقتها وإنا أن يفعل كل العبادة في خارج وقتها وإما أن تقع العبادة مجزعة في آخر الوقت المؤداة وفي أول الوقت الذي هو خارج الوقت المحدد شرعاً، ما وقع من العبادة كله في وقت الأداء

فهو أداء وما وقع خارج عن الوقت فهو قضاء وما وقع واسطة هنا ثلاثة أقوال قيل أداء مطلقاً وقيل قضاء مطلقاً وقيل ما في وقته أداء وما يكون خارجاً قضاء إذاً تُوصف بالوصفين لكن الأصح أنها أداء كلها لحديث من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، إذاً سماه ماذا أدرك الصبح يعني أدركها أداءاً حينئذ وقعت العبادة في آخر الوقت وصلى ركعة ثم خرج الوقت فأكمل الصلاة بعد خروج الوقت نقول هذه أداء لكن هل يأثم؟ لو تعمد يأثم لأن الواجب أن يوقع الصلاة كلها أربع ركعات في وقته فحينئذ لو سُميت أداءاً لا يسلم من الإثم لكن لو كان معذوراً فأوقع ركعة في آخر الوقت حينئذ نقول أداء ولا إثم وإذا فرط نقول أداء مع الإثم لأن الواجب عليه أن يؤدي الصلاة كاملة أربع ركعات في الوقت المحدد لها شرعاً فإذا أدى ركعة واحدة في الوقت المحدد شرعاً وأخرج ثلاثة نقول هذا مُفرط.

والإعادة فعله ثانياً لخلل أو لغير، والإعادة فعله أي فعل الشيء المُحدد له شرعاً ثانياً أي مرة ثانية بعد أن فعله أولاً لخلل أو لغيره يعني صلى ثم تبين أنه صلى إلى غير القبلة نقول تلزمه الإعادة، صلى أولاً ظاناً أنها أداء ثم اكتشف الخلل فلزمته الإعادة فحينئذ نقول فعله الشيء ثانياً في نفس الوقت لخلل تبين له إما فوات شرط أو وجود مانع حينئذ نقول تسمى إعادة أو غيره غير الخلل كاكتساب فضيلة دخل المسجد وقد صلى الظهر فإذا بجماعة تصلي فقام وصلى معهم وهو قد صلى الظهر نقول هذا إعادة أو لا؟ إعادة، أعاد الظهر لكنها لا تقع ظهراً الطلب سقط بالأولى من شرط الفعل المكلف أو المكلف به أن يكون معدوماً، لو وُجد كتحصيل الحاصل المحال حينئذ إذا صلى ظهارً موافقاً لطلي الشرعي أو أراد أن يصلي ظهراً وصلى مائة مرة كلها تقع نافلة ولا تقع ظهراً لأنه مُطالب بظهر واحدة فإذا وقعت فحنيئذ إعادتها مُحال لأنه من باب تحصيل الحاصل حينئذ إعادة الصلاة مرة ثانية لطلب فضيلة يسمى إعادة عندهم. والقضاء فعله بعد خروج وقته المُقدر له شرعاً فعله كله ولكن لو فعل بعض العبادة في الوقت الذي ليس مقدراً فهو لاحق بالمسألة الأولى فهي أداء فعله بعد خروج وقته المُقدر له شرعاً فحينئذ يوصف بالقضاء لكن القضاء هذا يعتبر في الاصطلاح أما إذا جاء في الشرع فلا يُفسَر بهذا وما فاتكم فأتموا وفي رواية فاقضوا إن صحت هذه تفسر بأتموا ولا تفسر بالقضاء الذي يُفسَر به هنا، بعض الفقهاء قال فاقضوا بمعنى أن الثانية والثالثة التي يفعلها هي الأولى والثانية حينئذ نعكس الصلاة فيكون قد صلى الإمام الثالثة والرابعة فقدم الثالثة والرابعة بالنسبة إليه وبقى له الأولى والثانية يقضيها بعد سلام الإمام بناءاً على أن القضاء فعل الشيء بعد خروج وقته نقول لا القضاء في اللغة إتمام الشيء وإكماله والإفراغ منه ولذلك جاء {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فصلت12، {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ} النساء103، كذلك في الحج {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} الحج29، إلى آخره.

جاء القضاء في الشرع بمعنى الإتمام ولا يُفسَر بمعناه في الاصطلاح وهذا عام في الواجب إلى آخره، كل اصطلاح لا يُحمَل عليه الشرع وتنبه لهذا كل اصطلاح عند الفقهاء أو عند الأصوليين فينبغي أنه إذا جاء لفظ مشابه له كالقضاء أو الواجب إذا جاء في لفظ الشرع حينئذ لا يُفسَر مباشرة بالمعنى الاصطلاحي إلا إذا دلت قرائن ولذلك غسل الجمعة واجب لا نقول واجب الذي طلب الشارع فعله طبياً جازماً لا بمعنى أنه ثابت والثبوت هنا يستلزم أنه لازم والثابت قد يكون لازم وقد يكون يغر لازم لكن نقول هو سنة مؤكدة ولا يلزم الشرع إذا أطلق أنه واجب أنه واجب اصطلاحي لا يفسر بالمعنى الاصطلاحي، إلا صوم الحائض بعد رمضان لماذا صوم الحائض بعد رمضان؟ لأنه لا يوصف بكونه قضاء قالوا لأنه لا قضاء مع إمكان الأداء وهل يمكن للحائض أن تؤدي الصوم في وقته لا يمكن إذاً لا نسمي صوم الحائض بعد رمضان لا نسميه قضاءاً وإنما نسميه أداءاً وهذا بناءاً على مسألة مُختَلف فيها عند الأصوليين وهي هل الصوم واجب على الحائض والمسافر والمريض برؤية هلال شهر رمضان أم لا؟ نقول الصواب أنه واجب لانعقاد السبب إذا انعقد السبب سبب الوجود تعلق الوجوب بذمه المكلف فإما أن يؤديه في وقته وإما أن يؤديه عند زوال المانع، إمام أن يؤديه في وقته كغير الحائض والمريض والمسافر وإمام أن يؤديه إذا زال المانع فحينئذ نقول الحائض قد وجب عليها الصيام في شهر رمضان إلا أنه لم يقم شرط الأداء عندها لوجود المانع من جهة الشرع فحينئذ إذا زال المانع نقول إذاً وجب عليها القضاء ولذلك عائشة تقول كنا نُؤمَر بقضاء الصوم ولا نُؤمَر بقضاء الصلاة، القضاء هنا يُفسَر بمعناه الاصطلاحي فإذا دلت قرينة لا بأس أما مباشرة كل لفظ يُحمَل على المعنى الاصطلاحي؟ الجواب لا. إذاً صوم الحائض بعد رمضان فلا يُسمى قضاءاً وإنما يُسمى أداءاً لأنه لم يجب عليها في شهر رمضان والصواب أنه واجب عليها وأن فعلها الصوم بعد شهر رمضان قضاء وليس بأداء ولذلك قالوا المصنف وليس بشيء لوجود نية القضاء عليها إجماعاً ولحديث كنا نحيض فنُمؤ بقضاء الصوم.

ثم قال الثالث المنعقد أي الثالث من الأحكام الوضعية المنعقد وهذا التقسيم هنا باعتبار لزوم الحكم وعدم لزومه هل يلزم أو لا يلزم، ينقسم إلى منعقد وغير منعقد، الثالث المنعقد ولهذا يكثر في ألسنة الفقهاء يقول تنعقد الصلاة بكذا ينعقد الصوم بكذا إلى آخره ومراده أنه يلزم المنعقد هو اللازم وغير المنعقد ليس بلازم، قال وأصله الالتفاف، قال أبو فارس العين والقاف والدال أصل واحد يدل على شد وشد الوثوق وإليه ترجع فروع الباب كلها، إذا الالتفاف هذا هو أصل المنعقد وهو مأخوذ من الانعقاد والانعقاد بمعنى الشدة ومعنى الشدة الوثوق، ومنه يُقال للحبل أن منعقد ولذلك سميت العقيدة عقيدة لأنها يعقد عليها في القلب على الأصول نفسها فسميت عقيدة واصطلاحا له معنيان المنعقد له معنيان إمام ارتباط أو لزوم إمام ارتباط بين قولين مخصوصين الإيجاب والقبول والارتباط إذا كان بين الإيجاب والقبول بين قولين إذا يستلزم أن يكون بين شخصين إن الشخص لا يمكن أن يكون صاحب قولين ولا يمكن أن يكون صاحب إيجاب وقبول إلا من وُكِل عن شخصين ويكون البائع أو المشتري حينئذ يصح ولكن بتنزيل منزلة الشخصين أنا وكيل عن هذا ووكيل مع هذا فبعت الأرض هذا واشتريت لهذا فحينئذ أنا صاحب القبول والإيجاب هذا من باب التوكيل والوكالة، إما ارتباط بين قولين مخصوصين كالإيجاب والقبول في البيع والهبة ونحوها والإيجاب هو جعل الشيء واجباً أي واقعاً والقبول التزام ورضا به نقول بعتك هذا الشيء فيقول قبلت بعتك هذا الشيء هذا إيجاب قبلت بمعنى رضيت والتزمت نقول بهذين القولين المخصوصين حصل ارتباط وحصل انعقاد للبيع فحينئذ لزم كل منهما ولا يصح لأحدهما أن يرجع إلا إذا حصلت إقالة، أو لزوم النوع الثاني للمنعقد اللزوم كانعقاد الصلاة والنذر للدخول وهذا كما ترى أنه فيما هو شخص واحد حينئذ الأول تقول ارتباط بين شخصين واللزوم يكون بين أو في محل واحد كانعقاد الصلاة بتكبيرة الإحرام نقول تنعقد الصلاة بتكبيرة الإحرام كما قلنا سابقاً ينعقد البيع بالإيجاب والقبول والنذر أيضاً ينعقد بالدخول فيه إن شفا الله مريضي فلله عليٍّ التصدق بكذا نقول بهذا القول وبالنية قد وقع في ودخل في النذر إذاً انعقد النذر وانعقد الصوم بالإمساك مع النية وانعقدت الصلاة بتكبيرة الإحرام، إذاً لزمه الدخول أو لزمه الاستمرار فيما شرع فيها وفيما دخل فيه، وهذا يكون في شخص واحد، وأصل اللزوم الثبوت أصل اللزوم هو ثبوت الشيء واللازم ما يمتنع على أحد المتعاقدين تدخل بمفرده واللازم من العقود يعني لأن العقود قد تكون لازمة وقد تكون جائزة اللازم يمتنع على أحد المتعاقدين فسخه بمفرده يعني لابد أن يكون من الطرفين وهو ما يسمى بالإقالة أما أحدهما ينسحب المستأجر أو المُؤجر دون رضا الثاني فهذا لا يصح لماذا؟ لأنه عقد لازم ما يمتنع على أحد المتعاقدين فسخه والخروج عنه وإبطال مفعول العقد بمفرده لأنه عقد لازم كالبيه والإيجارة والنكاح، والجائز ما لا يمتنع فسخه مثل الوكالة فإنها عقد جائز يجوز للوكيل أن يفسخ عن موكله ولا يستمر في العقد لماذا لأنه بدل نفع فهو كالمتبرع والوكيل كذلك له أن يفسخ دون علم الموكل عنه الموكل يمكن أن

يفسخ بدون علمن وكيله لماذا؟ لأنه آذن وله الحكم في ذلك، ثم قال والحسن ما لفعاله أن يفعله والقبيح ما ليس ذلك، والحسن والقبيح هو مسألة تتكلم عنه الأصوليون وهو من المسائل الدخيلة على أصول الفقه الحسن والقبح العقليان لكن الحسن الشرعي والقبح الشرعي هو ما أراده المصنف هنا وليس المراد به مطلق الحسن كما هو عند المعتزلة، والحسن أي في عرف الشرع لا مطلقاً ما لفعاله أن يفعله فالحسن والقبيح هاتان الصفتان لفعل المكلف فحينئذ كل فعل لمكلف الذي هو متعلق الخطاب إما أن يكون حسنا وإمام أن يكون قبيحاً الحسان قال ما لفعاله أن يفعله يعني ما أمر به الشارع وكان لفاعله أن يفعله لأن اللام هنا تدفع عدم الجواز ما لفاعله أن يفعله أي ما يجوز له أن يفعله وما جاز أن يفعله إما أن يكون مأموراً به أمر إيجاب وإما أني كون مأموراً أمر استحباب، والقبيح ما ليس له أن يفعله لأنه إما أن يكون منهياً عنه نهي تحريم وإما أن يكون منهياً عنه نهي تنزيه، فحينئذ نقول قاعدة عامة كل مأمور به فهو حسن وكل منهي عنه فهو قبيح كل مأمور به فهو حسن وكل منهي عنه فهو قبيح، كل ما لم ينهى الرب عنه فهو حسن وكل ما نهى عنه فهو قبيح ولذلك نقول لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة ولا ينهى إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة فحينئذ نقول أن خلاصة هذا أن الحسن وصف لما أمر به الشراع مطلقاً والقًبح وصف لمنا نهى عنه الشارع فحينئذ يترتب المدح والذم والعقاب والثواب على الحسن والقبح بهذين المعنيين أما العقل فلا مدخل له في مثل هذه الأمر، ثم قال الرابع: (العزيمة والرخصة)، هذه تحتاج إلى وقفة نكملها غداً بإذن الله تعالى وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

8

عناصر الدرس * العزيمة والرخصة * الأدلة: الكتاب * الحقيقة والمجاز * المُعرَّب. الدرس الثامن بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد وقفنا عند قول المصنف رحمه الله الرابع: (العزيمة والرخصة) أي أن هذا هو القسم الرابع من الأقسام التي عنوَن لها بقوله وهي أربعة ذكر أن الحكم التكليفي يتنوع إلى أربعة أنواع النوع الأول ما يظهر به الحكم النوع الثاني الصحيح والفاسد النوع الثالث المنعقد النوع الرابع العزيمة والرخصة، وهذا التقسيم على ما ذكره المصنف هنا للحكم الوضعي باعتبار كونه على وفق الدليل كالعزيمة أو خلافه كالرخصة حينئذ نقول هذا التقسيم له اعتبار كما قسمنا الصحيح هناك والفساد باعتبار استجماع الفعل للشروط المعتبرة شرعاً أو لا الأول الصحيح الثاني الفاسد هنا باعتبار الحكم الشرعي هل هو موافق للدليل أو لا الأول العزيمة الثاني الرخصة، وهل هما وصفان للفعل أو للحكم فيهما خلاف بين الأصوليين والأصح أنهما وصفان للحكم فتكون حينئذ العزيمة بمعنى التأكيد في طلب الشيء والرخصة بمعنى الترخيص ومنه حديث فاقبلوا رخصة الله، إذاً أضافها إلى الله - عز وجل -، أيضاً إذا قيل هما حكمان أو وصفان للحكم والحكم نوعان هل هما وصفان للحكم التكليفي أم وصفان للحكم الوضعي أيضاً فيه خلاف، المصنف هنا جرى على أنهما وصفان للحكم الوضعي ووجه أن الشرع جعل الأمور العادية التي للناس علماً ومعرفاً على استمرار وبقاء الحكم الشرعي الأصلي في حقه وجعل الأمور الطارئة التي تطرأ وتقتضي التخفيف والتيسير جعلها علماً ومُعرِفاً على حكمه الشرعي الذي عُنون له بالرخصة هذا وجه كونها وضعه والأصح أن نقول أنهما وصفان للحكم التكليفي هذا أقرب إلى القول إلى أنهما وضعه وإن كان ذاك الاعتبار له وجه إلا أن اعتبار أن الرخصة والعزيمة من الأحكام التكليفية أو أوصاف للأحكام التكليفية أو لا لما فيهما من معنى الاقتضاء ولذلك سيأتي أن العزيمة تنقسم باعتبار الأحكام الشرعية خمسة وكذلك الرخصة تكون واجبة وتكون مستحبة ومباحة، إذاً كونها الرخصة والعزيمة أوصاف للحكم التكليفي أولى من اعتبارها أوصاف للحكم الوضعي، الرابع العزيمة والرخصة وأصل العزيمة في اللغة مشتقة من العزم يُقال عزم على الشيء عزماً وعزيمة إذا عقد ضميره وفعله وقطع عليه ومنه قول جل وعلا في شأن آدم عليه السلام {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} طه115، أي قصداً مؤكداً على فعل المعصية ومنه سُمي بعض الرسل بأولي العزم لتأكيد قصدهم في طلب الحق ولذلك فسرها المصنف هنا بقوله وأصل العزيمة القصد المؤكد والعزيمة فعيلة مشتق من العزم هذا معناها في اللغة والرخصة تقال سهولة وهي تقابل العزيمة في الأحكام الشرعية السهولة قال في المصباح رخص لنا الشارع في كذا ترخيصاً وأرخص إرخاصاً إذا يسره وسهله إذا رخص الشرع بمعنى أنه يسره وسهله لذلك قال المصنف والرخصة السهولة يعني التيسير والسهولة ومنه رخص السعر إذا تراجع وسهل شراؤه إذا تراجع السعر نزل وسهل الشراء يُقال رخص السعر رخص من باب فَعُلَ، واصطلاحاً أراد أن يُبين لك الاصطلاح عند الأصوليين والرخصة في اصطلاح الأصوليين بعد أن بين لك معناهما اللغوي، فقال واصطلاحاً أي العزيمة في

الاصطلاح الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي هكذا عرفها المصنف رحمه الله والأولى أن يُقال العزيمة حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح هذا أولى ما تُحَد به العزيمة حكم شرعي ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح هذه كلها قيود حكم شرعي هذا يشمل الأحكام الشرعية كلها الخمسة الواجب والندب والحرام والمكروه المباح إذاً حُكم هذا جنس يشمل جميع الأحكام الخمسة لأن كل واحد منها حكم ثابت بدليل شرعي ولذلك قال حكم ثابت فشمل حينئذ الأحكام الخمسة فيكون في الحرام والمكروه على معنى الترك كيف يكون العزيمة في الحرام؟ كيف يكون القصد مؤكَّد؟ الواجب واضح إذا قيل الواجب عزيمة والمندوب عزيمة يكون القصد مؤكد تأكيد مُقتضى الطلب وفي الحرام والمكروه يرجع إلى معنى التأكيد الترك حينئذ لا مانع أن يُوصف الحرام بكونه عزيمة ولا مانع أني يُصَف المكروه بكونه عزيمة كما وُصف الواجب والمندوب والمُباح فحينئذ إذا شمل قوله حكم ثابت الحكام الخمسة نقول فيكون في الحرام والمكروه على معنى الترك فيعود المعنى في ترك الحرام إلى الوجوب لأن بعض الأصوليين لا يرون أن العزيمة تدخل في الحرام والمكروه ولذلك قال الطوخي في شرحه على البلبل إن العزيمة تختص بالواجب والحرام والمكروه فأخرج المندوب والمباح إذا كانت العزيمة تختص بالواجب والحرام والمكروه أخرج المندوب والمباح وقال ابن قدامة في الروضة إن العزيمة تختص بالواجب فقط وأخرج البقية الأربعة وقال القرافي المالكي تختص بالواجب والمندوب فأخرج الحرام والمكروه والمباح والأصح أنها تشمل الكل الخمسة أقسام لأنهما حكم شرعي ثبت بدليل شرعي ولذلك نقول قوله حكم شرعي ثابت بدليل شرعي هذا يشمل جميع الأحكام التكليفية، قوله بدليل شرعي ثابت بدليل شرعي احترز على الثابت بدليل عقلي فلا يُقال فيه عزيمة ولا رخصة إذا العزيمة والرخصة وصفان لما ثبت بدليل شرعي وما ليس كذلك كما لو ثبت بدليل عقلي لا يُوصف بكونه رخصة ولا عزيمة، خال عن معارض راجح حكم ثابت ثابت هذا صفة للحكم خال هذا وصف لثاب الحكم ولم جره؟ حكم ثابت بالرفع أين حرف الجر؟ اسم منقوص وإذا كان اسماً منقوصاً تُقدم الضمة على الياء المحذوفة حُذفت لماذا؟ ثق بما أنت قاض يعني قاضيه حينئذ تُحذَف الياء للتخلص من التقاء الساكنين نقول جاء قاض، قاض هذا فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، إذاً هذا خال هذا صفة لحكم وهذا الحكم ثابت، قاض عن معارض لم يُعارض هذا الحكم بحكم آخر خال عن معارض راجح احترز به عما ثبت أو يثبت بدليل لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح بدليل شرعي خال عن معارض راجح، خال عن معارض راجح قال احترز به عما يثبت بديل لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح إذاً قد يكون عندنا حكم شرعي يثبت بدليل هذا الحكم خلا وعُدِم عن معارضة دليل آخر مساو أو راجح لأن الحكم الشرعي إذا ثبت بدليل ثم عارضه حكم شرعي ثابت بدليل مساو لذلك الدليل نقول وجب الوقف حصل تعارض في الظاهر فوجب الوقف ونطلب مُرجحاً خارجياً لا من داخل الدليل بل لابد من دليل يفصل بين الدليلين هذا إذا عُورض الحكم الشعري بدليل بمعارض مساو استويا في الحكم استويا من

جهة الثبوت والدلالة حينئذ نقول حصل تعارض كل منهما في مرتبة واحدة وهذا سيأتي في باب التعارض كل منهما في مرتبة واحدة، ما العمل التوقف لا نُرجح هذا على ذاك ولا هذا على ذاك لتساوي الدليلين ولا نقول تعارضا فتساقطا بل نقول نقف حتى يرد دليل خارج عن الدليلين حينئذ نُطلب المُرجح الخارجي إذا كان ثم تساو بين الدليل، وأما إذا كان أحدهما أرجح من الآخر فالمُقَدم هو الأرجح، إذاً خال عن دليل خال عن معارض راجح إذاً قد لا يخلو عن معارض مرجوح فلا يخرج عن حد العزيمة فتبقى العزيمة على أصلها قد لا يخلو عن معارض مساو فحينئذ نقول لا نُثبت عزيمة ولا رخصة وإنما نطلب المُرجِّح الخارجي، خال عن معارض راجح احترز عما يثبت بدليل لكن لذلك الدليل معارض مساو أو راجح لأنه إن كان المعارض مساوياً لزم الوقف وجب الوقف وانتفت العزيمة وطُلب المُرجح الخارجي وإن كان راجحاً لزم العمل بمقتضاه وانتفت العزيمة وقد تثبت الرخصة مثال العزيمة نقول تحريم الميتة عند عدم المخمصة {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} المائدة3، هذا حكم عام نقول حكم شرعي ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح في حق غير المضطر نقول عند عدم المخمصة في حقه نقول هذا الحكم عزيمة لأنه حكم ثبت بدليل شرعي ولن يُعارَض بدليل آخر أرجح منه فإن كان مضطراً حينئذ نقول هذا الحكم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ} عُرض بدليل أرجح منه في حق المضطر {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} المائدة3 حينئذ وُجد دليل شرعي لابد من دليل شرعي لأن الرخصة لا تثبت إلا بدليل لا تثبت الرخصة إلا بدليل لأنه لو ثبتت الرخصة بغير دليل للزم منه ترك العمل بما اقتضاه الدليل الأول من غير معارض وهذا لا يجوز لا يُعَارض الحكم الشرعي وتعدل عن العزيمة إلى الرخصة إلا بدليل شرعي إذاً تحريم الميتة عند عدم المخمصة نقول تحريم عزيمة التحريم عزيمة لماذا؟ لأنه حكم شرعي ثبت بدليل شرعي ولم يُعارض بدليل أرجح منه فإذا وُجدت المخمصة مجاعة حينئذ نقول حصل المعارض وُجد المعارض لدليل الحرم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} وهو راجح عليه {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} حفظاً للنفوس لقوله تعالى {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} النساء29، {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة195، حينئذ نقول الأكل واجب وُجدت الرخصة وانتفت العزيمة في حق المضطر حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح هذا هو ضابط العزيمة، قال هنا الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي هذا أوضح لكن ذاك أأكد وأوسع الحكم الثابت الحكم هذا يشمل العزيمة والرخصة الثابت لابد أن يكون ثابتاً فحينئذ يشمل جميع الأحكام الشرعية لكن لابد من تقييده ثابت بدليل شرعي من غير مخالفة دليل شرعي أخرج الرخصة فكل حكم شرعي ثبت ولم يُعارَض بما هو أرجح منه فهو عزيمة إذاً الصلوات الخمسة مكتوبات كلها عزائم صوم رمضان للمقيم القادر نقول عزيمة الحج للمستطيع القادر نقول عزيمة كل حكم شرعي ثبت ولم يُعارَض بما هو أرجح حينئذ نقول هذا عزيمة، العزيمة الحكم الثابت من غير مخالفة دليل شرعي فإن خالفه دليل شرعي أرجح منه لا

مساو ولا رجوح نقول ثبتت الرخصة ثم قال والرخصة إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر وقيل في حد الرخصة ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، إباحة المحظور الطوخي لما ذكر الحد الثاني قال ولو قيل استباحة المحظور مع قيام سبب الحظر لكان مساوياً وصح يعني صح التعريف بهذا أو ذاك كل منهما يثبت به حد الرخصة إذا الثاني أوضح، إباحة المحظور المراد به استباحة المحظور استباحته من جهة المعتقد أو الفعل {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} المائدة3، إذا أكل المضطر يأكل وفي نيته يأكل مُحرماً أو مباحاً؟ هل انقلب المُحرم حلالا في حقه؟ نقول نعم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} فإن وُجدت الرخصة للمضطر حينئذ نقول ليست بحرام وإنما صارت له مباحة ولذلك لو قيل حرام للزم منه وجود علة التحريم وهو الخبث وهو منتف في حقه لأن الله - عز وجل - لا يبيح شيئاً إلا وهو فيه منفعة لصاحبه فحينئذ إذا قيل الميتة خبيثة وهي مُحرَمة فجاز له أكل الخبيث نقول لا ارتفع لما أُجيز له ارتفع حكمها وارتفع عل التحريم في حقه ولا مانع العقل لا يمنع من هذا، يل الأدلة تدل على ذلك، فالله - عز وجل - لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة ولا ينتهي إلا عما مفسدة خالصة أو راجحة هذا متفق عليه بين أهل العلم فإذا أُضطر نقول وجب عليه الأكل فلو تركه فمات لكان قاتلاً لنفسه فكيف يكون بقي التحريم ونقول بقي خبث الميتة نقول إباحة المحظور استباحته مطلقة لكن لابد أن تكون هذه الاستباحة من الشرع لابد من تقييده بالشرع لأنه قد يستبيح المُحَرم فيكون معصية لا رخصة لو قيل إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر يعني قد يتلبس بالمُحَرم والمُحَرم كما هو باقي مُحَرم في حق غيره نقول هذا إن لم يكن على وجه الشرع فهو معصية لو كان غير صاحب المخمصة أكل من الميتة ما حكمه؟ نقول تلبس بمُحَرم هل استباح المُحَرم؟ استباح المُحَرم مع قيام سبب الحظر؟ مع قيام سبب الحظر إذاً صدق ليه، فلو أكل غير مضطر للميتة نقول هذا الفعل إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر هل الشرع أذن له في الأكل؟ الجواب لا إذاَ لابد من التقييد نقول إباحة المحظور شرعاً احترازاً من إباحة المحظور للهوى حينئذ يكون معصية.

مع قيام سبب الحظر يعني الرخصة تكون كالاستثناء من الأمر العام ولذلك سبق أن الأصل يُطلَق ويُراد ب خلاف القاعدة المستمرة فنقول الأكل من الميتة للمضطر على خلاف الأصل فإذا أُبيح له أن يأكل فحينئذ إباحة الأمل لزيد للضرورة هل لزم منه رفع السبب الذي حُرم من أجله على غيره؟ الجواب لا، لماذا؟ لأنه قد يُرفَع السبب الذي حُرِم لأجله فلا يكون رخصة وإنما يكون نسخاً ولذلك مثلوا لهذا الموضع نسخ المصابرة أو رفع المصابرة كان المسلم مأمور أن يقف أمام عشرة الواحد بعشرة ثم نُسِخ انتقل وتغير الحكم من العشرة إلى اثنين نقول هل تغيير الحكم من الصعوبة من السهولة رخصة أم لا؟ نقول لا ليس برخصة لماذا؟ بل هو نسخ لأن شرط الرخصة أن يكون الحكم الذي غُيِر عنه سبب التحريم باق ولم يزل ولم يرتفع وهناك كان المصابرة الواحد من المسلمين يُصابر العشرة لقلة وضعف المسلمين فلما كثروا وقوي شوكتهم حينئذ انتقل الحكم من الصعوبة إلى السهولة وصار الواحد يقابل اثنين، هل بقي السبب الذي كان يجب على المسلم أن يُصابر ويقف في وجه عشرة؟ نقول لا لم يبقى بل تغير، هنا قال إباحة المحظور للضرورة أو للحاجة مع قيام سبب الحظر فإن ارتفع سبب الحظر صار نسخاً ولذلك بعضهم يُعرف الرخصة بأنها حكم شرعي تغير من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام السبب الأصلي، حكم تغير إذاً لابد من التغيير من صعوبة إلى سهولة فإن تغير إلى أصعب ليس برخصة لأن الرخصة فيها سهولة وهذا قد تغير من السهولة إلى الصعوبة أو من الصعوبة إلى ما هو أصعب مثل نسخ التخيير بين الإطعام والإفطار في شهر رمضان نقول هنا تغير من الصعوبة أو السهولة يختلف باختلاف المُكلَفين تغير الحكم من الإطعام أو الصيام التخيير بينهما إلى تحتم الصيام {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ} البقرة185، نقول الحكم تغير هنا إلى صعوبة هل يعتبر رخصة نقول لا وإنما رخصة تكون التغير من حكم صعب إلى سهل لعُذر لابد أن يكون ثم عذر وُجد في المُكلف هذا احترازاً مما لو حصل التغير من صعوبة إلى سهولة لكن لا لعذر كوجوب الوضوء لكل صلاة هذا نُسخ فصار المكلف يصلي بالضوء الواحد ما لم يُحدث عدة صلوات نقول هذا الحكم تغير من صعوبة إلى سهولة لكن هل لعذر؟ لا ليس لعذر بخلاف الأكل من الميتة إنما يجوز متى إذا كان لعذر، مع قيام السبب الأصلي الذي كان الحكم عليه قبل حالة التغير يعني عندنا حالتان حالة تغير حصلت وهي حالة ثانية وحالة أولى الحكم بعد التغير مع قيام السبب كالحكم قبل التغير مع قيام السبب فالسبب قائم ولذلك نقول المريض إذا وجد الماء ولم يتمكن من استعماله يعدل إلى التيمم هل هذا رخصة أو عزيمة نقول رخصة مثَّل المُصنف هنا بأنه رخصة ما هو السبب القائم في عدم العدول إلى التيمم مع وجود الماء؟ قبل المرض هل يجوز له أن يتيمم؟ لا يجوز لوجود الماء، بعد حلول المرض نقول له أن يتيمم، تغير الحكم من صعوبة إلى سهولة هل أُزيل الحكم المُرتَب التغير المُرَتب على وجود الماء هل ارفع بعد الإذن له بالتيمم لم يتغير هو له أن يتيمم والحكم الشرعي معلق على وجود الماء متى ما شفي نقول بطل تيممه بطل ما زال العذر بطل تيممه لأن الأصل استعمال الماء فلما لم يتمكن

من استعمال الماء وُجدت الرخصة فتغير الحكم في شأنه والحكم المُرتَب على عدم جواز التيمم قبل المرض وهو وجود الماء هذا موجود بعد الإذن له بالتيمم ولم يرتفع الحكم لأنه لو زال السبب بالتمام قلنا هذا صار نسخاً ومثاله المصابرة حصلت تغيير تغير الحكم من صعوبة إلى سهولة لكن نقول السبب الذي ترتب عليه الحكم الشرعي من كون المسلم يواجه ويقابل عشرة هو ضعف المسلمين فلما تغير الحكم من الصعوبة على السهولة نقول السبب الذي رُتب عليه الحكم الشرع قبل حالة التغير موجود أم لا؟ غير موجود وإنما قوي شوكة المسلمين فارتفع الحكم وحصل التغير فحينئذ نقول هذا نسخ وليس برخصة، حكم تغير من صعوبة إلى سهولة لعذر مع قيام حكم السبب الأصلي أو مع قيام سبب الحكم الأصلي فإذا كان لا لعذر نقول هذا يسمى نسخاً فإذا كان مع عدم قيام سبب الحكم الأصلي يسمى نسخاً إن كان من سهولة إلى صعوبة نقول يسمى نسخاً إن كان من صعوبة إلى صعوبة يسمى نسخاً إن كان من مساو إلى مساو يمسى نسخاً ولذلك سيأتينا النسخ قد يكون إلى بدل المساو قد يكون إلى أثقل إلى أثقل، مساو مثل ماذا؟ نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حصل تغيير الحكم أو لا نقول الحكم تغير لكنه من مساو إلى مساو المُكلف لا يشق عليه أن يتجه على أي جهة لو صليت هكذا أو هكذا الأمر سيان ليس فيه مشقة عليه في الشرق أو في الغرب شمال أو جنوب يستوي في حق المكلف ليس كالصيام والإطعام ونحو ذلك فحينئذ نقول هذا من مساو إلى مساو فهذا يعتبر ماذا تعبر نسخاً لا رخصة هنا قال والرخصة إباحة المحظور مع قيام سبب الحظر يعني استباحة المحظور شرعاً مع قيام وجود سبب الحظر قبل الإباحة مع قيام أو وجود سبب التحريم قبل الإباحة فلو زال سبب التحريم بعد التغيير أو بعد الإباحة لا يسمى رخصة بل يسمى نسخاً وقيل في تعريف الرخصة ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح هذا يُقابل حد العزيمة هنا حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح، هنا قال ما أي حكم يشمل العزيمة والرخصة ثبت لابد من دليل شرعي لابد من تقييده لأن الرخصة لو جُوِز إثباتها لدون دليل شرعي لجاز حينئذ أن يُقال يُترَك بالدليل الذي سميناه بالسابق عزيمة لا لمقتض وهذا لا يجوز لا يجوز أن يكون دليل صحيح ودلَّ على أمر مُحرَم ثم بعد ذلك يُترَك العمل به لدلالة العقل على جواز الاستثناء بل لابد أن تكون الرخصة ثابتة بدليل شرعي يعني تيمم مثلاً رخصة نقول لابد أن يكون التيمم ثابت في دليل شرعي. ما ثبت على خلاف دليل شرعي أخرج العزيمة لأن العزيمة ثبت على وفق دليل شرعي قال لمعارض راجح هذا بيان سبب الرخصة لما رُخِص لما خُولف لما خولفت العزيمة لم خُولف الحكم الأصلي الثابت بدليل شرعي نقول لمعارض راجح إذاً هذا بيان لسبب الرخصة والمراد بالمعارض الراجح العذر الذي قام بالمكلف واقتضى التيسير والسهولة كالمخمصة في حق الجائع والمرض عدم القدرة على استعمال ما في حق المريض والعجز أو المشقة في حق المسافر في الصيام وقصر الصلوات ونحو ذلك نقول الوصف الذي قام بالمكلف هو الذي اقتضاه هو العذر الذي إذا وُجد ترتب عليه الدليل الشرعي فصار كالاستثناء من العزيمة السابقة.

وما سوى المفرد كما ذكرناه يشمل المُكنى والمجموع واسم الفاعل وصيغة المبالغة والجمع. ما ثبت على خلاف دليل نقول هذا قيد احترز به عما ثبت على وفق دليل فلا يكون رخصة بل عزيمة كما ذكرناه من الصوم في الحضر للمعارض الراجح احترز به عما إذا وُجد معارض لكنه ليس براجح إما مساو أو قاصر على المساواة إذا كان مساو نقول إذا الأدلة تساوت حينئذ وجب الوقف وطلب المُرجِح الخارجي هذا عند المساواة وإن كان قاصراً على المساواة فلا يؤثر في الدليل وتبقى العزيمة على أصلها، قال كتيمم المريض لمرضه أراد لك أو أراد أن يبين لك أن الرخصة على ثلاثة أقسام من الرخصة ما هو واجب كتيمم المريض لمرضه نقول هذا واجب أم مندوب؟ واجب إذا لم يتمكن من استعمال الماء وجب العدول إلى التيمم كتيمم المريض لمرضه مع وجود الماء، وأكل الميتة للمضطر هذا فيه إباحة المُحرم والأول فيه إباحة الواجب استباح الواجب وهنا استباح المُحرَم لأن الواجب هناك استعمال الماء الذي هو الوضوء فاستباحه وتركه وعدل عنه إلى التيمم وهنا أكل الميتة نقول هذه إباحة مُحرم لكنه لعذر الضرورة، أكل الميتة للمضطر بهذا القيد لقيام سبب الحضر لوجود الماء وخبث المحل، لقيام سبب الحظر في أي شيء؟ في التيمم وفي أكل الميتة يعني السبب الذي حُرِم من أجله استعمال التيمم مع القدرة مع الماء هو وجود الماء والسبب اذلي من أجله حُرِم أكل الميتة مع عدم الضرورة هو خبث المحل فحينئذ إذا جُوِز للأكل أو جُوِز لاستعمال التيمم نقول الأصل لم يزل باق على أصله وهذا داخل في التعريف السابق لقيام سبب الحضر يعني لوجود سبب الحظر في المسألتين سواء كان استباحة ترك الواجب أو استباحة المُحرَم لوجود الماء في مسألة التيمم وخبث المحل في مسألة أكل الميتة، والعرايا من صور المزابنة هذا عطف على قوله كتيمم يعني النوع الثالث من أنواع الرخصة وهو تصحيح بعض العقود تخفيفاً على المُكلَفين بشرط أن تكون ثم حاجة غليها لكن بشروطها لذلك قلنا لابد من أن تكون الرخصة ثابتة بدليل شرعي لبس تصحيح العقود مطلقاً هكذا لا وإنما لابد أن يكون العقد الذي صُححَ مع المنع منه عاماً لابد أن يكون منصوصاً عليه في الشرع، والعرايا من صور المزابنة والمزابنة معلوم أنه منهي عنها والمزابنة هي بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر هذه هي المزابنة ووجه النهي عنه هو الجهل بتساوي النوعين الربويين تمر ورطب وكلاهما من جنس إذاً ربويين لكن أجاز الشارع ذلك لكن في العرايا بشروطها المعلومة في كتب الفقه كما جاء في حديث زيد بن ثابت يقول - صلى الله عليه وسلم - رخَّص لصاحب العرية أن يبيعها بفرسها ولمسلم بخرسها تمراً يأكلونها رطباً لكن بشروطها كما هو معلوم في كتب الفقه، إذاً الرخصة نقول إما أن تكون إباحة ترك الواجب وإما أن تكون إباحة المُحرَم بعذر الضرورة أو الحاجة وإما أن تكون لتصحيح بعض العقود هذا تقسيم ذكره المصنف وبعضهم يقول من الرخصة ما هو واجب ومن الرخصة ما هو مندوب ومن الرخصة ما هو مباح بهذا التقسيم، والمُحرَم والمكروه لا يكونان داخلين في الرخصة، إذاً من الرخصة ما هو واجب كأكل الميتة للمضطر فهو واجب على الصحيح لأن ما لا يتم ترك الحرام إلا به

فهو واجب وترك الحرام هو قتل النفس حفظاً للنفوس أجاز بل أوجب عليه الرب جل وعلا أن يأكل من هذه الميتة فهو واجب على الصحيح لأنه سبب في إحياء النفوس ولما كان كذلك فهو واجب وذلك قعَّد الفقهاء قاعدة عامة الضرورات تُبيح المحظورات، ومن الرخصة مندوب كقصر المسافر للصلاة، نقول حكم ثابت على مخالف للدليل الشرعي لأن الأصل الإتمام وكل صلاة في وقتها والأصل أن يصلي الرباعية رباعية ولا يقصر هذا ألأصل لكن خُولف هذا الأصل وثبتت الرخصة لقيام العذر مع قيام سبب الحكم الأصلي العذر هو وجود المشقة، هل لما قصر وأفطر في شهر رمضان مثلاً هل زال السبب الذي رُتب عليه الأصل وهو صوم رمضان وإتمام الصلاة؟ لا نقول باقية لذلك إذا زال عذره رجع إلى الحكم الأصلي صار عزيمة فرخص بدليل شرعي فلما زالت المشقة رجع إلى أصله لماذا؟ لن كل من الحكمين مرتبطين بشأن نفس المُكلَف فخروجه إلى الترخص لا ينفي أن يكون داخلاً في الحكم العام فحينئذ نقول الصيام يجب للحاضر ولا يجب على المسافر لكن لو زال علة السفر أو زال السفر رجع الحكم على أصله ولا يثبت كل منهما إلا بدليل شرعي، ومن الرخصة مندوب كقصر المسافر الصلاة ومن الرخصة مباح هكذا في المذهب كالجمع بين الصلاتين في غير عرفة ومزدلفة الجمع في المذهب مباح خروجاً من الخلاف خلاف أبي حنيفة وغيره فحينئذ لا يكون السنة الجمع إلا في عرفة ومزدلفة لماذا؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في غير عرفة مزدلفة لعدم الخلاف، أجمعوا على سنية الجمع في مزدلفة وعرفة بالإجماع سواء كان في حق المكي أو غيره مطلقة ولذلك يُسن حتى للمكي أما القصر هذا محل خلاف هل المكي يقصر أم لا؟ الجمهور على المنع لماذا؟ لعدم وجود علة القصة وهو السفر ليس مسافراً. هنا قال كالجمع بين الصلاتين في غير عرفة هو مُباح إذاً هو رخصة أو لا؟ رخصة لماذا؟ لأنه ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح لأن الأصل أن يصلي كل صلاة في وقتها وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمع تخفيفاً وهذا الخفيف وقع معارضاً لدليل آخر فإذا وُجدت المشقة ومقتضى الجمع حينئذ نقول وُجدت وحصلت وثبتت الرخصة، لكن قول من له مباح مطلقاً هذا فيه نظر بل هو سنة، وكذا من أُكره على كلمة الكفر قالوا مُباح هذه رخصة مُباحة إذاً عرفنا الفرق بين العزيمة والرخصة. حينئذ نقول أيها أكثر الأحكام الشرعية العزائم أم الرخص؟ العزائم هي الأصل ولا يُعدَل عنها فيُقال رخصة إلا بدليل شرعي ولذلك يختلفون هل التيمم رخصة أو عزيمة؟ هل المسح على الخفين رخصة أم عزيمة؟ يختلفون في هذه المسألة لماذا؟ لأن الأصل هو العزيمة فإذا شك الناظر في هل المسح على الخفين مثلاً هو عزيمة أو رخصة يبقى على الأصل ولا يعدل عليه كذلك في التيمم، بهذا نكون قد انتهينا من الباب الأول وهو باب الحكام الشرعية.

ثم انتقل إلى الباب الثاني في الأدلة لأنه لما عرف أصول الفقه قال وذلك في ثلاثة أبواب الباب الأول في الأحكام وبينها لك عرف الحكم وقسمه إلى قسمين حكم شرعي تكليفي وحكم شرعي وضعي وبين أقسام كل، انتقل إلى الباب الثاني وهو الأدلة ومناسبة ذكر الأدلة هنا أنه عرف لنا أصول الفقه بأنه أدلة الفقه الإجمالية أصول ودلائل الإجمال وطرق الترجيح قيد تالي، أدلة الفقه الأصول مجملة وقيل معرفة ما يدل له إذاً أصول الفقه ما هو؟ أدلة الفقه التي يستنبط منها المجتهد الأحكام الشرعية حينئذ يرد السؤال ما هي الأدلة الشرعية؟ وما هي أنواعها؟ ما هو المتفق منها عليها وما هو المختلف فيها منها؟ حينئذ لابد من السؤال ولابد من الجواب لذلك عقد المصنف هذا الباب الثاني في الأدلة أي الأدلة الشرعية، قال أصل الدلالة: الإرشاد، قالوا دِلالة ودَلالة ودُلالة يعني مثلثة الدال الأفصح الفتح ثم الكسر ثم الضم قال الشيخ الأمير - رحمه الله تعالى – وأردئها الضم كما في المقدمة المنتقية، يعني أدانها وإن ثبت لغة إذاً هي مثلثة الدال، والأفصح أن يُقال الدَلالة ثم أقل منها الدِلالة بكسر الدال ثم لو قال دُلالة لا بأس لو وجه في اللغة، أصل الدلالة الإرشاد لأن الدليل في اللغة هذا مشتق من الدلالة والدليل يحصل به الإرشاد فحينئذ نقول الدلالة في اللغة في أصل وضعها اللغوي المراد به الإرشاد وبعضهم يقول الدلالة في الاصطلاح فهم أمر من أمر وبعضهم يجعل هذا الضابط أيضاً معناها لغوي لكن المشهور أنه معناها الاصطلاحي، فهم أمر من أمر والفهم إدراك المعنى، فهم أمر من أمر سواء كان لفظاً أو ليس بلفظ فحينئذ يشمل اللفظ ويشمل الإشارة والكتابة والنصب والعقد والرسالة لأنه يُفهَم منها تُدرَك المعاني من الألفاظ وتُدرَك المعاني من غير الألفاظ حينئذ نقول فهم الشيء أو إدراك الشيء لا يختص بالألفاظ بل الإشارات والكتابة والعقد والنصب هذه كلها تكون محلاً للفهم، فهم أمر من أمر أي إدراك معنى، الفهم مطلقاً إدراك معنى الكلام كما ذكرناه في حد الفقه قلنا الفقه في اللغة الفهم والمراد بالفهم إدراك معنى الكلام لماذا قيدنا الفهم هناك بإدراك معنى الكلام وقلنا هنا الدلالة فهم أمر إدراك معنى مطلقاً سواء كان لفظاً أو لا؟ هناك قيدناه وذكرنا تعريف أن الفهم هو العلم بمعاني الكلام عند سماعه لأن الفقه هناك الفهم المراد به فهم الأدلة والمراد بالأدلة الأدلة اللفظية فحينئذ ناسب أن يُقيَد الفهم هناك لئلا يرد تعارض بين ذكر الفهم هنا بأنه مطلقاً سواء كان من الألفاظ أو غيرها وهناك قلنا إدراك معنى الكلام حينئذ قد يتصور الطالب أن ثم تعارض بينهما إذا نقول في حد الفقه في أول الكتاب الفقه لغة الفهم والمراد الفهم إدراك معنى الكلام، ثم نأتي هنا ونقول فهم أمر من أمر الفهم هنا لا يختص بالكلام فليس بينهما تعارض هنا الدلالة مطلقة سواء كان مأخوذة من النصوص أو من غيرها فحينئذ يُعمَم وهناك الدلالة أو الفهم مُقيَد بالنصوص والنصوص لفظية إذاً فهم أمر من أمر هذا الحد يُفهَم منه أن الدلالة تكون دلالة إذا حصل الفهم بالفعل وإذا لم يحصل الفهم منه بالفعل لا يُسمى دلالة، قال فهم أمر من أمر يتضح بالحد

الثاني أو نقول في حدها كون أمر بحيث يُفهَم منه أمر آخر فُهم منه بالفعل أو لم يفهم؟ كون أمر أي وجود شيء أمر هذا مطلقاً سواء كان لفظ أو كتابة أو إشارة أو أي شيء يمكن أن يكون دليلاً يُوضع، فهم أمر من أمر بحيث يُفهَم منه أمر فُهم بالفعل أو لم يُفهَم يعني هل يُشترط في الحكم على الدلالة أو على الدليل أنه لا يسمى دلالة ولا دليل إلا إذا حصل الفهم وإذا لم يحصل الفهم حينئذ انتفى الوصف بالدلالة أو الدليل أيها أولى؟ نقول الأولى أن يُعمَم الحكم فحينئذ يكون الدليل دليلاً سواء فهمت منه المقصود أو لم تفهم قد تقرأ آية أو حديث لم تفهم منها حرف واحد نقول هذا دليل أو ليس بدليل؟ دليل مع أنه لم يحصل الفهم نقول الدلالة فهم أمر من أمر ما حصل الفهم نقول هو يُفهِم بالقوة لمن كان أهلاً للنظر فنظر فحينئذ يحصل الفهم ولكن لقصور الناظر حينئذ لما نظر لم يفهم لا لذات الدليل وإنما لقصور الناظر فحينئذ نقول يُسمى دليلاً ولم لو يحصل الفهم بالفعل وهذا أولى والفرق بين التعريفين أن يُقال قولهم فهم أمر من أمر أنه لا يسمى دلالة أو دليل إلا إذا حصل الفهم بالفعل وُجد الفهم قرأت فهمت حينئذ هذا هو الدليل وما عداه ليس بدليل، نقول لا، ومع ذلك الحد الجمع أن نقول كونه أمر وجود أمر بحيث يُفهَم منه أمر فُهم منه بالفعل أم لم يُفهَم ... الشيخ الأمير - رحمه الله تعالى – يذكر مثالين لما يحصل به الدليل ولو لم يحصل به الفهم يقول الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في الكلالة مع كون الدليل نص مع هي الكلالة الورثة الذين لا أب ولا ولد هذه اختلف فيها الصحابة مع أن النص يدل على هذا {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} النساء176، إذاً ليس له ولد ثم ورَّث الأخت قال {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} النساء176، كيف دل هذا النص على عدم الأب؟ لأن الأخت لا ترث مع وجود الأب فتوريث الأخت يستلزم عدم وجود الأب، إذاً بدلالة التزام دل النص على عدم وجود الأب الذي هو الأصل بالنطق دلالة المنطوق {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} دل على عدم وجود الولد، حينئذ الدليل دليل ولو لم يحصل الفهم لبعض الصحابة فيسمى دليلا حينئذ، إذاً عدم الفهم لما دل عليه النص نقول لا يخرجه عن كونه دليلاً ولذلك نقول بحيث يُفهَم منه فُهم بالفعل بالإيجاد أو لم يُفهَم لأنه يُفهِم بالقوة وإن لم يُفهِم بالفعل كذلك قصة يعقوب عليه السلام لما رأى الدم على قميص يوسف عليه السلام لما استخلى قال سبحان الله متى كان الذئب حليماً كيساً يقتل يوسف ولا يشق قميصه هكذا قيل إذاً عدم شق القميص يعتبر دليلاً في حق وإن لم يفهم منه أولاد يعقوب ما فهمه يعقوب عليه السلام فهو دليل دليل سواء فُهم منه بالفعل كما فهم يعقوب أو لم يُفهِم منه بالفعل كما لم يفهم منه أولاد يعقوب فهو دليل، حينئذ نقول الدلالة أعم، أصل الدلالة الإرشاد وتطلق الدلالة على الدليل مجازاً الدليل فعيل مشتق من الدلالة والدلالة تطلق على الدليل لكن من جهة المجاز لا من جهة الحقيقة لأن الدلالة مصدر وإطلاق المصدر على اسم الفاعل هذا مجاز ولذلك يُقال زيد عدل لابد من التأويل يعني زيد

ذو عدل أو زيد عادل لابد من التأويل، هنا الدلالة تطلق على الدليل لكنه مجازاً لا حقيقة، أصل الدلالة الإرشاد واصطلاحاً أراد أن يُعرف الدلالة اصطلاحاً والاصطلاح هو الذي ذكرناه سابقاً الدلالة في الاصطلاح فهم أمر من أمر لكن هنا أراد أن يفسر لنا الدلالة بمعنى الدليل إذاً أُطلقت الدلالة مراداً بها الدليل مجازاً ولم يرد الدلالة في الاصطلاح الذي ذكرناه سابقاً وهو فهم أمر من أمر أو كون أمر بحيث يُفهَم منه أم فُهِم منه بالفعل أو لم يُفهَم هذا في الاصطلاح للدلالة نفسها في الحقيقة الاصطلاحية أو العرفية وهنا الدلالة باعتبار كونها أُطلقت على الدليل يعني بالنظر على كونها دليلاً ما يتوصل به إلى معرفة ما لا يعلم في مستقر العادة اضطراراً عِلماً أو ظناً، ما أدري المصنف يأتي بحدود بعيدة جداً ويترك المشهور عند الأصوليين أن يقال الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري هذا أوضح مما ذكره المصنف هنا ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، ما أي شيء يمكن التوصل بصحيح النظر يعني يمكن عبر بالإمكان ولم يعبر بالفعل لماذا؟ لأن الدليل دليل ولو لم يحصل الفهم منه بالفعل متى ما أمكن الفهم فحينئذ يسمى دليلاً سواء فهمت منه بالفعل أو لم تفهم ولذلك نقول الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر يعني بالنظر الصحيح والنظر هو الفكر المؤدي إلى علم أو ظن والفكر هو حركة النفس في المعقولة والحركة في المحسوسات تسمى تخييلاً لا فكراً، إذاً نقول النظر حده الفكر المؤدي يعني يوصل المؤدي هو بمعنى يوصل المؤدي إلى علم أو ظن، إذاً منتهى النظر قد يكون علماً وقد يكون ظناً فلا يشترط في النظر أن يكون قطعياً بل قد يكون قطعياً مؤداه ومقصوده وقد يكون ظنياً، ما يمكن التوصل بصحيح النظر من إضافة الصفة إلى الموصوف أي النظر الصحيح احترازاً عن النظر الفاسد لأن الناظر في مثلاً الأدلة الموصلة إلى الفقه إما أن ينظر بواسطة القواعد والأصول التي وضعها أهل العلم وإما أن ينظر بهوى ممكن أن ينظر أو لا؟ يمكن وهذا كثير عند أهل الأهواء ينظر في الكتاب والسن بهواه فحينئذ ماذا تكون النتيجة نظر صحيح أو نظر فاسد؟ نظر فاسد ولا شك، إذاً بصحيح النظر احترازاً عن النظر الفاسد متى يكون النظر صحيحاً إذا سار على الطريق المرسومة التي وضعها الأصوليون مثلاً في مثل هذا الفن، ولذلك أصول الفقه تعتبر أسس ومناهج لمن أراد استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري، خبري بمعنى النسبة الإسنادية التي تكون بين المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل لأن الإدراك المتعلق بالجملة الاسمية يسمى تصديقاً والإدراك المتعلق بالجملة الفعلية يسمى تصديقاً إذاً إلى مطلوب خبري نسبة إلى خبر وهو الإسناد التام احترز به عنه مطلوب تصوري وهو إدراك المفرد ولذلك عند الدليل عند الأصوليين لا يكون إلا مركباً لأن الإدراك إما أن يكون متعلقاً بمفرد كلمة واحدة اسماً أو فعلاً أو حرفاً وإما أن يكون متعلقاً بجملة تامة، إن كان متعلقاً بجملة تامة أدرك المعنى المراد والمقصود من الجملة الاسمية على وجه التمام وأدرك المعنى والفائدة المترتبة أو

المفهومة عن الجملة الفعلية على وجه التمام نقول هذا تصديق ما عدا ذلك فهو تصور متى يكون النظر دليلاً؟ إذا كان موصلاً إلى مطلوب حبري بمعنى تصديق حينئذ نقول الدليل عند الأصوليين لا يكون إلا مركباً، هذا هو الدليل عندهم، فحينئذ قولهم وإلى مطلوب خبري يعني إلى تصديق نقول هذا التصديق قسمان قد يكون علماً وقد يكون ظناً فحينئذ تخصيص الدليل بما أفاد القطع دون الظن تخصيص بلا مُخصص فقولهم إلى مطلوب خبري نقول يشمل النوعين فكل ما أوصل إلى مطلوب خبري سواء كان هذا المطلوب قطعياً يفيد العلم أو ظنياً يفيد الظن نقول يسمى دليلاً خلافاً لما عليه أكثر المتكلمين كما سيأتي من تخصيص الدليل لما أفاد القطع والعلة وما أفاد الظن هذا لا يسمى دليلاً عندهم بل يُسمى أمارة وعلماً والتفريق هذا باطل فاسد بدليل شمول الدليل للنوعين إذاً ما يمكن شيء يمكن والمراد بالإمكان هنا لا بالفعل ما يمكن التوصل بصحيح النظر يعني بواسطة النظر الصحيح إذا تأمل وفكر الفكر المؤدي إلى علم أو ظن إلى مطلوب خبري. واصطلاحاً قيل وما به للخبر الوصول بنظر صح هو الدليل والنظر الموصل من فكر إلى ظن بحكم أو لعلم مُسجلا

الإدراك من غير قضا تصور ومعْه تصديق وذا مشتهر جازمة دون تَغَيُّرٍ عُلم علما وغيره اعتقاد ينقسم، واصطلاحاً قيل: ما يتوصل به إلى معرفة ما لا يعلم في مستقر العادة اضطراراً عِلماً أو ظناً، لو أردان خلاصة الحد نقول ما يُتوَصل به إلى معرفة علم أو ظن، قوله ما لا يُعلَم في مستقر العادة اضطراراً مراده أن متعَلق الدليل لا يكون من العلوم الضرورية وإنا لابد وأن يكون نظرياً أما إن كان نظرياً في أي شيء ينظر؟ نقول الفكر المؤدي إلى علم أو ظن هذا هو النظر السماء فوقنا هل يحتاج إلى فكر وتأمل واستشارة واستخارة؟ ما يحتاج الأرض تحتنا لا تحتاج النار مُحرقة الكل أكبر من الجزء إذاً كل ضروري لا يحتاج إلى بحث لا يوجد فقيه يأتي بالكتب الستة ثم يبحث ويقول صلاة الفجر واجبة أو لا؟ يمكن؟ ما يمكن، إنما يبحث ماذا؟ يبحث ما يحتمل البحث وهو ما لم يكن ضرورياً فإن كان ضرورياً لا يحتاج إلى بحث لذلك ما لا يعلم في مستقر العادة اضطراراً، اضطراراً هذا مفعول به ليعلم في مستقر العادة يعني ما استقر عادة عند كل أصحاب فن فالمستقر عادة عند النحاة أحكام تخصهم والمستقر عادة عند الأصوليين أحكام تخصهم وكذلك الفقهاء إلى آخره، إذاً ما يُتوَصل به يعني ُوصَل به ويؤدي إلى نتيجة ما هي هذه النتيجة؟ إلى معرفة علم أو ظن تكون النتيجة التي تكون لازمة للمقدمتين إما أن تفيد علماً وهذا إذا كانت المقدمتان قطعيتين أفاد العلم واليقين، مثلوا لذلك بالتغير التغير قالوا يدل على حدوث العالم كيف قالوا العالم متغير وكل مُتغير حادث فالعالم حادث قالوا هذا نتيجة قطعية العالم متغير وكل متغير هذا هو الدليل هذا هو الدليل ما يمكن التوصل به بصحيح النظر فيه إلى مطلوب، تتأمل العالم ما المراد بالعالم تتصور ثم العالم متغير ثم المراد بالتغير هنا ثم ما إثبات هذه المقدمة الصغرى هل هي قطعية أم ظنية وهذا يحتاج إلى تأمل وبحث ثم المقدمة الكبرى وكل متغير حادث يحتاج إل بحث ونظر وتصور الموضوع والمحمول ثم تثبت أن الأولى قطعية والثانية وهذا كلام فيه نظر ثم يثبت الأولى قطعية والثانية قطعية تكون النتيجة لازمة للمقدمتين، فإن كانت المقدمتان قطعيتين لزم أن تكون النتيجة قطعية فإن لزم المقدمات بحسب المقدمة أيضاً، فإن كانت قطعية كل منهما قطعي أفاد القطع هذا نوع فإن كانتا ظنيتين أو إحداهما ظني والأخرى قطعية أفادت الظن إذا كانت الأولى ظنية والثانية ظنية أفادت الظن ولا إشكال إذا كانت الأولى قطعية والثانية ظنية أو بالعكس قالوا أفاد الظن لأن ما ترتب من القطع الظن ظن هكذا يقولون ما ترتب من القطع الظن فهو ظن حينئذ نقول الدليل ما يُتوَصل به إلى معرفة علم متى هذا إذا كانت كل من المقدمتين قطعيتين أو ظني فيما إذا كانتا المقدمتين ظنيتين أو إحداهما ظنية والأخرى قطعية، يذكرون مثال للظن يقول الاستدلال بالغيم على نزول المطر قطعي أو ظني إذا جاء وعمم الأرض حينئذ نقول المطر سينزل إن شاء الله قطعي أو ظني؟ ظني لأن هذا منطق هذا غيب والعادة أن وجود الغيم ترتب عليه نزول المطر إذاً سينزل المطر نقول هذه النتيجة ظنية لأنها ليست بقطعية لأنه قد يتخلف نزول المطر مع وجود الغيم، ما يتوصل به

إلى معرفة ما يُعلَم في مستقر العادة اضطراراً عِلماً أو ظناً أي ما يُتوصَل به إلى معرفة علم أو ظن لما لا يُعلَم ضرورة، أما ما عُلِم ضرورة فليس متعلق بالنظر الصحيح والدليل يُراد به إذاً عرفنا المراد بالدليل في اصطلاح الأصوليين ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري هذا أصح مما ذكره المصنف فهو أولى، وما ذكره هو للدلالة بمعنى الدليل ولذلك يقول دليل فعيل بمعنى فاعل لأنه يحصل به الإرشاد لأنه المرشد حقيقة وما يحصل به الإرشاد مجازاً يعني يطلق الدليل على المرشد حقيقة الذي وضع العلامة لترشد الناس وعلى العلامة نفسها لكنها من قبيل المجاز، إذاً يطلق في اللغة الدليل على المرشد سواء باشر بنفسه أو لا وعلى ما حصل به الإرشاد وهو العلامة لكن الثاني مجازي فالمرشد هو الناسب للعلامة أو الذاكر لها الناسب للعلامة يعني في الحس أو الذاكر لها إذا كانت باللسان ونحو ذلك والذي يحصل به الإرشاد هو العلامة التي نصبت للتعريف، الإمام أحمد رحمه الله له كلمة في كتب المذهب يقول - رحمه الله تعالى – فالدال الله تعالى والدليل القرآن والمُبين الرسول والمستدل أولي العلم هذه قواعد الإسلام، قال المصنف هنا والدليل يراد به إما الدال كدليل الطريق، أو ما يستدل به من نص أو غيره ذكرناه الدليل إمام أن يُطلق ويُراد له الدال من هو الدال الفاعل المرشد هو الدال حينئذ يكون الدليل فعيل بمعنى فاعل لأن فعيل يأتي بمعنى فاعل ويأتي بمعنى مفعول وهنا دليل يجوز أن يكون بمعنى فاعل وحينئذ يكون المراد به الدال الذي نصب العلامة والدليل يراد به في اللغة إما الدال وهو الناسب للدليل أو الفاعل قال كدليل الطريق دليل الطريق من هو؟ الذي يدلك نقول أين طريق العتيبية مثلاً يقول لك اذهب كذا وكذا نقول هذا دليل الطريق أو يأخذ بيدك ويمشي يكون هذا يسمى دليلا دليل الطريق أو ما يستدل به فحينئذ يكون الدليل من فعيل بمعنى اسم المفعول الأول الدال والثاني يستدل به فحينئذ يكون الأول بمعنى فاعل ويكون الثامي بمعنى مفعول أو ما يستدل به انظر تطبيق العلماء على ما يعرفون من قواعد هو الآن كأنه طبق لك القواعد التي يعرفها دون أن يذكر لك فعيل يأتي بمعنى فاعل ويأتي بمعنى مفعول وما الدليل أنا فعيل يأتي بمعنى المفعول وما الفرق بينهما من جهة المعنى وما الذي ينبني عليهما من خلاف هذا كلها قواعد تكون راسخة في الذهن ثم شرح لك علامات يعلمها قال والدليل يراد به إما الدال أو ما يستدل يعني ويطلق الدليل على ما يستدل به ما الذي يستدل به من نص كتاب أو سنة أو غيره كالإجماع والقياس وهذا هو الدليل في عرف الفقهاء هو النص ونحوه كالإجماع والقياس، فإذا أًطلق الدليل في عرف الفقهاء يحمل على النص ما يستدل به حينئذ يكون الدليل عند الفقهاء فعيل بمعنى مفعول فإذا أُطلق صار حقيقة عرفية في فنهم ولا يجوز تفسير مصطلحات الفنون بغيرهم، فإذا فسرت الدليل هنا عند الأصوليين تفسره بمعنى ما يمكن التوصل به إلى آخر التعريف وإذا فسرت الدليل عند الفقهاء فتفسره بالناص الذي هو الكتاب والسنة والقياس والإجماع والاستصحاب ونحو ذلك قال ويرادفه بعد أن انتهى من الدليل ومتعلقات الدليل قال يرادفه في

المعنى ألفاظ متعددة منها أي من هذه الألفاظ المرادفة للدليل البُرهان بضم الباء البُرهان يُقال برهن عليه أي أقام البُرهان فحينئذ تفسر البرهان بماذا؟ بما فسرت به الدليل فإذا كان حد الدليل ما يمكن التوصل به إلى آخره تقول به البرهان ما يمكن التوصل به إلى آخره لماذا؟ لأن اصطلاح الأصوليين هنا وهو المتكلمون على أن ألألفاظ مترادفة من جهة المعنى ولو كان ثم فرق بينها من جهة اللغة فلا يؤثر في المصطلحات ويرادفه ألفاظ منها البُرهان والبُرهان حينئذ بكون بمعنى الحجة والدليل وجاء استعماله في القرآن بمعنى الدليل {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البقرة111، {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ} المؤمنون117، {لَا بُرْهَانَ} لا دليل عليه، والحُجة يعني ومما يرادف الدليل في المعنى الحُجة بضم الحاء والحُجة بمعنى الدليل وتطلق على ما ثبت به الدعوى يعني ما تثبت الدعوى {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} الأنعام149، وسُمي بذلك يعني الدليل سُمي بالحُجة للغلبة به على الخصم لكونه يعني الدليل إذا ذكر الدليل غلب خصمه وحينئذ يسمى دليلاً ويسمى بهذا الاعتبار يسمى حجة {قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} الأنعام149، والسلطان يعني ويرادف الدليل السلطان فحينئذ يمسى السلطان بمعنى الحجة والدليل وجاء في القرآن {إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا} يونس68، {فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} إبراهيم10، إذاً جاء السلطان مستعملة في القرآن مراداً به الدليل، ولكن ليس هذا اشتقاق المناطقة هم يستعملونه هكذا على ما يصطلحون عليه ليست تفرعاً عن القرآن لم يثبت القرآن والحجة لأنها ثبتت في القرآن لا هم أبعد الناس عن الكتاب والسنة، والسلطان والآية يعني يُرادف الدليل في المصطلح عندهم الآية فحينئذ تكون الآية بمعنى البرهان والدليل كما قال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الروم22، {أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ} الشعراء197، وهذه الخمسة الدليل والبرهان الحجة والسلطان والآية تستعمل في القطعيات إذا أُطلقت فالمراد بها الأحكام قطعية وقد تستعمل على قلة على غير وجهها في الظنيات إذاً فرقوا في الدليل والحجة والبرهان قالوا هذه تستعمل في القطعيات مثل المتواتر قالوا قطعي الإجماع القطعي قالوا هذه قطعيات فإذا كان الدليل إجماعاً قطعياً قالوا هذا دليل وحُجة وبرهان وسلطان وآية لأنهم قطعيات تفيد العلم وتفيد اليقين وقد تستعمل على قلة قد هنا للتقليل قد تستعمل في الظنيات، الخبر الواحد المُختَلف فيه هذا يفيد الظن هنا المختلف فيه هذا القيد يفيد الظن حينئذ إذا قبل في الخبر الواحد المُختَلف فيه أنه دليل هذا يعتبر مجازاً عندهم لماذا؟ لأن استعماله الأصل أنه على قطعيات فإذا استعمل في الظنيات قالوا هذا استعمال الشيء في غير موضعه وهذا مجاز فإذا أطلق الدليل أو البرهان والسلطان على الإجماع الظني في السكوت مثلاً قالوا هذا ليس بدليل في الأصل لأن الإجماع الظني ليس بقطعي حينئذ يكون استعمال الدليل

والحج والبرهان والآية في الظنيات يكون مجازاً حينئذ إذا أُطلق واحد من هذه المفردات يُحمل على الدليل القطعي عند الأصوليين عند أكثر المتكلمين أنه خاص بالقطعيات. والأمارة والعلامة وتستعمل في الظنيات فقط يعني والأمارة هذا عطف على البرهان ويرادفه ألفاظ منها البرهان والحجة والسلطان والآية والأمارة ولكن لما كانت هذه الألفاظ تختلف من حيث الإطلاقات فصل بينهما وعين الأحكام أو عين الحكم لكون الأولى تُستعمَل في القطعيات والثانية لما فارقتها وهي الأمارة والعلامة خاصة بحكم خاص بها والأمارة بفتح الهمزة مشتقة من الإمارة والعلامة الأمارة تأتي بمعنى الدليل (أخبرني عن أمارتها) يعني علاماتها وأدلتها التي تدل عليها إذاً أمارة استعملت في الشرع لكن لا أظن أن هذا مسلك المتكلمين يعني أنهم أخذوه من الشرع، والأمارة والعلامة أيضاً ألفاظ مرادفة للدليل لكنها قال وتستعمل في الظنيات يعني تستعمل فيما كان موصلاً إلى حكم شرعي في الظنيات فقط يعني ما كان مفيداً للظن فقط، حينئذ يقولون الدليل الأمارة وأيهما أضعف؟ الأمارة لماذا؟ لأنها تفيد أن مدلولها الظن والدليل أعلى لأنه يدل على القطع، وتستعمل في الظنيات فقط ولا تسمى دليلاً بل الدليل خاص بما كان قطعياً فالأمارة حينئذ تكون أدنى من الدليل وهذا التفريق باطل لا دليل عليه لا من اللغة ولا من الشرع بل في اللغة ما يُتوَصل به إلى معرفة علم أو ظن هذا مدلوله في الاصطلاح اللغوي، كذلك عند من يعرف الدليل بأنه ما يمكن التوصل النظر فيه إلى مطلوب الخبري نقول مطلوب الخبري هذا عام يشمل الظن والعلم حينئذ نقول الأرجح أن ما أفاد العلم وما أفاد الظن يسمى دليلاً وأمارة وعلامة فالكل يطلق عليه أنه دليل لأن كل منهما مرشد على المطلوب والعرب لا تفرق بين ما أفاد العلم وما أفاد الظن هذه أمور دخيلة على اللغة ما أفاد العلم وما أفاد الظن العرب لا تفريق لهم ولا ينظرون إلى هذه الأمور وإنما كل ما أوصل إلى نتيجة فهو دليل سواء كانت النتيجة ظنية أو قطعية فحينئذ يسمى مرشداً إلى المطلوب وإذا حصل وأنه مرشد إلى المطلوب حصل الإطلاق وهو أنه دليل، ثانياً يُقال مؤدى كل منهما العمل بما دل عليه فإذا استويا إذا قيل هذا دليل بمعنى أنه أفاد القطع والقطع وجب العمل به والثاني الظن لأنه أفاد الظن فما حكمه من جهة العمل يجب العمل به إذاً استويا لماذا نفرق فإذا كانت النتيجة أن العمل بالظن كالعمل بالقطع نقول هذا لا فرق بينهما حينئذ، إذا هذا التفريق لا يدل عليه دليل لا من جهة الاصطلاح ولا من جهة اللغة. ثم قال وأصول الأدلة أربعة: الكتاب والسنة والإجماع.

وأصول الأدلة التي يعتمدها الفقيه في الاستنباط نوعان سمعية وعقلية سمعية هذه نسبة إلى السمع ويُعبَر عنها بأنها نقلية بأنها منقولة يرويها البعض عن الآخر وعقلية نسبة إلى العقل وليس المراد أن العقل هنا إذا قيل أصول الفقه أنها تنقسم إلى سمعية وعقلية ليس مراد أن العقل مستقل في إدراك الأحكام – لا – وإنما عقلية نسبة إلى النظر والتأمل وقصد به المصنف هنا الاستصحاب لأنه ناشر عن نظر وتأمل وليس المراد أن العقل يستقل بإدراك الأحكام ولذلك قلنا في السابق لا حاكم إلا الله بمعنى أن العقل أو الإنسان أو البشر مهما كان لا يمكن أن يكون مشرعاً {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} الأنعام57، فالأحق ليس لغير الله حكم أبداً فالأحق ليس لغير الله حكم أبداً حينئذ نقول {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} هذا عام فلا يثبت أي حكم شرعي نسبة إلى الشرع إلا ومصدره الكتاب والسنة الوحيين وما عده فلا، إذاً فأصول الأدلة التي يعتمدها الفقيه في الاستنباط والتي يبحث فيها الأصوليون لتقليد القواعد العامة نوعان سمعية وعقلية والسمعية ذكر منها المصنف ثلاثة الكتاب والسنة والإجماع لذا قال وهي سمعية ويتفرع عن هذه الأدلة الثلاثة القياس لم يجعل القياس أصلاً وهل القياسي أصل أو لا؟ هذا مرده إلى الخلاف في إفادة القياس بعضهم يرى أنه لا أصل يعتبر من أصول الأدلة على إذا كان قطعياً وحينئذ القياس هل هو قطعي أو طني من قال أنه قطعي حينئذ جعله أصلاً رابعاً فقال الأصول أربعة ومن قال لا إنه ظني حينئذ لم يجعله أصلاً وفر على ما فر إليه المصنف هنا الصواب أن القياس قد يكون قطعياً وقد يكون ظنيا يختلف باختلاف أنواع القياس وعليه حينئذ يعد رابعاً فيُقال الأدلة أربعة السمعية الكتاب والسنة والإجماع والقياس والقياس يعتبر أصلاً مستقلاً لكن ليس المراد استقلال أنه لا يعتمد على لكتاب والسن – لا – وإنما الراد أنه له شروطه وله ضوابطه الخاصة به كما أن السنة هي أصل مستقل وكذلك ليست خارجة عن الكتاب ولذلك بعض أهل العلم عد الأصول واحد قالوا الكتاب فقط لماذا؟ لأن السنة دل عليه الكتاب حينئذ لماذا نجعل السنة قسماً مستقلاً نقول الكتاب والإجماع دل عليه الكتاب والسنة والقياس دل عليه الكتاب والسنة والإجماع لكن المراد من باب التقسيم هو التأصيل العلمي فقط وليس من باب التدقيق الذي يُوصل لمثل هذه الأشياء حينئذ نقول الكتب نعم هو الأصل والكتاب دل على السنة والكتاب والسنة دلا على الإجماع والكتاب والسنة والإجماع دلت على القياس وهي سمعية أي منسوبة إلى السمع لأن متلقاها طريقها السمع ويتفرع عنها عن هذه الثلاثة القياس لأن الأصل فيه لابد من أصل والأصل هو المقيس عليه هذا المقيس هذا لا يصح ولا يمكن الاعتماد عليه إلا إذا كان ثابتاً في كتاب أو سنة أو إجماع حينئذ صار فرعاً عن الكتاب والسنة والإجماع هذا وجه كون المصنف جعل القياس فرعاً للكتاب والسنة والإجماع لأن القياس يتألف من أربعة أركان لابد من أصل مقيس عليه يُشتَرط في هذا الأصل أن يكون ثابتاً في كتاب أو سنة أو إجماع إذاً لا يخرج عن الثلاثة والاستدلال لأنه داخل في مفهوم الدليل والإجماع منعقد على مشروعية استعماله في استخراج

الأحكام استدلال هذا أمر متفرع عن الكتاب والسنة والإجماع وبالإجماع يعتبر دليلاً لدخوله في مفهوم الدليل في استنباط الأحكام الشرعية من مظانها والرابع عقلي يرجع على الرأي والنظر وليس المراد أن العقل مستقل في إدراك الأحكام بل العقل مستنبط فقط له عمل له مجاز كما هو في اللغة في اللغة نقول لا تثبت بالعقل وإنما تثبت بالنقل وعُرفت بالنقل لا بالعقل فقد بالنقل فالاستنباط بالنقل حينئذ العقل يستنبط وهنا العقل يستنبط والرابع عقلي وما هو قال وهو استصحاب الحال قبل التكليف المقصود به العدم الأصلي قبل التشريع نقول هذا دليل عقلي يستصحبه المجتهد إذا لم يثبت دليل على تحريم شيء أو إيجاب شيء نقول الأصل عدم الحكم لما نقول أصل البقاء كان على ما كان إذا لم يُشرَع الحكم الشرعي لم يرد دليل بالتكليف المكلف بإيجاب أو تحريم نقول الأصل العدم ما هو الأصل العدم هو الدليل لاستصحاب العدم هذا الذي سيذكره مستقلاً في باب خاص به وهو أي العقل أو الدليل العقلي استصحاب العقل الحالي أي قبل التكليف ما هي الحال قبل التكليف؟ براءة الذمة عن الإيجاب أو الندب في النفي الأصلي يعني في العدم الأصلي لأن الأحكام الشرعية إمام أن تكون إثبات أو نفي الإثبات لا يمكن أن يكون إلا بدليل سمعي إذا قيل يجب عليك فعل كذا لابد من الدليل لكن النفي يمكن أن يدرك بالعقل وهو مرادهم هنا إذا قيل يجب عليك لا لا يجب الأصل هو عدم الوجوب فمن أوجب شيئاً هو الذي يُطالَب بالدليل والنافي لا يُطالَب بالدليل ليس مطلقاً وإنما النافي يُطالَب بالدليل في مقام الجدل والمناظرة وهذا أكثر الأصوليين وأرباب الجدل أن النافي لا يُطالَب بالدليل بل المُثبت الذي يُطالب بالدليل والصواب أنه يُطالب بالدليل {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} البقرة111، هاتوا برهانكم على ماذا؟ على النفي أو الإثبات؟ على النفي إذاً النافي يُطالَب بالدليل كما يُطالَب المُثبت هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – خلاف لأكثر المتكلمين والأصوليين وأرباب الجدل والمناظرة أنا النافي لا يطالب بالدليل والصواب أنه يُطالب بالدليل فحينئذ إن المجتهد إذا نظر في المسألة ولم يجد دليل يدل على الوجوب أو على التحريم نقول الأصل براءة الذمة هل يعتبر قوله هذا دليل أو لا؟ يعتبر دليلاً هل هو سمعي أو عقلي؟ نقول عقلي بمعنى لابد أن يكون مستنبط على قواعد من الشرع لكن بمعنى النظر والتأمل هو الذي أداه إل هذا في النفي الصالي أي العدم الأصلي الدال على براءة الذمة من التكاليف الشرعية حتى يرد دليل شرعي لو قال قائل علينا صلاة سادسة وجبت علينا صلاة سادسة الصلوات ستة لا خمس ماذا نقول؟ نقول هات الدليل أين الدليل؟ فإذا لم يثبت دليلاً نقول الأصل عدم صلاة سادسة الأصل عدم وجوب حج مرة ثانية أليس كذلك فحينئذ يستصحب العدم مطلقاً في كل حكم ثبت أو أثبته الأصل ولم يثبت معه دليل من الشرع ثم قال فالكتاب فاء هذه فاء الفصيحة استدل بعضهم باستصحاب العدم لقوله - صلى الله عليه وسلم - " ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم

عنه فاجتنبوه " ما وجه الاستدلال؟ ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه يريد أن يستنبط من هذا الدليل يا فقهاء على ثبوت استصحاب العدم وأن ما لم يأمر به وما لم ينهى عنه ما حكمه؟ ليس له حكم بل باقياً على الأصل العدم، ما أمرتكم به فأتوا منه وما نهيتكم إذاً بعض الأفعال أو بعض ألأقوال أو بعض ألأشياء لم يأمر ولا ينهى فحينئذ يكون حكمها ألا حكم لها وإنما يستصحب فيها العدم الأصلي وهو الإباحة، فـ (الكتاب): كلام الله عز وجل وهو القرآن المتلو بالألسنة يُذكر الكتاب وهو الدليل الأول وهو الأصل الأول والدليل على أنه أصل قوله تعالى {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} الأنعام155، هذا أمر باتباع الكتاب حينئذ جُعل الكتاب أصل لكل الأدلة وهذا أمر مُجمَع عليه فالكتاب كلام الله - عز وجل - يذكر الأصوليون كثير من المسائل التي تكون في غير فن الأصول يعني يذكرون في الكتاب حده تعريفه ثم تختلفون فيه هل هو المعنى النفسي أو المعنى اللفظي على ما يذكره أرباب البدع وثم يُذكَر فيه الحقيقة والمجاز ويُذكر فيه المُعَرب وغيره ثم يكون الحروف المتعلقة بالكتاب وكذلك السنة وهذه كلها أبحاث الأصل أنها ما تُبحَث في أصول الفقه طالب العلم إذا أراد أن يستفيد من هذه المباحث لا يأخذها من الأصوليين وإنما يأخذ كل فن من أربابه وأصحابه فيدرس المجاز والحقيقة مثلاً في كتب البيانيين ثم يتعرب الكثير من أرباب علوم القرآن مثل البحث المعرب وغيره والمجاز وموجود وغير موجود كذلك الحروف يعني توسع فيها النُحاة كابن هشام تُدرَس الحروف وتُمر على كتب الأصول ليُعلَم هل من زيادة على ما ذكره أرباب الفنون أو لا فقط وإلى تحقيق المسائل وإثبات المسائل وشرحها وكذا تذكر باختصار في مثل هذه المواد ولذلك كل كتاب في أصول الفقه الكلمة والكلام والصوت واللون وتعرب وتقسم الكلمة والجملة الفعلية وهل بينهما علاقة أو لا إلى آخره نقول هذه تُأخذ من مظانها سنمر على هذه المباحث باختصار جداً هذه فقط ومن أراد فليرجع إلى نفس الكتاب، فالكتاب هذا فِعال مفعول لأنه مشتق من الكَتْبِ والكتب المراد به الجمع والضم قالوا تَكَتَبوا بنو فلان إذا اجتمعوا وسمي الكتاب كتاباً لاجتماع الحروف والكلمات بعضها إلى بعض والمراد بالكتاب هنا القرآن وهذا بإجماع العلماء ويسمى القرآن كتاباً كما في قله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} الكهف1، هنا سماه كتابا ولكن كثير من الشُراح يذكرون في مثل هذا الموضوع يقول الكتاب اسم جنس صار علماً بالغلبة على القرآن ولا أدري ما وجهه لماذا؟ لأنه إذا نص الرب على أنه الكتاب حينئذ صار من أسماء القرى، الكتاب فحينئذ لا نقول صار علماً بالغلبة لماذا؟ لأن صيرورة الشيء علماً بالغلبة عند أهل اللغة ليس من صنع الفاعل نفسه يعني العبادلة أربعة هل هم اتفقوا وقالوا نحن العبادلة أم من صنع غيرهم حينئذ لو قيل الكتاب لم يسمه الرب جل وعلا كتاب ثم جُعِل علما بالغلبة صار الاسم هذا ليس من عند الرب - سبحانه وتعالى - وإنما من صنع العلماء هم الذين أطلقوا الكتاب صار علماً

بالغلبة مثلما فعل النحاة حدوا الأسماء الستة وقالوا هذه الأسماء الستة فإذا أطلقوا الستة صار أبوك أخوك إلى آخره، الكتاب إذا قيل هو علم على القرآن علم بالغلبة أو علم بالشرع الظاهر أنه بالشرع لكن كثير من المعاصرين يقولون علم بالغلبة ولم ينبني عليه فرق جوهري، إذاً الكتاب يكون اسم من أسماء القرآن والأصل أنه جنس وهو المراد به هنا كلام الله - عز وجل - والكلام حقيقة الأصوات والحروف حينئذ إذا قيل القرآن هو كلام الله حينئذ نفهم أنه بصوت وحرف بإجماع السلف أنه بصوت وحرف ويسمى القرآن كلام الله لأنه بعض كلام الله ليس كل كلام الله وإنما هو بعض منه يتكلم الرب جل وعلا بما يشاء وقت ما شاء كيفما شاء ومن كلامه القرآن {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ} التوبة6، إذاً ما يسمع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ كلام الله ولا إشكال في هذا، وهو القرآن المتلو بالألسنة وهي مخلوقة وإذا كانت الألسنة مخلوقة لا يلزم منها أن ما تُلي مخلوقاً المكتوب في المصاحف وهذه سنة أجمع عليا الصحابة أنهم كتبوا القرآن في مصاحف ولم يُخرجوه عن كونه كلام الرب ولم يخرجوه عن كونه ليس بمخلوق كذلك قال المحفوظ في الصدور {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9، ومن حفظه كتابته في المصاحف ومن حفظه حفظه في الصدور إذاً كونه في الصدور وهي مخلوقة وكونه يتلى بالألسنة وهي مخلوقة نقول لا يخرجه عن أصله أنه من صفة للرب جل وعلا فالألحان والصوت والألحان صوت القارئ لكن المتلو قول البارئ، ثم قال وهو كغيره كيف يقول كلام الله ثم يقول كغيره بما بعده هذا كم يقرأ (ويل للمصلين) ثم يقف نقول لا، وهو أي القرآن كغيره من الكلام العربي لأنه نزل بلسان عربي مبين جعل له قرآناً عربياً وهذا لا خلاف فيه أن القرآن نزل بلسان العربي حينئذ إذا نزل بلسان العرب نُقعِّد قاعدة نستفيد منه قاعدة وهو كغيره من الكلام لماذا كغيره من الكلام لأن الله سس تكلم بلسان العرب فإذا تكلم بلسان العرب كل ما كان في لسان العرب الأصل إثبات في القرآن هذه قاعدة فإذا ثبت في لسان العرب المعرب نقول في القرآن المعرب وإذا ثبت في لسان العرب الحقيقة والمجاز نقول في القرآن حقيقة ومجاز أليس كذلك، فكل ما ثبت في اللسان العربي نقول القرآن نزل بلسان عربي مبين فإذا ثبت في اللغة العربية على قواعد وسند ما اشتهر على ألسنة العرب نقول الأصل وجوده في القرآن بل من ينفي هو الذي عليه الدليل أن ينفي وجوده في لسان العرب حينئذ يصح نفيه عن القرآن ولذلك كان من اضعف الأقوال أن يُقال اللسان العربي فيه حقيقة ومجاز وهو كلام كثير ثم ينفيه عن القرآن هذا قول فاسد من أفسد الأقوال من أضعف الأقوال إمام أن يُبت مطلقا في القرآن واللغة وإنما ينفيا مطلقان أما تفصيل بهذا ضعيف جداً.

وهو كغيره وهو أي القرآن كغيره من الكلام في أقسامه فينقسم حينئذ على ما ينقسم به كلام العرب يكون كلمة ويكون جملة مفيدة ويكون جملة اسمية وجملية فعلية حرفاً وفعلاً وحقيقة ومجازاً ويكون معرب وكون مشتق من أصل ومبتدأ وخبر وجار ومجرور الحرف يستعمل في موضعه وقد يستعمل في غير موضعه قد يراد بالجملة الخبرية إنشائية وقد يراد بالإنشائية خبرية إلى آخره، كل يثبت في اللغة العربية الأصل لإثباته في القرآن والذي ينفي هو الذي عليه الدليل، فمنه إذا عرفنا هذا فمنه أي من القرآن حقيقة ومجاز، فمنه أو ينقسم القرآن المركبات فيه باعتبار استعماله في معناه لأن اللفظ يكون له معنى ثم هل هذا اللفظ الذي ثبت معناه في لغة العرب هل استعمل في معناه أو في غير معناه العرب أو لسان العرب يجوزوا استعمال اللفظ في معناه جائز عقلاً وواقع لغة يستعمل اللفظ في مدلوله الذي وُضع له في اللغة ثم من صنيع أهل اللغة قد يُؤخذ هذا المعنى أو اللفظ فيستعمل في غير معناه الذي وُضع له فحينئذ ينقسم لسان العرب باعتبار استعمال اللفظ في معناه أو عدم استعمال في معناه على حقيقة ومجاز وإذا ثبت الحقيقة والمجاز في لسان العرب حينئذ في القرآن حقيقة ومجاز على ظاهر ما ذكره المصنف هنا فمنه أي فمنة القرآن حقيقة فعيلة مأخوذة من حق أو من الحق من حق الشيء يحقه ويحق بمعنى ثبت الحق في الأصل أنه الثابت فحينئذ يكون فعيلة قد يأتي بمعنى فاعل وقد يأتي بمعنى مفعول فإذا كان بمعنى فاعل حينئذ يكون بمعنى الكلمة الثابتة في موضعا الذي وضعه العرب لها وإذا كان بمعنى مفعول كان الحقيقة بمعنى الكلمة المثبتة في موضعها الذي وضعها العرب لها وعلى ألأول إذا كانت فعيلة بمعنى فاعل تكون التاء تأنيث وإذا كان فعيل بمعنى مفعول حينئذ التاء لا تدخله مثل جريح وصبور نقول جريح هذا لا تدخله التاء تقول امرأة جريح وزيد جريح ولا تكون امرأة جريحة لماذا؟ لأن فعيل إذا استوى فيه مذكر ومؤنث امتنع دخول تاء التأنيث عليها حينئذ نقول هذه التاء لنقل الوصفية تاء الوصفية للنقل نقل الوصف من الوصفية إلى الاسمية، ما هي الحقيقة؟ قال وهي اللفظ المستعمل فيما وُضع له اللفظ إذاً الحقيقة وصف للألفاظ واللفظ قد يكون مهملاً وهو الذي لم تضعه العرب وقد يكون مستعملاً وهو الذي وضعته العرب قوله المستعمَل أخرج المهمل فحينئذ ليس لا يوصف بكونه حقيقة كذلك أخرج المستعمل اللفظ قبل الاستعمال فلا يوصف بكونه حقيقة ولا مجازاً إذاً قلوه اللفظ نقول جنس اللفظ عرفنا حده في النحو هذا الجنس يشمل نوعين المُهمَل والمستعمل ديث هذا مهمل زي هذا مستعمل المستعمل نقول أخرج المهمل وأخرج اللفظ قبل الاستعمال حينئذ نقول الحقيقة لا يوصف بها اللفظ غير المستعمل فيما وُضع له يعني في معنى ما هنا اسم موصول بمعنى الذي يصدق على معناه لفظ استعل في معنى وُضع له يعني وُضع ذلك اللفظ لذلك المعنى كاستعمال الأسد في الحيوان المفترس فإذا قال قائل رأيت أسدا يعني حيوان مفترس ما يحتمل أنه رجل شجاع لماذا؟ لأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته واللفظ أو المعنى الذي وُضع له لفظ أسد هو الحيوان المفترس فيما وُضع له وهذا يشمل الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية

والحقيقة العرفية لأن الحقائق ثلاثة أنواع حقيقة لغوية وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له عند أهل اللغة الحقيقة الشرعية ما استمله الشرع أو إن شئت قلت اللفظ المستعمل فيما وُضع له شرعاً كالصوم مثلاً والصلاة لأن الصلاة في اللغة هي الدعاء وفي الشرع استعمل هذا اللفظ لا مراداً به الدعاء من جهة الخصوص كما هو معناه اللغوي وإنما نقله حصل نقل نلقه من معناه العام الذي هو الدعاء وجُعل علماً واسماً وحقيقة في أفعال مخصوصة وأقوال مخصوصة فحينئذ نقول لفظ الصلاة هذا لفظ عام له أفراد صدقه في اللغة على جميع أفراده حينئذ إذا أُطلق لفظ الصلاة في اللغة حُمل على جميع مفرداته على جميع مسمياته لكن الشرع خصه ببعض الأفراد كذلك الصوم الصوم في اللغة الإمساك مطلق الإمساك الإمساك عن الكلام يسمى صوم {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} مريم26، صوماً المراد به الإمساك عن الكلام بدليل {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} خيل صائمة وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما خير الصيام صيام عن إيش؟ ممسكة من الصباح خير الصيام أي أمسكت عن الجري إذاً نقول في اللغة الصوم كل إمساك ثم خصه الشرع نقله الشرع نقله في ماذا؟ في بعض أفراده وهو إمساك المخصوص من الفجر إلى غروب الشمس عن أشياء مخصوصة إمساك مخصوص في الوقت المخصوص عن أشياء مخصوصة حينئذ إذا أُطلق لفظ الصيام في اللغة حُمل على معناه اللغوي وهو مطلق الإمساك وإذا أُطلق في الشرع حُمل على معناه الشرعي كذلك الحقيقة العرفية كالشرعية من حيث النقل يعني نُقل اللفظ اللغوي لأن الحقيقة اللغوية هي الأصل ثم الشرع تصرف في اللغة والعرف كذلك تصرف في اللغة كل منهما من الشرع والعرف نظر إلى اللفظ العام الذي له أفراد أو مسميات فقصر اللفظ على بعض أفراده قصر العام على بعض أفراده هذا قريب من أصل اللفظ العام من جهة إطلاقه اللغوي على بعض المسميات الدابة في اللغة لكل ما دب على وجه الأرض لكنه خًص في العرف لذوات الأربع الحية دابة أم لا؟ فيها تفصيل لا تمشي ولا تثبت الحية نقول لغة دابة لأنه تدب عن الأرض كل ما دب {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} النور45، فحينئذ الدابة في اللغة كل ما يدب على وجه الأرض سواء كان برجلين أو أربعة أو على بطنه يزحف نقول هذا داة لكن في العرف خصه بذوات الأربع فالفرس دابة لغة وعرفاً والحية دابة لغة لا عرفاً ليست ذوات أربعة حينئذ نقول فائدة هذا التقسيم وذكر الحقيقة هنا فائدة هذا التقسيم أن الحقيقة تتنوع ثلاثة أنواع حقيقة لغوية وشرعية وعرفية إذا جاء في الشرع في نصوص الوحيين لفظ له حقيقة شرعية وله حقيقة لغوية أو عرفية يُحمل علي أي؟ على الشرع واللفظ محمول على الشرعي إن لم يكن مطلق العرفي في اللغوي على هذا الترتيب جمهور العلماء أن الحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة العرفية والحقيقة العرفية مقدمة على الحقيقة اللغوية هذا باختصار، ومجاز أصل مجوز مفعَل حصل إعلال بالنقل

تحركت الواو ثم قُلبت ألفاً، مجوز من الجواز وهو العبور والانتقال حقيقته اللفظ المستعمل في غير ما وُضع له على وجه يصح اللفظ مستعمل اللفظ يشمل المهمل والمستعمل المستعمل أخرج المهمل حينئذ المهمل لا يوصف بكونه مجازاً واللفظ قبل الاستعمال الذي هو الموضوع قبل استعماله لا يوصف بكونه مجازاً حينئذ اللفظ قبل الاستعمال لا يوصف بكونه حقيقة ولا مجازاً في غير ما وضع له يعني في اللغة في غير ما وضع له في اللغة فإذا استعمل لفظ الأسد في الرجل الشجاع نقول اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في اللغة لأنه في اللغة وضع على الحيوان المفترس فإذا استعمل في الرجل الشجاع نقول هذا مستعمل في غير ما وضعت له العرب ذلك المعنى لكن قال على وجه يصح بمعنى أن المجاز ليس على إطلاقه كل مذهب لا يستعمل اللفظ في غير ما وضع له وإنما لابد من شرطين أولاً وجود العلاقة وثاني وجود الخليلة قال المراد بقول على وجه يصح بمعنى لابد من معنى مشتهر يكون بين المعنى المنقول عنه إلى المعنى المنقول إليه احترازاً مما لو قال رأيت أسداً يخطب يعني شبهه في أي شيء في الشجاعة إذاً الشجاعة هي المعنى المنقول عنه في الأسد إلى الرجل لماذا؟ لهذه العلاقة وجود الشجاعة لذل إذا كانت العلاقة بين المشبهة والمشبه به والاسم المستعار والمستعار منه مشابهة سميت استعارة إذا كانت المشابهة سمي المجاز استعارة وإلا سمي مجازاً مرسلاً إذا كانت العلاقة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه المشابهة فيسمى مجازاً ويسمى استعارة وإلا سمى مجازاً مرسلاً هنا رأيت أسداً والعلاقة هي الشجاعة يعني وجه الشبه بين المشبه به والمشبه إذا كانت العلاقة هنا الشجاعة نقول الشجاعة هذا أمر واضح ومشتهر ويصح نقل اللفظ عن معناه الأصلي إلى معناه المجازي ولا إشكال لأن اللفظ إذا أُطلق لم يحصل منه تعقيد معنوي عند استعماله حينئذ كل من سمع رأيت أسداً يخطب علم أن التشبيه هنا في الشجاعة أما إذا أراد رأيت أسداً يرمي وقصد المشابهة في كون الرجل أبخر كما أن الأسد أبخر نقول أسد نعم أبخر لكن استعمال المشابهة أو إطلاق لفظ الأسد على المعنى المنقول إليه وسحبه من المنقول عنه إن لم يكن المشابهة فهذا يحصل به تعقيد معنوي وإذا حصل به التعقيد المعنوي انتفى التركيب حينئذ لا يسوغ العرب استعمال اللفظ في غير ما وضع له إلا إذا كان ثم معنى مشتهراً عن المتكلم والسامع أن المعنى هو الذي نُقِل فحينئذ إذا كانت الشجاعة صح المجاز وإن كان كونه أبخر لا يصح المجاز مع كون المعنى موجود إذاً على وجه يصح المراد به العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المنقول إليه مع وجود قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي يُقال رأيت أسدا يحتمل وجود العلاقة عنده أنه شبه الرجل الشجاع بالأسد فاستعمل اللفظ في غير ما وضع له حينئذ وجدت العلاقة عنده فقال رأيت أسداً وقصد به الرجل الشجاع لك السامع ما الذي يدريه أن الأسد هنا المراد به الرجل الشجاع لابد من نصب قرينة تدل على أنه استعمل اللفظ في غير ما وضع له فيقول رأيت أسداً يخطب عندما يسمع السامع يخطب يعرف أن هذه قرينة صارفة عن إرادة الأسد بالمعنى الأصلي وهو الحيوان المفترس إذاً عرفنا على

وجه يصح أن المراد به تقييد المجاز استعمال الفظ في غير ما وضع له لابد له من أمرين العلاقة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه لابد أن يكون مشهوراً معلوماً مستفيضاً بين المتكلم والسامع وأما المعنى غير المشهور فلا يجوز استعماله لأنه يؤدي إلى تعقيد المعنى، الثاني وجود قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي كـ (جناح الذلّ) هذا وروده في القرآن جناح الذل، الذل معنى والجناح هو الجناح المعروف عند الطائر إذاً هو في الأجسام فإذا اُستعمل الجناح في الذل وهو أمر معنوي يقال وهذا مجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له (يُريد أن يَنْقَضّ) جداراً يريد أن ينقض قالوا الإرادة هذه صفة للحي للإنسان والحيوان والجدار جماد وحينئذ ينتفي وصف الإرادة عنه وقالوا هذا مجاز شبه الجدار بالإنسان في الميل فاشتق له الوصف إلى آخره قالوا هذا مجاز وفي هذا الترتيب ليس بمجاز ولو قيل بالمجاز نقول هذا بالمثال ليس بصحيح لماذا لأن الإرادة غير ممتنعة عن الجماد بل دلت نصوص عامة كثيرة مستفيضة مشهورة على أن الجماد يوصَف بالحركة ويوصف بالكلام {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} الإسراء44، والتسبيح لابد له من إرادة، أُحد جبل يجبنا ونحبه، أُحد هذا جماد ويحب والمحبة أخص من الإرادة وإثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم إذاً له إرادة حينئذ وردت نصوص على أن الجماد قد يبكي كما هو شأن الحديث حنين الجذع إلى آخره وتسبيح الحصى والسلام إلى آخره، النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى شجرة فخرقت الأرض فجاءت إذاً أطاعت النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا تدل على ماذا تدل على أن الجماد يوصف بالإرادة ولو قيل بالمجاز فهذا المثال ليس بصحيح لوجود دليل مناف له أما (جناح الذلّ) ممكن أن يسمى أن يقال الذل معنى والجناج الأصل في لغة العرب أنه الجناح الجناح المعروف فإذا استعمل الجناح للذل لا بأس أن يقال أنه مجاز، ومنه – أي من القرآن - استعمل في لغة أخرى وهو المعرّب إذاً في القرآن ما هو معرب والمراد بالمعرب ما كان في لغة أجنبية ثم استعمل في لغة العرب وهل في القرآن معرب أو لا؟ فيه خلاف طويل عريض ولا ينبني عليه فائدة من جهة الفرع وإنما اتفقوا أن يُقال اتفقوا على وجود الأعلام الأجنبية في القرآن مثل إبراهيم وإسماعيل ولذلك اتفق النحاة على أنها ممنوعة من الصرف عند حالتين اثنتين لا ثالث لهما العالمية والعجمة وكونها عجمة بمعنى أنها أسماء وضعت على لغة العجم هذا مراد العجمة فحينئذ استعمالها أعلام في لغة العرب لا يمنع من كونها أعجمية هل هي موجودة في القرآن أم لا؟ نقول موجودة، هل هي معربة أم لا؟ نقول الجواب لا ليست معربة وإنما بعض الكلمات كإستبرق وناشئة الليل إلى آخره هذه في الأصل ليست بعربية ولكنها دخلت على لغة العرب ففُهم المعنى منها المقصود منها فاستعملها العرب فعُرِبَت يعني نُزلت منزلة الكلمات العربية أصالة فعوملت معاملتها إما من المنع من الصرف وإما بالتنوين والرفع والنصب والجر إلى آخره إذاً عوملت معاملة الكلمات العربية ولا يمنع أن يُقال في القرآن ما هو معرب لا مانع وكون فيه باب المعرب لا ينافي قوله تعالى {{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ

مُّبِينٍ} الشعراء195، {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} الزخرف3، حينئذ نقول كونه عربياً هذا الحكم العام الأغلب. ووجود بعض الكلمات التي تعج على الأصابع بل ما أكثر ما أعده السيوطي مائة وعشرين كلمة في القرآن كله عد مائة وعشرين كلمة يقول هذا لا يُخرج القرآن عن وصفه بأنه عربي وبأنه حصل الإعجاز به وبنفسه وبذاته، ومنه أي من القرآن ما استعمل في لغة أخرى أي ما استعمل في لغة أخرى ثم استعملته العرب وهو دخيل عليها كـ (ناشئة الليل) هذا وردت مرة في سورة المزمل عن ابن عباس أن الناشئة هي قيام الليل بالحبشية إذاً هي لغة دخيلة وليست عربية حينئذ نقول هذه الكلمة مُعربة ووجودها في القرآن لا بأس به، والمشكاة وهي القوة بلسان الحبشية وقوله هندية هذا فيه نظر بعضهم نفى أن تكون هندية المشكاة بل أهل الهنود يقولون هذا قالوا لا تعرف بلسان الهند المشكاة بمعنى القوة وإنما هي حبشية، وإستبرق أيضاً هذا نوع من اللباس حرير الديباج أصله استبره بالهاء فقلبت الهاء قاف كما قال ابن قتيبة وردت في القرآن أربع مرات وهي فارسية، نقول هذه كونها ناشئة الليل حبشية والمشكاة هندية وإستبرق فارسية كلها وردت عن كبار أئمة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء وغيرهم حينئذ الحكم بكونها معربة وكونها في القرآن مع صحة ما ثبت عن بعضهم كابن عباس على جهة الخصوص نقول لا مانع من القول به، وقال القاضي هذا أبو يعلى والشافعي - رحمه الله تعالى – وكذلك ناصره ابن جرير الطبري الكل عربي يعني كل القرآن عربي ولا يقال فيه بعض الكلمات المعربة بل ما ورد من ذلك وهو بلسان الحبشية أو الهندية أو الفارسية نقول مما توافقت فيه اللغات إذاً ناشئة الليل ليست حبشية وإنما هي في لسنا الحبشة على أصلهم وفي لسان العرب على أصلهم وكذلك إستبرق والمشكاة إلى آخره حينئذ نقول هذه ليست بمعربة وإنما هي في أصل اللسان الأجنبي وهي كذلك في أصل اللسان العربي ولكن الأول أرجح ثم قال وفيه محكم ومتشابه. نقف على هذا وصلى الله وسلم وعلى آله وصحبه وسلم.

9

عناصر الدرس * المحكم والمتشابه * السنة: القول , والفعل , والتقرير. الدرس التاسع من يهده الله فلا مُضل له من يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا ومحمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً، أما بعد، وقفنا عند قول المصنف - رحمه الله تعالى - وفيه محكم ومتشابه وهذا إن شرع في بيان الأصل قول الكتاب والمراد به القرآن وذكر أن القرآن قعَّد لنا قاعدة عامة مضطردة يستصحبها الأصولي وكذلك طالب العلم أن القرآن نزل بلغة العرب فحينئذ كل ما جاز في لغة العرب بشرط أن يكون مشتهراً واضحا بيناً لا نادراً وقليلاً وشاذاً فالأصل أن يكون القرآن مشتملاً عليه ولذلك إذا ثبت المجاز في اللغة حينئذ نقول القرآن فيه مجاز وإذا ثبت المعرب في اللغة حينئذ نقول القرآن في معرب كذلك إذا ثبت المحكم والمتشابه في اللغة أن من كلام العرب ما هو بين واضح ويفسر نفسه بنفسه وفيه ما هو متشابه يختلف فيه السامعون في فهم المراد حينئذ يكون القرآن مثل ذلك ودليل الكل الوقوع قد يكون بعض الأشياء موجودة في لغة العرب ولكن غير موجودة في القرآن حينئذ نقول لا يلزم كل ما وُجد نقول لابد أن يكون موجود وإلا فلا إذا وُجد وثبت في لغة العرب ووُجد له وقوع حينئذ نقول مثلاً ما دليل وجود المعرب في القرآن المعرب موجود في لغة الرب نقول دليله ناشئة الليل إذاً الوقوع هو الدليل دليل الجواز ودليل الشرعيات كذلك المجاز نقول مثلاً المجاز موجود في لغة العرب ما دليل وجوده في القرآن نقول مثلاً جناح الذل كما قال هناك يريد أن ينقض، حينئذ نقول الوقوع هو الدليل إذاً ذكر المجاز هنا والمعرب مراد المصنف أنها موجودة في القرآن ودليله أن القرآن نزل بلسان عربي مبين وإذا نزل بلسان عربي مبين فهذا اللسان العظيم قد اشتمل على الحقيقة والمجاز فحينئذ لا مانع بأن يُقال في القرآن مجاز، وفيه محكم ومتشابه وفيه أي في الكتاب محكم ومتشابه لماذا نقول فيه محكم ومتشابه لوجوده في اللغة العربية والقرآن نزل بلغة العرب ودليله الوجود، نقول القرآن وصف الرب جل وعلا بأنه محكم كله وبأنه متشابه كله وبأن بعضه محكم وبعض ومتشابه، وصفه بأنه محكم كله كما في قوله تعالى {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} هود1 هذا وصف للقرآن بأنه محكم كله، كذلك وصف بأنه متشابه كله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً} الزمر23، ووصف بعضه بأنه محكم وبعضه بأنه متشابه كما في قوله تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} آل عمران7، إذا وصف القرآن بأنه محكم كله وبأن متشابه كله وبأن بعضه محكم وبعضه متشابه إذاً يكون عندنا لهذا تأصيل إحكام قد يُطلق الإحكام يُراد به الإحكام العام والتشابه العام وقد يُراد به الإحكام الخاص والتشابه الخاص الإحكام العام هو المدلول عليه بقوله {يس {1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} يس 1 - 2، وُصف القرآن كله بأنه {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} نقول المراد بالإحكام هنا الإحكام العام والمراد به الإتقان والجودة في اللفظ

والمعنى فحينئذ ألفاظه ومعانيه أحكم ما يمكن أن تكون من الإتقان وأعلى درجات البيان والفصاحة والبلاغة وحسن الترتيب وحسن السبك هذا يسمى الإحكام العام كذلك أخباره في كمال الصدق وأحكامه في كمال العدل {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} الأنعام115، صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام، إذاً المراد بـ {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} أي بلغ أعلى درجات الإحكام والإتقان أما قوله بأنه متشابه أو إطلاق الرب جل وعلا على القرآن بأنه متشابه عام أو متشابه كله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً} نقول به أنه بعضه يشبه بعضه هذا يسمى بالتشابه العام أنه بعضه يشبه بعضه في الإتقان والإحكام فحينئذ لا تتضارب ولا تتناقض أحكام ولا يُكذب أخباره بعضها بعضا ولذلك جاء {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82، ولكن الاختلاف هنا المنفي {اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} هذا وصف حينئذ قد يوجد به بعض الاختلاف لكن لا يُخرجه عن كونه في غاية الإتقان والإحكام في الأخبار والأحكام، أما التشابه الخاص والإحكام الخاص فهو الذي علناه المصنف هنا فيه محكم ومتشابه إذاً فيه يعني جمع بين الإحكام والتشابه وإذا قيل جمع بين الإحكام والتشابه حينئذ أخرج الإحكام العام وأخرج التشابه العام هذا لا مورد له في كتب الأصوليين وإنما يُذكَر في كتب علوم القرآن، وفيه محكم ومتشابه أي في الكتاب في القرآن محكَم، مُحكَم على وزن مُفعَل اسم مفعول من أحكم يحكم فهو مُحكَم اسم مفعول من أُحكِم يُحكَم فهو مُحكَم من أحكمت الشيء اُحكمه إحكاما فهو مُحكَم إذا أتقنته ومنه قولهم بناء مُحكَم أي ثابت يبعد انهدامه وهو أي المُحكَم عند بعضهم كما ذكره في مختصر التحرير بأنه ما اتضح معناه وضده المتشابه ما لم يتضح معناه هذا أحسن مات يُقال في النوعين ما اتضح معناه فهو مُحكَم سواء اتضح معناه بالسياق أو بدليل آخر أو بالسباق أو بقرينة نقول ما دام المعنى اتضح فحينئذ فهو مُحكَم سواء كان بنفسه أم بغيره والمتشابه ما عداه لكن القاعدة أنه في المتشابه أنه يُحمَل على المُحكَم فحينئذ يكون وصفه بأنه متشابه في ابتداء الأمر لا في الانتهاء لأن لو قيل متشابه لأنه لم يتضح معناه هل لم يتضح معناه مطلقاً نقول لا ليس في القرآن هذه يُنفى عن القرآن لأن هذا نقص عيب فحينئذ نقول ما لم يتضح معناه إما أن يكون نسبياً لبعض العلماء قد تُشكِل عليه آية يموت وقد أشكلت عليه هذه الآية ولم يفهمها هذا تشابه وعدم اتضاح نسبي أما عدم اتضاح عام لكل العلماء لكل الأمة هذا لا وجود له وإنما يُحمَل المتشابه على المُحكَم فيتضح حينئذ فحينئذ الإحكام والتشابه الذي ورد في الآية يكون في ابتداء الأمر أما في الانتهاء فلا ولو وُجد ابتداء وانتهاء في حق شخص معين فحينئذ يكون هذا خاص به يكون التشابه وجوه نسبي وفيه مُحكم ومتشابه دليله وقوع بل النص عليه {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يعني ومنه آيات أُخر

هذه صفة للموصوف المحذوف متشابهات حينئذ يُراد بالمتشابه إلى المُحكَم فيُفهَم معناها هذا فيما كُلِف فيه العباد وأما ما لم يُكلفوا به كالمتشابه من إدراك كيفية الصفات مثلاً لأن المصنف فسر للمتشابه الصفات نقول هذا لم يُكلَف العباد إدراكه ولا البحث عنه ولا السؤال عنه وإنما المقصود الذي يكون متضحاً في الانتهاء بعد أن يقع متشابهاً هذا فيما كلف العباد به أما ما لم يُكلَف به كإدراك حقائق وكيفية أو كيفيات الصفات التي اتصف بها الرب جل وعلا نقول هذه ليس مما يُطاق البشر إدراكها ولم يُكلفوا بهذا أصلاً ولذلك الإمام مالك لما سُئل عن {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه5 وكيف استوى حكم بأنه السؤال هذا بدعة لماذا؟ لو كان مكلفاً به لما كان السؤال بدعة لأن البحث في الحقائق وإدراك الكيفيات هذا يعجز عنه الإنسان ولذلك قيل العاجز الإدراك إدراك لأن البشر يعزون عن إدراك حقيقة الصفات أو كيفية الصفات أما المعني فهذه واضحة على ما تقرر في لغة العرب فالمعاني معلومة واضحة بينة بل ذكر ابن القيم - رحمه الله تعالى – أنها من أحكم المحكمات ليس من المتشابه كما يقول البعض وليس من المحكم فحسب بل من أحكم المُحكَم لأن معانيها واضحة متبادرة لمن سلم عن الزيغ والهوى، وأما إدراك كيفياتها فهذا نقول يعجز عنه البشر لأن الصفات هذه نقول فرع عن الذات فإذا كانت الذات يعجز البشر عن إدراكها ذات الرب جل وعلا فالقول في الصفات فرع القول في الذات. إذاً إذا قيل متشابه بمعنى أنه لم يتضح معناه ومآله إلى أن يتضح ونحكم على أن إدراك كيفيات الصفات التي ذكرها الرب جل وعلا عن نفسه أنها متشابه مما لم يعلمه إلا الله - عز وجل - حينئذ نقول هذا لا إشكال ولا تعارض لأننا لم نُكلَف بذلك والمراد بالمتشابه ما اتضح معناه أو ما لم يتضح معناه ثم اتضح نقول هذا بما كًلف به العبد وفيه محكم ومتشابه بدليل النص السابق.

قال القاضي اختلفوا فيه على أربعة أقوال وليس المراد الأحكام العامة والتشابه الخاص، وقال القاضي أبو يعلى وهو من أصحاب الإمام أحمد يعني أصحاب المذهب، المحكم هو المُفسَّر والمتشابه هو المُجمَل حينئذ كل ما كان متضح المعنى فهو محكم وكل ما كان مُجمَل فهو مفسَر وهذا يؤيد من ذكرته لكم، وهو أنه لا يوجد مجمل لم يتضح معناه في الكتاب والسنة هل يوجد لفظ مجمل لم يتضح معناه نقول لا لا يوجد حينئذ نؤكد أن المتشابه يُراد به وصف كتاب ابتداءاً أو يكون ابتداءاً وانتهاءا في حق شخص معين علموا من الناس من البشر نظر في آية أشكلت عليه إلى آخره نقول هذه متشابهة في حقه أما أن يكون متشابه في حق الأمة بصفة عامة هذا لا وقوع له، المحكم المفسّر، والمتشابه المجمل فحينئذ كل مجمل في القرآن فهو متشابه {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، {قُرُوَءٍ} هذا لفظ مشترك إذاً فيه إجمال فيه إبهام لأنه في اللغة يُطلَق على الحيض ويُطلَق على الطهر فحينئذ نقول هذا مجمل هذا متشابه مجمل متشابه، هل اتضح معناه أم لا؟ بعض أهل العلم رجح بأنه بقرينة بدليل أنه الحيض وبعضهم رجح أنه الطهر حينئذ صار في حقه متشابها في أول الأمر لم يتضح معناه ثم بعد ذلك صار محكماً لأنه رد المتشابه إلى المُحكَم، قول القاضي المحكم المفسّر، والمتشابه المجمل هذا ذكره المصنف بالمعنى رواية ,غلا قوله في العدة المُحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان والمتشابه ما احتاج إلى بيان، كل لفظ كل حكم كل قصة كل وعد كل وعيد كل حلال كل حرام استقل في الدلالة وفُهم المعنى بنفسه فهو محكم فإن احتاج إلى بيان فهو متشابه وهذا أقرب ما يُقال في تفسير المحكم والمتشابه أنه ما اتضح معناه فهو المحكم ولم يتضح معناه فهو المتشابه وذلك ظهر أن المصنف هنا قدمه وإن كان أطلق عبارة عامة في آخر المبحث سيأتي الوقوف معها، هذا قوله أول قوله الثاني قال وقال ابن عقيل أيضاً من أصحاب الإمام أحمد أصحاب المذهب المتشابه ما يغمض علمه على غير العلماء المحققين المتشابه ما يغمض يفعُل من باب غمض كقعَد يقال غمض الحق يغمض من باب قعد خفي مأخذه والغامض من الكلام ضد الواضح ما غمض من الكلام ضد الواضح إذاً المتشابه عند ابن عقيل ما يغمض علمه ما خفي مأخذه على غير العلماء المحققين وما عدا العلماء يعني العوام إذا قرؤوا النصوص ولم يفهموا فهو متشابه في حقهم والعالم إذا قرأ وفسر النص إما أن يكون النص مستقلاً في الدلالة على المعنى بنفسه أو بغيره فحينئذ صار في حقه محكماً، إذاً يكون الإحكام والتشابه باعتبار الناظر إن كان عالماً محققاً فحينئذ ما ظهر له فهو محكم وهل يتصور في حق العالم على هذا القول أنه لا يظهر له شيء البتة؟ لا لأنه جعله عالماً محققاً وما يقابله من معاني الغير محقق أو الجهل فحينئذ نظر العالم غير المحقق أو الجاهل وما غمض عليه فهو متشابه وما لم يغمض عليه فهو محكم فحينئذ يكون المحكم على رأي ابن عقيل ما لم يغمض علمه على العلماء المحققين بالعكس لذلك قال الآيات المتعارضة هنا لا يقال آيات متعارضة وإنما يقال الآيات التي ظاهرها تعارض لأن القرآن ليس فيه تعارض

بالذات وإنما هو فهم الناظر فقط كالآيات المتعارضة يعني كالآيات التي ظاهرها التعارض {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} القصص56، {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الشورى52، في ظاهره تعارض لماذا؟ لأن اللفظ الهداية نُفي موضع وأُثبت في موضع أقول اللفظ – انتبه – اللفظ لفظ الهداية أُثبت في موضع ونُفي في موضع {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} بل مؤكد بإن واللام و {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} أيضاً مؤكد بإن واللام حينئذ في ظاهره يفهم ماذا يُفهَم التعارض لكن لو فُسر الأول {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} أن المراد بها هداية التوفيق وأنها خاصة بالرب جل وعلا لا يملكها لا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره وأن الهداية {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} المراد بها هداية الدلالة والإرشاد، حينئذ نقول لفظ الهداية يُطلق ويُراد به هداية التوفيق ويُطلق ويراد به هداية الإرشاد والبيان والدلالة، المُثبَت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بل ولغيره كأهل العلم المُثبت له ولغيره لذلك قال العلماء ورثة الأنبياء {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} إذاً هذا مُثبَت ويُحمل على دلالة الإرشاد والدلالة والبيان {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} هذا يحمل على هداية التوفيق لأنها متعلقها التصرف في القلب وهذا ليس لأحد من البشر، حينئذ ظاهره التعارض هل هذا التعارض أو هل هذا الظاهر أو هذه المعاني أو ما يغمض في هاتين الآيتين يخفى على العلماء لا إذاً صار في حقهم محكماً وغير العلماء صار في حقهم متشابه هذا رأي ابن عقيل ورأي القاضي أولى المتشابه ما يغمض علمه على العوام كأنه قال هكذا المتشابه ما يخفى ويغمض علمه على العوام وما استوى علمه على العوام والعلماء هذا هو المحكم كالآيات المتعارضة، القول الثالث لم ينسبه إلى أحد وضعفه أو أشار إليه بقوله وقيل وقيل هذه صيغة تضعيف في الأصل عند أهل العلم إذا قال قيل فيه تضعيف لذلك أسند في الأول قال القاضي وقال ابن عقيل ثم قال وقيل إما أنه تضعيف وهذا هو الأحسن وإما أنه لعدم تيقن من قائله من هو قائله ولذلك نسبه ابن كثير في تفسيره إلى مقاتل بن حيان وقال ابن تيميه - رحمه الله تعالى – إنه يُروى عن ابن عباس - رضي الله عنه -، إذاً وقيل هذه يحتمل أن المراد به التضعيف للقول ويحتمل أنه أراد به عدم العلم بقائله ونسبه ابن كثير إلى مقاتل وابن تيمية إلى ابن عباس قال يُروى يعني ضعفه، الحروف المُقطَعَة يعني المتشابه هو الحروف المقطعة التي تكون أوائل السور ولذلك لو قال الحروف الهجائية لكان أعم لماذا لأن الحروف المقطعة هذا يشمل ما رُكِب من حرفين فأكثر {طسم} الشعراء1، أو {كهيعص} مريم1 أما ص ون وق هذه الحروف مقطعة أو هجائية؟ هجائية ولا يُقال أنه حروف مقطعة وإنما الحروف المقطعة تطلق على {الم} {الر} يعني ما كان حرفين أو أكثر أما ما كان من حرف واحد فيقال فيه حروف هجائية ولو قال الحروف الهجائية لكان أعم وقيل الحروف المقطعة يعني المتشابه في القرآن هو الحروف المقطعة ما عداه فهو محكم إذاً ما وُصلت حروفه وأُريد معناه فهو محكم إذاً القرآن كله محكم إلا بعض السور التي تكون مفتتحة بالحروف الهجائية نفس الحرف تقول (ق) السورة كلها محكمة إلا قوله (ق)

كذلك (ص) البقرة كلها محكم إلا قوله (الم) فهو متشابه وهذه على خلاف طويل بين المفسرين في المراد بالحروف الهجائية التي تكون في أول السور والأصح يقال أنها لا معنى لها من حيث دلالة اللغة العربية عليها لأننا قررنا قاعدة أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فحينئذ نسأل في لغة العرب هل ورد عندهم تركيب الحروف لا معنى لها تُؤلَف حروف لا يُراد معناها؟ لا ولذلك دائما نقول أما من حيث المعنى لا معنى لها وإذا نُفي المعنى لم يلزم منه ألا يكون لها مغزى إشارة إلى شيء معين آخر ولذلك نقول هي لا معنى أصلا ولكن لها مغزى لئلا نسلب الحروف أو الآيات من دلالتها من المعاني المطلقة فحينئذ نقول المعنى الداخلي للفظ غير موجود هنا لأن العرب لم تركب هذه الحروف أما لها معنى آخر وقد يكون أعظم وأجل مما لو دلت على معنى خاص بها وهو أن الله - عز وجل - تحدى العرب بالإتيان بمثل هذا القرآن فكأنه قال {الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} ذلك الكتاب الذي أُلِف مما تعرفون وكانت هذه تأليف الكلمات والحروف من (الم) فحينئذ عجزكم عن الإتيان بحروف تتألف مننها الحروف التي ذكرت في أوائل السور عجزكم عن هذا يدل على أن القرآن كلام الله وليس من صنع البشر ولذلك في الغالب الأعم أو أن في الأغلب الأعم أن الحروف هذه إذا جاءت ذُكرت بعدها الكتاب أو القرآن {يس {1} وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}، إذاً ذُكر القرآن كاملاً، {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} هود1، ذكر الكتاب كاملاً بعد (الر) ذلك يدل على أن الكتاب أُلف من هذه الحروف (الر) ولكنكم عجزتم عن الإتيان بسورة بل بآية من هذا القرآن وهذا يدل على أنه كلام الله لا يشبهه كلام أحد من البشر، إذاً هذا القول المنسوب إلى ابن عباس أن المتشابه هو الحروف القطعة وما عداه فهو المحكم وقيل المحكم هذا قوله الرابع قيل المحكم أيضاً هذا رُوي عن ابن عباس بمعناه لأن حكاه ابن عقيل أو القاضي بأن المحكم ما اُستفيد الحكم منه والمتشابه ما لم يفيد الحكم المحكم ما استفيد منه حكم إيجاب تحريم كراهة وما عداه فهو متشابه لذلك رواه ابن يعلي فقال وقيل المحكم الوعد والوعيد والحرام والحلال هذا محكم والمتشابه القصص الأمثال، ولكن هذا ضعفه ابن تيميه - رحمه الله تعالى – لأن الوعد والوعيد قد يكون فيه نوع تشابه يعني أنه يخفى معناه أولاً ثم يظهر ولذلك اختلف اختلافاً طويلاً في قوله تعالى {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} النساء93، هذه مُختَلف فيها مع أنها من الوعيد حينئذ وقع الاشتباه في الوعيد، والحرام والحلال كذلك وقع كثير من النزاع والخلاف بين أهل العلم في المراد والمتشابه والقصص والأمثال أما القصص فإيراده في المتشابه من أبعد ما يكون لأن القصص من حيث المعنى فهي معلومة من حيث المعاني وتركيب القص ابتداءاً وانتهاءاً هي معلومة وكذلك يستوي في فهمها العامي وغيرها فتجد العوام يتعلقون بالقصص أكثر من غيرهم لماذا؟ لفهمهم لذلك لو وُضع درس في أحكام الوضوء والغسل ما حضروا أأتي بقصاص اجتمعوا له، والمتشابه القصص لكن

الله - عز وجل - يقول {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} العنكبوت43، هذه في الأمثال وإذا جُعل الأمثال من المتشابه كذلك مثله كان شيخ الإسلام ابن تيميه يرى أنها أقرب إلى المتشابه لكن أيضاً في الأصل هي تُفهَم لكن المراد وما يعقلها أي وما يعقل مغزاها وما أُريد بهذا المثل أما معناه الأصلي فهذا يتضح وقد يفهمه حتى العامي لكن العامي إذا قيل العامي ليس بالمقياس الموجود الآن وإنما العامي الذي ليس من أهل العلم في الطبقة التابعين ومن بعدهم أما الآن فلا يمكن أن يُقال أنه مقياس لأن في اللغة وفي الشرع من أبعد ما يكونون، إذاً القول الرابع أن المحكم هو العود والوعيد والحرام والحلال إذاً كل ما جاء من آيات الوعد فهو محكم وكل ما جاء من آيات الوعيد فهو محكم ولو حصل فيه نزاع في فهمه وكذلك ما جاء من آيات الحلال والحرام فهي محكمة وإن حصل فيها نزاع ولذلك ضُعِف هذا القول وضعفه ابن تيميه - رحمه الله تعالى – والمتشابه القصص والأمثال نقول المشابه القصص والأمثال هذا لا يمكن من المتشابه إلا إذا كان المراد بالمتشابه أنه فيما يترتب عليه من مغزى ومعنى بعدي ما الذي أُريد بهذه القصة؟ حينئذ يرد القول بأنها متشابه كذلك الأمثال قال والصحيح الذي رجحه المصنف أنه المتشابه ما يجب الإيمان به ويحرم تأويله كآيات الصفات وهذه زلة والصحيح يعني القول الأصح عنده أن المتشابه من القرآن ما يجب الإيمان به الإيمان بالقرآن كله أو بمتشابهه بالقرآن كله إذاً وجوب الإيمان بالقرآن كله هل يُفهَم من هذا أن المتشابه هو الذي يجب الإيمان به والمحكم لا يجب الإيمان به نقول لا بل القرآن كله سواء فهم منه أو لم يفهم أدرك الحقيقة أو لم يدرك حينئذ يسلم أن هذا حق وهذه أحكام حق وما ترتب على الحق فهو حق علم أو لم يعلم لأنه نزل من عند الحق حينئذ إذا لم يفهم أو فهم على جهة القصور فيتهم نفسيه وعقله ولا يتهم القرآن إذاً والصحيح أن المتشابه ما يجب الإيمان به نقول هذا فيه نقل وهو أن القرآن كله يجب الإيمان به ولذلك نقول فيه محكم ومتشابه ليس المراد فيه أو به أن يُفصل في التصديق لا يعني نقول الإحكام والتشابه إذا كان في القرآن فحينئذ القرآن كله على جهة واحدة من جهة التصديق لا يختلف نقول هذا يصدق به أقوى ونقول هذا يصدق به أقوى لا التصديق يستوي لأن القرآن كله يجب الإيمان به مطلقاً على جهة السواء وإن كان من جهة إفادة المعنى قد يتعلق القلب بما فهمه أكثر مما لم يفهمه أما من جهة القبول فيسوي الحكم، ويحرم تأويله تأويله التأويل هنا ظاهر كلام المصنف أنه قصد به التأويل الذي هو عند المتأخرين بل الأصح أن يسمى تحريفاً وهو صرف اللفظ عن ظاهره يعني عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقتضيه إذا أطلق التأويل انصرف إلى هذا المعنى عند المتأخرين يمثلون لذلك بهذا {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه5، لأنه ذكر الصفات {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قالوا الرحمن الرب جل وعلا على العرش استوى استوى هذا يُفهَم ماذا؟ يُفهَم الاستواء الحقيقي وله معنى آخر وهو المعنى المعنوي الذي يطلق عليه بالغلبة والقهر فحينئذ لما امتنع أن يُحمَل اللفظ على

ظاهره وهو الاستواء بمعنى العلو الخاص حُمل على المعنى المرجوح وهو الاستيلاء قال استوى بِشر على العراق حينئذ قال استوى بِشر على العراق للم يستوي بذاته وإنما استوى معني فصُرف اللفظ عن ظاهره الذي يقتضيه إلى معنى مرجوح لدليله وهذا نقول فاسد هذا نقول مثال لما يذكرونه هم لأن اللفظ هنا قال لفظ ظاهر وله معنى مرجوح ظاهره الاستواء المعلوم في الذهن وهذا لا يُوصف به إلى الأجسام والله جل وعلا مُنزه على الجسمية فحينئذ يتعين المعنى المرجوح لدليل وهذه العلة عندهم علة عقلية وهي استحالة قياس الأوصاف التي تقضي الجسمية بالرب جل وعلا حينئذ قال ويحرم تأويله أي صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقتضيه. ويطلق التأويل أيضاً بمعنى التفسير لكن ظاهر كلام المصنف أنه أراد الأول لأنه قال كآيات الصفات وعليه هل يرى تأويل الصفات أم لا؟ لا يرى تأويل الصفات لكن تمثيله لآيات الصفات \بآيات الصفات للمتشابه هذا فيه نظر لماذا؟ لأن الحق التفصيل وليس الإطلاق لأن الصفات كلها صفات الرب جل وعلا لها نظران نظر من جهة المعنى اللغوي الذي تدل عليه وهذا معلوم واضح محكم بل من أحكم المحكم كما قال ابن قريب الاستواء معلوم في اللغة الرحمة معلومة الرأفة إلى آخره النزول معلوم وكلها معلومة في اللغة ولكن كيفية هذه الصفات نقول هذا من المتشابه لماذا؟ لأنه مما استأثر به الرب جل وعلا فحينئذ نقول الصفات إطلاق أنها من المتشابه مطلقاً خطأ وإطلاق أنها من المحكم مطلقاً خطأ لماذا؟ لأن الصفة ليست مرادة صفة دون تعلق بالموصوف الصفة ليس المراد بها الصفة مطلقا دون التعلق بالموصوف وإنما كلف المكلف العبد المسلم أن يؤمن بمدلول الصفات وإما كيفية تصرف الرب بها هذا لا تدركه العقول حينئذ يؤمن في الأول ويفوض في الثاني ولذلك إذا قيل هل مذهب السلف التفويض ماذا تقول؟ التفصيل لا تقول مذهب السلف نفي التفويض لا تقول لابد من التفصيل إن كان المراد تفويض المعنى نقول هذا باطل ولذلك يقال شر الفرق المفوضة الذين يفوضون المعنى يقولون لا ندري الرحمن على العرش استوى استوى الله أعلم ما ندري يقول المحرف المأول أخف ضرراً وأخف بدعة من ذاك الذي يفوض المعنى إذاً نقول تفويض المعنى بأن نقول لا ندري ما المراد بهذه الآية ينزل ربنا إلى السماء الدنيا الله أعلم بهذا النزول نقول تفويض للمعنى هذا باطل أما نقول نفهم ما المراد بالنزول وأما كيفية النزول هذا نفوضه إلى الرب جل وعلا تقويض الكيف هذا هو الحق بل لا يجوز التكييف أصلاً، إذاً كآيات الصفات نقول التمثيل للمتشابه بآيات الصفات فيه نظر بل الصواب التفصيل إذاً نخلص من هذا أن المحكم والمتشابه موجدان في القرآن وأن أصح ما يُقال فيه أن المحكم ما اتضح معناه وعكسه المتشابه ما لم يتضح معناه وإذا لم يتضح معناه يرد إلى المحكم فيتضح معناه حينئذ وليس عندنا متشابه في القرآن لم يتضح معناه مطلقاً هذا وجود له في القرآن.

ثم قال - رحمه الله تعالى – والسنة فالكتاب هو السنة لأنه قال أصول الأدلة أربعة وذكرنا أن الأصول سمعية وعقلية والسمعية هذا الكتاب والسنة والإجماع ويتفرع عنها القياس والرابع عقلي، قال والسن بعد أن فرغ بعض مسائل الكتاب قال والسنة، أي والثاني أو الأصل الثاني مما يعتمده الفقهاء أو المجتهدون في استنباط الأحكام الشعرية والتي يعتبر مصدراً من مصادر التشريع هي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك إذا قيل السنة صرف إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والسنة قال ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكل آية في القرآن أو حديث في السنة ونقول في القرآن والاكتفاء أولى في مثل هذا المقام كل آية تدل على وجوب طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي دليل على اعتبار السنة، لو قال قائل ما الدليل على أن السنة أصل؟ نقول كل آية أمر الرب جل وعلا بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في القرآن وما أكثرها فهي دليل على حجية السنة {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} آل عمران31، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7، وهذه على جهة الخصوص نصوا على أن العلم أن جميع السنة داخلة في هذه الآية {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} كل ما أتاكم به {فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} كل آمر سواء كان أمر إيجاب أو أمر استحباب فهو داخل في قوله {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وكل نهي نهى عنه سواء كان نهي تحريم أو نهي تنزيه فهو داخل في قوله {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} النور54، إذا الأدلة على حجية السنة هو ما ذكرناه لكن المتكلمون لهم طريقة أخرى يعني يحلون في إثبات حجية السنة إلى علم الكلام إلى علم الكلام فحينئذ يثبتون المعجزة ويثبتون دلالة المعجزة وهل هي حجة أم ليست بحجة وهي تعرف بالمعجزة ثم المعجزة دلالة على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ثبت إنه صادق حينئذ نقول صدق ما جاء به إلى آخره يبحثون هذه المسألة في علم الكلام وبعضهم يستلها إلى كتب الأصول لماذا؟ لأنهم لا يعتمدون على الكتب وإنما ينظرون إلى العقل وهذا إن كان في مواجهة من لا يؤمن بالله ورسوله فلا إشكال إما أن تقرر المسائل على هذه الصورة لأهل الإسلام لأهل القبلة نقول ليست على منهاج النبوة وإنما يستدل بحجية السنة بقوله جل وعلا {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} أما طريقة المتكلمين التعامل مع المسلمين بها نقول هذا ليس على الهدى المبين وليست هي طريقة السلف وإنما طريقة السلف الوقوف مع النصوص كتاباً وسنة ويسوى بينهما كل منهما يعتبر حجة وكل منهما يؤيد الآخر وكل منهما يفسر الآخر لا تُضرَب النصوص بعضها ببعض ولا يُوقف مع نص وتهجر جميع النصوص هذه طريقة أهل البدع أن يقف مع آية ولذلك أهل البدع في الغالب لا يستدلون بالعقول فحسب كما يظنه الظان لابد أنه يأخذ كلمة من القرآن وكلمة من السن فيقفون معها فحينئذ يُحرفون كل معنى ممكن أن يدخل تحت الآية أو يخصصون أو يعممون وتُهجَر جميع النصوص نقول

منهج السلف ليس كذلك بل الجمع بين النصوص ومحاولة التوفيق وأني يكون نظر الناظر أن ثم تآلفاً بين النصوص وألا تُضرَب بعضها ببعض، والسنة ما هي السنة؟ السنة تختلف كما ذكرناه سابقاً من موضع عن موضع لأنها في اللغة لها معنى خاص وعند الأصوليين لها معنى خاص وعند الفقهاء وعند المحدثين كل فن اصطلح على معنى خاص أطلق عليه لفظ السنة أما السنة في اللغة كما ذكرناه سابقاً السيرة حميدة كانت أو ذميمة {سنة الله} أي طريقة الله المكذبين للرسل هكذا ورد في القرآن، ولكل قوم سنة وإمامها، والسنة عند الأصوليين ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول غير القرآن أو فعل أو تقرير إذاً كل ما ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمى سنة وهذا من اصطلاح العلماء أن السنة تطلق في مقابلة القرآن فحينئذ يطلق قرآن ويراد به كلام الله وتطلق السنة ويُراد به كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا له أصل في الشرع جاء في حديث مسلم " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة " إذاً له أصل إطلاق السنة على ما يقابل القرآن ويُراد به كل ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - له أصل كما في حديث مسلم " يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة " لأنه هنا قابل السنة بالقرآن أو قابل القرآن بالسنة، ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير يزيد أهل الحديث ماذا؟ أو صفة من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية وهم أسعد بالسنة في هذا لماذا لأن نظرهم في الأخبار ومعرفتهم بأحوال النبي ألصق بالسنة من الأصوليين ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو وقف هنا لصحَّ لوقف إلى هنا صح التعريف من قول هذه يقال فيه إنها بيانية ما معنى بيانية يعني بينت مُجمَل {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} الحج30، ما هو الرجس؟ الأوثان، ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو الذي ورد؟ القول والفعل والتقرير إذاً تقول هذه من البيانيين، من قول غير القرآن أخرج القرآن لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ورد عن النبي من قول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إما أن يكون حكاية عن قول الله جل وعلا يعني ما كان متضمناً كلام الرب وهو القرآن وإما أن يكون منشأه هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، هل كله سنة؟ اصطلح الأصوليون على أن ما جاء أما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مبلغاً به عن الرب جل وعلا لفظاً ومعنى فهو قرآن، قابلته السنة فحينئذ لابد من إخراج القرآن فقال غير القرآن إذاً القرآن لا يسمى سنة في الاصطلاح، من قول غير القرآن إذاً كل قول ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس قرآناً فهو سنة يُفهَم من هذا أن الحديث القدسي من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذاً لم يستثني إلا القرآن إذا صدَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول قال الله تعالى " من عادى لي ولياً " هذا داخل في السنة من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا؟ على هذا الاصطلاح نعم كلأن المصنف يميل إلى الحديث القدسي لفظه من النبي وهذا هو الأضمن نقول معناه من

الرب واللفظ من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول غير القرآن من قول مثل ماذا؟ كقوله - صلى الله عليه وسلم - " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "، " إنما الأعمال بالنيات " هذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، سنة قولية لأنها منقولة عن لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، من قول في القرآن قال بعضهم ولو كان أمراً منه بكتابته يعني يدخل في القول لو أمر بالكتابة " اكتبوا لأبي شاه " وأمر علياً يوم الحديبية أن يكتب إذاً هو داخل في السنة القولية، من قول ولو كان أمراً منه بكتابة كقوله - صلى الله عليه وسلم - اكتبوا لأبي شاه "، وكأمره علياً بالكتابة يوم الحديبية، أو فعل هل إشارة إلى السنة الفعلية كماذا؟ كالطواف ومناسك الحج وكذلك الصلاة نقول هذه سنة فعلية كل ما حُكي من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج فهو سنة فعلية وكل ما حُكي من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة فهو سنة فعلية زاد بعضهم ولو بإشارة على الصحيح لو أشار نقول هذا سنة أو لا؟ نقول نعم هو سنة لأنه كالأمر به ولذلك جاء في حديث كعب بن مالك قال يا كعب قال لبيك يا رسول الله فأشار إليه بيده أن ضع الشطر من دينك، أشرا إليه إذاً هذه تعتبر سنة فعلية أم لا؟ تعتبر سنة فعلية، طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعير فأشار إلى جهة الحجر الأسود هذه الإشارة تعتبر سنة فعلية أم لا؟ نقول تعتبر سنة فعلية كذلك إشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر ليتقدم في الصلاة حينئذ نقول أو فعل ولو كان بإشارة على الصحيح، فكل ما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار به حينئذ نقول هذه سنة فعلية أو تقرير تقرير سيأتي تعريفه وهو ترك الإنكار على فعل فاعل أو تقرير يعني تقرير فعل غيره إذا فُعل بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لم يكن بحضرته وبلغه علمه فسكت ترك الإنكار نقول هذا سنة تقريرية، لماذا؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره كذلك إذا قيل قولاً بحضرته قيل قول بحضرته فكست النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه فسكت يعني ترك الإنكار نقول هذه سنة تقريرية.

سأل الجارية أين الله؟ فقالت في السماء، أنكر عليها؟ أقرها، يسمى ماذا تقرير على قول أو على فعل؟ على قول قالت في السماء يعني في العلو حينئذ يسمى هذه سنة تقريرية كذلك أُكل أو أكل خالد بن الوليد الضب على مائدة النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكت ترك الإنكار نقول هذه سنة تقريرية على فعل فُعل بحضرته، كذلك إذا حصل شيء في زمنه سواء بلغنا أنه علمه أو لا ولم يحصل إنكار نقول هذا أيضاً سنة تقريرية ولذلك جاء في حديث جابر كنا نعزل والقرآن ينزل لأنه لو لم يعلمه النبي يقول قائل كيف يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الأمور الخاصة، لم يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول بلغ علمه من الله - عز وجل - لماذا؟ لأن كل مُنكر من القول أو الفعل يحصل في ذاك الزمن زمن التشريع زمن تنزيل الوحي زمن تنزل الوحي لا يمكن أن يقر على باطل لذلك لما بيت المنافقون ما يبيتون فضحهم الله - عز وجل - {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} النساء108، إذاً هذه فضيحة، لماذا؟ لأن هذا مما يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - النبي لا يعلم الغيب {{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} النمل65، حتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يعلم، حينئذ إذا خفي على النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه لا يخفى الله جل وعلا لأن الزمن زمن تشريع والسكوت عليه حينئذ يكون تقريراً وإقراراً من القول أو الفعل هذه ثلاثة أنواع سنة قولية وسنة فعلية وسنة تقريرية، بعضهم زاد وموجود في كتب المعاصرين سنة تَركية يصح أو لا يصح؟ يعين ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلمنا أن تركه مقصود هل نتأسى به ونقول هذا سنة نتركه كما ترك؟ هذه نردها لما مضى والترك في صحيح المذهب، ولذلك إن ظهر أن الترك مقصود قلنا هذا كف فإذا كان كفاً صار فعلاً وإذا كان فعلاً صار سنة فدخل في قوله أو فعل خطاب الله المتعلق بفعل المكلف بفعل قلنا منه ما هو ترك، فحينئذ الفعل يكون تركاً حتى في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مكلف وخطابه يتعلق به ولذلك لو لم تظهر بدعة كما في المولد ونحوه لو لم تظهر نقول إذا لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة الكرامة فالسنة عدم الفعل لماذا تفعل شيء ما تقرب به النبي ولم يتقرب به كبار الصحابة ولا القرون المفضلة نقول تركه سنة بصرف النظر نقرر هل هو بدعة أو لا يعني يكن وقَّافاً فعلاً وتركاً ولذلك التأسي كما ذكره غير واحد أن تفعل كما فعل لأجل أنه فعل وأن تترك كما ترك لأجل أنه ترك هذه قاعدة عظيمة وأطلب من طلبة العلم أني تعتنون بها أن تفعل كما فعل لا تقول واجب وسنة هل أأثم إذا تركت إلى آخره هذه تستخدم عند التعارض اختلطت عليك الأمور لا تستطيع أن تقدم وتأخر نقول هذا واجب هذا أول بالعناية مقدم على السنة أما إذا لم يحصل تعارض حينئذ لا يترك شيء فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى – يقول السؤال عن هذا واجب أو سنة الأمر هذا واجب أو لا نقول هذا بدعة نقول كان الصحابة إذا أمروا كانوا يمتثلون مباشرة ما يقفون يجادلون هذا أمر

تقصد به الإيجاب أو تقصد به الندب لم يرد عن الصحابة وإنما كانوا يُأمرون فيمتثلون أما إذا حصل تعارض حينئذ يرد السؤال من باب التخفيف على المكلف إذا وقع تعارض ازدحمت عليك الأعمال حينئذ تقول هذا سنة وهذا واجب والجواب مقدم أما متى ما أمكن فلا يبخل على نفسه أن يفعل كما فعل لأجل أنه فعل وأن يترك، إذاً من السنة ما هو ترك عبادة لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تفعلها؟ قربى لم يتقرب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا فعلاً ولا قولاً ولا أي أمر يتعلق به المكلف إذاً السلامة تكون في الترك لا في الفعل، أو تقريري إذاً هذه ثلاثة أنواع سنة قولية وسنة فعلية وسنة تقريرية، فالقول الفاء للتفصيل أراد أن يفصل لك القول وما يتعلق به والفعل وما يتعلق به والتقرير وما يتعلق فقال فالقول حجة قاطعة حجة بمعنى الدليل والسلطان والبرهان وآية وعلامة وأمارة كما سبق إذاً حجة قاطعة بمعنى أنها مُلزمة يجب على من سمعه إذا قيل من سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا يختص الحكم بمن؟ بالصحابة رضي الله عنهم أما من عداهم فلا يشملهم الحكم ولو سمعه في المنام؟ ولو سمعه في المنام، حجة قاطعة يجب على من سمعه يعني سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - العمل حجة قاطعة يجب العمل بمقتضاه يعني على حسب ما تقتضيه أو يقتضيه من وجوب أو ندب لماذا؟ إذاً ما حكم القول نقول إما أن يُباشره السامع أو لا يُباشره السامع يعني يسمعه بنفس فحينئذ يصير حجة قاطعة بمعنى لا يجب العمل بمقتضاه إن اقتضى إيجاباً وجب الامتثال وإن اقتضى ندباً اُستحب الامتثال لماذا؟ قال لدلالة المعجزة على صدقه هذا الذي قلناه سابقاً لدلالة المعجزة على صدقه يعني لماذا صار قول النبي حجة؟ لدلالة المعجزة على صدقه يعني على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني المعجزة التي عبّر عنها القرآن بالآية تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نبي وإذا كان نبياً فحينئذ يكون صادقاً لأن النبوة والرسالة تبليغ للشرع عن المُرسِل إلى مُرسَل إليه فحينئذ يمتنع أن يتخذ المُرسِل من هو كاذباً فأقام المعجزة على صدق المُرسَل لتصديق أخباره إذا أخبر والمعجزة هذه مُفعلة من أعجز الشيء أو معجزة اسم فاعل من أعجز يعجز فهو مُعجز وضابطها أنها كل أمر خارق للعادة يظهرها الله - عز وجل - على يد نبيه تأييداً له كانشقاق القمر وينبوع الماء من أصابعه هذه نقول معجزات والتعبير بالآيات هذا أوفق للقرآن أي الدليل على وجوب العمل بالسنة دلالة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - وكل من دلت المعجزة على صدقه فهو صادق هكذا يقول المتكلمون وهم كاسمهم متكلمون وإلا لو وقفوا مع النصوص لما احتجنا إلى هذه وكل من دلت المعجزة على صدقه فهو صادق فهو - صلى الله عليه وسلم - صادق وكل صادق فقوله حجة فيكون قوله - صلى الله عليه وسلم - حجة وأحسن من هذا أن يُقال {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} والاتباع يلزم منه ماذا؟ التصديق لو لم يكن صادقاً لم قال {فَاتَّبِعُونِي} لما أمره الله جل وعلا أن يقول {فَاتَّبِعُونِي} لو لم يكن قوله حجة

ملزمة للغير لما قال {فَاتَّبِعُونِي} إذاً عرفنا أن القول حجة قاطعة مُلزمة يجب العمل بهذا القول بما دل عليه القول سواء بالنص أو بالظاهر المقترن بقرينة أنه واجب الاتباع وأما واجب الفعل فما ثبت فيه أمر الجبلة سيقسم لنا الفعل ثلاثة أنواع وأما الفعل يعني فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو السنة الفعلية فما ثبت فيه أمر الجبلة جبلة وهو الخلقة والطبيعة كالقيام والقعود وغيرهما فلا حكم له يعني لا إيجاب ولا تحريم ولا ندب ولا كراهة بل يبقى على الإباحة لماذا؟ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بشر كغيره يحتاج إلى القيام والقعود والنوم والأكل والشرب كل ذي روح يسعى في مثل هذه الأعمال وهذه ليست من باب التكليف يعني ليست من باب الخطاب بأمر أو نهي لم يُكلَف الخلق باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأمور بل كلفوا باتباع أمره ونهيه فما ثبت فيه أمر الجبلة كالقيام والقعود وغيرهما كالأكل والشرب والنوم فلا حكم له لكن على كلام المصنف نقول بالنظر إلى ذاته لا بالنظر إلى صفته لأنه من حيث الصفة قد يتعلق به الحكم أليس كذلك الأكل من حيث هو أكل نقول هذا أمر جبلي لكن كونه مأموراً بأن يأكل باليمين منهياً أن يأكل بالشمال نقول هذه صفة تعلقت بأمر جبلي في الأصل حينئذ يكون الحكم مقيداً هنا فلا حكم له يعني بالنظر إلى ذات الأمر الجبلي وأما إذا تعلقت بالصفة النوم أمر جبلي لكن وردت الصفة أنه يذكر ربه وينام على طهارة ويضع على جنبه الأيمن إلى آخره نقول هذه صفات تعلقت بأمر جبلي إذاً من حيث الذات يكون لا حكم له ومن حيث ما تعلق به من صفة فهو له حكم وهو الندب هذا قول وقال بعضهم أنه يُندب الاقتضاء والتأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى في الأمور الجبلية وهذا عزاه إبراهيم أبو اسحق إلى أكثر المحدثين أكثر أهل الحديث أن الأمور الجبلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقتدي بها لعموم اللفظ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب21، {فِي رَسُولِ اللَّهِ} يعني كل ما يصدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظرفية ثم جيء بالرسول والرسول الأصل فيه أنه ذات إذاً {فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} بمعنى تأسوا به فهذا يدل على أن الأمر عام فكل ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمر جبلي أو غيره فالأصل فيه التأسي ولذلك جاء في الحديث (لكني أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وأتزوج النساء) ثم قال (فمن رغب عن سنتي) الذي هو ماذا سنتي؟ النوم والقيام والأكل والصوم كل هذه سماها ماذا سماها سنة فحينئذ أطلق على بعض الأمور الجبلية أنها سنة فقال (فمن رغب عن سنتي) حينئذ يكون الأصل الاقتداء به مطلقاً وقيل مُباح وقيا ممتنع وقيل مباح على ما ذكره المصنف هنا فلا حكم له على أنه مباح وقيا ممتنع إذاً الفعل الجبلي من أفعال النبي اختلف الأصوليون فيه على ثلاثة أقوال الإباحة والامتناع يمتنع اقتداء به الثالث الندب وهو منسوب لأكثر أهل الحديث والأدلة تدل على الثالث، وما ثبت خصوصه به كقيام الليل فلا شركة لغيره فيه يعني وما كان خاصاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - هذا مختص به لا يشاركه فيه غيره من أمته ولكن هذا

بالإجماع أنه لا يثبت إلا بدليل لابد من دليل يدل على أنه خاص به - صلى الله عليه وسلم - كالزيادة على الأربعة في النكاح كالوصال في اليومين في الصيام مثلاً كقيام الليل في وجوبه على القول بأنه غير منسوخ نقول هذه كلها خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والزواج بالهبة دون مهر {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} الأحزاب50، هذا دليل على أنه خاص فحينئذ الحكم لأمته عدم المشاركة لا يستوون لا يقلدون النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتأسون به فحينئذ تكون هذه المخصصة لقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} هذه الآية نقول مخصوصة بالأفعال أو الأحكام التي اُختص بها النبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره من سائر أمته وإن الأصل الاستواء كما سيأتي.

إذاً وما ثبت من الأفعال خصوصيته للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره وهذا لا يكون إلا بدليل كقيام الليل والوصال في الصوم ونكاح ما زاد عن الأربعة والنكاح بلفظ الهبة مع دون مهر فلا شركة لغيره من أمته فيه في هذا الحكم الشرعي الثابت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وليس منه على الأصح إذا خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته بأمر ثم فعل خلافه بعض الأصوليين وبعض الفقهاء إذا جاء لفظ عام يختص بالأمة لفظ عامك موجه للأمة ثم ثبت بدليل آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل خلافه يقول ما فعله النبي هذا خاص به وهذا خاص بأمته نقول هذا ليس بالصحيح " لا تستقبلوا القبلة ولا بغائط ولا تستدبروها " هذا خطاب عام والأصل أن الخطاب العام للأمة يشمل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الأصل كل حكم شُرع للأمة فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يشمله إلا بدليل إذا ثبت، ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن عمر قضى حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة هل هذا يعتبر مخصصاً أم لا؟ هل نحمله على التخصيص أو على الخصوصية؟ هذا هو محل النزاع بعضهم كالشوكاني - رحمه الله تعالى - في نيل الأوتار يقول صفحتين ثلاثة تجد هذه القاعدة نقول هذا عام للأمة وهذا خاص به نقول هذه قاعدة فاسدة ليست بصحيحة لأنها مخالفة لقوله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} تأخذ الأصل معك الأصل التأسي ولا خصوصية إلا بدليل يعني أن تقتدي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً وطرحاً إيجاباً وندباً تحريماً وكراهة هذا هو الأصل والأصل الثاني لتستصحبه معك وهذا يفيدك في دراسة الفقه الأصل الثاني أنه لا خصوصية إلا بدليل أن يرد نص أن هذا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} ولذلك بعضهم يستدل بأن الأصل للتأسي مع الآية السابقة بقوله جل وعلا {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} الأحزاب37، والأصل يقول عليك لم عدل وقال على المؤمنين؟ لأن الأصل يتأسون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فدل على أن الأصل التأسي {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} الأحزاب37، لأنك قدوتهم وأسوتهم يفعلون كما تفعل وهذا هو الأصل أن تضم هذه الآية مع الآية السابقة فحينئذ نقول إذا ورد لفظ عام وورد ما يخالفه من فعل النبي نقول هذا تخصيص لا خصوصية ولذلك قال الجمهور على أن الحكم هنا خاص بالبناء دون الفضاء وهذا هو الأرجح والأصلح.

وما ثبت خصوصه أو خصوصيته به - صلى الله عليه وسلم - كقيام الليل فلا شركة لغيره فيه، النوع الثالث من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعله بياناً لمُجمَل يعني له ارتباط بالقرآن أو بحديث آخر فيه إجمال ما فعله بياناً لمجمل قد يأتي اللفظ مجملاً محتمل لأمرين فيفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد الاحتمالين فنقول هذا بيان لمجمل وما فعله بياناً لمجمل والبيان إما أن يقع بالقول وإما أن يقع بالفعل كما سيأتي في باب المجمل إما بالقول كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) هكذا مثَّل المصنف كغيره من الأصوليين أن هذا فيه بيان لكيفية الصلاة بالقول لكن هل يُسلّم {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ َ} هذا مجمل فيه إجمال، الصلاة ما هي؟ لو يرد من السنة تبيين الصلاة ما استطعنا الامتثال {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ َ} أي صلاة هذه ماذا نصنع، إذاً لابد من أفعال تُفسَر وأقوال تُفسَر وشروط إلى آخره جاءت السنة مُبينة هل صلوا كما رأيتموني أصلي مبينة لـ {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ َ}؟ أو إحالة على مُبين؟ إحالة إذاً قوله ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) ليس فيه بيان وإنما هو إحالة على المُبين كما رأيتموني إذاً هو الرؤية أمر يُدرَك بالحس فحينئذ حصل بيان قوله جل وعلا وأقيموا الصلاة بفعله - صلى الله عليه وسلم - والإحالة حصلت بقوله ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) إذاً التمثيل بقوله ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) بأنه مُبين لقوله تعالى {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ َ} نقول فيه نظر بل الصواب أن هذا ليس بمُبين وإنما هو إحالة على المُبين وهو الفعل لأنه بين الصلاة بقوله وبفعله وهذا ليس منها والأصح أن يُقال قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما سقت السماء العُشر هذا بيان لمُجمل قوله تعالى {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الأنعام141، حقه ما هو؟ هذا فيه إجمال لكن قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما سقت السماء العشر نقول هذا فيه نوع بيان، فحينئذ بُيّن النص {وَآتُواْ حَقَّهُ} المُجمل بقوله - صلى الله عليه وسلم - إذاً المثال الصحيح هو ما ذكرناه أو يحصل البيان بالفعل كقطع يد السارق من الكوع قوله جل وعلا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} المائدة38، يقول المصنف أيدهما فيه إجمال لماذا؟ لأنه يحتمل هي من الكف أو من المرفق أو من الكتف؟ يحتمل أولا؟ على ما يذكره الأصوليون يحتمل، على قول من يرى أن اليد في اللغة تطلق على اليد من الأصابع إلى الكتف نقول هذا مجمل {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} إذاً يحتمل فجاء فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بكونه قطع يد السارق من المفصل إلى الكوع نقول هذا وقع بياناً لمُجمل بالفعل، والصحيح أن الآية ليست فيها إجمال لأن الأصل في إطلاق اليد في لغة العرب هي من الأصابع الأطراف إلى الكوع ولذلك قال هناك {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} المائدة6، وفي التيمم قال {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} النساء43، أطلق وَأَيْدِيكُمْ يُحمَل على ماذا؟ على معناها اللغوي وهو إلى المفصل لما أُريد الزيادة على مدلولها اللغوي قال إلى المرافق في آية الوضوء واضح الاستدلال؟ نقول قوله جل

وعلا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} كثير من الأصوليين يمثلون ببيان المجمل لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية نقول والصواب أن اليد في اللغة تطلق على الكف فقط بدليل آية بالرجوع إلى كتب اللغة وبدليل آية الوضوء لأنه قال {اغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} جاء بـ (إلى) للزيادة على الكف ولما كان المراد في التيمم هو الضرب بالكف فقط قال {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} ما قال إلى الكوع لو كانت اليد تطلق إلى المرفق أو إلى الكتف لحسن أن يُقال (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إلى الكوع) كما قيده هناك إلى المرافق، إذاً نقول هذا التمثيل ليس بصواب بالصحيح أن يُمثل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين بفعله المناسك {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} آل عمران97، حج هذا مُجمل جاءت السنة ببيان كما في حديث جابر بينت السنة بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - السنة الفعلية بينت المجمل الذي وقع في الآية، إذاً عرفنا أن من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يقع بياناً لمُجمل، قال فهو معتبر اتفاقاً في حق غيره فهو الضمير يعود على فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وقع بيانا لمجمل هذا هل يختص به النبي - صلى الله عليه وسلم - أم غيره يشركه فيه؟ الثاني أم الأول؟ الثاني لأنه قال فهو معتبر أي فعله - صلى الله عليه وسلم - البيان الواقع لمجمل معتبر اتفاقاً في حق غيره، غيره من الأمة لأنه تشريع داخل في عموم قوله {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} النحل44، لأنه تشريع النبي - صلى الله عليه وسلم - مُبلغ مُبين {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} الشورى48، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} النحل44، حينئذ إذا وقع مجمل في القرآن فبينه بقوله أو فعله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ نقول يستوي هو في الحكم وأمته معه، إذاً لا يختص به ليس له كالأمر الجبلي الذي لا حكم له وليس كما هو من خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما ثبت خصوصيته بل يكون عاماً بينه وبين أمته، فحينئذ ما وقع لأمته من الخطاب فهو داخل فيه ولا إشكال في هذا، وما كان خطاباً له فأمته تشركه فيه يعني إذا وُجه الخطاب للأمة فحينئذ نقول النبي - صلى الله عليه وسلم - يشمله الحكم لأنه واحد وفرد من الأمة كذلك إذا وُجه الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولو بالنداء أمته في الحكم كهو - صلى الله عليه وسلم - وذلك جاء قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} الطلاق1، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} هو واحد ثم قال {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} لماذا عدد الجمع؟ لأن الخطاب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} أنت وأمتك إذاً إذا طلقتم النساء هذا على بابه أو لا على بابه لأن الأمر للنبي أمر لأمته وجاء {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ} التحريم1 - 2، لماذا لَكُمْ؟ لأن

الأمر موجه للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته معه سواء حينئذ كل خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تثبت خصوصية فالأمة مثله وكل خطاب للأمة فالنبي - صلى الله عليه وسلم - فرد منها - صلى الله عليه وسلم -، إذاً فهو معتبر اتفاقاً بين العلماء في حق غيره من الأمة لكن ما كان المُبيَن فيه واجباً فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ حكمه ما كان مستحباً فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ حكمه لأنه يرد السؤال إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل بقوله وفعله ما حكم القول نفسه والفعل؟ نقول ننظر إلى المجمل ننظر إلى المُبيَن إن كان واجباً ففعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلوه واجباً إن كان المُبيَن مستحباً ففعله - صلى الله عليه وسلم - مستحب يأخذ حكم المُبين {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} المائدة6، مسح كل الراسي نقول مسح كل الرأس من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا واجب {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} إلى قالوا هذا فيها إجمال هل المرافق داخلة أو لا؟ نقول غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - المرافق إذاً حصل بيان المبين للمجمل فيأخذ ككمه وغسل اليدين واجب فيكون إدخال المرافق في الغسل واجب، {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} البقرة125، طاف - صلى الله عليه وسلم - ثم صلى ركعتين عند المقام نقول سنة لماذا؟ لأن الأصل أنه مبين للسنة فيأخذ حكمه، إذاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله - صلى الله عليه وسلم - إذا وقع بياناً لمجمل أخذ حكمه إن كان المجمل واجباً فالفعل والقول واجباً إن كان مستحباً فالفعل والقول مستحباً.

وما سوى ذلك فالتشريك، فإن عُلم حكمه وإن لم يُعَلم: قسمه لك قسمين وما سوى ذلك ذلك المشار إليه الجبلي والخاص وما فعله بيانأً ترك واحدة فقط وهو ما احتمل الجبلي والتشريعي لأنها قسمة رباعية جبلي قطعة كالأكل والشرب محتمل للجبلي والتشريعي كجلسة الاستراحة ما سماها النبي جلسة الاستراحة وإنما سماها الفقهاء ولذلك بعضهم قال جلسة الاستراحة للاستراحة فقال ليست بتشريع لأنها معلومة الحكمة ليست من باب التعبد، جلسة الاستراحة محتملة أن تكون من باب التعبد ويحتمل أنها من باب أنه يستريح أنه صلى ركعة فأراد أن يقوم فاستراح لأنه أريح له - صلى الله عليه وسلم - لذلك تقول عائشة حاطبه الناس يعني لما كان في آخر الزمن فهل محتمل ما حكمه؟ إذا احتمل الجبلي والتشريع نقول إذا قلنا في الجبلي هناك أنه ندب فلا إشكال استوى الحكم إذا ذكرنا هناك في الجبلي كما في أمر الجبلة أنه نُسب إلى أكثر الحديث أنه مندوب إذاً لا إشكال فتكون جلسة الاستراحة سنة وتكون الحج على الدابة سنة ويكون النزول في المحصن سنة لماذا؟ لأنه هذا مما احتمل الجبلية والتشريع فحينئذ يستوي الحكم فيهما فيكون ندب، كذلك لبس العمة هل دعا الناس إليها؟ هل لبس العمة فقام على المنبر ودعا الناس إلى هذا نقول لا فيبقى أنها من السنن العادية يعني يُتأسى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبها مُثاب لأن الأصل التأسي ثم تبقى دعوة الناس إلى مثل هذه الأمور نقول أن الأصل أنا ما دعا إليه النبي يُدعى إليه وما لم يدعو إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول نتأسى أنه فعل نفعل كما فعل لأجل أنه فعل ثم تبقى أنه ترك الدعوة إلى مثل هذه الأمور فيبقى الأصل التشريع ثم بعد ذلك تقول هذه المصلحة تقتضي الدعوة أو لا إلى آخره، فالمسالة محتمل.

إذاً نقول ما كان محتملاً للجبلية والتشريع الأصل أنه الندب لماذا؟ لأنه محول على القول السابق في الأمور الجبلية أما جلسة الاستراحة فهي ثابتة بالنص ليست محتملة الصواب أنها ثابتة بالنص ولذلك جاء في حديث مالك (صلوا كما رأيتموني أصلي) وهو راوي كما في صحيح مسلم هو راوي جلسة الاستراحة التي يُقال عنها جلسة الاستراحة، إذاً هي مأمور بها داخلة في قوله - صلى الله عليه وسلم - (صلوا) هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب هذا الأصل لكن لكونها نقلت في بعض المواضع لم تُنقل حينئذ نقول الأصل السنية إذاً ثابتة بالنص وبالفعل، وما سوى ذلك أي الجبلي والخاص به - صلى الله عليه وسلم - وما فعله بياناً فالتشريك يعني فحكمه التشريك بينه وبين أمته ثم قسم لك هذا قسمين إما أن يُعَلم حكمه أو لا يعني يفعله - صلى الله عليه وسلم - ويُنقَل أنه فعله على جهة الوجوب أو يُنقل أنه على جهة الاستحباب أو أنه فعله ولم يُنقل حكمه إذاً قسم لك ما سوى الجبلي والخاص وما وقع بياناً إلى قسمين فإن عُلم حكم من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - من الوجوب وإباحة وغيرهما بدليل القرآن مثلاً أو بدليل سنة أخرى أو بفهم الصحابة رضي الله عنهم فكذلك يعني فإن أمته مثله في الحكم ما كان واجباً عليه - صلى الله عليه وسلم - فهو واجب على أمته وما كان مستحباً فهو مستحب على اتفاق قال اتفاقاً لقوله جل وعلا {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7، هذا ما فعله ولم يكن جبلياً ولا خاصاً ولا بياناً وعُلم حكمه أن واجب إمام بدليل آخر وإما بفهم الصحابة فنقول داخل في عموم قوله جل وعلا {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وإن لم يُعلَم هذا ما يُعَبر عنه بالفعل المجرد عند الأصوليين يُعَبر عنه بالفعل المُجرد يعني فُعل ولم يُعلم حكمه ففيه روايتان عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى – إحداهما أن حكمه الوجوب كقول أبي حنيفة وبعض الشافعية ونُسب إلى مالك - رحمه الله تعالى – أن حممه الوجوب علينا وعليه - صلى الله عليه وسلم - لماذا؟ لقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب حينئذ ما لم يُعلَم حكمه فهو واجب في حقه وفي حقنا، لكن هنا في مثل هذا نقول الأصح التفصيل ما توقف عليه البلاغ على الصحيح أنه واجب وإلا فندب وأما في حقنا فالأصلح أنه مندوب لما سيذكره، إذاً أن حكمه الوجوب علينا وعليه - صلى الله عليه وسلم - هذه الرواية الأولى عن الإمام أحمد وهي مرجحة المذهب عند أكثر أصحابه الوجوب احتياطاً والأخرى الندب لثبوت رجحان الفعل دون المنع من الترك لأن الموجوب والندب اشتركا في مطلق الطلب إذاً هذا مشترك إذاً الطلب أرجح من الترك والواجب يمنع الترك والمندوب يجيز الترك فحينئذ أيهما أدنى وأيهما أعلى الندب أدني من الواجب ولا شك لأن الواجب والندب كل منهما مطلوب الفعل إلا أن الندب يمنع الندب لا يمنع الترك والواجب يمنع الترك وما لا يمنع أخف مما يمنع وما لا يمنع أدنى مما يمنع فحينئذ قال هنا لثبوت رجحان الفعل لكونه ندباً دون المنع من الترك الذي هو لازم للواجب لأن الذي يمنع من

الترك هو الواجب ما يُثاب على فعله ويُعاقب على تركه إذاً مُنع من الترك وما لا يمنع من الترك هذا حمل الفعل المجرد عليه أحوط لماذا لأنه أدنى ثبت شرعية فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأدنى مراتب التشريع من جهة طلب إيجاد الفعل هو الندب فحينئذ يكون اليقين ولا يُحمَل على الأعلى وهو الواجب إلا بدليل وهذا أرجح، أما في حقه - صلى الله عليه وسلم - فيكون واجب يتوقف عليه البلاغ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} المائدة67، إذاً توقف البلاغ على فعل أو على قول نقول واجب في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكون في حق أمته ندباً هذا إذا لم يُعلَم حكمه نقلاً عنه والأخرى الندب لثبوت رجحان الفعل دون المنع من الترك الذي هو لازم للواجب أي أن الفعل أرجح من الترك لأنه فعله له - صلى الله عليه وسلم - يدل على مشروعيته وأقل أحوال المشروع الندب إما واجب وإما ندب أقل أحوال القربى الندب، وقيل الإباحة حملاً على اقل الأحوال ولذلك ثبت أن بعضهم يقول الجائز هذا يُطلق على الواجب والندب أباحة وهي والجواز قد ترادفا في مطلق الإذن قلنا يشمل الواجب والندب والإباحة، أدنى المراتب الثلاث هي الإباحة حينئذ إذا اشتبه علينا حكم الفعل نقول الأدنى لأنه اليقين ولا يعلى للأعلى إلا بثبت فقالوا الإباحة لكن هذا ضعيف، وتوقف المعتزلة المعتزلة توقفوا لتعارض قالوا يحتمل أنه واجب ويحتمل أنه مندوب فحينئذ توقفوا المعتزلة لا ثبات غليهم، والوجوب أحوط يعني مطلقاً لكن هذا ليس بالصواب الأصح التفصيل أنه في حق الأمة سنة وفي حق - صلى الله عليه وسلم - إن توقف عليه البلاغ فحينئذ فهو واجب لكن تصور المسألة على وجهها الصحيح المراد فعل لم يُنقل حكمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل فعلاً ما وليس عليه دليل من قول أو غيره مما يؤيد ندبيته أو وجوبه يعني صورة المسألة في فعل لم يقترن بما يدل على الندب وفي فعل لم يقترن به ما يدل على الوجوب نُقل إلينا فعل فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ما حكمه؟ نقول لم يُنقل حكمه إذا نقول الأصل ماذا؟ الأصل أنه مندوب لأن أصل التشريع والأصل التأسي، ثم قال وأما (تقريره) تقريره - صلى الله عليه وسلم - وهو النوع الثالث السنة التقريرية وهو ترك الإنكار على فعل فاعل أو قوله يعني قيل بحضرته قول فلم ينكر ترك الإنكار أو فُعل بحضرته فعل وترك الإنكار كذلك لو بلغه في زمنه حصل شيء ما فبلغه نقول هذا تقرير إما بالسكوت وإما بالحديث وأما تقريره وهو ترك الإنكار لم يُنكر - صلى الله عليه وسلم - على فعله فاعل أو على قوله فإن عُلم علة ذلك كالذمي على فطره رمضان فلا حكم له أما التقرير فنقول هذا عند أكثر أهل العلم أنه حجة يعني يُحتج به هل يحتج بتقرير النبي على إثبات السنة؟ نقول نعم والصواب نعم بل حكى ابن حجر - رحمه الله تعالى – الإجماع على ذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يسكت عن منكر يُفعَل بحضرته لأنه معصوم لأنه إذا سكت معناه أنه مشارك لهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فإذا سكت عن منكر معناه أنه مشارك وهذا معصوم عنه - صلى الله عليه

وسلم - حينئذ يمتنع أن يسكت عليه - صلى الله عليه وسلم - وهو معصوم عن ذلك، ترك الإنكار على فعل فاعل وقد ذكرنا مثالين للفعل والقول فإن عُلم علة ذلك يعني لو نُقل وترك الإنكار لكن نُقل علة سبب قال كالذمي يعني فله عذر خاص ذمي شرب الخمر ترك الصيام في نهار رمضان ولم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول جائز له لأنه لا يسكت على منكر؟ نقول لا هذا له عذر خاص والعذر هذا أخرج كونه مقرا عليه من جهة الشرع كالذمي له عذر خاص على فطره رمضان فأفطر في رمضان فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - هل نقول سنة تقريرية؟ لا نقول هذا فلا حكم له يعني لا يدل على الجواز وإلا دل على الجواز يعني وإلا نعلم على تركه الإنكار علة أو سبب خاص كان ذلك دليل على الجواز إذاً كأنه يقول ترك الإنكار من النبي - صلى الله عليه وسلم - له حالان إما أن يترك الإنكار بعذر خاص يتعلق بفعل الفاعل فحينئذ لا يدل على الجواز وإما ألا نعلم ذلك فحينئذ يدل على الجواز لعموم قوله جل وعلا {يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ} الأعراف157، ونقف عند هذا.

10

عناصر الدرس * المتواتر والآحاد * حكم العمل بخبر المتواتر. الدرس العاشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد ننبه على مسألة ذلك مما يُؤخَذ على الشروحات المختصرة أنه قد يختصر الكلام وقد لا تتضح المسألة عند البعض ذكرنا وقلنا أن القرآن فيه محكم ومتشابه ذكرنا أن الله - عز وجل - وصف القرآن بأنه محكم كله وبأنه متشابه كله ووصفه بأنه محكم بعضه وبعضه متشابه وكنا قد ذكرنا الآية قوله جل وعلا {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82، كثيراً هذا نعت لاختلافاً، والنعت في الأصل أنه مُؤسس يعني مما يؤتى به هذا في لغة العرب ووصفه للكشف والتأسيس أو ......

