شرح عمدة الأحكام - عبد الكريم الخضير

عبد الكريم الخضير

كتاب الطهارة

عمدة الأحكام: كتاب الطهارة (1) شرح حديث: (إنما الأعمال بالنيات)، (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، (ويل للأعقاب من النار)، (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ... )، (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم)، (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم ... ). الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الحافظ تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن على بن سرور المقدسي -رحمه الله تعالى-: الحمد لله الملك الجبار، الواحد القهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار، وصلى الله على النبي المصطفى المختار، وآله وصحبه الأخيار، أما بعد: فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة في أحاديث الأحكام، مما اتفق عليه الإمامان: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، ومسلم بن الحجاج، فأجبته إلى سؤاله، رجاء المنفعة به، وأسأل الله أن ينفعنا به، ومن كتبه، أو سمعه، أو حفظه، أو نظر فيه، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، موجباً للفوز لديه فإنه حسبنا ونعم الوكيل. كتاب الطهارة .... يكفي يكفي. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن التصانيف في هذا العلم الشريف المبارك علم السنة النبوية قد كثرت وتنوعت، واختلفت أهداف ومقاصد مؤلفيها -رحم الله الجميع رحمة واسعة-، فهناك الجوامع التي تجمع جميع أبواب الدين الأصلية التي تروى فيها الأحاديث بأسانيد مصنفيها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنها المصنفات التي تجمع بين الأخبار المرفوعة والموقوفات والآثار، ومنها السنن التي تقتصر غالباً على أحاديث الأحكام، لكنها بأسانيد مؤلفيها كالسنن الأربع وغيرها، وهناك الموطئات، وهي قريبة جداً من السنن، وفيها آثار، ومنها أيضاً المعاجم، وهي أيضاً نوع من أنواع الكتب الأصلية التي تروى بالأسانيد والمشيخات والفهارس وغيرها من كتب السنة التي عني بها أئمة قديماً، ثم لما قصرت الهمم، ورأى أهل العلم أن درك هذا العلم الذي لا ساحل له قد يُشق على كثير من المتعلمين أخذه من الكتب الأصلية بالأسانيد فصنفوا المختصرات، وجردوها من الأسانيد، فكان مما ألفه أهل العلم كتب أحاديث الأحكام، المختصرات المجردة عن الأسانيد، ومن أنفعها وأنفسها لطالب العلم هذا الكتاب الذي انتقاه مؤلفه من أحاديث الصحيحين، هذا الكتاب كتب الله له القبول والرواج بين طلاب العلم منذ تأليفه إلى يومنا هذا، فقل أن تجد ترجمة من رجال أهل القرون من القرن الثامن أو السابع فما دون إلا وتجد في ترجمته أنه حفظ العمدة، والمراد بها عمدة الأحكام هذه، إضافة إلى حفظه للقرآن والمتون المعتمدة المطروقة عند أهل العلم، فهذا من أنفع الكتب وأنفسها مما كُتب وإن كان هناك ما هو أجمع منه كالمحرر والبلوغ، وأجمع منهما المنتقى للمجد ابن تيمية، المقصود أن الكتب كثيرة، وهذا من أنفسها وأهمها، ومؤلفه الإمام أبو محمد الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي، المولود سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، المتوفى سنة ستمائة.

هذا الإمام عُرف بعلمه وعنايته بالقرآن والحديث، فكان يلقن الناس القرآن بعد أن يصلي الصبح يجلس حتى تنتشر الشمس يلقن الناس القرآن الكبار والصغار، وكان له صبر وجلد، على هذا لا يوجد له نظير في عصره ولا ممن جاء بعده، ثم بعد ذلكم إذا انتشرت الشمس جدد الوضوء فأخذ يصلي إلى أن يقرب وقت النهي، بالغوا في ذلك حتى قالوا: إنه كان يصلي في هذا الوقت ثلاثمائة ركعة، على كل حال لو حسبناها بالدقائق، الركعة المجزئة يمكن أن تؤدى بدقيقة فمن ارتفاع الشمس إلى الزوال يمكن خمس ساعات ثلاثمائة دقيقة، ما هو ببعيد يني، لكن يستغرب الناس مثل هذه الأعداد، وقد أثر عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، يعني في اليوم والليلة ما هي بغريبة، لكن بين ارتفاع الشمس إلى الزوال فيها غرابة ثلاثمائة ركعة، لكن أعطوا صبر وجلد، ويسرت لهم العبادة، وعرفنا عن كثير من أهل العلم أنهم يقرؤون القرآن كل يوم، يختمون في يوم، والقرآن ميسر، والعبادات تحتاج إلى جهاد في أول الأمر ثم تصير بالنسبة للإنسان مثل النفس ما تشق عليه ولا تكلفه شيء، لكن هذه بعد مرحلة المجاهدة، والله المستعان. على كل حال سواء ثبت عنه أو لم يثبت العدد، فالأصل موجود، هو يستغل هذا الوقت من صلاة الصبح إلى انتشار الشمس في تلقين الناس القرآن، ثم بعد ذلك يصلي حتى يقرب وقت النهي، هذا معروف عنه -رحمه الله تعالى-. وكان مع ذلكم قائماً بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير قيام، بل يصفه بعضهم بالتشديد في هذا الباب، فكان -رحمه الله- يغير بيده، وهذا هو المتعين مع الإمكان؛ لأن التغيير باللسان مرتبة مع عدم الاستطاعة، عدم استطاعة التغيير باليد، لكن أهل العلم يشترطون في ذلك أن لا يترتب على التغيير محظور أعظم منه، لا يترتب عليه مفسدة أعظم، وإلا فالأصل التغيير باليد، ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) متى يغير باللسان؟ إذا لم يستطع، فهو مشروط بعدم الاستطاعة.

على كل حال كل إنسان يونس من نفسه، ويحس أنه في بعض المواضع يغير بيده، وبعض المواضع لا يستطيع أن يغير بيده يأتي إلى المرتبة الثانية وهي اللسان، ثم بعد ذلكم المرتبة الثالثة إذا لم يستطع أن ينطق بكلمة الحق والتغيير يغير بقلبه، والله المستعان. هذا الإمام العظيم ألف كتب نافعة منها هذا الكتاب المبارك، ومنها: (الكمال في أسماء الرجال) رجال الكتب الستة، كتاب عظيم مبارك، تهذيب الكمال الذي يدور الناس في فلكه حسنة من حسنات هذا الكتاب، تهذيب الكمال للحافظ الحجاج المزي فرع عن هذا الكتاب الذي هو الكمال لرجال الكتب الستة، وكم عني أهل العلم بتهذيب الكمال! فهذبه ابن حجر، وقربه أيضاً في تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب، وذهبه الحافظ الذهبي في التذهيب، واختصره في الكاشف، وهناك الخلاصة كلها تدور في فلك هذا الكتاب، فهو كتاب مبارك، أدى فيه هذا الإمام العظيم واجباً كبيراً بالنسبة لطلاب الحديث ورواده، توفي -رحمه الله- بعد عمر حافل بالعلم والعمل سنة ستمائة، على رأس الستمائة -رحمه الله رحمة واسعة، نعم. كتاب الطهارة عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) وفي رواية: ((بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)). يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: "كتاب الطهارة" كتاب مصدر كتب يكتب كتاباً، وكتابةً وكتْباً، وهو من المصادر السيالة كما يقول أهل العلم التي تحدث شيئاً فشيئاً، يعني ما يحدث دفعة، يعني ما يمكن كتاب يأتي دفعة مرة واحدة، إنما يحدث شيئاً فشيئاً، تجتمع الكلمات والحروف ثم بعد ذلك الصفحات ثم يأتي الكتاب، وأصل المادة التي هي الكتْب والكتابة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، وجماعة الخيل يقال لها: كتيبة، يقول الحريري في مقاماته: وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفاً ولا قرؤوا ما خُط في الكتبِ ويقصد بذلك الخرازين الذين يجمعون صفائح الجلود ثم يخيطون بعضها إلى بعض بالخرازة، فهم يجمعون، فالأصل في المادة الجمع.

وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفاً ولا قرؤوا ما خُط في الكتبِ والمقصود به هنا المكتوب، المصدر يقصد به اسم المفعول، المكتوب الجامع لمسائل الطهارة. والطهارة مصدر طهر يطهر طهارة، والتطهير مصدر طهر، والمقصود بها النزاهة والنظافة، والإسلام -ولله الحمد- دين النظافة، لكنه من غير مبالغة ولا وسوسة، دين نظافة بالاعتدال، وإن جاء في المقابل مما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((البذاذة من الإيمان)) يعني عدم المبالغة في الطهارة بحيث يصل إلى حد وسوسة، فالتوسط في الأمور كلها هو الجادة، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة] هذا بالنسبة للأمة، وبالنسبة لأهل السنة والجماعة وسط بين المذاهب كلها، فالأمة وسط بين اليهود الذين كُتب عليهم ما كتب من الآصار والأغلال بحيث تقرض النجاسة بالمقراض، ولا يطهرها الماء، وبين النصارى الذين يزاولون بعض النجاسات، بين من لا يضاجع المرأة التي تلبست بالحيض، وبين من يجامعها، فالأمة وسط -ولله الحمد- في هذه الأبواب كلها، وقد أسلم شخص أمريكي غسال يغسل الثياب من غير دعوة، فقيل له في ذلك، قال: السبب الذي دعاني إلى أن أدخل في الإسلام ما أجده من فرق بين واضح بين ثياب المسلمين وثياب غيرهم، المسلمون مأمورون بالاستنجاء بقطع أثر النجاسة وغيرهم لا يتدين بدين، أو يتدين بالنجاسات، ممكن، فهناك فرق بين ملابس المسلمين وملابس غيرهم، تشاهدون الكفار يقف أمام ما يريد أن يقضي حاجته ويلبس سراويله ولا كأن شيئاً صار، والمسلم لا بد أن يستنجي بالماء يقطع أثر النجاسة، أو أقل الأحوال أن يستجمر بالأحجار، المقصود أن ديننا -ولله الحمد- دين النظافة، والمقصود بالطهارة رفع الحديث الذي هو الوصف القائم بالبدن بسبب خروج ما يوجب هذه الطهارة من حدث أكبر أو أصغر، فالطهارة شاملة للحدث الأكبر والأصغر، فالأصغر يرفع بالوضوء أو بالتيمم، والأكبر يرفع أيضاً بالغسل أو بما يقوم مقامه من التيمم.

ثم بد ذلكم الحديث الأول، الحديث العظيم حديث عمر بن الخطاب في النية الذي عظمه أهل العلم، ورفعوا من شأنه، حتى قال بعضهم: إنه ينبغي أن يدخل في جميع أبواب الدين، كل من ألف كتاباً يجعل هذا الحديث في مقدمة كل باب؛ لأنه ما من باب من أبواب الدين إلا ويحتاج إلى النية، فتركه في بعض الأبواب قد يغفل القارئ عن استصحاب هذه النية، ولا شك أن الحديث عظيم حتى جعله بعضهم نصف الدين؛ لأن الدين مبني على الأعمال الظاهرة أو الباطنة، وهذا الحديث مصحح للأعمال مشتمل على الشرط الأول وهو الإخلاص لله -عز وجل-، والثاني المتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وجعله بعضهم ثلث الدين؛ لأن الدين اعتقاد بالقلب وقول باللسان، وعمل بالأركان فهذا الثلث، وبعضهم جعله رابع أربعة أحاديث يدور عليها الإسلام. عمدة الدين عندنا كلماتٌ ... أربع من قول خير البرية اتق الله وازهد ودع ما ... ليس يعنيك واعملن بنية وهذا الحديث رغم أهميته وحاجة الأمة إليه لم يصح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا من طريق عمر بن الخطاب، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خطب به على المنبر، فعمر بن الخطاب يقول: سمعت النبي -عليه الصلاة والسلام- على المنبر يقول، ومع ذلكم لم يحفظ إلا من طريق عمر -رضي الله عنه-، ولا يضير ما دام ثبت الخبر بحجة ملزمة فلا يلزم أن تتعدد طرقه أبداً، ولا يثبت عن عمر -رضي الله عنه- مع أنه خطب على المنبر إلا من طريق علقمة بن وقاص الليثي، ولا يروى عن علقمة إلا من طريق محمد بن إبراهيم التيمي، ولا يروى عنه إلا من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، وعن يحيى بن سعيد الأنصاري انتشر انتشار كبير حتى قال أبو إسماعيل الهروي أنه يرويه عن يحيى بن سعيد أكثر من سبعمائة شخص، مع أن الحافظ ابن حجر يشكك في هذا العدد.

المقصود أنه انتشر، فالحديث فرد مطلق، غريب غرابة مطلقة في أصل سنده، وهو متلقىً بالقبول، مجمع على صحته، وبه افتتح الإمام البخاري كتابه، لكن هل جعله قبل الترجمة أو بعدها؟ باب بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقول الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [(163) سورة النساء] ... إلى آخره، قال الإمام البخاري: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص قال: سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يقول: سمعت، إلى آخره، فهو أول حديث في الصحيح حتى أن بعضهم نص على أنه قبل الترجمة، قبل قوله: (باب بدء الوحي) ليكون الكتاب أو الحديث كالخطبة للكتاب، بمثابة الخطبة للكتاب، يبين فيها الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- أن الكتاب في وحي السنة، وقد أوحي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أوحي إلى غيره من الأمر بالإخلاص لله -عز وجل-، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} [(5) سورة البينة]. على كل حال هذا الحديث حديث عظيم مفتتح به في كثير من كتب السنة على رأسها أصح الكتب على الإطلاق صحيح البخاري، مشتمل على الشرط الأول من شروط تصحيح العبادة، وهو الإخلاص لله -عز وجل-، وعرفنا أن الثاني هو المتابعة، وإن قال بعض أهل العلم: إنه يكتفى بالشرط الثاني، ولا يلزم الشرط الأول، نكتفي بالذكر في الشرط الثاني، نقول: يشترط لصحة العبادة المتابعة، هل هذا تقليل من شأن الإخلاص؟ لا، ليس مرادهم التقليل من شأن الإخلاص، بل العبادات لا تصح إلا خالصة لوجه الله -عز وجل-، لكن يقول هؤلاء: إن العمل إذا لم يكن على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- .. ، إذا لم يكن صاحبه مخلصاً لله -عز وجل- لم يكن متابعاً فيه للنبي -عليه الصلاة والسلام-، العمل الذي فيه شوب شرك لم يتابع فيه عامله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيرى أن المتابعة تكفي، لكن الأولى أن يذكر الإخلاص، وينص عليه، وينبه عليه، ويؤكد عليه؛ لئلا يغفل عنه؛ لأن السامع الذي يسمع أنه لا يشترط لصحة العبادة إلا المتابعة قد يغفل عن الإخلاص، فلا بد من التنصيص على الإخلاص إضافة إلى المتابعة.

"سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) ". إنما: أداة حصر بمثابة (ما) و (إنّ)، وقد جاء: ((ما العمل إلا بالنية))، و ((لا عمل إلا بنية)) كما في بعض الروايات، فـ (إنما) تفيد الحصر، ((إنما الأعمال)) و (أل) هذه جنسية، تشمل جميع الأعمال، بما في ذلك أعمال القلوب، وعمل اللسان وهو القول، وعمل الجوارح، جميع الأعمال، أعمال القلوب، وأعمال اللسان التي هي الأقوال، وأعمال الأبدان التي هي الأفعال، كلها داخلة في أنها لا بد أن تصدر عن إخلاص، استثنى أهل العلم النية من هذه الأعمال وهي عمل القلب لا تحتاج إلى نية، النية لا تحتاج إلى نية، لماذا؟ لئلا يلزم على ذلك إيش؟ التسلسل، يلزم عليه التسلسل؛ لأننا إذا اشترطنا للوضوء نية، ثم اشترطنا لهذه النية نية؛ لأنها عمل قلب، النية التي قبلها تحتاج إلى نية، وهكذا إلى ما لا نهاية، بينما التسلسل في المستقبل .. ، هذا تسلسل في الماضي ممنوع؛ لأنه لا ينتهي إلى حد، لكن التسلسل في المستقبل مثل الشكر أسبغ الله عليك نعمة من النعم مثلاً، هذه النعمة تحتاج إلى شكر، الشكر أيضاً توفيقك لهذا الشكر نعمة يحتاج إلى شكر، الشكر الثاني والثالث نعم تحتاج إلى شكر، هل نقول: هذا تسلسل؟ أو نقول: إن التسلسل في المستقبل ما في ما يمنع منه، لا سيما وأن كون الإنسان لا يزال شاكراً لله -عز وجل- أمر مطلوب، {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [(7) سورة إبراهيم] فهو لا يزال في عبادة، {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [(13) سورة سبأ] {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [(13) سورة سبأ] فلا يزال الإنسان شاكراً لله -عز وجل-، ذاكراً لربه -جل وعلا-.

((إنما الأعمال بالنيات)) الأعمال يعني إيجاد الأعمال لله -عز وجل-، مما يتقرب به إلى الله -عز وجل-، لا تصح إلا بالنيات، والمقصود بالأعمال، الأعمال التي ينبغي إيجادها، ولذا يقولون: التروك لا تحتاج إلى نيات، التروك يعني احتجت إلى إزالة نجاسة، قالوا: هذا من باب التروك ما يحتاج إلى نية، أحتجت إلى سداد دين التروك لا تحتاج إلى نية، إعطاء نفقة لا يحتاج إلى نية، لا يحتاج إلى نية للتصحيح، أما لترتيب الثواب يحتاج إلى نية، يعني كون الإنسان يحتسب ما يضعه في فيّ امرأته من نفقة واجبة عليه يؤجر عليه إذا احتسب، لكن كونه يؤدي لها ما عليه من غير نية، فالعبادات لا بد لها، لا تصح إلا بنيات، العادات تصح من غير النية، لكنها إن وجدت بالنية تحولت هذه العادات إلى عبادات، ولذا حينما قالوا: إنما الأعمال صحيحة أو تصح بالنيات، المراد بالأعمال مما يتقرب به إلى الله -عز وجل-. ((بالنيات)) النيات جمع نية، والنية في الأصل القصد، تقول: نويت الجهة الفلانية، أو نويت فلاناً يعني قصدته، قصدت فلاناً، والمقصود بالنيات هنا أو النية قصد التقرب إلى الله -عز وجل- بعمل ما يرضيه مما طلبه على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-. ((إنما الأعمال بالنيات)) وفي رواية: ((بالنية)). الجمع والمفرد لا يختلف، لماذا؟ لأن (أل) جنسية، سواءً قلنا: النية، يعني جنس النية، وإذا قلنا: بالنيات، فالنيات مقارنة بالأعمال، كل عمل بنية، من باب مقابلة الجمع بالجمع، تقتضي القسمة أفراد، يعني كل عمل له نية، وإذا قلنا: إنما الأعمال بالنية، فـ (أل) جنسية هذه تشمل جميع النيات المطلوبة لجميع الأعمال. هذه الجملة تدل على أن العمل لا يصح إلا إذا اقترن بنية، العمل الذي يبتغى به وجه الله -عز وجل-، ويتقرب به إليه لا يصح إلا بالنية.

إذن ما فائدة الجملة الثانية: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))؟ يعني ليس لك من عملك إلا ما نويت وما قصدت، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) ليس لك إلا ما قصدته واستحضرت فيه هذه النية، ولذا الإنسان يأتي إلى الصلاة مخلصاً لله -عز وجل-، ويدخل فيها بنية صالحة خالصة، هنا تصح هذه العبادة، لكن استمرار النية ليس للإنسان من عمله إلا ما عقله، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) يعني عزبت النية عن باله، غفل وهو يصلي غفل عن الصلاة، ليس له من صلاته إلا ما عقل، ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) يعني إنما يحسب له من الأجر على هذه العبادة بقدر ما حضرته هذه النية، ولذا جاء في الحديث الصحيح أن من الناس من ينصرف من الصلاة وليس له إلا نصفها ربعها عشرها، بقدر ما عقله من هذه الصلاة، فعلى الإنسان أن يحرص أشد الحرص، ولا يترك مجال للشيطان أن يذهب به إلى الآفاق يميناً وشمالاً بحيث يحرمه من آثار عمله الصالح ونتائجه، والأجور المرتبة على هذا العمل؛ فإن الشيطان يحرص أشد الحرص على صرف الناس عن الدين، لا يزال بالمرء حتى يفوته الصلاة، إن استطاع أن يجعله يترك الصلاة بالكلية ذلك المقصود، وإلا فوته الصلاة مع الجماعة، ثم إذا أقيمت الصلاة أدبر، ثوب بالصلاة أدبر الشيطان، ثم إذا فرغ من التثويب جاء ليوسوس إليه الشيطان، اذكر كذا، اذكر كذا، اذكر كذا، يذكره ما كان غفل عنه ونسيه، والسبب ليحرمه الأجر المرتب على هذه العبادة.

((وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) هذه الجملة حذفها الإمام البخاري من الموضع الأول من صحيحه، هذه الجملة حذفها الإمام -رحمة الله عليه-، فقال: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) نعم، حذف الجملة الأولى، والحذف من البخاري -رحمه الله-، لماذا؟ يعني ذكرها في المواضع الأخرى؛ لأن الحديث خرجه البخاري في سبعة مواضع من صحيحه، في الموضع الأول حذف هذه الجملة، لماذا حذفها؟ هو ذكر الحديث لماذا؟ ذكر الحديث ليبين أن الأعمال الشرعية التي يتقرب بها إلى الله -عز وجل- ومنها تأليف ما ينفع المسلمين لا بد له من نية صالحة، وحذف هذه الجملة ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) لئلا يتوهم أنه -رحمه الله- يزكي عمله، وأن تأليفه هذا الكتاب لله ورسوله. أولاً: الحذف من الحديث، اختصار الحديث يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز عند أهل العلم يجوز تختصر الحديث، بشرط: أن لا يتوقف فهم المذكور على المحذوف، لا يتوقف فهم ما ذكره من الحديث على ما حذفه، هذا مثال، مثال، ذكر القاعدة ما ذكر مثال، اقتصر على المثال الثاني فقط، فالحذف في مثل هذا الموضع جائز، لكن حذف الجملة الأولى؛ لأنها تدل على .. ، أو قد يشم منها رائحة التزكية لعمله، وأنه عمل لله ورسوله، وأثبت الجملة الثانية، ((ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها)) ... إلى آخره، هذه التي قد تجعل الإنسان يحتاط لنفسه أشد الحيطة، ويتحسس هذه النية، فالنية شرود، والشيطان حريص على أن يجعل الإنسان يخسر ما عمله، ولا يستفيد من عمله شيئاً.

((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) نيةً وقصداً ((فهجرته إلى الله ورسوله)) ثواباً وأجراً، ولذا اتحاد الشرط مع الجزاء ممنوع، لا يصح في العربية أن تقول: من قام قام، إيش معنى من قام قام؟ يعني جواب الشرط نفس فعل الشرط، وهنا جاء في الحديث نفسه، ((من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) لكن لا بد من تقدير متعلق يختلف به الشرط عن الجزاء، ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) نية وقصداً ((فهجرته إلى الله ورسوله)) ثواباً وأجراً. ((فمن كانت هجرته)) الهجرة في اللغة: الترك. وهي في الشرع: ترك ما نهى الله عنه -عز وجل-، ((المهاجر من هجر ما نهى الله عنه)) وبالمعنى الأخص وهو المراد من الحديث: الانتقال وترك بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، وهذه هجرة واجبة، لا يعذر في البقاء في بلاد الكفر إلا العاجز، {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ} [(97) سورة النساء]. طالب:. . . . . . . . . أما المستضعف، لا، مستثنى، إلا المستضعفين، فالمستضعف مستثنى، الذي لا يستطيع ولا بالحيلة، ولا بالحيلة، {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء] هذا الذي لا يستطيع، {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] وإلا فالأصل أن بقاء المسلم بين الكفار محرم، والهجرة من بلاد الكفر إلى ديار الإسلام واجبة. ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)) وجاء في الحديث الصحيح: ((لا هجرة بعد الفتح)) وهو محمول عند أهل العلم على أنه لا هجرة من مكة إلى المدينة بعد فتح مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، أو لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. الهجرة واجبة وباقية إلى قيام الساعة، الهجرة الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام هذه واجبة، ولا يعذر فيها إلا المستضعف.

الهجرة من ديار الأشرار ولو كانوا مسلمين إلى ديار الأخيار مستحبة؛ ليعينوه على طاعة الله -عز وجل-، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] أما البقاء بين أظهر الأشرار مع أنه لا يستطيع أن يقدم له شيئاً مما ينفعهم، بل قد يخشى على نفسه من التأثر بهم، مثل هذا يرجح في حقه الانتقال، ولذا العزلة والخلطة جاء في الحديث الصحيح: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)) مثل هذا مطلوب، لكن بالنسبة لمن؟ لمن خشي على نفسه أن يتأثر بالأشرار، ولم يأنسَ من نفسه أنه يؤثر فيهم، فالذي يتأثر ولا يؤثر مثل هذا ينتقل من هذا المجتمع إلى مجتمع أفضل منه، والذي باستطاعته وبمقدوره أن ينفع الناس فمخالطتهم أفضل، ولو كانوا أشرار، يخفف من شرهم، يدفعهم إلى عمل الخير، ولا خوف عليه منهم، مثل هذا يبقى الخلطة في حقه أرجح. ((ومن كانت هجرته)) انتقاله من بلد إلى بلد من أجل الدنيا أو من أجل امرأة يتزوجها ((فهجرته إلى ما هاجر إليه)) السياق الأول: ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)) هذا سياق مدح، لكن ((من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) سياق إيش؟ ذم، سياق ذم، لكن هل يذم من انتقل من بلد إلى بلد طلباً للعيش والرزق؟ يذم؟ هل يذم من بحث عن امرأة في بلده يتزوجها فلم يجد انتقل إلى بلد آخر؟ يذم وإلا ما يذم؟ ما يذم، بل قد يؤجر، إذا بحث عن امرأة صالحة تعينه على أمور دينه ودنياه لم يجد في بلده، وانتقل إلى بلد آخر بحثاً عن هذه المرأة الصالحة يؤجر على ذلك، فكيف جاء الهجرة من أجل الدنيا ومن أجل المرأة وسيقت مساق الذم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

مهاجر أم قيس؟ نعم إذا أظهر للناس أنه هاجر إلى الله ورسوله وهو في الحقيقة مهاجر من أجل الدنيا، أو هاجر من أجل امرأة جاز في مثل هذا البلد الذي يكثر فيه الخير، ويقل فيه الشر، وأهله من الخيار، من خيار الناس، ثم فجأة ينتقل إلى الرياض أو إلى جدة، وين يا أخي؟ وين رحت الرياض؟ يا أخي الرياض بلد العلم، كل العلماء هناك، هيئة كبار العلماء كلهم هناك، أبي أطلب العلم، وهو لا، في قرارة نفسه أن الفرض التجارية هناك، وهو يظهر للناس أنه سافر من أجل طلب العلم، يظهر للناس أنه هاجر من أجل القرب من أهل العلم وأهل الفضل وأهل الخير، وهو في قرارة نفسه أن الفرص التجارية هناك أكثر، نعم، أو يضل الناس أنه هاجر إلى مكة من أجل مضاعفة الأعمال، وهدفه شيء آخر، هدف دنيوي محض، هذا إذا أظهر خلاف ما يبطن يذم، ومثله لو بحث عن امرأة هنا ما وجد، ثم انتقل إلى بلد آخر، نعم، قال: لا والله هذا البلد كلهم أخيار هناك وننتقل عندهم ليعوننا على طاعة الله، وهو ما بقصده هذا، قصده بحث عن امرأة، هذا هاجر من أجل المرأة، ما يذم إذا هاجر من أجل المرأة إلا إذا أظهر للناس خلاف ما أبطن، يعني لو تصور شخص إذا بقي على أذان المغرب ساعة أو نصف ساعة كل يوم اثنين قبل أذان المغرب بنصف ساعة يجي يشيل القهوة والتمر والماء ويروح للمسجد ويفك السماط ويجلس، ومن دخل مع الباب اتفضل يا أبو فلان، والباب الثاني اتفضل يا أبو فلان، والثالث وهكذا، وينتظر ما يأكل، ما صام هو، وينتظر ما يأكل حتى يؤذن، شخص ما صام، الأكل في المسجد ما فيه شيء، مباح، مباح الأكل في المسجد، كونه ينتظر إلى أن يؤذن أيضاً من اللي يأمره أن يأكل في هذه اللحظة أو يقدم أو يؤخر ما يمنع، لكن كونه يظهر للناس ولو لم يقل: إني صائم، وهو ما صام، ما يحتاج، لكن إذا كانت هذه عادته وقاعدته يفل السماط وتعال يا فلان، واتفضل يا أبو فلان، وينتظر إلى أن يؤذن بسم الله الرحمن الرحيم ويأكل، هذا يظهر للناس أنه صائم، وإلا الأكل في المسجد ما فيه شيء، من هنا يذم، فإذا أظهر للناس سواءً كان بكلامه أو بفعله وعادته المطردة هذا يذم، فلا يقول قائل: إن الهجرة من أجل الدنيا ما فيها شيء، نعم ما فيها شيء، أظهر للناس

أنك سافرت من أجل أن تجد وظيفة، تجد فرصة عمل ما في شيء، ما أحد يذمك على هذا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . واجبة، واجبة، الهجرة من بلاد الكفر واجبة. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام .. ، وهذا الأصل أنها واجبة، لكن كونه لا يستطيع أن ينتقل هناك حدود، وهناك جوازات، وهناك يعني أمور لا تمكن الإنسان من أن يهاجر هذا مستضعف، يعني كونه يترتب عليه، كونه يتضرر بهذه الهجرة أيضاً هذا عائق على الهجرة لا يلام؛ لأنه مستضعف. الحديث لو استرسلنا في بيان ما ينطوي عليه من علوم ومباحث، هو يدخل في جميع أبواب الدين، لو أردنا .. ، بحثنا النية في الطهارة، النية في الصلاة، النية في الزكاة، النية .. ، يعني ما تكفي دورة الحديث هذا، الحديث هذا لا يكفيه دورة. لكن نأخذ منه مناسبة هذا الحديث لكتاب الطهارة أن الطهارة بالماء لا بد فيها من النية إجماعاً، الطهارة بالماء، الوضوء والغسل لا تصح إلا بنية اتفاقاً. طهارة التيمم لا بد فيها من النية عند الأئمة الأربعة، طهارة التيمم، الوضوء عند أبي حنيفة لا يحتاج إلى نية؛ لأنه من باب الوسائل، وفرق بين الوضوء والتيمم؛ لأن التيمم طهارة ضعيفة تحتاج إلى رافد، فتقوى بالنية، ولذا أبو حنيفة -رحمه الله- في هذا الباب ما اطرد قوله، اضطرب قوله، الأصل أن التيمم مثل الوضوء، البدل له حكم المبدل، ما دام لا يشترط النية للوضوء الذي هو الأصل، لماذا يشترطها للتيمم الذي هو الفرع؟ قالوا: لأن التيمم طهارة ضعيفة تحتاج إلى ما يرفدها ويعضدها، والتعبد فيها أيضاً ظاهر، التعبد بالتيمم ظاهر، يعني هل تظهر الطهارة بالتيمم؟ حسياً تظهر؟ التيمم؟ طالب:. . . . . . . . . ليست حسية، بينما الوضوء حسي، يزيل ما على البدن من أوساخ، بينما التيمم، قلنا: إنه يزيد، ما قلنا: إنه ينقص، لكن التعبد فيه ظاهر فهو يحتاج إلى نية، بينما الوضوء وسيلة معقولة المعنى لا تحتاج إلى نية، وجماهير أهل العلم على أن النية لا بد منها، ولذا يدخلون هذا الحديث في كتاب الطهارة رداً على الحنفية، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)). هذا الحديث الثاني حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ))، ((لا يقبل الله)) جاء نفي القبول في النصوص ويراد به نفي الصحة والإجزاء، هنا ((لا يقبل)) يعني لا تصح صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. وجاء نفي القبول ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة مع صحتها، هنا: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) تصح الصلاة من دون وضوء؟ لا تصح، إذن هنا المراد بنفي القبول نفي الصحة، {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] الفساق إذا قلنا: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] مفهومه أن الفساق لا يتقبل منهم، فهل المقصود به نفي صحة عباداتهم، أو نفي الثواب المرتب على هذه العبادات؟ بمعنى أن الفاسق إذا صلى نقول: أعد الصلاة {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] المقصود به نفي الثواب المرتب على هذه العبادة، وليس المراد به نفي الصحة، صلاتهم صحيحة مجزئة، مسقطة للطلب لكن الثواب المرتب على هذه العبادة لا يترتب عليها حتى يسلك مسلك التقوى، ويلتزم بها. ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) يعني المرأة كبيرة بلغت سن المحيض وكلفت تصح صلاتها حاسرة الرأس؟ لا تصح، إذن هذا نفي صحة. ((لا يقبل الله صلاة عبد آبق)) نفي ثواب وإلا نفي صحة؟ نفي ثواب، ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر)) ((من أتى كاهناً أو عرافاً لم يقبل الله منه صلاة أربعين يوماً)) هذا نفي ثواب، الصلاة صحيحة، قد يقول قائل: كيف نفرق بين هذه النصوص؟ النص واحد، ((لا يقبل الله)) كيف نقول: هذا نفي صحة وذاك نفي ثواب؟ لماذا؟ متى نقول: إن المراد بنفي القبول هنا نفي الصحة؟ ومتى نقول: إن المراد بنفي القبول نفي الثواب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . السياق؟ طالب:. . . . . . . . .

ويش الفرق بين قوله: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) وبين قوله: ((لا يقبل الله صلاة عبد آبق))؟ نعم؟ يعني إذا وجد في النص أمر خارج عن العبادة يمكن أن يحال عليه نفي القبول صار نفي ثواب، إذا لم يكن في النص أمر خارج عن العبادة يمكن أن يحال عليه نفي القبول صار النفي للصحة. نأتي إلى هنا الآن الطهارة المشترطة في صحة الصلاة هنا لها علاقة بالصلاة وإلا ما لها علاقة بالصلاة؟ هي شرط للصلاة، والنهي عاد إلى الشرط إذن العبادة لا تصح إلا بها، فنفي القبول هنا نفي صحة، إذا عاد أو أمكن إحالة نفي القبول إلى أمر خارج يتضمنه النص أحلنا عدم القبول عليه، والعبادة لا علاقة لها بهذا اللفظ الخارج، ويش معنى هذا؟ لا يقبل الله صلاة عبد آبق، الإباق هذا، هروب العبد من سيده له علاقة بالصلاة وإلا ما له علاقة؟ إذن الإباق هذا ما له أثر على الصلاة في صحتها، صلاته مكتملة الشروط والأركان.

الخمار المطلوب للصلاة هل يمكن أن نقول: إن الخمار مذموم لذاته؟ يعني ترك الخمار لذاته مذموم؟ ليس بمذموم، الإباق؟ مذموم، هروب العبد من سيده مذموم، شرب الخمر، ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر)) إذن نحيل عدم القبول على هذا السبب، وهذا السبب لا علاقة له بالعبادة، العبادة مكتملة الشروط والأركان، لكن إذا كان الخبر لا يتضمن شيئاً خارجاً يمكن أن يحال عليه نفي القبول رجعنا نفي القبول إلى العبادة نفسها أو إلى شرطها، فإذا تضمنت العبادة نهياً يخرج عنها وعن شرطها صحت العبادة يعني مع الإثم وعدم ترتب الثواب، إذا عاد النهي إلى ذات العبادة أو إلى شرطها بطلت، يعني هل هناك فرق بين أن يصلي شخص وعليه سترة حرير؟ عليه ثوب حرير يستر به عورته؟ ستر العورة شرط، إذا ستر العورة بثوب حرير هذا الثوب مطلوب للصلاة فكيف يتقرب بشيء محرم؟ عاد النهي إلى الشرط، الشرط مطلوب للعبادة، هذا الشرط كيف يتقرب بشيء محرم؟ الحرير حرام على الذكور، وهذا الشرط مطلوب لأنه يتوافر في هذه العبادة، وهذا الشرط محرم، في الوقت نفسه الشرط هذا، الثوب واجب ومحرم في الوقت نفسه، واجب أن يستر وهو محرم، إذن هذا تناقض؛ لأن الجهة متحدة، إنسان مطلوب أن يستر عورته، لكنه محرم عليه أن يلبس هذه السترة، مطلوب أن يستتر ومحرم عليه أن يستتر بهذه السترة، إذن عاد النهي إلى الشرط فالعبادة باطلة، لكن لو صلى وعلى رأسه عمامة حرير، هل هو مطلوب أن يستر رأسه؟ ليس مطلوباً، إذن عاد النهي إلى أمر خارج عن الصلاة فالصلاة صحيحة، ويبقى أنه آثم في لبسه عمامة الحرير، شخص صلى وبيده خاتم ذهب نقول: صلاته باطلة؟ لا، هذا أمر خارج عن الصلاة، لا علاقة له بالصلاة، فالجهة منفكة لا يمكن أن يأمر الشرع بشيء وينهى عنه في الوقت نفسه، الشرع يأمر بشيء وينهى عن غيره لا بأس إذا انفكت الجهة.

فقوله: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث)) لا يقبل: المراد به هنا نفي الصحة؛ لأن هذا الذي نفي القبول عليه مطلوب للصلاة نفسها، ((صلاة أحدكم)) صلاة مفرد، وهو مضاف، والمفرد إذا أضيف أفاد العموم، المفرد المضاف يفيد العموم، إيش معنى هذا؟ أي شيء يمكن أن يسمى صلاة لا يصح إلا بطهارة، أي شيء يدخل في اسم الصلاة لا يصح إلا بطهارة، الصلوات الخمس صلاة لا تصح إلا بطهارة، الرواتب صلوات ولا تصح إلا بطهارة، صلاة العيد، الكسوف، الجمعة، الجنازة، كلها صلوات، إذن لا تصح إلا بطهارة؛ لأن لفظ صلاة مفرد مضاف فيعم جميع الصلوات. السجود، سجود التلاوة والشكر صلاة وإلا ليس بصلاة؟ على خلاف، من يقول: صلاة يقول: لا بد من طهور، ويشترط له جميع ما يشترط للصلاة، السترة، واستقبال، وطهارة وكل هذا، وهذا هو المعروف عن جمهور العلماء أن سجود التلاوة والشكر صلاة يطلب لها ما يطلب للصلاة، وذكر البخاري وغيره عن ابن عمر أنه كان يسجد على غير طهارة, اعتباراً منه أن هذه ليست بصلاة، المقصود بالصلاة ما يشتمل على الأركان، هذا ركن واحد من أركان الصلاة، سجود فقط، ركن واحد، لو وقف واحد قائم نقول له: يصلي؟ نعم؟ ركن واحد ما يصلي، لو ركع ركوع بدون قيام ولا سجود صلاة هذه؟ ليست بصلاة، والسجود وحده كغيره من الأركان لا يسمى صلاة، إذن لا يحتاج إلى طهارة على هذا القول، مع أن الجمهور يشترطون له الطهارة، وأنه لا يسجد إلا على طهارة؛ لأنه نوع خاص لا يستعمل إلا في الصلاة. ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث)) إذا أحدث إلى غاية ((حتى يتوضأ)). ((إذا أحدث)) سئل أبو هريرة ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط، هذا الحدث، وهذا على سبيل التمثيل وإلا الأحداث كثيرة، ولعله أجاب السائل؛ لأن الظاهر من الحديث أنه إذا أحدث وهو يصلي، ((صلاة أحدكم إذا أحدث)) يعني فيها، وإن كان لفظه لفظ العموم، إذا أحدث فيها، والذي يحدث للمصلي وهو يصلي ويش اللي يحدث؟ ويش يحدث؟ يحدث بول وإلا غائط وإلا إيش يحدث؟ ما يحدث إلا من هذا النوع الريح وهو يصلي، لكن هذا على سبيل التمثيل، وإلا جميع النواقض التي تبطل الطهارة لا يقبل الله الصلاة إلا إذا رفع هذا الحدث.

تمثيل أبي هريرة بالفساء والضراط بالريح يدل على أن الحدث هو نفس الخارج هو نفس الخارج، فالحدث هو ما يخرج من الإنسان، هذا ما يقتضيه تمثيل أبي هريرة، منهم من يقول: إن المراد بالحدث هو الإخراج، إيش معنى الإخراج؟ إخراج ما ذكر من النواقض هو الحدث، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث)) إيش معنى يحدث؟ يخرج، يخرج ما يوجب النقض، فالحدث الإخراج، جمع من أهل العلم يقولون: الحدث هو الوصف، الوصف القائم بالبدن، بسبب ما يخرج من الإنسان، فليس هو الخارج نفسه، ليس هو الحدث، وليس هو عملية الإخراج، وإنما هو ما اتصف به البدن، من أثر إخراج هذا الخارج، يعني إذا قلنا: الوضوء يرفع الحدث، إيش معنى يرفع الحدث؟ يرفع الإخراج؟ نعم؟ هو يرفع الإخراج؟ لا، يرفع الخارج؟ ما يرفع الخارج، لكن يرفع إيش؟ يرفع الوصف، الذي اتصف بالبدن، هذا الحدث، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ ظاهر وإلا لا؟ طيب.

عندنا كلام أبو هريرة، ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: "فساء أو ضراط" يعني الريح، الريح حدث، الإخراج كلام أبي هريرة يدل على أن الحدث نفس الخارج، حديث: ((إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث)) يدل على أن الحدث هو إيش؟ الإخراج، إخراج الخارج، هذا هو الحدث؛ لأنه هذا هو اللي بيد الإنسان، ومنهم من يقول: إن المراد بالحدث هو الوصف، هو الوصف الذي تلبس به الإنسان بسبب هذا الخارج، وهو الذي يمكن رفعه، هو الذي يمكن رفعه، يعني الآن رفع الحدث هو رفع للخارج؟ نعم؟ هو رفع للإخراج؟ لا، هو رفع للوصف الذي اتصف به البدن، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لكن إذا تصور المجموع عندنا خارج وإخراج ووصف، اتصف به البدن بعد هذه العملية، نعم انتقل من كونه طاهر إلى كونه محدث، فهو محدث أحدث أخرج حدثاً وهو الخارج فاتصف بالحدث الذي هو إيش؟ الوصف، تصورنا المجموع، العملية كاملة وضح لنا الأمر، نعم: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث)) إلى غاية، إلى متى؟ ((حتى يتوضأ)) فإذا توضأ قبل الله صلاته، بل قبل صلواته إذا توضأ، فالغاية إلى أن يتوضأ، هذا بالنسبة لواجد الماء، أما الذي لم يجد الماء حقيقة أو حكماً بأن لا يستطيع استعمال الماء يعدل منه إلى البدل، ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) دل الحديث على أن .. ، الأول دل على أن النية شرط لصحة الوضوء، والثاني دل على أن الوضوء شرط لصحة الصلاة. الغاية ((حتى يتوضأ)) تدل على أنه لا يلزم الوضوء لكل صلاة، الغاية هذه ((حتى يتوضأ)) خلاص توضأ ورفع الحدث ويش بقي؟ دل على أن صلاته صحيحة، مفهومه أن صلاة من رفع الحدث صحيحة، ولا يلزم منه أن يتوضأ لكل صلاة، مع أن مفهوم قوله -جل وعلا-: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] كل ما قمتم إلى الصلاة فاغسلوا، وكان هذا في أول الأمر، ثم بعد ذلكم صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد، وعموم هذا الحديث يشمل الصلوات والصلاة الواحدة، نعم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة -رضي الله عنهم-، قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ويل للأعقاب من النار)).

الحديث الثالث حديث: عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة -رضي الله عن الجميع- قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ويل للأعقاب من النار)). جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وقد أدركهم وقت الصلاة، أرهقهم وقت الصلاة، يعني ضاق عليهم، فوجدهم يتوضئون وضوءاً خفيفاً، قد لا يتمكنون من إسباغ الوضوء لضيق الوقت، فرفع صوته -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((ويل للأعقاب من النار)) تأكيداً على أهمية إيصال الماء إلى جميع الأعضاء المفروضة، فإذا حرص الإنسان على العقب فهو على غيره أحرص، وأنه لا يجزئ غسل بعض العضو دون بعض، بل لا بد من استيعاب جميع العضو، وفي هذا رد على من يقول بجواز مسح الرجلين؛ لأنه إذا توعد على ترك غسل العقب، فكيف يتصور المسح؟ وجاء في آية الوضوء {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] والكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي القدم، فيدخل في ذلك ظهر القدم وبطن القدم والعقب وما ارتفع حتى يغطي الكعبين، ومن يقول: إن الكعبين هما العظمان الناتئان على ظهر القدم عند معقد الشراك لا دليل له، بل حديث الباب يرده، بل المراد بالكعبين العظمان الناتئان في جانبي القدم الواحد.

((ويل للأعقاب من النار)) ويل: كلمة عذاب، بعضهم يقول: وادٍ في جهنم، هذا وعيد شديد لمن تساهل في أمر الوضوء، وبعض الناس تجده لا يلقي بالاً لوضوئه، فيغسل طرف اليد وإلا طرف الرجل، ويمسح شيء ويغسل شيء، الوضوء شرط لأعظم العبادات بعد الشهادتين، فإذا فرطنا في الشرط لم يصح المشروط، وإذا لم يصح المشروط الأمر عظيم، يعني من توضأ على غير ما أمره الله -عز وجل- وضوءاً لا ينفعه، ترك عضو مثلاً وضوءه باطل، ترك جزء من عضو وضوءه باطل، وإذا بطل الوضوء، بطل الشرط بطل المشروط، يعني إذا كان الذي يصلي بغير طهارة عند أبي حنيفة يكفر، نسأل الله العافية؛ لأنه مستهزئ، فالطهارة شأنها عظيم، على المسلم أن يُعنى بها، ويسبغ الوضوء، لكن إذا توضأ وغسل كل عضو ولو مرة واحدة مسبغاً الوضوء عمم جميع العضو بالماء كفى، النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرة مرة، إن توضأ مرتين مرتين فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه توضأ مرتين مرتين، وثبت عنه أيضاً أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً، المقصود أنه لا يزيد على الثلاث ولا ينقص عن الواحدة، ولا بد من تعميم العضو بالماء، ولذا جاء هذا الوعيد الشديد لمن ترك شيئاً من قدمه دون غسل، فعلى الإنسان أن يهتم لذلك ويُعنى به؛ لأن هذا الشرط مصحح لأعظم العبادات. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ )) وفي لفظ لمسلم: ((فليستنشق بمنخريه من الماء)) وفي لفظ: ((من توضأ فليستنشق)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا توضأ أحدكم)) " توضأ فعل من أي الأنواع؟ من أي الأفعال الثلاثة؟ ماضي، توضأ فعل ماضي، والفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ، هذا الأصل، كما أنه يطلق ويراد به الإرادة، إرادة الفعل، يطلق ويراد به الشروع في الفعل، يطلق الفعل الماضي الأصل فيه الفراغ من الشيء، يعني متى تقول: قام زيد وهو جالس وإلا إذا انتصب قائماً؟ إذا انتصب قائماً قلت: قام زيد، يطلق ويراد به الفراغ من الفعل، ((إذا كبر فكبروا)) إذا كبر يعني فرغ من التكبير كبروا. يطلق الفعل الماضي ويراد به إرادة الفعل، {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] إيش معنى قمتم إلى الصلاة؟ أردتم القيام، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} [(98) سورة النحل] إذا قرأت القرآن يعني أردت القراءة، فيطلق الفعل ويراد به الإرادة، يطلق ويراد به الشروع في الفعل، ((إذا ركع فاركعوا)) هل معناه أنه إذا أراد أن يركع نركع؟ لا، هل معناه أنه إذا فرغ من الركوع نركع؟ لا، إذا شرع في الركوع نركع، فالفعل الماضي يطلق ويراد به تمامه، ويطلق ويراد به إرادته، ويطلق ويراد به الشروع فيه. نأتي إلى ما عندنا ((إذا توضأ أحدكم)) إذا توضأ وفرغ من الوضوء يجعل على أنفه ماءاً؟ نعم؟ إذا فرغ وإلا إذا أراد أو إذا شرع؟ إذا شرع في الوضوء. ((إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر)) في لفظ لمسلم: ((فليستنشق بمنخريه من الماء)). الاستنشاق: هو جذب الماء بالنفس إلى الأنف، جذب الماء إلى داخل الأنف بالنفس، والانتثار: إخراج الماء من الأنف بالنفس أيضاً، بالنفس، هل من مسمى الاستنشاق الانتثار؟ بعضهم يقول: جاء في بعض الروايات، ما في استنشاق ((إذا توضأ أحدكم فلينتثر)) لكنه من لازم الاستنشاق، منهم من يقول: إن الانتثار هنا هو الاستنشاق، لكنه في الحقيقة من لازم الاستنشاق، لا يمكن أن ينتثر حتى يستنشق، فمن لازمه الاستنشاق، ثم الانتثار.

((ومن استجمر فليوتر)) استجمر: استعمل الحجارة في إزالة أثر الخارج، استجمر، عندنا استنجاء واستجمار، الاستنجاء: قطع أثر الخارج بالماء، والاستجمار: بالحجارة ((ومن استجمر فليوتر)) يعني يقطع ذلك على وتر، أقل ما يجزئ في الاستجمار ثلاثة، حديث ابن مسعود لما أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يأتي بأحجار يستنجي بها جاء بحجرين وروثة، أخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- الحجرين، وألقى الروثة، وقال له: ((ابغني ثالثاً)) فدل على أن أقل ما يجزئ الثلاث، لكن إن احتاج إلى رابع، يزيد خامس ليقطعه على وتر، إن زاد خامس ولا أنقى فاحتاج إلى سادس يزيد سابع تحقيقاً للأمر ((ومن استجمر فليوتر)) يعني يقطعه على وتر، هذا ما فهمه الجمهور من هذه الجملة، فهم مالك -رحمه الله تعالى- وبعض المالكية أن قوله: ((من استجمر)) من استعمل المجمرة المبخرة ((ومن استجمر فليوتر)) إيش معنى هذا؟ أنك تأتي بالمبخرة المجمرة تضع فيها قطعة واحدة من الطيب أو ثلاث قطع، أو خمس قطع، أو سبع قطع، أو إذا تبخرت ثلاثاً ثلاثاً، أما مرة واحدة إن أعيد لك البخور ثاني تقول: لا، أبي ثالثة، لكي توتر، ((ومن استجمر فليوتر)) نعيم بن عبد الله المجمر كان يجمر المسجد، يبخر المسجد، نعيم بن عبد الله المجمر معروف، كان يخبر المسجد في عهد عمر -رضي الله عنه-، فقالوا: استجمر هناك مجمر، إذن من التبخر أو البخور، وضع البخور على الجمر، لكن كلام الجمهور أوضح أن الاستجمار المراد به: قطع أثر الخارج بالحجارة. ((وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه)) ((من نومه)) نوم: جنس يستوفيه القليل والكثير، وإضافته تدل على عمومه، أي نوع كان، وبهذا قال جمع من أهل العلم أنه إذا وجد النوم سواءً كان قليلاً أو كثيراً ليلاً كان أو نهاراً لا يجوز له أن يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً.

((فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ )) ((أين باتت)) عرفنا أن قوله: ((من نومه)) يشمل الليل والنهار، لكن باتت؟ المبيت لا يكون إلا بالليل، وبهذا قال أحمد: إنه لا يلزمه غسل يديه إلا إذا استيقظ من نوم الليل، والعلة في ذلك: ((فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ )) طيب غسل يديه بالماء والصابون ونام، اليد قبل النوم طاهرة وإلا فيها شيء؟ طاهرة ما في إشكال، طاهرة بيقين، هل نرفع هذا اليقين بكونه لا يدري يعني يشك أين باتت؟ هل يرفع اليقين بالشك؟ الشك عند أهل العلم لا يرفع اليقين، منهم من يقول: إن هذا خطاب لأهل الحجاز في البلاد الحارة، وهم يستعملون الحجارة في الاستجمار وتعرق أبدانهم وأيديهم تطيش على مواضع الخارج وهم لا يشعرون، لكن ما يلزم هذا، يعني لو افترضنا المسألة في شخص ساكن مكان بارد ما في عرق، واستعمل الصابون لغسل يديه، واستنجى فقطع أثر الخارج بالكلية، يعطل الحديث؟ نعم؟ لا، لا يعطل الحديث، إذن كيف نرفع اليقين بالشك هنا؟ ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) نقول: يجب عليه أن يغسل يديه تعبداً لله -عز وجل- امتثالاً لهذا الأمر، ولو لم نطلع على العلة، ما يلزم تكون نجسة، يده طاهرة بيقين، حتى لو أدخلها في كيس وإلا ربطها بحيث لا تطيش ولا تروح ولا تجي، يلزمه أن يغسل يديه ثلاثاً قبل أن يدخلها امتثالاً لهذا الأمر، ((فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده؟ )) وهذا شك هل أصابها نجاسة أو لم يصبها شيء لا يدري، والشك لا يرفع اليقين، لكن يلزمه أن يغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء، لكن لو خالف وأدخل يديه في الإناء قبل أن يغسلهما ثلاثاً أثم، يأثم والماء لا أثر عليه؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، هو متطهر بيقين أثم بالمخالفة والماء طهور يرفع الحدث، عند الحنابلة الماء يتأثر، يعني ينتقل إذا كان قليل من كونه مطهر إلى كونه طاهر، لكن لا أثر له على الماء باعتبار أن الذي يغلب على الظن أنها طاهرة وإن لم يدرِ أين باتت.

بعض من استخف بالسنة وهذا شأنه عظيم الاستخفاف بالسنة لما سمع هذا الحديث قال: أنا أدري أين باتت؟ أدري أين تبيت يدي؟ فجاء فأدخلها في كيس وربطها وقال: أبداً يدي أدري أين باتت؟ فلما انتبه من نومه إذا هي قد أدخلت إلى الكوع في دبره نسأل الله السلامة، وهذا من شؤم الاستخفاف بالسنة، وله نظائر الذي إستاك في دبره صار عليه ما صار كما قال أهل العلم، الحافظ ابن كثير، وابن العماد وغيرهما ذكروا قصته، الذي وضع المسامير في نعليه ليطأ أجنحة الملائكة الذين يحفون بطلاب العلم، خسف به، ساخت به الأرض نسأل الله العافية، مثل هذا شأنه عظيم. ((فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) وفي لفظ لمسلم: ((فليستنشق بمنخريه من الماء)) وفي لفظ: ((من توضأ فليستنشق)). هذا الأمر ((فليستنشق)) ((فلينتثر)) ((فليجعل)) هذا اللام في المواضع كلها لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وعلى هذا الاستنشاق واجب، وسواء قلنا: إن الأنف داخل في مسمى الوجه لنقول: إن الاستنشاق داخل في المنصوص عليه: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وجُوهَكم} [(6) سورة المائدة] والأنف من الوجه ومثله الفم، أو قلنا: إن هذا خارج وجاء النص بالزيادة على ما جاء في الآية فالاستنشاق واجب، لا سيما عند الاستيقاظ من النوم؛ لأنه؛ لأن الشيطان يبيت على خيشومي، نعم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه)) ولمسلم: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الخامس: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه)) ولمسلم: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) ".

((لا يبولن أحدكم)) (لا) هذه هي الناهية، يبولن: فعل مضارع مجزوم، وإن كان مبنياً على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، والأصل في النهي التحريم، فالبول في الماء الدائم الذي لا يجري محرم، والمراد بالدائم هنا الساكن الذي لا يتحرك ولا يجري، وإن كان لفظ الدائم من الأضداد هو في الأصل من الأضداد ذكره ابن الأنباري وغيره، قال: الدائم الساكن والمتحرك، الدائم يطلق على الساكن كما يطلق على المتحرك، لكن المراد به هنا في هذا الحديث: الذي لا يجري، وهو الساكن، الراكد كما جاء في بعض الروايات.

((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم)) عرفنا أن (لا) ناهية، والأصل في النهي التحريم، فيحرم على الإنسان أن يبول في الماء الدائم، هذا مقتضى النهي، وهل للبول أثر على الماء أو لا أثر له عليه؟ الماء لا يخلو إما أن يكون قليلاً ولا شك أن النهي للتحريم في هذه الحالة؛ لأن البول يفسده ويذهب ماليته، وإضاعة المال حرام، وأيضاً يحرم الناس من استعماله، فإذا حرم البول في الطريق فلئن يحرم في الماء من باب أولى، يحرم البول في الماء الدائم إذا كان قليلاً؛ لأنه يفسده ويذهب ماليته، وإن كان كثيراً لا شك أنه يقذره على غيره وإن كان لا أثر للبول فيه من حيث الطهارة والنجاسة، ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) وكون غلبة النجاسة على لونه أو طعمه أو ريحه يحكمون بنجاسته، هذا لإجماع أهل العلم وإلا فالزيادة ضعيفة إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو ريحه، ضعيفة باتفاق الحفاظ، فعندنا الماء إما أن يكون كثيراً، أو يكون قليلاً، والحد الفاصل بين القليل والكثير يختلف فيه أهل العلم كل على مذهبه، فالحنابلة والشافعية الحد الفاصل عندهم القلتان، فإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، يعني إذا زاد على قلتين، بلغ قلتين فما زاد لا تؤثر فيه النجاسة إلا إن تغير في حديث عبد الله بن عمر، وإذا لم يبلغ الماء قلتين فإنه ينجس لمجرد ملاقاة النجاسة، فالبول ينجسه إذا كان دون القلتين، والقلتان تقدران بخمس قرب تقريباً عند أهل العلم، هذا على القول بثبوت حديث القلتين وإلا تصحيحه وتضعيفه أمر معروف عند أهل العلم، صححه طائفة، وحكم عليه بالاضطراب في متنه وسنده آخرون، وعلى كل حال شيخ الإسلام ابن تيمية يثبت الخبر، ابن حجر يصحح الخبر، فالحد الفاصل على هذا القلتان، فإذا لم يبلغ القلتين تؤثر فيه النجاسة، ويحرم استعماله حينئذٍ؛ لأنه يكون نجساً. إذا زاد على القلتين ولم يتغير لونه ولا طعمه ولا ريحه فإنه لا ينجس، لكن يبقى أن البول فيه محرم لعموم هذا الحديث: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم)) يعني ولو كان كثيراً.

الحنفية عندهم الحد الفاصل بين القليل والكثير إن حُرك أو إذا تحرك طرفه بتحريك طرفه الآخر صار قليلاً، وحده محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة بالغدير الذي طوله عشرة وعرضه عشرة، فإذا كان الماء لم يبلغ هذا المقدار فإنه يتأثر بالنجاسة، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- لا يفرق بين القليل والكثير، إن تأثر لونه وطعمه أو ريحه بنجاسة نجس وإلا فلا، ولو كان قليلاً يسيراً، وإليه يجنح شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، يميل شيخ الإسلام -رحمه الله- إلى قول الإمام مالك، وهو أنه لا يتأثر الماء إلا بالتغير. إذن كيف يصحح شيخ الإسلام حديث القلتين مع أنه لا فرق بين القلتين وأكثر أو أقل؟ شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يصحح حديث القلتين، لكن حديث القلتين له مفهوم وله منطوق، منطوقه أنه إذا بلغ الماء القلتين فما زاد لا تؤثر فيه النجاسة، ومفهومه أنه إذا لم يبلغ القلتين أثرت فيه النجاسة، شيخ الإسلام يقول: منطوقه نعمل به، إذا كان قلتين فما زاد ووقعت فيه النجاسة ولم تؤثر فيه لا ينجس، يعمل بمنطوقه، لكن مفهومه لا يعمل به شيخ الإسلام؛ لأنه معارض بمنطوق حديث أبي سعيد: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) فشيخ الإسلام مع كونه يثبت الخبر إلا أنه يعمل بمنطوقه، ويلغي مفهومه؛ لأنه معارض بعموم حديث أبي سعيد. ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه)) ((ثم يغتسلُ فيه)) بالرفع، الرواية بالجزم ((ثم يغتسلْ)) ظاهرة تعطف مجزوم على مجزوم، ((لا يبولن)) مجزوم بـ (لا) الناهية، ((ثم يغتسلْ)) عطفت مجزوم على مجزوم، ((ثم يغتسلَ)) رواية النصب بـ (أن) مضمرة بعد (ثم) المنزلة منزلة الواو، الأصل أن (أن) تضمر بعد (واو) المعية و (فاء) السببية، قالوا: (ثم) هنا بمنزلة (الواو) فالفعل بعدها منصوب بـ (أن) مضمرة، رواية النصب تدل على أن التحريم إنما هو عن الجمع بين البول والاغتسال، لكن إن بال فقط لا تدل هذه الرواية على التحريم، إن اغتسل فقط لا تدل الرواية على التحريم إلا إذا اقترنا معاً.

رواية الجزم ويؤديه رواية مسلم: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) تدل على تحريم البول وحده، وتحريم الاغتسال وحده، رواية رفع الفعل ((ثم يغتسلُ)) لا بد من تقدير ثم هو يغتسل فيه، يكون مآله بعد البول أن يغتسل فيه، يعني يحتاج إليه فيغتسل فيه، ومثله حديث: ((لا يضرب أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يضاجعها)) يعني يضطر إلى مضاجعتها فيضاجعها، وهنا يضطر إلى استعمال الماء فيستعمله، فيكون من باب عطف الجملة على الجملة، لا الفعل على الفعل، ليس الفعل على الفعل، ثم هو يغتسل فيه. عطف الاغتسال على البول وإفراد الاغتسال في بعض الروايات، عرفنا أن النهي عن البول لأنه ينجسه، طيب ماذا عن الاغتسال؟ الاغتسال لا شك أنه يقذره، يعني أنت إذا احتجت إلى أن تشرب، أو احتجت إلى أن تأخذ ماءً تطبخ فيه طعامك، ورأيت شخص يغتسل ما تقدم عليه، تستقذر هذا الماء، فهو يقذره على غيره، هذا الاغتسال. الحنفية عندهم قول في مذهبهم: أن الاغتسال ينجس الماء ولو لم يبل فيه، ليش؟ لأنه قرن بالبول، فإذا نهي عن البول لأنه ينجس نهي عن الاغتسال لأنه ينجس أيضاً، كما هو الحاصل في الروايتين، لكن هذا أخذ بدلالة الاقتران، ودلالة الاقتران ضعيفة عند أهل العلم. الصواب البول إن كان له أثر في الماء أنه ينجس، إن لم يكن له أثر على مذهب الإمام مالك واختيار شيخ الإسلام فإنه لا ينجس، على مذهب الشافعية والحنابلة إن كان دون القلتين له حكم، وإن كان قلتان فأكثر فله حكم، على ما سبق تفصيله. بعض من يسلك أو يقرب مذهبه من مذهب أهل الظاهر يقول: يحتاج إلى الماء يغتسل، كيف يصنع؟ شخص جنب عنده ماء دائم، راكد، يقول: يتحايل عليه، إيش يسوي فيه؟ نعم؟ كلام أبي هريرة ماذا يصنع يا أبا هريرة؟ قال: "يتناوله تناولاً" نعم عندك ((ثم يغتسل فيه)) تدل على التناول، أنه لا مانع من أن يأخذ منه، لكن بعض الروايات: ((ثم يغتسل منه)) هذا إذا بال فيه، أبو هريرة يقول: "يتناوله تناولاً".

الشوكاني وقال بقوله صديق حسن خان في الروضة الندية، قال: يتحايل عليه، يتحايل على الماء، يلقي فيه حجر أو خشبة أو شيء، يجعله يتحرك ثم يغتسل، هذا قريب من مذهب الظاهرية، قريب جداً من مذهب الظاهرية، طيب البرك برك السباحة يجوز الاغتسال فيها وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . قلنا: إذا كان أكثر من قلتين يقذر الماء على غيره فالعلة موجودة، هل هناك فرق بين البرك المفلترة التي يخرج منها الماء ويرجع أو لا فرق؟ في فرق؛ لأن الماء مع الحركة يتغير بلا شك، هو إذا ركد وأجن في مكانه، وطال مكثه في مكانه لا بد يتغير رائحته، لكن علاج هذا التغير بالتحريك، فهذا الفلتر لا سيما إدخال المواد المطهرة أو شبهها مع الماء مع وجود الفلتر، لا شك أن له أثر على عدم قبوله للتغير.

رواية: ((لا يغتسل أحدكم في الماء وهو جنب)) تدل على المنع من الاغتسال وحده، تدل على المنع من الاغتسال وحده إذا كان الماء لا يجري، إن كان الماء دائم لا يجري مستقر، نعم، ومع المنع من البول فيه والاغتسال فيه إذا لم يتغير فإنه يبقى طهور يرفع الحدث، أما إذا تغير بالنجاسة انتقل حكمه اتفاقاً، التفريق بين القليل والكثير كما هو مذهب الشافعية والحنابلة والحنفية خلافاً للإمام مالك لا شك أن رأي الإمام مالك مريح، ترتب على قول الأئمة الآخرين حرج وعنت ومشقة إذا قلنا بالقلة والكثرة؛ لأن هذه القلة وهذه الكثرة لم تنضبط بضابط دقيق، القلتان اختلف فيهما، لكن الأكثر على أنها معروفة الصنع، معلومة المقدار من قلال هجر، تسع القلة قربتين وشيء، كلام ابن جريج: هما قربتان وشيء، يقال: والأحوط أن يجعل الشيء نصف، كونه: وشيء، وكون أيضاً القرب متفاوتة بعضها يسع خمسين كيلو، وبعضها ثلاثين كيلو، متفاوتة، فهذا يدل على أن الحديث ليس فيه إن ثبت شيء من التحديد، وإنما هو شيء تقريبي، على أن جمعاً من أهل العلم حكموا عليه بالضعف؛ لاضطراب سنده ومتنه؛ لأنها جاءت القلتان، وجاءت قلة، وجاءت قلتين أو ثلاث، وجاء أربعين قلة، ثم اختلف في القلة ما مقدارها؟ منهم من قال: القربتين، ومنهم من يقول: ما يقله الرجل المتوسط، يعني يحمله، ومنهم من قال: القلة ما يبلغ قمم الجبال، فعلى هذا لا بد أن يكون طوفان، وما دونه ينجس، هذا الكلام مما يبين ضعف التمسك بهذا الحديث، وقوة قول من يقول بضعفه.

رأي الإمام مالك مريح، الآن لو تصورنا أن هذا الإناء فيه قلتان. . . . . . . . .، وقعت فيه نجاسة ونحن نرى النجاسة في أسفله ولم تؤثر فيه، أعلاه طاهر وإلا نجس؟ لم تؤثر فيه؟ طاهر، جئنا وأخذنا سطل، نقص عن القلتين، أخذنا منه سطل والنجاسة باقية، يقول الشافعية كما قال النووي في شرح المهذب: ما في داخل السطل طاهر؛ لأنا أخذناه من الماء قبل أن ينقص، لكن ما على جوانب السطل ويش يصير؟ نجس؛ لأنه باشر النجاسة وهو أقل من القلتين، مثل هذه التفريعات التي توجد حرج ومشقة على الناس لا شك أنها تبعد من طبيعة الشريعة الإسلامية السمحة، ولذا نجد في تفريعات الفقهاء الذين يفرقون بين القليل والكثير شيء من الحرج والمشقة، ولذا تمنى الغزالي وهو شافعي المذهب أن لو كان مذهب الإمام الشافعي مثل مذهب الإمام مالك لزال حرج كبير، يا أخي ما الذي يلزمك بمذهب الشافعي؟ عليك أن تنظر في النصوص وترجح الراجح، ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يرجح رأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى-. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً)) ولمسلم: ((أولاهن بالتراب)). وله في حديث عبد الله بن مغفل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعاً، وعفروه الثامنة بالتراب)).

في هذا الحديث يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً)) يقول الحفاظ: تفرد مالك بقوله: ((إذا شرب)) والرواة كلهم يقولون: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم)) كيف شرب في إناء أحدكم؟ يمكن أن يأتي؟ شرب، أولاً تناول الكلب وما في حكمه للماء ليس شرباً؛ لأن الشرب هو عبارة عن عب الماء، هو عب الماء الشرب، بينما الكلب إنما يأخذ من الماء بلسانه، ولا يأخذ بشفتيه، فهو ولوغ وليس بشرب، هذا من حيث اللفظ اللغوي، الأمر الثاني: أنه من يتصور أن الكلب يشرب في الإناء، الكلب يلغ في الإناء، لكنه كيف يشرب في الإناء؟ هل معنى هذا أن الكلب يرفع الإناء ويشرب منه، فيجعله آلة يشرب فيها، أو أنه يدخل لسانه في الإناء ويلغ فيه؟ لا شك أن تناول الكلب من الشراب يسمى ولوغ، حتى تعدية شرب بـ (في) تدل على أن شرب مضمنة معنى الولوغ. ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً)) يعني سبع مرات، ((أحدكم)) الإضافة هذه لا مفهوم لها، لكن الغالب أن الإنسان هو الذي تولى تنظيف إناءه بنفسه، لكن لو شرب الكلب أو ولغ الكلب في إناء شخص آخر، وأردتَ أو أراد استعمال هذا الإناء، ونظفته أنت غسلته على الطريقة المأمور بها كفى، ما يلزم أن يكون إناءك. ((فليغسله سبعاً)) اللام هذه لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، والسبع أو التسبيع مقصود لا بد من غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مرات، وبهذا قال عامة أهل العلم، والحنفية يقولون: يكفي، ولوغ الكلب ما هو بأشد من بول الإنسان وعذرته، يغسل ثلاث مرات، وقد أفتى أبو هريرة بغسله ثلاثاً، ويقولون: العبرة برأيه، لو كان عنده شيء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في السبع ما عدل عنها إلى الثلاث، كيف يفتي بهذا؟ وعندهم قول الصحابي مرجح على روايته خلافاً للجمهور، الجمهور يقولون: لا، العبرة بما روى لا بما رأى، مع أنه ثبت عنه الأمر بغسله سبعاً، موقوفاً عليه، موافقة لما جاء في الحديث المرفوع، فالواجب غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مرات.

ولمسلم: ((أولاهن بالتراب)) في رواية: ((إحداهن)) أو ((أخراهن)) وفي رواية: ((اغسلوه سبعاً، وعفروه الثامنة بالتراب)) يغسل سبع مرات بالماء يكون في إحدى هذه الغسلات تراب، والأولى أن تكون هذه الغسلة التي فيها التراب -يخلط معها التراب- هي الأولى من الغسلات، لكي يأتي ما بعدها من الغسلات فينظف الإناء من أثر التراب؛ لأن التراب لو كان في آخر غسلة لاحتيج إلى غسلة زائدة من أجل تنظيف هذا التراب، لكن الأولى أن يجعل التراب في الغسلة الأولى؛ لكي يذهب أثر هذا التراب بالغسلات اللاحقة. الحديث دليل على نجاسة الكلب؛ لأنه إذا كان لعابه ولسانه وفمه مأمور بغسل .. ، بمباشرتها الإناء فنجاسة باقيه من باب أولى، وعند الإمام مالك أن الكلب طاهر، إذن كيف يؤمر بغسل الإناء منه؟ قال: تعبد، نغسل ولو كان طاهراً، هنا تعبد، كيف تعبد؟ قال: ولو لم يكن تعبد لأمرنا باطراد ...

كتاب الطهارة (2)

عمدة الأحكام - كتاب الطهارة (2) باب دخول الخلاء والاستطابة الشيخ: عبد الكريم الخضير وعند الإمام مالك أن الكلب طاهر، إذن كيف يؤمر بغسل الإناء منه؟ قال تعبد، نغسل ولو كان طاهراً، هنا تعبد، كيف تعبد؟ قال: ولو لم يكن تعبد لأمرنا باطراد حتى فيما يصيبه الكلب لا بد أن نغسله سبعاً ونعفره بالتراب. الآن ما يصيده الكلب حلال وإلا حرام؟ ما يصيد الكلب من الصيد؟ كلب معلم وسمى عليه يغسل؟ ما يغسل، إذن كيف هنا يغسل وهناك ما يغسل والمسألة نجاسة وطهارة؟ لو قلنا بالنجاسة لقلنا: حتى الصيد يغسل، قالوا: لا، هذا يغسل، الصيد لا يغسل لأن العلة معقولة، يعني هناك أثر للكلب على الإناء وله أثر على الصيد، أثره على الإناء يذهب بالماء مع التراب، وأثره على الصيد يذهب بالطبخ، فلا نحتاج إلى غسله، طيب، تراب ما وجدت تراب، ما وجدت إلا صابون وإلا شامبو يكفي وإلا ما يكفي؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . إذا قلت هذا قلنا: لا يكفي، إذا قلت: إن فيه جرثومة لا يقضي عليها إلا التراب، قلنا: ما يكفي إلا التراب، لا بد، يتعين التراب، وهذا هو الظاهر، يعني لو جئنا بصابون مثلاً أو شامبو أو غيره .... وجعلناه مع الماء وغسلنا ما ولغ فيه الكلب الأصل أنه لا يتعدى المنصوص عليه، فلا بد من التراب حينئذٍ، والسبب في ذلك ما ذكرنا، يؤيده التحاليل الطبية التي أثبتت هذه الدودة التي لا يقضي عليها إلا التراب، وبهذا يظهر لنا معجزة من معجزات النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث أثبت الطب أن هناك جرثومة لا يقضي عليها إلا التراب، مهما جئت من المنظفات ما يكفي. ((وعفروه الثامنة)) إيش معنى ثامنة؟ نعم؟ يعني هل يكفي غلي ... طالب:. . . . . . . . .

لا، النصوص تنزل منازلها ومواردها، فلا يكفي في الإناء غليه، حتى يغسل سبعاً أولاهن بالتراب، هذا منصوص عليه، وإن عقلت العلة يعني العلة إذا لم تكن منصوصة إذا كانت العلة مستنبطة من النصوص ما دار معها الحكم، بخلاف ما إذا كانت منصوصة بأصل النص، هنا ((وعفروه الثامنة بالتراب)) كيف صارت ثامنة؟ لأن عندنا سبع غسلات بالماء مع إحدى هذه الغسلات تراب، التراب مطهر، والماء مطهر، فنعتبر غسلة التراب عن غسلتين، فيكون المجموع ثمان، طيب هذا في بالإناء الذي فيه سائل مائع، لكن لو كان الذي في الإناء وعندنا رواية في مسلم: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه)) يعني يرق ما فيه من ماء، لكن لو قدر أن الذي في الإناء جامد صحن فيه رز فأخذ منه الكلب، نريق الرز أو نلقي ما ولغ فيه وما حوله وما عدا ذلك لا تسري فيه النجاسة، المائع تسري فيه النجاسة، تختلط فيه النجاسة، لكن السائل لا تسري فيه النجاسة، ولذا يلقى وما حوله كالفأرة تموت في السمن الجامد تلقى ما حولها، نعم. عن حمران مولى عثمان بن عفان -رضي الله عنهما- أنه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه، فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثاً، ثم قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ نحو وضوئي هذا، وقال: ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه)). نعم هذا حديث عثمان -رضي الله عنه- في صفة وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، في وضوئه نحو وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني مثل وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، حث على الركعتين بعد الوضوء، هذا مما جاء في صفة الوضوء النبوي.

حمران مولى عثمان من الموالي، وهو من سبي عين التمر، "أن عثمان -رضي الله عنه- يعني مولاه- دعا بوضوء" الوضوء بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به، "فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات" يعني أفرغ من الإناء على اليدين، أفرغ من الإناء بيده اليسرى على اليمنى، يعني أكفأ الإناء، وتلقاه باليمنى فغسل إحداهما بالأخرى ثلاثاً، ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم توضأ. "ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً" تمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً ثلاثاً، يتمضمض ويستنشق، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يتمضمض ويستنشق، ثلاثاً ثلاثاً. المضمضة والاستنشاق من كف واحدة، يأخذ بيده الماء اليمنى ثم يتمضمض بمعنى أنه يدخل الماء في فمه ويحركه بلسانه ثم يمجه، ومن هذه الغرفة يستنشق يعني يجذب الماء إلى داخل الأنف بالنفس ثم يستنثر، يخرج الماء بالنفس، وهل مسمى المضمضة يتناول إخراج الماء؟ أو لو قدر أنه تمضمض أدخل الماء في فمه وحركه بلسانه ثم ابتلعه يقال: تمضمض وإلا ما تمضمض؟ نعم؟ أخذ بكفه من الماء فأدخله في فمه ثم أداره داخل فمه ثم ابتلعه، يكون تمضمض أو من مسمى المضمضة المج كما في القاموس وغيره، أنهم أدخلوا المج من المضمضة. إخراج الماء من الأنف بالنفس استنثار، وإدخاله استنشاق، فيكون الاستنشاق خاص بالإدخال، والاستنثار خاص بالإخراج، لكن لو جاء أحدهما فمن لازمه الثاني، يعني الماء في المضمضة يتصور بلعه، لكن في الاستنشاق نعم لا بد أن يخرج، لا بد أن يخرجه، قد يذهب منه شيء يسير، لكن ما يمكن أن يذهب جميعه، ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثاً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] فاغسلوا وجوهكم وهذا مجمل بينه فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بإدخال المضمضة والاستنشاق في الوجه وبكونه ثلاثاً، وقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وثبت عنه أنه توضأ مرتين مرتين، ومرة مرة، وتوضأ ملفقاً، بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين وهكذا.

"ثم غسل وجهه ثلاثاً" والوجه معروف الحدود، "ويديه إلى المرفقين ثلاثاً" جاء في آية الوضوء: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [(6) سورة المائدة] يعني هذه الآية مقيدة، اليد مقيدة في هذه الآية، وقد جاءت اليد مطلقة في آية التيمم وفي آية السرقة، هنا مقيدة بكونها إلى؟ إلى إيش؟ إلى المرفقين، لكنها في آية التيمم جاءت {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم} [(6) سورة المائدة] نعم وجاءت في آية السرقة {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] من غير تقييد، فهل نحمل المطلق على المقيد ونقول: نغسل إلى المرافق؟ نمسح في التيمم إلى المرافق؟ نقطع في السرقة إلى المرافق؟ أو لا نحمل المطلق على المقيد؟ لماذا؟ لماذا؟ اليد تطلق ويراد بها الكف، تطلق ويراد بها إلى المرفق، تطلق ويراد بها إلى المنكب، لكن عندنا آية مطلقة وآية مقيدة، والمعروف عند أهل العلم أن المطلق يحمل على المقيد، لكن هل هذا على إطلاقه أو لا بد من تقييده؟ نعم؟ كيف نقيد هذا الكلام؟ نريد قواعد تضبط هذا النص وغيره من النصوص. الآن عدنا الدم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] هذا مطلق وإلا مقيد؟ في هذه الآية؟ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] نعم؟ هذا مطلق، لكن {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] هذا مقيد كونه مسفوح، وهل يحمل المطلق على المقيد هنا أو لا يحمل؟ نعم؟ يحمل بالاتفاق، لماذا؟ لماذا يحمل المطلق على المقيد هنا؟ للاتحاد في الحكم والسبب، الحكم واحد تحريم أكل الدم في المطلق وفي المقيد، والسبب أيضاً واحد، في المطلق والمقيد السبب واحد، في كفارة الظهار جاءت الرقبة مطلقة، الرقبة جاءت مطلقة في كفارة الظهار، لكنها جاءت في آية القتل مقيدة نحمل المطلق على المقيد وإلا ما نحمل؟ نعم؟ يحمل وإلا ما يحمل؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

ليش؟ الاختلاف في إيش؟ الحكم متحد، يجب العتق في هذا وفي هذا، الحكم واحد، السبب مختلف لا بأس، هذا قتل وهذا ظهار، لكنه في مثل هذه الصورة يحمل المطلق على المقيد عند الأكثر خلافاً لأبي حنيفة للاتحاد في الحكم وإن اختلف السبب. العكس إذا اتحد السبب واختلف الحكم، اختلف الحكم واتحد السبب، اليد في آية الوضوء مع آية التيمم السبب واحد الحدث، لكن الحكم مختلف، هذا غسل وهذا مسح، وحينئذ لا يحمل المطلق على المقيد عند الأكثر، أما إذا اختلفا في الحكم والسبب فلا يحمل المطلق والمقيد اتفاقاً كاليد في آية الوضوء واليد في آية السرقة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ إذا عندنا الصور، صور المطلق مع التقييد أربع: إما أن يتفقا في الحكم والسبب وحينئذٍ يحمل المطلق على المقيد، يتفقا في الحكم دون السبب يحمل المطلق على المقيد عند الأكثر، يتفقا في السبب دون الحكم لا يحمل المطلق على المقيد عند الأكثر، يختلفا في الحكم والسبب لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، ظاهر، متقابلة، قسمة رباعية. "ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسح برأسه" مسح برأسه إيش مسح برأسه؟ هل هو يمسح الماء برأسه أو يمسح رأسه بالماء؟ هاه؟ يمسح الماء بالرأس أو الرأس بالماء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الممسوح إيش؟ طالب:. . . . . . . . . طيب، الممسوح به إيش؟ طالب:. . . . . . . . . كيف قال: "ثم مسح برأسه" {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [(6) سورة المائدة]؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الآن الممسوح الرأس وإلا الماء؟ هل أنت تأتي برأسك وتمسح به الماء أو تمسح الماء به؟ المقصود أن الممسوح هو الرأس، والممسوح به هو الماء.

الباء هذه منهم من يقول: للتبعيض فيكفي بعض الرأس، ثم يختلفون منهم من يقول: يكفي الربع، ومنهم من قال: الثلث، ومنهم من قال: شعرات، أدنى ما يطلق عليه المسح، لكن الممسوح الرأس، والرأس لا يطلق إلا على جميعه في الأصل، ولذا الواجب تعميم الرأس بالمسح بالماء، منهم من يقول: الباء هذه لإيش؟ للإلصاق، وإذا ألصقنا الممسوح بالممسوح به وجد أثره عليه، ولولا هذه الباء {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [(6) سورة المائدة] لولا هذه الباء لقلنا: إنه يكفي مسح الرأس باليد بدون ماء وبدون بلل. "ثم مسح برأسه، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثاً" مسح برأسه ما قال ثلاثاً، غسلهما ثلاث مرات، أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً، غسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً، مسح برأسه من غير عدد، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثاً، فيه دليل للأكثر الذين يقولون: إن المسح مرة واحدة، وأنه لا يثلث، وهذا قول الجمهور، قال بعضهم كالشافعية: أنه يمسح ثلاثاً؛ لعموم حديث: "توضأ ثلاثاً ثلاثاً" مقتضى ذلك أنه بما في ذلك مسح الرأس، "توضأ ثلاثاً ثلاثاً" بما في ذلك مسح الرأس، لكن هذا مجمل بينته النصوص مثل هذا، بينته النصوص التفصيلية في مثل هذا. "ثم مسح برأسه، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثاً" أما الرأس هو الوحيد الذي ما قال فيه: ثلاثاً، فدل على أن حكمه يختلف عن حكم غيره، ولو كررنا المسح ثلاث مرات لصار غسلاً. "ثم قال: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ نحو وضوئي هذا" (نحو) عندنا (نحو) وعندنا (مثل) توضأ نحو وضوئي هذا، أو توضأ مثل وضوئي هذا؟ قالوا: إن المماثلة لا يمكن أن تتحقق مهما حرص الإنسان على التطبيق، ودقة التطبيق، ولذا جاء في الحديث، لو قال: (مثل) صار عنت شديد، يمكن ما يدرك هذا الفضل أحد، لو قال مثل؛ لأنه يقتضي المماثلة من كل وجه، لكن نحو وضوئي هذا يعني شبيه بالوضوء هذا في الجملة، وهذا أوسع وأرحب.

"ثم قال: ((من توضأ نحو وضوئي هذا)) " -عليه الصلاة والسلام- ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين)) وهل هما ركعتا الوضوء أو غيرهما؟ المقصود أنه يصلي ركعتين بعد الوضوء، ((ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه)) يحضر قلبه، ويحرص على عدم تشويش صلاته من قبل الشيطان، ((لا يحدث فيهما نفسه)) من المعلوم أن حديث النفس يؤاخذ عليه وإلا معفو عنه؟ نعم؟ معفو عنه، كيف يكون حديث النفس معفو عنه وجاء في الحديث: ((لا يحدث نفسه)) يتعمد الحديث نفسه، ((لا يحدث فيهما)) وحديث النفس معفو عنه، عندكم هاجس وخاطر وحديث نفس وهم وعزم. مراتب القصد خمس هاجس ذكروا ... فخاطر فحديث النفس فاستمعا يليه هم فعزم كلها رفعت ... إلا الأخير ففيه الإثم قد وقعا فحديث النفس معفو عنه، لكن كون حديث النفس معفو عنه يعارضه هذا الحديث، أو هذه مرتبة فوق مرتبة العفو الموجود في الحديث؟ الآن هل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عفي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل)) نعم هل يقتضي هذا أن يغفر له ما تقدم من ذنبه لمجرد مثل حديث النفس؛ لأنه معفو عنه؟ نقول: عدم تحديث النفس أكمل من تحديث النفس؛ لأنه لولا العفو عن حديث النفس لحصلت المؤاخذة صح وإلا لا؟ إذن كونه لا يحدث نفسه أكمل من كونه يحدث نفسه؛ لأن حديث النفس معفو عنه، وشتان بين أمر معفو عنه، وبين أمر رُتب عليه ثواب عظيم غفر له ما تقدم من ذنبه، فلا تعارض، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم؟ ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه)) قد يقول قائل: لماذا الآن رتب على عدم حديث النفس وحديث النفس معفو عنه؟ نقول: نعم حديث النفس معفو عنه، لا يؤاخذ عليه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

منشغل، لكنه مع ذلك لا يؤاخذ، لكنه ليس له من صلاته إلا ما عقل، فكونه يحدث نفسه مع كونه معفو عنه، حديث النفس إلا أنه مفضول، إلا أنه لولا هذا العفو لكان مؤاخذاً، نعم يعني أيهم أفضل شخص قاتل عفي عنه، عفى عنه أهل الدم، وشخص ما قتل، نعم الذي لم يقتل أفضل، وقاتل أدنى منزلة وإن عفي عنه؛ لأن العفو يدل لولاه على المؤاخذة، لولا العفو لدل الحكم على المؤاخذة، فكونك تفعل فعلاً الأصل أن تؤاخذ فيه، لكن عفي عنك أفضل منه أن لا تفعله أصلاً، قد يقول قائل: إن فاعل الذنب، ما هو بحديث نفس، فاعل ذنب، فاعل كبيرة من كبائر الذنوب تاب منها هل هو أفضل ممن لم يفعل أو ليس بأفضل إذا تاب؟ {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [(70) سورة الفرقان] شخص جالس في بيته صلى العصر وخرج من المسجد وجلس في بيته إلى أذان المغرب ما فعل قربة، ولا ارتكب محظوراً، جالس يتكلم كلام مباح، أو جاب الفراش ونام إلى أذان المغرب، وشخص خرج وفعل معصية ثم تاب منها توبة نصوحاً، أيهم أفضل؟ نعم؟ عندنا ثلاثة أشخاص، شخص صلى العصر في المسجد وجلس يقرأ القرآن إلى أن صلى المغرب، هذا على طاعة، ثاني صلى العصر ثم ذهب إلى فراشه ونام إلى أذان المغرب، هذا لا له ولا عليه، شخص ثالث صلى العصر ثم فعل معصية كبيرة من كبائر الذنوب فتاب منها توبة نصوحاً وصلى المغرب، الرابع تتميم القسمة فعل هذه المعصية ولا تاب.

الذي جلس في المسجد يقرأ إلى أذان المغرب هذا أمره مفروغ منه، هذا على خير هذا، والذي فعل المعصية ولم يتب أيضاً مفروغ منه، هؤلاء ما هم محل البحث، نحن بين الاثنين، الذي نام إلى أن أذن المغرب، وبين الذي فعل المعصية وتاب منها، آية الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [(68 - 69) سورة الفرقان] الأمر عظيم ليس بالسهل، ثم استثني من تاب {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [(70) سورة الفرقان] هذا الذي تاب توبة نصوحة بشروطها أفضل من الذي نام، لكن هل هو أفضل من الذي جلس يقرأ القرآن؟ نعم؟ لماذا؟ هذا بدلت سيئاته حسنات، وهذاك من الأصل حسنات، أيهما أفضل؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ حسنات وهذا صارت حسنات، بفضل الله -عز وجل-، فضل الله لا يحد، انقلبت حسنات، يعني لو افترضنا أن شخصين بلغا من العمر -توأم اثنين أخوان– سبعين سنة، أحدهما منذ أن نشأ وهو في طاعة الله، والثاني منذ أن نشأ وهو جرائم ومنكرات، ثم في نهاية السبعين هذا تاب توبة نصوح وهذا استمر في طاعته أيهما أفضل؟ هذا كسب حسنات من عمل الطاعة، وهذا كسب حسنات هي في الأصل سيئات انقلبت إلى حسنات، أنت افترض مثلاً أنه هذا كسب مليون حسنة، هذه مسألة تقريبية الذي عمل طول عمره بالحسنات، عمل كسب مليون حسنة، والثاني عمل مليون سيئة وتاب منها فانقلبت حسنات، الذي عمل الحسنات الحسنة بعشر أمثالها، والذي عمل السيئات وانقلبت حسنات البدل له حكم المبدل، السيئات لا تضاعف، إذن الحسنات بدلها ما تضاعف. نعود إلى حديثنا حديث ... طالب:. . . . . . . . .

ومن خشيته سوء العاقبة ... ، الآن واحد شخص يدرس مثلاً يعلم الناس الخير قال الله وقال رسوله، خمسين ستين سنة، وفي النهاية يقول: ليت الكفاف؛ لأنه ما يدري ويش يقارف ها النية هذه؟ ويش؟ لأن العلم الشرعي والأعمال الصالحة من أعمال الآخرة المحضة التي لو يحصل فيها أدنى خدش في الإخلاص والنية يتضرر صاحبها، فأمر النية ليس بالسهل، أمر الإخلاص شأنه عظيم، يعني لو وقفنا عند قوله -جل وعلا-: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [(47) سورة الزمر] يعني شخص جالس على الكرسي في المسجد ليل نهار يعلم الناس الخير، الناس تظنه في مصاف الأنبياء، سبعين ثمانين سنة يعلم الناس الخير، وهو يمكن أنه أول من تسعر به النار يوم القيامة، المسألة ليست بالسهلة، ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) المسألة ليست بالسهلة، كل إنسان يتمنى المخلاص والكفاف، لكن الله يعفو ويسامح، الله يتجاوز عن الجميع. نعود إلى ما تسبب في خروجنا عن الموضوع واستطرادنا هذا الاستطراد. ((ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه)) نعم إذا حدث نفسه نقص أجره، لماذا؟ لأنه ليس له من صلاته إلا ما عقل، وفي هذا حث على المجاهدة، مجاهدة النفس ومجاهدة الشيطان الذي إذا أذن أدبر وله ضراط، إذا أذن للصلاة أدبر وله ضراط، ثم إذا فرغ الأذان أقبل، ثم إذا ثوب بالصلاة وأقيم لها أدبر، ثم إذا فرغ من الإقامة أقبل يوسوس للناس، ويذكرهم بما لم يذكروا، كل هذا من أجل نقص الأجر المرتب على هذه العبادة، فإذا حصل حديث النفس نقص الأجر، والله المستعان. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. سائل يقول: هل يجوز استخدام التراب في. . . . . . . . . حال البول فقط، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ويل للأعقاب من النار)) هل ورد. . . . . . . . . الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الأصل فيما يزيل أثر الخارج من السبيلين الماء والأحجار، يقوم مقام الأحجار الأجسام الخشنة التي تنقي المحل، تقوم مقام الأحجار، فالتراب إذا أنقى المحل وليس المقصود لا في الاستجمار بالحجارة، ولا فيما يقوم مقامه بالإنقاء بمعنى عودة خشون المحل مائة بالمائة كالماء، لا، ألا يبقى إلا أثر لا يزول إلا بالماء، إذا بقي أثر لا يزول إلا بالماء فحينئذٍ أدت الحجارة أو ما يقوم مقامها الغرض، وإلا ما يمكن أن يكون الحجارة أو ما يقوم مقامها بمثابة الماء، الماء يزيل بالكلية، والحجارة ضابطها: ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، فإذا أدى نفس الغرض كالخشب مثلاً مما لا يضر، أو المناديل الخشنة واستعملت حتى أنقت، والتراب أيضاً عند عدم الجميع لا بأس، لكن الأشياء الصقيلة مثل هذه لا تزيل الخارج، الصقيلة مهما كانت، فالزجاج وما في حكمها ما يمكن أن تزيل أثر الخارج لأنها صقيلة، ينبو عنها هذا الموجود من أثر الخارج، فلا تسن، نعم. أما حديث: ((ويل للأعقاب من النار)) جاء في بعض الطرق أنه رفع صوته بها ثلاثاً، نعم. عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال: شهدت عمرو بن أبي الحسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا بتور من ماء، فتوضأ لهم وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأكفأ على يديه من التور، فغسل يديه ثلاثاً، ثم أدخل يده في التور، فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثاً، ثم أدخل يديه فغسلهما مرتين إلى المرفقين، ثم أدخل يديه فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه. وفي رواية: بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلي المكان الذي بدأ منه. وفي رواية: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخرجنا له ماء في تور من صفر. والتور: شبه الطست. هذا الحديث والأحاديث لا يحتاج أن تخرج، ولذا تلاحظون أن المؤلف -رحمه الله تعالى- ما يقول: رواه البخاري، رواه مسلم، أو متفق عليه؛ لأن شرطه أن يكون الأحاديث من الصحيحين، هذا الأصل، قد يختل الشرط فيروي من البخاري منفرداً به، ويروي من مسلم منفرداً به، وهذا موجود ويشير إلى ذلك. يقول -رحمه الله تعالى-:

"عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال: شهدت عمرو بن أبي الحسن سأل عبد الله بن زيد" الصحابي، عبد الله بن زيد بن عاصم راوي حديث الوضوء، الصحابي المعروف غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان في الرؤيا حينما قال: طاف بي وأنا نائم رجل يقول: تقول: الله أكبر الله أكبر .. إلى آخره، هذا راوي حديث الوضوء عبد الله بن زيد بن عاصم سأله عمرو بن أبي الحسن عن وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني عن كيفيته وصفته، "فأكفأ على يديه من التور" إيش عندك؟ الآن من الذي أكفأ؟ هل هو يخبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أكفأ؟ أو يتوضأ ويشرح كيفية وضوئه -عليه الصلاة والسلام- بالفعل؟ ظاهر هذا أنه يشرحه بالفعل، "سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكفأ على يديه" يعني شرح له كيفية الوضوء النبوي بالفعل، "فأكفأ على يديه من التور"، التور: إناء واسع الفم يشبه الطست "فغسل يديه ثلاثاً" أكفأ على يديه من التور فغسل يديه ثلاثاً، الأصل أن يكفئ الإناء بيده اليسرى ويفرغ على اليمنى، ثم يغسل اليسرى باليمنى، أو اليمنى باليسرى، ثلاث مرات، وهذا الغسل مستحب، مستحب قبل البداءة بالوضوء، وهذا غير الأمر بغسل اليدين بالنسبة للقائم من النوم الذي سبق الحديث عنه.

"ثم أدخل يده في التور" بعد أن غسلهما ثلاثاً، أدخل يده في التور "فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات" يعني كل غرفة مشتملة على مضمضة واستنشاق، يتمضمض ويستنشق من كف واحدة، ثم يكرر ذلك ثلاثاً، الثانية ثم الثالثة، هذا أقوى ما جاء في صفة المضمضة والاستنشاق، وجاء أنه يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ثلاثاً من كف واحدة، وجاء أنه تمضمض من كف واحدة، واستنشق من كف واحدة، فعلى هذا يكون من كفين، كف للمضمضة ثلاثاً، وكف للاستنشاق ثلاثاً، وتمام الصور أن يستنشق يتمضمض بكف ويستنشق بكف، فتكون ست غرفات، فهذه هي الصور المتصور في مثل هذا، يتمضمض ويستنشق من كف واحدة بثلاثة أكف، ثلاث غرفات، هذا أقوى ما يروى في هذا الباب، الصورة الثانية: أن يتمضمض ثلاثاً من كف واحدة، ويستنشق ثلاثاً من كف واحدة، فيكون فعله من كفين بدل ثلاثة، أن يتمضمض الثلاث ويستنشق الثلاث بكف واحدة، لكن قد لا يتصور هذا بالنسبة لأكف أوسط الناس، الصورة الأخيرة أن يتمضمض ويستنشق من ستة أكف، وأقواها ما جاء في هذا الحديث "فتمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً، بثلاث غرفات" وجاء الأمر بالمضمضة: ((إذا توضأت فمضمض)) وجاء الأمر بالاستنشاق: ((فليجعل في منخريه من الماء)) فليستنشق، وليستنثر، المقصود أن المضمضة والاستنشاق مأمور بهما، وفعلهما النبي -عليه الصلاة والسلام- بياناً للوضوء الواجب، ولذا يقول الحنابلة بوجوب المضمضة والاستنشاق في الطهارتين الكبرى والصغرى، وقال بعضهم باستحبابهما، وفرق بعضهم بين الكبرى والصغرى، فأوجبهما في الغسل دون الوضوء، ومنهم من فرق بين المضمضة والاستنشاق، فأوجب الاستنشاق؛ لأن ما ورد فيه أكثر مما ورد في المضمضة، وعلى كل حال مقتضى الأمر الوجوب، لكن من نسي أو لم يتمضمض على الوجه المطلوب شرعاً، أو أخل بالاستنشاق أو بكيفيته لا يؤمر بإعادة الوضوء؛ لأن الخلاف قوي، وقد جاء في الحديث: ((توضأ كما أمرك الله)) الطرف الآخر الذي لا يوجب المضمضة والاستنشاق أن يقول: ليس فيما أمرني الله -جل وعلا- المضمضة والاستنشاق، فالذي في الآية: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] والوجه ما تحصل به المواجهة، وليس الأنف والفم مما تحصل به المواجهة،

بدليل أنه إذا واجه أحداً لا يفتح فاه له، وعلى كل حال ما دام ثبت الأمر فلا كلام لأحد، ويبقى أن المضمضة والاستنشاق ليستا مثل بقية فرائض الوضوء. "ثم أدخل يده في التور فغسل وجهه ثلاثاً" وهذا فرض من فرائض الوضوء لا يصح الوضوء إلا به {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة]. "ثم أدخل يديه فغسلهما مرتين" غسل اليدين، المقصود باليد من رؤوس الأصابع إلى المرفقين، والمرفقان داخلان فيما يغسل؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- أدار الماء على مرفقيه وتوضأ -عليه الصلاة والسلام- حتى أشرع في العضد، وإلا مقتضى (إلى) التي هي حرف غاية لا يستلزم أن يدخل المرفق أو لا يدخل، بل لا بد من نص آخر؛ لأنها جاءت في بعض النصوص تقتضي دخول المغيا في الغاية، وجاء في نصوص أخرى أنها لا تدخل، لكن كونه -عليه الصلاة والسلام- أدار الماء على مرفقيه يدل على أن المرفقان داخلان. "ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثاً، ثم أدخل يده في التور فغسلهما مرتين إلى المرفقين" الوجه ثلاثاً، وغسل اليدين مرتين، ومسح الرأس مرة واحدة، هذا وضوء ملفق بالنسبة للعدد، يعني ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً على وتيرة واحدة، وثبت عنه أنه أنه توضأ مرتين مرتين، ومرة مرة، وثبت عنه أنه توضأ ملفقاً يعني بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثاً، كل هذا في دائرة السنة، الواحدة سنة، والاثنتان سنة، والثلاث سنة.

ولذا من شك هل غسل وجهه مرتين أو ثلاثاً ماذا يصنع؟ من المعلوم أنه يبنى على اليقين فيما إذا شك في صلاته هل صلى ركعتين أو ثلاث، تردد هل صلى ركعتين أو ثلاث يجعلهما ثنتين، ويأتي بثالثة لأن الاثنتين متيقنة، لكن إذا توضأ وشك هل غسل وجهه مرتين أو ثلاثاً أو غسل يديه مرتين أو ثلاثاً، أو رجليه مرتين أو ثلاثاً يبني على إيش؟ على الأقل أو على الأكثر؟ نعم يبني على الأكثر؛ لأنه إن كانت في الحقيقة ثلاث فالزيادة عليها بدعة، وإن كانت في الحقيقة اثنتان فالاقتصار على الاثنتين سنة، نعم فيبني حينئذٍ على الأكثر؛ لأنه إن كان الأكثر بالفعل هو الثلاث وهذا هو الحاصل فما زاد عن المشروع، وإن نقص صار في الحقيقة .. ، وظن أنها ثلاث وهي في الحقيقة ثنتين الأمر سهل، النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتين مرتين، لكن إذا بنى على الأقل وجعلهما اثنتين وزاد ثالثة ليخرج بيقين من العهدة، نقول: لا يا أخي أنت متردد بين سنة وبدعة، فكونك تتردد بين سنتين أفضل من كونك تتردد بين سنة وبدعة. "ثم أدخل يديه فمسح بهما رأسه" يعني بماء جديد، أدخل يديه في الإناء ومسح بهما باليدين المبلولتين بالماء رأسه، "فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة" وهذا هو المرجح عند أكثر العلماء أن مسح الرأس يكون مرة واحدة. "أقبل بهما وأدبر" مقتضى ذلك أنه بدأ من أين؟ طالب:. . . . . . . . . لا، أقبل وأدبر، نعم أقبل، الإقبال إلى الوجه، والإدبار عن الوجه، مقتضاه لو كان فأقبل بهما ثم أدبر تعين أن تكون البداءة من الخلف، لكن الرواية الأخرى التي تقول: بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، نقول: يبدأ بمقدم الرأس، والرواية: "فأقبل بهما وأدبر" الواو لا تقتضي ترتيب، لا تقتضي الترتيب، مع أن ابن دقيق العيد في شرحه جاء بكلام لا يخلو من تكلف فأقبل بهما إلى قفاه وأدبر عنه عن القفا، أقبل بهما إلى القفا، لا يسمى إقبال هذا تكلف، يعني من اليسير أن يقول الإنسان: إن الواو لا تقتضي الترتيب وينتهي الإشكال، ويكون النص مجمل يحتمل هذا ويحتمل هذا، ويرجح البداءة بمقدم الرأس الرواية الثانية، في رواية: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه".

"ثم غسل رجليه" غسل رجليه يعني إلى الكعبين، والكعبان داخلان فيما يغسل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- غسل رجليه حتى أشرع في الساق، يعني تعدى الكعبين. يقول: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلي المكان الذي بدأ منه". رواية مفسرة ليست مجملة كالأولى. "وفي رواية: "أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخرجنا له ماء في تور من صفر". يعني فتوضأ من التور، النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ من التور، فالذي توضأ من التور النبي -عليه الصلاة والسلام- أو عبد الله بن زيد؟ أو هما معاً؟ وهل بيان عبد الله بن زيد حصل بالقول أو بالفعل؟ يقول: "أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخرجنا له ماء في تور من صفر" يعني فتوضأ به -عليه الصلاة والسلام-، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ من التور، وهل عبد الله بن زيد بين وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- بالفعل من التور أو هو يحكي ما حصل منه -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ ظاهر النص أنه توضأ من التور أيضاً، وفي هذا أن التعليم بالفعل أبلغ من التعليم بالقول، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، علم بالفعل، وإن كان الأكثر التعليم بالقول، لكنه علم بالفعل، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيمن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله". نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- كان من عادته المطردة يعجبه التيمن، يعني استعمال اليمين، جهة اليمين، "في تنعله" يعني في لبس نعله، ينعل في الرجل اليمنى ثم اليسرى، والخلع بالعكس؛ لتكون اليمنى أول ما تنعل، وآخر ما تخلع، "تنعله وترجله" يعني بتسريح شعره يبدأ بشقه الأيمن -عليه الصلاة والسلام-، "وطهوره" يبدأ باليد اليمنى ثم اليسرى، الرجل اليمنى ثم اليسرى في رواية: "وفي سواكه" يعني يبدأ بالتسوك في جانب الفم الأيمن، وليس معنى هذا أنه يتسوك باليد اليمنى على ما سيأتي، لا، يبدأ بتنظيف الجانب الأيمن من الفم، "يعجبه التيمن في تنتعله وترجله وفي طهوره وفي شأنه كله" يعني كل ما يحتاج إليه يعجبه فيه التيمن إذا كان مما لا يذم ولا يستقبح ولا يستقذر، إن كان كذلك فله اليسرى.

بالنسبة للسواك يبدأ بجانب الفم الأيمن، وجمهور أهل العلم على أنه يتسوك بيده اليسرى لا باليمنى، والمراد في سواكه هنا استعمال الجانب الأيمن من الفم في التسوك وهو التنظيف، وليس المراد به إمساك السواك ومزاولة الاستياك باليد اليمين، لا، الأكثر على أن التسوك يكون بالشمال؛ لأنه من باب إزالة القذر، فله الشمال، منهم من يقول: لهذا الحديث يتسوك باليمين، وهو عبادة؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- به أمر استحباب، وإن نفى أمر الوجوب عنه إلا أنه مستحب، فهو عبادة فهو يتسوك باليمين، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- قال: لا أعلم أحداً من الأئمة قال: إن التسوك يكون باليمين، وإن كان جده المجد قال بتفضيل اليمين على الشمال بالسواك، التسوك، نعم. وعن نعيم المجمر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)). وفي لفظ لمسلم: رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، ثم قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)). وفي لفظ لمسلم: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)). "عن نعيم" نعيم بن عبد الله المجمر، من أجمر الرباعي، أو المجمر من جمّر المضعف، كان يبخر مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- في زمن عمر -رضي الله عنه- فلقب بذلك. "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء)) هذه السيماء التي يعرف بها أمته -عليه الصلاة والسلام-. ((غراً)) هو البياض يكون في الناصية، ((محجلين)) أيضاً لون مخالف للون السائد في الأطراف في اليدين والرجلين، ((من آثار الوضوء)) يعني بسببه، يعني ما يغسل في الوضوء يأتي وله نور يوم القيامة، كالغرة في جبين الفرس، والتحجيل في يديه ورجليه.

((فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) إطالة الغرة كيف تكون إطالة الغرة؟ نعم؟ إطالة التحجيل متصورة يعني يرفع، يغسل العضد مع الذراع، ويغسل الساق مع القدمين، يطيل التحجيل، لكن إطالة الغرة غير متصورة، ولذا قال بعضهم إن قوله: ((فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)) مدرج من قول أبي هريرة، لم يثبت مرفوعاً، لكنه في الصحيحين هكذا، والأصل إذا لم يقم دليل على الإدراج أنه مرفوع كأصله، ولو ساغ لنا أن نقول في أي جملة: هذه مدرجة من غير دليل يدل على الإدراج ما سلم لنا شيء، فالإدراج يحتاج إلى دليل. ((فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) يعني هل معنى إطالة الغرة أن يتجاوز حدود الوجه؟ نعم؟ هو محتمل، لكنه على بعد يعني، على بعد أن يكون يطيل بقاء الماء في وجهه؛ لأنه سبب الغرة والتحجيل، أو يزيد في القدر المشروع غسله من الوجه، أو يسبغ ويكرر، على كل حال على الإنسان أن يفعل ما أمر به شرعاً، ويقتفي أثر النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، ولا يزيد ولا يقول: هذا من باب الاحتياط؛ لأن بعض الناس يزيد في الكيفية وفي الكمية فيدخل في حيز الابتداع، وقد عرف عن بعض أهل العلم ابن دقيق العيد والحافظ العراقي وغيرهما الزيادة، سواءً كان في العدد، أو في مقدار ما يغسل، وقالوا في ترجمة كل من الشيخين أن هذا يفعلانه من باب الاحتياط، وهو لا يدخل في الوسوسة المذمومة، نقول يا أخي: ما معنى هذا الاحتياط؟ الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور كما هنا، وزيادة على ما شرعه الله -جل وعلا- على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فالاحتياط كما قال شيخ الإسلام في ترك هذا الاحتياط، على الإنسان أن يقف مع الشرع، يدور مع الشرع. وفي لفظ آخر: "رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين".

يعني فسر ما تقدم ذكره من إطالة التحجيل بأنه كاد يبلغ المنكبين، المنكب هنا مجتمع رأس العظم مع الكتف، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، هذا فهم من أبي هريرة أنه ما دام أمة محمد يبعثون غراً محجلين لماذا لا نزيد في التحجيل والغرة؟ يعني هذا أمر مطلوب ومحبوب، فلماذا لا نزيد؟ نقول: لا، لا نزيد، بل نقف على ما جاءنا عن المعصوم -عليه الصلاة والسلام-. ثم قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)). وعرفنا أن الحفاظ حكموا بأن هذا مدرج من قول أبي هريرة. "وفي لفظ لمسلم: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)). ويريد بذلك أن يزيد لكي تكون حليته أكثر, "سمعت خليلي" الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الله)) وهنا جاء بجزأين ((لو كنت متخذاً)) هنا يقول: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم-"، والرسول -عليه الصلاة والسلام- ينفي هذه الخلة ((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر)) فأهل العلم يقولون: المنفي والممنوع كونه -عليه الصلاة والسلام- يتخذ أحداً من الناس خليلاً، أما كونه يتخذ خليل يحب من قبل بعض المسلمين نهاية المحبة وخالص المحبة، ما في مانع، الخلة غاية المحبة ونهايتها، يعني المحبة اللائقة بالبشر، أما ما زاد على ذلك مما هو من خصائص الرب -جل علا- فلا، فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخذ غيره خليلاً هذا هو الممنوع؛ لأنه خليل الله، أما كون غيره يتخذه خليلاً فلا بأس، ولذا قال: "سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تبلغ الحلية)) يعني يوم القيامة، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [(23) سورة الحج] ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)) فيزاد على المشروع لكي تزيد هذه الحلية، هذا مفهومه. سم. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب دخول الخلاء والاستطابة

باب دخول الخلاء

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)). الخبث: بضم الخاء والباء جمع خبيث، وهم ذكران الشياطين. الخبائث: جمع خبيثة، وهن إناث الشياطين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب دخول الخلاء الخلاء: كل ما يخلو فيه الإنسان بنفسه، هذا الأصل، والمراد به هنا ما يخلو فيه المرء بنفسه لقضاء حاجته. والاستطابة، السين والطاء للطلب، يعني طلب الطيب، والطيب والإطابة إنما تكون بإزالة ما يستقذر ويستقبح، دخول الخلاء لقضاء الحاجة، والاستطابة: إزالة الأثر المتبقي بعد قضاء الحاجة بالاستنجاء والاستجمار. دخول الخلاء له آداب يذكرها أهل العلم في هذا الباب، من ذلكم هذا الذكر الذي ذكره المؤلف من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا دخل الخلاء قال، إذا دخل الخلاء، دخل فعل ماضي، وعرفنا في درس الأمس أن الماضي يطلق ويراد به الفراغ كما هو الأصل، إيش معنى الماضي؟ يعني انتهى إذا دخل يعني دخل وانتهى، يطلق ويراد به الفراغ من الفعل كما هو الأصل في الماضي؛ لأنه يحصل في الزمان الماضي. يطلق الفعل الماضي ويراد به الشروع في الفعل، يطلق ويراد به إرادة الفعل، فهل المراد من قوله: "إذا دخل" يعني إذا فرغ من الدخول؟ نعم؟ هل المراد به إذا فرغ من الدخول؟ لا، هل المراد به إذا شرع؟ بمعنى أنه أدخل إحدى رجليه؟ شرع في الدخول؟ أو إذا أراد الدخول؟ يعني قبل الولوج في المكان الذي لا ينبغي أن يذكر الله فيه، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يذكر الله في جميع أحواله -عليه الصلاة والسلام- إلا في هذا الموضع، لم يرد النبي -عليه الصلاة والسلام- السلام مع أنه واجب؛ لأن السلام اسم من أسماء الله -جل وعلا- وهو السلام على الحقيقة سالمٌ ... من كل ما عيب ومن نقصانِ

لما سلم عليه وهو يقضي الحاجة ما رد السلام، لما فرغ رد السلام -عليه الصلاة والسلام-، تيمم ورد السلام، فإذا دخل الخلاء، يعني أراد دخول الخلاء -عليه الصلاة والسلام- قال: ((اللهم إني أعوذ بك)) اللهم أصلها يا الله إني أعوذ بك، أي ألتجئ إليك من كل ما يضر، ومن شر كل ذي شر، وفي هذا الموضع يستعيذ النبي -عليه الصلاة والسلام- بربه من الخبث والخبائث. الخبث: بالضم ذكران الشياطين، والخبائث إناثهم، فاستعاذ من الشياطين ذكورهم وإناثهم، الرواية الأخرى بإسكان الباء الخبْث، ويراد به حينئذٍ الشر، والخبائث الشياطين، فكأنه يستعيذ من الشر وأهله، والشياطين يشمل شياطين الإنس وشياطين الجن، شياطين الجن لخفائهم وخفاء طريقتهم في الوسوسة والتضليل يُستعاذ منهم، ويلتجأ إلى الله -عز وجل- بدفع شرهم، وشياطين الإنس، وبعضهم أشد ضرراً من شياطين الجن؛ لأن شياطين الجن تفيد فيهم الاستعاذة، بينما شياطين الإنس قد لا تفيد فيهم الاستعاذة، لكن على الإنسان أن يلتجئ إلى الله -عز وجل-، ويصدق اللجأ إلى الله -عز وجل- أن يعيذه من شياطين الإنس والجن.

من أهم ما يطرد الشياطين شياطين الإنس والجن الذكر، فلا يزال لسانك رطباً بذكر الله -عز وجل-، {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [(36) سورة الزخرف] لكن الذي يلازم الذكر وأعظم الذكر كلام الله -جل وعلا-، بقراءته على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل، هذا يطرد الشياطين، بل من أعظم الوسائل التي تطرد الشياطين، ولذا من يعش يتعامى عن ذكر الله، ويغفل عنه يقيض له الشيطان، والشيطان جنس، {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} [(36) سورة الزخرف] نكرة في سياق الشرط تعم النوعين من الإنس والجن، {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [(112) سورة الأنعام] وإن تعاون عليه النوعان هلك إلا إن لطف الله به -جل وعلا-، وأنقذه وأحيا قلبه، وارتبط بربه، وإلا في مثل هذه الحالة يستعيذ من الشياطين؛ لأن هذه الكنوف وهذه الحشوش مأوى للشياطين، تحب الأماكن القذرة، تحب النجاسات، تحب المستقذرات، تحب هذه الأماكن التي لا ينبغي فيها ذكر الله -عز وجل-، لكن إذا أردت أن تدخل استعذ بالله، فيعصمك الله -جل وعلا- من هؤلاء الشياطين، نعم. وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا)). قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله -عز وجل-. شرقوا أو غربوا: اتجهوا نحو المشرق أو المغرب، وهذا بالنسبة لأهل المدينة المنورة. قال المصنف –رحمه الله–: الغائط: الموضع المطمئن من الأرض، كانوا ينتابونه للحاجة، فكنّوا به عن نفس الحدث كراهية لذكره بخاص اسمه. والمراحيض: جمع مرحاض، وهو المغتسل، وهو أيضا كناية عن موضع التخلّي.

نعم يقول: عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتيتم الغائط)) وأتى هنا فعل ماضي، يعني هل معناه إذا أردتم إتيان الغائط أو شرعتم في دخوله؟ لأن الأصل في الغائط المكان المطمئن يسمى غائط، كونه يطلق على الخارج من الإنسان؛ لأن هذا الخارج إنما يوضع في المكان المنخفض، فإطلاقه على ما يخرج من الإنسان من إطلاق المحل وإرادة الحال، فهو كناية.

((إذا أتيتم الغائط)) المقصود بالغائط المكان المطمئن المنخفض الذي يقضي فيه الإنسان حاجته بحيث لا يراه الناس، وكانت عادة العرب قضاء الحوائج، قضاء حاجاتهم الخاصة في الخلوات والفلوات بعيدة عن أماكن التجمعات، إلى أن اتخذ الناس الكنف لقضاء الحاجات، فكان العرب على هذه الطريقة والمسلمون في صدر الإسلام في عهده -عليه الصلاة والسلام- إذا أرادوا قضاء الحاجة خرجوا من بيوتهم بحيث لا يراهم الناس فيقصدون الأماكن المطمئنة، وما كانت بيوتهم تستوعب وضع مثل هذه الدورات وأماكن مخصصة لقضاء الحاجة، لا، كانت بيوتهم بقدر الحاجة، السقف باليد، الرجل الطوال إلى رأسه، والرجل العادي يمس السقف بيده، هذا الارتفاع، وبالنسبة للطول بقدر القامة، ما يزيدون على قدر الحاجة؛ لأن هذه الدنيا ليست مقر وليست هدف ولا مقصد عندهم، يعني مثلما يسكن الإنسان في الحج مثلاً إلى وقت قريب والناس ما توسعوا، يسكنون في الأماكن التي .. ؛ لأنهم يعرفون المسألة أيام وهم ماشيين، وهذه نظرة النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن اهتدى بهديه للدنيا، غريب أو عابر سبيل، ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح"، ولذا متى جاء داعي الله -عز وجل- أجابوا ولبوا؛ لأنهم عارفين أن المسألة أيام، والعمر مهما طال فمآله إلى هذه الحفرة، ما كانوا يجعلون المراحيض ومواضع قضاء الحاجات في داخل البيوت فكانوا يخرجون، بما في ذلك النساء، وكان عمر -رضي الله عنه- كان حريص على أن يحتجب النساء لا سيما أمهات المؤمنين، وكان يقول: قد عرفناك يا سودة إذا أرادت الخروج، من أجل أن ينزل في هذا الأمر شيء يحد من خروج النساء، فنزل الحجاب، وجاء الأمر بالقرار، {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] بعد ذلك توسع الناس، وصاروا يقضون حوائجهم في بيوتهم، وأما في السابق فكانوا يخرجون إلى الأماكن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا أراد المذهب أبعد، وهذا عند إرادة الغائط، أما عند إرادة البول فلا يحتاج أن يبعد، نعم لا يبول في طريق الناس ولا في ظلهم ولا في مواردهم، يأتي إلى زاوية كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث حذيفة

أتى إلى سباطة قوم فقال لحذيفة: ((ادنه)) فدنا، فبال قائماً -عليه الصلاة والسلام-، هذا في الكتب السبعة، رواه الجماعة، المقصود أن هذه هي حالتهم وديدنهم وطريقتهم. ((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول)) يحرم أن يستقبل الإنسان القبلة إذا أراد قضاء الحاجة لا بالغائط ولا بالبول، ((فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها)) لا تجعل القبلة تلقاء وجهك، ولا خلف ظهرك وأنت تقضي الحاجة، وهذا ظاهر في الصحاري، والسياق يدل عليه. ((ولكن شرقوا أو غربوا)) الجهة محترمة، ((ولكن شرقوا أو غربوا)) هذا خطاب لأهل المدينة، ومن كان على سمت المدينة، إذا اتجه إلى جهة المشرق أو إلى جهة المغرب، إن اتجه إلى جهة المشرق فالقبلة عن يمينه، وإذا اتجه إلى جهة المغرب فالقبلة عن يساره، لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها، هذا من كان على جهة وسمت المدينة ممن كان شمال مكة، وفي حكمهم من كان على الجهة المقابلة الجنوبية، جنوب الكعبة يُشرّق ويُغرب، لكن من كان في شرق الكعبة كنجد مثلاً، أو غرب الكعبة كمصر هل يقال: شرقوا أو غربوا؟ لا، لا يقال لهم: شرقوا أو غربوا؛ لأن نجد إن غربوا استقبلوا الكعبة، إن شرقوا استدبروها، أهل مصر إن غربوا استدبروا الكعبة، إن شرقوا استقبلوها وهكذا، فالخطاب لأهل المدينة ومن كان على سمتهم. ((ولكن شرقوا أو غربوا)) نعم الخطاب قد يأتي وهو الأصل عام للأمة كلها، وبالنسبة عموم الحديث: ((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها)) هذه قاعدة عامة للأمة كلها، نعم توجيه نبوي لأهل المدينة لأن يشرقوا أو يغربوا، وكل يفهم المقصود من التشريق والتغريب؛ لئلا يستقبل القبلة أو يستدبرها، فالنهي العام لا تستقبلوا ولا تستدبروا يشمل الجميع، فيقاس على أهل المدينة بالتشريق والتغريب من كان على سمتها، ومن كان في الجهة المقابلة لها. الجهات الأخرى مقتضى النظر في الحديث يقتضي، لكن أجنبوا أو أشملوا؛ لأن العلة معروفة، الأمر بالتشريق والتغريب بالنسبة لأهل المدينة لئلا يستقبلوا القبلة، فمقتضى هذا الأمر أن لا تستقبل القبلة ولا تستدبر، وكل يصنع ما يحقق امتثال هذا الأمر في بلده، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه ممكن ما بين المشرق والمغرب قبلة، يقول عبد الله بن المبارك: لأهل المشرق، يعني لمن كانت جهته المغرب ... ، لمن كانت جهته إلى إيش؟ إذا قلنا: بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق اللي ما هم المشرق اللي هم أهل نجد والخليج لا، اللي أهل المشرق اللي هم خراسان وشمال العراق، هذا كلام ابن المبارك فتكون قبلتهم كذا، على كل حال هذا دليل على أن .. ، وسيأتي هذا الحديث -إن شاء الله-، هذا دليل على أن المقصود الجهة وليس المقصود عين الكعبة؛ لأنه يستحيل. ((فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا)) اتقاءً للاستقبال والاستدبار. "قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة" يعني جهة الكعبة، فننحرف عنها يميناً أو شمالاً، ونستغفر الله -عز وجل-.

فعلى من دخل مرحاضاً بني تجاه الكعبة أو يستدبر فيه الكعبة أن ينحرف يمنياً أو شمالاً بما يحقق امتثال: لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، وهذا الحديث خصه بعضهم في الصحاري دون البنيان، أما البنيان لا يدخل، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يقبض بعام كما في حديث عبد الله بن عمر أنه رقي على بيت أخته حفصة فوجد النبي -عليه الصلاة والسلام- يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة، منهم من يقول: هذا في البنيان وذاك في الصحاري، وهذا قول له وجه، أقوى من قول إن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، منهم من يقول: إن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- والأمر يتجه إلى عموم الأمة، "لا تستقبلوا ... ولا تستدبروا" هذا للجميع، وكونه -عليه الصلاة والسلام- قضى حاجته مستدبر الكعبة هذا خاص به، نقول: التخصيص يحتاج إلى دليل، وأمر آخر وهو أن التخصيص قد يسلك للجمع بين النصوص، لكن لا بد من ملاحظة المعنى، هل استقبال القبلة واستدبار القبلة بالبول والغائط أكمل أو تركه أكمل؟ نعم؟ يعني ترك الاستقبال والاستدبار من تعظيم شعائر الله -عز وجل-، تعظيم الكعبة المعظمة عند الله -عز وجل-، فعدم الاستقبال والاستدبار أكمل من الاستقبال والاستدبار، فكيف نقول: إن الأمة يطلب منها ما هو أكمل مما يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ يلاحظ هذا وإلا ما يلاحظ؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعيد، واضح وإلا مو بواضح؟ طالب:. . . . . . . . .

نقول: الاستقبال والاستدبار من باب تعظيم هذه الجهة التي فيها بيت الله -عز وجل-، وتعظيم هذا البيت من تعظيم شعائر الله -عز وجل-، وتعظيمها من تقوى القلوب، فهو أكمل من عدمه، فكيف نقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- له أن يفعل ما هو خلاف الأكمل والأمة ممنوعة من أن تفعل خلاف الأكمل؟ كل كمال يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، فالقول بأن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا وجه له، أوجه منه أن يقال: هذا خاص بالبنيان، ويبقى النهي في الصحاري، ومنهم من قال: فعله -عليه الصلاة والسلام- ناسخ للاستدبار خلاف الاستقبال؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قضى حاجته مستدبر الكعبة مستقبل الشام، والقول بالنسخ يحتاج إلى دليل، نعم معروف المتأخر من المتقدم، لكن إذا أمكن الجمع بين النصوص والعمل بالنصوص كلها أولى من القول بالنسخ؛ لأنه تعطيل لبعض النصوص، القول بالنسخ تعطيل لبعض النصوص، فأولى ما يقال: إن هذا خاص بالبنيان، ويبقى النهي عن الاستقبال الاستدبار في الصحاري، ومع ذلكم ما فعله أبو أيوب أحوط. ماذا يقول؟ "قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها" ننحرف عنها يميناً أو شمالاً "ونستغفر الله -عز وجل-" اعتراف بأن هذه المراحيض التي بنيت على غير هدى، وإن كانت في البنيان، فينبغي أن تعظم الكعبة، لكن لا يأثم من استقبل واستدبر في البنيان، ومع ذلكم الأكمل أن لا تكون تجاه الكعبة؛ لأن من أهل العلم من يرى الطرد أنه لا يجوز الاستقبال والاستدبار حتى في البنيان، نعم. وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: "رقيت يوماً على بيت حفصة فرأيت النبي - -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته مستقبل الشام, مستدبر الكعبة". هذا الحديث حديث ابن عمر الذي أشرنا إليه في شرح الحديث السابق وقلنا: إنه محمول على البنيان، نعم. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء, فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء". والعنزة: الحربة الصغيرة. والإداوة؟ إناء صغير من جلد، ما عندك؟ ما روجع بعد الطبع. طالب:. . . . . . . . . إيه لا.

حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء, يعني لقضاء حاجته فأحمل أنا وغلام، أحمل أنا وغلام، نعم أنس غلام يحمل هو وغلام نحوه من الغلام هذا؟ نعم عبد الله بن مسعود، لكن هل هو غلام أو ليس بغلام؟ ابن مسعود في ذلك الوقت غلام وإلا ليس بغلام؟ طالب:. . . . . . . . . ابن مسعود، ابن معسود، أنس صغير صحيح، لكن قوله: "نحو" يعني أنس من أسنان ابن مسعود أو قريب في السن؟ ابن مسعود أكبر بكثير. طالب:. . . . . . . . . لا، لا هو ابن مسعود ما في إشكال، هو ابن مسعود -رضي الله عنه-، أما قوله: "نحوي" هو غلام باعتبار ما كان، وباعتبار أن الخدمة كانت من شأن الغلمان أطلق عليه الغلمان من هذه الحيثية، وقوله: "نحوي" يعني ليس في السن نحوي في السن، إنما نحوي في الخدمة وإلا ابن مسعود أكبر من أنس يمكن بثلاثين سنة يمكن، كبير ابن مسعود -رضي الله عنه-. "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام" أنا هذه ما فائدتها؟ الضمير هذا؟ إعراب الضمير "فأحمل أنا وغلام" ولما جيء به؟ نعم؟ فأحمل أنا وغلام، نعم، يقولون: الفائدة لمجيء بالضمير هنا فأحمل أنا وغلام، لماذا ما قال: فأحمل وغلام؟ والفاعل ضمير مستتر في أحمل؟ طالب:. . . . . . . . . لا، المسألة لغوية ما يحتاج، لا بد من الإتيان بهذا الضمير، لا بد من الإتيان به، لا بد من الفاصل هنا؛ لأنه لا يجوز العطف على الضمير المرفوع إلا مع وجود الفاصل. وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل لا بد، فافصل بالضمير المنفصل أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... فالنظم فاشياً وضعفه اعتقد فلا بد من الإتيان بضمير الفصل في مثل هذا. "فأحمل أنا وغلام نحوي" في الخدمة لا في السن "معي إداوة" الإداوة إناء صغير من جلد، كما قال المؤلف -رحمه الله- "إداوة من ماء" (من) هذه يقولون: بيانية، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [(30) سورة الحج] فمن هذه بيانية.

"إداوة من ماء وعنزة" العنزة: هي الحربة الصغيرة تغرس في الأرض، ويلقى عليها ثوب يستتر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويستتر بها في الصلاة العنزة، وليس المراد بها .. ، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى عنزة، يعني سترة، ليس المراد بها القبيلة، كما قال بعضهم، شخص عنزي قال: نحن قوم لنا شرف صلى إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إن كان صلى إليكم أيضاً بال إليكم، نعم، لا، لا ليس المراد هذا، هذا جهل، إن لم يكن عاد على سبيل .. ، قالها على سبيل الطرفة وإلا ما يمكن، بعضهم قال: عنزة المراد بها العنز الحيوان المعروف، ورواه بعضهم بالمعنى وصحّف وقال .. ، أولاً صحف فقال: عنزة، سكن النون، ثم رأى أن يري ذلك بالمعنى فقال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى شاه، والمراد بها الحربة الصغيرة، يصلي إليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتلقى بين يديه ليقضي حاجته أمامها، ليستتر بما يلقى عليها من ثوب ونحوه. "فأحمل أنا وغلام نحوي إدواة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء" يستنجي بالماء، فالاستنجاء بالماء مجزئ إجماعاً، وإن وجد من يخالف في الصدر الأول، وجد خلاف وأن الماء لا يجزئ، وأنه .. ، بل لا يجوز الاستنجاء به؛ لأنه من النعم الذي يجب احترامها، لكن مثل هذا الحديث يرد مثل هذا الكلام، فالاستنجاء بالماء هو الأصل، وهو الذي يقطع أثر الخارج بالكلية، أما الاستجمار بالحجارة فيخفف، لكن ما يقطعه بالكلية، كما تقدم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، ليس بوارد، لا ما يلزم، هذا ليس بلازم، النبي -عليه الصلاة والسلام- استنجى بالماء فقط، واستجمر بالحجارة فقط. جاء في حديث فيه مقال أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ذهب إلى أهل قباء، وذكر أن الله أثنى عليهم، وأنهم يحبون أن يتطهروا، فسألهم لماذا؟ قالوا: إنا نتبع الحجارة الماء، لكن الخبر ضعيف، فثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه استنجى بالماء فقط، وثبت عنه أنه استجمر بالحجارة فقط، وأما الجمع بينهما فلم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . لا، ضعيفة، ضعيفة، القصة ضعيفة، نعم.

جاء من حديث عائشة قالت لنساء المسلمين: "مروا أزواجكم أن يتبعوا الحجارة الماء فإني أستحيهم" لكن هذا من فهمها -رضي الله عنها-، أما من فعله -عليه الصلاة والسلام- استنجى بالماء فقط، واستجمر بالحجارة فقط، فمن أراد أن يخفف فاستعمل مناديل وشبهها؛ لئلا يباشر النجاسة المغلظة بيده، ثم يتبع ذلك الماء من غير تعبد بهذا لا بأس، أما الثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- فهو ما ذكرنا، نعم. وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)). عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه-: أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا يمسن)) أو ((لا يمسكن)) ((لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول)) وهذا داخل فيما تقدم من أن اليمين تكون للأعمال الشريفة، بخلاف الشمال فهي لما يستقبح، فنهي الإنسان أن يمس ذكره بيمينه حال البول، هل مفهوم هذا أنه له أن يمس ذكره بيمينه في غير حالة البول، بمعنى وهو يبول حال، والحال أنه يبول ((ولا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول)) مفهوم هذا أنه له أن يمس ذكره بيمينه في غير حال البول، فيكون النهي خاص بحال البول، لكن مع ذلكم الأصول العامة والأدلة التي تقدم شيء منها تدل على أنه لا يمس ذكره بيمينه مطلقاً؛ لأن هذا مما يستقذر ويستقبح، فلو احتاج إلى أن يمس ذكره استعمل الشمال، ويستوي في ذلك الفرجان القبل والدبر، لهما من اليدين الشمال، وأما اليمين فينبغي أن تكرم عن مثل هذا. ((ولا يتمسح من الخلاء بيمينه)) بل يستعمل في ذلك يده الشمال؛ لأن اليمين ينبغي أن تحترم، فتستعمل فيما يحمد وفيما يمدح، في الأمور الشريفة لا الأمور الوضيعة.

((ولا يتنفس في الإناء)) النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا شرب شرب ثلاثاً، يتنفس خارج الإناء؛ لئلا يخرج منه شيء مما يستقذر، وكذلكم النفس له رائحة كريهة، ويحتمل أن يصاحب هذه الرائحة أمور تخفى على الناس، أثبت الطب أن هناك جراثيم لا تدرك بالعين المجردة، تخرج من الإنسان مع النفس فكونه يتنفس خارج الإناء هذا هو المطلوب، والتنفس في الإناء مكروه كراهية شديدة عند أهل العلم؛ لما ثبت فيه من النهي؛ لأنه يقذره، إما على نفسه إن أراد معاودة الشرب، أو على غيره ممن ينتظره ممن يريد الشرب بعده، نعم. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين فقال: ((إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستتر من البول, وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة)) فأخذ جريدة رطبة, فشقها نصفين, فغرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله, لم فعلت هذا؟ قال: ((لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين" ابن عباس يحكي هذه القصة من فعله -عليه الصلاة والسلام- "بقبرين فقال: ((إنهما ليعذبان)) " أطلع النبي -عليه الصلاة والسلام- على حقيقة حالهما وأنهما يعذبان، وأما من عداه -عليه الصلاة والسلام-، لا يدري أحد صاحب القبر هذا منعم أو معذب؟ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما مر بهذين القبرين أطلع على ما في داخلهما من العذاب. ((إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبير)) وما يعذبان في كبير يعني في نظر الناس؛ لأن الناس يتساهلون في هذا الأمر، ((وما يعذبان في كبير)) يعني على حد زعم الناس ومزاولتهم لهما، فالناس يزاولون هذين الأمرين بينهم من غير نكير في الغالب استخفافاً بهما، مما يدل على أنهما صغيران في نظر الناس، ولذا قال في بعض الروايات: ((وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير)) والنميمة من عظائم الأمور، والنمام يفسد في ساعة ما لا يفسده الساحر.

((أما أحدهما: فكان لا يستتر من البول)) لا يستتر، وفي رواية: ((لا يستبرئ)) وفي رواية: ((لا يستنزه من البول)) فدل على أنه لا يحتاط لنفسه فيغسل النجاسات من بدنه أو ثوبه، أو ما يحتاج إليه، لا يجعل بينه وبين هذه النجاسات سترة، ساتر وحاجز، فدل على أنه يباشر النجاسة، لا يستتر من بوله، من البول، وفي رواية: ((من بوله)) وفي هذا رد على من حمل الحديث على عمومه، لا يستتر من البول، واستدل بهذا الحديث على أن البول نجس بإطلاق، ويدخل فيه بول مأكول اللحم، الشافعية يستدلون بهذا على أن بول مأكول اللحم كالإبل والبقر والغنم كله نجس؛ لأن هذا عذب؛ لأنه لا يستتر من البول، والبول مقترن بـ (أل)، و (أل) هذه عندهم جنسية فتشمل جميع الأبوال، لكن الرواية الأخرى تدل على أن هذه عوض الضمير، فكان لا يستبرئ أو لا يستنزه من بوله، فدل على أنه بول آدمي، وبول الآدمي نجس بالإجماع، وليس في هذا ما يستدل به لنجاسة أبوال مأكول اللحم، بل دل الدليل على أنها طاهرة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر العرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها، فدل على أنها طاهرة، طاف النبي -عليه الصلاة والسلام- على بعير ولا يؤمن أن يبول البعير في المطاف، فدل على طهارة بوله. المقصود أنه لا يمكن حمل الحديث على عمومه بما ذكرنا، فمجانبة النجاسات واجبة، وهذا عُذب؛ لأنه لا يستنزه من بوله، ولا يستبرئ البراءة التامة من بوله، فدل على أن الاستبراء من البول واجب، بل كبيرة، عدم الاستبراء من البول كبيرة، كيف يتقرب بجسد نجس؟ ((وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة)) النميمة نقل الكلام بقصد الإفساد، فالذي ينقل الكلام بقصد الإفساد نمام، ولا يدخل الجنة نمام قتات، نسأل الله العافية، قصده أن يفسد بين الناس، قصده أن يوغر الصدور على الأخيار، أو حتى على عموم الناس، لكن من ينقل أقوال الأخيار ليوغر صدور الناس لا سيما من بيده ضرر، وإن كان النافع والضار هو الله -عز وجل-، لكن بعض الناس مكنهم الله -جل وعلا- من بعض، فمن ينقل كلام الناس من أجل الضرر هذا نمام.

كتاب الطهارة (3)

عمدة الأحكام كتاب الطهارة (3) باب السواك - باب المسح على الخفين - باب في المذي وغيره - باب الجنابة الشيخ: عبد الكريم الخضير فمن ينقل كلام الناس من أجل الضرر هذا نمام، نعم إن كان قصده الإصلاح، سمع كلام من شخص أو عرف من حال شخص أنه يريد أن يرتكب ما يضر بالآخرين هذا لا كرامة يخبر عنه، كم موقف قال الصحابة: لأخبرن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا فيما يخشى منه ضرر متعدي، لكن شخص لا ضرر منه متعدي، ولا يخاف منه، ينقل الكلام من أجل أن توغر الصدور عليه، ويناله من الضرر ما يناله، هذا يدخل في الحديث دخولاً أولياً، فيتقي الله المسلم في أن يلحق الضرر بالآخرين، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا يجوز له النقل حتى. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . نعم يدخل، إلا إذا ترتب على ذلك مصلحة راجحة فلا مانع؛ لأن المصالح تقدر بقدرها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، لكن إذا كانت المفسدة مغمورة بالنسبة للمصلحة التي يحققها مثل هذا النقل هذا مطلوب، وعرفنا من المواقف قال الصحابة لبعضهم: لأخبرن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. . . . . . . . .، إما أن ينقل كلام بعض الناس وقد تسلط بعض السفهاء حتى على خيار الناس ينقلون كلامهم من أجل أن يوغروا بهم صدور من بيده الأمر من الحكام وغيرهم، هذه جريمة نسأل الله العافية. نعم إذا كان هناك ضرر متعدي يخشى من هذا الشخص لا كرامة له ينقل كلامه، ويحذر منه، لكن إذا كان ما هناك ضرر منه، فلا يجوز نقل كلامه، وهو داخل في النميمة، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينقل إليه الكلام ليخرج سالم الصدر لأصحابه، وهكذا ينبغي أن يتخذ موقف صارم من الذين يتكلمون في أعراض الناس، أو ينمون، ينقلون كلامهم من أجل الإفساد، الدفاع عن أعراض المسلمين فرض متحتم، فأعراض المسلمين حفرة من حفار النار كما يقول ابن دقيق العيد: "وقف على شفيرها العلماء والحكام" يعني لكثرة من يقع في أعراض العلماء، لكثرة من يقع في أعراض الحكام، وقفوا على شفير هذه الحفرة يدفعون من يقع في أعراضهم فيها، حفرة من حفر النار نسأل الله السلامة والعافية.

((وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)) والنميمة عرفنا أنها نقل الكلام من أجل الإفساد، فأخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- جريدة رطبة، وهذا نوع من أنواع الشفاعة منه -عليه الصلاة والسلام-، فشقها نصفين، رطبة، وكونها رطبة لما جاء في بعض الأخبار أن الرطب يسبح بخلاف اليابس، والتسبيح يخفف، فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة، استغرب الصحابة فقالوا: يا رسول الله لما فعلت هذا؟ فقال: ((لعله))، لعله هذا رجاء منه -عليه الصلاة والسلام- ((يخفف عنهما ما لم ييبسا)) وهذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، ليس لأحد من بعده أن يأتي إلى قبور فيغرس فيها مثل ما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه ما يدريك أنه يعذب؟ وما يدريك أنه يخفف عنه بسبب صنيعك؟ وقد يقترن هذا الفعل بتزكية النفس، لكن من يستحق أن يفعل هذا الفعل كالنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا، هذا ما فعله خيار الأمة، نعم أثر عن بعض الصحابة، لكن ما فعله الكبار كأبي بكر وعمر والتابعين لهم بإحسان ما فعلوا هذا، اجتهد بعضهم وفعل لكن هو اجتهاد في غير محله، فهذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي أطلع على حقيقة ما في هذه القبور، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الجريدة العسيب، عسيب النخل، العصا حق النخل هذا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ((الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)) وجاءت: ((غفرانك)) صحيح، إذا خرج من الخلاء قال: ((غفرانك)) هذا صحيح في الصحيح، ((الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)) كل هذا صحيح، يحمد الله -جل وعلا- أن يسر له إخراج هذا الأذى الذي لو بقي في جسده لتسمم وضره، ويستغفر من فعله خلاف الأولى، هو ما فعل محظور، لكن هو فعل خلاف الأولى حيث ترك الذكر في هذه المدة اليسيرة التي قضى فيها حاجته، فدل على أن الإنسان ينبغي له أن يلزم الذكر، إذا ترك الذكر في هذا الظرف يستغفر؛ لأنه ترك الذكر، ترك ما أمر به، فيستدرك ما فاته في هذه المدة، نعم. باب السواك عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)).

نعم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) وفي رواية علقها البخاري: ((عند كل وضوء))، فالسواك: هو استعمال ما يزيل الأوساخ التي على الأسنان من عود رطب ونحوه هذا سنة مؤكدة، ولولا ما خشيه النبي -عليه الصلاة والسلام- من المشقة على أمته، وهو بهم رؤوف رحيم -عليه الصلاة والسلام-، شفيق على أمته، بُعث ميسراً بالحنيفية السمحة، فلولا هذه المشقة المترتبة على الأمر الذي هو على جهة الوجوب لأمرهم أمر وجوب، فالأمر أمر استحباب موجود، ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم)) يعني أمر وجوب أما أمر الاستحباب فهو ثابت، فالسواك مستحب. ((لولا أن أشق)) (لولا) حرف امتناع لوجود، امتنع الأمر أمر إيجاد السواك لوجود المشقة، جاء الحث على السواك، والحض عليه، وبيان أنه مطهرة للفم، مرضاة للرب، أمر الاستحباب موجود، وفعله -عليه الصلاة والسلام- يدل على أنه مستحب، وسياق الحديث يدل على أنه مستحب، والأمر المنفي هو أمر الوجوب، وهذا الحديث من أقوى الأدلة على أن الأمر الأصل فيه الوجوب، فمثل هذا الحديث، ((لأمرتهم)) انتفى الأمر، والمراد به أمر الوجوب، إضافة إلى قوله -جل وعلا-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(63) سورة النور] فرتب العقوبة على مخالفة الأمر فدل على أن الأمر الأصل فيه الوجوب. ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) السواك يطلق على الآلة التي يستاك بها من عود ونحوه، ويطلق أيضاً على الفعل الذي هو التسوك، وجمع السواك؟ هاه؟ سُوُك، جمع السواك سُوُك، بعض الناس يقولون: مساويك، المساويك هذه .. ، مساويك تقابلك محاسنك، لا، جمع السواك سُوُك، كتاب: كتب، نعم كتاب جمعه: كتب، سواك جمعه سُوُك، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أفعلة هذه جمع قلة.

((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) ((عند كل صلاة)) العموم يقتضي استحباب السواك عند جميع الصلوات المفروضة والنوافل، الصلاة العادية ذات الركوع والسجود، صلاة الكسوف، صلاة الاستسقاء، صلاة العيد، صلاة الجنازة وغيرها يؤمر بالسواك. وجاء في الحديث الذي صححه بعضهم وهو لا يصل إلى درجة الصحيح أن الصلاة بالسواك عن سبعين صلاة، الصلاة بالسواك عن سبعين صلاة، وكثير من الناس يفرط في هذا، أمر الاستحباب ثابت، ((عند كل صلاة)) يعني في جميع الأوقات، بما في ذلك صلاة الظهر والعصر بالنسبة للصائم، أما كراهية السواك للصائم بعد الزوال فالخبر فيه ضعيف جداً، وهذا الحديث وما جاء في معناه من كونه -عليه الصلاة والسلام- كان يستاك وهو صائم، يدل على أن السواك لا يمنع في أي وقت من الأوقات، وما يقوله من يمنع السواك للصائم بعد الزوال وأنه يذهب الخلوف الذي هو عند الله أطيب من ريح المسك لا قيمة له؛ لأن الخلوف لا ينبعث من الفم، ينبعث من المعدة، ولا ينبعث من الفم، فالسواك لا يزيل هذا الأثر الطيب المحمود شرعاً، وما جاء في ذلك من الخبر فهو ضعيف، فالسواك مستحب عند كل صلاة، وعند كل وضوء كما علقه البخاري -رحمه الله- بصيغة الجزم. يستحب أيضاً السواك عند تغير الفم، وعند قراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند طول السكوت، في مواضع كثيرة ذكرها أهل العلم، بعضها لها ما يدل عليه بخصوصها، وبعضها بالقياس، نعم. من نظر إلى العلة قال: يثبت فضل السواك بكل ما يزيل الأوساخ من خرقة أو منديل أو أصبع خشنة، والذي نظر إلى اللفظ قال: السواك لا ينصرف إلا إلى العود الذي يتسوك به، لكن من نظر إلى العلة ولم يكن في حضرته سواك في ذلك الوقت واحتاج أن يستعمل أصبعه للإزالة يحصل له -إن شاء الله- الأجر، نعم. وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك". يشوص معناه: يغسل، يقال: شاصه يشوصه، وماصه يموصه إذا غسله.

"عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وكان في الأصل تدل على الاستمرار هذا الأصل "إذا قام من الليل" يعني من نوم الليل، والنائم لا شك أنه يتغير الفم، تتغير رائحة الفم من طول السكوت وإطباق الشفتين، ولما يتصاعد من الأبخرة من المعدة، تتغير رائحته، ووتراكم الأوساخ على أسنانه من جراء ما ذُكر، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا قام من الليل يشوص، يشوص يعني يدلك ويغسل، غسل كل شيء بحسبه، "يشوص فاه بالسواك" يعني يدلك فاه بالسواك، وغسل الفم يكون بدلكه بالسواك، وإذا كان مع الوضوء فهو أكمل، ولذا جاء الأمر بالسواك، أمر استحباب مع كل وضوء على ما ذكرناه، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا مسندته إلى صدري, ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصره فأخذت السواك فقضمته فطيبته, ثم دفعته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستن به، فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استن استناناً أحسن منه, فما عدا أن فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: رفع يده أو إصبعه ثم قال: ((في الرفيق الأعلى)) ثلاثاً، ثم قضى، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي. وفي لفظ: "فرأيته ينظر إليه, وعرفت أنه يحب السواك فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم. هذا لفظ البخاري ولمسلم نحوه. عائشة -رضي الله عنها- تذكر أنه -عليه الصلاة والسلام- في آخر عمره -عليه الصلاة والسلام-، بل في آخر لحظاته يحرص على هذه السنة العظيمة التي هي الاستياك. قالت: "دخل عبد الرحمن بن أبي بكر" تعني أخاها "على النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنا مسندته إلى صدري" لأنه -عليه الصلاة والسلام- في آخر أيامه لا يثبت بنفسه لما فيه من مرض، كان -عليه الصلاة والسلام- يوعك ويشتد به الألم كما يوعك الرجلان منكم، يعني ضُعف عليه المرض والألم، يقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: ذلك أن لك أجرين؟ قال: ((أجل)) اللهم صل على محمد.

وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، يعني يستاك به، سواك رطب يستاك به -رضي الله عنه وأرضاه-، "فأبده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصره" حدد إليه النظر، وعرفت عائشة ماذا يريد؟ من اشتغل بخدمة إنسان عرف ما يحبه ذلك الإنسان وما يكرهه، وإلا الذي لم يشتغل بالخدمة، ولم يلتصق بالمرء لا يعرف ما يريد بمجرد نظر، فهي عرفت من خلال المعاشرة والمخالطة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يحب السواك، فأخذت السواك فقضمته ونفضته وطيبته، قضمته لينته للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ويحتمل أنها قضمته لتقطع القسم الذي استاك به أخوها، المقصود أنه محتمل، ومعلوم أن سؤر الآدمي طاهر، نعم قد يستقذر، لكن يحتمل أنها قضمته يعني قطعت منه الجزء الذي استعمله أخوها.

فقضمته فطيبته, بما تطيب رائحته، ثم دفعته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فاستن به، أعطته إياه، استن به يعني استاك به، "فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استن استناناً أحسن منه" -عليه الصلاة والسلام-، حرصاً على هذه السنة، والموفق لا يفرط بشيء من السنن حتى في أحلك الظروف والأحوال، وكثير من الناس يشاهدونه في الأوقات التي تضيق بالنسبة له، يهدر كثير من الواجبات فضلاً عن السنن، يتخفف من الواجبات لأدنى سبب، ويعذر نفسه بأدنى عذر عن الواجبات يتخفف، يقول: الله غفور رحيم، لأدنى عذر، يصاب بزكام فيترك الصلاة مع الجماعة، وعكة خفيفة يترك الصلاة، يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، يقول: الله غفور رحيم، نعم الله غفور رحيم، رحمته وسعت كل شيء، كتبها لمن؟ {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا} [(156) سورة الأعراف] لمن؟ للمفرطين الذين يزاولون المنكرات؟! ويعتمدون على سعة رحمة الله؟! لا، هو غفور رحيم كما أخبر عن نفسه -جل وعلا-، لكنه مع ذلكم شديد العقاب، والله -سبحانه وتعالى- يغار، ولذا حدت الحدود، يزني الزاني ويقول: الله غفور رحيم، ويسرق السارق ويقول: الله غفور رحيم، رحمة الله -جل وعلا- لا تحد، وسعت كل شيء، لكن مع ذلكم هناك مع هذا الوعد وعيد، وعلى المسلم أن ينظر إلى النصوص مجتمعة، لا ينظر إلى الوعد فقط، فيصاب باليأس والقنوط، ويسلك مسالك الخوارج، ولا ينظر إلى نصوص الوعد معرضاً عن نصوص الوعيد فيسلك مسلك الإرجاء وينسلخ من الدين وهو لا يشعر، لا، على الإنسان أن يتوسط في أموره، كما هو مذهب أهل الحق، أهل السنة والجماعة، النبي -صلى الله عليه وسلم- ما فرط في هذه السنة، رغم ما يكابده من آلام وأوجاع، ومن عرف الله، وتعرف على الله في الرخاء عرفه في الشدة، من أراد أن ينظر الشاهد على ذلك -الشواهد الحية على ذلك- يزور المرضى في المستشفيات، لا سيما من كانت أمراضهم شديدة مقلقة، بل ينظر إلى أماكن العناية، وينظر الفروق، دخلنا المستشفى مرة فإذا بشخص أكثر من ثمانين عمره، في آخر لحظاته على لسانه اللعن والسب والشتم، لا يفتر عن ذلك، كبير السن في آخر لحظاته، أين أنت؟ الله يفعل ويترك، يلعن باللعن الصريح،

وخرجنا من عنده وهو على هذه الحالة؛ لأنه عاش أيام الرخاء على هذه الحالة، وشخص بل أشخاص في العناية لا يعرف الزائرين ويُسمع القرآن منه ظاهر، يرتل القرآن ترتيلاً، وهو لا يعرف من حوله، مغمىً عليه، وكم من شخص في حال إغماء فإذا جاء وقت الأذان أذن، أذان واضح وظاهر، يسمع منه، وكم من شخص يلازم الذكر وهو في العناية، وترى علامات الذكر على وجهه، وقدم تجد، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، أما لأدنى سبب تعذر نفسك وتترك الواجبات فضلاً عن المستحبات، هذا في النهاية ما تجد شيء، ما تعان، كثير من طلاب العلم مع الأسف الشديد ليس لهم نصيب كما ينبغي من كتاب الله -عز وجل-، فإذا ذهب إلى الأماكن الفاضلة في الأوقات المفضلة في العشر الأواخر من رمضان في مكة يتفرغ للعبادة فيجلس من صلاة العصر إلى أذان المغرب يتعرض لنفحات الله في ذلك الوقت، يفتح المصحف لكن ليس له رصيد سابق طول عمره، يريد أن يستغل هذه الأيام، هل يعان على قراءة القرآن؟ ما يعان، ما يعان أبداً، هذا شاهد وحاضر، يعني موجود الشواهد، تجد شخص من خيار الناس يفتح المصحف بعد صلاة العصر بخمس دقائق ثم يغلق المصحف يمل، يتلفت يمين شمال لعله يشوف أحداً يقضي معه بعض الوقت ينفس عنه، في كربة ينفس عنك؟! لكن رأينا من ينظر في الساعة كيف تمشي بسرعة قبل أن يكمل ما حدده من التلاوة، حزبه الذي اعتاده، بعض الناس يقول: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) الحج أربعة أيام، يقول: لو الإنسان يخيط الشفتين خياطة ما عليه. . . . . . . . . لو سكت أربعة أيام؟ لكن هل يعان على السكوت وهو طول أيامه أيام الرخاء قيل وقال، والله ما يعان الإنسان، فعلى الإنسان أن يتعرف على الله -جل وعلا- في الرخاء ليُعرف في مثل هذه اللحظات، كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] في العناية شخص يلعن ويسب ويشتم وشخص يقرأ القرآن، يعني الله -جل وعلا- ظلم هذا ولطف بهذا؟ هذا ما قدم، وهذا ما قدم، والنتيجة أمامك، النبي -عليه الصلاة والسلام- يكابد من المرض ما يكابد، ويحرص على تطبيق السنة -عليه الصلاة والسلام-.

"فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استن استناناً أحسن منه، فما عدا أن فرغ" مجرد ما فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "رفع يده أو إصبعه، ثم قال: ((في الرفيق الأعلى)) ثلاثاً، ثم قضى -عليه الصلاة والسلام-" مات، خرجت روحه الشريفة إلى باريها "وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي". الوهدة المنخفضة بين الترقوتين، والذقن معروف مكان اللحية. "مات بين سحري ونحري" وهذا من مناقبها -رضي الله عنها-. وفي لفظ: "فرأيته ينظر إليه, وعرفت أنه يحب السواك فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم" -عليه الصلاة والسلام-، "هذا لفظ البخاري ولمسلم نحوه". فعلينا أن نحرص أشد الحرص على الواجبات، وما تقرب أحد إلى الله بأفضل مما افترض عليه، ويحرص أيضاً على تطبيق السنن في الرخاء ليمكن منها في الشدة وليألفها وليتجاوز مرحلة الاختبار إلى مرحلة التلذذ بالطاعة والعبادة، يكون له نصيب من الذكر، من التلاوة، من الانكسار بين يدي الله -عز وجل-، ليعرف إذا احتاج فيما بعد، ليكتب له هذا العمل إذا مرض وعجز عنه، يستمر له هذا العمل، الحديث الأخير. عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يستاك بسواك رطب، قال: وطرف السواك على لسانه وهو يقول: أع، أع, والسواك في فيه كأنه يتهوع". حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يستاك بسواك رطب" يعني في كيفية الاستياك، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن في سواكه، وعرفنا أن المراد به أنه يبدأ بشقه الأيمن وليس معناه أنه يستاك بيده اليمنى. يستاك بسواك رطب, قال: وطرف السواك على لسانه، يستاك بالنسبة للأسنان عرضاً، العرض من اليمين إلى الشمال، وبالنسبة إلى اللسان طول من طرفه إلى آخره، وهو على لسانه وهو يقول: أع، أع، ولا يمكن أن يصدر مثل هذا إلا إذا وصل السواك إلى آخر اللسان، كأنه يتهوع، كأنه يريد أن يتقيأ، ولا يمكن أن يصل إلى مثل هذا المستوى إلا إذا كان السواك قد وصل إلى آخر اللسان، نعم. باب المسح على الخفين:

عن المغيرة بن شعبة قال: "كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر, فأهويت لأنزع خفيه, فقال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) فمسح عليهما". وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: "كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فبال فتوضأ ومسح على خفيه" مختصَراً. باب المسح على الخفين: والمسح مقابل الغسل، ولذا شروط الوضوء والأعضاء المفروض تطهيرها ورفع الحدث عنها منها ما يجب غسله بحيث يتردد الماء على العضو، ومنها ما يكفي فيه المسح، مما يجب غسله الوجه واليدين والرجلين، ويكفي في الرأس المسح، والرجل إذا كانت مكشوفة يجب غسلها، وسبق حديث: ((ويل للأعقاب من النار)) وجاء في الحديث: ((أسبغوا الوضوء)) وإسباغ الوضوء على المكاره، لكن من باب التخفيف يمسح ما يغطي القدم رفعاً للمشقة، وتيسيراً على الأمة، فإذا كان على القدم مما يستر المحل المفروض ما يغطيه من خف أو جورب فإنه يمسح، وقد ثبت المسح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من طريق سبعين صحابياً، فهو متواتر، المسح على الخفين متواتر، ولا ينكره إلا مبتدع، ولذا يدخل أهل العلم مسألة المسح على الخفين في كتب العقائد؛ لأنه متواتر، ومنكر المتواتر معلوم أمره على خطر عظيم؛ لأنه مفيد للعلم القطعي.

فثبت عن أكثر من سبعين صحابياً أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على خفه، من ذلكم حديث المغيرة، المغيرة بن شعبة قال: "كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر" سفر غزوة تبوك، "فأهويت لأنزع خفيه" أهوى وهوى إذا انحط من علو إلى سفل، ولذا جاء في الحديث الصحيح: وكان لا يرفع يديه إذا هوى للسجود، فأهوى المغيرة، نزل من علو إلى سفل، من أجل أن ينزع يخلع الخفين، خفي النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن المفروض غسل الرجلين، ولا يتم الغسل إلا بنزع ما عليهما مما يحول دون الغسل، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((دعهما)) يعني اتركهما، اترك الخفين على القدمين؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يريد المسح عليهما، وقد تحقق الشرط، ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) فمسح عليهما -عليه الصلاة والسلام-، ((دعهما)) اتركهما فلا تنزعهما، لماذا؟ لأنه يريد المسح عليهما، والشرط متحقق، لا بد أن يلبس الخفين على طهارة، ((فإني أدخلتهما طاهرتين)) حال كونهما طاهرتين، الآن الخف تدخل وإلا يدخل القدم فيهما؟ وطاهرتين حال من الخف أو من القدم؟ دعهما دع الخفين اللذين أراد نزعهما، ((فإني أدخلتهما)) يعني الخفين أو القدمين؟ نعم، ((أدخلتهما)) أدخلتهما إيش؟ أدخلت الخفين وإلا القدمين؟ ((فإني أدخلتهما)) يعني القدمين، ((طاهرتين)) يعني حال كونهما طاهرتين، ومقتضى الحال أن تكونا طاهرتين معاً، وبهذا يعرف ضعف قول من يقول: إنه يغسل الرجل اليمنى فيدخلها في الخف، ثم يغسل اليسرى فيدخلها في الخف، بل لا بد أن يدخلهما حال كونهما طاهرتين معاً.

لو افترضنا أن شخصاً توضأ ثم غسل الرجل اليمنى فأدخلها في الخف، ثم غسل الرجل اليسرى فأدخلها في الخف، يصح أن يقال: أدخلتهما طاهرتين؟ يعني معاً، هذا ظاهر اللفظ، أدخل واحدة طاهرة ثم أدخل واحدة طاهرة، إذن لو فعل ذلك ماذا يصنع؟ لو غسل اليمنى ثم أدخلها الخف، ثم غسل اليسرى فأدخلها الخف، يعني أدخل اليمنى قبل تمام الطهارة، أدخل اليمنى قبل تمام الطهارة، يقول أهل العلم: يلزمه أن ينزع الخف اليمنى ثم يلبسها، والذي يقول بجواز أن تغسل اليمنى وتدخل الخف ثم تغسل اليسرى يقول: مجرد نزع اليمنى من غير إحداث عمل يتعلق بالطهارة عبث، إيش معنى اخلع خفك ثم البسه؟ يقول: عبث، كيف عبث؟ لكن إذا أدخل اليمنى قبل تمام الطهارة يصح أن يقال: إنه أدخلهما طاهرتين؟ ما يصح، ظاهر اللفظ يقتضي أن تكونا معاً حال الإدخال طاهرتين، هذا ظاهر اللفظ، أما كونه يخلع خفه اليمنى ثم يلبسها ويقول: عبث؟ ليس بعبث، تحقيقاً لطهارة القدمين معاً.

يشترطون في الخف إضافة إلى ما ذُكر في الحديث إدخالهما والقدمان طاهرتين، أن يكون الخف ساتر للمحل المفروض؛ لأن ما بدا من المحل المفروض وانكشف فرضه الغسل، فعلى هذا لا يجوز المسح على الخف المخرق ولا على الرقيق الذي يصف المحل المفروض؛ لأن ما ظهر مما افترض غسله فرضه الغسل، ولا يكفي فيه المسح، وجمع من أهل العلم يرون أنه لا مانع من أن يمسح على الخف المخرق الشفاف وما لا يثبت بنفسه إلا بشده، وأن غالب خفاف الصحابة لضيق الحال عندهم من هذا النوع، المقصود أن الأصل في الطهارة غسل القدم، وهو المنصوص عليه في كتاب الله -عز وجل-، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على الخفين تخفيفاً على الأمة هذا شرع، شرع ملزم يجب العمل به، لكن هل معنى هذا أننا نتنازل عن الأصل؟ الأصل في القدم أن تغسل ظهر جزء من القدم يجب أن يغسل، فعلى هذا لا بد أن يكون الخف ساتر للمحل المفروض من غير شقوق ولا خروق، يسمى خف، حقيقته حقيقة الخف، لكن لو لم تكن حقيقته حقيقة الخف، من رآه ما قال عليه خف؟ شخص مشى في الطين إلى الكعبين ستر المحل المفروض بطين، ويبس هذا الطين، نقول: امسح عليه؟ وإلا اغسله؟ هذا ليس بخف، يغسل، لا بد أن يغسل هذا الطين، ويغسل المحل المفروض، لا بد أن يكون خف الممسوح عليه أو في حكمه مما يشق نزعه، وأن يكون ساتر، بمعنى أن يكون غير مخرق، ولا صفيق يستر المحل الفروض. أنكر المسح على الخفين طوائف من المبتدعة، لكن لا عبرة بقولهم مع ثبوته عن سبعين صحابياً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-. وثبت من حديث جرير بن عبد الله البجلي، وإسلام جرير -رضي الله عنه- بعد نزول المائدة التي فيها التنصيص على غسل الرجلين، فهل المسح ناسخ أو مبين؟ نقول: هل المسح ناسخ لغسل الرجلين أو مبين؟ نعم؟ نعم قدر زائد على ما جاء في كتاب الله -عز وجل-، يبين أنه في حالة لبس الخف يكفي المسح، وفي حالة نزعه يجب غسل الرجلين إلى الكعبين.

باب في المذي وغيره:

في هذا خدمة الكبير، وأنه لا يزري بالخادم، إذا كان ممن يستحق الخدمة، فالصحابة كلهم يخدمون النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما سبق في حديث أنس: "كنت أحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة" يخدمونه -عليه الصلاة والسلام-، المغيرة بن شعبة يهوي لينزع الخفين، ولا غرابة في ذلك ولا ضير، وليس هذا من استعباد الخلق كما يقال، بل هو من باب التشرف بخدمة هذا النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-. حديث حذيفة بن اليمان الذي يليه -رضي الله عنهما- قال: "كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فبال وتوضأ ومسح على خفيه"، في قصة، بال النبي -عليه الصلاة والسلام- وتوضأ, ومسح على خفيه، فالمسح على الخفين متواتر، لا ينكره كما قلنا إلا طوائف من المبتدعة، الذين لا يستدلون بمثل هذه الأخبار، وإلا فهي أدلة قطعية ملزمة، مثبتة موجبة للعلم والعمل معاً، فلا ينكر مثل هذا الثابت إلا زائع نسأل الله السلامة والعافية. هناك مباحث تتعلق بالمسح على الخفين تُستقصى وتُستوعب من كتب الفروع، نعم. باب في المذي وغيره: عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته مني, فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: ((يغسل ذكره ويتوضأ)). وللبخاري: ((اغسل ذكرك وتوضأ)) ولمسلم: ((توضأ وانضح فرجك)). يقول -رحمه الله تعالى-: "باب في المذي وغيره" يعني مما يوجب الوضوء. "عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كنت رجلاً مذاءً" يعني كثير المذي وهو ماء رقيق يخرج عند الملاعبة وعند التفكر والنظر، يخرج هذا الماء وهو رقيق نجس يجب غسله، وإن كانت نجاسته مخففة فيكتفى فيه بالنضح، المقصود أنه نجس بخلاف المني فهو طاهر.

يقول: "كنت رجلاً مذاءً" يعني كثير المذي، مذاء فعال صيغة مبالغة "فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته مني" نعم هو صهر النبي -عليه الصلاة والسلام-، زوج البتول فاطمة بنت الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا ينبغي استعمال الأدب والحياء من الأصهار خلافاً لما يفعله كثير من الناس من نزع جلباب الحياء معهم فضلاً عن غيرهم، لا سيما وأن هذا المسئول عنه يتعلق بأمر خاص، يكون بين الرجل وزوجته في الغالب. "فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته مني, فأمرت المقداد بن الأسود" علي -رضي الله عنه- أمر المقداد أن ينوب عنه بالسؤال، في سؤال النبي -عليه الصلاة والسلام- عما يوجبه خروج المذي، فسأله, فقال: ((يغسل ذكره ويتوضأ)) فالمراد بالغسل هنا النضح، وليس المراد به المبالغة في تنظيف المحل لما جاء في صحيح مسلم: ((توضأ وانضح فرجك)) وللبخاري: ((اغسل ذكرك وتوضأ)) على أنه يمكن حمل رواية مسلم على أنه يغسل كغيره من النجاسات مع المبالغة في غسله وإزالته، ثم يتوضأ بعد ذلك، ثم بعد الوضوء ينضح فرجه؛ لأن المذي في الغالب لا ينقطع بسهولة، ما هو مثل البول، فيظن أنه يستمر حتى بعد الوضوء، فإذا نُضح الفرج، ونُضح السراويل، نعم يحال ما يظن خروجه عليه؛ لئلا يبتلى الإنسان بوسواس. على كل حال المذي نجس، ونجاسته ليست كنجاسة البول، لكن مع ذلكم يغسل وينضح الفرج منه، وبعضهم يقول: يُكتفى بالنضح.

لا معارضة بين رواية مسلم ((توضأ وانضح فرجك)) مع حديث بسرة: ((من مس ذكره فليتوضأ)) لا، لا معارضة بينهما لأن النضح يتم بدون مس، النضح هو مجرد الرش، ويتم بدون مس، يعني الجمع من الروايات أن يغسل الذكر كما يغسل منه سائر النجاسات كالاستنجاء، ثم بعد ذلكم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم بعد ذلكم ينضح فرجه وسراويله، لما جرت به العادة أن المذي لا ينقطع بسرعة، كما ينقطع البول، فلئلا يصاب الإنسان بالوسواس هل خرج شيء أو لم يخرج ينضح ذكره، فيحيل ما يحس به من رطوبة إلى هذا الماء المنضوح، وبهذا يحصل الانصراف عن التفكير في هذا الشيء؛ لأن المسالك كل ما غفل عنه الإنسان لزمت، وكل ما تذكرها وحرص عليها درت، فالإنسان ينضح فرجه ولا يلتفت إلى شيء خلاص، لا يقول: خرج ما خرج، تحيل ما تحس به من رطوبة إلى هذا النضح، ومثله من يخيل إليه أنه يخرج من ذكره شيء، بعض الناس يخيل إليه أنه توضأ ثم خرج منه، نزل منه شيء، انضح فرجك ولا تلتفت إلى شيء وبهذا تستطيع أن تقطع الوسواس؛ لأن الشيطان حريص على أن يدخل الخلل على المسلم في عبادته، أن يصرف المسلم عن عبادته إن استطاع وإلا أدخل الخلل عليه والنقص، فهو يوقع في نفسه أنه خرج منه شيء، وقد جاء التوجيه في الحديث الذي يليه، الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فوجهه أنه لا ينصرف لمجرد هذا التخييل، يخيل إليه أنه خرج من ذكره شيء لا ينصرف، وعلاج الوسواس يكون بالنضح، نعم. وعن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني -رضي الله عنه- قال: شكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة, فقال: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً, أو يجد ريحاً)). نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني" راوي الحديث السابق، حديث الوضوء، وذكرنا أنه غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان، "قال: شكي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة" يخيل إليه وهذا الغالب في الباعث على هذا التخيل الحرص، يعني الغالب أن من يصاب بهذه التَخَيُلات والتَخْيلات والوساوس هو الشخص الحريص، الشخص الحريص هو الذي يبتلى بمثل هذه الأمور، لا سيما إذا استرسل مع الشيطان.

فيخيل إليه أنه يخرج من قُبله شيء، رطوبات تنزل، يخيل إليه أنه يخرج من دبره شيء رياح، لكن العلاج في عدم الالتفات إلى هذه التخييلات؛ لأن هذه شكوك، وبعضها أوهام، والأصل بقاء الطهارة، والشك لا يزيل اليقين، فعلى الإنسان ألا ينصرف حتى يتحقق، والوسواس من أوسع مداخل الشيطان على المسلم ليصرفه عن عبادته، وكم من شخص ترك الصلاة بسبب الوسواس، الباعث الحرص الشديد الذي لم يؤطر ويخطم بخطام الشرع، تجد الإنسان مع الجهل والحرص يصاب بمثل هذا، لكن لو كان عنده علم بهذه النصوص ما التفت إلى هذه الشكوك، ولا هذه الأوهام، والوسواس بلوى، مصيبة تجعل الإنسان في نهاية الأمر يترك الصلاة، لا سيما إذا تضرر في بدنه أو في دنياه، وقد يمكث الساعة يتوضأ والساعتين الثلاث، أحياناً يمكث خمس ساعات ويتوضأ، ويعيد، يتوضأ ويعيد، خرج ما خرج، نويت ما نويت، هذا مرض، ومثل ذلك في الصلاة، فيمضي وقته في ليله ونهاره كله في محاولة الوضوء في الصلاة، وأخيراً يقال له: لا تتوضأ ولا تصلي، خلاص في حكم المجانين،. . . . . . . . . يعني شخص يحاول صلاة العشاء ... ، الوضوء لصلاة العشاء، وصلاة العشاء إلى الثامنة صباحاً مثلاً، مثل هذا متى بيصلي الفجر؟ ولن ينتهي إلا بعد خروج وقت صلاة الظهر، وهكذا، مثل هذا كارثة، فإذا وصل الإنسان إلى هذا الحد لا بد أن يقال له: المشقة تجلب التيسير، لكن قبل ذلك نويت ما نويت توضأ بدون نية، مجرد قصدك للوضوء هذه النية، يقول: لا ما نويت، ولأدنى سبب يقطع الصلاة، هذا بلاء، فنتمثل مثل هذه .. ، الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً, أو يجد ريحاً)) يعني يتأكد؛ لأنه متيقن الطهارة، وقطعها وإبطالها مشكوك فيه، والشك لا يزيل اليقين، نعم. وعن أم قيس بنت محصن الأسدية أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجلسه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجره, فبال على ثوبه, فدعا بماء فنضحه على ثوبه, ولم يغسله". وعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بصبي فبال على ثوبه, فدعا بماء فأتبعه إياه. ولمسلم: "فأتبعه بوله ولم يغسله".

حديث أم قيس بنت محصن أخت عكاشة بن محصن الذي قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: اسأل الله أن يجعلني منهم، قال: ((أنت منهم)) "الأسدية أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الصحابة كانوا يأتون بأطفالهم الصغار إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، يدعو لهم، ويبرك عليهم، ويحنكهم، وهذا من حسن عشرته -عليه الصلاة والسلام-، ورأفته ولطفه بالصغار، مراعاةً لآبائهم وأمهاتهم هذه أتت النبي -عليه الصلاة والسلام- بابن لها صغير لم يأكل الطعام، لهذا القيد، وهذا قيد معتبر وإلا جاء الإطلاق كما في حديث عائشة: "أتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه" والقيد في حديث أم محصن معتبر، والحد الفاصل أكل الطعام، إذا استقل بأكل الطعام فإن حكمه يختلف عما كان قبل أكل الطعام، ولذا قال: "إنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأجلسه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجره, فبال على ثوبه, فدعا بماء فنضحه على ثوبه, ولم يغسله" ابن وهذا يخرج البنت، وقد جاء التفريق بين الذكر والأنثى في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)) هذه جاءت بابن، وهذا قيد معتبر يخرج البنت، وجاء التفريق بينهما من حديث أبي السمح وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)) فالتفريق معتبر، وهو الصحيح، وإن قال بعضهم: إنه لا فرق بين الذكر والأنثى إذا لم يأكلا الطعام، وكونه لم يأكل الطعام قيد معتبر، خلافاً لمن يزعم أن الرش للذكور ولو كبروا، ولو أكلوا الطعام، والغسل للإناث، والصواب أنه لا بد أن يكون ذكراً، وأن لا يأكل الطعام، والتخصيص بالذكر، قالوا فيه: الحكمة والعلة والسبب أنه جرت العادة أن العرب يحبون الذكور أكثر من الإناث، ويكثرون من حملهم أكثر من الإناث، ويحصل البول بينهم كثيراً، فلو أمروا بالغسل لتضرروا ولشق عليهم بخلاف الإناث فإن حملهم لهن قليل، فلا يشق عليهم أن يغسلوا، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الشرع لا يفرق بين الذكر والأنثى.

منهم من قال: لأن بول الغلام ينتشر في مواضع، فإذا أمر بغسل جميع هذه المواضع شق، بينما بول الأنثى موضعه واحد ولا ينتشر وغسله لا يشق. "فبال على ثوبه, فدعا بماء فنضحه" أتبعه بالماء نضحاً، وفرق بين النضح والرش والغسل، ولم يغسله، فدل على أن بول الغلام الذكر الذي لم يأكل الطعام نجاسته مخففة بخلاف الأنثى، وبخلاف الكبير. وفي حديث عائشة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بصبي, فبال على ثوبه, فدعا بماء, فأتبعه إياه" أتي بصبي، هذا الحديث مطلق يقيده ما سبق "لم يأكل الطعام" فبال على ثوبه -عليه الصلاة والسلام-، فدعا النبي -عليه الصلاة والسلام- بماء فأتبعه إياه رشاً ونضحاً، لا غسلاً كما تقدم. "ولمسلم: "فأتبعه بوله ولم يغسله" نعم. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد, فزجره الناس, فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى بوله أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذنوب من ماء فأهريق عليه". نعم بول الصبي نجاسته مخففة، وبول الكبير نجاسته مغلظة، ولذا أردف الحديث السابق بحديث أنس -رضي الله عنه-. قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد" الشرع يلاحظ لا يجمع بين المتفرقات والمختلفات، كما أنه لا يفرق بين المتماثلات، تطهير الثوب يختلف عن تطهير الأرض، فالثوب لو بال عليه كبير وجب غسله، وتنظيفه، لكن الأرض كيف تطهر الأرض؟ هل نقول: إن الأرض تطهر كما يطهر الثوب؟ لا، تطهير كل شيء بحسبه. الخف إذا وطئ فيها الأذى كيف تغسلها؟ إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما التراب، ما يتلفه الماء إذا وقعت عليه نجاسة كيف يطهر؟ وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن إضاعة المال، المقصود أن الشرع يلاحظ مثل هذه الأمور، فيفرق بين المختلفات، لكنه لا يفرق بين المتماثلات.

"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد" ناحية المسجد، زاوية من زوايا المسجد، "فزجره الناس, فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-" وفي رواية: "جاء أعرابي فدخل المسجد فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم اغفر لي ومحمداً ولا تغفر لأحد معنا أبداً" قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لقد حجرت واسعاً)) فما لبث أن بال في طائفة المسجد، وبعض الروايات ترتب الدعوة على ما حصل من الصحابة من زجره، جاء فبال فزجره الناس فنهاهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((دعوه)) ((لا تزرموه)) ((لا تقطعوا عليه بوله)) فقال: اللهم اغفر لي ومحمداً، وهذا أنسب، وإن كان في بعض الروايات تقديم الدعوة على ما حصل منه من بول. "جاء أعرابي" والأعرابي ساكن البادية، يقابله الحضري ساكن الحاضرة، جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد في ناحيته، فزجره الناس، يعني أغلظوا عليه القول، قاموا إليه فزجروه، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- بحلمه وعقله وعلمه نهاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- رفقاً بهذا الجاهل، فينبغي أن يرفق بالجاهل في تعليمه؛ ليكون أدعى إلى القبول، فنهاهم النبي -عليه الصلاة والسلام- لئلا يتضرر هذا الشخص؛ ولئلا يعظم الضرر، ويزداد تنجيس المسجد، لما ترك وقضى حاجته وبوله في مكان واحد في جهة واحدة، أمر بذنوب من ماء فصب عليه انتهى الإشكال، لكن لو قطع عليه بوله وأمر بأن ينصرف عن المسجد تلوث بدنه وثيابه، ومواضع من المسجد، وأصيب بالضرر؛ لأن حبس البول مضر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- الرؤوف الرحيم، إمام المعلمين، إمام الأئمة -عليه الصلاة والسلام- هذا أسلوبه، وهذا تعامله مع الجاهل، والله المستعان. "فلما قضى بوله أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذنوب من ماء فأهريق عليه" الذنوب: هو الدلو، بذنوب من ماء، و (من) بيانية، في بعض الروايات: "بسجل من ماء" والسجل: هو الدلو الذي فيه الماء، "فأهريق عليه" يعني صب عليه، ويكفي هذا الفعل في تطهير الأرض، ولا يلزم تقليب التراب، ولا نقله وإخراجه من المسجد، يكفي أن يصب عليه الماء، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الفرش لا بد من غسله، الفرش تغسل؛ لأن غسلها ممكن، أما الأرض كيف تغسل؟ ما لها إلا هذا، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الفطرة خمس: الختان, والاستحداد, وقص الشارب, وتقليم الأظفار, ونتف الإبط)). عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((الفطرة خمس)) وفي رواية: ((خمس من الفطرة)) وفي رواية: ((عشر من الفطرة)) على كل حال أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالعدد ثم زيد عليه، لا يقال: حصرها في الخمس خطأ، لا؛ لأنه ما يمنع أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر بالخمس ثم زيد عليها، وقد أساء بعضهم الأدب في تعامله مع بعض النصوص، النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح يقول: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) قال بعض الشراح: في هذا الحصر نظر، تنظر في كلام من؟ في كلام من لا ينطق عن الهوى، في كلام من؟ في كلام من لا ينطق عن الهوى، في هذا الحصر نظر؟ هذا سوء أدب، وغفلة شديدة، نعم تكلم في المهد سبعة، أخبر بالثلاثة، ثم زيد رابع ثم زيد خامس وسادس وسابع، أخبر بخمس ثم زيد على ذلك على العشر، بل زادت على العشر، الفطرة: هي بدء الخلقة أو الدين، بعضهم يقول: الفطرة الدين، وبعضهم يقول: الفطرة السنة المتبعة المتلقاة عن الأنبياء في الأديان، وبعضهم يقول: الفطرة بدء الخلق، الخلقة أو الدين، {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [(30) سورة الروم] ولذا يقول ابن عباس: "ما عرفت معنى فاطر حتى اختصم إلي اثنان في بئر، فقال بعضهم: هي بئري أنا فطرتها" يعني أنا ابتدأتها وحفرتها. وعلى كل حال مما فطر الله الناس عليه هذه الخمس، وغيرها من سنن الفطرة.

((الختان)) الختان: هو قطع ما على قلفة الرجل، ومن المرأة أيضاً يقطع ما يحتاج إلى قطعه، فالختان بالنسبة للرجال واجب، واجب اتفاقاً؛ لأنه لا يتم التطهير إلا به، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد جاء في الحديث: ((ألقِ عنك شعر الكفر واختتن)) جاء الأمر به، والنص الذي معنا يتناول الرجال والنساء فهو من سنن الفطرة، وأوجبه بعضهم بالنسبة للنساء كالرجال، ومنهم من اقتصر على كونه سنة، ومكرمة بالنسبة للنساء، وجاء فيه ما جاء فيه من النصوص: ((أشمي ولا تنهكي، فإنه أحظى وأنظر)) المقصود أنه مطلوب بالنسبة للمرأة كالرجل إلا أنه لا يجب مثل وجوبه على الرجال. وقد ثارت ثائرة من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، وأن هذا تعذيب، لكن لا كلام لأحد مع ما جاء في شرع الله -عز وجل-، لا بالنسبة للرجال ولا بالنسبة للنساء، وهو بالنسبة للنساء مفيد جداً، يخفف الشهوة إذا كان مطلوب في سائر الأوقات ففي مثل هذه الظروف يتأكد التي وجد ما يثير الشهوات، لا شك أنه يخفف، وهو أحظى -كما يقولون- عند الزوج، وأنظر للمرأة، والله المستعان، ثارت ثائرة الكفار، ومن يردد كلامهم ومقاصدهم وأهدافهم معروفة، هذه البلاد التي يكثر فيها الختان للنساء يقل فيها الشر والفساد، رغم ما فيها من إباحية، لكنه يقل، يعني لو قدر أن مع هذه الإباحية ومع هذه الشرور والفتن ما وجد ختان لصارت المسألة أعظم وأعظم. الختان: هذا الختان يُرد على المرء عند إرادة البعث، ولذا يبعثون حفاة عراة غرلاً، يعني غير مختونين، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} [(104) سورة الأنبياء]. ((والاستحداد)) يعني استعمال الحديدة، وهي الموسى في إزالة الشعر النابت حول القبل، شعر العانة يزال بالحلق، يحلق بالحديدة التي هي الموس، هذا من سنن الفطرة.

((وقص الشارب)) وجاء الأمر بإحفاء الشارب، وجاء الأمر بأخذ الشارب، وجاء الأمر بحلق الشارب، كما في سنن النسائي وغيره، على كل حال يبالغ في إنهاكه، وإن قال الإمام مالك: إن أخذه مثلة، على كل حال عندنا النصوص أن قص الشارب من الفطرة، وجاء الأمر بإحفائه، وإعفاء اللحية، وإكرم اللحية، ((أكرموا اللحى)) ((أعفو اللحى)) ((وفروا اللحى)) وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- كث اللحية، يعرفون قراءته باضطراب لحيته ومن خلفه، ثم يأتي من يأتي بتشريع أخذ ما زاد على القبضة، ومعلوم أنه إذا دخل المقص شيء أزاله مع التدريج، أنتم ترون من بدأ بأخذ ما زاد على القبضة زاد على ذلك، ثم بعد ذلك طال الأيمن، ثم أخذ من الأيسر إلى أن تنتهي اللحية، مع النصوص الصريحة الصحيحة التي تأمر بإعفائها وإكرامها وتوفيرها، وجاء في وصفه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان كث اللحية، الذي يأخذ من اللحية ما زاد على القبضة ترى لحيته من خلفه؟ ما يمكن أن ترى من خلفه، نعم ثبت عن ابن عمر أنه في النسك يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، لكن هذا فهمه لقوله -جل وعلا-: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [(27) سورة الفتح] هو فهم من هذه الآية أن من تلبس بنسك يلزمه أن يجمع بين الحلق والتقصير، محلقين أو مقصرين، والحلق للرأس والتقصير لإيش؟ إذا حلق الرأس ويش يبقى؟ ما يبقى إلا اللحية، فكان يفعل هذا ويتأول هذه الآية، وذكر عن غيره من الصحابة، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما جرؤ المسلمون على حلق لحاهم إلا بعد أن خالطوا الكفار؛ لما استعمرت البلاد الإسلامية، وأيضاً لما شاع عندهم مثل هذا القول، الأخذ من اللحية وما زاد على القبضة، ولا بد من ترتيبها، ولا بد أن يخرج الإنسان المسلم بمظهر يليق به، ويش صار؟ المسلمون على مر العصور لحاهم متوافرة، وأول من بدأ بحلق اللحية طائفة ضالة قد تنتسب إلى الإسلام وهي لا نصيب لها، قلندرية يقال لهم، ثم بعد ذلك اختلط الناس بالاستعمار وصاروا قدوات الكفار المستعمرين صاروا قدوات في بلاد الإسلام صاروا يقلدون على هذا، وساعد على ذلك نشر مثل هذا القول فدخل المقص، وإذا دخل المقص خلاص ما له حد،

باب الجنابة:

حتى وجد من يدرس في كليات شرعية أن القبضة الأصبع، أصبع واحدة، والله المستعان. ((وتقيلم الأظفار)) الأظفار ما يكون على أطراف الأصابع من هذه المشبهة للغضاريف، وهي تصلب كلما زاد عمر الإنسان، لا سيما مع العمل والتعب، فإطالتها مؤذية من هذه الحيثية، ومن جهة أنها يجتمع تحتها الأوساخ، فمن الفطرة تقليم الأظفار، ونتف الآباط، الشعر الذي ينبت في الإبط، فهذه من باب التنظيف تنتف، ونتفها أولى من حلقها، كما أن حلق العانة والاستحداد أولى من نتفها؛ لأن الآباط تنبعث منها روائح كريهة بسبب اجتماع العرق، ونتفها يزيل هذه الأمور من أصلها، والاستحداد يبقي فيها ما يبقي من أصول الشعر مما يجتمع فيه الأوساخ، حدد وقت هذه الأمور، قص الشارب، تقليم الأظفار، ونتف الآباط على أن لا يزيد على أربعين يوماً، لكن لو طالت قبل الأربعين، قبل الأربعين طالت، بحيث يجتمع فيها من الأوساخ ما يمنع من وصول الماء في الوضوء إلى هذه الأماكن لتعين أخذها. ومثل الاستحداد ما يقوم مقامه مما يزيل الشعر كالنورة ونحوها، هناك أدهان معروفة يدهن بها الموضع ويزال الشعر، وحكمها حكم الاستحداد، نعم. باب الجنابة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب، قال: فانخنست منه، فذهبت فاغتسلت ثم جئت، فقال: ((أين كنت يا أبا هريرة؟ )) قال: كنت جنباً فكرهت أن أجالسك على غير طهارة، فقال: ((سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس)). نعم، الباب باب الغسل من الجنابة: الموجب للغسل هو الجنابة، وما في حكمها مما يكون سبباً لخروج المني من مخرجه المعتاد بلذة.

يقول: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب" جنب: متلبس بالجنابة، متلبس بجنابة موجبة للغسل، قال أبو هريرة: "فانخنست منه" انسللت، خنس تأخر، ولذا جاء في وصف الشيطان أنه وسواس خناس، يوسوس لمن غفل عن ذكر الله -عز وجل- ويخنس ويتأخر عمن يذكر الله -عز وجل- "فانخنست منه فذهبت" انخنس لئلا يجالس النبي -عليه الصلاة والسلام- على غير طهارة، وهو متصف بالحدث الأكبر، فاغتسل، رفع الحدث، ثم جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أين كنت يا أبا هريرة؟ )) لماذا تخلفت؟ لماذا تأخرت؟ لماذا انخنست؟ قال: "كنت جنباً فكرهت أن أجالسك" وهذا من احترام الصحابة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن الجنب طاهر ليس بنجس، طاهر من الخبث لكنه غير طاهر من الحدث؛ لأن الطهارة إما أن تكون عن خبث أو تكون عن حدث، فيمكن أن يقال: إن الجنب طاهر غير طاهر، طاهر باعتبار أنه ليس بنجس، والمسلم لا ينجس، وهو أيضاً غير طاهر يعني غير متطهر، متلبس بالحدث، فالجهة منفكة، ما يقال: وصفان متناقضان، لا يمكن أن يطلقا على ذات واحدة في آن واحد، يمكن أن يطلقا على ذات واحدة في آن واحد؛ لأن الجهة منفكة. " ((أين كنت يا أبا هريرة؟ )) " قال: كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة" كلام صحيح، هو على غير طهارة؛ لأنه محدث، "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((سبحان الله)) تعجب، ((إن المسلم لا ينجس)) وقد جاء في قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] والمسلم لا ينجس، والكفار والمشركون نجس، {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] وهي نجاسة معنوية عند جمهور أهل العلم، وإن حملها بعضهم على أنها نجاسة حسية، والمسلم لا ينجس ولو تلبس بما يوجب الغسل، ففي هذا دليل على طهارة الجنب، طهارة سؤره إذا شرب من شيء طاهر، طهارة عرق الجنب، يجالس يؤاكل، لا بأس، جميع تصرفاته صحيحة، ولا تمنعه الجنابة إلا من مزاولة ما يفترض له الغسل، نعم. بسم الله الرحمن الرحيم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه, وتوضأ وضوءه للصلاة, ثم اغتسل, ثم يخلل بيده شعره, حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته, أفاض عليه الماء ثلاث مرات, ثم غسل سائر جسده, وقالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد, نغترف منه جميعاً". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة" يعني إذا شرع في غسله من الجنابة غسل يديه، كما أنه إذا أراد أو شرع في الوضوء غسل يديه ثلاثاً، وهنا: يغسل يديه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة, قبل ذلك بعد أن يغسل يديه يغسل فرجه وما لوثه، يغسل اليدين ثم الفرج وما تلوث، ثم بعد ذلك ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، وضوءاً كاملاً، وقد يؤخر غسل الرجلين إلى ما بعد الغسل والانتقال من المكان لا سيما إذا كان المكان غير نظيف، يعني محل الطين ونحوه، فينتقل منه إلى مكان آخر فيغسل رجليه، بعد أن يعمم بدنه بالماء. تقول: "كان إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه, ثم توضأ وضوءه للصلاة" مقتضى ذلك أنه يغسل رجليه، وجاء في بعض الروايات: أنه يؤخر غسل الرجلين، ولا يمنع أن يتوضأ وضوءه للصلاة كاملاً بما في ذلك غسل الرجلين، ثم يغتسل يعمم بدنه بالماء، ثم إذا خرج من المكان الملوث بالماء والطين يغسل رجليه، وبهذا تجتمع النصوص. "ثم يغتسل" ثم شرح هذا الغسل بأن يخلل بيديه شعره، يفيض الماء على رأسه ثلاثاً، ثم يغسل شقه الأيمن ثلاثاً، ثم الأيسر ثلاثاً، "ثم يخلل بيديه شعره" ليصل الماء إلى أصول الشعر، التخليل بأن يدخل الأصابع في خلل الشعر فيتخلل فيصل الماء إلى أصول هذا الشعر، وعلى هذا إذا وجد ما يمنع من وصول الماء إلى الشعر مما يوضع على الرأس من دهن بحيث ينبو الماء عن الشعر، ولا يصل إلى أصوله يزال إذا لُبد على الرأس علاج مثلاً له جرم يمنع من وصول الماء إليه، أو حناء أو ما أشبه ذلك يزال، فيخلل بيديه شعره "حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات" أفاض الماء على رأسه ثلاث مرات، "ثم غسل سائر جسده".

الغسل المجزئ تعميم البدن بالماء على أي وجه يكون، إذا عمم البدن بالماء ارتفعت الجنابة، لكن السنة أن يفعل هكذا يغسل يديه، يغسل فرجه وما لوثه، يخلل شعره بيديه، يفيض الماء على رأسه ثلاثاً، يغسل شقه الأيمن ثلاثاً، ثم الأيسر ثلاثاً، هذا غسل كامل، "ثم غسل سائر جسده" يعني الباقي، والسائر هو الباقي، باقي الجسد. "وكانت تقول: "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد، نغترف منه جميعاً". "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (أنا) هذه جيء بها للفصل بين الضمير المرفوع وما عطف عليه، "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد" فدل على أنه لا مانع من أن يغتسل الرجل والمرأة جميعاً، يغترفان جميعاً، تغرف منه ويغرف، وكان كثيراً ما يقول: ((دعي لي)) وكثيراً ما تقول: "دع لي" تختلف أيديهما في الإناء. وجاء النهي عن أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو الرجل بفضل المرأة، جاء النهي عن أن تغتسل المرأة بفضل الرجل والعكس، لكن ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اغتسل وتوضأ بفضل ميمونة، واغتسل مع عائشة، وكان الرجال والنساء يتوضئون في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- جميعاً فلا مانع من أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، والحديث الذي ذكر فيه كلام لأهل العلم، وأصرح منه وأصح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اغتسل بفضل بعض نسائه. "نغترف منه جميعاً" تختلف أيديهم فيه، حتى يقول: ((دعي لي)) اتركي لي، وتقول: "دع لي" يعني اترك لي، نعم. وعن ميمونة بنت الحارث زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "وضعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوء الجنابة, فأكفأ بيمينه على يساره مرتين -أو ثلاثاً- ثم غسل فرجه, ثم ضرب يده بالأرض, أو الحائط, مرتين -أو ثلاثاً- ثم تمضمض واستنشق, وغسل وجهه وذراعيه, ثم أفاض على رأسه الماء, ثم غسل جسده, ثم تنحى, فغسل رجليه, فأتيته بخرقة فلم يردَّها" يُردْها، فلم يُردْها. "فلم يُردْها, فجعل ينفض الماء بيديه".

عن ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- أم المؤمنين زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها قالت: "وضعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وأمهات المؤمنين أعرف الناس بهذه الأمور الخاصة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، قالت: "وضعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوء الجنابة" يعني الماء الذي يغتسل منه عن الجنابة وغيرها، الماء الذي يتوضأ به وضوء، الماء الذي يغتسل به وضوء، المقصود أنه ماء، "وضعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضوء الجنابة، فأكفأ بيمينه على يساره مرتين -أو ثلاثاً-" وجاء بدون شك أنه غسل يديه ثلاثاً، "مرتين أو ثلاثاً، ثم غسل فرجه" نعم لا بد من غسل ما على الفرج مما تلوث بسبب الجنابة، سواءً كانت من احتلام أو من زوجة، "ثم غسل فرجه, ثم ضرب يده بالحائط" نعم بالأرض, أو الحائط, من أجل أن تتنظف، فركها بالأرض، فركها بالحائط، وكذا لو استنجى من غير جنابة، من بول أو غائط يضرب بيده على الأرض، يمسح بها الأرض ليزول الأثر، "ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين -أو ثلاثاً-" على الشك، "ثم تمضمض واستنشق, وغسل وجهه وذراعيه, ثم أفاض على رأسه الماء" يعني توضأ وضوءاً غير كامل، توضأ غسل وجهه وذراعيه، يعني بعد أن تمضمض واستنشق غسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، وهنا لم يذكر مسح الرأس، بينما أُخر غسل الرجلين، وتقدم البحث فيه، ثم أفاض على رأسه، ثم غسل سائر جسده, غسل باقي الجسد، ثم تنحى, يعني انتقل من مكانه الذي هو فيه انتقل، إما لما في الأرض من أوساخ تسببت عن اختلاط الماء بالتراب، لا يتصور أن أماكن الغسل عندهم مبلطة، فيها ما يمنع من اختلاط الماء بغيره، لا، "ثم تنحى، فغسل رجليه, فأتيته بخرقة" منديل، لكي يمسح أثر الغسل "فلم يردْها, فجعل ينفض الماء بيديه" لم يردها، ما استعمل المنديل -عليه الصلاة والسلام- هنا؛ لأن من توضأ ومثله من اغتسل تخرج ذنوبه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، ولذا ينبغي أن لا يحرص الإنسان على التمسيح إلا إذا كان هناك حاجة، يعني إذا كان الجو بارد يتمسح، يتمندل، لا بأس، لكن إذا كان الجو طيب أو حار يترك الماء لتخرج ذنوبه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، جعل ينفض الماء بيديه،

يعني ينفضه عن يديه لينزل منها الماء، والله المستعان، نعم. وعن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: ((نعم, إذا توضأ أحدكم فليرقد)). عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله أيرقد؟ -يعني أينام؟ - أحدنا وهو جنب؟ " متلبس بالجنابة، قال: ((نعم, إذا توضأ أحدكم فليرقد)). الأصل أن يغتسل ليبرأ من عهدة هذا الواجب، ويسارع إلى إبراء ذمته؛ لأنه ما يدري ما يطرؤ عليه، وهو أيضاً الجنب .. ، البيت الذي فيه جنب جاء الخبر أنه لا تدخله الملائكة، فعلى الإنسان أن يحرص على دخول الملائكة إلى بيته، إن لم يستطع أو عجز أو كسل عن الغسل لرفع هذا الحدث يتوضأ، وأيضاً الوضوء على سبيل الاستحباب عند جماهير أهل العلم. أيرقد أحدنا وهو جنب؟ ينام أحدنا وهو جنب؟ يسألون النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال: ((نعم)) ينام أحدكم وهو جنب، ولا يلزم أن يغتسل، لكن إن خفف هذه الجنابة ولو بالوضوء كان أولى، نعم. وعن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم, إذا رأت الماء)).

وعن أم سلمة -رضي الله عنه- أم المؤمنين زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها قالت، مقدمة بين يدي سؤالها؛ لأن السؤال مما يستحيا منه غالباً، تستحيي منه النساء، فقدمت بين يديها مقدمة قالت: إن الله لا يستحيي من الحق, لا يستحيي بياءين، هذه مقدمة بين يدي السؤال الذي يستحيا منه، إن الله لا يستحيي من الحق، بياءين، فإذا دخل على الفعل يستحيي جازم حذف إحدى الياءين، فجاء في الحديث الصحيح: ((إذا لم تستحي)) ما هو بتستحيي، بياء واحدة، ((إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) باعتبار أن الكلمة فيها ياءين، لكن لو كانت ياء واحدة لحذفت مع الجازم، فقيل: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، وفي التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [(26) سورة البقرة] وهنا قدمت بهذه المقدمة لكي تدخل إلى السؤال الذي تريده، وهكذا ينبغي أن يكون الأدب في الألفاظ التي قد يكون في التعبير عنها بصراحة شيء مما يخجل منه، لا سيما النساء اللاتي ينبغي أن يتصفن بالحياء، نعم الذي لا يمنعهن من التفقه في الدين، لكن لا ينبغي الاسترسال أيضاً في الكلام الفاحش البذيء ولو من الرجال، لكن النساء قد يكون الأمر بالنسبة لهن أعظم، وأما الرجال لا ينبغي أن يتفوهوا بالكلمات الفاحشة البذيئة. جرت عادة الشرع الكناية عن بعض الألفاظ التي يُستحيا من ذكرها، لكن إذا لم يكن هناك مفر من ذكرها وترتب عليها بعينها حكم شرعي لا بد أن تذكر، ولو كانت مما يستحيا منه. "إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ " إذا رأت في منامها أنها تجامَع، الرجل إذا احتلم يغتسل، لكن هل المرأة مثل الرجل تغتسل؟ قال: ((نعم, إذا هي رأت الماء)) علق الوجوب برؤية الماء.

فعلى هذا لو رأى الشخص أو رأت المرأة أنها يحصل لها شيء من ذلك في النوم، ولا رأت ماء، ولا أثر لذلك فإنه لا يلزمها الغسل، فالغسل معلق برؤية الماء، وفي الحديث: ((الماء من الماء)) الحديث الصحيح: ((الماء من الماء)) وإن كان بعضهم يرى أن هذا الحديث منسوخ، لكن إن أمكن حمله على حالة الجنابة فهو صحيح، وإن كان المقصود به بجميع الأحوال أنه لا غسل إلا مع خروج الماء فلا، فالحديث الصحيح: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ولو لم ينزل)) وحديث: ((الماء من الماء)) كما قال الترمذي: منسوخ. "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم إذا هي رأت الماء)) " فعلق وجوب الغسل على رؤية الماء، والنساء كما هو معلوم شقائق الرجال، فما وجب على الرجل وجب على المرأة إلا ما خصه الدليل، والله أعلم. وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الطهارة (4)

عمدة الأحكام - كتاب الطهارة (4) تابع باب الجنابة - باب التيمم - باب الحيض الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه". وفي لفظ لمسلم: "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً فيصلي فيه". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. تقول عائشة -رضي الله عنها-: "كنت أغسل الجنابة" يعني أثر الجنابة من المني "من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" بهذا اللفظ يستدل من يقول بنجاسته؛ لأنها كانت تغسله، ولأنها يخرج من مخرج البول، "كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيخرج إلى الصلاة, وإن بقع الماء في ثوبه". اللفظ الثاني لمسلم -رحمه الله-: "لقد كنت أفركه" وهذا يستدل به من يقول بطهارته؛ لأن النجاسة لا يكفي فيها الفرك، بل لا بد من الغسل، وهنا الدليل صريح في أنه طاهر؛ لأن النجس لا يكفي فيه الفرك، وإنما يلزم غسله، والغسل في الرواية الأولى: "كنت أغسل الجنابة" لأنه مما تستقذر رؤيته في الثوب كالمخاط، فإذا كان رطباًَ يغسل ويزال ولو بإذخرة، ولو بعود، ولو بحجر، المقصود أنه يزال أثره من الثوب؛ لأنه مما يستقذر ويستقبح كالبصاق، والرواية الثانية وهي رواية الفرك تدل على طهارته؛ لأن ما كان نجساً لا يكفي فيه الفرك، بل يلزم غسله بالماء، والمسألة خلافية، لكن الراجح من خلال هذه النصوص أنه طاهر، لكنه باعتباره مما يستقذر ويستقبح رؤيته إن كان رطباً يزال بأي شيء ولو بالغسل، وإن كان يابساً يفرك ويزال ويحت بظفر أو بعود أو نحوه ليزول أثره، فقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فركاً فيصلي فيه".

وجاء عن ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عنه فقال: ((إنما هو بمنزلة المخاط، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة)) يعني بعود شجرة أو شبهه، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل)) وفي لفظ: ((وإن لم ينزل)). نعم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا جلس)) يعني الرجل، ((بين شعبها)) يعني شعب المرأة ((الأربع)) يداها ورجلاها، وهذه كناية عن الجماع، وما يحصل بين الرجل وزوجته، ((ثم جهدها)) يعني جامعها، ((ثم جهدها فقد وجب الغسل)) يعني بمجرد التقاء الختان بالختان يجب الغسل، يعني ((ولو لم ينزل)) كما في لفظ مسلم، فالموجب للغسل هو التقاء الختان بالختان ولو لم يحصل الإنزال، وأما ما جاء في الحديث الصحيح: ((إنما الماء من الماء)) فهذا كان في أول الأمر ثم نسخ، ((إنما الماء من الماء)) يعني يحصل الإيلاج ويحصل التقاء الختان بالختان ولا غسل إلا بالإنزال؛ لأن الماء إنما يكون من الماء، الماء الذي هو ماء الغسل إنما يجب بالماء الذي هو الماء الخارج من أثر الجماع، مفهومه: أنه إذا لم يخرج شيء من أثر الجماع فإنه لا ماء، يعني لا غسل، وهذا كان في أول الأمر ثم نسخ، ونص على نسخه جميع الشراح، وإن قال بمفاده بعض الظاهرية، وأنه ما زال محكماً. وقال بعضهم: بأنه محمول على الاحتلام، على حالة الاحتلام يرى النائم أنه يجامع فلا يلزمه الغسل إلا إذا رأى الماء كما تقدم في حديث أم سلمة هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: ((نعم إذا هي رأت الماء)) فالماء الذي هو الغسل معلق برؤية الماء الذي هو الإنزال، وهذا في حال النوم فقط، أما في حال اليقظة فإذا التقى الختان الختان، فقد وجب الغسل، وإن لم ينزل كما جاء في هذا الحديث، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الإيلاج نعم، الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- بعد أن خرج حديث: ((الماء من الماء)) بين أنه منسوخ، بعد روايته أشار إلى ذلك، وفي العلل التي في آخر جامعه قال -لما ذكر الحديث-: "وقد بينا علته في الكتاب" فأشار إلى أن النسخ علة، لكنها لا تقدح في صحة الحديث وإن كانت علة بالنسبة للعمل به، الترمذي سمى النسخ هنا علة، والعلة الأصل فيها ما يقدح في الحديث؛ لأنها يشترط نفيها لصحة الخبر، لكنها هنا لا تقدح في صحة الخبر، الخبر صحيح، لكنها تقدح في العمل به؛ لأن المعمول به إنما هو المتأخر من الأمرين، والمتأخر من الأمرين لزوم الغسل ولو لم ينزل، نعم. وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أنه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله, وعنده قوم, فسألوه عن الغسل؟ فقال: يكفيك صاع، فقال رجل: ما يكفيني, فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعراً, وخيراً منك -يريد النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم أمنا في ثوب. وفي لفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً. الرجل الذي قال: ما يكفيني هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب أبوه محمد بن علي. عن أبي جعفر، جعفر هو الملقب بالصادق، وأبوه محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر، وأبوه علي بن الحسين المعروف بزين العابدين، والحسين بن علي الجد سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الحسين بن علي بن أبي طالب، أنه كان هو وأبوه الباقر مع أبيه زين العابدين، الراوي الباقر، محمد بن علي بن الحسين، أبوه، كان هو وأبوه زين العابدين عند جابر بن عبد الله بن حرام السلمي الأنصاري الصحابي، ابن الصحابي، المشهور كان هو وأبوه وهذا مما تقدم مما يجب فيه ذكر الضمير المنفصل للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، وهذا واجب على ما تقدمت الإشارة إليه.

كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله وعنده قوم فسألوه عن الغسل؟ فقال: يكفيك صاع، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، والصاع أربعة أمداد، فكان ديدنه -عليه الصلاة والسلام- الاغتسال بالصاع، وقد يزيد في بعض الأحيان، إلى خمسة أمداد، وفي هذا عدم الإسراف في الماء، على المسلم أن يقتصد في جميع أموره، والإسراف حرام، لكن الزيادة اليسيرة المحتملة معفو عنها، أما الأصل في الإسراف أنه محرم، ويتفاوت باعتبار المادة التي يسرف منها، فالمواد التي يكون الناس بحاجة إليها حاجة شديدة، ويتسبب في إسرافه على تضييع هذا المال على الناس الذي يحتاجون إليه أمره أشد، معلوم أن الماء لا سيما في هذه الأوقات التي شحت فيها الموارد أمره خطير، وعموم البشرية مهددون بالنسبة للماء فعلى الجميع أن يحتاطوا لهذا الأمر، ويرشدوا استهلاكهم من الماء، والشرع لا يأتي إلا بخير، ولا خير إلا دل الأمة عليه -عليه الصلاة والسلام-، ولو كان في الإسراف خير ما اقتصد في مثل هذه الأمور؛ لأن الماء في عرف كثير من الناس أمره يسير، لا سيما وأن قيمته زهيدة، لكن يتصور الإنسان أنه في يوم من الأيام يطلب الماء من بعيد بنفسه، يحضر الماء لنفسه، كون الأسباب تيسرت والجهود بذلت لتيسير هذا العنصر النفيس الذي جعل منه أو علق به حياة كل شيء، نعم هو أرخص موجود تساهل الناس في حمله، لكنه أعز مفقود، تصوروا إلى وقت قريب وكان الناس يحضرون الماء كل بوسيلته وطريقته، بالأواني يحضرونه من بعيد، وينقلونه على رؤوسهم، يعني لو كان الأمر كذلك ما حصل مثل هذا الإسراف، لكن كون الشيء ميسر مبذول سهل قريب بثمن رخيص، يجعل الناس يتساهلون مثل هذا التساهل، وإلا فالماء أمره خطير، علق به حياة كل شيء {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [(30) سورة الأنبياء] فأمره خطير، والدراسات تدل على نضوب الماء، والمياه الجوفية وغيرها، والله المستعان.

فهذا ديدنه وهذه طريقته -عليه الصلاة والسلام-، الاقتصاد في كل شيء حتى في الماء، الذي يتراءى للناس أنه شيء شبه لا قيمة له، بعض الناس لا يعتبره مال، هو مال، والناس شركاء فيه، لا يجوز لأحد أن يتعدى فيه على أحد، ولا .. ، ومنع فضله محرم كما جاءت بذلك النصوص، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان ديدنه أن يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع. "فقال: "يكفيك صاع". . . . . . . . . نتصور أن الإنسان في يوم من الأيام يحتاج إلى أن يتوضأ بمد لقلة الماء وندرته، أو يغتسل بصاع وقد عود نفسه أنه يغتسل بآصع كثيرة، ويتوضأ بأمداد، المد ما يملأُ كفي الرجل المعتدل، يعني إيش يجي؟ كم تتصورون اللتر الواحد من مد؟ نعم؟ يستطيع الإنسان أن يتوضأ بكوب صغير؟ نعم إذا مرن نفسه استطاع، لكن مع هذا الإسراف الموجود، وتيسر السبل والأسباب لا يستطيع، فدين الله بين الغالي والجافي، لا يتوضأ وضوء لا يجزئ يشبه المسح، لا، لكن يسبغ الوضوء ولا يسرف، الإنسان مأمور بالتوسط في جميع أموره، مع أنه مأمور بالإسباغ منهي عن الإسراف. طالب:. . . . . . . . . هذا فيه كلام، ضعيف، الحديث ضعيف، لكن معناه صحيح. "فقال: "يكفيك صاع" فقال رجل: ما يكفيني" ما يكفيني صاع، الآن يمكن كل الناس يقولون: ما يكفينا صاع، لماذا؟ لأنهم تعودوا، يفتح الحنفية تبع الماء ويغتسل بآصع كثيرة، عشرات الآصع، هذا هو الإسراف. "فقال رجل: ما يكفيني, فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعراً أو خير منك". الشراح يقولون: إن المد والصاع بالنسبة للرجل المعتدل الخلقة، لكن لو وجد شخص ضخم طويل عريض نعم، قد لا يكفيه الصاع يزيد، يزيد إلى أن يسبغ، يفيض، إلى أن يفيض الماء على جسده، ويغتسل الغسل المجزئ على أقل تقدير. "فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعراً, أو خير منك" كثرة الشعر تحتاج إلى شيء من زيادة الماء، يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. "فقال رجل: ما يكفيني" الرجل الذي قال: ما يكفيني، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، المعروف بابن الحنفية؛ لأنه ليس من ولد فاطمة -رضي الله عنها- إنما هو من الحنفية، المرأة الحنفية التي تزوجها علي -رضي الله عنه-.

"يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم أمنا في ثوب" أمنا في ثوب: يعني صلى بنا وليس عليه إلا ثوب واحد، والصلاة في الثوب الواحد إذا كان ساتراً للعورة جائز، وقد سئل النبي -عليه الصلاة والسلام-: أيصلي أحدنا في الثوب الواحد؟ فقال: ((أولكلكم ثوبان؟ )) يعني الناس كلهم عندهم أكثر من ثوب؟ نعم؟ يستبعد -عليه الصلاة والسلام- أن يوجد أكثر من ثوب عند الناس كلهم، وهذا في عصره -عليه الصلاة والسلام- هو الغالب، أن كل شخص عنده ثوب واحد، ولهذا تعلق الأحكام بالمقدور عليه، لكن الصلاة في الثوبين أكمل؛ لأنه أستر، كون الإنسان يصلي في ثوبين إزار ورداء، أو إزار وقميص، أو قميص وتبان، قميص وقباء ... إلى آخره، المقصود أن يصلي في ثوبين أكمل وأستر، لكن إذا صلى في ثوب واحد يستر المحل المفروض كفى، فالواجب المشترط لصحة الصلاة ستر العورة، ويجب مع ستر العورة ستر المنكب، كما جاء في الحديث الصحيح: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء)) ولما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أولكلكم ثوبان؟ )) استفهم الراوي من أبي هريرة وقال له: أتعرف أبا هريرة؟ أبو هريرة نفسه يقول للراوي: أتعرف أبا هريرة؟ كان يصلي في الثوب الواحد وثيابه على المشجن، يعني عنده ثياب ثانية، لكن يصلي بثوب واحد؛ ليبين أن مثل هذا يكفي، والتعليم بالفعل قد يكون في بعض الأحوال أبلغ من التعليم بالقول، يعني تقول لشخص: توضأ بمد، يتصور هذا كلام نظري ما يمكن تطبيقه، لكن لما تأتي بمد، وتتوضأ أمامه، وتسبغ الوضوء أمامه، خلاص ما يحتاج إلى أن يتردد، لا يمكن أن يتردد بعد أن رأى بعينه، ليس الخبر كالعيان، فجابر -رضي الله عنه- صلى بثوب وأمهم بذلك، فالثوب كافٍ إذا كان ساتراً للمحل المفروض ستره، ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة.

"وفي لفظ: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً" يعني يغتسل بالصاع ويفرغ الماء على رأسه ثلاثاً، يعني كما تقدم في صفة الغسل الكامل أنه يغسل يديه ثلاثاً ثم يغسل فرجه، وما لوثه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً، ثم يغسل شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، ثم يتنحى ويغسل رجليه إن احتاج إلى غسلهما لتلوثهما بما في المحل من طين وشبهه، أما إذا لم يكن بحاجة إلى غسل الرجلين فلا داعي له، والله المستعان. "فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً". ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في بيان الرجل الذي قال: ما يكفيني، وحينئذ الإبلاغ أو المبالغة في الإنكار على من تردد في قبول السنة، لما قال: ما يكفيني، ماذا قال له جابر؟ قال: كان يكفي من هو خير منك، يكفي من هو أوفر منك شعراً، هذا أسلوب، نعم يحتاج إليه في بعض الأحوال، وإن كان الأصل في التعليم الرفق كما تقدم، ((دعوه)) ((لا تزرموه)) يعني لا تقطعوا عليه بوله، دعوه، اتركوه، هذا الأصل في التعليم الرفق، تعليم الجاهل، لكن من تردد في قبول السنة، ورأى المعلم أن المصلحة في ردعه فالأولى أن يردع مثل هذا، فلا شك أن الأسلوب اللين المؤدي للغرض برفق لا تترتب عليه آثار، ولا ردود عكسية، هذا هو الأصل، لكن يبقى أن بعض الناس فيه شيء من اللؤم، يحتاج إلى ما يردعه، وهذا كثير ممن يكتب عن الإسلام والدين والمتدينين، مثل هؤلاء كثير منهم يحتاج إلى أن يؤطر على الحق، ولا يفيد فيه نقاش، وإن كان الأصل أن المناقشة بالأسلوب الهادئ اللطيف في تعليم الجاهل؛ لأن بعض من يكتب ليسوا بجهال، إنما هدفهم وقصدهم -والله أعلم بالنيات- لكن يظهر من ثنايا كلامهم أنهم يقصدون انتقاص الدين والمتدينين، والله المستعان، ولذا قال: كان يكفي من هو أوفر منك شعراً، فنحتاج إلى بعض الأساليب التي تردع بعض الكتاب، والله المستعان، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

اللتر، اللتر الواحد كم يساوي من مد؟ يعني اللتر الواحد إذا قارناه بالصاع الصاع كم جرام؟ الصاع من الماء، صاع الماء غير صاع البر، نعم إذا قارنا الصاع بالوزن، فصاع الماء أكثر من صاع البر في الوزن؛ لأن البر أخف من الماء، فإذا كان البر كيلوين ونصف. . . . . . . . . ثلاثة، ثلاثة كيلو صاع الماء، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ثلاثة كيلو صاع الماء، أو تزيد ثلاثة ونصف، فثلاثة الكيلو والنصف أربعة أمداد، فقل المد كيلو إلا ربع تقريباً يعني، نعم. باب التيمم عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم؟ فقال: ((يا فلان, ما منعك أن تصلي في القوم؟ )) فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء, فقال: ((عليك بالصعيد فإنه يكفيك)). يقول -رحمه الله تعالى-: "باب التيمم" التيمم في الأصل، في اللغة القصد، يممت فلاناً إذا قصدته، وهو قصد الصعيد الطيب الطاهر وهو ما على وجه الأرض، وضربه باليدين واستعماله مطهراً بدلاً عن طهارة الماء على الصفة التي يأتي شرحها.

"عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-" صحابي جليل أبو نجيد، كان في مرضه كما في الصحيح يسلم عليه عياناً، تسلم عليه الملائكة بكلام يسمع، في مرضه، فاكتوى فانقطع التسليم، فندم فعاد التسليم، رضي الله عنه وأرضاه، "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم؟ " يعني في جملة القوم، ومع القوم، لم يصل في القوم، يعني في جملتهم ومعهم، ليس معنى: لم يصل في القوم أنه يؤمهم، لا، معتزل في ناحية، في طائفة، والناس يصلون، وهذه الجادة والعادة النبوية في مثل هذا، وإلقاء السؤال عليه، ((ما منعك أن تصلي؟ )) ما قال له: قم فصل، ((ما منعك أن تصلي؟ )) يسأل عن السبب، لعل لديه سبب مقبول، رجل دخل وجلس، ما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: قم فصل ركعتين، بادئ الأمر، قال له: ((هل صليت ركعتين؟ )) وهكذا ينبغي أن يلقى التعليم بهذه الطريقة، هل صليت ركعتين؟ احتمال أن تقول: قم فصل ركعتين؟ قال: يا أخي أنا صليت، لكن ما شفتني، يأتي شخص فيجلس تقول: قم فصل ركعتين، قال: يا أخي أنا صليت هناك وراء العمود ذاك، ما يلزمك أن تشوف الناس كلهم، فيسأل بأسلوب مناسب، ((هل صليت ركعتين؟ )) لأن النفوس لا تقبل الأمر والنهي، يثقل على الإنسان أن يؤمر وينهى، لكن يسأل ويستفهم بلطف، فإذا تبين أنه جاهل وما صلى يبين له أن هذا أمر مطلوب شرعاً، ما منعك أن تصلي مع الناس، ما يقال له مباشرة: صل مع الناس، أو لا تجلس، أمر وإلا نهي، يسأل برفق ولطف، وهذا إذا عرف من حاله أو دلت القرائن من حاله أنه جاهل، وإلا مثل ما ذكرنا آنفاً أنه قد يحتاج إلى شيء من تعنيف المخالف وردعه، هنا ((ما منعك أن تصلي في القوم؟ )) فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة, ولا ماء, ولا يعرف البدل، أصابتني جنابة ولا ماء، أو يعرف أن هناك شيء اسمه التيمم وهو بديل عن الماء، لكن لا يظن أنه يجزئ عن الغسل، أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: ((عليك بالصعيد فإنه يكفيك)) والصعيد الطيب طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين، شخص جالس بدون الماء أو عنده ماء يسير يكفيه للشرب والأكل، هذا مثل المعدوم حكماً، وإن كان موجود عيناً حقيقة، لكن إن شاء أن يتوضأ به مات من العطش، يأتي إلى

التيمم، إذا كان عنده ماء ولا يستطيع استعماله في مرض أو لشدة برد أو نحوه، فإنه حينئذٍ يكون عادم للماء حكماً، وإن كان حقيقة موجوداً، يكفيه الصعيد الطيب، وفي الحديث: ((الصعيد الطيب طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتقِ الله وليمسه بشرته)) دين الله بين الغالي والجافي، لا نقول: أنت ما وجدت الماء، أو شخص يبحث عن الماء حتى يكل ويمل، وتضيع عليه الأوقات في كل وقت يبحث عن الماء حتى يضيق وقت الصلاة أو يستعمل التيمم مع تيسر الماء وقربه منه، كما يفعله الكثير من المتساهلين من المسلمين، الماء قريب جداً من عنده ويتيمم، نقول: لا يا أخي، التيمم لا يجزئ ولا يكفي مع وجود الماء، فلم تجدوا ماءاً فتيمموا، علقت صحة التيمم على عدم وجود الماء، أما مع وجوده فلا يجزئ التيمم.

((الصعيد الطيب طهور المسلم)) يكفيه ((ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتقِ الله وليمسه بشرته)) لما يستقبله من أحداث أو لما مضى؟ نعم؟ المسألة مبنية على التيمم البديل عن طهارة الماء، الطهارة بالماء ترفع الحدث اتفاقاً، ترفع الحدث بالإجماع، التيمم الذي هو بديل عن الماء هل هو مبيح لمزاولة العبادات التي لا تصح إلا بطهارة مبيح، أو هو رافع رفع مطلق، أو رافع رفع مؤقت إلى وجود الماء؟ نعم، رافع رفع مؤقت إلى وجود الماء، ويش معنى هذا الكلام؟ إذا قلنا: مبيح أن الحدث موجود، ما ارتفع الحدث موجود، فأنت تصلي وأنت محدث، لكنك أذن لك أن تصلي بهذه الطهارة الناقصة المبيحة للصلاة، تقرأ القرآن بهذه الطهارة المبيحة لقراءة القرآن، لكن ما زلت محدث، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من قال لعمرو بن العاص أنه صلى بقومه وهو جنب، نعم؟ فبهذا يستمسك من يقول: إن التيمم مجرد مبيح، إيش معنى مبيح؟ إذا أردت أن تصلي تيمم؛ لتستبيح بهذا التيمم الصلاة، وإلا فأنت جنب، إذا أردت أن تقرأ القرآن تيمم، لتستبيح قراءة القرآن وأنت جنب، إذا خرج الوقت ودخل وقت صلاة أخرى تيمم، ولو لم تحدث، إذا قلنا: رافع، مثل الوضوء، البدل له حكم المبدل، خلاص تيمم، ارتفع الحدث، كأنك توضأت واغتسلت، ولا فرق، وتصلي بهذا التيمم وتفعل جميع العبادات التي تفعلها بالوضوء؛ لأن الحدث ارتفع، رفع مطلق، إذا قلنا: رفع مؤقت إلى وجود الماء، قلنا: فليتقِ الله وليمسه بشرته، صلِ بهذا التيمم كأنك متوضأ، كأنك مغتسل إن كنت جنب، وافعل جميع العبادات التي تفعل بالطهارة الأصلية بالماء، لكن إذا وجدت الماء عليك أن تغتسل، المسألة مفترضة في شخص أصابته جنابة، بحث عن الماء ما وجد، تيمم وصلى، قام لصلاة الصبح فإذا به قد أجنب، بحث عن ماء ما وجد، تيمم وصلى الصبح، فلما طلعت الشمس وجد الماء، هل نقول: إن الجنابة ارتفعت ما يحتاج إلى أن يغتسل، خلاص راحت رفع مطلق، أو نقول: إن هذا مبيح للصلاة وليس برافع، فيلزمه أن يغتسل؟ أو نقول: هو رفع الحدث رفعاً مؤقتاً إلى وجود الماء فعليه أن يغتسل؟ يعني الجنابة التي مضت وتيمم عنها، ارتفعت وإلا ما ارتفعت؟ طالب:. . . . . . . . .

رفع مطلق؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، أو رفع مؤقت إلى أن يجد الماء، ((فليتقِ الله وليمسه بشرته))؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أنا أريد الجنابة التي حصلت قبل صلاة الصبح، وتيمم عنها، وصلى الصبح بالتيمم عن الجنابة ثم وجد الماء، إذا قلنا: رفع مطلق قلنا: كأنه اغتسل، انتهت الجنابة، وليتقِ الله وليمسه بشرته فيما يستقبله من أحداث، أما ما مضى انتهى، ارتفعت الجنابة، وإذا قلنا: رفع مؤقت، قلنا: فليتقِ الله وليمسه بشرته فيما مضى من حدث كالغسل، وعندهم الحديث محتمل، ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) لما مضى من حدث، أو ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) لما يستقبل من أحداث، لكن المرجح أنه يرفع رفعاً مؤقتاً إلى وجود الماء، لماذا رجحنا هذا الاحتمال على الاحتمال الثاني؟ لماذا؟ رجحنا هذا الاحتمال على الاحتمال الثاني لأننا إذا قلنا: ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) لما يستقبل من الأحداث الحديث فيه فائدة جديدة؟ يأتي بفائدة جديدة؟ كل نصوص الطهارة تدل على هذا، لسنا بحاجة إلى مثل هذا الخبر، ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) فيكون مؤكداً لأحاديث أخرى، إذا قلنا: ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) لما مضى من حدث قلنا: هذا مؤسس لحكم جديد، مؤسس لحكم جديد نستفيده من هذا الحديث فقط، ما في الباب غير هذا الحديث، وعند أهل العلم أن التأسيس أولى من التأكيد. الحديث الذي يليه. وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة، فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد، كما تتمرغ الدابة، ثم أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك له، فقال: ((إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا)) ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه.

عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: قال: بعثني النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة فأجنبت، أصابته جنابة، فلم يجد ماءً، وقد سمع أن التيمم بديل عن استعمال الماء عند عدمه، فلم أجد الماء فتمرغت، لكن كيف يستعمل التيمم؟ ظن أنه لا بد من تعميم البدن بالتراب في الغسل كما يعمم بالماء عند وجوده، فتمرغت في الصعيد، تمرغ في الصعيد تعرى وتقلب في الصعيد؛ ليعم التراب جميع بدنه كما يعمه الماء على الصورة المعروفة في الاغتسال، يقول: فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، تقلب، ثم أتيت النبي -عليه الصلاة والسلام- فذكرت له ذلك، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا)) تقول هنا إطلاق القول على الفعل، وهذا كثير في النصوص، إطلاق القول على الفعل وإلا فالأصل أن القول اللفظ، الكلام، هنا يطلق على الفعل، ((إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا)) ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه، الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه. ما المقدم؟ المقدم مسح اليدين وإلا الوجه في الحديث، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لكنه عطف بالواو التي لا تقتضي الترتيب، هذا الحديث يدل على أن التيمم يجزئ عن الغسل في الجنابة لعادم الماء، وإنه لا يلزم فيه الترتيب، وهذا في التيمم البديل عن الغسل، وأما في التيمم البديل عن الوضوء؛ لأن الغسل ما يحتاج إلى ترتيب، يعني لو عم جميع بدنه بالماء، يعني لو غسل رجليه قبل وجهه في الغسل، ما يحتاج إلى ترتيب، الغسل لا يحتاج إلى ترتيب، وهذا كذا بدله التيمم لا يحتاج إلى ترتيب، ولذلك قال: "ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجه" فلا يحتاج إلى ترتيب. التيمم البديل عن الوضوء، والوضوء يلزم فيه الترتيب، نعم، إذن بدله يلزم فيه الترتيب، التيمم عن الوضوء يلزم فيه الترتيب، فيمسح وجهه ثم يمسح كفيه.

"ثم ضرب بيديه الأرض" النبي -عليه الصلاة والسلام- ضرب بيديه الأرض، وهذا تعليم بالفعل، وهو أبلغ من التعليم بالقول؛ لأنه ليس الخبر كالمعاينة كما هو معروف، "ثم مسح الشمال على اليمين" الآن الممسوح الوجه معروف، الوجه معروف حدوده، لكن الممسوح في التيمم؟ الممسوح في التيمم بالنسبة لليدين إلى أين؟ هنا يقول: وظاهر كفيه، والكف تطلق إلى الرسغ، إلى المفصل هذا، الكف تطلق إلى الرسغ، والممسوح اليد، جاءت اليد في آية التيمم مطلقة، وجاءت في آية الوضوء مقيدة، جاءت اليد في آية التيمم مطلقة، {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ} [(43) سورة النساء] إيش؟ نعم، مطلقة، وجاءت اليد في آية الضوء مقيدة بالمرافق، فهل نقول في مثل هذا: يحمل المطلق على المقيد؟ نعم؟ يحمل وإلا ما يحمل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ للاختلاف في إيش؟ في الحكم وإن اتفق السبب، السبب متحد، السبب الحدث، والحكم مختلف، هذا غسل وهذا مسح، ما دام اختلف الحكم لا يحمل المطلق على المقيد، وإن اتحد السبب، أيضاً آية الوضوء مقيدة بالمرافق، وآية السرقة اليد مطلقة ولا يحمل المطلق على المقيد للاختلاف في الحكم والسبب، وهذا سبقت الإشارة إليه، وعلى هذا التيمم للكفين فقط، وليس إلى المرفقين كما يقول بعض أهل العلم، وشذ بعضهم فقال: إلى الآباط وإلى المناكب، لكن المطلوب مسحه في التيمم الكفان، نعم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِ، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة)).

حديث جابر في ذكر الخصائص النبوية الخمس، الخصائص كثيرة، خصائص النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرة جداً، وخصائص أمته أيضاً كثيرة، خصت هذه الأمة دون سائر الأمم بخصائص، وخص نبيها -عليه الصلاة والسلام- بخصائص، لم يعطها أحد قبله من الأنبياء، وألفت في ذلك المؤلفات، للسيوطي كتاب: الخصائص مطبوع في ثلاثة مجلدات، فالخصائص النبوية كثيرة، هذا لشرفه -عليه الصلاة والسلام-، والتخصيص تكريم، تكريم لهذا النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي)) هل الوضوء من خصائص هذه الأمة؟ نعم؟ ((إن أمتي يبعثون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء)) فهل الوضوء من الخصائص؟ نعم؟ أو الذي من الخصائص الغرة والتحجيل والوضوء موجود في الأمم السابقة؟ نعم الوضوء موجود في الأمم السابقة، لكن خصيصة هذه الأمة بالغرة والتحجيل، فليس الوضوء من الخصائص؛ لأن جريجاً توضأ، وسارة امرأة إبراهيم توضأت، فخصيصة هذه الأمة بالغرة والتحجيل. يقول: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر)) وفي بعض الروايات: ((مسيرة شهرين)) نعم مسيرة شهرين ذهاباً وإياباً، مسيرة شهراً ذهاباً فقط، ومسيرة الشهر تبلغ أقصى الدنيا، آلاف الأميال، مجرد ما يسمع باسمه يصاب خصمه بالرعب، مجرد ما يسمع الخصم والعدو أن محمداً -عليه الصلاة والسلام- يجهز لغزوه ينهار؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نصر بالرعب؛ ولأمته جماعات وأفراد النصيب من هذا الرعب بقدر اقتدائهم به -عليه الصلاة والسلام-، فإذا اقتدوا به -عليه الصلاة والسلام- ظاهراً وباطناً، نصروا بالرعب، إذا تخلوا عن دينه وتعاليمه وابتعدوا عن شرعه ومنهجه لم يكن لهم شيء من الرعب، ولذا كما ترون الآن في وضع الأمة، الأمة راعبة وإلا مرعوبة؟ طالب: مرعوبة.

مرعوبة، بسبب بعدها عن المنهج النبوي الرباني، هم أصيبوا بالرعب، وضربت عليهم الذلة بسبب تركهم ذروة سنام الإسلام، كما جاء في الحديث: ((إذا تبايعتم بالعينة، واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله ضربت عليكم الذلة)) ولا يمكن أن ترفع هذه الذلة إلا بمعاودة الدين، وذلة وأي ذلة، وقد سلط على هذه الأمة، وهي خير أمة أخرجت للناس، سلط عليها من؟ أراذل البشر، من ضربت عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة، لا يستطيعون أن يتصرفوا إلى بحبل من الله وحبل من الناس، حبل الله مقطوع، بقي حبل الناس، لولا من يمدهم من دول الكفر ما قامت لهم قائمة؛ لأنهم مضروب عليهم ذلة ومسكنة، فهذه الأمة التي ضربت على أراذل الخلق وهم اليهود سُلطت على خير أمة أخرجت للناس، لماذا؟ مبالغة في النكاية بهذه الأمة، لبعدها عن دين الله، وشرع الله، يعني لما يقال: زيد قتله الأسد، معذور يا أخي قتله الأسد، لكن لما يقال: قتله جُعل، أو خنفساء أو شيء من هذا، هذا عجب، غاية في الذلة والمهانة، يسلط عليك أرذل المخلوقات، هذا مبالغة في النكاية بهذه الأمة التي أعرضت عند دين الله، وإن كانت هذه أفضل الأمم وخير الأمم، لكن الفضل والخير معلق بوصف، إن وجد هذا الوصف وإلا ليس بينهم وبين الله نسب، {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [(38) سورة محمد] وإلا فالأصل أن هذه الأمة ما دامت متمسكة بدين الله، ملتزمة بشرع الله، مقتفية لأثر نبيها -عليه الصلاة والسلام-، هي خير أمة أخرجت للناس، والوصف الذي علقت به الخيرية إن قام كما ينبغي رجعت هذه الخيرية، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [(110) سورة آل عمران] لماذا؟ لأنكم عرب؟ لا والله، الوصف ما هو ... ، {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [(110) سورة آل عمران] والله المستعان.

((نصرت بالرعب)) فمتى استقامت الأمة على دين الله وعلى شرع الله نصرت بالرعب، وهذا أيضاً على مستوى الأفراد، شيء محسوس وملموس، إذا وجدت شخص مستقيم على دين الله وعلى شرع الله تخاطبه وأنت وجل، تخاطبه وأنت تأخذ راحتك وأنت تخاطبه؟ ما تأخذ راحتك، بعض المسئولين الكبار، كبار، كبار، بأيديهم أمر ونهي وحل وعقد، يأتي ليخاطب عالم من أضعف الناس بنية، بل من أضعف الناس شخصية، وهو يرتعد، لماذا؟ لأن هذا استقام على شرع الله، نصر بالرعب، بقدر نصيبه من اقتدائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، إيش معنى هذا من المسئول الكبير الخطير الذي يملك الجيوش يأتي ليقابل عالم من علماء المسلمين العاملين في الأيام شديدة البرد ويده كأنها مغموسة في ماء من العرق، ويرتعد، إيش معنى هذا؟ هذا الرعب، هذا الخوف، هذه الهيبة التي تقذف في قلوب العباد لمن يعمل بشرع الله -عز وجل-.

((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل)) هذا هو الشاهد من الحديث، ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِ)) الأمم السابقة كانوا لا يصلون إلا في مواضع عباداتهم، في بيعهم وكنائسهم، في هذا حرج شديد، لكن هذه الأمة جُعلت لها الأرض مسجداً وطهوراً، أدركتك الصلاة عندك المسجد وعندك الطهور، اضرب بيدك الأرض مرة واحدة، وامسح وصل، وهذا من يسر هذه الشريعة، ((إن الدين يسر)) ((بعثت بالحنيفية السمحة)) وليس معنى هذا أن الإنسان يتنصل من الواجبات، ويرتكب المحرمات، ويقول: الدين يسر، لا يا أخي، الدين يسر نعم، الأصل في الدين أنه تكاليف، والتكاليف إلزام ما فيه كلفة، لكن هذه الكلفة محتملة، أصابتك نجاسة تغسل هذه النجاسة، ما يلزم أن تأتي بالمقراض وتقرض موضع النجاسة، الدين يسر، لكن تترك النجاسة وتقول: الدين يسر، ما هو بصحيح، الدين تكاليف، ((حفت الجنة بالمكاره)) يخطئ من يفهم يسر الدين بالتنصل عن فعل الواجبات، وارتكاب المحظورات، لا، الدين تكاليف، نعم، والإنسان إذا بلغ كُلف إيش معنى كلف؟ ألزم ما فيه كلفة، يعني هل يستوي في أيام الشتاء القارس من هو متلفلف في فراشه ومؤذن، المؤذن يؤذن لصلاة الصبح، وبين من يستعمل الماء مع برودته ويخرج إلى المسجد؟ ما يستوي، لو قال: إن الدين يسر، وتلفلف بالفراش ونام، والدين يسر، نعم يسر لكن هو تكاليف يا أخي قم من منامك وتوضأ واستعمل الماء رغم برودته، واخرج تعرض للهواء وصل مع الجماعة، هذا الدين يسر، لكن ليس معنى هذا أنك تعرض نفسك للتلف، لا، فالدين يسر نعم، يعني لا يعرضك لما لا تحتمله ولا تطيقه، نعم، لكنه يسر، يكلفك ما تطيق، {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [(286) سورة البقرة] أما ما يطاق وإن كان ثقيلاً على النفس، والنفس تحتاج إلى جهاد من أجل تحمل هذه التكاليف، ومع ذلكم هو يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، يأتي شخص يصلي من صلاة العشاء إلى أذان الفجر، ويقول: يا أخي الدين يسر، ((لكني أنام وأصلي)) وليس من

هديه -عليه الصلاة والسلام- قيام الليل كله؛ لأن الدين يسر، لكن ما تقول: أنا لا أصلي العشاء في الجماعة ولا الفجر مع الجماعة لأن الدين يسر، لا يا أخي، تصلي. ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) ((جعلت لي الأرض مسجداً)) تصلي في جميع بقاع الأرض، ما لم تكن هذه الأرض مما استثني في النصوص لنجاستها مثلاً الحسية أو المعنوية، فهذا الحديث مخصوص، هذا الحديث وهو من أحاديث الخصائص مخصوص، تصلي في مجزرة فيها الدماء؟ ما تصلي، تصلي في مزبلة؟ ما تصلي، تصلي في مقبرة؟ ما تصلي، وغير ذلك مما جاءت النصوص بمنع الصلاة فيه، وهذا تخصيص لحديث الخصائص. ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- والحافظ ابن حجر يرون أن أحاديث الخصائص لا تقبل التخصيص، لماذا؟ لأن الخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والتخصيص تقليل لهذا التشريف، فكيف يجتمع تشريف ثم تقليل؟ التشريف يحتاج إلى مزيد، فالخصائص عندهم لا تقبل التخصيص، فعلى هذا تصلي في المقبرة؛ لأن ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) على عمومه، تخصيص المقبرة بالمنع من الصلاة فيها وقد جاء النهي عن الصلاة في المقبرة وإلى القبور تقليل لهذا التشريف، كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أقول: يا أخي ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- حينما قال ذلك لحظ ملحظ، وهو أن .. ، هو ما ذكرناه من أن الخصائص تشريف، والتشريف بحاجة إلى مزيد وليس بحاجة إلى نقص، ملاحظة لحقه -عليه الصلاة والسلام-، نقول: الصلاة في المقبرة إنما منعت لحق الله -عز وجل-؛ لأن الصلاة في المقبرة ذريعة إلى الشرك، المحافظة على التوحيد من حق الله -عز وجل-، إذا تعارض حق الله -عز وجل- مع حق نبيه -عليه الصلاة والسلام- أيهما أولى بالمحافظة؟ حق الله -عز وجل-، فتمنع الصلاة في المقبرة مراعاة لحق الله -عز وجل-.

((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) طهوراً ((الصعيد الطيب طهور المسلم)) {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(43) سورة النساء] ومقتضى ذلك يتناول جميع ما على وجه الأرض، ((جعلت لي الأرض)) بجميع ما على وجهها، والصعيد: ما تصاعد على وجهها من أي شيء كان، تراب أو رمل، حصى، حجر، نورة، أي شيء على وجه الأرض، حتى الفرش هذا إذا أمكن التيمم به لوجود الغبار، جميع ما على وجه الأرض. الرواية الصحيحة في صحيح مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) هل تتعارض هذه الرواية مع ما معنا؟ ((جعلت لي الأرض)) يعني جميع ما على وجهها، الرواية الثانية في صحيح مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) هل هناك معارضة بين الروايتين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . الخاص مقدم على العام، إذن الخاص مقدم على العام. طالب:. . . . . . . . . لا، لا. . . . . . . . . القذرة مستثناة، منتهية، لكن غير القذرة، وجدنا رمل نظيف، أو حجارة نظيفة ملساء، ما فيها شيء يعلق باليد، هذا على وجه الأرض نتيمم وإلا ما نتيمم؟ إذن ماذا عن قوله: ((وجعلت تربتها)) الحنابلة والشافعية يقولون إيش؟ لا يصح التيمم إلا بالتراب، تراب له غبار يعلق باليد، الرمل ما يصح التيمم به، الحصى ما يصح التيمم به، ولو كان على وجه الأرض، غيرهم من أهل العلم يقولون: تيمم على كل ما على وجه الأرض، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا ما يلزم، الصعيد ما تصعد على وجه الأرض، والأرض تتناول جميع ما على وجه الأرض، الجبل تبع الأرض وإلا ما هو بتبع الأرض؟ تبع الأرض، لكنه ليس بتراب، ((جعلت تربتها لنا طهوراً)) هل نقول: إن هذا عام وخاص والخاص مقدم على العام؟ أو نقول: الأرض مطلقة والتراب مقيد ويحمل المطلق على المقيد؟ أولاً: هل هذا من باب التخصيص أو من باب التقييد؟ يعني هل التراب فرد من أفراد الأرض أو وصف من أوصاف الأرض؟ وصف وإلا فرد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، لا ما يلزم، لا، لا لكن الآن نعود إلى لفظ التراب هل هو وصف من أوصاف الأرض، أو فرد من أفرادها؟ إن قلنا: وصف قلنا: إطلاق وتقييد، إذا قلنا: فرد من أفرادها قلنا: عموم وخصوص، نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . فرد من أفرادها، خلنا على فرد من أفرادها. إذا قلنا: التراب فرد من أفراد الأرض، وقلنا: التراب خاص والأرض عام، هل يحمل العام على الخاص في مثل هذه الصورة؟ نعم؟ يحمل العام على الخاص وإلا ما يحمل؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نقول: التراب فرد من أفراد الأرض، إذن التراب خاص والأرض عام، يحمل العام على الخاص وإلا ما يحمل العام على الخاص في هذه الصورة، ولماذا؟ نعم؟ العام مع الخاص إما أن يتفقا في الحكم، الحكم واحد، أو يختلفا في الحكم، فذكر بعض أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، ويكون ذكر الخاص بعد ذكر العام للعناية به والاهتمام بشأنه، وهنا هذا تنصيص على بعض أفراد العام، بحكم موافق لحكم العام فلا تخصيص، طيب {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} وإيش؟ ومن؟ {وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ} [(163) سورة النساء] نوح خاص والنبيين عام هل نقول: إن الخاص يقضي على العام؟ أو نقول: ذكر نوح للاهتمام بشأنه والعناية به والحكم واحد؟ نعم؟ لأن الحكم واحد، ما بينهم خلاف، لكن لو قيل .. ، إذا قيل: أعط بني تميم، شخص أوصى بشيء لبني تميم، ثم ذكر وصية ثانية يُعطى الفقهاء من بني تميم، نعم، قلنا: التنصيص على الفقهاء لا يعني أن بقية بني تميم لا يعطون، إنما للعناية بشأن الفقهاء والاهتمام به، الحكم واحد، لكن لو قيل: أعطِ بني تميم في وصية، ثم قيل بعد ذلك في وصية لاحقة: لا تعط الفساق من بني تميم، نعم، قلنا: خلاص الآن الخاص نعم ... ، أو قيل: أعطِ الفقهاء ولا تعط العوام، قلنا: الخاص مقدم على العام؛ لأن الحكم اختلف، لكن ما دام الحكم واحد لا يحمل العام على الخاص، وإنما يذكر الخاص للعناية بشأنه والاهتمام به.

لو قلنا: إن التراب وصف من أوصاف الأرض، وقلنا: إن هذا مطلق ومقيد، واتفقا في الحكم والسبب، فيحمل المطلق على المقيد، وحينئذٍ لا نتيمم بشيء على وجه الأرض إلا التراب، وإلى هذا ينحو من يقول: بأنه لا يجزئ التيمم إلا بالتراب كالحنابلة والشافعية، فالذين قالوا بالتيمم بجميع ما على وجه الأرض قالوا: عموم وخصوص، أو قالوا: هذه زيادة تضمنت بعض الاختلاف ولم يروها بل تفرد بها الراوي يحكم عليهم بالشذوذ كما قال بعضهم، لكنها في صحيح مسلم لا كلام لأحد، إذا قلنا: إنها من باب العموم والخصوص مشينا على قول من يقول: يتيمم بكل ما على وجه الأرض، ولا مخصص بالتراب، ويمشي على هذا رأي الحنفية والمالكية وجمع من أهل العلم، ولا نحتاج إلى تخصيص؛ لأن الحكم واحد، وذكر التراب للاهتمام بشأنه، وإذا قلنا: إطلاق وتقييد، حملنا المطلق على المقيد، وقلنا: لا تيمم إلا بتراب، كما يقول الشافعية والحنابلة، والأظهر هو القول الأول إن ذكر التراب للاهتمام به، والعناية بشأنه. ((فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل)) يعني خلافاً لما كانت عليه الأمم السابقة من أنهم لا يصلون إلا في مواضع الصلاة. ((وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي)) الأمم السابقة كانوا إذا غزوا وغنموا جمعوا هذا المغانم في جهة، فإن كانت متقبلة أريد بها وجه الله نزلت عليها نار من السماء فأكلتها، وفي شرعنا: كلوا مما غنمتم، ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) ولذا يقرر أهل العلم أن أطيب المكاسب إيش؟ الغنائم، لماذا؟ لأنها رزق النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي لا يزاول تجارة، ولا يزاول .. ، ليس له مرتب ولا دخل إلا من المغانم، وهو رزق النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو أفضل المكاسب على الإطلاق، وإن قال بعضهم: إن الزراعة أفضل، وبعضهم قال: الصناعة؛ لأن داود كان صانع، المقصود أن المغانم التي هي رزق النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل المكاسب. ((وأعطيت الشفاعة)) وشفاعات النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيرة، لكن من أعظمها الشفاعة العظمى التي تريح الخلائق كلهم من عناء الموقف، وهي المقام المحمود، الذي نسأله للنبي -عليه الصلاة والسلام- دبر كل أذان.

باب: الحيض:

((وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة)) بعث إلى الأحمر والأبيض والأسود، إلى الثقلين إلى الجن والإنس، والأنبياء يبعثون إلى أقوامهم، فمن خصائصه -عليه الصلاة والسلام- عموم الرسالة، عموم رسالته إلى الثقلين العرب وغير العرب، الإنس والجن، فالذي يؤمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- نبي، لكن يقول: هو نبي للعرب، للأميين خاصة، هذا ما آمن، من كان يزعم أنه يسعه الخروج عن شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام-، أو يصل إلى حد تزول عنه التكاليف هذا ليس بمسلم، من كان يسعه الخروج عن شريعة محمد كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى هذا كافر، ((والله لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بي إلا دخل النار)) فالرسالة عامة لجميع من على وجه الأرض، للإنس والجن، إلى الثقلين، نعم. باب: الحيض: عن عائشة -رضي الله عنها- أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: ((لا، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي)). وفي رواية: ((وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الحيض"

الحيض دم طبيعة وجبلة كما يقول أهل العلم، يرخيه رحم المرأة إذا بلغت سن التكليف، وهذا من لطف الله -جل وعلا- بالمرأة؛ لأنه لو انحبس ضرها، ووجوده أمر لا بد منه لتغذية ما في بطنها من حمل، ولذا ينحبس نزوله أثناء الحمل، ويقرر جمع من أهل العلم أن الحامل لا تحيض، فينحبس أثناء الحمل لتغذية الطفل، فإذا لم يوجد حمل أرخاه الرحم ليخرج؛ لأنه لو بقي لآذاها، لو تراكم عليها لضرها، وهذا شيء كتبه الله على بنات آدم، شيء كتبه الله على بنات آدم، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [(222) سورة البقرة] وثبت في الحديث الصحيح أن المسلم يكتب له ما كان يعمله وهو مقيم إذا سافر أو مرض، يستمر عمله، يكتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً، فهل يكتب للمرأة إذا حاضت ما كانت تعمله في حال طهرها؟ لأن المنع ليس بيدها، نيتها تستمر في طاعة الله -عز وجل-، لكنها منعت شرعاً، كما منعت المشقة المسافر، وكما منع المرض المريض من عمل ما كان يعمله هو لما كان صحيحاً سليماً معافى، فهل يكتب لها أو لا يكتب؟ طالب:. . . . . . . . . لا يكتب لماذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لأنها ناقصة في العقل والدين، لو كان يكتب لها ما صارت ناقصة، لو كان يكتب لها من الأجر ما كانت تعمله في حال طهرها ما قيل: ناقصة، هذه حجة من يقول: إنه لا يكتب لها ما كانت تعمله في حال الطهر، ومنهم من يقول: يكتب لها؛ لأنه أذى، والأمر ليس بيدها، ونيتها أن تصلي وتصوم، لكنها ممنوعة شرعاً من ذلك، كما منع المريض بالمرض، والأذى نوع من المرض، والقول الآخر أنه لا يكتب لها لأنه لو كانت يكتب لها ما كانت ناقصة دين، تمر بها الأيام لا تصوم ولا تصلي، فهي ناقصة، لو كانت كاملة لكتب لها، وعلى كل حال الأمر بيد الله -عز وجل- أولاً وأخراً، فلا اعتراض على حكمه إن لم يكتب، ولا حاد لفضله إن كان يكتب، لا اعتراض لحكمه إن كان لا يكتب لها ما كانت تعمله، فله الأمر أولاً وأخراً، ولا راد لفضله إن كان يكتب، فالمسألة محتملة وهي خلافية بين أهل العلم. عن عائشة -رضي الله عنها- أن فاطمة بنت أبي حبيش، سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟

هناك نساء يبتلين بهذا النزيف المسمى عند أهل العلم بالاستحاضة، وما يسمى بدم الفساد، وهو النزيف في عرف الناس اليوم يسمونه نزيف، يبتلى به بعض النسوة، ووجد في عصره -عليه الصلاة والسلام- جمع من النسوة يبتلين، فاطمة بنت أبي حبيش، تستحاض فلا تطهر، حمنة استحيضت سبع سنين، وأم حبيبة، وزينب مجموعة من النسوة كن مبتليات بهذا النزيف، وعلى كل حال هو مصيبة من المصائب على المرأة أن تصبر وأن تحتسب وتنال أجرها بذلك. "إني أستحاض فلا أطهر" لما حاضت عائشة -رضي الله عنها- في الحج وندمت على ذلك بل بكت، طمأنها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، ولما حاضت صفية وإلا زينب؟ نعم؟ قال لها: ((عقرى حلقى أحابستنا هي؟ )) والسبب في ذلك لأن بعض الناس يتوقع أن هذا اختلاف معاملة من النبي -عليه الصلاة والسلام- لأزواجه، هذا ليس باختلاف معاملة، بل ذلك لما يترتب على الحيض بالنسبة لهذه ولهذه، حيض عائشة قبل دخول مكة، مجزوم بأنها تطهر ولا تحبسهم قبل رجوعهم، وحيض صفية إنما كان في آخر الأمر، يعني لو لم تطف طواف الإفاضة لترتب على ذلك الحبس والتأخر، ولذا قال: ((أحابستنا هي؟ )) لا شك أن الآثار المترتبة على حيض عائشة غير متعدية؛ لأنها سوف تطهر قبل انصرافهم، قبل رجوعهم، ولا يترتب عليها حبس، لكن حيض الثانية لا شك أنه في آخر الأمر ويترتب عليه الحبس، ولذا قال: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) يطمئنها، وهذه قال لها: ((عقرى حلقى أحابستنا هي؟ )) يعني لماذا ما احتاطت وأفاضت مع الناس؟ لماذا أخرت الإفاضة؟ فلما أخبر أنها قد أفاضت قال: ((فلا إذن)) هذا تنبيه يحتاج إليه؛ لأن بعض الناس إذا سمع هذا يظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعدل بين زوجاته، والعدل واجب، وإن كان بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- المسألة خلافية، هل يلزمه أن يعدل في القسم؟ هل يلزمه أن يعدل في المعاملة بعد أن خيرهن -عليه الصلاة والسلام-؟ "أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟

الاستحاضة: جريان الدم من فرج المرأة في غير وقته، وفي غير أوانه، غير وقت الحيض، وأيضاً يختلف وصفه، فدم الحيض أسود يُعرِف له رائحة، ومعروف لدى النساء، ودم الاستحاضة يختلف. "إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: ((لا)) " في وقت الاستحاضة المرأة في حكم الطاهرة، ((إن ذلك دم عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي)). المستحاضة ينزل عليها الدم شهر كامل، تترك الصلاة؟ لا، تصلي كل الشهر؟ لا، ماذا تصنع؟ قدر الأيام، هذه المستحاضة التي يستمر معها نزول الدم إن كانت معتادة لها عادة معينة الأسبوع الثاني من كل شهر ينزل عليها دم الحيض، ففي هذا الشهر تدع الصلاة الأسبوع الثاني، وتصلي في الأسبوع الأول والثالث والرابع؛ لأنها في حكم الطاهرات، هذا الأسبوع الذي اعتادت أن تأتيها العادة فيه، هذا إذا كانت معتادة، إن كانت مميزة بمعنى أن دم الحيض يختلف في لونه ورائحته عن دم الاستحاضة، تجلس ما دام الدم الذي هو دم الحيض موجود، إذا تغير لونه تغتسل وتصلي، إن لم تكن معتادة ولا مميزة تتحيض غالب الحيض، تنظر إلى نسائها أمها وأخواتها وخالاتها كم عادتهن؟ ستة أيام أو سبع، تجلس ستة أيام وسبع، يعني إذا كان ينزل عليها الدم شهر كامل ولا اختلاف ليست لها عادة، أو لها عادة مضطربة، شهر ثلاثة أيام، وشهر خمسة، وشهر يومين، وشهر ... ، مثل هذه تجلس غالب الحيض، والدم واحد، من يوم واحد إلى يوم ثلاثين لونه واحد، ورائحته واحدة فحينئذٍ تتحيض كما تتحيض غالب النساء، والمقصود نسائها القريبات منها. ((دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي)) تغتسل عن إيش؟ عن الحيض، واغتسال الحيض واجب، والحيض موجب للغسل كما هو معروف. وفي رواية: ((وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة)) هذا بالنسبة لمن يعرف وقتها أو لونها فيميز، ((فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها)) مدتها ذهبت، ((فاغسلي عنك الدم وصلي)) وسيأتي في الحديث -حديث أم حبيبة- أنه أمرها أن تغتسل، في الحديث الثاني، نعم، اقرأ الحديث.

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فأمرها أن تغتسل، قالت: فكانت تغتسل لكل صلاة. نعم، فاطمة كانت تستحاض فسألت النبي -عليه الصلاة والسلام-، أم حبيبة أم المؤمنين استحيضت سبع سنين فسألت النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا دليل على أن المرأة تباشر السؤال بنفسها عما يخصها، لا مانع من مباشرتها عن السؤال فيما يخصها، ولا يقال: إن صوت المرأة عورة، لكن يجب عليها أن لا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، لكن بعض النساء طبيعتها كذا، صوتها مغري، هذه بقدر الإمكان تخفف مما يغري الرجال بها، وإلا فالأصل أن صوت المرأة إذا كان بطريقتها العادية من غير تكلف وخضوع أنه ليس بعورة، لكن إذا وجدت الفتنة بصوتها أو بها حينئذٍ عليها أن تكف، لا تعرض نفسها لئن تفتتن أو تفتن، ولو كان هذه خلقتها، فتسأل بواسطة، إذا خشيت من الفتنة عليها أو على غيرها تسأل بواسطة، وإلا فالأصل أن تتولى المرأة السؤال بنفسها. أم حبيبة أم المؤمنين استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فأمرها أن تغتسل فكانت تغتسل لكل صلاة، يعني المستحاضة التي يستمر معها نزول الدم، حكمها حكم من به حدث دائم، سلس بول، أو سلس ريح، أو جرح لا يرقأ، مثل هذا حدثه دائم، وحينئذٍ تتوضأ لكل صلاة. "أمرها أن تغتسل" الأصل أن تغتسل مرة واحدة، كما جاء في الحديث السابق، فكانت تغتسل لكل صلاة، فاغتسال المستحاضة لكل صلاة مستحب، وليس بواجب، أمرها أن تغتسل مرة واحدة، فكان من عادتها أن تغتسل لكل صلاة اجتهاداً منها؛ لأن الأصل أن الأمر لا يقتضي التكرار، والتكرار يحتاج إلى أمر جديد، فأمرها أن تغتسل، فكان من احتياطها أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وهي زوجته مع علمه -عليه الصلاة والسلام- فيؤخذ منه الاستحباب، ولا يلزم أن تغتسل لكل صلاة، وجاء أيضاً في الحديث: ((توضئي لكل صلاة)) فدل على أن وضوءها لا يرفع الحدث، ولو كان يرفع الحدث لما أمرت أن تتوضأ لكل صلاة، ولقائل أن يقول: إنه يرفع الحدث لكن خروج الدم مرة ثانية ناقض لذلك الوضوء، فيلزمها أن تتوضأ لكل صلاة، نعم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد كلانا جنب، وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض. عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- تخبر عن الأمور الخاصة بينها وبين النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس هذا من التحدث بما لا يجوز الحديث عنه؛ لأن الإنسان ممنوع أن يتحدث فيما يقع بينه وبين زوجته في الأمور الخاصة، لكن هذا يترتب عليه حكم شرعي للأمة، يعني لو لم تقل عائشة هذا الكلام كيف يبلغنا مثل هذا الحكم؟ تقول: "كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد كلانا جنب" وتختلف أيديهم فيه ويقول لها: ((دعي لي)) وتقول: "دع لي" وتقدم هذا، والشاهد هنا: "وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض" الحائض طاهرة الأصل، تنام مع زوجها وتأكل معه، وتساكن الناس، وتباشر، وتأخذ وتعطي، وعرقها طاهر، نعم. "وكان يأمرني فأتزر" تلبس الإزار "فيباشرني وأنا حائض" يعني من فوق الإزار، نعم، فيما فوق الإزار للرجل أن يستمتع من امرأته فيما عدا موضع الأذى، وينبغي أن يبتعد عن الموضع ولا يحوم حول الحمى لئلا تدعوه نفسه إلى أن يقع في الحرام، ولذا كان يأمرها أن تأتزر. "فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض" تباشر غسل رأسه بالماء ما يقال إنها ما دامت يابسة ما تنجس، لا، هي رطبة الآن، وهي أيضاً متلبسة بهذا الحدث، فدل على أنها طاهرة، فتباشر غسل رأسه بالماء؛ لأن النجس، اليابس ما ينجس اليابس، لكن الرطب ينجس، وهنا تباشر الغسل والغسل فيه رطوبة، "وهو معتكف فأغسله وأنا حائض" فدل على طهارة بدن المرأة وعرق المرأة، وجميع ما يتصل بالمرأة، إلا الأذى الذي هو الخارج النجس، فدم الحيض نجس بالاتفاق يجب غسله. "كان يخرجه رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض" لأن الحائض ممنوعة من دخول المسجد، ((وليعتزل الحيض المصلى)) حتى المصلى -مصلى العيد- يعتزله الحيض، ولو لم يكن يصلى فيه إلا العيد، يعتزل الحيض المصلى، والمسجد من باب أولى، نعم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن". عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتكئ في حجري" الحجر بفتح الحاء، "في حجري وأنا حائض" والحال أنها متلبسة بالحيض "فيقرأ القرآن". يتكئ في حجر عائشة -رضي الله عنها- عليه الصلاة والسلام- وهي حائض فيقرأ القرآن، فدل على أن القرب من الحائض ليس كالقرب من الأماكن التي تمنع من مزاولة قراءة القرآن، لا، رأسه -عليه الصلاة والسلام- في حجرها، وتمس رأسه، وهو متكئ عليها، بل صدره الحاوي للقرآن في حجرها، فيقرأ القرآن، هذا فيه إشارة يفهم منه أن الحائض ... أقول: فيه تلويح وإشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن، ولولا ذلك لما قالت: إنه يقرأ القرآن في حجري، طيب هو طاهر -عليه الصلاة والسلام-، لم يتلبس بمانع، ما الداعي إلى ذكر مثل هذا؟ فلولا أن الحيض له أثر في قراءة القرآن عندهم أثر يمنع من قراءة القرآن لما قالت مثل هذا القول؛ لأنه بالنسبة -عليه الصلاة والسلام- لا يوجد مانع منه، إذن المانع المفهوم من الحديث منها، فهذا يستدل به من يقول: إن الحائض لا تقرأ القرآن. نعم الدلالة ليست من الوضوح بحيث يكون الحكم متفق عليه، لا، لكن فيه إشارة وتلويح وإيماء إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن. "يتكئ في حجري" رأسه -عليه الصلاة والسلام- في حجرها، صدره الحاوي للقرآن في حجرها، وهي حائض، يقرأ القرآن.

الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- استنبط من هذا أن المحدث بما في ذلك الحائض لها أن تمس القرآن من وراء حائل، هذا استنباط دقيق جداً، كيف؟ يقول: القرآن في جوف النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كالوعاء للقرآن، وهي تمس النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يقرأ القرآن، والقرآن في جوفه، إذن القرآن إذا كان في غلاف أو في كيس أو في شيء من هذا للمحدث وللحائض أن تمس القرآن، يقول: وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، وساق هذا الحديث الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، وبعضهم يمنع أن تقرب القرآن ولو من رواء حائل، لكن لا مانع من أن يمس الحدث المصحف من حائل، وكذلك الحائض، نعم. وعن معاذة -رضي الله عنها- قالت: سألت عائشة -رضي الله عنها- فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ فقلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، فقالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.

معاذة تابعية جليلة حريصة على أداء ما كلفت به، تسأل عائشة -رضي الله عنها- سؤال، وشفاء العي السؤال، وإذا لمس من الإنسان الحرص الذي يخشى من زيادته يرد عليه بمثل هذا الكلام، يأتي شخص مندفع، تريد أن تخفف من حدته بعض الشيء، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاءه عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو الحريص على قراءة القرآن، يريد أن يقرأ القرآن في كل يوم، قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) ليش؟ ليخفف من اندفاعه، ((أقرأ القرآن في الشهر مرتين)) قال: أستطيع أكثر من ذلك، ((اقرأ القرآن في ثلاث)) قال: أستطيع أكثر من ذلك، قال: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) لأنه مندفع ينبغي أن يخفف من اندفاعه، لكن لو شخص منصرف، أو شخص يتحدث على جماعة قد هجروا القرآن، ماذا يقول لهم؟ يقول لهم ... ، يبين لهم حال السلف مع القرآن، ويبين لهم ما ورد في فضل قراءة القرآن، أن الحرف بعشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، فهو بحاجة إلى أن يرغب الناس في القرآن؛ لما يرى من انصرافهم، فالعالم أو المفتي والموجه ينبغي أن يكون كالطبيب، إذا شخص مندفع ويخشى عليه من الزيادة والغلو يخفف من حدته، فيعرض عليه الأخف فالأخف وهكذا، لكن شخص مذنب، مفرط، مثل هذا يشد عليه من أجل أن يأتي ببعض الشيء. ولذا قالت معاذة: سألت عائشة -رضي الله عنها- فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت لها: أحرورية أنت؟ يعني هل أنت من الخوارج أهل حروراء؟ الذين يرون أن الحائض تقضي الصوم وتقضي الصلاة، الخوارج نعم، يرون أن الحائض تقضي الصوم وتقضي الصلاة، وهذا من تعنتهم ومبالغتهم وتشديدهم فخشيت أن يكون فيها لوثة من هذا الفكر، فقالت: أحرورية أنت؟ نسبة إلى بلد يقال له: حروراء ظهر منه أوائل الخوارج. فقلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، نعم إذا خفي على الإنسان الشيء يسأل، لكن لا يسأل للعنت، إنما يسأل للإفادة والاستفادة، ليستفيد، لكن إذا كان القصد بالسؤال العنت وإظهار التعالم أو إظهار عجز المسئول، مثل هذا ممنوع، جاء النهي عن مثل هذه الأسئلة.