إذاً هذا الأصل أنه يُؤتى به لكونه مؤسس بمعنى أنه مُحتَرز به عن غيره وقوله {اخْتِلاَفاً كَثِيراً} يُفهَم منه أنه ثم اختلاف يقع فيه لكن الاختلاف الذي يقع ليس هو الاختلاف الذي يظنه المشرك والذي يبحث عنه المشرك وهو اختلاف التناقض واختلاف التضاد ولكن قد يُفهَم من بعض النصوص ما ظاهر التعارض وهذا أثبته الله - عز وجل - {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} آل عمران7، هذه القسمة من أين جاءت؟ من السماء مال المراد بالمحكم المراد به أنه هو الذي اتضح معناه والمتشابه الذي لم يتضح معناه وإذا عُلم أن شيء في القرآن لم يتضح معناه ما الذي يترتب عليه اتفاق أم اختلاف؟ اختلاف هذا أمر واضح لذلك قال {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} آل عمران7، {مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} اتبعوا القرآن أو لا؟ اتبعوا القرآن إذاً وقع الخلاف بسبب موافقة بعض القرآن لكن لا على وجه الشرع، الحكمة في وجود المتشابه هو ابتلاء الخلق {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} نقول اتبعوا القرآن وهذا قطعاً لقوله {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يعني ,آيات أخر متشابهات {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ} ثم القسم الثاني الذي يقابل هذا القسم من؟ الراسخون في العلم ماذا قالوا؟ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} آل عمران7، لماذا؟ لذلك نصَّ من كتب في عقيدة السلف أن الفرق بين أهل البدع أو من أصول ما يفارق أهل البدع أهل السنة أن أهل السنة حملوا المتشابه على المحكم وأهل البدع حملوا المحكم على المتشابه لذلك قالوا من حمل المتشابه على المحكم اهتدى ومن حمل المتشابه على المحكم رد المتشابه الذي لم يتضح معناه رده وفسره المحكم اهتدى ومن عكس ضل كل أهل البدع لما يستدلون لذلك قل تجد خاصة في بعض المبتدعة خاصة في الصفات لابد وأن تجد قال الله وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابد أن يستدلوا بهاذ هم لا يقولون لا يُعتَمد عليه مطلقاً – لا – هم مسلمون أو يدعون الإسلام وبعضهم يدعي الإسلام إلى آخره حينئذ إذا ثبت في القرآن ما هو متشابه حينئذ نقول مدلول هذه الآية هي المشار إليها في آية النساء {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}، إذاً ثم اختلاف لكنه ليس بكثير وهذا الاختلاف المنفي اختلاف التضاد والاختلاف الذي يوجد في القرآن اختلاف حاصل عن التشابه حينئذ لا اختلاف بعضهم يقول أنت وردت الآية في معرض الكلام على المحكم والمتشابه قد يقهم البعض أن في القرآن ما هو خلاف تضاد هذا لا يقول به أحد ولذلك نقول وُصف القرآن بالإحكام العام، ما المراد بالإحكام العام؟ أنه متقن من حيث الجودة في الألفاظ والمعنى أعلى تراكيب البلاغة إلى آخره {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} الأنعام115، صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام حينئذ

نقول الخلاف الذي يمكن أن يوجد في القرآن منشأه التشابه الذي أثبته الله - عز وجل -، الله الذي أثبت التشابه نقول آمنا به لا ننفي شيئاً من أجل أن نقول مثلاً عظمة القرآن – لا ننفي هذا أن يكون كلام الله - عز وجل - ومكانة القرآن وعظمة القرآن ونثبت ما ذكر الله - عز وجل - ولذلك أهل البدع ينزهون الله - عز وجل - بنفي الصفات كلهم عقيدتهم واحدة مبناه على الاستحالة العقلية نفياً أو تنزيهاً لله - عز وجل - عما لا يليق به {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه5، قالوا لا نفهم الاستواء المخلوق تعالى الله فنفوا الصفات {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} المائدة64، قالوا تعالى الله لا نفهم من هذه الآية إلا اليد التي هذه فقط، حينئذ قالوا لن ننزه الله - عز وجل - نقول إذاً ننزه القرآن نثبت ما أثبته الله - عز وجل - فإذا أثبت أن في القرآن ما هو متشابه وأن المتشبه هذا قد يأخذ بعض أهل البدع أو بعض الأهواء أو من أطلق الله عليهم بأنهم أهل الزيغ حينئذ لا نرد ما أثبته الله تعالى، فنقول رد المتشابه على المحكم القرآن فيه محكم واضح المعنى بيّن لا يختلف فيه اثنان وفيه متشابه يحتمل كيت وكيت ولكن نفسره خاصة في الغيبيات نفسره بما جاء محكماً في المواضع الأخرى والحمد لله نثبت الله ما أثبته ونُنفي ما أنفاه الله - عز وجل -. وهذه الآية التي هي في آل عمران هي الإشارة إليها بقوله كثيرة هناك وهذا كلام أيضاً يقرره الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - سمعته مراراً يقول قوله جل وعلا {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} يقول هذا نعت للاختلاف يعني فيه بعض الاختلاف وهذا رأي عال مُحرر ومُحقق، إذاً نقول في القرآن ما هو متشابه وما هو محكم، ثم شرعنا في السنة وذكرنا بعض المتعلقات السنة المثال التي ذكرها المصنف أن السنة ما ورد عن النبي من قول غير القرآن أو فعل أو تقرير فالقول وبينه والفعل وبينه والتقرير وبينه ثم انتقل إلى مسألة بعد أن بين لك ما هي السنة وما موقف المُكلَف من السنة القولية ومن السنة الفعلية ومن السنة التقريرية.

كيف تصل إلينا السنة؟ قال لنا طريقان إذاً قوله ثم العالم بذلك منه أي من النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا شروع من المصنف - رحمه الله تعالى – في تقسيم السنة من حيث بلوغها إلى الناس إذا قيل السنة مصدر من مصادر التشريع وهي مصدر من مصادر الأحكام الشرعية العملية والعقدية حينئذ كيف نثبت هذه السنة كيف وصلت إلينا قال ثم العالم لذلك منه ثم العالم بذلك يعني بقوله - صلى الله عليه وسلم - من سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رأى فعله أو رأى تقريره منه من النبي - صلى الله عليه وسلم - الضمير يعود على النبي - صلى الله عليه وسلم - له طريقان إما بالمباشرة أو بغير المباشرة إما أن يرى ويسمع وإما أن يصل إليه بطريق الخبر يرى ويسمع هذا واضح أنه خاص بالصحابة رضوان الله عليهم لأن من سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة هو الصحابي ومن رأى فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الصحابي ومن رأى تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الصحابي ومن يصل إليه بواسطة هو من بعد الصحابي من كان الصحابة وسيلة في تبليغ الشرع إليه إذاً ثم العالم لذلك منه لذلك السنة بأنواعها الثلاث منه - صلى الله عليه وسلم - بالمباشرة إما بسماع القول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه أو رؤية الفعل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رؤية تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم -، قيل قول عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأى صحابي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سكت وترك الإنكار إذاً يستفيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر هذا القول وأنه جائز حينئذ نقول قد وقف الصحابي على تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمباشرة إذا عرفنا ذلك أن الصحابي يباشر السنة بأنواعها الثلاثة قال فقاطع به أي العالم بما ذُكر قاطع بحصوله من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيكون حينئذ حجة قاطعة في حقه لا يسوغ أبداً خلافهاً إلى بنسخ أو جمع بين متعارضين فمن سمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - صار القول حجة قاطعة في حقه لا يجوز تركها أو خلافها إلا بدعوى نسخ عند الصحابي أو تعارض هذا القول مع قول آخر أو مع فعل آخر، فقاطع به إذاً عرفنا أن المباشر للسنة النبوية فعلاً أو قولاً أو تقريراً أن حكمها الوجوب وجوب العمل وحكم هذا الوجوب أنه قطعي لا ظني وغيره أي غير الصحابي أو غير المباشر غيره يعني غير العالم بالسنة مباشرة وهو من وصلت إليه السنة بواسطة بقطع النظر عن طول هذه الواسطة أو قصرها ما حكمه؟ قال إنما يصل إليه بطريق الخبر عن المباشر لذلك يُقال أول الإسناد وآخره أول الإسناد من جهة البخاري مثلاً وآخره من جهة الصحابي ولابد أن يكون متصلاً إلى الصحابي وإلا كان فيه قطع أو عُد فيه عيب أو خلل في السند، وغيره إنما يصلي يعني يصل إليه العلم بالقول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعله أو تقريره بطريق الخبر عن المباشر فف إذا كان وُجد واسطة بين المباشر وبين من نُقل إليه الخبر بواسطة ذلك المباشر أو المباشر عن غيره فيتفاوت في قطعيته بتفاوت طريقه إذا كان في حق المباشر الحكم قطعي لا يجوز الخلاف فف يورث اليقين اليقين حجة قاطعة بمعنى أنه أفاد العلم

اليقين أو العلم الضروري الذي لا يجوز خلافه البتة كما سيأتي في كلام على التواتر، أما من ثبتت الواسطة بينه وبين المباشر وبينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ تتفاوت الأحكام هل هو قطعي أو ظني يختلف باختلاف تلك الواسطة يختلف باختلاف تلك الواسطة لا نقطع بكونه قطعي الدلال أو قطعي الثبوت كما قطعنا في المباشر لأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة لا يمكن أن يحتمل أن يكون الفعل غير فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة لا يمكن أن يحتمل أنه يسمع من غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ويرى السكوت حينئذ صار الحكم قطعياً في حقه لا يجوز الخلاف أبداً إلا بدعوى نسخ أو جمع بين متعارضين أما غيره فلا لوجود الواسطة ولكون هذه الواسطة من البشر ومعروف من النقص والنسيان وبعضهم الكذب إلى آخره والغفلة حينئذ لا يمكن أن يُقطَع بكون هذا القول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو ليس بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - بل سيتفاوت في قطعيته وهذا مُسَلَّم حساً وعقلاً وشرعاً يعني يدل على تفاوت الحكم بالقطع أو الظن الحس ويدل كذلك الشرع ويدل أيضاً العقل، فيتفاوت في قطعيته بتفاوت طريقه والحكم حينئذ يكون مرتباً على الواسطة التي نقلت إلينا الخبر فلابد من نظر في تلك الواسطة لابد من النظر للعدد هل وصلت إلى حد التواتر أو لا حينئذ يُنظَر فيه على ما يذكره المصنف.

فيُتفاوت في قطعيته بتفاوت طريقه لماذا؟ لأن الخبر الذي ينقله إلينا تلك الواسطة يدخله الصدق والكذب لأنه خبر هو ينقل الخبر ونحن لم نقطع بأنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعله أو تقريره حينئذ نقول هذا خبر من الأخبار وأي خبر من الأخبار فحينئذ يحتمل الصدق ويحتمل الكذب لذاته لذلك لو قيد المصنف لذاته لكان أولى لأنه خبر كأنه قال لأنه خبر لماذا تفاوت من جهة القطع وعدم القطع؟ نقول لأنه خبر وإذا كان خبراً فحينئذ يحتمل الصدق والكذب لذاته يحتمل الصدق بمعنى أنه مطابق للواقع ويحتمل تطابق الواقع للصدق الخبري وكذبه عدمه في الأشهر يحتمل للصدق والكذب وخبر وغيره الإنشاء ولا ثالث قر، تطابق الواقع صدق الخبر وكذبه عدمه في الأشهر هكذا قال السيوطي في عقود الجمان، إذاً تطابق الواقع هذا هو صدق الخبر، متى يكون الخبر صادقاً؟ ننظر في الخبر فإذا به قد طابق الواقع؟ قدم زيد هذا خبر يحتمل أنه صدق ويحتمل أنه كذب إذا بالفعل وقع أن زيد قدم حينئذ نقول الخبر صادقاً لماذا؟ لأنه له مدلول حسي في الخارج أُدرِك قدم زيد فترى زيد نقول هذا الخبر صادق لأنه طاب الواقع، قدم زيد فإذا بك تبحث ولم يقدم زيد إذاً لم يطابق الواقع نقول هذا كذب لكن لابد من التقييد بذاته لأن الخبر قد يُقطع بصدق وقد يُقطَع بكذبه وقد يستوي الأمران وهو الذي ذكرها المصنف قد يُقطع بصدقه حينئذ نقول خرج عن حد الخبر ما احتمل الصدق والكذب هذا هو الخبر ما احتمل الصدق والكذب هذا هو الخبر إذا لم نقل لذاته أخبار الله - عز وجل - نقول تحتمل؟ لا تحتمل بل هي مقطوع بصدقها {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً} النساء122، إذاً مقطوع بصدقها، خبر مُدعي النبوة أو الرسالة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - مقطوع بكذبه هل نقول أنه خبر يحتمل الصدق والكذب؟ لا إذاً لابد أن نقول لذاته لقطع النظر عن قائله لأننا قطعنا بصدق خبر الرب جل وعلا بنسبته إلى قائله لما نظرنا إلى أن هذا كلام الله {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً} النساء122 إذا قلنا هذا لا يحتمل إلا الصدق وكذلك لما نظرنا إلى مسيلمة بعد النبي ولا نبي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - قطعنا بأنه كذب لكن لذات الخبر دون النظر إلى القائل ودون النظر إلى أمر خارج يُفسر الخبر نقول يحتمل الصدق والكذب حينئذ نقول الأخبار ثلاثة ما قُطع بصدقه كخبر الرب جل وعلا ما قُطع بكذبه كخبر مدعي الرسالة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاز فيه الوجهان وهو ما نُظر إليه لذاته، وما قُطع بصدقه هذا ليس لذاته وإنما لأمر خارج عنه وهو كونه كلام الرب جل وعلا أو خبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صح عنه، وما قُطع بكذبه هذا بالنظر إلى قائله وهو قول مدعي الرسالة، إذاً ما يدخله الصدق والكذب ولذلك نقول هذا مما يُبيَن أن دعوى المجاز بأنه ما صح نفيه وما صح نفيه لا يجوز في القرآن نقول بإجماع نقول بأن القرآن فيه أخبار وإنشاءات والخبر بالإجماع ما احتمل الصدق والكذب لذاته والقرآن مشتمل على الأخبار حينئذ اشتمل القرآن على ما يصح نفيه لكن لذاته لا بالنظر إلى غيره فإذا جاز الخبر وهو يصح نفيه حينئذ لا مانع أن يُقال أو ما يصح تكذبيه لا مانع أن

يقال في القرآن مجاز مع صحة نفيه لكن لذاته حينئذ يعني ما يُقال بأنه مجاز يصح نفيه وما يصح نفيه لا يجوز وقوعه في القرآن نقول هذا ضعيف يعني من أراد أن ينفي ينفي بغير هذا الدليل لأن هذا ضعيف لأنك تقول صح نفيه وما يصح نفيه لا يجوز أن يكون في القرآن يرد عليه خبر الخبر ما احتمل والكذب إذاً يحتمل الكب أم لا؟ يحتمل الكذب التكذيب والتكذيب أشد من النفي هل في القرآن أخبار أم لا؟ نقول نعم إذاً في القرآن ما يصح تكذيبه ما الجواب؟ نقول ما صح تكذيبه لذاته وكذلك النظر هناك للحقيقة والمجاز النفي يعتبر للحقيقة إذا قيل (كجناح الذل) هذا يصح نفيه أو لا؟ الذي يصح نفيه هو المعنى الحقيقي وليس هو ظاهر القرآن الذي جاز نفيه كجناح الذل جناح الذل نقول هذا الجناح الأصل أنه جناح للطائر حسي والذل هذا أمر معنوي والمعنى لا يطير ليس له جناح نقول نعم إذا أُريد الجناح بأنه الحقيقة نُفي إذاً نُفي المجاز هنا لا لذات المجاز ولكن كونه مستعملاً في حقيقته فإذاً فرق أن يُنفَى المجاز وأن يُنفى المعنى الحقيقي الذي نُقل عنه المجاز والذي هو القرآن كجناح الذل المعنى المجازي لا المعنى الحقيقي والنفي اُستنبِط على المعنى الحقيقي وليس هو المراد كذلك نقول الخبر مثله فمن يكن هناك فهنا وإلا لا يتناقل وأنا أشد أنكر على طلاب العلم أن يتناقلوا إما أن يكون مطرق قواعد الأصول وإما يسكت إما يأتي في مواضع فيثبت أشياء في مواضع أخرى فينفي ما أثبته سابقاً هذا ما هو مسلك طلال العلم وهذا غالباً تجده عند الذين يتناقلون ولا يؤصلون بأنفسهم وخاصة في مجال الفقه من درس الفقه بما يسمى بفقه المقارنة ابتداءاً هذا غالباً يتناقض من حيث لا يشعر لأننا نقول هذه الأقوال يفتح مثلاً المجموع وشرح المهذب أو المغني قال أبو حنيفة قال مالك روايتان عن أبي حنيفة خمس روايات عن أحمد ثم حسب ما يرى يقول الراجح كذا لأن دليله أقوى ثم يأتي في مسألة أخرى فإذا يُرجح مذهب أبي حنيفة لأن دليله أقوى أبو حنيفة ما تكلم هكذا كلامه مبني على أصول الفقه قواعد يسير عليها ولذلك أضبط ما يضبط الفقه على أصوله هم الأحناف ولذلك سُميت بطريقة الفقهاء حينئذ تجد طالب الفقه المعاصر في السابق ما كانت عندهم هذه الخلط تجده يُرجح في مسألة مذهب أبي حنيفة ويأتي في مذاهب أخرى في الصيام وكذا يُرجح بناءاً على أصل ينفيه أبي حنيفة فحينئذ يثبت المسألة مبنية على أصل ثم ينفي مسألة في موضع آخر مبنية على ذاك الأصل فهمتم؟ فمرجع الفقه إلى أصوله ولذلك ما يُضبط ظاهراً وباطناً إلا من أخذ الفروع والأصول في مذهب واحد.

إذاً نقول إذا وصلت إلينا السنة النبوية بطريق يوصلنا عن المباشرة حينئذ نقول لا نقطع بصدق ذلك الخبر بل يتفاوت القطعية وعدمها بالنظر إلى نفس الطريقة الموصل إلى من باشر النبي - صلى الله عليه وسلم - لماذا؟ لأنه خبر والخبر من حيث هو يحتمل الصدق والكذب لذاته فحينئذ لابد من نظر في الرواة ونحوه، قال ولا سبيل إلى القطع بصدقه يعني بصدق المخبر لعدم المباشر لأن من رأى أو سمع بنفسه فهو قاطع بنسبة القول لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن رأى الفعل فهو قاطع جازم لأن هذا الفعل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن إذا وصلوا بواسطة عشرة يقطع؟ نقول فيه تفصيل يتفاوت بتفاوت السلسلة التي تكون بينه وبين المباشرة، قال والخبر ينقسم إلى متواتر وآحاد إذاً بيَن لك أن السنة من حيث بلوغها إلى الناس لهم طريقان إمام بالمباشرة وهذا تجعله بين قوسين خاص بالصحابة رضي الله عنهم وهذا حجة قاطعة في حقه لا يجوز خلافها إلا بدعوى نسخ أو دفع تعارض بين دليلين ونحو ذلك والطريق الثاني أن يكون بطريق موصل إلى المباشر يعني ألا مباشرة وإنما يكون بواسطة، هذه الواسطة لا يمكن أن نقطع بصدقها لأن المنقول خبر وكل خبر يحتمل الصدق والكذب لذاته إذاً ما هي أنواع الخبر الموصل أو أنواع الطرق الموصلة إل ذلك الخبر قالوا هو الخبر الذي يحتمل الصدق والكذب لذاته ينقسم إلى متواتر وآحاد تقول ينقسم إلى متواتر وآحاد وهذا مجرد اصطلاح وإنما يُنظر ويناقش في الاصطلاح من حيث ما يترتب عليه من الأحكام وكل اصطلاح يُنظَر فيه بحد ذاته بقطع النظر عن عمن أنشأ ذلك الاصطلاح أو عمن أتى بذلك الاصطلاح حينئذ لا داعي أن نقول التواتر والآحاد هذا قال به المعتزلة ثم نقول كل ما قالت به المعتزلة فهو باطل بل نقول التواتر والآحاد من حيث وجودهما لا شك في وجودهما لكن لا يُشترط إلا أن نقيد بما قيده المعتزلة ونحوه لذلك من ينسب لنا ابن القيم - رحمه الله تعالى – أنكر وجود التواتر فقد أخطأ ابن القيم - رحمه الله تعالى – أنكر ترتيب الحكم المرتب على التواتر والآحاد يعني يقول التواتر أفاد القطع والآحاد يفيد الظن إذاً قسموا السنة إلى متواتر وآحاد ثم المتواتر يفيد اليقين ثم الآحاد لا تفيد اليقين بل تفيد الظن هذا الحكم دخيل وهو الذي حُكم بكون هذا التفصيل بدعة وجاء به المعتزلة بناءاً على أن أكثر أحاديث الصفات والرؤيا والميعاد إلى آخره آحاد فحينئذ نفوا أن تنسب تلك الأحاديث للنبي - صلى الله عليه وسلم - بناءاً على أنها تفيد الظن والاعتقاد يقولون لا لا يُثبَت إلا بقاطع نقول هذا التفصيل مُحدَث والقول بأن أحاديث الآحاد الخبر الواحد لا يفيد إلا الظن هذا أيضاً قول مخطئ والقول بأنه لا يُقبل في العقائد هذا قول مخطئ لكن وجود نفس التواتر ونفس الآحاد والآحاد أنه ما لم يبلغ حد التواتر هذا موجود البخاري - رحمه الله تعالى – في جزء القراءة حكم على الحديث لا صلاة إلا لمن يقرأ فاتحة الكتاب أنه متواتر قال تواتر هكذا أطلق اللفظ تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والبخاري لم يتأثر بالمعتزلة وإنما مفهوم التواتر حينئذ يُقيَد أو يُنظَر فيه أما إنكار وجود المتواتر عند المُحدثين وأهل

الحديث نقول هذا ليس بصحيح وابن تيمية - رحمه الله تعالى – أنكر كثير من المسائل الدخيلة على الدين وخاصة ما ينسب إلى أهل الحديث ولم يتعرض بل ويقول هذا متواتر ومتواتر معنوياً وقد تواترت فضائل أبي بكر - رضي الله عنه - تواتر معنوي يقسم تواتر لفظي تواتر معنوي ويثبت إفادة الحكم أو اليقين على التواتر ويناقش في مسائل الآحاد ولم يرد عنه - رحمه الله تعالى – أنه أنكر وجود المتواتر والآحاد، إذاً قوله والخبر ينقسم إلى متواتر وآحاد لا إشكال فيه وهذا مجرد اصطلاح ونقول العبرة بما اصطلح عليه أهل الحديث وأطلقوا هذه الألفاظ في مصنفاتهم.

إذاً متواتر وآحاد، فالمتواتر متواتر هذا مشتق من التواتر والمراد به تتابع التتابع مجيء الواحد بعد الواحد بفترة بينهما لابد أن يكون بينهما فترة فإن لم يكن لا يطلق عليه أنه متواتر إذاً التواتر في اللغة التتابع مجيء الواحد بعد الواحد بفترة بينهما {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} المؤمنون44، أي رسول بعد رسول بفترة بينهم وليس تترا أنهم متتالين لا إنما مجيء رسول بعد رسول بفترة بينهما، فالمتواتر بعد أن عرفنا حده في اللغة أراد أن يبينه لنا في الاصطلاح وهذه المسائل الأصل أنها تؤخذ من أهلها هذه المسألة الكلام في الأخبار والتواتر والمراسيل والصحابة ونحوهم الأصل أنا تؤخذ من أهل الحديث وإنما تذكر هنا لأن أهل الأصول يريدون أن يجمعوا كل ما يتعلق بالأصول لذلك يأتون بمباحث من السنة ومباحث من اللغة مباحث من المنطق إلى آخره يريدون أن يكون الكتاب جامع أن يغنوا طالب العلم النظر في تلك الكتب يعني ما يحتاجه الأصولي من السنة هو الذي يذكره لك الآن وما يحتاجه من اللغة هو الذي يذكره لكن نقول لا هذه المقتطفات التي تكون في أصول الفقه لا تسمن ولا تغني من جوع لابد أن يكون الطالب راجعاً إلى مظانها في فنونها ولن تكون إلا في الفن أما أن تأخذ أصول الفقه بآراء الجويني والغزالي ونحوهم ومن تأثر بعلم الكلام وكذا نقول لا ليس بصواب، فالمتواتر إخبار جماعة إذا إخبار لماذا لأنه خبر متواتر وخبر إخبار جماعة إذاً لا واحد لابد أن يكونوا جماعة ولا اثنين بل ثلاثة فأكثر لا يمكن تواطؤهم على الكذب لا يمكن يعني يستحيل نفي الإمكان المراد به الاستحالة وليس المراد الاستحالة العقلية بل الاستحالة العادية يعني لا يمكن تواطؤهم مأخوذ من التواطؤ وهو تواطؤهم وهو توافقهم أرى رؤياكم قد تواطأت يعني توافقت إذاً لا يمكن بمعنى أنه لا يستحيل تواطؤهم بمعنى توافقهم على الكذب والاستحالة المنفية هنا أن تكون عادة لا عقلاً لأن العقل لا يمنع أن يجتمع عدد يفيد التواتر كالعشرين مثلاً العقل لا يمنع أن يجتمعوا فيتفقوا على خبر معين فيظنه الظان أنه متواتر أما العادة في القديم أن يروي شخص في المغرب وشخص آخر في المشرق وشخص آخر في أوروبا ونحوها يُروى خر واحد العادة تمنع أن يتفقوا فيما بينهم وإلا لا يستحيل عقلاً أنهم يتواطئوا ويرسل رسالة إلى آخره فيتفقوا على وضع خبر معين لكن عادة في ابتداء الأمر نقول هذا يستحيل إذاً لابد من إخبار جماعة هذه الجماعة تكون متفرقة يستحيل في العادة أن يجتمعوا فيتواطؤا على وضع خبر معين فحينئذ إذا وُجدت أو وُجد هذا المانع وُجد التواتر لماذا لأن الإخبار هنا حصل بجماعة وسيأتي في تفسير العدد ما المراد بالجماعة ثم لا يمكن تواطؤهم يستحيل توافقهم على وضع بخر معين في هذا المعنى العام يشترط فيه ثلاثة شروط سيذكرها المصنف، وشروطه ثلاثة يعني متى يعتبر هذا المعنى بأنه متواتر اصطلاحاً وإن كان في المعنى أنه متواتر في اللغة وشروطه المتفق عيها في الجملة ثلاثة أولاً إسناده إلى محسوس كسمعت أو رأيت لا إلى اعتقاد يعني أن يكون منتهى الخبر أمر محسوس لا إلى الاعتقاد والعلم لماذا لأن الأمر محسوس هو الذي يمكن أن يُتَفق عليه والأمر

المعتقد أو المعلوم هذا يمكن أن يقع فيه الخلل ويقع فيه الوهم والخطأ لكن الأمر المحسوس الكل نرى الشمس طالعة فالأخوة يرون أن الشمس طالعة هذا لا يمكن أن يقع في خطأ أما عن المعتقد هذا يمكن أن تتفاوت فيه الأشخاص أن يكون إسناده يعني إخباره عن شيء محسوس إلى محسوس يُدرَك بإحدى حواسه كسمعت أو رأيت لا إلى اعتقاد يعني فإن إخبارهم عن علم واعتقاد فلا يكون متواتراً لماذا؟ لأن المتواتر يفيد العلم اليقيني الضروري فحينئذ لابد أن يكون المنتهى مما يتفق عليه لا مما قد يتواطأ بعضه في وضعه إذاً الشرط الأول أن يكون المنتهى أمر محسوس، واستواء الثاني واستواء الطرفين والواسطة في شرطه استواء الطرفين قال إخبار جماعة والسند معروف أن له أول وله أثناء وله آخر إخبارا الجماعة هل هو مشترط في أول السند ثم يُتساهل فيه أن في آخر السند أو في الأثناء؟ قال استواء الطرفين يعني تكون الجماعة مستوية في أول السند وفي آخره وفي أثناءه بحيث أنه لا يقل عن العدد الذي اشترط في حد التواتر وليس المراد ألا يزيد - لا - ألا يقل فإذا قيل مثلاً يشترط إخبار عشرة أقل ما يفيد من العدد عشرة نقول لابد أتن يكون الراوي عن النبي عشرة لأن طبقة الصحابة داخلة استواء طرفين آخر الإسناد عند الصحابي رضي الله عنهم حينئذ نقول لابد من استواء الطرفين آخر السند عند الصحابي لابد أن يكون عشرة رؤوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل أو عشرة سمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ثم يأخذ عشرة عنهم ثم عشرة ثم عشرة إلى البخاري لو نقص لمن يشترط عشرة صار تسعة في إحدى الطبقات انتفى كونه متواتر هذا لا يكاد له وجود لكن أهل الكلام يثبتون هذا الشيء لذلك النزاع يكون في الشروط لا في ثبوت أصل التواتر واستواء الطرفي الشرط الثاني في اعتبار كون الخبر متواتراً استواء الطرفين والواسطة يعني ما بينهما في شرطه شرطه هذا مفرد مضاف فيعم كل شرط وبعضهم قيده بالعدد في الأخير لكن الصواب أن المراد عندهم المراد باستواء الطرفين والواسطة في جميع الشروط يعني بلوغ الرواة في الكثرة إلى حد يمتنع معه تواطؤهم عن الكذب وأن يكون إخبارهم عن العلم لا عن ظن وأن يكون علمهم مستنداً إلى الحس لا إلى الدليل العقلي قال والثالث والعدد هذا هو الشرط الثالث يعني العدد الكثير كأنه قال إخبار الجماعة إذاً لابد أن يكون جماع وأقل الجمع ثلاثة ثم اختلفوا في تحديد العدد أو نقول اختلفوا هل يُعَين عدد معين أو نقول هل لابد من عدد معين إن وُجد أفاد التواتر أو لا؟ فيه خلاف أكثرهم من الأصوليين وبعض المتأخرين من المحدثين أن الحديث على التقييد لابد أن يكون عدد معين ثم اختلفوا في التحديد هنا قال فقيل أقله اثنان لماذا لأن أقل الشهود اثنان {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ} الطلاق2، إذاً أقلهم اثنان هذا يكون قد حمل الرواية على الشهادة وقيل أربعة لابد أن يكون أقل ما يكون في السند أربعة أو الرواة باعتبار أعلى الشهادات وهو في القذف ونحوه وقيل خمسة ليزيد على الشهادة بواحد وقيل عشرون استنادا إلى قوله تعالى {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ} الأنفال65، وقيل سبعون {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}

الأعراف155، وقيل غير ذلك من الأعداد قيل عشرة وقيل اثني عشرة وقيل أربعون إلى آخره وكلها أقوال ضعيفة لكن ذكر السيوطي هذا في ألفيته فما رواه عدد جم يجب إحالة اجتماعهم على الكذب قوم حددوا بعشرة وهو لدي أثبت عند السيوطي قال أن يُحد بعشرة، فالمتواتر وقوم حددوا بعشرة وهو لدي أجود والقول باثني عشر أو عشرينا يحكى وأربعين أو سبعينا، إذاً قيل أقوال كثيرة كل نظر إلى دليل من الشرع رُتب على عدد معين قد يكون ثم مناسبة مختصة بتلك الواقعة أو ثم أنه وُجد العلم اليقيني في تلك الواقعة المعينة فعمم الحكم على جميع الأخبار وهذا فيه قصور لأنه إن أفاد في موضع لا يلزم أن يفيد في موضع آخر قد يفيد العدد أربعة التواتر لكن لا يلزم أنه كلما وُجد الأربعة حينئذ وُجد تواتر – لا – إنما التواتر ما أفاد العلم اليقيني ولذلك يقال فيه من ضابط الشروط الثلاثة هذه كلها الأصل عد اعتبارها وهذا الذي يُنتَقد على أهل الكلام والأصوليون نقول الشروط هذه لا وجود لها وخاصة في مسألة العدد لأنه يشترطون الكثرة حتى في طبقة الصحابة وهذا قل أن تجده ولذلك أنكره بعضهم وبعضهم قد ادعى فيه العدم وبعضهم عزته وهو وهم بل الصواب أنه كثير وفيه لي مؤلف نضير خمس وسبعون رووا من كذبا ومنهم العشرة ثم انتسبا، وكلها متواتر معنوي وليس لفظي لأنهم يقسمون التواتر لتواتر لفظي أن يكون منقولاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظه وهذا إن صح التعبير أو التمثيل له حديث من كذب علي متعمداً فقط وما عداه دعوى التواتر اللفظي هذه عزيزة بل أنكره ابن صلاح قال إن جُوِّز فيكون في حديث من كذب علي والسيوطي وغيره ردوا على ابن صلاح وابن حجر وهمه على ذلك عدم اطلاعه على الطروق في أول النزهة لكن الصواب أنه كما قال، وكل ما قيل أنه متواتر وما ألف السيوطي وغيره فهو متواتر معنوي متواتر معنوي واضح أن التواتر المعنوي ليس باللفظ أن تُحكى وقائع متعددة بينها قاسم مشترك ككل نقول هذا المعنى متواتر كجود حاتم رأوا أنه إذا تصدق بفرس أعطى إلى آخره هذا وقائع كلها تفيد أنه جواد لكن هل تواتر مثلاً إعطاءه فرس ونحو ذلك؟ لم يتواتر أي أو شخص الواقعة وإنما تواتر المعنى الكلي الذي يمكن أن يُستقى منه فيُحَكم أنه قطعي الثبوت هذا ما يسمى بالتواتر المعنوي بل الصواب أنه كثير وفيه لي مؤلف نضير خمس وسبعون رووا من كذبا ومنهم العشرة ثم انتسبا لها حديث الرفع لليدين والحوض والمسح على الخفين هل كلها متواترة؟ نعم كلها متواترة وثابتة وحادث الرؤية كلها متواتر لكن ليس بالتواتر الذي يخصه الأصوليون وإنما التواتر يعبر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – التواتر الخاص ويعبر عنه الذي يذكره الأصوليون بالتواتر العام التواتر الخاص أعلم له أهله ولذلك إذا تواتر عند أهل الحديث لزم قبول ما حكم أهل الحديث لغيرهم فالأصولي والفقيه وغيره إذا حكم المحدث الشهير والكبير والإمام بأن هذا الحديث متواتر كما نص البخاري في جزء القراءة قال الإمام بأن حديث لا صلاة بأنه متواتر فحينئذ نقول هذا إمام معتبر حكم بكون هذا الحديث متواتر فنقل حينئذ ما أفاد العلمي اليقيني علم الضروري نقول هذا متواتر وقيل سبعون وقيل

غير ذلك وكلها أقوال لا حجة فيها والصحيح على ما ذكره المصنف هنا وهو الأصح أنه لا ينحصر أي لا ينحصر في العدد في عدد معين يعني لا ينحصر التواتر في نقله أو في كونه إخبار جماعة لا ينحصر في عدد معين بل متى أخبروا واحداً بعد واحد حتى يخرجوا بالكثرة إلى حد لا يمكن تواطؤهم على الكذب حصل القطع بقولهم متى ما حصل التابع حصل التواتر بل قد يحصل التواتر وإفادة العلم اليقيني الضروري باثنين أو ثلاثة أو أربعة ولذلك من أخبره من التابعين أخبره أبو بكر - رضي الله عنه - هل يفيده العلم اليقيني أم لا؟ قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول كذا وأنت تابعي يفيدك العلم اليقيني أم لا؟ يفيد لا شك إذاً حصل العلم اليقيني بخبر واحد لما احتف به من صفا تميزه عن غيره وهذا الذي يعبر عنه شيخ الإسلام بالتواتر الخاص بأنه متواتر تواتر الخاص يعني أفاد العلم اليقيني والذي يحكم عليه هو المحدث لأنه يسمعون ما لا يسمع غيرهم ويروون ما لا يروي غيرهم فهم أعلم وأعرف لصنعتهم من غيرهم بل متى أخبروا واحداً بعد واحد يعني أخبروا بحدث واحداً بعد واحد حتى يخرجوا بالكثرة إلى حد التواتر ولا يشترط بالكثرة الكاثرة قد يُفهم من كلام المصنف الكثرة يعني لابد من شعرة أو عشرين إلى آخره – لا – قد يحصل باثنين أو ثلاثة أو أربعة ولا مانع من هذا، إلى حد لا يمكن عادة تواطؤهم على الكذب حصل القطع بقولهم دون أن يكونوا محصورين في عدد معين قتال وكذلك يحصل بدون عدالة الرواة وإسلامهم إذاً نأخذ من هذه أن التواتر ما رواه عدد جم يجب إحالة اجتماعهم على الكذب. فالمتواتر ثم ما أفاد العلم اليقيني مع هذا الضابط فهو متواتر، عدد إذا نظر الناظر لا يمكن أن يتفقوا على كذب معين أو زيادة في الخبر أو نقص في الخبر نقول حصل التواتر بما يذكره المصنف ونشطب على ما ذكره من الشروط.

وكذلك يحصل بدون عدالة الرواة وإسلامهم لقطعنا بوجود مصر إخبار جماعة مسلمة أو كافرة فساق أم عادلة يقول عام يحصل التواتر والعلم اليقيني ولو كان المخبرون كفاراً أو كانوا مسلمين أو كانوا كفاراً ومسلمين أو كانوا مسلمين عدولاً أو فساقاً مطلقاً ولكن هذا يقيد بمطلق الخبر لا بالخبر الشرعيات بمطلق الخبر لأن كلام الأصوليون عام يتكلون في الخبر عام سواء كان عن زيد أو عن الشرع فإذا كان الشرع فلابد من العدالة والإسلام لابد من التقييد لذلك مثل بوجود مصر لماذا لأن وجود مصر ليس بحكم شرعي ليس بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك يحصل بدون عدالة الرواة لكن المراد به نقول مطلق الخبر يعني ليس بشرط التواتر إسلام المخبرين ولا عالتهم بل يحصل التواتر بدون عدالة ولا إسلام لقطعنا مثّل قطعنا وهذا حكم قطعي يعني علم يقيني لا يحتمل الشكل أبداً بوجود مصر يعني أي بلد وليس خاص بمصر وإن كان مصر قد يُستفاد من الشرع {ادْخُلُواْ مِصْرَ} يوسف99، هذا جاء في الشرع ذكره يعني التمثيل بمصر قد يكون فيه نوع آخر لكن أي بلد الإنسان لم يراها حينئذ نقول العلم بها شهير بين الخاصة والعامة بلاد اسمها فرنسا مثلاً حد يشك فيها ما ذهبناها ولا رأيناها لا مباشرة ولا بدون مباشرة حينئذ نقول هذه علم قطعي لماذا؟ لأنه متواتر عند الناس صار منذ الصغر يسمع فرنسا فرنسا حينئذ يحكم بوجود هذا البلد ولم يراه ولم يشاهده لما هو منتشر وهو إخبار الجماعة ولا يشترط أن يكون المخبر مسلماً ولا غيره أما في الشرعيات فلا، ويحصل العلم به أي أن المتواتر يفيد العلم اليقيني ويحصل العلم به يعني إذا وُجدت تلك الشروط الثلاث مع الضابط العام حصل العلم به يعني أفاد العلم والعلم المراد به العلم اليقيني الضروري وسيأتي خلاف هل المراد به الضروري أو النظري؟ نقول الصواب أنه الضروري وهو الصواب وهو قول جمهور أهل الحديث ويحصل العلم به أي أن المتواتر يفيد العلم ليقني وهو القطع بصحة نسبة الخبر إلى من نقل عنه هذا المراد في الخبر هنا ليس المراد بالمدلول فحسب لا في النسبة هل هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا البحث في هذا ثم مدلوله وما يستفاد منه هذا قد يكون من جهة الدلالة قطعي الثبوت قطعي الدلالة التي قسم السند أو النص إلى أربعة أقسام قطعي الثبوت من جهة السند وهو المراد هنا قطعي الثبوت يعني طريقه في الثبوت إلينا بحكم كون هذا النص قرآناً حقيقة أو خبراً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعلاً أو تقريراً إلى آخره نقول قد يكون طريقه قطعي الثبوت والقرآن قطعي الثبوت ولا إشكال يبقى الكلام في السنة وقد يكون ظني الثبوت وهذا كما في القراءة الشاذة ونحوها ظني الثبوت فيما زاد عن عشرة كذلك في السن يكون ظني الثبوت يعني لا نقطه بكون هذا القول للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك أثبت أن خبر الآحاد يفيد الظن ينبني عليه هذه المسألة أنه لا يلزم أن هذا القول قد قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه مشكلة، ويحصل العلم به أي أن متواتر يفيد العلم اليقيني وهو القطه لصحة نسبته إلى من نُقل عنه ويجب تصديقه حينئذ لماذا؟ لأنه مفيد للعلم وكل

ما أفاد العلم لا يجوز تركه كما كان في حق الصحابي قال فقاطع به الصحابي قاطع به لأنه سمع مباشرة وهان يُنزل في الحكم منزلة المباشر إذا كان المباشر قد قطع بكون هذا القول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك إذا وصل إليه بطرق يفيد العلم اليقيني يقطع ولا يجوز له أن يُجوّز بكون هذا القول ليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - هذا المراد بقوله ويجب تصديقه أي المتواتر، بمجرده يعني النظر إلى ذاته دون النظر في عدالة دون نظر في ضبط دون النظر في دليل آخر بمجرد الخبر إخبار جماعة تحل العادة تواطؤهم عن الكذب مع الشروط بمجرد ثبوت هذا الطريق وجب أو أفاد العلم وجب التصديق لذاته لا لأمر خارج لأنه قد يفيد الشيء العلم اليقيني لكن بقرينة خارجة وليس الكلام في هذا الكلام فيما يفيد من الأخبار القين بذاته دون النظر إلى عدالة أو ضبط ولهذا لا يبحثون في المتواتر في العدالة ولا يبحثون في الضبط بل في الإسلام أيضاً لا يبحثون ويحصل العلم به ويجب تصديق بمجرده وغيره أي غير المتواتر يحصل القطع به ويجب تصديقه لكن بدليل خارج وغيره أيغير المتواتر يحصل القطع به يعني إذا أفاد القطع ويبج تصديقه حينئذ بدليل خارج كأن يكون الحديث في البخاري ومسلم أن يكون الأمة أجمعت على قبول الحديث أن تكون الأمة أجمعت على العمل بمدلول هذا الحديث ولو كان في سنده بعض الشيء حينئذ يُقطَع به لكن لدليل خارج لا لذات الخبر، والعلم الحاصل به يعني المتواتر إذاً أثبت أن المتواتر يفيد العلم ثم هذا العلم نوعان علم ضروري وعلم نظري والضروري ما لا يحتاج إلى نظري واستدلال والنظري منا احتاج إلى نظر واستدلال يعين إفادة العلم قد تحصل بالنظر والبحث وطلب الدليل وقد تحصل هكذا فجأة بدون بحث ولا نظر ولا استدلال الأول يسمى النظري والثاني يسمى الضروري والنظري ما احتاج للتأمل وعكسه هو الضروري الجلي والنظري ما احتاج للتأمل إذاً يحتاج إلى بحث ونظر في الكتب والأسانيد إلى آخره ثم يفيد العلم وبعضه قد يفيد العلم دون نظر في الاستدلال، ما المراد بالعلم هنا الذي أفاده المتواتر هذا هو العلم الضروري الذي يحصل بدون نزر واستدلال وإنما يحصل دفعة واحدة أو النظري؟ الجمهور على أنه ضروري لذلك قال المصنف والعلم الحاصل به يعني بالمتواتر ضروري وهو اليقيني يُعَبر عنه باليقيني وهو ما لا يحتاج إلى نظر واستدلال، عند القاضي أبي يعلى وهو قول الجمهور ونظري عند أبي الخطاب نظري لماذا لأنه يحتاج إلى مقدمتين أولاً إثبات كثرة المخبرين لابد أن تثبت أن هذا الخبر أخبر به كثيرون لينطبق عليه حد التواتر الثاني أن خبر هؤلاء يفيد اليقين فإذا أثبت كثرة المخبرين ثم أثبت بالمقدمة الثانية أن خبرهم يفيد ليقين حينئذ نحكم بأن هذا الخبر المعين لا مطلقاً الخبر المعين أفاد اليقين حينئذ يكون مبنياً على مقدمتين لكن هذا مردود لماذا؟ بأن العلم اليقيني حاصل في البديهيات وفي نحوها للصبيان والنساء والكبار والصغار إلى آخره كل ما هو معلوم مأمور الدنيا للضروري هذا يستوي فيه الصغير والكبير مثلاً وجود مصر هذا يعرفه الصغير يعرف أن بلداً اسمها مصر ولم يرها وهذا حكم يقيني أم لا؟ يقيني هل حصل بمقدمتين؟ لم يحصل

بمقدمتين وإنما حصل دفعة واحدة ولذلك صمي ضروري قيل من الضرورة لا يمكن دفعه لو أراد الإنسان أن يدفع بعض المعلومات عن نفسه لا يمكن ولذلك مثل الوجود الآن أنت موجود في المسجد لو أردت أن تقنع نفسك أنك لست في المسجد ما تستطيع لماذا؟ لأنه علم ضروري يقيني وهذا يسمى بالعلم الحضوري عند المناط وهو الذي تعلمه بما أنت فيه من حالي اليوم السبت أو الأحد؟ هل يحتاج إلى دليل؟ ما يحتاج إلى بحث والعلم الحاصل به ضروري عند القاضي ونظري عند أبي الخطاب من الحنابلة كلاهما من الحنابلة وما ذهب إليه القاضي أرجح. وما أفاد العلم في واقعة وفي شخص دون قرينة أفاده في غيرها أو لشخص آخر يعني مراده أن العلم أو الخبر المتواتر إذا أفاد العلم اليقيني في واقعة معينة في شخص أفاد العلم اليقيني في واقعة أخرى كما أفاده في الأولى والشخص الذي استفاد العلم اليقين من واقعة ما لو جاء آخر وأُخبر بنفس الخبر لاستفاد العلم اليقيني إذاً لا يتفاوت لماذا لأن النظر هنا إلى ذات متواتر فإذا قلنا ذات المتواتر بذاته بمجرده لا بدليل آخر لا بقرائن تحتف به أفاد العلم اليقيني حينئذ إذا قرأه زيد أو سمعه زيد وقرأه بكر هل يحصل العلم لهما؟ هذا هو محل الخلاف هل يحصل العلم لهما؟ نقول نعم، لماذا؟ لأن الخبر المتواتر هنا أفاد العلم بذاته وإذا كان ذاته فكل قارئ كل سامع يستفيد العلم اليقيني ولا يتفاوت لو قيل بالتفاوت للزم منه أن ثم أمراً خارجاً عن مدلول المتواتر احتف به فأفاد العلم في حق زيد ولم يفيده في حق بكر والمسالة مفروضة في متواتر لم تحتف به قرائن ولذلك قال وما أفاد وما يعني خبر أفاد العلم في واقعة ولشخص دون قرينة – انتبه – دون قرينة هذا قيد لابد منه لأن قرينة يستلزم منها تفاوت المعلوم لأن الشيء إذا احتف بقرين قد تؤمن أنت بدلالة كقرينة وقد لا تؤمن بها أليس كذلك إذا قيل مثلاً ما فرض به البخاري مقدَم على ما فرض به مسلم هل هذا مُسَلم عند الكل؟ المغاربة يقدمون مسلم على البخاري حينئذ إذا احتفت قرينة بهذا الخبر لكونه ما رواه البخاري هذا لا يستلزم أن يكون مضطردا في حق كل أحد قد يقول قائل لا أنا أقدم ما رواه مسلم على ما رواه البخاري إذاً الخير واحد ولكن البخاري راوياً هذه قرينة خارجة قد يُسلم بها زيد وقد لا يسلم بها عمرو فحينئذ النظر يكون لذات الخبر فما أفاد في الواقعة ولشخص لابد وأن يفيد في واقعة ولشخص آخر نفس الخبر وليس ما استفيد منه فلو لم يترتب ذلك العلم كان طعنا في المتواتر.

وما أفاد العلم أي أن العدد الحاصل بالعلم اليقيني لا يتفاوت بحسب الوقائع والأشخاص ما أفاد العلم اليقين بإخبار جماعة في عدد معين أو لا على حسب ما ذكره المصنف نقول لا يتفاوت بحسب الوقائع والأشخاص بل ما أفاده في واقعة ولشخص معين كبكر أفاده في غيرها نفس العدد أفاده فيغيرها أو لشخص آخر وعبارة صاحب المختصر مختصر التحرير قال ومن حصل في عبارته بعض الربكة ومن حصل بخبره علم بواقعة لشخص حصل بمثله بغيرها لآخر ومن حصل بخبره علم بواقعة لشخص ميعن واقعة معينة لشخص معين قال حصل بمثله لشخص آخر لابد أن يكون مضطرداً وإلا يكون نقضاً للتواتر وهذا إذا كان بدون قرينة أما بقرينة فلا لأنها تخلف من شخص إلى شخص آخر هذا ما يتعلق بالمتواتر. ثم قال والآحاد أي القسم الثاني للخبر باعتبار وصوله باعتبار الواسطة إلى من يبلغه أو تبلغ السن النبوية الآحاد، الآحاد هذا في اللغة جمع أحد أصله أءحاد سكنت الهمزة الثانية وقُلبت ألفاً وصارت آحاد كآدم أصله أءدم جمع أحد كأجل وآجال وبطل وأبطال أوطان آحاد أفعال ومفرده بطل وأحد فعل إذا جعل يُجمع على أفعال وأحد يُجمع على آحاد أصله أءحد أفعل سكنت الثانية وآحاد بمعنى واحد الهمزة منقلبة عن واو وهو لغة ما يرويه الواحد هذا في اللغة ما يرويه الواحد أما في الاصطلاح قال ما لم يتواتر أي لم تبلغ نقلته مبلغ الخبر المتواتر لم تصل نقلت هذا الخبر خبراً آحاد مبلغ الخبر المتواتر وعليه يكون التقسيم عندهم ثنائي فلا وجود للمستفيض ولا للمشهور حينئذ يكون المستفيض والمشهور داخلاً في الآحاد وأهل الحديث ما يوافقون على هذا، والآحاد ما لم يتواتر والعلم يحصل به إذاً ما رواه شخص واحد على ما نص المنصف أو شخصان أو ثلاثة أو أربعة ولم صل إلى حد تفيد هذه الكثرة أو هذا الجمع يفيد اليقين ولم يكن منتهى خبره من حس ولم يستوي الطرفين حكموا عليه بأنه آحاد يعني المشهور داخل في الآحاد والمستفيض داخل في الآحاد ثم يختلفون هل يفيد الظن أو لا، والعلم لا يحصل به يعني لا يفيد الآحاد اليقين وإنما يفيد الظن وما هو الظن ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر الظن تجويز امرءٍ أمرين مرجحاً لأحد الطرفينِ

الطرف الراجحُ ظناً يُسمى والطرف المرجوحُ سُمِّيَ وهما، إذاً المراد به هنا ترجيح صدق الراوي على كذبه في كون الخبر ثابتاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا فحينئذ إذا قيل الآحاد الذي هو لم يتواتر لا يفيد العلم حينئذ لا تقطع بكون هذا القول منسوب للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو كون هذا الفعل أو هذا التقرير منسوب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما يترجح فتقول - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنيات هذا غير متواتر عندهم الراجح أنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحتمل أنه غير قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لماذا؟ لوجود السلسلة وكل منهم بشر يصيب ويخطئ إذا يحتمل الوهم إذاً لا نقطع بصدقه وهذا من الأمور الدخيلة هذا نقول بدع بكون غير المتواتر لا يفيد العلم أبداً دون تفصيل دون نظر إلى أحوال رواة دون قرائن إلى آخره نقول هذا من البدع وهذا مما أحدثه المعتزلة أنا التفصيل في شأن خبر الواحد حينئذ لا إشكال أو القول بأنه يفيد العلم مطلقاً لا إشكال أنما أن يُقال أنه لا يفيد العلم مطلقاً ولو كان مشهوراً ولو كان مستفيضاً ولو كان في البخاري ومسلم لا يفيد إلا الظن ولا يُقطع بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا بدعة وهذا مما دخل به المعتزلة على أهل السنة، فنثبت الآحاد ونناقش الحكم فنثبت الآحاد لأن الحس يدل عليه فرق قطعاً كل إنسان أنت في أمور الدنيا لو أخبرك عشرة وكلهم من أهل العلم من كبار العلم وشخص أخبرك بخبر واحد هل يستوي العلم؟ ما تصدق الواحد مثل ما تصدق العشرة هذا أمر حسي وعقلي وأمر شرعي أيضاً ثابت لذلك جاء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الحجرات6، إذاً فرق بين الفاسق وبين العدل فرّق {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} فتثبتوا، مفهومه إن جاءكم ثقة عدل بخبر فالأصل القبول حينئذ نقول نثبت الآحاد ولا إشكال ونثبت المتواتر ولا إشكال لكن لا تخص بالمتواتر بأنه لا يفيد العلم اليقيني ونقطع بقول هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا إذا كان متواتراً ثم نأتي بالمتواتر ونخنقه خنقاً بشروط لا يكاد أنها تُوجد ونأتي للآحاد ونقول هذا لا يفيد إلا الظن لأن لا نقطع بأن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بل نُرجح صدق الراوي مع جواز كذبه ووهمه نقول هذا من المسائل الدخيلة حينئذ نفرق بين المصطلحات من حيث الاسم ومن حيث الحكم الحكم يُناقش فيه ولا إشكال ومن حيث المصطلح الأمر فيه سعة.

و (الآحاد) ما لم يتواتر والعلم لا يحصل به في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وهذا ابن القيم ضعّفه قال لا يصح الرواية أن الإمام أحمد قال خبر الآحاد لا يفيد إلا الظن ولا يحصل به العلم والعلم لا يحصل به يعني اليقين والعلم الضروري أو النظري لا يحصل بخبر الآحاد في إحدى الروايتين يعني بل يفيد الظن وما المراد به هنا وهو رجحان صحة نسبته إلى من نُقل عنه رجحان صحة نسبته إلى من نُقل عنه في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد قلنا ضعفها الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى – وهو قول الأكثرين ومتأخري أصحابنا يعني قول جمهور العلماء ولكنهم المتأخرون ليسوا المتقدمين إنما المتأخرون وغالباً هذه الأمور تأتي عند المتأخرين أتباع المذاهب الأربعة أما الإمام أبو حنيفة والشافعي ومالك ومن قبلهم هؤلاء في الغالب أن يَسلَمون من مثل هذه الأقوال، وهو قول الأكثرين ومتأخري أصحابنا يعني الحنابلة ولذلك يختار بعض الحنابلة مسائل الإمام أحمد ينص على خلافها وخاصة في أصول الفقه، والأخرى بلى يعني يفيد العلم بلى خبر الآحاد يفيد العلم مطلقاً والمراد بخبر الآحاد يفيد العلم مطلقاٌ ليس مما وقع فيه نزاع – لا – هذا لا يكاد أن يقع فيه خلاف أنه يفيد الظن يعني ما ضُعِّف الذي يُسمى بالمُضعَّف ليس الضعيف الضعيف ما حُكم بكونه ضعيفاً والمُضعَّف ما اُختلف في تضعيفه وتصحيحه يعني فيها أقوال هذا يُضعِّف وهذا يُحسن وهذا يُصحح إلى آخره هذا يُسمى المُضعَّف هذا يفيد الظن لا يفيد القطع أما الحديث الذي اتفق الأئمة على صحته فهذا الرواية تُنزل عليه أنه يفيد العلم قالوا والأخرى بلى يعني يفيد العلم وهو قول جماعة من أصحاب الحديث والظاهرية بل المشهور عن أكثر المحدثين أن خبر الواحد يفيد العلم يعني القطع بكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا القول أو فعله أو أقره والعبرة في مصل هذا نقول نرجع إلى أهل الحديث فإنهم أولي من يُؤخذ عنهم، وقد حَمَل ذلك منهم على ما نقله الأئمة يعني حُرف القول السابق قالوا يفيد العلم مطلقاً لماذا قالوا في إفادة اخبر أنه يفيد الظن مطلقاً أنه لو أفاد العلم لحصل لنا في كل خبر نسمعه لماذا قلتم أن خبر الواحد يفيد الظن مطلقاً قالوا لو حصل بخبر الواحد العلم كل خبر نسمع لابد وأن يحصل العلم يكون مضطرداً معه وهذا هل يشعر به الإنسان؟ لا يشعر به قد تسمع خبراً فتشك فيه وقد تسمه خبراً فتصدقه وقد تسمع خبراً فيكون تصديقك له أعلى درجات التصديق إذاً حصل الخلاف فكيف حينئذ نقول خبر واحد يفيد الظن أو يفيد العلم ونحن لا نشعر بهذا العلم أنه مضطرد في كل خبر ونحن لا نشعر بذلك فدل على أنه لا يفيد العلم كذلك قالوا أعدل الرواة بشر يجوز عليه الصدق والكذب يجوز عليه الوهم يجوز عليه الغلط حينئذ ما جاز عليه الغلط كيف يُحكَم بكونه يفيد العلم نقول المسألة شرعية وهذه المسألة عقلية ولا اجتهاد في مقابلة النص كما سيأتي وقيل يفيد العلم وهذا قول الجماعة من أصحاب الحديث والظاهرية هذا قول ثاني في المسألة القول الثالث التفصيل إن احتف به قرائن توجب العلم أفاده وإلا فلا وهذا يختاره الكثير من المتأخرين كابن حجر وغيره، وقد حَمَل ذلك منهم على ما نقله

الأئمة المتفق على عدالتهم وتلقته الأمة بالقبول لقوته بذلك كخبر الصحابي حينئذ نقول إذا أجمعت عليه الأمة صار حجة كذلك خبر الصحابي إذا تكلم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ صار أعلى درجة حينئذ احتفت به قرينة ليس كخبر الصحابي المجرد الذي لم تُجمع عليه الأمة أو كخبر الصحابي الذي لم يقف عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسكت على ذلك القول لأن الثاني يكون مقرن عليه مؤيداً من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كما اختلف خبر الصحابي قبل القرينة وبعد القرينة كذلك قالوا أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - فما وُجدت احتفت به قرائن تفيد العلم أفاد العلم وإلا أفاد الظن لكن المشهور عند أهل الحديث أنه يفيد العلم ما لم يحصل فيه نزاع أو خلاف ابن حزم - رحمه الله تعالى – في كتاب الأحكام صال وجال في هذه المسألة، إذاً خبر الآحاد من حيث إفادة العلم فيه ثلاثة أقوال تفيد الظن مطلقاً يفيد العلم مطلقاُ ويفيد العلم إذا احتفت به قرائن وإلا أفاد الظن وهذا بعضهم يجعله فيما اتفق عليه أو رواه البخاري ومسلم إذاً مما أُختلف فيه أو مما احتفت به قرائن حد الصحيح مسند بوصله بنقل عدل ضابط عن مثله ولم يكن شذا ولا معللا، والحكم بالصحة والضعف على ظاهره، لا القطع، إلا ما حوى كتاب مسلم أو الجعفى سوى ما انتقدوا فابن الصلاح رجحا قطعا به وكم إمام جنحا والنووي رجح في التقريب ظناً به والقطع ذو تصويب، يعني ما رواه البخاري ومسلم مما لم يُنتقدا فيه أُختلف فيه هل يفيد القطع أو الظن؟ النووي رجح في التقريب ظناً به يعني يفيد الظن مطلقاً يعني كل ما رواه البخاري ومسلم ولو اتفقا عليه فهو يفيد الظن يعني لا نجد للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والقطع ذو تصويب هكذا رجح السيوطي مذهب المصطلح أنه مقطوع به فنجزم فلو قال إنسان والله الذي لا إله غيره ما رواه البخاري ومسلم اتفقا عليه مما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف أو لا؟ نقول لا يحلف، فإن لم يكن قرينة أو عارضه خبر آخر فليس كذلك فإن لم يكن قرينة يعني دلت على صدق الخبر أو عارضه خبر آخر فحينئذ حصل التعارض وهذا لا إشكال فيه القول بأنه يفيد الظن فيما حصل تعارض بينهما لا إشكال فيه أما الحديث الصحيح السالم عن المعارضة يفيد الظن هذا محل إشكال أو عارضه خبر آخر فليس كذلك وقد أنكر قوم جواز التعبد به عقلاً هل يجوز بالعقل أن يعبدنا الرب خبر واحد واثنين وثلاث محل نزاع عند المتكلمين وقد أنكر قوم جواز التعبد به عقلاً لاحتماله أن يكون كذباً أو خطئاً والعمل بم احتمل أنه كذب أو خطأ عمل بشك وجهل وهذا لا ينبغي لا ينبغي للشارع – هكذا يقولون – لا ينبغي عقلاً أن الشارع يتعبد الخلق بخبر واحد أو اثنين وهذه عقول فاسدة في مصل هذه المسائل نقول عقول فاسدة ولا شك لا يجوز للشارع أن يتعبد الخلف بخبر واحد أو اثنين لأن الخبر خبر الواحد يحتمل الصدق ويحتمل الكذب يحتمل أنه أخطأ يحتمل أنه سها إلى آخره فحينئذ إذا عُمل بما أخبر به الواحد أو اثنان ما لم يصل إلى حد التواتر يكون عملاً بما هو مشكوك وبما هو فيه جهل وهذا لا ينبغي فأنكروا عقلاً وهذه مكابرة لأن لو وقفوا

معقول إنما يتعبد بواحد ومن هم الرسل إلا واحد وقد أنكر قوم جواز التعبد به يعني بخبر الواحد عقلاً لاحتماله يعني احتمل الصدق والكذب والخطأ وإذا احتمل حينئذ لا يجوز أن يكون شرعاً وأنكروه عقلاً، وقال أبو الخطاب: يقتضيه عكس الأول يعني يجب عقلاً يقتضيه أي وجوب قبول خبر الواحد ثابت بالعقل فإذا روى الواحد أو الاثنان ولم يصلوا إلى حد التواتر يجب عقلاً قبول خبره وهذا أيضاً مكابرة لماذا؟ لوجود الأمر السابق وهو أنه قد يخطئ ويصيب وقد يصدق وقد يكذب والمسائل العقلية فالعقل يجوز المستحيل والأكثرون لا يمتنع يجوز عقلاً أن يتعبدنا الشارع وقد لا يتعبد الأمر بين الجواز العمل به جائز عقلاً عند جماهير العلماء لأنه لا يلزم منه محال وليس احتمل الكذب والخطأ بمانع هذه المسألة من جهة العقل فأما سمعاً إيش سمعاً؟ الآن اختلفوا في جواز التعبد به عقلاً الخبر الواحد من جهة العقل ومن جهة الشرع هل أذن الشرع بأن نعمل بخبر الواحد أو لا؟ قال فأما سمعاً أي من جهة السمع والنقل عن الشرع فيجب عند الجمهور يعني يجب العمل به عند الجمهور والصواب نقول فيجب العمل به إجماعاً ليس عند الجمهور الخبر واحد مُجمَع عليه بين الصحابة ولا يجوز أن نلتفت لأي خلاف حاصل بعد الصحابة وخاصة أن المخالفين قدرية ومعتزلة إلى آخر وأهل البدع ومن شاكلتهم بل نقول إجماعاً فيجب العمل بمدلول الخبر الواحد مطلقاً سواء كان في العقيدة أم في غيرها في العلميات وفي العمليات بلا تفريق لأن الأدلة التي أثبتت وجوب العمل به في العمليات عامة ولم تفرق بين عقيدة وبين غيرها فيجب العمل فأما سمعاً فيجب عند الجمهور وخالف أكثر القدرية أكثر القدرية خالفوا وقالوا لا يجوز العمل بخبر الواحد قال وإجماع الصحابة على قبوله يرد ذلك وهذا .........

فأما سمعاً فيجب عند الجمهور مراعاة لمخالفة القدرية ثم يحكي إجماع الصحابة على ماذا على وجوب العمل به هل هذا صواب؟ ليس بصحيح نقول ليس بصحيح العلماء نحترم ونقدر ونجل لكن الخطأ خطأ نقول هذا خطأ إذا أجمع الصحابة على شيء ما على أمر ما وخاصة إلى كان المخالف من شر أهل البدع حينئذ لا يُجعَل المبتدع في مقابلة الصحابة إذا أجمعوا كُفينا لماذا نقتفي أثر المبتدعة فأما سمعاً فيجب عند الجمهور وخالف أكثر القدرية، وإجماع الصحابة على قبوله يرد ذلك ولذلك جاء قوله جل وعلا {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ} التوبة122، هل النذارة تحصل بواحد؟ نعم تحصل وطائفة تطلق في اللغة على الواحد فالصاعد إذاً رتب الرب جل وعلا وجوب النذارة والعمل بهذه النذارة على طائفة والطائفة فتصدق بالواحد وصاحبه حينئذ نقول يجب العمل شرعاً وهذا لا خلاف فيه بين الصحاب ولذلك جاء في حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال بينما الناس بقباع في صلاة الصبح جاءهم آت فقال إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلة قرآن وقد أُمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام استداروا للكعبة القبلة في صلاة العشاء صلوا إلى القبلة وهو أمر قطعي معلوم في تلك الساعة من الدين بالضرورة جاءهم خبر واحد في صلاة الفجر فنقلوا القبلة من بيت المقدس من الشام إلى الكعبة استداروا مباشرة هذا يفيد العلم ولا يفيد الظن؟ يفيد العلم قطعاً ثم قال وشروط الراوي أربعة ونفق على هذا وصلى الله على محمد على آله وصحبه وسلم.

11

عناصر الدرس * شروط الراوي * ألفاظ الرواية * زيادة الثقة * رواية الحديث بالمعنى * مراسيل الصحابة. الدرس الحادي عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد قال المصنف - رحمه الله تعالى - وشروط الراوي أربعة، بعد أن بين لك أن الخبر من ينقسم إلى متواتر وآحاد والمتواتر كما سبق أنه ........... ولا عدالة في غير الإسلام وبقي الآحاد وذكر ما يتعلق به من حيث القبول والرد ومن حيث جواز التعبد به أو لا قم قال وشروط الراوي أربعة، إذاً الراوي الذي ينقل لنا الخبر لابد من وجود صفات إن وُجدت في الراوي رجحنا اعتقاد صدقه على كذبه لأنه كما سبق أن راوي الحديث حديث الآحاد قد يكون يُبحث عن عدالته وضبطه لماذا؟ لأنه ليس كالمتواتر لأنه لا يفيد العلم لماذا لا يفيد العلم على حسب ما قرره المصنف؟ لأن الراوي يحتمل الصدق والكذب إذاً لابد من وضع قيود وشروط وضوابط من أحل أن يُعيَن الراوي الذي تُقبَل روايته من عدمه حينئذ لما كان البحث في الآحاد من حيث القبول والرد وهذا متوقف على معرفة الإسناد والإسناد كما هو معلوم أنه من مبحث أو من موضوع علم الحديث عِلمُ الحديثِ: ذُو قوانِينْ تُحَدْ يُدْرَى بِها أَحْوَالْ مَتْنٍ وَسَنَدْ فَذَانِكَ الموضوعُ، والمقصودُ أَنْ يُعرَفَ المقبُولُ والمَردُودُ والسندُ: اْلإِخْبارُ عنْ طَرِيقِ مَتْنٍ إذاً السند هو الطريق الذي يحكي لنا المتن والمتن ما انتهى إليه السند من الكلام إذاً عندنا سند وعندنا متن والسند والمتن هما موضوع علم الحديث يُبحَث في السند من حيث القبول والرد يعني متى ما توفرت الصفات المعتبرة في قبول رواية الرواي حينئذ وُجد قبول الحديث وإلا رُدت عليه وشروط الراوي أربعة يعني الشروط التي تعتبر في تحقق صفة القبول في الراوي أربعة باستقراء كلام أهل العلم الأول الإسلام، الإسلام قلنا قال الإسلام وهذا يقابل التواتر لأنه قل لا يُعتَبر إسلامه وهنا قال الإسلام إذاً الإسلام شرط في قبول خبر الآحاد هذا مقصوده شرط في قبول خبر الآحاد، الإسلام: إذاً الشرط الأول الإسلام إن وُجد الإسلام مع بقية الشروط ترتب عليها لماذا لأننا نقول هذا شرط والشرط يلزم من عدمه العدم لا يلزم من وجود الإسلام لابد أن يكون راوياً - لا - وإنما كلما انتفى الإسلام انتفى القبول لماذا؟ لأنه شرط والشرط يلزم من عدمه العدم حينئذ يلزم من عدم الإسلام عدم قبول رواية الرواي والإسلام هذا شرط للأداة لا للتحمل لأننا عندنا أداة وعندنا تحمل التحمل هو السماع أو كتابة الحديث والأداة هو إبلاغه للغير متى يُشترط الإسلام؟ نقول يشترط في الأداة لا في التحمل فلو تحمل كافر ثم أدى بعد إسلامه قُبل منه لماذا؟ هنا انتفى الإسلام وقت التحمل لا قوت الأداة والمعتبر عند أهل الحديث ما هو المعتبر أن يؤدي ويُبلغ الحديث مسلماً فإن حفظه أو سمعه أو كتبه وهو كافر ثم أسلم فأداه قُبل منه فلو أداه وهو كافر لم يُقبل منه إذاً نقول الإسلام هنا هذا شرط بالإجماع وهو شرط للأداء لا للتحمل ولذلك جاء في صحيح البخاري عن جُبير بن مُطعم - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في المغرب بالطور هذه سمعها وهو كافر قبل إسلامه لأنه كان أسيراً من أسارى بدر ثم أداه

بعد إسلامه ولذلك قال ابن حجر هذا الدليل على أن أهل الحديث عندما يشترطون الإسلام في الأداء لا في التحمل فلا تُقبل إذا اشترط الإسلام حينئذ لابد من مسائل تتفرع عليه قال فلا تقبل الفاء للتفريع هذه فلا تقبل رواية كافر والكافر لا تُقبل روايته وإذا أخبرنا مُخبِر وهو كافر سواء كان يهودياً أو نصرانياً نقول لا تُقبَل روايته لماذا؟ لأنه لا يُؤمَن عليه الكذب هو عدو لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - فحينئذ لا يُؤمن عليه الكذب وأن يفتري إذاً نقول من شرط قبول الخبر أن يكون مسلماً فإن كان كافراً فحينئذ نقول لا يُقبل خبره فأي خبر يصدر عن الكافر فالأصل فيه عدم القبول المراد بالكفر هنا الكفر الذي يخرج به الإنسان عن الملة كاليهودية أو النصرانية أو الكفر الذي يكون لا بتأويل حينئذ يدخل في هذا قوله فلا تقبل رواية كافر ما المراد بالكفر هنا لأن الكفر أقسام كفر متفق عليه كاليهودي والنصراني ولو خرج به الإنسان عن الملة بيهودية أو نصرانية نقول لا يُقبَل الخبر كذلك لو كفر ببدعة مكفراً لا بتأويل يعني لا باجتهاد لا بنظر لا ببحث فحينئذ نقول هذا كَفَر لكنه لا بتأويل هذا أيضاً لا تقبل روايته قولاً واحداً فلا تقبل رواية كافر ابن حجر - رحمه الله تعالى – ذكر في شرح النخبة أنه لو أُطلق القول بعدم قبول رواية الكافر وكثير من الطوائف يكفر بعضهم بعضاً لما جُعل ضابطاً للرد من حيث الكفر وعدمه قال حينئذ لابد لضبطه بما الكفر الذي يمكن صاحبه لا تقبل روايته فيما إذا أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة حينئذ نقول هذا إذا انضم إليه من كانت صفته هذه يعني أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة هو الذي لا تُقبل روايته وما عداه فلو وقع في بدعة مُكفرة إذا انضم إليه التقوى والورع والضبط والصدق حينئذ قُبلت روايته إذاً نقول فلا تُقبل رواية كافر ما المراد بالكافر الذي تُرد روايته؟ نقول من أجمع أهل العلم على كفره كاليهودي والنصراني يعني لو خرج مسلم من اليهودية والنصرانية أو جاء خبر عن اليهود والنصارى نقول لا يُقبَل لماذا؟ لكون الخبر مستنده أو مصدره كافر طيب لو كان مسلماً ثم كفر ببدعة وكل حدث يطلق عليه بدعة في الدين سواء كان مكفراً أو مُفسقاً أو غير ذلك لو كفر ببدعة نقول لابد من النظر إما أن تكون هذه بدعة بتأويل أو لا إن كان بتأويل سيأتي أن المصنف يستثني منها غير الداعية وما لم يكن بتأول فحينئذ يدخل في قوله فلا تُقبل رواية كافر، ما الضابط في الكفر هذا الذي يكون بغير تأويل؟ نقول من أنكر معلوماً من الدين بالضرورة وما عدا إلى ذلك إذا انضم إليه ما يكون شرطاً في قبول رواية الراوي في الصدق والضبط إلى آخره فحينئذ تقبل أما من أتى ببدعة مُغلَظة مُكَفرة وأجمع أهل العلم كمن ادعى علياً - رضي الله عنه - إله مثلاً هذه بدعة مُكفرة ولا خلاف بين أهل العلم في كفر معتقده قال ولو بدعة فلا تقبل رواية كافر ولو ببدعة يعني ولو كان كفره بسبب بدعة فحينئذ إذا قابل الكافر بالبدعة المكفرة يكون الكافر الأول فيما هو ظاهر كلامه الكافر الأصلي فلو سمع يهودي النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أخبر لا نقبل روايته لأنه ليس بمسلم لو سمع نصراني كذلك لا

نقبل روايته لأنه ليس بمسلم والعجب أن الناس الآن وقع عندهم فتنة وهو ما شاع بأنه سُجل أرواح الناس يعذبون في القبور وجاءت عن طريقة شيوعي وتجد الأغبياء من المسلمين يسجلون ويوزعون ويقولون أن هذا خبر ثابت وهذا خبر حق نقول الآن نقرر قاعدة فلا تُقبَل رواية الكافر هل يُقبَل أو لا يُقبَل؟ لا يقبل، وتجد أن بعض طلاب العلم يعني يحتارون في الأمر هل نصدق أو لا نصدق هذا من عجائب الدهر طلاب العلم بعضهم دعاة يستغرب أو يعني يقف أو يحتار هل نصدق أو لا نصدق ثم أيضاً هو مخالف لأصل عذاب القبر هذا لو قيل بجواز كشفه فهو لبعض لا لكل وهذا قد أصبح كل ما صار غيباً ثم لو فُتح الباب وسُجلت مثل هذه الأشياء غدا يأتون بالمرئيات اليوم بصوتيات وصدقنا غداً تجد أشرطة الفيديو وترى القنوات ويقولون هذا عذاب القبر وأنتم مسلمون صدقتم الأول فلم لا تصدقون الثاني وغدا قد يأتوك بأشياء أخرى صوت جبريل إلى آخره إذا فُتح الباب لمثل هذه الأمور ما تُغلَق فلذلك نقول فلا تقبل رواية كافر سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو شيوعياً ولو ببدعة يعني ولو كان كفره بسبب بدعة فالبدعة المُكفرة سبب لرد الرواية البدعة المُكفر سبب لرد الرواية إلا المتأول حينئذ إلا المتأول قوله إلا المتأول تفهم منها أن المصنف خص قوله ولو ببدعة خص به صاحب البدعة غير المتأول ومراده بالمتأول الذي استند إلى الكتاب والسنة فأداه إلى أن وقع في بدعة وهذه البدعة تكون مكفرة إلا أنه لو كُفر حينئذ تُقبَل روايته خاصة إن انضم إليه الضبط والصدق، ولو ببدعة إلا المتأول إ المبتدع الذي كُفر بسبب بدعته لكنه متأول أي مستند للكتاب والسنة حينئذ يُقبَل لوجود الصدق والضبط إذا لم يكون داعية يعني إذا لم يدعو إلى بدعته إذا لم يروي ما يُؤيد بدعته لأنه متهم حينئذ لماذا؟ لأن الهوى يُزين له تحسين البدعة فحينئذ لا يُؤمَن عليه أن يضع أو يزيد حرفاً أو يُنقص حرفاً من الحديث مثلاً من أجل أن يُروج بدعته فلما كانت الرواية التي تؤيد بدعته مظنة لترجيح الكذب على الصدق قدم في هذا النوع وما عداه فيكون حينئذ على الأصل، إلا المتأول إذا لم يكن داعية فإن كان داعية لم تُقبل روايته إذاً المتأول يُفرَق فيه إن كان مبتدعاً داعية إلى بدعته فهذا لا تُقبَل روايته وإن لم يكن داعياً إلى بدعته فحينئذ تُقبًَل روايته، قال ابن حجر - رحمه الله تعالى – هذا المذهب هو الأعدل وصارت إليه طوائف من الأئمة وهو أن رواية المبتدع تُقبل إذا لم يكن داعياً إلى بدعه فإن كان داعباً إلى بدعته قال ابن حجر غيره كالنووي قال لا تقبل وهو ما رجحه السيوطي في ألفيته في ظاهره كلامه يعني في ظاهر كلام الإمام أحمد أن فرّق بين المبتدع الداعي وغير الداعي لأنه قال أو ورد عنه أن قال يُكتَب حديث القدرية إذا لم يكن داعية، قالوا أصحابه قالوا والقدرية عند الإمام أحمد كفار إذاً هم أصحاب بدعة مُكفرة وقال الإمام أحمد يُكتب حديث إذا لم يكن داعية فإن كان داعية فلا ولا كرامة، إذاً نقول الشرط الأول أنه لابد أن يكون الرواي مسلماً فحينئذ لو لم يكن مسلماً كالكافر الأصلي أو المبتدع الذي كُفر ببدعته وليس متأولاً فحينئذ تُرَد روايته فإن كان صاحب بدعة

مُكفرة لكنها بتأويل يعني اجتهد فوقع في هذه البدعة ولو كُفر حينئذ إذا لم يكن داعية قُبلت روايته وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وعنه رواية أخرى بالرد مطلقاً لكن كثير من المحققين يرون أن مدار البدعة وعدمها على الصدق متى ما ثبتت الثقة ثقة لرواية وكان صادقاً سواء كان داعية أو لا فحينئذ تُقبَل روايته ولذلك في الصحيحين عن بعض أهل البدع وهم دعاة ولكن خرّج لهم الصحيح من أجل أن مدار الرواية على الصدق فمتى ما انضم إلى صاحب البدعة صدق وضبط وتقوى وورع حينئذ تُقبَل روايته لأنه إن كان ورعاً وإن كان تقياً هو يعتقد أنه على حق ولذلك ابن حزم شنع على من يشترط عليه يقول كيف تشترطون في المبتدع وهو في باب المعتقد مبتدع يقول تشترطون في قبول رواية المبتدع إن لم يكن داعية هو يعتقد أنه حق وأنه من الإسلام وكل من اعتقد حقاً فالأصل أنه يكون داعية فحينئذ اشتراط كونه داعية إلى بدعته أو لا هذا يُنظر فيه من جهة الصدق وما ينضم إلى الرواي من التقوى والورع فإن وُجد فحينئذ الأصل القبول وإلا إذا وُجدت التهمة فالأصل العدم.

الثاني الشرط الثاني قال والتكليف يعني يشترط في الرواي الذي تقبل روايته أن يكون مُكلَفاً والتكليف اصطلح أهل العلم إذا أطلقوا مُراد به البلوغ والعقل إذاً يشترط التكليف بأن يكون الراوي الذي يترجح صدقه على خطأه وكذبه أن يكون مُكلفاً، قال حالة الأداء والأداء قلنا المراد به إبلاغ الحديث للغير ليس كالتحمل إذاً التكليف المراد به البلوغ والعقل واشتراط العقل هذا بالإجماع لماذا قال إذ لا وازع لغير العاقل يمنعه من الكذب وما يميز بين الكذب وغيره أصلاً فحينئذ كيف يُقال بأنه تُقبَل روايته ولذلك شرط العقل هذا للتحمل والأداء فيُفَسر في كلام المصنف هنا أنه أطلق نقول التكليف المراد به العقل والبلوغ والعقل هذا ليس للأداء فقط وإنما للتحمل والأداء فهو شرط فيهام وأما البلوغ فهو شرط في الأداء كما قال المصنف، إذاً العقل شرط لصحة الرواية أو لقبول رواية الراوي هو أصل الضبط والبلوغ هو الوازع عن الكذب ولذلك الصبي الصغير لا يقبل خبره والمجنون كذل لا يُقبَل خبره لكونه لا يعرف الله تعالى ولا يخافه ولذلك اتفق الصحابة على قبول أخبار أصاغر الصحابة كابن عباس وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين والنعمان بن بشير متى إذا أدوا ذلك بعد البلوغ تحملوا وهم صغار ثم أدوا ذلك بعد البلوغ فحينئذ يكون البلوغ شرطاً للأداء لا للتحمل بل كان كثير من أهل الحديث يأتون بأبنائهم في المجالس مجالس رواية الحديث من أجل أن يكتبوا ولذلك يذكرون هم وكتبه وضبطه متى استعد اختلفوا متى يكتب الصبي قيل خمس سنين وقيل بالتمييز إلى آخر الخلاف لكن قال السيوطي وَكَتْبُهُ وَضَبْطُهُ حَيْثُ اسْتَعَدّ وَإِنْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ الْفِقْهَ أَسَدّ، وكتبه أي كتب الصبي الصغير وكتبه وضبطه يعني تشكيله حيث استعد متى ما كان مستعداً عقلياً فليجلس وليكتب وليضبط وَإِنْ يُقَدِّمْ قَبْلَهُ الْفِقْهَ أَسَدّ هذا على طريقة الأقدمين أن كان يُقدم الفقه على دراسة الحديث، إذاً التكليف هو الشرط الثاني حالة الأداء نقول العقل إجماعاً غذ لا وازع لغير عاقل يمنع من الكذب والبلوغ عند الأئمة الأربعة لاحتمال كذب من يبلغ كالفاسق ما الأولى لأنه غير مُكلف لا يخاف العقاب والصبي قد يكذب فلو أدى قد يزيد قد ينقص لأنه لا يخاف بل هو لا يدرك قدر الحديث ولا أداء الحديث ولا ما يترتب على كذبه ونحو ذلك، ولذلك قيل البلوغ شرط للأداء لا للتحميل والعقل له ما معنى، والضبط أي والشرط الثالث باعتبار قبول رواية الرواي الضبط ولم يقيده بالتمام هنا لماذا لكون الشرط عاماً لمطلق الرواية التي تُقبَل والذي يُقبَل لا يُختَص بالصحيح لذاته وقد كون صحيحاً لذاته لغيره حسن لذاته لغير فحينئذ يشترط مطلق الضبط لا التمام لأن المبحث هنا مبحث عام، والضبط سماعاً وأداء الضبط لئلا يُغير اللفظ والمعنى فلا يوثق به والمراد به غلبة ضبطه لماذا لأن الخطأ اليسير لابد منه هو بشر فحينئذ إذا وقع في سهو ما أو غلط ما ونحو ذلك فيقبل ويكون تام الضبط ينسب في ضبطه تام الضبط وإذا قورن بغيره إلا أنه كيف يحكم عليه بكونه ضابطاً يُقارن بينه وبين غيره من الأئمة الحُفّاظ والضابطين فإن وُجد أنه موافق لهم في

الغالب أو الأغلب الأعم عُد ضابطاً وإلا عُد ليس بضابط والضابط سماعاً وأداءاً أن يؤدي ما تحمله على وجهه من غير زيادة فيه ولا نقص سماعاً وأداءاً يسمع فيكتب أو يحفظ فلا يزيد ولا يُنقص ثم يؤدي ذلك كما سمعه يؤدي ما سمع كما سمع لا يزيد ولا ينقص ولا يضر يسير خطأ لعدم سلامته وهذا يكاد يكون اتفاق بين أئمة الحديث، و (الضبط) سماعاً وأداءاً والحكم على الراوي بكونه ضابطاً هذا كما ذكرنها أنه إن وافق في الغالب الأئمة الحُفّاظ الضابطين حُكم بضبطه وإلا فلا والأداء لا تضبط.

الشرط الرابع فيمن تُقبل روايته أو تُرد العدالة أن يكون عدلاً وهذا بالإجماع، والعدالة لغة التوسط في الأمر من غير زيادة ولا نقصان وفي الاصطلاح صفة راسخة في النفس تحمله على ملازمة التقوى والمروءة وترك الكبائر والرذائل بلا بدعة مُغلَظة يعني من كان آتياً بالواجبات مُجتنباً للكبائر والمُحرمات واقفاً مع ما يخرج المروءة متلبساً بالآداب والأخلاق آتياً بما يحمده الناس مُجتنباً ما يذمه ويُبغضه الناس هذا هو العادل وتام العدالة، والعدالة إجماعاً فلا تُقبل من فاسق وهذا منصوص عليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الحجرات6، أي تثبتوا كما هو في قراءة أخرى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ} يعني من اتصف بالفسق {فَتَبَيَّنُوا} فتثبتوا إذاً لا يُقبَل خبره هكاذ وإنما لابد من التبين والتثبت، فلا تقبل من فاسق إلا ببدعة متأولاً صاحب البدعة في الموضعين سواء كانت البدعة مُكفرة أو مُفسقة قد يكون صاحب هوى غير متأول مستند إلى عقله دون كتاب أو سنة هذا لا حكم له ولا يُلتفت إليه وإما صاحب البدعة المتأول الذي اجتهد وطلب الحق ونظر إلى الكتاب والسنة وكان مستنده قول الله تعالى وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم - هذا أمره أخف وأهل البدع ليسوا على مرتبة واحدة هذا لابد من الوقوف معه أهل البدع ليسوا على مرتبة واحدة وإذا كانوا كذلك فحينئذ يكون التعامل معهم على تفاوتهم ومراتبهم في بدعم، ولذلك وقع الخلاف عند أئمة الحديث أئمة السلف في التفريق بين مبتدع ومبتدع بين بدعة وبدعة بدعة مُكفرة متأول وغير متأول بدعة مُفسقة متأول إلى آخره لو كانت على مرتبة واحدة لما اختلفوا لو أهلها على مرتبة واحدة لهُجروا كلياً ولكن لما وقع التخفيف ولما وقع الاستثناء حينئذ علمان أن البدع تختلف وحينئذ يكون أهلها على طبقات أو مراتب، إلا ببدعة متأولاً عند أبي الخطاب والشافعي وهذا ما يسمي بالفسق الاعتقادي لأنهم يقولون ما كان متأولاً ببدعة مرادهم البدعة الاعتقادي يعني أمر اعتقادي كالأمور الصفات ونحوها وأما الجوارح فهذا الأصل أنه لا يُغتفر لماذا؟ لعدم الشبهة ولأنها داخلة في مسمى العدالة نقول العدالة ما هي؟ سلامته من ترك الواجبات وفعل المحرمات حينئذ لو فسق من جهة الجوارح ليس كمن فسق من جهة الاعتقاد متأولاً وهنا نفرق في الفسق فسق اعتقادي وفسق عملي وهناك يذكرون عند المتأخرين بدعة اعتقاديه مكفرة فقط ونضيف إليها بدعة أيضاً مُكفرة عملية لماذا؟ لأن الكفر قد يكون اعتقاداً وقد يكون عملاً هو ضد الإيمان فنقول الكفر ضد الإيمان بما أن الإيمان يكون قول واعتقاد وعمل والكفر ضده يكون بالاعتقاد وبالقول وبالعمل يعني قد يكفر عملاً ولو لم يعتقد وقد يكفر باللسان ولو لم يعتقد وقد يكفر بالاعتقاد ولو لم يعمل وكذلك الإيمان مرتب من ثلاثة أركان أعمال الجوارح كما هو مذهب السلف أنه داخل في مسمى الإيمان، لذلك في كتب المصطلح عند المتأخرين تنبه إليها طالب العلم البدعة المُكفرة هي الاعتقادية ولا يذكرون العملية وهنا يذكرون البدعة المفسقة الاعتقادية والعملية لماذا؟ لأن أكثر المتأخرين أشاعرة وهو عندهم

الكفر اعتقادي فقط ولا يكون الكفر عملياً وهذا ليس بصحيح بل هو مذهب الجهم بن صفوان حصر لكفر في الاعتقاد أنه لا كفر إلا باعتقاد وهذا مذهب الجهمية، قال والعدالة فلا تقبل من فاسق لأن الخبر أمانة علل بعضهم لأن الخبر أمانة ومنهم الشوكاني والقرطبي - رحمه الله تعالى – قال لأن الخبر أمانة والفسق قرينة تبطلها الخبر أمانة نقول الفاسق لا أمانة له، إلا ببدعة أي إلا من فسق من جهة الاعتقاد لا من جهة الجوارح عند أبي الخطاب والشافعي. هذه أربعة شروط الإسلام والتكليف والضبط والعدالة لابد من وجودها أربعة وأهل الحديث يذكون فقط ويدرجون بعضها تحت بعض لِنَاقِلِ الأَخْبَارِ شَرْطَانِ هُمَا: عَدْلٌ، وَضَبْطٌ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمَا مُكَلَّفًا لَمْ يَرْتَكِبْ فِسْقًا ولا خَرْمَ مُرُوءَةٍ وَلا مُغَفَّلا يَحْفَظُ إِنْ يُمْلِ، كِتَابًا يَضْبُطُ إِنْ يَرْوِ مِنْهُ، عَالِمًا مَا يُسْقِطُ إِنْ يَرْوِ بَالْمَعْنَى، وَضَبْطُهُ عُرِفْ إِنْ غَالِبًا وَافَقَ مَنْ بِهِ وَصِفْ هذا ما ذكره السيوطي في ألفية المصطلح. والمجهول في شرط منها لا يقبل فمن جُهل عين المجهول ما هو المجهول؟ هذه لا تعرف عينه عن رجل حدثني رجل هذا ما عُرفت عينه أو سماه حدثني زيداً وزيد هذا لا يُعرَف لم يُزكه أحد أو يُجرَح أولم يروي عنه إلا شخص واحد نقول هذا مجهول والمجهول في شرط منها يعني لا يُعرَف هل هو مسلم أو لا هل هو مكلف أو لا هل أدى مكلفاً هل تحمل عاقلاً هل هو ضابط هل هو عدل إذا لم يُعرَف قال لا يُقبَل لماذا؟ لأن هذا شروط وجودية ليست من شروطاً عديمة لو كانت شروطاً عدمية استصحبنا الأصل لكن لا يمكن أن يكون الإنسان في الأصل ضابط أو في الأصل مسلم إلا إذا نشأ بين المسلمين ولا يكون الأصل أنه عدل وإنما هذه الشروط وجودية وإذا كان الشروط وجودية لابد من التحقق ولابد من التثبت لابد من العلم فحينئذ يكون العلم في الوجود وليس عدم العلم بالوجود هو الشرط يعين هل يشترط أن نعلم فسقه أو سلامته من الفسق أو الأصل العلم بعد الفسق؟ الأول لماذا لأن العدالة وجود ولابد أن يُثبت العدالة لعملنا بالعدالة أما عدم علمنا بالعدالة ليس بعدالة عدم علمنا بالفسق ليس بتعديل له من جهة الفسق وهلم جرة حينئذ نقول هذه الشروط

الأربعة إنما هي شروط وجودية والشيء إذا كان مشروطاً للوجود لابد من تحققه وجوده بالفعل ولابد من تعلق الإدراك والعلم به وإلا الأصل عدم وجوده ولذلك نقول من شك في ركن فكتركته هكذا المذهب من شك في ترك ركن فكتركه كأنه تركه لماذا؟ الشك هنا غير معتبر لأن هل فعل أو لم يفعل الأصل عدم الوجود والركن مطلوب الوجود إذاً لابد أن يعلم ويتحقق أنه ركع أو أنه قرأ الفاتحة أو أنه سجد فإذا لم يتحقق أنه سجد فالأصل عدم السجود حينئذ لابد أن يأتي بها فإذا شك في السجود سجد أو لم سجد نقول الأصل أنه لم سجد وإذا شك في الركوع هل ركع أو لا شك في الفاتحة هل قرأ أم لا نقول الأصل عدم القراءة لماذا؟ لأن هذه أركان وجودية والشيء إذا كان وجودياً يتعلق العلم بوجوده وعدم العلم هذا ليس من شيء، والمجهول في شرط منها لا يقبل كمذهب الشافعي وهو مذهب الجمهور قول الجمهور أنه لا يُقبَل مطلقاً، وعنه أي عن الإمام احمد رواية أخرى إلا في العدالة لأن الشرط عدم العلم بالفسق ليس العلم بالفسق لا نقول العكس هو الأصح، وعنه إلا في العدالة يعني مجهول العدالة يُقبَل أما مجهول الإسلام ومجهول الضبط ومجهول التكليف نقول هذا لا يُقبَل حينئذ نقول اتفقوا على شيء واختلفوا في شيء اتفقوا على أن الجهل بالإسلام وبالتكليف وبالضبط لا يُقبَل ويكون الخلاف في الرابع فقط وهو العدالة الجهل بالعدالة الخلاف في مجهول العدالة أما كجهول الإسلام والضبط والبلوغ فلا تُقبَل قولاً واحداً ولا فرق في الشك في العدالة وباقي الشروط فلا يُفرَق بينهما والقياس على الشاهدة كما ادعاه بعضهم لماذا؟ لأن الشهادة لابد أن يكون عدلاً والقياس على الشهادة يعني شهادة من دون العدالة لا تقبل يعني نُقيسه على ماذا يكون العكس هو الدليل عدالة الشاهد لابد أن تكون معلومة {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} الطلاق2، ولا ترضى إلا من كان عادلاً حينئذ نقيس الراوي على الشاهد حينئذ لابد من العلم بالعدالة على العكس من يستدل بالتفريق بينهما بل هما سيان والمجهول في الأصل غير عدل.

قال وعنه إلا في العدالة كمذهب أبي حنيفة لأنه لا تُقبل عنه إذا كان مجهول الإسلام أو التكليف أو الضبط واستثني مجهول العدالة فتُقبَل، وبعضهم يرى أن الأصل في المسلم العدالة وهذا توسع فيه ابن عبد البر - رحمه الله تعالى – في مسالة العادلة كي نقول كيف تُثبت العدالة إما بالاستفاضة وإما بالنص إما بالاستفاضة أن يكون مشهوراً كالأئمة الأربعة في كالبخاري ومسلم وأبي ذرعة وأبي حاتم إلى آخره نقول هؤلاء مشهورون بالعدالة فلا يُساَل عنهم أو بالنص من إمام عالم بأسباب الجرح والتعديل إلى آخره بأن فلان عادل وفلان زكاه عدل والأصح إذا كان عدل واحد يكفي أو جرح (أَوْ كَانَ مَشْهُورًا، وزَادَ يُوسُفُ بِأَنَّ كُلَّ مِنْ بِعِلْمٍ يُعْرَفُ عَدْلٌ إِلَى ظُهُورِ جَرْحٍ، وَأَبَوْا) يوسف من هو يوسف؟ ابن عبد البر - رحمه الله تعالى – بأن كل من عُرف بطلبه للعلم فهو عدل حتى يثبت الجرح وأبوا وزَادَ يُوسُفُ بِأَنَّ كُلَّ مِنْ بِعِلْمٍ يُعْرَفُ عَدْلٌ إِلَى ظُهُورِ جَرْحٍ، الأصل العدالة، وأبوا رُد عليه - رحمه الله تعالى -.

إذاً الاستفاضة والشهرة بها تُعلَم العدالة الثاني نقول بالتنصيص من عالم والأصح أنه يكفي واحد لو نص عالم إمام في الجرح والتعديل على أن فلان عدل نقبل والقول بأنه لابد من اثنين قول مرجوح بل أكثر العلم على أنه يفي واحد واثنان إن زكاه عدل والأصح إن عدّل الواحد يكفي أو جرح فلو جرح واحد كفى ولو عدّل واحد كفي واشتراط الاثنين كالشهادة ليس بسديد، ثم قال ولا يشترط ذكوريته ولا رؤيته ولا فقهه ولا معرفة نسبه لأن بعضهم اشترط هذه الأمور، ولا يشترط يعني للراوي أن يكون ذكراً كم وكم روت عائشة رضي الله عنها من أحاديث وأسماء أم عطية إلى آخره فقَبل أئمة السلف رواية عائشة وهي أنثى إذاً لا يشترط ذكوريته ولا رؤيته يعنى رؤيته لمن للنبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان من جهة الصحابي فالضرير تُقبَل روايه كذلك لو كان من وراء سِتر كم من الصحابة رووا عن عائشة وهي من وراء حائل إذاً لا يشترط الرؤية، ولا فقهه لا يشترط أن يكون فقيهاً كم نصّ عليه بعضهم رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه هذا حديث ورب حامل فقه وليس بفقيه ورب حامل فقه وليس بفقيه إذاً يشترط أن يكون الراوي فقيه وإنما اشترطه بعضه من أجل أنه إذا روى بالمعنى يكون عالماً بما يروي، ولا معرفة نسبه فتُقبَل رواية مجهول النسب بل النسب كولد الزنا ونحوه لماذا؟ لأن هذه لا مدخل لها في تحقق صفة القبول رواية الراوي أو رده كونه بلا نسب ليس لها دخل وإنما النظر في إسلامه في تكليفه في عدالته في ضبطه فإذا توفرت هذه حينئذ ليس لنا دخل في النسب سواء كان له نسب مجهول أو ليس له نسب بل عديم النسب، ويقبل المحدود في القذف إن كان شاهداً لو حُد شهادة الزنا لابد أن تكون من أربعة فلو وُجد ثلاث ولم يتم النصاب يُجلَد الثلاث يُحد حينئذ إذا حُدوا في القذف نقول يُحد للشرع وتُقبل روايتهم لماذا؟ لأن الحد هنا ليس لكونهم ارتكبوا مُفسقاً وإنما لنقص النصاب وإخراجهم للشهادة هنا مخرج الخبر لا مخرج القذف فحينئذ الحد هنا لعدم تمام النصاب لا لكونهم قاذفين لأنه لو قذف لصار فاسقاً فلابد من التوبة فإذا علمنا توبته وثبتت حينئذ تُقبَل روايته يعني من تابع فسق كمن لا ذنب له ولكن هنا المراد به إن حُد المحدود في القذف بحيث إنه كان أحد الشهداء ولم يتم النصاب هل نعتبر هذا لأن أبا بكر وبعض الصحابة حُدوا وبعضهم طعن في من حُد في القذف قذف عائشة رضي الله عنها من أجل ألا تُقبَل روايتهم نقول لا هذا ليس من أجل كونه فسقاً وإنما لأمر خارج عن العدالة وهو عدم إتمام النصاب، قال أصحاب الإمام أحمد إن قذف بلفظ الشهادة قُبلت روايته لأنه قد يقذف بلفظ الشهادة يعني يكون شاهداً فلا يتم النصاب فيُقذف وقد يقذف فيقول يا زاني هذا فرق بين أن يُحد من أجل الشهادة لم تتم وبين أن يكون قاذفاً يا زاني مثلاً نقول قذف بنفسه الثاني لابد من التوبة لأنه يُعَد مُفسقاً، إن قذف بلفظ الشهادة قُبلت روايته لأن نقص العدد ليس من جهة ولأنهم أخرجوا ألفاظهم مخرج الإخبار لا مخرج القذف فيُحد وتُقبَل روايته كل هذا للرد على من طعن في بعض الصحابة، ويُقبل المحدود يعني رواية قاذف قد حُد إن كان بشاهداً أما إن كان بقاذفاً فلابد من التوبة وليس

المراد بأنه لا يُقبل وأما إن كان شاهداً فتُقبَل روايته ولا نطالبه بتوبة وأما إن كان قاذفاً فلا تُقبَل روايته حتى يتوب لأنه يعتبر قادحاً في العادلة ثم يكون فاسقاً. ثم قال والصحابة لم تكلم عن هذه الشروط الأربعة ومحترزاتها ذكر الصحابة لأنهم هم الطبقة الأولى في رواية الأحاديث وهل يُتعرض لهم بتعديل أو تجريح وهل هذه الشروط تشملهم أم لا قال والصحابة كلهم هذا تأكيد كلهم عدول بتعديل الله تعالى لهم عدّلهم الله - عز وجل - من فوق سبع سماوات، كلهم عدول بإجماع من يُعتَد به بإجماع المعتمدين وَهُمْ عُدُولٌ كُلُّهُمْ لا يَشْتَبِهْ النَّوَوِيْ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهْ، وَهُمْ عُدُولٌ كُلُّهُمْ لا يَشْتَبِهْ النووي قال النووي أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهْ أما من كان من أهل البدع كالرافضة ونحوهم فلا عبرة لهم في إجماعات أهل السنة والجماعة، ثم قال والصحابي إذاً إذا كانوا الصحابة عدولاً حينئذ فلا حاجة على البحث عن عدالتهم فجهالة الصحابي لا تضر ويُبنى على هذه المسألة مرسل الصحابي ومرسل الصاحب غالب في الأصلح لأن الغالب في الصحابي لا يروي إلا عن صحابي فإذا أسقط الصحابي الواسطة بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول الصحابي جهالته لا تضر لماذا؟ لأن القاعدة أنهم كلهم عدول والصحابة كلهم عدول بإجماع العلماء المعتبرين وهم عدول كلهم لا يشتبه النووي أجمع من يُعتَد به، إذاً ينبني على هذه المسالة هو هذا وأما من فصّل في أنهم عدول إلى زمن الفتنة ثم لابد من البحث إلى آخره نقول هذه أقوال كلها ضعيفة ومردودة قال تعالى في شأنهم {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} التوبة100، وقال جل وعلا {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} الفتح18، {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء} الفتح29، وقال - صلى الله عليه وسلم - خير الناس قرني وقال لا تؤذوني في أصحابي، ثم فيم تواتر من صلاحهم وطاعتهم لله ولرسوله غاية التعديل حبهم لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وجهادهم تضحيتهم من أجل الدين هذا يكفي لعدالتهم ولا نحتاج أن نبحث وما وقع فيما بينهم من خلاف نقول نسكت عما شجر بينهم ولا يُعد ذلك كل مجتهد وإن كان فيهم مصيب وفيهم مُخطئ ولكن نقول هذا حصل من باب الاجتهاد والمجتهد إذا أصاب واجتهد فله أجران وإن اجتهد واخطأ فله أجر واحد ولا نبحث ولا نستفصل ولا نتحامل على شخص معين بل ولا نقرأ ولا نذكر هذه للناس في عموميات وإنما تطوى ولا تُروى، ثم قال لما بين لك أن الصحابة كلهم عدول قال والصحابي من هو الصحابي؟ من صحبه ولو ساعة أو رآه مؤمناً من صحبه يعني صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله أو رآه إذ جعلنا نعمم قول صحبه لأن المراد به الصحبة بمعنى الصحبة المراد بها اللقي فحينئذ يعم البصير والأعمى أو رآه قابل به صحبه من صحبه يعني من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل فيه من التقى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يره لأنه قال ورآه فيما بعده حينئذ صحبه بمعنى اللقي ليعم البصير والأعمى ولو ساعة يعني لا يُشترط طول الصحبة

كما هو مذهب كثير من الأصوليين أهل الحديث هذا التعريف جار على مذهب أهل الحديث أن الصحبة لها شرف أو شرف اللقاء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الصحبة لكل من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يجلس معه ولو رآه عن بعد فحينئذ نقول لا تشترط أو لا يشترط طول الصحابة حَدُّ الصَّحَابِي: مُسْلِمًا لاقَى الرَّسُولْ وَإِنْ بِلا رِوَايَةٍ عَنْهُ وَطُولْ، وَإِنْ بِلا رِوَايَةٍ ولو لم يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو صحابي وإن لم تطل صحبته بل لو رآه ساعة لو لحظة نحكم بصحبته وإن كانوا يتفاوتون فيما بينهم لذلك من لزم النبي - صلى الله عليه وسلم - مدة بعثته ليس كمن رآه قبل وفاته بعشرين يوماً مثلاً لا يستويان قطعاً هذا، من صحبه ولو ساعة حينئذ ولو ساعة فيه رد على من اشترط طول الصحبة كما هو مذهب كثير من الأصوليين وبعض المحدثين أو بعض الحديث المتعقلين، أو هذا للتنويع أو رآه يعني رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو يجتمع به رآه يقظة حياً يقظة لو رآه في المنام صفي يكون أو صحابي مثلاً؟ من رآه يقظة أما في المنام فلا، حياً - صلى الله عليه وسلم -، فلو رآه مُسجياً نقول لا لا ثبت الصحبة، قال ابن الصلاح وهذا لشرف منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطوا كل من رآه حكم الصحبة قال وتثبت صحبته بخبر غيره عنه أو خبره عن نفسه، إذاً عرفنا حد الصحابي على ما ذكره المصنف ولابن حجر - رحمه الله تعالى – تعرف مشهور من اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً به ومات على ذلك ولو تخلت ردة في الأصح وله شرح جيد في المسألة.

تثبت الصحبة بماذا؟ نقول التواتر كالخلفاء الأربعة الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة كذلك تثبت بالاستفاضة والشهرة كون ذلك صحابي التي هي دون التواتر كعكاشة أو بخبر غيره عنه لو أخبر صحابي بأن فلان صحابي تثبت الصحبة أو بخبره عن نفسه عن الجمهور لو أن أخبرك وقال أنا صحابي يقول أنا التقيت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبَل أو لا يُقبَل؟ نقول يُقبَل بشرط المعاصرة والعدالة أو خبره عن نفسه لأنه ثقة مقبول القول فقُبل في ذلك كروايته بشرط أن يكون معاصراً يعني وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - عدلاً، وأما غير الصحابي، الصحابي عرفنا وأما غير الصحابي لابد من تزكيته كالشهادة كما أن الشهود لابد من تزكيتهم كذلك غير الصحابي لابد من تزكيتهم كما ذكرنا في الشروط السابقة أنها الأصل فيها العدم فحينئذ لابد من العلم بوجودها كتكليف من سمع تحمل بالغاً أو لا هل أدى بالغاً أولا هل هو كونه متحملاً مسلماً أو لا لابد من وجود هذه الشروط، وغير الصحابي لابد من تزكيته لابد أن يزكيه عالم بأسباب الجرح والتعديل، والرواية عنه عن غير الصحابي تزكية فإذا روى عنه من عُرف بأنه لا يروي إلا عن ثقات أو روى عنه ثقة قال تزكية يعني إذا لم نجد نصاً لعالم بأن الراوي الفلاني ثقة قال والرواية عنه تزكية في رواية عن الإمام أحمد بشرط أن يُعلَم من عادة الراوي أو صريح قوله أنه لا يروي إلا عن عدل يعني بعض المحدثين صرح أنه لا يروي إلا عن عدل فإذا قال عن رجل أو قال حدثني ثقة أو حدثني من لا اتهم فحينئذ قال نحكم بأنه ثقة لأنه هدل لماذا لأن هذا الراوي المحدث الإمام قد حدث عنه ومن علمنا من حاله أو من صريح قوله أنه لا يحدث إلا عن ثقات وَلَيْسَ فِي الأَظْهَرِ تَعْدِيلاً إِذَا عَنْهُ رَوَى الْعَدْلُ وَلَوْ خُصَّ بِذَا، والأشهر عند المتأخرين أنه لا يعد عند أكثر أهل الحديث أنه لا يعد تعديلاً بل حاله حال غيره لابد من البحث والفحص ولذلك قال السيوطي وَلَيْسَ فِي الأَظْهَرِ تَعْدِيلاً إِذَا عَنْهُ رَوَى الْعَدْلُ ولو خُص بذا وليس في الأظهر يعني قول أظهر وليس في الأظهر تعديلاً إِذَا عَنْهُ رَوَى الْعَدْلُ إذا روى عنه العدل ولو خُص بأنه لا يروي إلا عن العدول نقول هذا لا يعد تعديلاً بل لابد من التنصيص والبحث والفحص إذاً والرواية عنه تزكية في إذا الرواية الأخرى لا تعتبر تزكية وهي أرجح بشرط أن يُعلَم من عادة الراوي أو صريح قوله أنه لا يري إلا عن عدل ولذلك يقول القاسمي حشياً على هذا خالف في ذلك الأكثر فذهبوا إلى أن الرواية المذكورة ليس بتعدي وهذا أصرح ورجحه السيوطي في ألفيته، والحكم بشهادته أقوى من تزكيته إذا قال القاضي بشهادة زيد مثلاً كانت ذلك تعديلاً له لماذا؟ لأن الشهادة يُشترط فيها العدالة لابد أن يكون مُعدلاً {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} الطلاق2، فإذا قضى القاضي بشهادة زيد فهذا الشاهد عدلاً حينئذ الحكم بشهادته يعتبر تعديل ولا إشكال في هذا ويُقبل كالتزكية من واحد ويُقبَل والحكم بشهادته أقوى من تزكيه.

ثم قال والجرح هذا مقابل للتعديل عندنا تعديل وتجريح والجرح ما هو قال نسبة ما ترد به الشهادة أي أن يُنسَب إلى شخص ما يُوجِب رد شهادته كذاب فاسق لا يُعتمد عليه لا يوثق في حديثه عديم الأمانة كل هذه ترد الشهادة حينئذ نُسب إلى الراوي ما تُرد به الشهادة ككذاب وفاسق وعديم الأمانة حينئذ نقول ماذا يُعتبر مجروحاً قال والجرح نسبة ما ترد به الشهادة يعني أن يُنسَب إلى الراوي راوي الحديث ما لو نُسب إلى الشهادة لردت شهادته هذا تقدير الكلام نسبة ما ترد به الشهادة أن يُنسب إلى راوي الحديث ما لو نُسب إلى الشاهد في مقام الشهادة ورُدت شهادته كأن قيل فاسق ونحو ممن ترضون من الشهداء، والفاسق والكذاب لا نرضاه {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} نقول الغير عدل لا يُؤمَن وليس ترك الحكم بشهادته منه يعني وليس ترك الحكم بشهادة زيد مثلاً يعتبر من الجرح لأنه قال في المقابل والحكم بشهادته أوقى من تزكيته إذاً يعتبر تعديلاً له، إذا ترك القاضي رد شهادة زيد ترك شهادته هل يعتبر جرحاً؟ إذا قبل شهادته قلنا هذا يعتبر تعديلاً وإذا ردها هل يعتبر جرحاً؟ لأن سبب الرد في الشهادة ليس مبناه دائماً ما يُوجب الفسق لا قد يرده للتهمة تهمة قرابة يأتي ويشهد لابنه يرده القاضي هل الرد هذا يعتبر جرحاً؟ نقول لا، إذاً قوله وليس الحكم بشهادته منه لابد من زيادة منه، منه أي من الجرح أي وليس ترك الحكم بشهادته من الجرح لاحتمال وجود سبب آخر لترك العمل بشهادته غير الفسق كعداوة أو تهمة قرابة، إذاً لو ترك القاضي شهادة زيد إذاً لا نعتبر هذا الترك وهذا الرد جرحاً للراوي،.

ويقبل كالتزكية من واحد ذكرناها واثنان إن زكاه عدل والأصح إن عدّل الواحد يكفي أو جرح وهذا مذهب الأئمة الأربعة، ولا يجب ذكر سببه يعين سبب الجرح إذا قال فلان مردود الرواية أو لا يُقبَل خبره لابد أن يُبين أو لا؟ قد لا يجب، ولا يجب ذكر سببه لماذا؟ لأن أسباب الجرح معلومة لأنه يحصل بأمر واحد وهذا الأمر الواحد أمر معلوم مستفيضا عند المُجرحين والمُعدلين حينئذ إذا قال فلان لا يوثق بحديثه أو لا تُقبَل روايته أو قال فلان فاسق أو فلان كذاب قال لا يجب ذكر سببه وهذا ليس على إطلاقه، وعنه بلى وفي الرواية الأخرى بلي يعني يجب ذكر السبب لماذا؟ لأن أسباب الجرح هذه فيها خلاف قد يجرح بما لا يكون جارحاً حينئذ لابد أن يُبين ويذك السبب الذي من أجله جرح الراوي ذلك لأنه لو أراد أن يُبين لا يحتاج إلى صفحات بخلاف العدالة، العدالة ذكرها يطول يصلي ويصوم ويفعل ويقوم الليل هذا أسباب تعديل لكن الجرح لا بواحد يكفي قصة واحدة تكفي فحينئذ لو ذكر سبب الجرح لا يشق عليه كذلك نظر آخر أن يُقال أسباب الجرح مما يختلف فيها المجرحون قد يجرح زيد بما لا يُجرح الآخر حينئذ لابد من ذكر السبب، وعنه بلى يعني لابد عند الإمام أحمد عن رواية أخرى لابد من ذكر سبب الجرح، وقيل قول ثالث يستفسر غير العالم يعني يُقبل الجرح من غير ذكر لسببه من غير بيان لسببه إذا كان الجارح عالماً بأسباب الجرح والتعديل وأما غير العالم فلابد من أن يُبين السبب، ثم قال ويقدم على التعديل يعني إذا تعارض الجرح والتعديل أيهما يُقدّم؟ قال ويقدم على التعديل أي عند التعارض وَقَدِّمِ الْجَرْحَ وَلَوْ عَدَّلَهُ أَكْثَر فِي الأَقْوَى، فَإِنْ فَصَّلَهُ على كل يُقدّم الجرح على التعديل إن فصّل وإن لم يُفصّل فحينئذ يُنظَر في تعارض الجرح والتعديل وذكر رواية أخرى أنه إذا كان المجرحون أكثر قُدم المجرحون وإذا كان المُعدلون أكثر يعني من المُجرحين قُدم المعدلون، ويُقدّم على التعديل أي عند التعارض وقيل الأكثر يعني من الجارحين أو المُعدلين وأهل الحديث لهم نظر خاص في مثل هذه المسائل.

لما انتهى من الحكم على الصحابي وغير الصحابي بالتزكية والتعديل والتجريح انتقال إلى بيان ألفاظ الروايات، قال وأما ألفاظ الرواية أي في نقل الحديث فيما يُنقل الحديث أو تُنقل الرواية لابد من ألفاظ تدل على الاتصال وإلا لحُكم بعدم اتصال السند فحينئذ لابد من النظر في الصيغة التي يؤدي بها الراوي لأن من الصيغ ما يُفهَم منها اتصال السند ومن الصيغ ما هي محتملة ومن الصيغ ما تدل على عدم الاتصال، وأما ألفاظ الرواية يعين نقل الحديث فمن الصحابي خمسة لأن النقل لابد وأن يكون صحابياً وهو الذي يكون في آخر السند وإما أن يكون غير صحابي وهو ممن يأخذ عن الصحابي، فمن الصحابي خمسة أقواها يعني أعلاها في الاحتجاج (سمعت) أو (أخبرني) أو (شافهني) إذا قال الصحابي سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرني النبي - صلى الله عليه وسلم - شافهني النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه أعلى درجات الأداة لماذا؟ لم؟ تدل على ماذا؟ تدل على وجود الواسطة أو عدم الواسطة؟ قطعاً عدم الواسطة والصحابي ثقة عدل إذا قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ ليس ثم واسطة بين الصحابي وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم المرتبة الثانية (قال كذا) قال، قال هذه تحتمل إذا قال الشخص قال زيد يحتمل أنه سمعه ويحتمل أنه لم يسمعه لاحتمال كما قال هنا لاحتمال سماعه من غيره نزلت هذه مرتبة قال كذا وفعل كذا مثلها فعل كذا لاحتمال سماعه من غيره، لكن نقول الصحابي إذا قال قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وجزم حينئذ احتمال السماع من الغير ضعيف لو كان في غير الصحابة نعم أما في حق الصحابة لا، الاحتمال الذي يكون في صيغة قال أو فعل كذا نقول هذا الاحتمال مرجوح ويكون الراجح السماع إذاً لاحتملا سماعه من غيره نقول والراجح حمله على عدم الواسطة هو أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما عبر بهذا لحسب المقام، ثم المرتبة الثالثة (أمر) أو (نهى) إذا قال أمر ولم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا ليس كسمعت أو أخبرني أو شافهني أو قال كذا لماذا؟ إذا قال أمر هذه جعلها دون الثانية تحتمل الواسطة إذا قال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل أنه أخبرني صحابي آخر بأن النبي أمر فنسبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة أمر النبي (أمر) أو (نهى) ويحتمل أمر ثاني هم يقولن هذا إذا قال الصحابي أمر نقول لا هذا يحتمل يحتمل الصحابي فهم أنه أمر وليس بأمر أو أنه نهي وليس بنهي وهذا ما صحيح ولكنهم يذكرون هذا يقول نجعله في المرتبة الثالثة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو نهى لاحتمال الواسطة أنه نُقل إليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أو نهى ويُزاد عليه احتمل آخر هو أن يعتقد ما ليس بأمر أمراً، ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل الخصوصية وليس بأمر العام فلهذه الأمور الثلاثة إذاً هي دون المرتبة الثانية، والصواب أنه إذا قال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أمر والصحابي إذا فهم الأمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - ففهمه حجة لأن

فهم الأمر أو مدلول الأمر هذا أمر لغوي وهم أعلى درجات الصحابة قد توفرت في الصحابة رضي الله عنهم وهم علماء في اللغة، حينئذ إذا فهم الأمر من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذاً الأمر كما هو فهم وإذا فهم النهي من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو كما فهو بل قوله وفهمه مُقدَم على غيره ولذلك إذا لم يكن ثم خلاف بين الصحابة فقوله حجة بشرطه كما سيأتي، إذاً قوله أمر أو نهى نقول الصواب أنه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم (أُمرنا) أو (نُهينا) هناك أمر وهنا أُمرنا أو نُهينا نقول هذا أيضاً يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحتمل أني كون أمرنا أو نُهينا الآمر هو أبو بكر أو عمر رضي الله عنهم فحينئذ لوجود هذا الاحتمال ولوجود الواسطة وعدم المباشرة نزلت مرتبة رابعة، ثم (أُمرنا) أو (نُهينا) لعدم تعيين الآمر من هو الآمر؟ قالوا يحتمل ومحل الخلاف في غير أبي بكر - رضي الله عنه - اختلفوا في نُهينا وأُمرنا ومحل الخلاف في غير أبي بكر لو قال أبو بكر - رضي الله عنه - أُمرنا ونُهينا ليس فقه أبي بكر لا النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن لو قال عمر فيحتمل أنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحتمل أنه الخليفة الراشد الأول لأن له ولاية حينئذ لو أمره وقال أُمرنا لكان حقاً ولو قال نُهينا وقد نهى أبو بكر لان حقاً إذاً فيه احتمل قالوا هذا الاحتمال لعدم تعيين الآمر نزلت درجة، ولذلك إذا تعارض حديثان ولم يكن هذه نستفد بها عند التعارض إذا تعارض حديثان حديث مُصرح بسمعت وحديث نُهينا أو أُمرنا حينئذ تأتي هذه من المُجرحات فما كان إذا لم يكن الجمع إلا بالنظر إلى هذه الطريق إلى ألفاظ الرواة إذا لم يكن جمع إلا بهذا الطريق فما صرح فيه بسماع مقدم لأنه منقول بلفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - بل القطع بعدم الواسطة وأُمرنا ونُهينا هذا فيه واسطة وإن كان الأصح أنه يُحمَل على أن الآمر هو النبي - صلى الله عليه وسلم - والناهي هو النبي - صلى الله عليه وسلم - (وَلْيُعَطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوابِ نَحْوُ: مِنَ السُّنَّةِ، مِنْ صَحَابِي كَذَا: أُمِرْنَا، وَكَذَا: كُنَّا نَرَى فِي عَهْدِهِ، أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى) ومثله من السن إذا قال الصحابة أن السنة كذا هذه يُحمل على ماذا؟ سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كان ثم احتمل آخر أنه سنة أبي بكر وسنة عمر وعثمان وعلي الأصل إذا أطلق الصحابة مثل هذه الألفاظ فإنما يعنون بها صاحب الشرع وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كان ثم احتمال فهو احتمال لغوي يعني بالنظر إلى الصيغة لو نظرنا إلى اللفظ مبني لما لم يمسى فيحتمل لكن هذا يُقرن بفعل الصحابة وباستقراء كلامهم وباستقراء أفعالهم أنهم يطلقون هذه العبارات في غير الشارع وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ الجواب لا، فحينئذ نقطع بكون هذه الألفاظ كلها إذا أطلقها الصحابي المراد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا يكون حقيقة عرفية أما إذا نظرنا في المباحث اللغوية كل لفظ على حده حينئذ تأتي هذه الاحتمالات، ثم هذه الاحتمالات احتمالات عقلية فليُثبَت أن صحابي أطلق من السنة ولم يرد بها سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو

قال أمر النبي وتبين أنه لم يأمر أو نهى وتبين أنه لم ينهى حينئذ يختلف الحكم أما مجرد هكذا تجويزات عقلية فلا، ومثله (من السنة) لأنه غير معين يحتمل أنه سنة أبي بكر وغيره ثم المرتبة الخامسة كنا نفعل هكذا دون أن يُقيدها بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كانوا يفعلون دون إضافة إلى زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن أضيف إلى زمنه فحجة يعين مقال كنا نفعل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا أعلى درجة ما فيه إشكال أعلى درجة من قوله كنا نفعل ولم يضف في زمنه - صلى الله عليه وسلم - لماذا؟ إذا قال كنا نفعل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - صار إقراراً كما قال جابر كنا نعزل والقرآن ينزل مثلها كنا نعزل والقرآن ينزل هذا صار إقرار ممن؟ من الله - عز وجل - صار إقرارا من الله - عز وجل - كذلك لو قال كنا نفعل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء علمنا أنه شاع فبلغ النبي أو لم يشع فيبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه إن شاع فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - لا إشكال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره فإذا كان لم يبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان سراً كما هو في العزل ونحوه نقول هذا أقره الله جل وعلا من فوق سبع سماوات لأن الزمن زمن تشريعي حينئذ لا يُسكَت على مُنكر. فإن أضيف إلى زمنه فحجة لظهور إقراره عليه - صلى الله عليه وسلم -، وقال أبو الخطاب (كانوا يفعلون) يعني إذا قال الراوي عن الصحابي كانوا يفعلون نقل للإجماع لماذا؟ لأنه لا يقول ذلك إلا ويقصد إقامة الحجة يقصد إقامة الحجة فيُحمَل على من قولهم حجة وهو الإجماع خلافاً لبعض الشافعية كانوا يفعلون هذا نقل للإجماع، وهذا يحتاج إلى نظر، ويقبل قوله أي قول الصحابي - رضي الله عنه - هذا الهبر منسوخ عند أبي الخطاب إذا حكم الصحابي بكون هذا الخبر منسوخاً حينئذ لا إشكال فنذهب إلى قوله ونقول بقوله إلا إذا تبين ما هو خلافه لأنه قد يسمع الناسخ ويظنه ناسخاً وقد يكون أمر آخر حصل وحدث في آخر الزمن ولم يطلع عليه وكم من أمور يحكم فيها ابن مسعود - رضي الله عنه - وتكون منسوخة بأدلة أخرى يعني قولهم ويُقبل قول الصحابي هذا القول منسوخ إذا لم يكن ما هو آخذ في الأخذ به، ويرجع إليه في تفسيره إذا كان الحديث فيه إجمال وفسره الصحابي فقوله أولى الأقوال والنظر والوقوف مع قوله أولى ما يُوقَف ويُعتَبر عند تفسير الحديث إذا كان الحديث يحتاج إلى تفسير وفيه بعض الإجمال وقد فسره الصحابي وخاصة إلى كان راوي الحديث حينئذ نقول أولى لكن لا نتقيد به كما يظنه بعض الأحناف ولذلك يقولون الحجة فيما روى لا فيما رأى لأنه قد يرى رأيا وتكون السنة على خلافه لذلك الأحناف كثير ما يُترك الحديث بسبب أن أبا هريرة أفتى بكذا ويكون قد رواه فنرد عليه الحجة فيما روى لا فيما رأى هذا رأيه لكن إذا لم يُعارَض إذا لم يكن غيره حينئذ يكون أولى ما يُعتَمد.

ولغيره أي لغير الصحابة من ألفظ الرواية مراتب أيضاً أعلاه والأصل نقول أعلاها لأن مراتب لعله خطأ في النسخ، أعلاها قراءة الشيخ عليه على التلميذ أن يقرأ الشيخ على التلميذ هذا أعلى المراتب وأعلى الدرجات لماذا؟ لأنه يسمع لفظ الشيخ ففيه من التثبت والتحفظ ما لا يكون في غيره، يعني يسمع إخراج المخارج ويسمع إلى الحركات إلى آخره من لفظ الشيخ وهذا أولى في التثبت والتحفظ، قال في معرض الإخبار هذا قيد يعني أن يقرأ الشيخ على التلميذ في معرض الإخبار يعني لا في معارض المذاكرة لأنهم كانوا يتساهلون في المذاكرة ما لا يتساهلون في الإخبار، فيقول التلميذ إذا قرأ عليه الشيخ حدثني إذا كان وحده أو حدثنا إذا كان معه غيره أو أخبرني وقال وسمعته المرتبة الثانية ثم قراءته على الشيخ الطالب يقرأ على الشيخ وهذا تُسمى بالعرض عند أهل الحديث فيقول الشيخ نعم أو يسكت خلافاً لبعض الظاهرة يقول نعم يعني يؤيد هذه القراءة أو يسكت ويكون سكوته حينئذ رضا لما قرأ الطالب وليس ثم خطأ خلافاً لبعض للظاهرية لماذا؟ لأنهم قالوا لابد أن ينطق الشيخ بصحة ما قُرأ عليه فسكوته ليس بدليل على الرضا، فيقول الطالب إذا قرأ على الشيخ أخبرنا أو حدثنا قراءة عليه يعني ليس كالأول الأول يقول أخبرنا حدثنا قال سمعت والثاني هنا يقول حدثنا أخبرنا قراءة عليه يعني يقول أخبرنا قراءة عليه وحدثنا قراءة عليه وذكر المصنف أن القيد لأخبرنا وحدثنا بكلمتين وهو رواية عن الإمام أحمد، لا بدونه في رواية بدونه الضمير يعود على القيد وهو قراءته عليه يعني لا يُطلق فيقول أخبرنا حدثنا فحينئذ يكون كذباً لأنه اصطلح على أن أخبرنا وحدثنا فيما إذا قرأ الشيخ على الطالب وإذا قرأ الطالب على الشيخ وقال أخبرنا ولم يزد قراءة عليه يكون فيه لبس وفيه كذب، لا بدونه لأنه يوجب السماع بلفظ الشيخ وهذا كذب في الرواية فلا يجوز، في رواية أي رواية عن الإمام أحمد أنه لابد من القيد أنه يقول أخبرنا أو حدثنا لا بدونه في رواية، وفي رواية أخرى أنه يجوز أن يقول أخبرنا وحدثنا بدون قيد، وفي رواية ثالثة وقول آخر الفرق بين حدثنا وأخبرنا فيجوز في أخبرنا ولا يجوز في حدثنا.

وليس له إبدال إحدى لفظتي الشيخ (حدثنا) أو (أخبرنا) بالأخرى في رواية هذا إن عُلم أنه يُفرق لأن ثم من يفرق بين أخبرنا وحدثنا فإذا كان الشيخ يفرق بين أخبرنا وحدثنا فإذا قال أخبرنا لا يجوز للطالب أن يرويه بحدثنا وإذا قال حدثنا لا يجوز أن يرويه بأخبرنا لماذا؟ لأن الشيخ يفرق بين الثنتين والرواية الأخرى الجواز، ثم المرتبة الثالثة من مراتب تحمل حديث الإجازة أن يأذن الشيخ بالرواية عنه فيقول وهذه صفة الإجازة يقول للطالب أجزت لك رواية الكتاب الفلاني وهذا تعيين إذاً تكون الإجازة مُعينة فلابد أن تكون مُعينة أو تكون عامة أو مسموعاتي إذاً الإجازة يتشرط فيها أن تكون لمعين بمعين وأن تكون عامة فإذا قال أجزتك أن تروي عني بعض مسموعاتي صحت؟ لا تصح لماذا؟ لأنها مجهولة ويشترط في الإجازة أن تكون بمعين وبعضهم يقول لمعين فلو قال أجزت لأهل الأرض بعضهم لا يجزي عنك ولو كان التوسع في الإجازة توسعاً غريب، والمناولة وهذا نوع من الإجازة فيناوله كتاب هي نوع من الإجازة الأولى يقول أجزت لك الكتاب تروي عنك كتاباً فتذهب السوق وتأخذ منه كتاب وترويه عن الشيخ وهذه يناوله نفس الأصل الذي عند الشيخ، الشيخ قد يكون ضبط أصل ما صحيح البخاري يقول اروي عني هذا الكتاب هذه مناولة هي أثبت من الأولى هي نوع من الإجازة لكنها أعلى لأنها أضبط فيناوله كتاباً ويقول اروه عني وهذا إذن في الرواية ولابد من الإذن لو أعطاه الكتاب وسكت لا يصح الرواية ولكن لابد أن يقول له ارو عني هذا الكتاب ارويه عني، فيقول حينئذ إذا أراد أن يُبلع ويروي الطالب أنبأنا فإذا قال أنبأنا نفهم أنها مناولة تفريق نقيض، وإن قال أخبرنا له أن يقول أخبرنا لكن لابد من زيادة قيد أخبرنا إجازة أو مناولة كما هو هناك قال أخبرنا أو حدثنا قراءة عليه، هنا وإن قال أخبرنا الطالب بدلاً من أنبأنا والموقع والمحل هنا موقع أو محل مناولة فلابد من إجازة هكذا تضبطها فلابد من إجازة من حرف جر وإجازة قًصد لفظهما أخبرنا إجازة حدثنا إجازة فلابد من إجازة أو مناولة يعني بالنصب فيهما لا تقل من إجازة لأن المقام مقام اروي عني وحصل إذن حينئذ إن قال أخبرنا فلابد أن تزيد قيد وهو إجازة أو مناولة وحُكي عن أبي عن أبي حنيفة وأبي يوسف منع الرواية بهما يعني بالإجازة والمناولة ولكن هذا عند المتأخرين وأكثر من ينسب إلى المتقدمين كأبي حنيفة وغيره أن المنع محول على غير العالم بما في الكتاب أما العالم فيجوز له الرواية لأن البعض توسعوا إلى زماننا هذا قد يُعطي ما ليس أو من لم يُعرّف بعلم يعطه إجازة اروي عني كتبي أو اروي عني كذل لماذا؟ لأن الأولى أن تكون الإجازة لعالم بما في الكتاب والمنع هنا محمول عند أبي حنيفة المنع من الإجازة والمناولة لما لم يكن عالماً بالكتاب فإن كان عالماً فلا إشكال وإلا فالإجازة ما أُعطيتن إلا من أجل اكتساب واختصار الوقت كما هو معلوم ولا يُجيز الرواية هذا الكتاب سماعي بدون إذنه فيها هذه الروية هذه النسخة بهذا التركيب لا إشكال أو الحاشية يقول ولا تجوز الرواية بقوله خذ هذا الكتاب أو هو سماعي بدون إذنه فيهما يعني لو قال له خذ هذا الكتاب أو هذه مسموعاتي ولم يأذن له بالرواية

هل يجوز له أن يرويها إجازة المناولة؟ لا يجوز هذا مراده، ولا يجيز الرواية هذا التركيب لا بأس به نقول فيها خلق، ولا يُجير الرواية هذا الكتاب سماعي بدون إذنه فيها لأن جواز الرواية مستفاد من الإذن فيها وهو معدوم هنا، إذاً إذا قال الشيخ للتلميذ هذا كتابي هذا سماعي إن قال اروه عني صح أن يرويه إن لم يقل فالمنع لأنه مجرد خبر والإجازة والمناولة لابد لها من الإذن وليس عندنا أذن هنا، ولا وجوده بخطه يعني لو وجد الشيء بخط شيخه فإنه لا يرويه عنه ولو كان شيخه إلا إذا أخذ إجازة عامة مطلقة حينئذ يصح أن يرويها عنه أما هكذا لا يجوز ولا وجوده بخطه بل يقول وجدت كذا ما يسمى بالوجادة عند أهل الحديث، وجدت بخط فلان كذا وكذا وهذه التي تسمى الوجادة ومتى وجد سماعه يعني التلميذ من شيخه بخط يُوثق به وغلب على ظنه أخنه سمعه من الشيخ غلب على ظنه لا يشترط في الرواية هنا اليقين الإجازة بل متى ما غلب على ظنه ووجد السماع كانوا قديماُ ما يكتبون في آخر المجلس الأسماء لو جده بخطه يوثق فيه وظن في نفسه أنه سمع هذا الكتاب أو هذه الأحاديث من شيخه رواه يعني جاز به أن يرويه وإن لم يذكره الضمير يعود إلى أي شيء؟ ومتى وجد السماع، يعني جاز له أن يرويه اعتماداً على الخط وإن كان ناسياً للسماع لأن مبنى الرواية على غلبة الظن وقد وُجد مبنى الرواية على غلبة الظن وقد وُجد خلافاً لأبي حنيفة - رحمه الله تعالى – حيث قال لا يجوز ذلك قياساً على الشهادة وفرق بين الشهادة والرواية كما هو معلوم عند أهل الحديث وإن شك فلا وإن شك هنا غلب على ظنه موهنا شك استواء الأمرين استواء الطرفين وإن شك في سماع الحديث من شيخه فلا يعني فلا يروه عنه فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم بهذا القيد بدون جزم يعني لم يقول كذب عليه أو لم أروه شك فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم وقال لا أذكره أو لا أستحضره أو نسيته أو لا أعرفه قُبل الحديث ولم يقدح في الفرع الذي هو التلميذ لماذا؟ لأنع عدل وأخبر وتُروي النسيان على الشيخ هذا لا يمنع من قبول الحديث ولذلك ألف السيوطي رسالة كاملة المتأسي فيمن حدث ونسي يُحدث وينسى لا بأس ممكن يحصل هذا حتى في الأمور العادية يُحدث ويخبر وينسى فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم وقال لا أذكره أو لا أعرفه قُبل الحديث ولم يقدح في الفرع لأن الراوي عدل جازم بالرواية فإن جزم الشيخ بأن كذّب الراوي رُد الحديث لكذب أحدهما دون تعيين إذا جزم وكذّب الراوي في الإنكار نقول رُد الحديث ولا يُقبل ولا يطعن لا في الأصل ولا في الفرع، ومنع الكرخي منه من ماذا؟ فإن أنكر الشيخ الحديث بدون جزم وقال أذكره لم يقدحه ومنه الكرخي منه قال لا يقدح لأن الفرع تبع للأصل فإن طُعن من جهة الأصل لابد وأن يستلزم الطعن في الفرع يعني إن قال الشيخ نسيت فلابد أن يُطعَن في رواية الفرع وليس بصحيح هذا بل أكثر أهل الحديث على أنه لا يطعن في الحديث، ولو زاد ثقة فيه لفظاً أو معناً قُبلت هذا ما يُعنوَن له بالزيادة في زيادة ثقة ولو زاد ثقة هذا شرط فلو لم يكن ثقة لا تُقبَل زيادته لفظاً أو معناً يعني زاد في الحديث كلمة هذه الكلمة قد لا تؤثر من جهة المعنى لا تؤثر في الحكم أو زاد كلمة

تؤثر في الحكم بأن تكون أعم من تلك الكلمة التي في الحديث الآخر هذا مراده لفظاً أو معناً يعني قد يزيد الراوي كلمة فلا تؤثر في الحكم وقد يزيد كلمة فتؤثر في الحكم كأن تكون الكلمة التي أبدلها تكون خاصة وهذه عامة إذاً زادت الأفراد أم لا؟ زادت الأفراد فلو زاد ثقة كلمة لفظاً أو معني قُبلت مطلقاً وهذا منهج أكثر الأصوليين وأكثر المتأخرين من أهل الحديث والأصح أنه يُفصل في كل حديث على حده يعني لا يُعطَى قاعدة عامة بكل حديث بأنه إذا زيدت فيه زيادة بأنها تُقبَل، فإن اتحد المجلس مجلس الحديث فالأكثر عند أبي الخطاب يعني إن الأكثر أكثر الرواة قد زادوا هذه اللفظ قُبلت وإن كان أمثر الرواة لم يرووا هذه اللفظة رُدت، العبرة بالأكثرية عند أبي الخطاب، والمثبت مع التساوي في العدد والحفظ والضبط إذا كان اتحاد المجلس وكانت العبرة بالأكثر فيتساووا في العدد وليس عندنا أكثرية وتساووا في الضبط والحفظ قال المُثبت للزيادة مُقدَم لأن معه زيادة علم والنافي هذا ناقص. وقال القاضي أبو يعلى روايتان عن الإمام أحمد يُقدَم المُثبِت لأنه معه زيادة علم الرواية الثانية يُقدَم النافي لأن الأصل عدم الزيادة، ثم قال ولا يتعين لفظه بل يجوز بالمعنى هل يجوز رواية الحديث بالمعنى؟ جمهور السلف على أنه يجوز لكن يُشترط في أنه غير المُتعبَد به، يعني لا يأتي في حديث التحيات أو الأذان أو الإقامة – لا – ما تقبل هذا، ولا يتعين لفظه بل يجوز بالمعنى يجوز أن يروي الحديث بالمعنى في غير المُتعَبد بلفظه كالأذان والإقامة والدعاء الوارد أذكار الصباح والمساء نقول هذه لا تُورى بالمعنى أذكار الصلوات هذه لا تُورى بالمعنى تبقى على أصلها، أنما التي تكون في ما يُستنبَط من أحكام لكن ليس على إطلاقه قيده هنا قال لعالم هذا الذي يجوز أما عدا العالم فلا يجوز حينئذ تأتي أهمية اللغة للمُشتغل في الحديث إذا أراد أن يروي رواية، لعالم بمقتضيات الألفاظ عند الجمهور مقتضيات الألفاظ يعني أن يعرف هذا عام هذا خاص هذا مُطلق هذا مُقيَد ويأتي إلى لفظ فيرويه بمرادفه بحيث لا يزيد معنى ولا يُنقص معنى والأمر ليس بسهل أن يأتي بلفظ يُرادف الحديث ثم هذا اللفظ الذي أتى به لا يزيد معنى على هذا الحديث ولا يُنقص معنى عن الحديث هذا يحتاج إلى أن يكون موسوعة وخاصة في فقه اللغة يعني العلم بما وُضعت له الألفاظ جعلوا اللفظ دليلاً على المعنى هذا هو الوضع، عند الجمهور فيبدل اللفظ بمرادفه لا بغيره لماذا؟ لأنه لو غيره أو أبدله بغيره لابد وأن يزيد أو يُنقص في المعنى شاء أم أبى كل من أبدل لفظاً نبوياً بلفظ غير مرادف فلابد أن يُنقص أو يزيد لماذا؟ لأن اللغة إما أن تكون ألفاظ مترادفة أو لا إن لم تكن مترادفة لابد من التفاوت في المعاني وإذا كانت مترادفة حينئذ لابد من التساوي في المعاني وإنما يكون التغاير في الألفاظ، ومنع بعض المحدثين مطلقاً سواء كان عالماً بمقتضيات الألفاظ أو لا وإنما الأكثر على الأول.

ومراسيل الصحابة مقبولة، مراسيل جمع مُرسَل وهو مأخوذ من الإرسال وهو الإطلاق وهو ما أخبر الصحابي عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعله ولم يسمعه أو يشاهده بخلاف المُرسَل عند غير الصحابي الْمُرْسَلُ الْمَرْفُوعُ بِالتَّابِعِ، أَوْ ذِي كِبَرٍ أَوْ سَقْطُ رَاوٍ قَدْ حَكَوْا أَشْهَرُهَا الأَوَّلُ، ومراسيل الصحابة مقبولة لماذا؟ لأنهم عدول لأنهم معلوم أن الصحابي إذا روى قولاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمعه أو روى فعلاً عن النبي ولم يشاهده أو يراه حينئذ لابد وأن يكون خبر عن صحابي آخر، فحينئذ يكون الواسطة المجهولة بين الصحابي وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابي آخر وإذا حكمنا بكون كلهم عدول إذاً لا نبحث نقول جهالة الصحابي لا تضر، ومراسيل الصحابة مقبولة وهذا عليه أئمة الحديث لأنه موصول مرسل أو مُرسل الصاحب وصل في الأصح هكذا قال السيوطي لأن حقيقته أنه رواه عن صحابي آخر، وقيل إن عُلِمَ أنه لا يروي عائشة رضي الله عنها تقول كان أول ما بُدأ به الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا الصالحة هذا مثل قبل أن تُولد عائشة رضي الله عنها، إذاً لابد أن أخذت إما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تذكره وإما عن صحابي آخر، وقيل إن عُلِمَ أي الصحابي لا يروي إلا عن صحابي نقول كلهم كهذا هذا الشرط متحقق في الجميع ووجود بعض الصحابة يروي عن بعض التابعين هذا موجود لكنه ليس في الأحاديث ولكنه في الإسرائيليات وما على شاكلتها، وفي مراسيل غيرهم روايتان يعني هل يُقبَل مُرسَل غير الصحابي والمشهور أنه مرفوع التابع مطلقاً سواء كان كبيراً أو صغيراً (الْمُرْسَلُ الْمَرْفُوعُ بِالتَّابِعِ، أَو ذِي كِبَرٍ، أَوْ سَقْطُ رَاوٍ قَدْ حَكَوْا أَشْهَرُهَا الأَوَّلُ، ثُمَّ الْحُجَّةُ بِهِ رَأَى الأَئِمَّةُ الثَّلاثَةُ وَرَدُّهُ الأَقْوَى) لماذا؟ لأنه سقط راو ليس بصحابي إذاً لا نعلم هذه الواسطة لابد من ثبوت العدالة وسقط صاحبها حينئذ لابد من التوقف ولا نحكم بصحة الحديث، وفي مراسيل غيرهم روايتان – أي عن الإمام أحمد – القبول أي القبول مرسل الغير الصحابي لأن العدل لا يحذف الواسطة مع الجزم بالخبر إلا وهو عالم بأن الواسطة ثقة لا يحذف هذه الواسطة إلا وقد ضمن لنا أنه ثقة حينئذ أسقطه لكن نقول الصواب القول الثاني، وفي مراسيل غيرهم روايتان: القبول كمذهب أبي حنيفة وجماعة من المتكلمين اختارها القاضي أبو يعلى، والمنع للجهل بالساقط ورده الأقوى هكذا قال السيوطي للجهل بالساقط وهو قول الشافعي وبعض المحدثين , والظاهرية، إن كان الشافعي له شروط فيها معلومة.

وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبولٌ , خلافاً لأكثر الحنفية قعّدنا قاعدة بالأمس أن خبر الواحد دلت الأدلة الشرعية على قبوله وعلى أنه إذا لم يقع ثم اختلاف في رده وقبوله أنه يُفيد العلم حينئذ نقول ما أثبت حُجية خبر الواحد وهو الأدلة الشرعية وإجماع الصحابة هل فرقت بين خبر وخبر إذا كان في الحدود لا يُقبَل إذا كان مخالف للقياس لا يُقبَل إذا كانت تعم به البلوى لا يُقبَل نقول هذه التفصيلات كل ما أُستفصل وفُصل في أخبار الآحاد فهو مبني على اجتهاد أو قياس أو رأي فحينئذ كل ما سيذكره المصنف نقول مبناه الاجتهاد والرأي والنظر وإذا ثبت أصل المسألة بدليل شرعي فحينئذ نقول لا اجتهاد ولا نظر ولا قياس لأن الأدلة عامة هكذا نقول الأدلة عامة حُجية خبر الواحد ثبتت بالشرع والأدلة عامة مطلقاً لم تُقيد ولم يستفصل الصحابة بل حملوا الجميع أخبار الآحاد على الحجية واحتجوا على بعضهم لبعض بهذه الآحاد حينئذ نقول أي تفصيل فهو مردود أياً كان قاعده، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبولٌ خلافاً لأكثر الحنفية أي المتأخرين، خبر الواحد يعني حديث خبر الواحد فيما تعم به البلوى يعني ما يكثر وقوعه في الناس بعضهم يرى أكثر المتأخرين إذا كانت تعم البلوى بالحكم الشرعي ويحتاجه أكثر الناس قالوا هذا لا يُقبل خبر الواحد لأنه مظنون لابد أن تكون الدواعي قد وُجدت لنقله والسؤال عنه بكثرة وهذا أمر غريب لأن أشد ما يحتاجه الناس وتكثر فيه الدعوى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو التوحيد بعث معاذ واحد (إنك تأتي قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله ثم قال فإن أجابوك فأعلهم أن الله قد فرض عليهم صلوات ثم صدقت) وهذا مما تعم به البلوى أو لا؟ هذا أولى من الوضوء وأولى من الغسل والسواك ونحو هذا، فإذا قُبل خبر الواحد وقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - واحداً وهذا فعله وهو حجة نحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث واحداً إذاً لو لم يكن معاذ حجة على من يبلغه هذا الخبر لما بعث النبي معاذ واحد لكان بعث عشرة لكي يحصل التواتر أو عشرين حينئذ نقول ما تعم به البلوى وهو ما يكثر وقوعه عند الناس أكثره أصول الدين وقد حدث وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث آحاداً إلى القبائل يحبرون بأمور تتعلق بالعقيدة وهي أأكد ما يكون على الناس، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى كرفيع اليدين في الصلاة هكذا مثلا مُحشّي كرفع اليدين في الصلاة ونقض الوضوء بمس الذكر ونحوه حُجة من خالف أن ما تعم به البلوى تتوفر الدواعي على نقله فيشتهر عادة إذا كثر السؤال عنه من الناس حينئذ لابد وأن يشتهر نقول عائشة رضي الله عنها حصل خلاف بين الصحابة فيمن جامع ولم يُنزِل هل يجب عليه الغسل أو لا هذا بعد وفا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا مما تعم به البلوى فقالت إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ماذا نقول في هذا؟ نرده لأنه تعم به البلوى؟ فلو كان حديثاً لاشتهر واشتهر عند الناس وروته عائشة وأم سلمة إلى آخره، نقول لا يُقبَل ولو كان مما تعم به البلوى، فوروده غير مشتهر دليل بطلانه هكذا يقول بعض الأحناف وروده غير مشتهر دليل بطلانه والجواب لنا قبول

السلف من الصحابة غيرهم خبر الواحد مطلقاً ولهم اعتراضات أخرى، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبولٌ , خلافاً لأكثر الحنفية أي المتأخرين، وفي إثبات الحدود وما يسقط بالشبهة خلافاً للكرخي يعين إذا جاء خبر الواحد يُبت حداً أو ما يسقط به الشبهة والحدود أيضاً نقول هذا يُقبَل لأن الحدود أيضاً تثبت بغلبة الظن نقول هذه المسألة مبناها أن خبر الواحد يفيد الظن هذه مصيبة عندهم خبر الواحد يفيد الظن حينئذ لابد أن يكون القاطع الذي يُقطَع به لا يثبت بمثل هذا لابد أن يثبت بمقطوع ولا يثبت بمظنون ولذلك علل الكرخي أنه مظنون غير مقطوع بصحته لماذا لا نقبل خبر الواحد بالحدود نقول لأنه مظنون غير مقطوع بصحته فصار شبهة فيه فلا يثبت به الحد صار شبهة خبر الواحد صار شبهة وفيما يُخالف القياس يعني خبر الواحد مقبول فيما يُخالف القياس يعني مُقدَم على القياس والصحيح أنه ليس بالشرع مسالة تُخالف القياس بل الشرع كله سوءا في الأصول وما استثناه الشرع كله موافق للقياس، رد ابن القيم وعنده كلام طويل أنه لا يوجد لأن يأتي بعض الفقهاء يقولك العرايا على خلاف القياس كيف على خلاف القياس الأصل أنها ربا يقول لا هي على وفق القياس الأصل والفرع كلاهما على وفق القياس وليس عندنا في الشريعة ما هو على خلاف في القياس وحُكي عن مالك تقديم القياس على خبر الواحد والشيخ الأمير - رحمه الله تعالى – يقول هذا لا يثبت عن مالك، مالك أجل من أن يُقدم القياس على خبر الواحد، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - خبر الواحد إن خالف الأصول أو معناها والمقصود بالأصول هنا الكتاب والسنة والإجماع أو معناها القياس والحاصل أن خبر الواحد يُقبَل مطلقاً بلا تفصيل متى ما صح السند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مقبول سواء كان فيما تعم به البلوى كان في العقيدة كان في الغيبيات كان في أشراط الساعة كان في أحكام النكاح مطلقاً بلا تفصيل لماذا؟ لأن الصحابة قبلوا الخبر الواحد بلا تفصيل والأدلة الدالة على شرعيته بأنه حجة أثبتته بلا تفصيل ثم قال ثم هنا أبحاث يشترط فيها الكتاب والسنة من حيث أنها لفظية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

12

عناصر الدرس * اللغات توقيفية * الكلام * أقسام الحقيقة * النص والظاهر. الدرس الثاني عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد توقفنا عن قول المصنف - رحمه الله تعالى - ثم ها هنا أبحاث يشترك فيها الكتاب والسنة من حيث أنها لفظية لما ذكر لك الأصل الأول الكتاب وذكر طرف ما يختص به الكتاب ثم ذكر الأصل الثاني وهو السنة النبوية ذكر طرف ما تختص به السنة قال ثم ها هنا يعني في هذا الموضع سيذكر لك المصنف أبحاث هذه الأبحاث لا يختص بها الكتاب دون السنة ولا تختص بها السنة دون الكتاب بل هي مشاركة بينهما من حيث إنها لفظية، أبحاث أنكر بعضهم هذا الجمع لأن فعل لا يُجمع على أفعال وأثبته كثير من المتأخرين لكن سيبويه يرفض هذا ويقول أبحاث يجمع على بحوث أو بحث فَعل يُجمع على فعول ولا يُجمع على أفعال، إذاً أبحاث نقول هذا جمع بحث وهو في اللغة الفحص والتفتيش واصطلاحاً عن أرباب التصنيف البحث هو إثبات النسبة الإيجابية أو السلبية بين الشيئين بطريق الاستدلال إثبات نسبة سلبية أو إيجابية بين طرفين موضوع ومحمول مبتدأ وخبر بطريق الاستدلال يعني يبحث ويبحث يفتش ويفحص ثم بعد يُثبت نسبة بين طرفين هذه النسبة نتيجة للاستدلال الذي كان مرتباً على البحث والفحص، من حيث أنها لفظية هذه العبارة يشير بها إلى أن المُقدِم عن الأصوليين كما هو معلوم مقدمتان يذكرن في أوائل الكتب مقدمتين مقدمة منطقية ومقدمة لغوية من حيث إنها لفظية يعني باعتبار كونها لفظاً وإذا كانت لفظية ونزل القرآن بلسان عربي مبين والنبي - صلى الله عليه وسلم - فصيح بل أفصح من نطق بالضاد كما يُقال أو إن صح الحديث ومع ذلك نقول اشتملت هذه اللغة على أبحاث لابد من الوقوف عليها لمن نظر في الكتاب والسنة لماذا؟ لأن مريد استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها الكتاب والسنة لابد أن يكون على درجة لفهم الكتاب والسنة إذاً قيل من لا يعرف اللغة لا يمكنه استنباط الأحكام الشرعية لماذا؟ لأن القرآن أعلى درجات اللغة والنبي - صلى الله عليه وسلم - من البشر أعلى من تكلم باللغة حينئذ هذه اللغة لا يمكن أن يستنبط منها أو ينظر الناظر أن يتأمل أو يتدبر أو يتفهم هذه العبارات إلا إذا كان على مرتبة عالية من هذه اللغة، من حيث أنها لفظية قال منها أي من هذه الأبحاث اللغات توقيفية يبحث الأصوليون هل اللغة توقيفية أو اصطلاحية أم بعضها توقيفي وبعضه اصطلاحي هذا نزاع بينهم والأشهر على أنه لا ينبني على هذه المسألة خلاف أصولي لا ينبني عليه ثمرة أصولية حينئذ ذكر الكثير أنها من المسائل الدخيلة على فن الأصول، اللغات توقيفية اللغات جمع لغة وأصلها لغوة على فُعَلة حُذفت الواو حينئذ تكون من باب سنة سن أصل سنو أو سنه سنو أو سنه ولذلك يُجمع سنوات من أين جاءت هذه الواو نقول سنة أصلها سنو حُذفت الواو اعتباطاً يعني من غير علة تصريفية وعُوض عنها التاء فقيل سنة وقيل أصلها سنه لذلك يُجمع على سنهات قيل أنها سنهات سنه إذاً حُذفت اللام التي هي الهاء اعتباطاً من غير علة تصريفية وعُوض عناه بتاء، لغة أصلها لغو حُذفت الواو وعُوض عنها التاء، من لغوت إذا تكلمت هذا في اللغة وفي الاصطلاح ألفاظ وُضعت لمعاني هذه

الألفاظ موضوعة بأصل الوضع لمعاني تدل عليها يعني جُعلت هذه ألفاظ بإزاء معان كل لفظ له معنى يُختص به إذا أطلق اللفظ صُرف إلى ذلك المعنى دون غيره المعنى هنا أعم من المُسمى ليشمل المجاز والحقيقي إذا قيل لمعاني نقول معاني جمع معنى والمراد له ما يُقصد باللفظ وهو حينئذ يكون أعم من المسمى يعني سواء كان المقصود من اللفظ هو مسمى اللفظ وهو الحقيقة أو غير مسمى اللفظ وهو المجاز وعليه المجاز موضوع كما أن الحقيقة موضوعة كل من الحقيقة والمجاز موضوع ألفاظ وُضعت لمعان هذه ألفاظ من الذي وضعها قيل توقيفية بمعنى أن الرب جل وعلا هو الذي وضعها الله تعالى للخلق وعلمها أباهم آدم عليه السلام ثم تم تعلمته ذريته منه هذا قول الجمهور وهو الأشهر وهو الأظهر لقوله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} البقرة31، قال ابن عباس - رضي الله عنه - هي هذه الأسماء التي هي تعارفوا بها الناس نحو إنسان ودابة وأرض وسهل وجبل وبحر وحمار وأشباه ذلك من الأسماء وغيرها هذا قول ابن عباس - رضي الله عنه - كما حكاه ابن جرير الطبري في تفسيره وجاء أيضاً في حديث الشفاعة أنه يُقال لآدم (وعلمك أسماء كل شيء) حينئذ أخذ الجمهور من هذه أن اللغات كلها ليس خاص باللغة العربية لذلك جمع المصنف هنا اللغات ولم يقل الغلة العربية لأنه أعم أخذ من هذه الآية ومن هذا النص أن اللغة توقيفية بمعنى أن الرب جل وعلا قد علم آدم هذه اللغة كلها ثم تعلمتها منه ذريته، اللغات توقيفية توقيف إذ عُلم أنها توقيفية كيف تعلمها آدم؟ قيل بإلهام وهذا هو المشهور وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى – أنه تعلمها بإلهام ألهمه الله - عز وجل - إطلاق اللفظ وإرادة المسمى جعل اللفظ دليلاً على المعاني، قال اللغات توقيفية للدور ظاهره أنه اختار أن اللغات توقيفية هذا القول لماذا؟ للدور لكن ليس هذا المرد والمراد أن علة الاختيار بأن القول بالاصطلاح وهذا هو القول الثاني والمنسوب لأكثر المعتزلة أن القول بالاصطلاح يلزم منه الدور والدور أن يترتب شيء على شيء آخر والشيء الآخر يترتب عليه شيء آخر وهلم جرة إلى مالا نهاية حينئذ إذا قيل اصطلاحية وهو القول الثاني قوله وقيل اصطلاحية، اصطلاحية بمعنى أن الخلق اصطلحه فيما بينهم أطلقوا اللفظ وأرادوا المعنى قالوا نسمي هذا الشيء بالكتاب ونسمي هذا الذي في العلو سماء والتي نمشي عليها الأرض اصطلحوا فيما بينهم حينئذ يرد الدور لماذا؟ لأنهم اجتمعوا اصطلح الخلق فيما بينهم البشر اجتمعوا إذاً كيف اجتمعوا لابد من منادي ولابد من داع ولابد مِن مَن يهيئ للاجتماع بأي ألفاظ اجتمعوا لابد وأنهم قد اجتمعوا للاصطلاح على ألفاظ الاجتماع لابد وأنهم قد اجتمعوا ليصطلحوا ألفاظ ينادي بعضهم بها بعضها وكيف يتخاطبون في هذا الاجتماع حينئذ قالوا هذا يلزم منه الدور وحينئذ كل ألفاظ اجتمعوا عليه بالاجتماع أو للتنادي فحينئذ لابد وأنه قد سبق لهم أن اجتمعوا ليصطلحوا على ألفاظ اجتماع وهلم جرة إلى ما لا نهاية هذا هو الدور وهو ممنوع ولذلك القول بأنها توقيفية هو الأصح، وقيل: اصطلاحية واللغة الرب لها قد وضع هذا في مراقي السعود توقيف اللغات عند الأكثر

ومنهم النافورك والأشعري هكذا قال السيوطي في الكوكب وقيل اصطلاحية بمعنى أن البشر قد وضعوا هذه الألفاظ دالة على معانيها التي إذا أُطلقت تلك الألفاظ انصرف إلى المعاني الخاصة، لامتناع فهم التوقيف بدونه لماذا اخترتم أنها اصطلاحية وهذا القول يُنسب لأكثر المعتزلة وبعض أهل السنة لأن فهم ما جاء توقيفاً لا يكون إلا بعد تقدم الاصطلاح لامتناع فهم التوقيف لو قيل توقيفية بدونه بدون الاصطلاح إذا أراد الرب أن يُعلم البشر ويُعلم آدم فيقول له الكتاب مراده كذا والقلم مراده كذا إذاً كيف يفهم آدم قبل أن يكون ثم اصطلاح ثابت يطلقه المُوقِّف أو الواضع فإذا جاء التوقيف بهذا اللفظ كان المراد به كذا لكن نقول لا ما دام أن السنة (وعلمك أسماء كل شيء) يعني ظاهر السنة ومدام أن ظاهر القرآن على أن آدم الرب جل وعلا علمه الأسماء كلها حينئذ لا نعدل إلى مثل هذه التعليلات نقول الأرجح ما كان ظاهراً في الكتاب والسنة، وقيل اصطلاحية لامتناع فهم التوقيف بدونه أي بدون الاصطلاح وقال القاضي كلا القولين جائز يعني إذا قيل توقيفية فهو جائز وإذا قيل اصطلاحية فهو جائز، لماذا؟ قال في الجميع يعني كل اللغة توقيفية أو كل اللغة اصطلاحية أو بعضها توقيفي وبعضها اصطلاحي وهذا اختيار ابن حزم - رحمه الله تعالى – التفصيل أن بعضها توقيفي وبعضها اصطلاحي والأرجح الأول، يقول القاضي أما الواقع من اللغات هل هو توقيفي أو هو اصطلاحي فلا دليل عليه عقلي ولا نقلي، لماذا نفى الدليل العقلي؟ لأن العقل لا مدخل له ف الوضع وأما الدليل النقلي فليس عندنا دليل يقيني بأن اللغة من وضع الرب جل وعلا إن كان المراد نفي الدليل اليقيني فلا إشكال إما إن كان المراد نفي الدليل الظني نقول لا فيه إشكال بل النص يدل ولو ظاهراً بأن الرب جل وعلا علم آدم الأسماء كلها وأما الواقع فلا دليل عليه عقلي ولا نقلب بل من نظر في اللغة وعلم القواعد العامة التي اصطلح عليها أهل النحو وكذلك أهل البلاغة وأهل الاشتقاق وأهل فقه اللغة والصرفيون يقطع يقينا بأنه لا يمكن أن يكون هذا اصطلاح اصطلح عليه البشر لأن اللغة بأنواعها بقواعدها العامة بأصولها وبكلياتها بآحادها هذا لا يطيقه العقل ويعجز عنه البشر وكذلك أشاع عند أهل اللغة أنه لا يحيط باللغة إلا نبي يعجز البشر عن إدراك اللغة حينئذ نقول إذا وضعوا السماء كان بالاصطلاح كيف وضعوا سماء ثم يُجمع على سماوات وهذه الألف إذا وقعت متطرفة بعد ألف زائدة نقول تقلب واو قال أصل قول ثم حُركت الواو وقاعدة عامة إذا تحرك الياء أو الواو بعد فتح قُلبت إلى آخره، نقول هذه التعليلات وهذه القواعد الصرفية ما يكاد أن يضعها البشر بل يعجز عنها البشر ثم الإتقان الذي يوجد مضطرداً سواء بين الكلمات والمفردات والتراكيب هذا يقطع الناظر فيه والمتأمل أني كون من صنع البشر يقطع بأن يكون من صنع البشر، قواعد عامة مضطردة ما يمكن أن يوجد فاعل إلا وهو مرفوع ولا يوجد مفعول إلا وهو منصوب والحالة تكون إلا مشتقة وإذا نُقلت جامدة تجد أنه لابد وأن تتضمن معنى مشتقاً والتمييز لا يكون إلا جامد إلى آخره ولا يكون إلا منصوباً ثم قد يكون تمييز مفرد وقد يكون تمييز تركيب نسبة هذا

من صنع البشر؟ هذا يعجز عنه البشر حينئذ لابد أن نقول اللغة توقيفية كذلك في الأوزان تكون الأفعال الثلاثية ثم رباعية ثم خماسية ثم لا يوجد سداسي وفي السماء يوجد سداسي أصلي ثم الثلاثي المجرد يكون على باب فعل أو فَعَلَ أو فعولة ولا يزيد عن ذلك هذا لا يمكن أن يكون من صنع البشر كيف يتفقون على أنه فعل وفعل وفعلة تُفتَح الفاء ثم تتحرك العين ولا يوجد فِعِل للثقل ولا يوجد فُعُل ما يعرفون هذا يعجزون عن هذا حينئذ نقول النظر في اللغة يوصل إلى الترجيح بأن اللغة توقيفية للإحكام الذي وُضعت عليه هذه اللغة وتناسق بين التراكيب والقواعد العامة وعدم التناقل ويكون هذا كله على أن اللغة توقيفية. إذاً نستدل بالكتاب والسنة ونستدل بواقع اللغة ومن نظر في اللغة يعلم أنها استحالة أن تكون من صنع البشر وإنما هي توقيفية.

أما الواقع فلا دليل عليه عقلي ولا نقلي والغريب أن الكثير من الأصوليين أهل اللغة ومع ذلك لا ينظرون هذه النظرة وإنما ينظرون هل دل العقل أو لا يدل هل هناك نص صريح أو لا فقط وإلا هم على علم بالاشتقاق والتصريف إلى آخره، أما الواقع فلا دليل عليه عقلي ولا نقلي فيجوز خلق العلم في الإنسان بدلالتها على مسمياتها يعني يجوز أن يُقال التوقيف فالتوقيف ممكن ولا ينفيه العقل فيجوز عقلاً إذاً التوقيف ممكن يجوز خلق العلم أن يخلق الله - عز وجل - العلم الضروري بالألفاظ بمدلولاتها بدلالاتها على مسمياتها فيُلهمه حينئذ أن يقول الكتاب فيريد به مسماه الذي هو الكتاب ويُطلق سماء فيريد به العلو ويُطلق به الأرض ويريد به ما يُمشى عليه هذا بماذا؟ أن يخلق الله - عز وجل - في الإنسان العلم الضروري بدلالة الألفاظ على مسمياتها، وابتداءُ قوم أي يجوز أيضاً ابتداء قوم بالوضع يعني الاصطلاح ممكن كما جاز التوقيف كذلك الاصطلاح ممكن هذا معطوف على قوله خلق ابتداء فيجوز خلق العلم ويجوز ابتداء قوم بالوضع أن يبتدي قوم واحد أو جماعة بحسب الحج على ما احتاجوا إليه في هذا الزمن يضعون بعض الألفاظ إذا أُطلقت تلك الألفاظ صارت معانيها ثم بعد ذلك حدث تطور إذا جاء نسل بعده واحتاجوا إلى معاني ولابد من ألفاظ تدل عليها قالوا إذا يضعون بعض الألفاظ يصطلحون عليها، وابتداءُ قوم بالوضع بحسب الحاجة ويتبعهم الباقون فيحصل الاصطلاح فحينئذ يكون الاصطلاح متولداً يكون قليلاً ثم يتطور شيئاً فشيئاً بحسب الحاجة لكن نقول القواعد العامة هذه من الذي ضبطها؟ من الذي ضبط الكتاب والكتب ويكتب ومكتب وكتّاب وكتبة؟ هذه كلها صيغ وأوزان لابد لها من ضابط عام وكونهم جاء بعدهم يصطلحون على ما ابتدأه الأولون هذا لا ينضبط بل العقل يمنع هذا، ثم قال إذاً عرفنا المسألة الأولى لا طائلة تحتها أن اللغة توقيفية وقيل اصطلاحية وقيل بعضها اصطلاحي وبعضها توقيفي، الأول هو قول الجمهور وهو نسبه السيوطي للجمهور توقيف اللغات عن الأكثر ومنهم النافورك والأشعري، والثاني اصطلاحي واللغة الرب لها قد وضعا وعزوها للاصطلاح سُمعا فبالإشارة وبالتعَيّنِ كالطفل فهم ذي الخفا والبَيِّن، قالوا في الأول قد وضع الواضع بالاصطلاح كيف وضعوا اللفظ قال إما أن يكون بالإشارة أو بالتعريف نقول لهم هذا كتاب حصل بالإشارة بالتعين يقول له أتي لي بالكتاب هناك فيذهب فلا يجد إلا شيء واحد هو الكتاب ويعرف أنه الكتاب كطفل فهم ذي الخفا والبَيِّن كما أن الطفل كيف يتعلم اللغة؟ من والديه آت بهذا وأت بهذا فيحفظ يعرف هذا ماء وهذا شراب وهذا شاي وهذا قهوة إلى آخره، إذاً من أين تعرّف؟ نقول تعرّف بالاصطلاح لكن يلزم أيضاً الدور ووالداه كيف تعرفا على اللغة بالاصطلاح ووالدا الوالدين ولهم جرة إلى أن يصل إلى آدم عليه السلام حينئذ نقول بالتوقيف وهذا أصح.

ثم قال مسألة أخرى مم تتعلق بالأبحاث هذه المسائل هل تتوقف عليه فائدة أصولية أو لا؟ المشهور عند الأصوليين أناه لا ثمرة لها طويلة الذيل قليلة النيل هكذا يُقال وأنها من مسائل الفضول لكن ذكر صاحب المراقي يبنى عليه القلب والطلاق بكاسقني الشراب والعتاق، هل يجوز قلب اللغة أم لا؟ هل يسمي الإنسان حجر والحجر ماء والسماء أرض والأرض سماء والقاعد جالس والجالس قاعد؟ هل يجوز تبديل اللغة أو لا؟ بل لاموا على هذه المسألة من قال إن اللغة توقيفة بمعنى أن الرب هو الذي وضع هاذ اللفظ للدلالة على المعنى حينئذ امتنع القلب فلا يجوز أن يُمسى الإنسان حجراً ولا الحجر حية ولا الحية عقرب ولا العقرب ثعبان لا يجوز تبديل اللغة لماذا؟ لأنها توقيفية من عند الرب جل وعلا وإذا قيل اصطلاحية حينئذ يجوز قلب اللغة يبنى عليه القلب والطلاق بكاسقني الشراب لو قال اسقني الماء لزوجته ونوى الطلاق كناية خفية تطلق أو لا؟ من قال أن اللغة توقيفية يقول الواضع لم يضع اسقني الماء مراداً به الطلاق فحينئذ لا تطلق ومن قال أن اللغة اصطلاحية حينئذ للزوج له أن يصطلح فيُكني عن الطلاق بقوله اسقني الشراب فلو قيل اصطلاحي حينئذ لو قال لزوجته أو لعبده اسقني الشراب طلقت الزوجة مع النية لأنها كناية وعتق العبد يبنى عليه القلب والطلاق بكاسقني الشراب والعتاق، ثم قال المبحث الثاني ويجوز أن تثبت الأسماء قياساً هل يجوز أن تثبت الأسماء قياسيا على أسماء أخرى أو لا؟ هل اللغة تثبت بالقياس أو لا؟ ومرادهم بهذا أن الواضع إذا وضع اسماً لذاته مُراعى فيه المعنى وضعه لذات مراعاة المعنى لصفة فيه ثم وُجدت هذه الصفة في شيء آخر هل يجوز أن يُمسى ذلك الشيء الآخر بالاسم الأول لا؟ فيه خلاف هنا قال ويجوز أن تثبت الأسماء قياساً يعني قياساً على أسماء أخرى وبه قال أكثر الحنابلة واختاره ابن قدامة - رحمه الله تعالى – في الروضة كتسمية النبيذ خمراً النبيذ يُمسى خمراً هل يجوز أم لا؟ هذا مبني على خلاف لغوي الخمر إنما سُميت خمراً لأنها تخمر العقل بمعنى تغطيه للعلة التي فيه وهي الإسكار النبيذ قد يكون مُكسراً ويغطي العقل إذاً يخمر العقل إذاً سُمي الخمر خمراً لأنه يسكر العقل بمعنى يغطيه لوجود الإسكار فيه قد وُجدت هذه العلة على النبيذ ولم يُطلق العرب على النبيذ أنه خمر هل يجوز أن نسمي النبيذ خمراً أو لا؟ هذا فيه خلاف قد يجوز أن تثبت الأسماء قياساً كتسمية النبيذ خمراً حينئذ لو صح تسمية النبيذ خمراً تكون حرمة النبيذ بالنص لا بالقياس {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} المائدة90، إذا قيل الخمر سميت للمخامرة والنبيذ أن يُسمى قياساً على الخمر فحينئذ يكون النص هو الدليل على تحريم النبيذ وإذا قيل بالمنع أنه لا يجوز حينئذ نحتاج إلى القياس الشرعي فبحث عن الأصل وحكم الأصل والعلة التي هي الجامعة بين الأصل والفرع فيُلحَق الفرع الذي هو مجهول الحكم بالأصل بجامع الإسكار وفرعه المبني خفة الكلف فيما بجامع يقيسه السلف، إذاً هل تثبت اللغة بالقياس أو لا؟ فيها قولان ولكن تحرير محل النزاع أن يُقال العلم لا يجوز

بالاتفاق الأعلام لا يجوز فيها القياس قولاً واحداً وإنما الخلاف في المشتق ليس المشتق عند النُحاة وإنما المشتق عند الصرفيين يعني لما دل صفة ما دل على صفة، إذاً سُمي به من أجل هذه الصفة ووُجدت تلك الصفة بعينها في ذات أخرى هل يجوز أن يُمسى الشيء الآخر لوجود الصفة بما سُمي به الأول هذا هو محل خلاف. قال كتسمية النبيذ خمراً وكقياس التصريف، التصريف عندنا قواعد عامة كل ما جاء على وزن فَعُل مضارعه يأتي على وزن يفعُل هل يشترك أن يسمع كل فعل على وزن فَعُلَ لابد أن يُسمَع أنه جاء به الناطق على وزن يَفعٌل أم لنا أن نقيس على ميزان واحد؟ الثاني حينئذ تقول نطق العرب بشرف يشرف مثلاً ما نطقوا بكرم يكرم هل نقيس أو لا نقيس؟ نقول نقيس كما جاز قياس التصريف بأن تكون ثم أوزان معتبرة عن أهل الصرف إذا عُلم الأصل العام يكون موضوعاً بالوضع العربي ثم بعد ذلك لك أن تقيس أنت فكل اسم أردت أن تأتي به على زنة فاعل بمعنى أن دال على ذات متصفة بصفة فتأتي به على وزن فاعل ضارب قاتل كارم شارف هل يُشترط في ألألفاظ هذه كلها أن تكون منقولة عن لغة العرب أم أننا نأتي بها على زنة فاعل والمفعول نأتي به على زنة مفعول وأفعل التفضيلات تأتي على زنة أفعل؟ نقول لا أوزان معلومة سُمعت في بعضها وما لم يُسمَع أنت تقيسه على ما سُمع إذاً وُجد القياس ولذلك جوزه القاضي هنا، ومنعه أبو الخطاب والحنفية وبعض الشافعية وقيل أكثر الشافعية لماذا؟ لأن الواضع وضعه أي المعنى لشيء واحد وضع الخمر لمسماه الذي وضعه له فحينئذ لا يجوز لنا أن نتعدى بهذا اللفظ فنضعه لشيء آخر لأن النقل أو اللغة نقل محض فما أطلقه الأصل الواضع على مسماه لا يجوز أن نعدل به فنسمي به شيء آخر هذا علة من منع أن اللغة نقل محض وأنها وضعت هذا اللفظ لمعنى واحد، لو قيل أناه وضعته لمعنيين للخمر المعهود الذي هو عصير العنب والنبيذ نقول تعيينه لواحد منهما هذا يكون من باب التحكم وإذا وُضع لمعنى واحد ونقله لمسمى آخر نقول هذا تعدٍ به لما لم تضعه العرب إذاً نقول هل تثبت اللغة بالقياس نقول هذا فيه خلاف فيه ثلاثة أقوال المنع الجواز والثالث أن بعضهم فرق بين الحقيقة والمجاز.

ثم قال والكلام هو المنتظم من الأصوات المسموعة المعتمدة على المقاطع وهي الحروف يبحث الأصوليون أيضاً من المباحث التي تتعلق بهذه المقدمة الكلام لماذا يبحثون في الكلام؟ لأن القرآن كلام الله - عز وجل - والرسول - صلى الله عليه وسلم - سنته منها ما هو كلام وليست كلها كلام لكن في تعريف الكلام هنا على ما ذكره المصنف فيه نظر قال الكلام هو المنتظم والانتظام المراد به التأليف أن يكون مؤلفاً بمعنى مُركباً وهنا يعبر بالانتظام والتأليف للدلالة على أن ثم مناسبة بين المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل، منتظم من الأصوات المسموعة من الأصوات، الأصوات جمع صوت والمراد به صفة المسموعة كل ما يُسمَع لكن قيده هنا المصنف بقوله المسموعة المعتمدة على المقاطع وهي الحروف إذاً لابد أن يكون كل حرف مُعتمداً على مقطع وهذا مخالف لما هو المشهور عند النحاة بأن الكلام هو اللفظ المفيد أو بأنه اللفظ المركب المفيد بالوضع وإذا حُد بهذا الذي ذكره المصنف جاءت الشبهة لأنهم قالوا لا نعقل من الكلام إلا ما كان معتمداً على المقاطع على المخارج فكل كلام في لغة العرب لابد وأن يكون معتمداً على مقاطع ومخارج فإذا جاء قوله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} التوبة6، قالوا ألأصل في الكلام أنه لابد أن يكون على مقاطع ومخارج وهذا ممتنع والله جل وعلا مُنزه عن المخارج والمقاطع فحينئذ ماذا نصنع؟ وجب التأويل لكن لو حُد بالحد المشهور الكلام هو اللفظ المُرَكب المفيد بالوضع هل يرد هذا إيراد؟ ونُعرف الفظ بأنه الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية ولا نترض لمقطع ولا حرف ولا مخرج ولا إلى ما ي1كر في تلك الحدود حينئذ لا يرد الإشكال فيكون الكلام في لغة العرب إذا أُطل قد يُراد به هذا المعنى المذكور هنا حينئذ لا يرد إشكال أما حده بحده هذا الذي ذكره المصنف هذا لعله نزعة علم الكلام.