ولكني أسأل، فقالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. من الآمر هنا بقضاء الصوم؟ ومن الآمر بعدم قضاء الصلاة؟ هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا قال الصحابي: كنا نؤمر، أو أمرنا، فالمتجه أن الآمر والناهي هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو الذي له الأمر والنهي لا سيما في الأحكام الشرعية، فأجابتها بحديث، بخبر، وهكذا ينبغي أن يكون الجواب، إذا كان فيه خبر يقنع السائل يفهمه السائل فيجيب المفتي بذلك الخبر، إذا كان السائل لا يستوعب ولا يفهم معنى الخبر يقال له: هذا حلال وهذا حرام، إذا كان لا يفقه ولا يفهم من عوام الناس، أما إذا كان يفهم ما يلقى إليه، فيجاب بالخبر؛ لأن الإجابة بالخبر أقوى، إذا كانت دلالته على الحكم دلالة مطابقة، أما إذا كان مفهوم والسائل لا يدرك دلالة المفهوم أو ما أشبه ذلك، فإنه يبين له الحكم، وطالب العلم يبين له الحكم بدليله؛ لأنه بصدد أن يتعلم الحكم بدليله، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالكتاب الذي يُتولى شرحه -شرح شيء منه- هو العمدة عمدة الأحكام، للحافظ عبد الغني المقدسي، كتاب من أمتن كتب الأحكام المجردة من الأصول المعتمدة، بل هو أصح ما ألف في هذا الباب لطلاب العلم، وجرد من الأصول لأنه من الصحيحين، وشرط المؤلف أن يكون الحديث متفقاً عليه، وقد يخرج عن هذا الشرط قليلاً فيخرج شيئاً من أفراد البخاري، أو من أفراد مسلم، وعلى كل حال جميع ما في الكتاب صحيح، ولسنا بحاجة إلى الكلام على أحاديث الكتاب من حيث الرواية، بل الذي يهمنا ويهم أوساط المتعلمين في مثل هذه الأحاديث الصحيحة جانب الدراية، يكون الاهتمام بشرح متن الحديث دون النظر في طرقه وأسانيده؛ لأنه من أصح الكتب، نبدأ بكتاب الصلاة من عمدة الأحكام. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمناه الله وإياه تعالى، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين-: كتاب الصلاة باب المواقيت عن أبي عمرو الشيباني -واسمه سعد بن إياس- قال: حدثني صاحب هذه الدار، وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أحب إلى الله -عز وجل-؟ قال: ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين)) قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)) قال: حدثني بهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو استزدته لزادني. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الصلاة

باب المواقيت

الكتاب مضى التعريف به مراراً في كتب مختلفة، وفي هذا الكتاب كتاب الطهارة في موضع أخر، الكتاب مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، والأصل في المادة الجمع، يقال: تكتب بني فلان إذا اجتمعوا، وقيل لجماعة الخيل: كتيبة، وهو من المصادر السيالة التي تحدث شيئاً فشيئاً، يعني لا تحدث دفعة واحدة، ما في كتاب يوجد دفعة واحدة، يعني إذا كانت الولادة والقيام والقعود يحدث دفعة واحدة فالكتابة تحدث شيئاً فشيئاً؛ لأنها تجتمع شيئاً فشيئاً من الحروف والكلمات، يقول الحريري: وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفاً ولا قرؤوا ما خُط في الكتبِ يقصد بذلك الخرازين، لا يقرؤون ولا يكتبون، لكنهم يجمعون بين صفائح الجلود فيخرزونها ويجمعون بينها، والجمع كتابة، والمراد بذلك المكتوب، اسم المفعول الجامع لمسائل هذه الفريضة العظيمة وهي الصلاة، والصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام، عمود الإسلام الصلاة، من ترك الصلاة جاحداً لوجوبها كفر إجماعاً، ومن تركها تهاوناً وكسلاً فالقول المفتى به أنه يكفر كفر مخرج عن الملة ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) ((بين المرء والكفر ترك الصلاة)) أو قال: الشرك، المقصود أن شأن الصلاة عظيم، أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وأخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، فمن فقد الصلاة فلا شيء أبقى من دينه أبداً، كل شيء فقد أخره فقد انتهى. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب المواقيت الباب في الأصل ما يدخل ويخرج منه، وهو في عرف أهل العلم في الحقيقة العرفية عند أهل العلم: ما يضم فصولاً ومسائل غالباً، هذا الباب في الاصطلاح العرفي وهو حقيقة، لا نقول: إن استعماله في المحسوسات حقيقة، وفي المعقولات والمعنويات مجاز، كما يقول من يثبت المجاز، بل هو حقيقة عرفية عند أهل العلم، والحقائق كما تعلمون ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية، هذه حقيقة عرفية عند أهل العلم، تعارفوا على وضع كلمة باب لما يضم فصول ومسائل، والباب هنا يضم أحاديث، الكتاب يضم أبواب، وكل باب يضم أحاديث، الحديث الأول من أحاديث هذا الباب يقول: باب المواقيت

المواقيت: جمع ميقات، والميقات والوقت بمعنى واحد، والمراد به الوقت المحدد لأداء هذه الشعيرة، بحيث لا يجوز أن تقدم عليه ولا يجوز أن تؤخر عنه {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] كتاباً يعني مكتوباً مفروضاً، موقوتاً يعني في الأوقات المحددة التي جاءت النصوص الصحيحة بتحديدها، ومن أشهر ما جاء في المواقيت حديث جبريل حينما أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلوات الخمس في أول الوقت وفي آخره، في اليوم الأول صلى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الوقت، وفي اليوم الثاني صلى به في آخر الوقت، هذا من أشهر الأحاديث في المواقيت التي تجمع أوقات الصلوات الخمس، ومن أشهرها أيضاً حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم، وهو متأخر عن حديث إمامة جبريل بحيث لو حصل التعارض بينهما كما سنعرضه -إن شاء الله تعالى- قدم حديث عبد الله بن عمرو، وهو في الصحيح أيضاً، وأما حديث إمامة جبريل في السنن، لم يخرج المؤلف حديث إمامة جبريل؛ لأنه ليس على شرطه، والأصل في شرطه أن يخرج ما اتفقا عليه، ولذا لم يخرج حديث عبد الله بن عمرو، وهو من أجمع الأحاديث في المواقيت. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي عمرو الشيباني" واسمه سعد بن إياس الشيباني أبو عمرو، مخضرم أدرك الجاهلية، وعمر طويلاً بحيث عاش مائة وعشرين عاماً "واسمه سعد بن إياس، قال: حدثني صاحب هذه الدار، وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود" فالإشارة التي لا تحتمل معنى آخر تقوم مقام العبارة، هو ما سمى من روى عنه، ما قال: حدثني عبد الله بن مسعود، قال: حدثني صاحب هذه الدار، فهل هذا معين أو مبهم؟ أشار إلى الدار وعين الدار لكن أبهم الصاحب، فإذا كان الصاحب لا يحتمل كفى عن التصريح كما هنا، ولذا خرج الحديث في الصحيحين، صاحب هذه الدار، لكن لو كان للدار أكثر من صاحب، الدار بين ثلاثة شركاء، فقال: حدثني صاحب هذه الدار يكفي وإلا ما يكفي؟ لا يكفي، بل لا بد من التعيين؛ لأن الإبهام جهالة، والجهالة لا شك أن أقل أحوالها أن تكون عدم علم بحال الراوي، إن لم تكن قدحاً فهي عدم علم بحال الراوي، ولا بد أن يكون الراوي معروفاً بالعدالة، فمثل هذه الإشارة المعينة تقوم مقام التصريح، وهل يكفي في ذلك غلبة الظن؟ إذا كان في البلد أكثر من عالم، لكن في واحد متميز عليهم، فقيل: حدثني عالم البلد الفلاني يكفي وإلا ما يكفي؟ وفيه أكثر من عالم؟ هل يكفي في ذلك غلبة الظن؟ يعني إذا قال: حدثني عالم عنيزة مثلاً هل ينصرف الذهن إلى ابن السعدي أو ابن عثيمين أو غيرهم؟ أو أي عالم من علماء عنيزة ممن قبلهم وممن بعدهم؟ مثال، هنا أشار إلى صاحب الدار هذا تعيين للدار، وليس لها إلا صاحب واحد، وهذا يكفي عن التصريح، لكن إذا كان الاحتمال على حد سواء فلا يكفي ألبتة، فما تقول: حدثني صاحب هذه الدار ولها أكثر من صاحب، ما يكفي، أما إذا غلب على الظن وعرف السامع ولو بغلبة الظن أن المقصود فلان بعينه بأن اشتهر في هذه البلدة، أو اشتهر بملازمة كتاب معين، أو مهنة معينة، في كتب الرجال من يوصف بوصف يشترك معه كثير، لكن يعرف بهذا الوصف دون غيره، فيحكم بغلبة الظن.

لو قال: حدثني بياع الخلقان مثلاً، هذا موجود في تراجم الرواة، المعروف ببياع الخلقان، تعرفون الخلقان، عرف به شخص بعينه، ويوجد من ينافسه في هذه المهنة، لكن يغلب على الظن المراد به هذا ويكتفون به، على كل حال هذه الإشارة تقوم مقام التصريح كما هنا "حدثني صاحب هذه الدار، وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود" الصحابي الجليل، ابن أم عبد، أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي من مشاهير الصحابة ومن علمائهم. "قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-" السائل هو ابن مسعود "سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أحب إلى الله -عز وجل-؟ قال: ((الصلاة على وقتها)) " يأتي من الأسئلة ما فيه أي الأعمال أفضل؟ ويأتي أفعل التفضيل من غير سؤال، أفضل الأعمال كذا، وتجيء الأجوبة من النبي -عليه الصلاة والسلام- مختلفة، هنا الجواب قال: ((الصلاة على وقتها)) وفي بعضها يجيب النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإيمان، وفي بعضها يجاب بغير هذين، فإما أن يقدر (من) فيكون من أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها، من أحبها إلى الله الإيمان، مع أنه أفضلها على الإطلاق، بل هو شرط لصحتها كلها، وقد يكون السائل غنياً باذلاً فيقال له: أحب الأعمال إلى الله البذل والإنفاق في سبيل الله، وقد يكون شجاعاً مقداماً فيقال له: أحب الأعمال إلى الله الجهاد في سبيل الله، وقد لا يكون صاحب مال، وليس بقوي في بدنه، لكن لديه تميز في ذكائه وفطنته وفهمه وحفظه فيقال: أفضل الأعمال وأحب الأعمال إلى الله طلب العلم الشرعي، فكل شخص يجاب بما يناسبه، ولذا تعددت أجوبة النبي -عليه الصلاة والسلام-، والسؤال واحد، فإما أن يقدر (من) فيكون المجاب به من أفضل الأعمال، وإما أن يقال: إن الجواب يختلف باختلاف أحوال السائلين.

أي الأعمال أحب إلى الله -عز وجل-؟ أحب أفعل تفضيل، تشترك الأعمال المذكورة في كونها محبوبة عند الله -جل وعلا-، ويزيد بعضها على بعض في هذا الوصف "إلى الله -عز وجل-" العرف يخص هذين الفعلين في الله -جل وعلا-، فلا يقال: محمد عز وجل، وإن كان عزيزاً جليلاً فضلاً عن غيره "إلى الله -عز وجل- قال هذا الجواب: ((الصلاة على وقتها)) " وجاء في بعض الروايات: ((الصلاة لوقتها)) المقصود أن الصلاة أداء الصلاة في وقتها هو أفضل الأعمال، طيب ماذا عن الصلاة في وقتها وبعد وقتها؟ الصلاة قبل وقتها لا تصح؛ لأن دخول الوقت شرط لصحة الصلاة، اللهم إلا إذا كانت مجموعة جمع تقديم فلا بأس، الصلاة على وقتها، وماذا عن الصلاة بعد وقتها؟ إذا كان معذوراً، وأخر الصلاة حتى خرج وقتها كما سيأتي في شغل النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما شغله الكفار عن صلاة العصر حتى غربت الشمس هذا معذور، لكن إذا تعمد تأخير الصلاة عن وقتها، قبل وقتها لا تصح، وبعد وقتها يرى جمع من أهل العلم أنها كما لو أديت قبل وقتها لا تصح، ولذا لا يأمر بقضائها، بل حكم بعضهم بكفره، كفر من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها، ويقول: أبداً الصلاة غير صحيحة، ووجودها مثل عدمها، كما لو صلاها قبل الوقت، وهذا أفتى به بعضهم، ونقل عليه ابن حزم الإجماع، لكن هذه من المسائل النادرة التي نُقل الإجماع على النقيضين فيها، نقل غيره الإجماع على وجوب القضاء، قضاء الصلاة بالنسبة لمن تعمد تأخيرها حتى خرج وقتها، وعلى كل حال عامة أهل العلم على أن من أخر الصلاة حتى خرج وقتها متعمداً فقد ارتكب إثماً عظيماً، وموبقة من الموبقات، لكنه لا يكفر، ويجب عليه أن يقضيها، وتداول الناس فتوى عن إمام من أئمة المسلمين بالنسبة لمن يوقت الساعة على الدوام، يعني بعد خروج الوقت، يوقت الساعة للساعة السابعة فإذا انتبه من نومه صلى الصبح وذهب إلى دوامه، أمر خطير، أمر عظيم جداً، والفتوى فيه قوية، لكن عامة أهل العلم على أنه لا يكفر، وإن أتى موبقة من الموبقات، يخشى عليه من أن يخرج من دينه، كما قال بهذا بعض أهل العلم. " ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي؟ " أي بالتنوين، كذا قال بعضهم، وجزم آخرون بأنها لا تنون،

لماذا؟ لأن المضاف إليه منوي، ثم أي؟ يعني ثم أي الأعمال بعد ذلك؟ فلا تنون "قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين)) " الوالدان هما سبب وجود الولد، هما السبب في وجوده، وهما من أعظم الخلق منة على الولود، وحقهما من أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، والعقوق كبيرة من كبائر الذنوب، وجاء فيه من نصوص الوعيد ما جاء، حتى جاء ((فليعمل العاق ما شاء فلن يدخل الجنة)) ((والرحمة لا تنزل على قاطع رحم)) فضلاً عن عاق، وإذا تقاطع المسلمان وتهاجرا لا ترفع لهما الأعمال حتى يصطلحا، فيكف بمن عق والديه؟ وإذا كان التأفيف كلمة من حرفين هما أخف الحروف حرام، ومنصوص عليه في القرآن فكيف بما دونه؟! فلينتبه الولد عموماً وطالب العلم على وجه الخصوص من هذه الموبقة، نسأل الله السلامة والعافية، يلاحظ على بعض طلاب العلم أنه من أيسر الأمور أن يحضر صاحبه يضرب البوري أو الجرس يجده جاهز متأهب قبل الحضور، ينتظر صاحبه، ويخرج معه، ويذهب إلى أي مكان يريده، لكن إذا قالت الأم: أريد أن أذهب إلى المكان الفلاني أو إلى أختك الفلانية أو خالتك أو كذا تبرم، وقال: هو مشغول، وهو بصدد تحصيل علم، أو بعمل صالح، كل هذا لا يجوز، هذا أهم، إذا كان الجهاد لإعلاء كلمة الله -جل وعلا- لا يجوز إلا باستئذان الوالدين فكيف بغيره؟! فلينتبه طالب العلم لهذا. "قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)) " فدل على أن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله، ولأهل العلم تفصيلات في هذا، إذا كان الجهاد متعيناً فله حكم, وإذا كان هناك من يقوم به وهو من طرق الكفايات له حكم، على كل حال هذه الخصال المذكورة هي من أحب الأعمال إلى الله، وهي من أوجبها على المسلمين. "قال: حدثني بهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" تأكيد هذا أنه لم ينقل ذلك بالواسطة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بل تلقاها مباشرة من النبي -عليه الصلاة والسلام-.

يقول: "ولو استزدته لزادني" ولو استزده من الخصال لزادني، قلت: ثم أي؟ قلت: ثم أي؟ إلى آخره، لكن هذا من باب الرفق من الطالب بالمعلم، ومن آداب طالب الحديث أن يرفق بشيخه، وأن يتحين الفرص والأوقات المناسبة للسؤال، وأن لا يضجر الشيخ ويكثر عليه، إذا رأى أن الوقت غير مناسب ينصرف، ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن يقيل ينام في منتصف النهار إلى باب من يريد أن يسأله، ابن عم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، كل شخص يتشرف أن يطرق الباب مثل ابن عباس، ولا يطرق الباب ينتظر حتى يأتي الوقت المناسب والظرف المناسب للسؤال، ليأتي ليسمع حديث من شخص من الأشخاص، والذي في النص من الأنصار، ثم يقيل، ننظر إلى هذا الأدب الرفيع من هذا الإمام الحبر الوجيه ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتجد الطالب يأتي في كل وقت يسأل ولا يستشعر أن المسئول بشر مثل الناس، ومن السهل أن يتصل في منتصف الليل، أو بعد منتصف الليل، الساعة الواحدة أو الثانية يتصل من غير استشعار لاستثقال ولا شيء، فعلى طالب العلم أن لا يضجر شيخه؛ لأن الشيخ بشر في يوم من الأيام يعطيك كلام لا يرضيك، يغضب كما يغضب الناس، ويرضى كما يرضون، وعليه ضغوط مثلما على غيره، فعلى كل حال على طالب العلم أن يرفق بالشيخ، كما أن الشيخ عليه أن يهتم بطلابه، وأن يوليهم عنايته، وأن يرحب بهم، فهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالطالب مطالب، والشيخ مطالب، والله المستعان. سم. عفا الله عنك. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس. عندك في المتن قال؟ ما هو من المتن؟ تفسير المروط والغلس؟ طالب: لا. لا من المتن. طالب: هذا الموجود يا شيخ. عفا الله عنك. المروط: أكسية معلمة تكون من خز، وتكون من صوف، ومتلفعات: متلحفات، والغلس: اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يصلي الفجر" والصيغة تدل على الاستمرار "يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعاتُ" أو متلفعاتِ، وصف للنساء أو حال؟ نساء نكرة وإلا معرفة؟ نكرة، والنكرة بحاجة إلى وصف أو إلى بيان الهيئة التي هي الحال؟ لكن وصفن بكونهن من المؤمنات ألا يكفي هذا؟ يجوز الأمران، لا شك أن النكرة حاجتها إلى الوصف أعظم من حاجتها إلى بيان الهيئة، لكن إذا تم الوصف وتحددت النكرة، وتميزت بوصفها ساغ بيان هيئتها، على كل حال يجوز الأمران.

متلفعات، وفي رواية: متلففات، والمعنى متقارب، وملتحفات كما يقول المؤلف بمروطهن، المروط: جمع مرط، وكما يقول المؤلف: أكسية معلمة تكون من خز وتكون من صوف "ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس" يصلي الفجر في أول وقتها، لا سيما وقد عرف من حاله -عليه الصلاة والسلام- أنه يطيل القراءة في صلاة الصبح، فإذا كان بعد انقضاء الصلاة، ما يعرفن من الغلس، دل على مشروعية التبكير بصلاة الصبح، والمبادرة بها بعد التحقق من طلوع الصبح، لا يحملنا مثل هذا أن نخاطر ونصلي الصبح في قبل وقتها، لا، بل علينا أن نتأكد من طلوع الصبح، فإذا طلع الصبح بادرنا بصلاة الصبح؛ لأن هذا كان ديدنه -عليه الصلاة والسلام- أنه يصلي الفجر بغلس، بل الغلس موجود بعد انقضاء الصلاة، يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات، وفي هذا أن للنساء أن يحضرن الصلاة مع الرجال، لكن هذه مشروط ومقيد بأمن الفتنة، وأن تخرج المرأة في كامل الستر، تفلات غير متطيبات، بالمروط يخرجن، ثياب موصوفة، قس هذه الثياب بالثياب التي يلبسها نساء العصر، الذي عمره فوق الأربعين منكم أدرك ما كان يلبسه النساء في أول الأمر، يعني قبل ثلث قرن، والاختلاف كبير جداً بينما كان يلبس وما يلبس الآن، هنا متلفعات متلففات، متلحفات بالمروط، أكسية من صوف، وقد تكون من خز، لكنها سابغة من جهة ضافية وافية تجر من ورائها ومع ذلك متينة، ومع الأسف الشديد أنه يوجد من تحضر لصلاة التهجد بثياب أشبه ما تكون بالعارية، كاسية عارية، يعني يوجد من العبايات النسائية التي الآن تعرض في أسواق المسلمين من غير نكير مع الأسف الشديد، من تصف ما تحت الثياب ما هو ما تحتها، إضافة إلى كونها من الزينة التي لا يجوز إبدائها ولا إخراجها، يضاف إلى ذلك كونها ضيقة تبين عما تحتها، لا تستر إلا العيوب، ويوجد الآن عبايات بحيث لو قال القائل ولعل هذا من خطوات الشيطان أنه ما فائدة هذه العباية لو اكتفت المرأة بثوب يكون أوسع وأفضل كان أولى؟ ويجد من يوافقه؛ لأن هذه العبايات لو عمت بها البلوى، لكن يوجد -ولله الحمد- من نساء المسلمين العدد الكبير متسترات، وهذه خطوات الشيطان، يعني ما يمكن يأتي دفعة واحدة، يأتي بالشر يخففه

شيئاً فشيئاً إلى أن يقدم عليه بقوة وحزم، هذه العبايات التي توجد في أقدس البقاع، وعلى نساء المسلمين شأنها خطير، يعني لو نادى منادي بإلقاء هذه العبايات لأنها شر وفتنة وجد من يؤيد حتى من الأخيار؛ لأنها مناظر كريهة مقلقة، يقول: مثلما في البلدان الأخرى تلبس ثوباً واسع، وهذه خطوة من خطوات الشيطان، بحيث أن هذا الثوب الواسع ضيقته فيما بعد، وقال: ما له داعي هذا الثوب، هذه خطوات الشيطان، وقد نهينا عن اتباع خطواته، وهذه أعمال المنافقين، بل هي من أوائل وظائف إبليس {يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [(27) سورة الأعراف] هذه وظيفة من وظائف إبليس الأولى، وهي وظيفة أتباعه إلى قيام الساعة، في آية الأحزاب {قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [(59) سورة الأحزاب] إلى أن قال: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ} [(60) سورة الأحزاب] والارتباط بين الآيتين وثيق، المنافقون هم الذين يدعون إلى طرح الجلباب وإلقائه.

يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات هذا ((لا تمنعوا إماء الله بيوت الله)) يعني ليس من حق الزوج أن يمنع زوجته مع أمن الفتنة من شهود الصلاة مع الجماعة، لكن لا بد أن تؤمن الفتنة، ولا بد أن تخرج على وضع شرعي كاملة الستر غير متطيبة، ويوجد من يحضر إلى صلاة التهجد مع السائق الأجنبي تناقض، والله تناقض، فهل يظن بمثل هذه والقلوب بيد الله والنوايا لا يعرفها إلا علام الغيوب، لكن غلبة الظن توحي بأن هذه أرادت أن تخرج مع الناس، شافت الجيران يطلعون قالت: أطلع، لكن الذي يرجو الله والدار الآخرة يرتكب محرم ليؤدي سنة؟! هذا لا يكون أبداً، قد يقول قائل: الجهة منفكة، لها أجر حضورها الصلاة، وعليها وزر ركوبها مع السائق بدون محرم، فالجهة منفكة، نقول: يا أخي قد لا يكون المطلوب شيء بالنسبة للمحظور، يعني لا يغيب عنا بعض ما قاله بعض الأشعرية من وجوب غض بصر الزاني عن المزني به، والجهة منفكة، هو مطالب بغض البصر ومطالب بترك الزنا، ما حصل هذا لا بد يحصل هذا، هذا الكلام ليس بصحيح، هذا استخفاف واستهتار، يعني ما منع هذا إلا من أجل هذا. "فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس" وفسر المؤلف -رحمه الله تعالى- الغلس بأنه اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل، فالغلس والدلس والغبش ألفاظ متقاربة، يعني عدم الوضوح في الرؤية، فالذي يأتي بالغلس لا يكاد يميز بالتحديد من هو، والذي يدلس على الناس ويظهر السلعة على وجه لا عيب فيها، ويخفي العيب هذا منهي، وهذا التدليس معروف في السلع، والتدليس في الحديث أيضاً معروف عند أهله، وعلى كل حال هذا الحديث دلالته ظاهرة في استحباب تقديم صلاة الصبح في أول وقتها، وهو قول جمهور أهل العلم، وأما الحنفية يرون استحباب الإسفار للأمر به، جاء الأمر بالإسفار ((أسفروا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم)) وهذا الخبر متكلم فيه، لكن على فرض ثبوته المراد بالإسفار تحقق طلوع الصبح، التحقق من طلوع الصبح؛ بأن لا يكون الصبح هل طلع أو ما طلع؟ تأكد من طلوع الصبح ثم صل صلاة الصبح، نعم. عفا الله عنك.

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية, والمغرب إذا وجبت, والعشاء أحياناً وأحياناً، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر، والصبح كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها بغلس. الهاجرة ما فسرها؟ المؤلف ما فسرها؟ هاه؟ هذه ما فيها شيء. قال -رحمه الله- الهاجرة: هي شدة الحر بعد الزوال. هذا الإشكال في الطبعات الجديدة الأخيرة بعضها يفوت على بعض المحققين شيء من الكتاب، فطالب العلم عليه أن يعنى بالطبعات القديمة؛ لأن الذي تولى الطباعة والتصحيح علماء، وكان الهدف -والله أعلم بالمقاصد- من نشر الكتب في أول الأمر نشر العلم، ثم بدأ يخف الأمر حتى صار القصد التجارة، فالكتب المطبوعة قديماً سواء كان منها الكبار أو الصغار في الغالب متقنة؛ لأن الذي يتولى الطبع علماء، أما الآن يوجد في بعض المطابع الآن التي هي من أشهر المطابع، وأكثر المطابع نشر وتوزيع مئات الألوف من النسخ يوجد من يطبع كتب المسلمين من غير المسلمين، بل شباب كثير منهم ضايع، وبدون شاشات يطبعون، الله المستعان كيف يطلع الكتاب؟ كيف يخرج الكتاب بهذه الكيفية؟ إذا كان الخطأ في عنوان الكتاب الأصلي كيف تثق بكتاب هذه طباعته؟! نعم جزء القراءة خلف الإمام هذا كتاب للإمام البخاري -رحمه الله- مكتوب عنوان الكتاب جزء القراءة خلف الصلاة، إذا كان عنوان الكتاب خطأ كيف تثق بمحتوى الكتاب؟! والآن مر علينا في حديثين إسقاط، اللهم إلا إذا كان المحقق معروف بجودته ودقته وتحريه ووقف على نسخ لم يقف عليها من طبعه الطبعة الأولى لا بأس، والعصر الذي نعيشه عصر سرعة، الشخص الذي عنده معرفة وخبرة ودربة ما عنده استعداد يقضي الأوقات للنظر في حركة، في حرف، في فاصلة، في كذا، لا، بل صار بعض المشاهير الكبار يكتفون بمجرد وضع الاسم، يجعلون هناك ورش يسمونها ورش التحقيق يجمعون فيها من الشباب ومن رخص أجره، يعني من رخصت أجرته، يحشدون فيها الجموع ويحققون وينشرون، ويضع اسمه في النهاية، فمشكلة الآن لما دخلت النيات صار الإنسان يتحرى ويتثبت. على كل حال في الحديث الثالث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة" الهاجرة شرحها المؤلف أنها شدة الحر بعد الزوال، وسميت بذلك لأن العمل يهجر فيها، يترك العمل لشدة الحر "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهاجرة" يعني بعد الزوال، والهاجرة الأصل فيها شدة الحر، فالعمل يهجر يعني يترك لشدة الحر، فصارت تطلق على الوقت الذي يقع بعد الزوال مطلقاً، فيعم ما بعد الزوال في جميع الفصول، فالحديث فيه دليل على المبادرة بصلاة الظهر بالجملة، لكن يبقى أنه خص منه ما دل عليه حديث الإبراد ((إذا اشتد الحر فابردوا)) قد يقول قائل: إن دخول شدة الحر في هذا العموم قطعي، أنتم معنا في هذا وإلا نزيد تفصيل؟ الآن النص يقول: "يصلي الظهر بالهاجرة" وعرفنا أن الهاجرة هي شدة الحر التي تكون بعد الزوال، وكونه يصلي الظهر في الهاجرة يعني أنه يصلي الظهر بعد زوال الشمس مباشرة، الهاجرة شدة الحر، وجاء ((إذا اشتد الحر فابردوا، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) إذا قلنا: إن الحديث بعمومه، إذا نزلنا الهاجرة ما بعد الزوال مطلقاً سواء كانت في الصيف أو في الشتاء أو في الربيع أو في الخريف صارت الهاجرة تعبيراً عما بعد الزوال مباشرة، فما العمل في هذا الحديث مع أحاديث الأمر بالإبراد؟ هل نقول: إن هذا عام في الفصول كلها وأحاديث الإبراد خاص بما إذا اشتد الحر؟ نقول: دخول فصل الصيف في حديث الباب دخول قطعي، كيف دخول قطعي؟ لأن التسمية إنما جاءت لما بعد الزوال في فصل الصيف، فهل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا اشتد الحر فابردوا)) ناسخ لهذا، أو مخصص له؟ يعني هل هو رافع رفع كلي للحكم بحيث إذا اشتد الحر نبرد، وإذا كنا في فصل آخر غير فصل الصيف نعجل بصلاة الظهر كما يقتضي هذا الحديث بعمومه؟ لأن الهاجرة صارت تساوي ما بعد الزوال مباشرة، ولا شك أن دخول فصل الصيف في هذا الحديث دخول قطعي؛ لأن الأصل في الهاجرة شدة الحر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

مخصص لكن الآن مو الحديث دلالته على المبادرة بصلاة الظهر في شدة الحر دلالته قطعية، ودلالته على المبادرة بصلاة الظهر في فصل الشتاء ليست قطعية ظنية، فكيف نرفع بالمخصص الدلالة القطعية ونترك الظنية؟ أو يبقى هذا للمبادرة في صلاة الظهر في الهاجرة في الحر ويكون الحديث الثاني ناسخ؟ الآن السعي وشدة السعي بين العلمين في بطن الوادي سنة، فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى أن الإزار ينكشف عن الركبتين من شدة سعيه -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا نظرنا إلى سبب السعي ما هو؟ سبب المشروعية الأول، يعني كل وادي ينبغي الإسراع فيه، أو هذا الوادي لأنه حصل فيه إسراع؟ يعني ما العلة في مشروعية السعي؟ يعني هذا الوادي على وجه الخصوص السرعة فيه؟ لكن ما في علة قبل فعله -عليه الصلاة والسلام- باعثه لفعله -عليه الصلاة والسلام- على الإسراع؟ هاجر، سعي هاجر بين العلمين حتى تسرع للصعود فوق الجبل لترى القادم، طيب هل يشرع السعي للمرأة أو ما يشرع؟ الآن مشروعية السعي بسبب امرأة، ونحن نقول: لا يشرع للمرأة للنصوص الكثيرة التي عندنا في مطالبة المرأة بالستر، ومن تمام الستر أن تمشي مشي ولا تسرع، فنقول: دخول المرأة في المشروعية قطعي؛ لأن السبب امرأة، ورفع مع كونه قطعياً بما دلت عليه النصوص الأخرى، وهنا من هذا النوع، يصلي الظهر بالهاجرة، طيب الهاجرة شدة الحر، قلنا: إن الهاجرة نقل معناها من الخصوص إلى العموم بمعنى المبادرة بصلاة الظهر بعد زوال الشمس، ثم رفعنا أخص ما يدل عليه الحديث بالمخصص، نظير ما قلنا في مسألة السعي، التنظير واضح وإلا ما هو بواضح؟ طيب نأتي بمثال ثاني ((لا صلاة -على ما سيأتي- بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) إذا مرت بك سجدة تلاوة تسجد وإلا ما تسجد؟ المسألة يأتي تقريرها لكن مناسبتها هنا، تسجد وإلا ما تسجد؟ تسجد لماذا؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، لا تقول: ليست بسبب، قل: لأن السجدة ليست بصلاة والنهي عن الصلاة، يعني أقل من ركعة ما يسمى صلاة، ليس بصلاة، وإن كان بعض أهل العلم يقول: صلاة ويشترط لها جميع ما يشترط في الصلاة، ولا تسجد في هذا الوقت، ولكن خلنا على القول الذي هو قول ابن عمر ويرجحه بعض أهل العلم إن السجدة ليست بصلاة، سبب المنع من الصلاة في هذا الوقت؟ النهي، لكن أصل النهي مبني على إيش؟ قل في الوقت الموسع كما سيأتي أنه من باب المنع؛ لئلا يستمر الإنسان يصلي حتى يصلي وقت الطلوع ووقت الغروب؛ لأنها إذا طلعت وغربت تطلع بين قرني شيطان فيسجد لها الكفار، الآن كل الصلاة ممنوعة من أجل السجود، ونقول: نسجد للتلاوة لأنه ليس بصلاة، ترون نظير ما عندنا سواء بسواء، أنا ما أدري كثير من الإخوان منتبه لهذا الأمر أو ما هو بمنتبه؟ نعم؟ الآن ما جاء النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر؟ على ما سيأتي في هذا الدرس إن أمكن، جاء النهي عن الصلاة ((لا صلاة)) ونحن نقول على القول الذي يرجحه كثير من أهل العلم أن السجود ليس بصلاة، إذاً نسجد للتلاوة، نسجد مع طلوع الشمس ومع غروبها؛ لأن السجود ليس بصلاة، وأصل المنع من الصلاة في هذا الوقت كون الكفار يسجدون، ونهينا عن مشابهتهم، فنهينا عن السجود ونقول: إن السجود ليس بصلاة؛ لأدلة أخرى تنتشل هذا السجود من كونه صلاة؛ لأننا منعنا من الصلاة ما منعا من السجود الذي لا يصحبه صلاة، وأقل من ركعة عند جمع من أهل العلم ليس بصلاة.

ترى التخصيص في مثل هذا الموضع يحتاج إلى انتباه شديد؛ لأن التخصيص إخراج بعض أفراد العام، فإذا قلت مثلاً: أعط بني تميم كل واحد ريال، أو أعط الطلاب كل واحد ريال، ثم بعد ذلك تقول: لا تعطِ، قال مثلاً: لا تعطِ بني تميم ثم قال بعد ذلك: أعط الحفاظ منهم هذا مخصص، أخرج أفراد العام الذين لا يتناولهم الوصف، وأدخل من يتناوله الوصف الخاص، وهم الحفاظ منهم، إذا أردت أن تخرج من هؤلاء الحفاظ الذين يتناولهم الوصف الخاص بوصف آخر، أعط الحفاظ منهم ثم تستثني بعد ذلك من الحفاظ من يتناوله وصف آخر، لو مثلاً قيل: لا تعط بني تميم، ثم قيل: أعط الحفاظ منهم، ثم قيل: لا تعط من الحفاظ من أخواله هذيل مثلاً، وهو حافظ، أنت تخرج النص الخاص بما هو أخص منه، نعم هنا عندنا وصف خاص، عندنا اللفظ العام المبادرة بالصلاة؛ لأننا وضعنا مكان الهاجرة ما بعد الزوال مباشرة، والهاجرة هي شدة الحر، فهي أخص مما بعد الزوال في الشتاء أو في الربيع، أو في الخريف لكننا أخرجنا الوصف الأخص بما هو أخص منه ((إذا أشتد الحر فابردوا)) والعصر يعني يصلي العصر والشمس نقية، يعني بيضاء، وتكون في أول وقتها، بعد مصير ظل كل شيء مثله؛ لأنه جاء التفصيل في حديث عبد الله بن عمرو، وقت الظهر إذا زالت الشمس والزوال ميل الشمس إلى جهة الغروب، هذا هو الزوال وهو الدلوك {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] وهو ميلها إلى جهة المغرب، الدلوك سمي الزوال دلوك ليش؟ لماذا؟ يقول الزمخشري وغيره: لأن الناظر إلى الشمس في هذا الوقت تؤلمه عينه فيدلكها، هذا الدلوك، هذا وقت الظهر من زوال الشمس، كما في حديث عبد الله بن عمرو، إذا مالت الشمس يعني إلى جهة المغرب حتى يصير ظل الشيء كطوله، الحنفية يرون أن وقت الظهر يمتد من زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، ووقت العصر من مصير ظل الشيء كطوله عند الجمهور إلى غروب الشمس، وعند الحنفية من أن يصير مثليه إلى غروب الشمس، الأدلة صريحة في كون ظل الشيء كطوله، ما الذي دعا الحنفية أن يخالفوا الحديث الصحيح الصريح؟ نأتي بحديث عبد الله بن عمرو هنا لأنه لم يرد في الكتاب، وهو أهم حديث في الباب، لماذا؟ ما الذي دعاهم

إلى أن يخالفوا هذا الحديث؟ تمسكوا بحديث دلالته غير ظاهره "إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيراً من أول النهار إلى منتصفه بدينار، ثم استأجر أجيراً من منتصف النهار إلى وقت العصر بدينار، ثم استأجر أجيراً من وقت العصر إلى غروب الشمس بدينارين" فقال: "اليهود والنصارى" نعم اليهود هم الذين عملوا في النصف الأول، والنصارى هم الذين عملوا في وقت الظهر، والمسلمون هم الذين عملوا من وقت العصر إلى غروب الشمس، فقال اليهود والنصارى: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً، قالوا: مقتضى ذلك أن يكون وقت الظهر أطول من وقت العصر؛ لأن وقت النصارى وقت الظهر، ووقت المسلمين وقت العصر، وقالوا: نحن أكثر عملاً، فيقتضي ذلك أن وقت الظهر أطول من وقت العصر، طيب كلامهم صحيح وإلا غير صحيح؟ يعني على قول الجمهور إلى مصير الظل كطوله، أولاً: من أجاب من أهل العلم بأنهم قالوا: مجتمعين، اليهود والنصارى نعم من أول النهار إلى وقت العصر أطول بلا شك، واليهود وقتهم أطول من وقت المسلمين لا إشكال في هذا، لكن الإشكال في وقت النصارى، هل هم أطول أو أقل؟ يعني على القول بقول الحنفية وقت النصارى أطول، لكن على قول الجمهور هل يكون وقت النصارى أطول من وقت المسلمين أو لا؟ نعم؟ كيف؟ أنت لو نظرت إلى التقويم في هذا اليوم مثلاً، الساعة كم يؤذن الظهر؟ وكم يؤذن العصر؟ وكم يؤذن المغرب؟ التقويم معكم مبذول ولله الحمد، يؤذن الظهر الساعة كم؟ اثنا عشر وعشر، والعصر؟ ثلاث وأربعين؟ يعني قل: ثلاث ساعات ونصف الظهر، لكن العصر كم؟ من أربع إلا ثلث إلى سبع، يعني ثلاث ساعات وثلث، وذاك كم؟ ثلاث ساعات ونصف، ولذا يقرر ابن حزم أن وقت الظهر حتى على قول الجمهور أطول من وقت العصر في كل عصر وفي كل مصر، يعني يكون الفرق عشر دقائق خمس دقائق، أحياناً ربع ساعة، المقصود أنه أطول، الأمر الثاني لو صح لو حسبنا ووجدنا أنه .... نتمسك بمثل هذا اللفظ المتشابه ونترك الألفاظ الصريحة الصحيحة؟ يعني هذا نظير من يستدل بأن الحائض تقرأ القرآن، يستدل على أن الحائض تقرأ من قوله -عليه الصلاة والسلام- لعائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت)) يقولون: الحاج يقرأ القرآن،

بعد شديد في الاستدلال، يعني عندنا أدلة صحيحة صريحة في الباب قريبة بين أيدينا سيقت من أجل هذا الموضوع نفسه، يعني ما سيقت من أجل أمر آخر، فنتشبث بها ونترك الصريح؟ قول الجمهور بلا شك أرجح. "والعصر والشمس نقية" تصلي العصر من مصير ظل الشيء كمثله أو كطوله، إلى أن تغرب الشمس، وقت الاختيار إلى وقت الاصفرار الذي جاء النهي عن الصلاة فيه، لكن الوقت يستمر وتكون أداء إلى غروب الشمس، بدليل ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) إذاً وقت صلاة العصر ينتهي بغروب الشمس، كما أن وقت صلاة الصبح ينتهي بطلوعها، يستمر الوقت من مصير ظل الشيء كطوله إلى غروب الشمس، لكن وقت الاصفرار تأخير الصلاة إلى هذا الوقت مكروه عند أهل العلم، وإن كان مجزئاً صلاته صحيحة، وهي أداء، الصلاة أداء، ولو لم يدرك من وقتها إلا ركعة.

"والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت" يعني سقطت الشمس، سقطت في مغربها بحيث لا يراها الرائي، غابت الشمس عن الرؤية، إذا وجبت يعني سقطت {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(36) سورة الحج] يعني سقطت؛ لأنها تنحر قائمة فإذا نحرت سقطت على الأرض، صلاة المغرب بداية وقتها من غروب الشمس إلى مغيب الشفق في قول الجمهور بدلالة حديث عبد الله بن عمرو، وفي حديث إمامة جبريل بعض المسائل التي يحسن إيرادها هنا، في اليوم الأول صلى العصر عند مصير ظل الشيء كطوله، وفي اليوم الثاني صلى الظهر عند مصير ظل الشيء كطوله، يعني في اليوم الأول صلى العصر في أول وقتها، وفي اليوم الثاني صلى الظهر في آخر وقتها، نلاحظ أنه في اليوم الأول صلى العصر متى؟ عند مصير ظل الشيء كطوله، وصلى الظهر في اليوم الثاني عند مصير ظل الشيء كطوله، يعني صلى العصر في أول وقتها، وصلى الظهر في اليوم الثاني في آخر وقتها، والحديث يدل على أن الوقت واحد، الذي صلى فيه العصر بالأمس هو الذي صلى فيه الظهر باليوم، وبهذا يقول المالكية أن هناك وقت مشترك بين الصلاتين، يصلح لأداء أربع ركعات هي الظهر وهي العصر أداء، هذا الوقت المشترك، لكنه في حديث عبد الله بن عمرو يقول: ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس إلى مصير ظل الشيء كطوله ما لم يحضر وقت العصر، إذاً ماذا نصنع بحديث إمامة جبريل؟ لا بد أن نجعله موافقاً لحديث عبد الله بن عمرو، وهو صحيح صريح في المواقيت، وهو متأخر، وهو أيضاً أصح مخرج في مسلم، طيب ماذا نصنع؟ لا بد أن نقول: إنه صلى انتهى من صلاة الظهر عند مصير ظل الشيء كطوله، انتهى من صلاة الظهر، وفي اليوم الأول شرع في وقت صلاة العصر عند مصير ظل الشيء كطوله فلا اشتراك، إيش معنى هذا؟ نجعل هنا حد فاصل، نجعل هذا هو مصير ظل الشيء كطوله في اليوم الثاني انتهى هنا عند مصير ظل الشيء كطوله، وفي اليوم الأول هنا بدأ، فرق بين البداية والنهاية ليتفق الحديثان، إذاً لا اشتراك، فالراجح هو قول الجمهور.

"والمغرب إذا وجبت" إلى مغيب الشفق، يعني كل جزئية فيها أقوال، وفيها استدلالات، ولو ذهبنا نفصل كل شيء الظاهر أنه ما نأخذ ولا المواقيت في مدة الدرس، لكن الخلاف في الشفق الجمهور على أنه الأحمر، والحنفية يقولون: هو الأبيض، وثبت عن ابن عمر أنه فسر الشفق بالأحمر، بالحمرة، وابن عمر من العرب الأقحاح فيؤخذ بقوله، ورد فيه حديث عند الدارقطني لكنه ضعيف، لكن تفسير ابن عمر معروف، فالشفق المراد به الحمرة، فالمرجح قول الجمهور. يقول: "والعشاء" بداية وقتها مغيب الشفق الأحمر، وأداؤها أحياناً يقدمها، وأحياناً يؤخرها، نأتي إلى وقت العشاء، أولاً: وقت المغرب، كثرة الخلافات تجعل الإنسان يقدم ويؤخر، ولكن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق، عند الشافعية ليس لها إلا وقت واحد بعد غروب الشمس مباشرة إذا انتهى من أسبابها توضأ واستتر ومثل للصلاة وأدى الصلاة، يقولون: إن الوقت لا يزيد عن ربع ساعة من غروب الشمس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى المغرب في حديث إمامة جبريل في اليوم الأول والثاني حينما غابت الشمس، لو كان لها وقت ثاني يمتد لفعلها في أوله في اليوم الأول، وفي آخره في اليوم الثاني، كما في الصلوات الأخرى، لكن حديث عبد الله بن عمرو، يدل على أن لها وقتين كغيرها من الصلوات، العشاء من مغيب الشفق إلى الخلاف في نهايته، في حديث إمامة جبريل صلى بهم في اليوم الثاني عند ثلث الليل، وفي حديث عبد الله بن عمرو، ووقت صلاة العشاء من مغيب الشفق إلى منتصف الليل الأوسط، وجاء في الحديث الصحيح ((ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى)) فهذا الحديث يدل على أن وقت صلاة العشاء يمتد إلى طلوع الفجر، فعندنا ثلاثة أحاديث، حديث إمامة جبريل يدل على أن الوقت ينتهي بثلث الليل، وحديث عبد الله بن عمرو يدل على أنه ينتهي بمنتصف الليل، لكن كيف يقول: منتصف الليل الأوسط، يعني هل يكون الشيء الواحد ثلاثة أنصاف؟ طرفان ووسط؟ الثاني هو الأوسط؟ كيف يقول: نصف الليل الأوسط؟ الأوسط إنما يكون إذا كان هناك ثلاثة، يكون هناك أول وأوسط وأخير، صح وإلا لا؟ إذاً كيف يقول: إلى منتصف الليل الأوسط؟ نعم؟

صفة لليل، يعني إلى منتصف الليل الواقع في وسطه، وهذا وصف كافي حقيقة، قد لا يحتاج إليه، لكنه تصريح بما هو مجرد توضيح، الواقع في وسط الليل، طيب منتصف الليل قد نقول: لهذه فائدة، منتصف الليل الأوسط؛ لأن الليل يختلف، حد الليل يختلف، هل الليل من غروب الشمس إلى طلوعها؟ أو من غروبها إلى طلوع الفجر، أو من صلاة العشاء إلى طلوع الشمس، أو من وقت صلاة العشاء إلى طلوع الفجر؟ يعني هل يمكن أن يقال: إن الليل يبدأ من صلاة العشاء؟ هذا معروف قول عند الفلكيين من غروبها إلى طلوعها، لكن عند الشرعيين من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، لكن هل يمكن أن يقال: إن الليل يبدأ من صلاة العشاء؟ ما في نص يدل على أن الليل يبدأ من صلاة العشاء؟ طيب قيام داود ينام نصف الليل من غروب الشمس وإلا من صلاة العشاء؟ ما يمكن من غروب الشمس، على كل حال الحقيقة لليل تختلف باختلاف النصوص، ولعل قوله: الأوسط يدلنا على أن المراد في منتصفه بين غروب الشمس الليل الشرعي الذي يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فنقسم هذه المدة، ويكون نهاية وقت صلاة العشاء من غروب الشمس مثلاً من السابعة إلى الرابعة إلا ربعاً، نقسم هذا الوقت إلى قسمين، ويكون هذا هو نهاية وقت صلاة العشاء. جاء الترغيب بقيام داود ينام نصف الليل، ويقوم ثلث الليل، وجاء الترغيب بقيام ثلث الليل؛ لأنه وقت النزول الآلهي، قد يقوم قائم من منتصف الليل ويصلي ما كتب له، ويمل من الصلاة قبل ثلث الليل، يعني على حساب أن الليل يبدأ من غروب الشمس، لكن إذا قلنا: إن الليل يبدأ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، أو إلى طلوع الشمس، على كل حال لشيخ الإسلام كلام دقيق يجعل النصوص متفقة، وأن قيام الليل يبدأ من ثلث الليل؛ لأنه لو حسبنا الليل من صلاة العشاء منتصف الليل يوافق الثلث الذي هو من غروب الشمس.

"والعشاء أحياناً وأحياناً" أحياناً يقدم وأحياناً يؤخر، هل هذا تشهي ورغبة؟ هو يرفق بالمأمومين، ويسبر أحوالهم "فإذا رآهم اجتمعوا عجل" لئلا يشق عليهم بالتأخير "وإذا رآهم أبطئوا أخر" ليلاحظهم؛ ليدرك الناس هذه الصلاة مع الجماعة، وتعرفون الأنظمة الآن تلزم الأئمة بالصلاة في وقت محدد، ولا شك أن المصلحة مراعاة في مثل هذا، لما كان الناس على هوى واحد، ونفسهم واحد، ويدورون مع الدين حيثما وجههم توجهوا، يمكن أن يقال لهم: يؤخرون إيش المانع؟ لكن الآن لو يتأخر الإمام خمس دقائق عن العادة وقع الناس في محرمات، بل قد يترك بعضهم الصلاة، على كل حال ملاحظة المأمومين أمر مطلوب. "والصبح كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليها بغلس" على ما تقدم، نعم. وعن أبي المنهال سيار بن سلامة قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- فقال له أبي: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي المكتوبة؟ فقال: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية، ونسيت ما قال في المغرب، وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي المنهال سيار بن سلامة قال: دخلت أنا وأبي" لماذا لم يقول: دخلت وأبي؟ قال: دخلت أنا، أنا إعرابها إيش؟ ضمير فصل لا محل له من الإعراب، يؤتى به لمجرد الفصل بين الضمير المتصل وما عطف عليه، ولا بد من الفصل إذا كان الضمير ضمير رفع متصل وأردنا أن نعطف عليه لا بد من الفصل، إما بضمير الفصل، أو بأي فاصل ما. وإن على ضمير رفع متصل ... أو فاصل ما وبلا فصل يرد عطفت فافصل بالضمير المنفصل ... في النظم فاشياً وضعفه اعتقد

"دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي" الصحابي الجليل "فقال له أبي: كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي المكتوبة؟ " كأنه يسأل عن وقتها فأجيب بذلك، لا يسأل عن كيفيتها، كيفية أدائها وعن صفتها، إنما يسأل عن أوقاتها، فهم الصحابي ذلك فأجابه فقال: "كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى" يعني الظهر، الظهر هي الصلاة الأولى، لماذا؟ لأن جبريل أول ما صلى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الظهر، فعرفت بالصلاة الأولى "التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس" يعني تميل وتزول، تميل إلى جهة المغرب وتزول "ويصلي العصر" يعني في أول وقتها "ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية" الشمس "حية بيضاء نقية" وفي هذا ما يدل لمذهب الجمهور وأن صلاة العصر يبدأ وقتها من مصير ظل الشيء كطوله "والشمس حية بيضاء نقية، ونسيت ما قال في المغرب" وقد نسي ما سمعه وما حضره مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنه مضبوط من جهة آخرين، فصلاة المغرب كما تقدم يبدأ وقتها من غروب الشمس إلى مغيب الشفق "وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة" وقد جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد وهم ينتظرون العشاء حتى كانت تخفق رؤوسهم من النعاس، فقال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق عليكم)) يعني في الثلث الأول، في ثلث الليل، لولا المشقة لكان تأخيرها إلى الثلث أفضل "وكان يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة" وقد جاء النهي عن تسمية العشاء العتمة، النهي عن مشابهة الأعراب ((لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم)) فجاء النهي عن ذلك، فلا تسمى العشاء العتمة، لكن قد يقول قائل: إنه جاء، أعتم النبي -عليه الصلاة والسلام- بصلاة العشاء، وجاء في النصوص ما يدل على إطلاق العتمة كهذه، على كل حال كونها لا تسمى إلا العتمة، ويغلب عليها هذا الاسم بحيث ينسى اسمها الأصلي هذا هو المنهي عنه، وما جاء في مثل هذا يدل على الجواز أحياناً، وأن النهي لمجرد الكراهة.

"وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها" يكره النوم قبل صلاة العشاء؛ لئلا يسترسل في نومه فتفوته الصلاة، إما مع الجماعة، أو في وقتها، المقصود أنه لا يعرض صلاته للخطر، فإذا خشي على صلاته أن تفوته، ومثل هذا الكلام يوجه إلى الموظفين الذين يأتون إلى بيوتهم قبيل صلاة العصر، لا ينامون قبل الصلاة فيعرض صلاتهم للفوات "وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها" يعني بعد صلاة العشاء السهر مكروه، لكن إذا كان على خير، إذا كان في علم، أو في أمر من أمور المسلمين العامة فلا شك في استحبابه، وأنه مطلوب، وقد سمر النبي -عليه الصلاة والسلام- مع بعض أصحابه، وترجم عليه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في باب السمر في العلم من كتاب العلم، وعلى كل حال الناس ابتلوا الآن في السهر، ولا يستثنى من ذلك إلا القليل النادر، حتى بعض من ينتسب إلى العلم يسهر، بل يوجد من يسهر إلى الصبح، الذي يسهر إلى الصبح حتى يؤديها مع جماعة من المسلمين أحسن من الذي ينام قبل دخول وقتها بقليل فيعرضها للفوات، وعلى كل حال السهر في الجملة خلاف السنة الإلهية، فالليل سكن، لكن إذا انشغل بما هو أهم لا شك أنه مأجور، وكان العلماء يبحثون المسائل ويتدارسون العلم حتى يفاجئوا بأذان الصبح، ومنهم من يقسم الليل أثلاث، يصلي ويقرأ ويكتب، على كل حال إذا استغل بما يرضي الله -جل وعلا- فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، ولو جاء على جميع الليل، وإن كان العمل في النهار أفضل، لكن الإشكال إذا استغل فيما لا ينفع، وأعظم من ذلك إذا استغل فيما يضر. "وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه" وهناك ما يعرفن، إيش الفرق؟ هناك ما يعرفن من الغلس، وهنا يعرف جليسه، فرق واضح، هذا جنبه جليسه، وأولئك النساء بعيدات عن الرجال ما يعرفن. "حين يعرف الرجل جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة" بالستين إلى المائة من الآيات، بالستين إلى المائة من المائدة أو من الشعراء؟ أو المقصود من الآيات المتوسطة؟ المقصود من الآيات المتوسطة، نعم اقرأ.

وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الخندق: ((ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس)) وفي لفظ لمسلم: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) ثم صلاها بين المغرب والعشاء. وله عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: حبس المشركون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة العصر حتى أحمرت الشمس أو أصفرت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً، أو حشا الله أجوافهم وقبورهم ناراً)). في هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الخندق" حينما اجتمع الأحزاب حول المدينة للقضاء على النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، للقضاء على الدين وأهله، حينما تآمرت طوائف الكفر على المسلمين، واجتمعوا للقضاء على الدين وأهله، ولكن الله -جل وعلا- أبطل كيدهم، وأرسل عليهم الرياح التي فرقتهم "قال يوم الخندق: ((ملأ الله قبورهم وبيوتهم)) " الضمير يعود على الكفار، ((ملأ الله قبورهم)) وعاد الضمير على غير مذكور للعلم به، فإذا كان مرجع الضمير لا يشك فيه، ولا يوقع في لبس جاز حذفه ((ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس)) الصلاة الوسطى في قوله -جل وعلا-: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [(238) سورة البقرة] وجاء ذكرها في الأحاديث الصحيحة يختلف أهل العلم فيها، عائشة -رضي الله عنها- أمرت أن يكتب: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر" وهنا شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس يراد بها صلاة العصر، وفي الرواية الأخرى: حبس المشركون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة العصر، فهذا نص صحيح صريح يدل على أن المراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر، والخلاف معروف بين أهل العلم، فمن قال: هي صلاة العصر وهم الأكثر وهو القول الراجح استدل بهذه النصوص، منهم من قال: الصلاة الوسطى صلاة المغرب، كيف تأتي صلاة المغرب؟ يقولون: قبلها صلاتان نهاريتان وبعدها صلاتان ليليتان، باعتبار أن الفجر تقع في الليل الذي هو الظلام، وهي أيضاً وسطى بالنسبة لعدد ركعاتها، وسطى بين الثنائية والرباعية، فهي ثلاثية، ومنهم من يقول: الصلاة الوسطى الظهر، ومنهم من يقول: صلاة الصبح، ولكل أدلته، لكن القول المرجح في المراد بالصلاة الوسطى أنها صلاة العصر كما هنا.

((ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى)) وفي هذا الدعاء على عموم الكفار، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس، قد يقول قائل: لماذا لم يصل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه الصلاة صلاة الخوف في وقتها؟ يصلي صلاة العصر في وقتها صلاة الخوف، ومعلوم أن جمهور أهل السير يرون أن غزوة ذات الرقاع قبل غزوة الخندق، فلماذا لم يصلها صلاة الخوف في وقتها؟ طالب:. . . . . . . . . من أهل العلم من يقول: إن صلاة الخوف لا تشرع في الحضر، ويستدل بمثل هذا، لا سيما وأن جمهور أهل السير على أن غزوة ذات الرقاع التي صلى فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الخوف كانت قبل الخندق في الرابعة. قول آخر؟ الإمام البخاري ويرجحه ابن القيم يذهب الإمام البخاري وهو الراجح عند ابن القيم إلى أن غزوة الخندق قبل غزوة ذات الرقاع، فعلى هذا تكون الصلاة المؤخرة إلى أن خرج وقتها قبل مشروعية صلاة الخوف فلا إشكال، وهو الذي يرجحه البخاري؛ لأنه وضع الخندق في الترتيب قبل غزوة ذات الرقاع في صحيحه، وهذا ما يميل إليه ابن القيم، ويرون مشروعية صلاة الخوف في الحضر والسفر. "وفي لفظ لمسلم: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) ثم صلاها بين المغرب والعشاء" صلى العصر بين المغرب والعشاء، يجب قضاء الفوائت فوراً، ويجب الترتيب، ولا يسقط الترتيب عند أهل العلم إلا بنسيانه أو بخشية فوات اختيار الحاضرة عندهم، لكن هنا صلاها بين المغرب والعشاء، هل صلاها بين صلاتي المغرب والعشاء أو بين وقتي المغرب والعشاء؟ نعم؟ في حديث جابر: فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب، هذا يدل على أن المراد بقوله: ((ثم صلاها بين المغرب والعشاء)) يعني بين وقتي المغرب والعشاء، صلاها بعد غروب الشمس، ثم صلى بعدها المغرب ثم العشاء، و"له" الضمير هذا يعود لمن؟ لمسلم.

"وله عن عبد الله بن مسعود قال: حبس المشركون النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صلاة العصر حتى أحمرت الشمس أو أصفرت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) " هناك صلاها بين المغرب والعشاء، يعني حتى غربت الشمس، كما في الرواية الأولى، وهنا يقول: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) إلى متى؟ حتى أحمرت الشمس أو أصفرت معناه أنه يمكنه أن يصليها في وقتها، فهل أخرها إلى غروب الشمس كما تدل عليه الروايات السابقة؟ أو صلاها حينما أحمرت الشمس أو أصفرت؟ الأول يعني أخرها إلى أن غربت الشمس؟ قبل غروب الشمس، إذاً الروايات الأولى التي تقول: صلاها بين المغرب والعشاء، الآن الروايات بينها اختلاف أو ما بينها اختلاف؟ يعني هل نقول: إن مثل هذا الوقت وقت النهي المغلظ الشديد لا تصلى فيه الفريضة كما يقول الحنفية مثلاً، ولذلك أخرها حتى صلاها بين المغرب والعشاء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذه شغلوهم حتى أحمرت الشمس أو أصفرت، وهناك حتى غابت الشمس، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم الخندق يوم واحد وإلا أيام؟ نعم؟ أيام في يوم شغلوهم إلى أن غابت الشمس، وفي يوم ثاني شغلوهم حتى آخر الوقت، وهنا صلاها في وقتها قبل غروب الشمس، وفي اليوم الذي قبله أو بعده الله أعلم في اليوم الذي غابت فيه الشمس صلاها بين المغرب والعشاء، فالخندق أيام وليس بيوم واحد.

"حبس المشركون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عن صلاة العصر حتى أحمرت الشمس أو أصفرت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً، أو حشا الله أجوافهم وقبورهم ناراً)) " ممن ينتسب إلى العلم في هذه الأوقات يقول: لا تدع على الكفار، أدع لهم بالهداية، ولا تقل: يذل فيه أهل معصيتك، هم في حال كونهم أهل معصية ندعو عليهم أن يذلوا ونرجو لهم الهداية، لكن هنا ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً، أو حشا الله أجوافهم وقبورهم ناراً فيه دلالة صريحة على الدعاء عليهم بالهلاك وبالعذاب، وجاء في الموطأ عن سعيد وغيره يقول: أدركنا القوم، يعني الصحابة وهم يدعون على عموم الكفار، قد يقول قائل: هذا مخالف للسنن الإلهية، السنن الكونية أن من الكفار من يسلم، فلماذا ندعو عليهم؟ أو لماذا لا ندعو لهم بالهداية؟ أو لا ندعو على عمومهم، نقول: كما ندعو لعموم المسلمين، ومنهم من يعذب ندعو لهم بالرحمة والمغفرة، وأن الله يتجاوز عنهم ويدخلهم الجنة، لكن منهم من يعذب، فإرادة الله -جل وعلا- ومشيئته نافذة، لا يردها شيء، لكن إذا دعونا نحن مأمورون بأن ندعو لأنفسنا ولأولادنا وللمؤمنين على جهة العموم، كما أننا ندعو على الكفار على جهة العموم، ومشيئة الله نافذة، ولذا لما دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- على فلان وفلان نزل قوله -جل وعلا-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [(128) سورة آل عمران] إلى آخره، فمن أراد الله هدايته يستثنى من هذه الدعوة كوننا نحن مأمورون بأن ندور مع الإرادة الشرعية لا مع الإرادة القدرية، نقف عند هذا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمنا الله وإياه تعالى وغفر لشيخنا وللحاضرين-:

وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أعتم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعشاء، فخرج عمر -رضي الله عنه- فقال: الصلاة يا رسول الله، رقد النساء والصبيان، فخرج ورأسه يقطر يقول: ((لولا أن اشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بهذه الصلاة هذه الساعة)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أعتم النبي -صلى الله عليه وسلم-" أعتم صيغة دخول في الشيء وإغراق، يعني دخل في العتمة، وهي اشتداد الظلام، كما يقال: أنجد وأتهم، يعني دخل في نجد ودخل في تهامة، وأمسى وأصبح، هذا مدلول هذه الصيغة، يعني تأخر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالعشاء، وعرفنا متى يبدأ وقت صلاة العشاء ومتى ينتهي؟ من مغيب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمرو، ومقتضى إمامة جبريل أنه ينتهي بثلث الليل، والحديث الذي يستدل به الجمهور على وقت صلاة العشاء يمتد إلى طلوع الصبح، ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى، وهذا وإن كان فيه دلالة إلا أنه من العام المخصوص، فهو مخصوص بالصبح اتفاقاً، صلاة الصبح لا يمتد وقتها حتى دخول الأخرى التي هي الظهر، ولتكن العشاء كذلك، فحديث عبد الله بن عمرو نص في هذا الباب، فلا يجوز تقديمها على مغيب الشفق، ولا يجوز تأخيرها عن نصف الليل. "أعتم النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة العشاء، فخرج عمر فقال: الصلاة يا رسول الله" يعني من غير عمر يستطيع أن ينبه الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فالحديث فيه دليل على تنبيه الأكابر، وأن هذا لا يخل بمنزلتهم وفي تقديرهم واحترامهم، التنبيه بأسلوب مناسب، ما يقول: تأخرت، ولماذا تأخرت؟ أو عطلت الناس، ما يمكن يقال مثل هذا بالنسبة للأكابر، ماذا قال عمر؟ "يا رسول الله رقد النساء والصبيان، وهل المراد بالنساء والصبيان الذين هم في المسجد ممن ينتظر الصلاة أو البيوت بحيث شق عليهم وطال عليهم انتظار الأزواج والآباء؟ يعني الأقرب أنهم الذين في المسجد ينتظرون الصلاة، لكن أيضاً احتمال آخر أنهن النساء اللواتي في البيوت ينتظرن الرجال طال عليهن الانتظار ...

كتاب الصلاة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (2) الشيخ: عبد الكريم الخضير لكن أيضاً احتمال أخر أن النساء اللواتي في البيوت ينتظرن الرجال طال عليهن الانتظار فرقدن "رقد النساء والصبيان فخرج -عليه الصلاة والسلام- ورأسه يقطر من وضوء أو من غسل" يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بهذه الصلاة في هذه الساعة)) " لولا أن أشق على أمتي أو على الناس هذه شك من الراوي، يعني هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "لولا أن أشق على أمتي، أو لولا أن أشق على الناس"؟ ولولا حرف امتناع، امتنع الأمر لوجود المشقة ((لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم)) أمر إيش؟ إيجاب أو استحباب؟ أمر إيجاب، أما أمر الاستحباب فهو موجود، يعني يستحب تأخير الصلاة إلى هذا الوقت، إلى هذه الساعة، نظير قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) الأمر أمر الاستحباب موجود، لكن الممتنع أمر الإيجاب، وهذه من أقوى الأدلة على أن الأمر الأصل فيه الوجوب؛ لأن أمر الاستحباب موجود، بقي المنفي هنا في الأمر المطلق في النص هو أمر الإيجاب، فأهل العلم يستدلون بمثل هذا على أن الأمر أصله للوجوب، فإن انضاف هذا إلى مثل قوله -جل وعلا-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [(63) سورة النور] هي مذهب جماهير أهل العلم بأن الأمر الأصل فيه الوجوب. ((لأمرتهم)) بهذه الصلاة يعني صلاة العشاء ((هذه الساعة)) يعني بعد أن دخل الظلام الدامس، والعتمة الشديدة، يقول: "أعتم النبي -عليه الصلاة والسلام-" تسمية العشاء بالعتمة جاء النهي عنها ((لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم)) وجاء أيضاً في النص الصحيح ((لو يعلمون في ما العتمة)) فسميت عتمة دليل على أن النهي للكراهة، وأن إطلاق هذا لبيان الجواز. فإذا لم يشق تأخير صلاة العشاء على المأمومين فتأخيرها أفضل، وهذا إذا وجد مجموعة من الناس في رحلة أو نزهة، ولا يشق عليهم تأخير الصلاة إلى ثلث الليل، أو بعد ذلك فهو أفضل من تعجليها، نعم. عفا الله عنك.

وعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فأبدوا بالعشاء)). وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- نحوه. ولمسلم: قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أقيمت الصلاة)) " الصلاة (ال) هذه للجنس أو للعهد؟ إذا قلنا: للجنس يعني جميع الصلوات، يعني إذا أقيمت صلاة الصبح وحضر العشاء ممكن؟ إذا أقيمت صلاة الظهر وحضر العشاء يمكن؟ إذا أقيمت صلاة العصر وحضر العشاء، لا تدخل هذه الصلوات الثلاث في الحديث، لكن إذا أقيمت صلاة المغرب وهي المرادة؛ لأنه جاء ما يبين في بعض الروايات: ((وأحدكم صائم)) وهذه الرواية تبين أن المراد بالنص من يحتاج إلى الطعام، أما من لا يحتاج إليه فلا يؤخر الصلاة من أجل العشاء، أقيمت الصلاة صلاة الجماعة، وحضر العشاء لمن يحتاج إليه بدليل رواية: ((وأحدكم صائم)) وليس في هذا مبرر لترك الجماعة لمجرد الاشتغال بالأكل، الذي لا يحتاج إليه والعلة في ذلك أنه لو قدم الصلاة وهو محتاج إلى الطعام أثر هذا على الخشوع، وعلى هذا فيبدأ بالعشاء ويقضي نهمته، ثم يرجع إلى صلاته بعد أن فرغ باله، وأقبل على صلاته، فإذا أقبل على صلاته حضر قلبه، أما إذا تشوش ذهنه، وفزع إلى الصلاة، وترك ما هو بأمس الحاجة إليه، لا شك أن هذا مخل بالخشوع، والخشوع الجمهور على أنه سنة، بمعنى أنه لو صلى الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها ولم يخشع في شيء منها لا يؤمر بإعادتها، ومنهم من أوجبه، ومنهم من اشترطه؛ لأنه لب الصلاة، يعني ممن أوجب الخشوع ابن رجب -رحمه الله-، وممن أوجبه الغزالي -رحمه الله- في الإحياء، وأطال في تقريره، ولا شك أن الخشوع لب الصلاة، وليس للمرء من صلاته إلا ما عقل، فإذا عقلها كلها كتب له الأجر كامل وموفور، عقل نصفها، عقل ربعها، عقل عشرها، قد لا يعقل منها شيئاً، فإذا دخل الإنسان في صلاته أقبل الشيطان يحول دونه ودون صلاته، ودون قلبه، وأشغله بما لا فائدة منه، ويحصل عجائب في الصلاة إذا كبر الإنسان في صلاته جاءه الشيطان، وقال له: أذكر كذا وأذكر كذا، ويذكر عن الإمام أبي حنيفة أنه جاءه من يقول له: بأنه دفن مبلغاً من المال فنسيه، فقال: صل ركعتين، فلما كبر ذكر، ولا يتوقع من الإمام أن يقول مثل هذا الكلام، هو ينسب إليه، لكن ما يتوقع من الإمام أن يقول لشخص: تقرب إلى الله -جل وعلا- بركعتين وقصدك

منها أن تحصل على ما ضيعت، هل هذا صلى من أجل الأجر المترتب على الركعتين، أو من أجل الدنيا؟ صلى من أجل الدنيا، فلا يتوقع من الإمام أن يأمره بمثل هذا، الانشغال عن الصلاة إما أن يكون من أجل حاجته إلى الطعام كما هنا، فإذا قدم الطعام وسمع الإقامة بعض الناس من حبه للخير وعدم تفريطه فيه يقوم إلى الصلاة ويترك الطعام وهو في أمس الحاجة إليه هذا موجود، ويقابله طرف آخر ليس بحاجة إلى الطعام، فإذا قربت الإقامة قال: فرصة، عندنا الرخصة الشرعية قدم الطعام، لكن المسألة مسألة وسط، الدين وسط بين الغالي والجاهل، الأول لا شك أنه على حرصه مأجور، لكنه فوت الإقبال على صلاته، وصلاته صحيحة، ولو انشغل باله بالطعام، مجزئة مسقطة للطلب عند الجمهور، والظاهرية يبطلونها، والثاني يأثم بترك الجماعة، ولو قدم الطعام؛ لأنه ليس بحاجة إليه، والأمور بمقاصدها، هو قصد بتقديم الطعام ترك الجماعة فهو آثم، والوسط ما جاء في التوجيه هنا ((إذا أقيمت الصلاة -في الرواية الأخرى- وأحدكم صائم)) يعني محتاج إلى الطعام وحضر العشاء فابدوا بالعشاء، لتقبل على صلاتك بقلبك وقالبك "وعن ابن عمر نحوه" يعني قريب منه في لفظه؛ لأن العلماء أحياناً يقولون: مثله، وأحياناً يقولون: نحوه، نحوه يعني بالمعنى وأما مثله فباللفظ.

"ولمسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا صلاة بحضرة طعام)) " لأنها صلاة مشوشة، والنفي هنا ((لا صلاة)) هل هو نفي للصلاة الحسية أو الصلاة الشرعية؟ وحينئذٍ هل نحتاج إلى تقدير الصحة أو تقدير الكمال؟ هل نقول: لا صلاة صحيحة؟ أولاً: الصلاة الحسية قد توجد، يقوم ويصلي صلاة بقيامها وركوعها وسجودها، فليس المنفي الصلاة الحسية كما في حديث المسيء ((صل فإنك لم تصل)) لو قال قائل: إنه صلى ركع وسجد، لكن المنفي هو الصلاة الشرعية؛ لأن الشرع إنما ينفي الحقائق المتعلقة به ((لا صلاة بحضرة طعام)) والنفي هنا يراد به النهي، يعني لا تصلوا بحضرة الطعام، كثيراً ما يأتي الأمر والنهي بلفظ الخبر، بلفظ النفي، وحينئذٍ يكون أبلغ، وهنا يقول: ((لا صلاة بحضرة طعام)) نحتاج إلى أن نقول إذا صححنا الصلاة كما هو مقتضى قول الجمهور نقول: لا صلاة كاملة بحضرة طعام؛ لأنها مشوشة، فلن يخرج هذا المصلي بالأجر الكامل لأنه ينشغل عنه، طيب هذه الصلاة التي وجد صورتها وأجزأت وأسقطت الطلب عند الجمهور هل هي الصلاة المكفرة للصغائر أو لا؟ ((الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة -هذه- مكفرات لما بينهن ما لم تغش كبيرة)) ((ما اجتنب الكبائر)) هل المراد بهذه الصلاة هي التي تكفر التي لم يعقل صاحبها إلا العشر مثلاً؟ نعم؟ هذه الصلاة التي لم يعقل صاحبها إلا عشرها؟ ليس له من أجرها إلا العشر، صحيحة ومسقطة للطلب، لا يأمر بالإعادة، لكن هل تكفر الصغائر بينها وبين الصلاة الأخرى؟ شيخ الإسلام يقول: هذه الصلاة إن كفرت نفسها فبركة، يكفي، فنحرص إذا أردنا أن تكفر ذنوبنا أن نأتي بالعبادات على مراد الله -جل وعلا-، وعلى ضوء ما ثبت عن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، أما أن نحضر إلى المسجد وقلوبنا خارج المسجد، يدخل شخص إلى المسجد مبكر إلى الصلاة، ويكون عن يمين المؤذن بعد الآذان مباشرة، لما صف في الصلاة جاءه الشيطان، أخذ يتأمل في المسجد، والله المسجد كبير ومريح، وتكييفه مناسب، لكن المسجد لماذا لا يكون جامع؟ هذه واقعة كبير ومناسب وتكييفه جيد، تأمل إذا ما في منبر، ثم بعد ذلك تأمل فوجد غرفة عن يمين

المحراب، قال: هذه تصلح منبر، وسلم الإمام وهو ينقل العفش الذي في الغرفة، هذا ما عقل من صلاته شيء، نعم كونه ينشغل بمثل هذه الأمور يفوت عليه الأجر المرتب على الصلاة، لكن لا يؤمر بإعادتها، إذا جاء بأركانها وشروطها وواجباتها، والفقهاء لهم نظر، وعلماء السلوك وأطباء القلوب لهم نظر أخر، هذا الذي أشغل نفسه بهذا، نفترض أن هذا أمر خير -إن شاء الله- لأنه بعد يبي صلاة ثانية يبي يكمل إجراءات كونه جامع عند المسئولين بيطالب وريض هذا، لكن لو كان انشغاله بمحرم، أو كان انشغاله بعبادة أخرى دعنا إذا كان انشغاله بمباح يخرج ما له أجر، لكنه صلاته صحيحة ومجزئة ومسقطة الطلب، عمر -رضي الله عنه- كان يجيش الجيوش وهو في الصلاة، يعني شرك عبادة بعبادة، إذا شرك عبادة بمحرم انشغل عن عبادته بالتخطيط لأمر محرم، وغاية ما هنالك أنه حديث نفس، ما تكلم ولا عمل، حديث النفس معفو عنه، يعني إذا كان العمل مناقض تماماً للهدف الشرعي من هذه العبادة، يقول: أنا ما تكلمت ولا عملت شيئاً، هذا حديث نفس معفو عنه، مسألة التشريك في العبادات، إما أن تشرك العبادة بعبادة كصنيع عمر -رضي الله عنه-، شرك الصلاة بتجييش الجيوش، من أجل الجهاد في سبيل الله هذه عبادة، ونظير هذا من يصلي وهذه واقعة في الدور الثاني في المسجد الحرام، ويكون يطل على الساحة وعلى المطاف، والإمام يقرأ قراءة مؤثرة بكلام رب العالمين بكى هذا الشخص، لما سلم قيل له: والله ما أدري وش قرأ الإمام؟ طيب ما الذي أبكاك؟ قال: نظرت إلى الناس يموج بعضهم في بعض فتذكرت الموقف، هذا ينقص من أجره شيء أو ما ينقص؟ هذا أنشغل عن الصلاة، وليس له من صلاته إلا ما عقل، لكنه مأجور من جهة أخرى، لكن من يشرك عبادة بمباح، ينصح بالحمية مثلاً، يقول له: أطباء عليك بالحمية مثلاً فيقول: نصوم، بدل ما نمتنع عن الطعام بدون أجر نصوم، هل أجر هذا مثل الأجر الذي لا يصوم لا يبعثه على الصيام إلا ابتغاء الأجر من الله -جل وعلا-؟ أو شخص ينصح بالمشي يقول: ما أجوب الأسواق طولاً وعرضاً؟ كثيراً ما يسأل من رجال ونساء عن السعي هل فيه أجر وإلا لا؟ إيش على شأنه؟ المسعى أحسن من المطاف للمشي، اللي يبي رياضة المسعى أحسن

له، يقولون: فيه أجر وإلا ما فيه؟ مثل هذا ما فيه أجر، فالهدف واضح المسألة تخفيف ومحافظة على الصحة، إذا قيل له: لا بد أن تستعمل المشي، تمشي كل يوم خمسة كيلو، يقول: الحمد لله نحج ونطوف، ونحصل على أجر في الطواف، له أجره في الطواف، لكن ليس ثوابه مثل ثواب من يطوف لا ينهزه إلى الطواف إلا طلب الأجر من الله -جل وعلا-، فمسألة التشريك مضبوطة وتحتاج إلى شيء من البسط، هنا يقول: ((لا صلاة بحضرة طعام)) لأنه يتشوش ذهنه ((ولا هو يدافعه الأخبثان)) هذا حاقن، الأخبثان البول أو الغائط، فإذا دخل في صلاته وهو على هذه الحال، وبعض الناس من زيادة الحرص يحرص على أن يدرك تكبيرة الإحرام، أو يدرك الركعة الأولى أو يدرك الجماعة، ويقول: إذا طلعت أمر الدورة، نقول: لا يا أخي مر الدورة قبل وأقبل على صلاتك، أخلي الصلاة تفوت، خلها تفوت، أنا مأمور بصلاة الجماعة، الذي أمرك بصلاة الجماعة، هو الذي نهاك عن الصلاة حال مدافعة الأخبثين، فنقول: أبداً إذا كان هناك ما يشوش عليك، لكن الإشكال في بعض الناس أن الذهن أربعة وعشرين ساعة مشوش، يعني أمور متراكمة من أمور الدنيا رانت على قلبه فهو مشوش باستمرار، مثل هذا يقال له: انتظر حتى يفرغ بالك؟ نقول: الله المستعان صل على حسب حالك، مثل ما جاء في الحديث ((إذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف)) بعض الناس خلقة يجلس ينام، يمسك المصحف ينام، نقول له: طبق المصحف؟ يقول: دائماً هكذا، نقول له: جاهد، واحرص على فراغ قلبك وإلا إلى الله المشتكى، فالقلب إذا لم يحضر في الصلاة، في السجود، في قراءة القرآن، في تدبره هذا القلب يحتاج إلى إعادة نظر، يحتاج إلى علاج، هذا قلب قاسي، ونعوذ بالله من قلب لا يخشع، وإذا صلى على هذه الحال بحضرة الطعام، أو وهو يدافعه الأخبثان يعوقه مدافعة الأخبثين عن تحصيل واجب من واجبات الصلاة، أو ركن من أركانها، قال: والله ما أقدر أسجد، الخبث قد يطلع شيء غصباً عني، نقول له: لا صلاتك باطلة، لكن إذا كان يستطيع الإتيان بالأركان والواجبات مع هذه المشغلة، نقول: صلاتك عند الجمهور صحيحة، وهي باطلة عند الظاهرية؛ لأن كل نهي عند الظاهرية يقتضي البطلان، كل نهي ولو كان خارج عن العبادة، من

صلى وعليه عمامة حرير أو بيده خاتم من ذهب صلاته باطلة؛ لأنه يتقرب إلى الله -جل وعلا- بما حرمه عليه، والأكثر على أنه إذا لم يعد النهي إلى ذات المنهي عنه، أو إلى شرطه فإنها تصح مع التحريم، وعندنا الآن تعارض بين صلاة الجماعة وبين الصلاة في أول الوقت مع الخشوع، فإذا تعارضت الفضائل فما الذي يقدم؟ ما الذي يقدم إذا تعارضت الفضائل؟ هنا قدم الخشوع على أول الوقت، وقدم الخشوع على صلاة الجماعة؛ لأن الخشوع هو لب الصلاة، وإن كانت الجماعة واجبة على القول الصحيح عند أهل العلم، لكن لا يكون هذا ديدن وعادة، كما أن الأكل من الثوم والبصل لا يصل إلى حد التحريم، مكروه، ومع ذلك إذا كان أكله حاجة يعذر في ترك الجماعة ((فلا يقربن مسجدنا)) فيعذر في ترك الجماعة، قد يقول قائل: الآن عارضنا مستحب -وهو الخشوع- بواجب وهو الجماعة، عارضنا واجب بمستحب، وهذا يقوي القول بوجوب الخشوع؛ لأن الواجب لا يمكن أن يعارض بمستحب، تعارض المستحبات، الصف الأول أفضل من الصف الثاني، كلما قرب من الإمام لا شك أنه أفضل مما تأخر، فإذا دخلت المسجد الحرام مع الإقامة لو تقدمت الآن تدرك تكبيرة الإحرام وتدرك الصلاة كاملة في الصفوف المتأخرة، عند الأبواب، لكن لو تقدمت إلى الصفوف الأولى قرب الإمام فاتك ركعة ركعتين، نقول: تحصل أجر الصفوف الأولى ولا تصف في الصفوف الأخيرة، لكن إذا أنضاف إلى ذلك تعرض صلاتك للتشويش من الذين يمرون بين يديك إذا سلم الإمام، وقد فاتك ركعتين وأنت في مكان تتعرض فيه للتشويش، إضافة إلى أنه قد تفوتك صلاة الجنازة، فما الذي يقدم مع تعارض هذه الفضائل؟ إذا اجتمع أكثر من فضيلة، أنت الآن إذا صفيت في الصفوف المتأخرة تبي تدرك تكبيرة الإحرام، وتبي تسلم مع الإمام ولا تعرض صلاتك للتشويش، بتدرك الجنازة أو الجنائز، إذا تقدمت وصليت قرب الإمام لا شك أنك أدركت أجر الصفوف الأولى، لكن فاتك تكبيرة الإحرام، فاتك بعض الركعات، تشوش الركعات التي تقضيها بمرور الغادي والرائح، أيضاً قد تفوتك صلاة الجنازة، فمع هذه المفاضلات، يعني إذا كان هناك فضائل ثلاث أو أربع في مقابل واحدة ترجح الثالث، قد تكون الصفوف الأولى ما هي مريحة، ما تحضر قلبك فيها،

الصفوف الأولى فيها شنص مثلاً، أو المكان الذي تحتك ما هو مريح أحياناً يصير غير متساوي، مائل من جهة ومن جهة فتنشغل به وأنت تصلي، فنقول: صل في الصفوف المتأخرة إذا كان هذا أضمن لصلاتك، وأخشع لقلبك، وأهل العلم يقررون أن الثواب المرتب على العبادة نفسها أولى من الثواب المرتب على مكانها أو زمانها ما لم يكن شرطاً، لا يجينا من يقول: والله أنا صلاتي في بيتي أضبط لي وأخشع لي من صلاتي المسجد، لا ما يمكن يرد هذا، على كل حال مسألة الخشوع وما يتعارض معه من الأمور يحتاج إلى مزيد بسط، والإخوان كثير منهم يطلب عدم الإفاضة والاستطرادات، فيكفي هذا. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: شهد عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)). وفي الباب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وسمرة بن جندب وسلمة بن الأكوع وزيد بن ثابت ومعاذ بن عفراء وكعب بن مرة وأبي أمامة الباهلي وعمرو بن عبسة السلمي. معاذ بن؟ ومعاذ بن عفراء. النسخة المحققة يقول: معاذ بن عفراء، والنسخة القديمة يقول: معاذ بن جبل، وأظنها أيضاً في شرح ابن دقيق العيد معاذ بن جبل، الترجمة لمعاذ بن جبل، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . أي طبعة؟ أرفعه أشوفه من بعيد، هذه الطبعة الجديدة، الثانية، من معه الطبعة الأولى؟ لا، لا، إيش في واحد معه، أنت إيش اللي معك؟ الكتاب اللي معك؟ هاه؟ الصنعاني؟ الطالب:. . . . . . . . . إيه تيسر الأعلام ما فيه شيء، على كل حال يراجع هذا، نعم. عفا الله عنك. وعمرو بن عبسة السلمي وعائشة -رضوان الله عليهم-، والصنابحي -رضي الله عنه- ولم يسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم-. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: شهد عندي رجال مرضيون" وهم من الصحابة، يروون عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، شهد يعني روى، الشهادة هنا بمعنى الرواية، شهدوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال كذا، أو شهدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول كذا، فالشهادة هنا بمعنى الرواية "رجال مرضيون" ولا تجوز الشهادة ولا الرواية إلا عن عدل مرضي، رجال مرضيون من الصحابة، والشراح يقولون: لم يسم أحد منهم غير عمر -رضي الله عنه-، ووهم بعض من تكلم على العمدة وقال: أراد ابن عباس هؤلاء الذين ذكرهم المصنف بعد ذلك في قوله: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان وفلان إلى آخره، هؤلاء هم المرضيون الذين شهدوا عند عبد الله بن عباس، لكن لم يقم بذلك دليل، لا بد من التنصيص، أبهمهم ابن عباس، واكتفى بأرضاهم وهو عمر -رضي الله عنه-، ولا سبيل إلى تعيين هؤلاء الذين أبهموا إلا أن يرد طريق أخرى عن ابن عباس تعينهم ولم يرد، أما كوننا نستروح ونميل إلى أنهم هم الذين ذكرهم المصنف فلا يكفي إلا برواية، وتعيين المبهم لا يمكن إلا من طريق الروايات الأخرى، شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، فالدلالة على أنه ليس فيهم أبو بكر؛ لأنه ليس عمر بأرضى منه عند ابن عباس، ليس فيهم أبو بكر "أرضاهم عندي عمر" وابن عباس من أهل البيت ويشهد لعمر يدل على أن الصحابة كلهم بما فيهم من ينتسب إلى بيت النبوة لا يقدمون على أبي بكر وعمر أحداً، ولا علي -رضي الله عنه وأرضاه-، وما ينسب إليهم، ينسب إلى بعض أهل البيت من القدح في الصحابة هذا كله موضوع، وكذب وزور وبهتان يلصق بهؤلاء الأخيار " وأرضاهم عندي عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس". وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)).

لا صلاة بعد الصبح، ونهى عن الصلاة بعد الصبح، جاء ما يدل على أن المراد بالصبح طلوع الصبح، وأنه لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر، فيبدأ وقت النهي من طلوع الصبح، ومنهم من يقول: لا صلاة بعد الصبح، يعني بعد صلاة الصبح فيكون ما قبل صلاة الصلاة وقت للتنفل، ويكون هذا مثل: ((ولا صلاة بعد العصر)) لأن ما قبل صلاة العصر وقت للنفل المطلق، والمراد الصلاة حتى تغيب الشمس، فأوقات النهي المنصوص عليها في هذين الحديثين كم؟ لا صلاة حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب، اثنان، وفي الثاني: ((لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب)) هذا الحديث الثاني فيه ثلاثة أوقات، والأول فيه وقتان، الأوقات خمسة: من طلوع الصبح حتى تطلع الشمس، ومن طلوع الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، ومن صلاة العصر حتى تتضيف الشمس للغروب، ومن تضيفها حتى تغرب، خمسة، قد يقول قائل: لماذا لا تتداخل هذه الخمسة فتكون ثلاثة؟ من طلوع الصبح حتى ترتفع هذا واحد، ما نحتاج أن نقول: حتى تطلع، ومن طلوعها حتى ترتفع، ووقت الزوال حتى تميل، والثالث: من صلاة العصر إلى غروب الشمس فكتون ثلاثة، تتداخل هذه الأوقات، هذان الوقتان الموسعان الذين جاءا في حديثي ابن عباس وأبي سعيد، والثلاثة المضيقة التي جاءت في حديث عقبة بن عامر "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب" فالأوقات خمسة، ثلاثة مضيقة ووقتان موسعان، والدمج بين هذه الأوقات الخمسة واختصارها إلى ثلاثة ممكن وإلا غير ممكن؟ يعني حينما يتفق العلماء ويطبقون على أن أوقات النهي خمسة، يعني ما يمكنهم أن يختصروها إلى ثلاثة؟ ترى كلامهم دقيق ما هم يتكلمون جزاف، لا، نعم؟ طالب: غير ممكن.

غير ممكن لماذا؟ لأن الثلاثة المغلظة المنهي عنها أمران، نعم ثلاثة ساعات كان -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، أما الوقتان الموسعان فمنهي عن الصلاة فقط، نهى عن الصلاة بعد الصبح؛ لأن الصلاة المراد بها جنس الصلاة، فيدخل في ذلك الفرائض والنوافل المطلقة وذوات الأسباب، إذا قلنا: جنس الصلاة، لكن يخرج من هذا الفرائض، بدليل ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) وتكون صلاة الصبح الآن في وقت النهي المغلظ ((ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) وهذا في الصحيح، أيضاً في الوقت المغلظ، إذاً نخرج الفرائض المؤداة اتفاقاً، وإن قال الحنفية: إنه إذا ضاق الوقت على صلاة الصبح، وخشي أن تؤدى في الوقت المضيق تؤخر، ويستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما نام عن صلاة الصبح انتقل من الوادي وأخر الصلاة، يقولون: أخرها حتى يخرج وقت النهي، هذا كلام صحيح وإلا ليس بصحيح؟ ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه لم يوقظهم إلا حر الشمس، وإذا كان الأمر كذلك فوقت النهي انتهى، الأمر الثاني: أن العلة في تأخير الصلاة منصوصة، فقد أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنهم انتقلوا عن الوادي؛ لأنه مكان حضر فيه الشيطان، فمسألة الفرائض المؤداة لا إشكال فيها، المقضية شخص نسي صلاة الظهر فهل يقضيها بعد العصر؟ نقول: نعم يقضي الفوائت فوراً في أي وقت كان، يجب قضاء الفوائت فوراً عند أهل العلم، فالفرائض لا تدخل، النوافل، النوافل منها ما هو مطلق، ومنها ما هو مقيد بسبب، الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد على أن النوافل لا تصلى في هذه الأوقات ولو كانت ذات سبب، الشافعية يرون أن ذوات الأسباب مخصصة من عموم الأوقات، الأئمة الثلاثة وأتباعهم يقولون: عندنا عموم وخصوص، والخاص مقدم على العام، النفل المطلق يتفقون عليه، شخص جالس بعد صلاة العصر يقرأ القرآن، وقال: أتمغط وأتنشط شوي أجيب لي ركعتين، نقول: لا تجيب ركعتين، المسألة فيما إذا دخل المسجد ذات سبب، هل يصلي أو لا يصلي؟ الثلاثة الذين هم جمهور الأمة بأتباعهم يقولون: أحاديث النهي وأحاديث ذوات الأسباب، بينها عموم وخصوص،

أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، والخاص مقدم على العام، كلام صحيح وإلا ليس بصحيح؟ ((إذا دخل أحدكم المسجد)) في أي وقت من الأوقات، لكن إذا دخل في الأوقات المنصوص عليها، لا، الخاص مقدم على العام، الشافعية يقلبون المسألة، يقولون: لا، أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات، هل نقول: إن مذهب الجمهور أرجح وحجتهم أقوى؟ أو نقول: مذهب الشافعية؟ هم كلهم دعواهم واحدة، والدلالة من حيث العموم والخصوص متكافئة، يعني هل بين هذه النصوص عموم وخصوص مطلق من أجل أن نقول: الخاص مقدم على العام؟ خلنا في أصل المسألة، الآن الجمهور يقولون: الخاص مقدم على العام، وأحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة في هذه الأوقات، الخاص مقدم على العام، والشافعية يقولون بالعكس، أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، تشمل الفرائض، تشمل النوافل المطلقة، تشمل ذوات الأسباب، وأحاديثنا التي نستدل بها ونمثل بتحية المسجد، نعم، خاصة، يعني لا صلاة بعد العصر ولا صلاة بعد الصبح أي صلاة، لكن أخرجنا الفرائض فلنخرج ذوات الأسباب؛ لأنها وردت بأحاديث خاصة، والخاص مقدم على العام، هذا كلام من المقدم؟ كلام كله صحيح، إيش؟ من تكلم؟ الطالب:. . . . . . . . . علشان إيش؟ علشان قاله شيخ الإسلام وبعض الشيوخ؟ وإلا علشان إيش؟ خلونا في القواعد العلمية يا إخوان ما يصلح يربى على عواطف، شيخ الإسلام قاله والشيخ فلان قاله، إحنا نسمع الفتاوى تقول: خاص وعام وانتهى الإشكال، هل هذا الكلام صحيح؟ يا أخي دعوى الجمهور أقوى من دعوى الشافعية إذا قلنا: الخاص والعام. الطالب:. . . . . . . . . غيره، خلونا في الكلام العلمي، نمشي على القواعد، ما نمشي على عواطف، أحاديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، هذا كلام الجمهور، كلام الأئمة الثلاثة. الطالب:. . . . . . . . . إيه خصصت إيه. الطالب:. . . . . . . . . بإيش؟ الطالب:. . . . . . . . .

خصصت بالفرائض، نخرج الفرائض، طيب وبعدين؟ يعني أنت تريد أن تقول: عموم أحاديث النهي مخصوص، دخله الخصوص، خل هذه مرحلة ثالثة، ما هي ولا ثانية، دعنا من هذا، نريد أن نقرر أيهم أوجه كلام الشافعية أو كلام الجمهور؟ وكله ماشي على القواعد فيها كلام الجمهور صحيح، أحد يقدح فيه؟ ما في أحد يقدح فيه؟ وكلام الشافعية صحيح ما أحد يقدح فيه؟ إذاً كيف نصنع؟ هم كلامهم صحيح لو قلنا: إن الذي بين هذه النصوص عموم وخصوص مطلق، الخاص مقدم على العام، ما يختلف أحد في هذا، لكن هل الذي معنا عموم وخصوص مطلق أو عموم وخصوص وجهي؟ نعم؟ شاركوا يا إخوان أنتم من سنين تحضرون الدروس. الطالب:. . . . . . . . .

نعم عموم وخصوص وجهي، بمعنى أن أحاديث النهي عامة من وجه وخاصة من وجه، عامة في الصلوات وخاصة في الأوقات، أحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات، وخاصة بهذه الصلوات، فإذا كان عندنا عموم وخصوص وجهي ماذا نصنع؟ الآن الدعوى متكافئة، عندنا عموم وخصوص وجهي، نجيب مثال تقريبي، عندنا ((من بدل دينه فاقتلوه)) هذا عام في الرجال والنساء؛ لأن (من) تتناول الرجال والنساء، لكنه خاص بالمبدل الذي هو المرتد، صح وإلا لا؟ عندنا النهي عن قتل النساء عمومه في الأصليات والمرتدات، لكن خصوصه في النساء؛ لأن الأول يشمل الرجال والنساء، فيه عموم، لكنه خاص بالمرتدين، والثاني: عمومه في الكوافر الأصليات والمرتدات، وخصوصه في النساء لا في الرجال، هنا عموم وخصوص وجهي أيهما الراجح تقتل المرتدة وإلا ما تقتل؟ طيب النهي عن قتل النساء؟ تقتل وإلا ما تقتل؟ النهي عن قتل النساء هذا فيه عموم، عموم في جميع من تستحق القتل من النساء، سواء كانت حربية كافرة أصلية أو مرتدة، لكنه خاص بهذا الجنس الذي هو النساء ((من بدل دينه)) خاص بالمبدل الذي هو مرتد، وعمومه في الرجال والنساء، والمسألة التي الرجال إذا ارتدوا لا خلاف في قتلهم، المرأة إذا كانت كافرة أصلية لا تقتل، بمقتضى النصين، التوارد على المرأة إذا ارتدت، توارد النصين على المرأة إذا ارتدت، تقتل وإلا ما تقتل؟ عموم ((من بدل دينه)) يقتضي أنها تقتل، لكن عموم النهي عن قتل النساء يقتضي أنها لا تقتل، نأتي إلى هذا العموم وذاك العموم؛ لأن العموم عند أهل العلم إذا دخله المخصص يضعف، عموم ((من بدل دينه فاقتلوه)) هل هو محفوظ وإلا مخصوص؟ في أحد يبدل دينه ولا يستحق قتل؟ إذاً عمومه محفوظ، عموم النهي عن قتل النساء محفوظ وإلا مخصوص؟ المرأة إذا قتلت تقتل وإلا ما تقتل؟ المرأة إذا كانت ساحرة تقتل، المرأة إذا زنت ترجم إذا كانت محصنة، إذاً عموم النهي عن قتل النساء مخصوص فعمومه يضعف في مقابل عموم ((من بدل دينه فاقتلوه)) فتقتل المرأة إذا ارتدت.

نأتي إلى ما عندنا أيهما المحفوظ؟ هل المحفوظ عموم أحاديث النهي أو المحفوظ عموم أحاديث ذوات الأسباب؟ ترى المسألة لا يتصور أنها من المسائل السهلة التي يمكن أن يرجح الإنسان وهو يضحك، المسألة من عضل المسائل، حتى قال جمع من أهل العلم: لا تدخل المسجد في هذه الأوقات، إن صليت حرج، إن ما صليت حرج، وبعضهم يقول: تستمر واقف، دعونا من رأي الظاهرية الذين يقولون: اضطجع، لا، لكن أقوال معتبرة عند أهل العلم، يقع الإنسان في حرج، إن عمل بنص خالف نصوص، أحاديث النهي عمومها محفوظ، يعني ما دخله فرائض؟ ما خصص للفرائض؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قضى راتبة الظهر بعد العصر؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أقر من صلى راتبة الصبح بعد الصلاة؟ كيف نقول: محفوظ مع هذه؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . ارفع صوتك ترى عندنا السمع ما هو بـ .... الطالب:. . . . . . . . .

عموم أحاديث ذوات الأسباب هو المحفوظ، وعموم أحاديث النهي مخصوص، إذاً يضعف عموم أحاديث النهي في مقابل عموم ذوات الأسباب، لكن عندنا قاعدة يتفق عليها العلماء كلهم الشافعية وغيرهم أن الحظر مقدم على الإباحة، جاءك نص ينهاك تنتهي، وجاء نص يأمرك تأتي منه ما استطعت ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) والله ما نستطيع نصلي، وأنت اللي ناهينا ((وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) ولذا يقدمون المنع، بهذا يرجح كلام الجمهور، وتبقى أن المسألة ما هي بسهلة، يعني واحد يرجح عموم وخصوص وهو يضحك، وإلا يقول .. ، لا، لا، المسألة من عضل المسائل ليست بالسهلة، لكن وجد من يفتي ممن فتن الناس بتقليده وخلاص إذا قالت حذام فصدقوها، ما أحد له كلام مع شيخ الإسلام، عندنا نصوص صريحة صحيحة، وعندنا أئمة جبال قالوا بهذا وقالوا بهذا، فطالب العلم لا بد أن يمشي على قاعدة، ما يمشي على عاطفة، فعند الشافعية كون عموم ذوات الأسباب محفوظ، وعموم أحاديث النهي مخصوص، والعموم إذا دخل الخصوص يضعف في مقابل العموم المحفوظ، والجمهور يرجحون بالقاعدة المتفق عليها بينهم هم والشافعية بأن الحظر مقدم على الإباحة، إذا جاء حديث ينهى إلزم ((وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) بخلاف ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) والاستطاعة قد تكون حسية وقد تكون شرعية، إحنا نستطيع أن نصلي، نستطيع أن نركع ونسجد، لكن نحن ممنوعين من الصلاة، على كل حال عندنا التفريق بين الأوقات الموسعة والأوقات المغلظة، الأوقات الموسعة النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى رابتة الظهر يعني في الوقت الموسع، وأقر من قضى راتبة الصبح في الوقت الموسع، أما الأوقات المضيقة التي النهي عن الصلاة فيها لذاتها، لارتباطها بالشمس فأمرها أشد، يقرر جمع من أهل العلم ابن رجب قبله ابن عبد البر جمع من أهل العلم أن النهي عن الصلاة بعد الصبح إلى قرب طلوع الشمس، والنهي عن الصلاة بعد العصر إلى قرب غروب الشمس إنما هو من باب نهي الوسائل؛ لئلا لا يستمر الإنسان يصلي، يعني من باب حسم المادة وسد الذريعة، من أجل لا تستمر تصلي حتى يأتي الوقت المضيق، أما الوقت المضيق فالنهي عنه لذاته، أما النهي عن الصلاة في

الوقتين الموسعين فالنهي نهي أسباب ما هو بنهي مقاصد، فأقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلى بعد الصبح، وقضى راتبة الظهر بعد العصر في الوقتين الموسعين، والذي يتجه أن النهي في الأوقات الموسعة خفيف، إذا دخل الإنسان يصلي في الوقتين الموسعين، الأمر فيه سعة، أما في الأوقات المضيقة فلا عذر لأحد، إما يستمر واقف وإلا يجلس، الإمام البخاري –رحمه الله تعالى- علشان نبين أن المسألة حتى عند أهل الحديث، ما يقال: والله فقهاء هؤلاء ما عندهم سالفة وإلا اتجهوا إلى ترجيح، وإلا استروحوا أو مالوا إلى شيء، هؤلاء أئمة جبال، البخاري -رحمه الله تعالى- لما ترجم: باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وإيش جاب؟ جاب حديث: يا عبد مناف، ما جابه، ما جاب حديث: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف وصلى بهذا البيت أية ساعة شاء من ليل أو نهار، لا، باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وصلى عمر -رضي الله تعالى عنه- ركعتي الطواف بذي طوى، طاف بعد الصبح، لكن متى صلى؟ صلى يوم انتهى؟ صلى عند ما خرج وقت النهي بذي طوى، وأورد الحديثين، الحديثين الذي معنا تحت ترجمة باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وإيش يرى البخاري؟ يرى أنه ما تصلي في وقت النهي، وأورد ابن حجر في المسألة في الباب، وهو من الشافعية الذين يرون فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، أورد في شرح الباب حديث جابر في المسند، ما كنا نطوف بعد الصبح وبعد العصر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكثيراً من الإخوان الآن كأنه يصلي صلاة الضحى، أو في جوف الليل، المسألة ليست بالسهلة، عندنا نواهي صريحة عن الصلاة في هذه الأوقات، لكن جاء ما يخفف بالنسبة للوقتين الموسعين، أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلى بعد الصبح، وصلى راتبة الظهر بعد العصر، إذاً النهي خفيف، فتصلى فيه ذوات الأسباب، لا يقوى النهي لمعارضة أحاديث ذوات الأسباب، يعني إذا تعارض عندنا أمران خفيف وثقيل، لا شك أننا نتجاوز الخفيف في سبيل أننا نتفادى الثقيل، نجيب مثال محسوس الآن عندكم بدءوا يضعون في الدوار إشارة، القاعدة تقول: إن الأفضلية للقادم من اليسار، والإشارة حمراء، هذا مشى باعتبار أن القاعدة معه من اليسار، جاي هذا من

اليسار واستمر ما وقف عند الإشارة، وهذا مشى باعتبار أن الإشارة خضراء له وهو قادم من اليمين حصل حادث، هذا عنده قاعدة وهذا عنده قاعدة، لكن أي القاعدتين أقوى؟ هل نقول: القاعدة العامة أن الأفضلية لليسار، أو القاعدة الخاصة التي تقول: قف في هذا المكان لأن الإشارة حمراء؟ لا بد من النظر في النصوص بعين الاعتبار والموازنة خفه أو ثقله، والعلماء لهم أنظار بعيدة حول التعامل مع النصوص، شيخ الإسلام على العين والرأس وقال هذا الكلام وأقروه وانتهى الإشكال وقلدناه ومشينا، يدخل بعض الكبار، رأيت بعيني ولا تثريب عليه؛ لأنه من أهل النظر والاجتهاد، ولا يلزم أحد باجتهاد أحد، قبل أذان المغرب بخمس دقائق، وقت النهي المغلظ ويصلي ركعتين، باعتبار أن شيخ الإسلام قال والحمد لله، ما أحد بيتنقص شيخ الإسلام، ولا أحد بيتطاول على شيخ الإسلام، لكن عندنا مرجعنا ومرجع شيخ الإسلام النصوص، وعلى طالب العلم أن يعمل بما يعتقد ويدين الله به، تعرفون أن الظاهرية يرون أن النهي منسوخ، الظاهرية يرون أنه ما في نهي أبداً صل في أي وقت، لكن ونحن حينما نقرر كلام أئمة جبال كبار ثلاثة من الجمهور وأتباعهم منذ قرون كلهم يقررون هذا، ونأتي بأقل كلام نرمي بكلامهم عرض الحائط، لا، ينبغي أن يكون طالب العلم هياب لأهل العلم، ما تكون لديه الجرأة بحيث ينسف أقوال أهل العلم بكل بساطة، ومع ذلك ونحن نقرر هذا الكلام لا يعني أننا نفرض أن الشخص إذا دخل يصلي أو لا يصلي، لا، وليس من حقك، ولأن هذه المسألة ما هي بمسألة يرجح بها بالقشة يرجح أنه إذا صلى واحد تقوم وتفرك عنه. . . . . . . . . أو جلس واحد تقوم تشيله يصلي، مو بصحيح، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جلس قال: هل صليت ركعتين؟ ما قال: قم صل، وقد شهدنا شخص صف ابنه لتحية المسجد بعد صلاة العصر وقام وأداره عن جهة القبلة، الابن طالب علم والأب طالب علم، فلا هذا ولا هذا، الإنسان يعمل بما يدين الله به، فمن فعل عنده نصوص، ومن ترك عنده نصوص، فهذه المسألة المقرر عند أهل العلم أنها من عضل المسائل، حتى قال بعضهم: لا تدخل المسجد ... تقع في حرج عظيم إن صليت مشكلة، خالفت نصوص وإن تركت خالفت نصوص.

هؤلاء الذين ذكرهم المصنف أحاديثهم شواهد لما ذكره في الباب حديث ابن عباس المروي عن عمر -رضي الله تعالى عنه- وحديث أبي سعيد، الحديث الأول هل هو من مسند ابن عباس أو من مسند عمر؟ يعني لو رجعت إلى تحفة الأشراف المزي يضعه تحت ترجمة عمر وإلا ترجمة ابن عباس؟ نعم مسند ابن عباس وإلا عمر؟ هاه؟ يعني لو أن ابن عباس شهد حادثة واقعة حصلت للنبي -عليه الصلاة والسلام- مع واحد من الصحابة قلنا: من مسند ابن عباس بلا شك، لكن هنا هل هو يشهد على عمر هذه القصة التي حضرها مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو يرويها عن صاحبها، يرويها عن عمر، إذاً هي من مسند عمر -رضي الله عنه-. يقول: وفي الباب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي هريرة وسمرة وسلمة بن الأكوع وزيد بن ثابت إلى آخره، هذه شواهد، هؤلاء رووا أحاديث النهي، فأحاديث النهي مستفيضة، ويرى الظاهرية أنها منسوخة، لكن عامة أهل العلم على أنها محكمة، وتنزل في منازلها، نعم. وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، وقال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((والله ما صليتها)) قال: فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب. الصيغة التي استعملها ابن عباس صيغة الأداء صيغة نادرة، صيغة الأداء شهد عندي رجال صيغة نادرة، قد تبحث عن حديث آخر بهذه الصيغة ما تجد، من نوادر الصيغ ما جاء في صحيح مسلم في أحاديث الفتن فلان بن فلان رده إلى فلان، وفلان رده إلى فلان، يعني يرويه عن فلان وينقله عن فلان، هذه صيغ نادرة ينبغي أن يعتنى بها.

هنا يقول: "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق" هذا من مسند جابر وإلا من مسند عمر؟ مسند جابر؛ لأنه يحكي قصة هو الحاكي لها، لكن لو كانت عن جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب أنه جاء يوم الخندق صارت من مسند عمر، الآن هي من مسند جابر يحكي هذه القصة، ما الفرق بين أن يقول: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق، أو يقول: عن عمر بن الخطاب أنه جاء يوم الخندق؟ في فرق وإلا ما في؟ يعني فرق بين السند المؤنن والمعنعن وإلا ما في فرق؟ يعني في حديث عن محمد بن الحنفية عن عمار أنه مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال أحمد ويعقوب بن شيبة: متصل، وعن محمد بن الحنفية أن عماراً مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة: منقطع، في فرق وإلا ما في فرق؟ فهل المرد في اختلاف الحكم اختلاف الصيغة أو لا؟ يعني الخلاف في السند المؤنن أو المؤنأن هل هو مثل المعنعن وإلا لا؟ أيوه؟ لا يحتمل السماع، واللي عندنا أن عمر بن الخطاب لا يحتمل السماع؟ كون الراوي يروي قصة شهدها متصلة، وكونه يحكي قصة لم يشهدها منقطعة، لكن محمد بن الحنفية ما حضر القصة؛ لأنه لو حضرها كان صحابي، النبي -عليه الصلاة والسلام- طرف فيها، فاختلاف الحكم هنا لا لاختلاف الصيغة، فلما قال: عن محمد بن الحنفية عن عمار هو يروي القصة عن صاحبها، لكن لما قال: عن محمد بن الحنفية أن عماراً مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يحكي قصة لم يشهدها، وليس مرد هذا إلى اختلاف الصيغة، فالجمهور على أن فلاناً مثل عن فلان، مثل ما عندنا هنا، لا تختلف. . . . . . . . . . ... سووا، وللقطع نحا البرديجي وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُ ... حتى يبين الوصل في التخريجِ ولذا لما حكم ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل ويعقوب بن شيبة أنهم يرون التفريق لهذه القصة، قال الحافظ العراقي: . . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه

يعني ما انتبه إلى السبب الحقيقي، يعني مثلاً لي قصة مع واحد من المشايخ حدثتك بها فصرت ترويها عني أنها حصلت، لكن قصة لم تشهدها تقول: إن فلان حصل له قصة مع فلان متصلة وإلا منقطعة؟ لما تحكيها عني تقول: عن فلان أنه قال: حصل لي كذا وحصل لي كذا، تروي القصة عن صاحبها فهي متصلة، لكن لما تحكي القصة التي لم تشهدها ولم تروها عن صاحبها أن فلاناً حصل له كذا مع فلان منقطعة، ليس السبب اختلاف الصيغة إنما السبب أنه يروي القصة ولم يشهد، وحُكم عليها بالانقطاع، والعبارة أو الصيغة الأخرى أنه يحكي القصة عن صاحبها، فهي متصلة وهنا متصلة؛ لأن السند المؤنن حكمه حكم المعنعن، لو قلنا: بالاختلاف بين المؤنن والمعنعن قلنا: هذا منقطع وهو في الصحيح. "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله" عمر يسب كفار قريش والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمع ولم ينكر عليه، فدل على جواز سب الكفار، لا سيما من يتعدى ضرره "وقال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب" الآن صلاها قبل الغروب وإلا بعد الغروب من خلال هذه الجملة؟ قبل الغروب {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة] ذبحوا وإلا ما ذبحوا؟ فعلوا وإلا ما فعلوا؟ فعلوا؛ لأن كاد إذا دخل عليها النفي مثل ما هنا يكون الفعل قد وقع، لكن لو لم تثبت كدت أصلي العصر، يعني هل وقعت وإلا ما وقعت؟ إذا دخل النفي ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، الصيغة تدل على أنه صلاها قبل الغروب؛ لأنه أدخل النفي على كاد، مثل {وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة] هم فعلوا، لكن قربوا من عدم الفعل، وهنا قرب من عدم الصلاة قبل غروب الشمس، بخلاف ما لو قال: كدت أصلي، يعني قرب أن يصلي، وهو لم يصل، ماذا عن قوله -جل وعلا-: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طه] هل أخفاها وإلا ما أخفاها؟ الساعة. طالب:. . . . . . . . .

تمام، لكن نشوف قبل هل أخفاها وإلا ما أخفاها؟ أخفاها، الصيغة تدل على أنه أخفاها وإلا لم يخفيها؟ تدل على عدم الإخفاء، لكنه قرب من الإخفاء، لكن المخرج من هذا في قول بعض المفسرين وهو صحيح أكاد أخفيها حتى عن نفسي، أما من عداه -جل وعلا- لا يعلم متى الساعة، فقد أخفاها عن كل مخلوق، فقوله: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طه] يعني حتى عن نفسي، علشان تكتمل القاعدة صحيحة منضبطة "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((والله ما صليتها)) " كره بعض السلف أن يقول الرجل: ما صليت، كره بعض السلف أن يقول: ما صليت، الآن إذا قلت للعامي من الناس: صليت يا أبو فلان؟ قال: على النبي -عليه الصلاة والسلام-، دليل على أنه صلى وإلا ما صلى؟ ما صلى، لكن يكره أن يقول: ما صليت، وهذا له سلف، من السلف من كره، ولذا ترجم البخاري -رحمه الله تعالى-: باب قول الرجل: ما صلينا، واستدل بهذا الحديث: ((وأنا والله ما صليتها)) وفي هذا رد على من يكره مثل هذا اللفظ "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((والله ما صليتها)) قال: فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس" لأنه يجب قضاء الفوائت فوراً مرتبة، فتصلى قبل المغرب، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس "ثم صلى بعدها المغرب" وهذا نص مفسر للنص السابق أنه صلى العصر بين المغرب والعشاء، وصلاها بعد وقت صلاة المغرب، وقبل وقت صلاة العشاء، ثم صلى بعدها المغرب كما هنا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: مر معنا في درس الأمس اختلاف النسخ عند قول المصنف: وفي الباب عن علي .. إلى أن قال: معاذ بن جبل، وفي نسخة: معاذ بن عفراء، وفي طبعة دار الكتاب العربي للطبعة التي بعناية محمد بن منير

هذه الطبعة المنيرية المطبوعة في مصر هي مأخوذة من الطبعة المنيرية لشرح العمدة لابن دقيق العيد، وفيها أخطاء وأوهام كثيرة، على أن منير يعتني، صاحب عناية، وطبعاته نفيسة، لكن طبعته لهذا الكتاب مفضولة بالنسبة لطبعة الشيخ أحمد شاكر، والشيخ حامد الفقي، وأيضاً النسخة التي عليها حاشية الصنعاني متقنة إلى حد ما، العدة بعناية الشيخ علي الهندي -رحمه الله-. يقول: المجلد الأول إلى آخره ذكر في متن العمدة معاذ بن جبل، وفي الشرح ترجم لمعاذ بن عفراء، وترجم لمعاذ بن جبل، وقال في الحاشية: قوله: وأما معاذ بن جبل هكذا في نسخ الشرح، ومعاذ بن جبل ليس من رجال الباب، بل من رجاله معاذ بن عفراء، وهو محلق ببعض نسخ الشرح، ولعله تعرض له لخوف الالتباس فبينه. كأن الشارح ابن دقيق العيد وقف على نسخة من العمدة فيها معاذ بن عفراء، ونسخة أخرى فيها معاذ بن جبل، فترجم للاثنين، لكن يبقى أن الصواب معاذ بن عفراء وليس معاذ بن جبل، وأما الطبعة المنيرية كما ذكرنا فيها أوهام وأخطاء. هذا سائل من الكويت يقول: شخص يقوم الليل هل يجوز أن يوتر قبل أن ينام أولاً خشية أن لا يستيقظ لقيام الليل، وإن استيقظ قام الليل بدون أن يوتر؟ الأصل أن الوتر في أخر الليل وكونه آخر الصلاة هو الأفضل ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) وآخر صلاة الليل مشهودة، وهي وقت النزول الإلهي، لكن من خشي أو غلب على ظنه أنه لا يقوم آخر الليل فليوتر قبل أن ينام، ولذا أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام، ولا شيء في هذا، محل الوتر الليل من صلاة العشاء إلى طلوع الصبح كله محل للوتر، لكن هذا الأفضل، الذي يخشى على نفسه أنه لا يقوم، لا شك أن تحصيل الوتر في أول الليل أفضل من تركه، لكن إذا أوتر أول الليل بناء على غلبة ظنه أنه لا يقوم من آخر الليل، ثم تيسر له أن انتبه يصلي ما شاء، مثنى مثنى إلى أن يطلع الصبح دون وتر؛ لأنه لا وتران في ليلة، منهم من يقول: يشفع الوتر الأول، وهذا فيه مخالفة أشد من الوتر الثاني، لأنه يكون فيه ثلاثة أوتار، يكون حينئذٍ أوتر ثلاث مرات. السائل من جدة يقول: ما حكم بيع المصحف الكريم؟

المذهب عند الحنابلة أنه لا يجوز بيعه؛ لأن بيعه امتهان، وإشعار بأنه مرغوب عنه، فالمبيع بالجملة كل سلعة تباع مرغوب عنها، وثمنها مرغوب فيه، والمشتري راغب في السلعة، فكون البيع للمصحف يشعر بهذا الحنابلة لا يجيزون بيع المصحف، لكن مع ذلك الإمام أحمد يجيز شراءه للحاجة، والذي عليه الجمهور جواز بيعه وشرائه مع أنه محترم معظم. يقول: عزو الحافظ ابن حجر في البلوغ للحاكم وابن حبان وابن خزيمة. هذا العكس المفترض أن يبدأ بابن خزيمة ثم ابن حبان ثم الحاكم. يقول: ما رأيكم فيه؟ وهل يمكن حذف أحدهما عند الحفظ خصوصاً عزوه للحاكم؟

أولاً: عزوه للثلاثة مجتمعين يعطي للحديث قوة؛ لأن هؤلاء كلهم اشترطوا الصحة، فكتبهم من الصحاح في الجملة، وإن لم يوفوا بهذا الشرط فوجد فيها الضعيف، لكن كون الحديث موجود فيها مجتمعة يعطيه قوة، الأمر الثاني: أن من اعتنى بكتاب بعينه وأراد حفظه أو قراءته أو إقرائه عليه أن يقرأه بحروفه، وأن يحفظه بحروفه، كما وضعه مؤلفه، ليصدق عليه أنه حفظ الكتاب الفلاني، أما التصرف بالحذف والزيادة والنقص هذا له أن يجعل عليه حاشية، أو يعمل له تهذيب أو اختصار، أما أن يحفظ كتاب ألف في فن معين ألفه عالم من أهل العلم معتبر، ليس من الأمانة العلمية أن يحذف منه شيئاً، بل يبقى كما هو ويحفظ كما هو، ولو قدر أنك لم تجد الحديث عند الحاكم، افترض أن الحافظ عزاه للحاكم وابن حبان وابن خزيمة بحثت في المستدرك ما وجدته تستطيع أن تحذف هذا التخريج هذا العزو إلى هذا الإمام؟ لا يمكن، لكن لك أن تنبه، تقول: عزاه الحافظ إلى الحاكم ولم أجده فيه بعد الحرص والتتبع والاستقراء لجميع الكتاب، ولذا أهل العلم إذا وجد خطأ في كتاب، يعني في العمدة ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ما عليه -من الإثم- لكان عليه أن يقف)) هذه الزيادة لا توجد في الصحيح ((من الإثم)) إلا في رواية الكشمهني وهو ليس من الحفاظ، وانتقده ابن حجر ووقع في ذلك، فذكرها في البلوغ مع أنه انتقد الحافظ عبد الغني، ومع ذلك من يريد أن يحفظ الكتاب، من يريد أن يشرح الكتاب سواء كان شرحاً مسموعاً أو مقروءاً لا يجوز له أن يحذف هذه اللفظة، بل عليه أن يبقيها كما كانت ويعلق عليها، هذا مقتضى الأمانة العلمية، لا يحذف شيئاً من الكتاب، ولا يزيد فيه إلا إذا وجد في بعض الأصول المعتمدة، وسقط من بعضها حينئذٍ يلفق بين الأصلين، أهل العلم يقول: إذا وجدت خطأ لا يحتمل الصواب، إن في آية من القرآن صحح، عدل على ضبط المصحف، وإن كان الخلل في غيرها فتبقيها وترويها كما وجدت وتعلق عليها، كذا في الأصل والصواب كذا؛ لأنه قد يكون عندك أنت خطأ، لكن يبين ويلوح الصواب لغيرك، فإذا جرأت وصححت متى يبين الصواب؟ خلاص صححت كل من يأتي، وكم من كلمة يرجحها كثير من المحققين ويجعلونها في صلب الكتاب، ويعلقون عليها،

باب: فضل صلاة الجماعة ووجوبها

يقولون: في الأصل كذا وهو خطأ والصواب ما أثبتناه، كثير من هذا، ونجد الصواب العكس، ويمر هذا كثير في الدروس، والله المستعان، فلا يتسرع الطالب في التصرف بكتب أهل العلم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: فضل الجماعة ووجوبها عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخطو خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، اللهم صل عليه، اللهم أرحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: فضل صلاة الجماعة ووجوبها

الجماعة مأخوذة من الاجتماع، فلا بد أن تكون من أكثر من واحد، وأقلها اثنان، فضل الجماعة جاءت به النصوص التي يذكر المؤلف منها ما يذكر، وترك الشيء الكثير، الجماعة على الرجال الذكور الأحرار البالغين واجبة، يأثم القادر على إتيانها بعدم ذلك، فواجبة على الأعيان، على كل شخص بعينه، هذا الذي ذكره المؤلف في الترجمة، ويرى بعضهم وهو مذهب أهل الظاهر أن الجماعة شرط لصحة الصلاة، فلو صلى الرجل في بيته مع قدرته على إتيان الجماعة لا تصح صلاته، لهذا يقول أهل الظاهر: وهو رواية عن أحمد يرجحها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، مما يستدلون به الحديث المشهور: ((لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) أدلة الوجوب منها ما ذكره المؤلف في هذا الباب، ومنها ما جاء في حديث ابن أم مكتوم وهو رجل معذور أعمى، بينه وبين المسجد مفاوز وأودية وهوام وهو أعمى، رخص له النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر فلما انصرف دعاه، قال: ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب لا أجد لك رخصة)) ومن أدلة وجوبها {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [(43) سورة البقرة] ومنها أيضاً مشروعية صلاة الخوف، والتنازل عن بعض الواجبات، بل حصول ما يبطل الصلاة من أجل المحافظة على الجماعة، ولولا وجوب الجماعة ما حصل هذا الخلل، ما أقر شرعاً هذا الخلل في صلاة الخوف، ولا شك أن الجماعة بأدلتها الظاهرة المتضافرة أقل ما يقال فيها الوجوب، فيأثم بتركها من استطاع الإتيان إليها، منهم من يقول: إنها فرض كفاية، هذا قول معروف عند الشافعية؛ لأنها شعار للدين فلا بد أن يكون موجوداً، ولأجله شرع الأذان، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا أراد غزو بلد أو قوم انتظر، سمع أذان يكف وإلا أغار -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كانت مجرد شعار فالشعار يسقط بقيام البعض هذا قول الشافعية، والحنفية والمالكية يقولون: سنة مؤكدة لا يأثم بتركها، ويتمسكون بمثل ما جاء في هذا الباب من حديث عبد الله بن عمر وحديث أبي هريرة.

"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) " هذا من أدلتهم على أن صلاة الجماعة سنة، من أدلتهم حديث عتبان لما كُف بصره دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- ليصلي في جزء من بيته ليتخذه مسجداً، ومقتضى ذلك أنه لا يحضر الجماعة، وهو محمول على أن عتبان لا يسمع النداء؛ لئلا يتعارض مع حديث ابن أم مكتوم، فهو محمول على أن عتبان لا يسمع النداء، فلا دليل فيه، فالذي لا يسمع النداء لا تلزمه الإجابة، قد يقول قائل: الناس الآن في بيوتهم لا يسمعون النداء، بين المساجد وفي أوساط المدن لا يسمعون النداء، وقد يكون بعيداً بعداً يشق الحضور، تحصل المشقة معه لسماعه النداء من بعد شديد لوجود المكبرات، نقول: الذين في بيوتهم التي هي الآن كالصناديق محكمة مغلقة مع وجود الآلات التي تمنع من سماع الصوت مكيفات وغيرها المسألة مفترضة في سماع النداء بالصوت العادي، بدون مكبرات وبدون موانع، افترضنا أن البلد قبل وجود الكهرباء ما في مكبرات ولا في مكيفات، ولا يوجد سيارات، من كم يسمع النداء؟ من مسافة كم؟ كيلو كيلوين؟ نعم يسمع من كيلوين، إذا كان الجو هادئ يسمع من كيلوين، إذا كانت هناك ريح تنقل الصوت يسمع من أكثر، لكن مثل هذا ليس فيه مشقة ويسمع، فالمسألة مفترضة مع انتفاء الأسباب الموصلة للصوت كالمكبرات، ومع انتفاء الموانع من سماع الصوت كالمكيفات والسيارات والآلات والمصانع وغيرها، إذا افترضنا هذا وقلنا: إن الصوت العادي يسمع، الصوت العادي لا أقول مثل العباس يسمع من تسعة فراسخ، لا لكن صوت عادي الناس، ولا شخص أبح ما يسمعه جيرانه، لا، المسألة مفترضة في الصوت العادي، والذي يتخذ مؤذن من شرطه أن يكون صيتاً، يبلغ الناس يبلغ أطراف البلد، وعلى هذا أتصور أن الكيلو والكيلوين يسمعون الأذان بالراحة مع انتفاء الأسباب والموانع، فلا يقول: أنا والله المسجد فوق رأسي، لكن ما أسمع، فإذا سمع النداء لزمه الإجابة ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب لا أجد لك رخصة)) الرسول لا يجد رخصة فمن يرخص له بعد الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ فلا يملك أحد.

هنا يقول في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) وهذا من أقوى أدلة الحنفية والمالكية على أن صلاة الجماعة ليست بواجبة، وإنما هي سنة مؤكدة، وجه الاستدلال أنه قال: ((صلاة الجماعة أفضل)) وأفضل أفعل تفضيل، وأفعل التفضيل يقتضي وجود أمرين أو أمور تشترك في صفة، وهنا الصفة الفضل يزيد أحد هذه الأمور في هذه الصفة على غيره، فصلاة الجماعة تزيد في صفة الفضل المشترك بين صلاة الجماعة وصلاة الفذ، الفضل مشترك، لكن صلاة الجماعة تزيد في الفضل على صلاة الفرد، هذا مقتضى أفعل التفضيل إذا كانت على بابها، واللغة تشهد لذلك، إذا قلت: زيد أفضل من عمرو كلهم أهل فضل، لكن فاق أحدهما الآخر، إذا قلت: محمد أخطب من زيد فكلهم خطباء، لكن يبقى أن محمد أجود في الخطابة من زيد، فهم يقولون: صلاة الجماعة تشترك في الفضل مع صلاة الفذ، وكل من الصلاتين فيه فضل، لكن صلاة الجماعة أكثر في الفضل من صلاة الفذ، أولاً: ما جاء في النصوص مما يدل على أن أفعل التفضيل تستعمل حتى في النصوص الشرعية على غير بابها {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] هل في النار خير؟ ما فيها خير، ولا في المقيل فيها حسن ألبتة، فأفعل التفضيل ليست على بابها في هذه الآية، طيب نأتي إلى الحديث هل أفعل التفضيل على بابها؟ الذي يقول: إن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة يقول: أفعل التفضيل ليست على بابها؛ لأن صلاة الفذ ليس فيها فضل ألبتة، هذا الذي يقول: إن الجماعة شرط لصحة الصلاة فتكون أفعل التفضيل هنا ليست على بابها، أما الذي يقول: إن صلاة الجماعة واجبة، وصلاة الفذ صحيحة مجزئة مسقطة للطلب، وإن إثم فاعلها يقول: أفعل التفضيل على بابها، فصلاة الجماعة فيها فضل وصلاة الفذ فيها فضل، لا سيما وأن الفضل محدد بسبع وعشرين أو خمس وعشرين درجة، يعني لما يقال قد نفترض أن أفعل التفضيل ليست على بابها، لكن لو كانت ليست على بابها ما ذكر العدد، فذكر العدد يدل على أن صلاة الفذ فيها فضل، وأفعل التفضيل على بابها اشتركا في الفضل، لكن

صلاة الجماعة يزيد في هذا الفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة أو بخمس وعشرين درجة، وإن شئت فقل: بسبعة وعشرين ضعفاً أو جزء أو صلاة كما في بعض الروايات، يعني صلاة الرجل منفرد في بيته، والحديث يتناول حتى من صلى في المسجد لكنه منفرد، يصلي صلاة واحدة والناس الذين يصلون جماعة أكثر منه بسبع وعشرين ضعف، فضل عظيم لا يفرط فيه إلا محروم بين الحرمان، مع ارتكابه الإثم إذا كان تأخره لغير عذر، وفضل الله واسع، إذا كان التأخر لعذر فمن قصد الجماعة فوجدهم قد صلوا فله مثل أجرهم، إذا كان هناك عذر، أما إذا كان تخلفه لغير عذر فهو آثم وصلاته صحيحة. صلاة الجماعة بأن يكون الشخص معه واحد أو أكثر أفضل من صلاة الفذ، وصلاته مع الرجلين أفضل، وصلاته مع الثلاثة أكثر، وكلما زاد الجمع كثر الفضل، من صلاة الفذ الفرد الواحد بسبع وعشرين درجة.

في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً)) يقول الترمذي: عامة من رواه يقول: خمساً وعشرين إلا ابن عمر فإنه قال: سبع وعشرين، وأكثر الرواة على خمس وعشرين، فبعضهم يقول: العدد لا مفهوم له، والأصل أن الكلام له منطوقه ومفهومه، لكن إذا عورض المفهوم بمنطوق يلغى مفهوم العدد، يعني في مثل قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] مفهمومه أنك إن استغفرت لهم واحد وسبعين مره أو أكثر غفر لهم، لكن هذا المفهوم معارض بمنطوق قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] فألغي المفهوم، لو يستغفر ألوف مؤلفة ما نفع، إلغاء المفهوم حينما يعارض بمنطوق معروف، لكن هل المفهوم هنا معارض بمنطوق أو غير معارض، لنلغي المفهوم غير معارض، إذاً كيف جاء في حديث ابن عمر بسبع وعشرين وفي حديث أبي هريرة بخمس وعشرين؟ منهم من يقول: يختلف زيادة الأجر ونقصه باختلاف المصلين، فالسبع والعشرين للأعلم الأخشع، والخمس والعشرين لغيره، ومنهم من قال: السبع والعشرين للبعيد عن المسجد، والخمس والعشرين للقريب منه، ومنهم من يقول: السبع والعشرين للصلاة الجهرية؛ لأن فيها ارتباط بقراءة الإمام والتدبر في القرآن وغير ذلك، والخمس والعشرين للسرية، ومنهم من يقول: إن الله -جل وعلا- أخبر نبيه بالمضاعفة خمس وعشرين ثم زاده فضلاً منه على من يعنى بصلاة الجماعة، زاده فضل، وعلى هذا يكون الخمسة والعشرين منسوخ، وهذا خبر من الأخبار، والأخبار لا تدخلها النسخ، لكنه خبر متضمن لحكم، وهو الحث على صلاة الجماعة، والأحكام يدخلها النسخ، على كل حال يحرص الإنسان على أن يدرك الصلاة في الجماعة مع الإمام الأفضل في المسجد الأقدم، يحرص على التبكير لصلاة الجماعة؛ لأن من أهل العلم من يقول: إن السبع والعشرين لمدرك الصلاة كلها، والخمسة والعشرين لمدرك بعضها، فنحرص على

صلاة الجماعة كما كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يحرصون على أن يؤدوا الصلاة جماعة حيث ينادى بها، يعني المساجد، وأما ما يميل إليه بعض الفقهاء بأن الجماعة له فعلها في بيته، لا شك أنه ما أجاب النداء ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)) فلا تجوز الصلاة في البيوت، ولو كانت جماعة، بسبع وعشرين درجة، وهنا يقول: ((صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً)) "على صلاته" مفرد مضاف يعم جميع الصلوات، لكن أخرجت النوافل بالنصوص الخاصة ....

كتاب الصلاة (3)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (3) الشيخ: عبد الكريم الخضير لكن أخرجت النوافل بالنصوص الخاصة ((صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة)).

((في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً)) الأصل أن العدد يخالف المعدود في التذكير والتأنيث، الضعف مذكر ينبغي أن يقال: خمسة وعشرين ضعفاً، لكن الضعف بمعنى الدرجة، فلما ضُمن معنى الدرجة التي جاءت في الحديث السابق صح أن تعامل معاملة المؤنث؛ لأنها ضمنت إياه ((وذلك)) يعني تبيين لهذه المضاعفات المذكورة ((وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد)) يكون وضوؤه قبل خروجه إلى المسجد، فعلى هذا الذي يقول: أتوضأ في دورات المسجد أفضل أو الذي يتوضأ في بيته ثم يخرج إلى المسجد؟ ((ذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء)) يأتي به على ما عرف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، توضأ النبي -عليه الصلاة والسلام- وأسبغ الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، وتوضأ مرتين مرتين، وتوضأ مرة مرة، أسبغ الوضوء ولا مرة مرة يقال: أحسن الوضوء ((فأحسن الوضوء)) يعني توضأ في بيته، ثم خرج، توضأ في مكان عمله في المكان الذي هو فيه، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، طيب لك غرض في السوق، فتوضأت أنت خارجاً لهذا الغرض الذي في السوق، توضأت فقلت: الصلاة قرب وقتها أتوضأ وأتجهز في البيت، ثم خرجت لقصد غرضك في السوق فسمعت مسجد يقيم ميلت وصليت معهم، يحصل لك هذا الأجر وإلا لا يحصل لك؟ هو خرج لغرض في السوق، يشتري حاجة من السوق؛ لأنه يقول: ((لا يخرجه إلا الصلاة)) وهذا الذي أخرجه غرض، لكن إذا كان غرضه في السوق وفي السوق مسجد، فخرج من أجل الغرض والصلاة، إذ لو لم يكن في السوق مسجد لما خرج إلى السوق إلا بعد أن أدى الصلاة، وهذا من التشريك المباح، يعني السوق فيه مسجد، فتوضأ في بيته وخرج يقصد المسجد الذي في السوق، من أجل الغرض الذي يريده، هذا تشريك ما خرج من أجل الصلاة وحدها، ولا خرج من أجل الغرض وحده، لكنه شرك بينهما، فمثل هذا التشريك لا يضر، وإن كان أجره أقل من أجر من خرج لا يخرجه إلا الصلاة، إذا اجتمعت هذه الأمور، إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخطوا خَطوة، أو خُطوة، بالفتح أو بالضم؟ لكن الخطوة بالضم هي ما بين القدمين، المسافة التي بين القدمين، والخطوة المرة الواحدة من الخطى، فهل الأجر مرتب على ما بين القدمين

بحيث يكون أجره واحد لو مد الخطى أو قصر الخطى واحد؟ المقصود المسافة، كم يجي من بيتك إلى المسجد؟ تقول: مائة خطوة، هل يتأثر هذا العدد بما لو مددت الخطى فصار خمسين أو قصرت صار مائتين؟ إذا قلنا: خٌطوة، لكن إذا قلنا: خَطوة فالمراد بها الواحدة المرة الواحدة من الخطى فقدمت طولت قصرت على عدد خطاك، ما المراد هنا؟ المسافة يعني مائة خُطوة ما تزيد ولا تنقص، أو الخَطوة المرة الواحدة من خطاك أنت، بمعنى أنك لو قاربت بين الخطى زاد الأجر، مددت بين الخطى نقص الأجر، هل المراد الخَطوة الواحدة، واحدة الخطى فيكون الأجر مرتب على فعلك، ولا شك أن تقارب الخطى أقرب إلى السكينة والخشوع من مد الخطى، وهذا مطلوب، أما إذا قلنا: لم يخطُ خطوة من الخطى المقررة في طريقك المقررة من البيت إلى المسجد ما تزيد ولا تنقص، يعني كلمة رفعت وحط لأن الخطوة الواحدة فيها رفع وفيها حط، رفع لقدم وحط لأخرى، فهذا يرجح الفتح. ((لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة)) نظير ما رفع ((وحط عنه بها خطيئة)) نظير ما حط على الأرض من القدمين ((فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه)) تصلي عليه إيش المراد بالصلاة هنا؟ مفسر تقول: اللهم صل عليه ((تصلي عليه ما دام في مصلاه)) جاء تفسير الصلاة: اللهم صل عليه، اللهم أغفر له، اللهم أرحمه، فالصلاة هنا المراد بها الدعاء؛ لأن الصلاة في الأصل الدعاء {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [(103) سورة التوبة] يعني أدع لهم، يعني ما جاء في حديث إجابة الدعوة ((إذا دعا أحدكم أخوه فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل)) من أهل العلم من قال: يصلي ركعتين وينصرف، يحضر القصر، يجيب الدعوة يصلي ركعتين ويمشي، والأكثر على أن المراد بالصلاة الدعاء؛ لأن الصلاة في الأصل في اللغة الدعاء، فهي صلاة لغوية.

اللهم صل عليه، اللهم أغفر له، اللهم أرحمه ((ما دام في مصلاه)) يعني بعد صلاته يحرص على أن يكون في مصلاه الذي أدى فيه الصلاة، لكن لو كان جلوسه في مصلاه يتعبه، وانتقل إلى مكان آخر في المسجد يريحه فهل المراد بالمصلى المسجد الذي هو مكان الصلاة الذي أديت فيه هذه الصلاة، أو المراد به البقعة التي شغلها في صلاته؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . المسجد، هو الأصل، يعني لو نتقيد بحرفية النص أنه البقعة التي شغلها في صلاته ((ما زال في مصلاه)) وهذه البقعة يتناولها النص تناولاً قطعياً، أما بقية أجزاء المسجد فإن كان انتقاله لغرض صحيح بأن كان يتعبه الجلوس، أو مكان غير مريح قدامه مكيف ينفخ عليه، ينتقل إلى مكان آخر، يتضرر بهذا، أو المكان حار ولا يحصل له قراءة ولا ذكر بتدبر وحضور قلب، هذا غرض صحيح يحصل له الأجر في أي جهة تريحه من المسجد، وقل مثل هذا لو صلى في مصلى والدرس في جهة من المسجد ينتقل إلى الدرس، أو حلقة ذكر، وما أشبه ذلك؛ لأنه انتقل إلى غرض صحيح. ((ما دام في مصلاه، اللهم صل عليه، اللهم أغفر له، اللهم أرحمه)) ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة، وفي بعض الروايات: ((ما لم يؤذِ، ما لم يحدث)) فإذا أحدث انقطع الدعاء له، إذا آذى انقطع الدعاء له، والحدث يتناول الحدث الحسي والمعنوي، يتناول الحدث الحسي والحدث المعنوي، بأن انتقض وضوؤه أحدث، الحدث المعنوي ابتدع في الدين، أو عمل شيء، أحدث في الدين من باب أولى، ينقطع عنه، يتناوله النص ما لم يحدث، ما لم يؤذ، إذا تأذى أحد من وجوده مثل هذا ينقطع عنه الدعاء لضرره المتعدي.

((ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة)) يعني ما دام الصلاة تحبسه فهو في صلاة، في ساعة الجمعة -هنا مناسبة- في ساعة الجمعة من أهل العلم وهو قول معتبر عند أهل العلم أن ساعة الاستجابة أخر ساعة بعد العصر، وجاء في وصف الساعة: ((أنها لا يصادفها عبد مسلم وهو قائم يصلي)) فسر بأنه قائم يصلي بأنه ينتظر الصلاة، يعني ترجيح من يقول بأن ساعة الجمعة كما هو القول الآخر من دخول الإمام إلى انقضاء الصلاة بكونه قائم يصلي بالفعل، وذاك قائم يصلي بالإلحاق باعتبار أنه ينتظر الصلاة، ليس بالفعل، لكن هل القيام المنصوص عليه محل للدعاء وإلا ليس محلاً للدعاء؟ القيام في الصلاة محل للدعاء؟ نعم ليس محلاً للدعاء، كان ساجد يدعو ما يخالف صحيح، لكن قال: قائم يصلي، فالمراد به إما أن يصلي بالفعل ويدعو في موضع الدعاء لا في موضع القيام، أو يكون كما هنا ينتظر الصلاة؛ لأن منتظر الصلاة في صلاة، صلاة الجماعة قلنا: إنها تلزم الرجال المكلفين، ويأثمون بتركها، من أمر بالصلاة وهو ابن سبع مثلاً، أو أكد في حقه الضرب ابن عشر فأكثر، هل يلزم إخراجه إلى المسجد يصلي مع الجماعة، أو يؤدي الصلاة ولو في البيت؟ لا شك أن شأن غير المكلف أقل من شأن المكلف، لكن هل على الأب المأمور بأمر ابنه بالصلاة، أو بضربه على الصلاة أن يخرجه إلى المسجد أو عليه أن يخرجه إلى المسجد؟ أو نقول: إنه مأمور بأن يصلي، ويؤدي الصلاة ولو في بيته؟

البخاري -رحمه الله تعالى- يقول: "باب وجوب صلاة الجماعة، وقال الحسن: إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة عليه لم يطعها" هذا في إيش لو منعته؟ ويحصل من الأمهات بل من الإباء الشفقة على أولادهم في البرد الشديد، في الظلام، مع السهر والتعب، يعني الآن إذا نُبه الطفل الصغير ابن سبع ابن ثمان ابن عشر لصلاة الفجر وهو سهران كل الليل مع الناس، نام قبل الفجر بنصف ساعة بساعة، يعني إلزامه بصلاة الجماعة فيه مشقة كبيرة، لكنه من تمام الأمر، الأب مأمور بأن يأمر ابنه بالصلاة، لكن هو شأنه أخف من شأن الكبير، لكن من تمام امتثال الأمر أن يؤدي هذه الصلاة على أكمل وجه، ومن متطلبات هذه الصلاة أداؤها في جماعة، ولذا قال الحسن: إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة عليه لم يطعها، طيب لو خشيت على الولد مثلاً، ونحن لا نفترض أن المسألة مسألة كهرب والليل أفضل من النهار وأجسر من النهار، لا افترض المسألة لأن الدين بأول الزمان وآخره، ما في كهرب ظلام، دفعت الولد وراء الباب وصكت دونه الباب وقالت: روح صل مع الجماعة، طيب يخاف الولد تأثم وإلا ما تأثم؟ نعم إذا كان الطريق مخوف تأثم، لكن لا تبعثها الشفقة عليه بأن تمنعه مع أمن الطريق وسلامته والقدرة على الذهاب إلى المسجد والرجوع من دون ضرر، يعني الآن بعض الآباء يقول: الولد يصلي في البيت إلا إذا كنت موجود، لماذا؟ يقول: لو طلع مع الباب حتى في النهار تلقفوه الشباب، ولا هم مأمونين، بل يوجد من منع أولاده من الحضور إلى حلقات التحفيظ لهذا السبب، يقول: وهو رايح إلى الحلقة يمسكونه الشباب شباب الجيران وعندهم قنوات ودشوش وما أدري إيش؟ ما أنا بملزمه، نحصل مستحب ونفرط في واجب، بل نرتكب محرم، وإذا خرج بيروح به إلى البقالة يمين ويسار، أو يدخل عند فلان وعلان، خله في البيت إن حفظ في البيت وإلا بكيفه، هذه حجة يقول بها كثير من الناس، لكن أيضاً لا تفرط بأمر أن مطالب به شرعاً، تربيته تربية حسنة، الصلاة مع الجماعة، حفظ قرآن، تعلم علم، يا أخي ابذل الأسباب لأن يصل إليه الخير مع عدم ارتكاب أدنى محظور. عفا الله عنك.

وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" يعني أبا هريرة صحابي الحديث السابق -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر)) أثقل الصلاة على المنافقين وأثقل هذه أفعل تفضيل، ويدل على أن الصلوات كلها ثقيلة بالنسبة للمنافقين {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ} [(142) سورة النساء] نعم الصلاة ثقيلة على المنافقين، لكن ماذا عن المسلم الذي يرى نفسه ثقيلة أو تتثاقل أو تتبرم بقرب الصلاة ودنو وحضور فعلها ووقتها؟ بل بجميع العبادات، أولاً: في الحديث أن الجنة حفت بالمكاره، يعني بما تكرهه النفوس ومنها الصلاة، فما معنى كون الصلاة ثقيلة على المنافقين، والجنة حفت بالمكاره، إذاً المسلم يتبرم من فعل ما يقربه ويوصله إلى الجنة، يعني ما يحس كل شخص، أو عموم المسلمين أنهم إذا كانوا في مكان مريح أو مبسوطين، ثم أقيمت الصلاة يدرك الإنسان من نفسه جهاد، تحتاج النفس إلى جهاد، وهنا في الحديث صلاة العشاء وصلاة الفجر، تصور نفسك في صلاة الفجر في الشتاء برد شديد، وأنت دفيان تحت الغطيان تحس بثقل وإلا ما تحس بثقل؟ عموم المسلمين يحسون؛ لأن هذا مما حفت به الجنة من المكاره، وقل مثل هذا في الصيف الليل قصير، والجو طاب الآن للنوم، فالمسألة تحتاج إلى جهاد، فما معنى تخصيص المنافقين بالثقل هذا؟ يعني لأن المفترض في المسلم أن يكون لا شك أنه في بداية الأمر يحتاج إلى جهاد، على كل عبادة يحتاج إلى جهاد، لكن بعد هذا الجهاد يصل المسلم إلى حد يتلذذ فيه بالعبادة، هذا المفترض بالمسلم، أما إذا استمر طول عمره متثاقل لسان حاله يقول: أريحونا من الصلاة بدلاً من أن يقول كقول محمد -عليه الصلاة والسلام-: ((أرحنا يا بلال بالصلاة)) يعني المفترض بالمسلم لا شك أنها مكاره في أول الأمر، حفت بالمكاره، وخلاف ما تشتهيه النفوس وتهواه، لكن عليه أن يجاهد نفسه حتى يتلذذ بالعبادة، وأهل العلم يختلفون في الأفضل، أيهما أفضل الذي يؤدي العبادة مع نوع من المشقة أم الذي يؤدي العبادة وهو متلذذ بها؟ فرح بها، منهم من يقول: الذي هي ثقيلة عليه أفضل؛ لأنه مع

فعلها يحصل له أجر المجاهدة، يحصل له أجر الفعل مع أجر المجاهدة، والأكثر على أن المتلذذ أفضل؛ لأنه ما وصل إلى مرحلة التلذذ إلا بعد انتهاء المجاهدة، فأجر المجاهدة حصل له وانتهى، وأي جهاد أعظم من جهاد النفس حتى تذل وتنقاد للعبودية التي من أجلها خلق الإنسان، يعني بعض الناس شوف بعض من منّ الله عليه بالتلذذ بالعبادة ويشوف إن جاء إلى المسجد وجده، وإن خرج من المسجد وجده باقي، إن حذفه المسير إلى المسجد ناسي شيء وجد فلان، يا أخي هؤلاء أليست لهم مطالب مثل مطالبك؟ أليس ورائهم أسر؟ أليس لهم مطالب أسرية وضغوط اجتماعية مثلك؟ لكنهم جاهدوا وتلذذوا بالبقاء في المسجد، والمسجد بيت كل تقي. وخير مقام قمت فيه وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجد المسجد لا شك أنه بيت الله، وهو أحب البقاع إلى الله، كون الإنسان يجاهد نفسه حتى يقرها وتنساق وتنقاد إلى أن تتلذذ بالبقاء في المسجد، هذا لا شك أنه بلغ أعلى مرتبة من مراتب الجهاد، يعني جهاد النفس، أما الذي يحس بالثقل عند أداء أي عبادة من العبادات لا شك أن الصيام في الحر الشديد ثقيل على كثير من المسلمين، قيام الليل مع قصره، مع عدم توافر هذه الأسباب المريحة، أو مع طول الليل وشدة البرد، يعني لا شك أنه ثقيل على النفس، لكن إن جاهد نفسه ووصل إلى مرحلة يتلذذ فيها بالعبادة لا شك أنه أكمل بكثير، أما من لم تحصل له هذه النتيجة، نتيجة التلذذ، واستمر عمره كله يجاهد هو مأجور -إن شاء الله- على الجهاد، لكن لا يؤدي الصلاة وهو متبرم منها، بحيث لو لم يره أحد ما صلى هذا يكون من المنافقين {يُرَآؤُونَ النَّاسَ} [(142) سورة النساء] يكون من المنافقين، أما لو كان ثقيلة عليه لأنها من المكاره وهو مصلي مصلي، رآه أحد أو ما رآه هذا مسلم، فهذا الفرق بين المسلم والمنافق، يشتركان في شيء، ينفرد المسلم المؤمن كامل الإيمان عن المنافق بدون أدنى مشابهة، والمسلم قد يكون فيه شبه في التثاقل، لكنه ينفرد عن المنافق بأنه مصلي مصلي، رآه أحد أو لم يره أحد، مؤدي للصلاة بخلاف المنافق الذي يرائي الناس.

((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر)) صلاة العشاء معروف أنها تعقب الأعمال والأتعاب والكد، وتقع في ظلام بحيث يأمن من رؤية الناس، وصلاة الفجر كذلك؛ لأنها تقع في آخر الليل بعد أن يطيب الجو في الصيف، ويدفأ الإنسان في الشتاء، لا شك أنها ثقيلة. ((ولو يعلمون ما فيهما)) لو يعلم المنافقون ما في هاتين الصلاتين، ما فيهما من الأجر والثواب ((لأتوهما ولو حبواً)) يعني على اليدين والركبتين ((ولقد هممت)) الواو هذه واو القسم، واللام موطئة لقسم محذوف تقديره: والله لقد هممت، (لقد) هذه حرف تحقيق، واللام موطئة لقسم محذوف، و (قد) حرف تحقيق و (هممت) الهم مرتبة من مراتب القصد، مراتب القصد خمسة: الخاطر والهاجس حديث النفس الهم العزم. مراتب القصد خمس خاطر ذكروا ... يليه هم فعزم كلها رفعت فهاجس فحديث النفس فاستمعا ... إلا الأخير ففيه الإثم قد وقعا يعني الهم والعزم، عندنا الهم ما بعده من المراتب إلا العزم، ولا يلي العزم إلا التنفيذ، أما ما قبله من الهاجس والخاطر هذه مجرد تعرض وتزول للنفس وتنقضي بسرعة، حديث النفس الذي يتردد ويتكرر من غير هم مع فعل هذا معفو عنه، ما لم يتكلم الإنسان أو يعمل، الهم درجة بعد ذلك، مرتبة متقدمة بالنسبة إلى المخلوقين حتى لو هم بالأمر ما يؤاخذ عليه، لكن إذا عزم عليه يؤاخذ، كلها رفعت يعني رفع الأثر المترتب عليها، إلا الأخير الذي هو العزم، ففيه الإثم قد وقعا ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه)) عازم على قتل صاحبه، والهم النبي لا يهم عموماً، ونبينا -عليه الصلاة والسلام- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، ومن هنا اكتسب الشرعية، واكتسب الحجية، كونه -عليه الصلاة والسلام- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، إذاً يجوز له أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، يجوز له ذلك، فإذا جاز له ذلك لا بد أنهم لأنهم تركوا أمراً عظيماً واجباً، إذ لا يحرق من يترك السنة.

((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام)) الآن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يريد أن يصلي وإلا ما يصلي؟ وإلا الآن كيف بيحرق عليهم بيوتهم بالنار وبيترك الصلاة؟ بيخلي ناس يصلون ويروح يحرق البيوت، نقول: نعم هذا مفسدة وتفوت، فالذي يفوت يقدم، يعني لو قدر أن إنساناً رأى شخصاً يدخل بيتاً وهو في طريقه إلى المسجد والشخص مريب، يريد أن يسرق، يريد أن يزني، يريد أن يقتل، هذا الشخص مريب، هل تسعى في تخليص أهل هذا البيت من شر هذا الصائل، أو تروح تصلي الجماعة وترجع وتقول: ما علي منه؟ أو إن رجعت ولقيته وإلا بكيفه؟ لا، يلزمك أن تنكر المنكر؛ لأنه يفوت فتقدمه على الصلاة، الذي يفوت يقدم، لكن المحروم محروم، شخص بقي على الصلاة ربع ساعة، فجاءه شخص يريد إعلان إسلامه، يريد أن يسلم على يديه، قال له: الآن باقي على الصلاة ربع ساعة إذا صلينا تجي، محروم، وش اللي يمنعه؟ تلقنه الشهادة وتعلمه الوضوء ويجي يصلي معك، وتكسب أجره، ما الذي حصل في هذه القصة؟ حصل أنه خرج من عنده وفي تبادل إطلاق نار وقتل، وما أعلن الشهادة، يعني الأمور التي تفوت لا بد من تقديمها، فالمنكر الذي يفوت يقدم ولو كان على واجب؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

((ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس)) يعني بدله -عليه الصلاة والسلام- ((ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة)) هؤلاء القوم هل لهم ارتباط بمن ذكر في أول الحديث؟ أثقل الصلاة على المنافقين، أو هم قوم آخرون من المسلمين لكنهم لا يصلون مع الجماعة؟ يتخلفون عن الجماعة ((فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)) منهم من قال بأن آخر الحديث مرتبط بأوله، وهذا تهديد للمنافقين، المنافقون النبي -عليه الصلاة والسلام- عنده علم بكثير من أخبارهم، وكثير من أعلامهم، وقد نطق بعضهم بكلمة الكفر، وتصرف ببعض التصرفات المكفرة مع علمه -عليه الصلاة والسلام- وإعراضه عنهم؛ لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- معرض عن المنافقين وعن عقوبتهم لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، إذاً هؤلاء القوم الذين لا يشهدون الصلاة من المسلمين ((فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)) طيب ما حرق الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هل فيه دليل؟ هم وترك، يعني تركه نسخ أو بين سبب الترك في رواية أخرى؟ ((ولولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقت عليهم بيوتهم بالنار)) والحديث من أقوى أدلة القائلين بوجوب صلاة الجماعة؛ لأنه لا يحرق إلا على ترك واجب، نعم. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها)) قال: فقال بلال بن عبد الله: والله لمنعهن، قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سباً سيئاً ما سمعته سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: والله لمنعهن؟! وفي لفظ: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا استأذنت أحدكم امرأته)) وفي حكم هذا إذا استأذنت البنت أباها، الزوجة تستأذن الزوج، والبنت تستأذن الأب، وعلى كل حال من استأذنته موليته على الخروج إلى الصلاة في المسجد فلا يمنعها؛ لأنه جاء في الحديث في آخره: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) شوف المناسبة بين .. ، ما قال: لا تمنعوا النساء مساجد الله؛ لأن في تنافر، النساء من شأنهن القرار في البيت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] لكن التعبير بلفظ الإماء، إماء الله، هو يقابل في الذكور عباد الله، ولفظ العبودية له ارتباط كبير بالمسجد، فالأمة والعبد هذا بالنسبة للذكر، وهذا بالنسبة للأنثى العبودية لها ارتباط بالمسجد، فقال: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد)) الأصل أن النساء مطالبات بالقرار في البيوت، هذه مناسبة اختيار إماء الله؛ لأن إماء الله معبدات مذللات لله -جل وعلا-، والمسجد هو مكان العبودية ((إذا استأذنت أحدكم امرأته)) لماذا قدم المفعول؟ وهل يجوز تقديم الفاعل في مثل هذا السياق؟ إذا استأذنت امرأته أحدكم؟ لا يجوز، لماذا؟ حتى لا يعود الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة، امرأته هذا مشتمل على ضمير يعود على الأحد، فإذا قدمنا الفاعل امرأته عاد إلى الأحد، والأحد متأخر في اللفظ، ومتأخر في الرتبة؛ لأنه مفعول، والمفعول مرتبته متأخرة عن الفاعل، ولفظه متأخر ممنوع، لكن قدم المفعول لئلا يعود الضمير على متأخر في اللفظ وإن كان متأخراً في الرتبة "وشاع نحو خاف ربه عمر" لماذا؟ لأن الضمير يعود على متأخر في اللفظ لكنه متقدم في الرتبة فاعل عمر "وشذ نحو زان نوره الشجر" لأنه مثل ما عندنا يعود الضمير على متأخر لفظه ورتبته. ((إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها)) هل المقصود ذات المسجد أو الصلاة مع الجماعة؟ يعني لو الساعة تسع أو الساعة سبع قال: أنا اطلع على الدوام، قالت: وأنا طالعة المسجد، إيش تقول؟ طالب:. . . . . . . . .

((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) أو المقصود الصلاة في المسجد مع الجماعة؟ هذا الأصل؛ لأنه لو قال: أنا اطلع للدوام الساعة سبع، قالت: أنا باطلع إلى المسجد، والرسول يقول: ((لا تمنعوا)) له أن يمنع وإلا لا؟ له أن يمنع، وإذا وجدت الفتنة إذا خشيت الفتنة له أن يمنع في أي وقت؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، هذا مقرر شرعاً، فلا يمعنها، هناك شروط لا بد من اعتبارها ((وليخرجن تفلات)) يعني غير متزينات ولا متطيبات، والمرأة لا يجوز لها أن تتطيب إذا أرادت الخروج من بيتها، فإن تطيبت وخرجت جاء النص بأنها زانية، نسأل الله السلامة والعافية، فلا يجوز لها أن تخرج متطيبة، كما أنه لا يجوز لها أن تبدي شيئاً من زينتها، تقدم أنهن يخرجن متلفعات بمروطهن، أكسية غليظة المروط، ما هي بأكسية ناعمة، وتبين ما تحتها، وتشف عما وراءها، لا.

"فقال بلال بن عبد الله" بن عمر، في بعض الروايات عند مسلم: واقد بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمر عنده أولاد منهم بلال، ومنهم واقد "فقال بلال بن عبد الله: والله لمنعهن" يعني كأن الباعث لبلال بن عبد الله الغيرة، وكأنه يعيش في ظرف كثر فيه التبرج، كثر فيه التساهل، يعني بعض الظروف أحياناً تملي على الإنسان أن ينطق بكلام لا يحسب له حساب، يعني من رأى كثرة التبرج في أقدس البقاع، ثم قالت واحدة: والله نبي نروح نأخذ عمرة، وأقسم عليها ألا تخرج، ما تطلع، لكثرة ما رأى، يعني يتصرف من خلال حرقة يراها في أقدس البقاع، هنا يقول ابن عمر: فلا يمنعها، فقال بلال بن عبد الله: والله لمنعهن، هذا دافعه إيش؟ لا شك أنه الغيرة، لكن الغيرة التي تصادم بها النصوص ليست شرعية، لا بد أن تكون هذه الغيرة مقننة بالنصوص الشرعية، ولذا قال: "فأقبل عليه عبد الله -يعني أباه عبد الله بن عمر- فسبه سباً سيئاً" سباً شديداً، قسا عليه "ما سمعت سبه مثله قط" يمكن ولا سب أحد مثله قط، لماذا؟ لأن كلامه فيه مصادمة للنص، فيه معارضة لكلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(36) سورة الأحزاب] ما لك كلام خلاص، قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، عليك أن ترضى وتسلم، جاءك نص من الكتاب والسنة عليك أن تسلم، يقول ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر! يعني تعارض النصوص بمثل قول أبي بكر وعمر، وهما اللذان قد أمرنا بالاقتداء بهما، لكن لا تعارض بهم النصوص المرفوعة، ويوجد من يتصدى لإفتاء الناس ويقول: الرسول يقول، أو في البخاري حديث: ((لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) يقول: لا يا أخي هذا علامات الضعف عليه ظاهرة، الواقع يرده، كيف يرده؟ يقول: يا أخي غاندي حكمت الهنود في وقتها سبعمائة مليون ونجحت، وتاتشر حكمت الانجليز ونجحت، وجلد مايير رئيسة وزراء إسرائيل هزمت العرب كلهم، شوف أفلحوا، يعني بمثل هذا ترد النصوص؟! ويوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله تقولون:

قال أبو بكر وعمر، كيف مثل هذا؟ ومع الأسف أن هذا له شأن ويفتي، وحمل راية الدعوة سنين، لكن بمثل هذا نتعامل مع النصوص؟! مثل هذا ضلال في الفهم.

"فأقبل عليه عبد الله فسبه سباً سيئاً ما سمعته سبه مثله قط" يعني قد يقال: إن ابن عمر حصل عنده من الغيرة على السنة أكثر مما حصل عند ابنه من الغيرة على محارمه "وقال: أخبرك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: والله لمنعهن؟! " الآن مع الأسف الشديد أنه يوجد يروج بعض من أصيب بلوثات عقلية يدعون أنهم عقلانيين، قد أصيبوا بلوثات عقلية، وتأثروا بما يمليه عليهم أعداؤهم، يعرضون النصوص على عقولهم، فالنصوص عربية، ونحن عرب ونفهم، ولنا فهم ولا أحد يقف في وجوهنا، يعني فهم يخالف فهم سلف الأمة وأئمتها، وتقول: نحن نفهم العربية، والله ما تفهم من العربية شيء، يعني إذا تركت الحرية لأمثال هؤلاء يتكلمون كيفما شاءوا، إذاً لماذا جاء النهي عن تفسير القرآن بالرأي والتشديد في ذلك؟ وتورع الأئمة الكبار حفاظ الإسلام تورعوا عن تفسير غريب السنة؛ لأنك تجزم بأن هذا هو مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذه اللفظة، وتفسير الغريب تفسير كلام النبي على ما يقول أهل العلم: جدير بالتحري، حري بالتوقي؛ لأنك تحكم على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن هذا مراده، كما منعت من التفسير بالرأي تفسير القرآن أيضاً تمنع من أن تفسر كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- برأيك، وهل يترك المجال لأن يفسر برأيه من يفهم ويقدم الحقائق العرفية السائدة في بلده، أو بين عشيرته على ما جاء عن نبي الله -جل وعلا- في تفسير القرآن، وعن صحابته الكرام، الذين عاصروا التنزيل وعايشوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، شخص يقال له: لا يجوز لك أن تجبر ابنتك على الزواج من شخص لا تريده، قال: لماذا؟ يستدل بالقرآن، يقول الله -جل وعلا- يقول: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [(33) سورة النور] إلى أن قال: {وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(33) سورة النور] يقول: أنا أريد هذه المغفرة والرحمة، تقول: ما تبغيه إلا تبغينه، هذا يفهم النصوص؟! هل هذا عقل يتعامل مع ما قال الله وقال رسوله ويقول: فهومنا مثل فهومهم؟! يعني في حديث: ((أردت أو كدت أنهى عن الغيلة -التي هي الإرضاع وقت الحمل-

فإذا فارس والروم يغيلون ولا يتضرر أولادهم بذلك)) يرضعون وقت الحمل ولا يتضرر أولادهم بذلك، ويكتب في الصحف من يقول: إن النصوص الشرعية مزيج إفادات من الأمم الأخرى والحضارات السابقة، هذا كُتب في الصحف، هل هذا كلام صحيح؟ الدين والنصوص لجميع من على وجه الأرض بما في ذلك فارس والروم، فإذا كان العرب وهم أقل الناس في ذلك الوقت يتضررون بمثل هذا والأمم الأخرى لا تتضرر هل يصدر النبي -عليه الصلاة والسلام- نص يشمل الأمة كلها وأكثر الناس ما يتضرر؟ ما يصدر نص؛ لأن الشرع ليس للعرب وحدهم، أو لأهل هذه البيئة وحدها، أو لأهل نجد، أو لأهل الحجاز، لا، لمن على جميع وجه الأرض، فإذا كان أكثر الناس لا يتضرر بهذا فلا يصدر نص يمنع، وهذا يقول: لا، الرسول استفاد فارس والروم استفاد منهم هذا، سبحان الله! وتعارض النصوص بمثل هذه الترهات! من أهل العلم من يرى أن بعد أن أحدث النساء ما أحدثن للأولياء المنع، ومنعهن ليس معارضة للنص، وإنما هو لدرء المفاسد، ومنهم من يرى أنه يسمح للكبار والعجائز دون الشواب، لكن يبقى أن الحكم الشرعي الأصل الجواز، لكن كون فلانة تمنع لأنها كذا، أو علانة تمنع هذا شيء آخر، يبقى أن الحكم الشرعي الجواز، وأن المرأة لا تمنع إذا أرادت أن تخرج، لكن إذا أوجس الإنسان خيفة أو ريبة أو خرجت على وضع غير مرضي قال لها: لا، لا، أبداً، ولا يكون مصادمة للنص أبداً، نعم. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وفي لفظ: فأما المغرب والعشاء والجمعة ففي بيته. وفي لفظ: أن ابن عمر قال: حدثتني حفصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي سجدتين خفيفتين بعد ما يطلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر. وفي لفظ لمسلم: ((ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر الرواتب "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في الرواية الأخرى: "حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" علاقة الحديث بصلاة الجماعة، باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها، الحديث في صلاة التطوع، والترتيب عند أهل العلم أن صلاة التطوع في آخر كتاب الصلاة، فإن كان المؤلف -رحمه الله تعالى- لحظ قوله: "مع" وأنه يسن التجميع في النوافل فله وجه، لكن الرواية الأخرى: "حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات" والجماعة لا شك أنها للفرائض، هذا الأصل، للفرائض، وجاء في صلوات هي نوافل عند أهل العلم، مثل صلاة الكسوف، صلاة الليل، صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ببعض أصحابه وصلى معه ابن عباس جماعة، فالتجميع في النوافل ما لم يكن ديدن وعادة لا بأس به، أما من كان ديدنه لا يصلي نافلة إلا جماعة هذا يخرج من حيز السنة إلى الابتداع، لكن لو صلى نافلة مرة أو مرات معدودة بحيث لا يكون عادة ولا ديدن، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-. "صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها" وجاء في الحديث الصحيح حديث أم المؤمنين: أربع ركعات قبل الظهر، وهنا ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، والعدد الأقل يدخل في الأكثر، فالأفضل أن يصلي قبل الظهر أربع ركعات يفصل بينهن بسلام، أربع ركعات يعني بسلامين، أربع ركعات قبل الظهر، وهنا يقول: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، راتبة الظهر القبلية أربع، والبعدية ركعتين، لكن إذا فاتت الراتبة القبلية متى يصليها؟ دخلت والصلاة مقامة، وأنت ما تسننت، ما صليت الراتبة، وصليت مع الجماعة، وسلمت مع الإمام متى تقضي الراتبة القبلية أو نقول: سنة فات محلها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

تقضى مباشرة قبل البعدية أو بعدها؟ أنت الآن صليت، عليك ست ركعات ثلاث تسليمات، أربع القبلية واثنتان البعدية، المقرر عند أهل العلم أنك تصلي تؤدي بعد الصلاة مباشرة الراتبة البعدية، ثم تقضي الراتبة القبلية، لماذا؟ لأن الراتبة القبلية مقضية مقضية هي قضاء؛ لأن وقتها قبل الصلاة، لكن لو صليتها قضيتها بعد الصلاة كانت الصلاة البعدية أيضاً قضاء؛ لأن الأصل أنها بعد الصلاة مباشرة، وتكمل بها الصلاة، فإذا أخرتها حتى تقضي الراتبة القبلية صار الكل قضاء، فأهل العلم يقررون أنك تصلي الركعتين اللتين بعد الصلاة مباشرة، ثم بعد ذلك تقضي ما فاتك، هذه الرواتب التي هي قبل الصلوات وبعدها، من فائدتها أن الإنسان إذا جاء إلى الفريضة من أعماله وأشغاله وأتعابه لا زال القلب مرتبط بدنياه، فإذا قدم بين يدي صلاته الفريضة ما يقربه إلى الله -جل وعلا- من التنفل، ويكون سبباً في غفلته ونسيانه لأمور الدنيا لا شك أنه سوف يقبل على الفريضة؛ لأن المقصود بالدرجة الأولى الفريضة، خمس صلوات كتبهن الله على أحدكم في اليوم والليلة، فإذا صلى الإنسان ما كتب له قبل الفريضة لا شك أنه يتهيأ لأن يقبل على فريضته بقلبه، بخلاف ما لو صلى الفريضة من دون فاصل بينه وبين أعمال الدنيا، والقلب القاسي والميت ما فيه حيلة لو يبتلي يقرأ لو يبتلي يصلي ما فيه حلية، الغافل غافل، لكن يحرص الإنسان على أن يحصل لب الصلاة وهو الخشوع والإقبال على الله -جل وعلا-. "وركعتين بعدها" مشروعية الركعتين بعد الفرائض بعد الصلوات من أجل التكميل؛ لأنه أول ما ينظر في المرء في صلاته، كان يصلي الفرائض بها ونعمت، إذا كان هذه الفرائض على الوجه المرضي لا بأس، لكن إذا أديت على شيء من الخلل يقال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ لأن التطوع يكمل به الفرض.

"وركعتين بعدها، وركعتين بعد الجمعة" وجاء في الجمعة أربع ركعات بعد الجمعة من حديث عائشة، هذا حديث ابن عمر ركعتين، حتى من حديثها أيضاً جاء أربع ركعات بعد الجمعة، وأهل العلم يحملون الركعتين بعد الجمعة إذا كانت في البيت، والأربع إذا كانت في المسجد، لتتفق النصوص، ومنهم من يقول: إن الجمعة يصلى بعدها ست ركعات، تُضم هاتان الركعتان والأربع، ومنهم من يقول: أربع فقط؛ لأن الثنتين تدخل في الأربع، كما أدخلنا الركعتين هنا قبل الظهر في الأربع. وعلى كل حال إن صلى في المسجد يصلي أربعاً، وإن صلى في البيت يصلي ركعتين، وإن زاد فأجره على الله "وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب" طيب العصر؟ العصر ليس لها راتبة لا قبلية ولا بعدية، لكن من صلى قبل العصر أربعاً جاء الحث على ذلك ((رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعاً)) والحديث لا يسلم، لكنه يصلح للاستدلال في مثل هذا الموضع، لكنها ليست راتبة، يعني من النوافل المطلقة، ولا راتبة بعد العصر؛ لأنه وقت نهي، بعد المغرب ركعتان، وقبلهما نفل مطلق ((صلوا قبل المغرب)) ثم قال: ((لمن شاء)) من أراد أن يصلي قبل المغرب له أن يصلي، وأما الركعتان بعد المغرب فهما الراتبة، وركعتين بعد العشاء، هذه هي الراتبة، الراتبة بعد العشاء، وهي غير قيام الليل، غير التهجد غير الوتر "وفي لفظ: فأما المغرب والعشاء والفجر والجمعة ففي بيته" والأصل أن الصلاة في البيت أفضل إلا المكتوبة، لكن هناك صلوات لزم النبي -عليه الصلاة والسلام- التنفل فيها في البيت منها ما ذكر.

"وفي لفظ للبخاري: أن ابن عمر قال: حدثتني حفصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي سجدتين خفيفتين بعد ما يطلع الفجر" هاتان هما الركعتان راتبة الفجر، وهما خير من الدنيا وما فيها كما سيأتي، وما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أشد تعاهداً وحرصاً على ركعتي الفجر والوتر، بحيث كان لا يتركهما سفراً ولا حضراً "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي سجدتين خفيفتين" سجدتين يراد بالسجدة الركعة، سجدتين يعني ركعتين، وجاء في الحديث: ((من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) قال الراوي: والسجدة إنما هي الركعة، جاء في النصوص إطلاق السجود وإرادة الركوع، {وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً} [(58) سورة البقرة] يعني ركعاً، ما يمكن الدخول سجداً، طيب جاء إطلاق الركوع وإرادة السجود، من يذكر؟ "خر راكعاً" يعني ساجداً، المقصود أن هنا يسجد سجدتين خفيفتين، يعني يركع ركعتين خفيفتين، هذه صفة راتبة الصبح، حتى كانت عائشة تقول: "لا أدري أقرأ بفاتحة الكتاب أم لا؟ فصفة هاتين الركعتين التخفيف. "بعد ما يطلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها" لأنه يصلي هاتين الركعتين، ويضطجع بعدهما، السنة الاضطجاع بعد الركعتين في الصبح حتى يؤذنه بلال. "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر" وفي لفظ لمسلم: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".

قد يقول قائل: هاتان الركعتان تؤديان في دقيقتين، والإنسان يكدح طول عمره ما حصّل مليون، والدنيا فيها المليارات، نعم هي خير من الدنيا وما فيها، يعني عند الله -جل وعلا-، الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، لو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافر منها شربة ما، لكن هل يقدر المسلمون قدر الدنيا وقدر الآخرة؟ الذي يلهث وراء الدنيا ليل نهار، وينشغل عن الواجبات، ويقطع الأرحام، ويرتكب المحرمات من أجل الكسب، كسب الحطام هل هذا عرف حقيقة الدنيا؟ كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، ومع ذلك يبني القصور الشاهقة، ويمتلك الأموال، ويقطع الأرحام، ويرتكب محرمات وموبقات من أجل الحطام، ويبخل بالأركان، يبخل بالزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، هل هذا عرف حقيقة الدنيا؟ الذي عرف حقيقة الدنيا بالفعل سعيد بن المسيب، جاءه مندوب الخليفة يخطب ابنته لابنه، هذا السفير مندوب الخليفة يقول: جاءتك الدنيا يا سعيد بحذافيرها، ابن الخليفة يريد بنتك، ماذا كان جواب سعيد؟ قال: إذا كانت الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، فماذا عسى أن يقص لي الخليفة من هذا الجناح؟ صحيح وش بيعطيه من هذا الجناح؟ لكن الله المستعان حال المسلمين، وواقع المسلمين، ولسان الحال يقول بأعلى الصوت: أدنى شيء من الدنيا في عرف كثير من الناس أفضل من الآخرة، يعني وإن لم يقلها بلسانه، هذا فعل كثير من الناس، يعني لغط الناس، وصخبهم ولهثهم وراء هذه الدنيا يؤكد هذا، لكن على الإنسان وإن اعتنى بدنياه، وكان على خلاف الأصل، خلاف الهدف الشرعي من وجوده وهو تحقيق العبودية، إذا نسي دينه فلا ينسى ما أوجب الله عليه، ولا يجوز له بحال أن يرتكب ما حرم الله عليه، وما عدا ذلك الأمر فيه سهل -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: ذكر ابن دقيق العيد في شرحه للعمدة عند حديث ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- في فضل صلاة الجماعة قاعدة، وهي أن ما رتب على مجموع لم يلزم حصوله في بعض ذلك المجموع إلا إذا دل الدليل على إلغاء بعض ذلك المجموع، وعدم اعتباره، فيكون وجوده كعدمه، ويبقى ما عداه معتبراً، ولا يلزم أن يترتب الحكم على بعضه، يقول: أرجو توضيح هذه القاعدة. هذا في العلل المنصوصة المركبة، أما العلل المستنبطة التي يستنبطها أهل العلم فهذه لا شك أن لها أثراً، لكن الحكم لا يدور معها وجوداً وعدماً إلا مع العلل المنصوصة، فإذا كانت العلة المنصوصة مركبة من أمرين فإن الحكم لا يتم إلا باجتماع الأمرين، مثال ذلك، جاء النهي عن أكل الثوم والبصل لمن أراد أن يصلي مع الجماعة في المسجد ((فلا يقربن مسجدنا)) وجاء النص على أن الملائكة تتأذى بما يتأذى به الإنسان، فهذه علل، وكان يأمر بإخراجه من المسجد ((فلا يقربن مسجدنا)) فتكون العلة مركبة، المنع من ذلك إنما يكون لمن أراد أن يصلي في المسجد، ويتأذى به الناس، فإذا أراد أن يصلي جماعة خارج المسجد هذا جزء العلة، من يصلي معه يتأذى، لكنه خارج المسجد، والمسجد علة منصوصة، وإذا أراد أن يصلي في المسجد ولا يوجد من يتأذى به هذا جزء العلة، لا يقوم بمفرده بالمنع، على كل حال إذا تركبت العلة المنصوصة المؤثرة في الحكم من أكثر من جزء تكون ذات أجزاء، فإن جزء العلة لا يستقل بالحكم، فإذا انتفى هذا الجزء وبقي جزء آخر لا يستقل بالحكم.

وهنا يقول في فضل صلاة الجماعة: قاعدة أن ما رتب على مجموع لم يلزم حصوله في ذلك المجموع إلا إذا دل الدليل على إلغاء بعض ذلك المجموع وعدم اعتباره، فيكون وجوده كعدمه، ويبقى ما عداه معتبراً، يعني لو جاء عرضاً التنصيص على وصف له أثر، والتنصيص على وصف أخر لا أثر له، فإذا دل الدليل على أن هذا الوصف لا أثر له فإنه لا يؤثر في الحكم، كالذي جامع امرأته في نهار رمضان، الذي جامع امرأته في نهار رمضان لو جاء في وصفه أنه أعرابي، أو جاء في وصفه أنه شاب أو شيخ أو أبيض أو أصفر أو أسود أو غير ذلك من الأوصاف التي لا يعتبرها الشرع من الفروق بين المكلفين، فبعض الأوصاف ترد لبيان حقيقة الحال، ولا تؤثر في الحكم؛ لأن من الأوصاف أوصاف مؤثرة ومن الأوصاف ما هو غير مؤثر في الحكم، ودل على ذلك النصوص والقواعد العامة.

الأسئلة كثيرة جداً، لكن سؤالاً تكرر وهو أن شخصاً أنشأ العمرة من هنا، وذهب عن طريق المدينة، ولم يحرم من الميقات من ذي الحليفة، تجاوز الميقات إلى ينبع، وجلس في ينبع أيام، ثم أحرم من رابغ مثلاً، أو له عمل أو مناسبة في جدة، أراد أن يقدمها على العمرة، ويرى أنه من غير المناسب أن يحضر هذه المناسبة وهو محرم، فقال: يؤخر الإحرام، هذا الذي ذهب إلى ينبع أو إلى جدة هل يلزمه الرجوع إلى الميقات الذي مر به وهو ذو الحليفة، أو يكفي أن يحرم من أقرب ميقات له مر به بعد ذلك الميقات؟ جمهور العلماء على أنه لا بد أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه، فإن لم يرجع إليه لزمه دم؛ لأنه أتى على هذا الميقات ومر به وتجاوزه، فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلن، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يقول: إذا أحرم من أي ميقات معتبر يكفيه ذلك، بمعنى أنه لما صار في ينبع ثم مر برابغ وهو بديل عن الجحفة، أو ذهب إلى السيل وأحرم منه يكفيه على رأي الإمام مالك، وهو ميقات معتبر محدد شرعاً، لا سيما إذا كان هو ميقاته الأصلي، فأهل نجد ميقاتهم السيل، فتجاوز أبيار علي، وتجاوز ذي الحليفة، وأنهى عمله في جدة، ورجع إلى السيل هذا لا إشكال فيه؛ لأنه هو ميقاته الأصلي، ويدخل دخولاً أولياً في قول مالك، ويكون له وجه حينئذٍ، وجه وجيه يسقط عنه الدم؛ لأنه قال: ((هن لهن)) هذه المواقيت لأهل تلك الجهات، فهو ميقات محدد له شرعاً يجزيه الإحرام منه، الجملة الثانية تتناول إحرامه من ذي الحليفة، أو من الجحفة أو من غيرهما من المواقيت التي ليست له أصلاً، ليست لأهل جهته، وإنما مر به. يقول: ذكرتم أن الصلاة في البيت جماعة لا تجوز، فما توجيه القول الذي يقول: إن الصلاة في المسجد فرض كفاية. عرفنا أن الجماعة عند الشافعية فرض كفاية، لكن النصوص الدالة على وجوب إجابة المؤذن ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب)) ولو كانت الصلاة في البيت تكفي ما قال له: "أجب" الأمر الثاني: أنه كما قال ابن مسعود حيث ينادى بها، يعني في المسجد، فمن سمع النداء يلزمه الصلاة في المسجد إلا من عذر.

يقول: شرح ابن الملقن للعمدة المسمى بالإعلام بفوائد عمدة الأحكام، معروف هذا شرح كبير مطبوع، يقول: هل ثبت أن الحافظ ابن حجر والعيني ينقلان منه كثيراً دون عزو؟ وهل هذا إخلال بالأمانة العلمية؟ هما وغيرهما ينقلان، وجرت العادة عند المتقدمين أنهم لا يهتمون بالعزو كثيراً، لا سيما إذا كان الكلام لا يستقل به المنقول عنه، بمعنى أن شخصاً حرر مسألة، وخرج برأي يتفرد به، وبفهم فتح الله عليه به هذا يعزونه إلى صاحبه، أما الكلام العادي الذي يوجد عند فلان وغيره هذا لا يتحرون الدقة في عزوه، وعلى كل حال الأمور بمقاصدها، من أراد أن ينقل من كتب الناس يتكثر بهذا النقل، ويوهم القارئ أنه من تحريره، هذا لا شك أنه خادش للنية والقصد، ومخل بالأمانة العلمية، ويقول أهل العلم: إن من بركة العلم إضافة القول إلى قائله. يقول: هل هناك من جمع اختيارات ابن حجر في الفتح؟ هل يمكن ذلك؟ اختيارات ابن حجر في فتح الباري متعددة الجوانب، وبحاجة إلى أن تبرز، وأظن في دراسات حول الفتح، دراسات فقهية، ودراسات حديثية، لكن لا يمنع أن يعتني طالب العلم بهذا الكتاب، أو بكتاب معين يجعله محوراً ينطلق منه ويجمع، وهذه طريقة ووسيلة من وسائل التحصيل، إذا رأى ابن حجر اختار هذه المسألة في علوم الحديث، أو في علل الحديث، أو في أي فن من فنون العلم ودونها وبحث عنها في الكتب الأخرى يستفيد فائدة كبرى -إن شاء الله-. يقول: إذا مشيت إلى المسجد خمسين خطوة هل ترفع عني خمسين درجة وتحط عنه خمسين خطيئة؟ نعم -إن شاء الله-، هذا إذا توافرت الأوصاف الموجودة في الحديث. هذا يطلب درس ثابت أسبوعي. لكن الدرس الثابت فيه مشقة. الأسئلة متداخلة يغني بعضها عن بعض. يقول: هل هناك أدلة على وجوب صلاة الجماعة من الكتاب؟ ذكرنا الآية التي يذكرها أهل العلم، لا سيما من كتبوا في آيات الأحكام، الذين يعنون بالأحكام يفصلون في الجماعة، وصلاة الجماعة عند قوله -جل وعلا-: {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [(43) سورة البقرة] وأيضاً {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] إلى أخره في صلاة الخوف.

باب الأذان

هذا يسأل عن الدليل الصريح الصحيح في منع الحائض من قراءة القرآن مع أن البخاري ضعف الرواية في ذلك وابن عبد البر وغيرهما كما تعلمون، ما الدليل من الحديث الصحيح على منع الحائض من قراءة القرآن؟ هاه؟ من يذكر دليل؟ {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] قد يقول لك قائل: هذا في المس، تريد أن تقرأ عن ظهر قلب، تقرأ غيب. نعم حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ القرآن ورأسه في حجرها وهي حائض، استنبط منه أهل العلم أن الحائض لا تقرأ القرآن، ولو كانت تقرأ القرآن لما احتاجت إلى هذا التنصيص، قد لا يستوعبه كثير من السامعين لأول مرة، لكن إذا دقق في الحديث وجد أن الاستنباط صحيح، لماذا نصت عائشة -رضي الله عنها- على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ القرآن ورأسه في حجرها وهي حائض؟ يعني لو كانت الحائض نفسها تقرأ القرآن فهل يحتاج إلى التنصيص بأن القرب من الحائض لا أثر له في قراءة القرآن؟ هل يحتاج إلى التنصيص على مثل هذا؟ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب الأذان عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الأذان

الباب تقدم تعريفه في الأصل، ما يدخل ويخرج منه، حقيقته العرفية عند أهل العلم ما يضم فصولاً ومسائل في الغالب، وهنا ما يضم أحاديث يجمعها وصف واحد، والأذان مصدر، وإن شئت فقل: اسم مصدر، أذن يؤذن تأذيناً وأذاناً، كما تقول: كلم يكلم تكليماً وكلاماً، وهو في الأصل الإعلام {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(3) سورة التوبة] يعني إعلام، وهو الإعلام بدخول وقت الصلاة أو بقربه، هذا الأذان، وهل هو من متعلقات الوقت أو من متعلقات الصلاة نفسها؟ إذا قلنا: إنه الإعلام بدخول وقت الصلاة هل معنى هذا أنه إذا نسي أن يؤذن في أول الوقت أو نام عن الصلاة حتى خرج الوقت أو كاد يؤذن أو لا يؤذن؟ إذا قلنا: إنه من أجل الوقت كما يدل عليه الحد –التعريف- قلنا: خلاص انتهى الوقت فلا يؤذن لها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أذن للفائتة صلاة الصبح، وأذن للمجموعة في عرفة، في مزدلفة، الحكم واحد فيما إذا وصل في أول الوقت أو في آخره، يعني من وصل إلى جمع في منتصف الليل يؤذن أو لا يؤذن؟ يؤذن، من نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس وخرج الوقت، أذن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو إعلام بدخول الوقت، وهو من متطلبات الصلاة، فالإعلام بدخول الوقت من أجل الصلاة.

والأذان إذا تأملنا في جمله من التكبير في أوله والاعتراف والإقرار بالشهادتين، والدعاء إلى الصلاة بلفظها، وبما تحتويه من فلاح، وتكرار هذا التكبير، ثم الختم بكلمة التوحيد كلمة الإخلاص، وجدناه مشتمل على مسائل الاعتقاد وتعظيم الله -جل وعلا-، والاعتراف له والإذعان والشهادة بصدق نبوته -عليه الصلاة والسلام-، ففيه إثبات للتوحيد، ونفي للشرك بالألفاظ، وأصل المشروعية إنما هي من أجل اجتماع الناس للصلاة، وفي أول الأمر ما كان عندهم شيء إنما يتحينون الصلاة فيجتمعون، فجاءت الاقتراحات، أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يوجد شيء يجمعهم للصلاة، فاقترح بعضهم أن يتخذ ناقوس مثل ناقوس النصارى، قال بعضهم: بوق مثل بوق اليهود، رفض النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن المشابهة ممنوعة، قال بعضهم: نتخذ ناراً، قال: ذاك للمجوس، ولم يتفقوا على شيء، فرأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه في المنام قال: طاف بي وأنا نائم رجل أو طائف بيده ناقوس فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تريد به؟ قلت: نجمع عليه الناس للصلاة، قال: ألا أدلك على خير من ذلك، تقول: الله أكبر، الله أكبر ... إلى آخره، وعلمه الأذان، بتربيع التكبير من غير ترجيع، هذا أذان عبد الله بن زيد بن عبد ربه، فلما أصبح قص الرؤيا على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((ألقه على بلال)) ثم جاء عمر وبين أنه رأى هذه الرؤيا، المقصود أنها رؤيا حق، اكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، هذا ابتداء مشروعية التأذين للصلاة، يقول في الحديث:

"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة" الآمر هو النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الصحابي إذا قال: أمرنا أو نهينا لا يتصور أن يسند الأمر والنهي لا سيما في المسائل الشرعية إلى غير من له الأمر والنهي وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرفوع، وإن أدعى فريق من أهل العلم أنه لا يكون مرفوعاً حتى يصرح بالآمر والناهي، لكن من يتصور أن يأمر بلال بشفع الأذان وإيتار الإقامة غير النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ إذا أطلق الأمر لا ينصرف إلا إلى من له الأمر والنهي وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو قال ذلك بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-. قول الصحابي من السنة أو ... بعد النبي قاله بأعصرِ نحو أمرنا حكمه الرفع ولو ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ منهم من قال: لا يعتبر مرفوعاً حتى يصرح بالآمر لاحتمال أن يكون الأمر من غيره، أمرهم أبو بكر، أمرهم عمر، أمرهم من تولى أمرهم، لكن المرجح عند عامة أهل العلم هو القول الأول، إذا صرح الصحابي بالآمر أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلالاً أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة فهذا لا خلاف في كونه مرفوعاً، لكن هل الصيغة صيغة أمر ونهي؟ هل هي في القوة بمنزلة أفعل، اشفع يا بلال الأذان، وأوتر الإقامة؟ الجمهور نعم بمنزلتها، ولفظ الأمر يغني عن صيغته، ويقوم مقامه، فقول عائشة: أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، بمنزلة قوله -عليه الصلاة والسلام-، كما جاء في بعض الروايات: ((أنزلوا الناس منازلهم)) لا فرق، وخالف في هذا بعض من شذ، وقال: لا يكون ملزماً، ولا يدل على الأمر والنهي حتى ينقل اللفظ النبوي؛ لأن الصحابي قد يسمع كلاماً يظنه أمراً أو نهياً، وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، هذا إذا قال الصحابي، لكن إذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) أو ((نهيت عن قتل المصلين)) فالآمر والناهي هو الله -عز وجل-، ولا يختلف في ذلك.

"أمر بلال أن يشفع الأذان" فتكون جمله شفعاً، بمعنى أن كل جملة من جمله تكون شفعاً، فالتكبير أربع، والشهادة اثنتان واثنتان، والدعاء إلى الصلاة اثنتان واثنتان، ثم التكبير في النهاية وفي الآخير اثنتان، وختم بلا إله إلا الله واحد، فيكون قوله: أمر بلال بأن يشفع الأذان يعني جمل الأذان أغلبي؛ لأن كلمة التوحيد في النهاية واحدة، يكون أغلبياً. "ويوتر الإقامة" الإقامة جملها وتر، على واحدة واحدة، طيب ماذا عن التكبير في أولها؟ جاء الاستثناء في الإقامة لفظ الإقامة، ويوتر الإقامة إلا الإقامة، يعني إلا لفظ الإقامة، قد قامت الصلاة فإنه يكرر، وما عدا ذلك يبقى على الأصل وتر، لماذا لم يستثن التكبير في أول الإقامة أو هو واحدة؟ التكبير في الإقامة واحدة وإلا اثنتين؟ إذا أقام المؤذن، الآن الإقامة شفع وإلا وتر؟ عرفنا أن الأذان كله شفع ما عدا كلمة التوحيد بآخره، فيكون أغلبي، طيب الإقامة في أولها الله أكبر الله أكبر، وفيها قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، وفي آخرها الله أكبر الله أكبر، صحيح وإلا لا؟ الإقامة مستثناة، لفظ الإقامة مستثنى، قد قامت الصلاة إلا الإقامة جاء استثناؤها، فماذا عن التكبير في أول الأذان وفي آخره؟ لماذا لم يستثن مثل لفظ الإقامة؟ باعتبار الأذان على النصف من الأذان. طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . .

يعني كان الأذان في الأول اثنتين، يعني على النصف، طيب وفي الأخير؟ يعني هذا مما يرجح به قول من يقول: إن جملتي التكبير تؤدى بنفس واحد، فيقال: الله أكبر الله أكبر، فتكون كالجملة الواحدة، ويستدل بذلك بحديث الإجابة إجابة المؤذن، فإذا قال المؤذن كما في الصحيح: الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر، بينما في الشهادتين، قال: فإذا قال: أشهد أن لا إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فيكون تربيع التكبير في أوله كالجملتين، وتثنية التكبير في الإقامة كالجملة الواحدة، ويبقى أنه إذا جمع لفظ التكبير في أول الأذان فإنه لا يجمع في آخره ليطرد القول؛ لأنه إذا جمع في آخره وقلنا في أوله: كالجملة الواحدة لا بد أن نقول في آخره: كالجملة الواحدة، وحينئذٍ يكون التكبير واحد، ونحتاج إلى أخراجه من العموم، واضح أو ما هو بواضح؟ يحتاج إلى إعادة أو ما يحتاج؟ طيب أمر بلال الأمر للوجوب، وهو تابع لحكم الأذان في الجملة، حكمه على الخلاف بين أهل العلم، والمتقرر أنه واجب على الكفاية، إذا قام به من يكفي سقط على الباقين، وهو الدعاء للجماعة، والجماعة يكفيهم مؤذن واحد، وإن جعل أكثر من مؤذن فعلى التناوب كما سيأتي، فالمرجح أن الأذان فرض كفاية، ومن أهل العلم من يرى أنه سنة، وعلى كونه فرض كفاية لا أثر له في الصلاة، بمعنى أنهم لو لم يؤذنوا وصلوا صلاتهم صحيحة؛ لأن التفريط بأمر خارج عن الصلاة، والأذان توقيفي لا تجوز الزيادة فيه ولا النقصان، وإذا أراد المؤذن أن يأتي بأي ذكر فلينتقل عن مكانه، ويسمع من بعض المؤذنين بعض الأذكار قبل البداية وإذا انتهى، وهو في مكانه على نفس المستوى مستوى الصوت، وهذا لا شك أنه يدخل في الإحداث، إحداث قدر زائد على العبادة المحددة شرعاً، فإذا أراد أن يذكر الله -جل وعلا- ينتقل من مكانه، ويذكره بما شاء، وأصل الأذان الدعاء إلى الصلاة، ولو أن المؤذن إذا انتهى من أذانه دعا الناس إلى الصلاة قال: صلوا رحمكم الله، في مكانه في المنارة أو بالمكبر أو بغيره نقول: هذا لا يجوز، الأذان ألفاظ محددة شرعاً لا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها إلا في حدود ما جاء الشرع بالزيادة فيه والنقصان، في التكبير هل

هو تربيع أو تثنية؟ في الترجيع هل يعود إلى الشهادتين بعد أن يؤديهما بلفظ منخفض يرفع الصوت بهما، هذا جاء به النص، فمن فعل هذا فقد أحسن، لكن اللفظ الذي لم يرد به نص لا تجوز الزيادة فيه، لا تجوز زيادته ألبتة، فالشهادة لغير النبي -عليه الصلاة والسلام- بالولاية أو بالفضل أو بالعلم بدعة، كما يقال: أشهد أن علياً ولي الله هذه بدعة، ومثله زيادة: حي على خير العمل، الصلاة خير العمل الكلام صحيح، لكن الزيادة في الأذان بدعة. عفا الله عنك. وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوَضوء فمن ناضح ونائل، قال: فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضأ وأذن بلال، قال: فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يمنياً وشمالاً: حي على الصلاة حي على الفلاح، ثم ركزت له عنزة فتقدم فصلى الظهر ركعتين، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في قبة له حمراء" قبة خيمة من جلد "من أدم، قال: فخرج بلال بوَضوء" يعني ماء يتوضأ به، فالوَضوء هو الماء الذي يتوضأ به، والوُضوء بالضم هو فعل المكلف، هذه العبادة المعروفة "بوضوء فمن ناضح ونائل" يعني بعضهم يحصل من هذا الوضوء ما ينضح به أعضاء الوضوء، ومنهم من لا يحصل له ذلك، حتى ينال من وضوء صاحبه، أو مما أخذه من صاحبه "قال: فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه حلة حمراء" الحلة مركبة من ثوبين إزار ورداء، يعني من قطعتين "حمراء" النصوص تدل على المنع من لبس الأحمر، لكن هذه الحلة وصفت بما غلب عليها، وهو اللون الأحمر الذي يخالطه خطوط من لون آخر كما قال أهل العلم، ويطلق عليها حمراء باعتبار أن اللون يغلب على غيره، فالشماغ مثلاً يقال له: أحمر، وهو نصفه أحمر ونصفه أبيض؛ لأن الأحمر غالب من الألوان الغالبة، فلا يجوز لبس الأحمر الخالص بالنسبة للرجال، لكن إذا خالطه غيره فلا بأس، لو وجد شماغ أحمر خالص لا يجوز لبسه للرجال، مع أن البياض أفضل منه ((البسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم)) البياض أفضل من الحمرة، لكن أهل العلم يقولون: إن اللباس عرفي، إذا تعارف الناس على لباس لا نص يدل على منعه فلا بأس به، وإذا تواطأ الناس عليه وخرج عنه أحد خرج عن العرف يذم بذلك؛ لأن الألبسة عرفية عند أهل العلم، فلا يقال: لماذا المشايخ وطلاب العلم يلبسون شماغ ولا يلبسون غتر؟ نقول: نعم البياض في الأصل أفضل، لكن لو تواطأ الناس على الشماغ قلنا: هو أفضل من البياض؛ لأن اللباس عرفي، والخروج عنه خروج عن الأعراف، قادح في المروءة عند أهل العلم، ومما ترد به الشهادة، على كل حال الأحمر الخالص جاء النهي عنه، ومنهم من يحمل النهي على الكراهة، ويقول: إن فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- صارف للنهي من التحريم إلى الكراهة، لكن المقرر عند الجمهور أن هذا ليس بأحمر خالص.

"كأني أنظر إلى بياض ساقيه" وهذا لأن إزاره -عليه الصلاة والسلام- لا يصل إلى حد الكعبين، فأزرة المؤمن إلى نصف الساق "كأني أنظر إلى بياض ساقيه" ويجوز أن يرخى الإزار إلى الكعب، ولا يجوز بحال أن ينزل عن الكعب ((ما أسفل من الكعبين فهو في النار)) ولو كان من غير خيلاء، أما إذا كان جر الإزار مع الخيلاء فالأمر أعظم، مجرد إرخاء الإزار تحت الكعب، فما أسفل من الكعبين فهو في النار، والمراد صاحبه، صاحب الإزار، كما في قوله: ((وكل ضلالة في النار)) يعني صاحبها، وإلا بالإمكان أن يقول قائل: ما دام الإزار في النار بكيفه؟ لا، المراد صاحبه، فمجرد إنزال الإزار عن الكعبين في النار حرام، وإذا صحب ذلك الخيلاء زاد الإثم، لا ينظر الله إليه، نسأل الله السلامة والعافية، وإذا قيل: لماذا لا يحمل المطلق على المقيد فيكون جره من غير خيلاء لا شيء فيه؟ نقول: لا يا أخي إذا اختلف الحكم فلا يحمل المطلق على المقيد، أما لو اتحد الحكم حمل المطلق على المقيد ولو اختلف السبب، هذه مسألة تحتاج إلى شيء من البسط والتفصيل والبسط، يكفي هذا -إن شاء الله-. "كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضأ -عليه الصلاة والسلام-، وأذن بلال" يقول أبو جحيفة: "فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يميناً وشمالاً: حي على الصلاة حي على الفلاح" أتتبع فاه ها هنا وها هنا يميناً وشمالاً، يلتفت يميناً إذا قال: حي على الصلاة، وشمالاً إذا قال: حي على الفلاح، لكن هل يلتفت يميناً في حي على الصلاة الجملتين كلاهما عن جهة اليمين، أو إحداهما عن جهة اليمين والثانية عن جهة الشمال، وحي على الفلاح كذلك يميناً وشمالاً؟ ....

كتاب الصلاة (4)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (4) الشيخ: عبد الكريم الخضير

لكن هل يلتفت يميناً في حي على الصلاة في الجملتين؟ كلاهما عن جهة اليمين أو إحداهما عن جهة اليمين والثانية عن جهة الشمال وحي على الفلاح كذلك يميناً وشمالاً؟ يعني قوله: "يميناً وشمالاً" ينصرف إلى كل جملة جملة أو إلى الجملتين معاً، بمعنى أنه يقول مرة: حي على الصلاة يميناً ثم حي على الفلاح شمالاً، ثم يعود إلى حي على الفلاح يميناً والأخرى شمالاً، أو يقول الجملتين: حي على الفلاح يميناً، وحي على الصلاة شمالاً؟ اللفظ يحتمل، النص يحتمل، وبكل من الاحتمالين قال جمع من أهل العلم، يعني لو قال: حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح امتثل، ولو قال: حي على الصلاة مرتين كلاهما عن جهة اليمين، وحي على الفلاح مرتين إلى جهة الشمال امتثل؛ لأن اللفظ محتمل، وقال بكل من الاحتمالين طائفة من أهل العلم، الالتفات فائدته تبليغ أهل الجهاد؛ لأن الصوت يكون إلى الجهة التي يلتفت إليها أقوى، فإذا كان المؤذن إلى جهة الأمام فصوته لا شك أنه يضعف بالنسبة لجهة اليمين والشمال، فضلاً عن الخلف، لكن إذا التفت يميناً وشمالاً وبلغ هؤلاء وبلغ هؤلاء هذه حكمة ظاهرة لهذا الالتفات، المؤذن إذا كان على المنارة وبدون آلة يتجه مثل هذا الكلام، لكن إذا كان كما هو وضع المؤذنين الآن في المسجد، داخل المسجد، وقد يكون في غرفة في داخل المسجد، وعنده الآلة فالالتفات يميناً وشمالاً يضعف الصوت لا يقوي الصوت، فهل نقول: إن الحكم يدور مع علته فلا يلتفت المؤذن لا يميناً ولا شمالاً؟ لأن الفائدة من الالتفات زيادة الصوت وزيادة التبليغ، فإذا التفت بالنسبة للمكبر ضعف الصوت، وهذا أمر محسوس، إذا التفتت يميناً والمكبر أمامه يضعف الصوت، وإذا التفت شمالاً والمكبر أمامه ضعف الصوت، فهل نقول: إن هذه العلة ارتفعت وارتفع الحكم معها؟ أو نقول: إن هذا الحكم مما شرع لعلة فيبقى الحكم ولو ارتفعت العلة؟ وله نظائر، لما اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عمرة القضاء، قال الكفار: يأتي محمد وقد وهنتهم حمى يثرب، فرمل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الأشواط الثلاثة، ومشى بين الركنين؛ لأنهم قالوا هذا يريد أن يغيظهم، الآن هل في أحد يقول: إن مسلمين

يأتون وقد وهنتهم الحمى، ارتفعت العلة، فهل ارتفع الحكم معها؟ ارتفع وإلا بقي؟ بقي بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمل في حجة الوداع وما في أحد، واستوعب الشوط بالرمل، فارتفعت العلة وبقي الحكم، فهل نقول هنا: ارتفعت العلة وبقي الحكم؟ أو نقول: يرتفع الحكم بارتفاع العلة؟ لا سيما وأن ارتفاع العلة ليس هو مجرد ارتفاع، ارتفاع العلة هنا ما هو ضد العلة وهو ضعف الصوت، ارتفاع العلة لزم منه ثبوت ضد العلة وهو خفض الصوت، الحنابلة ينقلون عن الإمام أحمد أنه قال: لا يدور المؤذن إلا إذا كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين، القصر، قصر الصلاة في السفر إنما شرع لعلة وهو الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ارتفعت العلة التي هي الخوف، وبقي الحكم معلق بوصف لا بد من تحققه، وهو السفر والضرب في الأرض، ماذا نقول؟ هل المؤذنين يلتفتون وإلا ما يلتفتون؟ الآن الوصف ارتفع، هذه مسألة عملية، وكل بحاجة إليها، فهل نقول للمؤذن: التفت يميناً وشمالاً مهما ترتب على ذلك من أثر؟ أو نقول: العلة ارتفعت ومثل ما قال الإمام أحمد: إذا ما يكون في منارة لا يلتفت؟ يلتفت وإلا ما يلتفت؟ نعم لشيء مأثور وموروث برؤية النبي -عليه الصلاة والسلام- وإقراره في عبادة، من السهل جداً أن نقول: لا يلتفت وبلال يلتفت بين يديه، يعني هل مجرد إسماع من على اليمين ومن على الشمال يستقل بالتعليل أو لا يستقل؟ يمكن هناك علل أخرى، حكم ومصالح أخرى، فإذا كانت العلة مركبة من أجزاء لا يرتفع الحكم إلا بارتفاع جميع الأجزاء، لكن هذه أظهر الوجوه، كونه ما يظهر للناس إلا أنه يريد أن يسمع من على يمينه ومن على شماله، الخلاصة على كل حال إذا أمكن أن يحقق العلة ويطبق الفعل، إذا أمكن تحقيق العلة مع تطبيق الفعل فهذا الأمر لا يرتفع الحكم معه، فإذا كان المؤذن بيده المكبر ويدور به معه، مثل هذا يلتفت يميناً وشمالاً، وأما إذا ترتب عليه ضعف في الصوت فمن اقتدى والتفت يميناً وشمالاً ولو ضعف صوته فهو على الأصل، ومن قال بقول جمع من أهل العلم: إن الحكم يرتفع بارتفاع علته فله ذلك، لكن يبقى أن من اقتدى وتمام

الاقتداء إنما يتم بالالتفات، فإذا التفت فقد حقق ما عهد في عصره -عليه الصلاة والسلام-، ولا يلام في ذلك، ولو ضعف صوته، قد يقول قائل: هذه حرفية ظاهرية، وكثير من الأحكام معقولة العلل، والمصالح والمفاسد أمر مقرر في الشرع وفي أحكامه، في أحكام الحكيم الخبير، المصالح والمفاسد مقررة في الشريعة، فالمصالح تطلب والمفاسد تدرأ، والالتفات مصلحة أو مفسدة إذا كان يضعف الصوت؟ إذا كان يقوي الصوت مصلحة، لكن إذا كان يضعف الصوت، والمطلوب من المؤذن رفع الصوت، أن يكون صيتاً ويرفع صوته لدعاء الناس، لا سيما في هاتين الجملتين من الأذان، الناس يعرفون من الأذان أنه أذن من قوله: الله أكبر الله أكبر، يعرفون أنه أذن، ويسمعون التكبير، ويسمعون بقية الجمل، لكن المقصود من الأذان وهو دعوة الغائبين إلى الصلاة يكمن في قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، وعلى كل حال النظر له وجه، فمن امتثل وطبق فهو على الجادة، وهو على الأصل، ولو ضعف صوته، أما من رأى أن الحكم مع هذه العلة واقتدى بمن يقول: إن الحكم يرتفع له ذلك، لا سيما والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقول: لا يدور المؤذن إلا إذا كان على منارة، يقصد إسماع أهل الجهتين، حي على الصلاة حي على الفلاح، (حي) يعني هلموا وتعالوا وأقبلوا إلى الصلاة التي هي أعظم العبادات، ثانية أركان الإسلام، حي على الفلاح بأداء هذه الصلاة، وهو البقاء الدائم والفوز، ولا يوجد كما يقرر أهل العلم كلمة التعبير بكلمة واحدة عن معنى واضح مفهم إلا في الفلاح، ويقولون أيضاً: النصيحة، الفلاح لا تقوم كلمة مقامها، كما أن النصيحة لا توجد كلمة واحدة تعبر عنها، يعني لا يوجد لها ما يرادفها. "ثم ركزت له عنزة" العنزة يراد منها السترة، وهي عصا في طرفه زج، حديدة محددة، يمكن غرسها في الأرض "ثم ركزت له عنزة" العنزة هذه الحديدة وليست القبيلة كما قال بعضهم: نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا، العنزة المراد بها العصا، وفهم بعضهم أن العنزة هي العنزة المعروفة من بهيمة الأنعام، فروى الحديث بالمعنى على حسب فهمه، فقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى شاة وهذا تصحيف.

"ثم ركزت له عنزة، فتقدم وصلى" والسترة للصلاة سنة مؤكدة، قال بعضهم بوجوبها لثبوت الأمر بذلك ((إذا صلى أحدكم فليستتر ولو بسهم)) لكن الصارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب كونه -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، يقول الصحابي: يعني إلى غير سترة، فاتخاذ السترة سنة مؤكدة، وقال بعضهم بوجوبها، والقول الأظهر أنها سنة مؤكدة، وفي الحديث: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتازه)) سيأتي -إن شاء الله تعالى-. "فتقدم وصلى الظهر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة" لأنه في سفر، لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة، على هذا السنة للمسافر القصر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يزل يصلي ويقصر الصلاة حتى رجع إلى المدينة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-، نعم. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا)) " يعني يؤذن قبل دخول الوقت ((فكلوا واشربوا)) لأن الامتناع من الأكل والشرب إنما هو بطلوع الصبح ((فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)) ابن أم مكتوم رجل أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت، كما جاء في الروايات الأخرى، فأذان بلال لا يمنع من الأكل والشرب حتى يطلع الصبح بأذان ابن أم مكتوم، وعلى هذا اتخاذ أكثر من مؤذن وكون أحد المؤذنين يؤذن قبل الوقت هذا في صلاة الصبح خاصة عند أهل العلم، والدليل على ذلك هذا الحديث، سياق الحديث يدل على أنه في صلاة الصبح؛ لأن الامتناع من الأكل والشرب إنما يكون في الصبح، بطلوع الصبح.

((يؤذن بليل)) ما المسافة أو المدة التي تكون بين أذان هذا وأذان هذا؟ من أهل العلم من يقول: إن له أن يقدم قبل الوقت بعد منتصف الليل، ومنهم من يقول: لا يزيد على مدة السحور، يكون الأذان الأول يوقظ النائم، ولا يمنع من الأكل والشرب، والثاني يمنع الأكل والشرب، ومنهم من يقول كما جاء في بعض الروايات: لم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا، على كل حال الصبح بحاجة إلى أن يكون لها أكثر من مؤذن؛ لأن أكثر الناس نيام، فهم بحاجة إلى تكرار بهذا الأذان، وهل يقوم بهذا التكرار واحد، بمعنى أنه يؤذن مرتين، ليقوم مقام المؤذنين، أو نقول: إن تكرار الأذان بالنسبة للواحد بدعة، والمطلوب أكثر من واحد؟ محل نظر بلا شك، لكن اتخاذ مؤذنين مشروع بهذا الحديث وغيره، لكن هل يؤذن المؤذنون الاثنين أو الثلاثة أو الأربعة في آن واحد في المسجد الواحد؟ كان يُفعل، أين؟ نعم في المسجد النبوي، كانوا يفعلونه دفعة واحدة، يؤذنون جميعاً، لكن هذا لا شك أنه خلاف السنة، فالسنة أن يكون الواحد تلو الآخر، أذان ابن أم مكتوم الذي هو مع طلوع الصبح هو الغاية للأكل والشرب {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [(187) سورة البقرة] نعم. عفا الله عنك. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)). هذا الحديث: "عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)) " وعلى هذا الذي لا يسمع الأذان لا يجيب ولا يتحرى أذان المؤذنين؛ لأن بعض الناس من حرصه على اكتساب الأجر وهو في مكان بحيث يكون وحده في البر يتحرى أذان المؤذنين ويجيبه، نقول له: يا أخي أذن أنت ويحصل لك الأجر العظيم، إذا كنت لا تسمع المؤذن وأنت في البر فأذن، وجاء الترغيب في الأذان في القفار، ويطلب أيضاً رفع الصوت فإنه لا يسمع صوت المؤذن حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة.

((إذا سمعتم المؤذن)) هل قال: الأذان أو المؤذن؟ المؤذن فعلى هذا الذي يسمع الأذان من غير مؤذن يجيب وإلا ما يجيب؟ كيف يسمع الأذان من غير مؤذن؟ نعم بالتسجيل، وليس كل أذان في المذياع من غير مؤذن؛ لأنه إذا كان حي على الهواء ينقل من المكان مباشرة فهو مسموع من المؤذن، غاية ما هنالك أن الإذاعة بلغت مثل مكبر الصوت، فتسجيل الأذان وسماعه من المسجل لا يجاب، إنما يجاب إذا سمع المؤذن، سواء كان السمع المباشر تسمعه بقربك منه، أو لكونه نقل إليك بواسطة آلة حي كما هو في الإذاعات أحياناً حياً، وأحياناً مسجلاً، فتفرق بين هذا وهذا.

((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)) المماثلة من وجوه، أولاً: الموافقة في الجمل، بمعنى أنك لا تزيد عليه ولا تنقص، الأمر الثاني: أن الجملة الشرطية والعطف بالفاء يقتضي أن يكون قولك للجمل بعد فراغه من قولها، كل جملة في وقتها، بحيث لا تتقدم عليه ولا توافقه ولا تتأخر عنه كثيراً، العطف بالفاء أنه إذا قال: الله أكبر تقول: الله أكبر، وجاء في الحديث: ((فإذا قال: الله أكبر الله أكبر)) جمع بين الجملتين ((فقولوا: الله أكبر الله أكبر)) تمام المماثلة، شوف المماثلة ((فقولوا مثل)) يعني هل من تمام المماثلة أن يكون مدك للصوت مثل مده؟ أولاً: رفعك للصوت لا ينبغي أن يكون مثل رفعه؛ لأن المماثلة تقتضي الإتحاد من كل وجه، فهل نقول: إنه لا يتأتى أن نقول مثل ما يقول إلا إذا رفعنا صوتنا مثل رفع صوته، هذا لم يقل به أحد، وإلا لطلب الأذان من كل شخص، لكن المدود مد لفظ الجلالة، مد لفظ: أكبر، هل المماثلة لا تتم إلا بالمد مثل ما يمد؟ أو أنك تقول مثل ما يقول من هذه الجمل تؤديها على أي وجه كان؟ على أي وجه مجزئ، يعني هل المطلوب محاكاة المؤذن في كيفية أدائه لهذه الجمل أو المطلوب أننا نقول هذه الجمل التي يقولها المؤذن؟ لو نظرنا إلى المماثلة (مثل) يعني لما قال في الوضوء: ((من توضأ)) مثل وضوئي وإلا نحو وضوئي؟ نعم؟ نحو وضوئي؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق المماثلة من كل وجه، وهنا قال: ((فقولوا مثل ما يقول)) ما قال: قولوا نحو ما يقول، فهل المقصود من المماثلة هنا المطابقة من كل وجه حتى في رفع الصوت حتى في مد الحروف؟ هناك من وجوه المماثلة ما لا يستطاع، وهناك ما دل الشرع على أنه غير مراد مثل رفع الصوت؛ لأنه لا يطلب إلا مؤذن واحد، وإلا صار الناس كلهم مؤذنون لو رفعنا الصوت، بقيت المحاكاة والمماثلة في أداء هذه الجمل من المدود وغيرها، والذي يظهر أن المطلوب إيجاد جمل الأذان التي يقولها، والعطف بالفاء يقتضي عدم التأخير؛ لأن بعض الناس يكون في يده شغل يقرأ مثلاً، وهذا المؤذن يحتاج إلى خمس دقائق، وأنت بإمكانك أن تقول جميع الجمل في دقيقة واحدة، تقول: أستغل هذه الأربع الدقائق وإذا قرب من النهاية أسرد، ما يفعله كثير من الناس، تبي

تترك شغلك إذا قال: الله أكبر، هنا كان في مؤذن -رحمة الله عليه- لكنه خلاف السنة بلا شك، يستمر في أذانه أكثر من نصف ساعة، نقول: انتظر تقول مثل ما يقول؟ لا، لا، بعض المؤذنين يستمر خمس دقائق، فهل نقول: اترك ما في يدك من قراءة ومن ذكر ومن عمل حتى ينتهي في خمس دقائق وأنت بإمكانك أن تقول الأذان في دقيقة واحدة؟ مقتضى المماثلة أنك إذا انتهى من الجملة والعطف بالفاء للتعقيب، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر فقولوا: الله أكبر الله أكبر، فعلى هذا تترك أي عمل في يدك لئلا تخلط في هذه الجمل أذكار أخرى، فتدخل عليها غيرها، افترض أنك تسبح وإلا تهلل وإلا شيء، تقول: الله أكبر الله أكبر، إذا وقف المؤذن يتنفس تقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فتدخل أذكار بأذكار محددة فتقع في شيء من المحظور.

((فقولوا مثل ما يقول)) يعني الجمل التي يقول قولوها، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله .. إلى آخره، طيب حي على الصلاة، حي على الفلاح، إذا قال: حي على الصلاة فقولوا: حي على الصلاة؟ نعم؟ مقتضى المماثلة أن نقول: حي على الصلاة حي على الفلاح مثل ما يقول، لكن جاء ما يخصص هذا العموم من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله بدل الحيعلتين، من أهل العلم من يقول: المماثلة مطلوبة، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله هذا الخاص يضاف على ما يقوله المؤذن، لكن من نظر إلى المعنى رأى أن التخصص أوجه؛ لأن الدعوة إلى الصلاة، الجمل كلها أذكار يرتب عليها أجر، لكن كونك تقول بصوت منخفض حي على الصلاة ماذا تستفيد؟ هل هذا ذكر تؤجر عليه؟ هو يقولها ليدعو الغائبين إلى الصلاة، لكن أنت لماذا تقولها؟ جاء بدلها بالنص لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني لا حول لنا ولا قوة لنا في إجابة داعي الله إلا بالله -جل وعلا-، إلا بمعونته وتوفيقه، ولا حول ولا قوة إلا بالله ذكر وإلا ليست ذكر؟ ذكر، وجاء في فضلها أنها كنز من كنوز الجنة، لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، وش تتصور هذا الكنز المطمور المدفون تحت تراب الجنة؟ ترابها المسك الأذفر، إذا كان هذا التراب الذي يداس بالأقدام فكيف بالكنز؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.

باب: استقبال القبلة

بعد ذلك يقول إذا انتهى من إجابة المؤذن: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته" وزيادة: "إنك لا تخلف المعياد" مختلف في كونها محفوظة أو شاذة، جاء الحث على الأذان والترغيب فيه، جاء أن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ((ولو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول حتى إذا لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)) فالأذان مرغب فيه، وأجره عظيم، وثوابه جزيل، ولا يسمع صوته إلا شهد له يوم القيامة، وجاء في الخبر وإن كان لا يسلم ((من أذن اثنتي عشرة سنة كتبت له براءة من النار)) لكنه حديث تكلم فيه، وعلى كل النصوص الصحيحة الصريحة تغني عنه، والخلاف في المفاضلة بين الأذان والإمامة معروف عند أهل العلم، وجاء في الحديث: ((اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين)) وجاء ((الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن)) وعلى كل حال فيه ثواب عظيم، فعلى الإنسان إذا سنحت له الفرصة أن يؤذن فليحرص على ذلك، نعم. عفا الله عنك. باب: استقبال القبلة عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه، وكان ابن عمر يفعله، وفي رواية: كان يوتر على بعيره، ولمسلم: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة، وللبخاري: إلا الفرائض. باب: استقبال القبلة

استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة، والقبلة إنما هي الكعبة، واستقبالها يكون بالاتجاه إليها {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] شطر المسجد الحرام، والمطلوب الكعبة، فإذا كان الإنسان داخل المسجد لا يجزئه إلا أن يستقبل عين الكعبة، ومن كان خارجه وبعيداً عنه بحيث لا يتمكن من استقبال عينها كفته الجهة عند الجمهور، وقال الشافعية: لا يجزئه إلا استقبال عين الكعبة ولو كان بعيداً عنها، قد يقول قائل: هذا مستحيل، الآلاف الأميال ثم يطلب عين الكعبة، هم يخففون هذا بكون الاستقبال إلى عين الكعبة بغلبة الظن، يعني إذا غلب على ظنه أنه إلى عين الكعبة كفاه ذلك، وعلى كل حال استقبال العين مستحيل لمن بعد، ولو قيل بأنه لا يتأتى لبعض من كان داخل المسجد، من كان داخل المسجد قد لا يتمكن من استقبال أو من رؤية عين الكعبة، لا سيما إذا كان في صفوف متأخرة أو يحول دونه ودونها أبنية وأعمدة يصعب عليه ذلك، لكن على من كان داخل المسجد أن لا يدخل في الصلاة حتى يتأكد أنه إلى عين الكعبة؛ لأنه لا عذر له، العين ممكنة، وإذا أمكنت لم يجزئ غيرها، فليحرص المسلم على ذلك. يقول: "عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسبح" الأصل في التسبيح التنزيه، ويكون بقوله: سبحان الله، فهل هذا هو المراد؟ تسبيح كما يطلق على التنزيه بلفظ: سبحان الله، يطلق أيضاً على التنفل، والسبحة هي النافلة، فكان يتنفل -عليه الصلاة والسلام- "على ظهر راحلته" على دابته "حيث كان وجهه" أينما أتجه وجهه "يومئ برأسه" إلى الركوع والسجود، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، يصلي حيثما كان وجهه، يومئ برأسه، هذا في النافلة بدليل الرواية اللاحقة: "غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة، وللبخاري: إلا الفرائض" الظاهر أنه العكس، للبخاري: "غير أنه لا يصلي على المكتوبة" ولمسلم: "إلا الفرائض" خرج وإلا ما خرج؟ في نسخ مخرجة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لكن غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . طيب هي في البخاري، والثانية: الفرائض هذه في مسلم، مخرج عندك وإلا؟

طالب:. . . . . . . . . إيش يقول؟ طالب:. . . . . . . . . أي الجملتين؟ طالب:. . . . . . . . . هذا كلام المؤلف، لكن هو الواقع وإلا لا؟ مخرج وإلا ما خرج؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه. طالب:. . . . . . . . . معك نسخة مخرجة وإلا كلام المؤلف؟ أعطني إياها أشوف، وهي أيضاً للبخاري هذه موجودة في الصحيحين، وللبخاري: إلا الفرائض، الذي يغلب على ظني أنها في مسلم أيضاً، لكن تراجع. "يومئ برأسه" لأنه لا يتمكن من الركوع؛ لأن الركوع لا يكون إلا من قيام، ولا يتمكن من السجود لأنه يشق عليه، ولا يتمكن من أن يسجد على أعضائه السبعة على الدابة. "وكان ابن عمر يفعله" اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وغيرهم من الصحابة يفعلونه "وفي رواية: كان يوتر على بعيره" في رواية: "غير أنه لا يصلي عليها إلا المكتوبة" يستدل بها الجمهور على أن الوتر ليس بواجب، من أين؟ من المقدمتين المذكورتين، من كونه -عليه الصلاة والسلام- يوتر على البعير، وكان لا يصلي عليها المكتوبة، إذاً الوتر ليس من المكتوبة، إذاً ليس بواجب، جاء ما يقيد هذا في السفر، أنه يصلي على الدابة في السفر، فهل يتطوع من شاء على الدابة وهو في الحضر؟ ترى الشخص في سيارته يمشي في طريق آمن ويصلي نوافل، أو انتقل بعد الصلاة إلى مكان بعيد ويخشى أن يفوت وقت الراتبة فيصليها في السيارة، يعني القيد الذي جاء، التقييد في كونه في السفر هل هو معتبر أو غير معتبر؟ معتبر عند الجمهور، وجاء عن أنس ما يدل عليه الإطلاق، وأنه في السفر والحضر، وأن شأن النافلة موسع فيها، كما أنه يصلي يجوز له أن يصلي وهو جالس من غير علة، مع قدرته على القيام يجوز له أن يصلي وهو على دابته في الحضر، يجوز له ذلك، وإن كان الجمهور يقيدون ذلك في السفر، في السيارات الآن التي يتمكن الإنسان من أداء النافلة اللهم إلا السجود لأنه يترتب عليه الانحراف عن الطريق، أو عدم رؤية من أمامه، إذا كان يقود السيارة يصعب عليه أن يسجد سجود كامل، يومئ، وحكمها حكم الدابة بل أولى، والصلاة في السيارة أيسر من الصلاة في الدابة، وإذا كان يقرأ القرآن وأيضاً مرت به آية سجدة، أيضاً يسجد حسب ما يمكنه من السجود، بالإيماء.

"وكان يوتر على بعيره، ولمسلم: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة" بل يلزمه أن يصلي المكتوبة على الأرض بركوعها وسجودها، ولا يتنازل عن شيء من أفعالها من أركانها وواجباتها، اللهم إلا عند الحاجة الشديدة والعذر، ففي حديثه عن ابن مرة في السنن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته، والسماء من فوقهم، والبلة من تحتهم -يعني الأرض طين- والمطر ينزل، فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام، ثم تقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء، يعني كما يفعل في النافلة، فالحاجة إذا دعت إلى ذلك لا مانع أن يصلوا على رواحلهم، وقل مثل هذا إذا كان المسافة بعيدة، وهم في طائرة، أو في باخرة لا يمكنهم النزول، فيصلون على حسب حالهم في الطائرة، أو في الباخرة على أن يؤدوا الصلاة على أكمل وجه ممكن، نعم. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: بينما الناس في قباء في صلاة الصبح إذا جاءهم آتٍ، فقال لهم: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. النبي -عليه الصلاة والسلام- لما هاجر إلى المدينة مكث ستة عشر أو سبعة عشر شهراً يصلي إلى بيت المقدس، وكان يود -عليه الصلاة والسلام- أن تحول القبلة إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] والصحابة يعرفون هذا أنه كان يرغب أن تحول القبلة، فحولت القبلة إلى الكعبة، فمن بلغه الناسخ عمل به، لا سيما من كان معه في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، منهم من بلغه الخبر بعد فرض واحد في صلاة العصر، فجاء من يخبرهم وهم في صلاتهم أن القبلة قد حولت فاستداروا كما هم، وأما أهل قباء، لم يبلغهم الخبر إلا في صلاة الصبح من الغد، في هذا الحديث يقول:

"عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: بينما الناس في قباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ فقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستقبلوها" أولاً: القبلة بالنسبة لمن يصلي على الراحلة قبلته إيش؟ جهته التي يريدها، الجهة حيث كان وجهه، هذه مسألة دقيقة، إذا قلنا: إن قبلة من يصلي على الدابة أو على الراحلة الجهة التي يريدها، الطريق الذي يسير إليه، فماذا عنه إذا انحرف يميناً أو شمالاً على الدابة لأمر طارئ ما كان هو جهته، يصلي على السيارة فاحتاج بقالة لف يمين، احتاج بنزين لف يسار، ماذا يصنع؟ هذه غير جهته التي يريدها، الذي يقول: إن جهة من يصلي على الدابة جهته التي يريدها ويقصدها يقول: إذا انحرف يميناً وإلا شمالاً بطلت صلاته، ومنهم من يقول: إن الأمر أوسع من ذلك ما دام ساغ له أن يفرط بشرط من شروط الصلاة تخفيفاً عليه في الصلاة النافلة لا يضيق بمثلها هذه الحاجات التي تميل به يميناً وشمالاً ما دام ترك جهة القبلة، هذه فائدة نبه عليها بعضهم.

يقول: "بينما الناس في قباء" الناس يعني من العام الذي أريد به الخصوص، الناس الذين يصلون في هذا المسجد لا جميع الناس، والعام قد يرد ويراد به العموم، وقد يرد ويكون من العام الذي أريد به الخصوص، وقد يرد ويكون من العام المخصوص، هناك فرق بين العام المخصوص، والعام الذي يراد به الخصوص، هنا من العام الذي يراد به الخصوص، أصل المتكلم ما قصد الناس كلهم {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [(173) سورة آل عمران] كل الناس جاءوا وقالوا للنبي -عليه الصلاة والسلام-؟! واحد، {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} [(173) سورة آل عمران] هل جميع الناس جمعوا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا عام أريد به الخصوص، وهنا عام أريد به الخصوص، أما إذا أريد العموم من الأصل ثم دخله المخصصات هذا شيء آخر "بينما الناس بقباء" بالمد والقصر، بالتذكير والتأنيث، بالصرف وعدمه "بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذا جاءهم آتٍ" عباد بن بشر "فقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وقد كانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة" القبلة التي كانوا عليها إلى جهة بيت المقدس قطعية وإلا ظنية؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . كانوا عليها، يعني هل هم مترددين في الصلاة إلى بيت المقدس؟ هل يحتمل النقيض صلاتهم إلى بيت المقدس؟ أو أن هذه القبلة التي سمعوا ورأوا النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي إليها؟ إذاً قطعية. طالب:. . . . . . . . .

لا ما أقصد عينها وإلا ما عينها، استقبالهم إلى الجهة إلى بيت المقدس هذا مقطوع به، هم على قبلة مقطوع بها؛ لأنها إما بسماع مباشر من النبي -عليه الصلاة والسلام- أو رؤية، والعلم الذي يحصل بالحواس قطعي، العلم الحاصل بالحواس قطعي بلا شك، انتقلوا عن هذه الجهة القطعية بخبر واحد، فهل خبر الواحد يفيد العلم القطعي أو يفيد الظن؟ لما انتقلوا من قطع إلى خبر واحد، أولاً: المسألة فيما يفيده خبر الواحد مسألة خلافية، والأكثر على أنه يفيد الظن، لماذا؟ لأن الواحد الثقة أو المجموعة من الثقات إذا لم يبلغوا حد القطع الملزم بالقبول الذي لا يحتمل النقيض مهما بلغوا من الحفظ والضبط والإتقان إلا أن الاحتمال يتطرق إلى خبرهم، يعني مالك وهو نجم السنن حفظ عنه بعض الأخطاء، الصحابة حفظ عن بعضهم بعض الأوهام، وما دام هذا الاحتمال قائم، هذا الاحتمال ما دام قائماً الأكثر يرون أن هذا لا يفيد إلا الظن، لا يفيد العلم القطعي، بمعنى أنه لو قال لك: جاء زيد، شخص واحد، أو اثنين أو ثلاثة، قالوا: جاء زيد هل تحلف أن زيداً قد حضر، أو يحتمل أن هذا القائل رأى شخص يظنه زيداً فبان غيره؟ وهم في خبره، الاحتمال قائم، لكن باعتباره ثقة عدل ضابط لا شك أن غلبة الظن متحققة، حتى تصل في بعض الناس إلى نسبة تسعة وتسعون بالمائة، يصل الأمر في خبر بعض الناس إلى أنه يكون في حكم المشاهَد في القطعية، لثقتك به، لكن مهما بلغ من هذه الثقة إلا أنه لم يصل إلى حد مائة بالمائة لا يحتمل النقيض، هذا قول جمهور أهل العلم، وهو مبني على التفريق في معنى العلم والظن والشك والوهم، هذه درجات المعلوم، فإن كان لا يحتمل النقيض بوجه من الوجوه خبره مطابق صادق مائة بالمائة لا يهم ولا يخطئ أبداً، هذا نقول: يفيد العلم، وهل من الرواة أو من المخبرين من هذه صفته؟ لا يهم أبداً، ولا يخطئ أبداً، فيهم من هذه صفته؟ لا يوجد، إذاً لا يوجد هذا إلا في غير المعصوم الذي خبره قطعي ويقيني، من عداه ما دام الاحتمال قائم فبقدر الاحتمال تنزل نسبته من مائة إلى مائة، تنزل النسبة من مائة بالمائة إلى أن يصل ثقتك ببعض الناس إلى أن يصل وضبطه وإتقانه إلى حد تسعة وتسعين بالمائة، وما دام هذا

الاحتمال قائم إذاً خبره لا يفيد العلم القطعي، يفيد غلبة الظن، وينزل بعضهم إلى تسعين إلى ثمانين إلى سبعين، وما زال في دائرة الظن، حسب توافر شروط القبول فيه، هذا القول الذي يقول بأن خبر الواحد لا يفيد في أصله إلا الظن، والقول الآخر وهو قول أهل الظاهر أن حسين الكرابيسي وأهل الظاهر يقولون: إن الخبر يفيد العلم، إيش معنى هذا؟ أن أي شخص يخبرك بخبر يلزمك تصديقه، وهل هذا صحيح؟ هذا ليس بصحيح، يعني يفيد مطلقاً، منهم من يقول: إن أخبار الآحاد لا تفيد العلم مطلقاً، ومنهم من يقول: أخبار الآحاد تفيد العلم مطلقاً، ومنهم من يقول: إن أخبار الآحاد تفيد العلم إذا احتفت بها قرينة، يقول: هذه النسبة التي وجدت، الاحتمال الذي وجد في احتمال النقيض، يعني أنت الآن أخبرك زيد من الناس وهو أصدق الناس عندك، هو أصدق الناس وأحفظهم وأضبطهم، وأخبرك أن زيد قدم، أنت عندك نسبة، ولو واحد بالمائة أنه يخطئ، أترك له مجال يخطئ، ما في أحد ما يترك له مجال يخطئ؛ لأنه ليس بمعصوم، طيب هذا الاحتمال الضعيف إذا وجد قرينة، أنت عندك خبر أن زيد من الناس حجز في الساعة الفلانية وبيجي، نعم احتمال أن الطيارة تفوته، أن حجزه يلغى، احتمالات، لكن هذه قرينة تدلك على أن فلان سوف يحضر في الساعة الفلانية، جاءك أوثق الناس عندك، وقال: رأيت زيد، خلاص انتهى، أفاد العلم مائة بالمائة؛ لأن هذه القرينة التي عندك من قبل صارت في مقابل الاحتمال الضعيف، يقولون: هذه القرينة تجعل خبر الواحد تفيد العلم، وهنا؟ هنا في قرينة تجعل هؤلاء يقبلون خبره، ويقطعون به، وينتقلون بخبره المظنون في الأصل عن قبلة قطعية إلى القبلة الأخرى التي استفادوها من خبره، وإن كان في الأصل لا يفيد إلا الظن، لكن هناك قرائن، منها كون النبي -عليه الصلاة والسلام- كان متشوف إلى تحول القبلة، وموعود بتحويل القبلة، هذه قرينة لقبول خبره، وممن صرح بأن خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرينة ومفهومه أنه لا يفيد العلم إذا لم تحتف به قرينة، ممن صرح بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن رجب وجمع غفير من أهل العلم، وابن رجب في شرح هذا الحديث قرر أن خبر الواحد لا يفيد العلم إلا بالقرينة، وهنا احتفت

به القرينة، كون هذا الرجل يأتي إلى جماعة من الناس رافعاً صوته؛ لأن الشخص الذي يريد أن يكذب أو يلبس ما يشهر كلامه، ويرفع صوته بين الناس، لكن مثل هذا الذي جاء رافعاً صوته: أيها المسلمون أيها الناس ألا أن القبلة قد حولت، ويقبلون خبره، لا شك أن هذه قرينة تدل على صدقه، إضافة إلى أن الأصل في الصحابة الضبط والإتقان والصدق، هؤلاء انتقلوا من قبلة مقطوع بها إلى قبلة احتفت القرينة بخبر المخبر حتى صار خبره مقطوعاً به، فانتقلوا من مقطوع إلى مقطوع، هذا بالنسبة لهم، الأمر الثاني: أن ما صلوه قبل بلوغهم الناسخ صحيح وإلا ليس بصحيح؟ صحيح بدليل أنهم لم يستأنفوا الصلاة، كملوا، نصف الصلاة إلى جهة بيت المقدس، والنصف الثاني إلى الكعبة، فمن عمل بخبر عن الله أو عن رسوله عمل به قبل بلوغه ما ينسخه، أو قبل بلوغه ما يخصه، أو قبل بلوغه ما يقيده فعمله صحيح، لكن لا بد أن يكون من أهل العلم، ما يجي واحد بلغه خبر منسوخ والناسخ مستفيض ومعروف بين العلماء وطلاب العلم وكتب العلم منتشر ومستفيض ويعمل بالمنسوخ، لا، لا بد أن يكون من أهل النظر، أما من لم يكن من أهل النظر ليس له أن يعمل حتى يسأل أهل العلم، يبقى أن مثل هذا العمل بالناسخ أو بالمنسوخ قبل بلوغ الناسخ، العمل بالعام قبل وجود المخصص، والمطلق قبل وجود المقيد، هذا قول جماهير أهل العلم، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، هذا الذي بلغهم، هؤلاء صح أول صلاتهم عملاً بالمنسوخ؛ لأنه لم يبلغهم الناسخ {لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [(19) سورة الأنعام] أما من لم يبلغه الخبر فلا يلزمه العمل به.

"قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة" كما هم، يعني صار الإمام متقدم والصف الأول هو الصف الأول، والصف الثاني هو الصف الثاني إلا أن الجهة تغيرت، ومثل هذا العمل لمصلحة الصلاة لا يبطلها ولا يفسدها، وعلم النبي -عليه الصلاة والسلام- بما حصل، وأقرهم على ذلك، طيب هذا خارج الصلاة، ووجههم وتوجهوا، لو أن إنساناً يصلي فأخطأ، شخص جالس وواحد ثاني يصلي جنبه، فجلس هذا الذي يصلي من ركعة، وقال له الجالس: قم يا أخي أنت ما صليت إلا ركعة، يقبل الخبر وإلا ما يقبل؟ أو أخطأ في القراءة ففتح عليه، هذا خارج الصلاة، يقبل خبره؛ لأن هؤلاء قبلوا خبر من ليس معهم في الصلاة، خارج الصلاة، فدل على أن من يخبر المصلي ولو كان خارج الصلاة يقبل خبره، وإن قال بعضهم: إنه لا يقبل الفتح عليه إلا ممن هو معه في الصلاة؛ لأن الذي معه في الصلاة يريد أن يحافظ على صلاة هذا المصلي؛ لأن صلاة هذا المصلي لها أثر في صلاته هو، أما من كان خارج الصلاة قد يفتح عليه وهو غير متأكد؛ لأن صلاته ما تهم، ولا يهمه أنه يزيد ركعة أو ينقص ركعة، فبعضهم يقول: إنه لا يقبل خبره إلا إذا كان معه في صلاته، لكن إذا كان ثقة غير متلاعب ويعرف أنه يقصد مصلحة الصلاة، وحصل عنده تعارض في نفسه، أما إذا كان متيقن من فعله، نعم لا ينتفي القول هذا، إذا شك أورث عنده شك فإنه يعتمد خبره، نعم. عفا الله عنك. وعن أنس بن سيرين -رضي الله عنه- قال: استقبلنا أنساً حين قدم من الشام فلقيناه بعين التمر، ورأيته يصلي على حمار ووجه من ذا الجانب، يعني عن يسار القبلة، فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة، فقال: لولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله لم أفعله.

هذا حديث عن أنس بن سيرين، وهو أخ للإمام التابعي الجليل محمد بن سيرين، وأولاد سيرين من الذكور والإناث كلهم ثقات، وهم من سبي عين التمر، يقول: "عن أنس بن سيرين قال: استقبلنا أنساً" يعني ابن مالك "حين قدم من الشام" وفي بعض الروايات: قدم الشام، قدم من الشام خرجوا من البصرة لاستقباله فهو قادم من الشام، في بعض الروايات وهي في الصحيح: قدم الشام، ومن لا بد من اعتبارها؛ لأنه أنشأ السفر من الشام، ومن ابتداء الغاية، وإذا قيل: قدم الشام، يعني قدم الشام، هذا ظاهر اللفظ، لكن يجيزون حذف الحرف إذا لم يحصل لبس {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} [(155) سورة الأعراف] يعني من قومه، إذا لم يحصل لبس جاز الحذف، فلقيناه بعين التمر، فرأيته، عين التمر موضع حصلت فيه واقعة أسر فيها أولاد سيرين وغيرهم، المقصود أنه لو لم يكن من بركتها إلا محمد بن سيرين -رحمه الله تعالى-. "فرأيته يصلي على حمار ووجه من ذا الجانب" تعني عن يسار القبلة، يصلي على حمار، الحمار جاء في لحمه أنه رجس، وجاء في روثه: أنه رجس، فهل هذا يدل على نجاسته؟ وجاء تحريم لحمه بعد أن كان حلالاً، بعد أن كان طيباً مباحاً، يحل لهم الطيبات، لكنه صار بعد ذلك محرماً، وانتقل من كونه طيباً مباحاً إلى كونه خبيثاً محرماً، فهل مقتضى هذا أن يكون نجساً؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- ركب الحمار، وأنس -رضي الله عنه وأرضاه- صلى على الحمار، ويستدل بهذا أهل العلم على طهارة بدن الحمار، ولا سيما إذا كان الوقت حار، أو أجهد الحمار وأثقل بالأحمال سوف يخرج منه العرق، ويستدلون بهذا أيضاً على طهارة عرقه، وكثرة معالجته ومعاشرته تدل على طهارته، إذ لم يرد نص يدل على التوقي منه.

"ووجه من ذا الجانب" يعني من غير القبلة على يسار القبلة "فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة" يعني كان انحراف يسير، الانحراف يسير عن جهة القبلة، الأمر سهل، المسألة فيها سعة، وقد جاء في الحديث المخرج في السنن ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) لكن يقول: "رأيتك تصلي لغير القبلة" فدل على أنه ينحرف إلى جهة اليسار إلى الحد الذي هو غير مرضي، يعني إلى حد بحيث يبطل الصلاة لو كانت صلاة استقرار، "رأيتك تصلي لغير القبلة، فقال: لولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله ما فعلته" النبي -صلى الله عليه وسلم- تنفل على الدابة، لكنه لا يصلي على الفريضة، وأنس تنفل على الحمار، وصلى على الحمار، وهو محمول على أنها نافلة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على الدابة المكتوبة، السائل يقول: رأيتك تصلي لغير القبلة، يعني السؤال فيه شيء من الرفق، لو شخص رأى شخص يصلي إلى جهة، وحصل مراراً، يدخل شخص يحضر الدرس يشوف الطلاب أحياناً، بعض الناس يصاب بشيء من رهبة الجموع أو الكثرة أو كذا، ثم يصلي إلى غير القبلة، إيش المناسب في توجيهه؟ هذا حصل مرتين، يصلي إلى جهة الشرق، يدخل يشوف الطلاب والشرح والدنيا يصلي إلى جهة الشرق، هل من المناسب أن يزبر ويزجر أو يعرض عليه الأمر، أنت صليت أتجه قليلاً يا أخي، القبلة إلى جهة اليمين إلى جهة الشمال، الجهة خلفك، وش المانع؟ فيوجه برفق ولين، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن رآه دخل مع الباب وجلس، فقال له: ((هل صليت ركعتين؟ )) ما قال له: قم وصل ركعتين، فالتلطف بالسؤال مطلوب، فأجاب -رضي الله عنه وأرضاه-: "لولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله ما فعلته" لماذا؟ لأن العبادات توقيفة، فليس للإنسان أن يجتهد في العبادات، فالعبادات لا يدخلها القياس، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول: ما حكم من جمع التكبيرتين في الأذان ولكن بمد زائد؟

الجمع بين التكبيرتين ذكرنا في الأمس أنه قول لجمع من أهل العلم، وله ما يسنده وما يدل عليه، وهذا بيناه، ووضحناه بالأمس، الله أكبر الله أكبر، وأما المد الزائد الذي يولد من الحركات حروف، فهذا قد يبطل الأذان لا سيما في لفظ أكبر، فإذا مدت الباء انقلب المعنى، والأكبار هو الطبل. هذا يقول: من فاتته الفريضة ثم صلى سبع وعشرين مرة. إعادة الفريضة بنيتها بدعة، الصلاة الصحيحة المجزئة المسقطة للطلب إعادتها بنية الفريضة بدعة، فلا يشرع أن يعيدها سبع وعشرين مرة، لكن أثر عن بعض السلف أن منهم واحد لا يعرف غيره من صلى سبع وعشرين مرة، عله أراد بذلك كثرة التنفل لينجبر ما فاته بفوات الجماعة. يقول: ما هو العلم الذي يتعين على كل مسلم ومسلمة تعلمه؟ الذي يلزم تعلمه، والذي يجب على كل مسلم ومسلمة ما يصحح العبادات الواجبة، بحيث يؤدي ما أمر به على سبيل الوجوب على مراد الله -جل وعلا-، يلزمه أن يتعلمه، يتعلم ما يحتاج إليه من الصلاة، من الزكاة إن كان عنده مال من الصيام؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. يقول: أنا شاب حلفت أني ما أفعل شيئاً معيناً في فترة محدودة، لكن نسيت مرة وفعلتها فهل علي شيء؟ إذا حلف أن لا يفعل ما فعل فعليه كفارة يمين. يقول: تحدثتم عن طلب العلم في الصغر وأنه هو الأفضل، ولكن إذا كان الشخص كبيراً ولديه أسرة وعمل، ولكنه يرغب بطلب العلم فما تنصحونه كيف يبتدئ؟ يبتدئ على الجادة، وإن كان كبيراً إلا أنه بحكم المبتدئ، يبدأ بكتب المبتدئين، ومن سار على الدرب وصل، وجد في ترجمة بعض الحفاظ الكبار من لم يطلب العلم إلا وهو كبير، ومن أبرز الأمثلة ما يذكر في سيرة صالح بن كيسان وهو من كبار الآخذين عن الزهري، وهو من الثقات الحفاظ، أقل ما قيل في سنه وقت الطلب: خمسين، وقيل: تسعين. يقول: ما حكم نزع الشعر بالليزر، فإذا كان في الظهر مثلاً؟ إذا كان الليزر لا يضر، والشعر مما يجوز أخذه أو يستحب فلا بأس. ألا يقال: إذا كانت تحية المسجد مجرد سنة فلماذا يحرج الإنسان نفسه بأداء ما فيه شبهة، أنه منهي عنه في وقت النهي؟

باب: الصفوف

بالمقابل الذين قالوا وهم جماهير أهل العلم أن تحية المسجد سنة، أيضاً قالوا: إن النهي للكراهة، فالمسألة مقابلة بين سنة وكراهة، وسبقت المسألة بذيولها. يقول: إذا رضع الطفل الرضاع المحرم من أكثر من امرأة هل تتعدد أمهاته من الرضاعة أم الحق للأولى؟ تتعدد بتعددهن. يقول: ذكرتم في درس الأمس الإقامة وأنها تشفع، يعني لفظ الإقامة، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، وأنه خرجت بالرواية، وأن يوتر الإقامة، هذا هو الأصل، إلا الإقامة فإنها خرجت بالرواية، وذكرتم التكبير وكيفية إخراجه لكني لم أفهم. التكبير إذا قلنا: إنه يقرن بين التكبيرتين في الأذان فيقال: الله أكبر الله أكبر، ثم يقال: الله أكبر الله أكبر فيكونان بمثابة جملتين فقط، وإذا قرنا بينهما في الإقامة كانتا بمثابة جملة واحدة وهذا مما يرجح به قرن التكبير. يقول: مسألة من دخل في أوقات النهي والخلاف فيها، لكن يقول: هل ترجح المسألة -ركيك السؤال- يقول: سنة أو واجبة؟ فعلى من يقول: بالسنية لا يصلي، أما إذا كانت واجبة فيصلي ... القرائن والصوارف من الوجوب إلى السنية كثيرة جداً. الأسئلة كثيرة جداً، والوقت ضيق على الكتابين، فلعلنا نقتصر على هذا. نعم. بارك الله فيك. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: الصفوف عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)). وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)) ولمسلم: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أن قد عقلنا عنه، ثم خرج يوماً فقام حتى كاد أن يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره فقال: ((عباد الله لتسوون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الصفوف

والصفوف جمع صف، يقول: "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((سووا صفوفكم)) " وهذا أمر بالتسوية، والمراد بالتسوية التعديل، تعديل الصفوف عن الاعوجاج، ومن التسوية التراص في هذه الصفوف، بحيث لا يوجد فيها فرج تكون موضعاً للشيطان، فالتسوية تكون بتعديل الصفوف، وكثير من المسلمين هداهم الله لا يهتمون بهذا الأمر، والأمر فيه شديد، كما سيأتي في حديث لاحق ((لتسوون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم)) فالأمر هنا للوجوب، والعلة في ذلك ((فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة)) قد يقول قائل: إن العلة تدل على الاستحباب وقد قيل بذلك، من تمامها، يعني من كمالها، فالتسوية أمر بالنسبة للصلاة كمالي؛ لأنه لا يعود إلى ذاتها ولا إلى شرطها فيكون كمالياً، لكن النص صريح في الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وتمام الشيء بجميع أجزائه، إنما يكون تمام الشيء بفعل جميع أجزائه، من تمام الصلاة قراءة الفاتحة، من تمام الصلاة أن الشيء لا يتم ولا يكمل إلا بصورته المجتمعة، بما في ذلك الأركان والواجبات والسنن، هذا تمامه، تمامه يكون بجميع أجزائه، وأما قول من يقول: إن التمام لا يدل على الوجوب لأن التمام قدر زائد على أصل الشيء فليس الأمر كذلك، السلام من تمام الصلاة، ولا تتم الصلاة إلا بقراءة، ولا تتم الصلاة إلا بركوع، ولا تتم إلا بسجود، وتشهد وسلام وغير ذلك، فلا تتم الصلاة إلا باجتماع أركانها، وتوافر شروطها وأركانها وواجباتها وسننها أيضاً، فالصلاة إنما تتم بهيئتها المجتمعة على الصورة التي رئي النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليها ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وعرفنا أن من التمام ما هو ركن، ومن التمام ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، فلا يتعين أن يكون قوله في الحديث: ((فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة)) هل الصلاة التي لا يقرأ فيها صلاة تامة؟ ليست بتامة، ناقصة؛ لأن التمام في مقابل النقصان، فالشيء الناقص قد يكون نقصه نقصاً مخلاً، كترك الأركان والواجبات إذا كانت عن عمد، وقد لا يكون مخلاً في المستحبات، فلا يتعين أن يكون التمام في المستحبات، كما يقول من يصرف الوجوب إلى الندب بالعلة؛ لأن العلة تصرف عند أهل

العلم العلة تصرف لكن متى تصرف؟ إذا تمحضت للندب، أما هنا ليست خالصة للندب، فالتمام يقابله النقص، فإذا نقص من صلاته واجباً، أخل بصلاته لا سيما إذا كان عن عمد، أما إذا كان عن سهو فيجبر بالسجود على ما سيأتي، ويؤيد القول بالوجوب حديث النعمان بن بشير الذي يليه: -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لتسوون صفوفكم)) اللام لام الأمر، والأمر الأصل فيه الوجوب، وهذا أمر مؤكد، اللام هذه موطئة لقسم محذوف، واللام تكون هذه حينئذٍ للتأكيد، كأنه قال: والله لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم، ومخالفة الوجوه تكون بإعراض بعضهم عن بعض، وذلك تابع لمخالفة القلوب، فإذا انصرف بعض المسلمين عن بعض بالوجوه، هذا ناشئ وناتج عن تنافر القلوب، الذي من آثاره التقاطع والتدابر، وكل هذه الأمور محرمة، وما أدى إلى المحرم فهو محرم، فعدم تسوية الصفوف يؤدي إلى هذا المحرم فهي محرمة، وهذا وعيد شديد، لا يظن الإنسان أن هذا أمر سهل، أن يتقاطع المسلمون ويتهاجروا، هذا من عظائم الأمور، والله لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، وجاء النهي عن التقاطع والتدابر والتهاجر، وهذا من أسبابه، ونلاحظ في المساجد الآن قد يكون في هذا المسجد، تكون بعض السواري سبب في تقدم بعض الناس أو تأخرهم عن الصف، والناس في الغالب يتبعون الفرش، فإذا مالت الفرشة يميناً أو شمالاً انحرفوا عن الصف، فعلى الإنسان أن يعنى بهذا عناية تامة؛ لئلا يقع في الوعيد الشديد المذكور في الحديث، وعلى الإمام أن يتعاهد الجماعة، ويسويهم كما يسوي النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه كالقداح، على كل حال هذا الأمر في غاية الأهمية، يرد ها هنا مسألة وهي وضع الخطوط في الفرش من أجل تسوية الصفوف، لا شك أن هذا أمر حادث لم يوجد في عهده -عليه الصلاة والسلام-، ولا في عهد سلف هذه الأمة، والقاعدة أن ما وجد سببه في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وأمكن فعله ولم يفعله يكون بدعة، وهل يمكن إيجاد مثل هذه الخطوط في عهده -عليه الصلاة والسلام-؟ وهل الحاجة الداعية لإيجاد هذه الخطوط في عهده -عليه الصلاة والسلام- مثل الحاجة الداعية إليه في عهدنا؟ أولاً: الحاجة تختلف، من

الحاجة الشيء اليسير الخفيف الذي لا يقتضي إحداث، فإذا كان الصف قصير في حدود عشرة رجال يمكن تسويتهم بالراحة؛ لأن هؤلاء ما يحتاجون إلى خطوط، لكن إذا كان الصف يستوعب مائة، وكلكم أدركتم في مصلى العيد قبل وضع الفرش كيف يصلي الناس؟ كأنهم حول الكعبة، دوائر، نحن أدركنا هذا، وتسوية الصفوف واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، إذا كثرت الجموع كيف يسويها الإمام؟ نعم عليه أن يهتم بذلك، ويعنى بذلك، وينبه الجماعة، لكن كثير من الناس يحتاج إلى تنبيه أكثر من البعض، فهذه الخطوط السبب قائم في عهده -عليه الصلاة والسلام-، والحاجة موجودة، لكن ليست في قوة الحاجة الداعية إلى الآن، أولاً لاهتمام النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصفوف، والأمر الثاني اهتمام الصحابة وامتثالهم أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقصر الصفوف، كل هذا يخفف من الحاجة في عهده -عليه الصلاة والسلام-، أما في عصرنا فالناس قل الاهتمام عندهم، فإذا وجد من المأمومين من يعاند الإمام، ويتلفظ ببعض الألفاظ إذا طلب منه التسوية فلا شك أن الانصراف والتساهل موجود، فيحتاج الناس إلى ما يعنيهم، وهذا يخفف في حكم هذه الخطوط، فلا يحكم ببدعيتها؛ لأن الحاجة داعية؛ الحاجة ماسة إلى ذلك، كما أن الحاجة داعية إلى وجود ما يكبر الصوت، الناس إذا كثرت الجموع ما يسمعون شيئاً، بل قد تتعرض صلاة بعضهم للبطلان، لا يسمعون تكبير، ولا يسمعون رفع ولا سجود ولا خفض، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك إلى أمر أصله مباح فلا مانع من ذلك -إن شاء الله تعالى- وعلى ضوء مثل هذا الكلام جاءت الفتوى بإيجاد مثل هذه الخطوط، والعمل بها، والخط أيضاً الموجود أمام الحجر الأسود من أجل بداية الطواف ونهايته، الحاجة داعية إلى ذلك، لكن تحقيق هدا الخط في المطاف للمصلحة ظاهر، لكن ترتب عليه مفاسد، وجد زحام شديد، ووجد من يصلي على هذا الخط، فوجد فيه مصلحة ومفسدة، والحكم حسب ما يترجح من هذين، ووجد بناء على فتوى بأن المصلحة ظاهرة، كثير من الناس لا يدري من أين يبدأ الطواف؟ ويسأل سائل يقول: إنه بدأ الطواف من رجل إسماعيل، وين رجل إسماعيل؟ نعم، المقام، بدأ الطواف من رجل ... ، مثل هذا يحتاج إلى ما يعينه على

تصحيح عبادته، لكن إذا ترتب على ذلك مفسدة أكبر من هذه المصلحة، فالأصل العدم، ولذا احتمال يعاد فيه النظر، على كل حال مثل هذه الخطوط أمرها -إن شاء الله تعالى- يسير، والمصلحة ظاهرة وراجحة ولا مانع منها، لكن يبقى مسألة زخرفة الفرش وغيره والتصفير والتحمير هذا أمر مكروه جداً، فينبغي العناية به، وأيضاً ما يتعلق بالمساجد من زخرفة مما يلهي ويشغل المصلين أيضاً هذه مسألة تحتاج إلى مزيد عناية، ونرى الأمر يزداد، ومع الأسف أن الذي يشرف على بناء هذه المساجد من طلاب العلم، لكن إذا انتهى المسجد وإذا فيه ما يشغل المصلين، فالكلام النظري ما يكفي، لا بد من التطبيق العملي. " ((لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)) ولمسلم: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح" يسويها يهتم بها ويعدلها تعديلاً تاماً، بحيث يتحاذى المصلون بالمناكب والأقدام، كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يلزق كعبه بكعب جاره، وهذه مسألة أيضاً فرط الناس فيها، ووجد فيها إفراط ووجد فيها تفريط، لكن الكثير التفريط، تجد بين المصلي وجاره شبر من هنا ومن هنا، وإذا أراد أن يتكايس ليطبق سنة وسع ما بين رجليه، علشان إيش؟ يحاذي ما بين الأقدام، لكن أين المحاذاة بالمناكب؟ مقتضى المحاذاة بالمناكب والأقدام أن لا يشغل المصلي أكثر من حجمه، يعني لا يحل الإشكال أنك تمد رجليك، ما يصلح هذا، الخلل موجود في الصف ولو مديت رجليك؛ لأن المطلوب المحاذاة بالبدن كله من المنكب إلى القدم.

"كأنما يساوي بها القداح" واحدها قدح، وهو السهم قبل أن يراش وينصل، يعني قل: مثل المسطرة، القدح مثل المسطرة، وتجد بعض الناس إذا صف رجل إلى جهة الشمال ورجل إلى جهة الجنوب، وتعجب كيف تطاوعه رجله يسوي كذا؟ أبداً، الأصل أن الأصابع إلى جهة القبلة؛ لتكون مثل المسطرة، والصفوف كذلك تكون بالمساواة، لكن قد يقول قائل: إن هذا رجله قصيرة، وهذا رجله طويلة، وهذا ساقه طويلة بتقدم ويتأخر، هذه أمور لا تملك، لكن يحرص الإنسان بقدر ما يستطيع من تطبيق ما يملكه فعليه أن يسوي الصف بالمحاذاة بين المناكب والأقدام، ولا يتقدم ولا يتأخر، قد يكون هذا نحيف وهذا بدين، هذا متقدم إلى الأمام، وهذا متقدم إلى الخلف لأنه بدين، هذا ما هو بيده الأمر، الأمر ليس بيده، لكن عليه أن يسعى في تطبيق ما يملك، حتى رأى أن قد عقلنا عنه، قال: ما نحتاج إلى تنبيه آخر، تصور النبي -عليه الصلاة والسلام- أننا لا نحتاج إلى تنبيه آخر من كثرة ما يسوي هذه الصفوف.

"ثم خرج يوماً وقام حتى كاد أن يكبر" أراد أن يشرع في الصلاة يكبر "فرأى رجلاً بادياً صدره" ناتئاً صدره، قد يقول قائل: أنا أحاذي بالمناكب والأقدام ويطلع بطنه، هذا إيش يسوي ذا؟ هذا ما فيه حيلة، يفعل ما أمر به والزائد ما عليه منه "بادياً صدره" صدره إعرابها؟ فاعل لإيش؟ فاعل لاسم الفاعل؛ لأن اسم الفاعل يعمل عمل فعله "فقال: ((عباد الله)) " الأصل يا عباد الله منادى ((لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)) كما جاء في الحديث في الرواية السابقة، الرواية الأولى متفق عليها، والثانية لمسلم، من أفراد مسلم ((لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)) هذا من المتفق عليه؛ لأنه موافق للرواية الأولى، على كل حال تسوية الصفوف واجبة، ويأثم من يكون سبباً في اختلال الصف، ووصل الصفوف واجب، من وصل صفاً وصله الله، لكن بالمقابل قطعه لا يجوز، من قطع الصف قطعه الله لغير حاجة، لكن قد تدعوه الحاجة إلى أن يقطع الصف؛ لأنه لا يتمكن من أداء صلاته على الوجه المطلوب إلا بقطعها، يعني هذا المكان ضيق جداً بحيث لا يتمكن من الخشوع في الصلاة، أو غير مستوي، رجل مرتفعة، ورجل طامنة، مثل هذا ما يستطيع أن يؤدي الصلاة على الوجه المطلوب، فمثل هذا يعفى عنه، نعم. عفا الله عنك. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن جدته مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: ((قوموا فلأصلي لكم)) قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم أنصرف -صلى الله عليه وسلم-. ولمسلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى به وبأمه فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا، اليتيم قيل: هو ضميرة جد حسين بن عبد الله بن ضميرة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن جدته" جدة من؟ جدة أنس وإلا جدة إسحاق؟ إذاً ما الداعي إلى ذكر إسحاق؟ الأصل أن يقتصر على الصحابي، هذه الجادة عند أصحاب المختصرات كالمؤلف، إذا ذكر الراوي عن الصحابي فللحاجة إليه، هاه؟ نعم؟

القولان معروفان عند أهل العلم، لكن ما ذكر المؤلف التابعي إلا لأن له علاقة في الحديث، وأن الضمير يعود إليه، ولا شك أن مليكة هي زوجة أبي طلحة، فهي جدة لإسحاق، مليكة هذه أم أنس بن مالك اسمها إيش؟ نعم أم سليم، فهل اسمها مليكة؟ لا، على كل حال الخلاف موجود والشراح أطالوا في هذا، والمؤلف ما ذكر التابعي إلا ليرجح أنه هو المقصود، وأن الضمير يعود إليه.

"أن جدته مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" نأتي إلى السند المؤنن هنا، إذا قلنا: إن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة يروي القصة عن أنس كما هو مقتضى (عن) أن جدته مليكة فهل نقول: إن إسحاق يروي قصة لم يشهدها أو يروي قصة عمن شهدها، وإذا قلنا: إن جدته، وإذا قلنا: إنه يروي القصة عمن شهدها فتكون الجدة جدة أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن جدته، انتبهوا يا الإخوان إلى صيغ الأداة، الآن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، كما قلنا في حديث محمد بن حنفية عن عمار أو أن عماراً مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، في التفريق بين السند المعنعن والمؤنن، الآن هذه قصة مليكة دعت النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى طعام، فمن الذي يروي هذه القصة؟ هل الذي يرويها أنس وإسحاق يرويها عن أنس كما هو مقتضى (عن)؟ فيروي القصة عمن شهدها، فيكون الكلام كالصريح بأن الجدة جدة أنس، إذا كان يروي القصة عن أنس وهذا ما تقتضيه (عن) الصيغة الصريحة، أيضاً ما كل ما جاء بلفظ (عن) يدل على الرواية، ننتبه لهذا، قد يأتي الراوي بـ (عن) ولا يقصد بها الرواية، مثال ذلك؟ ما جاء عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، هذه رواية عنه أو عن قصته؟ نعم؟ نعم عن قصته وليس طريقها الرواية هذه أبداً؛ لأنه قتل كيف يروي؟ فهل نقول: بأن المراد بـ (عن) هذه الرواية أنه يروي هذه القصة عن أنس، وأن جدة أنس مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذٍ يستقيم السياق؟ وإذا قلنا على القول الثاني وهو الذي يرجحه المؤلف بإيراده ذكر التابعي أن الجدة جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، إلا أن يكون الضمير التفت فيه من التكلم إلى الغيبة، فيكون أن جدتي مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا نطيل في هذا لأن الشراح كلهم ما توصلوا إلى نتيجة بينة، والخلاف قائم؛ لأن عود الضمير في جدته يحتمل، وهي جدة لإسحاق مؤكد، لكن هل هي جدة لأنس بن مالك هذا الكلام.

"دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى طعام فأكل منه، ثم صلى" أكل -عليه الصلاة والسلام- ثم صلى، عتبان بن مالك دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- فصلى ثم أكل، فلماذا قدم الأكل هنا وقدم الصلاة هناك؟ طالب:. . . . . . . . . طيب وهنا؟ الدعوة للطعام، وهناك الدعوة للصلاة، الدعوة للطعام فقدم الطعام، وهناك الدعوة للصلاة فقدمت الصلاة. "دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعته له فأكل منه، ثم قال: ((قوموا كي أصلي لكم)) قال أنس: "فقمت إلى حصير لنا" الحصير فعيل بمعنى مفعول يعني محصور، أو بمعنى فاعل يعني حاصر، إيش؟ حصير الحصير أكثركم يعرف الحصير لأنه أدرك الحصير، من خوص النخل نعم، هذا هو، لكن هل اشتقاق الفعيل هذه من اسم الفاعل {حِجَابًا مَّسْتُورًا} [(45) سورة الإسراء] يعني ساتراً؟ وجاء في وصف جهنم، ماذا قال في سورة الإسراء؟ {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [(8) سورة الإسراء] حصيراً يعني حاصرة لهم، اسم فاعل، وهل الحصير يحصير من يجلس عليه أو هو محصور محدد الطول والعرض؟ على كل حال هو يحتمل هذا وهذا، والأمر سهل. "فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس" الحصير، الصلاة على الحصير، هنا صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فصلى على الحصير، وترجم البخاري -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في الصلاة على الحصير، وكره بعضهم الصلاة على الحصير، لماذا؟ للآية؛ لأن فيه مشابهة لجهنم ولو في الاسم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على الحصير، يقول: "فقمت إلى حصير لنا قد أسود" نعم من طول الاستعمال، من كثرة الاستعمال يسود، يجتمع عليه غبار وأوساخ، مثل الفرش الآن، هذا بقايا طعام، وهذا شاي ينكب، وهذا لبن، وهذا كذا، ومع الزمن يسود "قد أسود من طول ما لبس" الأصل من طول ما جلس عليه، الحصير يجلس عليه، ولبس كل شيء بحسبه، فلبس الحصير بالجلوس عليه، ولبس القلم بالكتابة فيه، لبس الكتاب بالمطالعة فيه، فلبس كل شيء بحسبه.

"من طول ما لبس، فنضحته بماء" النضح دون الغسل، لكن هل النضح مجرد الرش على البساط، أو على الحصير أو على الفرش المتسخ يجدي ويغني، أو إن كان هناك شيء يابس يرطبه؟ اليابس أسهل من الرطب؛ لأن اليابس لا ينتقل، فيطلق النضح ويراد به الغسل، فلعله غسله حتى زال ما به من وسخ, وإلا مجرد النضح يثير هذه الأوساخ "فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يقدم هذا الحصير الخلق المستعمل المسود من كثرة الاستعمال لأشرف الخلق؟! من قرأ ما جاء في عيش النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف حقارة هذه الدنيا، وحقيقة هذه الدنيا، وساد النبي -عليه الصلاة والسلام- من أدم، حشوها ليف، وينام على حصير يؤثر في جنبه -عليه الصلاة والسلام-، وعنده ملاءة تصفط صفطتين، يضرب بعضها على بعض وينام عليها لتلين، لكن لما جعلت أربع رضي وإلا رفض -عليه الصلاة والسلام-؟ لأنها تلين أكثر، فإذا لانت، فإذا لان الفراش ثقل الإنسان عن الطاعة، فكيف لو رأى الآن فرش الناس أطول من قامة؟! والنبي -عليه الصلاة والسلام- لو أراد أن تبسط له الدنيا، لو أراد أن تحول له الجبال ذهب حولت، لكنه رفضها؛ لأنها لا تزن عند الله جناح بعوضة، كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل، أو كمن استظل بظل شجرة، هذا بيتخذ هذه الأمور المريحة، لا، ليدخر له أجره، ويوفر له حظه ونعيمه في الآخرة، وحج النبي -عليه الصلاة والسلام- على رحل، وحج أنس بن مالك على رحل ولم يكن شحيحاً، إنما إظهار للعبودية والحاجة على وجهها، والآن إذا اعتمر الإنسان يبحث عن فندق خمس نجوم، ما يليق به، لو ما وجد إلا أربع نجوم رجع، ويبحث عن أغلى الحملات، تذكر أرقام خيالية في الحملات من أقرب الأماكن إلى مكة، أرقام شيء ما يخطر على بال، ينفق الشخص الواحد في هذه الحملة ما تنفقه عشر أسر لمدة سنة، بدون مبالغة هذا موجود، لكن لو يذكر الرقم كان قال: مبالغ فيه، لماذا؟ علشان إيش؟ لمدة أربعة أيام، وحج أنس -رضي الله عنه- على رحل ولم يكن شحيحاً، هذا الذي يذهب إلى أقدس البقاع ليؤدي هذه العمرة، ويتقرب إلى الله -جل وعلا- في أفضل الأماكن، ويبحث عن خمس نجوم، هذا كيف يجتمع قلبه أثناء عبادته في هذا المكان؟! ...

كتاب الصلاة (5)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (5) الشيخ: عبد الكريم الخضير هذا كيف يجتمع قلبه أثناء عبادته في هذا المكان، هذا الملحظ يخفى على كثير ممن فتح الله عليه، وبسط عليه الدنيا، ومع الأسف أن بعض الناس يقترض ويبحث عن هذه الأمور، فننتبه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أشرف الخلق يفرش له حصير أسود، ويجيب دعوة عجوز، وهذا لا يزيد المرء إلا عزاً في الدنيا والآخرة، بعض الناس يتعاظم ويرفع أنفه كأنه خلاص الناس تنظر إليه على أنه لا نظير له في الدنيا، لا أبداً، تنظر إليه كالنمل، الإنسان لا يستطيع أن يرفع نفسه ألبتة إلا بالتواضع

"فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" سيد الخلق، سيد ولد الآم، تُرى الأهلة الثلاثة، ولا يوقد في بيته نار، هل الرب -جل وعلا- لما كرمه وعظمه وشرفه يريد أن يهينه بهذا؟ لا والله، يريد أن يكرمه بهذا، الآن لو يقدم الطعام ينقصه بعض الأشياء، بعض الكماليات، لو ما في سلطة مثلاً، تجد الإنسان يغضب ويزمجر، ويقول .. ، يرمي أهله بأبشع الأوصاف لأتفه الأسباب، وتجد الإنسان لا سيما إذا تعود إكرام الناس له، إذا رأى أن شخصاً قصُر عمن قبله ولو يسيراً حمل في نفسه عليه، النفس لا نهاية لها، إلا إذا زمت بزمام الشرع، وخطمت به، وقد يجلس الإنسان على المائدة، وفيها من أنواع الأطعمة التي جلبت من جميع القارات، هذا شيء حاصل، فأين الشكر المقابل لهذه النعم؟ نعم مائدة واحدة عليها من القارات الست كلها، شيء ما يخطر على البال، يعني توافر نعم ما حصل، ومع ذلك لا نجد إلا من منّ الله -جل وعلا- عليه بالشكر، والنعم -كما هو معلوم- إذا شكرت زادت، {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [(7) سورة إبراهيم] لكن بالمقابل {وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [(7) سورة إبراهيم] وكفر النعم شأنه عظيم، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [(28) سورة إبراهيم] نعم تسلط الأعداء هذا سببه، عدم شكر النعم، وشكر النعم بتحقيق العبودية لله -جل وعلا-، وتحقيق التوحيد وتخليصه وتنقيته، والبعد عن جميع مظاهر الشرك، ومشابهة المشركين {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(55) سورة النور].

على كل حال هذه حاله -عليه الصلاة والسلام-، ومن قرأ في سيرته وشمائله أدرك شيئاً من هذا، فجدير بطالب العلم أن يعنى بسيرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقراءة شمائله، ودلائل نبوته، وجميع ما يتعلق به؛ لأن هذا هو التطبيق العملي للشرع، حياته -عليه الصلاة والسلام- وعيشه ومعاملته للقريب والبعيد، كما هنا، الآن من أوضح الأمثلة، تعاون مع عجوز، دعته عجوز فيجيب الدعوة، لكن هل من هذا أن يوجد امرأة مثلاً تدعو رجلاً على وليمة في فندق، هذه واقعة، تدعو رجل من بلد آخر، تقول: إنه زميل لها في الدارسة في الخارج، والرسول دعته هذه المرأة وأجاب، هل بمثل هذا النص يستدل على مثل هذه التصرفات؟! هل الفتنة مأمونة؟ هل هذه عجوز جدة صحابي هل هذا مثل هذا؟ أبداً، نقول: نعم مسألة واقعة، ويأصلون بمثل هذا الكلام بعض التصرفات الشنيعة، لكن أين هذا من هذا؟ فلا بد من أمن الفتنة، وأن لا يفتح باب في مثل هذه الظروف التي نعيشها مع الهجمة الشرسة على الإسلام، ومبادئ الإسلام، والمسلمين والمسلمات على وجه الخصوص. "فقام -عليه الصلاة والسلام- وصففت أنا واليتيم" و (أنا) ضمير إيش؟ فصل، إعرابه؟ لا محل له من الإعراب، يؤتى به ليتسنى العطف على ضمير الرفع المتصل، وهذا مضى نظيره. وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فأفصل بالضمير المنفصل صففت أنا واليتيم. . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . فأفصل بالضمير المنفصل أو فاصل ما، وبلا فصل يرد ... بالنظم فاشياً وضعفه اعتقد

"فصففت أنا واليتيم وراءه" فمصافة الصبي؛ لأن اليتيم لم يبلغ الحلم، من مات أبوه من بني آدم ولم يبلغ الحلم يسمى يتيم، وأنس قد احتلم في هذا الوقت، كبير؛ لأنه لما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة عمره عشر سنوات "فصففت أنا واليتيم وراءه" فمصافة الصبي صحيحة، إذا صحت صلاته صحت مصافته، "والعجوز من وراءنا" إذاً المرأة لا تصافف الرجال، ولو كانت محرم، لكن إن حصل أنها صفت مع محرم لها الصلاة صحيحة، لكن موقفها خلف الرجال، والعجوز من وراءنا، وهي واحدة، فذة، خلف الصف، و ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) وبهذا الحديث يخرج المرأة من عموم حديث: ((لا صلاة لمنفرد خلف الصف)) يعني الرجال، وهذا الحديث الذي معنا مخصِص "والعجوز من وراءنا، فصلى -عليه الصلاة والسلام- ركعتين ثم أنصرف" نافلة، والتجميع في النافلة جائز، حصل منه -عليه الصلاة والسلام- في مناسبات، وفي حديث ابن عباس الآتي، وكونه -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم في رمضان ثلاث ليالٍ جماعة، فالتجميع في النافلة سائغ، لكن كونه ديدن وعادة مطردة لا يصلي نافلة إلا جماعة هذا يخرج العبادة من المشروعية إلى حيز الابتداع، يعني كون الشيء يجوز بعض أفراده، لا يعني أنه يجوز باطراد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فعل ذلك، فعله أحياناً. "ولمسلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى به وبأمه، فأقامني عن يمنيه، وأقام المرأة خلفنا" القصة واحدة أو مختلفة؟ القصة مختلفة؛ لأنهم في هذه ليس معهم يتيم "فأقامني عن يمينه" وهذا موقف المأموم الواحد عن اليمين، كما سيأتي في حديث ابن عباس، وموقف الاثنين خلف الإمام، هذا الأصل، لكن إن جعل واحداً عن يمينه، والآخر عن شماله فعله ابن مسعود، لكن السنة كما هنا موقف الاثنين من الإمام خلف، والمرأة من ورائهم، وأقام المرأة خلفنا، واليتيم؟ اليتيم هو ضميرة، جد حسن بن عبد الله بن ضميرة، حسن أو حسين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

كلكم عندكم حسين؟ ما في أحد عنده حسن؟ يقول: هو جد حسن بن عبد الله بن ضميرة، فإن كان اثنين حسن وحسين إخوان فهي جدتهما ولا إشكال، لكن الذي يغلب على الظن أنه إما حسن أو حسين، فهذا راجع إلى نص واحد، يعني ما هي مسألة روايات، هذا كلام أثبته المؤلف هنا، وهو نص واحد، إما هذا أو هذا، ففي هذا إجابة الدعوة، وهي من حق المسلم على المسلم، وإذا دعاك فأجبه، ولو كان امرأة مع أمن الفتنة مع أمن الفتنة، وعدم الخلوة، وجواز صلاة النافلة جماعة، صلى بهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه أن المرأة لا تصف مع الرجال؛ لأنها واحدة، وصفت ورائهم، ولو كانوا من محارمها، لكنها لو خالفت وصلت مع محارمها صلاتها صحيحة، لكنه خلاف الأصل، نعم؟ الفاء هذه؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، الفاء السببية، والفعل المنصوب بأن المضمرة وجوباً بعد فاء السببية الواقعة بعد الأمر، نعم. عفا الله عنك. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمنيه.

هذا حديث ابن عباس لما بات عند خالته ميمونة بنت الحارث زوج النبي -عليه الصلاة والسلام-، أم المؤمنين التي تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- بسرف، وماتت بسرف، بات عندها ليلة، ونقل من السنن مما حفظه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذه الليلة، ما أثبت في داووين الإسلام، ونفع الله به، فهذا المبيت من ابن عباس، ابن عباس لم يحتلم في هذا الوقت، صغير، فيجوز للإنسان أن يبيت عند أقاربه ولو كانت امرأة عند زوجها، إذا كان الزوج يرضى بذلك، وقد نام ابن عباس في عرض الوسادة، وناما في طولها، إذا كان يرضى بذلك فلا بأس، فبات ابن عباس عند خالته ميمونة، ولا تتصور أنه بينام في ملحق، أو بينام في الدور الثاني أو الثالث، أو الجناح الفلاني، لا، المسألة كلها غرفة واحدة، هذه بيوته -عليه الصلاة والسلام-، ما في قصور شاهقة، نعم النفس يا إخواني ما لها نهاية، ليست لها نهاية، إلى عهد قريب والناس إذا جلس الإنسان في المجلس لو يمد يده مس الجدران، ولو مدد برجليه رده الجدار الثاني، والذي ما هو بمصدق يشوف الآن البيوت القائمة، يشوف في بلد بجوار الرياض اسمه: رغبة، البلد القديم تهدم، وخرج الناس عنه، تشوف بين الأجصاص أجصاص التمر، ما بين كل واحدة والثانية خمسة أمتار، ما بقي إلا هن؛ لأن الفروش حصى جص باقيات قائمات، ما بين الواحدة والثانية خمسة أمتار، يعني تصور أن البيت بجصتين، لا، أدركنا بيوت خمسين متر، ستين متر، خرج الناس منها، لما توسع الناس في أمور الدنيا، صارت هذه البيوت سجن، خرجوا إلى أربعمائة متر، توسعوا، ثم بعد ذلك صارت الأربعمائة سجن، توسعوا الناس إلى الألف، والألف والخمسمائة إلى أن سكن الناس القصور، وصار ذلك سبباً في تنكيد حياتهم في الدنيا قبل الآخرة، الإنسان يعيش مديون عمره كله علشان بيت، كل هذا بسبب ليقال أو مثل الناس، بات ابن عباس في عرض الوسادة والنبي -عليه الصلاة والسلام- مع زوجه في طولها، وأنا أعرف بيت لما توفي أبوهم خرج منهم اثنين وعشرين أسرة، كل أسرة في بيت، كانت النفوس طيبة، ولا يوجد مشاكل مثل الآن، الآن صارت البيوت هذه الحديثة على حد زعمهم، وهي في الحقيقة تنانير صناديق من اسمنت لو بيطفأ الكهرب لا

باب: الإمامة

تطاق الحياة فيها، صارت سبباً لقطعية الرحم؛ لأن الشخص ما يدعو أخاه؛ لأنه عنده بزران بيخربون الأثاث،. . . . . . . . . عليهم، نعم، إذا كان الفرش يمشط بالمشط وبالاستشوار، وش اللي يجيب بزارين يلعبون؟! ما يدعو أخاه علشان الفرش هذا، وعلشان الأثاث، وعلشان ... ، من يتصور حديث ابن عمر: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) يعني الناس إلى وقت قريب من أراد أن يعمر بيت يقف باب المسجد أعان الله من يعين، ولبنة وطين ويومين ثلاث وهو منتهي البيت، الآن يجلس ثلاث سنين يعمر، ويجلس ثلاثين سنة مدين، إن تيسر له يسدد بعد، علشان إيش؟ الدنيا ما تسوى، وكان ابن عمر كما في الصحيح يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" بيوت كانت عند الوجهاء والكبار والأعيان تعد قصور في ذلك الوقت، لكن لو دخلتها اليوم .. ، موحشة، بيوت ضيقة، تقول: كيف أخذت الناس في ذلك الوقت .. ؟ لكن النفس ما لها نهاية. النفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم النفس تقبل الزيادة، وإذا ترد إلى قليل تقنعُ، يعني تظن أن هذا الذي يشرب قارورة البيبسي، قارورة العائلة الكبيرة بنفس واحد، هذا مع التمرين صار يشرب، لكن لو كان يكتفي بالشيء اليسير كفاه، وهذا كله من الاهتمام بالدنيا والإعراض عن الآخرة، مع أن الإنسان خلق لهدف عظيم، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، وأمر أن ينسى نصيبه من الدنيا الذي يعينه على تحقيق هذا الهدف، العبودية. هنا يقول: "بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي من الليل" ولد يمكن عمره عشر سنوات ذاك الوقت "فقمت عن يساره" ما قال مسكين تعبان كل النهار يدلج خلوه يرتاح، قام هو، وهو ما جاء إلا لهذا القصد، لهذا الهدف "فقمت عن يساره، فأخذ برأسي، فأقامني عن يمنيه" لأن موقف المأموم الواحد من الإمام عن يمين الإمام، فلو صلى عن يساره لم تصح صلاته، وهذا العمل اليسير بإدارة ابن عباس من جهة اليسار إلى اليمين هذا لا يؤثر في الصلاة؛ لأنه يسير، ولمصلحة الصلاة. عفا الله عنك. باب: الإمامة

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الإمامة الإمامة: مصدر أم مثل الإعانة والإقامة والإجازة، أصل الكلمة المصدر أم يؤم أماً، إذا جئنا لإقامة: أقام يقيم إقامة، وأعان يعين إعانة، وأجاز يجيز إجازة، مصادر، أصلها إقوامة، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، وقلبت ألفاً، فاجتمع مثلان حذف أحدهما، إما الأصلي أو الزائد على الخلاف المعروف، وهنا الإمامة مصدر أم يؤم إمامة، فهو إمام، أصل أم حرف مضعف عبارة عن حرفين، أولهما ساكن، الحرف مضعف المشدد، عبارة عن حرفين، المشدد المدغم أحدهما في الآخر، فإذا فك الإدغام، ما عندنا يرتد ويرتدد، عندنا، فالمضعف المشدد عبارة عن حرفين، فأم يؤم أماً، هذا الأصل، وإمامة، فلها مصدران، والإمامة تطلق ويراد بها العظمي، فالإمام الأعظم هو الذي يتولى أمور المسلمين العامة، وإمام الصلاة هو الذي يتولى شؤونهم في هذه العبادة على وجه الخصوص، وبه يأتمون، وبه يقتدون، وما جعل الإمام إلا ليؤتم به، على ما سيأتي. يقول: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أما يخشى)) " (أما) تنبيه، ((يخشى)) يخاف ((أما يخشى)) إما أن تكون تنبيهية مثل (ألا) للتنبيه، وقد تكون استفهام توبيخي، كما قال بعضهم، ((أما يخشى الذي يرفع رأسه)) يعني من الركوع أو من السجود، وفي حكمه الشروع في الركوع، والهوي إلى السجود قبل الإمام، والذي يؤم الجميع أما يخشى الذي يتقدم ويسبق الإمام؛ لأن ذكر بعض الأفراد .. ، ((أما يخشى الذي يرفع رأسه)) هل هذا خاص برفع الرأس قبل الإمام، أو شامل لمسابقة الإمام كما يدل على ذلك بعض الروايات، لكن هذا من باب ذكر بعض الأفراد، التمثيل ببعض الأفراد.

((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام)) المأموم الذي يرفع رأسه قبل الإمام ((أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار)) ألا يخاف من هذا الوعيد الذي يسابق الإمام؟! ألا يخشى؟! ألا يخاف؟! المسابقة سبب للمسخ، والسبب قد يترتب عليه أثره، وقد يتخلف الأثر لوجود مانع، ولذا قال: ((أما يخشى)) ما قال: إن الذي يرفع رأسه قبل الإمام يحول الله رأسه رأس حمار، هنا قال: ((أما يخشى)) لأن هذا مجرد سبب، والسبب قد يترتب عليه أثره وقد لا يترتب لوجود مانع، وقد تدخر له العقوبة في الآخرة، وهذا أشد؛ لأن عقوبة الدنيا أهون من عقوبة الآخرة.

((أن يحول الله رأسه رأس حمار)) حقيقي، أو صورته صورة حمار حقيقي، ومنهم من يقول: معنوي، يمسخ مسخاً معنوياً، بأن يكون بليداً كالحمار، لكن الأصل في اللفظ الحقيقة، وما المانع؟ والقدرة الإلهية صالحة لمثل هذا، وقد ذكر الشراح أنه حصل مرتين، يعني حسب إطلاعهم، أن شخصاً يسابق الإمام حول الله رأسه رأس حمار، أو جعل صورته صورة حمار، قالوا: هذا وجد مرتين، هذا أمر مخيف، يعني تصور حال إنسان قد يكون له مقام عند الناس، ثم يخرج إليهم يوم من الأيام برأس حمار، أو صورته صورة حمار، والمسخ يوجد في آخر هذه الأمة، بل يكثر، كما قرر ذلك أهل العلم، اعتماداً على بعض النصوص والآثار، ويكون لطائفتين كما قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-، لطائفتين من الناس، للعلماء، علماء السوء الذين يبدلون شرع الله بالتأويل والتحريف، وللحكام الظلمة الذين يظلمون الناس، على كل حال هذا من المسخ الخاص، ولا يغيب عن أذهاننا أن المسخ شنيع، لكن أيها أعظم مسخ البدن أم مسخ القلب؟ يعني أهل العلم يقررون أن مسخ القلب أعظم من مسخ البدن، يعني الدنيا يوم يومين ثلاثة عشرة سنة، سنتين، عشر سنين، تنتهي، لكن الآخرة؟ لأن مسخ القلب أثره في الآخرة، وقد يكون مسخ البدن عقوبة عجلت له، يكفر له بها، قد، وهنا: ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار)) الأمر ليس بالسهل، ومع ذلك ما الذي يستفيده من يرفع قبل الإمام؟ أو يسجد قبل الإمام؟ هل في نيته أن ينصرف قبل الإمام؟ يسلم قبل الإمام وينصرف؟ لا يمكن، ما يمكن أن يسلم قبل الإمام، وإن سلم قبل الإمام بطلت صلاته، إلا إذا أطال الإمام إطالة تعوقه عن أمر من أموره، ونوى الانفراد كما حصل في قصة معاذ لما أطال الصلاة، فهذا له عذره، الذي يسابق الإمام، يسجد قبله، يرفع قبله، هذا لا يستفيد، ما الذي يستفيده من عجلته هذه؟ لكن ما ذلك يوجد، تجد من يسجد قبل الإمام، والمأموم مربوط بإمامه ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) والعبرة بأفعال الإمام، العبرة بالأفعال، والأقوال إنما هي للدلالة على الأفعال، وعلى الإمام أن يكون مقارناً له القول، يكون القول مقارن للفعل، بحيث لا يتقدم القول على

الفعل ولا يتأخر؛ لأنه إن تقدم عرض المأمومين لمسابقته، وإن تأخر فقد فات محله، فات محل التكبير إذا تأخر عن الانتقال، فلا يعرض صلاة المأمومين للبطلان، بل عليه أن يقرن القول بالفعل، الذي يرفع رأسه قبل الإمام ليتأكد مثلاً صوت الإمام ضعيف أو سمعه ثقيل، ورفع رأسه بيشوف رفعوا أو ما رفعوا ثم يعود، أو يسمع صوتاً يظنه تكبير فيرفع رأسه ثم يعود، هذا لا شيء عليه، فالإشكال في تعمد المسابقة، نعم. عفا الله عنك. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون)). وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيته وهو شاكٍ، فصلى جالساً، وصى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما أنصرف قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون)). أجمعون أو أجمعين؟ بالواو؟ يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) " حصر، ما الفائدة من إيجاد هذه الوظيفة الشرعية؟ الفائدة يؤتم به، ويقتدى به، فلا تختلفوا عليه، هذا من مقتضى الإئتمام، عدم الاختلاف، فهو مؤكد لمفهوم الجملة السابقة، منطوق الجملة الثانية مؤكد لمفهوم الجملة الأولى؛ لأن مفهوم الإئتمام عدم الاختلاف، فلا تختلفوا عليه، وعمومه يتناول الأقوال والأفعال والنيات، عموم ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه)) يتناول الجميع، نحن نختلف عليه في شيء من الأشياء، صلى الظهر لا بد تصلي الظهر، صلى العصر لا بد تصلي العصر، صلى فريضة لا تتنفل، تنفل لا تصلي فريضة، هذا بالنسبة للنيات، لكن أخرجت النيات، وإن قال جمع من أهل العلم بأنه وجوب متابعته حتى في النية، لكن من قال بأنه لا يلزم الموافقة في النية استدل بحديث إمامة معاذ لقومه، يصلي بهم نفل، وهم مفترضون، صلاة المفترض خلف المتنفل معروف عند الحنابلة لا تجوز، لماذا؟ لأنه إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، هذا الأصل يشمل الجميع، لكن العموم يخصص، فيخرج من هذا العموم الاختلاف في النية، يقول ناظم الاختيارات: وعند أبي العباس ذلك جائز ... يصلي بهم نفلاً وهم ذوو فريضة لفعل معاذ مع صحابة أحمدِ ... وقد كان صلى الفرض خلف محمدِ

فأخرجت النيات بفعل معاذ، بقي الأقوال والأفعال، ومما يؤيد إخراج النيات أنه في التمثيل، ما مثل إلا بأفعال وأقوال، فقال: ((إذا كبر فكبروا)) إذا كبر الإمام يكبر المأموم، (كبر) فعل ماضي، والفعل الماضي الأصل فيه أنه يكون بعد الفراغ في أمر مضى، كبر ومضى وانتهى، فكبروا، فهل نقول: إذا كبر إذا فرغ، أو نقول: إذا شرع كما جاء في بعض النصوص؟ أو نقول: إذا أراد، كما جاء في بعض النصوص؟ لأن الفعل الماضي يطلق ويراد به الفراغ منه، كما هو الأصل؛ لأنه فعل مضى وانتهى، ويطلق ويراد به الشروع فيه، يطلق ويراد به إرادة الفعل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(6) سورة المائدة] يعني إذا أردتم القيام إلى الصلاة، يعني هل الإنسان ما يتوضأ إلا إذا وقف في الصف؟ لا، إذا أراد القيام إلى الصلاة يتوضأ {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(98) سورة النحل] هل معنى هذا أنك ما تستعيذ بالله إلا إذا فرغت من القراءة أو إذا أردت القراءة؟ إذا أردت، فالفعل الماضي يطلق ويراد به إرادة الفعل، يطلق ويراد به الفراغ من الفعل، عندنا ((إذا كبر فكبروا)) يعني إذا فرغ من التكبير، إذا فرغ من التكبير فكبروا، لكن قوله: ((إذا ركع فاركعوا)) هل نقول: إذا فرغ من الركوع اركعوا، كما قلنا في التكبير؟ أو إذا شرع في الركوع اركعوا؟ نعم؟ إذا شرع، ليس معناه إذا فرغ من الركوع اركعوا؛ لأن الركوع المراد به .. ، هل الركوع الانتقال من القيام إلى انحناء الظهر، أو المراد به انحناء الظهر؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الانحناء هو الركوع، الانتقال من الوقوف إلى الركوع هذا ليس بركوع، فإذا انحنى ظهره، هذا هو الركوع، فلا نقول: إذا فرغ مثل ما نقول: إذا فرغ من التكبير، إذا فرغ من الركوع اركعوا، إذا شرع فيه انحنى ظهره اركعوا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا كبر فكبروا، مقتضى التعقيب بالفاء أن يكون فعل المأموم عقب فعل الإمام، التعقيب بالفاء يقتضي المباشرة من غير تراخٍ، فلا ينتظر أو يتأخر عنه، فإذا كانت المسابقة محرمة، فالتأخير أيضاً لا يجوز؛ لأنك مأمور بالاقتداء، فإذا لم تركع معه ما لحقت شيء، ما اقتديت به.

((وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)) فإذا قال: سمع الله لمن حمده، سمع، أولاً: فيه إثبات السمع لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، من غير تعرض له بتأول ولا تحريف ولا تشبيه، فإذا قال: سمع الله لمن حمده، ومقتضى السمع الإجابة، سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، من الذي يقول: سمع الله لمن حمده؟ وإذا قال -يعني الإمام-: سمع الله لمن حمده، فقولوا، فمن يقول: سمع الله لمن حمده؟ النص على الإمام، والمنفرد بالاتفاق يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول وإلا ما يقول؟ لا يقول، ما يقول؟

المأموم يقول: سمع الله لمن حمده وإلا ما يقول؟ مقتضى هذا الحديث أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، لماذا؟ لأن التعقيب بالفاء إذا قال: فقولوا، لا يترك فرصة لقول المأموم سمع الله لمن حمده، بل مجرد ما ينقطع صوت الإمام من قول سمع الله لمن حمده يقول المأموم: ربنا ولك الحمد، والشافعية يقولون: كل مصلٍ يقول: سمع الله لمن حمده، لأنها ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وهو يقول: سمع الله لمن حمده، لكن مثل هذا مخصص لفعله -عليه الصلاة والسلام-، وعند أهل العلم أن الفعل لا عموم له، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، النبي -عليه الصلاة والسلام- أفعاله منها ما يفعله باعتباره إماماً، فيقتدي به الأئمة، ومنها ما يفعله باعتباره مكلفاً، فيقتدي به المكلفون، لو جاء شخص وقال: والله يوم الجمعة ما أنا بداخل إلا مع الإمام، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما عمره تقدم إلى الجمعة، أنا باقتدي بالرسول، ما أنا بداخل إلا مع الإمام للخطبة، نقول: لا يا أخي، أنت لك ما يخصك، والإمام له ما يخصه، الجمهور على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، بمقتضى هذا الحديث، وإذا قال: فقولوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وصحت الرواية بأربع صيغ، ربنا ولك الحمد كما هنا بالواو دون اللهم، وبحذف الواو ربنا لك الحمد، وباللهم مع الواو، اللهم ربنا ولك الحمد، وبحذف الواو اللهم ربنا لك الحمد، وكلها ثابتة، وإن ادعى ابن القيم -رحمه الله تعالى- أنه لم يثبت الجمع بين اللهم والواو، لكنها في البخاري. ((فقولوا: ربنا ولك الحمد، فإذا سجد فاسجدوا)) إذا شرع في السجود فاسجدوا، نظير إذا ركع فاركعوا ((وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون)) بعض الروايات: ((أجمعين)) فأجمعون على أنها تأكيد للواو في صلوا، و ((أجمعين)) على أنها حال، ويأتي ما في هذه المسألة.

يقول هنا: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيته وهو شاكٍ، فصلى جالساً وصلى وراءه قومٍ قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا" والسبب في قيام المأموم خلف الإمام الجالس ما جاء في بعض الروايات من مشابهة فارس والروم، يقومون على أئمتهم، على ملوكهم ((كدتم أن تشبهوا فارس والروم)) فأمرهم بالجلوس بالإشارة "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيته وهو شاكٍ" وذلك أنه لما سقط من؟ نعم، فجحش شقه الأيمن "فصلى جالساً وصلى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا" الإشارة المفهمة في الصلاة لا تبطلها؛ للحاجة إليها، إذا دعت إليها الحاجة، حديث الكسوف لما دخلت أسماء فوجدتهم يصلون، فسألت عائشة وهي تصلي، فأشارت عائشة إلى السماء، فقالت: آية؟ فأشارت برأسها: أي: نعم، الإشارة المفهمة ليست بكلام، لكن عند الحاجة إليها، وردت النصوص بها، وهنا أشار إليهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن اجلسوا، فلما انصرف قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به)) كما تقدم ((فإذا ركع فاركعوا)) وفي السنن: ((ولا تركعوا حتى يركع)) منطوق هذه الجملة مؤكد لمفهوم الجملة الأولى ((وإذا رفع فارفعوا)) وفي السنن: ((ولا ترفعوا حتى يرفع)) وهذه مثلها ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)) على ما تقدم ((وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين)) كما تقدم، فماذا عن صلاة الإمام الجالس؟ ما حكمها؟ وما حكم الاقتداء به في الجلوس؟ حديثا الباب يدلان على أن الإمام إذا صلى جالس يصلي المأموم جالس، ولا يجوز له أن يقوم، في مرض موته -عليه الصلاة والسلام- لما خرج إليهم وهم يصلون بإمامة أبو بكر جلس عن يساره، وأتموا الصلاة من قيام، ما أشار إليهم أن اجلسوا.

أولاً: المالكية يرون أن إمامة القاعد لا تصح مطلقاً، ولا يصلى خلفه لا من قيام ولا من قعود، لماذا؟ جاء في الخبر: ((لا يؤمن أحد قاعداً بعدي قوماً قياماً)) لكنه حديث ضعيف، الحديث ضعيف، ويتمسك به المالكية، إذاً بقي عندنا رأي الشافعية والحنفية، ورأي الحنابلة، الشافعية والحنفية يقولون: تصح إمامة القاعد، كلهم مع الحنابلة، كلهم يصححون إمامة القاعد، لكن عند الحنفية والشافعية يصلون خلفه قياماً، ويرون أن ما حصل في مرض موته -عليه الصلاة والسلام- من صلاة خلفه قياماً ناسخ لما جاء في هذا الحديث؛ لأنه متأخر عنه، وإلا فالحديث صحيح صريح في وجوب متابعة الإمام في القعود، مرض موته -عليه الصلاة والسلام- الذي صلى فيهم وهو قاعد وهم قيام متأخر بلا شك، لكن القول بالنسخ مع إمكان الجمع ضعيف عند أهل العلم، فيحمل الأمر بالجلوس على صورة، الحنفية والشافعية يقولون: منسوخ وانتهى الإشكال، لا يجوز لأحد أن يصلي وهو يستطيع القيام من قعود أبداً، ولو صلى الإمام قاعداً؛ لأن حديث مرض موته متأخر فهو ناسخ، انتهينا منه، الحنفية، ماذا يقولون؟ يقولون: لا هذا في موضعه، وهذا في موضعه، لدينا العمل بالنصوص كلها، نعمل هذا الحديث في الصورة المشبهة له، ونعمل حديث مرض موته -عليه الصلاة والسلام- في الصورة المشبهة له، فإذا صلى بل إذا ابتدأ إمام الحي قاعداً لمرض يرجى برؤه لزم متابعته بالقعود، إذا ابتدأ لا بد أن تبدأ الصلاة من قعود، ما هو تفتح الصلاة من قيام ثم يقعد الإمام يتابعونه، علشان إيش؟ علشان أن أبا بكر -رضي الله عنه- ابتدأ الصلاة من قيام، فيريدون أن يخرجوا هذه الصورة، إذا ابتدأ إمام الحي، ما يقولون: هذه فرصة، جماعة المسجد فرصه، إذا عندهم مقعد وما هو بإمام فرصة يقدمونه علشان يصلون وهم قعود، لا، لا بد أن يكون إمام الحي، وأن تبتدئ الصلاة من قعود، وأن يكون المرض يرجى برؤه، إذا بترت الرجلان للإمام وقرر أنه لن يقوم على قدميه خلاص هذا ما يرجى برؤه، فمثل هذا لا يقعدون وراءه؛ لأن هذه أمور طارئة، يعني مو بثابتة عادية، القيام للقادر عليه ركن من أركان الصلاة ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) فلا يهدر هذا الركن من أجل شخص لا يرجى

برؤه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى بهم وأشار إليهم أن يجلسوا، هو إمام الحي، وابتدأ الصلاة من قعود، ويرجى برؤه، فحينئذٍ يصلى خلفه قعود؛ لتنزل على هذه الصورة، وأما بالنسبة لما حصل في مرضه -عليه الصلاة والسلام- فقد افتتحت الصلاة من قيام؛ لأنه افتتحها أبو بكر من قيام، فلا يسوغ لهم أن يجلسوا، ما القول الراجح؟ القول بالنسخ مريح، خلاص صلوا خلفه من قعود، هو قاعد وهم قيام وانتهى الإشكال، وهذا مرض موت اللي ما بعده شيء، وهذا الحديث في مرضه الذي لما سقط فجحش شقه الأيمن، متقدم على ذلك، فالشافعية والحنفية ما عندهم إشكال، تصح الصلاة، لكن من قيام، فهل نقول بالنسخ وهو واضح لأن النص متأخر وهذا متقدم؟ لكن إذا تصورنا أن النسخ إلغاء للنص، ورفع للحكم بالكلية، وبما ذكره الحنابلة يتم الجمع والتوفيق بين هذه النصوص، وإذا أمكن الجمع تعين، ما المرجح؟ يعني هل العلة انتفت مشابهة فارس والروم، نقول: ارتفع الحكم؟ انتفت العلة أو ما انتفت؟ العلة باقية، مشابهة فارس والروم التي هي سبب الأمر بالجلوس باقية، فهل نقول بقول الحنابلة: إن العلة باقية، والنص صحيح صريح؟ والنص الآخر يمكن حمله على صورة معينة، وما عداها يصلون من جلوس، وله وجه، والإمام إنما جعل ليؤتم به، الآن تنازلت عن ركن وهو القيام، هل له نظير في الصلاة أن يتنازل عن ركن من أجل الإمام في الصلاة؟ من أجل الإمام تنازل عن ركن؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . خوف، نعم في صلاة الخوف يتنازل عن مبطلات، قراءة الفاتحة إذا جاء والإمام راكع من أجل متابعة الإمام، تنازل عن هذا الركن، المقصود أن الاقتداء بالإمام له شأن، وأكد عليه في النصوص، فقول الحنابلة له وجه، ولو قيل بالنسخ لما بعد؛ لأنه متأخر، والمسألة اجتهادية. الطالب:. . . . . . . . . نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . يعني فعلها الصحابة من بعده، فعله، لكن على قلة، ما هو بمنتشر، الصحابة الكبار لما حصل لهم ما أحصل أنابوا، عمر -رضي الله عنه- لما طعن أناب صهيب ليصلي بالناس، استخلف ما كمل، نعم. عفا الله عنك.

وعن عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري -رضي الله عنه- قال: حدثني البراء وهو غير كذوب، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهر حتى يقع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساجداً، ثم نقع سجوداً بعده. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن يزيد الخطمي" من الأنصار -رضي الله تعالى عنه- قال: "حدثني البراء وهو غير كذوب" يصف الصحابي بأنه غير كذوب، أيهما أولى أن يوصف الصحابي بأنه غير كذوب أو غير كاذب؟ غير كاذب؛ لأن وصفه بأنه غير كذوب لا ينفي أن يكون كاذباً؛ لأن المنفي عنه المبالغة، لكن هذا مراد أنه ينفي المبالغة، ويثبت ما دونها، لا، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [(46) سورة فصلت] نفي المبالغة في مثل هذا لا يقتضي إثبات ما دونها، {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [(40) سورة النساء] يعني مقتضى الصيغة إذا نفينا المبالغة، مقتضاها أن نثبت ما دونها، إذا قال: غير كذوب لا يمنع أن يكون كاذب؛ لكنه لا يستحق الوصف بالمبالغة، وإن استحق أصل الوصف بالصفة، لكن هذا غير مراد، ليثبت صدق الصحابي، مع أن الصحابي ليس بحاجة إلى مثل هذا التنصيص؛ لأنهم كلهم عدول ثقات. قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قال" هذا ديدنه، (كان) تدل على الاستمرار "إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره" يعني لم يتهيأ أحد للسجود، بل يستمر قائم "لم يحنِ أحد منا ظهره حتى يقع -صلى الله عليه وسلم- ساجداً" يعني لا يسجد أحدهم قبله ولا يوافقه في السجود، بل إذا وقع -عليه الصلاة والسلام- ساجداً ثم نقع سجوداً بعده، إذا شرع في السجود وباشر السجود ووصل إلى الأرض سجدنا، قال: سمع الله لمن حمده، بعض الناس بمجرد ما يقول: سمع الله لمن حمده يهوي إلى السجود، وتزول بذلك الطمأنينة التي نص عليها في كل ركن من أركان الصلاة في حديث المسيء، كما سيأتي، فلا يجوز للمأموم أن يهوي إلى السجود حتى يقع إمامه على الأرض، إذا اطمأن على الأرض يحني ظهره، نعم. عفا الله عنك.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)). يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) " أمن يعني قال: آمين، ومعنى آمين: اللهم استجب، وهي بالمد آمين، وتقرأ، بالقصر: أمين، ويروى عن جعفر الصادق التشديد: آمّين، قاصدين، لكن هكذا ضبطها عند جمهور أهل اللغة وغريب الحديث: آمين، والتأمين سنة في الصلاة وخارج الصلاة، إذا انتهى القارئ من قراءة الفاتحة، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يجهر بها، ويرفع بها صوته، وكذلك المأمومون، ويرتج المسجد من اجتماع اختلاط أصواتهم، إذا أمن الإمام مقتضاه أن الإمام يؤمن فيقول: آمين، وش معنى إذا أمن الإمام فأمنوا؟ التأمين في الصلاة، ما هو بالتأمين المعروف هذا، نعم ليس مقتضى الحديث أن يستدل على التأمين على الحياة أو الصحي أو الحوادث لا، قد .. ، أنتم باعتباركم أهل علم شرعي وكذا، لكن أهل الأهواء الذين يقولون: ويل للمصلين، يبي يقولون: جاء في الحديث الصحيح ((إذا أمن فأمنوا)) إذا أمن الإمام فأمنوا، أنتم تبعاً لإمامكم، وقيل به، إذا رآه الإمام ولي الأمر ساغ، سمعنا من يقول بهذا، على كل حال المقصود بالتأمين، لا تختلفون في المراد به، لكن لئلا يأتي مفتون فيستدل بجزء من الحديث، وينطلي على عوام الناس.

هنا ((إذا أمن الإمام)) يعني قال: آمين، ومقتضاه أن الإمام يؤمن، جاء في الأحاديث الصحيحة وهي تبعاً للأحاديث السابقة ((إذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين)) فمفهومه أن الإمام لا يقول: آمين، لكن الإمام مسكوت عنه، منصوص على أنه يقول: ولا الضالين، أما بالنسبة للتأمين فمسكوت عنه، فقولوا: آمين، لكن مقتضى هذا أن المأموم يقع تأمينه بعد فراغ الإمام من ولا الضالين، لا يعني أنه يقع قوله: آمين بعد فراغ الإمام من قول: آمين، كما هنا: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) يعني إذا انتهى من التأمين فأمنوا؟ لا، يفسرها الرواية الصحيحة ((فإذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين)) ليتفق تأمين الإمام مع تأمين المأموم مع تأمين الملائكة. ((إذا أمن فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) فليحرص الإنسان على موافقة تأمين الملائكة، بما تكون الموافقة؟ لا تتقدم على الإمام، ولا تتأخر عنه، وأيضاً مد التأمين بقدر مده، وأحرص على أن يكون تأمينك بحضور قلب؛ لأن المؤَمِن في حكم الداعي، والله -جل وعلا- لا يستجيب لقلب غافل، لا يكون قولك: آمين عادة، لا، أنت تؤمن على جمل دعائية، فأنت داعٍ في الحقيقة، فأحضر قلبك؛ ليوافق تأمينك تأمين الملائكة، فيغفر لك ما تقدم من ذنبك، يعني إذا أمن فأمنوا، يعني إذا قال كما في الرواية الأخرى: ولا الضالين آمين، فمقتضى هذا أن الإمام بالنص الذي معنا يؤمن، والنص الثاني مسكوت عن الإمام، كما في قوله: وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، هل الإمام يقول: ربنا ولك الحمد؟ نعم؟ إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، مسكوت عنه، ما في نص عليه، في هذا النص الإمام مسكوت عليه، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

يقولها، لكن من الأئمة من يقول: أبداً الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، هذا معروف عند الحنفية الإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، هذه من وظائف المأموم، لكن هذه ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام-، نستحضر أنها ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام-، والمأموم وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- صفته صفة إمام، لكنها لا تخالف ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) والإمام هنا في هذا النص مسكوت عنه، كما في قوله: ((إذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين)) مسكوت عنه، فسرت النصوص الأخرى كما معنا إذا أمن فالإمام يؤمن. ((ما تقدم من ذنبه)) مقتضى كلام أهل العلم أنه يغفر له ما تقدم من ذنبه من الصغائر، وإن كان الذنب مفرد مضاف يقتضي العموم، لكن الكبائر ينص أهل العلم أنه لا بد لها من توبة، ولذا جاء في النصوص في الخصال المكفرة جاء فيها: ((ما لم تغش كبيرة)) ((ما اجتنب الكبائر)) {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [(31) سورة النساء] إلى غير ذلك، فالكبائر لا بد لها من توبة، نعم. عفا الله عنك. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم بنفسه فليطول ما شاء)). وعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، قال: فما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذٍ، فقال: ((يا أيها الناس إن منكم منفرين، وأيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا صلى أحدكم للناس)) " للناس ((قوموا فلأصلي لكم)) "صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" واللام هنا منهم من يقول: تعليلية، يعني من أجلنا ((إذا صلى أحدكم للناس)) يعني لأجل الناس، إماماً بهم، فبعض تصرفات الإمام لا تلزمه لو كان منفرداً، لكنه من أجلهم يفعل هذه الأفعال، فبعض صلاته من أجلهم، تقدمه أمامهم من أجلهم، فيصدق عليه أن يصلي للناس، ومنهم من يقول: إن اللام هنا بمعنى الباء، إذا صلى أحدكم بالناس، يعني إماماً ((فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة)) أصحاب الأعذار فيهم، وليس في هذا حجة للنقارين، وقد جاء النهي عن مشابهة الحيوانات، ومنها نقر كنقر الغراب، والطمأنينة ركن من أركان الصلاة، فالقراءة لا بد منها ((إذا صلى أحدكم للناس فليخفف)) والتخفيف والتطويل أمور نسبية، لا شك أن قراءة سورة آل عمران لمن يقرأ سورة البقرة تخفيف، وهكذا، فالذي أمر بالتخفيف ((فليخفف)) ((فليجز)) الذي أمر بهذا صلى بقاف واقتربت والصافات والطور وسبح والغاشية والجمعة والمنافقون، لكن لو قرأ بالطور قالوا: طول، وصلى بالأعراف في الركعتين، المغرب، لكن لا يكون هذا ديدن وعادة، يكون شأنه الرفق بالمأمومين ((فإن فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة)) الذي لا يستطيع متابعة القيام مشغول بحاجته، لا يستطيع لضعفه، لا يستطيع لمرضه.

((فإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)) يقرأ ما شاء، ومقتضاه أنه يجوز أن يصلي بما شاء من القرآن، فهل له أن يخرج الصلاة عن وقتها بتطويل القراءة؟ طلع الفجر فصلى لنفسه وهو منفرد، ما حوله جماعة ولا يسمع أذان، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((فإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)) صلى أحدهم لنفسه فقرأ في الركعة الأولى البقرة وآل عمران والنساء، وقرأ في الثانية المائدة والأنعام والأعراف، لما التفت إذا الشمس مرتفعة، لما دخل في الصلاة في أول وقتها، لكن لما سلم؟ هل له أن يطول لنفسه ما شاء حتى يخرج الوقت؟ ليس له أن يخرج الوقت قبل تمام الركعة الأولى؛ لأن مقتضى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) ومقتضى عموم هذا الحديث: ((من صلى لنفسه فليطول ما شاء)) يقرأ ما شاء، فإذا أدرك الوقت فالقدر الزائد على الإدراك له، أردك ركعة؛ وليحرص أن تكون صلاته كلها في الوقت، لماذا؟ لأن العلماء يختلفون في الركعة الثانية المدركة بعد خروج الوقت هل هي قضاء وإلا أداء؟ يعني إذا كان هناك عذر، واستيقظ من النوم قبل طلوع الشمس بخمس دقائق، توضأ وضوءاً خفيفاً وأدرك الركعة الأولى، ثم طلعت الشمس، الركعة الثانية قضاء وإلا أداء؟ حديث: ((فقد أدرك الصبح)) نعم مقتضاه أن تكون أداء، صلاته كلها أداء، ومنهم من يقول: لا، ما أدركه من وقته أداء، وما أدركه خارج الوقت قضاء، فعلى هذا لا ينبغي له أن يطول تطويلاً يفوت الوقت، وإن قال بعضهم بجوازه، ما دام شرع في الصلاة في الوقت، والنص ((إذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)).

"وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري" نسبة إلى بدر، والجمهور على أنه لم يشهد بدراً، وإنما سكن بدراً، ونزل فيها، فنسب إليها "قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا" يطيل بهم، يقرأ البقرة مثلاً، وفي الثانية آل عمران "فما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذٍ" لأن المطلوب من الإمام أن يتألف الناس، الداعية مطلوب منه أن يتألف الناس، العالم مطلوب منه أن يتألف الناس، الإمام يتألف الناس على هذه الصلاة، لا ينفر الناس، لا يكون سبباً لترك الناس لهذه الشعيرة العظيمة، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، فما رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذٍ، النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءه من يطلب النصيحة، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تغضب)) فكرر عليه فقال: ((لا تغضب)) فكرر عليه قال: ((لا تغضب)) نعم إذا انتهكت محارم الله غضب، ولا شك أن هذا الصنيع يؤدي إلى الانتهاك، وما يؤدي ويؤول إلى الشيء حكمه حكمه "فما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذٍ، فقال: ((يا أيها الناس إن منكم منفرين)) " ما قال: يا فلان، فليس من عادته التشهير بالأفراد، بل ينفر من العمل الذي تقع فيه المخالفة، وأما بالنسبة للمخالف إن أمكن نصحه سراً فهذا هو المطلوب، وإن لم يمكن إلا جهراً فليعمم، وإذا رأى الإمام تعميم النصيحة بهذه المخالفة لأنها ظاهرة، أو يخشى أن تكون ظاهرة يعمم في الكلام ((ما بال أقوام)) وهنا: ((يا أيها الناس إن منكم منفرين)) ما قال: فلان وفلان المنفر الفاعل التارك، وعلى هذا يتحرى في مثل الخطب والمواعظ والتوجيه للناس أن يكون فيه شيء من التعميم، بحيث لا يحرج من وقع في خطأ، والنصيحة كل ما أمكن أن تكون سراً هو الأصل؛ لأنها أدعى إلى القبول، وقد يترتب على الجهل بالإنكار مفسدة أعظم مما يترتب عليه من المصلحة، لكن البيان لا بد منه، لكن بالطرق المناسبة.

((يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز)) الإيجاز الأصل فيه أنه للكلام، يقابله الإطناب، الإيجاز تقليل الكلام مع كثرة المعاني، والإطناب يقابله، وهنا أطلق في إيجاز الفعل وتقليله نسبياً، يأتي من يقرأ يكون ديدنه في صلاة الصبح قراءة سورة العصر، وسورة الإخلاص، بل وجد من يقسم سورة الإخلاص في الركعتين، وجد، امتثالاً لقوله: ((فليوجز)) ((فليخفف)) هل هذه حجة لمثل هذا؟ أبداً، فالذي قال: ((فليوجز)) ((فليخفف)) أم الناس بالصافات، وأمهم بالطور، وأمهم بـ (ق) واقتربت، فالإيجاز نسبي، والناس ما لهم نهاية ترى، يعني لو تصلي بهم بقصار السور اشرأبت نفوسهم إلى ما هو أقل من ذلك، ولا شك أن الذي يتعامل مع الله -جل وعلا- هو القلب، القلب هو الذي يتعامل، تجد شخص يناهز المائة وعنده استعداد يقف في الصلاة ساعة، وتجد شاب في الثلاثين في الثالثة والثلاثين التي هو قوة الشبان، ما عنده استعداد يصلي خمس دقائق، فالذي يتعامل القلب، تجد هذا الشاب في مواطن أخرى عنده استعداد يقف ساعة ساعتين، وإذا جاء إلى الصف، يذكر عن شخص أنه من عشرين سنة يصلي جالس، كبير في السن عمره فوق الثمانين يصلي جالس، والناس يشوفونه يدخل بالعصا يمشي، لكن عاذرينه، ثمانين سنة، لكن لما صارت العرضة يوم العيد ساعتين يعرض وهو واقف، فالذي يتعامل مع الله -جل وعلا- هو القلب، وعرفنا شخص زاد عمره عن المائة، ويصلي خلف شخص في هذه البلاد في بريدة خلف شخص صلاة التهجد وصوته ما هو بالأصوات بعد المشجعة التي يقول الإنسان: إنه ينسى نفسه، لا، فهذا الإمام يصلي في الليل خمسة أجزاء، في ليلة من الليالي سمع مسجد يؤذن، والعادة أنه إذا أذن فالصلاة انتهت، فخفف في الركعة الأخيرة من صلاة التهجد، لما سلم استلمه هذا الشيخ الكبير، الذي زاد أو يناهز المائة، يا فلان لما جاء وقت اللزوم خففت، نعم مائة سنة، الله المستعان، لو يصلي الإمام .. ، الآن يصلى صلاة التهجد بورقة واحدة، كان الناس أقل ما يقرأ نصف جزء، قد يقول قائل: إن كيفية القراءة اختلفت، من أول الناس يسرعون، الآن بدءوا يرتلون، صحيح، لكن أمور نسبية، تصلي بورقة يا أخي؟! مطلوب إسماع الناس القرآن، كانوا يختمون

ثلاث بل وجد من يختم أربع في رمضان، الآن يعني بدون مبالغة واحد وقف على الأعراف، ليلة تسعة وعشرين، وش قرأ للناس هذا؟ يعني ربع القرآن، ربع ختمة، طول رمضان كله بتراويح عشرين ليلة، وتهجد وتراويح عشر ليال، يعني التساهل إلى هذا الحد، نعم التنفير مرفوض، لكن يبقى أن المسألة تسديد ومقاربة، مسألة تسديد، ولا بد من إسماع الناس، ولا بد من تذكير الناس بالقرآن، يعني إذا كان الناس يضيق عليهم، ولا يلاحظون في بعض الأوقات من أجل إيش؟ لا يتخولون بالموعظة، وإذا جاء القرآن نقوم نخفف {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] التذكير بالقرآن من أعظم الأمور، هذا الذي غفل عنه كثير من الناس، وهيئ الناس على هذا، شم بعض الناس أن القرآن لمجرد تصحيح الصلاة، ولذلك لا تجد باكياً طول ليالي رمضان إلا القليل النادر، فإذا جاء ليلة الختمة تجدهم يتجهزون بالبكاء قبل أن يشرعوا في الصلاة، الناس هيئوا لهذا، فما يصلح، الأصل أن القرآن هو الذي يحرك القلوب، هو كلام الله -جل وعلا-، لكن يؤدى على طريقة يستفيد منها الناس، ويتأثر بها الناس، ولا يقول قائل: إن التأثير يكون للصوت، لا، أبداً، التأثير إنما هو للقرآن المؤدى بهذا الصوت، بدليل لو أن هذا الصوت لو قرئ به غير القرآن ما بكى الناس، ولا تأثروا، فالتأثير للقرآن المؤدى بالصوت الجميل، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: بما أن المسجد مسجد يصلى فيه على الجنائز هل يجوز أن يعلن في المساجد الأخرى أن فلاناً مات، وسوف يصلى عليه في الوقت الفلاني؟

النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، يعني أخبر بموته، وخرج بهم إلى المصلى فصلى عليه، فالنعي هنا مجرد الإخبار، فإذا كان الإخبار ليكثر الجمع عليه، ويصلي عليه خيار الناس، ويجتمع أهله وأقاربه ومحبوه لمجرد الإخبار فلا بأس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نعى النجاشي، يعني أخبرهم بموته، وأما إذا كان من باب التفاخر، وذكر المحاسن، ورفع الأصوات بالأسواق وغيرها كالجرايد مثلاً للمباهاة والتفاخر فهذا هو النعي المنهي عنه. يقول: كيف تقضى صلاة الجنازة؟ تقضى على صفتها، وما يدركه المسبوق هو أول صلاته، فيكبر ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يكبر فيدعو للميت، ثم يكبر الرابعة ثم يسلم، لكن إن خشي أن ترفع الجنازة قبل أن يدعو لها، نقول له: يتابع التكبير ثم يسلم، لكن إن تيسر أن يأتي بشيء من الدعاء الذي من أجله شرعت صلاة الجنازة لنفع الميت فهو أولى. يقول: لماذا خصص المنافقين بالثقل؟ الثقل بالنسبة للمنافقين غير الثقل بالنسبة لكثير من المسلمين، هذا يختلف، الثقل الذي يتصف به المنافقون من أجل أنهم يراءون الناس، فلولا الناس ما صلوا، وأما بالنسبة لما يتصف به بعض المسلمين، وإن كان فيهم مشابهة للمنافقين من وجه إلا أنهم يصلون من غير مرآءة لأحد، فلو لم يرهم أحد لصلوا. يقول: هل يمكن إعادة أقوال أهل العلم في إمامة الجالس؟

باب: صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-

المالكية لا يرون صحة إمامة الجالس، لا تصح إمامة الجالس، ولا تصح الصلاة خلفه، لا من قيام ولا من قعود، هذا رأي المالكية، وعند الشافعية والحنفية قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وإذا صلى جالساً صلوا جلوساً أجمعين)) هذا منسوخ بما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في مرض موته -عليه الصلاة والسلام- الذي مات فيه صلى جالساً، والناس من ورائه قياماً، والحنابلة يحملون هذا على صورة، والأصل أن من صلى جالساً يصلى خلفه من جلوس، لكن بالقيود التي ذكروها، إذا ابتدأ إمام الحي ابتدئ الصلاة جالساً، وإمامته -عليه الصلاة والسلام- في مرض موته إنما ابتدأت من قيام، لا من جلوس، ابتدأها أبو بكر -رضي الله عنه-، أن يكون إمام الحي، وليس أي إمام يؤتى به مقعد يقال: صل بالناس، وأيضاً لا بد أن يكون لمرض يرجى برؤه، ما يؤتى بإمام قطعت رجلاه، ثم يقال: تقدم للناس فصل بهم، ويصلي الناس وراءك قعود، لا، هذه قيود جعلها الحنابلة ليعملوا بجميع النصوص. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-

عني أهل العلم ببيان صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- على ضوء ما ثبت عنه ليتحقق للقارئ امتثال الأمر: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ولولا عناية أهل العلم بمثل هذا الباب ما تيسر لنا أن نصلي كما صلى -عليه الصلاة والسلام-، فنقلت صلاته بالأسانيد الصحيحة الثابتة المتصلة إلى يومنا هذا، ليتم امتثال الأمر، وأنه هو القدوة، وهو الأسوة، والصلاة وجميع العبادات لا يدخلها الاجتهاد، العبادات توقيفية، فتذكر صفة صلاته -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنها بيان لما أجمل في القرآن، جاء الأمر بإقامة الصلاة والمحافظة على الصلاة، لكن كيف تؤدى هذه الصلاة؟ تؤدى اقتداء بالأسوة، اقتداء بالقدوة المبين عن الله -جل وعلا-، المفسر للقرآن، الموضح له، وهكذا يقال مثل هذا في بقية العبادات، كلها لا بد أن تكون موافقة لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا بد أن يتحقق الشرط الثاني بعد الإخلاص، أن تكون على ضوء ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا عقد مثل هذا الباب، باب صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة" (كان) هذه تدل على الاستمرار، وقد تدل على وقوع الفعل مرة أو أكثر، لكن الصيغة صيغة استمرار، هذا الأصل فيها "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر في الصلاة" تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، لا تصح إلا بها، ولا تصح إلا بهذا اللفظ: الله أكبر، هذا هو المنقول عنه -عليه الصلاة والسلام-، ولم يحفظ عنه أنه قال غير هذا اللفظ، فلا يقوم مقامه غيره، كـ (الله الأعز، الله الأجل، الله الأكرم، الله الأعظم) كل هذا ما يجزئ، وإن قال به بعض الأئمة، لكن لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كبر بغير هذا اللفظ، افتتح الصلاة بغير هذا اللفظ، يقول لو قال: الله الكبير كفى، لكن الصواب ما جاء عنه، وما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام-، ولو كان غيره يقوم مقامه لنقل ولو مرة واحدة لبيان الجواز، لكن لما لم يكن غير هذا اللفظ مجزئاً عنه لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كبر من غير هذا.

تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة عند الجمهور، ويرى الحنفية أنها شرط من شروط الصلاة، وش الفرق بين القولين؟ ما الفرق بين القولين؟ بينهما فرق أو ما فيه؟ الآن من أي ناحية الفرق؟ يعني لو صلى ناسياً بغير طهارة، أو صلى ناسياً بغير تكبيرة إحرام، في فرق؟ الصلاة تنعقد أو ما تنعقد؟ لا تنعقد، وش الفرق بينهما؟ الشرط لا يسقط، إلا مع العجز والركن كذلك. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

لا أنا أريد الفرق بين الركن والشرط، الجمهور يقولون: ركن، والحنفية يقولون: شرط، وش الفرق بينهما؟ نعم يعني الركن داخل الماهية، والشرط خارج الماهية، وش اللي ترتب على هذا من فائدة؟ يعني يمكن أن يقول: الله أكبر وهو لم يدخل في الصلاة، يعني هل معنى قول الحنفية: إنها الشرط أنه يمكن أن يكبر في البيت مثل ما يتوضأ في البيت ويجي يصلي؟ نعم؟ هم يقولون: شرط مقارن، لا بد أن يكون مقارن لأول جزء من الصلاة، لكنه شرط وليس بركن، فيه فائدة الخلاف أو ما فيه فائدة؟ يعني لو كبر وهو حامل نجاسة هذا متنجس، ثم قال: الله أكبر، يعني وضعه مع نهاية الراء، وضع هذا المتنجس مع نهاية الراء، صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ صحيحة عند من؟ عند الحنفية؛ لأنه لم يشرع في الصلاة، حمل النجاسة خارج الصلاة، وأما عند الجمهور فصلاته باطلة؛ لأنه حمل النجاسة داخل الصلاة، مثل أيضاً لو غير نيته مع نهاية التكبير يصح عند الحنفية بخلاف الجمهور، مسائل كثيرة مترتبة على مثل هذا الخلاف، فلا بد من الانتباه لمثل هذا. "إذا كبر في الصلاة" جنس في الصلاة سكت هنيهة، وهو يقول في هذا السكوت دعاء الاستفتاح، في الصلاة والمراد بالصلاة الجنس، فهل يستفتح في صلاة الجنازة مثلاً؟ في صلاة الخسوف؟ في صلاة العيد؟ في صلاة قيام الليل؟ في النافلة؟ في الفريضة؟ هناك "في الصلاة" جنس، يستفتح أو ما يستفتح؟ لأن الصلاة جنس تشمل جميع الصلوات، قد يقول قائل: المراد الصلاة التي يتبين فيها هذا السكوت، أما الصلاة التي لا يتبين فيها سكوت قد لا تكون داخلة في السؤال؛ لأنه بعد التكبير ساكت باستمرار، وصلاة الجنازة من هذا النوع، لكن يرد عليه صلاة الظهر والعصر مثلاً، نعم، فهل نقول: إن صلاة الجنازة يستفتح فيها استدلالاً بعموم الخبر: "في الصلاة"؟ هذا يقول: ما قول الحنفية في تكبيرة الإحرام أهي شرط أم ركن؟ عرفنا قول الحنفية أنها شرط، والجمهور على أنها ركن، وعرفنا الفائدة المترتبة على هذا الخلاف.

صلاة الجنازة فيها استفتاح وإلا ما فيها استفتاح؟ بدليل؟ إذا قلنا: إذا كبر في الصلاة سكت، في الصلاة جنس الصلاة، وعلى هذا سجود التلاوة عند من يقول: إنه صلاة يستفتح وإلا ما يستفتح؟ جنس، يستفتح على هذا، لكن هل المراد بـ (أل) هنا الجنس أو العهد؟ نعم؟ العهد، والصلاة المعهودة هي الصلوات الخمس؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . المفروضة؟ النوافل ما فيها استفتاح؟ أو المراد بها الصلاة ذات الركوع والسجود؟ وهي الصلاة المعهودة خلاف الصلوات الطارئة؟ نعم يا إخوان؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . المعهودة التي هي الصلوات الخمس، وما في حكمها، أما الصلوات غير المعهودة، ما الذي يخرج غير صلاة الجنازة؟ هو ما في غيرها، في غير صلاة الجنازة ليس فيها ركوع ولا سجود؟ طالب:. . . . . . . . . السجود، سجود عند من يقول: إنه صلاة، سجود التلاوة وسجود الشكر لا يدخل إذا قلنا: المراد بالصلاة المعهودة المعروفة بقيامها وركوعها وسجودها، فتخرج صلاة الجنازة فتحتاج إلى دليل خاص ولا دليل، اللهم إلا إذا قيل بأن (أل) هنا للجنس، فيشمل جميع الصلوات، فتدخل صلاة الجنازة. "سكت هنيهة قبل أن يقرأ" والإشكال لو قلنا: إنه في ما يمكن السؤال عنه والذي يمكن السؤال عنه هو الصلاة الجهرية التي يتصور فيها السكوت، يرد علينا الصلوات السرية من المفروضات. "سكت هنيهة" وفي رواية: هنية، والمراد زمناً يسيراً، بدليل التصغير، هنيهة، هنية، في هذا دليل على أنه لا يجمع بين أدعية الاستفتاح؛ لأنه يترتب على الجمع بينها أن تكون السكتة طويلة.

"فقلت: يا رسول الله" هذا أبو هريرة، وحريص على الخير، عُرف أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- بالحرص على الخير؛ لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((قد علمت من حرصك على الخير)) يعني علمت أنك تسأل هذا السؤال من حرصك على الخير، فسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي" يعني يفديه بأبيه وأمه، والتفدية جائزة عند أهل العلم، حصلت منه وله -عليه الصلاة والسلام-، سمع ولم ينكر "أرأيت" يعني أخبرني "سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ " يعني هذا الوقت الذي تسكت فيه بعد تكبيرة الإحرام ماذا تقول فيه؟ "قال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) " المباعدة هنا يعني قبل وقوعها أو بعد وقوعها؟ قبل وقوعها إذاً كيف يقول: خطاياي؟ كيف ينسبها إلى نفسه وهي لم تقع منه؟ الطالب:. . . . . . . . . يعني باعد يعني قبل وقوعها، إذاً كيف ينسبها إليه؟ كيف صارت خطاياه وهي لم تقع؟ أنه خطاء، يعني الأخطاء المتوقعة، وهذا تعليم للأمة، وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- معصوم، وقد يكون فعله لخلاف الأولى بالنسبة له كخطأ غيره، وقد عوتب في ذلك ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) يعني اعصمني من الوقوع في الخطأ، هذا قبل وقوعها، وإذا وقعت فامح أثرها بالتنقية الآتية ((كما باعدت بين المشرق والمغرب)) هذه مبالغة في الحيلولة بينه وبين وقوع الخطأ، وهذا تعليم لأمته -عليه الصلاة والسلام- ((اللهم نقني)) من التنقية، ((من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس)) يعني إذا وقعت نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، والثوب الأبيض هو الذي يظهر فيه الدنس، وهو الذي يفيد فيه التنقية والتنظيف أكثر من غيره، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس من الوسخ.

((اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)) أيهما أولى البداءة بالتنقية أو بالغسل؟ يعني لو قدم قال: اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس؟ يعني كما في دعاء؟ نعم الجنازة، الجنازة مثل هذا وإلا فيه تقديم وتأخير؟ فيه تقديم وتأخير، أيهما أولى أن يقدم التنقية أو يقدم الغسل؟ يقدم إيش؟ التنقية، لماذا؟ لأن؟ نعم، لو قدم الغسل اقتضى بقاء شيء يحتاج إلى تنقية، لو قدم الغسل، ولذا يقولون: التخلية قبل التحلية، فإذا نقي وتتبعت مواطن الوسخ، وأزيلت، ثم غسل الجميع غسلاً تاماً كاملاً ما بقي شيء، لكن لو غسل قبل ثم نقيت لاحتمل أن يبقى شيء، ولذا الدعاء في هذا الموضع يقولون: أبلغ من الدعاء في الجنازة، ولعل من يدرك سر في تقديم الغسل على التنقية في الجنازة، والعكس هنا هذا هو الأصل؛ لأنه تتبع المواطن -مواطن الوسخ- فتغسل، تنقى، ثم بعد ذلك يغسل الثوب، لا شك أن هذه تخلية أولاً ثم تحلية، أنت الآن الجدار هذا فيه بقع، لو أردت أن تصبغه صبغ أبيض فوق هذه اللون، وفيه البقع، احتمال يظهر أثر هذه البقع بعد الصبغ، لكن لو أزلت هذه البقع ثم صبغته بالأبيض انتهى الإشكال، ومن هذا إزالة النجاسة من أعضاء الوضوء قبل غسلها، تزال النجاسة إذا وجدت، تزال الأوساخ إذا وجدت قبل الوضوء؛ لأن التخلية قبل التحلية، هذا أمر معروف عندهم، وفي حديث الدعاء للميت: ((اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا)) قد يقول قائل: إنه بحاجة إلى غسل؛ لأن الموت موجب للغسل، بحاجة للغسل، ثم بعد ذلك ينقى من ذنوبه بدعاء إخوانه له، فعلى كل حال النصوص هذه ليس لأحد أن يعترض عليها، لكن إذا وجد تعليلها وتوجيهها هذا هو المطلوب؛ لئلا يبقى أدنى إشكال في ذهن الطالب والمتعلم.

((اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطايا بالماء والثلج والبرد)) أيهما أفضل للتنظيف الماء الحار أو الماء البارد؟ البارد بدلالة النص أو الواقع؟ هو إذا كان الحار يكون سبباً في تليين بعض الأوساخ وإزالتها صار له دور، وإذا كان البارد سبب في تجميد بعض الأوساخ صار الحار أفضل، لكن بالتجربة الحار في الغالب ينبو عن البدن، وأما البارد لأن البدن إذا جاءه البارد ينقبض، ويصير فيه شيء من الخشونة التي تكون في الغسل أبلغ، هذا ملاحظ وإلا مو ملاحظ؟ يعني البارد لما تغسل بماء حار مثلاً مرور الماء الحار على البدن لا يؤثر على البدن تأثير الماء البارد الذي يجعل البدن ينكمش معه فيصير فيه تجاعيد؛ لأن الشيء الأملس تنظيفه أشق أو أسهل من الخشن؟ لأن الماء البارد حينما يرد على اليد مثلاً ما في شك أنها تنكمش يصير فيها شيء من الخشونة، ما هي بمثل الماء الساخن الذي يمر ولا يؤثر، ولذا حتى في التجربة يقولون: إن البارد أقوى في التنظيف من الحار، وقد التمس هنا مناسبة أن الذنوب لها حرارة، وحرارتها يناسب تنظيفها بهذا الأشياء البادرة، بالماء والثلج والبرد، وإذا توالت هذه المنظفات أكثر من منظف، ثلاثة منظفات هل يبقى من الدرن شيء؟ ....

كتاب الصلاة (6)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (6) الشيخ: عبد الكريم الخضير وإذا توالت هذه المنظفات أكثر من منظف، ثلاثة منظفات هل يبقى من الدرن شيء؟ يعني افترض أنك غسلت الثوب بماء وصابون وشامبو، ثلاثة أشياء لا تُبقي شيئاً. دعاء الاستفتاح سنة عند جمهور أهل العلم، ويرى المالكية عدم مشروعيته للحديث الآتي، فيقول: الله أكبر الحمد لله رب العالمين، دون استفتاح، ولا تعوذ ولا بسملة، هذا عند المالكية، الجمهور يستدلون بمثل هذا الحديث، ويرون استحباب دعاء الاستفتاح، وجاء في استفتاحاته -عليه الصلاة والسلام- صيغ متعددة، ومن أشهرها بل من أصحها هذا المذكور لأنه متفق عليه، وفي صحيح مسلم من حديث عمر موقوفاً عليه "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك" ... إلى آخره، ورجحه الإمام أحمد لوجوه ذكرها ابن القيم في زاد المعاد، يرجع إليه من أراده، وجاء استفتاح لصلاة الليل، وجاء استفتاحات أخر، واختلافها من باب اختلاف التنوع، وليس من باب اختلاف التضاد، فعلى المسلم لا سيما طالب العلم الذي يطلع على هذه الأنواع أن يستفتح بها كلها، في كل صلاة يستفتح بدعاء خاص، مره يستفتح بهذا، ومرة بحديث عمر، ومره بالاستفتاحات الأخرى وهكذا، وقيام الليل جاء استفتاحه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-. يقول: ((اللهم باعد بيني)) هو إمام وإلا منفرد -عليه الصلاة والسلام-؟ إمام، والصلاة المسئول عنها هو فيها إمام -عليه الصلاة والسلام- ((باعد بيني)) هل يجوز للإمام أن يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه على كل حال جاء في الحديث حديث ثوبان وغيره ((لا يؤمن أحد قوماً فيخص نفسه بدعوة دونهم)) وجاء عليه الوعيد، لكن تخصيص الإمام نفسه بالدعاء، كما هنا: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) ابن خزيمة -رحمه الله- وهو من أعرف الناس في التوفيق بين الأحاديث المتعارضة، حكم على حديث ثوبان بأنه موضوع؛ لأنه معارض بهذا الحديث الصحيح، لم يبن له وجه الجمع بين هذا الحديث وذاك، شيخ الإسلام يرى أن النهي خاص بالدعاء الذي يؤمن عليه كدعاء القنوت مثلاً، يعني هل يليق بالإمام وخلفه الصفوف يقول: اللهم أهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، والجماعة يقولون: آمين؟ يليق به هذا؟ يدعو لنفسه وهم يؤمنون؟ لا، لا يليق به هذا، ولا يجوز له أن يخص نفسه بدعوة دونهم في الدعاء الذي يؤمن عليه، كدعاء القنوت، السخاوي يرى أن الدعاء الذي لا يجوز للإمام أن يخص نفسه به هو الدعاء الذي لا يشرع لكل مصلٍ، لكن مثل هذا يشرع لكل مصل أن يقوله، أما إذا دعا الإمام بدعوة في السجود مثلاً، أو بعد نهاية التشهد وقبل السلام، يتخير من المسألة ما شاء، لا يجوز له أن يخص نفسه بالدعوة دون المأمومين، أما ما يشرع لجميع المصلين أن يقولوه، ويشتركون فيه، مثل دعاء الاستفتاح لا يلزم فيه جمع الضمير، وكأن رأي شيخ الإسلام أظهر وأوضح.

وهنا شبه الذنوب والخطايا بالأمور المحسوسة، بحيث توجد في مكان يطلب أن يكون بعيداً كبعد المشرق عن المغرب، وأن تكون هذه الأمور المشبهة بالمحسوس كأنها على بقعة بيضاء، يأتي عليها المنظفات فتزيلها، هذا السكوت الذي بين تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة، سكتة تستوعب دعاء الاستفتاح بالنسبة للإمام والمأموم، وهناك سكتة أخرى إذا فرغ من القراءة كلها، وقبل الركوع يسكت، لا يشبك تكبيرة الركوع بالقراءة، هذا موضع سكوت، وجاء به الخبر، وهناك سكتة ثالثة جاءت في بعض الروايات، وهي بعد قراءة الفاتحة بالنسبة للإمام، يسكت حتى يتراد النفس عنده، ومنهم من يقول: إنه يسكت ليتمكن المأموم من قراءة الفاتحة، لكن سكتة تكون طويلة بقدر قراءة الفاتحة، ولا تنقل نقلاً متستفيظاً هذا فيه ما فيه؛ لأن منهم من يقول: إن على الإمام أن يسكت حتى يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة؛ لئلا ينازع القرآن، ولكي يأتي المأموم بما أمر به، قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تتم إلا بها، وإذا قلنا بهذا قلنا: ما لا يتم إلا الواجب إلا به، ولا يتم التوفيق بين النصوص، بين وجوب الإنصات، وبين وجوب قراءة المأموم إلا بسكوت الإمام، ولذا قال النووي: يسكت قدر قراءة المأموم الفاتحة، يستحبونها استحباباً، والأثر الذي يدل عليها فيه مقال، نعم. عفا الله عنك. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعداً، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السُبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين" يستفتح الصلاة بالتكبير، تكبيرة الإحرام هي مفتاح الصلاة، وسبق الكلام عنها "والقراءة بالحمد لله رب العالمين" هذا يستدل به من يرى عدم الاستفتاح، مجرد ما يكبر يقول: الحمد لله رب العالمين، لكن هل في مثل هذا التعبير والسياق ما ينفي دعاء الاستفتاح، يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، لا يدل على نفي الاستفتاح، بدليل أنه لم يقل: يفتتح الصلاة بالقراءة، يفتتح الصلاة بالتكبير، هذه جملة، ويستفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، وما بينهما مسكوت عنه، هو يستفتح الصلاة بالتكبير، ويستفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، وما بين القراءة والتكبير مسكوت عنه، دلت عليه أحاديث دعاء الاستفتاح، فليس في هذا مستمسك للمالكية.

"يستفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين" يستدل بهذا من يقول .. ، وهذا واضح يعني رأي المالكية في عدم الاستفتاح وعدم التعوذ والبسملة يتمسكون بمثل هذا، لكن استفتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين دليل لمن يقول: إن البسملة ليست من الفاتحة لوجوب قراءة الفاتحة، والقراءة تكون بالحمد لله رب العالمين، فيقول: ما دام ما ذكرت البسملة هنا إذاً ليست من الفاتحة، الفاتحة ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب)) هي الفاتحة، وهنا استفتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين، إذاً ليس قبل الحمد شيء، النتيجة البسملة ليست من الفاتحة، والخلاف في البسملة هل هي آية من الفاتحة، أو من كل سورة، أو ليست بآية مطلقاً؟ أولاً: الإجماع قائم على أنها بعض آية من سورة النمل {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(30) سورة النمل] هذا إجماع، والإجماع الثاني قائم على أنها ليست بآية في أول سورة التوبة، والخلاف فيما عدا ذلك، منهم من يقول: إنها آية من الفاتحة فقط، ومنهم من يقول: إنها آية في أول كل سورة، يعني مائة وثلاثة عشرة آية في القرآن، في أوائل السور عدا التوبة، ومنهم من يقول: هي آية واحدة، نزلت للفصل بين السور، آية واحدة وليست مائة وثلاثة عشرة آية، نزلت للفصل بين السور، وهذا يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، والخلاف في البسملة هل هي من الفاتحة أو من السور، خلاف طويل، وهي مسألة كبرى، يستدل من يقول بأنها آية باتفاق الصحابة على كتابتها، ويستدل من يقول بأنها ليست بآية بوقوع الخلاف فيها، إذ لو كانت آية لما ساغ الخلاف فيها، وألف فيها مؤلفات، البسملة وهل هي من القرآن؟ نعم فيها مؤلفات لأهل العلم من المتقدمين، وهي مسألة من كبار المسائل؛ لأن الذي يقول: آية، يقول: كيف يختلف بآية والقرآن محفوظ من الزيادة والنقصان لا يتطرق إليها اختلاف؟ والذي يقول: هي آية يقول: اتفق الصحابة على كتابتها، ولم يكتبوا غيرها، ولو لم تكن من القرآن لما ساغ لهم إبطالها، أظن مأخذ القولين واضح.

في الحديث الصحيح: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي)) ... إلى آخر الحديث، وهذا الحديث يستدل به من يرى أن البسملة ليست بآية من الفاتحة، كما يستدل بحديث الباب "والقراءة بالحمد لله رب العالمين" الذين يقولون: إنها آية، نقول: نعم هي آية من الفاتحة، وافتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين، يعني بهذه السورة لا بغيرها من السور، وفي الحديث الصحيح: "صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر وعمر فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" وجاء في الصحيح: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، والنص المتفق عليه: "يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" ولم يتعرضوا لنفي البسملة، والحمد لله رب العالمين كأنه علم على السورة، كما تقول: سورة الحمد، ولم يتعرض الراوي لنفي البسملة، لكن ظن بعض الرواة أن كونهم يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فنقل ذلك، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: وعلة المتن كنفي البسمله ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله

يعني فقال: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، لا في أول القراءة ولا في آخرها، لكن معروف الحديث مخرج في الصحيح، في مسلم، وحمله على وجه يصح هو المتعين صيانة للصحيح، ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وابن حجر وجمع من أهل العلم حملوا نفي الذكر على نفي الجهر، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم يعني جهراً، لا يذكرونها فيما يسمعه الناس، ولا يمنع هذا من الإسرار بها، فتتفق الروايات على أن القراءة تبدأ جهراً بالحمد لله رب العالمين، وما يسر به يدخل فيه الاستفتاح، ويدخل فيه التعوذ، ويدخل فيه البسملة أيضاً، والإسرار بالبسملة مما يرجح كونها ليست من الفاتحة، وأكثر الأدلة تدل على الإسرار بها، والإسرار بها هو قول الحنفية والحنابلة وغيرهم، أما الشافعية فيرون الجهر بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأنهم يرونها آية من الفاتحة. "وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك" لم يشخص رأسه يعني يرفع رأسه {لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [(42) سورة إبراهيم] يعني ترتفع، شخص البصر يعني ارتفع، ومنه الشاخص، الشيء المرتفع، ومنه الشخص لارتفاعه عن الأرض، المقصود أنه لم يشخص يعني لم يرفع "ولم يصوبه" لم ينزله إلى جهة الأرض، ومنه الصيب، المطر الذي ينزل إلى جهة الأرض "ولم يصوبه" ولكن بين ذلك، يكون باستواء الظهر، وجاء في صفة ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه يسوي ظهره، بحيث لو صب الماء على ظهره لاستقر، نلاحظ من كثير من المصلين الخلل في هذا الركن، إما أن يرفع رأسه وظهره أيضاً، أو يحنيه، يهصر ظهره هصراً، بحيث ينزله إلى جهة الأرض "ولكن بين ذلك" فعله -عليه الصلاة والسلام- بين ذلك، يسوي ظهره.

"وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً" بخلاف بعض من ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة، الذين يقولون: لا يستوي، مجرد ما يرفع رأسه يشعر نفسه أنه انتقل من الركوع يسجد، ومثله إذا انتقل من السجود يهوي إلى السجدة الثانية مباشرة، وهذا النقر مردود بهذا الحديث، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، ومثله إذا رفع رأسه من السجدة، لم يسجد حتى يستوي قاعداً، وأمر بذلك المسيء في صلاته، أمره بالطمأنينة في هذين الركنين، ثم ارفع حتى تطمئن رافعاً، الطمأنينة مأمور بها، وهي ركن في جميع أركان الصلاة، وإذا لم يكن صنيع هؤلاء هو النقر المنهي عنه فلا نقر. "وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعداً" عرفنا صفة الركوع، وأما صفة السجود فستأتي في المجافاة، نعم تأتي في المجافاة -إن شاء الله تعالى-. "وكان يقول في كل ركعتين التحية" في كل ركعتين يعني بعد الركعتين الأوليين تحية، وبعد الركعتين الأخريين تحية، بعد الأوليين التشهد الأول، وبعد الأخريين التشهد الثاني، لكن ماذا عن الثالثة؟ هل بعدها تحية أو لا؟ مقتضى الحديث بعد كل ركعتين، فإذا صلى المغرب وصلى ركعتين، جلس للتشهد الأول، ثم جاء بثالثة مقتضى هذا الحديث في كل ركعتين التحية، أما إذا كانت ركعة واحدة مفهومه أنه لا تحية، والأدلة القطعية دلت على أن التحية تكون بعد الثالثة، وتكون بعد الخامسة، وتكون بعد السابعة، وتكون بعد التاسعة في الوتر، وعند من يصحح الوتر بواحدة، وهو ثابت عن بعض الصحابة، يكون بعدها التحية، لكن هذا ماشي على الثنائية والرباعية، وما عداهما دلت النصوص القطعية عليه.

"وكان يقول في الركعتين التحية" هذا عنوان التشهد، التحيات لله، ويقع في الصلاة تشهد واحد أو أكثر، بعض الصلوات فيها تشهد واحد، وبعضها فيها أكثر من تشهد، فيها تشهدان، فالتشهد الأول الذي يقع بعد الركعتين الأوليين واجب، بدليل وجوبه لأنه جبر بالسجود في حديث عبد الله بحينة على ما سيأتي، ولو كان مندوباً لما احتاج إلى سجود، وعدم ركنيته بدليل أنه لم يرجع إليه لما نبه، فدل على أنه واجب من واجبات الصلاة، وسيأتي تقريره في حديث عبد الله بن بحينة، وأما التشهد الأخير فهو ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به. "وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى" يعني يفرش اليسرى، ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، وهذا يسمى افتراش، وهكذا يجلس في التشهد الأول، والتشهد إذا لم يكن في الصلاة إلا تشهد واحد، وبين السجدتين، يجلس مفترشاً، وجاء ما يدل على أن من السنة أن يجلس على عقبيه بين السجدتين كما في حديث ابن عباس، وأما بالنسبة للتشهد الثاني يخرج رجله اليسرى بحيث تكون تحت ساقه اليمنى، ويجلس على مقعدته كما في حديث أبي حميد وغيره، وعلى هذا الصلاة التي فيها تشهدان دل الدليل على أن الافتراش في التشهد الأول، والتورك للتشهد الثاني، وهذا قول الحنابلة، الحنفية ما عندهم شيء اسمه التورك، كل جلوسهم افتراش، والمالكية ما عندهم افتراش في التشهد، إنما كله تورك، فالأول والثاني كله تورك، الحنفية في الأول والثاني افتراش، والحنابلة الأول افتراش، والثاني تورك، والشافعية يتورك في كل تشهد يعقبه السلام، فمن يوافقون من الأئمة؟ الشافعية؟ يوافقون من؟ في كل تشهد يعقبه السلام، اجب. الطالب:. . . . . . . . . من يوافقون؟ في كل تشهد يعقبه سلام، المالكية في الظهر والعصر والعشاء يتوركون في التشهدين، لكن الشافعية ما يتوركون في التشهد الأول، ولا في الثاني إذا لم يعقبه السلام، كيف يكون في التشهد الثاني ولا يعقبه السلام؟ الطالب:. . . . . . . . . لا ما يصير ثاني، المسبوق ما يصير ثاني له. الطالب:. . . . . . . . .

ما يكون ثاني بالنسبة للمسبوق، نعم، إن صار عليه سجود سهو، ما يتورك، الحنابلة يقولون: يتورك في التشهد الثاني باستمرار، ويفترش في الأول، الشافعية في صلاة الفجر يتورك وإلا ما يتورك؟ يتورك؛ لأنه يعقبه سلام، في صلاة الظهر إن كان يعقبه سلام تورك وفي الثاني دون الأول، والدليل يدل على صحة ما ذهب إليه الحنابلة من الفرق بين التشهدين. "وكان ينهى عن عقبة الشيطان" عقبة الشيطان، تبون نجيب منها مثال من ها الجالسين أو لا؟ الطالب:. . . . . . . . . لا صعب يكون فيه إحراج له، هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . بالوصف ما يخالف، تمثيلها لا بأس، أما يمثل بشخص جالس إحراج له، مع أني إلى الآن ما رأيت من يطبقها تطبيق دقيق ولله الحمد، يجلس على إليتيه، ينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الأرض، هذه عقبة الشيطان، وهي كما يقعي الكلب، مثل الكلب، يرفع الرجلين كلهن، ويضع يديه يستند على يديه في الأرض، يلصق الرجل إليتيه يديه على الأرض، وينصب فخذيه وساقيه، ويرسل يديه على الأرض، يعتمد عليهما، هذه عقبة الشيطان. "وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع" في رواية: افتراش الكلب، والمراد افتراش الذراعين وهذا قد يفعله بعض الناس إما جهل وإما حاجة، يحتاج إلى أن يضع يديه على الأرض، اليدين الذراعين إلى المرفق على الأرض وهو ساجد، هذا افتراش السُبع المنهي عنه، وقد نهينا عن مشابهة الحيوانات، ونهينا عن نقر الغراب، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش السُبع، ونهينا عن الإشارة عند السلام كأذناب خيل شُمس، يعني باليدين، ونهينا أيضاً عن بروك البعير، ونهينا عن تدبيح الحمار، على كل حال هذه الأمور موجودة في كتب الشروح، ومنظومة، من أرادها يرجع إليها.

"وينهى عن أن يفرش الرجل ذراعيه افتراش السُبع" وكان يختم الصلاة بالتسليم، ولا شك أن الصلاة تفتح بالتكبير وهو مفتاحها، وتختتم بالتسليم، والتسليم ركن عند الجمهور والحنفية لا يرونه، لا يرونه ركناً، بل بمجرد ما ينتهي من التشهد يخرج من صلاته، ولو بالحدث، المقصود أن صلاته انتهت، ويستدلون ببعض طرق حديث ابن مسعود "أنك إذا قلت التشهد فقد تمت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم" وهذا كلام مدرج، وليس من أصل الحديث. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود. الحديث الثالث: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة" يعني مع تكبيرة الإحرام يرفع يديه، إذا كبر للركوع رفع يديه، إذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه كذلك، وهناك موضع رابع، إذا قام من الركعتين، كما في حديث ابن عمر في البخاري، يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-. رفع اليدين حذو مقابل المنكبين، والمنكب مجتمع رأس العضد مع الكتف، وجاء ما يدل على رفعهما إلى فروع أذنيه، فمنهم من اختار هذا، حذو المنكبين كالشافعية، ومنهم من اختار كالحنفية فروع الأذنين، ومنهم من قال: يوفق بينهما، يجمع بين النصين، بأن يكون أطراف الأصابع حذو فروع الأذنين، وخلف الكف يكون حذو المنكبين، وإذا أمكن التوفيق فهو متعين، فمنتهى الرفع للأصابع يكون مقابل لفروع الأذنين، وظهور الأكف إلى المنكبين.

رفع اليدين في المواضع الثلاثة أو الأربعة يقول به أكثر أهل العلم من السلف والخلف، والحنفية يقولون: ترفع اليدان مع تكبيرة الإحرام فقط، وهو أيضاً قول عند المالكية، عند تكبيرة الإحرام، أما الرفع عند الركوع مع تكبيرة الركوع ومن الرفع منه، فقال به الشافعية والحنابلة، وعند الشافعية أيضاً وهو مخرج على أصول إمامهم الرفع في الموضع الرابع، أما الحنابلة فلم يقولوا بالموضع الرابع الذي هو بعد الركعتين، وعرفنا أنه مخرج في الصحيح من حديث ابن عمر مرفوعاً، فهل خفي هذا الحديث على الإمام أحمد؟ ما خفي عليه، لماذا لم يقل به، ولم يقل به أتباعه؟ أما الأتباع فهم تبع له، وهذا شأن المقلد لا يقول بما يخالف قول إمامه، أما بالنسبة للإمام فلم يثبت عنده مرفوعاً، وعند الإمام أحمد موقوف، الإمام أحمد يرجح الوقف، والبخاري يرجح الرفع، إذا وجد مثل هذا الخلاف يعني هل الإمام أحمد دون البخاري في المنزلة في الحديث وعلله؟ ليس دونه أبداً، فإذا وجد مثل هذا الخلاف، فماذا نصنع؟ هل نقول: نرجح الرفع لأنه ثبت في صحيح البخاري، أو نرجح الوقف لأنه قال به إمام من أئمة المسلمين قوله معتبر؟ من الأئمة الحفاظ المعروفين، من شيوخ البخاري، أعني الإمام أحمد من شيوخ البخاري، فما الذي يرجح؟ يعني هل يلام الحنابلة حينما لا يقولون بالموضع الرابع وإمامهم لم يثبت عنده الرفع بل هو موقوف من فعل ابن عمر؟ طيب ما موقف طالب العلم الذي هو ليس بمقلد، يعني شأنه الإتباع، وثبت عنده الحديث في صحيح البخاري مرفوع، يرفع وإلا ما يرفع؟ وإذا رفع يكون رجح رأي البخاري على رأي أحمد، وإلا كيف يصنع طالب العلم؟ الطالب:. . . . . . . . . لا هو الخبر واحد، إما مرفوع أو موقوف، لا بد من الترجيح في هذا، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . .

يعني حتى على الرواية الموقوفة العبادات توقيفية، لا تدرك بالرأي، ليست من اجتهاد ابن عمر، لكن في الجملة افترض أن المسألة مما للرأي فيها مجال، اختلف قول البخاري مع قول أحمد .. أولاً: ما ثبت في الصحيحين عن البخاري ومسلم لا يعارض بما قيل من أي إمام كان، لماذا؟ لأن الأمة تلقت الصحيحين بالقبول، يعني الترجيح بين البخاري وأحمد فيما لو نقل الترمذي عن البخاري تصحيح حديث، وقال أحمد بتضعيفه هنا نرجح أو العكس، إمام مع إمام، لكن كتاب التزمت صحته وتلقته الأمة بالقبول، حتى جزم جمع من أهل العلم أن جميع ما في البخاري صحيح، وأنه قطعي، وقال قائلهم: لو حلف رجل بالطلاق أن كل ما في صحيح البخاري صحيح ما حنث، فتلقي الأمة بالقبول للكتابين لا يعارض بقول أي إمام، يعني لو نقل لنا تصحيح البخاري خارج الصحيح بسند يثبت عن البخاري، يقول الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عن حديث كذا، فقال: صحيح، ثم نقل لنا بالسند أو نص عليه في كتب الإمام أحمد أن الحديث ضعيف، هنا نرجح ونشتغل، لكن ما دام التصحيح في الصحيح الذي التزمت صحته ما لأحد كلام، ولذا لو روى الإمام البخاري حديثاً، وعارضه حديث بنفس الإسناد الذي رواه به البخاري في مسند الإمام أحمد، ماذا ترجح؟ أرجح ما في البخاري، بلا شك، فهذه المسألة ينتبه لها طالب العلم، صيانة الصحيحين أمر لا بد منه، ولا مندوحة عنه، نعم إذا وجد هناك تعارض واضح بين النصوص في الصحيحين، لا بد من العمل، لا بد من الترجيح بالطرق المعتبرة عند أهل العلم، لكن ما كان خارج الصحيحين لا يعارض بما فيهما.

"حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما" إذا افتتح الصلاة، الأصل أن التكبير للدلالة على الشروع في الصلاة، وللركوع للدلالة على الانتقال من القيام إلى الركوع، وللرفع التسميع للدلالة على الانتقال من الركوع إلى الرفع، فإذا كان القول للدلالة على الفعل طُلب المقارنة بينهما، يكون القول مقارن للفعل، يعني هل الإمام إذا استتم قائماً قال: الله أكبر، أو إذا هوى وباشر السجود قال: الله أكبر؟ الأصل أن التكبير للانتقال، يعني للدلالة على الفعل فيكون مقارناً له، والرفع إنما هو للدلالة على الانتقال مع التكبير فيكون مقارناً له بحيث يرفع مع بداية التكبير، ويضع يديه مع نهايته. هذا يقول: كيف يستطيع الإنسان أن يضبط الأقوال في المسائل مع نسبتها إلى قائلها؟ ويعرف الراجح فيها؟ هذه مع الوقت -إن شاء الله-، والعناية والاهتمام وكثرة المراجعة والمطالعة، وسماع الدروس؛ يضبط الإنسان؛ لأن العلم ينمو كما ينمو بدن الإنسان، وينمو عقله، وتنمو جميع ملكاته، يجتمع على يديه أيضاً من المسائل والعلوم، إذا صدق وجد في الطلب. فيكون التكبير مقارن للانتقال، والرفع مقارن للتكبير؛ لأنه للدلالة عليه؛ لأن مما قيل في حكمة الرفع أن الأصم الذي لا يسمع التكبير يرى الرفع، فهو للدلالة عليه، فهو بمثابته، وإذا كبر للركوع لأن الأصل إذا افتتح، وإذا كبر، وإذا رفع، الأصل في الفعل الماضي أنه فرغ منه، فيكبر إذا فرغ؟ لأن الماضي ماضي على اسمه، أو إذا أراد التكبير رفع؟ أو إذا شرع في التكبير رفع؟ هذا إذا شرع؛ ليكون مقارناً له؛ لأن الفعل يطلق الماضي ويراد به الإرادة، إرادة الشيء {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [(6) سورة المائدة] {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [(204) سورة الأعراف] كلها إرادة، ويطلق ويراد به الفراغ من الشيء ((إذا كبر فكبروا)) إذا فرغ من التكبير، ويطلق ويراد به الشروع في الشيء كما في قوله: ((إذا ركع فاركعوا)) ((إذا سجد فاسجدوا)) ... إلى أخره.

"وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما" كذلك، والموضع الرابع إذا قام من الركعتين، وهل يرفع قبل القيام أو بعد القيام أو مقارن للتكبير؟ مثل ما قلنا مع مقارنة التكبير، وإن قال بعضهم: إنه يرفع يديه قبل أن يقوم ثم يقوم. "وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد" سبق في باب الإمامة ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)) لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعل ويفعل ويفعل، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فدل على أن الإمام يجمع بينهما، الإمام يجمع بين التسميع والتحميد؛ لأن هذا فعله -عليه الصلاة والسلام- وهو إمام، وما جاء في باب الإمامة ((إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا)) يدل على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده للتعقيب بالفاء، وهذا تقدم، ويدل على أن الإمام يقول: ربنا ولك الحمد هذا الحديث، خلافاً لمن يقول: إن الإمام يقول كذا، والمأموم يقول كذا. "وكان لا يفعل ذلك في السجود" يعني لا يرفع يديه في السجود، إذا أراد السجود، وفي حديث أبي حميد: وكان لا يرفع يديه إذا هوى للسجود، فالهوي للسجود والرفع منه لا رفع، إنما الرفع في هذه المواضع المذكورة لا غير، هنا ثلاثة، والرابع في حديث ابن عمر، في حديث: "كان يرفع مع كل خفض ورفع" صححه ابن حزم وقال به، قال: لا بد من الرفع مع كل خفض ورفع، للركوع والسجود والرفع منه، والسجدة الثانية، وجلوس التشهد، هذا كله خفض ورفع، إذاً يرفع يديه، مع أن النص الصريح الصحيح حديث أبي حميد: "وكان لا يرفع يديه إذا هوى للسجود" وهنا: "وكان لا يفعل ذلك في السجود" وهي أصح، بل الحديث الذي فيه: الرفع مع كل خفض ورفع، إما أن يحمل على الركوع والرفع منه، أو يقال كما قال بعض أهل العلم: إنه وهم، الحديث وهم، صوابه: كان يكبر مع كل خفض ورفع. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين والركبتين وأطراف القدمين)).

في حديث "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) " عرفنا أنه إذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت)) كما هنا، أو قال: ((نهيت عن قتل المصلين)) أن الآمر والناهي هو الله -جل وعلا-. وإذا قال الصحابي: أمرنا أو نهينا، فالآمر والناهي هو من له الأمر والنهي، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-.

((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) في حديث العباس في مسلم وغيره ((إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب)) يعني أعضاء، سبعة ((على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه-)) للدلالة على أن الأنف تابع للجبهة، ليس بعضو مستقل؛ لئلا يقول القائل: سبعة والمذكور ثمانية! ولذا جاء في حديث العباس: "وجهه" ليدخل في ذلك الجبهة مع الأنف، لكن مقتضى حديث العباس وجهه، وهنا: على الجبهة، وأشار بيده إلى أنفه، بينهما اختلاف وإلا ما بينهما اختلاف؟ الرجل السوي لا يختلف في حديث ابن عباس مع حديث أبيه، لكن لو افترضنا أن شخصاً أنفه صغير جداً، أو مقطوع الأنف، يسجد على وجهه، كيف يسجد على وجهه؟ يعني بكامل وجهه؛ لأن الذي يرفع بقية الوجه عن الأرض هو الأنف، فإذا قدر عدم وجوده أو وجوده صغيراً هل نقول: يسجد بوجهه أو على جبهته فقط؟ إذا ذهب الأنف، يعني مقتضى حديث العباس وجهه، إذا سجد سجد معه سبعة آراب، وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه، وجهه بدل من سبعة بدل بعض، هل نقول: إن هناك فرق بين على الجبهة والأنف، أو والوجه، وإلا ما في فرق؟ يعني الرجل السوي ما في فرق؛ لأن بقية وجهه يرتفع عن الأرض بالأنف، وعلى هذا إذا قطع الأنف هل نقول: بالإمكان أن يطبق السجود على الوجه أو نقول: نفترض أن الأنف موجود ويكتفي بالجبهة؟ وش يترتب عليه؟ إذا سجد بوجهه معناه أن الفم والخدان كلها في التراب، وهذا مقتضى حديث العباس، لكن المقصود بالوجه ما جاء بيانه في حديث الباب على الجبهة، وأشار بيده إلى أنفه، ليس المقصود الوجه كاملاً، بمعنى أنه لو كان الأنف مقطوع يسجد على الجبهة فقط، كما أن الأقطع يغسل بقية المفروض، هذا هو الأصل، والمراد بالوجه في حديث العباس المراد به الجبهة والأنف، هذا إذا قدر وجود الأنف الذي يرفع بقية الوجه، أما إذا لم يوجد فيفترض كأنه موجود، يسجد على الجبهة فقط، ولا يسجد على وجهه، بمعنى أنه لا يلصق فمه بالتراب، أو خديه بالتراب، فحديث ابن عباس مفسر للمجمل في حديث أبيه.

((على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه-)) فالأصل في السجود الجبهة، ويسجد على الأنف تبعاً لها، وعلى هذا لو سجد على الأنف فقط ورفع الجبهة يصح السجود أو ما يصح؟ ما يصح، لكن لو سجد على الجبهة ورفع الأنف محل خلاف بين أهل العلم، والأصل أنهما كالعضو الواحد، لو رفع بعضه وبقي بعضه، ويوضحه ما بعده اليدين، السجود على اليدين، والمراد باليدين الراحة مع بطون الأصابع، هل نقول: إن اليد هنا مطلقة وفي حديث الوضوء مقيدة إلى المرافق، فيسجد باليدين على المرافق، يحمل المطلق على المقيد؟ لا، لماذا؟ للاختلاف في الحكم والسبب، وإذا اختلف الحكم والسبب ما يحمل المطلق على المقيد، وجاء أيضاً التنصيص على منعه، الافتراش، فاليدان هما الراحة مع بطون الأصابع، وكثير من المصلين يرفع الراحة، يسجد على بطون الأصابع فقط كذا، لا سيما الأحداث صغار السن، يحصل منهم كثيراً، ومثل هذا السجود لا يجزئ، فاليد الراحة هي الأصل، وبطون الأصابع تبع كالأنف، وبعض الناس يجمع اليدين بالجمع، يسجد على الجموع، وهذا أيضاً لا يجزئ؛ لأن السجود ركن، وقد أمرنا بالسجود على السبعة، فلا يتم الامتثال إلا بتحقق مباشرة السبعة للمسجود عليه، فينتبه لهذا، بعض الناس على الأصابع هكذا، ما يجزئ هذا، لكن لو سجد على الراحة، ورفع الأصابع كما لو سجد على الجبهة ورفع الأنف، وفيه الخلاف المعروف.

((واليدين والركبتين)) هذا المخالفة فيه نادرة، يعني وقوع المخالفة من المصلين بما في ذلك الجهال والصغار نادرة، ما في أحد بيرفع ركبته على الأرض إذا سجد، هذه نادرة، لكن لا بد من السجود على الركبتين، وأطراف القدمين، ولتكن الأصابع أثناء السجود مضمومة، وتكون اليدان بحيال الوجه، وأصابع الرجلين إلى جهة القبلة، كما جاءت بذلك النصوص الصحيحة، مباشرة هذه الأعضاء للأرض، أو المسجود عليه، أما بالنسبة للركبتين فلا بد من سترهما، فلا يمكن أن تباشر الركبتان المسجود عليه، وأطراف القدمين جاءت النصوص الصحيحة بالصلاة بالخفاف والنعال، فلا مانع من سترهما، والمباشرة بالحائل لا بد منها، طيب أطراف القدمين الذي يرفع رجليه، وهذا ملاحظ من بعض المصلين، يرفع رجليه وهو ساجد، هذا صلاته معرضة للبطلان، قال ببطلانها جمع من أهل العلم، بعضهم قد يحتاج إلى أن يرفع إحدى القدمين، مثلاً يصلي ساجد جاءت بعوضة فلسعت إحدى رجليه، فاحتاج أن يحكها بالأخرى، ويعيدها إلى مكانها هذا لا يضر -إن شاء الله تعالى-، مثل هذا لا يضر، قلنا: إن القدمين يجوز سترهما بالخفين، والركبتان لا بد من سترهما، وبقيت اليدان والوجه، يعني إذا سجد على حائل، يقول: إذا كان الحائل منفصل فالنبي -عليه الصلاة والسلام- سجد على الخمرة، وهي قطعة بقدر الوجه، إذا كان حائل فلا بأس لا سيما مع الحاجة، وأما بالنسبة .. ، هذا المنفصل، أما المتصل إذا أراد أن يسجد وضع شماغه ما دام متصلاً به هذا يطلقون فيه الكراهة، مع أن الكراهة تزول بأدنى حاجة، يعني من الحاجة أن تكون مثلاً الأرض المسجود عليها حارة، أو باردة شديدة البرودة، أو يكون فيها شوك، لكن بعض الناس من باب الترف، يقول: هذه الفُرش وطئت بالأقدام، وسجد عليها أناس كثير، أحط شماغي أنظف، هل هذه حاجة؟ نعم إذا كان هناك روائح لا يطيقها تنبعث من هذه الفرشات فلا بأس هذه حاجة، أما شيء ما هو بواقع ما فيها روائح، يبي يملأ فمك تراب فيما بعد، تتكبر عن فرشة فرشت لأطهر البقاع للمساجد! تقول: الناس داسوها بالأقدام! وعلى كل حال أهل العلم يكتفون بالكراهة في مثل هذا. طالب:. . . . . . . . .

والله متقضى الحديث السجود ركن، ولا بد من السجود على الأعضاء السبعة، إذا كان جاهل وأول مرة يدري، مثل هذا ما ذهب أقول: ما مضى عفا الله عنه، لكن لا يعود، والذي عنده علم لا يجوز له ذلك بحال، وإعادة الصلاة بالنسبة له متجهة، نعم. عفا الله عنك. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: ((سمع الله لمن حمده)) حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ((ربنا ولك الحمد)) ثم يكبر حين يهوي، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس. وعن مطرف بن عبد الله قال: صليت خلف علي بن أبي طالب أنا وعمران بن حصين، فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكرني هذا صلاة محمد -صلى الله عليه وسلم-، أو قال: صلى بنا صلاة محمد -صلى الله عليه وسلم-. في الحديث يقول: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم" تكبيرة الإحرام "ثم يكبر حين يركع" تكبيرة انتقال، ثم يقول: "سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ((ربنا ولك الحمد)) ثم يكبر للانتقال حين يهوي إلى السجود، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ثم يكبر حين يسجد الثانية، ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجدة الثانية، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس، هذه تكبيرات الانتقال الأولى تكبيرة الإحرام، وعرفنا حكمها، وأما تكبيرات الانتقال الواردة في هذا الحديث والذي يليه حديث مطرف بن عبد الله: "صليت أنا وعمران بن حصين" وهنا قوله: (أنا) ضمير فصل لا محل له من الإعراب، مضى نظائره، يؤتى به لتسويغ العطف.

"أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر" هذه تكبيرات الانتقال، وكان فيها خلاف قديم في زمن أبي هريرة، وجد من الخلفاء من لا يكبر، ووجد من لا يجهر بالتكبير، لكن انقرض هذا الخلاف، فأجمعوا على مشروعية تكبيرات الانتقال، والجمهور على أنها سنن، لا يجب من تركها شيء، وهذه التكبيرات عند الحنابلة واجبة، الانتقال، قال الحنابلة بوجوبها، لمداومته -عليه الصلاة والسلام- عليها، كما في هذين الحديثين، مداومة خلفائه من بعده، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فالمداومة تدل على أن هذا من الواجبات، خلافاً للجمهور الذين اكتفوا بمجرد الاستحباب كغيرها من الأذكار باستثناء الفاتحة؛ لأن عندهم أيضاً "سبحان ربي الأعلى" "سبحان ربي العظيم" "سمع الله لمن حمده" عند الجمهور سنن، لكن الحنابلة يقولون بالوجوب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- داوم على هذه الأمور، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ولم يتركها ولا مرة واحدة، فدل على أنها واجبة، لو تركها مرة واحدة، قلنا: الترك دليل على أن الفعل للاستحباب، على أن الفعل بمفرده عند الجمهور لا يدل على الوجوب، لكن للاستمرار بحيث لم يترك ولا مرة واحدة، مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وكون هذه الصلاة تتكرر مراراً، بهذه الأقوال وهذه الأفعال دل على أنها واجبة.

"قال: صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فكان إذا سجد كبر" يعني للسجود "وإذا رفع رأسه من السجود كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر" كأن هذه التكبيرات من التكبيرات التي تركت في عهد بني أمية، كأنها تركت، ولذا لما قضى الصلاة، قضى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الصلاة، أخذ بيدي يقوله مطرف "أخذ بيدي عمران بن حصين" الصحابي الجليل الذي كان يسلم عليه في مرضه، يسلم عليه عياناً، الخبر صحيح، في الصحيح، تسلم عليه الملائكة عياناً، يسمع السلام، فلما اكتوى انقطع التسليم، فلما ندم عاد التسليم، صحابي جليل يقول: "ذكرني هذا صلاة محمد -صلى الله عليه وسلم-" يعني في عصره تساهل الخلفاء بالتكبير، واقتدى بهم بعض الناس "أو قال" وهذا شك من مطرف " أو قال: صلى بنا صلاة محمد -صلى الله عليه وسلم-" التي نسمع فيها التكبير، كما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، سيأتي في حديث المسيء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره بتكبيرة الإحرام، وفي البقية قال: ((اركع ثم اسجد ثم ارفع)) ما قال: كبر للركوع، كبر للسجود، لعله مستمسك الجمهور في مثل هذا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول: هل يغني المغني ليكون عمدة في المذهب الحنبلي؟

المغني للطالب المنتهي نافع جداً، وهو عمدة في مذهب الحنابلة، ودليل على المذاهب الأخرى؛ لأن المذاهب تؤخذ من أصحابها، فقد ينسب المغني، أو النووي في المجموع، أو شراح الحديث، أو التفاسير الكبار التي تعنى بنقل المذاهب، قد تنسب إلى المذهب رواية غير المعتمدة في المذهب، وغير المشهورة في المذهب، فيكون المغني بالنسبة لمذهب الحنابلة عمدة؛ لأنه إمام من أئمة الحنابلة، فإذا نسب لأبي حنيفة قولاً يتأكد من هذا القول في كتب الحنفية، نسب إلى الشافعي قولاً يتأكد من كتب الشافعية وهكذا، فالمغني من أنفس الكتب التي تذكر المذاهب بأدلتها، وهو عمدة في مذهبه، دليل على المذاهب الأخرى، وقل مثل هذا في المجموع للنووي، والاستذكار لابن عبد البر، وهو في الأصل شرح للموطأ، لكنه جمع فيه ابن عبد البر مذاهب فقهاء الأمصار بأدلتها، وهو عمدة في مذهب المالكية، دليل على المذاهب الأخرى وهكذا. يقول: هل طبعت المطالب العالية التي هي عبارة عن رسائل؟ نعم طبعت كاملة في دار العاصمة، مطبوعة كاملة. يقول: في حديث دعاء الاستفتاح: ((اللهم باعد بيني)) ألا نقول بأن قوله: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) للذنوب التي لم تقع، وقوله: ((اللهم نقني من خطاياي)) للذنوب المتعلقة بحقوق الناس، وقوله: ((اللهم اغسلني)) للذنوب التي وقعت. على كل حال هذا مجرد التماس. يقول: أي الطبعات أفضل للكتب التالية مسند أبي يعلى؟ مسند أبي يعلى مطبوع محقق في أجزاء كثيرة، وله طبعات، لكن أفضلها الطبعة المحققة لسليم الهلالي، أو ما أدري من هو؟ نسيت والله اسم المحقق بالتحديد. مصنف عبد الرازق؟ الطبعة المعروفة الإحدى عشر مجلد، مصنف عبد الرزاق بعناية حبيب الرحمن الأعظمي. وأما مصنف ابن أبي شيبة؟ فالطبعات كلها لا تسلم من أخطاء، الموجودة كلها لا تسلم من أخطاء، بما في ذلك أصل هذه الطبعات الهندية، الآن يطبع الكتاب بعناية اثنين من طلاب العلم، الطبعة هي أمثل من الموجود، فيها شيء من التصحيح، والتعليق الخفيف، وهو تحت الطبع. والتمهيد؟ الأصل في الطبعات كلها الطبعة المغربية. يقول: ذكرتم أن الإمام لا يخص نفسه بالدعاء فكيف في حال الجلسة بين السجدتين يقول: رب اغفر لي؟

هذا يشرع لكل مصلٍ، وهو لا يؤمن عليه، فلا مانع من تخصيص نفسه بالدعاء، كدعاء الاستفتاح. يقول: أفضل طريقة للاستفادة من شروح الكتب السنة لا سيما البخاري؟ وأيهما أفضل؟ إمضاء الوقت باختصار فتح الباري أو قراءته فقط، والانطلاق لما بعده من الشروح؟ وهل لكتاب إرشاد الساري طبعة مناسبة يمكن الحصول عليها .... صورة الطبعات التجارية؟ أقول: طالب العلم إن كان مجرد الجرد والقراءة يستوعب ويحفظ فالقراءة أسرع، على أن يدون رؤوس المسائل لمراجعتها عند الحاجة، أقول: إذا كان الطالب طالب علم يستوعب ويستفيد من القراءة الجرد من غير تدوين للمسائل، هذا لا شك أنه أسرع، على أن يأخذ أقلام ملونة في طريقة شرحناها مراراً، يجعل لكل نص لون خاص، هذا النص هو بحاجة إلى حفظه، يضع عليه لون أحمر مثلاً، وهذا المقطع بحاجة إلى فهمه، والسؤال عما يشكل فيه، يضع عليه علامة خضراء مثلاً، هذا المقطع يحتاج إلى أن ينقله في مذكرته؛ لأن كل طالب علم يجب أن يكون عنده مذكرة، ينقل فيها ما يستغرب من الفوائد والعلوم التي توجد في غير مظانها، ويدون رؤوس المسائل يرجع إليها عند الحاجة، إذا كان لا يستوعب بهذه الطريقة، طريقة الجرد فالاختصار وسيلة من وسائل التحصيل، فيختصر الكتب، يمسك فتح الباري بدل ما هو بأربعة عشرة مجلد يختصره في نصف حجمه، أو ثلث حجمه، يقتصر منه ما يريد، يعلق ما يحتاج منه على نسخته، وهكذا. اختصار فتح الباري أو قراءته فقط والانتقال إلى ما بعده من الشروح؟ مثل ما ذكرنا إذا كانت القراءة يفيد منها طالب العلم، وعنده حافظة تسعفه للإفادة من القراءة مجرد سرد مرة واحدة، فهذه أسرع، أما إذا كان لا يستفيد إلا من معاناة وتعب وترديد كلام، فالاختصار ينفعه كثيراً. وهل لكتاب إرشاد الساري طبعة مناسبة يمكن الحصول عليها؟ نعم الطبعة السادسة التي في حاشيتها شرح النووي على مسلم، من أصح الطبعات، وصورت، ومتدوالة. يقول: هل هناك أحاديث مدونة في داووين الإسلام من الصحاح والمسانيد والسنن؟ ولم يتكلم عليها الأئمة بتصحيح أو تضعيف؟ وإذا كانت الإجابة بلا فما مدى فائدة دراسة مصطلح الحديث إذاً؟

دراسة مصطلح الحديث تؤهل الطالب للاجتهاد، من أجل الحكم على الأحاديث التي لم يحكم عليها إن وجدت، أو للترجيح بين أحكام الأئمة؛ لأنه افترض أن الأحاديث كلها حكم على بعضها أئمة بالتضعيف، وحكم عليها آخرون بالتصحيح، أو توقف بعضهم، أو حكم بعضهم بحكم لا تفهمه أنت ولا من في طبقتك، فعلم المصطلح يؤهلك للترجيح بين أقوال الأئمة؛ لأنه إذا صحح إمام وضعف إمام وش موقفك؟ هل نقول: إن هذا الحديث خلا عن حكم الأئمة؟ ما خلا، لكن أنت بحاجة إلى من يرجح لك. ما الدليل على أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يضم رجليه عند السجود؟ جاء التصريح بإلزاق الكعب أو القدم بالقدم، وجاء قول عائشة -رضي الله عنها-: "فوقعت يدي على رجليه" ومنهم من يرى أن الأصل في الصلاة المجافاة، بما في ذلك الرجلين. يقول: رئي الإمام مالك بن أنس في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بكلمة كان يقولها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عند رؤية جنازة: "سبحان الحي الذي لا يموت" فكنت أقولها، السؤال هل قولها سنة؛ لأنها مروية عن أحد الخلفاء الراشدين؟ إذا ثبتت عن عثمان نعم، وأما بمجرد رؤيا فلا، الرؤية لا يثبت بها حكم شرعي. يقول: يريد كلمة لطلبة العلم حول ثلب العلماء، وموقف طالب العلم من ذلك. أولاً: عموم الأعراض والكلام فيها حرام، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، نسأل الله العافية، وجاء التشديد في أعراض المسلمين، وأعظم ما يحتاط له أعراض أهل العلم؛ لأن الوقوع في أعراضهم يزيد على كونه غيبة رجل مسلم لا تجوز غيبته بحال، يزيد على ذلك تنقصهم والتقليل من شأنهم، فإذا قلل من شأن أهل العلم الذين هم المرجع في بيان الدين، لا شك أن الأمة تضيع، إلى من يرجع عوام المسلمين إذا أُذهبت هيبة العلماء ومكانتهم ومنزلتهم والعامي فرضه التقليد؟ إذا لم يقلد العلماء من يقلد؟ على كل حال هذا أمر عظيم، والبلدان بلدان المسلمين عموماً ما ضاعت، ولا ضاع العوام في أقطار الأرض إلا لما قلل من شأن العلماء، وأُذهب هيبتهم من النفوس، على كل حال هذا أمر في غاية الخطورة، من عنده ملاحظة على أي عالم من العلماء يذهب إليه ويناصحه.

يقول: ذكرت في درس الأمس أنه جاء زمن لا يكبرون تكبيرات الانتقال فكيف كان يتصور الانتقال خاصة في السجود؟ على كل حال مثل هذا لا شك أنه يوقع في لبس، ولذا شرع .. ، تكبيرات الانتقال شرعت من أجل هذا، والصوت إنما شرع من أجل المأموم، ولذا المنفرد لا يرفع صوته، ويقع الناس في لبس، وعلى كل حال هذا حصل في زمن أبي هريرة حصل من بعض الخلفاء أنهم لا يكبرون تكبيرات الانتقال، أو يكبرون من غير جهر، ولذا من رفع صوته بالتكبير قال: ذكرنا صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. مسألة المياه وانقسامها إلى قسمين أو ثلاثة ما الراجح فيها؟ وهل من يقول: إن الماء قسمان يقلدون شيخ الإسلام خاصة، وأن أكثر أهل العلم يقولون: إن الماء ثلاثة أقسام؟ على كل رأي الإمام مالك أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط، طاهر ونجس، وهو رأي شيخ الإسلام، لكنه هو رأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى-، والمسألة طويلة الذيول، بسطت في مناسبات كثيرة. يقول: يعزو كثير من الكتب الفقهية وغيرها القول إلى الأئمة، ثم يتضح أن العزو خطأ، هل يوجد كتاب نقله موثق للأئمة؟ ما في أوثق من نقل الأصحاب عن أئمتهم، فإذا أردت أن تنسب قول إلى الإمام أحمد ترجع إلى كتب الحنابلة، وإذا أردت أن تنسب إلى أبي حنيفة ترجع إلى كتب الحنفية، إلى مالك إلى الشافعي وهكذا، وليس سبب ذلك أنهم لا يهتمون أو لا يكترثون، لكن جهلهم بالمذهب، علمهم بمذاهب غيرهم ليس كعلمهم بمذاهبهم، فإذا تصورنا أن للإمام أحمد روايات في كثير من المسائل، قد يُنقل عن الإمام أحمد رواية ليست هي المعتمدة في المذهب، وليست هي المشهورة في المذهب، أو ليست هي التي يقرر الحنابلة أنها هي المذهب، وقل مثل هذا في المذاهب الأخرى، ينقل عن الشافعي قول لا يكون العمدة والفتوى عليه، ولكل قوم اصطلاحهم، فالفتوى عند الشافعية على القول الجديد إلا في مسائل يسيره، ثلاثة عشرة مسألة، أو بضع عشرة مسألة، يُفتى فيها على القديم، وهي موضحة عندهم. يقول: الحديث عن تصرفات ومواقف العلماء دون الدخول في نياتهم إنما نقد مواقفهم وخذلانهم للمسلمين هل في ذلك شيء؟

على كل حال كل ما يؤدي إلى التقليل من شأن أهل العلم يؤدي إلى تضييع العامة، من كانت عنده ملاحظة على عالم ينبهه، ولا يمنع أن يبنه غيره ممن هو أكبر منه، لينبهه إذا لم يمتثل، وتبذل الجهود من أجل هذا، أما أن نقصر في هذا الباب، في باب النصيحة، ونذكر الأخطاء لعامة الناس، فيطلعون عليها، ويحذرون من أهل العلم، ماذا يبقى لهم؟ إذا لم يقتدوا بأهل العلم بمن يقتدون؟! هذا السؤال من تونس يقول: ما حكم الزواج من مسيحية؟ على كل حال الزواج من الكتابية جائز، لكن لا شك أن له أخطاره، خطر على الأولاد، وخطر على الإنسان نفسه، وكم من إنسان أقدم على الزواج من مخالفة في الدين، أو في المذهب في العقيدة، فصارت الهيمنة للمرأة، فيخشى على الإنسان وإلا فالأصل الحكم بالجواز، الزواج بالكتابية جائز، لكن يبقى أن بعض الصحابة حذر تحذيراً شديداً لما يترتب عليه من آثار. كذلك الزواج من المرأة الفاسقة يخشى على الزوج منها، وبعض الناس يبحث عن الجمال مثلاً، أو عن المال، الناس لهم مقاصد متعددة من زواجهم، ثم يقول: الدين يجي، يأتي بالدعوة، ثم لا يلبث أن يتحول هو، نسأل الله السلامة والعافية، قصة عمران بن حطان الخارجي المعروض، مادح ابن ملجم قاتل علي، داعية من دعاة الخوارج، كان على العقيدة الصحيحة، السليمة، رأى امرأة خارجية أعجبته، غاية في الجمال، فقال: نكسب الدين والدنيا، نكسب الجمال، ونكسب الدعوة، ندعوها إلى مذهب أهل السنة، لكن وش اللي حصل؟ حصل العكس، فلا يقدم الإنسان على أمر فيه خطر عليه، على دينه، مهما كان المبرر، وأبشع منظر رأيته في حياتي، شاب في الخامسة والعشرين من عمره لحيته إلى نصف صدره، وينتقل بين الدروس من حلقة إلى حلقة، ثم فجأة رأيته في الدرس حالق للحيته، بالموس يعني ما هو مقصر، بالموس، وإذا السبب امرأته، قالت: يا أنا يا اللحية، فلا يقدم الإنسان على شيء يضره، لا سيما ما يضره في الدين، ومثل هؤلاء كيف يتربى الأولاد؟ على أي معنى، لا شك أنها مسألة خطرة. هذا من المغرب يقول: سؤالي عن الأناشيد التي فيها بعض الأدوات الموسيقية؟

الأناشيد التي يسمونها أناشيد إسلامية، الشعر كلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح، وأنشد بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كان الكلام مباحاً، يعني مادته مباحة، ولم يصحبه آلة، وأدي بلحون العرب فهو جائز لا شيء فيه، أما إذا أدي بلحون الأعاجم، وعلى طريقة الفساق والمتماجنين، مثل هذا لا يجوز بحال، ولو لم يصحبه آلة، وإذا صحبته آلة فالآلة جاء منعها في النصوص، قد يقول قائل: إنه ما هناك آلات، لكن هناك مؤثرات صوتية، وترديد لبعض الكلام الذي يجعله بمثابة الآلة، إذا كانت هناك مؤثرات صوتية تؤدي نفس الغرض الذي تؤديه الآلة منع؛ لأنه ليست الآلة مقصودة لذاتها، إنما المقصود ما يصدر عنها، فإذا صدر عنها بعض المؤثرات وإن كانت غير محسوسة لا تلمس ولا ترى، إنما بطريقة يؤدونها مهرة في هذا الباب، كيف يطلعون هذا الصوت؟ وكيف ينزلونه؟ وكيف يكررون بعض الكلمات المتتابعة؟ هذا إذا كان أثره في النفس مثل أثر الآلات منع. سائل من الإمارات يقول: في حديث عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى ... الحديث، السؤال في قوله: إذا قعد يدعو، قال العلماء: إن القعود في الدعاء يكون في ثلاثة مواضع، بين السجدتين، والتشهد الأول والتشهد الأخير. التشهد الأول ما فيه دعاء، إنما في بين السجدتين، وإذا فرغ من التشهد الأخير استعاذ بالله من الأربع، يتخير من المسألة ما شاء. السؤال: كيف يكون في التشهد الأول وهم اختلفوا في الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- "اللهم صل على محمد وعلى آله ... ، إذا كان بين السجدتين هناك دعاء، وهو "اللهم أهدني وعافني" هل نتخير من الدعاء ما نشاء أم نتقيد بهذا فقط؟ على كل حال من مواطن الدعاء السجود، يتخير فيه الداعي ما شاء، ويحرص على جوامع الأدعية، وكذلك في نهاية الصلاة قبل السلام، وأما بين السجدتين فيلتزم بما ورد، ويكرره إذا طال الوقت. يقول: تحريك الأصبع في التشهد هل يكون عند الدعاء أو عند لفظ بالجلالة أو من بداية التشهد إلى نهايته؟

جاء التحريك، وجاء يحركها يدعو بها، وجاء نفي التحريك، والمترجح من النظر في عموم النصوص أنها تبقى مرفوعة، تحرك عند لفظ الشهادة، أشهد أن لا إله إلا الله، وعند الدعاء، فإذا دعا يدعو بها، يحركها يدعو بها، فهي عند الدعاء تحرك، وعند لفظ الشهادة ترفع، وهي الدلالة على الشهادة، ولذا لما رفع أصبعيه قال له: أحد، أحد، فالشهادة إنما تكون بأصبع واحدة؛ لأنها إشارة إلى الواحد الأحد. سم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: رمقت الصلاة مع محمد -صلى الله عليه وسلم- فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء، وفي رواية البخاري: ما خلا القيام والقعود قريباً من السواء. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: رمقت" لحظ، وسبر "صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-" يقول: "فوجدت قيامه، فركعته فاعتداله" يعني بعد الركوع "فسجدته فجلسته بين السجدتين فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء" استثنى في رواية البخاري: "ما خلا القيام والقعود قريباً من السواء" وإذا استثنينا القيام والقعود للتشهد الأخير التساوي متصور، التساوي والقرب منه متصور، لكن إذا قرأ في الصلاة خمسة أجزاء، كما قرأ البقرة والنساء وآل عمران، كيف يكون ركوعه وقيامه وسجوده وجلوسه قريب من السواء؟ وذكرنا فيما مضى أن هذا الاستواء قد يراد به الاستواء النسبي، بمعنى أنه إذا أطال القيام أطال الركوع، وأطال السجود، طول نسبي، ولا يلزم من هذا التساوي في الوقت، يقرب هذا أنك إذا رأيت ثوباً معلقاً، ثوب طوله مائة وستين سانتي، والكم شبر، هذا كم مساوي للبدن؟ وهل يلزم أن يكون الكم مائة وستين علشان نقول: الكم مساوي للثوب؟ لا، لا يلزم هذا، فالتساوي تساوي نسبي، يعني إذا رأيت شخص وزنه معتدل، وطوله معتدل، ويديه مناسبات، ورجليه .... تساوي، لكن بعض الناس تشوفه مثلاً سمين جداً، متين، والرجل ما هي بسمينة، هذا متساوي؟ أو اليد صغيره، أو الرأس صغير، هذا ما فيه تساوي، ولا يلزم من تساوي الأعضاء أن تكون بنفس المقدار، بنفس الوزن، بنفس الطول، لا، أمثلة تقريبية، فعندنا إذا قرأ خمسة أجزاء بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، وهذا ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، هل يلزم أن يسجد ساعة؟ ويركع ساعة؟ ويجلس ساعة؟ ويرفع ساعة؟ لا، هذه تحتاج إلى يوم، علشان يصلي ركعتين، علشان يصلي ركعتين بهذه الطريقة يحتاج إلى يوم كامل، فالمراد بالمساواة هنا المساواة المتناسبة النسبية، بمعنى أنه إذا أطال القيام يطيل الركوع، إذا أطال الركوع يطيل الاعتدال، إذا أطال يطيل ... ، وهكذا، ما يقرأ في الركعة الأولى جزء والركعة الثانية جزء، وبقية الركعة في دقيقة، ما يجي، هذا ليس قريباً من السواء، لكن إذا قرأ جزء، وركع دقائق خمس أربع ست، وهكذا، والسجود مثل، يقال: قريباً من السواء، هذا الاستواء النسبي، لكن إذا استثنينا كما في رواية البخاري: ما خلا القيام

والقعود خرجنا من الإشكال، لا مانع أن يكون الركوع بقدر السجود، والجلسة بقدر السجود، والرفع منه بقدر الركوع وهكذا، يكون الاستواء حقيقي ما هو بنسبي، لكن رواية البخاري لحديث البراء، الحديث نفسه مخرجه واحد، فهل يقال: إنه مرة، البراء بن عازب مرة قريب من السواء، ومرة أطال -عليه الصلاة والسلام- القيام والقعود أكثر من الركوع والسجود، يعني يحمل على تعدد القصة مع أن المخرج واحد؟ منهم من يرى هذا، ويقول: إن هذا أولى من توهيم الرواة، لكن كونه رمق الصلاة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- هل يمكن أن يتم له هذا من خلال صلاة واحدة، أو هو يريد أن يقرر هذا من خلال الاستقراء؟ يعني نظر في أكثر من صلاة فوجد الأمر هكذا، ولذا ساقه، وبينه للناس؟ يريد أن يخرج بنتيجة استقراء وتتبع، هل نقول هذا؟ وعلى هذا يلزم عليه توهيم الراوي للرواية الأخرى "ما خلا القيام والقعود قريب من السواء" وهذا قد يسلكه بعض المحدثين؛ لأن المخرج واحد، هذه العلة التي قد تجري على قواعد أهل الحديث، قد لا تجري على قواعد الفقهاء؛ لأن الاستثناء تخصيص بعد تعميم، لكن متى نقول مثل هذا؟ لو كان لفظ الحديث: رمقت الصلاة بجميع أركانها، فرأيتها قريباً من السواء، يعني ما نُص على القيام، يعني لو لم ينص عليه بعينه، بل دخل تحت العموم، انتبهوا يا الإخوان؛ لأنه الآن الإشكال وش هو فيه؟ الإشكال أن مفهوم الحديث أن الركوع طول القيام، والسجود طول القيام، هذا مفهومه، ثم الاستثناء الوارد بعد ذلك "ما خلا القيام والقعود" والقيام منصوص عليه، يعني هل يسوغ أن تقول: جاء محمد وزيد وعمرو وبكر وخالد ما خلا محمد وزيد، وأنت ناص عليهم في الجملة؟ يسوغ هذا وإلا ما يسوغ؟ لكن لو تقول: جاء الرجال، جاء الطلاب إلا زيد وعمرو، صح، فالاستثناء تخصيص والتخصيص إخراج بعض أفراد اللفظ العام، لكن ما دام نص على شيء ليس بعام، فكيف يخرج المنصوص عليه بنص مساوٍ له؟ لأنه نُص "فوجدت قيامه" والقيام هنا المراد به قيام القراءة الأول الذي قبل الركوع، ولذا: "وجدت قيامه فركعته فاعتداله" ثم يقول: ما خلا القيام؟ يستثني؟ فإما أن يحمل على تعدد الأحوال، أنه في كثير من الأحوال قريب من السواء، وفي بعض

الأحوال استثنى فأطال القيام أكثر من غيره، وأطال القعود أطول من غيره، وهذا عند الفقهاء أسهل من توهيم الرواة، يعني هذا يجري على قواعد الفقهاء، لكن أهل الحديث ما عندهم مانع، إذا كان المخرج واحد، والاختلاف على الرواة لا بد فيه من الترجيح، فمنهم من يرجح هذا أو هذا، أما القول بتعدد القصة كما يستروح إليه بعض العلماء، الذين ليس عندهم من الجرأة ما يستطيعون أن يوهموا به الرواة، ولا شك أن صيانة جانب الرواة، وكتب الصحيح الصحيحين وغيرهما، أمر في غاية الأهمية، وإذا وجد للكلام محمل صحيح لا شك أنه يتعين، الكلام إذا لم يوجد محمل صحيح، العلماء الكبار عندهم من القرائن ما يحكمون به على أن هذه الرواية وإن جاءت من طريق الثقات إلا أنها خطأ، وهم، ما عندهم مانع، ولذا يرى بعضهم ثبوت ما يرويه مسلم في تعدد صفة صلاة الكسوف، الذي في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها بركوعين، وجاء في مسلم ثلاثة ركوعات وأربعة، وجاء في غيرها خمسة، منهم من يقول: كلها صحيحة، كلها ثابتة، وتعددت القصة، وش المانع؟ لكن الذي يقول: لم يحفظ أنه حصل الكسوف، أو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الكسوف إلا مرة واحدة؟ فعلى هذا الرواية الأخرى وهم، وإن كانت في الصحيح، وهما مسلكان لأهل العلم، منهم من يرى صيانة جانب الصحيح، ولا يحكم بتوهيم الرواة، ما دام وجد لذلك محمل، ولا القول بتعدد القصة، ومنهم من يجزم، يضعف ويوهم، وهذه طريقة لأئمة كبار، وشيخ الإسلام يقول: أبداً صلاة الكسوف مرة واحدة، وإبراهيم ما مات إلا مرة واحدة، ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، باعتبار أن صلاة الكسوف يوم مات إبراهيم، إبراهيم والله ما مات إلا مرة واحدة، لا شك أن مثل شيخ الإسلام عنده من الأصل الذي يعتمد عليه من نصوص الشريعة، وقواعد الشريعة ما يجعله يجرؤ أن يقول: ((أحابستنا هي؟ )) ويقول شيخ الإسلام: ما تحبس الرفقة، لكن من دون شيخ الإسلام لا يستطيع أن يقول مثل هذا الكلام بحال، لكن يلاحظ على بعضهم الغلو في صيانة الرواة، فيصحح ويعدد القصة، ولو كان الاختلاف مرده إلى اختلاف ألفاظ الرواة، يعني إذا اختلف راوٍ مع راو ولو لم يترتب عليه أثر هذا الخلاف في سياق

حديث قال: تعددت القصة، لا شك أن مثل هذا غلو، فالمسألة تحتاج إلى وسط، نحتاج إلى أن نصون الرواة الثقات عن التوهيم بقدر الإمكان، ونصون الكتب الصحيحة التي هي عمدة الإسلام والمسلمين بقدر الإمكان، والكلام الخطأ ما يمكن يمشي، نعم. عفا الله عنك. وعن ثابت البناني عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا، قال ثابت: فكان أنس يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول القائل: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل: قد نسي. يقول -رحمه الله تعالى-: "عن ثابت البناني عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: إني لا آلو" يعني لا أقصر، فأبذل جهدي "أن أصلي بكم كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا، قال ثابت: فكان أنس" تطبيقاً لما قعده وألتزمه أن يصلي بهم صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- "فكان أنس لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول القائل: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل: قد نسي" تطويل الاعتدال من الركوع، لا شك أن الاعتدال والطمأنينة فيه ركن من أركان الصلاة، والجلسة بين السجدتين، والطمأنينة فيها ركن من أركان الصلاة، لكن هل الاعتدال مما يدخله التطويل؟ بمعنى أنه هل هو ركن طويل أو هو ركن قصير؟ وهل تطويله بأكثر مما ورد فيه من ذكر مخل بالصلاة، أو لا يخل بالصلاة؟ الذي يأتي بالأذكار الواردة يمكن أن يقال: قد نسي من طول القيام؟ لا يمكن أن يقال، إلا أن يكون القدر زائد، إما أن يكرر بعض الأذكار، أو يكرر لربه الحمد، كما جاء في بعض الروايات، وهنا أنس يصلي بهم صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويطيل في القيام بعد الركوع، حتى يقول القائل: قد نسي.

الشافعية عندهم هذا الركن قصير، إيش معنى قصير؟ بمعنى أنه لا يطال بأكثر من ذكره، فلو أطيل بأكثر من ذكره بطلت الصلاة، هذا قول معروف عند الشافعية، لماذا؟ لأنه يخل بالموالاة بين أركان الصلاة؛ لأن القدر الزائد من هذا الاعتدال فاصل بين هذا الركن والذي يليه، فهو مخل بالصلاة عندهم، هذا إذا قلنا: إنه ركن قصير، دعونا من القوم الذين ينقرون هذا الركن، بحيث لا يتم لهم ولا الاعتدال، هؤلاء صلاتهم على خطر نسأل الله العافية، لكن قول عند الشافعية أنه ركن، لكن قصير، وليس من الأركان التي يمكن إطالتها، تحتمل الإطالة، القيام يحتمل الإطالة، طول اقرأ ما شئت، ما له حد، الركوع سبح ما شئت ما له حد، السجود كذلك، لكن الركن هذا قصير لا يحتمل الإطالة عندهم، فإذا أطيل بطلت الصلاة؛ لأنه حصل فاصل بين أركان الصلاة، وهذا القول ليس بشيء؛ لأنه لا يمكن أن يقال للمصلي: قد نسي، كيف نسي؟ إلا وقد أطاله، أطاله إطالة أكثر مما فيه من ذكر، فقولهم ضعيف. "يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه" يعني الصلاة كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي لا شك أنها دخلها ما دخلها من التساهل والتفريط في القرن الأول، ولذا يتعجب بعضهم أن يرى من يصلي صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويقول قائلهم: لقد أذكرنا هذا صلاة محمد -صلى الله عليه وسلم-، يعني لو كانت الصلاة النبوية معهودة بين الناس كلهم ما احتاجوا إلى أن يقولوا مثل هذا الكلام "فكان أنس يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول القائل: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل: قد نسي" بمعنى أنه يطيل هذين الركنين، ولعل المقصود من ذلك الرد على من يرى تخفيف هذين الركنين، فضلاً عمن ينقر هذين الركنين نقراً، وفيه أدعية وأذكار يحرص عليها طالب العلم، ويأتي بها ....

كتاب الصلاة (7)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (7) الشيخ: عبد الكريم الخضير وفيه أدعية وأذكار يحرص عليها طالب العلم، ويأتي بها، نعم. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم صلاة من النبي -صلى الله عليه وسلم-. يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال" ما قال: "وعنه" والحديث عن أنس؛ لئلا يظن أن الضمير يعود إلى ثابت "وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم صلاة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أخف يعني الصلاة، لا سيما الإمام يتعلق به أمران، أمر يتعلق بالصلاة فلا بد من إتمامها، لا بد من إتمام الصلاة، بأن يأتي بأركانها وواجباتها وسننها، وأمر يتعلق بالمأمومين، فلا يثقل عليهم ولا ينفرهم، واجتمع هذا في النبي -عليه الصلاة والسلام-، بعض الناس لا يستطيع التوفيق، فإما أن يشق على المأمومين، ويطبق جميع السنن والواجبات والأركان، أو يكون تخفيفه ملاحظته للمأمومين على حساب الصلاة، فلا بد من التوفيق بين هذين، الصلاة ركن الإسلام الأعظم، فتخفف من أجل فلان وعلان من المأمومين؟ نعم المأموم له حق ((وأيكم أم الناس فليخفف)) ((أفتان أنت يا معاذ؟ )) كل هذه تدل على أنه يخفف، لكن تخفيف نسبي، قد يقول قائل: إن العلاقة بين المأموم والإمام لها دخل كبير في الخفة، بعض الناس تصلي وراءه وبينك وبينه ود، لو تكون الصلاة ساعة خفيفة عندك، ملاحظ وإلا ما هو ملاحظ؟ وبعض الناس لو يقرأ أقصر السور صارت أثقل من الجبل عليك، لكن وأنت ماثل بين يدي الله -عز وجل- في هذه الصلاة، هل الملاحظ الإمام أو من مثلت بين يديه؟ الملاحظ الرب -جل وعلا-، فأنت بين يدي الله -جل وعلا-، وقفت بين يدي الرب الكريم، ترجو ثوابه، وتخشى عقابه، وتمتثل أمره، فعليك أن تقبل على صلاتك، ولو كان بينك وبين الإمام ما بينك وبينه، إذا كانت إمامته صحيحة مالك علاقة، مع الأسف يلاحظ أن بعض الناس أنه قد يوجد أدنى خلاف فإما أن يترك الصلاة خلف هذا الإمام، ويعرض صلاته للفوات، أو يصلي معه صلاة هي مجرد أفعال، ليس للقلب منها نصيب، أنت تتعامل مع الله -جل وعلا-، لست تتعامل مع زيد أو عمرو من الناس، فليقبل الإنسان على صلاته، وليتعامل مع ربه، لا شك أن الألُفة مطلوبة بين المسلمين، ولا شرعت الجماعة إلا من أجل هذا، والإمام الذي يرى أن أكثر الناس ما يرغبون الصلاة وراءه يترك الإمامة، لا سيما إذا كان عدم رغبتهم به بحق، فقد يقول القائل: إن الباعث لمقالة

أنس: "ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أنه فيه الحب والود، وهذا يخفف الوقوف، وهذا شيء محسوس وملموس، لكن يجب أن يكون الباعث على الصلاة، والمنظور إليه في الصلاة من أولها إلى آخرها، الآمر بها وهو الله -جل وعلا-، أنت تؤدي الصلاة من أجله، تطلب رضاه وتخشى عقابه ولذلك صليت، كونك صليت وراء إمام بينك وبينه مشاحنات دنيوية، أو خلاف في منهج، ما عليك منه، نعم التخفيف على المأموم مطلوب ((أيكم أم الناس فليخفف)) وهذا التخفيف كما يقول أهل العلم ليس فيه حجة للنقارين، يعني تخفيف مع الإتيان بالأركان والواجبات والسنن؛ ليحافظ على صلاته؛ لتكون الصلاة مجزية، مسقطة للطلب، تترتب آثارها عليها، أنت تصلي صلاة لا يأمرك الفقهاء بإعادتها، لكن لا تترتب أثارها، ليس لك من أجرها شيء هذه مشكلة بعد، نعم قد تصلي صلاة بالأركان، لكن ليس لك عليها أجر ولا ثواب، والفقهاء يقولون: إن هذه صحيحة مجزئة، لكن القلب ما استفاد، والصلاة التي تؤدى على الوجه المأمور به هي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي التي تكفر الصغائر، الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، رمضان إلى رمضان، العمرة إلى العمرة، هذه مكفرات، لكن المقصود بهذه العبادات التي أديت على الوجه الشرعي.

"ولا أتم صلاة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" نعم يتمكن من الركوع والسجود، قد يقرأ بطوال المفصل، قد يقرأ بأوساطه، قد يقرأ بقصاره، فالصلاة تامة، يسبح التسبيح المطلوب، يأتي بالأذكار المطلوبة على وجهها، هذه صلاة تامة، يستحضر أنه في صلاة يقبل على ربه، يتدبر ما يقول، يخشع بين يدي الله -عز وجل-، يبكي، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذه صلاة تامة، ومع ذلك هي خفيفة؛ لأنه قرأ فيها ما لا يشق على المأموم، فالمطلوب من الإمام أمران، إتمام الصلاة، وترك الفرصة للمأموم على أن يأتي بجميع الأركان على وجهها؛ لأن بعضهم قد يلاحظ بعض المأمومين لأنه كبير وضعيف يلاحظه من جهة، من جهة الضعف فيخفف، ولا يلاحظه من جهة إتمام الصلاة؛ لأن هذا الضعيف أيضاً بحاجة إلى مراعاة، بمعنى أنك تنتظر حتى يسجد، ويتمكن من سجوده، أما إذا سجدت ثم قمت قبل أن يسجد لأنه قد لا تطاوعه أعضاؤه لمتابعتك بالسجود من أول مرة، ولا يجوز له أن يسابقك، فلا بد من مراعاته من الوجهين، هذا الضعيف والكبير كلهم بحاجة إلى من يراعيهم، يخفف عليهم، فلا يصلى صلاة تشق عليهم، وأيضاً يمكنون من الركوع والسجود، ولا شك أن التطويل في حق الإمام إضرار بالمأمومين، وتفويت لمصالحهم، وأما التقصير في الصلاة والإخلال بها، لا شك أنه بخس في العبادة، نعم. وعن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري قال: جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة، أصلي كيف رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي، فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ فقال: مثل صلاة شيخنا هذا، وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض، أراد بشيخهم أبا بريد عمرو بن سلمة الجرمي، ويقال: أبو يزيد. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري، قال: جاءنا مالك بن الحويرث" مالك بن الحويرث مع جمع من الشببة، جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة، وصلوا وراءه، ثم أمرهم بالانصراف إلى أهليهم "جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم، وما أريد الصلاة" يعني لمجرد التعليم، لا يريد الصلاة، إنما يصلي بهم ليعلمهم الصلاة بالفعل "أصلي كيف رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والأمر الوارد في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) هو جزء من حديث مالك بن الحويرث ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فهو يصلي كما رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي، ويري الناس كيف كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي؛ ليتم له امتثال الأمر ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). "أصلي كيف رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي، فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ قال: مثل صلاة شيخنا هذا، شيخهم أبو بريد عمرو بن سلمة الجرمي" هذا الذي كان يصلي بقومه، وهو طفل في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، واستمر إماماً إلى أن طال عمره، يقول: "وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض" في أي ركعة؟ الأولى والثالثة. طالب:. . . . . . . . .

إيه، معروف الثانية والرابعة وبعدين تشهد، الكلام في الأولى والثالثة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: "إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً" هذه الصلاة التي صلاها بهم مالك بن الحويرث في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بعد وفاته؟ بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، يصلي بهم ويفعلها، وهو راوي الحديث، وهذه الجلسة يسميها الفقهاء جلسة الاستراحة، وهي ما إذا تمت الركعة الأولى وأراد أن ينهض إلى الثانية جلس، استوى قاعداً ثم قام، وإذا انتهى من الركعة الثالثة وأراد أن يقوم إلى الرابعة جلس، فإذا كان في وتر من صلاته، يعني بعد تمام الأولى وبعد تمام الثالثة لم ينهض حتى يستوي قاعداً، وهنا: "وكان يجلس إذا رفع رأسه قبل أن ينهض" هذه الجلسة التي يسميها الفقهاء جلسة الاستراحة ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، في البخاري من حديث مالك بن الحويرث هذا، وفعلها مالك بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال بها الإمام الشافعي فاستحبها مطلقاً، والإمام أحمد في رواية، وذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه إلى أنها لا تشرع إلا لمن احتاجها، من احتاج إليها يفعلها، بدليل أن من نقل صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكرها، ومالك بن الحويرث إنما جاء في آخر زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ثقل، جاء في بعض الروايات: لما بدن، لما ثقل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلها، ولذا يقرر أهل العلم من الحنفية والمالكية والحنابلة، يقولون: من احتاج إليها فعلها، وليست من سنن الصلاة الثابتة التي نقلت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونقلها عنه كل من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما يفعلها من احتاج إليها، إذا ثقل الإنسان يفعلها، ولذا سموها جلسة الاستراحة.

وأطال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تقرير ذلك، بالنسبة لنقلها جاءت من حديث مالك بن الحويرث في الصحيح، وأشار ابن القيم إلى أنها جاءت في بعض طرق حديث أبي حُميد، ونقل عن أبي حُميد أنه كان يفعلها، أبي حميد الساعدي الذي وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بمحضر عشرة من أصحابه، جاءت في بعض طرقه هذه الجلسة، وأشار الحافظ ابن حجر في التلخيص إلى أنها جاءت في بعض طرق حديث المسيء في صلاته، وعلى هذا جاءت من أكثر من وجه، فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- علمها المسيء، هل نقول: إنها لا تفعل إلا مع الثقل؟ ما يلزم، هذا من حيث الرواية، من حيث الدراية يمكن أن أسأل كبار السن، أو الأشخاص الذين فيهم روماتيزم، لا تطاوعهم ركبهم، ولا تنثني بسهولة، بالله عليكم هل هذه الجلسة بالفعل استراحة وإلا زيادة عناء ومشقة؟ صحيح، هل هي عناء ومشقة؟ يعني صاحب الروماتيزم أفضل له أنه ينهض من السجود إلى القيام أو يتورك ثم يقوم؟ يلزمه يثني ركبه مرة ثم يفلها، ثم يثنيها ثانية للجلسة ثم يقوم، علشان نقول: إنها استراحة وعند الحاجة، من جرب وعرف، صاحب الروماتيزم أو كبير السن يتمنى أنه ينهض ما يجلس؛ لأن الجلوس يشق عليه، فكيف نقول: جلسة استراحة، ما في نص يدل على أنها استراحة، يعني تسميتها من قبل الفقهاء، وورودها ثابت من أكثر من حديث، يعني حديث .. ، لو قلنا: مالك بن الحويرث وجاء في آخر عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنبي ثقل وكذا، ممكن، لكن مرض النبي -عليه الصلاة والسلام- تروا أيام ما طول، فعلى هذا نقول: هي ليست بجلسة استراحة، وإنما هي زيادة تكليف في الصلاة، ما هي بجلسة، بيقول: والله قصر من الصلاة يبي يتلين له خمس دقائق أو عشر دقائق، لا، هي مجرد ما يثني رجليه يعتدل في جلسته ثم يقوم مباشرة؛ لأنها ليس لها ذكر مخصوص، فعلى هذا المتجه القول باستحبابها للمحتاج وغير المحتاج، يعني قد نعذر المحتاج، ولا نكلفه بهذه الجلسة لأنها زيادة مشقة، خلاف ما يقولون، واضح وإلا ما هو واضح؟ فهذه زيادة تكليف، وليست بالفعل استراحة، نقول: إنه يستحب لكل مصلٍ أن يجلس هذه الجلسة بعد تمام الركعة الأولى، وبعد تمام الركعة الثالثة، طيب قد يقول قائل:

الحديث الذي تقدم ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليها)) الإمام ما يجلس للاستراحة، إيش رأيكم نجلس وإلا ما نجلس؟ نقول: نجلس، نجلس ما دام ثبتت سنيتها نجلس، طيب افترض أن الإمام ما يرفع يديه أو يقبض يديه، أو يفرط في بعض السنن نفرط معه؟ لا، نحن مأمورون بالاقتداء به، ولا نختلف فيما هو مشروع، لكن لو ارتكب محظور نرتكب معه محظور؟ فإن أحسن فله ولكم، وإن أساء فعليه، يعني تصورنا إمام حنفي ما يرفع يديه عند الركوع والرفع من الركوع ما نرفع؟ لا تختلفوا عليه، لا، إذا فرط بشيء من السنن لا يتابع، وهي أيضاً هذه جلسة خفيفة لا تفوت الاقتداء، يعني من جربها يصل، يقوم مع الناس ما يتأخر، يثني رجليه ثم يجلس قاعد ثم يقوم مع الناس، يعني ما يفوته ولا آية من القراءة، هذا شيء مجرب، فالمتجه القول بسنيتها مطلقاً، نعم. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن مالك بن بحينة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه. "عن عبد الله بن مالك بن بحينة" وقد يقال: عن عبد الله بن بحينة، عن عبد الله بن مالك بن القشب بن بحينة، من يعرب لنا هذا؟ ويحذف (عن) هذه، ويجعل بدلها صيغة (قال)، قال عبد الله بن مالك، هنا ما يختلف فيها الإعراب (عن) هذه؟ طالب:. . . . . . . . . ما يختلف. طالب:. . . . . . . . . صحيح. طالب:. . . . . . . . . طيب. طالب:. . . . . . . . . اثبت الألف. طالب:. . . . . . . . . طيب. طالب:. . . . . . . . . ابنُ. طالب:. . . . . . . . . أو تكون صفة لعبد الأول. طالب:. . . . . . . . . لا ما يلزم، هذه وصف، كلاهما وصف لعبد، فعبد الله يوصف بأنه ابن مالك لأنه أبوه، ويوصف بأنه ابن بحينة لأنها أمه، مثل عبد الله بن أبي بن سلول، هذه أمه وهذا أبوه، فتثبت الألف، وتعرب إعراب الاسم الأول؛ لأنها تابعة له، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إيش لون نحتاج إلى تقدير؟ ما الذي يضطرنا إلى التقدير؟ والأصل في ابن أنها تابعة لما قبلها، فهي تابعة لما قبلها، فإما أن تعرب وصف أو بدل أو بيان، هي تابعة لما قبلها، لكن إذا قلنا: عن عبد الله بنِ مالك بنِ بحينة، ولا تزال الحركات صحيحة، وابن مجرورة باعتبار أنها وصف لعبد، وليست وصفاً لمالك، لكن لو قلنا: عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فإذا قلت: قال عبد الله بنُ عمرو بنِ العاص، يعني كل واحد تابعة لما قبلها؛ لأنها بين علمين متوالدين، فتحذف الألف، وتعرب إعراب ما قبلها، أما هنا عبد الله بن مالك بن بحينة، عبد الله بن أبي بن سلول، وقل مثل هذا محمد بنُ عبد الله بنُ حبيب؛ لأن حبيب أمه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وغيره، حبيب اسم امرأة، عاد يا الله إيش تقول؟ فيه إشكال؟ لا موجود، حبيب اسم امرأة، كما أن جويرية بن أسماء، جويرية اسم رجل، وأبوه اسمه أسماء، فهم يسمون بهذا وهذا، فعلى كل حال مثل هذه ينتبه لها؛ لأن الأصل في ابن أنها بدل أو بيان لما قبلها، إذا وقعت بين علمين متوالدين، تعرب تبعاً لما قبلها، وتحذف الألف، لكن هنا تثبت الألف، وتعرب إعراب ما قبل الذي قبلها.

"-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطه" التفريج والمجافاة والتجافي هذا سنة في الصلاة، يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، هذه المجافاة، ومر في وصف صلاته -عليه الصلاة والسلام- أنه لو شاءت بهمة أن تمر بينه وبين الأرض لمرت من المجافاة، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يجافي، وهذه هي السنة في الصلاة، إذا لم تخالف سنة أخرى، إذا خالفت التراص مثلاً قدم التراص عليها، فالإمام يجافي، المنفرد يجافي، المأموم الذي يتسنى له ذلك يجافي، لكن مع طلب التراص في الصف، لا شك أن مثل سنة أقوى منها؛ لأن هذا أوجبه بعضهم، والمجافاة سنة، حتى يبدو بياض أبطه، يراه من خلفه؛ لأنهم يلبسون وأردية، يبدو منها هذا، نعم المنكب لا بد من ستره، أما الإبط فلا يلزم سترة ((لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبه منه شيء)) وفي الرواية الأخرى: ((ليس على منكبيه منه شيء)) أما الإبط فلا مانع، ويستدل بهذا بعض أهل العلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا من خواصه ليس على إبطه شعر، فكيف يبدو البياض وعليه شعر؟ يقولون: ليس على إبطه شعر، هذا يمكن من خواصه -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا كان الشعر خفيف، إذا وجد شعر خفيف لا يمنع من رؤية البياض، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- أزهر اللون، أبيض، يميل إلى الحمرة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . المرأة؟ طالب:. . . . . . . . .

بالنسبة للمرأة الفقهاء يقولون: المطلوب من المرأة الستر، وعليها أن تنضم لا تجافي، تلصق بعضها ببعض؛ لأنه أستر لها، يعني ولو كانت في بيتها؛ لأنه أستر لها، ولا شك أن هذا فيه محافظة على المرأة وعلى .. ؛ لأنه كل ما ينتشر الشيء، يتعرض للانكشاف وللرؤية، لكن إذا أنضم قل هذا الاحتمال، ويذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه مر بامرأتين قد جافتا، فأشار إلى أن هذا ليس لهما بل للرجال، لكن الحديث ما أدري عن ثبوته؟ فالتجافي لا شك أنه بالنسبة للرجال ظاهر، أما بالنسبة للنساء إن ورد دليل يخصهن وإلا فالأصل أن النساء شقائق الرجال، يعني ما يطلب من الرجال، مما لا يعارض بأدلة أخرى، فهو مطلوب منهن، في البخاري: كانت أم الدرداء تجلس في الصلاة جلسة الرجل، وكانت فقيهة، فدل على أنه في مثل هذه الأمور المرأة كالرجل سواء، إلا ما دل الدليل على اختصاصها به، أو كان ما يفعله الرجال مما نهي عنه النساء، نعم، فلا شك أن التضام بالنسبة للمرأة أستر لها، لكن يبقى أنه إذا لم يرد دليل يخصها فهي مأمورة بما يأمر به الرجل؛ لأن التكليف للرجال وللنساء على حد سواء، نعم. عفا الله عنك. وعن أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه- أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي سلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم" وجاء أمره -عليه الصلاة والسلام- بمخالفة اليهود ((خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم)) هذا أمر بمخالفتهم، فالصلاة في النعال سنة، لكن إذا عورضت بأمور أخرى بقي النظر في تعارض السنن، وإذا وصل إلى المسجد وعليه خفاف وأراد أن يدخل بها، وأصابها شيء من الأذى يدلكها، وطهورهم التراب، وجاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي حافياً ومنتعلاً، على كل حال هذا من الأمور الموسعة، اللهم إلا من حيث الأمر بمخالفة اليهود، فإذا صلى في بعض الأحيان في نعاله، ومرة حافياً، ومشى مرة منتعلاً، ومرة حافياً أصاب السنة -إن شاء الله تعالى-.

وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي نعليه شيء من الأذى، فجاءه جبريل يخبره بذلك فخلع النعلين، وعلى هذا من صلى بنجاسة جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة، لكن إذا علم بها أثناء صلاته لزمه الخلع، لكن إذا لزمه خلع ما يستر به عورته إيش يسوي؟ يصلي في ثوب واحد، يفترض أن عليه سروال وفنيلة مثلاً، وتبين أن في سرواله نجاسة إيش يسوي؟ ماذا يصنع؟ يخلع؟ مو قلنا: ستر العورة شرط؟ طالب:. . . . . . . . .

ما عليه غيره، لو عليه ثوب ما يخالف، إيه يقطع صلاته ما له إلا هذا؛ لأنه إن صلى صلى في نجاسة، وإن خلع خلع شرط، فعلى هذا يقطع صلاته، إذا صلى في النجاسة التي علمها، سبق أن علمها، أما إذا جلها فهذا لا إشكال في إجزاء الصلاة للحديث، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أعاد ما صلاه قبل، إذا علم النجاسة، علم أن في ثوبه نجاسة، ثم نسيها، نسي النجاسة، فصلى، فلما صلى تذكر النجاسة، عند المذهب يبطلون الصلاة، لا بد من الإعادة، فإن علمها ثم جهلها أعاد، وهذا محمول على الذي لم يعلم بها بالكلية، الذي لم يعلم بها بالكلية صلاته صحيحة، لكن علمها وفرط في غسلها، ثم صلى جاهلاً بها عندهم يعيد، ولا شك أن الجهل يرفع؛ لأن الجهل والنسيان القاعدة فيهما واحدة، فالنسيان عند أهل العلم ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود؛ لأنه جاء {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا} [(286) سورة البقرة] نعم لا مؤاخذة بالنسيان وجوداً ولا عدماً، لكن الموجود مع النسيان حكمه حكم العدم، والمعدوم مع النسيان لا بد من الإتيان به، المعدوم لا بد من الإتيان به، يعني لو صلى شخص ناسياً الظهر خمس ركعات، نقول: نسيانك نزل الموجود هذه الركعة الزائدة منزلة المعدوم، ولا إثم عليك، لكن لو قال: والله نسيت صليت الظهر ثلاث ركعات، والله يقول: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] وقال: قد فعلت، نقول: نعم، ما عليك إثم، لم يؤاخذك الله -جل وعلا- بنسيانك، لكن لا بد من الإتيان بالركعة المتممة لصلاتك؛ لأن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، هذا مقرر عند أهل العلم، وأمثلته كثيرة جداً، فرق بين من ينسى ستر العورة مثلاً، هذا لا بد أن يعيد، وبين أن ينسى ويصلي بعورة مستورة بسترة فيها نجاسة هذا لا يعيد، نعم. عفا الله عنك. وعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولأبي العاص بن الربيع بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي" (كان) هذه في الأصل تدل على الاستمرار، لكنها هنا مرة واحدة، كان يصلي يعني حصل أن صلى مرة واحدة، وهو حاملٌ أمامة أو حاملُ أمامة؟ بالتنوين أو عدمه؟ وجهاً واحداً؟ حاملٌ أمامة أمامة إعرابها؟ طالب:. . . . . . . . . مفعول به لاسم الفاعل يعني إذا قلنا بالتنوين؛ لأن اسم الفاعل يعمل عمل فعله، لكن إذا لم ننون، حاملُ أمامة، مضاف إليه لكنه مجرور بالفتحة لأنه علم مؤنث، وأيهما أرجح التنوين أو عدمه؟ ما في راجح وفي مرجوح؟ طالب:. . . . . . . . . {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [(3) سورة الطلاق] إيش؟ في قراءة بالغٌ أمرَُهُ؟ {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ} [(45) سورة النازعات] نعم يجوز التنوين وعدمه وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . ما قال: بالغاً، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هدياً وإلا وصف؟ وصف لأنه نكرة، حاجته إلى الوصف أكثر من حاجته إلى الحال، في مثل هذا: حاملٌُ أمامة أو حاملُ أمامة؟ إمامة أما مفعول أو مضاف إليه، فمع التنوين تكون مفعول، ومع عدمه تكون مضاف إليه، ويجوز هذا وهذا، لكن هم يرجحون التنوين فيما مضى، وعدمه فيما يستقبل، والمسألة سهلة ما فيها إشكال -إن شاء الله-. وأمامة بنت زينت بنت النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأمامةَ بنتَ، وعلى عدم التنوين نقول: بنتِ.

"زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" زينب بنتِ وصف لزينب، الأولى وصف لأمامة وهو مفعول به، وبنتِ وصف لزينب وهي مجرورة "بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الله -جل وعلا- يقول: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [(5) سورة الأحزاب] وهنا يقول: بنت زينب، هنا يتداوله الرواة لشرف الانتساب إليه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا ذكروا الأم ثم ذكروا الأب "ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس" وفي الموطأ: لأبي العاص بن ربيعة، ومنهم من قال: هذا وهم من مالك، والصواب ابن الربيع، ومنهم من قال: إن ربيعة جد له، فنسب إلى جده، على كل حال هو أبو العاص بن الربيع، زوج زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثنى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- في مصاهرته، وتأخر إسلامه عن زينب.

"فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها" كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو حامل أمامة، هذا الفعل المتكرر، من النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة، أولاً: هل الصلاة فريضة أو نافلة؟ منهم من قال: نافلة، والنافلة يتوسع فيها أكثر من الفريضة، لكن في بعض الروايات قال الراوي: بينما نحن ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الظهر، إذ خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو حامل أمامة، فدل على أنها فريضة، المالكية لهم أجوبة كثيرة عن هذا الحديث، منهم من قال: في صلاة النافلة، ومنهم من قال: هذا العمل منسوخ بحديث: ((إن في الصلاة لشغلاً)) لكن حديث: ((إن في الصلاة لشغلاً)) متقدم على هذا الحديث قطعاً، ومنهم من يقول: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هذه الخصوصية لا بد لها من دليل، والقول بالخصوصية في مثل هذا لا يتجه، لماذا؟ لأن هل مثل هذه الحركات أكمل أو عدمها أكمل؟ عدمها أكمل، يعني هل نطالب الأمة بالكمال والرسول الذي هو أكمل الخلق يتسامح له في مثل هذه الأمور؟ يعني كل كمال مطلوب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، فكيف نقول: إن مثل هذه الحركات ما يخالف الرسول يخصه مثل هذه الحركات يتحرك، يسمح له، واللي غيره ما يسمح له؟ لا، ما تأتي الخصوصية بمثل هذا، فالكمال الذي يطلب من الأمة يطلب منه -عليه الصلاة والسلام-، بل قد يطلب منه من الكمال أعظم مما يطلب من الأمة لأنه أكمل، منهم من يقول: إن وجه الخصوصية للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن مثل هذه الصبية لا يؤمن أن تبول، إذا حملها أحد، بينما النبي -عليه الصلاة والسلام- معصوم من أن تبول عليه، كما قالوا نظير ذلك في طوافه -عليه الصلاة والسلام- على الدابة، قالوا: ما يجوز أحد يطوف على الدابة، لماذا؟ لأنها احتمال أن تبول في المسجد، وعند الشافعية الذين يقولون مثل هذا الكلام بولها نجس، فلا يجوز أن يعرض مثل هذا المكان للنجاسة، طيب النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل .. ، قال: أبداً، النبي مخصوص بهذا؛ لأن دابته لا تبول في هذا المكان، وهذه الصبية لن تبول وقد حملها النبي -عليه الصلاة والسلام-، طيب منهم من يقول مثل هذا العمل يجوز

للحاجة، فإذا كان مع الإنسان طفل مثل هذا، ولم يجد من يكفيه أمره، وخشي عليه، يحمله وإلا فلا، لكن بيوت النبي -عليه الصلاة والسلام- معمورة بنسائه، يوجد من يكفيه أمرها، فليست المسألة معلقة بالحاجة، وإنما فعله -عليه الصلاة والسلام- لبيان جواز مثل هذا الفعل، لكن كونه يدل على الجواز هل يدل على أنه أفضل بحيث إذا كان الإنسان في بيته وأراد أن يتنفل شال معه بزر وإلا شيء يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ صلاته صحيحة، ويجوز له ذلك، لكن الأكمل أن يبتعد عن كل ما يشغله، النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا بالنسبة له باعتباره مشرع أكمل؛ لأن بيانه للشرع أكمل من عدمه، ولو فوت بعض السنن لبيان الجواز، الأجوبة عن هذا الحديث كثيرة لا سيما لمن لا يرى مثل هذا العمل، وأنه عمل كثير، إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها، وعند الشافعية مثل هذا العمل عمل مفرق، ليس بعمل متوالي، نعم هو مفوت لبعض السنن، هذا العمل مفوت لبعض السنن، فلا يتأتى لمن حمل مثل هذا أن يرفع يديه حذو منكبيه، ولا أن يقبض اليسرى باليمنى، وهكذا يفوت عليه بعض السنن، لكن فعله -عليه الصلاة والسلام- مثل هذا لبيان الجواز، وهو تشريع، طيب القراءة في المصحف في النافلة في الفريضة لحاجة لغير حاجة، يعني المصحف حمله ووضعه ليس بأشد ولا أعظم من حمل هذه الصبية، ولذا جوز بعضهم من هذا الحديث جواز الصلاة والقراءة من المصحف أثناء الصلاة، أما عند الحاجة فلا إشكال، في النافلة فلا إشكال، عائشة -رضي الله عنها- اتخذت إماماً يصلي بها التراويح من المصحف، لكن إذا قلنا في الفريضة لا شك أنه قياس على هذا القول بجوازه يتجه، لكنه خلاف الأولى، والآن المحاولات في إصدار شاشات في المحاريب فيها قرآن، يضغط على الزر على السورة اللي بيقرأ ويطلعه ويقرأ منه، وهذه عبادة، الواجب صيانتها عن المحدثات إلا ما احتيج إليه، فيقتصر منه على قدر الحاجة، الأصل أن الصلاة بدون كثير مما ترونه الآن؛ لأنها عبادة والعبادات توقيفية، وتوقف كثير من أهل العلم في بداية الأمر في مثل المكبرات، بل منهم من مات ما استعملها، صيانة لهذه العبادة من المحدثات، لكن إذا دعت الحاجة إليها فاستعملها أهل العلم وأباحوها

وجوزوها، ولكن ينبغي أن تكون بقدر الحاجة؛ لأنه وجد من يستعمل هذه الآلات، ويسترسل فيها، وليس وراءه إلا الإمام أو واحد واثنين، المؤذن ومعه واحد أو اثنين، ومع ذلك يأتي بمكبرات بمئات الألوف، علشان إيش؟ بل يأتي بمؤثرات، وترديد كلام وصدأ، علشان إيش؟ لا شك أن الاسترسال في هذه المحدثات خلاف الأولى خلاف السنة، فالصلاة الأصل فيها أنها .. ، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق] لكن احتيج إلى قدر زائد فبدلاً من المستملين المبلغين عن الإمام تستعمل مثل هذه الآيات بقدر حاجة، فالأجوبة من قبل أهل العلم لا سيما المالكية كثرت عن هذا الحديث؛ لأن المطلوب من المصلي الإقبال على صلاته، وعدم الانشغال بغيرها، لكن ما دام هذا ثابت وفي الصحيحين ما لأحد كلام، وليس معنى هذا بعد أيضاً فتح باب لكل من حضر إلى المسجد أن يحضر طفله ليصلي به مع الناس، النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله ليبان الجواز، وليس معنى جوازه أنه هو الأفضل والأكمل، لكن من أحضر لا يمنع، اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، من أحضر لا يمنع إلا إذا أحدث تشويش للمصلين من هذه الجهة، ويسترسل بعض الناس في إحضار الأطفال ويترك الأم بدون عمل، يحضر معه ثلاثة، أربعة، كلهم أبو سنة وأبو سنتين، واحد قدامه وواحد بينه وبين الذي عن يمينه، وواحد .. ، هذه ما هي بصلاة صارت، هذا لعب، ووصل الأمر ببعض الناس -شيئاً رأيته- في انتظار صلاة العيد رأيناه والله وهذا أمر محزن، يعني يكلم المرأة في المسجد الحرام، بينها وبين الرجال حاجز، ويأخذ الطفل منها، من المرأة، ويخرج به عن المسجد، ويغير له، ويجيبه ويعطيه أمه، يعني وصل الأمر إلى هذا الحد؟! ما هو معقول أبداً، الأم لها وظيفة، والأب له وظيفة، يعني كون الدعوة إلى حقوق المرأة، واحترام المرأة، وتقدير المرأة، هذا ليس ظلم للمرأة، صحيح يا إخوان، الإسلام معتدل في تشريعه، الرجل له وظائف، والمرأة لها وظائف، من حق المرأة على الرجل أن يعينها إذا زادت التكاليف، ومن المؤسف أن يقال للمرأة التي ترعى شؤون بيتها وأولادها وأطفالها يقال لها: عاطلة، وبالمقابل المرأة التي ترعى شؤون أولاد غيرها هذه عاملة، تتوظف

بحضانة ما يخالف، لكن تعمل في بيتها، وتربي أولادها، لا هذه عاطلة، هذه لا بد تخرج، هذه مظلومة في البيت، وتطلع علشان تشتغل في حضانة، في بيت ثانين، أو في مدرسة وإلا شيء حضانة، شغلها مثل شغلها في البيت، تنظف الأولاد وتربيهم، هذه عاملة وهذه عاطلة، لكن إلى الله المشتكى، والمسلمون يستجيبون لمثل هذه المطالب. هذا يقول: في جلسة الاستراحة يرى بعض المعاصرين عدم فعلها كالشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع، وكما ذكرتَ من المتقدمين ألا نقول: تفعل مرة وتترك وهكذا؟ وما موقفنا في مثل هذه الاختلافات؟ المرد {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ} [(10) سورة الشورى] وين يرد؟ نعم إلى الله ورسوله، وما دام ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بما سمعتم، وكل يفعل ويعمل بما يعتقد، ويدين الله به، وما دام بلغه عن الله وعن رسوله، المسألة فيها أئمة كبار، يعني مثل الإمام أبي حنيفة أو مثل مالك نجم السنن، أو مثل أحمد إمام أهل السنة، كلهم ما قالوا بجلسة الاستراحة، نعم رواية عن أحمد وهي قول الشافعي قالوا بها، وليس معنى هذا إذا قرر مسألة أنه مصادرة لأقوال الآخرين، أبداً، لكن هذا مجلس تعليم ومجلس تمرين على كيفية التفقه والاستنباط، وكونك تبي تلزم بقول رُجح هنا، ما هو بإلزام، يعني بإمكانك أن تعمل، المسألة ما هي بإلزام، لكن إذا بان لك الحق لا مندوحة عن العمل به، ولو خالفه من خالفه، تعمل بما تعتقد وتدين الله به -جل وعلا- من خلال ما ثبت عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحد ذراعيه انبساط الكلب)).

وهذا الحديث أيضاً "عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اعتدلوا في السجود)) " كيف نعتدل في السجود؟ يعني الاعتدال في الركوع متصور، الاعتدال في القيام متصور، يعني في الركوع الاعتدال تعديل الظهر، ودع الرأس مساوية للمؤخرة، هذا اعتدال، لكن كيف نعتدل في السجود؟ أليس المطلوب منا أن نجعل أسافل البدن أعلى من أعاليه في السجود؟ نعم هذا هو المطلوب في السجود، هل معنى ((اعتدلوا في السجود)) أن نجعل شيئاً مرتفعاً نسجد عليه بحيث يعتدل الظهر؟ لا، إذاً ما معنى الاعتدال هنا؟ نعم على وفق الأمر الشرعي، هذا هو الاعتدال، إذا جعلنا السجود على وفق الأمر الشرعي، يعني بأن نسجد على الأعضاء السبعة، ونجافي، ونضم الأصابع، ونمكن الجبهة والأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين، نجعل الأصابع إلى جهة القبلة، هذا هو الاعتدال؛ لأن الاعتدال نسبي، فإذا أردت أن تعدل شيئاً تجعله موافق لأمر هل معنى هذا أن تجعله مستقيماً؟ عندك ذهب محلق، دائرة، تثنى مع الوقت، كيف تعدله هذا؟ نعم؟ يعني خاتم أنعوج كيف تعدله؟ تجعله مستقيم؟ نعم تعيده دائرة كما هو، فاعتدال كل شيء بحسبه، فتعديل واعتدال السجود معناه الإتيان به على وفق المقتضى الشرعي، على الهيئة الشرعية.

((ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)) يعني لا يضع مرفقه وذراعيه على الأرض، بل يرفع ويجافي، نعم قد يكون متعب ومنهك، وقد شكي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- التعب فحث أو أمر أو وجه إلى الاستعانة بالركب ((ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)) ولا يفترش افتراش السبع، على كل حال نهينا عن موافقة الحيوانات، جاء هنا انبساط الكلب، وجاء أيضاً افتراش السبع، وجاء النهي عن مشابهة البعير في بروكه، والتفات الثعلب، ونقر الغراب، وإقعاء الكلب، وبسط الذراعين، وأذناب الخيل الشمس عند التشهد والفراغ منه، وأيضاً زاد الصنعاني ما جاء في بعض الأحاديث من عدم مشابهة الحمار في التدبيح، يعني تقويس الظهر، يقول الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- مر على امرأتان وهما تصليان، أخرجه أبو داود في المراسيل عن يزيد بن حبيب، وقد رواه البيهقي من طريقين موصولتين، لكن كلاهما فيه متروك، قاله الحافظ، وعلى كل حال المرسل مع هذين المتروكين ما يثبت بهما حجة، وعلى هذا فيبقى أن المرأة في مثل هذا -حتى يرد التخصيص- تكون مثل الرجل، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول: الحلية لأبي نعيم هل لها طبعة معتبرة أو لا؟ ليس لها إلا طبعة واحدة هي طبعة السعادة، طبعت قبل ثمانين سنة، طبعة جميلة، لكن فيها أخطاء، وما طبع بعدها كلها إما تصوير أو كليشة عنها من غير عناية ولا تصحيح، وأما أحاديث الحلية فجلها مخرج ومحقق ومحكوم عليه، يبقى مسألة الأخبار المتعلقة بالمترجمين هذه أمرها سهل. يقول: كيف الاستفادة من أطراف المسند لابن حجر؟ معروف أن المسند الاستفادة منه لا سيما في أحاديث المكثرين من الصحابة كأبي هريرة، عند مراجعته يصعب على طلاب العلم، وأطراف المسند إذا عرفت أن هذا الحديث من أحاديث أبي هريرة، وعرفت الراوي عنه، تيسر لك الأمر جداً، إذا عرفت الراوي عن أبي هريرة، والراوي عنه، يعني عرفت السند تقف عليه بكل سهولة ويسر.

يقول: بدأت بحفظ الصحيحين والآن تقريباً انتصفت، فقال لي بعض الإخوة: هل حفظت متناً من المتون؟ فقلت: لا، فقال: لا بد من التأصيل، والآن أنا متأرجح هل أواصل في الحفظ، أو أتوقف حتى انتهي من حفظ المتون؟ أرجو التوجيه. مثل هذا يستمر في حفظه، يخصص لما بدأ فيه وقتاً مناسباً مع عنايته بالمتون الأخرى في سائر الفنون، بما في ذلك الحديث، فيبدأ بحفظ الأربعين، أو إن أوقف مشروعه حتى يتم له حفظ المتون فيبدأ بحفظ الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ، ثم يعود إلى حفظ الصحيحين وهكذا بقية المتون. يقول: إذا كنت في زواج، وفيه تصوير فوتوغرافي أو فيديو، وأنكرت عليهم، ولم يستجيبوا بحجة أنها خلافية، فهل أنصرف لأني أرى تحريم ذلك؟ أنت عليك أن تعمل بما تعتقد وتدين الله به، فإذا كنت ترى التحريم لا يجوز لك البقاء. هل يجوز سنة الوضوء في أوقات النهي؟ سنة الوضوء معروف أنها من ذوات الأسباب، فلو فعل الإنسان في الوقتين الموسعين على ما سبق تقريره لا بأس -إن شاء الله تعالى-، وإن رأى أن مجرد مدح بلال لسنة الوضوء لا يقاوم النهي، فهذا له وجه. كيف كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يضع يديه على صدره أثناء الصلاة؟ هو يقبض اليسرى باليمنى، ويضع يديه على صدره، هذا أرجح ما قيل، وهو في صحيح ابن خزيمة، وما عداه فهو ضعيف. يقول: ما الكتاب الذي شرحته لابن سعدي في المدينة المنورة؟ هل هو عيون الأخبار؟ لا، ليس عيون الأخبار، إنما هو جوامع الأخبار، والإعلان الذي نشر بهذا الاسم غلط. يقول: ماذا يقول المتابع للمؤذن في أذان الفجر عندما يقول: الصلاة خير من النوم؟ يقول مثل ما يقول المؤذن، الصلاة خير من النوم، أما ما يذكر في كتب الفقه، يقول: صدقت وبررت، هذا لا أصل له. هل الطهارة شرط لصحة الأذان؟ ليست بشرط، يصح للمحدث، لكن الأولى والأكمل أن يكون على طهارة؛ لئلا يلزم من ذلك الخروج من المسجد بعد الأذان، وقد ثبت بذلك النهي عنه. يقول: هل يقدم المصلي حال الهوي إلى السجود ركبتيه أم يديه؟ وما السنة في ذلك؟ وما الراجح في جلسة الاستراحة في الصلاة؟

هل يقدم المصلي حال الهوي إلى السجود ركبتيه أم يديه؟ وما السنة في ذلك؟ هذا السؤال أجيب عنه سابقاً، لكن باعتبار أن الحديثين لم يردا في العمدة لأنهما ليس في الصحيحين، لا مانع من إعادة الكلام في هذه المسألة باختصار، وإلا فالكلام فيها يطول، في حديث أبي هريرة: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) وحديث وائل: "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" المرجح من حيث الصناعة حديث أبي هريرة، فهو أرجح من حديث وائل؛ لأن له شاهداً عن ابن عمر، والمسألة فيها كلام طويل لأهل العلم، ابن القيم -رحمه الله- أطال في تقرير هذه المسألة، وترجح عنده أن حديث أبي هريرة مقلوب؛ لأن آخره يعارض أوله، والذي يظهر لي أنه ليس بمقلوب، بل آخره يشهد لأوله، المنهي عنه أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير، متى يقال: برك البعير؟ إذا أثار الغبار، وفرق الحصى، يقال: برك البعير، وحصص البعير، إذا أثار الغبار، وفرق الحصى ((لا يبرك كما يبرك البعير)) يعني لا ينزل بيديه على الأرض بقوة كما ينزل البعير؛ لأنه منهي عن مشابهة الحيوانات، كما أنه لا ينزل على الأرض بقوة على ركبتيه، كما يربض الحمار، بعض الناس يلاحظ أنه إذا سجد سواء قدم يديه أو ركبتيه يخلخل البلاط، ويسمع له صوت، مثل هذا منهي عنه في الصلاة، سواء رجحنا حديث أبي هريرة وقلنا يقدم يديه قبل ركبتيه امتثالاً للحديث: ((وليضع)) مجرد وضع ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) ما في قلب ولا شيء، المنهي أن يبرك بل يضع، وفرق بين أن يبرك ويلقي بنفسه على الأرض بقوة، وبين أن يضع يديه مجرد وضع على الأرض، أنتم تفرقون بين من يضع المصحف على الأرض وبين من يرمي المصحف على الأرض، أهل العلم يقررون جواز وضع المصحف على الأرض، وضع المصحف على الأرض لا بأس به عند أهل العلم، لكن رميه على الأرض بقوة هذا أمر خطير جداً، والفرق بين الأمرين بين وواضح، هو مجرد وضع على الأرض ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) وفي حديث وائل، وهو يصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-: "كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه" أنتم تعرفون الخلاف في المذاهب معروف، لكن كل من يعتمد قولاً من هذه الأقوال يتوجه

عنده ترجيح الحديث، فالذي يرى تقديم اليدين على الركبتين يرجح حديث أبي هريرة، والذي يرجح تقديم الركبتين ويرى أن حديث أبي هريرة منقلب على راويه، مع أني لا أعرف أحداً من المتقدمين عله بالقلب، ابن القيم -رحمه الله تعالى- لما أنقدح في ذهنه القلب أجلب عليه بكل ما أوتي من قوة البيان وسعة الإطلاع، لكن حال بينه وبين تقرير المسألة في وجهها انقداح هذا في ذهنه، وإلا من حيث الصناعة حديث أبي هريرة أقوى من حديث وائل، فإذا تصورنا أن المطلوب من المصلي أن يضع برفق وهون، لا ينزل بقوة على الأرض، سواء قلنا: يقدم يديه أو يقدم ركبتيه مجرد وضع ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) هذا هو المتقرر في هذه المسألة، والمسألة بحثت في مناسبات كثيرة، وقررت في أشرطة مسجلة مع غيرها من المسائل المشكلة في الصلاة وغيرها. يقول: ما الراجح في حكم جلسة الاستراحة في الصلاة؟

مرت بنا في حديث مالك بن الحويرث، وهو يصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، إذا قام إلى الثانية، إذا كان في وتر من صلاته لم يعتدل قائماً حتى يجلس، وقلنا: إن ابن القيم وابن حجر ذكروا أنها وردت في بعض طرق حديث أبي حميد، يعني إذا ساغ لنا أن نقول بما قرره ابن القيم وغيره أنها عند الحاجة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعلها لما احتاجها، كما نقل ذلك عنه مالك بن الحويرث؛ لأنه جاء في آخر العهد، لكن كيف نجيب عن حديث أبي حميد؟ وقد وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بمحضر عشرة من أصحابه؟ وإذا أمكننا الجواب عن ذلك فكيف نجيب عن حديث المسيء؟ جاءت في بعض طرقه في البخاري، وقفنا عليها في البخاري في كتاب الاستئذان هذا موجود، والآن وقفنا على حديث المسيء وهذا من طرقه، في البخاري في كتاب الاستئذان لما شرح الركعة الأولى كاملة، قال: ((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)) السجدة الثانية من الركعة الأولى، قال: ((ثم أرفع حتى تطمئن جالساً)) وش تصير الجلسة ذي؟ هي جلسة الاستراحة، التي يسمونها استراحة، وسموها استراحة من أجل إيش؟ من أجل أن يقرروا أنه إنما يفعلها من يحتاجها، يستريح بها، والذي لا يحتاجها ولا يستريح بها هذا لا يفعلها، لكن هل هي بالفعل جلسة استراحة؟ قررنا في الأمس أنها زيادة تكليف، وليست استراحة، فالمحتاج البدين؛ لأنهم ذكروا في بعض الروايات أنه لما بدن النبي -عليه الصلاة والسلام-، البدين والمريض والمصاب بداء في ركبتيه، وأصحاب الروماتيزم يدركون هذا كله، كونه ينهض من السجود مباشرة أسهل من كونه يتورك جالساً ثم يقوم، هذه زيادة تكليف، فسماها جلسة استراحة بعض الفقهاء ليقرر أنه إنما يستريح المحتاج، فإذا احتاج إليها يستريح، والذي لا يحتاج إليها لا يفعلها، فإذا جاءت في حديث مالك بن الحويرث صراحة، وجاءت في حديث أبي حميد كما قرر ذلك ابن القيم وابن حجر أيضاً في التلخيص، وجاءت هنا في حديث المسيء، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في ناحية المسجد، فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وعليك السلام)) لأن في الرواية التي معنا ما

باب: وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

فيها رد ((وعليك السلام، ارجع فصل، فإنك لم تصل)) فرجع فصلى ثم جاء فسلم، فقال: ((وعليك السلام، فارجع فصل، فإنك لم تصل)) فقال في الثانية أو في التي بعدها: علمني يا رسول الله، قال: ((إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)) هذه السجدة الأولى ((ثم ارفع حتى تطمئن جالساً)) هذه بين السجدتين ((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً)) هذه الذي يسمونها جلسة الاستراحة، يعني هل المسيء الذي أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكرر الصلاة ثلاث مرات هل هذا بحاجة إلى مثل هذه الجلسة؟ يعني إذا قلنا: إن مالك بن الحويرث جاء في آخر العهد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ثقل واحتاج إلى هذه الجلسة، على ما يقرره من لا يرى هذه الجلسة، وعرفنا بالأمس أن القول بها هو قول الإمام الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، وأما الأئمة مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنه لا يقولون بها، وما دام ثبتت بها السنة الصحيحة فلا عذر لأحد على القول بها، قد يقول قائل: إن الإمام لا يجلس جلسة الاستراحة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه)) نقول: نعم، لا نختلف عليه فيما يفعله من مشروع، أما ما يفعله فيما يخالف، أو يتركه من المشروع لا يوافق عليه؛ لأنه لا يقتدى به في مثل هذا، فلو قدر أن إماماً يصلي ولا يرفع يديه من الركوع والرفع منه ما اقتدينا به، رفعنا، وأيضاً هذه الجلسة لا يترتب عليها تأخر عن الإمام، بل نرى من يفعلها يقوم مع من بجانبه ممن لا يفعلها أبداً ما يتأخر، مجرد أن يثني رجليه يجلس ويقوم، فلا يترتب عليها تأخير. سم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني، قال: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود الطمأنينة يراد بها الرفق والأناة وعدم العجلة، ويراد بها أيضاً الإتمام، إتمام الركوع والسجود على ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيان المأمور به من قبل الله -جل وعلا- في هذه الشعيرة العظيمة، فالطمأنينة مطلوبة، وركن من أركان الصلاة في أركانها كلها. يقول: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد" في مشروعية الإتيان إلى المسجد في وقت الصلاة وغير الصلاة، وكثيراً ما يأتي النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المسجد، ويمكث في المسجد، وجاء الترغيب في ذلك، المبادرة إلى الصلوات، والرباط بين الصلاتين، والتأخر في المصلى، وجاء ما يدل على أن المسجد بيت كل تقي. وخير مقام قمت فيه وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ

ومعروف إلى وقت قريب عناية المسلمين بالمساجد، طول مكثهم فيها، وبقاؤهم بها، بل يوجد من يسكن المساجد، وهذه تكاد أن تنقرض، وجرت العادة من عهده -عليه الصلاة والسلام- إلى وقت قريب، وجل الناس لا ينصرفون من المسجد لا سيما بعد صلاة الصبح، حتى تنتشر الشمس، والآن مع الأسف الشديد في مثل هذا البلد، من أراد الجلوس إلى أن تنتشر الشمس قد يعاني من المضايقات، المؤذن يبي يطلع ويقفل الأنوار، والحارس يقول: أنا مؤتمن ولا أستطيع، فلا بد من التمكين من هذه السنة، والمسئولون لا يعارضون إذا وجدوا من يمكث في مسجد وهو ثقة وأمين، نعم وجد من يسيء إلى مثل هؤلاء، وجد بعض التصرفات، لكن هذه لا تكون سبب قطع الخير ومنعه، يعني وجد من مكث في المسجد ثم إيش اللي حصل؟ نسأل الله السلامة والعافية، بال على المصاحف كلها، مثل هذا يكون سبب في منع هذا الأمر، لكن ينبغي أن يكون محل عناية من المسئولين، فلا يمنع بسبب شخص، أو أشخاص تصرفوا تصرفات خاطئة، فلا تكون أفعالنا ردود أفعال، إنما تعالج المخالفات، وتبقى السنن على ما هي عليه، لا تعارض السنن بمثل هذا، وبعض البلدان -ما شاء الله- تجد من ينتظر لا أقول: عشرة بل عشرات بعد الصلاة حتى تنتشر الشمس، وبلدان هي في موازين عامة الناس ما هي بشيء، وبعض البلدان التي ينظر إليها أنها محل الخير وأهل الخير ما تجد أحد، مثل هذا لا شك أنه خلاف السنة، وطالب العلم على وجه الخصوص إن كان ممن يبادر إلى النوم بعد صلاة الصبح هذه مصيبة بالنسبة له، هذا وقت البركات، فإذا لم يستغل مثل هذا الوقت، متى يستغل العمر إذا نام بعد صلاة الصبح؟ قد يقول قائل: الناس ابتلوا بالسهر، نقول: ومع السهر يمكن استغلال مثل هذا الوقت، والمسألة عادة، إذا عود الإنسان على شيء خلاص، من تعود الجلوس إلى ساعة معينة، افترض أنه يجلس ساعتين ثلاث ساعات بعد صلاة الصبح ولو سهر ما يجيه النوم، حتى تنتهي هذه المدة، وهذا مجرب.

"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم" الاحتمال أن تكون هذه الصلاة تحية المسجد من هذا المسيء، ويحتمل أنه فاتته الصلاة فصلاها منفرداً "فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((ارجع)) " في هذه الرواية لم ينقل رد السلام، نقل في روايات أخرى في الحديث نفسه من حديث أبي هريرة، قال: ((وعليك السلام)) ولو افترضنا أنه لم ينقل ألبتة في أي رواية من الروايات كما في حديث أم هانئ، قالت: السلام عليك يا رسول الله، قال: ((من؟ )) قالت: أم هانئ، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) وسلمت فاطمة فقال: مرحباً بابنتي، ولم ينقل أنه رد السلام -عليه الصلاة والسلام-، فمنهم من يقول: إن مرحباً تجزئ في رد السلام، ومنهم من يقول: من عدم النقل عدم الوجود، بل رد -عليه الصلاة والسلام- ولم ينقله الرواة للعلم به، بعض القضايا التي لا يحتاج إلى نقلها، الأمر برد التحية ثابت في القرآن، لا يخفى على أحد، فمثل هذا قد يتساهل في نقله لأنه نقل نقلاً ملزماً، يعرفه الخاص والعام، ولذا إذا جاء الأمر في القرآن أحيل عليه ما يرد من السنة، فمثلاً من جامع زوجته في رمضان جاء الحديث الصحيح في الصحيحين وغيرهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ألزمه بالكفارة، عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، فهل يقال لمن جامع في نهار رمضان: عليك كفارة مجامع في نهار رمضان الثابتة في السنة، أو يقال: عليك كفارة؟ كفارة إيش؟ ماذا يقال له؟ طالب:. . . . . . . . . الآن كفارة الجماع في نهار رمضان ثابتة في الصحيحين وغيرهما، فهل من جامع في نهار رمضان يقال: عليك كفارة جماع في نهار رمضان، عامة المسلمين ما يعرفون إيش الكفارة؟ لو أحلناهم على هذا الحديث، لكن يقال: عليك كفارة ظهار، والفقهاء يقولون: من فعل كذا فعليه كفارة ظهار، يعني هل كفارة الجماع ثبتت بالقياس على كفارة الظهار؟ لا، ثبتت بالنص، لكن يحال على ما ثبت في القرآن لأنه لا يخفى على الخاص والعام، يعني إذا أردت أن تحيل تحيل على الأقوى، والأكثر شهرة وانتشار، فتقول: عليك كفارة ظهار، لماذا لا يقال: عليك كفارة قتل؟

طالب:. . . . . . . . . تختلف في إيش؟ عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، يعني إن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، لماذا لا يقول الفقهاء: عليه كفارة قتل؟ للخلاف في الإطعام، في كفارة القتل الإطعام مختلف فيه، أما في كفارة الظهار فلا خلاف، فيحال على المعروف، ويقول عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بيعة النساء، بيعة الرجال قبل بيعة النساء، لكن بيعة النساء مضبوطة في القرآن {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [(12) سورة الممتحنة] لأنها مضبوطة في القرآن، يحال على ما في القرآن، وإلا هي ثابتة في الأحاديث الصحيحة، وهي متقدمة على بيعة النساء، ولكن يحال على ما ثبت في القرآن، وهنا مثل هذا قد لا ينقل رد السلام؛ لعدم الحاجة إليه؛ لأنه ثابت في القرآن {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] يعني أقل الأحوال.

"ثم جاء فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) " قد يقول قائل: صلى ركع وسجد وقرأ، صلى فما الصلاة المنفية؟ هل المنفي حقيقتها العرفية أو حقيقتها الشرعية؟ نعم هو صلى، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) هذه حقيقة، الحقيقة العرفية موجودة، ركع وسجد وش يبي؟ صلى ودعا، لكن المنفي الحقيقة الشرعية للصلاة، يعني الصلاة المجزئة المسقطة للطلب، فكونه يصلي صلاة لا تنفعه، هذه صلاة لا وجود لها شرعاً، وإن وجدت حقيقتها عرفاً، يعني مثل ما ينفى السمع والبصر عمن له أذنان تسمعان الكلام، وبصر يبصر به المرئيات، هذا يمكن نفيه، إذا كان لا يستفيد من هذا السمع ولا من هذا البصر {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [(18) سورة البقرة] ليس معناه أنهم لا يشوفون ولا يسمعون ولا يتكلمون، يتكلمون ويسمعون ويبصرون، لكن لما لم تنفعهم هذه الحواس صار وجودها مثل عدمها، فحقيقتها الشرعية منتفية، ولذا جاء في الآية الأخرى: {وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا} [(179) سورة الأعراف] واختلاف الحقائق الشرعية مع العرفية لا بد لطالب العلم من الانتباه له بدقة، ولا بد من معرفة الاصطلاحات العامة والخاصة مع الحقائق اللغوية، يعني لو جاءك شخص وأقسم أنه لم ير في عمره كله جملاً أصفر، ما رأى جمل أصفر، والذي عنده في عرفه أن الأصفر هذا، في جمل مثل هذا؟ لونه مثل هذا؟ ما في، مع أن الجمالات الصفر مثبتة في القرآن، هل نقول: إن هذا محاد لله -جل وعلا-؟ ويقصد حقيقة والشرع يقصد حقيقة أخرى، وقل مثل هذا حينما يقول الحنفية: زكاة الفطر واجبة وليست بفرض، والصحابي يقول: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هل نقول: هذه معاندة؟ هذه حقائق مختلفة، يعني الحقائق الثلاث معروفة عند طلاب العلم، فكون الإنسان يريد حقيقة، ينفي باعتباره حقيقة، وغيره يثبت باعتباره حقيقة، لا تكون هذه معاندة، ولذا ما في أحد اتهم عامة أهل العلم في قولهم: إن غسل الجمعة ليس بواجب، وفي الحديث: ((غسل الجمعة واجب)) هذه حقيقة وتلك حقيقة، فمع اختلاف الحقيقة لا تثريب، لكن على طالب العلم أن تكون حقائقه أقرب ما تكون إلى الحقائق الشرعية.

((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) فرجع فصلى كما صلى، ما يعرف غير هذا، ثم جاء فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه مشروعية تكرار السلام، ولو مع قرب الفاصل "فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني" يقول: لا أحسن غير هذه الصلاة، ما في شيء، لو كنت أحسن ما ترددت ثلاثاً "والذي بعثك بالحق" يقسم بالله -جل وعلا- الذي بعث نبيه -عليه الصلاة والسلام- بالحق أنه لا يحسن غيره "فعلمني" الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما فعل هذا المسيء الصلاة التي لا تجزئ ولا تسقط الطلب، فنفاها عنه -عليه الصلاة والسلام- ما عنفه، لم يعنفه، وهذا من حسن خلقه -عليه الصلاة والسلام-، وكونه ردده ثلاثاً؛ لينتبه لما يلقى إليه؛ لأن الشيء الذي يأتي بسهولة ينسى بسهولة، لكن ما دام ردده ثلاثاً لا شك أنه سوف يضبط ما يلقى إليه، وفي هذا جواز تأخير البيان عن أول الأمر يعني إلى وقت الحاجة، يجوز تأخير البيان للمصلحة، فلو علمه الصلاة من أول مرة يمكن ينسى، لكن لما ردده ثبت العلم في ذهنه، وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يتعب في تحصيل العلم، ويتعب في تصور المسائل وفي تصويرها، وبعضهم يعمد إلى كتاب صعب معقد، فيقرأ هذا الكتاب، ويفهم هذا الكتاب، ويراجع هذا الكتاب، ويسأل عما يشكل في هذا الكتاب؛ لأنه إذا عرف الكتاب الصعب كانت معرفته بالكتب السهلة لا تحتاج إلى معاناة، بحيث لو احتاج أي مسألة في كتاب من الكتب دون هذا الكتاب الذي قرأه لا شك أنه لن يشكل عليه شيء، وأنا أقول: هذا الكتاب الذي في أيدي بعضكم -شرح ابن دقيق العيد على العمدة- الطالب الذي يفهمه على وجهه لا يحتاج أن يسأل على مسائل في أي شرح من الشروح، هل إحالة طلاب العلم على مثل هذا الشرح لتعذيبهم؟ لا، وإنما للعناية بهم، كررنا مراراً أن عناية أهل العلم بزاد المستقنع مع أن عبارته مستغلقة ليست عبث، عنايتهم بالمنتهى مع أن عبارته صعبة ليست عبث، عناية المالكية بمختصر خليل ليست عبث، إنما إذا فهم الكتاب -هذا الكتاب المستغلق الشديد إذا فهم- فما دونه من باب أولى، وبعض الناس يقول: لا، يكفي، الكتب المختصرة الآن،

ومذكرات والكتب التي رتبت ونظمت وهذبت والخلاف والأقوال والأدلة والرأي، هذه ما تربي طالب علم؛ لأن الإنسان يتصور نفسه في بلد نائي ما عنده أحد، وأشكل عليه مسألة وعنده المراجع ما يستطيع يراجع، إذا لم يترب على المتون المعتبرة عند أهل العلم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ردده مراراً؛ ليحفظ عنه هذا العلم، والعلم لا يستطاع براحة الجسم، أبداً، لا يمكن أن ينال العلم براحة الجسم، وقد يقول قائل: لماذا تعبه مرتين ثلاث علشان إيش؟ علشان يضبط ويتقن، الآن إذا كان عند المدير كاتب، ثم بعد ذلك هذا الكتاب حرر له خطاب، كتبه بالآلة ثم قرأه المدير، ووجد نقطة ساقطة، أخذ القلم ووضعها بالحبر الأسود ما تبين، لكن متى يتعلم هذا الطابع؟ لو قال له: امسح هذه الكلمة واكتب غيرها، أو قال له: راجع الخطاب، وابحث عن الخطأ، الكتاب فيه خطأ، يعني لو قال له: امسح هذه الكلمة ترى فيها خطأ واكتب غيرها، لا شك أنه أثبت في ذهنه من كونه يضع المدير النقطة بقلمه، لكن لو قال له: راجع الكتاب أنت، واستخرج الخطأ، وصحح الخطأ، مثل هذا لن يخطئ مرة ثانية، هذا أسلوب من أساليب التربية والتعليم، هذا يحتاج إليه باستمرار، فقال هنا في القسم على الأمور المهمة: "والذي بعثك بالحق" يقسم بالله -جل وعلا- أنه لا يحسن غير ما صنع، فالقسم على الأمور المهمة مطلوب، وجاءت به النصوص الكثيرة، كثيراً ما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((والذي نفسي بيده)) يقسم ويحلف من غير استحلاف، أما إذا كان الأمر غير مهم جاء النهي عن جعل الله -جل وعلا- عرضة للأيمان، أما في الأمور المهمة يحلف من غير استحلاف.

فقال: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر)) هذه تكبيرة الإحرام بلفظ: الله أكبر، لا يجزئ غيرها، وهي ركن من أركان الصلاة عند الجمهور، وشرط عند الحنفية، وسبق أن قررنا الخلاف والفوائد المرتبة عليه ((ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)) وهذا مجمل بينه حديث عبادة الآتي: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) ((ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)) وفي بعض الروايات: ((ثم اقرأ بأم القرآن)) فدل على أن ما تيسر ما زاد على الفاتحة، أما الفاتحة أمر لا بد منه، الفاتحة لا بد منها، كما سيأتي في حديث عبادة. ((ثم اركع حتى تطمئن راكعاً)) وفي هذا دليل للجمهور الذين لا يوجبون تكبير الانتقال، ما قال: "ثم كبر ثم اركع" لا، لكن التكبير ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ومداومته عليه، وخلفاؤه من بعده داوموا عليه، وهذه حجة من يقول بوجوب تكبيرات الانتقال، والمسألة سبقت ((ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً)) في الحديث الصحيح: ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)).

((اركع حتى تطمئن راكعاً)) وتمكن يديك من ركبتيك، وتسوي ظهرك ورأسك مع آخرك، على الصفة المشروحة سابقاً في الركوع، وتأتي بالذكر المطلوب، والقدر الواجب منه ما يستطيع معه أن يمكن يديه من ركبتيه، ويهصر ظهره، ويأتي بالذكر ولو مرة واحدة، وما زاد على ذلك هل هو واجب أو مستحب؟ الزيادة على القدر الواجب في العبادات واجب أو مستحب؟ هذا إذا كان متميزاً بنفسه الإجماع على أنه مستحب، يخرج صاع فطرة وصاع ثاني زيادة، هذا مستحب اتفاقاً، لكن إذا خلط الصاعين جميعاً، أو أخرج كيس هل الواجب الصاع وما زاد عليه مستحب؟ مسألة خلافية، منهم من يقول: إذا كانت الزيادة لا تتميز بنفسها تأخذ حكم الأصل، قد يقول قائل: ما الفائدة من الخلاف؟ إذا قلنا: الزيادة في الركوع على القدر الواجب مستحب ماذا يقول من يرى عدم صحة صلاة المفترض خلف المتنفل؟ إذا أدركه في القدر الزائد على الواجب؟ ماذا يقول؟ الحنابلة يقولون: لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، دخلت والإمام راكع، وقال: سبحان ربي العظيم، الواجب انتهى، فأدركته في القدر المتسحب، ولا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، هم يقولون: إن الزيادة إذا لم تتميز بنفسها تأخذ حكم الأصل، هذه أمور لا بد من الانتباه لها؛ لأن المذاهب لا بد أن تكون منضبطة؛ لئلا يرد عليها ما يرد، والفقهاء من أدق الناس في هذه الأمور. ((ثم أركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً)) وفي بعض الأحاديث الصحيحة في صفة الصلاة: ((حتى يعود كل فقار إلى مكانه)) كل عضو وكل مفصل يعود إلى مكانه، طيب في حال الاعتدال لا بد أن يعود كل فقار إلى مكانه، هل المراد كل فقار يعود إلى مكانه قبل الدخول في الصلاة أو قبل الركوع؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، وش يترتب على هذا؟ وضع اليدين، إذا قلنا: يجب أن يعود كل فقار إلى مكانه قبل الركوع تقبض يديك وتضعهما على صدرك، وجاء هذا في حديث وائل ما يدل عليه، وإذا قلنا: يعود كل فقار إلى مكانه قبل الصلاة ترسل يديك، كما يرجح الألباني وغيره -رحمة الله عليه-.

((حتى تعتدل قائماً ثم اسجد)) ولم يذكر التكبير -تكبير الانتقال- ولا ذكر سمع الله لمن حمده، وهذا يستدل به من يقول بعدم الوجوب، وقل مثل هذا في التسبيح، وقل ربنا ولك الحمد، وغير ذلك من الأذكار، الأكثر على أنها ليست بواجبة هذه، والحنابلة يوجبونها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم عليها، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)). ((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)) في الحديث الذي سبق: ((حتى تعتدل ساجداً)) وعرفنا معنى الاعتدال، اعتدال الشيء تقويمه على مقتضى نظر الشرع، هذا اعتداله، وضربنا لذلك أمثلة، فتعديل الخاتم مثلاً، تعديل الخاتم كيف يكون تعديله؟ تقويمه؟ يستقيم كذا؟ ما يجئ ((ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم أرفع حتى تطمئن جالساً)) والمقصود الطمأنينة في الركوع والسجود والرفع من الركوع والرفع منه، وهذا تقدم خلافاً لمن لا يطمئن في الرفع من الركوع والرفع من السجود، مهما كانت إمامته، وأتباع المذاهب بعضهم ينقر هذين الركنين نقر. ((وافعل ذلك في صلاتك كلها)) وجاءت الإشارة إلى جلسة الاستراحة في رواية عند البخاري، وسقناها في أول الدرس ((وافعل ذلك في صلاتك كلها)) وعلى هذا القراءة والركوع والسجود والاعتدال والرفع كله مطلوب في كل ركعة، بما في ذلك القراءة، يعني هل القراءة ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) كما سيأتي هل يكفي في ركعة أو في الغالب؟ لأن الغالب له حكم الكل ....

كتاب الصلاة (8)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (8) الشيخ: عبد الكريم الخضير يعني هل القراءة؟ ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) كما سيأتي، هل يكفي في ركعة أو في الغالب لأن الغالب له حكم الكل، أو في جميع الصلاة؟ ((ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)) يعني مثل هذه الركعة صل صلاتك كلها، سواء كانت ثنائية ضم إليها أخرى، ثلاثية ضم إليها ركعتين، رباعية ضم إليها أربع ركعات مثل هذه الركعة. باب: القراءة في الصلاة عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) " لا صلاة، لا نافية للجنس، جنس الصلاة، والنفي قد يرد على العين ويراد به الحقيقة اللغوية، وقد يرد على العين ويراد به الحقيقة العرفية، ويرد ويراد به الحقيقة الشرعية، فإذا قلنا: المنفي الحقيقة الشرعية للصلاة، قلنا: لا صلاة صحيحة، أو لا صلاة مجزئة ومسقطة للطلب؛ لأن صورة الصلاة التي لا تجزئ لو افترضنا أن شخص جاء بالصلاة على وجهها بأركانها، بواجباتها، بسننها، واطمأن فيها، لكنها فقدت شرط، هذه ليست بصلاة، ليست بصلاة شرعية لتخلف شرطها، هنا يقول: ((لا صلاة)) والنفي يرد ويراد به النهي، وحينئذٍ يكون أبلغ من النهي الصريح، لو جاء: لا تصلوا إلا بفاتحة الكتاب، الأصل في الأمر الوجوب، وقد يرد ما يصرفه إلى الاستحباب، لكن هنا نفي، يعني هذه الصلاة وجودها مثل عدمها، هي مجرد حركات.

((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) فاتحة الكتاب هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، فلا تصح الصلاة بدونها، واختلفوا فيمن يلزمه قراءة الفاتحة، فأبو هريرة -رضي الله عنه- والبخاري والشوكاني يرون أن الفاتحة لازمة لكل مصلٍ، يعني الإمام والمأموم، والمنفرد والمسبوق، فعلى هذا من جاء والإمام راكع، أو قبل الركوع بحيث لا يتمكن من قراءة الفاتحة لم يدرك الركعة، على هذا القول فلا بد من قراءة الفاتحة، الشافعية يرون أن الفاتحة تلزم كل مصلٍ إلا المسبوق، أخرج المسبوق بحديث أبي بكرة، حينما ركع دون الصف وأدرك، هذا رأي الإمام الشافعي، والحنابلة والمالكية يقولون: تلزم الإمام والمنفرد على خلاف بينهم في المأموم في السرية دون الجهرية، فمنهم من يلزم بها المأموم في السرية، ومنهم من يقول: قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، فلا تلزم المأموم أصلاً، لا في جهرية ولا في سرية، والحنفية يقولون: لا تتعين الفاتحة، ومنهم من يوجبها على أنها ليست بفرض ولا ركن، في الصلاة تجبر بسجود سهو، ومنهم من يقول: يكفي ما تيسر من القرآن ولو بغير الفاتحة، وحصل مناظرات وإلزامات لبعض الحنفية؛ لأنهم يجيزون الترجمة للقرآن بغير العربية، ويجيزون قراءة ما تيسر، فلما صلى المصلي على مذهب الحنفية بين يدي محمود بن سبكتوكين، والقصة معروفة عند أهل العلم، ومنهم من يشكك فيها، جاءوا بشخص توضأ بنبيذ، تعرفون النبيذ الماء الذي يمرس فيه شيء من التمر، ويتصور هذا النبيذ في وقت حار، ولبس جلد ما أدري والله عاد جلد كلب أو غيره، مدبوغ، وهذه إلزامات للحنيفة، فجاء هذا فقال: الله العظيم دوسابز، دوسابز هذه إيش هي؟ ترجم المداهمتان، واقرأ ما تيسر، مداهمتان آية من القرآن، وهذا الذي تيسر يجوز قراءته بغير العربية، وجاء ونقر الصلاة على مذهب متأخري الحنفية، وتشوفه متوضئ بنبيذ، والحشرات والذبابين عليه، والخليفة السلطان يراه، قال: هذه صلاتكم يا الحنفية؟ قال واحد من الشافعية حاضرين: نعم هذه مذهب أبي حنيفة، فكان حنفياً ثم صار شافعياً كسبوه بهذه الصلاة، ويغفلون عن أن الأئمة إذا اجتهدوا استفرغوا الوسع، وهذا ما أدى إليه اجتهادهم، هم مأجورون على هذا، لكن لا يرى أبو حنيفة

أن الصلاة تؤدى بهذه الطريقة أبداً، يعني تجمع كل شواذ أبي حنيفة، وشواذ أحمد، وشواذ مالك، لا يمكن، هذا لا يراه أحد، الصلاة مجتمعة بهذه الطريقة لا يمكن أن يراها أبو حنيفة، لكن لو قدر أنه توضأ بنبيذ، أو مثلاً فعل كذا وكذا، ممكن، أما تجمع الصلاة على هذه الهيئة المخالفة للشرع من كل وجه، هذا ما يرضاه أبو حنيفة ولا غيره، لكن يسلك مثل هذا المسلك في المناظرات، تجد الخصم يجلب على خصمه بكل ما يملك من أسلوب وبيان للتنفير من الخصم، وما يراه الخصم، لكن لو كان المراد من هذه المناظرات إصابة الحق على لسانه، أو على لسان خصمه ما حصل مثل هذا، وعلى كل حال بعض الفقهاء يشكك في نسبة هذه إلى إمام الحرمين أو غيره.

((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) عرفنا المذاهب في قراءة الفاتحة، والخلاف الطويل في المأموم، والنصوص هنا من أصح الأدلة في الصحيحين وغيرهما ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) والذين لا يرون القراءة على المأموم يستدلون بأدلة منها: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] وفي حديث الإتمام: ((وإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا ركع فاركعوا)) المقصود أن المسألة أن الأدلة كثيرة جداً، والمسألة من عضل المسائل، وألف فيها أيضاً (القراءة خلف الإمام) وللإمام البخاري -رحمه الله تعالى- (جزء القراءة خلف الإمام) وللبيهقي (جزء القراءة خلف الإمام) المقصود أن فيها مؤلفات، والخلاف فيها قديم، والأدلة المتعارضة تكاد أن تكون متكافئة، والترجيح يكاد يكون بالقشة، كثير من الناس يستروح إلى ترجيح بعض الأقوال دفعاً للحرج، بعض الناس يقول في التراويح مثلاً، أو في الصلاة الجهرية والإمام ما يتنفس يواصل القراءة، وكثير من الناس ما يقدر يقرأ، لو بغى يقرأ ما استطاع، ما يجمع الفاتحة بعض الناس، والإمام يجهر، هذا صحيح واقع، لكن مثل هذا إذا عجز معذور، العاجز معذور، بعض الناس يقول: الإمام ما يمكنا من قراءة الفاتحة، يركع قبل أن نقرأ، نقول: هذا بحكم المسبوق، لكن يبقى أن الحديث نص صحيح صريح شامل لكل مصلٍ، وإذا أخرجنا المسبوق في حديث أبي بكرة، يبقى الإمام والمأموم والمنفرد كلهم داخلون في هذا الحديث، وجاء ما يخص الفاتحة خلف الإمام ((ما لي أنازع القرآن؟ لعلكم تقرؤون خلف إمامكم)) قالوا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بأم الكتاب)) وهذا نص في المأموم، على كل حال المسألة الترجيح فيها من الصعوبة بمكان، والأدلة من الطرفين كلها فيها قوة، وإذا رجح الإنسان، أو قلد من يرجح وجوب الفاتحة لزمه أن يقرأ؛ لأنه يعمل ما يدين الله به ويعتقد، لزمه أن يقرأ خلف الإمام، ولو جهر الإمام، وإذا ترجح عنده واستروح ومال إلى القول الآخر، ورأى أن المأموم عليه أن ينصت، وعليه أن يستمع له ذلك، وجاء في حديث أبي هريرة: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج)) خداج يعني ناقصة، نعم. عفا الله عنك.

وعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى، ويقصر في الثانية، يسمع الآية أحياناً، وكان يقرأ في العصر بفاتحة الكتاب وسورتين، يطول في الأولى، ويقصر في الثانية، وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في الثانية، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي قتادة -الحارث بن ربعي- الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب" في الركعتين بفاتحة الكتاب، يعني في كل ركعة من الركعتين بفاتحة الكتاب "وسورتين" يعني في كل ركعة سورة "يطول في الأولى، ويقصر في الثانية" وجاء في بعض الروايات: من أجل أن يدرك المسبوق، من أجل أن تدرك الصلاة يطول الأولى، فهذه سمة صلاة الظهر تطول كالصبح "يطول في الأولى، ويقصر في الثانية" ويسمعنا الآية أحياناً، نعم في الصلاة السرية الأصل الإسرار، فإذا أسمعهم الآية أحياناً فعلَ فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وامتثل السنة، فأحياناً يسمعهم الآية، لكن هل معنى هذا أن تكون القراءة جهرية؟ لا، لو جهر في صلاة الظهر أو أسر في صلاة الصبح عند أهل العلم كره ذلك، ولو كان ديدنه ذلك، لا يصلي الصبح إلا سراً، ولا يصلي الظهر إلا جهراً، قلنا: هذا مبتدع، هذا متعمد للمخالفة، لمخالفة النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مبتدع، لكن لو فعله أحياناً، أو نسي أو سها ما عليه شيء. "ويقصر في الثانية، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب" فقط، وجاء ما يدل على أنه يقرأ في الركعتين الأخريين على النصف من قراءته في الركعتين الأوليين، كما في صحيح مسلم، يطول في الركعتين الأوليين وفي الركعتين الأخريين على النصف، وفي الركعتين الأوليين من صلاة العصر كالأخريين من صلاة الظهر، وفي الأخريين على النصف، فهذا يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- أحياناً، يقرأ في الركعتين الأخريين قدراً زائداً على الفاتحة، وأحياناً يقتصر على أم الكتاب كما هنا.

"وكان يطول في الركعة الأولى من صلاة الصبح، ويقصر في الثانية" تقصير نسبي، ليس معنى هذا أنه يقرأ في الأولى سورة طويلة، ثم يقرأ في الثانية من السور القصار، لكنها أقصر من الأولى، والصلاة كما تقدم، والتمثيل بصلاة الكسوف تطويل وتقصير تدريجي، نسبي، وهذا سبق الكلام فيه فلا يعاد، يقتصر على الركعتين الأخريين بأم الكتاب، كان يقرأ أحياناً على النصف مما قرأه في الركعتين الأوليين، وثبت في الموطأ عن أبي بكر أنه كان يقرأ في الركعة الثالثة من صلاة المغرب: {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [(8) سورة آل عمران] هذا ثابت عن أبي بكر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، ولما جاء في الخبر ما يدل على المغرب وتر النهار، أراد أن يدعو بهذه الآية في الركعة الثالثة، تشبيهاً لها بالوتر {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [(8) سورة آل عمران] جاء في الحديث القصر أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فزيد في الحضر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر إلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة، وإلا المغرب فإنها وتر النهار، ولذا كان أبو بكر -رضي الله عنه- يقرأ في الركعة الثالثة من صلاة المغرب {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [(8) سورة آل عمران]. عفا الله عنك. وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالطور.

جبير بن مطعم بن عدي لما جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في فداء الأسرى، يكلمه -عليه الصلاة والسلام- في فداء الأسرى، فسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في المغرب بسورة الطور، هذا قبل أن يسلم حال كفره، فسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- في المغرب بسورة الطور، ويقول: وكان ذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي، هو جاء غير مسلم، وانصرف ولم يسلم، لكنه بدأ الإيمان يدب إلى قلبه؛ لأنه سمع كلام مذهل، لا شك أن العربي الذي على سليقته لا يملك نفسه، إذا سمع مثل هذا الكلام، بخلاف أحوال المسلمين الآن لا يتذوقون القرآن، ولا يستشعرون عظمة القرآن، وكأن القرآن كغيره من الكلام، القرآن عظيم، وهو كلام الله، وثقيل أيضاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا أنزل عليه في الليلة الشديدة البرد يتصبب عرقاً من عظم ما يلقى إليه {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [(5) سورة المزمل] ثقيل، فمن يستشعر هذه العظمة، وهذا الثقل؟ من منا من يلقي بالاً لقوله -جل وعلا-: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر] في أحد يلقي لها بالاً؟ والله هذه عند كثير من المسلمين لا تحرك شعرة، ولا يستشعر لها شيء، وزرارة بن أوفى في صلاة الصبح لما سمعها مات، بدون مبالغة، ولا هو بتمثيل هذا، ولا يمكن إنكاره؛ لأن بعض الناس إذا سمع مثل الكلام قال: ما هو بصحيح، هذا تمثيل، وسبقهم إلى ذلك ابن سيرين -رحمه الله-، يقول: الذي يصعق ويغمى عليه ويغشى عند قراءة القرآن، اجعلوه فوق جدار، واقرؤوا القرآن إن طاح إن سقط فهو صادق، لكن ما هو بصحيح هذا الكلام، هذا ثابت مقطوع به، وكثُر في التابعين، وأقره أئمة الإسلام؛ لأن الإنسان قد يغلب على أمره، لماذا؟ لا شك أن القرآن عظيم وثقيل، وأنزل على قلب قوي، قلب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسمعه الصحابة، وهم من أقوى الناس قلوباً، وأمتنهم ديانة، فإذا نزل القوي على شيء قوي صار له أثره العملي، وتحمله ذلك القلب القوي، لكن بعدهم تستشعر عظمة القرآن، وضعفت القلوب التي تحتمل هذه العظمة وهذه القوة فحصل ما حصل، ثم بعد أن خلف خلوف لا يستشعرون قوة ولا عظمة مع ضعف القلوب، قال: لماذا لا يتأثرون؟ ما استشعروا

شيء، ما كأن شيء يقرأ عليهم، أبداً، أحياناً تدهاك مصيبة ما تملك نفسك تبكي، بل أحياناً تتصرف تصرفات لا تدري ما هي؟ لأن هذه المصيبة التي وقعت عليك أقوى من قلبك من مقاومة قلبك، فغلبتك، القلوب ضعيفة بلا شك، بدليل لو أنه دهاها أي أمر من أمور الدنيا طاشت وضاعت، لكن أمر الدين لا يهم كثير من الناس، ولذلك لا يؤثر فيهم. هذا وهو في حال كفره تحمل هذا الخبر، فيجوز في حال التحمل أن لا تتوافر الشروط، شروط قبول الرواية، في حال التحمل، فيتحمل الكافر، ويتحمل الطفل الصبي الصغير، محمود لما عقل المجة، وهو ابن خمس سنين، رواها بعد ذلك فنقلت عنه، جبير بن مطعم لما تحمل هذا الخبر، وهو كافر أداها سنة بعد إسلامه، فقبلها الناس منه، وخرجت في الصحيحين، فالشروط إنما يطلب توافرها للأداء لا للتحمل؛ لأنه إنما يحاسب عند قبول خبره، ومتى يقبل خبره؟ إذا أداها، يعني لو قال لك ثقة من الناس كان فاسق ثم تاب ثم قال لك بعد توبته وبعد استقامته، وبعد توافر الشروط: إنا كنا سمعنا من فلان قال كذا، تقول: لا أنت سمعته لما كنت فاسق خبرك مردود؟ لا تحاسبه الآن؛ لأن المطلوب العدالة والضبط من أجل أن لا يكذب ولا يخطئ، نعم في حال فسقه يحتمل يكذب، لكن بعد توبته واستقامة أمره لا يتصور، وهذا بعد إسلامه لا يمكن أن يكذب، فالتحمل بعد توافر الشروط.

"سمعت النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في المغرب بالطور" والطور من طوال المفصل، لكن الخلاف بين أهل العلم فيما يقرأ في الصلوات الخمس، وما يناسب كل صلاة مقصودهم الأمر الأغلبي، فتطال صلاة العصر، تطال صلاة الفجر، تطال صلاة الصبح، يقرأ فيها بين الستين والمائة، الظهر تطال أيضاً كما في الحديث السابق، والخلاف بينهم هل هي كالصبح أو مثل الفروض الثلاثة؟ يقرأ فيها من أوساط المفصل معروف، لكن أكثر من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- الظهر ذكر أنه يطليها، العصر والعشاء من أوساط المفصل، المغرب من قصار المفصل، هذا أغلبي، وإلا فقد ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ في المغرب بالطور، وثبت أنه قرأ الأعراف، وثبت أنه قرأ الزلزلة في صلاة الصبح، المقصود أن مثل هذه الأمور على خلاف القاعدة، على خلاف الأغلب، الأغلب أن تطال صلاة الصبح، لكن إن خففها لأمر لا بأس، يعني لو كان الناس في العشر الأخيرة من رمضان تعبوا في صلاة التهجد، فلاحظهم الإمام في صلاة الصبح، وخفف عليهم لا بأس، إذا كانوا في سفر وتعبوا من جراء السفر خفف عليهم لا بأس، لكن الأصل أن صلاة الصبح مما يطال، وكذلك الظهر، وصلاة المغرب جاء فيها سورة الطور، وجاء فيها سورة الأعراف، لكن هي من الصلوات القصيرة التي ينبغي أن تقصر القراءة فيها، والسبب أن الناس بعد كد النهار وكدحهم تنبغي مراعاتهم، ومعاذ لما صلى سيأتي حديثه -إن شاء الله تعالى-، لما صلى في صلاة العشاء بسورة البقرة أنكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وشدد عليه، وسيأتي حديثه -إن شاء الله تعالى-، نعم. عفا الله عنك. وعن البراء بن عازب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر، فصلى العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون، فما سمعت أحداً أحسن صوتاً أو قراءة منه.

يقول في الحديث الرابع: "عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في سفر، فصلى العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون، فما سمعت أحداً أحسن صوتاً أو قراءة منه -صلى الله عليه وسلم-" قرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون، وهذه من القصار أو من الطوال؟ من القصار، وكان في سفر، والمسافر يلاحظ حاله وحال من خلفه؛ لأن السفر مظنة المشقة والتعب، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان حسن الصوت بالقرآن "فما سمعت أحداً أحسن صوتاً أو قراءة منه -عليه الصلاة والسلام-" وجاء الأمر بتحسين الصوت ((وما أذن الله لعبد ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن)) ((زينوا القرآن بأصواتكم)) فالمطلوب تحسين الصوت بالقرآن، أن يحسن صوته بالقرآن، ويزين القرآن بصوته، ويذكر الناس بالقرآن {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] ولا شك أن هذا له أثر في قلب السامع، فأنت تسمع الآية والسورة بصوت فلان فلا تتأثر، وتسمع نفس السورة بصوت فلان فتتأثر، فهل التأثير للصوت أو للقرآن؟ الطالب:. . . . . . . . . نعم للقرآن المؤدى بهذا الصوت، لو كان التأثير للصوت ما أجر عليه الإنسان، ولا أجر من يتأثر، إنما التأثر بالقرآن المؤدى بهذا الصوت، بدليل أن هذا الصوت الجميل لو قرئ فيه غير القرآن ما أثر؛ لأنه يستشكل، مأمور بالخشوع، مأمور بالتدبر، مأمور بالتأثر بالقرآن، فإذا تأثرت بصوت فلان دون فلان ما امتثلت الأمر، فلا بد أن يكون القرآن هو المؤثر، فقد يقول قائل: افترض أن القرآن يؤثر بذاته، سواء كان بصوت جميل أو غير جميل، نقول: لو كان الأمر كذلك لما أمرنا بتزيين الصوت بالقرآن، ولما أمرنا بتحسين القرآن، وتزيينه بأصواتنا، ولا أمرنا بالتغني بالقرآن، فدل على أن الصوت له أثر، لكنه أثر تابع لأثر القرآن، فلا يقول قائل: إن التأثير للصوت فقط، لا، التأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت الحسن.

"فما سمعت أحداً أحسن صوتاً، أو قراءة منه -عليه الصلاة والسلام-" كان يتأثر، وكان يؤثر في قراءته، وكثير من المسلمين اليوم يدخل المسجد وقلبه خارج المسجد، يعني لو صلى ركعة واحدة أو عشر ركعات، لو قرأ آية أو قرأ سورة، طول أو قصر ما في فرق، بل العكس بعض الناس إذا طول الإمام صار في مجال؛ لأن يسرح ويتجول بذهنه في أماكن ومواقع متعددة، الله المستعان، ولا واعظ مثل القرآن، وجاء الأمر بالتذكير بالقرآن {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(45) سورة ق] نعم. عفا الله عنك. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلاً على سرية، فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ )) فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن -عز وجل-، فأنا أحب أن أقرأ بها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أخبروه أن الله تعالى يحبه)).

في هذا الحديث: "عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلاً على سرية" يعني أمره عليهم "فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد" إذا قرأ الفاتحة وقرأ السورة قرأ قل هو الله أحد، اجتهاداً منه، وحباً لهذه السورة التي تشتمل على صفة الرحمن، اجتهاداً منه من غير نص، وهذا سائغ في وقت التنزيل والتشريع، واكتسب الشرعية من إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم-، قد يقول قائل: أنا أريد أن اجتهد مثل ما اجتهد هذا، نقول: لا، هذا إنما اكتسب الشرعية؛ لأنه في وقت التنزيل، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، أبو سعيد اجتهد في رقية اللديغ بالفاتحة، وما أدراك أنها رقية، ما سمع شيء من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولكنه اجتهد فأقره النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك، فالاجتهاد في عهد التشريع سائغ، وكانوا يفعلون، وكانوا يتركون، والقرآن ينزل، ويستدلون بهذا: "كنا نعزل والقرآن ينزل" ولو كان شيئاً لنهى عنه القرآن، على كل حال الاجتهاد مثل هذا إنما يكتسب الشرعية من الإقرار، قد يقول قائل: كيف يقدم صحابي على أن يفعل شيء لم يسبق له شرعية؟ ما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وفعل الشيء الذي لم يسبق له شرعية في الكتاب ولا في السنة مما يتعبد به داخل في حيز البدع؟ نقول: هؤلاء خيار الناس إنما فعلوا هذا رجاء أن ينزل ما يؤيد أو يخالف؟ ولم ينكر عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن لو فعلت فعلاً تعتقده صالحاً، تتعبد به وتعتقده صالحاً من ينبهك على الصواب بعد أن انقطع الوحي؟ تستمر تتعبد بهذا وأنت على غير هدى، المقصود أن عمل هذا الصحابي اكتسب الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((سلوه)) " وش السبب؟ " ((لأي شيء يصنع ذلك؟ )) فقال: لأنها صفة الرحمن -عز وجل-، فأنا أحب أن أقرأها" يعني هل مجرد محبة الشخص يبرر له أن يفعل شيئاً لم يسبق له شرعية؟ لا، ما يكفي، أولئك في عصر التنزيل، ولو كان فعلهم غير لائق شرعاً، أو مما ينهى عنه لنهوا عنه، ولكنه يكتسب الشرعية من الإقرار " ((لأي شيء يصنع ذلك؟ )) فقال: لأنها صفة الرحمن -عز وجل-" صفة الرحمن المذكور في سورة الإخلاص، قل هو الله أحد هل هي أسماء أو صفات؟ نعم أسماء وصفات {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ} [(1 - 2) سورة الإخلاص] هذه إيش أسماء؟ أسماء. الطالب:. . . . . . . . . نعم صفات منفية، أي غير مثبتة. الطالب:. . . . . . . . . قد يقول قائل: ما في صفات؟ قال: صفة الرحمن، كل اسم متضمن لصفة، فالأسماء يشتق منها الصفات، ولا عكس، الأسماء يشتق منها الصفات، لكن لا عكس، الصفات لا يشتق منها الأسماء، فدائرة الأسماء أضيق من دائرة الصفات، ودائرة الصفات أضيق من دائرة الإخبار، ولذا يختلفون في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله طيب)) ((إن الله وتر)) هل هي صفات أو أسماء؟ صفات، هل تقول: عبد الطيب أو عبد الوتر؟ ما تقول؛ لأنها ليست أسماء، وإن قال بعضهم: إنه يمكن أن يؤخذ من هذين الحديثين أسماء لله -جل وعلا-، ولو استطردنا في إثبات الأسماء بمثل هذه النصوص للزم عليه أن نقول بما قال أهل الظاهر: إن الدهر من أسماء الله -جل وعلا-، مثل هذا مجرد إخبار. "لأنها صفة الرحمن -عز وجل-، لذا أنا أحب أن أقرأها" وفي هذا حث على تعلم وقراءة وفهم ما جاء في الأسماء والصفات، نعم هذا في غاية الأهمية.

((إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحده، من أحصاها دخل الجنة)) فلا بد من تعلمها {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [(180) سورة الأعراف] والإفادة من معانيها، ودعاؤه بها، وكذلك الصفات، والذين ينكرون هذه الأسماء أو هذه الصفات على خطر عظيم؛ لأنه جاء في الحديث الصحيح: ((أن الله -جل وعلا- يأتي على هيئة يوم القيامة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: لا، لست بربنا، ثم يأتيهم على الصفة التي يعرفونها)) يعني مما جاء في الكتاب والسنة، فيقرون ويذعنون أنه هو الرب -جل وعلا-، فماذا عن الذي ينفي الصفات وينكر الصفات؟ إيش موقفه من هذا الحديث؟ كيف يعرف الله -جل وعلا- بصفاته التي جاءت في نصوص الكتاب والسنة وهو ينكر الأسماء والصفات أو الصفات فقط؟ هذا خطر عظيم، فحب الصفة يجعل الإنسان يبحث عن هذه الصفات، ويعرف معاني هذه الصفات، وما يليق بالله -جل وعلا-، وما يجب له، وما يستحيل في حقه، وهذا هو الفقه الحقيقي، يعني ما هو بعبث أن تقول: إن لله -جل وعلا- تسعة وتسعين اسماً من أحصاها، إيش معنى الإحصاء؟ هو مجرد أن تحفظها في قصيدة وترددها؟ لا تعرف معانيها، ولا تدعو الله بها، ولا تستحضر عظمة الله -جل وعلا- من خلالها، ما تستفيد؛ لأن الإحصاء له معنى غير العدد، من طاف أسبوعاً يحصيه، هل معناه أنه يعده سبعة أشواط؟ لا، يحصيه يحضر قلبه فيه، هذا معنى الإحصاء، بعضهم يقول: الأسماء الحسنى مائة، والحديث: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة)) كلامه صحيح وإلا ما هو صحيح؟ الذي يقول: مائة كاملة، كلامه صحيح وإلا هي تسعة وتسعين؟ الأسماء الحسنى تسعة وتسعين وإلا مائة؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . في هذا الحديث، أنا أقصد من خلال هذا الحديث. وإلا مائة؟ الطالب:. . . . . . . . .

بعض العلماء أخذ من هذا الحديث أنها مائة، ولفظ الجلالة تمام المائة، تسعة وتسعين للمسمى بهذا الاسم الذي هو الله، فإذا أضفنا لفظ الجلالة إلى التسعة والتسعين صارت مائة، هذا قول لبعض أهل العلم، لكن الحديث يدل على أن له تسعة وتسعين اسماً هي الموصوفة بهذا الوصف والموعود محصيها بهذا الوعد، وأما أسماء الله -جل وعلا- لا يمكن إحصاؤها، ولا يمكن الإحاطة بها؛ لأن في الحديث الصحيح: ((أو استأثرت به في علم الغيب عندك)) يعني في من الأسماء ما لا يعرفه أحد. "فأنا أحب أن أقرأها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أخبروه أن الله تعالى يحبه)) " وفي لفظ: ((حبك إياها أدخلك الجنة)) وفي الحديث إثبات المحبة لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، وفيه أيضاً مشروعية الجمع بين السور بدليل الإقرار، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما جمع، وهذا الصحابي جمع، فهل نقول: إن مثل هذا الصحابي اكتسب المشروعية من الإقرار، وكونه يحب أيضاً قدر زائد على مجرد القراءة، وأدخله حبه إياها الجنة أن نفعل هذا أو لا نفعل؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يفعل؟ ولم يكن الله ليختار لنبيه إلا الأكمل، نقول: نعم فعله أكمل -عليه الصلاة والسلام-، وهذا يدل على الجواز، فمن فعل فلا إشكال، ومن ترك اقتداء به -عليه الصلاة والسلام- أيضاً فهو الأصل، نعم. عفا الله عنك. وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: ((فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة)). نعم هذا حديث جابر -رضي الله عنه- في قصة معاذ، كان معاذ بن جبل الصحابي الجليل يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء، وهذا الحديث عمدة من يقول بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، والمذهب عند الحنابلة كما تعرفون لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، لكن هذا الحديث عمدتهم. وعند أبي العباس ذلك جائز ... لفعل معاذ مع صحابة أحمدِ يصلي بهم نفلاً وهم ذوو فريضة ... وقد كان صلى الفرض خلف محمدِ

صلى معاذ بقومه ليلة فافتتح البقرة، صلى معه شخص معه نواضحه، فلما افتتح البقرة نوى الانفراد وانصرف، صلى وانصرف، فتناوله معاذ، ووصف هذا الرجل بالنفاق، فشكاه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، شكا معاذاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أفتان أنت يا معاذ؟ )) والفتان الذي يصرف الناس عن دينهم أو عن عبادتهم، الذي يفتن الناس أو يصرفهم عن دينهم، هذه هي الفتنة، والفتنة أشد من القتل؛ لأنه بالقتل يخسر الدنيا، وبالفتنة يخسر الدين. وكل كسر فإن الدين جابره ... وليس لكسر قناة الدين جبرانُ فعلى الإنسان أن يعنى بدينه، وأن يهتم بدينه، وأما دنياه ما يأتي تبعاً لذلك فمطلوب منه أن لا ينسى نصيبه من الدنيا، لكنه خلق للعبودية. ((أفتان أنت يا معاذ؟ )) والفتنة تطق على الشيء الكبير والصغير ((كادت أن تفتنني)) الخميصة التي أهداها أبو جهيم له ((كادت أن تفتنني)) {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(15) سورة التغابن] فكل ما يشغل فتنة، لكن هناك فتن دون فتن، وفتنة معاذ أراد أن يصرف هذا الرجل المسلم التعبان من جراء العمل، كاد أن يفتنه ويصرفه عن صلاته، ثم وجهه -عليه الصلاة والسلام-: ((فلولا)) هلاّ عرض ((صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها والليل إذا يغشى)) لماذا؟ لأنه ((يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة)) وهؤلاء بحاجة إلى مراعاة ((أيكم أم الناس فليخفف)) ((فإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)) فيصلي الكبير والضعيف وذو الحاجة، وهم بحاجة إلى مراعاة، والكبير والضعيف أيضاً بحاجة إلى مراعاة من جهة أخرى، قد تكون مراعاة الضعيف والكبير بعدم العجلة في الصلاة، في التأني في الركوع والسجود؛ لأنه لا يتمكن من أن يسجد بسرعة، أو أن يقوم بسرعة، فالمحافظة على مثل هذا مطلوب من الأئمة، أن لا يضجروا المصلين، ويمللوهم، ويكرهوهم في الصلاة، ويصرفونهم عنها، ويفتنونهم، وأن لا يسرعوا سرعة تخل بالمأمومين، فالضعيف والكبير بحاجة إلى مراعاة، وذو الحاجة أيضاً يجب أن يراعى، نعم. عفا الله عنك. باب: ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

باب: ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، وفي رواية: صليت مع أبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ولمسلم: صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا آخرها. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

باب ترك الجهر، في النهاية في آخر الحديث يقول: لا يذكرون، ما قال: باب ترك الذكر ببسم الله الرحمن الرحيم، قال: باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ثم أورد حديث أنس بألفاظه، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، الصلاة إنما تفتتح بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وهذا تقدم، تفتتح الصلاة بتكبيرة الإحرام، وهي مفتاح الصلاة، ثم بعد ذلك بعد التكبير، وقبل القراءة في سكوت كما في حديث أبي هريرة، أرأيت سكوتك قبل التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) إلى أخر دعاء الاستفتاح، ثم بعد ذلك القراءة، وهذه القراءة تفتتح بالحمد لله رب العالمين، تفتتح بهذه السورة، وفي رواية: صليت مع أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم، وصلاته خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- لمدة عشر سنوات، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان خمس وعشرين سنة، يصلي وراءهم، ما سمع منهم أحداً يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، خلال خمسة وثلاثون سنة، صليت مع أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى هذا يترجح القول بعدم القول ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن هذا الصحابي الملازم الخادم للنبي -عليه الصلاة والسلام-، ما سمعه يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ولا يمنع من عدم سماعه عدم ذكرها سراً، لا يلزم، اللهم إلا الرواية التي فيها: وكانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها، وهذه الرواية التي تنفي ذكر البسملة هي مبنية على فهم الراوي للروايات السابقة، لما قال أنس: يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، فهم الراوي أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، يعني لا جهراً ولا سراً، فروى الحديث على حسب فهمه، وأعل الحديث بذلك، ومثل به لعلة المتن، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: وعلة المتن كنفي البسمله ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله

ظن الراوي أنها لا تذكر، يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، إذاً لا تذكر بسم الله الرحمن الرحيم، وفي هذا حجة لمن يقول، الرواية الأخيرة حجة للمالكية الذين لا يرون ذكر البسملة، إنما يقول: الله أكبر الحمد لله رب العالمين، والحنفية والحنابلة يقولون: عدم الذكر -لتتحد الروايات- عدم الذكر في الرواية الأخيرة، يعني لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم جهراً، لكي تتحد الروايات. والخلاف في البسملة، وهل هي آية من الفاتحة أو ليست بآية؟ تقدم ذكره، وعلى كل حال مذهب الشافعية أنها آية من الفاتحة، ولذا يجهرون بها، وأكثر الروايات على عدم الجهر، وعدم الذكر يحمل على عدم الجهر، وجاء ما يدل على عدم الجهر بها، لكن من أصرح الأدلة التي يستدل بها على عدم الجهر مثل هذا الحديث، وحديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: العبد الحمد لله رب العالمين)) ما قال: إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم ((حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين قال: مجدني عبدي)) والخلاف في المسألة في الذكر وعدمه، في الجهر والإسرار تقدم بسطه قبل هذا الموضع، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا يقول: ذكرت أن لبس النعل في الصلاة مرة تحقق السنة، ومخالفة لليهود، فهل صيام اليوم التاسع من محرم مرة واحدة في العمر يحقق المخالفة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم على صيام عاشوراء، ولم يثبت عنه أنه داوم على الصلاة بالنعل، بل صلى حافياً ومنتعلاً. يقول: ما صفة وضع اليدين على الصدر في الصلاة؟ يقبض يده اليسرى باليمنى، ويضعهما على صدره. يقول: هل القيام للجنازة واجب أم على الاستحباب؟ جاء الأمر به، وجاء تركه، فمن أهل العلم من يرى أن الترك نسخ، ومنهم من يقول: إنه صرف للنهي، أو للأمر من الوجوب إلى الاستحباب. يقول: أفضل طبعة لصحيح البخاري يركز عليها غير الطبعة ذات الحجم الكبير؟ ما أدري إذا كان القصد السبب الحجم هذه مشكلة؛ لأن مسألة الحجم سهل بالنسبة للفائدة العظمى المرجوة من هذه الطبعة التي هي أفضل الطبعات.

يقول: هل يلزم طالب العلم أن يتتبع الحديث في جميع مصادره، وكل كتاب خرجه، وكل من رواه في مسنده وسننه، أم ماذا؟ إذا كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما أو جمع من طرقه ما يصحح به، فالقدر الزائد زيادة خير -إن شاء الله-، لكن ليس بلازم، يجمع من طرقه ما يصح بها، فإذا وصل إلى درجة الصحة فإن عورض يجمع من الطرق ما يرجح به على معارضه، وإلا فلا يلزم أن يُخرج الحديث من عشرة مصادر، عشرين مصدر، عشرين طريق، ما يلزم، إذا صح انتهى الإشكال. يقول: المستدرك للحاكم -رحمه الله- أي طبعة من طبعاته الأسلم؟ لا يوجد طبعة سليمة، لكن كل هذه الطبعات مفرعة عن الطبعة الهندية، في أربعة مجلدات كبار، هي الأصل لكل هذه الطبعات. يقول: لماذا يدلس بعض الأئمة وهو معروف بإمامته؟ التدليس له أغراض، فالأغراض الحاملة عليه مختلفة من شخص إلى شخص، منهم من يدلس للتفنن، ومنهم من يدلس للاختبار والامتحان، ومنهم يدلس لتغطية أمر الراوي، إلى غير ذلك. هل يعتبر التدليس من التورية؟ لا التدليس في الأصل غش. متى يوقع الإمام التكبير عند جلسة الاستراحة؟ إذا قام من الجلسة إلى القيام. إذا كبرت في سنة راتبة بعد الصلاة، ثم كبر الإمام لصلاة الجنازة هل تكمل السنة أم تقطعها للصلاة على الجنازة؟ ثم تأتي بالسنة الراتبة بعد ذلك؟ على كل حال هذه مفاضلة بين سنن، فإذا خشي أن تفوت الصلاة على الجنازة، فالأمر الذي يفوت عند أهل العلم مقدم على ما في وقته سعة، فإن أتمها خفيفة، وأدرك صلاة الجنازة فهو أفضل، وإن لم يستطع ذلك قطعها ثم كبر، صلى على الجنازة، ثم أتى بالراتبة صنع خيراً -إن شاء الله-. يقول: بعض المصطلحات مثل: "حسن لغيره" "حسن بشواهده" ظهرت بعد عهد المتقدمين من السلف فكيف نطبقها على كلامهم وروايتهم؟

لا شك أنه تقويه بكثرة الطرق معروف، التقوية بكثرة الطرق معروفة، ولذا يحكم الترمذي على حديث بأنه حسن صحيح، لو نظرت إلى سنده وجدت فيه ضعف، لكن إنما صححه لما يشهد له في الباب، يقول: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان، فهو يقوي حديث الباب بهذه الشواهد، فالعمل معروف عندهم، التقوية بالطرق، لكن التسمية ما يلزم، المصطلحات منها ما هو موجود، ومنها ما هو حادث، والاصطلاح إذا لم يخالف أمراً متقرراً في علم من العلوم مقرر عند أهله، إذا لم يخالف ما عليه الناس فلا مشاحة في الاصطلاح، وهذه يطلقها أهل العلم، وهي مقبولة إلى حد ما إذا لم تتضمن مخالفة لما عليه الناس، فلو قال شخص لنفسه: أنا أصطلح لنفسي "السماء تحت، والأرض فوق" نقول: لا يا أخي، هذا يخالف ما عليه الناس، ويخالف ما عليه سائر العقلاء، لكن لو قال: أنا في الخارطة، في الخريطة يعني في الرسم، الناس يجعلون الشمال فوق، أنا بحط الجنوب فوق، يقلب الخريطة، هذا ما فيه شيء، هذا لا يتضمن مخالفة، ولا يترتب عليه مخالفة لما عليه الناس، ابن حوقل في صورة الأرض جعل الجنوب فوق، ما يضر هذا، لو قال: أنا أؤلف في الفرائض وأسمي أخ الأب خالاً، وأخ الأم عماً، قلنا: لا يا أخي أنت تخالف، وهذا يترتب عليه حكم شرعي، هذا فيه مخالفة، تشاحح في اصطلاحك، لكن لو قال: أسمي والد الزوجة الذي يسمونه الناس خالاً أنا اسميه عم، قلنا: لا مشاحة في الاصطلاح، ما يخالف؛ لأنه ما يترتب عليه حكم شرعي، كونه عم أو خال أمره سهل، فهذه ينبغي أن يتنبه لها، فالاصطلاحات التي لا تتضمن مخالفة مقبولة عند أهل العلم، ولا مشاحة فيها. يقول: من فاتته ركعة واحدة متى يتورك في الصلاة الرباعية؟ يتورك بعد الثانية له التي هي الثالثة بالنسبة للإمام. هذا يشكو من بعض ما يرد في الصحف اليومية من مخالفات ومن ... لكن إلى الله المشتكى، والمشايخ جزاهم الله خير أدوا بعض الواجب، هناك مكاتبات وهناك مناصحات، نسأل الله -جل وعلا- أن تجد آذاناً صاغية من المسئولين؛ لتكف هؤلاء السفهاء. يقول: ما كيفية الجلسة التي تسمى جلسة الاستراحة؟ هل هي مثل جلسة التشهد؟ نعم افتراش.

يقول: قلتم: إن الشرح هو كتاب جوامع الأخبار، فما هو الاسم الكتاب كاملاً؟ جوامع الأخبار هذا هو للشيخ ابن سعدي، يشتمل على تسعة وتسعين حديثاً من الأحاديث الجامعة، وشرحه الشيخ نفسه في كتاب مشهور أسماه (بهجة قلوب الأبرار). يقول: ماذا على طالب العلم الذي يبحث عن مسألة هل يبحث في كتب الحديث والفقه وشروحهما، أو يكتفي بفن واحد؟ لا كلما أكثر البحث كلما بانت له أطراف المسألة وخفاياها، فعليه أن يستقرئ الكتب سواء كانت من كتب الفقه، أو شروح الأحاديث، أو التفاسير التي تعنى بالأحكام. يقول: يلاحظ على كثير ممن يحضرون مجالس أهل العلم عدم التطبيق للعلم الذي يدرسونه، فمنهم من يغش، ومنهم من يكذب، ومنهم من يتكلم في العلماء، ومنهم من يتأخر عن الصلوات ... الخلل موجود، والتقصير حاصل، وعلى كافة المستويات، لكن نسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بنا، وكل شخص مسئول عن نفسه، وإذا كانت الرجعة إلى الله -جل وعلا- مطلوبة، والتوبة واجبة في كل زمان ومكان فلئن تكون في هذا الوقت الذي كشرت فيه الفتن عن أنيابها أوجب وآكد، فلا بد من الرجوع إلى الله -سبحانه وتعالى-، والرجوع يبدأ من الأفراد، إذا أصلح كل إنسان نفسه ومن تحت يده صلحت الأمة -إن شاء الله تعالى-. يقول: هناك ملصقات توزع وتلصق في أبواب المساجد مكتوب فيها عبارة: "ارجع فصل فإنك لم تصل" ما رأيكم في هذا؟ وتوزيعها ونشرها؟ من يقصد بهذا؟ يقصد بها جميع من جاء إلى المسجد، أو يقصد من أخل بصلاته؟ هو بعد ما صلى، ما بعد دخل المسجد، لا هذا لا يصلح توزيعه، هناك من الأحاديث والعبارات ما هو أنفع من هذا، إنما هذا خطاب يتجه لمن أخل بصلاته. أيهما مقدم يمين الصف أم القرب من الإمام؟ اليمين هو الأفضل، فإذا ظهرت الزيادة في يمين الصف ترجح القرب منه، من الإمام، لا سيما في صلاة الصبح، لكي يستمع لقراءة الإمام، ويتدبر ما يقوله الإمام؛ لأن هذه الصلاة مشهودة، ابن القيم -رحمه الله تعالى- أطال في تقرير هذا في شرح حال المقربين، من طريق الهجرتين، فليرجع إليه، كلام في غاية النفاسة، وجاء في الخبر عند ابن ماجه لكنه ضعيف ((من عمر شمال الصف كان له كفلان من الأجر)).

باب: سجود السهو

الحديث الضعيف غير شديد الضعف هل يرتقي إلى الحسن لغيره إذا أتى من حديث آخر مثله، وإن لم يوافقه الثقات؟ يقول: لأني قرأت بعض المؤلفات وهم لا يحسنون الحديث الضعيف بمثله إلا إذا وافق الثقات. إيش معنى الموافقة؟ وإيش معنى المخالفة؟ إذا تضمن مخالفة لا يحتج به. الطالب:. . . . . . . . . يعني حديث تفرد به، وهو لا يحتمل تفرده، ووجد ما يشهد له، هو ما تفرد، الصدوق الآن يحسنون حديثه، يكون حسن لذاته، لكن يبقى أن الحديث إذا تفرد به من لا يحتمل تفرده يحكم عليه أهل العلم بالنكارة، لكن إن وافقه مثله عرف أن له أصل، لو جاءت كلها غير شديدة الضعف تدل على أن له أصلاً -إن شاء الله-. الأسئلة كثيرة جداً، وتحتاج إلى وقت طويل، فنكتفي بهذا. سم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: سجود السهو عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي، قال ابن سيرين: وسماها أبو هريرة، ولكن نسيت أنا، قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول، يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: ((لم أنسَ ولم تقصر)) فقال: ((أكما يقول ذو اليدين؟ )) فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر، وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه ثم سلم، فنبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. هذا يسأل عن كلام ابن القيم الذي أشرنا إليه قريباً في شرح حال المقربين.

هذا في طريق الهجرتين، رسم منهج وخطة يسير عليها المقربون من أول اليوم إلى آخره، وبعد أن رسمها بدقة أقسم أنه ما شم لهم رائحة، لكن عل الله -جل وعلا- أن يفيد منها بعض المسلمين، فيكتب له مثل أجره، وهي خطة مرسومة بدقة، تنبئ عن حال من يقوم بها، ويطبقها، والله المستعان. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: سجود السهو الباب مر بنا مراراً، والسجود معروف، الهيئة المعروفة المعهود في الصلاة، وإضافة السجود إلى السهو من إضافة المسبب إلى سببه، فالمسبب هو السجود، وسببه السهو في الصلاة، والسهو والغفلة والنسيان أمور متقاربة جداً، السهو والغفلة والنسيان كلها عزوب ذكر الشيء عن القلب.

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي" إما الظهر أو العصر، هاتان هما صلاتا العشي، وجاء في رواية عند مسلم الجزم بأنها العصر، يقول: وسماها "قال ابن سيرين: وسماها أبو هريرة، و ... نسيت أنا، قال: فصلى بنا" هذا هو السبب في ذكره في السند وإلا فالأصل الاقتصار على الصحابي، قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم؛ لأنه لو قال: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي، ولم يذكر تعيينها أو الشك فيها نسب الإبهام إلى أبي هريرة، لكن أبا هريرة سمى الصلاة، لكن الذي نسيها ابن سيرين، قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم، صلاة الظهر أو العصر، قد يقول قائل: هذا النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعلى أسلوب العامة: "إحنا ما علينا شرهة" لو نسلم من ركعة، إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- سلم من نصف الصلاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بشر ينسى كما تنسون، لكن إنما ينسى ليسن، يعني لو لم يقع مثل هذا متى يتبين الحكم، من نعم الله -جل وعلا-، وفي هذا سلوة للمسلمين أن نسي النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، والمسلمون ينسون كغيرهم، وجاء الحث على أن يعقل المسلم صلاته، ويحرص على ذلك، لكن لا يمنع من وقوع السهو في الصلاة، والإشكال في السهو عن الصلاة، أما السهو في الصلاة، فهو حاصل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، حتى ذكر بعض أهل العلم الخلاف في الشخص الذي يحصل منه ويقع منه السهو في صلاته، والذي لا يقع منه السهو ألبتة، أيهما أفضل؟ وإذا لحظنا أن بعض الناس إذا كان منفرد أو مأموم كثر السهو عنده والغفلة، وإذا صار إمام تمر السنين ما سها ولا غفل، هذا يوضح لنا مأخذ الخلاف، لماذا لا يسهو إذا كان إمام، وإذا كان مأموم أو منفرد لا يحضره قلبه؟

نعم مراعاة المأمومين، فيخشى من مرآتهم، أما مراعاتهم وتصحيح صلاتهم؛ لأنه ضامن من أجل أن تصح صلاة من خلفه، هذا مطلوب، لكن الإشكال في المرآة، بعضهم يقول: الذي يسهو في صلاته أفضل من الذي لا يسهو، لماذا؟ لأنه يقول: إنه منتبه إلى حقيقتها ولبها، غافلاً عن صورتها، والذي لا يسهو مهتم بالصورة غافل عن اللب؛ لأن العقل عند بعضهم لا يحتمل الالتفات إلى كل شيء، لكن ما يمنع، الناس يتفاوتون في هذا، بعض الناس يدرك كل ما يدور حوله، وبعض الناس يدرك خلقة ثلاثة أرباع ما يدور حوله، وبعض الناس ما يدرك الشيء الذي أمامه، الله -جل وعلا- وزع هذه المواهب، لكن يبقى أن على المسلم أن يهتم لصلاته، للبها الذي هو الخشوع، وأن يخرج منها بأكبر قدر ممكن من أجرها، قد يقول قائل: إنه لا يتصور إنسان لا يغفل ألبتة، لكن لا يكون مثل الذي خرج بعشرها بربعها، يحرص على أن يخرج بأكبر قدر ممكن، وبعض الناس لا يدري هل هو في المسجد أو لا؟ من الغفلة، وعدم حضور القلب، والمشاريع إنما تزاول في الصلوات، ويمهد لأمور الدنيا، ويخطط لبقية يومه إذا صف يصلي، برنامجه اليومي يرتبه إذا صف، هذا خذلان، هذه خسارة، فعلى الإنسان أن يهتم لهذا.

فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم ركعتين، ثم سلم "فقام إلى خشبة معروضة في المسجد" هو عنده إحساس بشيء، لكن لا يكاد يجزم به "فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها، كأنه غضبان" يعني وضعه وضع الغضبان، لكن هل يغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا إذا انتهكت محارم الله -جل وعلا-، لا، لكن الصحابة توقعوا للأمر الذي أهمه شيء يجول في نفسه، كأنه غضبان، يتوقون هذا "ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه" كيف وضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه؟ هذا وضع اليد اليمنى على اليسرى، معروف، لكن شبك بين أصابعه، يعني ما هو في آن واحد، أول الأمر وضع اليمنى على اليسرى، ثم شبك بين أصابعه، وشبك بين أصابعه، التشبيك بين الأصابع مكروه في الصلاة، وقبل الصلاة لقاصد الصلاة؛ لأنه في صلاة ما انتظر الصلاة، لكن بعد الانتهاء من الصلاة لا بأس، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، شبك بين أصابعه؛ لأنه انتهى من الصلاة، أما داخل الصلاة، وقبل الصلاة حال انتظار الصلاة فلا، مكروه، طيب شخص انتهى من صلاته، وأراد أن ينتظر الصلاة التي تليها، انتهى من صلاة المغرب، ويبي يجلس إلى صلاة العشاء، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لما فرغ من الصلاة شبك بين أصابعه، فهل نقول: أنت فرغت من الصلاة شبك، أو نقول: ما دمت تنتظر الصلاة فأنت في صلاة فلا تشبك؟ وهل في حكم التشبيك المكروهات الأخرى في الصلاة، الفرقعة بين الأصابع، وبعض الحركات المكروهة في الصلاة، يعني سلم وبدأ يطقطق أصابعه، نقول: ما دام شبك، وهذا مكروه، وفرغنا من الصلاة انتهينا، هل الحكم واحد؟ أما من ينتظر الصلاة فهو منهي عن التشبيك. الطالب:. . . . . . . . .

نعم مكروه أن يشبك بين أصابعه، لا في الصلاة ولا في انتظار الصلاة، وأما ما بعد ذلك فالأمر فيه سعة، إلا لمن ينتظر الصلاة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما قام إلى الخشبة المعروضة، وشبك بين أصابعه، وخرجت السرعان، العطف بالواو لا يقتضي الترتيب، فقد يكون خروجهم قبل قيامه، كما يلاحظ على بعض الناس، كأنه طير في قفص، مجرد ما يسمع الإمام يقول: السلام عليكم ورحمة الله يقوم، ولا يدرى ما الذي أعجله؟ هل هناك حاجة لهذا القيام؟ لا بأس، لكن في الغالب أنه لا حاجة، وقل مثل هذا في الذين يمشون يجوبون الشوارع في سياراتهم بسرعة متناهية، طيب وواحد من الفضوليين يقول: "ودي بس أشوف ها اللي طاير شو بيزيين لو وصل بيته؟ " ما هذا الأمر الذي يفوت؟ وقل مثل هذا فيمن إذا سلم الإمام قام، هذا يوحي بعدم الرغبة في الخير، الملائكة تصلي على المصلي ما دام في مصلاه، هل أنت غني عن هذا الدعاء، اللهم اغفر له، اللهم أرحمه، أنت بأمس الحاجة لمثل هذا الدعاء، فما الذي يعجلك؟ "خرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة" قَصُرت وضبطت، بـ (قُصِرت) إضافة القصر إلى الصلاة نفسها، قصرت الصلاة، وإضافة القصر إلى المجهول، إسناد القصر إلى المجهول، والذي قصرها هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلما حذف قصرت الصلاة، على الرواية الثانية، يعني قصر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة، بل نزل أمر أو خبر جديد بمشروعية قصر الصلاة في الحضر، هذا التردد الذي حصل سببه ما حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلاة رباعية ركعتين، هذه صفة الصلاة المقصورة. "قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه" النبي -عليه الصلاة والسلام- له هيبة عظيمة، مع أنه من أحسن الناس وأطيبهم خلقاً، والهيبة ليس مردها إلى الخوف، بل مردها التعظيم، والتعظيم لا يلزم أن يقترن بقوة، كما يقول الشاعر: أهابكِ إجلالاً وما بكِ قدرة ... عليّ ولكن ملء عين حبيبها

فالهيبة سببها التعظيم، وتجد من أضعف الناس بنية وخلقة، بل قد تجد شخص معوق مشلول تهابه، تعلوك الرحضاء، ويتصبب العرق من رؤيته وهو لا يحرك أطرافه، تأتي وهو من أهل العلم لتسأله، عندك عشر مسائل ما تسأل إلا واحدة، وتنسى الباقي، هذا تعظيم، وهذا الهيبة بقدر الإرث من النبي -عليه الصلاة والسلام- في العلم والعمل، والنبي عليه الصلاة نصر بالرعب مسيرة شهر، وفي رواية: مسيرة شهرين، وبعض الناس يتطاول عليه السفهاء، وإن كان عنده شيء من العلم، لماذا؟ لأن الله -جل وعلا- نزع الهيبة في قلوب العباد له؛ لأن ما عنده من علم، وإن أدعاه علماً وهو في الحقيقة ليس بعلم؛ لأن العلم إنما هو ما نفع، فهذه الهيبة ليس مردها إلى القوة ولا إلى البطش، ولا إلى الخوف، لا، مردها إلى التعظيم، يعظمون النبي -عليه الصلاة والسلام-. "فهابا أن يكلماه" طيب عطاء بن أبي رباح من يعرف أوصافه؟ تهابه الملوك، وهو رجل مصاب بعاهات كثيرة، الهيبة هذه مردها إيش؟ مردها الإرث من هذه الهيبة النبوية، وكل بحسبه.

"وفي القوم رجل في يديه طول، يقال له: ذو اليدين" واسمه الخرباق "يقال له: ذو اليدين، فقال: يا رسول الله" أين الهيبة يا ذا اليدين؟ لا بد أن يوجد في الأمة مثل ذي اليدين، لو هاب الناس كلهم، ما بان كثير من الأحكام، وهناك مسائل وقضايا يجب أن يكون هناك تبادل، تقدير واحترام وتعظيم بين الراعي والرعية، العالم والطلاب، وما أشبه ذلك، لكن لا بد أن يوجد شخص .. ، قد تستدعي الحال في بعض الأوقات أن تقول: عل الله -جل وعلا- أن يسوق لنا شخصاً ما يستحي ولا يهاب، ولذا الصحابة -رضوان الله عليهم- لما نهوا عن السؤال، كانوا يتمنون أن يأتي الرجل العاقل من أهل البادية ليسأل، هناك قضايا يتتابع عليها الناس، هيبة لمن يرتكب هذا الأمر، أو تقديراً وتعظيماً له، واستحياء منه، ثم يأتي شخص ما عليه من أحد، نعم الحياء لا يأتي إلا بخير، لكن الخجل الذي يمنع من إنكار بعض الأمور، تقول: لعل الله -جل وعلا- أن يبعث شخص في عرف الناس ممن لا يستحي يقول مثل هذا الكلام، فوجود مثل هؤلاء تجعل الإنسان يحسب لهم حساب، وإلا فقد يقول قائل: لماذا أبو بكر وعمر يهابون الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- مهيب هيبة شرعية ربانية، فكيف ذو اليدين لا يهابه؟ والله -جل وعلا- جعل من الأجر لهذا بسبب الهيبة، وجعل من الأجر لهذا بسبب ما ظهر من سؤاله من خير، بسببه من خير وعلم.

"فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: ((لم أنسَ ولم تقصر)) " طيب ركعتين صليت، النبي –عليه الصلاة والسلام- نفى النسيان ونفى حدوث أمر جديد بناء على غلبة ظنه، والأمور إنما تبنى على غلبة الظن، حتى أجاز العلماء أن يحلف على غلبة الظن، كيف تحلف على غلبة الظن؟ الذي أقسم بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- "والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أفقر مني" هل يجزم بأنه بحث عن البيوت، بيوت المدينة بيتاً بيتاً، وجزم وقطع أنه لا يوجد أحوج منه، هذا بناء على غلبة ظنه، كثير من الناس يتوقع أنه في حالة لا يوجد أسوأ منه حالاً، فيغلب على ظنه ذلك، وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لم أنس ولم تقصر)) هذه غلبة ظن، مشى عليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخرج من صلاته بسببها، عورضت غلبة الظن بقول واحد، معارضة غلبة الظن بقول الواحد توجد شك، يعني غلبة الظن عند الشخص، هل ينقض غلبة الظن الذي عنده بقول شخص، لا ينزل عنده مستوى الجزم إلى الشك، يتردد، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أكما يقول ذو اليدين؟ )) يبي مرجح، الآن غلبة ظنه -عليه الصلاة والسلام- قاومها كلام ذو اليدين؛ لأن عندنا المعلوم، ويقولون: ما عنه الذكر الحكمي، الذي هو المعلوم، إما أن لا يحتمل النقيض ألبتة، يعني نتيجته مائة بالمائة، هذا علم، هذا لا يمكن أن ينقض بأي خبر من الأخبار، إذا نزلت هذه النسبة أفاد الظن، الظن الغالب، وإذا تساوى الاحتمالان صار شك، إذا نزل عن النصف صار الاحتمال المرجوح يقال له: وهم، والاحتمال الراجح يقال له: ظن، والمساوي هو الشك، نزلت نسبة الاحتمال الراجح من الظن الغالب إلى الشك، الآن إذا وجد الشك وتساوت المرتبتان تساوى الاحتمالان، لا بد من إيش؟ لا من مرجح ((أكما يقول ذو اليدين؟ )) يعني لو قالوا: نعم ترجحت كفة ذو اليدين، لو قالوا: لا، ما هو صحيح كلامه، ترجحت كفة النبي -عليه الصلاة والسلام-، صار ما يقوله ذو اليدين لا قيمة له، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- طلب مرجحاً ((أكما يقول ذو اليدين؟ )) قالوا: نعم، خلاص انتهى، صار ما عند النبي -عليه الصلاة والسلام- بدل أن يكون غلبة ظن، سلّم بسبب غلبة الظن، ثم

أورث عنده كلام ذو اليدين شك، ثم بترجيحهم لكلام ذي اليدين صار كلامه وهم، احتمال مرجوح، فترجحت كفة ذي اليدين، وهذا كله من أجل التشريع، وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي في الظروف العادية، في الأمور البلاغية، التي يبلغ بها الدين، لا يمكن أن يقال مثل هذا الكلام، لا يعارض قوله بأحد كائناً من كان، لكن في مثل هذه الأمور التي فيها تشريع، يعني لو تصورنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما سها في صلاته أبداً، ولا نام عن صلاة الصبح، ويش تصير حالنا؟ هذه تسلية لنا، كونه وقع منه السهو، وقع منه النوم عن صلاة الصبح، لكن ليس في هذا حجة لا من قريب ولا من بعيد لمن يتساهل في صلاة الصبح، أو في غيرها من الصلوات؛ لأنها حصلت مرة واحدة في العمر، إذا حصل منك مرة أو مرتين في عمرك، أو مرات يسيره، هذا سهل، لك أسوة، أما أن يكون ديدنك، تركب الساعة على الدوام، تقول لي: والله النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلى الصبح إلى أن أيقظهم حر الشمس، ما هو بصحيح، وقد لا يركب الساعة على الدوام ينام بالسطح، ومعروف أنه إذا قرب الدوام احترت الشمس، يقول: ما يوقظنا إلا حر الشمس، نقول: لا يا أخي، لا بد من بذل الأسباب، ولا بد من انتفاء الموانع؛ لأنك بصدد ترك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، النبي -عليه الصلاة والسلام- وكل إيقاظهم إلى بلال، فنام بلال، وأخذ بنفسه الذي أخذ بنفس النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا مصلحة كبرى، مصلحة تشريعية. " ((أكما يقول ذو اليدين؟ )) قالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم" تقدم لأنه قام من مجلسه، ولو قدر أنه كان في مجلسه يستقبل القبلة، ثم يقوم إلى الركعة الثالثة، يقوم من غير تكبير؛ لأنه كبر في الانتقال من السجود أو ما كبر؟ لأنه في التشهد، المسألة مسألة تشهد أول، يعني لو كان سلم من ثلاث نقول: كبر من انتقاله من السجود، وفي مثل هذه الصورة يحتاج إلى تكبيرة انتقال من التشهد إلى الركعة الثالثة.

"فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم" صلى الركعتين الأخريين ثم سلم ثم كبر "وسجد مثل سجوده أو أطول" يعني على هيئة سجود الصلاة، ويقال فيه ما يقال في سجود الصلاة "ثم رفع رأسه فكبر، ثم كبر فسجد مثل سجودها أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه ثم سلم، قال: فنبئت" ربما للتقليل، ربما سألوا الراوي هل سلم النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هل قال: "ثم سلم" وجزم بها عمران بن حصين، لكن ابن سيرين لم يجزم بالنسبة إلى عمران، بل "قال: فنبئت -بواسطة- أن عمران بن حصين قال: "ثم سلم" ولا شك أن الخروج من الصلاة إنما يكون بالتسليم، وهذا السهو مشتمل على زيادة أو على نقص؟ هذا يقول: ما رأيكم في من يتعمد السهو حتى يرشد الناس بعد الصلاة إلى أحكام السهو؛ لأن ذلك أجدى مما لو شرح لهم دون حدوث السهو في الصلاة؟ لا يجوز التعمد، صار عمد هذا، ولا يشرع له سجود، فإن تعمد ترك واجب بطلت الصلاة، إن تعمد ترك سنة فلا سجود لها، والسجود إنما يكون للسهو زيادة ونقصاً، وللشك وأما العمد فلا سجود له. ترجم الإمام البخاري في كتاب الصلاة: باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، فهل هذا إيماء منه إلى أن الأحاديث الواردة في تشبيك الأصابع معلولة؟ التشبيك المطلق الذي لا ارتباط له بالصلاة لا يثبت، لكن التشبيك في الصلاة، وفي انتظار الصلاة، وفي الطريق إلى الصلاة هذا ثابت. الطالب:. . . . . . . . . يقول: ربما سألوا أبا هريرة، يعني هل سلم النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذه الصلاة أو ما سلم؟ الطالب:. . . . . . . . . ثم قال: ثم سلم، فربما سألوه، يعني هل قال: ثم سلم أو ما قال؟ هذا تردد؛ لأن ربما للتقليل الأصل فيها، لكن جزم بها عمران بن حصين، نعم. عفا الله عنك. وعن عبد الله بن بحينة، وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين، ولم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم.

هذا حديث عبد الله بن بحينة، عبد الله بن مالك بن القشب، وبحينة أمه على ما تقدم، وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم الظهر" هل نحن بحاجة إلى أن يقال: كان من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقد صلى خلفه الظهر؟ لا، لسنا حاجة، لكن هو تصريح بما هو مجرد توضيح "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس" يعني التشهد الأول، ما جلس في أثناء الصلاة في منتصفها، فترك الجلوس، وذكره الذي هو التشهد الأول "ولم يجلس، فقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة، وانتظر الصلاة تسلميه، كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم" إذا ترك التشهد الأول، نسي التشهد الأول وقام أهل العلم يقولون: إذا لم يستتم قائماً يلزمه الرجوع، وإذا استتم قائماً كره الرجوع، وإذا شرع في القراءة حرم الرجوع، وهنا استتم قائماً -عليه الصلاة والسلام- فلم يرجع، أو شرع في القراءة والأمر آكد، على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرجع، لم يجلس، وقام الناس معه، حتى إذا قضى الصلاة، وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم. في حديث ذي اليدين السجود بعد السلام، وفي حديث عبد الله بن بحينة السجود قبل السلام، والعلماء يختلفون في موضع السجود على أنه نقل الاتفاق على الجواز، على أنه يجوز أن يسجد للسهو قبل السلام وبعده، نقل الإجماع على هذا، لكن الخلاف في الأفضل، فالحنفية عندهم السجود كله بعد السلام، فلا يُجمع إلى الخلل الذي حصل في الصلاة زيادة على ما شرعه الله فيها في الأصل، فهذه الزيادة ينبغي أن تكون جابرة لما حصل من خلل في الصلاة، كالنافلة التي بعد الصلاة، تجبر الخلل، فموضع السجود حينئذٍ يكون بعد السلام، وهذا رأي الحنفية، الشافعية يقولون: الأفضل في السجود كله أن يكون قبل السلام ....