هو المنتظم من الأصوات المسموعة المعتمدة على المقاطع وهي الحروف وكل حرف لابد له من مخرج وكل من حرف لابد أن يتكيف بكيفية خاصة أن يتكأ على المقطع وشدة النفس إلى آخر ما يُذكَر، وهو جمع كلمة الكلام جمع كلمة صحيح هذا؟ إن لم يكن سقط إذا كان على ظاهره نقول هذا فيه نظر ليس بجمع كلمة كلام ليس بجمع كلمة وإنما جمع الكلمة كلم إما أن تكون في العبارة سقط كما ذكر المُحشّي وإنا كان على ظاهر نقول هذا فيه نظر بل الصواب أن الكلمة واحده كلمة واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة يعني واحد الكلم كلمة وليس واحد الكلام كلمة بل الكلام إما أنه يُقال أنه اسم مصدر كلم يُكلم تكليماً وكلاماً اسم مصدر وقيل مصدر سماعي إذاً هو مصدر فكيف يكون جمع إذا قيل وهو جمع كلمة إذاً ليس بجمع إنما الجمع هو الكلم أو اسم الجمع كلم وهو اللفظ الموضوع لمعني وهي أي للكلمة اللفظ الموضوع لمعنى اللفظ يشمل الموضوع والمُهمَل الموضوع الذي وضعته العرب والمُهمَل هو الذي لم تضعه العرب، الموضوع لمعنى لمعنى هذا متعلق بقولهم موضوع فحينئذ يختص هذا الحد بالحقيقة ولا يشمل المجاز ولذلك لو قيل اللفظ المستعمل في معنى مفرد لشمل الحقيقة والمجاز وخص أهل العربية الكلام بالمفيد يعني الكلام في اللغة يُطلق ويعم المفيد وغير المفيد ولذلك حده في القاموس بأنه القول وما كان مكتفياً بنفسه فيُطلق على القول بأنه كلام في اللغة وعلى الكلمة بأنها كلام على المركب الإضافي بأنه كلام في اللغة ونام زيد هذا كلام وغلام لوحدها هذا كلام وإن قام زيد هذا كلام لأنه لا يختص بالمفيد وإما عند النحاة فلا يختص الكلام بالمفيد يعني المفيد فائدة تامة بحيث يحصل السكوت من المُتكَلم عليه لا يكون السامع منتظراً لشيء آخر، وخَصَّ أهل العربية – يعني النحاة - الكلام المفيد يعني لما تحصل به الفائدة والإفادة وهذا يستلزم التركيب إذ لا فائدة تامة إلا مع التركيب، وهو أي الكلام المفيد عند النحاة الجُمَل المركبة وأقل ما تتركب منه من فعل وفاعل قام زيد أو مبتدأ وخبر زيد قائم وغير المفيد كَلِمٌ وأما غير المفيد يسمى كلم لماذا لأن الكلم أعم يشمل المفيد وغير المفيد وليس المراد هنا أن يُخصص الكلم بغير المفيد والكلام بالمفيد – لا – وإنا مراده أن الكلام يختص بالمفيد والكلم يُطلق على المفيد وغير المفيد ولذلك العلاقة بينهما العموم والخصوص المُطلق كل كلام كلم ولا عكس.

فإن اُستُعمِل في المعنى الموضوع له فهو الحقيقة فإن اُستُعمِل في المعنى الموضوع له فهو الحقيقة ما هو اُستُعمِل هنا الضمير يعود إلى الكلمة أو الكلام؟ يحتمل أنه يريد الكلمة وأنه يريد الكلمة لكن بما سيأتي مراده الكلمة فإن اُستُعمِل آخر المذكور هو الكلام والأصل في الضمير أن يرجع إلى آخر مذكور لكن سيقسم لنا الحقيقة لغوية وشرعية وعرفية وهذا التقسيم للمفردات أو المركبات؟ المفردات حينئذ فإن اُستُعمِل أي اللفظ الموضوع لمعنى في المعنى الموضوع له أولاً فهو الحقيقة كالأسد إذا اُستُعمِل في الحيوان المفترس نقول وضع الوضع لفظة الأسد مراداً رها الحيوان المفترس فإن قال رأيت أسداً وكان مراده الحيوان المفترس نقول اُستُعمِل اللفظ لما وُضع له ابتداءاً وهذه يسمى حقيقة لغوية، فإن اُستُعمِل في المعنى الموضوع له فهو الحقيقة إن كان بوضع اللغة فهي اللغوية بمعنى أنه إذا نُظر إلى أن هذا اللفظ قد اُستُعمِل فيما موضوعه وكان الواضع لذلك اللفظ بإزاء ذلك المعنى هو أهل اللغة فحينئذ صارت الحقيقة لغوية أو بالعرف في العرفية إذا كان اللفظ مستعملاً فيما وُضع له في العرفية يعني فيما تعارف عليه أرباب الصناعات أو أرباب الفنون أو اللغة العامة العرف العام نقول هذه الحقيقة عرفية لماذا؟ لأنه لفظ موضوع لمعنى من الذي وضعه؟ أصل الواضع اللغة العربية ولكن من جهة المعنى اُستُعمِل في بعض أفراده أو كان أعم من معناه الذي وُضع له في لغة العرب وإذا نُظر إلى كون الواضع هنا هو العرف سمينا الحقيقة بأنها حقيقة عرفية وهذا هو الفرق بين العرفية والشرعية أن يكون الفظ قد وُضع في لغة العرب هي الأصل ولذلك نقول اللغات توقيفية إذاً النظر يكون إلى المعنى اللغوي ثم ننظر إلى هذا المعنى اللغوي حينئذ إذا اُستُعمِل فيم وُضع له في لغة العرب فهو الحقيقة اللغوية إذا أُخذ هذا اللفظ وتُصرف في معناه يعني لما يُجعَل دلالة اللفظ على كل المسمى على جميع المسمى على جميع الأفراد بل خُص ببعضها أو زيد عليه بعض الأفراد حينئذ نقول حصل تصرف في المعنى إن كان المُتصرف هو العرف قلنا حقيقة عرفية وإن كان المتصرف في المعنى اللغوي هو الشرع قلنا حقيقة شرعية الدابة مثال مشهور هذا عرف عام في اللغة وُضعت لكل ما يدب على الأرض دب يدُب ودب يدِب بضم الدال وكسرها لكل ما يدب على الأرض يمشي على الأرض سواء كان على رجلين على أربع على عشرين يمسى دابة، حتى السيارة تسمى دابة والجمل دابة وأنت دابة هذا في لغة العرب كل ما يدب على الأرض فهو دابة لكن في العرف العام خُصت الدابة بذوات الأربع هذا هو المشهور الفرس والحمار ونحوه فأنت لا تسمى دابة والحية لا تسمى دابة لماذا؟ لاختصاص اللفظ ببعض أفراده لأن لفظ دابة هذا له معنى عام يشمل كل الأفراد لكنه خُص ببعض أفراده والمُخصص هو العرف فأُضيف إليها فصار حقيقة عرفية عامة والخاصة هي التي تختص بأرباب الفنون الفاعل كل من أوجد الفعل الحديث فهو فاعل لكن عند النحاة اختص بفرد معين إذا أُطلق الفاعل عند النحاة انصرف إلى الاسم المرفوع المذكور وقبله فعله ولا يجوز إطلاقه عندهم على ما ليس اسم مرفوعاً مذكوراً قبله فعل نقول هذا حقيقة عرفية لماذا؟

لأن أصل وضع الفاعل لكل من أوجد الفعل إذاً تحته أفراد تخصيصه ببعض الأفراد دون بعض نقول هذا تصريف وتصرف في المعنى، من الذي فعل؟ هم النحاة صار حقيقة عرفية لكنها خاصة يعني خاصة بالنحاة إن كان المتصرف باللفظ العام هو الشرع نُسبت إليه فقيل حقيقة شرعية فما مثلنا سابقاً بالصيام، الصيام هذا في اللغة يُطلق على كل إمساك ولذلك جاء {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ} مريم26، إذاً أمسكت عن الكلام فأُطلق عليه أنه صيام خيل صيام وخيل غير صائمة بمعنى أناه أمسكت عن الجري إذاً كل ما أمسك عن شيء فهو صائم لكن في الشرع إمساك مخصوص عن شيء مخصوص في وقت مخصوص إذاً هو خاص نقول أُطلق اللفظ على بعض أفراده بعض مسمياته من الذي خصّ هذا بذاك؟ نقول الشرع فصار حقيقة شرعية، فإن اُستُعمِل في المعني الموضوع له فهو الحقيقة وغن كان بوضع اللغة فهو اللغوية فالدابة لكل ما يدب على وجه الأرض أو بالعرف فالعرفية كالدابة لذوات الأربع أي ليس كل ما يدب على وجه الأرض لذاوت الأربع وكالفاعل للاسم المرفوع المذكور قبله فعل قبله فعله نقول هذه حقيقة عرفية خاصة والتي مثّل بها المصنف هنا حقيقة عرفية عامة يعني لا تختص بفن دون فن وأناس دون أناس آخرين.

أو بالشرع فالشرعية كالصلاة والزكاة الصلاة في اللغة الدعاء كل داع فهو مصلي لكن هل هو في الشرع هكذا؟ نقول لا خص ببعض أفرادها وهي الصلاة في المعنى اللغوي وهي أنها أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مُختتمة بالتكبير، الزكاة في اللغة النمو كل نام فهو مُزكي كل ما هو يقبل النمو فهو زاكي حينئذ نقول هل كل من تزكى بمعنى الزكاة أو زكّى هل كم من زكّى يكون بمعنى الزكاة في الشرع؟ نقول لا وإنما خُصت بمعنى خاص وهو إخراج قدر في شيء مخصوص، وأنكر قوم الشرعية وهم المعتزلة أنكروها عقلاً ووجوباً وقوعاً وبعض أهل السنة أثبتوها عقلاً ومنعوها وقوعاً لكن الصواب وجوبها لكن الصواب أنها واقعة، لم أنكروها؟ قالوا لأن بين اللفظ والمعنى مناسبة كل لفظ وُضع في لغة العرب فصم مناسبة بين اللفظ وبين المعنى فحينئذ لا يجوز أن يُسحَب ذلك اللفظ لمعنى لم يُوضع له فيمتنع حينئذ أن يُنقَل اللفظ لدلالة على معنى لم يوضع له في لغة العرب نقول هو لم يُسحَب كلياً وإنما خُصص ببعض مسمياته ولذلك نقول معنى لغوى فالمعنى الاصطلاحي داخل فيه ولذلك جرى الفقهاء على هذا على إثبات الحقيقة الشرعية وكل باب أو كل كتاب تجده في كتب الفقه لابد أني يُصدّر بالمعنى اللغوي البيع كتاب البيع يقول لك البيع لغة إعطاء إلى آخره واصطلاحاً مبادلة مال بمال الزكاة في اللغة والحج في اللغة مباشرة يبدأ لك بالمعنى اللغوي لماذا؟ ليُبين لك أن الأصل هو المعنى اللغوي والمعنى الشرعي هو فرع وأنه ليس بينهما تعارض أو تباين كلي بل لابد أن يكون كل حقيقة شرعية فهي منقولة في الأصل عن المعنى اللغوي وقد زيد عليها بعض أشياء إذاً فيه نقل ولا نقول هي كما هي وزيد عليها بعض الشروط وفرق بين المسألتين فرق بين أن يُقال حصل نقل نُقل اللفظ مع زيادة في المعنى أو تخصيص في المعنى وبين أن نقول اللفظ في دلالته على المعنى كما هو وزيد عليه بعض الشروط وأنكر قوم الشرعية نقول المعتزلة ولذلك قيل أول ما تفرعت على مسألة الحقيقة الشرعية هي مسألة الإيمان، الإيمان منقول عن لغة العرب أم له حقيقة شرعية المعتزلة لهم صولات وجولات في هذه المسألة بناءاً على أن الإيمان هو التصديق فقط ليبقى معناه اللغوي ولذلك أنكروا الحقيقة الشرعية وبعض المعتزلة آمن وصدق بالحقيقة الشرعية إلا الإيمان – أمور الهوى – إلا الإيمان إلا لفظة الإيمان فهي باقية على معناها اللغوي، وأنكر قوم الشرعية لذلك تُنكر الشرعية لماذا لعدم وجود مناسبة بين اللفظ والمعنى ويقولون بالحقيقة العرفية وهي فيها نقل الحقيقة العرفية نُقل اللفظ من المعنى اللغوي وصار مستعملاً في بعض أفراده وهذا نقل وعلى طريقتهم ليس ثم مناسبة بين اللفظ والمعنى أما أن تُنفى المناسبة بين اللفظ والمعنى في الحقيقة الشرعية وتُقَر في الحقائق العرفية فهذا تناقض، وقالوا اللغوي باقٍ والزيادات شروط فحينئذ تكون الصلاة والزكاة والحج والإيمان والكفر هذه معان لغوية على أصلها فحينئذ نبحث في الشرع هل زاد عليها قيوم أم لا فإذا جاء الإيمان في الشرع الإيمان نحمله على معناه اللغوي وإذا جاء الكفر نحمله على معناه اللغوي وإذا جاءت الصلاة والزكاة والحج والصيام نحمله على معناه

اللغوي ثم هل زاد الشرع فيه قيداً أم لا فيقع الخلاف في ماذا لا في أصل الحقيقية الشرعية للمعنى اللغوي وإنما في الزيادات فيكون الخلاف في الفرع لا في الأصل لكن إذا قلنا الحقيقة الشرعية ثابتة فحينئذ ننازع في كون المراد بلفظ الإيمان هو المعنى اللغوي ففرق بين الخلاف في المسألتين فإذا قال المعتزلة الإيمان هنا معناه اللغوي نقول لا نمنع أن يكون معناه اللغوي لأن الشرع قد نقله من معناه اللغوي إلى معنى شرعي يليق به بينه الشرع وإذا سلمنا بأن المعنى اللغوي هو الأصل فحينئذ نقول نعم إن الذين آمنوا، آمنوا بمعنى صدقوا ثم نأتي نختلف في ماذا في فرع النفي أصلاً فيكون الخلاف فرعي لا جوهري لا معنوي لماذا لأننا نبحث هل زيدت شروط أو لا كأنها مسألة فقهية هل الوضوء المضمضة واجبة في الوضوء أم لا هذا مُثبت وهذا نافي يكون الخلاف معتبراً نقول لا المسألة تنبي عليه أمر اعتقادي ولذلك بعض المعتزلة قال في الحقيق الشرعية ثابتة في الفروع لا في الأصول وخاصة مسالة الكفر والإيمان، وأنكر قوم الشرعية وقالوا اللغوي باقٍ والزيادات شروط فالإيمان هو الإيمان التصديق والكفر هو التكذيب والصلاة هي الدعاء والزكاة هو النمو والحج هو القصد، والزيادات شروط شرعية فهي حينئذ تكون مجازاً يعني مجازات لغوية استعملها الشرع استعمال الشرع في غير ما وُضع له ابتداءاً وهذا ليس بصحيح بل هذا باطل بل الصواب ما عليه الجماهير وهو أن الحقائق الشرعية تجوز عقلاً وهي واقعة في الكتاب والسنة ينبني على هذا أنه إذا جاء اللفظ في الشرع نحمله على المعنى الشرعي ولا يجوز حمله على المعنى اللغوي إلا بدليل ثابت لماذا؟ لأن الشرع إنما جاء لم لأي شيء؟ هل أتى ليُبين الحقائق الشرعية أم الحقائق اللغوية؟ الشرعية واللفظ محمول على الشرعي إن لم يكن فمطلق عرفي فاللغوي حينئذ إذا تعرضت هذه الثلاث عندنا اللغوي ومعنى لغوي ومعنى شرعي نقول إذا جاء اللفظ في الكتاب والسنة يُحمَل على المعنى الشرعي، إن لم يكن معنى شرعي فالعرفي ثم بعد ذلك المعنى اللغوي.

والزيادات شروط فرعية فهي جازات لغوية وكل يتعين باللافظ ليس باللفظ لكن باللافظ وكل يتعين يعني متى نحكم بأن هذه حقيقة لغوية وهذه حقيقة عرفية وهذه حقيقة شرعية قال باللافظ بالمُتكلم إن كان المتكلم لغوي حملنا كلامه على المعنى اللغوي وإن كان المتكلم هو الشرع حملنا ألفاظه على المعاني الشرعية فمن أهل اللغة بدون قرينة لغوية هذا لا إشكال إذا تكلم اللغوي حينئذ نحمل كلامه على المعنى اللغوي ولا نحتاج إلى قرينة لأنه استعمل اللفظ فيما وُضع له وهو المتكلم بلسان اللغة، وبقرينة العرفية لماذا؟ لأنها فرع عن اللغوية وإذا كانت فرعاً فحينئذ لابد من قرينة ومن أهل الشرع الشرعية ولو قال في لسان الشرع أو في الأحكام النصوص الشرعية الشرعية لكان أولى لأن في أهل الشرع قد يتكلمون بما ليس مصطلح عليه أو ليس بحقيقة شرعية وإنما الكلام اشد ما يكون فيما إذا جاء نصاً قرآن أو سنة هل نحمل كلام الرب على الحقيقة الشرعية أو اللغوية؟ نقول الشرعية ومن أهل الشرع لو قال في نصوص الشرع فالشرعية، ولا يكون مجملاً اللفظ إذا احتمل الحقيقة اللغوية أو العرفية أو الشرعية لا يكون مجملاً إذا قيل {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} نقول الصلاة لها معنيان معنى لغوي ومعنى شرعي إذاً تردد بين معنيين مستويين هكذا قال بعضهم كالقاضي وبعض الشافعية هل هو مُجمَل أو له معنى أرجح من معنى آخر إذا قيل {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} هذا بلسان الشرع في الشرع يعني في نصوص الشرع أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة هل نحمل الصلاة هنا على المعنى اللغوي أو المعنى الشرعي هو متردد بين معنيين لا شك متردد بين معنيين لكن الظاهر والمتبادل والمعنى الأرجح في مصل هذا السياق أنه يُحمَل على المعنى الشرعي بقرينة المُتكلم لأنه نص شرعي والأصل في حمل النصوص الشرعية على كلام الشرع على الحقائق الشرعية ولا يُحمَل على الحقيقة اللغوية إلا بقرينة، ولا يكون مجملاً بمعنى أنه دل على معنيين مستويين يحتاج إلى قرينة خارجة لأنه لو قيل مُجمل حينئذ نقول أقيموا الصلاة هذا مجمل نتوقف هذا حكم حكما مجمل يفيد التوقف لابد من قرينة خارجية تبين أن الصلاة هنا هي اللغوية الدعاء أو الصلاة أقوال وأفعال فننتظر إلى دليل خارج نقول لا لا نحتاج إلى دليل لأنه ليس بمُجمل بل الظاهر المتبادل أنه الحقيقة الشرعية، ولا يكون مجملاً لتردده بين المعنى اللغوي والشرعي ولا يكون يعني اللفظ الوارد عن الشرع مجملاً بل يجب حمله على المعنى الشرعي دون غبره لأن الشرع إنما يبين الأحكام الشرعية لا الأحكام اللغوية كما حُكي عن القاضي وبعض الشافعية قالوا أنه مجمل لتردده بين المعنى اللغوي والمعنى الشعري وهذا هو حقيقة المجمل حينئذ ينبني على هذا أننا لا نجزم بأن المراد بالصلاة الصلاة الشرعية حتى يرد دليل خارجي وهذا فاسد، وإن اُستُعمِل في غير ما وُضع له فهو مجاز إن اُستُعمِل اللفظ في غير ما وُضع له فهو مجاز في غير ما وُضع له أين؟ إن كان الواضع هو اللغوي في لسان اللغة فحينئذ إذا اُستُعمِل اللفظ في غير ما وُضع له فهو مجاز عندهم فالصلاة في القوال والأفعال المعهودة في اللسان العربي مجاز ولكنها في الشرع حقيقة شرعية

استعمال الصلاة في الشرع بمعنى الدعاء مجاز شرعي استعمال الدابة في ذوات الأربع في اللغة نقول مجاز لغوي في العرف العام حقيقة عرفية استعمال الدابة فيما يدب على الأرض مطلقا في اللغة حقيقة لغوية في العرف مجاز عرفي إذاً يختلف باختلاف الواضع، إن اُستُعمِلت في غير ما وُضع له عند اللغوي فهي مجاز لغوي أو عند الشرع فهي مجاز شرعي أو عند العرف فهي مجاز عرفي، قال بالعلاقة وهذا شرط المجاز كما ذكرناه سابقاً يعني لابد من علاقة بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه وهذه العلاقة توسع فيها البيانيون أكثر من الأصوليين بل كلام البيانيين أدق وأعمق، بالعلاقة إذاً شرط المجاز بالعلاقة لا يُحكَم بكونه مجازاً إلا إذا وُجدت هذه العلاقة لابد من علاقة بين المعنى الأصلي المنقول عنه والمعنى المنقول إليه وكل معنى أثبت المجازيون أنه مجاز هذا هو الدليل الذي تطالبهم به أنه لا يمكن أني يُصار المجاز إلا مع وجود علاقة بين المعنيين، قال وهي إما اشتراكهما وذكر المصنف هنا أربعة أنواع للعلاقات إما اشتراكهما في معنى مشهور بين المعنيين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي كالشجاعة في الأسد يُطلق الأسد ويُراد به الرجل الشجاع ويُطلق ويُراد به في المعنى اللغوي الأصلي الحيوان المفترس إذاً ثم مشابهة بين المعنيين كون الرجل الذي أطلقت عليه أنه أسد وُجدت فيه معنى المعنى هو الشجاعة هذه الشجاعة موجودة في الأسد الحقيقة الحيوان المفترس لذلك شبهت هذا الرجل بالأسد وكل مجاز علاقته بالمشابهة فهي استعارة حينئذ أُستعير لفظ الأسد من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع نقول هذه علاقة بينهما لو لم يكن المعنى مشهوراً كالشجاعة لا يجوز مثل ماذا؟ البخر البخر هذا معنى موجود في الأسد لكن لا يعلمه كل النسا بينما يعملون الشجاعة فإذا قيل رأيت أسداً يخطب يعلمون أنك شبهت الأسد الذي هو الرجل الشجاع بالأسد بجمع الشجاعة أما رأيت رجلاً يروي وتريد به أبخر ما يعرفون ما كل الناس يعرف أن الأسد أبخر وإنما المعنى المشهور هو الشجاعة إذا لم يكن مشهوراً فحينئذ لا يجوز ولذلك لا يُحكَم عليه إنه مجاز ويُقال هذا غلط، إما اشتراكهما في معنى مشهور كالشجاعة في الأسد أو الاتصال يعين إطلاق اسم الشيء على ما يتصل به ويعبر عنه بعضهم بالمجاورة كقولهم الخمر حرام الخمر هذه ذات ومعلوم أن الحرام حكم شرعي والأحكام الشرعية تتعلق بفعل المُكلف والخمر هذه ليست من فعل المكلف وإنما فعل المكلف هو الشرب فكيف حينئذ تعلق الحكم هنا بالخمر نقول لكون الشرب بمتصل بالخمر فلذلك صح إطلاق أو إسناد الحرام إلى الخمر كما سيأتي في المجمل، والحرام شربها والزوجة حلال والحلال وطؤها حينئذ أُطلق اللفظ إطلاق اسم الشيء على ما يتصل به، والحلال وطؤها أو لأنه سبب أو اللفظ المذكور سبب للمعنى المراد رأينا الغيث مراده ماذا العشب الغيث المطر أطلق الغيث وأراد به العشب لماذا لأنه سببه والعشب مُسَبَّب، أو مُسَبَّبٌ أي اللفظ المذكور مُسَبَّب عن المعنى المراد يقول قائل سقوني الإثم مراده الخمر أطلق الإثم على الخمر لأن الإثم مُسَبَّب عن شربها والعلاقات أوصلها بعض إلى خمس وعشرين مذكورة في مطولات، وهو فرع

الحقيقة المجاز فرع الحقيقة فلذلك تلزمه دون العكس يعني كل مجاز له حقيقة ولا عكس لماذا؟ كل مجاز وله حقيقة لأن المجاز استعمال ثانوي استعمال اللفظ في غير ما وُضع له أولاً فحينئذ لابد أن يُوضع له لفظ في لغة العرب هذا اللفظ دال على معنى إذا أُطلق في لسان العرب صرف إليه يُستعمَل في غيره ما وُضع له إذاً لا إشكال لكن هل حقيقة لابد أن يكون لها مجاز؟ الجواب لا، وبعضهم قال لا لا يُشترط أن يكون لكل مجاز حقيقة وهذا فاسد ومبناه أيضاً مسألة الأسماء والصفات لأنهم قالوا الرحمن الرحيم الغفور هذه كلها مجازات إذا قيل مجازات حينئذ أُستعمل اللفظ في غير ما وُضع له إذاً وُضع الرحمن قبل ما يُسمى به الرب جل وعلا وضعاً لغويا فاستُعمل في معناه الحقيقي فثم تُجوّز به إلى معنى آخر فأُطلق على الرب قالوا هذا اللازم باطل فحينئذ ما صنعوا؟ قعّدوا قاعدة مباشرة لا يلزم لكل مجاز حقيقة فالرحمن مجاز فإذا أُرد عليهم أين حقيقته قالوا لا لا يُشتَرط بل قد يكون اللفظ لفظ يستعمل في المجاز ولا يكون له حقيقة لكن هذا فاسد غير مقبول بل الصواب أن يُقال الحقيقة قد تستعمل في مجازها ولا يلزم أن يكون لكل حقيقة مجاز ويلزم أن يكون لكل مجاز حقيقة لذلك قال وهم فرع الحقيقة أي المجاز فرع الحقيقة لأن الحقيقة أصل والمجاز فرع فحينئذ يترتب على ذلك فلذلك الفاء للترتيب والتفريع تلزم الحقيقة المجاز دون العكس تلزمه يعني كل مجاز له حقيقة دون العكس ليس كل حقيقة لها مجاز، يزيد البعض يقول وليس لكل مجاز حقيقة نقول لا هذا ليس بصواب.

تنبيه قال الحقيقة أسبق إلى الفهم يعني ما تُعرَف بالحقيقة متى نحكم على اللفظ أنه حقيقة؟ قال الحقيقة أسبق من الفهم أن يكون اللفظ له معنيان الذي يسبق إلى الفهم هو الحقيقة والذي يكون ثانياً هو المجاز، رأيت أسداً الذي يتبادر إلى الذهن الحيوان المفترس إذاً استعمال الأسد في الحيوان المفترس حقيقة واستعماله في الرجل الشجاع هذا مجاز لكن يُقيَد هنا اللفظ أسبق إلى الفهم يعني من المجاز حيث لا قرينة أما إذا قُيد فحينئذ يكون المجاز أسبق لو قال رأيت أسداً يخطب أيهما أبدر المجاز أم الحقيقة أيهما أسبق في الفهم؟ المجاز أسبق إلى الفهم حينئذ صارت القاعدة هذه غير مضطردة لكن لابد من تقييدها قول الحقيقة أسبق إلى الفهم من المجاز حيث لا قرينة مع المجاز فإذا أطلق الترتيب هكذا رأيت أسداً حينئذ يُحمَل على معناه الحقيقي الذي هو اللغوي الحيوان المفترس مع احتمال الرجل الشجاع لكن ذاك أظهر فيُحمَل عليه أما رأيت أسداً يروي أو يخطب حينئذ صار المتبادل إلى الذهن هو المعنى المجازي فصار المجاز أسبق إلى الفهم، ويصح الاشتقاق منه يعني يصح الاشتقاق من اللفظ الذي استُعمل فيما وُضع له الذي هو الحقيق فيُتصَرَف فيه يُؤتى بالماضي ويُؤتى بالمضارع ويُؤتى بالجمع إلى آخره سائل المشتقات التي يمكن أن تُشتق من اللفظ دال على أنه حقيقة لأن التصرف في اللفظ يدل على قوته وتمكنه وأصالته حينئذ ويصح الاشتقاق منه يعني من الحقيقة لأن الاشتقاق هو تصرف يدل على أصالة اللفظ وقوته وتمكنه، والقول الآخر أيضاً يصح الاشتقاق منه وعليه لا يصح أن يُجعَل الاشتقاق علامة على الحقيقة لماذا؟ لأن المجاز وهذه يذكرونها في باب الاستعارة التبعية يُجرى أولاً في المصدر ثم بعد ذلك يُجرى الاستعارة التبعية فيما يُشتَق منه من الفعل أو غيره فحينئذ صح الاشتقاق من المصدر بعد أن أُجريت الاستعارة فيه، الاستعارة التبعية لها كلام طويل تُجرى أولاً في المصدر ثم بعد ذلك يُنتقل من المعنى المصدري الذي دخله المجاز إلى ما أُشتق منه من فعل أو غيره فحينئذ نقول صح الاشتقاق من المجاز وأحسن ما يُعرَف به الحقيقة عن المجاز هو ما ذكره أول وهو أ، المعنى المتبادل الذهن أولاً فيمن يحسن لغة العرب هو الذي يكون حقيقة وما عداه فهو مجاز والأصل في حمل اللفظ هو الحقيقة ولا يجوز أن يُحمَل على المجاز إلا مع استحالة حمله على الحقيقة وحيثما استحال الأصل يُنتَقل إلى المجاز وحيثما استحال حمل اللفظ على حقيقته يُنتقل على المجاز وبهذا القيد ترد على من أثبت المجاز في الأسماء والصفات فيُقال لا يمكن حملها على المجازات والقرينة التي يُقال أنها استحالة عقلية هذه قرينة فاسدة بفساد التصور عندهم وذكرنا هذا فيما سبق، يعني المقصود أنه لا يُجعَل الرد رد المجاز رداً للمؤولة والمحرفة بعضهم يظن أنه إذا رد المجاز معناه قد انتصر على الأشاعرة وغيرهم لا بل يوجد من الأشاعرة ومن المعتزلة من يُنكر المجاز وهو مُحرف مؤول فحينئذ نقول رد المجاز وجعله دليلا على رد تأويل وتحريف الصفات نقول هذا فيه نوع ضعف.

ومتى درا اللفظ بينهما فالحقيقة ولا إجمال فالحقيقة مقدمة على المجاز لكن يقيدون بأن الحقيقة ألا تكون مُماتة أجمع على الحقيقة تُمات على التقدم له الأثبات يعني يقدم المجاز على الحقيقة الميتة إذا صارت الحقيقة مهجورة فالمجاز أولى لو قال قائل والله لا آكل من هذه النخلة فأكل من الخشب لا من الثمرة يحنث أو لا يحنث؟ لا يحنث لأن النخلة تُطلق في العرف على الثمرة وإن كان في أصل الوضع أنها للجذع والثمرة لكن باستعمالها في الثمرة هو الأشهر فصار استمالها في الجذع مراداً به الجذع هذا كأنه مُمات فحينئذ إذا دار بين الحقيقة المُماتة وبين المجاز الواضح البين فيُحمَل على المجاز أجمع على الحقيقة تُمات على التقدم له الأثبات، ومتى دار اللفظ بينهما يعين بين الحقيقة والمجاز فيُحمل على الحقيقة لأنها الأصل لأن الحقيقة مقدمة على المجاز ولا إجمال ولا يقال بأن اللفظ مجمل لأن اللفظ إذا دار بين معنيين فأكثر ولا قرينة قيل هذا مجمل وهنا إذا تردد بينهما هل هو مع تساوي المعنيين أو مع ترجيح؟ مع ترجيح لأن الأصل في حمل الكلام على أصل ولذلك نقول الأصل في الكلام أنه يُحمَل على الحقيقة دون المجاز يعني الغالب والراجح عند السامع أن يحمل الكلام على حقيقته دون مجازه، ولا إجمال يعني بسبب تردده بين الحقيقة والمجاز لماذا لو حكمنا بالإجمال لاختلال الوضع به يعني لاختل الوضع به أي بالقول بالإجمال يعني هذا تعليل لنفي الإجمال أي لأدي إلى اختلال الحكمة من الوضع وهي الإفهام إذا كان الكلام ينقسم إلى حقيقة وإجمال ثم كل لفظ يجوز أن يستعمل في مجازه كل حقيقة يجوز أن يكون لها مجاز فإذا جاء لفظ له حقيقة ومجاز إذاً يحتمل المعنيين فنقف إذاً كل التراكيب نقف فيها حتى تأتي قرينة مرجحة نقول اختل الوضع إنما وُضع الكلام من أجل قصد التفاهم بين المتخاطبين فإذا حُمل اللفظ على أنه مُجمل وصارت التراكيب كلها مُجملة لأن المجاز يدخل في الفعل ويدخل في الحرف ويدخل في الاسم والحقيقة أيضاً تكون في الفعل وتكون في الحرف وتكون في الاسم حينئذ اختلت حكم الواضع.

ثم قال فإن دل على معنى هذا شرع في بعض المباحث اللغوية التي تنبني على اللغة وهي أصولية أيضا والذي يُعبَر عنه بدلالات الألفاظ وهي أهم ما يعتني به الناظر في أصول الفقه الخاص والنص والظاهر والمجمل والعام والمطلق والمقيد نقول هذا أهم ما يهتم بها الطالب شرع فيها المصنف هنا، قال فإن دل على معنى واحد من غير احتمال لغيره فهو النص أراد أن يُبين لك حقيقة النص متى نقول هذا نص قد ننظر إلى المعنى كل لفظ كل كلمة من جهة المعن إما أن تدل على معنى واحد فقط أو على معنيين يعني أكثر من معنى إما مع التساوي أو لا هذه كم احتمال؟ ثلاثة إما أن تدل الكلمة على معنى واحد فقط وإما أن تدل على معنيين فأكثر مع التساوي حينئذ يُطلَب المُرجح أو على معنيين أحدهما أظهر من الآخر ثلاث احتمالات الأول النص الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً والثاني المُجمل الذي يدل على أكثر من معنيين مع التساوي وعدم التعيين والثالث هو الظاهر الذي له معنيان ولكنه يكون في أحدهما أجرح من الآخر إذاً القسمة ثلاثية سيتعرض لها المصنف، فإذن دل اللفظ بلفظه وصيغته على معنى واحد واضح من غير احتمال لغيره من المعاني فهو النص والنص عرفاً كل لفظ وارد لم يحتمل إلا معنى وحد فإذا كان اللفظ لا يحتمل إلا معنى واحداً فهذا نص في اصطلاح الأصوليين يعين النص بالمعنى الأخص، وأصله يعني في لغة العرب مأخوذ من الظهور والارتفاع إذاً ارتفع على غيره ارتفع على الظاهر وارتفع على المجمل ومنهم نصت الظبية رأسها أي رفعته وأظهرته ومنه منصة العرس لأنها تظهرها وترفعها، وقيل هو الرفع لغاية ما ينبغي إذاً النص قيل فيه إنه من الظهور والارتفاع وقيل أنه مأخوذ من الرفع إلى غاية ما ينبغي يعين أعلى ما يمكن أن يصل إليه هو النص وهنا واضح أن أعلى ما يمكن أن يصل إليه اللفظ أو الكلمة التي لا تحتمل إلا معنى واحدا وصلت إلى أعلى ما ينبغي أن يكون إليه بخلاف المحتمل لمعنيين لو كان مع الترجيح أو مع التساوي لم يصل إلى أعلى ما ينبغي، وقد يُطلق لفظ النص على الظاهر النص في الاصطلاح هو المعنى السابق لكن له استعمالات عند الفقهاء وبعض الأصوليين قد يُطلَق النص مراداً به الظاهر وقد يُطلق النص على كل ما أفاد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس وقد النص على الوحيين فقط على الكتاب والسنة هذه أربعة نقاط نص إذا أفاد ما لا يحتمل غيرا واظهر إن الغير احتمل والكل من زين له تجلى ويطلق النص على ما دل وفي كلام الوحيين يطلق على النص الذي هو اللفظ الذي لا يحتمل إلا معنى واحد وهذا النص إذا أُطلق عند الأصوليين انصرف على هذا المعنى لا يحتمل غيره لأن اصطلاح خاص فإذا أطلق الاصطلاح الخاص في فن ما انصرف إلى ما وُضع له ذلك اللفظ، ويُطلق النص توسعاً على الظاهر ما احتمل معنيين هو في أحدهما أصغر من الآخر إذاً توسعوا في اللفظ لأن الظاهر يُحمَل على المعنى الراجح فحينئذ تحقق فيه المعنى اللغوي معنى النص وهو الارتفاع والظهور لأنه إذا حُمل على المعنى الراجح دون المعنى المرجوح حينئذ حملناه على ما هو أظهر وأرفع من غيره الذي هو المعنى المرجوح ويُطلق النص على كل ما أفاد كل ما أُستفيد منه في الشرع من كتاب أو سنة أو إجماع أو

قياس يُقال هذا نص ويُطلق مرادا به الكتاب والسنة على الوحيين، هنا قال بعد أن عرف المعنى الخاص قال وقد يطلق على الظاهر يعني وقد يُطلق على النص على الظاهر وهو ما احتمل معنى آخر احتملاً مرجوحاً الظاهر إذا حكمنا عليه بأنه ظاهر نقول ما احتمل معنى آخر مرجوحاً لماذا؟ لوجود الارتفاع والظهر فالنص مرتفع ظاهر في الدلالة ومثله الظاهر وإن كان الظاهر أدنى ظهوراً وارتفاعاً من النص الظاهر أدنى ظهوراً وارتفعاً من النص لماذا؟ لأن النص لا يحتمل إلا معنى واحد فإذا أطلق اللفظ انصرف إليه (تلك عشرة كاملة) لا يحتمل أنها تسعة ولا يحتمل إحدى عشر حينئذ لا يحتمل إلا اللفظ الذي أُطلق لكن المعنى الظاهر رأيت أسداً المعنى الظاهر ما هو الحيوان لمفترس مع احتمال الرجل الشجاع نقول إذاً حصل نوع ظهور وارتفاع بالمعنى الراجح على المعنى المرجوح لكن هل هذا مثل النص؟ لا ليس مثله ظهور وارتفاع النص أعلى من ظهور وارتفاع الظاهر وظهور ارتفاع الظاهر أدنى من ظهور وارتفاع النص، ما هو الظاهر قال هنا وأراد أن يُعرف لك الظاهر وهو المعنى السابق من اللفظ مع تجويز غيره المعنى السابق أي المتبادر للذهن والسابق للفهم من اللفظ احترز به عن المتبادل لا من اللفظ بل لقرينة أخرى خارجة فحينئذ يكون ظاهراً لكنه ليس لذاته بل بقرينة وفرق أن يُقال ظاهر بذاته وظاهر بقرينة خارجة والمراد هنا الظاهر بذاته لأنه إذا أُطلق اللفظ حُمل على المعنى الراجح دون المرجوح، هو المعنى السابق أي المتبادر للذهن والسابق للفهم فحينئذ أخرج هذا المُجمَل لأن المُجمَل ليس فيه معنى سابق بل كلا المعنيين متبادرة إلى الذهن القُرء هذا لفظ مشترك بين الطهور والحيض فإذا أُطلق {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، نقول هنا يتبادر الحيض والطهر ولابد منت قرينة خارجة تُعين إذاً لم يتبادر أحد المعنيين بخلاف الظاهر الظاهر هنا يسبق إلى الفهم معنى راجح مع تجويز غيره إذاً لابد في الظاهر من معنيين يكون في أحدهما أظهر وأرجح من الآخر فيكون حمله على الظاهر هو المتبادر إلى الذهن، وأكثر ما يستعمل بين الفقهاء بهذا المعنى وأكثر ما يستعمل أي الظاهر بين الفقهاء بهذا المعنى يعين في اللفظ الذي يحتمل معنيين فأكثر وهو في أحدها أرجح إذا أُطلق الظاهر كذلك عند الأصوليين يُراد به ما احتمل معنيين فأكثر هو أرجح في احد تلك المعاني إذا أُطلق اللفظ صرف إليه، فإن عَضَدَ الغير دليل يغلّبه لقرينة أو ظهار آخر أو قياس راجح سُمَّيَ تأويلاً الذي هو الظاهر بالدليل الظاهر المُؤَوَّل لأننا ذكرنا أن الظاهر له معنيان معنى الراجح ومعنى المرجوح إذا في إطلاقات الشرع نحمله على الراجح لأنه هو المتبادر أولاً هل يجوز حمله على المعنى المرجوح؟ نعم لكنه بدليل لابد أن يكون بدليل صحيح وما هو ما يُسمى بالتأويل عند المتأخرين وذلك عبّر وسمي تأويلاً وهو صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معناه المرجوح بدليل وهذا قسمان قد يكون فاسداً باطلاً مردوداً على صاحبه وقد يكون حقاً وصواباً، متى يكون حقاً إذا صُرف اللفظ إلى المعنى المرجوح لدلالته على المعنى الراجح على المعنى المرجوح بدليل شرعي

صحيح وإما إن صُرف بالهوى والتحكم حينئذ صار باطلاً فيُرَد على صاحبه، فإن عَضَدَ يعني ساعد وقوّى الغير يعني المعنى المرجوح دليل يغلّبه أي أن الدليل جعل المعنى المرجوح للظاهر أغلب على الظن من المعنى الراجح يُغلبه بمعنى أنه أي الدليل جعل المعنى المرجوح للظاهر أغلب في الظن من المعنى الراجح عكسنا القضية الأصل أن يُحمل الظاهر على المعنى الأرجح الذي يتبادر إلى الذهن قد نعكس نحمله على المرجوح لكن بقرينة كما قال هنا، فإن عَضَدَ يعين وُجد أو قوّى أو ساعد الغير يعني المعنى المرجوح دليل يغلّبه بمعنى أن الدليل جعل المعنى المرجوح للظاهر أغلب على الظن من المعنى المرجوح فصار هذا المعنى المرجوح بسبب الدليل راجحاً المعنى المرجوح صار راجحاً لكن بدليل وهذا الدليل ذكر المصنف ثلاثة أنواع قال لقرينة أن توجد قرينة في النص تدل على أن المعنى المرجوح هو أرجح وأن المعنى الأرجح هو مرجوح قال - صلى الله عليه وسلم - (العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) هل يجوز للواهب أن يعود في هبته؟ قال الشافعي يجوز لأن الكلب لا يحرم عليه أن يعود في قيئه قال كالكلب يعود في قيئه وهل يحرم على الكلب أن يعود في قيئه؟ لا يحرم إذاً العائد في هبته مثل الكلب لا يحرم عليه أن يعود في هبته قال الإمام أحمد بل يحرم بدليل ماذا هذا ظاهر وارد ما فيه إشكال العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه لو وقفنا مع هذا النص لقلنا يجوز لكن قال الإمام أحمد لنا قرينة تجعل المعنى المرجوح راجحاً وهو أنه قال - صلى الله عليه وسلم - في أول حديث (ليس لنا مثل السوء) قال هذه قرينة تصرف المعنى الظاهر وهو استواء العائد في هبته في الكلب في عدم التحريم في الرجوع في القيء والهبة وهي تجعل أن لا يجوز أن يعود في هبته لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثّله بماذا بالكلب ليس لنا مثل السوء فحينئذ لا يجوز أن يُشابه المسلم الكلب بنص ليس لنا مثل السوء، وهذا الذي أشبه الكلب في قيئه قد أشبه الكلب فحينئذ صار له مثل السوء وليس للمسلم مثل السوء فقال الإمام أحمد رحمه الله لا يجوز للواهب أن يرجع في هبته وإلا ظاهر النص أنه لا يحرم لو وقفنا مع قوله العائد في هبته كالكلب شبهه بالكلب والكلب لا يحرم عليه كما قال الشافعي وهو صحيح لكن نقول عندنا قرينة في أول الحديث تجعل أن التشبيه هنا المراد به المنع كأنه قال لا تتشبه بالكلب أيها الواهب فتعود في هبتك كما يعود الكلب في قيئه فإن هذا مثل قبيح وهو مثل سواء وليس لنا مثل السوء، أو ظاهرٍ آخر أو ظاهر آخر يجوز التنوين وتركه أو ظاهر آخر يعني يجوز أن يُصرف الظاهر من معناه الراجح إلى معناه المرجوح إذا وافقه ظاهر آخر قال جل وعلا {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} المائدة3، الظاهر هنا أن الميتة هذا لفظ عام يسقط اللفظ على كل مسمى الميتة فحينئذ كل أجزاء الميتة مُحرمة لا يجوز أكلها ولا يجوز استعمالها لنجاستها كما هو معلوم في النص الآخر لكن جاء دليل آخر ينص على أن جلد الميتة يمكن تطهيره فيُحكَم بنجاسته فلا يحرم استعماله أيما إيهاب دُبغ فقد طهر إذا دُبغ الإيهاب فقد طهر حينئذ هذا ظاهر أو لا أيما إيهاب دُبغ فقد طهر نقول هذا ظاهر دل على أن

قوله الميتة يُستثنى منها وكل استثناء بلفظ خاص من لفظ عام فهو نقول تخصيص بظاهر وجَعْل المعنى الراجح على المرجوح لأن المعنى الراجح من قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} أن كل الميتة هذا الظاهر المتبادر عند أول السماع كل أجزاء الميتة فهي مُحرمة لأنه نجسة جاء الاستثناء في الإيهاب حينئذ صار بقوله أيما إيهاب صار قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} دلالة الميتة على الإيهاب معنى راجح أو مرجوحا؟ صار الراجح مرجوحً لأن دلالة الميتة على تحريم الإيهاب هذا معنى راجح بالدليل الآخر النصوص الدالة على استثناء الجلد نقول صار المعنى الراجح مرجوحاً فحينئذ غَلَّب هذا المعنى المرجوح ظاهر آخر فصار به المرجوح راجحاً أو قياس راجح {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} النور2، الزانية هذا من حيث اللفظ يشمل الحرة والأمة لكن جاء النص بالتخصيص لقوله تعالى {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النساء25، إذاً اُستُثني الأمة صار مُخصصا لقوله {الزَّانِيَةُ} صار الزانية خاصة بالحرة، الزاني هذا يشمل العبد ويشمل الحر إذاً ظاهر في العبد أم لا؟ ظاهر في العبد إذا لم يُرد العبد به صار مرجوحاً جاء قياس راجح رجح أن اللفظ هنا الزاني ليس مراداً به العبد بدليل ماذا؟ بدلي قياس العبد على الأمة بجماع الرق فحينئذ يُنَصف العذاب على العبد قياساً على الأمة بجمع الرق فيأتي النص هنا (الزاني) نقول هذا مخصوص فنجعل دلالة اللفظ على العبد الراجحة نجعلها مرجوحة لماذا؟ بالقياس الآخر، فإن عَضَدَ الغير أي المعنى المرجوح دليل يغلّبه يجعله أغلب في الظن لقرينة أو ظاهر آخر أو قياس راجح سُمَّيَ تأويلاً يعني سُمَّيَ اللفظ الذي دل على المعنى المرجوح بهذه القرينة والدليل المنفصل سُمَّيَ تأويلاً.

والتأويل في الأصل في إطلاق اللغة أنه التفسير ويُطلق عند المتأخرين على صرف المعنى عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح بدليل وقلنا قسمان قد يكون حقا وقد يكون باطلاً إن كان بالنص فلا إشكال إن كان بدون ذلك فهو باطل لأنهم يسمون تحريف آيات الصفات يسمونها تأويلاً نقول صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح (الرحمن على العرش استوى) قالوا استوى بمعنى ماذا؟ استوى قالوا لا يُفهم منه إلا الجلوس الذي يعهده الإنسان لنفسه حينئذ قالوا لا هذا لا يجوز تعالى الله عن ذلك إذاً لابد من صرفه عن المعنى الظاهر المتبادر من النص إلى المعنى المرجوح وهو الاستيلاء إذاً الاستيلاء صار نتيجة والأول صار فهماً ولذلك نقول في مسألة المجاز الفهم خطأ من أصله لماذا بل يداه مبسوطتان قالوا يداه قالوا لا نفهم منه إلا هذه اليد نقول فهمكم هذا خطأ من أصله تصور فاسد فساد في التصور فلما فهموا هذا الفهم قالوا إذاً نبحث عن تخريج لهذه الآية فقالوا المجاز إذاً المجاز جاء ثانياً لم يأت أولاً الأول عندهم دلالة أو ظاهر دلالة الآيات آيات الصفات هو التشبيه بالمخلوق فقالوا ظاهر دلالة الآيات هو التشبيه لا يُفهَم منها إلا الأمر المعهود نقول هذا التشبيه الذي وقع في الذهن هذا فاسد.

وقد يكون في الظاهر قرائن يدفع الاحتمال مجموعها دون آحادها قد يكون في الظاهر قرائن عدة قرائن إذا جُمعت هذه القرائن بمجموعها يكون المراد المعنى المرجوح لا المعنى الراجح وقد يكون في الظاهر قرائن يدفع لاحتمال مجموعها دون آحادها مجموعها هذا فاعل دون النظر إلى آحادها وهذا يكون رداً غالباً في ما يتعلق به بعض الأحناف، أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها أيما امرأة الأحناف ماذا قالوا هنا؟ المراد بالمرأة الصغيرة أو الأمة أو المكاتبة ولا يُحمَل على المرأة العاقلة البالغة الراشدة بل لها أن تُزوج نفسها نقول في الحديث هنا قرائن بمجموعها تؤيد أن المراد به هو المعنى الراجح ويصير ما ذهب إليه الأحناف معنى مرجوحاً ماذا قال الأحناف؟ حمله الحنفية على الصغيرة نقول كيف صغيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أيما امرأة إذاً نرده بماذا؟ قول امرأة هذا قرينة في اللفظ هذا يدل على أنه لا يُحمَل على الصغيرة فليست الصغيرة بامرأة قالوا نحملها على الأمة لأنها يمكن أن تُطلق المرأة الكبيرة وهي أمة سواء كانت حرة أو أمة لأنها مملوكة فحملوها على الأمة فقيل لهم فلها المهر والأمة لها أو لسيدها؟ لسيدها فحينئذ كيف يقال أنه يُحمل على الأمة إذاً بمجموع امرأة وبغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر ثبوت المهر لها يدفع أن يكون المراد بالحديث لا الصغيرة ولا الأمة لأن الصغيرة لا يطلق عليها امرأة والأمة لا يكون لها المهر بل لسيدها فحينئذ نقول بمجموع هذه القرائن على قوله أيما هذا نص عام وإذا كان النص عاماً عندنا وإن كان الصحيح دخول النادرة اللفظ النادر الصحيح أن العام يشمله لكن لا يُجعَل هو الظاهر وهو المتبادر فإذا قيل أيما امرأة أي هذه صيغة عموم تشمل النادر وغير النادر على الصواب حمله على النادر نقول هذا حمله على خلاف الأصل تخصيص اللفظ العام باللفظ النادر أو غير الشائع نقول هذا تخصيص له وتحكم بلا مُخصص حينئذ يكون اللفظ عاماً، قد يكون في الظاهر قرائن يدفع مجموعها الاحتمال دون أحدها إذاً يُحمَل اللفظ امرأة هنا على الظاهر وهو المرأة الكبيرة البالغة الراشد ولا يُحمَل على المعنى المرجوح وهو كونها أمة أو كونها صغيرة أو كونها مكاتبة، ثم قال والاحتمال قد يبعد فيحتاج إلى دليل في غاية القوة لدفعه وقد يقرب فيكفي أدنى دليل، وقد يتوسط فيجب المتوسط يعين الاحتمالات هذه تختلف قرباً وبعداً إذا كان الاحتمال بعيداً جداً حينئذ يحتاج إلى دليل قوي لأن ظاهر اللفظ معنى راجح وله معنى مرجوح ولكنه بعيد حينئذ لابد من دليل قوي يقربه إلى أن يكون هو المراد بهذا اللفظ الظاهر مثل ما ذكره الأحنف أما امرأة نقول لابد من دليل قوي يجعل هذا الظاهر مراداً به الصغيرة أو المكاتبة أو الأمة ولا يُحمل على هذا النار غلا بقرينة أو دليل قوي جداً ثم قد يقرب هذا الاحتمال فيكفي أدنى دليل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} قمتم ما المراد؟ يعني إذا قمت وكبرت ابدأ توضأ أليس كذلك هذا ظاهر اللفظ نعم هذا ظاهر اللفظ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى

الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} المائدة6، يعني إذا بدأت بالصلاة فتلبس بالضوء نقول لا {إِذَا قُمْتُمْ} أي إذا أردتم بأدنى دليل نصرف الظاهر لأن الأصل في القيام هنا ليس المراد به الإرادة وإنما المراد به القيام نفسه فحينئذ نصرفه من الظاهر إلى المعنى المرجوح بدليل ويكفي أدنى دليل ولا يحتاج إلى عدة أدلة وأن يكون المعنى منصوص في نصوص أخرى وقد يتوسط فيجب المتوسط يتوسط مثل قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} المراد بهذا التركيب الذي ذكره المصنف أن الاحتمالات قرباً وبعداً قوة وضعفاً القوي الاحتمال في البعد لابد من دليل قوي ليُحمَل اللفظ الظاهر عليه والمتوسط تحتاج إلى دليل متوسط والقليل جداً يحتاج إلى أدنى دليل ثم شرع في بيان المجمل ويأتي معنا إن شاء الله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. ما معنى قوله معتمد على مقاطع؟ مقاطع مخارج الحروف أقصى الحلق والأضراس واللسان وطرف اللسان.

13

عناصر الدرس * المجمل والمبين , المشترك * العام وألفاظه. الدرس الثالث عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، ذكرنا أن المصنف - رحمه الله تعالى - شرع في بيان الألفاظ وذكر النص والظاهر ووقفنا على المجمل وقال - رحمه الله تعالى - فإن دل أي اللفظ فإن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه وتساوت ولا قرينة فمجمل أي فهو مجمل مجمل هذا اسم مفعول من أُجمل يُجمل فهو مُجمَل والمجمل في اللغة هو المجموع من أجملت الحساب إذا جمعته ويُطلق أيضاً في اللغة على الخلط والإبهام لذلك يقال له معاني المجموع والخلط والمُبهَم والمُحل أما في الاصطلاح فحده المصنف هنا يقوله فإن دل وهذا عطف على قوله فإن دل على معنى واحد لا يحتمل غيره حينئذ هو النص يعني اللفظ كما سبق قد يدل على معنى واحد لا يحتمل غيره قلنا هذا هو حد النص ما دل على معنى واحد لا يحتمل غيره نص إذا أفاد ما لا يحتمل غيره وظاهر إن الغير احتمل إذا دل على معنيين هو في أحدهما أظهر من الآخر حينئذ نقول هذا الظاهر ماذا بقي؟ بقي أن يدل على معنيين فأكثر دون ترجيح لأحدهما على الآخر دون أن يكون اللفظ ظاهراً في واحد دون الآخر إذاً النص لا يمكن أن يدخل في المجمل لماذا؟ لأن المجمل احتل معنيين فأكثر والنص مختص بمعنى للدلال على واحد النص أن يدل على واحد (تلك عشرة كاملة) لا يحتمل إلا العشرة فحينئذ إذا دل على معنى واحد لا يمكن أن يتبادر إنه مجمل أو ظاهر فإذا دل على معنيين ننظر في هذين المعنيين إن كان اللفظ دالاً على معنيين إلا أنه دون قرينة خارجة إلا أنه في أحدهما أظهر من الآخر بذات اللفظ نقول هذا هو الظاهر فإن لم يدل على أن أحدهما أظهر من الآخر لم يترجح أحد المعنيين نقول هذا هو المشهور إذاً تساوى المعنيان ولا قرينة يعني خارجة على ما ذكره المصنف، فإن دل يعني اللفظ فإن دل أي اللفظ على أحد المعنيين على أحد معنيين هذه العبارة مشكلة أحد معنيين كم نقل على أحد معنيين هذا فيه إشكال لعل أحد هذه زائدة، فإن دل على معنيين أو أكثر لا بعينه هذا يعود على قوله أحد حينئذ كيف يُقال إن المجمل دل على معنيين والمعنيان متساويان هذا فيه إشكال إن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه كيف دل على أحد معنيين لا بعينه ثم نقول هو مجمل إن دل بمعنى أن الدلالة قد حصلت بالفعل لا يقال في اللفظ دل على معنى إلا والدلالة قد حصلت بالفعل بحيث إنه إذا أُطلق اللفظ فًهم المعنى حينئذ إذا قيل الظاهر دل على أحد المعنيين الأرجح فإذا أُطلق الأسد انصرف إلى الحيوان المفترس رأيت أسداً حينئذ الأسد هذا له معنيان أحدهما أرجح وهو الحيوان المفترس والثاني مرجوح وهو الرجل الشجاع فإذا أُطلق قيل رأيت أسداً حُمل على الحيوان المفترس على أحد المعنيين إذاً له معنيان فنقول لفظ أسد دل بلفظه دل دون قرينة خارجة دل على أحد المعنيين وهو كونه حيوان مفترساً لأن هذا شأن الظاهر لكن القول بأن المجمل دل على أحد المعنيين لا بعينه هذا فيه نوع إشكال لذلك عبارة صاحب المختصر التحرير أنه ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء هذه عبارة أضبط ما تردد بين محتملين فأكثر إذاً تردد بين محتملين لو قيل دل على أحد

المحتملين صار نصاً وحينئذ لو قال دل على أحد المحتملين لا بعينه كيف هذا كيف دل على واحد إلا بعينه هذا فيه إشكال فيه إشكال من حيث هو إجمال قد يقال إنه دل بشيء آخر {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، قد يقول قائل الظاهر هو كما قال المصنف ثلاثة قروء قرء يدل على ماذا يفهم منه؟ الطهر والحيض هل هو أحدهما أظهر من الآخر الجواب لا لكن إذا عُين في الآية أنه طهر أو أنه الحيض حينئذ تعين دل على أحد اللفظين نقول لا إذا وُجدت القرينة وتعين أحد اللفظين زال الإجمال والحد هنا المُجمل قبل التبين قبل التبيين أما إذا وقع البيان ارتفع الإجمال حينئذ كيف نعرف المجمل بعد رفع الإجمال لا يتحدد ويتعين أحد المعنيين إلا إذا جاءت قرينة خارجة فإذا جاءت قرينة حاجة خرج عن حد المجمل ونحن نريد أن نُبين ونُحد المجمل قبل ورود البين حينئذ نقول ما تردد بين المحتلمين فأكثر على السواء ما لفظ أو فعل تردد بين محتملين أخرج النص لأن النص ليس له إلا محتمل واحد جاء زيد زيد هذا لا يحتمل إلا الذات المشخصة الواحدة فأكثر على السواء محتملين فأكثر لأن المجمل قد يكون دالا على معنيين فقط وقد يكون دالا على أكثر من معنيين على السواء المقصود به تساوي المعنيين أخرج الظاهر لأن الظاهر يدل على معنيين إلا أنه في أحدهما أرجح من الآخر والمجمل يدل على معنيين أو أكثر إلا أنه أحدهما ليس أظهر من الآخر فقوله على السواء يعني مستويين حينئذ أخرج الظاهر وإن دل على معنيين إلا أنه في أحدهما أظهر كذلك دلالة اللفظ على الحقيقة والمجاز كأسد أسد هذا يُستعمَل في الحقيقة والمجاز هل يدل على الحيوان المفترس والرجل الشجاع والمعنيان متساويان نقول لا بل هو في أحدهما أظهر من الآخر وهو دلالته على الحيوان المفترس أظهر من دلالته على الرجل الشجاع إذاً نقول في تحديد أو بيان المجمل بأنه ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء ما هذا تسمى أصول يصدق على القول والفعل لأن الفعل قد يكون فيه إجمال كذلك القول قد يكون فيه إجمال وتردد بين محتملين أخرج النص فإنه يُعين أحد المعنيين نص إذا أراد ما لا يحتمل ... ،

إذاً ما تردد بين مُحتملين فأكثر على السواء خرج بمحتملين النص وعلى السواء أخرج الظاهر والحقيقة التي لها مجاز، أما قوله المصنف هنا إذا عرفنا معنى المجمل على ما ذكره صاحب المختصر فإن دل على أحد معنيين على أحد معنيين هنا لم يدل على معنيين بل عين أحد المعنيين وهذا قبل الإجمال أم بعد الإجمال؟ التعيين يكون بعد ورود المُبيّن فإن دل على أحد المعنيين لذلك نعضهم يقول لا يمكن تصور الإجمال إلا في لفظ له معنيين وهذا حق لا يُتصَوّر الإجمال إلا في لفظ له معنيان فأكثر على السواء وأما كونه دالاً على واحد بعد رفع الإجمال فهذا خرج عن حيز الإجمال ما هذا الذي يظهر والعلم عند الله، فإن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه على ما ذكره المصنف هنا لا بعينه أراد له الاحتراز عن الظاهر وتساوت أي المعاني وتساوت تلك المعاني ولا مزية لأحدهما على الآخر ولا قرينة يعني قبل رفع الإجمال يُحكم على اللفظ بأنه مُجمل قبل ورود البيان أما بعده حينئذ نقول ارتفع الإجمال ولذلك حكم المجمل وجوب التوقف فيه حتى يرد دليل خارجي هذا حكمه إذا عرفنا النص نقول واجب العمل به الظاهر واجب العمل بما دل عليه وهو المعنى الراجح والمجمل عدل على معنيين أو أكثر على السواء ولا قرينة نقول يجب التوقف حتى يرد الدليل الخارجي المُبين والمُميز لأحد المعنيين على الآخر، وقد حدّه قوم بما لا يُفهم منه معنى عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ هكذا لا يُفهَم منه معنى وهذا فيه إشكال لأن الذي لا يُفهم منه معنى هو المُهمَل وليس الموضوع والمجمل قسم من أقسام الموضوع والموضوع له معنى حينئذ قولهم بما لا يُفهَم منه معنى عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ دون تركيب لا يُفهَم منه معنى معين أو لا يفهم منه معنى على الإطلاق نقول لا وجود له في اللفظ المستعمل بل هذا قسم أو نوع من أنواع المهمل والمهمل الذي لم تضعه العرب لأن اللفظ نوعان مهمل وموضوع المهمل الذي لم تضعه العرب وهو الذي لا معنى له كرفعج مقلوب جعفر وديز مقلوب زبد أما الذي وضعه العرب فلابد أن يكون له معنى، وقد حَدَّه قوم بما لا يُفهم منه معنى ولكننا نقول المجمل يفيد معنى لكنه غير مُعيّن ولذلك بعضهم قال لو قيد هنا لا يفهم منه معنى معين لصح الحد لو قال لا بما لا يفهم معين عند الإطلاق صح الحد وهذا يرد أيضاً ما ذكرته سابق فإن دل على أحد معنيين نقول المجمل لا يفهم منه أحد المعنيين، فيكون في المشترك إذاً عرّف لك المجمل بأنه ما دل على معنيين فأكثر على السواء ولا قرينة مثاله قوله جل وعلا {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} هذا جمع قَرء أو قُرء بالفتح والضم بالوجهان والقرء يُطلق في اللغة على الطهر والحيض على السواء حينئذ إذا أطلق ثلاثة قروء يُحمَل على المعنيين وهما متضادان إذاً لابد من مُرجح خارجي فحينئذ نقول ثلاثة قروء هذا اللفظ في هذا التركيب مجمل يجب التوقف فيه ولا يُعمَل به حتى يرد دليل يبين لنا ما المرد هل المراد به الحِيَض أم الأطهار حينئذ يلتمس بدليل خارج عن الآية، قال فيكون في المشترك يعني أين يقع أين يكون؟ المجمل يكون في الفعل ويكون في

الاسم ويكون في الحرف يعني الإجمال والإبهام وعدم التعيين يدخل ألأسماء ويدخل الأفعال ويدخل الحروف فيكون يعني يوجد في المشترك وهو نوع من أنواع الأسماء المشترك في المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه لابد من القيد لأن المشترك له معنيان فأكثر قد تكون هذه المعاني متضادة يتعذر حمله على معنييه معاً كالأقراء لا يمكن حمل اللفظ على معنيين لأن كل منهما مضاد للآخر حينئذ لابد من تعيين لابد من دليل خارجي وإن دل على مختلفين فأكثر لا متضادين فحينئذ الأصح في باب العموم إذا عُلق حكم على مشترك مختلف المعاني ولا مُرجح خارجي يُحمَل على جميع المعاني فإذا قال عندي عين فنقول عين هذا مفرد مشترك يدل على العين الجارية عين الباصرة والجاسوس إلى آخره له عماني متعددة نقول هل بين هذه المعاين تنافي ليس بينها تنافي إذا لم يكن ثم تنافي بينها حينئذ يصح حمل المشترك على جميع معانيه وهذا الأصح عند الشافعي - رحمه الله تعالى – وهو المرجح، جعله هنا مشترك ولكنه من قسيم المجمل نوع من أنواع المجمل لكن نقول لابد من تقييده عند من عند من لا يحمل المشترك على معانيه المختلفة عند الاختلاف أما من قال أنه يُمنع حمل المشترك على معانيه ولو كانت غير متضادة حينئذ يجعله من قبيل المجمل فلو قيل عندي عين عين هذا يحتمل معاني مختلفة غير متضادة هل هذا من قبيل الإجمال أو من قبيل العام الذي يُحمَل على جميع أفراده؟ هذا فيه نزاع المصنف جعله هنا من قبيل الإجمال والأصح أنه إذا لم يكن تنافي بين معانيه المختلفة فحينئذ يُحمَل على كل المعاني، فيكون في المشترك المفرد اللفظ المفرد عند القائلين بامتناع تعميمه قيده عند القائلين بامتناع تعميمه أما من جوّز تعميمه على أفراده المختلفة فحينئذ المشترك ليس من قبيل المجمل وهو ما توحد لفظه وتعددت معانيه بأصل الوضع وهو – أي المشترك – ما توحد لفظه يعني اتحد لفظه كعين وتعددت معانيه لفظ عين هذا اتحد اللفظ ويطلق ويراد به العين الباصرة والجارية والذهب والفضة هذه معاني مختلفة كل معنى وُضع له لفظ خاص ولكن هذا اللفظ الخاص هو عين اللفظ الآخر فوُضع لفظ عين على الباصرة فالباصرة عين ووضع لفظ عين على الجاسوس فالجاسوس معنى العين ووضع لفظ عين على الذهب فحينئذ الذهب نقول هذا له وضع خاص وهو عين إذاً اللفظ واحد عين وعين وعين ولكن المعاني متعددة هل الوضع متحد أو متعدد؟ نقول متعدد الصحيح أنه متعدد فإذا وضع لفظ عين للذهب وضع مرة أخرى لفظ عين للفضة ثم وضع مرة ثالثة لفظ عين على الجاسوس وهلم جرة فنقول اتحد اللفظ لأنه مُؤلَف من عين وياء ونون مسمياتها والمعاني المختلفة والوضع متعدد وهذا الفرق بين المشترك المعنوي والمشترك اللفظي لأن المشترك اللفظي اللفظ متحد والمعنى في المشترك المعنوي متحد والوضع متحد ما اتحد لفظه ومعناه ووضعه نقول هذا المشترك مشترك معنوي كالإنسان الإنسان معناه ما هو حيوان ناطق نقول حيوان ناطق هذا مشترك اشتراكا معنوياً فدل لفظ إنسان على حيوان ناطق فيولد في زيد وعمرو وخالد إلى آخره اللفظ واحد وهو إنسان فنقول زيد إنسان وعمرو إنسان وخالد إنسان اللفظ واحد ثم نقول العين الجارية عين والبحر عين والفضة عين

إذاً اللفظ واحد متحد والمعنى واحد وهو كونه حيوان ناطق والوضع واحد يعني وُضع لفظ إنسان مرة واحدة إذاً نقول الفرق بين المشترك المعنوي والمشترك اللفظي أن المشترك المعنوي اتحد لفظه ومعناه ووضعه كلها متحدة والمشترك اللفظي ما اتحد لفظه وتعدد معناه ووضعه. إذاً كل لفظ مشترك كالقرء وُضع مرة دالاً على الطهر ووضع مرة دالاً على الحيض فحينئذ إذا أُطلق لفظ قرء نقول هذا مشترك لماذا هو مشترك؟ لأن اللفظ واحد مسماه الطهر مرة ومسماه الحيض مرة أخرى واللفظ واحد والمعنى متعدد الذي هو الحض والطهر هو الوضع واحد وُضع مرة واحدة دفعة واحدة للمعنيين؟ نقول لا لكل معنى وُضع له وضع خاص هذا هو المشترك لكن قال بأصل الوضع هنا قال ما توحد لفظه يعني اتحد لفظه كعين وتعددت معانيه بأصل الوضع ما المراد بأصل الوضع أراد به أن التعدد مع اتحاد اللفظ قد يكون بالنقل كالأعلام وقد يكون بالمجاز كالحقيقة مع المجاز حينئذ نقول الأسد له معنيان الحيوان المفترس والرجل الشجاع تعددت معانيه أو لا تعددت معانيه لكن بأصل الوضع لا وإنما وُضع أصلاً دالاً على الحيوان المفترس ثم أُستُعمل ثانياً في الرجل الشجاع إذاً التعدد هنا ليس بأصل الوضع ليس بأصل الوضع كذلك الأعلام المختلفة الأعلام أو الأسماء المنقولة فضل فضل هذا مصدر وُضع للدلالة على الزيادة في أصل سُمي رجل بفضل علم صار اتحد لفظه أو لا تعددت معانيه أو لا؟ تعددت معانيه تعدد الوضع؟ لا هذا منقول فحينئذ الأسماء المنقولة تشترك مع المشترك في قدر مشترك وهو اتحاد اللفظ وتعدد المعنى فالرجل الذي يُسمى بفضل لو سميت رجلاً بفضل نقول وُجد فيه قيدان من المشترك وهو اتحاد اللفظ نقول هذا فضل الله هذا له معنى خاص وتقول جاء فضل اسمه الفضل اسم جاء فضل هذا اسم إذاً اتحد اللفظ وتعدد المعنى فضل الله ليس هو عين ذات المشخصة شيء آخر فحينئذ تعدد المعنى لكن نقول ليس بأصل الوضع وإنما بالنقل الشرط في الاشتراك أن يكون اللفظ متحداً والمعنى متعدداً والوضع متعدد لابد من هذا فقوله بأصل الوضع يعني لا بنقل ولا بمجاز فأخرج الأسماء المنقولة والمجاز.

كالعين والقرء مثّل بمثالين هل نستطيع أن نأخذ فائدة من المثالين لم كرر؟ النحاة الأصل عندهم قاعدة أنه لا نكرر المثال إلا لفائدة زائدة ليست موجودة في الأولى وهنا هل يمكن أن نأخذ فائدة؟ إذاً قوله وتعددت معانيه هذا نوعان تعددت معانيه مع التضاد وتعددت معانيه مع الاختلاف التضاد يعني لا يمكن الجمع بينهما حينئذ لو قيل النص ثلاثة قروء لا يمكن أن يُجمع يكون الحكم مرتباً على القروء وهي كما هي المراد به الطهر والحيض وهما ضدان إذا كان المرأة طاهر فهي غير حائض وإذا كانت حائض فهي غير طاهر متلازمان لا يمكن أن يجتمعا مرة واحدة لكن لو قال عندي عين يمكن أن يكون عنده عين الباصرة وعنده الذهب وعنده فضة إلى آخره يمكن تجتمع كلها ليست متضادة إذا قال عندي عين لا يمكن قول يفهم منه عين باصرة إذاً ليس عنده ذهب ولا عنده شيء آخر – لا – إذاً المتعدد ن المعنى المشترك قد تكون المعاني متضادة وقد تكون المعاني مختلفة لا متضادة ولكن الأصح هناك إذا عُلق الحكم على مشترك وله معنيان مختلفان غير متضادين أو غير متضادين حُمل الحكم على أفرداه هذا هو الأصح وهذا هو دليل الجمهور في تعميم فضل الصلاة في الحرم كله قالوا عُلق الحكم على المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والمسجد الحرام أُستعمل في لغة الشرع في القرآن والسنة مراداً به الحرم كله {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} الإسراء1، ويُطلق ويُراد به بيت الكعبة ما يُسمى بمسجد الكعبة الذي هو مجاور له فحينئذ إذا عُلق حكم على المسجد الحرام نقول حمله على الحرم كله وحمله على المجاور للكعبة نقول هذان معنيان مختلفان يتضادان فحينئذ الأصح أن يُحمَل على المعنيين فيُقال الصلاة في الحرم المكي بمعنى الحرام كله بمائة ألف صلاة لماذا؟ لأن الحكم المُعلق على لفظ مشترك يُحمَل على كل المعاني وهذا مذهب الشافعي والأكثر فإذا قيل جاء في حديث جابر إلا مسجد الكعبة فما الجواب؟ إلا مسجد الكعبة نقول إن الكعبة في الشرع اسم من أسماء مكة {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ} المائدة97، {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} المائدة95، أُطلقت الكعبة مراداً بها الحرم حينئذ قال إلا مسجد الكعبة يعني إلا مسجد مكة فحينئذ صار نكرة مضاف إلى معرفة فيعم وصار هذا دليل آخر من جهة أخرى إذاً المشترط أن نقول الأصح إذا عُلق الحكم على لفظ مشترك وكان له معاني متعددة وغير متنافية الأصح أنه يُحمل على جميع المعاين كالعين هذا له معاني متعددة ولكنها مختلفة لا متضادة والقرء بالفتح والضم أيضاً له معنيان وهما متضادان والمختار إذاً وقع الإجمال في اللفظ المشترك، والمختار أراد به تصريف اللفظ المختار الألف هذه منقلبة عن ياء فإذا كانت منقلبة عن ياء حينئذ لابد أن تكون مُحركة لأن الألف إذا كانت منقلبة عن ساء شرط القلب ماذا تحركها حينئذ تحركها إما بفتح أو كسر فإذا فُتحت تغير المعنى وصار مختير اسم مفعول وإن كُسرت تغير المعنى مختير الذي هو اسم الفاعل فحينئذ صار إبهام صار إجمال صار عدم تعيين فدل لفظ المختار على معنيين تردد بين معنيين

محتملين هل المراد به اسم الفعل أو المراد به اسم المفعول إذاً القرء والعين من حيث الدلالة الاشتراك وقع في دلالة اللفظ والإجمال من جهة الاشتراك وأما في المختار فهو من جهة التصريف اللفظي لذلك قال والمختار للفاعل والمفعول للفاعل يعني لاسم الفاعل وللمفعول يعني لاسم المفعول فإذا قيل زيد مختار صار فيه إجماع لا تدري زيد اختير من غيره أو هو مختار أليس كذلك هل هو الذي اختار أو الذي اختبر زيد مختار هو الذي اختار أو هو الي اختير يحتمل المعنى لماذا؟ لأن المختار الألف هذه منقلبة عن ياء متحركة أما بفتحة أو كسرة ما الذي يُعين لابد من قرينة خارجة لذلك لو قيل زيد مختار من كذا اسم مفعول زيد مختار لكذا صار اسم فاعل إذاً لابد من قرينة هل التي تعين المراد، {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} البقرة282، {وَلاَ يُضَآرَّ} الياء مضمومة يُضار فحينئذ يُضار هل هو مبني للفاعل أو مبني للفاعل هل هو يُضارِر أو يُضارَر بفتح الراء الأولى أم بسكرها؟ إن كانت بفتح الياء الأولى حينئذ {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ} صار الكاتب نائب فاعل وإن كان يُضارِر صار الكاتب فاعل فيختلف المعنى لكن المُرَجّح أنه اسم فاعل لماذا؟ لأنه قال {وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} وهذا خطاب للشهداء فهو أولى أن يُجعَل اسم فاعل، إذاً كما وقع الإجمال في الاسم المشترك ومن جهة التصريف في الأسماء المختار كذلك يقع في الحرف ومثاله الواو الواو تأتي للعطف وتأتي للابتداء وذد يحتمل اللفظ الواحد التركيب للابتداء وأن تكون للعطف حينئذ يقع الإجمال {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} آل عمران7، الواو هذه فيها إجمال هل هي للابتداء حينئذ تكون الجملة مستأنفة ويكون الراسخون في العلم يعلمون المتشابه وإنما استأثر الله به أو تكون بالعطف فحينئذ {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ} على حسب ما علم الرب جل وعلا فالمعنى يختلف فحينئذ نقول وقع الإجمال في حرف، كذلك قوله {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} المائدة6، من هل هي للابتداء أو للتبعيض؟ يختلف الحكم فيها إجمال إذا كانت للابتداء معناه ابتداء المسح من الصعيد الطيب ولا يشترط فيه أن يعلق باليد تراب وإذا كانت للتبعيض حينئذ لابد أن يعلق باليد تراب يختلف المعنى، والواو للعطف والابتداء وأما الفعل كقوله تعالى {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} التكوير17، عسعس هذا فعل يُطلق بمعنى أقبل وأدبر والإقبال والإدبار متضادان، ثم قال ومنه إذاً بيّن لك حقيقة المُجمل وبيّن لك أنه يقع في الاسم وفي الحرف وكذلك الفعل وحكمه كان ينبغي أن يُذكر التوقف وجوب التوقف حتى يردي دليل يُبين المراد، ذم ذكر بعض ما وقع فيه نزاع هل هو من قبيل المجمل أم لا والأصح أنه ليس من قبيل المجمل لأن المجمل إذا صار من الاستنباطات والمعاني والفنون تختلف حينئذ تختلف أحكام المجتهدين هل هذا مجمل أم لا بضعهم يرى أنه مجمل وبعضهم يرى أنه غير مجمل من ذلك مم اختُلف فيه والأصح أنه غير مُجمَل عند القاضي وبعض المتكلمين (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و

(حُرِّمت عليكم أمهاتكم) هذا سبق الإشارة إليه أن الحكم الشرعي متعلقه فعل المكلف الذي هو صفة المكلف هو الذي يتعلق به التحريم والإيجاب والندب والكراهة والإباحة لكن الذوات عين الشيء لا يتعلق بها تحريم فهذه مثلا الخشب لا يتعلق بها تحريم وإنما يتعلق التحريم بفعل المكلف في صنعه لهذه ما الذي أراد به أراد به خيراً أم معصية حينئذ يتعلق به فعل المكلف أما عين والذات هذه الأصل أنه لا يتعلق بها التحريم، (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) الميتة حرام قالوا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) هذا فيه إجمال هل حُرم علينا بيعها لمسها النظر إليها الأكل منها محتمل هذا محتمل هذا أو ذاك أو ذاك وكلها أحكام وهي متساوية فوقع الإجمال (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) هل الحرام الوطء أو اللمس أو النظر كل هذه احتمالات وكلها متساوية وإنما يُقدّر هنا فعل (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) أكلها هذا فعل من أوصفا المكلفين أو لمسها أو النظر إليها أو بيعها إذاً لابد أن يتعلق الحكم (حُرمت) بفعل للمكلف يتعلق بالميتة كذلك (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) لابد أن يُعلَق الحكم (حُرمت) بصفة المكلف باعتبار الأمهات النظر إليها حرام أو لمسها أو تقبيلها أو وطؤها كلها أحكام متساوية ولا مُرجح أحدهم على الآخر فوقع الإجمال هكذا قال القاضي وبعض المتكلمين ومنه عند القاضي وبعض المتكلمين (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) لتردده تردد وقع التردد كما قال هناك الفتوحي ما تردد بين محتملين وهنا تردد بين محتلمين فأكثر على السواء ولا مُرجح، لتردده في الميتة بين ألكل والبيع الأكل والبيع يتعلق بالميتة واللمس والنظر هذا في شأن الأمهات لكن أيضاً بقي الوطء والجواب أنه لا نسلم أنه من المجمل لا يُسلَم قوله جل وعلا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) أنه من المجمل ولا نسلم أيضاً بأنه لا مُرجح لو وجد الاحتمال نعم لكن نقول ثم مرجح ومخصص وهو العرف على ما ذكره المصنف ولا نسلم أيضاً أنه لا مرجح بل المرجح موجود وهو العرف فإن القاعدة العامة في الشرع أن الحكم المضاف إلى العين إلى الذات التي هي ليست بفعل المكلف ينصرف لغة وعرفاً إلى ما أُعدت له هذه العين وما كان اللائق بها فحينئذ إذا حُرمت الميتة ومعلوم أنها مُحرمة لنجاستها ما الذي حُرم شمها نقول لا بل أكلها.

قال هنا ورده يعني رد كلام القاضي بأن نقول هو مُخصص أي ما أُضيف التحريم إلى الذات إلى العين مُخصص بالعرف في الأكل في شأن الميتة والوطء في شأن الأم فليس منه إذا كان المخصص حينئذ لا إجمال ومتى يكون الإجمال إذا وقع تردد بين المحتملين مع السواء ولا مرجح وهنا نقول أول ما تقرأ الآية (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) هو أكلها فحينئذ هذا التخصيص جاء من جهة العرف واللغة وهذا المقصود بالنظر للآية ذاتها ليس بمجموع الأدلة يعني (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) دون أن تقرأ بقية الآيات أو بقية النصوص من السنة وإنما يُنظَر للنص نفيه هل هذا جمل أم لا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) هل هذا النص مجمل أو لا؟ نقول ليس بمجمل لأن الشرع خاطب المكلفين وخاطبهم بماذا بأعرافهم بما يعرفون هم فحينئذ صار العرف مخصصاً فمنذ أن سمعوا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) لا ينصرف الذهن إلى إلا تحريم الأكل و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) لا ينصرف الذهن إلا إلى تحريم الوطء فليس منه يعني من المجمل، وعند الحنفية عند الأحناف منه أي من المجمل قوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا صلاة إلا بطهور)) ((ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)) ((ولا وضوء إلا بسم الله الرحمن الرحيم)) كل نص ورد فيه تسليط النفي على حقيقة شرعية فهو مجمل عند الأحناف لماذا ما وجه الإجمال؟ ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا صلاة إلا بطهور)) لأن لا صلاة إما أن يُحمل على الصلاة الحقيقة أو على حكمها هكذا قال الأحناف إما أن يُحمل على الصلاة الحقيقة بمعنى وجودها الفعل لا الوجود الشرعي فحينئذ قالوا الأول لا يمكن أن يُحمل عليه لجواز وجود صلاة من مُحدِث فإذن وقعت الصلاة من المُحدِث قالوا وُجدت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ((لا صلاة إلا بطهور)) إذاً لا يمكن أن نحمل النص هنا على الصلاة الموجودة بالفعل ولا تُقيد بالشرع ليست الصلاة الشرعية وإنما الصلاة من حيث هي الصلاة أو إلى حكمها حكم الصلاة وحينئذ يقع الإجمال وهو أن حكم الصلاة هنا إما الصحة وإما الإجزاء وإما الكمال وإلا القبول ((لا صلاة إلا بطهور)) لا صلاة مُجزأة لا صلاة مقبولة لا صلاة كاملة لا صلاة صحيحة هذه أربع احتمالات على السواء وليس حكم أولى من حكم فوقع الإجمال عرفتم وجه الأحناف؟ يقولون ((لا صلاة إلا بطهور)) هذا مجمل لماذا؟ قالوا لأنه يحتمل أحد أمرين النص هذا ومثله كل نص سُلط فيه النفي على حقيقة شرعية لا صلاة لا إيمان لا وضوء إلى آخره كل نفي سُلط على حقيقة شرعية قالوا يحتمل أحد أمرين إما الوجود لذلك المنفي وهذا متعدى باطل لماذا؟ لأنه يوجد صلاة للمُحدث ووجدت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الصلاة فكيف وُجدت لا يمكن أن ينفي النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً ثم يُوجد وقد وُجدت الصلاة صلاة المُحدث إذاً هذا باطل ذهبوا إلى الأمر الثاني وهو الحكم حكم الصلاة قالوا الحكم هذا يحتمل أربعة احتمالات أو ثلاثة الصحة الإجزاء القبول الكمال فحينئذ ما الذي نقدره في النص لا صلاة صحيحة بغير طهور لا صلاة مُجزأة بغير طهور لا صلاة كاملة لا صلاة مقبولة فاستوت الأحكام هل أحد هذه الأحكام أولى بالتقدير من الآخر قالوا لا استوت

الأحكام إذاً وقع الإجمال لذلك قال هنا ومنه وعند الحنفية منه من المجمل قوله - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة إلا بطهور ليس النص فقط هذا بل كل نص يشابهه، والمرد على فهم الأحناف نفي حكمه نفي الحكم هذا المراد بهذا النص لماذا لا يجوز الوجه الثاني وهو نفي الفعل قالوا لامتناع نفي صورته وجود صلاة مُحدث فلما وُجدت الصلاة من المحدث امتنع نفي صورة الفعل فحينئذ لم يبقى عندنا إلا الحكم وليس حكم أولى من حكم والمراد نفي حكمه دائماً يختصرون في المقدمات والمراد نفي حكمه لامتناع نفي صورته إذاً جوّز لك هذا الحديث احتمالين نفي الصورة ونفي الحكم قال والمراد من النص نفي الحكم لا نفي الصورة التي هي الفعل فإذا كان المراد نفي الحكم والحكم يتعدد ويتنوع وليس حكم أولى من حكم فوقع الإجمال فحصل في النص تردد بين محتملين فأكثر على السواء فنطلب المرجح قال المصنف قلنا يعني رداً على هذا القول قلنا فتتعين الصورة الشرعية فتتعين الفاء هنا دال على أن المقدمة محذوفة كأنه قال قلنا ليس ذاك من المجمل فليس النص من المجمل وهذا حق لماذا؟ لأن المراد ليس حقيقة الفعل من حيثه هو بل الشرع إذا تكلم بحقيقة شرعية حُمل اللفظ على مراده هو لا على مراد غيره ولذلك سبق أن التفريق بين الحقائق اللغوية والشرعية والعرفية قائدته أن الشارع ولذلك قال ويتعين باللافظ بمعنى أن الشارع إذا نطق وتكلم بالصلاة حملنا الصلاة على مفهومه في الشرع ولا نحمله على مفهوم الصلاة في اللغة ولا في العرف حينئذ لو قال لا صلاة أي لا صلاة شرعية وحينئذ إذا نُفيت الصلاة الشرعية إما لفوات ركن أو شرط أو وجود مانع وأما الفعل نفسه فلا يُلتَفت إليه لذلك لو صلى بلا وضوء نقول صلى؟ لم يصلي إذاً كيف يُنفى هذا الفعل هي لم تقع الصلاة أصلاً فحينئذ لا صلاة المراد بالصلاة صلاة شرعية ولذلك صح النفي في المصطفى - صلى الله عليه وسلم - للمسيء في صلاته ((إنك لم تصلي)) هذا النفي لأي شيء؟ للصلاة الشرعية وهو قد قام وركع وقال لا أُحسن إلا هذا يا رسول الله، المنفي ما هو؟ الصلاة الشعرية والذي وُجد ليست بصلاة شرعية، الأحناف فهموا النص بما فعله المسيء قالوا لا صلاة إذاً الصلاة الفعل الصورة نقول لا النفي المُسلط على الحقيقة الشرعية يُحمَل على صورتها الشرعية لا الفعل من حيثه هو ولو قام ركع وسجد من العشاء إلى الفجر ولم يقرأ الفاتحة نقول ليست بصلاة الشعرية لفوات ركن، لذلك قال هنا قلنا فتتعين الصورة الشرعية يعني الحديث وما شاكله ليس مجملاً فتتعين الصورة الشعرية ولا نحتاج إلى إغمار حكم لماذا؟ لأن حرف النفي إذا سُلط على حقيقة شرعية حُمل على الصورة الشرعية فحينئذ لا صلاة أي لا صلاة مُعتد بها شرعاً إلا بطهور، لا صلاة لا صيام لمن لم يُبيت الصيام لا صيام نقول لا صيام شرعياً لا يُعتد به شرعاً فوجوده وعدمه سواء وجوده وعدمه سواء ولا نلتفت إلى الوجود الفعلي الخارج عن حدود الشرع فإذا صلى صلاة وقد ترك ركناً أو فوّت شرطاً أو قام مانع فلا نسميها صلاة ((ارجع فصلي فإنك لم تصلي)) إذاً نفى واثبت مع وجود الفعل الخارجي مع وجود الفعل الخاص إذاً نقول هذا ليس من المجمل.

ثم قال ويقابل المجمل المبيَّن شرع في بيان المُبيَّن ما هو المبين؟ قال ويقابل المجمل المبين ما إعراب المبين؟ فاعل والمجمل؟ مفعول به المبين هذا اسم مفعول بُيِّن يُبيَن فهو مُبيَّن مُبين اسم مفعول وهو لغة الموضَح والمُظهَر والمُفَسَر المُوضَح هو المُبيَن والمُفَسر والمُظهَر فهو حينئذ يقابل المجمل حصلت المقابلة المجمل فيه إبهام مُبهَم والمُبيّن نقول هذا مُوَضَح ومُفَسَر إذاً قابله لذلك قال ويقابل المجمل المبين لأن المجمل لا يفهم منه المراد إلا بدليل خارجي واصطلاحاً المبين ما فُهم منه عند الإطلاق معنى معين بأصل الوضع أو بعد البيان ما فُهم ما لفظ فُهم أدرك الفهم إدراك معنى الكلام فُهم منه عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ معنى معين أخرج ماذا؟ المجمل لأنه يقابله بأصل الوضع أو بعد البيان قسّم لك المبين إلى قسمين مُبين ابتداءاً لم يقع فيه إشكال ثم ببُين وهذا كثير في الشرع مبين ابتداءاً بأصل الوضع كأرض وسماء هل هو مثل قرء وعين لا ليس مثله أرض وسماء واضح مبين يُفَسَر بأصل الوضع ابتداءاً ومُبيَن والنوع الثاني أشار إليه بقوله أو بعد البيان كأن يقول ثلاثة قروء ثم يأتي دليل خارجي فيُعَين المراد به الأطهار أو الحيض فحينئذ المبين نوعان مبين ابتداءاً بأصل الوضع وابتداءاً بعد البيان يعني يقع إشكال وإجمال ثم يأتي المبين هنا قال وهو المُخْرَج من حَيِّزِ الإشكال إلى الوضوح المُخْرَج من حيز الإشكال إلى الوضوح هذا إذا أردنا المعنى العام للحد نقول هذا يتعين أن يكون المراد به النوع الثاني لا الأول لأن المبين قلنا قسمان ما كان بأصل الوضع ابتداءاً وما كان بعد البيان حصل إجمال وإشكال ثم جاء المبين هذا حد الإخراج أو المُخرَج من حيز الإشكال إذاً وقع فيه إشكال وقع فيه خفاء فجاء المُبين فوضحه وكشف معناه إذاً يختص هذا الحد النوع الثاني هذا أول اعترضاً على هذا الحد أنه لا يشمل البيان ابتداءاً وإنما يختص بالمبين بعد وقوع الإشكال والبيان الأصح أنه يقع ابتداءاً ويقع بعد وقوع الإشكال، المُخْرَج من حيز الإشكال يعني من صفة وحال الإشكال والمراد به خفاء المعنى المراد من اللفظ يُطلق اللفظ مشتركاً بينما معنيين متضادين ثم يأتي دليل خارجي فنقول ثلاثة قروء المراد بها الحيض نقول قروء هذا مُبيّن لماذا لأنه كان مُشكلاً فيه نوع خفاء لا يُعرف هل المراد به الأطهار أم الحيض فجاء دليل خارجي فعلم أن المراد به الحيض مثلاً فصار ثلاثة قروء مُبيناً إذاً أُخرج من حيز الإشكال إلى الوضوح بدليل خارجي وهو المُخْرَج من حيز الإشكال حيز هذا فيه نوع إشكال لأن الحيز هو الفراغ المُتوهَّم الذي يشغله شيء أمر حسي والتبيين هذا أمر معنوي فكيف حينئذ يُقال إن المُبين هذا في حيز الإشكال كما يُقال في حيز العدم إذا كان الشيء في حيز العدم العدم هذا أمر معنوي وليس بشيء حينئذ لا يكون له حيز والحيز يختص بالمحسوسات، من حيز الإشكال نقول الحيز الأصل فيه الفرغ المُتوهَّم الذي يشغله شيء والتبيين معنوي والمعنى لا يُوصَف بالاستقرار في الحيز كما لا يُقال في حيز العدم كان الشيء في حيز العدم، وهو المُخْرَج من حيز الإشكال إلى الوضوح والمُخْرَج أو

المُخْرِج بالكسر هو المبين والمراد به الشارع ويطلق على الدليل الذي حصل به البيان يعني الدليل المبين والإخراج هو البيان إذاً عندنا مُبيَّن وعندنا مُبيِّن وعندنا بيان، مُبيَّن هو المُخْرَج ثلاثة قروء والمُبيِّن الدليل الذي جاء وعين أحد المعنيين البيان الإخراج الذي هو فعل الفاعل، فالبيان اسم مصدر بين تبياناً وبياناً اسم مصدر بيّن وبيّن مصدره تبيان وبياناً اسم مصدر له ويُطلق على التبيين وهو فعل المُبيَّن فعل الفاعل فالبيان حينئذ يكون إخراج وإظهار المعنى للسامع وإيضاحه وقد يسمى الدليل بياناً يعني البيان يُطلق ويُراد به التبيين فعل الفاعل ويُطلق به ويُراد به الدليل نفسه يُسمى بياناً، ويختص بالمجمل على الحد الذي ذكره المصنف المُخْرَج من حيز الإشكال إلى الوضوح يختص بالمجمل ويختص أي المبين بالمجمل والأصح أنه عام الأصح أنها عام يشمل المجمل وغيره ولذلك قال الغزالي كما ذكره المُحشِّي هنا وليس من شرطه أن يكون بياناً أن يكون مُشكِل وليس من شرط المبين أن يكون لمُشكِل لأن النصوص المُعرِبة عن الأحكام ابتداءاً بيان النصوص المُعربة الكاشفة عن الإحكام ابتداءاً وإن لم يتقدم إشكال ولهذا يبطل قوله من حده بأنه إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي إذاً صار هذا الحد فاسداً، ثم قال وحصول العلم للمخاطب ليس بشرط وحصول العلم للمخاطب بالبيان ليس بشرط يقع الإجمال فيعلمه بعض المكلفين ولا يعلموا بالبيان فيعلمه آخرون هل لابد أن البيان لابد أني علمه كل قارئ لآية أو نص حتى يسمى بياناً؟ لا لذا قال وحصول العلم للمخاطب بالبيان ليس بشرط لماذا؟ لأنه يجوز أن يجهله البعض ولذلك لما تُوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت فاطمة والعباس إلى أبي بكر - رضي الله عنه - يطلبان الإرث استدلالاً يقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} النساء11، فأخرج لهم المبين المخصص ما تركناه صدقة إذاً لا يُشترط حصول العلم للمخاطب بالبيان بل قد يجهله البعض ويعلمه الآخرون.

ويكون بالكلام والكتابة وبالإشارة وبالفعل وبالتقرير يعني بماذا يحصل البيان إذا وقع عندنا إجمال ما هو المبين ما هو الدليل؟ قال يتنوع يكون بالكلام يعني بالقول يكون بالقول كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - ((فيما سقت السماء العُشر)) هذا مبين لقوله جل وعلا {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} {آتُواْ الزَّكَاةَ} هذا فيه إجمال من هم أصحاب الزكاة في أي شيء ما هي المقادير ما هي النصابات إلى آخره كل ما يتعلق بالزكاة كتاب الزكاة كله شارح لقوله {آتُواْ الزَّكَاةَ} كقوله {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} الصلاة لها شروط ولها أركان ولها واجبات كل مات يتعلق بكتاب الطهارة فهو مُبين للصلاة إذاً حصل البيان هنا لقوله تعالى {آتُواْ الزَّكَاةَ} بقوله - صلى الله عليه وسلم - ((فيما سقت السماء العُشر))، والكتابة كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عماله مقادير الزكاة إلى آخره وبالإشارة كما سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشهر ما آل قال الشهر هكذا وهكذا وأشرا بأصبعه العشر وقبض الإبهام في الثالثة يعني تسعة وعشرين وبالفعل كما في قوله جل وعلا {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} وقع البيان بيان الصلاة بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} آل عمران97، وقع بيان المناسك بالفعل، وبالتقرير إذا أقر غيره دل على الجواز كما في سؤال الجارية أين الله؟ فقالت في السماء فكست - صلى الله عليه وسلم - دل على جواز هذا القول هذا بيان إذاً لو قيل أني الله أو قيل في السماء نقول هذا جائز، وبكل مُقيَّدٍ شرعي قاعدة عامة كل ما يثبت به حكم شرعي يحصل به البيان فإذا سكت أو ترك كالترك مثلوا بالترك هنا كترك بعض الأشياء يدل على الوجوب مثلاً {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} البقرة282، وأشهدوا هذا فعل أمر يقتضي الوجوب ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الإشهاد في بعض فدل على عدم وجوب الإشهاد إذاً الترك يكون دليلاً وبياناً على عدم الوجوب، ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة ولا يجوز تأخيره يعني تأخير البيان عن وقتن الحاجة يعني وقت الوجوب العمل بالخطاب لو قيل صلوا الظهر أمر وصلاة الظهر هذه مجملة ما هي صلاة الظهر هكذا من اللفظ لا تُدرَك لابد من بيان فإذا قال صلوا الظهر أو أُمروا بصلاة الظهر هل يجوز تأخير البيان بحقيقة الصلاة من شروط وأركان إلى أن يأتي وقت الصلاة وينتهي أم لابد أن يكون سابقاً؟ لابد أن يكون سابقاً ولذلك انعقد الإجماع على أنه لم يقع تأخير البيان عن وقت الحاجة ليس إلى وقت الحاجة بحيث إنه لا يُبين صلاة الظهر إلا بعد خروج وقت الظهر نقول هذا لا يجوز لماذا؟ لأن المكلف مطالب بالامتثال والأداء وسبق أن من شرط التكليف أو المكلف به أن يكون معلوماً وإذا لم يكن معلوماً صار من التكليف بما لا يُطاق {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة286، إذا أرمتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم حينئذ نقول هو أُمر بالصلاة صلاة الظهر وخرج الوقت ولم يُبين له هذه الصلاة هل وقع في الشرع هذا الجواب لا بعضهم جوّزه عقلاً بناءاً على أنه يجوز التكليف بالمحال إذاً ولا يجوز تأخيره يعني تأخير البيان

عن وقت الحاجة أي عن وقت وجوب العمل بالخطاب لأن المُخاطب مطالب بالامتثال فيلزم عليه تكليفه بما لا يعلم لأنه تكليف بالمحال وهو غير واقع شرعاً وإن جوزه بعضهم عقلاً، فأما إليها إلى وقت الحاجة هذا وقع فيه نزاع الأول باتفاق أنه غير واقع والخلاف المذكور في كتب الأصول في جواز العقل وأما إليها إلى وقت الحاجة يعني أمر في الليل بصلاة الظهر ثم لم يبين كيفية صلاة الظهر حتى جاء الزوال فبين جائز أو ليس بجائز هذا فيه قولان المسألة السابقة أخره عن وقت الحاجة هنا إلى الحروف تُغير فأما إليها يعني إلى وقت الخطاب أو وقت العمل بالخطاب فجوزه فيه قولان فجوزه ابن حامد والقاضي وأصحابه وبعض الحنفية وأكثر الشافعية ورواية عن الإمام أحمد وهو قول الجمهور أنه جائز يجوز أن يؤخر البيان إلى وقت الحاجة قالوا دليله قوله جل وعلا {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} القيامة18 - 19، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي أنزلناه {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} هل وقع البيان بعد الإنزال مباشرة أو بتراخي؟ بتراخي ما الدليل على أنه بتراخي {ثُمَّ} {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} إذاً وقع تراخي فإذا وقع تراخي دل على جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة كذلك أنه وقع بقوله تعالى {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الأنفال41، هذه الآية تدل على أن جميع الغنيمة لمن؟ لمن ذكروا في الآية هذه الأوصاف المذكورة ثم بعد نزول الآية بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه تخصيص بيان متى؟ وقت المعركة وأن المراد بذي القربى بنو هاشم وبنو المطلب دون بني نوفل وعبد شمس فأخر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيان ذلك إلى أن قسم الخمس إذاً هو واقع، ومنعه أبو بكر عبد العزيز هذا المعروف بالغلام الخلام والتميمي والظاهرية والمعتزلة منعوا تأخير البيان إلى وقت الحاجة لكن الأول مذهب الجمهور وهو أصح لماذا؟ لأنه لو جاز تأخير البيان إلى وقت الحاجة فإما أن يجوز إلى مدة معينة أو إلى الأبد إما إلى مدة معينة ومسائل الأصول دخل فيها المعتزلة وأصلها مبناه على العقل هناك يقولون {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} جاءوا بدليل من الكتاب ثم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم الخمس وذكر استثناءات هؤلاء يقولون إما أن يُؤخَر إلى أمد معين وقت معين أو إلى الأبد أما الأول فباطل إلى أمد معين لماذا؟ لأنه تحكم ولم يقل به أحد وأما إلى الأبد فلكونه يلزم عليه الخطاب بالمُجمل بدون بيانه قالوا هذا عبث وفساد نقول الجواب أنه لا تحكم بتأخير البيان إلى أمد معين {وَاللهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ} الرعد41، سمعنا وأطعنا فإذا جاء لفظ مجمل ثم بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده بوقت ووقع في السنة ووقع في الشرع نقول سمعنا وأطعنا والعقل هذا لا مجال له في مثل هذه المسائل إذاً نقول الحاصل أن ثم مسألتين هل يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة نقول الاتفاق لا لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لأنه تكليف بالمحال هل يجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة

فيه قولان الجواز وهو قول الجمهور والمنع وهو قول بعضهم والصواب أنه جائز. ثم قال فإن دل على مفهومات هذه شروع منه في ذكر العام من المباحث المهمة عند الأصوليين العام والخاص والمطلق والمقيد كما أن النص والظاهر والمجمل والمبين هذه من الأمور المهمة وعمدة هذه اللغة العربية مباحث الخاص والعام والمطلق والمقيد والنص والظاهر والمجمل والمبين كلها عمدتها اللغة العربية ولذلك يعبر عنها بأنها من مباحث دلالة العبارة أو دلالات الألفاظ هذا يعبرون حينئذ ما فاته وهذا أهم ما يذكر في كتب الأصول من فاتته اللغة فاته هذا القسم المهم وإذا فاته هذا القسم المهم لا أردك لا اللغة ولا الأصول علوم مترابطة بعضها يخدم بعض والاعتكاف على علم مع التزهيد في الآخر هذه مصيبة زمننا الآن، فإن دل معلى مفهومات أكثر من واحد مطلقاً فعام العام هذا اسم فاعل من عمَّ وهو بمعنى شمل فالعام حينئذ يكون بمعنى الشامل والعموم بمعنى الشمول هذا معناه في اللغة قال فإن دل اللفظ على مفهومات قال مفهومات يعني معاني الأكثر على أن المفهوم بمعنى المعنى المفهوم والمصدق والمعنى بمعنى واحد أكثر من واحد ليشمل أقل ما يمكن أن يدل عليه اللفظ العام وهو واحد أو اثنان والتخصيص قد يأتي إلى واحد بغير الجمع كما سيأتي فإن دل اللفظ على مفهومات أكثر من واحد مطلقاً يقصد بمطلقاً ماذا بلا حد معين بلا حد معين فحينئذ إذا دل اللفظ على مفهومات أكثر من واحد مطلقاً بلا حصر بلا عدد معين هذا هو العام لو قيل أكرم الطلب الطلاب دل على مفهومات أكثر من واحد هل له حد في الانتهاء؟ الجواب لا إذاً هذا عام أكرم طلاباً بدون (ال) قالوا هذا دل على مفهومات أكثر من واحد لكن بحد أو بدون حد أكرم طلاباً أكرم الطلاب أكرم الطلاب هذا عام فحينئذ يكون غير منتهي من جهة النهاية وأمر طلاباً الجمع النكرة على الأصح أنه لا يعم فحينئذ يكون من قبيل ما يصدق عليه أقل اللفظ فيُحمَل على الثلاثة إذاً له منتهى فإذا قيل لك أكرم طلاباً أكرم ثلاثة منتهي لكن لو قيل أكرم الطلاب بـ (ال) حينئذ لابد أن تُكرم كل فرد فرد من أفراد الطلاب الفرق بينهما أن الطلاب عام ما دل على مفهومات أكثر من واحد وطلاباً هذا مطلق والمطلق يُحمَل على أقل ما يصدق عليه اللفظ وهو الثلاثة لأن أقل الجمع ثلاثة قال فعام لكن حده هذا الذي ذكره دخيل يعني يمكن الاحتراز عليه فقال وقد حده قومه بحد وهو أجود مما ذكره أولاً بأنه اللفظ المستغرق لما يصلح له اللفظ يعني العام لابد أن يكون لفظاً فحينئذ خرج المعنى فالمعنى لا يوصف بكونه عام حقيقة كما سيأتي فالعام هذا من عوارض الألفاظ يعني صفة لللفظ فخرج المعنى وخرج الفعل لأن الفعل ليس بلفظ فحينئذ الفعل لا عموم له وإنما العام والعموم يكون صفة لللفظ فكل ما ليس بلفظ سواء كان معنى أو فعلاً فلا يوصف بكونه عام قوله اللفظ احترز به عن المعنى واحترز به عن الفعل فلا يوصف كل منهما بأنه عام اللفظ المستغرق المستغرق المراد به المتناوِل أو المستوعب أو المتسع أو الشامل إذاً ثم شمول وثم استغراق لابد أن يكون هذا اللفظ مستغرقاً شاملاً لما يصلح له يعني لجميع الأفراد التي يصلح اللفظ لها بدون استثناء فإذا قيل

الطلاب هذا لفظ عام يشمل كل فرد فرد وُجد فيه هذه الصفة وهو كونه طالباً للعم هل يختص ببعض الأفراد دون بعض؟ الجواب لا لما يصلح له يعني لجميع الأفراد باعتبار الوضع لكن لابد من زيادة قيد بوضع واحد بلا حصر قوله المستغرق المشهور أنه أخرج النكرة في سياق الإثبات فإنها غير مستغرقة وأخرج أيضاً المطلق قالوا غير مستغرق لماذا؟ لأن المطلق لم يوضع للأفراد وإنما وُضع للماهية من حيث هي وُضع للماهية من حيث هي فوجودها في الخارج حينئذ تكون في ضمن أفرادها إذاً اللفظ هذا جنس أخرج به المعنى والفعل وأدخل كل لفظ المستغرق أخرج النكرة في سياق الإثبات فإنها لا تعم كقولك أكرم رجلاً يسقط على الواحد وأسقط رجالاً فهذا يسقط على أقل جمع وهو ثلاثة وخرج المطلق أعتق رقبة رقبة هذا مطلق وُضع للماهية من حيث هي لا باعتبار الفرد والوحدة الخارج يعني بقطع النظر عن فرد فإن لوحظ الفرد فهو النكرة لأن النكرة موضوعة للماهية في الذهن من حيث هي لكن باعتبار وجودها في الخارج وأما المطلق فهو موضوع الماهية الحقيقة الذهنية توجد في الذهن لا باعتبار كونها في الخارج لكن لابد وأن توجد في الخارج ووجدوها في الخارج في ضمن أفرادها، لما يصلح له نقول بوضع واحد احترازاً عن المشترك لأن لفظ العين هذا لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له اللفظ فإذا قلت عين فحينئذ نقول عين يصدق على ماذا على الجارية والباصرة والذهب والفضة إذاً هو لفظ عام لأنه لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له وباعتبار الوضع يصلح إطلاق لفظ عين مراداً به الذهب والفضة إلى آخره لكن نقول بحسب وضع واحد أخرجنا المشترك لأن الوضع فيه متعد أو الطلاب هذا استغرق جميع الأفراد لوضع واحد يعني لمرة واحدة دفعة واحدة وأما العين فلا بلا حصر أخرج ماذا؟ أسماء العدد فإنها ألفاظ مستغرقة لجميع ما يصلح لها بحسب وضع واحد لكنها مع حصر والشرط العام ألا يكون مع حصر فإذا قلت عندي مائة ريال هذا مستغرق لجميع ما يصلح له يطلق على الريال والريالين إلى المائة وتسعون مائة حينئذ نقول هذا مستغرق لما يصلح له وبوضع واحد لكنه لحصر له نهاية وأما العام فلا نهاية له وكل ما حُد ابتداءاً وانتهاءاً كأسماء الأعداد فليس من العام بل هو من الخاص.

وحدّه قوم بأنه اللفظ المستغرق لما يصلح له وهو من عوارض الألفاظ وبينا هذا واتفقوا على أنه من عوارض الألفاظ بمعنى أنه صفة من أوصاف اللفظ فتقول هذا لفظ عام وأما المعاني هل يُقال المعنى عام؟ اتفقوا على أنه يُطلق عليه أنه عام وإنما الخلاف هل إطلاق العموم على المعنى حقيقة أو مجاز هذا محل الخلاف والصحيح أنه مجاز نقول إطلاق لفظ العموم على المعنى مجاز وليس بحقيقة ولذلك جرى الاصطلاح عندهم أنهم إذا أرادوا اللفظ قالوا عام وإذا أرادوا المعنى قالوا أعم إذا أرادوا اللفظ الخاص قالوا خاص وإذا أرادوا المعنى قالوا أخص كأحد التوضيح يقال للمعنى أخص وأعم العام والخاص به اللفظ اتسم يقال للمعنى أخص وأعم الخاص والعام به اللفظ اتسم الخاص والعام اتسم به اللفظ يوصف به اللفظ ولا يوصف به المعنى ويقال للمعنى أعم وأخص ولا يقال للفظ أعم وأخص هذا مجرد اصطلاح وبعضهم يتجوّز ويطلق هذا على هذا، إذاً وهو من عوارض الألفاظ بمعنى أن العموم هذا يوصف به اللفظ حقيقة وأما عم المطر وعم العطاء القبيلة نقول هذا عموم معنوي وهو مجاز لماذا؟ لأن الشرط في العام الذي هو اللفظ الذي هو معنا العام الحقيقي اتحاد الحكم استواء الحكم فإذا قيل أكرم الطلاب فحينئذ كل فرد من أفراد الطلاب لابد وأني يناله شيء من الإكرام على السواء لابد أن يكون جميع الطلاب متساوين في الحكم وهذا شرط في العام وأما العموم المعنوي فلا فإذا قيل عم المطر المدينة هل المطر ينزل في كل البوادي وفي كل المناطق على السواء؟ لا هنا شديد وهنا خفيف بل هنا قد يأتي وهنا لا يأتي إذاً الشمول هنا والعموم ليسا على السواء فانتفى شرط العام وهو استواء الحكم فلذلك إذا أُطلق العام على المعنى صار مجازاً لا حقيقة فهو حقيقة فيها يعني في الألفاظ مجاز في غيرها وهي المعاني وهذا هو الأصح وهو من عوارض المباني وقيل للألفاظ والمعاني، وأصله في اللغة العام الاستيعاب والاتساع وله ألفاظ يدل على العموم بإجماع السلف لا خلاف عندهم أن العام له ألفاظ كما أن الأمر له لفظ والنهي له لفظ لماذا؟ لأنا ذكرنا أن العام وكذلك الأمر والنهي هذه ألفاظ منطوق بها حينئذ كيف يُقال هل للعام لفظ يدل عليه أم لا؟ لا يتأتي هذا إلا على قول أهل البدع بكون الكلام نفسه وسيأتي بيان في الأمر.

وألفاظه خمسة إذاً للعام ألفاظ وهذا مجمع عليه خمسة بل أكثر من خمسة وإنما تبع ابن قدامة هنا في ذكر الخمسة، الاسم المحلى بالألف واللام الاسم هذا يشمل المفرد والجمع المُحلى بالألف واللام يعني الذي دخلته اللام لكن هل هي كل لام أم لام مخصوصة نقول لام مخصوصة وهي اللام الاستغراقية التي تدل على الاستغراق وهي كل لام صح حلول كل محلها وصح الاستثناء منها كل لام صح حلول كل لفظ كل محلها وصح الاستثناء من مدخولها تقول أكرم الطلاب الطلاب إلا زيد أكرم الطلاب أي كل الطلاب أو كل طالب إلا زيد صح الاستثناء إذاً تكون (ال) هذه استغراقية لماذا؟ لصحة حلول لفظة كل محل (ال) ويصح المعنى حقيقة لا مجازاً وكذلك الاستثناء من مدخولها {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ {2} إِلَّا} حصل الاستثناء أي كل إنسان في خسر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} نقول هذه (ال) الاستغراقية وأما (ال) الجنسية التي تدل على الحقيقة فهذه ليست من صيغ العموم الرجل خير من المرأة الرجل كل رجل خير من كل امرأة؟ جنس الرجل خير من جنس المرأة وقد يكون بعض أفراد النسوة خير من كثير من الرجال وأما (ال) العهدية فبحسب المعهود إن كان المعهود جمعاً فهي للعموم وإن المعهود فرداً خاصاً فهي للخصوص {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} المزمل15 - 16، نقول (ال) عهدية والمعهود واحد خاص فليست للعموم {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} ص73، الملائكة نقول هم المأمورون {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ} البقرة34، فسجد الملائكة هذه (ال) العهدية المعهود ما هو؟ مفرد أو جمع؟ جمع إذاً (ال) العهدية فيها تفصيل لا نقول للعموم ولا نقول ليست للعموم إن المعهود عموماً فهي للعموم وإن كان المعهود خاص فهي حينئذ تكون خاصة وما الجنسية فهي مطلقة وليست للعموم حينئذ قوله الاسم المُحلى بالألف واللام نقول هذا فيه تفصيل المراد بـ (ال) هنا الاستغراقية (الزانية والزاني) ال هذه ما نوعها الحكم خاص أو عام؟ كل زاني وزانية أو بعض الزناة؟ عام كل زانية وكل زاني (السارق والسارقة) نقول ال هذه للعموم، ولها وجه آخر ليست كونها استغراقية وإنما كونها موصولية وصفة صالحة صفة ال والموصولات عموماً كلها من صيغ العموم فحينئذ لها جهتان الاسم المحلى بالألف واللام (الزانية والزاني) (السارق والسارقة) (وإذا بلغ الأطفال) يعني كل طفل، والمضاف إلى معرفة سواء كان جمعاً أو مفرداً كعبد زيد هذا يعم إذا كان عنده مائة عبد وقال أعتقت عبدي يعم لماذا؟ لأنه مفرد مضاف قال تعالى {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} إبراهيم34، نعمت الله نعمة واحدة أُضيفت للفظ الجلالة وهو أعرف المعارف حينئذ نقول اكتسبت الشمول والعموم لاسم الجنس أو النكرة إذا أُضيف على معرفة اكتسب العموم ولذلك قال والمضاف إلى معرفة سواء كان مفرداً كقوله {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ} نِعْمَتَ اللهِ نعمة الله ليست واحدة بل لا تحصى إذاً المراد (وإن تعدوا نِعَم الله) من أين أخذنا هذا نقول من المعنى إضافة المفرد

إلى المعرفة {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} النساء11، هذا عام جمع مضاف إلى أولادكم الكاف وهو ضمير حينئذ اكتسب العموم، وأدوات الشرط وأدوات الشرط لو قال أسماء الشرط لكان أولى لأن من أدوات الشرط ما لا يعم وهو الحرف كإن وإذ ما كمن فيمن يعقل (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) نقول هذا عام (من) كل من وُصف بهذا الوصف ترتب عليه الحكم ذكراً أم أنثى حراً أم عبداً إلى آخره وكمن فيمن يعقل الأولى أن يقال فيمن يعلم لأنها تطلق على الرب جل وعلا وما فيما لا يعقل والأولى أن يقال فيما لا يعلم لأنها تطلق على الله جل وعلا (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) وما يعني أي فعل تفعلوه قل أو كثر يعلمه الله ظاهراً أو باطناً يعلمه الله إذاً فيها عموم وأي فيهما في العاقل وفي غيره والأولى نقول فيمن يعلم وفي غيره (أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ} إذاً تطلق أي مراداً بها الله - عز وجل - تطلق من وتطلق ما فحينئذ يُقال فيمن يعلم لأن الله - عز وجل - لا يوصف بكونه عاقلاً لأن الصفات توقيفية موردها السمع، أي فيهما أي فيمن يعقل وفيمن لا يعقل فيمن يعلم وفيمن لا يعلم (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل) {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ} أيما الأجلين يعني أي أجلين هنا قد يكون مثنى نقول أيما الأجلين أي عامين؟ غير محددة حصول العموم حصل الشمول لم يُعين عامين أجلين محددين وأين وأيان في المكان أين للمكان (فأينما تولوا فثم وجه الله) أفادت العموم، وأيان في المكان يقول المصنف هنا لعله سهو لأن أيان هذه للزمن وليست للمكان فعلقه عليها وأينا ومتى في الزمان وأين في المكان مكان هذه واقعة بين أي وأيان وأين في المكان وأيان ومتى في الزمان هذا هو الصحيح (أينما تكونوا يُدرككم الموت) أيان تذهب أذهب معك متى تذهب أذهب إذاً تفيد العموم كل أدوات الشرط الأسماء تفيد الهموم، وكل وجميع كل هذه أم الباب صياغة كل أو الجميع لفظ كل نقول هذه هي أم الباب ولذلك تضاف إلى المعرفة وتضاف إلى النكرة بخلاف جميع لأنها لا تضاف إلا إلى المعرفة (كل نفس ذائقة الموت) ذوق الموت ثابت لكل فرد فرد من أفراد النفس فحصل العموم كل نفس ذائقة الموت (وإن كل لما جميع لدينا محضرون) جميع، والنكرة في سياق النفي نقول النفي المراد به هنا سواء كان مسلطاً على النكرة مباشرة أم على عاملها قال كلا رجلا لا رجلاً دخل النافي هنا على رجلاً على النكرة مباشرة ما قام أحد دخل على عاملها إذاً النكرة في سياق النفي تعم مطلقاً سواء باشر النفي النكرة أو باشر عامل لها باشر النكرة يعني دخل عليها مباشرة لا إله إله نكره دخل عليه النفي ما قام أحد أحد نكرة جاء في سياق النفي إذاً دخل ما وهو نافي دخل على عامل نكرة وليس على النكرة وسواء سُبق بمن الاستغراقية أم لا (ما من إله إلا الله) (هل من خالق غير الله) (ما جاءنا من بشير) يكون نكرة في سياق النفي فتعم ودخلت عليه من الاستغراقية فنقلتها من الظهور إلى التنصيص على العموم فهي نص في العموم أو لم تدخل عليا من مثل لا إله إلا الله {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ

اسْتَجَارَكَ} إذاً نقول هذه عامة هنا القاعدة أن النكرة في سياق النفي تعم كلا رجل في الدار وإذا في سياق الإثبات لا تعم مطلقاً؟ إلا إذا كانت في سياق الامتنان {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} ماء نكرة في سياق الامتنان يعم كل ماء نزل من السماء سواء كان برداً أم ثلجاً أو مطراً هتّانا نقول هذا يعم كل ماء نزل من السماء فهو عم، إذاً نكرة في سياق الإثبات الأصل أنها لا تعم إلا إذا كان في سياق الامتنان فتعم، كلا رجل في الدار كذلك النكرة في سياق النهي (فلا تدعوا مع الله أحداً) لا تدعوا لا ناهية وتدعوا هذا فعل مضرع مجزوم بها (مع الله أحدا) أحداً نكرة في سياق النهي فتعم أو الشرط (فإن تنازعتم في شيء) في شيء وقع في سياق الشرط فيعم كل شيء ولو عود أراك وقع النزاع فيه وجب رده إلى الشره {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} كذلك، كلا رجل في الدار.

ثم قال قال البستي: الكامل في العموم الجمع لوجود صورته ومعناه والباقي قاصر لوجوده فيه معنى لا صورة البستي يقول الكامل في العموم هو الجمع يعني أعلى درجات العموم وضوحاً هو الجمع لماذا؟ قال لأنك إذا قلت الطلاب من حيث اللفظ تأخذ الشمول ومن حيث المعنى تأخذ الشمول إذاً من حيث الصورة والمدلول فاتفقا بخلاف المفرد (وإن تعدوا نعمت الله) هل أخذنا الشمول من حيث اللفظ؟ إذا الصورة لا مفردة واحدة (وإن تعدوا نعمت الله) ولذلك الذي لا يعلم القاعدة يقول نعمت الله واحدة فيستشكل حينئذ يرد السؤال لماذا؟ لأن الصورة لا تدل الشمول وأما المعنى يدل على الشمول وأيها أعلى ما دل على الشمول في صورة ومعنى لذلك قال هذا الكلام الكامل في العموم يعني بلغ الكمال في العموم في الدلالة عليه الجمع مطلقاً سواء كان معرفاً ب ال أو بالإضافة لماذا؟ قال لوجود صورته صيغته لأنها تفيد التعدد ومعناه الذي هو الشمول الذي دل عليه الجمع والباقي ما عدا الجمع قاصر عن الجمع لماذا؟ لوجوده فيه يعني لوجود الشمول فيه في اللفظ معنى لا صورة يعني يؤخذ من جهة الدلالة والمعنى ولا يؤخذ من جهة اللفظ ثم ذك بعض الأقوال الضعيفة التي عللت بعض ما ذكره المصنف فيما يدل على العموم قال وأنكره قوم يعين أنكروا العموم فيما فيه الألف واللام قالوا الجمع الذي خلت عليه ال لا يدل على العموم والصواب أنه يدل على العموم ولذلك لما جاءت فاطمة إلى أبي بكر استدلالاً بهذه الآية {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} لو يدل على العموم لأنكر عليها لكنه أقرها فأخرج لها المُخصص يعني رد قولها بماذا ما قال فهمتي خطأ أو أن اللفظ لا يحتمل ما ذكرتيه – لا - {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} كل ولده سواء كان لنبي أو غيره لفظ عام يشمله فلما استدل العباس وفاطمة رضي الله تعالى عنهم أجمعين بهذه الآية أخرج لهم أبو بكر المخصص (نحن معاشر الأنبياء لا نُورَث ما تركناه صدقة) لو كان الاستدلال والفهم ليس في موضعه لأنكر عليهم كذلك لما قال الأنصار أو بعض الأنصار منا أمير ومنكم أمير قال أبو بكر - رضي الله عنه - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول (الأئمة من قريش) ماذا حصل؟ انسحب الأنصار الأئمة هذا جمع من قريش، وأنكره قوم فيما فيه الألف واللام ولهم علل لا نقف معهم، وقوم أنكروا ذلك في الواحد المعرّف خاصة كـ (السارق والسارقة) قالوا المفرد المحلى ب ال لا يدل على العموم كـ (السارق والسارقة) لماذا؟ لأن هذه ال يحتمل أنها جنسية ويحتمل أنها عهدية وإذا احتمل بطل الاستدلال بها في العموم والجواب نقول هذا باطل لماذا؟ لأنه ورد في الشرع نعت المفرد بما لا يُنعَت به إلا الجمع قال تعالى (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) أو الطفل الطفل كم واحد من جهة اللفظ واحد نقول دخلت عليه ال أفاد العموم ما الدليل على أنه أفاد العموم نعته بما يُنعَت به الجمع أخذنا البارحة أنه لابد من التطابق النعت والمنعوت إفراداً وتسمية وجمعاً إذا كان المنعوت مفرداً وجب أن يكون النعت مفرداً وهنا جاء المنعوت مفرداً في اللفظ لكنه نُعت بماذا بما يُنعَت به الجمع فحينئذ دل على أن الطفل المراد به الأطفال (أو

الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) وهذا استدلال واضح، وبعض متأخري النحاة في النكرة في سياق النفي إلا مع من مُظهَرة يعني قالوا النكرة في سياق النفي لا تفيد العموم إلا في حالة واحدة إذا سبقتها من ظاهرة من الاستغراقية (وما من إله إلا الله) قالوا حينئذ (وما من إله) دخلت من على النكرة في سياق النفي تعم أما (لا إله) لا تعم لأنها نكرة لم تسبق بمن ولذلك استدلوا بماذا؟ قالوا لو قيل دون سبق من ما جاءني رجل قالوا للجمهور أنتم تقولن هذه نكرة في سياق النفي فتعم مات جاءني رجل نقول عام قالوا يصح لغة أن يقال ما جاءني رجل بل أكثر فإذا أفادت العموم كيف صح الاستثناء وقالوا إذاً النكرة في سياق النفي لا تفيد العموم إلا إذا سُبقت بمن الاستغراقية لأنها إذا سُبقت بمن الاستغراقية صارت النكرة في العموم يعني لا تحتمل الاستثناء أبداً أما ما جاءني رجل هذه ظاهرة في العموم فلذلك قيل بل أكثر قالوا لما قيل بل أكثر إذاً لا تدل على العموم والجواب أنه إذا قيل بل أكثر هذه قرينة صارفة على عدم إرادة العموم والكلام في النكرة في سياق النفي إذا لم تقترن قرينة تدل على عدم إرادة العموم وإلا لو قيل بأن النكرة في سياق النفي لا تعم كيف ينفي المُوحِّد الآلهة الباطلة بقوله (لا إله إلا الله) أين العموم هنا؟ أما نقول لا إله نافية كلما يُعبَد من دون الله إذاً كيف حصل هذا المعنى إلا لكون لا هنا أفادت العموم والحاصلة نُرجح الأول.

ثم قال وأقل الجمع ثلاثة، وحكي عن أصحاب مالك وابن داود وبعض النحاة والشافعية اثنان اختلفوا في أقل الجمع إذا عرفنا أن الجمع المعرف ب ال من صيغ العموم حينئذ ما أقل الجمع الجمهور على أنه ثلاثة وذهب بعضهم إلى أنه اثنان والمرجح الأول عليه الجمهور وفي اقل الجمع مذهبان أقواهما ثلاثة لا اثنان لماذا؟ أعلى ما يستدل به أن العرب فرقت في الألفاظ بين دلالتها على الواحد ودلالتها على الاثنين ودلالتها على الثلاثة فقالوا للواحد رجل وللاثنين رجلين وللثلاثة رجال ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - " الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب " ولا لماذا نقول هذا مثنى ومثنى بطريقة كذل ويُجمَع بطريقة كذا ثم نقول النتيجة أن مدلول الجمع والمثنى واحد لا فائدة لذلك وأقل الجمع ثلاثة على الصحيح وحُكي عن أصحاب مالك وابن داود اثنان استدلوا بنحو أطراف النهار قالوا أطراف النهار أنها اثنين والله - عز وجل - يقول أطراف النهار (فقد صغت قلوبكما) قلوب وهما قلبان عائشة وحفصة وقيل (وإن كان له إخوة) والحجب يكون باثنين والحديث هو ضعيف الاثنان فما فوقهما جماعة (فاذهبا بآياتنا فإنا معكم) قال اذهبا معكم وهذه كلها مؤولة لأن من يرى أن أقل الجمع ثلاثة لا يمنع من استعماله في الاثنين لكنه يكون على جهة المجاز والمنع أن يُراد بالجمع اثنان حقيقة لا مجاز فكل ما استدل به من يرى أقل الجمع اثنان فحينئذ نقول هذا مجاز وليس بحقيقة وأما الحقيقة فلكل فرد وضعت العرب له لفظ يدل علي، ثم قال والمُخاطِب – بكسر الطاء - يدخل في عموم خطابه المُخاطِب كالنبي - صلى الله عليه وسلم - خاطب غيره بصيغة فيها عموم هل تشمله عليه - صلى الله عليه وسلم - أم تختص بالأمة؟ الصواب أنه داخل في الصيغة لماذا؟ لأن العبرة باللفظ هنا وحكمنا على اللفظ بأنه عام فإذا قال - صلى الله عليه وسلم - " تستقبلوا القبلة " تستقبلوا الواو تفيد العموم هل الحكم هذا شامل النبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ نقول شامل هذا هو الأصل لماذا؟ لأن اللفظ عام فإذا كان عاماً شمل كل مكلف والأحكام الشرعية هذه يستوي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من أمته إلا ما دل عليه الدليل بأنه خاص به أو خاص بأمته إن ثبت الدليل فلا إشكال إن لم ثبت الأصل العموم والاستواء، والمُخاطِب يدخل في عموم خطابه، ومنعه أبو الخطاب في الأمر يعني قال كل لفظ عام يدخل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الأمر لماذا؟ بناءاً منه وغيره على اشتراط الاستعلاء في الأمر أن يكون الآمر عالياً من المأمور فإذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره حينئذ لابد أن يكون معه استعلاء فكيف يكون هو مستعلي وهو مأمور حصل تناقض لا يمكن أن يكون هو آمراً ومأمور لأن الآمر أعلى درجة والمأمور أدنى من الآمر فكيف حينئذ يكون أعلى وأدنى في وقت واحد فمنع أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - داخلاً في لفظ عامة جاء بصيغة الأمر وهذا نبنيه على الأصل أن الأصح أنه لا يُشتَرط في الأمر ولا النهي علو ولا استعلاء وليس عند جل الأذكياء شرط علو فيه واستعلاء وخالف الباري في شرط وسيأتي موضوعه في باب الأمر، إذاً ومنعه أبو الخطاب في الأمر لعدم وجود

حقيقة الأمر لأن الأمر لابد أن يكون باستعلاء وحينئذ لا يوجد استعلاء وقوم مطلقاً منعوه مطلقاً خبراً وإنشاءاً وأمراً ونهياً قالوا لا يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - والأصح الأول أن المُخاطِب بكسر الطاء يدخل في صيغة العموم التي تلفظ بها مطلقاً خبراً وإنشاءاً وأمراً ونهياً ثم قال ويجب اعتقاد عمومه في الحال في إحدى الروايتين ويجب اعتقاد عمومه في الحال هذه يعنون لها الأصوليون بقولهم هل يتوقف العمل بالعام على البحث عن مخصص؟ كل عام ويتطرق إليه احتمال التخصيص كل عام احتمل أن يأتي دليل ليخصص بعض الأفراد إذاً وُجد احتمال أن يكون بعض الأفراد غير داخل في العام فإذا جاء لفظ العام وسمعت أنا اللفظ العام هل أعمل به مباشرة أو أبحث في الكتاب والسنة في لهذا العام مُخصَص أم لا؟ محل نزاع عند الأصوليين الجمهور على أنه لا يجب البحث عن المخصص، قال ويجب اعتقاد عمومه في الحال في الحال يعين إذا حضر وقت العمل من غير التوقف عن البحث عن مخصص في الحال بمعنى إذا حضر وقت العمل مدلول النص من غير توقف على البحث عن مخصص وهذا مذهب الجمهور لكن تقييده بالاعتقاد هذا فيه بعض النظر لأنه يجب الاعتقاد مع العمل وليس الاعتقاد فقط وإنما الاعتقاد بأن العام مراداً به العموم شاملاً لجميع أفراده مستغرق لجميع أفراده ويعمل لهذا العام أما يعتقد فقط دون عمل فلا فائدة إذاً قوله يجب اعتقاد وتخصيصه باعتقاد العموم دون العمل فيه بعض النظر بل المسالة شاملة لاعتقاد العموم والعمل بمقتضاه فيشمل النوعين في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد اختارها أبو بكر والقاضي وهي قول الحنفية لماذا نقول؟ لأن الأصل عدم التخصيص ويُتسصحب هذا الأصل حتى يثبت فعلاً وجود الأصل لأن العمل بالنصوص واجب على ما تقتضيه دلالاتها حتى يقوم دليل على خلاف ذلك وهو المخصص، والأخرى يعني الرواية الأخرى لا يعني لا يجب اعتقاد ولا عمل بالعام حتى يبحث عن مُخصص فلا يجد مخصصا.

اختارها أبو الخطاب من أصحاب الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وعن الشافعية كالمذهبين قولان يجب لا يجب فإذاً هذا قول ثان أو نفي الأول؟ نفس الأول عينه الثاني قال وعن الحنفية إن سُمع أو سَمع وفي بعض النسخ إن استمع إن استمع منه على وجه على وجه تعليم الحكم فكالأول يعين إذا كان الصحابي هذا الحكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - فحينئذ وهو لفظ عام حينئذ يجدب الاعتقاد ويجب العمل لمدلول هذا العام لماذا؟ لأنه لو كان ثم مخصص لوجب أن يُبيَن في ذاك الوقت ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إذاً إذا كان في وقت الاستماع يسمع الصحابي من النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً بلفظ عام وجب الاعتقاد والعمل بمدلول هذا العام ولا يبحث عن مخصص لماذا لأن المخصص بيان وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فكالأول وإلا فكالثاني يعني وإلا سمعه من غيره فلا يجب اعتقاد عمومه فلا يجب اعتقاد عمومه إذاً المسألة فيها قولان يجب اعتقاد عمومه في إحدى الروايتين اختارها أبو بكر والأخرى لا يجب هذه اثنان، ثم تفصيل الأحناف ثلاثة أقوال أحسنت ثلاثة والأرجح هو مذهب الجمهور وهو الأول لأن العمل بالنصوص واجب على ما تقتضيه وكون وجود المخصص نقول هذا مشكوك فيه والأصل عدمه، ثم قال والعبد – ضد الحر - يدخل في الخطاب للأمة والمؤمنين لماذا؟ لأنه من جملة المكلفين بالكتاب والسنة هو مخلوق لله - عز وجل - داخل في قوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ويشمله قوله تعالى (قد أفلح المؤمنون) إذاً ابتداءاً وانتهاءاً فحينئذ يكون من جملة المخاطبين فإخراجها هكذا بكونه رقيقاً لكونه عبداً يحتاج إلى دليل ولا دليل ووجود الاستثناء في بعض كأحكام الجمعة وصلاة العيدين والمال إلى آخره والبيع والشراء نقول هذا لدليل خاص وإلا الأصل دخوله في الخطاب، والعبد يدخل في الخطاب للأمة والمؤمنين لأنه يصح تكليفه وهو شامل يشمله النصوص العامة لأنه منهم من المكلفين، ثم قال والإناث يعني وتدخل الإناث في الجمع بالواو والنون كالمسلمين والمؤمنين هذا جمع خاص بماذا بالذكور خاص من جهة الصيغة عام من جهة المادة لأن بعض الجموع قد تختص صيغة ومادة مادة بمعنى الحروف إذا قيل الرجال الرجل هذا جمع يختص به الرجال الذكور والمعنى هذا مأخوذ من الرجولة جمع رجل والرجل هذا معنى هل المرأة أو الأنثى تشارك الذكر في هذا المعنى؟ لا إذاً قوله الرجل هذا جمع باتفاق أنه لا شمل الإناث لماذا؟ لأنه مختص من جهة المادة بالذكور كذلك ما يكون مساوياً أو مستوياً فيه الإناث والذكور كمن وما والناس نقول هذا يشمل الذكور والإناث باتفاق إذاً الرجال ما اختص من الجموع بالصيغة والمادة بالذكور لا يشمل الإناث قولاً واحداً وما كان شاملاً للإناث والذكور كمن وما والناس فهو شامل للجميع بلا خلاف ماذا بقي؟ بقي نوع واحد وهو ما كان شاملاً بالمادة لا بالصيغة لو قيل المسلمون بواو ونون نقول هذا جمع مذكر سالم من جهة الصيغة خاص لكن الإسلام خاص بالذكور أو مشترك هذا هو محل الخلاف هذا بعض من محل الخلاف ذكره المصنف هنا، والإناث في الجمع بالواو والنون يعين وتدخل الإناث في الجمع المذكر السالم الذي يكون بالواو النون

لماذا؟ لأن هذا اللفظ وإن اختص من جهة الصيغة بالذكور إلا أنه من جهة المعنى عام فيشمل الإناث والذكور لكن الأصح أنه لا يشمل الإناث لماذا؟ لأن العرب قد فرقت بل الشرع بل فرق (إن المسلمين والمسلمات) إذاً فرق بينهما وكذلك القاعدة العامة في اللغة أن من أراد أن يجمع مسلم ومسلم ومسلم أتى بواو ونون ومن أراد أن يجمع مسلمة ومسلمة ومسلمة أتى بألف وتاء فالأصل الجمع أن يكون فرعاً عن المفرد فإذا كان مسلم لا تدخل فيه المرأة والأنثى حينئذ صار المسلمون لا يشمل الإناث وكما أن مسلمة لا يشمل الذكر فكذلك المسلمات لا شمل الذكور فحينئذ يختص كل واحد من النوعين بجمع تخصه بدلالة تخصه، يرد الإشكال و (واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) (وكانت من القانتين) هذا هو محل النزاع الذي أورد المسألة أنه أُطلق جمع بواو ونون على الأنثى هذا بقاعدة التغليب والكلام في قاعدة التغليب ليس كالتأصيل التأصيل الأصل أن يُوضع لكل من الذكور والإناث صيغة تخصه ثم إذا غُلب عند الاجتماع فهذه مسألة أخرى عند النحاة أما أن يُقال أو من حيث أن يُقال إن لفظ المسلمون يدخل فيه ابتداءاً الإناث هذا ليس بصحيح وإنما إذا اجتمع مسلمون ومسلمات فغُلَّب الذكور على الإناث نقول هذا وافق هذا قاعدة عربية وهو تغليب الذكور على الإناث ولا إشكال لكن هل هو استعمال حقيقي أم مجازي نقول استعمال مجازي ليس بحقيقي، والإناث في الجمع بالواو والنون ولذلك أكثر الأصوليين على المنع أنه لا يشمله حقيقة وأما ما ورد من النصوص فنقول هذا من باب التغليب ومثل (كلوا واشربوا) الواو هذه خاصة بالذكور واشربوا خاصة بالذكور وأما النسوة فيُقال اشربن وكلن نون الإناث عند القاضي وبعض الحنفية وابن داود لغلبة المذكر إن كان من باب الغلبة فلا إشكال ولا نزاع أما عند التأصيل والنظر إلى الصيغة مجردة دون غلبة أو دون استعمال الشرع فنقول لا المسلمون لا يشمل الإناث كما أن المسلمات لا يشمل الذكور هذا هو الأصح وأما استعمالها في الشرع فلا بأس؟ بل لو قيل إن (المسلمين والمسلمات) أو (كلوا واشربوا) لهم حقيقة شرعية فلا إشكال ما المانع أن يقال أنه الأصل في لغة العرب أنه لا يعم الإناث ولكن لما كان متعلَق المسلمون والمسلمات الأحكام الشرعية والشرع له طريقته الخاص في الأحكام والحقائق لو قيل أنه حقيقة شريعة لا بأس فإذا أُطلق المسلمون يشمل الإناث لكن حقيقة شريعة لأن الإناث شقائق الرجال فكل ما ثبت للذكور فهو عام في الإناث إلا بدليل شرعي حينئذ قال {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} البقرة43 ليس خاصاً بالذكور بل يشمل الإناث، واختار أبو الخطاب والأكثرون عدم دخولهن وهذا أصح من حيث اللغة هذا أصح وأما استعماله في الشرع مراداً به الإناث نقول هذا من باب التغليب ولو قيل أنه حقيقة شرعية فلا إشكال يعني لم يخالف الأصول لو قيل أنه حقيقة شرعية الأمر له حقيقة شرعية مغايرة للحقيقة اللغوية النهي له حقيقة شرعية مغايرة للحقيقة اللغوية حينئذ لو قيل الجمع مغاير لا بأس لا إشكال.

ثم قال وقول الصحابي نهى عن المزابنة وقضى بالشفعة عام بمعنى أن الصحابي إذا حكا فعلاً من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة ظاهرها العموم فهل يكون عاماً أو لا؟ هذا محل نزاع قال وقول الصحابي نهى – أي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة وقضى بالشفعة المزابنة والشفعة سبق الكلام فيها هل المزابنة يعم كل شخص تعامل بها فيكون منهياً والشفعة تعم كل شخص تعلق به هذا الحكم فتكون عامة؟ هذا المحل الذي أراده المصنف قال فعام وعليه الأكثر لماذا؟ لأن الصحابي إذا سمع صيغة النهي حملها على النهي وهو عدل وضابط وهو لغوي فلا يصرف غير الأمر عن الأمر قال عام وعليه الأكثر لأن الصحابي عدل ضابط فإذا روى ما يدل على العموم يدل على أنه قد جزم بأنه للعموم أو جزم بأن هذا الأمر أو جزم بأنه نهي لماذا؟ لأنه إذا قال نهى عن المزابنة هم لم ينقل لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا قيل قضى بالشفعة لم ينقل لنا اللفظ فحينئذ حكمه بكون المسموع من النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً نقول هذا حجة الصحابي في مثل هذه حجة والمسألة فيها نزاع، ثم قال والمعتبر اللفظ فيعم وإن اختص السبب إذا ورد العام على سبب خاص فهل يُسقط عمومه أو لا؟ الجمهور على أنه العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كآيات الظهار هذه نزلت في أوس بن الصمات وزوجته وآيات اللعان نزلت في عزين عجلان وزوجته وقيل هلال بن أمية وآيات القذف نزلت في شأن عائشة رضي الله عنها الآيات هذه كلها من حيث اللفظ عامة ومن حيث السبب خاصة فهل نقول يشمل اللفظ عائشة وغيرها؟ هل يشمل الآيات آيات الظهار أوس بن الصمات وغيره؟ أم نقول أنه خاص به ويُقاس عليه غيره؟ هذا محل نزاع والأصح أن يقال العبرة بعموم اللفظ لماذا؟ لأن اللفظ هو الشرع ونحن المتعبدون بامتثال وفهم الشرع وأما السبب فلا أثر له إلا من حيث من كون الحكم ورد على سببه فإذا ورد الحكم على اسبب حينئذ لا يلزم منه ألا يكون غير السبب داخلا في لفظ العام لا يلزم من وجود سبب خاص لحكم عام أن غير مورد السبب ألا يكون داخلاً في اللفظ العام بل يكون اللفظ العام شاملاً لسببه ولغيره وهذا هو الأصح، والمعتبر اللفظ يعني النظر إلى اللفظ والحجة حينئذ تكون في اللفظ فيعم وإن اختص السبب لكن نستفيد من ذكر سبب ماذا ما الفائدة من ذكر السبب باعتبار العام يعني هل بينهم علاقة؟ يكون نصاً فيه بمعنى أنه لا يجوز إخراجه ولذلك نقول دلالة اللفظ العام على السبب الوارد له أو عليه دلالة قطعية وإذا كانت دلالة قطعية نقول لا يجوز تخصيصها ولذلك قال واجزم بإدخال ذوات السبب وانقل عن الإمام ظناً تصب بعضه قال لفظ العام يشمل صورة السبب ظناً وهذا خطأ لأنه لو كان الظن لجاز إخراجها ولو جاز إخراجها حينئذ نزق القرآن على أي شيء وخرج الجواب من النبي - صلى الله عليه وسلم - على أي سؤال؟ لابد أن يكون الجواب مطابقاً للسؤال وقد أخرجنا أصلاً من حيز العام حينئذ أين المطابقة فيصير اللفظ عبثاً ولذلك نقول الصواب أن سورة السبب داخلة في اللفظ العام، وقال مالك وبعض الشافعية يختص بسببه ولا يتعداه إلى غيره وكل من وُجدت فيه أوصاف السبب قيس على ذلك السبب فدخل في الحكم حينئذ

إذا اختصت الآيات آيات الظهار مثلاً بأوس هم لا يقولون بأن غير أوس لا تشمله آيات الظهار لا يقولون دلت آيات الظهار على غير أوس بالقياس عليه فيأتون بقصة أوس وتنقيح وتحقيق إلى آخره يُنظَر في الله إذا وُجدت في زيد نقول أصلاً زيد ليس داخلاً في نص الآية وإنما نقيسه على أوس بالقياس ونحن نقول لا هو شامل له باللفظ، فإن تعارض عمومان وأمكن الجمع بتقديم الأخص أو تأويل المحتمل فهو أولى من إلغائهما وإلا فأحدهما ناسخ إن علم تأخره وإلا تساقطا تعارض العمومين تعارض العمومان فإن تعارض عمومان التعارض هو التقابل والتمانع وعند الأصوليين أني تقابل دليلان يخالف أحدهما الآخر قال فإن تعارض عمومان وأمكن الجمع لأن الأصل في تعارض الأدلة ماذا القاعدة العامة إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما هذا متفق عليه إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما فإذا جاء عمومان متعارضان نقول الأولى أن نجمع بينهما ولا نُسقط أحدهما لأن إلغاء أحدهما إلغاء لبعض الشرع حينئذ نقول نجمع بينهما فإن أمكن الجمع بتقديم الأخص بأن يكون أحدهما عام من وجه خاص من وجه قُدم الأخص على الأعم " من بدل دينه فاقتلوه " من هذه عامة تشمل الذكور والإناث إذاً المرتد يُقتَل المرتدة تُقتَل عام، نهى - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء عام النساء هذا يشمل المرتدة وغيرها الحربية وغيرها إذاً وقع تعارض المرأة المرتدة بحديث من بدل دينه فاقتلوه تُقتل وبحديث نهى عن قتل النساء لا تُقتل ماذا نصنع؟ وقع تعارض أو لا؟ وقع تعارض إذاً لابد من الجمع فنُقدم الأول من بدل دينه فاقتلوه فحينئذ تقتل المرأة المرتدة ونحمل الثاني بأنه خاص بالكافرة الأصلية ما لم تباشر القتال لسياق القصة التي ورد فيها النهي حينئذ وقع تعارض بين عمومين فقدمنا الأخص على الأعم وهذا جمع بين الدليلين ومتى وأمكن الجمع بين الدليلين لا يُعدَل عنهما أبداً بأي وجه من وجوه الجمع وأمكن الجمع بتقديم الأخص كتقديم من بدل دينه فاقتلوه على حديث نهى عن قتل النساء، أو تأويل المحتمل يعني ورد حديث محتمل مثلوا لذلك بحديث إنما الربا في النسيئة هذا فيه نفي لربا الفضل هذا كالصريح في نفي ربا الفضل وحديث أبي سعيد الذهب بالذهب إلى آخره يثبت ربا الفضل فوقع التعارض ماذا نصنع؟ قالوا إنما الربا في النسيئة يُحمل على الربا الأغلظ والأشد فلا يكون نفياً حينئذ لرب الفضل إذاً أمكن التأويل ومتى ما أمكن التأويل أولى من الإسقاط فهو أولى من إلغائهما فهو يعني الجمع وأمكن الجمع فهو أي الجمع أولى من إلغائهما إلغاء الدليلين وإلا لم يمكن الجمع تعذر الجمع فأحدهما ناسخ للآخر أحد العامين ناسخ للآخر بأنه رافع للحكم إن عًلم تأخره إذاً توفر فيه شرطا النسخ وهو عدم إمكان الجمع مع العلم بالتأريخ (فمن تكوع خيراً فهو خير له وأن تصومواً خير لكم) (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) هذا عام وهذا عام (فمن تطوع خيراً) هذا مطلق عاجز وغيره (فمن شهد منكم الشهر) قالوا الثاني ناسخ للأول المراد المثال لا النقاش في المسألة، وإلا يعني وإلا يُعلَم تأخر الثاني تساقط فلا يُعمَل بأحدهما يدون الآخر لأنه ترجيح بلا مُرجح، إذاً القاعدة أنه إذا تعارض عمومان الأصل

الجمع بأي طريق بوسائل الجمع ثم إن عُلم التأريخ الثاني ناسخ وإلا تساقطا والتعبير بالتساقط هذا فيه نوع إشكال ونقول نتوقف فيهما حتى يرد المُبين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. الظهور في العموم بمعنى أنه قابل للتخصيص والنص في العموم بمعنى أنه لا يقبل التخصيص هذا التفريق بينهما إذا قيل ظاهر في العموم بمعنى أنه لو جاء مُخصِص تخصص وأما النص في العموم لا يقبل التخصيص لا إله إلا الله نص لا يقبل التخصيص أبداً

14

عناصر الدرس * الخاص والتخصيص * المخصصات. الدرس الرابع عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، قال المصنف رحمه الله تعالى والخاص يقابل العام لما انتهى من كلامه عن العام ذكرنا أنه من المسائل المهمة التي ينبغي لطالب العلم الشرعي الذي يريد أن من أهل الاجتهاد ويستنبط ويفهم أقوال أهل العلم استنباط الأحكام من أدلتها لابد من مبحث العام والخاص والمطلق والمقيد والاستثناء ونحوها وهذه كلها معتمدة على اللغة العربية وكلما أمكن كان أظهر وأعلى من هذا الباب في فن النصوص، قال والخاص يقابل العام الخاص هنا اسم فاعل خص يخص خاص وهو اسم فاعل قال يقابل العام سبق أن العام من جهة اللغة هو الشامل حينئذ قابله الخاص وهو غير الشامل وهناك نقول الخاص هو المستوعب المستغرق وهنا نقول غير المستوعب وغير المستغرق إذاً لما كان العام يدخله التخصيص ناسب ذكره بعد ذِكر العام الخاص يقابل العام الخاص في اللغة نقول مأخوذ من الانفراد وقطع الاشتراك وإذا أخذته من المقابلة وقلت العام الشامل والخاص غير الشامل لا بأس الخاص غير الشامل والعام الشامل لأنه يقابل يقال خص فلان بكذا أي انفرد به ولم يشاركه أحد والخاص من جهة الاصطلاح قال المصنف هنا رحمه الله وهو ما دل على شيء بعينه وهو أي الخاص ما أي له لأن الخصوص كما سبق يقابل العام فيأخذ بعض أحكامه وكما أن العام وصف للألفاظ كذلك الخاص وصف للألفاظ وكما يقال معنى عام يقال معنى خاص ولفظ عام ولفظ خاص لكن في الاصطلاح الغالب إذا أُطلق الخاص أُريد به اللفظ وإذا أردوا المعنى قالوا أخص وإذا أرادوا اللفظ هناك قالوا عام وإذا أرادوا المعنى قالوا أعم يعني جعلوا أفعل التفضيل للمعنى في الاصطلاحين العام والخاص وجعلوا اسم الفاعل لللفظ لماذا؟ قالوا لأن المعنى أهم وما جُعل اللفظ إلا ليُجعَل دليلاً على المعنى ولذلك نقول الوضع هو جَعل الوضع دليلاً على المعنى إذاً المعنى مدلول عليه وهو المقصود واللفظ دليل حينئذ تكون العناية بالمعاني أهم ولذلك أُعطيت أفعل التفضيل، ما دل على شيء بعينه ما نقول لفظ دل على شيء بعينه أخرج العام وإذا قيل ما لفظ هذا جنس يشمل العام والخاص لأن المقام هنا مقام تعريف الخاص الذي هو مقابل العام نقول ما جنس أي لفظ فحينئذ يشمل العام والخاص قوله دل يعني ذو دلالة يعني يُفهَم منه دل على شيء بعينه ذاته بنفسه فالمدلول عليه يكون معيناً بخلاف العام فإنه اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له كما عرفه المصنف حينئذ يكون الخاص لفظ لا يستغرق فيكون قد دل على شيء بعينه وأوضح من هذا يُقال الخاص هو اللفظ الدال على محصور بشخص أو عدد الخاص هو اللفظ الدال على محصور إذاً عندنا استغراق وعندنا حصر العام أخذ الاستغراق والحصر عند الخاص اللفظ الدال على محصور بشخص كالأعلام زيد وعمرو وخالد إذا أُطلق انصرف إلى الذات إلى شيء مخصوص محصور أو عدد كأسماء الأعداد وسواء دل عليه بالعدد الاسم كعشرة ومائة وألف أو بالتثنية كرجلين رجل هذا يدل على شخص ورجلين يدل على اثنين محصور ورجال بالتنكير يدل على ثلاثة إذاً اللفظ الدال على محصور بشخص أو عدد بشخص سواء كان كالأعلام أعلام

الأشخاص أو كان باللفظ الواحد كالنكرة يأتي الرجل في سياق الإثبات نقول النكرة في سياق الإثبات لا تعم هذا الأصح ما لم تكن في سياق الامتنان حينئذ إذا قال جاء رجل رجل هذا مستغرق أم لا؟ نقول غير مستغرق غير عام فإذا لم يكن عاماً تعين أن يكون خاصاً لأنه قسمة ثنائية إذاً انتفى العموم والاستغراق ثبت الخصوص وعدم الاستغراق فإذا قيل جاء رجل يعني واحد جاء رجلان أي اثنان جاء رجال أي ثلاثة ولا نزيد إلا بقليل لأنه في سياق الإثبات يُحمَل على أقل ما يجوز عليه الجمع إذاً حصل الحاصل هنا جاء زيد بالإعلام وجاء رجل هذا بالنكرة في سياق الإثبات مفردة واحد وجاء رجلان تثنية ويدل على اثنين وجاء رجال هذا جمع يدل على أقل ما يُحمَل عليه الجمع وهو ثلاثة، وجاء عشرة رجال أيضاً هذا مصور باسم العلم إذاً كل لفظ يدل على شخص أو عدد فهو خاص وكل لفظ يستغرق بلا حصر نقول هذا عام قسمة ثنائية ولا ثالث لها والخاص يقابل العام وهو – أي الخاص - ما دل على شيء بعينه لذاته ولا يحتمل غيره ولم يكن مستغرقاً له ولغيره كما هو شأن العام ولهما طرفان وواسطة هذا تقسيم له بحسب مراتبه علواً وواسطة وسفلي لأن العام والخاص إما أن يكون لفظ العام عام ولا أعم منه عام ولا أعم منه لأننا نقول اللفظ يستغرق ثم هذا الاستغراق مراتب قد يكون الاستغراق يستغرق شيئاً ويكون هذا اللفظ الدال على الاستغراق داخل تحت لفظ آخر وقد لا يكون داخل تحت لفظ آخر فحينئذ إذا بلغ اللفظ العام المستغرق أعلى الدرجات بحيث لا يدخل تحت غيره قيل هذا عام لا أعم منه وإذا كان يدخل تحت غيره نقول هذا عام إضافي يعني إذا كان يدخل هو تحت غيره نقول هذا عام إضافي كذلك الخاص خاص لا أخص منه يعني عندنا لفظ دال على شخص أو عدد أقل ما يصدق عليه لفظ ولا يحتمل غيره البتة كالأعلام أعلام الأشخاص وقيل زيد هذا لا يحتمل إلا الذات التي وُضع لها اللفظ نقول هذا خاص لا أخص منه وما بينهما واسطة إذاً قوله ولهما أي العام والخاص لهما طرفان وواسطة والواسطة والعام الإضافي والخاص الإضافي فعام مطلق وهو ما لا أَعَمَّ منه يعني لا يعلوه عام لا يدخل تحت غيره البتة مثل ماذا قالوا المعلوم المعلوم هذا كل ما تعلق به العلم فهو معلوم سواء كان موجوداً أو معدوماً فالعلم يتعلق بالموجودات ويتعلق بالمعدومات بل في حق الرب جل وعلا يتعلق بالمستحيلات {وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الأنعام27، هذا يقع أو لا يقع؟ يحصل أو لا يحصل؟ لا يحصل لا يمكن مستحيل هذا لكن هل تعلق به علم الرب جل وعلا نقول نعم تعلق به علم الرب جل وعلا فحينئذ متعَلق العلم الموجود والمعدوم والمستحيل لذلك صار لفظ المعلوم عام لا أعم منه لأن كل شيء من الموجودات ومن المعدومات ومن المستحيلات فهو داخل تحت هذا اللفظ وهو المعلوم هل هناك لفظ يدخل تحتها المعلوم؟ لا يمكن ولذلك قيل هذا اللفظ لا أعم منه عام مطلق وفي تحديد اللفظ الذي يكون عاماً مطلقاً هذا بين الأصوليين خلاف ولكن المشهور هو ما ذكره المصنف هنا، إذاً عرفنا أن المعلوم هذا يشمل الموجود

والمعدوم، وخاص مطلق لا أخص منه وهو ما لا أَخَصَّ منه كزيد يعني كالأعلام التي تُطلَق ويُراد بها الأشخاص لأن زيد هذا إذا أُطلق اللفظ انصرف على الذات المُشَخَصة المُشاهَدة في الخارج لا يمكن أن يدخل تحت هذا اللفظ غير الذات لا يمكن لكن لفظ زيد من حيث هو قبل التسمية هذا لفظ مشترك ثم إذا عُلق بمسماه نقول امتنع الاشتراك وإذا سمي هذا زيد نقول لفظ زيد لا يشاركه غيرها البتة إذاً هل تحته يدخل شيء؟ نقول لا يدخل إلا الذات المسمى فلا شركه غيره أما لفظ المعلوم فيشاركه غيره فيشارك غير الموجود كالمعدوم والمستحيل وخاص مطلق وهو ما لا أخص منه كزيد وما بينهما يعني العام المطلق والخاص المطلق فعام بالنسبة إلى ما تحته عام بالنسبة إلى ما تحته خاص بالنسبة إلى ما فوقه هذا كما ذكرناه في النامي والحيوان والإنسان نقول الإنسان نوع الإنسان نوع من أنواع الحيوان فرد من أفراده إذاً الحيوان هذا جنس لأنه يشمل الإنسان وغيره الجنس ما عم اثنين فصاعداً فالحيوان يشمل الإنسان وغيره يشمل الإنسان والفرس إلى آخره والحيوان نفسه عم الإنسان وغيره ثم هو خاص باعتبار النامي لن النامي يعني ما يقبل النمو ليس مختصاً بالحيوان فيدخل فيه النبات فنقول النامي هذا جنس يشمل الحيوان ويشمل النبات إذاً الحيوان باعتبار النامي فرد من أفراده فهو خاص والحيوان باعتبار الإنسان جنس إذاً نظرنا إلى لفظ الحيوان فإذا به عام باعتبار الإنسان وخاص باعتبار النامي وما بينهما فعام كالحيوان بالنسبة إلى منا تحته كالإنسان خاص أي الحيوان بالنسبة إلى ما فوقه كالنامي، مثّل بالموجود الموجود هذا خاص بالنسبة للمعلوم نقول خاص لماذا؟ لأن المعلوم يشمل الموجود وغيره كل موجود معلوم ولا عكس كما نقول كل إنسان حيوان ولا عكس لماذا؟ لانفراد الحيوان بصدقه على ما ليس بإنسان كذلك هنا نقول كل معدوم فهو معلوم ولا عكس ليس كل معلوم فهو موجود نقول كل موجود فهو معلوم ولا عكس لماذا؟ لصدق المعلوم على المعدوم والمستحيل فليس كل معلوم يكون موجود إذاً هو باعتبار المعلوم أخص لأنه فرد من أفاده وباعتبار الجوهر وغيره كالعرب هو علم لأن الموجود ينقسم إلى جوهر وعرب الجوهر ما يقوم بذاته والعرب ما لا يقوم بذاته كالصفات لابد لها من محال كالبصر لا يمكن أن يوجد بصر إلا في عين والطول لا يمكن أن يوجد طول لا في عمود أو في إنسان أو في شجرة ونحو ذلك حينئذ نقول الموجود باعتبار المعلوم خاص ثم هو ينقسم إلى جوهر وعرب فيكون عاماً إذاً وُصف اللفظ الواحد بكونه خاصاً عاماً يرد السؤال هل يجتمع الوصفان الخصوص والعموم في لفظ واحد أم لا؟ نعم يجتمعان لكن من جهة واحدة وإنما باعتبارين من جهتين مختلفتين ننسب اللفظ إلى ما هو أعلى فيكون خاصاً وننسب اللفظ إلى ما هو أدنى منه فيكون عاماً أما الخاص الذي لا أخص منه نقول هذا لا يوصف إلا بخصوص والعام الذي هو لا أعم منه هذا لا يوصف إلا بالعموم إذاً قد يجتمعان وقد يفترقان.

ثم قال بعدما عرف لك الخاص قال والتخصيص لأنه هو المراد هنا هو المراد العنوان والتخصيص هذا مصدر خصص يُخصص تخصيصاً والمراد به خُص بكذا التخصيص لغة الإفراد عرفه هنا بقوله إخراج بعض ما تناوله اللفظ والمراد باللفظ الذي تناول ما اُخرج بالتخصيص هو اللفظ العام لأن التخصيص يرد على العام يكون اللفظ عاماً فحينئذ يرد التخصيص بدليل يشتمل على لفظ خاص فحينئذ نُخرج بعض ما تناوله لفظ العام بهذا الدليل المُخصَص فيكون اللفظ العام من حيث هو متناولاً ومستغرقاً لجميع الأفراد فيأتي دليل يدل على اختصاص أو إخراج بعض تلك الأفراد التي تناولها اللفظ العام فلا يشمل هل هو اللفظ المسلط على اللفظ العام بل تختص بحكم خاص {وَالْمُطَلَّقَاتُ} هذا لفظ عام {وَالْمُطَلَّقَاتُ} لفظ عام {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} عندنا محكوم عليه ومحكوم به وحكم فالمحكوم عليه هنا لفظ عام وهو المطلقات هذا جنس هذا عام هل هذه موصولية وهي من صيغ العموم حينئذ صار مستغرقاً فكل مطلقة يشملها اللفظ أو لا؟ يشملها اللفظ سواء كانت حاملاً أو حائلاً سواء دُخل بها أو لا آيسة أم لا اللفظ عام يشمل كل مطلقة صغيرة كبيرة أياً كان فاللفظ يشملها {وَالْمُطَلَّقَاتُ} ما الحكم؟ {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} إذاً كل مطلقة عدتها ثلاثة قروء هذا من حيث اللفظ لكن جاء نص آخر أخرج بعض ما تناوله اللفظ وهو لفظ المطلقات فعيّن له حكم يخالف ذلك الحكم الذي عُلق على العام {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الطلاق4، إذاً المُطلقة الحامل هل هي داخلة في قوله المطلقات أم لا؟ كلا الجوابين خطأ في تفصيل إن أُريد داخلة من حيث اللفظ فاللفظ يشملها هي داخلة لفظاً قطعاً لكن لا في الحكم فاللفظ متناول لفظ المطلقات متناول للمطلقة الحامل من حيث اللفظ لا من حيث الحكم ولذلك قصر العام على بعض أفراده يعني قصر الحكم فحينئذ الحكم الذي نُزل في الآية على كل فرد فرد من أفراد المطلقات نقول هذا يشمل كل من لا يتناوله دليل التخصيص قوله {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ} هذا إن دل على أن حكم المطلقة الحامل أن الحامل المطلقة حكمها مخالف لما نص عليه في الآية فليس داخلاً في العموم حينئذ الإخراج يكون من الحكم لا من اللفظ إخراج هنا قال إخراج بعض ما تناوله اللفظ بعض كالمطلقة الحامل ما تناوله اللفظ كـ {الْمُطَلَّقَاتُ} المطلقات تناول كل مطلقة حتى الحامل حكمها {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} نقول التخصيص والإخراج بعض ما تناوله اللفظ عام فنقول اللفظ عام فيشمل كل مطلقة لكن من حيث الحكم لا يُنزَل على المطلقة الحامل بل تختص بدليل آخر، إخراج إذاً حصل الإخراج هنا إخراج بعض لا كل لو كان إخراجاً للكل لكان نسخاً لأن النسخ رفع الحكم عن كل الأفراد لما كان عن البعض علمان أنه تخصيص إخراج بعض ما تناوله اللفظ العام الإخراج هنا لا من حيث الاستعمال ولذلك نقول العام المخصوص هو ما قُصر به جميع أفراده استعمالاً لا حكمي حينئذ قول إخراج هل هو من الحكم أو من اللفظ نقول لا ليس من اللفظ بل هو من الحكم لماذا؟ لأن

دلالة المطلقات على المطلقة الحامل هذه دلالة لغوية وحينئذ إذا عُلم أن اللفظ عام من جهة اللغة تخصيصه لابد أن يكون من جهة اللغة ولا مُخصص لماذا؟ لأن اللفظ هنا اسم مفعول دال على ذات متصفة بصفة وهذا اللفظ من حخيث وضعه في اللغة يدل على كل ذات اتصفت بمطلق الصفة فلا يتخصص بعض الصفات دون البعض الآخر وإنما يكون الإخراج هنا للحكم فيكون التقدير {الْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} لا شمل قوله {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} المطلقات الحوامل لخصوهن بدليل آخر أما اللفظ فهو شامل لهن، إذاً إخراج بعض ما تناوله اللفظ الأحسن منه أن يُقال قصر العام على بعض أفراده قصر العام يعني حكم العام على بعض أفراده ولهذا اشتهر التعريف الثاني قصر العام على بعض أفراده قصر العام هذا بالإضافة المصدر إلى مفعوله وحينئذ يكون من الذي قد قصر؟ القصر حكم من؟ حكم شارع؟ لأن التعميم والتخصيص حكمان شرعيان فالذي يُعمم الحكم على جهة العموم جميع الأفراد هو الشارع والذي يخصص البعض ويخرج بعض إلى بعض هو الشارع إذاً قصر العام نقول هذا بإضافة المصدر إلى مفعوله والفاعل محذوف للعلم به لأن البحث في الشرعيات قصر العام أي قصر الشارع العام والمراد بالقصر العام ليس قصر اللفظ وإنما هو قصر الحكم فحينئذ الحكم في الأصل يكون شاملاً لكل فرد فرد من أفراد الموضوع ولكن جاء دليل قصر يعني حمل ذلك الحكم المتعلق بأفراد العام على بعض الأفراد دون بعض ولذلك نقول أن دلالة العام على أفراده كلية بمعنى أن كل فرد فرد يصدق عليه الحكم استقلالاً {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} أو {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} هذا أوضح {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} المشركين نقول هذا لفظ عام محكوم عليه بماذا؟ بالقتل زيد المشرك وخالد المشرك إلى آخره لكن باب التمثيل نقول خالد كذا وعمرو إلى آخره نقول كل فرد من هؤلاء الأفراد يصدق عليهم الحكم لماذا؟ كأنه قال فاقتل خالد المشرك فاقتل عمر المشرك فاقتل بكر المشرك ولذلك ذكر الشيخ الأمير رحمه الله أن القضية المركبة بحكم على لفظ عام هو في قوية قضايا متعددة وحيثما لكل فرد حُكم فإنه كلية قد عُلم في قوة قضايا متعددة يعني بدلاً من أن يُقال لك اقتل زيد المشرك اقتل عمرو المشرك هذه جملتان اقتل بكر المشرك ثالثة رابعة عشرة مائة ألف قال {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} اختصر لك هذه كلها وقال لك {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} حينئذ كل من وُجد واتصف بوصف الشرك فهو داخل بالقوة لأنه في قوة قولك خالد مشرك وثبت قوله {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} إذاً اقتل خالداً فحينئذ لا يمنع العقل عندما تجزأت أفراد اللفظ العام وصار كل فرد يستقل بحكم دون الآخر لا يمنع العقل أن يأتي الشرع ويستثني بعض الأفراد ولذلك سيأتي أنه قال ولا خلاف في جواز التخصيص هل يجوز أن يخصص اللفظ العام أو لا يجوز؟ نقول نعم يجوز لأن مدلوله كلية ليس بشيء واحد هو لم يقل اقتلوا خالداً ثم نقول خالد هذا عام وهل يرد عليه تخصيص أم لا نقول لا اقتلوا خالد هذا موضوعه خاص ولا يقبل التخصيص لكن {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} نقول هذا لفظ عام وهو يتجزأ له آحاد فحينئذ نقول هذه القضية

قضية كلية وحيثما لكل فرد حُكم فإنه كلية قد عُلم مدلوله كلية إن حكم عليه في التركيب من تكلم مدلوله أي العام كلية إن حكم عليه في التركيب من تكلم بمعنى أنه يُحكَم على اللفظ العام بأنه كلية بعد التركيب لا قبله لو قال مشركون فقط هل ثم حكم؟ لا ليس عندنا حكم حينئذ حيثما لكل فرد حُكم لابد أن يقع لفظ العام في ضمن جملة اسمية أو فعلية. هنا قال قصر العام على بعض أفراده إذاً هذا هو التخصيص أن يرد لفظ عام في الشرع أو في غيره في اللغة عموماً يرد لفظ عام يتناول أفرد بلا حصر فيأتي لفظ آخر يخص بعض الأفراد بحكم مخالف للحكم السابق لابد أن يكون الحكم مخالف حتى يُعد تخصيص فإن كان بحكم لا يُخالف لا يكون تخصيصاً لو قال أكرم الطلاب نقول الطلاب هذا لفظ عام يصدق على محمد وبكر وخالد إلى آخره وأكرم هذا هو الحكم حينئذ نقول أكرم الطلاب كلية بحيث يتبع الحكم الذي هو الإكرام يتبع الحكم كل فرد فرد فرد على جهة السواء كل طالب يدخل في اللفظ حينئذ لابد أن يوجد له نصيب من الحكم وأن يكون النصيب الذي من الإكرام لخالد مساو لبكر مساو لعمر إلى آخره لو قال أكرم الطلاب أكرم الطالب زيداً وزيد هذا من الطلاب هل نقول قصر الحكم قصر العام على بعض أفراده هل يُعَد هذا تخصيص؟ لا لا يُعَد لماذا؟ لأن الحكم مُتحد وشرط التخصيص أن يكون الحكم مختلف فلو قال أكرم الطلاب أكرم زيداً وهو من الطلاب نقول التنصيص على زيد لزيادة اهتمام أما لو قال أكرم الطلاب ولا تُكرم زيداً حينئذ يُعَد تخصيصاً فالطلاب لفظ عام يشمل زيد وغيره ولكن جاء الدليل يخص زيد فحينئذ لا يستحق الإكرام حينئذ قصر العام أي حكم على بعض أفراده دون البعض الآخر نقول القصر المراد به الحكم وأن يكون هذا الحكم مخالفاً لحكم العام فغن كان متحداً معه فلا يُعَد تخصيصاً وبعض الفقهاء يطرد القاعدة كأنها المراد عند الأصوليين الحكم ولو لم يختلف يعني قصر العام على بعض أفراده ولو لم يختلف الحكم نقول لا ليس بصحيح هذا قد وقع فيه بعض الفقهاء فكلما وجدت نصاً قد حكم الشرع على فرد ثم هذا الفرد داخل في ضمن عام قد سُلط عليه حكم لا يخالف ذاك الخاص فلا تقل هذا من باب التخصيص وإنما هو ذكر بعض أفراد العام بحكم لا يخالف العام فلا يُعَد تخصيصاً.

قال فيفارق النسخ بأنه أراد أن يبين لك الفرق بين التخصيص والنسخ ثم تشابه بينهما التخصيص والنسخ ما الفرق بينهما؟ ذكر بعض الفرق المهمة فقال فيفارق النسخ ما هو الذي يفارق؟ التخصيص يفارق النسخ بأنه رفع لجميعه بأنه أي النسخ رفع لجميعه يعني جميع الحكم وأما التخصيص فهو تبعيض الحكم وأما النسخ فهو رفع للحكم لجميع الحكم، بأنه رفع لجميعه أو جميع ما تناوله اللفظ أيضاً لا بأس وبجواز مقارنة المخصص المخصص قد يكون مقارناً العام {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} آل عمران97، الناس هذا لفظ عام من استطاع هذا مُخصص لأنه بدل والبدل من المخصصات المتصلة هل اتصل المُخصِص بالمُخصَص؟ نعم هل يجوز ذلك في النسخ؟ الجواب لا ولذلك يشترط في النسخ أن يكون بخطاب شرعي متراخي لابد أن الخطاب الثاني متراخياً عن الخطاب الأول كما سيأتي في موضعه، إذاً من الفوارق قال وبجواز مقارنة المخصص للفظ العام الذي هو مورد التخصيص كما في الآية التي ذكرناها وأما النسخ فلابد أن يتأخر فيه الناسخ عن المنسوخ،، وعدم وجوب مقاومته يعني لا يشترط في المخصص أن يكون مساوياً للمخصص من جهة الدلالة والثبوت لأن النسخ عند الجمهور يلزمه فيه مساواة الناسخ للمنسوخ في ثبوته ودلالته هذا على قول الجمهور ولا يشترط في المخصص أن يكون مساوياً للعام في ثبوته بل يجوز تخصيص المتواتر بالآحاد والآحاد بالآحاد ويجوز تخصيص الكتاب بالسنة ولو كانت آحاداً لكن في النسخ عندهم لا لا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد كما سيأتي هذا عند الجمهور لا يجوز أن ينسخ الآحاد المتواتر والصواب الجواز ولكن هذا عند الجمهور، قال وعدم وجوب مقاومته أن يكون مقاوماً له فحينئذ لا يشترط في المُخصِص أن يكون مساوياً للمُخصَص اللفظ المشتمل على اللفظ العام والدليل المشتمل على اللفظ العام لا يشترط فيه أن يكون مساوياً للفظ الدلالة بل يجوز تخصيص القرآن بآحاد السنة {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} هذا مخصوص بقوله - صلى الله عليه وسلم - (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) وهو آحاد نقول صح التخصيص لماذا؟ لأنه لا يشترط أن يكون المخصص متواتر كالمخصص بل مخصص الكتاب السنة الآحاد وغيرها، ودخوله على الخبر بخلاف النسخ ودخوله ما هو دخوله؟ أي التخصيص فيُنسخ الخبر {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} نقول هذا مخصوص كما سيأتي في الحس {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} هذا خبر دخله التخصيص بالعقل لكن النسخ لا يدخل الأخبار وإنما يدخل الأحكام فقط، ثم قال ولا خلاف في جواز التخصيص ولا خلاف يعني بين الأصوليين في جواز التخصيص مطلقاً سواء كان أمراً أو نهياً أو خبراً يعني لو كان التخصيص داخلاً في الأمر أو في النهي أو في الخبر كما ذكرناه سابقاً ولا خلاف يعني بين الأصوليين لماذا؟ لدليلين أولاً وقوعه في الكتاب والسنة ودائما يُستدَل بالوقوع على الجواز إذا وقع حينئذ نقول جائز لماذا؟ لأنه لو لم يجز لما حصل لما وقع إذاً لدليلين وقوعه في الكتاب والسنة والوقع في دليل الجواز {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} هل كل سارق يُقطَع؟ لا إذاً هناك تخصيص {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}

هل كل زاني يُجلَد؟ الجواب لا {{يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} هل كل ولد يرث ولو كان عبداً ولو كان قاتلاً؟ لا إذاً لابد من الاستثناء حينئذ هذه الأدلة مُخصَصة وهذا مُجمَع عليه بين الصحابة ثم يُقال التخصيص صرف اللفظ عن إرادة جميع الأفراد في الحكم إلى بعضه فإذا قال {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} المشركين هذا يشمل كل من اتصف بصفة الشرك ولو كان من أهل الذمة ومعلوم أن أهل الذمة يشتَرط لهم حتى يعطوا الجزية عن يد حينئذ لا يجب القتل بلا يجوز القتل فحينئذ نقول النص هنا صرف اللفظ الذي هو المشركين عن الجميع إلى البعض فصار من إطلاق الكل مراداً به البعض ولو قيل بأنه مجاز والأصح أنه حقيقة لو قيل أنه مجاز هل يمنع العقل وجود المجاز؟ لا يمنع العقل وجود المجاز فحينئذ القول بجواز التخصيص ولو أدى إلى أن دلالة اللفظ على ألأفراد بعد التخصيص مجازاً والمجاز لا يمنعه العقل حينئذ نقول لا مانع من جود التخصيص يعني كأنه استدلوا على جواز التخصيص ونقل المصنف عدم الخلاف وفيه نظر أولاً الوقوع وثانياً أن التخصيص صرف للفظ عن إرادة جميع الأفراد إلى بعضه وهذا هو حقيقة المجاز ولا مانع عقلاً من وجود المجاز فحينئذ لا مانع من وجود التخصيص لكن حكاية أو نفي الخلاف هذا فيه نظر والكثير من الأصوليين نازع في بعضها بعضهم أخرج الأمر بعضهم أخرج الخبر لكن في الأحكام يكاد يكون الاتفاق بينهم في الحكام الشرعية أما في الأخبار وفي النواهي فيها نوع خلاف، ولا خلاف في جواز التخصيص لكن بشرط أنه لا يصح دعوى التخصيص إلا بدليل صحيح شرط التخصيص أنه لا يثبت إلا بدلي صحيح لابد من إقامة الدليل أولاً وصحته وبعد ذلك نحكم بالاستثناء، أثره يعني بعد ثبوته نقول يجب العمل بدليل التخصيص إذا صح في صورة التخصيص ثم إهدار هذه الصورة من دلالة العام فنقول المطلقات وإن كن أولات حمل ماذا نصنع؟ عندنا دليل عام ودليل خاص نقول نعمل نُقدم الخاص في ماذا؟ في الصورة التي دل عليه ثم نأتي لدليل والمطلقات هل هي تشمل المطلقة الحامل؟ نقول نعم فحينئذ نقول إهدار هذه الصورة من النص فإذا دخلت المطلقة الحامل في قوله (والمطلقات) لغة نُهدرها من جهة تعلق الحكم بها {والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} نقول الحكم يشمل غير المطلقة ومن استُثني معها فاللفظ يدل على مطلقة؟ نقول نعم حينئذ الحكم بالتخصيص مُقدَم على إطلاق المطلقات على المُطلقة الحامل فشمول اللفظ لها لغة لا حكماً.