كتاب الصلاة (9)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (9) باب: المرور بين يدي المصلي - باب: جامع الشيخ: عبد الكريم الخضير الشافعية يقولون: الأفضل في السجود كله أن يكون قبل السلام، وهذا بالنسبة للمأمومين سواء منهم المدرك للصلاة كلها والمسبوق هذا لا شك أنه أضبط لصلاة المأموم، يعني ينتهي من الصلاة قبل أن يسلم؛ لأنه إذا سلم حصل اضطراب من المأمومين، منهم من .. ، السرعان يخرجون من المسجد، والذين يقضون الصلاة ينوون الانفراد، هذا عند الشافعية يكون أضبط فهو أفضل، هذا رأي الحنفية والشافعية، المالكية يستدلون بحديثي الباب، ويقولون: إذا كان السجود سببه الزيادة في الصلاة فيكون موضعه بعد السلام؛ لئلا تشتمل الصلاة على زيادات، يعني زائدة عن المسهو عنه، المسهو فيه نزيد أيضاً سجدتين داخل الصلاة، وهي الأصل فيها زيادة؟! لا تشتمل الصلاة على هذه الزيادة كلها، وإذا كان السجود عن نقص كما في حديث عبد الله بن بحينة يكمل هذا النقص بسجدتين قبل السلام، مذاهب الأئمة واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ ومآخذها ظاهرة، الحنفية يقولون: كله بعد السلام، والشافعية يقولون: قبل السلام، والمالكية: إن كان لزيادة بعد السلام، وإن كان لنقص قبل السلام، والحنابلة الإمام أحمد -رحمه الله- يرى السجود كله قبل السلام، إلا ما ورد النص فيه أنه بعد السلام، ومنه إذا سلم عن نقص، كما في قصة ذي اليدين، ومنها إذا ما بنى الإمام على غالب ظنه، وفيه: ((فليتحر ثم ليسجد بعد السلام)) يعني الأصل أن الصلاة تختتم بالتسليم، وكل ما يتعلق بها يكون قبل التسليم؛ لأنه خاتمتها، هذا الأصل، لكن جاء بعض الصور ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سجد بعد ما سلم، تكون هذه على خلاف الأصل، ويقتصر فيها على مواردها، على كل حال الأمر فيه سعة، والاتباع هو المطلوب، فإذا كان النص يدل على أن السجود قبل السلام أو بعده يتبع النص، وما عدا ذلك كونه قبل السلام هو الأصل، ومسائل السهو كثيرة جداً، متعلقات الباب فرعها الفقهاء بتفريعات كثيرة، فتراجع كتب الفروع، نعم. عفا الله عنك. باب: المرور بين يدي المصلي

عن أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)) قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنةً. باب: المرور بين يدي المصلي

لا شك أن المرور بين يدي المصلي يشوش على المصلي صلاته، يشوش عليه صلاته، والمطلوب في الصلاة حضور القلب والخشوع، تدبر ما يقرأ وما يسمع، فإذا مر بين يدي المصلي شيء لا شك أنه يشوش عليه، ولذا جاء الوعيد الشديد، في حديث الباب يقول: "عن أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يقف بين يديه)) " لو يعلم، لو هذه حرف امتناع لامتناع، يعني امتنع وقوف هذا المار لامتناع علمه بالإثم ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم)) من الإثم هذه ليست في الصحيحين، وانتقد الحافظ ابن حجر الحافظ عبد الغني حيث ادخلها؛ لأنه صنيعه يوهم أنها في الصحيحين ((لو يعلم المار ماذا عليه)) من الإثم لا توجد في الصحيحين، انتقد ابن حجر مؤلف العمدة، وذكر أنها لم تثبت إلا في رواية أبي الهيثم الكشميهني، وهو ليس من العلماء، إنما هو من الرواة لصحيح البخاري، فتوجد هذه في روايته تفرد بها، وروايته ليست قوية مثل الروايات الأخرى؛ لأنه ليس من أهل العلم، الكشميهني، ومع ذلك الحافظ ابن حجر ينتقد الحافظ عبد الغني، ويوردها في البلوغ، أوردها في البلوغ، فيتجه عليه الانتقاد مثل ما انتقد، والنقد بابه مفتوح، إذا كان القصد منه النصيحة، فالنصيحة لا بد منها، والدين النصيحة، وحينما انتقد من أدخل هذه اللفظة يشكر على هذا الانتقاد؛ لأنه بين للناس، وكونه يقع فيما انتقد ليعلم العلماء وطلاب العلم أنه ليس هناك عصمة، كونه ينتقد، ويقع في الخطأ، وهو من الحفاظ -رحمه الله-، ما هو بإنسان عادي، لكن يقع، وكثيراً ما ينتقد الإنسان ولا أقصد ابن حجر، ينتقد الإنسان في شيء ولا يكون في ذلك مخلصاً فيقع فيه، وقيل لشخص من الأئمة المعروفين: إن فلاناً قرأ الآية كذا فضحك، فقرأها كما قرأها من ضحك عليه، وقع فيها، ولا أريد أن أذكر الآية؛ لئلا يعرف الطرفان؛ لأن المسألة مشهورة، على كل حال النقد إذا كان القصد منه النصيحة، يعني لو أن الحافظ عبد الغني موجود في وقت الحافظ ابن حجر، المناسب أن يكتب له أن هذه اللفظة لا توجد في

الصحيحين، فيتولى هو نفسه حذفها، بدلاً من أن يكون هذا في مصنف يقرأ إلى يوم القيامة، هذا تمام النصيحة، لكن شخص مات وانتشر كتابه لا بد أن ينبه، ينبه عليه ويبين، وليس القصد من ذلك تنقص أهل العلم، ليس الهدف من ذلك نتقص أهل العلم، وإنما القصد منه بيان الحق، وتصحيح ما يقع من أوهام وأخطاء، وأوصي طلاب العلم أن يقرؤوا في مقدمة (موضح أوهام الجمع والتفريق) للخطيب البغدادي؛ لأنه يصحح على الأئمة الكبار، يصحح على البخاري وأحمد وغيره، يصحح على الكبار (موضح أوهام الجمع والتفريق) طالب العلم إذا تصور موقف الخطيب وهو إمام من أئمة المسلمين، ويقول مثل هذا الكلام بالنسبة للكبار عرف كيف يتعامل أهل العلم بعضهم مع بعض بصدق وإخلاص، وأن القصد من ذلك كله بيان الحق، والوصول إلى الصواب، والاعتراف بالفضل لأهله، هذا أمر مطلوب؛ لأنه قد يجول بخاطر شخص يقول: إن هذا يصحح على البخاري ومسلم وأبي حاتم وأبي زرعة وأحمد وابن معين، وش يصير هذا؟ ولولا هذه المقدمة التي ذكرها، والتي على كل طالب علم أن يراجعها مع ما كتبوه كثير في هذا الباب، بين الخطيب -رحمه الله- أنه لولا هؤلاء ما صار شيء، لكن لا يمنع أن يهم الإنسان ويخطئ، يقع في شيء من الخطأ هذا أمر لا ينفك منه أحد.

((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين)) أربعين إيش؟ ما يدرى هل هي أربعين يوم أربعين شهر أربعين سنة؟ هي مبهمة، إذا لم يذكر التمييز فالمميز مبهم، ولذا لما جيء بالتاريخ، بداية التاريخ من قبل عمر -رضي الله عنه- جاء إليه شخص بصك فيه دين على شخص إلى شعبان، يعني يحل في شعبان، لكن شعبان سنة كم؟ ما فيه، قال: شعبان الماضي أو شعبان القادم؟ ما يدرى، وبعض الناس يعرف أنه مولود في نصف رمضان، لكن سنة كم؟ ما يدري، هذا موجود، وهنا: ((لكان أن يقف أربعين)) وأحياناً يحذف التمييز للتفخيم؛ ولتعظيم الأمر وتهويله، وش الأربعين ذا؟ ما هذه الأربعين؟ احتمال تكون أربعين قرن بعد، احتمال ((لكان أن يقف أربعين خيراً له)) فيحذف المتعلق، أحياناً يحذف المفعول، وأحياناً يحذف الظرف ليسرح الذهن كل مسرح، كل ما يخطر على البال يتصوره هنا، فيكون أشد وأعظم ((لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي)) الأمر ليس بالسهل، ليس بالهين. "قال أبو النضر" الراوي "لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة" والمسألة خمس دقائق، تجد السرعان يخترقون الصفوف ويتخطون المصلين من أجل خمس دقائق أو أقل، وهنا: ((لو يعلم المار)) يقف أربعين الأمر ليس بالهين، والمسألة مسألة إثم عظيم، أبيحت المقاتلة من أجله، فليس من السهل أن يمر الإنسان بينه وبين سترته وهو يصلي، وهذا يدل على تحريم المرور بين يدي المصلي إذا استتر، كما سيأتي في الحديث الذي يليه، نعم. عفا الله عنك. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)).

يقول -رحمه الله تعالى-: "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره)) " هذه يستدل بها أهل العلم على أن الأمر باتخاذ السترة ليس على سبيل الوجوب، وإنما على سبيل الاستحباب ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره)) مما يدل على أن له أن يصلي إلى غير سترة، وسيأتي بحديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بالناس بمنى إلى غير جدار، وجاء توضيحه في بعض الروايات: "إلى غير سترة" والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى في المسجد الحرام إلى غير سترة، والطائفون يمرون بين يديه، فدل على أن الأمر باتخاذ السترة ((ليستتر أحدكم في الصلاة ولو بسهم)) هذا الأمر للاستحباب، وليس على سبيل الوجوب، وهو قول عامة أهل العلم، أوجبه بعضهم للأمر، لكن هذا صارف ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس)) فالسترة مستحبة، وتكون بالجدار، وتكون بمؤخرة الرحل، وتكون بالسهم، المقصود أنها تكون بشيء يعرف المار أن هذا يصلي، شيء شاخص. وأما الخط ((فإن لم يجد فليخط خطاً)) هذا الحديث مثل به ابن الصلاح للمضطرب، فقد روي على نحو عشرة أوجه مختلفة، مثل به للمضطرب، وابن حجر -رحمه الله- رجح بعض الطرق على بعض، وانتفى عنه الاضطراب، وقال في البلوغ: ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حديث حسن، فعلى هذا تكون السترة بالخط، وفي حكم الخط طرف السجادة، عند من يقول بأن هذا يجزئ، وإلا فالحديث فيه كلام طويل لأهل العلم، والحكمة من السترة عند أهل العلم ليكف المصلي بصره عما وراءها، ينظر في موضع سجوده، وليمنع من أراد الاجتياز دونها، أما إذا لم يستتر فليس له أن يمنع.

((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس)) يعني ما تتصور أن الساتر بحيث لا يراه الناس، لا، ولو مؤخرة رحل، عنزة وإلا عصا، وإلا جدار وحائط قصير، أو أدنى شيء، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، أي أحد كائناً من كان ((فليدفعه)) يرده الأسهل فالأسهل، إذا كانت ترده الإشارة فليفعل، إذا كان لا يرده إلا الدفع باليد يفعل ((فإن أبى فليقاتله)) رفض، دفعه رجع، دفع رجع .. ((فليقاتله)) يعني ينتقل من الأسهل إلى الأشد، لكن هل يصل الأمر إلى أن يخرج المسدس من جيبه ويقتله؟ هذا ليس بقتل، ما قال: فليقتله، إنما قال: ((فليقاتله)) لتكون مدافعة بين الاثنين هذه هي المقاتلة ((فإنما هو شيطان)) هذه هي العلة، فإنما هو شيطان، لا شك أن الشخص الذي يصر على أن يؤثر في صلاة أخيه المسلم هذا شيطان، مثل هذا شيطان ليست له حرمة، منهم من يقول: ((فليقاتله)) هذا من باب المقاتلة، كما تقول: قاتل الله فلاناً، قاتل الله اليهود والنصارى يعني لعنهم، فليقاتله بالسب والشتم، هذا قول قيل به، لكنه قول ضعيف؛ لأن السب والشتم ينافي مقتضى الإقبال على الصلاة، بل هذا مبطل للصلاة، قاتل الله فلان يعني لعنه، أنت تشتم وأنت في الصلاة بعد، هذه مشكلة، هذا قيل به، وهو قول ضعيف، فكأن مثل هذا استبعد مسألة القتل، قال: شتمه ولعنه أسهل من قتله، وجاء في الحديث الصحيح: ((لعن المؤمن كقتله)) وليس في هذا مستمسك لمن أراد أن يتقصد الناس يكون بينه وبينهم شيء يصلي في طريقهم إذا أراد أن يجتاز ومعه مسدس، لا، لا، ليس المراد به القتل، المقاتلة هي المفاعلة بين الاثنين، يكون فيه شيء من المدافعة، أما أن تصل إلى القتل فلا.

تأتي صيغة المفاعلة وهي من طرف واحد، لكن ليس هذا منها ((فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه)) يجب الدفع؛ لئلا يعرض صلاته لخلل، والمالكية عندهم تفاصيل وتفاريع، فعندهم أنه إذا صلى الشخص في طريق الناس والمار ليست له مندوحة عن هذا الطريق، ما في طريق إلا هذا، والمصلي قد استتر فبرئت عهدته، والمار ليست له مندوحة، إذا لا إثم عليه يمر ولا عليه شيء، وإذا كان للمار مندوحة والمصلي مستتر، فالإثم على المار، وإذا كان المار ليست له مندوحة ما له طريق ثاني، والمصلي لم يستتر فالإثم على المصلي دون المار، وإذا لم يستتر المصلي والمار له مندوحة فالإثم عليهما، لكن في هذا الحديث استتر فأراد أحد أن يجتازه، وسبب الحديث أن شاباً من بني أبي معيط أراد أن يجتاز بين أبي سعيد وسترته، فدفعه أبو سعيد فنظر الشاب فلم يجد مساغاً، ما وجد طريق إلا هذا، فدفعه أبو سعيد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره)) فقال أبو سعيد: "سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره)) ... إلى آخره، فالشاب لم يجد مساغاً، ليست له مندوحة، ومع ذلك دفعه أبو سعيد، فعليه أن ينتظر، وفي الحديث السابق: ((لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي)) ولو لم يكن له مندوحة، ينتظر يا أخي، لكن على المصلي أن يلاحظ صلاته، ويلاحظ المارين، ما يعرض صلاته للبطلان، بعض الناس إذا صف يصف في مكانه كأنه يقصد أن يمر الناس بين يديه، كأنه مختبئ بحيث لا يشعر به أحد، مختبئ من اليمين والشمال وإلا القدام مفتوح ما في ستره، صحيح هذا يفعله بعض الناس، تجد بعض الناس يصف بأي مكان، ما عليه من أحد، مثل هذا .. ، عليك أن تحتاط لصلاتك ((إذا صلى أحدكم فليستتر)) أقل الأحوال الاستحباب، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان، والمقاتلة المراد بها المدافعة. نعم نأخذ الحديث الذي بعده. عفا الله عنك.

وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أقبلت راكباً على حمار أتان، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت فأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد.

جاء في الحديث الصحيح أنه يقطع صلاة الرجل إذا مر بين يديه المرأة والحمار والكلب، وجاء في بعض الروايات تقييد بالأسود، وهنا في هذا الحديث حديث ابن عباس، قال: أقبلت راكباً على حمار أتان، لو قال: على أتان ما يكفي؟ هي أنثى الحمار، فالحمار يطلق على الجنس مثل الإنسان على الذكر والأنثى، والأتان خاص بالأنثى، ولذا لا يقال: أتانة "أقبلت راكباً على حمار أتان، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام" النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي في منى في السنة العاشرة، وابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث، يعني عمره ثلاثة عشرة سنة، ما احتلم، ناهز الاحتلام "ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي" والحال أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي "بالناس في منى إلى غير جدار" يقول ابن دقيق العيد: لا يلزم من عدم الجدار عدم السترة، وجاء التفسير في بعض روايات الحديث إلى غير جدار، يعني إلى غير سترة "فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع -ترعى- ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد" والعبرة بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، إلا أنه لو كان مما ينكر لبادر الصحابة بالإنكار عليه، كما بادروا بالإنكار على من بال في المسجد، ابن عباس يريد أن يستدل على أن مرور الأتان بين يدي المصلي لا تقطع صلاته، واستدل به بالحديث، وبحديث عائشة الآتي: أن الصلاة لا تقطع بمرور شيء، لا يقطع الحمار الصلاة، وحديث عائشة الآتي: المرأة لا تقطع الصلاة، فحملوا القطع على النقص من الأجر، لا البطلان، والمشهور عند الحنابلة أنه لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم، وأخرجوا الحمار بحديث ابن عباس، وأخرجوا المرأة بحديث عائشة، والاستدلال إنما يتم لو مر الحمار بين يدي المصلي وسترته، وهو يصلي منفرد أو إمام، أما بالنسبة للمأموم فحكمه معروف، سترة الإمام سترة لمن خلفه، ومنهم من يقول: الإمام سترة لمن خلفه، فلو مر بين يدي الإمام بطلت صلاته، وتبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة إمامه، فلا يتم الاستدلال بمثل هذا الحديث على عدم بطلان الصلاة بمرور الحمار؛ لأن الحمار ما مر بين يدي لا إمام ولا منفرد، والمأموم سترته إمامه، وجاء في بعض الأخبار أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، لكن

مثل هذا .. ، ما جاء في هذا الحديث يحمل على هذه الحالة، فإذا مر بين يدي المأموم لا يؤثر، بخلاف ما إذا مر بين يدي الإمام أو المنفرد، ويبقى الحديث محفوظ ببطلان صلاة المصلي بمرور الحمار، ومثله المرأة على ما سيأتي، فصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف بالحمار، فكونه مر بين يدي بعض الصف ولم يمر بين يدي الإمام ولا المنفرد، لا يستدعي هذا أن يخرج الحمار من عموم ((يقطع صلاة الرجل)) ... الثلاث المذكورة، نعم. عفا الله عنك. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما، والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح.

وهذا حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما، والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح" المؤلف وهو من الحنابلة، من أئمتهم المعروفين، يريد ويقصد من إيراد حديث ابن عباس وحديث عائشة تخصيص الحديث ((فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود)) رواه الجماعة إلا البخاري، ولو كان الحديث على شرطه لأورده قبلهما، لكنه أورد مفردات مسلم، على كل حال هذا الحديث صحيح، القطع بمرور الثلاثة صحيح، والمؤلف يريد استثناء الحمار، وإخراجه من عموم الحديث، ويريد استثناء المرأة من شمول الحديث لها، وعرفنا ما في الحمار أنه لا يستثنى من الحديث إلا لو كان مروره بين مصلي وبين سترته، والإمام سترة لمن خلفه، ومنهم من يطلق سترة الإمام سترة من خلفه، فالمأموم لا يطلب له سترة، وعلى هذا للإنسان أن يمر بين يدي الصف، لا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك، أحياناً في الحرمين الشريفين يحتاج الإنسان إلى أن يمر بين يدي الصف، ولا أثر له في صلاة المأمومين، فلا يتم الاستدلال بالاستثناء إلا لو مر بين يدي منفرد أو إمام، وكذلك حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني" طعن بأصبعه في رجلها "فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما" الحجرة ضيقة، لا تستوعب واحد يصلي وواحد نايم، وهنا نتصور عيشه -عليه الصلاة والسلام-، أفضل الخلق، وأشرف الخلق، في غرفة لا تستوعب نائماً ومصلياً "كنت أنام" وهذا يدل على أنه تكرر هذا، والصيغة للاستمرار "بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني" ويحتمل أن يكون بحائل، يعني مستترة، ويحتمل أن يكون بدون حائل، لكن من غير شهوة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يملك إربه "فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما" تحتاج إلى بسط الرجلين "والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح" هذا اعتذار منها؛ لأنه قد يقول قائل: لماذا ما تكف الرجل وتبسط من غير غمز؟ ما تدري هو راكع وإلا ساجد وإلا قائم وإلا .. ؟ لأنها ليس فيها مصابيح، ليس فيها إضاءة ولا

كهرباء، ولا سرج، هكذا كانت الحياة، حياة الناس إلى وقت قريب، يعني إن شئت فقل: نصف قرن، أو أقل، ليس فيها مصابيح، فهذا الذي يجعلها تحوجه إلى غمز، لو كان فيها مصابيح كفت رجلها بمجرد ما يهوي إلى السجود، والحنابلة يستدلون بهذا على أن المرأة لا تقطع صلاة الرجل، لكن هل صنيع عائشة هذا مرور؟ وهل حكم القار هو حكم المار؟ لا، يختلف، يعني لو صلى إنسان إلى إنسان، جالس وصلى إلى شخص، لا بأس، لو اتخذ إنسان سترة، هذا ما هو بمرور ذا، والحكم معلق بالمرور، حكم القطع معلق بالمرور، وليس القار كالمار، فاستثناء عائشة واستثناء المرأة من عموم حديث: ((يقطع صلاة الرجل إذا مر بين يديه)) ... الثلاثة، لا يستقيم ولا يتم إلا لو مرت بجسمها كاملاً، عائشة تستنكر على من يروي الحديث، وتقول: "ساويتمونا بالحمر والكلاب" يعني هل الملحوظ في هذا استواء الرتبة بين النساء والحمر والكلاب؟ أو الملحوظ أن المرأة وافتتان الرجل بها، ومرورها بين يديه أشد من الحمار والكلب؟ لأنه قد يسمع بعض الناس المفتونين مثل هذا الكلام ويقولون: وين حقوق الإنسان؟ وين ... ؟ سووا امرأة بكلب وحمار؟! لا، لا، المسألة الملاحظ فيها المصلي، وحفظ صلاته عن كل ما يشغله، أعظم ما يشغل الرجال النساء، فلو قيل: إن المرأة في هذا الباب أشد من الكلب، وأشد من الحمار، هل يعني أنها أخس من الكلب والحمار؟ لا، ليس هذا، وإنما هي تفتن الرجل أكثر من الكلب والحمار، يعني هذه الدلالة دلالة اقتران، هل هي تدل على الاشتباه بالحكم من كل وجه؟ أولاً: دلالة الاقتران ضعيفة عند أهل العلم، وضعفها عند جماهير أهل العلم معروف، الأمر الثاني: أن وجه الشبه بين الثلاثة شغل القلب، القلب ينشغل بمرور هذه الأمور، وإن لم تكن المرأة أشد فليست بأقل، وليس قرنها مع الكلب والحمار لخستها مثل الكلب والحمار، لا، المقصود أن ما قالته عائشة -رضي الله عنها- مرده إلى اجتهادها، مما يدل على أنها لم تسمع الحديث من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإلا لو سمعته منه -عليه الصلاة والسلام- ما كان لها خيرة في الأمر أبداً، وليس لها أن تناقش أو تجادل، نعم يوجد من يناقش ويجادل في الأحاديث الصحيحة الصريحة، لكن هؤلاء قوم

من المفتونين، أما من كان هواه تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، من رضي الله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، لا يمكن أن يناقش إذا صح الخبر {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [(36) سورة الأحزاب] ما لأحد كلام، وفتح باب النقاش والحوار بالمسائل الشرعية حقيقة مؤذن بخطر عظيم، إذا صح الخبر انتهى الإشكال، ما لأحد كلام، الإنسان معبد مذلل لله -جل وعلا-، ليس له أن يناقش، الله المستعان، فيبقى الحديث: ((يقطع صلاة الرجل إذا مر بين يديه الحمار والمرأة والكلب)) محفوظ، فمرور هذه الأمور بين يدي المصلي مبطل لصلاته، والجمهور يحملون البطلان على نقص الأجر، لا على أنها لا تجزئ ولا تصح، لا، والحنابلة معروف مذهبهم أنه لا يبطل الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم، وأخرجوا الحمار بحديث ابن عباس، والمرأة بحديث عائشة، وعرفنا ما في ذلك، حديث: ((إذا صلى أحدكم)) يشمل كل مصلي، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، إذا قلنا: إن المرأة داخلة في مثل هذا يكون الذي يقطع صلاتها الرجل، باعتبار أنه هو الذي يشغل قلبها، وإذا كانت العلة منصوصة، وأنها شغل القلب، لو كانت منصوصة في حديث من الأحاديث قلنا: إن الحديث يدور معها، لو وجد شخص لا حاجة له بالنساء ألبتة، ومرور رجل أو امرأة أو طفل، لا فرق، بعض الناس تمر من عنده المرأة الفاتنة في كامل زينتها كما لو كانت محمولة على الأعناق، جنازة، بعض الناس هكذا، هل نقول: إن مثل هذا لا تبطل صلاته، لا؛ لأن العلة ليست منصوصة، إذا نصت العلة دار الحكم معها، وإذا استنبطت لا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول: إذا كانت الغرفة ضيقة -يعني بيت عائشة -رضي الله عنها- كيف النبي -عليه الصلاة والسلام- يعلم عن الكلب عندما انقطع الوحي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هو كان تحت السرير، فلم يره النبي -عليه الصلاة والسلام-

يقول: من حصل له مثل ما حصل للرسول -عليه الصلاة والسلام- في حديث ذي اليدين، فهل إذا أراد إتمام الصلاة يكبر للصلاة أو يدخل فيها بدون تكبير؟ ينظر إلى المتروك، فإن كان مما يبدأ بالتكبير ولم يمر في وقته، مثلاً الانتقال من الجلوس إلى القيام، لو افترضنا أنه جلس في الثلاثة، كبر وجلس وأراد أن يتشهد فسبحوا به، يقوم إلى الرابعة من دون تكبير لأنه انتقل إلى السجود بالتكبير، لكن في مثل حديث ذي اليدين سلم عن نقص، فهل نقول: إن تكبيره حينما قام من السجود إلى التشهد يكفي أو لا بد من التكبير للقيام إلى الركعة الثالثة؟ لا بد من التكبير؛ لأن الموضع موضع جلوس، والجلوس يحتاج إلى تكبير، انتقل من السجود إلى الجلوس بالتكبير، والقيام يحتاج إلى تبكير ثاني فيكبر. يقول: ماذا عن السترة في الحرم؟ وهل يترك المار يمر أو يدافع أو يمنع؟ على كل حال الرجل الذي يستتر، يصلي إلى ساتر يدفع، والذي يصلي إلى غير سترة لا يدفع؛ لأنه في الحديث: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز فليدفعه)) هذا مشروط بما إذا صلى إلى سترة، وأما الفرق بين الحرم وغيره مقرر عند أهل العلم أن الحرم كغيره إلا أن المشقة تجلب التيسير، بحيث إذا كثر الناس كثرت الجموع ولا يستطيع أن يرد لا يرد. يقول: ما المقدار المشروع للمار بين يدي المصلي هل هو متر أو أقل أو أكثر؟ ثلاثة أذرع عند أهل العلم، قدروها بثلاثة أذرع، متر ونصف. يقول: هل الأولى في المسجد الذي جماعته قلة أن يصلى فيه بدون مكبرات، أم يصلي فيه بمكبرات حتى لو كان المصلون قلة؟ وما وجه المنع إن كان يمنع من ذلك؟ لا شك أن المكبرات من المحدثات، وتستعمل في عبادة، ويتقرب إلى الله -جل وعلا- بوجودها؛ لأنها تبلغ هذه العبادة إلى من لم يسمعها، لكن مثل هذه الأمور يقتصر فيها على موضع الحاجة. يقول: هل رفع اليدين قبل الركوع وبعد الركوع مستحب أم واجب؟ عامة أهل العلم على أنه مستحب في المواضع كلها، وأوجبه بعضهم مع تكبيرة الإحرام، وأما ما عدا ذلك فهو مستحب، ويبقى أنه مع تكبيرة الإحرام عامة أهل العلم على أنه مستحب وليس بواجب.

يقول: ما رأيكم بكتاب إحياء علوم الدين للغزالي؟ وما هي السلبيات الموجودة فيه؟ وما هي الإيجابيات؟ هذا الكتاب أولاً: الرجل معروف بأخطائه العقدية، الرجل مخالف في العقيدة لما عليه سلف هذه الأمة في كثير من أبواب الاعتقاد، وعنده تصوف مشوب بفلسفة، وهذا شديد عند أهل العلم، فأمره شديد في كثير من القضايا، تؤخذ منه على حذر شديد. الأمر الثاني: بضاعته في الحديث مزجاة، أورد في الكتاب من الأحاديث الموضوعة والواهية الشيء الكثير، ويصرح بذلك، بضاعته مزجاة، والكتاب لا يخلو من فائدة، طالب العلم المتأهل الذي يدرك مثل هذه الأمور لا مانع من أن يقرأ مثل هذا الكتاب، وفيه فوائد، لكن الطالب المبتدئ الذي لا يدرك مثل هذه المخالفات لا يجوز له النظر في مثل هذا الكتاب، ولا في غيره مما اشتمل على مخالفات عقدية؛ لأنهم يبثون شبه، فإذا لصقت هذه الشبهة في قلب خالٍ، لا يستطيع إزالتها هذا يعرض نفسه للخطر، فلا يجوز له أن يعرض نفسه للخطر، إذا كان عنده من العلم ما يستطيع به دفع هذه الشبه لا بأس، وأهل العلم قرؤوا فيه، ونقلوا عنه، شيخ الإسلام وابن القيم ينقلون عنه، لكن مع ذلك ينبغي أن يقرأ على حذر من قبل طالب علم متأهل، وما عدا ذلك فلا. يقول: خمسة أفراد كنا في رحلة صلى بنا أحدنا صلاة العصر أربعاً، فلما فرغنا من الصلاة قال أحد المأمومين: إني لم أقرأ الفاتحة في الركعة الأخيرة بسبب عجلة الإمام، سؤالي هل يأتي بركعة أم أنها صحيحة، وهل إذا أتى بها تكون ركعة زائدة؟ أقول: الذي لا يستطيع قراءة الفاتحة كاملة مع الإمام لا شيء عليه، حكمه حكم المسبوق، لكن إذا عرف أن هذا الإمام هذه طريقته وهذه عادته وهذا ديدنه لا يمكنهم من قراءة الفاتحة يبحث عن غيره؛ لئلا يكون في حكم المسبوق باستمرار. يقول: أحياناً يمر الإنسان على مؤذن يؤذن فيسمع من أذانه لفظة أو لفظتين، ثم يمضي بسيارته فهل يردد معه هذه الألفاظ التي سمعها عملاً بعموم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول))؟

إذا كان يغلب على ظنه أنه يسمع مؤذناً بجميع جمل الأذان لا يردد مع هذا، ينتظر حتى يصل المؤذن الذي يغلب على ظنه أنه يدرك معه الأذان كاملاً؛ لأن الأصل أن الأذان جمل مترابطة، كامل، ما يؤتى ببعضه دون بعض، وإذا كان لا يغلب على ظنه فما يدركه يأتي به. يقول: أيهما أفضل للطالب المتوسط في علم أصول الفقه شرح مختصر الروضة أم شرح الكوكب المنير؟ على كل حال المفاضلة بين هذين الكتابين فيه شيء من الصعوبة، ويحتاج إلى شيء من التفصيل، مختصر التحرير كتاب نفيس إلا أنه صعب، ومعقد على طالب العلم المتوسط، ويحتاج إلى شيخ بارع ماهر يحلل ألفاظه، والشرح طيب مناسب جداً، وصيتي لطالب العلم أن يعتني بهذا الكتاب، ويكون دور طالب العلم إما قراءته على الشيخ أو اختصار هذا الكتاب، يعنى بالمتن مختصر التحرير، ويراجع عليه الشرح، ويختصر هذا الشرح، المتن صغير جداً، الشرح في أربعة مجلدات، يعني لو اختصر هذا الشرح بقدر ما يحتاج إليه، وتترك المباحث التي لا يدركها أوساط المتعلمين، ويقتصر على ما يدركه ويفهمه في مجلد واحد بحجم الربع، من أنفع ما يكون لطالب العلم، أما مختصر الروضة للطوفي فالمتن كتاب لطيف جداً، وجميل، والتقسيم تقسيم فاهم، والشرح أيضاً من أمتع كتب الأصول، شرح مختصر الروضة للطوفي نفسه، هناك شروح أخرى لمختصر الروضة، لكن من أنفسها شرح المؤلف للطوفي نفسه، ويفعل به الطالب مثل ما يفعل بشرح الكوكب، شرح المختصر، فيختصر هذا الكتاب، بدل ما هو ثلاث مجلدات كبار يمكن اختصاره، والتعليق على المتن في مجلد لطيف، واختصار الكتب وسيلة من وسائل تحصيل العلم؛ لأن بعض الإخوان ما يدرك إذا كان يقرأ، لكن إذا كان معه القلم يحاول يفهم ويختصر ويصوغ بعبارته، يفهم، إذا حاول فهم -إن شاء الله تعالى-، وإذا أشكل عليه شيء، استغلق عليه شيء يسأل عنه. يقول: فرقت بين وقت نهي مغلظ ووقت نهي مخفف، فما الدليل على هذا التفريق؟ وهل نفهم أن رأيكم أن ذوات الأسباب تؤدى في وقت النهي المخفف دون المغلظ؟

باب: جامع

هذا صرحنا فيه مراراً، حتى في أكثر من مناسبة في هذا الدرس، أما بالنسبة للتفريق بين وقت النهي المغلظ والمخفف، الموسع والمضيق، فلما عُرف من أن وقت النهي الموسع حصل فيه إقرار من صلى راتبة الصبح بعد صلاة الصبح، أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر، فالأمر فيه سعة، حتى قرر جمع من أهل العلم مثل ابن عبد البر وابن رجب وغيرهما أن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين إنما هو من باب سد الذريعة، من باب نهي الوسائل؛ لئلا يسترسل الإنسان يصلي حتى يصل إلى الوقت المضيق، وأما الأوقات المضيقة فأمرها أشد، وجاء فيها حديث عقبة: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" فالصلاة في الوقت الموسع لا بأس بها -إن شاء الله تعالى-، ولو امتنع الإنسان عن الصلاة في الأوقات كلها، ولو كان ذات سبب لكان له وجه، وهو قول جمهور العلماء، وإذا فعل ذوات الأسباب فقد اقتدى بأئمة وعلماء تبرأ الذمة بتقليدهم، وأما من حيث الدليل فقد بسطناه سابقاً، وأول حديث في درس اليوم هو في ذوات الأسباب، يعني في ركعتي تحية المسجد. سم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: جامع عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: جامع

جرت عادة أهل العلم أن يذكروا مثل هذا الباب في أواخر الكتب، إذا انتهى من الأبواب التي يريدها قال: باب جامع، يضع فيه أحاديث لا تندرج تحت الأبواب السابقة ولا الكتب السابقة، أما هنا وضع أحاديث من كتاب الصلاة فلو ترجم لكل حديث أو حديثين كما مضى بترجمة تخصه، وأيضاً هو جعل هذه الأحاديث بين أجزاء الصلاة، بين صفتها وبين التشهد، والتشهد من صفتها، فلا أعرف وجهاً لهذا الباب في هذا الموضع، مع أن الأحاديث كلها الموجودة كلها تندرج تحت كتاب الصلاة، وقد جرت عادتهم في جعل الباب الجامع في أواخر الكتب، بحيث يجمعون أحاديث لا تندرج تحت أبواب سبقت، أما ما يمكن إدراجه في الأبواب السابقة يدرج، وعلى كل حال الكتاب بهذا الترتيب وبهذا الانتقاء، وبهذا التحرير، محل عناية وحفاوة من أهل العلم فمنذ أن ألف الكتاب إلى يومنا هذا، وتراجم أهل العلم يندر أن تجد فيهم من لا ينص في ترجمته على أنه حفظ كذا وكذا، وكتاب العمدة للحافظ عبد الغني؛ لأنه كتاب منتقى من الصحيحين، فهو من أفضل كتب الأحكام، نعم فيه إعواز كبير؛ لأن هناك أحاديث من أحاديث الأحكام لا توجد في الصحيحين، موجودة في السنن والمسانيد وغيرها، امتازوا بها الكتب الأخرى، كالمنتقى والمحرر والبلوغ وغيرها.

يقول الحديث الأول: "عن أبي قتادة حارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) " (إذا دخل أحدكم) أحد مفرد مضاف فيعم الجميع، أي داخل للمسجد لا بد أن يصلي ركعتين، لكن هل يشمل خطيب الجمعة مثلاً؟ دخل خطيب الجمعة يصعد إلى المنبر وإلا يصلي ركعتين عملاً بهذا الحديث؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل المسجد رقي المنبر، وهذا مخصص لهذا الحديث، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى العيد ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما، فمن دخل لصلاة العيد يصلي وإلا ما يصلي؟ هل نقول: إنه يشمله عموم هذا الحديث أو نقول: لا يصلي لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يصل؟ وهل ترك الركعتين قبل العيد وبعدها من قبله -عليه الصلاة والسلام- من أجل تخصيص صلاة العيد بهذا؛ ليشمل عموم الأمة أو لأنه انشغل بالصلاة؟ انشغل بالصلاة، والمقصود شغل البقعة، وعلى هذا إذا صليت العيد في مسجد، ودخل المأموم قبل الإمام يصلي ركعتين وإلا ما يصلي؟ يصلي، يشمله عموم هذا الحديث، يصدق عليه أنه دخل المسجد، فيصلي ركعتين، كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يصل قبلهما ولا بعدهما في مكانها، النبي -عليه الصلاة والسلام- انشغل بالصلاة؛ لأن الصلاة تقدم، كما لو دخل المأموم وقد أقيمت الفريضة، ينشغل بها عن تحية المسجد، وعن الراتبة القبلية، والمقصود من وجود الركعتين شغل البقعة، ولذا تتأدى هاتان الركعتان بأي صلاة، لكن لا بد أن تكون ركعتين فأكثر ((حتى يصلي ركعتين)) إذا قال: أنا أدخل المسجد بعد صلاة العشاء، وبدلاً من أن أجلس وأخالف النهي أصلي ركعة واحدة أنويها وتر وتكفي، نقول: لا بد من ركعتين، لكن لو قال: أوتر بثلاث، أوتر بخمس، أوتر بتسع، نقول: لك ذلك؛ لأنه صدق عليك أنك أتيت بركعتين، والمسألة خلافية بين أهل العلم، لكن لا تتأدى ولا يتم الامتثال في هذا الحديث إلا بركعتين فأكثر ((إذا دخل أحدكم المسجد)) هل يشمل كل ما يمكن أن يطلق عليه مسجد؟ مصلى العيد مثلاً، مصلى الجنائز، كان الجنائز لها مصلى خاص خارج البلد يسمى جبانة، يصلون هناك، تكون قريب من المقبرة، وأحياناً في جزء المقبرة، وأما

مصلى العيد الذي أمر الحيض باعتزاله فله أحكام، أي نعم هو دون المسجد في الأحكام، وفوق مصلى الجنائز، ولذا يقرر أهل العلم أن مصلى العيد مسجد، ومصلى الجنائز ليس بمسجد، طيب المسجد الذي معروف حدوده ومعالمه لا شك أن له جميع أحكام المسجد، لكن المصليات في الأماكن العامة، وفي الدوائر الحكومية، يصلى فيه وقت واحد، الظهر مثلاً هل يأخذ أحكام المسجد؟ لا يأخذ أحكام المسجد، بدليل لو أنه بيع هذا المكان بيع معه، لم يوقف على أساس أنه مسجد، وليست فيه معالم المسجد، ولا تتأدى به الجماعة المطلوبة حيث ينادى بها، ولذا من يسمع النداء يلزمه الإجابة، ولا يكفي أن يصلي في مصلى الدائرة أو في غيرها، اللهم إلا إذا ترتب على خروجه من هذا المكان ضياع للعمل، أو تضييع للطلاب، أو ما أشبه ذلك، هذه المسألة رخص فيها أهل العلم من أجل حفظ العمل، وحفظ الطلاب من الضياع والتسيب.

((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس)) لو قال: أريد أن أدخل المسجد وأستمر واقفاً، أو قال: لن أجلس أبى أضطجع، أنا جاي أبا أنام خلاص، هو قال: ((لا يجلس)) ما أنا بجالس، انسدح على طول، يتم أو ما يتم؟ تلزمه الصلاة؟ ولو قال: أبا أقف؟ نعم؟ المكث، لو وقف ساعة؟ يقول: أنا ما جلست، أنا ما خالفت، ولو كان بيده عمل يسير يقتضي الجلوس، وهذا العمل يفوت، يعني مثل الذي يركبون الآلات هذه للدروس، وفيها مصلحة تخدم الدرس، يقول: أنا أركب الذي بيدي وأصلي ركعتين، يعني جلوس غير مقصود، وقل مثل هذا لو خرج من باب ودخل مع باب، هو يريد الدخول في المسجد، دخل مع هذا الباب وصلى ركعتين، قال: لا أبا أجلس بتلك الزاوية، لكن ما أنا مؤذي اللي أمر عليهم، أطلع وأدخل، نقول: هذا خرج ليدخل يلزمه ركعتين أو ما يلزمه؟ وقل مثل هذا من صلى في المسجد الحرام مثلاً، صلى الفرض مثلاً في الدور الأرضي، ووجده ضنك وضيق وحر ومدري إيش؟ قال: أطلع السطح، فطلع مع الباب، ورقى السلم الكهربائي، وصلى في السطح، قبل ما. . . . . . . . . نقول: تصلي ركعتين وإلا ما تصلي؟ لأن منهم من يفرق بين من خرج لذات الخروج، ودخل لذات الدخول، ومن خرج ليدخل، ومنهم من يفرق بينما إذا كان الفاصل قصير، يعني يتردد على المسجد، هو جالس في المسجد، فأراد أن يخرج إلى البرادة برع يشرب ويرجع، يلزم وإلا ما يلزم؟ خرج ليتوضأ ويرجع، والدورة قريبة جداً، هم يقولون: إذا كان الفاصل قصير، وهذا مقيس على من يتكرر دخوله على مكة، كالحطاب والجمال وغيرهم، يتكرر دخولهم، يومياً يدخلون على اليموزينات وعلى .. ، يلزمه إحرام وإلا ما يلزمه؟ عند من يقول: إن الإحرام يلزم كل داخل، وهو المذهب عند الحنابلة، وجمع من أهل العلم، أما من يقول: إنه لا يلزم الإحرام إلا من أراد الحج والعمرة، كما هو منصوص ومنطوق الخبر، ممن أراد الحج والعمرة، هذا ما فيه إشكال، لكن الذي يقول: بأنه يلزم كل داخل يقولون: هذا الذي تكرر دخوله ما يلزمه يحرم كل ما دخل، فالذي تكرر دخوله إلى المسجد مع فاصل يسير هذا عندهم لا يلزمه تحية؛ لأن هذا يشق والمشقة تجلب التيسير، فمن دخل ليخرج يتسامحون في أمره، من خرج قريباً ليعود ليشرب أو شبهه،

أو بيكلم شخص عند الباب يدخل هو حي المسجد والحمد لله، فمثل هذا يتسامح في حقه، وإلا من دخل جاء التوجيه النبوي ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وعامة أهل العلم على أن النهي للكراهة، والأمر بالركعتين للاستحباب، هذا عامة أهل العلم عليه، ولم يقل بوجوبه إلا نزر يسير من أهل العلم، وهو مقتضى اللفظ الوجوب، لكن الصوارف، ذكروا صوارف كثيرة، فمثلاً حديث الثلاثة لما مروا بالمسجد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- جالس في المسجد، ثلاثة، واحد جلس، وجد فرجة فجلس، وآخر جلس في آخر الحلقة، والثالث انصرف، ثم قال: ((ألا أخبركم بخبر الثلاثة؟ أما الأول فآواه الله، والثاني فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه)) وما حفظ أنهما صليا تحية المسجد، هذا من الصوراف، ويذكرون مثل هذه القضايا الكثير، يعني قضايا متعددة في مثل هذا، فللموجب أن يقول: إن ما تقرر في الشرع، وجاء الأمر به على وجه التخصيص لا يلزم نقله في كل حادثة؛ لأنه نقله من تقوم الحجة بنقله، فلا يلزم أن ينقله كل أحد، خلاص، يصير هذا معروف، ما يحتاج نقل ثاني، احتمال أنهما صليا تحية المسجد، لو ما صليا لاتجه إليهما ما أتجه إلى غيرهما، صليت ركعتين؟ يعني لو لم يكن صليا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، جلس، قال: ((صليت ركعتين؟ )) قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) ولا يلزم أن ينقل، ومنهم من يقول -وهذا مذهب عامة أهل العلم- على أنها للاستحباب، وذكروا من الصوارف ما ذكروا، ومنها: ((خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة)) وليس منها تحية المسجد، على كل حال الأمر المعتبر والمفتى به عند أهل العلم أن الأمر للاستحباب وليس للوجوب.

((فلا يجلس)) الأمر بالشيء يقول أهل العلم: نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده، فإذا نهي عن الجلوس هل هو أمر بالقيام؟ هو نهي عن الجلوس مغيا بغاية، وهي صلاة ركعتين، فإذا لم يحصل منه الجلوس لا تلزمه هذه الغاية؛ لأنه مربوط بغاية، فلا تلزمه هذه الغاية، ومعلوم عند أهل العلم أن الأمر بالشيء إذا كان ضده واحد صار النص أمر بالشيء بمنطوقه، ونهي عن ضده بمفهومه، لكن إذا كان له أضداد، أكثر من ضد، فهل هو نهي عن جميع الأضداد أو عن واحد منها، أو لا يتناول الأضداد كلها؟ فعندنا فلا يجلس، هل معنى هذا فليقف؟ يعني الجلوس ضده القيام، وعند الظاهرية أيضاً من أضداده الاضطجاع، فإذا اضطجع عند الظاهرية ما عليه شيء، خلاص لأنه ما جلس، إلا عند من يقول: إنه لا يمكن أن يضطجع حتى يمر بالجلوس، ما يتصور اضطجاع من غير جلوس، يتصور وإلا ما يتصور؟ يعني على طول بيطيح، ما يمكن، فإذا اضطجع صدق عليه أنه جلس؛ لأنه لا ينفك الاضطجاع من الجلوس، فالاضطجاع لا يحل الإشكال كما يقول أهل الظاهر، نعم إن وقف فلا يتجه إليه النهي، لكن من الذي يقف مدة طويلة وبإمكانه أن يصلي هاتين الركعتين في دقيقتين؟ خشية أن يصلي؟ هذا محروم، فيصلي ركعتين ثم يجلس، لكن إذا قال: أنا لن أجلس، أقف، لا سيما إذا كان المانع شرعي، إيش المانع الشرعي؟ النهي مانع شرعي، فمثل هذا له وجه إذا كان المانع مرغب فيه، له وجه، إذا قال: والله أنا الآن درس، إن صليت فلن أعقل من صلاتي شيء، ولن أستفيد من الدرس، يعني لن أستفيد من الدرس، ولن أعقل من صلاتي شيء، فأنا با أقف إلى أن ينتهي الدرس، هذا مبرر أنه يقف، لكن شخص ما عنده .. ، يبي ينتظر شخص، قال: ميعادك المسجد، وطال قيامه، قال: أنا بأجيك الساعة ثمان، ودخل المسجد سبع ونصف، قال: نصف ساعة أقف، إيش يصلي ركعتين؟ الله المستعان، نقف بدل أن نصلي، نقول: لا يا أخي أنت محروم، صل ركعتين وأجلس.

هنا مسألة لو دخل إلى المسجد وهو بغير طهارة، يستحسن بعضهم أن ينشغل بالتسبيح والذكر ويجلس، لكن هل من لازم الأمر بهاتين الصلاتين الأمر بالوضوء؛ لأنه ما لا يتم إلا به؟ أو نقول: إن عدم الوضوء مبرر للجلوس؟ مسألة الاضطجاع التي يقولها الظاهرية ترى يحتاجها كثيراً الذي يحتاج إلى أن ينام في المسجد، يعني معتكف، وكل ما انتبه يبي ينتبه يروح إلى الدورة يتوضأ ويجئ يصلي ركعتين، معناه ما ينام، يطير عنه النوم، فيقول: أنا ما أنا بجالس، أضطجع على مذهب الظاهرية، نقول: هذا حكمه حكم من يكثر التردد، إذا صلى أول مرة فالخروج اليسير هذا مبرر سهل، عند كثير من أهل العلم يرخص له في أن لا يصلي، أقول: الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به، فهل الأمر بهاتين الركعتين أمر بالوضوء لهما؟ نقول: نعم أمر بالوضوء لهما، لكن ما دام الركعتان مستحبتين، فالأمر بالوضوء لهما مستحب؛ لأنه لا يتأدى هذا المستحب إلا بهما، ومسألة الإتيان بهاتين الركعتين في أوقات النهي بحثت أكثر من مرة، يعني بسطت أكثر من مرة، فلا نحتاج إلى إعادتها، نعم. عفا الله عنك. وعن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام. هذا يقول: الوقت الذي قبل صلاة العيد أليس وقت نهي؟ ليس وقت نهي، نعم من دخل في وقت النهي، لكن المسألة مفترضة فيمن دخل بعد خروج وقت النهي؛ لأن وقت النهي الذي قبل صلاة العيد هذا وقت مغلظ معروف، لكن تأخير الفطر مثلاً، لو أخرت بعد خروج وقت النهي بنصف ساعة مثلاً، ودخل قبل الصلاة بعد ارتفاع الشمس، إن كان صلاة العيد في المسجد يصلي ركعتين، وإن كانت في غير المسجد فالأمر فيه سعة، أما بالنسبة لما بعد صلاة العيد فثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصلي ركعتين في بيته، ولعلهما ركعتا الضحى، وإلا فصلاة العيد ليس لها راتبة.

في الحديث الثاني يقول: "عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه في الصلاة" إذا عطس شمته، إذا سلم رد عليه، إذا احتاج إلى شيء كلمه "حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] " القنوت له معاني كثيرة، منها: داوم الطاعة، ومنها: الطاعة، ومنها: طول القيام، ومنها: الصلاة، ومنها: السكوت، وما الذي يرجح السكوت معنا؟ السياق، يكلم مقابله السكوت "يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه، حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام" أمرنا بالسكوت يعني أمرنا بهذه الآية أو بنصوص أخرى؟ ((أن هذه الصلاة لا يصلح فيها ... كلام الناس)) لكن هل هذه الآية، يعني هل قول الصحابي: فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام بهذه الآية، وإلا بأدلة أخرى؟ نعم؟ وهذه الآية تدل على النهي {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] يعني ساكتين، فأمرنا بالسكوت "قوموا قانتين" يعني حال كونكم قانتين ساكتين، معناه: اسكتوا، هنا هنا السياق، يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه، فنزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] الغاية "قوموا لله قانتين". طالب:. . . . . . . . . لا سياق الخبر، سياق الخبر يدل على أنه في السكوت؛ لأنها غاية للكلام؛ لأن الصحابي ساقه على أنه غاية للكلام، وسبب نزولها إيش؟ كلامهم، فجاء النهي عن الكلام والأمر بالسكوت لأنهم كانوا يتكلمون، والغاية هنا {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] هو مشترك لمعاني كثيرة، لكن السياق ما الذي يرجح أحد معاني المشترك؟ السياق، وهنا السياق يدل على أن قانتين ساكتين، الآن الخبر مرفوع وإلا موقوف؟ نعم؟ له حكم الرفع من أي وجه؟ الطالب:. . . . . . . . .

دعنا من آخره، لو ما فيه "كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] " نعم؟ الحاكم يرى أن تفسير الصحابي له حكم الرفع؛ لأن الصحابي الذي عاصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرف ما جاء في التفسير من قبل الرأي لن يقدم على تفسير القرآن إلا وعنده أصل حجة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن عامة أهل العلم حملوا ذلك على ما يتعلق بأسباب النزول، له حكم الرفع، وما عدا ذلك يحتمل أنه قاله باجتهاده، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-: وعُدّ ما فسره الصحابي ... رفعاً فمحمول على الأسبابِ

يعني على أسباب النزول، وهنا أمروا بالسكوت، ونهوا عن الكلام بهذه الآية وبغيرها من النصوص، وأمرنا ونهينا معروف أن له حكم الرفع عند أهل العلم، والكلام من عالم بتحريمه، متعمد له، ذاكر لصلاته، لغير مصلحة الصلاة، قالوا: أو إنقاذ مسلم، مبطل لها، لمصلحة الصلاة مثل ما جاء في حديث: ذي اليدين، تكلموا، لكنه لمصلحة الصلاة فلم تبطل، لإنقاذ مسلم من هلكة، أعمى يقع في حفرة فينبه، قالوا: لإنقاذ مسلم من هلكة، هذا الكلام مفسدة مغمورة بالنسبة لإنقاذ المسلم، ومع ذلك الكلام مبطل للصلاة؛ لأن هذه الصلاة لا يصلح معها شيء من كلام الناس، فمن مبطلات الصلاة الأكل والشرب والكلام والضحك وغيرها، كلها مبطلات الصلاة، الكلام المبطل، أما الإشارة المفهمة التي تؤدي ما يؤديه الكلام من فهم هذه لا تبطل الصلاة، وسبقت الإشارة إليها، عندنا الإشارة غير المفهمة، الإشارة ولو كانت مفهمة هذه لا تبطل الصلاة، غير الإشارة مما لا يسمى كلام، هو لا يسمى كلام، لكن من لازمه خروج بعض الحروف، تنحنح، انتحب، بكى، حصل له أنين في الصلاة، كل هذه قد يخرج منها الحرف والحرفان، ولذا عند الحنابلة والشافعية من فعل شيئاً من هذا فبان منه حرفان بطلت، تبطل عنده ببيان حرفين، ومن عداهم يقول: لا، ما دام ما تكلم، ولا يصدق عليه أنه كلام لا لغوي ولا شرعي ولا عرفي لا يبطل الصلاة، النبي -عليه الصلاة والسلام- يسلم عليه فيرد بالإشارة، يرد السلام بالإشارة، والإشارة مفهمة، وفي حديث أسماء في صلاة الكسوف "أشارت إلى السماء أن آية؟ " فأشارت برأسها: "أن نعم". الكلام لمصلحة الصلاة أو لإنقاذ مسلم قلنا: إنه يجوز، لكن هل يبطل الصلاة؟ وهل يلزمه الإعادة؟ لا يبطل الصلاة، ولا تلزمه الإعادة. هل يوجد وقت نهي يوم الجمعة قبل الظهر؟ حفظ عن الصحابة أنهم يتطوعون ويصلون حتى يخرج الإمام، وجاء في الباب حديث: ((إن الجمعة لا تسجر فيها جهنم)) مثل هذا اليوم، فيوم الجمعة استثناه أهل العلم من وقت النهي، وسلف هذه الأمة لا يزالون يصلون حتى يخرج الإمام، نعم. عفا الله عنك.

وعن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا أشتد الحر فابردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)). هذا الحديث المروي عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- يعني الثلاثة، عمر وابن عمر وأبو هريرة "عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهم- أنهما" أنهما يعود إلى الراويين، لابن عمر وأبي هريرة "عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا أشتد الحر فابردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) " وسبق أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الظهر بالهاجرة، وسبق الحديث فيه، وأن الهاجرة هي وقت شدة الحر، يعني أول الوقت، ثم صارت تطلق على المبادرة بصلاة الظهر في أي فصل من فصول السنة، وسبق الكلام فيه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا اشتد الحر فابردوا عن الصلاة)) وهذا من شفقته ورحمته بأمته -عليه الصلاة والسلام-؛ لئلا يشق عليهم، فيخرجهم من بيوتهم في هذا الوقت الشديد الحر. ((فابردوا عن الصلاة)) ... هذا يقول: لقد سألتك أكثر من مرة فلم تجب –الآن لا بد أن نجيب- إذا أتيت إلى زواج وفيه تصوير فيديو فما العمل؟ على كل حال إذا كنت ممن يرى تحريم التصوير بالفيديو فلا يجوز لك البقاء، تنكر إن امتثلوا بها ونعمت، وإلا فلا يجوز لك البقاء، وإن كنت ممن يقلد من يرى جواز ذلك، وأنت لست من أهل النظر، فأفتى به من تبرأ الذمة بتقليده، لكن على الإنسان أن يعمل بما يعتقد ويدين الله به، لا يساوم في دينه، لا يجامل في دينه، إذا كان يرى هذا أمر محرم لا يصوغ له البقاء، والله المستعان.

((إذا أشتد الحر فابردوا عن الصلاة)) الزوال اثنا عشر، ويخرج الوقت بعد ثلاث ساعات ونصف مثلاً، وكله وقت أداء للصلاة، إيش معنى نبرد؟ يعني في شدة الحر، العصر شدة الحر، فابردوا هل معناه أننا نصلي الظهر في آخر النهار إذا برد الجو أو في وقتها؟ لكن هل ينحل الإشكال في وقتها؟ يعني بعد ساعتين من الزوال، ثلاث ساعات من الزوال يبرد الوقت وإلا يستمر حار؟ يستمر حار، لكن المقصود أن يكون للجدران ظل، يستظل به الناس للخروج إلى الصلاة، ومنهم من يقول: تؤخر الصلاة -صلاة الظهر- إلى آخر وقتها ليكون الظل مستوعب للناس وقت دخولهم وخروجهم، وأيضاً للتيسير على الناس ليخرجوا إلى الصلاتين مرة واحدة، فيكون كالجمع الصوري، منهم من يرى هذا من أهل العلم، ويقول: لو تأخرنا ساعتين ما أنحل الإشكال، سنطلع بين الشمس طالعين طالعين أول الوقت أفضل، الملاحظ أنه في شدة الحر ما ينحل الإشكال إذا أخرنا ساعة أو ساعتين، لكن وجه التأخير ليكون للحيطان ظل يستظل به الناس، وإلا بعد الزوال مباشرة يصعب أن يوجد ظل يستظل به جميع الناس الذين يريدون أن يخرجوا إلى الصلاة، ويخرجون منها، وعلى كل حال هذا من رأفته -عليه الصلاة والسلام- بأمته، وهذا من تيسير الله -جل وعلا-، لكن هل التأخير رخصة وإلا هو السنة؟ لأنه جاء ما يدل على أن أفضل الوقت أوله، أول الوقت هو أفضله، فهل نقول: إن هذه رخصة أو نقول: سنة؟ وإذا قلنا: رخصة فمن لا يحتاج إلى هذه الرخصة يفعلها يؤخر وإلا يقدم يرجع إلى الأصل؟ وإذا قلنا: سنة يفعلها ولو لم يحتج إليها، طيب مجموعة من الناس طالعين في نزهة، وفي استراحة، ولا عندهم إشكال، ولا يسمعون النداء، ويصلون في استراحتهم، والمكيفات شغالة، والمكان يستوعب، ودورات المياه في جانب .. ، ما عندهم مشكلة، هؤلاء يقدمون وإلا يؤخرون؟ إذا قلنا: رخصة يرجعون إلى الأصل يقدمون؛ لأنهم ما عندهم مشكلة، العلة للتأخير ليست موجودة، وإذا قلنا: هذه هي السنة يؤخرون ولو لم يتأذوا بالحر، وقل مثل هذا في الجمع لسبب في الحضر، إذا قلنا: إنه رخصة لا يسوغ لمن لا تنطبق عليه العلة، وإذا قلنا: هو السنة قلنا: يجمع مع الناس ولو ساكن في غرفة في المسجد.

((فابردوا عن الصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) لأن جهنم اشتكت إلى الله -جل وعلا-، وأن بعضها أكل بعضاً، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد ما يوجد من البرد من ذلك النفس، فيستعيذ المسلم من حرها وبردها، وأشد ما يوجد من الحر فهو من النفس الثاني ((فإن شدة الحر من فيح جهنم)) كونها اشتكت هل هو بلسان الحال أو بلسان المقال؟ لا يمنع أن يكون بلسان المقال، وأن تشتكي بالصوت والحال، وش المانع؟ {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [(11) سورة فصلت] إيش المانع؟ تتكلم، القدرة الإلهية صالحة لهذا، منهم من يقول: أبداً اشتكت بلسان المقال، والله -جل وعلا- رأى ذلك منها فنفس لها، لكن الأصل الحقيقة، والشكوى الأصل فيها أن تكون باللسان، نعم. عفا الله عنك. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)) وتلا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طه] ولمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)). هذا يقول: هل التبسم مبطل للصلاة؟ الأكثر على أنه لا يبطل الصلاة؛ لأنه ليس ضحك، لكنه منافٍ لمتقضى الخشوع، الخشوع ينافيه التبسم، وعند ابن حزم التبسم مبطل للصلاة؛ لأنه ضحك، بدليل قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} [(19) سورة النمل] فدل على أن التبسم من الضحك، والجمهور على أنه لا يبطل الصلاة. من خرج من المسجد وذهب إلى مسجد آخر فهل تلزمه السنة؟ نعم تلزمه تحية المسجد للمسجد الثاني. "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)) وتلا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طه] ولمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)) ".

من نسي صلاة، نعم الإنسان معرض للنسيان، لكن على المسلم أن يكون من الاهتمام بحيث لو ينسى الأكل والشرب والنوم والعمل والوظيفة والأهل والمال ما ينسى رأس المال الذي هو الدين، لكن إذا حصل هذا غفل، والإنسان يأتيه ما يشغله، وينسيه ويلهيه ويذهله، أحياناً بعض المواقف تجعل الإنسان يذهل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- شغله الكفار يوم الخندق عن صلاة العصر، على كل حال من نسي، والناسي {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] قال: قد فعلت.

((من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها)) لو وجد شخص كل يوم ينسى فرض ويستدل بالآية، وما سمي الإنسان إلا لنسيانه، هذا يدل على عدم اهتمام، يدل على عدم اكتراث، نعم قد ينسى في السنة، قد ينسى في العمر، أما إذا دل الأمر على عدم الاكتراث فإنه يؤاخذ بهذا، وإلا فالأصل أن النسيان معفو عنه، من نسي صلاة فليصليها إذا ذكرها، هذا وقتها، مجرد ما يذكرها في أي وقت من ليل أو نهار فليصلها، تعقيب بالفاء، يعني مباشرة فوراً ((فليصلها إذا ذكرها)) إذا تذكرها صلى ((لا كفارة لها إلا ذلك)) يعني لا يلزمك أن تتصدق، لا يلزمك أن تعتق، لا يلزمك أن تصوم، فهذه كفارتها تصليها إذا ذكرتها، هل يلزمك أن تتوب؟ تستغفر؟ نعم ليس على سبيل الوجوب، لكن من تمام العمل أن تنسب التقصير إلى نفسك، مهما بذلت من الأسباب فالتقصير حاصل، لكن هل يتصور أن الإنسان ينسى الدوام؟ هل يتصور أن الإنسان ينسى الدراسة؟ ما معنى كونه ينسى الصلاة ولا ينسى دوامه ولا دراسته، ولا أكله ولا شربه؟ لا بد من التقصير، مع أن الإنسان مجبول على النسيان، لكن يبقى أنه عدم الاهتمام جعله ينساها، وحينئذٍ يعترف بتقصيره، ويندم، وهذا رفعة لدرجاته، لا لأنه يأثم إذا نسي لا هذه مسألة أخرى، يعني قد يقول الفقهاء -فقهاء الظاهر-: أنت ما يلزمك إلا تصليها، لكن أرباب القلوب يقولون: عليك تبعات أخرى، تندم وتنكسر بين يدي الله، ولعل الله -جل وعلا- أن يتجاوز عنا وعنك، وهذا ينبغي أن يكون ديدن المسلم وحاله، أن ينسب نفسه إلى التقصير باستمرار ولو أدى العبادة، ولذلك شرع في نهاية كل عبادة ذكر من الأذكار، بعد الصيام التكبير، بعد الصلاة الاستغفار، بعد .. ، نعم {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ} [(185) سورة البقرة] وبعض الناس يفعل ويفتي غيره، إذا قيل له: إن فلان حصل له مانع من صلوات أسبوع مثلاً، عليه صلوات أسبوع، يفتي لنفسه أن يصلي كل فرض مع فرض، صلى الفجر اليوم يصلي الفجر من اليوم الأول، صلى الظهر اليوم يصلي الظهر من اليوم الأول، أو يسرد صلوات الفجر كلها؟ حق أسبوع، إذا صلى الظهر صلى صلوات الظهر كلها، ثم إذا صلى العصر صلى صلوات العصر كلها وهكذا، فيفعل في نفسه، وقد يفتي غيره،

وسمعنا من يقول بهذا من العوام، لكن قضاء الفوائت فوراً، عليك صلوات أسبوع اسردها الآن، والمشقة تجلب التيسير، إذا كانت تعوقك عن تحصيل الحاضرة، وعند أهل العلم الترتيب واجب، ولا يسقط إلا بنسيانه، أو بخشية فوات وقت اختيار الحاضرة، فإذا نسي وصلى العصر قبل الظهر ما عليه، لكن مع الذكر لا يجوز أن يصلي الظهر قبل العصر، ومن سرد الفجر سبعة أيام قبل الظهر هذا مرتب؟ ما رتب هذا، يصلي اليوم الأول الفجر ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء، في وقت ولو كان وقت نهي؛ لأن هذه فرائض لا تدخل في النهي، ثم يأتي اليوم الثاني كذلك واليوم الثالث كذلك ... إلى آخره إلى أن تنتهي، للمبادرة في إبراء الذمة. ((فليصلها إذا ذكرها)) يعني بمجرد ذكره إياها يصليها ((لا كفارة لها إلا ذلك)) ما في بديل عن كونه يصليها، لا بديل عن صلاته إياها، ولا ينوب عنه أحد فيها، ما يقول: والله أنا مشغول، وورائي صلوات، قم يا فلان صل عني، ما في أحد يصوم عن أحد ... "وتلا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طه] " لا شك أن الصلاة إنما شرعت، والمساجد إنما بنيت لإقامة ذكر الله، فهي مشتملة على الذكر، وقد يكون المراد من الآية وما يدل عليه السياق أقم الصلاة لذكرك إياي، وذهاب النسيان عنك، يعني لتذكرك هذه العبادة المشتملة على ذكري.

"ولمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)) " وقل مثل هذا فيمن صلى صلوات مع الإخلال بها، وأمر بقضائها، صلى صلوات غير مجزئة، فأمر بإعادتها، يكون حكمه حكم من نام عنها، أو نسيها، يقضيها فوراً ((فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)) ومثل ما تقدم، لا كفارة لها إلا ذلك، لا يلزمه غير هذا، وهل نقول: إن من نام عن الصلاة فانتبه هو الوقت، ويكون فعله إياها أداء، باعتبار أن وقتها بدأ الآن من استيقاظه، أو نقول: هو قضاء؟ ومثله من نسي ثم ذكر، وقته من ذكره إياها أو وقتها الحقيقي، ومع ذلك ثم يقضيها بعد ذلك، مقتضى تعريفهم للقضاء والأداء أنها قضاء، لكن لا إثم في ذلك؛ لأنه معذور شرعاً، هذا من نسي، ومن نام المعذور في الجملة، لكن غير المعذور، ذاكر ومنتبه وجالس يسولف مع زملائه ومع زوجته وأولاده إلى أن خرج الوقت، هذا في المعذور فليصلها إذا ذكرها، غير المعذور يصليها إذا خرج وقتها، يعني متعمد لإخراجها عن وقتها.

يقول: عند مسلم: وإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها، فهذا فيه إشكال، أي أنها تصلى مرتين، لا، يصلي عند وقتها، يعني صلاة اليوم الثاني يصليها في وقتها، فلا يؤخرها كما مضى، أقول: المتعمد للتأخير هل يصليها إذا أراد أن يصليها بعد خروج وقتها؟ وعرفنا بالنسبة للنائم والناسي معذور ويصليها إذا ذكرها، النائم يصليها إذا استيقظ، فهل المتعمد حكمه حكم الناسي؟ المنصوص عليه الناسي والنائم، عامة أهل العلم، ونقل عليه الإجماع أنه يأثم بتأخيرها عن وقتها، وعليه قضاؤها، نقل على هذا الإجماع، أنه يجب عليه أن يقضيها، فإذا طولب المعذور فلئن يطالب غير المعذور من باب أولى، هذا نقل عليه الإجماع، ويرى جمع من أهل التحقيق، بل نقل عليه ابن حزم الإجماع على أنه لا يقضيها، إذا فرط فيها عالماً متعمداً مصراً حتى خرج وقتها، وأن فعلها بعد خروج الوقت كفعلها قبل دخوله، وهذه من غرائب المسائل التي ينقل فيها الإجماع على القولين المتناقضين، يعني ينقل الإجماع على أنه يلزمه القضاء، فإذا أمر المعذور بالقضاء فلئن يأمر غير المعذور من باب أولى، فلا أن لا يعذر، بل يلزمه القضاء، يؤمر بالقضاء من باب أولى، وهذا قول الجماهير، بل نقل عليه الإجماع. أما القول الآخر ونقل عليه ابن حزم الإجماع، ويرجحه شيخ الإسلام، وأفتى به بعض المحققين، أنه لا يقضيها، خلاص خرج وقتها، انتهى وقت فعلها، الوقت المحدد لها انتهى، يعني كما لو صلاها قبل الوقت، كذلك إذا صلاها بعد الوقت مع العمد، وقول الجمهور واضح يعني ومأخذهم واضح، إذا أمر المعذور بالقضاء فلئن يأمر غير المعذور من باب أولى، ومما يستدل به شيخ الإسلام وغيره أن هذه صلاة ليست على أمره، وليست على هديه -عليه الصلاة والسلام-، فهي مردودة مردودة، فلا يكلف نفسه، وجاء في الحديث الصحيح ((من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر ولو صامه)) لكن جماهير أهل العلم يلزمه القضاء، قضاء هذا اليوم، وأما بالنسبة للإثم آثم، من نام عن صلاة فانتبه قبل خروج وقتها بخمس دقائق، بحيث يمكنه أداؤها، لكن انتبه محتلماً، يلزمه الغسل، إن اغتسل خرج الوقت، وإن تيمم أدرك الوقت ...

كتاب الصلاة (10)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (10) الشيخ: عبد الكريم الخضير لكن انتبه محتلماً، يلزمه الغسل، إن اغتسل خرج الوقت، وإن تيمم أدرك الوقت، وكل من الطهارة والوقت شرط لصحة الصلاة، فهل يقدم هذا أو يقدم هذا؟ يعني تقدم الطهارة وإلا يقدم إدراك الوقت؟ كل منهما شرط لصحة الصلاة؟ طالب:. . . . . . . . . الوقت، غيره؟ طالب:. . . . . . . . . الطهارة نعم، الجمهور على أن المقدم الطهارة، ولذا تجدون في تصانيفهم عامة أهل العلم على أن الكتب إنما تبدأ بكتاب الطهارة لأهمية الطهارة، و ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) و ((لا تقبل صلاة بغير طهور)) ورأي الإمام مالك أن الوقت أهم من الطهارة، ولذا بدأ في موطئه بكتاب وقوت الصلاة، وشيخ الإسلام له استرواح وميل إلى مذهب مالك، وعلى كل حال هو معذور، إذا انتبه قبل طلوع الشمس بما لا يكفي إلا الاغتسال أو الصلاة يغتسل ثم يصلي، وفي هذا معذور، كما لو خرج وقتها، نعم. عفا الله عنك. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- كان يصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.

حديث معاذ تقدم بعضه، وفيه الأمر بالتخفيف، وفيه غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتغليظ القول على معاذ؛ لأنه طول في الصلاة، معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يصلي العشاء مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ليدرك فضل هذه الصلاة خلفه -عليه الصلاة والسلام-، والصلاة تفضل بزيادة فضل الإمام، وبعلم الإمام، وورع الإمام، تفضل بهذا، فليتحرى الإنسان من يصلي وراءه، يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- لإدراك هذه الفضيلة الصلاة خلفه، وأيضاً لو جد جديد، وإلا نزل وحي، أو جاء خبر جديد يتابعون -رضي الله تعالى عنهم-، ويتناوبون، واحد يدخل أول النهار، وواحد يدخل آخر النهار، وواحد يلازم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنهار، وواحد يلازمه في الليل من أجل يحملوا عنه هذا الدين، فيصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشاء، ثم يرجع إلى قومه، يرجع إلى بني سلمة "فيصلي بهم تلك الصلاة" العشاء، ويعيد الصلاة، فيصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- الفريضة، ويصلي بهم نافلة، وجاء عن الدارقطني: "فهي لهم فريضة، وله تطوع" وقل مثل هذا فيمن صلى برحله، ثم وجد الناس يصلون يصلي معهم، وفريضته التي صلاها الأولى؛ لأن قلب الفريضة إلى نافلة إنما تكون من المنفرد قبل الفراغ منها، إذا فرغ منها استقرت، ولا بد أن يكون منفرداً، وأن يكون الوقت متسعاً "وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز" فالتي يصليها مع النبي -عليه الصلاة والسلام- الفرض، والذي يصليها بقومه هي النافلة، والحديث عمدة لمن يصحح صلاة المفترض خلف المتنفل، والذين يتمسكون بمثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)) يدخِل في ذلك النيات كالحنابلة، عندهم لا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل، ولا من يصلي الظهر خلف من يصلي العصر، ولا عكسه، لا بد من إتحاد النية بين الإمام والمأموم، لكن هل يقول الحنابلة بالعكس؟ لا يصححون صلاة المتنفل خلف المفترض؟ يصححونها؛ لأن الشخص صلى في رحله ثم جاء إلى مسجد، ووجد الناس يصلون، وفي نص: ((إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتم المسجد فصليا، فإنها لكما نافلة)) هذا نص في كون المتنفل يصلي خلف المفترض، وحديث الباب يدل على

صلاة المفترض خلف المتنفل، والتفريق بينهما يحتاج إلى نص قاطع، يعني نظير ما جاء في الوضوء بفضل المرأة ... ((لا تغتسل المرأة بفضل الرجل، ولا الرجل بفضل المرأة)) ومن أهل العلم من يقول: إن الرجل لا يغتسل بفضل المرأة، والمرأة تغتسل بفضل الرجل، ويستدلون بهذا الحديث، إما خذوه جملة أو اتركوه جملة، التفريق بين المتماثلات لا سيما التي مساقها واحداً يحتاج إلى نص قاطع للعذر. وعندنا حديث الباب دليل على جواز اقتداء المقترض بالمتنفل، وفيه دليل أيضاً على جواز إعادة الصلاة في اليوم الواحد مرتين، يعني إذا وجد سبب لهذه الإعادة، أما إذا كان مجرد وسواس فلا، صلى صلاة كاملة بشروطها وأركانها وواجباتها خلف إمام، ثم يقوم فيعيدها منفرداً ما في مبرر، فنقول: ابتدعت، لكن يوجد مبرر، صليت مع منفرد وجدت جماعة هذا مبرر، فعلت مثل ما صنع معاذ، أيضاً هذا مبرر، أقره النبي -عليه الصلاة والسلام- "ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة" في هذا رد على من لا يجيز صلاة المفترض خلف المتنفل، وشيخ الإسلام في الاختيارات رجح قول الشافعية، ويقول الناظم ناظم الاختيارات: وعند أبي العباس ذلك جائز ... لفعل معاذ مع صحابة أحمدِ يصلي بهم نفلاً وهم ذوو فريضة ... وقد كان صلى الفرض خلف محمدِ فهي له نافلة، ولهم فريضة، نعم. عفا الله عنك. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته بسطه ثوبه فسجد عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه" ثوبه المتصل أو المنفصل؟ "نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني هل تصور أن الصحابة ينقلون ثياب معهم غير التي عليهم؟ لا، هي المتصلة، والسجود على الحائل المنفصل هذا ما فيه إشكال، صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخمرة وعلى الحصير، لكن المتصل؟ وتقدم في حديث: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) أن الركبتين تستران، وكذلك القدمان، وأما بالنسبة للوجه واليدين مع الحاجة إلى ذلك لشدة الحر أو شدة برد، وقل مثل هذا فيما لو كانت الفرشات قديمة، وينبعث منها روائح، تجد بعض الناس يضع شماغه ويصلي عليه، إذا وجدت الحاجة، هم يقولون: بالكراهة، والكراهة عندهم تزول بأدنى حاجة، هذا مبرر لئن يبسط الإنسان شماغه، قل مثل لو طلعت في رحلة، وصار موضع السجود ما هو مريح، ما تقدر تخشع في سجودك، إما حصى وإلا شوك وإلا شيء لا مانع من أن تضع طرف ثوبك الذي هو الشماغ، هذا في حكمه.

"كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه" فهذه حاجة، لشدة الحر، أو لشدة البرد، أحياناً يجي في الشتاء في صحن الحرم البلاط جامد، لو سجدت عليه تصدع، لا مانع من أن تبسط عليه ثوبك أو شماغك، لا مانع، وقل مثل هذا فيما لو وجدت أي حاجة؛ لأنهم يطلقون الكراهة، والكراهة تزول بأدنى حاجة، لو وجد مثلاً فرشات ينبعث منها روائح، أو وجد أرض غير مستوية، فيها حصى فيها شوك أو شيء، تسجد عل طرف شماغك، لكن إذا لم يوجد سبب فأهل العلم يقولون بالكراهة، لا سيما المتصل، بعض الناس يأنف أن يسجد على ما يسجد عليه الناس، وهذا ليس بمبرر مزيل للكراهة، نعم إذا شفت شيء وسخ لا تطيقه، أو فيه روائح، هذا مبرر، أما ما عدا ذلك فلا، يقول: أكيد الناس مارين من هنا، وداسوه بالأقدام، طيب وش يصير؟ ما تتصور وش بيصير لك أمام؟ قدام في القبر؟ الله المستعان، بعض الناس يسجد على يديه، لكن جل من يفعل هذا من غير المكلفين، يضع يديه ويسجد عليها من شدة حر أو من شدة برد، هذا سجوده باطل، صلاته باطلة؛ لأن أهل العلم لا يختلفون في السجود على الوجه، لا بد أن يسجد على وجهه، هذا سجد بيده، ما سجد على وجهه، الساجد هما اليدان وليس الوجه، فالسجود على هذه الصورة باطل، نعم. عفا الله عنك. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)). يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يصلي)) " لا هذه ناهية وإلا نافية؟ الطالب:. . . . . . . . . ناهية، والياء؟ هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . ثابتة هي ثابتة، هاه؟ الطالب:. . . . . . . . .

نافية يراد منها النهي، والنهي إذا جاء بلفظ النفي كان أبلغ، ومنهم من يقول: هي ناهية والياء للإشباع، كما في قوله تعالى في قراءة: {إنه من يتقي ويصبر} "ألم يأتيك والأنباء تنمي؟ " تكون للإشباع، ومثل هذا الذي يقال فيه للإشباع، هذا لا شك أنه لتمرير القواعد، وإلا هي ياء، سواء قلنا: ياء الكلمة، أو ياء إشباع، هي ياء، لكن إذا أرادوا أن يمرروا القواعد قالوا هذا الكلام، كما يقولون: تحركت الواو وتوهم انفتاح ما قبلها، توهم إيش معنى توهم؟ بس من أجل أن تكون قواعدهم منضبطة، وإلا هي ما انفتحت لتتحقق القاعدة، لكن يمررون القاعدة ماره ماره شئت أم أبيت، فيسلكون مثل هذا لتمرير قواعدهم، ولا شك قواعدهم منضبطة، لكنها أغلبية، ليست قواعد كلية، هي قواعد أغلبية. ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد)) وجاء في الحديث: ((أو لكلكم ثوبان؟ )) يعني ما كان الناس عندهم ثوبين، لكن إذا صلى في ثوبين أكيد واحد يستر أسفل البدن والثاني أعلاه، أما إذا كان واحد، تصور الواحد ما هو بساتر، ما تقول: ثوب قميص له أكتوف وله أكمام وله .. ، لا، الثوبان عبارة عن إزار ورداء، وجاء في حديث جابر: ((إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به)) هذا في الصحيحين. ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد)) صلى أبو هريرة بثوب واحد وثيابه على المشجب؛ ليبن الجواز أنه تصح الصلاة بثوب واحد، ليش ثيابه؟ وش هو المشجب؟ الشماعة؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، أنت تستعملها! أنت ما أنت مدركها أنت قطعاً، يقول: ثلاثة عصيان، يقرن رؤوسها في بعض. طالب:. . . . . . . . . ها مدركها، نعم؟ تعلق عليها القرب والأسقية وكذا، يسمونها إيش؟ ما يسمونها مشجب ولا شماعة، يسمونها مثل ما يقول أبو أحمد، ما في أحد أدركها؟ قرابة .. ، إلى ثلاثين سنة وهي موجودة، يسمونها إيش؟ طالب:. . . . . . . . . قناره، نعم، في هذه البلاد ما يعوزنا مثل هذا الاصطلاح، لكن بلدان أخرى ما يدرون وش هي؟

على كل حال أبو هريرة يصلي بمثل هذا، بعد ما توسعت الدنيا، وإلا ما كان عنده إلا ثوب واحد، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أو لكلكم ثوبان؟ )) يصلي في ثوب واحد لا بأس، فإن كان هذا الثوب واسعاً يلتحف به، ويصل إلى أسفل البدن، وإن كان ضيقاً يتزر به، وعلى هذا قوله: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) منهم من قال: النهي للكراهة، بدليل حديث جابر، والأصل في النهي التحريم لا يجوز له أن يصلي إلا وقد ستر أحد عاتقيه على هذه الرواية، مع أنه في الصحيح: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) رواية صحيحة، فلا بد من ستر المنكبين أو أحد المنكبين مع العورة، قد يقول قائل: إنه في شروط الصلاة ما يذكرون إلا من السرة إلى الركبة، وش لون ما يذكرون مثل هذا؟ نقول: نعم الشرط من السرة إلى الركبة، لكن هنا وجوب، يعني يأثم إذا كشف والصلاة صحيحة، فرق بين هذا وهذا؛ لأنه قد يقول قائل: ما نجد عند الأئمة كلهم من يذكر مثل هذا في شروط الصلاة، نعم المشترط ستر العورة من السرة إلى الركبة، لكن يبقى أن مثل هذا في مثل هذا النص: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) النهي الأصل فيه للتحريم، فلا يجوز كشف المنكب في الصلاة، العاتق والمنكب واحد ((ليس على عاتقه منه شيء)) وإذا قلنا بالرواية الأخرى: ((عاتقيه)) وأردنا أن نوفق بين الروايتين، قلنا: العاتق المراد به الجنس، فيشمل العاتقين، فيلزمه حينئذٍ أن يستر المنكبين، نعم. عفا الله عنك. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من أكل ثوماً وبصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته)) وأتي بقدر فيه خضرات من بقول، فوجد لها ريحاً، فسأل فأخبر بما فيها من البقول، فقال: قربوها إلى بعض أصحابه، فلما رآه كره أكلها قال: ((كل، فإني أناجي من لا تناجي)). وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا)) " هذا الأمر ترخيص وإلا تعزير؟ تعزير، لكن كثير من الناس قد يفرح بمثل هذا، ويظنه ترخيص من التكليف من الأمر بحضور الجماعة في المساجد، لكن تصور أنه لو أكل مثل هذا يخرج من المجالس، من مجالس القيل والقال، صار هذا أشد عليه من وقع السيوف، ومثل هذا لا شك أنه يدل على اختلال في الميزان، الميزان ليس بشرعي، يعني من أعظم التعزير أن يقال: فلان لا يدخل المسجد، وهذا يقول: الحمد لله، جاء إلى الجامع وجد الباب مقفل قال: سلام عليك يا جامع، أنا والله معذور، لا لا ((من أكل ثوماً أو بصلاً)) والسبب الرائحة الكريهة، وجاء التنصيص على الكراث في الرواية الأخرى، وفي حكمها كل ما له رائحة كريهة، الدخان من باب أولى، يعني إذا كان هذا في المباحات، فكيف بالمحرمات؟ ((من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته)) يعني إذا قيل لشخص يعتبر نفسه شيء، رجل من الرجال اقعد في بيتك، يعني هل هذا تشريف له، وإلا مثل هذا لو كان يعقل مثل هذه النصوص ما جادت نفسه بأن يخالف؟ ولذا يعدون من أبشع أساليب الهجاء. . . . . . . . . . ... أقعد فأنت الطاعم الكاسي "على شان اقعد في بيتك رد عليك أنت ما تسوى".

" ((وليقعد في بيته)) وأتي بقدر فيه خضرات" خُضَرات، إذا ضممت الخاء فافتح الضاد، خُضَرات، وإذا فتحت الخاء فاكسر خَضِرات "من بقول فوجد لها ريحاً" وجد النبي -عليه الصلاة والسلام- لها ريحاً، طيب هذه البقول وهذه الخضرات التي لها ريح ثوم، كراث، بصل، تعوقك عن فعل واجب، وهي صلاة الجماعة حيث ينادى بها، القاعدة أن ما يعوق عن الواجب محرم، وأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فهل هذه الخضرات، وهذه البقول محرمة وإلا مباحة؟ يعني تعوقك عن فعل واجب، يعني جرياً على القواعد، دعونا من النصوص الأخرى، يعني تحصيل السترة واجب، تحصيل الماء واجب في الصلاة، مثل هذه الأمور التي تمنعك من أداء الواجب تكون على القواعد محرمة، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- سئل كما في صحيح مسلم: أحرام هي؟ قال: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) وإن قال الظاهرية بتحريمها، لكن عامة أهل العلم على أنها مباحة، ويبقى أن الإنسان إذا احتاج مثل علاج مثلاً يترخص، إذا احتاج لعلاج يترخص، أما ما عدا ذلك فالذي يعوقه عن تحصيل الواجب لا يتناول "فسأل فأخبر بما فيها"، "وأتي بقدر فيه خضرات" كثير من الشراح يقول: هذه تصحيف، يعني بعض روايات الصحيح: "ببدر فيه خضرات" يعني القدر معروف إناء الطبخ، والبدر طبق، يعني صحن، وبعضهم يرجح اللفظ: ببدر، لماذا؟ لأن القدر يوحي بطبخ، وإذا طبخت هذه البقول ماتت رائحتها، وأما إذا أتي بها ببدر في طبق احتمال أن تكون نيئة، فهي التي تستحق الرد، أتي بقدر، نقول: لا يمنع من أن تكون بقدر، ويكون طبخها نصف طبخ، إذا كان نصف طبخ لا تذهب رائحتها، بدليل قوله: فوجد لها ريحاً، فسأل فأخبر بما فيها من البقول، فقال: قربوها إلى بعض أصحابه، يعني إقراره -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه أن يأكلوها هذا الإقرار دل على جواز أكلها، وإن كانت لها رائحة، كما أن إقراره خالداً في أكل الضب دليل على أنه مباح، ولو امتنع منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، السنة التقريرية وهي وجه من وجوه السنن "قربوها إلى بعض أصحابه" هذه رواية الصحابي، وإلا الأصل أن يقول: قربوها إلى فلان وفلان وسموا "فلما رآه كره أكلها" بعض الصحابة لما رآه كره أكلها لأن لها رائحة، واستنكف

النبي -عليه الصلاة والسلام- من أكلها كره، فقال: ((كل، فإني أناجي من لا تناجي)) طيب الصحابي مأمور بأن يصلي في المسجد، فلعل الوقت فيه متسع؛ لأن تذهب هذه الرائحة، إذا كان في أول الليل وأكله ومطبوخ طبخاً ما يذهب الرائحة يعني نصف طبخ كفيل بأن يذهب، وفي الصيف مثلاً لو كان بعد صلاة الصبح ما تجئ صلاة الظهر إلا وقد انتهى أو خف، بحيث لا يكون له أثر ((فإني أناجي من لا تناجي)) هذا هو -عليه الصلاة والسلام-. "وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أكل البصل أو الثوم أو الكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو" الإنسان أو ((بنو أدم)) يتأذون من هذه الرائحة، لماذا خص التأذي في المساجد؟ طيب الذي في البيت يتأذى، زوجته تتأذى، أولاده يتأذون، لماذا خص التأذي في المسجد؟ الطالب:. . . . . . . . .

يعني اللي في البيت ما يتأذون؟ اللي معه طالعين نزهة في استراحة مثلاً يجلسون أسبوع كلهم يأكلون ثوم ما يتأذون، ولا يتأذى بعضهم من بعض ممن لا يأكل، والملائكة تتأذى، لو قلنا بعموم العلة قلنا: لا يؤكل الثوم أصلاً؛ لأن الكل يتأذى منه، والملائكة تتأذى، لكن إذا عرفنا أن التأذي جزء علة وليس بعلة، التأذي المذكور يعني من عموم الأدلة في الباب يدل على أن التأذي جزء علة لا يقتضي المنع بمفرده، والجزء الثاني هو المسجد، فمن أكل الثوم خارج المسجد، في بيته، في استراحة، الناس اتفقوا على أن يأكلوا تأذى بعضهم ببعض، ما في مشكلة، الملائكة تتأذى، لكن هل مجرد التأذي يستقل بالمنع؟ يعني علة كاملة تستقل بالمنع، أو أن نقول: العلة مركبة من كونه تأذي وكونه في المسجد؟ يعني لو قلنا: التأذي علة مستقلة تستقل بالمنع، قلنا: لا يؤكل الثوم أبداً؛ لأنه حتى الذي في البيت يتأذون، وحتى الذي في الاستراحة يتأذون، لكن نقول: العلة مركبة من المسجد ومن التأذي، فمن أراد أن يصلي في المسجد، ومسجد الجماعة الذين يتأذون به يمنع، لكن إذا كان في غير المسجد هذا جزء علة، العلة ما تحققت ما يمنع، طيب في مسجد ليس فيه جماعة، يريد أن يدخل مسجد ما فيه جماعة، دخل المسجد بعد ما خرج الجماعة، نقول أيضاً: المسجد جزء علة، فلا يقتضي المنع، لا بد أن تكون العلة المركبة مكتملة الأجزاء، ولذا ما هو أشد من الثوم عند الحاجة، حكمه؟ إرسال الحدث في المسجد، يعني احتاج هو جالس في المسجد عنده عمل في المسجد، أو ساكن في المسجد معتكف، احتاج إلى إرسال الحدث، سواء كان له صوت أو لا صوت له، وش الحكم للحاجة؟ ((فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً)) قد يقول قائل: هذا فيما إذا غلبه، لكن يقرر أهل العلم أنه إذا كان لحاجة، وليس هناك من يتأذى يطلقون الجواز، ونص ابن العربي وغيره في شرح الترمذي قال: ويجوز إرسال الفساء والضراط في المسجد للحاجة، فالمقرر هنا أن المسجد جزء علة، والتأذي الجزء الآخر، فإذا اجتمع الجزآن تركبت العلة منهما، لا يدخل، لا يقرب المسجد، أما إذا كان بمفرده في المسجد، بأن جاء إلى المسجد، ووجد الناس قد صلوا يدخل المسجد؛ لأن النهي قال: ((فلا يقربن

مسجدنا فإن الملائكة تتأذى)) طيب عندك ملائكة حفظه، الحفظة ماذا عنهم؟ حفظة ملازمون للإنسان يتأذون أو ما يتأذون؟ منهم من قال: ما يتأذون، وإلا لاقتضى المنع مطلقاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لا أحرم ما أحل الله)) نعم بعض الناس يشق عليه جداً أن يترك الجماعة في المسجد، وهذا أشبه ما يكون بورع العوام، يشق عليه أن يترك الجماعة في المسجد، وقد قال له الدكتور: ما لك علاج إلا الثوم، والثوم علاج لكثير من الأدواء، حتى قرر كثير من الأطباء أنه يقضي على جرثوم السرطان، وهذا مجرب شخص قرر بتر رجله فذهب إلى طبيب بمكة، وقال له: داوم على الثوم لمدة شهر، ولا تحتاج إلى قطع، وبالفعل حصل، أنا رأيته بعدها بسنن، فالمقصود أنه من ورع بعض الناس الذي هو أشبه بورع العوام غافلاً أو متغافلاً عن النصوص، يقول: والله يا أخي أنا مأمور ومضطر للثوم لكن الصلاة؟! على عبارتهم: "ما يهنأ يصلي في البيت والناس في المسجد" لكن هذا تشريع ((فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو)) الإنسان، بعض الناس يقول مثل الصيف مثلاً إذا أكل في أول النهار مثلاً، أكل بعد صلاة الصبح، وأخذ البدن منه ما يحتاج، ثم بعد ذلك بينك وبين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر كم سبع ساعات، أو ثمان ساعات؟ نعم ثمان ساعات، فإذا أكلت عليه وأكثرت الأكل يخف حتى لا يكون له إلا الأثر اليسير، فإذا خفف بطيب ونحوه مع الخروج إلى الصلاة يخف الأمر، فتكون الرائحة عادية، رائحة شخص ما هو بأطيب الناس ريح، لكن يبقى في شيء يسير، وقل مثل هذا في ليالي الشتاء، إذا أكله بعد الساعة مثلاً، متى يصلون العشاء سبع في الشتاء؟ سبع ممكن، أكله بعد الصلاة مباشرة وانتظر ساعتين ثلاث ثم كثر العشاء، وبينه وبين الصلاة مفاوز، وتطيب لصلاة الفجر، يعني هذا يخفف بلا شك، وقد يؤخذ هذا العمل من الترخيص بالمطبوخ؛ لأن المدار على الرائحة، فإذا كانت الرائحة تزول ترتفع العلة، وإذا خفت بحيث يكون أثرها يسير جداً، لا يتأذى به، فالحكم يدور مع علته، نقف على باب التشهد، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا يقول: هل يكفي كتاب عمدة الفقه عن كتاب الزاد؟ كتاب الزاد فيه أضعاف ما في العمدة من المسائل، كتاب الزاد متن متين معتبر عند أهل العلم، يربى عليه طالب علم، ويخرج عليه، وليس معنى هذا أنه دستور معصوم، لا، فيه مسائل مرجوحة، فيه مسائل خالف فيها المؤلف حتى المذهب، لكن مثل هذا الكتاب يتخذه طالب العلم كخطة عمل يسير عليها في التفقه، يتصور المسائل، ويستدلل لها، ويعرف من وافق ومن خالف، مع أدلة الجميع، ثم يوازن بين هذه الأدلة، وإذا انتهى من الكتاب يكون قد حوى علماً عظيماً -إن شاء الله تعالى-. يقول: ماذا ندرس بعد نخبة الفكر؟ بعد النخبة مختصر علوم الحديث للحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-، ثم الألفية، ألفية الحافظ العراقي وشروحها. يقول: هل للوالدين حق في اختيار الزوجة لابنهم؟ الأصل أن البر مطلوب، ورضا الوالدين أمر لا بد منه، لكن إذا اختارا امرأة لا تناسبك، ولا تملأ عينك على ما تذكر، ويمكن أن تتطلع إلى غيرها بعد الزواج بها، فالطاعة بالمعروف، حاول إقناعهم بقدر الإمكان، وإلا فالأمر لك أولاً وأخراً. يقول: هل على من لديه أسهم في أحد البنوك زكاة أم لا؟ أسهم في أحد البنوك، يعني جزء مشاع من هذا البنك أو من شركة يكتتب فيها في هذا البنك؟ مع العلم أنه يستطيع أن يتحكم في البيع والشراء. المقصود أن الأسهم جزء مشاع من مال، وهذا المال إن كان أسهم من بنك يتعامل بالربا فهذه مشكلة، ينبغي أن يسأل عن نظافة هذا المال، وعن طيب هذا المال قبل أن يبحث عن زكاته، والله -جل وعلا- طيب لا يقبل إلا طيباً، أما إذا كانت أسهمه عبارة عن جزء مشاع مما يجوز بيعه من الشركات التي لا تتعامل بالربا هنا يسأل عن كيفية تزكية هذا الجزء؟ بأن يسأل أهل الخبرة وأهل الاختصاص كم يساوي السهم الواحد وقت إخراج الزكاة إذا حال عليها الحول، وفي كل حول يسأل هل زادت الأسهم أو نقصت؟ ثم يقومها في وقتها، ويخرج منها الزكاة، أصل التجارة مع ربحها.

يقول: أنا طالب في كلية الشريعة، وقد انتصفنا في منهج الفقه والحديث، وقد نويت بعزيمة وإصرار حفظ المنهج في الفقه وهو الزاد، وحفظ الحديث وهو البلوغ، ولكن السؤال هل أبدأ الحفظ من نصف الزاد والبلوغ أم أبدأ من بداية الكتاب؟ الأصل أن تبدأ من بداية الكتاب، لكن إذا كانت متابعتك لما يشرح في الكلية يعينك على فهم ما يشرح، فتحفظ قبل الحضور، ثم تسمع الشرح وتستفيد، لا يمنع أن يكون لك أكثر من درس، درس لحفظ الكتاب من أوله، ودرس ثاني لحفظ الكتاب من أخره، وإذا حفظت في الكتابين معاً، يعينك هذا على فهم هذا، وهذا لا شك أن من حفظ الزاد والبلوغ مع الفهم التام، ومع الطريقة والمنهج المسلوك عند أهل العلم، وكيفية الاستدلال للمسائل، ومعرفة أقوال العلماء في هذه المسائل وأدلتهم، هذا يؤهلك لأن تكون عالماً، لكن مثل ما ذكرنا إذا كنت تريد أن تنتفع بما تحفظه في دراستك فتحفظ مما وقفت عليه من النصف الثاني، وتجعل وقت آخر لحفظ النصف الأول وفهمه ومراجعته. يقول: لما يأتي حديث ويحكم عليه طائفة من أهل العلم الكبار بأنه مقبول، ويحكم عليه طائفة أخرى من العلماء الكبار أيضاً أنه مردود، فما العمل حيال ذلك؟ أنت لا تخلو إما أن تكون من أهل النظر، ولديك الأهلية بحيث ترجح بين أقوال أهل العلم هذا مثل خلافهم في المسائل، ترجح، تنظر في أدلتهم وترجح، وإن لم تكن لديك أهلية فتقلد أوثقهم عندك، أو من استفاضت ثقته واعتداله، واستقام أمره من أهل العلم والدين والورع. وليس في فتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع يقول: ما هي الكتب التي تنصحون بها طالب العلم في علم المصطلح وعلم الجرح والتعديل، بحيث تكون عنده ملكة؟ لا بد أن يسلك الجادة، ويبدأ بالمتون الصغيرة، ثم يترقى بعد ذلك إلى ما هو أكبر منها، على ما شرحناه في مناسبات كثيرة، يبدأ بالنخبة، ثم اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم الألفية مع شروحها، ثم يقرأ في الكتب الأخرى التي تعينه على معرفة ما يؤثر عن المتقدمين من مصطلحات كشرح علل الترمذي وغيرها، ويكثر من التخريج، وجمع الطرق، ودراسة الأسانيد، ثم بعد ذلك تتكون لديه الأهلية -إن شاء الله تعالى-.

يقول: يرى بعض الناس أن الرد على أهل البدع وبيان أخطائهم يقسي القلب، ويضعف الإيمان، فما تقول؟ البدع منكرات، والمنكر لا بد من إنكاره ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه)) هذه من أعظم المنكرات، البدع، لا بد من تغييرها، وأقل أحوالها أن تبين بردها، من أهل العلم المتقدمين في وقت نشوء البدع يرى أن الرد على أهل البدع بذكر أقوالهم نشر لأقوالهم، فيرد على البدعة من دون تعرض للقول بجملته، يعني ما تذكر مقطع كامل من كتاب مشتمل على بدع، ثم ترد عليه، إنما تنقض البدعة ابتداء؛ لئلا يرسخ هذا الكلام المذكور بشبهه في ذهنك، ثم تعجز بعد ذلك عن اجتثاث هذه الشبهة، نريد منك أن تبين الحق ابتداء، فبيان الحق ابتداء يكون هناك منعة، أو ما يمنع من التأثر بالباطل، مع الأسف أنه يوجد الآن من الشبه ما يدخل إلى أعماق بيوت المسلمين من عوام المسلمين، ولا يجد من يقاوم هذه البدع، فوظيفة أهل العلم أولاً بيان المعتقد الصحيح الذي فيه الوقاية -بإذن الله تعالى- عن التأثر بهذه البدع، ثم إذا وجد شيء من هذه البدع تفند وترد. يقول: بعض الكتب التي نقرأها مثل كتاب الأذكار للنووي يوجد بها أحاديث يشار إليها في الهامش أنها ضعيفة، بل ضعيفة جداً، فإن كانت ضعيفة فلماذا تذكر لأنها تشوش على القارئ؟ أولاً: الضعيف في هذا الباب عند جمهور أهل العلم يذكر ويعمل به؛ لأن باب الأذكار من باب الفضائل عندهم، والنووي أصّل هذه المسألة في مقدمة الكتاب، ومشى عليها، لكن بالنسبة لمن لا يرى العمل بالضعيف مطلقاً لا يقبل مثل هذه الأمور، والضعيف موجود في كتب الأئمة المتقدمين والمتأخرين، وإذا بين برئت العهدة، فما كان ضعيفاً فاطرحه حتى تجد ما يسنده. ما هي أسهل الطرق لحفظ الصحيحين والسنن؟ طريقة شرحناها في محاضرة اسمها: (معالم على طريق الطلب). هذه النغمات الموسيقية التي تكون في الجوالات؟

قد تتفاوت وجهات النظر في اعتبارها مطربة أو غير مطربة، لكن الفتوى من اللجنة الدائمة صدرت بتحريم هذه النغمات الموسيقية، وإذا كان التحريم في كل مكان فليكن في المسجد أعظم، مع الأسف أن تحول مساجد المسلمين إلى ما يشبه الكنائس، يوجد بعض العمال الذين يحافظون على الصلوات، تجده يرن الجوال من أن يشرع في الصلاة إلى أن ينتهي، كله يخشى أن تختل صلاته إذا أدخل يده فأغلق الجوال، فيقال له: أولاً غير النغمة خلها نغمة غير موسيقية، أو تنبيه خفيف، أو أغلق الجوال ما دمت في المسجد، لكن هذه النغمات الموسيقية التي أفتى أهل العلم بتحريمها، ويشاع الآن ويذكر في القنوات، ويذكر في وسائل الإعلام من يخالف في الغناء وفي الموسيقى كابن حزم وغيره، وينشر لابن حزم بقوة في مثل هذه الأيام، لكن أين هذا الذي ينشر رأي ابن حزم ما ينشر رأيه في المسائل الأخرى؟ ما يقول: إن ابن حزم يقول: إذا ضرب الابن أباه ما في شيء، لكن إذا قال له: أوف ارتكب جريمة من الجرائم، لماذا لا يقال هذا لعوام المسلمين؟ ليعرفوا مقدار هذا الرجل؟ هذا الرجل عنده خلل كبير في العقيدة، فمثل هذا لا يقلد، وداود الظاهري الذي هو أصل المذهب يقول النووي في حقه وغيره من أهل العلم: إن داود قوله لا ينقض الإجماع، ولا يعتد بقول داود لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، ومثله ابن حزم، بل فرع منه. يقول: هل نستفيد من كلامك في مسألة التقليد أننا لا ننكر على من كان مقلداً لمذهب من المذاهب الفقهية؟ أما بالنسبة للعامي ومن في حكم العامي من مبتدئي الطلبة هؤلاء فرضهم التقليد، وأما من كان لديه الأهلية فلا يجوز له أن يقلد الرجال في دينه. ما هو المنهج الذي تقترحه لطالب علم أصول الفقه ليبلغ جل الغاية من أقصر طريق؟

أصول الفقه كغيره من العلوم، له كتب صنفت للمبتدئين، وأخرى للمتوسطين، وثالثة للمنتهين، ومصادر كبيرة تراجع، لكن يبدأ الطالب بالورقات، بشروح الورقات المطبوعة والمسموعة، ويسمع الأشرطة، ويفرغ على الكتاب، ويسأل عما يشكل عليه، ثم يقرأ بعد ذلك إن شاء مختصر التحرير، وإن شاء مختصر الروضة (البلبل) كلاهما كتاب نفيس، يعني مختصر الروضة غاية في الجودة، وإذا قرأه على شيخ يحسن هذا العلم ويتقنه نور على نور، ومن طرق التحصيل في هذا العلم وفي غيره الاختصار، فإذا اعتنى بمختصر التحرير مثلاً، وجاء إلى شرحه الكوكب المنير، وقرأ المقطع من المتن، ثم حاول يقرأ الشرح، ويلخص ما في الشرح، ويصوغه بأسلوبه ليخرج بمجلد واحد بدلاً من أن يكون أربعة مجلدات، وقل مثل هذا في شرح مختصر الروضة، ثم بعد ذلك يقرأ في الكتب التي هي أطول من هذا، وهذا العلم وعلم النحو وغيرها من العلوم التي هي مفاتيح للعلوم مما يعينه على فهم الكتاب والسنة، أمر لا بد منه لطالب العلم، أن يغالط نفسه طالب علم يريد أن يطلب العلم ولا يعتني بالأصول، وعلم العربية، وأصول الحديث، وقواعد التفسير، وغيرها من العلوم التي تعينه على فهم المقاصد. يقول: هل إذا رأينا حديث وحكم أهل الحديث بأنه صحيح بشواهده وطرقه، هل هذه الطرق كلها حسنة وضعيفة، أو كلها ضعيفة، وحكمنا عليه بالصحة؟ سؤال ركيك، لكن إذا قالوا: صحيح لغيره فأعرف أنه بمفرداته لا يصل إلى درجة الصحة، لكن هو عبارة عن أكثر من طريق، كلها في الغالب حسنة، منهم من يرقي الضعيف إلى أكثر من درجة، فإذا كثرت طرقه الضعيفة القابلة للانجبار كثرة بحيث يقطع أو يجزم الناظر أن له أصل يثبت به لا سيما إذا كان بعض المتابعات، أو بعض الشواهد في الصحيحين، فإنه يرقيه أكثر من درجة، لا يقتصر على قوله بأنه حسن لغيره، بل يرقيه إلى درجة الصحة. يقول: نصيحتك للشباب الذين تصدروا الفتيا، وهم شباب جامعيون، يدرسون في كلية الشريعة ويحضرون، ولكنهم لا زالوا في مرحلة أخذ ونهل من أهل العلم فلا يقعوا في مهاوي الردى؟

على كل حال الفتيا شأنها عظيم، وسلف هذه الأمة وأئمتها تدافعوها، بحيث يأتي السائل إلى البلد الكامل وهو مكتظ بأهل العلم، ويكاد أن يرجع دون أن يجد من يفتيه، يتدافعون الفتيا؛ لأن شأنها عظيم، وهو توقيع عن الله -جل وعلا-، وإذا كانت بغير علم صارت محض كذب على الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] وإذا ضممنا هذا الآية إلى آية الزمر {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] الإنسان عليه أن يحمد الله -جل وعلا- على العافية الذي لم يعين هذا الأمر عليه، فإذا تعين عليه يستعين بالله، لا يجوز له أن يترك بعد أن تعين عليه، ويحجم عن الفتوى، الذي يُسأل وعنده علم فيكتمه يلجم بلجام من نار يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، على كل حال المسألة تحتاج إلى مزيد عناية، ونرى الناس تتابعوا على هذا الأمر، وهم ليسوا بأكفاء، وكلام أهل العلم وسلف هذه الأمة وخيارها كثير في هذا الباب. يقول: لا شك أنه إذا قال رجل من أهل الفضل: حدثني بذلك ثقة من الثقات فإنه قوله يقبل دون تردد؟ إذا قال: حدثني الثقة هذه مبحوثة عند أهل العلم، ولا يكتفون بهذا، بل لا بد أن يسمي من حدثه، عله أن يكون غير ثقة عند السامع، وهذا إبهام في التعديل. ومبهم التعديل ليس يكتفي ... به الخطيب والفقيه الصيرفي لأنه قد يكون ثقة عند الناقل، لكن ليس بثقة عند السامع، يختلفون في توثيقه فلا بد من تسميته، نعم إذا قال: حدثني الثقة من الأئمة المتبوعين، فعلى من يقلده في الفروع أن يقلده في مثل هذا. يقول: وقد قعد العلماء أن الراوي إذا قال: حدثني الثقة لا يقبل منه ولو كان من الأئمة الكبار، فكيف نجمع بين ما تعارف عليه الناس وبين هذه القاعدة، وخاصة أنه قد يفعل ذلك أئمة كبار كالإمام مالك وغيره من الأئمة؟

باب: التشهد

الإمام مالك معروف أنه يتحرى في الرواية، ولا يروي إلا عن ثقة، لكن مع ذلك اغتر -رحمه الله-، اغتر بعبد الكريم بن أبي المخارق، روى عنه، وخرج عنه في موطئه، وهو ليس بثقة عند أهل العلم، ضعيف، لكنه غره بكثرة جلوسه في المسجد كما قال، فيغترون بالظاهر، هم بشر، قد يغترون بالظاهر، وقد يستروحون إلى أن فلاناً ثقة، وهو ليس كذلك، ولذا لا بد من النظر في الراوي من جميع الجوانب، من جميع ما قاله فيه العلماء، ليخرج بالقول الصحيح، وكل له هفوة، وكل له زلة. يقول: هل إخراج مسلم للراوي في صحيحه مقروناً بغيره أو في الشواهد أو في المتابعات على شرط الصحيح أم لا؟ لا ليس على شرط الصحيح، إنما شرطه لمن يخرج له على سبيل الانفراد، معتمداً عليه في الأصول. يقول: هل يجوز إذا اجتمع واجب موسع مع واجب مضيق، وقد شرع المكلف في الواجب الموسع فهل يجوز قطعه لفعل المضيق؟ مثال: الموسع فعل صلاة الظهر في أول وقتها، ومثال المضيق: نداء الوالدين مع العلم بأنهما شديدي الغضب؟ أما إذا شرع في الفريضة فلا يقطعها بحال، لكن إن شرع في نافلة مثلاً، وهناك أمر يفوت، صلى الظهر ثم شرع في الراتبة، فأحضرت جنازة مثلاً، هذا محل التردد عند أهل العلم، هل يقطع؟ لأنه جاء النهي عن إبطال العمل، والنهي عن إبطال العمل في القرآن، فمثل هذا هل يعارض به مثل هذا العمل الذي يفوت، والحصول على أجر الصلاة على الجنازة؟ لا شك أنه مما ينبغي للمسلم أن يعنى به ويهتم به، ولا يفوت مثل هذه، لكن إذا شرع فالمسألة مسألة مفاضلة بين هذا الأمر الذي يفوت، وبين ما شرع فيه، ومن يستروح إلى أن المتطوع أمير نفسه قال: يقطعها، ومن قال: إن هذا عمل صالح يدخل في عموم الآية، قال: يتمها ويخففها ويلحق على ما يدركه من الجنازة. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم أغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين. يقول الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه: (عمدة الأحكام من كلام خير الأنام): باب: التشهد

باب: التشهد

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن، التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وفي لفظ: ((إذا قعد أحدكم للصلاة فليقل: التحيات لله)) وذكره، وفيه: ((فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض)) وفيه: ((فليتخير من المسألة ما شاء)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: التشهد والتشهد المقصود به الذكر المأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر الصلاة وفي وسطها، وأخذ هذا اللفظ من قوله فيه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لأنها أعظم ما فيه، وهي الشهادة لله بالوحدانية، ويسمى الشيء باسم بعضه، وهذا مستفيض.

يقول الحديث الأول: "عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد" النبي -عليه الصلاة والسلام- علم ابن مسعود التشهد، وعلم ابن عباس التشهد، وهناك تشهد عمر، وتشهد مروي على صيغ متعددة، عن جمع من الصحابة، واختلف الأئمة في اختيار أي هذه الصيغ؟ فالحنفية والحنابلة اختاروا تشهد ابن مسعود، وهو أصح حديث في التشهد، فهذا الحديث هو المتفق عليه من صيغ التشهد، حديث ابن عباس وتشهد ابن عباس في مسلم، واختاره الإمام الشافعي، واختار مالك تشهد عمر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، وهو في الموطأ، وكلها صحيحة، واختلافها إنما هو اختلاف تنوع، لكن من أراد أن يرجح من حيث الثبوت، فأصحها حديث ابن مسعود المذكور هنا، وهو على شرط المؤلف من المتفق عليه؛ لأن المؤلف اشترط أن لا يذكر إلا ما اتفق عليه الشيخان، وقد يحتاج إلى جملة أو إلى شيء يبين ما اتفق عليه الشيخان من مفردات البخاري، أو مفردات مسلم، قد يحتاج إلى شيء من هذا فيخرج عن شرطه، ولذا اقتصر على تشهد ابن مسعود، ولذا قلنا أيضاً المذهب له دور في هذا الاختيار، لكن هو يوافق الشرط، في الأصل لو كان تشهد ابن عباس في الصحيحين أو تشهد عمر قلنا: اختار هذا لأنه مذهبه، لكن هذا شرطه، وغيرها لا ينطبق على شرطه. قال: "علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" نعود فنقول: هل الاختلاف اختلاف تنوع أو تضاد؟ هل نقول: إن هذا تنوع كما جاء في اختلاف صيغ دعاء الاستفتاح؟ فالمسلم مخير بين أن يقول هذا وهذا، يقول هذا أحياناً، ويقول هذا أحياناً، أو يختصر على واحد منها، أو يرجح كان الاختلاف اختلاف تضاد لا بد من الترجيح، لكن ألفاظها كلها مقبولة، ولا ينفي بعضها بعضاً، وهي محفوظة أيضاً ليست بشاذة ولا منكرة، هي محفوظة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالأقرب إلى أن الاختلاف بينها اختلاف تنوع، فعلى المسلم لاسيما طالب العلم أن يحفظ جميع ما ورد في الباب، وينوع، يأتي بهذا أحياناً، وهذا أحياناً، من الثابت من ذلك.

يقول: "علمني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التشهد كفي بين كفيه" وهذا من باب العناية بهذا الشأن، هذا أمر ينبغي أن يعنى به كل مسلم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- علمه ابن مسعود، واعتنى به، وحرص عليه، وابن مسعود ذكر ما حصل مما احتف بهذا التعليم، ليبين أنه ضبط هذا التشهد الذي علمه إياه النبي – عليه الصلاة والسلام-، فما يذكر من قصة أو سبب ورود أو ما أشبه ذلك، ولو لم يتطلبها المقام، إنما يذكرها بعض الرواة لبيان أنه ضبط ما روى. "كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن" اهتمام شديد بهذا الأمر، ولذا التشهد الأول واجب، تبطل الصلاة بتركه عمداً، ويجبر بسجود السهو كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث عبد الله بن بحينة، لما قام عن التشهد الأول جبره بسجود سهو، ومنهم من يقول: هو سنة، لكن لو كان سنة ما جبر بالسجود، ما احتيج إلى جبره بالسجود، والتشهد الثاني ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به، على خلاف بين أهل العلم في ذلك.

"كما يعلمني السورة من القرآن، التحيات لله" التحيات جميع ما يلقى، وما تعارف عليه الناس من أنواع التحايا بمجموعها لله جل وعلا، بمجموعها بـ (أل) الجنسية مع الجمع، بهذه الصيغة خاص بالله -جل وعلا-؛ لأن الصيغة صيغة حصر: التحيات لله، يعني لا لغيره، إذا اجتمع الجمع مع (أل) الجنسية فلا يجوز أن تقول: التحيات لزيد، لكن إذا أفردت التحية لزيد، أو تحيتي لك، أما التحيات الموجودة على ألسنة الناس كلهم بمجموعهم خاصة بالله -جل وعلا-، كما جاء الحصر بالحمد، الحمد لله، يعني لا لغيره، فجميع أنواع التحايا التي لا محظور في لفظها، بمجموعها لله -جل وعلا- "والصلوات" المفروضات والنوافل لله -جل وعلا-، لا يجوز صرف شيء منها لغيره "والطيبات" من الأقوال والأعمال كلها لله "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" السلام عليك بكاف الخطاب، وهذا اللفظ مما تعبد به، ولذا يقال في حال الغيبة في حياته وبعد مماته، وجاء في البخاري ما يدل على تغيير الضمير بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، لكن المعتمد عند أهل العلم أن الضمير يبقى خطاب كما علمه ابن مسعود؛ لأن هذا من الألفاظ المتعبد بها، جاء عن بعض الصحابة: إننا كنا نقول: السلام عليك أيها النبي، ثم قلنا: السلام على النبي، ورحمة الله وبركاته، السلام اسم من أسماء الله -جل وعلا-، وهو دعاء بالسلامة، وهو تحية المؤمنين، تحية المسلمين، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وجاء ما يدل على فضل إلقاء السلام خارج الصلاة من النصوص الشيء الكثير، وأن أكمله ما كان بهذه الصيغة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لكن السلام عليكم تجزئ خارج الصلاة، وفيها عشر حسنات، ورحمة الله عشر، وبركاته عشر أيضاً، فمن ألقى السلام بهذه الصيغة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -يعني خارج الصلاة- استحق ثلاثين حسنة، وهي سبيل الألفة والمودة بين المسلمين، فمن حق المسلم على المسلم أنه إذا لقيه يسلم عليه، ويخير خارج الصلاة بالنسبة للسلام على الأحياء أن يقرنه بـ (أل) وأن ينكره.

السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويجبره ... بالسلام خارج الصلاة {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] وجاء ما يدل على الاكتفاء بمرحباً دون رد للسلام، في نصوص منها حديث أم هانئ لما جاءت والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل، قالت: السلام عليك يا رسول الله، قال: ((من؟ )) قالت: أم هانئ، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((مرحباً بأم هانئ)) ولم يحفظ أنه رد السلام، من أهل العلم من يقول: إن هذه تكفي، ثبتت في الصحيح وتكفي، ومنهم من يقول: رد السلام -عليه الصلاة والسلام- ولم ينقل؛ لعدم الحاجة إلى نقله؛ لأنه ثبت رد السلام بنصوص كثيرة، فلا بد من رد السلام، وإذا زيد عليه بعض الألفاظ، مثل مرحباً زيادة خير، وقال -عليه الصلاة والسلام- لما سلمت فاطمة، قال: ((مرحباً بابنتي)) إلى غير ذلك من النصوص التي تدل على أن مرحباً كلمة مأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فينبغي أن تتداول بين المسلمين، ويكتفى بها عن التحايا الوافدة من غير المسلمين. "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" يعني اسم السلام، اسم الله -جل وعلا- علينا، وإذا حل هذا الاسم حلت البركات، وحلت الخيرات، أو هو دعاء بالسلامة من جميع الآفات "علينا وعلى عباد الله الصالحين" وفي الحديث: ((فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض)) سلمتم سألتم الله -جل وعلا- لهم السلامة، فإذا سلمت على جميع هؤلاء الصالحين وهذه دعوة في ظهر الغيب لأخيك الصالح، والملك يدعو لك بمثل هذا، فعليك أن تحرص على مثل هذا، وبالمقابل على المسلم أن يسعى في إصلاح نفسه ليكون من عباد الله الصالحين، ليناله هذا الدعاء من جميع المصلين، لكن غير الصالح محروم من مثل هذا، حرم نفسه من مثل هذا، فعلى المسلم أن يتصف بهذا الوصف ليدخل في جميع دعاء المصلين. "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" هذه كلمة الإسلام التي لا يدخل المسلم إلا بها، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)).

"وأن محمداً عبده ورسوله" هذا في الصلاة في أشرف المواقف، ويذكر بالعبودية والرسالة، وتحقيق العبودية التي من أجلها خلق الإنس والجن، هذه هم المسلم الحقيقي، تحقيق هذه العبودية، الهدف الشرعي من إيجاد الجن والإنس {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] فنودي النبي، وذكر بهذا الاسم، أو بهذا الوصف في أشرف المقامات. "وأشهد أن محمداً عبده ورسوله" شهادة له بالعبودية، تتضمن هذه الشهادة عدم إطرائه، وعدم الغلو فيه، وشهادة له بالرسالة التي شرفه الله -جل وعلا- بها "وفي لفظ: ((إذا قعد أحدكم للصلاة فليقل: التحيات لله)) وذكره، وفيه: ((فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض)) وفيه: ((فليتخير من المسألة ما شاء)) " متى يتخير من المسألة ما شاء؟ يعني إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله يتخير من المسألة ما شاء؟ أو في نهاية .. ، قبل السلام يتخير من المسألة ما شاء؟ كما جاء ما يدل عليه في بعض الروايات، وهو موطن الدعاء، آخر الصلاة، الذي فيه الاستعاذة بالله من أربع، وفيه ما طلبه أبو بكر على ما سيأتي من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه التخير من المسألة ما شاء، يتخير من المسألة ما شاء في آخر صلاته، وأيضاً من مواضع الدعاء السجود، يتخير أيضاً من المسألة ما شاء. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم هذا رأيه، وهذا اجتهاده، والحديث محتمل، وقوله: ((ليتخير من المسألة ما شاء)) يعني من أمور الدين والدنيا، من أمور دينه ودنياه، خلافاً لمن قال: إن أمور الدنيا لا تطلب في الصلاة. سم. عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة -رضي الله عنه- فقال: ألا أهدي لكم هدية؟ إن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: ((قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)).

في هذا الحديث يذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "لقيني كعب بن عجرة" الصحابي الشهير المعروف "فقال: "ألا أهدي لكم هدية؟ "، "لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لكم هدية؟ " فلعله لقيه مع غيره، ولذا جمع الضمير، وما ينفع في الآخرة، وما يعين على قيام ديانة الإنسان أعظم ما يهدى للمسلم "ألا أهدي لكم هدية؟ إن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله" معشر الصحابة، جاء الأمر بالصلاة والسلام عليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] هذا أمر لا بد من امتثاله، وعلمهم النبي -عليه الصلاة والسلام- كيف يسلمون عليه، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، لكن كيف نصلي عليك وقد أمرنا بذلك؟ فعلمهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد)) والجمع بين إبراهيم وآله ثابت، وبعض الرواة يقتصر على إبراهيم، وبعضهم يقتصر على الآل، لكن الجمع بينها ثابت في الصحيح، على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، هذه الصيغة التي يسميها أهل العلم الصلاة الإبراهيمية، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أمروا بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في آية الأحزاب، فبين لهم الصيغة التي يتم بها امتثال الأمر في آية الأحزاب، لكن هل هذه الصيغة لازمة في الصلاة وخارج الصلاة بحيث لا يتم الامتثال إلا بها؟ يعني إذا سمعنا من يقرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] قلنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، يعني نجمع بينهما ليتم امتثال الأمر في الآية، أو هذا خاص في هذا الموضع؟ وفرد من أفراد المأمور به في آية الأحزاب؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يفسر العام ببعض أفراده للاهتمام بشأن هذا الفرد، والعناية به، فسر الظلم بالشرك، لكن هل

معنى هذا أن الذي يظلم نفسه ويظلم غيره بما دون الشرك يحصل له الأمن التام يوم القيامة، أو نقول: فسره بالشرك للاهتمام بشأن الشرك والعناية به؟ نعم، فسر القوة بالرمي: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] ((ألا إن القوة الرمي)) يعني ما في قوة إلا الرمي؟ أو نقول: فسر العام ببعض أفراده للاهتمام بشأن هذا المفرد والعناية به؟ لكن لو قلت: صلى الله عليه وسلم يتم امتثالك أو ما يتم؟ يتم، الأمة كلها على هذا قاطبة، إذا قلت: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام تم امتثالك للأمر في آية الأحزاب، إذا قلت هذا، وأهل العلم حملوه على الصلاة، وأدخلوه في كتاب الصلاة، وخارج الصلاة يتم امتثال الأمر بالمأمور به، وهو الصلاة والسلام، ولذا ينص بعض العلماء على أن من يفرد الصلاة دون السلام يقولون: مكروه، النووي قال: إفراد الصلاة دون السلام مكروه، واستدرك بهذا على مسلم في مقدمة صحيحه، والعكس لو أفرد السلام دون الصلاة مثله؛ لأنه لا يتم الامتثال إلا بالجمع بينهما، وابن حجر خص الكراهة بمن كان هذا ديدنه، يعني عمره كله يصلي ولا يسلم، أو العكس، هذا ما امتثل، لم يمتثل الأمر حتى يجمع بينهما، لكن ماذا عن الصلاة على الآل خارج الصلاة؟ من أهل العلم المتأخرين، ولا أعرف أحدهم من المتقدمين قاله، من أتهم العلماء قاطبة بأنهم تركوا الصلاة على الآل ممالأة للحكام، نقول: أبد ما عرف عن الأئمة كلهم، كتبهم بين أيدينا أنهم يصلون على غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، كتب السنة قاطبة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يأتي من يقول في القرون المتأخرة أنهم تركوا الصلاة على الآل ممالأة للحكام، ومداراة لهم، طيب الكتب متى صنفت؟ صنفت في دولة بني العباس، وهم من الآل، كيف يمالئون بني العباس وهم من الآل ويحذفون الآل؟ لا يمكن، يعني قال بهذا الصنعاني، وقال بهذا صديق وغيره، نشروا إفراد الآل بالصلاة مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأهملوا الصحب؛ لأنهم نشئوا في بيئات فيها شوب تشيع، فأثرت عليهم، فاتهموا خيار الأمة بأنهم تركوا الصلاة على الآل ممالأة للحكام، نقول: امتثال الأمر في الآية يتم بقولك -صلى الله

عليه وسلم-، لكن إذا عطفت الآل وهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولهم علينا حق، هذا خير، لكن امتثال الأمر بالآية إنما يتم بقولك: "صلى الله عليه وسلم" لكن إذا اتبعت الآل له -عليه الصلاة والسلام-، وأعني بهذا خارج الصلاة، فلتتبع الصحب، يعني إذا كان للآل علينا حق؛ لأنهم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن أي طريق وصلنا الدين ووصلنا الخير؟ إلا عن طريق الصحب، وإذا استشعرنا أن إفراد الآل شعار لبعض المبتدعة، وإفراد الصحب شعار لقوم آخرين من المبتدعة، قلنا: الجمع بينهما هو الأصل، وعقيدة أهل السنة تولي الطرفين، وأقول هذا خارج الصلاة، وأما الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- لا بد من هذه الصيغة داخل الصلاة؛ لأنها توقيفية، تعبدية، وهي تفسير للنص العام ببعض أفراده، وتفسير العام ببعض أفراده لا يقتضي التخصيص على ما مثلنا ونظرنا، وشاع بين الناس، الآن تسمعون كثير "صلى الله عليه وآله وسلم" والذي أشاعه. . . . . . . . . ما في شك إمام من أئمة المسلمين، ما أحد بيستدرك عليه، لكن كل له فهمه، فإذا صلينا على الآل نصلي على الصحب، هؤلاء لهم حق، وهؤلاء لهم حق، فهؤلاء هم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهؤلاء لهم حق على الأمة، ما وصل الدين إلا بسببهم، ما انتشر الإسلام إلا بواسطتهم، وقد يقول قائل: إن الآل يدخل فيهم الصحب؛ لأن المراد بالآل هم الأتباع على الدين، نعم صحيح هذا قيل به، لكن إذا قلنا: إن الآل كما جاء في بعض الروايات: ((اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته)) وخير ما يفسر به النص في موضعه ما جاء في رواية أخرى، فيكون خاصاً، فإذا اقتصرنا على الآل، والمراد بذلك جميع الأتباع على الدين، وهذا قول لبعض أهل العلم، وإن كان المرجح عند الشافعية وعند الحنابلة أنهم بنو هاشم وبنو المطلب، والخلاف في المسألة طويل جداً، لكن هذا تنبيه هذه مناسبته، تفسير الصلاة المطلوبة المأمور بها بهذا اللفظ تفسير للعام ببعض أفراده لا يقتضي التخصيص، وكون بعض الناس يتهم خيار الأمة بأنهم حذفوا الصلاة على الآل؛ لأنك لما تحاجهم تقول: أعطنا كتاب يخصص الآل في السلام، ما تجد، لا بخاري، ولا مسلم، ولا غيره من كتب السنة،

مستفيض عن أهل العلم هذا، أما كون الأمة كلها مالأت الحكام، وحذفوا الصلاة على الآل، هذا كلام لا يقوله أحد، وإن قال به من قال من المتأخرين، هذا اتهام لخيار الأمة. "فقال: ((قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد)) " والخلاف في الآل طويل استوفاه ابن القيم -رحمه الله تعالى- في جلاء الأفهام.

((كما صليت على آل إبراهيم)) وثبت ((كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) وثبت أيضاً في الموضع الثاني: ((كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) وثبت الاقتصار على إبراهيم، وثبت الاقتصار على الآل، وكله ثابت، لكن الذي يظهر الجمع بينهما، ومن اقتصر على إبراهيم فقد أحال على من روى، ومن اقتصر على الآل فقد قصر في الرواية، على كل حال الزيادات في الألفاظ وفي المتون التي يحفظها بعض الرواة دون البعض، هذه موجودة في السنة، الزيادات مقبولة عند أهل العلم من الثقات، إذا صحت أسانيدها. ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) الأصل أن المشبه دون المشبه به، نحن نطلب صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو أشرف الخلق وأكمل الخلق، كما صلى الله -جل وعلا- على خليله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، الذي هو أفضل الخلق بعد نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وأول من يكسى يوم القيامة، وفضائله لا تحصر، لكن أيهما أفضل محمد أو إبراهيم عليهما الصلاة والسلام؟ محمد أفضل إجماعاً، فكيف نطلب لمحمد صلاة مثل الصلاة على إبراهيم؟! لأن هذا يوحي بأنه دونه في هذا الباب، وليس الأمر كذلك، فأهل العلم ذكروا كلام كثير، منهم من قال: كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وفيهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني نريد قدر زائد على ما صليت به على محمد -عليه الصلاة والسلام- الداخل ضمن آل إبراهيم، ومنهم من يقول -وهو قريب من هذا لكنه- يقول: الثابت لمحمد -عليه الصلاة والسلام- عند الله -جل وعلا- قبل دعائنا، قبل أن ندعو له، الثابت له من الصلاة أفضل مما لإبراهيم وآل إبراهيم، لكن أمرنا أن نطلب له المزيد على ما ثبت له من الصلوات، كما ثبت لإبراهيم وآل إبراهيم، وقل مثل هذا في: ((وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد)) حميد مجيد من أسماء الله -جل وعلا-، فعيل صيغة مبالغة، معدولة عن فاعل أو مفعول، عن حامد أو محمود، ومثله مجيد، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو في صلاته: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال)) وفي لفظ لمسلم: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)) ثم ذكر نحوه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو في صلاته: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر)) " عذاب القبر ثابت بالنص القطعي، وهو مجمع عليه عند من يعتد بقوله من أهل العلم، وخالف في هذا بعض الطوائف كالمعتزلة، لم يثبتوا عذاب القبر، لكنه ثابت بالنص القطعي المتواتر تواتراً معنوياً، فالناس يعذبون في قبورهم بقدر معاصيهم، وأكثر ما يكون عذاب القبر مما نص عليه على المشي بالنميمة، وعدم الاستنزاه من البول، أكثر ما يكون من هذا، كما يقول أهل العلم ((ومن عذاب النار)) التي توعد بها الكفار والعصاة، فعلى المسلم أن يستعيذ بالله من عذاب النار؛ لأنه لا قدرة له عليها، سُمع شخص يقول: اللهم أعنا على عذاب النار، ما أنت بحاجة، يقول: اللهم أعنا على عذاب النار، هذا جائز. . . . . . . . .، لكن سبحان الله العظيم، لما أنكر عليه قال: أنا أسمعكم تقولون، هم يقولون: اللهم أعذنا من عذاب النار، جهل، لكن يبقى أن مثل هذا، بعض الناس لارتكابه بعض المحرمات والجرائم يقنط من رحمة الله، ومن عفو الله، ومن كرم الله، أنت تحت رحمة أرحم الراحمين، ما أنت برحمة فلان أو علان، سل ربك أن يعفو عنك، وأن يستر زلاتك، ويغفر ذنوبك.

((ومن فتنة المحيا والممات)) فتنة المحيا الإنسان يفتن في حياته، يشعر أحياناً أو لا يشعر، والفتن وقد بدت بوادرها تكثر في آخر الزمان، وأمرنا بالمبادرة بالأعمال خشية هذه الفتن، وقد وجد بعضها، وجد من يتكلم بكلام يخشى عليه من الزيغ بعد أن كان ممن يوجه الناس، ويتأثر الناس بكلامه، ممن يسمى في بعض اصطلاحات الناس من رؤوس الصحوة، وما أشبه ذلك من هذا الكلام، والآن يكتبون في الصحف، ويعلقون ويحللون تحليلات أشبه ما تكون أبعد الناس من الكتاب والسنة، مجرد اعتماد على أخبار من وسائل إعلام وتحاليل، طيب وين نصوص الكتاب والسنة؟ والعصمة بالكتاب والسنة، والمخرج من الفتن بالاهتمام بالكتاب والسنة ((ومن فتنة المحيا)) كثير من الناس يمسخ قلبه ولا يشعر، نسأل الله السلامة والعافية، ممسوخ القلب، وهو لا يشعر، وتستغرب أن يصدر بعض الكلام من بعض الناس فتجده بكل ارتياح يقوله، ولذا جاء في الحديث: ((يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً)) المسألة خطيرة، وإذا مسخ القلب فحدث ولا حرج، ما في فائدة، وأهل العلم يقررون أن مسخ القلب أعظم من مسخ البدن، مسخ البدن عقوبة، ويرجى أن تكون كفارة لما حصل من صاحبها، لكن مسخ القلب، خلاص ينتهي إذا ختم عليه، فذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- بعض الآثار التي تدل على كثرة الخسف والمسخ في هذه الأمة في آخر الزمان، وذكر مما ذكر أن الاثنين يمشيان في المعصية فيمسخ أحدهما خنزيراً، طيب الثاني إيش يصير عليه؟ يقول: الحمد لله على السلامة ويرجع، يستمر في معصيته، نسأل الله العافية، فأمرنا بالاستعاذة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، من فتنة المحيا حال الحياة، ومن فتنة الممات التي تكون في القبر ((إنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدجال)) ومنهم من يقول: إن فتنة الممات ما يحصل للمحتضر عند موته، قد يفتن، وقد يصرف عن دينه في آخر لحظة، فليتعوذ المسلم من هذه الفتن، ومن فتنة المسيح الدجال الأعور الكذاب الذي يخرج في آخر الزمان، يدعي الإلوهية، ويتبعه أناس لما يقع على يديه من خوارق، فيتبعه بعض الناس، والمحفوظ من حفظه الله -جل وعلا-، فأمرنا أن نستعيذ من هذه الفتن في كل صلاة، في لفظ مسلم: ((إذا

تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع)) اللام لام الأمر، وجمهور أهل العلم على الاستعاذة بالله من أربع سنة مستحبة، ليست بواجبة، ومنهم من أوجبها وهو الأصل؛ لأن اللام لام الأمر، وأمر طاووس ابنه عبد الله أن يعيد الصلاة لما ترك الاستعاذة من أربع، كما جاء في صحيح مسلم، أمره أن يعيد الصلاة، لكن حتى على القول بوجوبها؛ لأن اللام لام الأمر تكون من واجبات الصلاة، تجبر بالسجود، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . عامة أهل العلم على أنه إذا تشهد، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، حديث ابن مسعود، الذي يستدل به الحنفية على عدم وجوب السلام، نعم. عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فأغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي" يطلب من النبي أن يخبره بما ينبغي أن يختاره لنفسه من الدعاء؛ لأنه أمر بأن يتخير من المسألة ما شاء، فكونه يعتمد على ما يختاره له المعصوم أفضل مما يختاره لنفسه -رضي الله عنه وأرضاه-، فطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، وأداه إلى غيره، فرواه عنه عبد الله بن عمرو بن العاص؛ وتناقلته الأمة؛ لأن مثل هذا مما ينبغي أن يشاع، ولذا من تمام النصيحة لطالب العلم أنه إذا ضفر بفائدة يخبر بها أقرانه وزملاءه ومن يحتاجه، ما قال: علمني دعاء أدعو به في الصلاة، قال: فرصة هذه خاصة لي من دون الناس، ما الذي يميزني وأنا أفضل الأمة؟ أدع هذا يميزني عن الناس، لا، مثل هذا لا يمر بخواطرهم، ولا يجول في أفكارهم وأذهانهم "قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) " هذا الصديق أفضل الأمة بعد نبيه ظلم نفسه ظلماً كثيراً، الذين يتقلبون في المظالم ليل نهار، بل بعدد الأنفاس، تجد الواحد عند نفسه شيء، ولا شك أن الناس يتفاوتون في هذا الباب، يعني بين الذي يتعبد سبعين سنة ولا يسأل الله الجنة، يقول: يكفني أن ينجيني من النار، وبين من يجلس يتقدم إلى الصلاة ربع ساعة، أو نصف ساعة، أو يجلس بعد الصلاة ربع ساعة يقرأ القرآن، فإذا حُرك الباب انتظر التسليم {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] فهذا أبو بكر أفضل الأمة بعد نبيها يقول له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) هذا يدعو الإنسان إلى أن يعرف حقيقة نفسه، ولا يعجب بعمله، إذا كان هذا خير الأمة ظلم نفسه ظلماً كثيراً، فكيف بمن دونه؟!

((ولا يغفر الذنوب إلا أنت)) ما في أحد يغفر، لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، ولا ولي، ولا عالم، ولا أحد أبد يملك هذا، هذا خاص بالله -جل وعلا- ((ولا يفغر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك)) لا من عند غيرك ((وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)) هذه الجملة تعقيبية لما تقدم مناسبة جداً للمغفرة والرحمة، لكن هل يلزم في الدعاء أن يكون التعقيب والتوسل من الأسماء الحسنى بما يناسب الدعاء أو لا يلزم؟ يعني لو تقول: اللهم أغفر لي إنك أنت العزيز الحكيم، يعني جاء في أكثر من آية: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(118) سورة المائدة]. . . . . . . . . في التوبة، في آية الممتحنة التي آخر الصفحة من اليمين {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [(5) سورة الممتحنة] المهم أنه في مجموع آيات، فبعضهم يطلق، ويغفل عن مثل هذه النصوص، أنه ينتقى من الأسماء الحسنى ما يناسب الدعاء، بعضهم يجيب عن هذه الآيات، لكن في الآيات ما يدل على جواز ذلك، والأسماء الحسنى كلها مما يتوسل به، وتعقيب هذه الدعوة التي علمها النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا بكر بهذين الأسمين مناسب جداً، لكن لا يعني أنه لا يجوز بغيرهما، هو من أسمائه الحسنى، ليس من الاعتداء، لكن ينبغي أيضاً مراعاة الحال، أنه في حال ذل وانكسار وخضوع بين يدي الله -جل وعلا-، فلو اختار غير هذا الاسم لكان أولى، نعم. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة بعد أن أنزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح، إلا يقول فيها: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم أغفر)) وفي لفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم أغفر)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح" لأن فيها الأمر بالتسبيح، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يمتثل الأمر، أمتثله بالفعل، وكرره، وجاء في خبر عائشة أنه يتأول القرآن بقوله وفعله "بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول فيها: ((سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم أغفر لي)) " {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [(3) سورة النصر] ((سبحانك اللهم وبحمدك)) امتثال لهذا الأمر "وفي لفظ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده" هذا تسبيح وتنزيه وتحميد وطلب للمغفرة، وطلب المغفرة دعاء، فهل يخالف هذا ما جاء من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم))؟ هنا يقول في ركوعه: ((اللهم أغفر لي)) هذا يخالف وإلا ما يخالف؟ نعم، لكن المسألة مسألة غالب، مثل هذا الشيء اليسير بدليل طلب الكثرة في السجود، طلب الكثرة في السجود يدل على أن القلة في الركوع لا تنافي التعظيم، من باب المقابلة، أما كذا وأما كذا ((أما السجود فأكثروا فيه)) إذاً الركوع نعظم فيه الرب، لكن هل يمنع أن ندعو بدعاء ليس بكثير؟ لئلا نشبه الركوع بالسجود؟ لا يمنع، ودليله هذا الحديث، بدليل هذا الحديث، أن الشيء اليسير لا ينافي التعظيم، ولو قال قائل مثلاً: إن الدعاء من التعظيم، ما دعوت الله حتى عظمته، نقول: مقابلة الدعاء بالتعظيم يدل على أنه تعظيم بغير الدعاء، لكن الدعاء اليسير لا ينافي التعظيم، إذا خص العام ضعفت دلالته، فدخله هذا التخصيص. أقول: نكتفي بهذا اليوم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.

كتاب الصلاة (11)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (11) باب: الوتر - باب: الذكر عقب الصلاة - باب: الجمع بين الصلاتين في السفر الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم أغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين. يقول المؤلف -رحمه الله- في كتابه (عمدة الأحكام): باب: الوتر عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سأل رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر ما ترى في صلاة الليل؟ قال: ((مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى)) وأنه كان يقول: ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)). كمل اقرأ الحديثين. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر. وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل بثلاثة عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخرها. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الوتر

الوتر الفرد يقابله الشفع، فالأفراد تسمى أوتار، والأشفاع الأزواج تسمى شفع، فالوتر وهو الصلاة في الليل، التي هي آخر صلاة الليل، يكون بواحدة، ويكون بثلاث، ويكون بخمس، ويكون بسبع، ويكون بتسع، ويكون بإحدى عشرة وثلاثة عشرة، والواحدة ثبتت عن بعض الصحابة، أنه أوتر بواحدة، وقال بها جمع من أهل العلم، منهم من يرى أن أقل الوتر الثلاث، كما جاء في حديث عائشة: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يوتر بثلاث" والخمس الوتر فيه كما في الحديث الذي يأتي حديث الباب، ليوتر من ذلك بخمس لا يجلس إلا في آخرها، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أوتر بسبع لم يجلس إلا في آخرها، أوتر بتسع لم يجلس إلا بعد الثامنة، ثم جلس مع التاسعة وسلم، والوتر بإحدى عشرة أكثر من التسع. ((صلاة الليل مثنى مثنى)) إذا أراد أن يصلي أكثر من تسع، فصلاة الليل مثنى مثنى، على ما سيأتي، والوتر من آكد السنن عند جمهور العلماء، وجاء الأمر به: ((أوتروا أهل القرآن)) وغير ذلك مما يستدل به الحنفية بوجوبه، قالوا بوجوبه، وعلى كل حال هو من آكد السنن، واظب عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- سفراً وحضراً، ومن اعتاد ترك الوتر كما يقول الإمام أحمد رجل سوء، ينبغي أن ترد شهادته، فالوتر من آكد السنن، لا يليق بالمسلم تركه، ومن باب أولى طالب العلم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سأل رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر، ما ترى في صلاة الليل؟ " سأل رجل النبي -عليه الصلاة والسلام-، المبهم هذا قال بعضهم: إنه ابن عمر -رضي الله عنه-، وهذا من حرصه، وهو معروف بالحرص على الخير، ومنهم من يقول: هو أعرابي، وجاء في بعض الروايات: سأل أعرابي الرسول -عليه الصلاة والسلام- ... إلى آخره، وتعيين المبهم هنا يترتب عليه شيء وإلا ما يترتب عليه شيء؟ "وهو على المنبر، ما ترى في صلاة الليل؟ قال: ((مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة، فأوترت له ما صلى)) " نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

يخطب سواء كان في جمعة أو غيرها، يجوز لأنه -عليه الصلاة والسلام- يستغل الأوقات والظروف والمناسبات، وإذا وجد ما يناسب الخطبة خطب -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . نعم يوقف الخطيب، الكلام مع الخطيب ومن الخطيب جائز، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((هل صليت ركعتين؟ )) قال: لا، قال: ((قم فصل)) يجوز للإمام. . . . . . . . . مع الإمام. ((ما ترى في صلاة الليل؟ )) يعني في عددها؟ في كيفيتها؟ في فضلها؟ السؤال محتمل، لكن الجواب قال: ((مثنى مثنى)) فدل على أن الصلاة المطلقة من الليل مثنى مثنى، لا يجوز الزيادة على ركعتين، ويقرر أهل العلم أنه لو قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في فجر، يلزمه الرجوع إن لم يرجع بطلت صلاته. ((صلاة الليل مثنى مثنى)) وهذا مطلق، يعني له أن يصلي من الليل ما شاء، ويستدل بالإطلاق هذا من لا يرى التحديد، بالعدد الذي ذكرته عائشة، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يزيد لا في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، الإطلاق هنا يدل على أن لا حد لصلاة الليل، فلو صلى مائة ركعة، يشهد له هذا الحديث على أن يصلي مثنى مثنى، وحديث أيضاً: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يدل على هذا، وهو المرجح أن صلاة الليل لا حد لها، أما عائشة -رضي الله عنها-، وما ذكرته هو على حد علمها، وهذا اجتهادها، على أنه ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- ما يدل على الزيادة، ثلاثة عشرة ثابتة كما سيأتي في الصحيحين، خمسة عشرة موجودة في المسند وغيره، فدل على أن هناك زيادة، هذا على حد علم عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-، أو أنه لا يوتر بأكثر من إحدى عشرة، أما الصلاة المطلقة فيصلي ما شاء.

((فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة)) نعم هذا دليل من يقول بأنه يوتر بواحدة، وأن ما قبلها من الأشفاع لا علاقة له بالوتر، صلاة مطلقة تهجد ((صلى واحدة فأوترت له ما صلى)) يعني ليست بدليل صريح على أن الواحدة تكفي، نقول: هذا ليس بدليل صريح، يقول: ((صلى واحدة فأوترت له ما صلى)) جعلت كل ما تقدم وتر، عند من يقول بأن الواحدة لا تكفي، وهي ثابتة عن بعض الصحابة، وأنه كان يقول: ((اجعلوا أخر صلاتكم بالليل وتراً)) هذا الأفضل، وإلا فقد أوصى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الصحابة أن يوتر قبل أن ينام، كان أبو بكر -رضي الله عنه- يوتر قبل أن ينام، والأمر هنا: ((اجعلوا أخر صلاتكم بالليل وتراً)) أمر إرشاد، هو الأفضل لمن غلب على ظنه أنه يقوم من آخر الليل، الذي يغلب على ظنه أنه لا يقوم آخر الليل فيوتر قبل أن ينام. ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) هذا امتثل وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلى العشاء، وأوتر ونام، ثم تيسير له القيام فقام، والأمر هنا: ((اجعلوا أخر صلاتكم بالليل وتراً)) يفهم منه أن لا تصلوا بعد الوتر، من صلى بعد الوتر ما امتثل هذا الأمر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هذا لو عارضت منطوق، أما إذا لم تعارض منطوق فهي معتبرة. نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب: عارضت فعله -صلى الله عليه وسلم-. ((لا وتران في ليلة)). وجاء: ((لا وتران في ليلة))

هاه وش غيره في الباب؟ لأن أهل العلم يصورون في هذا أنه لا بد من ارتكاب مخالفة ((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل)) يعني من أوله إلى أخره، أجعلوا الوتر آخر شيء، منهم من يقول: لا يصلي بعدها، ومنهم من يقول: يصلي ركعة إذا قام من الليل تشفع له وتره، الركعة الواحدة توتر له ما قد صلى، والركعة الواحدة تشفع له ما قد أوتر، ظاهر؟ هذا قال به جمع من أهل العلم، وهو مخالف لحديث: ((لا وتران في ليلة)) مع أنه سوف يوتر على هذا الكلام ثلاث مرات، الآن إذا نقض الوتر أوتر من أول الليل قبل أن ينام، ثم استيقظ من آخر الليل فصلى ركعة، وهذا مأثور عن ابن عمر، ويقول به جمع من أهل العلم، تشفع له ما قد صلى؛ لأن الركعة التي توتر له ما قد صلى، الركعة هذه تشفع له ما قد صلى، موجود فاصل، لكن ... طالب: تشرع يا شيخ عبادة بركعة واحدة خلاف الوتر؟ هل يتعبد بركعة واحدة خلاف الوتر؟ أنتم الآن ظنيتم أني انتهيت من المسألة؟ الآن هذه الركعة التي صلاها منفردة، وصلى في أول الليل ركعة، وسيصلي في آخر الليل ركعة، في آخر صلاته، يصير أوتر كم مرة؟ ثلاث مرات، فوقع في مخالفة الحديث ((لا وتران في ليلة)) منهم من يقول: يوتر أول الليل إذا غلب على ظنه أنه لا يقوم، وإذا قام يصلي من الليل يصلي مثنى مثنى حتى يطلع الفجر، وخلاص الوتر وقع وانتهى، ويكون الأمر ((اجعلوا أخر صلاتكم)) هذا أمر إرشاد، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، فدل على أن هذا هو الأولى، الأولى أن يكون الوتر في آخر الصلاة، لكن إذا وقع لا يمنع من إيجاد صلاة بعد الوتر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، وهذا الأولى أن لا ينقض الوتر؛ لأن نقض الوتر يوقع في مخالفة الحديث: ((لا وتران في ليلة)) فلا ينقض، ولا تترك الصلاة من أجل أنه أوتر، ولا صلاة بعد الوتر، لا، النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، إذاً يصلي بعد الوتر ما تيسير له. طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . .... مثنى مثنى. طالب:. . . . . . . . .

أي نعم هي لبيان الجواز، الأفضل أن يكون آخر الليل الوتر، آخر صلاة الليل الوتر، وفعله -عليه الصلاة والسلام- .. ؛ لأن هذا أمر، فإذا خالف الأمر هذا فعله -عليه الصلاة والسلام- دل على أنه صارف من الوجوب إلى الاستحباب. طالب: أحسن الله إليك يا شيخ بالنسبة لـ ((لا وتران في ليلة)) ممكن ما يحمل على الحقيقة الشرعية، وإنما يحمل على عدم وجود وتران؛ لأن الله -عز وجل- وتر، فالذي يوتر مرتين ما تحقق في حقه الوتر؟ إيه هذا يؤيد ما قلناه، هذا ما يعترض مع ما قلناه، ولا يعترض مع مفهوم حديث: ((لا وتران)) يعني ما هو يعارض ((لا وتران في ليلة)). طالب: أنا أقصد يا شيخ أحسن الله إليك إذا نقض الوتر الآن بركعة ما يكون قد وقع في النهي الآن. طالب:. . . . . . . . . وراه؟ بيصير أوتر ثلاث مرات الآن. طالب: لأننا ما نحمل على الحقيقية الشرعية .... لا وتران في ليلة، اعتبره خبر يا شيخ؛ لأن ما هناك وجود وتران في ليلة، ما يمكن يقع وتران في ليلة، لا بد أن تكون واحدة، يعني الذي يوتر مرتين ما عليه شيء. هو خبر، لكنه يراد به النهي؛ لأن الخبر يأتي ويراد به النهي، يأتي النهي على صيغة الخبر، كما أنه يأتي الأمر على صيغة الخبر، ويكون حينئذٍ أبلغ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [(233) سورة البقرة] {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [(228) سورة البقرة] هذه أخبار، لكن هل يراد أنه مجرد خبر، أو المراد الحكم المترتب على هذا الخبر؟ لا لا هذه أخبار يراد منها الأوامر.

"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من أول الليل، وأوسطه، وأخره" أوتر من أول الليل، وأوتر من أوسط الليل، وأوسط من آخره، فانتهى وتره إلى السحر، يدل على أن نهاية وقت الوتر السحر، بداية وقت الوتر بعد صلاة العشاء، ونهايته السحر، فإذا طلع الصبح فلا وتر، وفي الحديث: ((فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة)) "وانتهى وتره إلى السحر" هذا دليل على أن الوتر وقته ينتهي بطلوع الفجر، خلافاً لمن يقول: إنه يقضى بعد طلوع الفجر، نعم فعله بعض الصحابة، قضوا الوتر بعد طلوع الفجر، لكن في هذين الحديثين دلالة صريحة على أنه بعد طلوع الصبح لا وتر، انتهى وقته، لكن هل يقضى بعد ذلك؟ يعني بعد ارتفاع الشمس؟ نعم يقضى، ولا يقضى على وقته؛ لأن الوتر في الليل وليس في النهار، من صلاة الليل وليس من صلاة النهار، صلاة النهار وترها المغرب، كما أنه لا وتران في ليلة لا وتران في يوم، صلاة المغرب هي وتر النهار، كما جاء في الحديث "وإلا المغرب فإنها وتر النهار". طالب: وقت الوتر يبدأ من العشاء حتى لو جمعت الصلاتين؟ ولو جمعت، ما دام من صلاتها، من صلاة العشاء، ما قيل: من وقت العشاء، معلق بالصلاة.

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاثة عشرة ركعة" طيب يا أم المؤمنين أين قولك: ما زاد رسول الله؟ ما كان يزيد على إحدى عشرة؟ نعم؟ ما كان يزيد، وهنا تقول: ثلاثة عشرة، اختلفوا في الركعتين، في توجيه هذه الزيادة زيادة الركعتين للجمع بين الأحاديث، فمنهم من قال: الركعتان هما راتبة العشاء، ومنهم من قال: الركعتان بعد الوتر، المقصود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبتت عنه الزيادة، وحديث الخمسة عشرة أيضاً موجود، فدل على أن قولها -رضي الله تعالى عنها وأرضاها- على حسب فهمها، فالزيادة مطلوبة وليست ببدعة، والإكثار من التعبد سنة ((صلاة الليل مثنى)) ما الذي يعارض هذا الإطلاق؟ و ((أعني على نفسك بكثرة)) والعلماء يختلفون في الأفضل من تكثير عدد الركعات مع التخفيف، أو تقليل عدد الركعات مع التطويل؟ هل المشروع إطالة القيام والركوع والسجود، وتقليل العدد، أو المشروع تكثير العدد مع التخفيف؟ ولكل من الصورتين أدلته، فـ ((أعني ... بكثرة السجود)) هذا يدل على أن الكثرة مطلوبة، النبي -عليه الصلاة والسلام- قيامه، والقيام، طول القيام هو القنوت، يعني مما يطلق عليه القنوت طول القيام، وصلاة الليل تسمى قيام، فدل على أن طول القيام مطلوب أيضاً، فإذا صلى في ثلاث ساعات نفترض، شخص يريد القيام ثلاث ساعات، هل نقول: إن الأفضل لك أن تقرأ في هذه الثلاث الساعات وتصلي ثلاثة عشرة ركعة، وتقرأ فيها خمسة أجزاء مثلاً، أو تصلي أضعاف هذا العدد، وتقرأ فيها أقل؟ لكل منهما وجه، والإطلاق مثنى مثنى، وأعني بالكثرة أيضاً يدل على أن الكثرة مطلوبة، وعلى كل حال من وافق صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كيفية وكمية فهو أولى؛ لأن الله لا يختار لنبيه إلا الأفضل، فمن صلى بإحدى عشرة، أو ثلاثة عشرة، واستغرق من الوقت ما يستغرقه من يصلي أضعاف ذلك مع طول القراءة وطول الركوع وطول السجود، لا شك أنه أكمل، والحد للقيام، الحد الإجمالي هو الوقت، سورة المزمل إيش فيها؟ {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} [(2 - 4) سورة المزمل] هذا تحديد بالوقت، دل على

أن الإنسان لو اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في الكمية والكيفية فهو أكمل، يعني لو تصورنا أن الإنسان يبي يقرأ خمسة أجزاء في إحدى عشرة ركعة، ويترسل فيها، ويطيل الركوع والسجود، ويستغرق عليه ثلاث ساعات مثلاً، أفضل ممن يصلي أضعاف هذا العدد بقراءة أقل، وبقيام أقل، وبسجود أقل، وحضور قلب أقل في الغالب، لكن إذا كان هذا أنفع له، إذا أطال سرح ذهنه، وما عقل من صلاته شيء؛ لأنه ورد عن بعض الصحابة أنهم يبادرون بها الشيطان، كيف يبادرون بها الشيطان؟ طالب: ما يطيلون.

نعم إذا أطال دخل الشيطان، وصار له مجال، وهذا بالنسبة لبعض الناس دون بعضهم، بعض الناس كلما يطيل يتلذذ، يتلذذ بالمناجاة إذا أطال، بينما لو استعجل وكذا، لا يقول شخص: أنا كبير سن، لا أطيق القيام، ولا أنا صغير سن أنا مشغول، وذهني مشتت، لا، لا، الذي يتعامل مع الله -جل وعلا- في هذه العبادة هو القلب، تجده بعضهم في العشرين والخمسة والعشرين والثلاثين من طلاب العلم وعندهم رغبة في الخير، لكن الصلاة يستثقلونها، وعنده استعداد يقف عند باب المسجد يكلم صاحبه إلى الصبح، لكن إذا صف يصلي راح، وأدركنا شخصاً جاز المائة من عمره، تجاوز المائة ويصلي خلف الإمام صلاة التهجد، يقرأ خمسة أجزاء هذا الإمام، وصوته عادي أيضاً، يعني ما هو يقال: والله مبسوطين من قراءته، ومرتاحين، لا، صوت عادي، في صلاة التهجد آخر ركعة سمع هذا الإمام صوت مؤذن، والعادة جرت أن المؤذن يؤذن إذا انتهت الصلاة، فظن أنه تأخر على الجماعة، فخفف الركعة الأخيرة، فلما سلم ماذا حصل له من هذا الشيخ الكبير الذي جاز المائة؟ تكلم عليه بقوة، يا فلان لما جاء وقت اللزوم تخفف الصلاة؟! هو يصلي واقف عمره مائة، هذا لا شك أنه تعرف إلى الله في وقت الرخاء. . . . . . . . . يبغي له تاريخ، ما هي مسألة يجئ الإنسان من لا شيء، ثم يبي يصير شيء، أبداً، وهذا في العبادات كلها، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، والإنسان إذا صلى مع إمام يقرأ ورقة في صلاة التهجد قال: أطال بنا هذا وين؟ الله المستعان، طول علينا وين؟ تجد المساجد التي عرف أئمتها بالتخفيف تزدحم، والله المستعان، والتعامل في هذه العبادة مع القلب لا مع البدن، الصحابة يؤتى بأحد منهم يهادى بين الرجلين، ونحن نتقلب في نعم الله، وإذا دخلنا الصلاة نحسب متى ينتهي؟ ووضعت الساعات أمام الناس، صاروا بس يحسبون الدقائق، ولو تهيأ لهم تفرك الساعة على شان يغتر بها الإمام ويخفف، فهذا واقع الأمة الآن، يعني يندر أن تجد، والأمة فيها خير، لكن الغالب أنه يقل أن تجد من يتلذذ بالمناجاة في هذه العبادة؛ لأنهم ابتلوا بأمور غطت على قلوبهم، يعني توسعوا في الدنيا، والتوسع في الدنيا لا شك أنه على حساب الآخرة، يعني تصور بيت

منقوش فيه سائر النقوش، ومزخرف وكذا، وين القلب الذي يحضر في هذا المكان؟ ومع الأسف الشديد أن بيوت الله الآن دخلتها الزخارف، زخرفت، والله المستعان. "كان يصلي من الليل -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس .... أربع فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربع، ثم يوتر بخمس بسلام واحد" والعدد بالنسبة للوتر يختلف فيه أهل العلم، منهم يرى الوقوف على الإحدى عشرة، ومنهم من يرى الثلاث والعشرين؛ لأن عمر بن الخطاب جمع الصحابة على أبي، فكان يصلي بهم عشرين ركعة، ويوتر بثلاث، ومنهم من يرى الأربعين، ومنهم من يزيد، ومنهم من ينقص، على كل حال هذا الخلاف يدل على أن المسالة فيها سعة. طالب: يعارض صلاة الليل مثنى مثنى. لا ما يعارض؛ قلنا: الوتر لا يدخل، لو صلى بسبع أو بتسع، سلام واحد. طالب: القول بأن صلاة التراويح تختلف عن صلاة الوتر، بمعنى أن الخلاف فيها يختلف هل هذا معتبر؟ التراويح مثنى مثنى. طالب: العدد هل ينطبق عليه الخلاف في الوتر أو لا تدخل؟ لا هم الذين يلزمون بالعدد يقولون: بما في ذلك التراويح، لا يزيد، يصلي ثمان تراويح، ويوتر بثلاث. طالب: يا شيخ يجوز وصل الثلاث؟ الوصل؟ طالب: نعم. لا مانع، يسلم من آخرها، لكن الممنوع عند أهل العلم ويقول به الحنفية أن تشبه بالمغرب، الجلوس بعد الثانية، ما يكون الجلوس إلا بعد الثامنة. طالب: صلاة التراويح والتهجد يعني يطال في التهجد خلاف التراويح في رمضان؟ باعتبار أن الوقت يختلف، وقته هذا في أول الليل والناس مشغولين وأذهانهم غير مجتمعة، وأخر الليل مظنة إجابة من هذه الحيثية، لكن الإشكال ما هو بهذا، يعني الذي يفصل بين صلاة أول الليل، ويجعل لها صفة تناسبها، وصلاة آخر الليل يجعل لها صفة تناسبها، ماشي هذا له وجه، لكن إذا كان مما يقرن، يقرن .... صلاة التراويح خمس تسليمات، ثم يصلي تسليمه أو تسليمتين من التهجد، الخمس يخففها والتسليمتين يخففها، باعتبار أنها اسم تهجد، ثم بعد ذلك يصلي ثلاث تسليمات في آخر الوقت. طالب: على اعتبار يا شيخ لعله يريد أن يطبق إحدى عشر ركعة؟

باب: الذكر عقب الصلاة

ما هو بمطبق، با يطبق ثلاث وعشرين هو، لكن الكلام في التسليمة الخامسة والسادسة، يعني السادسة تعادل الخمس، لماذا؟ لأنها تهجد، وهاذيك تراويح، ليش تهجد؟ وش اللي خلاها تهجد؟ لأنها أخذت من صلاة التهجد، صارت تهجد؛ لأنها ... تحسم من صلاة التهجد، فصارت صلاة تهجد، وينطبق عليها وصف التهجد. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، لا أبد، هذا من التفريق بين المتماثلات ما له أصل أبداً، نعم. باب: الذكر عقب الصلاة عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته. وفي لفظ: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بالتكبير. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب الذكر عقب الصلاة، يعني الصلاة المكتوبة، الأصل في الصلاة أنها المكتوبة، ولذا النوافل والجنازة والاستسقاء والعيد والكسوف لا تقيد بالأذكار المقيدة بعد الصلوات من تسبيح وتهليل وتحميد، لكن هل يشملها حديث معاذ ((أحبك فلا تدع أن تقول بعد كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك)) فيشمل هذه الصلوات، فيشمل الجنازة، يشمل العيد، يشمل الاستسقاء، يشمل الكسوف؟ أو أن هذا خاص بالصلاة المعهودة التي هي الصلوات الخمس؟ التسبيح والتحميد المائة هذه خاصة بالصلوات الخمس، جاء في الوتر بعده يقال: سبحان الملك القدوس ثلاثاً، يمد صوته بالثالثة، هذا بعد الوتر، لكن ما عد الوتر من نوافل هل لها أذكار بعدها؟ الذي يظهر من تصرفهم أنها أذكار خاصة بالفرائض، أهل العلم إنما حملوا ما جاء من أفكار بعد الفرائض، وحديث معاذ محتمل، ولو قاله أحد بعد فراغه من صلاة النافلة يشمله النص لعمومه. طالب:. . . . . . . . . في إيش؟ طالب:. . . . . . . . .

في الركوع "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" أما بعد الوتر: "سبحان الملك القدوس" في النسائي وغيره. "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رفع الصوت بالذكر حينما ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وإذا أضاف الصحابي الفعل إلى العهد النبوي صار له حكم الرفع، فدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته يرفعون أصواتهم بعد انقضاء الصلاة، ولذا ما كانوا يعرفون انقضاء صلاة الرسول الله -عليه الصلاة والسلام- إلا بالتكبير، والمراد بالتكبير مطلق الذكر الذي منه التكبير، فالتكبير فرد من أفراده. "كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته" يعلم إذا انصرفوا ابن عباس صغير احتمال تفوته الصلاة، واحتمال أن يصلي في مؤخرة المسجد، في آخر الصفوف، فيعرف ذلك بالتكبير، ولو كان قريباً من الإمام لعرف ذلك بالسلام. "كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته" وفي لفظ: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بالتكبير" القريب يعلم انقضاء الصلاة بالتسليم، والبعيد الذي لا يسمع التسليم يعرف ذلك بالتكبير، وعرفنا أن المقصود الأذكار المشروعة بعد الصلاة، لا خصوص التكبير، وإن قال به بعضهم، بعضهم مجرد ما يقول: السلام عليكم ورحمة الله، الله أكبر، إتباعاً لنص الحديث، ومنهم من يقول: إنه لا يراد حقيقة التكبير، وإنما يراد الذكر الذي التكبير فرد من أفراده، ففي الحديث دليل على استحباب رفع الصوت بالذكر عقب المكتوبة. طالب:. . . . . . . . . ما هو بجماعي، يعني كونه يحدث صوت من صوت المجموع، من صوت مجموع الناس نعم، لا يعني أنهم يتفقون على أداء اللفظ، بدليل أنك تدخل على صلاة الجمعة قبل دخول الإمام فتجد الصوت مرتفع، والأصوات يرتج بها المسجد، لكن هل معنى أنهم يقرؤون قراءة واحدة من سورة واحدة، على نغمة واحدة، لا، فباجتماع الأصوات المختلفة توجد مثل هذا، فليس فيه مستمسك لمن يقول: بالذكر الجماعي. طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . وما يأتي بعده يأتي تفصيله .... طالب:. . . . . . . . . يجهر فيها إيه، كل الأوقات يجهر بها. نعم.

عن وراد مولى المغيرة بن شعبة قال: أملى علي المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- في كتاب إلى معاوية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) ثم ذهبت بعد ذلك إلى معاوية -رضي الله عنه- فسمعته يأمر الناس بذلك. وفي لفظ: كان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، وكان ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن وراد مولى المغيرة بن شعبة -وكاتبه- قال: أملى علي المغيرة في كتاب إلى معاوية -رضي الله عنه-" فدل على اعتبار المكاتبة في الرواية، وأنها طريق معتبر من طرق التحمل والأداء، فالمكاتبة كتب المغيرة أملى على غلامه ومولاه أن يكتب إلى معاوية، في حديث ابن بريدة قال: كتب أبي وكتبت عنه إلى أخي، وكان يومئذٍ قاضياً، فالكتابة معروفة بين الصحابة والتابعين ومن دونهم، وهي طريق معتبر عند أهل العلم من طرق الرواية.

"أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول في دبر كل صلاة: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) " الدبر يحتمل أن يكون من جزء الشيء، ملتصق به، قبل الفراغ، ويحتمل أن يكون منفصلاً عنه بعد انقضائه، من ذلك دبر الدابة، لكن أي الاحتمالين يرد هنا؟ يعني بعد الفراغ من الصلاة أو قبل السلام؟ شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وضع قاعدة أن ما كان من الأذكار بعد الصلاة، من الأدعية قبل السلام، المقصود أن هذه القاعدة عند شيخ الإسلام هو يطردها في العبادات كلها، الأدعية داخل العبادة، الأذكار بعد العبادة، وهنا دبر كل صلاة مكتوبة، يعني بعد انقضائها، والسلام منها؛ لأنه ذكر، لكن .. ، ويقرر أن قول: ((اللهم أعني على ذكرك وشكرك)) لأنه دعاء يكون قبل السلام، واللفظ محتمل، لكن ماذا عن قول: ((ربي قني عذابك يوم تبعث عبادك)) قبل السلام وإلا بعده؟ هو ذكر وإلا دعاء؟ دعاء، وهو قبل السلام وإلا بعده؟ كان إذا أنصرف من الصلاة قال، فتنخرم قاعدة شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، ويبقى الاحتمال في حديث معاذ، يبقى الاحتمال قائم هل هو بعد السلام أو قبله؟ لأن القاعدة انخرمت، وعلى هذا لا يلزم أن يقال قبل السلام، يعني من قاله قبل السلام اللفظ محتمل، ومن قاله بعد السلام اللفظ محتمل. طالب: واللي يجمع بينهم يا شيخ على قاعدة ... يجمع بينهم قبل السلام وبعده؟ يعني في صلاة واحدة أو في صلاتين؟ طالب: .... يقولها قبل السلام ثم يعيدها بعد السلام.

يقول في صلاة واحدة؟ أقول: النووي بينا طريقته مراراً، وأنه إذا اختلفت عنده الروايات حمل على التعدد، وحمل على أنه يقال هذا وهذا، ما عنده مشكلة في هذا، ومن حرصه على الخير لا يفوت شيء -رحمة الله عليه-، لكن من عنده جرأة مثل شيخ الإسلام، جرأة، لكن ليست من فراغ، بعض الناس ما ينقصه جرأة، لكن لا تستند إلى علمه، فيقع في المهالك، شيخ الإسلام جرأته مستندة إلى علم، إلى إحاطة، إلى فهم للنصوص، وإحاطة بها، وفهم لمقاصد الشرع، وإلا من منا أو من آحاد المتعلمين من يسمع قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((أحابستنا هي؟ )) ثم يقول: الحائض لا تحبس الرفقة؟ ألا يجبن طالب العلم أن يقول مثل هذا الكلام؟ الرسول يقرر أنها تحبس، وهو يقول: الحائض لا تحبس الرفقة؟ لكن يستند إلى علم، يعني إحاطة بنصوص الشريعة وبمقاصدها، وأن الشرع جاء فيه من الرخص ما هو أقل من ذلك، لكن أيضاً الإنسان ... ، الإمامة في الغالب أنها ما تنال إلا بمثل هذا، الذي يجبن عن أن يدخل في المسائل الكبار، أو يجبن عن أن يبدي رأيه في عضل المسائل في الغالب أنه يستمر على وضعه، لكن أيضاً الإنسان يوازن بين أموره، إذا كانت إحاطته ومعرفته بالنصوص، ومقاصد الشرع ما تؤهله إلى أن يجرأ على مثل هذا عليه أن يكون وقاف، وهو الأصل، فشيخ الإسلام قرر هذه القاعدة، وتلقفها الناس عنه، وعملوا بها، وأنكروا على غيرهم، لكن أقول: المسألة ليست من مسائل الإنكار، من قالها قبل السلام اللفظ محتمل، ومن قالها بعد السلام اللفظ محتمل.

"دبر كل صلاة مكتوبة: ((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) " في بعض روايات الصحيح في كتاب الرقاق يقولها ثلاث مرات، وفي بعض الروايات من الصحيح في هذا الموضع مرة واحدة، فهذا من اختلاف النسخ، روايات الصحيح، ما هي بالروايات في الصحيح، فرق بين الروايات في الصحيح، وبين الروايات الصحيح، يعني في هذا الموضع اختلف الرواة عن البخاري في إثبات الثلاث، وحينئذٍ نحتاج إلى إيش؟ إما أن نعتمد أقوى الروايات عن البخاري، وابن حجر يقرر أن رواية أبي ذر، نعم رواية أبي ذر هي أوثق الروايات، ومنهم من يرى أنه إذا روي الحديث من طريق البخاري، رواه أحد الأئمة المتأخرين مثل البيهقي أو الحاكم أو غيرهم، ورجح إحدى الروايات فهي المرجحة؛ لأنه رجحها إمام، فهي الراجحة عندهم، أفضل من ترجيح غيرهم، ... فائدة يحرص عليها طالب العلم، فائدة. . . . . . . . . طالب: يعني يُعتمد على ما يثبته. . . . . . . . .

إيه لا شك، يعني لو أثبت البغوي وهو إمام من أئمة المسلمين، روى الحديث من طريق البخاري، البخاري النسخ مختلفة فيه، نسخ صحيح البخاري، وأثبت البغوي أحد هذه الصور، أو الوجوه المختلف فيها، أو أثبت رواه البيهقي من طريقه، نعم ترجيح من البيهقي، ترجيح من البغوي، هؤلاء أئمة، تلقوا العلم من أهله. . . . . . . . . أهل العلم، مسألة مدركة وإلا ما هي بمدركة؟ عندنا هذا الحديث في صحيح البخاري في كتاب الرقاق يقولها ثلاثاً، ثلاثاً هذه عليها رقم تجد في الونينية تقول: كذا في نسخة أبي ذر، ولا توجد عند المستملي والسراخسي، يعني من رواة الصحيح، فهل نقول: إن في البخاري ثلاث وإلا واحدة؟ نحتاج إلى موازنة بين الرواة في البخاري، يعني ما هي موجودة في جميع رواة البخاري، نحتاج للموازنة بين رواة البخاري، العلماء رتبوا الرواة، وجعلوا بعضهم فاضل، وبعضهم مفضول، لكن أنا أقول: إن الترجيح من خلال من يروي الحديث من طريق البخاري من الأئمة، يعني رواه البيهقي ورجح واحدة، يعني ذكره مرة واحدة، أو رجح ثلاث، ورواه البغوي كذلك، ورواه الحاكم كذلك، لا الحاكم ما يتصور أنه يروي من طريق البخاري، البيهقي والبغوي، أو نقول: كل أحد؛ لأن هؤلاء أئمة يروون الأحاديث بالأسانيد، أصول، تعتبر أقوالهم. طالب:. . . . . . . . . يقصدون إيه. طالب:. . . . . . . . . إيه، تبقى أنها رواية، لكن أرجح الروايات؟ الحديث ما نقل إلا على وجه واحد، يعني هل نقول: إن الرسول يحتمل مرة قال كذا ومرة قال كذا؟ هو حديث واحد، ومخرجه واحد، فلا بد من الترجيح، هو جاء لفظ واحد، ومخرجه واحد، وحديث واحد، ونقول: مرة نقولها ثلاثاً، ومرة نقولها واحداً؟ نجزم بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قالها إلا مرة واحدة، إما ثلاثاً وإما واحدة، فلا بد من الترجيح. طالب:. . . . . . . . . كتبهم البغوي في شرح السنة، والبيهقي في كتبه ... طالب:. . . . . . . . . ما راجعتها. طالب: هذه عندي -أحسن الله إليك- عند عبد بن حميد، الشيخ ابن باز قال: إنها لا بأس بها بإسناده. أين الثلاث وإلا الواحدة؟ طالب:. . . . . . . . .

الثلاث هي في البخاري، لكن نريد نثبت في البخاري، ولن نستطيع أن نثبت من طريق عبد بن حميد، ولا فلان ولا علان، ولا سنن أبي داود، نثبت من طريق من يروي عن طريق البخاري، طريق البخاري بالإسناد المذكور في صحيحه، هذا. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . والله ما راجعتها. "يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: ((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت)) " في بعض الألفاظ: ((ولا راد لما قضيت)) السند لا بأس به، السند جيد، يثبت بمثله ((ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) صاحب الحظ لا ينفعه حظه من الله، ولا يغنيه من الله شيئاً. "يقول: ثم وفدت بعد ذلك على معاوية، فسمعته يأمر الناس بذلك" تلقاه عن صحابي، يضيفه الصحابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا مندوحة من العمل والأمر به. "وفي لفظ: كان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال" قيل وقال الكلام، كثرة الكلام والحديث بما يعني الإنسان وما لا يعينه، وأن يحدث بكل ما سمع، وهذه مهنة كثير من الناس اليوم، قيل وقال، وإذا جاء الكلام النافع استثقله، ولا محالة، إذا جاء ما ينفعه استثقله، إذا كان وقته كل معمور. . . . . . . . . طالب:. . . . . . . . . هو المرفوع ثابت من حديث معاوية أيضاً. "كان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال". طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . هو ثابت من حديث .. ، الآن الأصل هو من حديث المغيرة، ومعاوية. . . . . . . . . المغيرة، والذي ينهى هو الرسول -عليه الصلاة والسلام-. "ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال" المال مال الله وإضاعته لا تجوز، إضاعة المال يعني دون فائدة دينية أو دنيوية لا تجوز.

"وإضاعة المال، وكثرة السؤال" يشمل السؤال عن الدنيا وعن الدين أيضاً، الكثرة مذمومة، يعني يسأل الإنسان عما يهمه من أمر دينه ودنياه، ويسأل الناس من اضطر إلى سؤالهم إياه، ومن سأل تكثراً لا يجوز، جاء الوعيد على ذلك، لكن إن اضطر إلى المسألة حصلت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحذر منها، تبقى أنها تقدر بقدرها عند الحاجة لا بأس، ولا تجوز عند عدمها، والسؤال في مسائل الدين لا يخلو إما أن يكون لمسائل واقعة، جاء الأمر به {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] وإن كان. . . . . . . . . أو أغلوطات والهدف منها التعجيز، هذه جاء النهي عنها، وكره السلف تشقيق المسائل، والسؤال عنها، والسؤال عما لم يقع، لكن منهم من يحمل النهي على وقت التنزيل، الذي يحتمل أن يسأل عن شيء فيحرم بسببه، وجاء أن مثل هذا من أعظم الناس جرماً، لكن بعد وقت التنزيل، ومن أجل تمرين الطلاب، العلماء تتابعوا على تشقيق المسائل، وبيان حكمها. . . . . . . . . "وكان ينهى عن عقوق الأمهات" طالب:. . . . . . . . . سؤال طلب المال يدخل دخول أولي، سؤال طلب المال جاء النهي عنه بنصوص مستقلة. طالب: لأنه هنا قال: كثرة، لا تدخل السؤال فيها، قال: ينهى عن كثرة السؤال، ألا تدخل فيها طلب المال؟ يعني مجرد .. ، حتى كثرة السؤال يتصور في المال، هذا يكفيه في الشهر ألف، ثم يلح ويطلب ويزيد على ألف، الكثرة مذمومة. "وكان ينهى عن عقوق الأمهات" لعظم حقهن، وإلا أيضاً عقوق الآباء محرم. "ووأد البنات" كانت عادة في الجاهلية يفعلونها. . . . . . . . . العار، الهدف صحيح، لكن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة، الغاية والهدف لا تبرر الوسيلة المحرمة، وأد البنات كان من عاداتهم أنهم إذا بلغت البنت مبلغاً ست سنوات أو سبع سنوات، طلب من أمها أن تجملها ليذهب بها إلى أقاربها لزيارتهم، ثم يذهب بها فيدفنها وهي حية، نسأل الله السلامة والعافية. "ومنع وهات" .... الجشع، وأن القلب أشرب الشح بمنع الواجب "وهات" غير المستحق، يصير بعض الناس أبداً جماعاً، مناع، هات بس، لكن خذ ما في، القاموس ما فيه خذ، ما فيه إلا هات، وبعض الناس ما شاء الله العكس، والله المستعان.

خذ الحديث الثالث. طالب: أحسن الله إليك: عوداً على القاعدة اللي قبل قليل، ما يتعلق بالبخاري، قلت: لو اختلف حماد. . . . . . . . . مع مثلاً الفربري. . . . . . . . . يعني البيهقي مثلاً يمر بنفس طريق واحد منهم، هل يثبت هذا؟ إيه يثبت، هذا دليل على أن البيهقي اعتنى بهذه الرواية، فيعطيها قوة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ... ((يحيي ويميت)) هذه لم ترد في حديث المائة، المائة لم يرد فيها ((يحيي ويمت)) ولا ما بعدها، المائة التي هي الحرز، ليس فيها. . . . . . . . . العشر بعد الصبح وبعد المغرب فيها يحيي ويميت، وهذه الرواية شوف عندك نص، ليس فيها ذلك، فتنزل الألفاظ في منازلها. طالب:. . . . . . . . . حتى نقف على الوارد، على الإنسان أن يقف ... ؛ لأنها جاءت في بعض المواطن، ولم تأتِ في مواطن أخرى. عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه فقراء المهاجرين أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم؟ )) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاث وثلاثين مرة)) قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) قال: سمي فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث، فقال: وهمت، إنما قال: ((تسبح الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبر الله ثلاثاً وثلاثين)) فرجعت إلى أبي صالح فذكرت له ذلك، فأخذ بيدي فقال: قل: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله حتى تبلغ من جميعهن ثلاثاً وثلاثين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن فقراء المسلمين" وهو واحد منهم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أن فقراء المسلمين، ما تجئ والله. طالب:. . . . . . . . . أشار إلى ... طالب: الأصل المسلمين ثم صوب فوقها. نظر عندك؟ على كل حال هذا ما يؤثر، الخلاف ما يؤثر، سواء كانوا من المسلمين عموماً، أو من المهاجرين، أو من الأنصار، المقصود أنهم قوم فقراء، أهمهم أن يسبقهم الأغنياء، وليس جمع المال أو النجاح في التجارات من كسبهم. "أن فقراء المسلمين أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور" الدثور الأموال "بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، قال: ((وما ذاك؟ )) " يعني ما يلزم يا إخوان أن الذي عنده أموال طائلة، ويتصدق وينفق ثم بعد ذلك يسبق غيره حتى يكون المكسب طيب؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وهذا المظنون في الصحابة، فكسبهم طيب، فذهبوا بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، وأقرهم الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الأمر كذلك.

"قال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق" فالعبادات التي نفعها قاصر يشترك فيها الأغنياء والفقراء، العبادات البدنية من صلاة وصيام يشتركون فيها، يشترك فيها الغني والفقير، لكن الصدقة والعتق من خواص الأغنياء، الفقير لا يجد ما يتصدق به، ولا يجد ما يعتق به "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم؟ )) " هؤلاء الأغنياء سبقوهم بمزيد الأعمال، فأخبرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأمر قد يسبقون به من الأغنياء، ويسبقون به من بعدهم، يدركون به من سبق؛ ليكون في مقابل الإنفاق، فيدركون، يعني لو افترضنا المسألة حسية، إذا كان مثل العبادات البدنية مع المالية توصل إلى مسافة معينة، قل مثلاً: مائة كيلو، والعبادات البدنية توصل إلى النصف من ذلك، مثلاً إلى الخمسين، أراد النبي أن يخبرهم بأعمال تكمل لهم هذا النقص، فيدركون به من سبقهم، فوصل إلى المائة، ويسبقون به من بعدهم ممن لم يفعل كفعلهم. " ((ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم)) لأن الفضل ليس للذوات، إنما هو للأفعال "قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين)) " مفهوم اللفظ هذا أنه يجتمع من الجميع ثلاثاً وثلاثين، تسبحون إحدى عشرة، وتكبرون إحدى عشرة، وتحمدون إحدى عشرة، فيجتمع من الجميع ثلاثاً وثلاثين. "قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين فقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله" يعني هل هذا من باب الغيرة المذمومة والحسد المذموم؟ يعني يتمنون أن الأغنياء ما سمعوا شيء؛ لئلا يتقدمون عليهم مرة ثانية؟ لا، هذا من الغبطة، بل يريدون من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يخبرهم بشيء يسددون به هذا النقص، فهم يبحثون عما ينفعهم، ليس بحثهم عما يضر غيرهم.

"فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) " نعم إذا كان الغني يأتي بجميع ما يأتي به الفقير، ويزيد عليه ما لا يستطيع عليه الفقير ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، أيضاً القوي في بدنه إذا كان يأتي بجميع ما يأتي به الضعيف في بدنه ويزيد عليه نقول: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، نعم إذا عاق المرض عن ما كان يعمله في السابق نعم يكتب. . . . . . . . . لكن إذا كان في الأصل ما يعمل إلا شيء يليق بجسده، وهناك ناس عندهم متعوا في أبدانهم، فزادوا في الأعمال، لا شك أن هذا يندرج في قوله: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) نعم؟ طالب:. . . . . . . . . من تمنى حصل له ما تمنى، فهما في الفضل سواء، يعني شخص يتمنى أن يكون له مثل مال فلان له مثله، ((فهما في الأجر سواء)) منهم من يرى أنه في أصل الأجر سواء، فيكون التمني بمثابة الفعل، لكن تبقى المضاعفات لمن فعل بالفعل. . . . . . . . . لكن مقتضى التسوية ((فهما في الأجر سواء)) أنه يشمل هذا وهذا، له الأجر ومضاعفاته، وهذا بالفعل فضل الله يؤتيه من يشاء، فضل الله لا يحد.

يتكلم أهل العلم في هذا الحديث على مسألة المفاضلة بين الغني الشاكر والفقير الصابر، وابن القيم أفاض وأطال ونقل نقول عن شيخ الإسلام وغيره في هذه المفاضلة، يعني إذا وجد غني شاكر يجمع الأموال من طرقها الشرعية، ويبذلها لمستحقيها على الوجوه الشرعية، وهناك فقير، لكنه يصبر ويحتسب، على ما ناله من سبب هذا الفقر، منهم من يفضل الغني الشاكر بهذا الحديث، ومنهم من يفضل الفقير الصابر لأنه في الغالب أسلم في العاقبة، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقرر أن المفاضلة زيادة ونقصاً تبعاً للتقوى، فإذا كان الغني أتقى لله فهو أفضل من الفقير، وإذا كان الفقير أتقى لله فهو أفضل من الغني، ويبقى أن ما زاد وما نقص كل شيء بحسابه، يعني الميزان التي توضع فيه الحسنات توضع فيه كل ما يأتي من قبل هذا الفقير، إضافة إلى تحليه بالصبر والاحتساب، والميزان الثاني للحسنات بالنسبة للغني يوضع فيه، والمسألة موازنة ومفاضلة، فيبقى الأصل أن المفاضلة للتقوى، ثم بعد ذلك يعني قلت مثل هذا في جميع أبواب الدين، نعم عالم وعامي مثلاً، كلاهما يصوم أيام متساوية ويتصدقون بأموال متساوية، ويصلون صلوات متساوية، هل نقول: أن هذا أفضل وهذا أفضل؟ يعني. . . . . . . . . الذي رتب عليه التقوى. . . . . . . . .، كل شيء بحسبه، يعني صبر الفقير قد يصل به إلى درجات لا يدركها أحد تبعاً لهذا الصبر، وأيضاً تفريج الغني للكروبات قد يبلغ بها ما لا يدركه فيها أحد، وبين هذين أمور كثيرة، فيبقى الفضل للتقوى، وما يأتي مما يسببه الفقر له أجره، وما يسببه الغنى له أجره، ويبقى الميزان الوحيد هو التقوى، هذا ما يقرره شيخ الإسلام ابن تيمية. طالب:. . . . . . . . . إيه لكن من مقتضيات التقوى، إذا اتقى الله الإنسان، يعني لا يفضل أحد على أحد إلا بالتقوى، فالتقوى لها أصل، ولها مقتضيات، كما أن الإيمان له أصل، وله كمال، وله ما فوق الكمال، المقصود أن مثل هذا كلام طويل، أفاض فيه ابن القيم -رحمه الله- في عدة الصابرين. "قال سمي" الراوي .... طالب:. . . . . . . . .

مسألة الإيثار في القربات، الإيثار يطلق أهل العلم، يطلقون الكراهة، لكن الإطلاق ليس بصحيح، بل من الإيثار في القربات ما هو محرم، يعني عندك ما يكفيك للوضوء تؤثر به غيرك، يتوضأ به؟ لا يجوز بحال، وجدت مكان في الصف لا يسع إلا شخص واحد تؤثر به غيرك وتجلس ما تصلي أنت؟ هذا إيثار؟ نقول: لا يجوز، لكن إيثار هو في إطار المستحبات ويترتب عليه مصلحة أعظم، يندرج تحت قولهم بالكراهة، لكن لو قدم شخص مع أبيه إلى المسجد، هل نقول للابن: تقدم على أبيك ليعظم أجرك؛ لأنك دخلت المسجد قبل أبيك؟ أو نقول: حصل من البر بوالدك ما هو أعظم من مجرد دخولك المسجد قبله؟ فالمسألة تحتاج، يعني الإيثار مسألة كبيرة، ولها فروع، ولها ذيول، وتختلف من مسألة إلى أخرى. "قال سمي: فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث فقال: وهمت، إنما قال: تسبح الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبر الله ثلاثاً وثلاثين" اللفظ الأول يوحي أن المجموع ثلاثة وثلاثين، واللفظ الثاني يوحي أن المجموع تسعة وتسعين "فرجعت إلى أبي صالح فذكرت له ذلك، فقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، حتى يبلغ من جميعهن ثلاثاً وثلاثين" هذا يؤيد اللفظ الأول أو الثاني؟ يقول: فقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد حتى يبلغ من جميعهن ثلاثاً وثلاثين" يعني هل يبلغ من الجميع أو من المجموع؟ النص من جميعهن، يعني من الثلاث ذولي مجتمعة ثلاثة وثلاثين، إذاً تسعة وتسعين، يؤيد اللفظ الثاني، لو قال: من مجموعهن اللفظ الأول، ولذلك قال: ((وتقول تمام المائة)) نص قاطع، في بعض الروايات: ((وتقول: تمام المائة لا إله إلا الله، وحده لا شريك له)). الحديث الرابع. طالب: يا شيخ أحسن الله إليك هل تعتبر هذه صفة بدون لا إله إلا الله؟ يعني هل يعتبر من تنوع الأذكار؟ هو جاء بالنسبة لأذكار الصلاة على وجوه، جاء منها هذا، وجاء منها الثلاثة والثلاثين، وجاء العشر، والعشر، والعشر، نعم جاءت على وجوه، لكن هذا لفظ الحديث. طالب: أقصد يا شيخ بدون لا إله إلا الله بدون زيادة لا إله إلا الله هل يقتصر على هذه فقط .... ؟

لا هذا في ذكر النوم، يزيد أربعة وثلاثين التكبير، أما ذكر الصلاة فيه لا إله إلا الله بدليل الأدلة الأخرى. عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: ((اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي)) الخميصة: كساء مربع له أعلام، والأنبجانية: كيس غليظ. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في خميصة لها أعلام" جاء في بعض الروايات ما يدل على أنها قبلها النبي -عليه الصلاة والسلام- هدية من أبي جهم، ولذا ردها عليه، خميصة لها أعلام، كساء مربع، فيه خطوط، مثل هذا يشغل المصلي، فإذا شغل النبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل الخلق، وأعرفهم، وأعلمهم بالله، فلئن يشغل غيره من باب أولى، وفي بعض الروايات: ((كادت أن تفتنني عن صلاتي)) يعني تشغلني عن صلاتي "فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف" نظر مجرد نظرة، فكيف بمن ينشغل بما يراه أو يسمعه من بداية الصلاة إلى نهايتها؟! بعض الناس يدخل في الصلاة، ثم لا يشعر إلا بسلام الإمام، أو إذا أخطأ الإمام وفتح الناس عليه، أو إذا بكى الإمام عرف أنه في الصلاة، وما عدا ذلك ما يدري، يذكر عن تاجر قبل مدة لما سلم الإمام قال: سبحان الله، سبح. . . . . . . . . فقيل له: وما يدريك أنه. . . . . . . . . قال: العادة ما تسلمون إلا وأنا واصل من الخارج، والآن أنا وصلت مكان كذا، واقعة، وذاك بيحسب تجارته، وفقد ريال، ومع السلام ضرب على فخذه وجد الريال، ريال الدبس لقاه، يعني الأمور سبحان الله العظيم، يعني الإنسان اللي ما يلقي باله في الصلاة يسرح، والشيطان حريص على هذا؛ لأن الشيطان إذا ثوب بالصلاة أدبر، فإذا انتهى التثويب أقبل، فإذا أقيم للصلاة أدبر ثم أقبل يسوس على المصلي، ولذا يذكر عن أبي حنيفة -رحمه الله- ولا أخاله يثبت عنه، أن رجلاً فقد مبلغاً من المال، نسيه، فقال: صل ركعتين، وسوف تذكر، ولا يظن بالإمام أنه يأمر بالصلاة بهذه العبادة من أجل الدنيا، لا يظن به -رحمه الله- هذا، وإن نقل عنه.

"نظر نظرة" يعني بعض المساجد مع الأسف الشخص الذي له تذوق للخط، أو الرسم هذا لن يعقل من صلاته شيئاً، يعني أمامه إيش يشوف ولا متحف، يعني المسألة اهتمام بالقشور، شخص في زيارة لتركيا، فرأى مسجد أعجبه شكل المسجد ودخل، فإذا فيه شيخ على منصة ولحية وبشت وعمامة، وطلاب من حوله، ويقرأ عليهم في كتاب، يقول: نحضر هذا الدرس، فإذا ما فيه لا قراءة ولا شرح، بس منظر، إذا بهم يؤدون دور تمثيلي، وما وجدوا أعظم من هذا المكان للتصوير، أجمل من هذا المكان ما وجدوا، في مسجد، فلا شك أن الأمة في آخر عهدها التفت إلى مثل هذا، والله المستعان.

النبي -عليه الصلاة والسلام- نظر نظرة إلى علمها، وين؟ مع أن مثل هذا يعني لباس على جلدك وين بتروح؟ النظرة لا بد منها، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- غير؛ لأن الأبيض النظيف يبين فيه أدنى شيء، لكن مثلنا سواد بسواد وش يبين؟ وش يكاد؟ يعني شخص صلى في مسجد، فلما صف، يعني تأمل في المسجد، المسجد بارد وواسع ونظيف، وتأمل فيه إذا ما فيه محراب، قال: ما هو معقول هذا ما هو بجامع، وهو في الصلاة، يخطط، وهو عابر طريق، ما هو من جماعة المسجد، أليس من المعقول أن يكون هذا ليس بجامع؟ نظر وفيه غرفة عن يمين المحراب، قال: هذه تصلح محراب، تتعدل وتصير منبر، وسلم الإمام وهو ينقل العفش من الغرفة إلى شرق المسجد، على شان يوضب المنبر، عاد الإجراءات التي تلي هذا من الفتوح الرسمية، وعرضها على الإفتاء، والشؤون الإسلامية، تبي صلوات بعدها، يا إخوان هذا واقعنا، ما هو نقوله .. ، بمرارة، يعني واحد يتحدث .. ، يعني مشكلة هذي، هذه مشكلة، لا بد من علاجها، لا بد من الإقبال على الله؛ لتترتب الآثار على هذه الصلاة، يعني يلاحظ الإنسان في نفسه قبل غيره، الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ثم إذا سلم زاول كل ما كان يزاوله، وين الصلاة؟ المقصود بالصلاة التي تؤدى على الوجه الشرعي، الصلاة المثمرة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، الصيام {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] وين التقوى؟ يصوم ثم يسرق بالليل، أو يزني، وين التقوى؟ الصيام الذي تترتب عليه آثاره، الذي يؤدى على الوجه الشرعي، فالعبادات لها لب، إذا ما وصلنا إلى اللب القشور يعني ما .. ، صحيح أنه ما يؤمر بإعادتها مجزئة ومسقطة للطلب، والله -جل وعلا- كما قال: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] لكن الفساق يؤمرون بقضاء أو بإعادة صلاتهم وعباداتهم؟ ما يؤمرون، الصلاة صحيحة عند أهل العلم، ومسقطة للطلب، لكن الآثار المرتبة عليها، والوعود التي جاءت بسببها، من تكفير للذنوب، وتقوى، ونهي عن فحشاء ومنكر، هذه لا بد أن تكون على الوجه المأمور به، النبي -عليه الصلاة والسلام- نظر نظرة إلى أعلامها فلما انصرف قال: ((اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني

باب: الجمع بين الصلاتين في السفر

بأنبحانية أبي جهم)) كساء غليظ ما فيه نقوش ولا خطوط، ولا أعلام، ولا شيء، يستحضر القلب؛ ليحضر القلب ((فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي)) وكونه طلب الأنبجانية ليجبر خاطره؛ لئلا يفهم أنه رد عليه هديته، وطلب البدل، وذكر العلة، فطلب الأنبجانية وذكر العلة، فإنها ألهته -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، وهذا مبرر لردها، وإلا رد الهدية لا شك أنه يوقع في نفس المهدي شيء. يكفي؟ نكمل غداً -إن شاء الله- بعد صلاة العصر، وبعد صلاة العشاء، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. طالب: بعض الشراح يذكرون بأن هناك من العباد من إذا صلى ألتهى بصلاته عما سوى ذلك ... صحيح تقطع رجله. والنبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل الخلق ... لكن لا يعني أن هذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام-، أو ذاك ديدن من فعل كذا. طالب: مناسبة هذا الحديث يا شيخ للباب، باب الذكر بعد الصلاة، هل لأنه ذكر هذا بعد الصلاة، يعني ذكر أمراً يتعلق بالصلاة ... ؟ لكن هذا من أواخر ما يذكر من متعلقات الصلاة، وإلا الأصل أنه يدخل في باب الخشوع، وهو ما أورد باب خشوع. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم أغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين. يقول المؤلف الحافظ الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله-، ونفعنا بعلومه في الدارين آمين، في كتابه: عمدة الأحكام: باب: الجمع بين الصلاتين في السفر عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع في السفر بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير، ويجمع بين المغرب والعشاء. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الجمع بين الصلاتين في السفر

الجمع أن تصلى الصلاتان الأولى والثانية في وقت إحداهما، تقديماً أو تأخيراً، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء معاً في وقت المغرب أو في وقت العشاء، أو في وقت العصر أو في وقت الظهر، واختاره جمهور أهل العلم ويقولون به، وهو جائز ومعلق بسببه، ولا يجيزه الحنفية إلا في النسك، أجازوا الجمع بين الصلاتين في عرفة ومزدلفة، وما عدا ذلك لا يجوز عندهم؛ لأن الأصل التوقيت، وجاء التشديد في المحافظة على الأوقات، وأن الصلاة لا تصح قبل وقتها ولا بعده، فاعتمد الحنفية أحاديث التوقيت، وحملوا ما جاء من النصوص الدالة على الجمع الصوري، والجمع الصوري أن يؤخر الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، ويقدم الصلاة الثانية إلى أول وقتها، فمثلاً صلاة الظهر يؤخرها إلى الساعة الثالثة مثلاً، ثم يؤديها، وبمجرد ما يفرغ منها يدخل وقت صلاة العصر فيقيم صلاة العصر، هذا جمع صوري، وقل مثل هذا بين مغرب وعشاء، لكن الجمهور حملوه على الجمع الحقيقي؛ لأن فيه قدم وأخر، قدم الثانية، وفيه أيضاً أخر الأولى، فالتقديم والتأخير يرد ما قالوه واختاروه، اللهم إلا إذا كان مرادهم وحملهم الحديث، آخر الأولى إلى آخر وقتها، وقدم الثانية إلى أول وقتها، لكن مثل هذا لا يحتاج إلى ذكر، وليس من الرخصة التي تفضل الله بها على عباده، بل لو قيل بأن الصلاة تؤدى في وقتها، الأفضل وهو أول وقتها، الأولى والثانية أسهل على المسافر من مراقبة الوقت بدقة بحيث يؤدي الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها، أيسر على المسافر من ملاحظة أواخر الأوقات وأوائلها التي قد تخفى على بعض الخاصة دون العامة، يعني لو كلف الناس أن يجمعوا جمع صوري، لو كلف الناس بهذا، ما يتمنون أنهم بدون هذا الجمع أفضل؟ إيه، وهذه الرخصة إنما شرعت لرفع المشقة، وتكليف الناس النظر في أوائل الأوقات وأواخرها، لا شك أنه حرج ومشقة، فالمرجح قول الجمهور، هذا الحديث الذي معنا، هل هو على شرط المؤلف في الصحيحين؟ هل هذا الحديث على شرط المؤلف؟ يعني مخرج في الصحيحين في الأصول؟ ليس على شرط المؤلف، لكنه صحيح، وثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يجمع جمع التأخير، أما جمع التقديم فلا يوجد في الصحيح، هو موجود

عند أبي عوانة، ولا يوجد في الصحيح، ولذا ينازع الأوزاعي في جمع التقديم، لا يجيز جمع التقديم، والجمهور على جواز الجمع تقديماً وتأخيراً. طالب:. . . . . . . . .

ثم ركع، لا، هذا لحديث ابن عباس، حديث ابن عباس في مسلم: "صلى سبعاً وثمانياً من غير خوف ولا مطر" "جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر" لكن العلة في ذلك رفع الحرج؛ لأنه سئل ابن عباس فقيل: أراد أن لا يحرج أمته، فلا شك أن الحرج موجود لو لم يجمع، الحرج والمشقة موجودة، ويتصور الحرج والمشقة في بعض الأوقات في بعض الظروف، في بعض الأوقات يتصور الحرج، ولو لم يجد سفر، ولو لم يوجد مطر، ولو لم يوجد خوف، افترض أن إنسان في سيارة مثلاً، ما استطاع أن ينزل، وما استطاع أن يقدم ولا يتأخر، هذا حرج، ماذا يصنع؟ يعني يترك السيارة في السرة بين السيارات، يعوق الناس عن سيرهم، يعطل الناس عن مصالحهم، هذا لا شك أنه حرج، فأراد أن لا يحرج أمته، والحرج منفي عن هذه الشريعة، ولله الحمد والمنة، الترمذي في علل الجامع يقول: لا يوجد في كتابي حديث أجمع العلماء على ترك العمل به إلا هذا الحديث، وحديث معاوية في قتل الشارب، المدمن، مع أنه وجد من يعمل بهما، لكن على قدر الحاجة، مع وجود المشقة، فإذا وجدت المشقة كالمريض مثلاً، أجاز له العلماء الجمع، المريض الذي لا يستطيع أن يؤدي الصلاة في وقتها يجمع {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] المستحاضة أجيز لها الجمع في بعض الصور، المقصود أن الجمع ليست علته السفر فقط، إنما يجوز الجمع إذا وجد سببه، أما الجمع من أجل المطر أو الصلاة في الرحال كل هذا وارد ثابت، فالجمع بين الصلاتين في السفر، ولها أحكام كثيرة وفروع، ومتى يشرع في الجمع؟ هل يشرع في الجمع إذا عزم على السفر، أو إذا شرع فيه، وباشر السبب؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء عنه من حديث أنس أنه أفطر قبل السفر، أفطر قبل أن يسافر، هو مريد السفر، لكن الحديث مضعف عند أهل العلم، فالرخص علقت بوصف، فلا ترتكب هذه الرخص إلا بعد تحقق الوصف، والوصف إنما يتحقق بمفارقة البلد، مفارقة الحضر؛ لأن السفر قسيم للحضر، فمادام في الحضر لا يطلق عليه الوصف الذي علق عليه الترخص، يفترض شخص وصل إلى المطار هل نقول: إنه فارق البلد؟ المطار يبعد عن البلد عشرين ثلاثين كيلو هل نقول: إنه فارق البلد أو ما زال

في البلد؟ فارق البنيان، ترك البنيان وراء ظهره، وهو الآن في المطار، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بالفعل هو ما سافر، وإذا رجع إلى المطار قيل: وصلنا البلد الفلاني، وصلنا إلى الدمام، هذا مطار الرياض، وصلنا الرياض، هبطنا مطار الرياض، يعني وصلنا البلد، والوصف لم يتحقق، فعلى هذا لا بد أن يباشر الوصف الذي علق فيه الترخص، والمسألة مما يجب الاحتياط له، يعني إذا ترددت هل المطار من البلد أو ليس من البلد؟ وأفتاك من أفتاك بأنك خرجت من البلد، وسمعت من يقول: إنك ما زلت في البلد، وهو الحقيقة أنت ما زلت، وصلت الرياض، فارقت الرياض إذا فارقت المطار، فأنت بين اثنين شخص يصحح صلاتك وأنت في المطار، وشخص يبطلها، لكن إذا باشرت السفر بالفعل من يبطل صلاتك؟ في أحد يبطل صلاتك؟ الصلاة صحيحة قولاً واحداً، بدون خلاف، فهل ترضى أن تعرض صلاتك لقول من يقول: ببطلانها، وله وجه؟ لأنه في النص الشرعي عُلق على وصف، لا بد من تحققه، والسفر أصله من الإسفار، ولذا قيل في المرأة التي تبرز شيئاً من جسدها: سافرة، والسفور معروف، فالسفر هو الخروج والبروز عن البلد، ومفارقة البلد. طالب:. . . . . . . . . قصر بذي الحليفة، لكنه خرج من المدينة، خرج يعني باشر السفر، ما يطلبون مسافة القصر هنا في البداية، المسافة للغاية، وليست للبداية، مجرد ما يفارق عامر البلد، ولو كان إذا التفت رأى البلد، خلاص برز، وشرع في السفر بالفعل، لكنها من البلد، لكن هذا عمران، ومنسوب إلى البلد، كآخر جزء منه، هو منسوب إلى البلد، بلا شك. طالب:. . . . . . . . . إيه لا ما سافر إلى الآن، الذي متجه إلى المطار ما شرع في السفر. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . وهو مسافر؟ طالب:. . . . . . . . . خلاص هذا مسافر انتهى، مجرد ما يفارق آخر بناية في البلد خلاص انتهى، مسافر. طالب:. . . . . . . . .

عندك الرخص، المسألة ترى طويلة، وفروعها كثيرة، الرخص هذه المعلقة في السفر من القصر والجمع والفطر والمسح هذه تحتاج إلى ما يسمى سفر، والجمهور اعتمدوا مسافة واعتمدوا مدة، اعتمدوا مسافة معينة واعتمدوا مدة معينة، والأدلة لا تنهض على التحديد في المسألتين، ولذا يرى جمع من أهل التحقيق أنه إذا وجد الوصف وجد الحكم، وإطلاق النصوص يدل على أن السفر يطلق على قليله وكثيره، وابن حزم يقول: إذا خرج عن البلد ميل ولو كان الغاية يترخص، عملاً بالإطلاق، وبعضهم عمل ببعض النصوص في غير هذا الباب، ما أطلق عليه سفر في النصوص الأخرى كنهي المرأة عن أن تسافر مسيرة يوم وليلة، ويومين، وثلاثة، نقول: هذه أسفار، جاء في النص تسميته سفر، وما عدا ذلك لا يقال له: سفر، والصحابة اعتمدوا بالنسبة للمسافة أربعة برد، مأثور عن الصحابة، وذكره عن ابن عباس وغيره البخاري وغيره، قالوا: من مكة إلى الطائف، من مكة إلى عسفان، من مكة إلى جدة، قالوا: هذه مسيرة يومين، والمدة حددوها بأربعة أيام، وأخذوها من مفهوم بعض أسفاره -عليه الصلاة والسلام-، نقول: النص الملزم بالحد المحدد سواء كان في المدة أو في المسافة لا ينهض على تأييد قول الجمهور، لكن يبقى أن العمل بإطلاق النصوص يترتب عليه تضييع لهذه العبادات، وانظروا إلى الناس لما أفتوا بهذا في الوقت الأخير، ما الذي حصل؟ صاروا يذهبون إلى الدراسة أربع سنين، خمس سنين، عشر سنين؛ لأنه ما في أحد محدد، خلاص مسافر وبيرجع، يترخصون، لا يصومون، ولا يصلون مع الناس، ويقصرون، يترتب عليه تضييع لهذه العبادة التي هي من أعظم شعائر الدين، الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- كان يفتي بقول شيخ الإسلام بالإطلاق، أفتى به مدة، ثم رجع عنه إلى قول الجمهور، التحديد بالمسافة والمدة، يقول: لأن هذا هو الاحتياط لهذه المدة، وعلى المسلم أن يخرج من عهدة الواجب بيقين، كونه يعرض صلاته للبطلان على قول جمع غفير من أهل العلم، ما هي مسألة واحدة وإلا اثنين وإلا عشرة، جماهير أهل العلم يرون التحديد، فكونه يعرض صلاته لبطلان عند هؤلاء، على أن القائلين بالقول الآخر لا يبطلون الصلاة إذا عوملت معاملة مقيم، يعني إذا صلى الإنسان كل صلاة في

وقتها أو صلاها أربع تكون باطلة عند الطرف الآخر؟ ما تكون باطلة، حتى عند من يوجب القصر مثل الحنفية، يؤثمونه، يقولون: خالف، لكن الصلاة صحيحة، فالاحتياط لهذه العبادة أمر واجب. هذا يقول: هل الخروج للنزهة وقد بلغ أكثر من ثمانين كيلو هل يترخص برخص السفر؟ نعم يترخص، ولو كان خرج للنزهة، ولو خرج .. ، بعضهم يخص السفر الذي فيه الترخص بأن يكون سفر طاعة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما سافر إلا للطاعة، للغزو، أو جهاد، حج، عمرة، ما عدا ذلك ما سافر، لكن الشرع علق بالوصف، وهذا سفر، والمسافة موجودة، والمدة محدودة، على قول عامة أهل العلم يترخص، حتى لو خرج للنزهة، لكن هل يترخص في سفر المعصية وإلا ما يترخص؟ الجمهور لا يترخص، والحنفية يترخص عندهم، كأنه ميل شيخ الإسلام إلى قول الحنفية، يترخص، لماذا؟ لأنه علق بوصف ووجد هذا الوصف، لكن الجمهور يقولون: إن إتاحة الترخص له مما يعينه على معصيته، والعاصي لا يعان في معصيته، يعني بدلاً من أن يعاق عن طريقه ...

كتاب الصلاة (12)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (12) باب: قصر الصلاة في السفر - وباب: الجمعة - وباب: صلاة العيدين الشيخ: عبد الكريم الخضير والعاصي لا يعان في معصيته، يعني بدلاً من أن يعاق عن طريقه، خرج ليقطع الطريق مثلاً، أو ليرتكب جرائم ومحرمات، نقول له: اجمع بين الصلاتين أو اقصر؟ اجمع واقصر ليتوفر لك وقت؟! الجمهور لا، لو قدر أنه يزاد عليه كان أنسب لحاله ووضعه، وقيد الأكل من الميتة للمضطر بكونه غير باغ ولا عاد، يعني لو كان باغياً أو عادياً لا يجوز له أن يأكل من الميتة، وهي رخصة، فالعاصي لا يترخص، وهذا قول جمهور العلماء. طالب:. . . . . . . . . يومياً. وش المانع؟ يترخص، المسافة موجودة والحمد لله، والدين فيه سعة، والوصف موجود. طالب:. . . . . . . . . فيها حديث في المستخرج. سم. باب: قصر الصلاة في السفر عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: قصر الصلاة في السفر يعني جعل الصلاة الرباعية ركعتين، وفي حديث عائشة: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر" وعند أحمد: "إلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة، وإلا المغرب فإنها وتر النهار" وهو حجة الحنفية الذين يوجبون القصر، وعندهم فرضت ووجبت، والجمهور يقولون: فرضت قدرت، ولا يعني هذا الوجوب.

في حديث: "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك" يعني وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان كذلك كانوا لا يزيدون على ركعتين، عثمان في آخر خلافته زاد وأتم، وكذلك ثبت عن عائشة -رضي الله عنها-، وابن مسعود أتم خلف عثمان، وذكر أن الخلاف شر، وهذه القاعدة يستدل بها بعضهم على ارتكاب بعض المحظورات، أو المتابعة على بعض البدع، يقولون: الخلاف شر، هذا الكلام ليس بصحيح، الخلاف شر في فاضل ومفضول، تفعل المفضول لأن الخلاف شر، أما ترتكب محظور وتقول: الخلاف شر؟! لا، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. يقول: "صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان لا يزيد في السفر على ركعتين" نعم القصر أفضل من الإتمام؛ لأنه هو الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والتوقيت أفضل من الجمع، هكذا يطلق أهل العلم، ولا شك في أن القصر أفضل من الإتمام، وأما بالنسبة للجمع فالأرفق بالمسافر هو الأفضل، وهو المناسب لقصد الشرع، حينما شرع ذلك، في الحديث السابق يقول: إذا كان على ظهر سير، بعضهم يجعل الجمع مقيد بما إذا جد به السير، إذا جد به السير جمع، وإذا كان مسافر لكنه نازل في مكان، ويمر عليه أكثر من وقت فإنه لا يجمع، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه في تبوك أنه أقام وجمع بين الصلاتين، وجمعه بعرفة ومزدلفة وهو جالس باقي في المكان، هذه المسألة خلافية بين أهل العلم، المقصود أنه لا يلزم منه أن يكون قد جد به السير، والشرع حينما أباح هذه الرخصة، وتفضل بها على المسلمين لا شك أنه يريد أن تفعل، فالله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصه، فالجمع يجوز للنازل، ولمن جد به السير ولو كان نازلاً، ما دام الوصف محققاً.

والأصل في قصر الصلاة الكتاب والسنة والإجماع {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] بهذا الشرط بشرط الخوف، ثم ارتفع الخوف وبقي الحكم؛ لأنه قد يشرع الحكم لعلة ترتفع العلة ويبقى الحكم، كما هنا صار صدقة تصدق الله بها، كما جاء في حديث عمر وغيره، الرمل في الطواف شرع لعلة، لأن المشركين قالوا: يأتي محمد وأصحابه، وقد وهنتهم حمى يثرب، فرمل في الطواف، ارتفعت العلة، وبقي الحكم، فهذا من الأحكام التي شرعت لعلة، فارتفعت العلة وبقي الحكم، الحنفية عندهم الجمع واجب، طيب ماذا عن قوله -جل وعلا-: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} [(101) سورة النساء]؟ طالب:. . . . . . . . . القصر إيه. القصر عندهم واجب، طيب دليل القصر من الكتاب؟ {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ} [(101) سورة النساء] رفع الجناح لا يدل على الوجوب، نستحضر آية السعي {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ} [(158) سورة البقرة] هم يستدلون بتلك الآية على عدم وجوب السعي، ويستدلون بهذه الآية على وجوب القصر، يتم الاستدلال وإلا ما يتم؟ ما يتم الاستدلال، هم يجيبون على من أوجب السعي وهم الجمهور يقولون: أليس في الآية أكثر من رفع الجناح، ورفع الجناح يعني رفع الإثم، وهذا لا يدل على الوجوب، طيب تعالوا إلى هنا، ليس في الآية أكثر من رفع الجناح، ورفع الجناح لا يدل على الوجوب، وإذا قالوا: أوجبنا القصر بمثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين" قال لهم الجمهور: أوجبنا السعي بمداومة النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه، وقوله: ((خذوا عني)) وأيضاً جاء الأمر به ((اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي)) فلا يتم لهم الاستدلال هنا حتى يسلموا هناك، ظاهر دليلهم وإلا .. ؟ وعلى كل حال عامة أهل العلم جمهورهم على أن السعي واجب، أو ركن من أركان الحج، يخالف فيه الحنفية، وهنا يخالفون في الطرفين، وإذا ألزموا هنا يلزمون هناك.

باب: الجمعة

هو عندك متن: "هذا هو لفظ البخاري"؟ ما عندكم في المتن؟ هذا هو لفظ رواية البخاري، وفي الحديث: ولفظ رواية مسلم أكثر وأزيد، موجود في العمدة وإلا ما هو موجود؟ يعني ما هو عندكم؟ لفظ مسلم .. ، يقول: حفص بن عاصم يقول: "صحبت ابن عمر" يعني عمه عبد الله بن عمر "في طريق مكة فصلى بنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه، حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا منه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناساً" عندك ذكرها؟ إيه. صلى .. أكمل. إيه. طالب:. . . . . . . . . هذه في مسلم، طيب نعم يصلون؟ هذا فهم ابن عمر وإلا ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه أتم، وأنه تأول، وعائشة أتمت وتأولت كما تأول عثمان. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الجمعة الحديث الأول: عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رجالاً تماروا في منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أي عود هو؟ فقال سهل: من طرفاء الغابة، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عليه فكبر، وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر، ثم ركع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: ((يا أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي؛ ولتعلموا صلاتي)) وفي لفظ: فصلى وهو عليها، ثم كبر عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الجمعة

باب متفرع عن كتاب الصلاة، فالجمعة صلاة، تشملها النصوص العامة التي جاءت في الصلاة، وما يخصها فيما جاء بالتشديد بشأنها، والاهتمام بها، الجُمعة بضم الجيم، والميم الجمهور على ضمها جُمُعة، وجاء تسكينها وهي قراءة الأعمش، يعني قراءة العامة بضم الميم، قرأ الأعمش بتسكينها، جُمْعة، ونطقت من قبل العرب بفتح الميم جمَعة، كهمزة ولمزة وهزأة، كما أنها ذكرت بكسرها، جمِعة، لكن الأكثر على الضم ضم الميم، والتسكين سائغ، وكان العرب يسمون هذا اليوم يوم العروبة، وهذا اليوم يوم عظيم شأنه، اختلف في المفاضلة بينه وبين يوم عرفة، ولا شك أنه بالنسبة للأسبوع أعظم أيام الأسبوع، وهو يوم هذه الأمة الذي أدخره الله لها، وأظل عنه الأمم السابقة، اختار اليهود السبت، واختار النصارى الأحد، ولذا جاء في الحديث في الصحيفة المشهورة، صحيفة همام، وهي مخرجة في الصحيحين وغيرهما ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة)) نحن الآخرون يعني بالنسبة للزمان، والسابقون يوم القيامة، اليهود غداً، والنصارى بعد غد؛ لأن الجمعة ثم السبت ثم الأحد، وعلى هذا يكون الأول في أيام الأسبوع المعتمد عند الناس السبت، السبت هو الأول، ومن باب أخذ الأولية من التسمية كأن العرب لما نطقوا بالأحد، الاثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، السبت، أنها على هذا الترتيب الأحد هو الأول، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . طيب الأحد هو الأول ... طالب:. . . . . . . . . لا حتى من التسمية، الأحد هو الأول، والاثنين هو الثاني، والثلاثاء هو الثالث، واضح مطابقة الأسماء للأرقام، لكن مقتضى ((نحن الآخرون السابقون)) يدل على أن الجمعة قبل السبت؛ لأنه هو آخر أيام الأسبوع، وعلى كل حال هذا اليوم شأنه عظيم، والصلاة المفروضة فيه صلاة الجمعة شأنها أيضاً عظيم، وجاء في شأنها، والتشديد من التفريط فيها من النصوص ما جاء ((من ترك ثلاث جمع متواليات طبع الله على قلبه)) وأهل العلم يقررون أن ترك الجمعة والتساهل في أمرها يقولون: من باب تيسير العسرى، ما معنى هذا الكلام؟ هاه؟ إيش معناه؟ طالب:. . . . . . . . .

لا ما هو بعسير، هو يسير لكن .. ، {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [(8 - 10) سورة الليل] ييسر له النار نسأل الله السلامة والعافية، وجاء في التشديد فيها ما جاء، نصوص كثيرة فيها، لا شك أن هذا الذي ينام ويترك الجمعة ميسر للعسرى للنار، نصوص الوعيد الشديدة التي جاءت فيها، يختم على قلبه، وعلى خلاف بين أهل العلم في ترك الصلاة وهي واحدة منها، لكن شأنها عظيم، وهي صلاة مستقلة كالصبح لا تجمع ولا يجمع إليها، والمراد بالباب الصلاة صلاة الجمعة، باب صلاة الجمعة. الحديث الأول: "عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رجالاً تماروا" يعني تجادلوا وتنازعوا "واختلفوا في منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أي عود هو؟ " هل من الخشب الأثل؟ أو النخل؟ أو من أي شجر هو؟ "من أي عود هو؟ "فقال سهل: من طرفاء الغابة" يعني من شجر الطرفاء الموجودة في الغابة "وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عليه" يعني قام على المنبر، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستند إلى جذع قبل اتخاذ المنبر، يستند إلى جذع، يقف مستنداً عليه، ولما اتخذ المنبر وهجر الجذع، حن الجذع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، حن إليه -عليه الصلاة والسلام-، فأتخذ المنبر من أجل أن يصعد عليه، يكون من ثلاث درجات ليرى ويُرى؛ لأن الرؤية لها أثر في الرائي، رائي القول، رائي القائل ورائي العامل، يعني حينما صلى لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- على المنبر رأوه؛ لأن الإمام إذا كان على الأرض قد يخفى أمره على الصف الثاني والثالث والرابع ومن بعده، قد يراه الصف الأول لا سيما القريب منه، لكن إذا كان على المنبر رأوه جميعاً، القائل أيضاً له أثر، رؤية القائل لها أثر في نفس المستمع، ولذا تجدون من يقرب من الإمام تكون فائدته أكثر، وكذلك من يقرب من المعلم في الدرس لا شك أن فائدته أعظم، ولذا جاء الحث على القرب من الإمام، والتبكير إلى الجمعة، وجاء في خبر: أن الأقرب إلى الإمام هو الأقرب إلى الله -جل وعلا- يوم المزيد. قرب بقرب والمباعد مثله ... بعد ببعد حكمة الديانِ

لكن الحديث فيه كلام، والحث على التهجير سيأتي -إن شاء الله تعالى- في حديث في الباب، لا شك في أمره. طالب:. . . . . . . . . نعم، يعني هل المطلوب المسارعة إلى الصف الأول والمحافظة عليه وعلى يمين الصف، ولو كان يساره أقرب، أو على الصف الأول مع كون الوسط الثاني أقرب؟ نعم؟ النصوص الأكثر في المحافظة على الصف الأول، لو يعلمون ما في .. إيش؟ طالب:. . . . . . . . . وأيضاً؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا ((لو يعلمون ما في النداء والصف الأول ... ولو حبواً)) المقصود أن الصف الأول جاء فيه من النصوص أكثر، ولذا يسأل كثير من الطلاب هل نحافظ على الصف الأول إذا كان الدرس في مؤخرة المسجد، أو نقرب من الدرس؟ لأنه إن قربوا من الدرس وجلسوا إلى نهايته فاتهم الصف الأول، وإذا جلسوا في الصف الأول لا سيما وأن الأسباب التي تبلغ الحاضر قد تكون لمن بعد عن الدرس أوضح ممن قرب منه؛ لأن السماعات واللواقط تكون على الحيطان، نعم؟ القرب لا شك ((فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه)) هذا يدل على مزاحمة الشيوخ، والحرص على هذا؛ لأن لا يفوت شيء من العلم؛ لأن بعض الأمور قد لا يتبينها السمع مع غيبة الشخص، لكن إذا اجتمع السمع مع ضعفه، مع ملاحظة كيفية أداء الكلمة من الشيخ يتوافر هذا على هذا، وتثبت، على كل حال القرب هو أفضل من البعد. طالب:. . . . . . . . . على كل حال الذي جاء في الصف الأول أكثر. طالب:. . . . . . . . . عن كل خير، على كل حال التبكير مطلوب، والتأخر على حسبه إن كان تأخر عن مستحب فهو مكروه، وإن تأخر عن واجب فهو محرم، والتأخر عن مخرج فأمره أعظم. طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . يقدم. طالب:. . . . . . . . . على كل حال يعرفون يدبرون أمورهم، إذا هناك بضاعة تبي تفوت يعرفون يصرفون أنفسهم. اليوم عمال يشتغلون عند باب المسجد بآلات أزعجت الناس، ونقول لهم: صلوا، يقولون: ما أقام، الله المستعان.

"وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام عليه" يعني مصلياً "فكبر -عليه الصلاة والسلام-" يعني للإحرام "وكبر الناس وراءه" إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا "كبر الناس وراءه وهو على المنبر" والمنبر ثلاث درجات "ثم ركع وهو على المنبر، فنزل القهقرى" ثم ركع فنزل، مقتضى العطف بالفاء أنه نزل راكعاً، في لفظ: "ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى" لا يلزم منه أن يكون نزوله حال الركوع، وإنما بعد الرفع منه؛ لأن ثم تقتضي العطف مع التراخي. "ثم ركع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر" يعني عند أصله الذي هو أساسه "ثم عاد" يعني عاد إلى المنبر صعد عليه، حتى فرغ من آخر صلاته على الطريقة التي أدى عليها الركعة الأولى "ثم أقبل على الناس فقال: ((يا أيها الناس)) " يعني من رأى ويسمع ((إنما صنعت هذا)) صنعت وفعلت هذا ((لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي)) لأنه القدوة، وهو الأسوة، وجاء عنه -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فأراهم النبي -عليه الصلاة والسلام- كيفية الصلاة ليتم الامتثال " ((ولتعلموا صلاتي)) وفي لفظ: صلى عليها ثم كبر، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى" صلى ثم كبر، كيف صلى ثم كبر؟ طالب:. . . . . . . . . صلى يعني أراد الصلاة "ثم كبر عليها، ثم ركع وهو عليها ... " إلى آخر الحديث، المقصود أن صلاة الجمعة .. ، الآن الصلاة التي صلاها صلاة جمعة وإلا لا؟ هذه صلاة جمعة وإلا صلاة فرض عادي وإلا نفل وإلا وش تصير؟ هل هي صلاة الجمعة لندخلها في باب الجمعة؟ لا هو أدخل الحديث من أجل المنبر، أي نعم، دخل الحديث من أجل المنبر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . اللي يظهر أنها صلاة عادية، صلاة فرض من الفروض أو للتعليم، جاء في الترمذي: صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، المقصود أن الحديث إنما أورد من أجل المنبر، وأن الجمعة تكون خطبتها على المنبر. طالب:. . . . . . . . .

لا سجد على الأرض، في أصل المنبر، فيه النزول أثناء الصلاة وهو حركة، وإذا قلنا: إن المنبر ثلاث درجات لزم عليه أن يتحرك ثلاث، وهم يمنعون ثلاث حركات متوالية في ركن واحد، ويبطلون الصلاة بهذا، في ركن واحد إيه، الجواب؟ طالب:. . . . . . . . . ولا لحاجة ممنوع، ثلاث متوالية تعتبر كثيرة في ركن واحد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، مثل هذه ما يدرى هل هي نفل أو فرض؟ لها احتمالات، وصلاة .. ، على الاحتياط، كيف يجاب عنه؟ يعني هل فيه ما يدل على أنه صلى على الدرجة الثالثة؟ منهم من يقول: لا يلزم أن يكون صلى على الدرجة الثالثة، فإذا صلى على الدرجة الأولى أو الثانية صار صلى على المنبر، اللفظ يحتمل، الأمر الثاني أنه احتمال أنه نزل درجة وهو راكعاً، فلما رفع من الركوع نزل البقية. طالب: احتمال ينزل الثلاث بحركة واحدة. ثلاث يعني بحركة واحدة ينزل درجتين؟ حمل أمامة بنت زينب مرة واحدة هذه، مرة واحدة. طالب:. . . . . . . . . تقدم. طالب:. . . . . . . . . معروف إيه. طالب:. . . . . . . . . ما يلزم خطوتين توصله، خطوتين ترجعه وتقدمه. طالب:. . . . . . . . . عامة أهل العلم على هذا، كأنهم يتفقون على هذا، وأن الثلاث كثيرة. طالب:. . . . . . . . . هم تأخروا، لكن يمكن الصف الأخير وصل إلى مكان الناس، يمكن، ولا يلزم منه أن يكون كثيراً. المقصود أن مثل هذه الحركة، ومثل حمله أمامة بنت زينب وجاءت من القدوة والأسوة فلا ينكر على من فعل مثل هذا. طالب:. . . . . . . . . فتح الباب وتقدمه من أجل السترة، المقصود أن الحركات مثل هذه ... طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا في الفريضة، صلاة الظهر، بينما نحن ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني جاء وهو حامل أمامة، متى ينتظرونه؟ ينتظرونه في صلاة الفرض، جاء في بعض الطرق أنها الظهر. طالب:. . . . . . . . . يقولون هذا، يعني مثل القراءة في المصحف، يحتاج إلى حمل ويحتاج إلى وضع، يعني من باب أولى. سم.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل)) يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل)) " من جاء منكم الجمعة، مفهومه الذي لا يجيء إلى الجمعة لا يلزمه الغسل؛ لأن المسألة شرطية ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل)) فمفهوم الشرط أن الذي لا يريد الإتيان إلى الجمعة لا يغتسل كالنساء مثلاً، ومن لديه عذر يبيح له ترك الجمعة فإنه لا يغتسل، فالغسل إذاًَ لحضور صلاة الجمعة ((من جاء منكم)) ممن يتأتى إليه خطاب الأمر بالجمعة ((من جاء منكم الجمعة)) والمراد الصلاة ((فليغتسل)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وجاء في الحديث المخرج في مسلم: ((غسل الجمعة)) وفي رواية: ((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)) فعندنا اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وغسل الجمعة واجب. طالب:. . . . . . . . . عجيب. أجل ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) ما في إلا الحائض اللي تصلي مختمرة، وإذا طهرت تجدع الخمار صح؟ طالب:. . . . . . . . . إيه. أنت ما شاء الله عليك، وارث الشوكاني أنت. إذاً نقول: الحائض عليها أن تختمر، لا يقبل الله صلاتها إلا بخمار، والطاهرة ما تختمر، صح؟ لا محتلم يعني مكلف، يعني بلغ الحلم، كما أن الحائض من بلغت الحلم بالحيض؛ لأنه غالب ما تبلغ به النساء، والاحتلام غالب ما يبلغ به الرجال. طيب ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل)) اللام لام الأمر، وعامة أهل العلم على أن غسل الجمعة سنة وليس بواجب. طالب:. . . . . . . . .

((ومن اغتسل فالغسل أفضل)) هذا صارف لهذا الحديث؛ لأن الأمر مشترك بين الوجوب والاستحباب، فيوجد من يصرف، لكن اللفظ كيف يصرف؟ واجب، كيف نصرف كلمة واجب؟ يعني إذا استطعنا أن نصرف الأمر افعل أو فليفعل لأن هذا مشترك بين أهل العلم بين الوجوب والندب، فإذا صرف عن أصله الذي هو الوجوب احتمل الندب، هذا ما فيه إشكال، لكن كلمة واجب كيف نستطيع صرفها؟ يا إخوان خلونا خطوة خطوة، وبكلام يمشي ما نريد، دعونا من كلمة واجب متأكد، وإلا ما أدري ... ، لا ما ينفع، عندنا الذي يمكن صرفه الأمر، وما يأتي بلام الأمر يمكن صرفه، لكن لفظ واحد، يعني لو تقول: جاء زيد، تستطيع أن تصرفه إلى ذهب زيد، ما يمكن، ما يمكن تصرفه إلى ذهب زيد؛ لأن هذا لفظ نص في المسألة، أنا أقول: صيغة الأمر ولام الأمر تحتمل الأمرين، فإذا تعذر الأصل فيها لوجود ما يعارضه استطعنا أن نصرف، لكن اللفظ الواحد كيف نصرفه ودلالته واحدة؟ خلونا مسألة مسألة، أنا أريد أن أقرر شيء؛ لأنهم يقولون: واجب على كل محتلم، مصروف بقوله، مصروف كيف مصروف؟ اللفظ المحدد لا يحتمل صرف، لكن نبحث في معناه، إذا أردنا واجب اصطلاحي ما نستطيع أن نصرفه، ما نستطيع أن نصرف الواجب الاصطلاحي إلى غيره، واضح وإلا ما هو بواضح؟ إذا أردنا أن نطبق الواجب الاصطلاحي ما استطعنا أن نصرف، لكن إيش معني الواجب في اللغة؟ هل يتطابق الاصطلاح الحقيقة العرفية عند أهل العلم مع الحقيقة اللغوية؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

متأكد، في لغة العرب إذا قيل: حقك علي واجب يعني متعين ومتأكد، لا يعني أني آثم إذا لم أؤده إليك، والوجوب من السقوط {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(36) سورة الحج] الجنابة يعني سقطت، فلا تلازم بين الحقيقة اللغوية مع الحقيقة الشرعية، أو مع الحقيقة الاصطلاحية، لا تلازم، إذاً من يقول: إن اللفظ صريح في المراد، وأن الذي لا يغتسل آثم لأنه واجب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل الخلق، وأنصح الخلق، وأعرف الخلق بمراد ربه، وبلغة قومه، وقد أدى وبلغ باللفظ الصريح الصحيح، فما جوابنا عن هذا؟ نقول: إن الحقائق اللغوية قد تختلف مع الحقائق الاصطلاحية، ومع الحقائق العرفية تختلف، ضربنا مثال: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] يعني لو أقسم شخص أنه منذ أن ولد إلى أن بلغ مائة سنة ما رأى جمل أصفر، نقول: أنت محاد لله ورسوله؟ أنت معاند للقرآن؟ يعني الجمل الأصفر باللون الأصفر المتعارف عليه بين الناس هل رأى أحد منكم جمل أصفر؟ هذا الأصفر، أحد رأى جمل مثل هذا؟ ما رأى أحد، ما في أحد رأى جمل مثل هذا، فإذا اختلفت الحقيقة العرفية أو اللغوية عن الشرعية ما تصير في محاداة، نعم ينبغي أن تكون الاصطلاحات ولو قلنا: يجب أن تكون الاصطلاحات أثمنا أهل العلم قاطبة، أن تكون الاصطلاحات مطابقة للحقائق الشرعية، ولذلك لما يقول الصحابي: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر" يقول الحنفية: ليست بفرض، نقول: معاندين ومحادين؟ نقول: هذا اصطلاح عندهم، نعم ينبغي أن يكون الاصطلاح موافقاً لما جاء في النصوص، لكن عامة أهل العلم، كل في استعماله حصل منه مخالفة، فكلمة واجب مدلولها اللغوي غير مدلولها الاصطلاحي، وعلى هذا لا نقول: إن من قال .. ، وعامة أهل العلم على هذا، من قال: بأن غسل الجمعة ليس بواجب مخالف، محاد ليس عنده جواب، إلا عنده جواب، ليش ما عنده جواب؟ نقول: فما عذرك إذا وقفت بين يدي ربك وقال لك: بلغك نبيي عني أن غسل الجمعة واجب؟ نقول: نعم واجب ومتأكد ومتعين، لكن هل معنى هذا أنه هو الذي يطبق عليه تعريف الفقهاء للواجب أو الأصوليين؟ ما يلزم، لكن فهم أحد من الصحابة أنه آثم؟ عثمان هات عمر قصته مع عثمان دخل ما اغتسل، وش

قال له؟ قال له: أنت آثم؟! ما قال له شيء، بحضور الصحابة كلهم، عثمان دخل متأخر وعمر يخطب فلامه على التأخر، قال: ما فعلت إلا أن توضأت وحضرت، قال: والوضوء أيضاً؟ يعني مثل عثمان إذا أخل بمثل هذه الفضيلة ولو لم تكن واجبة يلام، لكن هل قال له: أنت آثم، وبحضور الصحابة كلهم؟ دعونا .. ، صحيح أنهم لا يقولون باشتراطه مثل الوضوء، يعني يأثم بتركه عندهم، عند من يقول به، ولا عرف هذا القول إلا عند الظاهرية، والإمام مالك يقول: بالنسبة لمن تتغير رائحته، أصحاب المهنة وغيرهم، وإلا عامة أهل العلم على أنه مستحب. ((من جاء منكم الجمعة)) والمقصود صلاة الجمعة ((فليغتسل)) فالغسل للصلاة، الظاهرية الذين أوجبوا الغسل جعلوه لليوم، وعلى هذا لو اغتسل عصر الجمعة كفاه، لو اغتسل العصر يكفيه؛ لأنه لليوم، جاء في بعض الروايات: ((غسل يوم الجمعة)) فأضيف إلى اليوم، فإذا اغتسل العصر أو آخر العصر أو الظهر بعد صلاة الجمعة ما عليه، أدى الواجب، والأصل أن الاغتسال تهيئ لهذا الاجتماع، ولهذا العيد، وأيضاً إذا اجتمع الناس على غير اغتسال وغير نظافة لا بد أن تنبعث منهم روائح، لا سيما في البلاد الحارة، ولا نتصور أن الزمان السابق مثل زماننا فيه المكيفات وفيه الأمور المريحة، لا. لا هناك في أمور مريحة، وهنا في أمور مريحة، صح وإلا لا؟ طالب: إيه. وشلون مريحة؟ طالب: يعني الآن أريح .... صح وقبل؟ طالب:. . . . . . . . . هذه من الراحة وتلك من الرائحة، ما شاء الله عليك. الغسل لصلاة الجمعة، لو اغتسل لصلاة الفجر، وخرج إلى الجامع، وجلس من صلاة الفجر إلى أن صلى الجمعة يكفي وإلا ما يكفي؟ اغتسل لصلاة الفجر بعد طلوع الفجر، أما قبل طلوع الفجر ما أحد يقول به، لكن بعد طلوع الفجر، وصلى الفجر الصبح في الجامع، وبقي إلى أن صلى الجمعة، اغتسل قبل صلاة الفجر، وقال هذا يكفي، وهذا يفعل أحياناً لصلاة العيد، إذا صليت مثلاً في مسجد الفاصل يسير، لكن الجمعة الرواح إليها -كما سيأتي- إنما يبدأ من ارتفاع الشمس، اغتسل لصلاة الجمعة، وراح لصلاة الجمعة، ثم اتكأ على شيء ونام، انتقض وضوؤه يعيد الغسل وإلا ما يعيد؟ طالب:. . . . . . . . . وراه.

طالب:. . . . . . . . . ما هو بشرط، لكن يأثم وإلا ما يأثم؟ أدى الجمعة بغسل وإلا لا؟ بغسل منتقض، الوضوء انتقض، ويعيد الوضوء، نعم ما أحد من أهل العلم يلزمه، أو يستحب له أن يعيد الغسل، نعم. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال: جاء رجل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: ((صليت يا فلان؟ )) قال: لا، قال: ((قم فاركع ركعتين)) وفي رواية: ((فصل ركعتين)). يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة" فجلس والنبي -عليه الصلاة والسلام- يراه، لما دخل من باب المسجد وجلس "فقال: ((صليت يا فلان)) " من باب العرض؛ لئلا يحرجه أمام الناس، ويأمره بالأمر المباشر، وهذا أسلوب من أساليب التوجيه، فإذا لاحظت على شخص شيء، وأتيت به على سبيل الاستفهام، لا شك أنه أدعى لقبوله، ترى المخالفات ظاهرة، لكن إذا أتيت بها على سبيل الاستفهام كان أدعى للقبول، حتى مع الكبار، يعني لو سمعت مثل عمل من شخص، أو قول، أو فتوى تأتي فتسأله عن حكم المسألة، ما حكم كذا؟ أو سمعنا أن أحداً يقول بكذا، فما رأيكم بكذا؟ يعني. . . . . . . . . القول، أما أن تواجهه بالانتقاد هذا ثقيل على النفس.

" ((صليت يا فلان؟ )) قال: لا، قال: ((قم فاركع ركعتين)) " تحية المسجد، من دخل المسجد والإمام يخطب يصلي ركعتين، يتجوز فيهما، عند الحنابلة والشافعية، ومنع من ذلك المالكية والحنفية، قالوا: لكي يشتغل بالسماع، باستماع الخطبة، فإذا نهي عما هو أقل من ذلك، تحريك الحصى بثانية واحدة ((من مس الحصى فقد لغا)) إذا قلت لصاحبك: أنصت، كلمة في ثانية لغوت، ولا جمعة لك، فكيف يأتي بركعتين تحتاجان إلى وقت؟! وهل يقبل على صلاته أو يقبل على الإنصات إلى الخطبة؟ نقول: ما دام جاء النص، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، قال: ((قم فاركع ركعتين)) فدل على أن هذا مخصوص، وأن تحية المسجد لا تسقط باستماع الخطبة، ولا يعفى عنها، وإن كان عامة أهل العلم على أن تحية المسجد سنة، وليست بواجبة. "وفي رواية: ((فصل ركعتين)) " هناك إجابات عن الأمر بهاتين الركعتين، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره ليصلي ركعتين ليراه الناس؛ لأنه محتاج، فإذا رآه الناس وبان من بينهم، والناس يستمعون، فطنوا له وتصدقوا عليه، هذا جواب المالكية عن الحديث، وإلا فتحية المسجد أثناء الخطبة ليست سنة عندهم، مثل مس الحصى، ومثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن قلت: اسكت، على كل حال هذا الحديث مخصص لما جاء من الاستماع، وأن هذه ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وفي الحديث ما يدل على أن تحية المسجد لا تسقط بالجلوس، ومن أهل العلم من يقول: سنة فات محلها، لكن هذه تقال بالنسبة لمن عرف الحكم وترك؟ أما الجاهل الذي لا يعرف الحكم يعرف، فيكون حينئذٍ عمله بالنص بعد بلوغه. في شيء؟ طالب:. . . . . . . . . يجلس، ما يلزم أن يكون؛ لأن عدم النقل ليس بنقل للعدم، السنة تثبت بمثل هذا الحديث، وما عداه محتمل، قررنا مراراً أن الوقتين الموسعين لا مانع من الصلاة فيهما، والأوقات الثلاثة المضيقة لا يصلى فيها شيء من النوافل، ولو كانت ذات سبب. الطالب: يعني الآن جاء ويجلس .... إذا كان قرب طلوع الشمس لا يصلي، مثل هذا فيه سعة، يعني لو جلس عملاً بأحاديث النهي ما يلام، ولو صلى ما يلام -إن شاء الله-. نعم.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس. الحديث الرابع: يقول -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس" هذا لفظ الحديث في الصحيحين وإلا المعنى؟ "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين يقعد بينهما" علقوا عليه المحققين وإلا ... ؟ إيش يقول؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، المقصود أنها رواية بالمعنى ولا مانع منها، فيشترط لصحة صلاة الجمعة تقدم خطبتين، يفصل بينهما بالجلوس، والأصل أن تكون من قيام، وفعله -عليه الصلاة والسلام-، والخلفاء من بعده، وهاتان الخطبتان شرط لصحة الجمعة، وتشتملان على ما يسمى خطبة، ويتقدمها الحمد، والثناء على الله -عز وجل-، والصلاة على النبي، والشهادة .. إلى أخر ما يطلب في ما يسمى خطبة، وجاء في وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يخطب أنه -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيح إذا خطب علا صوته، وأحمر وجهه، كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم، يرتفع صوته، ويحمر وجهه وعيناه، كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم، ولا شك أن هذا أبلغ في التأثير بالنسبة للسامع، وجاء أيضاً أنه يقول في خطبته: أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله ... إلى آخره، إيش؟ وأن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، كما في بعض الروايات، المقصود أنه نقل من خطبه -عليه الصلاة والسلام- شيء منها، والمقصود ما يسمى خطبة، تشتمل على الحمد، والشهادة، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، والموعظة، والأمر بتقوى الله ... إلى غير ذلك، وإيراد الشعر في الخطبة يبطلها عند بعض أهل العلم، ومنهم من يرى أنها لا تبطل إلا إذا غلب الشعر، وصار أكثر من النثر، وينبغي تنزيهها من الشعر في الجملة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال في الجملة المطلوب ما يؤثر في السامع. طالب:. . . . . . . . . خطبتين شرط عند أهل العلم. نعم.

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الخامس: "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قلت لصاحبك)) " الصحبة تكون لأدنى مناسبة، والمراد بالصاحب هنا المجاور أو القريب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأمهات المؤمنين: ((لأنتن صواحب يوسف)) لوجه الشبه بينهن، فالصحبة تكون لأدنى مناسبة وملابسة، ولذا قال: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة)) حال خطبة الإمام ((فقد لغوت)) لأن المطلوب الاستماع، فالاستماع للخطيب واجب، كل ما يؤثر على هذا الواجب لا يجوز؛ لأنه يحول دون تحقيق الواجب، وما لا يتم الواجب إلا بتركه فهو واجب، وجاء سد الباب فيما هو أدنى من ذلك، مجرد الحركة بمس حصى أو شبهه يلغو، و ((من لغا فلا جمعة له)) والمقصود من هذا الثواب المرتب على الجمعة يفوته، وإلا فالصلاة صحيحة، ومسقطة للطلب، طيب من لا يتصف بالسمع ولا بالاستماع، أو لا يفهم يطالب بالإنصات وإلا ما يطالب؟ الأصم مثلاً، أو الأعجمي الذي لا يفهم الكلام؟ عموم الحديث يشمل الجميع، والذي لا يفهم أو لا يسمع إذا كانت العلة منتفية بالنسبة له أثره يتعدى إلى غيره. طالب:. . . . . . . . . يشغل من حوله، نعم بلا شك، لا شك أنه يشغل من حوله، فالعموم هو الصواب. طالب:. . . . . . . . . ولا بد أن تكون الخطبة بالعربية، أجاز بعض أهل العلم كالحنفية ترجمتها، لكن تكون بالعربية، ولو ترجمت بعد الصلاة لغير العرب بالأعجمية فحسن. طالب:. . . . . . . . . ما يسمع، بعيد، والذي حوله بعد أيضاً ما يسمعون، .... يشوش على نفسه، ولا على غيره، افترض أنهم في الدور الثاني، أو في أسفل، نعم جاء مهندس وقام يشبك، مثل هذا يتعامل مع الإمام، فالإمام له أن يكلم، وله أن يتكلم، هذه ما فيها إشكال، إذا تعامل مع الإمام أنحل الإشكال، إذا كلفه الإمام ما في إشكال، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

والله العموم يشمله، لكن لو ترجمت فيما بعد، المقصود أن المسألة خلافية، والجمهور على أنها لا تترجم، لا بد أن تؤدى بالعربية، معروف الجواب على هذا. طالب:. . . . . . . . . بعد الصلاة ما في ما يمنع. طالب:. . . . . . . . . أبد، يقال لهم: إنه يترجم لكم فيما بعد، ويعرفون من عادته، إذا جاء بما يسقط الطلب بالعربية، ثم أضاف إليه بغيرها ما في ما يمنع أيضاً، لكن يأتي بخطبة تامة بأركانها، بما يسقط الطلب باللغة العربية، ثم يأتي بغيرها من اللغات. طالب:. . . . . . . . . يفتح عليه؛ لأن مخاطبة الإمام ما فيها بأس. نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اغتسل في الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)). يقول المؤلف -رحمة الله عليه-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اغتسل يوم الجمعة)) " اغتسل، فالثواب المرتب في هذا الحديث، وفي غيره من الأحاديث مثل: ((من غسل واغتسل، وبكر وابتكر)) لا بد من توافر ما اشترط؛ لأنه قد يتعدد فعل الشرط؛ ليكون الجواب واحداً عن المجموع ((من اغتسل يوم الجمعة)) والغسل على ما تقدم في قول عامة أهل العلم مستحب استحباباً متأكداً ((يوم الجمعة)) واليوم يبدأ الأصل من طلوع الفجر، عند المتشرعة من طلوع الفجر، وعند الفلكيين من طلوع الشمس، وهنا من ارتفاع الشمس؛ لأن ما قبله مستغرق بعبادة، صلاة الصبح، والانتظار بعدها إلى ارتفاع الشمس هذا مستغرق بعبادة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعله، إذاً الصلاة التي تليها يكون الرواح إليها بعد هذا الوقت، بعد ارتفاع الشمس.

((ثم راح)) الرواح الأصل فيه أنه يقابل الغدو، والغدو في أول النهار، والرواح في آخر النهار، الغدو في أول النهار، في الصباح، والرواح في المساء، وهل المطلوب هنا الرواح في المساء؟ المقصود مجرد الذهاب، فإذا أطلق الرواح من غير اقتران بالغدو فيشمل الوقتين أول النهار، وآخر النهار، ويراد به ما يرادف الذهاب، أما إذا جاء مقروناً بالغدو فيحمل الغدو على معناه الخاص، والرواح على معناه الخاص. ((ثم راح في الساعة الأولى)) التي تبدأ من ارتفاع الشمس إلى ما ينقسم عليه الوقت من هذا إلى دخول الإمام، فإذا كانت الشمس ترتفع الآن في الخامسة والثلث، والإمام يدخل في الثانية عشرة إلا عشر، اقسم هذا على خمسة، وقد تكون موافقة للساعة الفلكية التي هي ستين دقيقة، وقد تكون أقل، وقد تكون أكثر، قد تكون أقل وقد تكون أكثر؛ لأن المراد بالساعة مقدار من الزمان، وبدؤها يكون من أول النهار من ارتفاع الشمس، ومن أهل العلم كالإمام مالك من يرى أن هذه الساعات ساعات لطيفة تبدأ بعد الزوال عملاً بالرواح، وهذا القول لا شك أنه يناسب كثير من الناس، كثير من طلاب العلم في هذه الأوقات، أنها ساعات لطيفة بعد الزوال .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . يأتي هذا، راح في الساعة الأولى، إذا افترضنا أن الساعة الأولى بدأت من خمس وثلث إلى ست ونصف مثلاً، إلى ست ونصف، ساعة وربع أو ساعة وعشر، الذي يأتي خمس وثلث مثل الذي يأتي في ست ونصف إلا خمس، كلهم في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، كلاهما كأنما قرب بدنة، لكن البدنة تختلف الذي يأتي في أولها بدنة نفيسة، والذي يأتي في أثنائها بدنة متوسطة، والذي يأتي في آخرها بدنة أقل. ((فكأنما قرب)) وفي رواية: ((كأنما أهدى بدنة)) والبدنة هنا في هذا الحديث المراد بها من الإبل، وإن كان الإطلاق يشمل البقر، لكن لما كان البقر منصوص عليها في الحديث خرجت من الإطلاق.

((ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة)) في الحديث ما يدل على أن إهداء البدنة أفضل من إهداء البقرة، الحديث دليل على أن إهداء البدنة من الإبل أفضل من إهداء البقرة؛ لأنه لا يستوي من جاء في الساعة الأولى، ومن جاء في الساعة الثانية، ومعادلة البدنة بسبع والبقرة بسبع يدل على التساوي، لكن في هذا الباب البدنة أفضل، وفي باب الهدي والأضاحي متساوية، وفي باب الغنائم متفاوتة؛ لأن البدنة عدلت بعشر، والبقرة عدلت بسبع، فلكل باب ما يخصه.

" ((فكأنما قرب)) وفي رواية: ((كأنما أهدى)) ((بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن)) " ويقال فيه مثل ما قيل .. ، ويدل على أن الذكر أفضل من الأنثى، والأقرن أفضل من الأجم ((ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة)) وفي رواية: ((كأنما أهدى دجاجة)) الدجاجة تهدى أو يتقرب بها؟ أقول: هل الدجاجة مما يهدى أو يتقرب به؟ المراد بذلك كأنما تصدق بكذا، على كل حال النصوص فوق الجميع، فالمقصود أن الدجاج والعصفور على ما جاء في بعض الروايات، والبيض كله ليس مما يهدى، لا يقبل في الهدي والأضاحي، لكن المراد بالتقريب هنا التصدق، طيب قد يقول قائل: أنا لماذا أذهب إلى الجمعة في الساعة الأولى وكأنما قربت بدنة واحدة، لماذا لا أجلس في بيتي وأتعلم عشر آيات، أو عشرين آية، أو مائة آية، وأكون كمن حصل عن كل آية بدنة، بدلاً من الذهاب في الساعة الأولى يجلس في مصلاه، في بيته، في مسجده، ولا يروح الجامع، وله عن كل آية بدنة، نعم، الآية ببدنة، وبناقة، والآيتين بناقتين، يمكن يحصل على أجور عظيمة إذا جلس في بيته أو في مصلاه، يمكن يحصل على آلف بدنة، نقول: فرق بين أن يهدي وبين أن يأخذ، الذي يتعلم كأنما أخذ، كأنما حصل له من أمور الدنيا بدنة، لكن يهدي بدنة يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- أفضل من مئات الألوف من البدنات التي يأخذها؛ لأن بعض الناس قد يشوش عليه في مثل هذا، يقول: بدل ما أهدي بدنة واحدة، والآية الواحدة ببدنة، وعشر آيات بعشر بدنات، وألف آية بألف بدنة، ليش أنا أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ نقول: لا يا أخي، نقول: هذه كأنما حصلت من أمور الدنيا على بدنة، وهنا في حديث الباب كأنما تقربت إلى الله -جل وعلا- ببدنة، أنت تصور أن البدنة أقل شيء بألفين ريال، قس الألفين ريال بخمس ساعات تروحهن، أما كونك تأخذ هذه مسألة أخرى. طالب:. . . . . . . . . حتى في المسجد في المصلى يقول: هذا أريح لي أجلس هنا، وأقرأ لي مائة آية، وأتأخر إلى دخول الخطيب ولا أروح إلا الخامسة، على كل حال في كل خير، ولكل خير -إن شاء الله تعالى-، وكلهم على خير، لكن المبادرة أفضل بلا شك، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بعد الزوال؟

طالب:. . . . . . . . . نحن ذكرناه، ذكرنا قول مالك ساعات لطيفة بعد الزوال. طالب:. . . . . . . . . لا ما هو بعد الآذان الثاني، إذا دخل الخطيب انتهى ما في ساعات، عند الجميع ما في ساعات، نعم. ((من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة)) والدجاجة بفتح الدال وكسرها، وإن كانوا يرجحون أن الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، الفتح للذكر والكسر للأنثى، مثل المايح والماتح، وغيرها من ألفاظ كثيرة على هذا. ((ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة)) في بعض الروايات: ((كأنما قرب عصفوراً)) نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا يطلق عليه دجاجة، بالفتح يطلق عليه ...

((ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة)) وجاء عند الحاكم أن اليوم اثنا عشر ساعة، وهو موافق لرواية الست ((من راح في الساعة السادسة)) لأن الزوال إلى السادسة، وفيه أيضاً ما يدل على أن الأصل في ضبط الوقت من بداية النهار، لا من نصفه، إذا طلعت الشمس تبدأ الساعة الأولى بهذا الحديث، أما تبدأ الساعة الأولى بعد الزوال على خلاف هذا الحديث، وخلاف ما هو معمول به عند العرب، إلى زمن قريب إلى أن امتزجوا بغيرهم، ولذا تجد الخلل مثلاً حينما تبدأ الساعات من الزوال، وقت الصفر الذي هو الزوال، ثم تبدأ بعده الواحدة، ثم الثانية ثم الثالثة، الثانية عشرة منتصف الليل، صح وإلا لا؟ الثانية عشرة منتصف الليل، الثانية عشرة آخر ما هي منتصف، الواحدة بعدها صباحاً، فالنصف الثاني وين راح؟ صحيح هذا تقوله في إذاعات العالم كلها تقول هكذا، إذاعات الدنيا كلها تقول: الثانية عشرة منتصف الليل، الواحدة صباحاً، دل أن المسألة فيها خلل، فالساعات تبعاً لهذا الحديث تبدأ من أول النهار، وما في شك أن ضبط أول النهار بالتوقيت غير العربي، بالتوقيت الإفرنجي الوافد، ضبط أول النهار لا سيما لأمور الدنيا، هم ما لاحظوا أمور الآخرة، هو أضبط، وأول الليل بالنسبة للتوقيت الغروبي العربي أضبط، ولذلك ما تنضبط صلاة العشاء، لا صيف ولا شتاء على التوقيت المعمول به الآن، قبل منضبطة واحدة ونصف يؤذن العشاء صيفاً وشتاء، ولذلك الليل منضبط على التوقيت الغروبي، والنهار أوله لا سيما أوله منضبط بالتوقيت الزوالي، المبني على زوال الشمس، وعلى كل حال المسألة اصطلاحية، وكان الموظفون في العهد السابق في كل أسبوع يأتون يقولون: ترى الدوام يبدأ الساعة واحدة، مع الأسبوع الثاني وحدة وربع، الثالث وحدة ونصف، وحدة وعشر، لا بد يغير، ليش؟ لأن طلوع الشمس المرتب عليه الدوام، الدوام بعد طلوع الشمس بساعة ما هو منضبط، ولذلك لأمور دنياهم وأعمالهم وتجاراتهم منضبطة بالتوقيت، بتوقيتهم، لكن أول الليل لا ينضبط إلا بتوقيت العرب المستمد من هذا الحديث.

((فإذا خرج الإمام)) يعني خرج المقصود به دخل وخرج على المصلين، الدخول والخروج أمور نسبية، يعني أقبل وأدبر، حينما يقول: مسح رأسه أقبل بيديه وأدبر، مقتضاه أن يبدأ من مؤخر الرأس إلى مقدمه، ثم يدبر، لكن يقول: بدأ بمقدم رأسه، فالإقبال والإدبار نسبي، وهنا الدخول والخروج نسبي، يعني خرج على المصلين، والأصل أنه دخل المسجد، فهذه أمور نسبية. ((حضرت الملائكة)) تركت الكتابة ((حضرت الملائكة يستمعون الذكر)) على هذا من يسجل الداخل بعد هذا؟ في أحد يسجل، ما في إلا الحفظة، وأما من يسجلون من أجل هذه الجوائز فقد انتهوا. اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الجمعة الحديث السابع: عن سلمة بن الأكوع -وكان من أصحاب الشجرة -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به. وفي لفظ: كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس، ثم نرجع فنتتبع الفيء. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث السابع من باب صلاة الجمعة: "عن سلمة بن الأكوع -وكان من أصحاب الشجرة -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الجمعة" وكنا تدل على الاستمرار، وهذا الأصل، وقد ترد لغير ذلك إذا دلت القرائن على أن مثل هذا الفعل لم يحصل إلا مرة واحدة "كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الجمعة ثم ننصرف" يعني منها "وليس للحيطان ظل يستظل به" نفي للظل، وهذا يقتضي أن تكون الصلاة قد وقعت قبل الزوال.

"وفي لفظ: كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس، ثم نرجع فنتتبع الفيء" اللفظ الثاني يدل على أن الجمعة إنما تكون بعد الزوال "كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس، ثم نرجع فنتتبع الفيء" وبين اللفظين شيء من التعارض في الظاهر، فمفهوم الحديث الأول يدل على أنهم يفعلونها قبل الزوال، ومنطوق اللفظ الثاني يدل على أنهم يفعلونها إذا زالت الشمس، يعني بعد الزوال، إذا زالت الشمس يعني بعد الزوال، فإذا قدمنا المنطوق كما هو الأصل، لا بد من الإجابة عن المفهوم "فكنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به" ظل موصوف، ليس لها ظل ليس مطلقاً، لو قال: وليس للحيطان ظل حصل التعارض، لكن "يستظل به" يدل على أن لها ظل، ولكن لا يمكن الاستظلال به بالنسبة لجميع من خرج من المسجد دفعة واحدة، قد يكون هناك ظل، هناك ظل، لكنه لا يستوعب الناس الذين يخرجون من المسجد يوم الجمعة، فهؤلاء يحتاجون إلى ظل واسع، ولا يعني أنه لا يوجد ظل لا يستوعب الناس، فتتفق الروايات، وتكون صلاة الجمعة بعد الزوال والحيطان لها ظل، لكن ليس بالظل الكثير الذي يظل الناس كلهم {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [(2) سورة الرعد] هل هذا نفي للعمد أو إثبات للعمد؟ نفي للعمد المرئية، يعني لا ينفي أن يكون هناك عمد غير مرئية. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نظير ما عندنا {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [(2) سورة الرعد] هل هذا نفي للعمد بالكلية؟ يعني لا يوجد عمد أصلاً؟ ومن لازم عدم العمد عدم الرؤية، أو أن هناك عمد لكنها لا ترى؟ واللفظ محتمل، وهذا أعظم في القدرة، كون هناك عمد لكنها لا ترى، هو مطابق لما معنا وإلا ليس مطابق؟ فالمنفي هنا الظل الذي يستظل به من قبل من يستظلون به ممن يخرجون من المسجد الجامع دفعة، وعلى كل حال المسألة خلافية، فعل صلاة الجمعة قبل الزوال محل خلاف بين أهل العلم، جمهور أهل العلم على أن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر، ووقت صلاة الظهر من زوال الشمس إلى مصير ظل الشيء ... وإلا مثله؟

مثله، أنت حنفي أنت، هذا قول الجمهور، وعند الحنابلة أنه يصح فعلها قبل الزوال لهذه النصوص، لمثل هذا النص يصح فعلها قبل الزوال، والجمعة لها سبب وجوب، ووقت وجوب، بناء على القاعدة، القاعدة أن العبادة إذا كان لها سبب وجوب ووقت وجوب لا يصح فعلها قبل السبب اتفاقاً، ويصح فعلها بعد دخول وقت الوجوب اتفاقاً، ويجوز بين الوقتين على خلاف في ذلك، بين السبب والوقت، فالحنابلة يجوزونها قبل الزوال، بناء على أن السبب انعقد، ولو لم يحضر الوقت، عندهم، والمرجح هو قول الجمهور في هذه المسألة، وأجوبتهم يمكن أن يجاب عنها، أدلتهم يمكن أن يجاب عنها بما ذكرنا. "كنا نجمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس، ثم نرجع فنتتبع الفيء" الفيء هو الظل، فيه ظل لكنهم يتتبعونه لقلته، لو كان كثيراً ما تتبعوه، لوسعهم، الآن لو تصورنا أن المسجد على شارع كبير، والرصيف متر واحد، ويطلعون الناس من صلاة الجمعة هل هذا الرصيف يتسع الناس كلهم؟ أو يتتبعونه واحد رجل على الرصيف، وواحد برع، اتقاء السيارات على الرصيف، ويتتبعون هذا الرصيف مثل ما يتتبعون الظل خشية الحر، فإذا كان المكان لا يستوعب فلا بد من تتبع، ولا بد من قصده، ولو كان واسع كبير يتحمل الناس من غير تتبع. الحديث الثامن. نعم. الحديث الثامن: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة آلم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان. في الحديث الثامن يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة آلم تنزيل السجدة" هذه في صلاة الفجر يوم الجمعة "وهل أتى على الإنسان" والمناسبة ظاهرة؛ لأنه في السورتين ما يدل على شيء مما حدث ويحدث في هذا اليوم العظيم، ففيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في صلاة الفجر من يوم الجمعة، والمناسبة ظاهرة؛ لأن السورتين اشتملتا على شيء مما حصل ويحصل في هذا اليوم العظيم.

باب: صلاة العيدين

جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- ما يدل على أنه كان يديم ذلك، بمعنى أنه لا يخل به إلا نادراً، وهذه السنة تكاد تكون مهجورة في كثير من المساجد، لا سيما إذا كان الإمام لا يحفظ هاتين السورتين، أو كان المأموم يتضايق من قراءة هاتين السورتين، لا سيما وأن الناس قد ربوا على عدم الإطالة، على تخفيف الصلوات بما فيها صلاة الفجر التي هي مشهودة {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] تشهده الملائكة، وأيضاً كما جاء في الحديث: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر، إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة" ومع الأسف أن كثير من الأئمة لا يحتمل هذا التطويل، وعود الناس على التخفيف، بحيث صاروا يتضايقون لو زيد فيها آية واحدة. طالب:. . . . . . . . . يديم ذلك جاء في أسانيد لا بأس بها، لكن الدوام معناه الغالب، هم يقولون: من باب أن لا تشبه بالواجبات، لا يداوم عليها، والمستحبات ينبغي أن لا يداوم عليها من هذا الباب؛ لئلا تشبه بالواجبات، فيظنها العامة أنها واجب، ولا بد من تمرين العامة على السنن، ولا بد من إطلاعهم على السنن؛ لأنه في عصر مضى يعني قبل خمسين سنة، وقف رجال الحسبة على عمال يعملون في بستان، قبيل زوال الشمس في يوم الجمعة، فلما نوقشوا ما عرفوا أن هذا يوم جمعة؛ لأن الإمام ما قرأ هاتين السورتين في صلاة الفجر، إذا عودوا على هذا خلاص اعتادوه، بحيث لو لم يقرأ ناموا وتركوا صلاة الجمعة، فلا بد من تعويدهم على هذا، وأيضاً ترك هذا في بعض الأحوال؛ ليعرفوا أن هذا سنة وليس بحتم. نعم. باب: صلاة العيدين الحديث الأول: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب صلاة العيدين، والعيدان تثنية عيد، وهو اسم لما يعود ويتكرر في وقت معين محدد، وهما عيدان، الأضحى الذي يقع في أثناء مناسك الحج، والفطر الذي يعقب الفطر من رمضان، فعيد الفطر من رمضان، إنما شرع لشكر هذه النعمة، إتمام هذه النعمة التي هي أداء ركن من أركان الإسلام، والتوفيق له، وقل مثل هذا في عيد الأضحى الذي فيه .. ، في العشر الذي تقدمته من العبادات العظيمة التي منها الصلاة والصيام والذكر والحج، يجتمع في هذه العشر ما لا يجتمع في غيرها، و ((ما من أيام من العمل الصالح فيهن أفضل وأعظم من هذه الأيام العشر)) إلا ما استثني من رجل خرج بنفسه وماله في سبيل الله فلم يرجع من ذلك بشيء، المقصود أن هذه الأيام هي أيام عظيمة، شرع فيها عبادات، وشرع بعدها العيد شكراً لله -جل وعلا- على التوفيق لأداء هذه العبادات في هذه الأيام العظيمة، في الحديث: ((شهرا عيد لا ينقصان)) ما معنى شهرا عيد؟ رمضان وذي الحجة، لكن ذو الحجة في أثنائه، فيصح أن نقول: إنه شهر عيد، وأما بالنسبة لرمضان فالعيد فيه أو بعده؟ بعده، فكيف قيل: شهر عيد والعيد بعده؟ لأنه بسببه؛ ولأنه ملاصق له، ولذا قيل .. ، جاء في الحديث الذي سقناه قريباً: "إلا المغرب فإنها وتر النهار" وهي في الليل، لكن لما تعقبته من غير فاصل صارت كأنها فيه في النهار، والعيد لما تعقب رمضان من غير فاصل صار كأنه في رمضان. وليس للمسلمين عيد ثالث غير هذين العيدين، وكان للعرب في جاهليتهم يومان يظهرون فيهما الفرح والسرور، بناء على أنهما عيدان، فأبدلنا الله -جل وعلا- بدلهما هذين العيدين.

والعيد لا شك أنه يوم فرح وأنس، وفيه فسحة في التخفف من شيء من التكاليف الواجبة .. لا أقول: الواجبة بل المستحبات، أما الواجبات لا بد من أدائها، وليس معنى هذا أنه يزاول فيه المحرمات؛ لأن من زاول المحرمات في هذين اليومين فقد استعملهما على خلاف ما شرعا من أجله، شرعا لشكر الله -جل وعلا-، وإظهار الفرح والأنس الذي تعقب هذه العبادات، أما من زاول المحرمات في هذين العيدين فليس هذا دليل على قبول هذه الأعمال، وليس هذا أيضاً من باب مقابلة النعم بالشكر، كثير من الناس يتوسع في مثل هذا، يترك واجبات، يرتكب محرمات، لكن هذا لا يجوز، نعم في الدين فسحة ولله الحمد، في مزاولة بعض المباحات، وبعض الأمور التي ينكف عنها المسلم في سائر أيامه. المقصود أن مثل هذا في ديننا فسحة له، من الشيء اليسير، من العبث اليسير، واللهو اليسير، كل هذا في الدين فسحة، أما ارتكاب المحرمات فلا. "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة" هذا ديدن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر وعمر يقدمون الصلاة على الخطبة، ثم بعد ذلك في عصر بني أمية قدمت الخطبة على الصلاة، لماذا؟ يقول أهل العلم: إنهم أحدثوا في الخطب ما يتورع عن سماعه بعض الناس، فإذا صلوا خرجوا، فأراد الولاة أن يلزموهم بالحضور، حضور الخطبة؛ لأنهم لن يخرجوا والصلاة باقية، وعلى كل حال هذه بدعة ممن جاء بها، ولو كان متأولاً، داخلة في حيز البدعة؛ لأنها خلاف ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان متأولاً؛ لأنهم أحياناً يقولون: كون الخطبة قبل الصلاة أو بعدها لا يؤثر، كما أن الجمعة خطبتها قبل الصلاة، نعم فلتكن العيد مثلها، على أن العبادات توقيفية لا تقبل الاجتهاد ولا القياس، فعلى المسلم أن يلتزم بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-. وصلاة العيد يختلف أهل العلم في حكمها، فمنهم من يقول: بسنيتها كالمالكية والشافعية، وعند الحنابلة هي فرض كفاية، ويرى الحنفية أنها واجبة على الأعيان، ما معنى واجبة على الأعيان؟ يعني علية القوم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم وجوب عيني لا وجوب كفائي، وجوباً عينيناً لا وجوباً كفائياً، بمعنى أنها لا تسقط عن أحد إلا المعذور الذي لا يستطيع الحضور إليها، فهي واجبة في حقه، الذين قالوا بسنيتها كالمالكية والشافعية استدلوا بحديث: ((خمس صلوات كتبهن الله على العباد)) وحديث أيضاً ضمام بن ثعلبة لما جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- عارضاً عليه ما سمع، ومما سمعه أن الله -جل وعلا- أوجب على عباده خمس صلوات، ثم بعد ذلك قال .. ، أقسم أنه لا يزيد على ذلك ولا ينقص، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أثبت له الفلاح، فدل على أنه لا يجب غير الخمس، والذين يقولون بأنها فرض كفاية كالحنابلة يقولون: شعار لا بد من القيام به، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وواظب عليه، وفعله خلفاؤه من بعده، فلا يجوز تعطيله، شعار من شعائر الدين، وعلامة على هذا اليوم العظيم، فلا بد من أن يقوم به من يحصل به الغرض، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وصار سنة. أما الحنفية فاستدلوا بأدلة، منها: قوله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] قالوا: المراد بالصلاة هذه صلاة العيد، ومنها حديث أم عطية الآتي: "أمرنا بإخراج العواتق والحُيض وذوات الخدور" والأمر أصله للوجوب، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يميل إلى قول الحنفية أنها واجبة على كل مستطيع، وأنه لا يعذر فيها أحد، وكأنه من حيث النظر أقوى، الأقوى دليلاً. نعم. الحديث الثاني: عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأضحى بعد الصلاة، فقال: ((من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له)) فقال أبو بردة بن نيار خال البراء بن عازب: يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة، قال: ((شاتك شاة لحم)) فقال: يا رسول الله فإن عندنا عناقاً وهي أحب إلينا من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: ((نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني:

"عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأضحى بعد الصلاة" وفيه من الدلالة مثل ما في الحديث السابق، وأن العيد لها خطبة، وأنها تكون بعد الصلاة. "فقال: ((من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا فقد أصاب النسك)) " يعني صلى صلاة العيد ونسك فقد أصاب النسك، والنسك هنا الذبح ((ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له)) يعني لا يقبل منه، بل وقت الأضحية إنما هو بعد الصلاة. والأضحية كما في بابها عامة أهل العلم على أنها سنة مؤكدة، وهي النسيكة في هذا اليوم، ومنهم من يرى الوجوب؛ لقوله في الحديث اللاحق: ((فليذبح)) وسيأتي ما فيه. ((من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا فقد أصاب النسك)) شرط وجوابه، والشرط مركب من جملتين، والجواب مرتب على الجملتين، يعني مضى بالأمس نظيره، ما مضى نظيره؟ في الجمعة. طالب:. . . . . . . . . لا لا هنا؟ ((من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى)) ((من اغتسل ... ثم راح ... فكأنما قرب)) فلا يحصل ثواب التقريب إلا بالغسل والرواح، لماذا؟ لأن الجواب جاء متعقباً لجملتين، وننظر هنا ((من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا فقد أصاب النسك)) طيب الذي لم يصل صلاة العيد؟ لأن مقتضى التركيب أنه لا يصيب النسك إلا إذا صلى ونسك. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . افترض إنه شافعي ما صلى العيد، نام عن صلاة العيد، انتبه الساعة تسع، الناس مصلين ذبح ذبيحته، تقبل وإلا ما تقبل؟ طالب:. . . . . . . . . ((من صلى)) شوف اقرن بهذا ما جاء في حديث عروة بن مضرس لما جاء وأدرك صلاة الصبح ليلة النحر بالمزدلفة، وجاء في ((من صلى صلاتنا هذه، وقد وقف بعرفة قبل ذلك أية ساعة من ليل أو نهار)) من أهل العلم من يرى اشتراط أن يدرك الصلاة، وأن يصلي الصلاة، وإلا ما يصح وقوفه، تنظير مطابق وإلا ما هو مطابق؟ الآن لو افترضنا أن مالكياً وإلا شافعياً نام بعد صلاة الصبح، انتبه الساعة التاسعة وذبح ذبيحته، نقول: نسك وإلا ما أصاب النسك؟ ....