قم قال والمخصصات تسعة المخصصات جمع مُخصِص والأصل في المُخصِص هو فاعل التخصيص ومن فاعل التخصيص؟ الشارع لأن الإخراج والمُخرج الذي ذُكر سابقً هو المتكلم إنه ما أراد باللفظ السابق الفرد كذا حينئذ نقول المخصص هو فاعل التخصيص ثم جعله الأصوليون حقيقة عرفية أو مجازاً في الدليل المفيد للتخصيص فقوله {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} هذا في الأصل لا يُعَد مُخصَصاً لأن الله - عز وجل - هو المُخصص ألأصلي وإنما أُطلق لفظ المُخصص على قوله {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} لأنه هو الذي أفاد هو الذي دلنا على أن المطلقة الحامل مُخرَجة من النص السابق ولذلك سُمي مخصصاً لأنه أفاد التخصيص وهذا مجاز أو حقيقة عرفية، والمخصصات تسعة المخصصات عندهم نوعان متصلة ومنفصلة المتصلة هي التي لا تستقل بنفسها يعني تكون مقارنة للفظ العام وهذا يشمل عنده خمسة أشياء الصفة والشرط والبدل والغاية والاستثناء هذه خمسة لماذا سُميت متصلة؟ لأنها متصلة باللفظ نقول أكرم الطلاب إلا زيد متصل ما تقول أكرم الطلاب وبعد شهر إلا زيداً هذا ليس بكلام حينئذ هذا كلام متصل والمخصص المتصل هو الذي يستقل بنفسه فيوجد حينئذ دون اللفظ العام كأن يكون اللفظ عاماً في الكتاب فيخصصه العقل أو يكون عاماً في الكتاب والسنة فيُخصَص بالحس أو يكون العام في السنة مخصص بالكتاب إذاً مستقل أو يكون في صورة البقرة مخصص بسورة الأحزاب فيكون مفصلاً بخلاف المخصصات المتصلة فإنما تكون متصلة بالجملة نفسها ولذلك البدل لابد من مُبدَل منه وهو في كلام واحد الغاية حتى وإلى نقول هذا لابد وأن يكون هنا مُغيى وهو سابق كذلك الشرط كذلك الصفة {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً} النساء93، الحال ما تُورد هكذا وإنما توجد في ضمن جملة لابد لها من فعل وفاعل أو جملة اسمية على قول سيبويه هنا ذكر المخصصات المنفصلة قال وهي تسعة وترك المخصصات المتصلة وذكر منها الاستثناء فقط لطوله لطول الاستثناء وكثرة أحكامه وتلك الأربعة واضحة وبينة من درس اللغة يعرفها.

قال الحس هذا الأول والمراد به المشاهدة الإدراك بالبصر وليس المراد كل الحواس لماذا؟ لأنه لو جُعل الحواس مخصصات حينئذ الذوق مخصص والإشارة مخصصة واللمس مخصص فحينئذ تضيع دلالات الألفاظ العامة ولذلك حُدت بالمشاهدة بالبصر لماذا؟ لضبط هذا المخصص لأن اعتباره لابد منه وإذا فُتح الباب لما تُرك عام إلا وقد خُص بالحواس قالوا المخصصات الحس والمراد به المشاهدة ولذلك أجمعوا على أنه من المخصصات بالإجماع أن من المخصصات الحس قال كخروج السماء والأرض من قوله جل وعلا {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} تدمر أي الريح كل هذا من ألفاظ العموم كل شيء حتى السماء والأرض اللفظ عام لكن الحس أخرج السماء والأرض وما لم تدمره تلك الريح إذاً خروج السماء والأرض من قوله تعالى {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} وبعضهم يرى أن المخصص هنا لفظي لكنت الأكثر على أنهم يذكرن بهذا المثال على أن المخصص الحسي ولا مانع من اجتماع مخصصان فأكثر على نص واحد أن يدل دليلان فأكثر على نص واحد كما نقول وجوب الصلاة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع إلى آخره، كذلك هنا {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} والسماء والأرض لما يأمرها الرب جل وعلا بتدميرها {مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ ِ} هي لم تأتي على السماوات والأرض حينئذ جعل بعضهم {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} التدمير هنا ليس بالحس أو مضافا إلى الحس بتخصيص اللفظ لأن الحس ليس بلفظ فحينئذ نقول التخصيص قد يكون بلفظ وقد يكون بمعنى التخصيص بالمعنى كالمشاهدة هنا {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} الإنسان يشاهد السماوات والأرض لأنها لم تدمرها وهذه السماء هي التي جاءت الريح والسماء باقية والأرض نفسها لم تتغير ولم تتبدل في الدنيا حينئذ نقول هذه السماء وهذه الأرض مُشاهدَة ومُدرَكة بالحس وهي داخلة في قوله تدبر كل شيء فدل الحس على أن بعض أفراد النص غير مراد بالنص أو إن شئت قلت المخصص لفظي إما متصل به وهو {بِأَمْرِ رَبِّهَا} والسماوات والأرض لم يأمرها الرب جل وعلا تديرها أو منفصل لقوله {مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ ِ} وهي لم تأتي على السماوات والأرض كذلك قوله {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} مع أنها لم تُؤتى ملك سليمان وإنما {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} مما يُؤتاه الملوك {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} البلد الحرام مع أنه ثم أشياء ما جاءت نقول هذا مخصوص بماذا؟ بالحس الحس يدرك أن بعض الثمرات لم تصل إلى البلد الحرام.

قال والثاني العقلُ وبه خرج من لا يفهم التكاليف العقل من المخصصات وهذا محل خلاف لكن الجماهير على أنه من المخصصات سواء كان ضرورياً أو نظرياً ضرورياً بحيث أن يدل العقل ضرورة على أن هذا الفرد ليس داخلاً في النص {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} هذا نص عام {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وشيء هذا يُطلق على الرب جل وعلا يقول {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ} إذاً الرب يوصف أو يُطلق عليه بأنه شيء {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} حينئذ نقول اللفظ من حيث هو يشمل لكن دل العقل ضرورة على أنه جل وعلا بذاته وأسمائه وصفاته ليست مخلوقة بل هو الخالق جل وعلا، وبه خرج من لا يفهم التكاليف هذا دليل عقلي نظري نظر في التكاليف الشريعة الأحكام الشرعية وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم يريان أنه لا يطلق على ألأحكام الشرعية تكاليف ولهم رأيهم، وبه خرج من لا يفهم التكاليف كالصبي والمجنون دل العقل على أن الصبي غير مُكلَف والمجنون غير مُكلَف لماذا؟ لأن التكاليف لابد فيها من نية والعقل لا يتصور وجود النية والقصد من مجنون ولا الصبي الذي لا يميز حينئذ نقول دلالة عدم تكليف الصبي والعقل والمجنون ماذا؟ العقل كذلك مع النص رُفع القلم عن ثلاث وذكر منهم الصبي والمجنون.

والإجماع المخصص الثالث المنفصل الإجماع والحق أنه ليس بمخصص بل دال على وجوده سواء نُقل أو لم يُنقل نُقل غلينا أم لم يُنقَل حينئذ الإجماع بذلته ليس مخصصاً لماذا لأن الإجماع لا ينعقد إلا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذاً لا إجماع في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك يُقال اتفاق الأمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة أحمد فحينئذ لا إجماع في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - لماذا؟ لأن الشارع النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المُشرِّع فحينئذ ثم أحكام إذا خفيت يُرجع إليه - صلى الله عليه وسلم - ولا تُجمَع الأمة إلا بعد وفاته فإذا كان كذلك فبعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تشريع ولا وحي فكيف يكون الإجماع مستقلاً في إثبات الأحكام؟ قالوا لا الإجماع لابد وأن يكون مستنداً إلى دليل من كتاب وسنة فيكون اتفاق الأمة على أن هذا الحكم مدلول عليه بهذا الدليل قد يُنقَل الدليل وقد لا يُنقَل الدليل فيبقى الحكم مُجمعاً عليه مثاله حديث أبي سعيد يقول - رضي الله عنه - قال - صلى الله عليه وسلم - (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) ولذلك البعض يقول لا يكاد يوجد مثال لتخصيص الإجماع دون دليل لكن في ظني هذا المثال يصلح (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) ولو تغير لا ينجسه شيء شيء هذا نكرة في سياق النفي فحينئذ تعم يعني لا يُحكَم بنجاسة مطلقاً ولو وقع فيه ما وقع سواء أثر أو لم يؤثر هذا ظاهر النص لكنهم أجمعوا على أنه إذا تغير الماء بأثر النجاسة في طعمه أو لونه أو رائحته فإنه يأخذ حكم النجاسة فيصير الماء نجس، أما حديث أبي أمامة فهذا ضعيف ولا يصح الإجماع عند أهل الحديث لا يصح أن يكون الإجماع مقوياً للحديث وإن قال به بعض الأصوليين هل الإجماع إذا قيل حديث أبي أمامة عند البيهقي وهو فيه ضعف إن لم يغير طعمه أو ريحه هذا الاستثناء فيه ضعف في سنده ضعف هل يصح الإجماع نقول يصح لهذا الحديث وحينئذ يُجعَل هذا الحديث هو مستند الإجماع؟ نقول الأصح عند أهل الحديث وهم العمدة أنه لا يصح الإجماع مقوياً للسند الذي ثبت ضعفه فحينئذ نقول هذا إجماع مستقل ولا يُعرَف له دليل لكن هل هو إجماع مستقل لم يستند إلى دليل؟ نقول لا الحجة هنا في الإجماع في كونه ما أثر من النجاسات فالماء أخذ حكم النجاسة نقول دليله بالإجماع فبالإجماع بنفسه مستقل لذاته؟ نقول لا الإجماع على الحكم المستنبط من الدليل من كتاب أو سنة لكن ما هو الدليل الذي استنبط منه هذا الحكم؟ الله أعلم لن يُنقَل إلينا لذلك قوله هنا والإجماع يعني الدليل المخصص الثالث هو الإجماع، وتلحق أنه أي الإجماع ليس بمخصص بذاته بل هو دال على وجوده يعني على الدليل المخصص، الرابع قال والنص الخاص يعين أن يرد نص خاص بالمعنى السابق أن يكون لفظ دال على محصور بشخص أو عدد فيشمل ما كان النص من كتاب أو سنة والسنة سواء كانت متواترة أو آحاد أليس كذلك فيكون عاماً من هذه الحيثية إذاً النص الخاص يكون مخصصاً كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) لقوله جل وعلا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} هل كل سارق يُقطَع؟ لا وإنما يُحَد بقدر نصاب السرقة قال ((لا قَطْعَ إلا في

ربع دينار)) فنقول لا قطع إلا في ربع دينار هذا نص خاص من السنة سواء حكمنا عليه أنه متواتر أو آحاد فهو يعتبر مخصصاً ومقدماً على قوله {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} والواجب حينئذ العمل بما دل عليه دليل التخصيص وإهدار تلك الصورة التي دل عليها اللفظ العام دون حكم يعني لا نسلط عليها حكم العام فنقول كل من سرق دون ربع دينار ما حكمه تقطع يده؟ لا تقطع يده مع أن النص {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فاقطعوا} عام يشمل ربع دينار وما دونه نقول لا يُهدَر الصور أو الأفراد التي هي دون الربع فلا يتسلط عليها الحكم أما الاسم فهذا لا بأس به لو سرق زيتونة نقول هذا سارق لكن هل نرتب عليه الحكم الجواب لا الكلام في الحكم لا في الاشتقاق، ولا يشترط تأخره هذه هي أحكام تتعلق بالنص الخاص هل يشترط أن يكون متأخر عن لفظ العام أو لا؟ الأصح أنه لا يشترط ولذلك قال ولا يشترط تأخره الضمير يعود على النص الخاص بل يخصص العام سواء كان أو كان متقدماً أو متأخراً سواء كان النص الخاص متقدماً على العام أو متأخراً يعني قوله جل وعلا {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} لا قطع إلا في ربع دينا هرا يحتمل ماذا أن قوله {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} متقدم في النزول ثم قال - صلى الله عليه وسلم - ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) إذاً جاء المخصص جاء متأخراً ويحتمل أنه قال ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) وبعد ذلك نزل قوله {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} هل هما في كلا الحالين سواء؟ فيه نزاع الأصح أنه سواء كان متقدماً أو متأخراً أو جُهل هل هو متقدم أو متأخر نقول الواجب العمل بما دل عليه النص العام وإخراج تلك الصورة من دلالة اللفظ العام إذاً يُعمَل به مطلقاً متى ما وقف المجتهد على نص عام ونص خاص لا يبحث أيهما أسبق في النزول وأيهما أسبق في الوجود حتى يخصص أو يُعمم نقول لا اعمل به مطلقاً تعمل به مطلقاً سواء كان النص الخاص متقدماً على العام أو متأخراً إن عُلم التأريخ وإلا يعني وإلا يُعلَم أيضاً الحكم ..... لذلك قال ولا يشترط تأخره يعني تأخر النص الخاص بل يخصص العام سواء كان متقدماً أو متأخراً، وعنه أي عن الإمام أحمد رواية أخرى بلى يعني يشترط تأخره فإن كان متقدماً حينئذ قال لا يكون تخصيصاً وإنما يكون على تفصيل سيذكره يعني لا يُجزَم إذا كان متقدماً بأنه تخصيص بل فيه تفصيل وعنه بلى يعني يشترط تأخره هذا لقول ابن عباس كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث عليه ماذا نقول؟ لو كان الأحدث عاماً هو مُقدم نترك الخاص وإذا كان الأحدث هو الخاص نعمل بالخاص وننظر تلك الصورة في اللفظ العام لكن الأحدث فالأحدث الأصح أن المراد له النسخ إن كان الأحدث رافعاً لجميع أفراد اللفظ العام السابق حينئذ نقول هذا يؤخذ به الأحدث فالأحدث.

فيقدم المتأخر وإن كان عاماً كقول الحنفية فيكون نسخاً للخاص كما لو أخرجه يعني لو جاء ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) جاء أول إذاً نقول ما دون ربع دينار لا قطع فيه ثم بعد ذلك علمنا أن قوله جل وعلا أو نزل قوله - سبحانه وتعالى - {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} هذا لفظ عام يدل على مطلق القطع حينئذ نقول هذا النص ناسخ للنص السابق إن كان المتأخر هو العام لماذا؟ لأنه في الجزئية التي دل عليها الفظ العام صار رافعاً للحكم السابق لأن النص {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} له دلالتان دلالة على ما هو دون القطع ودلالة على ما هو في ربع دينار ما هو دون ربع الدينار وما هو أعلى طيب النص السابق قال ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) ثم جاء النص من القرى، قال القطع فيما هو دون الربع دينار وقع تعارض أو لا؟ في نفس الصورة هذا يثبت وهذا ينفي وهذا هو حقيقة النسخ فعين الحكم الذي أثبته النص نفس الصورة ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) جاء النص العام أثبت أن القطع يكون فيما هو دون الربع دينار فحينئذ لا يمكن الجمع فنقدم المتأخر على المتقدم فنعتبره ناسخاً هذه وجهة الإمام أحمد رحمه الله لكن أكثر الأصحاب على مخالفته، فيقدم المتأخر وإن كان عاماً لذلك العلم يحتاج إلى تجرد أصحاب الهوى إذا دخلوا في العلم أتوا بالعجائب، فيقدم المتأخر مطلقاً وإن كان عاماً كقول الحنفية عندهم يعني استدلالاً يقول حديث ابن عباس كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث لكن يقول لنا في تقديم الخاص عملا بكلا الدليلين وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) هذا دليل وله حكم خاص {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} نقول هذا دليل وله حكم خاص إذا استثنينا من قوله {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} ما هو دون الربع دينا عملنا بالدليلين جمعينا بين السنة والقرآن وإذا قدمنا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} وجعلناه ناسخاً لقوله ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) عملنا لماذا بدليل واحد وأهملنا دلالة ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما بل هذا عادة الصحابة لم يُنقَل عن واحد منهم أنه بحث عن المتقدم والمتأخر وجميع النصوص الواردة (يوصيكم الله في أولادكم) أنها مخصوص بالعبد والغير قاتل إلى آخره لم يُنقل حرف واحد على الإجماع أنها مُخصصة النصوص تلك مخصصة عامة مخصصة دخلها التخصيص مع الإجماع لم ينقل عن السلف الصحابة أنهم كانوا يبحثون عن المتأخر والمتقدم ليخصصوا به أو يقولوا العام ناسخاً للخاص إذا تقدم الخاص على العام.

قال يقدم المتأخر وإن كان عاماً كقول الحنفية فيكون نسخاً للخاص كما لو أفرده كأنه ورد خاص وخاص ((لا قَطْعَ إلا في ربع دينار)) القطع فيما دون الربع دينار حينئذ صارا متعارضين فعلى هذا ينبني عليه متى جُهل المتقدم تعارضا وإذا تعارضا التوقف وهذه مصيبة أكثر النصوص العامة والخاصة والمخصوصة لا نعلم أيهام متقدم وأيهما متأخر لأنه إذا لم يبحث ويسأل الصحابة ومن يأتينا النقل؟ الصحابة أنفسهم كانوا يخصصون العام بالأدلة الخاصة ولم يُنقَل عن واحد منهم أنه بحث وسأل هل هذا متقدم أو هذا متأخر إذاً كيف نعلم نحن؟ فقطع السبيل قطع الطريق فحينئذ تتعارض الأدلة وينبني عليه الوقوف في كثير من الأحيان حتى يرد ما يُرجح أحد الاحتمالين فعلى هذا متى جُهل المتقدم تعارضا العام والخاص لماذا؟ لاحتمال النسخ لتأخر العام واحتمال التخصيص بتقدمه إذا لم يُنقَل أيهما المتقدم وأيهما المتأخر احتمل أن المتأخر ما هو العام فيكون ناسخاً ويحتمل أن المتأخر هو الخاص فيكون مخصصاً وحينئذ تقول الله أعلم ما ندري ما الحكم حتى يرد ما يُرجح أحد الاحتمالين. وقال بعض الحنفية هذا لما قال والنص الخاص هذا يشمل الكتاب والسنة الكتاب يخصص الكتاب والكتاب تخصص السنة والسنة تخصص الكتاب والسنة تخصص السنة مطلقاً متواترة وآحاد ولم يتعرض لها المصنف ذكرناها في شرح الورقات لكن هنا المسألة تعرض لها كالاستثناء من السابق والنص الخاص قال وقال بعض الحنفية الكتاب لا يخصص السنة مطلقاً متواترة أم آحاد يعني لا يمكن أن يرد اللفظ العام في السنة ويرد المخصص في الكتاب لماذا؟ لأن القرآن ليس قطعياً {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} النحل44، أيهما مُبيِّن وأيهما المُبيَّن؟ المُبيَّن القرآن والسنة مُبيِّنة لو خصص الكتاب والسنة لصار الفرع أصلاً الله - عز وجل - يقول {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} أنت مُبين وأنت السنة وقولك وتقريرك هي السنة - صلى الله عليه وسلم - فحينئذ هو مُبيٍّن والكتاب مُبيَّن فلو جاء اللفظ العام في المُبيِّن لانقلبت الآية فصار الكتاب مُبيِّناً والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله وفعله مُبيَّن قال هذا لا يمكن أن يكون انعكست الآية والأصل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المُبيِّن فحينئذ قالوا لا يمكن أن يكون الكتاب مخصصاً للسنة لكن الجمهور على التخصيص وأن هذا قلب الفرع أصلاً أو الفرع أصلاً يخالفوا ما نُقل عن الصحابة رضي الله عنهم فكانوا يخصصون الكتاب بالسنة والسنة بالكتاب والمتواتر بالآحاد والآحاد بالمتواتر لأنه كله وحي وكله شرع فيخصص بعضه بعضاً لا مانع عقلاً من تخصيص الكتاب بالسنة والسنة بالكتاب ولذلك استدل الجمهور بقوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} النحل89، والسنة شيء السنة داخلة فيقوله {لِّكُلِّ شَيْءٍ} إذاً القرآن يُبيَّن بالسنة والقرآن أيضاً بيان ولذلك القرآن ينسخ بعضه بعضاً والقرآن يخصص بعضه بعضاً إذاً هو نفسه مُبيِّن ومُبيَّن لأنه ورد في مواضع عام كقوله (والمطلقات) وورد في مواضع أخرى (وإن كن) إذاً بين بعضه بعضاً.

وقال بعض الحنفية الكتاب لا يخصص السنة وخرجه ابن حامد رواية لنا يعني الحنابلة رواية تخريج من قول الإمام أحمد السنة مفسرة للقرآن ومُبينة له هكذا قال الإمام أحمد السنة مُفسرة للقرآن ومُبينة له أخذ بان حامد من هذا أن الكتاب لا يخصص السنة لأنه حينئذ يصير المُبيِّن مُبيَّناً تنقلب الآية، والصواب أن كل منهما يخصص الآخر {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ثم إجماع الصحابة على هذا ثم نصوص في السنة مخصصة بالكتاب والوقوع يدل على الجواز.

والمفهوم هذا الخامس والمفهومُ يعني ومن المخصصات المنفصلة المفهوم وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق عندنا منطوق وعندنا مفهوم وسيأتي بيانهما في موضعه إذاً المفهوم يكون مخصصاً واعتبر الإجماع جل الناس وقسمي المفهوم كالقياس إذاً الإجماع يكون مخصصاً وقسما المفهوم الموافقة والمخالفة كونا مخصصين وكذلك القياس كخروج المعلوفة بقوله - صلى الله عليه وسلم - ((في سائمة الغنم زكاة)) زكاة مبتدأ في سائمة السائمة هي التي ترعى والمعلوفة التي يُصرف عليها عند صاحبها تسمى معلوفة، في سائمة الزكاة هذا نقول خاص بماذا؟ بالسائمة لماذا؟ خاص بالسائمة لماذا قيل خاص بالسائمة ((في سائمة الغنم زكاة)) الزكاة مبتدأ وفي سائمة الغنم هذا جار ومجرور متعلق محذوف خبر مقدم تقديم ما حطه التأخير يفيد القصر والحصر وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه إذاً تثبت الحكم في المذكور في المنطوق به وهو السائمة وتنفيه عما عداه لأن الغنم إما سائمة وإما معلوفة لا ثالث وهنا يُثبَت الحكم في السائمة ويُنفى عن المعلوفة من أين أخذت النفي من المعلوفة من النطق أم من الفهم؟ هو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ما معنى دل عليه اللفظ لأنك أخذته من المركب لا في محل النطق محل النطق خاص بالسائمة النفي المسلط على المعلوفة أخذته بالمفهوم إذاً قوله في ((في أربعين شاةً شاةٌ)) شاةٌ ما إعرابها؟ مبتدأ مؤخر وشاةً تمييز في أربعين شاةً جاءت بعد العدد {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} هذا تمييز، فنقول في أربعين شاةً شاهٌ، شاهٌ يشمل المعلوفة ويشمل السائمة فنقول في أربعين شاةً شاةٌ نقيده ونخصصه بالسائمة ونُخرج المعلوفة أخرجنا المعلوفة بالمفهوم أم بالمنطوق؟ بالمفهوم لأن منطوق ((في سائمة الغنم زكاة)) وفي منطوق ((في أربعين شاةً شاةٌ)) لا تعارض بل هو ذكر بعض الأفراد ولا يخالف الحكم لأن ((في أربعين شاةً شاةٌ)) كأنه قال في السائمة زكاة وقوله ((في سائمة الغنم زكاة)) لا يعارضه وإنما بقي التعارض بين منطوق قوله ((في أربعين شاةً شاةٌ)) المنطوق يشمل المعلوفة أخرجه بمفهوم الحديث السابق ((في أربعين شاةً شاةٌ)) وهذا مثله مثل حديث أبي سعيد السابق ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) مطلقة سواء كان دون القلتين أو ما زاد على القلتين لكنه بمفهوم حديث ابن عمر - رضي الله عنه - ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)) الحديث بمنطوقه دل على أن الماء إذا بلغ قلتين فأكثر لا ينجسه شيء ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)) بمفهومه الذي هو دون القلتين معناه أنه يحمل الخبث مطلقاُ ولو لم يتغير الجمهور على تخصيص حديث أبي سعيد المنطوق بمفهوم حديث ابن عمر وهذا أرجح لأن المفهوم دليل شرعي وإذا كان دليلاً شرعياً يُعامل معاملة الأدلة الشرعية عند التعارض وعند عدم التعارض فإذا لم يتعارض المفهوم قال بعضهم يُثبَت به الأحكام الشرعية وإذا تعارض قالوا ننظر هل عارض المنطوق أو لا إن عارض المنطوق فالمنطوق أقوى فيُقدَم عليه الصحيح لا إن كان المنطوق عاماً فيُخصص بالمفهوم لأن كل منهما دليل شرعي استنبط هذه المفهوم دليل شرعي لو لم يُعارض وجب ثبوت الأحكام الشرعية به فإذا تعارض حينئذ تقول تعارض

دليل شرعي مع دليل شرعي فتُجري قاعدة التعارض فإذا كان هذا عام حديث أبي سعيد ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) ولو كان دون القلتين نقول لا حديث مفهوم حديث ابن عمر أن كان دون القلتين ينجس بمجرد الملاقاة فيُخصص حديث أبي سعيد بمفهوم ابن عمر كالحديث الذي ذكرناه إنما ذكرته لن بعضهم يرى أن إذا تعارض منطوق ومفهوم قال المنطوق أقوى فيُقدَّم على المفهوم وهذا غير صحيح بل لو كان المنطوق يعني تقيد هذه القاعدة لو كان المنطوق خاصاً فعارض خاصاً في محل الصورة يكون كلام سليم لا نعارض نقول هذا حق لأنه لا يمكن الجمع فنقدم المنطوق الخاص على المفهوم الخاص أما إذا كان المنطوق عاماً فلا والجمهور على هذا على أنه يخصص العام اللفظ العام بالمفهوم سواء كان موافقاً أو مخالفاً وهو الذي معناه الآن. والمفهومُ كخروج المعلوفة بقوله - صلى الله عليه وسلم - ((في سائمة الغنم زكاة)) من قوله ((في أربعين شاة)) وفعله - صلى الله عليه وسلم - وتقريره، فعله مثّل بعضهم بماذا بقوله جل وعلا {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} البقرة222، هذا مخصص بماذا؟ بحديث عائشة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرها فتأتزر وهي حائض فيباشرها وهي حائض هل هو قائل عائشة المخصص أم فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعل عائشة ليس هو المخصص كما قد يُظَن لا كان يأمرها فتأتزر فيباشرها المباشرة هي فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هي المخصص لقوله {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} لكن يرد السؤال هنا أين العام هنا {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ}؟ الفعل المضارع إذا وقع في سياق الشرط أو النهي أو النفي نقول صار في صيغ العموم كالنكرة إذا وقع في سياق النفي أو النهي نقول تعم لا صلاة عام كل صلاة لمنفرد إمام مأموم صلاة نافلة صلاة فرض إلى آخره نقول هذه عام كذلك إذا قال {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} نقول هذا نهي عن أي قربان كل قربان سواء كان بوطء الجماع أو غيره مطلقاً ولو مماسة ولو أن يمسها هكذا نقول هذا منهي عنه لكن جاءت السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام مع عائشة في لحاف واحد وكان يباشرها إلى آخره فنجعل المراد بـ {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} المراد به الوطء ويكون فعله - صلى الله عليه وسلم - هو المخصص. والمفهومُ وفعله وتقريره - صلى الله عليه وسلم - مثل تقريره - صلى الله عليه وسلم - بعض الصحابة على صلاة سنة الفجر بعد الصبح وهذا يعتبر تخصيصاً للعموم عن النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.

و (قول الصحابي) إن كان حجة قول الصحابي يعتبر من المخصصات سيأتي بحث قول الصحابة هل هو حجة أو لا؟ هناك شروط لابن القيم رحمه الله تعالى يأتي ذكرها لكن لو كان حجة فليعتبر مخصصاً أو لا؟ نقول الصواب لا لا يعتبر مخصصاً إلا إذا عُد إجماعاً فيُنظر فيه من نظر آخر أما بمجرد قول الصحابي فنقول لا لا يعتبر مخصصاُ، هنا قال وقول الصحابي يعني من المخصصات إن كان حجة لماذا؟ لأنه أقوى من القياس والقياس يخصص العام لكن فرق القياس ثبت دليله بالكتاب والسنة وإذا حصل الإجماع أو قول جماهير أهل العلم نقول هو دليل شرعي لكن قول الصحابي هذا محل إشكال القياس يخصص العام فكذلك قول الصحابي، ثم قال وقياس نص خاص يعني والقياس يعتبر من المخصصات في قول أبي بكر والقاضي وجماعة من الفقهاء والمتكلمين القياس المعتمد هو الذي يكون على نص ولذلك الإمام أحمد رحمه الله تعالى قال القياس كالميتة هذه نُقلت عن الإمام أحمد وعن الشافعي مرداهم أن القياس لا يُسار إليه إلا عند عدم وجود نص كما أن الميتة لا يجوز الأكل منها إلا عند عدم وجود الطيبات وقياس نص خاص في قول أبي بكر والقاضي وجماعة من الفقهاء لماذا؟ لأن حكم القياس حكم النص المستند إليه ذلك القياس فالنص يخصص العام فكذا ما قيس عليه يعني القياس لابد له من أصل يُقاس عليه الأصل الذي يكون في باب القياس سيأتينا لابد له من دليل، الدليل هذا لوحده لو نُظر إليه دخل في قوله والنص الخاص إذاً القياس استند إلى دليل هذا الدليل يعتبر مخصصاً فكذلك من بنى عليه والقياس متفرع على ذلك النص إذاً ما تفرع على مخصص خصصه هذا مقصوده وهنا تفرع هذا القياس عن نص خاص والنص الخاص هذا يخصص فإن كذلك القياس، وقال ابن شاقلا بإسكان القاف وفتح اللام وجماعة من الفقهاء لا يخص أي العام أو العموم لا يخص بقياس لا يعتبر قياس من المخصصات لماذا لأن النص العام أصل والقياس فرع فلو خص العام به لقُدم الفرع على أصل وهذا ممنوع نقول لا بل الصواب جوازه ودليله الوقوع والوقوع دليل الجواز {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} الزانية هذا يشمل الحرائر والإماء {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} هذا نص في التخصيص إذاً خصت الزانية الأمة بقوله الزانية في تنصيف العذاب قيس عليها العبد فنُصِّف علية العذاب قياساً على الأمة بجامع الرق فصار مخصصاً لقوله (الزاني) إذاً الزانية مخصص بالنص والزاني مخصص بالقياس على الأمة حينئذ وُجد القياس، وقال قوم بالجلي دون الخفي وقال قوم بالجلي يعني يصح ويجوز القياس يجوز أني خصص بالقياس الجلي دون القياس الخفي القياس الجلي يجوز التخصيص به والقياس الخفي لا يجوز التخصيص به وسيأتينا الفرق بين الجلي والخفي في موضعه، به عيسى بن أبان العام المخصوص دون العام الذي لم يدخله تخصيص يعني العام نوعان عام خاص عام مخصوص وعام أُريد بخ الخصوص العام المخصوص هو العام الذي أُريد وقًصد أفراده استعمالاً لا حكماً إذا قيل في المثال السابق {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} أما نقول المشركين هذا لفظ عام يصدق على كل فرد فرد من أفراد المشركين؟ نعم هذا من جهة اللفظ نفسه لكن الحكم

هل فرد من أفراد المشركين مقصود بالحكم؟ الجواب لا لماذا؟ لأنه عام مخصوص دخله التخصيص فتقول العام المخصوص هو الذي دخله التخصيص وهو الذي قُصد جميع أفراده استعمالاً لا حكماً استعمالاً يعين من جهة اللغة دل لفظ المشركين على كل من اتصف بهذا الوصف لكن لا يلزم منه ثبوت الحكم عليه فحينئذ قُصد بهذا اللفظ جميع الأفراد أو دخل جميع الأفراد استعمالاً لا حكماً كذلك قول المطلقات ما ذكرناه أن من حيث اللفظ يشمل كل مطلقة من حيث اللفظ من حيث اللغة يشمل كل مطلقة لكن في الحكم الشرعي المطلقة الحامل ليست داخلة في النص إذاً قوله والمطلقات تناول جميع الأفراد المطلقات استعمالاً في اللغة لا في الحكم لخروج بعض الأفراد في الحكم أما في اللغة فهو ثابت أما العام الذي أُريد به الخصوص فهو الذي قُصدت به بعض أفراده استعمالاً وحكماً ابتداءاً قبل أن يُركَّب قبل أن يدخل في جملة مفيدة بعض الأفراد أُخرجت قوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} الناس هذا من ألفاظ العموم أم لا؟ من ألفاظ العموم فيشمل المؤمنين والكافرين وهم من أدلة القول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشرعية {يا أيها الناس} نقول كل ما جاء {يا أيها الناس} فهو شامل فحينئذ {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} نقول هذا عام أُريد به كل الأفراد من جهة اللفظ لكن من جهة الحكم قوله {مَنِ اسْتَطَاعَ} هذا مخصص إذاً قوله الناس في هذا المثال الناس عام مخصوص عام لأنه من جهة اللغة استغرق جميع ما يصلح له اللفظ مخصوص لورود النص المتصل به لإخراج بعض الأفراد فحينئذ نقول دلالة الناس على جميع الأفراد من جهة الاستعمال لا من جهة الحكم لأن قوله {مَنِ اسْتَطَاعَ} يعتبر مخصصاً لكن قوله جل وعلا {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} على القول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - المراد بهذه نقول أُطلق اللفظ ابتداءاً مراداً به واحد إذاً تناول الفرد الواحد هو لفظ عام من حيث الأصل لكن قُصد عند الإطلاق الفرد الواحد استعمالاً وحكماً ابتداءاً لا نقول هذا خُص {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} لو حمل اللفظ عام هذا عام وهذا عام لو حُمل اللفظ على العموم من القائل ومن المقول له إذاً كل الناس هم القائلون يقولون لمن؟ ما وُجد أحد {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} نُعيم ابن مسعود إذاً أطلق اللفظ ابتداءاً أُطلق مراداً به الواحد استعمالاً وحكماً الفرق بينهما أن الأول {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} نقول هذا أُخرج منه بعض الأفراد دلالاته على الباقين على الأرجح حقيقة ولي من قبيل المجاز وأما {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ} جبريل عليه السلام هذا نقول من إطلاق الكل مراداً به البعض فيكون من قبيل المجاز لأن اللفظ استعمل في غير ما وُضع له، إذاً قوله خصص به عيسى بن أبان العام المخصوص وحكي عن أبي حنيفة العام المخصوص يعني الذي لم يُرَد به الخاص عام مخصوص يعني دخله تخصيص وعام أُريد به الخصوص يعني اُستعمل في الخاص في الفرد الواحد استعمالاً وحكماً وأما العام المخصوص لا اُستعمل في كل الأفراد ثم قُصر منه بعض الأفراد العام المخصوص الذي يدخله

التخصيص هذا قد يكون محفوظاً محفوظاً بماذا؟ يعني لم يدخله تخصيص البتة وعام مخصوص بمعنى أنه دخله تخصيص يقول عيسى بن أبان هنا العام إذا خله تخصيص حينئذ يجوز أن يكون القياس مخصصاً أما العام المحفوظ الذي يعبر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى العام المحفوظ هذا لا يخصص بالقياس لماذا؟ لأن العام المحفوظ أقوى والعام المخصوص فيه ضعف ولذلك اختلفوا في دلالة على الباقين بعد التخصيص هل هو حقيقة أم مجاز والأصح أنه حقيقة. إذاً وخصص به العام المخصوص دون العام الذي لم يدخله تخصيص لأن الباقي على عمومه أقوى من ذاك المخصوص لكن عند الأصوليين قاعدة ما من عام إلا وقد خص هذا يُحمَل في الأحكام شيخ الإسلام ابن تيمية ينازعهم في هذا يقول ليس بصحيح بل ثم بعض العمومات لم يدخلها بل كثير يقول كثير من عمومات الكتاب والسنة لم يدخلها تخصيص لكن مراده رحمه الله تعالى ما هو أوسع من الأحكام لذلك مثلوا (ما من دابة في الأرض إلا ولها رزقها) هذا ليس في الأحكام مثل بـ (الحمد لله رب العالمين) (مالك يوم الدين) هذه ليست في الأحكام ومراد الأصوليين ما من عام إلا وقد خُص مراده والله أعلم الأحكام الشرعية التكليفية في الصلوات قوله (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) كلها ألفاظ عامة وقد دخلت تخصيص وأما ما من دابة إلى آخره فهذه ليست من قبيل الأحكام الشرعية.

ثم قال ويجوز تخصيص العموم إلى الواحد يعين إلى أن يبقى واحد جوَّزنا قلنا لا خلاف في جواز التخصيص إلى كم؟ قال المصنف هنا إلى واحد مطلقاً يعني سواء كان اللفظ دالاً على الجمع أم لا مطلقاً يعني {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} يجوز تخصيصه لأن يبقى واحد (ومن يتق) من وما يجوز تخصيصه إلى أن يبقى واحد وقال الرازي والقفال والغزالي إلى أقل الجمع وهو ثلاثة وبعضهم يفصِّل يقول إن كان اللفظ العام جمعاً فأقل ما يدخله التخصيص إلى ثلاث لماذا؟ لأن اللفظ هنا كما سبق أنه دال على العموم بصورته وبمعناه فكونه بالصورة يدل على الجمع فحينئذ إذا خُص من جهة المعنى فيكون أقل ما يدل عليه الجمع وأما ما عدا الجمع كمن وما فلا بأس أن يُخص على أن يبقى واحد وهذا التفصيل حسن أن يُفصَّل فيما إذا كان دالاً على الجمع وفيما ما إذا لم يكن دالاً على الجمع بصورته فما كان دالاً على الجمع بصورته فالأولى أن يُقال جواز التخصيص إلى أن يبقى أقل الجمع ليوافق المعنى اللفظي لذلك كما سبق قول البستي أن الكامل في العموم هو الجمع لأنه يدل على العموم بصورته وبمعناه ويجوز تخصيص العموم إلى واحد يعني إلى أني بقى واحد، وقال الرازي والقفال والغزالي إلى أقل الجمع وإن كان بعضهم يذكر في أدلة الجواز تخصيص العموم إلى واحد ليس عندنا دليل شرعي نص يعني ليس عندنا مثال شرعي جاء التخصيصات تخصيصات حتى بقى واحد هذا لا وجود له وإنما ذكروا دليلاً لهذا العام الذي أُريد به الخصوص عند المتقدمين لا فرق بين العام المخصوص والعام الذي أُريد به الخصوص قالوا لما جعل لفظ الناس من حيث هو هو عام لما اُستعمِل في قوله {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} والمراد به واحد دل على جواز تخصيص العام إلى أن يبقى واحد لماذا؟ بناءاً منهم على أنه لا فرق بين العمومين لا فرق بين النوعين وإنما فرق بينهما المتأخرون السبكي ومن بعده فقالوا العام نوعان عام مخصوص وعام أُريد به الخصوص الثاني هذا مجاز باتفاق عندهم الأول فيه نزاع، بناءاً على التقسيم المسألة لا أصل لها وإذا قلن لا تقسيم فحينئذ يُستدَل بالعام إلي أُريد به الخصوص بأنه أُطلق وأُريد به واحد وهو لفظ عام على جواز تخصيص العام الذي يدخله تخصيص إلى أن يبقى واحد لكن هل المسألة لها وجود في الشرع؟ الجواب لا ليس لها مثال في الشرع، وهو حجة في الباقي بعد أن يُخص حجة في الباقي وهذا غريب أن يُختَلف فيما إذا أُخرج عن اللفظ بعض الأفراد هل هو حجة في الباقي أم لا، وهو حجة في الباقي يعني بعد التخصيص الأفراد التي بقيت بعد أن خُص منها هل هو حجة فيها أم لا وهذا مبني على مسألة هل هو حقيقة فيها أم لا لأنه صار من باب إطلاق الكل مراداً به الجزء وهو مجاز، وهو حجة في الباقي وهذا هو الحق وهو الصواب عند الجمهور لماذا؟ لأن الصحابة أجمعوا على التمسك بالعمومات وأكثرها دخلها تخصيص الصحابة أجمعوا على التمسك وأكثرها دخلها التخصيص ولذلك نقول ما من عام من لأحكام الشرعي إلا وقد خص فحينئذ إذا صار العام بعد أن يخص ليس بحجة ذهبت أكثر العمومات من الشرع، خلافاً لأبي ثور وعيسى بن أبان قالوا لأنه بعد التخصيص نرى اللفظ مستعملاً في غير ما وُضع له فيكون

مجازاً، نقول هذا اجتهاد في مقابلة النص ولو قيل أنه مجاز فهو في مقابلة النص، ثم قال ومنه: (الاستثناء) وهذا يحتاج إلى وقت، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

15

عناصر الدرس * الإستثناء * الفروق بين الإستثناء والتخصيص. الدرس الخامس عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى ومنه الاستثناء ومنه أي ومن الكلام المفيد هكذا قدره الكثير وهو الكلام المفيد ويحتمل أنه من المخصصات ومنه أي من المخصصات لأن السياق لازال في ذكر مبحث الخاص فذكر أن المخصصات تسعة ثم قال ومنه الاستثناء لا مانع أن يكون الضمير عائداً إلى المخصصات لأن المخصص كما سبق نوعان مخصص متصل ومخصص منفصل والمتصل كما ذكرنها أنه لا يستقل بنفسه يعني لابد أن يكون متصلاً بالكلام وهذا محصور في خمسة منها الاستثناء لأن الاستثناء لا يوجد لوحده بل لابد أن يكون متصلاً بالمستثنى منه قام القوم إلا زيد فلا يقال قام القوم ثم بعد ذلك يأتي في موضع آخر أو بعد أسبوع أو بعد شهر تقول إلا زيداً لأنه مرتبط به ارتباط الجزء بكله ومنه الاستثناء الاستثناء من استفعال من الثني ولذلك قيل الاستثناء لغة مأخوذ من الثني ومعناه العطف والعوج يقال ثنيت الحبل إذا عطفت بعضه على بعض وقال بعضهم إنه مأخوذ من الصرف أي الثني يكون المراد به العطف وقد يكون مراداً به الصرف ثنيت زيداً عن كذا إذا صرفته عنه وأما في الاصطلاح فعرفه بتعريف تبع فيه ابن قدامة رحمه الله تعالى على خلاف المشهور من قول الأصوليين أو من تعريف الأصوليين لأنهم يعرفون الاستثناء بأنه الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها إذاً أُخذ في حد الاستثناء الإخراج حينئذ لابد أن يكون الاستثناء فيه إخراج فإذا لم يكون فيه إخراج حينئذ لا يكون استثناء ولذلك من عرف الاستثناء بأنه إخراج أنكر وجود الاستثناء المنقطع أأثبته لكنه مجازاً ونفى أن يكون الاستثناء حقيقة من غير الجنس لماذا؟ لعدم وجود الإخراج فإذا قلت قام القوم إلا زيداً إلا زيداً هذا حصل إخراج إخراج مم؟ من المستثنى منه وهو القول إذاً المستثنى داخلاً في جنس المستثنى منه وهذه هي حقيقة الاستثناء فإن لم يكن كذلك حينئذ لم يُسمى استثناء فإذا قال قام القوم إلا حماراً ليس عندنا إخراج إذاً ليس باستثناء وهذا ما يسمى باستثناء منقطع إذاً لابد أن يكون الاستثناء متضمناً لمعنى الإخراج وإلا فلا يكون استثناءاً فإذا سُمع من كلام العرب ما ظاهره استثناء وليس فيه ثم إخراج قالوا ليس باستثناء حقيقة وإنما هو استثناء مجازاً كأن أُستثني من غير الجنس والصواب أن الاستثناء قد يكون منقطعاً حقيقاً لأنه مسموع من لغة العرب كما سيأتي الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها الإخراج هذا يشمل كل ما يمكن أن يُخرَج به كالشرط الشرط فيه نوع إخراج ولذلك يعد من المخصصات المتصلة {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} إذاً أخرج مكاتبة من لم تعلم فيه خيراً إذاً حصل به إخراج كذلك الصفة يحصل بها إخراج {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً} أخرج القتل غير المتعمد أو شبه العم الخطأ وشبه العمد كذلك الغاية {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} حتى قال {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ} التوبة29، فإن أعطوا الجزية حينئذ ارتفع الأمر وهو بقتالهم كذلك البدل البدل يحصل به إخراج {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} هذا يشمل المستطيع وغيره قال

{مَنِ اسْتَطَاعَ} هذا بدل بعض من كل حينئذ حصل به إخراج إذاً استوى الاستثناء مع غيره من المخصصات المتصلة في كون كل منها فيه إخراج ولكن امتاز الاستثناء عن غيره أنه استثناء بأداة خاصة وهي إلا أو إحدى أخواتها يعني ظاهرها في المعنى كظاهرها في المعنى ثم هذا المظاهر قد تكون حرفاً وقد تكون اسماً وقد تكون مترددة بين حرفية واسمية ولذلك بعضهم حصر صيغ الاستثناء بأحد عشر عن الأصوليين ليس عند النحاة عند الأصوليين بأنها إن وغير وسوى وما عدا وليس ولا يكون وحاشا وخلا وسيما وما خلا وعدا عدا تُحسب مرتين بـ ما وتُحسب بدون ما هذه الصيغ إن وردت في كلام العرب في جملة ما متضمنة لإحدى هذه الأدوات حكمنا عليه بأنه استثناء لغة ولكن هل يحصل الاستثناء بالفعل لو قال قام القوم وأستثني زيداً؟ هل محل نزاع أكثر أهل اللغة إن لم يكن اتفاق أنه لا يعد استثناء وإن كان فيه معنى الاستثناء قام القوم وأستثني زيداً استثنى هذا فعل مضارع والفعل مستتر تقديره أنا وزيد هذا مفعول هل حصل إخراج بهذا؟ نعم حصل إخراج ولكنه لم يكن بـ إلا أو إحدى أخواتها فحينئذ لا يُسمى استثناءاً عند بعض الأصوليين يُسمى استثناءاً حروف الاستثناء والمضارع من فعل الاستثناء وما يضارع حروف الاستثناء وما يضارع من فعل الاستثناء يعني المضارع من فعل الاستثناء وما يضارع يعني وما يشابه الفعل المضارع مثل خلا وعدا وحاشا هذه أفعال ماضية وحصل بها الاستثناء وهذا غريب من النحاة أن يُعَد خلا وعدا وحاشا وهي أفعال إذا نصبت يعد استثناءاً ولا يعد استثني استثناءاً أليس كذلك لأن استثني هذا من مادة الاستثناء يعني من حروف الاستثناء أقوى في الدلالة في الاستثناء من خلا وعدا وحاشا يُفَهم منه الاستثناء بقوة لأنه من جهة المعنى ومن جهة اللفظ أما قام القوم عدا زيد لو حصل الإخراج به ليس من جهة اللفظ وإنما من جهة المعنى أما استثني زيداً هذا حصل من جهة المعنى ومن جهة اللفظ لأنه مشتمل على مادة الاستثناء الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها بكن بعض الأصوليين اعترض على هذا الحد اعتراضاً وجيهاً وهو أنه لو حُكم بأن الاستثناء إخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها مما لو لم تأتي إلا لكان داخلاً فيما سبق وهو المُستثنى منه قال إذا حكمنا بالإخراج لوقعنا في التناقض فإذا قيل قام القوم غلا زيداً أُخرج زيد من القوم متى؟ بعد دخلوه لأنه لا يكن إخراج إلا بعد الدخول قام القوم إلا زيداً إذاً لما أثبت القيام له أخرجته وأثبت له نقيض ما أثبته للمحكوم عليه السابق وهو المستثنى منه فحينئذ يقع التناقض في ماذا؟ في كون هذا الفرد المُخرَج المُستثنى حُكم عليه أولاً بالقيام ثم حُكم عليه ثانيا بنقيض القيام وهو عدم القيام فإذا قيل قام القوم إلا زيداً لو قيل في الإخراج بـ إلا هنا حصل إخراج نقول الأول حكمنا على المستثنى وهو زيد بالقيام ثم قلنا إلا زيداً والاستثناء من الإثبات نفي وهذا استثناء متصل وهو الحكم بنقيض الحكم على جنس ما حكمت عليه أولاً فيكون تقدير الكلام قام القوم إلا زيداً لم يقم فالحكم الذي أُثبت أولاً وهو القيام المُثبت للمستثنى منه أُثبت نقيضه وهو عدم القياد لزيد كيف أولاً أدخلته في المستثنى منه ثم

أخرجته حصل تناقض وهو أن الفرد المُخرَج حُكِم عليه أولاً بإثبات الحكم ثم أُثبت له نقيض الحكم وهو ما بعد إلا لأنه كما سيأتي قول المصنف وهو من الإثبات نفي ومن النفي إثبات حينئذ عدل بعضهم عن هذه الحقيقة ومن الحقيقة الاستثناء بأنه إخراج وخاصة ما رتب عليه ابن القيم رحمه الله تعالى بكلمة التوحيد لا إله إلا الله لو قيل بأنه إخراج لحصل الكفر أولاً ثم التوحيد ولا يجتمعان لا إله دخل أولاً المستثني وهو الله - عز وجل - فنُفيت عنه الإلوهية ثم أُثبتت له الإلوهية وهذا تناقض لأنه لا إله إذا قصد دخول اله - عز وجل - هذا كُفر كَفر نفى الإلوهية عن الرب جل وعلا ثم أثبتها إذاً يلزم على هذا التعريف بأن الاستثناء إخراج المُوحد لو قال كلمة لا إله إلا الله لا يدخل بها – في المنة - لا يدخل بها الإسلام ولا تكون توحيداً لأنه تناقض أخرها يناقض أولها فلذلك عدل بعضهم عن هذا التعريف إلى ما ذكره المصنف هنا، والطوخي له تعليق على هذه يقول هنا لما أورد التعريف يقول إخراج بعض الجملة أو يقول قال القاسمي قال في مختصر الروضة هذا قول من يزعم أن التعريف بالإخراج أي إخراج بعض الجملة بـ إلا وما قام مقام تناقض وليس بشيء الطوخي يقول ليس بشيء والصواب أنه شيء لماذا؟ لأنه إذا حُكي إطباق ودعوى الإجماع فيها نظر يُحكَى إطباق أهل اللغة على تفسير الاستثناء بالإخراج وعليه يلزم التناقض ولذلك صحح ابن القيم رحمه الله تعالى في بدائع الفوائد في مذهب سيبويه أنه ليس بداخل في الاسم ولا في الحكم لم يدخل أصلاً إذا قيل قام القوم إلا زيداً هذه قرينة فقط دالة على أن زيد لم يُرَد بالجملة الأولى قام القوم لا يدخل فيها زيد البتة لا في المُسمى الذي هو المستثنى منه في الاسم ولا في الحكم وهو إثبات القيام، ولذلك نص بعضهم على أن مذهب سيبويه وجمهور البصريين أن المستثنى لم يندرج في المستثنى منه ولا في الحكم فكيف يدعى الإجماع أنن إجماع أهل اللغة أن الاستثناء إخراج إذاً لا عدول نقول إذا حُكي مذهب سيبويه أنه لم يندرج المستثنى في المستثنى منه ولا في حكمه وهو منسوب إلى جمهور البصريين بل مذهب الكسائي وهو إمام الكوفيين بأنه لا يندرج أيضاً في المستثنى منه لكنه خالف سيبويه بأنه مسكوت عنه فإذا قيل قام القوم إلا زيداً زيد هذا مسكوت عنه لم يُثبَت له قيام ولا ....... لكنه وافق أن المستثنى ليس داخلاً في المستثنى منه وعليه دعوى الإجماع ليست بصحيحة ولذلك العدول إلى التعريف تعريف الاستثناء بما ذكره المصنف هنا تبعاً لابن قدماه رحمه الله تعالى وغيره نقول هو أصل وهو أدق بأن يُقال الاستثناء قول مُتصل يدل على أن المذكور معه غير مراد بالقول الأول لكن لو زاد بـ إلا أو إحدى أخواتها على من نصص على أن الاستثناء لابد أن يكون ب إلا أو إحدى أخواتها فهو حسن وأما الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها نقول هذا فيه نظر.

ومنه الاستثناء وهو أي الاستثناء قول إذاً لابد أن يكون لفظاً اخرج المخصصات العقلية والمخصصات الحسية لأنها ليست بأقوال والاستثناء معلوم أنه من المخصصات المتصلة إذاً لابد من جنس يُخرج بقية المخصصات إذاً قول أخرج المخصصات العقلية والحسية، متصل أخرج المنفصل حينئذ المخصصات المنفصلة ليست داخلة معنا فالاستثناء لابد أن يكون متصلاً بالمستثنى منه كما سيأتي أنه شرط من صحة الاستثناء أن يكون الاستثناء متصل بالمستثنى منه لأنه لا يُعَد كلاماً إلا بهما كالخبر مع المبتدأ وجواب الشرط مع فعل الشرط لو قال إن قام زيد ثم جاء فبعد أسبوع ثم قال قمت لم يعد كلاماً لو قال قام القوم ثم قال بعد شهر إلا زيداً لم يعد كلاماً لماذا؟ لأن شرط الكلام أن يكون كلاً مركباً ملفوظاً مرة واحدة يعني في مجلس واحد. قول متصل الاستثناء حينئذ لا يستقل بنفسه عن الجملة هذا القول يدل إذاً له دلالة ليس بقول لا معنى له لأن القول هو اللفظ الدال على معنى يدل لو زيد القيد هنا بـ إلا أو إحدى أخواتها فيكون متعلق بقوله يدل لكان أجود، يدل بـ إلا أو إحدى أخواتها على أن المذكور معه مع إلا أو إحدى أخواتها فنُرجع الضمير حينئذ إلى إلا أو إحدى أخواتها ولو فُر القول كما فسره البعض بأنه صيغ الاستثناء لعاد إلى القول حينئذ قول بعضهم فسره بأنه المراد به صيغ الاستثناء الأحد عشر المذكورة سابقاً ولو قال القول المراد به احترازاً عن المخصصات العقلية والحسية وزدنا لفظ يدل بـ إلا أو إحدى أخواتها يكون التقدير على أن المذكور معه أي المذكور مع صيغ الاستثناء، غير مراد بالقول الأول الذي هو المستثنى منه مع حكمه غير مراد فحينئذ إلا وما بعدها قرينة صارفة على أن يكون المستثنى داخلاً فيما سبق لأنه لولا الاستثناء لكان داخلاً لو قال قام القوم يشمل كل من يصدق عليه القول لكن قد يُطلق لفظ القوم وهو عام ويُراد به البعض ما الذي يدلنا على أنه أطلق العام وأراد به بعضه لابد من قرينة لما أطلق القوم ولم يرد به زيد أردفه بقرينة تدل على أن زيد غير مراد بالقول الأول حينئذ قام القوم إلا زيداً لا نقول إلا زيداً أخرجت إلا أخرجت زيد من قوله القوم عند دخوله وإلا وقعنا في التناقض وإنما نقول إلا وما بعده المذكور بعدها هذه قرينة تدل على أن زيد لم يدخل أصلا في القول ولم يدخل في حكمه الذي هو القيام وليس داخلاً في المسمى الذي هو الاسم القوم حينئذ نقول قوله متصل يدل ب إلا أو إحدى أخواتها على أن المذكور معه أي المستثنى المذكور مع صيغ الاستثناء غير مراد بالقول الأول والمراد بالقول الأول المستثنى منه وحكمه فحينئذ يكون الاستثناء أو المستثنى مُخرجاً من الاسم وحكمه ليس داخلاً أصلا والإخراج قبل جعل المسند إليه مسنداً غليه وقبل إلحاق الفعل به قبل أن يُقال قام القوم أراد ماذا؟ أراد عدم دخول زيد وأردفه بـ إلا زيداً قرينة دالة على هذا المعنى الذي كنه في نفسه.

ثم قال فيفارق التخصيص بالاتصال فيفارق الاستثناء التخصيص والمراد بالتخصيص هنا التخصيص المخصص المنفصل ما الفرق بين الاستثناء وهو مُخصص والمخصصات المنفصلة والمخصصات المتصلة التي غير الاستثناء كالغاية ونحوها فيفارق الاستثناء التخصيص يعني بالمنفصل والمتصل بغير الاستثناء بالاتصال بأن يكون متصلاً فيجب اتصاله بالمستثنى منه حقيقة أو حكماً بخلاف غيره من المخصصات المنفصلة فإنه لا يشترط اتصاله لأنه كما سبق أن المخصص اللفظ العام قد يكون في آية أو في كتاب ويأتي المخصص المنفصل في سورة أخرى منفصلة عن الآية السابقة أو يأتي في السنة أو العكس لا يُتشرط أن يكون متصلاً به {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} هذا في آية البقرة {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} في سورة الطلاق حينئذ نقول هذا مخصص منفصل هل يتشرط اتصاله به؟ نقول لا يشترط بخلاف الاستثناء لابد أتن يكون متصلاً به حقيقة أن يلفظ به مرة واحدة قام القوم إلا زيداً أو حكماً بأن ينقطع عن الاتصال بأمر ضروري لابد منه كالسعال أو أخذ النفس أو بلع الريق ونحوه لو قال قام القوم ثم سعل قال إلا زيداً هذا في الحقيقة ليس متصلاً لكنه لما كان الانفصال بشيء ضروري أُلحق به وجُعل في حكم المتصل الحقيقي ولذلك لابد أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه حقيقة بأن لم يفصل بين المستثنى والمستثنى منه أي فاصلة مطلقاً لا ضروري ولا غيره أو أن يكون الفصل والانفصال قد حصل بأمر ضروري كسعال وبلع ريق وأخذ نفس ونحو ذلك حينئذ يحكم عليه بأنه متصل لكنه حكماً لا حقيقة، إذاً يفارق الاستثناء التخصيص بالاتصال فلابد أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه وإلا لما عُد كلاماً كأصل الخبر بالمبتدأ لا يمكن أن يُتصَور يُقال قام ثم يأتي بعد ذلك بوقت فيقول زيد المُخاطب والسامع لا يُلحق اللفظ الثاني باللفظ الأول كما لو قال زيد ثم قال بعد وقت طويل قائم السامع والمُخاطب إلحاق قائم بـ زيد لذلك من شرك الكلام أن يكون مركباً تركيباً إسنادياً وإلا لما صار كلاماً وأن يكون مركباً المركب تركيباً إسنادياً مستلزماً إلى مسند ومسند إليه ولابد أن يكون متصلاً به على الأصل ولابد أن يكون من متكلم واحد ولذلك اختلفوا أيضاً في الاستثناء لو وقع من متكلمين من ناطقين هذا بناءاً على الكلام على أصل المسألة الكلام نفسها المسند والمسند إليه هل يصح أن يقع من اثنين أو لابد أ، يكن من متكلم واحد؟ فيه خلاف ابن مالك رحمه الله تعالى على جلالته جوَّز أن يكون من اثنين والصواب أنه يكون من واحد ولا يصح أن يكون من اثنين ولو تواطؤ لأن بعضهم مثَّل بمن تواطؤ يعني يقول له أنا أقول زيد وأنت قل قائم نقول إذا قيل زيد ثم قال الآخر قائم نقول هذا جملتان وليس جملة واحدة زيد وحذفت الخبر نويته وذاك قال قائم وحذف المبتدأ فهذا جملتان، وأما إذا لم يكن تواطؤ حينئذ لا يصح أن يكون كلاماً لا يمكن أن يقول الرجل هند أو يقول زوجتي ثم يقول آخر طالق هل يقع أو لا يقع؟ الفتوحي في شرح الكوكب المنير نزل المسألة هذه على الخلاف في الكلام هل يقع من متكلم واحد أو لا مثله الاستثناء لو قال زوجاتي طوالق فقال لآخر إلا هنداً هل يقع أو لا يقع بناءاً على

الكلام في أصله هل يُتشرط فيه أن يكون من متكلم واحد أو لا الأصح لابد أن يكون من متكلم واحد فلو نطق أحدهما بمسند ونطق الآخر بمسند إليه لم يعتبر كلاماً ولو نطق واحد بمستثنى محكوم عليه نطق آخر بالمستثنى نقول لم يقع ولم يحصل أما قوله - صلى الله عليه وسلم - لما قال البلد الحرام والله حرمه فقال العباس إلا الإذخر فحصل الاستثناء هنا قالوا إذاً وقع من متكلمين نقول لا النبي - صلى الله عليه وسلم - أعاد الاستثناء وإنما قاله العباس مُذكراً لنبي - صلى الله عليه وسلم - وإلا ما الفائدة لو حصل بقول العباس وحصلت الفائدة بقول العباس - رضي الله عنه - وكان سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة في الإقرار عليه ما عاده النبي - صلى الله عليه وسلم - ما الفائدة لكان لغواً وعبثاً وهو مُنزه عن هذا - صلى الله عليه وسلم -،حينئذ نقول إن الإذخر هذا استدل لعضهم على أنه لا يشترط أن المتكلم واحد نقول لا، يشترط وليس في هذا دليل لكم بل هو دليل عليكم يُقلَب الدليل هذا ما يُمسى بالقلب يُقلَب الدليل عليكم كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعاد الاستثناء أو المستثنى وقال إلا الإذخر دليل على أنه لابد من الاتصال وإلا لم يعد كلاماً لأنه لو سكت ولم يُعد الاستثناء الذي ذكره العباس إذا كان سكوته حجة فحصل الحكم الشرعي فحينئذ نقول لابد أن يكون متصلاً ومن متكلم واحد فإذا حصل من متكلمين نقول لا يصح، وما بناه أيضاً حتى لو قيل من متكلمين بنى المسألة الفتوحي في شرح الكوكب أن بناؤه ليس بصحيح لأنه قال لو قيل من متكلمين فقال قائل زوجتي فقال آخر طالق يقع أو لا يقع؟ نقول هذه المسالة مردها للشرع لا يقع قطعاً لو قال واحد رجل زوجتي وقال آخر طالق ومن هو الطلاق هل يقع الطلاق في الشرع بلفظ زوجتي ما يقع الطلاق إذاً لا يمكن أن يقع بفعل الآخر وإنما يحصل بفعل الفاعل نفسه وهذا أمر شرعي مرده إلى الشرع واللغة ليس لها مدخل في مثل هذه، فيفارق التخصيص بالاتصال لابد أن يكون متصلاً بالمستثنى منه حقيقة أو حكماً، الثاني الفارق الثاني بين الاستثناء والتخصيص تطرقه إلى النص يعني الاستثناء كما أنه من المخصصات وإذا كان من المخصصات معناه أنه يتطرق اللفظ العام هل يدخل غير العام؟ نعم قد يدخل النص لأن لفظ عشرة هذا ليس بلفظ عام ولذلك قلنا في حد العام بأنه لفظ مستغرق لجميع ما يصلح له في حسب الوضع بلا حصر بلا حصر لماذا؟ لإخراج أسماء الأعداد فإنها بألفاظ عامة لأنها تدل على مُعين ولذلك الخاص ما هو اللفظ الدال على المُعيَّن إما بشخص أو بعدد إذاً صارت العشرة ونحوها من ألفاظ الأعداد أسماء الأعداد صارت من الخاص، هل يصح دخول الاستثناء اللفظ الخاص الذي هو نص في الشرعة؟ نقول نعم نقول له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إذاً دخله الاستثناء كما يدخل الاستثناء اللفظ العام أكرم الطلاب إلا زيداً هنا الاستثناء وقع في ماذا؟ وقع مقارناً للفظ عام وهو من المخصصات وأما إلا عشرة فليس من المخصصات فلا يسمى مخصصاُ، إذاً الفارق الثاني الذي يفارق التخصيص أن التخصيص لا يكون إلا للفظ العام ولا يكون التخصيص للفظ الخاص لأنه هو في نفسخ خاص وأما الاستثناء من حيث هو استثناء فيدخل

اللفظ العام ويدخل اللفظ العام. وتطرقه أي الاستثناء إلى النص كعشرة هذا نص وليس بلفظ عم إلا ثلاثة وعليه فالتخصيص بالاستثناء أعم من التخصيص بغيره لأنه التخصيص بغير الاستثناء خاص باللفظ العام والتخصيص بالاستثناء هذا يدخل اللفظ العام ويدخل غيره. هنا قال ويفارق النسخ إذاً ثم فوارق بين الاستثناء والتخصيص لوقوع تشابه وثم فوارق بين الاستثناء والنسخ ويفارق النسخ يعني يفارق الاستثناء النسخ بالاتصال لابد أن يكون متصلاً لماذا؟ لأن النسخ شرطه الانفصال لا يكون ناسخاً إلا إذا كان الحكم ثابت جديد بخطاب متراخي عن الحكم السابق إذاً لا يمكن أن يقع الناسخ متصلاً بالمنسوخ ولكن الاتصال هنا قد يفارقه ويفارق الاستثناء النسخ بالاتصال النسخ لا يشترط فيه الاتصال والاستثناء يشترط فيه الاتصال يفارق الاستثناء النسخ بالاتصال والنسخ لا يكون إلا مع التراخي فلو كان متصلاً لصار مخصصا لا ناسخاً لو كان الذي يرفع بعض الحكم عن البعض متصلاً لكان مخصصاً لا ناسخاً وأما إذا وقع تراخي حينئذ نحكم بأنه ناسخ إذا لم يمكن الجمع كما سبق، وبأنه مانع لدخول ما جاز دخوله وبأنه مانع أي الاستثناء يفارق النسخ من حيث إن الاستثناء مانع لدخول ما جاز دخوله إذاً جاز أولاً دخوله وجاء الاستثناء قرينة صارفة عن دخول المستثنى في المستثنى منه وأما النسخ فهو رافع لما دخل هو دخل أصلاً ثم رُفع إذاً الاستثناء مانع والنسخ رافع الاستثناء مانع لدخول ما جاز دخوله ولا يُقطَع بأنه داخل بل ننفي بأنه داخل والنسخ رافع لما دخل دخل أولاً ثم نُسخ، الفارق الثالث بين الاستثناء والنسخ بأن الاستثناء رفع للبعض قام القوم إلا زيداً فحينئذ إلا زيداً هذا بعض القوم وليس كل القوم أكرم الطلاب إلا زيداً ولا يصح أن يُقال أكرم الطلاب إلا الطلاب يصح؟ لا يصح لكن النسخ قد يكون رافعاً للكل وقد يكون رافعاً للبعض للكل مثلاً كما في نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حكم كله مرفوع ليس مفصلاً في صلوات كذا لك أن تتوجه وإلا فلا إذاً الحكم كله مرفوع لكن عندك المُتوفَّى عنها زوجها كانت حولاً فنُسخت إلى أربعة أشهر وعشرة نُسخ البعض أو الكل؟ البعض إذاً النسخ قد يكون رفعاً للكل وقد يكون رفعاً للبعض وأما الاستثناء فلا يكون رفعاً للكل لابد أن يكون للبعض لأن استثناء الكل من الكل باطل باتفاق ولا يصح أن يُقال كما سيأتي له على شعرة إلى عشرة خمسة إلا خمسة لأنه باطل ولهو وعبث، ولأن الاستثناء رفع للبعض والنسخ رفع للجميع غالباً وقد يكون للبعض ولذلك يقيد ليس دائما للجميع بل قد يكون للبعض، إذاً هذه فوارق بين النسخ الاستثناء يشترط في الاستثناء أن يكون متصلاً والاستثناء يكون مانعاً والنسخ رافعاً والاستثناء رفع للبعض والنسخ قد يكون رفعاً للجميع.

ثم ذكر شروط الاستثناء متى يُعتبر الاستثناء مؤثراً في الحكم الشرعي قال وشرطه الاتصال ذكر المصنف هنا ثلاثة شروط لصحة الاستثناء للحكم ثلاثة شروط شرطه الاتصال فلا يفصل بينهما سكوت يمكن الكلام فيه يعني لا ينفصل بسكوت ولا بكلام أجنب لابد وأن يكون متصلاً كما ذكرناه سابقاً لأنه جزء من الكلام يحصل به الإتمام فإذا انفصل لم يكن إتماماً كالشروط وخبر المبتدأ كما ذكرناه سابقاً لو فصل بين المستثنى والمستثنى منه بكلام أجنبي أو بسكوت طويل نقول هذا لا يعد كلاماً لأنه كالجزء من الكلام والأصل في الكلام أن يُلقى مرة واحدة المُسنَد والمُسنَد إليه وما تعلق به من الفضلات يكون متمماً لمعناه ولا يصح حينئذ أن يُقال قام الطلاب وأكرم الطلاب ثم بعد ساعة نقول إلا زيداً وعليه لو حصل نقول لزم الحكم لجميع الطلاب وإلا زيداً هذا يعتبر لفظاً وعبثاً لا يُلتَفت إليه، وشرطه الاتصال يعني اتصال المستثنى بالمستثنى منه حقيقة أو حكماً فلا يفصل يعني لا يجوز الفصل بين المستثنى والمستثني منه سكوت يمكن الكلام فيه أم السكوت لا يمكن الكلام فيه قليل هذا لا يُخرجه عن كونه حقيقة لأنه مشتبه يحتمل أنه سكت لأمر ما يفكر أينظر أو يتأمل أو منشغلاً الذهن نقول إذا تكلم بعد ذلك يقول أكرم الطلاب ثم سكت إلا زيداً نقول هذا الأصل أنه محكم عليه بالاتصال أو فصله بكلام أجنبي قال أكرم الطلاب ثم تكلم في مسائل أخرى أجنبية عن المقام ثم قال إلا زيداً نقول هذا الأصلح أنه لا يعتبر استثناءاً ولا يصح الاستثناء، وحُكي عن ابن عباس - رضي الله عنه - عدم اشتراطه، ولذلك قال حُكي لأنه لم يثبت ثبوتاً يصح اعتماده ولذلك كثير من أرباب الحديث يضعفون الرواية المنقولة عن ابن عباس بأنه سُأل فقال إلى سنة أو إلى أمد، وحُكي عن ابن عباس حُكي هذه صيغة تضعيف حينئذ لم يثبت عن ابن عباس وحُكي عن ابن عباس - رضي الله عنه - عدم اشتراطه عدم اشتراط الاتصال فحينئذ يجوز كونه منفصلاً فقد ورد عنه في الرجل يحلف قال له أن يستثني ولو إلى سنة ثم قرأ {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً {23} إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} لأنه مستدل بقوله {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} إذاً {لَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً} الاستثناء وإذا قال سأفعل هذا ينبغي تقييده بالأفعال المستقبلة إذا قال سأفعل كذا في المستقبل ونسي حينئذ له أن يقول إن شاء الله ولذلك حُمل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأغزون قريشاً ثلاث مرات ثم سكت ثم قال إن شاء الله فنقول هذا امتثال للآية وليس المقام المقام الذي نذكره الاستثناء بـ إلا أو إحدى أخواتها وإنما هذا تعليق الأفعال المستقبل على المشيئة وهذا متى ما نسي الإنسان وذكر حينئذ يأتي بقوله إن شاء الله وليس المقام فيما هو نحن فيه ولذلك {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} هل هذا قول يكون تفسير يكون حكم شرعي فامتثاله يكون امتثالاً لحكم شرعي وبحثنا في الأصل أنه بحث لغوي وليس ببحث شرعي إثبات الاستثناء من حيث هو استثناء هذه مباحث لغوية ثم إذا جاء في الشرع شيء آخر فحينئذ نعدل عن المعنى اللغوي إلى الحقيقة الشرعية ونقول الحقيقة

الشرعية مُقدمة على الحقيقة اللغوية انتبه لهذا بحث اللغويات ليس كالبحث في الشرعيات يعني تبحث في المسائل اللغوية من حيث هي في اللغة ثم هل الشرع جاء بما يوافق اللغة أو غيَّر نقل الحقيقة كلها أو بعضا أو له استعمال خاص حينئذ تصير المسألة مركبة من حقيقتين حقيقة لغوية وهي الأصل وحقيقة شرعية فإذا جاء في الشرع إطلاق الاستثناء جعل له حقيقة خاسة نحمله على الحقيقة الشرعية لا على الحقيقة اللغوية.

إذاً وعن عطاء والحسن تعليقه بالمجلس يعني جاز الفصل لكن ينبغي تقييده بالزمن اليسير إلا كان المتكلم في المجلس يعني بقي في مجلسه كخيار المجلس فإذا بقي في المجلس حينئذ له أن يستثني وشيخ الإسلام يميل إلى هذا أنه يجوز الانفصال ما دام في المجلس لكن من حيث اللغة نقول لا لابد من الاتصال لأننا إذا أثبتنا حقيقة الكلام بأنه مركب من مسند ومسند إليه وأن المتعلقات هي معمولات والمعمولات لابد أن تكون متصلة بعواملها حينئذ يُنزل هذه القواعد على الكلام اللغوي إن جاءت حقيقة شرعية فعلى العين والرأس ونبقى على المعنى الأصلي، وقد أومأ إليه أحمد في اليمين أشار إلى القول قول العطاء والحسن بأنه يجوز الفصل وتعليقه ما دام في المجلس أما إذا انفصل المجلي فحينئذ ليس له ذلك، وأومأ إليه يعني أشار إليه كما في رواية أبي طالب إذا حلف بالله قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى إذا حلف بالله وسكت قليلاً ثم قال إن شاء الله فله استثناءه لأنه يكفر إذا حلف بالله وسكت قليلاً بتقييد وليس على إطلاقه كما قال المصنف هنا تعليقه بالمجلس هذا عام يشمل الزمن اليسير وغيره وأومأ إليه أحمد لم يُومأ إليه مطلقاً للزمن اليسير والزمن الطويل وإنما قال وسكت قليلاً، ثم قال إذا حلف إن شاء الله فله استثناءه لأنه يكفر، إذاً هل يشترط في المستثنى أن يكون متصلاً بالمستثنى منه نقول فيه مذهبان؟ المذهب الأول أنه يشترط ولا يصح فصله وانفصاله إلا بضرورة كأخذ نفس وسعال ونحو ذلك فنقول حينئذ هذا له حكم الاتصال وهذا قول جماهير أهل العلم واستدلوا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير أيهما أيسر وأليق بالشرع أن يقول أن يكفر عن يمينه أو فليقل إن شاء الله؟ الثاني لو كان الاتصال له أو عدم الاتصال جائز في الحلف لقال من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليقل إن شاء الله ولا يقول فليكفر عن يمينه ولذلك جاء أيضاً في قصة أيوب {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ} ص44، فلو كان الاتصال ليس شرطاً لقال له قل إن شاء الله حينئذ لا كفارة لكن هذا يدل على أنه لابد من الاتصال هذا حجة الجمهور وهو أصح موافق له من جهة الشرع ومن جهة اللغة، اللغة أثبتت أنه لابد من الاتصال وكذلك جاء الدليل اشرعي مُبين أنه لابد من الاتصال.

المذهب الثاني أنه لا يشترط الاتصال، ثم الانفصال لا بأس به إلى متى؟ قيل إلى شهر وقيل إلى شهرين وقيل إلى سنة وقيل إلى سنتين وقيل إلى ماذا؟ أبداً مطلقاً فحينئذ له أن يستثني ولذلك لو صح القول بالاستثناء مطلقاً حينئذ لا يُعرَف صدق صادق ولا كذب كاذب ولا يثبت طلاق ولا عتق ولا حنث ولا غيره صارت الناس يتلاعبون بالألفاظ الشرعية ولو يقول زوجتي طالق ثم بعد ذلك لو قيل له تطلق قال إذا خرجت من البيت أو قيده فحينئذ أخرج نفسه فلو قال زوجتي طالق ثلاثاً الجمهور أنه يقع يقول القاضي ماذا أصنع قل له إلا اثنتين حينئذ ماذا حصل؟ حصل تلاعب لو قيل بهذا القول لما عُلم كذب كاذب ولا صدق صادق ولا ما استقرت الأمور ولا انضبط الناس بالشريعة ولا إلا آخره ولا بأحكام لأنه لا يُعرَف عتق ولا يعرف طلاق أو حنث إلى آخره هذا الشرط الأول الشرط الثاني قال وأن يكون من الجنس إذاً من الجنس يعني أن يكون الاستثناء أو المستثنى من جنس المستثنى منه فإذا لم يكن من جنسه لا يصح أن يكون استثناءاً لغة ليس باستثناء حقيقة وإنما يطلق الاستثناء وينصرف بإطلاقه الحقيقي على ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه وهذا إذا قيل مثلاً قام القوم إلا زيداً زيداً هذا من جنس القول فحينئذ صح الاستثناء لو قال قام القوم إلا حماراً هل هو من جنسه ليس من جنيه إذاً لا يصح الاستثناء لأنه جعله شرطاً وأن يكون من الجنس وبه قال الشافعية جعله شرطاً فحينئذ إذا لم يكن من الجنس لم يصح الاستثناء لم يصح ماذا؟ قيل لغة بمعنى أنه يُلحّن ويُغلَّظ والأشهر أنه لا يصح الاستثناء حقيقة وإلا بعضهم قال هذا لغو ليس بصحيح لكن هذا فاسد لأنه واقع في القرآن فحينئذ نقول لا هو ثابت الاستثناء من غير الجنس ثابت لكن الخلاف بين الجمهور وغيرهم هل هو استثناء حقيقة أو مجاز فقط وإلا هو استنثاء استثناء فحينئذ نقول قوله وأن يكون من الجنس أن يكون من الجنس هذا فيه إشارة إلى الاستثناء المتصل وأهل اللغة يقسمون الاستثناء إلى متصل ومنقطع والضابط بينهما على المشهور ما ذكره المصنف إذا كان الاستثناء من الجنس فهو متصل وإن كان الاستثناء من غير الجنس فهو منفصل أو منقطع لا بأس أن تقول منفصل وأن تقول منقطع والأشهر الثاني لكن الأولى أن يُقال دقة ونظراً للمعنى أن يُقال الاستثناء المتصل هو الحكم بنقيض الحكم على جنس ما حكمت عليه أولاً لابد من أمرين وليس كون المستثنى من جنس المستثنى منه فحسب هو الحكم بكونه مستثنى متصل بل لابد من شيء آخر وهو أن يكون الحكم على المستثنى نقيض الحكم على المستثنى منه لابد من أمرين والحكم بالنقيض للحكم حصل لما عليه قبل متصل فحينئذ نقول الاستثناء المتصل هو الحكم بنقيض الحكم لابد على جنس ما حكمت عليه أولاً فإن حكمت بنقيض الحكم لا على جنس ما حكمت عليه أولاً فهو منقطع وإن حكمت على غير أو حكمت على جنس ما حكمت عليه أولاً لا بالنقيض وإنما بمخالف فحينئذ لا يُعد متصلاً ولو كان المستثنى من جنس المستثنى منه فقوله وأن يكون من الجنس هذا يشمل بعض المنقطع يدخل فيه بعض المنقطع فإذا قيل الاستثناء المتصل فإنه الاستثناء من الجنس أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه هذا ليس خاصاً

بالمتصل بل يدخل فيه بعض أفراد المنقطع فإذا قلت قام القوم إلا زيداً لا نحكم عليه بأنه متصل أو منقطع إلا بتوفر أمرين اثنين لابد منهما قام القوم إلا زيداً فنقول زيداً هذا من جنس القوم هذا أولاً ثم إلى الحكم لأن الاستثناء كلام التام ليس ألفظ فحسب بل هو ألفاظ وأحكام إذاً عندنا لفظ وعندنا حكم فتُثبت أن لفظ زيد داخل في لفظ القوم من حيث هو في اللغة ثم ثُبت أن ما بعد إلا ثابت له نقيض الحكم لما ثبت أولاً فالقوم أُثبت لهم الحكم وهو القيام ما نقيض القيام؟ الجلوس الاضطجاع؟ عدم القيام إذا أردت النقيض فتأتي بلفظ عدم تضيفه للحكم السابق عدم القيام هو نقيض القيام كل منهما نقيض الآخر لأنهم لا يجتمعان ولا يرتفعان فحينئذ نقول قام القوم إلا زيداً وُجد فيه أمرين كون المستثنى من جنس المستثنى منه وأن الحكم على المستثنى وإنما هو حكم بنقيض الحكم الأول على المستثنى منه قام القوم إلا حماراً هذا نقول استثناءاً منقطعاً لماذا؟ لعدم وجود أو انخرام أحد الشرطين وهو كون المستثنى من جنس المستثنى منه لكن الحكم بالنقيض ثابت أو لا؟ ثابت هذا الأصل قام القوم إلا حماراً حماراً هذا أُثبت له نقيض الحكم السابق وهو عدم القيام إذاً أُصبت نقيض الحكم لا على ما كان من جنس الأول فنحكم عليه بأنه منقطع وقد يكون من جنس الأول ولا يكون استثناء متصلاً فيما إذا حُكم على المستثنى بحكم مخالف في الحكم الأول وليس بنقيضه مثّل بعضه كالشيخ الأمين رحمه الله تعالى وهو الذي جاء السؤال هنا {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} الدخان56، الْمَوْتَةَ هذا مستثنى وهو من جنس المستثنى منه أليس كذلك؟ مقل قام القوم إلا زيداً على ما ذكره المصنف نقول هذا استثناء متصل لأن الموت من جنس المستثنى منه وهو مطلق الموت أو الموت الخاص فحينئذ نقول على الظاهر أنه استثناء متصل لكن نقول لا أنخرم الشرط الثاني وهو كون الحكم على المستثنى ليس نقيض للحكم على المستثنى منه بل هو مخالف له {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا} الضمير يعود إلى الآخرة إذاً الحكم ما هو عدم ذوق الموت في الآخر {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} ذوقه في الدنيا هل ذوق الموت في الدنيا نقيض لعدم ذوقه في الآخرة هل هو نقيض أو خلاف؟ خلاف ليس بنقيضه لماذا؟ لأنك تنظر إلى الدنيا وتنظر إلى الآخرة فتقول الدنيا ذوق الموت في الدنيا نقيضه عدم ذوقه في الدنيا ذوق الموت في الدنيا لابد تقييده بمحله ذوق الموت في الدنيا نقيضه عدم ذوقه في الدنيا ثم تنظر إلى الآخرة فتقول ذوقه في الآخرة نقيضه عدم ذوقه في الآخرة وهنا الآية مترددة بين ماذا؟ بين محل واحد وهو الآخرة أو الدنيا حتى يحصل التناقض للحكم أم بين محلين؟ إذا كان بين محلين حينئذ انفكت الجهة فنقول عدم ذوقه في الآخرة ليس نقيضاً لذوقه في الدنيا بل هو مخالف له إذاً لم يحصل الحكم بالنقيض على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه بل هو خلاف ولذلك نحكم بأن الاستثناء هنا استثناء منقطع وليس بمتصل لأنه لابد من أمرين الحكم بنقيض الحكم السابق على جنس ما حكمت عليه أولاً فإن كان من الجنس لا بحكم النقيض فهو استثناء منقطع كما في الآية التي ذكرناها وإن

كان بالنقيض لا على الجنس حكمنا عليه بأنه منقطع، وأن يكون من الجنس فإن لم يكن من الجنس قالوا لا يسمى استثناء على قول أو لا يكون استثناء حقيقة لكن الصواب أن الاستثناء يكون حقيقة من غير الجنس على ما ذكره المصنف ويسمى استثناءاً حقيقة وهنا تعللوا بماذا؟ تعللوا بأن الاستثناء إخراج وهذا ليس فيه إخراج إذاً انتفت حقيقة الاستثناء ما هو الاستثناء؟ الإخراج بـ إلا أو إحدى أخواتها رأيت القوم إلا حماراً هل حصل إخراج؟ قالوا لم يحصل إخراج إذاً ليس باستثناء بل هو مجاز وإذا أبطلنا هذا القول بأن الاستثناء فيه إخراج حينئذ لا نحتاج إلى هذا التعليل، وأن يكون من الجنس فإن لم يكن من الجنس حينئذ لا يصح الاستثناء ولا يكون حقيقة لانتفاء حقيقة الاستثناء وهي الإخراج ثم الاستثناء إذا أُطلق في اللغة عندهم انصرف إلى المتصل قالوا إذا أستعمل أو أُريد به المنقطع فليس بحقيقة.

وبه قال بعض الشافعية وقال مالك وأبو حنيفة وبعض المتكلمين ليس بشرط يعني كون المستثنى من جنس المستثنى منه ليس بشرط في صحة الاستثناء بل هو استثناء وذكر الشيخ الأمين رحمه الله تعالى أن ظاهر كلام أهل اللغة أن استثناء حقيقي فيُسمى استثناءاً ونقول الاستثناء أنه عام متصل ونقطع وكل منهما يسمى استثناءاً، ليس بشرط فيجوز عندهم كون الاستثناء منقطعاً لماذا؟ قالوا لكثرة وروده في القرآن {َما لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ} قالوا اتِّبَاعَ الظَّنِّ هذا ليس من جنس العلم {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلَّا سَلَاماً} السلام ليس من جنس اللغو {لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً} تجارة ليست من جنس الباطل {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} على المشهور أنه ليس من الملائكة إذاً وقع الاستثناء في الشرع والحكم أنه باطل لغة هذا فاسد مردود لوروده في القرآن وأما كونه حقيقة فنقول هذا هو الظاهر ولا يُصرَف عنه إلا بقرينة تدل على أنه مجازاً وليس ثم قرينة تدل على ذلك.

ثم قال وأن يكون المستثنى هذا هو الشرط الثالث أن يكون المستثنى أقل من النصف وفي النصف وجهان وأجاز الأكثرون الأكثر هذا الخلاف بين الأصوليين في الإخراج فيما يُخرَج هل هو أقل أو النصف هذا ليس في الصفة وليس في الشرط وإنما الخلاف في الاستثناء وخاصة إذا كان من العدد أما الشرط فقوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ} فلو كان المستطيعون النصف لا بأس به لو كانوا أكثر من النصف لا باس به لو كان أقل هذا لا إشكال فيه إذاً لا يشترط في الصفة أن يكون الإخراج لها أن أقل من النصف أو مساوٍ أو أكثر وإنما الخلاف في الاستثناء فقط وخاصة إذا كان من العدد، فلو قال له علي عشرة يجوز أربعة أشياء عقلاً يجوز أربعة أشياء من حيث الاستثناء أما أن تكون له علي عشرة إلا عشرة استثناء الكل صار الاستثناء مستغرقاً له علي عشرة إلا ستة أكثر من النص وما زاد له علي عشرة إلا خمسة استثنى النصف له علي عشرة إلا أربعة هذا أربعة أشياء أجمعوا على أن الأول باطل وهو استثناء الكل من الكل بالاتفاق باطل لأنه عدد ولم ترد به اللغة إلا إذا أردفه بما يصحح الاستثناء يعني لو قال له علي عشرة إلا عشرة إلا ثلاثة نقول العشرة الثانية أُلغيت فكأنه قال لع علي عشرة إلا ثلاثة فحينئذ يصح لأنه أردف العشرة الثانية المستثنى من العشرة أردفه بما يصحح الاستثناء فحينئذ الإجماع أو الاتفاق على أن استثناء الكل من الكل باطل إذا لم يُردفه بما يُصحح الاستثناء فإذا قال له علي عشرة إلا عشرة الاستثناء باطل فتثبت له العشرة إذا قيل الاستثناء باطل ليس المراد الجملة كلها باطلة وإنما المراد الإخراج على قولهم باطل فإذا قال له علي عشرة إلا عشرة لو صحننا الاستثناء كم له اعترف بماذا؟ لا شيء لكن لما قال إلا عشرة استثنى المستغرق نقول له عليك عشرة فتلزمه العشرة والاستثناء قوله إلا عشرة نقول باطل لكن لو أردفه بما يُصحح الاستثناء فنقول له علي عشرة إلا عشرة إلا ثلاثة إلا عشرة إلا عشرة الثانية نُلغيها كأنها غير موجودة كأنه قال له علي عشرة إلا ثلاثة وهذا يصح حينئذ له كم؟ له سبعة هذا فيم إذا استثنى الكل نقول الاستثناء باطل ولذلك لم يذكره المصنف وإنما ذكر ثلاثة أنواع فقط وسكت عن الرابع لأنه باطل باتفاق أما إذا استثنى الأكثر فهذا محل خلاف هل يجوز أو لا؟ أجاز الأكثرون الأكثر يعني أن يكون المستثنى أكثر من المستثنى منه له علي عشرة إلا تسعة يجوز أو لا يجوز؟ نقول قال أكثر الفقهاء والمتكلمين يجوز استثناء الأكثر وهذا قول أهل الكوفة خلافاً للبصريين البصريون على المنع أنه لا يجوز الاستثناء استثناء الأكثر ولا المساوي وإنما يستثني فقط فيما هو دون النسخ هذا مذهب البصريين وأما أكثر الفقهاء والمتكلمين تبعاً للكوفيين أنه يجوز استثناء الأكثر فلك أن تقول له علي عشرة إلا تسعة أو إلا ثمانية المهم أن يكون أكثر من النصف لأنه إذا أجاز استثناء الأقل وهو مُجمع عليه جاز استثناء الأكثر من جامع أن كلاً إخراج بعض ما شمله العام ولأنه رفع بعض ما تناوله اللفظ فجاز في الأكثر التخصيص يعني كالتخصيص بالصفة أو البدل ونحو ذلك وهذا مذهب أبي عبيدة وأكثر الأصوليين أنه

يجوز استثناء الأكثر وبعضهم يستدل بالآية أو الدليل المركب من الآيتين {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} هكذا قال إبليس {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} مع قوله {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} أيهم أعم وأيهما أخص؟ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ}؟ الغاوون أكثر أم الصالحون؟ الغاوون إذاً قوله {إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ} هذا أكثر من قوله بعد الإخراج {إِنَّ عِبَادِي} يكون أكثر أم لا؟ يكون أكثر حينئذ صح الاستثناء استثناء الأكثر من اللفظ العام لكن أجاب بعضهم أن {عِبَادِي} لفظ عام جمع مضاف والجمع المضاف كما سبق أنه يعم فحينئذ يعم الملائكة ويعم الصالحين من الثقلين الإنس والجن فحينئذ أيها أكثر؟ الصالحون {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} فيكون استثناء الأقل من الأكثر لكن لو صح سُلِّم هذا نقول عكس الآية في السابق {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} فصار المُخلَصون أقل من الغاوين قطعاً فحينئذ لو قيل {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ} عباد مُضاف فيعم الصالحين من الملائكة وغيرهم فصار أيضاً مؤكداً أنه استثناء الأكثر من الأقل على كل الصواب أنه جائز أني كون المستثنى أقل من النصف كقوله له علي عشرة إلا أربعة أو قال إلا ثلاثة أو إلا اثنتين أو إلا واحد حينئذ يجوز وهذا بإجماع لا خلاف لأنه الذي سُمع من لغة العرب هو المسموع من لغة العرب، وفي النصف وجهان يعني استثناء النصف له علي عشرة إلا خمسة هذا فيه وجهان قيل يصح وقيل لا يصح والمذهب الجواز يعني الراجح عند الحنابلة الجواز قال في الإنصاف وهو المذهب وهو أي استثناء النصف وهو المذهب وهو قول الجمهور {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ {1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً {2} نِصْفَهُ} استثنى النصف وبعضهم منع لأنه لم يرد عن لغة العرب والصواب أنه جائز. وأجاز الأكثرون الأكثر يعني استثناء الأكثر أما استثناء الكل من الكل أو المستغرق نقول هذا باطل باتفاق قال ابن قدامة رحمه الله تعالى ولا نعلم خلاف بأنه لا يجوز استثناء الكل ولذلك لو قال زوجته طالق إلا ثلاثة ثلاثاً إلا ثلاثة زوجته طالق ثلاثاً إلا ثلاثة قال لها أنتِ طالق ثلاثاً إلا ثلاثة كم يقع؟ ثلاثة لو قال أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة تقع الثلاثة على قول الجمهور لأن إلا ثلاثاً هذا باطل لا يُحسَب لو قال أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة إلا اثنتين كم يقع؟ واحدة أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة إلا واحدة تقع اثنتين أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة باطل إلا إذا أردفه بما يصححه فحينئذ يصح ويُجعَل قوله إلا ثلاثة الثانية مُلغاة كأنها غير موجودة كأن التركيب عندئذ أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين أو إلا واحدة.

فإن تعقب جُمَلاً عاد إلى جميعها إذا وقع الاستثناء قد يقع بعد جُمَل تأتي بالجمل المترادفة ثم بعد ذلك يأتي باستثناء هل الاستثناء يعود إلى كل الجُمَل أو إلى الأخيرة منها أو إلى الأولى أو إلى الثانية؟ هذا محل نزاع عند الأصوليين الجمهور على أنه يعود إلى الكل يعود إلى الجميع يعني كل الجُمَل التي سيقت قبل الاستثناء يدخلها الاستثناء قال فإن تعقب الاستثناء جُمَلاً عاد الاستثناء إلى جميعها إلا لدليل يخصه ببعضها إذا جاء دليل منفصل فلا إشكال أما إذا لم تكن قرينة تُعين أن الاستثناء مُراداً به بعض الجُمَل إلى بعض حينئذ يعود إلى الجميع وهذا قول الجمهور للشافعية والمالكية والحنابلة ومثلوا له بقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور4، قال بعد ذلك {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} ي {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} عود إلى أي شيء؟ أمامه كم جملة {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ثلاث جُمَل هل يعود إلى الجميع أو بعضها؟ هنا الأول لا يمكن أن يعود لها باتفاق لماذا؟ لأنه إذا وصل القذف إلى القاضي التوبة لا تُسقط وإنما يكون بينه وبين ربه أما في حقوق الناس إذاً قوله {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} لا يمكن أن يكون قوله {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ} ماذا بقي؟ بقي {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} إذاً لو تابوا هل تُقبَل شهادتهم أم لا؟ هو محل نزاع إذا قلنا عاد إلى الجملتين فحينئذ التوبة تكون ماحية عنهم قبول الشهادة وإن قلنا كما قال الأحناف أنه يعود إلى أقرب مذكور فحينئذ {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} ارتفع الفسق فقط وأما الشهادة فهي مردودة ولو مع التوبة فإن تعقب جملاً قال عاد إلى جميعها فحينئذ إلا الذين تابوا يعود لقوله {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً} {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} فإن تابوا فحينئذ اقبلوا لهم الشهادة {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} إن تابوا ارتفع عنهم الفسق لماذا؟ قالوا وجه عوده إلى الكل أن العطف يوجب اتحاد الجُمَل معاً عطف الجُمَل إذا كان بينها ارتباط في المعنى كعطف المفردات جاء زيد وعمرو وخالد هذا عطف مفردات إذاً هي مشتركة كل المعطوفات في ماذا؟ في إثبات المجيء فحينئذ عطف الجمل إذا كانت متحدة في المعنى حينئذ كعطف المفردات وهذا هو الأصل في الجمل إلا إذا دل قرينة بأن الجملة الثانية مستقلة تمام الاستقلال عن الجملة السابقة وهذا خلاف الأصل ولأن تكرير الاستثناء عقب كل جملة يُنافي الفصاحة {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} هذا يُخالف لم يُنقل هذا في لغة العرب

أن الاستثناء إذا أريد به كل جملة حينئذ يُؤتى به بعد كل جملة أو تُذكر الجمل أولاً ثم يُذكر الاستثناء عائداً على الجميع الثاني هو المنقول وهو الفصيح وهو الأقرب فمقتضاها حينئذ أي الفصاحة العودة إلى الكل ولأن الشرط يعود إلى الكل فكذلك الاستثناء فلو قال نسائي طوالق وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً نسائي طوالق وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً إن كلمت زيداً هذا شرط إن قلنا أنه يعود على الأخير النساء طوالق مطلقاً وكلمت زيداً لا والعبيد لا مقرون بشرط وهو تكليم زيد لكن نقول الشرط على الأصح عند الجمهور يعود إلى الكل فحينئذ نسائي طوالق إن كلمت زيداً وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً كما عاد الشرط إلى الكل كذلك الاستثناء لأنه مخصص متصل فكذا الاستثناء لافتقارهما لمتعلق ولهذا يسمى التعليق بمشيئة الله تعالى استثناء هذا جملة ما ذكره الجمهور. وقال الحنفية إلى الأقرب يعني أقرب مذكور الجملة الأخيرة يعني لا يرتفع الحكم بعدم قبول الشهادة بالتوبة بل يكون تائباً ولا تُقبَل شهادته لماذا؟ قالوا لأن الفصل وقع بين كل جملتين بين الجمل بحرف العطف فأشبه الفصل بكلام أجنبي لأنه فُصل بين كل جملة بحرف العطف فحينئذ أشبه الفصل بكلام أجنبي نقول هذا ليس بصحيح بل حرف العطف كاسمه عطف يعطف ما بعده على ما قبله إلا فيما إذا كان يُشرِّكه في الحكم دون المعنى ولذلك تُقسَّم حروف العطف إلى قسمين مُشرِّك للحكم يعني ما بعده لما قبله في الحكم والمعنى يعني في الإعراب والمعنى وهذا سائر حروف العطف وغما أن يكون مُشرِّكاً له في الحكم فقط دون المعنى يعني في الإعراب دون المعنى وهذا ثلاثة (لا وبل ولكن) وما عداه فالأصل أنها مُشرِّكة المعنى والحكم ولذلك نقول الأصل في الجمل المتعاطفة أنها بالمعنى أنها محمولة على معنى واحد ولا يُقال بالفصل إلا إذا دل دليل. ثم قال وهو من الإثبات نفي ومن النفي إثبات، وهو أي الاستثناء من الإثبات نفي وهذا حُكي عليه الاتفاق قام القوم إلا زيداً قام القوم جملة مثبتة أو منفية؟ مثبتة حينئذ يكون حكم المستثنى النفي، ما قام القوم إلا زيداً ما قام القوم مثبتة أو منفية؟ منفية إذاً حكم المستثنى الإثبات وهذا قول الجمهور وعند الحنفية بل إثبات واسطة وهو عدم الحكم فيكون حينئذ المستثنى غير محكوم عليه مسكوت عنه كما هو الكسائي الذي ذكرناه سابقاً هذا في النفي فقط أما الإثبات هذا يكاد يكون الاتفاق أما الاستثناء من النفي هل هو إثبات أم لا؟ هذا محل الجمهور على أنه إثبات، ما قام القوم إلا زيداً ما قام القوم إلا زيداً إلا زيداً يجوز الوجهان بدلية والنص على الاستثناء، ما قوم القوم إلا زيداً إذاً إثبات القيام لزيد لأن الجملة منفية عند الكسائي وتبعه الأحناف زيداً وزيد مسكوت عنه ليس محكوماً لا بإثبات ولا بنفي نحتاج إلى قرينة خارجة وهذا يكاد يكون مخالفاً لإجماع أهل اللغة وهو من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات هذا ما يتعلق بالمستثنى ثم شرع في بيان المطلق وهذا يأتينا الحديث عنه بإذن الله تعالى، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

16

عناصر الدرس * المطلق والمقيد * الأمر والنهي. الدرس السادس عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد وقفنا عند مبحث المطلق والمقيد مبحث المطلق والمقيد هذا يُذكَر بعد مبحث العام والخاص لما بينهما من تشابه لأن العام مستغرق لكنه على جهة الشمول يعني فيه نوع استيعاب واستغراق أي أنه على جهة الشمل يعني يشمل الأفراد دفعة واحدة، وأما المطلق ففيه استيعاب وفيه شمول لكنه بدلي إذاً اشتركا في مطلق الشمول ولو كان الشمول العام دفعي وجملي لجميع الأفراد والشمول المطلق بدلي يعني يشمل الكل لكنه على جهة البدل لا على جهة كل الأفراد وكذلك المقيد يشمل الخاص من جهة الخاص أنه اللفظ الدال على معين بشخص أو بعدد كذلك المقيد ما دل على قيد ما جُعِل فيه قيد بعيد ونحوه كم هو معناه في لغة العرب إذاً هذا المبحث مبحث المطلق والمقيد يُردَف بمبحث العام والخاص وهو من المباحث المهمة التي ينبغي العناية بها كل أصول الفقه إذا اعتنى الطالب بهذه المباحث مباحث الألفاظ يمكن أن تغنيه عن القياس .. لأن القياس هذا للضرورة كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى القياس كالميتة بمعنى القياس كالميتة متى تحل الميتة؟ عند الضرورة ومتى يجوز الإقدام على القياس؟ إذا لم يكن دليل من كتاب وسنة أو إجماع حينئذ ينظر في مسألة الحكم الشرعي في مسألة ما جُهل حكمها هل لها إذاً تُبحَث أولاً هل لها بالكتاب دليل أم لا حكم أم لا ثم في السنة ثم هل هناك إجماع أم لا ثم بعد ذلك يُلجأ للقياس فهو كالميتة فإذا اعتنى وأشبع طالب العلم في مباحث العام والخاص والظاهر والمُجمَل والنص والمؤوَّل والمطلق والمقيد والأمر والنهي هذه سهلت عليه أمور كثيرة ولذلك كما سيأتي في الأمر والنهي أنهما أساس التكليف هذا يجعل الطالب يعتني بهذه أكثر ومبناها هذه المباحث كلها على اللغة العربية متلازمة يعني ليست ككثير من المباحث التي تكون مبناها على العقل القياس الكثير منه مباحثه عقلية لذلك هو دليل عقلي أو شرعي؟ في نزاع بينهما لماذا؟ لأنه مبناه على العقل والنظر والراجح أما مباحث الدلالات لا مبناه على السماع متى يُحكَم على اللفظ أنه عام؟ لابد أن يكون استخدمه العرب على أنه عام متى يكون مطلقاً مطلق النكرة سياناً مترادفان بينهما فرق كذلك المؤوَّل المجمل النص كلها مباحث لغوية.

قال رحمه الله تعالى ومنه المطلق منه أي من الكلام المفيد لأن عطفه كله على ألأول الأول قال إن دل على معين فهو النص ثم قال فإذن دل على أحد المعنيين إلى آخره ومنه أي من اللفظ من الكلام المفيد المُطلق هذا اسم مفعول من أُطلق يُطلق فهو مطلق والمطلق لغة الانفكاك من أي قيد حسياً كان أو معنوياً هذا فاصل مطلق هذا في الحسي وهذه أدلة مطلقة {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} هذا مطلق وهذا مطلق من قيد معنوي إذاً الانفكاك عن أي قيد حسي كان أو معنوياً هذا هو حقيقة المطلق في اللغة، قال في حده في الاصطلاح ومنه المطلق وهو أي المطلق ما تناول واحداً لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه وقيل لفظ يدل على معنى مبهم في جنسه ذكر حدين للمطلق الحد الأول وهو المقدم عنده لأنه قدمه وضعَّف الثاني بقوله وقيل قال ما تناول ما هذا جنس يشمل المفيد وغير المفيد تناول تناول إذاً لابد أن يكون له معنى فحينئذ أخرج غير المفيد ما تناول واحداً لا بعينه واحداً لا بعينه إذاً أخرج ما تناول أكثر من واحد كألفاظ الأعداد كعشرة ومائة وألف لأنها تناولت أكر من واحد لا بعينه أخرج الأعلام كزيد فإنه تناول واحداً بعينه نقول هذا مطلق له وجهان لماذا؟ لأن شرط المطلق أو حقيقته أنا ما تناول واحداً لا بعينه فحينئذ إذا تناول واحداً بعينه كالأعلام شخصية كزيد وعمرو نقول هذا ليس بمطلق أقول لك على حاجة ما مدلوله واحد معين خرج بقوله ما تناول واحداً لا بعينه الرجل الرجل ليس هو كزيد زيد هذا علم مدلوله الذات المشخصة الرجل هذا مدلوله واحد لماذا؟ لأنه نكرة معرفة بـ ال إذاً عُين والتعريف أو المعنى كما سبق ما وُضع ليستعمَل في معين إذاً الرجل وُضع ليُستعمَل في المعين إذاً دل على واحد لكن لا بعينه من هو هذا الرجل غير معلوم كذلك أخرج العام المستغرق لأنه يتناول أكثر من واحد بل هو مستغرق لما يشمله اللفظ ولذلك قيل العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له اللفظ لكل ما يصلح له الفظ نقول هذا مستغرق له إذاً ما تناول واحداً لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه يعني بالنظر إلى الحقيقة والحقيقة هذه التي يعبر عنها البعض بالماهية ومحل الماهية في الذهن ولذلك بعضهم حده بأنه اللفظ الدال على الماهية بلا قيد إذاً باعتبار حقيقة كأنه قيَّد لك التناول هنا ما تناول واحداً لا بعينه يعني مفهوم هذا اللفظ واحد يدل على واحد لكن لا بعينه غير معين يحتمل هذا أو ذاك أو إلى آخره كما في قوله {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} رقبة هذا يطلق على كل عبد هذا رقبة وهذا رقبة وهذا رقبة تناول واحداً لا بعينه بمفهوم أو بالمعنى السابق أن المطلق عام وشامل ومستغرق شامل لكل الأفراد فإذا قيل رقبة كل عبد يدخل تحت هذا اللفظ لكن هل يصدق على الجميع دفعة واحدة؟ لا، وإنما يصدق على الجميع بالبدل فإذا أُطلق على الأول انتفى أن يدخل الثاني تحته لماذا؟ لأن اللفظ وُضع ليدل على واحد فقط لا بعينه من حيث هو شامل للكل فكل لفظ كل ذكر عاقل من بنى آدم يدخل تحت كلمة رجل حينئذ نقول شمول هذا اللفظ لكل الأفراد شمول بدلي لا استغراقي بمعنى أن اللفظ إذا أُطلق لفظ رجل ولفظ رقبة نقول هذا لا يشمل كل الأفراد دفعة واحدة كما نقول

{فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} المشركين هذا لفظ عام يدخل فيه كل ما اتصف بصفة الشرك دفعة واحد لو وُجد مليون مشرك دخل تحت قوله {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} ولذلك اشترطنا هناك أن يكون الحكم متساوياً في الجميع فرق بين العموم اللفظي والعموم المعنوي أن شرط العموم أن كل الأفراد تكون مستوية في الحكم دفعة واحدة لا يُفضَل هذا على ذاك وإلا فانتفى العموم أما هنا ما تناول واحداً لا بعينه اللفظ من حيث هو يصدق على كل الأفراد هذا رجل وهذا رجل وهذا رجل وذاك رجل وذاك رجل إلى آخره لكن إذا قيل هذا رجل حينئذ اختص بواحد هل يدخل أذا أُطلق لفظ رجل وعُيِّن مسماه أو أُطلق على شخص معين على واحد وعُيِّن هل يشمل غيره ويدخل تحته؟ الجواب لا ليس هو كما إذا قيل {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} فقُتل زيد فحينئذ عمر وبكر أيضاً داخلان تحت اللفظ لماذا؟ لأن النظر هنا باعتبار الحقيقة الشاملة للجنس كما ذكره باعتبار يعني التناول هنا لواحد لا بعينه باعتبار الحقيقة الذهنية وهي المعنى المراد من اللفظ الألفاظ لها معاني هذه المعاني لها حقائق في الذهن هذه الحقائق الذهنية كلية لا توجد في الخارج إلا في ضمن أفرادها فكلمة رقبة أو رجل نقول هذا له مفهوم وحقيقة ذهنية لا يوجد في الخارج إلا في ضمن أفراده هنا التناول باعتبار الفرد الخارج أو باعتبار الذهن؟ قال باعتبار حقيقة شاملة لجنسه يعني التناول للجميع والاستغراق الموجود المطلق ليس باعتبار خارج وإنما باعتبار الحقيقة هذه الحقيقة شاملة للجنس التي تكون صادقة عل جميع الأفراد ولكنها في الذهن لا تُدخَل لأن الاتفاق بين الأصوليين والنُحاة أن الفرد الخارج الذي يدل عليه المطلق أو النكرة على القول بالتفريق أنه خارجي وهو واحد وأما مدلول اللفظ ومعناه الحقيقة الذهنية فباتفاق أنها موجودة في الذهن لا في الخارج حينئذ التناول لكل الأفراد التي دل عليه اللفظ المطلق إنما هي موجودة في الذهن لو قيل رجل مثلاً مفهومه ذكر من بني ذكر بالغ وبعضهم يقول حيوان ناطق بالغ ذكر بالغ من بني آدم هل يوجد في الخارج ذكر بالغ من بني آدم ليس بزيد ولا بخالد؟ يعني شيء مُعين نقول هذا ذكر بالغ وليس في ضمن الأفراد تضع الذكور والرجال كلهم في جهة وتقول هاذ معنى قائم بنفسه في الخارج؟ لا يمكن أين يوجد هذا؟ يوجد في الذهن فقط أما في الخارج فيوجد في ضمن أفراده فتقول زيد رجل لأنه ذكر بالغ وتقول عمرو رجل لأنه ذكر بالغ إلى آخره فحينئذ المعنى الذهني الأصل وجوده في الذهن لذلك قال باعتبار التناول هذا باعتبار جار ومجرور متعلق بتناول ما تناول واحداً لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه والأصل في الجنس وجوده في الذهن حينئذ يُوجد في ضمن أفراده لكن على جهة البدل لا على جهة الشمول وهذا على القول بأن المطلق والنكرة سيان ولذلك بعضهم حده باللفظ أنه اللفظ الدال على الماهية بلا قيد وما على الذات بلا قيد يدل فمطلق وباسم جنس قد عقل وما على الذات بلا قيد يدل اللفظ الدال على الماهية الماهية ما هي؟ ما يُسأل عنه بما هي ما هي حقيقة الإنسان؟ حيوان ناطق ما هي حقيقة الفرس؟ حيوان صاعق ما هي حقيقة الرجل؟ ذكر عاقل بني آدم إذاً ما يصح الجواب أو

السؤال عنه بما هي هذا وجوده في الذهن، بلا قيد هذا أخرج النكرة والمعرفة لأن الحقائق الذهنية إذا وُجدت في الذهن إما أن يُلحَظ لها فرض في الخارج يعني يُوضع الباب ويُوضع له معنى في الذهن وهذا المعنى في الذهن يُلاحَظ بمعنى أنه لا يوضع مجرداً عن الأفراد وإنما يُلاحَظ الفرد الخارجي فإذا لوحِظ الفرد الخارجي حينئذ إما أن يكون معيناً أم لا إذا لوحظ الفرد الخارجي عند وضع الحقائق الذهنية إذا ولحظ الفرد الخارجي نقول هذا لا يخلو الفرد الخارجي إذا لوحظ اللفظ الخارجي مصدق اللفظ ماذا يكون إن كان معيناً فهو المعرفة وإن كان غير معين فهو النكرة وحينئذ فعلى هذا فثم فرق بين المطلق والنكرة وهذا هو الأصح من حيث الحقيقة فرق بين المطلق والنكرة لماذا؟ لأن المطلق وُضع بلا قيد اللفظ موضوع للماهية التي تكون في الذهن بلا ملاحظة فرد خارج ولكن النكرة وُضعت للمعنى الذهني مع ملاحظة فرد خارج غير معين والمعرفة وضعت للمعنى الذهني مع ملاحظة الفرد الخارج المعين فحينئذ يكون فرق بين النكرة النكرة والمطلق يبقى السؤال إذا كان المطلق كـ (تحرير رقبة) موضوع للمعنى الذهني فقط وليس له فرد في الخارج إذاً ما الفائدة كيف نبحث نحن في مباحث الألفاظ هنا؟ كيف نبحث؟ نقول الجواب أن الفرد الخارجي غير المعين يستوي فيه المطلق والنكرة لكن ثم فرق دقيق وهو أن دلالة النكرة على الفرد الخارجي من دلالة اللفظ على مسماه أو على فرده بالمفارقة لماذا؟ لأن اللفظ وُضع للمعنى الذهني مع ملاحظة الفرد الخارجي فحينئذ اللفظ يدل على الفرد الخارجي بالمطابقة وأما المطلق فوُضع للمعنى الذهني للماهية من حيث هي هي من غير اعتبار فرد خارجي فكيف نبحث في المعاني الذهنية نقول لا هذا المعنى الذهني لابد وأن يكون له وجود في الخارج لأنه لا يمكن أن يوجد كما ذكرت لا يوجد معنى ذهني لا في ضمن فرده فحينئذ إذا وُضع لفظ رجل مراداً به الذكر البالغ من بني آدم نقول هذا له وجود في الخارج إذاً لابد له من فرد فحينئذ استوي مع النكرة نقول لا لم يستوي مع النكرة لأن دلالة اللفظ المطلق على الفرد الخارج بالالتزام لاستحالة قيام المعنى الذهني لا في فرد يستحيل هذا لا يمكن أن يوجد المعنى الذهني لا في فرد فحينئذ استلزام المعنى الذهني للفرد الخارج هذا بدلالة الالتزام وأما النكرة فتدل على المعنى أو على الفرد الخارجي بدلالة المطابقة وهذا هو الذي عناه المصنف هنا بالحد السابق ولو قي اللفظ الدال على الماهية بلا قيد لكان أكثر مما ذكره لماذا؟ لأن قوله بلا قيد أخرج النكرة لأنها دلت على الماهية بقيد فرد شائع في جنسه وأخرج المعرفة لأنها دلت على الماهية بقيد وهو دلالته على الفرد المعين في الخارج وأما المطلق فهو دال على الماهية من حيث هي هي ولم يُقيَّد بفرد خارجي وإنما يستلزم وجوده وجود فرد خارجي.

قال وهو أي المطلق ما تناول واحداً لا بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه حقيقة شاملة لجنسه هذا احترز به على قول بعضهم عن المشترك لأن المشترك يدل على فرد لا بعينه لكن الحقيقة مختلفة إذا قيل القرء يدل على الطهر وعلى الحيض إذاً تناول واحداً لا بعينه وأيضاً باعتباره حقيقة لكنها ليت شاملة للجنس لماذا؟ ولكنها هي حقائق مختلفة فحقيقة الطهر مخالفة لحقيقة الحيض كذلك الواجب المُخيَّر ككفارة اليمين نقول هنا يصدق على الكل فالمراد به واحد لا بعينه وإذا قيل وجبت كفارة اليمين {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} إذاً دل على واحد لا بعينه وجب واحداً لا بعينه إذاً وجب المخير هل هو مطلق نقول لا نقو الحقائق مختلفة {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ} كسوة وتحرير رقبة هذه حقائق مختلفة أو متحدة؟ مختلفة وليست متحدة وأما رجل لو قيل اعتق رقبة رقبة يطلق على الكل والحقيقة متحدة وليست مختلفة ليس هو كالواجب المُخيَّر الواجب المُخيَّر فأنت مُخيَّر من واحد من ثلاث لكن لو نظرت في الثلاث كلها مختلفة الأجناس حقيقتها مختلفة وأما اعتق رقبة نقول هذا يصدق على هذا أو هذا أو هذا لكن الحقيقة متحدة لا مختلفة.

وقيل في حد المطلق لفظ يدل على معنى مبهم في جنسه يعني غير مقيد لفظاً بأي قيد يُحد من شيوعه وهذا الظاهر أنه أراد به على حده أو على قول أن من يرى المطلق والنكرة سيان كما هو مذهب كثير من النحاة عدم التفريق بين المطلق والنكرة يفرقون بين المسائل الفقهية لو قال رجل لزوجته إن ولدتِ ذكراً فأنت طالق فولدت اثنين ذكرين معاً على القول بالاتحاد المطلق والنكرة لا تطلق إذا قيل باتحاد المطلق والنكرة أنهما مترادفان كما هو مذهب كثير من النجاة وعلَّ الحكم إن ولدتِ ذكراً فأنت طالق وولدت اثنين نقول لا تطلق لماذا؟ لأن النكرة موضوع لواحد لا بعينه وقد ولدت اثنين لأن الشرط معلق على ذك واحد فالكلام يكون حينئذ إن ولدتِ ذكراً واحداً فأنتِ طالق وجاءت اثنين نقول لا تطلق لكن إذا قلنا بالتفرقة بين المطلق والنكرة إن قال ولدتِ ذكراً فأنت طالق وولدت اثنين أو ثلاث أو خمس نقول تطلق لماذا؟ لأن حقيقة المطلق هي الماهية من حيث هي كونه ذكراً يكفي فحينئذ كأن الحكم قد عُلق على الذكورية فوُجدت سواء كان في واحد أو اثنين أو في عشرة فحينئذ تطلق إذاً على القول بالتفرقة بين المطلق والنكرة على المثال ذكره الفقهاء تطلق المرأة وإذا قلنا بالاتحاد نقول لا لا تطلق لماذا؟ لأن الحكم معلق على واحد إن ولدت ذكراً واحداً على التقدير فإن جاءت باثنين نقول لا الشرط لم يستوفي الشرط معلق على واحد فقط فإذا ولدت اثنين أو ثلاث لم يتحقق الشرط لفظ يدل على معنى مبهم في جنسه يعني على فرد شائع في جنسه وهذه حقيقة النكرة ولذلك ذهب بعض الأصوليين كابن الحاجب والآمري إلى القول بالترادف أن النكرة والمطلق مترادفان وهذا من جهة التيسير لأن مبحث الأصوليين في الألفاظ يبحثون في العقليات فحينئذ اللفظ من حيث هو لفظ فهما متحدان رجل ورقبة وامرأة نقول هذه كلها نكرة وهي مطلقة كونها دلت على فرد في الخارج بالمطابقة أو بالالتزام هذا لا أثر له في أصول الفقه كونه المطلق دل على فرد في الخارج بالالتزام والنكرة دلت على فرد خارج بالمطابقة نقول هذا لا أثر له لماذا؟ لأن الأحكام مبناها على الألفاظ هنا والشرع يبحث في العقليات أم الألفاظ؟ في الألفاظ لا في العقليات لذلك قال ابن الحاجب أن النكرة والمفرد سيان والمقصود هنا بالمطلق عند الأكثرين النكرة في سياق الإثبات من باب التيسير قالوا المقصود بالمطلق الذي يبحث عنه الأصوليون هو النكرة في سياق الإثبات أما في سياق النفي فهذه من صيغ العموم كما مضى فحينئذ النكرة في سياق الإثبات التي لم يُرَد بها الامتنان بهذا القيد لم يُرَد بها الامتنان ولم تأتي في سياق الامتنان نقول هذه النكرة هي المطلق وأما إذا وقعت في حيز النفي فحينئذ صارت من صيغ العموم فحينئذ نقول النكرة في سياق الإثبات هذه لها شمول ولكن شمولها بدلي عرفت ايش معنى بدلي؟ بدلي يعني كل الأفراد يدخلون تحت اللفظ فإذا قال عنده مائة عبد فقال أعتق رقبة المائة كلها تدخل تحت اللفظ لكن ليس على جهة العموم بمعنى أن العتق يشمل المائة دفعة واحدة وإنما يُراد به احد لماذا واحد؟ لأن هذا هو حقيقة المطلق وأن هذا هو حقيقة النكرة يُراد به واحد اختر من شئت من المائة فقل أنت مُعتَق

لماذا؟ لأن كل واحد يصلح أن يكون داخلاً تحت مدلول اللفظ فله شمول لكنه بدلي والنكرة في سياق النفي لها شمول لكنه دفعي بمعنى أن كل الأفراد يدخلون تحت اللفظ وهذا معنى دقيق يحتاج إلى تأمل. وقيل لفظ يدل على معنى مبهم يعني على فرد شائع يقصد بالمعنى هنا الفرد الشائع في جنسه غير مُقيد لفظاً بأي قيد يُحد من شيوعه كـ اعتق رقبة ويقابله أي يقابل المطلق المقيد، المقيد هذا اسم مفعول وهو في اللغة ما جُعِل فيه قيد من بعير ونحوه أو ما قُيد بشيء كالوصف والشرط والغاية، وهو أي في الاصطلاح المتناول لموصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة وقيل ما زيد معنى على معناه لغير معناه، المتناول لموصوف هو الأصل أن المقيد يطلق على شيئين المتناول لمعين يعني ما أُطلق فيه المعرفة أعتق هذا الطالب أو هذا الرجل أو أعط هذا الرجل أو أعط هذا الطالب نقول الطالب هذا مقيد لماذا؟ كيف حكمنا أنه مقيد؟ اسم الإشارة ودخول (ال) هذا مقيد صار مقيداً ليس مطلقاً هل هو كقولك أكرم طالباً؟ لا، أكرم طالباً نقول هذا عام مطلق أكرم طالباً نقول طالباً هذا مطلق أكرم هذا الطالب هذا صار مقيداً، بماذا قُيد؟ بالتعيين، وهو المتناول لمعين أو لغير معين موصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة يعني ما يكون موصوفاً بالصفة الاصطلاحية أو بالصفة التي يعنون بها الأصوليون في مقام التخصيص {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً} هذا فيه حصل تخصيص وتقييد للسابق الذي هو القتل، فحينئذ الصفة بمفهومها العام حصل بها قيد للمطلق أعتق رقبة هذه مطلق مؤمنة حصل بالصفة وقد يحصل بالشرط {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} حصل بالشرط قد يحصل بالغاية {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} هذا مُقيَّد قُيد بالغاية والأول قُيد بالشرط والآية {رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} قُيد بالصفة إذاً المقيد يتناول أمرين المتناول لمعين كأكرم هذا الطالب والمتناول لغير معين لكنه موصوف بأمر زائد عن الحقيقة الحقيقة رقبة هذه كما سبق أنها دالة على الحقيقة الذهنية موصوفة بصفة وهي الإيمان لذلك قال الموصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة له ولغيره اعتق رقبة هذا يشمل الكافرة والمؤمنة حينئذ لما قال مؤمنة فخصص وتعين بمن اتصفت بصفة الإيمان، كـ (رقبة مؤمنة) وقيل في حد المقيد ما زيد معنى على معناه لغير معناه رقبة له معنى خاص زيد معنى وهو الإيمان لغير معناه الذي دل عليه اللفظ بل لمعنى آخر خارج عن معناه فمفهوم الإيمان مغاير لمفهوم الرقبة هل زيادة وصف الإيمان زيادة لمفهوم الرقبة أم زائد عليه؟ زائد عليه لغير معناه ما زيد معنى على معناه لغير معناه بل لأمر خارج عنه وهو كون الرقبة متصفة بصفة الإيمان.

ثم بعدها عرف لك المطلق والمقيد بيَّن لك أحوال المطلق والمقيد وهذا أهم ما يكون في هذا الباب وهو أنه إذا ورد لفظ مطلق ولفظ مقيد في الشرع إذا جاء لفظان أحدهما مطلق وأحدهما مقيد ماذا نصنع؟ ما الحكم وما هي هذه الأحوال؟ بين لك المصنف فقال رحمه الله تعالى فإن ورد مطلق ومقيد ورد في الشرع مطلق ومقيد فلا يخلو إما أن يتحد السبب والحكم يعني إما أن يتحدا المُطلق والمقيد في السبب والحكم الإحالة وإما أن يتحدا في الحكم ويختلفا في السبب وإما أن يختلفا في الحكم ولو اتحدا في السبب يختلفا في الحكم هذه ثلاثة أحوال والحالة الرابعة أنها باتفاق لا يُحمل المطلق على المقيد لا يذكرونها وإنما يدرجونها في الحالة الثالثة.

الحالة الأولى: قال فإن اتحدا في الحكم والسبب يعين السبب والحكم واحد في الموضعين في المطلق والمقيد الحكم واحد مثل ماذا؟ قال كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا نكاح إلا بولي)) كـ ((لا نكاح إلا بولي)) مع قوله - صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى ((لا نكاح إلا بولي مرشد)) ما هو الحكم هنا من الحديثين؟ نريد السبب والحكم ما هو السبب أولاً؟ النكاح سبب الحديث الأول النكاح والسبب الثاني النكاح إذاً الكلام في أي شيء؟ في النكاح إذاً اتحد السبب، ما هو الحكم؟ نفي النكاح إذاً اتحدا حكماً وسبباً، أين اللفظ المطلق؟ ولي لا نكاح إلا بولي ولي هذا مطلق أين المقيد؟ مرشد، هل بينهما فرق؟ نعم الأول ((لا نكاح إلا بولي)) يشمل المرشد وغيره فيكون مطلقاً والثاني قيده بماذا بالمرشد إذاً أخرج غير المرشد فلا تصح ولايته هذا ينبني عليه حكم شرعي، هل نحمل المطلق على المقيد فنقيد قوله ((لا نكاح إلا بولي)) بكونه مرشداً في الحديث الآخر أو لا؟ نقول باتفاق أنه يُحمَل المطلق على المقيد فيُقيَد قوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا نكاح إلا بولي)) وهو مطلق بقوله - صلى الله عليه وسلم - (مرشد) فحينئذ ((لا نكاح إلا بولي)) من كان غير مرشد من الولاة لا تصح ولايته في النكاح ولو تركنا المطلق على ما هو عليه لصحت ولايته بإطلاق هذا اللفظ، قال كـ ((لا نكاح إلا بولي)) مع قوله ((لا نكاح إلا بولي مرشد)) فالسبب مُتحد وفي الروايات وشاهدي عدل فالسبب متحد وهو النكاح وحكمهما نفيه إلا بوجود الولي والشاهدين في الزيادة الأخرى فيجب حمل المطلق على المقيد قولاً واحداً لماذا؟ جمعاً بين الدليلين لماذا؟ لأن قوه ((لا نكاح إلا بولي مرشد)) هذا نص على أن الولاية لابد أن تكون في حق المشد والأخرى أطلق فجوَّزت أن يكون الولي غير مرشد حينئذ وقع تعارض في جزئية بين الدليلين وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما. وقال أبو حنيفة زيادة فهي نسخ يعني زيادة على النص فهي نسخ وليست من باب التقييد تقييد المطلق ولكن ذكر قول أبي حنيفة في هذا الموضع قيل أنه من باب السهو وإنما أكثر الأحناف ينقلون عن أبي حنيفة الاتفاق مع الجمهور لأنه يرى وجوب حمل المطلق على المقيد فيما إذا اتحدا سبباً وحكماً ولذلك ......

المصنف هنا تبعاً لابن قدامة في ذكر قول أبي حنيفة في هذا الموضع بل هو في الموضع الذي يليه، وقال أبو حنيفة زيادة فهي نسخ يعني لو حُمل المطلق على المقيد لكان نسخاً للمطلق وإبطالاً للعمل به لماذا؟ لأنه دل على إجزاء ولاية غير المُرشد وهذا عينه بالمرشد فل حملناه لكان نسخاً، فزيادة اشتراط الرشد في الولي رفعت إجزاء الولي مطلقاً الذي دل عليه النص المطلق والإجزاء حكم شرعي والصواب قلنا أنها ليست بنسخ حتى لو سُلم بأن قول أبي حنيفة في هذا الموضع مراده به المطلق والمقيد إذا اتحدا حكماً وسبباً نقول الصواب أنه ليس بنسخ لماذا؟ لأن النسخ رفع حكم شرعي وهنا لم يرفع حكم شرعي بل هي زيادة سكت عنها النص الأول وجاء النص الثاني زائداً تلك الزيادة المسكوت عنها لأنه قوله ((لا نكاح إلا بولي)) ليس نصاً في أن ولاية غير المرشد مُجزأة وإنما هي محتلمة وإن شئت قل مسكوت عنها فجاء النص والأصل حمل أو إعمال الدليل فننظر في الأول المطلق فنقيده بما قُيد به النص الثاني ذ ليست بنسخ، ثم الناسخ والمنسوخ يشترط بينهما التنافي متى يُحكَم بالنسخ والمنسوخ متى نقول؟ إذا لم يمكن الجمع إذا تعذر الجميع بين الدليلين وعُلِم أحد التاريخين فنقول هنا وجب أن يكون الثاني ناسخاً للأول مع التراخي وهنا ليس بين النص الأول والنص الثاني منافاة نقول لا نكاح إلا بولي هذا مقيد بقوله مرشد ولا إشكال.

وإن اختلف السبب كالعتق في كفارة اليمين قُيد بالإيمان وأطلق في الظهار اختلف السبب يعني مع اتحاد الحكم إذاً لابد أن يكون الحكم في المطلق والمقيد واحداً وإنما السبب المطلق مغاير للسبب المقيد قال وإن اختلف السبب كالعتق في كفارة اليمين قُيد بالإيمان هذا صحيح؟ عبارة صحيحة هذه؟ يقول كالعتق في كفارة اليمين قُيد بالإيمان {َتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} أين ورد هذه؟ {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} هل قُيد بالإيمان؟ ما قُيد بالإيمان إذاً لعل سهواً أو خطئاً في النسخ، وإن اُختلف اختلف السبب كالعتق في كفارة القتل وليس اليمين وإنما في كفارة القتل هو الموضع الذي جاء مُقيداً وأُطلق في الظهار وفي اليمين لعله خطأ في النسخ، قال في كفارة الظهار {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} وفي كفارة القتل {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} الحكم متحد وهو وجوب عتق رقبة والسبب مختلف ظهار وقتل {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} سببه القتل {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} سببه الظهار إذاً هما سببان مختلفان والحكم واحد وهو جوب الكفارة تجب الكفارة في القتل وتجب الكفارة في الظهار إذاً الحكم متحد وهو جوب عتق الرقبة والسبب مختلف ظهار وقتل فهل يُحمَل المطلق على المقيد في هذه الحالة أم لا؟ هذا محل نزاع بين أهل العلم، القول الأول لا يُحمَل المطلق على المقيد وهو المنصوص عن الإمام أحمد على ما ذكره المصنف هنا فالمنصوص لا يُحمَل فالمنصوص عن الإمام أحمد لا يُحمَل المطلق على المقيد، فالمنصوص لا يُحمَل يعني لا يُحمَل المطلق على المُقيد بل يبقى المطلق على إطلاقه والمُقيد على قيده، واختاره ابن شاقلا وهو قول أكثر الحنفية وهو مذهب كثير من الحنابلة وبعض الشافعية قالوا الحكم الحمل هنا تحكم محض لماذا؟ لأن اللغة تأبى ذلك ما أُطلق في موضع وقُيد في موضع إلا وأنه قيد أراد في موضع الإطلاق الإطلاق وفي موضع التقييد التقييد حينئذ حمل هذا على ذاك مع اختلاف السبب ولو اتحد الحكم من باب التحكم.

القول الثاني يُحمَل المطلق على المقيد عن طريق اللغة وقيل القياس لقوله {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} وقال في المداينة {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُم} جاء اشتراط العدالة في موضع مقيداً الشهود جاء مقيداً بالعدالة وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} وقال في المداينة {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ} ولم يقيده ويكاد يكون إجماع أن كل موضع أُطلق فيه الشهادة فهي مُقيدة بالعدل ومعنى هذا أنه قد حُمل المطلق على المقيد فحينئذ طرداً للباب وهو أنه إذا حُمل بالإجماع الشهادة في موضع الإطلاق على الشهادة في موضع التقييد فغيره محمول عليه وظاهره حمل المطلق على المُقيد ولأن العرب تُطلق في موضع وتُقيد في موضع آخر فيُحمَل أحدهما على الآخر، هنا قال فالمنصوص لا يحمل واختاره ابن شاقلا وهو قول أكثر الحنفية خلافاً للقاضي والمالكية وبعض الشافعية، مما ذُكر في التعليل للمنصوص عن الإمام قد يُفهَم من المنصوص عن الإمام أحمد أنه لم يكن ثم رواية أخرى أنه لا يرى الحمل بل هما روايتان رواية بأنه لا يُحمَل ورواية بأنه يُحمَل ولذلك جاء في رواية أبي طالب أحب إلى أن يُعتِق في الظهار مسلمة يعني رقبة مسلمة وهذا يدل على أنه حمل المطلق على المقيد لأنه الظهار لم يرد فيه التقييد {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} فهو مطلق فيدل على أنه حمل المطلق على المقيد، وذكر بعضهم أن حجة المنع أن ظاهر المطلق يقتضي أن يُعمَل به على إطلاقه فلا يختص بالمقيد إلا أن يكون بينهما ارتباط لفظي أو معنوي وهنا ليسا بينهما ارتباط لا لفظي ولا معنوي فحينئذ يبقى المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده، خلافاً للقاضي والمالكية وبعض الشافعية القائلين بالحمل لما قال خلافاً هذا منصوب على أنه مفعول مطلق خلافاً هذا هو القول الثاني في المسألة لأنه قال المنصوص لا يُحمَل خلافاً للقاضي القائل بأنه يُحمَل إذاً ثم قولان فذكر لك في هذه الجملة قولين فهذا القول الثاني في المسألة وحجتهم أن كلام الله تعالى مُتحد كله مُتحد فإذا نص على اشتراط الإيمان في كفارة القتل كان ذلك تنصيصاً على اشتراطه في كفارة الظهار ولذلك جاء في الحديث الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - الجارية أين الله؟ فقالت في السماء قال اعتقها فإنها مؤمنة مع أنه سُئل معاوية ابن الحكم سأهل وقال علي كفارة وأطلق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتقها فإنها مؤمنة اعتقها فإنها الفاء هذه للتعليل أي لأنها مؤمنة وهذا يدل على اشترط الإيمان لماذا؟ لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال يُنزَل منزلة العموم في المقام فلما قال له علي كفارة ومعلوم أن الكفارة من جهة التحرير بعضها مقيد بالإيمان وبعضها غير مُقيد بالإيمان فلما قال علي كفارة وهي محتملة ظهار أو قتل كفارة يمين فقال اعتقها فإنها مؤمنة علل بالإيمان الواقع جواب لقوله كفارة المطلق فحينئذ يدل على ماذا؟ لما لم يستفصل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نوع الكفارة وقد علل العتق فإنها مؤمنة دل على العموم ونزلن ترك الاستفصال منزلة العموم في المقال ونزلن ترك الاستفصال إذا سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - سؤال أو ذُكر

له قول أو حكاية وهي مُحتملة لعدة أوجه فأجاب تُحمَل على جميع الأوجه لماذا؟ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما سبق بيانه لأن الحكم لو كان منزل على حالة واحدة دون البقية لكان فيه عدم إجابة للسؤال وإن علي كفارة وعندي جارية فاختبرها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال اعتقها فإنها مؤمنة دل على العموم أن كل كفارة يشترط فيها في العتق الإيمان كذلك من ذكرناه من العدالة أنها جاءت في موضع مقيدة وفي مواضع أخر غير مقيدة الشهادة جاءت في موضع مقيدة وفي عدة مواضع غير مقيدة إجماع يكاد يكون إجماع على تقييد المطلق بالمُقيد.

وقال أبو الخطاب تقييد المطلق كتخصيص العموم وهو جائز بالقياس الخاص فها هنا مثله وقال أبو الخطاب هذا القول الثالث في المسألة إذا اتحد الحكم واختلف السبب هل يُحمل المطلق على المقيد فيه ثلاثة أقوال لا يُحمَل وذكر أنه منصوص عن أحمد، يُحمَل وهو قول القاضي والمالكية وبعض الشافعية، أبو الخطاب يقول لا يُحمَل المطلق على المقيد بنفس اللفظ بل لابد من دليل من قياس أو غيره كما أن القياس فيما سبق يعتبر من المخصصات للعموم كذلك هنا لا يُحمَل المطلق على المقيد فيما إذا اختلف السبب واتحد الحكم إلا بدليل خارجي إن وُجد دليل حُمل وإلا فلا يُحمَل، إذاً التفصيل يُحمَل مطلقاً لا يُحمَل مطلقاً التفصيل أن يكون بدليل خارجي وإلا فلا، تقييد المطلق كتخصيص العموم وهو جائز بالقياس الخاص فها هنا مثله إن وُجد دليل خارج على حمل المطلق على المقيد حُمل وإلا فلا، ثم قال بقي ماذا؟ سيأتي الحالة الثالثة، فإن كان ثم مقيدان حُمل على أقربهما شبهاً به فإن كان فإن وُجد ثم إذا قلنا بالتخصيص بالتقييد حمل المطلق على المقيد قد يكون المطلق وهناك مقيدات يعني أُطلق في موضع بقيد أو قُيد في موضع بقيد وجاء في موضع بقيد آخر جاء هذا المطلق إذاً عندنا مطلق وعندنا مقيد بقيد آخر على أيهما يُحمَل؟ يقول فإن كان ثم مقيدان عندنا مُقيَد ومُقيَد حُمل المطلق على أقربهما شبهاً به أي النوعين أقرب شبهاً فإن كان الأول حًمل عليه وإن كان الثاني حُمل عليه مثل ماذا؟ إطلاق صوم كفارة اليمين عن القيد {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} أطلقها في النص الشرعي نفس المثال وهي قراءة ابن مسعود {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} مطلق عن التتابع وعن التفريق وقيده في كفارة الظهار بالتتابع {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} قيده بالتتابع في كفارة الظهار وقيد صوم التمتع بالتفريق {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} وعندنا هنا كفارة اليمين مطلقة على أي نحمل؟ هل نقول بالتتابع أو نقوم بالتفريق؟ أيهما أقرب شبهاً؟ ما كان من جنسه وهو كفارة أو من خارج جنسه كالتمتع؟ ما كان من جنسه فيُحمَل حينئذ المطلق أو كفارة الصيام بالتتابع حملاً على كفارة الظهار لأن كلاً منهما كفارة وأما التفريق في الحج هذا أمر خارج عنه إذاً يكون الظهار أقرب لليمين من التمتع لأن كل منهما كفارة طيب جاء {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} يُحمَل على أي؟ على التتابع أو على التفريق؟ لا يُحمَل على واحد منهما لأنه ليس بينهما جامع هناك كفارة اليمين مع كفارة الظهار بينهما جامع أن كلاً منهما كفارة وأما {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فهذا مطلق فيبقى على إطلاقه لا يُقيد بتتابع ولا بتفريق بل المكلف مُخير بين التتابع وبين التكليف مطلقاً ولذلك لا نُقيد حتى في صيام الست من شوال لأن هذا مطلق وذاك محمول على وقته، فإن كان ثم مقيدان حمل أقربهما شبها به، ثم بين الحالة الثالثة وإن اختلف الحكم فلا مانع وإن اختلف الحكم فلا مانع ما الذي عندكم فلا حمل وإن اختلف الحكم فلا حمل اتحد السبب أو اختلف كأنه المصنف هنا جرى ما جرى عليه الأصوليون أنه لا حمل مطلقاً على

مقيد إلا مع اتحاد الحكم أما إذا اختلف الحكم فلا حمل وهذا هو الأصح أنه إذا اتحد الحكم واتحد السبب أو اختلف فحينئذ الأصح أنه يُحمَل الأولى اتفاقاً والثاني على الصحيح أنه إذا اختلف السبب واتحد الحكم يحمل المطلق على المقيد وهذا قول الجماهير وأما إذا اختلفا في الحكم فلا يُحمَل المطلق على المقيد اتحد السبب أو اختلف اتحد السبب مثل آية التيمم {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} أطلق وقال {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} هنا ما السبب في الموضعين؟ السبب الحدث سبب الوضوء هو الحدث وسبب التيمم هو الحدث إذاً السبب متحد والحكم مختلف لأن هذا تيمم وهذا وضوء هل يُحمَل المطلق على المُقيد فنقول (فامسحوا بوجوهكم وأيدكم إلى المرافق) حملاً على المقيد في آية الوضوء نقول لا وإن قال به بعض الأصوليين لكن الجواب لا لماذا؟ لأن شرط الحمل اتحاد الحكم وهنا اختلف الحكم كذلك فيما اختلف الحكم والسبب كآية الوضاء أيضاً مع آية السرقة {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} لو قيل بحمل المطلق على المقيد في آية الوضاء {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} من أين يُقطَع؟ من المرفق، نقول لا لا يحمل المطلق على المقيد وإن اختلف الحكم فلا حمل اتحد السبب أو اختلف إذاً أحوال المطلق والمقيد إذا ورد لفظ مطلق في الشرع في النصوص كتاب وسنة ورد لفظ مطلق نقول لا يُحمَل المطلق على المقيد إلا إذا اتحدا حكماً وسبباً وهذا محل وفاق يجب حمل المطلق على المقيد يجب إعمالاً للدليلين وإذا اتحدا حكما واختلفاً سبباً ففيه خلاف والصواب أنه يُحمَل وإذا اختلفاً حكماً سواء اتحد السبب أو اختلف السبب والصواب أنه لا يُحمَل إذا اختلف الحكم والسبب بالإجماع يكاد يكون إجماع أنه لا يُحمَل.

ثم قال والأمر هذا شروع منه في مبحث من مباحث الألفاظ وهو الأمر والأمر والنهي كالعام والخاص وكالمطلق والمقيد بل الأمر والنهي أشد لماذا؟ لأنهما أساس التكليف أسأل التكليف أمر ونهي ولذلك قيل التكليف هو الخطاب بأمر أو نهي أمر سواء كان أمر استحباب أو إيجاب ونهي سواء كان نهي تحريم أو نهي تنزيه حينئذ مبنى الشريعة ومعرفة الأحكام الشرعية وتمييز الحلال من الحرام مبناه على الأمر والنهي ولذلك ذكر السرخسي قال أحق ما يُبدَأ فيه بالبيان الأمر والنهي لأن معظم الابتلاء يقع بهما وبمعرفتهما تتم معرفة الأحكام ويتميز الحلال من الحرام ولذلك بعض الأصوليين يبدأ المباحث بالأمر والنهي يقدمه على العام والخاص والمطلق والمقيد إلى آخره لماذا؟ لعموم الابتلاء به ولا يحصل تمييز الحلال والحرام إلا بمعرفة الأمر والنهي، والأمر استدعاء الفعل بالقول على وجه الاستعلاء أَمَرَ هذه حقيقة القول الطالب والقول الطالب المراد به سواء كان على جهة الجزم أو لا فحينئذ أَمَرَ لذلك قلنا فيما سبق أن المندوب الصحيح أنه مأمور به إذا قيل مأمور به فإذا أطلق لفظ أَمَرَ فيحتمل الطلب سواء كان على جزم أو على جهة الاستحباب أما صيغة افعل فهذه حقيقة في الوجوب، فأمر مسماه افعل أَمَرَ مسماه افعل إذاً مسمى اللفظ لفظ لكن ما مدلول أَمَرَ من حيث هو نقول اللفظ الدال على الطلب سواء كان جازماً أو لا أما في الاصطلاح فعرفه بقوله استدعاء الفعل بالقول على وجه الاستعلاء، استدعاء السين والتاء هذه زائدة لماذا؟ لأن السين للطلب الدعاء وإذا قيل أنها للطلب صار طلب الدعاء أو دعاء الدعاء وهذا فاسد إذاً استدعاء السين والتاء هذه زائدة تأكيد استدعاء الفعل استدعاء هذا جنس يشمل استدعاء الفعل واستدعاء الترك ويشمل الاستدعاء من الأدنى إلى الأعلى ومن الأدنى إلى الأعلى ومن المساوي إلى المساوي ثلاثة أحوال لأن الداعي أو الطالب إما أن يطلب ممن هو أعلى منه أو ممن هو أدنى منه أو ممن هو مساوي له، استدعاء الفعل أي الإيجاد المراد بالفعل هنا الإيجاد ليشمل القول خرج به استدعاء الترك لأن استدعاء الترك نهي وليس بأمر واستدعاء الفعل الشامل للقول هذا هو الأمر ويُفسَر الفعل هنا بما فُسر به الفعل في حد الحكم لأنه ما يشمل القول والاعتقاد والنية والأفعال أفعال الجوارح الفعل عرفاً يعني في اصطلاح الشرع وفي اصطلاح الأصوليين يشمل أربعة أشياء القول والاعتقاد والنية وفعل الجوارح واختلفوا في الترك والصواب أنه فعل لكن لعل المصنف هنا لا يرى أن الترك فعل ولذلك قال استدعاء الفعل فاحترز به عن استدعاء الترك الذي هو النهي، بالقول هذا جار ومجرور متعلق بقوله استدعاء بالقول أي بالصيغة والمراد بها صيغة افعل وما جرى مجراها وبالقول احترز به الاستدعاء استدعاء الفعل بالفعل أو بالحركات أو الإشارات المُفهمة وكل ما ليس بقول وأفهم طلباً فليس بأمر في اصطلاح الأصوليين جرياً على معناه اللغوي لأن الأمر نوع من أنواع الكلام والكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع إذاً نقول كل ما كان نوعاً من أنواع الكلام فيُشتَرط فيه أن يكون لفظاً فإن لم يكن بلفظ فحينئذ لا يُسمى أمراً فإذا أفهم فعل النبي - صلى الله

عليه وسلم - وجوب أمر ما لا يسمى أمراً ولو أُطلق عليه أمر فهو مجاز ولذلك اختلفوا في مسمى الأمر هل يصدق على الفعل أم لا المُرجَّح عند جمهور الأصوليين أنه يُطلق عليه مجازاً والأمر في الفعل مجاز واعتمى شريك ذين فيه بعض العلما يعني بعضهم رأى أنه مشترك بينهما لكن المشهور عندهم أن إطلاق الأمر على الفعل مجاز {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} يعني وما فعله قالوا هذا مجاز وليس بحقيقة، إذاً بالقول أخرج ما حصل الاستدعاء بالفعل أو بالإشارات المُفهمة أو بالحركات المُفهمة فكل ذلك لا يسمى أمراً عند الأصوليين، على وجه الاستعلاء يعني كون الآمر يأمر ويستدعي على وجه الترفع والقهر وهذه أو صفة الاستعلاء هذه صفة في الأمر في اللفظ إذا وقع اللفظ فيه ترفع وفيه قهر وفيه كبرياء هذا يسمى استعلاء وإذا كان الطالب أعلى رتبة من المطلوب يسمى علواً ولذلك اختلفوا هل يُشتَرط في حد الأمر الاستعلاء أو العلو الجمهور على أنه يشتَرك الاستعلاء لابد أن يكون على جهة الاستعلاء فإذا لم يكن على جهة الاستعلاء فلا يسمى أمراً، فإذا قال افعل اسقني ماءاً من باب التودد واللفظ قالوا هذا ليس بأمر لا يسمى أمراً لماذا؟ قالوا لأنه ليس على جهة استعلاء لأن الرجل العظيم الكبير الذي يأمر غيره إذا قال افعل على وجه اللين والتواضع قالوا لا يسمى هذا أمراً بدليل ماذا؟ قالوا بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الأمر عن صيغة افعل الصادرة منه في حق بريرة لما قال ارجعي إلي زوجكِ قالت أتأمرني يا رسول الله؟ قال لا مع أنه قال ماذا؟ قال ارجعي هذا أمر قالت أتأمرني يا رسول الله قال لا وإنما أنا شافع إذاً ما الذي انتفى عن قوله ارجعي؟ الاستعلاء لأنه هو عالي رتبته عالية لا شك قالت أتأمرني قال لا إذاً نفى الأمر عن صيغة افعل ولذلك قالوا لو أمر الأدنى الأعلى بصيغة افعل سُمي أمراً ووُصف بكونه جاهلاً أحمق لأنه قد فعل ما ليس له والصواب أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو نفيه الأمر ليس على جهة أنه غير مستعلي – لا – وغنما أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - تختلف يعني قد يأمر من جهة كونه والياً قد يأمر من جهة كونه نبياً مشرعاً رسولاً وقد يأمر من جهة كونه قاضياً حاكماً أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - مع رعيته تختلف وكلامه وأوامره تختلف بهذه الاختلافات وهنا ليس مشرعاً إنما نفى التشريع أي أتأمرني أمراً شرعياً قال لا وإنما أنا شافع إذاً من باب التودد ومن باب التعاون على الخير إذاً نفي الأمر ليس لكونه نُفي عنه الاستعلاء وإنما باختلاف حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الحال مع بريرة وعليه نقول الصواب ما حقق الكثير من المتأخرين أنه لا يشترط في الأمر لا علو ولا استعلاء أنه لا يشترط في الأمر أن يكون على هيئة الترفع والتقهر أو القهر والكبرياء ولا يشترط فيه كون الآمر أو الطلب أعلى مرتبة ودرجة من المأمور لماذا؟ لأنه إذا كانت المسألة لغوية وقد ذكرت أنه لابد من القول لكون الأمر في اللغة لا يكون إلا قولاً نقول من أين قيدتم الأمر في اللغة بأن يكون على وجه الاستعلاء ليس ثم دليل يدل لا لغة ولا شرعاً على أن صيغة افعل لا تسمى أمراً إلا من

جهة تعلقها بالمتكلم سواء كان مستعلياً أو عالياً وليس عند جل الأذكياء شرط علو فيه واستعلاء وخالف الباجي بشرط التالي وشرط ذاك رأي ذي اعتزال واعتُبرا معا على توهين لدى القشيريِّ وذي التلقين المذاهب أربعة قيل يشترط العلو فقط وقيل الاستعلاء فقط وقيل هما معاً وقيل لا يشترط علواً ولا استعلاء وهذا هو الصواب أنه لا يشترط علو ولا استعلاء ولذلك صح قول عمرو بن العاص لمعاوية وهو والي أمرتك أمراً جازماً فعصيتني وكان من التوفيق قتل ابن هاشم قال أمرتك وهو من الرعية فحينئذ العلو والاستعلاء منفيان في حق عمرو بن العاص كذلك قول فرعون وهو طاغية {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} وهو مستعلي لا شك وهو أعلى فثم مع شاروا به عليه بالأمر إذاً نقول لا يشترط فيه علو ولا استعلاء.

والأمر استدعاء الفعل بالقول على وجه الاستعلاء وهنا التصدير تصدير الأمر بالاستدعاء هذا فيه نوع إشكال وإنما ذكر الزركشي في تصنيف المسامع أن من عرَّف الأمر بالاستدعاء أو الاقتضاء أراد به الأمر النفسي ولذلك نقول الأمر هو اللفظ الدال على طلب الفعل .... لابد أن نصدره باللفظ وإذا قلنا قوله بقول ليس بشرط وإنما يسمى الفعل أمراً وتسمى الإشارة أمراً فحينئذ لا نصدره باللفظ وإنما نقول ما دلَّ على طلب فعل إلى آخره لأنه مذهب مثر من الأصوليين مذهبهم مذهب الأشاعرة في باب الكلام فعندهم الكلام هو النفسي والأمر والعام والخاص والمطلق والمقيد هذه كلها أنواع على اختلاف بينهم هل تتحد أم تختلف كلها أنواع للكلام النفسي وحينئذ كل تعريف وقد نص على ذلك المحلي في شرح الجمع أن كل من عرف الأمر في هذا المقام فإنما أراد به الأمر النفسي ولم يُرد به الأمر اللفظي ونقول ليس عندنا نفسي ولا لفظي كما سيذكره المصنف هنا، وله صيغة تدل بمجردها عليه إذاً عرفنا حقيقة الأمر سيذكر أهم المسائل التي تترتب على أو توجد في هذا الباب، وله صيغة تدل بمجردها عليه وله صيغة يعني هل له لفظ إذا أُطلق فُهم منه الاستدعاء السابق أم لا؟ نقول نعم وهذا بإجماع السلف لماذا؟ لأن القرآن وهو المراد هنا وأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هي الألفاظ فإذا كانت ألفاظ حينئذ ليس عندنا أمر غير اللفظ وإنما ينبني هذا القول هل للأمر صيغة أم لا هذا القول بالكلام النفسي ولذلك نقول دائماً إن السؤال المطروح في كتب الأصوليين قديماً وحديثاً هل للأمر صيغة تخصه؟ نقول هذا السؤال بدعة لماذا؟ لأن مبناه على بدعة هل للأمر صيغة تخصه لماذا؟ لأن الأمر عنده هو الأمر النفسي ثم يختلفون هل صيغة تدل عليه أو لا؟ بعضهم يرى أن ليس له صيغة فإذا قال افعل يحتمل النهي ويحتمل الأمر وإذا قال لا تفعل يحتمل الأمر ويحتمل النهي لماذا؟ لأن المراد بالأمر والنهي هما النفسيان فقط ثم هل له لفظ إذا أُطلق صرف إليه أم لا بينهما خلاف فنقول الصواب أن هذا السؤال ليس بوارد لماذا؟ لأن القرآن هو كلام الله بحروفه ومعانيه فالأمر لفظ ومعنى وليس هو معنى فقط ثم نختلف هل له لفظ يدل على ذلك المعنى أم لا؟ نقول مجموع الأمرين كما قال شيخ الإسلام مثل لذلك كالجسد للروح نقول الإنسان اسم للجسد مع روحه إذاً جسد وروح ظاهر وباطن كذلك اللفظ والمعنى هما مسمى للأمر فالأمر مركب من شيئين لا ينفك أحدهما عن الآخر ليس اللفظ دون المعنى ولا المعنى دون اللفظ ولا نقول اللفظ هو الأصل والمعنى يعبر عنه لا هما سيان كما نقول فلان هذا زيد أُطلق على الاسم وعلى الروح معاً فلا يُطلق اللفظ على العبد أو إنسان مثلاً إلا على مجموع الأمرين.

إذاً وله صيغة تدل بمجردها عليه على الاستدعاء بمعنى أنها إذا أُطلقت هذه الصيغة انصرفت إلى ماذا؟ استدعاء الطلب ونقول هذا بإجماع السلف الصحابة وبإجماع أهل اللغة لأنهم قسموا الكلام إلى أمر ونهي وخبر واستخبار جعلوا للأمر افعل وللنهي لا تفعل وللخبر قد فعلت وللاستخبار هل فعلت وهذا مُجمَع عليه ولا خلاف، ولذلك دائماً يُؤخذ في حد الاسم وفي الفعل وفي حد الحرف يُؤخذ مفهوم الكلمة والكلمة نوع من أنواع الكلام لأنها جزءه والكلام يُؤخذ بحده اللفظ بإطباق أهل اللغة أن الكلام هو اللفظ إذا انتفى اللفظ نقول ليس بكلام فحينئذ إذا قيل أن المعنى هو الأمر نقول ليس بكلام وهذا أمر فاسد، وله صيغة تدل بمجردها عليه على استدعاء، وهي افعل للحاضر وليفعل للغائب عند الجمهور أما افعل هذا متفق عليه عند أهل السنة أما عند الأشاعرة لا لأن الكثير منهم ينكرون الصيغة أصلاً لا صيغة للأمر وأما عند أهل السنة فصيغة افعل هي للأمر الحاضر يعني المخاطب يعني افعل قم صلي صم إلى آخره، ليفعل للغائب عند الجمهور {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ} هذه صيغة أمر كذلك اسم فعل الأمر {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُم} هذا أيضاً يعتبر من صيغ الأمر يُفهَم منها الأمر كذلك المصدر النائب عن فعله {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} نقول هذا يدل على أمر كذلك إذا عُبر عنه بالكَتب {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} فرض - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر فرض وجب كل هذه تدل على الأمر. إذاً الصيغة التي تدل بمجردها عليه هي صيغة افعل وإنما يخصها كثير من الأصوليين بالبحث لأنها أكثر دوراناً من غيرها لذلك قال بصيغة افعل فالوجوب حُقق لماذا خص افعل وافعل لدى الأكثر للوجوب لأنها أكثر دوراناً من غيرها أكثر من ليفعل أو من اسم الفعل فعل الأمر أو المصدر النائب عن فعله. ومن تخيل الكلام معنى قائماً بالنفس أنكر الصيغة هذا الذي ..... ومن تخيل إذاً سماه خيالاً لأنه ليس بعلم لأنه مخالف للإجماع وإذا كان مخالفاً للإجماع كما عبَّر ابن قدامة لا يعتد به فمثل هذه المسائل تؤخذ من أهلها مسائل العقيدة وكلام الرب جل وعلا، ومن تخيل الكلام معنى قائماً بالنفس ويُسمى الكلام النفسي عندهم إذا أطلق لفظ الكلام انصرف إليه أنكر الصيغة وهذا قول أكثر الأشاعرة ولذلك يُعبرون في حد الأمر بأنه اقتضاء فعل بذلك المعنى القائم بالنفس المجرد عن الصيغة وهم ينصون على هذا في كتبهم، هو اقتضاء فعلِ غيرِ كَفِّ ... دُل عليه لا بنحو كُفي هذا الذي حُد به النفسي ... وما عليه دل قل لفظي

إذاً الأمر أمران عندهم أمر النفس الذي يعرفونه بالاقتضاء والاستدعاء ونص على ذلك الزركشي بتصنيف المسائل من قال من أراد الأمر النفسي صدر الحد بالاقتضاء أو الاستدعاء ولذلك نُنكر مثل هذه التعاريف وإنما نصدره للفظ مباشرة لأنه ليس عندنا أمر أعم من اللفظ إلا إذا كان حقيقة الشرعية فيُطلق الأمر مراداً به القول ومارداً به الإشارة والفعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأما ألأمر اللغوي فهو مرادف للفظ الدال على الطلب هذا الذي حُد به النفسي وما عليه دل قل لفظي الذي هو افعل، فافعل عندهم ليس أمراً وإنما هو دليل على الأمر وهذا باطل القول بأن الكلام هو الكلام النفسي الشيء القائم في النفس هذا باطل ولذلك الرب جل وعلا قال - سبحانه وتعالى - {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} إذاً المسموع الذي يسمعه المستجير المشرك ما هو كلام الله لفظ ومعنى، {َقالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً {10} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أوحى غليهم إذاً فيه معنى قائم في النفس مع أنه قال {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} دلَّ على ماذا؟ على أن المعنى القائم في النفس الذي أشار إليه ليس بكلام وإنما حديث نفس {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} يدل على ماذا؟ على أن المعنى القائم في النفس المقترن بالإشارة ليس بكلام {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - عُفي لأمتي الخطأ والنسيان وما حدثت بها نفسها أو أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل، إذاً ما لم تتكلم وصرح بحديث النفسي حينئذ نقول ماذا حديث النفس المعنى القائم بالنفس لا يسمى كلاماً ولذلك جرى العرف وأطلق أهل العرف على أن ما يقابل المتكلم إما ساكت أو أخرس الذي لم يتكلم إما ساكت أو أخرس أنتم الآن تستمعوا وأنا أتكلم وأنتم تستمعون إذاً لو كان كل من جرى في نفسه حديث نفس فالكل متكلم ولذلك لو حدث الإنسان نفسه بالصلاة على كلامه نقول قد تكلم فبطلت صلاته مع أن إجماع الفقهاء على أن حديث النفس لا يُبطل الصلاة كذلك لو حلف عليه يمين ألا يدخل بيت زيد وحدث نفسه بالدخول أو أنه لا يتكلم بكذا هذا أجود فحدث نفسه بأن يتكلم نقول لا يحنث بإجماع الفقهاء، على كل دل دليل الكتاب والسنة على أن حديث النفس لا يمسى كلاماً ومن تخيل الكلام معنى قائماً بالنفس أنكر الصيغة وليس بشيء يعني قوله هذا ليس بشيء لأنه مخالف للإجماع مخالف للكتاب والسنة والعرف.

والإرادة ليست شرطاً ليس ليست هنا وجب التأنيث والإرادة ليست شرطاً عند الأكثرين خلافاً للمعتزلة الإرادة يعني إرادة امتثال المأمور به ووقوعه هل هي شرط أم لا عند المعتزلة نعم شرط ولذلك عرَّفوا الأمر بأنه إرادة الفعل وليس باستدعاء الفعل قالوا وإرادة الفعل فيشتر فيه الإرادة أن يكون الأمر مقترناً بإرادة إيقاع الفعل من المأمور به نقول هذا باطل لماذا؟ لأن الإرادة إن أردتم بها الإرادة الشرعية التي تًرادف المحبة والرضا فكل ما أمر به من الشرع فهو مراد وإن أردتم به وهذا هو المراد عندهم وإن أردتم به الإرادة القدرية التي تكون بمعنى المشيئة فهذا ليس بواقع ليس بصحيح لماذا؟ لأن أمر الرب جل وعلا البعض وقد تخلف امتثاله وهل إذا أراده قدراً يتخلف؟ لا يتخلف وهذا من الفوارق بين الإرادتين قد يريد الرب جل وعلا أمراً شرعياً مرادفاً للمحبة والرضا كالأمر بالإيمان وقد لا يقع في زيد نقول تخلفت الإرادة لماذا؟ لأنها ليست هي الإرادة القدرية الشاملة لكل الموجودات {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} كل ما أراده لابد أن يقع ولذلك نقول الإيمان مراد شرعاً وإذا وقع من زيد فهو مراد شرعاً وقدراً وإذا وقع الكفر من زيد وقد طُلب منه نقول لم يقع الكافر إذا مات على كفره حينئذ نقول هل المراد منه الإيمان أم لا؟ المراد منه الإيمان مراده من أي جهة؟ شرعاً لا قدراً، لماذا؟ لأنه لو أراده قدراً لوقع لأن الإرادة لا تتخلف ومن هنا جاءت مشكلة الصوفية والحلولية أن الكفر هل هو مراد أو لا والمعاصي ووجود إبليس والفتن والمخالفات للشرع وقوة الكفارة وسيطرتهم إلى آخره هل هي مرادة أم لا؟ مرادة قدراً لا شرعاً لأن الابتلاء والصراع بين الحق والباطل لا يوجد إلا بوجود إبليس لو انتفى إبليس لكان الكل مؤمنين وهذا ليس مراد إنما المراد الابتلاء وهذا يحصل لوجود الشر والفساد وأهل الكتاب وحينئذ نقول الإرادة ليست شرطاً في الأمر بمعنى الإرادة الكونية المرادفة للمشيئة، والإرادة ليست شرطاً عند الأكثرين لإجماع أهل اللغة على عدم الاشتراك لأنهم ركَّبوا الذم والمدح على عدم مخالفة مجرد الصيغة أو موافقتها ولم يسألوا هل أراد الأمر امتثالاً المأمور أم لا إذا قال افعل قم هل أردت أنت مع أمرك هذا إرادة المفعول أن يفعل أم لا هذا ليس بشرط ولذلك اتفق أهل اللغة على أنه يسمى أمراً ولم يشترطوا الكشف عن الإرادة ولذلك سووا هنا بين صيغتين افعل كذا أردت منك فعل كذا قالوا بمعنى واحد وهذا فاسد فاسد لغة وشرعاً إذا ثبت لغة ثبت أنه فاسد شرعاً لماذا؟ لأن افعل كذا هذا إنشاء لا يُقال له صدقت ولا كذبت وأردت منك فعل كذا هذا خبر يُقال له صدقت وكذبت إذاً فرق بين الإنشائي والخبري فكيف يُسوى بينهما، الحاصل أنه لا يشترط إرادة امتثال المأمور بالأمر وليست شرطاً فيه بل يكون الأمر بالإطلاق سواء أراد أو لم يُرد.

وهو للوجوب بتجرده عند الفقهاء وبعض المتكلمين إذا أُطلق لفظ افعل على أي يدل؟ قال للوجوب ومراده افعل مطلقة عن القرائن لأن الأحوال إذا نظرنا لصيغة افعل الأحوال المحتملة ثلاثة إما أن يُقيَّد بقيد يدل على الوجوب وإما أن يُقيد بقيد على عدم الوجوب وإما ألا يقترن بقيد يدل على الوجوب أو على عدم الوجوب الأولى المقيد بما يدل على الوجوب بالإجماع أنها للوجوب والثانية المقيدة بقيد يدل على عدم الوجوب بالإجماع ليست للوجوب ماذا بقي؟ الثالثة وهي المجردة عن القرائن هذا مراده افعل إذا تجردت عن القرينة أي قرينة؟ قرينة دل على صرف اللفظ عن الوجوب إلى الندب أو على تأكيد الوجوب لا نقول صلي وإلا قتلتك هذا ماذا نفهم منها استحباب ماذا نفهم؟ الوجوب، لم؟ إلا قتلتك هذه قرينة تدل على أنه أراد وجوب الفعل لماذا؟ لأنه رتب العقاب على عدم الفعل وهذا معنى الوجوب صلي وإلا قتلتك صلي إن شئت صلوا قبل المغرب لمن شاء هذه صلوا للاستحباب بالإجماع لماذا؟ لأنه دلت قرينة على عدم إرادة الوجوب وهذه كل الحالتين مُجمع عليها بقي إذا لم يقيد بقيد لا يدل على الوجوب أو عدم الوجوب هي التي فيها النزاع والتي ذكرها الأصوليون، وهو أي صيغة فاعل للوجوب بتجرده عن القرينة الدالة عن الوجوب أو عدم الوجوب والأدلة كثيرة بل حُكي إجماع الصحابة على أن صيغة افعل إذا أُطلقت انصرفت للوجوب ولذلك ما كانوا يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا أردت بهذا لو قيل أنها ليست للوجوب أو أنها محتملة للوجوب وغيره لحسن السؤال أن يسأل الصحابة إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ما قال أحد من الصحابة ماذا أردت بهذا يا رسول الله أمر إيجاب أو أمر ندب؟ وإنما حملوه على الوجوب مطلقاً سنوا بهم سنة أهل الكتاب حملوه على الوجوب مطلقاً وأجمعوا على ذلك هذا يُفهَم منه ماذا؟ يُفهَم أنه ما يسمعون أو منذ أن يسمعوا الأوامر من الشرع حُملت على الوجوب مباشرة ولا يسالون عنها هل هي للوجوب أو لغير الوجوب وهذا إجماع ويكفي حكا ابن قدامة الإجماع على ذلك إجماع الصحابة أن صيغة افعل المجردة عن القرائن تُحمَل على الوجوب ويدل عليها أيضاً نصوص ظاهرة من الكتاب والسنة ولذلك توبيخ الرب جل وعلا لإبليس قال {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} لأنه قال {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ} {اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} يعني لم يسجد قال {اسْجُدُواْ} قال {مَا مَنَعَكَ} هذا استفهام إنكاري قُصد به التوبيخ والذم وهل يُذَم ويُوبَخ على ترك غير الواجب؟ الجواب لا فدل على أن قوله {اسْجُدُواْ} هذه محمولة على الوجوب وللفائدة أن الأصوليين هنا دائماً يركزون على قصة إبليس لماذا؟ لأنه لا يمكن إثبات قيد صارف عن الوجوب {اسْجُدُواْ لآدَمَ} لا يمكن أن يأتي بآت بقرينة يُفهَم منها عدم الوجوب وخاصة مع قوله ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك وبخه وعاتبه وأخرجه من الجنة إلى آخره وكتب عليه الشقاء ومد في عمره على شقاء ويموت على شقاء كل ذلك لكونه خالف {اسْجُدُواْ} يدل على ماذا؟ يدل على أن صيغة افعل إذا أُطلقت وجُردت من القرائن تُحمَل على الوجوب كذلك قوله جل وعلا

{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} رتب على مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتنة أو العذاب أليم وهذا يدل على ماذا؟ على أن المخالفة ترك للواجب قال {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} يعني يخالفون أمره هذا أصله يخالفون أمره حينئذ رتب الفتنة أو العذاب الأليم على المخالفة فدل على ماذا على أن صيغة افعل أو أمر النبي يُحمَل على الوجوب {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} هذا يدل على أن صيغة افعل أيضاً للوجوب {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الأحزاب36، إذاً إذا أمر الله وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - انتفت الخيرة ولا انتفاء للخيرة إلا مع الواجب لو كان ندب لوجدت فيه الخيرة لأن افعل التي للندب مُقدر معها إن شئت صلوا لمن شاء قبل المغرب لمن شاء فحينئذ إذا أُقترن بها التقيد بالمشيئة حُملت على الندب وقوله - صلى الله عليه وسلم - لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة لولا أن اشق على أمتي لأمرتهم لولا هذا حرف امتناع للوجوب لولا زيد لأكرمتك امتنع الإكرام لوجود زيد هنا ما الذي امتنع؟ الأمر أمر إيجاب لأي شيء؟ لوجود المشقة لأن الأصل في المشقة أنها ملازمة للوجوب فانتفى الإيجاب فلو أمر لوُجدت المشقة والإجماع منعقد على أن السواك مندوب إذاً دل على أنه لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أمر إيجاب وليس أمر استحباب أو مطلق هنا لأمرتهم أمر إيجاب فجعل المشقة من لوازم الأمر والمشقة ستكون مع الواجب هذا هو القول المُرجح وهذا هو القول الثاني وعليه الصحابة كلهم، يُتنَبَه لمسألة هذه الأدلة دلت على أن مطلق افعل للوجوب فكل صيغة افعل سواء كان في العبادات أو في المعاملات أو في الآداب أو في غيرها مطلقة كل صيغة افعل مجردة عن القرينة فتُحمَل للوجوب لعموم الأدلة {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ما فصَّل هنا قال إذا كان الأمر في العبادات فهو للوجوب قال إن كان في العادات فه الاستحباب – لا – ليس هذا التفصيل، وما يذكره الكثير من الفقهاء أن صيغة افعل إذا كانت في الآداب فهي محمولة للندب فهذا يحتاج إلى دليل لأنه مخالف للنص فإذا وُجد دليل شعري فحينئذ نقبل وإلا فلا اجتهاد مع النص فالأدلة عامة شاملة لجميع الأوامر.

وقال بعضهم للإباحة يعين صيغة افعل للإباحة هذا غريب غريب جداً أن يُقال للإباحة إذاً ما بقي واجب هذا ما دار عنه الإباحيون الآن قالوا كل أمر في الشرع حُمل للإباحة لماذا؟ قالوا درجات الأمر بالفعل ثلاثة الوجوب والندب والإباحة وبينها قدر مشترك وهو جواز الإقدام على الفعل بين المراتب الثلاثة كلها جواز الإقدام على الفعل جواز الإقدام على الفعل هذا موجود في الواجب وجواز الإقدام على الفعل موجود في الندب وكذلك موجود في الإباحة لكن ترتب العقاب على ترك الفعل في الواجب وعدم ترتب العقاب على الترك في الندب واستواء الطرفين في الإباحة هذا مشكوك فيه زائد زائد على مجرد الإقدام قالوا إذاً اليقين أن يُحمَ صيغة افعل على الإباحة لأنها يقين مشتركة بين الثلاثة وما عدا ذلك فهو مشكوك فيه فإن دل دليل على الوجوب حينئذ حُمل عليه وإن دل دليل على الندب حُمل عليه وإلا الأصل الإباحة وهذا قول فاسد ضعيف، وبعض المعتزل للندب قالوا صيغة افعل المجردة عن القرينة الصارفة تدل على الندب ولا تحمَل على الوجوب إلا بقرينة لماذا؟ قولوا لأنه جاء مشترك في الشرع أمرتكم جاء للندب وللوجوب وجاء كذلك صيغة افعل جاء للندب وجاء للوجوب إذاً القدر المشترك ما هو اليقين؟ اليقين هو الندب لماذا؟ لأن الوجوب طلب طلب إيجاد فعل والندب طب إيجاد فعل لكن الوجوب فيه قدر زائد وهو ترتب العقب على الترك قالوا هذا القدر الزائد على الندب مشكوك فيه ولا نحمل صيغة افعل عليه إلا بدليل واليقين أنه لمجرد الطلب وهذا أيضاً فاسد قول ضعيف لأنهم مصادم للنصوص الواضحة البينة وخاصة إجماع الصحابة.