كتاب الصلاة (13)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (13) باب: صلاة الكسوف الشيخ: عبد الكريم الخضير الآن لو افترضنا أن مالكي أو شافعي نام بعد صلاة الصبح، انتبه الساعة تسع وذبح ذبيحته، نقول: نسك وإلا ما أصاب النسك؟ هل أتى بالشرطين أو ما أتى بهما؟ أتى بواحد، طيب لو قام من نومه يوم الجمعة توضأ ومشى في الساعة الأولى يدرك بدنه وإلا ما يدرك؟ على مقتضى الحديث ما يدرك حتى يغتسل، وهنا لأن الجواب متعقب لجملتين، لا بد أن تتحقق الجملتان، واضح مفهوم وإلا ما هو مفهوم؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا ما يكفي، لا هذا قول، ما في شيء يصيبه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو تحقق له أحد الشرطين، هل نقول: إنه مثل الذي لم يصل؟ ذبح ولم يصل هل هو مثل من صلى ولم يذبح؟ كلاهما لم يصب النسك؟ طالب:. . . . . . . . . هذا المفروض، يعني هذا الأصل، لكن أنت تفترض المسألة في شخص يقول: صلاة العيد ليست بواجبة سنة، ما الذي يلزمني بها؟ أنا أميل يمكن الناس عموماً في ليالي العيد، كثير منهم ابتلى بالسهر، يصلي الفجر وينام إلى تسع، ويقوم يتعيد مع الناس ونشيط، ويذبح مع الناس، نقول: أصاب النسك وإلا ما أصاب؟ فهل تقدم الصلاة شرط لقبول النسك أو ليس بشرط؟ قيل به لهذا الخبر، الذي ما يصلي لا يذبح، قيل به، لكنه قول غير معتبر عند أهل العلم، والجهة منفكة. أما قوله: ((من صلى صلاتنا)) يعني ممن أراد الصلاة، أو من صلى فإنه لا يذبح حتى يصلي، يعني من أراد النسك فإنه لا يذبح حتى يصلي، الصلاة أو قدرها، والخلاف معروف بين أهل العلم في هذا، هل المقصود الصلاة ذاتها أو وقت الصلاة؟ أنت افترض أن الإمام تأخر على الناس، يعني بدلاً من أن تصلى الصلاة في .. ، الساعة الآن في مثل هذه الأيام مثلاً خمس ونصف تصلى أو قبلها، تأخر الإمام إلى الساعة السادسة، فالساعة ستة المفروض أنهم صلوا وانتهوا، هذا نظر الساعة وقال: الشمس طالعة لها مدة، وهذا الوقت كافي لأداء الصلاة وذبح، صحيحة وإلا ما هي بصحيحة؟ أو نقول: هذا معلق بصلاة الإمام؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

شوف اللفظ، اللفظ: ((من صلى صلاتنا)) واللفظ الثاني: ((من ذبح قبل أن يصلي)) فالنصوص كلها معلقة بالصلاة تقدمت أو تأخرت، هذا ظاهر النص، أليس هذا ظاهر النص؟ فهو معلق بالصلاة، لكن هل يخضع الناس لا سيما البعيدون عن مكان الإمام، ومن ينيبه الإمام، يخضعون لمثل هذا، لا تفترض المسألة في سهولة الاتصال بمثل هذه الأيام هل صلى أو ما صلى؟ تعلم الدنيا كلها في آنٍ واحد أن الإمام صلى أو ما صلى، نعم، لو يبعد عشرين كيلو عن الحاضر عن محل الإمام، ما يدري هل الإمام صلى أو ما صلى؟ ويبي ثلاث ساعات وما وصله الخبر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إي لكن أقول: هل المعتبر في مثل هذا تحقق الصلاة أو مقدار وقت تقضى فيه الصلاة؟ طالب:. . . . . . . . . هو الذي يظهر، نعم أهل العلم اعتبروا وقت الصلاة كافي، وإن كان منهم من تقيد بالحرفية فقال: لا بد من الفراغ من الصلاة. ((من صلى صلاتنا)) يعني صلاة العيد ((ونسك نسكنا)). طالب:. . . . . . . . . إيه لكن .. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . لأنه جاء نصوص تقول: ((من راح)) ما في اغتسل ((من راح)) ((من هجر في الساعة الأولى)) فهو منفك لا شك، لكن الغسل أيضاً له ثوابه ((ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له)) قبل الصلاة، هذا يرجح قول من يقول: إن الأمر معلق بالصلاة، والقول الآخر يحتاج قائله أن يقدر، ومن نسك قبل وقت الصلاة، أو قبل زمن تؤدى فيه الصلاة فلا نسك له. "قال أبو بردة بن نيار -خال البراء بن عازب-: يا رسول الله إني نسكت شاتي" يعني ذبحت شاتي "قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب" نعم أيام الأعياد، أيام أكل وشرب، وليست محل صيام ولا غيره، "وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي" لينال الأجر قبل الناس، ليطعم الناس، ليَطْعم ويطُعم، فينال الأجر، ويتفرد به؛ لأن العبرة بمن يذبح الأول، إذا أكل الناس من الأولى ما احتاجوا إلى الثانية.

"وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، وتغديت قبل أن آتي للصلاة، فقال: ((شاتك شاة لحم)) " الآن أبو بردة هذا عالم بالحكم أو جاهل؟ جاهل بالحكم، عذر بالجهل أو لم يعذر؟ لم يعذر، لماذا لم يعذر بالجهل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . يفرقون بين المأمور والمنهي، بين الأمر والنهي، فالمأمور لا يعذر فاعله بالجهل؛ لأنه لا بد من إيجاده، والمنهي عنه يعذر بالجهل لأن المراد تركه، والقاعدة أن الجهل مثل النسيان ينزل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزل المعدوم منزلة الموجود، لو أن هذا نسي الأضحية، ثم قال: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] وكنت ناوٍ أضحي ونسيت أضحي، يعذر وإلا ما يعذر؟ يعذر بالنسيان وإلا ما يعذر؟ يعني هل فعل محظور وإلا ترك مأمور؟ فالنسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، لكنه ينزل الموجود منزلة المعدوم، الآن هنا في القصة المذكورة، هذا ذبح فالنسيكة موجودة، والجهل في حكم النسيان، وهذه النسيكة التي جهل أمرها جاءت على خلاف ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهي مردودة عليه، ولم يعذر بجهلة؛ لأن هذا الجهل والنسيان نزل هذه الموجودة منزلة المعدومة، والذي نسيها لم ينزل المعدوم منزلة الموجود، لا بد من الإتيان بها، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كالتسمية، التسمية شرط، سواء نسي وإلا جاهل ما عليه، كل هذا يجوز الأكل منها. "قال: ((شاتك شاة لحم)) " يعني يجوز أكلها؛ لأن الشروط متوافرة، لكن الشروط التي تجعلها نسيكة يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- مقبولة غير متوافرة. إلا أن هذا جاء من المسلمين، حديث عهد بإسلام، الأصل أنهم يسمون. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . أقول: هذه ذبيحة جاءت من مسلمين، نعم كونهم حديثي عهد بإسلام قد الشك يتساور الذهن أنهم ما سموا، ما بلغهم الحكم، سم أنت وكل، إنما تأكل على الأصل أنها ذبيحة مسلم، لكن لو قال لك مسلم: ما سمى، تسمي وتأكل أنت؟ ما ينفع. طالب:. . . . . . . . . "إن نسينا"؟ طالب:. . . . . . . . . النسيان هذا في الإيجاد لا في الترك.

الحديث الثالث:

"قال: ((شاتك شاة لحم)) " بمعنى أنها تؤكل، ذبيحة توافرت الشروط في حل أكلها فتؤكل، لكنها لا تجزئ عن الأضحية. "قال: يا رسول الله فإن عندنا عناقاً" يعني صغيرة لم تبلغ السن المطلوب، والسن المطلوب جذع الضأن، وثني ما سواه "فإن عندنا عناقاً، وهي أحب إلينا من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال: ((نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك)) " لو أقتصر على قوله: "أفتجزئ عني؟ قال: ((نعم)) " يعني تكفي، تقضي، قال: ((نعم)) صارت له ولغيره ممن يشبه حالُه حالَه، وقوله: ((ولن تجزئ عن أحد بعدك)) لا تجزئ لمن ذبح قبل الصلاة، ولا لمن لم يذبح، لا تجزئ عن أحد بعدك. طالب:. . . . . . . . . المقصود المعلق بها صلاة الإمام، هذا المقصود بها عند أهل العلم، مع الإمام، أو قدر صلاة الإمام، لكن أنت افترض أن الإمام تأخر، أخذه نوم ونام له زيادة ساعة، والوقت ما زال، وإن كانت السنة تعجيل الأضحى وتأخير الفطر، وقال مثلاً: الوقت من ارتفاع الشمس إلى الزوال وأخرها، وخالف السنة في هذا، ينتظر الناس حتى يصلي؟ من أهل العلم من قال: ينتظر، لكن إن كان بالإمكان الإطلاع على حال الإمام لا شك أن الأحوط ينتظر حتى يصلي الإمام، إذا لم يكن بالإمكان كما هو بعيد عن الإمام مثلاً، ولا وسائل للاتصال، مثل هذا يعمل بالوقت. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . بارتفاع الشمس. طالب:. . . . . . . . . هو وقتها نعم إلى زوال الشمس. " ((ولن تجزئ عن أحد بعدك)) " دليل على أن الخطاب يعم الجميع إلا ما استثني؛ لأنه لو لم يرد هذا الاستثناء لأجزئت عن الجميع، فدل على أن الأصل أن خطاب الواحد يعم الأمة إلا ما استثني. نعم. الحديث الثالث: عن جندب بن عبد الله البجلي -رضي الله تعالى عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر، ثم خطب وقال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: الحديث الثالث:

"عن جندب بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ثم خطب" صلى ثم خطب، هناك قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأضحى بعد الصلاة، في الحديث الأول: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة، كل هذا مما يدل على أن الخطب للأعياد تكون بعد الصلاة، ولم يذكر في حديث واحد -على ما سيأتي- أنه أذن لها ولا أقيم لها، فدل على أن صلاة العيد لا أذان لها ولا إقامة، على ما سيأتي. "صلى يوم النحر ثم خطب، قال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها)) " لا تجزئ، شاة لحم، إذا تعجل فشاته شاة لحم ((فليذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله)) قائلاً: باسم الله، والتسمية شرط {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة الأنعام] والمقصود أن التسمية شرط لحل الذبيحة، فإذا تركت التسمية صارت الذبيحة ميتة، لا تحل لأحد. وقت الأضحية من بعد الصلاة يوم العيد إلى أخر أيام التشريق، إلى غروب شمس أخر أيام التشريق الثلاثة، ومن أهل العلم من يرى أن الذبح ثلاثة أيام: يوم العيد، ويومين بعده، والمسألة معروفة عند أهل العلم، وأيام التشريق أيام أكل وشرب، وهي ثلاثة وهو المرجح. "إذا ذبح" يعني بالنسبة للأضحية النصوص ظاهرة فيها واضحة، لكن ماذا عن الهدي؟ هل حكمه حكم الأضحية؟ يذبح بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق أو يجوز ذبحه قبل صلاة العيد؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . الكلام في أوله، دعنا من آخر الوقت، أنت افترض أن هذا بعد نزوله من مزدلفة، أول عمل بدأ به الذبح، قبل الرمي وقبل الطواف، وقبل الحلق، يصح أنه لما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) يجوز تقديم الذبح على الرمي، لكن هل يجوز تقديم الذبح على الصلاة صلاة العيد؟ طالب:. . . . . . . . . وقتها وقت الصلاة. طالب:. . . . . . . . .

يعني الكلام على إيش؟ أن هذا نزل من مزدلفة وذبح قبل صلاة العيد، ذبح هديه، يصح أنه ما سُئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) وهو في ذلك اليوم، لكنه وقع ذبح الهدي قبل الصلاة، فهل نقول: إن الهدي حكمه حكم الأضحية، أو أن الهدي له حكم يخصه؟ كما تقول الشافعية: إنه يجوز ذبحه قبل يوم النحر، بعد انعقاد السبب. طالب:. . . . . . . . . ما في شك أن هذا قول معتبر، وهو الأحوط. يقول في الحديث: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ثم خطب، وقال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى)) " واللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، بهذا يستدل من يقول بوجوب الأضحية. طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . يعني هذا الذي ذبح قبل العيد أولى بالوجوب ممن لم يذبح شيء أصلاً، أقول: في هذا دليل لمن يقول بوجوب الأضحية، ومنهم من يحمله على الأضحية المعينة، لما تعينت الأضحية صارت واجبة، وهذه الواجبة التي وجبت بالتعيين ما تجزئ لا بد من بدلها، واضح وإلا ما هو بواضح؟ منهم من يقول بوجوب الأضحية مطلقاً أخذاً من قوله: ((فليذبح مكانها أخرى)) ومنهم من يقول الوجوب في حق من عينها، تعينت الأضحية الأولى بالتعيين فيجب ذبحها، وذبحها على غير الوجه المشروع فليزمه بدلها، فيجب عليه أن يذبح بدلها، ظاهر الاستدلال وإلا ما هو ظاهر؟ والجمهور على مذهبهم بأن الأولى والثانية كلها على سبيل الاستحباب. طالب:. . . . . . . . . الأولى تعينت. طالب:. . . . . . . . . تعينت فوجبت عليه، وجب عليه ذبحها، ذبحها على وجه لا يجزئ كمن نذر، نذر أن يذبح بدنة فذبح شاة تكفي؟ يذبح إيش؟ بدنة، يذبح مكانها البدنة، أو ذبح بدنة معيبة، نذر أن يضحي مثلاً فضحى بأضحية معيبة هل يكفي؟ لا، هذا عين هذه الشاة أضحية فوجبت في ذمته، يجب عليه أن يذبحها، ذبحها على وجه لا يجزئ ولا تبرأ به الذمة، لا بد أن يذبح على وجه تبرأ به الذمة. طالب:. . . . . . . . . الاستحباب إيه. طالب:. . . . . . . . . إيش لون؟ طالب:. . . . . . . . .

الحديث الرابع:

الآن قبل العيد نُهي عن الذبح وإلا ما نهي؟ نعم؟ نُهي عن الذبح قبل العيد ((وليذبح)) أمر بعد حظر، بعد منع، أمر بعد حظر، إذا صليت تذبح {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] هل يقال بوجوب الانتشار بعد صلاة الجمعة؟ هل يقال بوجوب الاصطياد بعد الإحلال؟ هذا أمر بعد حظر، جمهور أهل العلم على أنه للندب وليس للوجوب، ومنهم من يقول: إن الأمر يعود إلى ما كان عليه قبل المنع، وكل على مذهبه، فالذي يرى وجوب الأضحية قبل المنع يرى وجوبها بعده، والذي يرى وجوب الاصطياد قبله يرى وجوبها بعد الحظر، فيعود الأمر إلى ما كان عليه قبل الحظر. طالب:. . . . . . . . . عامة أهل العلم على أنها سنة مؤكدة. طالب:. . . . . . . . . تنتهي خلاص مستحبة، يعود الأمر على ما كان عليه، الأصل نعم ما في واجب بأصل الشرع. ((فليذبح مكانها أخرى)) أو أخرى مكانها، ((من لم يذبح فليذبح باسم الله)) اللام هذه؟ نعم لام الأمر، لكن هل الأمر مطلق أو مقيد بالتسمية؟ وليكن ذبحه مقترناً باسم الله، فيدل على وجوب الذبح وإلا على وجوب التسمية؟ اللام لام الأمر (فليذبح) ذبحاً مقترناً باسم الله. طالب:. . . . . . . . . إي نعم، إنما الأمر لم يتجه إلى الذبح إنما إلى الذبح المقترن باسم الله، كما قيل في قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [(101) سورة يوسف] ما هو بطلب للوفاة إنما طلب للوفاة المقترنة بالإسلام، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، لو صح الخبر اللفظ لفظ اشتراط، لو صح الخبر ما في مندوحة من اشتراط. الحديث الرابع: عن جابر -رضي الله عنه- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على الطاعات، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن، فقال: ((تصدقن، فإنك أكثر حطب جهنم)) فقامت امرأة من سطة النساء، سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: ((لأنكن تكثرن الشكاية، وتكفرن العشير)) قال: فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع: "عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة" ويشهد له جميع ما تقدم من الأحاديث الثلاثة، وأن الصلاة تكون قبل الخطبة، ويركز الصحابة الرواة على هذه المسألة، لماذا؟ لأنه حصل التغيير في عهدهم، وهذه البدعة، وهي تقديم الخطبة على الصلاة حصلت في عصر الصحابة، صار كل من روى صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- يؤكد على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى قبل أن يخطب ليرد على الوضع القائم. "فبدأ بالصلاة قبل الخطبة". أحاديث متتابعة، كلها تنص: "صلى ثم خطب" "بدأ بالصلاة قبل الخطبة" "خطب بعد الصلاة" والحديث الأول: "يصلون قبل الخطبة" كلها للرد على ما حصل في عهدهم من تقديم الخطبة على الصلاة، وسببه ومنشأه ما ذكرنا. "فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة" فالأذان بأي لفظ كان، والمقصود بالأذان إعلام الناس بصلاة العيد بدعة؛ لأنه لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أذن لها، أو أقيم لها، وما يختاره بعض أهل العلم من قياسه على صلاة الكسوف من قول: الصلاة جامعة، فلا أصل له، هذا خاص بصلاة الكسوف؛ لأنه في الغالب يحصل والناس في غفلة، أما صلاة العيد تحصل والناس في غفلة؟ الناس في الأصل مجتمعون للصلاة، فكيف ينادون لها؟ كيف ينادون لصلاة العيد؟ أما قول: "صلاة العيد" أو ما أشبه ذلك التنبيه فهو خلاف السنة بلا شك، لم يحصل لها تنبيه ألبتة، والناس يعلمون بدخول الإمام، ويعلمون بتكبيره، فلا داعي للإعلام بها.

"بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً" قام -عليه الصلاة والسلام- "متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على الطاعة، ووعظ الناس وذكرهم" يعني خطبهم خطبة بعد صلاة العيد، هذا بالنسبة للرجال، والنساء لبعدهن عن الرجال لم يسمعن وعظه لهم، وإلا فالأصل أن ما يوجه للرجال يوجه للنساء، إلا ما دل الدليل على اختصاصهم به، ولذا لما لم يسمعن خطبته ووعظه "مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن" لأنهن شقائق الرجال، وجاءت الشكوى من النساء؛ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استأثر به الرجال، فوعدهن يوماً ووعظهن وذكرهن، فالنساء لا شك أن لهن حق في الموعظة والتذكير والتعليم، لكنهن لسن على مستوى الرجال، الأصل في العلم وتحمله الرجال، ولذلك وعدهن يوماً، ما وعدهن ثلاثة أيام أو أربعة أيام في الأسبوع، وعدهن يوماً يجتمعن فيه، فأمرهن ونهاهن ووعظهن، وهنا في صلاة العيد لما لم يسمعن الموعظة أتاهن فوعظهن وذكرهن "فقال: ((تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم)) " لأن الصدقة تدفع البلاء، سواء كان في الدنيا أو في الآخرة ((تصدقن)) سبب الأمر؟ العلة؟ ((فإنكن أكثر حطب جهنم)) والصدقة تطفئ غضب الرب.

"فقامت امرأة من سطة النساء" يعني من وسطهن في المجلس، أو من وسطهن في العمر، أو في النسب، أو ما أشبه ذلك، المقصود أنها من سطتهن، أي من أوسطهن، بعضهم يقول: إنها من خيارهن؛ لأن الوسط الخيار العدول، لكن المرجح عند كثير من الشراح أنها قامت من وسطهن، من المكان الواقع في وسطهن. "من سطة النساء، سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ " سفعاء الخدين هذه المرأة من سطة النساء، من بين النساء قامت "فقالت: لم يا رسول الله؟ " تسأل عن السبب، كيف عُرف أنها سفعاء الخدين؟ والسفعاء التي في خديها لون يخالف لون بشرتها، لون يخالف لون البشرة الأصلي، كيف عُرف هذا الوصف منها؟ الأجوبة كثيرة؛ لأن هذا النص محتمل، فلا بد من رده إلى النصوص المحكمة، النص المحكم: "كان يعرفني قبل الحجاب، فخمرت وجهي بخماري" {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [(59) سورة الأحزاب] المقصود أن الحجاب أمر مفروض محكم، فيرد إليه مثل هذا اللفظ المتشابه، فيحمل على أنها إما قبل الحجاب، أو يقال: إنها من القواعد، لا يمنع أن تكون القواعد التي ليس عليهن حجاب، المقصود أن الإجابة عن هذا سهل. "سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ " فبين السبب "قال: ((لأنكن تكثرن الشكاية، وتكفرن العشير)) " ما جلس في الغالب امرأتان إلا وتشكي إحداهما على الأخرى، حصل كذا، ويحصل كذا، يكثرن الشكاية، وقل من النساء من تستغل الوقت لما ينفعها في أمر دينها ودنياها، كثير الشكاية عند النساء، وإن وجد هذا في الرجال، لكنه في النساء أكثر. ((وتكفرن العشير)) العشير الزوج، تكفرن نعمته عليكن، إذا رأت إحداهن ولو مرة واحدة خللاً في معاملة، أو في نفقة نفت كل ما تقدم، كل ما تقدم ينسف، ما رأيت خيراً قط. " ((وتكفرن العشير)) قال: فجعلن يتصدقن" خفن؛ لأنه ذكر أشياء موجودة، تقتضي أن يكن أكثر حطب جهنم، وما دام هذا موجود لا بد من تكفيره، يحتاج إلى كفارة، والكفارة تكون بقوله: ((تصدقن)) بالصدقة "فجعلن يتصدقن " استجبن، وفي هذا مسارعة النساء في الصدر الأول كالرجال إلى ما تكفر به الذنوب والخطايا، مسارعة إلى بذل الخير، وفعل الخير.

"فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن" والأقراط ما يعلق في الأذن من حلي، والخواتيم جمع خاتم، وهو ما يلبس في الأصابع، وفي هذا ما يدل على أن للمرأة أن تتصرف بمالها، وأن تتصدق منه، من غير إذن زوجها، وجاء في سنن أبي داود ما هو قابل للتحسين نهي المرأة أن تتصدق أو أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها، فلعل هذا من الشيء اليسير المتعارف عليه، المقصود أن مثل هذا حصل، ولو حصل نظيره لكان مشروعاً، ولا يتوقف في ذلك على إذن الزوج. طالب:. . . . . . . . . يعني هل هي خطبة واحدة أو خطبتين؟ جمهور أهل العلم على أنها خطبتان، وجاء في سنن أبي داود ما يدل على أنها خطبة واحدة، لكن عامة أهل العلم على أنها خطبتان. طالب:. . . . . . . . . الجمهور خطبتين يجلس بينهما، هو ما في شك أنها ما دامت خطبة، والخطبة لا يتم نظر المأمومين مع كثرتهم في العيد للإمام أن يكون على شيء مرتفع، هذا مما لا يتم الأمر إلا به، وهذا مستحب، وما لا يتم المستحب إلا به فهو مستحب، كونه -عليه الصلاة والسلام- اعتمد متوكئاً على بلال وخطب، لا يعني عدم وجود منبر، أو أنه لا يشرع المنبر، يحتمل أنه -عليه الصلاة والسلام- في مكان بحيث يرونه؛ لأن الصحراء فيها المرتفع وفيها المنخفض. نعم. الحديث الخامس: عن أم عطية نسيبة الأنصارية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحُيض أن يعتزلن مصلى المسلمين، وفي لفظ: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى تخرج الحُيض فيكبرن بتكبيرهن، ويدعون بدعائهن، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الخامس:

"عن أم عطية نسيبة" بضم النون وفتحها، وهي بنت كعب الأنصارية "-رضي الله تعالى عنها- قالت: أمرنا" تعني النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي بعض ألفاظ الحديث: "أمرنا" واللفظ الذي معنا مرفوع قطعاً لذكر الآمر، وفي قولها: أمرنا في بعض الروايات، الأمر لا يتجه إلا لمن له الأمر والنهي في أحكام الشرع، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرفوع عند الجمهور، وإن قال أبو بكر الإسماعيلي: إنه موقوف حتى يصرح بالآمر، لاحتمال أن يكون الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، اللفظ الذي معنا أمرنا بالبناء للمفعول، وذكر الآمر وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، مساوٍ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: أخرجوا في العيدين، مساوٍ لصريح الأمر، وإن قال داود الظاهري وبعض المتكلمين: إنه لا يدل على حقيقة الأمر حتى ينقل اللفظ النبوي، لماذا؟ قالوا: لأن الصحابي قد يسمع كلام يظنه أمر أو نهي، وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، لكن هذا القول مردود، لماذا؟ لأن الصحابة إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ الشرعية من يعرفها؟ وإذا تطرق مثل هذا الاحتمال ما قامت للنصوص قائمة، كل لفظ وفيه احتمال. "أمرنا" تعني النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن نخرج في العيدين العواتق" العواتق جمع عاتق، وهي التي عتقت عن الخدمة ببلوغها، أو بمقاربتها البلوغ. "وذوات الخدور" هي التي لا تبرز، بل تلازم خدرها من الحرائر المكنونات "وأمر الحيض" وفي رواية: وذوات الحيض، أو الحيض داخلات في الأمر، أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور والحيض، فالكل مأمور بالخروج لصلاة العيد، ومع ذلك أمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين، فالمرأة الحائض لا تدخل المصلى، علماً بأن مصلى العيد أحكامه أخف من أحكام المسجد، فإذا أمرت باعتزال المصلى فلئن تؤمر باعتزال المسجد من باب أولى، ومنهم من يقول: إن المراد بمصلى المسلمين المكان الذي تؤدى فيه الصلاة، فتؤمر بالابتعاد عنه؛ لئلا تضيق على المصلين، أو لئلا يوجد من بين المصلين من لا يصلي فيساء الظن به، كما أن من صلى في رحله إذا دخل المسجد يصلي مع المسلمين؛ لئلا يساء به الظن.

"وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين" وعلى كل حال الحائض لا تدخل المسجد بهذا الخبر كالجنب. "وفي لفظ: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى تخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، ويرجون بركة ذلك اليوم وطهرته" "يشهدن الخير" كما في الصحيح "يشهد الخير ودعوة المسلمين" فالكل يخرج، ومنصوص على العواتق وذوات الخدور رداً على من يقول بأن الشواب لا يخرجن، ولا يبرزن لصلاة العيد، نعم لا يخرجن على هيئة يفتتن بهن الرجال، بل يخرجن تفلات كسائر الصلوات، بحيث لا يفتتن بهن الرجال، وأما كون الأبكار وذوات الخدور والشواب يمنعن من البروز لصلاة العيد فلا، وفي الحديث رد على من يمنعهن، نعم إذا خشيت الفتنة فالمسألة معروفة عند أهل العلم، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومع هذا لا بد من الاحتياط، من أن يخرجن فاتنات مفتونات، أو متبرجات، أو يكن بمقربة من الرجال، أو بدون فاصل ولا عازل، لا بد أن يعتزل النساء عن الرجال، ولبعدهن خصهن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالخطبة، ولو كن قريبات من الرجال ما خصهن بخطبة كما في الحديث السابق، فدل على بعدهن من الرجال، وأنهن بمثابة من لا يفتتن بهن، فإذا توافرت هذه الشروط فإخراج النساء إلى صلاة العيد سنة عند الجمهور، وأوجبه بعضهم؛ لأن الأمر الأصل فيه الوجوب، ولا يبعد القول بالوجوب بالشروط والضوابط المذكورة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله-: باب: صلاة الكسوف عن عائشة -رضي الله عنها- أن الشمس خسفت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبعث منادياً ينادي: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، وتقدم فكبر، وصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: صلاة الكسوف

والكسوف مصدر كالخسوف، ويطلقان معاً على ذهاب ضوء أحد النيرين أو بعضه، فيقال: كسفت الشمس وخسفت، كسف القمر وخسف، جاء: ((لا ينكسفان)) وجاء أيضاً ((لا ينخسفان)) ومنهم من يخصص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر، ومنهم من يعكس، لكن جاء هذا بإطلاق هذا بإزاء هذا، وجاء العكس، فالأمر فيه سعة، وجاء إطلاق الخسوف على القمر {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [(7 - 8) سورة القيامة] وفي هذا الحديث حديث عائشة: "أن الشمس خسفت" ويطلق الخسوف على كل منهما، كما أنه جاء الكسوف بإزاء كل واحد منهما، فالأمر فيه سعة. والكسوف ومثله الخسوف ذهاب ضوء أحد النيرين الشمس والقمر أو بعضه، وأهل الهيئة يردون الأمر إلى شيء عادي، ويدركونه بحسابهم، ويقولون في خسوف القمر مثلاً: إن الأرض حالت بين القمر وبين استمداده من نور الشمس، وماذا عن كسوف الشمس؟ ما الذي حال دونها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف يحول القمر دونها؟ هو يستمد نوره منها، على كلامهم، يعني يتصور أن تحول الأرض دون الشمس، ونحن على ظهرها ولا نرى حائلاً؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا الأرض ما تحول دون الشمس، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . والأرض؟ طالب:. . . . . . . . .

ابن العربي يستبعد مثل هذا، أن الصغير كيف يحول ويغطي الكبير؟ يستبعد هذا جداً، ويرد عليهم بقوة، كيف الصغير يغطي الكبير؟ لكن ترى هذا أمر ما هو مستغرب نظراً للقرب والبعد، فلو وضعت هذه الورقة دون الباب حالت دون الباب ما ترى شيئاً من الباب، طيب نسبتها إلى الباب؟ صغيرة جداً، لكن نظراً لقربها تحجب الباب، فليس بمستبعد من هذه الحيثية، وهم يقولون: إن هذه أمور تدرك بالحساب ولا تتخلف، حساباتهم منضبطة بالدقيقة بل بالثانية، وينكر جمع من أهل العلم علمهم بهذا، ويقولون: إن هذا من إدعاء علم الغيب، أو من الكهانة أو شيء من هذا، لكن الواقع يثبت أن هذا شيء مطرد، وهذا أمر ما دام يدرك بحسابهم واطرد أمرهم فيه، وعرف أن بعضهم ثقات، لا يستخدمون شيئاً محرماً للوصول إلى هذه الحقائق، فلا مانع من إدراكه بالحساب، لكن يبقى أن إخبار الناس بهذا يفوت الفائدة التي من أجلها وجد هذا التغير في الكون، هل يخاف الناس إذا حصل الكسوف أو الخسوف؟ الآن وضع الناس يخافون أو هذا أمر عادي مثل ما تطلع الشمس وتغاب يذهب ضوؤها أو بعضه؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . عادي صار عند الناس، وسببه إخبارهم قبل حدوثه بمدة، فهذا يفوت المصلحة والحكمة من التغيير، وهو التخويف، آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده، {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء] هذه الفائدة، ولذا لا نرى أثراً على عامة الناس، بل وعلى خاصتهم من أهل العلم، وطلبة العلم عندما يحدث هذا التغير، شيء عادي، وسمعوه من الصحف قبل أسبوع أو شهر أنه سوف يحدث، وقد يخبر بما يحدث في هذه السنة كلها، فهذا لا شك أن له أثره، ويكون سبباً في إذهاب الفائدة والحكمة من إرسال هذه الآيات أو وقوع هذه الآيات، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما حدث الكسوف في عصره خرج يجر رداءه يظن أنها الساعة، من شدة الخوف من الله -جل وعلا-، وكونه أمر مطرد، ويدرك بالحساب، وأنه وقع وسيقع، لكن قد يحدث أمور تقارن هذا التغيير، فالقادر على هذا التغيير لا شك أنه قادر على أن يقرنه بشيء أعظم منه، وقد حصل.

الأمر الثاني: أن من الحِكم أن الإنسان يتذكر ما سيحصل في القيامة فيرعوي ويراجع نفسه {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [(1) سورة التكوير] {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [(8) سورة القيامة] المقصود أن هذه الآيات، الآيات يحصل لها ما يحصل في يوم القيامة، وإذا حصل شيء من التغير تذكرنا التغيير الأكبر. طالب:. . . . . . . . . الفقهاء يقولون: ذهب، وهو ذهاب بالنسبة للرائي. يقول في الحديث الأول: "عن عائشة -رضي الله عنها- أن الشمس خسفت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبعث منادياً ينادي" خسفت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم مات إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال الناس: خسفت الشمس لموت إبراهيم، وكان عندهم هذا الاعتقاد، أنها إنما تنكسف إذا مات عظيم، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- على ما سيأتي: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) فبين النبي -عليه الصلاة والسلام- الحكمة، وأن هذا غير مقترن بموت أحد ولا وفاته. "فبعث منادياً ينادي الصلاة جامعة" بفتح الجزأين، ويروى بضمهما الصلاةُ جامعةٌ، على المبتدأ والخبر، وأما الصلاةَ فعلى الإغراء، وجامعة حال. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الصلاة جامعة، الصلاة على الإغراء، وجامعة حال، الصلاة جامعة برفع الجزأين على المبتدأ والخبر. "فاجتمعوا" الآن صلاة الخسوف ينادى لها، الصلاة جامعة، وعرفنا أن العيد لا ينادى لها ولا الاستسقاء؛ لأن صلاة العيد وصلاة الاستسقاء يرتب لها قبل ذلك، ويعرف أنها تقع في الوقت الفلاني والمكان الفلاني، أما الكسوف وهو يحصل على غرة، والناس في أعمالهم وأشغالهم، وقد يكون في وقت نومهم وراحتهم، فينادى لها ليجتمع الناس، فالتجميع لصلاة الكسوف سنة. "فاجتمعوا وتقدم" ... طالب:. . . . . . . . .

ومع ذلك يقع على غرة؛ لأن الناس لا يولونها من العناية مثل ما يولون صلاة العيد، صلاة العيد مقترنة بأحداث تحف بها قبلها وبعدها فيهتم بها، وصلاة الاستسقاء يدعى لها من قبل الإمام، ويؤكد على ذلك، فيجتمع الناس في وقت محدد، لكن صلاة الكسوف هل سبق أن سمعتم بيان من الديوان الملكي أنه بيصير كسوف في يوم كذا، فاجتمعوا وصلوا، لا، هذا مقرون بالرؤية، والحكم معلق بها ((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا)). "وتقدم فصلى فكبر وصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات" أربع ركعات يعني ركوعات، ويأتي تفصيلها في الأحاديث اللاحقة "في ركعتين" الأصل أن صلاة الكسوف ركعتان، في كل ركعة ركوعان وسجدتان، ففيها أربع ركوعات، وأربع سجدات في ركعتين. الحديث الثاني: عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته، فإذا رأيتم منهما شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني: "عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري" بدري منسوب إلى بدر، المكان، نزل بدراً فنسب إليه، ولم يشهد بدراً الغزوة المعروفة عند الجمهور، وإن ذكره البخاري أنه شهدها "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الشمس والقمر آيتان)) " يعني علامتان من العلامات التي ((يخوف الله بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته)) وكانوا يعزمون في الجاهلية أن الشمس تنكسف أو القمر ينكسف لموت عظيم، فنفاه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبالغ في النفي حتى ألحق الحياة بالموت، وإلا هل يوجد من يقول: إن الشمس تكسف لحياة أحد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا تنكسف لحياة أحد، ما قال أحد. طالب:. . . . . . . . . نعم ما هي بالمولد، إنما يزعمون أنها تنكسف للموت لا للحياة، فبالغ النبي -عليه الصلاة والسلام- ونفى ذلك، لا موت ولا حياة، كما قال الصحابي: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها، في أحد يسمي في آخر القراءة؟ هذا مبالغة في النفي.

طالب:. . . . . . . . . أنت راجعتها أنت؟ طالب:. . . . . . . . . إيش يقول؟ طالب:. . . . . . . . . لا هي موجودة، هي صحيحة على كل حال. ((فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا)) التعليق بالرؤية، والعطف بالفاء في الجزاء دليل على أن الصلاة معلقة بالرؤية، لا بالتوقع ولا بالظن، ولا اعتماد قول فلان ولا علان، إنما يصلى عند رؤية شيء من ذلك، ومقتضى قوله: ((إذا رأيتم منها شيئاً فصلوا)) وهو أمر، والأمر للوجوب، وقد نقل الإجماع على أن صلاة الكسوف سنة وليست بواجبة، نقله النووي وغيره، وقد ترجم أبو عوانة في صحيحه: باب وجوب صلاة الكسوف، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، هذا قال: باب وجوب صلاة الكسوف، وعلى كل حال قول الجمهور معروف، وحجته أنه لا يجب غير الصلوات الخمس على ما ذكرناه في الاستدلال لحكم صلاة العيد. ((إذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) ومقتضى هذا أنه مجرد ما يقع يحصل الأمر بالصلاة، في أي وقت كان، ولو كان وقت نهي، أما على القول بوجوبها فلا تعارض بينها وبين أحاديث النهي؛ لأن النهي عن النوافل لا عن الواجبات، وعلى القول باستحبابها، فمن يقول بأن أوقات النهي لا يفعل فيها شيء من النوافل مطلقاً، وهم الجمهور، المالكية والحنفية والحنابلة يطرد مذهبهم، يقولون: لا تصلى صلاة الكسوف في وقت النهي، يعني لو حصل مع طلوع الشمس، أو مع زوالها، أو مع غروبها، أو بعد الصبح، أو بعد العصر، لا صلاة عند من يقول بأنه لا يفعل شيء حتى ما له سبب في أوقات النهي من النوافل، وأما عند الشافعية فهم يصلون بناء على فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي عندهم، والمسألة فرع من المسألة السابقة الكبيرة التي بحثناها مراراً، وهي فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، والجمهور الحنفية والمالكية والحنابلة لا يفعل شيئاً، حتى ما له سبب، خلافاً للشافعية، الآن ابن خزيمة وش قال؟ باب الأمر، ما نحتاج إلى هذه الترجمة وعندنا من النص ((فصلوا وادعوا)) يعني هل القائل بوجوب صلاة الكسوف يقول بوجوب الدعاء؟ مقتضى الأمر نعم، أنه يجب عليه أن يدعو. طالب:. . . . . . . . . إيه الأمر ما فيه إشكال، لكن هل الأمر للوجوب أو للاستحباب؟

الحديث الثالث:

طالب:. . . . . . . . . لكن ما يفيد القارئ، يعني إذا أردنا أن نستفيد الأمر من الترجمة، وعندنا أمر صريح، ما في قدر زائد على ما في النص، لكن لو صرح بالوجوب أو بالاستحباب عرفنا رأيه في هذا. طالب:. . . . . . . . . ما يرد عليه كلام ابن خزيمة. طالب:. . . . . . . . . يرد عليه، ابن عوانة يرد عليه، وقد يغفل أثناء النقل عن صحيح أبي عوانة، لكن هل يغفل عن صحيح البخاري؟ النووي يظن أنه يغفل عن صحيح البخاري في قوله: وعيادة المريض سنة بالإجماع، والبخاري يقول: باب وجوب عيادة المريض؟ يعني إذا تصورنا أنه يغفل عن أبي عوانة ما يغفل عن البخاري. طالب:. . . . . . . . . لا ما وصل، ما وصل لا لا. ((فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) يعني حتى ينجلي هذا الكسوف، ويعود النور إلى النيرين. طالب:. . . . . . . . . المغلظة، لا، والموسعة لا بأس. طالب: الغلظة لا يصلي؟ لا ما يصلي أبداً، الثلاثة المضيقة لا. طالب:. . . . . . . . . ينشغل بالدعاء حتى يؤذن نعم، المسألة كلها عشر دقائق ما تزيد. أهل العلم يقولون: إذا غابت الشمس كاسفة أو طلعت والقمر خاسف لم يصل، طلعت الشمس، هم يقولون: لذهاب الانتفاع بهما؛ لأنه إذا غابت الشمس خلاص ما لنا دعوة، وطلعت الشمس خلاص لسنا بحاجة إلى القمر بطلوع الشمس لذهاب الانتفاع بهما، لكن هذا التعليل عليل، إذا غابت الشمس كاسفة متى نعرف أنه أنجلى أو ما أنجلى؟ ما ندري، الأمر معلق بالرؤية، فإذا غابت كيف نراها؟ كيف نرى حصوله؟ وكيف نرى انجلاؤه؟ وقل مثل هذا في القمر؛ لأنه إذا طلعت الشمس، واشتد ضوؤها، ذهبت الصفرة عنها، انتهى ضوء القمر. نعم. الحديث الثالث:

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا)) ثم قال: ((يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله سبحانه من أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)) وفي لفظ: فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات. نعم يقول المؤلف -رحمة الله عليه- في الحديث الثالث:

"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" العلماء يقررون أن الشمس لم تنكسف إلا مرة واحدة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، مقترنة بموت إبراهيم، وفي كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- تصريح بذلك، والتعريض بمن يقول: إن صلاة الكسوف تعددت، ولذا جاءت على صفات متعددة، هي ركعتان في كل ركعة ركوعان، وهذا المتفق عليه، وجاء ثلاثة ركوعات، وأربعة ركوعات في مسلم، وخمسة ركوعات في غيره، فمنهم من يحكم بما اتفق عليه الشيخان هو المحفوظ، وما عداه يكون شاذاً، ومنهم من يحمل التعدد في الصفات على تعدد وقوع القصة، يريد أن يحفظ ثقة الرواة من أن تخدش بالوهم أو بالخطأ، حماية لجنابهم، نقول: بعض العلماء عندهم من الجرأة المبنية على الإطلاع على نصوص الشريعة وقواعدها، تحمله هذه الجرأة على أن يحكم بتوهيم الرواة وإن كانوا ثقات، ومنهم من يجبن عن هذا، فيحتاط للرواة من أن يحكم عليهم بالخطأ والوهم، ما داموا ثقات، فلا مانع أن تتعدد القصة وش المانع؟ ما دامت الرواية في الصحيح فما المانع أن تثبت القصص كلها التي دلت الأدلة الصحيحة على اختلاف صورها؟ وبعضهم يتوسع في هذا حتى يجعل ما مرده إلى اختلاف الرواة في ألفاظهم التي لا يترتب عليها اختلاف في الحكم، فيقول بتعدد القصة. شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: ما حدث الخسوف إلا مرة واحدة، وما مات إبراهيم إلا مرة واحدة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مبالغة في النفي، النووي وغيره ما عندهم مانع أن تتعدد القصة صيانة لجناب الرواة الثقات من أن يحكم عليهم بالوهم.

"خسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس فأطال القيام" وفي حديث ابن عباس: نحواً من سورة البقرة، وجاء أنه قرأ فيها سورة البقرة، فقوله: "نحواً" يستدل به من يقول: إن صلاة الكسوف سرية وليست جهرية، إذ لو كانت جهرية ما قال: نحواً من سورة البقرة، لقال: قرأ سورة البقرة، لكن جزم بذلك، فدل على أنها جهرية، وكون ابن عباس لم يتبين القراءة إما لبعده، أو لمؤثر آخر جعله لم يتبين القراءة، المقصود أن من أثبت مقدم على من لم يثبت سواء كان نافياً أو غير نافٍ. "فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع" قام قياماً طويلاً "ثم ركع فأطال الركوع" ركع ركوعاً طويلاً "ثم قام فأطال القيام وهو دون قيام الليل" أطال القيام بعد ركوعه، والاتفاق حاصل على أن القيام الأول يقرأ فيه الفاتحة وسورة طويلة، القيام الثاني بعد الركوع يقرأ فيه القرآن؛ لأنه تابع للقيام الأول، لكن هل تقرأ الفاتحة أو لا؟ الجمهور على أنها تقرأ في القيام الأول، وبعض أصحاب مالك يقولون: يُكتفى بقراءة الفاتحة في القيام الأول؛ لأنه تابع له، تابع للقيام الأول. "فأطال القيام وهو دون القيام الأول" القيام الأول أولية مطلقة "ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد" يعني ثم رفع من ركوعه, ولم يتعرض فيه هل هو قيام طويل بعد الركوع الثاني أو لا؟ "ثم سجد" القيام الأول والركوع الأول هما ركنا الركعة الأولى، والقيام الثاني مع ركوعه قدر زائد على أصل الصلاة، فلا تدرك بهما الركعة، يعني إذا جاء المسبوق والإمام يقرأ في القيام الثاني من الركعة الأولى أدرك الركعة وإلا ما أدرك؟ ما أدرك، حتى يدرك الركوع الأول.

"ركع ركوعين في الركعة الأولى" بهذا قال الجمهور، أكثر أهل العلم على أن في كل ركعة ركوعين، والحنفية يقولون: تصلى صلاة الكسوف ركعتين لا صفة لهما زائدة، يعني مثل ما تصلى النوافل، ومثل ما تصلى الصبح، لا صفة لهما زائدة، ركعتان بركوعين وأربع سجدات، استدل لهم بحديث: ((فإذا رأيتم ذلك فصلوهما كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة)) ثم يقولون: ركعتان، لا صفة لهما زائدة، والذي حصل في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام- في وقت الضحى، وأحدث صلاة من المكتوبة هي صلاة الصبح، فيصلي ركعتين، لا صفة لهما زائدة، لكن ماذا عما لو كان الخسوف بعد الظهر؟ يلزم على قولهم: إن يصلوا صلاة الكسوف أربع ركعات، أو بعد العصر، أو بعد العشاء؟ على هذا الحديث، لكن الحديث لا يقاوم ما ثبت في الصحيحين وغيره. يجيبون عن هذه الأحاديث بأجوبة لا أدري كيف تمشي على عالم؟ هنا الركوع الثاني هو راكع الرسول -عليه الصلاة والسلام- ركوع طويل، ثم يرفع لينظر هل أنجلى الكسوف، ثم يرجع إلى ركوعه، هذا هو الرفع الذي حصل، هل يتصور أنه جاء في مثله .. ، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول هذا مجرد رفع لينظر فقط؟ المقصود أن مثل هذا الجواب يثبت لرد مثل هذه النصوص أو لمعارضة مثل هذا؟ لا يمكن. "ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود" أطال السجود، المعروف عند الشافعية أن السجود لا يطال، وكأنه لم يثبت عندهم، والشافعي لم يذكره في الأم، وتبعوه على هذا، لكن الحق أحق أن يتبع، والعبرة بما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولذا قال بعض الشافعية: بأنه يطال طرداً لقول الإمام الشافعي: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وقد صح بذلك. "ثم سجد فأطال السجود، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى" نعم في بعض الروايات: ثم قام قياماً طويلاً للركعة الثانية، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد سجوداً طويلاً، وهو دون السجود الأول ... إلى آخره.

وهنا يأتي البحث في الأولية هنا هل هي أولية نسبية أو نسبية مطلقة؟ إذا قلنا: أولية مطلقة قلنا: إن القيام في المواضع الثلاثة متساوي، في الثاني والثالث والرابع، هذا القيام متساوٍ، يعني إذا قرأ في القيام الأول سورة البقرة، فيقرأ في الثاني آل عمران، وفي الثالث الأعراف؛ لأنها بقدرها، بقدر آل عمران، ثم .... للقيام الرابع سورة بقدر، أو يجمع بين سورتين بقدر آل عمران والأعراف، تكون متساوية، لكنها يشملها وصف واحد وهي دون القيام الأول. وإذا قلنا: إن الأولية نسبية، قلنا: الأول طويل جداً، الذي يليه طويل، لكنه دونه، والثالث يلي الثاني، لكنه دونه، والرابع يلي الثالث لكنه دونه، فيكون الأول بالنسبة لما قبله، الأول أولية مطلقة هو الذي لم يتقدمه شيء، الثاني تقدمه الأول، لكنه أول بالنسبة للثالث، والثالث تقدمه اثنان، لكنه أول بالنسبة للرابع وهكذا، وعلى هذا يكون القيام الأول طويل جداً، يليه الثاني ثم الثالث ثم الرابع وهكذا. "ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى، ثم انصرف وقد تجلت الشمس" إذا قرأ في القيام الأول سورة البقرة، وسورة بنحو آل عمران في الثانية وهكذا، زمن طويل، نعم زمن طويل مع ركوعه الطويل وسجوده الطويل "وقد تجلت الشمس" لكن لو أنصرف ولم تتجل الشمس؟ يعيدون الصلاة؟ لا، الصلاة ما تعاد، وإنما يكثرون من الذكر والدعاء. طالب:. . . . . . . . . في مكانهم أو إذا انصرفوا ما في ما يمنع. "ثم أنصرف وقد تجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله، وأثنى عليه" أستدل بهذا من يقول: إن صلاة الكسوف لها خطبة، وهو صريح في الدلالة على ذلك، خطب الناس، والصحابي يعرف معنى الخطبة.

"فحمد الله، وأثنى عليه" مقومات الخطبة "ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك)) " ... إلى آخر الحديث، فدل على أن صلاة الكسوف لها خطبة أخذاً من هذا الحديث، ويخالف جمع من أهل العلم ويقولون: إنها ليس لها خطبة راتبة، وإنما قد يوجد ما يدعو إلى موعظة، أو دفع إشكال أو شبهة، أو تنبيه على مخالفة، إذا وجد مثل هذا، كما وجد في عصره -عليه الصلاة والسلام- أنهم قالوا: كسفت لموت إبراهيم، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- كشف هذه الشبهة، ولم يرد الخطبة. ((فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا)) لا شك أن الصدقة على ما تقدم في باب صلاة العيد تدفع مثل هذه الأمور المخوفة، وتطفئ غضب الرب، فهي مناسبة جداً مع الذكر والدعاء، والإكثار من الاستغفار "ثم، قال: ((يا أمة محمد، والله ما من أحد أغيرَ)) " أو أغيرُ؟ ((والله ما من أحد)) (من) هذه زائدة لتأكيد النفي، و (أحد) مجرور لفظاً مرفوع محلاً، اسم (ما) وخبرها (أغير) فإن كانت حجازية قلنا: أغيرَ، تعمل عمل ليس، وإن كانت تميمية قلنا: أغيرُ ((من الله -سبحانه وتعالى-)) ويوصف الله -جل وعلا- بالغيرة على ما يليق بجلاله وعظمته ((أن يزني عبده أو تزني أمته)) الزنا الفاحشة أمرها عظيم، وشأنها خطير من كبائر الذنوب، بإجماع أهل العلم، فالله -جل وعلا- يغار، فلا بد من وضع .. ، وقد وضع الشرع الاحتياطات الكفيلة بمنع هذه الفاحشة ((أو تزني أمته)). ((يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم)) يعني ما عند الله -جل وعلا- من العذاب للعصاة والمخالفين ((لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً)) ولو علم الناس ما عند الله من العذاب والانتقام ما طمع في رحمته أحد، ولو علم ما عنده من سعة الرحمة والنعيم المقيم ما أيس من رحمته أحد، المقصود أنه لا بد أن يجمع الإنسان بين المقامين مقام الخوف ومقام الرجاء.

((والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً)) مع الأسف أن مجالس الناس ومحافلهم معمورة بالطرائف والنكت، وهذا ديدن كثير من الناس، منهم من ينقل ويؤثر عن غيره, ومنهم من يبتدع ويختلق القصص، وينسب إلى بعض الناس، أو إلى بعض الجهات، ويلصق بهم ما ليس فيهم، وهذا شأنه عظيم، وقد جاء في الخبر، ويل لمضحك القوم. ((ولبكيتم كثيراً)) وفي لفظ: "فأستكمل أربع ركعات وأربع سجدات" لا بد من السرعة في الشرح على شان الباقي كثير جداً. نعم. عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: خسفت الشمس على زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد فقام فصلى بأطول قيام وركوع وسجود، ما رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال: ((إن هذه الآيات التي يرسلها الله تعالى لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع من باب صلاة الكسوف: "وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة" جاءه ما ذهله، وإلا فالساعة مسبوقة بعلامات لم تحصل، فكيف يخشى -عليه الصلاة والسلام- مع أن العلامات التي أخبر هو بها لم تحصل؟ هذا أمر بالنسبة لأرباب العقول والألباب والقلوب الحية السلمية لا شك أنه مذهل، لكن إذا ماتت القلوب فلا فائدة. خرج -عليه الصلاة والسلام- "قام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد فقام فصلى بأطول قيام" وعرفنا أنه نحو من سورة البقرة، وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاته قط لطوله "ثم قال: ((إن هذه الآيات)) ومنها الشمس والقمر ((التي يرسلها الله تعالى لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده)) " كما قال الله -جل وعلا-: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء].

باب: الاستسقاء

((فإذا رأيتم منها شيئاً)) (شيئاً) نكرة في جواب الشرط فتعم ((فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره)) ولذا يقول جمع من أهل العلم: إن الآيات كلها يصلى لها مثل صلاة الكسوف، زلزلة مثلاً، أو ظلمة في النهار، أو ضوء شديد في الليل، أو تساقط نجوم، أو ما أشبه ذلك من الآيات المخوفة يصلى لها، وقد صلى بعض الصحابة للزلزلة، لكن لم يثبت بشيء منها ما يدل على أنه يصلى لها إلا مثل هذا العموم. ((إن مثل هذه الآيات التي يرسلها الله تعالى لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكره وإلى دعائه واستغفاره)) لا شك أن مثل هذه الآيات مخوفة، ولو لم يرد فيها نص يدل على الصلاة من أجلها على هذه الصفة، لكن قوله: ((فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره)) بما يدفع به مثل هذا الأمر المخوف من الذكر والدعاء والاستغفار والندم والتوبة والإقلاع والصدقة، وغير ذلك مما يستدفع به البلاء، هذا متجه، أما الصلاة فهي خاصة بالشمس والقمر. باب: الاستسقاء عن عبد الله بن عاصم المازني قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة، وفي لفظ: أتى المصلى. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الاستسقاء والسين والتاء للطلب، يعني طلب السقيا من الله -جل وعلا-، إذا قام السبب من الجدب، القحط، واحتاج الناس إلى نزول المطر يستسقون، والنبي -عليه الصلاة والسلام- استسقى على أوجه: منها ما في هذا الباب، مما يقترن بالصلاة صلاة الاستسقاء، ومنها ما هو في خطبة الجمعة، كما سيأتي في الحديث الثاني، يستسقي في خطبة الجمعة، ومنها: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استسقى عند أحجار الزيت، دعا فسقوا، واستسقى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالدعاء في إحدى الغزوات لما سبقهم المشركون إلى الماء وغير ذلك، المقصود أنه -عليه الصلاة والسلام- يُجاب، أجيب في جميع استسقاءاته، ونزل المطر، وزالت الشدة.

"عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني" هذا راوي الوضوء، بخلاف عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان "-رضي الله عنه- قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي" خرج، فدل على أن صلاة الاستسقاء يُخرج لها عن البلد، وتكون في الصحراء كالعيد "يستسقي فتوجه إلى القبلة" لكن إذا وجد الداعي لئن تصلى في المساجد، إذا وجد الداعي لذلك فلا مانع منه، لكن الأصل أنها يُخرج لها، يعدهم يوماً يستسقون فيه، ثم يخرجون إلى الصحراء. "خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة" في بعض الروايات: "كما يصلي في العيد" ولذا يشرع التكبير في أول صلاة الاستسقاء، مثل التكبير لصلاة العيد، المقصود أنه توجه إلى القبلة "ودعا وحول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة" وفي لفظ: أتى المصلى، يعني ثم بعد ذلك "دعا، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين" ثم صلى ركعتين يدل على أن الصلاة بعد الدعاء، وجاء ما يدل على أن الصلاة قبل، وفي الأمر سعة، يعني إن قدم الدعاء قبل الصلاة فلا بأس، وإن أخر عنها فلا بأس، بعضهم يجمع بين ما اختلف من الروايات بأنه يبدأ بدعاء خفيف، ثم يصلي الركعتين، ثم بعد ذلك يخطب الخطبة المتضمنة للدعاء المفصل. يقول: "ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة" فدل على أن صلاة الاستسقاء يجهر فيها بالقراءة كالجمعة، وإن كانت نهارية، خلافاً لمن يطرد القول بأن صلاة الليل جهر، وصلاة النهار سر، فيفرق بين كسوف الشمس، وخسوف القمر، فالشمس سرية، والقمر جهرية، والخلاف معروف بين أهل العلم، لكن الأدلة دلت على الجهر بهذه الصلوات. نعم.

عن أنس بن مالك أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائماً، ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادعُ الله يغثنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه، ثم قال: ((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) قال أنس: فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة, وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً، قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله قائم يخطب، فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا، قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه، ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)) قال: فأقلعت، وخرجنا نمشي في الشمس. قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري. الضراب: الجبال الصغار، والآكام: جمع أكمة، وهي أعلى من الرابية، ودون الهضبة، ودار القضاء: دار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، سميت بذلك لأنها بيعت في قضاء دينه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني: "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب الجمعة" ودار القضاء المتبادر من اللفظ: أنها المكان المعد للقضاء، وفصل الخصومات بين الناس، لكنها ليست كذلك، إنما عرفت بهذا الاسم؛ لأنها كانت لعمر -رضي الله عنه-، فأوصى بها أن تباع وتقضى ديونه، ويقضى من قيمتها ديونه -رضي الله عنه وأرضاه-، وهو الخليفة الراشد، المقصود أن عمر -رضي الله عنه- كان مديوناً، بيعت داره وسددت الديون منها.

"ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب" والجمعة حال، والحال أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب "فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائماً" يعني الرجل استقبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني وجهاً لوجه، قائم بإزائه ليراه "ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغثنا" وفي رواية: "يغيثنا" بالياء، هذا الرجل اختلف في اسمه هل هو أبو سفيان أو غيره؟ المقصود أنه لا يترتب على ذكره فائدة. "هلكت الأموال" من القحط والجدب، وعيشها بالكلأ والعشب، فإذا عدم هذا هلكت الأموال التي هي ذوات الأرواح "وانقطعت السبل" يعني الطرق انقطعت، لماذا؟ لأنها صارت مفاوز مهلكة، لا يوجد فيها ماء للشرب ولا للاستعمال، فيؤدي هذا إلى انقطاعها. "فادعُ الله يغثنا" وفي رواية: يغيثنا، فإذا كانت بلفظ: "يغثنا" فهي جواب الطلب، ادع الله يغثنا، أو جواب شرط مقدر، ادع الله فإن تدعه يغثنا، وعلى "يغيثنا" إما أن يقال: إنها إشباع، الياء هذه إشباع "إنه من يتقي ويصبر" إشباع، أو يقال كما قيل في: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(5 - 6) سورة مريم] ما قال: يرثْني، والتوجيه ذكر في التفسير. "قال: فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه، ثم قال: ((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) " ثلاثاً، وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا تكلمَ تكلم ثلاثاً، وإذا سلمَ سلم ثلاثاً. "قال أنس: فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة" لا في سحاب متصل بعضه ببعض، ولا متفرق؛ لأن القزع الأشياء المتفرقة، ومنه القزع في رأس الصبي، وهو حلق بعض شعره وترك بعضه "ليس فيه سحاب ولا قزع، وما بيننا وبين سلع" وهو جبل في المدينة "وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار" يستفاد من هذا؟ الفضاء من المسجد إلى سلع، يعني لو كان فيه بيوت يحتمل أن يكون في السماء سحاب لا يرى مما يحول دونه من البيوت، لكن المجال مكشوف، وليس فيه لا سحاب ولا قزع. "قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس" يعني مثل هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

بقدر المدينة، مثل الترس "فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً" مطر متتابع سبتاً، يعني أسبوع، ويطلق البعض ويراد الكل، وإلا فالسبت اليوم المعروف، يطلق على الأسبوع سبت، ويطلق عليه جمعة، باعتبار أنه جزء من أجزائه. "فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً، قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة" الجمعة الثانية التي تليها دخل رجل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب بالناس، "فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل" ....

كتاب الصلاة (14)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الصلاة (14) باب: صلاة الخوف الشيخ: عبد الكريم الخضير والجمعة الثانية التي تليها "دخل رجل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب بالناس، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل" يحتاج إلى استسقاء والآن يحتاج إلى رفع! هلكت الأموال بالجدب ظاهر، لكن بكثرة المطر كيف تهلك الأموال؟ نعم يجتحفها، ويغرقها من كثرته، ولا شك أن الغيث اسمه غيث يغيث الله به الناس، وهو نافع، ويُطلب، ويُخرج لطلبه، ومع ذلك يحصل منه ما يحصل من الأضرار. فيقول: "هلكت الأموال" لزيادة الماء، بكثرة السيول تهلك الأموال، وتنقطع السبل، في الأول انقطعت السبل؛ لأنها صارت مفاوز قاحلة، من يخترقها ويقطعها يموت عطشاً، والآن يموت غرقاً، انقطعت السبل، لا هذا ولا ذاك، كلها تسبب هلاك الأموال، وانقطاع السبل. "فادع الله يمسكْها عنا" في رواية: يمسكُها، ويقال فيه ما قيل في "يغيثنا ويغثنا". "فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا)) " ما دعا بانقطاع المطر؛ لأنه نافع على كل حال، لكن دعا بارتفاع ضرره فقط وبقاء نفعه ((اللهم حوالينا ولا علينا)) حوالينا يعني في البراري والقفار التي لا يتضرر بها أحد. ((اللهم على الآكام)) وهو جمع أكمة، وهي أعلى من الرابية كما يقول المصنف، ودون الهضبة ((والضراب)) وهي الجبال الصغار ((وبطون الأودية، ومنابت الشجر)) يعني حيث يُحتاج إليه في هذه المواضع. "قال: فأقلعت -توقفت- وخرجنا نمشي في الشمس" كرامة لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، دعا أن يغاث فأغيثوا، ودعا أن يُرفع عنهم فرُفع. "قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري" لكن جاء في بعض الروايات: أنه نفس الرجل، في بعض الروايات: "ثم دخل ذلك الرجل" والنكرة إذا أعيدت معرفة صار عينه، صار عين الأول، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم هو راوي حديث الإسراء في الصحيحين، ونص الإمام مسلم أنه زاد ونقص وقدم وأخر، وله مخالفات في حديث ... ، لكن ما يلزم منه الضعف. باب: صلاة الخوف

عن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة، وقضت الطائفتان ركعة ركعة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: صلاة الخوف والخوف الفزع والإشفاق من أمر متوقع، فإذا خُشي ضرر شيء وجد الخوف. الحديث الأول: "عن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف في بعض أيامه التي لقي فيها العدو" وهذه كانت الصلاة بعسفان بين مكة والمدينة "في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو" صلاة الخوف إذا وجد سببها شرعت، خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إنها مرتبطة بوجود النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} [(102) سورة النساء] فالتنصيص على وجوده في الآية يدل على اختصاصه بها، ويؤيد ذلك من جهة المعنى أن الصلاة خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- هي التي لها الميزة دون غيره، فلا مانع من أن يُتخذ أكثر من إمام، إذ لا ميزة لغيره، وميزته -عليه الصلاة والسلام- تجعل ذلك من خصائصه. وجمهور أهل العلم على أنها له ولغيره من بعده، وقد فعلها الصحابة -رضوان الله عليهم- من بعده, وهي مشروعة في السفر والحضر. قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق ما صلى صلاة الخوف، أخر الصلوات إلى أن غربت الشمس، وما صلى صلاة الخوف، وبهذا يستدل من يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل في الحضر، وإنما تفعل في السفر، وهذا بناء على أن غزوة ذات الرقاع قبل الخندق، وإلا على القول بأن غزوة الخندق متقدمة على غزوة ذات الرقاع كما يقول الإمام البخاري، ويرجحه ابن القيم، وأن ذات الرقاع بعد خيبر في السنة السابعة حينئذٍ يكون لا إشكال، يكون تأخيره للصلوات منسوخ، تصلى صلاة الخوف حتى في الحضر.

"قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، فقامت طائفة معه" يعني صلوا معه، خلفه "وطائفة بإزاء العدو" ومثل هذه الصفة تفعل إذا كان العدو في غير جهة القبلة "طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا" من غير إتمام صلاتهم، ذهبوا وصلاتهم لم تتم "وجاء الآخرون" الذين هم في الحراسة بإزاء العدو "فصلى بهم ركعة، وقضت الطائفتان ركعة ركعة" كل منهم قضى بطريقته، ركعة ركعة، أكمل صلاته بعد أن سلم النبي -صلى الله عليه وسلم-. صلاة الخوف جاءت على أوجه ستة أو سبعة كلها صحيحة ثابتة، بأيها أديت صحت، لكن على الإمام أن يلاحظ نعم؟ يلاحظ إيش؟ الأحفظ للصلاة، والأبلغ في الحراسة، يعني الأقل مخالفة في الصلاة، والأبلغ في الحراسة، وإذا كان العدو في جهة القبلة لها صور، وإذا كان في غير جهة القبلة لها صور مثل هذه. نعم. عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة ذات الرقاع صلاة الخوف، أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائماً فأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم. الرجل الذي صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو سهل بن أبي حثمة. الحديث الثاني: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ومن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحابي، لا تضر جهالته، وسواء كان خوات بن جبير، والد صالح، أو سهل بن أبي حثمة كما صُرح به في بعض الروايات، فالأمر سيان، المقصود أنه صحابي، والصحابة كلهم ثقات، لا تضر جهالتهم ولا إبهامهم. "عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة ذات الرقاع" سميت بذلك لأن أقدامهم نقبت من الحفاء، فلفوا عليها الرقاع، وقيل غير ذلك، المقصود أن هذا أولى ما يقال.

"صلاة الخوف -وصفتها- أن طائفة صفت" مع الإمام الذي هو النبي -عليه الصلاة والسلام- "وطائفة وجاه العدو" يعني بإزاء العدو؛ لأن العدو في جهة القبلة وإلا في غير جهة القبلة؟ في غير جهة القبلة "فصلى بالذين معه ركعة" يعني مثل ما جاء في حديث ابن عمر السابق، إلا أنها تختلف الصورة هنا بأي شيء؟ "فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائماً" يعني في الركعة الثانية، ثبت قائماً حتى أتموا لأنفسهم الركعة الثانية، ثم انصرفوا وصلاتهم قد تمت، يقول: "فأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو" للحراسة، مكان الطائفة الأخرى "وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالساً" بعد أن أتم الركعة الثانية ثبت جالساً "وأتموا لأنفسهم" وهذا من تمام عدله -عليه الصلاة والسلام- بين الطائفتين "ثم سلم بهم". شوف سوء الطباعة. موصول هذا. ثم سلم بهم، عندك موصول كذلك؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، عندنا: "ثم سلم بهم الرجل" هذا سوء في الطباعة، ثم سلم بهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأولئك أدركوا ... طالب:. . . . . . . . . إيه، لا لا ما يدركون مثل هذا. ثم سلم بهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، عدل بين الطائفتين، الطائفة الأولى أدركت معه تكبيرة الإحرام وهي ركن، والثانية تميزوا عن الطائفة الأولى بالتسليم وهو ركن أيضاً، وصلى بكل طائفة ركعة، وأتموا لأنفسهم، المقصود أن هذا من تمام عدله -عليه الصلاة والسلام-. ثم قال المؤلف: "الرجل الذي صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو سهل بن أبي حثمة" وجاء في بعض الروايات: أنه خوات بن جبير، عن صالح بن خوات عن أبيه، خوات بن جبير، جاء في بعض الصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بهم ركعتين له، وصلوا -أعني الطائفتين- ركعة ركعة، ولم يزيدوا على ذلك، فصار للنبي -عليه الصلاة والسلام- ركعتين، ولهم ركعة ركعة، وجاء في بعض الصفات: أنه صلى بكل طائفة ركعتين، صلى بالطائفة الأولى صلاة كاملة، وهو مفترض فيها، وصلى بالطائفة الثانية ركعتين وهو متنفل فيها، والصور مثلما قال الإمام أحمد: ست أو سبع كلها صحيحة، لكن على الإمام كما ذكرنا سابقاً أن يحتاط للصلاة، وأن يبالغ في الحراسة.

نعم الحديث الثالث. على كل حال هذه الصلاة يلاحظ فيها أمران، والتساهل والتنازل عن أمور تبطل الصلاة في حال الرخاء إنما هو من أجل الحراسة، والمبالغة في المحافظة على صلاة الجماعة، فهذا من أقوى الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، فإذا تأكدت الجماعة في مثل هذا الظرف، فتنوزل عن بعض ما يبطل الصلاة وجوداً وعدماً، فدل هذا على أن صلاة الجماعة أمر حتم لا بد منه. هات الحديث الأخير. عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف، فصففنا صفين خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جميعاً، ثم ركع وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- السجود، وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي -صلى الله عليه وسلم- وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع فرفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى، فقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا، ثم سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعاً. قال جابر: "كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائكم" ذكره مسلم بتمامه، وذكر البخاري طرفاً منه، وأنه صلى صلاة الخوف مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغزوة السابعة، غزوة ذات الرقاع. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف" وهذه الصورة فيما إذا كان العدو بينهم وبين القبلة، يعني في جهة القبلة، وفي هذه الحالة لا يحتاج إلى أن يقسم الناس إلى قسمين: قسم يصلي، وقسم يحرس، كلهم يدخلون في الصلاة جميعاً، وحينئذٍ يصفون، أو يجعلون صفين.

"والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جميعاً" يكبر الإمام، ويكبر الصف الأول والثاني جميعاً "ثم ركع" ركع النبي -عليه الصلاة والسلام- "وركعنا جميعاً" الصف الأول والثاني؛ لأن مشاهدة العدو في حال القيام ممكنة، وفي حال الركوع أيضاً ممكنة، لكن متى تتعذر مشاهدة العدو؟ في حال السجود. "ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً" يتفقون إلى هذا الحديث. "ثم انحدر النبي -عليه الصلاة والسلام- للسجود والصف الذي يليه" والصف معطوف على ضمير الرفع المتصل المستتر، وجاز العطف على ضمير الرفع المتصل دون تأكيد بالضمير المنفصل لماذا؟ لوجود الفاصل، الذي إيه؟ بالسجود "أو فاصل ما" يعني لو قال: ثم انحدر والصف الذي يليه يجوز وإلا لا؟ لا، ما يجوز، لا بد من فاصل، الآن وجد الفصل بالجار والمجرور. وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل لا بد أن يقول: ثم انحدر هو والصف الذي يليه، لكن وجد الفصل بالجار والمجرور فجاز العطف من غير وجود الضمير المنفصل. أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... . . . . . . . . . إلى آخره. "والصف الذي يليه" الصف الأول "وقام الصف المؤخر في نحر العدو" يحرسون، يعني الصف الثاني استمروا قياماً بعد رفعهم من الركوع للحراسة "في نحر العدو" يعني في جهته. "فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود" يعني أكملوا ركعتهم، أكملوا الركعة "وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم" لماذا؟ ليتم العدل بين الصفين "ثم تقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي -صلى الله عليه وسلم- وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً" مثل ما حصل في الركعة الأولى "ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى" وصار مقدماً "وقام الصف المؤخر في نحر العدو" الذي كان في الصف المقدم في الركعة الأولى.

"فلما قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود" الذي كان مقدماً في الركعة الأولى "فسجدوا، ثم سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعاً" وهذا من تمام عدله -عليه الصلاة والسلام-. "قال جابر" مصوراً ما حصل من قيام بعض المأمومين والإمام مع بعض المأمومين ساجد أو جالس، يقول: "كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائكم" وهذه حالة ضرورة، وإلا فالأصل في مثل هذه الصورة المنع لوجود المشابهة، كما جاء في حديث: ((وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)) وأشار إليهم: أن أجلسوا؛ لئلا يشبهوا فارس والروم، يشبهوا الكفار بالقيام على رؤوس أئمتهم، لكن هذه حالة ضرورة مستثناة. "كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائكم" يقومون على رؤوسهم لحراستهم. "ذكره مسلم بتمامه، وذكره البخاري طرفاً منه، وأنه صلى صلاة الخوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في الغزوة السابعة" يعني ترتيبها السابعة؟ لا، إنما هي ... طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . لا، سنتها، يعني في السنة السابعة غزوة ذات الرقاع، وهذا اختيار البخاري، وأنها بعد خيبر، وبهذا يستدل على أن صلاة الخوف تفعل في الحضر والسفر، خلافاً لمن منع ذلك، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الجنائز

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الجنائز الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال: كتاب الجنائز. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نعى النبي -صلى الله عليه وسلم- النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الجنائز: الكتاب تقدم الكلام فيه مراراً، وهو مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، وأصل المادة تدور على معنى الجمع، والكتاب هو المكتوب الجامع لمسائل من العلم، وهنا جامع لمسائل الجنائز وما يتعلق بها، والجنائز جمع جَنازة وجِنازة، والفتح للميت الجنازة، والجنازة بالكسر للنعش الذي هو السرير، أو السرير وعليه الميت، بناء على قاعدتهم في أن الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الأول:

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نعى النبي -صلى الله عليه وسلم- النجاشي في اليوم الذي مات فيه" نعى النعي هنا يراد به الإعلام، ومجرد الإخبار بموت الميت، ومجرد الإعلام والإخبار بموت الميت، فيخبر الناس أن فلاناً قد مات؛ ليتحقق مصالح مثل اجتماع الناس للصلاة عليه، والإسراع بتجهيزه، وقضاء ديونه، المقصود أن هناك مصالح مترتبة على الإخبار، والنعي هنا هو مجرد الإخبار، ولذا جاء أحاديث فيها النهي عن النعي، جاء النهي عن النعي، وهو على ما كانت عليه الجاهلية من اقتران الأخبار برفع الأصوات وتعداد محاسن الميت، وإظهار الجزع عليه، فيبعثون في السكك والمجامع ألا إن فلاناً بن فلان قد مات الفاعل التارك .. إلى آخره، هذا النعي منهي عنه، جاء النهي عنه، أما مجرد الإخبار بموته لتترتب عليه المصالح دون المفاسد فهذا مشروع، وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث، يقول: "نعى النبي -صلى الله عليه وسلم- النجاشي" النجاشي لقب على كل من ملك الحبشة يقال له: النجاشي، كما أن من ملك مصر يقال له: فرعون، كل من ملك الروم يقال له: قيصر، ومن ملك الفرس يقال له: كسرى، المقصود أن هذه ألقاب على ملوك جهات، اليمن يقال له: تبع، والنجاشي الذي نعاه النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي آوى المسلمين لما هاجروا إلى الحبشة في المرة الأولى والثانية، وهو رجل صالح أسلم لما قرئت عليه سورة مريم، ورأى الحق المطابق لما عندهم مما لم يدخله التحريف، أسلم وصار ردءاً نافعاً للمسلمين، لذا نعاه النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الذي مات فيه، وهذا علم من أعلام النبوة حيث أخبر عن موته في اليوم الذي مات فيه، والخبر لا يصل من الحبشة إلى المدينة إلا في مدة طويلة، كونه يخبر عن موته في اليوم الذي مات فيه دل على علم، ودليل واضح على نبوته -عليه الصلاة والسلام-.

"الذي مات فيه" وخرج بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المصلى، خرج بهم إلى المصلى لكي يكثر الجمع، ويحصل الأجر العظيم لهذا الرجل الصالح، ولا يعني هذا أن الصلاة على الميت في المسجد لا تجوز، وإنما تصح الصلاة في المسجد وتجوز، وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- على سهيل بن بيضاء في المسجد، وصلي على أبي بكر في المسجد، وصلي على عمر في المسجد، المقصود أن الصلاة في المسجد على الجنازة سائغة وجائزة، ولا إشكال فيها، ومن أهل العلم من يستدل بهذا الحديث بما لا دلالة فيه على قوله، يقول: الصلاة على الميت في المسجد لا تجوز؛ لأن الميت قد يلوث المسجد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- خرج بهم إلى المصلى، أولاً: هل هنا ميت يلوث المسجد؟ قصة النجاشي فيها ميت يلوث المسجد؟ صلاة غائب، ولا. . . . . . . . . فيها، ودلت الأدلة على جواز الصلاة على الميت في المسجد، غاية ما هنالك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج بهم لكي يكثر الجمع، "خرج بهم إلى المصلى" اللي معروف؟ مصلى الجنائز يعرف بإيش؟ بالجبانة، وهي خارج البلد، إذا كثرت الجموع يحتاج إلى مثلها، "فصف بهم -عليه الصلاة والسلام- وكبر أربعاً" صف بهم وصلى صلاة الجنازة، كبر أربع تكبيرات يقرأ بعد الأولى بسورة الفاتحة، والثانية يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي الثالثة يدعو الميت، وبعد الرابعة يسلم، المقصود هذه صفة صلاة الميت، يسلم تسليمة واحدة "وكبر بهم أربعاً" واستقر القول على أربع تكبيرات وبعض العلماء ينقل الإجماع على الأربع بعد الخلاف الواقع في عدد التكبيرات، فأثر عن السلف خلاف كبير في هذا، وجاء في هذا أحاديث من تسع إلى ثلاث تكبيرات، لكن كما قال ابن عبد البر انعقد الاتفاق على الأربع، وفي الحديث دليل على صحة الصلاة على الغائب، فالنجاشي مات في أرض الحبشة، وهو غائب عن المدينة وصلى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا يستدل الشافعية والحنابلة على الصلاة على الغائب، وأما المالكية والحنفية يمنعونها، يقولون: ما أثر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على غائب غير النجاشي، فهذه قضية عين لها ما يعتريها من الاحتمالات، وما عدا ذلك يبقى الحكم في حيز المنع،

ومنهم من يقول: إن كان الميت قد صلي عليه في بلده فلا صلاة على الغائب، وإن كان الميت لم يصلَ عليه في بلده شرعت الصلاة كما في هذا الحديث، منهم من يقول: إذا كان الميت عُلم بموته في اليوم الذي مات فيه، كما هنا "في اليوم الذي مات فيه" صلى عليه غائباً، وبعده لا يصلى عليه، ولا شك أن هذا جمود على اللفظ، منهم كابن حبان من يرى أنه يصلى على الغائب إذا كان في جهة القبلة، أما إذا لم يكن في جهة القبلة فإنه لا يصلى عليه، كيف تجعل الميت وراء ظهرك وتصلى عليه؟ كيف تجعل الميت عن يمينك وشمالك وتصلي عليه؟ إن كان في جهة القبلة تصلي عليه، أخذاً من قصة النجاشي، يعني لو تصورنا أن المدينة شمال شرق بالنسبة لمكة، والحبشة تكون في الجنوب الغربي، وحينئذٍ تكون على سمت المدينة عند استقبال القبلة، نعم، واضح كونها جهة القبلة، واضح جداً، يعني لو تصورنا أن هذه هي الكعبة مثلاً، هذه هي مكة، الكعبة هنا، في هذه النقطة، والمدينة هنا، والحبشة من وراء البحر من هنا، نعم، هكذا، تصورنا أن هذه مكة، وهذه هي المدينة، وهذه هي الحبشة، فلو مددنا خطاً مستقيماً لجاءت في جهة القبلة، وهذا اختيار ابن حبان، لكن إذا ثبت الحكم أصل المسألة فلا داعي لمثل هذه التفصيلات، ولذا يرجح قول من يقول بصحة الصلاة على الغائب لا سيما بالنسبة لمن له أثر في الدين، أو على الشخص على أقل الأحوال، يعني توفي شيخ، وتوفي أبوه، ولو لم يصلَ عليه، لكن من حقه عليك أن تصلي عليه، ومن حق من له أثر في الدين من حقه على الأمة أن يصلى عليه، كما في قصة النجاشي، فالمرجح أن الغائب يصلى عليه إذا كان له ميزة تقتضي ذلك، وأما سائر الناس فلا، المقصود أن له حق، له حق عليه يصلي عليه لا بأس. طالب:. . . . . . . . . كأنهم نقلوا الاتفاق على الأربع فيما بعد، بعد الخلاف الطويل الذي من تسع إلى ثلاث تكبيرات، ابن عبد البر نقل الاتفاق على الأربع بعد ذلك، على كل عمدته الأقوال السابقة قبل ذلك، والخلاف في مسألة انعقاد الإجماع بعد وجود الخلاف مسألة خلافية بين أهل العلم، هل يثبت الإجماع بعد الخلاف، وهل تموت الأقوال بموت أصحابها؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، وكل له ذلك -إن شاء الله-.

عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث. نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني: "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على النجاشي" يعني بعد أن نعاه في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، وصلى عليه، وصف بهم، وكبر أربعاً، يقول جابر: فكنت في الصف الثاني أو الثالث دليل على مشروعية تكثير الصفوف، وإلا فالصحراء تستوعبهم في صف واحد، فدل على مشروعية تكثير الصفوف، وقد جاء في المسألة ((من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب)) وحسنه وصححه الحاكم، المقصود أن تكثير الصفوف مطلوب، نعم. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على قبر بعد ما دفن فكبر عليه أربعاً. في هذا الحديث المروي "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على قبر" امرأة سوداء، أو رجل كان يقم المسجد مات في الليل ولم يخبروا النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يؤذنوه بذلك، كأنهم تقالوا شأنه أو شأنها، فصلوا عليه ودفنوه بالليل، فلما أصبح النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل عنها أو عنه فأخبر بذلك، ثم صلى على قبرها، وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- على قبر بعد مضي شهر، وصلى على قتلى أحد في آخر حياته كالمودع لهم، المقصود أنه يصلى على القبر، يصلي على القبر من لم يصلِ عليه، ولا مانع من إعادة الصلاة فقد جاء ما يدل عليها بالنسبة لمن صلى عليه، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يصلي عليهم كلهم؟ يصلي على المجموع كلهم؟ يعني كل واحد تجعله أمامك وتصلي عليه وتنتقل من مكان إلى مكان؟ والله ما أدري هذا يحتاج إلى دليل، ما لهم مزية، يعني شهداء أحد صلى عليهم، والأصل أن الصلاة على الشهيد غير مشروعة، لكن كالمودع لهم على خلاف بين أهل العلم في المراد بالصلاة، هل هي صلاة حقيقية ذات تكبيرات، أو هو مجرد دعاء، وهو المرجح عند جمع من أهل العلم، وأما الشهيد فلا يصلى عليه، لكن لو مات لك قريب أو مات لك شخص عزيز عليك وأنت خارج البلد، ثم علمت بعد ذلك فصليت على قبره لا بأس، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إي نعم القريب وفاة يصلى عليه، يدرك الأجر -إن شاء الله تعالى-. طالب:. . . . . . . . . على كل حال منهم من أثبتها ومنهم من نفاها، والواجب الفاتحة، وما عدا ذلك سنة، يعني تفعل أحياناً، ويكبر عليها أربعاً مع رفع اليدين في التكبير، وهذا الثابت عن ابن عمر، وفيه حديث: لا يسلم من مقال، وعارضه قول ابن عباس. طالب:. . . . . . . . . كل الأربعة إن شاء الله. الطالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . لا هذا إذا وجد من يخالف في حكم مسنون لو جهر به من أجل أن يعلم المخالف، وإلا فالأصل أنها سرية. طالب:. . . . . . . . . ليعلم أنها سنة، يعلم أن قراءتها سنة، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجهر بالآية أحياناً، يعلم أن هذا سنة، لا يخفى على الناس، وإذا عرف الناس أنه سنة انتهت الحكمة، نعم. عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع: "عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفن" الكتفين هو إدراج الميت في كفنه وأثوابه "كفن في ثلاثة أثواب يمانية" بتخفيف الياء نسبة إلى اليمن، والألف عوض عن الياء الثانية، ولذا خففت، لو قيل: يمنية صارت ياء مشددة؛ لأن ياء النسب يجب تشديدها. . . . . . . . . . ... ياء كيا الكرسي زيدت للنسب مشددة لكن لما عوض بالألف مكان الياء الثانية والحرف المشدد عبارة عن حرفين، أحد الحرفين صار مكان الألف فاقتضى تخفيفه، يمانية، ولو قيل: يمنية لتعين التشديد، مثل لو قيل: تيمية مثلاً بالتشديد متعين، ما في شيء اسمه تيمية أبداً، إنما ياء النسب مشددة. . . . . . . . . . ... ياء كيا الكرسي زيدت للنسب إذا عوض عن إحدى الياءين ألف كما هنا خففت، فقيل: يمانية. "بيض" فمن السنة أن يكون الكفن أبيض، وجاء في الحديث: ((البسوا من ثيابكم البياض، فإنه أطيب وأطهر، وكفنوا فيها موتاكم)). "سَحولية" أو سُحولية، نسبة إلى قرية اسمها: سحول في اليمن، بيض ... نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . وش هي؟ الطالب:. . . . . . . . .

إيه موجودة. "بيض" منهم –كالحنفية- من يستحب التكفين بالمخطط الذي هو الحبرة، ويستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سجي ببرد حبرة، نعم التسجية غير التكفين، التسجية بعد التكفين، تغطية يغطى الميت بها، أو قبل التكفين حتى يجهز، المقصود أن التسجية لا مانع من أن تكون بأي لون من الألوان، نعم المقصود أنه يسجى إذا سجي بأي لون من الألوان، البيض نعم للرجال والنساء ((كفنوا فيها موتاكم)) أما التغطية فبأي لون كان المقصود الستر، ليس فيها قميص ولا عمامة، ليس فيها قميص ولا عمامة، ليس في الأثواب الثلاثة التي كفن بها قميص ولا عمامة، من أهل العلم من يرى أنه يشرع التكفين في القميص وفي العمامة، ماذا يقول: عن هذا الحديث؟ يقول: "ليس فيها" ليس في الثلاثة قميص ولا عمامة، بل القميص والعمامة قدر زائد على الثلاثة، ويستدل بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن عبد الله بن أبي في قميصه، وكونه كفن هذا المنافق رأس المنافقين في قميصه مكافأة له حينما كسا العباس لما جاءه مهاجراً، كساه قميصاً، فكافأه بهذا، وجبراً لخاطر ولده عبد الله الرجل الصالح الصحابي الجليل، المقصود أن الأكفان ليس فيها قميص ولا عمامة، كما هو مدلول هذا الحديث، وهو قول جماهير أهل العلم، نعم. عن أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين توفيت ابنته زينب، فقال: ((اغسلنها بثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافوراً -أو شيئاً من كافور- فإذا فرغتن فآذنني)) فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه، فقال: ((أشعرنها إياه)) يعني إزراه، وفي رواية: ((أو سبعاً)) وقال: ((ابدأن بمايمنها ومواضع الوضوء منها)) وأن أم عطية قالت: "وجعلنا رأسها ثلاثة قرون".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الحديث: حديث أم عطية الأنصارية "قالت: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين توفيت ابنته زينب" وجاء عند ابن ماجه وغيره أنها أم كلثوم، لكن هذا أصح، أصح أنها زينب، ولا يمنع أن تكون أم عطية شاركت في غسل البنتين، وروت مرة تغسيلها لزينب والأخرى لأم كلثوم "حين توفيت ابنته زينب، فقال: ((اغسلنها بثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك)) " في رواية: ((أو سبعاً)) ((اغسلنها بثلاث)) غسلات ((أو بخمس)) غسلات ((أو سبع أو أكثر من ذلك)) لا ينافي السبع، لكن هل بعد السبع أكثر من ذلك؟ ليس في الحديث ما يدل عليه، فإذا أنقت الثلاث اكتفي بها، إذا أنقت الأربع زيد خامسة؛ ليقطع على وتر، إذا أنقت بالست زيد سابعة ليقطع على وتر ((إن رأيتن ذلك)) مرده إلى الحاجة والمصلحة لا إلى التشهي، يعني إن رأيتن الأمر يقتضي ذلك لعدم انقطاع الخارج فيزاد على حسب الحاجة. ((بماء وسدر)) يغسل الميت بالماء والسدر كونها أنظف، من أهل العلم من يقول: إن الماء إذا خلط بالسدر تغير به، وحينئذٍ ينقلب على مذهب الشافعية ومذهب الحنابلة من كونه طهوراً مطهراً إلى كونه طاهراً، لكن ما يلزم من هذا أن يخلط الماء بالسدر، ولو خلط في غسلة وأزيل في الثانية أو الثالثة ما تم استدلال من يجوز رفع الحدث بالماء الطاهر غير المطهر، على أن تغسيل الميت ليس عن حدث، إنما هو تعبد. ((بماء وسدر)) والسدر هو النبق ((واجعلن في الأخيرة كافوراً)) وهو نبت طيب الرائحة يطرد الهوام، ويساعد على بقاء القوة في الجسم، فلا يسرع إليه الفساد ((أو كافوراً أو شيئاً من كافور)) ((اجعلن في الأخيرة كافوراً -أو شيئاً من كافور-)) (أو) هذه للشك فهل قال: ((اجعلن في الأخيرة كافوراً)) لا يختلف الأمر إلا أننا إذا قلنا: شيئاً من كافور يكفي منه أي جزء يسير ولا يلزم التكثير، والمقصود منه تطييب الرائحة وما ذكر.

((فإذا فرغتن -يعني من الغسل- فآذنني)) فأعلمنني وأخبرنني "فلما فرغنا من الغسل آذناه" أعلمناه وأخبرناه "فأعطانا حقوه" الحقو أصله معقد الإزار، المحل الذي يعقد به الإزار من البدن، ثم أطلق على الإزار نفسه من باب إطلاق المحل وإرادة الحال "فأعطانا حقوه، فقال: ((أشعرنها إياه)) " أي اجعلنه شعاراً عليها، أو اجعلنه شعاراً لها، والشعار: ما يلي البدن من الثياب، والدثار: فوق الشعار، وجاء في فضائل الأنصار ((الأنصار شعار، والناس دثار)) يعني هم الذين يلون شعر البدن لقربهم، فقال: ((أشعرنها إياه)) يعني إزاره، وفي رواية: ((أو سبعاً من الغسلات)). "وقال: ((ابدأن بميامنها)) " يعني الجهة اليمنى، فتغسل اليد اليمنى قبل اليسرى، والرجل اليمنى قبل اليسرى، والشق الأيمن عموماً قبل الشق الأيسر ((ومواضع الوضوء منها)) العطف على نية تكرار العامل، فكأن الحديث جاء بلفظ: "ابدأن بميامنها، وابدأن بمواضع الوضوء منها" هل تتفق الجملتان أو بينهما تعارض؟ طيب هل في تعارض بين الجملتين أو ما فيه تعارض؟ ما فيه تعارض، يعني ابدأن بميامنها يقتضي أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى في الوضوء كذا؟ طالب:. . . . . . . . . إيش فيها؟ طالب:. . . . . . . . . ابدأن بميامنها وابدأن بمواضع الوضوء منها هذا مقتضى الجملة؛ لأن العطف عندهم على نية تكرار العامل، مقتضى الجملة الأولى: "ابدأن بميامنها" أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، ومقتضى الجملة الثانية: "ابدأن بمواضع الوضوء منها" أن تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى، فيه تعارض أو ما فيه تعارض؟ كيف ندفع هذا التعارض؟ أولاً: نعرف التعارض بين الجملتين في وإلا ما فيه؟ كيف نرفع؟ نقول: الوضوء مستقل على صورته الشرعية كما يصنع الحي يتوضأ قبل أن يغتسل، وهنا يوضأ الميت قبل أن يغسل، ففي الوضوء يبدأ بمواضع الوضوء، وفي سائر الغسلات يبدأ بالميامن قبل المياسر.

"وأن أم عطية قالت: وجعلنا رأسها ثلاثة قرون" يعني ظفرنا رأسها وجدلناه وجعلناه ثلاثة قرون، وفي بعض الروايات: "وألقيناه خلفاها" الآن "وجعلنا رأسها ثلاثة قرون" هذا مرفوع أو موقوف؟ هل هذا بأمره -عليه الصلاة والسلام-؟ ما قال: اجعلن رأسها ثلاثة قرون كما قال: ((اجعلن في الأخيرة كافوراً)) يعني هل هذا من تصرف النسوة أو عن علمه واطلاعه وأمره أو إقراره على الأقل؟ نعم الأكثر على أن رأس الميت يضفر، بعد تغسيله يضفر، ويجعل ثلاثة قرون، ويلقى خلفه رجلاً كان أو امرأة. طالب:. . . . . . . . . إيه يمشط إيه، مقتضى كونه يقرن قرون .... الطالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . الزائد يؤخذ لا بأس، المقصود أن هذا فيه ما يدل على المشروعية ولو بإقراره -عليه الصلاة والسلام-، الحنفية يقولون: لا، لا يضفر ولا شيء، يسرح ويفرق على وجهها، ووراء ظهرها، وقالوا: هذا من فعل النسوة من غير علمه -عليه الصلاة والسلام-، الأصل الذي يزال من أجل التنظيف في حق الحي يزال بالنسبة للميت؛ لأن المقصود تنظفيه. طالب:. . . . . . . . . لكن الأصل لماذا غسل الميت مو لينظف؟ فكل ما تقتضيه النظافة ينظف. ((اغسلنها بثلاث أو خمس أو أكثر)) بثلاث غسلات أو خمس أو أكثر، الأمر هنا (اغسلنها) لوجوب الغسل أو غسل الثلاث؟ وجوب الغسل فقط أو اغسلنها بثلاث؟ مو مر بنا سابقاً أن الأمر قد يتعلق به ما يجعل الأمر متجه إليه، يعني ما يجزئ واحدة، تعميمه بالماء كالحي ما يجزئ؟ طيب (اغسلنها) هذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، هل نقول: بوجوب الغسل واستحباب الثلاث؟ هل نقول: إن الأمر للغسل (اغسلنها) هذا أمر وجوب والثلاث والخمس والسبع استحباب؟ لا سيما إذا أنقت بدون ذلك، أنقى غسله بواحدة أو باثنتين فالثالثة وجوب وإلا استحباب؟ طالب:. . . . . . . . .

استحباب، إذاً اغسلنها، الثلاث متعلقة بالأمر، فاغسلن ينتابه أمران، أمر بالغسل وأمر بالتثليث، هل نستطيع أن نقول: هذا الأمر بالغسل للوجوب والأمر بغسل التثليث للاستحباب؟ نستطيع؟ ونكون حينئذٍ استعملنا اللفظ الواحد في معنييه، يجوز وإلا ما يجوز؟ اغسلنها عندنا أمر بالغسل، الغسل واجب، فرض كفاية تغسيل الميت، وغسل الميت ثلاثاً إن احتاج الأمر بمتعلقه ما نفكه غسل الثلاث إيش حكمه؟ الثلاث قلنا: مستحب، من أين أخذنا الاستحباب؟ من الأمر بغسلها ثلاثاً اغسلنها، ومن أين أخذنا وجوب الغسل؟ من قوله: ((اغسلنها)) إذاً استعملنا هذا اللفظ اغسلنها في المعنيين في الوجوب وفي الاستحباب، يجوز وإلا ما يجوز؟ استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى يجوز وإلا ما يجوز؟ الجمهور ما يجوز، لا بد، تقصد هذا وإلا تقصد هذا، لا، الشافعية يجيزون استعمال اللفظ في أكثر معنى في آن واحد، ظاهرة المسألة وإلا ما هي بظاهرة؟ يعني لو قدامك اثنين واحد اسمه محمد والثاني محمد، ثم صوت يا محمد، التفت الاثنان، أنت تقصدهم جميعاً وإلا تقصد واحد منهم؟ نعم؟ يمكن أن تقصد الاثنين بلفظ واحد؟ إذا أردت أن تدعو الاثنين قلت: يا محمدان. طالب:. . . . . . . . . وش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . الظاهر أن المسألة ما هي بظاهرة أصلاً، يعني ما هو ... ، نعم؟ أصل الإشكال الذي أوردته ما هو بظاهر عندكم، نعم؟ وش عندك؟ طالب:. . . . . . . . . وش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . التغسيل؟ فرض كفاية، فرض كفاية تغسيل الميت، وتكفينه والصلاة عليه ودفنه كلها فروض كفاية. طالب:. . . . . . . . . إيش لون؟ طالب:. . . . . . . . . يأثمون لو دفنوه بغير تغسيل، أثم كل من علم وقدر على تغسيله يأثم. طالب:. . . . . . . . . إيش هو؟ طالب:. . . . . . . . .

هل نقول: إن الأمر هنا ما دام تعلق به استحباب نقول: اغسلنها على سبيل الاستحباب بثلاث، ونأخذ الوجوب من أدلة أخرى، وجوب أصل الغسل؟ يعني ما عندنا وجوب الغسل إلا هذا النص، ((اغسلنها بثلاث)) إما أن نقول: بوجوب التثليث أو نقول: إن الأمر اغسلنها للاستحباب ونأخذ وجوب التغسيل من دليل آخر، مثلاً هذا الحديث الذي يليه ((اغسلوه)) ويأتي بماء وسدر بعد، إشكالات، نعم؟ نعم ما الصارف من وجوب الثلاث إلى الواحدة مثلاً إذا أنقت؟ رد ذلك على رؤيتهن من جهة، رده إلى رؤيتهن للحاجة، الأمر الثاني: أن غسل الحي وهو عن حديث يكتفى فيه بتعميم الماء فالميت من باب أولى، إذا قيل: هذا تعبد ووجبت الثلاث ما يبعد. طالب:. . . . . . . . . لا التخيير (أو) التخيير. . . . . . . . . يبدأ بالسدر أول شيء مع الغسلة الأولى، والكافور في الأخيرة. طالب:. . . . . . . . . إذا عمم؟ طالب:. . . . . . . . . هو نقي ما يخرج منه شيء، افترض أنت شخص ما يخرج منه شيء، بقي مدة خرج منه كل شيء، كل ما فيه، ولا طلع شيء، سوى كل هذا ما خرج شيء. طالب:. . . . . . . . . وش هي؟ طالب:. . . . . . . . . لا السدر أول، أنت إذا أردت أن تغتسل تعم بدنك بالماء، صح ثم بعد ذلك تضع الشامبو أو الصابون وتتركه ما تتبعه ماء؟ طالب:. . . . . . . . . إذاً الشامبو مع الأول، السدر مع الأول مع الغسل، أولاهن بالتراب من أجل أن يأتي الماء على إزالة ما بقي، ولو كان طاهر ما يبقى على البدن. نعم الحديث السادس. عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحته فوقصته، أو قال: فأوقصته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)) وفي رواية: ((ولا تخمروا وجهه ولا رأسه)) قال المصنف -رضي الله عنه-: الوقص كسر العنق. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: بينما رجل واقف بعرفة" في حجة الوادع "إذ وقع" سقط عن راحلته "فوقصته" يعني مات في الحال، الوقص الموت بالحال، فوقصته الضمير يعود إيش؟ الناقة هي التي وقصته أو الوقعة؟

طالب:. . . . . . . . . إيش سوت به الناقة؟ الناقة واقفة وطاح، إيش سوت الناقة؟ هي التي تحركت وطاح؟ "إذا وقع عن راحلته فوقصته" الوقعة أوقصته -أو وقصته- ومات في الحال بسبب الوقعة أو بسبب الناقة؟ الناقة ما تحركت "بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع" زلق وطاح، وش صار؟ وهي ما تحركت، وش يصير؟ الطالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . فوقصته الوقعة، يعني مات بسبب الوقعة، مات بسبب السقطة، طيب افترض شخص على جدار، فوقصته يعني السقطة، الجدار سوى له شيء؟ نعم؟ وقع عن جدار فوقصته، هل نستطيع أن نقول: إن الجدار هو الذي وقصه؟ ما يمكن، فلو أن الدابة هي التي تحركت وأوقعته لكنه وقع عن راحلته، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ما يدريك، لا لا ما يلزم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو إن تحركت فهي السبب. طالب:. . . . . . . . . ما يلزم، لا لا ما يلزم. الطالب:. . . . . . . . . يعني وطأته أو شيء؟ الطالب:. . . . . . . . . لا لا هذا ما له دخل أبداً، لا لا، أنت افترض بدل الناقة جدار هو فوق جدار فسقط فوقصته إيش اللي وقصه؟ الطالب:. . . . . . . . . وهنا فوقصته الوقعة، يعني نقول: الاشتباه في الضمير لكونه يحتمل أن يعود على هذا لأنها مؤنثة على كل حال الوقعة والناقة والراحلة، جاء هنا الاشتراك وجاء هنا الاحتمال، لكن أنت افترض أن الناقة واقفة، هو واقف بعرفة "إذ وقع" ما قال: أوقعته. الطالب:. . . . . . . . . لا لا ما في، في فوقصته، في أوقصته، في فأقعصته، لكن من التي أقعصته؟ أنت افترض أنه نعس وطاح، وش صار؟ نعم؟ يعني السبب الذي مات به، الوقعة من الدابة من الراحلة؛ لأنه يطيح بس على رقبته، يحتاج أكثر من هذا؟ الطالب:. . . . . . . . . هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . ما في شيء ما فيه مخاطر، الناس يركبون الطيارات احتمال تطير على جبل ما يبقى نفس، يركبون، الغالب السلامة يعني، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . إيه نعم صح بعد الطيحة، الطيحة التي وقصته. الطالب:. . . . . . . . . فوقع إيه نعم. الطالب:. . . . . . . . .

لا هي ما وصلته، ولا جئته، ولا هي بلمه، أندقت عنقه من الطيحة من الوقعة، واحتمال أنها تحركت وطاحت احتمال أنه .. ، لكن يقول: وقع، ما قال: أوقعته، وقع، الحافظ ابن حجر يقول: يحتمل أن يكون فاعل فأوقصته الوقعة أو الراحلة بأن تكون أصابته بعد أن وقع، قال: والأول أظهر. الطالب:. . . . . . . . . يعني من الوقعة، خلاص طاح على رأسه وأندقت عنقه، يحتاج إلى أكثر من هذا؟ ما يحتاج. الطالب:. . . . . . . . . لا لا الأول الوقعة، وقصته الوقعة أو الراحلة. "وفي رواية: "فأوقصته" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اغسلوه)) " فدل على أن المحرم يغسل كما يغتسل وهو حي يغسل إذا مات ((بماء وسدر)) فالأمر متجه إلى الغسل بالماء والسدر، السدر ليست فيه رائحة فلا محظور فيه أن يغسل فيه الميت وإن كان محرماً ((وكفنوه في ثوبيه)) ويكتفى بهما بالثوبين وإن كانت الثلاثة أفضل، على ما تقدم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثلاثة أثواب، لكن المحرم يكفن في ثوبين، إن احتاج إلى زيادة لأن الثوبين ما يكفيان، فيهما شح عن تغطية جميع بدنه يزاد عليهما ما يستره، لكن الثوبين لا بد منها لا على سبيل الوجوب؛ لأن المحرم الحي له أن يغير في ثوبيه، لكن مثل هذه الثياب التي بوشرت بها العبادة ينبغي أن يكفن بها. ((ولا تحنطوه)) الحنوط: أخلاط فيها أطياب وروائح طيبة ولذا منع منها المحرم ((ولا تخمروا رأسه)) لأن المحرم لا يجوز أن يغطي رأسه، لا يجوز تغطية رأسه بحال ((فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)) هذه هي العلة في كونه لا يغطى رأسه لأن إحرامه مستمر إلى أن يبعث، فأنه يبعث يوم القيامة حال كونه ملبياً "وفي رواية: ((ولا تخمروا وجهه ولا رأسه)) " منهم من يحكم على الوجه بالشذوذ، لكن لا داعي للحكم عليه وهو في الصحيح ((ولا تخمروا وجهه ولا رأسه)) فعلى هذا إحرام الرجل في رأسه ووجهه، ومنهم من يقول: إن عدم تغطية المحرم لوجهه من باب الاحتياط؛ لأنه إذا غطى وجهه احتمل أن يغطي رأسه، لكن من باب اتقاء الشبهة لا يغطى وجهه، والصواب أن الوجه أيضاً ممنوع المحرم الذكر من تغطيته كالرأس. الطالب:. . . . . . . . . .

يذكرون، يعني هو قول أكثر أهل العلم على أن المرأة إحرامها في وجهها، لكن ما في في المرفوع ما يدل عليه، ليس في المرفوع ما يدل عليه، عائشة تقول: كن يكشفن، إذا حاذاهن الرجال الأجانب سدلت إحدانا خمارها على وجهها. ((ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)) من أهل العلم من يرى أن المحرم إذا مات كغيره يغطى رأسه وجهه؛ لأنه ليس كل محرم يبعث ملبياً، هذا علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يبعث ملبياً فدل على أن إحرامه مستمر، ومن عداه من يشهد له؟ من يشهد له أنه يبعث يوم القيامة ملبياً؟ يعني عموم العلة، لا يقولون: هذه العلة خاصة بهذا الرجل الذي شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام-. الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . المقصود أن من أهل العلم من يرى أنه يغطى رأسه ووجهه، لماذا؟ لأن هذا شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يبعث يوم القيامة ملبياً، ومن عداه يحتاج إلى شهادة معصوم، لكن القول بعموم العلة متجه، فكل من مات محرماً بُعث يوم القيامة ملبياً، يعني هل يقول مثل هؤلاء الذين قالوا عن هذا الرجل أن غيره لا يبعث ملبياً أن الشهيد الذي يأتي ودمه يثعب لونه لون الدم والريح ريح المسك هل هو خاص بهذا الرجل أو كل شهيد؟ حتى هم يقولون: كل شهيد هذه ميزته، نعم إذاً كل محرم هذا مآله وحاله. "وفي رواية: ((ولا تخمروا وجه ولا رأسه)) " قال -رضي الله عنه- المؤلف-: "الوقص كسر العنق" هذا الرجل لما سقط عن الراحلة أندقت عنقه فوقصته، والخلاف في الضمير تقدم. الطالب:. . . . . . . . . يبعث على ما بقي من حجه؛ لأن هذا بعرفة ما بعد باشر التحلل. الطالب:. . . . . . . . . أي شيء فيه طيب يمنع كالمحرم الحي، يعني حكم الواحد حكم الجماعة كلهم يسألون، نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . إنه ليسمع قرع نعالهم، إذا انتهوا من دفنه بدأ السؤال، يعني مجرد ما ينصرفون، أو يشرعون في الانصراف يبدأ السؤال، وإنه ليسمع قرع نعالهم. الطالب:. . . . . . . . . يسوغ نعم، ما في بأس، نعم. عن أم عطية الأنصارية -رضي الله عنها- قالت: نهينا عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في حديث أم عطية الأنصارية: "قالت: نهينا عن إتباع الجنائز" لأن المرأة لا تتبع الجنازة مجرد إتباع، وجاء ما يدل على التحريم في حديث فاطمة، في حديث فاطمة يدل على التحريم ((لو بلغتِ الكدي للفحتك النار)) هذا يدل على تحريم إتباع الجنازة، وهنا "ولم يعزم علينا" يدل على أن النهي ليس للتحريم وإنما هو للكراهة، وأن النواهي متفاوتة، منها النهي الشديد، ومنها النهي الخفيف، هذا بالنسبة لإتباعها، أما دخول المقابر وزيارتها بالنسبة للنساء فجاء فيه اللعن، ((لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج)) فالنساء ممنوعات من هذا، لكن المرأة إذا صلت على جنازة فلها من القيراط مثل ما للرجل، فالإتباع غير الصلاة، والإتباع أيضاً غير الزيارة ودخول المقابر. الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . وش تزور؟ الطالب:. . . . . . . . . لا لا ((لعن الله زوارات القبور)) تزورها هذا عام، خصص النساء باللعن. الطالب:. . . . . . . . . لا ما يدخلن أبد، ما يدخلن المقبرة، اللعن صريح في هذا، اللعن اللعن ((لعن الله زوارات القبور)). الطالب:. . . . . . . . . نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . ولم يمنعنا، يعني لم يؤكد علينا، فإما أن يقال: إن تفاوت النهي تبعاً لتفاوت النساء، ففاطمة لعظم مقامها تمنع بأشد مما يمنع عنه غيرها؛ لأنه قال: ((للفحتك النار)) المقصود أن مثل هذا منهي عنه، سواء كان نهي كراهة أو نهي تحريم، والمقصود به إتباع الجنازة والخروج معها لا إلى المقبرة، نعم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أسرعوا بالجنازة فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أسرعوا بالجنازة)) " يعني بمجرد ما تخرج الروح ويتأكد من خروجها تباشر أسباب الدفن، تغسل وتكفن ويصلى عليها وتدفن، هذا مقتضى الأمر بالإسراع ((أسرعوا بالجنازة)) لكن إذا ترتب على التأخير -التأخير الذي لا يترتب عليه تغير في الميت من رائحة كريهة أو تأذي أهل الميت بهذا- وترتب عليه المصلحة من قدوم من يرجى قدومه في مدة معقولة مقبولة، يعني بين صلاتين مثلاً، يؤخر من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر مثلاً، أو من الظهر إلى العصر، الأمر فيه سعة ولله الحمد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- دفن بعد ثلاثة أيام، فدل على أن الأمر بالإسراع للاستحباب لا للوجوب، لكن شريطة أن لا يتغير الميت ويتأذى ويؤذي، والعلة واضحة ((فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه)) يعني لا يحرم من هذا الخير الذي ينتظره ((وإن تكن سوى ذلك)) يعني غير صالحة وغير طيبة فشر تضعونه عن رقابكم، فالأشرار صحبتهم وبال سواء كانوا أحياء أو أموات، لا شك أن هذا شر يوضع عن الرقاب، فالإسراع في تجهيز الميت والإسراع بدفنه هو السنة، لكن إن ترتب على التأخير مصلحة راجحة فلا مانع منه، لكن لا يؤخر تأخيراً بحيث يسرع إليه الفساد، أو يتأذى أهله أو يكون سبباً في حرمانه من الخير الذي ينتظره، المقصود أن مثل هذا مستحب، نعم. عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: صليت وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث التاسع:

"عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: صليت وراء النبي -صلى الله عليه وسلم- على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها" صليت وراء النبي صلى الله عليه على امرأة والمرأة يصلى عليها كالرجل، والأدلة مستفيضة، وكذلك النفساء يصلى عليها وإن كانت على ما جاء في الأخبار شهيدة وإلا ما هي بشهيدة؟ شهيدة إذاً يصلى عليها وبهذا تختلف عن شهيد المعركة الذي لا يصلى عليها، فهي شهيدة في الآخرة لا في أحكام الدنيا "ماتت في نفاسها" يعني بعد الولادة "فقام في وسطها" وهذه هي السنة في موقف الإمام من المرأة إذا ماتت أنه يقف وسطها ليكون ساتراً للوسط الذي فيه العورة عن اطلاع الرجال المصلين عليه، إذ لن يعدم أن يوجد من في قلبه شيء من المرض، أقول: لا يعدم، وجد في مثل هذه المناسبات أشياء كثيرة، وقع محظورات في هذه المواطن، والقلوب متفاوتة منها القلب الميت الذي يشرأب لمثل هذه الأمور، ومنها ما هو أفضل من ذلك كما هو الأصل "فقام في وسطها" فدل على أن موقف الإمام من الميت إن كان امرأة فهو في وسطها، وإن كان رجلاً فعند مقابل رأسه. الطالب:. . . . . . . . . شهيدة، لكن شهيدة آخرة، يعني تختلف في أحكام الدنيا ليست بشهيدة، هي شهيدة في أحكام الدنيا لأن الشهداء يتفاوتون، شهيد دنيا وآخرة، شهيد دنيا فقط، شهيد آخرة فقط، شهيد الدنيا والآخرة من مات في الجهاد مقبل غير مدبر ولا غال، المقصود أنه مات في الجهاد مخلصاً في ذلك، هذا شهيد الدنيا والآخرة، تثبت له أحكام الدنيا. الطالب:. . . . . . . . . جاء النهي عن الإطلاق؛ لأن هذا من باب الشهادة، إنما يعلق بالمشيئة أو يرجى له ذلك، المقصود أن هذا شهيد، نعم، بغض النظر عن فلان بعينه، ولو مات على هذه الصفة ما نجزم بأنه شهيد، وإنما ترجى له الشهادة، جاء النهي عن هذا، وشهيد دنيا فقط، يعني لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه مات في المعركة لكن غال أو ليقال أو ما أشبه ذلك، هذا ليس له من الأجر شيء في الآخرة، وشهيد الآخرة فقط دون الدنيا مثل المبطون والحريق والغريق والنفساء وما أشبه ذلك. الطالب:. . . . . . . . .

هو إذا كان الشخص حديث عهد بالنساء لا شك أنه يبقى في قلبه شيء من التعلق بهن، حديث عهد بمقارفة النساء يبقى في نفسه شيء، أما بعيد العهد يكون نسي ما يتعلق بالنساء، نعم، لكن إذا كان من محارمها من ولدها، أبوها مثلاً، أو أخوها فهو أولى بها، تلك قضية عين عليها بعض الإشكال، نعم. عن أبي موسى عبد الله بن قيس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. قال المصنف: الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي موسى عبد الله بن قيس -الأشعري- رضي الله تعالى عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برئ" تبرأ في حكم قوله: ((ليس منا)) تبرأ من الصالقة والحالقة والشاقة، الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والأصل فيه السين وأبدلت صاداً أصلها سالقة، سلقوكم، نعم، فهذه الصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة برئ النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبرئ من الحالقة التي تحلق شعرها بسبب المصيبة، وبرئ من الشاقة التي تشق ثوبها، والأصل هذا أن يكون في النساء لجزعهن وعدم صبرهن، لكن إذا وجد في الرجال فالحكم واحد، إذا وجد في الرجال من يرفع صوته أو يحلق شعره، أو يلطم خده وصدره، أو يشق ثوبه الحكم واحد، وفي هذا وعيد شديد على من فعل هذه الأفعال وجزع ولم يصبر على ما قدر الله فهو متوعد بالبراءة منه، وإن استحل ذلك فأمره أشد وأخطر، نعم. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما اشتكى النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر بعض نسائه كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها: مارية، وكانت أم سلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، فرفع رأسه -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما اشتكى النبي -عليه الصلاة والسلام-" مرض في مرض موته الأخير "ذكر بعض نسائه" وجاء التصريح بأم سلمة وأم حبيبة، وهن ممن هاجر إلى الحبشة "ذكر بعض نسائه كنيسة رأتها" في بعض الروايات: رأتاها، يعني أم سلمة وأم حبيبة "بأرض الحبشة" التي هاجرن إليها، "يقال لها" يقال للكنيسة: "مارية" وكانت أم سلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة "فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها" الكنائس يعتنى فيها من الناحية الجمالية والرسوم الفنية؛ لأن هذا حضهم منها، ينشغلون بها عن لب العبادة، وهذا من شؤم المخالفة، إذا وقع الإنسان في مخالفة وعوقب بما يسلبه أحوج ما يحتاج إليه، يعني هذا منع من زخرفة المساجد؛ لئلا يكون سبباً في إذهاب الخشوع للمصلي، وهؤلاء هذا حضهم من هذه العبادة، هذه التصاوير الحسنة والجميلة، وزادوا على ذلك سوء فصوروا مريم والمسيح، صوروا، فيها تصاوير لهم، المقصود أن هذه محرمات لا يجوز التصاوير في أماكن العبادة.

"فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال: ((أولئكِ إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوروا فيه تلك الصور)) " ظلمات بعضها فوق بعض، صور وتماثيل في مكان العبادة، وأيضاً قبر في المسجد فأنى يقبل لهؤلاء، إضافة إلى أنهم حرفوا وبدلوا وكفروا، فالمقصود أن مثل هؤلاء صنعوا ما صنعوا وقلدهم من قلدهم من المسلمين، وجعلوا القبور في المساجد، وزخرفوا المساجد، فهؤلاء فيهم شبه من شرار الخلق عند الله تعالى ((أولئكِ إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً)) قد يكون الدافع في أول الأمر تذكر صاحب القبر؛ ليكون معيناً لهم على النشاط في العبادة، فإذا تذكروا هذا العبد الصالح نشطوا، ثم بعد ذلك يخلف الخلوف فيأتيهم الشيطان يقول: ما وضع هذا القبر في هذا المسجد إلا لتطلب منه الحاجات؛ لأنه رجل صالح، أو ليصلى عنده، وتحصل البركة بجواره، وقد وقع هذا في هذه الأمة في كثير من الأقطار، وتتابع الناس عليه في الشرق والغرب إلى أن قيض الله لها في العصور المتأخرة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-، فانبرأ لهذه القضية، وأخرج القبور ما استطاع منه أن يخرج القبور من المساجد، هدمت المساجد والأبنية على القبور بسبب دعوته، ورجوع الناس إلى الحق، وفي الحديث الذي يليه حديث عائشة، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً. يقول: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي لم يقم منه" في مرضه الذي مات فيه: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، أولئكِ إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً)) وهنا يقول: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) لعن اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، ولعن اليهود ظاهر؛ لأن لهم أنبياء ووضعوا على قبورهم المساجد، وأما النصارى لهم نبي غير عيسى -عليه السلام-؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . .

لا خلنا على القول الصحيح، النصارى ليس لهم نبي إلا عيسى وعيسى لم يقبر، فكيف يقال: ((لعن الله اليهود والنصارى)) عيسى لم يقبر؟ إما أن يقال: أنبياء اليهود أنبياء للنصارى؛ لأن دين عيسى -عليه السلام- مكمل لما جاء به موسى -عليه السلام-، أو يقال كما في الرواية الأخرى: ((اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد)) فيكون اليهود اتخذوا قبور الأنبياء، والنصارى اتخذوا قبور الصالحين مساجد، بمعنى أنها. . . . . . . . . ويصلى عندها، وقد جاء النهي عن الصلاة إلى القبور، ((لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها)) أو ((لا تجلسوا على القبور أو تصلوا إليها)) "قالت عائشة -رضي الله عنها-: "ولولا ذلك لأبرز قبره" النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أبرز قبره، دفن في بيت عائشة، فلم يبرز قبره خشية أن يتخذ مسجداً، لو كان بارزاً لجاء من جاء وبنى عليه مسجد، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، فدفن في بيت عائشة -رضي الله عنها-، وكان بيت عائشة مستقل بعيد عن المسجد بينه وبين المسجد السور خارج المسجد، ثم بعد ذلك احتيج لزيادة المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك فأدخل في المسجد، وأنكر من أنكر ممن وجد من الصحابة والتابعين، المقصود أنه حصل الإنكار، لكن تتابع الناس على ذلك، وتداولوه الأئمة عن الأئمة ولم يحصل بعد ذلك أن أبطلت الصلاة في المسجد النبوي؛ لأنه لم يبنَ على المسجد، المسجد مبني قبل القبر، والميت ما دفن في المسجد، فالمسجد قبل القبر، والمقبور ما قبر في المسجد، ولهذا تصحح الصلاة في المسجد النبوي بخلاف ما إذا دفن ميت في المسجد، أو بني مسجد على قبر فلا بد من أن يكون الحكم للسابق منهما، إن كان الميت دفن في المسجد ينبش ويخرج، وإن كان المسجد بني على القبر يهدم، وهنا يظهر الفرق بين المساجد التي بنيت على القبور وبين مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ودعا النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: فأجاب رب العالمين دعاءه ... فأحاطه بثلاثة الجدرانِ

ثلاثة جدران لا يستطيع أحد أن يستقبله، هذا على القول بأن هذه الدعوة أجيبت كما يقول ابن القيم ويقرره جمع من أهل التحقيق، ولكن وجد من يسجد إلى القبر وظهره إلى الكعبة، مثل هذا لا شك أنه عابد، عابد للقبر، ساجد له، مثل هذا ساجد للقبر، أما كونه مسجد صبغته صبغة المسجد يرتاده الناس في كل وقت من أجل أن يصلوا إليه، ومن أجل أن .. فهذا لم يحصل، يعني إذا وجد من أفراد فإن هذا لا يعني أن الدعوة لم تجب، نعم. عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ليس منا)) " أي ليس على طريقتنا، وليس على هدينا، بل هديه مخالف لطريقتنا وسنتنا من فعل هذه الأفعال: من ضرب الخدود بسبب المصيبة، وشق الجيوب وتقدم الشاقة، النبي -عليه الصلاة والسلام- برئ منها ((ودعا بدعوى الجاهلية)) كقولهم: وسنداه، وظهراه، وسيداه، هذه دعاوى الجاهلية، يدعون بالويل والثبور بسبب هذه المصيبة التي وقعت بهم، وكل هذا يدل على أن هذه الأفعال من كبائر الذنوب نسأل الله السلامة والعافية، وإذا استحل ذلك خرج يعني ليس من ديننا إذا أستحل ذلك، نعم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان)) قيل: وما القيراطان؟ قال: ((مثل الجبلين العظيمين)) ولمسلم: ((أصغرهما مثل جبل أحد)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من شهد الجنازة حتى يصلى عليها)) " يعني حضرها، بعض الروايات: ((من تبعها)) يعني من بيت أهلها ((حتى يصلى عليها فله قيراط)) المقصود أن القيراط مرتب على الصلاة، ((ومن شهدها)) يعني من الصلاة حتى تدفن حضر الدفن وشارك ((فله قيراطان)) ((من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان)) فالمجموع؟ ثلاثة أو اثنين؟ اثنين؛ لأن القيراطين للمجموع، لما تقدم من الصلاة والدفن "قيل: وما القيراطان؟ قال: ((مثل الجبلين)) " تمثيل للعمل العظيم بالجرم العظيم الجبل مثلاً، "ولمسلم: ((أصغرهما مثل جبل أحد)) " تصور أن الإنسان يوضع في كفة حسناته مثل جبل أحد، وهذا بسبب صلاة واحدة، أو شهود جنازة واحدة، وقد فرطنا في القراريط، نعم ومن أهل الفضل من يتتبع الجنائز في مواطنها ويصلي عليها ويتبعها ويشهدها، هذا يبحث عن الأجر، ولا شك أن تتبع مثل هذه الأمور من علامات التوفيق، وفي مقابله من علامات الحرمان والخذلان أن يوجد الإنسان في مسجد يصلى فيه على جنازة ولا يصلي، وهذا يحصل كثيراً، في الحرمين يحصل كثيراً، أنا قلت لشخص: لماذا لم تصلِ على الجنازة؟ قال: أنا مصلي أمس على واحد، وشاب من الشباب قيل له: لماذا ما تصلي على الجنازة؟ قال: لأن لا يظن وجوبها، لبيان الجواز، حرمان، والله حرمان، فليحرص الإنسان على مثل هذا، وهو بأمس الحاجة إلى الحسنات التي تكون في مقابل بحار السيئات التي يتخوض فيها الناس نسأل الله السلامة والعافية. الطالب:. . . . . . . . . هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . إيش فيها؟ الطالب:. . . . . . . . . هناك داخلة في اللفظ، والله إذا لم تضيق على الأحياء فلا مانع، وإذا حصل منها ضيق فالأحياء أولى. اللهم صل وسلم على عبدك ... الطالب:. . . . . . . . . هاه؟ الطالب:. . . . . . . . . داخلة في عموم الحديث -إن شاء الله-، ومجموع الجنائز، يعني لو صلي على عشر في آن واحد عشرة قراريط، وفضل الله واسع ...

كتاب الزكاة

بسم الله الرحمن الرحيم شرح عمدة الأحكام - كتاب الزكاة (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الزكاة عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل - حين بعثه إلى اليمن: ((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الزكاة والكتاب سبق التعريف بها مراراً، أظن هنا في كتاب الطهارة، نعم كتاب الطهارة شرح هنا وإلا وين؟ إيه سبق التعريف به ولا مانع من التذكير بشيء من ذلك. فالكتاب مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابةً وكتباً، وأصل المادة يدل على الجمع، ومنه: تكتب بنو فلان اجتمعوا، وجماعة الخيل يقال لها: كتيبة، والمراد به هنا المكتوب، المراد بالمصدر اسم المفعول مثل الحمل يراد به المحمول، فالمراد هنا بالكتاب المكتوب الجامع لمسائل الزكاة، والكتاب والكتابة يقول أهل العلم: إنها من المصادر السيالة التي تحدث شيء فشيئاً، فالكتاب إنما يحدث تدريجياً باجتماع الحروف والكلمات، ولا يحدث دفعة واحدة كالقيام مثلاً، لا.

والزكاة تطلق في اللغة ويراد بها النماء والتطهير، ولذا جاء في زكاة الفطر أنها طهرة للصيام، وزكاة الأموال {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] ليش؟ لأي شيء؟ نعم؟ {تُطَهِّرُهُمْ} [(103) سورة التوبة] فالزكاة في الأصل الطهارة فهي تطهر المال وتزكيه وتنميه، وتطهر صاحب المال من الأوصاف الذميمة، تطهره من صفتي البخل والشح، كما أنها تنظف المال وتنميه، وثبت في الحديث: ((ما نقص مال من صدقة)) والملاحظ أن الذين يخرجون الزكوات، ويزيدون عليها من أنواع الصدقات أموالهم تزيد؛ لأنه قد يقول قائل: كيف تنمي المال والأمر محسوس؟ ألف ريال أخرجنا منه خمسة وعشرين ريال زكاة، صار الباقي تسع مائة وخمسة وسبعين، كيف تقول: تنمي المال؟ نقص المال؟! نقول: لا أخي ما نقص، انظر إلى العاقبة، كم من شخص تصدق بشطر ماله، بثلث ماله، أضعاف مضاعفة عن الزكاة، وأمواله تنمو وتزيد، والواقع يشهد بذلك، وكم من شخص شح بالزكاة المفروضة، وبخل بها، واضمحل ماله، وضاع ماله، ولم يستفد من ماله لا في دينه ولا في دنياه، بل بعضهم صار ماله وبال عليه.

الزكاة ركن من أركان الإسلام بالإجماع؛ لحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) فهي ركن من أركان الإسلام، من جحد وجوبها كفر إجماعاً، ومن اعترف بوجوبها ومنعها أخذت منه قهراً، وقوتل عليها، تأخذ منه قهراً، والصديق -رضي الله عنه وأرضاه- بالاتفاق مع الصحابة قاتلوا الذين منعوا الزكاة، وأقسم بالله ليقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فشأنها عظيم، وأما من جحد وجوبها فهو كافر بلا نزاع؛ لأن وجوبها معلوم بالضرورة من دين الإسلام، ومن منعها فلم يزك ماله مع اعترافه بوجوبها فقد أتى موبقة من الموبقات، وعظيمة من عظائم الأمور، والجمهور على أنه لا يكفر بذلك، والقول بكفره قول معروف عند أهل العلم، لكن الجمهور على خلافه، والقول بكفر تارك أحد الأركان العملية قول معروف، وهو رواية عن الإمام أحمد ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان، أقول: هذا القول قول معروف عند أهل العلم، لكن الجمهور على أنه لا يكفر إلا بجحد وجوبها، فالزكاة شأنها عظيم، والأدلة عليها متضافرة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهي قرينة الصلاة بنصوص كثيرة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الأول: عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل.

ابن عباس حبر الأمة، وترجمان القرآن، وأحد العبادلة، ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، أخباره ومناقبه شهيرة، ومعاذ بن جبل من جل الصحابة، ومن أعلمهم وأعرفهم بالحلال والحرام، قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- حين بعثه إلى اليمن معلماً وداعياً إلى دين الإسلام، وذلك سنة تسع أو عشر أو ثمان على خلاف بين أهل العلم، ومكث فيها يدعو الناس إلى الدين، ويعلمهم الأحكام إلى أن قدم بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال حينما بعثه إلى اليمن ليستعد لمن أمامه: ((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب)) ولا شك أنه بمثل هذا يستعد لمن أمامه، فكل إنسان يهتم لمن أمامه بقدر مستواه العلمي، فالذي يلقي كلمة عند عوام لا يتهم ولا يحتاط لنفسه مثل من يدرس طلاب علم، والذي يدرس المنتهين لا شك أن يهتم أكثر ممن يدرس المبتدئين، نعم، هذا شيء معروف، فالذي أمامك هو الذي يحدد اهتمامك، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له هذا الكلام: ((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب)) لكي يحتط لنفسه، فالاحتياط في مخاطبة من مثل هؤلاء الذين عندهم شيء من العلم أشد من الاحتياط ممن ليس كذلك من عبدة الأوثان الذين لا علم عندهم. ((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب)) والأصل أن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، واليمن فيه يهود، وجهة نجران وما والاها فيها نصارى في ذلك الوقت، على كل حال أهل الكتاب موجودين في جنوب الجزيرة، واليهود أيضا موجودين في المدينة وخيبر وغيرها.

((إنك ستأتي قوم أهل كتاب)) وأهل إعرابها بدل من قوم، فإذا جئتهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- يرسم منهج للدعاة، وهذا المنهج يتمثل في الاهتمام بالأهم فما دونه، الاهتمام بالأهم، يجعل الأهم هو في العناية بالدرجة الأولى، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، فإذا جئتهم فادعهم إلى الإسلام، ادعوهم إلى الإسلام والإسلام إنما يكون بالشاهدة، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، أهل الكتاب الذين نزل القرآن وهم موجودون في الأرض كمن بعث إليهم معاذ، وكمن هم في المدينة النبوية، وفي غيرها من أقطار الأرض، في ذلك الوقت هم أهل كتاب، وسموا أهل كتاب في التنزيل في القرآن مع أن عندهم شيء من الشرك، وتختلف معاملتهم عن معاملة المشركين، ولهم أحكماً تخصهم يختلفون بها عن سائر طوائف الكفر من المشركين وغيرهم، ولذا تحل ذبائحهم، وتنكح نسائهم، وطعامهم حل لنا بخلاف طوائف الكفر غير أهل الكتاب، وفيهم شرك يشركون، يقولون: إن الله ثالث ثلاثة، النصارى يقولون: المسيح ابن الله، واليهود يقولون: عزير ابن الله، على كل حال هم فيهم شرك، ولذا يقرر جمع من أهل العلم أنهم ليسوا مشركين، هم كفار إجماعاً، ومن شك في كفرهم كفر إجماعاً، هم كفار لا إشكال في هذا، لكن هل يقال: إنهم مشركون لوجود الشرك فيهم؟ أو يقال: فيهم شرك؟ يقال: فيهم شرك، كما قرر ذلك الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-، وفرق بين أن تقول: مشرك وفيه شرك، ومنافق وفيه نفاق، وجاهلي وفيه جاهلية، فرق بين هذا وهذا، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنه لا يحتاج في نساء أهل الكتاب إلى مخصص يخرجهن من قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [(221) سورة البقرة] يقول: هن ليس بمشركات إنما فيهن شرك، لا نحتاج إلى مخصص، والذين يقولون: هم من ضمن طوائف المشركين مثل غيرهم شركهم لا يقل عن شرك غيرهم، يقول: الآية خصصت بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} [(5) سورة المائدة] المقصود أن هذه المسألة هم كفار إجماعاً، كفرهم أكبر ليس بقابل للغفران، لكنهم هل يطلق عليهم الشرك، أو يقال: فيهم شرك؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، والفوائد

المترتبة على هذا، لا يعني أن كفرهم أقل من كفر غيرهم، لا هم كفار على كل حال {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(1) سورة البينة] كفروا، المقصود أنهم كفار، لكن إذا قلنا: إنهم مشركون يعاملون معاملة المشركين في سائر الأحكام، وإذا قلنا: إنهم كفار وفيهم شرك يستثنون في بعض المسائل، وقد جاء استثناؤهم في بعض نصوص الكتاب والسنة.

((فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)) هذا الذي يدخل به في الإسلام ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فبهذا الكلمة يدخل الإسلام، لا بد أن يوحد الله، وأن يفرد الله بالعبادة ((إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله)) وهذا قد يقول القائل منهم: إنهم يعترفون بأنه لا إله إلا الله، ويعترفون بالله -جل وعلا-، وأنه هو الخالق الرازق، وإن صرفوا لخلقه شيء من أنواع العبادة، يعني كما يقع من بعض المسلمين، بعض من ينتسب إلى الإسلام تجده يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله ويطوف على قبر، وقد يذبح لغير الله، وقد يزاول الشرك الأكبر، وهو يدعي، ومع ذلك قد يقول: إننا نقول: أشهد أن لا إله إلا الله، لكن لا بد مع ذلك أن يشهدوا أن محمداً رسول الله، وهذا الذي لا يدعونه، اليهود والنصارى لا يدعون ذلك، يعني قد يدعون أنهم يشهدوا أن لا إله إلا الله، باعتبار أنهم أهل كتاب، وأنهم تبع لنبي ولرسول من الرسل، لكن لا يمكن أن يدعوا أنهم يشهدون أن محمداً رسول الله، فلا بد من هذا، ولذا يقرر أهل العلم أن من كفر بشيء لا يسلم ولا يدخل في الإسلام، ولا يحكم بإسلامه حتى يعترف وينص على ما كفر به، يعني لو وجد مثلاً شخص يؤمن بالله وبملائكته وكتبه ورسوله ولا يؤمن باليوم الأخر نقول: لا يدخل في الإيمان، ولا يصح منه الإيمان حتى يعترف ويقر ويؤمن باليوم الأخر، وقل مثل هذا في بقية الأركان، حكم بكفره لأنه جحد وجوب الزكاة، لا يقبل منه الدخول في الإسلام حتى يتعرف بما جحد، ومثل هذا جميع شرائع الدين التي يفكر جاحدها مما عُلم من الدين بالضرورة، فلا بد من التنصيص على ما كان ينكره قدم الدعوة إلى الشهادة لأنها هي المفتاح، يعني الذي ليس معه مفتاح يرجع بدون دخول ما دخل لو عمل ما عمل، لو اعترف وامتنع أن يقول: لا إله ألا الله وأن محمداً رسول الله، وصلى وصام صار صوام قوام يصوم الدهر ويقوم الليل ما ينفعه هذا؛ لأن القبول الأعمال مترتب على الإيمان، فالإيمان بالله -جل وعلا- شرط لقبول جميع الأعمال، فهذه هي المفتاح، ثم بعد ذلك إذا فتح الباب ودخل قيل له: قف بعد هذا أركان،

فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم، نعم مراتب، إذا تجاوزوا المرتبة الأولى بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، نعم، ينتقلون إلى المرحلة الثانية فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.

((فإن هم أطاعوا لك بذلك)) أقروا واعترفوا وشهدوا واعتقدوا حينئذٍ العمل المترتب صحته عليها بالدرجة الثانية الصلاة ((فإن هم أطاعوا لك بذلك)) مفهومه أنهم إذا لم يطيعوا لك بذلك، مفهوم هذا الكلام أنهم إذا لم يطيعوا لك بذلك فلا تخبرهم، إذا لم يطيعوا لك بذلك فلا تخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات، ترى المسألة دقيقة يا الإخوان انتبهوا، منطوق واضح أنهم إذا اعترفوا وشهدوا وأقروا وأذعنوا بالشهادتين انتقل إلى الركن الثاني، إذا لم يفعلوا ذلك المفهوم من اللفظ فإنهم أطاعوا لك بذلك إن لم يطيعوا لك بذلك فأخبرهم الأصل، نقول: فلا تخبرهم؟ إن لم يطيعوا لك فلا تخبرهم؟ أو أخبرهم أن الله لم يفترض عليهم؟ أو ما في فرق بين الجملتين؟ في فرق بين المفهومين؟ هل المسألة مسألة مجرد إخبار، أو عمل بالمخبر به؟ فالمرحلة الثانية هي مجرد إخبار بوجوب الصلاة وافتراضها عليهم، وعلى هذا إذا لم يعترف بالشهادتين هل هو مطالب بالصلاة أو غير مطالب؟ لأن مفهوم الجملة الثانية منطوقها واضح، لكن مفهومها، هل مفهوم الجملة الثانية أنهم إذا لم يطيعوا لك بذلك فلا تخبرهم أن الله افترض عليهم وأن كان الله قد افترض عليهم، أو المفهوم الثاني والاحتمال الثاني أنهم إذا لم يطيعوا لك بذلك فإن الله لم يفترض عليهم خمس صلوات؟ لم يفرض عليهم خمس صلوات، لماذا؟ لأنهم لم يطيعوا لك بالشهادة في كل يوم وليلة، فرق بين المفهومين وإلا ما في فرق؟ الفرق بينهما أنه إذا كان الامتناع عن مجرد الإخبار عن الافتراض فهذا عمدة من يقول: بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، المفهوم الثاني أنهم إذا لم يشهدوا إن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله فأخبرهم أو لا تخبرهم، هذا سيان عاد يبقى فأخبرهم أو لا تخبرهم، هذا سيان عاد يبقى أن الله لم يفترض عليهم لم يفرض عليهم خمس صلوات، وهذا فهم من لا يرى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ما الراجح من الاحتمالين؟ الاحتمال الأول أنهم إذا لم يطيعوا لك بذلك ولم يشهدوا ولم يعترفوا ولم يعتقدوا لا تخبرهم، وإن كان الله قد فرض عليهم خمس صلوات، لكن لا تخبرهم، ما في فائدة من أخبارهم، نعم؟ لا تخبرهم، أو نقول: الله -جل وعلا- لم يفرض عليهم؛

لأن هذه أمور رتب بعضها على بعض؛ لأنك لو أخبرتهم أن الله فرض عليهم، أو عرفوا هم أن الله -جل وعلا- فرض عليهم هم لم يسلموا، ما الفائدة من علمهم بذلك؟ وما الفائدة من تكليفهم بفروع الشرعية؟ وشرط قبول العمل غير متحقق وهو الإيمان، يعني مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشريعة مسألة معروفة عند أهل العلم، والجمهور على أنهم مخاطبون خلافاً للحنفية، أو مخاطبون بالنواهي دون الأوامر كما يقول بعضهم، أنتم معي يا الإخوان وإلا ما أنتم معي؟ الجمهور يستدلون بمثل قوله -جعل وعلا- عن الكفار {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [(42 - 44) سورة المدثر] إلى آخر ذكروا فروع، الذي أدخلهم النار فروع والذين يقولون بأنهم غير مخاطبين يقول: الشرط غير موجود، كيف تتطلب شيء وشرطه غير موجود؟ وهنا رتبت مطالبتهم بالصلاة على دخولهم في الإسلام، ومفهوم هذا أنهم إذا لم يدخلوا في الإسلام لا يطالبون بالصلاة، والجمهور يقولون: نعم لا يطالبون بالصلاة حال كفرهم، ولا يؤمرون بقضائها إذا اسلموا، إذاً ما الفائدة من تكليفهم بالفروع؟ ما معنى تكليفهم بالفروع؟ الجمهور يقولون: إن الفائدة الزيادة في عذابهم على مجرد ترك الإيمان، فهم يعذبون على ترك الإيمان، وترك الصلاة، وعلى ترك الزكاة، وعلى ترك الحج، وعلى ترك سائر فرائض الدين، وعلى ارتكاب ما حرم الله -جل وعلا- لأنهم مخاطبون، لكن عرفنا مأخذ القولين من الحديث؟ نعم؟ عرفنا مأخذ القولين من الحديث؟ يعني رأي الجمهور بالمثال التقريبي نعم؟ بالمثال التقريبي شخص مريض، يعني كشف عليه، كشف عليه الأطباء، وأجرون التحليلات اللازمة والفحوصات الكاملة فتبين فيه عدة أمراض، فيه عدة أمراض، هذا المريض فيه سلطان بالكبد، وفيه قرحة في المعدة، وفيه جرح في القولون، وفيه التهاب بالحلق، وفيه جرح يسير في أصبعه وإلا في رجله وإلا، يعني إذا عالجت الجرح الذي في رجله مثلاً، أو حاولت تصرف له علاجات لعلاج المعدة مثلاً، والآن عنده سرطان في الكبد، يعني الأطباء يقولون: أهم شيء نعالج هذا ها الحين، إذا شفي هذا عالجنا .. ، لأن هذا أمور يرتب بعضها على بعض؛ لأنه إذا

استمر السرطان في الكبد ما تعالج، لا سيما إذا كان الذي ترتب عليه أذى له، مثال تقريبي، لكن الآن عندنا أمور يشترط بعضها شرط لبعض، كيف نطالب شخص بالصلاة وهو ما أسلم؟ نقول: يا الإخوان ليس القصد من هذا أنه يطالب بها قبل أن يسلم، وكونه لا يقبل منه إذا فعله حال كفره ولا يطالب به بعد إسلامه بقضائه لا يعني أنه يعذب عليه يوم القيامة كما يعذب على ترك الإيمان، ولو قلنا بأنه لا يخاطب بها لأنه لم يأت بشرطها لزم على هذا إيش؟ أنت وأنت ماشي إلى المسجد، وفي طريقك الصلاة مقامة تسمع الله أكبر، الله أكبر، أقيمت الصلاة، وفي طريقك ناس، أنت تقول لهم: صلوا وألا تقول: توضئوا؟ أو تسأل كل واحد منهم: أنت متوضئ لو قال لك: إيه قلت: صل؟ إن قال لك: لا توضأ قبل، نعم؟ الصلاة، والوضوء شرط لها، إذاً هم مطالبون بالصلاة وإن لم يتحقق شرطها، كما أن من وقف في طريق الناس وقت الصلاة يطالب بالصلاة وإن لم يتوضأ، يتوضأ من لازمها أن يتوضأ بجميع لوازمها، وإلا يلزم عليه أنه إذا عرفنا أنه قال: أشهد أن لا إله إلا الله مقتضى الحديث نسمعه يتشهد، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وعنده أموال نسأله أنت تصلي وإلا لا؟ إن قال: نعم أصلي قلنا: يا الله هات الزكاة وإلا تركناه، لا سيما عند من يقول بعدم كفر تارك الصلاة، هل يرتب قبول الزكاة على قبول الصلاة؟ لأن السياق واحد ((فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم)) يعني إن أطاعوا لك بالشهادة أخبرهم بالصلاة، أطاعوا لك بالصلاة أخبرهم بالزكاة، كل واحد مرتب على الثاني، لكن هل يقول لا سيما الذي لا يقول بكفر تارك الصلاة هل يرتب عليها الزكاة؟ لا يطالب بالزكاة، وعلى كل حال مخاطبة الكفار بفروع الشريعة هو قول جمهور أهل العلم، وعرفنا أن الفائدة من ذلك الزيادة في عذابهم يوم القيامة، وإن كانوا لا يطالبون بها أثناء كفرهم، ولا يؤمرون بقضائها إذا أسلموا.

((فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة)) فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وشأنها في الدين عظيم عند أهل التحقيق، يكفروا بمجرد تركها، والصحابة كانوا لا يرون شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) المقصود أن الصلاة شأنها عظيم، افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، وجاء في حديث هل علي غيرها؟ قال: ((لا إلا أن تطوع)) ويستدل به من يرى أنه لا يجب شيء من الصلوات غير الخمس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال للأعرابي لما قال له: هل علي غيرها؟ قال: ((لا إلا أن تطوع)) ثم قال: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، فيستدل بهذا من يرى عدم وجوب أي صلاة من الصلوات، فالوتر ليس بواجب بدليل هذا الحديث، صلاة العيد ليست بواجبة بدليل هذا الحديث، صلاة الجنازة ليست بواجبة بدليل هذا الحديث إلى آخره، صلاة الكسوف مع الأمر بها ليست بواجبة بدليل هذا الحديث، وغير ذلك من الصلوات، والذين يجيبون عن هذه الصلوات يجيبون عن ذلك بأجوبة منها: أنها المقصود في اليوم والليلة، ولا يمنع أن يوجد صلوات في غير اليوم والليلة، فالعيد في السنة مرتين، الكسوف عند وجود سببه وهكذا، وصلاة الوتر يعني زيدت بعد هذا الحديث، ولا يمنع من الزيادة، المقصود أن هذه مسائل مختلف فيها بين أهل العلم، هل يجب غير الخمس أو لا يجب غير الخمس؟ كما هو معروف في محله. ((خمس صلوات في كل يوم وليلة)) وأصل المشروعية لخمسين، ثم ما زال النبي -عليه الصلاة والسلام- يفاوض الله -جل وعلا- حتى كتبهن خمس، والأجر أجر خمسين كما هو معروف في حديث الإسراء. ((فإن هم أطاعوا لك بذلك)) يعني شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، واعترفوا بوجوب الصلوات، وأدوا هذه الصلوات.

((فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)) وهي الزكاة، فدل على أنه يطلق على الزكاة صدقة، دل على أنه تطلق الصدقة ويراد بها الزكاة المفروضة خلافاً لمن فرق بين الزكاة والصدقة، فحمل الصدقة على المندوبة، والزكاة على المفروضة، هنا قال: صدقة، وسيمت الزكاة صدقة؛ لأنها تبرهن على صدق دافعها، على صدق إيمانه؛ لأنها تبرهن على صدق إيمانه، إنسان مستعد يشهد ويتكلم بلسانه، يعطيكم ما تبغون، ومستعد يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة بعض الناس، لكن ليس بمستعد أن يخرج فلساً، فإذا عمل ببدنه وأنفق من ماله دل على صدقه، وهذا من عظمة هذا الدين، ومن رحمة الله -جل وعلا- بهذه الأمة أن جعل العبادات متنوعة، بدنية ومالية ومشتركة، ومثل ما قلنا: إن بعض الناس عنده استعداد يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، لكن ما عنده استعداد أن ينفق شيء، فجاءت الزكاة لتبرهن على أن هذا بالفعل يتعبد لله -جل وعلا- على مراده، وهواه تبعاً لما جاء عن الله وعن رسوله أو يتبع هواء نفسه؟

وبعض الناس مستعد ينفق الأموال الطائلة ولا يصلي ركعتين، وبعضهم مستعد يصلي معك ما شئت من الركعات، وينفق ما شئت من الأموال، لكن ما يمتنع عن الأكل والشرب، فتنوعت هذه العبادات لتكون برهاناً على صدق إيمان هذا العبد، وأنه تبعاً لما جاء عن الله وعن رسوله، قال له: صل يصلي، اخرج من مالك يخرج من ماله، كف عن الأكل والشرب يكف عن الأكل والشرب، هذا المؤمن الصحيح اقطع الأميال والأكيال من أجل أداء فريضة الحج ويحج، فإذا جاء بالأركان دل على أنه صادق الدين، صادق في ديانته. ((فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم بأن الله قد فرض عليهم صدقة)) وهذه هي الزكاة المفروضة، ثالث أركان الدين ((تأخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم)) هي إنما شرعت الزكاة لدفع حاجة المحتاج، ولسعادة المجتمع، والكل سعيد، الغني سعيد بإنفاقه وجوده، والفقير سعيد بما يأخذه بما يسد به حاجته والكل سعيد بهذه الشعيرة، بعض الناس بعض الأغنياء الذين شرح الله صدورهم للإنفاق في سبيله يعيشون لذة في الإنفاق لا يتصورها أحد، يعني بعض الناس تجد أموره ليست يعني ميسورة، وتجده حينما يكرم الضيف يطرب مبسوط وقد تكون ضيافته بالقرض أو بالدين، فكيف بمن أيسر الله عليه، وشرح الله صدره للدين! سعادة لا يدركها إلا من زاولها، وبعض الناس ممن لم يشرح الله صدره للإنفاق في سبيله تجده يتبرم ويتذرع حتى قال قائلهم: إنما هي جزية أو أخت الجزية، نسأل الله السلامة والعافية، ومع ذلك تجده في أبواب أخرى ينفق ويصرف من دون قيد ولا شرط، ينفقون الأموال ذاهبة ذاهبة ما تبقى، وبعض الناس يبتلى، إما يبتلى بأولاد سفهاء يفرقون أمواله وهو ينظر، أو يبتلى بزوجة لا ينتهي مطالبها، ويبخل بالواجب، ومع ذلك تنتهي أمواله تذوب بين يديه كذوبان الثلج، ولا يستطيع أن يقدم لا يؤخر، والحياة كلها دروس وعبر، دروس وعبر، شخص معروف من الأثرياء الكبار، الكبار يعني قد ضيق على نفسه وعلى من ولاه الله أمرهم، ضيق لا يكاد يتصوره عاقل، من الأثرياء الكبار تجده في الشوارع يلقط، هذا قشر، وهذا ما أدري إيش؟ من أجل أن يطعم دوابه، ويمشي حافياً أحياناً وأحياناً مشكلة أو مقطعة، ولا يركب ولا يؤكل شيئاً من الطعام إلا بقدر ما

يقيم صلبه، وعنده مئات الملايين، وجزاء وفاقاً لما توفي استلم الورثة المال، وخلال سنة سنتين وهو منتهي، أبد، عبر، المسألة عبر، والأمثلة على هذا كثيرة، والواقع يشهد بهذا، فالعاقل يحرص على مصلحته، وليس لابن آدم من ماله إلا ما قدمه، هذا ماله، وما أخره هو مال وارثه، ومن القصص الواقعية أن اثنين من الشباب جمعتهم إشارة، واحد على مرسيدس جديد ذاك الوقت يمكن سعره مائتين ألف، والثاني على سيارة ديهاتسن مديل قديم، ما تسوى ألف، هذا الذي على السيارة الرديئة أبوه بجنبه من الأغنياء الكبار الوالد، والثاني كذلك أبوه غني لكن توفي، التفت صاحب الدهاتسن قال: ما شاء الله ويش السيارة؟ قال: والله مات، مات أبو العيلة والشايب يسمع قال: ويش يقول؟ قال: هذا اللي سمعت، دروس وعبر بمسمع منه، فتغيرت حياته هذا الثري تغيرت حياته تغير جذري، نفذ في حياته مساجد كثيرة، وصرف لأسر كثيرة من الفقراء والأرامل والأيتام في حياته، وأيسر على أولاده، تغيرت حياته بهذه الكلمة، لكن أين هذا الرجل وأمثال هذا الرجل من نصوص الكتاب والسنة؟ لكن إذا أراد الله بعبده خير يسر له مثل هذه المواقف وإلا موقف ما ينسى هذا، يعني تصورتم الموقف يا الإخوان؟ يعني موقف ما ينسى هذا، والله المستعان، فعلى الإنسان أن يحرص على ما ينفعه، ويبذل لخدمة دينه ما دام في زمن المهلة. ((تأخذ من أغنياهم فترد على فقرائهم)) والغني الذي تجب عليه الزكاة، وهو من ملك نصاباً حال عليه الحول تجب عليه الزكاة، تؤخذ من الأغنياء فترد على الفقراء، فيها مساواة، وفيها عدل، وفيها رحمة، وفيها سعادة، لا شك أن مثل هذا يبعث على التواصل والمودة والشفقة من الغني للفقير، والتقدير والاحترام من الفقير للغني وهكذا، فيعيش المجتمع الإسلامي في ألفة ومودة وتراحم وتعاطف.

((تؤخذ من أغنيائهم)) ويستدل بهذا من يقول: إن من يملك النصاب لا يجوز له أخذ الزكاة، ومنهم من يقول: من يملك نصاب يزكي هذا النصاب، ويأخذ بقية حاجته وما يكفيه، متصور وإلا ما هو متصور؟ نعم، الآن تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم؛ لأنه جعل الناس فريقين، فريق دافع، وفريق آخذ، فهل يتصور أن يكون الشخص الواحد دافعاً أخذاً في آن واحد؛ لأنه جعلهم فريقين، تؤخذ من الأغنياء وتعطى الأغنياء وإلا الفقراء؟ تعطى الفقراء، طيب الذي يأخذ منه غني وإلا فقير؟ نعم؟ غني، والذي يأخذ فقير وإلا غني؟ طيب كم نصاب الفضة؟ ((ليس فيما دون خمسة أواق صدقة)) يعني مائتا درهم، يعني بالريال العربي السعودي الفضة ستة وخمسين ريال، يعني افترض أن الريال العربي الفضة يسوى اثنى عشر ريال من الورق، يعني ستمائة ريال نصاب، الذي يملك ستمائة ريال يزكي، يدفع خمسة عشر ريال زكاة، لكن هل تكفيه ستمائة ريال؟ ما تكفيه نعم ما تكفيه ستمائة ولا في السنة يمكن ولا ستة آلاف، فعطي زكاة هذا الستمائة، ويأخذ بقية كفايته، فيكون غني وإلا فقير هذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، لكن الذي يستدل بظاهر الحديث يقول: الناس إما غني دافع، وإما فقير آخذ ما في ثالث، ولذا لا يجوز لمن تجب عليه الزكاة أن يأخذ زكاة، نعم، ومنهم من يقول: ما في ما يمنع، هذا عليه زكاة، ومطالب بها، وعليه نفقات، وعليه أمور مطالب بتكميلها، فيدفع زكاة هذه الستمائة، ويأخذ ما يكفيه، نعم؟

على كل حال المسألة تقديرية ينظر كم النصاب في وقته، ويبقى أن النصاب بين الذهب والفضة متفاوت، يعني قد يكون نصاب الذهب عشرين مثقال إحدى عشر جنيه، وثلاثة أسباع الجنيه، والجنيه بكم؟ الغالب أربعمائة ريال أو أقل؟ قل: أربعمائة ريال، إذاً النصاب أربعمائة في إحدى عشر، يعني إذاً في حدود خمسة آلاف على الذهب، والنصاب من الفضة ما سمعتم، وهل الأصل الذهب أو الفضة؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، على كل حال المسألة مفترضة في شخص عنده أسرة كبيرة، وتحتاج في السنة مثلاً إلى ثلاثين ألف، أقل شيء في الشهر خمسين ألف، وهذا يملك خمسة آلاف أو عشرة آلاف، نقول: عليك زكاة العشرة الآلاف مأتيين وخمسين ريال، وخذ ما يكفيك من الزكاة أو نقول: لا، لا، لا تأخذ حتى تتصف بوصف الفقر الذي لا تدفع معه الزكاة؟ أنت انفق ها إلي عندك ولما ينقطع أطلب زكاة، المسألة واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ نعم؟ على القول بظاهر الحديث أنه لا يجمع بين وصفين، غني وفقير الدافع للزكاة غني، والآخذ فقير، فكيف يكون فقير يأخذ الزكاة وهو غني تجب عليه الزكاة؟ فمعنى هذا أنه لا يجوز له أن يأخذ ما دام عنده ما يسمى به غنياً، ما دام عنده نصاب ما يجوز يأخذه، لا يجوز له أن يأخذ من الزكاة، ومنهم من يقول: إذا كانت الزكاة هذا المال الذي عنده ما يكفيه يوم أو يومين أو ثلاثة أو عشرة، وله أن يأخذ نفقة سنة من الزكاة، يدفع زكاة ما عنده ويأخذ، ومفهوم الحديث فيمن يتصف بغنى لا يحتاج معه إلى غيره، والفقير من لا يجد شيئاً بخلاف المسكين من يجد بعض كفايته، وهذا الدافع الآخذ داخل في حيز أو في حد المسكين، الدافع الآخذ في حد المسكين. ((تأخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)) تأخذ من أغنيائهم الضمير يعود على من؟ أهل البلد وفقرائهم، وبهذا يستدل من لا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى أخر، إنما تأخذ من أغنياء البلد فترد في فقراء البلد، وعلى هذا لا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى آخر، والذين يقولون بجواز نقلها تأخذ من أغنيائهم يعني أغنياء المسلمين فترد في فقراء المسلمين عموماً في أي بلد كانوا، نعم؟

إذا وجد حاجة لنقلها لا بأس -إن شاء الله تعالى-، إذا وجد قريب محتاج مثلاً في بلد آخر حاجته ظاهرة، فالصدقة على القرابة صدقة وصلة، إذا وجد من هو أشد حاجة في بلد أخر تنقل إلى هذا البلد لمسيس الحاجة. ((فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم)) احذر ((فإياك وكرائم أموالهم)) هذا تحذير من أخذ الكرائم، وهي نفائس الأموال، أفضل ما في المال، لا، الزكاة شرعت مواساة، والشرع الحكيم لا يراعي طرف على حساب الطرف الآخر أبداً، شرعها مواساة للفقراء، لكن ليس المقصود منها الإضرار بالأغنياء، إنما هي مواساة بلا شك، فإذا شرعت لهذا فالشرع لا يلاحظ طرف على حساب الطرف الآخر، فالفقير الآخذ له حق، والدافع أيضاً له حق، فمراعاة الطرفين من مميزات هذه الشريعة المطهرة. ((فإياك وكرائم أموالهم)) الأموال النفائس المحببة لهم إلى قلوبهم، تأتي إلى أفضل ما عند هذا الغني من الأغنام فتشيله، من الإبل تشيله، من الأموال وتترك له الأوساط والرذيلة، لا، لا، خذ من المتوسط؛ لأن ديننا دين اعتدال ((فإياك وكرام أموالهم)) ثم بين السبب، وأشار إلى أن أخذ كرائم الأموال ظلم من الساعي للمتصدق، ظلم للمتصدق من قبل الساعي.

((واتق دعوة المظلوم)) لأنك إذا أخذت كرائم الأموال ظلمت الغني، وإذا أخذت أراذل الأموال ظلمت الفقير، فأنت ظالم في الحالين ((فاتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) نسأل الله العافية، فالذي يأخذ الكرائم ظالم لصاحب المال، والذي يأخذ الأردأ والأرذل ظالم للفقراء، وهو معرض نفسه لقبول الدعوة عليه، فعلى هذا يجب على الساعي أن يتحرى أوساط المال، فلا يظلم المتصدق، ولا يظلم الفقير، وبهذا يتقي دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب؛ لأنها مقبولة، ليس لها صارف يصرفها، ولا مانع يمنعها، أحياناً تأتي جملة لها ارتباط وثيق بالجملة التي بعدها، ومثال ذلك ما عندنا؛ لأنه قد يقول قائل: الجمل متعاطفة، يعني لا ارتباط لبعضها ببعض، لا، فيه إشارة إلى أن من تعدى ما ذكر فهو ظالم، ومستحق لإجابة الدعوة عليه {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(25) سورة الحج] هذا البيت يستوي فيه العاكف المقيم فيه والبادي الأعرابي الذي يأتي يؤدي فريضة ويرجع، في فرق بينهم؟ نقول: والله هذا من عمار المسجد الحرام، قم يا أيها الأعرابي أنت ماجيت إلا هذا الفرض صل بأي مكان، هذا جالس بالحرم ليل نهار أحق منك بهذا المكان، ممكن؟ لا هذا المكان يستوي فيه العاكف والبادي، الطارئ الذي يريد يصلي فرض واحد ويمشي، ما في فرق، يعني لو تقدم إلى المكان الذي خلف الإمام هو أحق به، من هذا الذي سكان فيه، أربعة وعشرين ساعة، ويصلي فيه السنوات الطوال {الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء} هم فيه سواسية {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(25) سورة الحج] وهذا له ارتباط بالجملة التي قبله، مثل الارتباط الذي عندنا، فدل على أن الذي يعتدي على من يتقدمه إلى أي مكان يقول: أنا أحق به، أنا مقيم في الحرم، نقول: لا يا أخي، هذا ظلم، هذا إلحاد في الحرم، ولذا فحجز الأماكن في المسجد الحرام لا يجوز، حجز الأماكن لا يجوز، وداخل في هذا التحذير، وفي هذا التشديد، إلحاد في الحرم، ليس معنى أن كل إلحاد خروج من الدين، لا،

الإلحاد الميل عن الطريق السوي، وهذا حاد عن الطريق السوي، لكن رتب عليه عقوبة عظيمة أنه مجرد الهم بالإلحاد يرتب عليه هذه العقوبة، نذقه من عذاب أليم، فدل على أن الجملتين بينهما ارتباط وثيق، كما أن الجملتين في الحديث بينهما هذا الارتباط، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أمره أخف، يبقى أن مجرد الهم بالإلحاد الهم بهذا الإلحاد نذقه من عذاب أليم، أما الأماكن الأخرى فالعقوبة مرتبة على الفعل، لا مجرد الهم، ومع الأسف أنه يوجد ناس في ظنهم وعلى حد زعمهم أنه يبحثون عن الأجور والمضاعفات في هذا المكان الشريف العظيم المكرم المعظم، والصلاة بمائة ألف صلاة، ثم بعد ذلك يرتكب من الأمور المحظورات ما يتمنى أنه جالس في بلده، وهناك أجراء يحجزون للناس الأماكن، ويتحصل بسببها الخلاف والشقاق والنزاع، ومن أراد أن يعرف حقيقة هذا الأمر ينزل إلى الصحن في العشر الأواخر، وأحياناً تصل إلى حد المضاربة، وقبيل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان حصل ما حصل، وتواعدوا بعد الصلاة بعرفة؛ ليخرجوا من الحرم يكملون، يا أخي الأمر يعني إذا ما أدركنا حقيقة العبادة، يعني ما استشعرنا نفس العبادة، بيتضاربون بعرفة، بيطلعون من الحرم، يعني المضاربة بالحرم حرام وبعرفة حلال، صحيح هي أسهل، خارج الحرم أسهل، لكن يبقى هل مثل هؤلاء استشعروا حقيقة العبادة، والله -جل وعلا- يقول: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(25) سورة الحج] وتحصل مثل هذه الأمور، على كل حال الإنسان ينتبه لمثل هذا، ويسعى في خلاص نفسه، وإرشاد غيره.

الحديث اقتصر على ذكر الشهادتين والصلاة والزكاة، وبقي من الأركان الصوم والحج، الصوم مفروض وإلا ما فرض؟ نعم؟ فرض في السنة الثانية، فرض الصيام في السنة الثانية، وبعث معاذ كان في السنة التاسعة أو العاشرة أو الثامنة على الخلاف الذي ذكرناه، فالصيام مفروض، ما ذكر الصيام، ولم يذكر الحج على القول بأنه فرض في السنة السادسة أو التاسعة على القول المرجح، اكتفي بالأركان الثلاثة الشهادة والصلاة والزكاة؛ لأن كلمة الإسلام هي الأصل، لا بد منها، والصلاة تتكرر في كل يوم وليلة خمس مرات، فالذي تجود نفسه بهذه العبادة رغم تكررها لن يشق عليه أن يأمر بالصيام فيصوم شهر في السنة، وأيضاً المال جبل الإنسان على محبته، جبل الإنسان على محبته، فإذا جاد بالمال المال المحض يخرج المال ويعطيه الفقير؛ فلأن يجود بمثل الحج من باب أولى، فإذا أذعن للأركان الثلاثة أذعن للبقية، نعم. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة)). يقول -رحمه الله تعالى-: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة)) نصاب، نصاب الفضة الورق ليس فيما دون خمس أواق صدقة، والأوقية أربعون درهماً، فنصاب الفضة مائتا دهم ((ولا فيما دون خمس ذود صدقة)) ليس فيما دون خمسٍ أو خمسِ ذودٍ، خمسٍ ذودٍ وإلا خمسِ ذودٍ؟ نعم؟ خمسِ ذودٍ أو خمسٍ ذودٍ بالإضافة أو بالقطع؟ نعم؟ خمسٍ؟ يعني الذود هي الخمس، يعني الخمس هي الذود، وإذا قلنا: خمسِ ذودٍ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . يطلع الذود واحد، الواحدة ذود، فالخمس من الأذواد فيها الصدقة، وإذا قلنا: خمسٍ ذود الذود هي الخمس، والخمس هي الذود، وعلى كل حال قيل بأن الذود يطلق على الواحد. ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة)) هذا دليل على أنه لا بد من اكتمال النصاب، ومثل هذا في صدقة بهيمة الأنعام فيها نصاب، وفي أيضاً ما يخرج من الأرض النصاب.

((وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) ذود من الإبل ما دونها ليس في مفهومه أن الأربعة ليس فيها زكاة، وما دون الخمس الأواق من الفضة ليس فيها زكاة، وما دون خمسة الأوسق مما يخرج من الأرض ليس فيه زكاة، والقول باشتراط النصاب قول الجمهور، القول باشتراط النصاب قول جمهور العلماء، والحنفية يعملون بالنصوص المطلقة ((فيما سقت السماء العشر)) وهو نص عام يتناول الخمس وما فوقها وما دونها، يتناول خمسة الأوسق، يتناول الأربعة الأوسق، يتناول الوسق الواحد ستون صاعاً، يتناول ما دون ذلك؛ لأن (ما) من صيغ العموم ((فيما سقت السماء العشر)) يعني في قليله وكثيره، لكن الجمهور يقولون: هذا نص عام خص بمثل هذا الحديث، فلا بد من توافر النصاب، وهذا أيضاً من ملاحظة الشرع المطهر للدافع، فالشارع الحكيم يلاحظ حال الدافع، ولا يكلف الناس في كل شيء، حتى يبلغ حد معين يتميزون به عن غيرهم فيأمرون بمثل هذا، فالمرجح هو قول الجمهور، وهو أن النصاب معتبر، أنه شرط لوجوب الزكاة، بعض الروايات عند البخاري: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)) يعني هو تصريح بما هو مجرد توضيح، والوسق ستون صاعاً، فيكون النصاب ثلاثمائة صاع، والذي غلته دون الثلاثمائة لا تجب عليه الزكاة، نعم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) وفي لفظ: ((إلا زكاة الفطر في الرقيق)). يقول -رحمه الله تعالى-: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)).

هذا يدل على أنما يتخذ للقنية ليس فيه زكاة، فالعبد الذي يستعمل للخدمة ليس فيه زكاة، الفرس الذي يستعمل للحاجة ليس فيه زكاة، وقل مثل هذا البيت الذي يسكنه الإنسان ليس فيه زكاة، السيارة التي يركبها، الأثاث الذي يستعمله، كل ما يتخذ للقنية ليس فيه زكاة ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) لأنه ليس بمال نام معد للتجارة، لكن لو كان عنده عبد يعده للتجارة، أو فرس يعده للتجارة تجب فيه الزكاة باعتباره عرض من عروض التجارة "وفي لفظ: ((إلا زكاة الفطر في الرقيق)) " زكاة الفطر في الرقيق يعني كما تجب على الزوج وعلى الوالد زكاة الفطر عن زوجته وولده كذلك عن رقيقه، فتجب فيه زكاة الفطر، وهل تجب أصالة على الصغير والمرأة والعبد ثم يتحملها الولي أو هي تجب على الولي مباشرة؟ سيأتي هذا في باب زكاة الفطر -إن شاء الله تعالى-. ذكر البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه عن الزهري أنه قال: "في المملوكين للتجارة الزكاة"؛ لأنهم عرض من عروض التجارة، وقل مثل هذا في الفرس فيزكى زكاة التجارة، وتخرج عنه صدقة الفطر، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) الجبار: الهدر الذي لا شيء فيه، والعجماء: الدابة. يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العجماء جبار)) العجماء فسرها المؤلف بأنها الدابة، وقيل لها: عجماء لأنها لا تتكلم، تشبيه لها بالأعاجم، الذين لا يتكلمون العربية، فاعتبر كلاهم بغير العربية كعدمه، فهم عجم وأعاجم، وهذا الدابة التي لا تتكلم عجماء، فاعتبر كلامهم مثل عدمه، ولذا يعرفون الكلام بأنه هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، تكون فائدته بالوضع، بالوضع العربي، وعلى هذا كلام الأعاجم لا يدخل في الكلام عند النحاة، فكأنهم لا يتكلمون ما دام ما يتكلمون بالعربية، يعني مثل أصوات الطيور، ومثل .. ، فهم أعاجم، ويدخل في هذا كلام غير بني آدم من الطيور المعلمة إذا كان كلام مركب، ويفيد بالوضع العربي، يعني باللغة العربية، ومنهم من يفسر قولهم: بالوضع، يعني بالقصد، فكل كلام مفهوم ومقصود كلام عندهم، فيدخل في هذا كلام الأعاجم، لا يدخل في هذا كلام النائم ولا كلام الطيور ولا غيره، وعلى كل حال هذا وجه تسمية الدابة عجماء؛ لأنها لا تتكلم تشبيهاً لها بالأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، وعلى هذا كلامهم وجوده مثل عدمه، وبالمناسبة الأعاجم نالوا من علم الشريعة ما نالوا، وما يعين على فهم الشريعة لهم فيه القدح المعلى، يعني مو بالمسألة تنقص للأعاجم، لا، لو كان الدين بالثريا لناله رجال من وين؟ من فارس، وأصحاب الكتب الستة ممن؟ البخاري من وين؟ مولى من بخارى، يستثنى مسلم من قشير قبيلة من العرب، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجه، كلهم من بلاد الأعاجم، نعم؟ سيبويه صاحب الكتاب في العربية إمام في العربية، إمام أهل العربية على الإطلاق أعجمي، على كل حال ليس المراد به تنقصهم، فالإنسان قيمته قيمة ما يتقن وما يحسن، افترض أنه من الذرية الطاهرة، من نسل النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا يحسن شيئاً له قيمة وإلا ما له قيمة؟ أو غير مسلم أو غير مستقيم قيمته ما يحسن، وما يقربه إلى الله -جل وعلا-، فأكثر المفسرين من الأعاجم، أكثر المؤلفين في السنة من الأعاجم، في شروحها، من الفقهاء، من المؤرخين، من الأدباء في علوم العربية، في اللسان العربي أكثرهم أعاجم، فعندما يقال مثل هذا الكلام، وبحث أصل

المسألة لا يعني أنك تنتقص أحداً بعينه، أبداً. ((العجماء جبار)) والجبار الهدر الذي لا شيء فيه، فلا ضمان في متلفها، مع عدم التفريط، جاء من حديث البراء بن عازب أنه كانت له ناقة ضارية دخلت حائطاً فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وحفظ الماشية بالليل على أهلها، نعم أنت بالنهار صاحب حائط احفظ حائطك يا أخي، والعجماء جبار، لو دخلت دابة وأكلت وخبرت ما .. ، لكن بالليل على صحاب الماشية أن يحفظ ماشيته، وليس معنى هذا أن الإنسان بالنهار يتحين الفرص والغفلات، ويرسل دوابه في أموال الناس، لا، إذا تصرفت بنفسها، وهذا يعانى منه في الخطوط، هل نقول: إن العجماء جبار اترك مواشيك في الخطوط الطويلة لتهلك الناس؟ لا، يعني إذا تصرفت بنفسها مع حرصك عليها، وحفظك لها، وبذلك جميع الأسباب في حفظها، وتفلتت من غير علمك جبار، هدر. ((والبئر جبار)) إذا لم تضعها في طريق المسلمين جاء واحد وتردى في بئرك، وهي ليست في طريق المسلمين ما عليك منه، جبار، هدر، لا تضمن شيء، البئر جبار، لكن لو جاء واحد وحفر بئر في طريق المسلمين، وغطاها بغطاء خفيف، وضع عليها لوح ابلكاش، وذر عليها شيء من الرمل، أو التراب، وجاء واحد ووطأ على هذا الأبلاكاش وانخفس به ومات، نقول: البئر جبار؟ يصير حبالة للناس كل من جاء، هذا قاصد -نسأل الله السلامة والعافية-، لا، هذا ليس بجبار، هذا يضمن. ((والمعدن جبار)) فالذي يتلف فيه وبسببه هدر ((وفي الركاز الخمس)) الركاز: ما يوجد مدفوناً في الأرض، ويتشرط جمع من أهل العلم أن يكون من دفن الجاهلية، عليه علامة من علامة الجاهلية، لا يملكه مسلم، لكن إن كان عليه ملك إسلامي فهذا فئ يدخل في بيت المال، أما إذا كان من دفن الجاهلية فهذا يملكه صاحبه وزكاته خمسه، وله أربعة الأخماس. وفي الركاز الخمس وإذا اشترى شخصاً أرضاً فعمل بها وجد فيها ركاز فهل يملكه بملكه الأرض أو يكون لمن قبله أو لمن باع للذي باع عليه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم إذا كان جاهلي فهو له، مسألة الورع مسألة معروفة عند أهل العلم، كون الإنسان يقول: أنا والله ما اشتريت إلا الأرض، هذا مسألة معروفة، وفيها قصة يذكرها أهل العلم من أن شخص اشترى أرضاً من شخص فوجد فيها فذهب إلى صاحبها، وقال: أنا اشتريت الأرض، ما اشتريت الركاز، فقال له صاحبه: أنا بعتك الأرض بما فيها، وهذان في اصطلاح الناس اليوم من أهل التغفيل هاذولا على وجوههم، مغفلين، وإلا المال يتركه أحد؟ الله المستعان، الذي اشترى الأرض يقول: أنا اشتريت الأرض فقط، وهذا ليس لي، والذي باع الأرض يقول: أنا بعت الأرض بما فيها، أنا ما لي علاقة، فاختصموا عند القاضي، عاد مثل هذه تحتاج إلى خصومة؟! الناس في زماننا يتخاصمون في مثل هذا؟ فأراد القاضي أن يصلح بينهم، فما رضوا نقسمه بينهم، كل واحد يقول: لا والله أنا ماني بلازم ما لي علاقة، أنا اشتريت الأرض، وذلك يقول: وأنا بعت الأرض، فقال لأحدهما: هل لك من ولد؟ قال: نعم، وقال للثاني: هل لك من بنت؟ قال: نعم، قال: نزوج الولد والبنت من هذا المال وينتهي الإشكال. سم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر -رضي الله عنه- على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه)). يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الخامس: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمر على الصدقة. في هذا مشروعية بعث الإمام الساعة والجباة لجباية الزكاة، ويتحرى في هذا الأنسب في الديانة والأمانة والقوة على تحمل أعباء هذه المسئولية، وعمر أهل لذلك، فبعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- على الصدقة ساعياً.

"فقيل: منع ابن جميل" وعلى هذا الساعي يبلغ ولا يلزم، يبلغ من له الأمر والنهي عمن امتنع من دفع الزكاة، وليس له أن ينفذ "منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني منعوا الزكاة رفضوا أن يؤدوا الزكاة لعمر -رضي الله عنه-، وهل عمر عاجز عن أن يأخذ منهم الزكاة بالقوة؟ ليس بعاجز -رضي الله عنه وأرضاه-، لكن الأمور إنما تؤتى من أبوابها، ومثل هذه الأمور والإلزام وترتيب الآثار على الأحكام إنما ينوء بها ولاة الأمر، فعمر -رضي الله تعالى عنه- لما امتنعوا عن دفع الزكاة أخبر بذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو المنفذ -عليه الصلاة والسلام-، هؤلاء الثلاثة ابن جميل الشراح يقولون: لا يعرف اسمه، والعباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخالد بن الوليد، ماذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ إذا كانت المسألة تنحل بالأسهل تحل بالأسهل، تحل بالكلام إذا أمكن، إن لم يمكن الكلام فبالفعل، ونزل النبي -عليه الصلاة والسلام- كل واحد من هؤلاء الثلاثة منزلته، والناس يتفاوتون ويختلفون في المعاملة، يعني شخص بذل نفسه وماله لله ولدين الله وحصل منه شيء تختلف معاملته عن شخص لا يعرف أنه يؤدي أكثر مما يجب عليه. "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما ينقم ابن جميل)) " إيش يعتب ابن جميل؟ ماذا يعتب ابن جميل؟ ليس له عذر، اللهم إلا أن يكون كونه فقيراً فأغناه الله، وهذا تأكيد للذم بما يشبه المدح، يعني ليس له عذر إلا هذا، تأكيد للذم بما يشبه المدح، كان فقيراً يتكفف الناس فأغناه الله -جل وعلا-، ثم منع الزكاة، ما عنده عذر إلا هذا، وتأكيد الذم بما يشبه المدح، وعكسه تأكيد المدح بما يشبه الذم معروف: ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

هذا مدح فأظهرهم مظهر الذم وأكد المدح بما يشبه الذم، عكس ما عندنا، ابن جميل يكفيه هذا الكلام، عزر بمثل هذا الكلام، إلا أن كان فقيراً فأغناه الله تعالى، والمنة لله -جل وعلا- على كل حال؛ لأن بعض الناس إذا أغناه الله -جل وعلا- رأى أن له منة على الناس، وتجده من أكثر الناس أموالاً، ومن أشدهم بخلاً، وإذا مشى بين الناس يتصور أن الناس كلهم في كنفه ونعمته {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(6 - 7) سورة العلق] إذا رأى الإنسان أنه استغنى دخل في حيز الطغيان، بعض الناس غني، لكن لا يلزم منه الطغيان أبداً، لكن إذا رأى وخيل إليه أنه استغنى عن غيره دخل في حيز .. ، ما هو بحاجة الناس، وقل مثل هذا في كثر من الأمور، واطرد هذا في كثير من الأمور، شخص طلب العلم مدة، ثم رأى أنه صار عالماً، الناس يحتاجونه، وهو ما يحتاجهم، هذا من أشد الناس جهلاً بنفسه، ويحمله تصوره هذا على ارتكاب عظائم الأمور، قد لا يعتدي على أحد إذا أعجب بنفسه، مثل هذا يقضي على جميع أعماله. والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ الإعجاب بالنفس هذه مشكلة، الإعجاب بالمال، الإعجاب بالقصور الفارهة، الإعجاب بالسيارات والمراكب المريحة، كل هذا يدعو إلى مثل هذه النقائص.

((وأما خالد)) وهو خالد بن الوليد الذي قدم نفسه لله، قدم مهجته لله فضلاً عن ماله، مثل هذا يستحق أن يعتذر عنه وإلا ما يستحق؟ نعم يستحق ((وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، فقد احتبس أدراعه)) أوقف أدراعه ((واعتاده في سبيل الله)) يعني هل يتصور من شخص عنده عمارة للإيجار أو للبيع قيمتها مليون ريال زكاتها خمسة وعشرين ألف، بقي شهر على حلول الزكاة قال: هي وقف لله تعالى، يا جمعية تحفظ القرآن استلموها، هل نتهم هذا بأنه يفر من الزكاة؟ أبداً، ما نتهم مثل هذا أنه يفر من الزكاة، خالد -رضي الله عنه- احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، أوقفها لله -جل وعلا-، وبهذا يستدل من يقول من أهل العلم بجواز وقف المنقول من كراع وسلاح، بجواز وقف المنقول، مما تبقى عينه، ومثل ذلك قل: الكتب الشرعية، ووقفها من أفضل الأعمال، وهي من العلم الذي ينتفع به، وهذه الأدراع والأعتاد التي أوقفها خالد بن الوليد لنصر الإسلام، ورفع شأن المسلمين وعزة المسلمين، فهي من أفضل الأعمال، فمثل هذا لا يتهم، شخص يقدم نفسه دون دينه، ويقدم أمواله ويحبسها ويوقفها ويخرجها من يده بحيث لا يتصرف فيها يخرجها من يده هذا يتهم بأنه يمنع الزكاة؟! هذا مظلوم. ((وأما العباس فهي علي ومثلها)) ضمن النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عمه، ومنهم من يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتاج لأمر العامة لا لحاجته الشخصية، فاقترض من العباس زكاة سنتين، أو تعجل من العباس زكاة سنتين، ولذا قال: فهي علي ومثلها، وبهذا يستدل على جواز تعجيل الزكاة بالعين تعجيل، لا يفهم منه كما فهم في بعض المناسبات التأجيل، لا، التعجيل غير التأجيل، التعجيل التقديم، بعض الناس يسمع هذه وهذه ما يفرق بينهم للإتحاد في الميزان الصرفي، كلاهما على وزن صرفي واحد تأجيل وتعجيل على وزن واحد، فالتعجيل يجوز يستدل أهل العلم على جوازه بهذا الحديث، وأما التأجيل فلا يجوز بحال؛ لأن تأخير الزكاة افتيات على حق الفقراء، وجبت تخرج في يومها من الغد، يتسامح أهل العلم في اليوم واليومين، لكن أكثر من ذلك افتيات على الفقير، ومطل في حقه.

((وأما العباس فهي علي ومثلها)) ثم قال: ((يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟ )) مثل أبيه حكماً مثل أبيه؛ لأنه يدلي بالأب، فحقه من حق الأب، والأصل في الصنو في النخلتين تجتمعان في أصل واحد وأصل الأب والعم واحد وهو الجد {وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [(4) سورة الرعد] نعم إما نخيل مفردة، كل نخلة بأصلها، وإما أكثر من نخلة تجتمع في أصل واحد ((أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟ )) مثل أبيه؛ لأنهما يجتمعان في أصل واحد، وفي هذا اعتذار فيتلطف مع العم ويوصل العم، وصلته من بر الأب؛ لأنه يدلي به، طيب قد يقول قائل مثلاًَ: إن بين أبي وعمي مشاحنة، وبينهما قطيعة، وإذا كان طريقي إلى العم هو طريق الأب، والأب انقطع، أذاًَ انقطع عن العم هل هذا مبرر؟ لا، ليس مبرر، الجهة منفكة، أنت مطالب بالصلة، وأبوك مطالب بالصلة والجهة منفكة، لا يترتب هذا على هذا، ليس من شرط هذا هذا، أبداً، لكن هذا الأصل، يعني الأصل أن صلتك بعمك بواسطة أبيك، فتبر وتصل عمك لو قطع أباك، فكل إنسان عليه أن يؤدي ما طلب منه، وعلى هذا يجوز إخراج زكاة سنة أو سنتين لا سيما عند الحاجة إليها، لكن لو قال شخص: أنا أريد أن أخرج زكاة سنتين من مال لا يحتاج إلى جميعه، الناس ما هم بحاجة إلى زكاة نخلك مثلاً لمدة سنتين، الفقراء يكفيهم مدة سنة واحدة، ولو دفعت السنتين لفسد بعضه، هل يكون الأفضل التوقيت؟ نعم الأفضل التوقيت، كل سنة بسنته، لكن إذا قامت الحاجة، ودعت الحاجة إلى تقديم وتعجيل الزكاة عن وقتها فهو أفضل، وأصله ما سمعتم، وفي الحديث شاهد لحديث: أمرنا أن ننزل الناس منازلهم فمنزلة ابن جميل ما هي مثل منزلة خالد، ومنزلة خالد ما هي بمثل منزلة العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى كل حال الناس بالنسبة للتشريع سواسية، يعني لو كانت ظروفهم واحدة ما فرق بينهم، إن كانت ظروفهم واحدة ما فرق بينهم، لكن كل واحد ظرفه يختلف عن الثاني، فيعامل على ضوئه، نعم.

عن عبد الله بن زيد بن عاصم -رضي الله عنه- قال: لما أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين قسم في الناس، في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئاً، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: ((يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ )) كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ((ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ )) قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ((لو شئتم لقلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عبد الله بن زيد بن عاصم" المازني، وهذا راوي حديث الوضوء وغير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان، وإن زعم بعضهم أنهما واحد، لكن هذا شخص وذاك أخر "-رضي الله عنه- قال: لما أفاء الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين" أي من غنائم، الغنائم التي حصل عليها، حينما قاتل يوم حنين، وكان كانت غنيمة كبيرة جداً من أعظم الغنائم، ستة آلاف نفس سبي، من النساء والأطفال، وأربعة وعشرين ألف من الإبل، وأربعين ألف من الغنم، غنائم كبيرة جداً، ستة آلاف نفس، لما أفاء على نبيه يوم حنين، والفيء هنا يراد به الغنيمة؛ لأن الفيء يطلق على ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، والغنيمة ما تأخذ قهر بالغلبة بالقتال، وهل نقول: إن هذه الغنائم على كثرتها نقصت من أجورهم شيء؟ الغنائم يقرر ابن القيم أنها أطيب المكاسب، أطيب من الزراعة وأطيب من الصناعة على خلاف بين أهل العلم في الأفضل، منهم من يفضل الزراعة مطلقاً، وجاء في فضلها أحاديث، والصناعة مهنة بعض الأنبياء، ومنهم من يقول: رعي الغنم أفضل، ما من نبي إلا رعى الغنم، المقصود أن مثل هذا يختلف فيه أهل العلم، وابن القيم يقرر أن الغنائم أطيب المكاسب؛ لأنها رزق النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه يقول: ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) وجاء في الحديث الصحيح أن الله -جل وعلا- تكفل لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله أنه إما أن يقتل شهيداً، أو أن يرجع، أو أرجعه نائل ما نال من أجر أو غنيمة، يعني جعلت الغنيمة في مقابل الأجر، فهل معنى هذا أن الذي يرجع بالغنيمة لا أجر له؟ وجاء في الحديث أن من غزا فلم يغنم كان أجره كاملاً، وإن غنم تعجل ثلثي الأجر، لكن مثل هذا لا يقدح في غزو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا في صحابته الكرام؛ لأن مثل هذه الأمور وإن كانت مؤثرة على النيات والمقاصد، لكن جاء مدحهم بالنصوص، وأنهم يقاتلون لله، ولإعلاء كلمة الله، وغزوة بدر التي مدح أهلها، واطلع عليهم الله -جل وعلا- وقال: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] غنموا فيها، فلا نقيس غيرهم بهم، لكن قد يقول قائل: نقيس أهل بدر بأنفسهم لو لم يغنموا أيهم أفضل؟ نعم، ما نقيس أهل بدر بمن قاتل

غيرهم، ولا نقيس بمن قاتل في حنين وغنم بمن جاء بعدهم، هذا ظاهر، نعم لأن العمل في وقت الصحابة يختلف؛ لأن العلم يرفعه ما يحتف به من إخلاص ويقين وإتباع وحاجة، والحاجة لها دور {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [(10) سورة الحديد] حتى بين الصحابة، فالظروف لها ما يحتف بها، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه هذا جاء في الحديث الصحيح، في المسند والسنن أنه يأتي في أخر الزمان للعامل منكم أجر خمسين منكم، يعني الصحابة، وهذا إذا نظرنا إلى ذات العمل تصدقت أنت بدرهم وتصدق الصحابي بدرهم درهمك أفضل من خمسين درهم، لكن شرف الصحبة التي اتصف به لا يدركه أحد كائناً من كان، فإذا نظرنا إلى العمل المجرد حصلت المفاضلة، وإذا نظرنا إلى العامل حصلت مفاضلة من جهة أخرى. "قسم النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الغنائم العظيمة في الناس" يعني في الغزاة، وفي المؤلفة قلوبهم أعطاهم وزادهم، وترك بعض الناس؛ لأنه وكلهم إلى إيمانهم، وفي الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال: أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- رهطاً وسعد جالس، فقلت: مالك عن فلان يا رسول الله إني لأراه مؤمناً؟ قال: ((أو مسلماً؟ )) ثم أعطى غيره، فقال يا رسول الله: مالك عن فلان إني والله لأراه مؤمناً؟ إلى أن قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إني أعطي الرجل وغيره أحب إلى منه مخافة أن يكبه الله في النار)) يعني هؤلاء الذين يتألفون بحطام الدنيا يخشى عليهم لو لم يعطوا، لكن مثل هذا يؤكل إلى إيمانه، خلاص هذا مضمون ما يحتاج إلى أن يؤلف بالدراهم، ومثل هذا كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يعط الأنصار شيئاًً "ولم يعط الأنصار شيئاً" هل يقال: ظلم الأنصار؟ لا ما ظلم الأنصار، إنما وكلهم إلى ما عندهم من إيمان، كأنهم وجدوا في أنفسهم، ولا يلزم أن يكون كلهم أو يكون خيارهم، لا، مع أن النفس قد تجبل على شيء من هذا، لا سيما يوزع وأنت جالس قد يقول قال: يمكن السبب أني ما نفعت في هذه الغزوة، لو أنا نافع في هذه الغزوة أعطيت مثل الناس، قد يتطرق مثل هذا الاحتمال إلى بعض الأذهان، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يترك مثل هذا الظرف من غير بيان ...

كتاب الزكاة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام – كتاب الزكاة (2) باب صدقة الفطر الشيخ: عبد الكريم الخضير لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يترك مثل هذا الظرف من غير بيان، يعني ما أعطى المؤلفة قلوبهم، وقال: توكلوا على الله، وأنتم يا الأنصار ما لكم شيء توكلوا على الله، وانتهت المسألة، لا، يبي يرتب الرسول ... ، يبين من خلال هذه القسمة فضل الأنصار، استغلال لمثل هذا الظرف أحياناً الإنسان يتمنع من أمر ليبين فضل صاحبه. "فكأنهم وجدوا" الفعل (وجد) الثلاثي (وجد) ما يتغير، لكن المصدر يتغير، وجد وجداً، ووجد وجوداً، ووجد موجدة، ووجد وجادة، المقصود أن هذا من الموجدة وهي الغضب، وجدوا في أنفسهم شيئاً، تأثروا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، وبعض الناس يتأثر لأنه حرم من أمر الدنيا، وقد يقع أو يرد على خواطرهم أنهم احتمال أن يكون أثرهم في الجهاد ضعيف ما استحقوا عليه شيء من الغنيمة، وهذا يحز في النفس، وهذا قد يورث مثل هذه الموجدة. فالنبي -عليه الصلاة والسلام- خطب ليبين الآن ليرفع الأنصار ويعطيهم حقهم أكثر مما أعطى غيرهم من حطام الدنيا "فخطبهم فقال: ((يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ )) " نعم كانوا ضالين ((ألم أجدكم ضلالاً)) كانوا كفار ((فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين)) يعني بينهم إحن وعداوات وحزازات جعلت أقرب القريب من أبعد الناس عن قريبة ((وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟ )) قال: ((ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ )) قالوا: الله ورسوله أمن، يعني ما قالوا: أنت وجدتنا ضلال لكن أنت واجد قريش بعد ضلال، ويش الفرق؟ ما يمكن أن يقال مثل هذا الكلام؟ لكن هؤلاء الأنصار ((آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)) هؤلاء الأنصار بإمكان الواحد منهم أن يقول: جماعة قريش كانوا ضلالاً فهداهم الله بك، ويش الفرق؟ ليش تعطيهم ونحن لا؟ ما هو يمكن أن يقال هذا الجواب وهو صحيح؟ ما كانوا ضلال قريش وهداهم الله بالنبي؟ نعم، كان جوابهم: "الله ورسوله أمن" المنة لله -جل وعلا-.

((وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ )) قالوا: الله ورسوله أمن، ما ردوا عليه برد يمكن أن يكون مقبول، نعم، الله ورسوله أمن ((وعالة فأغناكم الله بي؟ )) وما قالوا أيضاً: قومك أكل بعضهم بعضاً لما دعوت عليهم، وأكلوا الهوام، وأكلوا الجيف، وأكلوا كل شيء. ((عالة فأغناكم الله بي؟ )) قالوا: الله ورسوله أمن، النبي -عليه الصلاة والسلام- اقتنع إلى ما عندهم، اطمأن إلى ما في قلوبهم، لكن أراد أن يزيدهم طمأنينة، وأن يرفع من شأنهم قال: ((لو شئتم لقلتم: جئتنا بكذا وكذا)) لو شئتم قلتم فصدقتم وصدقتم، لو شئتم قلتم: جئتنا مكذباً فصدقناك، صحيح، كذبته قريش فهاجر إلى المدينة، جئتنا مخذولاً فنصرناك، أخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- ((أو مخرجي هم؟ )) قال: نعم، فأخرج من بلده، وطريداً فآويناك، وعائلاً فواسيناك، هذا الكلام صحيح، لكن فيه إظهار للمنة، ما يقولون مثل هذا الكلام، وإن كان حقيقة وواقع؛ لأنهم لا يرون لأنفسهم منة على الله ولا على رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وبهذا استحقوا هذه المنزلة، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بالنبي إلى رحالكم؟ )) يعني سهل أن يذهب الناس بحطام الدنيا، وأنتم تذهبون بالنبي أشرف مخلوق إلى رحالكم؟! ((لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار)) يعني لولا أن الله -جل وعلا- قسم خيار هذه الأمة إلى مهاجرين وأنصار، والهجرة وصف شرعي تترتب عليه آثاره ولوازمه، لا يمكن التخلي عنه كالنسب ((لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- بالمعنى الأعم للنصرة هو الذي نصر الله به الدين، وهو الذي أقام الله به الدين، لكن بالمعنى الخاص، بالمعنى الأعم يدخل المهاجرون في الأنصار؛ لأنهم نصروا الدين، أي نصر أعظم من نصر أبي بكر وعمر للدين؟! فهم أنصار بالمعنى الأعم، لكن بالمعنى الأخص الذي يريد أن يقرره النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدخل فيه من ذكر.

((لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها)) نعم كان الناس لما كانوا ينتقلون ويضربون في الأرض من مكان إلى آخر تجد كل جماعة مع بعض، أهل البلد الفلاني، أفراد القبيلة الفلانية، أبناء الرجل الفلاني، المقصود من يجمعهم وصف واحد تجدهم في شعب مستقل، هؤلاء الذين يجمعهم وصفاً واحد، ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعب الأنصار -عليه الصلاة والسلام-، فيقدمهم على غيرهم، يبقى في النفوس شيء بعد هذا الكلام؟ لن يبقى شيء بل قد يجد من أعطي الأموال الطائلة في نفسه شيء من هذا الكلام، لكن الله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم ((إنما أنا قاسم، والله المعطي)) فيقول: ((الأنصار شعار، والناس دثار)) الشعار هو اللباس الذي يلبس مما يلي البدن؛ لأن هذا اللباس الذي يلي البدن يلي شعر البدن مباشرة، فهو شعار، والدثار ما يلبس فوقه، الشعار هو الذي يلبس مما يلي البدن؛ لأنه يلامس ويباشر شعر البدن وما فوقه يسمى دثار. ((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) يعني كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- لو مثلناه في واقعنا، وقال أخونا الثالث الذي أجاب بالجواب الدقيق: أنت أعطيت فلان وفلان وأنا جوابي هو الدقيق، نعم، يعني ما يكفيك أن يقال: ما شاء الله جوابك هو الصحيح الدقيق، على كل حال القبائل وهذه قبائل أوس والخزرج مثل بني تميم يزيدون وينقصون، نعم، هي قبائل على كل حال. ((الأنصار شعار)) مثلهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بما يلامس جسده الطاهر الشريف، وغيرهم دثار، حتى قريش دثار، يعني يلبس فوق الشعار، ولذا جاء في حديث أم عطية في غسل ابنته -عليه الصلاة والسلام- قالت: فأعطانا حقوه، فقال: ((أشعرنها إياه)) يعني اجعلنه شعاراً يلبس مما يلي البدن.

((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) بلا شك حصل لهم ما حصل؛ لأن الملك في غيرهم، الملك ((الأئمة من قريش)) ومعلوم أن طبيعة الملك تقريب الأقرب، طبيعة الملك هكذا؛ لأن البشر علمهم بالأقربين أكثر من علمهم بالأبعدين، وما دام يعرف حقيقة هذا الشخص من أقاربه، ويخفى عليه حال البعيد، يولي هذا القريب الذي يعرفه مع ما جبل عليه الناس من الميل إلى مثل هذا. فوجد الأنصار أثره، وأمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصبر ((إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)) وهذا فيه بيان لمزيتهم وشرفهم، ومنزلتهم في الدين، وبيان أيضاً أنهم ممن سيرد الحوض على النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بلا شك الهجرة لها وقع وشأن في الشرع. نعم، يقول: ويش دخل هذا الحديث في كتاب الزكاة؟ لماذا أدخل المؤلف -رحمه الله تعالى- هذا الحديث في كتاب الزكاة؟ نعم؟ إعطاء المؤلفة قلوبهم، وهم من مصارف الزكاة، وأيضاً؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا هو ما يزكى، هو يقسم بين الغانمين، ثم من غنم شيئاً .. ، من ناله أكثر من النصاب وحال عليه الحول يزكي، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا الخمس هذا .. ، {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} [(41) سورة الأنفال] هذا ما له علاقة بالزكاة، المقصود أن هذا له صلة بالزكاة من وجوه، أنه يشبه الزكاة في إعطاء المؤلفة كما ذكر الأخ، ونسمع الجواب الدقيق، نعم. طالب:. . . . . . . . .

طيب، أيضاً أن من أعطي من الزكاة أكثر من غيره أو أقل من غيره أن يمتثل هذا الحديث، ويتصور أن المعطي هو الله -جل وعلا-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، والغني الذي تجب عليه الزكاة إنما هو يتولى قسمة ما أعطا الله -جل وعلا-، {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] يعني لو تصور اثنين ظروفهم واحدة، أو واحد أفقر من الثاني دخلوا على شخص غني جداً يوزع الزكاة، ثم قال للأقل حاجة يعني هذا فقير لكنه أقل حاجة: هذه عشرة آلاف تصرف بها خلال ها السنة، دبرهن على بيتك وعيالك، ثم جاء الثاني الأشد حاجة قال: والله ما عندي شيء،. . . . . . . . . هل من حق هذا الفقير الذي ما أعطي في المجالس يتحدث فلان حرمني، فلان أعطى، فلان ترك؟ ليس له ذلك، الله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، وهذا يعطي أو يقسم ما يعطيه الله -جل وعلا-، وما يكتبه الله -جل وعلا- لخلقه على يديه، أبداً، فليتصور الفقير مثل هذا، ما يقول: والله هذا يتخبط في مال الله، يعطي فلان، ويحرم فلان، نعم أنت مخاطب بأن ترضى وتسلم، لكن أيضاً الغني مخاطب بأن يرفع حاجة الفقير، لكل شخص ما يخصه من الخطاب، الخطاب الشرعي، وليس معنى هذا أن الأغنياء يرون شخص فقير، يقولون: هذا والله ما كتب الله له شيء، ما إحنا معطينه، نعم، هل معنى هذا أنه يحرم بعض الناس ويقال: والله ما كتب الله لك شيء، أنت مأمور بأن تعطيه إذا كان فقير، لكن كونه تقدم عليه واحد وتأخر واحد، والآن ما معك شيء، أو الرصيد والله ما فيه شيء اليوم، ممكن هذا، هذا الذي ليس بيدك، أما إذا كان بيدك وهذا فقير، وهذه زكاة طالعة طالعة ما تحرمه إلا بسبب بين، فإذا حرمته لسبب بين أنت مقتنع به، فالذي حرمه في الحقيقة هو الله -جل وعلا-، وإذا أعطيته لسبب ولمبرر واضح فالذي أعطاه في الحقيقة هو الله -جل وعلا-، وأنت وسيلة توصل هذا المال إلى عباد الله، نعم.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر أو قال: رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، قال: فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير، وفي لفظ: أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاء السمراء قال: أرى مداً من هذا يعدل مدين، قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صدقة الفطر: صدقة الفطر مضاف ومضاف إليه، والإضافة سببية؛ لأن هذه الصدقة سببها الفطر من صيام شهر رمضان، وهي شكر للمنعم على الإتمام، وتجب بغروب الشمس آخر يوم من رمضان؛ لأن سببها الفطر، والفطر يكون في هذا الوقت، والوجوب الذي يذكر في مثل هذا يراد منه أن من ولد بعد غروب الشمس أو مات قبل غروبها، أو ولد قبل غروبها، أو مات بعد غروبها، إذا قلنا: سبب الوجوب السبب هذا الوقت فمن مات قبل غروب الشمس تخرج عنه صدقة الفطر؟ تخرج وإلا ما تخرج؟ لا تخرج؛ لأنه مات قبل وقت الوجوب، طيب مات بعد غروب الشمس تخرج عنه، ولد قبل غروب الشمس تخرج عنه وإلا ما تخرج؟ تخرج، ولد بعد غروب الشمس لا تخرج إلا على سبيل الاستحباب؛ لأنها تستحب عن الحمل، فهذا معنى كون الإضافة سببية.

صدقة الفطر شرعت طهرة للصائم، إنما شرعة طهرة للصائم، تطهره وترفوا ما اشتمل عليه صيامه من خلل، وترقع ما فيه من فتوق، وعلى كل حال هي عند عامة أهل العلم واجبة، ووجوبها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(15) سورة الأعلى] تزكى زكاة الفطر {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(15) سورة الأعلى] يعني صلاة العيد، بينما جاء في عيد الأضحى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] وهنا {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(15) سورة الأعلى] المراد زكاة الفطر وصلاة العيد، وأما السنة فالأدلة متكاثرة منها ما معنا، وتجب على جميع المسلمين، ومن العدل بينهم أن يتساووا في هذه الفريضة، فالكبير والصغير والحر والعبد والذكر والأنثى الوضيع والحقير والكبير والشريف كلهم فطرتهم صاع، وهذا شأن هذا الشرع المطهر في تشريعه العام، ما يقال: والله هذا كبير، هذا شريف، لا بد أن يؤخذ منه عشرة أصواع، عشرة آصع، وهذا وضيع من أسرة يعني تجد ما تخرج لكنها ليست ذات بال ولا شأن يكفي منهم اللي يجي بس، لا، لا، مثل هذه الأمور لا توكل إلى الاجتهاد، ولذا في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر، أو قال: رمضان، صدقة الفطر من رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك، طيب الذكر والأنثى، الذكر صاع والأنثى صاع؟ وإلا نقول: للذكر مثل حظ الأنثيين، الذكر صاع والأنثى نصف صاع؟ نعم؟ بالتساوي. طيب ما جاء في النصوص أن المرأة على النصف من الرجل في كم موضع؟ خمسة، ليس هذا منها، خمسة مواضع المرأة على النصف من الرجل من يذكرها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الدية، الميراث، الشهادة، نعم الشهادة {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [(282) سورة البقرة] هاه بقي اثنان؟ العقيقة، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، والعتق، يعني رجل يعتق رجل أو امرأتين، فعتق الرجل يعادل عتق امرأتين، ليس هذا منها، ما يقال: والله المرأة على النصف، للذكر مثل حظ الأنثيين ما تطلع إلا نصف صاع، لا، لا، أبداً، على الذكر والأنثى. "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" معنى فرض يعني أوجب أو قدر، فزكاة الفطر واجبة؛ لأن معنى فرض أوجب، منهم من يقول: إن فرض معناها قدر، قدر زكاة الفطر صاع، يعني مقدرة من قبل الشارع، معنى فرض قدر، وبهذا لا يلزم الحنفية بمخالفة اصطلاحهم، الحنفية يرون أن زكاة الفطر واجبة، عند الأكثر ما في مشكلة سواءً كانت واجبة وإلا فريضة ما في فرق، بالإمكان أن يقول الحنبلي: زكاة الفطر فريضة وواجبة ما يفرق، أو المالكي، أو الشافعي، نعم، لكن إذا قلت للحنفي: زكاة الفطر فريضة وإلا واجبة؟ لا واجبة ليست فريضة، طيب ابن عمر يقول: فرض رسول الله، كيف تقول: ما هي بفريضة؟ نعم، هل نقول: إن اصطلاحهم خالف النص؟ أو يقولون: والله فرض بمعنى قدر، ويسلم اصطلاحهم لهم؛ لأنهم يفرقون بين الفرض والواجب، الفرض ما ثبت عندهم بدليل قطعي، والواجب ما ثبت بدليل ظني، والدليل مثل هذا يسمونه ظني؛ لأنه خبر آحاد.

"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" طيب إذا اختلفت الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية، عرفهم الخاص أن زكاة الفطر ليست فريضة، وابن عمر يتحدث عن الحقيقة الشرعية "وأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- فرض صدقة الفطر" تقدم الحقيقة العرفية وإلا الحقيقة الشرعية؟ نعم؟ يعني لما يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) يقول جمهور أهل العلم: الغسل يوم الجمعة ليس بواجب، نقول: هذه معاندة؟ لا ليست معاندة، حينما يقول الحنفية: زكاة الفطر ليست فريضة مع قول الصحابي، لا، هذه ليست معاندة، لو يجي واحد من الموجودين الناس الآن ويقسم بالله أنه ما رأى في عمره جمل أصفر، نقول: كذبت تب إلى ربك أنت خالفت القرآن؟ {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] نعم، يقول: والله ها الأصفر ذا اللي إحنا نشوف ذا ما هو بهذا الأصفر عند الناس؟ يقول: والله ما شفت جمل بهذه الصورة، يعني تعارض الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية ليست معاندة؛ لأن الجهة منفكة، وهو يحلف على شيء وأنت تقرر شيء، فلا يسمى هذا معاندة، على كل حال المسألة تحتاج إلى شيء من العناية والبسط؛ لأنه كثير من الحرج الذي يقع به بعض الناس يزول بمثل هذا، وعلى كل حال كل ما أمكن أن تتحد الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية فهو أولى.

"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر أو قال: رمضان على الذكر والأنثى، والحر والمملوك" وتقدم في المملوك، تقدم فيه: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) وفي لفظ: ((إلا زكاة الفطر)) إلا زكاة الفطر "على الذكر والأنثى، والحر والمملوك" يعني هل زكاة الفطر على كل مسلم بمعنى أنها تجب عليه وهو المخاطب بها؟ فالمملوك يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه؛ لأن الزكاة مفروضة عليه، المرأة يجب عليها أن تخرج زكاة الفطر، الصغير يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر، أو أن المخاطب بهذا السيد والزوج، والأب بالنسبة للصغير؟ لأنه يقول: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر، أو قال: رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير" يعني هي مفروضة على من يتجه إليه الخطاب، يعني المملوك ما يملك، ما عنده شيء، ولا بد من إخراج الزكاة عنه من مال سيده؛ لأنه لا يملك، إذاً هي مفروضة على السيد وإلا على المملوك؟ انظر في النص، مقتضى النص، طيب المملوك يقول لك: أنا مملوك ويش عندي؟ لا أملك أنا، مسكين، والمرأة تقول: أنا والله ما عندي شيء، مصروفي يا الله يكفيني، الصبي الصغير يقول: فرض الله علي لكن أنا ما عندي شيء، فهل تسقط عنهم زكاة الفطر أو يلزم وليهم؟ نعم؟ إذاً الخطاب يتجه لمن؟ "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً" يعني في حق هؤلاء على أوليائهم "صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، قال: فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير، وفي لفظ: أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى.

الصاع من هذه الأنواع من التمر من الشعير من الطعام من الزبيب من الأقط، تنوع هذه الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر يدل على أن المقصود قوت البلد، تنوع هذه الأنواع يدل على أن المراد هو قوت البلد، ولذا قال جمع من أهل العلم: إنها ليست توقيفية، بمعنى أنها لا تصح إلا من الأنواع المذكورة، بل كل ما يقتاته الناس في بلد ما تخرج منه، وهو الأنفع لفقراء البلد، يعني لو تأتي لبلد ما يأكلون الشعير تطق على فقير تعطيه شعير، وإلا تعطيه رز أيهما أفضل؟ نعم؟ الشعير منصوص عليه، لكن الرز ما نص عليه، نقول: هذا أفضل؟ أقول: تنوع هذه المدفوعات يدل على أن المراد كما يقرره جمع من أهل العلم قوت البلد، وليس توقيفية. طيب "فعدل الناس به" التمر والشعير وغيره "نصف صاع من بر على الصغير والكبير، وفي لفظ: أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى" هذا وقتها، وكان الصحابة يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين كما في البخاري، كان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين، وهذا فيه فرصة للآخذ والمعطي، فيه سعة، وإن كان الأصل أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى، لكن إذا تأخرت عن الصلاة فهي صدقة من الصدقات، ليست بزكاة فطر، فلا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الصلاة، لكن هذا معه خرج بزكاة الفطر معه وهو خارج إلى المصلى، خارج إلى المصلى معه زكاة الفطر له ولأولاده افترض خمسة عشر صاع، كيس مليان ورابطه يبي يشيله معه بالسيارة انفك الكيس وانكب في التراب، بحث عن ناس يبيعونه وإلا شيء، ما وجد إلا بعد الصلاة، تحصل وإلا ما تحصل؟ انكب اختلط بالتراب ويش يسوي عاد؟ يخرجها بعد الصلاة وإلا ما يخرج؟ نعم يسعى أن يخرج ما يمكن إخراجه قبل الصلاة يحرص على هذا، والذي لا يمكن بعد الصلاة ضرورة هذه، وإلا فالأصل أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى. في حديث أبي سعيد الذي يليه، نعم.

"عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاءت السمراء، فقال: أرى مداً من هذه يعدل مدين" والصاع كم مد؟ أربعة أمداد، إذاً مدين تعدل الأربعة، والمدين نصف صاع، إذاً رأى معاوية أن نصف صاع من السمراء تعادل الصاع من غيرها، فكان يخرج معاوية نصف صاع، يقول: "فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال: أرى مداً من هذه يعدل مدين" أرى مداً من هذه يعدل مدين، فهذا فعل صحابي اجتهد ووافقه عليه بعض الصحابة، وخالفه آخرون، والعبرة بالمرفوع، والمرفوع ليس فيه إلا الصاع، فاجتهاد مرجوح، ولذا استمر أبو سعيد وجمع من الصحابة استمروا على ما كانوا يخرجونه في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال: "أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وأبو سعيد معروف في ثباته، حتى في إنكاره على من يخالف السنة، له موافق -رضي الله عنه وأرضاه-.

طيب هذا شخص واحد، زكاته زكاة الفطر بالنسبة له صاع، يقال: فرصة أنهم الآن مفطرين، نتصور المسألة التي ذكرناها أنه انكب، فجاء وقال: هذا الكيس يباع أنا أخرجه كله زكاة، صدقة عني، ثم حصل له ما حصل أراد أن يحمله قبيل دخول الإمام فانكب، ووجد صاع يباع، يكفيه أن يشتري هذا الصاع ويخرجه عن نفسه أو نقول: الواجب عليك مثل هذا الذي انكب منك كيس؟ هاه؟ خليكم معي، المسألة تنضوي تحت قاعدة عامة، الزيادة على القدر المحدد شرعاً عند أهل العلم إن كانت الزيادة متميزة بنفسها فالقدر الزائد نفل، وإن كانت الزيادة غير متميزة فالجميع واجب، أنت ما عليك إلا صاع، فطلعت كيس، هذا غير متميز، فرق ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ ترى المسألة معروفة عند أهل العلم، يعني شخص أخرج دينار عن عشرين خلنا نجيب المثال اللي بروضة الناظر اللي درستوه كلكم، كمن أخرج ديناراً عن عشرين يجب عليه في العشرين كم؟ نصف دينار، فجاء وأخرج دينار، هل نقول: إن الواجب عليك نصف دينار والثاني تطوع، أو نقول: الكل باعتباره غير متميز؟ نعم لو أخرج نصف دينار، قال: خذ، وأنت خذ نصف دينار ثاني خلاص انتهى الإشكال متميز، وهذا لو جاء بالآصع كل واحد بمفرده قلنا: هذا الواجب والبقية نفل، لكن هذا طلع كيس كامل صدقة الفطر وهو واحد، يرى بعضهم أن الزيادة إذا لم تكن متميزة فهي واجبة عليه، فعلى هذا يلزمه بدل الواجب كيس كامل، ما يكفي صاع.

طيب نأتي إلى القدر الزائد على الواجب في الركوع، القدر الواجب في الركوع أن يطمأن راكع، ويأتي بالتسبيح ولو مرة، وما زاد على ذلك فهو سنة، دخل واحد وجد الإمام راكع ومطمئن ومنتهي من القدر الواجب، وزاد الإمام من أجل هذا الداخل زيادة تسبيحات، واطمأن زيادة، الآن نقول: هذا الداخل أدرك الإمام وهو مفترض وإلا متنفل؟ الآن القدر الزائد على الواجب نفل وإلا فرض؟ متميز وإلا غير متميز، أو ما في فرق؟ هذا متميز وإلا ما تميز؟ هذا ما تميز يا الإخوان، ولذلك الحنابلة ما يشكل عليهم مثل هذا في إمامة المفترض خلف المتنفل، يطول الإمام ما شاء وزيادة غير متميزة، والكل واجب، ولا يعني هذا أنه يأثم فيما لو تركه، خلاص ما يأثم لو تركه، لكنه حكماً حكمه حكم الواجب، ولذا لا يشكل عليه في أصلهم في مسألة صلاة المفترض خلف المتنفل، فننتبه لمثل هذه الأمور، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا هم عندهم القدر الزائد على الواجب قاعدة معروفة، حتى الإخوان الذين درسوا روضة الناظر مرت عليهم، وقواعد ابن رجب مارة عليهم، لكن روضة الناظر باعتبارها مقرر في الكليات مرت قطعاً، ونذكر المثال، كمن أخرج ديناراً عن عشرين، هذا مثال صاحب الروضة، وعلى كل حال صنيع أبي سعيد يدل على ما كان عليه من شدة الإتباع والتمسك بالآثار، وترك العدول عن المأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى غيره مهما كان قائله، وهكذا ينبغي للمسلم أن يكون هواه تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-. هذا يقول: هل يجوز قول القائل: منة الله ولا منة خلقه؟ منة الله ولا منة خلقه، يعني لو أن شخصاً لا يستطيع الحج، وجاء واحد وقال: هذه خمسة آلاف وحج، يقول: يا أخي أنا الآن معذور ومنة الله ولا منة خلقه، هذا الكلام صحيح من حيث المعنى، الله -جل وعلا- أمن، هو الذي من عليك بألا تتكلف فوق طاقتك، والمال المبذول من قبل هذا التاجر لا يسلم من منة، فالمعنى صحيح، لكن يحتاط الإنسان في كلامه أكثر. ما مقدار القلتين؟ خمس قرب، يعني خمسمائة رطل عراقي كما قال أهل العلم. يقول: ما صحة الزيادة في هذا الحديث: ((ما نقص مال من صدقة، بل تزده، بل تزده))؟ بل تزده هذه ليست ثابتة، ومن حيث العربية صحيحة وإلا ليست صحيحة؟ بل تزده، بل تزده، يعني من حيث العربية؟ نعم؟ غير صحيحة الأصل: بل تزيده. حديث الأذنان من الرأس. ضعيف، ضعيف، نعم.

كتاب الصيام

عمدة الأحكام - تابع كتاب الزكاة، كتاب الصيام (1) باب صدقة الفطر الشيخ/ عبد الكريم الخضير لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يترك مثل هذا الظرف من غير بيان، يعني ما أعطى المؤلفة قلوبهم وقال: توكلوا على الله، وأنتم يا أنصار ما لكم شيء، توكلوا على الله، وانتهت المسألة؟ لا، يبي يرتب الرسول -عليه الصلاة والسلام- يبين من خلال هذه القسمة فضل الأنصار، استغلال لمثل هذا الظرف أحياناً الإنسان يتمنع من أمر ليبين فضل صاحبه.

"فكأنهم وجدوا" الفعل (وجد) ثلاثي وجد ما يتغير؛ لكن المصدر يتغير، وجد وجداً، ووجد وجوداً، ووجد موجدةً، ووجد وجادةً، المقصود أن هذا من الموجدة، وهي الغضب، وجدوا في أنفسهم شيء، تأثروا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، وبعض الناس يتأثر؛ لأنه حرم من أمر الدنيا، وقد يقع أو يرد على خواطرهم أنهم احتمال أن يكون أثرهم في الجهاد ضعيف، ما استحقوا عليه شيء من الغنيمة، وهذا يحز في النفس، وهذا قد يورث في النفس مثل هذه الموجدة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- خطب ليبيّن الآن ليرفع الأنصار ويعطيهم حقهم أكثر مما أعطى غيرهم من حطام الدنيا، فخطبهم فقال: ((يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ )) نعم كانوا ضالين، ((ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ )) كانوا كفار، ((فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين)) يعني بينهم محن وعداوات وحزازات جعلت أقرب القريب من أبعد الناس عن قريبه، ((وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالةً فأغناكم الله بي؟ )) قال: ((ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي؟ )) قالوا: "الله ورسوله أمنّ" يعني ما قالوا: أنت وجدتنا ضلال؛ لكن أيضاً وجدت قريش ضلال، وش الفرق؟ ما يمكن أن يقال مثل هذا الكلام؟ لكن هؤلاء الأنصار ((آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)) هؤلاء الأنصار بإمكان الواحد منهم أن يقول: جماعة قريش كانوا ضلال فهداهم الله، إيش الفرق؟ ليش تعطيهم واحنا لا؟ ما هو يمكن أن يقال هذا الجواب وهو صحيح؟ ما كانوا ضلال قريش وهداهم الله؟ كان جوابهم: "الله ورسوله أمنّ" المنّة لله -جل وعلا-، ((وكنتم متفرقين فألفكم الله بي)) قالوا: "الله ورسوله أمنّ" ما ردوا عليه بردٍ يمكن أن يكون مقبول، الله ورسوله أمنّ، ((وعالة فأغناكم الله بي)) وما قالوا أيضاً: قومك أكل بعضهم بعضاً، لما دعوت عليهم، وأكلوا الهوام، وأكلوا الجيف، وأكلوا كل شيء، ((عالةً فأغناكم الله بي؟ )) قالوا: "الله ورسوله أمنّ" النبي -عليه الصلاة والسلام- اقتنع إلى ما عندهم، اطمأن إلى ما في قلوبهم؛ لكن أراد أن يزيدهم طمأنينة وأن يرفع من شأنهم، قال: ((لو شئتم لقلتم: جئتنا بكذا وكذا، لو شئتم قلتم فصدقتم وصدّقتم، لو شئتم قلتم: جئتنا مكذباً

فصدقناك)) صحيح، كذبته قريش فهاجر إلى المدينة، ((ج ئتنا مخذولاً فنصرناك)) أخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- ((أومخرجيهم؟ )) قال: نعم، فأخرج من بلده، ((وطريداً فآويناك، وعائلاً فواسيناك)) هذا الكلام صحيح؛ لكن فيه إظهار للمنّة، ما يقولون مثل هذا الكلام وإن كان حقيقة وواقع؛ لأنهم لا يرون لأنفسهم منّة على الله ولا على رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وبهذا استحقوا هذه المنزلة، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي إلى رحالكم؟ )) يعني سهل أن يذهب الناس بحطام الدنيا، وأنتم تذهبون بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، أشرف مخلوق إلى رحالكم؟ ((لولا الهجرة لكنت امرؤ من الأنصار)) يعني لولا أن الله -جل وعلا- قسم خيار هذه الأمة إلى مهاجرين وأنصار والهجرة وصف شرعي تترتب عليه آثاره ولوازمه لا يمكن التخلي عنه كالنسب، لولا الهجرة لكنت امرؤ من الأنصار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بالمعنى العام للنصرة هو الذي نصر الله به الدين، وهو الذي أقام الله به الدين؛ لكن بالمعنى الخاص، بالمعنى الأعم يدخل المهاجرون في الأنصار؛ لأنهم نصروا الدين، أي نصرٍ أعظم من نصر أبي بكر وعمر للدين؟ فهم أنصار بالمعنى الأعم؛ لكن بالمعنى الأخص الذي يريد أن يقرره النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدخل فيه من ذكر، ((لولا الهجرة لكنت امرؤ من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها)) نعم كان الناس لما كانوا ينتقلون ويضربون في الأرض من مكانٍ إلى آخر تجد كل جماعة مع بعض، أهل البلد الفلاني، أهل أفراد القبيلة الفلانية، أبناء الرجل الفلاني، المقصود من يجمعهم وصف واحد تجدهم في شعبٍ مستقل، هؤلاء الذين يجمعهم وصف واحد، ((ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعب الأنصار)) -عليه الصلاة والسلام-، فيقدمهم على غيرهم، يبقى في النفوس شيء بعد هذا الكلام؟! لن يبقى شيء قط، بل قد يجد من أعطي الأموال الطائلة في نفسه شيء من هذا الكلام؛ لكن الله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، ((إنما أنا قاسم والله المعطي)).

فيقول: ((الأنصار شعار، والناس دثار)) الشعار: هو اللباس الذي يلبس مما يلي البدن؛ لأن هذا اللباس الذي يلي البدن يلي شعر البدن مباشرةً فهو شعار، والدثار: ما يلبس فوقه، الشعار: هو الذي يلبس مما يلي البدن لأنه يلامس ويباشر شعر البدن، وما فوقه يسمى دثار. ((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) يعني كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- لو مثلناه في واقعنا، وقال أخونا: الثالث الذي أجاب بالجواب الدقيق أنت أعطيت فلان وفلان، وأنا جوابي هو الدقيق، يعني ما يكفيك من قول ما شاء الله، جوابك هو الصحيح الدقيق فعلى كل حال القبائل، هذه قبائل، الأوس والخزرج مثل بني تميم يزيدون وينقصون، هي قبائل على كل حال، الأنصار شعار مثلهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بما يلامس جسده الطاهر الشريف وغيرهم دثار، حتى قريش دثار، يعني يلبس فوق الشعار. ولذا جاء في حديث أم عطية في غسل ابنته -عليه الصلاة والسلام- قالت: "فأعطانا حقوه، فقال: ((أشعرنها إياه)) يعني اجعلنه شعاراً، يلبس مما يلي البدن، والناس دثار، ((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) بلا شك حصل لهم ما حصل؛ لأن الملك في غيرهم، الملك الأئمة من قريش، ومعلوم أن طبيعة الملك تقريب الأقرب، طبيعة الملك هكذا؛ لأن البشر علمهم بالأقربين أكثر من علمهم بالأبعدين، وما دام يعرف حقيقة هذا الشخص من أقاربه ويخفى عليه حال البعيد يولي هذا القريب الذي يعرفه مع ما جبل عليه الناس من الميل إلى مثل هذا، فوجد الأنصار أثرة، وأمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالصبر، ((إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)) وهذا فيه بيان لمزيّتهم وشرفهم ومنزلتهم في الدين، وبيان أيضاً أنهم ممن سيرد الحوض على النبي -عليه الصلاة والسلام-، بلا شك الهجرة لها وقع وشأن في الشرع، يقولون: إيش دخل هذا الحديث في كتاب الزكاة، لماذا أدخل المؤلف -رحمه الله- هذا الحديث في كتاب الزكاة؟ إعطاء المؤلفة قلوبهم، وهو من مصارف الزكاة، وأيضاً؟ طالب:. . . . . . . . . ما يزكى، هو يقسم بين الغانمين، فمن غنم شيئاً، من ناله أكثر من النصاب وحال عليه الحول يزكي. طالب:. . . . . . . . .

لا الخمس هذا {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} [(41) سورة الأنفال] هذا ما له علاقة بالزكاة المقصود أن هذا له صلة بالزكاة من وجوه، أنه يشبه الزكاة في إعطاء المؤلفة كما ذكر الأخ، ونسمع الجواب الدقيق. أيضاً أن من أعطي من الزكاة أكثر من غيره أو أقل من غيره أن يمتثل هذا الحديث، ويتصور أن المعطي هو الله -جل وعلا-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، والغني الذي تجب عليه الزكاة إنما هو يتولى قسمة ما أعطاه الله -جل وعلا-، {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] يعني لو تصور اثنين ظروفهم واحدة أو واحد أفقر من الثاني ادخلوا على شخص غني جداً يوزع الزكاة، ثم قال: من أقل حاجة؟ هذا فقير لكنه أقل حاجة، هذه عشرة آلاف تصرف بهن خلال هذه السنة دبرهن على بيتك وعيالك، ثم جاء الثاني وهو أشد حاجة قال: والله ما عندي شيء، هل من حق هذا الفقير الذي ما أُعطي في المجالس يتحدث فلان حرمني فلان أعطى فلان وتركني؟ ليس له ذلك، الله -جل وعلا- هو المعطي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم، وهذا يعطي أو يقسم ما يعطيه الله -جل وعلا-، وما يكتبه الله -جل وعلا- لخلقه على يديه، أبداً، فليتصور الفقير مثل هذا، ما يقول: والله هذا يتخبط في مال الله يعطي فلان ويحرم فلان، نعم أنت مخاطب بأن ترضى وتسلم؛ لكن أيضاً الغني مخاطب بأن يرفع حاجة الفقير، لكل شخص ما يخصه من الخطاب، الخطاب الشرعي، ليس معنى هذا أن الأغنياء يرون شخص فقير ويقولوا: هذا والله ما كتب الله له شيء محنا معطينه، معنى هذا أنه يحرم بعض الناس يقول ما كتب الله لك شيء، أنت مأمور بأن تعطيه إذا كان فقير، لكن كون تقدم عليه واحد وتأخر واحد والآن ما معك شيء أو الرصيد ما في شيء اليوم، ممكن هذا، هذا الذي ليس بيدك، أما إذا كان بيدك وهذا فقير وهذه زكاة طالعة طالعة ما تحرمه إلا بسببٍ بين، فإذا حرمته لسببٍ بين أنت مقتنع به، فالذي حرمه في الحقيقة هو الله -جل وعلا-، وإذا أعطيته لسببٍ ولمبررٍ واضح فالذي أعطاه في الحقيقة هو الله -جل وعلا-، وأنت وسيلة توصل هذا المال إلى عباد الله.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "فرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر -أو قال رمضان- على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، قال: فعدل الناس به نصف صاعٍ من برٍ على الصغير والكبير، وفي لفظٍ: "أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة". وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقطٍ، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاءت السامراء، قال: أرى مداً من هذا يعدل مدين؟ قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صدقة الفطر، صدقة الفطر مضاف ومضاف إليه والإضافة سببية؛ لأن هذه الصدقة سببها الفطر من صيام شهر رمضان، وهي شكر للمنعم على الإتمام، وتجب بغروب الشمس، بغروب شمس آخر يومٍ من رمضان؛ لأن سببها الفطر، والفطر يكون في هذا الوقت، والوجوب الذي يذكر في مثل هذا يراد منه أن من ولد بعد غروب الشمس، أو مات قبل غروبها، أو ولد قبل غروبها أو مات بعد غروبها إذا قلنا: سبب الوجوب السبب هذا الوقت فمن مات قبل غروب الشمس تخرج عنه صدقة الفطر؟ تخرج وإلا ما تخرج؟ لا تخرج؛ لأنه مات قبل وقت الوجوب، مات بعد غروب الشمس؟ تخرج عنه ولد قبل غروب الشمس؟ تخرج عنه وإلا ما تخرج؟ تخرج، ولد بعد غروب الشمس لا تخرج إلا على سبيل الاستحباب؛ لأنها تستحب عن الحمل، فهذا معنى كون الإضافة سببية، صدقة الفطر شرعت طهرة للصائم، إنما شرعت طهرةً للصائم، تطهره وترفو ما اشتمل عليه صيامه من خلل، وترقع ما فيه من فتوق.

وعلى كل حال هي عند عامة أهل العلم واجبة، ووجوبها ثابت بالكتاب والسنة والإجماع {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(15) سورة الأعلى] {تَ زَكَّى} زكاة الفطر {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} يعني صلاة العيد، بينما جاء في عيد الأضحى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] وهنا {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} يراد زكاة الفطر، وصلاة العيد، وأما السنة فالأدلة متكاثرة منها ما معنا، وتجب على جميع المسلمين ومن العدل بينهم أن يتساووا في هذه الفريضة، الكبير والصغير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والوضيع والحقير والكبير والشريف، كلهم فطرتهم صاع، وهذا شأن هذا الشرع المطهر في تشريعه العام، ما يقال: هذا والله كبير، هذا شريف يكفي، لا بد أن يؤخذ منه عشرة آصع، وهذا وضيع من أسرةٍ تجد ما تخرج لكنها ليست ذات بال ولا شأن، يكفي منهم الذي يجي بس، لا لا، مثل هذه الأمور لا توكل إلى الاجتهاد، ولذا في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر أو قال: صدقة الفطر من رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك، طيب الذكر والأنثى، الذكر صاع والأنثى صاع؟، أو نقول: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] الذكر صاع والأنثى نصف صاع؟ بالتساوي، طيب ما جاء في النصوص أن المرأة على النصف من الرجل في كم موضع؟ خمسة، ليس هذا منها، خمسة مواضع المرأة على النصف من الرجل من يذكرها؟ الدية، الميراث، الشهادة {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [(282) سورة البقرة] بقي اثنان: العقيقة عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، والعتق يعني يعتق رجل أو امرأتين، فعتق الرجل يعادل عتق امرأتين، ليس هذا منها، ما يقال: والله المرأة على نصف، الذكر مثل حظ الأنثيين، ما تطلع إلا نصف صاع، لا لا أبداً، على الذكر والأنثى، فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معنى فرض يعني أوجب أو قدّر، فزكاة الفطر واجبة؛ لأن معنى فرض أوجب، ومنهم من يقول: فرض هنا بمعنى قدّر، قدر زكاة الفطر صاع، صدقة الفطر صاع، يعني

مقدرة من قبل الشارع، معنى فرض قدر، وبهذا لا يلزم الحنفية بمخالفة اصطلاحهم، الحنفية يرون زكاة الفطر واجبة، عند الأكثر ما في مشكل سواء كانت واجبة وإلا فريضة ما في فرق، بالإمكان أن يقول الحنبلي زكاة الفطر فريضة وواجبة ما يفرق أو المالكي أو الشافعي؛ لكن إذا قلت للحنفي: زكاة الفطر فريضة وإلا واجبة؟ لقال: لا واجبة ليست فريضة، طيب ابن عمر يقول: "فرض رسول الله .. فريضة؟ هل نقول: أن اصطلاحهم خالف النص أو يقولون: فرض بمعنى قدّر، ويسلم اصطلاحهم لهم؛ لأنهم يفرقون بين الفرض والواجب، الفرض ما ثبت عندهم بدليلٍ قطعي، والواجب ما ثبت بدليلٍ ظني، والدليل مثل هذا يسمونه ظني؛ لأنه خبر آحاد، فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، طيب إذا اختلفت الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية، عرفهم الخاص أن زكاة الفطر ليست فريضة، وابن عمر يتحدث عن الحقيقة الشرعية، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فرض صدقة الفطر، تقدم الحقيقة العرفية وإلا الحقيقة الشرعية؟ يعني لما يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) يقول جمهور أهل العلم: الغسل يوم الجمعة ليس بواجب نقول هذه معاندة؟ لا، ليست معاندة، حينما يقول الحنفية: زكاة الفطر ليست فريضة، مع قول الصحابي هذا هذه ليست معاندة، لو يجي واحد من الموجودين الناس الآن ويقسم بالله أنه ما رأى في عمره جمل أصفر، نقول: كذبت، تب إلى ربك أنت خالفت القرآن؟ {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] نقول: والله الأصفر ذا اللي حنا نشوفه ذا هو هذا الأصفر عند الناس؟ نقول: والله ما شفت جمل بهذي الصورة، يعني تعارض الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية ليست معاندة؛ لأن الجهة منفكة، هو يحلف على شيء وأنت تقرر شيء، فلا يسمى هذا معاندة، على كل حال المسألة تحتاج إلى شيءٍ من العناية والبسط؛ لأنه كثير من الحرج الذي يقع به بعض الناس يزول بمثل هذا، وعلى كل حال كل ما أمكن أن تتحد الحقيقة العرفية مع الحقيقة الشرعية فهو أولى، فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر، أو قال: رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك، وتقدم في المملوك، تقدم فيه ليس على المسلم في عبده ولا

فرسه صدقة، وفي لفظٍ: "إلا زكاة الفطر، على الذكر والأنثى والحر والمملوك" يعني هل زكاة الفطر على كل مسلم بمعنى أنها تجب عليه؟ وهو المخاطب بها؟ فالمملوك يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه؛ لأنها زكاة، مفروضة عليه، المرأة يجب عليها أن تخرج زكاة الفطر، الصغير يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر، أو أن المخاطب بهذا السيد والزوج والأب بالنسبة للصغير؛ لأنه يقول: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر أو قال: رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من شعير" يعني هي مفروضة على من يتجه إليه الخطاب، يعني مملوك ما يملك، ما عنده، ولا بد من إخراج الزكاة عنه من مال سيده؛ لأنه لا يملك، إذاً هي مفروضة على السيد وإلا على المملوك؟ انظروا في النص، مقتضى النص، طيب المملوك يقول: أنا مملوك وش عندي ما أملك أنا، مسكين، والمرأة تقول: أنا والله ما عندي شيء، مصروفي يالله يكفيني، الصبي الصغير يقول: فرض الله علي لكن أنا ما عندي شيء، فهل تسقط عنهم زكاة الفطر أو يلزم وليهم؟ إذاً الخطاب يتجه لمن؟ فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر على الذكر والأنثى والحر والمملوك صاعاً؟ يعني (على) يعني في حق هؤلاء على أوليائهم، صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، قال: "فعدل الناس به نصف صاعٍ من بر على الصغير والكبير" وفي لفظٍ: "أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى" الصاع من هذه الأنواع من التمر، من الشعير، من الطعام، من الزبيب، من الأقط تنوع هذه الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر يدل على أن المقصود قوت البلد، تنوع هذه الأنواع يدل على أن المراد هو قوت البلد، ولذا قال جمع من أهل العلم أنها ليست توقيفية، بمعنى أنها لا تصح إلا من الأنواع المذكورة، بل كل ما يقتاته الناس في بلد ٍمنا يخرج منه، وهو الأنفع لفقراء البلد، يعني لو تأتي بلد وهم ما يأكلون الشعير، فتعطي الفقير شعير، وإلا تعطيه رز؟ أيهما أفضل؟ الشعير منصوص عليه لكن الرز ما نص عليه، نقول: هذا أفضل، أقول: تنوع هذه المدفوعات يدل على أن المراد كما يقرره جمع من أهل العلم قوت البلد، وليست توقيفية، فعدل الناس به التمر والشعير وغيره نصف صاع من بر على

الصغير والكبير، وفي لفظٍ: "أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى" هذا وقتها، وكان الصحابة يعطونها قبل العيد بيومٍ أو يومين، كما في البخاري، كان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطونها قبل العيد بيومٍ أو يومين، وهذا فيه فرصة للآخذ والمعطي، فيه سعة، وإن كان الأصل أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى؛ لكن إذا تأخرت عن الصلاة فهي صدقة من الصدقات، فليست بزكاة فطر، فلا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الصلاة؛ لكن هذا خرج ومعه زكاة الفطر، وهو خارج إلى المصلى، معه زكاة الفطر له ولأولاده، افترض خمسة عشر صاع، كيس مليان ورابطه يبي يشيله معه بالسيارة انفك الكيس وانكب بالتراب، بحث عن ناس يبيعون ما وجد إلا بعد الصلاة، تحصل وإلا ما تحصل؟ انكب واختلط بالتراب وش يسوي عاد؟ يخرجها بعد الصلاة وإلا ما يخرج؟ يسعى أن يخرج ما يمكن إخراجه قبل الصلاة، يحرص على هذا، والذي لا يمكن، الشكوى لله، بعد الصلاة ضرورة هذه، وإلا فالأصل أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقطٍ، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاءت السامراء قال: "أرى مداً من هذا يعدل مدين؟ والصاع كم مد؟ أربعة أمداد، الصاع أربعة أمداد، إذاً مدين تعدل الأربعة، والمدين نصف صاع، إذاً رأى معاوية أن نصف صاع من السمراء تعادل الصاع من غيرها، فكان يخرج معاوية نصف صاع، يقول: "فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال: أرى مداً من هذه يعدل مدين" فهذا فعل صحابي اجتهد ووافقه عليه بعض الصحابة، وخالفه آخرون، والعبرة بالمرفوع، والمرفوع ليس فيه إلا الصاع، فاجتهاد مرجوح، ولذا استمر أبو سعيد وجمع من الصحابة استمروا على ما كانوا يخرجونه في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وأبو سعيد معروف في ثباته، حتى في إنكاره على من يخالف السنة له مواقف -رضي الله عنه وأرضاه-.

طيب هذا شخص واحد زكاته زكاة الفطر بالنسبة له صاع، وقال: فرصة الآن من فطري ونتصور المسألة التي ذكرناها أنه انكب فجاء وقال: هذا الكيس يباع أنا بخرجه كله زكاة، صدقة عني، ثم حصل له ما حصل أراد أن يحمله ومع دخول الإمام قبيل دخول الإمام انكب، ووجد صاع يباع يكفيه أن يشتري هذا الصاع ويخرجه عن نفسه، أو نقول: الواجب عليك مثل الذي انكب منك كيس؟ المسألة تنطوي تحت قاعدةٍ عامة، الزيادة على القدر المحدد شرعاً عند أهل العلم إن كانت الزيادة متميزة بنفسها فالقدر الزائد نفل، وإن كانت الزائدة غير متميزة فالجميع واجب، أنت ما عليك إلا صاع، فطلعت كيس هذا غير متميز، الفرق ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ هذه مسألة معروفة عند أهل العلم، يعني شخص أخرج دينار عن عشرين، خلينا نجيب مثال الذي بروضة الناضر الذي درستوه كلكم، كمن أخرج ديناراً عن عشرين، يجب عليه في العشرين كم؟ نصف دينار، فجاء وأخرج دينار، هل نقول: أن الواجب عليك نصف دينار، والثاني تطوع، أو نقول: الكل باعتباره غير متميز؟ نعم لو أخرج نصف دينار، قال: خذ وأنت خذ نصف الدينار الثاني، خلاص انتهى الإشكال، متميز، وهذا لو جاء بالآصع كل واحد بمفرده، قلنا: هذا الواجب والبقية نفل؛ لكن هذا طلع كيس كامل صدقة الفطر وهو واحد، يرى بعضهم أن الزيادة إذا لم تكن متميزة فهي واجبة عليه، فعلى هذا يلزمه بدل الواجب كيس كامل، ما يكفي صاع.

نأتي إلى القدر الزائد عن الواجب في الركوع، القدر الواجب في الركوع أن يطمئن راكعاً، ويأتي بالتسبيح ولو مرة، وما زاد على ذلك فهو سنة، دخل واحد وجد الإمام راكع ومطمئن ومنتهي من القدر الواجب، وزاد الإمام من أجل هذا الداخل زيادة تسبيحات واطمئن زيادة، الآن نقول: هذا الداخل أدرك الإمام وهو مفترض وإلا متنفل؟ الآن القدر الزائد على الواجب نفل وإلا فرض؟ متميز وإلا غير متميز أو ما في فرق؟ هذا متميز وإلا ما تميز؟ هذا ما تميز يا إخوان، ولذلك الحنابلة ما يشكل عليهم مثل هذا في إمام المفترض خلف المتنفل، يطول الإمام ما شاء وزيادة غير متميزة والكل واجب، ولا يعني هذا أنه يأثم فيما لو تركه، خلاص ما يأثم لو ترك؛ لكنه حكماً حكمه حكم الواجب، ولذا لا يشكل عليهم في أصلهم في مسألة صلاة المفترض خلف المتنفل، فننتبه لمثل هذه الأمور. طالب:. . . . . . . . . لا هم عندهم القدر الزائد على الواجب، قاعدة معروفة، حتى الإخوان الذين درسوا روضة الناظر مرت عليهم، وقواعد ابن رجب مرت عليهم؛ لكن باعتبار روضة الناظر باعتبارها مقرر في الكليات معروفة قطعاً، ونذكر المثال كمن أخرج ديناراً عن عشرين، هذا مثال صاحب الروضة، وعلى كل حال صنيع أبي سعيد يدل على ما كان عليه من شدة الاتباع، والتمسك بالآثار، وترك العدول عن المأثور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى غيره مهما كان قائله، وهكذا ينبغي للمسلم أن يكون هواه تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-. هذا يقول: هل يجوز قول القائل: منة الله ولا منة خلقه؟ يعني لو أن شخصاً لا يستطيع الحج، وجاء واحد قال: هذه خمسة آلاف حج، يقول له: يا أخي أنا الآن معذور ومنة الله ولا منة خلقه، هذا الكلام صحيح من حيث المعنى، الله -جل وعلا- أمنّ، هو الذي منّ عليك بأن لا تتكلف فوق طاقتك، والمال المبذول من قبل هذا التاجر لا يسلم من منّة، فالمعنى صحيح؛ لكن يحتاط الإنسان في كلامه أكثر. ما مقدار القلتين؟ خمس قرب، يعني خمسمائة رطل عراقي، كما قال أهل العلم. يقول: ما صحة الزيادة في هذا الحديث: ((ما نقص مال من صدقة، بل تزده، بل تزده، بل تزده))؟

لا، ((بل تزده)) هذه ليست ثابتة، ومن حيث العربية صحيحة وإلا ليست صحيحة؟ بل تزده بل تزده؟ يعني من حيث العربية غير صحيحة، الأصل: بل تزيده. حديث: ((الأذنان من الرأس))؟ ضعيف. قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: كتاب الصيام: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصم)) وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا السائل يقول: سؤال من الأمس أجلناه لليوم، للمناسبة يقول: لماذا قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- الحج على صوم رمضان في حديث ابن عمر؟ في حديث ابن عمر المتفق عليه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) هذا المتفق عليه والمخرج في الصحيحين، وخرج الإمام مسلم من حديثه عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان والحج)) فقيل له -لابن عمر-: "الحج وصوم رمضان؟ قال: لا، صوم رمضان والحج".

فالروايات المتفق عليها فيها تقديم الحج على الصيام، وعلى هذا بنى الإمام البخاري -رحمه الله- تعالى ترتيب كتابه، فقدم المناسك والحج على الصيام، فالبخاري -رحمه الله- تعالى بنى كتابه، ترتيب كتابه على الرواية التي خرجها المتفق عليها في تقديم الحج على الصيام، ومسلم كغيره من عامة أهل العلم مشى على تقديم الصيام على الحج، والأكثر على أن الصيام أهم من الحج، وأعظم من الحج، والبخاري في تقديمه الحج على صوم رمضان يفهم منه أن الحج عنده أعظم من الصيام، وباللفظين جاء الخبر الصحيح، كيف يروي ابن عمر الحديث ويقدم الحج على الصيام ويخرج عنه في الصحيحين؟ وينكر على من رد عليه في صحيح مسلم تقديم الصيام على الحج؟ قال: "لا، صوم رمضان والحج" فأهل العلم يقولون: أن ابن عمر يروي الحديث من الوجهين، سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- بتقديم الصيام مرةً وبتقديم الحج مرة، وخرجه العلماء على هذا الأساس، وأن كل منهما صحيح، ومعروف في العربية أن الواو لا تقتضي ترتيب، إذاً ما دام على الوجهين عند ابن عمر كيف أنكر على من قال له: الحج وصوم رمضان، أنكر عليه أن يتدخل ويستدرك ما لا علم له به، ابن عمر عنده خبر أنه مرةً قدم هذا ومرةً قدم هذا، ورواه على الوجهين؛ لكن بعض الناس يرد ما لا يعرفه فمثل هذا يؤدب، كأن ابن عمر قال له: أنا أعرف منك، أنت سمعت الخبر من طريقي، والحديث عندي على الوجهين فلا ترد علي، خلي مرةً أروي على هذا ومرةً أروي على هذا، فإنكاره عليه من باب تأديبه وزجره، ومنهم من يقول: يحتمل أن ابن عمر نسي، هو يرويه عن الوجهين، ونسي الوجه الثاني لما رد على من استدرك عليه، ونسي الوجه الثاني لما استدرك عليه المستدرك، وعلى كل حال الوجهان صحيحان، والأكثر على تقديم الصيام، والرواية المتفق عليها بتقديم الحج، والحج شأنه عظيم، لو لم يكن فيه إلا قول الله -جل وعلا-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] خطر عظيم الذي يجد، ويستطيع الحج ولا يحج، وجاء عن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى الأنصار أن ينظر إلى من كانت عنده

جدة، ويستطيع الحج فلم يحج أن تضرب عليه الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين، ولهذا قدم البخاري الحج على الصوم استناداً على الرواية، ولما جاء في ذلك من نصوص تعظم شأن الحج، جاء في الصيام أيضاً نصوص شديدة، من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر ولو صامه، فالأمر ليس بالسهل، ركن من أركان الإسلام شأنه عظيم، حتى قال بعض أهل العلم بكفر تاركه، ولو أقر بوجوبه، يعني كما ذكرنا في درس الأمس في الزكاة، أن من أهل العلم من يرى كفر تارك الأركان العملية، تارك أحد الأركان العملية، وهي رواية عند الإمام أحمد رجحها بعض أصحابه، وذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان، المقصود أن الأركان شأنها عظيم، الأركان شأنها عظيم، ومنها الصيام الذي معنا، وما يليه من الحج، وما قبله من صلاةٍ وزكاة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الصيام، كتاب تقدم التعريف به، والصيام مصدر صام يصوم صياماً كقام يقوم قياماً، ومنهم من يقول: كتاب الصيام، ومنهم من يقول: كتاب الصوم، وهو اسم مصدر أيضاً لصام، كما يقال: نام ينام نوماً، على كل حال هما مصدران للفعل صام، والصيام في اللغة: الإمساك {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [(26) سورة مريم] إمساك عن الكلام. خيل صيام وخيل غير صائمة *****. . . . . . . . .

المقصود أن منها الممسك عن الأكل، ومنها الخيل التي تأكل، فمجرد الإمساك في لغة العرب يسمى صيام، وهو في الشرع الإمساك في النهر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن المفطرات من أكلٍ وشربٍ وجماع، الإمساك عن المفطرات بنية، بنية التقرب من أكلٍ وشربٍ وجماع، هذا هو الصيام الشرعي مما ورد في الشرع، هذا الصيام الشرعي؛ لكن لو أمسك عن الطعام من طلوع الشمس إلى غروبها، هذا ممسك عن الأكل، وهو صائم لغةً؛ لكن هل صيامه شرعي؟ يؤجر عليه؟ لا يؤجر على مثل هذا الصيام، وإن تعبّد به دخل في حيّز الابتداع، بدعةً أن يمسك الإنسان بنية التقرب إلى الله -جل وعلا- من طلوع الشمس إلى غروبها، ومما يذكر الأستاذ أحمد أمين أديب معروف، وتولى القضاء الشرعي، ودرس في المدارس الشرعية؛ لكنه محسوب في الجملة على الأدباء، يذكر في مذكراته كتاب اسماه (حياتي) أنه ممن درسه في مدرسة القضاء الشرعي شخص أعجبه في علمه وسمته، ثم انقطع خبره هذا الشخص، يقول: بحثت عنه عشر سنين لم أجده، ثم تيسر له أن سافر إلى تركيا فوجد شخص هناك قد انقطع عن الناس، ولزم الصيام والقيام، لزم الصيام والقيام، تصوّف على حد زعمه؛ لكن يقول: كان يصوم من ارتفاع الشمس إلى غروبها، طيب ما السبب؟ يقول: بجواره في السكن أو في الشقة التي يسكنها تحتها أسرة ما أدري الآن هل قال: يهودية أو نصرانية، يخشى أن يزعجهم إذا قام قبل صلاة الفجر، وأعد السحور، وتسحر وصام صيام شرعي، قلت: سبحان الله، يعني من لوازم شهادة أن محمداً رسول الله أن لا يعبد الله إلا بما شرع، لا بالبدع، هذه بدعة، والداعي إليها يعني المبرر قبيح، ليس له مستند لا عقل ولا نقل، لئلا يزعج الأسرة اليهودية أو النصرانية التي تسكن تحته، نسأل الله السلامة والعافية.

{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [(8) سورة فاطر] هذا ليس بصيام، إنما الصيام من طلوع الفجر، مقرون بالنية إمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا هو الصيام الشرعي، ولا بد أن يكون ليؤتي ثماره أن يكون على الوجه المطلوب، على الوجه الشرعي، على الطريقة النبوية؛ لأن بعض الناس يصوم يمسك عن المفطرات الحسية، ويزاول ما يزاول من جرائم ومنكرات، هل هذا صيام؟ نعم هو صيام مجزئ ومسقط للطلب، لا يؤمر بإعادته؛ لكن هل تترتب عليه آثاره؟ الفائدة العظمى من مشروعية الصيام التقوى، الثمرة العظمى من مشروعية الصيام أنه مورث للتقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] هذه هي الثمرة العظمى من مشروعية الصيام، فالصيام الذي لا يورث تقوى ولا يكف عن معاصي هذا وإن أسقط الطلب إلا أنه لا تترتب آثاره عليه، مثل هذا قل في كثيرٍ من الناس الذين يصلون، يحافظون على الصلوات مع الجماعة، الصلوات الخمس يحافظون عليها مع الجماعة، ويزاولون المنكرات والفواحش {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(45) سورة العنكبوت] يعني هل هذا كلام من؟ كلام الله -جل وعلا-، لا يختلف كلامه ولا يتخلف، الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، طيب هذا يصلي لكن إيش الفائدة؟ ليست هذه الصلاة كما أمر الله -جل وعلا-، الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي التي تقام على مراد الله -جل وعلا-، وعلى ضوء ما جاء عن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، امتثالاً لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) يعني الصلاة المقبولة والصيام المقبول لا أعني الصيام الصحيح في عرف الفقهاء الذي لا يؤمر بإعادته، أعمال الفساق كلها غير مقبولة، وإن لم يؤمر بإعادتها، بل يحكم بصحتها {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] فالذي يزاول المنكرات، ولا يتقي الله -جل وعلا- في فعل الأوامر واجتناب النواهي، هذا لا يتقبل الله منه عبادته، ومعنى نفي القبول هنا نفي الثواب المرتب على العبادات، وإلا فعبادات الفساق

صحيحة، بمعنى أنها مجزئة ومسقطة للطلب لا يؤمرون بإعادتها، والصيام كما أنه مورث للتقوى أيضاً هو مورث لمنزلة المراقبة لله -جل وعلا-، المراقبة، منزلة الإحسان، أن تعبد الله كأنك تراه، كيف الصيام دون غيره يورث منزلة المراقبة؟ لأن الصيام سر بين العبد وربه، بإمكانه أن يفطر والناس لا يشعرون، بإمكانه أن يفطر والناس لا يدرون به، بينما العبادات الأخرى يراه الناس، فإذا كان يصوم والناس لا يرونه، ويثبت على صيامه، الصيام الشرعي، لا شك أنه يراقب الله -جل وعلا- في صيامه، وإذا تولدت عنده هذه الملكة، وهذه المنزلة، منزلة المراقبة اتقى الله، وترك ما حرم الله، وفعل ما أمره الله به، ولذا جاء في الحديث القدسي: ((الصوم لي، وأنا أجزي به)) سر بين العبد وربه، ما الذي يمنعه أن يدخل في غرفته ويحكم إغلاق الباب، وكثير من الغرف الآن لما وسع الله على الناس فيها كل ما يحتاجه الإنسان، لو يغلق عليه الباب –باب غرفته- أيام ما تأثر، عنده الثلاجة، وعنده فيها الأكل والشراب، فيها كل ما يحتاجه، والله المستعان. فإذا ترك هذا من أجل الله -جل وعلا- لا شك أن هذه مراقبة في الخلوة، والمراقبة في الخلوة تبعث على مراقبة الجلوة، يعني بين الناس، وهذه المنزلة منزلة عظيمة جداً، قد لا تحصل لكثيرٍ من المسلمين، منزلة بعد الإيمان كما في حديث جبريل، فالإنسان عليه أن يسعى لتحصيلها.

يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى في الحديث الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقدموا رمضان)) الأصل ((لا تتقدموا رمضان)) يعني بأن تصوموا قبله بيوم أو يومين، ((لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين)) وهذا النهي إنما ينهى من صام آخر شعبان، آخر يوم أو يومين من شعبان للاحتياط، بنية الاحتياط لرمضان، خشية أن يكون من رمضان، وهو لا يشعر، هذا جاء النهي عنه، جاء النهي عنه، والاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور، فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، كما قال شيخ الإسلام، ((لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين)) لأن عندنا عبادات شرعية محددة، معلومة الأول والآخر، مبنية على وسائل شرعية، لا بد من رؤية الهلال، أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، فإذا رؤي الهلال لزم الناس الصيام، كما سيأتي، وإذا أكمل الناس شعبان ثلاثين يوماً صام الناس، أما أن يقال: يصوم الناس احتياطاً، الناس ما رأوا الهلال، احتمال أن يكون ظاهر وهو ما ظهر؟ لا، هذا هو الاحتياط الذي جاء النهي عنه، عندنا وسائل شرعية، يلزمنا العمل بها ولو أخطأنا في تطبيقها، لو أخطأنا في تطبيقها، افترض أن الهلال ظاهر؛ لكن ما رآه أحد، وعلق الأمر بالصيام برؤية الهلال، ثم بعد ذلك لما أتممنا ثمان وعشرين يوم رأينا هلال الفطر، هل نكون فرطنا بشيءٍ من ديننا أو أثمنا؟ لا، عندنا مقدمات شرعية لا بد من توافرها، ليس هذا ناتج عن تفريط، لا أبداً، فالصيام عبادة معروفة الأول والآخر مبنية على وسائل شرعية، كما أن القاضي إذا حكم بالبينة والمفترض في البينة أن يكونوا ثقات، إذا تحرى وشهد عنده الثقات وقبل شهادة هؤلاء الثقات وحكم بموجب شهادتهم ولو أخطأ، ولو كذبوا في شهادتهم؛ لأن المسألة مفترضة في ثقات، والثقة معروف أنه ليس بمعصوم، قد يخطئ، المقصود أن الحكم صحيح، ولذا جاء في الحديث الصحيح: إنما أنا بشر أقضى على نحو ما أسمع، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي، فلنفترض أن القاضي مثل أمامه شخصان، مدعي ومدعى عليه، فأحضر المدعي شاهدين، تحرى القاضي في أمر الشاهدين وغلب على ظنه أنهما ثقتان، وحكم بموجب ذلك، ثم تبين بعد ذلك أن

الشاهد أحد الشاهدين أو هما معاً، كذبا في شهادتهما، يأثم القاضي؟ ما يأثم المقدمات الشرعية والتحري المطلوب بذل، وما وراء ذلك هو بشر، يحكم على نحو ما يسمع، وهنا عندنا مقدمات شرعية، بحيث لو أخطأت هذه البينة لا يأثم الناس ولو صاموا ثمان وعشرين، ثم أكملوا يوماً بعد العيد، لذلك يكثر الكلام قبيل رمضان والقيل والقال والصحف ويتكلم أهل العلم وغيرهم في هذه المسألة، ويتدخل بعض العوام الذي يهمه شأن عباداتهم؛ لكن عن جهل، يقول: ما الذي يضر أن يصوم الناس زيادة يوم أو يومين؟ ما يضر، حتى قال بعض أهل العبادة من الجهال في زمنٍ مضى: أنه يجوز أن تشهد أنك رأيت الهلال وأنت ما رأيته، وش ينقص الناس؟ زيادة يوم والحمد لله، أولاً: يكفون عن كثيرٍ من الشرور، ويصومون والصيام عبادة، نقول: هذه من أعظم الجرائم، يعني كمن يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليرغب الناس في الدين، وفي قراءة القرآن، هذا جهل مركب، وعاقبته وخيمة، الدين كامل، ليس بحاجة إلى اجتهادات، وليس بحاجة إلى زيادات. ((لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه)) افترضنا أن يوم تسع وعشرين وافق يوم الاثنين، وقد اعتاد صيام يوم الاثنين، نقول: صم يوم الاثنين؛ لأنك ما تصومه احتياطاً لرمضان إنما تصومه على عادتك، وهذا يقرب في باب الصلاة من ذوات الأسباب، يقرب في باب الصلاة من ذوات الأسباب، هو ما صلى من أجل طلوع الشمس ولا غروبها، وإنما صلى لقيام السبب، وهنا ما صام احتياطاً لرمضان، وإنما صام لملاحظة الوقت وهو الاثنين. قد يقول قائل: وهذا يحتاج ترى إلى ذكاء خارق هذا السؤال؟ إذا كان ممن يصوم الأيام البيض يصوم الثلاثة الأخيرة من شعبان؟ طالب: ما تجي؟

ما تجي؟ أيوه، لذلك أنا قلت: تحتاج المسألة إلى ذكاء، تجي وإلا ما تجي؟ ما تجي صحيح؛ لأن البيض في منتصف الشهر، إيه خلي الإخوان يتحركون شوي، الخميس والاثنين تجي؛ لكن ما يجي الجميع الاثنين والخميس؟ أحدهما، إما الاثنين اعتاد أن يصوم الاثنين أو يصوم الخميس، فصادف يوم تسع وعشرين يوم اثنين أو يوم خميس يصوم، وفي الحديث: ((إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه)) أو كان شخص عليه قضاء من رمضان الماضي باقٍ عليه يوم يصوم هذا اليوم. طالب:. . . . . . . . . ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) على كل حال الحديث في ثبوته نظر. طالب:. . . . . . . . . لا، الأفضل أنه يصوم، ((إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه)) لأنه واضح أنه يصوم على العادة لا يصوم احتياطاً لرمضان، وفي الحديث الثاني يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له)) ((إذا رأيتموه)) يعني هلال رمضان، الضمير يعود إلى الهلال، ولم يجرِ له ذكر سابق للعلم به ((إذا رأيتموه فصوموا)) الضمير يعود إلى هلال رمضان، ولو لم يجرِ له ذكر؛ لأنه لا لبس في هذا ولا إشكال ((إذا رأيتموه فصوموا)) أمر بالصيام بعد رؤية الهلال {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] (إذا رأيتموه) رأيتم الهلال، وهو خطاب للأمة بكاملها، خطاب لمجموع الأمة هل هو خطاب لمجموع الأمة أو خطاب لجميع الأمة؟ في فرق وإلا لا؟ خطاب للجميع أو للمجموع؟ لمجموع الأمة، خطاب لمجموع الأمة، لأننا لو قلنا: أنه لجميع الأمة تناول كل فرد من أفرادها أن لا يصوم حتى يرى الهلال، وهذا ليس بمراد، بل الأمة بمجموعها إذا رؤي فيها الهلال لزمهم الصوم.

((إذا رأيتموه فصوموا)) معلوم في هذا الحديث أنه علق الصوم بالرؤية، وقلنا: أن الخطاب للمجموع لا للجميع، وعلى هذا إذا رآه من تثبت الرؤية بشهادته يكفي، ولا يلزم أن تراه الأمة كلها، أو يراه من يلزمه الصوم على الأقل، لا، والحديث علق لزوم الصوم بالرؤية، والأصل في الرؤية العين المجردة، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق] من ضعف بصره هل نقول: يجب عليك لئلا يترتب على هذا هجرك للقرآن أو تتخذ نظارة، أو تشتري مصحف كبير، أو نقول: أنك مكلف بعينك المجردة، وما عدا ذلك أنت لست مكلف فيه، أو نقول: أن هذا مما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؟ لأنه بيرد عندنا مسائل، مسائل الآلات الفلكية والمناظير والدرابيل، وهل يلزم استعمالها أو لا يلزم؟ هل نقول: أن هذا مما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، أو نقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق] أنا والله ما عندي نظارة آثم ليش ما أخذت نظارة لكي أقرأ القرآن؟ هجر القرآن لا يجوز، الهجر حرام، فهل يلزمني أن أتخذ نظارة أو أبحث عن مصحف كبير، إذا افترضنا أن المصحف بالحجم المتوسط أو الصغير قيمته عشرة عشرين، والكبير مائة ريال، هل يلزم أن أشتري كبير لأقرأ؟ لأن الهجر لا يجوز، وهذا لا يتم الواجب إلا به، القاعدة مقررة عند أهل العلم، أنه مما لا يتم الواجب إلا به، وفرق بين الواجب العيني والواجب الكفائي، الواجب العيني والواجب الكفائي، مثلما عندنا في الحديث واجب كفائي، لا يلزم الناس كلهم، إنما يلزم رؤيته من قبل من تثبت الحجة برؤيته، ومثل هذا لن يعدم في الأمة من يراه بعينه المجردة، يعني لا يتصور أن الأمة بكاملها لا يوجد فيها من يراه بعينه المجردة، ولهذا المعول عليه أنه لا يلزم استعمال الآلات في رؤية الهلال، إن رآه الناس بعينهم المجردة وإلا انتهت مسؤوليتهم، حينئذٍ لم يروه، ((إذا رأيتموه فصوموا)) لكن إذا استعملت الآلات، وتحقق من رؤيته بواسطة هذه الآلات، إذا وجدت هذه الآلات واستعملت وتحقق من رؤية الهلال بواسطتها لزم الصوم؛ لكنه لا يلزم استعمال الآلة، لأنه إذا رؤي من خلال الآلة صح أنه رؤي الهلال؛ لكن لا يلزم

استعمال هذه الآلة، بل المطالبة بالعين المجردة؛ لأن الله -جل وعلا- لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها، ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)) نعم، إذا رأيتم الهلال المخرج لشهر رمضان وهو هلال شوال، فأفطروا وجوباً، هذا شخص رأى هلال رمضان، وتقدم يدلي بشهادته فردت شهادته، أو رأى هلال شوال فردت شهادته، ما الذي عليه هو؟ الخطاب (إذا رأيتموه) جميع الأمة؛ لكن هل فيه: من رأى منكم الهلال فليصم ومن رأى منكم الهلال فليفطر؟ فيه {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] يصوم سراً وإلا جهراً؟ يعني رآه وردت شهادته، الناس كلهم يفطرون وهو وحده صائم، أو رأى هلال شوال وردت شهادته، الناس كلهم صائمون وهو مفطر؛ لأنه يوم عيد بالنسبة له، أو نقول: يلزمه ما يلزمه ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)) والخطاب للمجموع، ولذا يرى جمع من أهل العلم أن الصيام يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والحج يوم يحج الناس، وهذا قول معتبر عند أهل العلم، ومنهم من يقول: أنه يصوم سراً، ويفطر سراً؛ لأنه كما أنه خطاب متجه للمجموع إلا أنه فرد من أفراد هذا المجموع، يتصور خطابه بمثل هذا. طالب:. . . . . . . . . من إيش؟ الذي رآه فردت شهادته وصام سر، صام قبل الناس بيوم، ثم لما جاء هلال شوال ما رأى شيء، فأكمل ثلاثين ثم من الليلة القادمة ما رأوا الناس شيئاً، فأكمل الناس ثلاثين فهل يصوم واحد وثلاثين وإلا يفطر؟ لأنه صام قبلهم، صح وإلا لا؟ هذا السؤال وإلا لا؟ هل يصوم واحد وثلاثين؟ لأنه ما رؤي هلال شوال ليلة الثلاثين، فأصبحوا صائمين، إكمالاً للعدة ثلاثين، وفي حسابه يكون صام واحد وثلاثين، هل نقول: أن الشهر لا يمكن أن يزيد على ثلاثين يوماً فيلزمه الفطر، أو نقول: يصوم مع الناس وبهذا يتبين أن رؤيته للهلال خطأ، والخطأ يتصور، أنس بن مالك في آخر أيامه رأى الهلال، أين الهلال يا أبا حمزة؟ يقول: قدامكم شوفوه واضح؟ وش تبيّن؟ شعرة نازلة شوية، الخطأ وارد، وبهذا يتبين أنه خطأ فيلزمه أن يصوم مع الناس ولا يفطر إلا مع الناس.

والدين الإسلامي دين ألفة واجتماع، .... عند من يقول بأنه يصوم، والذي يقول: لا يجوز له أن يصوم إلا مع الناس ما له أجر؛ لأن عندنا مقدمات شرعية، وعرفنا أن العبرة بتوافر هذه المقدمات، سواء أصابت الواقع أو لم تصب، مثل البينات عند القضاة، يعني بعض الناس يجد في نفسه على العلماء هم يتحرون ويبعثون ناس ويحثون الناس قبل رمضان بشهر أو شهرين، وهم يحثون الناس على ترائي الهلال، ثم بعد ذلك بعض الناس من شدة الحرص يقول -الله أعلم- جايهم ناس، وقد سمعنا من يتكلم كثيراً، جايهم ناس يشهدون بس ما هم حريصين يا رجال، شلون حريصين؟ يا أخي هذه مقدمات شرعية تبنى عليها نتائج شرعية، كونها أصابت الواقع أو لم تصب ما هم مسؤولين عن هذا، هو مسؤولين عن يطبقوا الشروط على هذا الشخص الذي جاء يشهد، القاضي مطالب بأن ينظر في حال هذا الشاهد، إن كان ممن تقبل شهادته يرتب عليه الحكم، كونه أصاب ما في الواقع أو لم يصب ما هو إليه هذا، الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي إيش يقول؟ ((إنما أنا بشر، أحكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقضي له بقطعةٍ من نار، فليأخذها أو يذرها)) والرسول -عليه الصلاة والسلام- يشرع للأمة، ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)) ما عندنا أكثر من هذا، يعني كون الناس يتراؤونه ولا يرونه خلاص ما بيديهم شيء؛ لأن على الإنسان أن يبذل ما في وسعه ويجتهد؛ لكن إذا ما حصل ما في فائدة، ((فإن غمّ عليكم فاقدروا له)) يعني ما ترك شيء، ((فإن غمّ عليكم فاقدروا له)) ترائى الناس الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وفيه غيم وقتر وغبار ما استطاعوا (اقدروا له) إيش معنى اقدروا له؟ تفسرها الرواية الأخرى: ((فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثون)) ومنهم من فهم أن (اقدروا) بمعنى ضيقوا، دليله قوله -جل وعلا-: {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [(16) سورة الفجر] يعني ضيق عليه رزقه، والتضييق يكون بإيش؟ الآن ((فإن غم عليكم فاقدروا له)) ضيقوا عليه، ومن يقول بهذا القول أنه يضيق شهر شعبان، إيش معنى يضيق شهر شعبان؟ بأن يجعل شعبان تسع وعشرين يوم، ويصوم الناس يوم الغيم، ويوم القتر، ويومه

يوم الشك، وهو يوم الشك الذي جاء فيه: "من صام الشك فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، ((فإن غمّ عليكم فاقدروا له)) حتى على التأويل الثاني (فاقدروا له) الضمير يعود على شعبان أو رمضان؟ يعني نضيق شعبان وإلا نضيق رمضان؟ الذي استروح إلى أن معنى القدر هنا التضييق يرى أن التضييق يكون في شعبان ليكون تسع وعشرين ويصام رمضان لاحتمال أن يكون الهلال طالع، وعرفنا أن هذا يسمى يوم الشك، وجاء فيه الحديث: "من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-" لكن ما الذي يمنع فاقدروا له أي ضيقوا عليه على رمضان، بأن تكلموا عدة شعبان ثلاثين كما تفسرها الرواية الأخرى، فيه ما يمنع؟ ما فيه ما يمنع وحينئذٍ يتفق التقديران، الإمام أحمد يروى عنه في المسألة ثلاث روايات: "وإن حال دونه غيم أو قتر فظاهر المذهب يجب صومه" هذه عبارة إيش؟ عبارة من؟ الزاد، يجب صومه واعتماداً على اختيار ابن عمر -رضي الله تعالى عنه-، وظاهر المذهب يجب صومه، ورواية أخرى أنه يجوز صومه، والقول المرجح وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يجوز صومه؛ لأنه هو يوم الشك، وعلينا حينئذٍ أن نكمل شعبان ثلاثين يوماً. طالب:. . . . . . . . . إيه لكن ما الذي يريدنا أن هذا الشهر المنازل فيه تسع وعشرين أو ثلاثين؟ طالب: بالحساب.