فإن ورد بعد الحظر فللإباحة جاء الأمر بعد الحظر للإباحة يعني جاء تحريم ثم جاءت الإباحة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}، ثم قال {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} {فَانتَشِرُوا} هذا أمر أو لا؟ أمر هل يقتضي الوجوب؟ {فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} نقول هذا أمر هل يُحمَل على الوجوب أم نجعل كون الفعل قد نُهي عنه أولاً ثم بعد ذلك أُمر به نجعل تقدم الحظر قرينة صارفة على أنه المراد به الإباحة؟ هذا محل نزاع عند الأصوليين يعني ليست هذه المسألة كالمسألة السابقة صيغة افعل مجردة لا شك أنها للوجوب مطلقة بلا استثناء ولا تفصيل لإجماع الصحابة وما ذكرنا من الأدلة لكن ثم قرينة مُختَلف فيها هل هي قرينة صارفة أم لا كون الشرع ينهى عن أمر مُباح ثم بعد ذلك يأمر {فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} هي نحمل {فَانتَشِرُوا} للوجوب أو الإباحة؟ المشهود عند الأصوليين أنه للإباحة ولذلك قال فإن ورد يعني صيغة افعل بعد الحظر بعد التحريم يعني بعد المنع فللإباحة لماذا؟ قالوا للاستقراء والتتبع للأوامر الشرعية الواردة بعد النهي فلم يوجد أمر كذلك إلا ويُراد به الإباحة لا يوجد في الشرع أمر بصيغة افعل بعد نهي إلا والمراد به الإباحة كقوله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} {فَأْتُوهُنَّ} هذا أمر يجب؟ نقول لا يجب مباحاً {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها قالوا هذه كلها للإباحة وهذا محل نظر بل الصواب هو ما قاله أكثر الفقهاء بما ذكره في القول الثاني بقوله وقال أكثر الفقهاء والمتكلمين لما يفيده قبل الحظر فإذن كان قبل الحظر واجباً ثم مُنع ثم جاء الأمر به فالأمر للوجوب وإن كان قبل الحظر للندب ثم مُنع حُظر ثم أُمر به فصيغة افعل حينئذ للندب وإن كان مُباحاً أولاً ثم حُظر ثم أُمر به فهي للإباحة ولهذا قال ابن كثير أنها باستقراء الشرع في سورة الجمعة {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} قال باستقراء الشرع أن أسلم الأقوال هو هذا لأنه وُجد بأدلة أنه قد أمر بشيء بعد الحظر ثم كان للوجوب {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} قالوا هذا للوجوب، فإذن ورد بعد الحظر فللإباحة وقال أكثر الفقهاء والمتكلمين لما يفيده قبل الحظر، والصواب الثاني.

ثم قال ولا يقتضي التكرار عند الأكثرين لا يقتضي التكرار هل تكرار صيغة افعل تقتضي التكرار أو لا؟ أيضاً يُقال فيها ما قيل في السابق أن صيغة افعل قد تكون مُقيدة بالمرة وقد تكون مقيدة بالمرات افعل صلي يوم واحداً نقول هذا مقيد صلي صلاة واحدة نقول هذا مقيد لمرة واحدة هذا باتفاق أنه يُحمَل على ما قُيد عليه صلي خمس صلوات اليوم هذا قيده بخمسة دل على التكرار هذا بالإجماع أنه يحمل على التكرار لكن لو قال صلي فقط وسكت هل إذا قمت فصلين ثم نقول لك أيضاً لم ينتهي الأمر قم فصلي قم فصلي قم فصلي حتى يأتيك دليل يقول لك قف عن الصلاة أم أن مدلوله المرة الواحدة أو لمطلق الماهية؟ فيه خلاف بين الأصوليين محل الخلاف فيما لم يُقيد بالمرة أو بالمرات صراحة فإن قُيد بالمرة صراحة حُمل عليها باتفاق وإن قُيد بالمرات صراحة حُمل عليها وإما أذا لم يُقيد فأُطلق هكذا صلي فسكت حينئذ نقول فيه خلاف، قال ولا يقتضي التكرار بفتح الفاء لأن تَفعال هذا بفتح التاء إلا ستة عشر فعلاً ذكرها السيوطي في الأشباه والنظائر منها تلقاء هذا ورد ولا نقول أنه ..... لكن لو قيل تكرار كما ينطقه البعض نقول هذا لم يسمعه هذا يخطى بكن لو قيل تِلقاء نقول هذا سُمع ولو كان خلاف في القياس {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء} نولا يقتضي التكرار أي لا يقتضي فعل المأمور به إلا مرة واحدة فقط صلي قام فصلى نقول انتهى لا يصلي مرة ثانية إلا بدليل مفصل وأما صيغة افعل فقد أدى المراد بها أوجد الفعل وانتهى لا يقتضي التكرار، فلذلك قيل إن مدلوله على المرة الواحد لكن دلالته على المرة الواحدة هل هو بالالتزام أم بالمطابقة هذا سيأتي أن قول آخر المراد به صيغة افعل هو مطلق أو القدر المشترك وعلي تكون المرة الواحدة هذه من الضروريات.

ولا يقتضي التكرار عند الأكثرين وأبي الخطاب من الحنابلة عند الأكثرين لا يقتضي التكرار يعني أكثر الحنابلة بدلالة اللغة لو قال السيد مثلاً لعبده ادخل الدار كان ممتثلاً لدخلة واحدة ادخل الدار كان ممتثلاً وداخلاً بدخلة واحدة حينئذ حصل مدلول أُدخل فلو وبخه وعاتبه ورآه عقلاء أهل اللغة لما استصاغوا ذلك منه وقالوا له أنت أمرته بالدخول فحصل الامتثال بمرة واحدة فتوبيخك وعتبك وذمك في غير مورده لماذا؟ لأن الدخول قد حصل والامتثال قد حصل، أقول لك على حاجة قياس الأمر المطلق على اليمين والنذر والوكالة والخبر لو قال مثلاً في الحلف والله لأصومن لماذا يا بر في يوم واحد كذلك لو قال لله عليَّ أن أصوم أيضاً النذر يوفي نذره بصوم يوم واحد قال طلق زوجتي فلانة قال لوكيله قال طلق زوجتي فلانة أكثر الفقهاء وحُكي الإجماع قالوا ليس له أن يُطلق إلا واحدة كذلك لو أخبر عن نفسه قال قد صمت يصدق هذا الخبر لو صام يوم واحد قالوا كذلك الأمر المطلق يُراد به المرة الواحدة لا يقتضي التكرار بعد يدل على المرة الواحدة ودلالته على المرة الواحدة على هذا القول من دلالة النكرة على الفرد لشائع في جنسه يعني يدل عليه بالمطابقة وهذا قول الأكثرين، خلافاً للقاضي وبعض الشافعية القائلين بأن الأمر يقتضي التكرار فأنه لو قال اشتري اللحم قال الأب لولده اشتري اللحم يذهب ويشتري اللحم ويرجع ثم يذهب ويأتي ويشتري ثم الثالثة حتى يقول له قف يا ولدي لأن صيغة افعل تقتضي التكرار هذا مرادهم فلا يقف ولا يكف عن امتثال المأمور إلا بنص منفك عنه هذا ليس بصحيح، خلافاً للقاضي وبعض الشافعية لماذا؟ قالوا لأن الأمر لا اختصاص له بزمان دون زمان فإذا قال افعل فكل زمن صالح للامتثال فهو داخل فيه اقتضى إيقاع الفعل في جميع الأزمان لماذا؟ لأن الزمن الثاني مساو للأول والزمن الثالث مساو للأول وكل زن صالح لإيقاع الفعل فيه وامتثاله فهو مساو للأول إذاً لماذا يقيد بمرة واحدة؟ قالوا إذا كانت الأزمان متساوية باعتبار إيقاع الفعل إذاً لا فرق أن يُقال أوقع في المرة الأولى والثانية والثالثة فيكون مدلوله هو التكرار كما امتثلت في المرة الأولى في الزمن الأولى امتثل في المرة الثانية والثالثة إلى ما لا نهاية كذلك قالوا هو الأغلب في الشرع وهذه حجة ابن القيم رحمه الله تعالى لأنه يرى أن صيغة افعل للتكرار نقول لأنها هي الأغلب في الشرع فإذا ورد في موضع ما مطلق غير مقيد بمرة ولا تكرار عند ابن القيم رحمه الله تعالى يُحمَل على التكرار لأنه هو أثر موار الشرع، حينئذ يكون النزاع في ماذا إن كان المراد أنه حقيقة لغوية فلا وإن كان دلالته على التكرار حقيقة شرعية فيمكن أن يُسلَّم ولذلك دائماً نفرق بين الحقائق اللغوية والحقائق الشرعية البحث الآن في الحقيقة اللغوية لو قال افعل اشتري اللحم قم صم إلى آخره نقول هذا اللفظ من حيث هو لغة لا يقتضي التكرار هذا هو الأصح ولذلك لو قيل اسقني ماءاً فحصل الامتثال بمرة واحدة انتهى هل يأتي بعد قليل ويأتي بكاس لو كان للتكرار لما انقطع الامتثال إلا بأن يأتي المتكلم بلفظ يوقفه نقول مرادا به اللغة فلا وإن كان مراداً به عند ابن القيم رحمه الله

تعالى وغيره إن كان مراداً به حقيقة شرعية فيمكن أن يُسلَّم كذلك قال قياس الأمر على النهي لأن النهي يقتضي التكرار فكذلك الأمر لو قال لا تشرك بالله متى في كل الأزمان لا يقع منك هذا الفعل لو قال صلي قالوا كذلك مثله صلي في كل ألأوقات قياس الأمر على النهي لكن نقول هذا قياس فاسد قياس مع الفارق لأن المقصود في الأمر هو إيجاد الفعل وإيجاد الفعل يقع ويحصل بمرة واحدة والنهي هناك العدم المراد عدم الماهية ولا يحصل عدم الماهية إلا بالكف عن كل الأفراد والآحاد أليس كذلك ففرق بين إيجاد الفعل وإعدام الفعل إيجاد الفعل يقع بالمرة الواحدة يصح ممتثلاً وأما إعدام الفعل فهذا لا يمكن أن يتصور إلا بإعدام كل الأفراد فحينئذ صار فرقاً بين المعنيين، وقيل يتكرر إن عُلِّقَ على شرط لكن هذا خروج عن المراد مسألتنا ليست في هذه المسألة في صيغة افعل مجردة عن قرينة وأما تعليقه بشرط وصفة فهذا عُلق بقرينة وقيل يتكرر إن عُلق شرط {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ} {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ} عُلق بوصف {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} عُلق بوصف والتحقيق في مسألة الشرط فيقال إن كان الشرط كالعلة فهو يقتضي التكرار وإلا فلا فهو يقتضي التكرار إن كان المعلق عليه علة أو كالعلة وأما الوصف فهذا مداره مدار العلل لأن الحكم يدور مع علته وجود وعدماً فحينئذ تعليق القطع على السرقة نقول من تعليق الحكم على علة في الفعل وهو السرقة فكلما وُجدت السرقة بشرطها وُجد الحكم وهو القطع فحينئذ لا مانع من أن يقال بالتكرار في مثل هذه والكلام ليس فيما علق على صفة أو شرط وإنما فيما هو مجرد عن القرينة كلما وُجد الحدث كان المكلف مأموراً بغسل الوجه واليدين إلى آخره لماذا؟ لأنه عُلق على علة أو على سبب كالعلة وإما إذا لم يكن كذلك فلا إن خرجتِ فأنتِ طالق الخروج هذا ليس بعلة وإذا ما يقع المُرتَب الجواب بالوقع مرة واحدة للفعل إن خرجتِ فأنتِ طالق تطلق كم هنا؟ مرة واحدة واحدة على مرة واحدة يعني إن خرجت فوقع منها الخروج مرة واحدة أو لابد أن تخرج فتخرج فتخرج ثم يقع الطلاق؟ بمرة واحدة وتقع طلقة واحدة، طيب خرجت فطلقت مرة ثانية جاءت ثاني يوم خرجت هل تطلق مرة ثانية؟ لا لا تطلق لماذا؟ لأن الخروج هنا ليس علة فكلما وُجد الخروج وُجد الطلاق نقول لا ليس هو كقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ} وإنما هو أمر منفك على التعليل عن الصفة وإنما صار شرطاً مجرداً فإن كان الشرط فيه معنى العلية نقول اقتضى التكرار وإلا فلا وأما الوصف كالسرقة والزنا هذا لا إشكال بإجماع أن الأحكام مرتبة على عللها متى ما وُجت هذه العلل وُجدت الأحكام. وقيل يتكرر بتكرر لفظ الأمر أيضاً هذا ليس مما نحن فيه فإذا قال صلي ركعتين صلي ركعتين الثاني الأصح أنه توكيد ليس بتأسيس.

وحُكِيَ ذلك عن أبي حنيفة وأصحابه ما هو ذلك الذي هو التكرار بتكرر لفظ الأمر لو قال صلي صلي لو قال صلي وصلي عطف العطف يقتضي التغاير لا إشكال أن الثانية غير الأول لو قال صلي وصم كل منهما مستقل لو قال صلي ركعتين صلي أربع ركعات الثاني مستقل عن الأول التأسيس وإنما الخلاف في صلي صلي أو صلي ركعتين صلي ركعتين نقول الثاني يُراد به التوكيد لا التأسيس بخلاف ما ذكرناه. وهو على الفور هذه المسالة الثانية مما تنازع فيها الأصوليين وهي صيغة افعل أيضاً المراد لها المجردة عن القرينة لو قال افعل الآن حًمل على الفورية لو قال صم يوم الخميس القادم نقول حُمل على التراخي والمراد صم متى هذا يكون؟ هل هو على الفور أو على التراخي الذي هو ليس على الفور هذا هو محل النزاع عند الأصوليين المذهب على أنه على الفور ولا يجوز تأخيره إلا بقرينة والمراد بالفور هنا المبادرة بسرعة الامتثال صم فيبادر في أول يقع بعد الأمر يصح فيه الصيام وجب الامتثال صلي مباشرة بعد الانتهاء من صيغة افعل وليس له أن يؤخر بعد وقت إلا بدليل يدل عليه هذا المراد بالفورية ولذلك لما قيل عن الحج واجب على الفور لو أخره إلى السنة التي تليها أثم فلو مات عند ابن القيم رح لا يقضى عنه لا يُحج عنه لأنه تمكن ففرط وإنما النصوص الواردة فيما لم يتمكن فحينئذ القول بالفورية المراد به المبادرة وسرعة الامتثال بعد صدور صيغة افعل مباشرة فلو أخر في الواجب لكن آثماً، وهو أي صيغة افعل على الفور ولا يجوز تأخيره إلا بقرينة لكن يُبيَّن هنا أن من قال في السابق إن مطلق الأمر يقتضي التكرار اتفقوا على أنه للفور إذا قيل بالتكرار معناه متى يبدأ التكرار منذ صدور صيغة افعل إذاً دل على الفور أو لا؟ لزم منه أن صيغة افعل تدل على الفور لأنه لو ترك وقت ماً لم يتمثل فيه الفعل لما كان للتكرار لأن معنى التكرار أنه منذ أن تصدر صيغة افعل الوقت المناسب بعدها مباشرة يبدأ الامتثال ثم يكرر يكرر إلى ما شاء الله فحينئذ استلزم هذا القول بأن صيغة افعل تدل على الفورية ولذلك اتفق من قال بأن مطلق صيغة افعل للتكرار اتفقوا على أنه للفور وإنما الخلاف هل صيغة افعل للفور أو ليست على الفور الخلاف فيمن قال لا يقتضي التكرار إذاً هذا خلاف بين فئة معينة ليس مطلقاً عند كل الأصوليين، وهو على الفور ما الدليل على ذلك؟ قالوا عموم النصوص ظواهر نصوص كثيرة قال تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ} قالوا في الفعل فعل الطاعة مغفرة فتجب المسارعة إليها والمسارعة تقتضي إيقاع الفعل بعد صدور الأمر مباشرة ولذلك مدحهم الله - عز وجل - {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} إذاً هذا مدح أو ذم؟ مدح فدل على أن المسارعة هل الأصل في امتثال الأوامر، ثالثا أ، يقال أن القول بالفورية أحوط وأبرأ للذمة ويكون حينئذ ممتثلاً بقين إذا قيل صلي فقام مباشرة فصلى هذا ممتثل بيقين لكن لو أخّر ولم يمتثل ثم امتثل هل هو ممتثل بيقين أو على شك؟ على شك إذاً لا يكون ممتثلاً بيقين إلا على القول أن صيغة افعل للفور.

وقال أكثر الشافعية على التراخي، التراخي هذا تعبير في تسامح ولهذا خطَّأهم أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع قال الصواب لا يقال على التراخي لماذا؟ لأنه لو قيل مدلول صيغة افعل التراخي يعني لا تفعل بعد الفعل مباشرة وإنما بعده بزمن حينئذ لو فعل بعد صدور الأمر لم يكن ممتثلاً فرق بين أن يقال مدلول صيغة افعل ليس على الفور وبين أن يقال مدلول صيغة افعل التراخي فرق بينهما إذا قيل التراخي معناه لو أتى به على الفور لم يُعَد ممتثلاً ولذلك وقع نزاع بينهم هل إذا صلى مباشرة في أول وقت صلاة الزهر على القول بالتراخي هل يعد ممتثلاً أم لا؟ لأنه ما أُمر بهذا إنما أُمر أن يصلي بعد وقت بعد زمن متراخي عن الزمن الأول وهذا ليس بصحيح التعبير هذا فيه تسامح وإنما الصواب أن يقال هل صيغة افعل تدل على الفور أو ليست على الفور؟ ليست على الفور معناه قد يكون على الفور أو قد يكون على التراخي، وقال أكثر الشافعية على التراخي يعني ليس على الفور بل يجوز تأخير فعله لماذا؟ قالوا لأن صيغة افعل تقتضي الامتثال من غير تخصيص بزمن دون زمن صلي هل تعرض لزمن ما في وقت إيقاع الصلاة؟ وإنما المراد صلي امتثل الأمر وأأتي بالصلاة الواجب عليك فعل الصلاة لم يتعرض للوقت نقول لا بل الصواب أن الأدلة الدالة السابقة مع ما استدل به بعض الأصوليين بقول الرب جل وعلا لإبليس {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} هنا ما {مَا مَنَعَكَ} لو كان {اسْجُدُواْ} على التراخي هل صح صدور العتاب والذم؟ لا لأنه يتمكن إبليس لم يجب عليَّ على الفور أنت أمرتني {اسْجُدُواْ} وبعد وقت سأسجد فحينئذ لما توجه الذم غليه دل على أن المراد بـ {اسْجُدُواْ} الفور ولو كان على التراخي أو ليس على الفور لكان على إبليس أن يعتذر يقول أوجبت عليَّ أو أمرتني بالسجود ولم توجب علي الفور لكن دل على أنه للفور وأن الاجتهاد أو القول بأنه لا يختص بزمن دون زمن نقول لا يختص بالزمن الأول لقوله تعالى {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ} {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} إلى آخره كل هذه الأدلة تدل على أن إيقاع الفعل في أول زمن صدور صيغة افعل هو المطلوب وهو الواجب بدليل قصة إبليس. وقال قوم بالتوقف ما نقول على الفور ولا على التراخي لماذا؟ قال لتعارض الأدلة ثم أدلة تدل على الفورية وثم أدلة ليست تدل على الفورية والصواب أنه على الفور وهذا قول جماهير الأصوليين وهو مذهب مثير من المالكية وقوله بالفور أهل المذهب.

ثم قال والمؤقت لا يسقط بفوات وقته فيجب قضاؤه هذه مسائل نمر عليها لا نحتاجها كثيراً، والمؤقت يعني عندنا بعض الواجبات مؤقتة افعل وحدد لك وقت أول وآخر كالصلوات الخمس هذا المراد بالمؤقت يعني أمرك الشرع بأمر وحدد لك وقت، قال والمؤقت لا يسقط بفوات وقته فلو ترك صلاة الظهر مثلاً عمداً لغير عذر تركها عمداً حتى خرج الوقت قال هل يسقط الفعل بفوات الوقت أم لا؟ محل نزاع إذا قال صلي الظهر وحدد أول الوقت وآخره فخرج الوقت ولم يصلي قال المقت لا يسقط فعله لا يسقط بفوت وقته فيجب قضاؤه كل فعل أمر الشارع به وحدد له وقتاً فحينئذ إذا خرج الوقت عمداً أما إذا كان معذوراً فدلت ألأدلة على أنه يأتي به قال فيجب قضاؤه بالأمر الأول فحينئذ من أخرج الصلاة عن وقتها يجب عليه القضاء مع الإثم لماذا؟ قالوا لأن الأمر أثبت وجود العبادة سفي ذمة المكلف وحدد له فعلاً ووقع وصار المأمور به مركب من فعل ومن زمن والأمر بالكل أمر بجميع أجزائه فحينئذ إذا فات فعل جزء من أجزاء المأمور به يبقى ألأصل على ما هو عليه فإذا فات جزء المأمور به وهو الوقت لا يسقط الفعل وهو الصلاة فيجب قضاؤه حينئذ بالأمر السابق ولا نحتاج على أمر جديد كما هو في شأن عن صلاة أو نسيها أخرجها عن وقتها ثم نقول له صلي بعد خروج الوقت صلي بماذا بأي أمر؟ بقوله {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أو لقوله - صلى الله عليه وسلم - فليصلها إذا ذكرها؟ بالحديث الثاني وأما المتعمد فقالوا هذا بالأمر الأول لماذا؟ لأن الأمر المركب من أشياء أمر بكل أجزاءه فإذا فات بعض الأجزاء يبقى الباقي في ذمة المكلف لأنه مكلف بعبادة ذات أفعال ووقت فينسحب الكم حينئذ على ما بقي في ذمته وما خرج من الوقت هذا لا يمكن أن يُرد إليه فيفعل الصلاة لأنه مأمور بها بالأمر الأول هذا ضعيف وقال أبو الخطاب والأكثرون بأمر جديد يعني بدليل منفصل لابد من دليل منفصل فإذا فات الوقت حينئذ صات ما جعله الشارع قيداً للفعل وهنا الأصل في هذه المسألة كما ذكر بعضهم أنه تعارض أصلان إذا أمر الشارع المكلف بفعل عبادة الأمر بالكل أمر بكل أجزاءه على ما ذكرناه سابقاً هذا أصل عندهم وهذا صحيح إذا أمر مثلاً لو قال (أقم الصلاة) نقول الصلاة واجبة نستدل بهذا على أن كل جزء من أجزاء الصلاة فهو واجب أليس كذلك نجعل من أدلة الأمر أو وجوب قراءة الفاتحة بقوله (أقم الصلاة) لماذا؟ لأنه أمر بماهية مركبة وإذا أمر بماهية مركبة انسحب على كل ألجزاء فكل جزء يأخذ حكم الوجوب وهذا الأصل ولا يخرج عنه إلا بدليل هذا أصل ثم عندنا أصل آخر وهو أن الشارع إذا حدد وقتاً ما أولاً وآخراً نقول هل حدده لمصلحة أو لا؟ لمصلحة إذا فاتت هذه المصلحة هل يغر هاذ الزمن يساوي الزمن السابق؟ الجواب لا تعارض عندنا أصلان من نظر إلى المعنى الأول ولم ينظر إلى الثاني أو تجاهل الثاني أو جعل إدراك المعنى الأول أو الأصل الأول هو الأصل وهو الأولى قال يجب قضاؤه ومن رأى الثاني قال لا إذا فوَّت مصلحة الوقت لا يمكن أن يقيس عليه غيره ولا يُلَحق الزمن الثاني بالزمن الأول إلا بدليل فجاء مثلاً في السياق إذا أفطر في نهار رمضان بعذر {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}

جاء الأمر بالقضاء سوَّى بين الثاني والأول هذا من جهة الشرع لكن لو أخرج صلاة الظهر عن الوقت إلى وقت دخول صلاة العصر هل هذا الزمن مساوي للزمن الأول؟ قطعاً لا إن جاء دليل من الشرع بالتسوية قلنا له أن يقضي وإن لم يرد فحينئذ لا فمن أفطر في رمضان عمداً حينئذ هل يدخل في قوله تعالى {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}؟ لا يشمله وإنما يختص بأهل الأعذار فإذا أفطر في نهار رمضان عمداً نقول لا يصوم وإنما يستغفر ويتوب لأنه لم يرد دليل على أنه عليه القضاء كذلك لو أخرج الصلاة عن وقتها نقول لابد من دليل وهذا هو الأصح أن لا قضاء إلا بدليل جديد وأن الأمر ألأول لا يستلزم القضاء والأمر لا يستلزم القضاء بل هو بالأمر الجديد جاء لأنه في زمن معين بني، الأمر لا يستلزم القضاء هذا هو الصحيح والحجة في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها (كنا نُؤمَر بقضاء الصوم ولا نُؤمَر بقضاء الصلاة) كنا نُؤمَر بقضاء الصوم مع وجود الأدلة الدالة على وجوب صوم رمضان إذاً هل انتفت الأدلة الأولى السابقة الدالة على وجوب صوم رمضان أم نظرت إلى الدليل الجديد؟ لا رد للجديد ولما نؤمر بقضاء الصلاة مع وجود الأدلة السابقة فدل على أنه لا قضاء إلا بأمر جديد ولذلك لا يصح القول بأن من أخرج الصلاة الأولى وأفطر في رمضان عمداً أنه يقضي إلا بدليل جديد ولا دليل حينئذ لا يلزم القضاء إلا إن صح ألإجماع والظاهر أنه لا يصح لأن شيخ الإسلام ابن تيمية يرى ذلك وابن حزم رأى ذلك أنه لا يؤمر بقضاء الصلاة بل يستغفر ويتوب.

ثم قال ويقتضي الإجزاء بفعل المأمور به على وجهه يعني إذا فعل المأمور المكلف إذا فعل الفعل وامتثل أجزأ أو لا هل برأت الذمة أم لا؟ نقول تبرأ الذمة صلي المغرب أُمر بصيام رمضان فصام رمضان على وجهه الشرعي نقول برأت الذمة وعاد كأن لم يكن لأن الأصل براءة الذمة من التكاليف فإذا عُلقت ذمة المكلف بفعل عبادة فحينئذ إما أن يفعلها على وجهها الشرعي فيسقط الطلب مثلاً صليت العصر أنت على طهارة آتياً بالأركان بالشروط بالواجبات انتهى هل لابد أن يأتي دليل فيقول لا أنت بعد الصلاة هذه محتملة أنك مطالب بقضائها لا لا نقول بهذا وإنما نقول فعلك وامتثالك للمكلف بالعبادة التي كلفت بها على وجهها الشرعي حينئذ نقول هذا أسقط الطلب وبرأت الذمة عاد كان لو لم يكن تعلق الخطاب بالمكلف لأن الأصل براءة الذمة فإذا توجه الخطاب إلى المكلف انشغلت الذمة ولا تبرأ إلا بفعل المكلف على وجه الشرع فإذا فعله سقط الطلب، ويقتضي أي صيغة افعل أو الوجوب الإجزاء بفعل المأمور به على وجهه لابد على وجهه لأن من خالف قال الحج الفاسد وهو فاسد إذاً لم يُجزئ كذلك من صلى وهو مُحدث قال لم يُجزأ نقول لا هذا لم يصلي على وجه الشرع يعني من صلى ظاناً الطهارة ثم تبين الحدث نقول لم يصلي على وجه الشرع لذلك لم تكن مُجزأة هو لم يمتثل الأمر انتهاءاً وإن امتثله ابتداءاً كذلك من أفسد حجه نقول هذا لم يمتثل المأمور به لأنه لم يأت بحج على وجهه الشرعي وإنما نقص منه ركن إلى آخره، ويقتضي الإجزاء بفعل المأمور به على وجهه وعليه الجمهور لأن الأصل براءة الذمة من جميع التكاليف فإذا أثمر المكلف بفعل فإن ذمته تكون مشغولة ولا تبرأ إلا بالفعل وإلا للزم الامتثال طول عمره انتهى من رمضان نقول لا بقى يحتمل أن يكون واجب عليه ما أتيت به شرعاً فيصوم رمضان يقضي في شوال فإذا قضي في شوال نقول باقي عليك قاعدة ثم يجري العمر كله وهو يصوم رمضان سنة واحدة أحياناً المعتزلة يأتون ببعض ألأشياء ويزعمون أنهم أرباب عقول هذه مصيبة، وقيل لا يقتضيه ولذلك جاء في الحديث إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك حسنه البعض وقيل لا يقتضيه امتثال ألأمر لا يسقط القضاء لأنه لا يمتنع أن يأمر الحكيم بفعل ويقول إذا فعلتموه فقد فعلتم الواجب واستحققتم الثواب وعليكم القضاء هذا حكيم يعني يقول له مثلاً أمرتك بفعل كذا فإذا فعلت فأنا مثيبك لكن يلزمك القضاء هذا ليس بصواب وإنما استدل بعضهم بالحج الفاسد وصلاة من ظن أنه متطهر قال هذا امتثل المأمور ثم لم يجزأه نقول لا الشرط أن يُجزئ إذا أتى المأمور على الوجه الشرعي فإذا تبين أنه لم يأت بركن أو شرط حينئذ نقول يأت به على الوجه الشرعي ولا يمنع وجوب القضاء إلا بدليل منفصل يعني ولا يمنع فعل المأمور به وجوب القضاء إلا بدليل منفصل هذا تابع لقوله لا يقتضيه ولا يمنع فعل المأمور به وجوب القضاء إلا بدليل منفصل لأن الأمر تضمن طلب إيجاد الفعل فقط وليس فيه ايدل على الإجزاء نقول لا الصواب أنه يدل على الإجزاء لأن المراد صلي صلاة شرعية فإذا انتهيت منها على الوجه الشرعي سقط الطلب لم يقم مع الطلب.

والأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ لا تخصيص فيه له يشاركه فيه غيره ذكرناه هذا فيما سبق إذا أُمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر نقول غيره مشارك له لأن الأصل التأسي {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فإذا أُمر - صلى الله عليه وسلم - بأمر فحينئذ نتأسى به فغيره يشاركه إلا بدليل منفصل كما قيل {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} {خَالِصَةً} نقول هذا دليل خاص، وكذلك خطابه لواحد من الصحابة إلا بدليل خاص يعني إذا خاطب بعض الصحابة الأصل أنه يستوي غيره لأن الأصل النبي مُبين الشرع والشرع متعلقه الكل العموم الشرع لم ينزل مراداً به فرد معين سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قضية ما فحينئذ كل من شابه السائل فالحكم يتعلق به لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالته عامة وليست خاصة لبعض الصحابة لذلك نحدد إلا بدليل كما قال لأبي بردة تجزؤك ولن تُجزأ أحد بعدك هذا تخصيص دل على أن المُخاطب هنا الصحابي خاص به هذا الحكم وأما إذا لم يرد صيغة تخصص أن الحكم خاص بالصحابة فالأصل العموم ولا يختص إلا بدليل هذا راجع إلى المسألتين السابقتين، وهذا قول القاضي وبعض المالكية والشافعية وهو أرجح. وقال التميمي هذا من الحنابلة وأبو الخطاب وبعض الشافعية يختص بالمأمور به أي أن الحكم يختص بمن توجه غليه من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره إلا أن يتعلق به دليل يدل على العموم وأولى استدلوا باللغة قالوا إذا سيد عنده عبيد فخاطب أحد العبيد قال افعل كذا هل غير العبيد يدخلون في هذا؟ لو قال اخرج أنت وهو عنده عبيد سيد قال بعض عبيده افعل كذا هل غير المُخاطَب يكون مأموراً كالمُخاطَب؟ الجواب لا قطعاً هذا لا إشكال فيه قالوا كذلك الخالق جل وعلا أمر عبيده أو النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مبلغ عن الشرع أمر البعض فغيره لا يكون مثله نقول هذا فاسد لماذا؟ لأن الشرع عام هذا الأصل عندنا والأصل التأسي حينئذ لا تجد مثل هذه الأفكار لا تجد مثل هذه ألأفكار.

قال ويتعلق بالمعدوم ما هو الذي يتعلق بالمعدوم؟ الأمر يعني ما لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو تنزل الوحي هل هو مأمور أو لا؟ نقول نعم هو مأمور ومُجه إليه الخطاب لكن بشرط استجماع شروط التكليف وهذه المسالة يقع فيها خلاف مع قوله جل وعلا {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} يعني من بلغه القرآن إذاً الإنذار هنا وقع لمن؟ للمخاطبين الموجودين وهم الصحابة ووقع الإنذار ووقع به المعدوم بشرط وجوده مستجمعاً لشروط التكليف ولا إشكال والمعتزلة عندهم اعتراضات أنه من تكليف المحال وأنه لا يمكن أن يخاطب المعود والمعدوم ليس بشيء فكيف يمكن خطابه نقول لا المعدوم إن خُوطب ومراد به الإيجاد فنعم هذا محال معدوم هو معدوم فيقال له صلي يقوم يصلي؟ هذا باطل ما هو المراد هذا وإنما المراد أنه إن وُجد مستجمعاً لشروط التكليف كان مكلفاً ويتعلق بالمعدوم ولذلك أجمعوا على أن أول هذه الأمة وآخرها سواء في الأوامر والنواهي وبهذا أجمع الصحابة لأنهم نزلوا الأحكام والآيات والأوامر على التابعين ولم يقل أحد منهم أكنت معدوماً فلم تُخاطَب ولم يقل أحد من الصحابة للتابعين كنت معدوماً فلم تخاطب وإنما أجروا عليهم الأحكام كلها والنواهي ولذلك جاء الحديث مخاطباً لهم (تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر ... إلى آخر الحديث) تقاتلون اليهود وهم لن يقاتلهم الصحابة. خلافاً للمعتزلة وجماعة من الحنفية قالوا أنه لا يجوز لأنه تكليف بالمحال وكأنهم نظروا إلى أن الخطاب موجه مع إيجاد الفعل بقطع النظر عن الشرط الذي ذكره الجمهور وهو أنه يوجد مع استيفاء الشروط. ثم قال ويجوز أمر المكلف بما عُلِمَ أنه لا يتمكن من فعله وعليه الجمهور هذا قول الجمهور يعني يجوز الأمر من الله جل وعلا للمكلف بما يعلم سبحانه أنه لا يتمكن من فعله يعلم الله - عز وجل - أنه لا يتمكن من فعله فيأمره يمكن أو لا يمكن؟ يجوز نعم بدليل ماذا؟ بدليل أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه أمره بذبح ابنه ومع ذلك ومع ذلك يعلم الرب أنه لن يتمكن من الفعل ما الفائدة في هذا؟ نقول فعل العبادة تكون أو العبادة بالفعل وقد تكون بالعزم والنية وبامتثال أمر الله والتسليم له وبحصول الابتلاء إذاً ثم فوائد وليس الفعل نفيه فقط هو العبادة فحينئذ إذا مُنع من أن يُمكَن من الفعل نقول حصل نوع تعبد وهو امتثاله عليه السلام العزم على ذلك تحقيق الابتلاء ولذلك قال {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ} هو بلاء إذاً فيه فائدة ليست منحصرة في الفعل نفسه ويجوز أمر المكلف بما عُلم أنه لا يتمكن من فعله وهذا قلنا عليه الجمهور، وهي مبنية هذه المسألة على النسخ قبل التمكن من الفعل هل يجوز النسخ قبل أن يُتمَكن من الفعل؟ هذا سيأتينا أنه يجوز على الأصح وهذه المسألة مُفرعة عليها.

والمعتزلة شرطوا تعليقه بشرطٍ لا يعلم الآمر عدمه هذا لعله فيه سقط أو شيء من هذا لكن مراده أن يشترط في تكليف المعدوم بالأمر ألا يعلم الآمر عدم قدرته وهذا في حق الله محال كيف هذا الله - سبحانه وتعالى - يأمر ويعلم لا تخفي عليه خافية فكيف يأمر ولا يعلم أنه في قدرته أو لا هذا فاسد، قال بأنه بتكليف المحال فإنه من يحال بينه وبين الفعل يستحيل منه الفعل وما يستحيل وقوعه لا يحصل الأمر به على كل نقول الصواب أن الرب جل وعلا قد يأمر العبد ويعلم - سبحانه وتعالى - أنه لا يتمكن منه أبداً وأما إذا كان المانع يزول في وقت ما فهذا بلا خلاف أنه يجوز كالحائض مثلاً في وقت حيضها مأمورة بالصيام؟ هل يمكن أن تفعل؟ لا يمكن تمتثل لكن هل المانع يزول أو لا يزول؟ إذاً هذا باتفاق أنه يمكن تكليفها، وهو نهي عن ضده معنى وهو نهي عن ضده معنى يعني من جهة المعنى الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده لكن من جهة المعنى أما من جهة الفظ فاتفاق قم لا تجلس هذا يمكن؟ هل يمكن أن أقول له قم ولا تجلس؟ قم أمره بالقيام ولا تجلس لا نص قال قم ولا تجلس أمره بالقيام ونهاه عن الجلوس هل هو عينه؟ الجواب لا لأن ذاك قم صيغة افعل وهذا لا تفعل وهذا مغاير له لكن لو قال له قم وسكت هل يمكن تحقيق القيام وإيجاد القيام وامتثال المأمور به مع كونه جالساً؟ لا يمكن فحينئذ نقول لابد من ترك ضده إذاً وهو نهي عن ضده يعني الأمر نهي عن ضده من جهة المعنى يعني يستلزم النهي عن ضده فالأمر بالقيام في الصلاة نهي عن ضده وهو الجلوس لأنه لا يمكن أن يحقق امتثال المأمور به وهو القيام إلا بترك الجلوس فصار الجلوس منهياً عنه إذاً دلالة عقلية وليس لها دليل شرعي ولكن أمر معقول واضح أنه لا يمكن أن يمتثل المأمور به إلا إذا ترك ضده فإذا قيل له صلي قائماً فحينئذ لو هو قادر لا يجوز أن يصلي جالساً لماذا؟ لأنه منهي عن الجلوس كيف نُهي عنه لأن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده فإذا أُمر بالقيام في الصلاة يستلزم القيام عن الجلوس فيها.

ثم قال والنهي يقابل الأمر عكساً ولذلك قال ولكل مسألة من الأوامر وِزَانُ النواهي بعكسها لأنه مقابل له ما هو حقيقة النهي قال استدعاء الترك بالقول على وجه الاستعلاء كل ما قيل هناك يقال هنا كل ما قيل هناك يقال هنا والصواب أنه لا يشترط الاستعلاء هناك ولا علو فكذلك النهي هنا لا يشترط فيه علو ولا استعلاء وكذلك عندهم على مذهبهم أن ألأمر قسمان أمر نفسي ولفظي ثم هل للأمر صيغة أو لا كذلك النهي عندهم قسمان نهي نفسي ونهي لفظي ثم يختلفون هل النهي صيغة تخصها أو لا، ولكل مسألة من الأوامر وِزَانُ النواهي بعكسها وقد اتضح كثير من أحكامه، إذاً النهي له صيغة بالإجماع وهي صيغة لا تفعل وهو للتحريم بإجماع السلف وإن كان فيه خلاف وهو يقتضي الفورية والتكرار على الصحيح والنهي عن الشيء يستلزم الأمر بأحد أضداده، ثم قال بقي أن النهي عن الأسباب المفيدة للأحكام ما رتبه الشرع من الأحكام على الأسباب كالبيع والعبادة إذا فُعلت على وجهها ترتب عليها الصحة أو الفساد أقول لك على حاجة البيع يترتب عليه الصحة والفساد قال النهي عن الأسباب المفيدة للأحكام يقتضي فسادها وهذه هي القاعدة العامة التي يطلقها الكثير النهي يقتضي فساد المنهي عنه ولذلك نقول إن صيغة لا تفعل تقتضي التحريم والفساد التحريم والفساد وكلاهما يكاد أن يكون إجماع بين السلف يقتضي فسادها مطلقاً يعني سواء كانت عبادة أو معاملة سواء كان النهي بعينه أم لغيره، النهي لعينه مثل كصلاة الحائض وصومها هي منهية عن هذه الصلاة كذلك صومها منهي عن هذا الصوم فحينئذ العبادة منهي عنها لعينها لكن الوضوء من الماء المغصوب هذا منهي عنه لغيره كالصلاة أيضاً في الدار المغصوبة منهي عنها لغيرها أقول لك على حاجة الصلاة بلبس الحرير منهي عنه لغيره فنقول قوله يقتضي فسادها يعني فساد الأسباب المفيدة للأحكام مطلقاً والمراد بالفساد عدم ترتب الآثار فأثر النهي في العبادات عدم براءة الذمة فلو صامت المرأة رمضان وهي حائض صامت أنهي الصيام هل برأت الذمة؟ نقول لا لم تبرأ الذمة لماذا؟ لأن صيامها هذا فاسد لأنها منهي أو منهية عن هذا الصيام والنهي يقتضي الفساد إذاً الصيام هذا فاسد ولا يترتب عليه الآثار من الإجزاء وبراءة الذمة بل بقت الذمة مشغولة حتى تأتي به على الوجه الشرعي.

وأثر النهي في المعاملات عدم إفادة الملك والحِل لو نكح نكاح متعة أو شقاق هل حلت له المرأة؟ لم تحل إذاً لم يترتب عليها الآثار، ما الدليل على أن النهي يقتضي الفساد مطلقاً؟ أولاً قالوا إجماع الصحابة حيث أنهم كانوا يستدلون بفساد العقود بورود النهي عنها ولذلك استدل ابن عمر - رضي الله عنه - على عدم صحة نكاح المشركة بقوله تعالى {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} وليس فيها ما يقتضي الفساد إلا كونه نهياً {لاَ تَنكِحُواْ} هذا نهي والنهي يقتضي التحريم فإذا حصل ووقع حكمه أنه فاسد واستدلوا على بطلان بيوع المعاملات الربوية بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا تبيعوا الذهب بالذهب وليس فيه إلا صيغة النهي فدل على أنها تفيد التحريم وتقتضي الفساد، كذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد معنى رد يعني مردود عليه بذاته قبل أن يفعله وبعد أن أوقعه وأوجده نقول هو مرود عليه من حيث الآثار المتعلقة فلا يترتب عليه إبراء الذمة ولا حل ولا مِلك، كذلك أيضاً استدلوا على هذه القاعدة القاعدة كبيرة عظيمة أن النهي يقتضي الفساد مطلقاً بأن الشارع لا ينهى عن الشيء إلا لأن المفسدة متعلقة به ولذلك انعقد الإجماع على أن الأمر أمر الشارع لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة لابد إما أن تكون المصلحة خالصة لا مفسدة فيها أو راجحة متضمن لمفسدة لكنها في جانب المصلحة قليلة وتقدم عليها المصلحة الراجحة كذلك النهي لا ينهي إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة فحينئذ إذا قيل النهي عن البيع أو النهي عن العبادات إذا وقعت على وجه غير شرعي وأنها تقتضي الفساد نقول تقتضي الفساد إما أناه مفصدة خالصة وليست متأتية هنا أو مفسدة راجحة والشارع له حكمة في إبطال وإعدام هذه المفسدة لأن فيها ضرر حينئذ لا يمكن كما قال ابن قدامة لا يمكن أن يُعدم الضرر المترتب على ما هو مشتمل على مصلحة راجحة إلا بالقول بأن النهي يقتضي الفساد ولذلك لو قيل الصلاة في الدار المغصوبة مثلاً لو قيل صحيحة هل يكون فيه زجر للناس عن الكف لكن لو قيل لهم باطلة صلاتك مهما عشت في هذه الدار فصلاتك باطلة ماذا يحصل؟ يكون فيه كف يكون فيه زجر، ثم قيل وقيل لعينه لا لغيره إذاً القول الأول هو المرجح وهو المذهب أن النهي يقتضي الفساد مطلقاً وقيل لعينه لا لغيره يعني فيه تفصيل إن كان النهي لعين المنهي عنه فالنهي يقتض الفساد وإن كان لأمر خارج عنه فلا يقتضي الفساد لماذا؟ قالوا ما نُهي عنه لعينه الجهة واحدة فلا يمكن أن نقول هو من حيث كذا فهو مطالب ومن حيث كذا فهو غير مطالب به وإنما اتحدت الجهة فبطل العبادة بطلت العبادة أو بطلت المعاملة فحينئذ لو صام في يوم العيد مثلاً لا يمكن أن يفصل فيه لأنه عبادة صوم وقع في يوم العيد فنقول هذا له جهة واحدة وهو إيقاع الصوم في يوم محرم صيامه كذلك صوم الحائض لو صامت نقول هذا صوم منهي عنه وله جهة واحدة فحينئذ لا يمكن القول بانفكاك الجهة في كثل هذا فقالوا إذاً يقتضي الفساد وما كان لغيره كالصلاة في الدار المغصوبة قالوا هذا لا يقتضي الفساد لماذا؟ قالوا الصلاة من حيث هي الصلاة مطلوبة الإيجاب والغصب هذا منهي عنه سواء صلى أو لم يصلي

مطلقاً كل غصب منهي عنه فحينئذ وقع الانفكاك من جهة فقالوا من حيث هي صلاة صحت ومن حيث كونها في محل غصب هو يأثم عل الغصب والصلاة على أصلها لكن الصواب أن الصلاة باطلة لعموم قوله (من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد) ولم يفصل بين ما نهي عنه لعينه وما نهي عنه لذاته وقيل في العبادات لا في المعاملات وقيل في العبادات أو لعينها أو لغيرها النهي يقتضي الفساد مطلقاً وفي المعاملات سواء كان النهي لعينه أو لغيره لا يقتضي الفساد مطلقاً إذاً التفرقة بين العبادات والمعاملات قالوا لماذا؟ قالوا لأن العبادات طاعة وقربى وإذا كانت طاعة وقربة والطاعة معروف أنها موافقة الأمر والنهي معصية فحينئذ لا يمكن أن تكون العبادة الواحدة مأمور بها متقرب بها وهي معصية في نفس الوقت فقالوا إذا توجه النهي على العبادات فيقتضي فسادها أما المعاملات فليست بقربى وليست بطاعة فحينئذ يمكن أن يتجه غليها النهي والأمر نقول لا أيضاً هذا فاسد وعموم الدليل يرده، وحكي عن جماعة منهم أبو حنيفة يقتضي الصحة يعني النهي إذا نهى عن الشيء اقتضى أنه صحيح وهذا من أغرب ما يُذكَر لماذا؟ قالوا لأن لمجرد صدور الصيغة النهي يدل على تصور وقوع المنهي عنه لا يمكن أن ينهى عن شيء إلا وأنها مُتوقَع ومُتصوَر الوجود فدل على ماذا إذا نهى الشرع عن الشيء دل على إمكان إيجاده لأن المستحيل لا يمكن أن يُنهى الأعمى لا يمكن أن تقول له غض بصرك لماذا؟ لأنه أعمى لا يمكن أن يبصر لكن ما صح وقوعه ووجوده هو الذي يقال له لا تفعل نقول هذا فاسد لماذا؟ لأن الحكم هنا حكم شرعي وتعلق النهي بما أمكن وجوده هذا أمر حسي والكلام في الشرعيات لا في المحسوسات وقال بعض الفقهاء وعامة المتكلمين لا يقتضي فساداً ولا صحة هذا مشهور عند الكثير من المتكلمين لا يقتضي فساداً ولا صحة لماذا؟ لانفكاك الجهة لأن النهي خطاب تكليف والصحة والفساد خطاب وضعي ولا تعارض بينهما إن دل الدليل على أنه صحيح فهو صحيح وإن دل الدليل على فساد فهو فاسد وليس بينهما ربط عقلي وإنما تأثير فعل منهي عنه في الإثم به قال ابن قدامة في الروضة ودل على فساده مطلق قوله - صلى الله عليه وسلم - (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ثم قال فهذا أي المذكور كل فيما سبق من قوله النص وما عُطف عليه ما تقتضيه صرائح الألفاظ لأن الحكم إما أن يؤخذ من اللفظ أو من المفهوم النص والمجمل والظاهر والمُؤوَل والعام والخاص والمطلق والمقيد والأمر والنهي تؤخذ من صرائح الألفاظ وأما المنطوق وهو المفهوم وما كان من فحوى الألفاظ وإشارتها هذا حكمه مخالف للأول ويخصه الأصوليون بمباحث خاصة من اقتضاء وإيمان وإشارة ونحو ذلك.، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وقال بعض الفقهاء وعامة المتكلمين: لا يقتضي فساداً ولا صحة، فهذا ما تقتضيه صرائح الألفاظ.

17

عناصر الدرس المفهوم وأنواعه. الدرس السابع عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، توقفنا عند قوله فهذا ما تقتضيه صرائح ألألفاظ بعد أن بين لنا الأمر والنهي وما سبق أيضاً قال فهذا أي المذكور سابقاً ما تقتضيه صرائح الألفاظ لأن اللفظ أو الحكم الشرعي أو شئت قل دلالة الكتاب والسنة على الأحكام الشعرية لها طريقان إما أن تكون بالمنطوق وإما بالمفهوم هذان طريقان لا ثالث لهام إما بالمنطوق وإما بالمفهوم والمنطوق لغة هو الملفوظ به هكذا قال أهل العلم المنطوق لغة هو الملفوظ به واصطلاحاً ما دل عليه اللفظ في محل النطق ما يعني حكم دل عليه اللفظ في محل النطق لأن المنطوق هو المعنى الذي قصده المتكلم باللفظ أصالة يعني بالذات من اللفظ مادة الحروف التي تأخذ منها الحكم هذه يسمى منطوقة {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} نقول التأفيف مُحرم بالنص من أين أخذنا هذا الحكم؟ نقول بالمنطوق لماذا؟ لأن اللفظ قد دل على عين التأفيف فالتحريم أخذناه من قوله {فَلاَ} هذه ناهية والتأفيف {أُفٍّ} {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} حينئذ نقول هذا دل اللفظ بذاته بنفسه بنطقه بمادته بحروفه دل على تحريم التأفيف فلا يتوقف حينئذ فهم ما دل عليه اللفظ نطقاً إلا على مجرد النطق باللفظ لم يتوقف على أمر خارج وإنما من مجرد المادة من ذات اللفظ أخذنا الحكم أما مثلاً {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} هذا دل بمنطوق على تحريم التأفيف طيب لم يذكر الضرب لم يذكر الشتم الضرب اللعن السب ما ذكرها لم يُنطَق بها ما حكمها؟ التحريم لا شك من أين أخذنا الحكم؟ من نفس الآية من نفس النص {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} نقول هذا دل بمنطوقه على تحريم التأفيف وبمفهومه على تحريم الضرب ونحوه إذاً تحريم الضرب لم يُؤخَذ من اللفظ عينه وإنما أُخذ تحريم التأفف فقط ولذلك نقول المفهوم هذا اسم مفعول من فهم يفهم فهو مفهوم والمراد بالمفهوم هو إدراك معنى الكلام لكن لا من جهة اللفظ ولذلك عُرف بتعريف مقابل للمنطوق المنطوق ما دل على عليه اللفظ في محل النطق والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} هذا دل على حكم شرعي ما هو هذا الحكم الشرعي الذي دل عليه؟ نقول بمفهومه يعني ما دل عليه كما سيأتي من مزيد من الإيضاح، ما هو الحكم المنصوص عليه بالمنطوق؟ تحريم التأفيف، ما الحكم المنصوص عليه ممن جهة المفهوم؟ تحريم الضرب واسلب والشتم واللعن إلى آخره، فهذا ما تقتضيه صرائح الألفاظ يعني ما يُؤخذ من صريح اللفظ وهو المنطوق يعني من عين اللفظ من ذات اللفظ من نفس اللفظ.

ثم قال وأما المستفاد من فحوى الألفاظ وإشاراتها وهو المفهوم وأما المفهوم الظاهر أما المستفاد أو النص الشيخ الفوزان في تعليقه على أن المخطوطة على المستفاد، وأما المستفاد من فحوى ألألفاظ وإشاراتها وهو المفهوم فأربعة أضرب وهذا مناسب أما قوله أما المفهوم وهو المفهوم هذا فيه ركاكة أما المفهوم الظاهرة الأولى المراد بها المستفاد فهذا شروع من المصنف رحمه الله تعالى في بيان المفهوم بعد كلامه على ما يتعلق بصرائح الألفاظ الذي هو المنطوق، وأما المستفاد من فحوى الألفاظ وإشاراتها من فحوى الألفاظ يعني ما نُبه عليه باللفظ أو ما نبه عليه اللفظ وأشار إليه لا من جهة النطق فحوى الألفاظ المراد بها ما نبه عليها اللفظ فحينئذ يكون مقصوداً باللفظ ولم يتناوله اللفظ المفهوم ما كان مقصوداً باللفظ ولم يتناوله اللفظ فحينئذ {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} نقل هذا قُصد به باللفظ عينه قُصد به الدلالة على تحريم التأفيف قُصد به أيضاً الدلالة على تحريم الضرب ونحوه من باب الأولى لأنه إذا عُلق الكم على ما هو أدنى يستلزم الحكم على الأعلى لطريق الأولى لكن هل التحريم تحريم الضرب ونحوه مقصود باللفظ؟ نقول نعم مقصود باللفظ ولا شك هل تناوله اللفظ؟ الجواب لا، إذاً نقول المفهوم ما قصد باللفظ ولم يتناوله اللفظ لأنه لو تناوله اللفظ لصار منطوقاً ونحن نقول المفهوم مقابل للمنطوق، وإشاراتها هذا عطف مراداً التفسير وهو المفهوم أي المستفاد من فحوى ألفاظ يسمى عند الأصوليين بالمفهوم ويسمى منطوقاً إليه لماذا؟ لأنه إنما وُصل إليه من جهة النطق الأول منطوق وهذا منطوق إليه فحينئذ لم سُمي منطوقاً إليه؟ لأنه في قوة المنطوق لأن اللفظ إذا تكلم به المتكلم وهو لغوي أو جاء في الشرع فحينئذ له جهتان جهة مادة الحروف وهذا التي عُنون لها بالمنطوق وجهة من فحوى الكلام وإشارات الكلام وهذا ما عنون له بالمفهوم، إذاً يسمى منطوقاً إليه وهو ما أفاده اللفظ لا من صيغته لا من مادته فأربعة أضرب الفاء هذه واقعة في جواب الشر فأما المستفاد فأربعة أضرب يعني فأربعة أنواع كأنه قسم لك المفهوم الذي يقابل المنطوق أربعة أنواع الاقتضاء والإشارة والتبيه ودليل الخطاب.

الاقتضاء قال وهو الإضمار الضروري ثم قال والثاني الإيماء والإشارة ثم التنبيه ثم الرابع دليل الخطاب، وعليه قد جعل المصنف هنا دلالة الاقتضاء والإشارة من قسم المفهوم وهذا محل نزاع عند الأصوليين هل دلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة من المفهوم أو من المنطوق؟ من جعل المنطوق قسماً واحداً وهو الصريح فقط المنطوق الصريح الذي يؤخذ من مادة اللفظ قال دلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة من قسم المفهوم وليس من قسم المنطوق لماذا؟ لأن المنطوق هو ما اُخذ من مادة الحروف فقط هذا قول القول الثاني بعضهم قسّم منطوق إلى صريح وغير صريح منطوق صريح ومنطوق غير صريح المنطوق الصريح هو دلالة اللفظ على الحكم بدلالة المطابقة أو التضمن والالتزام؟ غير صريح فحينئذ جعل دلالة الالتزام أو دلالة اللفظ على لازم على خارج لازم لللفظ أو لمعنى اللفظ جعله منطوقاً غير صريح حينئذ يكون التقسيم هنا مبنياً على أقسام الدلالة الثلاثة دلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام دلالة المطابقة عندهم هي دلالة اللفظ على تمام المعنى يعني يُوضع اللفظ له معنى خاص إذا أُطلق اللفظ وأُريد به كل المعنى الذي وُضع له في اللغة نقول هذه دلالة المطابقة سميت دلالة مطابقة من قولهم طابق النعل النعل كالإنسان إذا أُطلق مراداً به الحيوان الناطق هذه دلالة اللفظ على كل ما وُضع له في اللغة ولذلك عين اللفظ استعمل في عين المعنى الموضوع له طابق الفهم الوضع لماذا؟ لأن اللفظ إذا دل على معنى فحينئذ إما أن يكون المعنى مساو للفظ عن الاستعمال وإما أن يكون أقل إن كان مساوياً من كل وجه فهو دلالة المطابقة (دلالة اللفظ على ما وافقه يدعونها دلالة المطابقة) على ما وافقه أي في لغة العرب فإذا أُطلق لفظ إنسان انصرف إلى معناه وهو حيوان ناطق أما دلالة التضمن فهي دلالة اللفظ على جزء المعنى لكن في ضمن الكل فإذا أطلق الإنسان مراداً به الحيوان فقط أو أُريد به الناطق فقط نقول هذا دلالة تضمن يعني أُطلق الكل وأُريد به البعض كدلالة الأربعة على الواحد كما يُقال أربعة العدد إذا أُطلق فُهم منه الواحد إذاً الأربعة تدل على الواحد ربعها وتدل على الاثنين نصفها وتدل على الثلاثة ثلاثة أرباعها فحينئذ إذا أُطلق اللفظ أربعة وأُريد به مسماه وهو في لغة العرب وهو الأربعة حينئذ صار من إطلاق اللفظ إرادة كل المعنى صارت دلالة هنا مطابقة لماذا؟ لأن اللفظ طابق المعنى لكن لو أراد بالأربعة الواحد صارت دلالة تضمن لماذا؟ لأن الواحد في ضمن الكل ولذلك يقوم الشيخ الأمين في المقدمة رحمه الله تعالى يقول لو سمع رجل آخر يقول عندي أربعة دنانير قال عندي في جيبي أربعة دنانير نقول دنانير أن نقول ملايين فقال أقرضني ديناراً واحداً قال لا أنا ما عندي دينار هو ما قال دينار عندي هو قال أربعة فقال له أقرضني ديناراً أو دينارين هل يصح نفي الدينارين عنده أو نفي الواحد؟ الجواب لا، نقول له أنت قلت عندي أربعة دنانير وهذه تدل بدلالة التضمن على الواحد إذاً عندك دينار وتدل بدلالة التضمن على الاثنين نصف الأربعة وتدل بدلالة التضمن على الثلاثة ثلاثة أرباع وتدل على ألربعة كلها بدلالة المطابقة حينئذ لا يصح النفي إذا أطلق

الكل لا يصح نفي تضمن الكل للجزء لأنه يُفَهم من إطلاق اللفظ مراداً به الكل يُفهَم منه البعض كما إذا أُطلق لفظ الصلاة على الركوع أو السجود نقول هذا دلالة تضمن لكن الأصل أن يُقال صليت أو قم فصلي يكون المراد باللفظ هنا الصلاة مدلولها الشرعي التام المفتتحة بالتكبيرة والمختتمة بالتسليم دلالة لفظ الصلاة على مسماها الشرعي نقول هذه دلالة مطابقة دلالتها على بعضها كالركوع أو قراءة الفاتحة أو على ركن من أركانها أو واجب من واجباتها نقول هذه دلالة تضمن لأنه أُطلق لفظ الكل وأُريد به البعض وليس بمجاز، الثالث دلالة الالتزام وهي دلالة اللفظ على خارج عن مسماه لازم له يعني اللفظ لا يدل له لا يدل عليه من حيث هو إنما وُضع لمعنى مُراد في لغة العرب يلزم من إطلاق هذا المعنى والتوقف على المعنى على وجود ذلك الخارج فإذا أُطلق اللفظ لزم منه المعنى الخارج مثل الأربعة الأربعة زوج أم فرد؟ زوج عدد ما يقبل القسمة على اثنين أو يقتسم إلى قسمين متساويين إذا أُطلق الأربعة انصرف إلى الزوجية دون الفردية دلالة الأربعة على الزوجية دلالة التزام لماذا؟ لأن الزوجة لم تُؤخذ من اللفظ أربعة ليست فيها كلمة زوج كذلك مدلولها الأربعة المعدود بالأربعة الواحد واثنين والثلاثة هذه الأربعة وُضع اللفظ لها هل مسمى الأربعة في معنى الزوجية؟ الجواب لا لكن لكونها تنقسم إلى اثنين أو على اثنين أو تنقسم إلى قسمين متساويين فُهمت الزوجية فحينئذ نقول دلالة الأربعة على مسماه الذي وُضع له في لغة العرب هذه دلالة مطابقة دلالة الأربعة على الواحد أو الاثنين أو الثلاثة الذي هو دون مسماه دلال تضمن دلالة ألأربعة على الزوجية هذه دلالة التزام.

ما هو المنطوق؟ هل هو الذي دل عليه اللفظ الحكم الذي دل عليه اللفظ بالمطابقة والتضمن والالتزام أو بالمطابقة والتضمن فقط؟ هذا محل نزاع لأن الحكم يُؤخذ بالمطابقة من الشرع ويُؤخذ بالتضمن ويُؤخذ بالالتزام إذا دل اللفظ على الحكم بالمطابقة أو التضمن هذا اتفاق أنه منطوق إنما الخلاف في ماذا؟ إذا دل اللفظ على الحكم بالالتزام هل هو منطوق أو لا؟ بعضهم اثبت أنه منطوق وقال ليس بصريح وبعضهم قال لا المنطوق الصريح فقط عندنا وليس عندنا ليس بصريح وإنما هو مفهوم حينئذ يكون محل الخلاف في ماذا؟ فيما دُل عليه من دلالات الكتاب والسنة على الحكم بدلالة الالتزام ولذلك بعضهم قال المنطوق قسمان منطوق صريح وهو جلالة اللفظ على الحكم بالمطابقة أو بالتضمن فقط نحو ماذا؟ نحو {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} هذا دل بمنطوقه على الفرق بين البيع وبين الربا {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} إذاً البيع حلال والربا حرام من النص مأخوذ لماذا؟ لأن اللفظ قد وُضع حيث دل اللفظ بمنطوقه الصريح على نفي المماثلة بين البيع والربا أحل الأول وهو البيع وحرم الثاني وهو الربا، نقول دلالة الآية هذا اللفظ على تحليل أو إحلال للبيع حِل للبيع نقول بالمنطوق ودلالة النص على تحريم الربا هذا مأخوذ من المنطوق، النوع الثاني منطوق غير صريح وهو دلالة اللفظ على الحكم بالالتزام النوع الثالث من دلالات الالتزام لماذا؟ لأن اللفظ مستلزم لذلك الحكم فاللفظ لم يُوضع للحكم الذي دُل عليه بالالتزام ولكن الحكم فيه لازم للمعنى الذي وُضع له ذلك اللفظ لماذا؟ لأن اللازم يدل على صدق الملزوم أو بطلانه إن صح اللازم فالملزوم صحيح وإن بطل فهو باطل حينئذ دلالة اللفظ أو على معنى أو على حكم خارج عن اللفظ وعن مسماه نقول هذه دلالة التزام سواء كان بالعقل أو كان بالشرع لأن الكلام هنا في الشرعيات فـ {َأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} مثلاً يدل على لزوم الطهارة لماذا؟ لأن الشرع رتب وجود الصلاة على وجود الطهارة مع القدرة فحينئذ كل أمر في الشرع بالصلاة فهو أمر بالوضوء لماذا؟ بدلالة الالتزام، هل لفظ الصلاة وُضلع للوضوء أو للصلاة المعهودة مع الطهارة نفسها؟ الجواب لا وإنما فُهم توقف الصلاة على وجود الطهارة من أمر خارجي فحينئذ إذا أُطلق لفظ الصلاة انصرف الذهن إلى إيجابها مع إيجاب الوضوء ولذلك نقول كل شرط للصلاة يمكن أخذه من قوله {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} بل {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} يدل على وجوب تعلم كيفية الصلاة لأنه مأمور بصلاة لا يدري ما هي في الأصل حينئذ يلزمه بهذا النص أن يتعلم كيفية الصلاة ويتعلم ويُوجد كل ما توقف وكل ما عليه وجود الصلاة كل هذا مأخوذ بدلالة الالتزام لأن قوله {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ْ} ليس فيه أمر بتعلم كيفية الصلاة كذلك {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} ليس فيه أمر بستر العورة أو بالتوجه إلى القبلة أو بالصلاة على المكان الطاهر كل شرط وُضع للصلاة فهو مأخوذ إيجابه من هذه الآية {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} بدلالة الالتزام، إذاً إذا قلنا المنطوق صريح وغير صريح بعضهم قال غير الصريح يدخل فيه دلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة (وهو دلالة اقتضاء أن يدل لفظ على ما

دونه لا يستقل دلالةَ اللزوم) حينئذ نقول قول المصنف هنا فأربعة أضرب هذا مشى على غير المشهور وإلا المشهور أن المنطوق نوعان ريح وغير صريح ودلالة الاقتضاء ودلالة الإشارة هذان نوعان من المنطوق غير الصريح وأما المفهوم فهو شيء خارج عن اللفظ بتاتاً. فأربعة أضرب الأول دلالة الاقتضاء هذه سميت بذلك لأن المعنى يقتضيها كما سيأتي بيانه، دلالة الاقتضاء قال وهو الإضمار الضروري لصدق المتكلم مثل (صحيحاً) في قوله ((لا عمل إلا بنيّة)) قال الاقتضاء هو الإضمار ومراده أن دل اللفظ دلالة التزام لأن الكلام كله في دلالة الالتزام أن يدل اللفظ دلالة التزام على محذوف هذا المحذوف لا يستقل الكلام بدونه لماذا؟ لتوقف صدق المتكلم عليه لو لم نُقدر هذا المحذوف لقنا هذا الكلام كذباً وحينئذ لتصديق الكلام وللحكم على المتكلم بأنه صادق لابد من تقدير محذوفه فحينئذ إذا دل الكلام دل اللفظ على محذوف لا يستقل الكلام بدونه لتوقف صدق المتكلم عليه نقول هذا دلالة اقتضاء أو توقفه عليه عقلاً أو شرعاً ستأتي الأمثل في كلام المصنف وهو الإضمار يعني التقدير يقصد بالإضمار التقدير يعني اللفظ يدل على وجوب تقدير في الكلام كلام على ظاهره باطل على ما ذكره الأصوليون فحينئذ لو لم نُقدر لكان الكلام كذباً، وهو الإضمار الضروري أي أن الكلام المذكور لا يصح ضرورة إلا بتقدير محذوفه الكلام الملفوظ به لا يصح ضرورة إلا بتقدير محذوفه وذلك المحذوف هو المقتضى أي الذي يقتضيه صحة الكلام ويطلبه فعندنا مقتضي ومُقتضى واقتضاء والاقتضاء هذا هو الأمر المعنوي الذي هو الإضمار والتقدير فعل الفاعل والمقتضي هو عين اللفظ الذي يجب أن نقدر فيه كما مثّل هنا ((لا عمل إلا بنيّة)) يعني لا عمل موجود في الأصل إلا بنية ومعلوم أن الأفعال والأعمال صورها بدون النية أليس كذلك توجد صورتها ((لا عمل إلا بنيّة)) يقوم يصلي فتأتي الصلاة وتكون موجودة صورتها لكن بدون نية وُجد إذاً ما المراد هنا لابد أن نقدر لفظاً يُصحح اللفظ وإن لم نُقدر لحكمنا بكذب اللفظ ولا نقول المتكلم ((لا عمل إلا بنيّة)) نقول العمل يمكن أن يُوجد بدون نية يمكن أن يذهب فيحج حجاً كاملاً بدون نية ويصوم بدون نية ويصلي ويزكي بدون نية إذاً وُجد العمل والحديث هنا يقول أو القول ((لا عمل)) أي لا يوجد عمل إلا مع النية نقول ظاهر الكلام كذب فلابد من تقدير يصحح الكلام ((لا عمل إلا بنيّة)) أي لا عمل صحيح حينئذ صح الكلام أو لا؟ صح الكلام لذلك قال وهو الإضمار الضروري يعني ضرورة لابد لصدق المتكلم يعني ما يتوقف عليه صدق المتكلم لا عمل إلا بنية هذا المقتضي بكسر الضاد وصحيحاً هذا المُقتضَى والمُقدر أو عملية التقدير هذه هي الاقتضاء فحينئذ نقول دل اللفظ هنا بدلالة الالتزام على محذوف دل اللفظ قوله ((لا عمل إلا بنيّة)) بدلالة الالتزام على محذوف هذا المحذوف وجب تقديره لماذا؟ لأنه لو لم نقدره لصار الكلام كذباً فضرورة لصدق المتكلم يجب التقدير كذلك كما في حديث (إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) وهذا أوضح أو رُفع الخطأ والنسيان إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان رُفع الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه لو أخذنا بظاهر اللفظ

معناه لا يقع الخطأ أبداً رُفع الخطأ عين الخطأ غير موجود لا أمتي معصومة صارت أليس كذلك؟ رُفع الخطأ والنسيان إذاً لا يوجد نسيان وما استكرهوا عليه يعني الإكراه غير موجود نقول ظاهر اللفظ لو وقفنا عليه لكان كذباً فلابد من التقدير، رُفع الإثم رُفع الخطأ يعني إثم الخطأ والنسيان يعني النسيان يعني إثم النسيان وما استكرهوا عليه أي إثم الإكراه، لتصحيح هذتا اللفظ ولئلا يُتهَم بالكذب حينئذ بدلالة الاقتضاء دلالة الالتزام لابد من تقدير محذوفه لو لم نقدر هذا المحذوف لكان الكلام في ظاهره كذباً كذلك في حديث ذي اليدين أُقصرت أم نسيت يا رسول الله قُصرت الصلاة أم نسيت صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم من ركعتين سلم من ركعتين إذاً سلم من ركعتين والأصل إنها رباعية إنما أنه أُوحي إليه وحي جديد بقصر الصلاة أو النسيان لا يوجد ثالث إما أنه نسي وإما أنه وحي جديد قًصرت الصلاة فقال أقصرت الصلاة أو نسيت يا رسول الله؟ فقال كل ذلك لم يكن لا قصر ولا نسيان إذاً لابد من واحد قد يقال كل ذلك لم يكن إذاً لم ينسى ولم يتجدد وحي بالقصر حينئذ لم عُلم أنه لم يُوحى غليه شيء جديد تعين الثاني وهو النسيان وجاء في بعض الروايات بل نسيت يا رسول الله قول ذي اليدين. هنا كل لم يكن محل شك كل ذلك لم يكن نقول في ظاهره لم نُقدر لعُد كذباً في ظاهر الكلام بقطع النظر عن قائله لو نُقدر محذوفاً تقديراً في ظني لعد الكلام كذباً لكن نقول بدلالة الاقتضاء هنا لزم ثم محذوف لابد من تقديره كل ذلك لك يكن كل ذلك الذي هو القصر والنسيان لم يكن لم يوجد لم يقع مع أنه إذا نُفي القصر تعين النسيان قطعاً لماذا؟ لأنه كما مر معنا أنه من قبيل الكل أم الكلية؟ من قبيل الكلية أما قول صاحب السلم فقد أخطأ الكل حُكم على المجموع ككل ذاك ليس ذا وقوع قلنا هذا خطأ هذا غُلط فيه والصواب أنه من قبيل الكلية إذاً الإضمار الضروري لصدق المتكلم يعني ما يتوقف عليه صدق المتكلم كما ذكرنا في الأمثلة السابقة.

مثل (صحيحاً) في قوله ((لا عمل إلا بنيّة)) أي لا عمل صحيح لأن صور الأعمال يمكن وجودها بلا نية فكان إضمار الصحة من ضرورة صدق التكلم أو النوع الثاني يعني إضمار الضروري لصدق المتكلم أو يكون الإضمار ضرورياً لأجل اللام هنا للتعليل ليوجد الملفوظ به شرعاً أو عقلاً يعني يتوقف عليه صدق اللفظ عقلاً {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} اللفظ هنا على ظاهره القرية ما تُسأل إذاً لابد من محذوف {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ} العير تُسأل أم لا تُسأل؟ وإنما لابد من تقديره محذوفه وسال أهل القرية هذا بالعقل أو الشرع كما سيذكره المصنف، إذاً أو ليوجد الملفوظ به هذا معطوف على قوله لصدق المتكلم يعني الإضمار ضروري لأجل صدق المتكلم لصحة صدق المتكلم، وضروري كذلك لصحة وقوع الملفوظ به يعني يتوقف عليه صحة الكلام إما شرعاً وإما عقلاً، شرعاً مثل فأفطر لقوله تعالى {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} هذا في القضاء إنما يكون لمن؟ للمُفطر أما من كان مسافراً أو مريضاً ولم يُفطر نقول لا يجب عليه القضاء وإنما يجب عليه القضاء إذا أفطر مع أن ظاهر النص {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} إذاً {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً} ودخل عليه رمضان وهو مريض {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وجب عليه القضاء وبه قال ابن حزم رحمه الله سواء أفطر أو لم يفطر لكن نقول هذا شرعاً لابد تصحيحه ظاهره ليس مراد {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي فأفطر لأنه لا قضاء لمن صام في شهر رمضان ولو كان مريضاً أو على سفر لا قضاء شرعاً لمن صام في رمضان سواء كان صحيحاً وهذا لا إشكال فيه أو كان مريضاً أو مسافراً وأما النص فظاهره مطلقاً أنه يلزمه القضاء ولو لم يطفر نقول لا لابد من التقدير {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي أفطر لأن القضاء لا يكون إلا للمُفطر، فلأجل أن يُوجد الملفوظ به شرعاً وهو القضاء لابد من الإضمار هنا، ومثل قوله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} ولو لم يحلق رأسه نقول لا فحلق رأسه ففديه {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} لزمته الفدية مباشرة نقول لا ليس هذا المراد لتصحيح الحكم المترتب على هذا اللفظ لابد من تقدير هذا اللفظ فنقول {فَفِدْيَةٌ} أي فحلق رأسه ففدية أي فعليه فدية مبتدأ محذوف {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فأفطر {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.

أو عقلاً يعني يكون الإضمار ضرورياً من أجل أن يوجد الملفوظ به عقلاً يعني ما توقف عليه صدق اللفظ من جهة العقل مثل الوطء في مثل قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} هذا كما سبق أن التحريم متعلقه فعل المكلف فإذا عُلق الحكم على الذوات نقول لا يمكن هذا الذات نفسها لا يتعلق بها الحكم وإنما يتعلق بماذا؟ بفعل المكلف، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} قال لابد من إضمار لابد من تقدير وهو حُرم عليكم الوطء ومثل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} أي أكلها، هذا ما يسمى بدلالة الاقتضاء أن يدل اللفظ دلالة التزام على محذوف هذا لمحذوف يجب تقديره لذلك اختصر المصنف قال وهو الإضمار الضروري الإضمار يعني التقدير للمحذوف الضروري الذي يتوقف عليه صدق المتكلم أو وجود الفظ شرعاً أو عقلاً.؟

الثاني من أنواع دلالة المفهوم الإيماء والإشارة وفحوى الكلام ولحنه الإيماء والإشارة وفحوى الكلام ولحنه يعني لحن الكلام، الإيماء والإشارة هنا قرن بينهما وإن كان المشهور عن الأصوليين الفصل دلالة الإيماء مغايرة لدلالة الإشارة وهذا هو الأظهر الفصل بينهما لكن على ظاهر المصنف هنا أنه سوى بين الإيماء والإشارة وفحوى الكلام ولحنه وحدده بقوله كفهم علية السرقة وهذا ما يسمى بدلالة الإيماء إذاً فرق بين دلالة الإشارة ودلالة الإيماء، دلالة الإشارة هي أن يدل اللفظ على معنى هذا المعنى ليس مقصوداً باللفظ في الأصل وإنما قُصد تبعاً يعني صار المدلول عليه من خارج اللفظ صار تابعاً للملفوظ به لكن هل هو مقصود؟ الجواب لا إنما سيقت الآية أو سيق النص لبيان حكم يلزم منه الحكم يعني دل على ذلك الخارج عنه لأن الكلام في دلالة الالتزام ليس في عين اللفظ كله مفهوم مما يتعلق باللفظ وليس نصاً باللفظ وإنما كله داخل في دلالة الالتزام أمر خارج عن اللفظ دل عليه اللفظ هناك في دلالة الاقتضاء دلالة التزام لكن واضح أنه لا يمكن أن يُحكَم على المتكلم بصدق كلامه إلا بهذا التقدير وكذلك من جهة الشرع ومن جهة العقل أما دلالة ألإشارة فلا فليس عندنا ثم تقدير وليس ثم محذوف وإنما يُساق النص لبيان حكم ما يلزم منه أمر خارج وهو حكم شرعي آخر فحينئذ يكون الذي سيق له اللفظ مقصوداً بالذات وما فُهم بالإشارة مقصودة بالتبع نقول بالإشارة مقصود لماذا؟ لأن لازم الحق حق فكل ما لزم الكتاب والسنة نقول هذا حق ولا نقول غير مقصود وإنما نقول مقصود بالحق هو حق، مثل ماذا؟ كما فهم - رضي الله عنه - من قوله تعالى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً} مع قوله {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} كل آية لها حكم خاص سيقت لبيان حكم خاص لكن تركيباً من الآيتين فهم علي - رضي الله عنه - أن أقل مدة الحمل ستة اشره هل سيقت الآية لبيان هذا الحكم؟ نقول لا وإنما بالإشارة دل اللفظ على أمر خارج غير مقصود من سياق اللفظ إنما سيق اللفظ لبيان {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً} أن الحمل والفصال فطام ثلاثون شهراً قال في الأخرى {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} أسقط العامين من الثلاثين بقي ستة أشهر عامين أربعة وعشرين شهر من ثلاثين ستة أشهر إذاً أقل الحمل ستة أشهر كذلك قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} ليلة يصدق على ماذا؟ على كل جزء من أجزاء الليل فمن أول جزء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر نقول هذا جزء من أجزاء الليل ولفظ الليلة صادق على مجموع تلك الأجزاء ففي أي جزء منها أوقع الجماع فهو حلال {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} فحينئذ يلزم منه أنه إذا جاز له أن يوقع الوطء أو الجماع في آخر جزء قبل الفجر بدقيقتين لزم منه أن يصبح جنباً أليس كذلك؟ إذاً لو قال قائل ما حكم من أصبح جنباً؟ صيامه صحيح أم لا؟ صيامه صحيح من الأدلة هو هذا هناك نصوص واضحة بينه لكن يُستدل بالقرآن على هذا فهو دلالة الإشارة لماذا؟ لأنه أحل الوطء في آخر جزء من أجزاء الليل آخر جزء الوطء حلال يلزم منه أنه يعد آخر جزء يطلع الصباح فحينئذ حرم عليه الأكل

والشرب والجماع إذاً سيصبح جنباً حينئذ نقول دلت الآية بدلالة الإشارة على جواز صيام من أصبح جنباً هل الآية سيقت لبيان هذا الحكم؟ الجواب لا لم تُسق الآية لبيان هذا الحكم وإنما بدلالة الالتزام فُهم هذا الحكم. أما دلالة الإيماء فهي أن يقترن بالحكم وصف لو لم يكن هذا الوصف علة لهذا الحكم لصار حشواً ولعباً لماذا؟ لأنه لا يُعدَل عن الاسم الجامد إلى المشتق إلا لحكمة إلا لفائدة لا يمكن أن يُقال {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} ثم نقول القطه هذا لم يترتب على السارق لكونه سارقاً أو السارقة لكونها سارقة لأنه يمكن أن يقال الرجل والمرأة فاقطعوا أيديهما أليس كذلك فيُؤتى باسم جامد ثم يُبين الشروط لكن كونه يُشتق من السرقة وصف للمذكر ويشتق من السرقة وصف للمؤنث ويُرَتب عليهم الحكم الشرعي دل على أن هذا الحكم مرتب على هذه العلة وهي السرقة إذاً دلالة الإيماء مفارقة لدلالة ألإشارة، دلالة الإشارة يدل اللفظ يدل على حكم لازم للملفوظ به لم يكن مقصوداً بالحكم وإنما قُصد تبعاً وأما دلالة الإيماء هذه واضحة أنها مفارقة لها لأن الحكم هنا قد عُلق على مشتق اسم فاعل اسم مفعول لو لم نجعل الحكم مرتباً على هذه العلة لصار عبثاً لأنه يرد السؤال {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} فنقول لو لم يكن الزنا هو علة الحكم الذي رُتب عليه لكان عبثاً وحشواً وهذا دلالة الإيماء وهذه يستخدمها الأصوليون في باب القياس يعني يتوسعون فيها في باب القياس. هنا قال التنبيه الإيماء الثاني والإشارة وعلى كلامه هما بمعنى واحد والصواب تفريق على ما ذكرنها، وفحوى الكلام ولحنه وفحوى الكلام يعني ما يُفهَم من الكلام ولحنه كذلك عطف مترادف كفهم علية السرقة {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} كفهم علية السرقة في ترتب الحكم عليها من أخذناها؟ لأنه رتب الحكم على مشتق وترتيب الحكم على المشتق يُؤذن بعلية ما منه الاشتقاق فحينئذ كل حكم رُتب على وصف اسم فاعل أو اسم مفعول فحينئذ نقول علة هذا الحكم هو كذا كما سيأتي في طرق استنباط العلة لكن لابد من التفصيل على ما ذكرناه لكن فرق بين دلالة الإيماء ودلالة الإشارة.

الثالث التنبيه يسمى تنبيه الخطاب ويسمى فحوى الخطاب ومفهوم الخطاب وهو الذي قال فيه وهو مفهوم الموافقة المفهوم في اللغة اسم مفعول من فهم وهو إدراك معنى كلام فما يُستفاد من اللفظ فهو مفهوم واصطلاحاً ما دل على الحكم لا في محل النطق إذاً هو مقصود باللفظ ملم يتناوله اللفظ إذا حفظت هذه العبارة تدرك معنى المفهوم مقصود باللفظ ولم يتناوله اللفظ وهو قسمان مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة أشار إلى الأول بقوله التنبيه وإلى القاني بقوله دليل الخطاب، مفهوم الموافقة هو ما وفقت المسكوت عنه المنطوق في الحكم قد يكون أولى وقد يكون مساوياً أن يكون المسكوت عنه موافقاً للمطوق في الحكم يعني لا يخالفه كالتحريم في قوله تعالى {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} هنا التحريم تحريم التأفيف مأخوذاً من اللفظ من النطق وتحريم الضرب مأخوذ من المفهوم، إذاً باعتبار كون التأفيف تحريم التأفيف منطوقاً به يقابله ما يصح أن يُطلق عليه أنه مسكوت عليه لكنه أُلحق بالمنطوق وصار مساوياً له في الحكم، إذاً مفهوم الموافقة ما وافق المسكوت عنه المنطوق في الحكم وافقه يعني الحكم واحد لم يخالفه ما سُكت عنه في الحكم موافق لما نُطق به فتحريم التأفيف وحكم الضرب ضرب الوالدين نقول الحكم واحد المسكوت عنه وهو ضرب الوالدين أو شتمهما نقول هذا حكم مساو للمنطوق به لكنه من باب أولى، فحينئذ نقول المسكوت عنه قد يكون أولى بالحكم من المنطوق به لأنه ما هو معلوم أن التأفيف أقل ضرراً من الضرب فأيها أولى بالتحريم؟ المسكوت عنه حينئذ نبَّه بمنع الأدنى بمنع ما هو أولى من الأدنى الذي هو التأفيف منعه إذاً من باب الأولى وأحرى أن يُمنع أولى وأشد منه وهذا جاء الحكم المسكوت أولى من المنطوق به وقد يكون مساوياً كما في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} يَأْكُلُونَ أصل الأكل في اللغة الأكل المعهود ما أكلها حرقها ما حُكمه؟ التحريم من أين أخذناه من مفهوم الموافقة لأن الحكم هنا مُرتب على أكل أموال اليتامى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً} طيب هذا ما أكل إنما حرقها أو أغرقها؟ ما الحكم التحريم من أين أخذناه؟ نقول بمفهوم الموافقة، هل هو أولى بالحكم الذي هو الإغراق والحرق هل هو أولى بالحكم من الأكل أو مساو؟ مساو لأن المقصود هو الإتلاف لا يجوز إتلاف أموال اليتامى سواء أكلها أم أغرقها أم أحرقها بمطلق الإتلاف بأي إتلاف كما هو هناك فلا تقل لهما أف نقول له المراد به تحريم مطلق الأذى لكنه نص على الأدنى لُنبه على منع ما هو أعلى وأحرى وهنا نص على الأكل لأنه هو الأشهر هو الأشهر أنهم يأكلون أموال اليتامى أما الحرق والإغراق هذا قليل.

إذاً نقول مفهوم الموافقة ما وافق المنطوق عنه المسكوت في الحكم ولذلك يسمى بفحوى الخطاب ولحنه والقياس الجلي والتنبيه ومفهوم الخطاب وبعضهم خص الأولى بفحوى الخطاب والمساوي للحنه تحريم الضرب ضرب الوالدين هذا أولى إذاً مفهوم وافق أولوي هذا خصه بعضهم باسم فحوى الخطاب وما كان مساوياً كإحراق أموال اليتامى سماه بلحن الخطاب والمسألة اصطلاحية، قال التنبيه يعني تنبيه الخطاب وهو مفهوم الموافقة بأن يُفهَم الحكم في المسكوت عنه من المنطوق أن يُفهَم الحكم في المسكوت عنه من المنطوق بسياق الكلام يعني بدلالة سياق الكلام لماذا؟ لاشتراكهما في علة الحكم وهذا العلة تُدرك بمجرد فهم اللغة فحينئذ إذا قال {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} العلة ما هي؟ الأذى أذى الوالدين مُحرم مطلقاً العلة الأذى والضرب وُجدت فيه العلة بل هي أظهر فحينئذ هنا قال بأن يُفهَم الحكم في المسكوت عنه من المنطوق بسياق الكلام لماذا؟ لاشتراكهما في علة الحكم في أن كلاً منهما التأفيف وضرب الوالدين اشتركا في علة واحدة وهي أذى الوالدين، هذه العلة تُدرَك بماذا؟ تُدرَك بهم اللغة ولذلك لا تحتاج إلى بحث وإلى نظر وإلى اجتهاد وإلى تحقيق أركان القياس ولذلك الأصح كما سيأتي أن الدلالة هنا دلالة لفظية بمعنى أنها تُستفاد من اللفظ وليس قياسية كما ذهب إليه البعض لذلك نص هنا قال بسياق الكلام يعني يُفهَم موافقة الحكم حكم المسكوت عنه للمنطوق للملفوظ به بدلالة السياق ودلالة السياق هذه سباق واللحاق هذه دلالة لفظية فحينئذ إذا فُهمت لغة العرب فُهم مفهوم الموافقة وكذلك المخالفة.

كتحريم الضرب من قوله تعالى {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} هذا واضح أن الضرب حرام لاجتماعهما في علة واحدة وهي الأذى، {لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} يدل على نفي الظلم في مثال الجبل من باب أولى وأحرى الذي لا يظلمك في مثقال ذرة لا يظلمك فيما أعلى من ذلك، قال الجزري وبعض الشافعية هو قياس وقال بعضهم بل من مفهوم اللفظ اختلف الأصوليون في دلالة النص على مفهوم الموافقة هل هي لفظية أم قياسية؟ قال الجزري وبعض الشافعية هو قياس لكنه قياس جلي يعني قطعي لا يحتاج إلى نزاع ففي آية الوالدين يُقاس الضرب على التأفيف حينئذ نقول فقوله تعالى {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} هذا لا يدل من حيث هو بمفهومه لا يدل على تحريم الضرب حينئذ يرد السؤال ما حكم ضرب الوالدين؟ نقول نبحث {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} التحريم هنا معلق عل التأفيف وعلته الأذية فحينئذ إذا وُجدت العلة في الفرع الذي هو مجهول الحكم بالأصل الذي هو الضرب إذا وُجدت وتحقق العلة حينئذ ألقنا الفرع بالأصل هذا يحتاج إلى نظر وإلى بحث وإلى معرفة الأصل وما هي العلة وما دليل العلة وهل هي مستنبطة ومُجمَع عليها إلى آخره فلابد من توفر أركان القياس وتحقق الأصل والفرع والحكم حكم الأصل والجامع لابد من تحقق هذه الأمور كلها حتى يصير قياسي، فحينئذ يُقاس الضرب التأفيف في جامع الأذى في كل ويُقاس إحراق مال اليتيم على أكله بجامع الإتلاف في كله هذا قول ويُنسب إلى الشافعي رحمه الله، وقال القاضي – من الحنابلة – وبعض الشافعية وهو نص عن الإمام أحمد بل من مفهوم اللفظ، فحينئذ دلالة النص على المفهوم مفهوم الموافقة دلالة لفظية والمراد أنه مستند إلى اللفظ وليس المراد أنه دل عليه اللفظ لأنه مفهوم مأخوذ بدلالة الالتزام أمر خارج حينئذ نقول دل مستند إلى اللفظ لأن اللفظ تناوله وإنما استند إلى اللفظ يعني فُهم ذلك اللفظ لم يُؤخذ من محل النطق وإنما أُخذ لا من محل النطق مقصود باللفظ ولم يتناوله اللفظ قًد باللفظ ولم يتناوله اللفظ. بل من مفهوم اللفظ سبق إلى الفهم مقارناً، مقارناً لأي شيء؟ مقارناً للمنطوق منذ أن نطق المتكلم باللفظ فُهما معاً دلالة النطق دلالة المفهوم وليس أحدهما أسبق إلى الآخر لماذا؟ لأنه لو ثبت دلالة النطق وجُهل دلالة المفهوم لصار القول الأول وهو القول بالقياس وإذا كان المرجح الثاني حينئذ نقول لابد أن يكون مقارناً للمنطوق فحينئذ لا يحتاج إلى بحث ونظر بخلاف القياس فإنه يحتاج إلى تحقيق أركانه والبحث، وهذا القول الثاني هو قول الجمهور الأصوليين أن دلالة المنطوق النص على مفهوم الموافقة دلالة لفظية، ويبني على هذا هل يصح النسخ بمفهوم الموافقة أم لا؟ من قال أنه قياس منع ومن قال أنه دلالة لفظية جوّز إذاً يصح النسخ بمفهوم الموافقة.

وهو قاطع على قولين يعني سواء قلنا قياس جلي أو دلالة لفظية قاطع على القولين يعني يفيد القطع ليس دائماً لكن قد يشتركان قد يفيد القطع بنفي الفارق بين المسكوت عنه والمنطوق، إذا قيل ما الفرق بين التأفيف وضرب الوالدين؟ بل الثاني أولى بالكم من الأول وما الفرق بين أكل أموال اليتامى وإحراقها؟ لا فرق، إذا قُطع بنفي الفارق حينئذ صارت دلالة اللفظ على المفهوم مفهوم الموافقة دلالة قطعية لا ظنية.

الرابع دليل الخطاب لأن الخطاب دل عليه سُمي دليل الخطاب لأن الخطاب قد دل عليه وهو مفهوم المخالفة هذا النوع الثاني من نوعي المفهوم مفهوم المخالفة ما خالف المسكوت عنه المنطوق في الحكم هذا حده ما خالف المسكوت عنه المنطوق في الحكم إذاً له مفهوم لكنه يُخالف المنطوق كما هو المشهور في حديث القلتين (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) منطوقه يدل على نفي نجاسة الماء إذا بلغ قلتين هذا منطوقه بمفهومه يدل على تنجس الماء إذا كان دون القلتين، إذاً المنطوق نفي نجاسة والمفهوم حمل النجاسة إذاً المسكوت عنه أخذ حكماً يُخالف حكم المنطوق المفهوم هنا مفهوم المخالفة سُمي مفهوم لأنه خالف المنطوق في الحكم ذاك يحكم بالتحريم وهذا يحكم بالحل حينئذ حصلت المخالفة بينهما أما قوله دل على الحكم لا في محل النطق هذا اشتركا في الموافقة والمخالفة كل منهما يشتركا بأن اللفظ يدل عليه لا في محل النطق وأنهما دلالة لفظية وأنه مستند إلى اللفظ لا كون اللفظ قد تناوله وللكن يُنَظَر إلى الحكم هل هو مخالف للمنطوق أم موافق؟ إن كان موافقاً مع تحريم الضرب مع تحريم التأفيف المنطوق به سمي مفهوم موافقة وإن كان مخالفاً كالحكم بنجاسة الماء بمفهوم حديث القلتين دون القلتين مع المنطوق الحاكم بنفي نجاستهما إذاً هذا يقول نجس وهذا يقول ليس بنجس إذاً تخالفا وهو مفهوم المخالفة ما خالف المسكوت عنه المنطوق في الحكم، المخالفة كدلالة تخصيص الشيء بالذكر على نفيه عما عداه، هذا مثال وليس بضابط كدلالة تخصيص الشيء بالذكر على نفيه عما عداه الشرع إذا قيد الشيء أو اللفظ بقيد يدل على أن الحكم محصور فيما قُيد به فحينئذ يدل الحكم بهذا القيد بهذا التخصيص على أنه منفي في غير الحالة المنطوق بها {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً} مُّتَعَمِّداً هذا قيد حال والحال قيد لعاملها وصف لصاحبها فحينئذ نقول ما عدا المُتعمد حكم مخالف لحكم المنطوق به كدلالة تخصيص الشيء بالذكر على نفيه عما عداه فيختص الحكم بالمذكور ويُنفى عما عدا وهذا الأصل في القيود الشرعية الواردة في الكتاب والسنة أن الحكم إذا قُيد بأي وصف سواء كان عدداً أو وصفاً أو غاية أو صفة أو حالاً نقول هذه كلها قيود مرادة، مرادة لأي شيء؟ تخصيص الحكم بالمذكور ونفيه عما عداه لأنه لفظ زيد لمعنى في ألأصل ولا يُعدل لغيره إلا بثبت، قال، كخروج المعلوفة بقوله - صلى الله عليه وسلم - ((في سائمة الغَنَمِ زكاة)) المعلوفة ما هي؟ التي تُعلَف صاحبها يعلفها والسائمة هي التي ترعي حولها بنفسها ((في سائمة الغَنَمِ زكاة)) هنا خص ((في سائمة الغَنَمِ)) سائمة هذا مُضاف والغنم مضاف إليه سائمة الغنم سائمة هذا مضاف وهو وصف والغنم هذا مضاف إليه من إضافة الموصوف إلى الصفة لأن أصله في الغنم سائمة من إضافة الصفة إلى الموصوف ((في سائمة الغَنَمِ)) أصله في الغنم السائمة وإذا قيل في الغنم السائمة والغنم هذا اسم عام يشمل المعلوفة ويشمل السائمة فإذا قيل في الغنم السائمة نقول هذا قيد له معنى حينئذ نُثبت الحكم على ما قُيد به اللفظ وننفي الحكم عما عداه فنقول الزكاة محصورة في الغنم السائمة فقط وننفي الزكاة عن المعلوفة لماذا؟

لأن هذا هو مفهوم المخالفة كتخصيص أو كدلالة تخصيص الشيء بالذكر على نفيه عما عداه فحينئذ المنطوق به في الغنم ((في سائمة الغَنَمِ زكاة)) المنطوق به كون الزكاة ثابتة في الغنم السائمة المفهوم المسكوت عنه هي المعلوفة هل نثبت لها حكم الزكاة أم ننفيه؟ ننفيه بدلالة القيد الذي دل على كون المسكوت عنه مخالفاً للحكم للمنطوق به وهذا هو حقيقة دلالة مفهوم المخالفة ما خالف المسكوت عنه المنطوق في الحكم لا يستويان في الحكم لا يقال بالزكاة في المسكوت عنه كما هي في المنطوق لا، في المنطوق تُثبَت الزكاة وما عجا ذلك فيما لم يُقيد أو خرج بالقيد فتُنفَى الزكاة عنه.

كخروج المعلوفة بقوله - صلى الله عليه وسلم - ((في سائمة الغَنَمِ زكاة)) خرجت المعلوفة فتُنفى عنها الزكاة، وهو أي مفهوم المخالفة حجة مفهوم الموافقة حُكي عليه أو يكاد أن يُحكى عليه الإجماع على أنه حجة وأما مفهوم المخالفة هذا وقع فيه نزاع والأكثرون على أنه حجة، وهو حجة عند الأكثرين من الأصوليين حجة عند الأكثرين فقد ورد عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله تعالى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} هنا قُيد القصر بالخوف مفهومه أنه إذا انتفى الخوف ووُجد الأمن فلا قصر إذا انتفى الخوف وثبت الأمن ضده فلا قصر هذا النص ظاهر {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} فقد أمن الناس إذاً فلا قصر قال عمر - رضي الله عنه - عجبت مما عجبت منه فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) عندما عجب عمر فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - الفهم صحيح أو لا؟ صحيح بدليل ماذا؟ بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقره على هذا الفهم وإنما عدل عن ظاهر الآية بكون القصر صار صدقة كان عن الخوف ثم نزل فصار صدقة (صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) إذاً مفهوم الموافقة ثبت ويُثبَت أيضاً بالسنة التقريرية أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - مفهوم المخالفة بفهم عمر - رضي الله عنه - وأيضاً القيود الواردة في الكتاب والسنة ليست عبثاً ولابد أن تكون لفائدة وهي تخصيص الحكم بالمذكور ونفيه عما عداه وإلا للزم العدول عن الأقصر لا لفائدة في ((في سائمة الغَنَمِ زكاة)) لو كان يستوي الحكم في المعلوفة والسائمة لقال في الغنم زكاة أيهما أقصر؟ في الغنم زكاة إذا كان ذكر السائمة لا فائدة منه ولم يُقصد به تخصيص الحكم في المذكور نفيه عما عداه إذاً االفرق بين أن يُقال ((في سائمة الغَنَمِ زكاة)) وفي الغنم زكاة الحكم واحد والثانية أقصر وأبلغ وأفصح لماذا؟ لأن المعنى إذا أُدي بلفظين لا يُعدَل عنه إلى ثلاثة إلا لحشو وهذا عدم بلاغة وفصاحة حينئذ نقول هذه القيوم لو لم نُعمل مدلولها ونقيد الأحكام الشرعية بها لصارت عبثاً لأنها تكون وجودها وعدمها واحد وتخصيص أحدهما بالذكر مع استواءهما في الحكم ترجيح بلا مُرجح لأن السائمة ليست أولى للمعلوفة إذا كان الحكم مستوي في السائمة والمعلوفة لم خص؟ لم ذكر السائمة دون المعلوفة؟ هل هي أولى؟ ليست بأولى إذا كان الحكم مستوي في النوعين فذكر السائمة حينئذ دون المعلوفة صار من باب ترجيح الشيء بلا مُرجح، وهو حجة عند الأكثرين خلافاً لأبي حنيفة وبعض المتكلمين، قال لأنه ورد في النصوص الشرعية بعض ما يفيد مفهوم المخالفة فلم يُعمَل به نقول كون مفهوم المخالفة لا يُعمَل به في بعض المواضع لأن من قال بمفهوم المخالفة قيده بشروط ليس على إطلاقه {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} ثم قال {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} إذاً قيد

هنا الحكم بماذا؟ أربعة أشهر أليس كذلك ما عداها يجوز الظلم؟ ما عداه إذا أخذنا بظاهر اللفظ يجوز الظلم لكن ليس مراداً هذا باتفاق نقول هذا لكونه مناسباً للواقع فإذا نزلت الآية وفيها قيد لابد من اعتبار شروط إعمال مفهوم الموافقة ومنها ألا يكون لبيان واقع أو مناسبة واقع معين حينئذ لا يُعتَبر وسيأتي بيانه. إذاً قالوا لأنه ورد في بعض النصوص الشرعية مفاهيم مخالفة لا يمكن العمل بها ثم فوائد القيوم كثيرة ولا يمكن أن يُحكَم بكون هذه اللفظ أفادت كذا دون كذا يعني يمكن الاحتراز باللفظ الواحد عن عدة أمور تخصيص أحد المعاني قالوا هذا ترجيح بلا مُرجح فحينئذ ما حكم المسكوت عنه الذي لم يُقصَد باللفظ قالوا يبقى على أصله وهو أنه مسكوت عنه فيُطلَب دليل من الخارج لكن المرجح الأول وهو أنه حجة. ثم قال ودرجاته ست: درجات ماذا؟ مفهوم المخالفة، درجاته ست إحداها مفهوم الغاية بإلى وحتى يعني متى نحكم بكون هذا اللفظ أفاد مفهوم المخالفة يعني له مواضع تُلتَمس فيه ليس على إطلاقه منها مفهوم الغاية بإلى وحتى وهو مد الحكم بأداة الغاية وأداة الغاية كما هو معلوم الأشهر إلى وحتى وإلى هي الأصل {أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} هذا مفهومه أن ما بعد دخول الليل ليس حلاً للصيام هذا مفهوم مخالفة لماذا قيل به في الغاية؟ قال لأنهم أجمعوا على تسميتها حروف غاية وغاية الشيء هو منتهاه فلو أُثبت الحكم بعدها لم تُفد تسميتها غاية {أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} إذاً غاية انتهاء الصيام هو الليل لو كان الحكم ما بعد إلى مساوياً لما قبلها أو مسكوت عنه ما فائدة كونها حرف غاية ليس لها معنى بطل معناها الأصلي وإنما المراد بإلى أنها تدل أن ما بعدها هو غاية لما قبلها فحينئذ ينتهي الحكم وهو إيجاب الصيام على قوله الليل وما بعد الليل دخول الليل يأخذ حكم مخالفاً لما قبله، فيدل حينئذ على نقيض ذلك ال-حكم السابق لما بعد الغاية {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} لا تحل حتى تنكح فإذا نكحت حلت هذا المراد أو ليس المراد؟ هذا المراد وهو مفهوم المخالفة أن ما بعد حتى مخالف لما قبلها في الحكم {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ} قال {حَتَّىَ تَنكِحَ} إذاً فإذا نكحت حلت له، وهو حجة عند الجمهور وإليه ذهب معظم نفاة المفهوم حجة عند الجمهور وعلى ما ذكرنها من تعليل سابق أنهم أجمعوا على تسميتها حروف غاية ومعنى الغاية هي الانتهاء انتهاء الشيء ولا يُفهَم منه إلا كون ما بعدها مخالفاً لما قبلها في الحكم وإلا لو استوى ما بعدها أو صار مسكوتاً لا فائدة فيها، أنكره بعض منكري المفهوم يعين أكثر الحنفية وبعض الفقهاء قالوا لأن هذا نطق بما قبل الغاية وسكوت ما بعدها دائماً الحنفية يحكمون على ما يقال بأنه مفهوم المخالفة بأنه مسكوت عنه نقول لا هذه ترده اللغة أثبت أهل اللغة أن ما بعد إلا أو حتى هذا مخالف لما قبلها في الحكم.

الثانية مفهوم الشرط والمراد بالشرط هنا الشرط اللغوي وليس الشرط الذي سبق معنى مقابل للسبب والمانع والمراد به ما عُلق من الحكم على شيء بأداة الشرط إن وأخواتها كما في قوله تعالى {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ} {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} هذا منطوق حوامل تلزمهن نفقة مفهومه دل على عدم وجوب النفقة لمن للمعتدة غير الحامل أما غير الحامل فلا تجب عليه النفقة أما الحامل فتجب دل بالمنطوق على وجوب النفقة للحوامل دل بالمفهوم على عدم وجوبها لغير الحامل وهو حجة عند الجماهير بل قال الشوكاني في إرشاد الفحول إنه لا ينكره إلا أعجمي لأن هذه المفاهيم كلها مأخوذة من لغة العرب وهو حجة لأن الشرط يلزم من عدمه عدم المشروط وأنكره قوم كما سبق أنه يكون مفهوم المخالفة في حكم المسكوت عنه لم؟ قالوا إنه إذا عُلق على شرط فحينئذ في الكلام لم يعلقوا الحكم إلا على شرط واحد ويحتمل حينئذ أن يكون ثم شرط آخر لم يُذكر فحينئذ إذا قلنا بانتفاء الحكم عند انتفاء الشرط وبقي شرط لم يذكر هل صار مفهوم المخالفة معتداً به قالوا لا لأن الحكم هنا فيما دل عليه اللفظ لكن بالقصد لا بالتناول فما ذكر من شرط واحد نقول الظاهر والمراد هنا غلبة الظن توقف الحكم على ذلك الشرط فحينئذ ينتفي الحكم بانتفاء ذلك الشرط فلو كان ثم شرطاً آخر لعُلق عليه فإن عُلق حكم على شرطين وقد لُفظ بالشرطين نقول يتخلف الحكم عند تخلف الشرطين معاً وإن ترتب على الشرطين شيء فبالحصول للشرطين معاً إن رُتب على شرطين أو ثلاث نقول الحم لا يوجد إلا بوجودها معاً فإذا تخلف واحد لا نقول بالمفهوم هنا لأن الحكم معلق على شرطين فأكثر لكن لابد من التنصيص عليها فإذا لم يُنص حينئذ نقول الحكم معلق بغلبة الظن.

الثالثة مفهوم التخصيص تخصيص هذا جرى على قول البعض أن ثم فرقاً بين التخصيص والصفة لكن لا يظهر وجه للفرق بينهما لأن المفاهيم كلها تخصيص وإنما التخصيص يعتبر نوعاً من الصفة لذلك لا فرق بين الثالثة والرابعة لا فرق من جهة الأحكام والمعنى للثالثة والرابعة لذلك لما عرف مفهوم المخالفة قال كدلالة تخصيص الشيء بذكره بنفيه عما عداه ما هي أوجه هذه التخصيصات؟ هي مفهوم الغاية ومفهوم الشرط ومفهوم الصفة إلى آخره والعدد واللقب إلى آخره، إذاً لا فرق بينهما، مفهوم التخصيص نقول هذا نوع من مفهوم الصفة لأنه ذكر تعليق الحكم على صفة وهي اسم عام وهو أي مفهوم التخصيص أن تذكر الصف عقيب الاسم العام في معرض الإثبات والبيان يعني في سياق الإثبات والبيان لذلك قيدها أن تذكر الصفة عقيبة لاسم العام إذاً عندنا لفظ عام ثم تأتي بعده صفة نقول هذا مفهوم التخصيص عند المصنف بهذين القدين صفة ويسبقها لفظ عام في بيان أو في معرض البيان لهذه الأحكام المذكورة في اللفظ كقوله في سائمة الغنم زكاة على ما ذكره هو من جهة المعنى صحيح المثال لكن على ما ذكره نقول المثال غلط وليس بصحيح وإنما الأصح أن يقال في الغنم السائمة الزكاة هو يقول أن يُذكَر تُذكَر الصفة عقيبه لاسم العام أين الاسم العام هنا في سائمة الغنم؟ أين عقيبه عقيبه يعني بعده ما يصح على هذا اللفظ وإنما يصح على لفظ آخر في الغنم السائمة الزكاة الغنم هذا اسم عام يشمل السائمة والمعلوفة السائمة هذه صفة ذُكرت عقيبة لاسم العام إذاً هذا نوع واحد أراد به بالتخصيص أراد به نوعاً واحداً من مفهوم الصفة وهو فيما ذُكر اسم عام ثم تلاه صفة وهذا سبق أنه من المخصصات لكن له مفهوم {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ} نقول مفهوم بدل البعض هنا أن غير المستطيع لا يلزمه الحد هذا مفهوم المخالف أثبتنا الحكم بوجوب الحج على المستطيع ونفيناه عن غير المستطيع هذا هو عين مفهوم المخالفة، أن تذكر الصفة عقيب الاسم العام في معرض الإثبات والبيان كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((في الغَنَمِ السائمة زكاة)) أما في سائمة الغنم الزكاة هذا يدخل فيما في الرابع لا في هذا، فذُكر اسم العام في الغنم ثم تلاه صفة فنقول أفاد التخصيص أن الحكم حكم الزكاة متلق بالسائمة فقط وأما المعلوفة فيُنفى عنها الحكم بوجوب الزكاة، وبعضهم يعرفه وهذا يتعلق بما بعده مفهوم الصفة أن يقترن بعام صفة خاصة وعليه على هذا التعريف مثال المصنف صحيح لأنه اقترن باسم عام بعام صفة خاصة أليس كذلك أن يقترن باسم عام صفة خاصة وهنا قد حصل لأن الصفة عندهم ليست مختصة بالنعت عن النجاة بل قد يكون مضافاً وقد يكون مضافاً إليه وقد يكون حالاً قد يكون نعتاً كل ما يفيد معنى زائداً عن الموصوف فهو صفة فعليه إذا قيل إن اقترن اسم عام بصفة إذاً مطلق الاقتران لا يشترط فيه أن يتقدم الاسم العام ثم تعقبه الصفة نقول لا مطلق اقتران اسم العام بصفة نقول هذا هو التخصيص، أو هو تعليق الحكم بإحدى صفتي الذات فيشمل المثالين في الغنم السائمة زكاة وفي سائمة الغنم زكاة إذاً كلاهما مثالان لمفهوم الصفة، في سائمة الغنم هذا وقعت الصفة هنا مضافة في الغنم

السائمة هنا وقعت الصفة نعتاً على ما هو مشهور عند النحاة، في سائمة الغنم زكاة إذاً فُهم منه عدم الوجوب في سائمة غير الغنم أليس كذلك؟ في سائمة الغنم لا شك أن الغنم الحكم مختص بالسائمة طيب سائمة البقر يشمل أو لا يشمله؟ لا يشمله لأنه قال في سائمة الغنم حينئذ خص الحكم بالغنم وأخرج سائمة غير الغنم هكذا قال البعض، وهو حجة يعني الإمام أحمد ومالك والشافعي لغة يعني أُخذ من دلالة اللفظ اللغوي بسياق الكلام فيما سبق، ومثله أن يُثبَت الحكم في أحد فينتفي في الآخر مثل ((الأيِّم أحق بنفسها والبكر تُستأذن)) هذا ما عنون بعضهم بالتقسيم أن يُثبت الحكم في واحد ويُنفى عن ألآخر ((الأيِّم أحق بنفسها والبكر تُستأذن)) تقسيمه إلى قسمين اثنين قابل الثيب أو الأيم بالبكر وتخصيص كل واحد بحكم يدل على انتفاء ذلك الحكم عن القسم الآخر لأن الحكم لو عم القسمين ما الفائدة من التقسيم؟ ما الفائدة إذا قال الأيم أحق بنفسها والبكر تُستأذن إذاً قسَّم فأثبن لكل قسم حكم خاص مفهومه أن ما أُبت للقسم الأول منفي عن الثاني وما أُثبت للقسم الثاني منفي عن الأول لماذا؟ لأننا لو نقصر الحكم على المذكور كل قسم بحده لما كان فائدة للتقسيم صار عبثاً وهنا نحن نتحدث عن الشرع والشرع الأصل أنه حكيم فصيح حينئذ نقول إذا قسم ورتب على كل قسم حكم نقول ينتفي الحكم عن القسم المقابل ولذلك قال ومثله أن يثبت الحكم في أحد يعني في أحد القسمين فينتفي في الآخر لماذا؟ لأن هذا هو فائدة التقسيم لو لم ينتفي عن الآخر لما جُعل للتقسيم فائدة الأيِّم أحق بنفسها إذاً البكر تُستأذن لو يذكر البكر مثلاً وذكر البكر نقول الأيم أحق بنفسها.

الرابع مفهوم الصفة وهو تخصيصه ببعض الأوصاف التي تطرأ وتزول يعني وليست شرطاً ولا غاية ولا عدد بعضهم قال أبو المعالي الجويني يقول الصفة مفهوم الصفة هو رأس المفاهيم لماذا؟ لأن كل المخصصات أو كل المفاهيم الأخرى يمكن ردها إلى الصفة فلذلك قال لو عبر مُعبر عن جميع المفاهيم بالصفة لكان ذلك متجهاً لماذا؟ لأن مقصودهم تقييد الموصوف من جهة المعنى بما دل عليه اللفظ حينئذ الظرف المكاني هذا وصف للمظروف الظرف المكاني وصف للمظروف لأنه وُصف بكونه في مكان كذا وكذلك الظرف الزماني وصف للمظروف كذلك العدد كذلك الغاية كذلك الشرط كلها في المعنى أوصاف حينئذ مفهوم الصفة أعم الجميع، وهو تخصيصه ببعض الأوصاف كصفة السوم في قوله في سائمة الغنم الزكاة خصصه بصفة معية والصفة هنا أعم من النعت النحو فيشمله نحو في الغنم السائمة زكاة هذا السائمة هذا نعت نحوي ونعت أصولي صفة والمضاف نحو في سائمة الغنم سائمة هنا وقعت الصفة مضافة وفي المضاف إليه مطل الغني ظلم إذاً مطل الفقير؟ ليس بظلم مطل الغني ظلم الغني احترزاً عن الفقير كذلك الحال {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} إذاً لا اعتكاف إلا في المسجد، من باع نخلاً مُؤبراً مُؤبراً إذاً غير المؤبر لا يلزم الحكم فثمرتها للبائع إذاً نقول تخصيصه ببعض الأوصاف ليس المراد به الصفة النحوية بل قد تكون الصفة هنا في المضاف أو المضاف غليه أو الحال هذه الصفة قال تطرأ وتزول ليست بلازمة لأنها لو كانت لازمة حينئذ لا يحصل بها الفرق كالطول والقصر هذه ليس لها كونه أعرابياً كما سيأتينا في القياس هلكت وأهلكت كونه أعرابياً كونه جاء نصيح كونه يقول هلكت وأهلكت كل هذه أوصاف نقول هذه لا تؤثر في الحكم وإنما الوصف الذي يمكن اعتباره ويكون بشرط أنه يطرأ ويزول هذا الذي يمكن اعتباره ويُجعَل له مفهوم، مثل: ((الثيب أحق بنفسها)) فالثيوبة وصف خصص به حكم الأحقية وهو يطرأ ويزول يطرأ يعني لم يكن ثم كان ليس بوصف لازم لم يكن ثم كان لأنه إذا كان لم يرتفع إذا وُجد لم يرتفع، وبه قال جُلُّ أصحاب الشافعي يعني بمفهوم الصفة جل أصحاب الشافعي واستدلوا لكونه حجة بأنه لو لم يدل عليه لغة لما فهمه أهلها قال - صلى الله عليه وسلم - لي الواجد يُحل عرضه وعقوبته أي مطل الغني ولذلك جاء في الصحيحين مطل الغني ظلم قال أبو عبيد وهو إمام في اللغة يدل على أن لي من ليس بواجد لا يُحل عقوبته وعرضه هذا أمر لغوي يعني مرجعه إلى أهل اللغة، واختار التميمي وهو أبو الحسن أنه ليس بحجة وهو قول أكثر الفقهاء والمتكلمين لماذا؟ قال لاحتمال المتكلم غفل وهذا بعيد في الشرع لاحتمال أن المتكلم غفل عن ضد الوصف الذي حُكم به ما أراه هذا ممكن يقع في كلام الناس أنه يصف ثم لا يستحضر الحكم الذي قد يخرج به هذا الوصف نقول هذا انتفاءه في الشرح واضح لا يمكن أن يُعلل في الشرع.

الخامسة مفهوم العدد وهو تعليق الحكم في عدد مخصوص نحو {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} إذاً لا أقل ولا أكثر الحكم هنا مرتب على ثمانية يعني ثمانين فيبق العدد كما هو فلا تسع وسبعين ولا واحد وثمانين أليس كذلك فيُعلَق الحكم على المذكور وينفى عما عداه وعما عداه أقل أو أكثر ليس دائماُ يكون مخصوصاً بالأكثر في العدد، وهو تخصيصه بنوع من العدد مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا تُحَرِّم المصَّة والمصَّتان)) إذاً ما فوق الرضعتين تُحرمان لكن هذا معارض من حديث عائشة ثم نُسخن بخمس معلومات لكن المراد المثال فقط عند الأصوليين يذكرون المثال ولا يريدون تحقيق المسألة والشأن لا يعترض المثال إذ قد كفى الفرض والاحتمال، إذاً لا تُحرم المصة والمصتان المصة عينها والمصتان لا تُحرمان وإنما ما كان أكثر ثلاث وما فوق يُحرم، ومثل حديث القلتين إذا كان قلتين أو بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث مفهومه أن ما دون القلتين يحمل الخبث وإن كان هذا الحديث فيه نزاع هل هو مفهوم عدد أو مفهوم شرط الجمهور على أنه مفهوم عدد لكن الظاهر أنه مفهوم عدد في ضمن مفهوم شرط ونص على ذلك الشوكاني في وبل الغمام، وبه قال مالك وداود وبه أي بمفهوم العدد قال مالك وداود وبعض الشافعية لئلا يعرى التحديد عن الفائدة لأنه يرد {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ} لو قنا هذا لا مفهوم له إذاً لما حدد بمائة صار عبثاً حينئذ لئلا يعرى التحديد عن الفائدة قالوا بمفهوم العدد حينئذ إذا علق الشرع على عدد معين الأصل بقاءه ولأن العدد وصف للمعنى في المعدود فهو كمفهوم الصفة في الحجة كأنه في المعنى صفة، خلافاً لأبي حنيفة وجل أصحاب الشافعي قالوا لأن العدد في معنى اللقب واللقب كما سيأتي عند الأكثرين لا مفهوم له والأصح أنه يعتبر مفهومه والحجة في اللغة.

السادسة مفهوم اللقب وهو أن يخص اسماً بحكم يعني تخصيص اسم بحكم والمراد بالاسم هنا ما ليس بوصف فيشمل الجامد الذي هو دال على ذات فقط أو على معنى فقط ما دل على ذات فقط كالأعلام أعلام الأشخاص وأسماء الأجناس نقول هذه تدل على ذات فقط أو معنى فقط زيد نقول خالد في البيت خالد هل مفهومه أن علياً ليس في البيت ليس له مفهوم لو قلنا له مفهوم لقلنا خالد معناه خالد والذي يكون في البيت وما عداه فهو منفي عنه الحكم فعمرو وبكر ليسوا في البيت نقول هذا مفهوم اللقب أن يُعلّق الحكم على لفظ جامد ليس له معنى هل له مفهوم أو لا؟ الأكثرون على أنه ليس له مفهوم، مفهوم اللقب وهو أن يخص اسماً بحكم يعني تخصيص اسم بحكم وهذا الاسم المراد به ما يقابل الصفة وهو الاسم الجامد كأسماء الأجناس والعلم بأسمائه الثلاثة وأسماء الجمود هكذا نص الشيخ الأمين رحمه الله، أنكره الأكثرون وأنكره الأكثرون بالواو وهو الصحيح يعني الإنكار لمنع جريان الربا في غير الأنواع الستة لأنه لو قيل به كلو هنا في نوع يعني عدم وضوح وهو الصحيح لمنع جريان الربا في غير الأنواع الستة لو قيل بمفهوم اللقب لقيل الذهب والفضة بالفضة الستة التي ذُكرت في الحديث ما عداها لا يدخله الربا لأن الذهب هذا اسم جامد والفضة اسم جامد والملح اسم جامد والتمر اسم جامد إذاً بمفهومه لو قلنا بالمفهوم لو ذكرنا أن مفهوم اللقب له مفهوم حينئذ لانتفى الربا في غير الست كما هو قول ابن حزم رحمه الله لو قلنا بالمفهوم لانتفى الربا دفعاً لهذه التخصيص تخصيص الربا بالستة المذكورة في الحديث دفعاً لهذا نقول اللقب ليس بحجة لكن هذا الدليل يحتاج لنظر، وهو الصحيح لمنع جريان الربا في غير الأنواع الستة يعني مراده كما بين في الحاشية أن الأكثر منعوا لاحتجاج بمفهوم اللقب لما يلزم عليه من القول بمنع جريان حكم الربا في غير الأنواع الستة المنصوص عليها في الحديث وهو مخالف لأكثر الفقهاء الذين يرون جريان الربا في غير الأصناف الستة المذكورة فكان الأوضح أن يقول لما يلزم عليه من منع جريان الربا في غير الأصناف الستة لكن هذا الدليل يحتاج إلى نظر، وهو الصحيح لمنع جريان الربا في غير الأنواع الستة وهو حجة عند أحمد ومالك وداود والصيرفي والدقاق لكن الأكثر على عدم اعتباره، وجُعلت تربتها طهوراً الأكثر على القول بمنع مفهوم اللقب وجُعلت تربتها طهوراً هنا قُيد الحكم بماذا؟ بالتربة إذاً الحجر لا يُتيمم به لو قلنا بالمفهوم أن مفهوم اللقب معتبر حينئذ قوله جُعلت تربتها طهوراً منع التيمم بالحجر إذاً إذا قلنا تربتها له مفهوم نمنع التيمم بالحجر إذا قلنا لا مفهوم له نقول ماذا يستوي الحكم في الحجر وفي التراب بل بعضهم قال القول بمفهوم اللقب في بعض ألأحوال قد يكون كفراً محمد رسول الله إذاً غيره برسول لأن محمد هذا لقب إن قلنا له مفهوم معناه تُثبت نقيض الحكم لغيره إذاً غير محمد - صلى الله عليه وسلم - ليس برسول وهذا كفر لكن هذا معلوم بأدلة خارجة ليس بنفس النص إذاً نقول مفهوم اللقب هذا فيه خلاف والأكثرون على المنع، ثم شرع في بيان النسخ ونقف عند هذا، وصل اللهم وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

18

عناصر الدرس * النسخ * الإجماع * الإستصحاب. الدرس الثامن عشر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، وقفنا عند قول المصنف رحمه الله تعالى ثم الذي يرفع الحكم بعد ثبوته النسخ أي كأنه بين لك ما سبق من الأبواب تقرر الأحكام يعني تُثبت بها الأحكام الشرعية من إيجاب وتحريم وندب وكراهة وإباحة ثم هل هذا الحكم يحتمل الرفع أو لا هل يقبل التغير فيكون مباحاً ثم يكون محرماً أو يكون محرماً ثم تأتي الإباحة أو يكون إيجابا ثم يُباح إلى آخره هل بعدما تثبت الأحكام الشرعية هي يثبت التغير أم لا، قال ثم الذي يرفع الحكم بعد ثبوته إذاً يمكن أن يُثبَت الحكم أولاً ثم بعد ذلك يُرفَع ولكنه قريب النسبة للأحكام الشرعية الأكثر فيها أنها ثابتة مستقرة وقد يرد على بعضها ما يُسمى برفع الحكم بعد ثبوته الذي عنون له الأصوليون بباب النسخ وإن كان هو على خلاف الأصل لأن أكثر الأحكام ثابتة ما نُزِّلت الشريعة إلا من أجل أن تستقر وتكون ثابتة من جهة الأحكام الشرعية تامة وحينئذ إذا بدت مصلحة أو علق الرب جل وعلا حكماً على مصلحة ما قد تزول المصلحة فيزول معها الحكم فحينئذ سُمي هذا باب النسخ، ثم الذي يرفع الحكم بعد ثبوته النسخ، النسخ هو فاعل يرفع يرفع الحكم الذي يرفع الحكم يعني النسخ يرفع الحكم النسخ له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي وأما معناه في اللغة فقال رحمه الله تعالى وأصله الإزالة وأصله من جهة اللغة الإزالة وهو الرفع حقيقة كما أخذه في حده الاصطلاحي، وأصله في اللغة الإزالة أصله الإزالة ولذلك يُقال نسخت الشمس الظل بمعنى أزالته ونسخت الريح آثار القوم بمعنى أزالته ويُطلق أيضاً على النقل ولكن هل إطلاقه على النقل حقيقة أم مجاز؟ هذا فيه نزاع والمشهور في المذهب عند الحنابلة أنه مجاز، ثم النقل نوعان يعني يُطلق النسخ مراداً به النقل ولكن النقل يكون على مرتبتين إلا مع بقاء الأصل وإلا مع زوال الأصل يعني إما أن يبقى الأول كنسخ الكتاب تقول نسخت الكتاب ولم يزل كله بل هو باق على أصله وكذلك يُقال المنساخات المواريث هذه أزلت الحكم أو نقلت الحكم ولكن الأصل باق وهو المواريث، إذاً النقل يكون مع إزالة الأصل ومع عدم إزالة الأصل يعني يكون الأصل يكون باقياً على نفسه وهل إطلاقه على الأول حقيقة والثاني مجاز أو بالعكس؟ هذا فيه نزاع بينهم ثم قال وهو أي النسخ في الاصطلاح وهو الذي يعنينا رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخٍ عنه إذاً هما خطابان وعليه لابد أن يكون الناسخ والمنسوخ سمعيين لأنه قال رفع الحكم وسيأتي تفسير الرفع بأنه تغيير تغييره من إيجاب إلى إباحة أو عكس، رفع الحكم الثابت المراد بالحكم الثابت هنا المنسوخ المراد به الحكم الذي نُسخ بخطاب متقدم يعني كون هذا الحكم ثابت بخطاب متقدم لم يثبت ببراءة أصلية وإنما ثبت بشرع فحينئذ إذا كان الحكم الأول الذي نُسخ حكماً شرعياً وقد ثبت بخطاب شرعي هو حصل الرفع بخطاب بخطاب هذا معتلق بقوله رفع بخطاب متراخ عنه يعني عن الحكم فحينئذ عندنا دليلان عندنا خطابان الخطاب الأول أثبت حكماً شرعياً وجاء بعده خطاب آخر متراخ عنه يعني لابد أن يكون

منفصلاً ولا يصح أن يصح أن يكون متصلاً حينئذ يكون الثاني رافعاً للأول هذا في جملة ما ذكره وسيأتي أنه يفسر الحد كلمة كلمة، رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخٍ عنه هنا عبَّر بالرفع لأن النسخ مصدر والرفع مصدر بعضهم عبَّر بالخطاب قال النسخ هو الخطاب الدال كما سيأتي عن المعتزلة وهذا ليس بصحيح لماذا؟ لأن الرفع هو النسخ فحينئذ يطابق الحد المحدود لفظاً ومعناً وأما إذا قيل الخطاب هو عين الخطاب هذا صار تعريفاً للناسخ وليس للنسخ وفرق بين الناسخ والنسخ فعندنا منسوخ وناسخ ونسخ ويريد أن يعرف حد النسخ ما هو النسخ هو الرفع عين الرفع وأما الذي يُرفَع به فهذا الناسخ والذي يكون مرفوعاً هذا هو المنسوخ وبحثنا في النسخ لا في الناسخ ولا في المنسوخ، نسخ إذاً عبَّر بالمصدر ليطابق الحد المحدود لفظاً ومعنى، الثابت بخطاب بخطاب هذا متعلق بقوله الثابت بخطاب الأول متعلق بقوله الثابت يعني الحكم الذي هو قابل للنسخ لابد وأن يكون ثابتاً بخطاب يعني بشرع بدليل شرعي ولو قال بدليل شرعي لكان أولى لماذا؟ لأن الخطاب قول وقد يكون النسخ بالفعل كما في نسخ الوضوء مما مست النار بأكل النبي من الشاة ولم يتوضأ هذا حصل به النسخ وهو فعل فإذا قيل بخطاب تعين أن يكون الناسخ قولاً وليس بلازم ولذلك عبَّر بعضهم في حد النسخ بقول رفع حكم شرعي بدليل شرعي ليشمل النسخ بما إذا كان بخطاب بقول أو بما كان بفعل متراخ ليُخرج المخصصات المتصلة كما ذكرناه سابقاً في الفرق بين النسخ والتخصيص أن التخصيص لا يشترط فيه الاتصال بل قد يكون متصلاً وقد يكون منفصلاً وأما النسخ فلابد أن يكون منفصلاً فإذا جاء متصلاً بالدليل فحينئذ خرج عن كونه نسخ مجرد اصطلاح وإلا الحكم قد يكون واحداً إلا أن النسخ رفع للجميع هذا هو الغاية يعني لجميع الحكم وقد يكون النسخ رفعاً لبعض الحكم وأما التخصيص فلا يكون للجميع إذاً قد يكون المخصص متصلاً أو يكون منفصلاً ويكون رافعاً للبعض وحينئذ يكون متراخياً ويكون رافعاً للبعض فيحصل ثم اشتباه بين النسخ والتخصيص، رفع الحكم الثابت بخطاب قلنا ألأول أن يُقال بدليل شرعي لدخول الفعل في الدليل دون الخطاب، متقدم هذا الخطاب لابد وأن يكون متقدماً لأنه لو كان متصلاً لو كان الثاني متراخي متصلاً بالأول لصار من المخصصات، متقدم بخطاب متراخٍ عنه أي الدليل عن الحكم.

ثم قال والرفع أراد أن يبين بعض المحترزات وهذا خرج عن عادته لأنه لم يعتد أن يبين محترزات الحد ولكنها ذكرها هنا خروجاً عن الأصل، والرفع الذي أُخرج جنساً في حد النسخ لأنه قال وهو رفع الحكم ما المراد بالرفع؟ قال الرفع إزالة الشيء ونحن قلنا النسخ في اللغة هو الإزالة الإزالة إذاً حقق المعنى اللغوي كما ذكرناه سابقاً أنه يُذكر في أول الاصطلاحات المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لماذا؟ لبيان العلاقة بينهما لأنه لا يمكن أن يكون المعنى الاصطلاحي مبايناً للمعنى اللغوي من كل وجه وإنما لابد من الاشتراك فيكون حينئذ المعنى اللغوي أعم من المعنى الاصطلاحي هذا هو الغالب لذلك النسخ في اللغة الإزالة إزالة أي شيء؟ إزالة الماء من الكوب إزالة الفرش من المسجد إزالة كذا إلى آخره ما لا يُحصى كل ما يصح التعبير عنه بالإزالة فيصح أن يكون نسخ بالمعنى اللغوي لكن في الشرع هنا في الاصطلاح رفع إزالة حكم شرعي فقيد إذاً ليس على إطلاقه إذاً الرفع ما هو؟ قال إزالة الشيء على وجه يعني على حال وعل طريقة لولاه لولا تلك الإزالة أو ذلك الرفع لبقي ثابتاً كما هو يعني لولا إزالة ورفع الحكم بتوجه المصلي مستقبلاً لبيت المقدس لولا الرافع والناسخ لبقي الحكم كما هو أليس كذلك لولا مجيء {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} لبقينا نصلي إلى جهة بيت المقدس إذاً ما المراد هنا بالإزالة؟ نقول المراد بها تغيير الحكم من الإباحة أو التحريم أو العكس أو من الإيجاب إلى الندب أو غير ذلك إذاً الحكم لم يبقى على أصله بل غُير لكن بشروط يذكرها أهل الأصول، الرفع احترز به عن ماذا الذي هو الإزالة الذي هو التغيير تغيير الحكم من إيجاب إلى تحريم مثلوا له بنص الصدقة وجوب الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المناجاة كان واجباً ثم صار مباحاً إذاً تغير الحكم أم لا؟ تغير الحكم أُزيل الحكم الأول أم لا؟ رُفع الحكم الأول أو لا؟ نقول نعم رُفع ولم يبقى على أصله، لولا قوله {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا} لبقي النص دالاً على ما دلَّ عليه ولا بقي النص دالاً على إيجاب الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المناجاة إذاً ما الفائدة من هذا القيد؟ قال ليخرج زوال الحكم بخروج وقته إذاً رفع الحكم الثابت مراداً به أو احترز به عن زوال الحكم بخروج وقته أي انتهاء وقت الحكم قد يكون الحكم واجباً ثم بعد ذلك يزول ويرتفع ويتغير من إيجاب إلى إباحة لكن لا لكون الحكم قد رُفع وإنما لانتهاء وقته كأن يكون مؤقتاً بوقت معين كالجمعة مثلاً الجمعة واجبة بشرطها فلو تُعمد وخرج الوقت حينئذ نقول ارتفع الحكم وهو إيجاب الجمعة لم ارتفع الحكم ووجب الجمعة؟ لأن الجمعة لا تُقضى حينئذ ليست بواجبة وإنما يأثم ويصليها ظهراً، ليخرج زوال الحكم بخروج وقته أي انتهاء وقت الحكم لا يسمى نسخاً فحينئذ عدم إيجاب الجمعة لمن أخرجها عن وقتها لا نقول هذا رفع للحكم وهو نسخ بل نقول رفع للحكم نعم لكنه ليس بنسخ وإنما هو لزوال أو لانتهاء وقت الحكم لأن الحكم هنا مؤقت فإذا خرج الوقت حينئذ نقول زال الحكم وارتفع لا لكون الحكم قد نُسخ وإنما لخروج وقته كمن أخرج الجمعة عن وقتها

فلا تُصلى لعدم الوجوب هذا كانت واجبة ثم صارت غير واجبة هذا رفع للحكم لكنه ليس بنسخ ليس بدليل متراخ وإنما لكون المحل قد فات وهو الوقت. والثابت بخطاب متقدم بماذا احترز به؟ الثابت بخطاب متقدم هذا صفة الحكم المنسوخ لابد أن يكون الحكم المنسوخ ثابتاً بخطاب متقدم، متقدم لمن؟ أي في الورد للمكلفين أن يكون ورد للمكلفين متقدماً لأن الاعتبار باعتبار المكلفين الحكم الأول يكون سابقاً ثم يليه الحكم الثاني الأولية والثانوية هنا باعتبار من؟ باعتبار المكلف التقدم والتأخير باعتبار المكلف، قال ليخرج الثابت بالأصالة ليخرج الحكم أو رفع الحكم الثابت بالبراءة الأصلية فليس بنسخ وهذا قد سبق أن البراءة الأصلية رفعها ليس بنسخ (وما من البراءة الأصلية قد أُخذت وليست الشرعية) التي عنون لها الأصوليون باستصحاب العدم البراءة الأصلية براءة الذمة هذه قد تُرفَع فحينئذ رفع الحكم الدال عليه بالبراءة الأصلية لا يسمى نسخاً لماذا؟ لأنه لم يثبت بخطاب متقدم البراءة الأصلية هذه براءة عقلية ليست بدليل شرعي ولذلك رفعها لا يسمى نسخاً بخلاف الإباحة الشرعية لأن الإباحة نوعان إباحة عقلية وهي البراءة الأصلية وإباحة شرعية وهذا حكم شرعي رفعاه يسمى نسخاً وأما الأولى فرفعها لا يسمى نسخاً حينئذ إذا ثبت بالبراءة الأصلية وهي استصحاب العدم عدم التكليف كان الربا في أول أمره مباحاً ثم جاء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا} نُهي عنه صار مُحرماً هل إباحة الربا في الأول ثم النهي عنه يعتبر رفعاً للحكم فصار نسخاً نقول لا لماذا؟ لأن إباحة الربا لم تثبت بدليل شرعي وإنما ثبتت بالبراءة الأصلية وهي استصحاب العدم وهي عدم التكليف الأصل في المُكلف عدم تكليفه في شيء أبداً إلا بدليل شرعي في الإثبات لابد من دليل شرعي وفي النفي قد يكون دليل عقلي كما سيأتي إذاً لو حصل رفع للحكم السابق بالبراءة الأصلية نقول لا يسمى نسخاً لأن النسخ شرطه أن يرد على حكم ثابت بخطاب شرعي فالحكم المنسوخ لابد أن يكون ثابتاً بخطاب شرعي فلو ثبت بالبراءة الأصلية عدم التكليف استصحاب العدم نقول هذه ليست براءة شرعية ليست بإباحة شرعية فرفعها ليس بنسخ بل هو تجديد شرعي.

إذاً الثابت بخطاب متقدم هذا احترز به عما رُفع حكمه وهو ثابت بالبراءة الأصلية فليست نسخاً والمراد بالأصالة هنا بالبراءة وهي عدم التكليف بشيء كان الأصل إباحة الجمع بين الأختين قبل التشريع قبل التحريم {وَأَن تَجْمَعُواْ} هذا معطوف على {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} إذاً صار محرماً والإباحة الأولى عقلية لأنها ثبتت بالبراءة الأصلية وهي عدم التكليف، وقوله بخطاب متأخر لماذا؟ بخطاب متأخر؟ قال احترز به عن زواله بزوال التكليف ليخرج زواله يعني زوال الحكم بزوال التكليف متى يزول التكليف؟ بالموت بالجنون ونحو ذلك فحينئذ لو زال الحكم وارتفع بزوال التكليف نقول هذا لا يسمى نسخاً مات كانت الصلوات واجبة عليه فمات هل وجبت عليه الصلاة؟ لم تجب عليه ارتفع الحكم أو لا؟ ارتفع، هل نقول نُسخ وجوب الصلاة في حقه؟ نقول لا ليس بنسخ لا يسمى نسخاً لماذا؟ لأن الرفع هنا ليس بدليل شرعي لأنه ليس بخطاب هنا عبر بخطاب، ليخرج زواله بزوال التكليف يعني إذا زال الحكم ورُفع بالموت مثلاً أو الجنون لا يعتبر نسخاً لماذا؟ لأن الرافع هو زوال التكليف ومتراخ عنه ليخرج البيان والتخصيص لأنه كما سبق أن التخصيص قد يكون متصلاً وقد يكون منفصلاً وأما النسخ فلابد وأن يكون منفصلاً، ليخرج البيان والتخصيص لأن الناسخ لابد أن يكون متأخراً عن الأول غير متصل به هذه احترازات للحد الذي ذكره رفع الحكم الثابت بخطاب المتقدم بخطاب متراخ عنه حاصله أن النسخ لا يمكن أن يُبَت حكم النسخ إلا إذا كان الناسخ أو النسخ فيه رفع لحكم شرعي وهذا الحكم الشرعي قد ثبت بدليل شرعي سابق ثم جاء دليل آخر خطاب آخر متراخ عنه رفع رفع ذك الحكم فحينئذ نقول هذا نسخ لكن شرط النسخ أنه لا يُعدَل إلا عند عدم الجمع هذا قيد لابد منه يعني الخطاب المتقدم والخطاب المتأخر لا يُدَّعى فيه مباشرة النسخ وإنما لابد من عدم إمكان الجمع فإن أمكن الجمع فلا نسخ متى ما أمكن الجمع فلا نسخ إلا أن يرد نص صريح واضح بيِّن بأن الحكم السابق قد نُسخ وأما مجرد الاحتمال وكون الثاني متراخياً عن الأول حينئذ نقول لا نسخ إلا إذا تذعر الجمع بين الدليلين ولذلك المراتب أربعة كما سيأتي لأن إعمال الدليلين دائماً يكون أولى من إهمال أحدهما لأنك إذا أعملت الثاني وأسقطت الأول قد أسقطت حكماً أو بعض حكم.

ثم قال وقيل في حده غير ما ذُكر لكن الأولى أن يُعبَر بتعريف النسخ رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ، متراخ هذا لتخرج المخصصات المتصلة والمراد بالحكم هنا ما تعلق بالمكلف بعد وجوده أهلا وهذا واضح بيِّن، وقيل في حد النسخ هو كشف مدة العبادة بخطاب ثانٍ وهذا فاسد يعني مرادهم أن الخطاب الثاني لم يرفع الحكم وإنما بيَّن الحكم الأول مؤقت فحينئذ ما شرعه الله - عز وجل - ليستمر أبداً لم يُوجب مثلاً إيجاب الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - على جهة التأبين لا وإنما شرعه مؤقتاً ثم نزل قوله {أَأَشْفَقْتُمْ ْ} مبيناً أن الوقت قد انتهى وهذا ليس بصحيح وهو كشف مدة العبادة بخطاب ثان مدة العبادة السابقة الذي ادعينا فيه أنه رُفع حكمها انتهى حكمها مُؤرَخة مؤقتة فحينئذ وظيفة الناسخ ما هو أن يرد ويبين لك أن العمل بهذه العبادة قد خرج وقتها انتهت هذا ضعيف أي بيان انتهاء مدة الحكم لا رفعه وإنما انقضى زمن الحكم الأول، وعليه ما الذي ينبني على هذا فيكون النسخ حينئذ من باب التخصيص ولكنه تخصيص في الأزمان لأن الأصل إطلاق أو شمول الحكم لكل زمن فجاء الناسخ أو الخطاب المتراخي فبيَّن أن الزمن ليس مستغرقاً لكل أوقات الحكم بل هو مُنتهي بوقت ما، وعليه فالنسخ تخصيص في الأزمان ويرد عليه قوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} فإن انتهاء مدة الصوم بظهور الليل ليس رافعاً لأنه مُغيَّى {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} إذاً بيَّن مدة العبادة أم لا؟ مدة العبادة، هل قوله {إِلَى الَّليْلِ} هل يعتبر ظهور الليل يعتبر رافعاً للحكم السابق؟ لا يعتبر رفعاً للحكم السابق فحينئذ النسخ لابد وأن يكون فيه معنى الرفع والإزالة وهنا ليس فيه معنى الرفع والإزالة إذا قيل النسخ هو كشف مدة العبادة السابقة أين الرفع والإزالة؟ هل تحقق فيه معنى النسخ لغة؟ الأصل لا وقوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} يدل على ذلك لأن الحكم مُغيَّب هنا غُيِّي بماذا؟ بإلى فدل على أن ظهور الليل لم ينسخ الصيام وإنما بيَّن مدته فإذا بيَّن مدته حينئذ يكون رفعاً للحكم السابق وإنما هو حكم مُغيى ينتهي بوجود الغاية وعليه فيكون هذا الحد فاسداً.

والمعتزلة قالوا في حد النسخ هو الخطاب الدال خطاب هذا محل المأخذ والخطاب الدال هذا ماذا هذا الناسخ والكلام في النسخ لا في الناسخ، الخطاب الدال على أن مثل الحكم الثابت بالنص السابق زائل على وجه لولاه لكان ثابتاً وهذا لا إشكال فيه كالأول إلا أنه مُصدَّر الحد بالخطاب والخطاب هذا الثاني هو الناسخ والحد إنما يكون للنسخ لا للناسخ فحينئذ لما يتطابق اللفظ والمعنى أو الحد مع المحدود، فالمحدود هو النسخ وهو مصدر والحد الذي هو الخطاب هذا للناسخ لا للنسخ، وهو خالٍ من الرفع عبر عن ذلك وهو أي حد المعتزلة للنسخ خال من الرفع الذي هو حقيقة النسخ لابد من مجود حقيقة النسخ وهو الرفع والخطاب هذا هو الناسخ فحينئذ هو تعريف للناسخ الذي هو الخطاب لا للنسخ.

ثم قال بعد أن عرف لنا النسخ ويجوز قبل التمكن من الامتثال ولم يُبين لنا هل هو جائز عقلاً أم لا؟ لأنه لا خرف بين أهل السنة في ذلك أما الرافضة فقالوا لا يجوز القول بالنسخ أبداً لأنه يؤدي إلى القول بالبداه وهو باطل في حق الله - عز وجل - فنفوا النسخ لماذا؟ ما المراد بالبداه؟ بأنه كُشف له علم بعد أن لم يكن يعلم وهذا مُنزه الرب جل وعلا عنه لكن هذا باطل والرافضة لا يُعتد بهم، ويجوز قبل التمكن من الامتثال، على ذلك نقول أن النسخ مرتبتان له حالان قد يكون بعد التمكن من الامتثال يُأمرون بالتوجه إلى الشام في الصلاة إلى البيت المقدس تمكنوا وامتثلوا ثم جاء الناسخ أو تُشرع العبادة وقبل أن يتمكنوا من الامتثال يرد النسخ إذاً له حالان لم يذكر الحالة الأولى لأنه هي الكثيرة وهي الواردة أنه يتمكنون أولاً من فعل العبادة من امتثالها ثم بعد ذلك يرد النسخ وهذا أمثلته كثيرة وهو الأصل إذا وُرد النسخ انصرف إلى هذا المعنى لكن هل يشرع الرب جل وعلا عبادة ثم يدخل وقتها وقبل أن يتمكن المكلف من الامتثال من الطاعة من القرب تُرفَع العبادة تُنسخ أو لا؟ قال نعم يجوز، يجوز قبل التمكن يعني يجوز النسخ ويقع قبل التمكن تمكن المكلف من الامتثال يعني الامتثال بماذا؟ العمل بمدلول الخطاب أي قبل وقت الفعل أي قبل وقت الفعل وهذا قول الجمهور أنه يجوز النسخ قبل التمكن من الامتثال بدليل ماذا؟ بدليل قصة إبراهيم عليه السلام أنه أُمر بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام ولكن هل تمكن من الفعل؟ الجواب لا {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ {103} وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ {104} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} ثم قال {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ} إذاً حصل النسخ قبل التمكن كذلك ما تواتر من نسخ فرض خمسين صلاة في السماء إلى خمس قبل الفعل أول ما وجبت الصلاة كم؟ وجبت خمسين ثبتت خمسين صلاة هل امتثل الناس؟ ما امتثلوا وهذا من رحمة الله - عز وجل - نحن ننازع في الخمسة الآن كيف لو كانت خمسين؟ الحمد لله، فحينئذ نقول نُسخت الخمسون قبل الامتثال إذاً واقع في قصة إبراهيم عليه السلام وفي كون النبي - صلى الله عليه وسلم - فُرضت أول ما فُرضت الصلاة خمسون صلاة ثم نُسخت إلى خمسين وإذا وقع دل على الجواز الوقوع يكون دائماً دليلاً على الجواز ولا إشكال في ذلك، ويجوز عند الجمهور هذا قول الجمهور قبل يعني النسخ قبل التمكن من الامتثال، والحكمة ما هي الحكمة في مثل هذه؟ الابتلاء الحكمة الابتلاء أن يكون الإنسان مُبتلى لماذا؟ لأن العبادة لها جهتان قد يُمَر العبد بعبادة فيمتثل فيكون المراد به الامتثال حصول الشيء أو يُبتلى بأنه يُكلَف بالشيء ثم قبل فعله يُنسخ ووجه حينئذ يكون من باب هل أخذ في الأسباب أم لا؟ هل انقاد عندما سمع الخطاب أم لا؟ هذا بناءاً على أن الحكمة في العبادة هي الابتلاء والامتثال أو بينه وبين الابتلاء ترددا أو بينه يعني الابتلاء أو بينه الامتثال أو بينه والابتلاء ترددا يعني الحكمة في شرع العبادة قال بعضهم قال الامتثال فقط وبعضهم قال لا الامتثال وهذا هو الأكثر وقد يكون المراد به

الابتلاء وفائدة حينئذ زيادة الثواب لأنه يعزل عن الفعل ويقول سمعنا وأطعنا ثم إذا أراد أن يفعل لا يُمكَن هذا الأمر ليس إليه. ثم قال والزيادة على النص إن لم تتعلق بالمزيد عليه كإيجاب الصلاة ثم الصوم فليس بنسخ إجماعاً، الزيادة عن النص مرادهم بها أن يرد نص منفصل لعبادة ما ثم يرد نص آخر بعبادة أخرى قد يكون لهذه العبادة الأخرى بها اتصال بالعبادة الأولى وقد تكون مستقلة ولذلك يُقال الزيادة على النص نوعان زيادة مستقلة عن العبادة الأولى وزيادة غير مستقلة، زيادة مستقلة منفصلة كإيجاب الصلاة أولاً ثم أوجب بعد ذلك الصيام إيجاب الصيام إيجاب الصيام نقول هذا زيادة عن المكلف {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} ثم نزل قوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} هذه زيادة أم لا؟ زيادة لكنها منفصلة عن العبادة السابقة هذه بالإجماع ليست بنسخ لأنه لو أُعتبر نسخاً حينئذ ما بقي شيء يكون الأخير هو رافعاً لما سبق فكل ما فُرض البعثة حينئذ يكون مرفوعاً بما فُرض في آخر البعثة. والزيادة على النص إن لم تتعلق بالمزيد فسر هذا التعلق وعده كإيجاب الصلاة ثم الصوم ثم إيجاب الصوم فليس بنسخ إجماعاً لماذا؟ لأن حقيقة النسخ رفع الحكم السابق وهنا هل عندنا رفع؟ لما أُوجب الصوم انظر إلى الصلاة هل بقي إيجابها أم ارتفع؟ بقي إيجابها إذاً ليس عندنا نسخ فحقيقة النسخة مرتفعة هنا ليست بثابتة حينئذ نقول ليس بنسخ وهذا إجماع بين الحنفية وغيرهم لأن حقيقة النسخ لم تتحقق هنا، وبقي حكم الصلاة بعد الزيادة ثابتاً كمل لو زيد إيجاب الصلاة يعني الحكم حكم الصلاة قبل الصوم وبعد الصوم سيان وهو الإيجاب كما كان ثابتاً قبلها.

ثم قال وإن تعلقت هذا هو النوع الثاني عبادة أو زيادة غير مستقلة وهذه نوعان الزيادة الغير مستقلة نوعان قال وإن تعلقت وليست بشرط فنسخ إن تعلقت هذه الزيادة الغير مستقلة عن المزيد عليه قد تتعلق به على وجه لا يكون شرطاً لذلك قال وليس بشرط يعني تعلقت بالمزيد عليه على أي وجه إلا أن يكون شرطاً وإن تعلقت وليست بشرط فنسخ عند أبي حنيفة أي هذه الزيادة غير المستقلة عن المزيد عليه فتتعلق به على وجه لا يكون شرطاً فيه بأن تكون جزءاً من العبادة الأولى وسيأتي مثالها مثل ماذا؟ مثلوا لحد الزاني البكر ما حده؟ الآية {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} إذاً ما حكم الزاني البكر؟ الجلد مائة جاء في النص البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ونفي عام في بعض الروايات ونفي سنة إذاً الحكم الأصلي الذي هو الجلد باق على ما هو عليه وجاء الزيادة في النص الآخر زيادة ماذا؟ زيادة النفي هل هذه الزيادة تعتبر نسخاً أم لا؟ الجمهور على أنها ليست بنسخ لماذا؟ لأن هذه الزيادة لم ترفع الجلد أولاً أين رفع الحكم السابق ليست عندنا حقيقة النسخ فحينئذ إذا انتفى تطبيق الحد على المثال نقول انتفى النسخ أين الحكم السابق الثابت بخطاب ثم ارتفع الجلد كما هو جلد ولكنه ضُم غليه شيء آخر فهو كما إذا ضُم إيجاب الصوم إلى إيجاب الصلاة ولا فرق بينهما، كزيادة تغريب عام على جلد مائة في حد الزاني البكر الثابت بحديث أبي سعيد البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة حيث صار التغريب جزءاً من الحد النفي صار جزءاً من الحد وهذا ثابت بالآية بنص مستقل لكن النص الثاني الدال على الزيادة دل على زيادة هي جزء من السابق لأن الأول حد نقول هو حد حينئذ مصدق الحد جلد مائة ثم زيد عليه ضُم إليه شيء آخر إذاً من جنسه أو من غير جنسه؟ من جنسه إذاً غير مستقلة أُختلف في هذه الزيادة هل هي نسخ أم لا، مذهب جمهور العلماء على أنها ليست بنسخ لانتفاء حقيقة النسخ وهذا لا إشكال فيه لأن الزيادة هنا زيادة سكت عنها النص الأول {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} ولم يتعرض للنفي والتغريب بإثبات ولا نفي إذاً سكت عنها وجاء النص مُثبتاً لها، هنا سكت عنها النص الأول ثم ضُم إليه شيء آخر فالحكم المزيد عنه ثابتاً لم يتغير ولم يرتفع إذاً حقيقة النسخ هذا أعظم ما يُتمَسك به حقيقة النسخ غير موجودة في هذه الزيادة، وذهب الحنفية على أنها نسخ لأن الجلد كان هو الحد الكامل الذي يترتب عليه الحكم وهو الفسق وإسقاط الشهادة على قوله فحينئذ لما زيد التغريب ارتفع صفة الكمال فحصل الرفع أو لا؟ حصل الرفع إذاً وُجدت حقيقة النسخ إذاً وجه النسخ عند الأحناف أنهم قالوا الآية دلت على كمال الحد أنه مائة فقط ولا زيادة لماذا؟ لأنه رتب على هذا الحد مائة جلدة فقط رتب عليه الفسق وإسقاط الشهادة فحينئذ لما جاء التغريب رفع صفة الكمال عن الحد السابق وإذا حصل الرفع ثبت النسخ لكن الجواب أن النسخ إنما يكون رفعاً لحكم شرعي وصفة الكمال ليست بحكم شرعي إذاً لم يتوفر أو يوجد حقيقة النسخ، إذاً صفة الكمال ليست بحكم شرعي فالوجوب باق لم يرتفع وهو

كل الواجب فلما زيد التغريب لم يتغير بل أُضيف إليه واجب آخر إذاً نقول الزيادة على النص إما أن تكون مستقلة أو يغر مستقلة، المستقلة هذه ليست بنسخ إجماعاً وغير المستقلة إما أن تكون ثابتة على وجه لا يكون شرطاً في المزيد عليه فحينئذ هذه عند الجمهور ليست بنسخ وهو الأحق وهي نسخ عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه.

فإن كانت شرطاً هذا النوع الثاني من الزيادة غير المستقلة قلنا الزيادة غير المستقلة أما أن تكون شرطاً أو لا تكون شرطاً إن لم تكن شرطاً فالحديث السابق عنها فإن كانت الزيادة شرطاً لمزيد عليه كالنية في الطهارة وزيادة الطهارة في الطواف مثلاً فأبو حنيفة وبعض مخالفيه في الأولى نسخ والجمهور لا ليست بنسخ لماذا؟ لأن حكم الصلاة لما أُضيف إليه الوضوء أو النية في الطهارة نقول هذا لم يترفع حكم الأصل لم يتحقق حكم الأصل وكأن الأحناف ينظرون إلى أن المسألة تتجزأ وإذا قبلت التجزيء وحصل نوع رفع حكموا بالنسخ كما سبق معنا في المطلق والمقيد {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} مؤمنة هذا قالوا نسخ والصواب أنه ليس بنسخ، مذهب الجمهور أن تلك الزيادة ليست بنسخ لانتفاء حقيقة النسخ فقوله {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} هذا دل على أمرين دل على إيجاب الصلاة وعلى إجزاءها لأنه كما سبق أن امتثال المأمور به يدل على الإجزاء إذا أتى به على الوجه الشرعي حينئذ إذا امتثل قوله تعالى {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} نقول أجزأت الصلاة بشرط أن يأتي بها على الوجه الشرعي، {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} دل على أمرين وجوب الصلاة والإجزاء فلما جاءت الزيادة وهي اشتراط الطهارة للصلاة هذا على فرض أن الصلاة فُرضت أولاً وصلوا قبل إيجاب الوضوء ثم فُرض الوضوء على هذا التقدير وهو قول لبعض الفقهاء حينئذ إذا أُوجب الوضوء بعد إيجاب الصلاة بقوله تعالى {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} هل هذه الزيادة شرط في المزيد عليه أو لا؟ شرط لأن الشرع رتب عليها فوات الصلاة بفوات الطهارة فحينئذ كانت هذه الزيادة شرطاً في المزيد عليه، نقول فلما جاءت الزيادة وهي اشتراط الطهارة للصلاة فالوجوب لم يرتفع وجوب الصلاة باق كما هو {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} دل على إيجاب الصلاة فإذاً إيجاب الصلاة باق على حاله بعد الزيادة كما هو قبلها إذاً أين النسخ بإيجاب الحكم هنا ليس عندنا نسخ وأما الإجزاء فهو الذي ارتفع فهو الذي حصل له الرفع بزيادة اشتراط الطهارة فحينئذ يكون هذا من باب التخصيص وليس من باب النسخ فإن كانت شرطاً أي الزيادة شرطاً للمزيد عليه كالنية في الطهارة والطهارة بالنسبة للصلاة نقول النية للطهارة فُرض الوضوء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} ما ذُكرت النية إذا وقفنا مع الألفاظ ما ذُكرت النية لكن قوله (لا عمل إلا بنية) أو (إنما الأعمال بالنيات) دل على أنه لا وضوء إلا بنية إذاً زيادة على الطهارة أو {أَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} ولم تُذكر الطهارة أصلاً فلما أُوجب الوضوء قيل هذه زيادة على إيجاب الصلاة وهي زيادة شرط في المشروط، فأبو حنيفة وبعض مخالفيه في الأولى نسخ والصواب أنها ليست بنسخ، إذاً الزيادة على النص عند الجمهور مطلقاً ليست بنسخ سواء كانت مستقلة أو غير مستقلة أليس كذلك؟ صحيح أو لا؟ الزيادة على النص عند الجمهور ليست بنسخ مطلقاً بلا تفصيل صحيح؟ عند الجمهور دعونا من الأحناف؟ عند الجمهور مطلقاً ليست بنسخ نعم لا هذا ذكرناه

في الأول وانتهينا، الزيادة على النص سواء كانت مستقلة أو غير مستقلة عند الجمهور ليست بنسخ صحيح لا إشكال وعند الأحناف التفصيل إن كانت غير مستقلة مطلقاً فهي نسخ سواء كانت جزءاً من المزيد عليه أو شرطاً له وإذا كانت مستقلة فليست بنسخ كالجمهور. ثم قال ويجوز إلى غير بدل إذاً يجوز النسخ إلى غير بدل الأصل في النسخ والأكثر أنه إذا نُسخ حكم شرعي جاء ببدله {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} هذا هو الأصل الغالب، لن هل يصح النسخ إلى غير بدل يُرفع الحكم ولا يأتي ببدله؟ الجواب نعم ويجوز نسخ الحكم الشرعي على غير بدل وهذا عند الجمهور الدليل على ذلك نسخ تقديم الصدقة أمام المناجاة مناجاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ارتفعت كانت واجبة فارتفعت ما جيء ببدلها وتحريم ادخار لحوم الأضاحي أليس كذلك؟ هذا ارتفع ولم يرد له بدل وأيضاً يُعلَل بأن المصلحة الشرعية التي رُتب عليها الحكم الشرعي قد تكون فيما نُسخ ثم لما كانت هذه المصلحة مؤقتة ارتفع الحكم معها يعني وُجد الحكم الشرعي بوجود المصلحة فلما انتفت المصلحة انتفى الحكم الشرعي فحينئذ لا مانع أن يُنسخ الحكم الشرعي ولا يُؤتى ببدله والوقوع دليل الجواز، وقيل لا لا يجوز النسخ إلى غير بدل وهو قول الظاهرية لأنه مخالف لقوله تعالى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} وهذا شرط ما شرطية هذه نأتي هذا جواب الشرط ننسخ هذا فعل الشرط فحينئذ إذا لم يأتي ببدلها فلا نسخ لكن أحسن مات يُجاب الكلام على هذه الآية طويل أحسن ما يُجاب به أن يُقال هذا عام وهو قابل للتخصيص وإذا وقع وحصل النسخ بغير بدل نقول خُصت الآية بما حصل لأنه ثابت أنه أُوجب أولاً الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المناجاة ثم ارتفع الحكم ماذا نقول؟ نقول الجمع بين هذا وبين آية البقرة {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَو} نقول الجمع بينهما أن هذا عام وهذا خاص والخاص مُقدم على العام ولا تعارض، وبالأخف والأثقل يعني النسخ له أحوال إذا نُسخ إلى بدل لأنه قال ويجوز إلى غير بدل ولا إشكال فيه ثم إلى بدل هذا البدل قد يكون أخف من المنسوخ وقد يكون أصقل وقد يكون مساوياً وبالأخف يعني النسخ إلى بدل أخف يكون الحكم الذي يُعد ناسخاً بخطاب متراخ أخف على المكلفين من الحكم المنسوخ ولا خلاف في جوازه ووقوعه هذا متفق عليه {إن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} ثم نزل قوله تعالى {َإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} فمصابرة الواحد لاثنين أخف من مصابرة الواحد لعشرة منهم ولا شك في ذلك إذاً صح ووقع النسخ إلى أخف إلى بدل أثقل على بدل أثقل باعتبار السابق وهذا فيه خلاف والأصح جوازه بدليل الوقوع كان الصائم أو المسلم مُخير بالصيام بين الصيام والإطعام أليس كذلك ثم نزل قوله تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} إذاً تعين الصوم أو لا؟ تعين إذاً لا تخيير أيهم أخف التخيير أو الصوم؟ التخيير لأنك مُخير ممكن لا تصوم رمضان كله تُطعم فقط يعني تُطعم رب ساعة وتبقى مُفطر خذا خفيف من كونه

يجب عليك أن تصوم، وإلي مساو مثل ماذا؟ ذكرناه فيما سبق القبلة يعني لا يستوي عند المكلف أنه يصلي إلى الشام أو يصلي إلى جهة الكعبة مباشرة يتجه فقط ليس فيه فعل ولا نحو ذلك، وبالأخف والأثقل وقيل بالأخف دون الأثقل وعليه اتفقوا على الأخف واختلفوا في الأثقل لماذا؟ قالوا لأنه ورد الآيات الدالة على إرادة التخفيف {يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ} {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وكل آية تدل على التيسير فحينئذ قالوا لا يمكن أن يُنسخ الحكم الشرعي ثم يأتي بأثقل نقول هذا ليس بصحيح لماذا؟ لأن الأثقل هذا باعتبار المكلف بالحكم السابق ليس بالاعتبار الحكم من حيث هو وإنما الأثقلية والخفة هنا باعتبار حكم السابق حينئذ نقول لا تعارض بين أن يُنسخ هذا أو ذاك وقيل بالأخف أي دون الأثقل للآيات الدالة على التخفيف والتيسير ورفع الحرج.

ثم قال ولا نسخ قبل بلوغ الناسخ وقال أبو الخطاب كعزل الوكيل قبل علمه به يعني هل يجوز أن يُنسخ حكم ثم لا يعلمه المكلفون فنعتبر أن الحكم قد نُسخ في حق المكلفين والناسخ يكون في علم النبي ولم يُبلغه أو لا؟ هل هذا جائز أم لا؟ قال ولا نسخ أي لا حكم بالنسخ في حق المكلفين قبل بلوغ الناسخ إليه لماذا؟ لأننا لو حكمنا عليهم بأن هذه العبادة التي فعلوها منسوخة وعدم علمهم بالناسخ لكان تكليفاً بما لا يُطاق وسبق أن شرط التكليف أو الفعل المكلف به العلم بالمكلف به فإذا لم يعلم فحينئذ لا تكليف إذا لم يعلم لا تكليف كل عبادة لم يعلمها فحينئذ نقول هو غير مكلف بها لماذا؟ لأن شرط التكليف للمكلف به أن يكون معلوماً العلم به فإذا انتفى العلم فلا تكليف طيب هنا عندنا قال نسخ عملوا بالعبادة امتثلوا بالعبادة السابقة ثم نُسخ في حقهم هذه العبادة رُفع الحكم لكن ما بلغهم الناسخ فحينئذ نقول عبادتهم صحيحة على ما هي عليه استدلوا بماذا؟ بأن أهل قباء لما كانوا مصلين الفجر جهة البيت المقدس وبلغهم الناسخ وهم في الصلاة وقطعاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى جهة الكعبة وأنه بلغه الناسخ ولم يبلغ أهل قباء ماذا صنعوا استداروا مباشرة من جهة البيت المقدس إلى الكعبة الناسخ موجود أو غير موجود؟ لا شك موجود لكن هل بلغهم؟ لا هل أُمروا بقضاء الركعة الأولى أو استئناف الصلاة؟ لا عدم أمرهم بقضاء الصلاة أو بإعادتها أو باستئنافها دليل على صحة تلك الصلاة، إذاً هم يغر مُكلفين بالناسخ الذي لم يعلموه ولكن هم مكلفين بما يعلموه وهذا واضح يعني الدليل هذا واضح في أنه لا نسخ قبل بلوغ الناسخ لماذا؟ لأننا لو نسخنا الحكم في حقهم قبل أن يعلموا أنه منسوخ لكان تكليفاً بما لا يُطاق وهذا مُمتنع في الشرع وإن جاز عقلاً، ولا نسخ قبل بلوغ الناسخ وقال أبو الخطاب كعزل الوكيل قبل علمه به يعني يثبت الناسخ قبل بلوغ الناسخ يعني في حق المكلفين يعني مقابل القول الأول القول الأول لا نسخ هذا نقول نعم فيه نسخ لماذا؟ قاسوا على مسألة فرعية وهذا غريب لأن الأصول تُفرَع عليها الفروع والأصول لا تُفرَع على الفروع يعني لا نُقعد قاعدة أصولية بناء على فرع هنا يقول كعزل الوكيل قبل علمه به هذا مُختلف فيه فينعزل بعزل المُوكل وإن لم يعلم الوكيل بعزله وكلت زيد يشتري ويبيع لي ثم عزلته عزلت فلان هو ما يعلم يقول ينعزل على رأيه ينعزل حصل العزل قبل بلوغ العزل أليس كذلك؟ حصل عزل ووقع وهو لم يعلم أنه قد عُزل فحينئذ قاس هذه المسألة أن النسخ يثبت بحث المكلفين قبل بلوغ الناسخ لكن نقول هذا فاسد لماذا؟ لأنه من باب قياس الأصل على الفرع والعكس هو الأصل ثم هذه مُختلف فيها المسألة هذه فيها خلاف، وقال أبو الخطاب يثبت النسخ في حق المكلفين قبل البلاغ كعزل الوكيل قبل علمه به فينعزل بعزل الموكل وإن لم يعلم الوكيل بعزله بجامع المنع من التصرف إلا بعد الإذن يعني قاسه عليه لكن الصواب هو الأول بدليل الوقوع وهو أن أهل قباء صلوا الركعة الأول أو بعض الصلاة متجهين إلى حكم قد نُسخ والناسخ موجود ولا شك ولم يبلغه لم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - باستئناف الصلاة وبلغه - صلى الله

عليه وسلم - فأقره فهنا سنة تقريرية أنه لا نسخ قبل بلوغ الناسخ. ثم قال ويجوز نسخ القرآن والسنة المتواترة والآحاد بمثلها هذه أحوال النسخ يُنسخ القرآن بالقرآن وتُنسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة ويُنسخ الآحاد بالآحاد وهذه كلها لا خلاف فيها ويجوز نسخ القرآن أي القرآن بالقرآن كما في آية المصابرة السابقة والعدة كذلك والمناجاة بن يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - نُسخ القرآن بالقرآن، والسنة المتواترة بها يعني بالسنة المتواترة يعني يُنسخ أو تُنسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة وهذا من حيث الجواز أيضاً متفق عليه لكن يقولون لا نجد مثال لكن من حد التأصيل لو وُجد مثال حديث متواتر ونُسخ بحديث متواتر فهو الأصل يدل على جوازه لا مانع من ذلك وليس له مثال، والآحاد أيضاً بالآحاد وهذا كثير (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبول ألا فزوروها) نهيتكم فزوروها هذا يعتبر نسخ والناسخ السنة بدليل ماذا؟ ما المنسوخ هنا هو حديث واحد أنا أوردت حديثاً واحداً (كنت نهيتكم) هذا إخبار بالمنسوخ (ألا فزوروها) هذا هو الناسخ إذاً نهيتكم فيما سبق فحينئذ ثبت بآحاد ألا فزوروها هذا يعتبر ناسخاً، والسنة بالقرآن لا هو بها والسنة بالقرآن يعني السنة تُنسخ بالقرآن ومثاله نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة بالقرآن {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} هذا ناسخ في القرآن والمنسوخ بالسنة لأن استقبال بيت المقدس ثابت بالسنة، لا هو بها لا هو ضمير يعود على القرآن بها أي بالسنة المتواترة ومراده السنة بالقرآن السنة المتواترة وليس الآحاد، لا هو بها أي لا يُنسخ القرآن بالسنة المتواترة يعني لا يجوز لا هو بها يعني لا يُنسخ القرآن بالسنة المتواترة في ظاهر كلامه يعني في ظاهر كلام الإمام أحمد لأنه ورد عنه أنه قال لا ينسخ القرآن إلا القرآن يجيء بعده وبه قال الشافعي رحمه الله تعالى لقوله تعالى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} وهل السنة مثل القرآن أو خير من القرآن؟ الجواب لا فقالوا إذاً لا يُنسخ القرآن بالسنة المتواترة وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد، خلافاً لأبي الخطاب وبعض الشافعية القائلين بجواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة خلافاً هذا منصوب على أنه مفعول مطلق ودائماً تجده منصوباً خلافاً لأبي الخطاب وبعض الشافعية القائلين بجواز نسخ القرآن بالسنة وهذا قول الجمهور صحة نسخ القرآن بالسنة المتواترة لماذا؟ لأن الكل وحي من عند الله {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فالكل وحي، ولأن الناسخ في الحقيقة هو الله - عز وجل - من الذي يُثبت الحكم أولاً؟ الله من الذي يرفع هذا الحكم؟ الله - عز وجل - {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} كم سبق أن الحاكم هو الله - سبحانه وتعالى - وكذلك على لسانهما في القرآن أو على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومحل النسخ أيضاً هو الحكم بل لفظ هذا هو الأصل المنسوخ هو الحكم رفع الحكم الثابت رفع الحكم إذاً الإيجاب أو التحريم أو الكراهة أو الاستحباب أو الإباحة هي المنسوخة فحينئذ رفع الحكم {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا

نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} هذا نقول المراد بالنسخ الأصل فيه أنه رفع للحكم وليس للفظ وعليه فقوله {بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} يكون من السنة أو يكون من القرآن والأحكام كلها من عند الله - سبحانه وتعالى -. فأما نسخ القرآن بالآحاد ومتواتر السنة بالآحاد هذا جائز عقلاً العقل لا يمنع أن يتعبدنا الله بأن ننسخ القرآن الثابت بدليل قطعي بدليلي ظني في العقل لا يمنع هذا كذلك السنة المتواترة دليل قطعي لا يمنع ولا يحيل العقل أن يتعبدنا الله - سبحانه وتعالى - بأن ننسخ السنة المتواترة بدليل ظني من جهة العقل لكن هل كل ما جاز عقلاً جاز التعبد به شرعاً قالوا لا لذلك قال فجائز عقلاً ممتنعٌ شرعاً يعني النسخ يكون بمثله فقط ولا يكون بما هو دونه يعني إمام أن يكون مثلاً له في الثبوت أو أعلى منه ولذلك جوَّزوا نسخ القرآن بالسنة المتواترة لأنه مثله من حيث الثبوت لأن الدليل قد يثبت قطعياً وقد يثبت ظنياً القطعي مع القطعي قالوا لا إشكال ولذلك اشترطوا في الناسخ أن يكون مساوياً للمنسوخ من حيث الثبوت فالأدنى لا ينسخ الأعلى والأعلى ينسخ الأدنى ولا إشكال، فأما نسخ القرآن ومتواتر السنة بالآحاد فجائز عقلاً ممتنعٌ شرعاً وللأسف هذا قول الجمهور لماذا؟ قالوا الظني لا ينسخ القطعي إلا عند الظاهرية فيجوز نسخ القرآن ومتواتر السنة بالآحاد يعني القول الأول الأول ممتنع شرعاً لا ينسخ القرآن ولا السنة المتواترة الآحاد الظاهرية جوَّزوا ذلك وقالوا ينسخ القرآن حديث الآحاد وتنسخ السنة المتواترة حديث الآحاد لماذا؟ لأن القطعي هو اللفظ ومحل النسخ هو الحكم وكما أن مدلول القطعي قد يكون ظنياً فلا مانع من نسخه بظني وهذا كله بناءاً على أن أحاديث الآحاد تفيد الظن لا العلم وإذا قلنا العلم صار ....

حينئذ دليل الظاهرية ما هو قالوا القطعي القرآن إذا قيل أنه ثبت بدليل أو أن ثبوته قطعي حينئذ لا يلزم أن يكون مدلوله قطعي لأن الظاهر والمحتمل والمشترك هذه دلالة ظنية ولذلك تُقسم من حيث الثبوت والدلالة إلى أربع أقسام قطعي الثبوت قطعي الدلالة ظني الثبوت ظني الدلالة قطعي الثبوت ظني الدلالة ظني الثبوت قطعي الدلالة لا يلزم أنه كل ما كان قطعي الثبوت أن يكون قطعي الدلالة فحينئذ لو كان الآحاد ظني الثبوت على التسليم والتنزل لهذا لا يلزم من كونه ظني الثبوت أن يكون ظني الدلالة بل قد يكون القرآن قطعي الثبوت ظني الدلالة وعكسه الآحاد فيكون الآحاد من جهة الدلالة قطعي ومن جهة الثبوت ظني حينئذ لا مانع من أن ينسخ القرآن وهذا هو الأصح أن العبرة بصحة السند فمتى ما صح السند صح النسخ به إلا عند الظاهرية لما ذكرناه، وقيل يجوز في زمنه - صلى الله عليه وسلم - لا بعده وهذا غريب لماذا؟ لأنه لا نسخ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف يُقيَد بزمنه؟ لأن نقول بخطاب متراخي من الذي يُلغنا هذا الخطاب؟ هو النبي - صلى الله عليه وسلم - فحينئذ يجوز في زمنه - صلى الله عليه وسلم - لا بعده وهذا داخل في قول الظاهرية لماذا؟ لأن الظاهرية جوَّزوا النسخ بالآحاد وهذا إنما يكون في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده حينئذ لا يظهر فرق بين هذا القول والسابق، لأن الأصل في النسخ إنما يكون في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وما ثبت بالقياس وإن كان منصوصاً على علته فكالنص يُنسَخُ وينسخ به وإلا فلا هل القياس يُنسخ به إذا قيل بخطاب متراخ أو دليل شعري هل يدخل في ذلك القياس؟ الصواب أن القياس يُنسَخُ وينسخ به قطعاً ومطلقاً سواء كانت علته منصوصة أم لا القياس لا ينسخ ولا يُنسخ به. ثم قال هنا وما ثبت بالقياس يعني الحكم الثابت بالقياس إن كان منصوصاً على علته ولذلك لا مثال له هذه مسألة فرضية فقط جدلية فقط أما في الواقع لا وجود لها لا يوجد إذا كان يُختَلف في الآحاد والجمهور على أنه لا ينسخ القرآن ولا السنة المتواترة فكيف القياس؟ هذا بعيد جداً إن كان منصوصاً على علته من قبل الشرع فكالنص لأن القياس لابد أن يستند إلى نص فإذا كانت العلة منصوصة صار حكم القياس منصوصاً عليه بواسطة تلك العلة يعني صار مستنداً إلى نص شرعي والمستند إلى نص شرعي فهو كالنص الشرعي فلذلك صح أن يُنسَخ به فكالنص يُنسَخُ وينسخ به وإلا فلا يعني وإلا تكن العلة منصوصة عليها إذاً صارت مستنبطة وإذا صارت مستنبطة صارت محلاً للاجتهاد والاجتهاد قابل للخطأ والصواب إذاً لا يكون ناسخاً فلا يقوى على الحكم الشرعي والصواب أنه لا يُنسَخ بالقياس مطلقاً لا وجود له مثال.

وقيل: يجوز بما جاز به التخصيص وهذا فاسد أيضاً يجوز النسخ بكل ما جاز به التخصيص وهناك يصححون أن قول الصحابي يجوز به التخصيص والمفاهيم يجوز بها التخصيص إلى آخره فكل ما جاز به التخصيص جاز أن يُنسَخ به وعليه القياس مطلقاً سواء كانت علته منصوصة أو لا يجوز النسخ به القياس والصواب أنه لا، وقيل يجوز بما جاز به التخصيص فيدخل حينئذ القياس بنوعيه نُص على علته أو لا لجواز التخصيص به وهذا باطل لأن النسخ رفع والرفع إبطال والتخصيص بيان والبيان تقييد هذا ما يتعلق بالنسخ. ثم قال والإجماع وهذا عطف على قوله والكتاب لأنه ذكر أن الأصول أربعة الكتاب المتفق عليها الكتاب والسنة والإجماع، فرغ من الجملة ما يتعلق من الكتاب ثم السنة ثم الإجماع إن أراد الترتيب فالإجماع معطوف على السنة والإرادة مطلقة الأصول المتفق عليها فالإجماع معطوف على الكتاب على الأول.