الحساب مهم؛ لكن افترض أنه ما وجد حاسب، تضيع الأمة؟ لا لا، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها؛ لأن القدر الزائد الذي تدرك به الأمور الشرعية القدر الزائد عن الأصل لا يطالب به؛ لأن المسألة مفترضة في أمةٍ أمية لا تكتب ولا تحسب، المسألة مفترضة كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب)) أشار إشارة الشهر هكذا وهكذا وهكذا، هذا الأصل، أننا أمة أمية، وعلّقنا بالرؤية، يعني نعود إلى الحديث لأن المسألة نخشى أن تطول، نعود إلى الحديث، وهو ((صوموا لرؤيته)) وقلنا: أنه خطاب لمجموع الأمة؛ لكن هل تلزم الأمة بكاملها برؤية بعضها؟ وبعبارةٍ أخرى هل المطالع مختلفة أو متحدة؟ حديث ابن عباس في صحيح مسلم مع مولاه كريب لما قدم من الشام، والناس صاموا يوم الجمعة لرؤية معاوية، وأهل المدينة لم يصوموا إلى يوم السبت، مقتضى الحديث كما قال ابن عباس أنهم لم يفطروا حتى رأوه أو أكملوا عدة شعبان، ورفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- "هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فهذا من أقوى الأدلة على اختلاف المطالع، وأن أهل كل إقليم يختلف مطلعهم عن الإقليم الثاني.

ابن عباس بهذا أفتى ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، من أهل العلم من يرى اتحاد المطالع، وأن الأمة ينطبق عليها هذا الحديث بمجموعها، رؤي الهلال في المشرق يصوم أهل المغرب؛ لأنه لا يتجه الخطاب لكل فردٍ فرد، ولا لأهل بلدٍ بلد مثلاً، بمفرده، بغض النظر عن البلد المجاور له، أو الذي يتحد معه في المطلع، وليس هناك وصف يمكن إحالة التفريق عليه، إلا مسألة اختلاف المطالع، ودليلها حديث ابن عباس، عموم الحديث يشمل جميع المسلمين، ولو اختلفت مطالعهم، حديث ابن عباس كأنه نص في الموضوع، يحتمل وإلا ما يحتمل؟ يتحمل اتحاد المطالع حديث ابن عباس، هذا اجتهاده ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن الذي يقول باتحاد المطالع يقول: أن قول ابن عباس هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني هل أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن نعمل باختلاف المطالع، أو الأمر العام: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) فيكون اجتهاد من ابن عباس في فهم الحديث؟ يحتمل الوجهين، يعني الذي يظهر أن ابن عباس سمع من النبي -عليه الصلاة والسلام- نص خاص في اختلاف المطالع، واستند إليه في عدم الفطر مع معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، هذا احتمال، والاحتمال الثاني أن ابن عباس فهم من هذا الحديث: ((صوموا لرؤيته وأفطروا .... )) ما رأيناه نحن في المدينة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((صوموا لرؤيته)) وبنوا على ذلك فتواه، فيكون اجتهاد من ابن عباس، وتبقى المسألة قابلة للاجتهاد، كلام واضح وإلا ما واضح؟ مسألة اختلاف المطالع لا شك أن حديث ابن عباس ظاهر فيها، لكن عليها لوازم، عليها لوازم يا إخوان، طيب رؤي الهلال في اليمن يلزمنا نصوم وإلا ما نصوم؟ رؤي الهلال في الشام يلزمنا نصوم وإلا ما نصوم على القول باختلاف المطالع؟ ما نصوم، أهل المدينة ما يصومون، بالنص، كلام ابن عباس؛ لكن هل الحضر والقريات وتبوك يصومون وإلا ما يصومون؟ تبعاً للشام وإلا تبعنا؟ يعني يلزم عليه لوازم، يمكن ما تنضبط أمور المسلمين بهذا؛ لأن الحدود السياسية يعني لا أثر لها في الأحكام الشرعية، يعني ما الفرق بين مطلع تبوك والشام؟ هل نقول: لا خلاص يصومون أهل تبوك مع الشام،

ظروف المسلمين التي يعيشونها الآن حقيقةً فيها شيء من الارتباك، لماذا؟ لأن كثير من بلدان العالم الإسلامي يعني قد يعتمدون على وسائل لا يراها غيرهم، يثبتون دخول الهلال ومع ذلك بقية البلدان غير مطمئنين إلى كيفية إثبات دخول الهلال عند أولئك، والحدود السياسية يعني بينك وبين البلد الإقليم الثاني بينك وبينه أكيال يسيرة، وبين البلد التي ترتبط به آلاف الأميال، فهل تصوم تبع، يصوم أهل تبوك تبع الرياض وإلا يصومون تبع الشام مع قربهم منه؟ أو أهل نجران وأهل جيزان يصومون تبع اليمن وإلا تبع الرياض رغم ما بينها من آلاف الأميال؟ يعني مسألة لا شك أنها مربكة، وبعدين قد لا يقتنع أهل بلد بالوسيلة التي أثبت بها أهل الإقليم الثاني إثبات دخول الهلال. الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- يتجوز في مثل هذا، يقول: إن عمل الناس باتحاد المطالع وصاموا الناس كلهم برؤية ثقة أو عملوا باختلاف المطالع الأمر سهل، ومعه حدثت أدنى إشكال على مر العصور، يعني ما حدث مشكلة في الأمة، وكل له اجتهاده، ولعلماء كل بلد لهم اجتهادهم، يعني يتصور أناس في أوروبا عندهم مشاكل في الرؤية، وعندهم قضايا نوازل في الصيام، واتحاد المطالع واختلافها، ولا عندهم من يقيم فيهم شرع الله، من يتبعون؟ يقولون: نصوم على الرياض بيننا وبينهم عشرة آلاف كيلو؟ نقول: إن كان عندكم من تبرأ الذمة بتقليده من أهل العلم فقلدوه؛ لأن هناك يعرفها القريب وقد تخفى على البعيد، يعني ظروفهم ما نعرف كثير منها، والذي يقضي على هذه الإشكالات القول باتحاد المطالع، وإذا استروحنا وملنا إلى أن قول ابن عباس فهماً منه لهذا الحديث انحلت المشكلة، نقول: أن هذا اجتهاد ابن عباس؛ لأنه صرح برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا احتمال، واختيار الشيخ كما سمعتم الأمر فيه سعة، إن عمل الناس باتحاد المطالع له وجه، والخطاب يتجه أن يكون لعموم الأمة، وإن عملوا باختلاف المطالع تبعاً لحديث ابن عباس له وجه، وهو أصرح في الدلالة؛ لكن يبقى أنه يترتب عليه بعض الإشكالات. طالب:. . . . . . . . .

لا يفطر إلا معهم، يعني شخص صام في بلد دخل فيه الهلال على حد رؤيتهم ومطلعهم قبل البلد الثاني، وهي المسألة التي سئل عنها قريباً، شخص صام مثل كريب، كريب صام يوم الجمعة مع أهل الشام، وجاء المدينة ما أفطروا إلا بعد يوم بعد الشام، ماذا يصنع هو؟ يصوم وإلا يفطر؟ إذا قلنا: باختلاف المطالع وقد أكمل العدة ثلاثين يوم، هل نقول: أن هذا اليوم بالنسبة له هو يوم العيد الذي لا يجوز صيامه؟ أو أن عيد كل بلدٍ بحسبه؟ نقول: عيد في الشام لكنه ليس بعيد في المدينة، وإذا كان ما هو عيد حكماً يصوم وإلا ما يصوم؟ إذا قلنا: باتحاد المطالع وصار عيد عند الشام صار عيد عند الناس كلهم، فلا يجوز صيامه؛ لكن الوسيلة التي أثبتها بها أولئك لم يقتنع بها هؤلاء فاستمروا على صيامهم، فهو عيد بالنسبة لقوم، وليس بعيد بالنسبة لآخرين، يعني لو افترضنا أنه غم على هلال ذو الحجة، وما رآه الناس ليلة الثلاثين من القعدة غمّ عليهم، وهو في الواقع موجود؛ لكن ما رأوه وكملوا القعدة ثلاثين، ووقفوا في اليوم التاسع على حدّ زعمهم وحسابهم وهو في الواقع العاشر، وصام من صام من المسلمين يوم التاسع الذي هو في الواقع العاشر يأثمون وإلا ما يأثمون؟ ما يأثمون، وقل مثل هذا في رمضان، وإن كان عيد في الشام لأنهم رأوه ليس بعيد في البلدان الأخرى، فيصوم مع الناس، ومن قال له: أنك ما دام أكملت ثلاثين يوماً بوسيلةٍ شرعية معتبرة شرعاً فلا تزيد على الثلاثين، وعلى كل حال لو صام مع الناس لا يأثم؛ لأنه ليس بعيد في البلد الذي هو فيه، فلا يكون صام يوم العيد. وعن أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تسحّروا فإن في السحور بركة)). وعن أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "تسحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قام إلى الصلاة، قال أنس: قلت: "لزيدٍ كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية".

حديث أنس الأول -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تسحّروا فإن في السحور بركة)) هذا أمر بالسحور، وأقل أحواله الاستحباب، والأصل في الأمر الوجوب؛ لكن ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- واصل، فالأمر بالسحور مستحب، ومن أقوى ما يصرف به من الوجوب إلى الاستحباب العلة، العلة إيش؟ فإن في السحور بركة، طلب البركة واجب وإلا مستحب؟ مستحب، إذاً الأمر بالسحور مستحب، وفيه مخالفة لأهل الكتاب، واتباع للسنة، وامتثال للأمر، ومخالفة لأهل الكتاب، والتقوي به وقد جاء مدحه (نعم السحور) لا سيما إذا كان من التمر، أيضاً وقت السحور وهو وقت الاستغفار، والمستغفرين بالأسحار، ينبغي أن يكون الإنسان مستيقظ في هذا الوقت يدعو الله -جل وعلا-، ويستغفر وأمور كثيرة مترتبة على تناول هذا الطعام، وفيه أيضاً إعانة على مزاولة هذه العبادة، والتقوي على العبادات الأخرى، ومخالفة أهل الكتاب، وامتثال هذا الأمر ((تسحروا فإن في السحور بركة)).

وفي حديثه الثاني يقول: عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "تسحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قام إلى الصلاة" قال أنس: "قلت لزيد: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية" أولاً: السحور ما يتسحّر به، كما أن الطهور ما يتطهّر به، والوضوء الماء الذي يتوضأ به، والسحور هو الفعل، التسحّر، تسحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قام إلى الصلاة، فيه مشروعة الاجتماع على مثل هذه الأمور من سحور وفطور وغيرها، ومن أفضل الأعمال كون الإنسان يؤكل على مائدته، ويحسن على الناس، ويتصدق عليهم، وفي الاجتماع بركة، وألفة ومودة، تسحرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قام إلى الصلاة، قال أنس: قلت لزيد: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية" هذا يدل على أنه يؤخر السحور، وما عندهم ساعات فلكية دقيقة، يقال: بين السحور والأذان ربع ساعة، بين السحور والصلاة ربع ساعة لا، يقدرون بالأعمال، والأعمال منضبطة، ولذا يذكر الفقهاء في دخول أوقات الصلوات بعض الأعمال، يقولون: من اعتاد أنه يصنع من طلوع الشمس إلى زوالها ماسة مثل هذه، واضطرد عنده هذا خلاص ما يحتاج إلى أن ينظر إلى الزوال، مجرد ما تنتهي هذه الماسة يؤذن، صاحب القراءة بقراءته، من اعتاد أن يقرأ في الساعة خمسة أجزاء يقدر على هذا الأساس، يكون بين صلاة المغرب في الغالب وأذان العشاء ساعة إذا انتهى من الخمسة الأجزاء يؤذن للعشاء، وهنا قدر الوقت بعمل البدن، والعرب تقدر بذلك، قدر حلب ناقة، والله جلس فلان قدر حلب ناقة، قدر نحر جزور، وجاءت بها النصوص، وهنا قدر خمسين آية، فمن كان عنده عمل مضطرد منضبط، يعتمد عليه، وقراءة القرآن منضبطة عند من اعتادها، خلاص تعود أنه يقرأ الجزء في نصف ساعة، ثلث ساعة، ربع ساعة، اثنا عشر دقيقة، تعود خلاص، ينضبط، وهذا شيء مجرب، وهذه طريقة العرب في حساب الأوقات، تقدير الأوقات، قدر خمسين آية، قد يقول قائل: خمسين آية من المائدة أو من الشعراء؟ أي أطول آية المائدة أو آية الشعراء؟ المائدة أطول آيات من الشعراء، لا أقصد طول السورة مع طول السورة؛ لكن انظر أنت أن الشعراء نصف المائدة وآياتها الضعف، إيه

يعني الآية من الشعراء بقدر ربع آية من المائدة، فهل المراد هذا أو هذا؟ ما بيّن، لكن إذا أطلق مثل هذا ينصرف إلى المتوسط، لا آية المائدة ولا آية الشعراء، من آيات البقرة مثلاً، فالحديث فيه دليل على تأخير السحور، ولا تزال الأمة بخير ما قدموا الفطر وأخروا السحور، ويوجد من المخالفين ولعله تأتي الإشارة إليه، يأتي هذا الحديث -إن شاء الله تعالى- ويأتي ما فيه. وعن عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم. نعم هذا الحديث في أمرٍ خاص من أموره -عليه الصلاة والسلام-، وهو تشريع عام؛ لكنه مما لا يطلع عليه إلا من قبل نسائه، ولذا كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يفتي بأن من أصبح جنباً صومه غير صحيح.

كتاب الصيام (2)

عمدة الأحكام - كتاب الصيام (2) تابع للحديث السابق- باب الصوم في السفر وغيره إلى باب أفضل الصيام وغيره الشيخ/ عبد الكريم الخضير ولذا كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يفتي بأن من أصبح جنباً صومه غير صحيح، يصبح جنب، ما اغتسل قبل طلوع الفجر صومه ليس بصحيح، فاستدل عليه بهذا الحديث، عن عائشة وأم سلمة، يقدم قول أبي هريرة وإلا قولهما؟ قولهما، نعم؛ لأن هذا شيء يدركه النساء، شيء خاص لا يحصل إلا بين الرجل وزوجته، فقولهما مقدم على قول أبي هريرة. عن عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدركه الفجر، يعني يطلع عليه الفجر، وهو مريد للصيام، مبيّت للنية، وهو جنب من أهله، والحال أنه جنب من أهله لا من احتلام، ثم يغتسل ويصوم؛ لأن مسألة الاحتلام ما يمكن أحد يناقش فيها؛ لأنه لو احتلم وهو صائم، احتلم الظهر، احتلم ما عليه شيء؛ لأن هذا ليس بيده، المسألة مسألة الاختيار، وهو كون الجنابة ناشئة من جماع أهله، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما يحتلم؛ لكن المسألة له ولغيره، الحكم للجميع، يعني هنا قالت: وهو جنب من أهله لتبيّن أن المسألة في مسألة الاختيار، فضلاً عن مسائل الاضطرار التي ليس للإنسان فيها تصرف. يدركه الفجر؛ لأنه إذا كان جنب من أهله بإمكانه أن يغتسل قبل الفجر؛ لكن إذا كان من جماع هل يملك أن يغتسل قبل الفجر إذا كان بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس أو بعد الظهر مثلاً؟ ما يملك شيء فلا حكم له، الشيء الذي لا يملكه ابن آدم لا حكم له فيه؛ لكن هذا في حالة جنب من أهله، فإذا كان في حالة الجنابة فالاحتلام من باب أولى، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما هو مقرر في كتب الخصائص والشمائل أنه لا يحتلم؛ لأن الاحتلام من تلاعب الشيطان، وعلى كل حال الصحابة منهم من احتلم، كثير؛ لكن من كماله -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يحتلم.

"كان يدركه الفجر، وهو جنب ثم يغتسل ويصوم" يدركه وهذا يدل على أنه يشمل ما إذا كان عامداً أو ناسياً ضاق عليه الوقت أو اتسع عليه الوقت؛ لأن بعض الناس ينتبه قبل أذان الصبح وهو جنب بربع ساعة، يقول: أنا اغتسلت ما مداني أتسحر، هل أتسحر وأغتسل ولو بعد طلوع الصبح، أو أغتسل ثم أتسحر ولو فاتني السحور؟ نقول: لا يا أخي تسحر، ثم تغتسل بعد ذلك، ولو طلع عليك الصبح كفعله -عليه الصلاة والسلام- سواء كنت ناسياً أو عامداً عالماً أو جاهلاً لا فرق، والحجة في هذا واضحة، وفيه تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر، ويقاس على ذلك عند أهل العلم الحائض والنفساء إذا انقطع الدم قبل طلوع الفجر، يصح الصيام ولو لم تغتسل، انقطع الدم قبل طلوع الفجر بربع ساعة، قالت: أتسحر ثم أغتسل كالجنب، لا فرق. "ثم يغتسل ويصوم" ولو بعد طلوع الفجر. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)). الأكل والشرب من مبطلات الصيام إجماعاً، الأكل والشرب كل منهما مبطل للصيام إجماعاً، وهذا في حق العامد، أما الناسي فقد جاء في هذا الحديث حديث أبي هريرة وهو متفق عليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)) وهذا من لطف الله بعباده والتيسير عليهم؛ لأن الإنسان الذي ما تعود الصيام تجده في الأيام الأولى يكثر منه النسيان، فلو كلّف بقضائه كلف حرجاً لا سيما الذي لم يتعود الصيام، هذا معروف في الأيام الأولى تجده يوماً يأكل ويوم يشرب ويوم يأكل ما دري، فمثل هذا لا أثر له في الصيام. ((فإنما أطعمه الله وسقاه)) وهذا قول جمهور أهل العلم، ويرى المالكية أنه يبطل صومه؛ لكن لا يلزمه كفارة إذا أكل أو شرب ناسياً لا يلزمه كفارة، وإنما يبطل صومه بخلاف العامد، العامد عندهم مع فطره تلزمه الكفارة، والحديث ليس فيه قضاء، ولا بطلان صوم، ولا كفارة، وهو صحيح صريح في الموضوع، وهو مؤيد لقول الجمهور، فقولهم هو الراجح.

فإذا رأى إنسان آخر وهو صائم متجه إلى البرادة وملأ الكأس وتناوله ليشرب منه يخبره أو لا يخبره؟ يقول: هذا طعمة من الله -جل وعلا- أطعمه الله وسقاه وأنت تريد أن تحرمه مما أطعمه الله؟ أو نقول: هذا منكر فطر في نهار رمضان هذا الظاهر، الناس ما لهم إلا الظاهر، وعليك أن تغير المنكر، فتنبهه، هذا هو المعمول به عند أهل العلم أن من أراد أن يأكل أو يشرب ناسياً ينبَّه، وهذا من باب تغيير المنكر. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ((مالك؟ )) قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم، وفي روايةٍ: أصبت أهلي في رمضان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل تجد رقبةً تعتقها؟ )) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ )) قال: لا، قال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ )) قال: لا، قال: فمكث النبي -صلى الله عليه وسلم- فبينا نحن على ذلك أوتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرقٍ فيه تمر، والعرق: المكتل، قال: ((أين السائل؟ )) قال: أنا، قال: ((خذها فتصدق به)) فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فو الله ما بين لابتيها يريد الحرتين أهل بيتٍ أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال: ((أطعمه أهلك)) الحرة: أرض تركبها حجارة سود. هذا الحديث، حديث أبي هريرة في قصة المجامع في نهار رمضان حديث عظيم جليل كثير الفوائد والأحكام استنبط منه بعض العلماء فوائد كثيرة جداً، واعتنى به بعض المتأخرين، كما يقول الحافظ، يقول: "اعتنى به بعض المتأخرين ممن أدركه شيوخنا فتكلم عليه في مجلدين جمع فيهما ألف فائدة وفائدة" ممن أدركه شيوخنا فدل على أنه ليس من شيوخه، وبعضهم يشير بعض الشراح إلى أن الذي جمع فيه مجلدين في ألف فائدة هو الحافظ العراقي، الحافظ العراقي من شيوخ الحافظ ابن حجر، وابن حجر يقول: "ممن أدركه بعض شيوخنا" فهذا دل على أنه ليس الحافظ العراقي، وإنما هو غيره.

المقصود أن هذا الحديث عظيم، فيه فوائد وفيه أحكام كثيرة جداً، تفوق الحصر، يبطل الصيام بالأكل والشرب، بدلالة الحديث السابق وبالجماع، بدلالة هذا الحديث، فأصول المفطرات الأكل والشرب والجماع، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "بينما" أصلها بينا، ثم زيدت عليها ما للظرفية "نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وسلم-" وكثيراً ما يجلسون معه -عليه الصلاة والسلام- يتلقون عنه الدين والعلم، وأكثر ما يكون هذا الجلوس في المسجد، إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله هلكت، فقال: ((مالك؟ )) قال: ((وقعت على امرأتي وأنا صائم)) نعم الهلاك هلاك الدين، وهذا أفسد صيامه وأفطر يوم من رمضان، فهذا هو الهلاك الحقيقي هلاك الدين. وكل كسرٍ فإن الدين بجبره ... وما لكسر قناة الدين جبرانُ يعني لو خسر في سيارة، في بيت في كذا، الأمر سهل ينجبر هذا، لو انكسر منه يد أو رجل تنجبر؛ لكن إذا انكسر الدين هذا الذي ما له جبران إلا التوبة النصوح التي تهدم من وقع من زلةٍ وهفوة، فقال: ((مالك؟ )) فقال: "وقعت على امرأتي وأنا صائم" دل على أنه يعرف الحكم، يعرف أن هذا محرم، بدليل قوله: "هلكت وأهلكت" كما في الرواية الأخرى، دل على أنه يعرف أن هذا الأمر محرم؛ لكنه لا يعرف الأثر المترتب على هذا المحرم، فإذا عرف أن الأمر محرم ولم يعرف الأثر المترتب عليه هل نقول: يعذر بجهله؟ هو لم يعرف أنه محرم ما عرف أنه محرم أصلاً، هذا يعذر بجهله؛ لكن يعرف أنه محرم ولا يعرف الأثر المترتب عليه لا يعفى من الأثر، فتلزمه الكفارة، وهنا ألزمه بالكفارة، وقل مثل هذا في جميع المحظورات التي فيها كفارات، يعرف أنه لا يجوز؛ لكن ما يعرف وش يترتب عليه؟ الأصل أن يكف، الأصل أن ينتهي عما نهي عنه، كونه أقدم يلزم؛ لكن ما يدري ما يعرف هل هذا محرم وإلا مباح؟ هذا الذي يقول أهل العلم أنه معذور بجهله، وفي روايةٍ: "أصبت أهلي في رمضان" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل تجد رقبةً تعتقها؟ )) هذا إلزام بالكفارة، والكفارة كفارة إيش؟ كفارة ظهار وإلا كفارة مجامع في نهار رمضان؟ أهل العلم يقولون: من جامع زوجته في نهار رمضان لزمته كفارة ظهار.

احنا عندنا الحديث الصحيح الثابت في كفارة المجامع في نهار رمضان، لماذا يقول: أن عليه كفارة ظهار ولا يقول: عليه كفارة مجامع في نهار رمضان، ولماذا يقولون: عليه كفارة ظهار، ولا يقولون: كفارة قتل، يعني المذكور في القرآن معروف لدى الخاص والعام، يعني كثير من الناس ما يعرف الحديث، تقول: عليك كفارة مجامع في نهار رمضان، يقول لك: وش هي الكفارة؟ لكن لما تقول له: كفارة ظهار يعرف؛ لأن عوام المسلمين يعرفون ما في القرآن، بينما مثل هذه النصوص تخفى عليهم، فأحيل على المعروف لدى الخاص والعام، طيب، لماذا لم يقال: عليه كفارة قتل؟ نعم، للخلاف في الإطعام في كفارة القتل، أما كفارة الظهار ففيها إطعام، وهنا فيه إطعام فهي أشبه. البيعة، بيعة الرجال متقدمة وإلا بيعة النساء؟ بيعة الرجال هي المتقدمة معروف هذا، كيف يقول عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما بايع عليه النساء؛ لأن بيعة النساء مضبوطة بالقرآن في آخر سورة الممتحنة، مضبوطة بالقرآن، ومضبوطة الرجال مضبوطة بالسنة؛ لكن ما ضبط بالقرآن يحال عليه؛ لأنه معروف لدى الناس كلهم.

((هل تجد رقبةً تعتقها؟ )) قال: لا، أي رقبة؟ هل تجد رقبةً؟ الرقبة مطلقة، وهي كذلك في كفارة الظهار مطلقة، مقيّدة في كفارة القتل، فهل يحمل المطلق على المقيد وإلا ما يحمل؟ يحمل، لماذا؟ لاتحاد إيش؟ لاتحاد الحكم، وهو وجوب الإعتاق في كلٍ من الظهار والجماع والقتل، تجب الكفارة، الحكم واحد؛ لكن السبب مختلف، وعند الجمهور في مثل هذه الصورة يحمل المطلق على المقيد خلافاً للحنفية، وعلى هذا لا يجزئ إلا رقبة مؤمنة، تتوافر فيها الشروط المطلوبة، قال: لا، ما يجد؛ لأن الكفارة على الترتيب، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ )) قال: لا، في رواية: "ما الذي أوقعه فيما وقع فيه إلا الصيام" ما أوقعه فيما وقع فيه إلا الصيام، قال: لا، متتابعين؟ بمعنى أنه يصوم الشهرين هلاليين متتابعين، فلا يفطر بينهما، لو أفطر يوماً واحداً استأنف ولا يعذر إلا في العذر الذي يبيح له الفطر في رمضان؛ لأن رمضان شهر مفروض على التتابع يعذر فيه المريض والمسافر، المقصود أن العذر الذي يعذر في رمضان بالفطر يعذر فيه في مثل هذا، قال: لا، قال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكيناً)) ستين مسكين، قال: لا، قال: "فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم-" ما في حيلة، إذا لم يستطع عتق رقبة، ولم يستطع صوم شهرين متتابعين، ولا إطعام، تسقط الكفارة وإلا ما تسقط؟ مقتضى القواعد الشرعية أنها دين في ذمته متى أيسر عليه أن يؤديها، كحقوق الآدميين، فمتى أيسر يبذلها، فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- فبينما نحن على ذلك أوتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرقٍ فيه تمر، والعرق المكتل، يعني زنبيل كبير فيه خمسة عشر صاع، فسكت، بعضها هكذا وبعضها كذا روايات منها هذا ومنها هذا، والنسخ تختلف في هذا.

"فبينما نحن على ذلك، إذ أوتي النبي -عليه الصلاة والسلام- بعرقٍ فيه تمر" زنبيل كبير فيه خمسة عشر صاع، والعرق المكتل، فقال: ((أين السائل؟ )) قال: أنا، سائل عن إيش؟ عما يلزمه من جراء الجماع في نهار رمضان، هو جاء يسأل ((أين السائل؟ )) قال أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، الكفارات إذا تحملها من تحملها برضا من لزمته أجزأت، برضاه، شخص عليه كفارة، فقال: أبوه أنا أخرجها عنك، أمه: أنا أخرجها عنك تتحمل؛ لأنها تقبل النيابة برضاه؛ لأنه قد لا يقبل المنّة. ((خذ هذا فتصدق به)) يعني كفارةً عنك، فقال: "أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فو الله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيتٍ أفقر من أهل بيتي" قال: "فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام-" هذا جاي هالك ومهلك ويلزمه أمور، وأخيراً يرجع بزنبيل يكفيه مدة طويلة، يكفيه ويكفي أهله، جاء نادماً فرجع غانماً، وهذا من يسر هذه الشريعة، وسماحتها، وفضل نبيها وشرفه -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . جاء في بعض الروايات ما يدل على وجوب القضاء.

فقال: "أعلى أفقر مني؟ فو الله ما بين لابتيها" يعني تصور أن هذا الشخص مسح المدينة مسح شامل حتى عرف أنه ما يوجد أفقر منه؟ أو بناءً على غلبة ظنه؟ نعم، بناءً على غلبة ظنه، ولذا يقول أهل العلم: يجوز أن يحلف على غلبة الظن، "يريد الحرتين، أهل بيتٍ أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام-، من وضعه، حتى بدت نواجذه الكريمة، بعض النسخ: أنيابه ولا فرق، تبدو النواجذ وتبدو الأنياب، ثم قال: ((أطعمه أهلك)) منهم من يقول: أن الكفارة تسقط، تسقط لأنه إن لم تسقط لألزمه بإخراجه؛ لكن أنا أقول: لا دليل في هذا، لا دليل في هذا، والجادة أنها تثبت في ذمته متى أيسر، إن مات معسراً فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، تبقى في ذمته، وكون النبي -عليه الصلاة والسلام- أعطاه إياه، وقال: ((أطعمه أهلك)) ولم يتعرض للكفارة أنها ذهبت أو ما ذهبت، الآن أهله يحتاجون إلى إسعاف، ما بين لابتي المدينة أفقر منهم، يبغون من يسعفهم، ما عندهم أكل، فيقدمون يسعفون بمثل هذا، والكفارة تبقى دين في ذمته، إن مات وهو معسر فالله -جل وعلا- يتولاه، والجادة والقاعدة أنها تبقى دين في ذمته، لأن منهم من يقول: أنه ما دام أعطاه العرق الذي فيه التمر، وقال: كله أنت وعيالك، يعني أن ما فيه كفارة، بل زاده على ذلك بأن أعطاه تمراً، فكيف يعطيه تمر يأكل هو وأولاده وهو مطالب بكفارة؟ نقول: ممكن، يعني متصور، قال: خذ هذا التمر كلوه، وسدوا خلتكم منه، والكفارة تبقى كما يرجع العادة.

بالنسبة لقضاء ذلك اليوم جاء في بعض الروايات من وجوه، يقول ابن حجر: أنها من وجوه تثبت أنه يلزمه قضاء اليوم، قال: ((صم يوماً مكانه)) وهذه هي القاعدة أن من أفطر يوماً لزمه أن يقضيه، من ترك صلاة عليه قضاؤها؛ لكن هل يدخل في هذا المتعمد وغير المتعمد؟ يعني ترك صلاة متعمداً حتى خرج وقتها، يقضي وإلا ما يقضي؟ أفطر يوم من رمضان عمد من غير عذر، يقضي وإلا ما يقضي؟ الجادة يقضي؛ لأنه إذا أمر المعذور بالقضاء فلأن يؤمر غير المعذور من باب أولى، منهم من يقول: بالنسبة للصلاة، الصيام جاء فيه: ((من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر وإن صامه)) يدل على أنه لا يقضي؛ لكن هذا الحديث يدل على أنه يقضي، وإذا كان المعذور يقضي فلأن يقضي غير المعذور من باب أولى، وكونه لا يقضيه صيام الدهر لا يعفيه من الإثم، وإن لزمه القضاء، الصلاة إذا تعمد إخراجها عن وقتها فمن أهل العلم من يقول: أنه لا يقضيها؛ لأن صلاتها بعد خروج الوقت كصلاتها قبل دخوله، والوقت شرط لصحة الصلاة، وتخلف الشرط إذاً لا يقضيها، ونقل ابن حزمٍ عليه الإجماع، نقل ابن حزم عليه الإجماع؛ لكن الأئمة الأربعة كلهم على خلافه، بل نقل بعضهم الإجماع على وجوب القضاء، فعامة أهل العلم على وجوب القضاء، وهو الراجح. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين. باب الصوم في السفر وغيره: عن عائشة -رضي الله عنها- أن حمزة بن عمرو الأسلمي -رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام، قال: ((إن شئت فصم، وإن شئت فافطر)). عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كنا نسافر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر عن الصائم". وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان في حرٍ شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه سلم- وعبد الله بن رواحة".

وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفرٍ فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال: ((ما هذا؟ )) قالوا: صائم، قال: ((ليس من البر الصوم في السفر)) وفي لفظٍ لمسلم: ((عليكم برخصة الله التي رخّص لكم)). وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفرٍ فمنّا الصائم، ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يومٍ حار، وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء، فمنّا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصُوّم وقام المفطرون، فضربوا الأبنية، وسقوا الركاب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الصوم في السفر وغيره" يعني ما حكمه، "وغيره" غير الصوم في السفر من المسائل الأخرى المتعلقة بهذا الكتاب، كتاب الصيام، فذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- أن حمزة بن عمرو الأسلمي صحابي جليل كثير الصيام، سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "أصوم في السفر؟ " يعني: أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام، فقال: ((إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)) وفي هذا دليل على التخيير بين الصيام وعدمه في السفر؛ لأن الأصل أن الحكم في الصيام المستحب، وهو في الواجب أيضاً باعتبار أن السفر وصف علّق عليه رخص فإذا تحقق هذا الوصف فللإنسان أن يصوم وله أن يفطر، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يسافرون للحج والعمرة والجهاد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فمنهم الصائم ومنهم المفطر، ولا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، فدل على أن كلاً من الصيام والفطر في السفر جائز، يجوز أن يصوم الإنسان في السفر، ويجوز أن يفطر، والمرجح منهما كسائر الرخص، الأرفق بالمسافر فإذا كان الأنفع للمسافر والأرفق به أن يصوم؛ لأن كثرة الأكل لا تعينه على السفر مثلاً، أو تشق عليه، تشق عليه متابعة السير إذا أكل، فالأصل فضل الصيام، ومعه هذه الفائدة، فيكون الصيام في حقه أفضل، وإذا كان الفطر يعينه على مواصلة سفره ولا يلحقه بذلك مشقة فإنه يكون الفطر في حقه أفضل، فإن لحقته المشقة بصيامه في السفر، فليس من البر الصيام في السفر، كما في الحديث اللاحق "كنا نسافر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم" فدل على أن المسألة يخيّر فيها المكلّف، ومردها إلى اختياره، وهذا يشمل الفريضة والنافلة؛ لأن الفريضة يجوز للمسافر أن يفطر، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] فالسفر والمرض يبيحان الفطر حتى في رمضان، وأما بالنسبة لصوم النافلة فهو في الأصل مخير، والمتطوع أمير نفسه، فإن وجد أن الفطر أنفع له يفطر، وإن وجد أن الصيام أنفع

له يستمر صائماً.

وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان في حرٍ شديد، حتى إذ كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعبد الله بن رواحة، فدلّ على أنه يصوم -عليه الصلاة والسلام- في السفر، وفي هذا رد على الظاهرية الذين يقولون: أن الصيام لا يجزئ في السفر، صيام رمضان لا يجزئ في السفر، بل يلزمه القضاء، يلزمه الفطر ويلزمه القضاء؛ لأن فرض من شهد الشهر الصيام {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] هذا فرضه، بالمقابل القسم الثاني {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] يعني فيلزمه، أو فالواجب في حقه عدة من أيامٍ أخر، ولا تلزمه العدة إلا إذا أفطر إذاً يلزمه الفطر، وتلزمه العدة يلزمه القضاء أفطر أو لم يفطر، إذ مثل هذا الصيام عند الظاهرية وجوده مثل عدمه، عرفنا حجتهم؟ الآن في رمضان إما أن يكون شاهد الشهر حاضر مقيم، وهذا إما أن يكون سليم البدن صحيح معافى أو مريض، ويقابل المقيم المسافر (من شهد الشهر) حضر في البلد، دخل عليه الشهر، ولم يكن مريضاً ولا مسافراً {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] هذا فرضه، ولا يجوز له بحال أن يفطر إلا إذا عجز، انتهينا من شهد الشهر فرضه الصيام، من كان مريضاً أو على سفر إن شاء فليصم وإن شاء فليفطر، أو فعدة من أيام أخر؟ الذي في الآية؟ {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] هناك من شهد الشهر فالواجب عليه أن يصمه، الواجب عليه الصيام، ومن كان مريضاً أو على سفر هذا القسم الثاني الواجب عدة من أيامٍ أخر، يعني يجب عليه أن يصوم عدة من أيام أخرى بقدر الأيام التي سافرها، وإذا كان يجب عليه أن يصوم عدة غيرها إذاً يلزمه أن يفطر، فلا يصح الصيام عندهم ويلزمه القضاء، عندنا الأحاديث الصحيحة الصريحة أصوم في السفر؟ قال: ((إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)) "كنا نسافر مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم" الحديث الثالث فيه تنصيص

أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام، "وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة" فدل على أن الصيام في السفر يجزئ عن صيام رمضان، وعلى هذا يكون معنى قوله -جل وعلا-: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ -فأفطر- فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] ودليل هذا التأويل الأحاديث التي سمعناها، ثم بعد ذلك هذا في حق من لم يشق عليه الصيام، يخيّر إن شاء صام وإن شاء أفطر، وإن كان الصيام يعينه فالصيام في حقه أفضل؛ لكن إن وجد مشقّة شديدة، جابر -رضي الله عنه- قال: "كان رسول -صلى الله عليه وسلم- في سفر فرأى زحاماً ورجل قد ظلل عليه، فقال: ((ما هذا؟ )) قالوا: صائم، قال: ((ليس من البر الصيام في السفر)) يعني هذا مع إيش؟ مع المشقّة الشديدة؛ لأن هذا ظلل عليه، صائم وازدحم الناس عليه، وظللوا عليه كي يعينوه على إتمام صيامه، فقال: ((ما هذا؟ )) قالوا: صائم فقال: ((ليس من البر الصيام في السفر)) لأن الدين يسر، ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه، وفي لفظٍ لمسلم: ((عليكم برخصة الله التي رخّص لكم))، والله -جل وعلا- يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معاصيه، ((فعليكم برخصة الله التي رخّص لكم)) ومن هذه الرخص الفطر في السفر، فعلى هذا الذي يشق عليه الصيام ليس من البر الصيام في السفر، وإذا كان ليس من البر يكون من إيش؟ ما الذي يقابل البر؟ الإثم، إذا لم يكن العمل من البر إذاً هو من إيش؟ من الإثم، فهل يأثم من صام في السفر وشقّ عليه؟ كما هو حال كثير من الناس، عوام المسلمين يشق عليهم الصيام وأشق منه عليهم أن يفطر، وبعض الناس تجده ليس من أهل التحري المعروف، ولا من المعروفين بالاحتياط للعبادة وغيرها تجده متساهل؛ لكن يقول: أصوم مع الناس ولو شق عليّ ولا أفطر، والناس بعد رمضان راحة ويمين ويسار ومكاشيت، وأنا أقضي الصيام، ولو شق عليه الصيام، نقول: مع ذلك ليس من البر الصيام في السفر؛ لكن مع ذلك لو صام وشق عليه، وظلل عليه مثل هذا نقول: صيامه صحيح ومجزئ لا يلزمه قضاؤه ما دام أمسك عن المفطرات من طلوع الشمس بالنية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هذا صائم، الصيام صحيح ومسقط للطلب

ومجزئ؛ لكن يبقى أنه ليس من البر، ويمكن أن يقال: هل نستطيع أن نقول: البر والإثم نقيضان وإلا ضدان؟ يعني هل يمكن أن تصف عمل بأنه ليس ببر ولا إثم؟ طيب العمل المباح بر وإلا إثم؟ أو لا بر ولا إثم؟ لأنه إن كان بر استحق عليه أجر، وإن كان إثم استحق عليه وزر، طيب المباح لا أجر ولا وزر؟ مستوي الطرفين. طالب:. . . . . . . . . دعونا من مسألة الصيام، نحن نقابل بين الإثم والبر، وجاء تفسير البر وجاء تفسير الإثم؛ لكن يبقى أنه هل يوجد واسطة بين البر والإثم، ليست ببر ولا إثم، بمعنى أنه لا يؤجر ولا يأثم؟ يوجد وإلا ما يوجد؟ المباح مستوي الطرفين، لا يكتب عليه أجر، ولا يكتب عليه وزر، باعتبار أنه مستوي الطرفين، إذاً نخلص من هذا أن الإثم والبر متقابلان، يبقى أنه هل هناك واسطة بينهما أو لا واسطة؟ أثبتنا المباح، إذاً هل البر والإثم من النقيضين أو من الضدين؟ طالب:. . . . . . . . .

ضدان؟ نقيضان؟ إيش معنى نقيضان؟ إيش معناها؟ يعني لا يجتمعان، أو ضدان يجتمعان وإلا ما يجتمعان؟ لا يجتمعان ولا يرتفعان، والضدان؟ لا يجتمعان وقد يرتفعان، يحل محلهما أمر ثالث، السواد والبياض ضدان؟ بمعنى أنه لا يمكن أن يجتمعان في حقيقةٍ واحدة؛ لكن يمكن أن يرتفع البياض والسواد يبقى المكان أخضر؛ لكن لو كانا نقيضين ما اجتمعا ولا ارتفعا، لا بد من وجود أحدهما، وهنا نقول: هذا العمل إذا ارتفع البر يثبت الإثم؟ كما عندنا ليس من البر إذاً إثم؟ أو نقول: لا بر ولا إثم؟ مو قررنا أن المباح بين الإثم والبر يعني ما عندنا الأحكام التكليفية الخمسة، عندنا في جهة الواجب والمندوب، وفي الجهة الأخرى المحرم والمكروه، بين هذه الأقسام واسطة وهو المباح، يعني لا مع هذا ولا مع هذا، الواجب والمندوب يؤجر عليهما، المكروه والمحظور لا يؤجر عليهما، يبقى المباح مستوي الطريفين، فإذا أثبتنا هذه الواسطة قلنا: أنه يوجد عمل لا بر ولا إثم، بمعنى أن صاحبه لا يأثم ولا يؤجر عليه، وقل مثل هذا في كتابة الملكين، ما يبحثون قضية هل يكتب الملكان كل شيء؟ يكتب الملكان كل ما يلفظ به ابن آدم؟ {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(18) سورة ق] نعم يكتب كل شيء؛ لكن هذا كلام مجرد أخبار صحيحة، مثلاً لو قلت: قام زيد أو قدم زيد، يكتب وإلا ما يكتب؟ تأثم وإلا ما تأثم؟ أنت تشرح في باب الفاعل مثاله: قام زيد، هذا الكلام فيه إثم وإلا ما فيه إثم؟ أو مثلاً تخبر عن شخص من الناس أنه جاء، نعم ما يترتب على هذا الخبر، ما يترتب عليه من تعليم الناس في قام زيد في النحو، هذا تؤجر عليه إذا قلت: قام زيد، أو تقول: قدم زيد من السفر، إن كنت تريد أن تبشر به أحبابه وأصحابه تؤجر على هذا؛ لأنك أدخلت السرور عليهم؛ لكن إن كنت تخبر عدو له يترصد له؟ تأثم، دعونا من هذه المؤثرات كلها، شخص قال: نام الولد، يأثم وإلا ما يأثم؟ هل هذا بر وإلا إثم؟ لا بر ولا إثم، كلام مباح، لا بر ولا إثم.

فإذا قلنا: أن البر والإثم نقيضان فلا بد إما أن يأثم وإلا يؤجر، وعلى هذا ليس من البر إذاً إثم، وإذا قلنا: هما ضدان، قلنا: يمكن يكون ليس ببر يؤجر عليه لكن ما يأثم؛ لكن لا يأثم، لثبوت الواسطة، ونعرف أن أكثر الإخوان أو كثير منهم ما فهم الذي أنا أقول؛ لكن ما في أكثر من هذا التكرار، ليس من البر هل هناك واسطة بين البر والإثم؟ يعني هل نقول: أن البر والإثم نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان؟ بمعنى لا بد من وجود أحدهما؟ إذا قلنا: أنه ليس من البر يعني إثم، إذا قلت: هذا الشاخص يعني قدامك صورة إنسان، إذا قلت: هذا ليس بذكر وش يصير؟ أنثى، انتهى الإشكال، ما أدري ذكر وإلا أنثى؟ كونه خنثى مثلاً عنده آلة ذكر وآلة أنثى هذا نادر ما يمثّل به، إذاً متقابلان تقابل الوجود والعدم، يعني نقيضان، والذي عندنا يمكن أن يوجد شيء ليس ببر ولا إثم، إذاً الصيام على حسب المشقّة، إن كان يضر بصاحبه يأثم للضرر، حتى لو لم يكن مسافر، مريض قالوا له الأطباء: لا تصوم فصام ومات، أو زاد مرضه، أو تأخر برؤه يأثم، هذا إثم صيامه، وهناك الصيام الأصل فيه أنه البر، وبينهما مرتبة. طالب:. . . . . . . . . كيف يجتمع؟ هذا شخص مريض، وقالوا له الأطباء: لا تصوم، وجاء رمضان وصام يرجو ثواب الله، والصيام من أفضل الأعمال، هل نقول: أنه يؤجر على صيامه ويأثم عليه في الوقت نفسه؟ يؤجر ويأثم؟ يعني مع اتحاد الجهة ما يمكن، مع انفكاك الجهة يؤجر باعتبار، ويأثم باعتبار ممكن، هذا صائم رمضان ويغتاب الناس انفكت الجهة له أجر الصيام وعليه إثم الغيبة؛ لكن يكون الشخص مأمور منهي من جهةٍ واحدة، قالوا له الأطباء: لا تصوم، والشرع يقرر أنك لا تصوم إذا قال لك الأطباء: لا تصوم، وأنت تقول: أبي أصوم؟ إذاً لا تؤجر على هذا الصيام، تأثم.

حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفرٍ فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يومٍ حار، وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء -الذي عنده كساء يتظلل به- فمنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام -الصائمون سقطوا من الإعياء والتعب والجوع والعطش والحر الشديد- وقام المفطرون" يعني لما وصلوا إلى المكان الذي يريدون الإقامة فيه، تجد الصوام كل واحد في جهة، "سقط الصوام، وقام المفطرون، فضربوا الأبنية، وسقوا الركاب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)) الصائم نفعه متعدي وإلا قاصر؟ قاصر، والمفطر الذي ضرب الأبنية، وسقوا الركاب، وخدموا إخوانهم نفعهم متعدي وإلا قاصر؟ متعدي، أيهما أفضل النفع المتعدي وإلا القاصر؟ فيه خلاف وإلا ما فيه خلاف؟ أيهما أفضل الصلاة وإلا الزكاة؟ أنتم أجمعتم على أن النفع المتعدي أفضل من القاصر، أنا أقول: أيهما أفضل الصلاة وإلا الزكاة؟ الصلاة نفعها متعدي وإلا قاصر؟ والزكاة نفعها متعدي وإلا قاصر؟ نقول: نعم، القاعدة العامة أن النفع المتعدي أفضل من القاصر؛ لكنها قاعدة أغلبية، بحسب قوة هذا التعدي، وهذا القصور. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان".

عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق تلاحظ حال النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتخدمه الخدمة التامة من جميع الوجوه، يكون عليها الصوم من رمضان تفطر لما يعتريها مما يعتري النساء من عوارض موجبة للفطر، فلا تصوم في شوال، ولا في القعدة، ولا في ذي الحجة، ولا محرم، ولا صفر، تتحيّن حتى يضيق الوقت عليها، ويجب عليها القضاء؛ لأنه قضاء على التراخي، القضاء على التراخي، وتلاحظ مكان النبي -عليه الصلاة والسلام- منها؛ لأنه قد يأتي في يوم من الأيام وهي صائمة يطلب منها شيئاً لا تستطيعه؛ لكن إذا ضاق الوقت بقي من شعبان بقدر ما عليها من قضاء تعيّن، وجب عليها أن تقضي قبل أن يدخل رمضان الثاني، فعائشة -رضي الله عنها- لا تستطيع أن تقضي إلا في شعبان، فدل على أنه لا بأس في تأخير قضاء رمضان إلى شعبان، لا بأس، مع أن المبادرة والمسارعة لإبراء الذمة أفضل؛ لكن هذه المبادرة وهذه المسارعة عارضها ما هو أهم منها وهي حاجة الزوج ومصلحة الزوج، ما تستطيع أن تقضي إلا في شعبان، هل عائشة تصوم الست؟ تصوم يوم عرفة؟ تصوم عاشوراء وإلا ما تصوم؟ تصوم وإلا ما تصوم؟ الست، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء؟ فضلاً عن الأيام الأخرى الاثنين والخميس والبيض وعشر ذي الحجة، تصوم وإلا ما تصوم؟ طالب: تصوم.

طيب ليش تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لمكان النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم هذا واجب قضاء رمضان يجب عليها وجوب فتتركه من أجله، فكيف لا تترك النوافل؟ يعني هل يصح صيام النفل قبل القضاء أو لا يصح؟ هل يصح التنفل بالنسبة لمن في ذمته قضاء، يعني بقي ستة أيام من شوال وعليها ستة أيام تقول: أصوم الست وإلا أصوم القضاء؟ يقول: يفوت الست تروح؛ لأنها واجب، نعم القضاء ألزم، وهل تتصور الست مع بقاء القضاء؟ من صام رمضان وأتبعه .. الذي في ذمته قضاء يكون أتبع رمضان الست، ما أتبع، على كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم منهم من يقول: لا يتصور أن عائشة ما تصوم هذه الأيام، ما يتصور أبداً أنها ما تصوم، يعني أقل المسلمين شأناً ما يفطر بصوم يوم عرفة الذي يكفر سنتين، ولا بيوم عاشوراء يكفر سنة، الست كأنه صام الدهر كله، هذه الأمور ما يفطر بها أقل .. فكيف تفرط بها أم المؤمنين؟ منهم من يجيز التنفل قبل القضاء؛ لأن الوقت فيه متسع، طيب النبي -عليه الصلاة والسلام- لما فاتته صلاة الصبح وطلعت عليه الشمس، وهو ما صلى الصبح بدأ بالنافلة وإلا بدأ بالفريضة؟ بدأ إيش؟ بالنافلة أذن وأقام وتوضأ وصلى نافلة الصبح، ثم صلوا الفريضة؛ لكن هذه النافلة متعلقة بالفريضة تعلقاً قبلياً، فهذه شأنها غير، الآن من في ذمته فرض، هل له أن يتنفل قبل أداء هذا الفرض؟ ما في متسع الحين، بلا شك، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليه مما افترضته عليه؛ لكن يبقى أن هذا لا يعني الوجوب والإلزام، مثل هذا لا يقتضي الوجوب، وجوب تقديم الفرض على النافلة، إلا إذا كان الوقت لا يستوعب إلا الفرض أو النافلة؛ لكن الوقت يستوعب، قدامك إحدى عشر شهراً، هو من حيث النظر ينتاب مثل هذا الحديث أمران: الأمر الأول: لا يتصور من عائشة أن تفرط بمثل هذا الأجر العظيم، وآحاد الناس يفعلونه ممن هو أقل من عائشة شأناً، والأمر الثاني: مما ينتاب مثل هذا الحديث أنه لا يتصور أن تؤخر القضاء لمكانة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتنشغل بنوافل، لو انشغلت بشيء اشتغلت بالفريضة، وعلى كل حال مثلما ذكرنا من راجع قواعد ابن رجب وغيرها في مسألة: من في ذمته فرض هل يجوز له أن يتطوع بشيءٍ من جنسه قبل

أداء الفرض أو لا؟ من كان في ذمته قضاء فرض مثلما هنا "فما أستطيع أقضي إلا في شعبان" فالحد الذي ينتهي فيه التراخي في القضاء هو شعبان؛ لكن إذا دخل رمضان الثاني، ولم يصم ما عليه من رمضان السابق يسقط عنه القضاء وإلا ما يسقط؟ ما يسقط القضاء، عليه أن يقضي ما أفطره من رمضان الماضي، ثم بعد ذلك عليه مع ذلك كفارة عليه إطعام، هذا كلام ابن عباس واعتمده كثير من أهل العلم؛ لكن الإمام البخاري يقول: إن الله -جل وعلا- ما قال إلا عدة من أيام أخر، ولم يذكر إطعام، وهذا يرجحه بعض المحققين. طالب:. . . . . . . . . يعني عليها ستة أيام قضاء من رمضان وبقي ستة أيام تقول: ندخل هذا بهذا، ندخل النفل بالفريضة، تداخل العبادات، ما في شيء اسمه تداخل عبادات، إذا جئت والإمام راكع تكبر تكبيرة الإحرام تدخل فيها تكبيرة الركوع، صح وإلا لا؟ إذا أردت أن تغتسل، تغتسل ويدخل الوضوء، إذا اجتمع عبادتان من جنسٍ واحد، قاعدة التداخل في العبادات معروفة وإلا ما هي معروفة؟ يدخل فيها مثل هذا وإلا ما يدخل؟ يدخل مثل هذا الصيام؟ هي بقي عليه ستة أيام من رمضان وبقي ستة أيام من شوال؟ طالب:. . . . . . . . . ضيق ونحن نريد أن ندخل النفل بالفريضة، مثلما أدخلنا تكبيرة الركوع بتكبيرة الإحرام. طالب:. . . . . . . . . شلون؟ هي تبي تصوم ستة بس، تقول نبي الجميع -إن شاء الله-، يعني مثلما تدخل صلاة الفجر مثلاً تجد الإمام ما أقيمت الصلاة تبي تصلي ركعتي الفجر الراتبة، يدخل فيها تحية المسجد. طالب:. . . . . . . . .

شلون ما يدخل؟ خلونا في مسألة ثانية، عشر ذي الحجة، عليه تسعة أيام وتبي تصوم من الأول إلى التاسع وتقول: هذي التسعة النفل ندخلهن مع الفرض؟ عبادتان من جنسٍ واحد تدخل الصغرى في الكبرى لماذا؟ فيه قيد لا بد منه في قاعدة التداخل، وهو شريطة أن لا تكون إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، ما لكم عناية بالقواعد يا إخوان، أنت دخلت وجدت الإمام أقام لصلاة الصبح ما يكفيك عن تحية المسجد؟ تكفي، المقصود أن قاعدة التداخل يشترط فيها أن لا تكون إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، فلا يصح التداخل في مثل هذا، الكلام طويل والأحاديث كثيرة، ونبي اليوم -إن شاء الله- نبي نقف على الباب الذي يليه، نبي نكمل الأحاديث، باب أفضل الصيام وغيره، ولذلك تجدون بعض المسائل نبسطها قليلاً ثم نرجع، ما نسترسل، لو استرسلنا في كل شيء ما مشينا. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) وأخرجه أبو داود، وقال: هذا في النذر خاصة، وهو قول أحمد بن حنبل -رضي الله عنه-. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: "جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: "إني أمي ماتت وعليها صوم شهرٍ أفأقضيه عنها؟ فقال: ((لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ )) قال: نعم، قال: ((فدين الله أحق أن يقضى)) وفي رواية: "جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إني أمي ماتت وعليها صوم نذرٍ أفأصوم عنها؟ فقال: ((أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟ )) قالت: نعم، قال: ((فصومي عن أمك)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) أخرجه أبو داود، وقال: هذا في النذر خاصة، وهو قول أحمد بن حنبل، وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: "إني أمي ماتت وعليها صوم شهرٍ أفأقضيه؟ فقال: ((لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنه؟ )) قال: نعم، قال: ((فدين الله أحق أن يقضى)).

الحديث الأول: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) هذا مطلق، أي صوم يشمل أي صوم، يشمل الواجب والمندوب ويشمل ما وجب بأصل الشرع وما أوجبه الإنسان على نفسه، فهو مطلق، والثاني الذي يليه مثله، "أن أمي ماتت وعليها صوم شهرٍ أفأقضيه؟ قال: ((لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ )) قال: نعم استعمال الأقيسة من قبله -عليه الصلاة والسلام- قال: نعم، قال: ((فدين الله أحق أن يقضى)) هذا أيضاً مطلق ليس فيه قيد بالنذر ولا غيره، ويستدل به من يقول: أن الصيام يقضى عن الميت، الصيام إن كان عليه صوم يقضيه وليه، سواء كان هذا الصيام مما وجب بأصل الشرع أو أوجبه الإنسان على نفسه بالنذر، الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقيّد هذه النصوص المطلقة في الرواية الثالثة، الحديث الثالث وفي رواية: "جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله: إني أمي ماتت وعليها صوم نذرٍ -هذا مقيد بكونه نذر- أفأصوم عنها؟ فقال: ((أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟ )) قالت: نعم، قال: ((فصومي عن أمك)).

الحديث الأخير حديث ابن عباس بروايتيه، السؤال الأول السائل رجل والثاني السائلة امرأة، والكل من حديث ابن عباس، هل هي قصة واحدة أو أكثر من قصة، أو هذه امرأة جاء ولدها يسأل، امرأة واحدة جاء ولدها يسأل ثم جاءت البنت تسأل؟ وش نستفيد من هذا؟ أنها إذا كانت قصة واحدة وميتة واحدة صيامها صيام نذر وانتهى الإشكال، صح وإلا لا؟ وإذا قلنا: بتعدد القصة قلنا: المرأة الأولى من رمضان والثانية نذر، وش اللي يمنع؟ فيه ما يمنع؟ لأن الأولى ما فيها ما يدل على أنه نذر، هل هذا من باب الإطلاق والتقييد، يعني إذا قلنا: بتعدد القصة احتمال قائم أن الأولى عليها نذر وإلا صيام من رمضان؟ بينما الثانية نص في أنه نذر، والنص الأول: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) هذا مطلق ما قيّد، هل نقول: هذا عام ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) عام؟ يشمل جميع أفراد الصيام؟ (من مات وعليه صيام) نكرة في سياق الشرط فتعمّ جميع أنواع الصيام، والتنصيص على النذر لا يقتضي التخصيص؛ لأن التنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، فيبقى أن كل من مات وعليه صيام يصوم عنه وليه، سواء كان من رمضان أو نذر، أو كفارة. طالب:. . . . . . . . .

إيه؛ لكن الخلاف مبني على قواعد وأسس، نحن ما نستدل بالخلاف إنما نستدل للخلاف، يعني خاص بالنذر، كما قال الإمام أحمد، إذا افترضنا أنهما قضيتين، واحد جاء للنبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: أمه ماتت وعليها صوم، وش يدريك أنه نذر؟ تبي تقول لي: القصة الثانية دلت على أنه نذر، نقول: قصة أخرى هذه قصة ثانية، الأولى ماتت وعليها صيام افترض أنه من رمضان، ويحتمل أنه نذر؛ لكن يتناول هذا وهذا، لعمومه، والثاني نص في النذر، فهل نقول: يحمل المطلق على المقيد، فلا يصح الصوم؛ لأنه عبادة بدنية كالصلاة لا يصح أن يصوم أحد عن أحد، يعني ما وجب بأصل الشرع من صيام كالصلاة؛ لكن هل لنا أن نقول: من نذر أن يصلي ومات يصلى عنه وإلا ما يصلى عنه؟ لا يصلى عنه، طيب من مات وعليه صوم رمضان يصام عنه من رمضان، وإلا خاص بالنذر؟ يعني عندنا النص العام ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) يتناول رمضان ويتناول الكفارات، مات وعليه صوم شهرين متتابعين، يصوم عنه وليه وإلا ما يصوم؟ الإمام أحمد خص النيابة في الصيام بالنذر، وما عدا ذلك ما وجب بأصل الشرع لا يدخله النيابة كالصلاة، والأكثر على أن النص عام ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) وما دام قبل النيابة في النذر يقبل النيابة في الثاني، وهذا قول الأكثر؛ لكن شيخ الإسلام يرى وابن القيم أيضاً يقرر أن رأي الإمام أحمد هو الصحيح، هو الصواب، أولاً: لما جاء من التقييد في كونه تصوم النذر؛ ولأن المعنى يقتضيه، يعني ما أوجبه الله على الإنسان، ((إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم)) هو ما استطاع يصوم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، خلاص مات، هذا لا يقبل النيابة، عبادة بدنية لا تقبل النيابة كالصلاة؛ لكن إذا نذر يعني شيء أوجبه على نفسه، يرى أنه لم يجب بأصل الشرع فيقبل النيابة، وهذا رأي الإمام أحمد، وعلى كل حال هل نقول: أن الأحاديث بينها تعارض أو لا تعارض بينها؟ وهل هذا التعارض من باب العموم والخصوص، أو من باب الإطلاق والتقييد؟ إذا قلنا: من باب الإطلاق والتقييد نحمل المطلق على المقيد ونرجح رأي الإمام أحمد، وإذا قلنا: عموم وخصوص والتنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص فيلزم كل من مات

وعليه صيام أن يصوم عنه وليه. طالب:. . . . . . . . . نعم أيه؟ يعني هل هناك فرق بين أن نقول: مطلق ومقيد وعام وخاص؟ طالب:. . . . . . . . . طيب نذر أن يصوم ومات ما صام، يصوم عنه وليه وهذا ما فيه إشكال، هذا منصوص عليه ومنتهي؛ لكن لو مات وعليه من صوم رمضان يصوم عنه وليه وإلا ما يصوم؟ طالب:. . . . . . . . . وش الستين مسكين؟ .... عشانه؟ يطعم عن كل يوم مسكين، يعني البدل الإطعام؛ لأن قضاء رمضان له بدل وهو الإطعام، أظن المسألة لن تنتهي، قياس ما وجب بأصل الشرع لا ما وجبه الإنسان، ابن القيم يقول: مع الفارق ما يأتي قياس هنا لوجود الفارق، يعني ما أوجبه بأصل الشرع مثل الصلاة، سواء بسواء، عبادة بدنية ليس فيها شوب مال فلا تدخلها النيابة، عبادة مالية تدخلها النيابة كالحج؛ لكن الصيام عبادة بدنية. طالب:. . . . . . . . . ذكرناها هذه؛ لأن فيها النص الوارد: ((لا يصلي أحد عن أحد)) أما الصيام فجاء فيه: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) فالإشكال في حمل المطلق على المقيد، يعني يحمل على هذه الصورة التي جاء فيها القيد وأنه صيام نذر، وهذا ما استروح إليه الإمام أحمد ورجحه شيخ الإسلام وابن القيم، وأن الأصل في العبادات البدنية لا تقبل النيابة، فيبقى ما جاء على خلاف هذا الأصل، يحمل على الصورة المقيدة المبيّنة. وعن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يزال الناس بخيرٍ ما عجلوا الفطر)). وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النار من هاهنا فقد أفطر الصائم)). وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، قالوا: إنك تواصل؟ قال: ((إني لست مثلكم، إني أطعَم وأسقى)) رواه أبو هريرة وعائشة وأنس بن مالك، ولمسلمٍ عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: ((فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور)).

طالب:. . . . . . . . . إيه، لا بد، أقول: الحديث واضح في استحباب تعجيل الإفطار؛ لكن لا يحمل مثل هذا النص على أن يفطر الناس قبل التحقق من غروب الشمس، كما أن قوله: ((وأخروا السحور)) لا يحملهم هذا على الاسترسال في الأكل بعد طلوع الصبح؛ لأن الفطر قبل غروب الشمس مبطل للصيام، والأكل بعد طلوع الصبح مبطل للصيام، يعني بعد تحقق غروب الشمس يبادر الناس بالفطور، وبعد تحقق طلوع الفجر يبادر الناس بالكف، وبعض الطوائف تنتظر في الفطور حتى تشتبك النجوم، بعض طوائف المبتدعة، وفي هذا مخالفة للسنة الصحيحة الصريحة، وإذا ارتفع الناس عن الخير، لا يزال الناس بخير، إذا ارتفع الخير ثبت الشر، الذي يفوته الخير ينعله الشر، والذي يفرط في السنة يقع في بدعة، فإذا أمات الناس السنة أحيت بدعة، والعكس، إذا ابتدع الناس شيئاً مات بقدره من السنة، واليهود والنصارى كانوا يؤخرون والرافضة يؤخرون الفطر حتى تشتبك النجوم، الخير في الاتباع، فتعجيل الفطر هو الخير؛ لأن فيه اتباع ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أن تأخير السحور كذلك، ينتظر بعض الناس الفطر، ينتظرون غروب الشمس، وبعض الناس قد بدأ بالورد مثلاً، أذكار المساء، ويريد أن يكمل قبل فطره، نقول: لا يا أخي، لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، مجرد ما تحقق غروب الشمس أفطر.

قضية حصلت ناس ينتظرون الفطور فقالوا لشابٍ من شبابهم: اخرج فاسمع الأذان وأخبرنا لأننا لا نسمع الأذان، ونحن داخل البيت، في مجمع، خرج هذا الولد فأذن، أذن الولد فأفطروا؛ لأن الاعتماد على الصبيان مشكل، والصبي غير مكلف، ويعرف أنه لن يعاقب ولا يحاسب، ما عنده مشكلة، هل تتصورن أن بعض الصبيان لما دخلوا شقة في بلد من البلدان والشقة ملزق فيها علامة القبلة بادر واحد من البزران وعكسها كذا، وجلسوا شهر يصلون إلى غير القبلة، فلا يجوز الاعتماد على غير الثقات، فلا يقبل خبر مثل هذا أبداً، لأن هذه عبادة وبعض الناس يتساهل، يرسل طفل وإلا شيء يقول: اسمعوا أذن وإلا ما أذن؟ يلتبس عليه الأمر فيظنه أذن، أو ينتظر الأذان ثم يكون المذياع مفتوح وإلا شيء، يؤذن قبل يسمع أذن الكويت مثلاً وهم يؤذنون قبلنا بمدة فيفطر يسمع الأذان، لا، عليك أن تتحقق، لا يحملك مثل هذا الخبر على أن تتعجل قبل غروب الشمس، نعم تعجيل الفطر من السنة، ولا يزال الناس بخير ما عجلوا؛ لكن لا يحمل الإنسان الحرص على مثل هذا الخير أن يفطر قبل غروب الشمس، ولا أن يأكل بعد طلوع الفجر. يقول: وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم)) وهذا أيضاً كسابقه فيه دليل على استحباب تعجيل الفطر، شريطة أن يتأكد ويتحقق من غروب الشمس؛ لأن في روايةٍ عند البخاري: ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم)) يعني هل أفطر حقيقةً وإلا حكماً؟ أو هو خبر يراد به الأمر؟ يعني إذا أقبل الليل وأدبر النهار فليفطر الصائم، أفطر يعني دخل في الإفطار، كما تقول: أظلم وأنجد وأكثم وأمسى وأصبح، دخل، لكن هل نقول: أنه أفطر حكماً بناءً على هذا الخبر؟ إذا قلنا: أفطر حكماً ما صار هناك وصال، والناس كلهم تعجلوا، كلهم تعجلوا الفطر خلاص، ما دام أنهم مفطرون، مفطرون، أو أنه دخل في وقت الفطر الشرعي، فعليه أن يحقق هذا الحكم بالفعل. طالب:. . . . . . . . .

إيه، بعض المؤذنين من باب الاحتياط يؤخر خمس دقائق، يقول: لا نأثم الناس ونتأكد، على كل حال المعتمد غروب الشمس، وينوب عنها المؤذن الثقة الذي يرقب الغروب، غروب الشمس، والتقويم معمول به، والمؤذنون يؤذنون عليه. طيب ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا)) قصة أبي حنيفة -رحمه الله- ماداً رجله وهو في الدرس، ولا يقال: أن هذا سوء أدب؛ لأنه شيخ كبير يحتاج إلى مد الرجل، ماد رجله في الدرس فجاء شخص ذو هيبة وهيأة وشارةً حسنة وجلس بجانب الإمام ابتعد عنه الطلاب، الإمام يشرح هذا الحديث ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا)) قال: طيب إذا أقبل الليل ولم يدبر النهار؟ أبو حنيفة -رحمه الله- لما رأى هذا الرجل كف رجليه، تحمل المشقة؛ لكن لما قال الرجل هذا الكلام قال: الآن يمد أبو حنيفة، آن له أن يمد رجله؛ لأن المظاهر، مظاهر الناس لا تدل على المخابر، فمن لازم إقبال الليل إدبار النهار، يعني من جهة المشرق ظلمة، ومن جهة المغرب بقايا وضحضاح النور، يقبل هذا ويدبر هذا. ((فقد أفطر الصائم)) على كل حال هذه تقدر بقدرها؛ لأن بعض البلدان نهارهم قليل وليلهم طويل جداً وبعضهم بالعكس، الأمور تقدر بقدرها.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، الوصال: أن يقرن بين يومين لا يفطر بينهما، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال، قالوا: يا رسول الله إنك تواصل؟ فيه مراجعة للقدوة ليتأكدون هل المقصود حقيقة النهي؛ لأنه يخالف قوله فعله -عليه الصلاة والسلام-، قالوا: إنك تواصل؟ قال: ((إني لست مثلكم، إني أطعَم وأسقَى)) وفي روايةٍ: ((أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني)) (أطعَم وأسقَى) هل هذا الإطعام حقيقي أو معنوي؟ لأنه لو كان حقيقياً انتفى الوصال، ما صار في وصال لو كان يأكل حقيقة ويشرب؛ لكن معنوي كيف معنوي؟ غذاء معنوي؟ وهل للأمور المعنوية أثر في الأمور الحسية؟ ما في شك أن الله -جل وعلا- يفيض عليه من العلوم والمعارف ما يسد به حاجته، وهذا أمر مشاهد، تجد بعض الناس يقدم الطعام والشراب وليس له فيه حاجة؛ لأنه منهمك في عمل وإلا علم وإلا شيء ينفعه، ومع ذلك تجد مثل هذا من أقوى الناس من باب الإعانة الإلهية؛ لأنه لو كان طعاماً حقيقة لانقطع الوصال، وهو طعام معنوي، كما قال ابن القيم وغيره، يقولون: إن من له أدنى ذوق وتجربة بالعبادة أدرك شيء من هذا، الاستغراق في المناجاة، مناجاة الرب -جل وعلا-، والإقبال عليه غذاء للروح والبدن، كما أن بعض الأمراض تعالج بالعبادة، بعض الأمراض الحسية تعالج بالعبادة، وهي علاج معنوي، وإذا كانت الأمراض تشفى بالرقية، أمراض واقعة بالرقية والأمور المتوقعة الضارة تدفع بالدعاء فهذا منه، نوع منه، التجاء إلى الله -جل وعلا-، وانكسار بين يديه وتلذذ بمناجاته، هذا يغني عن الأكل والشرب؛ لكن ليس معنى هذا ما يتذرع به بعض الطوائف المنحرفة من أن الواحد منهم يجلس أربعين يوم ما يأكل ولا يشرب، أربعين يوم ما يأكل ولا يشرب، ثم بعد ذلك تفتح له الفتوح، ويتراءى له أشياء، ويخبر عن مغيبات، ويكون لديه من المكاشفات والتجليات ما ليس عند غيره.

والحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- في سير أعلام النبلاء ذكر عن بعضهم هذا الكلام، وقال: إن هذا هلوسة يعني من الجوع، يتوقع أن شيء رايح وشيء جاي وشيء .. وهو ضرب من الجنون؛ لأن الجوع يورث مثل هذا، فالإنسان إذا جاع جوعاً شديداً يتراءى له أناس غادون ورائحون وأشجار وأنهار، يخيل إليه، وهو ضرب من الهذيان والهلوسة، طيب ما يذكر من الإضراب عن الطعام أولاً: أم سعد بن أبي وقاص أضربت عن الطعام حتى يرتد سعد -رضي الله عنه-، وكان يُفتح فمها بعود –بعصا- ويصب فيه شيء من الطعام والشراب، وبعض المسلمين يطالبون بحقوقهم ولا يلتفت إليهم إلا بهذه الطريقة، كم دخلوا الآن يومهم إيش؟ في السجون الإسرائيلية كم؟ حوالي عشرين يوم؛ لكن هل هذه طريقة شرعية؟ يضربون عن الأكل والشرب؟ قد يقول قائل: أن واقعهم أسوأ من الجوع والعطش، الواقع الذي يعيشونه في السجون أسوأ من الجوع والعطش، وإذا كان هذا عرف عالمي، إذا أشرف الإنسان على الهلاك يخرج من السجن أو شيءٍ من هذا، هذه مسائل يعرفونها هم، ويقدرونها قدرها؛ لكن هو في الجملة وفي الأصل ليس بحلٍ شرعي؛ لأن هذه تهلكة خطر يموت؛ لكن بعضهم يقول: إذا لم يكن هناك وسيلة لاستخراج الحق إلا بواسطتها. إذا لم يكن إلا الأسنّة مركباً ... فما حيلة المضطر إلا ركوبها يقول: ما عندهم غير هذه الوسيلة، هم يعاملون معاملة سيئة جداً، والعرف العالمي مثلاً يتصورن هذا أو يتناقلونه أنه إذا حصل مثل هذا الإضراب يخفف عنهم، أو يخرج بعضهم أو يخرجون، أو ينظر في أمرهم والله المستعان، نسأل الله -جل وعلا- أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب أفضل الصيام وغيره:

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: أخبرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أني أقول: والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أنت الذي قلتَ ذلك؟ )) فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر)) قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يوماً وأفطر يومين)) قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك، قال: ((فصم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود -عليه السلام-، وهو أفضل الصيام)) قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك. فقال: ((لا أفضل من ذلك)) وفي روايةٍ قال: ((لا صوم فوق صوم أخي داود -عليه السلام- شطر الدهر صم يوماً وأفطر يوماً)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب أفضل الصيام وغيره" باب أفضل الصيام، وباب مضاف وخبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا باب، وأفضل مضاف إليه، مضاف إلى باب، وأفضل مضاف والصيام مضاف إليه، والواو عاطفة وغير معطوف، والمعطوف على المجرور مجرور؛ لكن أين المعطوف عليه؟ باب أفضل الصيام وغيره، (غير) معطوفة على إيش؟ و (غيره) معطوف على إيش؟ على الصيام أقرب مذكور وإلا على أفضل؟ نعم، من يجيب؟ عندنا مضاف ومضاف إليه، (أفضل الصيام) وما يعطف عليه وغيره؟ معطوف على المضاف إليه على الصيام؟ ولو قلنا: على الأفضل، ما الذي يترتب على ذلك؟ وما الضابط في مثل هذا؟ التابع للمتضايفين هل يكون تابعاً للمضاف أو للمضاف إليه؟ التابع: النعت والبدل والعطف يكون على المضاف أو على المضاف إليه؟ نعم، على المضاف إليه لأنه أقرب؟ {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [(27) سورة الرحمن] ذو: وصف للمضاف وإلا المضاف إليه؟ للمضاف، بدليل؟! أنه مرفوع، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [(78) سورة الرحمن] للمضاف إليه؛ لأنه مجرور، طيب صار في قاعدة وإلا ما في قاعدة؟ (مررت بغلام زيد الفاضلِ) الفاضل زيد وإلا غلامه؟ طالب:. . . . . . . . .

الاحتمال قائم، يمكن الغلام أفضل من زيد، ما يدريك؟ هذه لا بد من الانتباه إليها لأنها في غاية الأهمية، باب أفضل الصيام وغيره، إذا قلنا: العطف على الصيام على المضاف إليه قلنا: باب أفضل الصيام وأفضل غير الصيام، يعني أفضل الزكاة، أفضل الصلاة، هذا مطلوب وإلا لا؟ هذا هو المراد هنا؟ ذكر أفضل الصلاة وأفضل الزكاة، إذا قلنا: معطوفة على الصيام، قلنا: التقدير باب أفضل الصيام وأفضل غير الصيام من الصلاة والزكاة وسائر الطاعات، وإذا قلنا: معطوفة على المضاف (أفضل) باب أفضل الصيام وباب غيره يعني أفضل الصيام شيء تحدث عنه المؤلف وتحدث عن غير هذا الباب، غير أفضل الصيام، مما يكره صيامه، ومما يحرم صيامه، فهل يدخل ما يحرم صيامه وما يكره صيامه في أفضل الصيام؟ هذا شيء آخر تماماً، إذاً هو معطوف على الصيام وإلا على غير؟ على (أفضل) معطوف على أفضل، لأننا لو عطفناه على الصيام أتينا لأن العطف على نية تكرار العامل، العطف على نية تكرار العامل، إذا قلنا: باب أفضل الصيام وأفضل غير الصيام، ويدخل في هذا الصلاة والزكاة وبر الوالدين وسائر الوالدين وسائر الطاعات، لكن هذا غير مراد قطعاً، إنما المراد باب أفضل الصيام وباب غير أفضل الصيام، يعني مما يتعلق بالصيام، لا غير الصيام.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: "أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أني أقول .. " (أخبِرَ) يعني مغيّر الصيغة مبني للمجهول، والنبي -عليه الصلاة والسلام- نائب فاعل، والفاعل حذف، بني الفعل للمجهول؛ لأن الذي أخبره شخص ومثل هذا يحذف أولاً: لا فائدة تتعلق بذكره، فيحذف مثله، ولئلا يقع الناس فيه؛ لأن الغالب أن الذي يخبر بما يدور بين الناس، يخبر عن قضايا الناس خاصة لا سيما الذي يرفعها إلى ولي الأمر، النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا يخبرني أحد عن أحد)) لأنه أسلم للقلوب؛ لكن مثل هذا يخبر به الصحابة لماذا؟ لأنه حكم شرعي يحتاج إلى أصل يستند إليه، والأصل إنما يؤخذ من النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا يكون الإخبار في مثل هذا من باب الوشاية، تحدث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه يبي يصوم ولا ينام ويقوم .. إلى آخره، فهل هذا الذي أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- يقصد الوشاية بعبد الله بن عمرو ليوقع به عند النبي؟ لا، لا يقصد هذا، إنما يريد أصل شرعي يعتمد عليه في مثل هذا العمل، والإخبار في مثل هذا ما فيه إشكال، يعني لو تدارس الطلاب شيء ونقلت نتيجة مدارستهم إلى عالم لكي يقر هذه الدراسة، والله بحث الإخوان البارحة مسألة كذا، وقال فلان كذا، وقال فلان كذا، ما هي غيبة ولا نميمة هذه، هذه مسألة علمية، فلا مانع من أن يخبر ويستفهم عنها الكبير، أن يقال: وش رأيك الصواب قول فلان وإلا قول فلان؟ ما في إشكال، ولا يدخل هذا لا في الغيبة ولا في النميمة ...

كتاب الصيام (3)

عمدة الأحكام - كتاب الصيام (3) تابع لباب أفضل الصيام - باب ليلة القدر الشيخ/ عبد الكريم الخضير ولا يدخل هذا لا في الغيبة ولا في النميمة، فالمخبر أراد أن يؤصل الفعل تأصيلاً شرعياً من قِبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كان هناك ضرر متعدي، أو منكر تجب إزالته فمن الصحابة من قال: "لأخبرن بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا أيضاً لا مانع منه، إذا خشي الضرر من فلان، ونصح ولم ينتصح، خشي الضرر المتعدي مثل هذا يخبر عنه، ويبلغ عنه "أُخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أني أقول: والله -واو قسم- لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" أخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأفضل، فهل يلزمه كفارة أو لا يلزمه كفارة؟ لأنه أقسم؟ وهذا من باب ((والله إني لا أحلف على شيء فأرى غيره خيراً منه إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني)) وفي رواية: ((كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير)) المقصود أن في مثل هذا اليمين -مثل هذا القسم- فيه الكفارة، فالذي وجهه إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- خير مما حلف عليه، ففيه الكفارة، "والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" عبد الله بن عمرو بن العاص من عباد الصحابة كما هو معروف من حرصه على الخير من حرصه على الخير قال هذا الكلام، "والله لأصومن النهار، ولأقومن الليل ما عشت" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أنت الذي قلت ذلك؟ )) ما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرةً لم قلت ذلك؟ احتمال أنه لم يثبت عنه، يتأكد -عليه الصلاة والسلام-، ((أنت الذي قلت ذلك؟ )) لأن بعض الأخبار تنقل خطأ. . . . . . . . . . ... وما آفة الأخبار إلا رواتها

قد ينقل كلام والناقل يريد الخير؛ لكنه لا يحسن النقل، ثم إذا اتهم هذا الشخص الذي نقل عنه بما نسب إليه مباشرةً من غير تقريرٍ له، مثل هذا لا شك أنه يوقع في حرج، وهذا أدب نبوي الذي دخل المسجد وجلس، ما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((قم فصل ركعتين)) سأله بكل أدب ((هل صليت ركعتين؟ )) قال: لا قال: ((قم فصل ركعتين)) مثل هذا لا يهجم الإنسان على مجرد ظنه أو وهمه أو لمجرد خبرٍ بلغه، لا بد أن يتأكد، ((أنت الذي قلت ذلك؟ )) عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- من حرصه على الخير مندفع فيأتيه العلاج النبوي ومثل هذا كيف يعالج؟ المندفع، كيف يعالج؟ يبدأ بالأشد أو بالأخف؟ المندفع؟ يجي شخص، يجي طالب مثلاً يقول: أنا والله أريد أن أقرأ القرآن في ثلاثة أيام، أبي أختم كل ثلاث، قال له: يا أخي وين أنت والثلاث، عثمان يختم في ركعة؟ وين أنت عن سلف الأمة؟ يقال له هذا الكلام؟ أو يقال له: اقرأ القرآن في سبع ولا تزد؟ نعم المندفع يواجه بما يناسبه من حلول، بخلاف المفرط لو جاء شخص يقول: ما يقرأ القرآن إلا من رمضان إلى رمضان، وغير ذلك من الأشهر ما يفتح المصحف؟ نقول له: يا أخي وين أنت؟ الختمة ثلاثة ملايين حسنة يا محروم وين أنت؟ المفترض أن تستغل كل لحظة من لحظاتك في قراءة القرآن، وسلف الأمة الذي يقرأ في يومين، مرتين في اليوم، والذي يختلف في ثلاث وهذا كثير، يعالج بمثل هذا ويا لله، النبي -عليه الصلاة والسلام- بدأ بعبد الله بن عمرو بالأخف، المسألة مسألة علاج، النصوص الشرعية علاج للأدواء، لأمراض المجتمعات، وكل شخص يعالج بما يناسبه، وقل مثل هذا في البلدان، اختلاف طباع أهلها، والمجتمعات، لو جئت إلى مجتمعٍ منصرف، ما هو بهم الدين، ولا بهم العبادة، هم مسلمون في الجملة، لكنهم مفرطون، تجيب لهم نصوص الوعد، ((من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله ثم صلى ركعتين لا يحدث بها نفسه دخل الجنة من أي أبوابها الثمانية)) يقال له مثل هذا؟ يقول: يكفينا هذه النعمة؛ لكن مثل هذا يعالج بنصوص الوعيد، من أجل إيش؟ أن يرد إلى حظيرة الالتزام، هذا منصرف لا بد من شيء يكبح جماحه، يرده، بخلاف ما لو كنت في مجتمع أو في

محيط أو في بلد فيه تشديد وتطرف وغلو مثل هذا لا تجيب له نصوص الوعد؛ لأنك لو جبت لهم نصوص الوعيد إيش بيصيرون؟ يبي يزيدون، فأنت تحتاج إلى أن تكسر من حدتهم بنصوص الوعد، وهذا الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعالج ما عند عبد الله بن عمرو بن العاص من اندفاع. فقلت له: "قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله" يفديه بأمه وأبيه، وهذا من تعظيمهم للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والتفدية جائزة، سواء كان الأب والأم حيين أو ميتين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- فدى سعد بن أبي وقاص بأبيه وأمه -عليه الصلاة والسلام-. طالب:. . . . . . . . . إذا كان القصد منها يفديه يعني يفدي ما بقي من سنته، وما بقي من اتباعه، لا بأس، يقدم نفسه دون دينه لا بأس. "قد قلته بأبي أنت وأمي يا رسول الله" قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك)) تقوم الليل كله، وتصوم النهار، صوم الدهر؟ ما تفطر أبد، وتقوم الليل ما تنام أبداً؟ لا لا، فإنك لا تستطيع ذلك، الذي يستطيع ذلك لأن المسألة مسألة موازنة بين حقوق وواجبات، وسنن وشرائع، هل يستطيع؟ مهما قال: أنه يستطيع، لو قال: أنا بقوم الليل من صلاة العشاء إلى أذان الفجر، ثم أصلي الفجر وأنام، وش صار؟ أنام إلى الظهر وأعود، نقول: يا أخي أنت بفعلك هذا فرطت بأمور، ألست تبحث عن الأفضل؟ ولذا قد يقول قائل: فإنك لا تستطيع، فقلت له بل أستطيع، هأنا أسهر في استراحات وسواليف بدون شيء، لماذا لا أسهر بصلاة وقراءة قرآن وإذا صليت الفجر نمت؟ نعم الاستطاعة قد تكون بدنية، وقد تكون حكمية، الذي يصنع أو يفعل هذا العمل لا بد أن يفرط بأمور، قد يفرط ببعض الواجبات، لا يمكن أن يوازن بين جميع ما شرعه الله -جل وعلا- للعبد، قد يؤديه ذلك إلى النوم عن الصلاة، فالاستطاعة حكمية، وتنوع العبادات هدف شرعي ليضرب المسلم من كل بابٍ من أبواب الخير بسهم، أما أن ينصرف إلى الصيام ويترك غيره ينصرف إلى القيام ويترك غيره، يكون ديدنه القرآن ويترك العبادات الأخرى؟ هذا ما هو مطلوب، كل شيء على حسابه.

فعلى المسلم أن يتوازن، ويؤدي من العبادات كل عبادةٍ منها بسهم، ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم)) يعني نوع، صم وأفطر، ونم وقم، أو قم ونم، اجمع بين هذا وهذا، وناشئة الليل يقرر أهل العلم أنها أفضل أنواع القيام، وهي أشدها على الإنسان، وهي القيام بعد نوم، نعم الذي يسهر وإذا بقي من الليل شيء قام فصلى ما كتب له، ثم صلى صلاة الصبح وجلس ينتظر ارتفاع الشمس في مصلاه يذكر الله -جل وعلا-، على خيرٍ عظيم؛ لكن يبقى أنه لا بد أن يفرط بشيء إذا كان الليل كله من غير نوم، هذا إذا كان استغلاله بالخير، بالصلاة والذكر والتلاوة، أما إذا كان استغلاله بالمباح من القيل والقال أو بالمكروه أو بالمحرم فإن هذا أثره ظاهر، قد يسهر الإنسان خمس ست ساعات، ثم إذا أراد أن يوتر صاحي ما فيه شيء، ما فيه نوم، يريد أن يوتر، يعني المفترض شاب ونشيط ومقبل من أهل الخير والرغبة، يوتر يعني يوتر على الصفة النبوية لكنه يجاهد نفسه على الوتر على أي وصفٍ كان، وبأي عددٍ كان، وأحياناً ينام من غير وتر، لماذا؟ لأن وقته مشغول بما لا ينفع؛ لكن لو شغل وقته؛ لأن العبادة تعين على العبادة، والطاعة تعين على الطاعة، أما شخص مفرط همه القيل والقال ولا يلتفت إلى شيءٍ ينفعه في أمور دنيه ودنياه مثل هذا لا يعان، فتجده يسهر للساعة ثنتين ثم يعالج نفسه ليوتر بثلاث ركعات قبل أن ينام فيعجز، مرة سجال ومرة يستطيع ومرة يعجز، والأثر لأي شيء؟ الأثر لما دار في مجلسه أثناء سهره، وجرِب ترى، إن كان الذي دار في المجلس والله مجلس علم وفضل وذكر وتخلله بعض الكلام والسواليف المباحة وكذا يعان لا بأس؛ لكن إذا استغل الوقت كله بالقيل والقال وما انتفع من وقته بشيء، أيضاً تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، جاء وقت الشدة ما تعان على هذا، هذا كل واحد يجربه بنفسه، إذا استغل وقته بالطاعة أعين على العبادة التي بعدها، إذا استغله في معصية لن يعان، هذا معروف، استغله في المباحات سجال، مرة يعان ومرة يقول: نبي نقوم ينام الساعة ثلاث، باقي ساعة للأذان، يقول: نبي نقوم نوتر قبل الصبح، ما هو صحيح، هذا يغالط نفسه يضحك عليها، حتى إذا سهر يستغل هذا الوقت ولو جزءً منه بما

ينفعه. ((صم وأفطر)) صيام الدهر الذي حلف عليه عبد الله بن عمرو، "والله لأصومن النهار" أولاً: صيامه غير ممكن شرعاً، الذي لا يفطر، بحيث لا يفطر، غير ممكن شرعاً لأن هناك أيام يحرم صيامها على ما سيأتي، ولن يصومها عبد الله بن عمرو ولا غيره، الأمر الثاني: أن صيام الدهر ليس بممدوحٍ شرعاً، ((لا صام من صام الأبد)) وجاء النهي عن صيام الدهر، وسيأتي الكلام عنه، وقيام الليل من غير نوم ما حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قام ليلةً إلى السحر من غير نوم، ما حفظ عنه أنه قال ليلة كاملة من غير نوم، وإن جاء في العشر الأواخر أنه يشد المئزر، ويعتزل أهله، فمنهم من يستثني هذه الليالي، ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينام، ومنهم من يقول: أنه يتخللها نوم يسير. على كل حال المسألة في طول العام، ينبغي للمسلم لا سيما من ينتسب إلى العلم وطلب العلم أن يرتب وقته، يرتب ليله ونهار ويكون له نصيب من العبادة الخاصة التي يقتصر نفعها عليه بحيث تعينه هذه العبادة على العبادات الأخرى التي يتعدى نفعها إلى غيره، يعني هؤلاء العلماء الذي يبذلون أوقاتهم ليل نهار، وعرفتم منهم نماذج، ليل نهار لنفع الناس، هؤلاء تظنون أنهم ما هم أهل عبادة، ترى الذي ما عنده عبادة خاصة ما يعان على مثل هذا أبداً، والله المستعان.

على كل حال صيام الدهر ليس بممدوح في الشرع، بل جاء النهي عنه، وقيام ليلةٍ كاملة إلى السحر لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ما كان في العشر الأواخر من رمضان على خلافٍ في ذلك، فليس من هديه -عليه الصلاة والسلام- الصيام المتتابع الذي هو صيام الدهر، وليس من هديه إحياء الليل كله، قد يقول قائل: ما دام المسألة هكذا والنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى ابن عمرو يعني الإكثار من التعبد هل هو مشروع وإلا ابتداع؟ الإكثار من التعبد، واحد شخص يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، هذا مأثور عن سادات القوم عن الإمام أحمد، وعن جمع من أهل العلم، نقول: هذه بدعة؟ صاحب هذا الكتاب، الحافظ عبد الغني يصلي من ارتفاع الشمس إلى صلاة الظهر ثلاثمائة ركعة، نقول مبتدع؟ ويعلم الناس العلم، ويلقّن حتى الصبيان القرآن تلقين، يعني ضرب من كل باب من أبواب بسهم، وهذا أعانه على أداء هذا، فالإكثار من التعبد ليس ببدعة، ويشهد له قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) هذا ليس ببدعة؛ لكن يبقى أن الناس يتفاوتون، بعض الناس نفعه للناس أولى من انقطاعه للعبادة، وبعض الناس نفعه للناس يعني وجوده مثل عدمه، ضعيف، يقال لهذا: انصرف إلى التعبد، بعض الناس نفعه ببدنه، بعض الناس نفعه بماله أكثر، المقصود أن الأمة بمجموعها متكاملة، ومن كان نفعه للناس أعظم يقلل من هذه العبادات بحيث يتمكن من أداء أكثر ما يستطيع من نفع الناس، ولذا كان -عليه الصلاة والسلام- لو لاحظنا عبادة النبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، وهو أعبد الناس، وأخشى الناس، وأتقاهم، وأعلمهم بالله، ما أحد يشك في هذا؛ لكن هل كان يصوم صيام داود عليه السلام؟ النبي يصوم صيام داود؟ ما كان يصوم صيام داود، يصوم العشر من ذي الحجة، في الصحيح عن عائشة أنه ما كان يصومها، وإن ثبت من طريق غيرها أنه كان يصوم العشر، المقصود أنه يحث على العمل، وقد لا يفعله، وحث على العمرة في رمضان، وقال: ((تعدل حجة معي)) ومع ذلك ما اعتمر في رمضان، أولاً: من باب التيسير على الأمة والشفقة عليها، لما دخل الكعبة ندم على دخولها، ندم على دخولها هل هذا لأن دخول الكعبة ما فيه

فضل ولا أجر لخشي على الأمة أن تقتتل على دخول الكعبة، ندم على ذلك لئلا يزدحم الناس على دخول الكعبة ويقتتلون عليها، لو اعتمر في رمضان تصورون يعني مع قوله ما قال لأن بعض الناس يقرر أن العمرة في رمضان خاص بتلك المرأة؛ لأنه لو كان ما هو بخاص لاعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني وجود مثل هذه التصرفات منه -عليه الصلاة والسلام-، لولا وجود مثل هذا وش يصير وضع الحرم في رمضان؟ يعني مع قوله -عليه الصلاة والسلام- لتلك المرأة ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) واعتمر النبي وحرص على ذلك وكل سنة يعتمر، وش يصير الوضع؟ كان يقتتل الناس على العمرة في رمضان؛ لكن من شفقته -عليه الصلاة والسلام- لأمته يبيّن لمن أراد الخير ويحرص على ذلك ويخفف من حرص بعض الناس بحيث لو وجد مثل هذا كان يحصل أمر لا يطاق، فالنبي يبيّن بقوله، وقد يتخلف فعله لا رغبةً عن الخير، وإنما تشريع، ومثلما قلنا: أنه لو تتابع القول مع الفعل كانت المسألة أعظم من ذلك، الآن زحام شديد فكيف لو كان النبي أعتمر؟ ولذلك يوجد من يتمسك بفعله، ويقول: لو كان في فضل لسائر الناس اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، دعونا من أقوال بعض الناس التي لا تستند لا إلى عقل ولا إلى نقل، بعض الناس يقول: نعم عمرة في رمضان تعدل حجة لكن ما هو كل سنة، وش الكلام هذا؟ ترى هذا قيل ودون في بعض الصحف، قيل هذا؛ لكن هذا كلام؟ نعم إما أن تقول: هذا خاص بالمرأة ويكون لك سلف من أهل العلم، لك سلف، والمرأة نفسها في سنن أبي داود، قالت: لا أدري هذا لي خاصة أم للناس عامة؟ يعني لو قلت: أنه خاص بالمرأة انتهى الإشكال لك سلف، أما أن تقول: نعم عمرة في رمضان تعدل حجة لكن ما هو كل سنة؟ وش الكلام الفاضي؟ هذا لا يستند إلى دليل؛ لكن وصيتي إلى من فتح له باب خير فليلزمه، يعني حببت إليه الصلاة يكثر من الصلاة، حبب إليه الصيام يكثر من الصيام، حببت إليه تلاوة القرآن يكثر من تلاوة القرآن؛ لأنه ما يدري ما يفجعه، حاول نفسه ويعصر نفسه على أمر لم يفتح له يصعب عليه، ((فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر)) صم من

الشهر ثلاثة أيام غير معينة، وجاء من كل عشرٍ يوم، من العشر الأول يوم، ومن العشر الوسطى يوم، ومن العشر الأخيرة يوم من كل شهر، وجاء تعيينها بالبيض، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، على كل حال من صام ثلاثة أيام من كل شهر أدرك الفضل، يدرك الفضل يعني لو صام الاثنين من كل أسبوع أدرك هذا وزيادة، إذا كان موظف أو عنده عمل، ولا يستطيع أن يصوم الاثنين وصام الخميس من كل أسبوع أدرك الفضل؛ لكن يحرص على صيام ثلاثة أيام، كما سيأتي في وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، الحسنة بعشر أمثالها، إذا صام ثلاثة أيام في عشرة ثلاثين كأنه صام شهر، يعني نتيجة الضرب واضحة، "وذلك مثل صيام الدهر" يعني صيام ثلاثة أيام من كل شهر ممدوح وإلا مذموم؟ ممدوح، صيام الدهر ممدوح وإلا مذموم؟ كيف يشبّه الممدوح بالمذموم؟ ما في أجر صيام الدهر، مذموم، يعني مثل صيام الدهر لو كان مشروعاًً يعني تشبيه الممدوح بالمذموم بحيث يكون وجه الشبه من وجهٍ دون وجه، لا يلزم مطابقة المشبه بالمشبه به من كل وجه، الوحي ممدوح وإلا مذموم؟ الوحي ممدوح، والجرس ممدوح وإلا مذموم؟ مذموم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((وأحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس)) شبه المحمود بالمذموم؛ لكن من وجهٍ دون وجه، في تدارك الصوت وتتابعه لا من جهة الإطراب التي ذمّ من أجلها الجرس فإذا شبّه محمود بمذموم كان وجه الشبه من وجهٍ دون وجه، ولا يلزم المطابقة من كل وجه، ((إنكم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر)) يعني وجه شبه من وجهٍ دون وجه، تشبيه الرؤية بالرؤيا لا المرئي بالمرئي، وقل مثل هذا في أحاديث كثيرة لو فصلناها طال الوقت، مثل من أوضح ذلك حديث البروك ((إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) الممنوع التشبه بالبعير في نزوله على الأرض بقوة، هذا بروك البعير، بحيث يفرق الحصى، ويثير الغبار، هذا الممنوع، وليس الممنوع أن يضع يديه قبل ركبتيه؛ لأن هذا مأمور به، وإن كان البعير يضع يديه قبل ركبتيه، ووجه الشبه من وجهٍ دون وجه، والحديث ليس فيه قلب ولا إشكال.

صيام الدهر جاء ما يدل على أنه ممنوع، ونهي عنه، ولا صام من صام الأبد، إذا استثنينا الأيام التي نهي عن صيامها وصام الشخص الباقي، استثنى أيام العيد والتشريق وصام الشخص الباقي، يعني من صام في السنة ثلاثمائة يوم، هل هو أفضل ممن صام يوم وأفطر يوم؟ أفضل وإلا ما هو أفضل؟ لأنه سيأتي في حديث لا أفضل من ذلك، وهذا قول معروف عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يفضل القول الثاني، يفضل كل ما كثر الصيام كان أفضل، صيام كل يوم بحسبه، وله أجره وهو مستقل، فمن صام ثلاثمائة يوم أفضل ممن صام (170) يوم، يصوم يوم ويفطر يوم، عند أبي حنيفة وعند الشافعية، عندهم أفضل؛ لأن كل يوم بحسابه، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) فالذي يصوم ثلاثمائة يوم أفضل من الذي يصوم مائة وسبعين يوم، أو ثلاثمائة وخمسين يوم، المقصود أن المسألة خلافية، والحديث صريح في الدلالة على أنه لا أفضل من صيام داود. "قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك" يطيق أن يصوم كل يوم، يصوم الدهر، "إني لأطيق أفضل من ذلك" قال: ((فصم يوماً وأفطر يومين)) يعني صم من الشهر عشرة أيام، "قلت: إني لأطيق أفضل من ذلك؟ " فقال: ((صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود -عليه الصلاة والسلام-، وهو أفضل الصيام)) فدل على أن الذي يصوم يوم ويفطر يوماً أفضل من الذي يتابع الصيام ولا يفطر إلا في الأيام التي نهي عن صيامها، ومنهم من يرى أن مثل هذا الصيام أشق على النفس من تتابع الصيام الذي لا يفطر مطلقاً، كونه يصوم يوم ويفطر اليوم الثاني، تميل نفسه إلى الراحة والدعة، جربت الأكل في النهار؛ لكن الذي يسرد الصيام وغافل عما عليه الناس من أكل وشرب أمره أسهل، المقصود أن الحديث نص في تفضيل هذا النوع من الصيام، صيام يوم وإفطار يوم، فقال: ((لا أفضل من ذلك)) وفي رواية: ((لا صوم فوق صوم داود -عليه السلام- شطر الدهر)) نصف الدهر، صم يوماً وأفطر يوماً، وسيأتي بيانه في الحديث الذي يليه.

وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً)). وهذا أيضاً من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحب الصيام إلى صيام داود -يصوم يوماً ويفطر يوماً، على ما شرح في الحديث السابق- وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود)) طيب كيف صيام داود وكيف صلاة داود؟ جاء شرحها، ((كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً)) لف ونشر، مرتب وإلا مشوش؟ اللف والنشر يذكر الشيء إجمالاً ثم يفصل، لف ونشر؛ لكن هل هذا مرتب وإلا مشوش؟ نعم مشوش ليس بمرتب، لأنه لو كان مرتباً لقدم الصيام وأخر ما يتعلق بالصلاة، إن أحب الصيام بدأ بالصيام، وأحب الصلاة ثنى بالصلاة، ثم في التفصيل والنشر قدم الصلاة وأخر الصيام، يعني نظير ما جاء في سورة آل عمران {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ} [(106) سورة آل عمران] (فأما الذين اسودت) يعني في الإجمال في اللف قدّم (الذين ابيضت) يوم تبيض، وفي التفصيل في النشر قدّم (فأما الذي اسودت) وهذا أسلوب جاري في النصوص، وفي لغة العرب، يعني أسلوب فصيح ما فيه إشكال، جاء في أفصح الكلام، بينما في سورة هود {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ} [(106) سورة هود] ثم {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ} [(108) سورة هود] لف ونشر مرتب، أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، الليل يحسب من متى؟ متى يبدأ حساب الليل لمن يبي يطبق هذا الحديث؟ طالب:. . . . . . . . .

من إيش؟ من غروب الشمس، يعني لو غربت الشمس، يرقب الشمس إذا غربت نام إلى نصف الليل، أنا أريد من خلال هذا الحديث، من أين يبدأ النصف الأول من الليل؟ معروف الليل عند الفلكين من غروب الشمس إلى طلوعها، من غروب الشمس إلى طلوعها، وفي عرف المتشرعة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا تحديد الليل؛ لكن هنا في هذا الحديث، ينام نصف الليل، من غروب الشمس أو الحساب يبدأ من إمكان النوم؟ من وقت إمكان النوم، وهو صلاة العشاء، نعم يبدأ من إمكان النوم ليقع قيامه في وقت النزول الإلهي، لا أن نقول: الله -جل وعلا- ينزل في الثلث الأخير من الليل، وداود ينام نصف الليل وقيامه محمود يعني جاء شرعنا بحمده، يعني سيق سياق المدح، فهو مطلوب من المسلم أن ينام نصف الليل؛ لكن إذا نام نصف الليل وانتبه الساعة (12) مثلاً، بقي على الثلث الأخير ساعة أو أكثر من ساعة، باقي ساعة ونصف مثلاً على الثلث الأخير، يكون قيامه في النزول الإلهي أو قبل النزول الإلهي، هو يبي يدرك النزول؛ لكن كون القيام كله في الثلث الأخير أفضل، هنا إذا أردنا أن يتفق هذا الحديث مع ما جاء من أحاديث النزول أمكن إذا حسبنا الليل من صلاة العشاء، ونام نصف الليل ينتبه في الثلث الأخير من الليل، فتلتئم بذلك الأحاديث؛ لأن بعض الناس يبي يجمع النصوص كلها، فكونه ينام نصف الليل يعني ينتهي نومه الساعة كم؟ في هذه الأيام يمكن إحدى عشر ونصف، وينتهي نصف الليل؛ لكن إذا حسب النصف من بعد صلاة العشاء من إمكان النوم من ثمان ونصف مثلاً، يبي يمتد معه الوقت إلى ثنتين تقريباً، يبدأ الثلث الأخير من الليل، فيكون نام نصف الليل وامتد إلى وقت النزول الإلهي.

وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في حديث النزول أشار إلى شيءٍ من هذا، أن بداية الليل تختلف من نص إلى نص، ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، ينام نصف الليل، ينام هذا إذا اعتبرناه كم يؤذن الفجر الآن؟ أربع وربع، قل: من ثمان وربع إلى أربع وربع، ثمان ساعات اقسمها على ثلاثة، أولاً: الأربع الساعات اللي هي نصف الليل يبي ينامها، معناه يبي ينام إلى اثنا عشر وربع، وإذا حسبناه من غروب الشمس صار الثلث الأخير يبدأ من اثنا عشر ونصف، متقارب جداً، المسألة ما هي دقيقة مائة بالمائة بالحساب؛ لكن يتنزل هذا على هذا، ثم بعد ذلك يقوم ثلثه، يصلي ثلث الليل؛ لكن مَن مِن طلاب العلم الذي يصلي ثلث الليل إلا القليل النادر، نعم الذي ما يسهرون ينامون بعد صلاة العشاء مباشرة يعانون على مثل هذا، أما من ابتلي بالسهر فالله المستعان. وبعض الشيوخ موجودين الآن، يقرؤون القرآن في سبع في صلاة التهجد، يعني أول ليلة يقرأ البقرة وآل عمران والنساء في صلاته، صلاة الليل، وثاني ليلة المائة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة، ثم بعد ذلك يقرأ سبع سور في الليلة الثالثة، وتسع في الليل الرابعة، واحدى عشرة في الليلة الخامسة، وثلاث عشرة في الليلة السادسة والمفصل في الليلة السابعة، من المعاصرين من يفعل هذا، لكن الأمر مع التمرين سهل، ابتلينا بالسهر فعوقبنا بمثل هذا، وعلى كل حال السهر لذاته خلاف الأولى، يعني ما تتجه إليه تحريم وإلا منع، يكره النوم قبلها، والحديث بعدها، وثبت عنه أنه سمر مع بعض الصحابة، والسمر في العلم مطلوب، وأهل العلم يسهرون من أجل العلم، يعني هذا يخفف من المعاناة النفسية التي يعيشها كثير من الناس؛ لكن مثل هذا لا يدعو إلى التفريط، يبقى أن الأصل أن الليل سكن، والسنة الإلهية على أن الليل للنوم والراحة، والنهار للعمل والمعاش، ويقوم ثلثه وينام سدسه، ينام السدس ليستعين به على أعماله في النهار، ويستجم بها بهذا السدس ليحضر صلاة الصبح بقلبٍ حاضر، وقرآن الفجر مشهود يقرب من الإمام ويتأمل ما يقرؤه الإمام، وابن القيم بيّن أهمية القرب من الإمام، وحضور القلب في صلاة الفجر، يعني من أراد تفصيل هذا يرجع إلى طريق الهجرتين.

((وينام سدسه)) هذا بالنسبة للقيام، وأما بالنسبة للصيام الذي هو أفضل الصيام وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهذا هو أفضل الصيام، وأشقه على النفس، شاق على النفس، كان ابن عمرو بعد هذا يجمع الأيام يصوم عشرة أيام ثم يفطر عشرة أيام، يستجم ويستريح، وتمنى أن لو قبل وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكنه لا يترك شيئاً عهده عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، و ((نعم الرجل عبد الله)) يعني بالمقابل عبد الله بن عمر، ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً بعد ذلك، وهذا امتثال ورغبة في الخير؛ لكن يسمع من هذه الأحاديث وما هو أشد من هذه الأحاديث وانظر في نفسك هل يؤثر فيك أو لا يؤثر؟ اختبر نفسك هل أنت بالفعل طالب علم، وإلا لست بطالب علم؟ إيش الفائدة من العلم الذي لا يدل على العمل؟ والله ما كأننا نسمع مثل هذا الكلام، والسبب في ذلك الاسترسال في المباحات الذي جرنا إلى ارتكاب المكروهات، وإذا وقع منا شيء مما حرمه الله -جل وعلا- ما أثر فينا، ولا خفنا ولا وجلنا، وهذا الذي جعلنا نتساهل في مثل هذه الأمور. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".

النبي -عليه الصلاة والسلام- أوصى بعض أصحابه بهذه الوصايا، فممن أوصاهم أبو هريرة وأبو ذر وأبو الدرداء، وهنا يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم-" والخلة نهاية المحبة وغايتها، من تخللت إلى أن ولجت إلى الفؤاد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكرٍ خليلاً)) وأبو هريرة يقول: "أوصاني خليلي" فالممنوع أن يتخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- خليلاً غير الله -جل وعلا-، كونه يتّخذ من قبل بعض أصحابه لا بأس، ولهذا قال أبو هريرة: "أوصاني خليلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثلاث خصال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر" يعني والحسنة بعشر أمثالها، فيكون كأنه صام الدهر، وهذا سبق في حديث عبد الله بن عمرو "وركعتي الضحى" ركعتي الضحى، أوصى بها أبا هريرة وغيره، وتكفي من جميع الصدقات المطلوبة في مقابل كل عضوٍ من أعضاء الإنسان، ((يصبح على كل سلامى منكم صدقة)) والسلامى: المفاصل ومقدارها ثلاثمائة وستين، فعلى الإنسان أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة كل يوم، ليقوم بشكل هذه المفاصل، ثلاثمائة وستين صدقة، من أجل إيش؟ أن يقوم بشكر هذه المفاصل، وجاء بيان هذه الصدقات، بالأقوال والأعمال الصالحة، ومنها الذكر، كل تسبيحة صدقة، كل تهليلة صدقة، كل تحميدة صدقة، إذا اجتمع عندك ثلاثمائة وستين شكرت هذه النعمة، يعني تصلح بين اثنين، تحمل عاجزاً على دابته، أو تعينه في حمل متاعه، المقصود أنك تنفع الناس صدقات هذه؛ لكن هناك صدقات ما تكلفك شيء وأنت جالس، كل تسبيحة صدقة، كل تهليلة صدقة، كل تحميدة صدقة، كل تكبيرة صدقة، فضل الله واسع، يعني إذا قلت مع أذكار الصباح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. الخ مائة مرة، وجاء الحث على هذا، وفيه رفع الدرجات، ومحو السيئات، وحرز من الشيطان حتى تمسي، وقلت: سبحان الله وبحمده مائة مرة، حطت عنك خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر، وقلت: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، كلمتان خفيفتان على اللسان .. الخ، واجتمع من ذلك ثلاثمائة وستين، نعمة، وهذا لا يكلفك شيء، كل هذا ما يحتاج ولا ربع ساعة، ((ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى)) يكفي، فهل

يدل على المداومة على صلاة الضحى؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما داوم عليها، لكن بوصاياه وبمثل هذا الحديث تثبت مشروعة المداومة على صلاة الضحى. قد يقول قائل: إذا كانت هاتان الركعتان كافيتين في الصدقة عن هذه السلامى ليش أتصدق وليش أسبح وأهلل يكفي ركعتين وخلاص؟ نقول: يا أخي يا محروم صل ركعتين وش يضرك لو قلت: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ما الذي يضيرك أن تأتي ببقية الأذكار ولسانك رطب بذكر الله سراً وجهاراً ليلاً ونهاراً، إيش الذي يمنعك إلا الحرمان، الذي بيحاسب هذه النصوص بدقة ويقول: أنا فعلت خلاص يكفي، والرسول يقال: يكفي ركعتين، صليت ركعتين وش بعد؟ نقول: يا محروم، أنت محمل من الذنوب، ولله عليك نِعم، لا تستطيع عدها {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [(18) سورة النحل] هذه النعمة تحتاج منك إلى شكر، خفف من ذنوبك، وأدّ بعض ما عليك، بالأذكار التي لا تكلفك شيئاً، فيضيف الإنسان إلى أذكاره مثل هذه تخفف عنه التي جاء الترغيب فيها في كل صباح وفي كل مساء، مثل لا إله إلا الله وحده لا شريك .. ، إذا أراد أن ينام يأتي بأذكار النوم، ويقول ابن القيم: إنها تبلغ نحو الأربعين، أذكار النوم، عندكم أربعة ما هي أربعين؟ أربعة أذكار؟ ابن القيم يقول: تبلغ نحو الأربعين، كم نحفظ منها؟ ما بيّنها -رحمه الله-، ذكرها في شرح حال المقربين، وأنهم يحرصون على أذكار النوم، وهي تبلغ نحو الأربعين، وشرح حالهم وطريقتهم ومنهجهم في طريق الهجرتين، يراجعه من أراد، وهو في غاية الأهمية؛ لكن قوله: وهي تبلغ نحو الأربعين ولا بيّنها، ولو بحثت في كتب الأذكار وفي كتب السنة ما وجدتَ هذا العدد، ما أدري والله عن هذا العدد، أحد أحصاها وإلا شيء؟ في أحد اهتم بها؟ في منكم من اهتم بجمعها؟ أنا سألت الشيخ ابن باز -رحمه الله- فاستغرب هذا العدد قال: لا هذا كثير جداً، ما تبلغ هذا العدد؛ لكن من اهتم بها وجمعها ويحرص عليها ويفيد غيره.

"وركعتي الضحى" قد يقول قائل: أنا اعتدت أن أجلس بعد صلاة الصبح، وأنتظر طلوع الشمس، وأصلي ركعتين، رجاء الثواب المرتب على هذا، هاتان الركعتان تكفيان عن صلاة الضحى، فإذا جلس حتى تنتشر الشمس مقتدياً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه ثبت عنه أنه كان يجلس، ثم إذا ارتفعت الشمس صلى ركعتين هما ركعتا الضحى، يكون أدى ركعتي الضحى، وإن ثبت الأجر المرتب على ذلك، وأن هذا كحجة لن يحرمه الله -جل وعلا-، يعني الحساب ما هو عند بشر تبي تذكره تقول: ها ترى جلست لا تنسى هذا، كل شيء مضبوط، بس عليك أن تعمل، ما تقول: والله يمكن يغفل، يحسب لي ركعة ضحى، ولا يحسبها لي إشراق، لا لا تخاف، إن ثبت الحديث كل شيء بيحسب لك، ولن تحرم الأجر، إن لم يثبت فأنت اقتديت بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وجلست تذكر الله، وتصلي عليك الملائكة ما لم تحدث، ما لم تؤذِ، وهذا رباط، فإذا صليت ركعتي الضحى انتهى ما عليك، وإذا كنت خلال هذه المدة قرأت حزبك من القرآن، سبع القرآن، وحرصت أن تقرأ القرآن في سبع فأنت في خيرٍ عظيم -إن شاء الله تعالى-. "وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام" هذا أفضل يعني لو أخرها صار أفضل، لو أخرها إلى أن ترمض الفصال أفضل؛ لكن كونه يصليها بنية الضحى إن لم يثبت الخبر، وإن ثبت الخبر صلى إذا رمضت الفصال جمع الخيرات كلها، ابن القيم -رحمه الله تعالى- لما شرح حال الأبرار، وحال المقربين، وذكر المنهج الذي يسيرون عليه في طريق الهجرتين، قال: إن الأبرار يجلسون بعد صلاة الصبح حتى تنتشر الشمس، ثم يصلون الركعتين وينصرفون، ولما ذكر حال المقربين وهم أكمل من الأبرار، قال: فإذا انتشرت الشمس إن شاؤوا صلوا ركعتين، وإن شاؤوا انصرفوا دون صلاة، لماذا؟ قال: هذا بالنسبة للأبرار، وهم دونهم منزلة صلوا الركعتين وذولك إن شاؤوا صلوا وإن شاؤوا انصرفوا؟ يعني يؤخرون هاتين الركعتين، أيضاً هم ينصرفون إلى عبادة فوقتهم معمور بالعبادات والطاعات ...

كتاب الصيام (4)

عمدة الأحكام - كتاب الصيام (4) تابع لباب ليلة القدر - باب الاعتكاف الشيخ/ عبد الكريم الخضير يعني قد يصعب على الناس اغتنام جميع رمضان، اغتنام جميع السنة، يصعب عليهم هذا، طيب رمضان شهر واحد، قد يكون شاق على كثيرٍ من الناس، العشر الأواخر في هذا الحديث غالب العشر الأواخر، وفي غيره ما يدل على أنها في العشر كلها، وهذا كله من باب تعمية هذه الليل وإخفائها؛ لكن ليحرص المسلم على اغتنام العشر كلها، وأن يري الله -جل وعلا-، وأن يتعرف عليه في حال الرخاء طول العام، كي يعرفه في حال الشدة، يعني شخص طول العام بطال، لا يعرف شيء من نوافل العبادات، وليست له صلة بربه، ثم إذا جاء وقت الحاجة يبي يتمثل ما يسمع من أخبار العلماء والعباد؟ ما يمكن، وهذا شيء مجرب، الشخص الذي لا يقرأ القرآن إلا من رمضان إليه، هل يعان على قراءة القرآن في المواسم وفي الأماكن الفاضلة؟ ما يعان، من أشق الأمور على النفس أن يفتح المصحف، إلا إذا كان قد تعرف على الله في الرخاء، وفي أيام السعة، فإذا جاء وقت الضيق سهل عليه القرآن، وقل مثل هذا في كل العبادات.

((فمن كان منكم متحرياً فليتحراها في السبع الأواخر)) وحديث عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)) الوتر ليلة إحدى وعشرين، ليلة ثلاث وعشرين، ليلة خمس وعشرين، ليلة سبع وعشرين، ليلة تسع وعشرين، هذه أوتار العشر، والأشفاع لها ما يدل عليها، ((في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى)) ليلة اثنين وعشرين وليلة أربع وعشرين ((وفي خامسة تبقى)) ليلة ست وعشرين، وهكذا، وما يرد في هذه النصوص قد يقول طالب العلم الذي ما شمّ رائحة مثل هذا التعارض الذي فيه هدف عظيم للشرع، يقول هذا: اشلون أتحراها في سابعةٍ تبقى؟ في السبع الأواخر في العشر الأواخر ليلة كذا؟ وكلها أحاديث صحيحة، هل هذا اضطراب في هذه النصوص؟ أو هذا إرباك لطالب العلم؟ أبداً، إنما هو حث على استغلال جميع هذه الليالي، وكل ليلة من ليالي العشر بدأ من ليلة إحدى وعشرين إلى آخر ليلة من رمضان، لها ما يدل عليها من أجل الاغتنام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا دخل في العشر شدّ المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله. (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر) فليلة القدر عند الجمهور منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه آكد، ثم في أوتاره أرجى، لا في ليلةٍ بعينها، بعضهم يرجح ليلة سبع وعشرين، وهو اختيار كثير من الصحابة، وكثير من أهل العلم ممن بعدهم، يقول: لأن كلمة (هي) بالنسبة لسورة القدر هي السابعة والعشرين من الكلمات، لو حسبنا الكلمات كم كلمة؟ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [(1) سورة القدر] المقصود أنهم حسبوها فوجودها كلمة (هي) رقم سبع وعشرين، فاستدلوا بها على أن ليلة القدر هي سبع وعشرين، ابن عطية في تفسيره يقول: "وهذا من ملح العلم لا من متينه" يعني هذا يتناقل بالدروس وبين الطلاب، وإن وافقت سبع وعشرين فهي ليلة فاضلة، وإلا ليست من متين العلم الذي يستمسك به، ويرجح به قول على قول بمجرد هذا، ليست من متين العلم الذي يعتمد عليه في ترجيح الأقوال.

عن أبي الخدري -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر في الأوسط من رمضان" العشر الأوسط، العشر مذكر وإلا مؤنث؟ المقصود عشر ليالي، الأوسط مذكر، والأصل في مثل هذا التطابق، يعني العشر الوسطى، لو قيل: العُشر؟ كما تقول: الثلاثة الأجزاء من القرآن هي العُشر الأخير وما قبلها هي العُشر ما قبل الأخير وهكذا، والعشر الأول والثاني مذكر؛ لأن واحدها جزء، وهذه واحدها ليلة مؤنثة، في العشر الوسطى؛ هذا الأصل، لكنه لحظ الوقت، الوقت الأوسط من رمضان، فذكّر، والعشر باعتبار أن هناك عشر أولى، وعشر وسطى، وعشر أخيرة، فيه وسطى؛ لكن ماذا عن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ووقت صلاة العشاء من مغيب الشفق إلى منتصف الليل الأوسط)) في نصف أوسط وإلا ما في؟ في منتصف أوسط وإلا ما في؟ في نصف الليل الأوسط، في نصف أول ونصف أوسط ونصف أخير؟ ما في، كيف قال -عليه الصلاة والسلام-: ((إلى نصف الليل الأوسط)) يعني الواقع في نصف الليل متوسط من الليل، الأوسط بمعنى المتوسط، الذي يتوسط الليل بين نصفيه.

"كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان" النبي -عليه الصلاة والسلام- من جميع رمضان اعتكف، اعتكف في أوله، وفي أوسطه، وفي أثناءه، وفي آخره، فاعتكف عاماً من الأعوام في العشر الأوسط، حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافها، صبيحتها التي قبلها وإلا التي بعدها؟ ليلة إحدى وعشرين من العشر الأوسط وإلا من الأخيرة؟ من الأخيرة، وهو يعتكف في العشر الأوسط، العشر الأوسط ينتهي بغروب الشمس من يوم عشرين، والليالي ليالي العشر الأوسط تنتهي بطلوع الصبح من يوم عشرين، فالصبيحة التي يخرج فيها من اعتكافه صبيحة عشرين، ولذا قال: ((من اعتكف معي -يعني وانتهى اعتكافه خرج في صبيحة عشرين- فليعتكف العشر الأواخر)) هم اعتكفوا العشر الأوسط ومعهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخرجوا في صبيحة عشرين، خرج في صبيحة عشرين، انتهى اعتكافهم، العشر الأوسط انتهت؛ لكن قال بعد ذلك: ((من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر -يعني ترجّح عنده أن ليلة القدر في العشر الأواخر- فقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها)) أريت هذه الليلة ثم أنسيتها للحكمة التي سبق ذكرها، ((وقد رأيتني -يعني علامة عليها- أسجد في ماء وطين من صبيحتها)) في الرؤيا، ((فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر)) "فمطرت السماء تلك الليلة" ليلة إحدى وعشرين، "وكان المسجد على عريش" يعني سقفه من خوص عريش، إذا نزل عليه المطر يكف على المسجد، يتقاطر الماء على المسجد، داخل المسجد، وكان على عريش "فوكف المسجد" يعني تقاطر منه المطر، "فأبصرت عيناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أبو سعيد يقول: "فأبصرت عيناي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على وجهه أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين" هذا من أقوى، بل أقوى من يتمسك به في تحديد ليلة القدر، هذا كالصريح في أنها ليلة إحدى وعشرين؛ لكن ما الذي يجعل الإنسان يرى قد يميل إلى أنها في غير إحدى وعشرين؟ يعني لو لم يرد في النصوص إلا هذا، هذا صريح أنها ليلة إحدى وعشرين، يعني جاء تأويل رؤياه من صبيحتها، تحققت الرؤيا في صبيحتها إذاً هي ليلة إحدى وعشرين؛ لكن في الأحاديث الأخرى التموسها في السبع الأواخر، ليس منها

ليلة إحدى وعشرين، وإلا فهذا الحديث كالصريح في أنها ليلة إحدى وعشرين، ولولا مثل ذلك الحديث لتعيّن القول بهذا الحديث؛ لأنه محدد، لكن لا يمنع جمعاً بين الأدلة أن تكون متنقلة بين ليالي العشر، وفي تلك السنة صارت إحدى وعشرين، هناك علامات يستدل بها على ليلة القدر، منها ما يثبت، ومنها ما لا يثبت، منها أنها ليلة قارة، ومنها أنها ليلة مضيئة، ليلة بلجة، وذكر فيها أشياء يستدل بها عليها، البحر لا يهيج، والكلاب لا تنبح، أمور كثيرة ذكرها أهل العلم منها ما يثبت، ومنها ما لا يثبت، والشمس في صبيحتها تطلع ليس لها شعاع، على كل حال هي ليلة بلجة طلقة، يحس الإنسان فيها بارتياح، ليس فيها حر شديد، ولا برد شديد، ولا حر ولا قر مريحة جداً، هذه من علاماتها ولا يدرك مثل هذه الأمور كل أحد، الذي لا يوفق للاجتهاد فيها قد لا يدرك هذه الأمور، الذي يقضي أيامه ليله ونهاره في الغفلات قد لا يدرك، ولا يتحقق هذه الأمور، وقد يقول قائل: أنا أدركت ليلة القدر أو ما أدركت أنا بصلي، أبي أقوم مع الإمام حتى ينصرف كل ليلة من ليالي العشر، نقول: أنت على خيرٍ عظيم، وتدرك ليلة القدر -إن شاء الله تعالى- لكن ليس معنى أنك تدركها مع حضور القلب مثلما تدركها وأنت غافل لاهي، فالإنسان يحرص على حضور قلبه، يعني هناك أمور هذا يفتح أبواب ويجرنا إلى الكلام في أحاديث يعني على اختلاف المطالع ليلة القدر عند من؟ وهذا يؤكد أن ليلة القدر كما تكون في أوتاره تكون في أشفاعه، يعني عند هؤلاء ليلة ثلاث وعشرين، وعند أولئك سابعة تبقى ليلة أربع وعشرين وش المانع؟ تجتمع هنا وهناك، مع اختلاف المطالع، وهؤلاء عندهم ليل وهؤلاء عندهم نهار، الثلث الأخير من الليل عند هؤلاء وهؤلاء عندهم نهار، وش تبي تسوي؟ حديث النزول مع كونه -جل وعلا- مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، يعني أمور حقيقةً الإيغال فيها مع طلاب علم يستوعبون ما يخالف لا بأس؛ لكن بحث مثل هذه المسائل عن عوام لا يدركونها لا شك أنه يوقف في الحرج، يعني شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقرر أن الله ينزل آخر كل ليلة، وآخر كل ليلة متفاوت، هؤلاء عندهم أول الليل، وهؤلاء عندهم آخر، وهؤلاء عندهم .. ويجتمعون، كيف

يجتمعون في آخر الليل؟ النزول الإلهي بالنسبة لأهل المشرق يختلف عنه عند أهل المغرب، إذاً كل وقته نازل، هذا إيش؟ إلزام من يريد إنكار هذا الحديث من بعض المبتدعة، وشيخ الإسلام يقول: أبداً، الله -جل وعلا- ينزل كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق على ما يليق بجلاله وعظمته، وكل إنسان يتعرض لهذا النزول ولا عليه أكثر من ذلك، ليس عليه أكثر من ذلك، حتى لو تصور أنه كيف ينزل وهو مستوٍ على عرشه بائن من خلقه؟ شيخ الإسلام يقرر أنه ينزل آخر كل ليلة مع أنه مستوٍ على عرشه، هذه أمور قد لا يدركها العقل؛ لكن مثل هذا لا بد فيه من التسليم، قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، ما لك إلا تقول: سمعنا وأطعنا، أحاديث صحيحة استوعبتها أو ما تستوعب هذا ليس إليك، يقول: ينزل آخر كل ليلة ولا يخلو منه العرش، العامي ما يستوعب؛ لكن طالب العلم يرضى ويسلم وخلاص انتهى الإشكال، بل على العامي أن يؤمن بهذا، وأن يعتقد هذا؛ لكن مثل هذه الأمور لا تلقى على العامة، ولذا من أعظم المشكلات أن تذكر مثل هذه الأمور وتبحث في القنوات التي دخلت كل بيت، ولا يسلم منها إلا من عافاه الله -جل وعلا-، يشككون الناس في أديانهم، يعني شبه المبتدعة الآن كلها تلقى في البيوت، في بيوت عوام المسلمين، وهذه من أعظم المعضلات، طيب في الحديث الصحيح: ((أن الشمس تسجد تحت العرش في آخر كل ليلة، وتستأذن)) هل تطلع أو ما تطلع؟ أحد ينكر هذا، هذا في الصحيح، والشمس لا يفقدها الناس، في فلكها أربع وعشرين ساعة، نقول: سمعنا وأطعنا ورضينا وسلمنا، ولا لأحدٍ كلام، ويبقى أن في النصوص من المتشابه ما لا يدركه أحد {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [(7) سورة آل عمران] ويبقى أن المؤمن الراسخ في العلم يقول، ماذا يقول؟ آمنا، صدقنا، وسلمنا، ولا لنا كلام، وأما الذين في قلوبهم زيغ يريدون أن يضربوا النصوص بعضها ببعض، فيتتبعون المتشابه، وهؤلاء الذين أمرنا بالحذر منهم، أولئك الذين سمّ الله فاحذروهم، أنت ما عليك أنت في بلد في قرية بعيد قريب في المشرق في المغرب انظر إلى الثلث الأخير، وافعل ما وجهت به، وقم وامثُل بين يديك، وناجي ربك، ولا

عليك أكثر من هذا، أنت عليك أن تفعل ما عليك، وأبشر وأمل خير -إن شاء الله-. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى، توفاه الله -عز وجل-، ثم اعتكف أزواجه بعده، وفي لفظٍ: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان، فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه". وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت ترجل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي حائض، وهو معتكف في المسجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه" وفي روايةٍ: "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان" وفي روايةٍ: "أن عائشة قالت إني كنت لا أدخل البيت إلا لحاجة، والمريض فيه، فما أسأله عنه إلا وأنا مارة" وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله: إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً" وفي رواية: "يوماً في المسجد الحرام، قال: ((فأوف بنذرك)) ولم يذكر بعض الرواة يوماً ولا ليلة. وعن صفية بنت حيي -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً فحدثته، ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمرّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((على رسلكما إنها صفية بنت حيي)) فقالا: "سبحان الله، يا رسول الله" فقال: ((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإن خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو قال شيئاً)) وفي رواية: "أنها جاءت تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة ثم ذكره بمعناه".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- باب الاعتكاف، الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، والخلوة والانفراد في بيتٍ من بيوت الله -عز وجل- للذكر والصلاة والتلاوة وغيرها من العبادات الخاصة، لا العامة، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- يعتزل في معتكفه احتجر حجيرة ينفرد بها عن الناس، وجرى على هذا أصحابه وأزواجه من بعده، وخيار الأمة من علمائها وعبادها، وينقطعون عن جميع ما كانوا يزاولونه، ولو كان فيه نفع للناس، فلا تجد عالم يعتكف ثم يلقي دروساً، يدرس الناس ويقرأ عليهم، أبداً، بل الاعتكاف يخصص للعبادات الخاصة من صلاة وذكر وتلاوة، فهو لزوم المسجد لهذا الأمر، والاعتكاف منهم من يجعل أقلّه اليوم والليلة، ومنهم من يقول: ما سُمي اعتكاف، بمعنى أنه لزم وأطال المكث، وانطبق عليه الاسم لغةً، يسمى اعتكاف، ومنهم من يجريه على مسمى البقاء والجلوس في المسجد ولو قلّ، وهذا معروف عند متأخري المذاهب، يقول: إذا دخلت المسجد انوِ الاعتكاف، لو أنت داخل في زمن يسير تنوي الاعتكاف، لكن هذا ليس باعتكاف لا لغوياً ولا شرعياً، ولذلك تجدون في بعض المساجد عند المدخل لوحة على سارية: نويت سنة الاعتكاف، هل أنت تريد الاعتكاف بالفعل؟ تريد طول المكث والبقاء في المسجد، أو تريد أن تصلي وتخرج أو تقرأ شيء يسير من القرآن وتخرج؟ هذا ليس باعتكاف؛ لأن من أهل العلم من يشترط الصيام، ويأتي ذكره في نذر عمر -رضي الله تعالى عنه-، فالاعتكاف: طول المكث والبقاء في المسجد للعبادة، والمسجد: ما يصح تسميته مسجد، ويمكّن المعتكف من أداء الصلوات مع الجماعة، بحيث لا يتكرر خروجه؛ لأن تكرار الخروج ينافي الاعتكاف إلا لما لا بد منه، ويصح الاعتكاف في المسجد الذي تقام فيه الصلوات الخمس، ولو لم يكن جامع، يعني والخروج إلى الجمعة أمره يسير، مرة في الأسبوع لا يؤثر؛ لكن لو كان مسجد لا تقام فيه الصلوات الخمس، مسجد من مساجد المصالح الحكومية، الدوائر الحكومية، الذي أسس لإقامة صلاة الظهر فقط، ثم يضطر يخرج إلى صلاة العصر، ثم يضطر يخرج إلى صلاة المغرب، ثم يضطر إلى العشاء والفجر وهكذا، أو قال: أنا أريد أن أعتكف بمسجد نمرة، مسجد بالإجماع؛ لكن لا يقام فيه إلا مرة

في السنة، نقول: يا أخي هذا لا تقام فيه جماعة، وكثرة خروجك إلى المسجد الذي تقام فيه الجماعة ينافي مقتضى الاعتكاف، فعليك أن تعتكف في مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس، وإن كان جامع فهو أفضل لئلا تخرج ولا إلى الجمعة؛ لأن الاعتكاف المكث والبقاء، وملازمة المسجد لطاعة الله تعالى؛ لكنهم يتسامحون في مرة في الأسبوع من أجل الجمعة، أمرها يسير -إن شاء الله تعالى- عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف في العشر الأواخر حتى توفّاه الله، يعني هذا آخر ما استقر عليه الأمر، وإلا اعتكف في العشر الأواسط، واعتكف في الأوائل؛ لكن استقر الأمر باعتكافه -عليه الصلاة والسلام- في العشر الأواخر، حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده، النساء يشرع في حقهن الاعتكاف كالرجال، ومن أهل العلم من يرخص للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها الذي تصلي فيه الصلوات، ويحصل لها ثواب الاعتكاف؛ لأنه بالنسبة لها هو المسجد الشرعي وهو الأفضل في حقها، وتمتثل قوله -جل وعلا-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] لكن بالنسبة للرجال يعتكف في بيته؟ لا، لا يسمى هذا اعتكاف.

"ثم اعتكف أزواجه من بعده، وفي لفظ: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه" يعني متى يبدأ الاعتكاف؟ من أراد أن يعتكف العشر الأواخر تبدأ العشر الأواخر متى؟ بغروب شمس يوم عشرين، إذا غربت الشمس من يوم عشرين ودخلت ليلة ... ، بدأ الاعتكاف، العشر الأواخر، النبي -عليه الصلاة والسلام- يدخل إذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه، طيب قبل أداء الصلاة وقبل الصلاة، أليس في معتكفه؟ الآن في هذا الحديث يبين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يدخل المعتكف بعد صلاة الصبح من إيش؟ من يوم عشرين، أو من واحد وعشرين؟ الآن من أراد أن يعتكف العشر نهار عشرين غير داخل في العشر، العشر تبدأ من غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين فيدخل المعتكف ليلة إحدى وعشرين، ويمكث فيه في الليل، ثم يخرج إلى الناس في المسجد، يخرج إلى الناس ويصلي بهم الغداة، فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه، يعتزل في ناحية من المسجد، غرفة في حجيرة في شيء يعتزل به عن الناس، فما في إشكال؛ لأن بعض الناس ما يفهم فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه، وقبل وين؟ أين كان قبل ذلك؟ هو في المسجد ما خرج من المسجد؛ لكن المكان المخصص للاعتكاف الجزء المخصص للاعتكاف يدخل فيه بعد الصلاة، ثم يخرج لصلاة الظهر ثم يعود إلى اعتكافه وهكذا.

فالاعتكاف يبدأ من غروب الشمس يوم عشرين لمن أراد أن يعتكف العشر الأواخر، وفي حديث عائشة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه، على ما جاء في هذا الحديث، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأمر بالقباء فيضرب ليعتزل فيه عن الناس، واعتكف نساؤه وضربن الأخبية، فترك النبي -عليه الصلاة والسلام- الاعتكاف في تلك السنة لئلا يضيقن على الناس، يعني لو جاء شخص يبي يعتكف وجاب خيمته معه وضربها بطرف المسجد، ثم ثاني ثم ثالث، ثم نظرنا ما في مسجد، عشر خيام، عشرين خيمة وين يروحين ذولا؟ وهل من المناسب أن يقول القدوة لهؤلاء: ضفوا خيامكم خلاص لا تعتكفون، أو يبدأ بنفسه قبل يتمثل أمره؟ يبدأ بنفسه؛ لأن الذي يطلبه هو يطلبه الأتباع، وهم لم يعتكفوا إلا لما رأوه اعتكف، وما ضربوا الأخبية إلا لما رأوه ضرب، والله المستعان. فالرسول -عليه الصلاة والسلام- في تلك السنة ترك الاعتكاف في رمضان؛ لكنه قضاه في شوال، قضاه في شوال، ليس من المناسب أن يقول القدوة: يا لله خلاص ما في اعتكاف ضفوا خيامكم، يا لله شيلوا أثاثكم، وهو باقي؛ لأن القدوة لا بد أن يكون قدوةً بالفعل قبل أن يكون قدوةً بالقول، ولذا قوّض خباءه -عليه الصلاة والسلام-، ترك الاعتكاف في تلك السنة.

والحديث الثاني حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت ترجل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي حائض، وهو معتكف في المسجد، وفي حجرتها يناولها رأسه، خروج بعض بدن المعتكف لا يؤثر في الاعتكاف، أما خروج جميع البدن يؤثر في الاعتكاف، هنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- يناولها رأسه، وهي في حجرتها، وهي حائض، تباشره وهي حائض، فالحائض طاهرة، ليست بنجس، إنما طاهرة، ولا تؤثر فيما تمسه، ولو كانت يدها رطبة، فلا تؤثر فيما تمسّه، ولو وضعت يدها في مائع لم ينجس، إنما يتقى منها موضع النجاسة، الذي هو موضع الحيض، أما بقية بدنها فطاهر، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يناول عائشة رأسه وهو معتكف، وهي حائض وترجله -عليه الصلاة والسلام- ومثل هذا الخروج الجزئي لا يؤثر في الاعتكاف، بخلاف الخروج الكلي، وفي رواية: كان لا يدخل البيت إلا لحاجةٍ الإنسان أمر لا بد منه، إلا لأمرٍ لا بد منه، بعض الناس إذا اعتكف لا تجد أدنى فرق بين اعتكافه وعدم اعتكافه، يعتكف في العشر الأواخر ثم بعد ذلك عنده التلفون، ومعه الجوال من الأصل، تحضر له الجرائد، يحضر له طعامه على وقته كالمعتاد، وسماره الذين كان يسمر معهم في الاستراحات يجونه في المسجد، هذا اعتكاف هذا؟ المقصود من الاعتكاف الخلوة بالله -جل وعلا- لعبادته، وترك الفضول من كل شيء، من مجالسة الناس، فضول الطعام، فضول الأكل، فضول الكلام، كل هذا يخفف منه بقدر الإمكان، ولذا كان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان التي لا يمكن قضاؤها في المسجد، وفي رواية: أن عائشة قالت: إني كنت لا أدخل البيت إلا للحاجة، هي معتكفة لا تدخل البيت إلا لحاجة، يعني حاجة الإنسان التي لا بد منها، والمريض في البيت يوجد في بيتهم مريض، "والمريض فيه، وما أسأل عنه إلا وأنا مارة" يعني إذا كان ما هو على الدرب ليس على الطريق ما رأته، وإنما تسأل عنه كيف فلان كيف فلان؟ وهي ماشية، وعلى كل حال اعتكاف المرأة أجره مثل اعتكاف الرجل، والمرأة شقيقة الرجل في مثل هذا إلا أنه لا بد من أمن الفتنة، يعني لو قالت امرأة: أنا أريد أن أعتكف في مسجد يرتاده الناس، وليس معها من يحفظها ممن يعتدي عليها، قيل لها: ارتكاب أخف الضررين اتركي

الاعتكاف، لا بد من أمن الفتنة، حاجة الإنسان فسّرت بقضاء الحاجة التي هي البول والغائط وشبهه والطعام إذا لم يتمكنوا من إدخاله المسجد، ومنعوا منه يخرج للطعام؛ لأنه لا بد منه. يقول: هل للاعتكاف مدة معينة في قصر مدته وطولها، يعني أقله وأكثره؟ أما أقله فما يطلق عليه اعتكاف لغةً ولا يطلق إلا على طول المكث واللزوم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يعتكف في العشر، ولا يعني هذا أنه لا يصح اعتكاف أقل من العشر، فمن اعتكف ليلة كان له أجرها، من اعتكف ليلتين له أجرهما، وهكذا؛ لكن ما لا يسمى اعتكاف نيته ليست بسنة. يقول: شخص دخل بالاعتكاف بالمسجد الحرام ثم أصابه مرض، وبسببه اضطر للذهاب إلى منزله، وهو بعيد عن الحرم فماذا عليه؟ ما عليه شيء، إذا كان نذر يقضيه، وإذا كان تطوع فلا يلزمه قضاؤه؛ لكن إن قضاه من باب الدوام على العبادة والثبوت عليها، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو أفضل، وإن كان نذر لزمه قضاؤه. يعني مسألة الاشتراط في الاعتكاف أنه إذا مرض له مريض أو مات له ميت يخرج ليصلي بجماعته مثلاً أو يخرج ليوقظ أولاده للصلاة، أو يخرج للدوام، أو يخرج كل هذا قد ينافي مقتضى الاعتكاف، والاعتكاف: هو لزوم المسجد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يخرج إلا لحاجة الإنسان، يعني أمر لا بد منه، أما أن يخرج لأي أمرٍ كان هذا ما يسمى اعتكاف، ومنهم من يقول: إذا اشترط له ذلك. يقول: في الحديث عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً، وفي رواية: يوماً في المسجد الحرام، قال: ((فأوف بنذرك)) ولم يذكر بعض الرواة يوماً ولا ليلة، اعتكف في الجاهلية، وهي ما قبل الإسلام سواء كان العام ببعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- أو الخاص بإسلام الرجل مثلاً، يعني الجاهلية بالنسبة لعمر إلى أن أسلم، بالنسبة لأبي بكر إلى أن أسلم، فما قبل هذا كله جاهلية، إن تأخر إسلامه فهو في جاهلية إلى أن أسلم، فمراده قبل أن يسلم، إني كنت نذرت في الجاهلية يعني مراده قبل أن يسلم، جاهليته هو، وقد يريد بذلك الجاهلية العامة، يعني قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"كنت نذرت في الجاهلية" فنذر الكافر إذا نذر الكافر قربة يلزمه الوفاء بها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((أوف بنذرك)) أمره بذلك، وهل يؤمر بالوفاء به حال كفره؟ هو عبادة، لو نذر كافر يصلي قال له: أوف بنذرك؟ لا؛ لأنه لا تصحّ منه حال كفره؛ لكن يؤمر بها إذا أسلم، وتحقق شرطها، ومثله الاعتكاف، إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً، والليل ليس محلاً للصيام، ويستدل بهذا من لم يشترط الصيام في الاعتكاف، يقول: يعتكف ولو لم يصحبه صيام، وفي روايةٍ: "يوماً في المسجد الحرام" والذين يشترطون الصيام يجيبون عن حديث عمر -رضي الله عنه- اعتكف ليلة بيومها، بدليل أنه قال في الرواية الأخرى: "يوماً في المسجد الحرام" قال: ((فأوف بنذرك)) ولم يذكر بعض الرواة يوماً ولا ليلةً؛ لكن ذكره بعضهم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، في المسجد الحرام لا بد أن يفي بنذره في المسجد الحرام، لو نذر أن يعتكف في المسجد النبوي لزمه أن يعتكف في المسجد النبوي أو المسجد الحرام، من نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى، لزمه أن يعتكف في المسجد الأقصى، وإن اعتكف فيما هو أفضل منه أجزأه؛ لكن لا يعتكف فيما دونه، ينذر للمسجد الحرام ثم يعتكف في المسجد النبوي لا، ينذر الاعتكاف في المسجد النبوي ثم يعتكف في مسجد الأمصار والآفاق، لا، ما يكفي، لا بد أن يفي بنذره من أهل العلم من يرى أن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد الثلاثة؛ لكن عموم قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(187) سورة البقرة] يشمل جميع المساجد، وأما ما جاء في المساجد الثلاثة فرده ابن مسعود -رضي الله عنه-، ونسب الصحابي إلى الوهم، على كل حال الاعتكاف عند عامة أهل العلم يجوز في سائر المساجد التي يجمع فيها، يعني تصلى فيها صلاة الجماعة.

عن صفية بنت حيي بن أخطب أم المؤمنين -رضي الله عنها- تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتقها النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد السبي، وجعل عتقها صداقها، قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً فحدثته" زارت النبي -عليه الصلاة والسلام- وتحدثت معه ساعة، "ثم قمت لأنقلب" يعني لأنصرف أرجع إلى بيتي "فقام ليقلبني" يعني يرجع معي، والمسألة ليل، وهذه امرأة تحتاج من يحفظها، ويؤنسها في الطريق مع أنه الطريق ما في طريق يذكر، بيوته -عليه الصلاة والسلام- بجوار المسجد "فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في بيت أسامة بن زيد" يعني كانت تسكن عند أسامة؟ البيت آل إلى أسامة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعرف ببيت أسامة، وقت رواية الحديث يعرف ببيت أسامة؛ لكن قبل كان من بيوت النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمرّ رجلان من الأنصار أسيد بن حضير كما في بعض الروايات وعباد بن بشر، فلما رأيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسرعا في المشي، رأيا النبي -عليه الصلاة والسلام- مع زوجته أسرعا في المشي، فقال: ((على رسلكما إنها صفية)) يعني لا تستعجلون، إنما هي صفية بنت حيي، يعني زوجته -عليه الصلاة والسلام-، فقالا: "سبحان الله" تنزيه لله -جل وعلا- وتعجّب من اعتذار النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني هل يشك صحابي بنبيه -عليه الصلاة والسلام-؟ ما يشكّ فيه، من شكّ فيه يكفر؛ لكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، يعني قد يوقع الإنسان في حرج فقالا: "سبحان الله يا رسول الله" فقال: ((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإن خفت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو قال شيئاً)) يعني ولو كان أمر نفسي ما يتحدث به؛ لكن مثل هذا لا يجوز أن يخطر على بال المسلم، وعلى هذا تمنع جميع الأسباب الموصلة إليه، يعني له -عليه الصلاة والسلام- أن يقول هذا الكلام، وللصحابي أن يقول مثل هذا الكلام، لا يمكن أن يتطرق للصحابي أدنى شك في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لكن من دون الرسول -عليه الصلاة والسلام- من هو غير معصوم، ولو علت منزلته قد يجول في خاطر الإنسان ما يجول، لا سيما إذا عرف التساهل من بعض الناس ثقته مطلقة بنسائه ومن تحت

يده، يقول بعضهم وينتسب إلى العلم: ثقتنا بنسائنا أعظم من أن نشك فيها إذا خرجت أو دخلت مع سائق أو راحت إلى المدرسة أو راحت المستشفى أو ما أشبه ذلك، ثقتنا بنسائنا أعظم، هذا ما هو صحيح، وما وقعت الجرائم إلا بهذه الطريقة، الثقة بالنساء والاعتماد على الأجنبي، وخلا الرجل بالمرأة استشرفها الشيطان، وكان الشيطان ثالثهما، فيهتم بهذه المسألة، ((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خفت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو قال شيئاً)) نعم على الإنسان أن يظهر براءته مما يخشى أن يتهم به، أولاً: لا يوقع نفسه مواقع التهم لكن إذا وجد في مكانٍ من غير قصد ما دري مر مع طريق يرتاده بعض أهل السوء فخشي أن يظن به وتلفت ما وجد إلا أشرار وناس .. وقال: وش اللي جابنا هنا، جاء هو خطأ، فينبه إلى أنه جاء خطأ، يعني شخص يقف عند بابه ليموزين ويضرب البوري وتطلع البنت ويركب، هو خالها، صاحب الليموزين خال البنت أخو أمها، والناس يشوفون في الشارع وكذا، يقول: يا إخوان ترى أنا خال البنت، ينبه على مثل هذا لئلا يوقع نفسه موقع التهمة، أو أخو الزوجة مثلاً لا سيما إذا كان من أهل العلم من يقتدى به؛ لأنه يوقع في أنفس الناس حرج، صحيح صاحب الليموزين أخو الزوجة أو خال البنت، ضرب البوري ونزلت فتحت الباب، الناس إيش بيقولون؟ عامة الناس يقولون: الشيخ متساهل، أقل الأحوال أنه مفرط، يخلي بنته تركب مع راعي ليموزين؛ لكن هو بدوره أيضاً أن يقول: ترى صاحب الليموزين هو خال البنت يا الإخوان، هذا فلان بن فلان أخو الزوجة، لئلا يقذف في قلوب الناس من اتهام هذا الخيّر، هذا الفاضل، وإنزاله في غير منزلته، وقد يتعدى الأمر ذلك إلى الاقتداء به، يقول: ما دام الشيخ فلان هذا يركبوا ليموزينات، والبنات يروحوا والحريم رايحات جايات، إذاً ما في شيء، فهذا متأكد لا سيما في حق من يقتدى به من أهل العلم، إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((على رسلكما إنها صفية)) فغيره من باب أولى، يبرأ من العهدة ويبرأ من الاتهام بهذا التصرف، وفي روايةٍ: "أنها جاءت تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان" الزيارة مطلوبة، وتجدد العهد مع طول البعد والوقت

ويتفقد الإنسان أهله بهذه الزيارة الخفيفة التي لا تؤثر على الاعتكاف؛ لكن لو كان شخص عنده أربع زوجات وكل واحدة عندها جمع من البنين والبنات وصاير المسجد طريق من البيت إلى المسجد، هذولا رايحين وهذولا جايين، محدد لكل شخص يجلس معه ربع ساعة، أربعة، خمسة، وتنتهي الليلة، والذي بعده، ينتهي رمضان وكله زيارات، هذا ينافي مقتضى الاعتكاف، يا أخي اجلس عندهم تبغيهم يترددون عليك بمثل هذه الطريقة، ولو مد لهم الوقت بعد كل واحد ساعة انتهى رمضان وهو كله زيارات، ليس هذا المقصود منه؛ لأن هذا ينافي مقتضى الاعتكاف؛ لكن ما يمنع أن يزار ويأتيه من أهله من يريد تعاهده، وإذا كان بحاجة إلى أن يذكره بالله يعظه يوجهه يوصيه بما ينفعه في دينه، يوصي المرأة على أولادها، ويأمر الكبير بالانتباه لإخوانه الصغار، ما في بأس؛ لأن هذا كله خير، ودعوة إلى الخير، يعني ما يؤخذ من هذا الحديث ترتيب زيارات بحيث تقضي على جميع المدة، ما يبقى إلا وقت النوم، نعم بعض الناس الذي ما تعود الخلوة يصعب عليه جداً الاعتكاف، صعب ترى يا الإخوان للذي ما تعود، ولذلك يرتب زيارات الزملاء في هذا الوقت، بل بعضهم يصحب معه أعمال يريد القضاء عليها، بعضها تكون علمية مثلاً، شيخ كبير عليه رسالة يبي يناقشها ثلاثة مجلدات، قال: فرصة في العشر فاضيين فاضيين، يقول: مجرد ما نعيد نناقش الطالب ونرتاح منهم، ويرتاحون منا، هذا اعتكاف؟! هذا ليس باعتكاف، وإن كان علم وخير وفضل؛ لكن الاعتكاف إنما هو للأعمال الخاصة، للخلوة بالله -جل وعلا-، ولمناجاته، وللتلذذ بمناجاته، وتلاوة كلامه. يقول: "وفي رواية أنها جاءت تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة" يعني مدة من الزمان، يعني لا يلزم منها أن تكون ستين دقيقة، ساعة فلكية، لا، هم لا يعرفون هذه الساعات؛ لكن مقدار من الزمن، ثم قامت تنقلب فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- معها يقلبها" يعني يعيدها إلى بيتها "حتى إذا بلغ باب المسجد عند باب أم سلمة" ثم ذكره بمعناه، مر رجلان من الأنصار .. الخ، وقال لهما ما قال، وقالا له ما قالا، في الرواية السابقة. وبهذا يكون انتهى القدر المحدد شرحه في هذه الدورة من كتابي الزكاة والصيام، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الحج

عمدة الأحكام - كتاب الحج (1) باب المواقيت - باب ما لا يلبس المحرم من الثياب الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قبل البدء نحي الجميع بتحية الإسلام ونقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بل ننبه إلى أمر مهم، وهو أن عدة الأحاديث تزيد على أربعين، والساعات خمس، فالوقت لا يستوعب شرح هذه الأحاديث، الوقت لا يكفي، وعلى هذا سوف نسلك مسلكاً مناسباً لإكمال هذه الأحاديث في هذه الليالي الخمس، وأشبه ما يكون بالتعليق حسب الحاجة، والبسط لمسائل الحج له مظانه، شُرِح كتاب المناسك من الزاد في سبعة عشر شريطاً، وشُرِح حديث جابر في الحج وشُرِح كتاب المناسك من صحيح البخاري في أشرطة كثيرة، من أراد التوسع في معرفة أحكام الحج ومسائلة يرجع إلى هذه الأشرطة وغيرها مما سجل لأهل العلم وما كتب في الباب، فنشرح شرحاً مناسباً تكون فيه الموازنة بين عدة الأحاديث مع ضيق الوقت. العمدة للإمام الحافظ عبد الغني عبد الواحد بن سرور المقدسي، كتاب عني به أهل العلم منذ تأليفه، فلا تكاد تجد ترجمة لعالم وجد بعد تأليف هذا الكتاب في القرن السابع إلى يومنا هذا إلا وتجد من أولويات محفوظاته العمدة، والمقصود بذلك العمدة الصغرى لا الكبرى، التي اقتصر فيها المؤلف على ما صح من أحاديث الأحكام، وشرطه فيها أن تكون هذه الأحاديث من الصحيحين، وتوسع في الشرط في العمدة الكبرى؛ ومن معه الكتابان يقارن، نجد على سبيل المثال في بداية كتاب الحج حديثان لا يوجدان في الصغرى وهما موجودان في الكبرى الأول منهما ضعيف والثاني كذلك، بل كل منهما ضعيف ضعفه شديد، لا يدخل تحت شرطه في العمدة الصغرى، ومن هنا تأتي أهمية كتاب العمدة، وإذا أطلقت فالمراد الصغرى، إذا أطلقت العمدة فالمراد به الصغرى.

على كل حال العمدة الكبرى فيها أحاديث زائدة يستفاد منها، لكنها ليست على شرط المؤلف في الصغرى، فتنظر في العناية أولاً بالصغرى لصحة أحاديثها، وانتقاء متونها، نعم خرج عن شرطه شيء يسير؛ لأنه اشترط ألا يدخل في الكتاب إلا ما اتفق عليه الشيخان، أدخل في الكتاب بعض ما تفرد به البخاري، وبعض ما تفرد به مسلم، ووهم في بعض، وهذا شيء يسير جداً في بعض الروايات التي لا توجد عندهما. على كل حال كتاب العمدة ليس بحاجة إلى التعريف؛ فهو معروف عند أهل العلم، مشروح من قبل جمع غفير من أهل العلم في المذاهب كلها، وإن كان صاحبه حنبلياً لكنه مشروح من قبل علماء شافعية وحنابلة ومالكية، وغيرهم، عندنا الترجمة، يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: كتاب الحج: الكتاب: كررنا مراراً أنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً وعرفنا أن المادة مادة الكتب، والكتابة تدل على الجمع، قالوا: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل كتيبة، وهذا كلام مكرور، يقال في كل كتاب من كتب العلم، هنا يطلق الكتاب ويراد به اسم المفعول المكتوب، الجامع لمسائل الحج، وكتاب الحج المراد به هنا المكتوب الجامع لمسائل الحج. والحج: عرفوه في اللغة بأنه القصد، يحجون سِبَّ الزِّبرقانِ المُزَعْفَرا، يعني يقصدون. وهو قصد مكة لأداء أحد النسكين هنا؛ لأن الحج المراد به هنا ما يشمل العمرة، لأنه أدخل أحاديث العمرة في الحج فيطلق الحج هنا بمعناه العام وهو القصد، ولذا أدرج في أحاديث هذا الكتاب أحاديث العمرة. كتاب الحج: الحج أحد أركان الإسلام، وأحد مبانيه العظام، جاءت النصوص التي تدل على أنه ركن من أركان الإسلام، ومن أشهرها حديث ابن عمر المتفق عليه: ((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان)) هذا في المتفق عليه، أعني تقديم الحج على الصيام، وهو المرجح عند الإمام البخاري ولذا بنى كتابه على ذلك، فقدم المناسك على الصيام.

حول الأركان الخمسة:

جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عمر أيضاً في الحديث نفسه أنه قال: ((بني الإسلام على خمسة شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج)). فقال قائل، قال له رجل: "الحج وصوم رمضان" قال: "لا صوم رمضان والحج"، والرواية التي فيها تقديم الحج على الصيام في الصحيحين، وهذا الاستدراك من ابن عمر على هذا القائل في مسلم، كأن ابن عمر -رضي الله عنهما- أراد أن يؤدب هذا القائل، وأن الحديث محفوظ عنده على الوجهين، محفوظ عنده عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الوجهين، فلما استدرك عليه وقال: "الحج وصوم رمضان" قال: "لا صوم رمضان والحج" وهو متأكد من روايته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذا الوجه، وإن كان لا ينفي الرواية الأخرى. ومنهم من يقول: أن ابن عمر نسي، نسي الرواية الذي فيها تقديم الحج على الصيام، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على تقديم الصيام على الحج، وبنوا على ذلك مؤلفات، لكن الإمام البخاري كأنه رجح رواية تقديم الحج على الصيام فبنى على ذلك ترتيب الكتاب. حول الأركان الخمسة: الأركان الخمسة: بالنسبة للركن الأول من لم يأت به لم يدخل في الإسلام أصلاً، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله))، أو ((حتى يقولوا لا إله إلا الله)). الصلاة: المنقول عن الصحابة تكفير تارك الصلاة، وكأن هذا اتفاق منهم على كفر تارك الصلاة.

بقية الأركان من الزكاة والصيام والحج القول بكفر تارك كل واحد منها قول معروف عند أهل العلم، قال به جمع من أهل العلم، ولو اعترف بالوجوب، أما إذا أنكر الوجوب فهو كافر إجماعاًً، فتارك الزكاة الممتنع من دفع الزكاة كافر عند بعض أهل العلم ولو أقر بالوجوب، الذي لا يصوم كافر عند جمع من أهل العلم وإن كان مقراً بالوجوب، الذي لم يحج أولا يحج أو لا ينوي الحج كافر عند بعض أهل العلم وإن اعترف بالوجوب. والقول بكفره رواية عن الإمام أحمد نقلها شيخ الإسلام بن تيمية وغيره في كتاب الإيمان، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على أنه لا يكفر إذا اعترف بالوجوب، لكن الأمر جد خطير، ولذا جاء في آية الوجوب: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} بعد ذلك قال: {وَمَن كَفَرَ} [(97) سورة آل عمران]، في هذا إشارة إلى القول الثاني، وإن لم تكن نص لكنها مؤذنة بأن له أصل. عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كتب إلى الأمصار أن ينظروا من كانت له جدة يستطيع بها أن يحج فلم يحج أن تضرب عليه الجزية، "اضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين"، فالأمر خطير. والتساهل من كثير من الناس يستطيع أن يحج، قادر على الحج بنفسه وماله، ومع ذلكم يتأخر، الشاب يقول: إذا تخرجت، والشابة تقول: إذا تزوجت، ويتعللون ويتعذرون بأعذار لا قيمة لها، وأسماء بنت عميس في الطلق تطلق، جاءها المخاض وتخرج إلى الحج وتلد في المحرم عشرة كيلو عن المدينة، يعني اهتمام الصحابة وعناية الصحابة تختلف عن تساهلنا وتراخينا الله يعفو ويسامح، هذا ركن من أركان الإسلام ما تدري ما تحمله الأيام بالنسبة لك، لا تدري ماذا يقدر لك، هل تتمكن في غير هذا العام أن تحج أو لا تتمكن؟ ولذا المرجح عند أهل العلم أن الحج واجب على الفور، لا على التراخي. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: كتاب الحج: باب المواقيت.

باب المواقيت:

عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذي الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم، وقال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)). وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً قال: يا رسول الله ما يلبس ... حديث ابن عمر، الحديث الثاني، يهل أهل المدينة وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن المنازل)) قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)). يقول -رحمه الله-: باب المواقيت، الباب في الأصل ما يدخل ويخرج منه، فالأصل هو للمحسوس مثل هذا الباب الذي يدخل ويخرج منه، ويستعمله أهل العلم لما يضم مسائل، وفصول غالباً، وهو في هذا الاستعمال حقيقة عرفية، عرف خاص عند أهل العلم. باب المواقيت: المواقيت جمع ميقات، والمواقيت عند أهل العلم تنقسم إلى زمانية ومكانية، والمراد هنا المكانية، والمواقيت الزمانية للحج: شوال والقعدة، وعشر من ذي الحجة، على خلاف بينهم، هل الشهر الثالث كامل أو العشر الأول منه. المواقيت المكانية جاءت في حديث ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- وغيرها من الأحاديث، لكن عندنا أولاً حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقَّت: يعني حدد لأهل المدينة ذا الحليفة، وعلى هذا إذا حدد الشارع شيئاً هل يجوز تجاوزه؟ لا يجوز تجاوزه، وقت يعني حدد، فلا يجوز تجاوزه، خلافاً لمن يقول أن هذه الصيغة لا تدل على الوجوب. وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة: وهو المعروف بالأبيار مكان معروف قرب المدينة وهو أبعد المواقيت من مكة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، بإسكان الراء قرن المنازل وهي أماكن معروفة مطروقة، ووهِم صاحب الصحاح حيث زعم أن قرن بفتح الراء قرَن ونسب إليها أويس القرَني، وأخطأ في مكانه أيضاً. المقصود أن صاحب الصحاح وهم في الضبط والتحديد، ونسبة أويس.

ولأهل اليمن يلملم، ويقال له ألملم، ويقولون الآن: لملم، بدون ياء ولا همز، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) هن: أي هذه المواقيت، لهن: أي لأهل تلك الجهات، أو لتلك الجهات والمراد أهلها، ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن))، شخص من أهل العراق مر بالمدينة يحرم من ذي الحليفة، شخص من أهل نجد يحرم من ذي الحليفة، شخص من أهل اليمن مر بالطائف يحرم من قرن المنازل وهكذا .. ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)). ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)): شامي مر بالمدينة وتجاوز ذا الحليفة فلم يحرم منه إلى أن وصل إلى ميقاته، شامي أجَّل الإحرام وقد مر بذي الحليفة أجله إلى الجحفة، أو نجدي مر بذي الحليفة وتجاوزه وقال لا أحرم من السيل، بدلاً من لبس الإحرام أربع ساعات أذهب إلى السيل وألبس الإحرام أقل من ساعة، ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) هل يلزمه شيء أو لا يلزمه؟ طالب:. . . . . . . . . ((هنَّ لهن)) الأصل أن هذه المواقيت لأهل تلك الجهات، فإذا أحرم النجدي من قرن المنازل ولو مر بغيره يكون عمل بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) عمل بالظاهر، وإذا أحرم من ذي الحليفة يكون عمل بقوله -عليه الصلاة والسلام- ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) مقتضى تأجيل الإحرام إلى ميقاته الأصلي عمل بالطرف الأول، ((هن لهن)) وإحرامه من الميقات الذي مر به يقتضيه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) لكن إذا فعل هذا الفعل، شامي مر بالمدينة وقال: لن أحرم من الآن، الجحفة قدامي، وأجَّل الإحرام إلى أن وصل الجحفة، لا شك أنه مخالف لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) لكنه له أن يقول: أنا عملت بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) فهل عليه من شيء؟ هل عليه من بأس؟

أولاً من تجاوز الميقات، بغض النظر عن هذه المسألة، تجاوز الميقات بالكلية، يُلزمه جمهور أهل العلم إن لم يرجع قبل إحرامه بدم، لخبر ابن عباس، عمدتهم في ذلك كله خبر ابن عباس، وهذا هو القول الوسط في هذه المسألة، وإن كان سعيد بن جبير يقول: لا شيء عليه، ومن السلف من يقول: فلا حج له، من تجاوز الميقات! قولان في طرفين، لكن القول المعتمد عند جمهور أهل العلم أن حجه صحيح لكن عليه دم يجبره، لأنه ترك نسك، وهو الإحرام من الميقات. نأتي إلى مسألتنا في الشامي الذي أجل الإحرام إلى الجحفة وقد مر بذي الحليفة، هو عمل بقوله: ((هن لهن)) وخالف قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) هل يلزمه شيء وإلا ما يلزمه؟ عند مالك لا يلزمه شيء؛ لأنه أحرم من ميقاته المحدد له شرعاً، وهو الأصل فيه، وجمهور أهل العلم يلزمونه بالدم؛ لمخالفته لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) ما دام مر بهذه الميقات فهو ميقاته سواءً كان من أهل المدينة أو من غيرهم، ورأي الإمام مالك وجيه، لهذا أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لنا معاشر أهل الشام هذا الميقات وامتثلت، قال: ((هن لهن)) وعلى كل حال الأحوط في هذه المسألة ألا يتجاوز الميقات الذي يمر به أولاً. ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة))، ((ممن أراد الحج أو العمرة)): معنى هذا أنه لا يلزمه الإحرام إلا بهذا القيد، بقيد إرادة النسك، إرادة الحج أو العمرة، وعلى هذا الذي يريد الدخول إلى مكة ممن لا يريد الحج أوالعمرة عليه إحرام، يلزمه أن يحرم؟ على هذا لا يلزمهم أن يحرم، وهذا قول الإمام الشافعي -رحمه الله- تعالى، لا يلزمه أن يحرم إلا إذا أراد الحج أو العمرة. والأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد على أنه يلزمه أن يحرم ما لم تتكرر حاجته، لكن الحديث صريح، مفهوم الحديث صريح في عدم إلزام من لا يريد الحج والعمرة بالنسك –بالإحرام- ولذا يقول: ((ممن أراد الحج أو العمرة)).

الحديث الثاني:

((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)): يعني من كان منزله دون المواقيت، بين المواقيت وبين مكة يحرم من حيث أنشأ، يحرم من حيث أنشأ، شخص ساكن في جدة، نقول له ارجع إلى أقرب ميقات وأحرم من ميقاتك؟! يحرم من حيث أتى، ((حتى أهل مكة من مكة)) أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، والعبارة –الجملة- تدل على أن المكي يحرم من مكة مطلقاً سواءً كانت حج أو عمرة؛ لأنه يقول: حتى أهل مكة من مكة، عموم اللفظ يتناول الحاج والمعتمر، فيحرم المكي من مكة سواءً كان نسكه حجاً أو عمرة، لكن جمهور أهل العلم على أن المعتمر لا بد أن يخرج إلى الحل، لا بد أن يخرج إلى الحل؛ ليجمع في نسكه بين الحل والحرم، أما الحاج لا يلزمه أن يخرج إلى الحل؛ لأنه سوف يخرج من وقوف، وعرفة من الحل، وعلى هذا حمل أهل العلم هذا الحديث على الحاج دون المعتمر، ما الذي يخرج المعتمر من هذا النص؟ نعم حديث عائشة وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فتحرم من هناك، والرسول -عليه الصلاة والسلام- وصحابته معه في الانتظار، ولو كان الإحرام من مكة يجزئ أو يكفي لما تكلف وكلف غيره بأن تخرج إلى الحل فتحرم منه، فهذا من العام المخصوص. الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)): هذا خبر، والمراد به الأمر؛ يأتي الأمر بلفظ الخبر، وحينئذ يكون أبلغ، ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة)): الجحفة التي دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تنقل إليها الحمى -حمى المدينة تنقل إلى الجحفة- وهل في مثل هذه الدعوة اعتداء؛ لأن الجحفة في ذلك الوقت قرية مأهولة، تنقل إلى الجحفة؟ يعني لو قدر أنه نزل وباء هنا فقلنا اللهم أنقله إلى الخرج، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، لا ما يجوز، لكن هنا انقل حماها إلى الجحفة يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا فعل المشرع -عليه الصلاة والسلام- لكن ما العلة؟ السبب؟ طالب. . . . . . . . . قرية مأهولة. طالب. . . . . . . . . يهود نعم، فيها يهود. ((وأهل نجد من قرن المنازل)).

قال: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)): بلغني هذه الصيغة تدل على الاتصال أو الانقطاع؟ بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم))؟ طالب. . . . . . . . . نعم الانقطاع، ولذا بلاغات الزهري تحتاج إلى وصل، بلاغات مالك في الموطأ تحتاج إلى من يصلها، تولى ابن عبد البر وصلها؛ لأنها منقطعة. هنا قال ابن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) والواسطة مذكور والمبلغ مذكور وإلا ما هو بمذكور؟ نعم. طالب. . . . . . . . . هنا، غير مذكور، المبلغ غير مذكور، هذه جملة منقطعة، هنا هل نقول إن هذا مرسل صحابي، أو هو منقطع؟ أو متصل فيه راو مبهم؟ نعم. طالب. . . . . . . . . هنا يقول ابن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) نعم. طالب. . . . . . . . . كيف تفهم، المرسل ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، المرسل المطلق، مرسل الصحابي ما يرويه الصحابي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يسمعه منه إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيبته، وله حكم الاتصال عند عامة أهل العلم، أما الذي أرسله الصحابي فحكمه الوصل على الصواب، نعم. بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وهنا الصيغة (أنَّ) الصيغة (أنَّ) ولها حكم عند أهل العلم، (عن)، عند أهل العلم حكم (أنَّ) حكم (عن) كأنه قال: بلغني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: خلافاً لمن فرق بين الصيغتين وقال: (عن) متصلة و (أن) منقطعة، وبسط هذه المسألة يأخذ الوقت.

ما لا يلبس المحرم من الثياب:

على كل حال الحديث وإن قال ابن عمر بلغني، إلا أنه يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة من غير واسطة؛ بدليل قوله، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقَّت لأهل المدينة إلى آخره ولأهل اليمن يلملم من غير شك ومن غير واسطة، الحديث الأول حديث ابن عباس وهو مروي أيضاً عن ابن عمر من غير جزم، من غير تردد، من غير تردد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه قال هذا الخبر، مروي من طرق عن ابن عمر عن ابن عباس، بالتردد المذكور بالواسطة وبدونها ولذا هو من أحاديث الصحيحين؛ لأنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من طريق ابن عمر. قال: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)). بقي أهل العراق، أهل العراق ما ميقاتهم؟ ذات عرق، من الذي وقت لهم ذات عرق؟! لا إشكال في كون عمر -رضي الله عنه- وقت لأهل العراق ذات عرق، أما المرفوع ففيه ما فيه، وإن كان له طرق تدل على أن له أصل، جاء الصحابة لما فتح، أو لما مصرت الأمصار الكوفة والبصرة وغيرها، طلبوا أن يحدد عمر -رضي الله عنه- ويوقت لهم ميقات يحرمون منه، فوقت لهم ذات عرق، فمن طلب من عمر، وعمر بل عمر -رضي الله عنه- حينما وقت ولم يقل لهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لهم ذات عرق، قد يكون خفي عليهم التوقيت النبوي، قد خفي عليهم التوقيت النبوي فطلبوا من عمر وهذا من موافقاته، وإلا فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لهم يروى من طرق متعددة تدل على أن له أصلاً. نعم سم. ما لا يلبس المحرم من الثياب: وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد ما يجد نعلين فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس)) وللبخاري: ((ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين)). وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من لم يجد نعلين فليلبس خفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل للمحرم)).

باب ما يلبس المحرم من الثياب، الترجمة مطابقة للسؤال أو للجواب؟. مطابقة للسؤال أو للجواب، للسؤال، السؤال: ما يلبس المحرم من الثياب، والجواب: ((لا يلبس)) فلو كانت الترجمة بالنفي باب ما لا يلبسه المحرم من الثياب لطابقت الجواب. وعلى كل حال ما يلبسه المحرم المسئول عنه يفهم من الجواب، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عما يلبسه المحرم، الجواب المطابق لهذا السؤال أن يقول: يلبس –مثلاً- إزار ورداء، لكنه -عليه الصلاة والسلام- عدل عن المطابقة إلى ما هو أنفع وأهم؛ لأن الجواب المطابق لا يمكن حصره، بينما عدم المطابقة مع شدة الحاجة إلى ما أجاب به النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه حصر. لو قال: ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: إزار ورداء ثم احتاج إلى اللون مثلاً، ثم احتاج إلى أمور كثيرة؛ ليحدد ما يلبس لكن لما ذكر الممنوعات دل على أن كل ما عدا هذه يلبسه المحرم، كل ما عدا ما ذكر يلبسه المحرم. ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يلبس القُمص))، وهو ما خيط على قدر البدن، أو نسج على قدر البدن ويلحق به ما نسج على بعضه، من يد أو رجل أو عنق أو ما أشبه ذلك، المقصود أن كل ما يخاف على جزء من البدن بالتحديد لا يلبسه المحرم، فلا يلبس القمص، وعلى هذا لو خيط الرداء، قال يشمل النصف الأعلى من البدن، خياط فصِّل على قدر النص الأعلى من البدن، يلبسه المحرم وإلا ما يلبسه؟ لا يلبسه المحرم، وكذا لو خيط النصف الأسفل لا يلبسه المحرم. ((لا يلبس القمص ولا العمائم)): ويشمل كل ما يغطي الرأس من عمامة وفي حكمها الطاقية والشماغ وما أشبه ذلك. ((ولا السراويلات)): لا يلبس سراويل، سواءً كانت سراويل طويلة أو قصيرة، طويلة أو قصيرة؛ لأنه يشملها اسم السراويل، وهي أيضاً مخيطة على قدر جزء من البدن. وفي الصحيح عن عائشة أنها رأت أن لا بأس باللبس، السروال القصير يسمونه التبان، لكنه قول مرجوح، العمل على خلافه عند عامة أهل العلم، لكن هذا اجتهادها. ((ولا البرانس)): البرنس يغطي أيش؟ يغطي الرأس، وهو في الغالب متصل بالقميص. ((ولا الخفاف)) الخفاف التي تغطي الكعب.

((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين)): الذي لا يجد النعلين وهو محتاج إلى الخف، جاءت الرخصة بلبسه شريطة أن يُقطع، ولذا قال: ((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)): هذا الخبر قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة. وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب بعرفات: ((من لم يجد نعلين، فليلبس خفين)) ما في إشارة إلى القطع، ليس فيه إشارة إلى القطع، والحاجة داعية إلى البيان؛ لأنه بعرفات حضره من لم يحضر في المدينة، الحاجة داعية إلى البيان، ولكون الحاجة داعية بل ملحة إلى البيان في هذا الموطن لكثرة من حضر ممن لم يحضر التقييد، قال بعض العلماء: إن حديث ابن عمر منسوخ، منسوخ بحديث ابن عباس، وعلى هذا القول الذي لا يريد النعلين يلبس الخفين من غير قطع، والقول الآخر في المسألة أنه لا بد من القطع. غاية ما هنالك أن حديث ابن عمر مقيد، وحديث ابن عباس مطلق، والمطلق يحمل على المقيد، لا سيما وقد اتحد الحكم والسبب، القاعدة عند أهل العلم إذا اتحد الحكم والسبب في المطلق والمقيد يحمل وإلا ما يحمل؟ يحمل اتفاقاً، إذا اتحد الحكم والسبب، وعلى هذا لا بد من القطع، ولو لم يذكر في حديث ابن عباس، اكتفاءً بالقيد الذي ورد في حديث ابن عمر، أما لو كان الظرف واحد في الحديثين، لا شك أن هذا من أوضح صور حمل المطلق على المقيد. لكن الوجه الثاني أو القول الثاني له وجه وهو أن الحاجة داعية إلى البيان، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، نعم بُيِّن سابقاً لكن هل كل من حضر سمع هذا البيان، أو الذي يغلب على الظن أن أكثر من حضر في عرفة لم يحضر في المدينة؛ لأنه لما سمع الصحابة -رضوان الله عليهم- بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عازم على الحج -كما في حديث جابر في مسلم- أتوه من كل ناحية، اجتمع عنده خلائق مد البصر عن يمنيه وعن شماله من أمامه ومن خلفه، مد البصر، فهؤلاء أكثرهم لم يسمع القيد. ما القول المتجه في هذه المسألة؟

الآن عندنا مسألة حمل المطلق على المقيد لا سيما في مثل هذه الصورة مع اتحاد الحكم والسبب، ظاهر أنه يحمل المطلق على المقيد، وعلى هذا يقطع، ولو لم يذكر في حديث ابن عباس، لعله اختلف الحكم والسبب، أو الحكم فقط، لا يحمل المطلق على المقيد كما هو موضح مفصل، أما هنا اتحد الحكم والسبب، ولذا يختلف أهل العلم في القطع، فمن قائل بالنسخ حديث ابن عباس ناسخ لحديث ابن عمر لما ذكرنا، ومنهم من يقول: لا بد من القطع؛ وحديث ابن عباس مقيد بحديث ابن عمر، ويؤيَّد القول الأول بالنهي عن إضاعة المال وإتلافه، القطع إتلاف للمال أو ليس بإتلاف؟ إتلاف، لا شك أن الأحوط من أراد الاحتياط لنفسه أن يعمل بالأشد وهو القطع، لكن من عمل بالقول الآخر له وجه؛ لأنه يلزم من العمل بالمقيد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في وقت الحاجة إلى البيان ما بين في حديث ابن عباس. ((ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس)): الزعفران معروف، له لون ورائحة، ومثله الورس، نبت طيب الريح، وعلى هذا يمنع المحرم من الطيب بجميع ألوانه وأشكاله. وللبخاري ((ولا تنتقب المرأة)): يعني لا تلبس النقاب. ((ولا تلبس القفازين)): وهو ما يغطي اليد. ((لا تنتقب المرأة)): والمراد بالمرأة هنا أيش؟ المحرمة، المرأة المحرمة، مفهومه أن غير المحرمة أيش؟ تنتقب، مفهومه أن غير المحرمة لها أن تنتقب، نعم أبو داود يقدح في هذه اللفظة، لكن ليس لأحد أن يقدح والخبر في البخاري. ولا إشكال في كون غير المحرمة تنتقب، تلبس النقاب، لكن إيش النقاب، ما النقاب؟ ما النقاب الذي تلبسه المرأة المسلمة؟

نقب في حجاب الوجه، نقب بقدر حدقة العين لترى منه الطريق بقدر الحاجة، ولو زاد على هذا القدر ولو مليم واحد من البشرة صار إيش؟ سفور وليس بنقاب، لا بد أن نفهم معنى النقاب، ما يجينا واحد يقول: خلاص النقاب حلال، النقاب حلال، ويكشفون نصف الوجه لا، لا هذا ولا أن نضعف ما في البخاري، ما في البخاري صحيح، ومفهومه صحيح، تنتقب غير المحرمة، لكن إذا أخرج قدر شعرة من البشرة فهو سفور، بل لو قيل بوجوب تغطية بعض العين؛ لأنه لا يتم الواجب وهو تغطية البشرة إلا به لكان له وجه، لا يتوسع في معنى النقاب كما هو موجود الآن، ولا نضعف ما ثبت، أظنه كلام واضح وظاهر، ما يجي واحد يقول سمعنا واحد يقول إن النقاب حلال، إيش النقاب المقصود به، ما النقاب المقصود به؟ كلام على النقاب الشرعي الذي جاء في مثل هذه الرواية: نقب يكون في غطاء الوجه بقدر الحاجة، إن زاد ولو كان شيئاً يسيراً وتعدى العين إلى البشرة فهو سفور ما يسمى نقاب، ولو قيل بوجوب تغطية بعض العين؛ لأنه لا يتم ستر البشرة بالكامل إلا بستر بعض العين، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مقرر عند أهل العلم هذا، فنفهم الموضوع بدقة، لا نضعف ما في الصحيح؛ لأن الناس توسعوا في النقاب، لا، لكن نفهم إذا أردنا أن نعمل بالنصوص لا بد أن نفهم النصوص، الواقع ما يغير من النصوص شيئاً أبداً، نعم الاحتياط مطلوب وسد الذرائع مطلوب ومقرر في الشرع، لكن يبقى أن كل شيء يقدر بقدره، ولا ننزل النصوص على أفهام العامة، لا ننزل النصوص على أفهام العامة: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج]. العامة يقولون: المحروم الذي عنده الملايين لكن ما يستفيد منها، هذا محروم، مسكين يعطى من الزكاة!! ما يعطى من الزكاة، ولو فهم العامة أنه محروم، فالنصوص لا تنزل على أفهام العامة، ولا على أفهام أهل الأهواء، إنما الذي يفهم النصوص على حقيقتها وعلى وجهها هم سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين. ((ولا تلبس القفازين)): وهو ما خيط على قدر اليد، لكن هل لها أن تلبس ما يغطي القدمين؟ أو نقول القدمان مثل اليدين؟ تلبس المرأة المحرم شراب الرجلين؟

التلبية:

نعم تلبس، تلبس؛ لأنها ليست ممنوعة من المخيط إلا ما نص عليه. حديث ابن عمر سم. التلبية: باب التلبية: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) قال: وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل. هذه التلبية، والمراد بها إجابة النداء والدعوة، من الله -عز وجل- على لسان خليله إبراهيم: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [(27) سورة الحج]، ولذا شرع لكل حاج ومثله المعتمر أن يقول: لبيك؛ إجابة لهذه الدعوة، ولهذا النداء، ولهذا التأذين. عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) ولذا يقول جابر -رضي الله عنه- وأهلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد، مخالفاً لما كان يهل به المشركون، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، يقولون: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، يشركون، نسأل الله العافية، الشرك الأكبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- خالفهم فأهل بالتوحيد، لا شريك لك. ((لبيك اللهم لبيك)): ثم ثنى، يعني إجابة واستجابة بعد استجابة. ((إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)): كرر التوحيد. قال: وكان ابن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل. التلبية النبوية التي يقتصر عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يزيد عليها، لا يزيد على ما جاء في صدر هذا الحديث: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) يقول جابر: وكان الناس يزيدون على تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام- والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمعهم ولا ينكر عليهم. تلبية ابن عمر، زيادة ابن عمر لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل، اكتسبت الشرعية من أين؟ نعم.

حكم التلبية:

من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- والإقرار أحد وجوه السنن، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- لزم تلبيته، هل الأفضل للمسلم أن يلزم ما لزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يتجاوزه إلى ما يقوله الصحابة مما لفظه صحيح وأقره النبي عليه الصلاة والسلام؟ يلزم ما لزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى، لكنه إذا سمع أحداً يلبي بغير هذه التلبية ينكر عليه وإلا ما ينكر عليه؟ لا ينكر عليه، يختار لنفسه ما اختاره النبي -عليه الصلاة والسلام- لنفسه، فلا يزيد على تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لو سمع أحداً يلبي بالصيغ التي جاءت عن الصحابة مما سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم ينكره فإنه ليس له أن ينكر ما أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالأمر ولو كان خلاف الأولى لا يُنكر، وقد اكتسب الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-. حكم التلبية: التلبية سنة عند جمهور أهل العلم، وقيل بوجوبها، ويرفع بها الملبي صوته، كان الصحابة -رضوان الله عليهم يصرخون بها- يرفعون أصواتهم بالتلبية، ويكررون التلبية، والمرأة تخفض صوتها؛ لئلا يفتتن بها، لئلا يفتتن بها من في قلبه مرض، فتخفض صوتها في التلبية بحيث تسمع نفسها ورفيقتها، ولا ترفع صوتها في التلبية، أما الرجل فالمشروع له أن يرفع صوته في التلبية. التلبية الجماعية: التلبية الجماعية، بعض الناس إذا اجتمعوا يلبي واحد ثم يلبي الجميع بصوت واحد مرتفع، تلبية جماعية، مثلها تكبير جماعي، تهليل جماعي، كل هذا مما أُحدِث، كل هذا من المحدثات، ينبغي أن يكون كل واحد يلبي بمفرده، نعم. سفر المرأة بدون محرم: باب سفر المرأة بدون محرم: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم))، وفي لفظ للبخاري: ((لا تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم)). لا بدون إلا، بدون إلا، ليس معها حرمة.

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرأة))، لا يحل: معناه الذي لا يحل، الحل في مقابلة الحرمة، فإذا نفي الحل ثبتت الحرمة، لتتم المقابلة، لا يحل يعني يحرم؛ لأن المقابلة بين أمرين الحلال والحرام؛ لأن الحلال يقابله الحرام، لا يأتينا من يقول: أن الأحكام خمسة، إذا انتفى واحد فمقابله أربعة، يحتمل أن يكون ما دام لا يحل إذاً يكره، لا، نقول الحلال يقابله الحرام، فإذا انتفى الحلال ثبت الحرام، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل]، فالمقابلة بين الحلال والحرام فقط، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ} [(157) سورة الأعراف]. على كل حال مفهوم لا يحل ثبوت الحرمة لمن عملت هذا العمل ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة))، يحرم على المرأة أن تسافر تؤمن بالله واليوم الآخر يعني مسلمة، يحرم على المرأة المسلمة أن تسافر، قد يقول قائل أنه عنده خادمة كافرة، هل يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ لأنه قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) هي تقول لا تؤمن بالله واليوم الآخر، يحل لها أن تسافر؟ توجيه الخطاب للمسلمين؛ لأنهم هم الممتثلون للخطاب، وإلا فالكفار أيضاً مخاطبون بالفروع، في قول جماهير أهل العلم، وإذا كانت غير ممتثلة للخطاب فالخطاب يتجه على من مكنها من مزاولة هذا المحرم، وهو من أوفدها من غير محرم، وسافر بها بغير محرم، إضافة إلى كونها كافرة وإقامتها في هذه البلاد أيضاً فيها ما فيها. المقصود أن قوله ((لا يحل)) يعني يحرم، و ((لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) يعني مسلمة؛ لأنها هي الممتثلة لمثل هذه التوجيهات الشرعية، وهذا لا يعني أن غير المسلمة يجوز أن تسافر، أو يُسافَر بها من قبل المسلمين، لا، لأنها مخاطبة بفروع الشريعة، وهذا منها، وحينئذ يتجه الخطاب إلى من مكَّنَها. قد يقول قائل: هو يسافر بالشغالة يمين ويسار من غير محرم، وهي المكلفة هي المخاطبة بهذا النفي وإثبات الحرمة؟

نقول هذا تعاون، إعانة لها على ارتكاب المحرم، والإعانة على ارتكاب المحرم محرمة، {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [(2) سورة المائدة]. ((أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)): قد يقول قائل: الآن ما هي مسيرة يوم وليلة؛ تسافر للحج ساعة، ساعة ونصف وهو واصلة في جدة، ما تحتاج إلى محرم. نقول تحتاج إلى محرم؛ لأن قوله: ((مسيرة يوم وليلة)) لا مفهوم له، لا مفهوم له بدليل أنه اختلف التحديد، في بعض الروايات ثلاثة أيام، وفي بعضها مسيرة يوم، وفي بعضها مسيرة ليلة، المقصود أنها لا تسافر بدون محرم، لا تسافر بدون محرم. ومع الأسف الشديد توسع الناس في ذلك، يجعل بنته، زوجته، أخته تسافر، ويومياً تسافر بدون محرم، تعمل في بلد آخر وتذهب وتأتي على اعتبار أنها مع جمع من النسوة. نقول ما يكفي إلا مع ذي محرم منها، يعني من محارمها، ومحرمها زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، هذا المحْرم، أما الجمع من النسوة هذا وإن قال به بعض أهل العلم، لكن ما يكفي إلا مع ذي محرم، يعني محرم منها.

بعض الشراح قال: محرم منه، يعني محرم منه يعني امرأة من نسائه تكفي، التوسع في هذا الباب أورث مشاكل كثيرة، والتساهل والتسامح في مثل هذا يعرض الأعراض للانتهاك، والآن يبنى على مثل هذه المسائل مسائل أخرى، يسأل عنها لتكون شرعية ومبنية على أمور ممنوعة، شخص يسأل يقول: هل يجوز تأخير صلاة الفجر إلى الساعة السابعة؟ لماذا؟ يقول هو يسافر بمدرسات من بلد إلى بلد ولا يتمكن من الصلاة إلا إذا وصل البلد الثاني؟ يريد أن يبني مسائل شرعية على أمور غير مشروعة أصلاً، ما يمكن أن تنضبط الفتوى بهذه الطريقة، ابن نتائج شرعية على مقدمات شرعية، امرأة تسافر بدون محرم، يقول: لا أستطيع أن أقف في منتصف الطريق وأصلي، نقول له اترك هذه المهنة، طيب من يوصل هؤلاء المدرسات؟ يوصلونهن أولياء الأمور، أولياء أمورهن يوصلونهن، المسألة موازنة بين المصالح والمفاسد، إذا كان يستطيع أن يوصلها امتثالاً لهذا الخبر ((إلا مع ذي محرم)) وإلا تترك، ما هناك ضرورة ولله الحمد، أما أن ترتكب المحرمات لأمور لا ضرورة داعية إليها، ما وصل الأمر إلى حد الضرورة، ومع ذلك يبني عليه تأخير صلاة الصبح، طيب تصلي قبل ما تمشي، يقول: نطلع قبل صلاة الفجر بساعة، ولا نصل إلا بعد طلوع الشمس بساعة، يريد أن يؤخر صلاة الفجر لماذا؟ لأنه يوصل مدرسات بدون محرم، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [(40) سورة النور]. بعض الناس يتسامح يقول: سلم المرأة إلى المطار، سلمها حتى تركب الطائرة، وتُستَلم من المطار الثاني!!! كم حصل من عطل ومن خلل؟، كم حصل من مضايقة في الطائرات للنساء، كم حصل من مضايقة في القطار للنساء، يقول سلمها للقطار في محطة القطار، واستقبلها هناك، أو يستقبلها محرم آخر هناك، نقول: يا أخي اتق الله في محارمك، التسامح والتساهل إلى هذا الحد يورث مشاكل، طيب تعطل القطار، تعطل القطار في آخر السفر، قبل سنتين أو ثلاث في منتصف الطريق في الظلام وبين أشجار والقطار فيه أكثر من خمسمائة امرأة ولا فيه إلا يمكن خمسين رجل، هؤلاء النسوة بذمة من؟

أسئلة:

أولياء الأمور، يتحمل أولياء الأمور، فمثل هذا التساهل يجر إلى كوارث، أيش المانع، يا أخي .... ألا تسافر البتة هو الحاجة أو الضرورة إلى هذا السفر. الحج ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام إذا لم تجد المرأة محرم تُلزَم بالحج؟ ما تلزم بالحج بل من شروط وجوب الحج على المرأة وجود محرم، والله المستعان. ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)): كذا، نعم، هذا لفظه؟ ((ليس معها حرمة))؟ طالب: ((إلا ومعها ذو محرم)). . . . . . . . . ليس معها حرمة، وهو بمعنى واحد، المعنى ما يختلف، ويأتي من يقول، أو من يفسر النصوص على حسب فهمه أو العرف العامي عنده حرمه، ليس معها حرمة، إيش معنى حرمة؟ امرأة. فالنصوص ما تفسر باصطلاحات العامة وأفهام العامة، وإنما تفسر بفهم السلف، لا بد من المحرم وهو الزوج أو من تحرم عليه على التأبيد ممن بلغ سن التكليف، ولم يتصف بالغفلة، والعلماء يختلفون في الأعمى، هل يكفي في المحرمية أو لا يكفي؟ والصواب أنه يكفي، عنده من الحساسية ما يجعله يحافظ على موليته. وفي البخاري ((لا تسافر مسيرة)) أيش .. طالب:. . . . . . . . . وفي لفظ للبخاري. طالب: ((مسيرة يوم)) .. مسيرة يوم، فين مسيرة، وهذا ليس اللفظ للبخاري، هذا اللفظ لمسلم هذا لفظ مسلم وليس لفظ البخاري وإن وهم المؤلف -رحمه الله- تعالى. على كل حال هذا نهي صريح لا تسافر، والنهي يقتضي التحريم. طالب. . . . . . . . . كثير؟ طالب: نعم. نجيب على واحد اثنين هاتها .. أسئلة: يقول: ما وجه كون ما يلبس المحرم محصوراً، مع أنه إزار ورداء فقط، أما ما يمنع فهو أكثر؟

لكن ما لون هذا الإزار، وما لون ذلك الرداء، وما سمكه وما حجمه؟ يحتاج إلى توصيف، ولذا يكون الجواب بمحصور، فإذا ذكر ما يمنع فما عداه مباح، ولذا يقول أهل العلم في الجرح والتعديل: لا بد من بيان سبب الجرح، وأما التعديل فلا يشترط بيانه، لا يشترط بيان سبب التعديل، لماذا؟ لأنه لا يمكن حصره، أما الجرح فيحصل بشيء واحد يمكن حصره، إذا قيل فلان ثقة، هل يلزم بيان كونه ثقة لأنه يصلي ويصوم ويحج ويبر والديه ولا يتعامل بالربا، ولا .. ما يحتاج، لكن سبب الجرح لأنه يحصل بشيء واحد لا بد منه عند جمهور أهل العلم. فلان ليس بثقة لماذا؟ لأنه يغش في المعاملة، لماذا؟ لأنه عاق، أو لأنه يشرب، أو ما أشبه ذلك. يقول: هل تعتبر جدة ميقات ومحاذية؟ لا ليست بميقات وليست بمحاذية للميقات إلا بالنسبة لمن جاء من سواكن من السودان، جدة محاذية للميقات، وما حكم من يأتي من الخارج وهو لا يحاذي الميقات؟؟ فهل عليه شيء؟ إذا أحرم من جدة نعم، هو يحاذي الميقات، إذا جاء من المغرب أو من مصر يحاذي الميقات قبل جدة. ما صحة أثر ابن عباس: "لا يدخل أحد مكة إلا محرماً"؟ في كلام طويل لأهل العلم، لكن يمكن حمله لو صح على أنه لا يدخل أحد مكة ممن يريد الحج والعمرة إلا محرم؛ ليتفق مع الحديث. هل يقال في التلبية: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً؟ لا، هذه ليست من التلبية. من تعدى الميقات فهل يرجع إلى ميقاته أو إلى أقرب ميقات؟ يأتي لذلك ما ذكرناه عن مالك وعن الجمهور، من تعدى الميقات عند الجمهور لا بد أن يرجع إلى نفس الميقات، وعند مالك يكفيه أن يرجع إلى أقرب المواقيت. هل يجوز تكرار العمرة في سفرة واحدة ويوم واحد وهل هناك ضابط لتكرار العمرة؟ مسألة التكرار مسألة يختلف فيها أهل العلم لكن كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أذن لعائشة أن تعتمر وقد اعتمرت مع حجها؛ فهي حجت قارنة، ومع ذلك أذن لها أن تعتمر وأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، لكن لا يكون ديدنه ذلك يعتمر ويحل ويعتمر لا، لكن لو قدر أنه ممن يتأخر مجيئه إلى مكة أزمان ثم استغل هذا الوقت في أكثر من عمرة لا بأس إن شاء الله تعالى.

يقول: إذا كان الإزار مخيطاً من عند الخاصرة؟ هو مخيط إذا كان مخيط على النصف الأسفل من البدن هو مخيط، لا يجوز لبسه؛ لأنه إذا خطت الإزار بإمكانك أن تخيط الرداء، وبدل ما تلبس رداء يشغلك ويتعبك، تلبس فنيلة وتكفي يكفي إيش المانع؟ إذا خطت الإزار وأيش المانع أن تخيط الرداء، الحكم واحد. يقول: أردت الحج العام الماضي ولكن أمي رفضت ذلك بحجة الخوف عليَّ فأطعتها فما حكم ذلك؟ نحن قلنا الحج على الفور والقول المعتمد عند أهل العلم، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إذا كنت قادراً على الحج. وأنا أريد أن أحج هذا العام ولكن والدتي تصر على الحج معي، ولكني لا أستطيع الحج بها؟ لسببين: قدراتي المادية .. ؟ على كل حال لا يلزمك أن تحج بها، حج بنفسك ولا يلزمك أن تحج بها، لكن إن حججت بها فهو من البر، ومن أعظم وجوه البر. هنا يقول: ما حكم من اشتغل بهذه التجارة وهي القيام بحجه بالخادمات مع أنه يحصل من المحرمات ما الله به عليم، وما توجيهكم لمن لديه خادمة وشُرِط عليه الحج بها؟ أما من يشتغل بالأمور المحرمة فهذا معرض نفسه للعقوبة ولتجارته وكسبه بالمحق وعدم الإفادة منه، بل هذا المال وهذا الكسب يكون وبالاً عليه يوم القيامة، والخادمة كغيرها تحتاج إلى محرم. أما عند الشافعي إن كان مذهبها شافعي وترى ذلك أنها يجوز لها أن تحج مع رفقة مأمونة من النساء هذا كل عليه أن يعمل بما يدين الله به، من أفتاه إذا أفتاه من تبرأ الذمة بفتياه وقال هذا القول له وجه وأفتاه بذلك، إذا كانت الذمة تبرأ بهذا المفتي لا بأس، أما أن يجتهد بنفسه وهو ليس بأهل للاجتهاد لا يجوز له ذلك، فالأصل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله وليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم)). يقول: مع العلم أنه يحصل من المحرمات ما الله به عليم؟ لا بد أن يحصل، مع التجاوزات الشرعية لا بد أن يحصل، والسيئات بعضها عقوبة لسيئة أخرى، ففي الخبر: "السيئة تقول أختي أختي" كما أن الإنسان إذا عمل حسنة خالصة لوجه الله -عز وجل- فإنها تقول أختي أيضاً فيوفق لعمل حسنة أخرى، وهكذا. يقول: ما هو توجيهك لمن لديه خادمة ويشترط عليه الحج بها؟

هذا شرط ليس في كتاب الله، نقول: لا بأس إذا اشترط عليه أن يحج بها أن يدفع لها نفقات الحج وفاءً بهذا الشرط، لكن لا يخالِف، لا بد أن تحضر محرم يحج بها. يقول: هل يأثم سائق السيارة التي تحمل المدرسات اللاتي يسافرن إلى خارج الرياض؟ على كل حال إذا كان سفر خارج البلد لا بد فيه من المحرم ومعنى لا يحل يعني يحرم، ولا تسافر نهي، والنهي يتقضي التحريم، فإذا حرم عليها حرم على من يعينها على ذلك. يقول: سافرت إلى مصر، ومن ثم نويت العمرة وعدت إلى المملكة عن طريق المدينة، ثم ذهبت إلى جدة براً، ثم ذهبت إلى السيل الكبير وأحرمت وأديت العمرة فهل علي شيء؟ الأصل أن تحرم من ميقات؟ أيش؟ هو نوى العمرة من مصر؟ من ميقات بلده، وينتقل من بلد إلى آخر بإحرامه، لكن لو تجاوز ميقات بلده، وتجاوز ميقات المدينة، وتجاوز ميقات ... المواقيت التي يمر بها وذهب على كما قال إلى السيل الكبير، وأحرم إلى العمرة على رأي مالك لا يلزمه شيء؛ لأنه ميقات شرعي معتبر ومر به، ميقات شرعي ومر به، وعلى كل حال مذهب الجمهور يلزمه دم، على مذهب الأكثر يلزمه دم. يقول: هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام؟

هل فيه معارضة ولو من وجه بين الحج والصوم، لكي نقدم أحدهما على الآخر، هذا له وقت وهذا له وقت، لكن قد يقول قائل: إذا كان الحج أهم وعلي كفارة بسبب صيام، يقول: هو لا يستطيع الصيام فيعدل حينئذ إلى الكفارة ويملك ما قيمته إطعام ثلاثين مسكين، والحج يكلفه هذه القيمة، هل يصرف هذا المبلغ في الحج أو في كفارة الصيام؟ المسألة افتراضية، يعني ما يظهر وجه تعارض بين الحج والصوم إلا في هذه الصورة يمكن؟ يظهر وجه فيه تعارض بين الحج إلا في هذه الصورة؟ لأنه يقول هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام، نفترض أن شخص يملك ثلاثمائة ريال ها الثلاثمائة تمكنه من الإطعام ثلاثين مسكين أفطرها في رمضان وهو لا يستطيع الصيام، وتمكنه من أن يؤدي فريضة الحج، هل يقدم الحج أو يقدم كفارة الصيام لأنها بدل والبدل له حكم المبدل؟ غير مالك في مال الحج، هو عنده ثلاثمائة ريال حج بها، يمكن يحج بها، هذا الكلام، هذا الكلام على هذا السؤال، أنا أقول، هو يقول: هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام؟ يعني هل هناك وجه تعارض بين الحج والصيام لنحتاج إلى تقديم أحدهما على الآخر؟ في مثل هذه الصورة يتصور، فإذا قلنا أن الحج مقدم على الصيام نقدم الحج على الإطعام الذي هو بدل عن الصيام؛ لأن البدل له حكم المبدل، والذي يقول: لا، الصيام هو الركن الرابع والحج هو الخامس وعليه الأكثر يكفر عن ما أفطره في رمضان ثم إن وجد سعة يحج وإلا فهو معذور. الوقت -وقت التكفير تقصد- التكفير موسع، يعني إلى إيش، والحج على الفور، له وجه وإلا ما له وجه؟ أنا أقول مثل هذا الاختلاف على بعده متصور، هذا مجرد تصوير وافتراض، متصور على بعده. إنسان يحرم من بيته ويقول لا شيء في ذلك؟ يقول لكن الأفضل الإحرام من الميقات وهذا البيت في الرياض؟ شخص أحرم قبل الميقات المكاني، وجاء عن علي -رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [(196) سورة البقرة] قال: إتمام الحج والعمرة أن تحرم بهما من دويرة أهلك، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحرم من الميقات. لا شك أن الإحرام قبل الميقات زيادة على ما شرعه الله -عز وجل- فالمشروع أن تحرم من الميقات المحدد، فكما أنه لا يجوز لك أن تحرم بالحج قبل ميقاته الزماني فكذلك. . . . . . . . . البقية في الجزء الثاني باب الفدية - باب حرمة مكة - باب ما يجوز قتله.

كتاب الحج (2)

عمدة الأحكام - كتاب الحج (2) باب الفدية - باب حرمة مكة - باب ما يجوز قتله الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير المشروع أن تحرم من الميقات المحدد، فكما أنه لا يجوز لك أن تحرم بالحج قبل ميقاته الزماني، فكذلك لا يجوز لك أن تحرم به قبل ميقاته المكاني، وجمهور أهل العلم على الكراهة، يكره أن يحرم قبل الميقات، لعله يريد أن يقول: هو يحرم من بيته، يعني يلبس الإحرام ويتجهز بحيث إذا ركب الطائرة ما يحتاج إلى أن يتجهز لصعوبة التجهز في الطائرة، إذا كان المراد التجهز هذا ليس بإحرام، الإحرام نية الدخول في النسك، لا ينوي الدخول في النسك من بيته؛ فيكون قد زاد على ما شرعه الله وما فعله نبيه -عليه الصلاة والسلام- والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بقي من الأمس أسئلة كثيرة جداً لا يمكن استيعابها، وكثير من الأسئلة له أهمية، منها ما يتعلق بالحج، ومنها ما لا علاقة له به، لكن الحاجة ماسة إلى الجواب عنه، لكن يشكل على ذلك الوقت، الوقت قصير جداً بالنسبة لمجموعة الأحاديث المقررة، المقرر شرحها في هذه الليالي، فما أدري كيف نسدد ونقارب، ما أدري هل تكون الإجابة في أول الوقت حتى يكتمل عدد الأخوة أو تكون الإجابة بين الأذان والإقامة؛ ليستفيد منها من يتقدم إلى الصلاة لا سيما أن بعض المسائل الناس بحاجة إليها والله المستعان، أيهما أفضل؟ طالب: بين الأذان والإقامة بين الأذان والإقامة، نعم. سم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب الفدية:

الفدية:

عن عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية فقال: نزلت في خاصة وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي فقال: ((ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، أو ما كنت أرى الجهد بلغ منك ما أرى، أتجد شاه؟ )) فقلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف صاع))، وفي رواية: أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرَقاً بين ستة مساكين، أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب الفدية: الفدية: ما يلزم من تلبس بالنسك من حج أو عمرة إذا فعل محذوراً ممنوعاً، وهي أعم من الدم؛ بحيث تشمل الدم والإطعام والصيام. حديث عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية: يعني عن آية الفدية {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [(196) سورة البقرة]، فقال نزلت فيَّ خاصة: نزلت فيَّ، يعني في قصتي التي سأذكرها، نزلت في قصتي خاصة، يعني هو سبب النزول، قصته هي سبب نزول آية الفدية، وهي لكم عامة، هذا فهم السلف أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، {فَمَن كَانَ مِنكُم} لفظ عام ولم يقصر على سببه وهو كعب بن عجرة؛ لأنه قد يرد اللفظ ويراد به الخصوص، لكن هنا هو باق على عمومه وإن كان السبب خاصاً. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: هذه القاعدة -العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب- نقل جمع من أهل العلم الاتفاق عليها، شذ بعض من يرى أن العبرة بخصوص السبب حتى يرد ما يدل على العموم، لكنه قول شاذ لا يعول عليه.

قولهم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هي قاعدة، هل هي باقية على عمومها أو لا بد من التقييد فيها؟ يعني كل ما رأينا من نص عام نحمله على عمومه أو خرج عن هذه القاعدة بعض المسائل التي لوحظ فيها السبب، وألغي العموم؟ ومتى يكون ذلك؟ نعم، وجد بعض المسائل التي لوحظ فيها السبب وألغي العموم، ذلكم فيما إذا كان العموم مخالفاً بخصوص أقوى منه يوضح ذلك المثال -هذه القاعدة لأهميتها نستطرد بذكرها وإلا لا علاقة لها بما نحن فيه- في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) في حديث عمران بن حصين. في الحديث الآخر: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) ((صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) ظاهرة عمومه يتناول الفريضة والنافلة، لكل مستطيع، كل من يستطيع القيام لا يجوز له أن يصلي قاعداً، إذاً علامَ يحمل حديث: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم))؟ على المتنفل، كيف حملناه على المتنفل؟ لماذا المتنفل؟ من هذا الحديث، يجوز له من هذا الحديث، إذن يلزم على ذلك الدور، نحن نسأل عن هذا، لماذا حملناه على المتنفل؟ لأن المتنفل يجوز أخذاً من هذا الحديث ما سوينا شيء، ظاهر؟ أن تقول نحمله على المتنفل، نقول: نعم يحمل على المتنفل، لماذا حملنا هذا الحديث على المتنفل؟ هل في الحديث ما يدل على المتنفل، أو ظاهره يتناول الفرض والنفل؟ لكنه معارض بعموم حديث عمران بن حصين، ما الذي جعلنا نحمله على المتنفل؟ سبب الورود، سبب ورود الحديث، كون الحديث عمومه معارض بما هو أقوى منه، جعلنا نرجع إلى السبب ونقصر الحديث على سببه، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمة -يعني فيها حمى- فوجدهم يصلون من قعود، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، فسبب الورود يدل على أن الصلاة نافلة؛ لأنه ما يمكن أن يصلوا حتى يحضر -عليه الصلاة والسلام- لا يمكن أن يصلوا الفريضة إلا خلفه.

شرح الحديث:

والقيد الثاني: ما يدل عليه سبب الورود أنه في المستطيع -من يستطيع القيام- بدليل أنهم تجشموا القيام فقاموا، أما الذي لا يستطيع القيام أجره كامل، سواءً كان في النافلة أو في الفريضة. إذن القاعدة التي يطلقها أهل العلم ليست على إطلاقها، وإن نقل الاتفاق عليها، وهذه القاعدة في غاية الأهمية؛ يحتاج إليها كل طالب علم، قل من يتنبه لها، يأخذون القواعد على إطلاقها مثل هذه القاعدة، لا مشاحة في الاصطلاح، يخالفون النصوص بالمصطلحات ويقولون: لا مشاحة في الاصطلاح، نقول: لا، هناك قواعد تطلق على ألسنة أهل العلم وهي بحاجة إلى تقييد، وهذه منها. شرح الحديث: يقول: نزلت فيَّ خاصة، وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي رواية: رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، ويمكن الجمع والتوفيق بينهما أنه رآه بعد أن حمل إليه، أو أنه رآه قبل ذلك فطلبه فحمل إليه. حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي: القمل معروف، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما كنت أَرى)) أو ((أُرى)) ما كنت أظن أو أعلم، أُرى يعني أظن، وضبطت باللفظين، أُرى: أظن، وأرى: أعلم ((ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى)) أو ((ما كنت أرى الجَهد)) ويضبط أيضاً بـ ((الجُهد)) الجَهد المشقة، والجُهد الطاقة بالسعة. ((بلغ منك ما أرى، أتجد شاة؟ )) فقلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)) وفي رواية فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين" فرق: إناء يسع ثلاثة آصع، لكل مسكين نصف صاع -كما في الرواية السابقة- أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام. متى تلزم الفدية: التكفير الفدية، هذه تسمى فدية الأذى، فتحفظ؛ لأنه يحيل عليها أهل العلم كثيراً، من ارتكب كذا فعليه فدية أذى، هذا التكفير وهذه الفدية قبل الوقوع في المحذور أو بعده؟ أو يجوز الأمران؟ الآن ((أتجد شاة))، لكن هل في هذا أنه حلق قبل أو بعد؟ نعم؟ الآن الكفارات عموماً هل يجوز أداؤها قبل فعل موجبها؟ نعم؟

هناك قواعد تضبط النصوص، ثم تأتي الذي هو خير، ويجوز أيضاً أن تأتي الذي هو خير ثم تكفر، وجاء النص بهذا وهذا، ((إلا كفرت عن يمني ثم أتيت الذي هو خير)) وجاء العكس. هناك قاعدة تضبط إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لم يجز فعلها قبل السبب، اتفاقاً ويجوز فعلها بعد الوقت اتفاقاً، والخلاف بينهما، لكن الدليل دل على أنه يجوز أن تفعلها بعد سبب الوجوب ووقت الوجوب، سبب الوجوب هنا الإحرام، هل يجوز أن تكفر كفارات محظورات الإحرام قبل أن تتلبس بالإحرام الذي هو سبب وجوب هذه، لا يجوز، لكن يجوز اتفاقاً أن تكفر بعد ارتكاب المحظور، والخلاف فيما بينهما والدليل دل على الجواز. نأتي إلى مسألة أخرى، يجرنا إليها هذا الكلام، ودم المتعة والقران سببه الإحرام، الإحرام بهما بالحج والعمرة، ووقته وقت الوجوب؟ طالب:. . . . . . . . . لا تحل له الوقت على أساس. . . . . . . . .، نعم. السؤال من فروع هذه القاعدة ذكرت في قواعد ابن رجب وغيره، إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب جاز، على ما فصلنا سابقاً. دم المتعة والقران سبب الوجوب الإحرام بالحج والعمرة، إما معاً في حال القران، أو بالعمرة ثم الحج، ووقت الوجوب لزوم الدم، متى يلزم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أهل العلم يقولون وقته وقت الأضحية، لكن بين السبب والوقت يجوز فعله؟، يجوز ذبح دم المتعة والقران قبل يوم النحر بعد انعقاد السبب الذي هو الإحرام؟ هاه على كل حال هو قول للشافعية ورواية عند الحنابلة، لكن الجمهور على خلافه -على أنه لا يجوز إلا في يوم النحر- نعم، طالب:. . . . . . . . . على كل حال هو مندرج في القاعدة له سبب وله وقت، وأدرجه ابن رجب في القاعدة، لكنه فيه الخلاف المعروف، ولذا لا يجوز لأحد أن يذبح دم المتعة والقران قبل يوم النحر، وألف في ذلك رسائل منها (القول اليسِر في جواز ذبح الهدي قبل يوم النحر) ورد على هذه الرسالة، رسائل معروفة عند أهل العلم هنا في البلد، (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره) للشيخ ابن حميد -رحمه الله-.

المقصود أن هذه من فروع القاعدة والجمهور على المنع، أما بالنسبة لكفارة اليمين جاء النص بها، وهنا يجوز أن يكفر قبل أن يتلبس بالمحظور ويجوز أن يكفر بعده. ((أتجد شاة؟ )) فقلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)): هذا الحديث يدل على إيش؟ على الترتيب، نعم على أن فدية الأذى على إيش؟ النص هنا الرواية هذه تدل على الترتيب، فيقدم الدم، ((أتجد شاة؟ )) فقلت: لا، لم يوجهه إلى الخصال الأخرى إلا بعد أن عرف أنه لا يجد الشاة. الرواية التي تليها فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام، يدل على إيش؟ التخيير، الرواية الثانية تدل على التخيير، والآية تدل على {مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} أيضاً تخيير، فالرواية الأولى معارضة للرواية الثانية، كما أنها معارضة للآية، والرواية في الصحيحين ليس لأحد كلام، لكن كيف توجه هذه الرواية؟ طالب. . . . . . . . . نعم قيل في ذلك، قيل أنه وجهه أولاً إلى الأفضل، وجهه إلى الأفضل لا على سبيل التعيين، لا على سبيل اللزوم، إنما وجهه إلى الأفضل فلما عرف -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يجد الأفضل نقله إلى المفضول. الرواية الثانية ((أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين، أو يهدي أو يصوم)) وهي الموافقة لنص القرآن. القصة واحدة أو أكثر، أكثر من قصة أو قصة واحدة؟ يعني أكثر من مرة رآه والقمل يتناثر على وجهه، نعم أو مرة واحدة؟ طالب: مرة واحدة. القصة واحدة، ومخرجها واحد، فما جاء مما يدل على الترتيب أو التخيير كله من تصرف الرواة، لأن القصة مخرجها واحد وهي واحدة. ((أتجد شاة)): المقصود بالشاة ما يجزئ في الأضحية، كما قرر ذلك أهل العلم، وهل يجزئ ما فوق الشاة، لو ذبح بقرة أو بدنة، يجزئ وإلا ما يجزئ؟ طالب: من باب أولى. المنصوص عليه شاة، نعم الأكثر على أنه يجزئ، ومقتضى قول من يقول بعدم إجزاء إخراج الإبل في زكاة الخمس من الإبل، من عنده خمس من الإبل زكاتها شاة، لو أخرج بعير يجزئ وإلا ما يجزئ؟ نعم يجزئ عند الأكثر، لكن الإمام مالك يقول: لا يجزئ، مقتضى قوله هناك يورد هنا.

حرمة مكة:

على كل حال هو من باب أولى، وإذا قلنا بذلك فالقدر الزائد على الواجب ماذا يسمى؟ نعم؟ لو قلنا البعير، البعير عن سبع، البقرة عن سبع من الشياة لو أخذ بدنة كاملة، القدر الواجب عليه .. طالب: السبع. السبع، والباقي نافلة، من يذكرنا بالقاعدة التي تضبط لنا هذا؟ عندهم قاعدة: القدر الزائد على الواجب إن كانت الزيادة متميزة لها حكم، وإن كانت غير متميزة لها حكم، فالقواعد الظاهر أنه ما لها؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، كيف؟ طالب. . . . . . . . . قاعدة كبرى عند أهل العلم ولها فروع كثيرة يترتب عليها فوائد كثيرة، لكن لو فصلنا كل شيء الظاهر ما ننتهي، على كل حال ننتقل إلى الخصلة الثانية. قال: ((فصم ثلاثة أيام)): متتابعة وإلا متفرقة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم يعني مثل كفارة اليمين ما في ما يدل إلا قراءة ابن مسعود؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . مطلق، ما قيد بالتتابع ولا بالتفريق، وجاء الصيام في بعض الكفارات مقيد بالتتابع وفي بعضها مقيد بالتفريق، فبأيهما يلحق ما معنا؟ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [(92) سورة النساء]. {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] مقيدة بالتفريق، وهناك مقيدة بالتتابع، فهل نلحق ما معنا بما قيد بالتتابع أو ما قيد بالتفريق؟ أو يبقى على إطلاقه، يبقى الإنسان مختار؛ لأن عندنا قاعدة حمل المطلق على المقيد إذا جاء نص مقيد وآخر مطلق. ((فصم ثلاثة أيام)) هل يصومها أثناء الحج أو إذا انتهى الحج؟ نعم؟ طالب. . . . . . . . . ما تفكر هذا مسكوت عنه، فيبقى على إطلاقه. ((أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)): سواءً كان من بر أو من تمر أو من غيرهما، بعض أهل العلم يرى التفريق بين البر وغيره، تكون الكفارة نصف صاع من تمر أو مد من بر، قياساًِ على قول معاوية في زكاة الفطر، عدلوا البر الصاع منه بصاعين من غيره. سم. حرمة مكة:

باب حرمة مكة: عن أبي شريح -خويلد بن عمرو- الخزاعي العدوي -رضي الله عنه-: أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص - وهو يبعث البعوث إلى مكة -: "ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغد من يوم الفتح، فسمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلم به: أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن مكة حرمها الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقولوا: إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لرسوله ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب)). فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا، ولا فاراً بدم ولا فاراً بخرَبة. الخَرَبة: بالخاء المعجمة والراء المهملة قيل: الخيانة، وقيل البلية، وقيل التهمة، وأصلها في سرقة الإبل، قال الشاعر: والخارب اللص يحب الخاربا. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: ((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا))، وقال يوم فتح مكة: ((إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق الله السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحلَّ لي إلا ساعة من نهار، وهي ساعتي هذه، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرَّفها، ولا يُختلى خلاه)). فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر، فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال: ((إلا الإذخر)). "القين" الحدَّاد. يقول -رحمه الله- تعالى: باب حرمة مكة: وذكر حديث أبي شريح، وحديث ابن عباس، وفيهما أن الله -عز وجل- هو الذي حرم مكة ولم يحرمها الناس. أبو شريح خويلد بن عمرو الخزاعي العدوي -رضي الله عنه- قال لعمرو بن سعيد بن العاص، المعروف بالأشدق، وهو يبعث البعوث إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير من قبل يزيد بن معاوية.

"ائذن لي أيها الأمير": أبو شريح يخاطب هذا الأمير عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق، ويبين له الحق -بحضور غيرهما- ما الدليل على أن عندهم من حضر غيرهما؟ أنه نُقل الخبر، لكن بأدب وعلى هذا لا مانع، بل قد يتعين الإنكار على المخالف مهما كانت منزلته ومرتبته لكن بالأسلوب المناسب الذي يحقق المصلحة ولا تترتب عليه مفسدة، ولذا قال: ائذن لي، استأذن أولاً، أيها الأمير، وجاء باللقب المحدد عنده أن أحدثك قولاً قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا مقتضى حديث البيعة، حديث عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، هذا أمر لا بد منه، نفس على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، لكن هل يمنع هذا من قول الحق؟، لا يمنع من قول الحق على أن نقول أو نقوم بالحق لا نخاف في الله لومة لائم، فعجز الحديث لا يخالف أوله، هذا لا يخالف السمع والطاعة، بل هو محض النصيحة، عين النصيحة لولي الأمر. ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغد من يوم الفتح يعني من الغد. فسمعته أذناي: يوضح أنه متأكد من سماعه من نبي الله -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، وأنه حفظه وضبطه كما سمعه، سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي، كل هذه مؤكدات. حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه هذا فيه مشروعية البداءة بالحمد والثناء على الله -عز وجل- في الخطب. ثم قال: ((إن مكة حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض، ولم يحرمها الناس)): وأما ما جاء من أن إبراهيم -عليه السلام- هو الذي حرم مكة إنما هو بلغ تحريم الله -عز وجل- مكة إلى الناس، فهو مبلغ عن الله، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ولم يحرمها الناس)). ((فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دم)): مكة حرمها الله -عز وجل- ومقتضى هذا التحريم أن تعظم، وإنما حرمت مكة من أجل البيت، أول بيت وضع للناس، الذي أمرنا بتطهيره: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [(125) سورة البقرة] إلى آخره والتطهير المقصود به: من النجاسات الحسية والمعنوية.

{طَهِّرَا بَيْتِيَ} لا بد من تطهير البيت، هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، لا بد من تطهير البيت من النجاسات كلها الحسية والمعنوية، فالتطهير من النجاسات الحسية أمره سهل وهو قائم ولله الحمد على وجه يقرب من الكمال، لكن على القائمين عليه أن يطهروه من النجاسات المعنوية، من الإلحاد فيه من الشرك والبدع، المعاصي، التبرج السفور مخالفات؛ فإذا كانت إرادة الإلحاد في الحرم رتب عليه الوعيد الشديد {نُذِقْهُ}، {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ} [(25) سورة الحج] ولا يتصور أن الإلحاد هو الكفر، الإلحاد: الميل، والآية تدل على أنه ولو كان يسيراً؛ لأنه نكرة في سياق الشرط، فيعم جميع وجوه الإلحاد صغيرها وكبيرها، وهذا مجرد إرادة فكيف بالفعل؟ وهذه الآية جاءت متعقبة للآية التي تدل على أن الناس سواء في البيت يستوي فيه العاكف والباد، الأعرابي الذي يرد إلى هذا المسجد ويصلي فيه فرض ويرجع، والمقيم فيه، كلاهما سواء {سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(25) سورة الحج] أدنى إلحاد، فالناس يستوون في هذا المكان، ولهذا ينبغي تنبيه من يضايق الناس في هذا المكان، كم حصل من مشاكل لا سيما في المواسم بسبب حجز الأماكن، يضع شيء يحجز المكان فإذا جاء حصل الشقاق والنزاع والخلاف، هذا إلحاد؛ لأنه مخالف لما قرر في الآية السابقة، بعض الناس يستأجر من يحجز له مكان، والغالب أن هؤلاء الأجراء ليسوا على مستوى أيضاً من حسن التعامل مع الناس، كم سمعنا من أصوات ترتفع في هذا المكان الطيب الطاهر الذي أمرنا بتطهيره للطائفين والقائمين والركع السجود والعاكفين، محل عبادة هذا، ينبغي أن يهيئ فيه الجو للعبادة، والله المستعان.

فمقتضى تحريم مكة تعظيمها؛ أن يعظم شعائر الله، لا شك أن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب كما قال الله –عزَّ وجلَّ-. وإذا كان تعظيم مكة وتحريمها من أجل البيت، فتعظيم البيت أولى مما عظم وحرم من أجله. ((إن مكة حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً)): يقتل، القتل إذا كان عن عمد لمؤمن موبقة من الموبقات، كبيرة من كبائر الذنوب وجاء الوعيد الشديد {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} [(93) سورة النساء] {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة الفرقان]، المقصود أن القتل شأنه عظيم. ((أن يسفك بها دماً)): وهل يتناول القتل بحق من إقامة حد أو قصاص؟ العلماء يختلفون في ذلك، من زنى وهو محصن يرجم في مكة؟ من قتل يقتل في مكة؟ العلماء بينهم خلاف في هذه المسألة فمنهم من يقول: يقتل؛ لأن مكة يتناولها عموم النصوص التي جاءت في تنفيذ الحدود والقصاص، ومكة كغيرها، ومنهم من يقول: لا يقتل؛ لعموم قوله: ((أن يسفك بها دماً)) يعني سواءً كان بحق أو بغير حق، وهل معنى هذا أن الناس يتركون يتقاتلون في هذا المكان الطيب الطاهر ولا يردعون؟ نقول: لا، هناك حل يضيق على القاتل حتى يخرج، فإن لم يخرج أخرج منه وقتل خارجه. ((ولا يعضد بها شجرة)): أي ألا يقطع شجرة، وهل يشمل الشجر ما أنبته الله -عز وجل- وأنتبه الآدمي؟ أما ما أنتبه الله -عز وجل- فهو داخل دخولاً لا إشكال فيه، وأما ما أنبته الآدمي فمحل خلاف بين أهل العلم. ((فإن أحد ترخص بقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقولوا: إن الله قد ائذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أُذن لي أو أذن لي ساعة من نهار)) يعني مقدار من الزمان وليس المراد به الساعة الفلكية المقدرة بستين دقيقة، لا، المراد بها المقدار من الزمان من غير تحديد. ((وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس)): رجعت، يعني مدة استثنيت من التحريم العام المطلق للنبي -عليه الصلاة والسلام-.

الحديث الثاني:

((فليبلغ الشاهد الغائب)): اللام لام الأمر، والتبليغ واجب وهو واجب كفائي، يعني على الكفاية، إذا حصل بمن يكفي صار في حكم الباقين سنة. فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ يعني هل امتثل؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصياً، ولا فاراً بدم، يرى أنه محق في قتال ابن الزبير، وأن ابن الزبير خارج وباغي فقتاله حق، والحرم لا يعيذه. "إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم، ولا فاراً بخرَبة، أو خرِبة: وهي الخيانة أو البلية". هذا الكلام من أبي شريح في مقابلة النص المرفوع، هل نقول: إن هذا الرجل -الأمير عمرو بن سعيد- عاند وخالف النص مخالفة صريحة؟ أو نقول: هو متأول؟ هو خالف النص بلا شك؛ جمهور أهل العلم على أن ابن الزبير عنده بيعة شرعية، ولذا سُلط على عمرو بن سعيد من هؤلاء الذين بعثوه من يقتله صبراً، عوقب، لكن لو قدر أن شخص من البغاة اعتصم بمكة، يترك؟ أو نقول له مثل ما قال: إن الحرم لا يعيذ عاصياً، ويضيق عليه حتى يخرج أو يقتل في مكانه؟ يرد فيه الخلاف السابق. الحديث الثاني: عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-ما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: ((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)) الهجرة هي الانتقال من بلد الشرك والكفر إلى بلد الإسلام. ((لا هجرة بعد الفتح)): مفهومه أن الهجرة نسخت بفتح مكة، لكن النصوص تدل على أن الهجرة باقية إلى قيام الساعة، الهجرة باقية وجوبها باق إلى قيام الساعة، وحديث الباب ((لا هجرة بعد الفتح)) إما أن يقال: لا هجرة من مكة بعد الفتح لأنه صار بلد إسلام، أو يقال: ((لا هجرة بعد الفتح)) فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. (ولكن جهاد ونية)): جهاد ونية الباقي الجهاد، إذا كان الجهاد قائم فالمشاركة متعينة على تفصيل عند أهل العلم في كتب الفروع، متى يتعين أو لا يتعين متى يكون فرض كفاية، المقصود أنه لا بد من المشاركة إذا كان قائماً بما يحقق المطلوب أو نية الجهاد إذا لم يكن قائماً، فإن كان الجهاد قائماً بالفعل لا بد من المشاركة ممن يتأدى به الغرض أو نية الجهاد إذا لم يكن قائماً، فلا بد من تحديث النفس بالجهاد.

والنية شأنها عظيم، العبادات مرتبط صحتها بالنية الصالحة الخالصة، فالنية شرط لكل عبادة. ((وإذا استنفرتم فانفروا)): وهذه صورة من الصور التي يتعين فيها الجهاد، إذا استنفر الإمام شخصاً أو طائفة تعين عليه الاستنفار، كما أنه يتعين عليه إذا دهمه العدو في بلده أو حضر الصف. ((وإذا استنفرتم فانفروا)): يعني طلب منكم النفير؛ لقتال العدو فانفروا. وقال يوم فتح مكة: ((إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة)) كما تقدم ((وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، وهي ساعتي هذه، فهو حرام)) ومعناه مثل ما تقدم. ((بحرمة الله إلى يوم القيامة))، لا يعضد شوكه – لا يقطع الشوك- ولا ينفر صيده، ولا ينفر الصيد، ومن باب أولى لا يقتل، لا يتعرض له بأذى؛ ليشمله الأمن الذي هو من خصائص هذا البلد، لا ينفر صيده، وعلى هذا لو وجدت صيداً في الحرم فنفرته بقصد أو بغير قصد فأهل العلم يضربون مثال لمثل هذا إذا وقع طائر على ثوبك وأردت أن تأخذ هذا الثوب لتلبسه، فطار هذا الطائر فتعرض لأذى، يضمن وإلا ما يضمن؟ لا شك أنه متسبب، يعني نفترض أن شخص جاء حمامة وقعت على رأسه فطردها، أو على ثوبه وأراد أن يلبس الثوب طارت فضربت بالمروحة وماتت، يضمن وإلا ما يضمن؟ ((ولا ينفر صيده))؟ أو يقصر ذلك على المتعمد، يعني إذا كانت مباشرة القتل يشترط فيها العمد، فالتسبب فيه من باب أولى، هل يشترط العمد في قتل الصيد وإلا ما يشترط؟ طالب:. . . . . . . . . بدليل قوله {فَجَزَاء} [(95) سورة المائدة] إلى آخره فنص على العمد. يذكرون فروع تحت قوله: ((ولا ينفر صيده))، أنه سواء كان بقصد أو بغير قصد، لكن إذا كانت مباشرة القتل يشترط فيها العمد فالتسبب من باب أولى. ((ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها)): هذا من خواص هذا المكان -البلد الطيب المبارك- لا تلتقط لقطته إلا من يعرفها، لا يملكها أبد الآباد لا بد أن يعرفها دائماً حتى يجدها صاحبها، أو يسلمها إلى جهة تحفظها وتقوم بتعريفها، أما اللقطة في غير مكة فحكمها معروف تعرف سنة ثم تملك وهي تختلف بحسب الملتقط.

((ولا يختلى خلاه)) الخلا الحشيش، ويختلى يعني يحتش. فقال العباس: يا رسول الله: العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-: يا رسول الله، إلا الإذخر: هو نبت معروف يستعملونه، يستعمله أهل مكة في تسقيف البيوت يجعلونه بين الخشب والطين، يمسك الطين لا يقع من خلل الخشب ويستعملونه أيضاً في إيقاد النار، يستعملونه أيضاً ... إلا الإذخر فإنه لقينهم، القين الحداد، يوقد به النار، وبيوتهم يجعلونه في السقوف، فقال: ((إلا الإذخر)) والقين: الحداد. الاستثناء من النبي -عليه الصلاة والسلام- للإذخر هل كانت النية معقودة عليه قبل الكلام أو بعده؟ نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاه)) هل كان في نيته أن يقول إلا الإذخر؟ أو لما قال له العباس إلا الإذخر، قال: ((إلا الإذخر))؟ عندما قال له العباس إلا الإذخر وعلل أيضاً ذكر مبرر لهذا الاستثناء فاستثنى النبي -عليه الصلاة والسلام-يرد عليه إشكال أو لا يرد إشكال؟ نعم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . إيه لكن لقائل أن يقول: أن لمن يحضر مجلس النبي -عليه الصلاة والسلام- أثر في التشريع، النبي ما كان في نيته أن يستثني ثم استثنى بطلب ممن حوله، نعم. طالب. . . . . . . . . إيه لكن هذا دليل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن مستحضراً لهذا الإذخر، ولا ناوياً له، هذا الظاهر من النص، لكن يرد عليه أن لمن حضر أثر في الحكم، هذا وارد وإلا ما هو بوارد، أقول: من ظاهر النص يرد هذا، لكن كيف ندفع هذا الإيراد، كيف ندفع مثل هذا الإيراد؟ ونظيره إيش؟ طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . شاورهم في الأحكام، يشاورهم في الأحكام في تقرير حكم شرعي؟! فالمسألة دقيقة يا إخوان، وأدق منها المسألة الثانية المتعلقة بقول: ما شاء الله وشئت كلمة يمنعني الحياء، نعم, مشكلة وإلا ما هي بمشكلة مثل إيش؟ طالب:. . . . . . . . . تختلف، تختلف. طالب: ألا يمكن أن يأتيه جبريل في هذه الفترة؟

نعم، هم الشراح قالوا: إن الوحي نزل بتأييد الاستثناء، الوحي نزل بتأييد الاستثناء، أنه لما قال العباس: إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم، نزل جبريل بالاستثناء فقال: إلا الإذخر، وعلى هذا لا يكون للحاضر دخل في الاستثناء، قد يكون الحاضر سبب في هذا الاستثناء. المسألة الثانية المتعلقة بما شاء الله وشئت، ((كلمة يمنعني الحياء))، كان يمنعه الحياء -عليه الصلاة والسلام- وقصة اليهودية ((كلمة تقولونها، ما شاء الله وشاء محمد))، ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بل ما شاء الله وحده)) فهل الحياء يمنع النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول الحق؟ كيف؟ طالب. . . . . . . . . ليس عنده وحي، إذاً كيف منعه؟ صار ما عنده وحي، ((بل قولوا ما شاء الله وحده)) نعم. طالب: .... كان يعرف إيش. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . النبي -عليه الصلاة والسلام- حياؤه لا نظير له، حياء شرعي لا نظير له فيه، لكن الكلام على الحياء الذي يمنع من التبليغ، المسألة من الدقائق تحتاج إلى شدة انتباه. هل النبي -عليه الصلاة والسلام- يمنعه الحياء من التبليغ ولا سيما في مثل هذه المسائل التي هي شرك؟؟ كلمة يمنعني الحياء من إيش؟ نعم إذن كيف ما منعه إلا الحياء؟ طالب. . . . . . . . . النبي -عليه الصلاة والسلام- يكره هذا القول لما فيه من المبالغة في احترامه -عليه الصلاة والسلام- المبالغة من احترامه -عليه الصلاة والسلام- لكن هو لا نص عنده فيه، ثم نزل من، هو يريد أن يمنعهم من المبالغة في هذا الاحترام الذي لم يرد نص بمنعه، ثم جاء المنع.

نظيره شخص يرى أن تقبيل اليد جائز، لكن حياؤه يمنعه من منع هذه المبالغة، هذه مبالغة في الاحترام بلا شك وليس عنده ما يمنع، ليس عنده ما يمنع من هذا العمل، جيد، لكن النفوس السوية تمنع من المبالغة في الاحترام، نعم، تمنع من المبالغة في الاحترام، النفوس السوية الأبية تمنع من المبالغة في الاحترام، فكان يمنعه الحياء هذا الشخص الذي يرى أنه لا بأس بتقبيل اليد عنده يمنعه الحياء من أن ينكر على من يعمل هذا العمل؛ لأنه ما دفعه إلا احترامه، وهو يكره في الوقت نفسه هذا الاحترام الزائد، فيمنعه أن يبدي هذه الكراهة الحياء، يعني شخص يريد أن يحترمك فتمنعه يمنعك الحياء، لكنك في الوقت نفسه تكره المبالغة في الاحترام التي تصل إلى هذا الحد، لكن لو بلغك نص يدل على التحريم ما منعك حياء، حينئذ لا يمنعك حياء، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم. طالب. . . . . . . . . ما أسمع، ما أسمع؟ طالب. . . . . . . . . هذه الأصل ما دام ليست ممنوعة، ما في نص يدل على منعها كيف تنكر؟ نعم، لكنها مبالغة في تقديره -عليه الصلاة والسلام- من قبل من يقوله، لأن أصل الشرك مبالغة، لكن هناك صور ممنوعة وصور لم يرد فيها شيء، نعم. طالب. . . . . . . . . نعم، ما أدري استطعت أعبر أدي المعلومة على .. ، واضحة وإلا؟ لأنها من الدقائق دقيقة جداً يستشكلها كثير من طلاب العلم، نعم. طالب. . . . . . . . . لا، لا المراد بها العهد، بعد الفتح يعني فتح مكة، لا هجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها صارت دار إسلام، أو لا هجرة بعد الفتح من أي بلد إلى النبي أو إلى غيره إلى بلاد المسلمين فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. نعم؟ طالب: إذا كان يا شيخ شرك ظاهر. . . . . . . . .؟. كيف؟ طالب: إذا أصبح الشرك ظاهر. . . . . . . . .؟. الشرك. طالب. . . . . . . . . ترى الحديث لا، لا يهاجر منها، ولن يكون ذلك ما دامت، ولن يكون ذلك إن شاء الله تعالى؛ لأن البيت باقي ولا يهدم إلا في آخر الزمان، الله المستعان نعم. طالب. . . . . . . . . إيه على كل حال مسألة تقرير هذه المسألة أمرها سهل يعني؛ لأن فيها ثلاثة أحاديث صحيحة ما فيها إشكال، لكن يبقى أنها الحياء يمنع منها، تفضل.

باب ما يجوز قتله:

باب ما يجوز قتله: عن عائشة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ((خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور)) ولمسلم ((يقتل خمس فواسق في الحل والحرم)). باب دخول مكة والبيت. يكفي، بارك الله فيك. يقول -رحمه الله- تعالى: باب ما يجوز قتله: ما ذكر حرمة مكة وأن الأمن فيها تناول غير الإنسان المعصوم -معصوم الدم- بل تناول الحيوان والطير، ذكر -رحمه الله- تعالى ما يجوز قتله؛ لئلا يفهم من عموم ما تقدم أنه لا يقتل شيء على الإطلاق في ذلك المكان الطيب الطاهر، فقال: باب ما يجوز قتله، ثم ذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس من الدواب)). الدواب جمع دابة، والأصل فيها ما يتناول جميع ما يدب على وجه الأرض: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [(6) سورة هود]، بعضهم يستثني الطائر فليس من الدواب؛ لعطفه عليها، لكن معنى الدابة بالمعنى الأعم يشمل جميع ما يدب على وجه الأرض، ومعناها العرفي ذوات الأربع، حقيقتها العرفية في ذوات الأربع، لكن المراد منها في هذا الحديث ما هو أعم من ذلك. ((خمس من الدواب كلهن فاسق)): أصل الفسق الخروج، الخروج عن الطاعة، كما يقال فسقت الرطبة عن قشرها يعني خرجت، ((خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم))، وبعض الروايات ((في الحل والحرم)) وذكر الحل يغني عنه ذكر الحرم، فإذا قتلت في الحرم فالحل من باب أولى. ثم ذكرها ((الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور))، ولمسلم: ((يقتلن خمس فواسق في الحل والحرم)) هذا لفظه؟ طالب. . . . . . . . . طيب. أنا عندي يقتلن لكن الجاري على لغة البراغيث، ولمسلم ((يقتل خمس فواسق في الحل والحرم)) وعرفنا أنه ذكر الحل تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا التنصيص على الحرم يغني عنه. هذه الدواب جواز القتل مختص بها أو يتعداها إلى غيرها مما يشاركها في العلة؟ وما العلة المبيحة لقتل هذه الفواسق؟

يجمعها الفسق، والفسق بالنسبة لها الأذى، الفسق بالنسبة لها الأذى يجمعها وصف آخر وهو عدم الأكل كلها مما لا يجوز أكله، ولذا يختلف أهل العلم في القياس عليها، فمنهم من يقول: إباحة القتل خاص بهذه الخمس، مع أنه جاء الزيادة عليها في روايات أخرى، وعلى هذا يقتصر على المنصوص عليه، يعني مثل ما قال أهل الظاهر في الربويات الإيش؟ الستة لا يقاس عليها، ولو شاركها غيره في العلة. الذين يقولون بالقياس يقاس عليها ما شاركها في العلة، الشافعية يرون أن العلة عدم الأكل، فيرون جواز قتل كل ما لا يؤكل، وغيرهم يرى أن العلة الفسق وهو الأذى، فكل مؤذٍ يقتل، كل مؤذي يقتل، ولا شك أن هذه الخمسة المنصوص عليها يجمعها هذا الوصف الذي هو الفسق، وهي علة منصوصة ووصف مؤثر في الحكم، فما شارك هذه الخمس في الوصف يشاركها في الحكم، هذا هو القياس: إلحاق فرع بأصل لعلة تجمع بينهم –بين الفرع والأصل- فإذا تحققنا من وجود هذه العلة سرى عليها الحكم، وهل العلة هو الفسق الذي عبر عنه أهل العلم بالأذى كونها مؤذية أن يكون طبعها مؤذي أو بمجرد ما يحصل منها الأذى ولو لم تكن مؤذية طبعاً نعم؟ طالب. . . . . . . . . الحية ما تقتل؟ الحية في البيوت، تقصد الحية في البيوت؟ لا، لا، لا هذا غير. نعم، أن يكون من طبعها الأذى، لكن لو وجد من الدواب ليس من طبعه الأذى لكنه آذى، أو مجرد وجوده مؤذي يخيف وهو بطبعه لا يؤذي هل نقول لأن الإنسان يتأذى بمنظره ويخاف منه فيجوز له قتله؟ طالب: لعله الصائل من هذه التي ليست منصوصة. العلة المنصوصة الآن الفسق، مستنبطة من الوصف المؤثر، وأهل العلم يعبرون عن هذا الفسق بأنه الأذى، بعض الحيوانات مؤذي بطبعه هذا يدخل بلا شك، والقاعدة عند أهل العلم أن ما آذى طبعاً قتل شرعاً، لكن هناك ما لا يؤذي بطبعه، قد يؤذي بشكله يخيف، له أن يقتل أو ليس له أن يقتل؟ نعم؟ طالب: ليس له أن يقتل.

نعم، لماذا؟ لأن هذا لا يمكن ضبطه، هذا لا ينضبط، إنسان يخاف من الجراد، إنسان يخاف من الصراصير، إنسان يخاف من كذا، بغض النظر هل هذه الأنواع تقتل أو لا تقتل شيء ثاني لكن هذا دليل على أن الخوف ليس منضبط، والناس يتفاوتون يتباينون في مسألة الخوف، وهذا يجرنا على الكلام على مسألة، وهي مسألة الخوف الذي لا حقيقة له، وهذه تورد في باب التيمم، متى يباح التيمم؟ إذا لم تجد الماء، نعم، أخذ من استعماله، نفترض أن الماء قريب جداً مائة متر عن البيت، لكن خارج البيت ظلام، يخاف الإنسان أن يخرج هذا خوف وهمي، خوف وهمي يتيمم أو لا يتيمم؟ لكن قد يصل الخوف ببعض الناس ولو كان وهمياً أضعاف مضاعفة من الخوف الحقيقي لبعض الناس، بعض الناس عنده استعداد يخرج ولو كان عند الباب أسد، وبعضهم بمجرد ما تغيب الشمس لا يستطيع أن يخرج، فهل نقول أن مثل هذا لا يستطيع الوصول إلى الماء؛ لأنه مذعور يخاف، وهذه نبه عليها بعض أهل العلم لكن يناسب أن يذكر لأن كتابه مفيد في هذا الباب منسك اللبدي، منسك صغير اسمه (منسك اللبدي) وإن كان صاحب الأعلام يقول: اللدي، فالمطبوع بهذا الاسم. طالب: في أي قرن يا شيخ؟ القرن الماضي، أوائل القرن الماضي. طالب. . . . . . . . . إيه، كذا، صاحب الأعلام يقول: اللدي من اللد، اسمه عبد الغني هو؟ إيش اسمه صاحبك؟ طالب. . . . . . . . . أيوه جاء واحد درس هنا قبل ثلاثين سنة أو كذا يزعم أنه من أولاده، لَبدي كذا؟ طالب. . . . . . . . . لا هم يضبطونها بالضم، نعم. طالب. . . . . . . . . طيب وذكر له منسك، جيد، على كل حال أهل مكة أدرى بشعابها، الكرماني، يقول بكسر الكافي -نفس الكرماني- والنووي يقول: لا بفتحها، نعم، وأهل مكة أدرى بشعابها. طالب. . . . . . . . . قول الفقهاء والصائل من كل نوع؟ الصائل معروف، هذا في الحل والحرم، الدفاع عن النفس هذا أمر مفروغ منه، الدفاع عن النفس معروف. نشوف كم سؤال: يقول: هل يلزم الاغتسال من عجز عنه لبرودة ماء الميقات، وهل يستعاض عنه بالوضوء؟ أولاً الاغتسال سنة وليس بواجب، الاغتسال سنة وليس بواجب، فإذا كان الماء بارد بحيث يشق عليه استعماله فلا مانع من أن ينتقل منه إلى الوضوء.

حكم صلاة ركعتين بعد الإحرام أو قبل الإحرام، ولبس الإزار والرداء؟ هذا يأتي إن شاء الله تفصيله. هذا في المسح على الخفين. السؤال الثاني: يقول: تعودت أن أقبل يد والدي فهل فيه شيء؟ لا شيء في ذلك. يقول: لبست الخفين ومسحت عليه أول مرة صلاة العصر، ونسيت ومسحت العصر الثاني وصليت المغرب والعشاء بوضوئي ذلك مع العلم أني لم أمسح عليهما المغرب والعشاء، فهل في ذلك بأس، وماذا علي أن أفعل؟ إذا مسحت العصر في اليوم الأول لا تمسح في العصر الثاني، لأن مدة المسح تنتهي بمرور يوم وليلة من المسح الأول إذا مسحت العصر لا تمسح العصر الثاني، وعلى هذا -ولو بقيت الطهارة- لأنه حينئذ لو صلى بعد تمام المدة فإنه حينئذ يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، لا مغسولة ولا مأذون بمسحها. طالب. . . . . . . . . نعم، يلزمه إعادة الصلاة نعم لا شك. طهارته ناقصة. يقول: ما الصحيح في تسوية الصفوف هل هو إلصاق القدم بالقدم أم ترك الفرج والفجوات؟ لا، التراص في الصف هذا هو المطلوب، المحاذاة بالمناكب والأقدام، أما ترك الفرج للشيطان هذا لا يجوز، أيضاً لا يحل الإشكال كون الإنسان يمد رجليه، ويوسع ما بينهما؛ لأن هذا يفوت المحاذاة بالمناكب؛ لأن بعض الناس إذا صار بينه وبين الثاني فرجة مد رجله مثلما الفرجار وقابل للزيادة بعد، وقد يفعل ذلك ابتداءً، هذا لا يحل الإشكال، ليس هذا تراص، ليس بتراص، بل المطلوب أن يشغل من الحيز بقدره، ولذا جاءت المحاذاة بالمناكب، وجاء عن الصحابة أنهم كانوا يلزقون القدم بالقدم والكعب بالكعب. السترة للمصلي ليست بواجبة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، قال ابن عباس: يعني إلى غير سترة، لكنها متأكدة الاستحباب، للأمر بها. طالب. . . . . . . . . على حد سواء، نعم. يقول: نحن زملاء في العمل ونعمل جمعية بيننا بحيث يأخذها كل شهر شخص منا فما حكم الحج بهذا المال لو أخذته وحججت به، علماً أني لا أملك إلا هذا المبلغ من النقد، وهل يدخل فيه شك في حرمته حيث أني لا أعلم هل اكتسبه الآخر من الحلال أو من الحرام؟

زملاء في العمل يعني مقابل وظيفة مقابل عمل، وأنت تعرف زميلك إذا كان يؤدي العمل على الوجه المطلوب وما يأخذه، وأيضاً طبيعة العمل إذا كانت مباحة، ويؤدي العمل على الوجه المطلوب فهو حلال، أقرب ما تكون هذه الجمعيات إلى الاقتراض، وإن وجد من أهل العلم من يمنع هذه الجمعيات، ولم ير لها أصلاً يردها إليه، لكن هي أقرب ما تكون إلى الاقتراض فهي من عقود الإرفاق، وحينئذ إذا كان المال المكتسب بهذه الطريقة، تقرض زميلك هذا الشهر ويقرضك الشهر الثاني من غير ... ، لا أرى ما يمنع من وجود مثل هذه الجمعيات، وإن كان بعض أهل العلم ممن عرف بالتحري والتثبت يمنع من مثل هذا، وأما الأكثر فلا مانع عندهم من ذلك. يقول: هل يدخل فيه شك في حرمته؟ على ما ذكرت، إن كان الإنسان يبي يحتاط هذا الأمر إليه، لكن المنع يحتاج إلى دليل. طالب. . . . . . . . . لا، لا، أقرضك وترد علي قرضي، الأسئلة عن شركة الاتصالات، على كل حال وجد من يفتي بها، لكنهم يعترفون بأن عندهم نسب من الربا ومن العمولة أنها يسيرة فإن كان عندهم نسبة ولو يسيرة من الربا فالاشتراك فيها لا يجوز، ولو كانت يسيرة؛ لأن الإقدام على المحرم حرام، فرق بين أن تقدم على محرم وتعرف أنه محرم ولو كان يسيراً وبين أن يرد إليك المحرم من غير قصد فتتخلص منه، على كل حال أهل العلم بعضهم يفتي بجوازها ولعله لم يطلع أو لم يثبت عندهم أنها تتعامل بشيء من الربا، على كل حال المسألة أفتي بها وانتهت يعني، لكن من يحتاط لدينه ويريد أن يستبرئ لعرضه ودينه لا يشترك في مثل هذه الشركات الكبار كلها؛ لأنها لا تسلم. هل تنصحون بإدخال قناة المجد أم تنصحون بتركها علماً أن البعض ليس لديه تلفزيون في الأصل؟ السلامة لا يعدلها شيء، السلامة لا يعدلها شيء، لكن إن كان الشخص عنده ضغوط لا يستطيع مواجهتها وهو مبتلى بمن يضغط عليه ممن لا يستطيع مقاومته أو يخشى على من تحت يده أن ينحرف أو يذهب يمين أو شمال، وأراد أن يقتصر على هذه القناة متأولاً من باب ارتكاب أخف الضررين فله وجه، لكن يبقى أن السلامة لا يعدلها شيء.

يقول: ما رأيكم بالفيديو في المنزل من أجل أطفال حيث لا يعرض به نساء أو موسيقى إنما أفلام تعليمية وترويحية وأفلام عن الجهاد؟ هذا مثلما تقدم، حكمه حكم ما تقدم؛ لأن التصوير بجميع صوره وأشكاله حرام، وعلى هذا التصوير الشمسي والفيديو والثابت كله داخل تحت التحريم، ويبقى أن الإنسان إذا خشي ضرراً أكبر من ذلك على ولده وعلى أهله فهو يقدر المصلحة؛ ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر بالشرع ومعتمد عند أهل العلم ويبقى أنه لو أكره وأجبر على إدخال، وليس معنى الإجبار أن يؤتى بسيف يقال له لا بد أن تدخل، لا، هذه الضغوط التي لا يستطيع أن يقف أمامها مشكلة بعدين إذا خشي وغلب على ظنه أن الأولاد أو البنات يتفلتون يذهبون إلى أماكن مشبوهة أو إلى جيران يتوسعون في استعمال الآلات، يبقى أنه مع ذلك يقدم الندم والاستغفار ولا يستعمله وهو مرتاح البال، لا، والله المستعان، هناك أمور ابتلي بها الناس وهم في الأصل في غنية عنها، لكن كثير من الناس يرى أنها الآن من ضرورات الحياة، ونعرف أناس لا يعرفون شيء من هذه الأمور وماشية أمورهم، وبعض الناس يسلك طريق الحزم، ويقول: إأنه أهم ما عليه براءة ذمته، بغض النظر عن أولاده وبناته ونسائه، يقول: نسلك طريق الحزم، ما علي من أحد، كون الابن يغلب على الظن أنه يطلع إلى الجيران من غير إذنه، أو المرأة تذهب إلى كذا أو إلى أقارب، هذا لا يعنيه، نقول: على الإنسان أن ينظر ويقدر المصالح والمفاسد. لا شك أن الشرع جاء بجلب المصالح ودرء المفاسد بقدر الإمكان، فإذا كان يخشى على الولد مثلاً، وين فلان؟ والله طلع مع زملائه، أين يجده في استراحة في كذا، في كذا، هذا لا يبرر التوسع، لكن إذا كان الضرر يسير يعني ما في إلا مسألة التصوير المختلف فيه، تصوير الفيديو فالمسألة أرجو أن الأمر في ذلك سهل إن شاء الله، والله المستعان، هذه أمور لا شك أنها عمَّت بها البلوى، لكن لا يعني هذا أن يكون مبرر للتوسع أبداً. الطلاب:. . . . . . . . .

على كل حال إذا، أنا أقول: إذا كان هو السبب نعم كانت المسئولية والتبعة عليه أكبر، فكل ما يرد من ممنوع منوط به ومعلق بذمته، عليه أن يتحرى ويحتاط ويشدد المراقبة والله المستعان، الله المستعان الأمر ثمة عظيم لكن الله يعفو ويسامح، الله يعفو ويسامح، كم باقي على الإقامة؟ طالب. . . . . . . . . يقول: حتى الآن لم أحج حجة الإسلام وأنا رجل أمن، وإذا أتى موعد الحج رابطنا في العمل وبعد ... والله ما أدري؛ الكتابة ما هي بواضحة .. وحتى الآن لم أحج، وهذه السنة بإذن الله عام 1403هـ النية الحج بإذن الله، وأنا خائف من المرض في الحج، هل اشترط وماذا علي لو مرضت؟ إذا خفت من المرض واشترطت لا شيء عليك، إذا مرضت لك على ربك ما استثنيت، على أن تحج من العام القادم، يعني حجة الإسلام تبقى في ذمتك، إذا لم تتمكن من أدائها وعليك المبادرة بالحج، وعليك أن تبذل وسعك وجهدك من أجل أداء هذه الفريضة، ركن من أركان الإسلام، لا يجوز أن يُتذرع بعمل أو بغيره، نعم لو كان هناك ضرورة للأمة متعلقة بك، فقل: نعم النفع المتعدي أولى من القاصر، لكن أمور عامة ويوجد من ينوب عنك، ويوجد من يقوم بالعمل غيرك لا يجوز أن تترك الحج، مهما ترتبت الآثار، كونه يخصم عليك، كونك تفصل من عملك، هذا ركن من أركان الإسلام، من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والمسئولون يتفهمون، إذا قلت لهم أبديت لهم طلبت لهم بقوة أن هذه فريضة وأنك لم تحج تحج، ولو ترتب على ذلك ما ترتب؛ لأنه ركن من أركان الإسلام، والله المستعان، لكن بعض الناس يتساهل، شخص عمره يقرب من الستين عسكري ينتدب إلى مكة من أربعين سنة ولا يحج، يعني مثل هذا ما حاول ولا مرة نسأل الله العافية. طالب:. . . . . . . . . اللباس إذا ألزم به صار مكرهاً ما يصير متعمداً، يأتي في المحظورات إن شاء الله. يقول: الصوت يسمع بعضه ولا يسمع الباقي؟ لعلي إذا بعدت شوية يمكن ينقطع الصوت، ما أدري والله، والله المستعان. يقول: هل الساحات الخارجية داخلة في حكم البيت الحرام؟ حكم البيت يعني، الساحات الخارجية خارج الأسوار، إذا كان المسعى خارج البيت، فما حكم الساحات؟ داخل وإلا خارج؟، خارج ما يرى، إذا كان المسعى خارج البيت فالساحات التي من ورائه من باب أولى. ما تبقى من مادة هذا الشريط تتابعونها على الشريط التالي ...

كتاب الحج (3)

عمدة الأحكام - كتاب الحج (3) باب دخول مكة وغيره - باب التمتع الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير يقول: هل الساحات الخارجية داخلة في حكم البيت الحرام؟ حكم البيت الساحات الخارجية خارج الأسوار، إذا كان المسعى خارج البيت، فما حكم الساحات؟ داخل وإلا خارج، خارج من باب أولى، إذا كان المسعى خارج البيت فالساحات التي من ورائه من باب أولى، وعلى هذا لا يُصلَّى فيها إلا إذا اتصلت الصوف، ولا يجوز الطواف فيها، ولا الاعتكاف، وتمكث فيها الحائض؛ لأنه ليس لها أحكام المسجد، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب دخول مكة والبيت: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: ((اقتلوه)). عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كَداء، من الثنية العليا التي بالبطحاء، وخرج من الثنية السفلى. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت، وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم الباب، فلما فتحوا الباب كنت أول من ولج، فلقيت بلالاً، فسألته: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، بين العمودين اليمانيين. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب دخول مكة وغيره، هكذا الترجمة. طالب: والبيت. كذا عندكم؟ طالب:. . . . . . . . . وغيره هذا و .... الحديث الأول: حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر: وهو شيء يصنع من حديد، يغطي الرأس للوقاية من السيوف والسهام وغيرها.

دخل مكة على هذه الكيفية -عليه الصلاة والسلام- دخلها فاتحاً غازياً، وهذا من أقوى الأدلة على أن مكة فتحت عنوة، وليست صلحاً، وبهذا قال جمع من أهل العلم، وبعضهم يرى أنها فتحت صلحاً بدليل أن دورها لم تقسم على الغانمين، لكن لا يمنع أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- فتحها عنوة، ومنّ بالبيوت على أهلها كما منّ عليهم وقال لهم: ((أنتم الطلقاء)) فلم يأسر أحداً منهم. فلما نزعه -نزع المغفر- وانتهى القتال، جاء رجل فقال: ابن خطل، واسمه عبد الله أسلم ثم ارتد، كان اسمه قبل أن يسلم عبد العزى أسلم ثم ارتد، وهجا النبي -عليه الصلاة والسلام- وجعل جواريه يغنين بهجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- فأهدر النبي -عليه الصلاة والسلام- دمه. متعلق بأستار الكعبة: وهذه عادة عند العرب، الإنسان إذا حزبه أمر تعلق بأستار الكعبة. فقال: ((اقتلوه)): فالكعبة لا تجير مثل هذا الذي أهدر النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل ما فعل بهجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وهجاء دعوته، وقتله إنما كان في الساعة التي أبيح للنبي -عليه الصلاة والسلام- القتال فيها، هذا قول من يقول إن الحدود والقصاص لا يكون بمكة وإنما من استحق القتل بحد أو قصاص يضيق عليه حتى يخرج فيقام عليه الحد، والذي يقول يقتل مستحق القتل بمكة، والنهي عن سفك الدم إذا لم يكن بحق، أما ما كان بحق فإنه لا يدخل في النهي، يقول: يستدل بهذا، يستدل بمثل هذا الحديث. قد يقول قائل: النهي عن سفك الدم بغير حق منهي عنه بمكة وغيرها، إذاً فما الخصوصية التي لهذا المكان المعظم، إذا كنتم تقولون المراد بالنهي عن سفك الدم إذا كان بغير حق، أما إذا كان بحق من قصاص أو ارتكاب ما يوجب القتل فإنه يقتل ويحمل الحديث على ما إذا كان بغير حق. يقول القائل: النهي عن سفك الدم إذا كان بغير حق هذا في كل مكان في مكة وغيرها فما الخصوصية؟ ما هي الخصوصية لمكة، لماذا ينص عن النهي عن سفك الدم بمكة؟ وهو منهي عنه في كل مكان؟ طالب:. . . . . . . . . لحرمة مكة، إذا قلنا بهذا قلنا ينهى عن سفك الدم بغير حق في مكة، لحرمة مكة إذن يجوز في المدينة؟!. طالب:. . . . . . . . .

مشروعية الدخول من أعلى مكة والخروج من أسفلها:

يعني ينص عليه زيادة في تعظيم البيت، فيكون القتل فيه أعظم من القتل في غيرها، وهكذا سائر الذنوب والمعاصي تعظم بمكة، وهذا الأمر جعل بعض الصحابة والتابعين ينتقلون من مكة إلى غيرها، ابن عباس انتقل إلى الطائف، ويذكر عنه أنه لهذا السبب، وتفرق الصحابة والتابعون في الأمصار وتركوا مكة والمدينة مع المضاعفة العظيمة للحسنات لماذا؟ قد يكون الباعث لبعضهم هذا -وهو تعظيم الذنوب- على أن الباعث لأكثرهم نشر الدين، ومعلوم أن النفع المتعدي أفضل من النفع اللازم، وإلا قد يقول قائل: كيف يترك الناس مكة والصلاة بمائة ألف صلاة ويسكن البصرة والكوفة ومصر والشام، وهكذا من جاء بعدهم تفرقوا في الأمصار، والآن أهل العلم في كل مكان لا تجد هذه المضاعفة تنهزهم إلى المجاورة لمكة وترك الأمصار الأخرى، لما هم عليه من نفع متعدي، وهذا أعظم أجراً لمن تأهل لذلك وصلحت نيته. فقال: ((اقتلوه)): حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كداء، -بالفتح والمد- من الثنية العليا التي بالبطحاء، وخرج من الثنية السفلى، بالضم كُداء كقُرى، هناك موضع آخر يقال له كُديّ، كثني. يدخل مكة من أعلاها ويخرج من أسفلها: ولذا يقول الفقهاء: يسن دخول مكة من أعلاها -من كَداء- بالفتح- والخروج من أسفلها -من كُداء- بالضم- ويقولون أيضاً: افتح وادخل، واضمم واخرج، تسهيلاً للضبط؛ لأن الضبطين مشتبهان في الرسم، وأهل العلم يضبطون الكلمات بالشكل والحرف والضد والنظير، وغير ذلك. حرام بن عثمان ضد الحلال، الحكم بن عتيبة بتصغير عتبة الدار، وهكذا لهم طرق في الضبط، وهنا يقولون: افتح وادخل افتح الدخول مناسب للفتح، والمراد بذلك فتح الكاف ما هو بفتح باب، واضمم الكاف من كُداء كقُرى واخرج، يعني عند الخروج. مشروعية الدخول من أعلى مكة والخروج من أسفلها: نأتي إلى هذه المسألة وهي: مشروعية الدخول من أعلى مكة والخروج من أسفلها:

الحديث الثاني:

هل نقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قصد الدخول من هذا الموضع، والخروج من ذلك الموضع، أو نقول: أن هذا طريقه؟، أو هذا الأيسر بالنسبة له؟ فإن كان الأيسر له أن يدخل من الأعلى ويخرج من الأسفل فعل، وإن كان الأيسر العكس فعل، هل هذا العمل متعبد به؟ مما يقتدى به، أو من الأفعال التي حصلت اتفاقاً فلا يتعبد به؟ هل هذا مثل خروج النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى العيد يخرج من طريق ويرجع من طريق آخر فيتعبد به؛ لأنه تكرر؟ أو نقول هذا كونه دخل من أعلاها هذا المناسب لأهل المدينة، وكونه خرج من أسفلها؛ لأن النزول أيسر من الصعود، لا يقول قائل إذا كان الدخول من أعلاها هو المناسب لأهل المدينة لماذا لا يكون الخروج كذلك؟ النزول أيسر من الصعود، وقيل بهذا وهذا. إذا تيسر الدخول من أعلاها والخروج من أسفلها فهو الأولى، لكنه قد لا يتيسر لكل الناس لا سيما في المواسم؛ لأنه قد يقصد الإنسان هذا الموضع ثم يصرف عنه، أو يشق عليه مشقة بالغة إذا جاء من الجهات الجنوبية، كيف يلتوي على مكة إلى أن يصل إلى شمالها ثم يدخل! على كل حال من فعل ذلك مع اليسر متعبداً بذلك فلن يخيب ظنه ولن يعدم الأجر -إن شاء الله تعالى- ومن شق على ذلك فلا مانع ولا حرج -إن شاء الله- في المخالفة في مثل هذا. الحديث الثاني: الحديث الذي يليه، حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وجرت العادة عند المؤلفين من المتأخرين يحرصون على الاختصار فإذا كان الحديث عن راو والذي يليه عن نفس الراوي قالوا: وعنه، كنوا عنه بالضمير، وهنا كرر، ومنهج الحافظ عبد الغني -رحمه الله- تعالى في هذا الكتاب البسط، ولذا تجدون الروايات فيه مبسوطة أكثر من المتون الأخرى، يعني البلوغ شديد الاختصار، لكن هذا فيه شيء من التوسع والبسط، ويمكن الاستغناء ببعضها عن بعض، لكن هذه طريقة المؤلف -رحمه الله-. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت.

والمراد بالبيت الكعبة، المراد بالبيت الكعبة، دخل الكعبة، وأسامة بن زيد، هو وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة، اثنان من الموالي والحاجب عثمان بن طلحة، أعظم مخلوق يدخل أشرف البقاع باثنين من الموالي، ما قال معي أبو بكر وعمر، الله المستعان. دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت، وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة –الحاجب- فأغلقوا عليهم الباب، الناس خارج الباب، خارج البيت ينتظرون ماذا يصنع النبي -عليه الصلاة والسلام- فلما فتحوا الباب كنت أول من ولج -ابن عمر-؛ وذلك لحرصه الشديد على الاتباع والاقتداء والائتساء- كنت أول من ولج، فلقيت بلالا، فسألته: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم. في بعض الروايات -غير الصحيح- فسألت بلالاً: أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: بين العمودين اليمانيين. يعتني ابن عمر بمثل هذه الأسئلة، هل صلى؟ ليقتدي فيصلي مثله، وأين صلى؟ ليتم له الاقتداء بالفعل والمكان؛ كان ابن عمر -رضي الله عنهما- شديد الاقتداء في هذا الباب بتتبع آثار النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا اجتهاد منه، نعم هو لم يوافق عليه، كان -رضي الله عنه- يكفكف دابته لتقع مواطؤها على موطئ دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما ووفق على هذا، يبيت في المكان الذي بات فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو لم يقصد النبي -عليه الصلاة والسلام- المبيت، هذا من شدة تحريه، لكنه لم يوافق على هذا الاجتهاد -رضي الله عنه وأرضاه-. فسألته هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وفيه صحة الصلاة داخل البيت، وإن حمله بعضهم على النافلة دون الفريضة، كمالك وأحمد، ويرى أبو حنيفة والشافعي أن النافلة والفريضة في ذلك على حد سواء، والصلاة لا شك أنها نافلة، واستقبال القبلة -الكعبة البيت- شرط لصحة الصلاة، فمن قال بأن الفريضة لا تصح فيها لا شك أنه احتاط للفريضة، والفريضة ينبغي أن يحتاط لها، والنافلة يتسامح فيها، وإن كان الأصل أن ما صح في النفل صح في الفرض، لكن الاحتياط مطلوب.

النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلى فريضة داخل البيت، وهذا الاحتياط لا يؤدي إلى ترك مأمور ولا إلى فعل محظور، فإذا صلى الفريضة في البيت من أهل العلم من يقول لا تصح صلاته، فالاحتياط ألا تؤدى الفريضة داخل البيت؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- لم يفعل، والفريضة ينبغي أن يحتاط لها، لكن لو أدى الاحتياط إلى ترك مأمور أو فعل محظور، فالاحتياط كما يقول شيخ الإسلام في ترك هذا الاحتياط. البيت مبني على ستة أعمدة، ثلاثة أمام، وثلاثة في الخلف، ترك الأعمدة الثلاثة وراءه، واثنين من الأعمدة الأمامية عن يمينه، وواحد عن شماله، وتأخر عن جدار البيت ثلاثة أذرع، وبهذا يستدل بعضُ العلماء على عدم كراهة الصلاة بين السواري، ترجم عليه البخاري -رحمه الله- تعالى، وجاء النص على كراهة الصلاة بين السواري؛ ولعل العلة في ذلك أنها تقطع الصفوف، ولذا لو كان الإمام بين ساريتين والصف متصل خلفه بدون سواري فلا يظهر منع -إن شاء الله تعالى- منهم من يقول: أنها محل وضع الأحذية والنعال، منهم من يقول: أنها مصلى الجن، وغير ذلك من العلل، المقصود أنها إذا تسببت في قطع الصفوف كرهت الصلاة بينها، وإلا فلا. طالب: بالنسبة لهذا الحديث؟ وين، ترك عمودين عن يمينه والثالث عن يساره، صلى بين السواري عليه الصلاة والسلام. بين العمودين اليمانيين، اليمانيين: تثنية يماني، والياء إيش؟ ياء النسب نسبة إلى اليمن، والنسبة إلى اليمن. ياء كيا الكرسي زيدت للنسب اليمن النسبة إليها يمنيٌّ بتشديد الياء، وهنا لا بد أن تكون الياء مخففة، فلا تقول: اليمانييّن بالتشديد، تقول: اليمانيين، والأصل أن الياء المشددة عن حرفين، اعتيض عن أحدهما بالألف؛ لأن الألف هذه زائدة، واضح وإلا ما هو بواضح؟ طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . الأصل أنها نسبة إلى اليمن جهة، جهة الجنوب جهة اليمن، والنسبة إلى اليمن يمني وياء النسب مشددة، لا كما يقول بعض الناس ابن تيمية، لا، ياء النسب مشددة. ياء كيا الكرسي زيدت للنسب يعني ياء مشددة تزاد للنسب، والياء هنا مخففة اليمانيين؛ لأنه حرف مشدد مكون من حرفين، يقول أهل العلم: اعتيض عن أحد المثلين بالألف فتخفف.