والإجماع وأصله الاتفاق الإجماع هذا مصدر أجمع يُجمِع إجماعاً واصله في اللغة الاتفاق والعزم يعني يطلق الإجماع بمعنى الاتفاق ويُطلق الإجماع بمعنى العزم أجمع القوم على كذا إذا اتفقوا ويُطلق على العزم أجمعت على الأمر أي أجمعت عليه وأما في الاصطلاح فعرفه المصنف بقوله وهو اتفاق علماء العصر من الأمة على أمر ديني وهو اتفاق أخذ المعنى اللغوي حينئذ خرج كل خلاف ولو صدر من واحد قوله اتفاق هذا جنس في الحد إذاً لابد من وجود المعنى اللغوي فلو حصل خلاف ولو من واحد ارتفع الإجماع لأن المعنى الحقيقي للإجماع هو الاتفاق فلم يوجد الاتفاق لو اتفقت تسع وتسعون نقول بقي واحد هذا أخرج الإجماع لا يصح الإجماع لأنه لابد من اتفاق جميع العلماء وهو اتفاق نقول خرج كل خلاف ولو من واحد، اتفاق من؟ قال علماء إذاً ليس اتفاق أي أحد اتفاق علماء العصر وليس كل العلماء أيضاً بل مجتهدي العلماء ليس كل عالم صار مجتهداً أليس كذلك ليس كل عالم صار مجتهداً لأن العالم قد يُتوَسَع فيه بأنه من حصَّل العلم ولو ظاهراً لكن كونه مجتهد أهل النظر والبحث والتأمل والتدبر فهذا قلة إذاً علماء العصر اتفاق علماء العصر المراد بهم مجتهدي العصر من الأمة يعني من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا عبرة باتفاق علماء غيرهم لو اتفق اليهود والنصارى على أمر يتعلق بالشريعة نقول هذا ليس بإجماع لماذا؟ لأن شرط الإجماع أن يكون العلماء والمجتهدين من أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أمة الإيجاب، على أمر ديني خرج على أمر دنيوي كالبيع والشراء ونحو ذلك كالمواد المتعلقة باللغة والفاعل بأنه مرفوع إلى آخره فكل صنعة فيها إجماع يختص به أهلها إجماع النحاة يختلف عن إجماع الفقهاء وإجماع الفقهاء يختلف عن إجماع الأصوليين إذاً فن له علماء مجتهدون هؤلاء يُجمِعون ويتفقون على حكم شرعي ولكن المراد به هنا الحكم الشرعي الذي يتعلق به أو يتعلق بكل المكلفين ولذلك يستوي فيه الجميع، من الأمة على أمر ديني ولابد من قيد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الاتفاق في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُمسى إجماعاً ولذلك ينقل بعض الصحابة كانوا يفعلون كذا كانوا يفعلون كذا هل يُعَد إجماع؟ لا يُعَد إجماع لماذا؟ لأن اتفاقهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بإجماع لأنه لا إجماع إلا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك قيل كانوا يفعلون كذا هذا له حكم الرفع سواء أضافه إلى عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أطلق يحتمل أنه بعد عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا قال كانوا يفعلون في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا هذا قيَّده هذا أقوى من ذاك لأنه مُقيد بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مُطلق على النوعين يُحمَل ويُعطَى اسم الرفع، إذاً هو اتفاق خرج به الخلاف فلا إجماع مع الخلاف لأنه يجوز أن يُصيب الواحد أو الأقل ويُخطئ الأكثر هذا جائز أو لا؟ ولذلك صُوِّب عمر - رضي الله عنه - في أسرى بدر بخلاف من قابلهم، علماء العصر من الأمة على أمر ديني بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم -، وقيل في حده اتفاق أهل الحد والعقد على حكم الحادثة قولاً هنا زاد أهل الحل والعقد أهل

الحل والعقد إن كان مراده المجتهدين فلا إشكال وإن كان مراده ما هو أعم من ذلك فيرد الإشكال لماذا؟ لأن الشريعة مبانها على كبار أهل العلم المجتهدين وأما غيرهم من أهل الحل والعقد لما غير الشرعية حينئذ لا عبرة بأقوالهم، اتفاق أهل الحد والعقد يعني المجتهدين في الأحكام الشرعية على حكم الحادثة الواقعة النازلة هذا أشار فيه أن النازلة وقعت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وليست في عهده إذا لا إجماع قولاً يعني لا فعلاً ولا غيره لماذا؟ ليختص الحد بالإجماع الصريح يعني لابد أن يكون منطوقاً به فحينئذ لو نطلق البعض وسكت الآخرون الذي هو الإجماع السكوتي هذا ليس بإجماع عند أرباب هذا الحد لابد أن يكون قولاً يعني منطوقاً به هذا اتفاق هذا لابد أن يكون منطوقاً به لماذا؟ لأن الأصل في الإجماع إذا أُطلق انصرف إلى الإجماع الصريح الكل ينطق يقول هذا حرام هذا حرام جميع العلماء لابد أن ينطق وأن يقول بالحكم الشرعي فإذا لم يحصل لم يحصل الإجماع وهذا ما يُعنون له بالإجماع الصريح.

وإجماع أهل كل عصر حُجة خلافاً لداود وقد أومأ أحمد إلى نحو قوله، وإجماع أهل كل عصر من العصور إلى قيام الساعة كل عصر كل قرن إذا أجمع علماء ذلك القرن أو ذلك العصر فهود حجة على من بعده فليس خاصاً بعهد الصحابة كما ظنه البعض داود نُسب إليه هذا أنه هو الإجماع الذي يمكن ضبطه لا إشكال أنه إجماع الصحابة أما من بعده هذا دعوى الإجماع أقرب ما يكون للكذب كما قال الإمام أحمد بعد الصحابة لكن هل معنى ذلك أنه لا إجماع بعد الصحابة وينحصر دليل الإجماع على الصحابة فقط أو أنه إذا أمكن ولو مع التعثر أو العثر لو أمكن ضبط الإجماع بعد الصحابة يكون دليلاً أو لا هذا محل المأخذ هنا يعني لا نقيده بعهد الصحابة بل هو دليل مطلق متى ما أمكن الإجماع حينئذ نقول هو حجة على من بعده وفرق بين أن يُقال الإجماع حجة ودليل شرعي والذي يمكن ضبطه هو إجماع الصحابة ومن بعد الصحابة فحينئذ الإجماع لو أمكن ضبطه لكان حجة لكن لا يمكن ضبطه ودعوى الإجماع حينئذ تكون من قبيل أو أقرب ما تكون إلى الكذب لماذا؟ لأنه لا يمكن يحصر كل العلماء فيجمع بينهم لتفرق الأمة وشتاتها إلى آخره، إذاً قوله وإجماع أهل كل عصر حجة يعني من العصور إلى قيام الساعة حجة ودليلي شرعي يجب العمل به لماذا؟ لأن الأدلة الشرعية دلت علة ذلك دالة على حجية الإجماع وإذا ثبتت حجية الإجماع حينئذ لا يخلو عصر منهم أي من دلالة تلك الأدلة فالأدلة شاملة تدل على أن اتباع غير سبيل المؤمنين هذا مُشاقة لله ورسوله هل هذه المشاقة واتباع غير سبيل المؤمنين خاص بالصحابة؟ نقول لا في كل هصر ولو لم يمكن إثبات الإجماع، وإجماع أهل كل عصر حجة خلافاً لداود لأنه خص الإجماع بالصحابة وحدهم فقط ولو أجمع التابعون وتحق وثبت الإجماع فليس بإجماع فرق بين المسألتين لأنه خص الإجماع بالصحابة وحدهم لأن الخطاب الذي ثبت به الإجماع خطاب للحاضرين فقط {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ} مثل {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} ما الفرق بينهم؟ يقول داود رحمه الله تعالى يقول الإجماع خاص بالصحابة لماذا؟ لأنهم هم الذين خُوطبوا بالإجماع {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} كنتم أنتم إذاً خص الإجماع بمن؟ بالصحابة قال {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} لم خصصت هذا بالصحابة دون غيرهم إذاً هذا الدليل فاسد ليس بصحيح وأيضاً قوله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} أيضاً مثلها.

وقد أومأ يعني أشار أحمد إلى نحو قوله، أومأ إذا قيل أومأ أحمد إليه الإمام أحمد مُراد به أنه يُفهَم ليس بصريح الراية هذه قد يُختَلف فيها قد يوافق من استنبط هذا القول الموافق لداود وقد يخالف لأن الرواية قد تكون صريحة وقد تكون غير صريحة مثل ما قلنا في المنطوق قد يكون صريح وقد يكون غير صريح لماذا؟ لأنه جاء في مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود قوله الإتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ثم هو من بعد التابعين مُخيَّر لا يفيد هذا ثم من بعد التابعين مُخيَّر لعدم إمكان الإجماع لا لكونه لا إجماع هذا يمكن تأويله أو لا؟ يمكن تأويله لأن النصوص عامة {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} دل على ماذا؟ على أن الإجماع حجة وأنه مشاقة والخروج عن سبيل المؤمنين خروج على الحق حينئذ الأدلة عامة فتشمل كل العصور، وقد أومأ أحمد إلى نحو قوله.

ثم قال وإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة هل يعتبر إجماعاً أو لا؟ الصحابة اختلفوا على قولين ثم أجمع التابعون على أحد القولين هل يعتبر إجماعاً أم لا؟ الصواب أنه لا يعتبر إجماعاً لماذا؟ لأن شرط الإجماع ألا يكون مسبوقاً بخلاف لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها فيبقى القول ولو مات صاحبه حينئذ يعتبر القول كما لو وُجد قائله فالأقوال لا تموت بموت أصحابها حينئذ إذا اختلف الصحابة على قولين لا يمكن دعوى الإجماع بعدهم نعم يمكن تقييده يُقال أُجمع على أحد القولين لا إشكال أما إطلاق الإجماع فيُراد به الإجماع الصحيح فلا، وإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة هل يعتبر إجماعاً أو لا؟ نقول إذا ثبت الخلاف قبل الإجماع أو قبل ما يمكن أن يسمى بالإجماع فلا إجماع بعده إطلاقاً لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها ولا مانع أن يُقال انعقد الإجماع بعد الخلاف لابد من إشهار انعقد الإجماع بعد الخلاف لا بأس بهذه العبارة لأنه إجماع مُقيد يُفهَم منه أنه ثم خلاف ثم بعد ذلك حصل نوع تكرار، قال اعتبره أبو الخطاب هذا هو القول الأول يعني اعتبره إجماعاً لأنه اتفاق من أهل العصر الثاني وقد دل الدليل على كونه معصوماً من الخطأ كما لو اتفق الصحابة على أحد القولين يعني كأنه نزَّل حقيقة الإجماع حيث التعريف عليه لكن نقول اتفاق علماء العصر هنا لم يحصل اتفاق لماذا؟ لوجود الخلاف ولو وُجد القول دون قائله إذاً دعوى الاتفاق ليس فيه اتفاق فحقيقة الإجماع منتفية وكون التابعين أجمعوا نقول لم يُجمعوا لماذا؟ لأن القول الآخر موجود سواء مات قائله أم بقي أليس كذلك؟ إذاً لم يوجد حقيقة الاتفاق لأنه اتفاق من أهل العصر الثاني وقد دل دليل على كونه معصوماً من الخطأ كما لو اتفق الصحابة على أحد القولين نقول النص ليس باتفاق، اعتبره أبو الخطاب والحنفية، وقال القاضي وهو القول الآخر وبعض الشافعية ليس بإجماع وهذا هو الصحيح ليس بإجماع فيجوز حينئذ الأخذ بالقول الآخر على خلاف القول السابق إذا قيل إجماع معناه القول الآخر يُطرَح لا يجوز الأخذ به وإذا قيل ليس بإجماع جاز للمخالف أن يأخذ بالقول الآخر ولو اُدعي الإجماع إجماع التابعين حينئذ القول الآخر لا يكون مُطرحاً، ليس بإجماع فيجوز الأخذ بالقول الآخر لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها، ثم قال والتابعي معتبر في عصر الصحابة عند الجمهور خلافاً للقاضي إذا قيل إجماع الصحابة اتفاق علماء العصر لو وُجد تابعي معتبر مُجتهد وُجدت فيه آلة الاجتهاد وأدرك أكثر الصحابة واتفق الصحابة وخالف التابعين هل يعتبر نقلاً للإجماع أم لا؟ فيه خلاف خل التابعي المُؤهَّل للخلاف من الصحابة وقوله معتبر لبلوغه رتبة الاجتهاد هل خلافه معتبر في إسقاط اتفاق الصحابة أم لا؟ المسألة فيها خلاف، والتابعي معتبر متى إذا بلغ رتبة الاجتهاد في عصر الصحابة فإنه يُعتَد به في الإجماع لذلك قال معتبر في عصر الصحابة عند الجمهور وهو رواية عند الإمام أحمد لأنه مُجتهد من علماء الأمة فلا طريق حينئذ إلى عدم اعتباره وإذا أُعتبر قولهم في الاجتهاد فليعتبر في الإجماع لأن الصحابة أفتوا وكبار التابعين كسعيد بن المسيب وغيره أفتوا في عهد الصحابة وسكت

الصحابة وأذنوا لهم بالإفتاء بل دلوا عليهم الناس بل أخذوا ببعض أقوالهم إذاً اعتبروا اجتهادهم أم لا؟ اُعتبر اجتهادهم فحينئذ فليعتبر كذلك إجماعهم وأيضاً الأدلة تشملهم اتفاق علماء العصر ثم الدليل على مشروعية أو حجية الإجماع كقوله تعالى {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} هذا يشمل الصحابة مع التابعين معاً لو كان التابعي معتبراً واتفق مع الصحابة أو خالف حينئذ يكون معتبراً في إجماعه وفي إسقاطه بالإجماع إذا اتفق قوله مع الصحابة وفي الإسقاط إذا خالفهم عند الجمهور خلافاً للقاضي وبعض الشافعية خلافاً للقاضي أبي يعلى وبعض الشافعية في أن التابعي المجتهد لا يعتد بخلافه قالوا كالعوام لأن التابعين مع الصحابة كالعوام مع العلماء وهذا ليس بصحيح، وقد أومأ أحمد إلى القولين يعني الإمام أ؛ مج عنه روايتان ولكنهما ليستا صريحتين إلى اعتبار التابعي وإلى عدم اعتبار التابعي ووجه إلى عدم اعتبار التابعي أن الصحابة أعلم من غيرهم وشاهدوا التنزيل والتقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وعرفوا مواقع الآيات والناسخ والمنسوخ إلى آخره قال هم أعلم فحينئذ لو خالف التابعي وأراد إسقاط اتفاق الصحابة بدعوى الإجماع قالوا هذا غير معتبر لكن القول الأول أصح لشمول الأدلة له، وقد أومأ أحمد إلى القولين.

ثم قال ولا ينعقد بقول الأكثرين خلافاً لابن جرير وأومأ إليه أحمد يعني أشار إليه في إحدى الروايات قلنا في الحد اتفاق فلو اتفق إلا اثنان فلو اتفق الكل إلا اثنين أو واحد هل يعتد بالإجماع أم لا لو خالف واحد أو خالف اثنان هل الإجماع يعتبر أم لا؟ ما يعتبر لماذا؟ لانتفاء حقيقة الإجماع في النسخ وفي باب ألإجماع في العام إلى آخره إذا أردت أن تنقض أو تُثبت عليك بالحد وهنا اتفاق علماء العصر فحينئذ وُجد أكثر العلماء قائلين بقول ما وخالف واحد أو اثنان حينئذ نقول هذا نقض للإجماع لأن الشرط هو اتفاق كل علماء الأمة يعني المجتهدين، ولا ينعقد بقول الأكثرين لانتفاء حقيقة الإجماع ولأن العصمة من الخطأ إنما هي للكل لا للبعض خلافاً لابن جرير رحمه الله تعالى فإنه قال لا عبرة بخلاف الواحد والاثنين وأومأ إليه أحمد يعني إلى عد انعقاد الإجماع بقول الأكثرين ولا ينعقد وأومأ إليه أحمد يعني إلى عدم انعقاد الإجماع بقول الأكثرين هكذا فسره بعضهم ويحتمل رجوعه إلى قول ابن جرير لكن الأظهر لقوله ولا ينعقد بقول الأكثرين وهناك رواية عن الإمام أحمد تشير إلى هذا، ثم قال وقال مالك يعني الإمام مالك رحمه الله تعالى إجماع أهل المدينة حجة هذه كلها مسائل فرضية فقط إما في الوجود لا وجود لها إن الإجماع لا يمكن اعتبار لإجماع الصحابة هذا هو الظاهر ومن بعدهم إن وُجد فهو حجة شرعية لا إشكال لعموم الأدلة لكن أين هو وعليه يُحمَل قول الإمام أحمد من ادعى الإجماع فهو كاذب يعني في غير الصحابة، وقال مالك إجماع أهل المدينة حجة هذا اشتهر عن الإمام مالك أنه خص أهل المدينة أنه إجماع وعليه فهو حجة لكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى له تفصيل له ترتيب لما يقال له إجماع أهل المدينة حجة أم لا؟ فقال رحمه الله تعالى إجماع أهل المدينة على مراتب أربعة الأول ما يجري مجرى النقل يعني مثل ماذا؟ مثل الأذان بكلماته والإقامة في الصاع ومقداره في المد ومقداره فيما يجري فيه الربا هذه كلها ما يجري مجرى النقل فقال رحمه الله تعالى هذا حجة باتفاق لا خلاف في هذا حجة باتفاق، الثاني العمل القديم قبل الفتنة عثمان - رضي الله عنه - قبل وقوع الفتنة فهذا حجة عند مالك والمنصوص عن الشافعي وظاهر مذهب الإمام لأنه مما سنه الخلفاء يعني مما كان قبل فتنة عثمان يكون مما سنه الخلفاء الراشدون إذاً هو حجة عند من؟ عند مالك وهو النص أو المنصوص عن الشافعي وظاهر مذهب الإمام أحمد لأنه مما سنه الخلفاء الراشدون فيجب فهو حجة فيجب العمل به، الثالث إذا وقع خلاف بين روايتين هل يصح جعل إجماع واتفاق أهل المدينة من المرجحات أو لا؟ فتُرَجح الرواية التي عليها أهل المدينة دون غيرهم هذا محل النزاع والأظهر لا أنه لا يعتبر من المرجحات، الرابع العمل بالمتأخر

أو العلم المتأخر بالمدينة يعني بعد مقتل عثمان فالأئمة الكبار على أنه ليس بحجة إذاً حجة واثنان ليس بحجة ما جرى مجرى النقل وما كان قبل فتنة عثمان فهو حجة وما بعد ذلك كالترجيح بين الروايات أو العمل القديم بعد فتنة عثمان فليس بحجة لكن أكثر ما فُسر به قول الإمام مالك رحمه الله تعالى في كون إجماع أهل المدينة حجة أنه مراده ما كان جارياً مجرى النقل المستفيض كألفاظ الأذان وما ذكرناه هذا أكثر ما شُهر عن الإمام مالك ليس مطلقاً مذهب أو إجماع أهل المدينة حجة فمرادهم ما جرى مجرى النقل فحينئذ كالمد ومقدار الصاع ونحو ذلك مما كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لو تغير لعُلم ما دام الناس جروا على هذا معناه أن العمل متصل بما كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم وُصل به إلى زمن الإمام مالك فأما في مسائل الاجتهاد فهم وغيرهم سواء هذا أصح مات يُقال في تفسير الإمام مالك ما كان في مسائل الاجتهاد فأهل المدينة وغيرهم سوءا وإنما مراده بأنه حجة فيما جرى مجرى النقل، وقال مالك إجماع أهل المدينة حجة.

ثم قال وانقراض العصر شرط في ظاهر كلامه انقراض العصر هل هو شرط أم لا يعني هل يُشترط في انعقاد الإجماع أن يموت كل المتفقين فحينئذ نحتج بالإجماع أو بمجرد الاتفاق حصل الإجماع؟ هذه مسائل عقلية لا أظن ما لها وجود في الواقع يعني إذا قيل اتفاق علماء العصر كيف يتفقون هؤلاء؟ متى نحكم أنهم اتفقوا؟ بمجرد حصول النطق أو لابد أن يتفقوا ثم يموتوا لأنه يحتمل أن يرجعوا عن أقوالهم هذا فيه خلاف هل يشترط انقراض عصر أو لا يعني في الاعتداد بالإجماع أو لا، وانقراض العصر شرط في ظاهر كلامه يعني كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى أي أن يموت أهل الإجماع وينقرضوا عصرهم ثم يبدأ الاحتجاج بإجماعهم معناه كيف يثبت إجماع الصحابة هذا بعيد لماذا؟ قالوا لاحتمال رجوع البعض عن اجتهاده ما دام حياً فيُرجع الأمر إلى الخلاف يعني إذا اتفقوا على قول ثم يحتمل أنه يظهر له بعد أسبوع بعد شره بعد سنتين دليل ينقض القول السابق فيرجع فحصل الخلاف فكيف يكون إجماع. وقد أومأ إلى خلافه من هو هذا؟ الإمام أحمد رحمه الله تعالى إلى خلاف ماذا؟ إلى خلاف كون انقراض العصر شرطاً وهو أنه ليس بشرط وهذا هو الصحيح أنه لا يعتبر انقراض شرطاً بل فلو اتفقت الكلمة في لحظة واحدة فهو إجماع عند الجمهور فيصير حجة على من أراد الرجوع منه فلو اتفقوا في لحظة واحدة حينئذ صار الإجماع منعقداً فصار حجة على كل واحد منهم فهل يجوز له أن يرجع عن قوله؟ الجواب لا لماذا؟ لانعقاد الإجماع في اللحظة الأولى منذ اتفقت الكلمة حل الإجماع فصار حجة فحينئذ لا يجوز لواحد أن يرجع أما عن القول الأول تعذر حصول في عصر الصحابة وخاصة القول بأن التابعي معتبر حينئذ إذا اتفقوا ننتظر حتى يموتوا فيأتي تابعي جديد فيتعلم فيكون أهلاً للاجتهاد فيُخالف إذاً نقض الإجماع لا يمكن أن يتصور الإجماع على اشتراط لانقراض العصر فهو إجماع عند الجمهور أن انقراض العصر ليس بشرط، واختاره أبو الخطاب لأن الأدلة الدالة على حجية الإجماع ليس فيها ذكر اشتراط انقرض العصر فهي مطلقة {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} حصل الاتفاق فحينئذ اشتراط العصر أو انقراضه إلى غير ذلك هذا يحتاج إلى دليل ولا دليل فيبقى الأمر على أنه لا يشترط انقراض العصر بمجرد اتفاق الكلمة انعقد الإجماع فصار حجة علهم هم أولاً ثم على غيرهم فلا يجوز حينئذ لأحد أن يرجع عن قوله ولو قيل باشتراط انقراض العصر اتفقوا ثم حينئذ يجوز أن يرجع البعض عن قوله.

وإذا اختلف الصحابة - رضي الله عنهم - على قولين لم يجز إحداث قول ثالث عند الجمهور لماذا؟ إذا اختلف الصحابة في مسألة ما على قولين قيل مُباح وقيل مكروه هل يجوز أن يأتي ثالث بعدهم فيقول لا بل مُحرم؟ نقول لا لا يجوز لماذا؟ لأن اتفاقهم وإجماعهم على القولين حصر للحق في أحد القولين وإذا جُوِّز أن يكون الحق في غير القولين لجاز أن يخلو هذا العصر من ناطق بالحق وهذا باطل فحينئذ إذا اختلف الصحابة على قولين لم يجز لمن بعدهم إحداث قول ثالث عند الجمهور لأن اختلافهم حصر للحق في ذين ذي القولين فلو جُوِّز وجود قول ثالث حينئذ يلزم منه أن ذلك العصر خلا عن هذا القول فلو قيل مكروه وقيل مباح ثم جاء ثالث بعدهم بزمن بعد انقراض عصر الصحابة قال محرم إذاً التحريم لو كان حقاً لكان ذاك العصر قد خلا عن ذلك الحكم وهذا باطل لهذا اللازم قالوا لا يجوز إحداث قول ثالث عند الجمهور، وقال بعض الحنفية والظاهرية يجوز لأن المختلفين لم يُصرحوا بتحريم قول ثالث فجاز إحداثه والأول هو الأصح أنه لا يجوز، لكن اختلفوا في إحداث قول متوسط يعني يكون القول بالمنع والثاني بالجواز فيأتي ثالث يأخذ بعض هذا القول وبعض القول الآخر هي جوز أو لا؟ هذا محل خلاف قولان مس الذكر ناقض للوضوء مس الذكر لا ينقض الوضوء قولان متقابلان قال بهذا بعضهم وقال بهذا بعضهم جاء ثالث بعضهم قال إن مس بشهوة فناقض وإلا فلا هذا قول ثالث مستقل أو بعض ذاك القول وبعض هذا القول هذا متوسط أخذ من هذا وأخذ من هذا وهذه طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كثيراً ما يقول هذا قول بعضهم قول الإمام أحمد وهذا قول بعضهم أبي حنيفة مثلاً وهذه مسألة فيها نزاع.

ثم قال وإذا قال بعض المجتهدين قولاً هذا شروع منه في بيان الإجماع السكوتي كلام السابق في الإجماع الصريح لابد من الاتفاق قولاً أن ينص كل عالم من المتفقين على الحكم صراحة وإذا قال بعض المجتهدين قولاً المجتهدين هذا قيد في قوله علماء العصر أو أهل الحل والعقد قولاً وانتشر في الباقين وسكتوا إذاً لما يتكلم الكل الباقين المراد هنا من؟ باقي المجتهدين لأنه قال بعض المجتهدين إذا قال بعض بعض المجتهدين أين البعض الآخر سكتوا قولاً وانتشر في الباقي وسكتوا لكن مع قدرتهم على الاعتراف أو الإنكار هم مقتدرون لو أرادوا على هذا القول لأنكروا أو أن يقولوا بما قال به ذاك البعض لقالوا مع قدرة أما إذا وُجد خوف أو نحو ذلك فلا عبرة، فعنه عن الإجماع أحمد إجماع في التكاليف أي حجة قطعية في ألأحكام المتعلقة بالتكليف وبعضهم يجعل في التكليف هذا قيد في الإجماع السكوتي أنه لا عبرة به أو أن الخلاف في ألحكام الشرعية الفرعية أما العقيدة فلا لابد من الإجماع الصريح، إجماع في التكاليف أي حجة قطعية في الأحكام المتعلقة بالتكليف وإذا لم يكن الحكم تكليفياً لم يكن إجماعاً ولا حجة لماذا؟ قالوا لأن الساكت هنا يُنزَل مُنزَلة الراضي الموافق وإن كان الأصح أنه لا يُنسَب لساكت قول ـ وقيل وبه قال بعض الشافعية وقيل حجة لا إجماع حجة ظنية لا إجماع يمتنع مخالفة لأنه إذا قيل إجماع أنه لا يجوز مخالفته وإذا قيل حجة لا إجماع صار الحجة يجوز مخالفتها والإجماع لا يجوز مخالفته، هنا قال حجة لا إجماع السابق فعنه إجماع وعليه فهو حجة وعليه لم يصرح بالحجة لأن كل إجماع فهو حجة، ها قال وقيل حجة أي الإجماع السكوتي حجة ظنية وليس بإجماع لماذا؟ لأن الحجة يجوز مخالفتها يجوز للإنسان أن يُخالف وأما الإجماع فلا يجوز مخالفته لذلك فُرق بينهما حجة ظنية لا إجماع يمتنع مخالفته لماذا؟ لما أُعتبر حجة لا إجماع لعدم تحقق حقيقة الإجماع التي هي اتفاق ولابد من الاتفاق والاتفاق الحقيق إنما يكون بالتصريح أن ينطق يتكلم كل عالم مجتهد بالحكم وهنا وُجد هذا القيد؟ لم يوجد لذلك صار حجة لا إجماع وهو الاتفاق لكن لما كان لرجحان دلالة السكوت على الموافقة أُعتبر حجة ظنية يعني لما ورد إيهاب إن سكون البعض لرضا والرضا هو الظاهر وهو الراجح أُعتبر حجة ظني لا إجماع إذاً نُفي الإجماع لعدم تصريح الباقين بالحكم الشرعي وأُعتبر حجة لماذا؟ لأن الظاهر المتبادر أن سكوت الباقين إنما سكتوا للرضا والموافقة ولذلك فُصِّل بين القولين. وقيل لا إجماع ولا حجة لماذا؟ لأنه لا يُنسَب لساكت قول لا إجماع لأن السكوت له احتمالات إذا قيل اتفاق تكلم البعض وسكت الباقون نقول السكوت هذا له احتمالات يحتل أنه سكت خائفاً أو جُبناً أو خجلاً يكون المتكلم كبار فسكت هو من باب الحياء ويحتمل أنه لم يبلغه القول أو أنه لم يعلم حكم المسالة يحتاج إلى بحثه السكوت لا يدل على الرضا المطلق ويدل على الموافقة بل فيه احتمالات، وقيل لا إجماع ولا حجة.

ثم قال ويجوز أن ينعقد عن اجتهاد وأحاله قوم الإجماع لابد أن يكون مستنداً إلى نص من كتاب أو سنة هذا شرط الإجماع لابد أن يكون مستنداً على نص من كتاب أو سنة هل يجوز أن ينعقد الإجماع عن اجتهاد؟ قالوا يجوز هنا قال نعم وهذا مذهب الأكثرين يجوز أن ينعقد عن اجتماع يعني لا عن دليل من كتاب أو سنة لماذا؟ قالوا لأنه وقع وحصل أجمعوا على تحريم شحم الخنزير قياساً على لحمه والقياس هذا من باب الاجتهاد والرأي النص في لحم الخنزير طيب شحمه؟ مُحرَم من باب قياس الشحم على اللحم إذاً هو قياس هو اجتهاد فانعقد الإجماع على الاجتهاد هذا قول ويجوز أن ينعقد عن اجتهاد وأحاله قوم يعني منعوه قالوا لا يُتصور عقلاً أحالوه من العقل قالوا لا يجوز عقلاً أني نعقد عن اجتهاد يعني لا يُتصور الإجماع عن اجتهاد وقياس لأن القياس مختلف في ثبوته أصلاً فكيف يكون الأصل مختلفاً فيه والفرع متفقاً عليه هذا لا يُتصَور، وقيل يتصور وليس بحجة لأنه اجتهاد ظني والإجماع دليل قطعي والصواب هو الأول أنه يجوز وهو مذهب الأكثرين لأنه لا يمتنع اتفاق الأمة على حصول ظني الحكم بالقياس ثم تُجمع على ذلك الحكم يعني يحصل قياس ثم ما أفاده القياس سكون حكماً ظنياً ثم ينعقد القياس على وجود ذلك الحكم الظني الذي حصل بالقياس، ثم قال والأخذ بأقل ما قيل ليس تمسكاً بالإجماع يعني إذا اُختلف في مسألة ما قال بعضهم إزالة النجاسة لا تكون بثلاث وقال الآخرون بسبع إذا أخذنا إذاً من نص على الثلاث نفى الزيادة ومن قال بسبع قال بالثلاث ثم زاد إذا تركنا ما زاد على الثلاث وأخذنا بالثلاث الوسط بين القولين إذاً هل يكون إجماع أو لا؟ لا يكون إجماعاً، والأخذ بأقل ما قيل في مسألة اُختلف فيها ليس تمسكاً بالإجماع لماذا؟ لجواز المخالفة لو قيل أن الثلاثة قد أُجمع عليها حينئذ لا يجوز قائل أن يقول بالسبع إذا جُوِّز أن يقول بالسبع دل على انه لا إجماع لأنه لو حصل الإجماع ماذا؟ صار حجة فصار دليلاً قاطعاً فحينئذ إذا قيل بالإجماع على الثلاث فحينئذ لا يجوز أن يأتي آتي فيأخذ بالسبع لكن لما جاز الأخذ بالسبع دل على أنه لم يحصل الإجماع وإن حصل قدر مشترك بين القولين، والأخذ بأقل ما قيل في مسألة أُختلف فيها ليس تمسكاً بالإجماع لماذا؟ لجواز مخالفته.

واتفاق الخلفاء الأربعة ليس بإجماع لماذا؟ لأنهم بعض الأمة وشرط الإجماع أن يكون اتفاق كل الأمة وهم بعض الأمة والعصمة بمقرونة بالكل لا بالبعض العصمة المرتبة على الإجماع مقرونة بالكل لا بالبعض واتفاق الخلفاء ألربعة ليس بإجماع لأنه بعض الأمة فلا تثبت العصمة، وقد نُقل عنه عن الإمام أحمد لا يُخرج عن قولهم إلى قول غيرهم فيدل على أنه حجة لا إجماع لا يُخرَج عن قولهم هذا معروف عن الإمام أحمد وجعله ابن القيم رحمه الله تعالى من أصول مذهب الإمام أحمد أنه لا يعدل عن قول أو لا يأتي بمسألة ليست للصحابة فيها قول فإذا وُجد قول فيها للصحابة فلا يعدل عنه ولكن الظاهر هنا أنه أراد به الخلفاء الأربعة دون غيرهم لذلك قال لا يُخرَج عن قولهم أي الأربعة إلى قول غيرهم وهذا يدل على أنه حجة لا إجماع إذاً يُعتَبر اتفاق الأربعة خلفاء إجماع فإذا قيل ليس بإجماع لكن يس المراد أنه من السهولة أن يُخالَف لا إذا وجد حُكم اتفق عليه أربعة حينئذ أولى بالإتباع من غيرهم.

بعدما انتهى من الأصل الثالث وهو الإجماع فحينئذ انتقل إلى أصل رابع وهو دليل العقل في النفي الأصلي، فهو أن الذمة قبل الشرع بريئة من التكاليف فتستمر حتى يرد بغيره أو يرد غيره ذكرنا أن الأدلة أو الأصول المتفق عليها أربعة الكتاب والسنة والإجماع والنفي الأصلي والمراد به استصحاب العدم وأما الأصل الرابع من الأصول المتفق عليها وهو دليل العقلي في النفي الأصلي هل يُثبَت بالعقل أحكام شرعية؟ الجواب لا ليس هذا المرد وإنما مرادهم أن الأحكام الشرعية إثباتها إما بالإثبات أو بالنفي لأن النفي حكم كما أن الإثبات نفي كما أن الإثبات حكم الإثبات حكم والنفي حكم حينئذ نقول الأحكام الشعرة إما من جهة الإثبات أو من جهة النفي الإثبات لا يكون إلا بدليل شرعي لا تُثبت عبادة إلا بدليل شرعي لكن النفي للعقل فيه مدخل يعني يُحكَم بدلال العقل الذي يسمى البراءة الأصلية على نفي الأحكام قبل ثبوتها فيقول لك الأصل عدم التكليف لأنه كما سبق أن العلم بالمُكلف لابد أن يكون ثابتاً فإذا لم يكن ثابتاً إذاً لا تكليف فدل العقل على نفي التكليف إذاً للعقل مجال في نفي الإحكام الشرعية التي لم تكن ثابتة بالأصالة أما ثبوتها فيحتاج على دليل لأن الثبوت إيجاد وهذا لابد من دليل والنفي عدم وإذا كان موافقاً للأصل فلا إشكال وأما إذا ورد النفي بعد الإثبات فلا عبرة بالنفي يعني لو أُبت أن الصلوات خمس فقال قائل لا ليست بخمس نقول نفيه هذا لا يُعتبَر به لأن الحكم ثبت لكن لو قال لا صلاة سادسة واجبة عن المكلفين كل يوم نقول وجوب صلاة سادسة هل ثبت أو لا؟ لم يثبت إذاً نفيه بالعقل نقول هو الاستصحاب الذي سيذكره المصنف هنا، وهو دليل العقل في النفي الأصلي يسمى عندهم بالاستصحاب أي بالبراءة الأصلية بمعنى أن العقل دل على براءة الذمة من الواجبات قبل مجيء الشرع فهو أي الدليل العقلي في النفي الأصلي أن الذمة ذمة المكلف قبل الشرع قبل إثبات الأحكام ونزول الشريعة ومنفكة من التكاليف مطلقاً فلا إيجاب إلا بدليل ولا تحريم إلا بدليل ولا كراهة إلا بدليل ولا توجب أي عبادة إلا بدليل لماذا؟ لأن الأصل عدم التكليف وأن الذمة قبل تعلق الشريعة بالمكلفين بريئة من التكاليف كلها بلا استثناء فتستمر أو فيستمر يجوز الوجهان لكن فيستمر أحسن، فيستمر النفي حتى يرد بغيره أي فيستمر النفي الأصلي حتى يرد غيره وهو الدليل الشرعي الناقل عن الأصلي فنقول الأصل عدم إيجاب صلاة مطلقاً في ذمة المكلف فيستمر هذا النفي حتى يُثبَت أن ثم خمس صلوات واجبة عل المكلف في اليوم والليلة خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة على المكلف، إذاً يستمر حتى يرد غيره فتستمر البراءة يعني يصح بالتاء فتستمر البراءة أو يستمر استصحاب النفي الأصلي حتى يرد غيره الأولى حذف الباء هذه حتى يرد غيره وهو دليل شرعي ناقل عن البراءة الأصلية ويُسمى استصحاباً يسمى النفي العقلي في النفي الأصلي يسمى استصحاب استفعال من طلب الصحبة كذلك الاستغفار طلب المغفرة، واصطلاحاً استدامة إثبات ما كان ثابتاً أو نفي ما كان منفياً هكذا عرفه ابن القيم رحمه الله تعالى استدامة إثبات ما كان ثابتاً فالأصل العموم الأصل أن اللفظ عام يشمل كل

الأفراد ولا يُخرَج عنه إلا بدليل التخصيص ولا دليل إذاً الإثبات أو العدم هنا الأصل؟ الأصل الإثبات استدامة الإثبات ما أثبته الدليل حتى يرد المخصص أو نفي ما كان منفياً الأصل عدم وجوب صلاة سادسة فيبقى هذا الأصل حتى يرد دليل يثبت الصلاة السادسة، ويسمى استصحابا كل دليل فهو كذلك كل دليل يصلح أن يكون مُستصحَباً كل الأدلة الشرعية، مثَّل لذلك فالنص يتفرع إلى هذا وكل دليل فهو كذلك أي كل دليل يُتصَور الاستصحاب فيه يعني في الأدلة الشرعية كلها، فالنص حتى يرد الناسخ يعني فالأصل الإحكام ولا نسخ إذا تردد وصار الاحتمال بين الناسخ أن يكون حكماً منسوخاً أم لا تقول الأصل عدم النسخ هذا استصحاب لماذا؟ استصحاب للدليل الشرعي حتى يرد الناقل ولا يوجد ناقل للحكم بأن الحكم منسوخ هنا، فالنص حتى يرد الناسخ فالأصل الإحكام وعد النسخ، والأصل العموم حتى يرد المُخصص فحينئذ اللفظ العام يُحمَل الحكم المُعلَق عليه على كل فرد فرد من أفراد موضوعه ولا يُخرَج فرد واحد إلا بدليل يدل على التخصيص لو احتمل التخصيص نقل الأصل بقاء العموم على عمومه حتى يرد المُخصص هذا استصحاب للدليل الأصلي الدليل المُثبت للحكم حتى يرد النافي والمُخرج والأصل الملك حتى يرد المزيل يعني إذا كانت السلعة في يد المكلف نقول الأصل أنه مالك لها ولا يُثبَت عكس ذلك عكس الملك إلا بدليل إما بإثبات أنه وهبها أو باعها وأجرها إلى آخره فالأصل بقاء ما كان على ما كان فإذا كان هو مالكاً للسعلة فحينئذ نقول الأصل أنه مالك لها ولا تزل يده عنها إلا بدليل لأن هو الأصل ومثله الطهارة نقول الأصل إذا شك في الحدث والأصل الطهارة نقول استصحاب الأصل وهو أنه متطهر هو المعتمد وإذا كان الأصل الحدث وشك في الطهارة فحينئذ نقول الأصل معتمد هو استصحاب الحدث، والنفي حتى يرد المُثبِت الأصل النفي لا صلاة سادسة لا إيجاب صوم غير رمضان حتى يرد المُثبت هذه أثلة ثلاث ذكرها المصنف هنا لتدل على أن الاستصحاب أربعة أنواع الأول استصحاب البراءة الأصلية استصحاب البراءة الأصلية ومثله له بقوله حتى يرد المُثبت هذا هو الأصل استصحاب البراءة الأصلية وهو المراد عند الإطلاق، الثاني استصحاب الدليل الشرعي الأصلي حتى يرد الناقل وهو إذا أُطلق الاستصحاب أيضاً انصرف إلى هذا ومثَّل له بقوه فالنص حتى يرد الناسخ والعموم حتى يرد المُخصص، الرابع استصحاب الوصف المُثبت للحكم الشرعي حتى يثبت خلافه استصحاب الوصف المُثبت للحكم كالملك هذا مثبت للحكم والطهارة المُثبتة للحكم والحدث المُثبت للحكم الأصل استصحاب هذا الوصف حتى يرد الناقل، الرابع وسيذكره المصنف فيما يأتي استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع، إذاً أربعة أنواع للاستصحاب ذكرها في هذه الأمثلة السابقة.

ثم قال ووجوب صلاة سادسة وصوم غير رمضان يُنفى بذلك يعني بالأخير قال والنفي حتى يرد المُثبت مثل ماذا؟ وجوب صلاة سادسة، هل سمكن أن يقول قائل بوجوب صلاة سادسة؟ هل يرد هذا أم نقول خمس صلوات المُجمَع عليها أم لا؟ كيف يقول وجوب صلاة سادسة؟ لا يقصد صلاة سادسة يومياً هذا مقصوده، الوتر هذا مُختَلف فيه وصلاة يومية ليلية الأحناف على أنه واجب والجمهور على أنه سنة وأيهما الأصل؟ الأصل عدم الوجوب حينئذ يُستصحَب عدم إيجاب صلاة سادسة، سادسة يعني يومية على الخمس الصلوات وأما النذر ونحوه فهذا لا يكون يومي ولا يُقال صلاة سادسة ثابتة على ماذا أين الخامسة والرابعة المراد بها الخمس صلوات لأنها واجبة بإجماع هل هناك صلاة سادسة لأن إذا قلنا بوجوب الوتر صار الإيجاب كم؟ ستة لأنه لو ترك الوتر لصار آثماً ولو ترك فرض من الفروض الخمس صار آثم وإن يختلف في بعض الأحكام، ووجوب صلاة سادسة كمن أوجب صلاة الوتر للنافي أن يقول لا تجب فيستصحب العدم وصوم غي رمضان يُنفى بذلك إيجاب صوم مستمر على كل المكلفين غير شهر رمضان نقول يُنفى بذلك.

وأما استصحاب الإجماع فهذا هو النوع الرابع من أنواع الاستصحاب وأما استصحاب الإجماع في مثل قولهم أي في محل النزاع مثل قولهم الإجماع على صحة صلاة المتيمم، المتيمم الذي فقد الماء حساً أو حكماً أجمع العلماء على أنه إذا تيمم صحت صلاته ابتداءاً وانتهاءاً لعدم وجود الماء فله أن يشرع في الصلاة بالتيمم هذا بالإجماع لكن لو رأى الماء في أثناء الصلاة؟ اختلف العلماء لو رأى الماء في أثناء الصلاة يعني تيمم فكبَّر وكان قد انتظر الماء فإذا به يسمع صوته في أثناء الصلاة الماء الماء يعني وُجد الماء، ما حكم التيمم؟ وما حكم الصلاة؟ فيها نزاع، هنا قال الإجماع على صحة صلاة المتيمم هذا مُجمَع عليه ابتداءاً الشروع في الصلاة متيمماً عند عدم وجود الماء هذا مُجمَع عليه لكن إذا وُجد الماء في أثناء الصلاة نقول هذه مسالة أخرى ولذلك وقع النزاع فيها إذا لو كان الإجماع الأول يدل على الثاني لما وقع نزاع فإذا رأى الماء في أثناء الصلاة لم تُبطل استصحاباً للإجماع من رأى استصحاباً للإجماع استصحبه ولكن هذا غير صحيح لأن الإجماع إنما دل على الدوام فيها حال عدم الماء يعني الإجماع على صحة الصلاة المتيمم بشرط عدم وجود الماء فالإجماع مخصوص بحالة معينة وليس مطلقاً أن المتيمم تصح صلاته مطلقاً كل من تيمم عند عدم وجود الماء فصلاته صحيحة ولذلك لو تيمم فوُجد الماء قبل الشروع في الصلاة بطل تيممه مع أنهم أجمعوا على أن له أن يشرع في الصلاة أقول لك على حاجة لو وجد الماء بعد شروعه في الصلاة الإجماع الأول لا يشمل الحالة الثانية لأن إجماعهم مُقيَّد وهو بعدم وجود الماء فإذا وُجد الماء الإجماع لمن ينعقد حينئذ ففرق بين العدم والوجود فلا يقاس الوجود على العدم بعض أهل العلم استصحب ورأى أنه يصح استصحاب الإجماع فاستصحب الإجماع الأول على الحالة الثانية فجوَّز صحة الصلاة أو فصحح الصلاة مع وجود الماء في أثناء الصلاة ومن قال بالمنع قال لا بطلت صلاته لأنه وُجد الماء إنما جاز التيمم له عند عدم الماء فإذا رأى الماء أثناء الصلاة لم تبطل استصحاباً للإجماع ففاسد عند الأكثرين ففاسد هذا إيش الكلام هذا ففاسد إيش إعراب الجملة هذه هكذا التركيب وأما استصحاب الإجماع ففاسد عند الأكثرين الفاسد هذا وقع في جواب أما وأما استصحاب الإجماع يعني في محل النزاع ففاسد عند الأكثرين يعني الاستصحاب فاسد لأن الكلام ليس في المسألة مسألة الصلاة والتيمم لأن هذه مسألة فرضية ليست مبحثية وإنما هي مثال لما استصحب فيه بعض المجتهدين الإجماع في محل النزاع نقول الاستصحاب فاسد بقطع النظر عن ماهية وحقيقة المسألة، ففاسد عن الأكثرين يعني عند الجمهور لماذا؟ لأن فرقاً بين الحالين الإجماع انعقد على حال عدم الماء ومحل النزاع فيما إذا وُجد الماء وفرق بين الوجود العدم، خلافاً لابن شاقلا وبعض الفقهاء شاقلا بإسكان القاف وفتح القاف وبعضهم يقرأها شاقلاَّ لابن شاقلا وبعض الفقهاء في أنه حجة وابن القيم يميل إلى هذا إلى أنه حجة، خلافاً لابن شاقلا وبعض الفقهاء في أن استصحاب الإجماع حجة لأنه يحسم الخلاف فيستحيل وقوعه فالإجماع انعقد على صحة صلاة المتيمم حالة الشروع والدليل الدال على

صحة الشروع دال على دوامه إلا بدليل يعني قلب .... والصحيح أن نقول الصلاة باطلة لأن الإجماع انعقد في حالة غير حالة الوجود. ثم قال فهذه الأصول الأربعة لا خلاف فيها وقد أُختلف في أصول أربعة أُخَرَ وهي أو أُخَرُ أو أُخَرَ أُختلف في أصول أربعة أُخَرَ أُخَرِ؟ لم؟ ممنوع من الصرف لماذا؟ للوصف والعدل العدل عن ماذا؟ لأن فٌعلى هي وجمعها لا تُستعمل إلا ... {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

19

عناصر الدرس * شرع من قبلنا * قول الصحابي * الإستحسان * الاستصلاح. الدرس التاسع عشر الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد قال المصنف رحمه الله تعالى وقد أُختلف في أصول أربعة أُخَرَ وهي أي أنه ذكر الأصول المتفق عليها وهي أربعة الكتاب والسنة والإجماع واستصحاب العدم وهذا الأخير الرابع يعني جعله من المتفق عليه وبعضهم يجعله من المختلف فيه ذكرنا أن الاستصحاب أربعة أنواع استصحاب البراءة الأصلية واستصحاب الدليل الشعري الأصلي حتى يرد الناقل واستصحاب الوصف المُثبت للحكم الشرعي وهذه الثلاثة متفق عليها بقي الرابع وهو استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع، هذا مُختلف فيه حينئذ يكون الاستصحاب هذا متنازع فيه بين الاتفاق والاختلاف فبعضهم جعله في المختلف فيه وبعضهم جعله في الأصل المتفق عليه وهنا المصنف لم يعد القياس من الأصول لذلك احتاج على رابع وهو أنه يكاد يكون قول الجمهور أن الأدلة الشرعية التي هي مصادر للتشريع أربعة الكتاب والسنة والإجماع والقياس هو ولم يعد القياس أصلاً رابعا بنفسه لأنه كما سيأتي أنه يتفرع عن الكتاب والسنة لأن القياس لا يكون إلا بقياس على أصل وهذا ألأصل لابد أن يكون الحكم قد ثبت بنص أو سنة حينئذ صار مرجعه إلى الكتاب والسنة إذاً لا يستقل بنفسه ولو لوحظ هذا لقيل أيضاً الإجماع ينبغي أن يكون متفرعاً على الكتاب والسنة ولا يُجعَل دليلاً مستقلاً لذاته لماذا؟ لأنه لا إجماع إلا بدليل من كتاب أو سنة حينئذ صح إرجاع الإجماع إلى الكتاب والسنة بل بعضهم عدها واحدة وهو الكتاب قال مصدر التشريع هو الكتاب لأن الكتاب دل على السنة والكتاب والسنة قد دلا على الإجماع والكتاب والسنة والإجماع قد دلت على القياس إذاً في الحقيقة هي شيء واحد وهو الكتاب والكتاب أثبت حجية السنة والإجماع ثابت حجيته بالكتاب والسنة والقياس ثابت بالثلاثة لكن المصنف هنا لم يجعل الأصل الرابع المتفق عليه لأنه أيضاً هو متفق عليه مُجمَع عليه بين السلف القياس دليل مستقل برأسه لم يجعله أصلاً وإنما جعل بدله الدليل العقلي في النفي الأصلي وهذا مجرد ترتيب وإلا فالمعنى واحد، وقد اختلف في أصول أربعة في الاحتجاج بها هل يُحتَج بها أم لا؟ هل تُثبَت الأحكام الشرعية بها أو لا؟ على خلاف منهم من جعلها أصلاً يُحتَج به فحينئذ رتب أحكام شرعية عليها ومنهم من نفى فنفى ما يتفرع عنه إذاً هذه الأصول الأربعة ينبني عليها أو الخلاف فيها خلاف معنوي لماذا؟ لأنه يتوقف عليها إثبات الأحكام الشرعية وجوداً أو عدماً فمن أثبتها أصلاً بمعنى أنه تُجعَل مصدراً من مصادر التشريع فحينئذ المسألة فيها خلاف كبير وخلاف جوهري ومعنوي.

وقد اختلف يعني عند الأصوليين في أصول أربعة هل يصح أن تُجعَل هذه الأصول الأربعة أو بعضها يُجعَل مصدراً من مصادر التشريع كالكتاب والسنة فيستمد الفقيه منها الأحكام الشرعية وهي شرع من قبلنا وقول الصحابي والاستحسان والاستصلاح هذه أربعة مُختَلف فيها هل هي أصول أم لا؟ قال شرع من قبلنا أي الأصل الأول الذي وقع النزاع فيه بين الأصوليين وغيرهم شرع من قبلنا يعني من الأمم السابقة هل يعتبر شرعاً لنا أم لا؟ وشرع من قبلنا ليس الخلاف فيها على جهة الإطلاق بل فيه والطرفان وواسطة طرف مُجمَع عليه أنه ليس من شرعنا وهو ليس بشرع لنا وطرف مُجمَع عليه أنه شرع لنا والواسطة هو محل الخلاف لذلك نقول شرع من قبلنا على أربعة ألحان يعني مراتبه أربعة شرع من قبلنا شرع ما قبلنا وجاء في شرعنا ما يدل على نسخها يعني ثبت بطريقة الكتاب والسنة أن هذا الحكم هو شرع لمن قبلنا إما أنه كان في التوراة أو في الإنجيل إلى آخره، وقد دل شرعنا على أن هذا الحكم منسوخ فحينئذ تكون هذه الأحكام الثابتة بشرع من قبلنا تكون خاصة بالأمم السابقة وهذا بالإجماع أنه ليس شرعاً لنا، مثاله قوله {وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً} هذه كانت تحية إذا التقى بعضهم ببعض خر له ساجداً لكنه يعتبر حكماً في شرع من قبلنا وبالإجماع أنه ليس شرعاً لنا لماذا؟ لحديث ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد ما ينبغي هذا أشد في التحريم ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد فحينئذ نقول هذا النص دل على أن السجود لا يعتبر تحية في شرعنا وهذا مُجمَع عليه، كذلك منه قوله - صلى الله عليه وسلم - وأُحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي هذا خاص بشرعنا وما وضع الله جل وعلا عن هذه الأمة من الآصال والآصال التي كانت على تلك الأمم هذه منسوخة أيضاً بالإجماع {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} نقول هذا مُحرَم على من سبق ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بُعث بالملة السمحاء فحينئذ وُضع كل ما هو إصر وأغلال على كل من كان قبلنا إذاً إذا ثبت بالكتاب والسنة أن هذا الحكم قد كان شرعاً لمن قبلنا ثم دل شرع على أن منسوخ في حقنا هذا بالإجماع أنه ليس شرعاً لنا.

الثاني شرع من قبلنا وقد دل الدليل على أنه شرع لنا مثل القصاص {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى آخره، {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} يعني في التوراة {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إذاً هذا الحكم هو شرع من قبلنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى} حينئذ هذا دل على أن شرع من قبلنا أيضاً هو شرع لنا وهذا بالإجماع ولا خلاف فيه أن شرع من قبلنا شرع لنا لكن لا يُستدل بشرع من قبلنا بل يُستدل أنه شريعة الرب بالآيات الواردة أن القصاص هذا ثابت في شرعنا كذلك الصيام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} إذاً الصيام مشروع لمن قبلنا بدليل الكتاب فحينئذ كتابته علينا إيجابه علينا بالإجماع أنه شرع لنا ولا خلاف إذاً هذا النوع الثاني يقابل النوع الأول وهو أن السابق أنه ليس شرعاً لنا بإجماع هذه المرتبة الثانية أنه شرع لنا بالإجماع، الثالث شرع لم يُذكر في شرعنا لأن العبرة في الحكم بكونه شرعاً لنا لابد له من مستند صحيح فما أُخذ من الإسرائيليات ولم شرعنا بأنه شرع لمن قبلنا فهذا ليس بمصدق وليس بمُكذَب فليس شريعة لنا بالإجماع لماذا؟ لورود النصوص الدالة على أن الأخبار التي تُؤخَذ من بني إسرائيل لا تصدقوها ولا تكذبوها كما جاء في عدة أحاديث إذاً هذا لم يُذكَر بأنه شرع لمن قبلنا لأن المستند في إثبات شرع من قبلنا هو أن يرد ذكره في الكتاب والسنة لابد أن يكون ثابتاً بطريق صحيح وليس عندنا طريق صحيح في إثبات الشرائع السابقة إلا الوحي فما ثبت في الوحي أنه شرع لمن قبلنا حينئذ نُثبت أنه شرع لمن قبلنا ثم يرد هل نُسخ هل جاء ما يؤيده في شرعنا إلى آخره، فما لم يُذكَر في شرعنا كالمأخوذ من الإسرائيليات هذا ليس شرعاً لنا باتفاق لذا نُهينا عن تصديق أهل الكتاب أو تكذبيهم لماذا؟ لأنه يحتمل إذا لم يُذكَر في شريعتنا أنه شرع من قبلنا فحينئذ إذا صُدِّق يحتمل أنه كذب وإذا كُذِّب يحتمل أنه كذب حينئذ لما لم يثبت بطريق صحيح لم يجز تصديقهم ولا تكذيبهم، الرابع شرع لمن قبلنا بأن ذكر في الكتاب والسنة ولم يرد ما يدل على أنه شرع لنا أو ليس بشرع لنا ذُكر في الكتاب والسنة على أنه شرع لمن قبلنا ولم يرد أنه ليس بشرع لنا أو أنه شرع لنا لم يرد أنه ليس بشرع لنا كما نُسخ من الآصال والأغلال ولم يرد أنه شرع لنا كما جاء في القصاص والصيام هذا هو محل النزاع بين الأصوليين هل هو شرع لنا أم لا؟ إذاً طرفان وواسطة طرفان شرع لنا باتفاق ليس شرعاً لنا باتفاق وواسطة لكن يُخرَج ما ليس مذكورا في الكتاب والسنة ويُجعَل في الطرف المنفي لأن المراحل أربعة اثنان ليس بشرع لنا وهو فيما إذا دل الدليل على نسخه أو يُذكَر في شرعنا هاتان الحالتان بالإجماع أنهما ليسا شرعاً لنا وما هو أو ما ثبت في شرعنا أنه ليس شرعاً لنا كالصيام والقصاص هذا بالإجماع أنه شرع لنا إذاً هذان طرفان متقابلان بالإثبات والنفي وكلامهما مُجمَع عليهما عند أهل العلم بقي الواسطة

وهو ما لم يدل دليل على أنه شرع لنا أو ليس بشرع لنا ودل الشرع كتاب والسنة على أنه شرع لمن قبلنا، هو الذي ذكره المصنف قال شرع من قبل هذا الأصل مُختَلف فيه هل شرع من قبلنا يعتبر شرعاً لنا أو لا؟ فإن قلنا شرع لنا حينئذ نُثبت الأحكام الشرعية بما دل عليه الدليل السابق وإن قلنا لا فحينئذ نقول لا تثبت به الأحكام الشرعية، وهو شرع لنا أي شرع من قبلنا وهو الضمير يعود إلى شرع من قبلنا وهو شرع لنا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لماذا شرع لنا؟ لأنه ما ذُكر في شرعنا إلا من أجل العمل به لما يذكره الرب جل وعلا الأصل في القرآن أنه ما أُنزل إلا من أجل أن يُعمَل به من أوله إلى آخره هذا هو الأصل ما بين الدفتين هذا الأصل أنه مأمور به وما أُنزل القرآن إلا من أجل العمل به فكل ما يكون فيه ولم يرد نسخ فيه فحينئذ الأصل أن يُعمَل بع هذا ألأصل مضطرد فحينئذ من نفى نقول هو الذي عليه الدليل وليس من أثبت لأنه بالإجماع أن الأصل في إنزال القرآن هو العمل وليس مجرد العلم فحسب فحينئذ شرع من قبلنا إذا لم يدل شرعنا على أنه شرع أو ينفي فحينئذ نقول الأصل العمل به لماذا؟ لأنه ما ذُكر في القرآن إلا من أجل ذلك يعني أن نعتبر به ونعمل بما تضمن من أحكام، فهو شرع لنا، بعضهم استدل بقوله تعالى بعد أن ذكر الرب جل وعلا في سورة الأنعام عددا من الأنبياء قال {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} هذا أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - والأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أمر لأمته كما سبق، الأصل أن ما أُمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فالأمة مأموره به أيضاً إلا بدليل يدل على الخصوصية وليس عندنا دليل، كذلك قوله تعالى {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} عبرة إذاً لابد من الاعتبار والاعتبار ما الذي يترتب عليه ترك العمل أو العمل؟ العمل هو هذا الأصل فثمرة الاعتبار وثمرة التذكر وثمرة التعقل {أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ} {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} بعد ذكر القصص يدل على أنه هذه القصص التي ذكرت في القرآن عن أحوال الأمم السابقة ما ذُكرت إلا من أجل العمل والعمل هذا فرق عن الاعتبار كذلك ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في قصة الرُبيِّع وهذه مشهورة عند الأصوليين السن بالسن وهذا ما ثبت في شرع ما قبلنا لأنه قضى السن بالسن وتلا الآية {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} وهذا لم يرد نص في شرعنا على اعتبار السن بالسن فدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عمل بشرع من قبلنا إذاً شرع من قبلنا نقول وهو شرع لنا، لكن عند الاستدلال نستدل به من حيث إنه وارد في كتابنا أو سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا من حيث إنه شرع لمن قبلنا لأننا لا نحكم إلا بما جاء به النبي ولا نحكم بما جاء به موسى أو عيسى عليهم الصلاة والسلام لماذا؟ لأن شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لجميع الشرائع فحينئذ نقول نعمل به من حيث إن شرعنا أتى به لا من حيث إنه شرع لمن قبلنا ولذلك أصل الجُعالة عند

الفقهاء {وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} هذه وردت في قصة يوسف عليه السلام {وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} قالوا الأصل في حل الجعالة هو هذا وهذا شرع لمن قبلنا، ما لم يرد نسخه هذا واضح وبيِّن أن ما ورد نسخه فليس شرعاً لنا بالإجماع ولا خلاف كوضع الآصال والأغلال التي كانت على ما قبلنا، وهو شرع لنا ما لم يرد نسخه في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى اختارها التميمي أبو الحسن التميمي من أصحابه وهذا قول الجمهور، وهو قول بعض الحنفية وبعض الشافعية لماذا؟ الأدلة السابقة، والأخرى لا وهو قول الأكثرين وهو بعض الحنفية تابع لما سبق والأدلة واحدة، والأخرى أي الرواية الأخرى عن الإمام أحمد تقابل الأولى وهو أنه ليس بشرع لنا لذلك قال والأخرى لا يعني لا يثبت أنه شرع لنا وإن ثبت شرع لمن قبلنا، لا وهو قول الأكثرين ونُسب الأول إلى قول الأكثرين ونُسب الثاني إلى قول الأكثرين لكن المُرجَّح هو الأول. لا وهو قول الأكثرين يعني شرع من قبلنا ليس بشرع لنا لقوله تعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} فكل نبي مختص بشريعته قالوا إذاً لا يكون شرع من قبلنا شرعاً لنا لماذا؟ لأن الأصل الاختصاص بدليل قوله {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} نقول الأصل في مدلول هذه الآية هو كما هو في ظاهرها أن لكل نبي شِرعة ومنهاج يفارق غيره من الأنبياء لكن لا يمنع أن يكون بعض الشرائع متفقة كما هي في الأصول في العقيدة والتوحيد لا مانع أن تتفق في بعض الأحكام الشرعية ولذلك لو نُظر فيما هو مأخوذ من شرع من قبلنا في القرآن لعُد قليلاً تُعد على الأصابع حينئذ لا تعارض بين هذه الآية التي ظاهرها أن الله جعل لكل نبي شِرعة ومنهاجا وبين أن يكون شرع من قبلنا شرع لنا لا تعارض بينهما لماذا؟ لأن الغالب الأكثر الاستقلال كل نبي مستقل بشريعة ولا مانع من هذا أن يكون بعض الأنبياء قد استوى مع غيره في بعض الشرائع ولكن قيل أن المُرجح عن الأصوليين أن الحلافة هنا لفظي لماذا؟ قالوا لأن من نفى قال ليس شرع من قبلنا قد عمل به ولكن نسبه إلى شرعنا قال لأنه ما ذُكر إلا من أجل أن يُعمَل به فحينئذ يكون خلاف لفظي لأن كلا القولين قد تفرعا عليهما العمل بشرع من قبلنا من أثبت ومن نفى قد عمل بشرع من قبلنا إذاً كيف يختلفون هنا؟ الاختلاف في التأصيل هل نقول شرع من قبلنا أصل شرعي يعتمد في استنباط الأحكام الشرعية أم لا؟ من أثبت وهو قول الأكثرين فحينئذ لا إشكال فقد عمل بما جاء به شرعنا وهو شرع لمن قبلنا ومن نفى قال لا ليس شرعاً لنا ولكنه يعمل به أيضاً لماذا؟ لأن شرعنا ما ذكره إلا من أجل أن يُعمَل به فنسبه إلى شرعنا ولم ينسبه على شرع من قبلنا، إذاً الخُلف لفظي هذا هو الأصل الأول وهو شرع من قبلنا والصواب أنه شرع لنا على ما ذكرناه من محل النزاع يعنس ليس مطلقاً وإنما على التفصيل السابق.

وقول الصحابي الأصل الثاني مما أُختلف فيه هل هو أصل في التشريع أو لا قول الصحابي والصحابي سبق تعريفه حد الصحابي مسلماً لاقي الرسول وإن بلا رواية عنه وطول قال قول الصحابي الأصل في الصحابي أنه معصوماً أو ليس بمعصوم؟ ليس بمعصوم إذاً هو ليس بُمشرِّع من حيث هو من حيث ذاته ليس مشرعاً لكن لا يلزم من ذلك نفي الحجية عن قوله لماذا؟ لاحتمال كون القول مستنداً إلى قول خارجي عن كونه صحابياً فنفي العصمة لا إشكال فيها وإثبات الحجية لقوله لكونه مستند إلى أمر محتمل هذا أمر منفك عن الأول فحينئذ إذا قيل صحابي نقول الصحابي ليس بنبي وليس بمعصوم حينئذ إذا انتفت الرسالة والنبوة انتفت العصمة وثبت احتمال الخطأ لكن ثبوت احتمال الخطأ لا يلزم منه نفي الحجية عن قوله هذا مأخذ ممن رأى أن قول الصحابي حجة لكن بقيوم ذكر المصنف بعضها، وقول الصحابي إذا لم يظهر له مخالف قول الصحابي له درجات وله احتمالات قد يحتمل أو يظهر يكون ظاهره مما لا مجال للرأي فيه قول الصحابي يعني الذي لم يرفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل قال - صلى الله عليه وسلم - وإنما أُسند إليه فظاهره أنه من قوله هذا إذا ظهر عليه أنه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع فحينئذ لا يدخل معنا في هذه المسألة لأنه صار مرفوعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - صار قولاً حكماً للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال ابن مسعود يُؤتى بجهنم تُقاد بسبعين إلى آخره نقول هذا قول ابن مسعود أو له حكم الرفع؟ له حكم الرفع لأن ما الذي أدراه عن الأمور الغيبية ما يدري هذا لابد أن يكون من جهة الوحي كذلك ما رُوي موقوفاً عن ابن عمر - رضي الله عنه - أُحلت لنا ميتتان ودمان، الموقوف عند أهل الحديث أصح من المرفوع لو قيل على الموقوف بقطع النظر عن المرفوع قول ابن عمر أُحلت لنا ميتتان ودمان هذا ليس من قوله فحينئذ لا يحتمل الرأي أو الاجتهاد نقول إذا كان قول الصحابي لا يحتمل الرأي والاجتهاد حينئذ ثبت له حكم الرفع فصار حديثاً فحينئذ يُقدم على القياس وحينئذ إذا قابل عاماً خصه وإذا قابل مطلقاً قيده إذاً يأخذ الحكم الأصلي من جهة التقييد ومن جهة التخصيص والنسخ إلى غير ذلك لماذا؟ لأنه صار قولاً لمشرع وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، قول الصحابي إذا اشتهر ولم يظهر له مخالف إذا قول الصحابي يعني قال قولاً فاشتهر علمنا أنه اشتهر ولم يظهر له مخالف من الصحابة نقول هذا إجماع السكوت الذي ذكرناه سابقاً قال البعض وسكت الآخرون ولم يُنقل أن ثم من أنكر واشتهر القول فحينئذ هذا إجماع السكوت على من يرى أنه حجة صار حجة ولا إشكال وعند الأئمة الأربعة أنه حجة إذاً ليس محلاً للنزاع، قول الصحابي إذا خالفه صحابي آخر لأنه قال إذا لم يظهر له مخالف ف‘إن ظهر له مخالف هل هو حجة؟ ليس بحجة على صحابي آخر بالإجماع اتفاق أن الصحابة إذا اختلفوا فيما بينهم لا يصير قول بعضهم حجة على بعض بالإجماع وهل هو حجة على من بعده من التابعين فيجب تقييده أم لا؟ محل نزاع إذاً هذه ثلاثة أنواع لقول الصحابي الأول ما لا مجال للرأي فيه وهذا له حكم الرفع الثاني إذا قال الصحابي قولاً وانتشر اشتهر ولم يُنكَر ولم يُعلَم له

مخالف هذا صار حجة على القول بأنه إجماع سكوتي وإجماع سكوتي ينطبق عليه الحد الثالث إذا خولف فحينئذ يصير قول الصحابي ليس حجة على الصحابي الآخر بالإجماع شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يقول بالإجماع اتفاقاً أنه ليس حجة على آخرين من الصحابي، ماذا بقي؟ قول الصحابي إذا لم يُعلَم له مخالف ولم ُيعلَم مما اشتهر أم لا ومن مسائل الاجتهاد مما للرأي فيه مجال هذا هو الذي فيه نزاع هل هو أصل للتشريع أو لا إذاً قول الصحابي إذا لم يظهر له مخالف هذا قيد ولم يثبت فيه اشتهار وكان في المسائل الاجتهادية فإن كان مما لا اجتهاد فيه ثبت له حكم الرفع يُزاد عليه ولم يخالف نصاً من كتاب أو سنة يذكرون هذا القيد أنعه لم يخالف نصاً من كتاب أو سنة لكن ابن القيم رحمه الله تعالى يمنع وجود هذا يقول لو قيل لا وجود له لماذا؟ لأنه كيف يكون قول صحابي يخالف نص من كتاب أو سنة ثم لا يُعلَم له مخالف؟ ممكن؟ ما يُتصَور هذا لا يمكن أن يُقال بأن الزمن الأول قد خلا عن قائل بالحق البتة هذا باطل لأنه إذا صحابي خالف نص من كتاب أو سنة ولم يُعلَم له مخالف معناه لم يقل أحد بالحق فقد خلا ذاك الزمن عن ناطق بقول الحق لأن قول الصحابي إذا خالف كتاباً أو سنة حينئذ قوله ليس بسديد ليس بصائب خطأ كيف لم يُنكَر؟ كيف لم يُذكَر ما يقابل هذا القول؟ إذاً وجوده متعدي، لكن يذكر بعض الأصوليين أنه لم يخالف نصاً من كتاب أو سنة وتصييره مع عدم العلم بالمخالف أو وجود المخالف هذا فيه صعوبة، إذاً عرفنا بهذه القيود قول الصحابي هل هو حجة أم لا تُثبت به الأحكام الشرعية، فروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه حجة حجة شرعية لأن المسالة في إثبات الأحكام الشرعية مطلقاً سواء كان من الخلفاء الأربعة أو من غيرهم وهذا قول الجمهور أهل الحديث أكثر أهل الحديث على هذا بل نسبه ابن القيم رحمه الله تعالى إلى الأئمة الأربعة أنهم يرون أم شيخ الإسلام ابن تيمية نسبه إلى الأئمة الأربعة هم يرون أن قول الصحابي بالشروط المتقدمة أنه يعتبر حجة في إثبات الأحكام الشرعية يُقدَم على القياس إذا ثبت أنه حجة يُقدَم على القياس قوله يُقدَم على القياس فيه مقدمة مطوية وهي هذا من الاختصاص، فروي أنه حجة فإذا عُورض أو عارض القياس يُقدَم قول الصحابي على القياس هذا عند التعارض لماذا؟ قالوا لأنه إذا خالف القياس دل على أن قوله معتمد على شرع ولم يُنقَل فحينئذ بعضهم حكم على هذا القول المخالف للقياس وقيل أنه حجة أعطاه حكم الرفع وإلا القياس دليل شرعي وهذا مُجمع عليه بين الصحابة حينئذ إذا خالفه قول الصحابي فحينئذ ماذا يكون؟ يكون قول الصحابي هذا قد اعتمد على حجة لم تُنقَل إلينا ولذلك أعطاه بعضهم حكم التوقيف والرفع فحينئذ دل على أنه توقيف من صاحب الشرع فيكون حجة لا لذاته بل لما تضمنه قد تضمن ماذا؟ تضمن دليلاً لم يُنقَل إلينا إذاً الرواية الأولى أنه حجة فإذا عورض أو تعارض قول الصحابي مع القياس قُدِّم على القياس فالقياس يُؤخَّر وقول الصحابي يُقدَّم لماذا؟ لأنه كالنص قول الصحابي إن لم نقل نص فهو كالنص والنص مُقدَم على القياس، ويُخَصُّ به العموم وهذا محل إشكال لماذا؟ لأنه إذا كان قول الصحابي

حجة فإذا أُخذ فيما لم يثبت فيه دليل من كتاب أو سنة فالأمر سهل لا إشكال فيه ولكن إذا كان عندنا لفظ عام وعُلق عليه حكم فحينئذ الأصل ط رد الحكم في كل فرد فرد من أفراد اللفظ العام حينئذ قد دل النص من كتاب أو سنة على أن الفرد الذي أُدعي أن قول الصحابي خصه أنه ثابت بالكتاب والسنة وإذا كان ثابتاً بالكتاب والسنة حينئذ يكون قول الصحابي ليس مقدماً على العام لأن العام بآحاده محكوم عليه بما حُكم عليه بالشرع فحينئذ يستلزم أن يكون كل فرد قد حُكم لما حكم عليه الشرع فحينئذ تخصيصه بقوله الصحابي هذا محل إشكال لأنه إذا أثبت به حكم شرعي لم يرد نصه في كتاب أو سنة نقول أمر سهل ولا إشكال لكن إذا ورد ولو بصيغة العموم نقول قد دل الكتاب والسنة على اعتبار هذا الفرد أنه داخل في حكم العموم حينئذ تخصيصه هذا فيه نظر، إلا إذا أُعطي حكم الرفع حينئذ ممكن أن يُقال بل الأصل أن يُخصص العام لأنه صار كالحديث المرفوع، وهو قول وهو أي القول بالحجية قول مالك وقديم قولي الشافعية وبعض الحنفية أنه حجة ويُقدم على القياس وهذا لا إشكال فيه وأما يخص به ويخص به العموم هذه عبارة ابن قدامة في الروضة ويخص به العموم والأصح أنه لا يخص به العموم إلا إذا كان له حكم الرفع لأن النصوص كما عبر الشيخ الأمين رحمه الله تعالى في المذكرة لأن النصوص لا تخص باجتهاد أحد لأنها حجة على كل من خالفها وليس قول الصحابي حجة عن اللفظ العام بل العكس هو الصواب ما الدليل؟ قالوا استدل من قال بحجيتها مطلقة يعني حجية أقول الصحابة بثناء الله جل وعلا عليهم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقوله جل وعلا {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} إذاً هذه آيات تدل على أن الصحابة أولى بالإتباع من غيرهم ولكن تدل نصاً على أقولهم حجة لا وإنما شاهدوا التنزيل وعلموا التأويل وعلموا من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يعلمه غيرهم فحينئذ نقول هم أولى بالإتباع وإن كان بعضهم يستدل بحديث أصحاب كالنجوم لكن هذا حديث ضعيف وقيل مكذوب موضوع.

قال ويُروى خلافه يعني خلاف القول السابق أنه حجة ويُروى خلافه أي ليس بحجة لجواز الخطأ عليهم كغيره ليسوا بمعصومين لكن الذي جعل من يقول أنه حجة ذكرناه في الأول ليس باعتبار الصحابي، الصحابي إذا نظرنا إليه أنه صحابي ليس بمشرع نقول نعم ليس بمعصوم وهذا مُجمَع عليه حتى من قال أن أقوالهم حجة بشطرها السابق يعلم أن الصحابة ليسوا بمعصومين ليسوا بمشرعين وإنما العصمة للأنبياء والرسل حينئذ كيف يكون مع هذه المقدمة أن الصحابة غير معصومين ثم يرى أن أقوالهم حجة بالشرط السابق نقول لا هنا النظر إلى القول وهو أثر الصحابة لما اعترض بما يقوي أنه معتمد بما يقوي أنه معتمد على أصل شرعي فحينئذ قال بحجيته ولذلك يقال أنه حجة ولكن ليست قطعية بل ظنية ليس قطعية لأنه لو كان قطعية لا يجوز خلافها بل قد يُبدَع من خالف لكن إذا قيل حجة ظنية حينئذ لا مانع من مخالفته، ويُروى خلافه أي أنه ليس بحجة لجواز الخطأ عليهم كغيرهم ولم تثبت عصمتهم وهو قال عامة المتكلمين وجديد قوي الشافعي يعني في مصر واختاره أبو الخطاب ونسبه إلى الجمهور دعوا النسبة إلى الجمهور هذه الكل يأخذ فيها ولكن العبرة بالأقوى والمستند الأقوى وإلا إذا نُسب القول إلى الجمهور نقول الجمهور ليس بدليل شرعي حتى يقوي القول أو غيره لا الجمهور كغيره لم تثبت عصمتهم العصمة ثابتة للاتفاق في اتفاق كل علماء العصر على قول أو على حكم شرعي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا الذي ثبتت به العصمة أما ما عداه ولو قيل أنه جمهور أهل العلم لذلك الشوكاني يقول ولا يهولنك سياق الجمهور أو كلمة قريبة من هذه يعني خالف ولا تلتفت إلى كلمة الجمهور لكن ينبغي أن يُقيَد خلاف الجمهور لا بأس لكن ينبغي أن يُقيَد بالتأني والتروي لأن عندما يُقال أن هذا القول عليه أكثر علماء الأمة وأكثر أتباع المذاهب الأربعة حينئذ يتأني الطالب وينظر ويستشير ويشاور أهل اللم ليس بمجرد كل من رأى قول وكتبه وسطره وأشاعه دون أن يرجع إلى أهل العلم الكبار كما هو حاصل الآن من الفوضى ونحوها فنقول خالف الجمهور لكن بدليل شرعي واضح بيِّن مع التأني والنظر ومشاورة أهل العلم وإلا كما يقول الشوكاني رحمه الله تعالى لا يهولنك سياق أو صوت الجمهور.

وقيل الخلفاء الأربعة يعني خص بعضهم قول الصحابي بأنه حجة إذا كان الذي اتفق عليه الخلفاء الأربعة يعني إذا أجمعوا على قول فهو حجة ما عداه فلا يعني الخلفاء الربعة ظاهره لو كان هناك خلاف إذا عُلق الحكم بأن قول الصحابي حجة إذا كان من الخلفاء الأربعة فيما إذا اتفقوا عليه ولو كان ثم مخالف نقول هذا قول واستدلوا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين هذا دل على ماذا؟ عليكم هذا اسم فعل أمر حينئذ يقتضي وجوب اتباع الأئمة ألربعة الخلفاء الراشدين ولذلك الإمام أحمد ما يرى أنه يخرج عن أقوال الأئمة الأربعة هم الخلفاء الراشدين وقيل أبو بكر لكن من حيث الحجية هذا أمر آخر قول الناظر لا يخرج من أقوالهم يختار من أقوالهم هذا شيء وكونه يُحتج له على غيرهم فيُضلل ويُبدَع ونحو ذلك نقول هذا شيء آخر ولذلك كان ابن عباس خالف يخالف بعض الصحابة ولو كان من الأئمة الأربعة، وقيل أبو بكر وعمر فقط إذا اتفقا على قول فهو حجة وما عداه فلا اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر، إذاً هذه أقول أربعة فيما مسألة قول الصحابي وعلى ما ذكرناه عن ابن القيم رحمه الله تعالى أن الأئمة الأربعة وحُكي أنه جمهور أهل الحديث بالشروط السابقة أنه يعتبر حجة أما تعليقه على الأئمة الأربعة أو أبي بكر وعمر هذا مخالف للقول السابق نعم الأولى عدم الخروج ولا إشكال في هذا. فإن اختلف الصحابة على قولين على قولين يعني مسألة فيها قولان مصل مسألة توريث الجد يرث لا يرث قولان يرث لا يرث لم يجز للمجتهد الأخذ بأحدهما إلا بدليل وقبل ذلك يُقال أنه لا يعتبر أحدهما حجة على الآخر بالإجماع نقل شيخ الإسلام الإجماع على ذلك انه لا يعتبر قول الصحابي حجة على قول صحابي آخر فإن اختلف الصحابة في مسألة ما على قولين فليس قول أحدهما حجة على الآخر بإجماع، لم يجز للمجتهد الأخذ بأحد القولين من دون دليل لابد أن ينظر في دليل كل قول لماذا؟ لأن السابق الذي ذكره أهل العلم من كونه حجة أو لا هذا بشرط عدم المخالفة فإن انتفى هذا الشرط انتفى الحكم المترتب عليه وهو أنه ليس بحجة فإذا لم يكن بحجة ماذا يحصل يكون قول الصحابة وغيرهم وتنظير البعض بأنه قول الصحابي مع الصحابي الآخر إذا تعارضا ليس بأولى من دليلين تعارضا في الكتاب والسنة أليس كذلك إذا تعارض كتاب وسنة ولا يمكن الجمع ماذا نطلب؟ نطلب المُرجِّح لابد من ترجيح خارجي وقول الصحابي مع قول الصحابي هل نتبع واحداً منهما دون دليل مُرجِح إن قلنا نعم جعلنا تعارض القولين بين الصحابيين أعلى وأقوى من تعارض دليلين الكتاب والسنة وهذا باطل وإنما لابد من النظر في قولي الصحابة من جهة ترجيح قول أحدهما على الآخر ويكون بالدليل لا بالتشهي والهوى.

لم يجز للمجتهد الأخذ بأحدهما أي الأخذ بالقولين من دون دليل إلا بدليل يعني مُرجِّح لماذا؟ لأنهم إذا اختلفوا ليسوا بحجة بعضهم على بعض فضلاً عن من بعدهم وأجازه بعض الحنفية والمتكلمين ما لم ينكر على القائل قوله ما لم يُنكر كأنه صور المسالة لها حالان يتعارض قولان هذا يقول بعض الصحابة بقول ويقول الآخر بقول آخر وقد يُنكر أحدهما على الآخر وإذا لم يُنكر حينئذ الأحناف يرون تأخذ بأي قول وإذا أنكر أحدهم على الآخر حينئذ لا لا تأخذ إلا بدليل شرعي وهذا ليس عليه دليل، وأجازه بعض الحنفية يعني تقييد الصحابي مع وجود الخلاف الأخذ بأحد قولي الصحابة دون دليل جوزه بعض الحنفية وبعض المتكلمين ما لم يُنكر على القائل قوله إذا قيل القولان أُطلق القولان ولم يُنكَر لكن كيف يقال لا يُنكَر لأن القول الثاني يستلزم إنكار الثاني قول الثاني يستلزم إنكار قول الأول والقول الأول يستلزم إنكار قول الثاني لأنه إذا قال بأن الشيء مُحرم هذا يستلزم أنه ينكر على من قال بالإباحة أو الكراهة وإذا قال أنه مباح يستلزم الإنكار على من رأى الوجوب حينئذ كل منهما نقول معارض للآخر، وأجازه بعض الحنفية والمتكلمين ما لم ينكر على القائل قوله فإذن أُنكر فحينئذ ليس له أن يأخذ بأحد القولين والصواب أنه لابد من الدليل إذا اختلف الصحابة لابد من النظر في الأدلة.

ثم الأصل الثالث الذي اختلفوا فيه الاستحسان هل هو دليل شرعي يصح إثبات الأحكام الشرعية بها أم لا؟ والاستحسان لغة كما ذكره في ألأصول عد الشيء حسن استحسنت الشيء إذا عددته حسن إذا عُد الشيء حسناً تقول استحسنت كذا إذا اعتقدت في قلبك أنه حسن وهو أي الاستحسان في اصطلاح الأصوليين العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص العدول بحكم المسألة العدول دل على الميل تميل أو يميل المجتهد أو الناظر عن حكم المسألة عن نظائرها إلى قطعها عن نظائرها لكن بدليل الخاص يعني تكون المسألة الأصل فيها أنها يُحكَم فيها بحكم نظائرها ولكن لا تُقطع عن نظائرها لكن لابد أن يكون بدليل خاص، العدول بحكم المسألة عن نظائره يعني قطعها عن نظائرها لدليل خاص ولذلك عبر العدول عن حكم شرعي يعني الميل عن حكم شرعي اقتضاه دليل شرعي في مسألة ما وحادثة ما إلى حكم آخر فيها وهذا العدول لابد وأن يكون مستمداً أو معتمداً على دليل شرعي من كتاب أو سنة وإذا نُظر بهذا المعنى حينئذ صار الاستحسان ترجيح دليل على دليل ولذلك أُنكر استقلاله وإفراده عما سبق لأنه داخل في كل ما سبق فإذا جاء اللفظ عاماً فالأصل في الحكم المُعلق والُرتب على اللفظ العام أن يصدق على كل فرد فرد على أفراد العام يأتي دليل ويستثني صورة أو حادثة لا ينطبق عليها الحكم المرتب على اللفظ العام هذا اسمه الاستحسان العدول بحكم المسألة عن نظائرها بدليل خاص نقول هذا داخل فيما سبق وليس بمستقل ولذلك أنكر بعضهم جعله دليلاً مستقلاً وهذا لا خلاف فيه كما سيذكره المصنف هنا عن أحمد وغيره فهو في الحقيقة ترجيح دليل على دليل يعارضه بمُرجح شرعي وباب التراجيح هذا لا ينكره أحد، لدليل خاص من كتاب أو سنة إذاً قطع الصورة أو الحادثة عن نظائرها بسبب دليل وهذا دليل يسمى عند الأصوليين سند الاستحسان مثل بيع التمر بالرطب حرام والعرايا ما حكمها؟ جائر إذاً العرايا عدول بحكم المسألة عن نظائرها الأصل فيها التحريم فأُعطيت الإباحة ونظائرها وبيع التمر بالرطب لأنه ربا فحينئذ اُستثنين هذه المسألة وهي بيع العرايا لماذا؟ لدليل خاص إذاً نقول هذا من باب الاستحسان أو أنه ثبت بدليل خاص؟ صبت بدليل خاص لماذا يسمى استحساناً؟ قال القاضي يعقوب الاستحسان مذهب أحمد رحمه الله وهو أن تترك حكماً إلى حكم هو أولى منه بدليل شرعي تركت الحكم حكم الربا أو التحريم في العرايا لدليل خاص فأثبت حلها قال الحكم أو الاستحسان أن تترك حكماً إلى حكم هو أولى منه لكنه بدليل شرعي ث قال المصنف وهذا لا ينكره أحد هذا باتفاق مُجمَع عليه أن النص إذا دل نص آخر على عدم اعتبار ذلك الحكم السابق في حادثة ما فإنه يُعدل بذلك الحكم عن نظائره فيُقطَع عن نظائرها هذا لا خلاف فيه إذاً لماذا يُعد دليلاً مستقلاً وهذا لا ينكره أحد أي الاستحسان بهذا المعنى متفق عليه وليس مذهب احمد رحمه الله تعالى فقط.

ثم قال وقيل يعني في تعريف الاستحسان وقيل في تعريف الاستحسان دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يمكنه التعبير عنه وقيل دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يمكنه التعبير عنه المعنى الأول هذا متفق عليه تفسير الاستحسان بأنه العدول الميل بحكم المسألة عن نظائرها بدليل خاص بها هذا لا خلاف فيه بين الأئمة ولكن فُسر الاستحسان بين ألأئمة بمعنى آخر ولذلك جُعل الاستحسان من الألفاظ المجملة لماذا؟ لأنه يحتمل معنى حقا ويحتمل معنى باطلاً فالمعنى الحق وهو ما ذكره أولاً فالاستحسان له معنيان معنى هو حق ومعنى هو باطل المعنى السابق العدول بحكم المسألة نظائرها هذا حق متفق عليه ولذلك قال المصنف هذا لا ينكره أحد وقيل في حده وهو معنى فاسد دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يمكنه التعبير عنه، دليل إذاً هو دليل انقدح في نفس المجتهد يعني حدثته نفسه بذلك الدليل عبر عنه ائت به قال لا أستطيع كيف يكون دليلاً ولا يمكنه التعبير عنه؟ لعله من إلهام الصوفية هذا، وليس بشيء أي هذا الاستحسان بهذا المعنى ليس بشيء لماذا؟ لأنه لو كان دليلاً حينئذ الدليلين هما الكتاب السنة وإما أن يُنطق به فيدل على النص بعينه بلفظه وإما أن يدل على فحواه فحينئذ إما أن يدل على المنطوق أو على المفهوم وهذا يكون بالنطق باللفظ فإذا انقدح في نفسه دليل ولا يمكن التعبير عنه نقول هذا ليس بكلام فإذا لم يكن كلاماً حينئذ انتفت الأدلة كلها الكتاب والسنة والإجماع والقياس إذاً ليس واحداً منها لذلك هذا باطل وإذا ورد عن السلف الطعن في الاستحسان فمرادهم مثل هذه المعاني ولذلك الشافعي رحمه الله تعالى اشتهر عنه من استحسن فقد شرَّع لماذا؟ لأنه لو كان بالمعنى السابق شرَّع بحكم الشرع لم يستحسن من نفسه وإنما اعتمد على دليل شرعي ولكن لو انقدح في نفسه دليل ولم يمكن التعبير عنه وإنما يتكلم بالأحكام الشرعية يعني يمكن التلفظ بالحكم الشرعي وإذا قيل عنه عبر عن دليل قال لا أستطيع خذا تناقض هذا وليس بصحيح إذاً هذا فاسد فلو أُثبتت الأحكام الشرعية بمثل هذه الأوهام وهذه الإلهامات نقول هذا باطل ويُنزَّل عليه قول الشافعي وغيره، وقيل ما استحسنه المجتهد بعقله هذا أقل لماذا؟ لأن العقل ليس مُشرعاً وإنما العقل يستعمَل في درك المعاني فقط استنباط هذه وظيفة العقل لكن هل يستقل العقل دون نظر في كتاب أو سنة فيصدر أحكام شرعية حلال وحرام نقول لا ليس العقل مصدراً من مصادر التشريع والهوى ليس مصدراً من مصادر التشريع وحديث النفس ليس مصدراً من مصادر التشريع محصورة في الوحي فقط فكل ما كان في الوحي فهو من الدين وكل ما لم يكن من الوحي فليس من الدين قاعدة كل ما كان في الوحي فهو من الدين فإذا جاء شيء ليس من الوحيين حينئذ نحكم عليه بأنه ليس من الدين ولو كان بالعقل ولو أصحابه أنهم أرباب العقول وأنهم وأنهم إلى آخره كما هو طريقة الفلاسفة ونحوهم، وحكي عن أبي حنيفة أنه حجة يعني ألخير هذا لكن هذا باطل لا يثبت عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى تمسكاً بقوله تعالى {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} أين هذا من هذا؟ لورود الآية في معرض الثناء والمدح لمتبع أحسن القول لكن ليس بعقله لأن

اتباع أحسن القول هذا يكون بما دل عليه القول وليس بما استقل به العقل وهنا يُقال ما استحسنه المجتهد بعقله إذاً العقل صار مصدراً فيتبعون أحسنه يعني أحسن القول وأحسن القول إنما يكون لفظاً يعني مصدره الكتاب والسنة، كدخول الحمام بغير تقدير أجرة وشبهه يعني هذه المسألة فيها استحسان دون دليل شرعي لكن الاستدلال هنا كما ذكرناه سابقاً نحن في باب الأصول فلا تثبت الأصول بالأحكام الفرعية، كدخول الحمام هذه مسألة فرعية أراد أن يُثبت بها حكماً أصلياً وهذا خلاف الأصل وإنما تُثبت الأصول بالأدلة الكلية العامة والفروع تُنزَل على تلك الأصول فحينئذ نستنبط تلك الفروع م تلك الأصول أما أن يُؤصَّل على فرع فهذا خلاف الأصل كدخول الحمام بغير تقدير أجرة الماء المصبوب ولا للزمن وشبهه قالوا كشرب الماء من أيدي السقاءين من غير تقدير أجرة كل ما تعارف عليه الناس فحينئذ إذا لم يعين له شيء معين من ثمن ونحوه قالوا هذا دليله الاستحسان نقول لا ليس دليله الاستحسان بل عموم قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} وهذا عقد والثمن ونحوه إذا كان العرف مضطرداً في شيء ما فحينئذ الشرط العرفي كالشرط اللفظي فعدم التقدير في مثل هذه المحقرات عند الناس ذلك كونها مستحسنة من جهة الشرع لا نقول هو عقد الأجرة عندما تركب سيارة قد لا تتفق معه على أجرة معينة نقول شرط صحة عقد الإيجارة أن يكون الثمن معلوماً فتمشي معه على عشرة على حسب المكان نقول عشرة هذه ما الذي دل عليه هل هي استحسان أم لا؟ ليس استحسان لماذا؟ لأن العرف قد دل أن الثمن إذا كان معلوماً فحينئذ صار كالشرط لأنه صار مضطرد في كل الأحوال حينئذ يُنزل الشرط العرفي منزلة الشرط اللفظي كأنه اتفق معه مباشرة وإلا صحت الإيجارة لو قلنا الثمن مجهول ولم يُجعَل الشرط العرفي كالشرط اللفظي نقول الإيجارة باطلة هذه وأنت آثم ركبت مال غيرك دون إذنه وهو أخذ العشرة بطلان يعني المال يكون حرام في حقه لماذا؟ لأنه أخذه بغير وجه شعري ولا يحل أن يُنقَل مال من جهة إلى جهة إلا على وجه شرعي وهذه وقعت على وجع باطل وليس بشرعي نقول الأصل أنها عقود وهي داخلة في قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} فهي من العقود التي أباحها الله والاضطراد العرفي كاللفظ الشرطي. وشبهه مثله يعني كل ما اضطرد العرف على عدم تقديره فليس من باب الاستحسان وإنما هو عقد صحيح وروعي فيه عدم العلم بالثمن للعرف فقط.

ثم قال والاستصلاح يعني والأصل الرابع الذي اختلف فيه الأصوليون هل هو أصل للتشريع أم لا الاستصلاح الاستصلاح استفعال طلب الصالح فكل ما فيه صلاح فإنه مشروع وما ليس كذلك فلا، الاستصلاح ما هو الاستصلاح عرفنا الاستصلاح في اللغة طلب الصالح أو طلب الصلاح ذاك أو ذاك، وهو اتباع المصلحة المرسلة المصلحة مفعلة كمنفعة من جهة المعنى والوزن يعني المنفعة مصلحة وزنها واحد ومعناهما واحد والمرسلة المُفعلة اسم مفعول من الإرسال والمراد به الإطلاق يعني هذه المنفعة التي إذا ثبتت ثبتت الأحكام الشرعية معها هذه المصلحة مطلقة، طلقة على أي شيء؟ على اعتبار الشرع لها أو إلغاؤها فحقيقة المصلحة المرسلة أن يقال المصلحة من حيث هي على ثلاثة مراتب مصلحة قد اعتبرها الشرع يعني جاء الدليل على أنها مصلحة معتبرة فرتب الحكم الشرعي عليها فكل أمر في الشرع واجباً أو ندباً فهو متضمن لمصلحة لأنه كما سبق مراراً أنه لا يأمر الشارع غلا بما مصلحته خالصة أو راجحة فالصلاة نقول هذه فها مصلحة تعلق القلب بالله جل وعلا إلى آخره فنقول هنا ثبتت المصلحة واُعتبرت من جهة الشرع بدليل أمر الصلاة لما وُجدت المصلحة أمر بالصلاة فصارت المصلحة هنا مقتضية للصلاة هل اعتبرها الشرع؟ نقول نعم بدليل أمر إذاً هنا مصلحة معتبرة من جهة الشرع يقابلها مصلحة ملغاة من جهة الشرع يعني دل الدليل على عدم بطلانها دل الدليل على أنها غير معتبرة بل هي ملغي ملغاة شرعاً وهذه المصلحة سميت مصلحة من ماذا من أي حيثية؟ ليست من جهة المصلحة من حيث هي وإنما باعتبار الناظر فالخمر فيها مصلحة عند شاربها أليس كذلك لكن جاء الشرع فأبطل تلك المصلحة نقول ماذا؟ هذه المصلحة ملغاة كذلك الفوائد فوائد الربا هذه فيها مصلحة تضع مائة ألف وأنت جالس في الألف تأتيك فوائد نقول هذه مصلحة أو لا؟ مصلحة باعتبار الشخص نفسه نقول هذه المصلحة ملغاة اعتبرها الشارع ضدها وهو النهي عن الربا فلما نهى عن الربا علمنا أن هذه المصلحة ملغاة فلما حرم الخمر علمنا أن المصلحة المترتبة عليها قال {فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} علمنا أن المصلحة المرتبة على الخمر ملغاة إذاً متقابلان مصلحة معتبرة جاء الشرع بتقريرها وتثبيت الحكام وتفريع الحكام عليها ومصلحة ملغاة، النوع الثالث مصلحة مرسلة مطلقة، مطلقة عن ماذا؟ لم يرد ما يعتبرها ولم يرد ما يلغيها هذا البحث فيها الآن المصالح المعتبرة شرعاً هذا لا إشكال فيها متفق على اعتبارها والمصلحة الملغاة شرعاً لا شك في اعتبارها من حيث اعتبار الأحكام المنهية عليها وأما المصلحة المرسلة التي أطلقها الشرع فلم يقيدها باعتبار ولا إلغاء هذا الذي سيذكره المصنف هنا، قال والاستصلاح وهو اتباع المصلحة المرسلة المراد باتباع ما هو بناء الفروع على ذلك الأصل لأن اتباع المصلحة المرسلة صار أصلاً شرعياً تُستمَد منه الأحكام الشرعية اتباع المصلحة المرسلة إلى آخره ينبني عليه تفريع الأحكام على ذلك الأصل وهو المراد باتباع المصلحة المرسلة والمراد باتباعها بناء الفروع على مقتضاها التي تحقق نفعاً للعباد، وهو اتباع المصلحة المرسلة من جلب منفعة أو دفع مضرة لأن المصلحة قد تكون في

جلب المنفعة وقد تكون المصلحة في دفع المضرة وهذا يكاد يكون تعريف للمصلحة تعريف عام للمصلحة التي لا خلاف فيها بين الفقهاء أن من جلب المنفعة ودفع المضرة فهو مصلحة ثم تنقسم باعتبار الشرع لها أو إلغائها أو عدم اعتبارها أو إلغائها إلى ثلاثة أقسام، من غير أن يشهد لها أصل شرعي هذا اخرج ما اعتبره الشرع وأخرج ما ألغاه الشرع يعني المصلحة التي ألغاها الشرع أخرجها بقوله من غير أن يشهد لها أصل شرعي وقوله من غير أن يشهد لها أصل شرعي أيضاً أخرج المصلحة المعتبر إذاً بقي المرسلة، من غير أن يشهد لها أصل شرعي ما المراد هنا بنفي الأصل الشرعي؟ المراد به نفي الدليل الخاص يعني لم يرد بشأنها دليل معين خاص في إثباتها أو إلغائها وإنما ثبت اتباع المصالح المرسلة بالدليل العام الدليل الكلي وهو قواعد ومقاصد الشريعة ومقاصدها هي التي دلت على المصالح المرسلة وهذا دليل كلي عام فكل ما دلت المقاصد الشرعية على أنه مصلحة قلنا هذا مصلحة مرسلة حينئذ في جلب منفعة أو دفع مضرة.

من غير أن يشهد لها أصل شرعي أي نص معين باعتبار ولا إلغاء ولكنها تُفهَم من مقاصد الشريعة وعموماتها وهذه المصلحة التي لم يشهد لها أصل هذا في الاعتراف بها نزاع عند الأصوليين بعضهم يرى أنه ليس في الشرع مصلحة إلا وقد أمر الرب جل وعلا بمقتضاها لعموم قوله تعالى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} فكل مصلحة في جلب منفعة فهي داخلة في قوله تعالى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} وكل مصلحة في دفع مفسدة فهي داخلة في قوله {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} وعليه لا اعتبار بهذا الأصل أولا وانتهاءاً، ولذلك شيخ الإسلام له كلام يقول من اعتبر مصلحة لم يدل الدليل على اعتبارها فهو إما أنه قد اعتبر مصلحة ما ليس بمصلحة أو اعتبر ما ليس بمصلحة أنه مصلحة وإما لقصور في فهمه ونظره وهذا يؤديه الشيخ الأمين في شرح هذا الكتاب، لكن على ما ذكره المصنف أو المشهور هنا قال وهي إما ضرورية وإما حاجي أو تحسيني، المصلحة من حيث هي إما أن تكون مصلحة لدرأ المفاسد وهذه عنون لها الأصوليون بالضروريات الخمس سيذكرها المصنف هنا وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل والنسب هذه ستة بعضهم يجعل بدل العرض النسب وبعضهم يجعل النسب بدل العرض وبعضهم يزيد النسب على العرض وهذا الشيخ الأمير يقول لابد منه لأن ثم فرق بين النسب والعرض حينئذ صارت ستة الدين والنفس والمال والعرض والعقل والنسب إذاً درا المفاسد مصلحة درأ المفاسد وشُرع لها حفظ الضروريات الخمس أو الست هذه مصلحة الثاني مصلحة جلب المصالح جلب المنافع وشُرع لها ما يرفع الحرج عن الأمة وهو ما يسمى عندهم بالحاجيات يعني دون الضروريات الضروريات لابد منها قد يحصل خلل في المجتمع أو في علاقات الناس بعضهم ببعض عند فوات هذه الضروريات وأما الحاجيات لا الدين والنفس والعقل إلى آخره تكون محفوظة وإنما يكون فيما زاد على ذلك فيما يحتاجه الناس في المعاملات ونحوها، الثالث الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وهذا ما يُعرَف بالتحسينيات كخصال الفطرة وتحريم المستقذرات ونحو ذلك يسميها بعضه التميمات إذاً المصالح من حيث هي إما جلب مصلحة وإما درا مفسدة وإما مكملات وتحسينات، جلب المصالح هذا معنون له بالحاجيات ودرأ المفاسد هذا معنون له بالضروريات ومكارم الأخلاق والجري على محاسن العادات هذا ما عنون له بالتحسينات. هل المصلحة المرسلة تدخل هذه الأنواع الثلاثة أم لا؟ هذا محل نزاع.

قال وهو أي ابتاع المصلحة المرسلة أو الذي لم يشهد له أصل شرعي أو إن شئت فاقطع الكلام عما سبق يقرر كلام مبتدأ جديداً لأن قوله وهو الضمير مرجع الضمير فيه نوع إشكال وإن كان الأصل أنه إلى أقرب مذكور، وهو أي ما لم يشهد له أصل شرعي إما ضروري وإما حاجي أو تحسيني ولكن هذا فيه إشكال لأنه مثَّل للضروري بما هو متفق عليه ولكن المعنى الذي يقتضيه ما سيذكره المصنف أن يكون مطلق الكلام من حيث المصلحة من حيث هي ثم يرتب هل هذه تشملها المصالح المرسلة أو لا، وهو إما ضروري كقتل الكافر المُضل لحفظ الدين وعقوبة المبتدع الداعي حفظاً للدين إذاً قتل الكافر مشروع شُرع مُجمَع عليه لكن بشرطه والمقصود منه حفظ الدين إذاً هذا من الضروريات كل ما يحفظ الدين فإذا أوجبه الشرع أو حرمه نقول هذا من الضروريات إذا كان له ارتباط بحفظ الدين نقول هذا من الضروريات مثَّل بقتل الكافر المضل وعقوبة المبتدع الداعي حفظاً للدين، إذاً كل منهما من أجل تمام وإتمام حفظ الدين شُرع هذه المصلحة حينئذ إذا قيل بأن المصنف يريد وهو المصلحة المرسلة قتل الكافر هنا نقول شهد الشرع باعتبار المصلحة وعقوبة المبتدع شهد الشرع باعتبار المصلحة فأين المصلحة المرسلة؟ المصلحة لم يشهد لها الشرع لا باعتبار ولا بإلغاء وهذا المعتبر فإذا أمر الشرع نص على شيء فالمصلحة معتبرة وإذا نهى عن شيء فحينئذ نقول المصلحة في دفع المضرة معتبرة، إذا لم يرد ذاك ولا ذاك وثبتت المصلحة حينئذ نصلحه بدرأ المفاسد أو جلب المصالح وأما قتل الكافر وعقوبة المبتدع هذا لحفظ الدين هذا منصوص عليه أجمع السلف على عقوبة المبتدع وقد نص القرآن على قتل الكافر حفظاً للدين والقصاص حفظ للنفس هذا مجمع عليه في النص {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} فحينئذ نقول القصاص هذا شُرع وأُمر به لمصلحة معتبرة شرعاً وهي حفظ النفس، وحد الشرب أيضاً حفظاً للعقل وللتصرف أيضاً، وحد الزنا حفظاً للنسب والقطع حفظاً للمال، إذاً هذه أمثلة للضروريات الخمس وهذه الأمثلة كلها مما اعتبره الشارع، فذهب مالك وبعض الشافعية إلى أن هذه المصلحة حجة لماذا؟ قالوا لأن الشريعة ما وُضعت إلا لتحقيق مصالح العباد ولذلك الرسل إنما بُعثت لتحصيل المصالح وتكوينها وتعطيل المفاسد وتقليلها فحينئذ كل ما كان فيه حفظ للدين أو حفظ للنسب أو حفظ للعقل إلى آخره ولم يرد نص بإيجابه أو تحريمه فنقول هذا مصلحة مرسلة فيُتبع الأول فيكون من الضروري فيأخذ حكمه إما بالإيجاب أو بالمنع والصحيح أنه ليس بحجة، رجَّح المصنف تبعاً لابن قدامة أنه ليس بحجة لماذا؟ لما ذكرناه سابقاً أن الشريعة كاملة فما من مصلحة وُجدت إلا وثم حكم الله ما من أمر وُجد في الشرع إلا وثم مصلحة وأما القول ألآخر فهذا خطا ما مصلحة إلا وثم حكم الله هذا يختلف باختلاف ألأنظار لذلك رُد على الطوخي على مسائل المصالح المرسلة في هذه المسألة، والصحيح أنه ليس بحجة لأن الشريعة كاملة فما ذُكر أو نُظر إلى أنه مصلحة إلا وقد أمرت به الشريعة فحينئذ تصور مصلحة حيث لا أمر نقول هذه مصلحة غير حقيقية بل هي مُتوهَمة وكل ما ورد عن الصحابة من كتابة الداويين إلى آخره وجمع

المصحف فهو داخل تحت عمومات أخرى. وإما حاجيّ حاجيّ يعني نسبة إلى الحاجة يعني ليس في مقام الضروري لا يترتب عليه فساد دين ولا عقل إلى آخره بل هو دون ذلك بكثير، كإباحة العرايا السابقة وإباحة الصيد والطيبات وبعض المعاملات نقول هذه كلها من الحاجيات مثَّل المصنف هنا بتسليط الولي على تزويج الصغيرة لتحصيل الكفء خشية الفوات، كتسليط يعني جبر الولي الأب وإما غيره فلا على تزويج الصغيرة لتحصيل الكفء خشية الفوات نقول هذا من الحاجيات وهو مصلحة اعتبرها الناظر في كون الصغيرة لا تُدرك بنفسها كون ذاك الرجل كوفئاً أم لا حينئذ جاز للأب إجبارها لكن المثال فيه نظر هذا.

أو تحسيني نسبة إلى التحسين والتزيين كالولي في النكاح صيانة للمرأة عن مباشرة العقد صيانة للمرأة يعين لم شرع الشرع الولي في النكاح لم قال لا نكاح إلا بولي؟ قال صيانة للمرأة عن مباشرة العقد لأن المرأة لو زوجت نفسها لاستفيد من ذلك الميل إلى الرجال كأنه يُفهَم منها أنها تريد الرجال وهذا فيه نوع خدش للحياء فصيانة لهذه المرأة على أن تخدش حياءها أو يُفهَم منها الميل إلى الرجال شرع الشرع الولي، لكن هذا ليس بظاهر لماذا؟ بل يكاد يكون من الضروريات لماذا؟ لأنه قال لا نكاح إلا بولي لو كان من التحسينيان لما قال لا نكاح إلا بولي لما جعله شرطاً ونفى حقيقة النكاح وإنما هو من الضروريات فإذا نفى الشرع وجوده من جهة الشرع نقول هذا من الضروريات، كالولي في النكاح صيانة للمرأة عن مباشرة العقد الدال على الميل إلى الرجال، فهذان لا يتمسك بهما بدون أصل بلا خلاف يعين الحاجي والتحسيني نقول هذا ليس بالمتمسك المصلح المرسلة وإنما يُنظر فيهما في المصالح المرسلة إذا كانت من الضروريات على الخلاف وأما التحسيني والحاجي هذا فيه نزاع لكن ذكر المصنف هنا عدم الخلاف في الحاجي وهذا ليس بسديد بل الإمام مالك رحمه الله يسوي بين الضروري والحاجي وإنما الذي يكاد يكون فيه اتفاق هو التحسيني إذاً الاستصلاح هو ماذا هو اتباع المصلحة المرسلة يعني الوصف الذي لم يشهد الشرع لا بإلغائه ولا باعتباره وخلاصة ما ذكره المصنف هنا أن المصلحة المرسلة إن كانت من الحاجيات أو التحسينيات فهو لا يعلم خلافاً في منع التمسك بها على ما ذكره لا يعلم خلافاً على منع التمسك بها لأنها وضع حكم بغير دليل لأن الأول بالاستقراء استقراء الشرع أن الضروريات مردها إلى الخمس إذاً لها أصل فكل ما كان فيه حفظاً لأحد هذه الضروريات الخمس فه أصل فإذا اعتبر مصلحة مرسلة وألحق الحكم بالضروريات الخمس إذاً اعتمد أصلاً على القول بأنه حجة وأما الحاجي والتحسيني فليس لها ضابط لم تنضبط حينئذ لما أحلق مرسلة بالحاجي أو التحسيني نقول اعتمد أصلاً لم يوضع لكن الإمام مالك رحمه الله يعتمد الحاجي كما هو في الضروري إذاً إن كان من الحاجيات أو التحسينيات فهو لا يعلم خلافاً في ضع التمسك بها لأنها وضع حكم بغير دليل وإن كانت من الضروريات فهي فيها أو محل خلاف والصواب عند المصنف أنه ليس بحجة والأولى أنه لا يقال الاستصلاح أصل من أصول التشريع وعليه يقول المصنف هنا في شرع من قبلنا وقول الصحابي والاستحسان قد رجَّح أنها أصول أو لا لأنه قال وثم أربعة أصول أُخر مُختلف في الاحتجاج بها شرع من قبلنا الراجح أنه حجة وقول الصحابي بشرطه الراجح عند المصنف هنا أنه حجة والاستحسان بالمعنى الأصلي العدول عن حكم مسألة وقطع إلى غيرها بدليل شرعي هو أيضاً حجة متفق عليها، إذاً هذه ثلاثة أشياء أصول مُختلف فيها والأصح أنها حجج شرعية وأما الاستصلاح فليس بحجة شرعية. ومما يتفرع عن الأصول المتقدمة القياس والقياس يحتاج على كلام طويل نقف عند هذا، وصل اللهم وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

20

عناصر الدرس * القياس * أركان القياس. الدرس العشرون بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، قال المصنف رحمه الله تعالى ومما يتفرع عن الأصول المتقدمة القياس القياس هذا مبتدأ مؤخر ومما يتفرع خبر مقدم أي ومما ينبني ويتفرع إذاً الفرع هو ما تفرع غيره وتولد عن غيره، الأصول المتقدمة أربعة الكتاب والسنة والإجماع والبراءة الأصلية الاستصحاب والعدم كل هذه جعلها أصول متفق عليها وجعل القياس فرعاً عن هذه الأصول لماذا؟ لأنه كما سبق أن القياس كما ذهب إليه أنه من الأدلة الشرعية يعني مما تُثبت به الأحكام الشرعية غلا أنه ليس دليلاً مستقلاً بنفسه كما أن الكتاب دليل مستقل بنفسه لأن القياس اشترط فيه أن يكون معتمد على أصل فرع يُحمَل على أصل وهو المقيس عله وهذا المقيس عليه لابد أن يكون حكمه ثابت بكتاب أو سنة أو إجماع إذاً لم يخرج القياس عن دلالة الكتاب والسنة والإجماع فصار فرعاً لكن المشهور عند الأصوليين أن الأصول المتفق عليها أربعة الكتاب والسنة والإجماع والقياس وهذا أولى وما ذكره المصنف وعلله هنا بأن القياس يتفرع هذا موجود في السنة أو موجود في الإجماع لأنه كما قيل أن حجية السنة ثابتة بالكتاب وحجية الإجماع ثابتة بالكتاب والسنة إذاً الذي حصل رجعت السنة والإجماع والقياس إلى الكتاب إما أن يُجعَل الدليل واحداً أو الأصل واحد وقد قيل به قال به بعض الأصوليين وإما أنه يُجعَل كأن كل واحد منها له مفهومه الخاص فالسنة لها مفهوم خاص ولو ثبتت حجيتها بالكتاب والإجماع له مفهوم خاص مغاير للسنة ولو ثبت حجية الإجماع بالكتاب والسنة والقياس له مفهوم خاص ولو كان متفرعاً عن الأصول السابقة، قال ومما يتفرع عن الأصول المتقدمة أن القياس من ألأدلة الشرعية لكنه ليس دليلاً مستقلاً بذاته، القياس وقد جعله ابن قدامة في الروضة من معقول المعنى يعني يقول الحكم الشرعي هذا مأخوذ من كتاب وسنة أو كمن الكتاب، الكتاب يدل على الحكم الشرعي إما بمنطوقه وإما بمفهومه وإما بمعقوله منطوقه ومفهومه هذا ما سبق البحث فيه المنطوق والمفهوم بمعقوله جعله القياس لأن حجية القياس ثابتة بالكتاب وأيضاً لابد أن يكون الحكم حكم المقيس عليه ثابتاً بنص أو إجماع إذاً رجع إلى معقول الكتاب والسنة.

القياس القياس هذا مصدر قاس يقيس قياساً إذاً أصله قاس وقاس هذا فعل ماض وألفه مبدلة عن الياء هذا على المشهور أن الألف هنا مُبدلة عن ياء وقاس في الأصل أنه مما سُمع فيه الواو والياء يعني أجوف واو وأجوف ياء هذا موجود في بعض الكلمات يتعين أن يكون ألفه منقلبة الأفعال الماضية الثلاثية إذا وُجدت فيها ألف فاقطع بأنها ليست أصلية قطعاً هذا باتفاق إذا وجدت الألف في فعل ماض أو اسم على ثلاثة أحرف فاقطع لأن الألف ليست أصلية وإنما هي منقلبة عن واو أو ياء، ثم يحتمل في بعضها مما سُمع فيه أنه واو أو ياء فيُحكَم بهما بالاثنين فلا يُقال أن ألألف منقلبة عن واو أو عن ياء مثل دعا هذا ثلاثي ألفه منقلبة عن واو وهو الأكثر لكن الأصح أنه منقلبة عن واو وفي بعض الروايات منقلبة عن ياء ولذلك دعاء يدعي صحيحة ودعا يدعو هذه أيضاً صحيحة لماذا؟ لأن ألف دعا يدعو هذه الواو كانت ألفاً فدعا أصل دعو تحركت الواو وفُتحت ما قبلها وقُلبت ألفاً، ودعا أصلها دعي أيضاً ولذلك الإمام مالك رحمه الله تعالى له منظومة في الواو والياء مما جاء في اللغتان فيُقال فيه أنه واوي يائي لكن باعتبار لغتين هذا موضوع فيما جاء بالواو والياء منها دعا، وقاس مثلها قاس قيس وقاس قوس إذاً قاس يقيس وقاس يقوس صحيحة قاس يقيس وقاس يقوس المثال المشهور عند الأصوليين هو القياس أنه بالياء والقياس هذا مصدر، قال وأصله أصله يعني في اللغة التقدير والمساواة يعني يُطلق مراداً به التقدير ويُطلق ويُراد به المساواة وهل هو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر أو مشترك لفظي أو مشترك معنوي فيه خلاف ومثل هذه ألفاظ التي تستعمل بمعنيين فأكثر الأصل أنه يُحكَم بأنه مشترك لفظي هذا هو الأصل وإذا جاء القرء مثلاً مستعملاً في الحيض والقرء مستعملاً في الطهر نقول هذا مشترك لفظي لأن اللفظ واحد والمعنى مختلف إذاً اتحدا في اللفظ وتعدد في المعنى وفي الوضع أيضاً وهذا حقيقة المشترك اللفظي، والقول بأنه خلاف الأصل نعم هو خلاف الأصل لكن إذا سُمع في اللفظ معناً ومعنى بدلاً من أن يُقال في أحدهما مجاز وفي الآخر حقيقة دون برهان نقول هذا القول بالاشتراك أولى من المجاز وإن كان المُرجح عند الكثير من الأصوليين أن المجاز مُقدَم على القول بالاشتراك القول بالاشتراك هذا حقيقة ولا عدول عنها إذاً أصل القياس في اللغة يأتي بمعنى التقدير يقول قست الثوب بالذراع إذا قدرته به ولذلك قال الجوهري قست الشيء بغيره وعلى غيره إذاً يتعدى بالباء ويتعدى بعلى قست الثوب بالذراع قست الثوب على الذراع وهذا وارد قد يتعدى الشيء بحرفين وكل منهما له معنى رغبت في كذا ورغبت عن كذا المعنى يختلف هنا قاس يتعدى بالباء ويتعدي بعلى قاس الثوب بالذراع إذا قدره به قال الجوهري قست الشيء بغيره وعلى غيره إذا قدرته على مثاله حينئذ إذا قدرت الشيء بالشيء يستلزم أنه لابد من شيئين الثوب والذراع إذاً القياس يستلزم شيئين ويُقال قدرت أو قست الجراح بمعنى إذا جعلت فيها ميلاً لتعرف غورها هكذا قال الجوهري رحمه الله تعالى، ويأتي بمعنى المساواة فيقال فلان لا يقاس بفلان أي لا يساويه أو يقال فلان يقاس بفلان بمعنى أنه يساويه إذاً يُطلق عليهما

بالمعنى أو بالاشتراك اللفظي فيكون اللفظ لفظ القياس مشتركا لفظياً بين التقدير والمساواة، وأما في الاصطلاح فقال وهو أي القياس في اصطلاح أهل الأصول أو إن شئت قل شرعاً فهو حمل فرع على أصل في حكم لجامع بينهما وهذا أشهر حد للقياس، حمل فرع على أصل في حكم لجامع بينهما إذا قد تضمن أركان القياس الأربعة وبإيجاز وبمعنى واضح بيِّن لا إشكال فيه، حمل ما المراد بالحمل هنا؟ المراد به الإلحاق يعني إلحاق الفرع بالأصل في إثبات الحكم له لأن ثمرة القياس ونتيجة القياس وما يُراد من القياس هم إثبات حكم الأصل للفرع فحينئذ أصل القياس هو الإلحاق وبعضهم يعبر بالمساواة أو التسمية ولا إشكال لأن بعضهم انتقد كلمة حمل هنا لأنها ملزومة للمساواة نقول لا مشاح في الاصطلاح يعني قد يُعبَر بالحمل وقد يُعَبر كما في التعريف الآخر بالإثبات وإن كان الحمل والإثبات ثمرة للقياس لأن الأصل في القياس هو مساواة الفرع للأصل وهذا هو المعنى اللغوي بمعنى المساواة تسوية فرع بأصل مساواة فرع بأصل والحمل والإثبات كذلك نقول هذا ملزوم للمساواة لأنه يلزم من المساواة الحمل يستوي الفرع مع الأصل أولاً ثم تحمل إذاً أيهما أصل وأيهما فرع؟ التسوية أولاُ يستوي عندك الفرع مع الأصل ثم تحمل الفرع على الأصل ثم تُثبت حكم الأصل في الفرع إذاً نقول الحمل والإثبات ملزوم للمساواة المساواة لازمة فإذا وُجدت المساواة يلزم منها الحمل والإثبات إذاً لا مشاح في الاصطلاح من ذكر الحمل أو ذكر المساواة في الحمل وإن كان الأولى أن يُعبَر بما جرت به العادة من كون المعنى اللغوي يؤخذ الجنس في حد المعنى الاصطلاحي المعنى اللغوي وهو المساواة هنا الأصل هو أن يؤخذ في حد القياس ولكن إذا أُطلق الملزوم مراداً به اللازم وإن كان مجاز إلا أنه صار حقيقة عرفية، والمجاز إذا أُطلق وانصرف إلى معنى خاص عن أرباب الحدود جاز دخوله في الحد وما يُذكَر من شرط الحد وحصته أن يخلو عن المجاز نقول نعم المجاز الذي لم يصير حقيقة عرفية هذا يمتنع دخوله في الحد وإما إذا صار حقيقة عرفية بحيث إذا أُطلق لفظ الحمل ولفظ الإثبات ولفظ التعدية تعدية حكم الأصل إلى الفرع نقول إذا أُطلقت هذه العبارات وإن كان هي مجاز بإطلاق اللازم مراداً به الملزوم أو الملزوم مراداً به اللازم إذا أُطلقت صارت حقائق عرفية وحينئذ لا إشكال وهو حمل فرع يعني إلحاق الفرع بالأصل وإثبات حكمه له حكم الأصل للفرع لذلك الحمل فرعي على أصل هذا الركن الأول الفرع على أصله هذا الركن الثاني في القياس، في حكم حكم ماذا؟ في حكم الأصل هنا أطلق الحكم فيشمل الحكم التكليفي والحكم الوضعي على قوله، لجامع بينهما لجامع جار ومجرور متعلق بقوله حمل وقوله في حكم أيضاً جار ومجرور متعلق بقوله حمل حينئذ الحمل هذا ما سببه؟ لجامع بينهما بين الفرع والأصل وُجد جامع وهو علة ومعنى مناسب وُجد في الأصل وعُلق عليه الحكم هذا المعنى وُجد في الفرع لتحقيق المناط كما سيأتي حينئذ يلتحق الفرع بالأصل كقياس النبيذ على الخمر في التحريم، قالوا النبيذ فرع هذا مجهول الحكم لم يرد نص في الشرع على النبيذ هذا من باب المثال فقط وإلا منصوصاً عليه لدخوله في قوله كل مسكر خمر

نقول النبيذ على ما يذكره الأصوليون النبيذ مجهول الحكم لأن الفرع مراد به أنه عمل أو شيء أو ذات جُهل حكمها لا يُعرَف حكمها لم يُنَص عليها في الشرع وجاء شيء آخر حُكم عليه بحكم في الشرع نظرنا فإذا هذا الحكم في ذلك المحل قد عُلق بعلة وبحكمة حينئذ نقول الخمر حرام ما علة تحريم الخمر؟ الإسكار إذاً هذا أصل عندنا فنقول الخمر هذا أصل وحكمها التحريم هل هناك علة هل هناك وصف مناسب لتعريف الحكم والتحريم بالخمر نفسها؟ نقول نعم وهو الإسكار فإذا وجدنا أي فرع أو أي شراب لم يُنص عليه في الكتاب والسنة ووجدنا تلك العلة التي علق عليها الشرع في الخمر بالتحريم وهي الإسكار فحيث ما وجدنا في شراب ما حكمنا بانتقال حكم الأصل وهو الخمر إلى ذلك الفرع وهذا هو حقيقة القياس أن يوجد عندنا أصل أو يوجد عندنا حادثة أو واقعة أو شارب أو ذات أو أكل ونحو ذلك قد نص الشرع على حكمه وعلل ذلك الحكم يعني علق الحكم بعلة هذه العلة متى ما وُجدت في شيء آخر لم ينص عليه الشرع بهذا الشرط لم ينص عليه الشرع حينئذ نقول ننظر في هذا الفرع هل وُجدت فيه العلة على الإسكار أو لا إن وُجدت نقول حمل الفرع الذي هو النبيذ على الأصل الذي هو الخمر في الحكم وهو التحريم للعلة الجامعة بينهما وهو الإسكار وهذا هو حقيقة القياس وهذا أصح حد ذُكر عند الأصوليين ولذلك قدمه المصنف هنا.

وقيل يعني في حد القياس وإن كان إكثاراً الإكثار في الحدود هذا مناف للاختصار الأصل أنه يذكر حداً واحداً ويكتفي به وما بعد الحد الأول ضعَّفه بقوله وقيل إثبات وقيل حمل معلوم، فإذا كان الضعيف ويرد عليها إيرادات أو اعتراضات حينئذ الأولى عدم الاشتغال بها، وقيل: إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم ما الفرق بين هذا والحد السابق هل هناك فرق؟ عبر بالإثبات دون الحمل والإثبات أيضاً ملزوم للمساواة والحمل أيضاً ملزوم للمساواة إذاً يُعترَض عليه بما أُعترض على الحد الأول بأن الإثبات ثمرة ونتيجة القياس والجواب أنه أطلق الملزوم مراداً به اللازم لأنه يلزم من المساواة الإثبات ويلزم من المساواة الحد حينئذ لا إشكال لأنه صار حقيقة عرفية ويرد الاعتراض لو كان إطلاق الإثبات على التسوية لم يصر حقيقة عرفية عند الأصوليين إذاً صار المجاز حقيقة عرفية أو مجازاً مشهوراً كما يعبر الغزالي ونحوه حينئذ صار الحد سليماً ولا اعتراض على الحد فليس كل مجاز يُدخَل في الحد يكون سبباً في الاعتراض على الحد وإنما المجاز الذي لا يُفهَم ما المراد به أو لم يصر حقيقة عرفية أو لم يكن مجازاً مشهوراً هو الذي يُمنَع إدخاله في الحد وما عدا ذلك فهو جائز، إثبات ما المراد بالإثبات هنا؟ المراد به إدراك النسبة لأن الإثبات هنا قد يكون من جهة ما أخص من مطلق الحمل لأن الحمل إلحاق ثم الإثبات هذا فيه إلحاق ونوع زيادة وهو أن الإثبات لا يكون إلا فيما إذا أُدركت نسبته الذي يقال فيه أنه الإنشاء في الجملة الاسمية أو النفي في الجملة الاسمية أو الفعلية حينئذ الإثبات المراد به إدراك النسبة بين الفرع والأصل والنسبة هذه كما سبق أن المراد بالأحكام الشرعية هي النسب التامة لذلك إذا عُرِّف الفقه أنه العلم بالأحكام الشرعية العملية نقول المراد بالأحكام هنا النسب التامة يعني إدراك الموضوع والمحمول والعلاقة بينهما ثم ما يُسمى بالتصديق وهو إيقاع مفهوم الخبر على المبتدأ وإيقاع مفهوم الفعل على الفاعل أو نائبه إدراك هذه النسبة يسمى إثبات ويسمى تصديقاً عند المناطقة إدراك مفرد تصوراً علم ودرك نسبة هو هذا ودرك بتصديق، لأن الجملة الاسمية مركب من أربعة أشياء اسم الذي هو المبتدأ واسم الذي هو الخبر الاسم المبتدأ له تصور في الذهن لابد من معنى إدراكه يسمى تصوراً والخبر هذا له معنى فهم المعنى هذا يسمى إدراك هذا يسمى تصوراً إذاً تصور المبتدأ أول ثم صور الخبر، العلاقة بينهما دون الحكم بالإيقاع وعدمه زيد قائم هل يتصور العقل القيام من زيد أم لا بقطع النظر هل هو واقع في الخارج أو لا هل يتصور العقل العلاقة بينهما؟ يتصور العقل هذه تسمى نسبة، ثم هل وقع بالفعل أن زيداً قائم؟ إن أُدرك قيام زيد بالفعل أو عدم قيامه بالفعل هذه يسمى تصديقاً إذاً أربعة إدراكات إثبات أي إدراك النسبة بين الفرع والأصل وهو ما يسمى بالتصديق عند المناطقة والمراد به مطلق الإدراك ليشمل القطعي والظني لأن القياس نوعان مقطوع به كما سيأتي ومظنون وسواء كان على جهة الإثبات أو على جهة النفي لأن القياس كما يكون في إثبات الحكم كذلك يكون

في النفي إذاً القياس قد يكون قطعياً وقد يكون ظنياً وقد يكون لإثبات حكم وقد يكون لنفي حكم هذا كله داخل في قوله إثبات، ثبات حكم الأصل في الفرع إذاً أيهما الذي سبق العلم به؟ حكم الأصل حينئذ يلزم أن يكون حكم الأصلي معلوماً فإن كان مجهولاً امتنع القياس لا يُتصور أن يحصل القياس بين فرع مجهول الحكم ويُحمَل على أصل مجهول الحكم إذا انتفى العلم بحكم الأصل انتفى القياس لأنه إذا لم يكن عندنا أصل وهو ركن من أركان القياس وإذا انتفى ركن انتفى القياس، إثبات حكم الأصل في الفرع يعني تنزيل هذا الحكم وتسوية الفرع بذلك الأصل في الحكم في الفرع لأنه مجهول الحكم وهذا هو ثمرة القياس وثمرة القياس إثبات حكم الأصل في الفرع أن نعلم ما حكم الفرع لأنه ترد حادثة أو ترد نازلة واقعة فلا نعرف حكمها نقول هذا فرع فنقيسه على غيرها بشرائط القياس فإذا علمنا حكم الفرع نقول هذا هو الثمرة وهذا هو النتيجة للقياس، إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما هذا جار ومجرور متعلق بقوله إثبات لما حصل هذا الإثبات لاشتراكهما لاشتراك الأصل والفرع في علة الحكم حكم ماذا؟ حكم الأصل لكن هو يقول لاشتراكهما في علة الحكم أي حكم؟ هنا المراد بها مطلق الحكم لماذا؟ لأنه إذا عُلم تحريم الخمر ثم أثبتنا التحريم نفسه أو مثل التحريم أصح أثبتنا مثل تحريم الخمر في الفرع وهو النبيذ نقول اشتركا في علة الحكم حكم ماذا؟ حكم الأصل في لتحريم وحكم الشارع وهو حكم لأن الحكم حكم الأصل مُعلل بالإسكار والنبيذ مُعلل بالإسكار أيضاً فحينئذ اشتركا في مطلق الحكم الذي هو التحريم ولذلك نقول في مثل حكم الأصل ولا نقول عين حكم الأصل لأن التحريم في النبيذ تحريم النبيذ ليس هو عين تحريم الخمر هو مثله لماذا؟ لأن الأول معلوم بنص أو إجماع والثاني الذي هو النبيذ هذا معلوم بطريق الاستنباط والاجتهاد ولا يمكن أن يكون التحريم الذي هو أثر للاستنباط والاجتهاد مساوياً للتحريم الثابت بالنص أو الإجماع كما سبق أن الواجبات تتفاوت واجب أأكد من واجب والمحرمات كذلك تتفاوت مُحَرم أأكد من مُحرَم، هنا في باب القياس إذا انسحب حكم الأصل إلى الفرع لا يمكن أن يكون مطلقاً في كل أفراد القياس إلا ما يسمى إذا تجوزنا وقلنا مفهوم الموافقة هذا من أنواع القياس والأصح أنه ليس من أنواع القياس كما سبق بل هو من دلالة النص على المعقول على المفهوم، فإذا وُجد حكم الأصل في الفرع نقول ولو كان التحريم في الأصل سُحب إلى الفرع إلا أنه مساوياً له من كل وجه بدليل الثبوت أن ألأول ثبت بنص أو إجماع والثاني ثابت بطريق الاستنباط والاجتهاد، والاجتهاد قد يكون قطعياً وقد يكون ظنياً لكن الغالب فيه الظن، إثبات حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الحكم.

وقيل حمل معلوم على معلوم يعين الحد الثالث الذي ذكره المصنف حمل معلوم على معلوم حكم لهما أو نفيه عنهما لجامع بينهما من إثبات حكم أو صفة لهما أو نفيه عنهما هذا طويل هذا والغريب أن المصنف يقول هو بمعنى الأول لا هو ليس بمعنى الأول، حمل معلوم حمل عرفنا المراد به الإلحاق إلحاق الفرع بالأصل وإثبات حكمه له أي للفرع، حمل معلوم على معلوم هنا لم يعبر بالفرع والأصل وإنما أتى بلفظ عام قيل فيه إنه أعم يعني لا عام بعده وهو لفظ معلوم كما سبق لماذا؟ حمل معلوم أراد بالمعلوم الأول الفرع على معلوم الذي هو الأصل عبر بالمعلوم ليشمل الموجود والمعدوم لأن الحكم قد يكون وجودياً وقد يكون عدمياً والعلة كذلك قد تكون وجودية وقد تكون عدمية إذاً ليشمل الموجود من جهة الحكم ومن جهة العلة ويشمل المعدوم من جهة الحكم ومن جهة العلة عبر بهذا اللفظ العام والأول أولى، حمل معلوم على معلوم والمراد به ما من شأنه أن يُعلَم ليس المعلوم بالفعل وإنما ما من شأنه أن يُعلَم لأن المعدوم إذا قيل في باب القياس هنا معدوم معناه ليس بشيء كيف يُحمل فرع ليس بشيء على أصل ليس بشيء نقول ما من شأنه أن يُعلَم لأن القياس ثابت في نفسه علمته أنت أم لم تعلم والأصل المُعلل الأصل الذي حُكم عليه بحكم وارتبط بعلة والفرع الذي جُهل حكمه وتحققت فيه تلك العلة ثابت في نفسه علمته أو لم تعلمه ولذلك قيل معلوم كما قيل في حد الدليل ما يمكن التوصل في بصحيح النظر فيه إلى مطلوب الخبر ما يمكن التوصل يمكن لم عبروا بيمكن؟ الدليل أي دليل الكتاب والسنة والقياس والإجماع قالوا ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه على مطلوب خبري لأن الدليل يسمى دليلاً ولم يُنظَر فيه فهو دليل سواء علمت به أو لم تعلم سواء اطلعت عليه أو لم تطلع عليه لأنه غيرك قد يطلع لعيه وقد يستنبط منه ما لم تدركه أنت حينئذ يسمى دليلاً ولذلك الفن فناً ولو كان في الكتب حديث حديث ولو كان في كتب والمصطلح مصطلح ولو كان في كتب لو لم يوجد أحد يعلم المصطلح وهو موجود في الكتب نقول انتفى علم المصطلح أو هو موجود؟ موجود إذاً نقول المعلوم هنا المراد ما من شأنه أن يُعلَم، حمل معلوم على معلوم أي حمل فرع على أصل في إثبات حكم لهما وهذه زلة في إثبات حكم لهما يعين للفرع والأصل هل هذا صحيح؟ ليس بصحيح، لماذا؟ لأن الأصل لابد أن يكون معلوم الحكم وإلا انتفى القياس الأصل وحكم الأصل ركنان في القياس فإذا عُلم الأصل ولم يُعلم له حكم انتفى القياس كانتفاء الركوع في الصلاة لا صلاة إلا بركوع مع القدرة فحينئذ إذا انتفى الحكم حكم الأصل نقول لا قياس لانتفاء ركن من أركانه، إذاً قوله في إثبات حكم لهم هذا نقول يُستدرَك به على المصنف، ثم إثبات حكم الفرع هذا ثمرة القياس فحينئذ إدخاله في الحد يلزم منه الدور فيكون على قوله في إثبات حكم لهما اعتراضان الاعتراض الأول إثبات الحكم للأصل كيف إثبات الحكم للأصل؟ أتاني في إثبات حكم بالفرع نقول هو نتيجة القياس فكيف تُدخل الثمرة والنتيجة حقيقة القياس فيلزم حينئذ أن يتوقف على الثمرة يتوقف القياس على الثمرة والثمرة على القياس وهذا هو عين الدور وهو ممنوع.

في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما يعين قد يكون القياس نتيجته حكم المُثبت أو يكون حكماً منسياً ولا إشكال فيها قد يكون حكماً مثبتاً وقد يكون حكماً منفياً، لجامع بينهما يعني بين الأصل والفرع لجامع بينهما لعلة لابد لمناسبة وهذا واضح لا إشكال فيه من إثبات حكم أو صفة لهما يعني قد يكون الجامع هذا تفسير لبيان أو أقسام الجامع العلة العلة أقسام كما سيأتي قال لجامع بينهما يعني الأصل والفرع من إثبات حكم أو صفة لهما يعني جامع قد يكون حكماً شرعياً وجودياً وقد يكون وصفاً وجودياً، أو نفيه عنهما يعني كما يكون الجامع وجودياً كذلك يكون عدمياً أدخل في الحكم ماذا؟ أقسام الجامع وإذا أُدخل في الحد أقسام الجامع حينئذ يدخل أقسام الأصل وأقسام الفرع وأقسام القياس لماذا؟ لأنه لا يُترَك اسم البعض ويُذكر أقسام البعض الآخر حينئذ نقول هذا معترض وقوله بالمعنى الأول، وهو بمعنى الأول هذا منتقد وليس بصحيح بل هو مخالف للأول، وذاك أوجز يعني أخصر وهو أوجز لا إشكال فيه لكنه ذاك أصح وهذا عليه مأخذ، إذاً من إثبات حكم أو صفة لهما أو نفي عنهما هذا تعلم منه أن القياس قد يكون في إثبات حكم وقد يكون في نفي حكم فالقياس يكون في المُثبت كقياس الضرب على التأفيف بجمع ماذا؟ بجمع الإيذاء في كل فيكون حراماً إذاً الضرب ضرب الوالدين هذا فرع والتأفيف هذا أصل والعلة وحكم الأصل هو التحريم تحريم التأفيف وعلته الأذى وُجدت هذه العلة في الضرب حينئذ نحمل الفرع على الأصل ونحكم بتحريم الضرب قياساً على تحريم التأفيف بجامع الأذى في كل وهذا هو عين القياس هذا الحكم والنتيجة والثمرة مُثبت أم منفي؟ مُثبت كذلك يكون في النفي مثاله قولهم الكلب نجس هكذا مثل بعضهم الكلب نجس فلا يصح بيعه كالخنزير فلما نفينا صحة بيع الخنزير نفينا صحة بيع الكلب قياساً عليه بجامع نجاسة كليهما الكلب نجس فلا يصح بيعه كالخنزير إذاً نفينا صحة بيع الكلب وهو فرع والأصل الخنزير لا يجوز بيع الخنزير والعلة النجاسة وُجدت في الكلب فلا يجوز بيعه إذاً لا يصح بيع الكلب هذا هو الحكم حكم الفرع نفي أو إثبات؟ نفي إذاً القياس في الإثبات في إثبات الحكم وقد يكون في النفي لأن هذا شأن الحكم ما هو الحكم في الاصطلاح؟ إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه زيد قائم ليس زيد بقائم فكما يكون الحكم بالإثبات يكون بالنفي، وهو بمعنى الأول نقول لا ليس بمعنى الأول وذلك هو، وقيل هو الاجتهاد قيل في حد القياس هو الاجتهاد وهذا منسوب للشافعي رحمه الله تعالى أن القياس هو الاجتهاد ولعله أراد به مبالغة لماذا؟ لأن أعظم شرط في القائس هو الاجتهاد أن تتوفر فيه شروط الاجتهاد هذا يُؤل به والأولى يُقال خطأ، لكن إذا وقفنا على الألفاظ لا بأس نقول هذا خطأ وإذا أردنا التأويل نقول لعله أراد المبالغة يعني لم يُرد الحد السابقون ما كانوا يحدون الألفاظ والمصطلحات على طريقة المتأخرين قد يُطلق لفظ مراداً به التقرير فقط فإذا قال القياس هو الاجتهاد معناه أعظم ما يكون للقائس ويجوز له أن يُقدم على القياس هو أن يكون من أهل الاجتهاد، وهو خطأ الاجتهاد هو بذل الجهد في استخراج الحكم وهو خطأ لماذا؟ لأن الاجتهاد أعم يكون في استقراء

النصوص يكون في تقييد المطلق يكون في تطبيق العام على بعض أفراده إلى آخره ومنه القياس حمل فرع على أصل إذاً أيهما أعم؟ نقول كل قياس اجتهاد ولا عكس فالقياس والاجتهاد على رأي الشافعي اسمان لمسمى واحد إذاً وجه الخطأ أن الاجتهاد أعم من القياس يكون في أخذ الحكم من ظاهر النصوص كما قال الشيخ الأمير.

ثم قال بعد أن بين القياس في الاصطلاح هو الشرع أو في اللغة والاصطلاح قال والتعبد به جائز يعني ما حكم القياس قال والتعبد به جائز وبعضهم يعبر يقول والقياس حجة ولا إشكال والخلاف لفظي، القياس حجة والحجة المراد بها كما سبق الدليل والبرهان فإذا قيل القياس حجة أي دليل نصبه الشارع لمعرفة بعض الأحكام الشرعية هنا قيل القياس حجة مراد به أنه دليل نصبه الشارع لمعرفة بعض الأحكام الشرعية ومثله الإدارة التي ذكرها المصنف هنا التعبد به جائز، لأن الحجية والتعبد متلازمان فإذا قيل القياس حجة أو التعبد بالقياس جائز معناهما متلازمان، والتعبد به جائز التعبد بالقياس جائز ما المراد بالتعبد هنا المراد به إيجاب الله تعالى العمل بمقتضى القياس كإيجاب العمل بالكتاب والسنة تماماً كما أنه يجب العمل بالكتاب والسنة والوقوف عند مقتضى الكتاب والسنة كذلك يجب العمل بمقتضى القياس هذا المراد بالتعبد هنا، هل هذا التعبد جائز عقلاً وشرعاً أم أنه جائز عقلاً لا شرعاً أم أنه ليس بجائز لا عقلاً ولا شرعاً؟ هذا محل خلاف عند المتأخرين وأما عند السلف فاتفاق كلمة واحدة أن القياس حجة وأنه مُتعبَد به شرعاً وعقلاً، والتعبد به جائز عقلاً يعني بالنسبة على العقل، العقل لا يمنع لأن العقل يُجوِّز أني تعبدنا الله - عز وجل - بحمل الفرع على الأصل بعد النظر في حكم الأصل واستنباط العلة ووجودها وتحقق وجودها في الفرع ثم تكون النتيجة تحريم الفرع مثلاً العقل لا يمنع هذا يجوِّز هذا وذاك لأن العقل له أحكام منها الإيجاب ومنها الامتناع الاستحالة ومنها الجواز ما يمتنع في العقل وجوده هذا هو المستحيل هذا كإله ثاني يمتنع في العقل وجوده، وما يمتنع في العقل عدمه فهو المستحيل وما يجوز في العقل وجوده وعدمه فهو الجائز، القياس مثله لا يمتنع أن يتعبدنا الله - عز وجل - بأن نحمل الفرع على الأصل لعلة موجودة في الأصل نتحقق من وجودها في الفرع ثم ننقل الحكم الذي رُتب على الأصل ونحكم به على ذاك العقل لا يمنع هذا بدليل الوقوع أنه وقع قاس النبي - صلى الله عليه وسلم - بل دلت النصوص على القياس نصوص الكتاب والسنة وقاس النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجمع الصحابة على الأخذ بالقياس المحمول الصحيح حينئذ الوقوع دليل الجواز إذا لو كان ممتنعاً عقلاً إذاً لا جاز وجوده حينئذ الوقوع دليل الجواز إذ لو كان ممتنعاً عقلاً لما جاز وجوده ولذلك نقول الممتنع عقلاً ما لا يتصور العقل وجوده البتة كالإله الثاني نقول القياس قد وُجد فدل على أنه جائز عقلاً إذ لو امتنع لما وُجد لأن الحكم بالمتماثلات كما نص شيخ الإسلام حمل النظير على النظير هذا يأتي به العقل ويدل عليه العقل إلحاق الحق بالحق والباطل بالباطل هذا مما يدل عليه العقل ولا ينافيه فالعقل قاضي بقياس النظير على نظير واتحاد الحكم بالمتماثلات وتفريق الحكم في المتفرقات هذا مما يدل عليه العقل ولا يمنه منه، قال والشرع يعني مما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع عند عامة عند عامة الفقهاء والمتكلمين خلافاً للظاهرية والنظّام والنظّام الأصل أنه لا يذكر هنا، وشرعاً أي دلت الأدلة الشرعية على جواز التعبد بالقياس فالعمل بمقتضى القياس

مما دل عليه الشرع وأعظم دليل استدلوا به هو الإجماع إجماع الصحابة السكوت وأعظم دليل استدلوا به على إثبات القياس والرد على منكريه هو إجماع الصحابة السكوت على أن القياس دليل من الأدلة الشرعية والاستدلال بالإجماع في إثبات القياس كما نص عليه غير واحد أقوى الأدلة لأنه لا يقبل النسخ ولا يحتمل التأويل بخلاف غيره من النصوص ولذلك ما من نص إلا وقد أورد عليه اعتراض بخلاف النص من الكتاب والسنة فإنه يقبل النسخ والتأويل وما لا يقبل شيئاً من ذلك من النسخ أو التأويل مُقدم على ما يقبل النسخ أو التأويل ولذلك قال الرازي الإجماع هو الذي يعول عليه جمهور الأصوليين يعني في إثبات حجية القياس الإجماع هو الذي يعول عليه جمهور الأصوليين وقال الآمدي الإجماع أقوى الحجج في هذه المسألة في إثبات حجية القياس لأنه ثبت بالتواتر قال معنوي استعمال الصحابة للقياس المذكور في اصطلاح الأصوليين وإذا حصل الإجماع أن هذا قاس وذاك قاس ولم يحصل نقيض من بعضهم على بعض دل على أنه إجماع السكوت وهذا هو الذي ذكرناه في السابق أن يقول البعض بقول ويسكت الآخرون وهنا قد انكشر ذلك حينئذ صار له إجماع السكوت فإجماع الصحابة على العمل بالقياس يعج أقوى الأدلة على ثبوت حجية ووجوب العمل به ولذلك قاس الصحابة الإمامة العظمى إمامة أبي بكر - رضي الله عنه - قاسوا العهد على العقل فقالوا رضيه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ديننا أفلا نرضاه في دنيانا هذا قياس وكذلك المسألة المشهورة بين الصحابة توريث الجد مع الإخوة هذا لا نص فيها قطعاً باتفاق لا نص فيها ووقع نزاع بين الصحابة هذا شبهه بالغصنين وهذا شبهه بالخليجين إلى آخره فالمسالة مسألة قياس اتفقوا على أن دليل من أثبت أو نفى في توريث الجد مع الإخوة أنه القياس وإنما اختلفوا في ثمرة القياس وأنه ظني في مصل هذا ولو خالف الظن الظن لا إشكال فيه لأنه من باب الاجتهاد وإذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد إذاً القياس من باب الاجتهاد كما سبق أنه الاجتهاد أعم من القياس فكل قياس اجتهاد إذاً يدخله الخطأ ولا مانع أن يتفق الصحابة على قول مستنده القياس ثم تكون النتيجة مختلفة لا بأس بذلك إذاً وردت بعض الآثار أو الوقائع التي حكم فيها الصحابة والقياس، كذلك من الكتاب نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على أن كل مثل في القرآن فهو دليل على إثبات القياس وكل تشبيه في القرآن فهو دليل على إثبات القياس لأن القياس والتشبيه والتمثيل واحد، فكل آية وردت في الكتاب تأمر بالتدبر تدبر الآيات الكونية وأخذ العبرة من الأمم الماضية وضرب الأمثال والتشبيه كما في قوله تعالى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}، {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى آخره نقول هذه كلها تدل على جواز الأخذ بالقياس لأن ثمرة الاعتبار هو القياس فقس نفسك أنت أيها المعتبر على غيرك لوجود العلة وهي الصد أو الإعراض إلى آخره إذا عرفت أنت وُلدت العلة فالتحق بك الحكم هذا قياس أو لا هو حمل فرع على أصل في الحكم بجامع بينهما هو نفسه كذلك في السنة وردت آثار من أشرها ما جاء في أثر عمر - رضي الله

عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - القُبلة للصائم وقال له أرأيت لو تمضمضت هذا قياس أو لا؟ قاس قُبلة الصائم على مضمضة الصائم بجامع أن كل منهما مقدمة الفطر فجازت القبلة للصائم بشرطها على قياسه على المضمضة، هل يجوز للصائم أن بتمضمض؟ نعم مع أنه مقدمة الفطر كذلك القبلة مقدمة الفطر الجماع ونحوه فقاس النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلة للصائمة على المضمضة وأصلح حديث كما قال الشيخ الأمير رحمه الله تعالى أنه جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يا رسول الله وُلد لي غلام أسود هذا أصلح حديث وأما حديث معاذ وغيره هذه يمكن الأجوبة عنها، قال يا رسول الله وُلد لي غلام أسود قال ألك من إبل؟ قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق؟ الذي جمع بين الحَمار والسواد قال نعم قال فأنى ذلك من أين جاءه هذا الأورق والأصل أنها حمر قال لعله نزعه عرق قال فلعل ابنك نزع عرق هذا قياس أو لا؟ قياس هذا واضح هذا الصحيح إذاً التعبد به جائز عقلاً وشرعاً وشرعاً أعظم ما يستدل به هو الإجماع وما عدا ذلك يمكن الإجابة عنها ولذلك ابن حزم رحمه الله تعالى أجاب عن كل الأدلة هذه لكن لا يُسلَم له عن كل دليل أجاب عنه ليس كل من أجاب على دليل فجوابه سليم لا، عند عامة الفقهاء والمتكلمين خلافاً للظاهرية والنظّام أنهم أنكروا حجية القياس بل جعله ابن حزم رحمه الله تعالى من القول على الله بلا علم ومن الحكم بغير ما أنزل الله واستدل بأدلة منها قوله تعالى {أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} وكل آية وردت في النهي عن في اتباع الظن جعلها في القياس ونحوه والجواب أنها آيات ليس موردها القياس الدليل هو قياس المحمود ولذلك أُثر عن السلف ذم القياس وأثر استعمالهم القياس تفهم من هذا أن القياس كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى لفظ مُجمل لاشتماله على الصحيح والفاسد وعلى الحق والباطل ولذلك نص ابن القيم أيضاً رحمه الله تعالى أنه لم يرد في القرآن والسنة مدح ولا ذم للقياس لماذا؟ لأن الألفاظ المُجمَلة لا يُسلَط عليها الحكم إلا بعد التفصيل فلا تأتي لفظ مُجمل ثم تقول هذا حكمه كذا أو كذا وغنما تقول هذا اللفظ يُطلَق ويراد به اللفظ المحمود فإذا قيل القياس حجة أو لا لكن كلامنا في الحق فحينئذ تفصل تقول القياس قد يراد به الرأي المذموم وقد يراد به الرأي المحمود فما جاء عن السلف أو النهي عن اتباع الظن فالمراد به الرأي المذموم وما جاء من استعمال السلف في القياس ومدحهم النصوص المراد بها الرأي المحمود وما رُوي من ذمه فقد عُني بالذي به على الفساد قد بُني وما رُوي من ذمه من ذم القياس وقد عُني بالذي به على الفساد قد بُني أما القياس المحمود نقول النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمله وكذلك كبار الصحابة بل أجمعوا عليه وأما كلام ابن حزم هذا موجود في مطولات.

قال ويجري في جميع الأحكام حتى في الحدود والكفارات، يجري يعني يستعمل القياس في جميع الأحكام الشرعية العملية إذاً محل القياس هو الأحكام الشرعية العملية أنا التوقيف والعقيدة فالأصل لا الأصل أنها لا يجري فيها القياس إلا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من قياس الأولى لكن الأصل نقول القياس في التوحيد إذا اُستدل به هذه عبارة شيخ الإسلام إنما يصح القياس في التوحيد إذا أُستدل به على معرفة الخالق وحينئذ يكون المستعمَل هنا هو قياس الأولى ما مراده بقياس الأولى قال هو كل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ثبت للمخلوق فالخالق أولى به وكل نقص وجب نفيه المخلوق فالخالق أولى بنفيه عنه هذه عبارة شيخ الإسلام المشهورة في كتبه ما عدا ذلك كل قياس وخاصة قياس الشمول والتمثيل الذي هو عند الأصوليين الفقهاء فهو باطل لماذا؟ لأنه يلزم من جعل كل الأفراد داخلة في لفظ واحد المحكوم عليه لابد من استواء الأفراد أفراد القياس في لفظ واحد نقول زيد قولك قام زيد فاعل وكل فاعل مرفوع وكل فاعل إذاً سويت بين زيد وغيره فإذا أُستعمل هذا في حق الخالق حينئذ سويت بين الخالق والمخلوق في قضية واحدة في لفظ واحد وهذا باطل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.

ويجري في جميع الأحكام إلا العقيدة في الأصل إلا ما استثني ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، حتى في الحدود والكفارات حتى هذه تدل على ماذا حتى في مثل هذه التراكيب تشير إلى الخلاف نقول هذه للخلاف، حتى في الحدود والكفارات يعني حتى أن القياس يجري في الحدود والكفارات لأن الحدود والكفارات كذلك الأسباب والشروط والموانع والرخص هذه محل نزاع بين الأصوليين ما عدا ذلك محل اتفاق يعني اتفقوا على أن الأحكام الشرعية العملية كلها يجري فيها القياس إلا الحدود والكفارات والأسباب والشروط والموانع والرخص والتقديرات هذه سبعة محل خلاف عندهم، قوله حتى في الحدود والكفارات هذا يشير إلى أن الراجح عند المصنف وهو المذهب أن الراجح جريان القياس في الحدود وجريان القياس في الكفارات بل وفي الأسباب على ما ذكره عند الجمهور، قال في الحدود بمعنى أن القياس يجري في الحدود كقياس النباش على السارق النباش هذا قالوا هذا مجهول الحكم من هو النباش الذي يسرق أكفان الموتى هذا سارق لكنه نوعية جديدة يعني الأصل في الرقة أن تكون للأحياء هذا عكس أخذ الأموات فيسرق الأكفان قالوا هذا أخذ المال خفية من حرزه نقيسه على السارق حينئذ ننزل الحكم وهو القطع فحينئذ يُقطَع النباش قالوا هذا قياس في الحدود وقع في الحدود لكن نقول الجواب أن النباش يسمى في اللغة السارق لكن المراد من المثال إذاً كقياس النباش على السارق واللائق على الزاني بجامع أن كلاً منهما أولج فرجه في فرج محرم شرعاً وقياس من أفطر في نهار رمضان بشرب أو أكل على المجامع في نهار رمضان وجوب الكفارة ومن زنى ببهيمة يقاس على من زنى بآدمية هذه كلها قالوا يقاس فيها مجهول الحكم ما لم يرد به نص على ما جاء به النص في ترتيب الحد أو الكفارة فإذا وُجد المعنى الذي رتب عليه الشرع الكفارة أو الحد في الفرع قالوا حمل فرع على أصل في حكم بجمع بينهما إذاً يستوي الحد مع غيره وتستوي الكفارة مع غيرها في الأحكام الشرعية، خلافاً للحنفية الحنفية خالفوا في ذلك قالوا حدود الكفارات لا يجري فيها القياس لأنها غير معقولة المعنى وأيضاً القياس ظني الثبوت يعني الحكم الذي يترتب على القياس ظني وإذا كان ظناً فحينئذ أورث شبهة وإذا أورث الشبهة فحينئذ الحدود تدرأ بالشبهات إذاً لا يمكن أن يقع القياس في الحدود والكفارات مثلها لأنها أشبه ما يكون بالعقوبات كما أن الحدود عقوبات لكن حجة الجمهور أن الحدود والكفارات يجري فيها القياس هي عموم الأدلة المُثبتة لذلك فالأدلة التي أثبتت حجية القياس هل فصلت بين الحدود والكفارات وبين غيرها؟ الجواب لا حينئذ يجب الحكم في الكل ولكن الصواب أن الحدود مقصورة على النصوص والكفارات مقصورة على النصوص، وعدم القياس قياس الصحابة ما ذُكر على ما عُلم من حد أو كفارة يعتبر مخصصاً للأدلة العامة المُثبتة للقياس إذا قيل الحجة هو الإجماع حينئذ نقول هل قاس الصحابة الحدود بعضها على بعض أو لم يرد فيه حد على بعض أو هل قاسوا ما لم يرد فيه كفارة على ما ورد فيه كفارة إن ورد نقول هذا يُجعَل مخصصاً وإن لم يرد حينئذ نقول عدم استعمال القياس في الحدود والكفارات يدل على أنها غير مرادة ولذلك

ابن حزم رحمه الله تعالى يشنع كثير على القائسين بحجة التوسع في القياس وغن القياس كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى كالميتة لا يُلجأ إليه إلا عند الضرورة إلا عدم وجود كتاب أو سنة أو إجماع إن اُضطر إليه المضطر ووقعت نازلة حادثة لم يرد لها ذكر لا في كتاب ولا في سنة ولم تقع في عهد السلف فيقيسون على غيرها نقول هنا نحتاج على القياس وأما ما وقع في عهد السلف ولم يقيسوا تلك على بعض الحدود المذكورة أو الكفارات حينئذ نقول نقف على ما وقف عليه السلف فلا نقيس وإلا الأصل في القياس أنه كالميتة كما ال الإمام أحمد رحمه الله تعالى. إذاً حدود الكفارات الأصل أنها مقصورة على ما جاء به النص وكذلك الكفارات، خلافاً للحنفية، وقال في الأسباب يعني في الحدود وفي الكفارات وفي الأسباب في الأسباب يعني يرد الشرع أنه نصب معنى ما جعله سبباً لحكم كالزنا قالوا هو سبب لأي شيء سبباً للحد فيه معنى هذا المعنى وُجد في اللائق قالوا إذاً نقيسه على الزنا بجماع أن كل منهما إيلاج فرج في فرج مُحرم شرعاً فعدوا حكم الأصل وهو الجلد أو الرجم إلى اللائق فإن كان اللائق مًحصناً رُجم وإن كان غير محصن قالوا جلد مائة وتغريب عام والأصح عند الجمهور أنه لا قياس في الأسباب، ونسبه هنا للجمهور هذا مخالف للصواب. إذاً وفي الأسباب يعني يجري القياس في جميع الأحكام في الحدود والكفارات وفي الأسباب لعمم الأدلة الدالة على حجية القياس، عند الجمهور هذا مقيد بقوله وفي الأسباب لكن في إشكال هذا بل الصواب أن الجمهور على نفي جريان القياس في الأسباب، والسببية حكم شرعي فجاز القياس عليه. ومنعه بعض الحنفي يعني منعوا القياس على الأسباب لماذا؟ لفقدان الجامع لأن العلة رُفعت لابد أن يكون الحكم حكم الأصل مُعلل حينئذ كيف يُقال على شيء لم يُعلل.

ثم قال ثم إلحاق المسكوت بالمنطوق مقطوع ومظنون قسم لك الإلحاق ما المراد بالإلحاق هنا القياس ثم إلحاق المراد بالإلحاق القياس المسكوت عنه بالمنطوق المسكوت عنه الذي هو الفرع بالمنطوق الذي هو الأصل مقطوع ومظنون إذاً يكون قسَّم لك القياس باعتبار قوته وضعفه إلى قسمين لا ثالث لهما إما أن يكون قياساً مقطوعاً به وهذا ما يعبر عنه الأصوليون بالقياس الجلي وإما أن يكون مظنوناً وهو ما عبروا عنه بالقياس الخفي، القياس الجلي ضابطه ما قُطع فيه بنفي الفارق المؤثر أو كانت العلة فيه منصوصة أو مُجمعاً عليه هذه ثلاث صور للقياس الجلي إما أن يكون نفي الفارق المؤثر مقطوعاً به لا فرق ويكون مجزوماً به كما يُقاس البول في إناء وصبه في الماء على البول في الماء الراكد مباشرة لا يبولن أحدكم في الماء الذي يجري ثم يغتسل فيه، ابن حزم رحمه الله تعالى حمَّل الحديث على البول مباشرة فإذا بال في إناء فصبه قال جاز طيب ما الفرق بينهما؟ لا فرق هذا هو نفي الفارق المؤثر بينهما المراد إيقاع البول في الماء فقط سواء باشر أو لم يباشر فحينئذ ترد على ابن حزم ونحوه بنفي الفارق وهذا مقطوع بع يعني مجزوم به نفي الفارق أو تكون العلة في الأصل منصوصة نص عليها الشرع كالإسكار مثلاً أو تكون مُجمعاً عليها كالتشويش في قوله لا يقض القاضي وهو غضبان نقول العلة التشويش الذهن انشغال الذهن هذه مُجمَع عليها في هذه الأحوال الثلاثة نقول القياس جلي القياس مقطوع به، فحينئذ لا يُحتاج في هذا النوع إلى التعرض فيه لبيان العلة الجامعة ننفي بقطع الفارق أو نقطع بنفي الفارق المؤثر بين الحالتين هل نحتاج أن نقول هذا أصل والعلة كذا وهذا فرع وقد وُجدت العلة هل نحتاج إلى تحقيق أركان القياس؟ لا لا نحتاج إلى ذلك وهذا النوع لا يُحتاج لا يُحتاج فيه إلى التعرض لبيان العلة الجامعة ولذلك سُمي بالجلي وهذا القياس متفق عليه مُجمَع عليه حتى عند ابن حزم وهو أقوى أنواع القياس لأنه مقطوعاً به والأصح أنه لا يُسمى قياس لأنه هو مفهوم الموافقة السابق لأنه ينقسم كما قالوا إلى قسمين أولوي ومساوي الأولوي ما كان الحكم في المسكوت عنه أولى من الحكم من المنطوق به كحكم ضرب الوالدين قالوا تحريم ضرب الوالدين أولى من تحريم التأفيف هذا دل عليه بالقياس أو بالمنطوق؟ هذا فيه خلاف كما سبق هل دلالة هذا النص {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} على تحريم الضرب بالقياس أو باللفظ الأصح أنه باللفظ وليس بالقياس في هذا الموضع هنا ذكره أنه من دلالة القياس لأنه جعله من الإلحاق هنا فيه نوع إلحاق لكنه إلحاق بنفي الفارق قطعاً أو بالعلة المنصوصة أو المُجمَع عليها لما وًجدت هذه الأشياء الثلاثة وهي مقطوع بها حينئذ لا نحتاج إلى البحث عن العلى وجودها في الأصل ثم وجودها في الفرع ثم نُلحق الفرع بالأصل يعني لا نحتاج إلى عملية القياس وإنما نقطع مباشرة بثبوت حكم الأصل للفرع فنقول أولوي فيما إذا كان الحكم حكم المسكوت عنه أولى بحكم المنطوق به وهو التأفيف أو يكون مساوياً فيما إذا كان المسكوت عنه ليس مثله ليس أولى ولا أدنى بل هو مساو له كالإحراق أو إغراق مال اليتيم {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ

الْيَتَامَى ظُلْماً} تحريم أكل أموال اليتامى مفهومه أنه لو حرق أأحرق أموال اليتامى أو أغرقها فالحكم واحد هل هذا الحكم أولى من المنطوق أو أدني؟ مساو له إذاً الإلحاق هنا مقطوع به قد يكون أولوياً وقد يكون مساوياً، القياس الخفي ضده عكسه ما لم يُقطَع فيه بنفي الفارق المؤثر لم يُقطع فيه بنفي الفارق المؤثر يعني يوجد الفارق ولكنه غير مقطوع به لم يُجزَم به وهذا في غالب القياس غالب أنواع القياس على هذا النمط لماذا؟ لأن القياس في غالب أحواله ظنية وإذا كانت ظنية حينئذ لم يُجزَم بنفي الفارق بين الفرع والأصل، ولم تكن علته منصوصة أو مُجمَع عليها إذاً كل ما انتفى فيه ما يُحكمَ بكون القياس قطعياً فهو قياس ظني وهذا النوع هو الذي وقع فيه النزاع هذا النوع هو الذي وقع فيه النزاع عند المتأخرين ولابد فيه من العرض لبيان العلة وبيان وجودها في الفرع فيحتاج حينئذ إلى مقدمتين المقدمة الأولى أن السكر مثل علة التحريم في الخمر لابد أن تُثبت مثل إذا أردت أن تُحلق النبيذ بالخمر لابد أن تُثبت على تحريم الخمر هو الإسكار ليس كل علة ما ينقدح في الذهن لابد أن تُثبت أن علة تحريم الخمر هي الإسكار وهذه دليلها الشرع فقط العقل ليس له مدخل الأصل تعليل الأصل المرتب عليه الحكم حكم الأصل نقول هذا لابد من التعرض له أولاً قبل إجراء القياس وهذا الذي يحكم بكون الشيء علة لذا هو الشرع إذاً لابد أن يكون مأخوذاً من دليل شرعي، الثاني وجود تلك العلة في الفرع ما يسمى بتحقيق المناط فتُثبت أن النبيذ قد اشتمل على ذلك الوصف الذي علَّق عليه الشرع التحريم وهو الإسكار وهذه الذي هو تحقيق المناط لا يشترط أن يكون ثابتاً بالأدلة الشرعية بل يكون بالحس ويكون بالعقل ويكون بالعرف ويكون بالدليل الشرعي إذاً تعليل الأصل لابد من دليل شرعي والعقل لا مكان له والعرف والحس لا مكان له لابد من دليل شرعي ووجود تلك العلة في الفرع يثبت بالحس وبالعقل لأنه يعرف الشدة .. يرى ثبوت الإسكار في النبيذ ما يحتاج إلى أن يأتي الشرع يقول النبيذ في على تحريم الخمر بل ممكن بالرائحة بالحس بالرؤية بالذوق مع عدم العلم بأشياء من هذه فيحكم بوجود هذه العلة في الفرع إذاً لا نفتقر إلى دليل شرعي.

قال ثم إلحاق المسكوت بالمنطوق المسكوت الذي هو الفرع بالمنطوق الذي هو الأصل مقطوع يعني نوع هو مقطوع به ويسمى قياساً جلياً، وهو مفهوم الموافقة وقد سبق الحديث عنه، فإذا كان مفهوم الموافقة وثبت أن فيه خلاف هل هو قياس أم لا وقلنا الأصح أنه ليس بقياس بل هو من مفهوم اللفظ فحينئذ صارت دلالة النص أو اللفظ على مفهوم الموافقة دلالة لفظية وليست قياسية، وهو مفهوم الموافقة وقد سبق، وضابطه يعني ضابط الإلحاق المقطوع به وهو القياس الجلي على القول به أنه يكفي فيه نفي الفارق من غير تعرض للعلة ضابطه الضابط ليس بحد وإنما علامته ووجوده يكفي فيه يعني الحكم به نفي الفارق كنفي الفارق المؤثر بين ضرب الوالدين والتأفيف ما الفرق بينهما؟ لا فرق بل المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق كذلك ما الفرق بين أكل مال اليتيم أو إحراق اليتيم؟ لا فرق بينهما إذاً تنفي الفرق فقط لا تحتاج إلى ثبوت العلة في الأصل ثم وجودها في الفرع وضابطه أنه يكفي فيه نفي الفارق أن يُقطَع فيه بنفي الفارق المؤثر لابد من زيادة كلمة المؤثر، نفي الفارق المؤثر في الحكم من غير يعني الحكم بين الفرع والأصل من غير تعرض للعلة يعني من غير تعرض لبيان العلة الجامعة بين الأصل والفرع ويُزاد عليه مكانة العلة علة الأصل مُجمَع عليها ومنصوص عليها حينئذ هذا من القياس الجلي، وما عداه يعني ما عدا الإلحاق المذكور فهو مظنون وهو القياس الخفي الذي يحتاج إلى بيان العلة.

ثم قال وللإلحاق فيه طريقان والإلحاق من حيث هو فيه طريقان إذا أردنا أن نُلحق شيئاً بشيء بقطع النظر عن كونه جلياً أو قياساً أو ليس بقياس، وللإلحاق فيه طريقان يعني إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق، أحدهما نفي الفارق المؤثر هنا ذكر المؤثر ولذلك تُزاد في الأول، نفي الفارق المؤثر يعين في الحكم بين الفرع والأصل حينئذ يجب استواءهما في الحكم كإلغاء الفارق بين البول في الماء الراكد وبين البول في إناء وصبه في الماء ما الفرق بينهما؟ لا فرق فتقول هنا الفرق نفي الفارق المؤثر مقطوع به فيكتفي حينئذ في نقل الحكم من البول في الماء الراكد مباشرة إلى صبه في إناء ثم صبه في الماء فنقول هذا يكفي فيه نفي الفارق ثم الحكم يُبت فيه حكم الفرع الذي ثبت في الأصل، نفي الفارق المؤثر وإنما يحسن مع التقارب يعني التقارب بين الفرع والأصل يعني أن تذكر أنه لا فرق بين الإحراق وأكل مال اليتيم وإنما يحسن مع التقارب بين الفرع والأصل كقرب الإحراق من الأكل في الإتلاف فلا يحتاج حينئذ إلى التعرض للعلة الجامعة هذا النوع الأول وهو القياس الجلي، النوع الثاني قال والثاني بالجامع والأول متفق عليه لا خلاف فيه، والثاني بالجامع فيهما يعني الإلحاق كائن بالجامع فيهما في الفرع والأصل وهو القياس على ما ذكره المصنف أن الراجح أن مفهوم الموافقة دلالة النص عليه لفظية لا قياسية، وهو القياس أي المتفق على تسميته قياساً، فإذاً أركان القياس أربعة إذا عرفنا أن الإلحاق إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق بالجامع فيهما هو المسمى قياس حينئذ يستلزم أربعة أركان لأنه حمل فرع على أصل في حكم لجامع بينهما هذه أربعة أمور فلابد من بيان كل واحد منهما، فإذاً يعني فإذا تقرر الإلحاق بالجامع فيهما هو القياس فأركان القياس أربعة بالاستقراء والتتبع والأركان جمع ركن والمراد به في اللغة جانبه الأقوى الذي يعتمد عليه وأما في الاصطلاح الذي لا توجد حقيقة الشيء بدونه تنتفي حقيقة الشيء بدونه كالشرط من حيث الانتفاء إلا أن الشرط خارج عن الماهية والركن داخل في الماهية والركن جزء الذات والشرط خرج وصيغة دليلها في المنتهج، والركن جزء الذات إذاً جزء الحقيقة تتوقف عليه الحقيقة لا تُثبَت الماهية إلا باستيفاء أركانه كذلك الماهية المترتبة أو المتوقفة على شرطها لا يُحكَم بوجودها إلا إذا وُجد الشرط إذاً اتفقا في الانتفاء واختلفا في كون الشرط خارجاً عن الماهية والركن جزءاً من الماهية إذاً القياس له أركان إذاً كل ركن هو جزء من القياس جزء من الذات من حقيقة القياس ولذلك أُدخل الفرع هناك قيل حمل فرع إذاً لابد من أن يكون الفرع داخلاً في حقيقة القياس فإذا انتفى الفرع أو انتفى الأصل أو انتفى حكم الأصل أو انتفت العلة انتفى القياس كما إذا انتفى السجود أو الركوع عن الصلاة لا صلاة إلا بركوع ولا صلاة إلا بسجود ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فإذا انتفت هذه نقول انتفى الصلاة فاتحة الكتاب فيها خلاف، فإذاً أركان القياس أربعة والدليل هو الاستقراء. الأصل والفرع والحكم والجامع، ولكل معنى وشروط.

قال الأصل والمراد به وهو المحل الثابت له الحكم ما هو مثل ماذا؟ عين الخمر هي الأصل ذات الخمر هي الأصل إذاً المحل الثابت له الحكم محل الحكم المُشبَه به لأن النبيذ شُبه بالخمر والخمر هذا محل للحكم وهو التحريم لأن الأحكام كما سبق أنها صفات لها محال تتعلق بها لا حكم إلا في محال إن يكون قابلاً ذلك الحكم فالخمر محل ثبت له حكم وهو التحريم، النبيذ شُبه بماذا شُبه بالخمر نفسها حينئذ صار المحل الذي شُبه به الفرع هو الأصل هو فيه خلاف في تحريم ماهية الأصل لكن هذا أنسب لطريقة الفقهاء، الأصل وهو المحل الثابت له الحكم يعني محل الحكم المُشبه به، الملحق به الذي أُحلق به الفرع ولأن كما سبق أن التشبيه والتمثيل والقياس بمعنى فعندنا فرع مُشبَه ومُشبَه به النبيذ مُشبَه والخمر مُشبَه به ووجه الشبه تجعل الحكم والحكم هو الذي يضطرد، الملحق به كالخمر مع النبيذ كالخمر وهو أصل وهو محل ثابت له الحكم وهو التحريم مع النبيذ وهو مُشبَه وهو فرع، وشرطه أن يكون معقول المعنى لِيُعَدَّى ظاهره أن الشرط هنا مُتعلق بذات الأصل والأصح أنه مُتعلق بحكم وشرطه أي شرط حكم الأصل لا نفس الأصل هذا هو الظاهر من كلام الأصوليين، وشرطه أن يكون معقول المعنى وله شروط ولكن عبر بالشرط هنا وهو مفرد مضاف إلى معرفة فيعم حينئذ نقول له شرطان وبعضهم زاد ثالثاً، الشرط الأول أن يكون الحكم الثابت للأصل معقول المعنى يعني المعنى معقول لإضافة الصفة إلى الموصوف بمعنى أن يدرك العقل السبب في شرعيته أو إن شئت قل أن يكون حكم الأصل مُدرك العلة التي لأجلها شُرع هذا الحكم لأن القياس مبني على إدراك العلة إذ هو تعدية الحكم من محل إلى محل هذا هو حقيقة القياس تعدية الحكم من محل إلى محل بواسطة تعدية العلة فنُثبت أن الحكم في الأصل مرتب على الإسكار كالخمر مثلاً ثم نُثبت أن هذا الإسكار موجود في الفرع وهو النبيذ ثم نُعدي ذلك الحكم التحريم من الخمر إلى النبيذ بواسطة العلة إذاً لابد أن يكون شرط التعدية والتسوية لابد أن يكون الأصل مُدرَك العلة فإذا لم يكن مُدرَك العلة حينئذ كيف نُعدِّي العلة كيف نحكم بأن الأصل مُعلَّل ثم هذه العلة وُجدت في الفرع هذا مُمتنع وإذا امتنع هذا نقول انتفى القياس إذاً شرط القياس أو شرط حكم الأصل أن يكون الحكم الثابت للأصل معقول المعنى بمعنى أن العقل يدرك أن الحكم في الأصل مُعلل وأدرك السبب الذي لأجله حرم الشرع هذا الشيء إذ لم يكن مُعلل أما ما لا يُعَل معناه كأعداد الصلوات والركعات والسعي والطواف فإنه لا يجوز القياس فيها هذا مفهوم قوله أن يكون معقول المعنى لأن التعبد بالشيء هو ما لا يدرك العقل سبب ذلك الحكم فأوجب الشرع مثلاً الصلوات بأوقات محدودة لما عين الشرع وقت كذا لصلاة الفجر وقت كذا لصلاة الظهر وحدد الفجر بأول وآخر هل هذه معقولة المعنى؟ غير معقولة المعنى، العقل لا يدرك علة ذلك الحكم لم حدد صلاة الظهر بدلوك الشمس لِم لَم يكن قبله بشعر دقائق أو بعده بعشر دقائق؟ لم؟ غير معقول المعنى لم كان عين شهر رمضان هو محل الصيام لِم لَم يكن يدور مع الشتاء وهو أرحم بالناس وأوفر؟ نقول لا هذه الأمور العقل لا مجال له فيها، إذاً شرطه

أن يون معقول المعنى لِيُعَدَّى فإذا لم يكن كذلك فحينئذ لا يصح القياس، فإن كان تعبدياً لم يصح فإن كان تعبدياً هذا تصريح بمفهوم قوله معقول المعنى لأنه في ألأول نص على كون الحكم معقول المعنى مفهومه إن كان غير معقول المعنى وهو المنصوص عليه بالتعبد لا قياس صرح به فقال فإن كان الحكم يعني تعبدياً في الأصل لم يصح القياس عليه، نقض الوضوء بأكل لحم الإبل معقول أم لا؟ غير معقول هذا هو الأصح أنه تعبدي هل يصح قياس غير الإبل على الإبل في النقض للوضوء مهما كان مهما وُجد من أنواع الحيوانات المباحة في ألأكل أشبهت الإبل حينئذ نقول لا يجوز القياس لماذا؟ لأن حكم الأصل وهو لحم الإبل الحكم الذي هو نقض الوضوء بأمل لحم الإبل لا يمكن وجوده في فرع ما أياً كان ذلك الفرع ولو كان بالقياس العكسي لو قال قائل الإبل مُباح بالإجماع والخنزير مُحَرم بالإجماع حينئذ كيف نقول من أكل لحم إبل وهو مُباح بالإجماع حلال من الطيبات انتقض وضوءه ولو أكل وفسق من الصباح إلى المساء يأكل لحم الخنزير لا يأكل وضوءه نقول الثاني أولى بالنقض من الأول أو نسوي بينهما؟ نقول لا لأن حكم الأصل يكون غير مُدرك هذه كلها مسائل عقلية ولا يُعترَض على الشرع بالعقليات، هذا الشرط الأول أن يكون معقول المعنى. الشرط الثاني ألا يكون دليل حكم الأصل متناولاً بعمومه حكم الفرع ألا يكون دليل الأصل متناولاً بعمومه حكم الفرع لو جُعل دليل تحريم الخمر قوله - صلى الله عليه وسلم - كل مُسكر حرام الخمر حرام لقوله كل مُسكر حرام والعلة الإسكار ووُجدت في النبيذ هل يصح القياس؟ لا يصح القياس قولاً واحداً لماذا؟ لأن شرط القياس ألا يوجد نص يدل على الفرع فإذا وُجد نص يدل على الفرع ولو كان داخلاً في عموم حينئذ لا قياس كل مسكر هذا لفظ عام يشمل الخمر ويشمل النبيذ فحينئذ منصوص عليه صار النبيذ منصوصاً عليه فلا يصح القياس.

الثالث قال وموافقة الخصم عليه أن يكون حكم الأصل ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين وهذا المراد به إذا وقع نزاع أو في باب المناظرة لابد أن يكون الحك متفق عليه بين الخصمين لماذا؟ قالوا لئلا ينتشر الكلام وأما في بينه وبين الله فلا يُشترَط فيه أن يوافقه غيره فمتى رأى أن ذلك حكم أصلي حكم الأصل حينئذ له أن يقيس بشرطه وأما إذا وقع منارة مع غيره حينئذ يأتي الشرط الثالث ولذلك لا ينبغي أن يُذكَر هذا الشرط في صحة القياس وإنما في صحة المتناظرة لذلك يذكرون هذا في آداب البحث والمناظرة، وموافقة الخصم عليه أن يكون حكم الأصل ثابتاً بدليل متفق عليه بين الخصمين أي المتناظرين في مسألة فيها قياس فإن لم يكن خصم مورد خصم وإنما أنت تبحث عن مسألة لتتعبد أنت جل وعلا فالشرط ثبوت الحكم للأصل بدليل يقول به القائس فمتى ثبت عندك أنت أيها الناظر أيها المجتهد حكم الأصل بدليل شرعي يصح ثبوت الحكام الشرعية بها سواء وافق غيرك أو لا فحينئذ صح القياس وأما إذا كان المقام مقام مناظرة فحينئذ ما تأتي بدليل أو حكم شرعي ثبت بقياس إلا إذا كنت أنت المناظر قد اتفقتم على أصل القياس الأصل المقيس عليه لماذا؟ لأنه يقول أنا أمنع الأصل لا ليس بنجس ثم يخرج عن المسألة فيُثبت له نجاسة الأصل وهذا ما يسمى عندهم بالانتشار انتشار الكلام وهو منوع ألا تخرج من مسألة تتكلم فيها إلى مسألة أخرى خلاف ما هو موجود الآن، الآن يجلسون ساعة كاملة وخمسين مسألة يتحدثون، لكت آداب البحث والتناظر نقول إذا تحدثت أو تناظرت أو تناقشت في مسألة أي كلام يُخرجك عن إثبات المسألة التي تتحدث فيها إلى إثبات شيء آخر عن المسألة فهو ممنوع فإذا تناظرت مع شخص في مسألة أثبتها بالقياس فحينئذ لابد أن تذكر هذه المسألة وقد اتفقت أنت والخصم لأنه إذا لم يوافقك حينئذ كيف تستدل بالقياس فتحتاج أن تقنعه أولاً وتستدل له على صحة الأصل عندك ثم قد يُنازع ثم قد يخالف في مسألة فينتشر الكلام ولا ينتهي كمن يبحث عن مسألة من كتاب لكتاب فيقف على مسالة جديدة ثم يبحثها ثم يقف مسألة ثالثة فإذا رجع للأصل ما بحث المسالة.

فإن منعه أي منع الخصم حكم الأصل وأمكنه أي أمكن المستدل يعني عندنا خصم وعندنا مُستدل الخصم هو المعترض والمستدل هو المُثبت، وأمكنه إثباته أي أمكن المُستدل إثباته يعني إثبات حكم الأصل بالنص جاز يعني كان يثبته بالعلة فمنع المعترض فرجع على إثباته جاز لا بعلة لأن لو أثبته بالعلة لانتشر الكلام لأنه قد لا يوافق على تلك العلة فيخرج عن أصل المسالة أما إذا رجع من العلة إلى النص وهو الأصل في الاستدلال حينئذ جاز له ذلك وإلا فلا، وأمكنه إثباته أي إثبات حكم الأصل بالنص ثم بالعلة جاز ذلك وقُبل منه استدلاله في الأصح ونهض دليله على خصمه مثاله قالوا قياس الخنزير على الكلب في الغسل سبع مرات لو قال قائل إذا ولغ أو شرب الخنزير في إناء أحدكم فليغسله قياساً على الكلب لأنه نجس فقال لا الكلب ليس بنجس عند المناظر الخصم حينئذ نازع في علة الأصل الكلب نجس والخنزير نجس أليس كذلك وُجدت العلة الكلب ما حكمه إذا ولغ أن تُغسل نجاسته بسبع مرات إحداهما بالتراب وُجدت هذه العلة في ال-خنزير يقول الخصم لا الكلب ليس بنجس فحينئذ يعدل عن التعليل إلى النص فيقول قال - صلى الله عليه وسلم - إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً فيُقبَل منه وهذا غريب أن يكون العلة أقوى من النص إذاً فيرجع إلى الاستدلال بالنص حينئذ إذا رجع بعد أن أُبطلت العلة قال لا الكلب ليس بنجس وإنما لا يُحمَل عليه الخنزير غسله بسبع مرات يرجع إلى ذكر النص وهو الدليل إذا ولغ الكلب لكن إذا ولغ الكلب هذا ليس فيه ذكر للخنزير فحينئذ يكون رداً عليه هو لماذا؟ لأن يقول ما الجامع بينهما إذا قال الكلب ليس بنجس فحينئذ بطلت العلة التي حُمل فيها الفرع على ألأصل وهو الجنزير بجامع النجاسة فإذا سلم أن الكلب ليس بنجس وعاد إذا ذكر النص النص ليس فيه إلحاق الخنزير بالكلب لذلك نقول الأصح أنه لا يُلحق الخنزير بالكلب، مع العلم به كان موجود الفقهاء يقولون لم يكن معروفاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول الصواب أنه معروف ذُكر في القرآن لحم خنزير مُحرَم حُرم على من؟ على الصحابة إذاً كانوا يعرفون الخنزير وإن لم يكن موجوداً في مواطنهم، وموافقة الخصم عليه فإن منعه أي الخصم منع الحكم الأصلي وأمكنه أي المستدل إثباته إثبات حكم الأصل بالنص كما ذكرناه في الولوغ جاز يعني يجوز للمستدل أني يثبت حكم الأصل بدليل معتمد بعد أن منع علة ألأصل وليس طريق إثبات حكم الأصل مقصوراً على الاتفاق هذا هو ألصلح يعني لا يشترط في إثبات حكم الأصل أنه لابد أن يتفق عليه الخصم والمستدل بل ما ثبت صحة الدليل عند المستدل كفى لماذا؟ لأنه متعبد بالقياس بينه وبين ربه سواء فقهه أم لا والخلاف موجود وسائغ، لا بعلة يعني لا إثبات الحكم بعلة عند المحققين لا إثبات حكم الأصل بعلة بل يثبته بالنص لأن العلة تؤدي على النزاع لأنه قد يمنع الخصم ويُثبت المستدل فحينئذ لا يكفي وقيل الاتفاق شرط، اتفاق من؟ قيل اتفاق الخصمين وقيل اتفاق الأمة وهذا كله مرادهم به ليس في إثبات حقيقة القياس وإنما عند المناظرة والجدل فقط هل يشترط الاتفاق بين خصمين أو اتفاق الأمة على حكم الأصل؟ نقول الأصل أنه لا يشترط اتفاق الأمة

بل في المناظرة اتفاق الخصمين يكون من باب التنزل فقط وأما حقيقة القياس فتكون ثابتة في نفسها، إذاً يشترط في الأصل بعد أن عرفنا حقيقة الأصل يشترط له شرطان أن يكون الحكم الثابت للأصل مقول المعنى لِيُعَدَّى، فإن كان تعبدياً لا قياس، الشرط الثاني أن يكون دليل الأصل متناولاً لحكم الفرع وإلا فلا قياس إن كان القائس في مقام المناظرة حينئذ يُستحسَن أن يكون الخصم موافقاً للأصل في التعليل فإن منع الخصم تعليل الأصل حينئذ رجع إلى النص ولا يجوز التعليل بالعلة لأنه تؤدي إلى انتشار الكلام. والفرع أي الركن الثاني من أركان القياس الفرع وهو لغة ما تفرَّع عن غيره كفرع الشجرة عن أصلها جذعها وفروع الفقه عن أصوله، ما تولد عن غيره وانبنى عليه انبنى الفرع على ذلك الأصل لأن هو حقيقته والأصل ما عليه غيره بُني والفرع ما على سواه ينبني، وهنا في باب القياس الفرع هو المحل المطلوب إلحاقه مثل النبيذ نفس المحل ولا نقول الحكم لأن الحكم هو ثمرة القياس أي ما يراد إلحاقه بغيره وهو الأصل وله شرط شرطه وجود علة الأصل فيه لأن التعدية إنما حصلت من حكم الأصل إلى الفرع بسبب وبواسطة العلة فإذا لمن توجد تل العلة في الفرع انتفى وارتفع القياس شرطه أي شرط الفرع في القياس وجود علة الأصل فيه لأنه مناط تعدية الحكم إليه وإلا فلا قياس ويكفي الظن ولا يشترط القطع هل يشترط وجود العلة في الفرع القطع بها أو الظن؟ نقول يكفي الظن لا يشترط القطع.

والثالث الحكم وهو حكم الأصل وهو الحكم الشرعي الذي ورد به نص من كتاب أو سنة أو إجماع ما المراد بحكم الأصل قال وهو أي الحكم الأصلي الوصف المقصود بالإلحاق والمراد بالوصف هنا المعنى الذي يُراد إلحاق الفرع بالأصل فيه المعنى الذي يُراد إلحاق الفرع بالأصل فيه وهو التحريم في الخمر، فالإثبات ركن لكل قياس والنفي إذاً قد يكون بالإثبات وقد يكون بالنفي ولذلك يُتشرط قلنا قبل ذلك يُشترط في حكم الأصل أن يكون حكم الفرع مساوياً لحكم ألأصل يعني يُقاس الواجب على الواجب وليس الواجب على المندوب أو المندوب على الواجب أو المكروه على المحرم أو المحرم على المكروه وإنما يكون الحكم مستوي في الفرع وفي الأصل التحريم الذي في الأصل هو الذي يُراد تعديته على الفرع أو الكراهة أما أن يحصل العكس يكون في الأصل حكم التحريم ويكون في الفرع الكراهة هذا ليس بقياس هذا قياس فاسد، فلا يصح قياس واجباً على مندوب ولا العكس لعدم مساواتهما في الحكم، قال فالإثبات ركن لكل قياس فالإثبات يعني كون الحكم حكم الأصل إثباتاً ركن لكل قياس والمراد بالقياس هنا قياس العلة وقياس الدلالة سيأتي أن القياس ثلاثة أنواع قياس العلة وقياس الدلالة وقياس الشبه قياس العلة ما كانت العلة هي نفسها جامعة بين الفرع والأصل كالإسكار في الخمر والنبيذ وقياس الدلالة هو ما كان الجامع بين الفرع والأصل دليل العلة وليس عين العلة كالشدة المُطربة لو قيل أن النبيذ محمول على الخمر لشدة ما فيه من معنى ولا يُنص على عين العلة فلا يُقال علته الإسكار وإنما يُقال الخمر فيه شدة مُطربة الرغاوى التي تكون عليه شدة مطربة والنبيذ فيه شدة مطربة الشدة المطربة ليست هي العلة وإنما هي دليل الإسكار فالإسكار يوجد والذي يدل عليه الشدة المطربة أو الرائحة الكريهة حينئذ إذا كان الجامع بين الفرع والأصل هو دليل العلة سُمي قياس الدلالة وسيأتي في موضعه يقسم لنا القياس ثلاثة أنوع، فالإثبات ركن لكل قياس إذاً يصح إدخال أو أن يكون الحكم الشرعي في الأصل أن يكون مثبتاً وأما النفي فقال والنفي أي ركن في قياس الدلالة دون قياس العلة يعني الإثبات يدخل في قياس الدلالة وقياس العلة والنفي إنما يكون في قياس الدلالة دون قياس العلة والمراد هنا بالنفي هو النفي الأصل البراءة الأصلية التي سبق الكلام عنها في الاستصحاب والنفي الأصلي يجرب فيه قياس الدلالة دون قياس العلة فيُستدل بانتفاء الحكم عن الشيء على انتفائه عن مصله يُستدل بانتفاء الحكم عن الشيء على انتفائه عن مثله ويكون ذلك ضم دليل على دليل وغلا فهو حينئذ يكون من باب الاستصحاب وسيأتي مزيد من البيان في الكلام على أنواع القياس، والنفي إلا لقياس العلة عند المحققين لاشتراط الوجود فيها لاشتراط الوجود وجود العلة أي لا يجري النفي الأصلي وهو ما كان ورود الشرع قبل قياس العلة لماذا؟ لأنه يُشتَرط فيه وجود علة شرعية والبراءة الأصلية هل فيه علة شرعية؟ ليس فيه علة شعرية هو قبل ورود الشرع حينئذ انتفت العلة الشرعية فلذلك ينتفي النفي أو قياس النفي النفي الأصلي البراءة الأصلية لم يجري في قياس العلة لماذا؟ لأن البراءة الأصلية قبل ورود الشرع وقبل ورود الشرع

ليس عندنا علة شرعية حينئذ لا يمكن أن يكون النفي جارياً في قياس العلة وإنما يكون جاري في قياس الدلالة، لاشتراط الوجود فيها. وشرطه أي شرط وجود الحكم الاتحاد فيها قدراً وصفة والمراد بالاتحاد هنا المساواة أن يكون حكم الفرع مساوياً لحكم الفرع أن يكون حكم الفرع مساوياً لحكم الأصل في العلة قدراً وصفة هذان حالان للاتحاد والمساواة قدراً يعني بلا تفاوت بل لا تكون العلة موجودة في الأصل ثم تُوجد في الفرع لكن على جهة النقصان هذا ممتنع لابد أن تكون مساوية بنفس القوة لكن هل لو كان زائدة في الفرع عن الأصل نقول هذا لا إشكال فيه أما النقصان فلا يُقبَل إذاً التفاوت بين العلة قوة وضعفاً في الفرع والأصل لا يُقبل النقصان ولا بأس بالزيادة لماذا؟ لأنه كما سبق أن بعضاً يرى أن قياس الجلي هذا من أنواع القياس وتحريم الضرب العلة فيه أقوى وأظهر من تحريم التأفيف إذاً هل استويا؟ لم يستويا، الأصل في العلة أن تكون في الفرع وفي الأصل بقدر واحد هذا الأصل فيها لكن ما الذي يُمنَع هنا يُمنَع النقصان وأما الزيادة فلا باس لماذا؟ لأنها تدل على أن الحكم في الفرع أولى منه في الأصل وأما النقصان فلا، مثلوا للنقصان بماذا الذي لا يعتبر قالوا تجب الزكاة في مال الصبي قياساً على مال المكلف طيب المكلف الآن يملك بالفعل أو بالقوة ملكية المكلف بالفعل أو بالقوة؟ والصبي؟ أيهما أقوي؟ الفعل إذاً هل يصح قياس مال الصبي على مال المكلف إيجاب الزكاة؟ الجواب لا لماذا؟ لأن العلة لن توجد في الفرع بقوتها في الأصل بل وُجدت على جهة النقصان وهذا هو الذي يُمنَع المساواة فيها قدراً وصفة قدراً يعني بلا تفاوت وهذا بالنسبة إلى النقصان وأما الزيادة فلا يشتَرك انتفائها إذا قد يكون الحكم في الفرع أولى كما في القياس الجلي وأما النقصان فهو المنتفي، وصفة يعني بأن تكون الصفة التي اقتضت علة الحكم موجودة في الفرع نوعاً أو جنساً لابد أن تكون موجودة نوعاً أو جنساً نوعاً مثل ما سبق كالإسكار عينه عين الإسكار موجود في النبيذ كما هو موجود في الخمر أو جنساً مثلوا له بقياس القصاص في الأطراف على القصاص في النفس بجامع الجناية إذاً جنس الجناية هذا له أنواع له أفراد قد يكون بالأطراف الجناية قد تكون على الأطراف وقد تكون على النفس هل عين الجناية على الأطراف هو عين الجناية على النفس لا وإنما بينهما قدر مشترك وهو الجناية إذاً هنا حُمل القصاص في الأطراف على القصاص في النفس بجامع وهذا الجامع ليس هو عين الأول لأن القصاص في النفس هذا نوع والقصاص في الأطراف هذا نوع آخر إذاً بينهما مغايرة فكيف حصل الجمع هنا؟ نقول حصل لجامع وهو الاتحاد صفة والصفة هنا في الجنس لا في النوع وأما النوع فهو كما في الإسكار عين الإسكار موجود في النبيذ الإسكار موجود في الخمر عينه موجودة في النبيذ إذاً الصفة نوعها موجودة وأما قياس القصاص في الأطراف على القصاص في النفس هذا ليس عينه ولا نوعه بل المراد به الاتحاد في الجنس إذاً شرط الاتحاد فيها قدراً وصفة، وأن يكون الحكم شرعياً لا عقلياً أو أصولياً لا عقلياً حينئذ صار القيا عقلي والبحث هنا في الشرعيات لا في العقليات هذا واضح وأن يكون

الحكم شرعياً لا عقلياً شرعياً يعني ثبت من كتاب أو سنة أو إجماع لا عقلياً فخرج القياس العقلي أو أصولياً، ما المراد بالأصولي هنا؟ المراد به العلم العقائدي ألا يكون الحكم هنا الذي يتعلق به القياس ألا يكون من بال العقيدة بل يكون حكماً عملياً ولا يكون في مسائل العقيدة ولذلك يقال في بعض التراجم علموا بالأصلين المراد به أصول وعلم الكلام وأصول الفقه وهو ما أشرف علم عندهم هكذا يُقال، أو أصولياً إذاً لا يدخل القياس مسائل العقيدة هذا هو الأصل فيه.

والركن الرابع قال الجامع بين الأصل والفرع يعني العلة والمراد به العلة لكن لم يعبر بالعلة لأن العلة أخص فتختص حينئذ بقياس العلة فخرج قياس الشبه وقياس الدلالة لو عُلق الحكم بالعلة لكن الجامع أعم والمراد به الجامع بين الأصل والفرع، وهو أي الجامع بين الأصل والفرع المقتضي لإثبات الحكم في الإسكار الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم لو قيل الإسكار هو العلة علة التحريم هذا الإسكار مشتمل هو وصف اشتمل على الحكم الباعثة على تشريع الحكم لم شُرع تحريم الخمر؟ لم؟ حفظاً للعقل والتصرف فحينئذ نقول هذه العلة الإسكار مشتملة على حكمة الشرع التي بعثت الشرع على التحريم إذاً عندنا علة وعندنا حكمة الحكمة حفظ العقل والتصرف والعلة هي الإسكار هنا ما هو الجامع قال الوصف نفس الإسكار المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم كالسفر مثلاً هذا علة باعثة على تشريع مثلاً القصر والإفطار مشتمل على حكمة وهي رفع المشقة عن المكلف إذاً فرق بين العلة والحكم، العلة هي التي تكون وصفاً عُلق الحكم عليها وجوداً وعجماً تخلفت العلة تخلف الحكم وُجدت العلة وُجد الحكم وأما الحكمة فلا قد يتخلف الحكمة ووجد الحكم مع وجود العلة كما إذا انتفى مشقة السفر عن السفر وهذا موجود حينئذ نقول ارتفع الحكم والقصر والإفطار؟ لا لم يترفع لأن الذي ارتفع هو حكمة العلة وليس عين العلة، وهو المقتضي لإثبات الحكم ويكون هذا الجامع أنواعاً، يكون حكماً شرعياً يعين يكون الجامع بين الفرع والأصل هو عين الحكم الشرعي مثاله تحرم الخمر فلا يصح بيعها كالميتة ما الجامع هنا؟ الجامع هو التحريم حرمت الخمر وحرمت الميتة فلا يصح بيعها فحينئذ نقول الجامع بين الفرع والأصل الأصل هنا تحرم الخمر فلا يصح بيعها كالميتة الميتة أصل والخمر فرع فحينئذ صار الجامع بين الميتة والخمر في عدم صحة البيع كل منهما هو التحريم إذاً صار الجامع التحريم نفسه نفس الحكم الشرعي هو الجامع بينهما، ووصفاً يعني يكون الجامع وصفاً وهذا الوصف قد يكون عارضاً وقد يكون لازماً، ووصفاً عارضاً كالشدة في الخمر فهي على التحريم وهي وصف عارض لأنه طرأ بعد أن لم يكن النبيذ أولاً ما يكون مسكراً ثم تطرأ عليه الشدة المُطربة إذاً وصف لازم أو عارض؟ عارض وُجد بعد أن لم يكن فصار علة للتحريم، ووصفاً عارضاً ولازماً الوصف اللازم مثل الأنوثة في ولاية النكاح أيما امرأة نكحت نفسها فنكاحها باطل باطل إذاً عُلق الحكم على الأنوثة وصف لازم أو طارئ؟ لازم، ومفرداً يعين سكون الوصف أو الجامع بين الفرع والأصل يكون مفرداً واحداً يعني لا يتعدد مثل ماذا؟ قالوا اللواط زنا والزنا هذا مُفرد فحينئذ أوجب الحد كوطء المرأة يعين قد يكون شيئاً واحداً ولا يتحدد مثله الإسكار الإسكار عندما يُعلل الخمر بالتحريم للإسكار نقول الإسكار هذا شيء واحد وليس بمتعدد وأما تعليل القتل القصاص مثلاً نقول قتل عمد عدوان هذا علة مركبة من ثلاثة إشكال إذا انتفى القتل لا قصاص إذا انتفى العمد لا قصاص إذا انتفى العدوان لا قصاص لابد من وجود هذه العلة وهي علة مركبة إذاً العلة تكون بسيطة مفردة واحد كالإسكار في تحريم الخمر وقد تكون مرتبة

كالقصاص القتل العمد العدوان، وفعلاً يعني يكون الجامع فعلاً كالسرقة علة للقطع السرقة نفسها فعل والقتل علة للقصاص والزنا أيضاً علة للحد ونفياً وإثباتاً يعني يكون الجامع نفياً ويكون الجامع إثباتاً يجوز أن تكون العلة وصفاً منفياً ويجوز أن تكون العلة وصفاً مُثبتاً يعني علة وجودة وعلة عدمية يصح أن تكون العلة وجودية ويصح أن تكون العلة عدمية حُرم الخمر لإسكاره هذه علة وجودية الصبي لم ينفد تصرفه لعدم رشده هذه علة عديمة إذاً التعليل قد يكون بعلة وجودية أو علة عدمية، ومناسباً وغير مناسباً قد يكون الجامع وصفاً مناسباً وذاك فيما إذا اقترن بالعلة الحكمة إذا وُجدت الحكمة مع العلة حينئذ نقول هذا وصف مناسب، إذاً الوصف المناسب إذا وُجدت الحكمة مع العلة كالإسكار في تحريم الخمر حفظاً للعقل لا يمكن أن يوجد الإسكار ويوجد الحكم وهو التحريم قم تنتفي الحكمة وهو حفظ العقل، وغير مناسب يعني أن يكون الجامع بين الفرع والأصل وصفاً غير مناسب والمراد بالمناسب والغير مناسب هنا اشتمال العلة على الحكمة إن اشتملت واضطردت مع الحكمة فهو وصف مناسب كالإسكار للخمر وإذا وُجدت العلة دون الحكمة تخلت عنها ولو في بعض الصور حينئذ قيل هذا وصف غير مناسب لانتفاء الحكمة في بعض الصور وغير مناسب وهو ما تخلفت الحكمة عن العلة في بعض الصور مع وجودها في الغالب كالسفر السفر علة القصر فيه وجواز الإفطار هو عينه السفر السفر هو العلة لما جاز الإفطار لزيد نقول لكونه مسافراً إذاً السفر هو علة الإفطار لم قصر الصلاة لكونه مسافراً إذاً السفر هو عين العلة ولذلك يضطرد معه وجوداً وعدماً فإذا وُجد السفر وُجد القصر والإفطار إذا انتفى السفر انتفى القصر والإفطار ومن هنا تأتي مسألة أهل مكة في الحج هل يقصرون أم لا؟ نقول لا قصر إلا مع سفر لا يوجد في الشرع علة للقصر غلا السفر محصورة فيه وهنا يرد السؤال من اعتقد أنه مسافر إذا ذهب إلى عرفة ومزدلفة ومنى قد أعد العدة وهذب حينئذ له أن يقصر وإذا اعتقد أنه ليس مسافراً حينئذ لا يجوز له القصر، ما ذكره الجمهور من القصر أو ما يُنسب لبعضهم ليس الجمهور الجمهور على الإتمام لأهل مكة ما يُنسب أنه جوَّز لأهل مكة القصر بناءاً على أنه مسافرون وليس بناءاً على أنه مقيمون هذا قول مُحدِث أن يعتقد المكي أنه مُقيم ثم يقصر وما نُسب على بعضهم كأبي حنيفة أن العلة على القصر نُسخت ليست بصحيحة هذه ضعيفة لا يعول عليها وإنما علة القصر لأهل مكة السفر إن كانوا مسافرين حينئذ نقول لهم القصر وإن لم يكونوا مسافرين فليس لهم القصر إذاً نقول القصر مع السفر يضطرد وجوداً وعدماً لحكمة وهي وجود المشقة وهذه المشقة مقطوعة بها ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - السفر قطعة من العذاب، إذا انتفت المشقة في بعض الصور هي ينتفي الحكم؟ الجواب لا لا ينتفي لأن الحكم مُعلل وهو القصر مُعلل بالسفر وجوداً وعدماً وانتفاء الحكم في بعض الصور لا يلزم منه انتفاء العلة أو انتفاء الحكم لا يلزم منه انتفاء العلة أو انتفاء الحكم.

ثم قال وقد لا يكون موجوداً في محل الحكم كتحريم نكاح الحر للأمة لعلة رق الولد وقد لا يكون أي الجامع أو الوصف المذكور ذاك الرابع قد لا يكون موجوداً في محل الحكم قد لا يكون موجوداً بالفعل في محل الحكم إلا أنه يُترَقب وجوده يعني موجود بالقوة بالفعل إذاً وجود العلة قد يكون بالفعل وقد يكون بالقوة إذا كان مترقب الوجود وهو الآن غير موجود كتحريم نكاح الحر للأمة الحر لا يجوز له أن ينكح الأمة إلا بشرطه إذا انتفى الشرط هنا كتحريم نكاح الحر للأمة لعلة رق الولد لا يجوز نكاح الحر للأمة لماذا؟ قالوا لعلة رق الولد طيب رق الولد هذا وصف قائم بالولد هو ما جاء أليس كذلك هو ما جاء فكيف نقول يحرم نكاح الحر للأمة لعلة رق الولد؟ هو ما وصل بعد إذاً هو يُترَقب وجوده فحينئذ نقول رق الولد وصف قائم به وتحريم نكاح الأمة وصف قائم بالنكاح فرق الولد وصف غير موجود في محل الحكم وهو تحريم النكاح لأنه مترقب الوجود إذاً لم يوجد بالفعل وإنما سيوجد بالقوة، قال وله ألقاب منها العلة يعني الجامع له ألقاب له أسماء في الاصطلاح عندهم يسمى الجامع ويسمى العلة والمناط والمؤثر والمظنة إلى آخر ما سيذكره المصنف، وله أي للجامع بين الأصل والفرع ألقاب منها العلة وقد سبق تفسيرها في أول الكتاب، ومن ألقابه المؤثر يسمى الجامع المؤثر لماذا؟ لأن له تأثير في الحكم أثر في وجود الحكم الإسكار كلما وُجد أثر في المحل فحرمه وقع الحكم الذي يكون في الأصل، والمؤثر وهو المعنى الذي عرف كونه مناطاً للحكم بمناسبة أو بمناسبته المعنى واضح، وهو المعنى أي الوصف يعني ما هو المؤثر؟ قال هو المعنى أي الوصف الذي عُرف كونه كون ذلك الوصف مناطاً للحكم مناطاً يعني عُلق عليه الحكم وهذا هو حقيقة العلة اجعل لنا ذات أنوار يعني شجراً نُعلق عليها الأسلحة ونحوها ذذ1 هذا الحكم قد عُلق بالعلة فإذن وُجد وجدت معها وإلا فلا إذاً سُمي مؤثراً لكونه له تأثيراً في الحكم حقيقته كونه مناطاً للحكم وهذا هو حقيقة العلة، بمناسبة يعني كون ذلك الوصف مظنة لتحقق حكمة الحكم يعني لابد أن يكون بين الحكم والمعنى مناسبة وهذا هو حقيقة المظنة التي سيذكرها، الثالث قال والمناط يعني من أنواع العلة المناط وأصل المناط هو موضع التعليل لأنها مناط الحكم أي مكان نوطه أي تعليقه وهو من تعلق الشيء بالشيء يعني المناط مأخوذ من تعلق الشيء بالشيء ومنه نياط القلب أي عرق عُلق به القلب فهو علاقة القلب كما قال هنا لِعَلاَّقَتِه نياط القلب هذا عرق عُلق به القلب فهو علاَّقته يعني كأنه القلب عُلق به فذلك هو عند الفقهاء فلذلك هو عند الفقهاء متعلق الحكم المناط متعلق الحكم يعني العلة التي عُلق بها الحكم يسمى جامعاً ويسمى مؤثراً ويسمى مناطاً لكون الحكم قد تعلق به فهو علاَّقة، والبحث فيه إما لوجوده وهو تحقيق المناط أو تنقيته وتخليصه من غيره وهو تنقيح المناط أو تخريجه هذه ثلاثة أحوال وهو ما يعنون له عندهم بالاجتهاد في العلة لهم ثلاثة أنواع تنقيح المناط وتحقيق المناط وتخريج المناط والمناط المراد به العلة تحقيق العلقة وتنقيح العلة وتخريج العلة إذاً ثلاثة أبحاث ولذلك قال والبحث فيه البحث في المناط أو في

الجامع أو في المؤثر إما لوجوده يعني لوجود النص وهو المسمى بتحقيق المناط تحقيق العلة في الفرع يعين نظر المجتهد في الفرع فيبحث هل هذه العلة موجودة في الفرع أم لا يسمى تحقيق المناط نظر المجتهد في العلى في الفرع في النبيذ يبحث ويسأل ويتأكد يشم الرائحة يذوق إلى آخره هل العلة الإسكار موجودة في النبيذ أم لا هذا يسمى تحقيق المناط ولذلك قال إما لوجوده يعني وجود الوصف أو الجامع في المحل الذي يُطلَب له الحكم وهو الفرع وهو تحقيق المناط ما عُرف فيه علة الحكم بنص أو إجماع فيحقق المجتهد وجود تلك العلة في الفرع أو النوع الثاني تنقيته وتخليصه من غيره وهو تنقيح المناط تنقيح المناط تنقيح تفعيل وهو في اللغة التهذيب والتصفية أو التنقية والتخليص كما ذكره المصنف، ومرادهم بتنقيح المناط تهذيب العلة وتصفيتها بإلغاء ما لا يصلح للتعليل واعتبار الصالح له يعني تأتي عدة أوصاف فيأتي الشارع فيعلق الحكم على تلك الأوصاف هل كل الأوصاف صالحة للتعليل أو لا؟ يأتي هنا المجتهد فيُنقح ويصفي ويخلص تلك الأوصاف فينظر في بعض الأوصاف فإذا بها صالحة للتعليل فيبقيها وينظر في بعض الأوصاف فإذا هي لا تصلح للتعليل فيلغيها هذا يسمى تنقيح تصفية العلة من غيرها، الأول وجود العلة في الفرع هذا لا إشكال فيه واضح والثاني العلة شابها بعض أوصاف جاء معها بعض الأوصاف ولذلك قال هنا تنقيح المناط بأن ينص الشارع على حكم كقوله - صلى الله عليه وسلم - اعتق رقبة للأعرابي الذي جاء جاء أعرابي ينتف شعره ويضرب صدره ويقول هلكت هلكت يا رسول الله وقعت أهلي في نهار رمضان قال اعتق رقبة هذا جواب حكم شرعي الحكم الشرعي الآن هذا نُزل على عدة أوصاف أعرابي جاء يضرب صدره وينتف شعره ويقول هلكت وأهلكت وقال وقعت في نهار رمضان خمسة أشياء هل الحكم أعتق رقبة مُنزل على كل الأوصاف بحيث لو جاء أعجمي نقول له الحكم ليس لك أو إذا جاء لا ينتف شعره أو لا يضرب صدره نقول الحكم ليس لك فنجعل كل الأوصاف هذه علة مركبة أو نقول كونه أعرابياً هذا لا أثر له في الحكم لأن الشرع لا يفرق بين العرب والعجم كونه يضرب صدره وينتف شعره هذا حال غضب نحوها لا أثر له كذلك قوله هلكت وأهلكت هذا خوف من المعصية إلى آخره لا أثر له فإذا بنا ننظر إلى المعنى الرابع أو الخامس كونه واقع في نهار رمضان فنقول هذا محل الحكم هذا يسمى تصفية وتخلية أن ينص الشارع على حكم عقيب أوصاف متعددة حادثة وقعت تضمنت عدة أوصاف نص الشارع على حكمها فيُلغي المجتهد غير المؤثر ككونه أعرابياً لا يؤثر في الأحكام الشرعية لا فرق بين أعرابي ولا أعجمي إلا بالتقوى ويعلق الحكم على ما بقي وهو كونه واقع أهله نهار رمضان هذا يسمى تنقيح العلة.

وتخريجه بأن ينص الشارع على حكم غير مقترن بما يصلح علة فيستخرج المجتهد علته باجتهاده ونظره وهذا هو محل المعرض أكثر منكري القياس سلم بالأول والثاني بل الأول مُجمع عليه تحقيق المناط هذا مُتفق عليه وتنقيح أكثر منكري القياس على القول به والثالث هذا هو محل النزاع تخريجه بمعنى التخريج هنا بمعنى الاستنباط استنباط إخراج العلة من النص جاء النص رتب حكماً على واقعة أو حادثة يأتي المجتهد فيتأمل وينظر هل في هذا المحل الذي حُكم عليه معنى مناسب يمكن تعليق الحكم عليه أم لا فينظر ويبحث ويجتهد فإذا قيل حرمت الخمر ولم يقل لإسكار ونحوها فينظر فإذا به المعنى الذي يمكن أن يعلق عليه الحكم وهو التحريم هو الإسكار فيقول استنبطت واستخرجت هذه العلة إذاً قال هنا تخريجه بأن ينص الشارع على حكم هذا حكم شرعي نص عليه من الشرع غير مقترن بما يصلح علة لم ينص على العلة لأن العلة قد تكون منصوصاً عليها وقد تكون مستنبطة وفرق بين العلة المُستنبطة والعلة المنصوصة عليها المنصوص عليها هذه لا إشكال فيها لكونها علة وأما المستنبطة هي التي ذكرها هنا قال غير مقترن بما يصلح علة فيستخرج المجتهد باجتهاده ونظره وعلمه علته قال باجتهاده ونظره لمسلك المناسبة ..... لأن استخراج العلة له ثلاث طرق سيذكرها المصنف فيما بعد إذاً عرنا البحث في الجامع إما بتحقيق المناط وهذا يكون متعلقاً بالفرع أن تبحث في العلة هل هي موجودة في الفرع أم لا الثاني تنقيح المناط العلة وهو كون الحكم الشرعي قد صدر مرتباً على معاني متعددة وأوصاف متعددة بالنظر غليها ليست كلها صالحة للاعتبار فيُثبت المجتهد ما يصلح اعتباره علة للحكم ويُلغي ما لا يصلح للاعتبار كما ذكرناه في قصة الأعرابي، الثالث أن ينص على حكم ولا ينص على علته فيأتي المجتهد فيستخرج علة مناسبة للحكم.

ومن ألقاب الجامع المظنة يقال الجامع جامعة وعلى ومظنة وهي مشتقة من قولهم ظننت الشيء يعني مشقة من الظن والأصل في الظن أنه خلاف اليقين وقد تكون المظنة بمعنى العلم أو قد تكون الظن بمعنى العلم كما في قوله تعالى (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبّهم) يظنون بمعنى يوقنون وتارة تأتي بمعنى رجحان الاحتمال يعني رجحان أحد الاحتمالين على الآخر بحيث يكون أقرب إلى اليقين فلذلك هي الأمر إذا عرفنا معناها من جهة اللغة تأتي بمعنى الظن وبمعنى العلم وبمعنى الرجحان فلذلك لوجودها أن إتيانها بهذه المعاني الثلاثة هي الأمر المشتمل على الحكمة الباعثة على الحكم المظنة تُطلق على العلة لكن بشرط وجود وظهور الحكمة إن وُجدت حكمة العلة أو حكمة الحكم المرتب على العلة سُمي مظنة إن اشتمل هي الأمر المشتمل قال فلذلك الفاء للتفريع لأن المظنة تأتي بالمعاني الثلاثة السابقة صح أن يُطلق على الجامع مظنة لأنه مظنة تحقق المصلحة المقصودة من تشريع الحكم إما قطعاً أو احتمالاً كما سيذكره المصنف إذاً معنى المظنة قال هي الأمر كالسفر مثلاً المشتمل ذلك السفر على الحكمة من شرعية الحكم وهو القصر والمراد بالحكمة هنا حكمة السفر تخفيف المشقة الباعثة على الحكم هذه الحكمة باعثة على الحكم وهو القصر إذاً المظنة تُطلق على الجامع مع وجود حكمة الحكم فإذا انتفى حكمة الحكم يسمى جامعاً وعلة ولا يسمى مظنة واضح؟ لذلك قيده هنا قال الأمر المشتمل على الحكمة الباعثة فإن وُجد العلة والجامع مشتملاً على الحكمة فحينئذ سُمي علة وجامعاً ومظنة وإذا انتفت الحكمة فحينئذ يسمى علة وجامعاً ولا يسمى مظنة إما قطعاً كالمشقة في السفر قطعاً بماذا؟ بالنص لأن الشرع هو الذي علل قال السفر قطعة من العذاب إما قطعاً كالمشقة في السفر السفر علة للحكم وهو القصر وهو مشتمل على الحكمة وهي دفع المشقة وهي مقطوع بها للنص أو إحتمالاً أو حصول المعنى يكون احتمالاً كوطء الزوجة بعد العقد في لحوق النسب متى يثبت النسب؟ نقول كوطء الزوجة بعد العقد لكن نقيد مع الدخول في لحوق النسب هنا أقام الشرع مقام الاطلاع على الفراش أقام عقد النكاح مع الدخول مقام احتمال إيقاع الجماع ونحوه لأنه كما هو معلوم أن النسب يكون من فراش طيب إذا حصل الفراش الذي هو كناية على الجماع هل نقطع أن هذا ولد فلان؟ ما نقطع لماذا؟ لأننا ما اطلعنا شيء هل اطلعنا على إيقاع النطفة في موضعها حتى نقول الأمر مقطوع به أو باب الظن والاحتمال؟ من باب الظن إذاً ننسب فلان لأبيه وأمه نقول هذا الولد بالفراش لكون الشرع أقام النكاح مع الدخول علامة على الجماع والوطء وصار احتمالاً لأنه لا يمكن الاطلاع على الأمر الغائب إذاً قال أو احتمالاً أو حصول المعنى احتمالاً كوطء الزوجة بعد العقد مع الدخول هذا لا يمكن الاطلاع عليه في لحوق النسب ننسب الشخص إلى أبيه بعقد النكاح مع الدخول أقام النكاح جعله كالعلة في ثبوت النسب نسب زيد لأبيه إذاً نقول هذا احتمالاً أو قطعاً؟ نقول هذا من باب الاحتمال لأن لا سبيل للاطلاع إلى حقيقة الأمر، كوطء الزوجة بعد العقد مع الدخول في لحوق النسب إذ هو مظنة حصول النطفة في الرحم هكذا قال الأصوليون،

فحينئذ أقام الشارع مقام الاطلاع على النطفة في الرحم أمراً ظاهراً يدل عليه وهو عقد الزواج عقد النكاح، فالعلم في إثبات النسب هو الفراش الذي هو العقد الصحيح لأنه مظنة حصول الجماع ونحوه، فما خلا عن الحكمة فليس بمظنة فما أي الجامع إذا خلا عن الحكمة فليس بمظنة يعني لا يسمى مظنة حينئذ كل مظنة جامع وليس بعكس لأن المظنة شرطهاً وجود الحكمة فإذا انتفت الحكمة نقول هذا جامع وليس بمظنة. والسبب يعني ما يطلق على الجامع السبب وأصله يعني لم سببا السبب في اللغة كما سبق هو الحبل وكل شيء يتوصل به إلى غيره، وأصله ما توصل به إلى ما لا يحصل بالمباشرة كالحبل في البئر مثلاً هل نستطيع أن تأخذ مباشرة الماء بنفسك؟ لا تستطيع إذاً كل ما توصل به من غير مباشرة فهو سبب، ما توصل به إلى ما لا يحصل بالمباشرة وهنا كذلك لا يمكن أن نتوصل إلى تحريم النبيذ إلا بواسطة سبب وهو الإسكار لذلك سُميت العلة أو الجامع سُميت سبباً لأنه لا يتوصل إلى إيقاع الحكم حكم الأصل على الفرع وهو النبيذ التحريم إلا بواسطة هذا الواسطة هو السبب لا يمكن أن يتوصل به مباشرة كالحبل بالنسبة للماء، والمُتَسَبِّبُ هو المتعاطي لفعله يعني لفعل السبب ليس المؤثر في إخراج الماء هو الحبل نفسه هو السبب بل المُحرك هو المتسبب، وهو هنا في هذا المقام في باب القياس هو ما تُوُصِّلَ به إلى معرفة الحكم الشرعي فيما لا نص فيه والذي لا نص فيه هو الفرع توصلنا بهذا الجامع إلى العلم بحكم الفرع هل هو مباشرة؟ ليس مباشرة إنما كان بواسطة لذلك سُمي سبباً وهو هنا أي في هذا المقام ما تُوصل به إلى معرفة الحكم يعني الطريق إلى معرفة الحكم الشرعي فيما لا نص فيه لأن الحكم الشرعي إنما يُعرَف في الفرع الذي لا نص فيه، وجزء السبب هو الواحد من أوصافه كجزء العلة سبق أن بعضهم يرى أن السبب والعلة بمعنى واحد وهو مراد المصنف هنا ومع العلة قد ترادف السبب والفرق بعضهم إليه قد ذهب، وجزء السبب إذاً السبب قد يكون مدلوله بسيطاً كما أن العلة قد تكون بسيطاً وقد يكون مركباً كما أن العلة تكون مركبة الإسكار هذا سبب واحد وهو علة واحدة حينئذ هل يمكن تتجزأ؟ لا تتجزأ والقتل العمد العدوان هذا علة مركبة وسبب مركب هل يمكن يتجزأ؟ يمكن أن يتجزأ إذاً يصح أن نقول العدوان جزء العلة وليست كل العلل كذلك نقول العدوان جزء السبب لماذا؟ لأن السبب بمعنى العلة هنا قال وجزء السبب أي السبب كالعلة يتركب من عدة أوصاف في بعض أحوالها كذلك كما قلنا جزء العلة نقول جزء السبب وجزء السبب هو الوصف الواحد من أوصافه كجزء العلة كالعدوان من قوله القتل العمد العدوان. ومن ألقاب الجامع المقتضي اسم فاعل من اقتضى وهو لغة طالب القضاء ليس طلب القضاء مُقتضي بكسر الضاد اسم فاعل فحينئذ يكون هو الطالب وليس هو الطلب الطلب هذا معنى الاقتضاء وليس معنى المقتضي، والمقتضي اسم فاعل من اقتضى وهو لغة طالب القضاء فيطلق هنا على الجامع لاقتضائه ثبوت الحكم الشرعي كالإسكار يقتضي تحريم الخمر إذاً العلة والجامع يسمى مقتضياً مقتضي لأنه يطلب الحكم فيُطلق هنا لاقتضائه ثبوت الحكم.

ومن ألقاب الجامع المستدعي بكسر العين اسم فاعل من استدعى وهو من دعوته إلى كذا أي حثثته عليه سُمي الجامع مستدعياً لاستدعاء الحكم لأن الجامع يستدعي الحكم ويطلبه إذاً هذه كلها ألفاظ واصطلاحات مرادها العلة والجامع والمستدعي والمقتضي والسبب والمؤثر والمظنة كلها أسماء والمراد بها واحد وقد يحصل نوع اختلاف لسبب الاشتقاق كما قيل في المظنة. ثم الجامع كان وصفاً بين لنا أن الجامع قد يكون وصفاً مناسباً يصلح اعتباره وقد يكون وصفاً غير مناسب لا يصلح اعتباره وأظن في هذا الكفاية، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

21

عناصر الدرس * شروط الجامع * طرق إثبات العلة. الدرس 21 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد فلما ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن من أركان القياس الجامع ذكر فيها القياس أربعة الأصل والفرع وحكم الأصل والجامع أراد أن يبين لنا ما هو الجامع فقال ثم الجامع أي ثم هذا للترتيب الذكري بعد أن ذكرت لكم ما سبق فيما يتعلق بالحقيقة والجامع فالجامع الذي يصح أن يكون وصفاً معتبراً يتعلق به الأحكام في الأصل ثم يعد إلى الفرع لثبوت الحكم الأصلي فيه قال إن كان وصفاً إذاً هذا شروع منه في بيان شروط اعتبار الجامع علة لثبوت الحكم به، إن كان وصفاً موجوداً ظاهراً منضبطاً مناسباً معتبراً مطرداً متعدياً فهو علة فهو هذه الجملة في محل جزم جواب الشرط فوقع في جواب الشرط حينئذ عندنا شرط وعندنا مشروط إن وُجد الوصف جامع بهذه الشروط بهذه القيود حينئذ ثبت كونه علة للحكم في الأصل فيُعد إلى الفرع فيُسحَب الحكم الأصلي إلى الفرعي وإن تخلف واحداً منها فضلاً عن كلها عن جميعها حينئذ نقول لا يصح كونه علة فلا يتعد حكم الأصل على الفرع إذاً هذا شروع منه في اعتبار الجامع كونه علة أو لا ليس كل ما أأدعي فيه أنه وصف مناسب فهو وصف مناسب بل لابد من شروط معتبرة هذه لشروط مأخوذة من استقراء الشرع هو ذكرها أولاً إجمالاً ثم ذكرها مفصلة شرطأً شرطاً وما ذُكر فيه من خلاف إن كان فيه خلاف، استدل الأصوليون هذه الشروط من العلل المنصوصة ما نص عليه الشرع حينئذ استنبط منه الأصوليون هذه القيوم التي ستُذكر كذلك من تعريف العلة بأنها الوصف المُعرِّف للحكم لابد من اعتبار معنى العلة، ومن الغرض المقصود من العلة وهو كون العلة تعدي حكم الأصلي من الأصل إلى الفرع باعتبار هذه الأمور الثلاثة وضعوا هذه القيود السبعة، إن كان وصفاً إذاً قد يكون غير وصف وهذا فيما سيأتي قد يكون حكماً شرعياً لأن الجامع لا يخرج عن أمرين إما أن يكون وصفاً مناسباً وإما أن يكون حكماً شرعياً الوصف المناسب هو الذي سيذكر هذه القيوم في اعتباره إن كان وصفاً والوصف هو معنى قائم بالموصوف وصفاً يعني معنى قائم بالموصوف وهذا شأن الأوصاف أنها لابد من موصوفات تقوم بها لأن الشيء إما أن يكون جوهراً وإما أن يكون عرضاً عرضاً المراد به هنا الوصف الجوهر ما يقوم بذاته والعرض ما لا يقوم بذاته بل لابد من محل يقوم فيه وهذا شأن الأوصاف حينئذ كل وصف يستلزم موصوفاً لماذا؟ لأن الوصف لا يقوم بذاته لا يقوم بالطول والقصر هذه أوصاف هل تقوم بذاتها هل يوجد طول لا في إنسان ولا في جبل ولا في عمود وفي آخره؟ لا يوجد لا يصح أن تقول هذا طول لوحده منفكاً أو هذا قصر أو هذا سمن ونحوه كذلك لا يقال هذا إسكار لا في خمر لا يوجد لا يقال صغر لا في ذكر أو أنثى لابد أن يكون هذا الوصف له محل يقوم فيه حينئذ إن كان وصفاً هذا احترزاً مما إذا كان حكماً شرعياً سيأتي أن فيه خلافاً وأن هذه الشروط والقيود مرتبة على الأوصاف لا على الأحكام الشرعية لأنه يصح أن يُعلَل بالحكم الشرعي وأن يكون الجامع بين الأصل والفرع هو الحكم الشرعي وهذه القيود غير معتبرة في ذاك الحكم وإما إذا

كان وصفاً حينئذ ليس كل وصف يصح التعليل به وإلا لو صح كل وصف أن يُعلل به لفُتح باب انتقاد الشرع فحينئذ كل واحد يُعلل بما يراه مناسباً هو دون أن يرجع على الشرع لكن نظر الأصوليون في العلل المنصوصة والعلل المُجمَع عليها فحينئذ ذكروا أو استمدوا واستنبطوا من هذه العلتين المنصوصة والمُجمَع عليها قيوداً وأكثر ما يقع الخلاف ليس في المنصوصة والمُجمع عليها وإنما في المستنبطة لأن العلل من حيث هي إما أن تكون منصوصة نص عليها الشرع {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} هذا نص عليها الشرع أو يكون مُجمع عليها كتشويش الفكر في المنع من القاضي أن يقضي أو تكون مستنبطة، الخلاف أكثر ما يكون والأخذ والعطاء بين الأصوليون أو الفقهاء إنما يكون في العلة المستنبطة لأنها معتمدة على اجتهاد المجتهد وأما النص فما جاء من الشرع {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} انتهى {إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} انتهى هذا تعليل من {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} نقول هذا تعليل ليس للرأي فيه مجال كذلك ما أجمع عليه العلماء بأنه علة لا مجال للرأي في النقض أو الاعتراض يبقى العلة المستنبطة لأنها مأخوذة من تخريج المناط كما سبق بيانه، إذاً الأصوليون هذه القيوم لضبط الوصل الذي يصح التعليل به لأنه ليس كل وصف يصح أن يُعلق الحكم عليه ولو جُعل كل وصف يصح أن يكون علة فيتعدى إلى غيره لفُتح باب نزاع بين العلماء بل فُتح باب الأهواء وكل يرى ما يراه غيره إذاً وصفاً يعني معنى قائم بالموصوف، موجوداً هذا الشرط الأول ظاهراً هذا الشرط الثاني منبطاً هذا الشرط الثالث مناسباً هذا الشرط الرابع معتبراً هذا الشرط الخامس مطرداً هذا الشرط السادس متعدياً هذا الشرط السابع هذه سبعة شروط إن تخلف واحد منها بعضها مُجمع عليها وبعضه مُختلف فيه ليس مطردا أو الاتفاق عليها وإنا فيه بعض العلل أو بعض الأوصاف هذه مختلف فيها بين الأصوليون وبعضها فيه نوع نزاع كالطرد مثلاً فيه نزاع، هذه إن وُجدت مستجمعة في وصف فهو علة يعني متى تحققت هذه الشروط في الجامع إذا كان وصفاً فحينئذ فهو علة لا خلاف في ثبوت الحكم به فحينئذ نقول ليس كل وصف يصح التعليل به بل لابد من استجماع هذه لشروط وإذا قيل ما دليل هذه الشروط نقول على اعتماد ما ذُكر من الثلاثة الأمور أولاً التأمل والنظر في العلل المنصوصة والمُجمع عليها فإنها قد استجمعت هذه الشروط السبعة ثانياً النظر إلى حد العلة ما هي العلة المُعرف للحكم أو ما جُعل معفراً للحكم إذاً لابد أن يكون المعرف مطرداً مناسباً إلى آخره ثالثاً الغرض المقصود من التعليل وهو كون هذا الحكم حكم الأصل معديا إلى الفرع يعني تعدية حكم الأصل إلى الفرع.

ثم قال أما الوجود أما هذه تفصيلية يعني أراد أن يفصل لنا شرطاً شرطاً ذكرها أولاً مجملة ثم أردا أن يفصلها أما هذه حرف تفصيلي مضمن معنى الشرط ولذلك قال فشرطه الفاء وقعت في جواب الشرط لم؟ لكون أما هذه مُضمنة معنى الشرط لأنها نائبة المناط مها أما كمها يكن شيء بفاء ....... ، أما الوجود أي اشتراط كون العلة وصفاً وجودياً أي أمراً ثبوتياً يعين شيئاً موجود يُقابله العدم، كون الوصف أو العلة أمراً ثبوتياً موجوداً كتعليل تحريم الخمر مثلاً بالإسكار نقول الإسكار هذا علة وصف يشترط فيه أن يكون وجودياً بمعنى أنه أمر ثبوتي يقابله العدم لماذا؟ لأن الإسكار عُلل به حكم الثبوت وهو التحريم، كذلك السفر علة لإباحة الفطر والقصر نقول السفر هذا أمر وجودي لأنه مُدرَك بالحس كون المسافر مسافراً وكون الخمر مشتملة على الإسكار فهذه على وجودية بمعنى أنها أمر ثبوتي يُدرك بالحس لكن التنصيص عليها في الأصل هذا قلنا لابد من الأدلة الشرعية وكونها موجودة في الفرع لا يشترط فيها الدليل الشرعي بل يشاركه الدليل الحسي والعقلي والعرفي أربعة أمور في تحقيق المناط وجود العلة في الفرع أربعة أمور الدليل الشرعي الدليل العرفي الدليل الحسي الدليل العقلي هذا أربعة أمور أما وجودها في الأصل فلابد أن تكون بدليل شرعي لماذا؟ لأنها جاءت في نص الكتاب أو سن فحينئذ رتب عليها الشرع حكماً وليس عندنا حكم شرعي من غير الكتاب والسنة فاقتصار النص على الحكم الشرعي اقتصرنا على كون العلة التي تكون في الأصل موردها الدليل الشرعي إذا ليس عندنا استنباط من غير الشرع فلذلك كان الدليل على وجود العلة في الأصل أو على تعليل الأصل هو الشرع ولا يجوز أن يكون بالحس أو العقل أو العرف، أما الوجود يعني اشتراط كون العلة وصفاً وجودياً فشرط يعني إذا تخلف المشروط الذي هو الوجود تخلف كونه علة إذا تخلف الشرط وهو كونه موجوداً الوصف كونه وجودياً تخلف المشروط وهو الجامع الذي يصح التعليل به لأن من شأن المشروط أن ينتفي بانتفاء شرط أليس كذلك ينتفي المشروط بانتفاء شرطه وهنا الشرط الوجود والعلة الجامع هذا مشروط فينتفي المشروط لانتفاء شرطه ولا يلزم من وجود الوجود الذي هو شرط في العلة وجود العلة لماذا؟ لاحتمال انتفاء الطرد مثلاً أو التعدي كما أنه لا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة لماذا؟ لأنه قد لا يكون الوقت قد دخل كذلك هنا إذا وُجد الوجود وهو شرط في العلة لا يلزم منه وجود العلة لاحتمال انتفاء شرط آخر كالمناسبة والاعتبار حينئذ نقول الوجود هذا شرط ينتفي المشروط لانتفاء الشرط ولا عكس إذاً فشرط ينتفي المشروط بانتفائه فلا يجوز حينئذ التعليل بالعلة العدمية إذا كان الحكم ثبوتياً إذا كان الحكم ثبوتياً لا يجوز التعليل بالعلة العدمية هذا قول وهذا شرط ليس متفقاً عليه بل الجمهور عل الجواز قد يُعلل العدم بالعدم والوجود بالوجود والعدم بالوجود والوجود بالعدم هذه أربعة أقسام، الوجود بالوجود لا إشكال والعدم بالعدم لا إشكال لكن هل يُعلل الوجود بالعدم؟ على ما ذكره هنا يشترط أنه لابد أن يكون الحكم إذا كان ثبوتياً لابد أن يكون الوصف وجودياً لماذا؟ لأنه لا يعلل الثبوت بأمر عدم

فحينئذ لا يصح إثبات حكم شرعي وتكون العلة عدمية بل لابد من الاستواء وجود وجود أو عدم عدم كما ذكرناه في حد الرازي حد الثاني أو نفيه عنهما أما الجمهور فعلى جواز تعليل الأمر الثبوتي والحكم الشرعي الثبوتي بالعدم حينئذ نقول هذا شرط ليس متفق عليه حينئذ عند المحققين على ما نسبه المصنف هنا لا يجوز التعليل بالعلة العدمية إذا كان الحكم ثبوتياً بخلاف فيما إذا كان الحكم عدمياً والجمهور على الجواز يعني جواز تعليل الحكم الوجودي بالوصف العدمي مثل ماذا؟ يُقتَل المرتد لعدم إسلامه يقتل هذا حكم أم لا؟ وجودي ثبوتي أم عدمي؟ وجودي لعدم لإسلامه هذا عدمي أم لا؟ نعم نقول عدمي عدم الإسلام هذا أمر عدمي إذاً صح التعليل للحكم الثبوتي بأمر عدمي إذاً هذا الشرط متنازع فيه، لم شرط المحققون الوجود؟ قالوا لاستمرار العدم هذا حجتهم قالوا سبق بما مضى معنا أن تنقيح المناط لابد من السبر والتقسيم أن ينظر المجتهد في الأوصاف التي عُلق عليها الحكم حينئذ هل كل وصف جاء في سياق الحكم أو سبق حكمه لابد أن يكون الحكم مرتب عليه ويُجعَل ذلك الوصف علة فيه وجوداً وعجماً؟ نقول لا بعض الأوصاف تعتبر وبعض الأوصاف تُلغى إذاً لابد من التنقيح وهو ما يسمى بالسبر والتقسيم أن ينظر في الوصف يقول كونه أعرابياً هذا لا تعلق له بالحكم كونه جاء يضرب صدره لا تعلق له بالحكم كونه جاء ينتف شعره لا تعلق له بالحكم كونه إلى آخره إذا وقف عند كونه واقع امرأته في نهار رمضان قلنا أعتق رقبة إذاً هذا الحكم مرتب على هذا، له يمكن أن يحصل هذا في العدم أن يحصل سبر وتقسيم ونزر في الأوصاف العدمية؟ قالوا لا لا يمكن لماذا؟ لأن الأوصاف العدمية عدمية لا يمكن أن يميز بعضها عن بعض حينئذ يعجز المجتهد أن ينظر في هذه الأوصاف فيقول هذا وصف معتبر وهذا وصف ملغى لذلك قال اشترط الوجود، حجة القائلين بالمنع استمرار العدم قالوا لاستمرار العدم لأن الوصف العدمي هذا مستمر بلا نهاية فحينئذ سبر العدم غير ممكن فلا يكون على للوجود فلا يكون العدم علة للوجود وجود الحكم لماذا؟ لأن الحكم لا يثبت إلا بوجود معنى يقتضيه والعدم ليس بشيء فلا يكون علة للوجود يعني فلا يكون العدم علة للوجود يعني للحكم الوجود لماذا؟ لأن الحكم لا يثبت إلا بوجود معنى يقتضيه والمعنى إذا قيل معنى يقتضيه يطلبه لأن العلة كما سبق أنها باعثة على الحكم حينئذ العدم ليس بشيء فكيف يكون مقتضياً للحكم نقول الصواب أنه يجوز التعليل بالعلة العدمية لورود الشرع بها كما سيأتي.

ثم قال وأما النفي الذي هو يقابل الوجود الذي يستلزم العدم فقيل يجوز علة، وأما النفي أي الوصف المنفي وهو عدم الوجود هذا ما يقابل الوجود وهذا يُشعر بأن المسألة فيها خلاف وليس بما اتفق عليه الأصوليون وأما النفي أو الوصف المنفي وهو عدم الوجود فقيل قال بعض الأصوليين يجوز علة لأن رجَّح الأول وهو الوجود فعلل الثاني بقوله قيل وهذا صيغة تمريض أي تضعيف، يجوز النفي أو عدم الوجود أن يكون علة للحكم الثبوتي يجوز للنفي أن يكون علة إثبات حكم قتل المرتد لماذا؟ لعدم إسلامه بل ورد في الكتاب قوله جل وعلا {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} {وَلاَ تَأْكُلُواْ} هذا حكم {مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} هذا تعليل وهو عدمي فجعل سبحانه انتفاء ذكر اسم الله وهو شيء عدمي علامة على تحريم الأكل والتحريم شيء وجودي ليس بنفي حينئذ صحت تعليل الأمر الثبوتي أو الحكم الثبوتي بالعلة العدمية وحجة هؤلاء القائلين بجواز العلة العديمة للأمر الثبوتي أن العلة الشرعية أمارة ومُعرفة للحكم الشرعي هي أمارات وعلامات والصحيح أنه تسمى علل وتسمى أمارت مطلقة سواء كانت ظنية أو قطعية أمارات ومعرفات على الحكم ولا امتناع في العقل ولا في الشرع في جعل العدم أمارة في الثبوت ليس هناك ما يمنع عقلاً وخاصة مع جوازه ووقعه في الشرط ليس هناك ما يمنع سبق معنا أن الوقوع دليل لجواز العقل إذا وقع شيء في الكون سواء في الشرعيات أو في الأمور الدنيوية تقول هذا يدل على عدم الامتناع بل على جوازه عقل فلما وقع تعليل الحكم الثبوتي بالعلة العدمية في الشرع يُقتَل المرتد لعدم إسلامه هذا واقع وكذلك {وَلاَ تَأْكُلُواْ} هذا واقع دل على أن الشرع له أن يجعل العدم أمارة على وجود الشيء وهذا يمكن أن يقع قد يقول قائل إذا وجدت الجوالة مفتوحة فأنا مستيقظ أو إذا وجدتها مغلقة فهو علامة على أني نائم أليس كذلك يقع بين الناس هذا فنقول يُجعَل الشيء علامة وهو عدم على كونه على وجود الشيء فلا مانع من ذلك خاصة إذا كانت المسألة شرعية وقد ورد الشرع بها وينبغي أن يكون باب القياس كله نقول هذا أن يكون مبنياً على ما استقر في الشرع ولا يكون الأصل فيه العقل ثم يُمنَع من الشرع، أما من منع حجته على أن العلة مُوجبة للحكم والعدم لا يؤثر في الموجود كما سبق أن المعنى يقتضي الحكم وإذا كان العدم ليس بمعنى وليس بشيء كيف يكون مقتضياً للحكم، وأما النفي فقيل يجوز علة يعين يجوز وقعه علة وهذا هو الصحيح وهو ألأصح، ولا خلاف في جواز الاستدلال بالنفي على النفي، لا خلاف بين الأصوليين في جواز الاستدلال بالنفي على النفي أن يستدل المستدل بانتفاء حكم شيء على انتفاءه عن مثله يجوز أيستدل بالنفي على النفي يعني بانتفاء حكم شيء دليلاً على انتفاء الحكم عن مثله، الخمر لا يجوز بيعه فلا يجوز هبته لا يجوز بيعه وكل ما لا يجوز بيعه لا تجوز هبته حينئذ استدل هنا بالنفي على النفي والشيء واحد وهو الخمر اتحاد الخمر نقول الخمر لا يجوز بيعه فلا يجوز هبته أو رهنه أو إهدائه فكل هذه امتنعت بناءاً على أن الخمر لا يجوز بيعه وهذا هو الأصل في المعاملات فإذا انتفى جواز بيع الخمر

انتفى كل حكم من الإهداء والهبة والعطية ونحو ذلك، قلنا أُستدل بالنفي على النفي أما إن قيل بعليته فظاهر يعني إذا حصل ووقع الاستدلال بالنفي على النفي إذن قلنا أنه على فلا إشكال أما إن قيل يعني الاستدلال بالنفي على النفي انتفاء حكم شيء على انتفاء الحكم عن مثله إن قيل إنه من قبيل أن النفي علة للنفي فحينئذ فظاهر فالأمر ظاهر حينئذ جُعل النفي علة للنفي، وإلا وإلا يُقل بعليته فيكون الاستدلال به من قبيل الاستصحاب وهو البراءة الأصلية استصحاب العدم الأصلي وهو البقاء على الأصلي لأنه لا يفتقر إلى سبب والأول بالطبع أرجح، أما إن قيل بعليته فظاهر في جواز كون النفي علة فيكون حينئذ من قياس العلة لأن النفي صار علة في الحكم وإلا يُقل بعليته فحينئذ يكون من باب الاستصحاب الاستدلال بالنفي على النفي استصحاب البراءة الأصلية، وإلا فمن جهة البقاء على الأصل فيصح حينئذ الاستدلال بالنفي على النفي فيما يتوقف على وجود الأمر المُدعَي انتفاؤه المُدعَي اسم مفعول وليس مُدعِي، فيصح الاستدلال بالنفي على النفي فيما يتوقف يعني في حكم أو أمر يتوقف على وجود شيء يُدعى انتفاءه بناءاً على الأصل نحو ماذا؟ الأصل عدم وجوب الوتر لعدم الدليل المقتضي للوتر هذا يصح أو لا يصح؟ يصح لكن في مثل هذا التركيب وهو استصحاب البراءة الأصلية لأن الأصل عدم التكليف فكل شيء أُدعي أنه واجب أو مستحب يصح لمن أنكر أن يقول لا يُستحب كذا لعدم الدليل المقتضي للاستحباب لا يجب كذا لعدم الجليل المقتضي للإيجاب وهذا من باب الاستصحاب كما سبق لأن الأصل براءة الذمة من التكاليف الأصل عدم التكليف فحينئذ له أن يستصحب البراءة الأصلية فينفي كل حكم يتعلق بالمكلف لماذا؟ لانتفاء المقتضي وهو الدليل الدال على التكليف فيصح فيما يتوقف وجود الأمر المُدعَى انتفاءه بناءاً على الأصل وهو البراءة الأصلية نحو الأصل عدم وجوب الوتر إلا بدليل فيستدل على انتفاء وجوب الوتر بانتفاء دليل الوجوب، لذلك قال فينتفي لانتفاء شرطه فينتفي يعني المُدعى انتفاءه فينتفي لانتفاء شرطه وهو الدليل المُثبت للحكم لأنه صار كالشرط والشرط علامة على المشروط ينتفي المشروط بانتفاء شرطه فالدليل المُثبت للحكم نقول هذا شرط والمراد إثباته أو المُدعى انتفاءه هذا مشروط فينتفي حينئذ بانتفاء شرطه، لا في غيره يعني لا يستدل بالنفي على النفي في غيره ما ذُكر وهو الاستدلال على وجود أمر يُدعى انتفاءه يعني فيما كان متعلقاً بالبراءة الأصلية لأن المنصف يرى أن النفي عدم والعدم لا يصح التعليل به حينئذ لا يستدل بالنفي إلا فيما إذا انتفى الدليل المقتضي للتكليف وهذا هو حقيقة لبراءة الأصلية، إذاً عرفنا الشرط الأول وهو الوجود ورجحه المصنف أنه يشترط أن يكون الوصف المُعلَل به موجوداً وجودياً حينئذ إذا كان عدمياً فلا يصح التعليل بالعلة العدمية على إثبات أمر أو حكم ثبوتي والجمهور على الجواز أنه يصح تعليل الحكم الوجودي الثبوتي في العلة العدمية بدليل قوله تعالى {وَلاَ تَأْكُلُواْ} الآية، وبدليل أنه لو قيل يقتل المرتد بعدم إسلامه بل بعضهم ذكر أن النفي يتضمن إثبات لأن قوله يقتل المرتد لعدم إسلامه في قوة يقتل المرتد

لكفره هو بتضمن أرماً وجودياً لكن هذا لا يكون مطرداً، قال والظهور والانضباط ليتعين يعني من أوصاف أو مما يشترط في الوصف المعتبر أو الجامع المعتبر التعليل به أن يكون ظاهراً الظهور هذا الشرط الثاني والانضباط هذا هو الشرط الثالث الظهور نقول هذا هو الشرط الثاني من شروط الجامع أن يكون الوصف ظاهراً والمراد بالظاهر هنا ما كان من أفعال الجوارح كشرب الخمر هذه علة للجلد والسرقة علة للقطع والقتل العمد العدوان علة للقصاص وهكذا أما الأوصاف الخفية التي لا يُطلع عليها في الأصل كالرضا مثلاً في البيع والسقط في النكاح ونحوه فالأصل عدم التعليل بها لماذا؟ لأنها أوصاف خفية فلا يصح التعليل بها لأنه وصف خفي والوصف المًعلل به يكون معرفاً للحكم الشرعي والخفي كيف يكون مُعرفاً هو يحتاج إلى تعريف حينئذ لابد أن يكون الوصف ظاهراً أن يكون مدركاً بالحواس وهذا من شأن أفعال الجوارح ليتمكن المجتهد من تحقيق الوصف في الأصل فيعديه على الفرع لأنه إذا لم يكن ظاهراً بل كان خفياً كيف يتحقق المجتهد والقائس من كون العلة موجودة في الأصل ثم يعدها إلى الفرع نقول هذا يخالف الأصل حينئذ كيف يُحكَم بالتعليل مع الخفاء فيتشرط ضد الخفاء أن يكون الجامع أمراً ظاهراً حينئذ يصح التعليل به فالإسكار في الخمر مثلاً هذا يُدرك بالحس لماذا يُدرك بالحس؟ لأنه يُرى بالبصر ويُعرَف بالرائحة هكذا يُقال رائحة كريهة فحينئذ يمكن إدراكه بالحس ويمكن التحقق من وجوده في الأصل ويمكن أني تحقق من وجوده في الفرع وأما الخفي فلا يصح لانتفاء ما سبق ذكره، فلا يُعلل مثلاً البلوغ بكمال العقل بلغ زيد لماذا؟ لكمال عقله لأن العقل هنا لا يُدرَك بالحواس أمر حسي فكيف حينئذ يُعلَل البلوغ بكمال العقل ولذلك جعل الشرع علامات على البلوغ لماذا؟ لأن البلوغ في الأصل هو كمال العقل هذا هو الأصل لكن هذا يستثنى من الأوصاف الخفية أنه إذا علل بوصف خفي ترى أن الشرع جعل له علامة ظاهرة إذا وُجدت دلت على وجود العلة لكن يُناط ال-حكم بالأمر الظاهر وجوداً وعدماً حينئذ يقال مثلاً الأصل في البلوغ كمال العقل لكن الشرع الاحتلام والإنبات مثلاً والحيض دليل أدلة وأمارات على وجود العقل حينئذ نحكم عليه بالبلوغ لماذا جعل أمارات وعلامات؟ لكون كمال العقل هذا لا يُدرَك بالحس ولذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه يوجد شيئاً فشيئاً يخفى على صاحبه هو عينه يخفى عليه ويخفى على الناس فحينئذ لما صعب أو شق يُسر على أولياء الصبيان مثلاً إذا بلغ يُسر عليهم بجعل علامات ظاهرة متى ما وُجدت دلت على كمال العقل فوجبت الشرائع في حقه ولهذه إذا كان العلة وصفاً خفياً جعل الشارع لها أمارة وعلامة ظاهرة هي مظنة لها إن وُجدت حينئذ وُجدت العلة فعلامة البلوغ في الاحتلام مثلاً مظنة على كمال العقل كذلك العمد القتل العمد العدوان العمدية هذه في القلب أين توجد في الظاهر كيف تُدرك بالحواس جعل لها علامة وهي كونه استعمل آلة إما مُحددة أو أنه لا يشك في كونها قاتلة حينئذ جُعلت الآلة التي استعملها في القتل دليل على العمد، والظهور والانضباط ليتعين ما هو الذي يتعين؟ الضمير هنا يعود على الجامع،

الانضباط هذا هو الشرط الثالث أن يكون الجامع منضبطاً أي متميزاً عن غيره فتكون له حقيقة مُحددة معينة بحيث لا يشركه غيره معه فينفصل انفصالاً تاماً عن غيره ولا يشتبه بغيره ويستوي فيه كل الأشخاص في كل الأزمان وفي كل الأحوال هذا معنى كونه منضبطاً مثل السفر السفر علة نقول السفر علة يستوي فيها وهي علة منضبطة معينة محددة يستوي فيها كل الأشخاص في إباحة الفطر والقصر جواز القصر يستوي فيها كل الأشخاص الرقيق والحر الحاكم والمحكوم العالم والجاهل إلى آخره لا يختص بشخص دون شخص وكذلك في كل زمن في الصيف في الشتاء في الخريف في الربيع نقول الحكم سواء كذلك في الأحوال سواء كان صبياً أو مُكلفاً سواء كان مريضاً أو صحيحاً إلى آخره حينئذ صار السفر علة منضبطة محددة معينة لا يمكن أن تلتبس على بعض الناس دون بعض أو لا يمكن أن توجد في بعض الأشخاص دون آخرين لكن لو جُعل الحكم وهو إباحة الفطر والقصر مرتباً على المشقة نقول هذه لن تصل منضبطة لأن المشقة تختلف من شخص إلى شخص وتختلف من حال إلى حال الصيام في الشتاء ليس كالصيام في الصيف قد يسافر ونقول العلة في الفطر المشقة نقول هذه قد توجد في الصيف ولا توجد في الشتاء توجد في الصغير مثلاً ولا توجد في الكبير وقد توجد في الكبير ويحتمل والآخر إذاً لم تعد هذه لو جُعلت المشقة علة لم تعد منضبطة أو محددة ومُميزة لماذا؟ لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وما كان كذلك لا يصلح أن يكون وصفاً تتعلق به أو تُترب عليه الأحكام فحينئذ الوصف المُعلل به ينبغي أن يكون منضبطاً أي مستقراً على حالة واحدة لا يختلف باختلاف الأشخاص ولا الأزمان ولا الأحوال كالسفر علة على إباحة الفطر والقصر مطلقاً أي لجميع الأشخاص سواء كان يتحمل المشاق أم لا أو سواء كان في حالة المرض أم في حالة الصحة فحينئذ خرج الوصف غير منضبط كالمشقة حيث أنها تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال، ومن المقرر أن أساس القياس مساواة الفرع للأصل في علة الحكم وذلك يستلزم أن تكون العلة منضبطة انضباطاً تاماً إذاً الشرط الثالث هو الانضباط أن يكون الوصف منضبطاً فلو لم يكن منضبطاً وتعريفه باستقراء كلام الشرع وما حكم عليه أهل العلم بأنه منضبط أو غير منضبط ااختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان فهو غير منضبط إلا بدليل شرعي وما كان مطرداً واستوى فيه كل الأشخاص وفي كل الأزمان وفي كل الأحوال فهو وصف منضبط.

والشرط الرابع المناسبة أن تكون العلة وصفاً مناسباً للحكم والمناسبة هو الملائمة هذا في اللغة الملائمة والموافقة يُقال المناسب بمعنى الملائم وسيأتي بحثه مستقل والمناسبة يعني أن يكون الوصف أو العلة وصفاً مناسباً للحكم، وهي أي المناسبة حصولُ مصلحةٍ يغلبُ ظنُّ القصدِ لتحصيلها بالحكم كالحاجة مع البيع وهي حصول يعين وجود مصلحة من جلب نفع أو دفع ضر هذا كما سبق أن المصالح منها ما هو درأ المفاسد وهذه عبر عنها أهلها بالضروريات أو جلب المنافع وهذا ما عبروا بالحاجيات إذاً درا مفاسد وجلب مصالح هذا هو حقيقة المصلحة وهي حول مصلحة يعين المناسبة هنا ما المراد بها أن يكون الوصف مناسباً إيجاد ووجود مصلحة من جلب نفع أو دفع ضر، يغلب ظن القصد يغلب ظن ظن من؟ ظن المجتهد يغلب ظن يغلِب ويغلُب بضم اللازم كسرها للغة وجهان يغلِب ويغلُب يغلبُ ظنُّ المجتهد ظنُّ القصدِ يعين ظن المجتهد أن الشرع قصد تشريع هذا الحكم لتحصيل هذه المصلحة لتحصيلها الضمير يعود إلى المضاف إليه حصول مصلحة، ظنُّ قصد إن الشرع إنما شرع هذا الحكم مع وجود هذا الوصف الذي يمكن تعليق الحكم عليه لتحصيل هذه المصلحة كالإسكار فإنه مناسب لتحريم الخمر حفظاً للعقول القطع أو السرقة وصف مناسب للقطع حفظاً للأموال الزنا هذا مناسب للحد أو الرجم حفظاً للأنساب والأعراض إذاً نقول وُجد وصف مناسب رتب عليه الشرع أحكاماً وهذه الأحكام بالنظر إلى كونها مناسبة من ترتيب جلب مصالح أو دفع مضار بها، كالحاجة مع البيع يعني كالحاجة مع إباحة البيع أُبيح البيع لماذا؟ لتعلق المشتري بما في يد البائع وتعلق البائع بما في يد المشتري إذاً كل منهما محتاج إلى الآخر ولذلك البائع تعلق تتعلق نفسه بما فيد المشتري أكثر بتعلقه بما في يده هو والمشتري بالعكس حينئذ للحاجة أُبيح البيع إذاً هي هذه المناسبة أن يكون بين الحكم الذي رتب الشرع على وجود هذا الوصف أن تكون مناسبة ما هي هذه المناسبة أن يترتب حصول منفعة أو دفع مضرة كالإسكار هذه رتب الشرع عليها التحريم لجلب مصلحة وهي حفظ العقول كذلك السرقة هذه علة رتب علبها الشرع حكم وهو القطع لماذا؟ لجلب مصلحة ما هي هذه المصلحة؟ حفظ الأموال وهلم جرة والبيع أيضاً.

وغيره أي غير الوصف المناسب الذي يكون فيه مصلحة من جلب نفع أو دفع ضر طردي بالياء ويقال طرد والأشهر الأول أن يقال وطردي ولذلك ذكر في الحاشية عن الإسنوي واعلم أن التعبير عما بمناسب ولا مستلزم مناسب للطرد ذكره جماعة والتعبير المشهور فيه هو الطردي بزيادة الياء أولى لأنه سيأتي هناك الطرد ففرق بين الطردي وهذا الاصطلاح هنا لكن في هذا الموضع يُعبر بالطردي وغير والطرد بالياء وغير الياء وغيره أي غير الوصف المناسب طردي وليس بعلة عند الأكثرين ما هو الطردي؟ هو الوصف الذي ليس بينه وبين الحكم المُعلق عليه مناسبة ليس بينهما مناسبة مثل ما ذكرنا في قصة الأعرابي أعتق رقبة قبلها أوصاف هل في الشرع اعتبر وصف كونه أو اعتبر وصف كونه أعرابياً تترتب عليه الأحكام أم لا؟ نقول لم يعتبر هذا وصف لم يرتب عليه في موضع ما أن كونه أعرابياً له مدخل في الحكم بل دلت النصوص على العكس أنه لا فرق بين أعرابي ولا أعجمي إلا بالتقوى إذاً كونه أعرابي نقول هذا وصف طردي لماذا؟ لأنه ليس ثم مناسبة بين قوله اعتق رقبة وكونه أعرابياً كذلك لو كان طويلاً أو قصيراً أو ثميناً أو أبيض أو أسود نقول هذه كلها لا علاقة لها بالأحكام كونه يضرب صدره ينتف شعره يقول يصيح هلكت وأهلكت كل هذا ليس له نظر في الشرع كل هذه نسميها أوصافاً طردية لماذا؟ لأنه ليس ثم مناسبة بين قول أعتق رقبة وبين هذه الأوصاف، وغيره طردي وهو الوصف الذي ليس بينه وبين الحكم مناسبة ويُعرَف باستقراء موارد الشرع ومصادره لماذا نعرف أن هذا طردي أو لا؟ ننظر كما سبق أن المصلحة ثلاثة أقسام مصلحة اعتبرها الشارع ورتب عليه الأحكام ومصلحة ألغاها الشارع وإنما سُميت مصلحة باعتبار النظر للمكلف وألغاها الشارع ومصلحة لم يرد فيها نص خاص معين لا بإلغاء ولا باعتبار وهذه الثالثة هي المصالح المرسلة إذاً لابد من النظر في الشرع وعليه يكون النظر في الشرع هو ألأصل في التقعيد والتأصيل ويُحكَم بأن هذا الوصف مناسب وبأن هذا الوصف طريد وبأنه يجوز التعليل بعلة واحدة أو بعلل مركبة إلى آخره فالشرع هو الأصل إذاً يعرف باستقراء موارد الشرع ومصادره، وليس بعلة عند الأكثرين وهذا لا إشكال فيه أنه لا يعتبر علة، وقال بعض الشافعية يصح مطلقاً يعني يصح التعليل بالوصف الطردي ولكن هذا ما هو على إطلاقه قال مطلقاً يعني سواء كان في مقام الجدل أو لا والإطلاق إذا ورد في النصوص تنظر ما قبله أو بعده حينئذ قوله مطلقاً هنا يُنَظر على ما بعده قيل جدلاً يعني يصح التعليل به في مقام الجدل والمناظرة حينئذ تفهم أن قوله مطلقاً أي في مقام الجدل والعمل والفتوى يعني يصح التعليل بالوصف الطردي مطلقاً سواء كان في مقام العمل أو الجدل، وقوله وقيل جدلاً يعني يصح التعليل بالطرد جدلاً في مقام الجدل فقط وأما في مقام الفتوى والعمل والتعبد لله - عز وجل - فلا يصح، لكن الأول أولى بل هو أصح لماذا؟ لأن الصحابة لم يُنقَل عنهم إلا العمل بالمناسب يعني الوصف المناسب، أما غيره فلا فوجب بقاءه على الأصل في عدم الاعتبار إذاً ننظر نحن جعلنا عمل الصحابة وإجماع الصحابة حجة في كون القياس معمولاً به وأنه يجب أن يعمل به المجتهد فيما إذا ترتب

عليه الكم الشرعي فحينئذ لابد من الرجوع إلى الأقيسة والمعاني التي رتب عليها الصحابة فما رتب عبيه الصحابة من معاني صح جعلها أوصافاً مناسبة وما لا فلا ولم يُنقل عن صحابي واحد أن رتب حكماً شرعياً على وصف طردي فحينئذ نقول الأصل عدم الاعتبار لأن عمل الصحابة هو أصله حجة في العمل بالقياس فحينئذ لا عدول عما فعله أو عمله الصحابة، وقيل جدلاً يعين يصح التعليل بالطرد جدلاً، وهذا لا التفات له، إذاً الشرط الرابع هو المناسبة لابد أن يكون ثم مناسبة بين الحكم وبين الوصف الذي يصح التعليل به في الأصل ليُعدى حكم الأصل إلى الفرع بعد وجود ذلك الوصف في الفرع.

الشرط الخامس قال والاعتبار يعني من شروط الجامع الاعتبار أن يكون المناسب معتبراً المناسب بمعنى الوصف أو العلة أو الجامع معتبراً يعني اعتبره الشرع علة للحكم جعله الشرع علة للحكم يعني علق عليه بعض الأحكام الشرعية مثل ماذا؟ قال في موضع آخر أن يكون المناسب معتبراً في موضع آخر لا يشترط بل قد يكون في موضعه أو في موضع آخر قد يكون في نفس النص {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ} هذا أمر إيجاب الاعتزال علته الأذى فحينئذ نقول هنا وُجد الوصف المناسب الذي اعتبره الشرع بمعنى أنه نص على أن الحكم معلق على هذا المعنى المناسب اعتبره أو لا؟ اعتبره كل وصف بل نقول كل أمر أمر به الشرع أمر إيجاب أو استحباب فهو لمعنى وحينئذ نحكم على هذا المعنى بأنه معتبر شرعاً فإذا أغلي نقول هذا المعنى وهذه المنفعة الموهومة أو المصلحة المتوهمة نقول هذه ملغاة مثل ماذا؟ المنافع التي في الخمر هو قال فيها منافع نص على أن في الخمر منافع لكن هل هذه المنفعة معتبرة أم ملغاة؟ نقول ملغاة متى يكون الوصف مناسباً إذا اعتبره الشرع في موضعه في عين الحكم في النص نفسه {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} حينئذ نقول علة إيجاب الاعتزال هو الأذى ن أو في موضع آخر على ما ذكره المصنف هنا في موضع آخر وهو كاعتبار الصغر مثلاً علة للولاية في مال الصغيرة فيكون هذا الوصف معتبراً في حكم آخر في موضع آخر وهو ولاية النكاح {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ} إذاً هناك ولاية على مال الصبي علتها الصغر والنكاح أيضاً فيه ولاية عليتها الصغر من أين أخذنا علة ولاية الصغار في النكاح من موضع آخر وهناك {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} علة الاعتزال من نفس النص وأيهما أقوى؟ إذا كان من نفس النص أقوى مما دل عليه النص ما اعتبر في موضع آخر والمقصود هنا الاعتبار أن يكون الشارع قد أمر بأمر أو نهى عن نهي وعلقه على معنى فحينئذ كل ما أمر الشرع أو نهى عنه علقه على معنى نقول هذا المعنى معتبر، وإذا نهى أو زجر عن معنى فحينئذ نقول هذا المعنى قد يُفهَم أنه مصلحة باعتبار ظن المكلف نقول هذا المعنى ملغى مصلحته ملغاة، ما لم يرد نص معين نقول هذا هو المصالحة المرسلة سيذكرها المصنف هنا، أن يكون المناسب معتبراً في موضع آخر وأولى منه أن يكون معتبراً في عين الحكم ذاته كما مثلنا بالحيض، وإلا فهو مرسل وإلا يعني وإلا يكن المناسب معتبراً لم يرد الشرع بالأمر عند تلك المصلحة لم يرد بها ولم يرد إلغاء، وإلا وإلا يكن المناسب معتبراً فهو مرسل فهو الفاء هذه وقع في جواب؟ زائدة أو تعليلية؟ نعم جواب الشرط أين الشرط؟ إن وإن لا كانت لابد من التقييد وإن لا يكن المناسب معتبراً فهو صارت جملة في محل جزم، وإلا فهو مرسل يعني المناسب المرسل وهو الوصف الذي لم يشهد له دليل خاص معين بالاعتبار أو بالإلغاء وإنا دلت عليه أدلة كلية عامة وهي مقاصد الشريعة وقواعدها وسبق الكلام فيه في الاستصلاح قال يمتنع وإلا فهو مرسل مناسب مرسل يمتنع الاحتجاج به عند الجمهور يعين يمتنع الاحتجاج بالمناسب المرسل الذي لم يشهد له أصل في

الشرع لا يجوز تشريع الحكم بناءاً على المناسب المرسل لأن الشارع لم يعتبره لماذا؟ لأن الشريعة كاملة كل ما فيه مصلحة للعباد فقد أتى الأمر به وكل ما فيه مضرة للعبادة أو على العباد فقد أتي الشرع بالنهي عنه ثم لو عُلق الحم بالمصالح المرسلة لفُتح باب الأهواء فكل واحد يرى أتن هذه المصلحة مرسلة ولا ينضبط حينئذ الفقه بأسره فكل ما رأى أن هذه مصلحة مرسلة حينئذ إذا شرع بها ورتب الأحكام عليها فحينئذ ماذا يكون؟ تفرقت الأمة وصار النزاع وحصل الخلاف إلى آخره قالوا ضبطاً لتنازع الخلاف وقبل ذلك كمال الشريعة نمنع الاحتجاج بالمناسب المرسل وهو قول الجمهور كما نص عليه هنا عند الجمهور، إذاً الشرط الخامس الاعتبار أن يكون هذا النص أو هذا الوصف قد اعتبره الشارع بمعنى أنه رتب عليه حكماً شرعياً في موضعه في عينه أو في موضع آخر لابد أن يشهد له الشرع

والشرط السادس من شروط الجامع أو صحة اعتباره الاطراد أن يكون مطرداً لذلك قال والاطراد شرط لكن هذا مُختلف فيه ليس متفقا عليه، والشرط السادس من شروط العلة الاطراد وهو شرط عند القاضي وبعض الشافعية والمراد أن الاطراد أن شرط في صحة العلة بمعنى أنه إذا تخلف الحكم عنها مع وجودها أن تكون العلة مطردة بمعنى أنه لا يتخلف الحكم عند وجود العلة بل كما وُجدت العلة وُجد الحكم كلما وُجدت العلة وُجد الحكم فإذا وُجدت العلة ولم يوجد الحكم معها حينئذ دل على أن هذا المعنى أو هذه العلة منقوضة وليست بصحيحة أن الاطراد شرط في صحة العلة فإذا تخلف الحكم عنها مع وجودها استدللنا بتخلف الحكم حينئذ على أنها ليست بعلة وهذا ما يسمى بالنقض عندهم فالنقض حينئذ يعتبر من قوادح العلة وهو وجود العلة دون الحكم لماذا؟ لأنه كما سبق أن العلة كلما وُجد الإسكار فحينئذ لابد من وجود التحريم فإذا وُجد الإسكار ولم يوجد التحريم دل عل أن الإسكار ليست بعلة صحيحة بدليل تخلف الحكم عن العلة والأصل في العلة أنها موجبة وموجبة وباعثة ومعرفة على الحكم فإذا وجد الباعث ووجد المعرف ولم يوجد الحكم دل على أنها ليست بعلة، وقال أبو الخطاب وبعض الشافعية هذا قول أكثر الحنابلة يختص بمورده يعني بمحله يعني لا يشترط اطراد العلة لا يشترط أن تكون العلة مطردة فللأصل فيها أنها كلما وُجدت العلة وُجد معها الحكم وإذا تخلف الحكم مع وجود العلة ليس بنقض وإنما يختص هذا التخلف بمحله بمورده بذلك النص بتلك الواقعة فحسب وما عدا ذلك فتكون العلة مطردة بمعنى أنه كلما وُجدت العلة وُجد معها الحكم إلا في هذا الموضع الذي تخلف فيه الحكم عن العلة فحينئذ لابد من ضوابط لهذا الموضع حتى لا يكون مفتوحاً هكذا الباب لابد من جعل ضوابط لهذا الباب وهو تخلف الحكم مع وجود العلة وحينئذ لا يعد نقضاً وإنما يعد من باب تخصيص العلة كما هو شأنه في العام العام الأصل فيه أنه يدل على كل أفراده فإذا جاء مُخصص يخصص بعض الأفراد حينئذ يُنزل العام يبقى على عمومه لا إشكال فيه ويُحمَل العام على بقية الأفراد التي دل عليها اللفظ في غير صورة التخصيص أما صورة التخصيص حينئذ تكون خارجة لكن بدليل هل التخصيص هنا رجع إلى العام فأبلطه قال ليس بلفظ عام أم خصت أخرج الصورة التي هي محل التخصيص وبقي العام على أصله؟ بقي العام على أصله قال كذلك هنا يختص بمورده الأصل الاطراد أن تكون العلة مطردة فكلما وُجدت العلة وُجد الحكم معها فإذا تخلف لا نقول هذا نقض وإلا العلة ليست بصحيحة وإنما نقول أن الحكم تخلف عن العلة لأمر ما فيختص بمورده بمحله بموضعه كما أن العام يختص بالأفراد في غير صورة التخصيص،.

وقال أبو الخطاب وبعض الشافعية يختص بمورده بمورده يعني بالمحل الذي تخلف الحكم مع وجود العلة قالوا لأن ثبوت الحكم على وفق المعنى المناسب في موضع ما دليل على أنه هو العلة لأننا نقول تخلف الحكم في هذا النص وفي غير هذا النص وُجد الحكم مع العلة وجود الحكم مع العلة في غير الموضع الذي تخلف الحكم عن العلة دليل على أنها علة، إذاً ثبتت عليتها وتخلف الحكم هنا يحتمل يحتمل ماذا؟ قال يحتمل أنه لمعارض كفوات شرط أو وجود مانع ويتحمل أنه لعدم العلة فحينئذ لا يُترَك الدليل المُغلب للظن لأمر محتل إذاً هل يُشترط اطرد العلة بمعنى أنه كلما وُجدت العلة وُجد الحكم معها فإن وجدت العلة وتخلف الحكم حينئذ دل على أن العلة ليست بصحيحة هذا معنى الاطراد هل هو شرط أو لا ذرك المصنف أنه شرط فإذا تخلف حينئذ الحكم مع وجود العلة دل على أن العلة ليست بصحيحة وهذا ما يسمى بالنقض، وذهب أبو الخطاب وغبره وهو الأصح أن تخصيص العلة ليس بنقض لها وأطال الشيخ الأمير في هذه في نثر الورود أن تخصيص العلة ليس بنقض لها كتخصيص اللفظ العام، وقال أبو الخطاب وبعض الشافعية يختص بمورده.

ثم قال والتخلف لما ذكر أن الطرد قيد يحصل نوع تخلف للحكم مع وجود العلة فينتفي حينئذ الطرد قال لا التخلف قد يكون لسبب والسبب هذا لابد من ضبطه فذكر له ثلاثة أمور لما ذكر تخصيص العلة بتخلف حكمها ذكر أقسام التخلف وهي ثلاثة أدرب، قال والتخلف إما لاستثنائه التخلف يعني تخلف الحكم عن العلة الذي لا يعد نقضاً للعلة، إما لاستثنائه أي أنه أو هذه الصورة التي هي مورد التخلف مستثناة من قاعدة القياس على وجه الاستحسان وهو قطع المسألة أو حكم المسالة عن نظائرها لدليل خاص فحينئذ إذا ثبت أن الشيء علة لشيء ثم جاء دليل يختص أو يخص بعض الصور بتخلف الحكم مع وجود العلة ليس بنقض لماذا؟ لأن هذه الأصول فرع عن النصوص فإذا ثبت تخصيص علة بوجودها مع خلف حكمها نقول هذه المسألة مستثناة وهذا ما يعبر عنه البعض بالمسألة التي تكون على خلاف القياس والتعبير هذا ليس بسديد ليس بصحيح بل كل شرع على قياس ما أستثني فهو لكون القياس يقتضي استثناءه ويبقى الأصل على القياس ولا إشكال لا مانع بدلاً من أن يُقال على خلاف القياس قياس من؟ قياس الشرع الذي يكون مطرداً أو قياس البشر؟ إذا قلنا الشرع هذا خطأ هذه المسألة على خلاف قياس الشرع أو على خلاف ما يجيء به الشرع؟ نقول هذا ليس بصواب وإذا كان على خلاف القياس باعتبار نظر الناظر نقول لا المجتهد لابد أن يكون تابعاً للشرع فما استثناه الشرع فهو على وقف القياس وما جاء على أصل القياس فهو على أصل القياس ولا إشكال لكن هذه المسالة التي قال باستثناء يعبر عنها البعض بكونها على خلاف القياس كالعرايا نقول على خلاف القياس ورد المثليات هنا في المصرة بما مثل به المصنف أيضاً على خلاف القياس لماذا؟ لأنه وُجدت العلة وتخلف الحكم العرايا الأصل أنه ربا ولكن استثناها الشرع فحينئذ قال وُجدت العلة ولكن تخلف الحكم وهو الربا هذا على خلاف القياس بل الصواب أنها على القياس ولا إشكال، إما لاستثنائه لكون هذه المسألة مستثناة شرعاً فوجدت العلة وتخلف الحكم والتخلف سببه الشرع، كالتمر في المصرّاة كالتمر في لبن المصراة أي كإيجاب صاع من تمر في لبن المصراة إذا ردها المشتري مع أن علة إيجاب المثل في المثليات التماثل بينهما لابد أن يرد هو حلبها وأخذ اللبن يضمن في المثليات بمثله فيأتي بلبن هذا الأصل لكن هنا جاء بماذا بصاع خالف القياس؟ نقول خالف القياس وُجدت العلة وهو أنه يجب المثل في المثل لبن بلبن فحينئذ تخلف صار تمر بلبن أو لبن بتمر قالوا هذا على خلاف القياس لماذا؟ تخلف الحكم وهو إيجاب المثليات مع وجود العلة وهو الأصل المطرد المثليان بالمثليات قالوا ما السبب في تخلف الحكم مع وجود العلة؟ هو كونه مستثناة من الشرع على خلاف القياس، فالأصل أن يضمن المصرة بلبن مثله لهذه العلة السابقة أن إيجاب المثل في المثليات تماثل بينهما لكنه أُستثني الشرع فلا تلزمه العلة حينئذ لكن نقول كلها على وصف القياس ولا إشكال، لكن يُستثنى أنه إذا جاءت العلة وتخلف الحكم لوجود نص نقول هذا ما يسمى بالاستحسان أولاً السابق أن قطع المسالة عن نظائرها لدليل خاص نقول هذا لا إشكال فيه هذا مما جاء به الشرع ولذلك أنكر البعض أن يوصل الاستحسان بكونه

بدليل خاص لماذا؟ لكونه فيما سبق كالخاص مع العام والمطلق مع المقيد المطلق الأصل أنه يُحمَل على إطلاقه فإذا جاء نص قيده نقول قُطع عن نظائره وقُيد بالدليل الخاص والأصل في العام أنه يُحمَل على عمومه فحينئذ إذا جاء دليل خاص أخرج صورة التخصيص لحكم مخالف لحكم العام كذلك في المثليات الأصل المثلي فإذا دل دليل على أنه يستثنى في المثليات كالمصراة هنا نقول خرج بدليل خاص إذاً صار من باب الاستحسان قطع المسألة عن نظائرها ولا نعبر في هذه كلها لا نقول خلاف القياس وإن شاع عند كثير من الفقهاء إذاً الأول لاستثنائه، أو لمعارضة علة أخرى أخص منها يعني تخلف الحكم مع وجود العلة نقول سببه وجود علة أخرى أخس مناه فاعتبر إذاً أُهملت هذه العلة ووُجدت على أخرى أولى بالاعتبار مثاله قالوا تعليل رق الولد برق أمه وهذا محل إجماع الأم إذا كانت أمة فالولد تابع لها تعليل رق الولد برق أمه وهذا محل إجماع لكن ولد من تزوج امرأة ظاناً أنها حرة فتبين أنها أمة غُرر به قيل له هذه حرة فتزوج فإذا بها أمة فوُلد له القاعدة العلة ما هي؟ أنه يصير رقيقاً الولد لكن هنا صار حراً لمعارضة العلة الأولى وهي رق الأم أن الولد تابع لرق الأم عارضه علة أخرى أخص من تلك العلة وهي اعتقاد الوالد حرية الأمة لأنه اعتقد أن هذه المرأة فحينئذ غُلبت هذه العلة الأخص على العلة الكبرى السباقة فقُدمت إذاً تخلف الحكم وهو الحكم برق الولد هنا مع وجود العلة وهي رق الأم لماذا؟ لوجود على أخص وهي الغرر الذي صار سبباً لحرية الولد فهنا علتان علة الرق تبعاً لأمه وعلة الحرية تبعاً لاعتقاد أبيه حرية الأمة أو حرية أمه فحينئذ غُلِّب العلة الأخص على العلة الكبر فقُدمت ولذلك قيل يضمن على السيئ فيدفع ثمن الولد، الثالث أو لعدم المحل أو فوات شرطه يعني توجد العلة وينتفي الحكم لفوات المحل أو لعدم المحل مثل ماذا؟ قالوا القتل العمد العدوان هذا علة لوجوب القصاص كل من قتل عمداً متعمداً عدواناً لزم منه وجوب الحكم حينئذ هذه علة كلما وجدت العلة وُجد الحكم وهو القصاص لكن لو كان القاتل والداً لولده انتفى الحكم مع وجود العلة لماذا؟ لأنه لا يُقتَل الوالد بولده فحينئذ نقول هنا لعدم قابلية المحل لتنزيل الحكم لا لطعن أو نقض العلة نفسها لأنه لو كانت العلة منقوضة حينئذ بطلت في غير المحل هذا انظر يترتب على القول بأن العلة منقوضة وباطلة وليست بصحيحة في مثل هذه الأمثال لأنه لو قيل أن العلة تخلف الحكم دليل على عدم صحتها لصارت العلة علة القتل العمد العدو أن في ترتب القصاص باطلة وهذا الأمر باطل فحينئذ نقول هذا تخصيص للعلة باعتبار المحل فالمحل غير قادر لماذا؟ لأنه لا يُقتل الوالد بولده ف الأبوة تكون مانعة من تأثير العلة في الحكم فلا تبطل في غير الأب لا تبطل تلك العلة بل هي صحيحة وإنما يستثنى هذا لفوات المحل لأنها ليست علة منقوضة، أو فوات شرطه فوات شرط الرجم الزنا علة للرجم لكن بشرط الإحصان زنى فلم يُرجَم وُجدت العلة أو لا؟ وجدت لكن لا نرجمه لأنه غير مُحصن إذاً هنا عدم ترتب الحكم وهو الرجم مع وجود العلة وهو الزنا لماذا؟ للقدح في العلة وهي الزنا أو لفوات شرط الزنا لفوات شرط

الزنا وهو الإحصان فحينئذ تخلف الحكم مع وجود العلة إذاً ليس كلما تخلف الحكم عن العلة مع وجود العلة في المحل دل على أنها باطلة وليست بصحيحة بل قد يتخلف الحكم مع وجود العلة فيُعتبر حينئذ تخصيصاً للعلة وليس نقضاً لها وهذا فيما ذكره المصنف هنا إما للاستثناء أو لمعارضة علة أخرى أو لعدم المحل أو لفوات شرطه، فلا ينقض تخلف الحكم فلا ينقض هو يعود على التخلف والتخلف إما لاستثنائه وما وقف عليه فلا ينقض تخلف الحكم عن العلة يعني لا ينقض العلة لأن نقض العلة دليل على أنها باطلة غير صالحة للتعليل، وما سواه فناقض وما سواه يعني وما سوى تخلف هذه العلة أو حكم هذه العلة في غير الأنواع الثلاثة السابقة فناقض ناقض للعلة يعني مُبطل لها ودليل على أنها ليست بصحيحة وما سواه فناقل يعني وما سوى هذه الأمثلة الثلاثة وهذه الأنواع الثلاثة للتخلف فناقض للعلة لماذا؟ لأن الأصل النقض أو عدم النقض؟ الأصل النقض فحينئذ إذا انتفت هذه الثلاثة وتخلف الحكم عن العلة يعتبر ناقضاً في العلة أن ناقضاً للعلة ويعتبر دليلاً على عدم صحة العلة، وما سواه فناقض للعلة لماذا؟ لأن الأصل هو انتقاض العلة بمطلق تخلف الحكم وهذا هو الأصل وترك الحكم في الأنواع الثلاثة السابقة لقيام الدليل عليه وما عدا ذلك فيكون مجراه على الأصل يُعمَل بالأصل هذا هو الشرط السادس وهو الاطراد، إذاً الاطراد ليس على إطلاقه كلما تخلف الحكم عن العلة دل على عدم صحتها بل لابد من التفصيل.

والتعدي يعني والشرط السابع أن يكون الجامع وصفاً متعدياً يعني تعدي العلة من محل النص إلى غيره أن تتعدى العلة من محل النص إلى غيره يعني أن توجد في محل الحكم الأصل وتوجد في غيره كالإسكار يوجد في الخمر ويوجد في النبيذ ويوجد في أي شراب قد يشتمل على الإسكار فحينئذ نقول هذه علة هذه وصف متعد يعني لا يلزم محله، والتعدي يعني تعدي العلة من محل النص إلى غيره لماذا يشترط ذلك في الوصف الجامع؟ قال لأنه الغرض من المستنبطة لأنه الغرض لأنه أي تعدي هو الغرض للمجتهد من المستنبطة يعني من العلة المستنبطة وسبق أن التخريج تخريج المناط هو إعمال النظر نظر المجتهد في النصوص ليستنبط العلة لماذا يستنبطها؟ عبث؟ ليس عبثاً وإنما ليعديها إلى الفرع إذا وُجدت هذه العلة في محل غير المحل الذي رتب عليه الشرع النص الحكم نقول هذه علة متعدية إذاً لابد في الوصف أن يكون متعدياً بمعنى أنه يوجد في غير المحل الذي رتب عليه الشرع الحكم كالإسكار يوجد في محل النص وهو الخمر ويوجد في غيره وهو النبيذ لو اقتصر على محل النص ولا يتعدى هذا ما يسمى بالعلة القاصرة إذاً لا يصح القياس فقد أهم أركان القياس وهو العلة لأنه لابد من أصل وفرع وحكم وعلة وهذه العلة التي يعبر عنها بالجامع كونها ركناً من أجل أن تعد من الأصل إلى الفرع فإذا لم يكن علة متعدي بطل الركن الرابع هذا وإذا بطل الركن الرابع بطل وانتفى القياس إذاً لا قياس لأنه أي التعدي الغرض هو الغرض من العلة المستنبطة فأما القاصرة وهي المقابل للمتعدية لأن العلة إما أن تكون متعدية وإما أن تكون قاصرة وكل منهما إما منصوصة أو مُجمَع عليها أو مستنبطة إما منصوصة نص عليها الشرع وإما مُجمَع عليها يعني لم يرد النص عليها ولكن أجمع عليها أهل العلم وإما أن تكون مستنبطة وهذه يستوي فيها المتعدية والقاصرة، فأما القاصرة وهي ما لا توجد في غير محل النص سواء كانت منصوصة يعني ثابتة بنص أو مُجمَع عليها أو مستنبطة، فأما القاصرة وهي ما لا توجد في غير محل النص كالسفر مثلاً السفر علة لإباحة القصر والفطر هل يوجد في غيره السفر هو عينه السفر لا يمكن أني يتعدى ويجد في غيره لا يمكن أني وجد لأنه مقيم أو مسافر فقط لا يمكن أن يتصف المسافر بالإقامة إلا بشرطه ولأن يكون المقيم مسافراً لأن السفر عين أو وصف يوجد مع موصوفه فإذا انقطع الموصوف عن ذلك المعنى انقطع الوصف وهو كونه مسافراً أما أن يوجد السفر في غير المسافر هذا ما يمكن لأنه لا يقابل السفر إلا الإقامة ولا يمكن أن يتصف المقيم بالسفر إذاً لا يتعدى فهو قاصر على محله كذلك المرض نقول المريض يباح له مثلاً الفطر في نهار رمضان نقول كون إباحة الفطر مرتب على علة وهو وجود المرض هل يتعدى هو عينه امرض هو نفس المرض الذي أصاب زيد هل يتعدى في غيره؟ لا يمكن وإنما يوجد مثله ويوجد مثله، قال كالثمنية في النقدين وهو الذهب والفضة لا تتعدى إلى غيرها لا يكون غير الذهب ذهباً ولا يكون غير الفضة فضة لكن قد يكون غير الخمر خمراً إذا وُجد فيه الإسكار لأن الخمر ليس كل ما خامر العقل فغير معتبرة يعين العلة القاصرة غير معتبرة جواب أما فغير فوقع في جواب الشرط فغير معتبرة يعني

العلة القاصرة التي لا توجد في غير محل النص غير معتبرة فلا يصلح التعليل بها لعدم الفائدة لماذا؟ لأنها منحصرة في إثبات الحكم بها في محلها وهو منتفي في الفرع لماذا؟ لأن شرط الوصف المعتبر أن يوجد في الفرع كما وجد في الأصل وهذه قاصرة، وهو قول الحنفية وأكثر الحنابلة أن القاصرة لا يعُلل بها غير معتبرة إن كان غير معتبرة في التعدي فهذا محل اتفاق أما غير معتبرة في التعليل بها في محلها فهذا الأصلح القول القاني وهو خلافاً لأبي الخطاب والشافعية في أنه يجوز تعليل الحكم بالعلة القاصرة لماذا؟ قالوا لأن الظن حاصل بأن الحكم لأجلها بدلالة صحة العلة القاصرة المنصوصة اتفاقاً أو المُجمَع عليها السفر علة منصوصة كإباحة الفطر والقصر نقول هذه علة أو لا؟ علة رتب عليها الشرع الحكم أو لا؟ رتب عليها الشرع الحكم، إذاً لو كانت مستنبطة لأن الخلاف في العلة القاصرة مستنبطة الخلاف في الأخيرة هذه أما المنصوصة والمُجمَع عليها نقول حصل الظن في ترتب الحكم فيها في محله إذاً أثرت أو لا؟ أثرت كون السفر علة للإباحة إباحة الفطر نقول هذا علة والحكم والذي هو الإباحة إباحة القصر والفطر مرتب على السفر إذاً أثر أو لا؟ أثر إذاً له فائدة أو لا؟ له فائدة لكن من جهة ما يتعلق من باب القياس لا فائدة من هذه الحيثية فنفي الفائدة عن العلة القاصرة نقول هذا متعلق بباب القياس فحسب وأما التعليل بالعلة القاصرة في محل الحكم وهو الأصل له فائدة لماذا؟ لأنه كما هو معلوم أن ما أُدرك بالعقل ما أُدرك علة الحكم بالعقل الناس تطمئن غليه أكثر منه من لما لم يُدرَك ولذلك التعبدات هذه قد يقع فيها نزاع قد يقع فيها سؤال إلى آخره لكن إذا عُلل الحكم وذُكر الحكم مرتبطاً بالعلة كانت النفس مطمئنة أكثر أيضاً فيها فائدة أخرى وهو كون هذه العلة نحكم عليها بأنه قاصرة وإذا حكمنا بأنتها قاصرة حينئذ نمنع من تعديها إلى غير محلها وهذه فائدة ثانية أليس كذلك إذاً التعليل تعليل الحكم بالعلة القاصرة إن كان المراد بأنه لا فائدة بالتعليل بها إن كان المراد لا فائدة للقائس في باب القياس فهذا محل وفاق أنه يشترط في المعنى أن يكون متعدياً وأما في نفسها هل فيه فائدة أم لا؟ نقول نعم لا شك أن فيه فائدة بدليل ما ذكر في الشرع بأنه رتب أحكاماً وذُكرت علل وهي قاصرة، وهو قول الحنفية خلافاً لأبي الخطاب والشافعية. إذاً هذا هو الشرط السابع.

ثم قال فإن لم يشهد لها إلا أصل واحد فهو المناسب الغريب فإن لم يشهد إذا كان الاعتبار معتبر وهو أن يشهد لها أصل من الشرع لئلا تكون المصلحة مرسلة حينئذ يقع النزاع فيها فإذا شهد لها شاهداً من الشرع صارت معتبرة وصح كونها علة مع بقية الشروط قال هنا فإن لم يشهد لها يعين للعلة السابقة وللمعنى الذي جُعل علة إلا أصل واحد فحينئذ قال فهو أي هذا المعنى الذي شهد له أصل واحد فقط المناسب الغريب يسمى المناسب الغريب هو مناسب لأن الشرع اعتبره لكنه غريب لأنه لم تتوارد عليه عدة شواهد ولكن الغزالي يقول هذا وجود له لا يجود عندنا مناسب غريب لماذا؟ لأنه ما معنى مناسب إلا وقد جاءت الشريعة في تفريع الأحكام الشرعية عليه ولا يوجد معنى واحد لم يشهد إلا أصل واحد بمعنى أنه لم يُحكَم إلا بحكم واحد فيه نقول هذا لا وجود له وإن وُجد فقل أن يوجد مثال صحيح له، فإن لم يشهد لها إلا أصل واحد فهو المناسب الغريب، إذاً ما هو المناسب الغريب؟ هو ما اُعتبر في عينه عين الحكم هكذا عرفه جمهور الأصوليين ما اُعتبر في عينه عين الحكم فترتب الحكم وفق الوصف فقط دون أن يشهد له أصل آخر بمعنى أنه لا نظير له يعني قُطع عن النظائر، وله أمثلة ذكرها بعضهم في شروحات مختلفة.

ثم قال وإن كان حكماً شرعياً هذا يقابل فإن كان وصفاً ثم الجامع إن كان وصفاً وذكرنا الوصف وما تعلق به من الشروط، قال وإن كان أي الجامع حكماً شرعياً فالمحققون تجوز عليته يعني هل يصح أن يُعلل بالحكم الشرعي أو لا؟ فيه خلاف، قال فالمحققون تجوز عليته أن يُجعَل علة كما لو قيل تحرم الخمر فلا يصح بيعها إذاً هنا علل ماذا بماذا؟ علل عدم صحة بيع الخمر بتحريم الخمر تحريم الخمر فلا يصح بيعها أين الحكمان؟ عدم صحة بيع الخمر ما علة ذلك؟ تحريم الخمر فكل محرم لا يصح بيعه هذا هو الأصل حينئذ عُلل حكم بحكم آخر فالعلة الجامعة هي التحريم وهو حكم شرعي عُلل به حكم شرعي لقوله - صلى الله عليه وسلم - نادراً ما تجد هذه العبارة في كتب الأصوليين لقوله - صلى الله عليه وسلم - قل أن تجد هذه العبارة في كتب الأصوليين ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) هذا دليل ((أرأيتَ لو تمضمضت)) فنبّه بحكم على حكم ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) هذا دليل على جواز كون العلة حكماً شرعياً إذاً لوروده في الشرع جاز تعليل لحكم بالحكم الشرعي وهنا الحكم ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) حكم شرعي وهو قضاء دين المخلوق لأن المرأة سألت ما على أمها صوم نذر أو حج في بعض الروايات كذا وبعضها كذا فقال ((أرأيتِ لو كان على أبيكَ دَيْنٌ)) يعني هل تقضينه ويُجزي؟ قالت نعم؟ فقال فدين الله أحق بالقضاء هنا قاس دين الله دين الخالق على دين المخلوق قضاء الخالق على قضاء المخلوقين إذاً كما يجب قضاء المخلوقين كذلك يجب قضاء دين الخالق إذاً قاس أو علل حكم بحكم آخر فنبّه بحكم على حكم نبّه بحكم قضاء الدين دين المخلوقين على حكم وهو قضاء دين الخالق جل وعلا، (أرأيتَ لو تمضمضت)) هذا في حديث عمر سال عن القبلة للصائم قال (أرأيتَ لو تمضمضت)) إذاً يجوز أو لا يجوز؟ يجوز والتعليل جواز المضمضة وبعضهم يرى أنه من باب العلية وليس من باب الحكم لماذا؟ بجامع أن كل من المضمضة والقبلة مقدمة الفطر لكن أورده المصنف هنا على أنه من باب التنبيه بالحكم على الحكم من باب التنبيه للحكم على الحكم، وقيل لا هذا مقابل لقول المحققين بأنه تجوز عليته وقيل لا يعني لا يجوز وقيل لا أي لا يجوز تعليل الحكم الشرعي بحكم شرعي ومن ورد منه فهو قياس دلالة لا علة من باب الدلالة كما سيأتي أن الجامع يكون دليل العلة لا عين الحكم الجامع في قياس العلة هو عين الحكم كالإسكار والجامع في قياس الدلالة هو دليل العلة لا علة المستنبط كالشدة المطربة أو الرائحة الكريهة في الإسكار حينئذ نقول النبيذ حرام بجامع ليس الإسكار الإسكار عينه إذا اعتبرنا الإسكار عينه حينئذ صار من قياس العلة وإذا اعتبرنا دليل الإسكار وهو شدة المطربة نقول بجامع أن كل منهما فيه شدة مطربة فحينئذ نقول هذا من باب قياس الدلالة أن يكون الجامع بين الأصل والفرع هو دليل العلة لا عين العلة، قالوا هنا الحكم إذا عُلل حكم بحكم فهو من قياس الدلالة وليس من قياس العلة فحينئذ جُعل الحكم الشرعي دليلاً على العلة وليس هو عين العلة والعلة كما ذكرنا أن بعض يقول في مقدمة الفطر كالمضمضة ونحوها، إذاً دليل جواز كون العلى حكماً شرعياً ما ذكره المصنف

هنا في المثالين هو جعل الحديث أو الحديثين أصلاً. ثم قال ثم هل يشترط انعكاس العلة؟ أي انتفاء الحكم بانتفاء العلة انتفى الحكم بانتفاء العلة هناك الطرد ما هو؟ وجود العلة مستلزم لوجود الحكم هنا انتفاء الحكم لانتفاء العلة عكس الأول الطرد كلما انتفت العلة انتفى الحكم وهنا العكس هل كلما انتفى الحكم انتفت العلة؟ هذا محل الخلاف، فرق بين المسألتين هناك انتفاء وجود العلة يلزم منه وجود الحكم فإذا انتفى الحكم هل يدل على عدم وجود الحكم هذا محل النزاع في هذه المسالة، ثم هل يشترط انعكاس العلة؟ وهو أي الانعكاس انتفاء الحكم لانتفاء العلة والمراد هنا انتفاء العلم أو الظن به لماذا؟ لأنه ليس المقصود انتفاء الحكم نفسه إذا لا يلزم من انتفاء دليل الشيء انتفائه لماذا؟ لأن العلم والظن يكون بالحكم الشرعي فإذا انتفى العلم لا يلزم منه انتفاء نفس الحكم الشرعي لأن العلم دليل عن حكم شرعي والظن دليل عن حكم شرعي فانتفاء الدليل لا يستلزم انتفاء المدلول لأنه قد يكون ثبت بدليل آخر فعند المحققين لا يشترط يعني لا يشترط انعكاسها مطلقاً سواء تعددت العلة أم اتحدت يعني سواء كان الحكم مرتباً على علة واحدة أو كان الحكم مرتباً على علل متعددة مختلفة وهذا بناءاً على جواز التعليل بعلل متعددة، لا يشترط انعكاسها بل إذا ثبت الحكم بوجودها صحت ثبت الحكم بوجودها صحت وإن لم يرتفع بعدمها لماذا؟ قالوا لأن المقصود بالعة إثبات الحكم لا نفيه فحينئذ توجد العلة فيوجد الحكم لكن إذا انتفى الحكم لا يلزم انتفاء العلة لأن العلة إنما وجدت لثبوت الحكم لا لانتفائه فحينئذ يشترط هناك الطرد ولا يشترط العكس على ظاهر الكلام هنا، والحق يعني القول الحق هو التفصيل أنه لا يشترط إذا كان له علة أخرى لا يشترط الانعكاس إذا كانت له علة أخرى وإذا كان لم يكن له علة يشترط إذاً الحق هو التفصيل إذا كانت العلة متحدة فيشترط الانعكاس وإذا كانت العلل متعددة ورُتب عليها ال-حكم لا يشترط الانعكاس فحينئذ يكون الحق ما ذكره المصنف هنا أنه إذا اتحدت العلة فلابد من عكسها لأن انتفاء العلة يوجب انتفاء الحكم إذا انتفت العلة يلزم منه انتفاء الحكم إذ لابد له من علم وأما إذا تعددت العلل فلا يلزم من انتفاء بعضها انتفاء الحكم عدم البول لا يلزم منه عدم نقض الوضوء لماذا؟ لأن النواقض متعددة نواقض الوضوء قد يكون بالبول بالغائط بالريح إلى آخره فإذا لم يوجد البول انتفى حينئذ لا يلزم منه انتفاء عدم النقض لماذا؟ لد يكون وجوده بعلة أخرى بسبب آخر.

ثم قال لما ذكر التفصيل هذا وهو مبني على أن الحكم قد يعلل بعلتين فأكثر قال وتعليل الحكم بعلتين في محلين منفكين أو زمانين منفصلين جائز اتفاقاً في محلين يعني شخصين كتعليل إباحة قتل زيد بالردة وقتل عمرو بالقصاص وقتل بكر بالزنا محصن حينئذ هذا حكم واحد تعدد أم لا؟ تعدد جائز أم لا؟ جائز إذاً قتل زيد لردته وقتل عمرو لكونه قتل بشرطه وقتل بكر مثلاً لكونه زنى وهو ممحص نقول هنا تعددت لكن في محل واحد أم في محال مختلفة؟ في محال مختلفة، أو زمانين كما ذكره المصنف هنا تحريم وطء الزوجة قد يكون للحيض وقد يكون للإحرام إذاً المحال واحد هو المرأة الزوجة واحدة إلا إذا كان له أكثر من واحدة لكن الصورة متصورة في مرأة واحدة ويحرم عليه الوطء كلما حرم عليه الوطء لابد أن تكون حائض؟ لا قد تكون حاجة مُحرمة حينئذ يحرم عليه الوطء إذاً الحكم واحد وتعددت العلل باعتبار زمانين وأما الأول تعددت العلل للردة والقتل مثلاً والزنا باعتبار المحال هذا جائز باتفاق كتحريم وطء الزوجة تارة للحيض وتارة للإحرام فأما مع اتحاد المحل يعني الشخص الواحد أو الزمان يعني الواحد المتحد كما لو زنا المحصن وقتل زنا وقتل وهو محصن زنا وقتل معاً في وقت واحد فهل إباحة دمه بهما معاً أم لا؟ هذا محل الخلاف هو سيُقتل سيُقتل لكن لو قُتل بهما معاً أو بواحد هذا محل الخلاف، فأما مع اتحاد المحل الشخص الواحد أو الزمان الواحد مصل كما لو لمس وبال تغوط وبال معاً فنرتب النقض على أي عليهما معاً أو على واحد؟ قال فالأشبه بقول أصحابنا وهو قول الجمهور هذا بعض وهو قول الشافعية يجوز فالأشبه أن يعلل بالعلتين فنقول قُتل لكونه قتل وزنا وهو محصن وانتقض الوضوء بالغائط والبول معاً أو للمس مثلاً والبول معاً حينئذ نقول هذا عُلل الحكم بالعلتين معاً مع كون المحل واحد والزمن واحد، قال فالأشبه قال الإمام في خنزير ميت هذا حرام بالوجهين هكذا قال في الكوكب المنير في خنزير ميت حرام من وجهين الوجه الأول كونه خنزيراً والثاني كونه ميت إذاً علل بماذا؟ علل الحكم بعلتين ولذلك جعل له تحريمين لماذا؟ لأن التحريم المرتب على كونه ميتة من حيث هي ميتة مخالف للتحريم من حيث هو هو خنزير لذلك قال هذا حرام من وجهين فأثبت قال الفتوحي فأثبت تحريمين، فالأشبه بقول أصحابنا وهو قول الجمهور وهو قول بعض الشافعية يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين وأن كل واحد منهما علة بناءاً على أن العلل الشرعية أمارات ولا مانع أن يجعل الشارع عدة علامات وأمارات على شيء واحد.

وقيل يضاف إلى أحدهما لا لا يضاف إلى العلتين بل إلى واحد منهما إما الزنا وإما إلى كونه قاتل وإما أن يُجمع بعلتين لا يضاف إليهما يعني لا يجوز تعليل الحكم بعلتين وإنما العلة تكون واحدة منهما لا بعينه، والصحيح بهما مع التكافؤ والصحيح بهما مع التكافؤ وإلا فالأقوى مع اتحاد الزمن أو المتقدم والصحيح يعني الصحيح من الأقوال جواز التعليل بعلتين بهما معاً مع التكافؤ يعني في القوة كل منهما قوي كالغائط والبول في وقت واحد نقول انتقض الوضوء بهما معاً لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يكون أحدهما أسبق في الظاهر من الآخر وإلا يكن تكافؤ بينهما فالأقوى يعني العلة المتفق عليها مقدمة على العلة المُختَلف فيها فلو بال ولمس ذكره البول متفق عليه أنه علة في نقض الوضوء واللمس مختلف فيه فحينئذ إذا بال ولمس نقول الحكم مرتب على البول جعلنا العلة هي البول لماذا؟ لأنها الأقوى ولا نُعلق الحكم باللمس وهذا إذا لمس وبال في وقت واحد أما المتقدم فلا إشكال بل حُكي الإجماع أن الحكم مرتب على المتقدم يعني لو بال أولاً ثم بعد ذلك لمس حينئذ لا إشكال فأن العلة الأولى هي التي ترتب عليها الحكم والحكم هنا مصور في ماذا؟ في إذا أتى بالسببين أو العلتين في وقت واحد في زمان واحد لذلك علقه فأما مع اتحاد الزمن الشخص الواحد أو الزمان الواحد أما إذا تعدد الزمان وانفصل حينئذ يرتب على الأول، والصحيح بهما مع التكافؤ وإلا فالأقوى يعني من الوصفين هو العلة مع اتحاد الزمن أو المتقدم إذا لم يكن اتحاد زمن وكان ثم انفصال فالمتقدم عند الترتيب يكون الحكم مستنداً إلى الأولى فلو بال أولاً ثم خرج منه ريح نقول الحكم مرتب على العلة الأولى ولا إشكال بل حُكي الإجماع على هذا، ما الذي ينبني على هذا ذكر بعضهم أنه ينبني أنه لو توضأ ونوى واحداً منها ولم ينوي بقية الأحداث الأسباب هل يرتفع وضوئه حدثه أم لا؟ يرتفع لا إشكال سواء قلنا هي علل أو قلنا المقدم هو العلة كأن الحدث لا يتبعض ولا يتجزأ بل هو شيء واحد ولذلك اختلفوا لو قاس الوجه هل نقول ارتفع حدث الوجه ثم بعد ذلك اليدين ثم الرجلين أو نقول يرتفع الحدث بانتهائه من غسل رجله اليسرى، إن قلنا الحدث يتبعض وقد قيل به فحينئذ إذا غسل يده اليمنى فقد ارتفع حدثها ولو لم يرتفع حدث الرجلين فجوزا مسك المصحف بيده اليمنى بناءاً على أن الحدث يتبعض وإذا قلنا الحدث لا يتبعض وإنما يرتفع بانتهاء آخر عضو في الوجود حينئذ لا يجوز له أن يمسك المصحف بيده.

وثبوت الحكم في محل النص بالنص وقيل بالعة ثبوت الحكم بالنص في محل النص الآن ذكرنا أن الخمر مُحرم تحريم الخمر لعلة الإسكار إذاً كلما وُجدت العلة وُجد التحريم إذاً صار الإسكار مقتض للتحريم هذا في النبيذ لا إشكال في النبيذ وُجد الإسكار في النبيذ فاقتضى التحريم لكن في المص نفسه في الخمر نقول الخمر محرم الحكم التحريم ما الذي أوجب التحريم هل هو النص أو العلة؟ هذا فيه خلاف فهمتم المسالة؟ إذا قلنا التحريم الإسكار إلا تعدى محل الأصل وهو الأصل ووجد في النبيذ لا إشكال أنه كلما وُجد الإسكار وُجد التحريم حينئذ يكون الباعث على وجود التحريم هو الإسكار لكن هذا الفرع لا إشكال فيه لكن في الأصل إذا قلنا الخمر حرام للإسكار أي الاثنين مقتض للتحريم هل هو النص {فَاجْتَنِبُوهُ} أو للعلة لأن العلة تقتضي التحريم؟ هذا محل النزاع قال وثبوت الحكم التحريم مثلاً في الخمر في محل النص الخمر بالنص لا بالعلة لماذا؟ لأن النص هو الذي أفاد الحكم من أين عرفنا؟ من النص ورود النص {فَاجْتَنِبُوهُ} كل مُكسر حرام والعلة تكون باعثة فحينئذ تكون ملاحظة في الحكم وليست هي أصل الحكم، عند أصحابنا والحنفية لوجوب قبوله يعين قبول الحكم وإن لم تُعرَف علته كما في الأحكام التعبدية يجب قبوله من جهة النص وإن لم تُعرَف علته كذلك التحريم لو لم ينص على الإسكار ووجب قبوله من جهة النص حينئذ يكون ثبوت تحريم الخمر بالنص لا بالعلة، وعند الشافعية بالعلة يعني كون المُعرف له العلة أو كون الموجب أو المقتضي للتحريم هو العلة لكن ما الذي عرفنا بالعلة كونها؟ النص ولذلك قيل الخلاف لفظي لأن من قال بالنص لا يمنع أن العلة مُعرفة على الحكم ومن قال بالعلة لم يمنع أن النص هو الذي دل على العلة وعلى الحكم أيضاً حينئذ كل منهما لازم للآخر سواء قلنا التحريم بالنص أو بالعلة كل منهما لازم للآخر لكن الظاهر والله أعلم يقول بالنص والعلة فرع في الأصل وإنما اُستنبطت العلة إن كانت مستنبطة لأنه إذا وُجد فرع يشبه الأصل حُمل عليه فحينئذ العلة لا لذات النص وإنما لغيره لكن التحريم لذات الخمر في نص الدليل الذي دل على تحريم الخمر والعلة ليست مرادة لإثبات تحريم الخمر في النص نفسه وإنما مراد العلة المستنبطة أو منصوص عليها أو مُجمَع عليها أو إلحاق أو تعدية غيرها لتنزيل حكم الأصل عليها حينئذ فرق في النظر بينهما، وعند الشافعية بالعلة أي العلة الباعثة على الحكم.

والأكثرون أن أوصاف العلة لا تنحصر والأكثرون من الأصوليين أن أوصاف العلة لا تنحصر يعني تكون العلة مركبة من وصفين فأكثر هذه تكون محصورة لابد أن نعين نقول لا تزيد عن ثلاث أو لا تزيد عن أربع أو لا تزيد إلى عشر إلى آخره أم نقول إذا جاء النص مرتباً على أوصاف وهذه أوصاف كلها يمكن اعتبارها حينئذ لو بلغت إلى العشرة أو عشرين فيكون علة أو علل نقول لا بأس هنا قال والأكثرون أن أوصاف العلة لا تنحصر يعني لا تنحصر في عدد معين لا تزيد عليه، وقيل إلى خمسة ولا تكون سادسة إن وجدت أوصاف أو علل يمكن أن تكون معتبرة في الحكم الشرعي الأولى ولا شك فيها يمكن أن ينضم إليها وصف ثاني أو ثالث أو رابع أو خامس أما سادس فلا لماذا؟ قالوا لأنه يُثقلها صارت ثقيلة حينئذ لابد من عدد تقف عنده فجعلوا الخمسة لكن نقول هذا يحتاج إلى دليل فإذا دل دليل الشرع على اعتبار عدة علل كنواقض الوضوء مثلاُ حينئذ لا نقول هذه يجب إيقافه على الخمس ولذلك أبو اسحق الشيرازي يقول هذا التحديد لا وجه له إذاً لا تنحصر أوصاف العلة في عدد معين لكن العلل عندهم أقوى ما يُعلل به في التعدي باثنان ثم الثلاث ثم الأربع ثم الخمس يعني كلما قلت الأوصاف فهي أقوى مما لو زاد فالحكم المُعلل بوصفين بعلتين أقوي مما لو عُلل بثلاثة وهلم جرة هذا ما يتعلق بالاطراد ثم ذكر السادس أين السابع؟ التعدي الاطراد السادس التعدي السابع ثم تكلم عن كون الحكم شرعياً أو جامع شرعي. ثم قال ولإثبات العلة طرق ثلاثة لإثبات العلة كيف نستنبط العلة ما هي كريق إثبات العلة ما هي مسالك العلة، هذه الطرق الثلاث عير عنها الأصوليون بالمسالك جمع مسلك بمعنى الطريق ما يُسلَك الطريق مثلاً في إثبات العلة ولإثبات العلة يعني ما دل على كون الوصف علة ما دل ما الذي يدلنا عن كون الوصف علة لابد من دليل ما هو هذا الدليل؟ هو ما سيذكره المصنف، ولإثبات العلة في الأصل طرق ثلاثة وهي النص والإجماع والاستنباط، وبعضهم يُجملها في طريقين فيقول مسالك العلل نوعان نقلية وعقلية والنقلية النص والإجماع والعقلية الاستنباط.

النص هذا هو الطريق الأول من الطرق النقلية يعني التي موقوفة على السماع، النص سوا كان من كتاب أو سنة فإذا كانت العلة مأخوذة من نص كتاب أو سنة سُميت علة منصوصة نسبة إلى النص {قُلْ هُوَ أَذًى} نقول الأذى هو علة منصوصة لماذا؟ لكون الشرع نص عليها، النص بأن يدل عليها بالصريح إذاً النص من كتاب أو سنة يدل على العلة ثم له طريقان قد يكون اللفظ صريحاً وقد يكون ظاهراً قد يكون صريحاً في الدلالة على التعليل وقد يكون ظاهراً، الصريح ضابطه ما وُضع للتعليل من غير احتمال فيكون قاطعاً في تأثيره ما وُضع للتعليل كأصل لو قال حرمت لعلة كذا نقول هذا نص قطعي لا يحتمل غيره فحينئذ للفظ الصريح في الدلالة على التعليل ما وُضع للتعليل من غير احتمال فيكون قاطعاً في تأثيره ضده الظاهر في التعليل ما احتمل التعليل وغيره فيكون النص الظاهر والمُثبت للعلية وهو ما لا يكون قاطعاً في تأثيره لماذا؟ فيحتمل التعليل ويحتمل غيره ولكن التعليل به أرجح كاللام اللام هذه تفيد التعليل لام التعليل لكن هل هي كلما أُطلق في اللغة هي للتعليل؟ لا إذاً لما احتملت غير التعليل صارت ظاهرة في التعليل وليست صريحة التعليل وأما قوله {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا} نقول هذا صريح في التعليل لأنه لا يحتمل غير ذلك،

بأن يدل عليها بالصريح كقوله العلة كذا العلة الإسكار في تحريم الخمر نقول هذا نص صريح لأنه صرح بلفظ العلة أو بأدواتها أي أدوات التعليل يعني حروف تدل على التعليل لكن قدَّم هنا الظاهر على الصريح، وهي الباء كقوله (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا) الباء هنا للسببية حينئذ تفيد التعليل وسبق أن السبب والعلة بمعنى واحد في هذا الباب (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا) يعين بسبب كفرهم ما وقع أو حل بهم بسبب كفرهم فالباء هنا للتعليل إذاً الكفر سبب علة للهلاك أليس كذلك، واللام (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) {إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} حينئذ صارت اللام هنا دالة على التعليل لكن هل هي نص صريح في التعليل؟ الجواب لا لأنها ترد للتعليل ولمعني أُخر كذلك الباء ليست نصاً في التعليل لوردها للتعليل وهي السببية واحتمال معاني أخرى، وكي هذه أيضاً محتملة للتعليل وغيره وإن كان الأشهر في عرف أهل اللغة أنها للتعليل، وكي (كَيْ لاَ يَكُون دُوْلَة ً)، وحتى المرادفة لكي نحو (حَتَّى لاَ تَكُون فِتْنَة)، وقوله من أجل إذا جاء التعبير في قوله: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا) فنقول هذه للتعليل، إذاً دمج هنا أو خرط المصنف ما كان ظاهراً في التعليل وما كان صريحاً في التعليل فما كان صريحاً دالاً على العلية كقوله العلة كذا أو قوله (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا) وكما في حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (إنما جُعل الاستئذان من أجل البصر) من أجل هذا تعليل وهو نص صريح لا يحتمل غير التعليل (إنما جُعل الاستئذان من أجل البصر)، والمؤلف هنا جعل الباء واللام وكي ونحو ذلك من الصريح وغيره جعله من الظاهر لا من الصريح، وزادوا عليه غير ما ذكره المصنف هنا أن {ُيخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا} قد تأتي أن للتعليل، جئت أن تكرمني قالوا أن هذه قد تفيد التعليل كذلك إن الشرطية إن تقم أقم معك فيه التعليل وفيه معنى التعليق والسببية، أنَّ المفتوحة المُشددة أخت إن {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} يعني لأن صلاتك سكن لهم، إذاً إن تفيد التعليل لذلك عند الأصوليين يذكرون إن إذا جاءت بعد الخبر أو النهي أو الأمر فهي تفيد التعليل، كذلك لعل كما هو مذهب الكوفيين في كنه التعليل {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} هذا يقصد به تتميم ما قبله لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} هذا فسد المعنى أن التقوى المراد بها الإطلاق ليست مخصصة في أيام معدودة و {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} في أول الآية إما أنه منصوب باسم المصدر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ .. * أَيَّاماً} أياماً مفعول به لقوله الصيام أو كما جوَّز الصاوي في حاشية تفسير الجلالين صوموا أياماً حينئذ يكون مفصولاً أو تابعاً لما قبله أم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً}؟، كذلك المفعول له لأجله {لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ}، {حَذَرَ الْمَوْتِ} {يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم ..

حَذَرَ الْمَوْتِ} حذا هذا تعليل لكنه كله من الظاهر لاحتمال اللفظ التعليل وغيره، أو بالتنبيه والإيماء وسبق أن الإيماء هو أن يقترن الحكم بوصف على وجه لو لم يكن علة لذلك الحكم لكان عبثاً أن يُقرَن الوصف بحكم إن يكن لغير علة يعبه من فقه يعني يخالف الفصاحة ويعتبر عياً ولُكنة في المتكلم لأنه رتب حكماً على معنى لا علاقة بينهما فحينئذ لما جاء يسأل قال وقعت أهلي في نهار رمضان قال أعتق رقبة نقول لو لم يكن الجواب هنا مطابقاً للسؤال إذاً ماذا أجابه النبي - صلى الله عليه وسلم - لخلا السؤال عن الجواب وهذا يعتبر عيأً حينئذ يجب أن يُقال أعتق رقبة هذا مرتب على الوصف الذي ذكره السائل إذاً المراد بالإيماء والتنبيه أن يقترن الحكم بوصف على وجه لو ل يكن علة لكان هذا الاقتران بعيداً عن الفصاحة ومعيباً عند الفقهاء وكلام الشارع مُنزه عن ذلك أما في كلام البشر فلا إشكال.

ثم دلالة الإيماء والتنبيه أنواع كثيرة ذكر منها المصنف بعضاً منها، إما بالفاء يعني أن تدخل الفاء أو يُذكَر حكم عقب وصف بالفاء يأتي وصف ثم يأتي بعده الحكم وتدخل الفاء التي تكون للسببية تدخل على ما بعدها فتدل عل أن ما بعد الفاء حكم مرتب على المعنى السابق فيكون ما قبل الفاء علة لما بعد الفاء، وتدخل على السبب كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((فإنه يُبعث ملبياً)) لأنه قال لا تحنطوه ولا تطيبوه إلى آخره وقال ((فإنه)) إذاً الحكم والمعنى السابق مُعلل بكونه يُبعث ملبياً يوم القيامة إذاً الفاء دلت على العلية إذاً من مات وهو مُحرم يجب اجتناب الطيب ونحوه لماذا؟ لأنه يُبعَث إذاً صار علة للحكم يجب عدم تطييبه علة ذلك الحكم هنا قدم الحكم على العلة وهذا لا بأس به وتدخل على السبب كقوله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يُبعَث ملبياً حينئذ ما بعد الفاء سبب لما قبلها، وعلى الحكم مثل قوله تعالى (وِالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) الفاء دلت على أن هذا الحكم وهو إيجاب القطع علته السرقة نفسها وهذا دليله من وجهين أولاً كون السارق وصفاً والثاني الفاء ولا مانع من أن يجتمع اثنان دليلان فأكثر على العلية وهنا اجتمع دليلان كونه اسماً مشتقاً ورتب عليه الحكم الشرع حكماً فيدل على أن الحكم مرتب على الوصف الذي اشتُق منه ذلك الاسم وسيأتي ذكره هنا، و ((سَهَا فَسَجَد)) إذاً يُلحَق بما سبق ما كان من قول الراوي أما السابق فهو من قول المُشرِّع ((فإنه يُبعث)) هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (فَاقْطَعُوا) هذا قول الرب جل وعلا لكن لو حكا الراوي هل يعتبر أيضاً من دلالة الإيماء والتنبيه أم لا؟ هذا محل خلاف والأصح نعم لأن الراوي صحابي وهو أعلم باللغة من غيره فحينئذ إذا حكا الحكم مرتباً على فاء السبب أو ذكره بعد فاء السبب فحينئذ فهم العلية فحكا لنا ما فهمه وهو أولى بالإتباع، و ((سَهَا فَسَجَد)) هذا من كلام الراوي سَهَا فَسَجَد إذاً السجود حكم سببه علته السهو، ((زَنَى فَرَجَم)) رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاني والعلة الزنا هذا الأول أن يكون بالفاء، إذاً دلالة الإيماء والتنبيه إذا ذُكرت الفاء وذُكر بعدها حكم أو معنى سواء كان من الشارع أو من الراوي دل على العلية، النوع الثاني من دلالة الإيماء والتنبيه ترتيبه على واقعة سُئل عنها هذا إن يكون السؤال مطابقاً للجواب إذا سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن معنى عن قصة عن حادثة عن مسألة فأجاب حينئذ نقول الجواب هذا مُرتباً على ذلك السؤال فنجعل السؤال علة لم تضمنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من حكم أو ترتيبه على واقعة سُئل عنها كقوله - صلى الله عليه وسلم - أعتق رقبة لأنه سُئل عن مواقعة الرجل امرأته في نهار رمضان فقال أعتق رقبة بعد تنقيح العلة، في جواب سؤاله عن المواقعة في نهار رمضان فدل على أن الوقاع هو علة الحكم، أو الثالث لعدم فائدته إن لم يكن علة وهذا المعنى يكاد يكون عام لدلالة الإيماء والتنبيه يعني أن يُذكَر مع الحكم شيء لو لم يُقدَر التعليل به لكان لغواً غير مفيد كقوله - صلى الله عليه وسلم - ((إنها من الطوّافين عليكم)) في الهرة إنها ليست بنجس

إنها لأنها لماذا نُفيت النجاسة؟ لعلة التطواف فحينئذ كلما وُجدت هذه العلة نقول حكمنا على أن الحيوان بنجس والمذهب الهرة فما دونه، أو نفي حكم بعد ثبوته لحدوث وصف كقوله ((لا يرث القاتل)) نفي حكم بعد ثبوته نفي حكم كالإرث في المثال المذكور بعد ثبوته للوارث لحدوث وصف وهو القتل فهذا الوصف حينئذ يكون علة لماذا؟ لأنه فرّق بين كونه وارثاً وغير وارث قال لا يرث القاتل يعني من كان انتفى عنه الوصف وصف القتل لكان وارثاً إذاً الشخص نفسه باعتبارين يعني يُوَّرث ويُحرَم من الميراث باعتبارين إن لم يقتل فحينئذ يرث إن وُجد وصف ورُتب عليه مع كونه لولا وجود هذا الوصف لكان وارثاً علمنا أن هذا الوصف هو علة منعه من الإرث لماذا؟ لأن لو ارتفع هذا الوصف وهو كونه قاتلاُ لمورثه لورث ولكن لما وُجد الوصف حينئذ علمنا أن هذا الوصف هو علة المنع، أو نفي حكم بعد ثبوته لحدوث وصف جديد كنفي الإرث عن الوارث بسبب وصف وهو القتل، أو الامتناع عن فعلٍ بعد فعلِ مِثْلِهِ لعذر أو الامتناع عن امتناع الشارع يعي امتناع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا حكم خاص به عن فعل بعد فعل مثله يعني فعل فعلاً ثم امتنع عن فعل قد فعله فيما سبق لعذر فيدل على أن هذا العذر هو علة الامتناع لأنه قد فعل الفعل نفسه لو كان حراماً فحينئذ لم يفعله لكن كونه فعله أولاً ثم أراد أن يفعله ثانياً فوُجد وصف أو عذر فامتنع من فعل الفعل الذي فعله أولاً لوجود هذا العذر فنقول هذا العذر علة في امتناع الشارع عن الفعل ولولا هذا العذر لحصل هذا الفعل مرة ثاني كما حصل في المرة الأولى أو الامتناع عن فعلٍ بعد فعلِ مِثْلِهِ لعذر فيدل ذلك الامتناع على عليَّة العذر على أن هذا العذر هو العلة مثل كامتناعه عن دخول بيت فيه كلب دخل بيتاً والروايات مختلفة ثم أراد أن يدخل مرة أخرى فامتنع لوجود كلب، إذاً وجود الكلب علة في امتناعه - صلى الله عليه وسلم - من دخول البيت مرة ثانية الذي دخله فيما سبق، أو تعليقه على اسم مشتق من وصف مناسب له هذا وكل حكم عُلق على اسم مشتق نقول دل على علية ما منه الاشتقاق (وِالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) علقه على السارق هو اسم الفاعل دل على أن السرقة هي العلة وإلا ممكن أن يقول الرجل والمرأة فاقطعوا وتأتي الشروط بالتقييد لكن نقول لا هنا لما كانت السرقة هي العلة حينئذ رتب الحكم على اسم مشتق {الزَّانِيَةُ} لأجل الزنا و {َالزَّانِي} لأجل الزنا إذاً الاسم المشتق يدل على علية ما منه الاشتقاق وهو المصدر الذي أُخذ منه، أو تعليقه على اسم مشتق كاسم فاعل أو اسم مفعول ونحوهما من وصف مناسب يعني صفة معنوية هي المرادة هنا له يعني شرعية الحكم قوله تعالى (فَاقْتُلُوا المُشْرِكِين) علق الوصف هنا على الشرك إذاً كل ما وُجد المشرك وجب قتله، كأنه قال (فَاقْتُلُوا المُشْرِكِين) لشركهم فاقطعوا أيديهما لسرقتهما فاجلدوا كل واحد منهما لزناهما صار علة رُتب عليه الشرط، أو إثبات حكم إن لم يُجعَل علةً لحكمٍ آخر لم يكن مفيداً كقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) قال لصحته يعين إثبات حكم وهو حل البيع أحل (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) ما الذي يترتب على حكم البيع؟

الصحة وما معنى الصحة؟ ترتب الآثار إذاً هنا أفاد ماذا؟ أحل الله البيع ليكون البيع في نفسه حلال والناس لا ينتفعون أو أرد أن يبين أن البيع حلال فيصح البيع فتترتب عليه الآثار؟ هذا الثاني هو المراد فحينئذ إثبات الحكم وهو حل البيع هنا نقول هو علة لحكم وهو صحة البيع هنا التعليل بالحكم على الكم أن يترتب آثاره فالحكم بالصحة مستنبط من حل البيع، (وَحَرَّمَ الرِّبَا) لبطلانه حرم الربا فحينئذ كل عقد فيه ربا فنحكم عليه بأنه باطل فاسد هل تترتب عليه آثار لا تترتب عليه آثار إذاً إثبات حكم كالحل حل البيع ورحمة الربا إن لم يُجعَل هذا الحكم علة مؤثرة لحكم آخر وهو صحة البيع وبطلان عقود الربا لم يكن مفيداً لأنه يرد السؤال (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) لم أحله؟ ليكون البيع حلالا في نفسه ثم نحن لا تترتب الآثار على حل البيع؟ نقول لا ليس هذا المراد بل المراد أنه حلال فيصح فيستفيد للبائع والمشتري. والإجماع هذا عطف على قوله النص الإجماع قلنا النص والإجماع والاستنباط، إذاً الدرب الثاني الإجماع فمتى وجد الاتفاق عليه ولو من الخصمين لإثبات العلة طرق ثلاث النص والإجماع فمتى وُجد الاتفاق عليه ولو من الخصمين ثبت ثبت الإجماع على علية الحكم أو على كون الشيء أو الصف علة، فإذا وجد الاتفاق عليه على الوصف ثبت ثبت كون الوصف علة ودليله الإجماع وقوله ولو من الخصمين هذه جملة معترضة لماذا؟ لأنه لا يشترط إجماع الأمة وإنما مراه هنا ولو من الخصمين إذا كان في مقام المجادلة والنظر أو المناظرة حينئذ يشترط فيه الاتفاق بين الخصمين لكن ينبغي في تأصيل الأحكام ألا يُلتفت إلى آداب البحث والمناظرة كما ذكرناه في السابق أن شرط حكم الأصل موافقة الخصمين عليه لا ليس بشرط وينبغي أن تكون الآداب آداب البحث والمناظرة مبنية على الشرع فإذا كانت التعليل تعليل حكم الأصل ثابت بالعلة فيجب أن يُسلم الكل ولا نجعل ضابطاً ليجوز أن ينفي العلة وهي ثابتة بالشرع وحينئذ يجوز له أن يعدل إلى النص بعد أن يثبت العلة فينفيها الخصم نقول هذا ليس بوارد، إذاً الطرق الثاني في إثبات العلبة الإجماع وهو إجماع الأمة فمتى وُجد الاتفاق عليه على ذلك المعنى ولو أن الخصمين ثبت كون ذلك المعنى علة، كالإجماع على تأثير الصغر في الولاية على المال {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ} فالصغر له تأثير في الولاية على المال ينفيها وهذه تعد في ولاية النكاح الصغيرة هل تلي نكاح نفسها؟ الجواب لا لماذا؟ لعلة الصغر هل أجمعوا على علة الصغر في هذا الموضع أو في قوله تعالى {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى} في ولاية المال؟ في ولاية المال حينئذ تعد هذه العلة وهي الصغر على ولاية النكاح فلا تلي الصغيرة نكاح نفسها لعلة الصغر. ثم قال والاستنباط هذا هو الطريق الثالث وقسمه على ثلاثة أقسام وأصول المصالح داخلة فيه ويحتاج إلى وقت، وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

22

عناصر الدرس * الإستنباط * أصول المصالح * أنواع القياس * أوجه تطرق الخطأ إلى القياس * الإستدلال الدرس 22 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد وقفنا عند قول المصنف رحمه الله تعالى والاستنباط وهذا مكان الحديث في بيان الطرق التي تثبت بها العلة وأن العلة كما هو معلوم ركن من أركان القياس إن وُجد هذا الركن قلنا قياس وإلا فلا عندنا طرق لا خلاف كما يسمى عند الأصوليون بمسالك العلة النص والإجماع والاستنباط وبعضهم يجعلها اثنين لا ثالث عقلية مختصة بالاستنباط والثاني نقلية وهي النص والإجماع، قدم النص على الإجماع وبعضهم في ذكر المسائل النقلية وبعضهم يجعل الإجماع مقدماً على النص لأنه كما سبق أن النص يحتمل النسخ والتأويل بخلاف الإجماع وإن كان مرادهم بالإجماع هنا الإجماع القطعي وليس الظني يعني الإجماع الصريح الذي كون مبنياً على القول، وذكر في ضمن أن طرق النقلية دلالة الإيماء والتنبيه وهذه على نزاع بين الأصوليين هل هي مما تُثبت به العلة نقلاً أو عقلاً لكن ظاهر كلام المصنف هنا أنها مما تثبت به العلة من جهة النقل وإن كان الظاهر أنها من جهة العقل لماذا؟ لأنه كما سبق قلت أن النص الصريح والنص الظاهر النص الصريح على العلية هو الذي رُفع في لغة العرب دالاً على التعليل ولا يحتمل غيره والنص الظاهر هو وُضع للتعليل يعني من المعاني التي وُضع لها التعليل ولكنه يحتمل غيره وأما دلالة الإيماء والتنبيه فهو اقتران الحكم بعلة هذه العلة إنما تُفهم من السياق و ..... {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} هذا ليس من جهة الوضع دالاً على إثبات السرقة على للقطع {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} هذا اللفظ ليس دالاً من جهة الوضع أن الحكم وهو الجلد مرتب على الزنا، ولكن الخلاف يكاد كون ..... والإجماع فمتى وجد الاتفاق عليه ولو من الخصمين ثبت هذه أنواع العلة أو شروط طرق العلة النقلية.

ثم قال والاستنباط والاستنباط أي أضرب إثبات العلة بالاستنباط ما سيذكره المصنف بقوله إما بالمناسبة أو بالسبر والتقسيم أو بقياس الشبه أو بنفي الفارق بين الأصل والفرع إذاً أربعة أحوال إثبات العلة من جهة العقل إما أن يكون بالمناسبة وسيذكرها وغما أن يكون بالسبر والتقسيم هذا الثاني وإما أن يكون بقياس الشبه وهو الثالث وإما بنفي الفارق بين ألأصل والفرع وهو الوضع، قال والاستنباط الاستنباط استفعال والمراد به استخراج العلة للاجتهاد لأنه يقابل النقل لأن مكانة العلة إما نقلية بمعنى أنها جاءت من جهة السمع والسمع محصور في النقل والإجماع ويقابله الاجتهاد وهو المراد بقوله والاستنباط إذاً استخراج العلة للاجتهاد إما بالمناسبة إما للتفصيل إما بالمناسبة والمناسبة هذه مفاعلة وهي في اللغة الملائمة والمناسب هو الملائم لأنه يأتي بمعنى المشاكب للشيء يقال ليس بينهما مناسبة أي مشاكبة ويطلق كما ذكرنا على الملائمة حينئذ يكون بمعنى المشاكب وبمعنى الملائم ومنه تلاءم القوم والتأم إذا اجتمعوا واتفقوا وتناسبوا وتسمى المناسبة أيضا يعبر عنها بالإقالة لماذا؟ لأن العلة تثبت للظن والإقالة هي بمعنى قال ويقال بمعنى يظن حينئذ أن الوصف هو العلة مظنون ويعبر عن الظن بقال وقال هذه من أخوات ظن، الاستنباط إما بالمناسبة ويعبر عنه يعني عن المناسبة بالمصلحة أو الاستدلال أو المسمى بتخريج المناط وهي أي المناسبة حصول المصلحة في إثبات الحكم من الوصف بمعنى كون الوصف يتضمن الوصف نفيه يتضمن في ترتب الحكم عليه مصلحة الوصف نفسه يتضمن في ترتب الحكم عليه مصلحة كالإسكار مثلاً فإنه يترتب على المنع عليه مصلحة وهي مصلحة حفظ العقل من الاختلال فحينئذ حصول المصلحة يعني وجود المصلحة للفعل في إثبات الحكم من الوصف إذاً لابد أن يكون الوصف مناسباً بمعنى أن التأثير تأثير الوصف في الحكم قد ظهر كما سيأتي في حقيقة المؤثر إذاً نقول ضابط المناسبة هنا أو مسلك المناسبة أن يقترن وصف مناسب لحكم في نص ما ويكون ذلك الوصف سالماً من القوادح ويقوم دليله على استقباله بالمناسبة دون غيره فيُعَلم حينئذ أنه علة ذلك الحكم كالإسكار مثلاً وإنه دلت المصلحة وهي ترتب أو وجود النفع ودفع المضار في كون الحكم وهو التحريم مرتباً على الإسكار إذاً يدرك العقل ثم مناسبة بين هذا الوصف وهو الإسكار وبين التحريم لماذا؟ لأن المصلحة حاصلة فإذا حصلت المصلحة ثبتت المناسبة ولذلك عرف هنا المناسبة حصول المصلحة فإذا حصلت المصلحة من ترتب الحكم على الوصف نقول هذه مناسبة بين الحكم والوصف الذي رُتب عليه المعنى وهي حصول المصلحة من جلب نفع أو دفع ضر في إثبات الحكم من الوصف كالحاجة من المبيع الحاجة من المبيع هذه ما هي الحاجة؟ نقول وصف مناسب عُلق عليه إباحة البيع لماذا؟ لأن المشتري والبائع كل منهما محتاج على الآخر فإباحة البيع وشرعية البيع هذا ترتب عليه مصلحة وهي جلب النفع للبائع وجلب النفع للمشتري إذاً كالحاجة مع البيع كالحاجة ....

حصلت نقول في إثبات الحكم من الوصف وهو البيع حصلت إباحته وهو الحكم مرتباً على وصف مناسب وهو الحاجة، ولا يعتبر كونها منشأ الحكمة يعني لا ترابط أو ارتباط بين الحكمة والعلة أو الوصف المناسب لأنه قد توجد العلة ولا يوجد الحكمة مثل قلنا السفر حكمته تخفيف المشقة حينئذ قد توجد العلة في أفراد السفر وبعض الأشخاص والأحوال والأزمان وتتخلف حينئذ الحكمة، هل يلزم من تخلف الحكمة تخلف العلة؟ الجواب إذاً هل يصح أن نجعل الحكمة مرتبطة بالعلة وجوداً وعدماً لذلك قال ولا يعتبر يعني في كونه وصفاً مناسباً كونها أي المناسبة منشأ الحكمة لماذا؟ قد تتخلف الحكمة مع وجود الوصف المناسب الذي رتب الشرع الحكم عليها كونها أي المناسبة منشأ بمعنى الظهور أي الموضع الذي يظهر منه ويبدو الحكمة وهي المصلحة التي قصد الشارع تحقيقها بتشريع الحكمة حينئذ نقول كون هذا الوصف منشأ للحكمة غير مشترط بل المعتبر ثبوت المصلحة عقيبه عقيب الوصف وهو أعم من أن يكون منشأ لها أو لا إذاً لا تلازم بين الوصف المناسب وبين الحكمة إذا قد يوجد الوصف المناسب ولا توجد معه الحكمة إذاً لا يعتبر في الضابط ولا يشترط في الوصف المناسب كونها منشأ عن الحكمة لماذا؟ لوجود العلة دون الحكمة السفر مع المشقة بخلاف الإسكار لأن العلة موجودة وينشأ عنها الحكمة متلازمة يلزم منها لكن لزومها في هذا الموضع لا يلزم منها أنها تلزم في كل موضع بل قد توجد ولا توجد الحكمة.

ثم قال والمؤثر إذاً عرفنا أن الاستنباط هنا استخراج العلة بالاجتهاد أنه يكون بالمناسبة يعني يترتب الحكم على الوصف المناسب ثم يوجد ذلك الحكم وتلك الحكمة عند وجود الوصف المناسب فيظهر حينئذ المصلحة يظهر للمجتهد تظهر المصلحة وهي جلب نفع أو دفع ضر بترتب الحكم على العلة كالإسكار بالنسبة للتحريم والسرقة بالنسبة للقطع فإنها تظهر الحكمة حصول المصلحة واضحة وبينة وهي حفظ الأموال كذلك تحريم الزنا نقول الزنا علة في الجلد مثلاً فنقول المصلحة حاصلة وهي حفظ الأنساب وهلم جرة لكن لا يلزم من أنه كل ما وُجد الوصف المناسب وُجد الحكمة بل قد تتخلف في بعض المواضع وعليه نقول أن الوصف قد يكون مناسباً وقد يكون غير مناسب والوصف غير المناسب هذا ما عنون له الأصوليون بالوصف الطردي وهو الذي لم يراعي الشرع حكماً عليه كالطول والقصر وكونه أعرابياً والسواد والبياض إلى آخره الشرع لم يراعي في أحكامه هذه الأوصاف مع أنها موجودة لماذا؟ لعدم وجود المناسبة إذاً الوصف من حيث هو قسمان طردي كالطول والقصر ومناسب كالإسكار لتحريم الخمر والصغر لولاية المال وعليه فينقسم حينئذ المناسب عند المصنف إلى ثلاثة أقسام ولذلك قال والمؤثر يعني المناسب المؤثر والمؤثر هذه صفة وصف للمحذوف يعني والمناسب المؤثر الذي يؤثر في إحداث الحكم لأن العلة هي الوصف المناسب وهي المعرفة للحكم وهي الباعثة والجالبة للحكم إذاً حصل تأثير لولا وجود الإسكار لما وُجد التحريم حينئذ لما وُجد الإسكار وهي علة في النبيذ نقول جلبت وأثرت في استدلال الحكم من الأصل إلى الفرع والمؤثر أي المناسب المؤثر ما ظهر تأثيره في الحكم بنص أو إجماع فقوله المؤثر تفهم منه أنه ليس كل وصف مناسب يصلح أن يكون علة بل لابد أن يكون معتبراً من جهة الشرع لأنه قال تأثيره تأثير ظهر وعُلم تأثيره تأثير ذلك الوصف في الحكم بنص أو إجماع يعني دل النص على أنه معتبر بدليل تعليق الحكم التفصيلي عليه كما في قوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} فدل على أن إيجاب الاعتزال علته كون المحيض أذى فحينئذ نقول دل النص على كون الأذى علة في إيجاب اعتزال الحائض أو بإجماع فُصل {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ} حينئذ ولاية الولي على الصغير في المال ثابتة النص في هذا الموضع وأجمع العلماء على هذا ثم تعديها تعدي هذه العلة وهي الصغر في ولاية النكاح حاصل بالإجماع لأنه قد يُجمَع على العلة وإن لم يوجد لها نص لكن على ما قُبض في السابق أن الإجماع لابد أن يكون مستنداً إلى نص من كتاب أو سن ة لذلك لا يقضي القاضي وهو غضبان قالوا العلة هنا بالإجماع التشويش انشغال الذهن فحينئذ ليس الحكم معلقاً بالغرض لوجود التشويش تشويش الإذن العاقل في غير الغرض مثل الجوع لا يقضي القاضي وهو جوعان ولا يقضي القاضي وهو مشغول الذهن ولا يقضي وهو حزين وهو شديد الفرح إلى آخره فكل وصف يترتب عليه كل فعل يترتب عليه انشغال الذهن حينئذ يُمنع وهذه علة بالإجماع مُنزلة في كل فعل يشارك الغرض في العلة حينئذ المؤثر يعني المناسب المؤثر ما ظهر يعني الوصف الذي

ظهر تأثيره في الحكم ما الذي دلنا على أنه قد أثر في الحكم؟ النص أو الإجماع فحينئذ يسمى مؤثر وسيأتي أن بعض الأصوليين قصر القياس على المؤثر وحده فما عداه حينئذ لا يصح أن يكون وصفاً مناسباً يُجعل علة للحكم وعليه يرد الإشكال وهو أن العلة المستنبطة حينئذ لا يصلح أن يعلل بها إذا فُسر الحكم أو التعليل أو القياس على المناسب المؤثر وهو ما ظهر تأثيره بنص أو إجماع فأين العلة المستنبطة؟ لم تدخل في المؤثر وإنما سيأتي أنه داخل في الملائم أو غيره حينئذ لو فُسر القياس باب القياس كله على المؤثر حينئذ خرجت العلة المستنبطة لأن ضابط المؤثر هو ما ظهر تأثيره في الحكم بنص أو إجماع إن دل النص على أنه وصف مناسب حينئذ اعتبرناه مؤثراً إن دل الإجماع على أنه وصف مناسب حينئذ اعتبرناه مؤثراً في الحكم إن كان في الاستنباط نقول لا لأنه لم يدل عليه نص ولا إجماع هذا هو حقيقة المؤثر.

قال وهو ثلاثة ثلاثة أقسام بالنظر إلى نوعية اعتبار الشارع له وليست أقسام المؤثر ظاهر كلام المصنف أن الضمير هنا يعود على المؤثر بل الصواب أنه أراد تقسيم المناسب من حيث تأثيره وعدم تأثيره وهو أي المناسب من حيث هو باعتبار تأثيره وعدم تأثيره لأن المؤثر هو نوع من أنواع المناسب حينئذ كيف يصح تقسيم أو جعل القسم عاماً لقسيمه وغيره هذا ما يصح لماذا؟ لأنه المناسب المطلق والملائم والغريب هذه أنواع تدخل تحت المناسب من حيث هو والمؤثر هذا قسيم لها حينئذ لا يصح أن يُجعل القسم شاملاً لبقية الأقسام وهو قسيم لها هذا باطل حينئذ قوله وهو ليس يرجع إلى المؤثر بل للوصف المناسب من حيث اعتبار تأثيره وعدم تأثيره ينقسم إلى ثلاثة أقسام المؤثر والملائم والغريب وجعل منها المصنف المناسب المطلق وهو المصلحة المرسلة وهل هي معتبرة شرعاً أولا؟ ذكرنا فيما سبق أن المصنف يره أنه غير معتبرة في التحسينيات والحاجات نقل الإجماع بلا خلاف ونقل خلاف الضروريات وقال الأصح أنها ليست بحجة حينئذ كيف يُجَعل هنا المناسب المطلق على كل نقول المناسب من حيث هو أربعة أقسام المؤثر المناسب المطلق والملائم والغريب هذه أقسام للمناسب من أي حيثية من حيثية اعتباره م جهة الشرع وعدم اعتباره لماذا؟ لأن النظر نظر الشارع في المناسب والوصف الذي مكن أن يُعلق عليه الحكم الشرعي هل اعتبره الشرع أم لم يعتبره؟ بمعنى اعتبره الشرع بمعنى أنه رتب الأحكام التفصيلية أو الجملية عليها فما أمر الشرع به فحينئذ نقول إنما لمعقول المعنى وليس لمعقول المعنى فما كان غير معقول المعنى لا إشكال فيه لأنه غير ظاهر المعنى وإنما نقول من التعبديات المحضة إن كان معقول المعنى حينئذ نقول لما أمر به الشرع دل على أنه مصلحة لأن القاعدة العامة أنه لا يأمر الشارع إلا بما كان متضمنا من مصلحة خالصة أو واضحة فدل على وجود النقل لو كل أمر في الشرع فحينئذ نقول ول كان أمر إيجاب أو أمر استحباب فثم المصلحة وكل نهي سواء كان نهي تحريم أو نزيه نقول فثم المفسدة لماذا؟ لأنه بالإجماع استيفاء موارد الشرع أنه لا ينهى إلا عما مفسدته خالة أو راجحة إذاً فما اعتبره الشرع وأمر به نقول هذا معتبر وهو صالح لأن يُعلل به إن كان معقول المعنى وما نهى عنه الشرع ولو ظهر فيه نوع مصلحة نقول إن هذه المصلحة ملغاة شرعاً ما لم يرد فيه ذاك ولا ذاك نقول هذا هو المناسب المطلق أو المصلحة المرسلة لم يرد فيها دليل خاص باعتبار أو إلغاء لم تُلغى ولم تعتبر لم يرد نص للأمر بها لوجود هذه المصلحة ولم يُنهى عنها لوجود هذه المفسدة حينئذ نقول هذا مصلحة مرسلة مطلقة لكن يجوز المصلحة فيها باعتبار قواعد العامة يعني أن يكون دليل كلي قد دل على اعتبار هذه المصلحة ثم هل الباب مفتوح كل من ادعى وجود المصلحة العامة وأن قواعد الشريعة دلت عليها فثم المصلحة حينئذ فالمسألة فيها كلام كثير، وهو ثلاثة وهو أي المناسب ثلاثة أنواع المناسب المطلق والملائم والغريب والمؤثر ولا أدري لماذا أخرج المصنف أخرج المؤثر فقدمه على الأنواع الثلاثة على كل هو باب القياس يعتبر نقداً للمصنف رحمه الله تعالى لأنه لم يرتبه ترتيب كسابقه وإنما يكاد أن

يكون هكذا مباعد، وهو ثلاثة المناسب المطلق هذان وصفان المناسب لماذا؟ لأنه حقق مصلحة المطلق يعني عن دليل اعتبار خاص أو عن دليل إلغاء خاص عن دليل بينهم مناسب لماذا؟ لأنه مصلحة بدلالة القواعد العامة ومقاصد الشريعة سميناه مناسباً ثم هو مطلق عن دليل خاص معين دل على اعتباره أو دليل خاص معين دل على إلغائه وقد سبق الكلام في هذا، والملائم يعني المناسب الملائم والمراد بالمناسب الملائم هنا هو الوصف المناسب الذي رتب الشارع حكماً على وصفه ولم يثبت بالنص أو الإجماع هذا مقابل للمؤثر حينئذ الوصف المنساب إما أن يدل عليه نص أو إجماع أو لا إن دل عليه نص أو إجماع فهو المؤثر وإلا فحينئذ الملائم فهو المناسب الذي رتب الشارع حكماً على وصفه ولم يثبت النص أو بالنص أو الإجماع اعتباره بعينه علة بنفس الحكم الذي رتب على وصفه مثل ماذا؟ قالوا مثلوا للغر في ولاية النكاح في عين ولاية النكاح الصغر نفسها ثابتة بالإجماع في ولاية المال لكن في ولاية النكاح هل جاء دليل خاص يدل عليها؟ الجواب لا فحينئذ جُعل ولاية الأب على الصغيرة لخلاف فيه هل العلة الصغر أو العلة البكارة أو العلة الصغر والبكارة ثلاث علل بعضهم رأى أن العلة هي الصغر وبعضهم رأى أن العلة هي البكارة وبعضهم رأى أن العلة مجموع الصغر والبكارة لأن المقام مقام استنباط العلة هل الشرع راعى البكارة في موضع ما غير هذا الموضع ورتب عليه حكم شرعي؟ الجواب لا حينئذ انتفى التعليل بالبكارة هما معاً إذا انتفى جزء الاثنين انتفى تعليل الثاني بقي الصغر هل دل الشرع في موضع غير هذا الموضع ولاية النكاح على اعتبار الصغر علة؟ نعم وهو في ولاية المال حينئذ لم يرد النص بعينه في نفس المثال بقطع النظر عن مسألة عامة في نفس المثال لم يرد نص بعينه في اعتبار كون الصغر علة في ولاية النكاح وإنما ورد في ولاية المال لقوله تعالى {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ}، والغريب يعني والمناسب الغريب هذا سبق معنا وهو الذي لم يشهد له أصل وعرفه بعض بأنه الوصف الذي لم يرتب الشارع حكماً على وقفه ولم يثبت اعتباره بأي نوع من أنواع الاعتبار وسبق أن المصنف قال هو الذي لم يشهد له إلا أصل واحد وسبق أن الغزالي قال هذا لا يكاد أن يوجد لأنه لا يكاد أن يوجد عند الوصف المناسب ولم يشهد له إلا أصل واحد بل لابد أن تدل عليه عدة نصوص حينئذ في وجود الوصف أو المناسب الغريب في وجوده خلاف ولذلك مثل بعضهم بالمطلقة ثلاثة في مرض الموت ترث أو ترث؟ قالوا ترث طلقها ثلاثة أراد أن يموت بساعة أنه طلقها ثلاثة من أجل ماذا؟ كالمالغة قالوا ترث لماذا؟ قال لأن الزوج قصد الإغرار بها فيُعامل بنقيض قصده على ما هو متبع في القواعد الشرعية العامة قياساً على القاتل في عدم توريثه لأنه استعجل الإرث بجامع أن كل منهم استعجل الشيء قبل أوانه ومعلوم أن القاعدة أن من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه حينئذ قالوا من طلق في مرض الموت ثلاثة مطلقة موثوثة قالوا ترث بناءاً على هذا، قال وهذا مثال للمناسب الغريب لأنه لم يرد نص يشهد بهذا أو إن ورد فهو شاهد له واحد فقط لكن هذا القول القاتل لا يرث هذا له نصوص تشهد

عليه تدل عليه ولذلك قول الغزالي بأنه قل أن يوجد مثال يصح أنه لم يشهد لهذا الوصف المناسب إلا أصل واحد هذا عجيب بل الأصل والغالب والكثير أن المناسب إذا رتب الشرع عليه أحكاماً شرعية فيكون كثير ولذلك الضروريات الخمس وهي الأكثر كثيرة هذه الأحكام المرتبة عليها لحفظ الدين كم مسألة أمر بها والغرض والحيث حفظ الدين أو نُهي عن شيء المراد به حفظ الدين أو العقل أو النفس إلى آخره، المناسب المطلق والملائم والغريب. وقد قصر قوم القياس على المؤثر وحده هنا يقول المعلق أي ما ظهر تأثيره في الحكم بنص أو إجماع إن الجزم في إثبات الشارع الحكم رعاية لهذا المناسب دون نص أو إجماع تحقق لأنه إذا قيل بالاستنباط وحينئذ ولا أدري هؤلاء ينفون العلة المستنبطة أو لا الله أعلم لكن على ظاهر كلامه هنا إذا عُلل تأثير الأحكام على المؤثر فقط وما ثبتت عليته بنص أو إجماع حينئذ قالوا يلزم منه أنك لو اجتهدت في إيجاب عدة أوصاف وعلقت الحكم على بعض هذه لبعض صار تحكماً لماذا؟ لأن هذا الوصف المناسب الذي علقت عليه الحكم الشرعي لم يرد به شرع لا نصاً ولا إجماعاً فحينئذ تعيين وصف دون آخر نقول هذه من باب التحكم فلذلك قصروه على المؤثر وهو ما ظهر تأثيره في الحكم بنص أو إجماع لكن الصحيح عدم قصر القياس على المؤثر وحده لماذا؟ لأن إشارة النص وإيماءه تفيد علية الحكم كما سبق قد يأتي الإيماء والتنبيه كما ذكرناه سابقاً الوصف حكم إن يكن بغير علة يعبه من فطن {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ} لم ينص هنا الشارع على أن علة القطع هي السرقة لكن استنبطنا بالاجتهاد أن علة القطع هي السرقة كذلك {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} نقول الحكم هنا لم ينص الشارع على كون هل هو كقوله {ُقلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ} ليس مثله لماذا؟ لأن ثم فرق بين التنصيص على العلة كقوله {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء} هنا رتب بالفاء على التنصيص على نفس العلة إذا لم يرد تنصيص ولا إجماع معناه ليس عندنا قياس نقول لا عندنا دلالة الإيماء والتنبيه على ما سبق بيانه قرن الحكم أو اقتران الحكم بوصف دون أن يكون ذلك الوصف له أثر في الحكم هذا يجعل المتكلم غير فصيح يأتي أعرابي فيسال فيقول أعتق رقبة جواب لمن هذا؟ لو لم يُجعَل هذا الجواب مرتباً على قوله واقع أهله في نهار رمضان هذا ما ورد العلة ورد التنصيص على العلة؟ ليس عندنا تنصيص وإنما لكون وقع جواب لواقعة وحادثة وسؤال نقول لو لم يُجعَل هذا النص اعتق رقبة مرتب على أحد الأوصاف المذكورة لكان لغواً وعبثاً ولُكنة وعياً بالمتكلم إذ كيف يُسأل عن شيء ثم يقول له اعتق رقبة هذا يُنزه عنه أهل العلم بل العقلاء فضلاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ نقول قصره على المؤثر فقط وهو ما ثبتت عليته بنص أو تأثيره في الحكم بنص أو إجماع هذا ليس بصحيح نقول الصحيح عدم قصر القياس على المؤثر وحده لأن إشارة النص وإيماءه تفيد علية الحكم كما سبق بيانه ودلالة الإيماء والتنبيه هذا أنواع كثيرة جداً بل قد يكون العلل مستنبطة بدلالة الإيماء والتنبيه أكثر بكثير من العلل المنصوصة نصاً في الشرع أو المجمعة المُجمَع عليها.