طالب: هل للتعلق بأستار الكعبة فضل؟ حكم التعلق بأستار الكعبة هل له فضل؟ حكم التعلق بأستار الكعبة، بعض الشراح أخذ من مثل هذا الحديث الجواز، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما بين الحكم هنا، ما قال متعلق بأستار الكعبة، والتعلق بأستار الكعبة حكمه كذا، فأخذ منه الجواز، أخذ منه بعض الشراح جواز التعلق بأستار الكعبة؛ لأنه فعل، لا شك أنه فعل والنبي -عليه الصلاة والسلام- على علم من فعله، لكن من فعل أموراً بعضها أعظم من بعض، هل ينكر الأدنى ويترك الأعلى، أو ينكر الجميع في آن واحد، أو يبدئ بالأهم فالأهم؟؟ هذا فعل عظائم، هذا مستحق للقتل، نعم، يعني لو افترضنا أن شخص شرب الخمر وثبت عليه الزنا وهو محصن، نطالبه بحد الخمر أو بالرجم؟ بالرجم، على خلاف بين أهل العلم في الزاني المحصن هل يجلد ثم يرجم، كما في حديث عبادة في الصحيح، أو يكتفي برجمه كما في القصص الخمس التي حصلت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر فيها جلد؟ أصل المسألة: هنا لو وجدت شخص مرتكب لمحرم أو لمحرمات بعضها أعظم من بعض، وليس بالإمكان تعداد هذه المحرمات، هو تارك للصلاة، تارك للصلاة، تذهب إليه تنصحه عن الدخان والإسبال وحلق اللحية؟ وإلا تكتفي الآن بالصلاة ثم بعد ذلك تنظر في الأمور الأخرى؟ طالب: الصلاة. تعالج الأعظم. هو الآن الرجل يسب النبي -عليه الصلاة والسلام- بحاجة إلى إقامة الحد، والتعلق بالأستار كغيره من مظاهر الغلو، مثل هذا مقرر في الشرع، أكثر أهل العلم على المنع، على منع مثل هذا، وإن لم ينقل عنه -عليه الصلاة والسلام- الإنكار على ابن خطل؛ لأنه كافر وليس بعد الكفر ذنب، فعل صدر من كافر وليس بعد الكفر ذنب أما المسألة فهي مقررة في النهي عن الغلو وتقديس المواضع، والمشاهد وغيرها، هذا كله ممنوع في الشرع. يأتي من يقول الملتزم، الملتزم، حكم الالتزام بين الركن والبيت، لم يرد في حديث صحيح مرفوع، وهو ثابت عن ابن عباس، ويروى عن ابن عمر أيضاً، هذا دليل خاص، دليل خاص، ولا يسري على بقية جهات الكعبة. أيش، أيش؟ طالب. . . . . . . . . وأيش فائدة. . . . . . . . .

إيه، لكن عموم التعلق يعني، وجد أصل، له أصل من يتعلق بأستار الكعبة متبركاً يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى ابن خطل ولم ينكر عليه، رأى ابن خطل متعلقاً بأستار الكعبة، هناك قصص وحوادث وجدت بعد التابعين كثيرة، في التعلق بأستار الكعبة، كان هذا مستفيض عند كثير من الناس، لكن يبقى أن هذه وسيلة إلى أمر محظور وهو الغلو والوسائل لها أحكام المقاصد. يقول: هذا سؤال: ما رأيكم بمن يقول: أن القائم على معصية لا يسلَّم عليه أثناء مزاولته للمعصية، سواءً كان في الشارع أو في الأماكن العامة؟ أثناء مزاولته للمعصية، يعني مررت بشخص يدخن تقول له: السلام عليكم؟ على كل حال ترك السلام هجر، والهجر علاج، إن كان ينفع فيه هذا الهجر، لماذا ترك السلام عليّ؟! يتساءل، إن كان يجدي فيه مثل هذا يُترك؛ لأنه علاج إن كان ترك السلام عليه يزيده إصراراً وعناداً، وقد يحصل منه ما هو أعظم من ذلك يسلم عليه؛ لأنه مسلم وله من الحقوق ما للمسلمين. طالب. . . . . . . . . ينكر الكفر أولاً، كون الكفار مخاطبين بفروع الشريعة -في قول جمهور أهل العلم- لا يعني أنهم يطالبون بها قبل أن يسلموا، فالكافر مطالب بالصلاة مطالب بالزكاة، مطالب بالصيام، لكنه لا يصح منه فعل شيء منها قبل إسلامه، لا بد أن يسلم ثم يطالب. طالب. . . . . . . . . من سب الله ورسوله وكتابه، يقال عند أهل العلم أنه لا يستتاب؛ يقتل، يعني لا تقبل توبته في الظاهر، في الظاهر، إن تمت توافرت شروطها وصدق فيها تنفعه عند الله -عز وجل- يُديَّن بها، أما في الظاهر لا تقبل توبته، والله المستعان، الله المستعان. فيما يتعلق بالتعلق بأستار الكعبة يذكرون حديث المسلسل بالإجابة في فضل الدعاء حال التعلق بأستار الكعبة ما أدري عن صحة الحديث؟ هو مصحح؟ أنا أسأل عنه؟ المسلسل بالإجابة؟ لا أعرفه، لا أعرفه، أنا لا أعرفه، الآن لا يحضرني. اقرأ الحديث الذي يليه؟ باب الطواف وآدابه: عن عمر -رضي الله عنه- أنه جاء إلى الحجر الأسود، وقبله، وقال: "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك".

هذا عمر ثاني الخلفاء الراشدين المُحَدَّث الملهم، ماذا يقول؟ أمام جمع غفير من الطائفين، قبَّل الحجر اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بين لمن حضر أنه حجر كغيره من الأحجار لا يضر ولا ينفع، فالنافع الضار هو الله -عز وجل-. هذا الحجر إنما يقبّل اتباعاً تعبداً، لا لأنه ينفع أو يضر، ولذا قال عمر -رضي الله عنه-: "إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع" قال ذلك مبيناً لهذه الجموع الغفيرة التي شهدت وحضرت طواف عمر -رضي الله عنه- وسمعت هذا الكلام؛ لأن حب البدع والتعلق بالأحجار والأشجار أسرع ما تكون إلى القلوب، فلولا وجود مثل هذا النص عن عمر -رضي الله عنه- لادعى كثير من الناس أن الحجر يضر وينفع، هذه المقالة جعلت كثير من الناس إلى الآن تقبل الحجر وهي تعتقد أنه لا يضر ولا ينفع، لكن ماذا عن المقام، والناس يقبلونه ويسجدون عليه ويتمسحون به، وأنا بنفسي قلت لامرأة: لا يضر ولا ينفع، شبك حديد لا يضر ولا ينفع، ماذا قالت؟ قالت: عندكم لا يضر ولا ينفع، لكن عندنا يضر وينفع، بالحرف يعني بهذا الكلام، لم أزد عليها كلمة، تقول: عندكم لا يضر ولا ينفع، وعندنا يضر وينفع، والله المستعان، فهذه من مناقب عمر -رضي الله عنه- أن يبين لأمثال هؤلاء، وأثر عنه إلى يومنا هذا، هذا الكلام الذي نفع الله به. "ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك": يذعن ويقتدي ويعرف أنه لا يضر ولا ينفع، لكن يتعبد بتقبيله بالاتباع، باتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- يشرع تقبيله -تقبيل الحجر- وهو يمين الله في الأرض، فيشرع تقبيله إن تيسر، في بداية الطواف، إن لم يتيسر مسحه بيده أو بمحجن، على ما سيأتي، أو اكتفى بالإشارة إن لم يتيسر وسيأتي هذا إن شاء الله. طالب: البركة في الآية: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [(96) سورة آل عمران]؟ نعم، من بركة هذا البيت مضاعفة الحسنات، مضاعف بالحسنات؛ بقربه وتعظيم البلد الذي يحيط به، الأمن الذي يعيشه من يسكنه وغير ذلك، نعم. طالب:. . . . . . . . .

لا، لا هو في زمن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان لاحق لما قبله، لاصق بالبيت، اجترفه السيل في عهد عمر -رضي الله عنه- وأبعده عن البيت، والخلاف بين أهل العلم في جواز إبعاده وعدمه، مسألة خلافية بين أهل العلم، وألف فيها رسائل، فيها رسائل، تعرفون المعلمي –رحمه الله- ألف رسالة في الباب، وردَّ عليه الشيخ سليمان بن حمدان -رحمه الله- في رسالة أسماها: (نقض المباني من فتوى اليماني) ثم رد الشيخ محمد بن إبراهيم على الشيخ سليمان، له ردود علمية مفيدة نافعة في الباب. على كل حال المقام هل المقصود به موضعه أو نفس الحجر؟ لأن الصيغة –مقام- تطلق ويراد بها مكان القيام، كما أنها تطلق أيضاً ويراد بها الشيء الذي حصل عليه القيام مثل الحجر، يترتب على هذا أننا إذا قلنا المراد المكان أننا نصلي في مكان المقام الأول، ولو رؤيا المصلحة بإبعادة وأدخل في الأروقة، لكن إذا قلنا المراد بالمقام {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة] الحجر نفسه نتبع الحجر في أي مكان كان، يأتي هذا إن شاء الله الكلام عليه على الصلاة عنده إن شاء الله تعالى. عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة، فقال المشركون: "إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب"، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم. الذي يليه: وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود -أول ما يطوف- يخب ثلاثة أشواط". وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن" والمحجن: عصا محنية الرأس. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لم أر النبي -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين".

حديث بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة –أي في عمرة القضاء- فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا الأشواط الثلاثة: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة، كما قلنا هذا في عمرة القضاء في صلح الحديبية، من شروط الصلح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يمكن هو وأصحابه من العمرة في العام القادم، واعتمر -عليه الصلاة والسلام- عمرة سميت عمرة القضاء، فلما قدم -عليه الصلاة والسلام- مكة هو وأصحابه، قال المشركون هذه المقالة. إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم: أضعفتهم حمى يثرب، ويثرب هي اسم من أسماء المدينة كان تعرف به قبل الهجرة، وهؤلاء المشركون لا يعلمون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد دعا بنقل الحمى إلى الجحفة، فلما قال المشركون هذه المقالة أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة الأول، والرمل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وهو الخبب على من سيأتي. المشركون قالوا هذا الكلام وهم جلوس بإزاء الحجر بحيث يرون الطائف من الجهات الثلاث دون الجهة الرابعة التي بين الركنين. "أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين": لأن المشركين لا يرونهم، ومشروعية الرمل بسبب هذه المقالة؛ إغاظة للمشركين، حتى قال قائلهم: ما هم إلا كالغزلان، فهذا الرمل -الإسراع في المشي- أغاظ المشركين بلا شك، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يمشوا بين الركنين؛ ليستريحوا كما أنه لم يأمرهم بالرمل في الأشواط السبعة كلها إبقاء عليهم، رأفة بهم، وشفقة عليهم -عليه الصلاة والسلام-. الرمل سنة شرع لعلة، وهي مقالة المشركين، لكن العلة ارتفعت، العلة ارتفعت، ما في أحد بعد ذلك الوقت يقول أن المسلمين يأتون وقد وهنهم كذا أو أضعفهم كذا، فالعلة ارتفعت، وهنا هل بقي الحكم بعد ارتفاع العلة أو ارتفع؟

بقي الحكم بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمل في حجة الوداع، هذا من الأحكام التي شرعت لعلة، ارتفعت العلة وبقي الحكم، نظيره القصر، أو اشتراط الخوف لقصر الصلاة، {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] بهذا الشرط، يعني هل قصر الصلاة مربوط بالخوف؟ أو شرع لهذه العلة وارتفعت العلة، أرتفع الخوف؟ ثم صار القصر صدقة تصدق الله بها على عباده. فمن الأحكام ما يشرع لعلة تستمر العلة وهذا هو الكثير الغالب ويكون الحكم مرتبط بعلته إذا كانت العلة منصوصة يدور معها وجوداً وعدماً، أما إذا لم تكن منصوصة مستنبطة فلا أثر لها، هنا بقي الحكم وارتفعت العلة ونظيره مثل ما ذكرنا: القصر بالنسبة للخوف. يمشوا بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم. في الحديث الذي يليه حديث ابن عمر: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود - أول ما يطوف - يخب ثلاثة أشواط". والخبب: هو الإسراع في المشي كالرمل من الركن إلى الركن وهذا في حجة الوداع، من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود، بحيث يستوعب الرمل جميع الطواف، وفي عمرة القضاء من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، وبين الركنين يمشي، والمشروع الآن استيعاب الشوط كله وإلا المشي بين الركنين؟ نعم؛ لأن حجة الوداع متأخرة، والعمل إنما هو بالآخر من أفعاله -عليه الصلاة والسلام-. لو قال قائل: أنه ترك الرمل بين الركنين في طواف عمرة، واستوعب الرمل في جميع المطاف في طواف حج، فنستوعب في الحج دون العمرة، له وجه وإلا ليس له وجه؟ ننزل هذا على حاله وذاك على حالة أخرى؛ لأن القول الأول يقتضي، أو يستلزم نسخ الحديث السابق، والعمل بالحديثين إذا أمكن أولى من القول بالنسخ، نعم؟ طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . طيب، لا، لا هو مستمر، هو مستمر يعني الكلام .... هل نقول أن الرمل في العمرة وفي الحج نعم يستوعب المطاف كله؟ طالب. . . . . . . . . صحيح، طيب. طالب. . . . . . . . . أنت كأنك تستبعد القول الثاني. طالب. . . . . . . . . استدلال واحد.

أنا أنظر لك من مسألة أخرى يقول بها أهل العلم ويفرقون أيضاً: الآن السعي في المسعى بين العلمين -السعي الشديد- مشروع وإلا ما هو مشروع؟ للرجال والنساء، وإلا للرجال فقط؟ نعم. طالب: للرجال. للرجال فقط، سببه وعلته؟ سعي امرأة ما هو سعي رجل؟ طالب:. . . . . . . . . نعم سعي امرأة لماذا لا نقول النساء لا تسعى. طالب:. . . . . . . . . مثل كلامك، ترى نظير لما أوردت الآن، نعم. طالب:. . . . . . . . . هو لا شك أنه متأخر، وعامة أهل العلم عليه أنه يشرع استيعاب المطاف كله بالرمل، لكن لو قال قائل: هذه عمرة وهذا حج وفعل في العمرة ما لم يفعله في الحج، له وجه وإلا ما له وجه؟ طالب:. . . . . . . . . الآن تنظير مطابق وإلا ما هو مطابق؟ أنت تقول أننا استدللنا على استمرار الرمل من فعله في حجة الوداع، وفعله في حجة الوداع استوعب المطاف كله لماذا نقول، نستدل على الاستمرار بهذا ولا نستدل به على الاستيعاب، مثلما ذكرت لك أنا. طالب:. . . . . . . . . لا شك أن العمل هو بالآخر من فعله -عليه الصلاة والسلام- وآخر فعله مثل ما ذكر الأخ، أن استيعاب المطاف بالرمل فعل للأمرين وزيادة، فعل للأمر بكامله الأمر الثاني، والأول وزيادة، فهذا أولى بلا شك. رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يقدم مكة، حين يقدم مكة، إذا استلم الركن الأسود -أول ما يطوف- يخب ثلاثة أشواط". حين يقدم مكة: بهذا أخذ العلماء أن الرمل خاص بطواف القدوم، أول طواف يطوفه الإنسان إذا قدم مكة، يرمل فيه وما عداه يمشي. في أوقات الزحام قد لا يتمكن من الرمل يكون زحام شديد في الثلاثة الأشواط الأولى ثم تنفرج ويحصل فرصة للرمل، لا يستطيع أن يرمل في الأشواط الثلاثة ثم يتمكن من الرمل بعد ذلك يقضي وإلا فات؟ نعم. سنة، سنة فات محلها لا تقضى؛ لأن من وصف الأربعة الأشواط المشي لا الرمل. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن".

طواف النبي -عليه الصلاة والسلام- على الدابة يستدل به من يقول بطهارة أبوال الدواب مما يؤكل، وهذا كالصريح، وأصرح منه حديث العرنيين؛ لأنها لا تؤمن أن تبول، طاف على بعير، وجاء في سنن أبي داود ما يدل على أنه كان شاكياً -عليه الصلاة والسلام- أما رواية الصحيح ما فيها ما يدل على ذلك، ويعللون بأن الناس كثروا على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليروا شخصه -عليه الصلاة والسلام- ويروا كيف يفعل في هذا المكان المبارك، فمع كثرة الزحام يحتاج إلى أن يركب. فالرواية التي ليس فيها إشارة -وهي رواية الصحيح- إلى أنه كان شاكياً، يستدل بها من يقول بجواز الركوب في الطواف، ومثله السعي من باب أولى. والذي يعمل بالرواية التي فيها الإشارة إلى ما كان شاكياً وهي في السنن يقول: الأصل في الطواف المشي، نعم، إن احتاج إلى الركوب لكونه محتاجاً إليه فلا بأس، فما حكم طواف من ركب من غير حاجة؟ ركب دابته من غير حاجة؟ طوافه صحيح وإلا ليس بصحيح؟ طالب. . . . . . . . . صحيح مع الكراهة، من غير حاجة نعم. طالب. . . . . . . . . نعم. طالب: أم سلمة أيضاً؟ شاكية. طالب: شاكية؟ شاكية، نعم. أقول الرواية التي في الصحيح ليس فيها إشارة، إلى أنه كان شاكياً، ولذا يرى كثير من أهل العلم صحة الطواف، طواف الراكب من غير حاجة، نعم، طالب:. . . . . . . . . بوجود الخلاف يقولون بالكراهة، ومنهم من يمنع إلا إذا كان لحاجة، أدنى الحاجة أن يكون هذا الشخص مما يحتاج إليه، ليُرى شخصه وُيسأل ويتميز، كحال النبي -عليه الصلاة والسلام- وإلا فالأصل أن الطواف على الأقدام. يستلم الركن بمحجن: وجاء أنه يقبل ما يستلم به الحجر، إن تمكن من تقبيل الحجر -وهو الأصل- إن لم يتمكن استلمه بيده فقبل يده، أو استلمه بمحجن وهو: عصا معطوف الرأس ثم قبل ذلك المحجن. يقبل الحجر ويستلمه في كل شوط، ويكبر إذا حاذاه إن تمكن من تقبيله أو استلامه وإلا بالمجن أو أشار إليه وكبر، كلما حاذى الحجر كبر. كم يكبر مرة في الأسبوع سبع وإلا ثمان؟ كل ما حاذى كبر، يحاذي ثمان إذن يكبر ثمان. طالب. . . . . . . . .

وهو ماشي لا بأس يكبر، كلما حاذى كبر، في المسند من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة" إذن كم يكبر؟ ثمان. من أهل العلم من يرى أنه لافتتاح الطواف فلا يكبر ثامنة، لكن مع مثل هذه النصوص كلما حاذى الحجر كبر، ومثله حديث جابر: الفاتحة والخاتمة. إذن يكبر في البداية والنهاية الذي هي الفاتحة والخاتمة كما قال جابر -رضي الله عنه- والحديث قال ابن حجر إسناده حسن، ومعروف أن في إسناده ابن لهيعة لكن قابل للتحسين. طالب: التكبير. . . . . . . . . إذا حاذى. إذا حاذى، الخط محاذي. طالب: لو كبر قبله؟ إن كبر قبله بيسير أو بعده بيسير محاذاة، لأن ضابط المحاذاة أن ترى الركنين الذي قبله والذي بعده، هذه محاذاته. الخط الموجود للمحاذاة الموضوع لمحاذاة الحجر لا شك أنه يحقق مصلحة كبرى، يحقق مصلحة عظيمة، ولا شك أنه يترتب عليه بعض الآثار والمفاسد، ولو لم يكن من هذه المفاسد إلا أنه محدث، إضافة إلى أنه يورث ويوجد زحام يتصرف بعض الناس معه أو به تصرفات غير مشروعة، منهم من يقصد السجود عليه وهذا كثير، نعم. طالب:. . . . . . . . . نعم، لكنه لا شك أنه يحقق مصلحة، لا شك أنه يحقق مصلحة كما تحققه هذه الخطوط، نعم في المساجد. ما يفهمون أخونا اللي يجي من يسأل وهو في طواف الحج ركن الحج الأعظم بدأت بالطواف من ركن إسماعيل، ها وين ركن إسماعيل؟، يسأل بهذا اللفظ، لكن إذا عرفوا أن هناك بداية محددة ومعروفة عند الناس، من أين أكبر؟ من عند الخط، خلاص هو يحقق مصلحة بلا شك، ومن أشار به نظر إلى هذه المصلحة، وهناك من يطالب بإزالته وله وجه. نأخذ الحديث؟ طالب: أحسن الله إليك، الخط أقول، الخط هذا يعني قد يقال أنه يشبه مثلاً المحاريب أو كذا في التعريم؟

يشبه المحاريب يشبه الخطوط الذي في المساجد هنا، القاعدة عند أهل العلم أنه إذا كانت الحاجة داعية في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما تدعو إليه هذه الحاجة أنه بدعة، ويمثلون أيضاً بالخطوط في المساجد التي تضبط الصفوف، لكن هل الحاجة الداعية الآن مساوية للحاجة الداعية في عصره عليه الصلاة والسلام؟ طالب: لا أكثر. أكثر بكثير، فلا بد من تطبيق هذه القاعدة من استواء الحاجة، لا بد من استواء الحاجة، الحاجة الموجودة في عصره -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة للحاجة القائمة فلا حاجة. الحديث الأخير حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لم أرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين". الركن الذي فيه الحجر والذي قبله المحاذي لجهة اليمن، وكونهما يمانيين هذا من باب التغليب، وإلا الركن اليماني معروف قبل الركن الذي فيه الحجر، وأما الركنان الشاميان المقابلان -نقول الشاميَّان أو الشاميَان؟ التشديد لماذا؟ لأن الأل أصلية، الأل أصلية في الكلمة. لا يستلم في البيت غير الركنين اليمانيين؛ لأنهما هما الباقيان على قواعد إبراهيم، أما الجهة الأخرى المقابلة لهذين الركنين فقصرت النفقة بالنسبة لقريش، فقصروا في عمارة البيت دون قواعد إبراهيم، ولذا غالب الحجر من البيت. عاد ابن الزبير -رضي الله تعالى عنهما- بناء البيت على ما تمناه النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم هدم وأعيد على البناية بناء قريش، ثم استفتي مالك هل يعاد على قواعد إبراهيم أو يترك؟ قال: يترك لئلا يكون ملعبة للملوك، من جاء هدم، ومن جاء فعل، ومن جاء زاد، من جاء نقص، تذهب هيبة البيت بهذه الطريقة، هيبة البيت تذهب بهذه الطريقة، والله المستعان، وهذا هو السبب في كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يستلم من البيت إلا الركنين المذكورين. طالب:. . . . . . . . . نعم أعاده ابن الزبير على قواعد إبراهيم، استوعب أغلب الحجر على قواعد إبراهيم، وجعله بابين، باب يدخل معه وجعله نازل، باب نازل ملاصق بالأرض يسهل الدخول والخروج، ثم بعد ذلك أعيد على صنيع قريش. طالب. . . . . . . . . النافلة، النافلة مثل الصلاة داخل البيت.

طالب. . . . . . . . . من وقف على هذا النص قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يستلم إلا هذين الركنين فهذه مسألة افتراضية، يعني إعادة بنايته افتراضية، له ذلك، ومن نظر إلى العلة في كونه -عليه الصلاة والسلام- استلم الركنين؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، وقال هذه أيضاً على قواعد إبراهيم له ذلك، وجاء عن بعض الصحابة معاوية وغيره أنهم يستلمون الأركان الأخرى ويقولون أيضاً: ليس من البيت شيءٌ مهجور، على كل حال هذا فعله -عليه الصلاة والسلام- وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع. يقول: إذا كان تارك الصلاة كافراً ولا يصلى عليه كما هو معروف عند كثير من أهل العلم، فكيف نجمع بين هذا وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بالصلاة على النجاشي مع العلم أنه لم يصلي قط؟ أولاً: من يثبت أنه لم يصلي قط؟ الأمر الثاني: من يثبت أنه بلغته الصلاة على الكيفية المأمور بها، يعني شخص بعيد لم يبلغه من الدعوة إلا الشيء القليل وآمن وأوى المؤمنين وكان ردءاً للمسلمين يصلي عليه -عليه الصلاة والسلام-. نعى النجاشي -عليه الصلاة والسلام- وضرب لهم موعداً يصلون عليه، فخرجوا وصلوا عليه، كبر -عليه الصلاة والسلام- أربعاً وهو غائب، وهو أصل في مشروعية الصلاة على الغائب عند جمع من أهل العلم، والخلاف في المسألة معروف. يعني لو أسلم شخص وما بلغته الصلاة، بلغه حكمها لكن لم يبلغه كيفيتها، ولم يتمكن من فعلها على الكيفية المطلوبة، يصلى عليه، لا يضيره ذلك -إن شاء الله تعالى- المسلم لو أسلم ثم مات فجأة يصلى عليه ولو لم يصلِّ قط. يقول: هل يجوز تأخير المقام عن مكانه؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- رسالة مطولة في هذه المسألة. يقول: قال أحد السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له؟

هذه أثرت عن أكثر من شخص، والعلم الشرعي عبادة، العلم الشرعي المتلقى من الكتاب والسنة عبادة محضة، لا يجوز فيه التشريك، ولا يجوز الدخول فيه بغير نية خالصة صالحة، لكن حال كثير من طلاب العلم اليوم يجاهدون، بل كثير منهم يصرح بأنه عجز عن أن يخلص في طلب العلم هل يترك؟ نقول: لا، لا تترك، جاهد، وإذا علم الله منك صدق النية أعانك، ووفقك؛ لأن الترك ليس بحل، ليس بحل الترك إطلاقاً، اطلب العلم وجاهد نفسك وحاول أن تخلص لله -عز وجل- ثم بعد ذلك يأبى إلا أن يكون لله، أما أن تقدم على طلب العلم لغير الله بهذه النية، ولا تجاهد نفسك، ولا تسعى تقول تبي تزيل النية ما هو بصحيح، ما هو بصحيح، بل من يطلب العلم لغير الله ليقال عالم أو ليتكسب به، هذا أمر عظيم، الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار: رجل طلب العلم تعلم وعلم إنما طلبه ليقال عالم، يتصدر المجالس هذا، نسأل الله العافية على خطر عظيم. يقول في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كداء وخرج من الثنية السفلى، ألا يفيد الحديث أن دخول مكة يكون من طريق، والخروج منها من طريق آخر؟ نقول: نعم، هذا قررناه سابقاً، لكن هل يتعبد بذلك؟ أو نقول هذا حصل اتفاقاً من النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه أيسر له؟ العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من يقول أن ذلك حصل اتفاق من غير قصد، طريقه على الثنية العليا فدخل منها، خروجه من الثنية السفلى أسهل له، وعلى كل حال من فعل ذلك متعبداً به لم يعدم الأجر -إن شاء الله تعالى-. هل يجوز للمرء أن يحج من مال ولي الأمر؟ وإذا لم يتيسر له ذلك وليس عنده مال فما الحكم؟ كيف من مال ولي الأمر؟ يعني من بيت المال؟ طالب: الدولة. يعني الدولة تأذن بأن يحج معها؟ نعم، إذا كان من أذن له يملك الإذن فلا مانع؛ لأن الحج إذا تبرع به أحد، الأصل أنه لا يلزم مع المنة، لكن لو قال زيد من الناس: أنا أريد عشرة أن يحجوا معي ممن لم يؤدي الفريضة وليكونوا من المحتاجين، وحجوا تسقط عنه حجة الإسلام، ومثله إذا كان من بيت المال بل أولى إذا كان من أذن له يملك الإذن، إذا كان يملك.

طالب: للتحقيق والإيضاح الهدي ذكر الشيخ -رحمه الله- أنه لا ينبغي أخذ الهدي من الحكومة أو شيء من هذا؟ على كل حال إذا كان يملك، يعني إذا قال ولي الأمر: من بيت المال يحج عدد كذا، حجوا وإيش المانع، ما في ما يمنع إطلاقاً. يقول: كيف نرد على من استدل بفعل ابن عمر في زيادته في التلبية على مشروعية الزيادة وإنكار استحسانها؟ أولاً: التلبية الذي زادها ابن عمر وغيره من الصحابة كانت بمحضر منه -عليه الصلاة والسلام- وإقرار، فاكتسبت المشروعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا فالزيادة على العبادات المقدرة شرعاً بدعة، ولا يستدل على هذا بمثل زيادة ابن عمر في التلبية؛ لأنها إنما اكتسبت المشروعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-. ويقول: أيضاً من يستدل بذلك على أن البدع نوعان بدعة حسنة كفعل ابن عمر، وبدعة سيئة؟ من يرى تقسيم البدعة لا يستدل بمثل هذا؛ لأن هذا بحضور النبي -عليه الصلاة والسلام- وإقراره فله أصل شرعي، معه دليل شرعي. من يقسم البدع يستدل بقول ابن عمر في صلاة التراويح: "نعمت البدعة" نعم من أهل العلم من قسم البدع إلى بدع حسنة وبدع قبيحة، ومنهم من قسمها إلى الأقسام الخمسة: بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع محرمة، وبدع مكروهة، وبدع مباحة، ومثلوا على ذلك بأمثلة. من يقسم البدع عمدتهم في ذلك قول عمر -رضي الله عنه- في صحيح البخاري في التراويح: "نعمت البدعة" نعم مدح وإلا ذم؟ مدح، إذن مدح البدعة، فمن البدع ما يمدح، أخذاً من قول عمر -رضي الله عنه-، يعني من البدع ما يمدح، فهل من البدع ما يمدح مع قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وكل بدعة ضلالة))؟ فهل نقول في البدع ما يمدح مع قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وكل بدعة ضلالة))؟ نعم. طالب: هذا يدل على أن البدعة التي يقصدها عمر ليست البدع التي يقصدها النبي -صلى الله عليه وسلم-. بلا شك، ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في اقتضاء الصراط -ويقول بقوله جمع غفير من أهل العلم من شيوخنا وغيرهم- يقول: إن المراد بالبدعة في قول عمر البدعة اللغوية، وليست البدعة الشرعية. ما البدعة في اللغة؟ مناسب أن نتوسع في هذا وإلا .. ؟

ما البدعة في اللغة: البدعة في اللغة ما عمل على غير مثال سابق، ما عمل على غير مثال سابق، يعني المحدث. والبدعة في الشرع: ما تعبد به مما لم يسبق له مشروعية من كتاب أو سنة. نأتي إلى صلاة التراويح هل هي بالفعل بدعة لغوية، كما يقول شيخ الإسلام عملت على غير مثال سابق؟ أو لها مثال سبق من فعله عليه الصلاة والسلام؟ طالب: لها مثال. لها مثال سبق، إذن ليست بدعة لغوية، وهل هي بدعة شرعية؟ ليست ببدعة شرعية؛ لأنها لها أصل مشروعية من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتركه -عليه الصلاة والسلام- لها لا عدولاً عنها، ولا نسخاًِ لها، إنما خشية أن تفرض، إذا كانت التراويح ليست ببدعة لغوية وليست ببدعة شرعية، يقول الشاطبي: مجاز، ماذا يقول: من ينفي المجاز؟ طالب:. . . . . . . . . هذا الجواب صحيح لكن، لا، لا ما هي ببدعة لغوية، ولا شرعية من باب أولى، هناك أسلوب في البديع -في علم البديع- أسلوب يقال له المشاكلة، المشاكلة والمجانسة في التعبير: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى]. السيئة الأولى جناية، جزاؤها معاقبة الجاني، فهل معاقبة الجاني سيئة؟ ليست بسيئة، إذن مشاكلة -مجانسة في التعبير- قالوا اقترح شيئاً –هذا مثال يمثل به أيضاً أهل البديع: قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت اطبخوا لي جبة وقميصا القميص والجبة تطبخ وإلا .. ؟ طالب: تنسج. إذن مجانسة مشاكلة. نأتي إلى قول عمر: نعمت البدعة، هل قيل لعمر بالفعل هذه بدعة فقال: نعمت البدعة، فنقول مشاكلة، أو عمر -رضي الله عنه- توقع قول من يقول ابتدعت يا عمر، فقال: نعمت البدعة؟ عمر -رضي الله عنه- توقع من يقول له ابتدعت، فقال: نعمت البدعة، وهم يقولون في المشاكلة: الموافقة في اللفظ حقيقة أو تقديراً، يعني سواء وجد اللفظ المجانس أو قدر، كما قلنا في فعل عمر، كأن قائلاً قال: ابتدعت يا عمر، فقال: نعمت البدعة. نأخذ سؤالاً وإلا؟ نعم. طالب. . . . . . . . . تقصد نفس الباب كله، في كتب البديع، المشاكلة موجودة في كتب البديع، والبديع فرع من فروع علم البلاغة، طالب:. . . . . . . . . تقصد ربطه بكلام عمر ما يوجد، لا تبحث عنه. طالب. . . . . . . . .

ما ننازع في مشروعية التراويح، نحن لا ننازع في مشروعية التراويح، الكلام في قول عمر -رضي الله عنه-: نعمت البدعة، الذي يتمسك به جل المبتدعة يبتدع يحدث في الدين فيقول: نعمت البدعة، والبدع منها ما يمدح ومنها ما يذم. يقول: هل يعتبر جري الأطفال الصغار وراء حمام الحرم وملاحقتها من باب اللعب من تنفير صيد الحرم، وهل يأثم وليه إذا كان يرى ذلك ويسكت؟ كل من رأى من ينفر يمنعه؛ لأنه لا ينفر، ((ولا ينفر صيده)) من قبل أي أحد كائن من كان، وعمد الصبي كخطأ المكلف، خطأ المكلف تترتب عليه عقوبات، ولذا لو قتله صبي، يلزمه الجزاء، يلزمه الجزاء، من باب ربط الأسباب بالمسببات، وليس من باب التكليف، على هذا يمنع. يقول: زوجته تريد الحج ولديها مال وهو لا يستطيع أن يحج، وقد حج عن نفسه سابقاً، يقول: فهل يصح أن أحج عن شخص بمقابل حتى أكون محرماً لزوجتي؟ يحج نيابة عن شخص آخر بمقابل، فيستفيد من وجوه: أولاً يتمكن من الحج، ويسعى في إبراء ذمة هذا الشخص المحجوج عنه، وتتمكن زوجته من الحج مع محرمها، لكنه مع ذلك لا يلزمه أن يحج معها، المحرم لا شك أنه شرط، لكن هل يلزم الزوج أو ولي المرأة أبوها أو أخوها أن يحج بها؟ إن وجد المحرم -إن وجد من يتبرع- لزمها الحج وإلا فالمحرم شرط. على كل حال إن أخذ حجة بمقابل عن غيره وحصل على هذه المصالح كلها فلا شك أنه فعل خيراً عظيماً لمن حج عنه، على ألا يشترط مبلغ معين أو يزيد على قدر نفقته وحاجته، أما إذا حج ليأخذ فحكمه معروف عند أهل العلم، الخلاف من أخذ ليحج. يقول: أخي مصاب بمرض التدخين، وأنا دائماً أنصحه وهو لا يرتدع، وذات مرة أتاني وطلب مني مالاً ليشتري دخان فأشفقت عليه وأعطيته، والسؤال هو: هل علي إثم؟ وماذا يجب عليَّ تجاه أخي؟

أولاً يجب عليك أن تستمر بنصحه، الأمر الثاني: أن مسألة إعانته على هذه المعصية لا شك أنها من التعاون على الإثم والعدوان، إذا قال لك، طلب منك مالاً ليشتري به هذا الدخان المحرم لا يجوز لك أن تمكنه من ذلك، لكن لو خدعك أراد أن يشتري شيء مباح، طلب منك أن يشتري شيئاً للمدرسة، قال والله المدرسة طالبين هندسة، قلت: خذ هذه عشرة، راح اشترى دخان، نعم، يكون حكمه حكم من تصدق على غني وهو لا يعرف، أو من تصدق على بغي، ومن تصدق على سارق، والنص في ذلك ظاهر، لكن ينبغي أن يحتاط في مثل هذا لا يتساهل فيه. يقول: ما أقوال العلماء بالنسبة لتغطية المرأة المحرمة لوجهها أمام الرجال الأجانب؟ الوجه عورة بلا شك فيلزمها التغطية، يلزمها أن تغطي وجهها إذا مرت بالرجال الأجانب أو مروا بها، وحديث عائشة صريح في هذا. يقول: هل الحج واجب على الفور أم على التراخي؟ الخلاف معروف، لكن المرجح عند أهل التحقيق أنه على الفور، ومرد ذلك الخلاف في وقت مشروعيته، هل شرع سنة ست، أو سنة تسع؟ الذي رجحه جمع من أهل التحقيق أنه فرض سنة تسع، وآية آل عمران كصدرها إنما نزل عام الوفود سنة تسع، ومن قال سنة ست قال على التراخي. قد يقول قائل: حتى لو فرض سنة تسع لماذا لم يحج النبي -عليه الصلاة والسلام- سنة تسع، وأخر الحج إلى سنة عشر، ألا يدل ذلك على أنه للتراخي؟ حتى على القول بأنه فرض سنة تسع، لماذا أمر أبا بكر أن يحج بالناس، ولم يحج إلا سنة عشر؟ لئلا .. نعم طالب. . . . . . . . . نعم فيه المشركون وفيه العراة، فأرسل أبا بكر وأتبعه بعلي -رضي الله عنه- كالمقدمة لحجته -عليه الصلاة والسلام- هذا من جهة، الأمر الثاني، أن حجة أبي بكر على طريقة العرب في النسيء، إنما كانت في شهر القعدة، وحجته -عليه الصلاة والسلام- وافقت وقتها المحدد شرعاً وفي هذا يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الزمان قد استدار)) فوقعت حجته -عليه الصلاة والسلام- في وقتها؛ لأن عادة العرب في النسيء تأخير شهر من كل سنة. طالب: ماذا تكون لأبي بكر. نعم. طالب: إذا وقعت في ذي القعدة، وحج فريضة الإسلام؟

باب التمتع:

يعني لو وقف الناس كلهم غلط خطأ في الثامن أو في العاشر حجهم صحيح وإلا لا، الحج يوم يحجون، على كل حال هذه مسألة أشار إليها كثير من أهل العلم، نعم. طالب. . . . . . . . . حج عن أبيك واعتمر، يأتي هذا -إن شاء الله تعالى- لا تستعجل. كم بقي للإقامة. باقية والوقت قليل وإيش نسوي يا أخي؟ ما أذكر أننا أكملنا شيء في وقته، يحددون الإخوان وقت قصير ثم بعد ذلك والله الخميس عاوده وقت. شوفوا وقت. الله يعفو ويسامح، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب التمتع: عن أبي حمزة نصر بن عمران جمرة، جمرة بالجيم. عن أبي جمرة نصر بن عمران الضََّبعي الضُُّبعي. عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال: سألت ابن عباس عن المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي قال: فيه جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم، قال: وكأن أناس كرهوها فنمت، فرأيت في المنام كأن إنساناً ينادي: حج مبرور ومتعة متقبلة، فأتيت ابن عباس فحدثته فقال: الله أكبر، سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين: الراوي التابعي أبو جمرة نصر بن عمران الضُّبعي كان يترجم بين يدي ابن عباس، بطلب من ابن عباس، يترجم بين يديه للحضور كما في كتاب العلم في صحيح البخاري، بجعل، ترجم هنا المراد بها تبليغ الكلام، وليس معناها نقل الكلام من لغة إلى أخرى، تبليغ الكلام، يبلغ كلام ابن عباس إلى من لا يصله الكلام. يروي أبو جمرة عن ابن عباس المتعة -متعة الحج- يقول: سألت ابن عباس، ابن عباس إذا أطلق المراد به الحبر، البحر ترجمان القرآن عبد الله، سأل أبو جمرة ابن عباس عن المتعة فأمرني بها، يعني قال له: تمتع، وسألته عن الهدي فقال: فيه بقرة أو جزور أو شاة أو شرك في دم.

يقول: وكان ناس كرهوها كرهوا المتعة؛ لأن عمر كان ينهى عنها على ما سيأتي -رضي الله عنه وأرضاه- وسيأتي أن المتعة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم. سأله عن المتعة -عن حكمها- فأمره بها، وسأله عن الهدي، ما الهدي يا ابن عباس؟ فقال: هو من بهيمة الأنعام، فإما أن يكون جزوراً أو بقرة أو شاة، أو شرك في دم، سبع بدنة، أو سبع بقرة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. قال: وكان ناس كرهوها؛ لنهي عمر -رضي الله عنه- عن المتعة، ولما بقي عند بعض الصحابة من كراهية أهل الجاهلية للمتعة ... أيها الأحبة في الله، ما تبقى من مادة هذا الشريط تتابعونها في الشريط التالي.

كتاب الحج (4)

عمدة الأحكام – كتاب الحج (4) باب الهدي الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير لنهي عمر -رضي الله عنه- عن المتعة، ولما بقي عند بعض الصحابة من كراهية أهل الجاهلية للمتعة، إذ كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأمر ابن عباس أبا نصر بها؛ لما بلغته كراهية بعض الناس كأنه حصل في نفسه شيء من التردد، فلما نام رأى في النوم إنساناً ينادي، يقول: حج مبرور: يعني متقبل، ومتعة متقبلة، حج مبرور: خالي مما يخرمه وينقص أجره، ومتعة متقبلة. لا تثبت الأحكام الشرعية بالرؤى: فأتيت ابن عباس فحدثته فقال: الله أكبر، فرح ابن عباس وسر بهذه الرؤيا. سنة أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-: هذه سنة أبي القاسم، ابن عباس فرح بالرؤيا؛ لا لاستقلالها بالحكم، لا لاستقلالها بالحكم، هذه رؤيا صالحة، موافقة لما جاء في النصوص، والرؤيا الصادقة جاء في الحديث الصحيح أنها ((جزء من ستة وأربعين جزاءً من النبوة))، لكن لا يعتمد عليها في التشريع، إنما هذه جاءت موافقة لما في الشرع، فمثل هذه الرؤيا تسر الرائي. قد يقول قائل: الأذان إنما ثبت برؤيا؛ عبد الله بن زيد راوي الأذان يقول: طاف بي طائف، طاف بي وأنا نائم رجل فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر ... إلى آخره، فثبت الأذان بهذه الرؤيا؟ نقول: هذه الرؤيا التي رآها عبد الله بن زيد قصها على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأقرها، فاكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام- لا بمجرد الرؤيا؛ فالرؤيا لا يتغير بها حكم، ولا يثبت بها حكم، نعم إذا جاءت موافقة لما جاء عن الله ورسوله تسر، لكن إذا جاءت مخالفة، مهما كان الرائي يضرب بها عرض الحائط. حكم قول الصحابي من السنة كذا: فقال: الله أكبر، سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-: إذا قال الصحابي هذه السنة، أو السنة، أو من السنة، أو هذه سنة أبي القاسم، فهو مرفوع –في حكم المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قال الصحابي: من السنة كذا، من السنة كذا، فله حكم الرفع عند جمهور أهل العلم: قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصر ... على الصحيح وهو قول الأكثر

التمتع:

التمتع: والمتعة وجه، أو أحد الأنساك الثلاثة، التمتع والإفراد والقران، المتعة والتمتع: عبارة عن الإتيان بالعمرة في أشهر الحج، ثم الحج في السنة نفسها، هذا هو التمتع، ويطلق التمتع بمعناه الأعم فيشمل القران، الذي هو الإتيان بنسكين معاً من غير فصل، التمتع فيه فصل، فاصل بين الحج والعمرة، القران يقرن بينهما، ويأتي بأفعالهما متداخلة على ما سيأتي، وأما الإفراد فهو الإحرام بالحج وحده. طالب:. . . . . . . . . القران أن يحرم بهما معاً، الأعمال كالإفراد سواءً بسواء، طواف واحد وسعي واحد، نعم. طالب: قوله فأمرني بها؟ فأمرني بها، هو تردد، يعني سألته عن المتعة يعني هل تجوز وإلا لا تجوز؛ لأنه يسمع من ينهى عنها، قال: تمتع، فأمرني بها يعني حج متمتعاً، يعني أبلغ من بيان الحكم فقط. طالب: ابن عباس يرى وجوب التمتع؟ نعم يذكر عنه وجوب التمتع إيه، وهذا قول لجمع من أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة على ما سيأتي نعم، وتأتي المفاضلة بين الأنساك، فسيأتي إن شاء الله، تأتي المفاضلة بين الأنساك الثلاثة. عن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: يا رسول الله: ما شأن الناس حلو من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: ((إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر)). هذا الحديث مؤخر في الأصل عن حديث ابن عمر، ويعني قدمه الشارح للمناسبة، فالذي يلي حديث ابن عباس حديث عبد الله بن عمر، فهو مقدم في الشرح قدمه الشارح للمناسبة. نقرأ حديث ابن عمر؟ اقرأ حديث ابن عمر على ترتيب المصنف.

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، فتمتع الناس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من تمتع فساق الهدي من ذي الحليفة، ومنهم من لم يهدي، فلمَّا قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة قال للناس: ((من كان منكم قد أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهدي، ومن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله))، فطاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قدم إلى مكة واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع ومشى أربعة، وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم انصرف فأتى الصفا ... وسلم، ثم سلم؟ ثم انصرف فأتى الصفا وطاف بين الصفا والمروة سبعة أشواط،، ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه، ونحر هديه يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت، ثم حل من كل شيء حرم منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهدى فساق الهدي من الناس". الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج. ظاهر كلام ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج متمتعاً، والمتبادر إلى الذهن من التمتع المعنى الاصطلاحي، وهو الإتيان بالعمرة المستقلة ثم الإتيان بالحج، وقد اختلفت الروايات وجاء عن الصحابة بأسانيد صحيحة أنه تمتع -عليه الصلاة والسلام- وجاء عنهم أنه حج قارناً، وجاء عنهم أنه أفرد الحج، وكلها صحيحة، ثابتة عن الصحابة -رضوان الله عليهم- ولذا يختلف أهل العلم في أفضل الأنساك. أولاً: كيف يوفق بين هذه النصوص المتعارضة حجة واحدة؟ هل يمكن أن يقال: أنه مرة حج قارناً، ومرة حج متمتعاًِ ومرة حج مفرداً؟!!

لا يمكن لأنها قضية واحدة، نعم ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- حج قبل ذلك، لا على الصفة المشروحة في الحج الإسلامي، إنما حج تعظيماً للبيت والمشاعر على عادة العرب، وجاء في الصحيح أن جبير بن مطعم رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعرفات وقد أضل بعيره، يبحث عن بعير -جبير بن مطعم لم يحج- فضلَّ بعيره فوجد النبي -عليه الصلاة والسلام- قد وقف مع الناس بعرفات، استغرب جبير بن مطعم كيف يقف وهو من الحمس بعرفات، والحمس لا يخرجون عن الحرم، وعرفات من الحل، هذه حجة سابقة قبل الأمر بالحج، وقبل فرض الحج، وهذه في الصحيح، في البخاري. المقصود أن الكلام كله في حجة الوداع، الحجة الوحيدة الذي حجها النبي -عليه الصلاة والسلام- ومثل ما أشرنا ثبت عنهم -عن الصحابة- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج متمتعاً كما هنا، وثبت عنهم أيضاً أنه حج قارناً، وثبت عنهم أيضاً أنه أفرد الحج. والتوفيق بين هذه الروايات -كما قال ابن القيم وغيره-: "من قال تمتع فالمراد به التمتع بمعناه العام، يعني أنه ترفه بترك أحد السفرين فأتى بالنسكين في سفرة واحدة، ومن قال أنه حج قارناً وهم الأكثر فكلامه طابق الواقع، فقد أتى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنسكين معاً، لم يفصل أحدهما عن الآخر لماذا؟ لأنه ساق الهدي، فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله -على ما سيأتي إن شاء الله تعالى-، من قال حج مفرداً نظر إلى الصورة، صورة حجه -عليه الصلاة والسلام- هي صورة حج المفرد، ولذا القول المرجح عند أهل العلم أن القارن لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد كالمفرد. منهم من يقول: أنه أهلَّ مفرداً في أول الأمر، ثم أتاه الآتي فقال له: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: لبيك، إيش؟ .. نعم، ما يفيد القران، فبهذا تتفق وتأتلف النصوص. يقول ابن عمر -رضي الله عنهما- تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [(196) سورة البقرة]، الرسول -عليه الصلاة والسلام- تمتع بالعمرة إلى الحج، والمراد بالتمتع هنا كالمراد به في الآية، المعنى الأعم للتمتع بحيث يشمل القران مع التمتع.

وأهدى: أهدى -عليه الصلاة والسلام- مائة من الإبل، ونحرها بيده، نحر منها ثلاثاً وستين، ووكل الباقي إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. فساق معه الهدي من ذي الحليفة: ساق معه الهدي من ذي الحليفة، وهذه سنة إن تيسرت، سوق الهدي. وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج: هذه من النصوص التي تدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- حج متمتعاً، وهذا رأي ابن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- فتمتع الناس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة إلى الحج، فأهلوا. أيش عنكم؟ فتمتع الناس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نعم. المقصود أنه يفيد أنهم صنعوا كما صنع -عليه الصلاة والسلام-، صنعوا كما صنع -عليه الصلاة والسلام-. فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة، ومنهم من لم يهدي، فلما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- مكة قال للناس: ((من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه)): من أهدى لا يجوز له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، ومتى يبلغ الهدي محله؟ في يوم العيد، وفيه الإحلال فلا يحل له حينئذ شيء حتى يبلغ الهدي محله، هذا بالنسبة لمن ساق الهدي، ولذا يتعين على من ساق الهدي أن يقرن إن أراد أن يجمع بين النسكين، إن أراد أن يجمع بين النسكين يتعين عليه أن يقرن، لا يجوز له التمتع. لكن هل يجوز أو هل يمكن أن يتمتع من ساق الهدي؟ هل يتصور؟ يقول: أفضل الأنساك التمتع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به، والمحظور في سوق التمتع حلق الرأس، يقول: أتمتع أحرم بالعمرة ثم أطوف وأسعى للعمرة، لكن لا أحلق رأسي حتى يبلغ الهدي محله، ثم في يوم التروية أحرم بالحج، وهو باق على إحرامه، ثم يأتي بالحج كاملاً، يتصور أو لا يتصور؟ طالب:. . . . . . . . . الآن شخص ساق الهدي، نقول له أقرن كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يجوز لك أن تحل حتى يبلغ الهدي محله، يقول: أريد أن أتمتع؛ لأن التمتع أفضل الأنساك، وآتي بجميع ما يفعله المتمتع إلا حلق الرأس الذي هو المحظور، ماذا يقال له؟ طالب: النبي -صلى الله عليه وسلم- ما فعل ذلك.

نعم، هذا ساق الهدي ما يستطيع أن يحل، لا يستطيع أن يحل، لا يستطيع أن يحل، هل نسميه متمتع أو هو قارن شاء أم أبى، هو قارن شاء أم أبى؛ لأن التمتع الاصطلاحي أن يحل بينهما الحل كله، الحل كله، يعود حلالاً كما كان قبل دخوله في النسك، بحيث يجوز له أن يطأ زوجته بين النسكين، نعم. طالب. . . . . . . . . يقرن بدون سوق هدي، هذا يتصور فيما إذا ضاق عليه الوقت، أحرم بالعمرة، فلما وصل إلى البيت وجد أن الوقت ما يكفي، يدخل الحج على العمرة فيصير قارناً، أو امرأة أحرمت بالعمرة ثم حاضت ولا تتمكن من آدائها إلا بعد فوات الحج. طالب. . . . . . . . . لا ما يمكن. طالب: مثل عائشة. نعم، مثل عائشة إيه. على كل حال يأتي هذا في ثنايا الحديث والذي بعده. فلما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- قال للناس: ((من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه)) يعني موافقة للآية. ((ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا وبالمروة، وليقصر وليُحلل)): هذا قاله بعد الطواف عليه الصلاة والسلام. ((من لم يكن أهدى فليطف)): اللام لام الأمر، فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل. ((ثم ليهل بالحج)): يعني بعد ذلك في يوم التروية؛ ليكون متمتعاً، وبهذا يستدل من يقول بوجوب التمتع بالنسبة لمن لم يسق الهدي؛ لأن اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [(63) سورة النور]، الأمر للوجوب، لكن الجمهور حملوه على الاستحباب، وأنه ليس بلازم، بل منهم من قال إن الأمر بالإحلال خاص بالصحابة، ولذا بعض العلماء يرجح غير التمتع عليه، منهم من رجح القران ومنهم من رجح الإفراد، والأمر الوارد في هذا الحديث وغيره خاص بالصحابة؛ لأنهم حديثو عهد بجاهلية، والجاهلية يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يبطل هذا الرأي وهذا الزعم، ينقض هذا الرأي بأمره لصحابته عليه الصلاة والسلام.

((ثم ليهل بالحج وليهدي)): هذا بالنسبة للتمتع يأتي بعمرة كاملة، يحرم بالعمرة، ثم يأتي بها –بأفعالها كاملة، يطوف ويسعى ويقصر- ثم يحل الحل كله، فإذا جاء يوم التروية أحرم بالحج، وجاء بالحج المستقل بجميع أفعاله. قد يقول قائل: إذا كان المتمتع له أن يحل الحل كله، هل له أن يرجع إلى بلده ويترك الحج؟ لما جاء أحرم بالعمرة وفي نيته التمتع، أحرم بالعمرة فحل الحل كله، وقال: زحام شديد أو طرأ له ظرف، وقال: أرجع ما دام لي الحل كله ما الذي يلزمني بالحج قبل الدخول فيه، هل له أن يرجع أو ليس له أن يرجع؟ طالب: ليس له أن يرجع. هو ما دخل في الحج هو أتم العمرة. طالب: له أن يرجع؛ لأنه ما شرع في الحج. لكنه ناوي للتمتع. طالب: ولو نوى. طالب: هو لبى بالحج. ما لبى إلى الآن، ما لبى بالحج، يلبي بالحج في اليوم الثامن يوم التروية، افترض أنه جاء في اليوم الأول وأدى العمرة وجلس بيجلس أسبوع بدون عمل. طالب:. . . . . . . . . مرة أخرى إذا رجع. كيف؟ طالب. . . . . . . . . طيب. ما هو براجع ثاني خلاص هو انتهى الحج هذه السنة يقول ما أنا بحاج، هل يلزم بالحج وإلا لا يلزم؟ طالب. . . . . . . . . لا، لا هذا متنفل، هذا متنفل. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . لا، هو يقول حجة الإسلام، نقول: لا، أصله جاء للنفل، حاج حجة الإسلام ومعتمر عمرة الإسلام، أدى عمرة التمتع بجميع أفعالها ولبس ثيابه ووطئ زوجته -كانت معه- وقال: ما الذي يلزمني بالحج وأنا ما قد دخلت؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ما الصيغة التي يقولها المتمتع عند إرادته الدخول في العمرة قبل الحج، عمرة فقط، ينوي عمرة فقط، ثم يأتي بها -بجميع أفعالها- ويتحلل الحل كله، الآن ما الذي يلزمه بالحج وهو ما دخل؟ طالب: ما يلزم، ما يلزم، يرجع لبلاده. . . . . . . . . طالب: لكل نسك نية مستقلة. والآن يجوز له أن يرجع؟ طالب: إيه، نعم. نعم. يقول صاحب الإنصاف: لا يجوز له الرجوع بلا نزاع. سبحان الله!! نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

لأن المسألة نظرياً يجوز له أن يرجع أيش المانع، ما دخل في النسك ما الذي يلزمه والحج نفل؟. طالب. . . . . . . . . ما لبى بشيء، لبى بعمرة وأتى بها. طالب. . . . . . . . . ما قال إلى حج ولا فين أبى، ما قال متمتعاً بها إلى الحج. طالب:. . . . . . . . . إلا هو جاي بيعتمر ويحج. والكلام في قوله بلا نزاع هذا الذي يجعل الإنسان يلتزم بهذا الكلام، وإلا نظرياً نوى العمرة وأتى بها كاملة بجميع أفعالها ما الذي يلزمه بالحج وهو لم يدخل فيه؟ يعني إنما جاء للحج، الأصل مجيئه للحج الذي ينهزه للحج، خلنا على هذا الكلام، شخص جاء للحج، لما وصل إلى الطائف قال ما أنا بمحرم ويرجع، في أحد يلزمه؟ طالب. . . . . . . . . ما يلزم. طالب:. . . . . . . . . يعني عمرة التمتع جزء من الحج، هم يقولون عمرة التمتع جزء من أجزاء الحج، فكأنه دخل في الحج، هذا التوجيه، وإلا نظرياً يعني قبل الدخول في النسك شنو الذي يلزمه؟ طالب. . . . . . . . . يقال إيش؟ يلزمه الحج بلا نزاع، بننازع أهل العلم وما عندهم نزاع؟ طالب:. . . . . . . . . على أن العمرة جزء من حج المتمتع، نعم. طالب:. . . . . . . . . صاحب الإنصاف قال: بلا نزاع، على كل حال ما وقفت على أحد خالف في هذا أبداً. طالب. . . . . . . . . له ذلك نعم، له أن يرجع إلى بلده وبهذا ينقطع التمتع، لا يلزمه دم إذا رجع إلى بلده، نعم ينقطع التمتع، سفر جديد للحج، وهذا يقوي الكلام النظري؛ لأنه إذا وصل بلده وقد حج حجة الإسلام، من يوجب عليه حجة ثانية؟ كل هذه إشكالات تحتاج إلى بحث في إطار عدم النزاع أيضاً؛ لأنه ما نقعد نخالف أهل العلم أبداً، نعم، لكنها تحتاج إلى إجابة. التمتع الاصطلاحي عند أهل العلم: أن يأتي بعمرة مستقلة ثم يحج من نفس العام، يأتي بالعمرة في أشهر الحج، ثم يأتي بالحج من نفس العام، بحيث لا يقطعه بسفر إلى بلده، لا يرجع إلى بلده. طالب:. . . . . . . . . يسمى متعة ولو جاء في اليوم التاسع، وأدى العمرة كاملة، وتحلل منها ثم أهل بالحج متمتع. طالب. . . . . . . . . كيف؟ كيف، أقلها يؤدي العمرة بطوافها وسعيها والتقصير ثم يهل بالحج. طالب: يعني بين النسكين قصده يا شيخ؟

كيف؟ العلماء يقولون: له أن يرجع، نعم. طالب. . . . . . . . . هو الإشكال في عدم النزاع في أنه يلزمه الإهلال بالحج ولا يجوز له الرجوع، يرد على هذا أنه لو رجع إلى بلده يجيز له العلماء الرجوع، لكن ينقطع التمتع، إن حصل له ظرف طارئ، حصل مصيبة عند أهله مثلاً ورجع إليهم، بيمنعه أحد؟ ما حد يمنعه، يلزمه الرجوع على كلام العلماء، يلزمه أن يرجع. طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، هذا كلام صاحب الإنصاف يبقى .. وين؟ محرم يعني. أيش لون يبقى؟ لو رجع. طالب آخر: حل من العمرة؟ لا، لا، حل الحل كله بين النسكين، ما في أحد يلزمه بشيء، بين النسكين يحل الحل كله. طالب: إيه نعم، لكن سؤالنا يقول: لا نزاع؟ يعني أنه يلزمه الحج في هذه السنة؛ لأن العمرة جزء من أجزاء الحج الذي جاء من أجله. طالب: لكن لو ما رجع أيش يترتب عليه؟ نقول: ما الذي يلزمه بحج وقد أدى الفريضة، نعم كونه دخل في الحج ملزم، {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [(196) سورة البقرة]، لكن المفترض أنه ما دخل في الحج، إلا أنه دخل بجزء من أجزاءه وهو العمرة التي ينوي بعدها الحج. طالب. . . . . . . . . لا، لا لا، هم يلزمونه ما استثنوا شيء، ما استثنوا شيء، ما دام دخل بعمرة وفي نيته التمتع يلزمه أن يهل بالحج من السنة نفسها، والله كثير هذا يحصل، كثير من الناس، الآن قد بعض الناس يرجع وهو محرم، ما كمل الحج، وبعضهم ما كمل العمرة إذا شاف الزحام، فمن باب أولى أنه إذا حل الحل كله يرجع إلى أهله، يكون بالخيار. أحسن الله إليك، هل يجوز للمتمتع أن يرجع إلى بلده؟ ما الذي يمنعه، السفر ما يمنعون منه، لكنه إذا رجع إلى بلده انقطع التمتع. طالب: إيه نعم، إذا كان مريداً للتمتع؟ على كلامهم، ما في ما يمنع. طالب: يا شيخ إذا تمتع وأدى العمرة يجوز له يقضي شغل في الطائف ويرجع؟ إذا السفر لحاجة ما فيه إشكال عندهم، لكن إن كانت دون مسافة قصر فالتمتع باق، إذا كانت أكثر من مسافة قصر عند الأكثر ينقطع التمتع. طالب: يعيد عمرة جديدة؟ الظاهر أنه لا ينقطع التمتع إلا إذا رجع إلى بلده، يعني لو طرأ له سفر للمدينة مثلاً، ما زال في إطار الحج وأعماله، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . .

إيه ما دام ناوي التمتع في هذه السنة يرجع. طالب. . . . . . . . . لا هو الآن ما يلزمه إلا الحج، اعتمر وانتهى، أدى العمرة لا يلزمه .... يقول: ((ثم ليهل بالحج)): يعني في يوم التروية كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وكما فعل الصحابة الذين معه، بل أمرهم بالإحلال -الذين لم يسوقوا الهدي بأمره -عليه الصلاة والسلام-. ((فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)): يصوم ثلاثة أيام، والأولى أن تكون قبل عرفة، يعني على هذا يحرم بالحج متى؟ في السادس يصوم السادس والسابع والثامن، إن لم يتمكن من صيامها قبل عرفة يصومها أيام التشريق، وأيام التشريق لا يجوز صيامها إلا لمن لم يجد الهدي. طالب: يشترط أن تكون متتالية يا شيخ؟ ثلاثة أيام ما فيه ذكر للشرط والقيد، وإنما هي ثلاثة أيام، لكن هي بقدر أيام التشريق، يعني إن فاتته قبل. طالب: السادس والثامن ويوم من أيام التشريق؟ يعني ما تمكن، يعني في اليوم السادس يرجو أن يجد الهدي. طالب: اليوم السابع عنده ظرف أو طارئ أو شيء حاجة حصلت له. المهم، يرجو أن يجد هدي مثلاً، ما غلب على ظنه أنه لن يجد الهدي إلا في اليوم السابع، ليلة السابع وصام السابع والثامن ويوم من أيام التشريق، الأولى أن تكون متوالية هذا الأولى، لكن مفرقة لا أرى ما يمنع. طالب. . . . . . . . . يصوم ثلاثة أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، يصوم أيام التشريق، على هذا لو كان متعجل، ونفر في اليوم الثاني عشر، نقول يلزمك أن تجلس تتأخر حتى تصوم الثالث عشر أو لا يلزمه؟ لأنها في الحج؛ لأن من وصفها أن تكون في الحج؟ وسبعة إذا رجع إلى أهله كما جاء في الآية. فطاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قدم إلى مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع ومشى أربعاً: الطواف الذي طافه النبي -عليه الصلاة والسلام- هو طواف القدوم، طواف القدوم، استلم الركن أول شيء هذا تقدم. ثم خب: يعني رمل ثلاثة أشواط من السبع ومشى أربعاً وهذا تقدم الكلام فيه.

وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، امتثالاً للأمر: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة]، هاتان الركعتان هما ركعتا الطواف ما حكمهما؟ الجمهور على أنهما سنة، جمهور أهل العلم على أنهما من السنن، ومن أهل العلم من يوجبها، ومنهم من يفصِّل، فيقول: إن كان الطواف -هما تبعاً للطواف- إن كان الطواف واجباً فهما واجبتان، وإلا فسنة، لكن جمهور أهل العلم على أنهما سنة. لو صلاهما خارج البيت، خارج المسجد، خارج المسجد، صلاهما في مكان آخر -في منزله في منى في أي جهة من جهات مكة-. طالب: تعتبر قضاء يا شيخ؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . خارج المسجد. يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم. طالب: يجوز يصلي هنا أو خارج. يجوز؛ لأن عمر -رضي الله عنه- طاف وصلى الركعتين بذي طوى، طاف بعد صلاة الصبح، وصلى الركعتين بذي طوى، ولعله ينتظر ارتفاع الشمس، ولذا جعل البخاري هذا الأثر في باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وكأنه يميل إلى أن هاتان الركعتان لا تصليان في وقت النهي. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . طواف القدوم فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-. طالب. . . . . . . . . الوجوب، لا، ما في ما يدل على الوجوب، لا طواف القدوم سنة. ثم سلم وانصرف فأتى الصفا، فطاف بالصفا والمروة سبعة أشواط: يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، وهكذا، يقف على الصفا يستقبل القبلة يكبر ويهلل ويدعو ثلاثاً، يطيل الدعاء، ومثله على المروة، كما في حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم لم يحل من شيء، حلق أو قصر أو لم يحل، أو لم يحلق؟ طالب: لم يحلق لم يحلق لماذا؟ طالب: لأنه قارن. لأنه ساق الهدي، لأنه ساق الهدي، ثبت عن معاوية أنه قال: قصرت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على المروة بمشقص. طالب. . . . . . . . . نعم، الإجابة نعم طالب:. . . . . . . . . في إحدى عمره -عليه الصلاة والسلام- في عمرة من العمر، ولعلها عمرة القضاء.

ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه: وعرفنا السبب -أنه ساق الهدي- ونحر هديه يوم النحر، نحر هديه يوم النحر. وعرفنا أن الهدي مائة من البدن، نحر منها ثلاثاً وستين بيده الشريفة -عليه الصلاة والسلام- ووكل الباقي إلى علي -نحر الباقي- وأمر ببضعة من كل واحدة منها فطبخت، فأكل منها وشرب من مرقها -كما في حديث جابر- عليه الصلاة والسلام، ونحر هديه وأفاض فطاف بالبيت، وكل هذا بعد الوقوف والمبيت بمزدلفة، والرمي، وأيضاً النحر، والحلق ثم بعد ذلك أفاض فطاف بالبيت، وهذا الطواف ركن الحج، يسمى طواف الإفاضة، ثم حل من كل شيء حرم منه، حل الحل كله، لماذا؟ لأنه فعل الثلاثة كلها، رمى وحلق، .. طالب: ونحر. لا، طاف، لكن لو فعل اثنين رمى وحلق ولم يفض حل التحلل الأول، فإذا أضاف إليه الثالث حل التحلل الثاني، ثم حل من كل شيء حرم منه؛ لأنه فعل الثلاثة كلها. وفعل مثل ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهدى فساق الهدي من الناس: لأنه قال: ((من كان منكم معه هدي فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله، ومن لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة))، يعني يطوف ويسعى ثم يقصر. من أحرم بإحرام كإحرام النبي -عليه الصلاة والسلام- ماذا يصنع؟ إذا أحرم، علي -رضي الله عنه- وأبو موسى كل منهما بهذه النية، لبيك بإهلال -أو بإحرام- كإحرام النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم. طالب: لا يتم التحلل إلا بعد .... نعم. طالب. . . . . . . . . أهل، لماذا لم يسق الهدي، وما يدريك أنه ما ساق؟ جاء من اليمن واليمن ما فيها هدي؟ طالب. . . . . . . . . نعم طالب. . . . . . . . . علي ما ساق هدي؟ طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . علي ساق الهدي، أبو موسى ما ساق الهدي، وهنا يحسن التفريق بينهما، ولذا أمر علياً أن يبقى على إحرامه، وأمر أبا موسى بالإحلال. وهل يسوغ مثل هذا اليوم أن يقال: لبيك بإهلال كإهلال فلان، نعم؟ طالب: لا يا شيخ. لماذا؟ طالب: لأنه علم .... نعم هو علم هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه في إطار الأنساك الجائزة، الأنساك الثلاثة كلها جائزة عند أهل العلم والخلاف في الأفضل منها، لبيك بإهلال كإهلال فلان، يجوز وإلا ما يجوز؟

لا، لا من المعاصرين؛ هو ما يعرف كيف يحج، وقال: إذا لقيت فلان بأسوي مثله، عالم من العلماء يريد أن يقتدي كما فعل علي وأبو موسى. أحسن الله إليك أقول لو لم يتلفظ بالإهلال؟ لو لم يتلفظ بأي شيء؟ إي نعم ولكنها نية في قلبه؟ يعني معناه أنه تجاوز الميقات بدون إحرام. أنا أقصد أنه فمن باب أولى إذا أهل بإهلال شخص أنه سائغ. لا هو نوى الدخول في النسك من الميقات، يعني يختلف عن شخص لم يتكلم إطلاقاً، هذاك نقول له: تجاوزت الميقات بدون إحرام، وهذا أهل ولبى بإحرام كإحرام فلان، والاحتمالات كثيرة، احتمال أنه يكون فلان ما حج السنة هذه، احتمال أن يبحث عنه ولا يجده، احتمال أن يجده، أنت أورد هذه الاحتمالات كلها وأجب عنها واحداً بعد الآخر. نعم؟ طالب. . . . . . . . . لو أحرم بإحرام مطلق، نعم، له أن يحرم مطلقاً وقبل الطواف يصرفه إلى ما شاء، له أن يحرم بالإطلاق ثم يصرفه قبل الطواف لما شاء من الأنساك. طالب: صيغة الإطلاق يا شيخ؟ وين؟ إذا أتى الميقات؟ صيغته، ينوي الدخول في النسك نسك مطلق مع التلبية. حديث حفصة زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي قدمه الشارح عندكم قبل حديث ابن عمر يقول: عن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: يا رسول الله: ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: ((إني لبدت رأسي وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر)): يعني امتثالاً لما جاء في القرآن: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] ومعروف حكم من ساق الهدي أنه لا يجوز له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، ولذا لا يجوز له أن يتمتع. نعم الحديث الذي يليه. التلبيد أحسن الله إليك، أقول تلبيد الرأس؟ تلبيد الرأس بشيء يتماسك به بحيث لا يشعث، نعم يلتم إما بزيت أو بعسل أو شيء من هذا. لكن ما علاقته بالنسك؟ ما علاقته بالنسك؟ ما دام أحرم من أبيار علي، كم يحتاج من يوم حتى يصل إلى مكة، كم يحتاج إلى يوم إلى أن يحلق الشعر، تصور خمس لخمس بقين من القعدة ثم بعد ذلك عشرة أيام ليحل، خمسة عشر يوم، فإذا كان شعره مرسل يؤذيه، لكن إذا لبد نعم. طالب. . . . . . . . .

لا، لا ليس له علاقة، لكنه أيسر، يتعب لو كان غير ملبد، ما يلزم القِران، حتى المفرد حتى المتمتع له أن يلبد إذا كان أيسر له وأحفظ لشعره، نعم لها دخل في قضية الحلق أنه يتأخر حلقه لشعره. نعم حديث عمران. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . صفة تقليد الهدي، الهدي إذا كان من الغنم يقلد، بمعنى أنه يلبس قلادة، حبل يربط فيه حذاء أو يربط فيه قطعة من جلد، أو أدنى شيء يشعر بأنه هدي؛ لئلا يتعرض له أحد بسوء، إن كان من الإبل أو البقر يشعر، أيش معنى يشعر؟ نعم يجرح في صفحة سنامه اليمنى ويترك يسيل منه الدم، فيعرف الناس أنه هدي. الحديث الذي يليه. عن عمران بن حصين –رضي الله عنه- قال: "أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ينزل قرآن بحرمتها، ولم ينه عنها حتى مات". فقال رجل برأيه ما شاء، قال البخاري "يقال: إنه عمر". ولمسلم: {نزلت آية المتعة -يعني متعة الحج- وأمرنا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها حتى مات} ولهما بمعناه. حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: أنزلت آية العمرة {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [(196) سورة البقرة] إلى آخره، في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بل بأمره -عليه الصلاة والسلام-؛ أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من لم يسق الهدي أن يتمتع، ففعلناها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ينزل قرآن بحرمتها.

فقال رجل برأيه ما شاء: هذا الرجل بينه الإمام البخاري أنه عمر -رضي الله تعالى عنه- كان ينهى عن المتعة؛ لئلا ينقطع ترداد الناس على هذا البيت المعظم، يعني يهجر البيت في غير وقت الحج، إذا كان الإنسان يأتي بالنسكين في سفرة واحدة لا يضطر أن يسافر ثانية للعمرة، هذا اجتهاد من عمر -رضي الله عنه- والاجتهاد إذا كان مخالفاً للنصوص الصحيحة الثابتة، مهما كان قائلة، ((عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، اقتدوا بالذين من بعدي)) متى؟ إذا لم يكن هناك نص، نأخذ بقول أبي بكر وعمر، لكن إذا خفي النص أو اجتهد عمر ورأى أن للاجتهاد مسرح في مثل هذه المسائل، ورأى غيره أنه لا اجتهاد مع النص -كما هو قول جماهير أهل العلم- فالعبرة بالمرفوع، ولا يتلفت حينئذ إلى الموقوف ولو كان قائله عمر -رضي الله عنه-، هذا اجتهاد من عمر، وإلا عمر ليس بالمعصوم. قد يقول قائل: عمر له اجتهادات كثيرة عمل بها أهل العلم، كإمضاء الثلاث في الطلاق، جمهور أهل العلم على قول عمر، مع أن الأمر في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر على خلافه، ماذا نقول؟ نعم. طالب. . . . . . . . . لا، ينهى عن التمتع، وينهى عنه اجتهاداً منه ليكثر الوافد إلى البيت ويتكرر طول العام، الوفود إلى البيت، ولذا يقول ابن عباس لما نوقش في هذه المسألة: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء؛ أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر، نعم، كيف يعارض قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقول أبي بكر وعمر، وهما هما أبو بكر وعمر ((اقتدوا بالذين من بعدي)). ويأتي من يأتي ممن يزعم أنه حامل راية الدعوة ولواءها ويقول: حديث: ((لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)) وهو في البخاري، يقول: ليس بصحيح؛ الواقع يشهد بخلافه، ليس بصحيح، طيب ليس بصحيح معارض بقول أبي بكر وعمر؟ لنضرب بقولهم عرض الحائط؟ لا، معارض بأي شيء؟ يقول: جلدمائير هزمت العرب، تاتشر قادت الإنجليز، انديرا غاندي قادت الهنود ونجحت. وبعدين، بمثل هذا تعارض النصوص؟ نسأل الله السلامة والعافية، ومثله كثير، مثله كثير، نسأل الله السلامة والعافية.

لكن لا نقول بقول من يقول: "والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر" عمر ما ابتدع، هذا يرى أن للاجتهاد فيه مجال وأخطأ في اجتهاده، ويقوله في شأن التراويح، لما قال عمر: نعمت البدعة، قال بعض الشراح: والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر، وقررنا سابقاً أنها ليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، والله المستعان. ولمسلم نزلت آية المتعة يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم لم ينزل آية تنسخ آية المتعة ولم ينهَ عنها حتى مات، ولهما بمعناه. هذا سؤال يقول: لماذا لم يذكر المصنف حديث جابر مع أنه أجمع حديث في الحج؟ نعم جابر وصف حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- من خروجه من بيته إلى رجوعه إليه، بأجود سياق، نقول الحديث من أفراد مسلم، والمؤلف اشترط أن يكون الحديث مما اتفقا عليه، نعم إن احتاج إلى بيان لفظة أو زيادة أو شيء من هذا قد يأتي بما تفرد به أحدهما، لكن لا يأتي بحديث مستقل من أحدهم، شرطه أن يكون الحديث في الصحيحين. نعم باب الهدي: طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . نعم نأتي إلى المفاضلة بين الأنساك الثلاثة، عرفنا أن من أهل العلم من يوجب التمتع؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- به، ومنهم من يرى أن التمتع مفضول، وأن الأمر خاص بالصحابة. مالك والشافعي في أحد قوليه يرى رجحان الإفراد، وأبو حنيفة يرى القران، وأحمد يرى التمتع، حجة الإمام أحمد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر به، وأبو حنيفة يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً ولم يكن الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، وأما من يرى الإفراد يقول: الأمر به خاص بالصحابة والإتيان بالحج بسفرة مستقلة أفضل، مالك وقول الشافعي.

ويقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "من أتى بالحج مفرداً بسفر مستقل والعمرة بسفر كان أفضل اتفاقاً" نقل على ذلك الإجماع، والمسألة مفترضة في شخص يقول: أنا لا أحج ولا أعتمر إلا مرة واحدة، حجة الإسلام مرة واحدة ولن أتنفل، عمرة الإسلام مرة واحدة ولن أتنفل، نقول: الإفراد أفضل اتفاقاً في هذه الصورة، لكن شخص يقول أنا أريد أن أكرر العمرة آتي بالعمرة كيفما اتفق، فهل أحرم متمتع أو قارن أو مفرد؟ نقول: أحرم متمتع؛ لأنها زيادة. شيخ الإسلام ينقل الاتفاق على أن من أتى بالحج بسفر مستقل يعني مفرد أفضل اتفاقاً، وأقول قول شيخ الإسلام مفترض في شخص لم يزد على ما افترض الله عليه، فهل يأتي بالحج والعمرة في سفر واحد أو بسفرين؟ نقول: بسفرين. يميل بعض أهل التحقيق إلى أن التمتع أفضل لمن لم يسق الهدي، والقران أفضل لمن ساق الهدي، وهذا فيه شيء من التوفيق بين النصوص، وعلى هذا إذا قلنا بتفضيل التمتع مطلقاً هل يفضل سوق الهدي أو يكون مفضول؟ مفضول على قول من يرجح التمتع مطلقاً نقول الأفضل لا تسوق هدي، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة)) وعلى هذا لا يستحب سوق الهدي بل يأتي بالتمتع ويريق الدم في وقته دم المتعة. طالب. . . . . . . . . إلا الأفضل، الذي يرى القران يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً ولم يكن الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، نقول: هو أفضل بالنسبة لمن كانت حالته كحال النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه ساق الهدي، لمن ساق الهدي، فعلاً ساق الهدي ثم جاء يسأل نقول أقرن، بل قد يتعين عليه القران إن لم يختر الإفراد؛ لأن التمتع ليس بمتصور، لا يتصور في حقه على ما ذكرنا. أحسن الله إليك. قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت)) يدل على أن هذا نسخ لفعله؟ نسخ لفعله طالب: بعني في المستقبل أنه لا يفعل ذلك لو. . . . . . . . .

لا هذا يدل على الترجيح، على الرجحان، من أهل العلم من يقول أنه قال هذا الكلام تطييباً لخاطر أصحابه، أمرهم بأن يحلوا وهو لم يحل، يعني هل لمبرر أن يبرر أن يقول لمجرد سوق الهدي، أو لا بد أن يدعمه بكلام يقويه مثل قوله: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ... إلى آخره)) يعني مثل في الحديبية لما أمرهم بحلق رؤوسهم ما استجابوا، ما استجابوا معاندة وإلا رجاء أن يؤدوا نسك العمرة في هذه السنة؟ طمعاً في الخير، لكن لما حلق رأسه -عليه الصلاة والسلام- حلقوا رؤوسهم ما عاد هناك خيار، نعم. طالب. . . . . . . . . حق من؟ طالب. . . . . . . . . متمتع، المكي يعني يسوق هدي؟ طالب. . . . . . . . . هل هناك متعة لحاضر المسجد الحرام؟ {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] الضمير يعود إلى أيش؟ ذلك، التمتع أو لزوم الهدي الناشئ عن التمتع؟ أو أصل الهدي، أو أصل التمتع {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ذلك التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، أو ذلك لزوم الهدي الناشئ عن التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، ولذا يختلف أهل العلم هل للمكي أن يتمتع؟ وإذا تمتع ليس عليه هدي، أو ليس له أن يتمتع أصلاً، أو لا يتصور التمتع في حقه؟ أيش معنى التمتع؟ أن يأتي بالنسكين في سفر، وهو لم يسافر لأحدهما، فلا يسمى متمتعاً يأتي بعمرة عمرتين ثلاث خمس في أشهر الحج ثم يحج أيش يصير؛ لأن الهدي في مقابل الترفه بترك أحد السفرين وهو لم يسافر، فله أن يعتمر في أشهر الحج ويحج من عامه لكن لا يلزمه هدي. نعم. طالب:. . . . . . . . . الخلاف في مرجع اسم الإشارة، الخلاف لفظي ما يلزم عليه شيء. طالب. . . . . . . . . من هو؟ طالب. . . . . . . . . أيوه، أيش المانع؛ لأن الهدي في مقابل ترك أحد السفرين، هو ما سافر أصلاً. باب الهدي:

عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثُمَّ أََشْعَرْهَا وَقَلَّدَهَا -أَوْ قَلَّدْتُهَا- ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حَلَالَا". وَعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة غنما". نعم حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بيدَيِّ: القلائد إنما تكون إذا كان الهدي من الغنم، وأما إذا كان الهدي من الإبل أو البقر فالإشعار، وعرفنا الفرق بين التقليد والإشعار. فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم أشعرها، وقلدها أو قلدتها: وعلى هذا يمكن الجمع بين التقليد والإشعار، كما يدل عليه فتلت قلائد ثم أشعرها وقلدها، وإن كان أهل العلم يفرقون بين التقليد والإشعار فيجعلون التقليد للغنم والإشعار للإبل والبقر، ويمكن الجمع بينهما، أيش المانع أن يشعر البعير، تشعر البقرة مثلاً بأن تضرب صفحة سنامها الأيمن بالسكين حتى يسيل الدم، وهذا للمصلحة الراجحة، وإن كان فيه شيء من الضرر والتعذيب إلا أنه مغمور في جانب المصلحة الراجحة، إحياء السنة لكي يراها الناس ويقتدوا به -عليه الصلاة والسلام- من جهة، ولا يتعرضوا لها بأذى. ثم بعث بها إلى البيت وأقام في المدينة لم يحج ولم يعتمر، بعث بها بمفردها، وكل بها من يذهب بها إلى مكة، وينحرها هناك وأقام -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حلاً، وفي هذا رداً على من يقول: أن من أهدى إلى البيت لا يجوز له أن يزاول شيء من المحظورات حتى يبلغ الهدي محلة، نقول: متى لا يجوز له ذلك حتى يبلغ الهدي محله؟ إذا أهل بحج أو عمرة، أما إذا لم يهل بحج ولا عمرة فإنه لا يمتنع من أي شيء من المحظورات ولو بعث الهدي، وبهذا ترد عائشة -رضي الله تعالى عنها- على من زعم ذلك.

وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "أهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة غنماً": الغالب أن هديه -عليه الصلاة والسلام- كان من الإبل، كان من الإبل، وأهدى -عليه الصلاة والسلام- عن نسائه البقر، وأهدى -عليه الصلاة والسلام- مرة غنماً، فانحصر الهدي في أنواع بهيمة الأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم، أفضلها الإبل ثم البقر ثم الغنم. طالب:. . . . . . . . . ترسل من الرياض هذا أيش المانع، القصد هو التوسعة على فقراء الحرم، من المقيمين والوافدين عليه. طالب. . . . . . . . . هذه ليست أضحية هذا هدي ومحل الهدي مكة، لا، لا أبداً ليس بأضحية، هذا ليس بأضحية، هذا هدي، والهدي محله البيت الحرام. يقول: أخذ الشعر والظفر؟ في أيش؟ إذا بعث الهدي؟ إي نعم. هذا خاص بالأضحية، المنع خاص بالأضحية أو لمن دخل في النسك، ولذا تقول عائشة -رضي الله عنها-: "فما حرم عليه شيء كان له حلالاً" شوف "فما حرم عليه شيء كان له حلاً". حديث أم سلمة أيضاً؟ حديث أم سلمة في الأضحية، هذا في الأضحية، هذه نكرة في سياق النفي فتعم جميع المحظورات. طالب. . . . . . . . . ما يختلف الأمر بيدي أو بيدي، سواء كان مفرد مضاف أو مثنى ما يفرق؛ لأنه إذا قالت بيدي يراد به الجنس جنس اليد فيشمل اليدين. طالب:. . . . . . . . . المقصود أنه سواء كانت بيدي أو بيديَّ الأمر سهل؛ ما يختلف. أيش عندك؟ طالب. . . . . . . . . بيديَّ، فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيديَّ. طالب. . . . . . . . . إيه لكن علق عليها المعلق وقال أنها لم تثبت، ولا نبه عليها في الحاشية أنها توجد في بعض .. ؟ طالب. . . . . . . . . على كل حال هي موجودة في الطبعات القديمة موجودة، لكن الرجوع إلى الأصل سهل، وعلى ما أحفظ أنها موجودة. أيش يقول؟ طالب. . . . . . . . . نعم على ما أحفظ أنها موجودة، نعم؟ طالب. . . . . . . . . وين؟ طالب. . . . . . . . .

لا، لا أنا أحفظ أنها موجودة بيديَّ، أما بيدي أو بيديّ تختلف فيهال نسخ في الصحيح، ولا أثر لهذا الاختلاف؛ لأنه قد يطلق المفرد ويراد به الجنس، جاء في الحديث الصحيح: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) وفي الصحيح نفسه في البخاري: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) نعم، مفرد مضاف يعم، يراد به الجنس، جنس العاتق. نعم. طالب. . . . . . . . . ما تبطل، هذا واجب يجب ستر العاتق يجب ستر المنكب لكنه ليس بشرط، هذا نهي عن أن يصلي الشخص، نهي أن يصلي الشخص مكشوف العاتق، على هذا يأثم من صلى مكشوف العاتق وصلاته صحيحة، ولذا لم يدرجه أهل العلم في الشروط، نعم، لم بدرجه أهل العلم في الشروط. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . يعدل، إذا جاء يصلي يعدل، يستر المنكبين في الطواف؟ في الطواف، لكن إذا جاء الصلاة يستر المنكبين، نعم الحديث الذي يليه. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يسوق بدنة، قال: ((اركبها))؟ قال: إنها بدنة، قال: ((اركبها)). فرأيته راكبها، يساير النبي صلى الله عليه وسلم} وفي لفظ قال في الثانية، أو الثالثة: ((اركبها ويلك، أو ويحك)). نعم حديث أبي هريرة في الإفادة مما أخرجه الإنسان من ماله لله -عز وجل- هدي أو أضحية، أخرج لله -عز وجل-، هل له أن يستفيد منه، وما مقدار هذه الإفادة، وهل هي مقرونة بالحاجة؟ أو تجوز مطلقاً؟ وهل يتناول ما هو أعظم انتفاعاً من الركوب، كحلبها مثلاً أو إجارتها، شخص محتاج إلى ركوبها النص وارد فيها، ((اركبها)) إنها بدنة، قال: ((اركبها ويلك ويحك)) لكن شخص ما هو محتاج إلى الركوب، جاء شخص محتاج إلى الركوب، قال: هذه بدنة، قال: أركبها، أنا أحتاج إلى ركوبها؟ قال: تركبها بمائة إلى مكة يجوز له ذلك؟ بدنة أو بقرة أو شاة فيها حليب، يحلب ويشرب؟ ما مقدار هذا الانتفاع، الحديث دليل على جواز الانتفاع، الانتفاع بالركوب عند الحاجة نص في الحديث، لكن هل يسري إلى ما هو أعظم من ذلك من شرب الحليب مثلاً، ومثله لو ولدت هذه البدنة، ما مصير هذا الولد؟ طالب. . . . . . . . .

لا يؤجرها، بدليل أنه لا يعطي الجزار أجرته منها، أخرجها لله لا يجوز له أن يرجع بشيء منها، ولذا نُهي عمر -رضي الله عنه- أن يشتري الفرس الذي أخرجه لله، يعني لو إنسان تصدق على آخر بصدقة فرأى أن هذه الصدقة لا تناسبه، هل يجوز له أن يشتريه منه؟ تصدقت على زيد من الناس بكتاب، استلم هذا الكتاب وقال: ما شاء الله، هذا، وذهب إلى البيت وجد عنده نسخة، وعرضه للبيع يجوز أن تشتريه وإلا ما يجوز؟ ما يجوز أن تشتريه؛ وقصة عمر ظاهرة في هذا لأنك إن اشتريته منه رجعت بشيء من صدقتك، لكن هل له أن يوكل أحداً يشتريه، ويكون هذا الوكيل أسوة الزبائن؟ طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . لا، لا المسألة الأخرى الذي تصدق بكتاب مثلاً، فعرضه صاحبه للبيع، احتاج قيمته فعرضه للبيع، قلنا لا يجوز له أن يشتريه مثل ما فعل عمر، نهي عن أن يشتري الفرس، نعم؛ لأن الوكيل حكمه حكم الأصيل. هنا رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- رجلاً يسوق بدنة فقال: ((اركبها)) قال: إنها بدنة، قال: ((اركبها)) فرأيته راكباً يساير النبي -عليه الصلاة والسلام-. اللبن، بدنة فيها لبن وتتضرر ببقائه فيها، له أن يحلب، فإن كان محتاجاً إليه فهو كالركوب، إن لم يحتج إليه فليبعه ويتصدق بقيمته. أحسن الله إليك: أقول هذه البدنة هدي؟ هدي إيه. أيش يدل على أنها هدي؟ بدنة، قوله بدنة، عرف. البدنة تطلق على الهدي؟ عرف، عرف نعم تطلق على الهدي. طالب. . . . . . . . . في حكم البيع نعم، لا يجوز له أن يؤجرها في حكم البيع. طالب. . . . . . . . . عندك؟ طالب نعم. أبش يقول؟ طالب: .... تعليق يا شيخ. لكنه أضافها في الأصل، يعني لا توجد في النسخ، أضافها من فتح الباري، له أن يفعل مثل هذا؟ طالب: لا وضعها بين قوسين ووضع حاشية. ما ينفع، ما ينفع أبداً، ولو رواها البخاري، الكلام على أصل، عندك كتاب ألفه صاحبه، يجوز أن تزيد عليه؟ زد في الحاشية ما شئت، أهل العلم يختلفون فيما إذا وجد الخطأ الذي لا يحتمل الصواب، هل لصاحبه لقارئه لمحققه أن يتصرف فيه ويصحح في الأصل؟ أو يثبته كما كان خطأ ويعلق في الحاشية؟ طالب. . . . . . . . .

يعني عنده نسخة أصلية فيها هذا ما أشار إلى هذا، لا لا ما عنده شيء. طالب:. . . . . . . . . أيش المعنى سقط من الأصل؟ هل عنده نسخ من العمدة فيها هذا الكلام؟ يقول: أتممته من فتح الباري، ما قال أتمتته من نسخة كذا من نسخة كذا، إذن أدخل في الكتاب، هم متفقون على أنه إذا كان الخطأ في آية عليه أن يصحح، أما إذا كان الخطأ في كلام البشر، ولو كان حديث يرويه كما هو وينبه على الصواب، ومن أهل العلم من يرى أن له التصحيح وينبه على الخطأ في الحاشية. لكن ما يفتح الباب على مصراعيه لمن تصدى، أي شخص يتصدى لأي كتاب يصحح ويزيد وينقص على حسب فهمه هو؛ لأنه قد يكون خطأ على حسب فهمك أنت، يأتي بعدك من يستقيم له المعنى، وكم من كتاب خرج محققاً وأثبت في الأصل كلام وقال المحقق كذا في الأصل، أو كذا في كذا، والصواب كذا، والصواب ما أثبته، نقول: لا الصواب ما في الحاشية، هذا كثير جداً، يعني لو فتح المجال للتصرف في الكتب مسخت الكتب، فتبقى الكتب كما هي على مراد مؤلفيها، ثم ينبه على الصواب، الحاشية ما حد يمنعك من أن تكتب ما شئت. الطبعة الأخيرة، طبعة. . . . . . . . . الفاريابي لا بأس بها، لا بأس بها. وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها شيئا" وقال: ((نحن نعطيه من عندنا)). وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني النبي -عليه الصلاة والسلام- أن أقوم على بدنه: تقدمت الإشارة إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر بيده الشريفة ثلاثاً وستين، وترك الباقي لعلي -رضي الله عنه- فنحرها. أن أقوم على بدنه: أمرني، إذا قال الصحابي أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو نهاني فهو مرفوع بلا خلاف، بخلاف ما لو قال: أمرنا أو نهينا فالخلاف قائم، والجماهير على أنه مرفوع.

وأن أتصدق بلحمها وجلودها: هذا الأصل في الهدي والأضاحي أن يتصدق بها، وأن يؤكل منها، وأن يهدى منها، {كُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [(36) سورة الحج]. وأوجب بعض اهل العلم الأكل؛ للأمر به، {كُلُوا} فلذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ببضعة من كل واحدة منها فطبخت فأكل منها وشرب من مرقها. وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها: يجوز لصاحبها أن ينتفع بالجلد، لكن لا يجوز له أن يبيعها، ولا يجوز له أن يبع الجل، والجلال والأفضل أن يتصدق به. وألا أعطي الجزار منها شيئاً: هذا إذا كان في مقابل الأجرة؛ لأنه إذا أعطى الجزار في مقابل الأجرة رجع بشيء منها، يكون قد رجع بشيء منها، وهو ما يقابل هذه الأجرة، لكن لو اتصف الجزار بوصف من يتصدق عليه بأن كان فقيراً وأعطي الأجرة كاملة وتصدق عليه كغيره من الفقراء فلا بأس. طالب: أجلتها يا شيخ ... ؟ الجلال الذي يوضع عليها. طالب: كساء؟ نعم، كساء يوضع عليها. وألا أعطي الجزار منها شيء، وقال: ((نحن نعطيه من عندنا)) الأجرة يجب أن تكون من المؤجر. نعم؟ طالب. . . . . . . . . يعني من غير أجرة لا بأس، لا بأس هي تترك لأي آخذ، الآن والناس يعيشون في رخاء يتركون هذه الأمور يتركون الرأس يتركون الألية، يتركون المقادم، يتركون أشياء كثيرة، بعضهم يترك ما حواه البطن ويقتصر على اللحم، هذا كله سببه عدم الحاجة إليه، والله المستعان. عن زياد بن جبير قال: "رأيت ابن عمر قد أتى على رجل قد أناخ بدنته، فنحرها، فقال ابعثها قياما مقيدة؛ سنة محمد صلى الله عليه وسلم". السنة بالنسبة للإبل أن تنحر قائمة واقفة، معقولة يدها اليسرى، تنحر نحراً، وموضع النحر في أصل العنق، تنحر قائمة؛ اتباعاً للسنة المؤيدة بالقرآن {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(36) سورة الحج]، وجبت: يعني سقطت، وهل تسقط وهي باركة؟ لا. تسقط متى؟ إذا كانت قائمة، فالسنة في الإبل أن تنحر قائمة، وأما بالنسبة للبقر والغنم تذبح، تضجع على جنبها الأيسر يستقبل بها القبلة ثم تذبح ذبحاً، لكن لو عكس ذبح الإبل ونحر الغنم والبقر؟ جاز، لكنه خالف السنة، خالف السنة. طالب. . . . . . . . .

لا استقبال القبلة سواءً في الذبح أو في النحر كله سنة، كله سنة استقبال القبلة سنة. رأى ابن عمر، أو قال زياد بن جبير: "رأيت ابن عمر قد أتى على رجلٍ قد أناخ بدنته ينحرها": لكن لو افترض أن شخص يشق عليه النحر، قال: لا أستطيع أن أنحرها حتى تكون باركة، نقول: له ذلك؛ لأن نحرها باركة لا يعدو أن يكون مكروهاً؛ والكراهة عند أهل العلم تزول بأدنى حاجة. فقال ابعثها قياماً مقيدة، يعني معقولة يدها اليسرى، وأيضاً مقيدة في رجليها، في رجليها القيد؛ لئلا تهيج عليه أو تهرب أو تحدث أضراراً له أو لغيره. سنة محمد -صلى الله عليه وسلم-: هذه السنة، وعرفنا أن الصحابي إذا قال: من السنة كذا، فهو مرفوع: قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصر ... على الصحيح وهو قول الأكثر نأخذ سؤال وإلا. نعم. طالب. . . . . . . . . القيد، الرجلين معاً أو يد مع رجل، المقصود أنها لا تتمكن من الهرب أو من الأذى. طالب. . . . . . . . . أيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . اليد اليسرى معقولة، اليد اليسرى معقولة، لكن القيد؟ لأنه بإمكانها أن تهرب بالثلاث. طالب. . . . . . . . . حكمه -إذا كان نفل- حكمه حكم الأضحية، إذا كان نفل. طالب. . . . . . . . . يؤكل منه ويتصدق ويهدى، إذا كان نفل أو كان هدي متعة وقران، بمعنى أنه هدي شكر، وليس بواجب بسبب محظور. طالب. . . . . . . . . نعم هم يقولون: فإن أكلها كلها إلا أوقية جاز، فإن أكلها ضمنها، يضمن الأوقية. والنذر يا شيخ؟ النذر على حسب ما وقر في نفسه وقت النذر، إن كان نذره للفقراء والمساكين لا يجوز له أن يأكل. طالب. . . . . . . . . يضمن، يضمن جزءاً منها للمساكين، يضمن جزءاً منها للمساكين. طالب: يغرم منها شيئاً يا شيخ؟ كيف؟ طالب: يغرم منها شيئاً؟ إذا أكلها كلها، يضمن للمساكين نصيبهم. باقي وقت للأسئلة؟ يقول: من حج عن غيره -يعني متمتعاً أو قارناً ممن يلزمه الهدي- ونفذت نفقة الحج التي معه قبل أن يهدي، فمن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، الموكِل أو الموكَل؟

باب الغسل للمحرم:

الأصل الموكَل هو الذي يصوم، لا سيما إن حج بأجرة، على أن الحج لا يتجزأ من تولى بعضه يتولى الباقي، فمن حج عن غيره يلزمه أن يصوم عنه. يقول: هل يجوز التحلل بفعل واحد من أفعال الحج؟ هذا عند جمع من أهل العلم، وهو مأخوذ من قول عمر -رضي الله عنه- أنه يتحلل بواحد، لكن جمهور أهل العلم على التحلل باثنين، فإذا رميت وحلقت فقد حللت. هل كل من ساق الهدي يلزم بالتمتع؟ ولماذا؟ يُلزم بعدم التمتع، إنما له أن يقرن وله أن يفرد، والقران في حقه أفضل لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-. طالب. . . . . . . . . يمكن أيش المانع. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . إيه مسنون ساق هديه معه مسنون، يذبحه إذا بلغ محله يوم العيد؟ ولا يحل قبل ذلك. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . صورة حج القارن والمفرد لا فرق بينهما، لكن لو قال: أنا قرنت العام الماضي، وبا أفرد هذه السنة، تقول: لا بد أن تقرن؟! هو ونيته. طالب: وأيش يكون الهدي يا شيخ؟ في حقه مسنون لا، ليس بواجب، نعم. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك ... بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الغسل للمحرم: عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك ابن عباس، يسألك: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه، حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان: اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته -صلى الله عليه وسلم- يفعل". وفي رواية " فقال المسور لابن عباس: "لا أماريك بعدها أبدا". "القرنان " العمودان اللذان تشد فيهما الخشبة التي تعلق عليها بكرة البئر".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين: يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الغسل للمحرم: يعني بعد تلبسه بالإحرام، وليس المراد بهذا الباب الغسل للإحرام، إنما بعد تلبس المحرم بالإحرام هل يغتسل أو لا يغتسل؟ هل يغسل رأسه أو لا يغسل رأسه؟ هذا هو سبب الإشكال الحاصل عند المسور حينما تمارى هو وابن عباس. عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء: والأبواء مكان قريب من مستورة، قريب منها جداً بالأبواء. فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه: ابن عباس يرى أن المحرم يغسل رأسه، والمسور يرى أنه لا يغسل رأسه، ما الذي أورد، أو أورث هذا الإشكال عند المسور؟ أن غسل الرأس مظنة لسقوط بعض الشعر، والمحرم ممنوع من حلق رأسه وما في حكم الحلق، من إسقاط الشعر أو بعضه. فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، وأبو أيوب من كبار الصحابة وخيارهم، ليكون مرجحاً؛ لأن كلاً من ابن عباس والمسور من الصحابة. يقول: فوجدته -يقول عبد الله بن حنين-: فوجدته يغتسل بين القرنين، الآن الخلاف في الغسل أو في غسل الرأس؟ طالب: في غسل الرأس. الخلاف في غسل الرأس. أيها الأحبة في الله ما تبقى من مادة هذا الشريط تتابعونها في الشريط التالي ...

كتاب الحج (5)

عمدة الأحكام - كتاب الحج (5) باب الغسل للمحرم- باب فسخ الحج إلى العمرة- باب المحرم يأكل من صيد حلال الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير يقول: فوجدته يقول-عبد الله بن حنين- فوجدته يغتسل بين القرنين، الآن الخلاف في الغسل أو في غسل الرأس؟ طالب:. . . . . . . . . الخلاف في غسل الرأس، والترجمة: باب الغسل للمحرم، وما يخشى من سقوط الشعر في غسل الرأس يخشى من سقوطه من سائر البدن في الغسل، ولذا رأى المؤلف التعميم في الترجمة، المؤلف عمم الترجمة، لماذا؟ لأن حكم سائر البدن حكم الرأس عند الجمهور. يقول عبد الله بن حنين: فوجدته -يعني أبا أيوب- يغتسل بين القرنين، والقرنان: هما العمودان اللذان هما على جانب البئر تشد فيهما الخشبة التي تعلق عليها البكرة، عمودان إما مبنيان من اللبِن -من الحصى- مبنيان من الحصى، أو من الخشب، وهذا يوجد وذاك يوجد، المهم أنهما عمودان إما من الحصى أو من الخشب، ويكون فوقهما الخشبة التي تكون فيها البكرة، التي يستنبط بها الماء من البئر. البكرة معروفة وإلا ما هي معروفة؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، يسمونها المحالة، نعم صحيح، يسمونها العوام محالة، البكرة التي يستنبط بها، وقد يقال لها: مكرة بالميم. فالمقصود أنها معروفة وليست هي محل الفائدة من الحديث. يقول: وهو يستتر بثوب: هذا من الأدب أن يستتر المغتسل ولو لم يكن بحضرة أحد، أما إذا كان بحضرة أحد يجب عليه أن يستتر، يستر عورته. وهو يستتر بثوب فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، سلمت عليه، هل رد السلام أو ما رد؟ هل في الخبر ما يدل على رد السلام؟ وهل معنى هذا أن المغتسل إذا سلم عليه لا يرد السلام؟ نعم. طالب:. . . . . . . . .

نعم جاء في الأدلة ما يدل على وجوب الرد، النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءته أم هانئ وهو يغتسل -أم هانئ بنت أبي طالب بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءت إليه وهو يغتسل فقالت: السلام عليك يا رسول الله، فسأل عنها فقالت: أم هانئ، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) ولم ينقل عنه أنه قال: وعليك السلام يا أم هانئ، فهل يكتفى بمثل هذا في رد السلام؟ يعني إذا قال شخص: السلام عليكم، تقول له: مرحباً، يكفي؟ ما نقل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد السلام على أم هانئ، إنما قال: ((مرحباً بأم هانئ)) هل نقول: أنه لم ينقل من قبل الرواة اكتفاءً بثبوته في نصوص أخرى، وعلى هذا يجب رد السلام بمثله على الأقل؟ {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] هل نقول: أن مرحباً أفضل من وعليكم السلام؟ نعم. بلا شك، إذن كيف اكتفى -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((مرحباً بأم هانئ))؟ الرواة ما نقلوا، والاحتمال الأقوى أنهم اكتفوا بما ورد من النصوص التي فيها الأمر برد السلام، ولذا رد السلام عند أهل العلم واجب، من أهل العلم من يرى أخذاً من هذا الحديث أن كلمة مرحباً تجزئ في رد السلام. فسلمت عليه فقال: من هذا: لا نأخذ من هذا أن المغتسل لا يرد السلام، يرد، نعم الذي يقضي الحاجة لا يرد السلام؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، والمكان غير مناسب لرد السلام. نعم. طالب. . . . . . . . . أيش هيه؟ طالب. . . . . . . . . من؟ طالب. . . . . . . . . لا، أبو أيوب، المكان طاهر، مكان غسل ما هو مكان قضاء حاجة، هذا مكان غسل وليس بمكان قضاء حاجة، هو طاهر، والغسل مزاولة عبادة ما هو، نعم ما في ما في ما يمنع من رد السلام. طالب. . . . . . . . . جاء في الخبر النهي عن البول في المستحم، وجاء التعليل بأن عامة الوسواس منه، لكن الخبر فيه كلام كونه يشترك المكان لقضاء الحاجة والاغتسال أو الوضوء هذا لا شك أنه يعرض الإنسان لأن يصله شيء من النجاسة، وإن لم يصله شيء من النجاسة ما يسلم من الوسواس، الأصل أن مكان قضاء الحاجة مستقل عن مكان الوضوء، ومكان الغسل.

فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك ابن عباس، يسألك: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل رأسه وهو محرم؟: فأجابه أبو أيوب بالقول أو بالفعل؟ بالفعل، وهو أبلغ، وهو أبلغ. فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه -خفضه وأنزله عن مستوى رأسه- حتى بدا لي رأسه، ظهر رأس أبي أيوب وهو يغتسل. ثم قال لإنسان يصب عليه الماء: في هذا جواز إعانة المغتسل والمتوضئ. اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه: حرك رأسه بيديه، المقصود حرك الرأس وإلا الشعر؟ المقصود شعر الرأس، حرك شعر رأسه، ليس المعنى أنه حرك الرأس باليدين، هز رأسه بيديه، لا، إنما حرك الشعر هكذا لأي شيء؟ لكي يصل الماء إلى أصول الشعر، يحركه. ثم أقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته -صلى الله عليه وسلم- يفعل". وجاء في وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- في مسح الرأس، أنه أقبل بيديه وأدبر، بدأ من مقدم رأسه، واضح وإلا ما هو بواضح؟ أقبل بيديه وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، وهنا قال: أقبل بهما وأدبر، مقتضى أقبل وأدبر أنه بدأ من مؤخر الرأس، مقتضى ذلك أنه أقبل ثم أدبر، أنه بدأ من مؤخر الرأس، لكن الرواية في صفة الوضوء بدأ بمقدم رأسه، ولذا نقول أن الواو لا تقتضي الترتيب، هذا الكلام أقبل وأدبر لا يعني أن الإقبال قبل الإدبار؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب. ابن دقيق العيد في الوضوء يقول: الإقبال والإدبار أمر نسبي، بمعنى أقبل بهما إلى قفاه وأدبر بهما عن قفاه؛ لكي تلتئم الروايات، لكن هذا فيه تكلف، أقول ما يسلم من تكلف هذا الكلام؛ لأن الإقبال واضح ظاهر، والإدبار –أيضاً- واضح وظاهر، فأولى ما يقال أن الواو لا تقتضي الترتيب، وهذه الرواية مجملة فسرها قوله: بدأ بمقدم رأسه. ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل: العوام لهم طرق في كيفية مسح الرأس من باب الاحتياط، وكيفية حك الرأس إذا احتاج إلى حك، نعم، بعضهم إذا احتاج إلى الحك بطرف إصبعه يضربه هكذا؛ يخشى أن يقع منه شيء!! إذا احتيج إلى الحك يحك الرأس أيش المانع، إذا احتيج إلى تنظيفه ينظف، لكن يراعى مسألة سقوط الشعر. طالب. . . . . . . . .

يكد لكن برفق، كد، الحاجة إليه، إذا تشعث يكد، يعني يسرح، لكن برفق بحيث لا يؤدي ذلك إلى سقوط شيء من الشعر، إن سقط شيء من غير قصد هذا أمره ميسور إن شاء الله تعالى. وفي رواية فقال المسور لابن عباس: لا أماريك بعدها أبداً: لا أجادلك ولا أخالفك، ابن عباس معروف أنه من فقهاء الصحابة، المسور نقل عنه بعض المسائل الفقهية لكن ما هو مثل ابن عباس، ليس مثل ابن عباس. المضطرين مثلك ومثل هذا من أجل أن ننهي القدر الباقي إن شاء الله تعالى. باب فسخ الحج إلى العمرة: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "أهل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي، غير النبي -صلى الله عليه وسلم- وطلحة، وقدم علي من اليمن، فقال: أهللت بما أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه: أن يجعلوها عمرة، فيطوفوا ثم يقصروا ويحلوا، إلا من كان معه الهدي، فقالوا: ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟ فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت، وحاضت عائشة، فنسكت المناسك كلها، غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طهرت وطافت بالبيت قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحج فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر: بأن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج}. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب فسخ الحج إلى العمرة: الفسخ: معناه قلب النية ممن أحرم بالحج وحده أو أحرم به مع العمرة معاً يفسخ كلاً منهما إلى العمرة -إلى الأكمل-، فمن أحرم بالحج الأفضل له أن يفسخ هذه النية إلى العمرة، ومن أحرم بهما معاً ولم يسق الهدي الأفضل له أن يقلب النية من الحج المقرون بالعمرة إلى العمرة؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن يجعلوها عمرة. والأمر الأصل فيه الوجوب، الأمر الأصل فيه الوجوب، وقد قال بوجوب الفسخ ابن عباس -رضي الله عنهما- وابن حزم ورجحه ابن القيم، أن من أحرم بهما معاً وليس معه هدي يجب عليه أن يفسخ إحرامه ويجعلها عمرة؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام-.

وجماهير أهل العلم على أن الفسخ سنة، وليس بواجب، ومن أهل العلم من يرى أن الفسخ والأمر به وتغيير النية خاص بالصحابة في تلك الحجة، لكن جاء ما يدل على الخصوصية وفيه كلام لا يثبته الإمام أحمد وغيره الخبر، وأصح منه قول سراقة ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بل لأبد الأبد)) فدل على عدم الخصوصية، فمن أهل بهما معاً يفسخ نسكه ويجعلها عمرة، فإذا انتهى من أفعالها أهلَّ بالحج، لكن إن ضاق عليه الوقت ولم يستطع أن يؤدي العمرة إلا بفوات الحج فلا مانع من أن يدخل الحج على العمرة فيصير قارناً، ومثله لو حاضت المرأة وضاق عليها الوقت بحيث لا تتمكن من أداء العمرة كعائشة تدخل الحج على عمرتها فتصير قارنة. عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "أهل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالحج، وظاهره أنه حج مفرد، وظاهره أنه حج مفرد، وجاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً، وسبق الجواب عن ذلك، لكن من أهل العلم من يرى أنه أهل بالحج مفرداً في أول الأمر ثم قيل له بعد ذلك: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: "حجة بعمرة": يعني أقرن بينهما. وليس مع أحد منهم هدي غير النبي –عليه الصلاة والسلام-: عرفنا سابقاً أنه ساق الهدي من ذي الحليفة، وطلحة بن عبيد الله. وقدم علي من اليمن، فقال: أهللت بما أهل به النبي –عليه الصلاة والسلام-: وسبق الكلام فيمن أهل بمثل ما أهل به فلان، والاحتمالات التي أوردناها بالأمس من احتمال كونه لا يجد فلان الذي أهل بمثل ما أهل به، واحتمال أن يكون فلان لم يحج في هذه السنة، ماذا يصنع؟ يقلبه إلى أفضل الأنساك، نعم؟ فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه: أن يجعلوها عمرة، فيطوفوا ثم يقصروا ويحلوا، إلا من كان معه الهدي، يطوفوا ثم يقصروا ويحلوا، ما فيه ويسعوا؟ فيه وإلا ما فيه؟ يعني يكفي أن يطوف المعتمر ويقصر ويحل، أو لا بد من السعي؟ لا بد من السعي، وهو ركن من أركان الحج والعمرة، وقيل بوجوبه، لكن المتجه أنه ركن.

لم يذكر هنا السعي، أو ذكر بما يشمله مع الطواف فيطوفوا، يعني بالبيت وبين الصفا والمروة، فالطواف أعم من الطواف بالبيت فقط، هذا اللفظ: فيطوفوا: يتناول الطواف بالبيت ويتناول أيضاً الطواف بين الصفا والمروة، {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة]، فالسعي طواف؟ ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي، إلا من كان معه الهدي. فقالوا: ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟: استبعاد، جاءوا للنسك وتلبسوا بالنسك ومن مقتضيات هذا النسك اعتزال النساء، وبعد ذلك يقال لهم: حلوا الحل كله، استبعدوا فقالوا مثل هذا الكلام، ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟! فبلغ ذلك النبي –عليه الصلاة والسلام- فقال: مبالغة وتأكيد في أن ما أمرهم به أفضل: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت)): فهذا يدل على تفضيل التمتع على القران. وحاضت عائشة، فنسكت المناسك كلها؛ لأمره -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعل الحاجّ، غير ألا تطوفي بالبيت)): تأثرت لما حاضت، طمأنها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لها: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) يطمئنها. فنسكت المناسك كلها: هذا التعميم يدخل فيه السعي أو ما يدخل؟ نعم، يعني هل للحائض أن تصل إلى المسعى وتسعى ولا يبقى عليها إلا الطواف؟ نعم؟ طالب: ظاهره كذا. الظاهر كذلك، لا سيما والمسعى ليس من البيت، إلا على قول من يشترط للسعي تقدم الطواف؛ جمع من أهل العلم يرون أن السعي لا يصح إلا بعد طواف ولو مسنون، المعتمد عند الحنابلة وغيرهم، هذا بالنسبة للسعي، ظاهر، لكن هل يتجه قول من يقول: أن الحائض تقرأ القرآن من هذا الكلام، من هذا التعميم، أو فيه بُعد؟ نعم، نسكت المناسك، ((افعلي ما يفعل الحاج)) الحاج يقرأ قرآن، نعم، ليس من أعمال المناسك، وإن استدل به بعضهم لكنه بعيد، بعيد جداً، استدلالٌ بعيد جداً. فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت؛ لأنه قال لها: ((غير ألا تطوفي بالبيت))، والحائض لا تطوف بالبيت مهما كان ظرفها، ومهما ترتب على فعلها.

شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أورد احتمالات، قال: "هذه الحائض إما أن ترجع -والمسألة مفترضة في امرأة جاءت من بعيد- إما أن ترجع إلى بلدها بغير طواف، أو تجلس وتحبس الرفقة ويتضررون، ثم جاء بالتيسير، والمشقة تجلب التيسير. نعم المشقة تجلب التيسير، لكن كيف تجلب مثل هذا التيسير، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟ ))؟! هذا دليل على أن الحائض تحبس الرفقة، نحن نقول: لا، لا تحبس الرفقة يمشون، تطوف ويمشون! الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟ )) على ما سيأتي، دليل على أن الحائض تحبس الرفقة، وأيش المانع، ركن من أركان الإسلام لا بد من إكماله، والطواف ركن من أركان هذا الركن. طالب:. . . . . . . . . تجلس وتطوف أو تذهب وترجع؟ هذا ركن من أركان ركن من أركان الإسلام. طالب:. . . . . . . . . ترجع ما ترجع الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟ )) دليل على أيش؟ على أنها تحبس، أيش المانع، نعم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ لا، لا ما يقبل التوكيل، لا، تذهب وترجع، تجلس، المقصود أنها لا بد أن تطوف. طالب. . . . . . . . . من طافت وهي حائض، الكلام على وضعها هي ومن أفتاها، هل أفتاها من تبرأ الذمة بتقليده، أو اجتهاد منها؟ أخذت بفتوى من تبرأ الذمة بتقليده يتحمل يتحمل. طالب. . . . . . . . . لا، وقوعها تقع، ما عندنا إشكال أنها تقع، يعني يفترض أن هذه المرأة وقومها من أقصى المشرق أو من أقصى المغرب، وعندهم تحديد وورائهم متابعة من قبل .. ، مسألة إقامة محددة وكذا وطيران والمشقة حاصلة، لكن مهما كانت المشقة والرسول يقول: ((أحابستنا هي؟ )) يعني نص في الباب، ما في اجتهاد مع هذا النص. طالب. . . . . . . . . هذا سيأتي -إن شاء الله تعالى- لكن ((أحابستنا هي؟ )) نص في الباب كيف نجتهد مع وجود هذا النص؟ يعني القائل شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام شيخ الإسلام ما أحد يماريه في إمامته، لكن لا اجتهاد مع مثل هذا النص.

غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طهرت طافت بالبيت قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحج؟: عائشة -نوع النسك الذي أدته ظاهر هذا الكلام أنها، أنها أيش؟ أنطلق بحج، مفردة، ويؤيده قوله في بعض الروايات: ((ارفضي عمرتك)) لكن الذي دلت عليه النصوص أنها كانت قارنة- إذن كيف تنطلق بحج؟ نعم؛ لأن القارن صورة عمله مثل صورة المفرد، ((ارفضي عمرتك)) المستقلة، أما العمرة الداخلة في الحج، الحج القارن موجودة. طالب. . . . . . . . . مستقلة، إيه، مثل هذا لا بد من رفضه، لا بد من رفضه وإدخال الحج عليه إذا حاضت وهي في مكة. طالب. . . . . . . . . سواء، أبداً في الصورة ما في فرق. فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر: أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج}: أمر عبد الرحمن بن أبي بكر: أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج، وفي هذا دليل على جواز إنشاء العمرة من مكة، جواز إنشاء العمرة من مكة، ومع وجود مثل هذا الدليل لا ينبغي أن ينازع فيه، كونه جبر لخاطرها ... هذا تشريع عام، حكمه على الواحد حكمه على الجميع -عليه الصلاة والسلام- لكن إذا سئل عن الأفضل أو عدمه، مسألة ثانية، يعني هل يخرج المكي ويؤدي عمرة، أو الآفاقي الذي جاء وأدى عمرة، هل يخرج ثانية وثالثة، أو يمكث في البيت يطوف ويصلي ويتلو القرآن؟ مسألة أخرى، لكن كون الإنسان في مكة ويخرج لإنشاء عمرة ثانية ما الذي يمنع؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمرها من التنعيم. أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت: دل على أن عمرة المكي من الحل، ولذا أمر أخاها أن يعمرها، أن يخرج بها إلى التنعيم -مع أنه -عليه الصلاة والسلام- مع صحابته الكرام في الانتظار في انتظارها- فعمرة أو إحرام، عمرة المكي من الحل، وعلى هذا جماهير أهل العلم، وعلى هذا يكون قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((حتى أهل مكة من مكة)) خاص بالحج ما الذي أخرج العمرة؟ هذا النص. المقصود الذي ينشئ من مكة -عمرته من مكة- لا بد أن يخرج إلى الحل، أما الحج فلا يحتاج إلى أن يخرج إلى الحل. فاعتمرت بعد الحج. الحديث الذي يليه. طالب. . . . . . . . .

لو استقبلت: تمني من النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا تمني خير، لا يدخل فيما جاء في (لو) أنها تفتح عمل الشيطان. طالب. . . . . . . . . هو ينتظر مع صحابته، ليش ما في مشقة؟ طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . ما الذي يدل على أنه ما فيه اضطرار؟ طالب. . . . . . . . . سيأتي، غضبه -عليه الصلاة والسلام- لمن حاضت بعد ذلك فقال: ((أحابستنا هي؟ عقرى حلقى)) هذا ما فيه مشقة؟ أحسن الله إليك. عائشة على هذا ما هو نسكها؟ كيف؟ عائشة؟ نسكها، نسكها القران، ثم بعد ذلك جاءت بعمرة مفردة ليرتاح خاطرها، لتكون مثل بقية الصحابة جاءوا بعمرة مفردة وحج مفرد. طالب. . . . . . . . . لكن عندنا هذا أصل، أصل قائم برأسه، أصل، لكن كونه أفضل أو ما هو بأفضل مسألة ثانية، نقول: ليس من هدي السلف أنهم كرروا وفعلوا، لكن عندنا أصل يعمل به من يخرج من مكة ويأتي بعمرة، يكفي هذا في التشريع، لكن مسألة كونه أفضل من غيره مسألة أخرى، المفاضلة تأتي. طالب. . . . . . . . . من اليمن جاء، على حسب علمه، هذا جابر على حسب علمه. عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "قدمنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نقول: لبيك بالحج، فأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعلناها عمرة". هذا كسابقه، فيه الأمر بفسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي، نعم. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه صبيحة رابعة من ذي الحجة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فقالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: ((الحل كله)). وهذا أيضاً فيه ما تقدم من الأمر بفسخ الحج إلى العمرة، وأنهم يحلون الحل كله بين النسكين، ولا مانع من أن يذهب أحدهم إلى منى وقد قارف زوجته على ما تقدم، نعم. وعن عروة بن الزبير قال: "سئل أسامة بن زيد -وأنا جالس- كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسير حين دفع؟ فقال: كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص". "العنق " انبساط السير. و" النص " فوق ذلك.

عن عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- قال: سئل أسامة بن زيد: حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن حبه، وكان رديفه في الانصراف من عرفة إلى مزدلفة. سئل أسامة بن زيد –وأنا جالس- كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسير حين دفع، يعني من عرفة إلى مزدلفة؟ قال: كان يسير العنق. العنق: ضرب من السير، انبساط وفيه شيء من التأني، وهذا هو الأصل في الأمور كلها، حتى في الأمور التي يظن أنها محل للعجلة والخفة كالجهاد، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعلي، حين بعثه إلى خيبر قال: ((امض على رسلك)) الرفق لا يأتي إلا بالخير. كان -عليه الصلاة والسلام- يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص، أسرع قليلاً؛ لأن السير على الدابة فيه شيء من المشقة عليه وعلى أصحابه، السير على الدواب فيه مشقة، فائدة النص هذا اليسير يسرع قليلاً؛ لكي يرتاح من عناء الركوب على الدابة، الذي حكمه حكم السفر، والسفر قطعة من العذاب. فيسير العنق: هذا هو الأصل في سيره -عليه الصلاة والسلام- لا سيما في الزحام، وإذا وجد فجوة -فرجة متسع- يسرع قليلاً؛ ليرتاح من عناء الركوب ويريح أصحابه -عليه الصلاة والسلام- وهذا بخلاف ما عليه الناس اليوم. كلكم شاهدتم ما يحصل بعد النفير من عرفة، من تصرفات من سرعة وطيش، من حوادث ورفع أصوات، وأحياناً مضاربة، يحصل مضاربة أحياناً والحوادث كثيرة، كل هذا مخالف لهديه عليه الصلاة والسلام. هل في الحديث ما يدل على السرعة إذا كان الطريق خالياً؟ إذا وجد فجوة نص؛ لأن بعض الناس يستدل بهذا، يمشي مائة وخمسين ومائة وستين ومائة وثمانين ويقول: الرسول -الطريق فاضي- إذا وجد فجوة نص؟، كمقدار النص، نعم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . .

هو يذكر عن الشيخ وعن غيره أيضاً، يذكر عن الشيخ وعن غيره، لكن الآثار المترتبة على هذه السرعة يأتي أمور ويطرأ أمور لا يحسب لها حساب، نعم، إما من نفس المركبة التي يركبها، أو من إنسان يخرج عليه وهو لم يحسب له حساب، المقصود أن الخطر وارد، فليس فيه دليل نعم، النص فوق العنق، يعني يفترض أنه إذا كان الزحام تمشي أربعين خمسين نعم إذا وجدت فرجة زد، لا بأس لكن ما تصل إلى حد يضر بك أو بغيرك، الله المستعان، وهذه عامة الناس وهو جالس بالأرض يقرر كلام نظري، لكن إذا ركب السيارة تغير وضعه، نعم، الناس في الطرقات إذا وقفوا ثم مرت السيارات بسرعة اندهش، كيف الناس يسرعون هذه السرعة؟ يدهش، لكن مجرد ما يركب سيارته يتقدمهم، الكلام النظري سهل، لكن الكلام على التطبيق، من يملك، وهي عادة الإنسان على ما تعود، الإنسان على ما تعود، السرعة في السير، السرعة في الحركة، السرعة في جميع التصرفات عادة، السرعة في القراءة عادة، بعض الناس يتمنى أن يتريث ويترسل ويرتل ويتدبر لكن ما اعتاد ذلك، يبدأ بالسورة على أساس أنه يتدبر، ثم لا يدري إلا وقد انتهت السورة، فهو على ما اعتاد، فعلى الإنسان أن يوطن نفسه على الرفق والهدوء في جميع أموره، والرفق لا يأتي إلا بخير. والله المستعان، نعم. طالب: أحسن الله إليك، سؤال: العمدة أوسع من البلوغ. كيف؟ يقول: هذا الحديث بعض الأحاديث ليست في بلوغ المرام؟ يعني في العمدة ما ليس في البلوغ، وفي البلوغ وهو أكثر ما ليس في العمدة. باب حكم تقديم الرمي والنحر والحلق والإفاضة بعضها على بعض: الترجمة هذه ليست من أصل الكتاب، الترجمة ليست من أصل الكتاب نعم، وضعها الشارح. ذكر في الحاشية. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال: رجل لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ قال: ((اذبح ولا حرج))، وقال الآخرة: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال: ((ارم ولا حرج))، فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)). ابن عمر، ابن عمر، أيش اللي عندك؟ ابن عمرو؟

يقول: نبه عليه في فتح الباري، يقول الشيخ ابن بسام: يقول: والحق أنه كما وضعناه عبد الله بن عمرو بن العاص كما نبه على ذلك الحافظ في فتح الباري. لكن الكلام على أصل الكتاب، وهذا يأتي فيه ما سبق من التصرف في الكتب، يورد كما هو، وينبه على الصواب في الحاشية، الكلام على ما في أصل الكتاب. يعني يثبت وضع المؤلف؟ يثبت كما في الأصل. طالب: وينبه على الخطأ وينبه على الخطأ. عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع يوم العيد، فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح: والأصل أن يذبح قبل أن يحلق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بدأ لما وصل إلى منى بالرمي، ثم بعد ذلك النحر، ثم بعد ذلك الحلق، ثم الطواف، على هذا الترتيب. لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح: قال: ((اذبح ولا حرج)) وقال الآخر: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: ((ارم ولا حرج)): تقديم هذه الأعمال التي هي من أعمال يوم النحر، الرمي، النحر، الحلق، الطواف، تقديم بعضها على بعض من هذا الحديث ((افعل ولا حرج)) لا بأس به، لكن هل هو مقيد بالنسيان، والجهل؟ أو أنه رخصة حتى لمن عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رتب هكذا وقال: ((خذوا عني مناسككم)) نعم. إذن قوله لم أشعر. طالب. . . . . . . . . نعم، هذا واقع السائل، هذا واقع السائل، وقوله ((ولا حرج)) يوحي بأن هذا أمر عام، يؤيد ذلك القاعدة العامة، ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) هذه القاعدة تتناول الجاهل والناسي والعامد والذاكر، ما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) نعم. الحديث الذي يليه. طالب. . . . . . . . . السعي والطواف، تقديم السعي على الطواف يدخل في القاعدة العامة، وفيه أيضاً الحديث الخاص، حديث أسامة بن شريك نعم، "سعيت قبل أن أطوف" قال: ((افعل ولا حرج))، لكن هل هذا على إطلاقه في كل سعي وطواف، أو ما كان من أعمال يوم النحر، خاص بيوم النحر؟ يعني لو جاء المعتمر فقال: سعيت قبل أن أطوف، نقول افعل ولا حرج؟ أو نقول رتب، نعم. طالب. . . . . . . . .

يعني لو لم يرد إلا هذا الحديث العام قلنا هذا في يوم النحر خاص، لكن الذي قال سعيت قبل أن أطوف، قال: ((افعل ولا حرج))، فدل على أن التقديم والتأخير بالنسبة للطواف والسعي كغيره، وهذا يفيد العموم، يعني لو لم يرد إلا ما سئل ذلك اليوم لقلنا خاص بأعمال النحر. طالب. . . . . . . . . إيه، ((خذوا عني مناسككم)) وهذه الأعمال التي حصلت. طالب. . . . . . . . . لو لم يرد النص الخاص، نعم، لو لم يرد النص الخاص في تقديم السعي على الطواف لحصل التعارض بين ما سئل عن شيء قدم ولا أخر -بين عمومه المتناول للسعي-؛ لأنه يتناوله بعمومه، والتناول بالعموم ما هو مثل التناول بالخصوص، التناول بالخصوص أقوى، فيتعارض هذا العموم مع عموم قوله: ((خذوا عني مناسككم)) فيحصل التقابل، لكن ورد ما يخصص -ما يدل على تقديم السعي على الطواف بخصوصه- فيتجه هذا لا سيما من حصل منه جهل أو نسيان، أو سأل بعدما حصل، أما إذا سأل قبل حصوله نقول له طف، طف قبل أن تسعى، النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف قبل أن يسعى. طالب. . . . . . . . . هذا ما فيه إشكال، ما سئل عن شيء قدم من عرفة أو من مزدلفة، سهل، المشقة تجلب التيسير، ومثل هذه المشقة الشديدة تجعل الأمر في سعة لا سيما وقد جاء الترخيص بذلك نعم. طالب. . . . . . . . . ذكرنا سابقاً أن أهل العلم يقولون: لا بد أن يقع السعي بعد طواف، ومنهم من يشترط الموالاة بينهما؛ لأنه حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- هكذا بالموالاة، طاف صلى الركعتين ذهب إلى الصفا مباشرة، لكن لو كان هناك مبرر للفصل، تعب في المطاف ثم أراد أن يرتاح ثم يستأنف، هذا لا مانع، لا مانع إن شاء الله تعالى، نعم. طالب. . . . . . . . . بالنسبة لأيش؟ طالب. . . . . . . . . أي مسجد، تقصد المسجد الحرام، هو الذي تترتب فيه أحكام. طالب. . . . . . . . . لا، لا له معالم، المسجد له معالم، له معالم لكن حده من جهة المسعى المسعى، المسعى خارج المسجد. طالب. . . . . . . . . المسعى، المسعى وادي، المسعى وادي. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . .

باب كيف ترمى جمرة العقبة:

المسعى نفسه خارج الحرم، وكان بين المسعى والحرم محلات -دكاكين، بيع وشراء- بين المسعى والمسجد، لا، لا إلى الآن لم يدخل المسعى في المسجد، بدليل تصور وضعه الآن، شوف الخارطة كيف، هل المسجد محيط بالمسعى؟ المسعى في جهة ممتد في جهة والمسجد في جهة أخرى. طالب. . . . . . . . . هذه إذا اتصلت الصوف فلا بأس، يعني حكمها حكم الشوارع، إذا اتصلت الصوف لا بأس، لكن إذا لم تتصل الصفوف .. خارج المسجد. طالب. . . . . . . . . طافت أيش؟ أيش هيه؟ طالب. . . . . . . . . فصلنا مسألة الحائض أنه لا يجوز لها أن تطوف بحال، ولو حبست، ولو انحبست مهما ترتب على بقائها؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما سيأتي يقول: ((أحابستنا هي؟ )) دل على أنها تحبس الرفقة. نعم الذي يليه. باب كيف ترمى جمرة العقبة: عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي {أنه حج مع ابن مسعود، فرآه يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات فجعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه، ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم}. اللهم صلِّ على محمد. كيف ترمى الجمرة، جمرة العقبة؟: الاتفاق حاصل على أنها إذا رميت ووقع الحصى في مكان الرمي أنه يجزئ من أي جهة كانت، لكن السنة كما قال ابن مسعود: جعل البيت عن يساره ومنىً عن يمينه هكذا البيت ومنى هنا، استقبل الجمرة فرماها بسبع حصيات، هذا من فعله الموقوف عليه، المؤيد بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة وهو النبي عليه الصلاة والسلام". هكذا السنة ترمى جمرة العقبة على هذه الطريقة، فتجعل منىً عن اليمين والبيت عن اليسار وتستقبل، فترمى بسبع حصيات متعاقبة، يكبر مع كل حصاة، وفي هذا جواز -كما قال أهل العلم- إطلاق سورة البقرة، سورة النساء، سورة النحل، وهكذا، ولا يلزم أن يقال السورة التي تذكر فيها البقرة، السورة التي تذكر فيها النساء، وهكذا، وإن قال به بعض السلف. أحسن الله إليكم، يكون وجه الرامي شرقاً؟ الآن منى في أي الجهات؟ عن يمينه جهة الجنوب. الجنوب، والبيت جهة الشمال عن يساره، والغرب من خلفه، إذن تكون جهته جهة الشرق، نعم. طالب. . . . . . . . .

باب فضل الحلق وجواز التقصير:

إيه المناسبة؛ لأن أكثر أحكام المناسك مذكورة في سورة البقرة، ولعظمها ينص عليها، نعم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . جاء في بعض الروايات ما سئل في ذلك اليوم، أنا أقول لو القصد هذه القاعدة، لو لم يرد سوى هذه القاعدة عمومها يتناول تقديم السعي على الطواف، لكنه معارض بعموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((خذوا عني مناسككم)) يبقى تعارض عموم مع عموم، ممكن كون ترجيح أحدهما على الآخر، لكن يبقى أن كونه جاء نص يخص تقديم السعي على الطواف يقوي عموم ما سئل عن شيء في ذلك اليوم قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)). طالب. . . . . . . . . لا، هذا وقوف أيش؟ وقوف للرمي ما هو وقوف للدعاء، هذا وقوف الرمي، نعم. باب فضل الحلق وجواز التقصير: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((والمقصرين)). يعني ما يتعلق بالحلق والتقصير هذا يدل على أن الحلق، وهو استئصال الشعر من أصوله أفضل من التقصير، أفضل من التقصير؛ لأن فيه الدعاء للمحلقين ثلاثاً وفي النهاية قال: ((والمقصرين)) لكن قد يكون التقصير أفضل متى؟ في التمتع، إذا لم يكن بين الحج والعمرة مدة كافية لنبات الشعر. وفي هذا دليل أيضاً على أن الحلق والتقصير نسك، خلافاً لمن يقول أنه إطلاق من محظور وليس بنسك، يعني مثل لبس الثوب، والصواب أنه نسك؛ لأنه رتب عليه ثواب. فقال: ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين ... إلى آخره: والحلق أو التقصير واجب من واجبات الحج والعمرة، والعمرة يلزم أهل العلم من تركه بدم، نعم. طالب:. . . . . . . . . ولو كانت صفر تقصير، ما دام يبقى تبقى الأصول فهو تقصير، إذا بقيت الأصول فهو تقصير نعم. طالب. . . . . . . . .

باب طواف الإفاضة والواداع:

يعني الأخذ، أخذ شيء يسير من جهة واحدة، على كل حال المذاهب معروفة -مذاهب أهل العلم- يكفي ثلاث شعرات عند بعضهم، يكفي ربع الرأس عند بعضهم، نعم، لكن مقتضى الإطلاق هنا ((والمقصرين))، يقتضي أنه تقصير لجميع الشعر، وعلى هذا يقصر من مجموع الشعر، ولا يلزم أن يكون من كل شعرة بعينها، لكن المجموع يكفي، نعم. طالب. . . . . . . . . من فعل هذا وقد اقتدى بإمام، أو فعل وهو جاهل ولم ينبه نرجو ألا بأس إن شاء الله. طالب. . . . . . . . . ما دام في مكانه يؤمر به نعم. طالب. . . . . . . . . في النسكين العام، نعم لا العام. تفضل، تفضل طالب. . . . . . . . . وين؟ طالب. . . . . . . . . تقول: اللهم صلِّ على محمد. طالب. . . . . . . . . هذا زيادة، زيادة زيادة، لكن في غير هذا الموضع، امتثال الأمر في آية الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] يتم بقولك: صلى الله عليه وسلم، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، يتم بالجمع بين الصلاة والسلام، إن أفرد السلام دون الصلاة أو العكس أطلق بعضهم الكراهة، وخص الأكثر الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، إذا زدنا على ذلك فلا نقتصر على الآل، فإذا قلنا وآله لا بد أن نقول وصحبه، لماذا؟ لأن الاقتصار على الآل صار شعاراً لبعض المبتدعة، كما أن الاقتصار على الصحب دون الآل شعاراً لقوم آخرين من أهل البدع، فإذا زدنا على النبي -عليه الصلاة والسلام- نقول: وعلى آله وصحبه، لنخالف المبتدعة كلهم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . الآل إن عطف عليه الصحب فالمراد به أزواجه وذريته كما جاء في الحديث، وإن أفردوا فالمراد بهم أتباعه، لكن التنصيص على الصحب مخالفةً للمبتدعة فهو متعين، مسلك عند أهل السنة منهج، مخالفة أهل البدع. نعم. طالب. . . . . . . . . هذه زيادة، زيادة منهم من يثبتها باعتبار أنها زيادة من ثقة، ومنهم من يحكم عليها بالشذوذ، لكن لا مانع من قولها. باب طواف الإفاضة والواداع:

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "حججنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض، فقال: ((أحابستنا هي؟ )) فقالوا: يا رسول الله، إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: ((اخرجوا)). وفي لفظ: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((عقرى، حلقى، أطافت يوم النحر؟ )) قيل: نعم. قال: ((فانفري)). نعم حديث عائشة وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض". الحديث الأول عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: طالب. . . . . . . . . نعم النساء ليس عليهن حلق، وإنما عليهن التقصير، من كل ضفيرة قدر أنملة، كما قرر أهل العلم. طالب. . . . . . . . . ما يلزم قدر أنملة، لكن هذا تحديد من أهل العلم لينضبط؛ لأنه لو ترك زاد بعضهن زيادة وبعضهن نقص، فمن باب الضبط فقط. الحديث تقول عائشة -رضي الله عنها-: "حججنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأفضنا يوم النحر، المراد: طفنا طواف الإفاضة يوم النحر، فحاضت صفية فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض، فقال: ((أحابستنا هي؟ )). قالوا: يا رسول الله، إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: ((اخرجوا)): فهذا دليل على أن الحائض تحبس الرفقة، وهو نص في الباب لا يقابل بأي اجتهاد. وفي لفظ: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: يريد صفية ((عقرى، حلقى))، دعاءً عليها بأن يصيبها الله -سبحانه وتعالى- في حلقها، دعاء عليها، هذه لما حاضت دعا عليها، مثل هذا الأسلوب بعض أهل العلم يقول: أنه لا يراد الدعاء، وإنما يقال في مثل هذه المناسبة من غير قصد للدعاء، مثل: ((تربت يمينك))، نعم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . .

مثل ثكلتك أمك، المقصود أن مثل هذه الأدعية لا يراد بها حقيقة الدعاء، لكن قد يقول قائل: لما حاضت عائشة وتأثرت، طمأنها النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال لها: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) يسليها بذلك، ولما حاضت صفية قال: ((عقرى حلقى)) ما سبب التفريق؟ هل هذا فيه ما يدل على جواز تفضيل بعض النساء على بعض؟ في مثل هذه المعاملة، وإلا المعاملة القلبية مفروغ منها، كون بعضهن أحب من بعض هذا شيء مفروغ منه، نعم. طالب. . . . . . . . . نعم، بخلاف حيض صفية، عائشة -رضي الله عنها- حاضت قبل الدخول بمكة، وهناك متسع من الوقت، تطهر فيه قبل أن يرجعوا، وحينئذ لا تتسبب في تأخيرهم وحبسهم، أما حيض صفية فإن حبستهم فسببه تفريطها، لماذا لم تطف مع صواحبها، فإذا حاضت ولم تطف مع صواحبها تسببت في تأخيرهم، فرق بين امرأة تحيض مع عدم الحاجة إليها، في رجوعهم، وبين من تحيض في وقت هم محتاجون إلى الرجوع فيه، ولذا اختلف الأسلوب، هذا سبب اختلاف أسلوبه -عليه الصلاة والسلام- حينما سلى عائشة وحينما قال لصفية: ((عقرى حلقى)) قد يتبادر إلى بعض الأذهان أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عامل عائشة معاملة تختلف عن معاملة صفية، لكن مرده ما ذكرنا، أن حيض عائشة لا يتسبب في تأخيرهم، بخلاف حيض صفية، والحيض كتبه الله على بنات آدم، سواءً كان سبباً في التأخير أو لم يكن سبباً، لكن الطباع البشرية كلها، النفوس مجبولة على حب ما يواكب ويناسب ويمشي مع مصالحها، وأيضاً كراهية ما يعارض إراداتهم ولو كان شيئاً جبلياً. طالب. . . . . . . . . لا، هو إذا نظرت إلى المسألة يعني نظرة عابرة من دون تأمل، كيف قال لهذه هذا شيء، يسليها، ((هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) ويقول لهذه: ((عقرى حلقى)) سببه ما نص عليه: ((أحابستنا هي؟ )) نعم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . أيش فيه، يأتي هذا الذي بعده حديث طواف الوداع. نعم. طالب. . . . . . . . . طافت، حاضت قبل. طالب. . . . . . . . . يعني مثل هنا، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض.

الرسول -عليه الصلاة والسلام- يطوف على نسائه فكونه يريد واحدة لا يؤثر على الثانية؛ لأنه سوف يطوف عليها أو قد طاف عليها قبل ذلك، المقصود أنه من خصائصه أنه يطوف على نسائه في اليوم الواحد. عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض": أمر الناس: والآمر من هو؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الناس، وحذف الفاعل للعلم به، وهذا هو الأصل في مسائل الشرع، أن الآمر والناهي هو النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قال الصحابي أمرنا أو نهينا فهو مرفوع. أمر الناس أن يكون آخر عهدهم البيت: متى أمروا؟ بعد حجة الوداع؟، أن يكون آخر عهدهم بالبيت، يكون آخر عهدهم بالبيت، الصلاة؟ يمرون البيت يصلون ويمشون؟ آخر عهدهم بالبيت أيش؟ طالب: الطواف. الطواف، كما صرح به في بعض الروايات، فلا يكفي أن يأتي البيت فيصلي ويمشي، لا يكفي أن يأتي البيت يشرب ويمشي، لا يكفي أن يأتي البيت ويقرأ القرآن ويمشي، لا، لا بد أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف، ولذا كان آخر العهد بالبيت لا بالمسجد، والعبادة المتعلقة بالبيت هي الطواف، وجاء مصرحاً به في بعض الروايات، والأمر هذا إنما جاء في حجة الوداع، ولم يأمر به النبي -عليه الصلاة والسلام- في عُمَرِه كلها، ولذا المرجح عند جمع من أهل العلم بل عند أكثر العلماء أن طواف الوداع إنما يجب على الحاج دون المعتمر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر أكثر من مرة ولم يأمرهم بوداع؛ ولأن عائشة اعتمرت بعد حجها ولم تؤمر بوداع. المقصود أن المسألة لا تسلم من خلاف، وطواف الوداع واجب بدليل التخفيف عن الحائض، ومن أهل العلم من يقول أنه سنة بدليل التخفيف على الحائض؛ إذ لو كان واجباً لما خفف عنها كغيرها، بل تنتظر لكن الصواب أنه واجب يأثم بتركه، ويلزمه أهل العلم بالدم إذا تركه، لكن هذا خاص بالحج دون العمرة. الدليل يا شيخ أحسن الله إليك؟ طالب. . . . . . . . . يطوف طواف الوداع ما صار آخر عهده بالبيت، صار آخر عهده بالمسعى، يطوف للوداع. طالب. . . . . . . . .

أنت الآن تقول: يؤخر الطواف والسعي معاً، طواف الحج، ثم يطوف للحج ويسعى ويمشي، هل هذا آخر عهد بالبيت؟ يعني لو طاف للوداع، أخر رمي الجمرة في آخر يوم ثم ذهب وطاف للوداع ورجع ورمى الجمرة ومشى، يكون آخر عهده بالبيت وإلا بالجمرة؟ طالب: بالجمرة. بالجمرة، إذا طاف للإفاضة، وقلنا إن العبادات تتداخل يدخل في طواف الوداع، ثم سعى بعده آخر عهده بالبيت وإلا بالمسعى؟ آخر عهده بالمسعى، فالأصل ألا يجزئ مثل هذا عن طواف الوداع، لكن المشقة تجلب التيسير، بعض أهل العلم يقول: إذا كان هناك سعة وأمكن أن ترجع لتطوف للوداع وإلا يرجى أن يكفي -إن شاء الله تعالى- هنا مشقة عظيمة، مشقة هائلة. طالب. . . . . . . . . في آخره، لا بأس أيش المانع. طالب. . . . . . . . . هذا تقدم الخلاف في أشهر الحج، هل المراد شوال والقعدة والحجة كامل، أو ذي الحجة العشر الأول منه، خلاف معروف عند أهل العلم، مالك يرى أنه شهر كامل وغيره يقولون إن هي إلا عشر، نعم. أحسن الله إليك: التخفيف عن الحائض، إلا أنه خفف عن الحائض. يدل على يعني لا تطوف. طالب: نعم خشية من تلويث؟ من أن تحبس، يتضرر أصحابها بحسبها إياهم. لكن أيضاً ما يتعلق بتلويث المسجد؟ تلويث المسجد، هذا سهل يمكن القضاء عليه، لكن سببه أن الحائض لا يصح منها الطواف. طالب: من أجل الطهارة؟ نعم من أجل الطهارة، شرط عند جمع من أهل العلم، لكن يبقى أن الحائض فيها نص، يعني لو اختلفنا في الطهارة في الحدث الأصغر، لا ينبغي أن يختلف في مثل الحيض. باب وجوب المبيت بمنى: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى؛ من أجل سقايته، فأذن له". نعم المبيت بمنى من واجبات الحج، ومن أدلة الوجوب كون النبي -عليه الصلاة والسلام- بات بمنى وقال: ((خذوا عني مناسككم))، وكونه أيضاً رخص للسقاة والرعاة أيضاً قي ترك المبيت، فدل على أن غيرهم يلزمه المبيت، والمبيت بمنى هذا القول الوسط فيه -أنه من واجبات الحج-. من أهل العلم من يرى أنه سنة، ومنهم من يرى أنه ركن، لا يصح الحج إلا به، لكن القول الوسط في هذه المسألة أنه من واجبات الحج.

باب جمع المغرب والعشاء في مزدلفة:

والمقصود بالمبيت بالليل، يعني لو ترك منى بالنهار لا يلزمه شيء، ولو ترك الميبت كله لزمه، يلزمه أهل العلم بما يلزم من ترك نسكاً؛ لأن المبيت من النسك. ورخص للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى، لماذا؟ من أجل السقاية، يسقون الحاج، وهذا عمل ورثوه، توارثوه بنو عبد المطلب كابراً عن كابر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينزل فيسقي، فخشي -عليه الصلاة والسلام- أن يغلبوا على السقاية، كل يريد أن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا مما اختص به بنو عبد المطلب، وانتقل منه إلى العباس لا إلى غيره من إخوانه، نعم. طالب. . . . . . . . . ما في مانع.، الرصيف من منى، يصدق عليه أنه بات بمنى أيش المانع؟ على كل حال إذا لم يجد مكان ووجد أن مبيته بالرصيف يعرضه للتلف، المقصود أن المشقة تجلب التيسير، إذا لم يجد مكان فالعلماء يفتونه بأن يبيت في غير منى لا باس. نعم. طالب. . . . . . . . . المهم المقصود أن المطلوب المبيت بمنى فإذا بات بمزدلفة، خرج عن منى يخرج لأي مكان، ما في فرق. باب جمع المغرب والعشاء في مزدلفة: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المغرب والعشاء بجمع، لكل واحدة منهما إقامة، ولم يسبح بينهما، ولا على أثر واحدة منهما". عنه يعني عن عبد الله بن عمر راوي الحديث السابق أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين المغرب والعشاء، بجمع: يعني بمزدلفة، كما جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، قبل دخوله عرفه؛ ليتوفر له الوقت، ولكونه أيسر لهذه الجموع، يجعل جمع اسم من أسماء المزدلفة؛ لأنه يجتمع الناس فيها. يجعل لكل واحدة منهما إقامة: يعني يجمع بين الصلاتين بإقامتين، ولم يتعرض هنا لذكر الأذان، فالأذان واحد، كما جاء في حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- بأذان واحد وإقامتين، وجاء في بعض الأحاديث أنه أذان لكل صلاة وإقامة لكل صلاة، المقصود أن المرجح عند أهل العلم أنه يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، يقيم لكل واحدة منهما.

ولم يسبح: يعني لم يتنفل بينهما، بين المغرب والعشاء، ولا على إثر واحدة منهما: ولا بعد العشاء يعني لا بعد المغرب ولا بعد العشاء، لماذا؟ لأن هذه الرواتب تسقط في السفر، هذه الرواتب تسقط في السفر، لكن هل صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الوتر ليلة جمع؟ جاء ما يدل على أنه نام حتى أصبح، نام حتى أصبح، في حديث جابر وغيره، هذا يستدل به من يقول بأن تلك الليلة لا صلاة فيها لا قيام ليل ولا وتر ولا نوافل ولا شيء إنما هو صلاة المغرب ثم العشاء ثم النوم. لكن هل يتم الاستدلال بقوله -عليه الصلاة والسلام- نام حتى أصبح أنه لا وتر، مع أنه جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يترك الوتر سفراً ولا حضراً كركعتي الصبح؟؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، لم يتركها هذا الأصل، يبقى النص الذي معنا نام حتى أصبح، يعتريه من الاحتمالات ما يعتريه، أولاً: هذا على حد علم الراوي، وهل سبر الراوي حال النبي -عليه الصلاة والسلام- سبراً تاماً؟ صلى ثم نام حتى أصبح، أمر ونهى ورخص وفعل في تلك الليلة نعم، ولا يمنع أن يكون أوتر وخفي وتره على الراوي، وبعض الناس يسهر تلك الليلة كل الليل في القيل والقال، إذا جاء الوتر قال النبي نام حتى أصبح! ما وجد ما يقتدي به إلا هذا، والله المستعان!! طالب. . . . . . . . . قيامه الطويل المعهود الذي يقرأ في الركعة البقرة ثم النساء ثم آل عمران، ما صلاها؛ لأن هذا لن يخفى على الراوي. نعم. طالب. . . . . . . . . بلا شك؛ لما أمامه من أعمال يوم النحر. طالب:. . . . . . . . . إذا نام غالب الليل، إذا رد، إذا صد عن مزدلفة نعم، محصور نعم. طالب. . . . . . . . . كيف؟ طالب. . . . . . . . . أيش فيها؟ طالب. . . . . . . . . يعني هل الجمع هذا سببه السفر أو سببه النسك؟ إذا كان سببه السفر فلا يجمعون؛ لأنهم غير مسافرين، وإذا كان سببه النسك فإنهم يجمعون، والجمهور على أن السبب السفر، السبب السفر، رأي الحنفية أن سببه النسك فيجمع كل من حج، وكان شيخ الإسلام يستروح إلى هذا -يميل إليه- على كل حال الأحوط في مثل هذا ألا يجمع إلا المسافر لأنه أحوط لصلاته، نعم. طالب. . . . . . . . .

رمي الجمرات، معروف أن الرمي في يوم النحر هو تحية منى وهو أول الأعمال، وهل يجوز قبل طلوع الشمس، قبل طلوع الصبح أو بعد؟ أو لا بد أن يكون بعد طلوع الشمس؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، الأحوط أن يقع بعد طلوع الشمس، لكن إن وقع قبل ذلك فالأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-؛ لأن سبب الترخيص في الانصراف من مزدلفة قبل الصبح يتناول هذا أيضاً. في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر جماهير أهل العلم على أن الرمي إنما يكون بعد الزوال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى بعد الزوال، وقال: ((خذوا عني مناسككم)). طالب. . . . . . . . . ويرميها كلها في آخر يوم؟ طالب. . . . . . . . . عند الحنابلة يجوز له ذلك، وهو أداء أيضاً، وهو أداء وليس بقضاء، لكن عمله -عليه الصلاة والسلام- وترتيبه وتوقيته وجعل كل يوم بيومه في وقت محدد، وقوله: ((خذوا عني مناسككم)) يجعل هذا الأمر في إطار المنع إلا للضرورة القصوى يمكن أن يؤخذ بالرأي الثاني، فالمشقة تجلب التيسير، نعم. طالب. . . . . . . . . إيه، طالب. . . . . . . . . الجميع، الجميع نسك واحد، المبيت كله نسك واحد، فإذا ترك المبيت ثلاث ليالي يلزمه دم، إذا ترك واحدة يتبعض نعم. طالب. . . . . . . . . يعيد، يعيد، نعم. طالب. . . . . . . . . يرمي، الصغرى ثم الكبرى ثم العقبة عن اليوم الأول، ثم يرجع، وهكذا الثاني والثالث؟ طالب. . . . . . . . . الحاجة الحاجة الشديدة، الحاجة. طالب. . . . . . . . . هذا المتنفل، السبحة النافلة، الصلاة نعم، صلاة النفل، نعم؟ طالب. . . . . . . . . لا، لا ليست هذا، مع أن أذكار المغرب إذا جمعت مع العشاء يفوت محلها. طالب. . . . . . . . . لا، الثاني هو يسبح، أما أنه يذكر، فالأذكار سهل انتهى، نعم، المقصود بالسبحة هنا النافلة. نكمل باقي حديثين. باب المحرم يأكل من صيد الحلال:

عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج حاجاً فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم -فيهم أبو قتادة- وقال: ((خذوا ساحل البحر حتى نلتقي))، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم، إلا أبا قتادة، لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر، فعقر منها أتانا، فنزلنا وأكلنا من لحمها، ثم قلنا: أنأكل من لحم صيد، ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحمها فأدركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عن ذلك؟ فقال: ((منكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟ )) قالوا: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فكلوا ما بقي من لحمها))، وفي رواية: ((هل معكم منه شيء؟ )) فقلت: نعم، فناولته العضد، فأكل منها، أو فأكلها". وعن الصعب بن جثامة الليثي -رضي الله عنه- أنه أهدى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً، -وهو بالأبواء، أو بودان- فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم))، وفي لفظ لمسلم "رِجْل حمار" وفي لفظ "شق حمار" وفي لفظ "عجز حمار". قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "وجه هذا الحديث أنه ظن أنه صيد لأجله، والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله". المحرم ممنوع من الصيد، فلا يجوز له الاصطياد. في حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج حاجاً فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة -الذي هو راوي الحديث-. فيهم أبو قتادة، المتكلم من هو؟ هو نفسه، كيف قال فيهم أبو قتادة؟ يقول: وأنا فيهم، هذا الأصل؟ فيهم أبو قتادة هذا الأسلوب يسمى أيش؟ ماذا يسمى؟ نعم طالب:. . . . . . . . . تجريد، تجريد أيش معنى تجريد؟ يجرد المتكلم من نفسه شخصاً يتحدث عنه، عن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعطى رهطاً وسعد جالس، ما قال وأنا جالس، هذا يسمونه أيش؟ تجريد، عن أبي قتادة وفيهم أبو قتادة، يجرد المتكلم من نفسه شخصاً يتحدث عنه. وقال: ((خذوا ساحل البحر حتى نلتقي)): أحرموا وإلا ما أحرموا؟ أبو قتادة محرم وإلا غير محرم؟ غير محرم.

((حتى نلتقي)): فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا يعني بعد ذلك أحرموا، فلما انصرفوا أحرموا كلهم، إلا أبا قتادة لم يحرم: أبو قتادة لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر، فعقر منها أتاناً، أنثى الحمار يقال لها الأتان، أو حمار وحشي مخطط. وأكلنا من لحمها: أكل أصحابه وهم محرمون، كون أبي قتادة يصيد الأتان ويعقرها ويأكل منها، فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ لا إشكال؛ لأنه ليس بمحرم وليس بالحرم، الإشكال في صحبه المحرمين، ولذا استشكل أكلنا من لحمها ثم قلنا: أنأكل من لحم صيد ونحن محرمون؟!: هل يحسن الاستشكال بعد الأكل أو قبله؟ نعم، قبل، الاستشكال قبل الأكل، لكن لعل الدافع إلى الأكل إما شدة الحاجة، أو الذهول والنسيان، يرد هذا. فحملنا ما بقي من لحمها فأدركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عن ذلك؟ فقال: ((منكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟ )): يعني الإعانة، إعانة الحلال على الصيد من قبل المحرم تحرمه من هذا الصيد، قالوا: لا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فكلوا ما بقي من لحمها))؛ لأنه لم يصده محرم، ولم يصد من أجله. وفي رواية: ((هل معكم منه شيء؟ )) فقلت: نعم، فناولته العضد، فأكلها، أكلها لماذا؟ لأنه -عليه الصلاة والسلام- لم يقم باصطيادها ولم تصد من أجله. الحديث الثاني: حديث الصعب بن جثامة الليثي -رضي الله عنه- أنه أهدى إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- حماراً وحشياً، أو رجل حمار أو شق حمار أو عجز حمار -وهو بالأبواء أو بودان- فرده عليه: أكل من صيد أبي قتادة، ورد على الصعب بن جثامة هذا الحمار أو شق الحمار.

فلما رأى ما في وجهه -عليه الصلاة والسلام- جبر خاطره فقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)): إلا أنا محرمون، وهذا محمول، يعني لما أعطاه أبو قتادة، لما أكل من صيد أبي قتادة هل كان محرم أو غير محرم؟ محرم، كيف رد على الصعب، أو جبر خاطر الصعب بن جثامة: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم))؟؛ لأنه نعم استشف من حاله أنه صاده من أجله؛ لا سيما إذا كان الحمار بكامله فالقرينة قوية على أنه صاده من أجله، ولذا قال: أهدى حماراً وحشياً، قرينة إذا كان بكماله أنه صاده من أجله. وفي لفظ "رجل حمار" وفي لفظ "شق حمار" وفي لفظ "عجز حمار". قال المصنف: –يعني للتوفيق بين الحديثين-: "وجه هذا الحديث أنه ظن أنه صيد لأجله، يعني غلب على ظنه أن الصعب إنما صاده من أجله -عليه الصلاة والسلام- فتركه، وأبو قتادة لم يصده من أجله فأكل منه، والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله"، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب البيوع

عمدة الأحكام - كتاب البيوع (1) شرح حديث: (البيعان بالخيار .. ) وباب ما نهي عنه من البيوع ... الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فموضوع الدرس كما لا يخفى في أحاديث البيوع، من كتاب عمدة الأحكام، يمثل الربع الثاني من أرباع الأحكام. والكتاب في أحاديث الأحكام؛ لأن كتب الأحكام سواءً كانت فقهية أو حديثية، بنيت على أربعة أرباع، الربع الأول: للعبادات، والثاني: للمعاملات، والثالث: للأنكحة، وما يتعلق بها، مما يسميه المتأخرون الأحوال الشخصية، والربع الرابع: في الأقضية والجنايات، على هذا يبني أهل العلم كتب الأحكام، سواءً كانت فقهية أو حديثية. والكتاب مختصر، من المتون المختصرة التي دونت في العصور المتوسطة، قد كان التدوين عند أهل الحديث مبني على الإسناد، وذكر الطرق للأحاديث، تنوعت المؤلفات عند المتقدمين، وإن كان يجمعها ما ذكرت، من ذكر الأسانيد والطرق، وإن تنوعت أهداف أربابها وأصحابها. فمما ألف عند المتقدمين: الجوامع التي تجمع ما يحتاج إليه المسلم في جميع أبواب الدين، كالبخاري ومسلم وجامع أبي عيسى الترمذي، وغيرها من الجوامع التي تجمع أبواب الدين مرتبة، ومنها المصنفات والسنن، والموطأت، وهذه متقاربة في ترتيبها، إلا أن السنن عمدتها الأحاديث المرفوعة، والمصنفات يكثر مؤلفوها من ذكر الموقوفات والآثار، إضافة إلى ذكر ما يحتاج إليه من المرفوع. وأما الموطأت ففيها شوب من السنن والمصنفات، فيكثر فيها المؤلف من ذكر أقواله هو، كموطأ الإمام مالك.

كتب الأحكام صورة مصغرة للسنن؛ لأن الهمم قد قصرت وفترت عن التطاول على الكتب المسندة، المشتملة على المكررات، وضعفت الهمم فاحتج الناس إلى الاختصار، فحذفوا الأسانيد والتكرار، من أجل أن يحفظ طلاب العلم ما يستطيعون حفظه من هذه الكتب، استمر الناس على هذه المختصرات حفظاً ودراسة، إقراءً وقراءة، دراسة وتدريساً، حتى دب اليأس إلى قلوب كثير من المتعلمين بالنسبة لحفظ الكتب المسندة لاعتمادهم وتوارثهم هذه الجواد المطروقة عند أهل العلم من المتون المشتهرة عند أهل العلم في كل فن من الفنون، ومن ذلكم الحديث. فصار يندر أن يذكر في ترجمة عالم من أهل العلم أن يقال: حفظ البخاري أو مسلم أو سنن أبي داود أو الترمذي، فضلاً عن مسند أحمد. انبعثت الهمم من جديد فصار الناس يحفظون، ووجدوا الأمر ليس بالمستحيل، فوجد في العصور المتأخرة من يحفظ الكتب الستة بأسانيدها وتكرارها، على كل حال احتيج إلى هذه المؤلفات المختصرة لما ضعفت الهمم، وعرفنا أن كتب أحاديث الأحكام صورة مختصرة للسنن، والسنن تأتي في الدرجة الثانية بعد الصحاح، كما قرره أهل العلم، وهي فوق المسانيد التي رتبها مؤلفوها على أسماء الصحابة من الرواة، والسبب في ذلكم أن صاحب السنن يترجم بحكم شرعي ويستدل له بأقوى ما يجد في الباب، بخلاف صاحب المسند فإنه يترجم بصحابي، أحاديث أبو بكر، أحاديث عمر، أحاديث عثمان -رضي الله عن الجميع-، أحاديث علي، وهكذا، فهو يحشد تحت هذه الترجمة ما يقف عليه من أحاديث، أو ما يصله من أحاديث هذا الراوي، من أحاديث هذا الصحابي، ولا يحتاط مثل احتياط من يترجم بحكم شرعي، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر السنن: ودونها في رتبة ما جعلا ... على المسانيد فيدعى الجفلا كمسند الطيالسي وأحمد ... وعده للدارمي انتقد على كل حال تقسيم هذه الكتب وتبويبها على الأحكام يعني أنها مبنية على الأرباع الأربعة التي سبق أن أشرنا إليها.

وعمدة الأحكام إذا أطلقت انصرفت إلى الصغرى، كما أن سنن النسائي إذا أطلقت انصرفت إلى الصغرى أيضاً، وإلا فالحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي -رحمة الله عليه- له كبرى وصغرى، وعناية أهل العلم بالصغرى؛ لأنه اقتصر فيها على شرطه، وهو أن يكون الحديث مخرجاً في الصحيحين، وإن كان شرطه قد اختل نادراً، لكنه اختل غفلة وذهولاً، فلا تجد في ترجمة من تراجم أهل العلم في القرن السابع والثامن والتاسع إلى يومنا هذا إلا ويقال في ترجمة هذا العالم: حفظ عمدة الأحكام، بعد أن حفظ القرآن حفظ المتون المطروقة التي منها عمدة الأحكام، ولما اتفق الإخوان على أن يكون الشرح لأحاديث البيوع من عمدة الأحكام، ما تم الاستفصال هل المراد الكبرى أو الصغرى؟ لأنه عند الإطلاق ينصرف إلى الصغرى. وقد أحضرت الكبرى معي لنذكر الزائد من الكبرى على الصغرى، وإن لم نسترسل في شرحه؛ ليكون طالب العلم على بينة. فنبدأ، سم. أحسن الله إليكم. بسم الله الرحمن الرحيم. هناك تنبيه يسأل عنه كثيراً بالنسبة لكتب الأحكام أجودها لا شك في أن أصحها عمدة الأحكام؛ لأن مؤلفه اشترط أن يكون من أحاديث الصحيحين، هذا أصحها، ويوجد في غير العمدة ما لا يوجد فيها من أحاديث السنن والبيهقي والدارقطني والمسند غيرها، كما في بلوغ المرام والمحرر والمنتقى وغيرها، فمن أراد أن يقتصر على الصحيح فعليه بالعمدة، مع أنه لا يستغني عن الكتب الأخرى في أحاديث الأحكام كالمحرر والبلوغ، وإن أسعفته الحافظة وعلت به الهمة إلى حفظ المنتقى فهو أجود؛ لأن فيه أربعة آلاف حديث، العمدة لا تصل إلى الثمن من هذا المقدار، يعني أقل من خمسمائة حديث، والله المستعان، نعم. أحسن الله إليك: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب البيوع: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً، أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع)).

شرح حديث: (البيعان بالخيار):

وعن حكيم بن حزام -رضي الله تعالى عنه- قال: ما عندك "وفي معناه"؟ وما في معناه من حديث حكيم بن حزام؟ طالب: النسخة التي عندي تختلف، أنا اطلعت على نسخة أخرى فيها ما ذكرت. على كل حال العمدة طبعت طبعات كثيرة، طبعت ضمن مجموعة الحديث النجدية مراراً في الهند وفي مصر وفي غيرها، طبعت في المنار في مصر، وطبعت في مطابع كثيرة؛ لأن لها قبول عند أهل العلم، وهذه النسخ يوجد في بعضها ما لا يوجد في البعض، ثم طبعت أخيراً، وادعى طابعوها أنهم قابلوها على نسخ، لكن من أجود طبعات الكتاب طبعة الشيخ أحمد شاكر؛ لأنه طبع الكتاب ضمن مجموع ضم ألفية العراقي والتدمرية لشيخ الإسلام، والعمدة، نعم. على كل حال في بعض النسخ: "وفي معناه من حديث حكيم بن حزام" وهو .. ، إلى آخره. "وعن حكيم بن حزام -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) أو قال: ((حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) ". شرح حديث: (البيعان بالخيار): نعم هذا الحديث الأول من أحاديث البيوع، والثاني، والكتاب: مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، ويجع على كُتب، وأصل المادة للجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ويقال لجماعة الخيل: كتيبة، والكلام في هذه المادة مكرور، ذكر في مناسبات كثيرة. والبيوع جمع بيع، وهو مصدر باع يبيع بيعاً، والبيع يشمل النوع الواحد والأنواع، إلا أنه جمع هنا لتعدد أنواعه، وإن كان البيع المصدر يشمل الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة، كما أنهم جمعوا الماء على مياه، وهو اسم جنس تدخل فيه جميع أنواع الماء، لكنهم لاحظوا فيه تعدد الأنواع فجمعوا. مصدر باع يبيع، منهم من يقول: إنه مأخوذ من الباع؛ لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه للآخر لإبرام الصفقة أولاً، ولذا سميت صفقة، ولأخذ المشتري السلعة والبائع القيمة، كل واحد منهما يمد باعه، وعرفنا أن البيع مصدر، وهل يمكن أن يؤخذ المصدر من غيره، أو المصدر هو الأصل الذي تشتق منه؟ نعم، المصدر أصل وإلا فرع؟ أصل. . . . . . . . . . ... وكونه أصلاً لهذين انتخب

كيف يقولون: مأخوذ من الباع؟ والأصل مصدر يؤخذ منه ولا يؤخذ هو من غيره؟ يمكن؟ طالب: كونه يطلق على اليد وهي أصل. الباع يطلق على اليد، لكن البيع؟ قلنا: إن البيع مصدر، والمصدر أصل لجميع المشتقات، والأصل يؤخذ منه، يقول ابن مالك: . . . . . . . . . ... وكونه أصلاً لهذين انتخب يعني للفعل والمشتق، هو الأصل عند البصريين، وإن كان الكوفيون يرون أن الأصل الفعل. على كل حال النقل أو إيجاد هذا اللفظ للدلالة على العقد هو مجرد نقل وليس اشتقاق، وليس من باب الاشتقاق، نضير ما يقال في لفظ الجلالة (الله) هل هو مشتق أو جامد؟ جمع غفير من أهل العلم يقولون: مشتق، يستدرك عليهم بأن الله -سبحانه وتعالى- سابق على كل شيء فمما اشتق؟ يقال: إن هذا من حيث الأوزان والأبنية العربية مشتق، وإن كان الله -سبحانه وتعالى- واللفظ علم على الذات الإلهية لم يسبقه شيء. البيع عرف بأنه: مبادلة مال بمال، قالوا: ولو في الذمة، أو منفعة مباحة، على سبيل التمليك، والبيع له شروط لا يصح بدونها، وفيه شروط، له شروط وفيه شروط، وفرق بين شروط البيع والشروط في البيع، ويأتي التنبيه عليها من خلال الأحاديث اللاحقة. شرح حديث: (إذا تبايع الرجلان .. ): " عن عبد الله بن عمر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إذا تبايع الرجلان)) "

وفي حكم الرجال كل من هو جائز التصرف من امرأة ونحوها، كصبي مميز فيما يسوغ له التصرف فيه، والعبد فيما وكل إليه التصرف فيه، رجلان خرج مخرج الغالب، وإلا فالنساء مثله، الحكم واحد، ((إذا تبايع الرجلان)) التبايع والمبايعة من المفاعلة، تكون من طرفين، تكون من طرفين، فإذا وجد العقد من الطرفين ((فكل واحد منهما بالخيار)) له أن يختار أحد النظرين من إمضاء البيع أو فسخه، وهذا هو معنى الخيار ((ما لم يتفرقا)) بأبدانهما في قول أكثر العلماء، وهو ظاهر الحديث، وإن قال مالك والحنفية: إن المراد التفرق بالأقوال، الظاهر من اللفظ يدل على أن المراد التفرق بالأبدان، ((وكانا جميعاً)) يعني في مكان واحد، هذا دليل على ثبوت خيار المجلس، وهو كالصريح في الدلالة له، وما يجيب به من لا يرى خيار المجلس كالمالكية والحنفية هي مجرد شبه لا ترقى لمعارضة مثل هذا الخبر الصحيح، فهم يحملون التفرق على التفرق بالأقوال، ويقولون -المالكية على وجه الخصوص- يقولون: إنه خلاف عمل أهل المدينة، وعمل أهل المدينة عندهم حجة، ومالك قد روى الحديث، شدد بعضهم في حق الإمام مالك -رحمة الله عليه-، حتى قال ابن أبي ذئب: ينبغي أن يستتاب مالك، يعني لا مندوحة له عن العمل بهذا الحديث، فكيف يحمله على التفرق بالأقوال؟ نعم لو لم يرد من طريقه لقلنا خفي عليه الحديث، لكن ورد الحديث من طريق مالك. كيف يسمى المتعاقدان بيعان؟ وكيف يتم التبايع ما لم يتم العقد بالإيجاب والقبول؟ معنى الحديث عند المالكية والحنفية: ((إذا تبايع الرجلان)) يعني تساوم ((فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا)) يعني بالأقوال، فإذا تفرقا بالأقوال فقد وجب البيع، إذا قال البائع: بعت، وقال المشتري: اشتريت، تفرقا بالأقوال، لكن هل يظهر من السياق أو من دلالة اللفظ ما يؤيد هذا القول؟ الإمام مالك -رحمه الله تعالى- احتج بعمل أهل المدينة، وأن عملهم على خلاف هذا الحديث.

ابن عمر وجمع غفير من الصحابة فهموا من التفرق أنه التفرق بالأبدان، وابن المسيب والزهري وهما من كبار فقهاء المدينة فهموا من التفرق أنه التفرق بالأبدان، فكيف يقال: إنه خلاف عمل أهل المدينة؟ ولو قدر أن أهل المدينة قاطبة خالفوا العمل بالحديث، يلتفت إليهم؟ مع وجود النص الصحيح المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا حجة بقول أحد، فالسنة تقضي على غيرها، ولا يقضى عليها بغيرها، ودعوى تأويل الحديث أن المراد بالتفرق التفرق بالأقوال، نقول: لم يحصل بيع حتى ينظر في هذا التفرق، وإنما يتم البيع ويسمى كل من العاقدين بيعين أو متبايعين إنما يسمى إذا تم الإيجاب والقبول. ابن عمر فهم من الحديث التفرق بالأبدان، ولذا كان -رضي الله عنهما- يمشي خطوات لكي يقطع الطريق على البائع في حالة ما إذا كان مشترياً، أو على المشتري في حالة ما إذا كان بائعاً، يقطع عليه الطريق الموصل إلى الخيار، ويأتي النهي عن مثل هذا العمل، لكن ابن عمر لم يبلغه هذا النهي، هذا المظنون به -رضي الله عنه وأرضاه-، يهمنا أن ابن عمر فهم أن المراد بالتفرق هو التفرق بالأبدان، وليس المراد به التفرق بالأقوال، ولذا لكل من العاقدين المتبايعين الخيار، وما يسميه أهل العلم خيار المجلس، ما داما في مكانهما، وكانا جميعاً كما جاء في الحديث، والتفرق أمر نسبي، فإذا قام كل واحد عن الآخر مولياً إياه دبره، فقد حصل التفرق، وإن كان في بيت فخروج أحدهما تفرق، وإن كان البيت ذا أدوار فطلوع أحدهما أو نزول أحدهما إلى دور آخر يسمى تفرق، وإن لم يخرجا عن البيت، إذا كانا في برية فإذا قام أحدهما وترك المجلس فإنه يعد تفرقاً، وحينئذ يلزم البيع، وليس لأحدهما مندوحة، وليس لأحدهما إبطال البيع إلا بالإقالة. هذا نوع من أنواع الخيار خيار المجلس.

النوع الثاني: أو يخير أحدهما الآخر بإسكان الراء، وهو المعروف بخيار الشرط، إذا اشترط أحدهما الخيار، أو اشترط أحدهما على ألا خيار له أو لغيره، فالأمر حينئذ لا يعدوهما، لو اشترط البائع أن له خيار ثلاثاً له ذلك، اشترط المشتري له خيار ثلاثاً له ذلك دون صاحبه، اشترط أحدهما على ألا خيار له من الآن يثبت البيع قبل التفرق، ويبقى الخيار لصاحبه، خيار المجلس، إذا اتفقا على ألا خيار لأحدهما من تمام العقد الأمر لا يعدوهما، ((فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع)) يعني لزم، وحينئذ تترتب الآثار على هذا البيع، بمعنى أن السلعة تنتقل إلى ملك المشتري، والقيمة تنتقل إلى ملك البائع، ويتصرف كل واحد منهما بما انتقل إليه تصرفاً مطلقاً. ((وإن تفرقا)) تكملة الحديث، وهذا موجود في الكبرى دون الصغرى، وذكرت أني أشير إلى الزيادات التي في الكبرى لنجمع الفائدة من الكتابين.

((وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع)) هذا تأكيد، منطوق هذا الكلام تأكيد لمفهوم أول الحديث، وفي معناه، في معنى حديث ابن عمر الحديث الثاني حديث حكيم بن حزام، عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) أو قال: ((حتى يتفرقا)) هو في معنى الحديث السابق، فلا حاجة إلى شرحه، ((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما))، إن صدقا صدق كل واحد منهما صاحبه، فصدق البائع في بيان الصورة الكاملة للسلعة، وما فيها من محاسن ترغب المشتري، وما فيها من عيوب، إن صدقا في كل ما يتعلق بالعقد، السلعة وما يرغب فيها، وما ينفر عنها، وفي القيمة كماً وكيفاً، فالمشتري يبين ما في نقوده من عيب، لما كانت النقود الدراهم والدنانير يدخلها ما يدخلها كالسلع، فلا بد حينئذ من البيان من قبل المشتري، إذا حصل البيان والصدق حصلت البركة، والبركة شيء محسوس وملحوظ بين الناس، التاجر الصدوق الأمين لا شك أنه يبارك له في ماله، والقدر اليسير من المال الذي يكسبه بهذه الطريقة ينفعه أكثر مما يكسب من أضعافه بالطرق الأخرى، والناس يعتمدون هذا الرجل الصادق الذي ينصح لهم، ويقبلون عليه، وينفرون من ضده، كثير من الناس يذهب إلى التاجر الصادق وإن كانت سلعته أغلى من غيرها، وأكثر قيمة، بينما ينفرون من المخادع الغشاش، وإن عرض السلع بأقل من غيره، شواهد الأحوال كثيرة على هذا، فالقدر والعدد ليس بعبرة، هذا موجود في جميع الأعمال، الموظف الذي يؤدي عمله على الوجه المطلوب تجد في دخله من البركة ما لا تجده في من هو أكثر منه بالدخل، إذا لم يكن مخلصاً نفسه، مبرئاً لذمته، وكم سمعنا ونسمع في الدوائر الحكومية من المستخدَمين وصغار الموظفين ممن يقرض الكبار ويداينهم، هذا موجود، والسبب في ذلك الحرص على براءة الذمة في الأعمال، والله المستعان.

((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) كم من شخص يبيع بالأموال الطائلة في اليوم الواحد، ومع ذلكم لا يستفيد من هذه الأموال، وإن كثرت عنده الأموال؛ لأنه ليس العبرة بكثرة العرض، وليس الغنى هو مجرد كثرة العرض، كما جاء في الحديث الصحيح: ((الغنى غنى النفس)) فإذا تصورنا أن شخصاً دخله في اليوم الواحد عشرة آلاف عشرين ألف وهذا موجود، وآخر دخله مائة مائتين تجد أحياناً صاحب المائة والمائتين مستفيد من هذا المبلغ فائدة على الوجه المطلوب وكما ينبغي، بينما ذاك تذهب سدى، وينفقها في غير وجهها غالباً، والسبب الصدق والحرص على براءة الذمة وعدمه. كم من شخص له من الأموال والأرصدة ما يستفيد منه البنوك، وقد حرم منه صاحبه، كم من شخص له الملايين في البنوك، هذا وإن كان المبلغ موجود لكنه محروم من بركته لا يستفيد منه، إن أراد أن يأكل فهو محجوب، إن أراد أن يتزوج ما يستطيع، إن أراد أن ينفق يده مقبوضة، نسأل الله السلامة والعافية، وقل مثل هذا في بركة البدن، كم من شخص تضيع عليه الأوقات سدى لا يستفيد من نفسه، ولا يستفيد منه غيره، ومن الناس ولا يقال الآن: الأوقات ما فيها بركة، لا، هذا يختلف من شخص إلى شخص، يعني يعرف من الشباب من يقرأ القرآن في سبع، ويحضر ثلاثة دروس في اليوم، ويؤدي عمله اليومي على الوجه المطلوب، ويزور المقابر كل أسبوع، ويزور المستشفيات والمرضى كل أسبوع، ويصل رحمه، ويأنس بأحبابه وأترابه، وكل هذا موجود، وما ضاع ولم يضع عليه من أمور دنياه شيء، ما فاته شيء من أمور الدنيا، وبعض الناس لهث وراء هذه الدنيا وقد ضيع نفسه وأهله ولم يدرك من الدنيا إلا ما كتب له، وإن أدرك منها شيء لم ينتفع به، والله المتسعان. المقصود أن الصدق له أثر مشاهد وواضح في نماء الأموال وبركتها والإفادة منها، والكذب على الضد من ذلك.

هنا في الكبرى قال في الحديث الأول: "متفق عليه"، وفي الثاني: "متفق عليه"، وهذا لا يوجد في الصغرى، لماذا؟ نقول: في الصغرى لا يحتاج إلى تنصيص؛ لأنها في الأصل من الصحيحين، فلا يحتاج إلى أن يقال: متفق عليه، بينما الكبرى وقد أدخل فيها المؤلف أحاديث ليست من الصحيحين يحتاج أن ينص على المتفق عليه. والحديث الذي يلي هذين الحديثين وهو من زيادات الكبرى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار فلا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله)) ((فلا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله)) يعني يحتال لإسقاط الخيار من أجل تفويت هذه الفرصة الممنوحة من الشرع لكل من المتعاقدين؛ لأن المتعاقدين أو أحدهما قد يكون في أموره مستعجلاً يقدم على إبرام العقود من غير نظر ولا روية، فتركت له هذه الفرصة من الشارع لكي يستدرك ما يتضرر به بواسطة إقدامه على هذا العقد، وكم من شخص اشترى وندم، فمنهم من يتدارك المجلس، ومنهم من لا يتدارك فيندم بعد فوات الأوان، ولا يبقى حينئذ أمامه إلا الإقالة، ((فلا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله)) وعرفنا أن ابن عمر كما في الصحيح يفعل ذلك -رضي الله عنه-، وهذا وهو المظنون بمثل هذا الصحابي المؤتسي أنه لم يبلغه مثل هذا الخبر، هو مخرج في سنن أبي داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن، وهو من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والاختلاف في الاحتجاج بمثل هذا الإسناد معروف عند أهل العلم، والخلاف ومنشأه، والراجح أن ما يرد بواسطة هذه السلسلة إن كان من فوق أو من بعد عمرو بن شعيب مقبولاً فأقل أحواله أن يكون من قبيل الحسن.

شرح: باب ما نهي عنه من البيوع:

يقول المؤلف في الكبرى: "ولو كانت الفرقة بالكلام، ولم يكن خيار بعد البيع لم يكن لهذا الحديث معنى"، قال: ((ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله)) هذا كلام الحافظ عبد الغني في الكبرى، وقريب منه كلام الترمذي في السنن، يقول بعد أن قال: هذا حديث حسن: "ومعنى هذا أن يفارقه بعد البيع خشية أن يستقيله، ولو كانت الفرقة بالكلام ولم يكن له خيار بعد البيع لم يكن لهذا الحديث معنى، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله)) ". سم. شرح: باب ما نهي عنه من البيوع: أحسن الله إليك: "باب ما نهي عنه من البيوع: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المنابذة وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه، ونهى عن الملامسة، والملامسة: لمس الثوب ولا ينظر إليه. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تلّقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصروا الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين، بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر)) وفي لفظ: ((وهو بالخيار ثلاثاً)). وعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع حبل الحبلة. وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها، قيل: إنه كان يبيع الشارف -وهي الكبيرة المسنة- بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته".

هذه صور وأنواع من البيوع الموجودة في الجاهلية، " فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المنابذة، وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه "، هذا أولى ما قيل في تفسير المنابذة، ويكون حينئذ الطرح قائم مقام الإيجاب والقبول، الأصل في المنابذة أنها مفاعلة من الطرفين، منابذة مفاعلة، فكأن البائع ينبذ الثوب ويطرحه إلى المشتري، والنبذ أيضاً يحصل من المشتري بنبذ القيمة إلى البائع، وكل منهما لا يقلب ما نبذه إليه صاحبه، الثوب ملفوف فينبذه إلى المشتري، والدراهم في صرة ينبذها إلى البائع، هذا الأصل في المنابذة؛ لأنها مفاعلة، والمفاعلة في الأصل تكون من طرفين. قد ترد المفاعلة وتكون من طرف واحد كالمسافرة، إذا قيل: سافر فلان، سافر فلان، من طرف واحد وإلا من طرفين؟ نعم من طرف واحد، المطارقة طارق زيد النعل، من طرف واحد، ليس معنى هذا أنه يطرق النعل والنعل يطرقه، لا، من طرف واحد، وهذا على خلاف الأصل، وفسرت هنا المنابذة طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه، فعلى هذا التفسير هي من طرف واحد وهو البائع. والسبب في النهي الغرم والجهالة، من شروط البيع أن يكون -بعد أن ذكروا كون العاقد جائز التصرف- أن تكون العين المباعة –السلعة- معلومة، برؤية أو صفة، وهنا السلعة غير معلومة، غير مرئية، الثوب مطوي، طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه، وإذا قلنا: إن المنابذة من الطرفين أيضاً أن يكون الثمن معلوماً، وهذا شرط من شروط البيع، لكن على التفسير طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه، السلعة غير معلومة، لا برؤية ولا بوصف، فاختل شرط من شروط البيع للغرر والجهالة.

شرح حديث: (لا تلقوا الركبان .. )

ونهى عن الملامسة، والملامسة: لمس الثوب لا ينظر إليه، أي ثوب لمسته فهو عليك بكذا، والثياب ملفوفة وموضوعة في الأدراج، يلمس الأول الثاني الثالث، ما يدري عن صفته، فلا بد أن تكون السلعة معلومة، وهذان النوعان من بيوع الجاهلية، وهما محرمان اتفاقاً لوجود الغرر والجهالة، فسرت المنابذة ببيع الحصاة الوارد في بعض النصوص، وهي أي ثوب أو أي رأس من الغنم أو الإبل أو البقر تنبذ إليه هذه الحصاة وتقع عليه فهو عليك بكذا، والجهالة والغرر موجودة. ونهى عن الملامسة والملامسة: لمس الثوب لا ينظر إليه، هذا التفسير يحتمل أن يكون مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحينئذ يتعين المصير إليه؛ لأنه لا قول لأحد مع قوله -عليه الصلاة والسلام-، وأولى ما يفسر به قوله بقوله -عليه الصلاة والسلام-، وإذا كان من الراوي الصحابي فمن دونه فالصحابة أعرف من غيرهم بمدلولات الألفاظ، ويغلب على الظن أنه هو الموافق لمراد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان حديث: ((رب مبلغ أوعى من سامع)) يعني أنه قد يأتي من المتأخرين من يفهم مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من فهم المتقدم، لكن (رب) للتقليل، وإلا فالأصل أن مدلولات الألفاظ الشرعية أعرف الناس بها من عاصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعرف المقاصد من نصوص الوحيين، هم أعرف الناس وأدرى الناس بذلك، وعلى كل حال إذا كان التفسير من قوله -عليه الصلاة والسلام- فلا مندوحة لأحد من العمل به، وإن كان من أحد الرواة فلا شك أنهم أولى من غيرهم، لكن يبقى للنظر مجال، للنظر مجال. الحديث الذي يليه: شرح حديث: (لا تلّقوا الركبان .. )

عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تلّقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد)) أربع جمل ((لا تلّقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد)) هذه الأربع الجمل هي مروية من طرق كثيرة عن أبي هريرة، وعن ابن عمر وغيرهما، وهي مروية على نسق في المسند من طريق الإمام أحمد عن الشافعي عن مالك عن ابن عمر، عن مالك عن نافع عن ابن عمر، بأصح الأسانيد، أحمد عن الشافعي عن مالك، متى يجتمع مثل هؤلاء؟ أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذا ما يقال فيه: إنه سلسلة الذهب، فمالك عن نافع عن ابن عمر أصح الأسانيد عند البخاري، وإذا زيد بعد مالك أحد فأولى الناس الشافعي، وإذا زيد بعده أحد فأحمد، وليس في المسند على طوله وكثرة أحاديثه حديث يروى بهذا الإسناد إلا هذا الحديث، توجد رواية أحمد عن الشافعي لكن عن غير مالك، وقد توجد عن مالك لكن عن غير نافع، وهكذا، لكن هذه السلسلة مجتمعة لا توجد إلا في هذا الحديث. هذا حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تلّقوا الركبان))، الركبان: جمع راكب ويقال: ركب أيضاً جمع راكب، كصحب وصاحب، ((لا تلقوا الركبان)) وهذا وصف خرج مخرج الغالب وإلا فلو كانوا مشاة دخل متلقيهم في النهي، الغالب أن من يقدم ومعه سلعة أنه يكون راكباً، يقدم على البلد من بلد آخر أو من البرية في الغالب أنه يكون راكب، لكن إذا كان ماشياً على قدميه فإنه يأخذ الحكم نفسه، ((لا تلقوا الركبان)) والمقصود بهم لبيع السلع التي يحملونها، وجاءوا بها إلى البلد، والمنظور له أمران:

الأول: نفس الركبان، فلا يتلقى الركبان فيغروا بقيمة لا تناسب السلع التي يحملونها، جاهل بسعر البلد هذا الراكب القادم جاهل بسعر البلد، فإذا تلقي من خارج البلد كيف يعرف أن هذه السلعة تستحق كذا من الثمن؟ فيحصل الضرر على البائع بالمقابل ((لا يبع حاضر لباد)) لو تلقي هذا البادي، وأراد هذا الحاضر النصيحة لهذا البادي؛ لئلا يغلب إذا وصل إلى البلد الملحوظ مصلحة أهل البلد، فالشرع بشموله وعنايته بالجميع لا يرضى الضرر لأحد لا للبائع ولا لأهل البلد، كما جاء في الحديث الصحيح: ((دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) ففي الصورة الأولى: ((لا تلقوا الركبان)) الملحوظ مصلحة الراكب القادم الوافد إلى البلد، فيترك حتى يصل ويدخل البلد ويبيع بما تستحقه سلعته ويستفيد، فلا يغر بالتلقي، ويستوون في ذلك في عموم اللفظ ما الناس بحاجة إليه وما لا حاجة لهم به، بعض الناس يقول: إذا كان الناس بحاجة إلى هذه السلعة منع، وإذا لم يكونوا بحاجة لم يمنع؛ لأن الحاجة نسبية، قد تكون حاجة عموم الناس متعلقة بهذا أو العكس، عموم الناس لا يحتاجون هذا الأمر، لكن قد يحتاجه شخص، فيترك الناس يرزق الله بعضهم من بعض.

((ولا يبع بعضكم على بيع بعض)) شخص اشترى سلعة سيارة بخمسين ألف، فيأتيه من يأتيه فيقول: السيارة غالية ردها على صاحبها وأنا أبيع عليك مثلها بأربعين ألف، هذا باع على بيع أخيه، قد يقول قائل: البيع لزم بالإيجاب والقبول، لزم البيع بالإيجاب والقبول، والنص محتمل لما في مدة الخيار ولما كان بعد انتهاء مدة الخيار، أما كون البيع على بيع البعض في مدة الخيار فظاهر، يذهب المشتري إلى البائع ويفسخ، وإذا كان بعد لزوم البيع وانتهاء مدة الخيار لا شك أن هذا المشتري يذهب إلى البائع ويحرجه بالإقالة، فالضرر حاصل، وإن لم تحصل الإقالة حصلت البغضاء والشحناء، وتكدر خاطر المشتري؛ لأنه اشترى سلعة بأكثر من قيمتها، البشر كلهم مجبولون على هذا، ما في أحد يرضى أنه يغلب ولو بشيء يسير، فإذا كان في مدة الخيار، قال: أنا عندي لك سيارة أفضل منها بأربعين ألف وأنت شاري بخمسين، ذهب وفسخ البيع تضرر البائع، إذا كان بعد مدة الخيار ذهب المشتري وطلب الإقالة وأصر وكدر نفسه وكدر صاحبه، والشرع يوصد جميع الأبواب الموصلة إلى مثل هذه الشحناء، وهذه المشاكل. ((ولا يبع بعضكم على بيع بعض)) ومثل النهي عن بيع البعض على بيع أخيه الشراء، الشراء على شراء أخيه، هذه السيارة التي اشتراها زيد من عمرو بخمسين ألف يأتي شخص إلى عمرو يقول: أنت بعت السيارة بخمسين ألف أنا مستعد أدفع ستين ألف، ويحصل نظير ما حصل في الصورة الأولى، إن كان في مدة الخيار فسخ، وتضرر المشتري، عكس المسألة الأولى، وإن كان بعد انتهاء مدة الخيار طلب البائع من المشتري الإقالة وأحرجه، وأكثر عليه الكلام وكدره، تكدر الطرفان.

((ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا)) جاء في الصحيح: "نهى عن تلقي الركبان، ونهى عن النجش" هنا ((لا تلقوا .. ، ولا تناجشوا)) وجاء بلفظ النهي، نهى عن تلقي الركبان، ونهى عن النجش، ولا فرق بين الصيغتين؛ لأن صيغة النهي الأصل فيها (لا) الناهية، ومن صيغ النهي الإتيان بلفظ النهي، فإن كان الناهي مصرحاً به، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي الركبان، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النجش، فلا خلاف في كونه من المرفوع، أما إذا قال الصحابي: نهينا عن تلقي الركبان، ونهينا عن النجش، فجماهير أهل العلم على أنه مرفوع أيضاً، وإن قال بعضهم: إنه موقوف حتى يصرح بالناهي، والمسألة معروفة، لكن جماهير أهل العلم على أنه مرفوع، وقوله: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كذا، هو في القوة في حكم (لا) الناهية ((لا تلقوا)) فإذا قال: نهى عن النجش، كأنه قال: لا تناجشوا، سواءً بسواء، لا اختلاف بينهما. خالف من خالف وقال: إنه لا يعتد بقول الصحابي: أمرنا رسول الله، ولا نهانا رسول الله، حتى ينقل اللفظ النبوي، لكن لا عبرة بمثل هذا الخلاف. ((ولا تناجشوا)) النجش: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شرائها، ويستوي في ذلك إرادة الضرر للمشتري أو نفع البائع؛ لأن نفع البائع لا يتم إلا بالإضرار بالمشتري، والعكس، فالنجش منهي عنه، وهو محرم؛ لأن فيه ضرر، والضرر لا بد من إزالته، ((ولا تناجشوا)). يأذن؟ أذن، أذن يا أخي. في حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تلقوا الركبان)) وعرفنا المراد بالتلقي والمراد بالركبان، والبيع على بيع البعض، والنجش والمراد به الزيادة في السلعة ممن لا يريد شرائها ويستوي في ذلك إرادة نفع البائع أو ضرر المشتري؛ لأن هذا لا يحصل إلا بهذا. ((ولا يبع حاضر لباد)) الحاضر: ساكن القرى والأمصار، والبادي: ساكن البادية. ((لا يبع حاضر لباد)) سئل ابن عباس قال: لا يكون له سمساراً، يعني لا يكون دلال، يترك البادي هذا ليبيع لنفسه ليستفيد من ورائه أهل البلد؛ لأنه إذا باع الحاضر للبادي ما ترك فرصة لأهل البلد.

((ولا تصروا الغنم)) المراد بالتصرية: حبس اللبن في ضرع الغنم، وفي حكمها الإبل والبقر وغيرها مما يقصد لبنه، تُصر الغنم، وهل هذا خاص ببهيمة الأنعام، أو يشمل كل ذات اللبن ولو لم يكن اللبن مباح للآدمي؟ لو شخص صرّ أتان الأنثى من الحمر، وباعها في السوق وضرعها كبير؛ لأنها صريت، يؤثر وإلا ما يؤثر؟ يؤثر، لماذا؟ قد يقول قائل: هذا اللبن مآله إلى .. ، نعم، من يشربه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الشرب من يشرب؟ نعم، كونه صرّ لبن الأتان، والأتان معروفة أنثى الحمار، الآن التصرية في لبن الإبل والبقر والغنم ظاهر هذا؛ لأنه يستفيد منها الإنسان، ويستفيد منها ولدها كونها تجلب إلى السوق وضرعها كبير، لا شك أن هذا يغرر بالمشتري الذي يظن أن هذاك لبن كثير، وواقعها أقل من ذلك، فهل يسري المنع إلى غيرها من الحيوانات ذوات الألبان ولو لم يكن لبنها مشروباً من قبل الآدمي كالأتان مثلاً؟ النص ورد في الغنم، وجاء التنصيص على الإبل أيضاً، وفي حكم الإبل والغنم البقر، لكن لقلتها في الحجاز ما جاء التنصيص عليها، وهي داخلة في الحكم، والمعنى واحد، وأما تصرية غيرها من الدواب لا شك أنه غرر وجهالة، لكن كونها تصر يعني مقصد لبعض الناس، كون البائع يربط أخلافها لكي تظهر بالمظهر المناسب المغرر بالمشتري يدل على أن هذه التصرية لها أثر، فيعدّ الحكم من هذه الحيثية، ونفعها وإن لم يكن للآدمي فهو لنسلها، وقد يكون نسلها مقصد عند المشتري، حينما كانت الحمر هي وسائل النقل. ((ولا تصروا الغنم)) والمقصود بالتصرية: حبس اللبن في الضرع بأن تربط أخلافها فتظهر بمظهر كثيرة اللبن ووقعها أقل من ذلك، هذا نهي للبائع عن أن يصنع مثل ذلك تغريراً للمشترين. ((ومن ابتاعها -يعني اشتراها- فهو بخير النظرين)) يعني له الخيار إن شاء أمضى البيع، وإن شاء رد، هو بخير النظرين بعد أن يحلبها، ويتبين له حقيقة الحال، إن رضيها أمسكها؛ لأن الأمر لا يعدوه، اشترى سلعة على أساس أنها على مستوى من الجودة فبانت أقل، فرضي بذلك، الأمر لا يعدوه، وإثم البائع عليه يتحمله.

((وإن سخطها –يعني لم يرضها المشتري- ردها -رد هذه الدابة من الغنم أو الإبل والبقر- وصاعاً من تمر)) ((ردها وصاعاً)) حينئذ يجوز العطف على ضمير النصب المتصل من غير فاصل كما هنا، بخلاف ضمير الرفع، ((وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر)) يعني ورد صاعاً من تمر في مقابل اللبن الذي ثاب واجتمع في ملك البائع، أما اللبن الذي ثاب واجتمع بعد الشراء فإنه في مقابل العلف والغنم مع الغرم، والخراج بالضمان. ((وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر)) إن رضيها أمسكها، في هذا ما يدل على صحة البيع مع وجود هذا النهي، البيع صحيح، والنهي مقتضٍ للتحريم، فيحرم على البائع أن يصري، يحرم على البائع أن يفعل هذا الفعل الذي هو التصرية، لكن العقد صحيح؛ لأنه ليس كل نهي يقتضي البطلان، فإن عاد النهي إلى ذات المنهي عنه، إلى حقيقة الشيء، أو إلى شرطه، فإنه حينئذ يبطل العقد، تبطل العبادة بهذا، لكن إذا عاد إلى أمر خارج لا إلى ذاته، ولا إلى شرطه، فإنه يصح مع التحريم، وإن قال من قال من أهل العلم: إن النهي مقتضي للبطلان مطلقاً كالظاهرية.

ظهوره في العبادات واضح، يعني شخص صلى وعليه عمامة حرير عند الظاهرية صلاته باطلة، منهي عن لبس الحرير فكيف يتعبد وهو عاصٍ؟ لكن جمهور أهل العلم على أن صلاته صحيحة والجهة منفكة؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عن الذات والشرط، وهنا عاد النهي إلى أمر خارج لا يعود إلى ذات العقد، ويدل على ذلك: ((إن رضيها أمسكها)) دل على صحتها، ((وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر)) هذا الحكم في المصراة أن المشتري بالخيار، لكن هل للبائع الخيار؟ حصلت التصرية من البائع، هذه الناقة صريت ثلاثة أيام وثاب في ضرعها عشر لترات من اللبن، وهي في الحقيقة لا يجتمع في اليوم إلا لتر أو لترين، نعم، فاشتراها زيد من الناس فاحتلبها فتبين أنها مصراة، كون الخيار للمشتري ظاهر بالنص، وهو الذي يقتضيه المعنى أيضاً، لو جاء شخص للبائع قال: أنت فعلت ما فعلت، وأنت بعت هذه الناقة بألفين، ثلاثة أنا اشتريها بأربعة، نقول: له خيار؟ الخيار أثبت للمشتري؛ لأنه غر بالتصرية، لكن هل الخيار يثبت للطرف الثاني؟ أو نقول: لزم البيع بشروطه، وتم العقد وليس لك حق، والخيار إنما هو لطرف واحد. ((وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر)) وفي لفظ: ((وهو بالخيار ثلاثاً)) وهو يعني المشتري، أقرب مذكور. ((لا تلقوا الركبان)) فتلقيهم قبل وصولهم إلى السوق داخل في النهي، وهل يكفي مجرد دخول البلد وقبل وصول السوق، دخل في النطاق العمراني لكنه لم يصل إلى السوق الذي يعرف به حقيقة الأمر وما تستحقه هذه السلعة، يعني دخول طرف البلد يكفي وإلا لا؟ المعنى يقتضي أنه لا يكفي، حتى يصل إلى مكان يعرف فيه الواقع وحقيقة الأمر، لكن لو حصل التلقي وباع الراكب على هذا المتلقي العقد صحيح وإلا باطل؟ النهي يعود إلى إيش؟ التلقي هو ذات العقد أو شرطه؟ أو أمر خارج عن العقد والشرط؟ أمر خارج عن الشرط، لكن يبقى أن الراكب هذا إذا كان قد غبن في الثمن ثبت له خيار الغبن، ورد إلى البلد وتلقاه شخص اشترى منه قبل وصوله إلى السوق بنصف القيمة له الخيار، ثلثي القيمة له الخيار، ثلث كثير، الغبن في الثلث كثير.

((ولا يبع بعضكم على بيع بعض)) عرفنا أن في حكمه الشراء على الشراء، والبيع مع النجش، بل في جميع هذه الصور عند أكثر العلماء العقد صحيح مع الإثم، ومن أدل الأدلة على ذلك: ((إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها)) مع ثبوت هذا النهي؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج، كم باقي من الوقت؟ كم باقي للإقامة؟ طالب:. . . . . . . . . باقي خمس، شوف لنا سؤالين. الأسئلة كثيرة جداً يا إخوان نأخذ منها: يقول: هل أدعو على من غشني وقد سألته عن السلعة فمدحها وعندما تفرقنا اتضح أنه غشني فيها حيث أخذ مبلغاً كبيراً عليها ولم أجده بعدها؟ على كل حال الدعاء بالشر على أخيك المسلم هو جهر بالسوء من القول، والله -سبحانه وتعالى- لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، وأنت حينئذ مظلوم، لك أن تدعو عليه بقدر مظلمتك، لكن إن تركت الحق ليقتص منه في الآخرة، فهو أعظم لأجرك، وإن أبحته وأعفيته من هذا الغش، من أثر هذا الغش فهو أعظم وأعظم للأجر ما لم يترتب على ذلك استرسال منه للغش؛ لأن بعض الناس إذا ترك زاد شره، فمثل هذا لا ينبغي أن يترك، إذا تبين أنه يغش يحاسب، ويبحث عنه، ويوقف عند حده. يقول: هو رجل مصاب في قدمه فهل يعذر عن الحج حيث أنه لا يستطيع أن يسير مسافة طويلة؟ على كل حال إذا كان هو أعرف بنفسه، وإذا كانت إصابته تعوقه عن أداء الأركان، واستيفاء الشروط والواجبات فهو معذور. يقول: دخلت المسجد والناس يصلون صلاة الظهر، وقد فاتني ركعة فأحرمت معهم ثم سها الإمام وأتى بركعة خامسة لهم ورابعة لي فهل علي أن آتي بركعة أخرى مع أني صليت أربعاً؟ الأصل أنه إذا زاد خامسة لا تجوز متابعته، لا ممن أدرك الصلاة كاملة ولا ممن فاته شيء من الصلاة، هذا بالنسبة لمن يعلم، والغالب أنه يعلم حتى المسبوق يعرف ترتيب الركعات، فلا تجوز متابعته، وإذا توبع على ذلك فهذه الركعة باطلة، لا يدرك بها شيء، تعتبر لاغية باطلة من تابعه عمداً بطلت صلاته، وهو عالم أنه زيادة ومتعمد لذلك تبطل صلاته، فيعيد الصلاة من جديد، الجاهل يعفى عنه لجهله، وعلى هذا السائل الذي أتى بثلاث ركعات مع الإمام وتابعه في الركعة الزائدة عليه أن يأتي بركعة، وإذا طال الفصل عليه أن يعيد الصلاة.

يقول: هل لك أن تبين ما الإقالة وأمثلة منها؟ الإقالة طلب فسخ البيع اشتريت سيارة بخمسين ألف فوجدت أنك لست بحاجة إلى هذه السيارة فبدلاً من أن تذهب إلى المعارض لبيعها بخسارة تذهب إلى صاحبها وتقول له: أقلني، وجاء في الخبر: ((من أقال نادماً أقال الله عثرته يوم القيامة)) تذهب إلى صاحبها وتطلب منه أن يفسخ البيع، ومثله البائع إذا تبين أن له حاجة ماسة إلى هذه السلعة، وأن بيعها يترتب عليه ضرر بالنسبة له، يستقيل المشتري وهكذا. هذا يطلب حث الحاضرين على التبرع لصالح حلقات التحفيظ في هذا الجامع؟ لا شك أن تعليم القرآن وتعلمه من أفضل الأعمال ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) فالذي لا يستطيع أن يعلم بنفسه يستطيع أن يعلم بماله، والله المستعان. يقول: نرجو توضيح مسألة هل يثبت الخيار للبائع في بيع المصراة؟ لا يثبت له الخيار؛ لأنه لم يحصل له غرر ولا جهالة، ولا أي شيء يستدعي الخيار. يقول: ما يحصل الآن من بعض الأشخاص عندما يريد أن يبيع السيارة فإنه يقوم بتغسيلها وتنظيفها أليس هذا من الغرر؟ لا هذا ليس من الغرر، وما زاد عليها إلا أن نظفها والنظافة مطلوبة، لكن على المشتري ألا يسترسل ويغتر بالبريق واللمعان، ينظر إلى المؤثرات الحقيقية في السيارة، العكس بعض الناس يغر الناس بالغبار، إذا أراد أن يبيعها زاد الغبار عليها ليخفى بعض العيوب، ويعرف الناس أن السيارات الجديدة تأتي بالغبار، فيظهرها في مظهر الجديدة والنظيفة أما تغسيلها هذا ما فيه، ما فيه غرر. هذا يسأل عن فتح المغيث للسخاوي؟ جاري طبعه الآن -إن شاء الله تعالى-. يقول: زيادة بعض الروايات ألفاظها على الروايات الأخرى هل يعني أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قاله بألفاظ متعددة؟ زيادة بعض الألفاظ قد يكون الحديث واحد، لكن حفظ بعض الرواة ما لم يحفظه الآخر، فروى هذه الزيادة، وقد يحفظ هذا الراوي مثلما يحفظه غيره، وينسى بعض الجمل ويوردها غيره. يقول: قول بعض الباعة: السلعة أمامك، أو على النظر أو نحو ذلك بحيث لا يذكر عيوب السلعة المباعة فما حكمه؟ وذكر عيوب كثيرة في السلعة شيء منها .... ؟

هذا تغرير كونه يعرف العيوب لا بد من بيانها، العيوب الظاهرة لا تحتاج إلى بيان، العيوب الظاهرة لا تحتاج إلى بيان، لكن إن بين فهو من تمام النصح، وزيادة في البركة، أما العيوب الخفية التي لا يدركها إلا أهل الخبرة التامة هذه لا بد من بيانها، بعض الناس يذكر عيوب في السلعة، ويضيف إليها عيوب ليست حقيقية، فإذا قال: السيارة تبي جير، وتبي مكينة، وتبي وتبي، وهي ما تبي إلا واحد من هذه الأمور بحيث إذا فحصها المشتري وشاف أنها ما تبي جير، قال: أكيد إنها ما تبي مكينة بعد، بس هذا من زود الورع يذكر هذه الأمور، لا يجوز له ذلك، لا يجوز له أن يغرر، هذا من أساليب التغرير. يقول: إذا اشترى الإنسان سلعة عن طريق الإنترنت أو الهاتف فكيف يكون التفرق في هذا البيع؟ التفرق بمغادرة المكان. يقول: ما تعليقكم على عقود البيع التي تبرمها البنوك مع راغب الشراء للحصول على المال أو على العقار أو السيارات خاصة أن بعضها لديها هيئة شرعية؟ وهل التعامل معهم جائز أم لا؟

إذا عرف من هذا الشخص أو من هذه الجهة أنها تتعامل بالمعاملات الربوية المحرمة أو فيها عقود ممنوعة في الشرع فالتعاون معهم إذا وجد غيرهم، لا شك أنه تعاون على الإثم والعدوان، أما إذا لم يوجد غيرهم فالإنسان لابد أن يقضي حاجته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- تعامل مع اليهود، وهم يتعاملون بالربا، باع واشترى ورهن واقترض، المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث لم يجد غيرهم تعامل معهم، وإلا فالأصل أن التعاون على البر والتقوى، تتعامل مع شخص يستفيد من هذا المال فائدة على الوجه المشروع، أما شخص يستفيد من هذا المال الذي أعنته به على معصية الله، مثل هذا تعاون على الإثم والعدوان، لكن إذا لم تجد غيرهم واستوفت العقود الشروط الشرعية، وانتفت الموانع، وتوافرت .. ، حينئذ لا مانع من التعامل معهم، فإذا كان البنك مالك للسلعة التي يريد بيعها عليك، وأنت تريد هذه السلعة بعينها، أو تريد قيمتها على سبيل التورق فجماهير أهل العلم إذا كان البائع الأصلي مالك لهذه السلعة اشتريتها أنت وقبضتها القبض الشرعي المعتبر وحزتها وبعتها بنفسك أو وكلت ثقة يبيعها لك وأخذت قيمتها تبيعها على طرف ثالث لا يبيعها على الطرف الأول؛ لئلا تكون عينة، يبيعها على طرف ثالث فلا مانع -إن شاء الله تعالى-. ترى الأسئلة كثيرة جداً، أنتم ما بغيتوا الإقامة؟ طالب:. . . . . . . . . انتهى، لا بأس نترك بقية الأسئلة، الأسئلة كثيرة جداً، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. لدينا مجموعة من الأسئلة كثيرة جداً بقيت من الأسبوع الماضي، نبدأ ببعضها حتى يكتمل عدد الأخوة الذين يحضرون. في البداية هذا تنبيه من أحد الأخوة، وله أو لشخص آخر تنبيه نظير له، نظير لهذا التنبيه إلا أن الأول قال: خاص، والثاني هذا قال: وأرجو التنبيه لذلك، أو التنبيه على ذلك، ولا علاقة له بالدورة، لكن يقول هذا -طالب التنبيه- جزاه الله خير.

يقول: قلتم أمس في شرح مختصر البخاري في الإذاعة: يعاتبني قومي بالدين، والصحيح أنه بالدَين. وجاء تنبيه آخر في الأسبوع الماضي، وليس المراد أمس، أمس القريب، السبت الذي قبله؛ لأن هذه الورقة أرسلت في الأسبوع الماضي. أنا أدركت هذا، وعرفت أنها .. ، وهي سبقت لسان فقط، وعرفت أنه وقع قبل أن يذاع، وطلب من المخرج أن يعدل، لكنه وعد بذلك وكأنه نسي، وعلى كل حال الصحيح كما ذكره الإخوة، يعاتبني قومي بالدَين، وليس بالدِين. يقول: باع الحاضر للبادي ما هو العلة في النهي؟ بيع الحاضر للبادي العلة ملاحظة مصلحة الجماعة، وهو أن البادي يأتي ليبيع سلعته بما تستحقه في السوق، وقد يحصل لعموم الناس منفعة من هذه السلعة برخص ونحوه مما لا يتضرر به البادي، فإذا تولى الحاضر البيع للبادي واستقصى في قيمتها، ولذا قال ابن عباس: "لا يكون له سمساراً" يعني دلال، يستقصي القيمة كلها فلا يستفيد الناس من روائه، فالعلة في ذلك في النهي إفادة الجماعة من سلعة هذا الوارد على البلد، كما جاء في الحديث: ((دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) يقابل هذا النهي عن تلقي الركبان، لئلا يتضرر هذا الراكب الوافد بتلقيه، فالشارع كما يلاحظ مصلحة الجماعة يلاحظ أيضاً مصالح الأفراد، وفي الشريعة من التوازن ما يجعل الكل على البال. يقول: لقد ذكرت في حديث أبي هريرة أن هناك نفس تلقي الركبان، ولم نسمع؟ على كل حال هو فرع من السؤال الماضي، هو فرع من السؤال الماضي، النهي عن تلقي الركبان لئلا يتضرر هذا الراكب فيتلقاه شخص يشتري منه سلعته بثمن أقل. يقول: هناك تاجر لديه سفينة قادمة من خارج المملكة محملة بالبضائع، وقبل أن تصل إلى ميناء جدة بيوم جاءته العروض من تجار البلد، هل يبيع أم ماذا يفعل؟ هذا ليس براكب، ليس بوافد على البلد، وإنما هو في البلد، هو في السوق موجود، وبضاعته قادمة من بعيد، فلا يدخل في هذا. يقول: إن رضيها أمسكها، يعني المصراة وإن لم يرضها إلى آخره، يقول: لكن الذهاب إليه والبحث عنه يكلفان كثيراً، وكذلك فإن نقل الإبل يكلف مالاً ووقتاً فهل يتحمل البائع هذا المبلغ أم لا؟

شخص اشترى ناقة مصراة من الرياض مثلاً، ونقلها بسيارته فوراً إلى أقصى الشمال أو أقصى الجنوب، ثم بعد ثلاث تبين له أنها مصراة، هل يردها ويتحمل من الخسائر في نقلها أكثر من تحمله من الغرر الناشئ من التصرية، هو أعرف بمصلحته إذا كان الضرر اللاحق بالسلعة بسبب التصرية أعظم من أجرة النقل يرده، وهو أدرى بمصلحته.

كتاب البيوع (2)

عمدة الأحكام - كتاب البيوع (2) شرح حديث: "نهى عن بيع حبل الحبلة .. " وحديث: "نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها .. " وحديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتلقى الركبان .. " وحديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة .. " وحديث: "نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المخابرة .. " وحديث: "نهى عن ثمن الكلب .. " وحديث: "ثمن الكلب خبيث .. " الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير الضرر اللاحق بالسلعة بسبب التصرية أعظم من أجرة النقل يردها، وهو أدرى بمصلحته، وعلى كل حال على هذا الغاش الذي تسبب في هذا الغرر عليه كفل من الخسائر يحصل هذا بالنسبة للكتب، ونحن بين يدي طلبة علم، يحصل كثيراً بالنسبة للكتب، بعض الناس يشتري كتاب ويذهب به فإذا طالعه وجد فيه ملزمة ناقصة، عيب، الملزمة عيب، نقص الملزمة أو كونها بياض هذا عيب في السلعة، لكن الكتاب بعشرين ريال بيركب السيارة ويروح يرجعه ثلاثين أربعين كليلو، أكثر من قيمة الكتاب، في مثل هذا يعني المسألة عقلية، يعني يتحمل هذا الغرر وهذا النقص في مقابل العناء والكلفة التي .. ، الوقت يحتاج إلى وقت طويل ليذهب إلى أقصى الرياض ليرد الكتاب، وكل يقدر مصلحته، وإلا فالعيب ترد به السلعة. يقول: أيهما أولى بالتقديم أصول الفقه أم الفقه؟ نقول: هما معاً، لا يمشي هذا إلا بهذا، فيأخذ طالب العلم من أصول الفقه ما يحتاج إليه مع معرفته بالمسائل الفقهية بأدلتها. يقول: هل تنصحون بحفظ العمدة أو حفظ الصحيحين قبل؟ لا، تحفظ هذه المتون التي هي جواد مطروقة عند أهل العلم، فتحفظ الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ، ثم بعد ذلك يأتي إلى الكتب المطولة المسندة. يقول: هل هناك خيار للأقوال أو بالأقوال بمعنى أنهما إذا افترقا على القول يجب البيع كما يقول المالكية والحنفية؟ إذا أسقطا خيار المجلس، إذا اتفق البائع مع المشتري على إسقاط خيار المجلس فالأمر لا يعدوهما، فيتم البيع ويلزم بالتفرق بالأقوال بالإيجاب والقبول.

يقول: ذكر ابن حجر في فتح الباري أن ظاهر حديث حكيم ابن حزام يدل على أن أحد المتبايعين إذا كتم وكذب وصدق صاحبه وبين فإن محق البركة يلحق البيع، ويؤجر الصادق على صدقه، وإن لم يبارك له في بيعه؟ نص الحديث: ((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) لو كان العقد بين جماعة مع جماعة آخرين، وجاء النص هكذا: فإن صدقوا وبينوا بورك لهم في بيعهم، وإن كتموا وكذبوا محقت بركة بيعهم، نريد أن نرجع هذا الكلام إلى قاعدة عند أهل العلم وهي: أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، آحاد، يعني كل واحد له نصيبه من الحكم، إذا قيل: ركب القوم دوابهم مقتضى ذلك أن كل واحد منهم ركب دابته، فمقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، يعني كل واحد له ما يتعلق به. وإذا قيل: ركب الزيدان دابتيهما، إيش معنى هذا الكلام؟ أن كل واحد منهما ركب دابته، فالتثنية تدخل في الجمع. وهنا: ((إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما)) لو صدق واحد منهما بورك له، إن كذب واحد محقت البركة بالنسبة له، فكل شخص مسئول عن نفسه، ومكلف بعمله، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام]، ولو قال ابن حجر ما قال؛ لأن القاعدة عند أهل العلم أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، يعني كل واحد له ما يخصه من هذا الجمع، كل واحد من هؤلاء المجموعة له ما يخصه من المجموعة الأخرى، مقابلة جمع بجمع، وهنا مقابلة تثنية بتثنية، فكل واحد من الاثنين له ما يخصه. يقول: "فإن محق البركة يلحق البيع ويؤجر الصادق على صدقه، وإن لم يبارك له في بيعه" كأن الحافظ -رحمه الله تعالى- لحظ وهو أن البركة بورك لهما في بيع، فالبيع واحد، ((ومحقت بركة بيعهما)) هذا البيع الواحد، فلما كان العقد واحد فإما أن يبارك أو تمحق البركة، ومعروف أنهما إن صدقا جميعاً وجدت البركة إن كذبا جميعاً محقت البركة، لكن ماذا عما لو صدق أحدهما وكذب الآخر؟ نقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام]، ظاهر النص يدل على أن الصادق يبارك له وإن غبن، لكن يبارك له، والكاذب تمحق البركة وإن زادت القيمة بالنسبة له.

هذا تبع الكتب يقول: اشتريت من المكتبة كتب وغبنت في السعر بأكثر من سعرها الحقيقي فماذا ترى في ذلك؟ على كل ذلك خيار الغبن مقرر عند أهل العلم فإذا زادت القيمة على .. ، زاد الغبن على الثلث فإن أهل العلم يثبتون خيار الغبن، هذا هو المعمول به عند أهل العلم، لكن من أهل العلم من لا يرى الغبن في أمور الدنيا كلها، ولو زادت القيمة أضعاف، وإنما التغابن في يوم التغابن، وأما الدنيا كلها ما فيها غبن، هذا القول لا شك له حظ من النظر، لكن القول المعتمد عند أهل العلم هو الأول. يقول: هل يسن ذكر دعاء الاستفتاح في النوافل والوتر والضحى وغيرها؟ نعم، فما ثبت في الفريضة يثبت في النافلة إلا ما دل الدليل على اختصاص الفريضة به، وهذا أسئلة كثيرة جداً إن بقي من الوقت شيء أتينا عليها -إن شاء الله تعالى-. في حديث المصراة يقول: ((ولا تصر الغنم)) وعرفنا أن في حكمها الإبل والبقر، وجاء في الإبل أيضاً نص خاص، ((ومن ابتاعها -يعني اشتراها- فهو بخير النظرين)) يعني إذا عرف الحقيقة والواقع بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، لأن الأمر لا يعدوه هو غش وغر، لكن الأمر لا يعدوه، إذا رضي وأمسك له ذلك، وإن سخطها وأرد الرد ((ردها وصاعاً من تمر)) يعني رد معها صاعا ًمن تمر، وهذا حكم نبوي لا يتعدى قطعاً وحسماً للنزاع؛ لأنه لو ترك مثل هذا لاجتهاد الناس، لو ترك لاجتهادهم فلن يرضى أحد صاحب الدابة يقول: لبني أكثر، والمشتري يقول: اللبن أقل. على كل حال هذا حكم نبوي، ويزعم الحنفية أنه يخالف القياس؛ لأن المتلفات إن كانت مثلية تضمن بالمثل، وإن كانت قيمية تضمن بالقيمة، اللبن مثلي وإلا قيمي؟ طالب:. . . . . . . . . هذا القياس، وهذه القاعدة، يقولون: هذا خالف القاعدة، هو مثلي وإلا قيمي؟ طالب: مثلي. يعني مكيل أو موزون؟ اللبن مكيل أو موزون؟ طالب: قد يأتي هذا، أنه موزون يا شيخ، موزون وربما يكتال يا شيخ.

على كل حال هو مثلي، فالقاعدة عندهم أن يرد مثله بمقداره كيلاً أو وزناً، لكن هذا خالف القياس، وعندهم أن النص إذا كان خبر واحد وخالف القياس لا يعمل به، ونقول: إن القياس لا بد له من أصل يستند إليه، القياس اعتبار القياس متى؟ إذا كان له أصل يستند إليه، وقياسهم له أصل، والحديث حديث الباب أصل برأسه، فكيف يرد أصل بفرع؟ يعني حديث الباب أصل؛ لأن الأصل المشترط لصحة القياس أن يكون نص، وهذا نص، إذاً هذا أصل قائم برأسه، فكيف يرد الأصل بالفرع؟ فقولهم لا قيمة له. سم. شرح حديث: "نهى عن بيع حبل الحبلة .. " أحسن الله إليكم: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها، قيل: إنه كان يبيع الشارف -وهي الكبيرة المسنة- بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته. يكفي، يكفي. في هذا الحديث حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع حبل الحبلة، و (نهى) عرفنا مراراً أنها في حكم: "لا تبيعوا" فإذا جاء النهي بـ (لا) الناهية أو بلفظ: النهي نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو نهينا عن كذا فالحكم واحد، ولا التفات لقول من يقول: إنه لا يحتج به حتى ينقل اللفظ النبوي، يعني قول الصحابي: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس هذا من كلام النبي -عليه الصلاة والسلام-، هو تعبير الصحابي عن صيغة النهي التي بلغته عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا فرق عند عامة أهل العلم ولا عبرة ولا التفات إلى قول من يقول: لا يحتج به حتى ينقل اللفظ النبوي.

يقول: نهى عن بيع حبل الحبلة، حبل: هو الحمل، حبل هو الحمل، والحبلة جمع حابل، مثل ظلمة جمع ظالم، كتبة جمع كاتب، فسقة كفرة، جمع فاسق وكافر وهكذا، وفي بعض كتب اللغة ما يشير إلى أن الحبل بالباء يختص بالآدميات، بخلاف الحمل فيطلق على ما في بطون الآدميات وغير الآدميات، وحديث الباب المقصود به حمل الآدميات وإلا حمل الدواب؟ طالب: الدواب. حمل الدواب، يرد على هذه المقالة، فالحمل والحبل بمعنى واحد في الآدميات وغيرها. "وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها"، كان الرجل هذا حكاية واقع، وإلا لو باعه باعت المرأة هذا البيع قلنا: حرام، لكن هذا خرج مخرج الغالب يبتاع الجزور والمقصود به الإبل، سواءً كان ذكراً أو أنثى، كله يقال له: جزور، إلى أن تنتج الناقة، تنتج فعل إيش؟ طالب:. . . . . . . . . مبني لأي شيء؟ طالب:. . . . . . . . . والناقة إيش؟ طالب:. . . . . . . . . ما الذي ينتجها؟ طالب:. . . . . . . . . الآن الفاعل أين؟ ما الفاعل هنا: تنتج الناقة؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . تقديره؟ يعود إلى إيش؟ طالب:. . . . . . . . . إلى المتأخر؟ إلى المتأخر لفظاً ور تبة أو إلى المتقدم؟ طالب:. . . . . . . . . ما في ضمير، ما في ضمير، الفعل هذا صورته صورة المبني للمجهول؛ لأن المضارع إذا بني للمجهول ماذا يفعل به؟ طالب:. . . . . . . . . فأول الفعل اضممن والمتصل ... بالآخر اكسر في مضي كوصل واجعله من مضارع منفتحا ... كينتحي المقول فيه: ينتحا تُنتج: صورته صورة المبني للمجهول، وهو هنا مبني للمعلوم، هكذا سمع عن العرب، ما في شيء اسمه تُنتِج، إنما الفعل الوارد عنهم تُنتَج الناقة، الناقة فاعل، ثم تنتج التي في بطنها، يعني تلد الناقة ثم تلد التي في بطنها، حبل الحبلة حمل الحمل، حبل الحبلة حمل الحمل، وتفسير هذا الحديث يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:

"قيل: إنه كان يبيع الشارف -وهي الكبيرة المسنة- بنتاج الجنين الذي في بطن أمه "، حبل الحبلة حمل الحمل بنتاج الجنين الذي في بطن أمه، يأتي إلى هذه الناقة الكبيرة، ناقة شارف، مشرفة على النهاية لحمها جيد وإلا رديء؟ ليس بجيد، ولادتها محتملة وإلا لا؟ نعم، يقول: بدلاً من أن تجلس لا أستفيد من لحمها ولا ولدها أبيعها آجل بحمل حمل هذه الناقة، زيد عنده شارف ناقة كبيرة مسنة، وعمرو عنده ناقة حامل أو حابل في بطنها حبل، يأتي زيد إلى عمرو ويقول: أبيع هذه الشارف في الحبل الذي في بطن هذه؟ لا، الحبل الذي سوف تحبل به ما في بطن هذه الناقة، حبل الحبلة، فلا شك أن مثل هذا البيع هو من عقود الجاهلية ممنوع في الشرع، لماذا؟ طالب: الجهالة والغرر. الجهالة، وغرر، وهو أيضاً بيع معدوم، بيع معدوم وغير مقدور على تسليمه ومجهول، من كل وجه الغرر فيه، يعني بيع الحبل الذي في بطن هذه الناقة أسهل من بيع حبل الحبلة، لماذا؟ احتمال أن يكون ما في بطن هذه الناقة ذكر، فكيف يشترى أو يباع حبل الحبل الذي في بطن هذه الناقة؟ كيف يؤول العقد ما مآل العقد فيما لو كان الحبل الأول ذكر؟ لا بد أن مثل هذا يفضي إلى النزاع، وإذا كان الشرع يمنع من بيع الحبل الأول فلأن يمنع الحبل الثاني من باب أولى، لا يجوز بيع الحمل في البطن للغرر والجهالة، وما يدرى مصيره، هل يخرج حي أو ميت؟ هذا أحد التفسيرين لحبل الحبلة.

ومنهم من يقول: إن معنى حبل الحبلة أن يجعل حبل الحبلة أجل يحل به الثمن، صاحب الشارف يبيعها على عمرو، زيد صاحب الشارف يبعها على عمرو لا يبيعها بحبل الحبلة، يبيعها بمبلغ من المال مائة درهم، متى يحل هذه المائة درهم؟ إذا نتجت إذا نتج الحبل الذي في بطن هذه الناقة، يكون الأجل الآن الذي في بطن هذه الناقة متى يولد؟ يولد بعد أشهر، نعم، افترضنا أن هذا الحبل صار أنثى، ثم صلح لأن يحبل فحبل ثم ولد هذا الحبل، وحينئذ يحل الأجل، الأجل معلوم وإلا مجهول؟ مجهول، وعلى كلا الوجهين البيع ممنوع، ومنهي عنه ومحرم، وهو بيع باطل؛ لأن الجهالة لا شك أنها تفضي إلى النزاع، بعض الجهالات في البيوع إذا كانت مغتفرة ويسيرة أو تابعة لمعلوم جازت، اشتريت بيت هل من لازم هذا البيع أن تعلم كل ما في البيت؟ نعم، ما يلزم، ما يلزم أن تعرف كل ما في البيت من أساسات، تقول للبائع: اكسر لي هذا الجدار لأنظر أساسه؟ لا ما يحتاج، هذه جهالة لكنها مغتفرة. نعم. شرح حديث: "نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها .. ": "وعنه -رضي الله تعالى عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو .. " يبدوَ، يبدوَ. حتى يبدوَ صلاحها، نهى البائع والمشتري. وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار حتى تزهي قيل: وما تزهي؟ قال: حتى تحمر، قال: أرأيت إن منع الله الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه؟ حديث ابن عمر الثاني، ولذا كني عنه بالضمير وعنه، وهذه عادت أهل العلم في المختصرات أنهم لا يعيدون الاسم الظاهر، إذا كان الراوي هو راوي الحديث السابق، فيقولون: وعنه، وعنه يعني عن ابن عمر راوي الحديث السابق أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري. الذي في الصحيحين والعمدة من الصحيحين هذا الأصل، نهى البائع والمبتاع، وإن كان ابن حجر شرح على هذا اللفظ في فتح الباري "نهى البائع والمشتري" لكنه لا يوجد في شيء من روايات الصحيحين، إنما هو نهى البائع والمبتاع، والمبتاع هو المشتري، ونهى البائع والمشتري هذا لفظ أبي داود.

نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري، متى يبدو صلاح الثمرة؟ "حتى تزهي" كما بين في الأحاديث الأخرى، وفي حديث: "حتى تشقح"، ما معنى تزهي؟ تحمر أو تصفر، تحمآر بالمد، أو تصفآر بالمد أيضاً كما في بعض الروايات، وفي روايات أخرى كما عندنا: "حتى تحمر"، يعني إذا كان اللون أحمر، حتى يظهر هذا اللون في هذا النوع من التمر، وإذا كان البسر أصفر حتى يظهر هذا اللون من التمر، وحينئذ يأمن العاهة؛ لأن العادة جرت في ذلك أنه إذا وصل إلى هذه المرحلة يأمن العاهة، وقبل ذلك تلفه محتمل، ولذا قال: ((أرأيت إذا منع الله الثمرة بما يستحل أحدكم مال أخيه؟! )) وهو في الغالب كما جاء في بعض الروايات حتى يطلع النجم، فإذا طلع النجم الثريا فإنه حينئذ يأمن العاهة، فعلى هذا التمر لا يجوز بيعه على سبيل الاستقلال، وبشرط التبقية إلا بهذا الشرط حتى يزهي، ويأمن العاهة، لكن لو قال شخص: أنا أريد أن أشتري هذه الثمرة، وهي خضراء صغيرة الحجم، يقال له: لا يجوز حتى تحمآر أو تصفآر، يقول: أنا أريد أن أشتري وأقطعه لأجعله علف للدواب، يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم، بشرط القطع؟ يجوز، بشرط القطع يجوز؛ لأنه اشتراه على هذه الصفة، ويريد أن يستفيد منه على هذه الكيفية، لا يريد أن يأكله تمراً، نقول: انتظر حتى يأمن العاهة ويزهي، يريد أن يقطعه علفاً لدوابه لا بأس إذا بيع تبعاً لأصله، فحينئذ يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، إذا بيعت النخلة بما عليها حينئذ يجوز بيعه ولو لم يزهِ، ولو لم يحمر أو يصفر؛ لأن البيع لهذه النخلة، وثبت تبعاً لبيعها حملها، ومثله ما لو بيعت شاه في بطنها حبل أو ناقة أو بقرة، نقول: لا يجوز بيع الحمل في البطن؟ نعم على سبيل الاستقلال لا يجوز، لكن تبعاً لأمه يجوز؛ لأن القاعدة أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.

قال: ((أرأيت إذا منع الله الثمرة))، يعني أصابتها آفة، أو وقف نموها، وقوف النمو معروف يستمر شيص يسمونه، تعرفون الشيص؟ نعم، يستمر، هنا منع الله الثمرة بمنع نموها، فإذا أراد المشتري أن يشتريها للأكل أو بشرط التبقية حتى تنضج يقال: لا، حتى تزهي؛ لأنه إذا باعها عليه فمنع الله الثمرة، صار من أكل أموال الناس بالباطل، وإن وجد التراضي من الطرفين؛ لأن التراضي واحده لا يكفي، نعم التراضي من الطرفين شرط لصحة البيع، بمعنى أنه لا يجوز الإكراه لا على البيع ولا على الشراء، لكن مع اعتبار الشروط الأخرى. شرح حديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتلقى الركبان .. ": "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد" قال: فقلت لابن عباس -رضي الله عنهما-: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: "لا يكون له سمساراً". تقدمت الإشارة إلى بيع الحاضر للبادي، وتلقي الركبان، وعرفنا العلة في ذلك، قول ابن عباس نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي الرواية الأخرى: ((لا تلقوا الجلب، لا تلقوا الركبان))، فدل على أن صيغة النهي الصريحة: لا تفعلوا تساوي التعبير بلفظ النهي، وأنه لا عبرة بقول من يقول: لا حجة في التعبير بالنهي أو الأمر حتى ينقل اللفظ النبوي، هذا القول ساقط لا حظ له من النظر، وإن علل بما علل، وقال: إن الصحابي قد يسمع لفظ يظنه أمر أو نهي وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، نقول: الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين فهموا مقاصد الشرع وعاشروا الرسول، إذا لم يفهموا مدلولات الألفاظ الشرعية من يفهمها؟ على كل حال يقول: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتلقى الركبان"، يستقبلهم الحاضر صاحب البلد قبل أن يقدموا فيشتري منهم، وحينئذ يغبنهم، لكن لو حصل، تلقى الركبان قبل أن يصلوا إلى السوق واشترى منهم، وانصرف البائع البيع صحيح وإلا باطل؟ البيع صحيح مع الإثم، لكن لو عرف البائع أنه مغبون ورجع لا شك أنه له الخيار.

"وأن يبيع حاضر لباد" النهي عن تلقي الركبان لمصلحتهم، والنهي عن بيع الحاضر للبادي لمصلحة أهل البلد الجماعة، وقلنا: إن الشارع يلاحظ مصالح الجميع، فلا ينظر إلى مصلحة أحد ويهمل مصلحة غيره، "قال: فقلت لابن عباس: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: "لا يكون له سمساراً"، يعني دلال، إذا وصل إلى البلد فقال: دع السلع عندي حتى أبيعها لك بالتدريج، إن كانت جملة يقول: أبيعها لك بالتقطيع أكثر للقيمة بالتدريج، أو دعها يوم أو يومين لئلا نستعجل على بيعها؛ لكي تزيد قيمتها، هذا لا يكون له سمسار. والباد كما أن الركبان أيضاً وصف أغلبي، والحديث خرج مخرج الغالب، لكن لو جاء مشاة ما هم راكبين، مشاة على أرجلهم ومعهم بضائع، يجوز أن يتلقوا؟ لا يجوز، الغالب أن من يقدم وهو راكب، هذا الغالب، وكذلك الغالب أن من يقدم لبيع سلعة إلى الحواضر أنه بادي، ومثله سكان القرى المنقطعة الذين لا تبلغهم الأسعار الحقيقية. شرح حديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة .. ": وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة: أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً، أو كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعاماً، نهى عن ذلك كله". وعن جابر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المخابرة، والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وألا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا". يكفي، تفسير، نعم. طالب: سم يا شيخ. عندك تفسير؟ طالب: المحاقلة؟ نعم. المحاقلة: بيع الحنطة في سنبلها بحنطة. ما عندك بصافية؟ طالب: سم. بصافية ما في؟ طالب: ما عندي يا شيخ. في بعض النسخ بصافية. "عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة".

المزابنة: مفاعلة من طرفين كما تقتضيه الصيغة من الزبن، وهو الدفع، بمعنى أن كل واحد يدفع صاحبه، إيش معنى المزابنة؟ المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً، إن كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعاماً، نهى عن ذلك كله، عن جميع هذه الصور وما في معناها. المزابنة: مفاعلة من الطرفين، كل واحد يزبن الثاني أي يدفعه، معنى هذا تأتي إلى صاحب بستان وتمره على رؤوس النخل، رطب، فتقول له: أنا أعطيك بقدره تمر، جاف مكبوس إن شئت فقل: مرصوص، الآن كم يجي هذا من صاع الذي على رؤوس النخل؟ يقول: خمسمائة صاع، يقول: أنا أعطيك خمسمائة صاع مكبوس جاهز، كل إن شئت، وبع إن شئت، واترك الذي على رؤوس النخل وتعبه يحتاج إلى عناية، هذه مزابنة، أو يأتي إلى صاحب العنب وهو طري في شجره فيقول له: أنا أشتري منك هذا العنب، وهو في عريشه في أشجاره، بهذه الصناديق من الزبيب والعنب فافترض أنه ألف كيلو وهذه الصناديق فيها ألف كيلو، أو يأتي إلى صاحب الحب في سنبله فيبيعه بقدره طعام جاهز كل هذا لا يجوز، كل هذا لا يجوز، لماذا؟ لأنه إذا بيع الربوي بجنسه ماذا يشترط؟ طالب:. . . . . . . . . المماثلة، التساوي، وأن يكون يداً بيد، التقابض، طيب هذا يقول: الآن أنا أسلمك التمر المكبوس خذه الآن، وأنا أستلم ما على رؤوس النخل بالتخلية؛ لأن القبض في كل شيء بحسبه، والتساوي متساوي هذا خمسمائة صاع وهذا خمسمائة صاع، تم التماثل والتقابل، فما علة المنع؟ ها؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ما أسمع. طالب:. . . . . . . . .

شرح حديث: "نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المخابرة .. ":

القيمة؟ لا القيمة غير منظور إليها، غير منظور إليها، لو جئت بصاع من التمر الذي لا يسوى ريالين أو ثلاثة أو خمسة وبدلته، أو بعته بصاع مما يستحق مائة ريال، ما أحد يقول لك: حرام، هذا رطب وهذا رطب، أو هذا جاف وهذا جاف، لكن هل يمكن أن تتحقق مساواة الرطب بالجاف؟ جاء في الحديث: ((أينقص التمر أو الرطب إذا جف؟ )) قالوا: نعم، قال: ((فلا إذاً)) ما يمكن تتحقق المماثلة، لا يمكن، مماثلة الرطب مع الجاف، فلهذا منع، ولو قال: أنا آخذ خمسمائة صاع وأعطيك خمسمائة صاع؛ لأن هذه الخمسمائة الرطبة إذا جفت مآلها أن تكون أربعمائة، فلا تتحقق المساواة، هذا هو السبب، فلا يجوز حينئذ أن يباع الرطب بالجاف، والمخرج من ذلك، كيف يخرج إذا أرد .. ؟ هو عنده تمر قديم مرصوص يبي تمر جديد مع الناس، استثنيت مسألة العرايا، لكن هو ما يكفيه القدر المحدد في العرايا، يقول: أنا ما يكفيني إلا قدر المسموح به مرتين، نعم، هل نقول له: أجري عقد العرية مع اثنين؟ أو نقول: بع التمر الذي عندك واشترِ طري؟ نعم، هذا الأصل كما جاء التوجيه: ((بع الجمع، واشترِ بالدراهم جنيباً)) هذا هو المخرج من الربا، هذا هو المخرج من الربا يباع هذا بالدراهم ويشترى بالدراهم تمر آخر، يباع الجاف ويشترى الرطب، يباع الرديء ويشترى الجيد، ومثله العنب مع الزبيب؛ لأنه لا يمكن أن يتم التساوي، ومثله أيضاً الحب، الحب في سنبله لا يمكن تساويه مع الحب الخالص من .. ، لماذا؟ الآن الخرص أليس بدقيق إلى حد ما؟ الخرص عند أهل الخبرة، نعم، دقيق إلى حد ما، يعني يأتي الخبير ويقدر ما في هذا البستان من التمر من الزبيب من العنب من العيش، إلى آخره، دقيق إلى حد ما، لكن المسألة أعظم وأدق، وأهل العلم يقررون: أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، على كل حال هذا معنى المزابنة. شرح حديث: "نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المخابرة .. ": "وعن جابر بن عبد الله قال: "نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المخابرة، والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وأن لا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا".

"نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المخابرة" مفاعلة. "والمحاقلة وعن المزابنة" تقدم، "وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها" أيضاً تقدم، "وألا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا". المخابرة والمحاقلة، المحاقلة فسرها المصنف بأنها بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية، فتدخل في إيش؟ في المزابنة في الحديث السابق، وإن كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام، تدخل في المزابنة على هذا، هذا تفسير المحاقلة عند المصنف. ومن أهل العلم من يرى أن المخابرة والمحاقلة والمزارعة معانيها متقاربة، فالمحاقلة: أن تدفع الحقل إلى من يزرعه، المخابرة: أخذ من معاملة النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل خيبر أن يعملوا في هذه البساتين بالدراهم والدنانير، أو بجزء مشاع مما يخرج منها، وعلى كل حال الكلام في المزارعة طويل، والخلاف بين أهل العلم كثير.

جاءت أحاديث عن رافع بن خديج وغيره في منع المزارعة منعاً باتاً، يعني في حكمها المخابرة والمحاقلة، وجاءت أحاديث تدل على جواز المخابرة والمزارعة والمحاقلة، وفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- بمعنى أنه عامل أهل خيبر بجزء، فتنزل الأحاديث التي تمنع هذه المعاملات على إيش؟ المزارعة تدفع الزرع لمن يعمل فيه بأجرة بدراهم أو دنانير، فيه إشكال، وإلا ما فيه إشكال؟ لا إشكال فيه، هذا أجير، تدفع هذا الزرع لمن يسقيه أو تدفع هذه الأرض لمن يزرعها بجزء منها، لا يخلو هذا الجزء إما أن يكون مشاعاً: للعامل الربع، للعامل الثلث، للعامل النصف، له أكثر، له أقل مشاع، ومتى يعرف؟ يعرف عند النهاية، نهاية الأمر، إذا جُذ النخل، حصد الزرع عرف نصيب العامل، وعرف نصيب صاحب الأرض، هذا لا إشكال فيه، إذا كان الجزء مشاعاً، لكن إذا كان الجزء معلوماً دفعت الأرض لمن يزرعها على النصف وقلت للعامل: لي النصف الشمالي ولك النصف الجنوبي يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز، لا يجوز ذلك، وعلى هذا تتنزل أحاديث المنع، لماذا؟ لأنه قد .. ، نعم لأنه قد ينبت الزرع وينمو حتى يتم في نصيب العامل، ويموت الزرع في نصيب صاحب الأرض، فيتضرر صاحب الأرض، أو العكس فيتضرر العامل، وعرفنا مراراً أن الشرع جاء بالتوازن، وجلب المصالح للجميع، ولا يكون أحد يستفيد على حساب غيره، فعلى هذا إذا كانت بهذه الصورة لك النصف الشمالي ولي النصف الجنوبي نقول: لا، وما يدريك لعله لا تنبت ينبت هذا الجزء الذي خصصته للعامل، فبما تستحل عمل أخيك؟ ولعله ينبت الجزء الذي للعامل دون الجزء الذي لصاحب الأرض فبما يستحل العامل نتاج أرض أخيه، وتقدم لنا: ((أرأيت إذا منع الله الثمرة بما يستحل أحدكم مال أخيه)) وهذه يمكن أن تطرد في جميع الصور. "نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة، وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وألا تباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا".

المزابنة عرفنا أنها في التمر وفي الحب وفي العنب، وهل يقاس عليها غيرها أو لا يقاس؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن هذه الثلاثة إذا كانت رطبة لا تباع إلا بالدينار والدراهم، يعني لا تباع بجاف، إلا العرايا، والعرايا يأتي تفسيرها في الباب اللاحق، نعم. شرح حديث: "نهى عن ثمن الكلب .. ": وعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن. عن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث)). حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري بدري منسوب إلى بدر، على خلاف بين أهل العلم، هل شهد الواقعة أو لمجرد كونه سكن بدراً فنسب إليها؟ والبخاري -رحمه الله- يثبته فيمن شهد بدراً، والجمهور على أنه لم يشهد بدر، وإنما سكنها فنسب إليها. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب، نهى عن ثمن الكلب، ما العلة؟ نجس، الآن الكلب لا يجوز بيعه مطلقاً وإلا البيع الذي يستفاد منه يجوز بيعه؟ طالب:. . . . . . . . . من شروط صحة البيع أن تكون العين المباعة إيش؟ طالب: مباحة النفع. مباحة النفع مطلقاً وإلا بلا حاجة؟ أن تكون العين المباعة مباحة النفع، إيش؟ طالب:. . . . . . . . . ما هم بيقولون: بلا حاجة؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

أن تكون العين -يعني السلعة المباعة- مباحة النفع بلا حاجة، بهذا القيد؛ لأنه إذا كان نفعها مقيداً بالحاجة كالكلب حينئذ لا يجوز بيعه، نهى عن ثمن الكلب لا يجوز بيعه مطلقاً، طيب أراد فلان، احتاج لكلب صيد، احتاج لكلب زرع، احتاج لكلب ماشية، وقد أذن الشارع باتخاذه، نقول: هذا يباح نفعه للحاجة، وحينئذ لا يجوز بيعه، فالذي يجوز بيعه لا يقيد بالحاجة، يكون مباح النفع مطلقاً، من غير قيد بالحاجة، وهذا يغلق الباب على كل من يدعي الحاجة إلى ما لا يجوز بيعه، ولو أبيح هذا الانتفاع به لهذه الحاجة، ولذا نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ثمن الكلب، لا شك الكلب المأذون باتخاذه مختلف فيه، لكن عموم الحديث يشمل الكلب المأذون باتخاذه، والكلب المحرم اتخاذه؛ لأنه ما استثني من الكلب إلا كلب الماشية والصيد والزرع، وما عدا ذلك لا يجوز، بل يحرم اتخاذه، وينقص من عمل مقتنيه كل يوم قيراط، وفي رواية لمسلم: قيراطان. الكلب، الكلب مفرد وإلا جمع؟ نعم، مفرد، نكرة وإلا معرفة؟ معرفة، تعريفه بـ (أل)، والمفرد إذا عرف بـ (أل) أفاد العموم، أفاد العموم، فعموم الكلاب منهي عن ثمنها. مهر البغي: ما تأخذه البغي وهوي الزانية أجرة للاستمتاع بها، وهو حرام إجماعاً، وهو سحت. وحلوان الكاهن: ما يأخذه الكاهن أجرة أو مقابل كهانته، ومثله العراف والمنجم، كذلك سائر الكذابين والدجالين، والله المستعان.

شرح حديث: "ثمن الكلب خبيث .. ":

مهر البغي وحلوان الكاهن محل إجماع أنه لا يجوز أخذه، طيب، ما دام لا يجوز أخذه إذاً لا يجوز دفعه؛ لأن ما حرم أخذه حرم دفعه، لو وجد شخص من الفجار يضحك على الناس فيغري النساء أو يغري من يوافقه من النساء بالعوض الكثير فتقع مثل هذه النسوة في حبائله، ثم يقول في النهاية: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن مهر البغي لا يدفع شيء، يتخذ مثل هذا ذريعة، ومثله من يتعامل بمعاملات محرمة، والشرع يمنع من مثل هذه المعاملات، من يقدم على الربا، ويعرف تحريم الربا، وفي قرارة نفسه أنه لن يدفع إلا رأس مال المرابي، فيأخذ أموال الناس بهذه النية، نقول: مثل هذا ينبغي أن يعامل بنقيض قصده، فتؤخذ منه هذه الأموال وتصرف بنية التخلص منها؛ لأنها كسب خبيث، بنية التخلص منها في المصارف غير الطيبة في مجاري، في دورات، في غيرها فيما أشبهها، ولا يترك لمثل هؤلاء الذين يتحيلون على العقود المحرمة في مثل مهر البغي مثل حلوان الكاهن، مثل تعامل بالربا، يقدم وهو عارف في الحكم، يغرر بهؤلاء، نعم هم مجرمون، كلهم مشتركون في الإجرام، لكن إذا بذل أكثر قد يغرر بالعفائف، لو جاء شخص إلى امرأة محتاجة عفيفة محصنة، وتحت ضغوط الحاجة، وظروف المجتمع، قال: أنا أدفع مليون، فمكنته من نفسها، وفي النهاية قال: مهر البغي خبيث لا يجوز دفعه، نعم، نقول: نعم مهر البغي خبيث، لكن أنت خبيث أيضاً، فمثل هذا يعاقب بنقيض قصده لا يتخذ مثل هذه ذرائع للضغط على مثل هؤلاء، هؤلاء خبثاء كلهم لا شك، لكن الأشرار لهم وسائل، والله المستعان. تأذن؟ تفضل. الحديث الذي يليه: شرح حديث: "ثمن الكلب خبيث .. ": "عن رافع بن خديج أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث)) ". هذه ثلاثة أمور موصوفة بوصف واحد، وهي متفاوتة الخبث، لا شك أن مهر البغي أخبث من ثمن الكلب، وثمن الكلب أخبث من كسب الحجام، ولا يقول بالتساوي إلا من يقول بالاحتجاج بدلالة الاقتران، وهي ضعيفة جداً عند جماهير أهل العلم. ((ثمن الكلب خبيث)) عرفنا أن الكلب لا يجوز بيعه، ولو اقتضت الحاجة، لا يجوز بيعه ولو اقتضته الحاجة.

شخص احتاج كلب، كلب صيد احتاج كلب زرع، احتاج كلب غنم، ماذا يصنع؟ يوجد كلاب عند بعض الناس معلمة على هذه الأمور، ولن يستطيع الوصول إليها، والحصول على حاجته إلى بدفع قيمتها، نقول: الحاجة في مثل هذه الصورة كما قرر الحنابلة وغيرهم، وهو مروي عن الإمام أنه في مثل هذه الحالة يجوز الشراء ولا يجوز البيع، الثمن خبيث بالنسبة للبائع، لكن الدافع المحتاج، بيع المصحف، المصحف بيعه حرام، عند جمع غفير من أهل العلم؛ لأن بيعه امتهان له، لكن شخص احتاج مصحف والذي هو بيده لا يدفعه إلا بقيمة، نقول: قاعدة الحنابلة اشترِ هذا المصحف، بالنسبة للمشتري محتاج ما عليه شيء، كلام في البائع احتجت كتاب وقف ولا وجدت غيره، كتاب وقف أنت بحاجته، وبيع الوقف حرام، نقول: أنت محتاج ومعذور، والبائع قيمته خبيثة، قيمة المبيع خبيث. على كل حال مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، لا شك أن فيه شوب من التعاون، التعاون مع هذا البائع الذي يبيع صاحب هذه المكاسب الخبيثة، لكن مع ذلكم الأمور تقدر بقدرها.

((مهر البغي خبيث، ثمن الكلب خبيث، كسب الحجام خبيث)) النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم، وأعطى الحجام أجرته، وسأل مواليه أن يخففوا عنه، يقول: ((كسب الحجام خبيث)) -عليه الصلاة والسلام-، ويحتجم ويعطي هذا الكسب؟، أو نقول: إن الخبث يتفاوت؟ نقول: هذا ثمن إخراج دم، والدم خبيث، هذه مهنة سيئة دنيئة، لا تليق بأشراف الناس، من يتكسب من روائها، لكن على كل حال بالنسبة لأدنياء الناس، الذين لا يجدون إلا مثل هذه الأعمال يقرر أهل العلم أن مثل هذه المهن أفضل من الحاجة وتكفف الناس وسؤالهم، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام، أعطى أبا طيبة الحجام، هذا يدل على الجواز، جواز الدفع عند الحاجة، ويبقى أن الآخر يأخذ مالاً خبيثاً، والخبث قد يطلق على بعض المباحات، الخبث الثوم والبصل شجرتان خبيثتان، لكن هل هو حرام وإلا حلال؟ حلال، جاء في صحيح مسلم أحرام هو يا رسول الله؟ قال: ((إني لا أحرم ما أحل الله)) فالوصف ينظر إلى الموصوف من أكثر من زاوية، قد يكون قد تكون مادته طيبة ورائحته خبيثة، نعم، فينظر إليه من أكثر من جهة، ويطلق على الثوم حينئذ أنه طيب من جهة، وخبيث من جهة، ويجوز مثل هذا إذا انفكت الجهة، وإلا لو كان خبيثاً بالمعنى الشرعي لصار حراماً، بدليل قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] لا شك أن الخبث وصف، وهذا الوصف إذا انفكت الجهة يمكن أن يوصف به الطيب، أما مع اتحاد الجهة فلا، لأنه يلزم عليه التناقض. فكسب الحجام عرفنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام، ولو كان كسبه محرماً لما أعطاه؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان وعرفنا أن المحتاج إلى الشيء يعذر أكثر من غيره، فمشتري الكلب معذور عند الحاجة، بخلاف بائعه، مشتري المصحف عند من يقول بتحريم بيعه معذور بخلاف بائعه، المحجوم معذور في دفع الأجرة بخلاف الحجام نفسه. من الزيادات في العمدة الكبرى: عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: "نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عسب الفحل".

الفحل: من البهائم من الغنم والإبل والبقر إذا نزا عليها نزا هذا الذكر على الأنثى، الأجرة تسمى عسب، ومنهم من يقول: إن العسب هو الماء، ويراد بذلك قيمته. على كل حال ما يؤخذ في ما يؤخذ في مقابل الإنزاء على هذه الدواب، وكل هذه الأمور التي هي في الأصل مباحة كسب الحجام، وعسب الفحل، الشارع حينما يطلق مثل هذه العبارات من أجل أن يتعاون الناس، ويتبادلوا المصالح، ولا تكون الدنيا هي همهم، احتاج أخوك إلى ما عندك لا يلزم أن يكون كل شيء بالحساب، احتاج إلى حجامة، احجم ولا تأخذ، احتاج إلى أن ينزو فحلك على أنثاه من الغنم أو الإبل أو البقر لا تأخذ عليه مكسب، ونحن نلاحظ في الأيام الأخيرة يؤتى بهذا الماء من بلدان بعيدة بأقيام غالية، لتحسين النسل كما يقولون، وعلى كل حال هذه المهن مهن دنيئة، لا ينبغي لأشراف الناس أن يزاولوها. من الزوائد قوله: عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي من رواة الصحيح، من رواة صحيح مسلم، وهو معروف بالتدليس، قال: سألت جابراً، هنا انتفت تهمة التدليس؛ لأنه صرح بالسؤال، سألت جابراً عن ثمن الكلب والسنور، قال: "زجر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك". عن ثمن الكلب والسنور، ونحن نرى في أسواق المسلمين السنور يباع، والكلب يباع، كل هذا من التساهل في مثل هذه النصوص. زجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، يعني عن ثمن الكلب والسنور، الكلب عرفنا أن مشتريه قد يكون محتاجاً له في صيد أو حراسة أو حراسة زرع أو غنم أو ما أشبه ذلك، لكن السنور قد يحتاج غليه في القضاء على .. ، على إيش؟ على الفأر، قد يقول: أنا محتاج إلى هذا السنور هذا القط هذا الهر أنا محتاج إليه، هل نقول: إن حاجتك مثل حجة من أراد كلب صيد أو زرع أو حرث أو ماشية فيباح لك حينئذ أن تشتري هذا السنور؟ سألت جابراً عن ثمن الكلب والسنور فقال: زجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، ونلاحظ أن الزجر عن الثمن، سواءً كان في ثمن الكلب ثمن السنور، الكسب، كسب الحجام، وليس الزجر عن أصل العقد لئلا يتناول الاثنين، فيكون متأكداً في حق الآخذ دون المعطي. هذا يسأل عن شروح العمدة الصغرى الذي نحن بصدد شرحها؟

من أعظم شروحها شرح ابن دقيق العيد إحكام الأحكام، وابن الملقن الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، طيب، ومن ذلكم تيسير العلام، وفي موارد الأفهام من سلسبيل عمدة الأحكام، وفي كتب كثيرة شروح العمدة أكثر من عشرة، لكن من أنفسها وأجودها لطالب العلم المتأهل شرح ابن دقيق العيد، على صعوبة فيه، وتعقيد في عبارته ومآخذه، يعني شرح ابن الملقن على طوله أسهل من شرح ابن دقيق العيد، وحواشي الصنعاني على شرح ابن دقيق العيد مفيدة جداً تحل كثير من الإشكالات، فيعتني طالب العلم بهما، وشرح الشيخ ابن بسام شرح متوسط وسهل يدركه آحاد المتعلمين. وهذا يقول: ما الأفضل لطالب العلم من شروح بلوغ المرام؟ هل هو فتح العلام شرح بلوغ المرام؟ أو سبل السلام؟ فتح العلام صورة لسبل السلام، هو مأخوذ بحروفه من سبل السلام، إلا أنه حذف مذاهب المبتدعة، حذف مذاهب الزيدية والهادوية التي أدخلها الصنعاني قصداً لترويج الكتاب، لترويج كتابه؛ لأنه في اليمن وعامة أو غالب أهل اليمن منهم، وهذا في السابق على وقت الصنعاني، وإن كانوا الآن نسبة أهل السنة زادت في اليمن، ولله الحمد. هذا يسأل عن السنور ما هو؟ سؤال من برع من الجزائر، السنور هو القط وهو الهر، وله أسماء كثيرة جداً، يختلف اسمه من بلد إلى بلد، لكن الهر معروف مثله القط أيضاً. ويسأل أيضاً عن زكاة العسل وما نصابه؟ زكاة العسل من يجيب؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . عرض. طالب:. . . . . . . . . من هو؟ طالب:. . . . . . . . . يعني عرض، إذا كان عرض معروض للتجارة فهو كغيره من عروض التجارة، زكاته ربع العشر من قيمته، نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب: نصابه؟ نصابه، نصاب سائر الأموال من عروض التجارة. طالب: يقوم؟ يقوم نعم، يقوم ويخرج من قيمته ربع العشر، والأسئلة كثيرة جداً، ما أدري كيف بنستطيع أن نجيب عليها، كم باقي على الإقامة؟ يقول: شخص اشترى سلعة وأعطى البائع نقوده، فلما أراد استرجاع باقي ماله لم يوجد المال الكافي للاسترجاع فقال له: أعطيك المال بعدما يوجد عندي الكافي لذلك، ويكون المال عندي، البائع والمشتري أخذ السلعة فما حكم ذلك؟

كيف؟ سؤال ركيك، لكن الذي فهمت منه أن هذا اشترى سلعة، اشترى سلعة فأعطى البائع النقود، فلما أراد استرجاع باقي ماله لم .. ، كيف؟ كأن هذه السلعة ظهر فيها عيب وإلا كيف يسترجعها؟ أو بإقالة؟ قال: إنه استغنى عن هذه السلعة فقال له صاحبها: أنا قبلت الإقالة، أو فسخنا العقد للعيب، لكن أنت دفعت قيمة السلعة، أنا الآن والله ما عندي شيء الآن، اصبر حتى يأتي شيء وأعطيك مالك، اشترى السلعة بألف ريال فظهر فيها عيب فأرجعها إلى صاحبها، قال: نعم قبلت، أو تبين له أنه ليس بحاجة إلى هذه السلعة فذهب إلى البائع فقال: أقلني جزاك الله خير، قال: قبلت خلاص أقلتك اترك السلعة، لكن أنا والله الآن ما عندي ألف، عندي خمسمائة وخمسمائة تجي -إن شاء الله-، ما الذي يمنع من صحة هذا التصرف؟ لا مانع منه، ينتظر حتى يوجد، وإن خاف على الخمسمائة الثانية نعم خاف عليها يرضى بالسلعة، يرضى بالسلعة. يقول: ما حكم غيبة الشخص الذي لا أعرفه ولا يعرفه أحد السامعين مع العلم أن الشخص الذي اغتبته ليس معنا، لأننا قد رأيناه في طريق مزدحم؛ لأنه أخطأ علينا في قيادة السيارة وحصل بيني وبين زميلي هو يقول: حرام، وأنا أقول: لا؟ يعني شخص اعتدى في طريق الناس اعتدى عليهم في الطريق إما راح يمين أو راح يسار، وخوفهم وروعهم جاء واحد وقال هذا .. ، ذكره بما يسوؤه قال: هذا مجنون، هذا فيه ما فيه، أو دعا عليه بقدر ظلمه لهم، إذا كان مجهول فلا غيبة له، لكن إذا ذكر بوصفه بحيث يحذر الناس من فعله هذا مقصد طيب، إذا قيل: إن شخص روع الآمنين يفحط إما راح يمين أو راح يسار على الطرقات السريعة لا جزاه الله خيراً، ولا وفقه، ولا بارك فيه، يحذر الناس مثل هذا العمل. يقول: هل الفترة المحددة لرد السلعة تكون على أساس اتفاق البائع والمشتري؟ أو أن هناك فترة شرعية بذلك؟ أما إذا اتفقوا على وقت للخيار هذا يسمى خيار، إذا اتفقوا على وقت، على أن يردها المشتري خلال ثلاثة أيام، أربعة أيام، شهر لا بأس، الأمر لا يعدوهم، لكن إذا لم يتفق على وقت، نعم، فجاء في النصوص ما يدل على الثلاث، فهو بالخيار ثلاثاً مثل حديث المصراة فإذا زاد على الثلاث ليس له أن يرد.

يقول: يوجد لدى محلات التقسيط للسيارات أشخاص يشترون من المقترضين -يعني من الذين يشترون هذه السيارات بالآجل، يشترونها نقداً، وكذلك عند دخولك الحراج بالسيارة يتلقاك أشخاص، فهل هذا من تلقي الركبان المنهي عنه؟ إذا كان الشخص متصور أنه لا يعرف قيمة السلعة، لا يعرف ماذا تستحق هذه السلعة؟ ويأتي شخص ليغرر به فيبيع بنصف القيمة فهذا من التلقي، أما إذا كان الشخص وهذا هو الغالب شخص اشترى سيارة قيمتها نقد أربعين ألف اشتراها بخمسين أقساط، فدخل بها السوق فتلقاه شخص قال له: بعشرين، ويعرف أنها تستحق أربعين باع عليه، نقول: هذا ممنوع وإلا جائز؟ جائز هذا هو الذي فرط، وفي الغالب مثل هؤلاء يشترون بنازل شيء يسير. يقول: يحدث في بعض المتنزهات أنه يوجد شخص معه مجموعة من البضائع، ومعه شيء يرمى به مثل المسدس فيأتي الشخص ويدفع عشرة ريالات ويرمي فأي نوع أصابه من البضاعة أخذه، فهل يدخل هذا ضمن بيع الحصاة أو المنابذة؟ هذا بيع الحصاة، وهي أن يرمي الحصاة على البضاعة أو على رأس من الغنم أو على ثوب أو على مجموعة ثياب، أي ثوب يقع عليه وهذا منه، وهذا من بيع الحصاة. يقول: يوجد في المعارض من يتلقون أصحاب السيارات قبل المعارض حتى يشتري منهم قبل أن يعرض للبيع؟ على كل حال إذا كان هذا المتلقى متصور منه أنه يجهل الثمن وباع ادعى أنه يجهل، وباع وادعى الغرر صار بالفعل يعني الثمن قليل بالنسبة لما تستحقه له الخيار. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في أسئلة كثيرة بقيت من الأسبوع الماضي، فهل نبدأ بشيء منها حتى يتمكن الأخوة أئمة المساجد من إدراك أول الدرس. أسئلة كثيرة جداً. يقول: ما حكم ما تفعله بعض المحلات التجارية بتعليق لوحة: السلعة المباعة لا ترد، بل تستبدل بعد يومين؟

هذه اللوحة تفيد بأن العقد تم بالإيجاب والقبول ونفذ ولزم بالتفرق وحينئذ لا ترد، وجود مثل هذا الكلام مثل عدمه، هذا مقتضى العقد، لا ترد رداً إلزامياً، وإنما قد ترد بالإقالة، وقد ترد بالعيب، إذا وجد فيها عيب ترد، ترد بخيار العيب ولو كتبت هذه العبارة، ولو كتبت هذه العبارة، إنما هذه العبارة تفيد أن السلعة المباعة بيعاً صحيحاً مستوفياً للشروط تم التفرق لا ترد، يقول: بل تستبدل بعد يومين، هذا فضل من البائع، إذا رضي استبدالها فضل منه، وإلا مقتضى تمام العقد وصحة العقد ترتب جميع الآثار عليه، وحينئذ ننتقل السلعة إلى ملك المشتري والثمن إلى ملك البائع، ولا يتمكن أحدهما بمفرده من فسخ البيع، إلا بعيب، أو غبن فاحش. يقول: يحصل في بعض المزادات بيع دون أن يعرف الشاري، أو دون أن يعرف الشاري جودة ونوع السلعة؟ هذا بيع مجهول، لا بد أن تكون السلعة معلومة، يكون المبيع معلوم، كما أنه لا بد أن يكون الثمن معلوماً شرط من شروط البيع، معلوم برؤية، أو بصفة دقيقة. يقول: نجد في بعض معارض السيارات، أو في معارض السيارات شريطية يقفون عند بداية الشارع فهل هذا من تلقي الركبان؟ باب الشارع الذي هو السوق ليس من تلقي الركبان؛ لأنهم وصلوا إلى السوق. يقول: هذه البيوع التي ذكرت في حديث أبي هريرة علمنا أن العقد صحيح فما المقصود من النهي هل هو التحريم أم ماذا؟ نعم النهي يفيد التحريم كما هو الأصل فيه. ما حكم من قال لمن يريد الإصلاح عنده مثل إصلاح سيارة أو غيرها: إذا تأخرت عن إصلاحها في وقت كذا فسوف تنقص عليك القيمة فما الحكم؟

هذا يسمى شرط جزائي، يستعمله أهل المقاولات، يقاوله على أن يبني له بيتاً أو عمارة أو مشروع تجاري أو غير ذلك ويقول: مدة التنفيذ سنة، فإن زاد عن السنة فعليك في كل شهر كذا، لا شك أن التأخير يفوت مصالح على صاحب العقد، يفوت مصالح على صاحب العقد، وهذا هو الوجه لمن أجازه، أجاز مثل هذا الشرط، قال: لأنه يفوت مصالح، هذا الشخص الذي وضع سيارته في ورشة الإصلاح، وقال له: تنتهي بعد يومين، وهو محتاج للسيارة، واتفقا على ذلك، جاء بعد يومين، قال له: والله ما صلحت السيارة، فرط صاحب الورشة، اقتضى ذلك أن يستأجر صاحب السيارة سيارة بالأجرة اليومية، هذا متضرر لا شك أن إلزامه بمثل هذا له وجه، لا سيما إن ظهر منه التراخي وعدم الاهتمام، ومن أهل العلم من يقول: لا يجوز ذلك بحال؛ لأنه أكل لأموال الناس بدون مقابل، على كل حال الورع ترك مثل هذا، لكن لو قيل به لكان له وجه. يقول: في الوقت الحاضر اتسعت وسائل الاتصالات، فالركبان يعرفون السلع، فهل نحن متلقين في هذا الوقت أم لا؟ لأن السعر معروف لديهم وهذا مجرب؟ على كل حال إذا كان لا يترتب عليه ضرر على هؤلاء الركبان فإنه لا بأس به؛ لأن الحكم يدور مع علته والورع تركه. يقول: اشتريت من رجل جهاز الكتروني، ووعدني أن يحضر جميع ما يتعلق بهذا الجهاز، وبعد البيع والتفرق تبين لي أنه نقص شيء من هذا الجهاز، فما الحكم؟ ما يتبع الجهاز عادة يكون داخلاً في البيع ولو لم ينص عليه، وعلى هذا يلزم بدفعه إلى المشتري، يلزم بدفعه إلى المشتري كما أن ما يشمله مسمى البيت يدخل فيه، وما يتبع السيارة من استبنه وعفريته وما أشبه ذلك يدخل في البيع، فيلزمه دفعه للمشتري إلا بالثنية إذا استثنى البائع. يقول: ما رأيكم بشرح الشيخ البسام لهذا الكتاب، وما أحسن شروح هذا الكتاب؟

تكرر مثل هذا السؤال، شرح الشيخ البسام جيد ومفيد لطالب العلم وسهل وواضح ومفهوم يناسب طلاب العلم المتوسطين، لكن شرح ابن دقيق العيد أمتن بكثير، أمتن منه، يناسب الطالب صاحب المستوى أو على قدر من الفهم والإدراك يناسبه شرح ابن دقيق العيد مع حاشيته للصنعاني، والذي يريد طول النفس في الشرح والتوسع يرجع إلى شرح ابن الملقن، ومن أراد الاختصار الشديد مع الفائدة لهذا الكتاب فعليه بـ (خلاصة الكلام) للشيخ فيصل بن مبارك -رحمه الله-. ما هي الإقالة؟ الإقالة هي إجابة الطالب من بائع أو مشتري، إذا ندم البائع على بيع السلعة وطلب من المشتري أن يتنازل عن البيع هذه .. ، ووافق على ذلك فهذه هي الإقالة، وكذا لو ندم المشتري على شراء هذه السلعة، ووافقه البائع على ردها صارت هذه إقالة. يقول: ماذا نفعل في هذا الإجراء الجديد الذي هو التأمين الإلزامي؟ أولاً: التأمين لا شك أنه إذا تضمن دفع مبلغ معلوم ومقابله مجهول أنه لا يجوز؛ لأنه فقد شرطاً من الشروط، وهو أنه فقد شرطاً من الشروط، وعلى كل حال يوجد من يفتيهم، لكن هذا هو الحكم، وإذا ألزم الإنسان من قبل من يملك الإلزام بحيث لا يكون له مندوحة من الدفع فيلتزم ويدفع، وحينئذ يكون حكمه حكم المكره على ألا يستوفي مما تعاقد عليه أكثر مما دفع، لو قدر أنه دفع سنوياً مبلغ ألف ريال في مقابل العلاج، ألزم بذلك يدفع الألف؛ لأنه مكره، لكن إذا أراد أن يستوفي العلاج خلال عام لا يجوز له أن يأخذ إلا في مقابل هذا الألف، ما زاد يتركه. يقول: ما حكم التأمين التجاري؟ وهل هناك فرق بينه وبين التأمين التعاوني؟ التأمين التجاري معروف حكمه، أهل العلم يفتون بأنه لا يجوز، التأمين التعاوني إن كان المقصود به أن من الناس من ذوي اليسار من يتبرع بأموال ينفق منها على المحتاجين بحيث لا يدفع المحتاج شيئاً ...