ثم قال وأصول المصالح خمسة لما ذكر الاستنباط وأنه يقوم بالمناسبة وذكر المناسبة أنها حصول المصلحة بين لنا أصول المصلحة يعني ما الذي يضبط لنا ويجمع لنا هذه المصالح ليست على إطلاقها وإنما لابد في النظر من المصلحة باعتبار الشارع لها فما اعتبره الشارع مصلحة فهو مصلحة والعقل ليس له مجال في التشريع العقل والرأي والهوى والاطمئنان والنفس والإلهام هذه ليست مصادر من مصادر التشريع وإنما الوحيان فقط ولا ثالث لهما، وأصول المصالح خمسة هي ثلاثة لكنه جعل القسم الأول ثلاثة لأن المراد هنا تقسيم المصلحة من حيث هي يعني من حيث اعتبار الشارع لها أو إلغائها وأصول المصالح خمسة يعني حصول المصلحة والحكم بكون هذا الوصف مناسباً يترتب عليه الحكم الشرعي أو لا قال خمسة أي معدود بخمسة، ثلاثة منها ذكرت في الاستصلاح الضروري والحاجي والتحسيني الضروري وهذا قلنا أنه ما شُرع درأً للمفسدة والتحسيني وهو ما شُرع جلباً للمصلحة والتحسيني وهو ما جرى على مكارم الأخلاق ونحو ذلك هذه كلها يجمعها أصول واحد وهو ما جاء الشارع باعتباره إذاً هذا قسم واحد مصلحة ظهر اعتبارها شرعاً لذلك قال وهي المعتبرة وهي أي هذه الثلاثة الأقسام المذكورة في الاستصلاح في نوع الاستصلاح وهي المعتبرة يعني التي جاء الدليل الشرعي الخاص المعين باعتباره ولا نقول الدليل الشرعي العام لأن الشرعي العام ينفي الدليل الخاص يعني لا يلزم منه أن يكون ثابتاً بخاص فحينئذ يكون مساوياً للمناسب المطلق وهو المصلحة المرسلة لأن المصلحة المسلة ثبتت بأدلة عامة قواعد الشرع ومصادر الشريعة ولكن هنا نقول بدليل خاص وهي المعتبرة يعني اعتبرها الشارع بدليل خاص فقوله {فَاجْتَنِبُوهُ} في الخمر {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً} إذاً نص كل هذه حفظاً للضروريات الخمس {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} حفظاً للأنساب والأعراض وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ} حفظاً للأموال إلى آخره إذاً نص بنص أو جاء الدليل الخاص على اعتبار هذه الأوصاف.

والرابع وهو الثاني من أقسام المصالح من حيث اعتبارها شرعاً هو المرسل أو المصلحة المرسلة ضابطها ما لم يُعلَم من الشرع الالتفات إليه ولا إلغائه مات لم يعلم من الشرع يعني بدليل خاص وأما الدليل العام فيدل عليه لكن تشريع الحكم الخاص مرتباً على هذه المصلحة هو الذي فيه نزاع ما لم يعلم من الشرع الالتفات إليه ولا إلغاؤه أي الالتفات إليه يعني حيث شرع الأحكام مرتباً على هذه المصلحة ولا إلغاؤه يعني إلغاء هذا الوصف المناسب من حيث النهي عن هذا الوصف المناسب النهي المرتب أو المضمن لهذا الوصف المناسب، فلابد من شهادة أصل له حينئذ إذا أُريد تعليله أو ترتيب الأحكام عليه لابد من شهادة أصل له فلا يُقبل المناسب المرسل إلا إذا كان ترتب الحكم عليه يحقق مصلحة وهذه المصلحة تشهد لها القواعد العامة ومقاصد الشرعية كجمع القرآن جمع القرآن هذا ليس هناك نص وإن كان البعض يرى أن ثم إشارات من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جمع القرآن لكن إذا نظرنا إلى المصلحة العامة في جمع القرآن لكن ليس ثم نص دل على جمع القرآن هل أمر الشرع؟ قال جمع القرى، اكتبوه في صحيفة واحدة؟ لم يرد النص بذلك ولكن قواعد الشريعة العامة بحفظ الدين إلى آخره تبليغه الآخرين ولأن لا يقع نزاع ولأن لا يقع كذا جُمع القرآن في مصحف واحد لكن استدلوا بإجماع الصحابة، والخامس وهو القسم الثالث ما علم من الشرع إلغاؤه فهو ملغى بذلك ما عُلم من الشرع إلغاؤه يعني إلغاء اعتباره وصفاً للحكم كما تفويض المصلحة في بعض المنهيات قد ينهى الشرع عن شيء يكون فيه نوع مصلحة مثل الربا مثلاً قد يكون فيه نوع مصلحة باعتبار نظر الشخص نفسه أو الخمر هل فيها منافع باعتبار البيع والشراء كذلك الربا باعتبار البيع والشراء؟ فيه منافع حينئذ نقول هذه المصلحة المتوهمة نقول مصلحة ليست حقيقة مصلحة مُتوهمة باعتبار نظر المكلف وباعتبار غيرها نقول هذه المصلحة المتوهمة ألغاها الشرع بالنهي عن الربا ألغاها في الخمر بالنهي عن شرب الخمر وعن أي تصرف يتبع ذلك من بيع وشراء وإهداء إلى آخره هذا ما يسمى بالوصف الذي أُغلي من جهة الشرع هو قد يكون مصلحة في نظر الناظر لكنها مصلحة متوهمة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إذاً عرفنا أن الطريق الأول الذي تستخرج به العلة وتثبت به العلة من جهة العقل النظر والاجتهاد هي المناسبة. ثم قال

أو بالسبر والتقسيم هذا الضرب الثاني من أضرب إثبات العلة بالاستنباط السبر والتقسيم والسَبر بفتح السين لغة سبر الاختبار المراد هنا اختبار الأوصاف لإلغاء ما لا يصلح وإبقاء الصالح تكون عندنا ثمة أوصاف ولذلك بعضهم أو الكثير يرى أن ثم تراجحاً أو قرب في المعنى بين تنقيح المناط والسبر والتأصيل سبق أن تنقيح المناط أن يرد الشرع بحكم مرتب على عدة أوصاف لكن هذه الأوصاف يحتمل أن بعضها صالحاً للتعليل وبعضها ليس صالحاً للتعليل فينظر المجتهد فينظر فيها وصفاً وصفاً فيقول هذا الوصف لم يعتبره الشرع فيُلغى هذا الوصف يعتبر فيُبقى وهذا الوصف يُلغى إلى آخره هذه يسمى تنقيح المناط تهذيب العلة تصفية العلة هو نفسه السبر والتقسيم يجمع هذه الأوصاف يجمعها كلها فيقول النص هذا مرتب على هذه الأوصاف إما أن تكون العلة هذه أو هذه أو هذه هذا ما يسمى بالتقسيم ثم يستبرها هل هذه الذي اعتبرها الشارع أم لا إذا اعتبره الشارع بقّاه وإن لم يعتبره ألغاه إذاً السبر والتقسيم وتنقيح المناط إما أ، يقال بالترادف بمعنى واحد وإما قل الفرق دقيق جداً بينهما وإلا الحق على أنه معنى التنقيح .... ، أو بالسبر والتقسيم لنا السبر في اللغة الاختبار والراد هنا اختبار الأوصاف بإلغاء ما لا يصلح وإبقاء الصالح بإلغاء ما لا يصلح ككون السائل أعرابياً كونه أعرابياً والشرع لم يفرق بين العربي والعجمي في الأحكام الشرعية بل نص على ضد ذلك إذاً كون جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله نقول أعرابي هذا وصف لكن لا يصلح أن يُعلق عليه الحكم الشرعي لماذا؟ لأنه أُلغي يعني ما يُلغى أي وصف إلا بدليل شرعي ولا يُثبت إلا بدليل شرعي لأنه إذا لم ينص دليل على إثباته أو إلغائه فهو مناسب المرسل حينئذ نقول كونه أعرابي هذا الوصف ألغاه الشارع {ِإنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ثم يقول يضرب صدره وينتف شعره ويقول هلكت وأهلكت لم يرتب الشرع على الأفعال لأنها قد تكون أفعال خارجة عن التشريع بقي الرابع وهو كونه واقع أهله في نهار رمضان بعضهم يزيد يقول لا كونه امرأته ليست بوقت معتبر والمراد به الإيلاج وبعضهم يزيد يقول لا ليس المراد المواقعة أو الجماع في نهار رمضان بل المراد انتهاك حرمة رمضان فألحق به الأكل والشرب في الكفارة ونقول هذا لماذا؟ لأن مسالك العلة هنا اجتهادية لذلك مالك رحمه الله تعالى نقح هذا الحديث كما يقول الشيخ الأمير مرتين مرة بالحذف ومرة بالزيادة بالحذف ألغى الأوصاف التي أُلغيت السابقة فيُلغى أعرابياً إلى آخره ثم نظر فخصص العلة بالمواقعة في نهار رمضان ثم زاد وصفاً وهذا أيضاً يسمى تنقيح لأن التنقيح يكون بالزيادة ويكون بالحذف قال لا ليس المراد مواقعة هنا الجماع بل المراد انتهاك وهي أعم فحينئذ كل انتهاك لشهر رمضان لكونه تعاظم فطره حينئذ ترتب عليه قول اعتق رقبة ولذلك اعتبار الأوصاف بإلغاء ما لا يصلح وإبقاء ..... .

والتقسيم هو تجزئة الشيء يعني قال هذا إما كذا وإما كذا وأيهما أسبق؟ التقسيم قيل السبر لكنه مقدم هنا السبر والتقسيم إذاً هو عينه تنقيح المناط، أو بالسبر والتقسيم يعني يحصل الاستنباط استنباط العلة بالاجتهاد بوساطة ما يسمى بالسبر والتقسيم وهذا يكون بحصر العلل يحصرها وقدم التقسيم وإبطال ما عدا المدَّعى علة بحصر العلل هذا التخصيص يعني العلل المراد بها الأوصاف التي كانت في الأصل المقيس عليها وإبطال ما عدا المُدعى وإبطال ما أي الوصف الذي لا يصلح للعلية ما يُدعى ما عجا أي الذي أُدعي أنه علة بحصر العلل أي الأوصاف التي تكون في الأصل المقيس عليه وإبطال ما عدا ما لا يصلح للعلية المدَّعى علة كالأوصاف الطردية لأن الشرع لم يرتب عليها الأحكام الشرعية وليست من المناسب المؤثر كالطول والعرض والقدم والسواد والبياض إلى آخره. أو بقياس الشبه هذا الضرب الثالث من أضرب إثبات العلة بالاستنباط قياس الشبه يعني إثبات العلة بالشبه وهذا أصل الشبه والتمثيل والقياس هذه كلها ألفاظ مترادفة كما ذكرنها سابقاً التمثيل والتشبيه والقياس ألفاظ مترادفة ولكن عُين هذا النوع من باب اقتراح فقط وإلا كل القياس فيه شبه لأن النبيذ شُبه بالخمر بجامع الإسكار إذاً لا فرق بينهما وقياس الشبه سيأتي ذكره في أقسام القياس ولكن نقول هنا قياس الشبه هو الفرع المتردد بين أصلين مختلفي الحكم عندنا أصلان كل منهما مباين للآخر في الحكم يرد فرعاً حادثة شق شيء ما يحتمل أنه يُلحق بهذا أو يحتمل أنه يُلحق بهذا وإلحاق الفرع بأحد الأصلين الذي شبهه به أكثر العبد مثال واحد عند الأصوليين العبد هل يملك بالتمليك أم لا هل يملك أو لا؟ قالوا العبد فيه شبه بأصلين الأصل الأول يشبه الحر لأن الحر إنسان وهذا إنسان الحر مُكلف وهو مُكلف الحر يُثاب ويُعاقب ويصلي ويزكي ويصوم وكذلك العبد إذاً أشبه الحر ويشبه المال يُباع ويشترى ويُرهن إذاً أشبه المال بعضهم يقول أشبه البهيمة لكن نقول لا أشبه المال أحسن لماذا؟ لأنه إنسان مكلف محترم حينئذ يبقى على الأصل الشرعي {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} فحينئذ هنا العبد أشبه أصلين أشبه الحر وأشبه المال بأيهما يُلحَق؟ إن قلت أُلحق بالحر حينئذ يملك وإذا قُتل لزم فيه الدية لا القيمة وإذا قلت أشبه المال فحينئذ لا يملك لأنه هو مال هو مثل المال يُملَك وإذا قُتل حينئذ فيه قيمة مثل السيارة فحينئذ نقول أيهما أشبه به؟ أكثر الأصوليين والفقهاء على أنه أكثر شبهاً بالمال فحينئذ لا يملك فإذا جاءه مال فحينئذ يكون لسيده وإذا قُتل فحينئذ تلزم فيه القيمة دون الدية وسيأتي مزيد.

أو بنفي الفارق بين الأصل والفرع هذا الضرب الرابع من أضرب العلة أو إثبات العلة بالاستنباط أو بنفي الفارق بين الأصل والفرع إلا بما لا أثر له هذا ما نفيناه بالسابق القياس الجلي وهو مفهوم الموافقة لأنه قال ثم إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق ضربان سبق معناه إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق ضربان مقطوع به ومظنون لماذا؟ لأن الإلحاق من حيث هو نوعان إلحاق بنفي الفارق وهذا هو المسمى بمفهوم الموافقة وذكرنا أن بعضهم يرى أنه قياس ويسميه القياس الجلي لأنه مقطوع به ويسمى القياس بمعنى الأصل عند بعضهم وقلنا الصواب أنه من دلالة اللفظ أنه من الدلالة اللفظية وليس من دلالة القياس، أو بنفي الفارق بين الأصل والفرع كأن قال لا فرق بن الأصل والفرع إلا كذا لا فرق بين إتلاف مال اليتيم في الأكل وإحراقه أو إغراقه لا فرق لأن المراد إتلاف مال اليتيم وإلحاق لا فرق لكنه ليس مؤثراً لأن من أكل مال اليتيم استفاد ومن أحرقه استفاد؟ لم يستفد شيء حينئذ هذا وصف لكن لا أثر له في الحكم لأنه لا يثبت أي شيء لابد أن يوجد ثم وصفاً لكن العبرة به هل هو مؤثر في الحكم أم لا إن لم يكن مؤثراً حينئذ لا عبرة به حينئذ نقول إلحاق المسكوت أو لا فرق بين أكل اليتامى أو إحراقها أو إغراقها إلا كون الأول مستفيداً منه الآكل والثاني مستفيد وهذا فرق لا أثر له في الحكم الشرعي فحينئذ نقول فلا فرق بين الأكل وبين الإحراق، أن يُقال لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا وهو لا مدخل له في الحكم فيلزم اشتراكهما في الحكم لذلك قال إلا بما لا أثر له يعني في الحكم، وهو أي القياس بنفي الفارق مثبت للعلة في الفرع على القول بأنه قياس وقلنا الصواب أنه لا يحتاج إلى التعرض لبيان العلة في الأصل حتى تنقل العلة في الفرع بل بمجرد الذهن والفهم يسبق إلى أدراك العلة فكل من سمع وهو ذو عقل {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} أنه حُرم التأفيف يعلم مباشرة دون قياس دون بحث عن علة وتنفيذها في الفرع أن الضرب حرام {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ} كل من سمع هذا اللفظ يسبق على فهمه أن إحراق أو إغراق مال اليتيم مُحرم، وهو أي القياس لنفي الفارق مثبت للعلة في الفرع، لدلالته أي القياس على الاشتراك فيها اشتراك ماذا؟ يعني الاشتراك بين الأصل والفرع فيها أي في العلة وهو المؤثر على الإجمال على جهة الإجمال وهذا محل نزاع أي أن علة الأصل متحققة في الفرع من حيث الجملة من غير تعي فحينئذ نقول الضرب هذا فرع والتأفيف أصل العلة وهي الأذية أو الأذى موجودة في الأصل وهو التأفيف وهي موجودة في الفرع لكنها على جهة التعيين أو لا؟ هو يقول ليست على جهة التعيين وإنما على جهة الإجمال ومحل محل إشكال بل الظاهر أنها على جهة التعيين لماذا؟ لأنه إذا نُفي الفارق تعين الثابت إلا اللهم إذا عدة فوارق فحينئذ يرد كلام المصنف عهنا وهو أنه يقال لا فرق بين كذا وكذا في كذا يبقى بقية الأمور هذه ليست منفية فحينئذ يحتمل وجود العلة التي في الأصل في بعض تلك الأفراد دون بعض حينئذ حصل الإجمال أي أن علة الأصل متحققة في الفرع من حيث الجملة من غير تعيين وأكثر الأصوليين لا يعدون ذلك من مكانة العلة لأنه لا يدل على أن هذا الوصف

المؤيد علة وإنما دل على أن علة الأصل متحققة في الفرع من غير تعيين وهذا محل نظر. وقد استُدِلَّ على إثبات العلة بمسالك فاسدة إذاً بين لك طرق إثبات العلة بالنقل وبالعقل بالنقل اثنان وبالعقل ذكر أربعة وبعضهم زاد عليها بعضاً مما جعله المصنف هنا من المسالك الفاسدة، وقد استُدِلَّ على إثبات العلة بمسالك فاسدة يعني بطرق معتبرة عند بعض الأصوليين ولا يعتبرها البعض كقولهم سلامة الوصف من مناقض له دليل على عليته يعين المعارضة هذه إحدى مفسدات القياس النص أو الوصف قد يعارض بما يسمى بطوابق العلة وطوابق العلة متعددة فحينئذ إذا سلم الوصف من المعارضة دل على أنه سالم على أنه علة صحيحة وهذا ليس بصواب لماذا؟ لأنه لا يلزم إذا قيل عقلاً لم ينقض وضوء زيد إذا نُفي البول عنه فحينئذ هل يترتب عدم النقض نقض الوضوء أو قد يكون ثم ناقض آخر؟ فإذا سلم وضوء زيد من الحدث البول معين هل يلزم منه عدم نقض الوضوء؟ لا لأنه قد يوجد ناقض آخر فهنا إذا قيل هذا الوصف سلم من القدح أو من النقد أو من الكسر فحينئذ لا يلزم منه إذا لم يعارض بقادح واحد كالنقض مثلاً لا يلزم منه صحة العلة بل قد يقال أنه لم تستوفي الشروط السابقة كونه وجودياً ظاهراً منضبطاً إلى آخره إذاً سلامة الوصف من مناقض له دليل على عليته أي إذا لم يوجد ما يعارض الوصف وما لم يناقضه دل على صحة التعليل به وغاية هذا المسلك سلامة الوصف من المعارضة يعني سلامتها من مُفسد لو عرض هذا نوع واحد كالبول مثلاً في الأحداث نقول لا يلزم من سلامة الوصف عن المعارضة سلامته من القوادح حينئذ لا يلزم من سلامته من المعارضة صحة العلة كما أنه لا يلزم عدم نقض الوضوء سلامته من البول أو الريح فقط لأنه قد يوجد ناقض آخر، وغايته أي غاية هذا المسلك سلامته سلامة هذا الوصف من المعارضة يعني من مفسد واحد كالنقض لا ينفي بطلانها بمفسد آخر وهذا واضح لماذا؟ لأنها قد تكون قاصرة قد تكون العلة قاصرة هي كلمة من النقض لكونها قاصرة وإذا قاصر إذاً صار علة غير صحيحة والمراد علة غير صحيحة في تعديها أما في نفسها فلا إشكال يصح تعليل الحكم في محله بالعلة القاصرة بلا خلاف وإنما الخلاف هل تعد إلى موضع آخر أو لا هذا محل النزاع أو عدمية تكون العلة عدمية أو طردية غير مناسبة إذاً من المسالك في إثبات العلة التي نحكم عليها بأنه فاسدة الحكم بكون الوصف علة لسلامته من النقض نقل النقض هذا واحد من القوالب سلامة الوصف من النقض لا يلزم منه سلامته من النواقض الأخرى، وهي أحد المفسدات لو قال إحدى أحسن وهي إحدى المفسدات اتفق المبتدأ والخبر وهي أي المعارضة إحدى المفسدات ولو سلم الوصف من كلها من المفسدات لم يثبت صحة العلة ككتب سلم من المعارضة وهي إحدى المفسدات حينئذ لا يلزم صحة العلة لماذا؟ لاحتمال وجود ناقض أو قادح آخر تقول بل على ال ....

لو سلم الوصف من كل قوادح لم يثبت صحة العلة لماذا؟ قد يكون ثم شرط من الشروط السبعة السابقة غير متوفر فحينئذ سلم الوصف من كل القوادح ونقول العلة ليست بعلة والوصف المناسب لا يصلح التعليل به لماذا؟ لأنه ليس وجودياً مثلاً أو ليس منضبطاً أو ليس ظاهراً أو ليس منعكساً على من اشترط ذلك يعني لتخلف بعض الشروط الجامع السبعة السابقة فكيف إذا قيل بسلامتها من المعارضة فقط. ومنها أي من المسالك الفاسدة لإثبات العلة الطرد وهذا الطرد وهو قولهم ثبوت الحكم معه أينما وجد دليل عليته يعني تلازم في الوجود ثبوت الحكم معه أينما وُجد دليل عليته كلما وُجد الوصف وُجد الحكم دل على أن هذا الوصف علة للحكم. ومنها الطرد وهو قولهم ثبوت الحكم معه أينما وجد دليل عليته لكن جمهور الأصوليين على أن الطرد مردود ليس من المسالك المعتبرة في إثبات العلية لا يلزم من وجود الوصف معه الحكم أنه علة له لماذا؟ لأنه قد يوجد من الأوصاف ما هو غير مناسب لأنه قد يوجد في الوصف ما هو غير مناسب إذاً الطرد المراد به هنا الملازمة للثبوت كلما ترك الوصف ترك معه الحكم وهذا يسمونه بالدوران الوجودي يعني كلما وُجد الوصف وُجد الحكم هل يدل على أنه علة له؟ الجواب لا كلما وُجد الإسكار وُجد التحريم لكن هل كلما وُجد الإسكار وُجد معه الرائحة الكريهة؟ الجواب لا لأنه دليل الإسكار فحينئذ كلما وُجد الرائحة الكريهة وُجد التحريم هل هو وصف مناسب جعل علة للحكم؟ الجواب لا إذاً كلما وُجد الحكم نقول وجد الوصف هنا وهو الرائحة الكريهة وليس بعلة، كذلك نقول الآن الإسكار هذا علة كلما وُجد الإسكار هذا الوصف وُجدت الحكم معه وهو التحريم ثبت أنه علة على القول بالطرد توجد بعض الأوصاف كلما وُجدت هذه الأوصاف وُجد الحكم لكن لم يجعل علة كالرائحة الكريهة أو الشدة المطربة هذه ليست بعلل وإن كانت أجلة العلة حينئذ لم يُجعَل هذا الوصف وهو الشدة المطرية أو الرائحة الكريهة الملازمة للإسكار لم يُجعل هذا الوصف وصفاً مناسباً لوجود الحكم معه مطرداً لكونه وصفاً غير مناسب بخلاف الإسكار لأن الإسكار يحصل به حفظ العقول إذاً الطرد ليس بمسلك صحيح في إثبات العلة، ومنها الطرد وهو ملازمة في الثبوت ثبوت الحكم معه مع الوصف أينما وُجد دليل على عليته أو دليل عليته كلما ثبت الوصف صبت معه الحكم ويسمى الدوران الوجودي والصواب أنه ليس لعلة أنه ليس بمسلك لماذا؟ لأنه لا يلزم من وجود الوصف مع الحكم أنه علة له لأنه قد وُجد الوصف وهو غير مناسب واطرد معه الحكم كالرائحة الكريهة والشدة المطربة.

ومنها الدوران المسمى بالدوران الوجودي والعدمي ويسمى بالطردي والعكسي وهو أي الدوران هذا منها أي من المسالك الفاسدة وجود الحكم معها وعدمه بعدمها وجود الحكم معها عند وجود العلة هذا هو الطرد السابع كلما وُجدت العلة وُجد الوصف وُجد معها الحكم وعدمه عدم الحكم بعدمها هل هو مسلك صحيح أو لا؟ هذا فيه نزاع الطرد الذي يسمى بالدوران الوجودي جمهور الأصوليون على عدم اعتباره مسلكاً من مسالك إثبات العلة وأما الدوران الوجودي العدمي فهذا أكثر الأصوليين على اعتباره مسلكاً صحيحاً من مسالك إثبات العلة، قيل صحيح قيل وهو مذهب جمهور الأصوليين قيل هو مسلك صحيح يعني يصح أن تثبت به العلة وطريق لمعرفة العلة لأنه أمارة أي الدوران لأنه أمارة أي علامة على ثبوت الحكم وأيضاً هو يفيد العلة أو العلية ظناً إذاً أفاد لأنه كلا وجد الوصف وجد الحكم وكلما انتفى الحكم انتفى الوصف هذا دل على أن الشرع قد اعتبره حينئذ هذا يفيد في النفس ماذا؟ يفيد الظن يفيد ظناً في نفس المجتهد أن الحكم هنا ما وجد وانعدم أو عُلم مع إعدام هذا الوصف إلا بكون الوصف علة في الحكم يعني علة مؤثرة في الحكم وإلا لم يكن دليلاً قاطعاً لكنه دليل ظني لذلك قال قيل صحيح يعني متى يكون صحي لأنه يفيد العلة ظناً لأنه أمارة علامة هذا شأن العلامة وقيل فاسد يعني قيل الدوران مسلك فاسد لا يفيد التعليل مطلقاً لا ظناً ولا قطعاً لأنه طرد دليلهم ما هو لأنه طرد لكنه ليس مساو للطرد مطلقاً لأن الطرد تلازم في الثبوت فقط وهنا تلازم في الثبوت وفي النفي وأيهما أدل الثاني لا شك الثاني أدل على كون الوصف علة لأنه لما ترتب الحكم وجوداً وعدماً على هذا الوصف أفاد ظناً في النفس أنه علة وأنه وصف مناسب قالوا لأنه كرد وأما العكس وهو انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف لا يؤثر في كون الوصف علة لعدم اشتراطه فيما سبق في العلة الشرعية السابقة لأننا أثبنا هناك كونه وجودياً قلنا هل يشترط انعكاس العلة؟ قالوا لا لا يشترط انعكاس العلة أليس كذلك؟ وكما في الشروط السبعة السابقة كون الجامع يصلح للاعتبار فتترتب عليه أحكام لابد أن يكون طردياً كلما وُجد وُجد الحكم لكن هل يلزم العكس؟ الجواب لا، قالوا هنا هذا الثاني الدوران الوجودي العدمي هو عين الأول السابق هو عينه لماذا؟ لأن وجود الحكم مع وجود العلة هو عين الطرد وهو باطل في إثبات العلية بقي ماذا؟ انتفاء الحكم لانتفاء العلة أو الوصف المناسب هذا ليس بشرط لأنه عكس والعكس ليس داخلاً في ماهية الجامع أو لم يُجعَل شرطاً من شروط الجامع السابقة لأنه طرد والعكس وهو انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف لا يؤثر لعدم اشتراطه في الحجج الشرعية إذاً شرط وجودياً وهنا في الانتفاء وعليه نقول أيهما أولى أن نقول إنه يثير ظناً في نفس المجتهد لتعلق هذا الوصف بالحكم وجوداً وعدماً أو نجعله كالأول؟ جماهير الأصوليين على الأول أنه يُجعَل مفيداً لظنية العلة لأن العلة لا يشترط أن تكون مقطوعاً بها لأن هذا استنباط والاستنباط اجتهاد والاجتهاد لا يجب أني كون قطعياً حينئذ إذا نظر واستخرج واستنبط العلة وظن ظناً راجحاً أن هذا الوصف هو العلة لتوقف الحكم بوجود العدم عليه حينئذ

لا بأس أن يجعل هذا الوصف علة ولذلك جمهور الأصوليين على هذا، ووجود مفسدة في الوصف مساوية أو راجحة قيل يخرم مناسبته وقيل لا إذا وُجد نقول الوصف لابد أن يكون مناسباً قد يشتمل الوصف المناسب ويقترن به علة مفسدة هذه المفسدة قد تكون راجحة وقد تكون مساوية إذا وُجدت المفسدة مع الوصف المناسب سواء كانت راجحة أو مساوية هل ينفي كونه وصفاً مناسباً أو لا؟ هذا محل النزاع أما أنه تخلف الحكم عند وجود المفسدة أو الراجحة أو المساوية للوصف المناسب هذا باتفاق كلمة واحدة لا خلاف فيه الحكم متخلف يعني لا يوجد يرتفع الحكم وينعدم لكن يبقى السؤال هل الوصف المناسب الذي اقترن به الحكم في الأصل هل نقول هذا الوصف أزاله وجود مفسدة أو نقول باقي كما هو والمفسدة سواء كانت راجحة أو مساوية تعتبر مانعاً مع وجود الوصف المناسب؟ هذا محل النزاع قال ووجود مفسدة في الوصف المناسب قيده مساوية أو راجحة قيل يخرم مناسبته يعني ينفيها ويُبطلها فيجعله غير مناسب يعزلها من أصله فحينئذ لا يوجد عندنا وصف مناسب لماذا؟ لأنه فيه وصف مناسب وفيه مفسدة راجحة أو فيه مفسدة مساوية هذا يأباه العقلاء أن يحكم على الشيء بأنه وصف مناسب وهو مصلحة تترتب عليه الأحكام الشرعية حينئذ يقترن به في نفس الوقت مفسدة قالوا هذا يأباه النظر الصحيح لذلك قيل يخرم مناسبته أي ينفيها ويفسدها فتُلغى المصلحة يعني ليس عندنا في مصلحة في هذه المسألة وهو قول الجماهير من الأصوليين لماذا؟ لأن المناسب هو ما لا يعارضه مفسدة مساوية أو راجحة فلا يكون مناسباً حينئذ عند العقلاء وقيل لا إذا اقترن بالوصف المناسب مفسدة راجحة أو مساوية لا تنخرم المناسبة بل هي باقية لماذا؟ لأن الوصف حينئذ قد تضمن مصلحة ولزمته مفسدة فوجب اعتبارها لاختلاف الجهة كما قيل في الصلاة في الدار المغصوبة فيه مصلحة وفيه مفسدة وجهة منفصلة إذاً فيه خلاف واتفقا الفريقان على عدم الحكم ليس الخلاف في ترتب الحكم لأنه كما هو معلوم أن المفسدة إذا كانت راجحة على المصلحة فحينئذ إما تحرم أو كراهة فحينئذ لا يقال بأنها مصلحة لأن المصلحة إذا وُجدت إما إيجاب وإما استحباب المصلحة إن وجدت خالصة أو راجحة إما إيجاب وإما استحباب فإذا اقترن بها مصلحة مفسدة مساوية أو راجحة فالراجحة حينئذ تقتضي التحريم أو الكراهة وإذا كانت مساوية حينئذ نُظر في اعتبار الحال واتفقا الفريقان على عدم وجوب الحكم وإنما الخلاف في تسميته صفاً مناسباً أو لا.

وقال النظّام الذي سبق أنه ينكر حجية القياس وقال النظّام يجب الإلحاق بالعلة المنصوص عليها بالعموم اللفظي لا بالقياس يعني إلحاق الفرع بالأصل هذا لا ينازع فيه النظام إنما يقول بإلحاق الفرع بالأصل لكن من جهة اللفظ لا من جهة القياس فيكون حينئذ إلحاق الفرع بالأصل بكونه داخلاً في عموم الأصل فيجعل الأصل مُنزلاً مُنزلة العموم اللفظي ويجعل الفرع فرداً من أفراد ذلك العموم إذاً ليس عندنا قياس، يجب الإلحاق والإلحاق فرع بالأصل بالعلة المنصوص عليها يعني عن طريق العلة الثابتة بالنص أين الإجماع؟ بالعموم اللفظي يعني من جهة اللفظ من كونها عامة ورد بصيغة العموم وليس الإلحاق بالقياس لأنه يمكن القياس من أصله وإذا كان يمكن القياس فالأصل أننا لا نجادله إذ لا فرق لغةً بين قول القائل (حرمت الخمر لشدتها) وبين (حرَّمت كل مشتد) هنا رأى أن لا فرق بين اللفظين ولا ندري هل هو عربي الأصل أم أعجمي؟ حرمت الخمر لشدتها هل هو مساو لقول القائل حرَّمت كل مشتد؟ فيُجعَل الأول فرداً من أفراد الثاني لماذا؟ لأن النبيذ هذا مشتد فأي النصين يدخل فيه النبيذ؟ الثاني حرَّمت كل مشتد لأن هذا صيغة عموم حرمت الخمر لشدتها هل هذا يفيد تحريم النبيذ أو ما ُجد فيه الشدة غير الخمر؟ هل فيه دلالة؟ الجواب لا وإنما يدل على تحريم الخمر خاصة وقوله حرمت كل مشتد يدل على تحريم كل ما وجدت فيه صفة الشدة فكيف يُعجَل هذا الخاص مساوياً للعام ولذلك قال وهو خطأ يعني قول النظام هذا خطا لا نسلمه فالعبارتان مختلفتان بعدم تناول حرمت الخمر لشدتها كل مشتد غيرها هذا واضح حرت الخمر خمر واحد لشدتها هذا يحكم بأن العلة هنا قاصرة فحينئذ كيف تبطل حكم النبيذ بشدة الخمر وهي محتملة أنها علة قاصرة لذلك قال وهو خطأ أي استواء العبارتين هذا لا يُسلم لعدم تنازل حرمت الخمر لشدتها العبارة الأولى كل مشتد غيرها. ولولا القياس وهو الفرع بالأصل كالنبيذ للخمر لاقتصرنا عليه يعين تحريم الخمر فقط، فتكون فائدة التعليل دوران التحريم مع الشدة فتكون فائدة التعليل في قوله وشدتها والفائدة منها دوران التحريم مع الشدة فيزول الحكم الذي هو التحريم عند زوال العلة التي هي الشدة إذاً قوله حرمت الخمر لشدتها هذا ليس فيه عموم وإنما يدل على تحريم الخمر خاصة ثم قول لشدتها هذا لا يُلحق الفرع بالأصل لماذا؟ لأنه إن كان فيه فائدة كما سبق أن التعليل بالعلة القاصرة فيه فائدة وهو كونها قاصرة فلا يُلحق الفرع بالأصل فيها ثم كون الحكم مرتباً على هذه العلة هذه فائدة أيضاً ولو كانت قاصرة ثم وجود هذا الحكم مع العلة وجوداً وعدماً يعني يدور معها في محلها ولا يلزم من ذلك إلحاق الفرع بالأصل هذا كل قول النظام فاسد من أصله.

ثم قال وأنواع القياس أربعة من أي حيثية بالنظر إلى الجامع بين الفرع والأصل أربعة وإنا كان أكثر الأصوليين على أنها ثلاثة لأنه ذكر القياس الخاص وأكثرهم على أنه باطل فالأكثر على أنها ثلاثة لإسقاط قياس الطرد لعدم اعتبره قياس العلة وهو ما جمع فيه بالعلة نفسها ما جُمع يعني أُلحق الفرع بالأصل فيه بين الأصل والفرع بالعلة نفسها سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة إذا كان الجماع هو عين العلة فنقول هذا قياس العلة أُضيف إليها لأن هي التي عرفت القياس فإذا جُمع النبيذ أو قيس أُلحق فرع النبيذ بالخمر بالإسكار نقول هنا قياس والجامع بينهما العلة نفسها وقياس الدلالة الثاني وهو ما جمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة يعني ما يدل على العلة إما بملزومها أو أثرها أو حكمها يعني شيء يلازم العلة الإسكار أو أثر العلة أو حكم العلة فإذا كان الجامع ليس عين العلة نفسها وإنما هو ملزومها أو أثرها أو حكمها قيل هذا قياس الدلالة مثل قياس النبيذ على الخمر بجامع الرائحة الكريهة والشدة المطربة قلنا الشدة المطربة هذه لازم من لوازم الإسكار فإذا كان الجامع بين الأصل في الفرع هو عين الرائحة الكريهة نقول ما الجامع بينهما؟ دليل العلة وليس هو عين العلة فإنه يلزم من وجود الشدة وجود الإسكار وكذلك إلحاق القتل بالمثقل بالقتل بالمُحدد في القصاص بجامع الإثم الإثم هذا حكم أو ماذا؟ حكم يترتب الإثم الحكم عقاب ... أحكام الشرع لأن الإثم هو أثر العلة والعلة هي القتل العمد العدوان إذا جُمع بين القتل بالمُثقل على القتل وهو الفرع على القتل للمحدث لأنه هو الأصل كالسيف مثلا هذا أصل هذا عمد عدوان ولذلك إذا نُظر أنه قتل بسيف فيعقل أن قاتل عمداً وإذا دهسه بالسيارة ونحوها نقول هذا الظاهر أنه ليس بعمد لأن الأصل لا يقتل بمثل السيارة ونحوها فالأصل أنه من باب الخطأ فإذا جُمع بين القتل والقتل وكان القتل بالمثقل فرعاً والقتل بالمحدد أصلاً بجامع الإثم نقول هذا بحكم واحد بحكم العلة، ما جُمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة ليلزم من اشتراكهما يعني يدل الاشتراك هنا في الدليل دليل العلة على اشتراكهما في العلة لأنه إذا اشتركا في الشدة المطربة حينئذ اشتركا في الإسكار إذا اشتركا في الشدة المطربة أو الرائحة الكريهة اشتركا في الإسكار فقال ليلزم من اشتراكهما يعين في الدليل فيه وجودها الذي وجود العلة فيلزم اشتراكهما حينئذ في الحكم.

وقياس الشبه هذا سبق معنا وقد اختلف في تفسيره فقال القاضي يعقوب هو أن يتردد الفرع بين حاظر ومبيح قالوا كالذي المتردد بين المني والبول قالوا المني المزي هذا المتردد بين المني والبول لماذا؟ قال لأنه هو كالبول يحتمل أنه كالبول ويحتمل أنه كالمني وينبني على هذا لو ألحق بالبول صار نجساً ولو أُلحق بالمني صار على القول بطهارته، فيلحق بأكثرهما شبهاً وقيل هو الجمع بوصف يوهم اشتماله على المظنة من غير وقوف عليها هو الجمع بوصف يُوهم هذا الوصف يُوهم اشتماله يعني يُظَن أن هذا الوصف مشتمل على الحكم إذاً من باب الظن هذا وصف يُوهم هذا الوصف ويُظَن يعني ظن المجتهد عنده اشتماله على المظنة وهي الحكمة من جلب نفع أو دفع ضر من غير وقوف عليها من غير أن يقف على عين العلة يعني من غير قطع لوقوفها لكن الشارع اعتبره في بعض الأحكام ولكن الأولى ما ذكرناه في السابق وهو أن يكون فرع تردد بين أصلين هذا هو المشهور أن يكون فرع تردد بين أصلين مختلفين في الحكم فيُلحَق بأيهما أو بأكثرهما شبهاً وهو صحيح في إحدى الروايتين يعني وهو قياس صحيح في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى وأحد قولي الشافعي وهو قول الجمهور لكن يعتبر قياساُ ضعيفاً يعين لا يُلجًا إليه إلى عدم وجود أي دليل هذا ما يسمى بقياس الشبه يسمى بالشبه لتردده بالشبه بين الوصف المناسب والوصف الطردي فعدم تحقق مناسبة فيه أشبه الطردي ولعدم تحقق انتفاءها أشبه المناسب هذا قول اختاره المصنف هنا ولم يذكر غريه وقيل قياس الشبه لا يصح لأنه قائم على المناسبة المتوهمة والأصل عدم العمل بالظن إلا إذا كان راجحاً.

والرابع قياس الطرد وهو ما جمع فيه وهذا قل من يذكره ما جمع فيه بين الفرع والأصل بوصف غير مناسب كالطول والقصر والسواد أو ملغى قد يكون الوصف ملغى بالشرع أو يكون الوصف ملغى بالشرع إذا كان كذلك كيف يُجعل قياساً مستقلاً نقول القياس هذا لذلك ... لفظ المشبه ولذلك ابن القيم رحمه الله تعالى قال لم يرد مده ولا ذمه في الشرع وهذا شأن الألفاظ المحملة لأنه يشمل القياس الضعيف والقياس الباطل وليس كل قياس يكون فاسد وما ورد عن السلف من ذم الرأي والقياس فمحمول على قياس الفاسد ومثل هذا وما ورد من مدح القياس ونحو ذلك فالمراد به القياس ... وما روي من ذمه فقد عُلي به .... على الفساد قد بُني، أو ملغى أن يكون الوصف مُلغى يعني هل يمكن أن يقول قائل أعتق رقبة لكونه أعرابياً ثم إذا جاء أعجمي مسلم يقول لا جامع في نهار نقول لا ليس الحكم لك هذا ما يمكن القول به أو يكون الوصف ملغى مثلاً كاشتراك الابن في الإرث مع البنوة من الميت هذا وصف يجعله مناسبة حينئذ في الميراث هل سوى الشرع بين الذكر والأنثى؟ هل سوى؟ لم يسوي لو قال قائل الذكر هذا ابن للميت والبنت الأنثى بنت للميت إذاً استويا حينئذ نسوي بينهما ما الفرق بينهما إذا كانت الأنثى نصف المجتمع ما الفرق بينهما؟ نقول هذا باطل ألغاه الشرع {ولِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} هذا نص إذاً جاء النص دائماً نربط المصلحة أو المفسدة بورود الأمر أو النهي فإذا جاء تشريع ما {ولِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} نقول المصلحة في عدم تسوية الذكر بالأنثى في هذا وتسويته بين الذكر والأنثى في هذا مفسدة وليست بمصلحة ومهما تصور العقل من كون المصلحة الموجودة في التسوية في الميراث نقول هي مصلحة متوهمة ولا يمكن اعتبارها وهو باطل ما هو؟ قياس الطرد لماذا يذكره وأربعتها تجري في الإثبات أربعتها يعني هذه أربعة قياس العلة وقياس الدلالة وقياس الشبه وقياس الطرد، وأربعتها تجري في الإثبات يعين إثبات الحكم الأصلي للفرع لأن القياس كما سبق قد يكون في المطلق وقد يكون .... يعني ثقيل حكم على حكم في الإثبات وتقيس حكم منفي لتصل إلى حكم منفي هذا سبق بيانه.

وأما النفي فطارئ وأصلي وأما النفي إذاً هذه الأربعة تجري في الإثبات قياس العلة يجري في الإثبات وقياس الدلالة يجري في الإثبات إثبات الأحكام الشرعية وقياس الشبه وقياس الطرد وأما النفي فلا لابد من التفصيل لأن النفي قسمان كما قال هنا فطارئ وأصلي إذاً النفي قسمان طارئ وهو ما تقدم ثبوته ونفي أصلي الذي لم يتقدمه ثبوت كنفي صلاة سادسة هذا لم يتقدم أنه ثبت صلاة سادسة ثم ننفي لا أصالة وهو ما يسمى بالبراءة الشرعية البراءة الأصلية أو الإباحة العقلية أو استصحاب العدم سبق بيانه، فطارئ كبراءة الذمة من الدين فيجري فيه الأولان كالإثبات فطارئ كبراءة الذمة فطارئ يعني كنفي طارئ كبراءة الدين مثل براءة الذمة من أي شيء؟ من الدين براءة الذمة هذا نفي طارئ بعد ثبوت الدين في الذمة يعني ثبت الدين هذا مراده بهذا ثبت الدين في الذمة ثم نفاه نقول هذا نفي طارئ لأن الدين أولاً ثبت ثم بعد ذلك ورد النفي بعد أن تقدم الثبوت فيجري فيه الأولان ما هما الأولان؟ قياس العلة وقياس الدلالة وهذه التثنية صحيحة هذه؟ من باب التغليب لأن الأول بمعنى الأسبق فالأولان الأسبقان فكيف يكون أسبقان إلا إذا جُعل الأول وهذا لم يجعله إلا إذا جُعل التقسيم ثنائي كدلالة قياس علة يقابله قياس شبه أو طرد لكن هذا طرد هنا لا يمت للصواب، براءة الذمة نفي طارئ بعد ثبوت الدين في الذمة قال فيجري فيه الأولان يعني قياس العلة قياس الدلالة لماذا؟ لأنه حكم شرعي النفي حكم شرعي كما أن الإثبات يكون حكم شرعي فكما جرى قياس العلة في الحكم المثبت كذلك يجري قياس العلة في لحكم المنفي وكما جرى قياس الدلالة في الحكم المثبت يجري كذلك في الحكم المنفي والمنفي في النوعين هو المنفي على جهة الثبوت يعني الذي تقدمه ثبوت، كالإثبات يعني كما جرى في الإثبات والإثبات حكم شرعي مثال قيا العلة في النفي الطارئ قالوا علة براءة الذمة من دين الآدمي هي أداء الدين متى تبرأ الذمة من دين الآدمي؟ إذا أداه نقول قبل الدين الذمة بريئة وإذا تعلق الدين انشغلت الذمة بماذا تبرأ الذمة؟ بأداء الدين إذاً العلة في براءة الذمة من الدين دين الآدمي أداءه والعبادات هي دين الله تعالى على العباد حينئذ متى تبرأ الذمة ذمة المكلف بالعبادات؟ بأدائها فأدائها علة البراءة منها بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة فدين الله أحق بالقضاء، ومثاله في قياس الدلالة الاستدلال بانتفاء خواص الشيء على انتفائه هذا مثلنا له أم لا؟ الاستدلال بانتفاء خواص الشيء على انتفائه تحرم لا يصح بيع الخمر لماذا؟ لأنها ليست بطاهرة لا تنفي لأن يكون النفي في الموضعين لا يصح بيع الخمر لعدم طهارتها فحصل النفي في ماذا؟ بانتفاء خواص الشيء لأن الخمر من خواصها أنها تباع وتشترى فإذا نُفي إحدى الخواص استلزم نفي الأخرى لا يحل لا يجوز بيع الخمر لعدم طهارتها وكلاهما نفي هذا في النفي الطارئ لأن الخمر الإسكار قد يكون طاهراً يكون عصير أولاً ثم بعد ذلك توجد فيه الشدة فيوجد الحكم يكون عصيراً مباح يشربه حلال بالإجماع ثم تحصل له نوع الشدة المطربة فيلحقه الحكم الشرعي وهو التحريم إذاً صار طارئاً.

وأصلي يعني النفي الأصلي وهو الذي لم يتقدمه ثبوت كنفي صلاة سادسة وهو البقاء على ما كان قبل الشرع وهذا سبق أيضاً بيانه في قوله وجودي هناك قلنا قياس الدلالة إنما يدخل أو النفي الاستدلال باستيفاء الشيء عن استيفاء مثله إنما يدخل قياس الدلالة فقط دون قياس العلة وأما الأصلي وهو البقاء على ما كان قبل الشرع وهو البراءة الأصلية فليس بحكم شرعي لماذا؟ لأنه لم يثبت بورود الشرع لم يثبت هذا النفي بورود الشرع فنقول الأصل عدم التكليف الأصل عدم إيجاب الصلاة الأصل عدم إيجاب الصيام نقول هذا موافق للبراءة الأصلية لأن الأصل عدم الشرع ولا يُحكَم بإيجاب شيء أو تحريم شيء إلا بدليل شرعي وهذا ما يسمى بالبراءة الأصلية أو الإباحة العقلية وما من البراءة الأصلية قد أُخذت فليست الشرعية يعني الإباحة ليست شرعية، فليس بحكم شرعي وإنما هو سابق على الشرع ولا حكم إلا بدليل من الشرع ليقتضي علة شرعية إذا انتفى كونه حكماً شرعياً حينئذ انتفت العلة الشرعية لأن العلة الشرعية هذه من أين نأخذها؟ من النص أو الإجماع أو الاستنباط من النص فإذا انتفى النص كلياً حينئذ انتفت العلة الشرعية وإذا انتفت العلة الشرعية كيف يكون قياس الدلالة أين الجامع ليست عندنا جامع إذاً فليس بحكم شرعي ليقتضي ويطلب علة شرعية لأن البراءة الأصلية لا تفتقر إلى علة أو إلى سبب فيجري فيه قياس الدلالة فقط دون قياس العلة إذاً فرق بين النفي الطارئ والنفي الأصلي النفي الطارئ يجري فيه قياس العلة وقياس الدلالة قياس الدلالة لا إشكال فيه وأما قياس العلة لكون النفي قد طرأ بعد ثبوت الشرع فحينئذ وُجدت العلة الشرعية وحينئذ صح الجمع بين الفرع والأصل بعلة شرعية وأما النفي الأصلي فهذا لا يصح القياس فيه إلا قياس الدلالة ولا يصح قياس العلة لأن العلة هنا علة شرعية لا عقلية وإذا كانت البراءة الأصلية قبل ورود الشرع حينئذ ليست عندنا علة شرعية وإذا انتفت العلة الشرعية انتفى قياس العلة إذاً فيجري فيه قياس الدلالة فقط ومعنى قيا الدلالة هنا في النفي الأصلي وقد سبق بيانه الاستدلال بانتفاء الحكم عن شيء في انتفاءه عن مثله وهذا ممكن حتى قبل ورود الشرع فيُستدل على انتفاء وجوب الوتر بانتفاء دليل الوجوب نقول لا يجب كذا لعدم دليل الوجوب لا تجب صلاة سادسة لعدم دليل الوجوب لا يجب صوم شهر غير رمضان لعدم وجوب الدليل المقتضي لذلك وهذا الانتفاء يستلزم أو يترتب عليه أحكام كثيرة.

ثم قال والخطأ يتطرق إلى القياس من خمسة أوجه إذاً القياس يقبل الخطأ لماذا؟ لكونه نوعاً من أنواع الاجتهاد والاجتهاد قابل للخطأ إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر حينئذ دل على أن الاجتهاد قابل ومنقسماً إلى خطأ وصواب وليس مجتهد مصيب. والخطأ يتطرق إلى القياس من خمسة أوجه أن يكون الحكم تعبدياً كيف تطرق الخطأ هنا ما وجهه؟ العلة لا تتعدى ويشترط كما سبق أن يكون الحكم معللاً معقول المعنى فإذا لم يكن معقول المعنى وصار الحكم تعبديا وظن المجتهد أن ثم علة والأصل أن العلة حكم تعبدي نقول القياس يكون كيف شأنه قياس فاسد باطل أليس كذلك لأنه ظن ما هو متعبد ظنه معقول المعنى هو لا يأتي إلى المسألة ويظن أنها تعبدي ويقيم علة متكلفة – لا - هو يعتقد ما هو متعبد به يعتقده معقول المعنى هذا وجه خطأ هذا ليس مما يتعمد المجتهد يأتي إلى الصلوات أوقات الصلاة فيقس عليها – لا – وإنما يظن في نفسه أنا هذا الحكم معقول المعنى والأصح أنه متعبد به أن يكون الحكم تعبدياً أي يخطئ علته عند الله تعالى هذا ليس مكلفاً به يعني يقول بألا يصيب علته في نفس الأمر لكن الناظر يجتهد وهنا لا يمكن أن يقطع قاطع بأن هذه العلة عينها ولذلك عينها ولذلك يجب الكيل والطعم والقياس إلى آخره هي يقطع بأن العلة هذه هي عينها عند الله جل وعلا؟ الله أعلم ولكن .... علامات تدل وأمارات تدل على أن العلة كذا حينئذ إذا نظر المجتهد وفهم العلة وغيره نظر في أدلة أخرى وفهم علة مغايرة كل فهم العلة الشرعية التي أمر الله بها وعلق الحكم عليها فيما يظنها وهو مكلف عن ظنه هو وليس مكلف عن ظن غيره هذا فيه نظر، أو يقصر في بعض الأوصاف يعني لا ..... العلة قد تكون مرتبة القتل العمد العدوان فيكون القتل هنا قصاص مرتباُ على القتل العمد ويسقط العدوان حينئذ نقول هذا قصر أو القصر في تنقيح العلة فيقول بكونه أعرابياً أثر أو وقع أهله في رمضان فيجمع معه وصفاً يظن أنه معتبره ليس بمعبر، أو يظن وجودها في الفرع وليست موجودة فيه يعني يظن أن تلك العلة قد وُجدت في ذلك الفرع فإذا نُظر فإذا الفرع به خالياً عن ذلك الوصف المناسب هذه خمسة أشياء لكل واحد منها ناقض وقادح عند الأصوليين يُعرَف بقوادح العلة.

ثم قال لما ذكر ما ذكر من أحكام القياس وهي لم يجري فيها المصنف على المشهور عند أرباب التصنيف ولكنه أرادها متتالية ومتتابعة وقال والاستدلال هذا الأصل ملحق خاص والاستدلال هذا استفعال كالاستخبار طلب الخبر والاستفهام طلب الفهم والاستدلال طلب دلالة الدليل يعني من جملة الطرق المفيدة في الأحكام الاستدلال والاستدلال أي من جملة الطرق التي يكتسب منها الأحكام أو تفيد الأحكام الاستدلال وهو طلب الدليل وهذا له معنيان عنى عام الاستدلال طلب الدليل يعني ما الدليل على وجود صلاة أو استحباب صلاة الوتر نأتي بالدليل بنص أو يأتي بإجماع أو يأتي بقياس هذا يسمى استدلالا عاماً وليس المراد هنا في كلام المصنف وإنما أراد به بعض أنواع الاستدلال لكنها ليست على طريقة أهل العلم ولكنها على طريقة المناطقة يعني القياس المنطقي، لذلك قال هنا والمراد هان بالاستدلال معنى أخص وهو دليل لكنه ليس بنص ولا إجماع ولا قياس ماذا يريد به هذا؟ دليل ليس بنص ولا إجماع ولا قياس إذاً لا خير فيه إذا لم يكن نصاً ولا إجماع ولا قياس، قال والاستدلال ترتيب أمور معلومة يلزم من تسليمها تسليم المطلوب إن القياس للقضايا صُور مستلزماً بذات قول عن ..... ، هو هذا القياس المنطقي، ترتيب أمور معلومة مقدمات مقدمة صغرى ومقدمة كبرى يلزم من تسليمها يعني من التسليم بهاتين المقدمتين قد يعارضها معارض يقول لا لا أسلم للمقدمة الصغرى بل هي باطلة أو الثانية يلزم من تسليمها والقول بها واعتقادها تسليم المطلوب وهو النتيجة فإن لازم المقدمات بحسب المقدمات آن لماذا؟ لأنه صدق في المقدمتان لزمت منه نتيجة على متغير وكل متغير حادث والعالم حادث، إذاً ترتيب أمور معلومة قال أمور ليشمل مقدمتين فأكثر فالمقدمة الواحدة لا تفيد وإنما إذا رُتبت مقدمة ثانية حينئذ سُمي قياس ولذلك قال إن القياس من قضايا أتى بقضايا وأقل الجمع ثلاثة حينئذ يلزم منه أنه لابد من تركيبه من ثلاث مقدمات نقول لا المراد به إطلاق الجمع والجمع باثنين لأن الواحد لا يصلح لأن يكون قياس منطقي، ترتيب أمور معلومة يلزم من تسليمها تسليم المطلوب وصوره كثيرة صور هذا الاستدلال أو القياس المنطقي كثيرة منها البرهان وهو أجلها أجلها البرهان وما أُضيف منه من مقدمات باليقين تقترن هو هذا المنطق فعلاً.

ومنها البرهان وهو لغة الدليل {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} إذاً البرهان يطلق على الدليل في الاصطلاح الدليل المرتب من مقدمات يقينة لابد أن تكون مقدمات يقينة يعني مقدمة صغري وكبرى يقينة مثل العالم يقيني ودليل إجماعه الحس وكل متغير حادث يلزم منه العالم حادث هذه مقدمة نتيجية يقين لترتبها من مقدمتين أو لكونها ملزومة بمقدمتين يقينيتين فإذا كانت الصغرى والكبرى مقدمتين يقينيتين صار برهاناً وإذا كانت الأولى ظنية والثانية يقينية أو بالعكس أو كانتا ظنيتين فهو ظني لأن المركب من ظني وقطعي أو يقيني فهو ظني ولو كانت إحدى المقدمتين قطعية إذاً عرفنا البرهان في الاصطلاح الدليل المرتب من مقدمات يقينية وهو أعلى أنواع القياس عند المناطقة أجلها البرهان ما أُلف من مقدمات باليقين تقترن، وهو ثلاثة أنواع برهان الاعتلال باللام برهان الاعتدال وهو قياس بصورة أخرى ليس هو القياس السابق الذي حده حمل فرع على أصل في حكم لجامع بينهما هذا قياس لكنه ليس القياس عند المناطقة وهو قياس يعني هو ليس بالصورة المعلومة المتقدمة عند الأصوليين بل هو بصورة أخرى تنتظم من مقدمتين ونتيجة كما ذكرناه في المثال السابق وهذا هو القياس المنطقي، ومعناه أي معنى هذا البرهان برهان الاعتلال واحد معين تحت جملة معلومة هذا شرط عندهم لابد أن تكون الثانية مشتملة على جزء من الأولى ولذلك لو قيل الإنسان حيوان والفرس صحابي هذه ليست بنتيجة لا يلزم منها نتيجة لماذا؟ لعدم الارتباط أين الحد الأوسط؟ ليس عندنا الحد الأوسط بينما لابد أن تكون الثانية داخلة في ألأولى العالم متغير وكل متغير حادث إذاً متغير لابد أن تأتي كلمة مشتركة بين المقدمتين يصح دخول الأولى تحت الثانية على كل فهم هذه البراهين هكذا صعب وإنما يُرجع إلى شخص علة المنطق، ثم قال كقولنا النبيذ مسكر وكل مسكر حرام النبيذ هذا موضوع مقدمة صغرى مُسكر هذا محمول وكل مسكر حرام إذاً محمول الأولى جُعل موضوعاً في الثانية وهذا قياس من الشكل الأولى حمل بصورة وضعه بكبرى يُجعل شكل أول وإدراك إذاً إذا جُعل الحد الوسط محمولاً في الصغرى موضوعاً في الكبرى هذا الشكل الأول وهو أعلاها، وكل مسكر قال إدخال واحد معين تحت جملة أين الإدخال هنا؟ النبيذ النبيذ أُدخل تحت قوله كل مسكر دخل معنى يلزمه لابد من هذا لابد من ارتباط بين جملتين وهذا ما يسمى بالحد والوسط النبيذ هذا محكوم عليه في الصغرى ومُكسر هذا هو المحمول وكل مُسكر ومنه النبيذ حرام فينتج النبيذ حرام.

وبرهان الاستدلال وهو أن يستدل على الشيء بما ليس موجباً له يعني بما ليس علة موجبة له ولكن تثبت علته بوجه من وجوه الدلالة العقلية يعني لا يلزم من وجود العلة وجود الأثر وإنما بوجه من وجوه الدلالات العقلية يستدل على الشيء وهذا الوجه وجه الاستدلال في البرهان برهان الاستدلال ثلاثة أشياء إما خاصيته أو نتيجته أو بنظيره يعني كيف نستدل على الشيء بما ليس موجباً له؟ إما نستدل عليه بخاصيته الذي هو الخاصة يسمى عند المناطقة أو بالنتيجة الأثر أو بالنظير كأن النظير مساو لنظيره سواء من جهة الإثبات أو النفي، إما بخاصيته يعين الاستدلال على الشيء بوجود خاصيته لأن وجود الخاصية يدل على وجود ذي الخاصة صاحبها كما قلنا الشدة المطرية تدل على وجود الإسكار إذاً دليل أو لا؟ صار دليل العلة، وعدمها يدل على عدمها إذا لم توجد الشدة المطربة انتفى الإسكار مثل ذلك بمثال شرعي قال كالاستدلال على نفلية الوتر بجواز فعله على الراحلة فيُقال الوتر يُؤدى على الراحلة هذه مقدمة صغرى وكل ما يُؤدى الراحلة فهو نفل فالوتر نفل الوتر يُؤدى على الراحلة وهذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفل على الراحلة وما يُؤدى على الراحلة نفل لأنه قال غير أنه لا يصلي عليه ... فدل على أن الحكم خاص بالنافلة إذاً وما يُؤدى على الراحلة نفل فالوتر نفل هذا دليل برهان الاستدلال، كالاستدلال على نفلية الوتر بجواز فعله على الراحلة، أو نتيجة يعني الاستدلال على الشيء بوجود نتيجته أي ومن أنواع الاستدلال استدلال البرهان أو برهان الاستدلال استدلال بوجود نتيجة الشيء على وجوده كقوله لو صح البيع لأفاد الملك يعني استدل هنا بنتيجة صحة البيع البيع إذا صح ترتبت عليه الآثار حينئذ إذا أفاد الملك هذه نتيجة إذاً وُجد إفادة الملك التمليك والملك نقول دل على أن البيع صحيح إذاً دل على النتيجة أم لا؟ دل على النتيجة أو نتيجته كقوله لو صح البيع لأفاد الملك يعني الاستدلال على صحة البيع وحصول ثمرته وأثاره ونتيجته وهي الملك والاستدلال على عدم صحة البيع بعد حصول ثمرته حينئذ نقول لو صح البيع لأفاد الملك ثبوت الملك يدل على ثبوت أو صحة البيع ثبوت الملك يدل على صحة البيع لأنه نتيجته وأثاره وهو المقصود من البيع، أو بنظيره وهل عدم صحة البيع يدل على عدم الإفادة إفادة الملك؟ نعم إذاً يثبت وجوداً وعدماً، أو بنظيره أي الاستدلال على الشيء بنظيره ثم النظير هذا يختلف قد يكون بالنفي على النفي وقد يكون بالإثبات على الإثبات وقد يكون بالإثبات على النفي أو يكون بالنفي على الإثبات أربعة أحوال إذاً الاستدلال على الشيء بنظيره قد يكون على جهة الإثبات أو النفي واثنين في اثنين بأربعة.

إما بالنفي على النفي وهذا يسمى بتلازم بين حكمين منفيين كقوله لو صح التعليق لصح التنجيز وهذا الظاهر المراد به الطلاق التنجيز أن يطلق مباشرة والتعليق أني علقها لو خرجت فأنت طالق لو صح التعليق لصح التنجيز هذا في قوة قوله لو لم يصح التنجيز لم يصح التعليق لأن لو تفيد انتفاء الشيء بانتفاء غيره لو جاء زيد لأكرمته انتفى الإكرام لانتفاء زيد هنا قال لو صحي التعلق إذا لو لم يصح التعليق لم يصح التنجيز إذاً انتفى التنجيز بانتفاء التعليق لو لم يصح التنجيز لم يصح التعليق هذا استدلال بالنفي على النفي وهو تلازم بين حمين منفيين، أو بالإثبات على الإثبات يعني تلازم بين حكمين ثبوتيين كقوله لو لم يصح طلاقه لما صح ظهاره يعين من صح طلاقه صح ظهاره فالاستدلال حينئذ بصحة الطلاق على صحة الظهار يثبت بالنفي أو بالإثبات؟ بالإثبات صحة الطلاق دليل على صحة الظهار من صح طلاقه صح ظهاره، أو بالإثبات أي الاستدلال بالإثبات على النفي وهذا ما يسمى بالتلازم بين الثبوت والنفي كقوله لو كان الوتر فرضاً لما صح فعله على الراحلة إذاً فصح فعله على الراحلة انتفي كونه فرضاً صحيحي؟ لو كان الوتر فرضاً لما صح فعله على الراحلة فصح فعله على الراحلة فانتفى كونه فرضاً، أو بالنفي على الإثبات يعني تلازم بين نفي وثبوت كقوله لو لم يجز تخليل الخمر لحرم نقلها من الظل إلى الشمس وما حرم فيجوز لو لم يجز تخليل الخمر لحرم نقلها من أي شيء؟ من الظل إلى الشمس وما حرم نقله وما حرم هذا نفي وما حرم نقله يعني من الظل إلى الشمس حينئذ يجوز تخليلها هنا استدل بماذا؟ يجوز تخليل الخمر لأنه لا يحرم نقلها، قال ويلزمه بيان التلازم ظاهراً لا غير ينبغي في مثل هذا قياس النظير هنا على نظيره في النفي أو الإثبات ينبغي أو يبين التلازم بينهما وجه التلازم أي يلزم المستفيد بهذا البرهان أن يُبين التلازم بين اللازم والملزوم فالملزوم مدخول لو واللازم مدخول اللام الملزوم دخول لو واللازم هو مدخول اللام لو صح نقول لو صح التعليق هذا ملزوم لصح التخيير هذا لازم أو لصح التنجيز.

ثم قال وبرهان الخلف هذا النوع الثالث برهان اعتلال وبرهان الاستدلال وبرهان الخلف بفتح الخاء وإسكان اللام وعند المناطقة الأكثر الخُلف بضم الخاء، وهو كل شيء تَعَرَّضَ فيه بإبطال مذهب الخصم للزوم صحة مذهبه يعني فإذا أبطله تعين صحة مذهبه بدلاً من أن يشتغل بإثبات مذهبه يذهب إلى مذهب الآخرين فيبطلها يعني هل يجوز غسل النجاسة بالماء أو لا؟ فيه مذهبان هو يُرجح أنه لابد من الماء فيذهب يبطل المذهب الآخر فيتعين حينئذ مذهبه، قال وهو كل شيء تَعَرَّضَ فيه بإبطال مذهب الخصم للزوم صحة مذهبه لأنه إذا أبطله تعين صحة مذهبه وذلك يكون إما بحصر المذاهب وإبطالها إلا واحداً نقول فيها ثلاثة أقوال الأول فاسد بكذا والثاني كذا ويسكت عن الثالث وهو اختياره، أو يذكر أقساماً ثم يبطلها كلها يعني أو يذكر أقساماً التي يمكن التي يتعلق بها الحكم من جهة المخالف فقط يعني يقول له أنت تعلقت بهذا الوصف أو ذا أو ذاك فيبطلها كلها وهذا متعلق بالخصم إذا أبطلها كلها ما بقي له شيء ليس هذا المراد وإنما المراد عند المخالف، أو يذكر أقساماً التي يمكن التي يتعلق بها الحكم من جهة المخالف ثم يبطلها كلها ويبقى قوله هو فيتعين صحته، وسمي خلفاً إما لأنه لغة الرديء وكل باطل رديء قال في اللسان الخلف الرديء من القول يقل هذا الخلف من القول أي رديء، أو سُمي خلف لأنه الاستقاء بمعنى استقاء الماء وهو استمداد فكأنه استمد أي المُستدل استمد صحة مذهبه من فساد مذهب خصمه ويجوز أن يكون من الخَلْف وهو الوراء ضد قدام لعدم الالتفات إلى ما بطل كأن المستدل جعل مذهب خاص به وراء ظهره عندما أبطله فلم يلتفت غليه إذاً هذه الثلاثة أنواع؟

ثم قال ومنها أي من ضروب الاستدلال ضروب غير ذلك كقولهم وُجد سبب الوجوب فيجب هذا واضح الاستدلال بوجود السبب فإذا وُجد سبب الوجوب وُجد الحكم إذا وُجد دلوك الشمس وجبت الصلاة إذاً نستدل على وجوب صلاة الظهر بماذا؟ بوجود سبب الوجود هذا واضح لا إشكال فيه الاستدلال بوجود السبب فإذا وجد سبب الوجوب وُجد الحكم إذا بلغ الصبي وجبت عليه الصلاة هذا حكم وجب سببه فكل ما وُجد هذا حكم وُجد سببه فكل ما وُجد سببه فهو موجود، أو فقد شرط الصحة فلا يصح هذا الاستدلال بماذا؟ من صلى بدون طهارة لن تصح صلاته لماذا؟ لأنه فقد شرط الصحة إذا كما نُثبت الحكم بوجود السبب سبب الوجوب إذاً ننفي الصحة بانتفاء الشرط صلاته باطلة لماذا؟ من صلى بلا اتجاه للقبلة مثلاً نقول صلاته باطلة لماذا؟ لفقد شرط وهذا من طرق الاستدلال، أو لم يوجد سبب الوجود فلا يجب هل صلاة الظهر واجبة الآن نقول لا لم تجب لأنه لم يوجد سبب الوجوب لم تجب الصلاة على الصبي لأن سبب الوجوب وهو البلوغ لم يوجد، أو لا فارق بين كذا وكذا إلا كذا وكذا ولا أثر له لا فرق بين البول في الماء الراكد مباشرة وبين صبه في إناء فصبه في النهر ل هناك فرق؟ ليس بينهما فرق وفرق ابن حزم إن كان فرق ظاهري كونه في الإناء نقول الإناء ليس بفارق مؤثر، أو لا نص ولا إجماع ولا قياس في كذا فلا يثبت صلاة سادسة إيجاب صلاة سادسة يومية نقول هذا لا نص ولا إجماع ولا قياس فلا يثبت حينئذ وجوب الوتر، أو الدليل ينفي كذا خالفناه لكذا فبقي على مقتضى النافي وهذا يعرف عندهم بالدليل النافي للصحة وأشباه ذلك أي قولهم الدليل يقتضي ألا يكون الأمر إلا كذا وقالت له بدليل خاص وهو ما ذكرناه بالسابق بقطع المسألة عن نظائرها كالعرايا مع بيع التمر بالرطب حينئذ اُستثنيت العرايا لماذا؟ كذلك المصراة فيما سبق بدليل خاص وإن كان الأصل أن يُنفى حكم الجواز عنها هذا الأصل الأصل لو لم يرد نص العرايا نقول هذه محرمة فحينئذ نُفي التحريم بدلي خاص يقتضي النفي وأشباه ذلك يعين طرق الاستدلال كثيرة وهذا ما بقاه المصنف يذكره وهذا نكون قد انتهينا من باب القياس وملحقاته، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

23

عناصر الدرس * ترتيب الأدلة. * الإجتهاد والتقليد. الدرس 23 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد قال المصنف رحمه الله تعالى فصل في ترتيب الأدلة وأما ترتيب الأدلة وترجيحها فإنه يبدأ بالنظر في الإجماع بعد أن أنهى المصنف رحمه الله تعالى ما يتعلق بالقياس والاستدلال شرع في بيان بعض المسائل المتعلقة بهذه الأدلة المذكورة السابقة لماذا؟ لأنه قد يقع نوع تعارض في مفهومات هذه الأدلة الكتاب أو السنة والإجماع أو القياس أو الاستدلال أو الاستصحاب إلى آخره كل ما ذكره مما يمكن الاعتماد عليه في الاستنباط قد يقع في الظاهر أما في الحقيقة فليس ثم تعارض أو تناقض في الأدلة لأنها كلها وحي كتاب وسنة لا يتعارضان أبداً في نفس الأمر لا يمكن أن يُقال بالتعارض وإنما في رأي وظن المكلف قد يقع نوع تعارض إذاً نقول باب ترتيب الأدلة وترجيحها هذا يتعلق بنظر المكلف الناظر في الكتاب والسنة والإجماع والقياس قد يبدو له في فهمه الخاص أن ثم تعارض بين الآية كذا والآية الأخرى وبين الكتاب وبين السنة أو أن الخبر يعارض الإجماع أو العكس نقول هذا ليس في نفس الأمر ليس في حقيقة الأمر لماذا؟ لأن هذه الأدلة الأربعة كلها متفقة لماذا؟ لأنها من لدن حكيم عليم والقرآن لا اعترضا فيه أو لا تعارض ولا تناقض ولا اطراد {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} أما السنة فلا يمكن أن تعارض الكتاب لأنها وحي {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} كذلك الإجماع لا يمكن أن يكون في الإجماع ما هو متعارض مع الكتاب والسنة لأن الإجماع هذا دليل العصمة عصمة الأمة من الاتفاق على باطل أو على خطأ كذلك القياس لا يمكن أن يقع مخالفاً للكتاب ولا السنة ولا الإجماع وكل ما يُدعى من القياس أنه مخالف للخبر فهو باطل فاسد إذا لا تعارض بين القياس الصحيح وبين نص صريح لا يمكن أن يقع تعارض وما اشتهر على ألسنة بعض الفقهاء فهو ليس بصحيح، إذاً عقد المصنف هذا الفصل لبيان ترتيب الأدلة من حيث النظر ومن حيث الترجيح عند التعارض لأن الأدلة الشرعية المتفق عليها أربعة كتاب والسنة ولإجماع والقياس هذه أربعة وغن جعل المصنف الاستصحاب بدلاً من القياس لكن الأولى أن يُجعَل القياس بدلاً من الاستصحاب هذه الأدلة أربعة من حيث وجوب العمل بها فهي في مرتبة واحدة من حيث وجوب العمل بها فهي في مرتبة واحدة إذاً الكتاب والسنة والإجماع والقياس كلها يجب العمل بها حينئذ تكون في مرتبة واحدة لأن الاحتجاج شيء واحد والعمل شيء واحد فإذا وجب العمل بالكتاب وجب العمل بالسنة ووجب العمل بالإجماع ووجب العمل بالقياس حينئذ العمل شيء واحد إذاً هذه الأدلة أربعة من حيث وجوب العمل والاحتجاج بها فهي في مرتبة واحدة، وأما من حيث المنزلة والمكانة فلا شك أن كلام الله مُقدم على كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا شك أن السنة بنوعيها المتواترة الآحاد مُقدمة على الإجماع ولا شك أن الإجماع مُقدم على القياس إذاً من حيث المنزلة والمكانة ثم تفاوت كتاب أولاً مُقدم ثم السنة ثم الإجماع قم القياس وأما من

حيث الاحتجاج والعمل فهي في مرتبة واحدة وأما من حيث النظر والبحث ثم إذا نزلت نازلة أو حلت حادثة بالمجتهد حينئذ هذا الفصل معقود بهذه المسألة فيما إذا نزلت نازلة في أي هذه الأدلة الأربعة يبدأ؟ نقول قدم المصنف هنا الإجماع يعني يُبدأ بالإجماع ثم الكتاب ثم السنة الكتاب ثم السنة المتواترة ثم أخبار الآحاد ثم قياس النصوص والأصح كما هو طريقة السلف النظر أولاً في الكتاب ثم في السنة ثم في الإجماع ثم في القياس على الترتيب في المنزلة والمكانة إذاً لا فرق بين الأدلة الأربعة من حيث مكانة والمنزلة ومن حيث النظر والبحث فيها وبذلك استدلوا بحديث معاذ - رضي الله عنه - وإن كان فيه خلاف في ثبوته إلا أن أكثر أهل العلم على تلقيه وقبوله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ إلى اليمن قال فبما تحكم؟ قال بكتاب الله قال فإن لم تجد قال فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فإن لم تجد؟ قال فأجتهد رأيي ولا آلو قال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسوله هذا الحديث جعله أهل العلم وأهل الأصول على جهة الخصوص عمدة في هذا المقام فيُنظَر أولاً في الكتاب فإن لم يجد ففي السنة فإن لم يجد فبالإجماع فإن لم يجد فالقياس الصحيح.

قال رحمه الله تعالى فصل وأما ترتيب الأدلة كأنه عطف على ما سب يعني لما فصّل لك الأدلة من حيث المفهومات الكتاب والمراد بها ثم يكون مجازاً وحقيقة معرباً إلى آخره ثم السنة ثم الإجماع ثم القياس قال أما ترتيب هذه الأدلة ولمراد بالأدلة هنا جمع دليل والمراد به الكتاب والسنة ولإجماع والقياس لأن الأحكام الشرعية إنما تُؤخذ من هذه الأدلة الأربعة وما ترجّح من الأدلة المُختَلف فيها فيُضم إلى هذه إلا أنه ثم فرق من حيث الاتفاق والاختلاف لأن هذه الأدلة الأربعة متفق عليها الكتاب والسنة ولإجماع والقيا مُجمع عليه والخلاف حادث والغريب أن كثير من الأصوليين والفقهاء إذا ذكروا الظاهرية قالوا لا يعتد بهم في إجماع ولا يُلتفت إليهم وليسوا بعلماء فإذا قالوا في حجية القياس ومعلوم أن لم يخالف إلا الظاهرية قالوا القياس حجة على قول الجمهور إذاً رعوهم في هذا التوقيت أن القياس حجة على قول الجمهور ولا يحكون الاتفاق قل من حكا الاتفاق وإذا جاءوا في مسائل الإجماع ومسائل الخلاف في الفقه وتعرضوا للظاهرية قالوا ليسوا من أهل العلم في شيء لا يعتد بهم في الإجماع، وأما ترتيب الأدلة إذاً الأدلة المراد بها الكتاب والسنة والإجماع والقياس لأنها تثبت بها الأحكام الشرعية إذا لا حكم شعري إلا بما جاء به الشرع ولذلك ننسبه إلى الشرع نقول حكم شرعي إذاً فما جاء من الشرع فه الحكم الشرعي وما ليس كذلك فليس بحكم شرعي كل ما كان من الوحي فهو من الدين وما ليس كذلك فليس من الدين هذا هو القاعدة، وأما ترتيب الأدلة والمراد بالترتيب هنا جعل كل دليل في رتبته التي يستحقها بوجه من الوجوه، وترجيحها يعين ترجيح بعضها على بعض عند وقوع الخلاف عند وقوع التعارض أو ما يسمى بالتناقض والتمانع وهذا قلنا باعتبار نظر المجتهد وأما الأدلة أنفسها فليس فيها تناقض البتة وليس فيها تعارض البتة لماذا؟ لأنها من لدن حكيم حكم شرعي من السماء من الله جل وعلا لا حاكم إلا الله سواء كان الحكم ظهر عن طريق الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس الحاكم هو الله جل وعلا سواء كان مباشرة أو بواسطة بواسطة بالسنة أو إجماع أو قياس إذاً ترجيحها ترتيب الأدلة جعل كل دليل في رتبته التي يستحقها بوجه من الوجوه وأما ترجيح فهو تقوية أحد الدليلين على الآخر وهذا إذا حصل نوع تعارض لأن التعارض إنما يُدفَع بأمور ومنها الترجيح وحقيقة التعارض كما سينص عليه المصنف في اللغة التقابل والتمانع كل منهما يقابل الآخر هذا نص يقابل الآخر ويُحرم ونص آخر في محل الحكم نفسه يقابل الأول ويُحلل إذاً حصل بينهما تقابل وتمانع يعني المعنى اللغوي موجود في المعنى الاصطلاحي، وأما في الاصطلاح فالتعارض هو تقابل الدليلين على سبيل الممانعة يكون هذا حاظر وهذا مُبيح والمحل واحد والزمن واحد حينئذ نقول حصل تمانع وحصل تعارض ولكن في نفس الأمر ليس ثم تعارض وليس ثم تناقض بل هو في نظر المجتهد والتعارض حقيقته السابقة في الاصطلاح تقابل الدليلين هذا نوعان تقابل كلي تعارض كلي وتعارض جزئي التعارض الكلي إن كان التعارض بين الدليلين من كل وجه بحيث لا يمكن الجمع بينهما فهذا هو التناقض لا يمكن الجمع بينهما فحينئذ إن عُلم

التأريخ فيكون الثاني ناسخاً للأول إذا لم يمكن الجمع بين الدليلين حينئذ لا يُعدل إلى ترجيح وإنما يُعدل إلى النسخ فمرتبة النسخ سابقة على مرتبة الترجيح وهنا قال ترتيب الأدلة وترجيحها إذاً مرتبة النسخ سابقة على مرتبة الترجيح، النوع الثاني التعارض الجزئي وهو إن كان التعارض بين الدليلين من وجه دون وجه بحيث يمكن الجمع بينهما كما هو في تعارض الخاص والعام حصل نوع تعارض أو لا؟ حصل تعارض فيما خصه الخاص، الدليل الخاص إذا دل على فرض دل العام على خلافه نقول حصل نوع عارض لكنه ليس من كل وجه وإنما من بعض الوجوه فالأفراد التي لا يشمله الدليل الخاص لم يقع تعارض بينها وبين الدليل الخاص اللفظ العام يدل على أفراد والدليل الخاص يدل على استثناء بعض تلك الأفراد حصل تعارض في نفس الأفراد التي دل عليها الدليل الخاص وما عدا ذلك فليس ثم تعارض ولذلك نقول هو متعارض من وجه دون وجه بحيث يمكن الجمع حينئذ يُقدَم الخاص على العام وكذلك التعارض بين المطلق والمقيد فيُحمل المطلق على المقيد بشرطه إذاً التعارض الذي هو التقابل بين دليلين على سبيل الممانعة قد يكون كلياً من كل وجه وقد يكون من وجه دون وجه، الأول ما يُعبر عنه بالتناقض حينئذ يُعدَل إلى الناسخ والمنسوخ والثاني أن يكون محتملاً للجمع يعني الجمع ممكن وهذا فيما إذا كان التعارض ن وجه دون وجه إذاً ظهر تعارض بين الأدلة الشرعية فإن كان بين خبرين فأحدهما باطل يعني ليس في باب الأمر والنهي وإنما فيما هو من قبيل الأخبار كالقصص والأسماء والصفات إلى آخره هذا مقام الأخبار حينئذ نقول ما احتمل الصدق أو الكذب إذا حصل تعارض مع خبر آخر تناقض من كل وجه حينئذ نقول هذا يدل على أن أحد الخبرين باطل إما لعدم ثبوته في نفسه وإما لكونه منسوخاً باطل لماذا؟ لأن المنسوخ باطل هذا حكماً شرعياً نُسب إلى الله جل وعلا ثم لم ارتفع حينئذ نقول هو ليس بشرع وإذا لم يكن بشرع حينئذ لا يجوز الحكم به فصار باطلاً من هذه الحيثية، وإن كان بين الخبر والقياس حصل تعارض بين الخبر والقياس فلا يخلو إما أن يكون هذا الخبر غير صحيح إما من جهة المتن وأما من جهة السند وإما أن يكون القياس فاسداً لأنه لا يمكن أن يقع تعارض بين خبر وقياس ولا يمكن أن يأتي القياس مخالفاً للشرع لأنه دليل شرعي صحيح وإذا كان دليلاً شرعياً يُنسب الحكم فيه إلى الله جل وعلا وإن كان المُجتهد هو الذي استنبط أو اكتشف هذا الحكم لأن المجتهد باجتهاده ليس بمُشرِّع حينئذ إذا استنبط وقاس بعلة أو بحكم شرعي وكانت النتيجة كذا التحريم أو إيجاب إلى آخره فالتحريم والإيجاب لا يُنسب إلى المجتهد وإنما يُقال حكم شرعي ما وظيفة المجتهد؟ كاشف ومُظهر لحكم الله بواسطة ماذا؟ بواسطة دليل شرعي وهو القياس وعليه إذا تقرر هذا لا يمكن أن يُقال إن الخبر يعارض القياس أو هذا القياس على خلاف الأصل وإنما نقول القياس هو الخبر سيان لأنهما شرعيان إذاً إذا كان التعارض بين الخبر والقياس فلا يخلو إما أن يكون هذا الخبر غير صحيح وإما أن يكون القياس فاسداً لم يستوف أركان القياس، لا يقع التعارض بين دليلين قطعيين الدليل القطعي مع الدليل القطعي لا يمكن التعارض لماذا؟

لأن القطع معناه الجزم والجزم معناه أنه لا يحتمل غير ما دل عليه الدليل القطعي حينئذ كيف يدل الدليل القطعي على مسالة ما ثم يأتي دليل قطعي آخر يدل على ضده في محل واحد هذا مستحيل هذا لا يمكن إذاً لا يقع التعارض بين الدليلين قطعيين مطلقاً سواء كان الدليلان شرعيين سمعيين أو عقليين أو مختلفين يعني أحدهما القطعي يكون نقلياً سمعياً ويكون الآخر عقلياً ولذلك نقول أيضاً لا تعارض بين العقل وبين الشرع العقل الصريح لا يناقض النقل الصريح يعني لا يعارضه من كل وجه لماذا؟ لأن الذي شرع هو خالق العقل فحينئذ لا يمكن أن يأتي بما يعارض العقل أصلاً وإذا حصل نوع تعارض فإما النقل ليس صحيح وإما بنظر العقل فهو غير صريح وإنما يكون محتملاً، وهذا متفق عليه يعني أجمع أهل العلم على أنه لا يقع التعارض بين دليلين قطعيين مطلقاً سوءا كان الدليل القطعي عقلياً أو سمعياً دليلين قطعيين سمعيين أو عقليين أو مختلفين هذا لا يمكن أن يقع لأن التعارض تعارض القطعيين يلزم منه اجتماع النقيضين وهو محال لأن كل منهما يدل على عدم احتمال ما دل عليه والآخر يدل على نقيضه ولا يمكن أن يكون الشيء ونقيضه في وقلت واحد.

لا تعارض بين قطعي وظني لأن الظن صار لغواً والظن تجويز امرئ أمرين مُرجحاً لأحد الأمرين فالراجح المذكور ظناً يسمى والطرف المرجوح يسمى وهما حينئذ إذا كان ظناً راجحاً ودل الدليل القطعي على عدمه لا يمكن أن يقدم الظن على القطع بل دل الدليل القطعي على أن هذا الظن لغو ولا عبرة به حينئذ لا يمكن أن يقدم الظن على القطع، والظن لا يرفع اليقين الظن لغو وهو لا يرفع اليقين إذاً ماذا بقي إذا قيل لا تعارض بين قطعيين ولا بين قطعي وظني ماذا بقي؟ بين الظنيين إذاً التعارض يحصل بين ظنيين دليلين كل منهما ليسا قطعي ظني وظني هذا هو المشهور عند الأصوليين وبعضهم يرى أن إذا وقع تعارض بين قطعي وظني يُسلم بوجوده وحينئذ يكون القطعي مقدماً يحصل يعني يوجد اهو قطعي وما هو ظني ويحصل التعارض ولكن اتفاقاً أن القطي مقدم على الظن حينئذ يكون باب تحصيل الحاصل، إذاً محل التعارض هو الظنيات فيقع التعارض بين دليلين ظنيين، إذاً قوله وأما ترتيب الأدلة وترجيحها نقول الترجيح هو تقوية أحد الدليلين على الآخر لماذا؟ لوقوع التعارض بينها ومحل الترجيح هو الظنيات إذ الترجيح فرع التعارض لا نقول بترجيح أحد الدليلين على الآخر إلا إذا وقع التعارض إذاً أيهما أصل وأيهما فرع؟ نقول التعارض أصل والترجيح فرع، لا يُصار إلى الترجيح بين الأدلة المتعارضة إلا بعد محاولة الجمع بينها هذه قواعد عامة لابد منها لأن المصنف غير مرتب، لا يصار إلى الترجيح يعني لا نقول بالترجيح إلا إذا وقع التعارض لأن الترجيح فرع التعارض ثم لا يُصار إلى ترجيح بين الأدلة المتعارضة إلا بعد محاولة الجمع بينها هذا هو الأصل لأن الأصل إعمال كل دليل في محله فإذا أمكن الجمع بين الدليلين فلا يجوز طرح أحدهما البتة لأنك لو رجحت أحد الدليلين على الآخر أبطلت أحد الدليلين والأصل وجوب العمل بكل دليل ولكن لما حصل نوع تعارض ولم يُمكن الجمع بهما مطلقاً كل دليل على ما دل عليه حينئذ يلزمنا العمل بالدليلين معاً وإهدار صورة التعارض فيما بينهما، إلا بعد محاولة الجمع بينهما فإن الجمع مُقدم على الترجيح لماذا؟ لأن الترجيح طرح أحد الدليلين فإذن أمكن الدمع وزال التعارض امتنع الترجيح إن أمكن الجمع وزال يعني دون تعسف وكلفة جمع يقابل أو يؤيده أنه لا يعارض الشرع من حيث الخفة والثقل في الحكم، فإن أمكن الجمع وزال التعارض امتنع الترجيح ومتى امتنع الجمع بين المتعارضين وجب الترجيح إذاً يحصل التعارض أولاً ثم لابد من الجمع فإن لم يمكن الجمع نعدل إلى الترجيح ولا يجوز تقديم الترجيح على الجمع لماذا؟ لأن الترجيح يتضمن طرح أحد الدليلين فإذا قدم أحد الدليلين على الآخر حينئذ يكون قد أهمل دليلاً والأصل فيه وجوب والعمل به، ولا يجوز الترجيح بدون دليل لماذا؟ لأنه تحكم والتحكم مضاف لأن مبناه على الهوى والتشهي لا تقول هذا مُقدم على هذا وهذا أرجح من هذا ثم ما دليل الترجيح؟ قال هكذا هي جاءت هكذا نقول هذا هوى وتشهي وهو آثم ولو أصاب الحق إذاً هذه قواعد لابد من الوقوف عليها أولاً.

قال رحمه الله تعالى وأما ترتيب الأدلة وترجيحها فإنه يبدأ أي الناظر المجتهد ليس كل أحد وإنما الناظر المجتهد الذي تأهل أن ينظر في نصوص الكتاب والسنة فإذنه يبدأ بالنظر في الإجماع هنا قدم الإجماع على الكتاب والسن والأصلح أنه يبدأ بالنظر في الكتاب كما هي طريقة السلف كنوا يبحثون أولاً في الكتاب فإن لم يجدوا ففي السنة فإن لم يجدوا انتقلوا إلى ما اتفقوا عليه ثم القياس وهنا قدمه لما سيذكره أنه لا يحتمل تأويلاً ولا يقبل نسخاً، فإنه يبدأ بالنظر في الإجماع فإن وجد إجماعاً على المسألة لم يُحتج إلى غيره لا إلى كتاب ولا إلى سنة ولا إلى قياس لأن الإجماع صريح والمراد به هنا الإجماع القطعي الصريح لا السكوتي، فإن خالفه نص من كتاب أو سنة عُلم أنه منسوخ أو مُتأوّل يعني أول ما يبدأ بالنظر يبحث عن الإجماع فإن وُجد الإجماع ووجد تعارض المجتهد وجد تعارضاً بين الإجماع ونص الكتاب أو السنة قال الإجماع مقدم ودل على أن دليل الكتاب مُتأوّل قطعاً ودليل السنة إما أنه صحيح فهو مُتأوّل وإما يدل على أنه ليس بصحيح لماذا؟ للعلة التي ذكرها، لأن الإجماع قاطع وهذا دليل على أنه أراد الإجماع الصريح القولي وليس الإجماع السكوتي لأنه ظني لا يقبل – الإجماع - لا يقبل نسخاً لا يُنسخ ولا تأويلاً لأنه نص والنص لا يقبل التأويل، إذاً هذا هو النظر الأول ينظر في الإجماع فإذا وجد الإجماع لا يحتاج إلى غيره البتة لا دليل تاب ولا سنة ثم إن وجد الإجماع قد يجد معه دليل آخر من كتاب أو سنة معارض أو لا فإن لم يُعارَض الإجماع فلا إشكال حينئذ صار الإجماع مجرداً عن التعارض فإن عورض بدليل من كتاب أو سنة حينئذ علمنا أن دليل الكتاب متأوّل يعني يجب تأويله يعين مصروف عن ظاهره فيكون حينئذ الكتب أو ظاهر الكتاب أو السن الصحيحة غير صريح في معارضة الإجماع إذا ثبت التأويل لا يمكن أن نقول هذا الدليل معارض للإجماع لماذا؟ لأنه من حيث اللفظ هو معارض ومن حيث الصرف هو غير معارض يعني كونه مصروفاً عن ظاهره وهو التأويل يكون الإجماع ما دل عليه الإجماع وما دل عليه النص المأوّل واحد إذاً انتفى التعارض، وإنما يُحكم بالتعارض مع النص والإجماع إذا كان النص محمولاً على ظاهره فإن قطعنا بوجود الإجماع الصريح وقد عارض النص من كتاب أو سنة قلنا هذا النص مأوّل وإذا أُوّل اتفقا الإجماع والنص الإجماع والنص إن أُريد النص نفسه دون تأويل وقع التعارض ولما وُجد الإجماع الصريح دل على أن النص ليس مراداً ظاهره فصار مصروفاً عن ظاهره وهذا هو التأويل إذاً لا تعارض بين المُؤوَّل وبين الإجماع وإنما التعارض وقع على النص قبل تأويله ولكن أولناه بالإجماع لأن التأويل ما هو؟ صرف النص عن ظاهره بدليل فوجدنا النص يعارض الإجماع إذاً نصرفه بدليل وهو الإجماع، ثم إن لم يجد في الإجماع شيء يدل على مسألته نظر في الكتاب القرآن والسنة المتواترة مُقدمة هنا السنة المتواترة على أخبار الآحاد، ولا تعارض في القواطع إلا أن يكون أحدهما منسوخاً لما ذكر الكتاب وهو مقطوع به من جهة الثبوت والسنة المتواترة وهي مقطوع بها من جهة الثبوت تعرض للمسألة التي ذكرناها قبل قليل وهي أنه لا تعارض في القواطع

يعني لا يقع التعارض بين دليلين قطعيين هذا مراده فإذا كانت دلالة الكتاب قطعية ودلالة السنة المتواترة قطعية لا يمكن أن يجتمعان إما أحدهما منسوخ وإلا دل على أن ما ُأدعي أنه متواتر فهو باطل ليس بصحيح، ولا تعارض يعين لا يقع التعارض في القواطع بين الدليلين القطعيين مطلقاً سواء كان عقليين أو سمعيين أو أحدهما عقلي والآخر سمعي، إلا يعين قد يقع التعارض إلا أن يكون أحدهما منسوخاً المصلي مأمور إن يتجه إلى الشام ومأمور أن يتجه إلى الكعبة هل هو في وقت واحد؟ نقول لا بل في وقتين فالثاني نسخ للأول، إلا أن يكون أحدهما منسوخاً ولا في علم وظن يعين ليس بين دليلين قطعي وظني تعارض فحينئذ إن وُجد دل على أن القطعي هو المراد وهو الأصل والظني لغو ولا يمكن أن يُقدَم الظني على القطعي لماذا؟ قال لأن ما عُلِمَ لا يظن خلافه وهذا حقيقي ما عُلم علمته يقين لا يحتمل الشك كيف يُظن خلافه لأن العلم الظن تجويزه بين أمرين مُرجحاً لأحد الأمرين فحينئذ إذا جوّز الأمرين فحينئذ إذا اعتقد أن هذا المر الجازم لا يمكن أن يكون فيه تجويز فيتنافى العلم والزن معاً لأن ما عُلم يعني ما تُيقن واعتقده الإنسان يقيناً جازماً لا يحتمل الشك لا يُظن خلافه ممتنع عنه، فلذلك إذا وُجد قطعي وظني قُدم القطعي هذا على القول بأنه قد يقع كنا قاله بعض الأصوليين ولكن الكثير أو المشهور أنه لا يقع أبداً أنه لا يقع دلي قطعي يعارض دليل ظني وكلاهما صحيح، ثم بعد الكتاب والسنة المتواترة ينظر المجتهد في أخبار الآحاد وهنا أخرها لماذا؟ لأنها ظنية أيضاً لكن لو قيل أنها تفيد العلم على قول أكثر أهل الحديث حينئذ لا مزية للمتواتر عن خبر الواحد فيكون في درجة واحدة لأن هذا يفيد العلم وهذا يفيد العلم، إلا إن وقع ولم يكن ثم ترجيح إلا بكثرة رواة الأول عن الثاني فلا إشكال فيكون من حيثية أخرى من حيثية إفادة العلم أو الظن، ثم في أخبار الآحاد ثم بعد ذلك إن لم يرد في أخبار الآحاد يعني لم يرد نصاً لا إجماع ولا كتاب ولا سنة ولا خبر آحاد نظر في قياس النصوص لماذا؟ لأنه دليل شرعي افتقر إلى القياس فهو بعد خبر الآحاد هنا أخره وبعضهم يرى أنه مُقدم على خبر الآحاد ويُنسب لمالك ونفاه الشيخ الأمير وقلا لا يصح أن يكون مذهب الإمام مالك تقديم القياس على خبر الواحد هناك نص من النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا قياس رأي للمجتهد حينئذ أيهما أولى وذاك شرع مُقدم وهو الأصل وهذا الأصل أنه لا يُعدل إليه إلا عند الضرورة والحاجة حينئذ لا يُقال بتقديم القياس على أخبار الآحاد، ثم في قياس النصوص وعند من يرى أن قول الصحابي حجة كما سبق فهو مُقدم على القياس إذا قيل وهو حجة مطلقة أن يقدم على القياس ويُخص به العموم سبق معنا هذا، إذاً مذهب من يرى أن قول الصحابي حجة فهو يكون في المنزلة بين أخبار الآحاد وقياس النصوص، فإن تعارضا قياسان أو حديثان أو عموما فالترجيح لما ذكر ما يجب في الأدلة المعتبرة الأربعة في النظر أيهام يُقدَم على الآخر هنا نظر في التعارض في نفس الدليل هنا النظر في الإجماع أولاً على ما ذكره المصنف ثم الكتاب ثم السنة المتواترة ثم أخبار الآحاد ثم قياس النصوص هذا تقديم وترتيب

في أي شيء؟ في الأدلة أنفسها لكن الكتاب قد يقع تعارض بين آيتين وفي السنة قد يقع تعارض بين حديثين والقياس كذلك وقد يُلقى إجماع سكوتي وإجماع صريح إذاً هنا حصل التعارض في نفس الدليل وأحمله على ما ذكره المصنف هنا، فإن تعارض قياسان هذا في دليل القياس أو حديثان أو عمومان فالترجيح وهذا مطلق عمومات سواء كان في الكتاب أو في السنة، فالترجيح يعني يُعدَل إلى الترجيح وقد ذكرناه أنه تقوية أحد الدليلين على الآخر لكن أيضاً يُقيد بان الترجيح لا يُعدَل إليه إلا عند عدم إمكان الجمع فإن لم يمكن الجمع وعُلم التأريخ علمنا أن الثاني ناسخ للأول فإن لم يمكن الجمع ولم نعلم التأريخ فحينئذ نعدل إلى الترجيح هذه قاعدة جماهير أهل العلم على هذا.

فالترجيح والتعارض هو التناقض وقيل التعارض قابل الدليلين كما سبق بينه والتقابل يكون على وجه أو سبيل الممانعة كل منهما يمنع مفعول الآخر يمنع الآخر فأحدهما يدل على إباحة الشيء ويأتي دليل آخر يدل على تحريم نفس ذلك الشيء الذي دُل عليه بالدليل السابق إذاً حصلت ممانعة كل منهما يمانع تأثير الآخر، وقيل التعارض تقابل الدليلين والتناقض بطلان أحد الدليلين لكن الأول هو المشهور التناقض هو بطلان أحد الدليلين وليس بالتعارض وإن كان مشهور عند الأصوليين تفسير التعارض بالتناقض، والتناقض بطلان أحد الدليلين لكن لكون أحدهما صادقاً والآخر كاذباً، فلذلك لا يكون في خبرين ما هو هذا؟ التناقض لا يكون في خبرين لأنه يلزم كذب أحدهما إذا قيل بأنه تمانع دليلان وكل منهما خبر يحتمل الصدق والكذب ليس بإنشاء باب الأمر والنهي وإنما هو خبر يحتمل الصدق والكذب إذا تعارضا نقول يلزم منه كذب أحدهما ولما لزم منهما كذب أحدهما إذاً لا يمكن في الكتاب والسنة يقع في كلام الناس لا إشكال وأما في الكتاب والسنة فلا لا يقع تعارض بين خبرين إلا إذا كان أحدهما منسوخاً لأنه يلزم كذب أحدهما يلزم منه كذب أحدهما، ولا في حكمين أمر ونهي أو حظر وإباحة مع عدم إمكان الجمع، فإن وجد يعني التعارض بين حكمين ولا في حكمين يعني أمر ونهي حظر وإباحة لأن الجمع بينهما تكليف بالمحال لا يمكن يقال لك يحرم عليك أكل لحكم الإبل ويجوز لحم الإبل يمكن؟ لا يمكن هذا لحكم الإبل في نفس الوقت ونفس الحال ونفس الشخص لابد من اتحاد هذا حتى يحكم بالتناقض وإحداث الثمان هذا يذكرونه في كتب المنطق لا يُحكَم بالتناقض إلا إذا استوت القضيتان في الزمن الحال والشرط والإضافة إلى آخر الأمر الثمانية حينئذ يُحكَم بالتناقض وأما إذا انفصل الزمن انفك أو الحال أو الشخص أو الشرط أو الإضافة فلا يُحكَم ويُقال بالتناقض، فإن وجد يعني تعارض بين حكمين فإن وجد تعارض بين حكمين فإما لكذب الراوي أو نسخ أحدهما لكذاب الراوي لم نحكم على أنه كذب مباشرة؟ لو قيل كما قال الشيخ الفوزان بغلط الراوي لكان أولى لأنه لا يجزم قد يكون وهم قد يكون ثقة ووهم فخالف غيره فيكون شاذاً فلا يُعمَل به حينئذ فإما لكذب الراوي يعين لغلط الراوي يعني يكون الطعن في السند أو المتن من جهة الراوي سواء كان ثقة أو ضعيفاً أو كذاباً، أو نسخ أحدهما إن كان مما يقبل النسخ فإن أمكن الجمع بأن يُنَزَّلَ على حالين أو زمانين جُمِع يعني إذا حصل التعارض في حكمين فأمكن الجمع بأن يُنزَل على حالين التعارض أو الدليلان المتعارضان إذا نُزل على حالين نقول انفك التعارض لأن التناقض لا يكون إلا على حالة واحدة أما إذا انفك حينئذ لا يمكن أن نقول بالتناقض والتعارض، على حالين هذا من صور الجمع حمل أحد الدليلين على حال والدليل الآخر على حالة أخرى وهذا يكون في نحو العام والخاص فيُحمَل العام على عمومه فيما عجا صورة الخاص ويُحمَل الخاص على حالته أو دلالته أو الصورة التي اختص بها الدليل أو حمل المطلق على المقيد فنقول هذا حُمل على حال دون الآخر أو زمانين يعني من صورة الجمع أن ينفك الزمن لأن شرط التناقض والتعارض اتحاد المحل فإذا انفك المحل حينئذ

لا إشكال وهذا مثله في قوله تعالى {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ} بالكسر {وَأَرْجُلَكُمْ} هذا يمكن فكه بأن يُجعَل {وَأَرْجُلِكُمْ} هذا فيما إذا كانت القدم مستورة {وَأَرْجُلَكُمْ} فيما إذا كانت القدم مكشوفة هذا يمكن إذاً لا تعارض بين الآيتين، أو زمانين فإن أمكن الجمع بأن يُنَزَّلَ على حالين أو زمانين جُمِع إذاً فعل لكن إذا كانا زمانين وثبت المتأخر بدليله حينئذ صار الثاني ناسخاً للأول وإما يُعلم الدليل فلا إشكال لابد من الجمع، وإن لم يمكن الجمع تعذر الجمع حينئذ نعدل إلى الترجيح ولكن قبل ذلك لابد من النظر في مسألة النسخ إن عُلم التأريخ، وإن لم يمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين ويُشترط أن يكون في الجمع بوجه مقبول لا تكلف فيه ولا تعسف بحيث لا تُحمَل النصوص على أمور بعيدة صور نادرة جداً لا يمكن أن يقصدها المتكلم وإنما تُحمَل النصوص على أمر واضح ظاهر بين يمكن أني كون مقصود للمتكلم لأن النصوص إذا حصل بينها تعارض وصُرفت على النوادر ماذا بقي للمشهورات؟ لم يبقى شيء، وإن لم يمكن وعُلم التأريخ فالثاني ناسخ للأول وإن لم يُعلم التأريخ حينئذ أُخب بالأقوى والأرجح وهذا باب الترجيح تقوية أحد الدليلين على الآخر بالأقوى والأرجح. كيف نعرف هذا أقوى وهذا أرجح؟ قال والترجيح إما في الأخبار وإما في المعاني يعني في الأخبار في الألفاظ يعني سيبين لك الآن كيف تحكم على أن هذا الدليل أقوى من هذا الدليل فتقدم الأقوى على غيره أو أن هذا الدليل أرجح من هذا الدليل فتقدمه على غيره، والترجيح إما في الأخبار أي في الألفاظ بالنظر على اللفظ فمن ثلاثة أوجه إما أن يكون في السند وإما أن يكون في المتن وأما بأمر خارج عن السند والمتن هذه ثلاثة أوجه لا رابع لها ثلاثة أوجه يُرجَح اللفظ على لفظ آخر.

السند المراد به طريق الإخبار عن المتن والسند للإخبار عن طريق متن كالإسناد لذا فريق، فيرجح بكثرة الرواة إذا لم يمكن الجمع بكون هذا الحديث رواه عشرة وهذا رواه اثنان حينئذ لا باس من القول بأن الكثرة مُقدمة على القلة لأن القلة معهم الغلط والكثرة أبعد عن الغلط لا يسلمون وإنما هم أبعد عن الغلط، فيرجح بكثرة الرواة بأن يكون رواة أحدهما أكثر من رواة الآخر لماذا؟ قاله المصنف لأنه أبعد عن الغلط ولقوة الظن به الزن بتعلق بما هو أكثر أكثر من القلة وهذا لا يُنفى حتى في خبر الآحاد لا شك أن الذي يخبره عشرة وهم ثقات ليس كمن يخبره واحد ولو كان من أوثق الناس، وقال بعض الحنفية لا يعني لا يُرجَح بالكثرة لماذا؟ قالوا كالشهادة يعني قياساً للرواية على الشهادة عند تعارض الشهادتين لا تُرجح إحداهما على الأخرى بكثرة الشهود بعد أن تكون الأخرى تم نصابها المطلوب أربعة أربعة أحدها جاب ثمانية هل نقول الثمانية مقدمة على الأربعة وثم النصاب؟ لا لا يقال هذا لماذا؟ لأن الشهادة لها نصاب معين اثنان أو أربعة فحينئذ لو جاء أحدهم أحد الخصمين بشهود أكثر من الآخر هل نقول تقدم الشهادة؟ الجواب لا قال كذلك الرواية قاس الرواية على الشهادة لكن ثمة فروق كثيرة جداً عند أهل العلم بين الشهادة والرواية تعرض لها القرافي في كتاب الفروق، وبكون راويه أضبط وأحفظ وبكونه أورع وأتقى يعني إذا لم يكن كثرة وكان واحد واحد هذا راو وهذا راو أيهما أرجح من جهة السند؟ قالوا بكون راويه أضبط وأحفظ وبكونه أورع وأتقى فيُقدم على من هو دونه أو فيمن هو مقابله ولا شك في هذا أن الأضبط هذا مُقدم على من هو دونه والأحفظ كذلك والأورع مُقدم على من هو دونه، وبكونه أي المرجحات وبكونه كون الراوي صاحب القصة لاختصاصه بمزيد علم ليس عند الآخر كما رُجحت رواية ميمونة على ابن عباس النبي - صلى الله عليه وسلم - عقد عليها وهي حلال ابن عباس يقول وهي مُحرمة نقبل قول من؟ ميمونة هي الزوجة، وبكونه صاحب القصة أو مباشرها كالساعي بينهما دون الآخر فهو مُقدم عن الآخر، هذا بعض من يُذكر السنج والمُرجحات كثيرة جداً وأكثر ما يستفيد منه طالب العلم ليس في مثل هذه المواضع وإنما تستفيدها عملياً يعين إذا نظرت في كتب الفقهاء وكنت ملياً بما سبق العام والخاص إلى آخره حينئذ هذه تُضبط أما بمجرد الجرد هذا فائته قليلة جداً.

وأما المتن والمتن هو ما انتهى إليه السند يعين ما انتهى إليه السند من الكلام فيرجح بكونه ناقلاً عن حكم الأصل نفس اللفظ هنا النظر الرجال يعني ترجيح الناقل عن الأصل الباءة الأصلية هذا مقدم على المُبقي عليها هذا حديث بدل على أنه الحكم باق على أصالته البراءة الأصلية وهو الحل مثلاً وجاء ناقل فالناقل حينئذ مُقدم على النص ولذلك رُجح حديث من مسه ذكره فيتوضأ على حديث لا إنما هو بضعة منك بضعة منك قبل التحريم هو الأصل وهو البراءة الأصلية فقُدم عليه الناقل لأنه لما مس ذكره يتوق هذا ناقل فهو مُقدم على الآخر، فيرجح بكونه ناقلاً عن حكم الأصل لأن مع الناقل زيادة علم لا إنما هو بضعة منك ليس فيه شيء جديد هو معلوم أنه بضعة منك جاء الحديث أو لم يأتي إذاً جاء الحديث على الأصل لكن مس ذكره ونقض هذا حكم جديد ينبني عليه فهم جديد، والمُثبت فيرجح المثبت والمثبت أولى من النافي لأن معه زيادة علم المُثبت أولى من النافي يعني مُقدم عليه لأن معه زيادة علم والحاضر على المُبيح لأنه أحوط ده ما يريبك إلى ما لا يريبك وبينهما أمور مشتبهات فدل على أنه إذا حصل تعارض بين حاضر ومُبيح حينئذ يُقدم الحاضر على المُبيح عند القاضي أبي يعلى وغيره أيضاً، لا المسقط للحد على الموجب له إذا جاء حديث يدل على عدم الحد يُسقط الحد وآخر يوجب الحد حينئذ أيهام يُقدم؟ قال لا المسقط أي لا الخبر المُسقط للحد أي لا يقدم الخبر المُسقط للحد على الموجب له بل العكس هو الصواب عند المصنف يعني إذا جاء أثر وخالف أثراً آخر أثر يدل على وجوب الحد والآخر يدل على عدم الحد نقدم ماذا؟ ولم يوجد إلا هذا الترجيح؟ قال المُسقط لا يقدم على الموجب بل الموجب هو المقدم بل يُجرح الخبر الموجب للحد على المُسقط وجمهور الأصوليين بترجيح الخبر المُسقط للحد على الموجب له عكس ما ذكره المصنف لأن الأصل عدم الحد والأصل أن الحدود تُدرأ بالشبهات فإذا وقع تعارض كيف تُلزم بالحد هذا محل نظر، إذاً يُجرح على كلام المصنف الخبر الموجب للحد على المسقط والجمهور على العكس لما فيه من اليسر ورفع الحرج هو الموافق للشريعة {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وإذا لم يثبت حينئذ لا يجز أن يقال أنه حد مقطوع به ولذلك حتى في الحاضر على المُبيح إنما ليكون حاضراُ يعني محرماً بل احتياط وإذا كان من باب الاحتياط حينئذ لا يُفسّق فاعله إذا قيل هذا واجب احتياطاً حينئذ إذا تركه يأثم؟ لا يأثم ولا يُفسّق ولذا قيل هذا حرام احتياطاً لكن لا نقول إذا فعله يُفسّق أو أنه يأثم - لا - من باب الاحتياط، ولا الموجب للحرية على المقتضي للرق يعني لا يُرجح الخبر الموجب للحرية على المقتضي للرق بل يُرجح المقتضي للرق لماذا؟ لأن الخبر المُثبت للرق موافق للدليل الدال على صحة مثل رقبة والخبر الموجب للحرية مخالف له والدليل المُثبت للملك أرجح من النافي له لأن الأصل بعد تحقق الرق بقاء الملك إذا ملك رقبة فإذا جاء ما جاء ملكية هذا العبد أيهما أولى بالتقديم؟ الموجب للحرية على المقتضي للرق أيهما؟ المقتضي للرق هو الأصل لأن الأصل بقاء اليد هذه الأصل بقاء يد السيد على العبد الأصل أنه مملوك له فإذا جاء

نص يدل على رفع اليد وجاء نص يدل أنه رقيق نقول الخبر الثابت الدال على بقاء يده هو المُقدم ولذلك قال ولا يُرجح الخبر الموجب للحرية على المقتضي للرق بل يرجح المقتضي للرق على الموجب للحرية. وأمر من خارج هذا هو المرجح الثالث وأمر من خارج يعين خارج عن السند والمتن لن الترجيح إما باعتبار السند وإما باعتبار المتن وإمام بدليل منفك منفصل عن السند والمتن، قال مثل إذاً ليست محصورة لما قلا مثل علمت أنها ليست محصورة وبعضهم ألف في التراجيح كتباً مستقلة، مثل أن يعضده كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس أو يعمل به الخلفاء الأربعة أو صحابي غيرهم يعين إذا جاء تعارض بين حديثين ولم يمكن الترجيح بين السند والسند والمتن والمتن كلاهما متكافئان من كل الأوجه ماذا نصنع؟ نطلب لأحدهما مُرجحاً من الخارج إما يدل عليه صريح الكتاب أو مفهوم أو دلالة إيماء أو سنة أو إجماع أو قياس أو عمل خلفاء الراشدين أو صحابي لماذا؟ لأنه إن وُجد واحد من هذه الأوجه غلَب أحد الدليلين حصل تغليب الظن يتعلق بأحد الدليلين حينئذ نقول إن وُجد واحد من هذه العواضد يُغلّب على الظن قوته في الدلالة وسلامته من المُعارض لأن لو ترجح بطل التعارض، أو يُختَلف على الراوي فيقفه قوم ويرفعه آخرون والخبر الآخر متفق على رفعه خبران متعارضان أحدهما اتفق الرواة على أنه مرفوع والثاني مُختلف على الراوي منهم من يقف ومنهم من يرفع، الثاني يكون فيه نوع طعن والأول يكون هو مُقدم، أو يُنقَل عن الراوي خلافه فتتعارض روايتاه عن نفس الراوي الذي حديثه خالف الحديث الآخر ووقع التعارض يُنقَل عنه رواية أخرى تخالف الرواية التي رواها هو فحينئذ قال هنا أو يُنقَل عن الراوي خلافه فتتعارض روايتاه هو في نفسه وحينئذ الخبر الآخر قد سلم من هذا التعارض فتقدم روايته على هذه الرواية، أو يكون مرفوعاً والآخر مرسلاً أحدهم مرفوع والآخر مرسلاً والمرسل عند الأصوليون أعم من المرسل عند المحدثين لأن المرسل عند الأصوليين يشمل المنقطع والمقطوع إلى آخره كل ما حصل في سنده انقطاع ولو قال الصحابي قال البخاري قال - صلى الله عليه وسلم - يسمى مرسلاً عندهم وأما عند المُحدثين فلا إنما هو مرفوع المرسل المرفوع بالتابع أو لكبر أو سقط راوي قد حكو وأشهرها الأول أنه مرفوع التابع مطلقاً سواء كان كبيراً أو صغيرا.

وأما في المعاني هذا يقابل قوله والترجيح إما في الأخبار الألفاظ وإما في المعاني يقصد به العلل أي بين علل المعاني فتُرجح العلة بموافقتها لدليل آخر من كتاب أو سنة أو قول صحابي أو خبر مرسل فترجح العلة بموافقتها لدليل آخر يعين إذا حصل عندنا قياسان متعارضان نقول القياس الذي دل وافق علة ذلك القياس دليل آخر من كتاب أو سنة أو قول صحابي أو خبر مرسل هذه العلة بقياسها مُقدم على القياس الآخر إذاً يُرجَح القياس المتضمن لعلة لها عاضد من كتاب أو سنة إلى آخره على ما لا يعضده شيء إذاً ترجيح القياس من جهة علته فإذا أُستنبط في الأصل الواحد علتان وقد عضد إحدى العلتين دليل آخر وبعض الأصوليين وكم أخذ بقياس مبنياً علة والقياس الآخر مبنياً على علة أخرى فإذنه تُرجح على الأخرى يعني كاختلاف العلماء مثلاً كعلة تحريم الربا هل هي الاقتيات أم الطعم؟ نقول الطعم هذه جاء الحديث نقول جاء الحديث يدل عليها الطعام بالطعام مثلاً بمثل إذاً شهد لها أصل من سنة فحينئذ تكون مُرجحة على غيرها فكل قياس ينبني على علة الطعم فهو مقدم على كل قياس مبني على علة أخرى لماذا؟ لأن هذا القياس قد شهد لعلته دليلاً آخر من كتاب أو سنة إلى آخره وبكونها ناقلة عن حكم أصلي هذا كما هو في السابق إذا كانت هذه العلة التي بُني عليها القياس ناقلة لحكم الأصل وهي البراءة الأصلية فهي مقدمة على المُبقية على الأصل فإذا كان العلة مٌقدمة العلة المُبقية للأصل كحديث لا إنما هو بضعة منك إنما هو هذا تعليل إنما هو بضعة يعني جزء منك نقول هذه على مُبقية على الأصل ومن مس ذكره فليتوضأ وما ‘ثق الشرط هذا يفيد العلية أيضاً لأنه من باب دلالة الإيماء والتنبيه إذاً العلة الناقلة عن الأصل مُقدمة على المُبقية على الناقل عن الأصل براءة الذمة مُقدمة على العلة المبقية للأصل.

وبكونها ناقلة عن حكم الأصل ورجحها قوم بخفة حكمها وآخرون بثقلها أي إذا اجتمع قياسان وعلة أحدهما تفيد حكم الأخف والأخر تفيد حكم الأثقل ولم يمكن الجمع بينهما بين قاسين قالوا ما أفادت حكماً أخف أولى مما أفادت حكماً أثقل لأن الأخف هذا موافق ليسر الشريعة ورفع الحرج، وآخرون بثقلها يعين ثقل الُمقدم لأنه أحوط والأخف ذاك لأنه موافق للشريعة، وهما ضعيفان وهما أي القولان ضعيفان لماذا؟ لأن الأخف قد يكون أرجح تارة والأثقل قد يكون أرجح تارة أخرى حينئذ إلزام القياس بالأخف مطلقاً أو بالأثقل مطلقاً هذا من باب التحكم والترجيح بلا مُرجح، فإن كانت إحدى العلتين حكماً والأخرى وصفاً حسياً فإن كانت إحدى العلتين يعنى تعارض عندنا قياسان والعلة الجامعة في القياس الأول الحكم الشرعي وسبق أن الجماع قد يكون حكماً شرعياً والقياس الآخر علة حسية كالإسكار مثلاً أيهما يُقدَم على الآخر؟ أيهما أولى بالاعتبار؟ العلة الحسية الوصف المناسب أو الحكم الشرعي؟ فرجح القاضي الثانية أي القياس الذي تكون علته حسية كالإسكار مثلاً، وأبو الخطاب الأولى التي هي الحكمية لماذا؟ لأن المطلوب هو الحكم الشرعي والأصح أنه باعتبار كل مسألة على حدة والأغلب في هذه المسائل أنه يُنظر في كل مسالة على حدة مثل زيادة الثقة عند المُحدث وإنما تُذكر هذه كضوابط عامة وقد تُخالف في بعضه ليست مطردة مائة في المائة لا تخرج عنها لكن قد يُقدم بعضه على بعض لذلك ستأتي قاعدة عامة في الترجيحات.

وبكثرة أصولها يعي إذا تعددت الأصول في أحد القياسين وليس في القياس الآخر غلا أصل واحد أو عدد لكنه أقل أيهما أولى بالتقديم؟ القياس المبني على عدة أصول هذا أولى بالتقديم من غيره مثل ماذا؟ كمن أوجب النية في الوضوء قياساً على الصلاة والصيام والحج وغيره ومن لا يقول إنه تنظيف فهو كالطهارة من النجس يعني من قاس أوجب الني في الوضوء قياساً على الصلاة وكل عبادة يُشترط فيها النية إذاً قاسه على أصول متعددة ومن قال لا لا تشترط النية في الضوء قاسه على طهارة النجس وهو أصل واحد وأيهما أولى؟ من كان له عدة أصول لكن هذا ليس مطرداً قد يكون في بعض المسائل لكن ليس كقاعدة عامة، وبكثرة أصولها وباطرادها وانعكاسها هذا العلة التي تكون مطردة منعكسة مقدمة على العلة المطردة فقط لأن المطردة منعكسة متفق على التعليل بها كلما وُجدت وُجد الحكم وكلما انتفى الحكم انتفت العلة هذا الاطراد انعكاس لكن الاطراد فقط كلما وُجدت العلة وُجد الحكم هذا فقد اطراد في الثبوت وملازمة في الثبوت، والمتعدية على القاصرة لكثرة فائدتها ومنع منه قوم إذاً العلة المتعدية مُقدمة على العلة القاصرة لأن المتعدية هو الأصل في القياس والقاصرة بلا خلاف أنه لا يقاس عليه وإنما الخلاف هل يُعلل بها في محلها أم لا؟ هل هي علة للحكم في محلها أم لا؟ خذا محل الخلاف بين الأصوليين وأما التعليل بها لتُنقل إلى فرع آخر ثم يتحقق في ذلك الفرع وُجدت أو لا هذا بلا خلاف بين الأصوليين وإنما الخلاف دائماً يُذكر في هل يصح تعليل الحكم بها في ذلك الموضع أو لا؟ هل يصح أن يقول الذهبية والفضية والثمنية علة منع الربا في الذهب أم لا؟ هذا محل خلاف، والإثبات على النفي يعين القياس المُثبت مُقدم على القياس المنفي لأن المُثبت معه زيادة علم والنفي عدم كما سبق بيانه إذاً يترجح من القياسين ما كانت علته إثباتاً على ما كانت علته بالنفي لأن التعليل بالإثبات متفق عليه وهو وجودي كما سبق ثم الجامع إن كان وصفاً وجودياً والنفي هذا مُختلف فيه وإذا ما اتفق عليه مقدم على ما اُختلف فيه، والمتفق على أصله على المختلف فيه على أصله الأصل متفق عليه والآخر القياس الآخر مُختلف في أصله فالمتفق عليه مقدم على المختلف فيه لأن قوة الأصل تؤكد قوة العلة، وبقوة الأصل فيما لا يحتمل النسخ على محتمله أي أن القياس الذي دليل أصله لا يحتمل النسخ فلم يُنسخ بالاتفاق هذا مُقدم على ما يحتمل النسخ وبكونه رده الشارع إليه يعني تُرجح العلة المردودة على أصل قاس الشرع عليه كقياس الحج على الدين في أنه لا يسقط بالموت يعني وبكونه رده الشارع غليه يعني هذه العلة اعتبرها الشارع أرأيتِ إن كان على أبيك دين هذا رده الشارع إلى القياس وهو قياس حق أو قضاء دين الخالق على دين المخلوق فحينئذ لا يسقط بالموت، والمؤثر على الملائم المؤثر ما ظهر تأثيره بنص أو إجماع على الملائم الذي لم يكن كذلك، والملائم على الغريب الملائم ما شهدت له أصول والغريب ما شهد له أصل واحد فقط والغريب هذا في ثبوته نزاع، والمناسبة على الشبهية المناسبة هذا متفق عليه والشبهية هذا مُختلف فيه وإن كان جمهور الأصوليون على اعتباره، لكن نقوله هذه كلها

يجمعها قاعدة عامة في الترجيح وهي أن يُقال متى ما اقترن بأحد الدليلين ما يقويه ويُغلب جانبه وحصل بذلك الاقتران زيادة ظن أفاد ذلك ترجيحه على الدليل الآخر هذه القاعدة متى ما اقترن بأحد الدليلين ما يقويه ويُغلب جانبه وحصل بذلك الاقتران زيادة ظن أفاد ذلك أي التقوية ترجيحه على الدليل الآخر، وأما المرجحات من حيث هي تختلف باعتبار في موضع دون موضع آخر لذلك ذكر العراقي في النكت علن ابن الصلاح مائة مُرجح أوصل المرجحات على المائة لأنه يختلف من نظر إلى نظر آخر. ثم قال الباب الثالث في الاجتهاد والتقليد كأنه قال وذلك يعني أصول الفقه في ثلاثة أبواب، الباب الأول في الحكم ولوازمه الباب الثاني في الأدلة الباب الثالث في الاجتهاد والتقليد.

الاجتهاد لغة بذل الجهد في فعل شاق الجهد المراد به الطاقة والوسع في فعل شاق حينئذ لا يُطلق الجهد أو الاجتهاد في فعل غير شاق ولذلك اتفقوا على أنه لا يقال اجتهدت في حمل النواة لماذا؟ لأن الاجتهاد في اللغة أو بذل الطاقة في فعل شاق أو ما عجا ذلك فلا يقال اجتهدت فيه، بذل الجهد أي الطاقة والوسع في فعل شاق فإن لم يكن الفعل شاقاً فحينئذ لا يصح إطلاق لفظ الاجتهاد عليه، وعرفاً أي في اصطلاح أهل الأصول بذل الجهد في تَعَرّف الأحكام والأوضح أن يُقال في تعرف تعريف يكون للغير والتعرف يكون للناظر نفسه ولذلك الأولى أن يقال تعرف والأوضح أن يقال الاجتهاد هو بذل الوسع في النظر في الأدلة الشرعية لاستنباط الأحكام الشرعية بذل الوسع أي الطاقة وهذا يكون فيه تعميم بذل الوسع قد يكون في باب القياس وقد يكون فيما هو أعم من القياس حينئذ قوله بذل الوسع يشمل القياس وغيره فالاجتهاد يدخل القياس ويدخل غير القياس، في النظر يعني لا يجوز إلا لمن هو أهل للنظر الاجتهاد لا يجوز إلا لمن هو أهل للنظر ومن هو الذي يكون أهل للنظر من استوفى شروط الاجتهاد حينئذ في النظر معناه أنه لا يتأتى بكل أحد هذا الاجتهاد وإنما لا يتأتى بكل أحد وإنما يكون بالنظر ترتيب أمور معلومة ليُتوصل بها إلى مطلوب مجهول تصوري أو تصديقي، في الأدلة الشرعية هذا مُتمم لقوله في النظر لاستنباط الأحكام لاستنباط هذا يعم لما كان الاجتهاد يؤدي إلى القطع أو إلى الظن حينئذ الاجتهاد ليس كله ظنياً بل قد يكون قطعياً لاستنباط الأحكام الشرعية هذا يدل على أن الاجتهاد إنما يُنسب للمجتهد من حيث الكشف والظهور بمعنى أنه لا يسمى تشريعاً نظر المجتهد والكشف وظهور الأحكام الشرعية لا يسمى تشريعاً وإنما يسمى نظراً واجتهاداً وكشفاً وإظهاراً لحكم الله لأنه لا حاكم إلا الله جل وعلا كما قررنا في أول الكتاب فحينئذ إذا نظر المجتهد واستنبط الحكم الشرعي لا نقول مُشرع وإنما نقول هو مُستنبط ولذلك قال لاستنباط الأحكام الشرعية، قال وتمامه إذاً وعرفاً بذل الجهد في تَعَرّف الأحكام بذل الوسع والطاقة في التعرف على الحكم لاستنباطه من الأدلة الشرعية، وتمامه بذل الوسع في الطلب إلى غايته تمامه إذاً هل هناك اجتهاد ناقص قاصر واجتهاد تام؟ الجواب نعم قد يكون ثم اجتهاد غير تام لم يبذل الوسع والطاقة في إتمام مطلوبه والنظر في الأدلة يكون اجتهدت ونظر في الكتاب فقط ولم يتمم النظر في السنة أو اجتهد في الكتاب والسنة ولم يبحث في الإجماعات هل ورد إجماع أو لا نقول هذا اجتهاد لكنه قصار وليس بتام، وتمامه أي تمام الاجتهاد بذل الوسع في الطلب إلى غايته إلى أن يعجز ويقف يقول ليس ثم دليل وليس ثم حديث إلا وقد نظرت وبحثت فيه فلم يجد.

والمجتهد من هو المجتهد؟ هو الفقيه الذي له القدرة في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية هذا هو المجتهد هو الفقيه الذي له القدرة في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها عنده مَلَكة هذه الملكة لا تحصل هكذا وحياً إلهاماً وإنما لابد من شروط يستوفيها المجتهد، وشرط المجتهد عرفنا من هو المجتهد هو الفقيه الذي له القدرة في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وشرط المجتهد الإحاطة بمدارك الأحكام وهي الأصول الأربعة والقياس وترتيبها لابد أن يكون محيطاً بهذه الأدلة كلها لأنها مصادر الشريعة هو سيستنبط حكماً شرعياً من أين سيستنبطه؟ من مصادرها الأصلية فحينئذ لابد من أن يكون مستوعباً ومحيطاً بهذه الأصول بعامة فلو نظر في البعض جون البعض لم يكن مستوفياً لشرط الاجتهاد، وشرط المجتهد الإحاطة الإحاطة أن يكون محيطاً بمدارك جمع مُدرَك والمراد به طرقها التي تُدرك منها مدارك الأحكام يعني المحال لتي تُدرَك منها الأحكام وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس محل الإدراك مُدرك والإدراك وصول النفس إلى المعنى بتمامه وهو مراده هنا، وهي الأصول الأربعة يعني أن يستند إلى دليل شرعي والقياس وترتيبها الأصول الأربعة والقياس أخرج القياس لماذا؟ لأن الاستصحاب عنده متفق عليه وهو مقدم على القيا وهذا لم يجري على ما هو مشهور عند الأصوليين، وترتيبها لابد أن يعمل ترتيبها من حيث المكانة والنزلة ومن حيث النظر ومن حيث الاحتجاج إلى آخره، وما يعتبر للحكم من جملة وما يعتبر يعني ما يكون معتبراً في الحكم الشرعي في الجملة من العلم بالكتاب والسنة على الوجه الذي سيذكره المنصف، إلا العدالة ما يعتبر للحكم في الجملة هذا سيذكره يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق من أحكام كلها إلا العدالة على القول المهور عند الأصوليين فلا تشترط العدالة في الاجتهاد بل يجتهد له أن يجتهد ويكون عالماً بالكتاب والسنة وهو فاسد - عياذاً بالله - ممكن نعم يكون فاسقاً وهو أهل للاجتهاد والعدالة ليست شرطاً للاجتهاد وإنما هي شرط للعمل باجتهاد يعني ما تستفتي مجتهداً فاسقاً مبتدعاً وإنما تستفتي من؟ المجتهد العدل فحينئذ العجالة صارت شرطاً لفتواه والعمل بقوله وأما كونه يُقبل ويُقدم على الاجتهاد وينظر في الكتاب والسنة ويستنبط فالعدالة ليست شرطاً بل لو خماراً فله أن يستنبط، إلا العدالة على المشهر قال الشيخ القاسم هنا أي فلا يشترط في المجتهد عدالة بالنظر على العمل باجتهاده بنفسه وأما النظر للعمل بفتواه والاعتماد عليها فيشرك عدالته لا تشترط العدالة في كنه مجتهداً لأن الاستنباط استنباط الأحكام يصح من العادل والفاسد. ثم قال فإن له أي للمجتهد الأخذ باجتهاد نفسه يعمل هو، هو مجتهد ثم إذا اجتهد فاستنبط الحكم له أن يأخذ باجتهاد نفسه ولو كان فاسقاً بل هي شرط لقبول فتواه العدالة شرط لقبول فتواه العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

فيعرف من الكتاب هذا قوله وما يعتبر الحكم في الجملة ما الذي يعتبر للحكم في الحملة؟ قال فيعرف أي فيشترط في المجتهد أيضاً أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام فمن من القرآن ما يتعلق بالأحكام الشرعية النصوص التي تستنبط منها الأحكام الشرعية لابد أن يقف عليها وأن يعرفها وهي تكون في الكتاب والسنة قد تكون نصاً في الحكام وقد تكون متضمنة للأحكام وقد مشيرة للأحكام فحينئذ كل آية في الكتاب فيحتمل أنها آية للأحكام كل آية يمكن حتى قصص الأنبياء والرسل إلى آخره إذا قلنا شرع من قبلنا شرع لنا حينئذ لا يكاد أن تخلوا آية إلا وهي قد تكون متضمنة لحكم شرعي وعليه قوله فمن القرآن قدر خمسمائة آية هذا باطل ليس بصحيح التحديد هذا لا دليل عليه بل القرآن كله شرط في اعتبار الاجتهاد إن كان مراده الأحكام العامة التي يغلب على المكلفين الحاجة غليها كالصلوات مثلاً والحج والصيام فالنظر إليها لا إشكال يمكن عدها والنظر فيها لكن في كونه مجتهدا مطلقاً وهو الذي يريده المصنف الجواب لا بل كل آية قد تكون متضمنة لحكم شرعي، فمن القرآن قدر خمسمائة آية لذلك في الحاجة في تحديد آيات الأحكام بخمسائة آية فيه نظر وقد قيل به ما دل على الحكم بالمطابقة نعم هذا ممكن يعني ما كان صريحاً {وَالْمُطَلَّقَاتُ} {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} لا إشكال يمكن عدها أما يُنفى الأحكام الشريعة عن قصص الأنبياء فالجواب لا ليس بصواب وأما عدا ذلك فآيات الأحكام أكثر من هذا القدر، قال لا حفظها لفظاً بل معانيها يعني لا يشترط هذه الخمسمائة حفظها لفظاً يحفظاً يُسمِّعها عن ظهر قلب بل معانيها يعني بل يكفي معرفة معانيا يقف على المراد منها، ليطلبها عند حاجته لكن لا يكاد أن يوجد عالم معتبر إلا هو قد حفظ كلام الله تعالى من أوله إلى آخره ولذلك لا ترجم ابن حجر للمحلي قال أُخذ عليه أنه لم يحفظ القرآن ولا يُفهَم من هذا أن يكفي خمسمائة آية تحفظها وانتهى – لا، بل يكفي معرفة معانيها ليطلبها يعني يرجع إليها عند الحاجة، ومن السنة يعني لابد أن يعرف المجتهد من السنة النبوية ما يتعلق بالأحكام سواء كان متواتراً أو آحاد، ما هو مدون في كتب الأئمة الكتب الستة وما ألف من الأحكام على جهة الخصوص كالمنتقى ونحوه ويعرف أيضاً الناسخ والمنسوخ منهما يعني من الكتاب والسنة لأنه لو لم يعرف الناسخ من المنسوخ قد يحكم بالمنسوخ فيقول أنه اجتهاد، والصحيح والضعيف من الحديث للترجيح عند التعارض إذا لم يعرف الحديث الصحيح من الضعيف كيف يُرجح، والمجمع عليه من الأحكام لئلا يُفتي بخلافه، ونصب الأدلة وشروطها نصب الأدلة الشرعية يعني من شروط المجتهد أن يكون عالماً بقواعد الاستدلال وشروط الاستدلال ووجوه الاستدلال وهذا كله مأخوذ من أصول الفقه، ومن العربية يعني اللغة العربية لأنه أصل كتاب والسنة عربيان حينئذ المستنبط والناظر في الكتاب والسنة لابد أن يكون على دربة ودراية باللغة العربية ولذلك السيوطي رحمه الله تعالى نقل الإجماع على أنه لا يجوز أن يُقدم على تفسير كلام الله إلا من كان ملياً باللغة العربية لأن اللغة القرآن والسنة أو القرآن أعلى درجات الفصاحة والبلاغة حينئذ المعاني

التي دل عليها القرآن لا يمكن أن تُدرَك إلا بمكنة لابد أن يكون صاحب دربة ودراية عنده ذوق في فهم المعاني، ومن العربية ما يميز به بين صريح الكلام وظاهره ومجمله وحقيقته ومجازه وعامه وخاصه ومحكمه ومتشابهه ومطلقه ومقيده ونصه وفحواه كل هذه وهي أبواب من أهم أبواب الاصطلاح مدركها اللغة العربية ولذلك يقول أيضاً الزركشي في البجر المحيط أن من تشبع أو امتلأ بالعربية كفاه أكثر باب القياس لا يحتاج إليه باب القياس الذي ذهب معنا هذا يقول من كان متشبعاً باللغة حينئذ لا يحتاج إلى أكثر أبوب القياس لماذا؟ لأن أكثر ما وُجد من الأحكام الشرعية بالأقيسة التي نص عليها الأصوليون دل عليه اللفظ العام في الكتاب والسنة ولذلك لا نحتاج إلى كثير من الأقيسة وأما ما يقال بأنه يُقاس من أجل تكثير الأدلة فيقال دليل الكتاب والسنة والإجماع هذا خلاف الأصل يعني إذا ورد نص من الكتاب أو السنة على مسألة ما حينئذ لا نحتاج على القياس فيُقال وجوب كذا دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والقياس النص لا نحتاج إليه لماذا؟ لأن القياس إنما يُصار إليه عند عدم النص وعند افتقار الحادثة إلى دليل ولا دليل يدل عليه وأما إذا وُجد وأجمع عليه العلماء حينئذ لماذا نقول بالقياس هم يقول تكثيراً للأدلة ولا نحتاجها.

فإن علم ذلك في مسألة بعينها إذاً شروط المجتهد هو ما سبق ذكره فهذا يدل على أنه لابد أن يكون مستوعباً لكل ما يمكن أن يكون وسيلة لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية لأنه جعل حفظ القرآن بعضه وجعل السنة والناسخ المنسوخ والحديث الصحيح والضعيف والمجمع عليه ونسق الأدلة وأصول الفقه والعربية هذا يدل على ما نؤكده دائماً أن العلوم الشرعية لا تتجزأ ولا تتبعض وإنما يخدم بعضها بعضاً ففقيه ليس أصولي ليس بصحيح ومُفسر لا يدري اللغة ولا الصرف ولا النحو ولا فقه اللغة هذا ليس بصحيح لا وجود له، فإن علم ذلك في مسألة بعينها كان مجتهداً فيها عرفنا شروط الاجتهاد ومن هو المجتهد هل يتجزأ الاجتهاد ويتبعض أو لا؟ هذا فيه خلاف والصواب أنه يتجزأ يمكن أن عالماً في كتاب الطهارة من أوله وآخره ولا يدري ما البيع ولا الإيجارة وما الوقف إلى آخره يعني يمكن أم لا؟ ممكن أن يكون عالماً مجتهدا نحريراً في كتاب الطهارة كله بل في باب من أبواب الطهارة ثم لا يدري أحكام الزكاة وأنصبة الزكاة إذاً يمكن هذا وهذا لا يُفهَم منه معارضة لما ذكرته الآن إنما هذا يكون بعد استيفاء الآلة هل له أن يجتهد فينظر في كتاب الطهارة فيستنبط كل حكم ويقف على كل حكم بدليله الشرعي أم أنه لابد أن يستمر في كتاب الفقه من أله إلى آخره ثم بعد ذلك يصح له الفتوى في كتاب الطهارة؟ هذا هو محل النزاع فهو قد استوفى الشروط ولكنه استعمل الاجتهاد في كتاب الطهارة ولم يستعمله في بقية مادة الفقه هل له أن يفتي في الطهارة أم أنه لابد أن يستوفي كل الفقه لأنه يحتمل أن يكون بعض المسائل في الطهارة مبنية على البعض الذي لم يقف عليه؟ هو محل النزاع وليس المراد أنه يقف مع كتاب الطهارة ثم لا أصول فقه ولا لغة ولا إلى آخره كما هو الشأن الآن نقول لا ليس هذا المراد وكل من نقل حكماً شرعياً أو ظنه مشتهر دون آلة الاجتهاد كما قال العز بن عبد السلام هؤلاء نقلة الفقه اللافقهاء لابد أن يحفظ دليل ويحفظ كذا وفي رأيه أن المسألة عنده لا المسألة صعبة ما هي سهلة، فإن علم ذلك أي الشروط السابقة إذاً علم ذلك كل الشروط السابقة المعتبرة في الاجتهاد، فإن علم ذلك ولكنه استخدمه في مسألة بعينها دون بقية المسائل أو في باب معين أو في فن واحد دون آخر كان مجتهداً فيها في تلك المسألة وإن لم يعرف غيرها لماذا؟ لأنه قد يتجزأ الاجتهاد ودعوى أن بعضها مبني على الآخر هذه وإن كانت قد تصح في بعض إلا أنها ضعيفة ونادرة والنادر لا حكم له.

ثم قال ويجوز التعبد بالاجتهاد زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - للغائب والحاضر بإذنه وقيل للغائب هي جوز للصحابي أن يجتهد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع وجود النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ هذا محل نزاع قال يجوز ويجوز التعبد بالاجتهاد لكن مراده هنا الجواز العقلي لكن هل وقع أو لا؟ دل على ماذا؟ أن مراده قوله يجوز الجواز العقلي ويجوز التعبد بالاجتهاد أن يتعبد الله جل وعلا الصحابة يعني يوجب عليهم عند الإيجاب أو يُجيز لهم عند غير ذلك في ذم الاجتهاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، للغائب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأن لم يكن بالمدينة كما قال لمعاذ فبما تحكم؟ قال بكتاب الله قال فإن لم تجد قال فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فإن لم تجد؟ قال فأجتهد رأيي هذا هو الاجتهاد أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن معاذ غائب أم حاضر؟ غائب، والحاضر بإذنه للغائب والحاضر بإذنه يعني بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الصحابي بالاجتهاد هذا هو القول الأول أنه يجوز مطلقاً للحاضر بإذنه وللغائب وهذا مذهب الأكثر أكثر الأصوليين على هذا أنه يجوز التعبد تعبد الصحابة بالاجتهاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودليله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي بتحكيم سعد بمعاذ في رجال بني قريظة فقال له لقد حكمت فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات إذاً أقره وهذا حاضر ولكن بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمره هو الذي نصبه حاكماً، والغائب كما في حديث معاذ وكذلك حديث عمرو بن العاص لما اجتهد وأصبح جنباً واجتهد فلم يغتسل فتيمم تالياً قوله تعالى {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الاجتهاد، وقيل للغائب فقط دون الحاضر بدليل قصة معاذ لكن معاذ أيضاً معها قصة سعد بن معاذ وقيل للغائب يعني دون الحار بدليل قصة معاذ لما بعثه إلى اليمن وقصة عمرو بن العاص.

وأن يكون هو - صلى الله عليه وسلم - متعَبَداً به إذاً نقول قوله ويجوز التعبد جائز عقلاً ووقعاً للحاضر بإذنه - صلى الله عليه وسلم - وللغائب ولا إشكال، وأن يكون هو أي النبي - صلى الله عليه وسلم - متعَبَداً به فيما لا وحي فيه هل له أن يجتهد - صلى الله عليه وسلم -؟ نقول الصواب نعم الصحيح نعم لكن هنا قال فيما لا وحي فيه أما ما جاء الوحي فيه فلا إشكال لقوله تعالى {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} إذاً أُمر - صلى الله عليه وسلم - باتباع ما أُوحي إليه فإن لم يكن ثم وحي نزلت نازلة أو جاءت حادثة فله - صلى الله عليه وسلم - أن يجتهد، وقيل لا لا يجوز له الاجتهاد لماذا؟ لإمكان نزول الوحي يمكن أن ينتظر فينزل المقام مقام تشريع والزمن زمن تشريع حينئذ لا يجوز له أن يجتهد فينزل الوحي ولقوله تعالى {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} إذاً لابد أن يكون وحياً. والصواب أنه يقع الاجتهاد ولذلك قال لكن هل وقع الاجتهاد منه - صلى الله عليه وسلم -؟ أنكره بعض أصحابنا وأصحاب الشافعي وأكثر المتكلمين استدلالا بقوله تعالى {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فلو حكم باجتهاده دون وحي لكان اتباعاً للهوى، والصحيح بلى وقع الاجتهاد منه - صلى الله عليه وسلم - لقصة أسارى بدر وغيرها {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} إذاً اجتهد أو لم يجتهد؟ نقول يجتهد - صلى الله عليه وسلم - لكن إن وافق الصواب والحق أقره الرب جل وعلا وإلا نزل العتاب ونحو ذلك {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} {عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} إذاً وقع الاجتهاد وجاء العتاب والتصحيح من الرب جل وعلا.

والحق في قول واحد هذه مسألة تصويب المجتهد هل يتعدد الحق في نفسه أو لا؟ الأصح أنه لا يتعدد فالحق في نفس الأمر أي عند الله - عز وجل - واحد كل مسألة وقع النزاع فيها بين أهل العلم فالحق واحد عند الله جل وعلا ولو اختلفت الأقوال إلى عشرة بل وصل بعض الأقوال إلى ثلاثين في تعيين ليلة القدر وصل إلى ثلاثين قول ذكره ابن حجر حينئذ نقول الحق عند الله واحد منه ولا يتعدد، والحق في قول واحد من المجتهدين من عداه فهو مُخطئ لماذا؟ لأن الحق واحد لا يتعدد وهذا قول جمهور أهل العلم أن الحق واحد ولا يتعدد وأن المجتهد قد يكون مصيباً وقد يكون مخطئاً ودليل ذلك تقسيم النبي - صلى الله عليه وسلم - الاجتهاد أو المجتهد إلى قسمين إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ إذا سماه مُخطئاً فكيف نقول الاجتهاد يكون حقاً هذا رد وهذا قياس فاسد الاعتبار يسمى فساد الاعتبار أو فاسد الاعتبار أي قول أي رأي ثم يأتي النص مُنقضاً لهذا الرأي نقول هذا الرأي فاسد وهو من الرأي المذموم حينئذ لو صح الحديث والأثر تقسيم النبي - صلى الله عليه وسلم - الاجتهاد حينئذ لا ينبغي أن يقال هل كل مجتهد مصيب أو لا بل يكون هذا من العبث، والمخطئ في الفروع معذور لكن حيث لا قاطع فإذن أخطأ فله أجر أثبت له الأجر الأجر على أي شيء؟ على الاجتهاد على بذل الوسع على الوقت الذي بذله على النية الصادقة لطلب الحق هذا عمل صالح حينئذ يستحق الأجر يُثاب على هذا العمل، والمخطئ في الفروع قيد هذا ليس في الأصول إنما هي في الفروع يعني المسائل الفقهية الظنية التي ليس فيها دليل قاطع إذا قال ولا قاطع يعني ليس في المسالة دليل قاطع فلا يأتي ويجتهد ويقول صوموا شوال نقول هذه مسائل فيها نوع خلاف، والمخطئ في الفروع ولا قاطع معذور في خطأه غير مأزور لسلامة قصده ونيته مأجور على اجتهاده وبذل الواسع والطاقة وطلب الحق.

وقال بعض المتكلمين كل مجتهد مصيب وهذا باطل ليس بصحيح كل مجتهد مصيب كل الأقوال الخمسة نحكيها كلها حق فخذ ما شئت نقول هذا ليس بصحيح بدليل ماذا؟ كيف ننقض هذا القول؟ بتقسيم الاجتهاد نجعل هذا الحديث أصل في باب الاجتهاد، وليس على الحق دليل مطلوب لعد القطع بصواب واحد من هذه الاجتهادات ليس عليه دليل قاطع نقول لا يطلب القطع وإنما نحن متعبدون بالظن الراجح فإذا وُجد ظن حينئذ وجب العمل ولذلك قيل إذا وُلد ظن وجب العمل فصار وجوب العمل بدليل قطعي والظن حاصل في طريقه ولذلك بعضهم يجعل كما سبق يجعل كل الفقه من باب القطعيات وليس من باب الظنيات كما هو المشهور لماذا؟ لأن القطع بإجماع العلماء أن الظن يجب العمل به هذا مُجمَع عليه فحينئذ إذا وجب العمل بكون الوتر سنة نقول هذا ظن ليس بقاطع العمل بكون الوتر سنة نقول هذا علم وليس بظن لماذا؟ لأن الظن حصل في طريقه في إثباته في الاستدلال له وأما في العمل به فهو علم مقطوع به ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك إذاً هذا القول فاسد كل مجتهد مصيب ومرادهم بالفروع هنا، وقال بعضهم واختلف فيه على أبي حنيفة وأصحابه يعني هذه المسألة أُختلف لم يثبت فيها رأي أبو حنيفة وأصحابه أي أُختلف عنه في هذه المسالة بعينها، وزعم الجاحظ وبأس ما زعم أن مخالف الملة ملة الإسلام اليهودي والنصراني متى عجز عن دَرَكِ الحق فهو معذور الله المستعان هذا اجتهاد وباطل ولا تعجب أن يصدر من أهل البدع مثل هذا الكلام أن مخالف الملة ملة الإسلام متى عجز عن دَرَكِ الحق فهو معذور غير آثم؟ والله - عز وجل - بإجماع أهل العلم يقول أنهم كفار {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} فكيف يقول هو معذور لو قال لو تبلغه الرسالة كان قريب، فهو معذور غير آثم إذاً دعوى وحدة الأديان لها أصل قديم الجاحظ هذا القرن الرابع والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار، ويقول معذور غير آثم.

وقال العنبري كل مجتهد مصيب في الأصول والفروع عليه يلزم كل أهل البدع على حق لماذا؟ لأنهم مصيبون، فإن أراد كل مجتهد مصيب في الأصول والفروع يعين الاجتهاد يدخل الأصول كما أنه يدخل الفروع، وعليه يكون الاجتهاد به حال واحدة وهي الإصابة وهذا باطل، فإن أراد أنه أتى بما أُمِرَ به فكقول الجاحظ أُلحق بقول الجاحظ لكن قيل بأنه رجع يعين إن بالإصابة أنه أتى بما كُلف به ما هو تحت قدرته من الاجتهاد وأنه لم يُؤمر إلا بما هو عليه فقوله كقول الجاحظ لأنه يلزم منه تصويب غير اليهود والنصارى، وإن أراد في نفس الأمر لزم التناقض في نفس الأمر يعني ما اعتقده نفسه اليهودي والنصراني وغيره أنه موافق للمعتقد للصحيح لزم التناقض لماذا؟ لأن اليهودي يعتقد أن معتقده صحيح والمسلم يعتقد أن معتقده صحيح والنصراني صحيح والمجوسي إلى آخره وكلهم يعتقدون أن عقيدتهم صحيحة وكلها متناقضة هذا يقول الإله ثلاثة وهذا يقول واحد حينئذ كيف يكونوا مصيبين كيف يصيرون مصيبين؟ هذا باطل لأنه يجعل الشيء ونقيضه حقاً إذاً تعدد الآلهة القول بالثالوث وأنه إله واحد كلاهما حق وهم نقيضان؟ ثم قال فإن تعارض عنده يعني عند المجتهد المطلق دليلان واستويا توقف تعارض عنده دليلان واستويا يعني لم يترجح أحدهما على الآخر ما حكمه؟ قال توقف ولم يحكم بواحد منهما حتى يظهر له مُرجح، لماذا يتوقف؟ لأن إعمال الدليلين جمع بين النقيضين هما متعارضان فإعمالهما جمع بين النقيضين وتقديم أحدهما على الآخر بدون مُرجح تحكم لأنه لا يكون بالتشهي والهوى الترجيح دائماً يا إخوان وهذا يحصل من طلاب العلم كثير الترجيح بين قول وقول إما بدليل وإما بهوى إن لم يكن بدليل شرعي واضح بين فهو بهوى وتشهي وهنا يقول توقف يعني عن الترجيح ولم يحكم لأحدهما بكونه أرجح من الآخر لماذا؟ لأنه إما أن يُعمِل الدليلين وهذا جمع بين النقيضين وإما أنه يقدم أحدهما على الآخر وحيث لا مرجح يعني المسالة مفروضة في عدم وجود مُرجح فإن رجح أحدهما على الآخر كان تحكماً فقدم أحد الدليلين على الآخر رجح أحدهما على الآخر بهواه وشهوته.

وقال بعض الحنفية والشافعية لا يتوقف وإنما يُخَيَّر اختر هذا أو هذا وبعضهم يرى أنه يأخذ بالأحوط بدليل أو حديث دع ما يريبك إلا ما لا يريبك، وليس له أن يقول لكن ألظهر طريقة السلف التوقف وليس التخيير التوقف حتى يأتي مرجح وهذا قل أن يوجد قل جداً أن يوجد دليلاً متعارضان في الشرع ثم يتوقف يوقف يقول لا يوجد مُرجح هذا من أندر المسائل والتمثيل له يعجز عن مثله، وليس له يعني إذا تعارض عنده دليلان واستويا ولا يوجد مُرجح هل يجوز له أن يثبت له قولين؟ يجوز؟ يقول بالتحريم والإباحة له ولنفسه؟ ما يجوز هذا وليس له أن يقول فيه قولان حكاية عن نفسه في حالة واحدة لو أخذ في الأول بالإباحة ثم رجع في آخر عمره بالتحريم لا بأس قال بقولين متناقضين والقائل واحد لكنهما في زمنين هذا ممكن لكن نظر فإذا به هذا حديث بدل أنه طاهر وهذا يدل أنه نجس إذاً أقول طاهر نجس هذا بعيد، وإن حكي ذلك عن الشافعي لذا قال في حالة واحدة يعني في وقت واحد وإذا كان في حالتين في وقتين لا بأس يقول في أول حياته في عمره في طلبه جلد الميتة لا يطهر بالدبغ ثم يرجع عنه هذه سنة أهل العلم يقولون القول لما ظهر له من كتاب أو سنة ثم إذا ظهر أن قوله له مخالف أرجح من حيث الدليل ترك القول الأول وأخذ الثاني ولا يستحون ولا يتحرون ولا قال كُتب أو شيع إلى آخره، وإن حكي ذلك عن الشافعي يعين القول بالقولين عن نفسه حُكي عن الإمام الشافعي أنه قال في عدد من المسائل قولين مختلفين وقد حملها الشافعية على أحد محملين أولاً أنه حكى القولين وليسا من اجتهاده حينئذ لا يُنسب إليه أنه قال قولين في وقت واحد أو أنه ذكر القولين لينظر فيهما هو لينظر فيها فاخترمته المنية قبل ذلك إذاً الشافعي لا يُنسب إليه هذه الحالة. وإذا اجتهد المجتهد فغلب على ظنه الحكم لم يجز التقليد انتفى في حقه لأن واجبه الاجتهاد تعين عليه الاجتهاد فإذا اجتهد يعني استنبط حصل عنده هذا قبل الاجتهاد شيء يعني إذا حلت مسألة فلها صورتان عن المجتهد هو متمكن وعنده أهلية للنظر اجتهد فاستخرج الحكم هل له أن يقلد بعد ذلك؟ الجواب لا لأن الحكم صار متعين فرض عين عليه ولا يجوز له أن يقلد غيره فالتقليد حينئذ يكون حراماً في حقه {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} وهما مسئول هو من أهل الذكر فاستنبط الحكم الشرعي ووصل إليه والآلة عنده كاملة نقول فرضك هو الاجتهاد ولا يجوز لك التخير، وإذا اجتهد بهذا القيد فغلب على ظنه الحكم الشرعي لم يجز التقليد وإنما يقلد العامي الذي يقلد هو العامي بدليل قوله {َفاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، ومن لا يتمكن من الاجتهاد في بعض المسائل فعامي فيها فله أن يقلد غيره هذا الذي قلنا أنه يتجزأ في حق الاجتهاد هو باب الفقه كتاب الطهارة ما شاء الله إمام لكنه في البيع ما يعرف شيء يقول هو عامي في باب البيع مجتهد في باب الطهارة لماذا؟ لأن الاجتهاد يتجزأ ويتبعض ولا باس.

والمجتهد المطلق غير المقيد بمذهب أو فتوى لأن المجتهد عندهم ثلاثة أضرب مجتهد مطلق ومجتهد مقيد بمذهب ومجتهد فتوى، والمجتهد المطلق هو الذي صارت له العلوم خالصة بالقوة القريبة من الفعل من غير حاجة إلى تعب كثير يعني استوفى علوم الآلة وكل شرط اشترطه العلماء في الاجتهاد صار عنده بالقوة لا يشترط فيما ذُكر من العلوم السابقة لا يشترط أن يكون مستحضراً لها بالفعل كل مسألة لابد أن تكون في الذهن بدليها بأقوال العلماء لا ليس بشرط هذا باتفاق وإنما يشترط هل عنده ملكة بحيث لو نظر في الأدلة ونظر في أقوال الصحابة والأئمة الكبار يستطيع أن يرجح بموجب الاستدلال هذا المراد هذا الذي يشترط ولا يشترط أن لابد أن يكون حافظاً لجميع ما يُقال من الغلة والنحو والبلاغة إلى آخره ومسائل الفقه أقوال العلماء والنصوص لا المراد أن تكون عنده ملكة بواسطتها هذه الملكة إن وُجدت استطاع أن ينظر في الكتاب والسنة فيستنبط لكن الوصل للملكة ليس بالسهل يحتاج إلى ممارسة وإلى أن يتشبع من كل فن، ثم بعد ذلك إن لم يستحضر المسائل فيكون أمراً ثانوياً وهذا الذي يذكرونه في حد الفقه والعلم بالصلاح فيما قد ذهب فالكل من أل المناحل أربعة يقول لا أدري فكن متبعاً إذاً هم الفقهاء أبو حنيفة يُسأل عن مسائل يقول لا أدري والشافعي وأحمد ومالك كلهم يسألون عن مسائل في الفقه يقولون لا ندري الله أعلم هل معنى ذلك أنهم ليسوا بفقهاء؟ الجواب المراد العلم بالقوة أن تكون عندهم ملكة وأن يكون مستحضراً لأكثر مسائل الفن، هو الذي صارت له العلوم خالصة العلوم أصلية أو آلية مقاصد أو وسائل خالصة، بالقوة القريبة يعني الملكة التي يقتدر بها على تحصيل التصديق بأي حكم أراد، بالقوة القريبة من الفعل يقولون بالقوة القريبة لأن القوة قوتان قوة قريبة وقوة بعيدة قوة بعيدة هذا المبتدئ عند قوة بعدية يعني الآن هو شرع في العلوم الشرعية يريد أن يكون فقيه بعد خمسة عشرة سنة أو عشرون سنة سيكون عنده قدرة الاستنباط هل هو فقيه الآن أو مُجتهد؟ لا إنما المراد أنه لو أراد الحكم الشرعي لقام مباشرة يوم يومين ثلاثة وإذا به يصدر الحكم الشرعي ولا يحتاج أن يذهب إلى كل علم فيُتعب نفسه كما قال هنا من يغر حاجة إلى تعب كثير في تعلم العلوم التي تكون وسيلة للاستنباط، حتى إذا نظر في مسألة استقل بها دون تقليد لغيره ولا يحتاج إلى غيره فيصير مجتهداً مطلقاً فهذا أي من هذه صفته قال أصحاب الحنابلة لا يقلد مع ضيق الوقت ولا سعته لا يقلد مطلقاً لا يجوز له التقليد لا يجوز أن يقلد مجتهداً آخر مطلقاً يعني سواء كان مع ضيق الوقت أو كان ليعمل أو ليفتي أو لينظر أو ليُباحث مطلقاً لا يجوز له أن يقلد غيره ولا يفتي فهذا قال أصحابنا لا يقلد مع ضيق الوقت ولا سعته لماذا؟ لأن فرضه الاجتهاد لقوله تعالى {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} قسم لنا الرب جل وعلا الناس على قسمين ولا ثالث لهما إما جاهل وإما عالم وليس بينهما مفكر ولا مثقف ولا صحفي وإنما عالم وإما جاهل فقط من لم يكن عالماً بالعلم الذي يعتبر علم الشرعية ما عداه ليس بعلم وكلمة ثقافة هذه حادثة ليست بصحيحة المراد بها أنه يكون

عنده بعض علوم المسائل في كذا في أفكار الإسلام إلى آخره وللأسف يسمون في الجماعة الثقافة الإسلامية يكون أركان الإيمان ستة ثم تُبحث واحد واحد وتسمى ثقافة هذا فساد هذا فساد في التصور بل هذا علم بل هذا أصل العلم فكيف يُعدل به وإذا سماه الله علماً فكيف نسميه ثقافة أين ورد الثناء على الثقافة ليس عندنا ما ورد الثناء للثقافة وإنما ورد الثناء والمدح للعلم ولأهل العلم فقط وضده الجهل {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً} نفى العلم فحينئذ لزم منه ثبوت الجهل إذاً ليس إلا جاهل أو عالم المثقف ليس بينهما ليست واسطة، هنا قال ولا يفتي بما لم ينظر فيه إلا حكاية عن غيره يعني إذا لم ينظر ليستنبط حكماً لا يعلم الحكم الشرعي ولن يبحث ليس له أن يفتي هذا واضح لا إشكال إلا حكاية عن غيره فيقول هذه المسألة لم أبحث فيها لكن قال مالك كذا والشافعي كذا فيحكي القول ولا يجوز له أن يحكي هكذا دون نسبة إلى أحد لماذا؟ لأنه يُتوَهم أنه اجتهاده وليس باجتهاده. وإن كان الأصح أن يجتهد ضرورة إذا ضاق الوقت يجوز له أن يجتهد لأن الأصل في التقليد التحرير هذا الأصل ويجوز للضرورة كالعوام أو العالم الذي ل يتمكن من البحث والنظر وقد حلت المسألة ووقعت.

فإن نص في مسألة على حكم وعلله يعني ذكر علته وهذا يكون في شأن الأئمة الكبار كمالك وأحمد والشافعي الذين لهم أتباع ذكر حكماً في مسألة وذكر علة ذلك الحكم فمذهبه حينئذ في كل ما وُجدت فيه تلك العلة يعني نقيس إذا أردنا أن نعرف حكم الإمام أحمد في مسالة ما ولم يُنقَل عنه نص في تلك المسألة إلا أنه نص على حكم تضمن تلك العلة التي وجدت في النص غير المقرون بالحكم الشرعي فحينئذ ماذا نصنع مذهب الإمام أحمد في كل علة رتب عليها الحكم وُجدت تلك العلة فحينئذ نحكم بما حكم به في المسألة التي عللها لذلك قال فمذهبه في كل ما وجدت فيه تلك العلة التي نص على حكم فيها مذهبه هو الحكم السابق، فإن لم يعلل لم يُخرج إلى ما أشبهها يعني لا يُنظر في مسالة شبيهة لها فيُنقل الحكم هذا ما يسمى بالتخريج عند أرباب المذاهب إما أن ينظر في مسألة فإذا بها أو وُجدت فيها أو تحققت علة قد حكم عليها الإمام أحمد في موضع آخر مسألة أخرى بحكم شرعي إذاً ماذا نصنع وُجدت العلة نطبق القياس إذاً صار فرعاً وذاك أصل ووجدت العلة التي في الأصل موجودة في الفرع فنقيس فينقل الحكم التي في المسألة إلى عين هذه لكن إذا لم يُعلل وأشبهتها مسألة هل نقول هذه نشبه هذه المسالة وننقل الحكم أم لا؟ هذا ما يسمى بالتخريج المصنف هنا يقول لا فإن لم يُعلَل لم يُخرَج على ما أشبهها يعني لا يُنقَل الحكم إلى ما أشبهها وكذلك لا ينقل حكمه في مسألتين متشابهين كل واحدة إلى الأخرى ولكن الأكثر العمل هذا باب التخريج عند الحنابلة والشافعية كله قائم على هذا أن يُنظر في مسألة لم يُنقل عن الإمام حكم فيها ولم يُنقل علة ولكنها أشبهت تلك المسألة التي حكم فيها الإمام قالوا هذه أشبهت هذه فيُنقل الحكم وهذا يسمى تخريج في باب المذهب. فإن اختلف حكمه في مسألة واحدة، وَجُهِلَ التاريخ فمذهبه يعين إذا عُلم التاريخ فالثاني هي قوله لا يقال بالناسخ والمنسوخ إلا في الكتاب والسنة فقط إما إذا جاء كلام أهل البدع لا نقول هذا ناسخ للأول، فإن اختلف حكمه في مسألة واحدة وَجُهِلَ التاريخ فإن عُلم التاريخ حينئذ نقول الثاني هو مذهبه فمذهبه أشبههما بأصوله وأقواهما يعين ما كن أقرب إلى الدليل الشرعي، وإلا يعني وإلا يُجهَل التاريخ بأن علم التاريخ فالثاني يعني القول الثاني الذي عُلم تأريخه هو المقدم هو المذهب هذا هو الأصل لاستحالة الجمع لا يمكن الجمع بينهما، وقال بعض أصحابنا والأول أي مذهبه الأول كالثاني بمعنى أن كليهما مذهب له وإن عُلم التاريخ لكن لو قيل بزيادة الواو هنا وقال بعض أصحابنا الأول له وجه المُحشي هنا يقول أن يكون الأول مذهبه والثاني وهذا بناءاً على أن الاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد في هذا القول أطلق فيه نظر. وإلا فالثاني يعني وإلا يُجهل التاريخ بأن عُلم لتاريخهما لاستحالة الجمع وقال بعض أصحابنا والأول يعني مذهبه الأول كالثاني بمعنى أن كليهما مذهب له لأن المسألة كالاجتهاد لأن المسألة من باب الاجتهاد والاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد إذاً يُجعَل القولان مذهباً للإمام أحمد مثلاً لكن ليس عليه عمل هذا بل لابد من الترجيح.

ثم قال والتقليد لم ذكر الاجتهاد ذكر مقابله لأنه إما مجتهد وإما مُقلد العالم يجتهد والعامي يقلد، والتقليد تفعيل من قلد الشيء يقلده تقليداً وهو وضع الشيء في العنق من دابة أو غيرها وذلك الشيء يكون قلادة واحد القلائد، محيطاً به يعني لابد أن يكون محيطاً فإن لم يكن فلا يكون قلادة ومنه سميت القلادة التي تكون على البعير ونحوها، ثم استعمل في تفويض الأمر إلى الغير كأنه ربطه بعنقه كأن العامي يقول للمجتهد أنا فوضت أمري إليك أنت قل الحكم وأنا معك إذاً صار مثل ماذا؟ كأنه ربطه من عنقه وسحبه معه هذا الأصل، واصطلاحاً قبول قول الغير بلا حجة يعني بلا معرفة دليل حرام جائز مُباح فقط لماذا؟ لأن لو ذُكر له الدليل هو عامي ما يحسن الاستنباط ولا يحسن النظر في الأدلة إذاً قبول قول الغير بلا حجة فيخرج الأخذ بقوله - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو حجة - صلى الله عليه وسلم - إذاً اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسمى تقليداً لأننا اتبعنا حجة لو أخذنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - دون نظر لو اجتهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم نعلم وجه الاستدلال وأخذنا بقوله - صلى الله عليه وسلم - هل يسمى تقليداً؟ لا لأن قوله حجة هو حجة عينها - صلى الله عليه وسلم - فعله وقوله وتقريره وتركه إلى آخره، لأنه حجة في نفسه والإجماع الأخذ بالإجماع هل يسمى تقليداً؟ قال لا والإجماع كذلك مثل الأخذ بقوله - صلى الله عليه وسلم - أي يخرج من التقليد اتباع الإجماع لأنه حجة في نفسه.

ثم قال أبو الخطاب العلوم على ضربين يعين من حيث جواز التقليد وعدمه، هل كل علم يجو أن يقلد الإنسان وغيره أو لا؟ فيه تفصيل هل الفروع كالأصول أم لابد من تفصيل، قال العلوم على ضربين ما لا يسوغ فيه التقليد كالأصولية يقصدون بها العقائد لا يجوز التقليد في أصول التوحيد ولا وجود الرب جل وعلا ولا أسمائه ولا صفاته ولا كذلك ما عُلمك من الدين بالضرورة كأصول العبادات ونحوها كالصيام والحج أنها واجبات لا يجوز التقليد فيها هذا على قول أبي الخطاب ما لا يسوغ فيه التقليد يعني لا يجوز فيه التقليد لماذا؟ لأن هذه العلوم الأصلية التي هي العقائد وما ثبت أو ما كان معلوماً من الدين بالضرورة التي يستوي فيها العامي وغيره هذه لا يُكتفى فيها بالظن لابد من اليقين والقطع فلما كان المُقلد لغيره بلا حجة لا يستفيد قطعاً مُنع التقليد في الأصول في العقيدة، وما يسوغ أي ما يجوز فيه التقليد وهو الفروعية كالمعاملات ونحوها كل ما لم يكن من أصول العقيدة أو أصول العبادات فيجوز فيه التقليد على رأي أبي الخطاب هنا، أبو الخطاب يرى منع التقليد في العقيدة وما أشبهها كأصول العبادات وما يجوز فيه التقليد وهي الأحكام الفروعية، وقال بعض القدرية يلزم العامي النظر في دليل الفروع أيضاً وهو باطل بالإجماع الله - عز وجل - قسم الناس {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} نفي هذا فكيف يلزمه النظر في الأدلة؟ هذا قول ابن حزم، وقال أبو الخطاب يلزمه معرفة دلائل الإسلام والمراد بدلائل الإسلام هنا دلائل أركان يعني أدلة أركان الإسلام يعني بها أصول العبادات لابد لأنه يستوي في العلم بها العامي وغيره، ونحوها مما اشتهر ونحوها يعني نحو أركان الإسلام ما يسمى بأصول العبادات، مما اشتهر ونُقل نقلاً متواتراً فلا كلفة فيه، ثم العامي لا يستفتي ذكر هنا من يستفتيه العامي ثم العامي لا يستفتي إلا من غلب على ظنه علمه لا يجوز أن يُقدم على أي أحد فيسأله لابد أن يغلب على الظن أنه من أهل العلم والدين إلا من غلب ظنه ظن المُستفتي العامي علمه، لاشتهاره بالعلم والدين قد يقول قائل كيف أعلم أنه عالم؟ لاشتهاره بالعلم ولا يكفي بل لابد أن يضم إليه الدين وهو العمل بعلمه لأن القسمة ثلاثة علم بلا عمل وهذا مذموم شرعاً فحينئذ لو وُجد هذا الصنف يُستفتى أو لا؟ لا يُستفتى لأنه يشبه اليهود أشبه {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} قسمة ثلاثية {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}} {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ} اليهود {وَلاَ الضَّالِّينَ} علم بلا عمل أشبه اليهود عمل بلا علم أشبه النصارى وكلا النوعين في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا يُستفتى لا هذا ولا ذاك وإنما يُستفتى من جمع بين العلم والعمل والدين، أو بخبر عدل بذلك أي يحكم عالم بأن هذا يُستفتى أو أهل الاستفتاء وليست الشرهة لوحدها دليل على صحة الاستفتاء، أو بخبر عدل بذلك لا من عُرف بالجهل لا من عُرف يعني لا يُستفتى من عُرف بالجهل هذا كيف؟ لا من عُرف بالجهل يعني من عُرف بالجهل هذا لا يجوز

استفتاؤه ولا خلاف في هذا إذا علمت أن هذا ليس من أهل العلم فتستفتيه نقول هذا لا يجوز ولو تحلى بالشهادات إلى آخره وإن كان مشهوراً في الصحف والمجلات والقنوات إلى آخره هذا لا يكفي أنه من أهل العلم فالشهرة ليست دليلاً على العلم بل قد يكون من أجهل الجاهلين وهو من أشهر المشهورين. فإن جَهِلَ حاله لا تعرف قال لم يسأله فإن جَهِلَ حاله ما يدري هل هو من أهل العلم أو لا ولو أخذ ببعض مظاهر أهل العلم، لم يسأله يعني لا يجوز تقليده لا يجوز سؤاله، وقيل يجوز من جهل حاله لأن العادة جرت بذلك أن من دخل بلداً لا يسال هل هذا عالم هل هذا مشهور بالعلم إنما يسال ويستفتي مباشرة وإنما الصواب الأول، فإن كان في البلد مجتهدون تخيَّر إن لم مُرجح، وقال الخرقي الأوثق في نفسه وهذا أصح الأوثق في نفسه يعني من وُجد في نفسه أو اقتنع في نفسه أن هذا أرجح من هذا ولو اشتركا في العلم والدين لماذا؟ لأن المجتهد أو العامي أُستثني له مسألة واحدة يجتهد فيها وهي هذه يجتهد فيمن يستفتي يستفتي من فيبحث ويستنبط من كلام الناس هل هذا أثق هل هذا أعلم هل هذا عنده دين إلى آخره فيستقر في نفسه أن هذا أعلم من ذاك أوثق من هذا، حينئذ يتعين في حقه ولا يجوز العدول له عن غيره. وقال الخرقي الأوثق في نفسه يعني يجتهد في معرفة الأوثق. ثم قال رحمه الله تعالى وهذا آخره آخر المختصر الذي اختصره من كتابه المذكور آنفاً، والله تعالى أعلم ختم كتابه برد العلم لله جل وعلا، وهو المُوفق يعين الرب جل وعلا هذا اسم فاعل مشتق من التوفيق لو قيل وبالله التوفيق كان أولى من أن يُقال والله الموفق لأن المُوفق هذا اسم فاعل والأصل فيه على دال على ذات متصفة بوصف وهذا شأن الأسماء والأعلام هذا الأصل لكن إطلاق المصادر والأفعال الواردة في الشرع حينئذ لا باس بها أما أن يشتق من المصدر اسم أو يشتق من الفعل اسم فالأصح أن الأعلام توقيفية أسماء الله تعالى توقيفية، إذاً المُوفق هذا اسم فاعل بكسر الفاء وهو صفة من صفات الله تعالى لا شك أن التوفيق صفة من صفات الله - عز وجل - {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} هذا من فعل الله - عز وجل - لكن يُقال يوفق ولو قيل بالمصدر لا بأس لأنه لا يفيد علمية أما الموفق هذا لم يرد، وله الحمد وحده ختم بما بدأ به وهو الوصف أو الثناء على الرب جل وعلا بما يستحقه، وله الحمد أي لا لغيره وحده هذا تأكيد إذاً أفاد هنا الحصر بجهتين من تقديم الجار والمجرور وهو خبر ومن جهة التأكيد بقوله وحده لأنه حال، وصلواته على سيدنا محمد رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلامه يعني ختم بما بدأ وهو الصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - لامتثال لقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} وبهذا نكتفي في هذا القدر واسأل الله الكريم أن يمن علينا وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح وأن يحيينا وإياكم على الإسلام والسنة إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

§1/1