كتاب البيوع (3)

عمدة الأحكام - كتاب البيوع (3) باب العرايا - وبيع الميتة - والسلم الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير يقول: ما حكم التأمين التجاري؟ وهل هناك فرق بينه وبين التأمين التعاوني؟ التأمين التجاري معروف حكمه أهل العلم يفتون بأنه لا يجوز، التأمين التعاوني إن كان المقصود به أن من الناس من ذوي اليسار من يتبرع بأموال ينفق منها على المحتاجين بحيث لا يدفع المحتاج شيئاً، هذا تعاون بلا شك، وهو تعاون على البر، لكن إذا كان المحتاج يدفع فليس بتعاون حينئذ، حينئذ لا فرق بينه وبين التجاري. يقول: ما حكم التصوير بالفيديو ومشاهدة الأفلام في الأمور المباحة كالمسرحيات ونحوها، وما رأيك في شرائه للأولاد؟ على كل حال التصوير بجميع صوره وأشكاله، تصوير ذوات الأرواح محرم، بما في ذلك التصوير الشمسي والتصوير بالفيديو إلا ما دعت إليه الحاجة والضرورة وألزم الناس به، هذا لا مناص ولا مفر منه. على كل حال هذه الأمور هذا الأصل فيها، وعلى هذا يمنع كل ما يشتمل على هذه أو على هذا الأمر المحرم وهو التصوير من أجهزة وصحف ومجلات وغيرها. يبقى أن شراءه للأولاد، يبقى شراؤه للأولاد الحكم فيه المنع كما قلنا هذا الأصل، لكن قد يقول قائل: أنا أولادي يخرجون إلى الجيران، وعجزت عن ملاحظتهم وملاحقتهم، يذهبون إلى الأقارب وعندهم ما هو أعظم من هذا الفيديو مثلاً، ويذهبون إلى مقاهي إنترنت وغيرها، ما الذي يمنعهم؟ وما الذي يحجبهم؟ ويرتكبون من الضرر ما هو أعظم، نقول: ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر عند علماء الإسلام، ويبقى الحكم المنع، ويبقى أن الحكم في الأصل هو المنع، فإذا اضطر الإنسان إليه لحفظ أولاده الذين لا يستطيع أن يملكهم إلا بهذه الوسيلة فهي أخف ضرراً من أن يخرجوا لمشاهدة ما هو أعظم من ذلك، وأنتم كما ترون وتسمعون المسلمون عليهم في هذه الآلات غزو شديد، نسأل الله السلامة والعافية. هذا يقول: ما رأيكم في مشاهدة بعض القنوات كالجزيرة مثلاً خاصة الأخبار على أنه يظهر فيها نساء مذيعات؟

أقول: أولاً: من الذي يضمن من نفسه أنه لا يشاهد إلا الأخبار، وإذا ضمن نفسه فمن يضمن له من تحت يده؟ من يضمن له من تحت يده؟ هذه مسألة، المسألة الأخرى: أنه حتى الأخبار الذي يؤديها نساء، والنظر إلى النساء محرم، وهؤلاء النسوة لسن من أهل -في الغالب ولا نُعين أحداً- من أهل العفة والاستقامة فيخشى أن يقع الإنسان في دعوة أم جريج وهو لا يشعر من مشاهدة هؤلاء النسوة، يخشى عليه من ذلك. الأمر الثاني: حتى لو قدر أن هؤلاء النسوة فيهن من الاحتشام، وهذا يستوي فيه القنوات كلها، في الأخبار في الأخبار العالمية مثلاً على ما تسلط كاميرات التصوير عند مشاهدة الأخبار؟ يحدثنا الذين يرون أنهم لا يهمهم أن يصور الرجال أبداً في الحوادث الذي تقع في الخارج، لا يهمهم أن تصور الرجال، إنما يركز التصوير على النساء، وهذا بحد ذاته منكر لا تجوز رؤيته، والله المستعان. نكتفي بهذا القدر، سم. شرح باب العرايا وغير ذلك: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب العرايا وغير ذلك: عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها، ولمسلم بخرصها تمراً، يأكلونها رطباً. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في بيع العرايا، في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. تقدم في حديث سابق المزابنة، والنهي عنها، وأنها حرام، وهي مأخوذة من الزبن وهو الدفع، ويراد بها بيع الرطب على رؤوس النخل بقدره كيلاً من تمر على الأرض، والسبب في ذلك عدم التساوي، عدم التساوي؛ لأنه لا يمكن التساوي بين رطب وبين جاف، ولذا لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أيرخص الرطب إذا جف؟ )) قالوا: نعم، قال: ((فلا إذاً)) هذا الأصل في بيع الرطب باليابس، لا يجوز لعدم تحقق التساوي.

قد يحتاج المرء إلى تمر رطب يأكله مع الناس، وليس لديه ثمن يدفعه، عنده تمر باق من تمر العام الماضي، ويريد أن يشتري بهذا التمر تمر رطب يأكله مع الناس، الأصل في هذا المنع. جاءت الرخصة في العرايا، العرايا والعرية استثنيت من المزابنة، فعريت عن حكم نظائرها، عريت عن حكم نظائرها، فيجوز لهذا المحتاج أن يشتري رطباً على رؤوس النخل، بمقداره كيلاً من تمر جاف، ولو لم تتحقق المساواة، وهذا مستثنى من الحكم السابق، ولا يقول قائل: لماذا لم يوجه هذا المحتاج إلى أن يبيع اليابس ويشتري الرطب، كما وجه في الحديث السابق: ((بع الجمع بالدراهم، واشترِ بالدراهم جنيباً))؟ لماذا لم يقل له: "بع هذا اليابس بالدراهم، الجاف بالدراهم، واشترِ بالدراهم رطباً؟ لماذا لم يوجه؟ لم يقل له هكذا؟ لأن الأول متفكه، عنده رطب يبيعه برطب، وأما الثاني: فهو يريد الرطب يأكل مع الناس، وعنده جاف، لو باعه بالدراهم لخسر خسارة كبيرة، لا سيما إذا جاء التمر الجديد في مقارنته بالتمر القديم لا شك أنه سوف يتضرر علماً بأن المعول على النص، النص هو الذي أباح مثل هذه الصورة ومنع تلك الصورة. "رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها"، هذا وجه من أوجه تسمية العرية بهذا الاسم، وأنها ملاحظة لحال المحتاج، لملاحظة حال هذا المحتاج أن يشتري التمر الرطب بالجاف، على أن يتحد الكيل بالخرص، والمكيال ما على رؤوس النخلا وجد عندهم الرطب يأتون إلى الفقير فيقولون له: ثمرة هذه النخلة أو يخرص، فيقدر بمائة صاع، مائتي صاع، ثلاثمائة صاع على الخلاف في ذلك الذي سيأتي -إن شاء الله- بقدره من اليابس، من الجاف.

من أهل العلم من يفسر العرية بملاحظة حال صاحب الرطب، كان العرب يحنو بعضهم على بعض، ويراعي بعضهم مصلحة بعض، ويشفق بعضهم على بعض، فكانوا إذهذه النخلات لك، كله أنت وأولادك على التدريج، بإمكانك أن تأتي وتخرف من هذا النخل ما يكفيك ويكفي ولدك، على ألا تتعدى هذا النخل المحدد، ثم يتضرر صاحب البستان، يتضرر صاحب البستان بكثرة دخول هذا عليه من أجل الخراف، فيقول له: بعني هذا التمر الذي على رؤوس النخل بهذا الذي على وجه الأرض، هذا تفسير لبعض أهل العلم والحكم واحد، كله مزابنة، سواءً قلنا: إن الملاحظ فيها مصلحة المحتاج أو مصلحة صاحب النخل؛ لأن بعض الناس يكون عنده بستان كبير، ثم يشفق على جاره أو قريبه المحتاج، فيقول: هذه النخلات لك، خمسة أوسق فما دون، ثم يتضرر صاحب البستان من كثرة ما يدخل هذا؛ لأن بعض الناس يكون فيه شيء من اللؤم، هذا يحسن عليه ثم هذا الذي أحسن إليه قد لا يتحين الأوقات المناسبة للخراف، قد لا يتحين الوقت المناسب، يشوف الوقت لا يكون فيه هذا صاحب البستان هو وأولاده منتشرون في المزرعة، بعض الناس لا يحسن فيتضرر صاحب البستان، ويقول لهذا الفقير المحتاج: خلاص بع علي هذا التمر الذي على رؤوس النخل من النخل الذي على وجه الأرض مجذوذ وجاهز. "رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها" أن يبيعها بخصرها، يعني من التمر الجاف، ولمسلم: "بخرصها تمراً يأكلونها رطباً" وهذه الرواية تؤيد التفسير الأول للعرية، في مسلم: "بخرصها"، "رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها تمراً يأكلونها رطباً". وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في بيع العرايا، في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق. (أو) هذه للشك، شك من الراوي هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: خمسة أوسق؟ أو قال: دون خمسة أوسق؟

هذا الشك يثير شبهة في الخمسة، فهل يجوز للمحتاج ولصاحب البستان أن يتعامل بهذا المقدار الخمسة كاملة؟ أو لا يجوز له أو إلا فيما دون؟ المقصود أن الخمسة مشكوك فيها، والمجزوم به ما دون الخمسة، فمن أهل العلم من يقول: يجوز بالخمسة، ويطرح الشك، اللي هو ما دون الخمسة، ومنهم من يقول: المجزوم به ما دون الخمسة فلا يجوز أن يبلغ بالقدر الذي اتفق عليه في العرايا إلى الخمسة، وهذا هو الأحوط. خمسة الأوسق، الوسق: ستون صاعاً، والخمسة الأوسق كم تكون؟ ثلاثمائة صاع، المسألة مفترضة في شخص محتاج، شخص محتاج تلاحظ حاجته في هذا، ويخرج عن الأصل الذي هو المنع دفعاً لحاجته، فهل دفع الحاجة يكون بهذا القدر ثلاثمائة صاع؟ ثلاثمائة صاع إيش معناه؟ هل معنى هذا أن أهل هذا البيت يحتاجون كل يوم صاع من التمر؟ الحاجة الآن ثلاثمائة صاع، والذي قررها وحددها الشرع، وإذا كانت حاجته أقل من ثلاثمائة صاع يجوز له أن يتعامل بهذه، بهذا النوع في الثلاثمائة كاملة، أو يقتصر على قدر الحاجة؛ لأنها على خلاف الأصل للحاجة، والحاجة تقدر بقدرها؟ أو نقول: إن (أو) هنا للتقسيم وليست للشك؟ وحينئذ بعض المحتاجين يحتاج إلى ثلاثمائة صاع، وبعض المحتاجين يحتاج إلى دون خمسة أوسق، دون ثلاثمائة صاع، وحينئذ تكون الحاجة بقدرها، فالذي لا يحتاج رجل وزوجته في بيت، وهم محتاجون إلى أن يأكلوا رطب مع الناس، مثل هؤلاء يمكن يكفيهم وسق واحد طول السنة يكفيهم وسق واحد، هل يجوز لهؤلاء أن يأخذوا خمسة أوسق؟ نقول: هذا مقيد بالحاجة، والحاجة تقدر بقدرها.

لو افترضنا أن هذا المحتاج عنده أربع بيوت، كل بيوت مملوء عنده أربع زوجات، وكل زوجة عندها عشرة أولاد، وهؤلاء بحاجة على عشرة أوسق، ما يكفيهم خمسة أوسق، نقول: الشرع حدد الجواز بالخمسة أوسق فما دون، هل لمثل هذا المحتاج أن يتعامل بالعرية مع شخص بخمسة أوسق ومع آخر بخمسة أوسق أخرى؟ أو ليس له ذلك؟ المسألة قيدت بالحاجة، ما قيدت بالحاجة؟ قلنا: إنه إذا كانت حاجته تندفع بوسق واحد يجوز له أن يأخذ أكثر أو لا يجوز؛ لأنها خلاف الأصل؟ لا يجوز، لكن إذا كانت حاجته لا تندفع إلا بعشرة أوسق، مثلما قلنا: أربعة بيوت كل بيت فيه عشرة أشخاص، لا يجوز له أن يتعامل مع شخص واحد بهذه الصورة، لكن لو قال: أنا أتعامل مع هذا بالقدر المحدد شرعاً، وأذهب إلى آخر وأتعامل معه بالقدر المحدد شرعاً، وحينئذ لا تنتهي الحاجة، قد يتعامل مع ثالث ورابع، ويتحايل على تحليل ما حرم الله من بيع المزابنة، وعلى هذا يمنع من الزيادة على خمسة أوسق مهما كانت حاجته، والحاجة كما ذكرنا تقدر بقدرها؛ لأن هذا جاء على خلاف الأصل؛ لأن الأصل المنع في مثل هذا البيع، فأبيح أبيحت هذه الصورة للحاجة، والحاجة تقدر بقدرها، نظير ذلك من أذن له في الأكل من الميتة، هذا مضطر، إن لم يأكل من هذه الميتة يموت، أذن له أن يأكل من الميتة للضرورة، هل يجوز له أن يشبع باعتبار أنه أذن له أن يأكل؟ أو يأكل بقدر ما يقيم صلبه ويدفع به هذه الضرورة؟ يأكل بقدر حاجته، ولذا لو غلب على ظنه أنه لا يجد شيئاً في طريقه يشبع وإلا ما يشبع؟ أو نقول: احمل معك ما يدفع عنك هذه الضرورة إن احتجت إليه إذا غلب على ظنه أنه لا يجد، وحينئذ يقال له: لا تشبع؛ لأن هذا إنما أبيح للضرورة والضرورة تقدر بقدرها، نعم. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع)) ولمسلم: ((ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع)). وعنه -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) وفي لفظ: ((حتى يقبضه))، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- مثله.

حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع نخلاً قد أبّرت)) أو أبرت بالتشديد والتخفيف، والمراد بذلك معنى التأبير هو: التلقيح، يؤخذ شيء من طلع الذكر من النخل ويوضع بين ما تنتجه الأنثى، هذا هو التأبير، ((من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع -باع نخل- إلا أن يشترط المبتاع)) النخل يطلق على إيش؟ على الجذع، نعم، والعشب، والجريد، وغيرها، وهل تدخل في الإطلاق الثمرة أو لا تدخل؟ هل يدخل في إطلاق النخل الثمرة أو لا يدخل؟ يعني لو قدر أن هذا الحديث ما هو موجود، هذا الحديث ما هو موجود نفترض أنه ما وجد هذا الحديث، فعند زيد من الناس نخلة مشتملة على الجذع كامل والعشب والطلع أيضاً والتمر، هل يحتاج أن يقول: أنا أشتري النخلة بثمرتها؟ أو يكفي أن يقول: أشتري النخلة ويثبت تبعها كل ما حولها، كل ما يطلق عليه الاسم؟ أو نقول: النخلة شيء والثمرة شيء آخر؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . الثمرة موجودة، هذه نخلة التمر يتدلى منها موجود، فقلت لزيد من الناس: بعني هذه النخلة، يحتاج أن تقول: بعني هذه النخلة بتمرها أو لا يحتاج؟ النماء، نماء السلع ينقسم إلى: متصل ومنفصل، متصل ومنفصل، أنت إذا اشتريت شاة في جوفها حمل، وعلى ظهرها صوف، وفي ثديها لبن، يحتاج أن تقول: بعني هذه الشاة بصوفها ولبنها وحملها؟ يحتاج؟ أو تقول: بعني هذه الشاة باعتبار أن هذه الأمور كلها متصلة بها لا يلزم من ذلك ذكر هذه الأمور، واشتراطها معه؟ النماء المتصل، لكن إذا قلت .. ، إذا رأيت مع زيد من الناس شاة ومعها ولد يمشي، نعم، معه رخلة، تمشي معها، هل يحتاج أن تقول: بعني هذه الشاة وهذه الرخلة وإلا ما يحتاج؟ هذا منفصل لا بد أن تذكره، التمر في حكم المنفصل وإلا المتصل؟ نعم، نعم، متصل وإلا منفصل؟ هو وإن كان متصل حقيقة إلا أن الحديث يدل على أنه بعد التأبير في حكم المنفصل، وقبل التأبير في حكم المتصل، ظاهر وإلا مو بظاهر؟

الحديث: ((من باع نخلاً قد أبرت فثمنها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع)) يشترط المشتري، بعني هذه النخلة على أن تكون هي وثمرتها، أنا أريد أن أشتري هذه النخلة بطلعها بثمرتها، إذا اشترط لا بأس، المسلمون على شروطهم، لكن إذا لم يشترط فبعد التأبير الطلع للبائع؛ لأنه هو الذي تعب عليه، وقبل التأبير الطلع لإيش؟ لمن؟ للمشتري، وهي من جهة تشبه المنفصل، ومن جهة أخرى فيها شوب اتصال. نأتي إلى الشاة في المثال السابق، الشعر والظفر عند أهل العلم، الشعر والظفر هل هما متصلان أو منفصلان؟ قاعدة ذكرها ابن رجب وغيره في القواعد، الشعر والظفر، نعم متصل وإلا منفصل؟ وسيأتي ذلك أو الإشارة إلى ذلك في حكم بيع الميتة في الحديث الذي يليه، جمع غفير من أهل العلم يقولون: الشعر والظفر في حكم المنفصل، عند من يقول بنقض الطهارة بمس المرأة إذا مس شعرها وإلا ظفرها ينتقض وضوؤه وإلا ما ينتقض؟ إذا مسها بشعرها أو بظفره ينتقض وإلا لا؟ الحكم منفصل لماذا؟ لأنه لا تحله الحياة ولا يحس به، فهو منفصل حكماً، وإن كان في باب الأيمان والنذور يحنث إذا مسه، إذا حلف ألا يمس شاة، فوضع يده على ظهرها، قلنا: حنثت عليك الكفارة، قال: يا أخي أنتم تقولون: الشعر في حكم المنفصل؟ إيش معنى أنه ما ينقض الوضوء وهنا تقولون: يحنث؟ نقول: يحنث، لماذا؟ نعم الأيمان والنذور مبناها على الأعراف، وفي العرف إذا وضع يده على ظهر الشاة وإن كانت موضوعة على الشعر يكون مسها عرفاً وحينئذ يحنث.

((إلا أن يشترط المبتاع)) هذا اشترط الثمرة فهي له، ولو أبرها البائع، ولمسلم .. ، وهذا الحديث في الحقيقية متفق عليه، وهو مخرج في البخاري أيضاً، لماذا المصنف عزاه لمسلم فقط؟ لأنه بحث عنه في كتاب البيوع، في كتاب البيوع فلم يجده في البخاري، وحينئذ حكم عليه أنه ليس في البخاري، كثير من أهل العلم يحكمون على أحاديث معزوة للبخاري أن هذا وهم ولا يوجد في البخاري؛ لأن البخاري له ملاحظ دقيقة قد يجعل الحديث في غير مظنته لأمر خفي دقيق لحظه لم يلحظه غيره، هذا من فقهه -رحمه الله-، فالإمام -رحمة الله عليه- كثير من أهل العلم يقولون: حديث ضباعة بنت الزبير في الاستثناء في الحج لم يخرج في البخاري، والواقع أن البخاري خرجه، لماذا؟ قالت: إني أريد الحج وأجدني شاكية، قال: ((حجي واشترطي فإن لك على ربك ما استثنيت)) بعض العلماء قال: ما خرجه البخاري، وهو في البخاري، لماذا؟ لأنه بحث عنه في كتاب الحج في الإحصار في الفوات ما في شيء، من يتصور أن البخاري يضع هذا الحديث في كتاب النكاح؟ من يتصور أن البخاري يضع هذا الحديث في كتاب النكاح؟ لمعنى دقيق جداً. ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) من يتصور أن البخاري يخرج هذا الحديث في كتاب الوصايا، وهكذا، فعلى طالب العلم ألا يجزم بنفي الحديث من خلال البحث في موضعه، فإن البخاري له ملاحظ دقيقة تخفى على كثير من أهل العلم، فضلاً عن المتعلمين، ولذا الحافظ عبد الغني من كبار الحفاظ عزاه لمسلم، وهو موجود في البخاري، والله المستعان.

((من ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع)) العبد له مال؟ العبد له مال؟ يملك العبد؟ لا يملك، العبد لا يملك، وإن قال مالك: إنه يملك بالتمليك، على كل حال على قول مالك إذا ملكه العبد فماله تبع، ماله للذي باعه لسيده إلا أن يشترط المبتاع، يقول: اشتريت هذا العبد وما لديه من مال، على قول من يرى وهم الأكثر أن العبد لا يملك بالتمليك، كيف يكون له مال؟ أدواته الخاصة به، ثوبه، شماغه، حذاؤه، نظراته، قلمه، هذه أمواله، تنسب إليه باعتبار أنه هو الذي يباشرها، وهذه الأموال تكون تبعاً له في البيع أو تكون لسيده الذي باعه إلا أن يشترطها المبتاع؟ نعم، مقتضى الحديث أنها للسيد للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع.

حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) يعني حتى يقبضه بكيله أو وزنه، الاستيفاء يكون بالكيل والوزن، ولذا جاء باللفظ الآخر، وفي لفظ: ((حتى يقبضه)) وهذا أعظم من أن يكون مكيلاً أو موزوناً، فالقبض أعم من الاستيفاء بالكيل والوزن، وما زال الأمر في الطعام، ((من ابتاع طعاماً)) وعن ابن عباس مثله: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) نهى أن يبيع الرجل طعامه حتى يستوفيه، وفي لفظ لمسلم: ((حتى يقبضه)) وفي آخر: ((حتى يكتاله)) وعلى هذا لا يجوز بيع الطعام بحال حتى يقبض وحتى يستوفى، إن بيع بالكيل يستوفى بالكيل، إن بيع جزاف يستوفى بإيش؟ جزاف وإلا لا بد أن يكال؟ ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) عرفنا الاستيفاء يكون بالكيل والوزن، هذه سيارة وقفت في سوق التمر مثلاً، وعلى ظهرها ألف صندوق من التمر، نقول: فرغ هذه الصناديق في المكاييل أو الموازين، أو يكفي أن تباع جزاف؟ تباع بالصندوق هكذا، متى نتحاج إلى أن نستوفيها بالكيل؟ الآن بيع التمر جزاف يجوز وإلا ما يجوز؟ صبر التمر، كوم التمر، تباع وإلا ما تباع؟ بغير كيل؟ يمكن أن تباع جزاف؟ يمكن إذا بيعت بغير جنسها، إذا بيعت بغير جنسها، لكن إذا بيعت بتمر لا بد من الكيل، إذا بيعت بالدراهم تباع جزاف، ومثل هذا التمر الذي مثلنا به وهو على ظهر السيارة يباع بالصندوق، وحينئذ لا يجوز أن يبيعه المشتري حتى يقبضه.

وجاء ما هو أعم من ذلك نهى أن تباع السلع، نهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، منهم من قال: السلع مطلقة والطعام مقيد، والقبض والحيازة خاص بالطعام، إلا أن ابن عباس يرى أن هذا يعمل به وذاك يعمل به، وحينئذ يكون من باب العموم والخصوص، السلع لفظ عام، والطعام لفظ خاص، والتنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، وعلى هذا لا بد من القبض في السلع كلها، ولذا يقول ابن عباس: وما أرى بقية السلع إلا كذلك، يعني مثل الطعام، لا بد أن تقبض، لا بد أن تستوفى، واستيفاء كل شيء بحسبه، نهى أن تبتاع السلع، أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، والسلع وإن كان عاماً إلا أنه يراد به الخصوص، هل هو مخصوص بالطعام؟ يخص بالطعام وإلا لا؟ يعني عندنا السلع لفظ عام الطعام خاص، يخص الخاص العام بهذا الخاص الطعام، أو نقول: الحكم حكم العام والخاص فلا يقتضي التخصيص، ولذا قال ابن عباس: ولا أرى بقية السلع إلا كذلك، في مثل هذه الصورة لا يقتضي التخصيص، لكنه مع ذلكم هو عام أريد به الخصوص حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، اشتريت أرض كيف تحوزها إلى رحلك؟ يمكن، يمكن تحوز الأرض إلى رحلك؟ ما يمكن، اشتريت ألوف الأطنان من البضائع الثقيلة الكبيرة كيف تحوزها إلى رحلك، ما لا يمكن حيازته إلى الرحل يقبض بالتخلية، يخلى بينك وبينه، وحينئذ يقول جمع من أهل العلم أو جمهور أهل العلم: إن قبض كل شيء بحسبه، قبض كل شيء بحسبه، على كل حال لا يجوز لك أن تتصرف في السلع حتى تقبضها، إن كانت طعاماً فلا بد من حيازتها، وإن كانت غير طعام فالأمر فيها أخف لوجود الخلاف، لكن إذا أمكن نقلها فهو الأصل، وإن لم يمكن فبالتخلية. السلعة طعام والمثال الذي ذكرناه شخص جاء بسيارة على ظهرها مئات الصناديق من التمر، وحرّج عليها بسوق التمر وباعها، كم الصندوق خمسة، عشرة، عشرين، ثلاثين نصيبك، هذا الذي اشترى يريد أن يبيع، هل نقول: يلزمك أن تحوز هذا التمر إلى رحلك، ثم تبيعه متى شئت؟ أو نقول: يكون حكمه حكم السلع الأخرى اقبضه بمثل ما تقبض غيره من السلع؟ أو نقول: هذا طعام لا بد أن تستوفيه، وأن تحوزه إلى رحلك، ثم بعد ذلك تأتي به لتبيعه؟

((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) وفي لفظ: ((حتى يقبضه)) هذه الألفاظ تدل على أنه لا يلزم أن ينقله من مكانه، بل يقبضه القبض المعتبر، ويستوفيه بالكيل والوزن على ما تقدم، لكن نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم يقتضي أنه لا بد من نقلها، وحينئذ تخرج هذا التمر من السوق، ثم إذا أردت أن تجلبه يوماً آخر وهذا هو الأحوط، لكن هل الناس يفعلون هذا؟ في أحد يفعل هذا؟ إذا اشترى سيارة على ظهرها مئات الصناديق من التمر، وهو يريد بيعها، لا يريد كنز هذا التمر وأكله وادخاره، لا، يريد البيع،. . . . . . . . . يبيعها، اشترى الصندوق بعشرين يحرج عليها ويقطع الصندوق بثلاثين، وهو بمكانه، لا شك أن الورع أن يحوزه إلى رحله، ثم يجلبه مرة أخرى، وهذا أبعد عن الشبهة. من زوائد الكبرى عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) ولا شك أن هذا أبرك، ((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) يعني إذا بعت فاستعمل المكيال؛ لأنه أبرأ للذمة، وإذا ابتعت، إذا اشتريت فاكتل، والحديث معلق في البخاري بصيغة التمريض، ويذكر عن عثمان، ومقتضى الرمز (خ) أنه في البخاري أصل من الأصول؛ لأن علامة التعليق غير علامة تخريج الأصول، رمز التعليق إيش؟ خاء تاء، (خت)، بهذا نعرف أن البخاري خرجه معلقاً، وهنا قال: خاء، ففي هذا إيهام أن البخاري خرجه في الأصول. ((إذا بعت فكل)) هذا أمر بالكيل، ((وإذا ابتعت فاكتل)) أيضاً أمر بالاكتيال، وأقل الأحوال الاستحباب، أقل الأحوال، وإن كان الأصل الوجوب في الأمر.

عائشة -رضي الله عنها- كان عندها شعير تأكل منه، طالت مدته، طالت مدة هذا الشعير فكالته ففني، يقول: ((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) هذا أحوط لا شك وأبرأ للذمة بيعاً وشراءً، نعم، وجمع من أهل العلم يقولون: أبرك أيضاً، يبارك له إذا امتثل هذا الأمر، نعم، عائشة لما كالت الشعير فني، وقبل اكتياله تأكل منه مدة طويلة، وهو شيء يسير، كان مبارك ولما كالته فني ذهبت عنه البركة، ما وجه ذلك؟ ما وجه ذلك؟ السلعة قبل تمام ملكها إنما تملك بالكيل والاستيفاء الدقيق إبراءً للذمة، إبراءً للذمة، فإذا ملكت هذا الشعير مائة صاع ابتعته واكتلته هات الصاع وكله واحداً بعد الآخر حتى تتم المائة، لا شك أن هذا أبرأ للذمة، فإذا اشتريته وتم ملكك عليه ووديته للبيت سواءً كان شعير حنطة تمر حينئذ لا تكله، لئلا تنزع منه البركة، لماذا؟ لأن مسألة الكيل كل يوم تدخل للمستودع زاد نقص، تعدد، ما شاء الله هذا بقي واحد اثنين ثلاثة أربعة ليش نقص هذا؟ ليش زاد هذا؟ في المستودع، مثل هذا يدل على عدم الثقة بالله -عز وجل-، أنت واثق بما عندك من التموين على ما يقول الناس، ليش زاد واحد؟ ليش نقص واحد؟ اتركه فإذا انتهى قالوا: انتهى وهات غيره، لا تكن دقيقاً في مثل هذه الأمور ليبارك لك في ذلك، وبعض الناس إذا دخل البيت أول ما ينحر المستودع، ليش زاد هذا؟ ليش نقص هذا؟ هذا يعاقب بنزع البركة، ومن فوض أمره إلى الله، واعتمد عليه واتكل عليه وترك الأمور كما هي تمشي بالبركة كما يقول الناس: يبارك له فيها، ومتى ما فني، متى ما انتهى يقال: هات، هو من هذه الحيثية الدقة في الحسابات أيضاً دليل على شيء من عدم الثقة بالله -عز وجل-، قد يقول قائل: إن بعض الناس يحسبون بدقة الميزانية، الراتب كذا يخرج منه كذا لكذا وكذا وكذا، وهذا على مستوى الدول أو على مستوى الأفراد الميزانيات، وبعض الناس يأتي بالراتب ويرميه في الصندوق وكل يوم يسحب منه ما يحتاج، ويبارك له فيه، ودليل على أنه واثق بالله، مطمئن بما عنده، لماذا؟ لأن هذه الدنيا ليست مقصد، هي دار ممر ليست دار مقر، لكي تحسب وتتعب نفسك، وتفني عمرك فيما لا ينفع، زاد، نقص، انتهى، فني، ليش؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام-

شرح حديث: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام .. )):

يقول: ((ما أحب أن يكون لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا ديناراً أرصده لدين))، ثم قال: ((إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) ينفقه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، هذا الأصل. أما والله كم بقي من الراتب؟ كم انتهى من الراتب؟ كل يوم يحسب وكل يوم .. ، هذا دليل على عدم الثقة بالله -عز وجل-، ولذا لما كالت عائشة -رضي الله عنها- الشعير فني، والذي يترك أموره ويصرف وينفق على نفسه وعلى من تحت يده مع التوسط والاعتدال من غير إسراف ولا تقتير، {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [(29) سورة الإسراء] {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [(27) سورة الإسراء] ليس معنى هذا أن الإنسان يبذر ويصير عالة على الناس يتكففهم، لا، وليس معنى هذا أن يكون جماعاً للمال، مناعاً له، لا، لا بد أن يتوسط في أموره، ويضع في حسابه ونصب عينيه أن الدنيا ليست غاية، إنما هي ممر، ومتاعها الذي لا يوصله ويبلغه إلى مرضاة الله -عز وجل- هذا لا ينفعه، هذا وبال عليه. و ((الغنى -كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- غنى النفس، ليس الغنى عن كثرة العرض)) كم من شخص مرتبه يسير، وهو مبسوط ومرتاح غني النفس، وكم من غني عنده الأموال الطائلة الملايين، ومع ذلكم هو في حكم الفقراء لما جبل عليه من الشح والهلع والبخل، نسأل الله العافية، فهذا الفقراء أحسن حالاً منه، والله المستعان. نعم حديث جابر، تأذن؟ تفضل، نعم. شرح حديث: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام .. )): وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عام الفتح: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)) فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه يُطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: ((لا، هو حرام)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومهما جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه))، جملوه: أذابوه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عام الفتح" وهو بمكة في السنة الثامنة من الهجرة: ((إن الله ورسوله حرم)) حرم بالإفراد إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، وفي هذا تأدب من النبي -عليه الصلاة والسلام- مع ربه -عز وجل-، ((إن الله ورسوله حرم)) ما قال: حرما، لئلا يضم ضميره إلى ضمير الله -عز وجل-، وجاء الإنكار من النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخطيب الذي قال: "ومن يعصهما فقد غوى" فقال: ((بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى)) لئلا يتوهم متوهم أن مرتبة النبي -عليه الصلاة والسلام- تساوي أو تداني مرتبة الله -عز وجل-، فمن خطر على باله ذلك لا يجوز له بحال أن يثني الضمير في مثل هذه الصورة. جاءت التثنية ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) ((إن الله ورسوله ينهيانكم)) في حديث أبي إيش؟ عن لحوم الحمر الأهلية، جاءت التثنية فمن أهل العلم من يقول: إن للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يثني وليس لغيره أن يفعل ذلك، ومنهم من يقول: إن حديث النهي، حديث الاستدراك على الخطيب منسوخ بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وعلى كل حال من الأدب ألا يجمع بين ضمير الله -عز وجل- وضمير رسوله -عليه الصلاة والسلام-.

كثيراً ما نرى وهذا قد يوجد في المساجد فوق المحراب، فوق المحراب دائرة مكتوب فيها الله وهنا محمد، حكم هذا العمل؟ المحذور هنا في التثنية قد يرد في مثل ذاك؛ لأنه وضع اسم الرسول -عليه الصلاة والسلام- بجانب اسم الجلالة، وعلى حد سواء، يعني لو وضعت دائرة فيها لفظ الجلالة وتحتها محمد، ينتفي المحظور وإلا ما ينتفي؟ إذا وضعتها متقابلتين، يعني متساويتين من كل وجه قد يقول قائل: إن هذا يشم منه التسوية، وقد يقال: لا سيما إذا لم يرد على خاطر من فعل ذلك هذه التسوية، لماذا؟ لا يجوز مثل هذا العمل وقد جاء في تفسير قوله -جل وعلا-: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [(4) سورة الشرح] قال: لا أذكر حتى تذكر معي، أشهد ألا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، من هذه الحيثية لا مانع أن يذكر مثل هذا، وأنه لا يذكر الله إلا ويذكر معه النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله هو الذي رفع ذكره، لكن إذا شككنا أو كنا في بلد أو مجتمع قد يخطر على بال أحد من أولئك أن التسوية ينبغي أن يمنع سداً للذريعة، أحياناً يكتب لكنهم لا يجعلونه في صف واحد، لا يجعل في صف واحد، أحياناً يكتب في بعض الدوائر لا سيما العسكرية (الله) فوق، ثم تحتها من هنا (المليك)، ثم (الوطن)، هذا ما فيه مساواة، المحظور لو جعلت في صف واحد، نعم، مع أنه من وجهة نظري ينبغي ألا يكتب مثل هذا بالكلية، هو ليس فيه مساواة، لكنه ينبغي ألا يكتب مثل هذا. ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر)) يعني لما فيه من الإسكار، وقد حرم شربه، والله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وفي حكم الخمر كل ما يزيل العقل ويغطيه مما هو مثله في الإسكار أو فوقه، فلا يجوز بيعه لا لمسلم ولا لكافر، كما أنه لا يجوز تخليله، والتحايل على أكل ثمنه بتخليله. حرم بيع الخمر والميتة لأنها نجسة، والميتة هنا من العام الذي يراد به الخصوص، فما أبيح أكله من الميتة يجوز بيعه وإلا ما يجوز؟ يجوز بيع السمك الميت وإلا ما يجوز؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يجوز بيعه وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنه إذا جاز أكله وهو ميتة لا يدخل في التحريم، يجوز بيع الجراد وهو ميت والسمك، والحوت، وهو ميت؛ لأنه يجوز أكله وهو ميت. ((والخنزير)) الخنزير محرم إجماعاً {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] فهو مجمع على تحريمه، على تحريم أكله وتبعاً لذلك يحرم ثمنه، فلا يجوز بيعه حينئذ. ((والأصنام)) التي هي سبب ضلال الإنسان في القديم والحديث، فبيع الأصنام محرم اتفاقاً، إذا بيعت على هيئتها مع بقاء اسمها، لكن لو قدر أن هذه الأصنام، أو الصلبان من ذهب، وأذيبت وصارت ذهب خام يستفاد منه أو لا يستفاد؟ نعم، يستفاد منه؛ لأنها في الأصل طاهرة، والمنع منها إنما هو لأمر طارئ وهو عبادتها من دون الله -عز وجل-، مادام المنع منها لأمر طارئ وزال هذا المانع فإنه حينئذ يجوز بيعها، سواء زال بنفسه بأن وقعت وتحطمت أو احترقت وذابت، أو أزاله الآدمي بخلاف الخمر فإنه لا يجوز بيعها، ولا يجوز التحايل على بيعها بتخليلها، أما إذا تخللت بنفسها فإنه حينئذ لا مانع من بيعها خلاً، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ الميتة بجميع ما تحويه من جلد ولحم وعظم وكرش ولبن وأنفحة وما أشبه ذلك، يستثنى من ذلك الجلد إذا دبغ، ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) يستثنى من ذلك الشعر والظفر؛ لأنه في حكم المنفصل. الحنفية وبه يقول شيخ الإسلام يقول: العظم لا تحله الحياة، فإذاً لا يدخل في مسمى الميتة فيجوز بيعه، الأنفحة كذلك، اللبن كذلك، لا يجوز بيع لبن الميتة؛ لأنه مما لا تحله الحياة، حينئذ يجوز بيعه، مثل الشعر مثل الظفر، والجمهور على تحريم بيع جميع ما حواه الجلد مع استثناء ما استثني من جلد الميتة، ((هلا انتفعتم بإهابها؟ )) قلنا: ميتة، قالوا: إنها ميتة، قال: ((دباغ الأديم طهوره)) وفي رواية: ((ذكاة الأديم دباغه)). ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) أيما: هذا من صيغ العموم المغرقة في التعميم، فالدباغ مطهر للجلد أياً كان نوعه وأصله، يدخل في ذلك جلد المأكول وغير المأكول، كله يطهر بالدباغ لعموم: ((أيما إهاب دبغ فقط طهر)) يبقى النظر في جلود السباع والنهي عن استعمالها مع طهارتها، يبقى النهي عن استعمالها.

"فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنه يُطلى بها السفن" يعني يستفاد منها في غير الأكل والشرب، الشحوم شحوم الميتة نجسة لكن تستعمل في الاستصباح، تدهن بها الجلود، تطلى بها السفن، تطلى بها السفن من أجل إيش؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . السفن من خشب، فيطلى بها السفن لئلا تشرب الماء؛ لأن الدهن ينبو عنه الماء، فلا يشرب الخشب الماء، يطلى بها السفن، "ويدهن بها الجلود"، تلين الجلود إذا كانت يابسة طليت بالدهون لانت، "ويستصبح بها الناس"، يعني قبل الكهرباء كانت المصابيح تضاء بالشحوم، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا، هو حرام))، لا، هو حرام، الآن الوقف على (لا) حكمه؟ نعم، لازم، لماذا؟ لأن الوصل يحيل المعنى، أليس في القرآن وقف لازم؟ لماذا؟ لأن الوصل يحيل المعنى، {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا} [(65) سورة يونس]، لأنك لو وصلت صارت، العزة، إن العزة لله جميعاً مقول القول، وهذا لا يحزنه بحال، فلا بد من الوقف اللازم هنا، وهل نحن بحاجة إلى أن نأتي بالواو؟ إذا قلت لشخص: تفضل فقال: لا، أغناك الله، يحتاج أن تقول: لا، وأغناك الله؟ أو تقف وقف لازم على ضوء ما جاء في الكتاب والسنة ويكفي؟ في البلاغة يلزمون بالواو هذه، نعم، لكن نصوص الوحيين ليس فيها هذه الواو، لا، وسلمك الله، لا، وأغناك الله، تقول هكذا، عندهم يلزمون بهذه الواو، لكن النصوص {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} قف، {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا}، قال: ((لا، هو حرام)) لأنك إن وصلت كأنك جعلت (لا) نافية، إذاً ليس هو حرام، فانقلب المعنى، ينقلب المعنى. إمام مسجد في إحدى المناطق يقرأ: ثم لا تسألن يومئذ عن النعيم، هذا يحيل المعنى وإلا ما يحيل المعنى؟ نعم، يعني بعد أن تكون اللام مؤكدة لحصول الفعل جعلها نافية، هذا جهل، جهل مطبق هذا، فمثل هذا لا يجوز أن يجعل إمام.

نعود إلى ما عندنا، ((لا، هو حرام)) الضمير يعود على إيش؟ على البيع وإلا على الانتفاع؟ نعم، على البيع وإلا على الانتفاع؟ يجوز أن تنتفع بالدهن المتنجس أو النجس ولا يجوز أن تبيعه، إذا قلنا: إنه يعود على البيع، ويجوز الانتفاع وإذا قلنا: إنه يجوز الانتفاع ومن باب أولى لا يجوز البيع، وإذا قلنا: يجوز الانتفاع ولا يجوز البيع قلنا: إنه اختل شرط من شروط البيع: أن تكون العين مباحة النفع بلا حاجة، مثل بيع الكلب وغيره، نجس العين لكن الحاجة قائمة على استعماله، والدهن النجس الحاجة قائمة، الشحم النجس هذا، الحاجة قائمة إلى دهن الجلود، واستصباح الناس به، وعلى كل حال هما قولان، والأكثر على أنه يجوز الانتفاع دون البيع. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((قاتل الله اليهود)) المقاتلة هنا معناها اللعن، لعن الله اليهود، ((قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه)) يعني أذابوه، أذابوا الشحم، حرموا الشحوم، جملوه ثم باعوه أذابوه ثم باعوه تحايلاً على ارتكاب هذا المحرم بهذه الحيلة، وهذه عادتهم وديدنهم ولذا جاء النهي عن مشابهتهم: ((لا تصنعوا مثلما فعلت اليهود)) أو ((لا تفعلوا ما فعلت اليهود فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) وهنا جاءوا إلى الشحم فأذابوه، حرم علينا الشحم، وهذا ليس بشحم، ولو قدر أنه ثاب من شحم أن ما أكلناه أيضاً بعناه وأكلنا ثمنه، ما أكلنا الشحم، والله -سبحانه وتعالى- إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ((ثم باعوه فأكلوا ثمنه)) متفقه عليه. انتهى الوقت، خلاص؟ طالب: خمس دقائق.

((قاتل الله اليهود)) عرفنا أن معنى قاتل: لعن، المقاتلة هنا بمعنى اللعن، جاء عن بعض الشراح في حديث المرور بين يدي المصلي: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله)) وفي رواية: ((فإن معه قرين)) قال بعضهم: يقاتله بالسب والشتم؛ لأن المقاتلة تطلق ويراد بها اللعن، يعني إذا أراد أن يمر دفعه. . . . . . . . .، على كلامه إيش؟ ماذا يصنع؟ نعم؟ يلعنه وهو في الصلاة، فليقاتله معناها بالسب والشتم، على ما جاء في هذا الحديث، قاتل الله اليهود يعني لعنهم، فليقاتله يعني يلعنه، وهو في الصلاة، وكأنه فر من لفظ المقاتلة، كيف؟ هل عنده سلاح ليقاتله؟ إيش معنى يقاتله؟ معناه يدفعه بما هو أشد من الدفع الأول حتى ينتهي، وليس معنى هذا أنه مجهز المسدس في مخبأته ومن مر .. ، نعم، لا، ليس هذا ولا ذاك، ليس معناه أنه يقتله، وليس معناه أنه يسبه ويشتمه ويلعنه، لا، إنما يدفعه دفعاً أشد، ويطلق على المقاتلة المدافعة الشديدة يطلق عليها مقاتلة، يطلق عليها المقاتلة، والله المستعان. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الأسئلة يا إخوان ما أدري كيف نصنع بها كثيرة جداً؟ الأسئلة كثيرة جداً. يقول: يقترح هذا، يقترح وما أسهل الاقتراح، لكن يقترح أن يجاب على الأسئلة الخاصة بالدرس ويمكن التنبيه على الأخوة، يقصد الأسئلة الخاصة بموضوع البيوع وما يمر بنا من مسائل يجاب عليه، وما عدا ذلك يترك. على كل حال بعض الأسئلة وإن كانت خارج الدرس وبعيدة عن الدرس إلا أن لها من الأهمية ما يجعلها تستحق التقديم على غيرها، والآن الأسئلة كثيرة جداً تحتاج إلى وقت طويل، والله المستعان. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. عدد كبير من الأسئلة. يقول: في حديث ابن عمر قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا فقد وجب البيع)). السؤال ملفق الحقيقة ما هو ...

يقول: ما الفرق بين وجوب البيع في الجملة الأولى وبين وجوب البيع في الجملة الثانية؟ كأنه يشير إلى الفرق بين خيار المجلس وخيار الشرط، فخيار المجلس ينتهي بالتفرق بالأبدان، وعليه يلزم البيع، فلا يكون لأحد مندوحة من الطرفين من لزومه إلا بالإقالة، على ما ذكرنا، وأما إن اشترطا الخيار مدة معلومة، أو اشترطا ألا خيار فقد وجب البيع في الحال. يقول: من اشترى مصراة وأراد أن يرجعها بعد مضي أكثر من ثلاثة أيام فهل يثبت له الخيار؟ لا، لا يثبت له الخيار، إذا مضى عليها أكثر من ثلاثة أيام فقد انتهت مدة الخيار. يقول: هل يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان بقصد تجديد الوضوء، مع العلم أنه متيقن من الطهارة أم أن هذا داخل في النهي؟ النهي فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، إذا خرج بعد الأذان كما قال الصحابي: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم"، ومثل هذه المعصية لا تعارض بأمر مستحب إلا إذا كان يفوت مثلاً هو إمام مسجد، إمام مسجد ويحضر درس في مسجد آخر فإذا أذن ليذهب ليصلي بجماعته لا بأس حينئذ، أما مسألة تجديد الوضوء فلا. يقول: اقتطعت أرضاً قبل ثلاث سنوات، قسطت ثم أكملت القسط الأخير قبل شهر، فمتى تحل الزكاة عليها من أول قسط؟ الآن هو مشتري وإلا بائع هذا ما ذكر شيء، لكن السؤال كأنه هو البائع هو المقسط، ولذا يقول: فمتى تحل الزكاة عليها من أول قسط أو من بعد الأخير؟ الديون التي في ذمم الناس إن كانت مؤجلة فلا يبدأ حولها إلا بعد حلول أجلها، وإن كانت حالة غير مؤجلة فالدين الذي على ملي له حكم، والذي على معسر له حكم، لكن مثل هذا يقسط، يقسط أراضٍ على الناس، باع أرض على زيد من الناس بثلاثمائة ألف أقساط شهرية لمدة ثلاثين شهر كل شهر عشرة آلاف، لما حال عليه الحول تحصل بيده اثني عشر قسط، وعليه أن يحسب حول كل قسط بحسبه، إذا حال الحول على القسط الأول زكاه، وإذا حال الحول على القسط الثاني زكاه، وهكذا. بيع بعض الوكالات مثل وكالة إيش للسيارت بالتأجير فما الحكم؟

كيف بيع بالتأجير؟ بيع بالتأجير كيف يكون بيع بالتأجير؟ هذا البيع الذي اشتهر عند الناس البيع بالتأجير المنتهي بالتمليك، والذي أفتى أهل العلم بتحريمه وتحريمه ظاهر؛ لأن السلعة عائرة، لا يعرف ضامنها، هل هي على المشتري أو على البائع؟ فإذا تلفت السيارة الذي أبرم عليها هذان العقدان التأجير والبيع، إذا تلفت فمن ضمان من؟ البائع يقول: الضمان على المشتري لأني بعت وانتهيت، والمشتري يقول: لا أنا ما اشتريت أنا مستأجر، والضمان على مالكها، ولذا حرم أهل العلم مثل هذه الصورة، لكن هناك بيع، بيع معروف أنه بيع وإن سمي تأجير، يسمونه تأجير من أجل أن يحفظ البائع حقه، تستمر السيارة باسم صاحبها الأول، فإذا انتهى آخر قسط من الأقساط انتقلت إلى أو نقلت إلى ملك الثاني، هذا كأنه بيع تام إلا أنه برهن. يقول: هل ينطبق ما ورد في قصة عائشة -رضي الله عنها- وذهاب البركة يعني في الشعير في عد المال سواء كان في الجيب أو في البيت ومتابعة الحساب وتدقيقه في البنك؟ على كل حال إذا كان الباعث لهذا العد الحرص الزائد وأنه هل زاد أو نقص؟ وكيف؟ هل يمشي أو ما يمشي ينظر إلى المستقبل؟ هذا يذهب البركة بلا شك، لكن إن كان القصد منه التأكد من المبلغ الذي معه ليشتري به سلعة معينة قيمتها كذا وكذا لا بأس. يقول: أفضل الطبعات في صحيح البخاري؟ وأيضاً في حفظ البخاري؟ البخاري الحفظ والقراءة لا فرق. هذا يقول: أفضل الطبعات لقراءة صحيح البخاري، وأفضل الطبعات لحفظ صحيح البخاري؟ لا فرق، أفضل الطبعات على الإطلاق الطبعة السلطانية التي طبعت سنة (1311هـ) وعليها فروق في الروايات، وصورت أخيراً الآن هي موجودة مصورة ومعتنىً بها عناية فائقة. يقول: من المعروف أن سبايا المسلمين من الكفار يعتبرون عبيد وبعد ذلك أسلم الكفار ثم أنجبوا أطفال وهم على الإسلام فهل الأطفال يكونون عبيداً؟ نعم؛ لأن الرق عجز حكمي سببه الكفر في البداية، ثم يتناسل هؤلاء وإن أسلموا، وإن أسلموا يثبت عليهم حكم الرق حتى يتم تحريرهم، والشرع يتشوف إلى العتق على ما سيأتي في حديث بريرة -إن شاء الله تعالى-. طالب:. . . . . . . . .

شرح: باب السلم:

ما في مانع لكن الأسئلة كثيرة جداً لا يمكن الإجابة عليها كلها. سم. شرح: باب السلم: أحسن الله إليك: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب السلم: عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال: ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب السلم: السلم والسلف معناهما واحد، والمقصود منه أن يقدم الثمن وتؤخر السلعة المبيعة. تشتري من مزارع طعاماً تقدم له القيمة على أن يحضر لك هذا الطعام بعد سنة أو بعد ستة أشهر، لا بد من الأجل المعلوم المحدد، ولا بد من الكيل المعلوم، والوزن المعلوم. فلما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- المدينة مهاجراً من المعلوم أن الأنصار أهل حرث وزرع وجدهم يسلفون في الثمار، في الثمار من التمور والحبوب وغيرها، السنتين والثلاث، في لفظ: "العام والعامين" وفي لفظ: "العامين والثلاثة"، على كل حال السلم إذا حدد أجله ولو طال أمده، فإذا جاز السلم في سنتين جاز في ثلاث وهكذا، إذا جاز في ثلاث جاز في خمس، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((من أسلف في شيء -أسلف وأسلم بمعنى واحد- من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم)) لا بد أن يكون القدر المسلم فيه محدد، ((ووزن معلوم)) في كيل معلوم إذا كان من المكيلات، ووزن معلوم إذا كان من الموزونات ((إلى أجل معلوم)) لا بد أن تكون المدة محددة؛ لأن جهالة الأجل ينتج عنها الضرر الكبير لأحد الطرفين ولا شك ويحصل فيها الخصام والنزاع. ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم)) السلف والسلم عرفنا صورته: أن يشتري سلعة آجلة بثمن حال، يسلم ويسلّم ويقدم فيسلم في مجلس العقد، ومن هنا سمي السلم وسمي السلف.

"السنتين، من أسلف في شيء" من أسلف في شيء نكرة في سياق الشرط تعم كل شيء، ولذا يرى بعض أهل العلم أنه يجوز في كل شيء يمكن تسليمه عند حلول أجله إذا انضبط وصفه، سواءً كان مطعوماً أو غير مطعوم، سواءً كان مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً أو مذروعاً أو معروفاً بصفة، يعني كان شيئاً واحداً، مصنوع مثلاً، فقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم)) هذا على سبيل المثال، وخرج مخرج الغالب؛ لأنهم إنما يسلفون في المكيلات والموزونات. ومقتضى قوله: ((من أسلف في شيء)) أن السلف يجوز في كل شيء، وهل يشترط في السلم أن يكون البائع مالك لأصل السلعة؟ هل يشترط أن يكون المالك للبستان، مالك للنخيل التي أسلم في ثمرتها، مالك للأشجار التي أسلم في نتاجها؟ مالك للمصنع الذي أسلم في إنتاجه؟ لو جئت إلى مصنع سيارات وقلت له: هذه مائة ألف مديل (2004) كم تبيعون مديل (2004) قال: نبيعه نقد (140) مثلاً فقلت له: هذه (100) ألف على أن تعطيني، يصل إلي في يوم كذا والوصف كذا وكذا وكذا، إلى آخره، بحيث لا يتغير، يصح السلم وإلا ما يصح؟ هو مالك للمصنع، وضابط للوصف، مقتضى قوله: ((من أسلف في شيء)) يعم المطعوم وغير المطعوم. إذا أتيت شخص لا يملك مصنع زميل لك في العمل أو جار لك، وقلت له: أنا أريد جمس موديل (2004) يعني مضمون أن يصل الجمس في (2004) حسب تقديرهم، الآن ما وصل (2003)؟ نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ يعني بعد سنة من الآن يكون وصل (2004) بعد سنة من الآن في سبعة ثمانية ألف وأربعمائة وأربعة وعشرين يغلب على الظن أنه يصل، هي زيادة يوم أو نقص يوم ما في مشكلة هذه، نعم، أو من باب الاحتياط يقول: هذه مائة ألف حضر لي جمس ألفين وأربعة يوم عيد الفطر، يقول: ما في احتمال أنه ما وصل، زميله في العمل أو جاره ما عنده مصنع، هل يشترط أن يكون البائع مالك للسلعة أو لا يشترط؟ مالك لأصلها، يتشرط وإلا ما يشترط؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، لكن مقتضى يسر الشريعة، وإيجاد الحلول البديلة للعقود المحرمة يقتضي، لا سيما وأنه لا يوجد ما يدل على اشتراطه يقتضي جوازه.

طيب عالم من العلماء عرف بالتأليف وتجويد التأليف، يأتي إليه صاحب مطبعة ويقول له: هذه مائة ألف على أن تؤلف لي تفسير للقرآن في خمسة مجلدات، كل مجلد ثلاثين ملزمة ضبط من كل وجه، خمسة مجلدات في كل مجلد ثلاثين ملزمة هذه مائة ألف، يصح السلم على أن تسلم لي هذا التفسير خلال سنة، يعني بعد سنة من الآن، أو بعد سنتين، السلم صحيح وإلا ليس بصحيح؟ الثمن معلوم والأجل معلوم والقدر معلوم، والحرف يعني يمكن ضبطه بدقه، الحرف رقمه كذا، الورق مقاسه كذا، يمكن ضبط الأمور بدقة، يصح وإلا ما يصح؟ طالب:. . . . . . . . . يصح، إذا نظرنا إلى القضية مجردة وقسناها على الصنائع والحرف قلنا: الأصل جوازه، لكن يبقى ما الباعث لهذا العالم على هذا التأليف الذي يبتغى به وجه الله؟ العلم الذي يبتغى به وجه الله؟ ما الذي بعثه؟ وما الذي نهزه على التأليف؟ نعم، المبلغ، إذاً يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم، فرق بين أن يكون الشيء مما يبتغى به وجه الله، وأن يكون من أمور الدنيا، لا شك أن هذه المائة ألف تعين هذا العالم على أن يتفرغ للتأليف ونفع الناس، لكن يبقى أن هذا الأمر لا سيما العلم الشرعي الذي يبتغى به وجه الله لا يجوز أن يكون الباعث عليه طلب الدنيا، لا يجوز بحال أن يكون الباعث عليه طلب الدنيا، وإلا الأمور منطبقة تماماً، يأتي إليه ويقول: بعد سنتين من تاريخ اليوم سبعة ثمانية ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين، هذه مائة ألف على أن تحضر لي في هذا التاريخ المحدد تفسير في خمسة مجلدات، تفسير للقرآن في خمسة مجلدات، كل مجلد ثلاثين ملزمة مثلاً، منضبط، لكن يبقى أن هذا العلم مما يبتغى به وجه الله، فلا يجوز أن يكون الباعث عليه أمر الدنيا. أما ما عدا ذلك من الأمور التي هي في الأصل للدنيا، يؤلف له قاموس في الطب مثلاً إيش المانع؟ في ما يمنع؟ نعم، ليس في ما يمنع، يؤلف له في أي علم من العلوم الذي لا يبتغى بها وجه الله، يعني في الأصل، وإلا بالإمكان أن الصانع يبتغي بصناعته وجه الله، الزارع المزارع يبتغي بزراعته وجه الله، لكن هي في الأصل لا. على كل حال جمع غفير من أهل العلم يجيزون السلم في كل شيء، في الصناعات، يمكن الأشياء المنضبطة تحضر لي بعد ...

كتاب البيوع (4)

عمدة الأحكام - كتاب البيوع (4) باب الشروط في البيع - باب الربا والصرف الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير فيه ما يمنع؟ نعم، ليس فيه ما يمنع، يؤلف له في أي علم من العلوم الذي لا يبتغى بها وجه الله، يعني في الأصل، وإلا بالإمكان أن الصانع يبتغي بصناعته وجه الله، الزارع المزارع يبتغي بزراعته وجه الله، لكن هي في الأصل لا. على كل حال جمع غفير من أهل العلم يجيزون السلم في كل شيء، في الصناعات، يمكن الأشياء المنضبطة تحضر لي بعد سنة مثل هذا، مثل هذا تماماً، وبدل ما هو بيباع الكرتون بعشرة أعطيه خمسة آلاف لألف كرتون، مثلاً، ما في مانع، وبعدين هذا أمر منضبط ولا يختلف والأجل معلوم، والعدد معلوم، ويش المانع؟ لأن قوله: ((في كيل معلوم، ووزن معلوم)) خرج على سبيل المثال، خرج مخرج الغالب، هذا الموجود عندهم، هذا محل التعامل بينهم، ((في كيل معلوم، ووزن معلوم)) هل يمكن؟ هل المراد به شيء واحد يكال ويوزن في آن واحد؟ أو هذا للتقسيم والتنويع؟ بعض ما يباع يكال، وبعضه يوزن؟ أو نقول هنا: الواو بمعنى أو فتكون للتنويع والتقسيم، نعم، أو تأتي بمعنى الواو والعكس، إيش مقتضى كونها للجمع؟ ما مقتضى كونها للجمع؟ ما المحذور في كون الواو على أصلها مقتضى الجمع؟ إيش المحظور؟ في محظور وإلا ما في محظور؟ في محظور وإلا ما في محظور؟ طالب: الجمع بينهما يا شيخ؟ إيه، إيه. طالب: يكون شرط هذا. شرط يمكن تحقيقه وإلا ما يمكن؟ طالب: يكون في بعض السلع ... كيل معلوم خمسمائة صاع من التمر، خذ ألف ريال على أن تسلمني في يوم كذا خمسمائة صاع من التمر وزنها كم؟ ألف كيلو، هل يمكن تحقيق الأمرين معاً؟ ما يمكن تحقيق الأمرين، على هذا تكون الواو بمعنى أو التي هي للتقسيم والتنويع. ((إلى أجل معلوم)) فلا بد من معرفة الأجل بدقة. سم، نعم. طالب:. . . . . . . . . مالك لأصل السلعة هذا قول. طالب:. . . . . . . . . لا، قل: زميله في العمل الذي لا يملك المصنع، نعم، المصنع ألغي وبُطّل، نقول: هذا على خلاف الأصل وهذا متصور في كل شيء، حتى صاحب البستان ممكن تأتيه آفة ويتلف، لكن الناس على التيسير، أمورهم مبنية على التيسير -إن شاء الله-، على الأصل ماشين.

مقتضى كون السلم يصح في السنة والسنتين والثلاث ألا تكون عين السلعة التي عليها السلم حاضرة موجودة أصلاً، موجودة؛ لأنه إذا تصورنا أنه سنة يمكن أن يكون أصلها موجود، لا أقصد الشجرة، الشجرة موجودة من سنين، لكن الثمرة لا وجود لها البتة، وجواز السلم محل إجماع بين أهل العلم على ما ذكرنا، ينقل عن ابن سيرين أنه منع منه، لكنه محجوج بمثل هذه النصوص الصحيحة الصريحة، ولذا لم يعتد أهل العلم بقوله فنقلوا الإجماع. قال بعض أهل العلم أن السلم، جواز السلم على خلاف الأصل، في حديث حكيم بن حزام: ((لا تبع ما ليس عندك)) ونهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، هذا ليس عنده الثمرة، والثمرة لم توجد فضلاً عن أن تكون قبل بدو صلاحها، بعضهم يقول: هذا على خلاف الأصل، نقول: لا، هو أصل برأسه، هو أصل برأسه، جاء جوازه في الشرع، نعم لا تبع ما ليس عندك، لا تبع شيئاً معيناً ليس عندك، لا تبع شيئاً معيناً ليس عندك، إيش معنى هذا الكلام؟ لا تبع سلعة يملكها فلان أو توجد عند فلان، أو في البلد الفلاني، وأنت لا تملكها، قبل ملكك إياها، لكن تبع موصوف في ذمتك لا يدخل في هذا المنع. السلم في الحيوان إذا قيل هذه خمسمائة ريال على أن تحضر لي في يوم عرفة خروف هذه أوصافه، سلف في الحيوان، يجوز وإلا ما يجوز؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . السلف في الحيوان، الآن يمكن وصفه من كل وجه، يمكن ضبط وصفه من كل وجه؟ ألا يمكن أن يحصل خلاف بينهم؟ أنا أريد أكبر، أنا أريد أصغر، أنا أريد .. ، كيف يحدد؟ أو يؤتى بخروف يقال: مثل هذا؛ لأنه لا يمكن وصفه هذا إلا بالمشاهدة، قابل للزيادة والنقص، على كل حال كل ما يوقع أو ما يتوقع منه إشكال وشقاق ونزاع ينبغي أن يمنع، نعم؟ طالب: ولو كان في المنصوص عليه. . . . . . . . .؟ كيف؟ طالب: ولو كان في المنصوص عليه في الثمار يحصل فيه شقاق ... ؟ لا، ما يمكن ضبطه بالوصف والكيل والوزن والحجم والطول والعرض ما يحصل فيه شقاق، نعم. أحسن الله إليكم. طالب:. . . . . . . . . صحيح. طالب:. . . . . . . . .

شرح حديث بريرة: "كاتبت أهلي على تسع أواق .. ":

إيه لكن هذا موصوف في الذمة أنت ما تشتري شيء بعينه، لا يمنع أن تقول: خذ هذا الخمسين اشتري لي سيارة، لكن تشتري منه سيارة لا يملكها، سيارة بعينها لا يملكها لا، على كل حال اللي ما تذكره ملاحظ عند جمع من أهل العلم أنهم قالوا: هذا على خلاف الأصل، ومع كونه على خلاف الأصل عندهم لا يخالفوا في جوازه، نعم. سم. شرح حديث بريرة: "كاتبت أهلي على تسع أواق .. ": أحسن الله إليك: باب الشروط في البيع: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جاءتني بريرة: فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت: لهم. فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، فقالت: إني عرضت ذلك على أهلي، فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فأخبرت عائشة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد: ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق)). وعن جابر بن عبد الله -رضي ... يكفي، يكفي بركة. يقول -رحمه الله-: "باب الشروط في البيع": الشروط: جمع شرط، وهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، شروط الصلاة: من شروطها الوضوء، طرح الحدث، يلزم من عدم الوضوء عدم الصلاة، لكن لا يلزم من وجود الوضوء وجود الصلاة ولا عدم وجودها. هناك الشروط للبيع، وشروط البيع، والشروط في البيع. شروط البيع: هي التي يلزم من عدمها العدم، وعرفنا فيما تقدم أن شروط البيع سبعة: من يذكرنا بها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ الرضا. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ أن يكون البائع مالك للسلعة، أو مأذون له فيها، نعم. طالب:. . . . . . . . .

أن تكون السلعة مباحة النفع من غير حاجة، أن تكون معلومة بوصف أو رؤية، أن يكون الثمن معلوماً؟ طيب. طالب:. . . . . . . . . بقي، كيف؟ يكون مقدوراً على تسليمها السلعة، غيره. طالب: الرضا يا شيخ. الرضا ذكره، أن يكون العاقد جائز التصرف. المقصود أن الشروط شروط البيع سبعة إذا تخلف واحد منها بطل البيع، هذه شروط البيع. الشروط في البيع: البيع يكون مستوفي الشروط السبعة، مستوفي للشروط السبعة، لكن رأى أحد المتعاقدين أن يشترط على صاحبه شرط ليس من أصل العقد، أما ما كان مما يقتضيه العقد فلا يحتاج إلى اشتراط، كأن يشترط المشتري أن ينتفع بالسلعة أو يشترط البائع أن ينتفع بالثمن، هذا شرط من مقتضى القد لا يحتاج إليه، وذكره لغو، ولذا عندهم الشروط التي تنافي مقتضى العقد باطلة. وهنا شروط، هناك شروط تبطل العقد، وشروط تبطل بنفسها والعقد صحيح، وشروط صحيحة، وفي الحديث حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت بريرة، حديث بريرة حديث مخرج في الصحيحين وغيرهما، له طرق كثيرة، وألفاظ متعددة، أفرد بالتصنيف من قبل جمع من الأئمة، واستنبط منه بعضهم أكثر من أربعمائة حكم، أكثر من أربعمائة حكم، ولخص هذه الأحكام الحافظ ابن حجر، وجمع بينها بكلام بديع مختصر. بريرة هذه كانت أمة لأهل بيت من الأنصار فكاتبتهم، "جاءتني بريرة وقالت: كاتبت أهلي" كاتبت أهلي، كاتب: هذه الصيغة تدل على وقوع الفعل وهو الكتب من الطرفين، كاتبت أهلي، والأصل في الكتب والمكاتبة والكتابة الجمع، ومنه أخذت الكتابة بالقلم لاجتماع الحروف والكلمات، وسميت الكتابة بيع العبد لنفسه سميت كتابة لأنها تحتاج لكتب؛ لأنها لا بد أن تكون مؤجلة، يكون الثمن مؤجل، لماذا لا يكون الثمن حالاً؟ طالب: لأن ملكه ملك لسيده ... نعم؟ طالب: ملكه ملك لسيده. نعم؛ لأنه ملكه، فإذا ملك فهو المالك الأصلي، والعبد لا يملك ولا بالتمليك، عند جماهير أهل العلم.

كاتبت أهلي: أهلها من؟ أبوها وأمها؟ لا، الذين يملكونها، يملكون رقبتها، "كاتبت أهلي على تسع أواق" جمع أوقية في كل عام أوقية، يعني منجمة، منجمة في كل عام أوقية، "فأعينيني" تطلب العون والمساعدة من عائشة، تأتي إلى عائشة -رضي الله عنها- لما عرفت عنها من النفع العام والخاص، العالمة الجليلة الفقيهة الصديقة بنت الصديق، تطلب منها العون على سداد هذه النجوم وهذه الأقساط. "فأعينيني" فقلت: تقول عائشة: "إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت" الولاء: إيش معنى الولاء؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . النصرة؟ أسباب ميراث الورى ثلاثة ... كل يفيد ربه الوراثة وهي نكاح وولاء ونسب ... . . . . . . . . . هذا الولاء، الولاء تعريفه: نعمة، نعم، سببها العتق، نعمة من المعتق على المعتق يستحق به الإرث ممن أعتقه، "إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء". الآن من أعتق له الولاء إنما الولاء لمن أعتق إجماعاً، لكن المكاتب الذي باع العبد إلى نفسه، له ولاء وإلا ليس له ولاء؟ إن عارضه سبب أقوى منه فلا إشكال في أنه لا ولاء له، إنما الولاء لمن أعتق، لكن إذا لم يعارضه، استمرت بريرة بدفع الأقساط فدفعت الأواقي التسع وعتقت، لهم الولاء وإلا ليس لهم الولاء؟ بدون معارض؟ طالب: ليس لهم الولاء. ليس لهم الولاء؟ طالب: ما هناك عتق. يعني ما هناك منة؟ طالب: ما هناك منة. ما في منة؟ طالب: لو كان شراء. في منة وإلا ما في منة؟ طالب: ما في يا شيخ. في منة يا الإخوان، المكاتبة فيها منة وإلا ما فيها منة؟ طالب: فيها منة من جهة يا شيخ.

نعم، فيها منة يعني لو قالوا لبريرة: لن نكاتبك، اذهبي واشتغلي كل سنة جيبي لنا أوقية، وفي النهاية ترجعين لنا، صار فيها منة وإلا ما فيها؟ فيها منة، هذا كسبها وهي ملك لهم وكسبها لهم، يعني لو عندك شخص رقيق وتنزله في السوق وتقول له: اللي تكسب هاته، نعم، وإذا اجتمع من كسبه ما يزيد على قيمته أعتقته، لك عليه منة وإلا ما عليك؟ لك عليه منة؛ لأن لك أو من حقك أن تأخذ هذا الكسب ويستمر رقيق، فالمنة موجودة، وهذه حجة من يقول: إن المكاتبة فيها الولاء، لكنها في هذا الحديث: ((إنما الولاء لمن أعتق)) وإن جاء بصيغة الحصر، نعم إلا أن العتق دون مقابل أقوى من العتق بالمقابل، فالأقوى يقضي على الأضعف. للسيد أن يقول لعبده: اذهب واكتسب وهات الكسب له ذلك؛ لأنه مالك رقبته، لكن هل له أن يأتي بأجير ويقول له: اذهب واكتسب وكسبك لي ولك الأجرة؟. . . . . . . . . له ذلك أو ليس له ذلك؟ ليس له ذلك، لابد أن يكون قد استأجره على عمل معين، لا بد من أن تكون المنفعة التي من أجلها دفعت الأجرة معينة، وعلى هذا نعرف أن من الناس من يأتي بالأجراء ويتركهم يجوبون الأسواق طولاً وعرضاً، بل قد يكلفهم ما لا يطيقون، بل قد يوقعهم في أمور محظورة، يأتي بأجير يدفع له الخمسمائة، الستمائة ريال يقول: هات لي ألف شهري والزيادة لك، بأي مقابل تأخذ عرقه وأجرته؟ وقد لا يستطيع أن يكتسب هذا المبلغ فتضطره إلى المسالك الممنوعة، وكم أدخلت هذه التصرفات على بلدان المسلمين من مشاكل ومصائب. شركة اللومزين تقول له: هات لي ثلاثمائة يومياً، أو أقل أو أكثر ما أدري عاد بالضبط، والزائد لك، بيضطر أن يشتغل ليل نهار، ويشتغل شيء ممنوع، وشيء جائز من أجل يحصل على هذا المبلغ. على كل حال الظلم حرام بجميع صوره وأشكاله، وظلم الضعيف العاجز أشد، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إخوانكم خولكم، فإذا كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يطعم، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، وإن كلفتموهم فأعينوهم)) هذا إذا كان عبد مملوك، فكيف إذا كان حر؟

"فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس"، قالوا: لا، نريد نجوم الكتابة ولو دفعت مقدماً والولاء لنا، "فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فأخبرت عائشة النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((خذيها، واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق)). ((خذيها، واشترطي لهم الولاء)) هل في هذا تغرير لهم؟ وتفويت لمصلحة قصدوها؟ ((خذيها واشترطي لهم الولاء)) يعني هل معنى هذا تغرير؟ نعم، هل في هذا تغرير لهذه الأسرة البيت من الأنصار، يقول: ((اشترطي لهم الولاء)) ما في بأس وافقيهم، وفي النهاية يبين الحكم، هو بين الحكم -عليه الصلاة والسلام- قبل ذلك وعرفه الخاص والعام، وهم خالفوا واشترطوا الولاء، ولذا غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، لو لم يبين قبل ذلك هل يغضب -عليه الصلاة والسلام-؟ ففعلت عائشة؛ لأن بعض الناس يفهم من هذا الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لها ما في بأس أنت غرريهم واشترطي لهم الولاء ودواؤهم عندي، ما هو بصحيح هذا، ولا يظن بالمعصوم هذا، نعم، لكن المعروف أنهم يعرفون الحكم، وقد خالفوا ما جاء في كتاب الله، يعني في شرع الله. ولذا قال -عليه الصلاة والسلام- لما قام خطيباً حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد)) وهذه يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر في الخطب والمكاتبات، وهي سنة محمدية جاءت في أكثر من ثلاثين حديث صحيح بهذا اللفظ، ((أما بعد)) ولا تقوم الواو مقامها فلا نقول: وبعد، ولا نحتاج إلى ثم، ثم أما بعد كما يقولها بعض الناس. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد: ما بال رجال)) الأصل أن يقترن جواب أما بالفاء؛ لأنها شرطية، أما حرف شرط، وبعد قائم مقام الشرط، ما بال، الأصل فما بال، ((فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله)) موجود عندكم الفاء، غير الطبعة الذي معنا، طبعات ثانية، عندك؟ هذا الأصل؛ لأن جواب الشرط لا بد أن يقترن بالفاء.

((فما بال رجال يشترطون شروطاً)) ((ما بال أقوام)) هذا الأسلوب النبوي، إذا أراد أن ينكر منكر ما يقول -عليه الصلاة والسلام- .. ، ليس من منهجه -عليه الصلاة والسلام- ما بال فلان، ما بال علان، يشهر هؤلاء الذين يرتكبون المنكرات، فيتعين مثل هذا الأسلوب؛ لأنه أسلوب نبوي، وهذا من التلميح، ولسنا بحاجة إلى التصريح إلا إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك، افترضنا أن الشخص هذا ما يفهم، قال الخطيب هذه الجمعة: ما بال أقوام، ما بال أقوام، مراراً ما في فائدة، نعم، ولذا يقرر أهل العلم أن الإنكار يكون خفية، وتتعين الخفية إذا ترتب على الإعلان مفسدة، وقد يتعين الإعلان إذا لم يجدِ الإخفاء، بعض الناس ما يفهم، تقول: ما بال أقوام، ما بال أقوام، يظنهم ناس بالصين أو بالأندلس، ما يدري أنه هو المقصود، ويصر على خطأه ويرتكب مثل هذه الأمور، مثل هذا لا بد أن يبين له بعينيه، أنت يا فلان يا أخي خفية، يبين له بعينه خفية؛ لأن هذا يحقق الهدف، لكن مع ذلك ما أفاد خفية، يا فلان اتق الله، خاف الله، يرتكب كبائر ومصائب وجرائم ومع ذلك مصر، يشهر بين الناس لكي يرتدع، والله المستعان. ((أما بعد: فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله)) يعني في شرعه، كتاب الله أعم من أن يكون القرآن، فالمراد به شرعه، على أن القرآن شامل جامع لكل شيء {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} [(38) سورة الأنعام] لكن بعض الأشياء دلالة القرآن عليها صريحة، وبعضها بالإيماء وليست صريحة. ((ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط)) يعني إذا كان يخالف ما في كتاب الله، وإلا فالأصل المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، هذا إذا لم يخالف ما في كتاب الله، أما إذا تضمن مخالفة لكتاب الله ضرب به عرض الحائط، وإن كان مائة شرط، والعدد لا مفهوم له، ولو كان ألف شرط.

شرح حديث: شراء النبي -صلى الله عليه وسلم- جمل جابر:

((وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق))، ((قضاء الله أحق)) هذا أفعل تفضيل، ومقتضى أفعل التفضيل إذا كانت على بابها أن يكون هناك شيئان اشتركا في أمر في وصف زاد أحدهما في هذا الوصف على الآخر، نعم، إذا قيل: قضاء الله أحق من قضاء البشر مثلاً، وشرع الله أوثق من قوانين البشر، هل معنى هذا أننا نقول: إن قوانين البشر فيها حق وفيها شيء من التوثيق؟ لا، نقول: أفعل التفضيل ليست على بابها، كما في قول الله -جل وعلا-: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] هل لدى أهل النار من حسن المقيل شيء؟ ليس عندهم شيء، وعلى هذا أفعل التفضيل ليست على بابها. ((وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق)) مثلما ذكرنا الحديث لو ذهبنا نسترسل في فوائده، وتتبعنا جمله في الصحيحين وغيرهما، وما تدل عليه هذه الجمل من أحكام لاحتاج إلى دورات ما هي بدورة، وعرفنا أن فيه مصنفات خاصة، واستنبط منه بعض أهل العلم أكثر من أربعمائة فائدة، حكم شرعي. والذي يهمنا أن الولاء لمن أعتق، فإذا أعتق شخص بدون مقابل وآخر بمقابل فالولاء لمن أعتق بدون مقابل؛ لأنه هو الأصل في العتق، بدون مقابل هو الأصل في العتق، على الخلاف في المكاتب أن له ولاء أو لا ولاء له، إذا لم يوجد سبب أقوى منه والعتق بدون مقابل. أظن نكتفي بهذا وإلا احتاج الحديث بسط طويل، نعم. شرح حديث: شراء النبي -صلى الله عليه وسلم- جمل جابر: وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان يسير على جمل فأعيا، فأراد أن يسيبه، فلحقني النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله، قال: ((بعنيه بوقية))، قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بوقية، واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت، فأرسل في أثري، فقال: ((أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك)). حديث جابر، قصة الجمل، جمل جابر أيضاً من الأحاديث التي عني بها أهل العلم، فيها من الأحكام الشيء الكثير، ولهذا الحديث طرق كثيرة، وألفاظ خرجه البخاري -رحمه الله تعالى- في بضعة عشر موضعاً، في مواضع كثيرة جداً.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه كان يسير على جمل فأعيا" النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسير في مؤخرة القوم، وكان جابر -رضي الله عنه- يسير على جمل ثفال، يعني بطيء السير، في الصحيح، فسأله النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: إن الجمل ثفال، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أمعك قضيب؟ )) قال: نعم، فأخذه النبي -عليه الصلاة والسلام- فضربه به فزجره فصار الجمل بعد ذلك في مقدمة الناس، في مقدمة الناس، "كان يسير على جمل فأعيا فأراد أن يسيبه"، مل جابر، في آخر الناس باستمرار، لو كان على قدميه كان أسرع، يعني مثل هذا الجمل الذي يجعلك دائماً في مؤخرة الناس، مثل هذا ما. . . . . . . . . من يعلفه ويعتني به يسيب، فأراد أن يسيبه يعني يتركه حراً طليقاً، "قال: فلحقني"، أنه كان على جمل فأراد أن يسيبه فلحقني، مجموعة من الالتفاتات الأصل عن جابر -رضي الله عنهما- قال: كنت أسير على جمل فأعيا، فأردت أن أسيبه، فلحقني النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن التفات من الغيبة إلى التكلم إلى الغيبة مرة ثانية، "فلحقني النبي -عليه الصلاة والسلام- فدعا لي، وضربه"، يعني بالقضيب "فسار سيراً لم يسر مثله، فقال: ((بعنيه بوقية)) " الآن لو كانت المساومة من النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الضرب، نعم يبيع ولا ما يبيع؟ أراد أن يسيبه، قال: بعني بأوقية، قال: هات نصف أوقية هو يريد أن يسيبه، لكن بعد الضرب صار يمشي قدام الناس، " ((بعنيه بوقية؟ )) قلت: لا". النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قضى على هذا العيب ساوم، وعلى هذا لو جاء لك شخص بسلعة بسيارة قال: أنا تعبت من هذه السيارة تقف في كل شارع فنظرت إليها فإذا هي تحتاج إلى شيء يسير جداً، سلك يربط بعضه ببعض وتمشي، هل من الأولى والأفضل أن تربط السلك وتخليها تمشي قدام الناس وتزيد ثم تسومها منه، وإلا تسومها قبل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

تصلحها، إذا كنت تحسن ثم تشتريها، النبي -عليه الصلاة والسلام- ضرب الجمل فصار يمشي أمام الناس فقال: ((بعنيه)) وإلا تستغل جهل الناس وضعفهم تقول: هذه يمكن والله تحتاج مكينة يا أخي، أنا لا أريدها، وأنت تعرف إيش تبي، نعم، الأولى أن تصلحها إذا كنت عارف، أو تخبره بأن هذا شيء يسير ما يكلف وفلان يصلحها لك بمبلغ زهيد. ولذا لما قال له: ((بعنيه بوقية)) قلت: لا، الرسول يقول: بع، أمر، وجابر يقول: لا، هل يعصي جابر وإلا ما يعصي؟ لا يعصي؛ لأنه فهم من المقام أن المسألة بيع وشراء، المسألة معاوضة، ما هي بأمر ونهي، فلا يأثم، ولذا لو قال لك أبوك: بعني هذا الكتاب أو هذه النظارة، أو هذا القلم أو ما أشبه، بعنيه؟ نعم، تقول له: والله أنا محتاج، أو بعنيه بعشرة، تقول: لا بعشرين، هذا بيع وشراء ما فيه شيء، لكن لو كان أمره أمر إلزام، لا يسوغ لك بحال أن تخالف هذا الأمر، إذا كنت لا تضرر بفقده. ومثله في حديث بريرة السابق لما خيرت فاختارت نفسها، عتقت وزوجها مغيث عبد، فجاء مغيث المسكين يتشفع بالنبي -عليه الصلاة والسلام- يكلم بريرة تستمر في الزوجية ويلاحقها في سكك المدينة، يبكي وهي لا تريده، شفع النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت له: تأمرني؟ قال: ((لا، إنما أنا شافع)) فقالت: لا أريده. يميزون بين الألفاظ، يعرفون المقاصد، وإلا كانوا أحرص الناس على الخير، وأطوع الناس لله ولرسوله، وأشدهم امتثالاً لأوامر الله وأوامر رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فجابر حينما قال: لا، لا نقول: عصى؛ لأن المسألة بيع وشراء. تأذن؟ مسألة الإنكار. يقول: ذكرت طريقة للإنكار، وأنه يكون بالتعريض ثم ينتقل منه إلى التعيين بالإنكار على صاحبه، فيما إذا لم يجدِ التعريض، ثم إذا لم يجدِ ولم يرتدع يشهر علانية، يقول: هل هذا عام مع كل أحد أم يخص في ذلك الإنكار على ولاة الأمر إذا ظهرت منكراتهم، وكذلك بعض طلبة العلم ينكر بعضهم على بعض علانية بحجة عدم الانتفاع بالمناصحة، فيشهرون ليحذر الناس خطأهم؟

تسمية الأشخاص إنما يلجأ إليها في آخر المطاف إذا لم تجدِ ولم تنفع السبل، وإذا كان في ذكرها مصلحة، ولم يترتب على ذكرها مفسدة أعظم، فالشرع جاء بجلب المصالح ودرء المفاسد، فإذا كان ذكر الشخص يترتب عليه التحذير منه؛ لأنه متلبس ببدعة، ويخشى على الناس من أن يقتدوا به يحذر الناس منه، لا مانع من ذكر اسمه، والسلف ذكروا المبتدعة بأسمائهم وأعيانهم، وحذروا الناس من بدعهم، لكن إذا كان الناس إذا حذروا من البدع ارتدعوا، لا، لا يلزم من ذكر الأسماء، بعض العصاة العتاة إذا بينت منكراتهم ومعاصيهم وعرف الناس أن هذه منكرات تضر بهم وأن هؤلاء. . . . . . . . .، لا يلزم ذكر أسمائهم، لكن إذا كان الناس بحيث لا يفهمون أن هذا الشخص متلبس بهذا المنكر، وهو يلبس على الناس ويروغ في طريقته وأساليبه، ويغتر به كثير من الناس لا بد من شهره، ما المانع؟ بالشرط المتقدم على ألا يترتب على ذلك مفسدة. وأبو سعيد الخدري أنكر على مروان، وهو على المنبر، بين الصحابة في خطبة جمعة، لكن المفسدة مأمونة، أما إذا توقع مفسدة خاصة أو عامة، إذا كانت خاصة تختص بالشخص، وأراد أن يتحمل ويرتكب العزيمة هذا أمر، لكن إذا كان هناك ضرر متعدي، يتعدى إلى غيره فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والله المستعان.

مسألة ما يتعلق ببعض أهل العلم، وأن من يفتي بمسائل قد يكون فيها سبب لتساهل بعض الناس وفهمهم على غير مقصودها، أو هو نفسه ترخص في بعض الأمور، أو ترجح عنده بعض الأشياء إذا كان أهل للاجتهاد فالأمر فيه سعة على أن يبين القول الصواب، أما إذا كان ليس من أهل الاجتهاد فينبغي أن يبين ويذكر اسمه لئلا يغتر به الناس على ألا ينال شخصه بشيء، يعني الشخص لا ينبغي أن ينال بشيء، فكونك تحذر من القول، وإن لزم منه ذكر القائل لا يعني أنك تنتقص هذا الرجل، نعم، تساهل في كثير من الأمور التي تجر إلى أمور لا تحمد عقباها، هو ما ينظر إلى درء المفاسد وإلى مسائل سد الذرائع وغيرها ينظر إلى المسألة بعينها بغير نظر إلى ما تجر إليه هذه المسألة، لا بد أن تبين، وما زال أهل العلم يرد بعضهم على بعض، ما زال أهل العلم قديماً وحديثاً يرد بعضهم على بعض، ويبين بعضهم خطأ بعض، لكن لا يمنع، أو بل الأصل أن تذكر المحاسن، لئلا يجرد الإنسان من كل خير من كل فضل؛ لأنه وقع في خطأ واحد، هو ليس بالمعصوم يبين ما عنده من فضل وخير وعلم وعمل، ثم بعد ذلك يقال: أخطأ، وقد رد على عمر -رضي الله عنه- قال: أخطأ عمر، إيش المانع؟ لأنه ليس بمعصوم، فما دونه من باب أولى، لكن ينبغي، الأمور بمقاصدها قد يرد بعض الناس ويشهر بعض الناس؛ لأنه يرى في نفسه وهذه أمور لا يحكم بها على كل أحد، يرى في نفسه أنه لا يمكن أن يرتفع هو إلا إذا هضم غيره، مو بصحيح هذا، بل عكس، فإذا سئل عن فلان وفلان، قيل: إيش فلان ما فلان، وقصده بذلك أن يرتفع، هذا خطأ، ليس في هذا طريق، ليس هذا بطريق للشهرة ولا للرفعة لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل العكس الناس يزدرون مثل هذا النوع إذا كان الحامل له هذا المقصد، والله المستعان، والله -سبحانه وتعالى- هو المطلع على السرائر، فيحذر الإنسان من مغبة صنيعه متى؟ {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [(9) سورة الطارق] يعني قد يروج على بعض الناس الآن، لكن غداً، يروج؟ ما يروج شيء، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . .

لا يسأل علناً يعني، إذا كان الشخص التبس عليه أمر فلان أو علان من الناس، وأراد أن يسأل من يثق به من أهل العلم إيش رأيك بمنهج فلان طريقة فلان؟ علم فلان؟ عمل فلان؟ نعم، بينه وبينه من باب النصح، وهذا. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، لا، هذا أمر إذا تعلق الإنسان بهذه الأمور وصارت وظيفته الجرح والتعديل لذات الجرح والتعديل، فإنه غالباً وهذا الذي يشهد به الواقع أنه يحرم العلم والعمل، فيكون نصيبه من العلم والعمل القيل والقال، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، كما يقول ابن دقيق العيد: "أعراض المسلمين حفرة من حفر النار"، يقول: "وقف على شفيرها العلماء والحكام"، والله المستعان. طالب:. . . . . . . . . يا أخي بيان المنهج العام للشخص نعم منهج فلان أنه متساهل مثلاً، عموماً يعني، فلان متشدد، يعني المذاهب بجملتها، مشتهر في العالم الإسلامي كله أن الحنابلة كلهم متشددون، الحنفية متساهلون، مع أنهم في بعض الأبواب الحنفية أشد من الحنابلة، نعم، في باب الأطعمة الحنفية أشد من المالكية، في باب الأشربة المالكية أشد من الحنفية، وهكذا، ما تجد عالم، عالم يعني يستحق هذه الكلمة تجده متساهل في كل شيء أو متشدد في كل شيء، يسيره الدليل، إذا ترجح عنده في هذه المسألة أو في هذا الباب من أبواب العلم والدين أن نصوص التيسير والتسهيل أو التشديد. . . . . . . . .، والمسألة مفترضة في شخص من أهل الاجتهاد، من أهل العلم، وفي الجملة يعني لا يقبل قول المفتي ما لم يضم للدين والعلم الورع: وليس في فتواه مفت متبع ... ما لم يضف للدين والعلم الورع أما إذا كان ما عنده ورع، ما يتورع في أن يقول ما شاء متى شاء؟ وكيف شاء؟، ومتى طلب منه، هذا ما هو عالم هذا، هذا ليس بقدوة هذا.

يقول جابر لما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بعنيه بوقية)) قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بوقية، هل في هذا ما قد يفهم منه أن لولي الأمر أن يضغط على صاحب السلعة أن يبيعه بأقل من قيمتها أو يبيعه قهراً منه؟ أو نقول هنا في الحديث ليس هناك بيع، بل أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينفعه ويبحث عن وسيلة مناسبة لينفعه فيها؟ بدليل أنه في الآخر، في النهاية نعم، قال: ((أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك)) مثل هذا له وجه أن ينقص بالقيمة، ما قصده الشراء أصلاً، قصده أن ينفع جابر، جابر توفي أبوه شهيد مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وترك ثمان بنات، أراد أن ينفعه بالقيمة فيبحث عن مبرر سبباً ظاهر، نعم فقال: ((خذ جملك ودراهمك)) وليس في هذا مستمسك لأحد يضغط بسلطانه أو بولايته أو بوظيفته على من تحت يده، ولا يجوز له بحال، مدير دائرة يقول: بعني سيارتك، السيارة تساوي ثمانين ألف، قال: لا، خليها بستين، مسكين خائف على وظيفته ومن التقارير اللي .. ، التقارير الكفاية، يقول: امسك والله نصيبك، نقول: لا يجوز بحال، وقد يتعدى الأمر أن يكون بولاية هذا يقول: زوجني بنتك مثلاً، فيخاف على وظيفته وإلا عن شيء .. ، هذا مكره، ملجأ، أما النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال: ((بعنيه بوقية؟ )) قلت: لا، ثم قال: ((بعنيه)) فبعته بوقية، لا يتصور منه أنه يشتري بثمن بخس يريد أن يتاجر به، لا، يقول: "استثنيت حملانه إلى أهلي" هذا الشاهد من الحديث أنه اشترط أن يحمله إلى المدينة يركب، هذا شرط في البيع، "استثنيت حملانه إلى أهلي فلما بلغت –يعني بلغت المدينة- أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه"، في رواية: ((أعطه يا بلال)) فأعطاه وزاده قيراط، المقصود "فنقدني ثمنه ثم رجعت، فأرسل في أثري"، رجعت قال: تعال، ردوه، هاتوه، فقال: ((أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك)) الجمل والدراهم، القيمة والثمن، الثمن والمثمن فهو لك.

شرح حديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد .. ":

وهذا فيه الشرط في البيع؛ لأن جابر اشترط أن يركب إلى المدينة، وهذا الشرط إذا اشتمل البيع على شرط، جاء الخبر "نهى عن بيع وشرط" ومثل هذا يحمله أهل العلم على مسألة الشرط المحرم، أو الذي يجر إلى محرم كأن يبيعه هذه السلعة بمائة نسيئة على أن يبيعها عليه بثمانين حالة، فتؤول إلى مسألة العينة، هذا شرط محرم لأنه يؤول أو يوقع في مسألة محرمة. على كل حال البيع المتضمن لشرط الأصل أن المسلمين على شروطهم، لكن جاء ما تمسك به بعض أهل العلم من منع جميع الشروط في البيع من هذا النوع التي ليست من مقتضى العقد كأن يشتري القماش ويشترط تفصيله وخياطته، يشتري حطب ويشترط تكسيره وحمله، عند أهل العلم، عند جمع من أهل العلم لا يجوز مثل هذا الاشتراط. والذي يرجحه شيخ الإسلام أن مثل هذه الشروط لا أثر لها في البيع، وأنها داخلة ليست ممنوعة أصلاً، ولا تؤول إلى ممنوع، فهي داخلة في عموم ((المسلمون على شروطهم)). طالب:. . . . . . . . . ((المسلمون على شروطهم إلا شرط أحل حراماً أو حرم حلالاً)). الحديث الذي يليه. طالب: اقرأ يا شيخ؟ اقرأ إيه. شرح حديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد .. ": وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبته، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها". حديث أبي هريرة تقدم النهي عن بيع الحاضر للباد، أنه جاء بصريح النهي: ((لا يبع حاضر لباد)) وعرفنا سبب النهي، وأنه ليترك الفرصة للحاضرة أن يستفيدوا من هذا البادي، ومثله النهي عن تلقي الركبان، وبيع الرجل على بيع أخيه، رجل باع سلعة بمائة يأتي هذا الرجل إلى المشتري ويقول: عندي لك مثلها تماماً بثمانين، هذا بيع على بيع، وعرفنا فيما تقدم أنه إذا لزم البيع فلا أثر له إلا مسألة الإحراج، أولاً يحصل في نفس المشتري على البائع ما يحصل، يقول: غشني، غرني، هذه السلعة ما تسوى، ما تجيب، ثم يذهب فيضطره إلى أن يقيله، وهذا فيه من المفاسد وإيغار الصدر على المسلمين بعضهم على بعض الشيء الكثير.

"ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه"، مثله تقدم زيد من الناس إلى آل فلان يخطب منهم فلما علم عمرو ذهب وقال: أنا أفضل منه، أنا جامعي وهو ما معه إلا ثانوية، نعم، خطبة على خطبة أخيه، حرام، حرام عليه أن يصنع ولو لم يقل، ولو لم يبين محاسنه وعيوب الآخر، هو بمجرد يعرف أن فلان تقدم إلى خطبة فلانة ثم يخطبها هذا حرام، فإن تعرض له بذم أو لنفسه بمدح يقتضي تقديمه على الآخر زاد الإثم، لكن أصل المسألة إذا علم أن فلان تقدم إلى آل فلان، لا يجوز له بحال أن يتقدم إلى خطبة هذه المرأة إلا أن يعرف أنهم ردوه، أو يأذن له الخاطب الأول، أنا والله خطبت فلانة إن كان لك نظر روح تقدم، الله يوفقك، إذا أذن له فالأمر لا يعدوه. "ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها" ضرتها، شخص عنده زوجتان، الثانية تطلب منه ليل نهار، هي عجوز فانية، إلى متى؟ ويش يا ابن الحلال؟ أو العكس، أو العكس، تطلب منه أن يطلق زوجته الثانية، هذا حرام عليها، وجاء الحديث: "ولا تسأل المرأة طلاق أختها" سماها أخت، وهي في الحقيقة أخت، وإن كانت في الأصل ضرة، وجاء في بعض الألفاظ أنها ضرة؛ لأنها داخلة بالضرر على الأخرى بلا شك، لكنه ضرر مشروع، أخذت نصف زوجها، ومع ذلكم هي أخت؛ لأن هذا الضرر مغمور في جانب المصالح العظيمة، وفي جانب الأخوة التي سببها اتحاد الدين، كلاهما من المسلمين، ((المسلم أخو المسلم)) {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [(10) سورة الحجرات] فتحصيل هذه الإخوة التي هي أخوة الإسلام أعظم من الضرر الحاصل بسبب كونهما تحت شخص واحد. "لتكفئ ما في إنائها" يعني تقطع رزقها على ما قالوا، تكفئ ما في إنائها، الأصل أن هذا الزوج ينفق على هذه المرأة، ويسكنها ويتولاها بالنفقة والرعاية والعناية، فكأنه هذا حاصل لها فعلاً، يعني هو مقرر لها شرعاً فكأنه حصل لها فعلاً؛ لأنه مقرر شرعاً، فكونه حاصل جاء التعبير بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لتكفئ ما في إنائها)) كأن هذا الأمر الذي أمر به الزوج شرعاً حصل في الإناء فعلاً؛ لأنه واجب شرعاً، فكأن هذه الضرة التي طلبت طلاق ضرتها تكفئ ما في هذا الإناء. انتهى الوقت؟

طالب: لو كانت كتابية يا شيخ؟ كيف؟ طالب: أقول: إن كانت كتابية لها أن تشترط؟ تشرط الطلاق؟ طالب: طلاقها للضرر الذي يحصل؟ ((لا تسأل المرأة طلاق أختها)) نعم، فهي ليست بأختها، الكتابية ليست بأخت، على خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا يقول: نرجو توضيح أكثر لبيان الفرق بين السلم فيما لا يملك البائع وبين بيع ما لا يملك؟ عرفنا فيما سبق أن من أهل العلم من يرى أن السلم على خلاف الأصل، وأنه مستثنى من بيع ما لا يملك، وأن أهل العلم كابن القيم وغيره قرروا أن السلم جار على الأصل، وعلى كل حال كل ما ورد فيه نص شرعي فهو على الأصل؛ لأن الأصل الذي قرر أهل العلم أنه أصل إنما هو لاستناده على نص، والفرع ما لا يستند على نص، لكنه يشترك مع ذلك الأصل في العلة، وكل ما استند إلى نص فهو أصل، والسلم جائز بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على ما ذكرنا سابقاً فهو على الأصل. يبقى الفرق بين ((لا تبع ما ليس عندك)) والنهي عن بيع ما لا يملكه الإنسان وبين السلم، والعين التي جرى عليها العقد ليست موجودة، وإذا منع الإنسان من بيع ما لم يبدو صلاحه مع وجوده، فلأن يمنع غير الموجود من باب أولى. هذا يمكن أن يقال: أولاً: السلم عرفنا أنه ثبت بالنص الصحيح الصريح، وأنه -عليه الصلاة والسلام- قدم المدينة وهم يسلفون السنة والسنتين، ومقتضى ذلك أن الثمرة التي وقع عليها العقد غير موجودة، يعني إذا تصورنا أن ثمرة هذه السنة موجودة، ثمرة السنة القادمة ليست موجودة، وهذا مما لا شك فيه، لكن نعرف أن الشرع لا يوجد فيه شيء من التعارض الحقيقي، قد يوجد التعارض في الظاهر مع إمكان الجمع، وهو ما يسمى بمختلف الحديث، وقد لا يمكن الجمع ويعرف التاريخ فيحكم بالنسخ إلى غير ذلك من الطرق التي يسلكها أهل العلم للتوفيق بين النصوص.

نعود إلى السلم: السلم لا يخلو: إما أن يكون مبرمه مالك للأصل، مالك للشجر، مالك للنخل، ويبيع ثمرة هذه النخلة أو هذا النخل سنة أو سنتين بمبلغ مقدم له في مجلس العقد، هذا السلم، وفي الحديث الصحيح الذي ذكرناه جاء التعقيب عليه من ابن عباس وغيره وأنهم ما كانوا يسألون، هل كان عندهم شجر أو لا؟ الذين يبرمون مثل هذا العقد ما كانوا يسألون، هذا في البخاري، هل كان عندهم أصل، ولذا ترجم الإمام البخاري بجواز السلم بالنسبة لغير مالك الأصل، وذكرنا لذلك أمثلة، على كل حال ما لا يملكه البائع الذي لا يملكه البائع السلعة معينة محددة السلعة محددة معينة هي السلعة بعينها الفلانية بعينها، فإذا تلفت هذه السلعة حصل الشقاق والنزاع، أما المبيع في السلم فهو موصوف في الذمة، وليس السلعة بعينها، فإذا تلف ضمنه ببدله، والله المستعان، على ضوء الصفة المتفق عليها. يقول: ألا نستفيد من قصة جابر مع الرسول -عليه الصلاة والسلام- عبادة مفقودة، وهي تفقد أحوال الإخوان، وتفقد حاجاتهم؟ لا شك أن أنفع الناس أو خير الناس أنفعهم للناس، تفقد الحاجات لا شك أن هذا أمر مطلوب، من أفضل العبادات العبادات المتعدية، التي يتعدى نفعها، وهذا منها، وعلى ذلك جرى النبي -عليه الصلاة والسلام- وتبعه أصحابه من بعده، أبو بكر وهو خليفة يتفقد أحوال الناس المحتاجين من الكبار والصغار، عمر -رضي الله عنه- وهو خليفة أيضاً يفتقد أحوال الناس، وهكذا طريقة كل من وفق إلى ما ينفعه. يقول: كما نستفيد كرم أخلاق الرسول -عليه الصلاة والسلام- فلم يرد إذلال جابر بإعطائه مالاً دون بيع أو شراء، ولو كان ... إيش؟ ذكرنا هذا أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- مقصوده في قصة الجمل نفع جابر؛ لأن أباه قتل شهيداً في أحد، وترك بنات يعولهن جابر، وعليه آثار الحاجة، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينفعه، وأراد أن يتخذ لذلك وسيلة ومبرر لذلك النفع، فاشترى منه الجمل بهذه الطريقة، ورده عليه مع قيمته. يقول: لماذا قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((فهو لك)) ولم يقل فهي لك؟ وما الفرق بينهما؟ فهي لك إيش؟ لماذا قال الرسول، في أي حديث؟ طالب: لأنه جمل. نعم؟ طالب: لأنه جمل.

مذكر جمل، هو جمل، فقال: فهو لك، يعني الجمل، ولو جاء في رواية من الروايات: فهي لك، أي السلعة المباعة أو العين المباعة. يقول: ((الولاء لمن أعتق)) هل معنى هذا في الحديث أن الولاء كان لبيت من الأنصار أم لعائشة؟ هو لعائشة وعرفنا هذا فيما تقدم. يقول: بعض مكاتب الاستقدام تقوم باستقدام العمالة من الرجال والنساء وتقوم بتأجيرهم على الناس بألف وخمسمائة ريال في الشهر، وتقوم بإعطاء العامل أو العاملة ثمانمائة فقط أو أقل أو أكثر؟ تأجيرهم على الناس هذا من أكل أموال الناس بالباطل، السبعمائة الفرق بين ما يدفعه للعامل وبين ما يأخذه، هذا بدون مقابل إن كان قصده أن هذا مقابل أتعابه ومقابل الفيزة، ومقابل تيسير وصوله إلى هذه البلاد فهذا ليس بثمن تؤخذ عليه المعاوضة، لكن لو جعل هذا العامل، لو اتخذ محل تجاري، وأثثه وأجره على العامل بما يريد على ما يتفقان عليه، فلا بأس حينئذ، أما أن يأخذ جزءاً من تعبه وعرقه دون مقابل اللهم إلا الجاه، فالجاه لا يجوز أخذ الأجرة عليه. ما هو بواضح: ما حكم أجرة إيش؟ كأنها اللومزين؟ الظاهر. ما حكم أجرة المنتشرة في زماننا ... ؟ الكتابة ما هي بواضحة، لكن كأنه يقصد اللومزين، يقول: حيث يتم التعاقد بين صاحب الشركة والعامل على مبلغ يومي محدد والباقي للعامل؟ لا بأس يؤجره السيارة بمبلغ معين يومي على ألا يشق عليه. هذا أيضاً يتعلق بالعمالة، وهو قريب مما سبق: ما الفرق بين السلم وبين ما لا يملك؟ تقدم. يقول: هل يمكن للطالب أن يجمع بين دراسة بلوغ المرام والمنتقى؟ يمكن، إيش المانع؟ إذا انتهى من حفظ البلوغ ودراسته رواية ودراية ينتقل إلى المنتقى؛ لأنه أوسع، وفيه من الأحاديث ما لا يوجد في غيره مجتمعة. يقول: نأمل أن يكون انتهاء الدرس عند الأذان مباشرة؛ لأن في دروس أخرى نود حضورها كما فيه ... أئمة المساجد يدركون الصلاة؟ على كل حال لو جعلنا .. ، لكن ما عاد بقي وقتها، ما بقي إلا الدرس القادم فقط، وإلا هذا مطلب طيب، يعني ينتهي الدرس الشرح مع الأذان، وتكون الأسئلة بعد الأذان.

شرح: باب الربا والصرف:

لعل بقية الأسئلة تكون بعد الأذان ليتمكن أئمة المساجد من الانصراف إلى مساجدهم، ومن عنده درس في مكان آخر يدركه -إن شاء الله تعالى-. سم. شرح: باب الربا والصرف: أحسن الله إليك: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب الربا والصرف: عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء، والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء)). وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) وفي لفظ: ((إلا يداً بيد)) وفي لفظ: ((إلا وزناً بوزن، مثلاً بمثل، سواءً بسواء)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الربا والصرف: الربا: في الأصل الزيادة {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [(5) سورة الحج] يعني زادت، وهو في الشرع: الزيادة الناتجة عن بيع ربوي بمثله أو النسأ، أو النسأ بمثله أو بربوي آخر، مع اختلاف الجنس. الصرف: هو إبدال عملة بعملة، إبدال عملة بعملة، إبدال ذهب بفضة أو دراهم بدنانير، ريالات بدولارات وهكذا. إبدال الذهب بالذهب يسمونه، بيع الذهب بالذهب يسمونه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، الصرف: إبدال ذهب بفضة، إبدال الذهب بفضة صرف، إبدال الدراهم بالدنانير صرف، لكن إبدال الدراهم بالدراهم والدنانير بالدنانير، نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ ذهب بذهب، نعم، هذا صرف وإلا ليس بصرف؟ يسمونه مراطلة، مراطلة، ذهب بذهب ليس بصرف ولا بيع. الذهب بالذهب ربا، الذهب بالذهب رباً، الأصل في الكتاب عندكم حديث عمر -رضي الله عنه-، الكتاب إيش عندكم؟ طالب: الذهب بالورق. كل النسخ كذا؟ طالب: على طبعة واحدة.

الذهب بالذهب هذا الأصل في العمدة، وإن كان الأصل في الصحيحين: الذهب بالورق كأن الطابع عدل على ما في الأصول، الطابع عدل على ما في الأصول، وإلا الأصل في الكتاب: الذهب بالذهب ربا، هذا موجود لكن الأصول في الصحيحين: الذهب بالورق، والطابع عدّل، ولذا يقول في الحاشية فيها: الذهب بالذهب ربا. الذهب بالورق هذا هو الصرف، الدنانير بالدراهم صرف، رباً إلا هاء وهاء. الذهب بالذهب يعني مع اتحاد الجنس، يشترط في إبدال الجنس بجنسه يشترط فيه شرطان، الإيش؟ طالب: المماثلة. التساوي والتقابض، التساوي والتقابض، التساوي والتقابض، فلا بد من أن يكون الوزن واحد إذا بيع الذهب بالذهب، ولا بد من التقابض على ألا يفترقا وبينهما شيء، ومثله بيع الفضة بالفضة، لكن إذا اختلف الجنس ذهب بفضة أو العكس يجوز إيش؟ التفاضل، يجوز التفاضل على أن تكون يداً بيد، لا بد من التقابض، ولذا يقول: ((الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء)) خذ وهات، خذ وهات, ((والبر بالبر إلا هاء وهاء)) مثله بر ببر، ((والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء)) فالبر جنس، والشعير جنس، على ما يفيده هذا الحديث، وإن قال بعض أهل العلم أن الشعير داخل في البر لا يجوز فيه التفاضل، لا يجوز فيه التفاضل؛ لأنه من جنسه، لكن الأكثر على أن الشعير يختلف جنسه عن البر، فلك أن تبيع صاع بر بصاعين شعير، وعلى القول الأول يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز. ((الذهب بالورق رباً إلا هاء وهاء، والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء)) الربويات كم عددها؟ المنصوص عليها؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ ستة، الذهب، فضة، البر، الشعير، التمر، الملح، ستة أصناف، ستة أصناف، هذه الستة الأصناف ما يجمعها؟ ما القاسم الذي يجمعها؟ هل تتحد في العلة؟ طالب: الثمنية والكيل يا شيخ. الثمنية والكيل، الوزن معتبر وإلا غير معتبرة؟ طالب: معتبر. الطعم معتبر وإلا غير معتبر؟ طالب: أيضاً معتبر.

هذه الستة هل يقاس عليها فتعتبر أصول لأجناسها، أو لا يقاس عليها؟ الجمهور على اعتبار القياس، كل من يقول بالقياس يقول: يتعدى حكم هذه الأشياء هذه الستة المنصوصة عليها إلى غيرها مما يشاركها في العلة، الظاهرية يقولون: لا ربا إلا في هذه الستة، لا ربا إلا في هذه الستة، فإذا أتينا إلى الذهب والفضة وقلنا: العلة كونها أثمان، كونها أثمان، إذا نظرنا إلى هذه العلة عند من يقيس يجري الربا في كل ما يتخذ أثمان، ولو كان من ورق، ولو كان من جلود، ولو كان من خشب، لا يلزم أن يكون من ذهب وفضة، وهذا قول الجمهور، الذين يعتدون بالقياس، والظاهرية الذين لا يرون القياس يقولون: لا ربا في الأثمان إلا بالذهب والفضة فقط، لو اتخذ الناس أثمان من ورق لم يجرِ فيها الربا، لو اتخذ الناس أثمان من خشب لم يجرِ فيها الربا، لو اتخذ الناس أثمان من جلود لم يجرِ فيها الربا، فإذا قلنا: العلة الثمنية كونه أثمان، أجرينا الربا في جميع ما يتخذ ثمن للأشياء فالريالات يجري فيها الربا، الدولارات يجري فيها الربا، الدنانير، الدينارات يجري فيها الربا، كل ما يتخذ عملة يجري فيه الربا. ولو قلنا بقول الظاهرية، نعم، لو قلنا بقول الظاهرية ما جرى فيها الربا، ومعروف أن الظاهرية ينكرون القياس، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنهم لا عبرة بقولهم وافقوا أو خالفوا؛ لأنهم لا يرون القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد.

نأتي إلى قول الجمهور، الورق حصل فيها خلاف وكلام كثير لأهل العلم أول ما اتخذ الناس العملة من ورقة، كانت العملة المتداولة على مر العصور الذهب والفضة؛ لأنها أثمان، وثمنها فيها، ثمنها فيها لا يستطيع مخلوق أن يعتدي عليها ويلغيها، لكن هذه الأوراق، العملة من الأوراق ألا يمكن أن يأتي شخص ويقول: هذه الأوراق لاغية ويصدر غيرها، فتكون مثل هذه الأوراق البيضاء لا قيمة لها، فهل تأخذ حكم الذهب والفضة بالفعل؟ في جريان .. ، من أهل العلم من يقول: لا تأخذ حكم الذهب والفضة، بل منهم من أجرى أو أصدر المنع باتخاذها، باتخاذها أثمان، ولا شك أن في هذا تضييق على الناس، تضييق على الناس، ومنهم من يرى أنها لا مانع من اتخاذها أثمان وتداولها واعتبارها، لكن لا تأخذ حكم الذهب والفضة في جريان الربا، وهذا قريب من قول الظاهرية. ومنهم من يقول: هي بدل، بدل من الذهب والفضة، بدل من الذهب والفضة، والبدل له حكم المبدل، والبدل له حكم المبدل، فيجري فيها الربا، لكن هل جميع أنواع العملة من الأوراق بدل من الذهب فقط، أو بدل من الفضة فقط؟ أو في حكم البدل وليست ببدل؟ إيش معنى هذا الكلام؟

إذا قلنا: إن الدولار بدل من الذهب، والريال بدل من الذهب حينئذٍ لا يجوز إيش؟ التفاضل، لا يجوز التفاضل ولا بد من التماثل، لا بد من التماثل والتقابض، وإذا قلنا: إنها في حكم الأبدال، ولكل سلعة قيمتها وثمنيتها إذا اختلفت، فنعتبر هذا جنس وهذا جنس، كما أن أصولها ذهب وفضة هذا جنس وهذا جنس، وحينئذ يطلب لها بل يشترط لصرف بعضها ببعض التقابض فقط، لا مانع أن يباع الدولار بريال، وأن يباع بعشرة تبعاً لقيمته الثمنية، وأنتم تسمعون أن العملات تزيد وتنقص تبعاً لاقتصاد البلد، من أول يقولون: هناك أرصدة، هناك أرصدة تغطي قيمة هذه العملات المتداولة، إيش معنى هذا الكلام؟ يقول: إن هذا البلد أصدر أمر بصك مليار من الريالات مثلاً، أو من الدولارات لا بد أن يغطي هذا المبلغ ذهب بهذه القيمة أو فضة، كان هذا معمول به في السابق، لكن في الأخير هناك تغطية وإلا ما فيه؟ ما في تغطية، إذاً كيف يتعامل الناس بأوراق لا قيمة لها؟ أوراق، إيش الفرق بين الريال وبين ها الورقة ذي؟ الريال ما غطي ما له قيمة، قالوا: قيمته اقتصاد البلد، إيش معنى اقتصاد البلد؟ يعني إذا كان البلد متين الاقتصاد تكون قيمته مرتفعة، إذا كان اقتصاده أقل، إذا هبط مستواه الاقتصادي تنزل قيمة العملة، وهذا ينبهنا إلى شيء وهي أن الدنيا قائمة على لا شيء، ولذا لا تستحق من يؤثرها على الآخرة، يعني تصور أن عملة بلد من أكبر دول العالم ترتفع وتنخفض بسبب شخص، شخص كافر نسأل الله العافية، خلاص رشح فلان ارتفع الدولار، رشح فلان ينخفض الدولار، ليش؟ هذا له مدلول، يدل على أن هذه الدنيا تسيرها هذه العملات، كلها تسيرها هذه العملات، وهذه العملة هذه حقيقتها، يعني افترض أنك كديت طول عمرك، ورصدت في البنوك مئات الملايين بل المليارات، ثم بعد ذلك صدر أمر بإلغاء هذه العملة، قيمة عملك؟ إيش قيمته؟ لا شيء، بينما لو في هذه المدة ختمت القرآن كم مرة، رصيدك هذا يستطيع أحد يلغيه؟ ما يلغيه إلا أنت، توزعه، تفرقه على فلان وعلان، لا يستطيع أحد أن يتدخل في رصيدك من الآخرة، الختمة الواحدة فيها أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، ولا تكلف شيء يعني ما تكلف شيء، يعني الناس الموهوبين أهل القرآن يقرءون

القرآن في ست ساعات، والإنسان يكد ويكدح وفي النهاية يصدر أمر يصير لا شيء، أو يصدر أمر تؤمم أموال فلان أو علان كما هو في الدول كثير، نعم، نسمع عنه كثيراً في الدول، يكد ويكدح وأخيراً تؤمم أمواله وبعدين؟ فالدنيا لا شيء، إن نظر إليها بعين البصيرة أعرض عنها، واشتغل بما ينفعه، والله المستعان. ((الذهب بالذهب رباً إلا هاء وهاء)) على كل حال العملات النقدية سواءً كانت من الورق أو من الحديد أو من الذهب أو من الفضة حكمها واحد في جريان الربا، لا شك أنها أجناس، الريالات جنس واحد، الدولارات جنس واحد، نعم، الجنيهات وإن كانت ورقية جنس واحد، فيجري .. ، يطلب فيها التماثل والتقابض، أما إذا اختلفت الأجناس ريالات بدولارات فلا بد من التقابض، ولا يشترط التماثل وهكذا. انتهينا من الذهب والفضة، وأن علتها الثمنية كونها نقود، ثمن للأشياء. البر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالـ .. ، الأربعة الباقية علتها كونها، كونها إيش؟ وإيش اللي يجمعها؟ طالب: الطعم. الطعم، كونها مطعومة، يجمعها علة واحدة كونها مطعومة، ولا بد من إضافة قيد آخر معتبر في الأربعة، هو الكيل والوزن، كل ما يطعم ويكال يجري فيه الربا، كل ما يطعم ويوزن يجري فيه الربا على خلاف بين أهل العلم في علل أو في علة الربا في هذه الأشياء. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، سواءً بسواء))، ولا يزيد بعضه على بعض ((لا تبيعوا الذهب بالذهب)) والذهب يشمل ...

كتاب البيوع (5)

عمدة الأحكام - كتاب البيوع (5) تابع (باب الربا والصرف) الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير تابع شرح حديث: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب .. )): عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، سواءً بسواء)) ولا يزيد بعضها على بعض، ((لا تبيعوا الذهب بالذهب)) والذهب يشمل جميع أنواع الذهب، سواءً كان مصكوك أو خام سبائك، نعم، أو مختلط لم يصفَ، أبيض أو أصفر كله ذهب، مصوغ أو غير مصوغ، لا بد فيه من التماثل، ((إلا مثلاً بمثل))، تأتي بعشرة دنانير ذهب إلى محل صياغة ذهب فتقول: بكم هذه السلعة؟ فيقول: بعشرة دنانير، طيب زن هذه وزن هذه قال: لا، هي بعشرة، وإذا نظرت إليها، إلى وزنها أقل من عشرة، من وزن العشرة الدنانير، يقول: يا أخي الصياغة تعبنا عليها، نقول: لا، الصياغة لا تخرجها عن كونها ذهب، لا تخرجها عن كونها ذهب، فتدخل في الحديث: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل)) وإن كان من أقوال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أن الذهب المصوغ له حكم العروض، عروض التجارة، لا يشترط فيه التماثل، على كل حال هذا قول مرجوح ومهجور، ويستند إلى قصة حصلت من معاوية -رضي الله عنه-، لكنه قول مهجور. فالذهب (أل) هنا للجنس، تشمل جميع أنواع الذهب، بما في ذلك المصكوك المضروب المصوغ الخام المخلوط كله ذهب، فالمخلوط لا بد من تصفيته قبل بيعه، كما في حديث القلادة على ما سيأتي، أو تأتي الإشارة إليه -إن شاء الله تعالى-. فإذا أردنا أن نشتري ذهب مصوغ حلي، ومعنا دنانير ذهب ماذا نصنع؟ ماذا نصنع؟ نأتي بالميزان، نضع هذا في كفة وهذا في كفة لا يزيد ولا ينقص مثلاً بمثل، لا بد من التماثل والتقابض أيضاً، طيب إذا رفض صاحب الدكان، يقول: تعبت عليه، ما أبيعك بعشرة، وأنت مضطر إليه ماذا تصنع؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب: تباع. . . . . . . . . الدراهم ويشتري بها ذهباً.

يعني تصرف، يصرف الذهب بفضة، تصرف الدنانير بدراهم، تصرف الدنانير بدراهم فضة ويشترى بها هذا المصوغ، على ما سيأتي في الحديث الذي يلي هذا، في التمر، هذا مَخْرَج. ((الذهب بالذهب)) ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض)) ولا تشفوا: الشف: الزيادة، يعني لا تزيدوا بعضها على بعض، ويأتي الشف ويراد به النقص، وهو من الأضداد، ((ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل)) مثل الذهب، ويستوي في ذلك المصكوك المضروب المصوغ، وغيره من أنواع .. ، من كل ما يدخل في كلمة الورق التي هي الفضة، الفضة، ((إلا مثلاً بمثل)) لا بد من الاتحاد في الوزن، لا يقال: هذا شيء يسير، لا، لا بد أن يكون مثلاً بمثل، ((ولا تشفوا)) يعني لا تزيدوا. ((ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) لا بد من التقابض، ولذا ما يجري في أسواق الذهب من التسامح بالتقابض لا يجوز؛ لأنه إذا لم يحصل التقابض هذا ربا النسيئة، والربا شأنه عظيم، جاء لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وجاءت فيه النصوص من الكتاب والسنة التي تدل على عظم شأنه، وأنه سبب للكوارث والعقوبات، {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] صرح جمع من أهل العلم بأن أكلة الربا يبعثون يوم القيامة مجانين، هذا ظاهر من الآية، {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] والآن يوجد في بلدان المسلمين علناً، ويزاول ما يزاول من هذه الجريمة الشنعاء، والله المستعان. ((ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز)) عندنا الربا نوعان: ربا الفضل، وهو الزيادة، ذهب بذهب مع زيادة، فضة بفضة مع زيادة، تمر بتمر مع زيادة، شعير بشعير، ملح بملح، بر ببر مع زيادة، هذه تسمى إيش؟ ربا الفضل، وهو محرم عند جماهير أهل العلم، يذكر عن ابن عباس أنه لا يرى به بأساً، يذكر عن ابن عباس ويذكر عنه أنه رجع عن هذا القول، وجاء في الخبر، في الحديث: ((لا ربا إلا في النسيئة)) والمقصود منه: لا ربا أشد إلا في النسيئة.

شرح حديث: "جاء بلال إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمر برني .. ":

هل يتصور ربا نسيئة بدون فضل؟ ربا نسيئة بدون فضل أو العكس؟ يعني يتصور ربا فضل بدون نسيئة؟ نعم، تقول: هذا ريال أعطيك ريالين يداً بيد على شان ما ندخل في الربا؟ نعم، ينفك الفضل عن النسيئة؟ ينفك إذا اختلفت، اختلف الجنس الواحد جودة ورداءة، تمر جيد بتمر رديء صحيح، لكن الآن الربا الذي يزاول في معاقله يتصور فيه ربا فضل بدون نسيئة؟ ريالات بريالات زائدة بدون نسيئة، أو لا ينفك؟ ينفك وإلا ما ينفك؟ في أحد بيقول: خذ هذه جزاك الله خير هذه مائة هات مائة وخمسين؟ يمكن؟ ولابد أن تصير يداً بيد على شان ما نقع في الربا؟ ما يمكن، الذين يبررون للربا القائم، وأنه ربا فضل مختلف فيه، أولاً: الخلاف لا حظ له من النظر لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة. الأمر الثاني: أنه لا يتصور من خلال التعامل القائم ربا فضل بدون نسيئة، من يتعامل بربا الفضل فقد وقع في ربا النسيئة، ولا يتصور انفكاك ربا الفضل عن ربا النسيئة إلا إذا اختلفت الأنواع جودة ورداءة، وهذا لا يتصور في العملات، يتصور في العملات؟ ما يتصور، هذا ما يتصور في العملات. الثاني: ربا النسيئة: وهو التأخير، والتأجيل ربا النسأ، وهو التأخير والتأجيل، مائة بمائة وخمسين لمدة سنة، صاع بصاعين لمدة شهر، وهكذا، هذا حرام بالإجماع، ((ولا تبيعوا منها غائباً بناجز))، وأول الحديث والحديث الذي قبله دليل على تحريم ربا الفضل، وآخر هذا الحديث يدل على ربا النسيئة، وفي لفظ: ((إلا يداً بيد)) ((إلا يداً بيد)) هذا فيه التقابض، أما أصحاب المحلات الذين يقولون: خذ السلعة الآن وأتني بقيمتها غداً أو بعد غد، هذا لا يجوز، هذا محرم، لا بد أن يكون يداً بيد، خذ وهات، ((إلا هاء وهاء))، ((إلا يداً بيد))، ((ولا تبيعوا غائباً بناجز)). وفي لفظ: ((إلا وزناً بوزن، مثلاً بمثل، سواءً بسواء)) تأكيد على تحريم الزيادة، ((ولا تشفوا)) يعني: لا تزيدوا، نعم. شرح حديث: "جاء بلال إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمر برني .. ":

وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: "جاء بلال إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمر برني، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من أين هذا؟ )) قال بلال: "كان عندنا تمر رديء، فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي -صلى الله عليه وسلم-"، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: ((أوه، عين الربا، عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشترِ به)). "وعنه" عن راوي الحديث السابق أبو سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه-، "قال: جاء بلال إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بتمر برني" تمر جيد أصفر مدور، هو أجود أنواع التمور، وجاء مدحه في حديث مرفوع في المسند، على كل حال هو تمر من أجود أنواع التمور، "فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من أين هذا؟ )) " يا بلال، من أين جئت بهذا التمر يا بلال؟ "قال بلال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع"، في قصة أخرى التمر الرديء اسمه: جمع، والجيد اسمه إيش؟ جنيب، فشراء الصاع من الجيد بصاعين من الرديء عين الربا، وهذا من الأدلة الصحيحة الصريحة على تحريم ربا الفضل. "كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي -عليه الصلاة والسلام-" يعني من الجيد، الصحابة -رضوان الله عليهم- يجلون الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فيدخرون له أفضل الأشياء، "ليطعم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- عند ذلك: ((أوه)) هذه كلمة توجع مما حصل من هذه المخالفة العظيمة، من هذا المنكر الشنيع، ((أوه، عين الربا، عين الربا)) ((أوه، عين الربا، عين الربا)) تأكيد، هذه الزيادة هي عين الربا، ((لا تفعل)) جاء في صحيح مسلم الأمر برده في حديثين، جاء الأمر برده ((فردوه)) فدل على أن عقد الربا باطل، عقد الربا باطل، لا بد من رده.

((لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشترِ به)) بع التمر الرديء واشترِ بقيمته تمر جيد، لكن هل يباع هذا التمر على زيد ويشترى من زيد؟ ومثله لو كان عندك ذهب مستعمل تذهب إلى صاحب محل تقول: اشترِ هذا الذهب بألف، ثم إذا اشتريت بعني هذا الذهب الذي عندك بألف، فتكون كأنك أبدلت القديم بالجديد مع عدم المماثلة، الحديث ليس فيه ما يدل على أنك تبيع على شخص وتشتري من شخص، بهذا يستدل الشافعية على جواز العينة، يقول: إذا جاز مثل هذا فالعينة تجوز، كيف؟ لأنه ليس فيه اشتراط أن تبيع على شخص وتشتري من غيره، فيجوز لك أن تبيع على زيد عشرة آصع من التمر بعشرة دراهم وتشتري منه خمسة آصع بعشرة، تبيع التمر العادي السلج مائة صاع بمائتي ريال، وتشتري بمائتي ريال خمسة آصع من التمر السكري مثلاً، أو عشرة من الخلاص، وأنت واقف، ليس في الخبر ما يدل على منع ذلك، وهذا إجمال بل ترك للاستفصال في مقام الاحتمال؛ لأنه يحتمل أن بلال لما وجه هذا التوجيه يبيع على زيد ويشتري من زيد، فتكون .. ، يكون البيع شبه صورة، على كل حال هذا حل شرعي، ليس لأحد أن يطعن فيه، ليس لشخص أن يقول: هذه حيلة على الربا، لا، هذا هو الحل الشرعي، التوجيه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشترِ به)) يعني مثلما قلنا فيمن عنده ذهب مصوغ ومع الزبون عشرة دنانير، نقول: بع الدنانير بالدراهم على هذا الشخص أو على غيره، ثم اشترِ بالدراهم الذهب المصوغ. ما وجه استدلال من استدل بالحديث على جواز العينة؟

العينة: أن تبيع سلعة على شخص نسيئة بثمن مرتفع، بأكثر من قيمتها، ثم تشتريها منه نقداً، هذه مسألة العينة، وهي محرمة عند جماهير أهل العلم، أجازها الشافعية، الشافعية يستدلون بمثل هذا الحديث الذي فيه هذا الإجمال، وجاء النهي عن العينة بعينها بالتنصيص عليها، ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى تراجعوا دينكم)) وما كان سبب للذل حلال وإلا حرام؟ قد يقول قائل: إنه مقرون بالأخذ بأذناب البقر، والأخذ بأذناب البقر معناه الزرع، حلال وإلا حرام الزرع؟ نعم، حلال، ما أحد يقول: حرام، لكن إذا أدى إلى ترك واجب صار حراماً، ((وتركتم الجهاد)) وإلا الزرع ما أحد يحرمه، قال جمع من أهل العلم: إنه أطيب المكاسب، أطيب المكاسب الزراعة، وإن كان القول المحقق عند المحققين أن أطيب المكاسب الغنائم، وهي رزق النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)). قد يقول قائل مثلما ذكرنا من الشافعية: إن بيع العينة عطف عليه، وقرن معه الزراعة، يجاب بجوابين: الأول: أن الزراعة التي تكون سبباً في ترك واجب محرمة.

الأمر الثاني: أن دلالة الاقتران ضعيفة عند جماهير أهل العلم حتى عند الشافعية، دلالة الاقتران ضعيفة، وهذا منها، فالقول المعتمد عند أهل العلم قول الجمهور: إن العينة محرمة؛ لأنها حيلة على الربا، حيلة صريحة على الربا، قد يقول قائل: مثل هذه الصورة للبيع حيلة، نقول: حيلة شرعية، حيلة شرعية، وقد جاء النهي عن ارتكاب الحيل، ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) قد نقول: نعم هذه حيلة، حيلة للتخلص من المحرم حيلة مباحة، حيلة شرعية، كما أن التورق أيضاً حيلة مشروعة، جائزة عند جماهير أهل العلم، إيش الفرق بين العينة والتورق؟ الفرق بين العينة والتورق العينة: تبيع هذه السلعة على زيد بمائة وخمسين، ثم تشتريها منه بمائة نقد، هذه عينة، تبيع عليه نسيئة بقيمة مرتفعة تناسب المدة ثم بعد ذلك تشتريها منه نقد، وأنت لا غرض لك في السلعة حاجتك في قيمتها، هذه مسألة العينة، لكن لو بعت على زيد من الناس هذه السلعة بمائة وخمسين لمدة سنة، ثم جاء زيد فأخذها وباعها على عمرو طرف ثالث، هذه هي مسألة التورق، وجماهير أهل العلم على جوازها، يرى ابن عباس تحريم التورق، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وبعض أهل العلم، لكن قول جماهير أهل العلم القول بالجواز. إذا كان زيد من الناس محتاج إلى هذه السلعة فبعتها عليه بمائة وخمسين نسيئة، تجوز وإلا ما تجوز؟ محتاج للسلعة في العينة، والتورق هو غير محتاج للسلعة، في هذه الصورة هو محتاج للسلعة، ويستعمل السلعة، ها؟ في أحد يمنع؟ جائزة بالإجماع، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] هذا الدين. ومسألة التورق مترددة بين أصلين: بين هذا الدين الجائز بالإجماع، وبين مسألة العينة، وجماهير أهل العلم على أن التورق من مسائل الدين، وليست من العينة في شيء.

بعت تمر، بعت الجمع التمر الرديء واشترِ بالدراهم جنيباً، وعرفنا أنه جاء في صحيح مسلم الأمر برده، فدل على أن عقد الربا باطل، أنت عندك صاعين من التمر فاحتجت إلى تمر أجود، وليس عندك دراهم فأبدلتها بصاع، فقلنا: إنه يجب ردها، هذا عين الربا، ارتكبت محظور، موبقة من الموبقات، عليك التوبة والاستغفار وإرجاع هذا الصاع، قد تقول: أكلته وانتهى، كيف أرجعه؟ هل يشتري بدله أو تكفي التوبة والاستغفار؟ هل نلزمه بشراء بدله صاع من جنسه ويرده ويأخذ. . . . . . . . .؟، نعم. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم هو الآن بيأخذ، التائب الذي أخذ صاع واحد، أكل الصاع خلاص، أكله، إحنا قلنا: يرده، كما جاء في الحديث الصحيح، ((فردوه)) وفي رواية: ((فرده)) نعم، أكله وانتهى، نعم. طالب:. . . . . . . . . خلاص انتهى، عليه التوبة والاستغفار ولا يعود إلى مثل هذا. سم. عن أبي المنهال قال: "سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم، -رضي الله تعالى عنهما- عن الصرف، فكل واحد منهما يقول: هذا خير مني، وكلاهما يقول: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الذهب بالورق ديناً". وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، إلا سواءً بسواء، وأمرنا: أن نشتري الفضة بالذهب، كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا، قال: فسأله رجل فقال: يداً بيد؟ فقال: هكذا سمعت".

"عن أبي المنهال" اسمه سيار، "قال: "سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم، عن الصرف" عن الصرف: وهو إبدال جنس بجنس، عملة بعملة، ذهب بفضة، هو سأل اثنين من الصحابة، فكل واحد منهما يقول: "هذا خير مني"، البراء يقول: زيد بن أرقم خير مني، وزيد بن أرقم يقول: البراء خير مني، يعني فاسأله، فهو أولى بالسؤال، وفي هذا ما كان عليه السلف من احترام بعضهم بعض من جهة، ومن تدافع الفتوى من جهة أخرى، يحتاطون ويتحرون ويتورعون خشية أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، وهذا بخلاف ما نشاهده اليوم من تدافعهم على الفتوى تجد في المجلس الواحد عالم جليل كبير يسأل من قبل مجموعة من الناس، ثم لا تلبث أن يطلع عليك واحد يجيب قبل الشيخ وثاني وثالث، يتسارعون، والله المستعان، وهذا الباب شأنه خطير جداً؛ لأنه هو الكذب على الله، أو من أظهر وجوه وأبرز وجوه الكذب على الله، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل]، هذه فتوى، والكذب على الله شأنه عظيم، إذا كان الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن كذباً عليّ ليس ككذب على غيري)) ولذا يرى بعض العلماء –وإن كان قول مهجور لكن يذكر هنا- أن بعض أهل العلم أفتى بكفر من يكذب على الله وعلى رسوله، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر]، وجاء في الحديث: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، لكن يقبضه -كيف؟ - بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالم -أو لم يُبقي عالماً- اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) نسأل الله العافية والسلامة.

هؤلاء الصحابة من صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق بعد الأنبياء كل واحد منهما يقول: "هذا خير مني"، يفيد تواضع الشخص لأخيه، ومن جهة أخرى ورع كل واحد منهما، وهذا الورع معروف عند سلف هذه الأمة، يتدافعون الفتيا، وبعضهم يأتيه السائل من بعيد فيرده، اذهب إلى فلان فهو خير مني، ويندر أن يوجد .. ، يندر أن يوجد من يتصدى لإفتاء الناس، ويقول: اذهبوا إلى فلان فإنه يتقن مثل هذه المسائل أكثر مني، أو لا أعلم، أو الله أعلم، أو انتظروا حتى نبحث، والشيخ عبد العزيز -رحمة الله عليه- ضرب أروع الأمثلة في هذا الباب، يأتيه السائل يقول: الله أعلم، انتظر حتى نبحث، برنامج في الإذاعة تسمعه ألوف الملايين سئل .. ، المذيع يقوله يقول: سألته عن شخص هل هو صحابي وإلا لا؟ قال: ما أدري نبحثه ونبينه في الحلقة القادمة، قلت: يا شيخ (الإصابة) هذا قدامنا، ما يحتاج نسجله، قال: سجل هذا الكلام إيش عليك أنت؟ هذا تربية، تربية لطلاب العلم، شخص بعينه سئل عنه، قال: والله ما أدري، مع أن هذا الشخص لو آحادكم يعني بيقول بكل بساطة، يعني معروف لدى كثير من الناس أنه بينه وبين الصحابة مفاوز ولا تابعي، من أتباع التابعين، قال: ما أدري والله، انتظر نبحث، قال: يا شيخ هذا آخر الحلقة نمسحه، ما يحتاج ننشر هذا الكلام، قال: انشر، هذا تربية، هذا مهم ذا، يعني ما صرح الشيخ بهذا، لكن هذا قصده، والله المستعان. والصحابي يقول: "هذا خير مني"، والآخر يقول: خير مني، وهما يتفقان على شيء واحد، كل منهما يقول: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الذهب بالورق ديناً"، في هذا أن على طالب العلم إذا سئل عن مسألة فيها نص واستطاع أن يجيب بالنص فهو أبرأ للذمة، وهنا يقول: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الذهب بالورق ديناً". المسألة فيها نص، لكن بقي من الجواب، سئل عن الصرف، سئل كل منهما عن الصرف فأجاب: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الذهب بالورق ديناً"، بقي مسألة التفاضل لم يشيرا إليها، فعلهما عرفا مقصد السائل، وأنه يريد النسأ والتأجيل. طالب:. . . . . . . . . الأذان؟ اتفضل يا أخي.

هذا يقول: هل للذهب تعريف؟ قد سمعت بأنه قد أفتي بأن ما يسمى بالذهب الأبيض أنه ليس بذهب، بل هو مجرد اسم فقط؟ يعني بعد التحري وسؤال أهل الخبرة تبين أنه من الذهب، أنه لا يختلف عن الأصفر، مادة توضع عليه فيصير أبيض، والعكس، فهو ذهب حقاً وحقيقة، أما لو كانت مجرد تسمية فالتسمية لا تؤثر، يعني إذا قالوا عن البترول: الذهب الأسود، هل معنى هذا أنه يأخذ حكم الذهب؟ لا، لا، لا يأخذ حكم الذهب، فبعد سؤال أهل الخبرة تبين أن الذهب الأبيض هو الذهب الأصفر بالنسبة لحده وحقيقته إلا في لونه فقط. آخر حديث في باب الربا حديث أبي بكرة قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، إلا سواءً بسواء". عرفنا ما في "نهى رسول الله" وأنها تعادل: "لا تبيعوا الذهب بالفضة" تعبير عن النهي كصيغته الصريحة، عند جماهير أهل العلم خلافاً لداود الظاهري وبعض المتكلمين الذين يرون أنه لا يحتج بهذا حتى ينقل اللفظ النبوي، هذا أشرنا إليه سابقاً، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الفضة بالفضة، يعني أن تباع الفضة بالفضة، والذهب بالذهب إلا سواءً بسواء، لا بد من التماثل، وأهل العلم يقررون أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، يعني مسألة التقدير أو التقريب هذا كله ما ينفع، إذا لم تجزم بأن هذا يساوي هذا فكأنك جزمت بأن هذا يزيد على هذا أو ينقص عن هذا، يقررون أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، فلا بد من العلم بالتساوي، إلا سواءً بسواء، وزناً بوزن، بحيث لا يزيد بعضها على بعض، ولو قلت الزيادة. "وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا"، الدينار بعشرة دراهم، باثني عشرة درهم، بعشرين درهم، كيف شئتم؟ كيف شئتم؟ هذا بالنسبة للتفاضل مع اختلاف الجنس، ويبقى الشرط المقرر وهو التقابض، يداً بيد، "ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا، قال: فسأله رجل فقال: يداً بيد" يعني لا بد من التقابض إذا اختلفت الأجناس ذهب بفضة تمر بشعير، تمر بملح، لا بد أن تكون يداً بيد، إذا اختلفت هذه الأجناس، وفي رواية: الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد، إذا كان يداً بيد بهذا الشرط، "قال: هكذا سمعت". ندخل في الرهن وإلا ما ندخل؟ وإلا نشوف الأسئلة؟

طالب: أقول: نقرأ حديثين ثلاثة. بدكم وإلا نشوف الأسئلة؟ طالب: ما تراه. والله ما أدري إنا إحنا بقادرين نأخذ شيء، إذا أخذنا خمسة أحاديث في الأسبوع القادم نعمة، الأحاديث مُشكّلة ترى ما يجمعها باب واحد اللي جت، الرهن وغيره، اللي بعده على طول في الحوالة، نعم، بعده في التفليس، بعده في الشفعة، الوقف. طالب: الأبواب يا شيخ، كتاب البيوع. . . . . . . . . إيه فيها أبواب فيما بعد. طالب:. . . . . . . . . ما في طبعات أخرى. . . . . . . . . الفرائض مفرد. طالب: كيف تعرف. . . . . . . . .؟ في الطبعة الذي معنا يا شيخ. لا، هو داخل، داخل في المعاملات. طالب: بعض الطبعات أحسن الله إليكم. لأن الكتب حسب تقسيم أهل العلم تدور على الأركان الأربعة، الأرباع، العبادات والمعاملات، والمناكحات التي يسميها الناس بالأحوال الشخصية، ثم الجنايات، الجنايات، هذه الأربعة الأرباع المعروفة عند أهل العلم، ربع العبادات، ربع المعاملات وهكذا. فعلى هذا نقف على الرهن، ونشوف كم سؤال. سم. طالب:. . . . . . . . . إيه. طالب:. . . . . . . . . لا هو إذا باع عليه يخبره أنه بالخيار اشترى منه أو اشترى من غيره، أما إذا اتفق على أن يشتري منه صارت حيلة ظاهرة، إذا اتفق معه وتعاقدا على أن يشتري منه هذا ويبيع عليه هذا صارت الحيلة ظاهرة، لكن إذا قبض قيمة المبيع نعم، هو بالخيار إذا اشترى منه وإلا يشتري من غيره. هذا منتهي هذا، هذا قبل. يقول: إنني موظف في شركة مؤمنة على موظفيها التأمين الطبي، أذهب إلى أحد المستوصفات الخاصة وبعد كتابة العلاج طلبت من الدكتور إضافة علاج معين، فأفادني أن هذا غير مؤمن، ولكن سأكتب لك علاج آخر مؤمن، وعند الصيدلي استبدله بالعلاج الذي ترغبه، فهل يصح هذا؟

إحنا نبني مسائل على مسائل، نسأل عن مسائل عن حكمها نعم، والأصل المبني عليه نعم، ممنوع، الأصل المبني عليه ممنوع، فإذا أردت أن تقيس على شيء، وتُنظّر له لا بد أن يكون الأصل المقيس عليه والمبني عليه مباح، فعلى سبيل المثال لو قال شافعي أو حنبلي لمالكي: لا يجوز لك أن ترمي بحصاة سبق أن رمي بها، طيب الدليل على ذلك؟ قال: قياساً على الماء المستعمل، نعم، لك أن تقول مثل هذا الكلام لشخص يوافقك في حكم الماء المستعمل، لكن إذا قال المالكي: أنا أخالفك، إذا قال المالكي: أنا أخالفك الماء المستعمل لا إشكال فيه عندي، كيف تبني عليه حكم شرعي لمسألة تقيسها على أصل مختلف فيه؟! هنا الآن يسأل عن أصل التأمين حكمه، التأمين تدفع مبلغ معين على أن تستوفيه مع الجهالة، تدفع شهرياً أو سنوياً مبلغ ألف مثلاً، قد تستوفي الألف، قد لا تحتاج إلى شيء منه، وقد تحتاج إلى أضعافه، ومعروف أن هذه المعاوضات لا بد فيها من العلم بالمبذول والمأخوذ، ويشترط أهل العلم في العقود العلم بالثمن والعلم بالمثمن، والجهالة سبب للمنع والتحريم بلا شك. يقول: هذا اقتراح أن يكون الدرس القادم خاص بالأسئلة التي لم يجاب عليها؟ إذا وافقوا الإخوان ما في مانع، إذا وافقوا أن يكون الدرس القادم للأسئلة لا مانع؛ لأنها كثيرة، وإن قالوا: نأخذ لنا خمسة أحاديث مثلما أخذنا اليوم، ونجيب على ما تيسر من الأسئلة، نعم. طالب:. . . . . . . . . أنت ما دفعت شيء، لكن هذا ما هو بملحوظ في عقدك وله أثر في راتبك؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . يعني ما يأخذون عليك أنت شهري كذا؟ طالب:. . . . . . . . . وليس له أثر في اتفاقك معهم؟ يعني لولا هذا التأمين يكون الراتب هو هو أو يزيد؟ طالب:. . . . . . . . .

ما يزيد، هذا يصير تبرع منهم، ما يصير تأمين، لكن إذا لم يكن لهذا التأمين أثر في راتبك الشهري فيصير تبرع، مثلاً الضمان، الضمان في الشركات، شركات السيارات، نعم، إن كان لهذا الضمان أثر في قيمة السلعة، نعم، السيارة بضمان بمائة وعشرين ألف بدون ضمان بعشرين ألف، نقول: لا يجوز؛ لأنك تدفع العشرين في مقابل مجهول، لكن إذا كانت قيمة السيارة مائة وعشرين ألف، مائة وعشرين راجعت ما راجعت، حصل الضمان أو لم يحصل لا يتغير، الأمور سهلة، يصير تبرع منهم، واضح الفرق؟ يقول: ما يفعله الصاغة في هذا الزمان من شراء الذهب المستعمل بأقل من قيمة الذهب الجديد فمثلاً يشتري منك ذهب مستعمل الغرام بثلاثة وثلاثين ويبيعك ذهب جديد بسبعة وثلاثين؟ إيش فيه؟ هذا لا إشكال فيه، لا إشكال فيه. يقول: البنوك فيها مساهمات يعني أشتري سهم بكذا وكذا، وبعد سنة يأتني مبلغ مالي ربح، فما حكمه؟ على كل حال إذا كانت .. ، إذا كان هذا الربح نتيجة معاملات ربوية فهو محرم بلا شك، وهو ربا، وإن كان نتيجة مضاربات، وقد اتجه بعض البنوك إلى هذا النوع من المعاملات، فالمضاربة جائزة، لكن يبقى أن التعامل مع شخص لا تدري هل يصدق معك في هذه المعاملة أو لا يصدق، أو يفي لك بما تقول، ومثل هؤلاء الثقة فيهم قليل. يقول: السؤال الثاني: المؤذن في هذا المسجد يقول: الله أكبرُ، فينطق في الواو؟ الله أكبر، كذا واو، أو ضمة؟ هي واو وإلا ضمة؟ طالب: ضمة. قد تشبع الضمة فتشبه الواو، نعم، لكن على كل حال إذا كانت مشبعة تجزم بدون إشباع، يعني تضم، الله أكبر كذا، لكن بعض العامة يحولها إلى واو ما هي .... ، الله وأكبر، كأنه يعطف، نعم. يقول: ما حكم صرف الريال ورق بريال حديد إذا كان هناك زيادة. . . . . . . . . نقص؟ الزيادة عين الربا، فالريال هو الريال هو جنس واحد سواءً كان حديد أو ورق، إذا نظرنا إلى حقيقته عرفنا أنه لا قيمة له، إذا نظرنا إلى حقيقته، لكنه في الحقيقة ريال ريال، قيمته الثمنية واحدة، فالزيادة والنقص ربا.

يقول: هل ورد أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو عن الصحابة -رضي الله عنهم- في الحديث بعد صلاة العصر، وإذا لم يرد بذلك شيء فلماذا لا ينبه أئمة المساجد بأن يفعل ذلك أحياناً ويترك حتى لا يعد من السنن؟ هذا داخل في التخول، تخول الناس في الموعظة، أنسب وقت لموعظة الناس بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء، وإلا إذا أخذنا بهذا المبدأ قلنا: أيضاً الدورات هل ثبت فيها شيء وإلا .. ؟ نعم، لكن الحديث بعد صلاة العصر من التخول، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتخولهم، نعم إذا حصل الإخلال بهذا الترتيب بأن يكون أسبوع مثلاً: السبت والاثنين والأربعاء، والأسبوع الثاني: الأحد والثلاثاء والخميس، والعكس، وقدم وأخر، أحسن من الترتيب المعين، لئلا يظنه بعض العامة أن هذه هي السنة. الله المستعان، هذا يقترح يقول: لماذا لا نأخذ قدر كبير من الشرح في الدرس، وذلك باستثناء القراءة من القارئ مادام أنك تقرأ نص المتن؟ قراءة القارئ قراءة جيدة ومنشطة، وينطق بالحروف من مخارجها، ويستفيد السامع، والله المستعان، فقراءة القارئ ما تأخذ وقت، وأما كوننا نأخذ أكبر قدر ممكن من الشرح هذا ما يكلفنا شيء ترى يا الإخوان، السكوت ما يكلفنا شيء، بإمكاننا نخليه يقرأ خمسة أحاديث وأعلق عليها بخمس دقائق وتنتهي، وهذه مسلوكة عند كثير من الإخوان وطلاب العلم، لكن الفائدة في الاستطراد والتفصيل. يقول: بعض شركات بيع الجوالات تبيع الجوال بألف ومائتين مثلاً ونفس الجهاز بدون ضمان أو بضمان أقل جودة عند شركة أخرى بألف فقط، ما حكم شراء الجهاز؟ أقول: إذا كان مقابل الضمان له وقع في الثمن إذا كان ما يقابل الضمان له وقع في قيمة السلعة فالضمان مثل التأمين مجهول، ما تدري خرب مرة باليوم، مرة بالسنة، ما يخرب أبداً، هذا مجهول، فكونه يأخذ عليك هذا المبلغ المحدد في مقابل شيء مجهول لا يجوز، انتهى الوقت؟ والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم صلِ وسلم وبارك عليه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وفاءً بالوعد، وإنجازاً لما اتفق فيه مع الإخوة على أن يكون اليوم على نحو مما يسمى باللقاء المفتوح، وهي عبارة عن أسئلة وأجوبة تكتب هذه الأسئلة وتقدم ويجاب عما يتيسر منها، والله المستعان. هنا هذا السؤال يقول: بعض أهل العلم يقول: لا يجوز للمشتري بيع التمر الذي اشتراه من البائع ولم ينقله كأن يشتريه في السيارة أو في مكانه في السوق؛ لأنه قد يؤدي إلى المشاحنة، إذا رأى البائع ربحاً للمشتري ويشعر بالغبن والخديعة، هل هذا القول صحيح؟ الحكم هو ما ذكر، لا يجوز للمشتري لا سيما من اشترى طعاماً أن يبيعه وهو في مكانه، لا بد أن ينقله، لا سيما في الطعام، وليست العلة ما ذكر من أنه يؤدي إلى المشاحنة، فالسلع كلها يحصل فيها ما يحصل من الربح الكثير، أو الخسارة، هي معرضة للربح والخسران، فليست العلة ما ذكر، العلة النهي عن ذلك، ((إذا اشترى أحدكم طعاماً فلا يبعه حتى يحوزه إلى رحله)) الحديث الآخر: "نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم"، النص الثاني عام في الطعام وغيره، لكن أكثر أهل العلم على أنه خاص بالطعام، محمول على الطعام، وإن جاء عن ابن عباس وغيره أن السلع حكمها سواء، لكن الطعام جاء فيه من النصوص أكثر مما جاء في غيره، فينبغي أن يحتاط له فينقل عن مكانه الذي تم فيه البيع. وما حكم بيع التمر في الصناديق من غير كيل أو بيعها في السطول؟ بيع التمر في الصناديق أو في السطول إن بيعت بتمر فلا يصح إلا بكيل، كيل بكيل، وإن بيعت بالدراهم والدنانير فلا بأس؛ لأنه لا تشترط المساواة ولا الدقة في بيعها، فالصبرة من الطعام تباع بالدراهم والدنانير، لكن لا تباع بطعام حتى يستويان في الكيل. هذا كأني رأيته في الدرس الماضي. يقول: من المعروف أن سبايا المسلمين من الكفار يعتبرون عبيداً، بعد ذلك أسلم الكفار، ثم أنجبوا أطفالاً وهم على الإسلام، فهل الأطفال يكونون عبيداً لذلك؟ نعم، هم تبعاً لآبائهم، فالولد عند أهل العلم يتبع أمه حرية ورقاً، فإذا كانت أمه من العبيد فحكمه كذلك، حتى يتم تحريره، حتى يتم تحريره بوجه من وجوه العتق أو الكتابة أو التدبير أو غير ذلك. يقول: وما السبب في ذلك؟

السبب أن الأصل اللي هو الأم والأب كانوا عبيد وهذا من نتاجهم، كانوا عبيد، كانوا ملك يمين وهذا من نتاجهم، وأهل العلم يختلفون في العبيد هل حكمهم حكم السلع التي تباع وتشترى كما هو واقعهم يباعون ويشترون بالقيمة؟ وهذا حكم شرعي ليس لأحد أن يعترض عليه بشيء، هذا حكم الله ليس لأحد أن يقول: حقوق الإنسان تمنع أو هيئة الأمم تمنع، لا، ما يعارض حكم الله بمثل هذا الكلام أبداً، هذا خطر عظيم أن يعارض الحكم الشرعي بمثل هذه الأمور، كوننا نعتقد أن هؤلاء بشر، وهم مسلمون لهم من الحقوق ما لنا، وعليهم ما علينا من التقدير والاحترام والرعاية، وجاءت الوصية بهم، وتشوف الشرع إلى عتقهم، كل هذا موجود في الشريعة، لكن لا يعني هذا أننا نلغي الأحكام الشرعية إرضاءً لفلان أو علان، والله المستعان. يقول: هل لإباحة العرايا شروط مثل بيع السلم؟ العرايا أن تكون لخمسة أوسق فما دون، وأن تكون من محتاج؛ لأنها أبيحت للحاجة. يقول: ما الحكمة من تحريم التفاضل والنسأ في الأصناف الربوية دون غيرها؟ النصوص الصحيحة الصريحة ((الذهب بالذهب رباً إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة رباً إلا هاء وهاء، ولا تبيعوا إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا)) يعني: لا تزيدوا ولا .. ، هذه هي العلة، النصوص الصحيحة الصريحة، وما كان لمسلم ولا مؤمن أن تكون له خيرة إذا جاء أمر الله أبداً، إذا جاء أمر الله فعلى المسلم السمع والطاعة، سواءً عرف العلة والحكمة أو لم يعرف، على أن العلة أو العلل والحكم من تحريم الربا مستنبطة عند أهل العلم ومعروفة ومشهورة، المقصود أن بالدرجة الأولى صحة الأخبار الواردة في منع ذلك. يقول: ما حكم وضع الكتب على المصحف؟ وهل إذا وقع المصحف من جيب الشخص وهو يصلي أن يحمله وإذا لم يحمله فما الحكم المترتب على ذلك؟ القرآن كلام الله، وهو ما بين الدفتين، وكلام الله واجب الاحترام، لا يجوز أن يمتهن بحال من الأحوال، وممتهن القرآن على خطر عظيم؛ لأنه استخفاف بقائله وهو الله -عز وجل-، فوضع الكتب على المصحف إن كان من غير قصد فالساهي والغافل معفو عنه؛ إذا كان من جهل أيضاً فالجاهل معذور، يبقى إن كان من عالم وعارف وذاكر فإنه لا يجوز؛ لأن هذا نوع امتهان.

يقول: إذا وقع المصحف من جيب الشخص وهو يصلي؟ نعم يحمله، عليه أن يحمله؛ لأنه وقع، نعم وضع المصحف على الأرض لا بأس به عند أهل العلم، مجرد وضع، مجرد وضع المصحف على الأرض لا بأس به، أما إلقاؤه على الأرض فحرام إجماعاً؛ لأنه استخفاف، لكن إذا وقع من غير قصد فعلى الإنسان أن يأخذه من الأرض ولا شيء عليه في صلاته؛ لأن مثل هذه الحركة معفو عنها، وهي لحاجة. يقول: أنا أشتري سيارات جديدة من المعارض، وأدفع الفلوس فآخذ بطاقة الجمرك فقط، وأي .. أنني أشتريها لكن أبيع نقداً أو أقساط، فما الحكم في هذا البيع جزاكم .. ؟ الأصل في البيع هو الإيجاب والقبول، فإذا تم الإيجاب والقبول وتم القبض المعتبر للسلعة، الإيجاب من مالك للسلعة، والقبول من دافع للقيمة، وتم قبضها قبضاً معتبراً فقد تم البيع، كونها أوراق جمرك يكفي، لا يلزم من ذلك أن تنقل الملكية، كما أنه لا يلزم في الأراضي والدور أن تفرغ الصكوك بأسماء أصحابها ممن اشتراها، لا يلزم، نعم هذه زيادة في التوثقة، هذه زيادة في التوثقة، لكن الأصل في العقود إيجاب وقبول بالكلام، كون الإنسان يشهد مستحب عند أهل العلم، النبي -عليه الصلاة والسلام- باع ولم يشهد، وعلى كل حال البطاقة الجمركية كافية، لكن إن قال من باب الاحتياط: أنقل الاستمارة باسمي، أو استخرج الاستمارة باسمي فهو أحوط، كونه يبيعها نقداً أو أقساط بعد أن يملكها ملكاً تاماً معتبراً يقبضها القبض المعتبر يبيعها كيف شاء، إذا تم ملكه لها يبيعها على من أرادها بالنقد أو بالتقسيط. طالب:. . . . . . . . . قبض معتبر في مثلها، يعني لو أخذ المفتاح وقدمه واطمأن عليها وأخرها، يكون يكفي مثل هذا. ما شاء الله أسئلة مكررة كثيرة. يقول: هل يكون خيار الشرط ملجئاً عندما يشتري البنك السيارة من المعرض بناءً على أن هناك من يريد شراءها من البنك، والبنك يطلب الخيار من المعرض، وهل يكون هذا من باب: متى نفق المبيع وإلا رده؟

نعم هو منه، على من يريد بيع سلعة سواءً كان بالنقد أو بالتأجيل، عليه أن يملكها ملكاً معتبراً، ولا يبرم أي عقد أو أي شيء يلزم أو يتوصل به إلى الضغط والإلزام من عربون أو غيره قبل أن يملك البائع الأول السلعة ملكاً تاماً؛ لأنك تأتي إلى من يبيع بالتقسيط من بنك أو غيره، وعرفنا مراراً أن التعامل مع البنوك الذي تزاول هذه المهنة الخبيثة –الربا- تعاون على الإثم والعدوان، لكن يبقى أنه إذا ألمت بالإنسان حاجة ولم يجد غيرهم فالحاجة تقدر بقدرها، فلا بد أن يملك من يريد بيع السلعة سواءً كان بالحال أو بالآجل أن يملكها ملكاً من غير أن يبرم أي عقد مع الطرف الثاني، فإن ألزمه بدفع عربون أو ألزمه بتوقيع أورقاً ولا يبقى إلا صورة البيع فإن هذا لا يجوز؛ لأنه باع ما لا يملك، لا بد أن يكون الملك تام، مستقر. يقول: بعض الناس يقول: شمالك يمين لمن مد عليه شيء بيده اليسرى، وقال: شمال ما تشناك، هل في ذلك ما يشبه .... بأن يدي الله -عز وجل- كلتاهما يمين؟ نعم هذا تشبيه وإلا فالإنسان له يمين وله شمال، له يد يمنى وله يد يسرى، ووصِفْ شخص بأنه ذو اليدين، ووصف آخر بأنه ذو الشمالين، لكن ما وصف أحد بأنه ذو اليمينين، وجاء في الحديث الصحيح: ((كلتا يديه يمين)) وهو الله -عز وجل-، فحينما يقول: شمالك يمين أنه ينزل -ولو من وجه- المخلوق منزلة الخالق في هذه الصفة، وعلى هذا لا يجوز أن يقول له: شمالك يمين، شمالك شمالك، يسارك يسارك. يقول: إذا اتفق المتبايعان على الخيار ولم يحددا فترة معينة هل يقيد الخيار بثلاثة أيام أم يكون على إطلاقه؟ الخيار المطلق، الخيار مطلقاً إذا قال: أشتري منك هذه السلعة على أن لي الخيار مطلقاً أبداً، هذا ينافي مقتضى العقد؛ لأن من مقتضى العقد اللزوم، كثير من أهل العلم يقول: يقيد بثلاثة أيام على ما جاء في بعض النصوص، كما في حديث المصراة جاء التحديد بثلاثة أيام، والثلاثة الأيام كفيلة بأن يتأمل الإنسان فيما اشتراه وعن نفعه له، وعن مناسبة قيمته، المقصود أنه لو حُدد ثلاثة أيام، أو يقال: البيع موقوف حتى يحد .. ، تحدد مدة الخيار. هذا يطلب كلمة توجيهية بمناسبة قرب شهر رمضان.

هناك رجل عنده امرأتان: أحدهما أرضعت أمي خمس رضعات أو أكثر، ولكن السؤال هل هذه المرأة الثانية تصير هي وبناتها من محارمي؟ أرضعت أمك هي جدتك، إذا أرضعت أمك فهي جدتك، وبناتها خالاتك من الرضاعة، فهن من محارمك. كأن الأسئلة بتكثر. يقول: نعلم أن المعتبر في تسوية الصفوف هي المناكب والأكعب، ولكن الملاحظ الآن أن الناس يقومون في الصف بأطراف الأصابع مع وجود العلامات في الصوف دون النظر إلى الأكتاف والأكعب، فهل هذا العمل صحيح بأن يصف الناس بأطراف الأصابع؟ لا؛ لأن بعض الناس في رجليه طول، بعض الناس قدمه أربعين أو خمسين سانتي، وبعضهم خمسة وعشرين أو أقل، فالعبرة بالأكعب، بالأكعب إلصاق الكعب بالكعب هذا الأصل، والمناكب أيضاً، وبهذا نعرف مقدار ما بين الرجلين في الصلاة، إذا قلنا: التسوية بالمناكب والأكعب إيش معنى هذا؟ معناه أنك تجعل بين رجليك أو مقدار ما بين الرجل إلى الرجل بمقدار جسمك؛ لأن بعض الناس يظن أن إلصاق الكعب بالكعب كافي ولو مد ما بين الرجلين، يفوته التسوية بالمناكب، وبعضهم يلصق القدم بالقدم فيفوته إلصاق الكعب بالكعب، كما هو صنيع الصحابة -رضوان الله عليهم-. فعلى الإنسان أن يأخذ من الصف ما يكفيه دون زيادة ولا نقص؛ لأن الزيادة تجعل هناك فرج، وليس المنظور إليه الأرض فقط، الخلل في الصفوف؛ لأن بعض الناس يظن أن الذي يحل الإشكال يمد يمغط ما بين الرجلين ويكون خلاص ألصق الكعب بالكعب وهذا هو .... ، لا، يفوته التسوية بالمناكب، وبعض الناس يلصق قدمه بقدمه ويطلب من جاره أن يلصق قدمه بقدمه، وهذا فيه ضيق وحرج، لا يجعل الإنسان يخشع في صلاته، فلا هذا ولا ذاك. يقول: وهل يبين للناس السنة في ذلك مع أنهم لو تراصوا بالأكعب لحصل خلل في الصفوف بسبب الجهل بالسنة في الوقوف في الصف؟ لا بد أن يتراصوا في الصف؛ لئلا يدعوا فرج للشيطان، كما جاء في الحديث الصحيح.

يقول: مسئول في إدارة كبيرة مشهود له بالتبكير إلى الصلاة في كل وقت إلا أنه يضطر إلى التأخر أحياناً في إدارته في صلاة الظهر بسبب أمور خارجة عن إرادته، فإذا أتى إلى المسجد في الإدارة وجد أن الصفوف الأول لا مجال فيها، هل له أن يأمر بترك فراغ خلف الإمام بالصلاة فيه؟ ليس له ذلك؛ لأن من سبق إلى مباح فهو أحق به، حديث: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) هذا فيه حث على التبكير، وليس فيه طرد للصغار إذا تقدموا، هو حث للكبار على التبكير، وليس معنى هذا أن الإنسان إذا وجد طفل صغير ممن تصح مصافته في مقدمة الصفوف مما يلي الإمام أن يطرده من مكانه؛ لأن من سبق إلى مباح فهو أحق به، وإن فهم الصحابي -رضي الله عنه- أن الصبيان ينبغي أن يؤخروا من هذا الحديث، لكن الذي عليه أكثر العلماء أنه حث للكبار، ولذا يقرر أهل العلم أن الرجل ليس له أن يقيم ولده من الصف ويجلس في مكانه، ليس معنى هذا أن الإنسان كبير أو كبير في سنه، أو في قدره، أو في علمه، أو في وظيفته أنه يقدم على الناس في الأمور الشرعية، لا، الناس سواسية، من تقدم استحق المكان الأقرب إلى الإمام، وبعض الناس يضايق الناس يتأخر ويجد فرجة بين اثنين لا تتسع ولا لنصف حجمه، فيتقدم إليها، ويكون هذا ديدنه، الناس عموماً لا يطيقون مثل هذا العمل، يظن أن له حق على الناس ما هو بصحيح، على كل حال من سبق إلى شيء من الأمور الشرعية المتاحة للجميع فهو أحق به، وليس لشخص سواءً كان أب، أو عالم، أو موظف كبير، أو مسئول، أو أمير، أو وزير ليس له أن يتخذ مكان معين في المسجد بحيث يصلي فيه ولو تأخر، فهذه بيوت الله من تقدم إليها فهو أحق بها، جاءت النصوص فضل المبادرة إلى الصلاة والتقدم إليها، وأنه في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، أما إذا تأخر فيجلس في المكان الذي يجده، ويتيسر له، نعم إن وجد فرجة تتسع له، وتركت من غير مواطأة لا بأس. يقول: هل يأمر .. ، هل له أن يأمر بترك فراغ خلف الإمام للصلاة فيه، أو لصلاة بعض ضيوف الإدارة، أو لصلاة بعض الدعاة الذين يأتون لإلقاء كلمات في الإدارة، فلا يجدون أماكن إلا في الصفوف المتأخرة عن الإمام؟

الكل في الحكم الشرعي سواء، الكل في الحكم الشرعي سواء، كلهم، من وجد فرجة تقدم ... ، نعم إن كان هناك شخص جاء لمصلحة شرعية لإلقاء محاضرة أو درس، أو موعظة، وخشي أنه في المدة التي يتقدم فيها من الصف المؤخر إلى المقدم يتفرق الناس قبل وصوله، فلا شك أن هذا مقصد شرعي والأمور بمقاصدها. يقول: لي أنا وإخوتي جمعية وهذه الفلوس نتاجر بها في شراء بيوت ونساهم بها، فهل عليها زكاة؟ مع العلم أنني سمعت أن المال المشترك ليس عليه زكاة؟ المال المشترك عليه زكاة؛ لأن له مالك؛ لأن له مالك، لكن الأموال المشتركة في الأمور العامة، في الأمور العامة التي لا مالك لها ليس فيها زكاة، مال وقف، غلته للمساكين هذا ليس فيه زكاة. يقول: رجل كتب وصيته على هذه الصيغة: أوصي على أن ثلث ما ورائي للأعمال الخيرية ووجوه البر، وعلى من يحتاج من عيالي، علماً بأن هذه الوصية لم يكن عليها شهود، ولم يقم الموصي والكاتب بالتوقيع عليها، علماً بأنهما قد توفيا، أعني الموصي والكاتب، فهل تنفذ هذه الوصية؟ العمل بالوجادة، العمل بالوجادة أمر مقرر عند أهل العلم، فإذا وجدت بخط من تثق به، يعني وجدت بخط أبيك الذي لا تشك فيه أنه كتب وصية ولا أشهد عليها، هذا كلام أبوك، كما أنك لو وجدت بخطه الذي لا تشك فيه بأن له ديناً على فلان لك أن تحلف على ذلك، والعمل بالوجادة أمر مقرر شرعاً عند أهل العلم، فإذا وجدت الوصية مكتوبة بخط فلان من الناس فإن كان هو الموصي هذا إقرار منه على نفسه، والمسألة مفترضة في خط لا يشك فيه، وإذا وجد بخط غيره فهي شهادة من الكاتب على الموصي، فهي شهادة من الكاتب على الموصي. يقول: هل يجوز للمسلم أن يلاعب نفسه حتى ينزل شهوته؟ وهل عليه إثم في ذلك؟

نعم عليه إثم؛ لأن حفظ الفروج واجب، واجب {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة المؤمنون] ولو كان مثل هذا العمل جائزاً لنبه ولوجه إليه من لا يستطيع الباءة، في حديث ابن مسعود قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) فهذا العمل الذي يسمى مثلاً بالعادة السرية أو يسمونه في كتب الأدب، بل ذكر في كتب التفسير: جلد عميرة، نعم، يسمونه كذا جلد عميرة، المقصود أن هذا عمل محرم، ولذا يقول في كتب الفقه عند الحنابلة وغيرهم: "ومن استمنا بيده لغير حاجة عزر" ولا يتم التعزير إلا على محرم، لكن إيش الحاجة؟ الحاجة إذا خشي الإنسان على نفسه من الزنا، هو وإن كان محرم إلا أنه أخف من الزنا، فإذا خشي على نفسه الزنا بأن تكون سبله وطرقه ميسورة متاحة، فمثل هذا العمل أخف من الزنا مع أنه محرم، وحينئذ عليه التوبة والاستغفار. وبمناسبة قدوم شهر رمضان كثير من الشباب يكثر، تكثر أسئلتهم حول هذا العمل، وهل يبطل الصوم؟ نعم يبطل الصوم، ومع ذلكم يوجب الغسل أيضاً إذا خرج الماء بشهوة. أسئلة كثيرة جداً. . . . . . . . . لو تحطهم بظرف وتكتب عليهن ويودين هناك إلى المشايخ، هذه كثرة كاثرة، ما أدري نبدأ بالقديم أو بالجديد؟ يقول: ما هي أفضل التحقيقات لكتاب مدارج السالكين؟ مدارج السالكين كتاب لابن القيم كتاب نفيس، لا يستغني عنه طالب علم، وهو شرح لكتاب منازل السائرين، في منازل إياك نعبد وإياك نستعين، كتاب عظيم، والأصل لا يسلم من المخالفة، وابن القيم -رحمه الله- تساهل مع صاحب الأصل أحياناً، ونبه على كثير من أخطائه، لكنه في بعض الأحيان تساهل معه والمحقق الذي نشر الكتاب الشيخ: حامد الفقي، علق على بعض هذه المسائل، فطبعة الشيخ حامد أفضل من طبعة الشيخ: رشيد رضا؛ لأن أول من طبعه الشيخ: محمد رشيد رضا في مطبعة المنار، ثم طبعه الشيخ: حامد الفقي في مطبعة أنصار السنة.

يقول: أنا أجمع تبرعات وأعطيها للإمام الذي أذن لي بالجمع، وهذا بطلب منه لصالح الأعمال الخير، وأنا محتاج وعلي دين وعندي حياء أن أطلب منه شيئاً من التبرعات، فهل لي أن آخذ منها ما يسد ديني؟ لا، ليس لك أن تأخذ إلا أن تخبر الإمام وتتفق معه، أو تخبر دافع الصدقة أنها لك. تقول: لي ابنة، أو يقول -السؤال قابل- عمرها عشر سنوات هل الصيام واجب عليها؟ الوجوب خاص بالمكلفين، وتكليف البنت يكون بـ .. ، أبرز ما يكون بالحيض؛ لأنه في الغالب يسبق السن الذي هو تمام خمسة عشرة سنة، ويسبق أيضاً إنبات الشعر الخشن حول القبل، ويسبق الإنزال، فإذا حصل منها: إما ينزل عليها الحيض، أو تنزل الماء المعروف عند الرجال والنساء، أو ينبت حول القبل الشعر الخشن، أو تكمل خمسة عشرة سنة، هذه الأمور التي هي علامات للتكليف بالنسبة للنساء، وحينئذ يكون حكمها حكم النساء، ولو كانت بنت عشر سنين أو تسع سنين، إذا حصل شيء من ذلك، فيجب عليها أن تصوم، وهي حينئذ مكلفة مطالبة بجميع الأوامر، كما أن المطلوب منها أن تجتنب جميع ما حرم الله عليها، أما قبل ذلك فيطلب منها، سبع فما فوق تؤمر بالصلاة، تؤمر بالصيام، تؤمر بأفعال الخير من باب التمرين، من باب التمرين، وإذا بلغت عشر سنوات تضرب على الصلاة، لكن هل تضرب على الصوم كما تضرب على الصلاة؟ ليس في النصوص ما يدل على ذلك، لكن يؤكد في حقها ذلك. تقول: أبي يمنعني غطاء الوجه، ويجبرني على كلية مختلطة، وأنا أريد أن أتركها حتى ما أتعلم، لكن سيغضب وقال لي: إنه بريء مني إن فعلتها، وبصراحة أنا أحترم أبي جداً، وأشعر بالخوف والرهبة وعدم البر كلما حاولت فعلها، ولذا أتراجع رغم شدة يقيني بأني على صواب؟ الطاعة بالمعروف، طاعة الوالدين واجبة، وبرهما متعين، لكن لا يعارض ببرهما أوامر الله وأوامر رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإذا أمرها أبوها بأن تنزع الحجاب فلا سمع ولا طاعة، وإذا أمرها وأجبرها أن تدرس في كلية مختلطة بين الذكور والإناث فلا سمع ولا طاعة؛ لأن هذه أمور محرمة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. يقول: ما رأيك في كتاب (إحكام الأحكام) طبعة دار ابن حزم تحقيق حسن إيش؟

من معه طبعة ابن حزم؟ أفضل طبعة لهذا الكتاب طبعة الشيخ: أحمد شاكر في مجلدين في مطبعة أنصار السنة، وطبعة الشيخ علي الهندي في أربعة مجلدات مع حواشي الصنعاني، مع حواشي الصنعاني، أما الطبعة المنيرية ففيها أغلاط كثيرة، الطبعات والصف الجديد في الغالب لا يوثق بها، اللهم إلا إذا كان الشخص الذي ادعى تحقيقها من المعروفين الموثوقين، وذكر أنه اعتمد على نسخ وقابل واعتنى بالكتاب وخدمه يستفاد منه، وإلا طبعة الشيخ: أحمد شاكر جيدة نفيسة، ومثلها لم أجد فرقاً بين طبعة الشيخ: أحمد شاكر، وطبعة الشيخ: علي الهندي التي معها حواشي الصنعاني، وأوصي كل طالب علم يريد أن يعتني بالكتاب أن يعتني بحواشي الصنعاني؛ لأن لابن دقيق العيد عبارات وجمل لا يمكن أن يفهمها الطالب المتوسط إلا مع الحاشية. له سؤال آخر يقول: هل يتعبد لله بالوتر في الأكل والشرب وغيره؟ نعم، يتعبد به، فإذا أكل يأكل تمرة، ثلاث تمرات، سبع، وتر؛ نعم؛ لأن الله يحب الوتر. كثر في الآونة الأخيرة الخلاف بين طلبة العلم بعضهم مع بعض، وكثر تصنيف الناس تبعاً لذلك، فهل من جماعة إيش .. ؟ فهذا من جماعة كذا وهذا من جماعة كذا وكذا، فهل من كلمة توجيهية لما في الفرقة والخلاف؟ نعم الفرقة شر، والخلاف كذلك، إلا ما لا بد منه مما يترتب على اختلاف في الفهم، وإلا فالأصل أن الخلاف شر، ولذا يقول الله -جل وعلا- {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} [(118 - 119) سورة هود]، فدل على أن المختلفين غير مرحومين في الجملة، أما الاختلاف بين أهل العلم الذي سببه اختلاف في فهوم أو بلوغ نصوص بلغت بعضهم ولم تبلغ الآخرين، أو اختلفوا في ثبوتها وعدم ثبوتها هذا هو الذي يؤجر عليه الإنسان إذا تحرى الصواب، إن أصابه فله أجران، وإن أخطأ الصواب فله أجر واحد، ومثل هذا الخلاف موجود بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم.

على كل حال تضييع الأوقات بمثل هذه الأمور من تصنيف الناس وهذا كذا وهذا كذا، لا شك أن هذا مما يورث حرمان العلم والعمل، فعلى الإنسان أن يعتني بعمله، ويخلص لله -عز وجل-، وأن يحافظ على هذا العمل، ألا يضيع عمره وعمله في فلان كذا، فلان كذا، فلان من جماعة كذا، لا، ألزم ما عليك نفسك، فاحرص على عملك، لا تفرق ما جمعت. وعلى طالب العلم أن يلتزم ويعتصم بالكتاب والسنة، ويترك الجماعات كلها، يعتصم بالكتاب والسنة، نعم كل يدعي أنه على الكتاب والسنة، لكن إذا عرضت هذه الأعمال تبين الخلل فيها، أولاً: عليك بجماعة المسلمين، وعليك أن تعتصم كما ذكرنا بالكتاب والسنة، وأن تلتف حول أهل العلم الموثوقين في علمهم وعملهم وإخلاصهم، والله المستعان، هذا وجد كثير، صار نصيب بعض طلاب العلم من العلم القيل والقال، فلان كذا، وفلان أخطأ وفلان أصاب، فلان أفضل من فلان، فلان أعلم، ما عليك منهم، هل نصبك الله حكماً بين عباده؟ ألا تعلم أن أعراض المسلمين حفرة من حفر النار كما قال ابن دقيق العيد؟ وهؤلاء مسلمون، نعم إذا وجد في صفوف المسلمين من يخشى منه الخطر على المسلمين ينبغي أن يحذر منه ...

كتاب البيوع (6)

شرح عمدة الأحكام – كتاب البيوع (6) باب: الرهن وغيره الشيخ: عبد الكريم الخضير الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الرهن وغيره الحديث الأول: عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الرهن وغيره باب يجمع أبواباً، يضم أبواباً في الحقيقة، والعمدة باعتبار قلة الأحاديث في كل باب؛ لأن شرط المؤلف ضيق يجمع أكثر من باب في باب واحد، في ترجمة واحدة، ولذا جعل الباب للرهن، وعطف عليه غيره؛ ليدخل فيه الحوالة، ويدخل فيه الحجر والتفليس، ويدخل فيه أيضاً الشفعة والوقف، والعود في الهبة، والتعديل في العطية، والمزارعة، والعمرى والرقبى، وغيرها من الأبواب، في اثني عشر حديثاً تحت هذه الترجمة، وكل حديث أو حديثين يجمعهما موضوع واحد. لا يريد أن يكثر التراجم فيفرد لكل حديث ترجمة كما فعل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-؛ لأنه يورد في كل ترجمة حديث واحد –البخاري- أو حديثين، وهذا الإمام الحافظ عبد الغني -رحمه الله- لا يريد أن يكثر من التراجم، إنما يضم بعض التراجم إلى بعض، ويعطف بما يشمل الجميع؛ لأن اللفظ المبهم وغيره يشمل الجميع. والرهن: مصدر، الأصل مصدر رهن يرهن رهناً، والثلاثي المتعدي مصدره فعْل، كما يقول ابن مالك -رحمه الله تعالى-: فعل قياس المصدر المعدى ... من ذي ثلاثة كرد ردا فالرهن: مصدر، والمصدر يراد به ثالث تصاريف الكلمة، الماضي ثم المضارع ثم المصدر، هو ثلاثي رهن، وهو أيضاً متعدٍ، في الحديث: "أرهنه ورهنه درعاً من حديد"، "رهنه درعاً" فهو متعدٍ إلى المرهون. والرهن الأصل فيه البقاء والثبات، الحالة الراهنة، أي: الباقية الثابتة، الحالية، الآنية؛ لأن العين تبقى بيد المرتهن.

والمراد به في عرف أهل العلم واصطلاحهم: التوثقة، توثقة الدين بالعين التي يمكن الاستيفاء من ثمنها، فهي زيادة احتياط على ثبات العقد، فالعقد يثبت بالإيجاب والقبول، ويتم بذلك، ويوثق بالكتابة والشهود، ولزيادة الاستيثاق شرع الرهن؛ لأن الناس يتفاوتون، منهم من يكفي أن يقال معه: بعت واشتريت، بعتك هذا، فيقول: قبلت، مثل هذا مرده إلى الديانة، ومنهم من يحتاج معه إلى ذلك إلى الإشهاد {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [(282) سورة البقرة] ومنهم من يحتاج معه إلى الكتابة {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] ومنهم من لا يكفي أو لا يكتفى معه لا بالإشهاد ولا بالكتابة إما لجهالة حاله، أو لما عرف من حاله أنه لا يوفي بل يماطل، وحينئذٍ يطلب منه الرهن زيادة في التوثقة، وقد يطلب الكفيل، وقد يطلب الضامن، وكلها توثقات، وهذا موجود في الأمم كلها، منهم من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك، فالناس يتفاوتون، بعض الناس يكفي أن تبرم العقد بينك وبينه بدون شهود، بدون إشهاد ولا كتاب، لثقتك به، لكن إن حصل أنه على خلاف ثقتك به فأنت تتحمل؛ لأنك مأمور بالكتابة، مأمور بالإشهاد، الكتابة والإشهاد إنما يحتاج إليهما عند التنازع، وإلا فالأصل أن العقد يثبت بالإيجاب والقبول، ومرد ذلك إلى ديانة الطرفين. الرهن جاء التنصيص عليه بالكتاب والسنة وأجمع عليه أهل العلم {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] كنتم على سفر من أهل العلم من يشترط لصحة الرهن السفر، {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [(283) سورة البقرة] واعتبر هذا قيد، ووصف مؤثر، وأن الرهن لا يصح في الحضر، وجمهور أهل العلم على أن الرهن في الحضر كالرهن في السفر إلا أن السفر لما كان مظنة لئلا يوجد من يكتب ولا يوجد من يشهد كان الرهن فيه أو إليه، أو إلى الرهن أحوج، نعم، أما في الحضر يوجد الشهود، ويوجد الكتاب، نعم فيكتفى بالكتابة على الرهن، فالوصف أغلبي، وليس بكلي، وليس بوصف مؤثر في الحكم.

{مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] كيف مقبوضة؟ يعني يقبضها المرتهن، وعلى هذا هل يصح رهن ما لا يمكن قبضه أو قبض كل شيء بحسبه؟ رهنه أرضاً يكفي أن يكون عنده الصك مثلاً، طيب لو رهنه سيارة الاستمارة تكفي؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . باسم من؟ طالب:. . . . . . . . . مشكلة، هذا يسمونه اسم المالك، يكون باسم مكان المالك، يجعل عنده لمدة سنة جالسة ما يستفاد منها؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هذا تحايل، هذه حيلة، وإلا الأصل أن الوثائق الرسمية لا يتحايل عليها، يكتبون في الاستمارة اسم المالك، فيكون هو المالك؟ لا، ليس بمالك. الآن عندهم عقود في الشركات -شركات السيارات مثلاً- تجعل السيارة باسم صاحب الشركة، المالك للشركة الفلانية، نعم، وقد باعتها الشركة على هذا الشخص بأقساط لمدة أربع سنوات، ولا تحول إلى اسم المشتري حتى تنتهي هذه الأقساط، هذا في حقيقته رهن، وإلا فالعقد عقد بيع، نعم عقد بيع، إلا أنهم لضمان حقهم، وخشية أن يتصرف في السيارة، وتفوت مصلحة البائع يتركها باسمه على ما أشار الشيخ، لكن يبقى أن هذا لا يسلم من حيلة، ولو أنكرت الشركة في يوم من الأيام، نعم، لو أنكرت الشركة، قالوا: ما بعنا، وادعت عليه أنه سارق، نعم بينهم عقود ممضاة وموقعة، لكن يبقى أنه لو ضاعت هذه العقود؛ لأن العقد الذي يتضمن، أو المعاملة التي يكون فيها عقد ظاهر، وعقد باطن لا بد أن تؤول إلى الخصام، ولا بد أن تؤول إلى النزاع، فإن كان هناك. . . . . . . . . من هذه الحيثية، وإلا فأصله بيع، يبيعون السيارة لمدة ثلاث سنوات، أربع سنوات، إذا انتهت مجرد ما تنتهي تحول لاسمه. طالب:. . . . . . . . . لا، المنتهي بالتمليك عقدين، لا، هم يصنعون هذا الأسلوب، تقتضي العقد أو الإجارة مع التمليك؟ طالب:. . . . . . . . . هو ما في شك، لكن الإشكال يكون المضمون الراتب، لكن ضمان الراتب يكفي؟ تفترض أنه انقطع عن العمل، وذهب راتبه، يتضرر المرتهن، ولذلك لا بد أن يكون الرهن يمكن الاستيفاء منه، نعم، عين يمكن الاستيفاء منها، يعني مع الشركة مع ... المقصود أن كل عقد يؤول إلى الخلاف والنزاع والشقاق بين الطرفين لا تأتي الشريعة بجوازه، فتمنعه، نعم؟

طالب: قد يفصل ولا تكون له. . . . . . . . . نعم يفصل فصل، يتخلف ويفصل. على كل حال الواجب أن تكون العقود واضحة للطرفين، وليس فيها شيء من التحايل، ولا، ويحصل نزاعات كثيرة، واحد مثلاً لا يحق له أو لا تنطبق عليه شروط الشركة الدائنة، يعني ما هو موظف وهم ما يدينون إلا موظف، فيأتي بشخص آخر نعم يستدين باسمه، والثاني هو اللي يسدد، وقد يكون يترتب على هذه أمور، أمور كثيرة جداً لا تنتهي، مما يتفقون عليه أنه لو مات مثلاً المستدين يعفى عنه، نعم، استدان زيد باسم عمرو، وعمرو لا بأس يسدد، مات زيد، الآن العفو عن زيد وإلا عن عمرو؟ اللي باسمه العقد، هذا الأصل الذي باسمه العقد، وهو ما يستحق في الأصل؛ لأنه ما استدان. على كل حال هذه أمور وجميع العقود التي لها ظاهر وباطن هذه كلها حيل، وكلها تفضي إلى النزاع والشقاق، والمحاكم مملوءة بمثل هذه القضايا، والرهن إنما شرع لتوثقة الدين، وحل النزاع في وقته، هي حل للنزاع في وقته، فكيف يجعل الحل أصل لمشكلة، العلماء يقولون: له أن يركب ما يركب، ويحلب ما يحلب، نعم، شريطة أن يكون مقابله يعلفه وما أشبه ذلك، لما لا يضره. الحديث يقول ... طالب:. . . . . . . . . استهلاكه، إي نعم بلا شك، يعني الآن يمكن الاستيفاء منه، باعتبار أن هذا الشخص دفع مقدم مثلاً، ورهنت السيارة، وإن كان عاد الطريقة في رهنها ما هي بواضحة، يجعلون الاسم المالك هو البائع نفسه، هذا المقدم ضمان للاستهلاك للقسط الأول، إذا دفع القسط الأول صار في مقابل استعماله، دفع القسط الثاني فهم يوازنون أمورهم، هي السيارة مبيعة بالتقسيط، وأيضاً وجود الاستمارة عندهم .. ، كان إلى عهد قريب يكتب على الاستمارة لما كانت شبه الدفتر يكتب على السيارة مرهونة، وبعد ذلك لا يستطيع بيعها، وهذا إجراء طبيعي مثل الصك، أو مثلاً المرتهن يأخذ الاستمارة عنده ويعطيه ورقة أن الاستمارة عندي، وتصدق من المرور، يعني هذه حلول، لكن تبقى السيارة باسم المالك الأول هذا لا شك أنه يفضي إلى النزاع.

يقول: "عن عائشة -رضي الله عنها-" في الحديث الأول "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاماً" النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء في وصفه وفي وصف عيشه -عليه الصلاة والسلام- أنه متقلل من الدنيا، وعازف عنها، وأنه لا يدخر شيئاً، وجاء .. ، ثبت عنه في الصحيح أنه قال: ((لا يسرني أن يكون لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) ... إلى آخره، ولذا يحتاج النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويجوع -عليه الصلاة والسلام-، ويُرى الهلال والثاني والثالث في شهرين وما أوقد في بيته نار -عليه الصلاة والسلام-، وهو أكمل الخلق، وأشرف الخلق، وأكرمهم على الله، ومع ذلك يشتري من يهودي، في هذا صحة المعاملة مع الكفار، وأن العقود تثبت لهم الحقوق التي يتفق عليها الطرفان من أجلها، وإن كانت معاملاتهم فيها ما فيها، وإن باعوا الخمر، وإن تعاملوا بالربا، لكن على الإنسان أن ينظر في عقده هو، لا يشتمل على محرم، لا يبرم معهم عقداً محرماً، لكن كونهم يتعاملون بالعقود المحرمة هذا لا ينظر إليه؛ لأن اليهود يتعاملون معاملات محرمة، ومع ذلك اشترى منهم النبي -عليه الصلاة والسلام-. قد يقول قائل: لماذا لم يشترِ النبي -عليه الصلاة والسلام- من أغنياء الصحابة، من المزارعين من الصحابة، ومن أغنيائهم وأثريائهم؟ نعم؟ هذا أولاً: لبيان الجواز، وأن التعامل مع الكفار لا شيء فيه، إذا كانت المعاملة صحيحة، الأمر الثاني: دفعاً للمنة والحرج، من الذي يستطيع من الصحابة من كبارهم وأغنيائهم وأثريائهم أن يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- في ذمته لي مبلغ كذا، والرهن كيف يشرع؟ الرهن بالفعل بهذه الطريقة هل يمكن أن يكون صحابي يقول: لا، لا أبيعك يا رسول الله حتى ترهني كذا؟ فدفعاً لمثل هذا الحرج، وبياناً للحكم اشترى النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا اليهودي طعاماً له ولأهل بيته -عليه الصلاة والسلام-، يجوع ويربط الحجر على بطنه، وهو مع ذلك أشرف الخلق، وأكمل الخلق، وأخشى الخلق، وأعلم الخلق، وأكرمهم على الله -جل وعلا-، وسيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام- "ورهنه درعاً" ... نعم؟

طالب:. . . . . . . . . على كل حال من عادى المسلمين وضر المسلمين يضر، يعامل بالضرر، لكن لا يعتدى عليه إلا بحق، أقول: لا يمكن أن يعتدى عليه، لكن كوني ما أشتري من شخص، أنت لو صار بينك وبين فلان من أمور الدنيا مثلاً نزاع وإلا شيء، أو هجرته لله، نعم، وقاطعته وهو مسلم، نعم عندك بقالة مثلاً بجوارك بقالة تبيع محرم مثلاً دخان، وإلا مجلات فيها صور أو ما أشبه ذلك، تقول: والله أنا أقاطع ها البقالة أشتري من البقالة الثانية، تؤجر وإلا ما تؤجر؟ تؤجر على هذا بلا شك، فالأمور بمقاصدها. طالب:. . . . . . . . . طيب، هو محتاج .. ، هذا أكل هذا، ويش أعظم من حاجة الأكل؟ شوف من باب آخر الآن، الآن فيه مصالح ومفاسد، يعني كونك تستدين من شخص يتعامل بمعاملات محرمة ومعاملتك صحيحة، تستدين من هذا الشخص، ويوجد شخص آخر لا يتعامل بمعاملات محرمة، وبنفس العقد وبنفس النسبة لا تتضرر أنت، لا شك أن هذا هو المقدم؛ لأن تعاملك مع الآخر تعاون على الإثم والعدوان، أنت الآن تدعمه، لولا أنك محتاج لقلنا: ما يجوز التعامل معه، والثاني أنت بحاجة إلى دعمه من أجل إعانته على البقاء، وأيضاً الثاني كونه يضطر إلى أن يصحح معاملاته، ففي هذه النية لا تتعامل مع هذا إلا إذا لم تجد غيره، ولذلك البنوك التي تتعامل بالربا لا يتعامل معها إلا مع عدم وجود غيرها.

"اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً" الدرع: ما يتقى به من السهام وغيرها في الحرب، وفي هذا جواز الرهن، وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، وصحة التعامل مع الكفار، وفيه أيضاً اتخاذ الأسباب، النبي -عليه الصلاة والسلام- توكله على الله -جل وعلا- كامل، وأخذ بالسبب، عنده درع من حديد، وأمر بفعل الأسباب، ولا شك أن للأسباب تأثيراً، ولها أثراً جعله الله -جل وعلا- فيها، ولو شاء لسلبه عنها، فلها تأثير لا كما يقول الأشعرية، وتأثيرها ليس من ذاتها، وإنما بجعل الله -جل وعلا- لها هذا الأثر، فخلافاً لما يقوله المعتزلة، وأنها تؤثر بذاتها، المقصود أن بذل الأسباب وفعل الأسباب المأمور بها لا ينافي التوكل، وأيضاً لها أثر، والذي جعل فيها هذا الأثر هو الله -جل وعلا-، فلا تؤثر بذاتها كما يقول المعتزلة، ولا يقال كما تقول الأشعرية أنه ليس لها أثر بل وجودها مثل عدمها، والقول الوسط مذهب أهل السنة والجماعة. "درعاً من حديد" فيجوز لبسه ولو كان من حديد، وما جاء من أن الحديد حلية أهل النار فهو ضعيف، نعم ضعيف، وجاء النهي عن اتخاذ خاتم من حديد؛ لأنها حلية أهل النار وسوار الحديد كل هذا ضعيف، لماذا؟ لأنه معارض بحديث: ((التمس ولو خاتماً من حديد)) وهو في الصحيحين، وبهذا ضعفه الأئمة، وفي إسناده ضعف على كل حال. نعم الحديث الثاني. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مطل الغني ظلم)) " مطل الغني: يعني تأخير دفع من جهة القادر على الأداء وترديد الدائن ظلم، ووجه كونه ظلماً أنه مستحق لهذا الدين، مستحق لهذه الأجرة، مستحق لقيمة البضاعة فوراً، إلا إذا أجلت إلى أجل معلوم يلتزم به الطرفان، لكن إذا حل فتأخيره وترديده لا شك أنه يضر به، فهذا ظلم له، مطل الغني: المراد به مدافعته وتأخيره الدفع، دفع المال لمستحقه ((ظلم)) في بعض الروايات: ((لي الواجد ظلم، يبيح عرضه وعقوبته)) وما دام ظلم فهو محرم ((إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) فيجب دفع المال لصاحبه متى طلبه، إذا كان حالاً، ولا يجوز حينئذٍ تأخيره، وإذا أخره الواجد وهو الغني استحق العقوبة، استحق التعزير من قبل الإمام، "يبيح عرضه" بأن يقول صاحب الدين: مطلني فلان، ما هو يبيح عرضه يعني يلصق به التهم، ويتحدث به في المجالس، ويستطيل في عرضه بما كان وما لم يكن! لا، أهل العلم يقولون: يبيح من عرضه أن تقول: مطلني فلان، {لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [(148) سورة النساء] وهذا مظلوم لكن بقدر المظلمة، وعقوبته يعني يعزر، من الذي يعزره؟ من له التعزير وهو الإمام، ما يأتي يقول له: أعطني مالي، يقول: والله غداً -إن شاء الله- تأتينا، أو الجمعة أو السبت ثم يضربه وإلا يتعدى عليه، يقول: أنا الشرع أباح لي عقوبته، وأنا أعاقبه! ليست لك العقوبة، وإنما العقوبة لمن جعل الله بيده الحدود والتعازير وهو الإمام. طالب:. . . . . . . . . صارت مشكلة كل واحد، يعني هذه العقوبة هي شرعاً ثابتة، لكن لمن؟ لمن له إقامة الحدود والتعازير وهو الإمام.

((وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) وفي بعض الروايات: ((وإذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل)) يعني يقبل الحوالة، شريطة أن يكون المحال عليه مليء، بمعنى أنه يدفع متى طلب منه المال، ولا شك أن تشريع الحوالة هي في الأصل دين بدين، دين في ذمة زيد أحيل عليه دين في ذمة عمرو، والأصل أن بيع الدين بالدين -بيع الكالئ بالكالئ- ممنوع، لكن هذا عقد إرفاق لمصلحة الأطراف كلها، قد يكون المحيل المدين الأول ما عنده ما يسد به لدائنه، فيقول: أنا والله ما عندي شيء، لكن عند فلان لي مبلغ كذا، اذهب فخذه منه، حوالة، فتنحل مشكلة المدين الأول، وأيضاً صاحب الدين الذي قبل الحوالة يعجل له قضاء دينه، وأيضاً المحال عليه قد يكون المحيل بينه وبينه أمور تقتضي أن يجامله ويؤخر الدفع فيتأخر الدفع، أو تقتضي أنه ليس عنده من قوة الشخصية ما يستطيع به استخراج الحق، فالمحال الذي قبل الحوالة عنده ما يستطيع به أن يستخرج هذا الدين فينتفع الأطراف كلها، ولا شك أن مصلحتها ظاهرة، وأهل العلم يشترطون رضا المحيل ورضا المحال، ولا يشترطون رضا المحال عليه؛ لأنه مستحق الدفع سواءً لهذا أو لهذا. ((وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) أوجب بعضهم قبول الحوالة، والجمهور على أنه للاستحباب، واللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، فإذا أمن المحال من ضياع حقه فالقول بوجوب قبول الحوالة متجه؛ لأن اللام لام الأمر، لكن لو أن شخصاً مدين لجاره بمبلغ من المال، فقال الجار: والله أنا الآن ما عندي شيء، لكن فلان في الحي الفلاني الذي يبعد كذا عشرين خمسين كيلو عنا، عنده لي دين، روح اقبض منه، هل يلزم بأن يقبل لأن المشور عليه يحتاج إلى كلفة، إذا كان الاستيفاء من المحيل والمحال عليه على حد سواء فالمتجه وجوب قبول الحوالة، يعني جار يطلب جاره ديناً، يقول: والله أنا لي ديناً عند جارنا الفلاني، ما في فرق بين أن يذهب إلى هذا أو إلى هذا، لكن إذا كان يكلفه في بدنه، يكلفه في ماله، مثل هذا يتجه القول بالاستحباب. طالب:. . . . . . . . . وغيره، وغيره، هذا يدخل في غيره هذا. طالب:. . . . . . . . .

من ضمن الأبواب، ما يدخل في الرهن لكن يدخل في غيره، لو جاب حديث في الصلاة ويش المانع؟ تدخل بغيره، لكن في الغالب أنها تكون أحاديث في الباب عموماً، يعني لها ارتباط؛ لكونها كلها في المعاملات، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل -أو إنسان- قد أفلس فهو أحق به من غيره)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث: "عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا شك، ولا فرق بين (قال) وبين (سمعت) إلا أن (سمعت) أصرح في كونها دون واسطة، وأما (قال) يحتمل الواسطة، لكن من دقتهم يفرقون ويبينون مثل هذا الاختلاف. "أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من أدرك ماله بعينه عند رجل)) " أدرك ماله بعينه: باع زيد على عمرو سلعة، سيارة مثلاً، كتاب أو غير ذلك من الأمتعة، ثم أفلس عمرو، لزيد أن يأخذ هذه العين فهو أحق بها من غيره من الغرماء، أحق بها، ((من أدرك ماله بعينه)) بعينه يكفي قوله: ((أدرك ماله بعينه))؟ ماله يكفي عن قوله: ((بعينه))؟ يعني لو شخص اشترى منك كتاب، كتاب نفترض أنه ها الطبعة هذه من هذا الكتاب، ثم سرقت منه وراح واشترى طبعة ثانية نفس الطبعة هل هذا مالك بعينه؟ نعم نفس الطبعة، ما تختلف، إذاً قوله: ((ماله بعينه)) قيد ويش يفيد؟ أنه لم يتغير، أن المال مالك أنت لا مثله ولا نظيره ولا شبيهه، إنما نفس المال ((بعينه)) يعني على صفته التي أخذه منك عليها، افترض أنه اشترى هذا الكتاب، ثم راح وفك التجليد وجلده تجليد فاخر، ثم جيت والله الكتاب كتابك لكن هل هو بعينه؟ هل هو بعينه وإلا تغيرت عينه؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه لا، يتضرر المشتري، فرق بين ضرر البائع وضرر المشتري، عكس هذه الصورة لو كان مجلد، نعم ومع الاستعمال طاح الجلد ولا جلده ثانية، أدركت مالك بعينه، كونك تتنازل عن الجلد الأول هو مالك بعينه، نعم، وإن شئت فقل: بعض مالك، هنا في هذه الصورة تختلف عما لو كان يعني نقص السلعة مؤثر وإلا غير مؤثر مع رضا صاحب السلعة؟ لا يؤثر، لكن الزيادة فيها مؤثر؛ لأنه صار له شريك، الجلد ما هو بلك، وإن كان الجلد تابع للكتاب، ويثبت عند أهل العلم تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، أنت الآن اشتريت كتاب نفترض الفتاوى مثلاً، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ما اشتريتها أنت، أخذتها من المستودع توزع وقف، فجيت وجلدتها بألف ريال، سبعة وثلاثين مجلد تجلد بألف ريال، ثم استغنيت عنها تبي بقيمتها كتاب ثاني، هل يجوز أن تبيعها بقيمة التجليد وهي وقف؟ أو نقول: التجليد تابع هذا ما له قيمة؟ نعم؟ أنت صرفت عليها شل التجليد وبيعه لحاله، هذا الذي صرفت عليها، أما تبيعه مع الكتاب ما اشترى التجليد هو، الآن هو اشترى الكتاب، فعلى هذا القول بأننا نبيع التجليد تحايل، افترض أن كتاب تجليد يعني فاخر جداً خله بألفين ريال ما هو بألف، وهو بدون تجليد ما يسوى ألف، تقول: والله أنا با أبيع التجليد، ما أنا ببائع .. ، نقول: لا يا أخي، لولا الكتاب ما مشى التجليد، فهذه في هذه الصورة تبع، فهل نقول مثل هذا فيما لو وجدنا عين السلعة إلا أنه جلدها؟ نعم؟ طالب: يختلف.

يختلف، بلا شك يختلف، يختلف يعني يقول: أنا والله ما أنا بمعطيك إياه، أنت أسوة الغرماء، هذا مالك لكن ليس بعينه، وأنا شريك لك في هذا الكتاب؛ لأنه أحياناً يكون التجليد أغلى من قيمة الكتاب، يقول: أنا وياك شركاء في هذا الكتاب، هذا مالك وهو أيضاً مالي، أنا وإياك سواء، وليس المال بعينه بهذا القيد، الآن فائدة هذا الحديث أن هذا الشخص مدين بمائة ألف، وأنت بعت عليه هذا الكتاب بمائة ريال، هل تكن أسوة الغرماء وإلا تأخذ الكتاب؟ الأصل إذا كان الكتاب على حاله بعينه تأخذ الكتاب، أنت أولى الناس به، نعم، لكن لو تغير؟ أنت أدركت مالك لكن ليس بعينه، إن تغير إلى نقص وقبلت النقص ولم تطلب عوض هذا من باب أولى، لكن إذا تغير إلى زيادة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هو الآن أنت ما أدركت مالك بعينه، فمثل هذه الصورة تخرج بقوله: ((بعينه)) تخرج مثل هذه الصور بقوله: ((بعينه)) لكن ليس له حجة، وليس بمتضرر إذا أدركته بنقص وقبلته على نقصه فليس له حجة، فأنت أولى الناس به. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . إذا تغير؟ طالب:. . . . . . . . . يصير أسوة الغرماء، يباع ويوزع قيمته على الغرماء كلهم، نعم، على شان أنه صار شريك لك، ما هو بمالك أنت، مالك ومال غيرك، فالميزة التي في الحديث انتهت، القيد الذي في الحديث ارتفع، نعم. ((من أدرك ماله بعينه عند رجل)) ومثله المرأة، يعني لا فرق ((عند رجل -أو إنسان-)) وهذا شك، ولا يفرق، لكن هذا من باب احتياطهم في الرواية، ((قد أفلس)) والإفلاس: أن يكون له ما يملك لكنه أقل من ديونه، أن يكون ممتلكاته أقل من ديونه، أو لا يملك شيئاً، ولذا جاء قي الحديث: ((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، يعني لا شيء عنده، ويدخل في حد الإفلاس إذا كان عنده شيء، لكنه لا يفي بفلوسه أو كان عنده ما يفي بديونه غير الحالة، شخص عنده مائة ألف رصيد، ومدين بمائة ألف، إنفاقه وصرفه من هذه الدراهم يضر بإيش؟ بالدائنين، فعلى هذا يحجر عليه أو يسدد؛ لئلا يتضرر الدائنين، ومن باب أولى إذا كانت لا تفي، ومن باب أولى إذا كان لا يملك شيئاً.

الإفلاس في عرف الشرع في هذا الحديث حقيقة شرعية، تكون ممتلكاته لا تفي بديونه، هذه حقيقة شرعية، إذاً كيف نفاها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا))؟ ((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال)) وذكر من الأعمال ((ويأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، وانتهك عرض هذا)) هذا مفلس، فنفى حقيقة شرعية، وأثبت حقيقة أخرى؛ لأن الإفلاس له أكثر من حقيقة شرعية؛ لأنها كلها جاءت على لسان الشرع، فالذي عندنا الحقيقة الثانية التي نفاها في الحديث الأول. ((أفلس)) فصار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، الفلوس عملات صغيرة جداً، نعم، يعني مثل الهلل بالنسبة لـ ... ، نعم، أقول: عملة قليلة القيمة، نعم، وأصله فلس نعم، هذا الأصل، وعندهم مثله أو أقل منه الدانق، الدرهم ستة دوانيق، دانق هذه عملات صغيرة لا يمكن صرفها، لكن البخيل يستطيع صرفها، يستطيع أن يقسمها ويجزئها أجزاء، وإلا ما تقبل التجزئة، واحد عنده دانق، ويش أصغر من الدانق؟ لو تقول له: خذ هللة بينك أنت وأخوك، وبينك وبين إخوانك، ويش تسوي الهللة؟ رجل غني ذهب إلى السوق واشترى بضاعة، فأتى بحمال قال: كم تشيل هذه البضاعة؟ كم تحمل هذه البضاعة؟ قال: بدانق، قال: والله كثير الدانق، قال: أقل من دانق هات، قال: لا، نشتري فستق بالدانق ونأكله أنا وإياك، مثل هذا يستطيع أن يتصرف. المقصود أن أفلس من الإفلاس، يعني صار صاحب فلوس بعد أن كان صاحب دراهم ودنانير، فلوس وأفلس نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، بس الإفلاس؟ طالب:. . . . . . . . . كذلك. ((قد أفلس فهو أحق به من غيره)) يعني يملك أخذه بهذا الحديث، ويحكم به له دون غيره من الغرماء. طالب:. . . . . . . . . لا يعتبر وقف؛ لأنه مضر بالدائنين، كمن أعتق وعليه دين، باعه النبي -عليه الصلاة والسلام- فيمن يزيد، وهذا عتق، الشرع يتشوف للعتق أكثر من الوقف، فمثل هذا لا يمكن من الوقف. طالب:. . . . . . . . . تعارض سنة مع واجب، نعم.

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "جعل" وفي لفظ: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة في كل مال لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة". يقول -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع: "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "جعل" وفي لفظ: "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة" جعل الشفعة في كل مال لم يقسم، وقضى النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني حكم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالشفعة، وهي مأخوذة من الشفع ضد الوتر؛ لأن الشافع يريد ضم نصيب غيره إلى نصيبه، ضم نصيب الشريك إلى نصيبه، فيكون بذلك بعد أن كان فرداً نصيب واحد صار شفعاً أكثر من نصيب. "في كل مال لم يقسم" كل مال، يقتضي العموم، لم يقسم، نعم كل مال فيه شفعة، مقتضى الحديث أن الشفعة في كل مال، شريطة أن يكون هذا المال لم يقسم، لم يعرف نصيب زيد من نصيب عمرو، لم يتميز نصيب زيد من نصيب عمرو، فلو افترضنا أن تمراً بين زيد وعمرو، مائة صاع، لزيد خمسين، ولعمرو خمسين، باع زيد على بكر، يشفع عمرو وإلا ما يشفع؟ مقتضى الحديث؟ إذا استصحبنا الحكمة والعلة حكمة التشريع في الشفعة، وهي دفع الضرر اللاحق بالشريك، لكن هل يتضرر الشريك بأن يكون شريكه في هذا المال زيد أو بكر؟ نعم؟ كيف يتضرر؟ نعم؟ يعني افترضنا أنه تمر، خمسين صاع في عشرة أكياس، في كل كيس خمسة آصع، يعني متميزة، هذه الخمسة لزيد، وهذه الخمسة لعمرو، جاء زيد وباع نصيبه، يشفع وإلا ما يشفع؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

لماذا؟ لأنه مقسوم، لكن لو كان غير مقسوم نعم نصيبه مشاع، نصف من هذه الصبرة من التمر مقتضى الحديث أن له أن يشفع، لكن هل الحكمة من تشريع الشفعة تتحقق في مثل هذا بأن يكون شريكه زيد أو عمرو، يعني الحاجة قائمة مثلاً؛ لأن خمسين صاع ما تكفيه لمدة سنة، ومائة صاع تكفيه مثلاً، نعم، تكفيه لمدة سنة فهو محتاج إلى ما بيد شريكه، وشريكه يبيع عليه أو على غيره بدون فرق، فتتحقق حينئذٍ حكمة التشريعية من هذا الحكم، شريطة أن لم يكن قسم، لكن قسمته سهلة، يعني قسمة التمر مثلاً هل هي مثل قسمة الأراضي، ومثل قسمة الدور، ومثل قسمة .. ؟ نعم؟ مقتضى قوله: "في كل مال" ثبوت الشفعة لكل شريك في أي مال من الأموال، شريطة أن يكون المال غير مقسوم. "فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة" نعم، أرض أو بيت بين زيد وعمرو، الآن لو باع زيد على بكر تضرر عمرو، نعم يتضرر، وهو محتاج إلى النصف الثاني من الدار، فيثبت له الشفعة، فإذا باعه على غيره له أن يطالب به، ويدفع مثل ما دفع المشتري الأول بالحديث، هذا إذا لم تقع الحدود، يعني أرض يمكن قسمتها، بيت يمكن قسمته، وحينئذٍ يكون شريك وإلا جار إذا تمت القسمة؟ جار، وفي الحديث: ((الجار أحق بصقبه)) ومن أهل العلم من يثبت الحق للجار، لكن الآن الحدود عرفت وصرفت، الجار إذا كانا يشتركان في الطريق الذي يتأذى به أحدهما لو بيع على غيره يحمل عليه الحديث، هما يشتركان في طريق ضيق مثلاً، طريق ضيق ما فيه إلا باب هذا الجار، وباب هذا الجار، وأراده الجار من أجل أن يستقل بالطريق؛ لأن هذه الطريق المبيع الأخير في هذا الطريق في هذا السد مثلاً، وشخص أجنبي يريد أن يشتري بيت الجار، واحتمال أن يكون ما هو مثل الجار الأول، الجار الأول عفيف ومتعفف ولا يضر، سواءً راح وإلا جاء وإلا، الثاني لا، إن شاف باب مفتوح التفت، وإن شاف غفلة استغلها، وإن شاف .. ، يوجد من مثل هذا، فهو متضرر، فإذا اشتركا في الطريق الذي يتضرر به أحدهما تثبت الشفعة للجار، وعلى هذا يحمل الأحاديث التي تثبت الشفعة للجار، أما إذا كان لا يتضرر، فنقول: إذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة، نعم. طالب:. . . . . . . . .

ترون نضطر يا الإخوان نكمل بسرعة على شان إيش؟ الوقت، الأحاديث كثيرة وليس لها إلا هذا الأسبوع يعني. طالب:. . . . . . . . . في كل ما لم يقسم، ومال لم يقسم، ما يؤثر هذا؛ لأن (ما) من صيغ العموم، وتقديره: كل شيء لم يقسم. طالب:. . . . . . . . . لا، لا، جاء في بعض الروايات: "قد أفلس أو مات" نعم. سم. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "أصاب عمراً -رضي الله عنه- أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)) قال: فتصدق بها عمر، غير أنه لا يباع أصلها، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدق بها عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متمول فيه" وفي لفظ: "غير متأثل". نعم يدخل في قول المؤلف في الترجمة: "وغيره" الوقف الذي هو مفاد هذا الحديث. يقول: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أصاب عمر أرضاً" يعني هل من الأدب أن يسمي الولد أباه باسمه؟ وما أصاب أبي، ولا أصاب أبو حفص، ولا .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن هل يختلف الحكم ما إذا كان الخطاب بحضرته أو بغيبته؟ نعم؟ يختلف الحكم، لو كان بحضرته ما قال: أصاب عمر، ولذلك تجدون في الخطابات تتفاوت، حينما يخبر عنه بغير حضرته لا يمنع؛ لأن السبب الذي من أجله يعدل، بل أمر بأن يعدل عن اللفظ الذي يوحي بعدم القرابة؛ لأنه لما يقول: قال أبي مثلاً، أو قال عمي، أو قال خالي لا شك أنه أفضل بكثير من أن يقول: قال فلان، لماذا؟ لأن اللفظ المعبر به يشعر بالصلة الوثيقة بينهما، وهي الأبوة أو العمومة أو الخئولة، مشعر بهذه الصلة، فالتسمية مقرونة بالصلة، بينما لو قال: قال فلان وقال فلان، ويش الفرق بين فلان وعلان من أبعد الناس وأقربهم؟ ولذا ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

هو احتمال، لكن يبقى أن مثل هذا لا يضر، ابن عمر بعد وفاة أبيه يقول: قال عمر، كل الناس تقول: قال عمر، نعم، وأخذت ألسنة الناس على هذا، أخذت ألسنة الناس على هذا، ما في العلة التي من أجلها يعدل عن من هذا إلى هذا مرتفعة، المقصود أن ألسنة الناس كلها: قال عمر، فعل عمر. طالب:. . . . . . . . . إيه ومع ذلك ما قال: أصاب أمير المؤمنين؛ لأن هذه الإصابة قبل كونه أميراً للمؤمنين. على كل حال مدار المسألة على وجوده وعدمه، على تحقيق الهدف أو عدمه، مثل هذا ما يضر، ولذلك حتى استعمال الأسماء المجردة سائغة عند السلف، قال أبو بكر، قال عمر، كل الناس يقولون، لكن الابن ينبغي أو القريب ينبغي أن يعبر بما يشعر بالصلة؛ لذلك إبراهيم -عليه السلام- وأبوه كافر، يا أبت، ولا شك أن التكنية أفضل من الاسم المجرد، وأكمل. فهنا يقول: "أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها" يعني يطلب أمره فيما يصنع فيها "فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر" قص عليه القصة "لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه" يعني من هذا المال وهو الأرض، وفي رواية: منها، ويعود على الأرض، أو يعود على المال الذي هو عبارة عن هذه الأرض "لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ " يعني هل في أسلوبه ما يشعر بالمنة؟ يقول: إذاً والله نتصدق بهذا وهو نفيس جداً؟ نعم؟ أو نقول: صرح بما قد يكون له أثر في الحكم؟ احتمال أن يقول له: ما دام هذا أنفس أموالك ادخره لنفسك ولأولادك وابحث عن غيره؟ نعم كما قال لسعد: ((إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) ما دام هذا أنفس أموالك اتركه لك، فلكون الوصف قد يكون له أثر في الحكم ذكره، وليس على سبيل الامتنان، أبداً، نعم، "هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ " نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن كونه لو لم يرد الوقف، نعم ما يريد وقف، لو قال: والله أنا الحمد لله صار نصيبي من خيبر أرض هي أنفس الأموال عندي وسكت، هذا ماشي يشكر الله ويحمده على هذه النعمة، لكن أريد أن أتصدق بها، طيب أنت معك ثوب تبي تتصدق به على فقير، هل يحسن أن تقول لهذا الفقير: والله هذا الثوب ممتاز وتراني مفصله ما أدري بمائتين ريال ثلاثمائة ريال؟ أو تعطيه إياه وبس؟ طالب:. . . . . . . . . ما هو .. ، لكن أيضاً كونه يشعر بأن هذا مال نفيس، خذ يا رسول الله هذا مال نفيس أريد أن أوقفه إيش يعني هذا؟ طالب:. . . . . . . . . لا، هم يقولون: مثل هذا قد يكون له أثر في الحكم، يخشى عمر أنه ما دام نفيس أنه ما يصلح أن يتصدق به، فيخشى أن يكون هذا الوصف له أثر في الحكم فيترك له ولولده، ويبحث عن مال آخر يوقف. طالب:. . . . . . . . . إيه لكن مثل نفس الشيء، هو احتمال أيضاً أن يكون ذكره لقيمة هذا الفستان أو هذه الأرض ليدعو له النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو ليخبره بثوابه -عليه الصلاة والسلام-، فيكون تنشيطاً له. "فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت)) ... " طالب:. . . . . . . . .

المقصود أن هذا له سبب غير المنة "فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت)) " ترك الأمر إليه؛ لأنه إلى الآن ما بعد صار شيء، لكن لو أنفذ الوقف خلاص انتهى لزم ((إن شئت)) رده إلى مشيئته ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)) يعني بغلتها، حبست أصلها، يعني أوقفت أصلها، فالوقف والتحبيس بمعنىً واحد "وتصدقت بها -يعني بغلتها- قال: فتصدق بها عمر" بالأرض يعني أخرجها عن ملكه، أخرجها لله ولرسوله "فتصدق بها عمر" يعني لا بعينها، لم يخرج عمر العين من يده التي هي يد الداخل، بمعنى أنه ملكها الفقراء والمساكين، قال: تملكونها ملكاً تصنعون بها ما شئتم، لا، إنما بهذا الشرط "غير أنه لا يباع أصلها" الأرض تبقى "ولا يورث، ولا يوهب" بمعنى أنه ليس بتمليك، ليس بتمليك للأصل، وإن كان فيه تمليك للغلة، وهي الفرع "ولا يوهب، قال: فتصدق بها عمر" يعني بغلتها "في الفقراء" في الفقراء ممن تدفع لهم الزكاة "وفي القربى" وإن كانوا لا يستحقون شيئاً من الزكاة، وإنما يستحقون الصلة "وفي الرقاب" تعتق بها، ويفك بها الأسرى "وفي سبيل الله" وهو الجهاد في قول عامة أهل العلم، وبعضهم أدخل فيه الحج بحديث ورد بذلك، وأن الحج في سبيل الله، وبعضهم توسع وقال: إن هذا اللفظ يشمل جميع أبواب الخير، وأبواب البر والإحسان، لكن الجمهور على أن المراد بسبيل الله إذا أطلق الجهاد "وابن السبيل" ابن السبيل الذي يكون في سفر ويحتاج إلى المعونة، تنتهي نفقته، أو تسرق نفقته، أو يفقد نفقته، على هذا يعطى من هذا المال، ويعطى أيضاً من الزكاة ما يبلغه إلى بلده "والضيف" إذا حل الضيف بعمر أو بآل عمر يصرف عليه، وينفق عليه، ويقرى هذا الضيف من غلة هذا الوقف "لا جناح على من وليها" يعني من ولي أمرها، وتصريف شئونها، والمنصوص عليه بعد عمر حفصة، والمنصوص عليه ممن يتولى الوقف بعد عمر حفصة، فتصح ولاية المرأة على مثل هذه الأمور، وبعدها الصالح المناسب من آل عمر. طالب:. . . . . . . . . هو الناظر هو، هو الناظر، هو الناظر، ناظر الوقف، هو هو.

"لا جناح -ولا حرج ولا إثم- على من وليها أن يأكل منها بالمعروف" يعني في مقابل ما يؤديه من خدمة، بالمعروف، التوسط، بمعنى أنه لا يزيد في الأكل بحيث يتضرر المصرف، ولا ينقص بحيث يتضرر الولي، "بالمعروف، أو يطعم صديقاً" يعني إن جاءه ضيف صديق له أو .. يطعم منه "غير متمول فيه" يعني ما يتخذ يأخذ منها أموال غير حاجته وغير نفقته، ويجعل له أرصدة، أو يشتري بذلك بضائع أو ممتلكات من غلة هذا الوقف، لا، إنما له أن يأكل فقط، كالولي على مال اليتيم. "وفي لفظ: غير متأثل" أي: غير متخذ مالاً، والتأثل اتخاذ أصل المال، بمعنى أنه لا يأخذ من هذه الغلة ما يجعله أصلاً لماله، بحيث يستغله مستقلاً عن الوقف، بمعنى أنه يأخذ رواتب مثلاً، هو يكفيه أن يأكل من هذا البستان، ثم بعد ذلك يأخذ زيادة عن ذلك رواتب يجمعها ويدعيها، فإذا اجتمعت لديه ما يمكن أن يشتري به بيتاً أو دكاناً أو شيئاً أو مزرعة يستغلها ويستفيد منها حينئذٍ يكون قد تمول وقد تأثل. نأخذ الحديث وإلا خلاص؟ كم باقي يا أبا عبد الله؟ طالب:. . . . . . . . . يعني ضارب بالوقف؟ غلة الوقف جعلها مضاربة، وأدخلها في مساهمة، نعم، ماذا عما لو اشتغل وعمل بغلة الوقف لتنمو؟ نعم؟ إذا كانت بضمانه بمعنى أنه يضمن، وغلب على ظنه الربح يتسامح في هذا وإلا فلا، الأصل أن يحفظ. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: "حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه)) وفي لفظ: ((فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) متفق عليه. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)) متفق عليه. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا الحديث موضوعه العود في الهبة والصدقة، وهو داخل في المعطوف على الرهن في الترجمة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: "حملت على فرس في سبيل الله" يعني حملت مجاهداً على فرس في سبيل الله؛ لأنه تصدق بفرس على من يجاهد عليه في سبيل الله، وهذا الحمل مع نية التمليك على هذه الجهة، يُملك هذا الشخص الذي يستعمله في هذا العمل، في سبيل الله، يعني في الجهاد، ونظير ذلك لو أن شخصاً أعطى طالب علم كتاب، نعم أعطاه كتاب، ما قال له شيء، قال: خذ هذا الكتاب، ما معنى هذا؟ أنه ليستفيد منه، ليس معنى هذا أنه ليبيعه، إنما هو تمليك لهذا الكتاب على أن يستفيد منه فيما هو بصدده، فيما يمكن الانتفاع به وهو طلب العلم، وهنا الفرس تصدق به على هذا الرجل، نعم، ليتم حمله عليه في هذا المجال، وهو في سبيل الله وهو الجهاد فهو تمليك من جهة؛ لأنه لما أراد بيعه ما أنكر عليه، نعم وليس بتحبيس ولا وقف؛ لأنه لو كان تحبيس وإلا وقف لأنكر عليه لما أراد بيعه، لكن لما أراد بيعه وأراد شراءه منه دل على أنه تمليك، لكن تمليك مقرون بالانتفاع منه في هذه الجهة، ولعله استغنى عنه، وجد فرس أفضل منه للجهاد، وصاحبنا الذي تُصدق عليه بالكتاب لينتفع منه وجد طبعة أحسن منها، يعني أعطيته كتاب غير محقق، ثم بعد ذلك خرج الكتاب محققاً، يملك النسختين وإلا يتصرف في الأولى؟ هو تمليك وليس بوقف، لكن تمليك مقرون بالانتفاع في إمكان الانتفاع، لكن إذا تصور أنه يوجد أفضل منه لا مانع من بيعه؛ لأنه ليس بوقف، أظن التنظير مطابق. "حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده" أضاعه الذي كان عنده يعني لم يقم عليه بالرعاية والإطعام على الوجه المناسب له، فأضاعه، ولعله وصل إلى حد بحيث لا يمكن الاستفادة منه في الجهاد، ولذا قرر بيعه، نعم.

"فأردت أن أشتريه" يقول عمر -رضي الله تعالى عنه-: "فأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص" لماذا؟ لأمرين: أولاً: لأنه أضاعه، فدل على أنه راغب عنه، زاهد فيه، فيبيعه في رخص ما دام هذا وضعه، الأمر الثاني: أن المشتري هو المتصدق، والعادة جرت أن المهدي والمتصدق يميل القلب إليه من قبل المهدى إليه والمتصدق عليه، وحينئذٍ يترتب على هذا الحط من القيمة "وظننت أنه يبيعه برخص" للأمرين: أولاً: لأنه زاهد فيه ولذا ضيعه، الأمر الثاني: لأن الطرف الثاني وهو المشتري صاحب فضل على البائع، وكل هذا يدل على .. ، يغلب على الظن أنه يبيعه برخص، لكن عمر اشترى؟ لا، ما اشترى، حتى يعرف الحكم، "فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم-" عمر -رضي الله تعالى عنه- فعل ما يقربه إلى الله -جل وعلا-، "حملت على فرسي في سبيل الله" يريد بذلك الثواب من الله -جل وعلا-، وحينما عرض هذا الموضوع على النبي -عليه الصلاة والسلام-، الأصل أن يكون هذا سر؛ ليكون أقرب إلى الإخلاص، فكونه قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "حملت على فرس في سبيل الله" هذا في مجال الاستفتاء، نعم في مجال الاستفتاء والسؤال تذكر ما يتعلق بالمسألة من أصلها، ولو ترتب على ذلك الإخبار بما عندك من عمل صالح، إذا أردت أن تسأل مثلاً عن الوتر بعد طلوع الفجر، من ضمن السؤال تقول للشيخ مثلاً: أنا والله أقوم قبل الفجر مثلاً بساعة وأصلي ما كتب الله لي، وقد يطلع الفجر علي قبل أن أوتر فهل لي أن أوتر؟ هل معنى هذا وأنت تسأل هذا السؤال أنك تخبره أنك تصلي بالليل؟ لا، لأن هذا جاء تبع، لكن الإشكال إذا كان السؤال حيلة على استخراج ما عندك هنا يأتي الإشكال، يعني إذا أردت أن تخبر الشيخ أنك تقوم الليل بصورة ملفوفة، هذا الإشكال، هذا أعظم من الصورة المباشرة، لكن لما تقول: والله أنا أقوم قبل الفجر بساعة وأصلي ما كتب الله لي، وأحياناً يطلع الفجر وأنا. . . . . . . . .، هل لي أن أوتر؟ فأنت ما قصدت إخباره بأنك تقوم الليل، وعمر -رضي الله تعالى عنه- ما قصد إخباره، إخبار النبي -عليه الصلاة والسلام- على أنه حمل على الفرس في سبيل الله؛ لأنه يريد بذلك الثواب من الله -جل وعلا-.

"فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تشتره، ولا تعد في صدقتك)) " طيب أنا شاري ما عدت، ما أخذته مجاناً لأعود في صدقتي، إنما اشتريته بالدراهم؟ لا، الغالب أن البائع على المتصدق أو على المهدي أنه يبيعه برخص كما توقع عمر -رضي الله عنه-، وهذا الرخص افترضنا أن هذا الفرس يستحق ألف، فلكونه المتصدق به قال: أعطنا سبعمائة تكفي .. ، فهو رجع في مقدار ثلاثمائة درهم، فهو رجع في مقدار الثلاثمائة، فيتصور العود في الهبة وإن كان بطريق الشراء، لكن هناك شراء لا يتصور فيه العود مثل إيش؟ أنت تصدقت بالكتاب على صاحبك، فرأيته يبيعه، لماذا يا أخي تبيعه استغنيت عنه؟ نعم؟ قال: والله خرج الكتاب محقق؛ قلنا: الكتاب كم يسوى في المكتبة هذا؟ قال: يبيعونه بمائة ريال، والمحقق بمائتين، خلاص أعطني هذا الكتاب وأنا أشتري لك محقق، هذا عود في الهبة؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . دفع المائة ومائة أخرى، هذا عود وإلا لا؟ هذا الظاهر أنه ليس بعود، وإن رجع عليه، وإن عاد عليه أصل ماله، ولو اشتراه بما يستحق بلا رخص، أو بأكثر مما يستحق، هذا ليس بعود، لكن ينبغي ألا يحصل حسماً للباب، سداً للذريعة؛ لأنه اليوم والله يختلفون في تقديره مثلاً، أهديته كتاب نفيس، أنت في وقت الإهداء ما تدري كم يسوى؟ ثم تداول الناس أن هذا الكتاب يستحق أربعة آلاف، خمسة آلاف، وأنت مهديه على أساس أنه يسوى ألف، ثم استغنى عنه، وجد نسخة محققة، وبيبيعه، وهو يعرف أن هذا الكتاب مثل معرفتك به سابقاً أنه يستحق ألف، قلت له: بألفين، عود وإلا ما هو بعود؟ عود؛ لأن الكتاب يستحق أكثر، فمثل هذا ينتبه له؛ لأن هذه أمور تجول في القلوب، وقد يحس بها، ويشعر بها، وقد لا يشعر بها، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه أحياناً له تعليقة عليه مثلاً.

على سبيل المثال أنا بعت كتاب، بعته بيع، ما هو لا هبة ولا صدقة، بعته قبل خمسة وعشرين سنة، والكتاب مسمى تفسير القرطبي، بعته على شخص بثمانمائة ريال، قبل خمسة وعشرين سنة، نسخة أصلية، واشتريت نسخ منها نسخة نفيسة وتحفة تستحق ألفين ريال، أنا أقلب الكتاب عند صاحبي فإذا به تعليقات لي مؤرخة سنة سبع وتسعين، هذه نادرة بالنسبة لي، يعني أيام الطلب قبل ما أتخرج، قلت له: أنا عندي لك نسخة أفضل من هذه مرتين أو ثلاث، أنا أعطيك إياها، وشافها وفرح فرح شديد، وبالفعل يعني لو عرضت هذه وعرضت هذه تستحق نسختين، بالنسبة له هو غير متضرر، لكن أنا نسختي غالية علي اللي علقت عليها، فأنا كسبان وهو كسبان، وهنا .. ، وليست المسألة مسألة صدقة ولا هدية ولا عود ولا شيء، مسألة بيع ببيع، هذا ما فيه إشكال هذا؛ لأنه كسبان على كل وجه، فهذا لا يدخل في مثل هذا الحديث، يعني لو بعت سلعة، بعتها بيع، ثم أراد صاحبها أن يبيعها فلك أن تشتريها منه؛ لأن هذا ليس فيه عود، اللهم إلا إذا بعتها عليه نسيئة بثمن مرتفع، ثم اشتريتها منه نقداً بأقل مما بعتها به، فهذه مسألة العينة، هذه لا تجوز.

((لا تشتره، ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم)) هو فيه شوب من الهبة، وفيه شوب صدقة، هو تمليك على كل حال، لكن كونه صدقة تصدق به؛ لأنه يستعمله في طاعة، فهو من هذه الحيثية حكمه حكم الصدقة، وفي كونه تمليك يأخذ حكم الهبة، ولذلك قال: ((ولا تعد في صدقتك)) ثم علل، يعني ((وإن أعطاكه بدرهم)) لا تأخذه، ((فإن العائد في هبته)) العلة تدل على أن هذا التصرف فيه شوب من الصدقة، وفيه شوب من الهبة ((كالعائد في قيئه)) وفي لفظ: ((فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) كالكلب يقيء هذا مثل السوء، وليس لنا مثل السوء، ولذا القول المحقق في هذه المسألة أن شراء الصدقة أو العود في الهبة محرم للدلالة هذا الحديث؛ لأن هذا مثل سوء، وليس لنا مثل السوء، وهذا أيضاً في غاية التنفير منه، من أهل العلم من يرى أنه مكروه؛ لأن المسألة معاوضة وعقود ورضا والشروط كلها مكتملة، فالبيع صحيح، لكن المسألة كراهة، أبو حنيفة يقول: ما في إشكال، يجوز أن تعود في هبتك وتشتري صدقتك، لماذا؟ من الحديث أخذ الجواز، أخذ الجواز من الحديث نفسه، كيف؟ فيه وجه وإلا ما فيه وجه؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، لو مجان تأخذه، لو بنصف القيمة تأخذه، ما في إشكال يقول بعد، يعني من أين أخذنا المنع؟ أولاً: قوله: ((لا تشتره، ولا تعود في صدقتك)) لكن أبو حنيفة نزع منزع آخر، يقول: التشبيه في الكلب يقيء ثم يعود في قيئه، هل حرام على الكلب أن يعود في قيئه؟ نعم؟ ليس بحرام؛ لأنه غير مكلف، إذن ليس بحرام أن نعود في الهبة. طالب:. . . . . . . . . إيه منفر، يقول: يجوز له أن يعود، يجوز، ويش اللي يمنعه من أن يعود؟ إذن ما الذي يمنعنا من أن نعود؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . . يشكل عليهم: ((لا تشتره)) أيضاً الأسلوب، الأسلوب أسلوب تنفير، إذن الغيبة حلال يعني، لماذا؟ هل ننظر بالغيبة ... ؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . .

وهذا ممتنع، هذا تنفير، لكن لو اضطر إليه وأكله، اضطر إليه وأكله، يعني التنظير المطابق إن اضطر إلى الغيبة مثلاً يكون كمن اضطر إلى لحم أخيه على سبيل المثال اضطر إليه في حال استفتاء مثلاً، أو في حال قضاء أو في حال .. ، الأحوال التي تجوز فيها الغيبة، على كل حال قول أبي حنيفة -رحمه الله- مرجوح، والراجح في مثل هذه المسألة المنع والتحريم، والحديث كالصريح في ذلك؛ لأنه حكم مقرون بعلته، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ما قبضه، ما تثبت الهبة إلا بالقبض، الهبة ما تثبت إلا بالقبض. طالب:. . . . . . . . . هذا وعد، هذا وعد، نعم ينبغي له أن يفي بوعده، ولا يخلف الوعد، وأهل العلم يقولون: إن إخلاف الوعد الذي هو من علامات المنافقين إذا كان مقرون بالوعد، يعني وعد وفي نيته أن يخلف، لكن وعد ثم بعد ذلك تعذر عليه مثلاً، أو رأى أن المسألة فيها ضرر عليه، وعده أن يهب له كتاباً على أساس أن عنده نسختين، ثم راح مكتبته ما عنده إلا واحدة ويش يسوي؟ نعم؟ نقول: هذا إخلاف الوعد مثل المنافقين؟ لا، إذا كان في نيته أن يخلف الوعد أثناء إبرام العقد، هذا وصف المنافقين، إذا طرأ عليه ما طرأ، سواءً كان عدم وجود ما وعد به، أو الشح بالشيء، يعني والله نظر إليه، ووجد أن نسخته ما يمكن أن يستغنى عنها، الأمر فيه أخف، مع أن الوفاء بالعقود أمر مطلوب. "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)) هذا زجر وأي زجر أبلغ من هذا؟ ((كالعائد في قيئه)) دعونا من الكلب، كالرجل العائد في قيئه، حديث ابن عباس، ماذا يقول أبو حنيفة عنه؟ ماذا يقول أبو حنيفة عن مثل هذا؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . ماذا يقول أبو حنيفة في مثل هذا النص؟ اللهم إلا أن يحمل هذا على ذاك، كالعائد من الكلاب مثلاً، العائد في هبته كالعائد من الكلاب، بدليل ما تقدم، والقصة واحدة. طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب: النص. ويش فيه؟ طالب: كالرجل يعود في قيئه ... ما في رجل، لا، ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)) إيه، فيقول: العائد في قيئه المراد به الكلب الذي تقدم في الحديث، مع أن هذا لا وجه له، نعم؟

طالب:. . . . . . . . . لا، ما هو من باب الإطلاق والتقييد، هذا من باب العموم والخصوص، والحكم واحد، فلا يحمل العام على الخاص؛ لأن كالعائد هذا عام، وكالكلب هذا خاص فرد من أفراد العام والحكم واحد، إذاً لا يحمل المطلق على المقيد، ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وفي لفظ: ((فإن الذي يعود))؟ لأن قوله: وفي لفظ يدل على .. ، صنيع المؤلف يدل على أنه من رواية عمر؛ لأنه إذا تحدث عن حديث ذكر رواياته كلها عن الراوي الأصلي، إذا تغير الصحابي لا بد أن يُذكر. طالب:. . . . . . . . . إي غلط، غلط، إن كان من حديث ابن عباس فهو خطأ، نعم. وعن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانطلق أبي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟ )) قال: لا، قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فرجع أبي فرد تلك الصدقة. وفي لفظ قال: ((فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور)). وفي لفظ: ((فأشهد على هذا غيري)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: "تصدق علي أبي ببعض ماله" يعني أعطاني بعض ماله، يعني الصدقة أعم من أن تكون زكاة، والزكاة لا تدفع إلى الولد، أو الصدقة لكونه محتاجاً مثلاً، النافلة أو الهبة والعطية والهدية فاللفظ أعم، والذي يظهر أنه نحله هذه الأرض بمعنى أعطاه إياها، كما في بعض الروايات "تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة" أخت عبد الله بن رواحة: "لا أرضى" ما يكفي أن تتصدق وخلاص؛ لأنه قد ترجع، والأم لها سلطان على الأب من جهة، ولها سلطان على الولد من جهة أخرى، تتدخل، وإلا بالإمكان أن يقول الولد: ويش علاقتك؟ ما الذي يخصك؟ وقد يقول الأب مثل ذلك، لكن لها ارتباط بالأب من جهة، والمسألة مسألة إذا رجحت كفتها تلزم الأب؛ لأن المسألة مسألة عرض وطلب، إذا رجحت كفة الأب أجابها بما يناسبها من الجواب، لكن الظاهر أن الآن في مثل هذا كفة الأم فيها رجحان، ولذا قالت: لا أرضى، وإلا ويش علاقتها بين ولد وأبيه؟ ويش علاقة الأم؟ لها علاقة، نعم. "لا أرضى حتى يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لأنها ليست واثقة، ما دام أعطاه وبعدين؟ يرجع، فإذا شهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأثبت ذلك بشهادته ما يرجع، ما يستطيع أن يرجع، فهي تريد التوثقة، توثقة العطية، توثقة الصدقة. "فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي" بشير له أكثر من ولد، له أولاد، ولم يعط إلا النعمان "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟ )) " والولد يشمل الذكر والأنثى {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] ((أفعلت هذا بولدك كلهم؟ )) ولدك كلهم، ما قال: بولدك كله، نعم، كيف أكد الواحد بلفظ الجمع؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ طالب:. . . . . . . . . مفرد مضاف فيفيد العموم، فيشمل جميع الأولاد من الذكور والإناث.

"قال: لا، قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) " اتقوا الله دليل على أن التفضيل ليس من التقوى، مخالف للتقوى، والتعديل بين الأولاد هو مقتضى التقوى " ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) " يعني لا تفضلوا بينهم، لا تفضلوا بين أولادكم، ومقتضى هذا اللفظ والأولاد يشمل الذكور والإناث أنهم سواء في الهبة والعطية والهدية كلهم سواء، أعطيت الولد ألف تعطي البنت ألف، هذا مقتضى العدل، وفي لفظ: ((سووا بين أولادكم)) وهذا مقتضى التسوية، وهذا ما يفيده هذا الخبر، وبه قال الأكثر، أنه لا يفضل بين الذكر والأنثى في العطية، وفي الهدية، وفي الهبة، لا، نعم، إنما في الميراث نعم، ولم يجرِ على هذا ما جرى بالميراث، وإن قال بعض أهل العلم: إن مقتضى التسوية العمل بقسمة الله -جل وعلا-: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] يعطى الولد ألف وتعطى البنت خمسمائة، لكن الأول هو قول الأكثر في الدنيا في الهبة في الدنيا والهدية يسوى بينهم، لكن هل من مقتضى العدل أن الأب إذا اشترى للولد الأكبر سيارة يشتري للولد الأصغر سيارة، أو يشتري للبنت سيارة؟ أو اشترى للبنت ذهب يشتري للولد ذهب؟ أو نقول: هذه حوائج أصلية لكل منهم ما يخصه؟ فمثلاً الكبير يحتاج إلى زواج، الصغير يحتاج إلى حليب، نقول: زوج الصغير مثل الكبير واشترِ حليب للكبير؟ لا، لا هذا ما يرد؛ لأن هذه حاجة تقدر بقدرها، هذه حوائج تقدر، والمقصود القدر الزائد على ذلك. طيب شخص بنى مجمع سكني له ولزوجاته ولأولاده، وله بنات متزوجات، وكل زوجة في بيت زوجها هل نقول: يلزمه أن يسكن البنات هنا مثلما سكن الأولاد؟ أو يدفع لهم الأجرة مقابل ما سكن الأولاد؟ نقول: هذه حاجة، والبنت إذا تزوجت انتهت حاجتها من أبيها، انتقلت كفالتها من أبيها إلى زوجها، وهذا أيضاً معروف من الأب على ولده، لو مثلاً طلقت البنت لزم التعديل، رجعت كفالتها إلى أبيها، ما دامت في ذمة زوجها فكفالتها على زوجها.

"فرجع أبي فرد تلك الصدقة" يعني التي تصدق به عليه، لماذا؟ لأنه مخالف للتقوى، وبشير يريد التقوى، ويريد أن ينضم في سلك المتقين، فرد تلك الصدقة، أولاً: الصدقة هذه ما لزمت، ما قبضت من جهة، الأمر الثاني: أنها على خلاف هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، و ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) حتى ولو قبضت رجّع، ولو قبضت تترجع. طيب الأب أعطى الكبير من الأولاد أرض، وما أعطى الصغار لعدم الاحتياج مثلاً، وهذا أعطاه لأن النظام ينطبق عليه، ويمكن يقدم على صندوق التنمية، والأولاد الصغار ما بعد أعطاهم شيء، وفي نيته أنهم كل من كبر يعامل معاملة الكبير هذا، وبعد ذلك توفي قبل أن يعطي غيره، ترجع الأرض وإلا ما ترجع؟ ((اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم)) نعم؟ أعطيت على وجه صحيح، يعني هل نقول: إن الأرض قدر زائد على الحاجة الأصلية فيجب التعديل فيها ويعطون كلهم أراضي كبيرهم وصغيرهم؟ وإلا نقول: هذه حاجة أصلية والسكن حاجة وأعطيها على وجه صحيح ولزمت بالقبض فلا يلزم التعديل فيها؟ وفي نيته أنه كل من كبر يعطى مثل هذا، كما أنه زوج الأكبر وفي نيته أن كل من بلغ السن سن الزواج يزوجه، وما زوجهم مات، يزوجون من أصل التركة وإلا لا؟ لا، لا يزوجون من أصل التركة، كلٌ يزوج من ماله، والمسألة خلافية بين أهل العلم، ومقتضى التعديل ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بسبب؟ طالب:. . . . . . . . . بسبب الرد أو عدمه؟ طالب:. . . . . . . . . وبسبب الرد، بسبب ردها، أنت افترض أن هذه الأرض شيد عليها الأكبر مبنى وسكنه، ويش بيسوون؟ كيف يرد؟ اللهم إلا إذا كانت التركة تحتمل أن يحسم هذا من نصيبه، ويعدل بينهم بهذه الطريقة، المقصود أن مثل هذه مسائل اجتهادية تقدر بقدرها، لكن مقتضى ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، هذا إذا كانت التركة تحتمل، لكن إذا كانت الأرض تستحق خمسمائة ألف، والتركة الباقية كلها خمسمائة ألف، ويش تسوي لهم؟ هو عنده عشرة أولاد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الجمهور على أنها لا ترد، لزمت بالقبض، والأب أعطاها الولد على وجه صحيح، وفي نيته أن يعطي البقية لكن حال دونه الموت. طالب:. . . . . . . . .

إيه الآن شوف فرق بين أن تقع المسألة في حال الحياة وبعد أن ينتقل المال، الآن المال انتقل من شخص إلى شخص، بالموت انتقل المال، وهبة لزمت بالقبض. طالب:. . . . . . . . . الشعير، الشعير، نعم، أبو بكر أعطى عائشة شيء من الشعير ولزمت بالقبض، لزم بالقبض، قصة الشعير من يحفظها؟ يحفظها أحد منكم؟ نعم؟ تحضر -إن شاء الله- تحضر القصة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . الوالد له أن يرجع. طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . الوالد له أن يرجع، ومن الغرائب أن الناس عند أبي حنيفة كلهم لهم أن يرجعوا إلا الوالد، وهذا من الغرائب، غريب وإلا لا؟ طالب:. . . . . . . . . . . . . . . . . . من الغرائب. "قال: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)) فرجع أبي فرد تلك الصدقة، وفي لفظ قال: ((فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور)) " الجور: الظلم، وهذا ظلم لا يشهد عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن يقتدي به لا يشهد على مثل هذا، والظلم محرم، والجور محرم، إذاً عدم التعديل والتفضيل محرم. "وفي لفظ: ((فأشهد على هذا غيري)) " هذا الأسلوب أسلوب تقرير أو أسلوب تنفير؟ بلا شك تنفير، ومن أهل العلم من يقول: إنه يجوز أن تفضل بين الأولاد، ولا تعدل بينهم؛ لقوله: ((فأشهد على هذا غيري)) لأنه لو لم يكن جائزاً ما جاز أن يشهد عليه أحد، لكنه قول مرجوح، والقصة من أولها إلى آخرها ترده، نعم. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع. وعن رافع بن خديج قال: "كنا أكثر الأنصار حقلاً، قال: وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما الذهب والورق فلم ينهنا.

ولمسلم عن حنظلة بن قيس: قال: "سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بما على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به" أخرجه البخاري. قال المصنف -رحمه الله-: الماذيانات: الأنهار الكبار، والجدول: النهر الصغير.

المزارعة والمساقاة باب معلوم جاءت به النصوص بالمنع والإباحة، فالمساقاة للشجر، والمزارعة للأرض، جاءت أحاديث تمنع من المزارعة ومن المساقاة، وجاءت أحاديث تدل على الجواز، فمثلاً النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث عبد الله بن عمر "عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع" خبير فتحت عنوة، وصارت من غنائم المسلمين فهي لهم، وهي بحاجة إلى من يقوم بأمرها، تركها النبي -عليه الصلاة والسلام- بيد أهلها كالعمال، عمال، على أن لهم نصيبهم من الثمرة، وللنبي -عليه الصلاة والسلام- وللغانمين نصيبهم، تركها في أيديهم، الذين يمنعون المزارعة والمساقاة يقولون: هذا الحديث ليس فيه دليل على الجواز، لماذا؟ يقولون: خيبر فتحت عنوة، والأرض للغانمين، للنبي -عليه الصلاة والسلام- ومن معه، وهؤلاء الذين يعملون أرقاء؛ لأنهم من الغنائم أيضاً، فهو عاملهم على اعتبار أنهم أرقاء، يعملون له دون مقابل، إلا أن ما يأخذونه هو قوتهم، لكن هل هذا هو الظاهر من لفظ الخبر؟ ما ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استرقهم، والرق لا يثبت بمجرد الغلبة، المقصود أنه عاملهم على شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فهذا دليل على جواز المساقاة في النخيل وجميع الشجر، وجواز المزارعة، طيب هذا من أدلة الجواز، فماذا عن أدلة المنع؟ في حديث رافع بن خديج قال: "كنا أكثر الأنصار حقلاً، وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما الذهب والورق فلم ينهنا" طيب أرض كيلو مربع، كيلو متر مربع مساحتها، ليست عندك قدرة على زراعتها، تأتي بمن يزرعها لك، وتقول: لك الجزء الغربي ولي الجزء الشرقي، لي ثمرة الجزء الشرقي، ولك ثمرة الجزء الغربي، تجوز وإلا لا؟ هذا لا تجوز. طالب: مجهول. ما هو مجهول، النصف. طالب:. . . . . . . . . لا، يمكن ينبت نصيبك فأتضرر أنا، ويمكن ينبت نصيبي فيضيع جهدك هدراً، تتضرر، لكن لو قلت لك: ازرعها ولك نصف ما يخرج من ثمرتها صح؛ لأننا نشترك معاً في الغنم والغرم ...

كتاب البيوع (7)

شرح عمدة الأحكام - كتاب البيوع (2) باب: اللقطة - باب: الوصايا - باب: الفرائض الشيخ: عبد الكريم الخضير لأننا نشترك معاً في الغنم والغرم، نعم، ولذلك يقول: "كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه" جزء معلوم من الأرض، لا نسبة معينة من النتاج "وربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه" إذا أخرجت هذه تضرر واحد، وإذا أخرجت هذه تضرر الثاني، "فنهانا عن ذلك، فأما الذهب والورق فلم ينهنا" الذهب والورق يعني بالأجرة، قلت لك: والله هذه مساحتها كيلو متر مربع، ازرعها لي وأعطيك كل سنة مائة ألف، ما في ما يمنع، بالذهب والورق ما في ما يمنع، "فأما الذهب والورق فلم ينهنا" ولمسلم عن حنظلة بن قيس: قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما على الماذيانات، وأقبال الجداول. الماذيانات: الأنهار الكبار، وأقبال الجدول: النهر الصغير. فيقول صاحب الأرض: ازرعها لي، لكن ترى كل اللي حول السواقي والأنهار القريب من الماء لي، والبعيد عنه لك، نعم، يصح وإلا ما يصح؟ ما يصح، ليش؟ لأنه يمكن يتضرر صاحب .. ، المزارع؛ لأن النصيب الذي جعل له بعيد عن الماء، فيهلك من العطش، وربما يتضرر صاحب الأرض بحيث يزيد الماء على الزراعة فتغرق؛ لأن الزيادة والنقص على حد سواءً، إذا زاد الماء على الزرع يتضرر، وإذا نقص عنه يتضرر. فيقول: "وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه" النبي -عليه الصلاة والسلام- "فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به" معلوم النسبة، لا معلوم الجهة، الآن الفرق ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الفرق ظاهر؛ لأنهم في علم النسبة فقط يشتركون في الغنم والغرم، وفي علم الجهة يتضرر واحد دون الثاني، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الماذيانات الأنهار الكبار. ترون الكبر والصغر نسبي، ما هو معنى هذا أنه مثل النيل أو الفرات، نعم، المقصود أنه مجرى ماء كبير بالنسبة لغيره. طالب:. . . . . . . . . نعم، المهم أنه أمور نسبية، نعم.

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له. وفي لفظ: ((من أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)). وقال جابر: "إنما العمرى التي أجازها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها". وفي رواية لمسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قضى النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني حكم، حكم النبي -عليه الصلاة والسلام-، القضاء الحكم "بالعمرى لمن وهبت له" وهي الهبة المعلقة بعمر الإنسان، كأن يقول: هذا البيت لك مدة عمرك، أو مدة عمري، يعني ما دمت حياً، فإذا مت ينتقل إلى ورثتي، مادمتَ حياً فإذا متَ انتقل إلي، نعم.

"قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له" وهذا محمول على العمرى غير المحددة، أو التي يقول فيها: هي لك مدة عمرك ولعقبك؛ لتتفق الروايات "قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعمرى لمن وهبت له" وفي لفظ: ((من أعمر عمرى له ولعقبه)) يعني هذه المطلقة ((فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)) يعني ما تقع المواريث إلا إذا لم تحدد بالعمر، نعم "وقال جابر: "إنما العمرى التي أجازها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك" فهذه لمن أعطيها، لمن وهبت له، إذا قال: لك ولعقبك لمن أعمرها، ولمن أعطيها "فأما إذا قال: هي لك ما عشت" يعني فقط دون العقب "فإنها ترجع إلى صاحبها" وهو ظاهر اللفظ، يعني كأن المعطي والواهب يشترط هبة موقوتة إلى أمد، وفي رواية: "كأنه قال: اسكن هذه الدار سنة أو سنتين أو ثلاث، بدلاً من أن تكون المدة محددة صارت المدة غير محددة، طيب قد يقول قائل: هذا أمد مجهول كيف نصحح عقد فيه أمد مجهول، نقول: نعم، نصحح؛ لأنه ليس فيه معاوضة، والعقود التي ليس فيها معاوضة تصح مع الجهالة، لو قال مثلاً: جميع ما في ذمتك لك، وأنت ما تدري كم في ذمتك وأنا ما أدري يصح وإلا ما يصح؟ هبة المجهول؟ تصح، يعني لو أن عامل مثلاً يشتغل بمحل عند تاجر وهذا العامل ... نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا ما هو بمسألة أكل، لا، اشتريت بتسعين مثلاً وأعطاك مائة، ورد عليك .. ، ردت عليه .. ، لا، اشتريت بمائة مثلاً وعشرة مثلاً، أو أنت عامل عند شخص تشتري له، فاشتريت بتسعين وبقي عشرة حطيت. . . . . . . . .، نسيتها في أول الأمر وراحت، ثاني عشرين، ثالث خمسين وهكذا إلى أن اجتمع عندك أرقام وأنت ما تدري كم هي؟ ولما أن أراد ينهي العقد قلت له: ترى والله، الآن يدخل علي أشياء لا أحصيها، أسوف في ردها إليك إلى أن نسيتها، وبلغ منها مبالغ أنا لا أعلمها وأنت لا تعلمها يجوز أن يقول: أنت بحل منها؛ لأنها ما هي معاوضة، لكن لو كانت معاوضة لا بد أن تكون معلومة.

"فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها" وفي رواية لمسلم: ((أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياً وميتاً ولعقبه)). هذا إذا لم تحدد بعمر الموهوب والمعطى، الحاصل أن العمرى لها ثلاثة أحوال: الحال الأولى: أن يقول: هي لك مدة عمرك ولعقبك، هذه هبة دائمة، لا تعود إلى صاحبها. الحالة الثانية: أن يقول: هي لك مدة عمرك فقط، وهذه ترجع بعد وفاته إلى صاحبها الأول، تكون غايتها أنها عارية موقوتة. إذا قال: هي لك، ولم يقل: مدة عمرك، ولم يقل: ولعقبك، هذه هبة مطلقة ولا تعود، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)) " بالإفراد، أو خُشبَه في جداره على الجمع ((لا يمنعن)) (لا) ناهية، والفعل مؤكد، إذن المنع منهي عنه، وهل هو حرام أو مكروه؟ مقتضى النهي التحريم.

" ((أن يغرز خشبة في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" الجار يحتاج إلى أن يضع الخشب على جدار جاره وإلا فيلزمه أن يقيم جدار آخر بجواره، وهذه الأمور مما يجب أن تسود بين المسلمين، ولا يحصل فيها مشاحنة ولا مشاحة، فهذه الأمور من الآداب الإسلامية التي جاء بها الشرع، فلا يجوز لصاحب الجدار أن يمنع، لكن إذا كان الجدار لا يحتمل مثلاً، يتضرر، الجدار ما يحتمل، عليه خشب البيت نفسه، وإذا أضيف إليه خشب أخرى سقط مثلاً، المسألة لا ضرر ولا ضرار، ليس معنى هذا أن تلاحظ مصلحة الجار، ولا تلاحظ مصلحة صاحب الأصل، لا بد أن تلاحظ مصلحة الطرفين، المقصود أنه إذا لم يتضرر به، وقل مثل هذا إذا بنى صاحب البيت بنى قبل جاره وأقام جدار هل يلزم جاره بجدار آخر؟ هو ما يحتاج إلى خشب الآن، سور، سبق زيد من الناس وبنى بيته في أرض فضاء وعليه أربعة أسوار، وجاء الجيران الثلاثة وعمر هل نقول: كل جار يقيم جدار بجواره؟ يقول: لا تستعمل جداري؟ لا، لا هذا مما يجب أن يسود بين المسلمين من المودة والمؤاخاة وعدم المشاحنة والمشاحة، لكن يبين أن الجدار لفلان، يبين أن الجدار يتفقون على أن الجدار لفلان، وفي أرض فلان، وأقامه فلان، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . والله هذه لا شك أنها مع عدم الاحتياج إليها لا تنبغي أن توجد بين المسلمين، يعني مثل شخص جاء يستظل بجدارك، أو يستصبح بنارك، أو يستدفئ بها، تقول: قم، أنت ما عليك ضرر بأي وجه من الوجوه، نعم؟ لا، ما يصلح هذا. "ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" يعني عن هذه السنة "والله لأضربن بها بين أكتافكم" وفي رواية بالنون: "أكنافكم"؛ لأنه كان أمير في وقتها، أمير على المدينة فعنده سلطة "لأضربن بها" يعني الخشبة "بين أكتافكم" أو السنة التي أحملها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأحملكم مسؤوليتها وتبعتها، نعم. عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين)). نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ظلم من الأرض قيد شبر)) " الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ويتفاوت من الشيء اليسير إلى أن يصل إلى حد الشرك الأكبر: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [(82) سورة الأنعام] وأعظم الظلم الشرك الأكبر {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] وما دونه من ظلم النفس وظلم الغير، وهو متفاوت، المقصود أن الظلم محرم ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) والمظالم شأنها عظيم بحيث لا بد فيها من الاستيفاء، هذه حقوق العباد، ولذا جاء الترهيب من ظلم الشيء اليسير من الأرض، ((من ظلم من الأرض قيد شبر)) قدر شبر فقط، فكيف بمن يظلم ويغتصب وينتهك المساحات الكبيرة من الأرضين اللي بعضها حر، وبعضها مملوك، وبعضها موات، وبعضها محيا، فكيف بهذا -نسأل الله السلامة والعافية-؟! ((من ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين)) جعل في عنقه كالطوق، يحمله يوم القيامة، يأتي به من سبع أرضين ما هي بأرض واحدة، يعني الذي ينتهب الكيلوات، أو يغتصب الكيلوات، كيف يشيل هذه الكيلوات؟! يحمل هذه المساحات الكبيرة من سبع أرضين؟ ما هي بأرض واحدة، يعني أرض واحدة لا يتصور حملها، لو اجتمع عليها الناس كلهم ما حملوها فكيف بسبع أرضين؟! وهذا من النصوص الصريحة في كون الأرضين سبع كالسموات {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [(12) سورة الطلاق] لكن هذا ليس بصريح أنها سبع، ليس بصريح، يعني مثلها في الطول، في العرض، في الحجم، في السمك، نعم، الله أعلم، لكن كونها سبع في العدد احتمال، والحديث صريح في أن الأرضين سبع كالسماوات، وجاء فيه أيضاً حديث: ((لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله)) فالأدلة تدل على أن الأرضين سبع كالسماوات. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ما يلزم. طالب:. . . . . . . . . لا، لا ما يلزم. طالب:. . . . . . . . .

باب: اللقطة

ما يلزم تكون سبع. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا بوجه من وجوه الشبه. طالب:. . . . . . . . . الله أعلم، بوجه من وجوه الشبه، الله أعلم، يعني ليس بصريح، نعم ظاهر يغلب على الظن أما كونه صريح لا. والحديث فيه دليل على أن الأرضين سبع كالسماوات، وأن من ملك وجه الأرض يملك ما تحتها؛ لأنه كيف يطوق سبع أرضين وقد استولى وظلم الأرض الأولى إلا لأن ملكه يسري على ما في هذه الأرض وما تحتها، ولذا إذا اشترى أرضاً ووجد فيها ركازاً دفناً، ركاز الجاهلية ومن أموالهم له، يملكه، ومما يذكر أن شخصاً اشترى أرضاً فوجد فيها .. ، أراد حرثها وحفر فيها بئراً فوجد فيها كنز، ركاز، فذهب إلى البائع وقال: وجدت فيها كذا، وأنا ما اشتريت منك إلا الأرض، والثاني قال: أنا بعتك الأرض بما فيها، انتهوا؟ ما انتهوا، تخاصموا عند القاضي، ما انتهوا، كل واحد يقول: هذا لك، وهذا يقول: لا، ليس لي، نعم، أخيراً توصل القاضي إلى أن هل لك من ابن؟ قال: نعم، وهل لك من بنت؟ قال: نعم، أخيراً توصل القاضي إلى أن، هل لك من ابن؟ قال: نعم، وله لك من بنت؟ قال: نعم، قال: زوجوا الاثنين، وأنفقوا عليهم من هذا الكنز، يعني كانت النيات صافية، والناس يبحثون عن الحق، ويبحثون عن طيب المطعم، يعني هل يتصور مثلاً أنه توجد خصومة بين اثنين فيقول أحدهما للآخر: أنت تعرف القضية بكمالها، روح اشرحها للقاضي، وإذا علمك بالحكم تعال أخبرني، يروح للقاضي ويشرح له القضية ويقول له: الحق لخصمك، ويذهب ويقول: ترى الحق لك، يقول القاضي: الحق لك. والآن محامين وحيل، وجرجرة، والله المستعان، كان الهم الآخرة، فصار الهم الدنيا، وإلى وقت قريب وإذا سئل العالم عن مسألة مالية، السائل يحتاج إلى من يقنعه بأن هذه الصورة حلال، والآن إذا قيل للسائل: حرام، قال: أقنعني أنها حرام، نعم، فشتان، نعم. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: اللقطة

عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الذهب والورق فقال: ((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تُعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) وسأله عن ضالة الإبل، فقال: ((مالك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها)) وسأله عن الشاة، فقال: ((خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)) رواه الجماعة إلا البخاري. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: اللقطة اللقطة: فعلة، وبناؤها على هذه الصيغة إنما هو مستعمل في الكثرة، كما تقول: هُزأة، هُمزة، لُمزة، ضُحكة، هُمزة لُمزة، يعني يكثر الهمز واللمز، هُزأة، يكثر الاستهزاء، ضُحكة يكثر الضحك، رُحلة يكثر الرحلة، بخلاف الرحْلة أي: المرحول إليه، مثل الضحْكة المضحوك عليه. هذه الصيغة استعملت على غير أصلها، استعملت فيما يلتقط في المال الضائع من ربه، من صاحبه، على غير القياس، وهو ما يلتقط مما يضيع عن ربه من الأموال. يقول: "عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله تعالى عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في بعض الروايات: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "عن لقطة الذهب والورق" يعني عن الإنسان يجد مالاً ضائعاً من صاحبه من الذهب، من الدنانير، من الورق، من الدراهم، وفي حكمها العروض، وجدت قلم، وجدت كتاب، وجدت ما يمكن التقاطه. "فقال: ((اعرف وكاءها وعفاصها)) " الوكاء: الحبل الذي تربط به، يربط به الوعاء الذي هو العفاص، فالعفاص هو عبارة عن الوعاء الذي يكون في هذا المال الملتقط، والوكاء هو الحبل الذي يربط به الفم، فم الوعاء.

((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة)) وفي رواية: ((أشهد عليها)) لماذا يشهد عليها؟ نعم لئلا تضيع بين أمواله، ويعرف عفاصها ووكاءها لئلا تختلط بماله فتضيع، ويشهد عليها لئلا ينساها، أو يموت فتضم إلى أمواله قبل تمام السنة، فالإشهاد سنة، كالإشهاد على ما يخشى نسيانه {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [(282) سورة البقرة] البيع يثبت بالإيجاب والقبول، لكن الإشهاد لا شك أنه أحوط، وقل مثل هذا فيما يخشى نسيانه، رجل تزوج ثم طلق طلقة واحدة، وراجع زوجته، ثم بعد عشرين سنة طلق ثانية، الأولى احتمال يكون نسيها، لكن كونه يدونها، أو يشهد عليها، لا شك أن هذا أحوط؛ لئلا تتم الثلاث، وقد نسي الأولى. ((اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة)) عرفها بأن تقول: من ضاع له كذا، من ضاع له الذهب، من ضاع له الدنانير، من ضاع له الورق، من ضاع له القلم، من ضاعت له الساعة، من ضاع له ... إلى آخره، في الأماكن العامة، في أبواب الجوامع مثلاً من خارج المسجد، في الأسواق العامرة، في مجتمعات الناس، في أنديتهم، في محافلهم، المقصود أنها تعرف لمدة سنة، فإن لم تعرف، ما جاء أحد يطلبها، ولا عرفت ((فاستنفقها)) يعني أنفقها على نفسك بنية إرجاعها إلى صاحبها، لو جاء يوماً من الدهر بنية إرجاعها.

((فاستنفقها ولتكن وديعة عندك)) كيف تكون وديعة وأنت استنفقتها؟ بدلها يكون وديعة، وجدت قلم عرفته سنة، ثم عرضته على أهل الصنف، كم قيمة هذا القلم؟ قالوا: مائة ريال مثلاً، أو كتاب، أو أدنى شيء، أي عرض من عروض التجارة، يُقوّم ويكون بدله –قيمته- وديعة عندك، مقتضى الوديعة والأمانة أنها لا تضمن، أنت قررت أن مائة ريال قيمة هذا القلم بحيث لو جاء صاحبه أعطيتها إياه، مقتضى كونها وديعة أنه لو تلفت هذه المائة أنك لا تضمنها، لكن هل أنت إذا قومت القلم بمائة تأخذ مائة وتفردها في مكان تقول: هذه قيمة قلم لقيته .. ؟ متى جاء له ... ، ما أنت مسوي هكذا، إذاً أنت تصرفت في اللقطة التي هي في الأصل وديعة عندك حتى يأتي صاحبها، وفي قيمتها الذي هو بدل عنها، نعم فأنت ضامن من هذه الحيثية، وإن كان أصلها حكمه حكم الوديعة، ((ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) يقول: والله قبل عشرين سنة فقدت قلم، طيب صف لي هذا القلم؟ وصفه فإذا هو هو، أو فإذا هو إياه، أيهم أصح؟ فإذا هو هو أو فإذا هو إياه؟ تعرفون المسألة الزنبورية؟ هذه المسألة الزنبورية التي حصلت بين سيبويه والكسائي ومات بسببها، وما له داعي على شان ما يصيبنا ما أصابهم. ((فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه)) فلما عرفت أن هذا صاحب القلم وقومته في وقته، ووافقك صاحبه على تقويمه، تقول: والله هذا أنا مقومه بمائة ريال هذه مائة ريال.

" ((فأدها إليه)) وسأله عن ضالة الإبل" لما سأله عن ضالة الإبل غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ترجم عليه البخاري باب: الغضب في الموعظة والتعليم، غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه يعرف، السائل يعرف أن الشيء الذي يلتقط من عروض التجارة عليه خطأ، إذا ما أخذته أنت أخذه غيرك، إذا ما أخذته أنت وأنت تستشعر الأمانة فيأخذه شخص يضيعه، لكن الإبل، يعيش بدونك، وبدون غيرك، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((مالك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها)) الحذاء: أخفافها التي تحتمل الحصى، وتحتمل الرمضاء، وتحتمل .. ، معها الحذاء ومعها السقاء الذي هو البطن الكبير، ومعها العنق الذي تتناول به الأشجار الكبيرة والبعيدة، وتشرب من الماء النازل، المقصود أنها تقوم بنفسها، وليست بحاجة إلى من يرعاها ((فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها)) ... الإبل تمتنع من صغار السباع، فلا خشية عليها، وهي أيضاً في مأمن من أن تموت جوعاً وعطشاً، فليست بحاجة إلى رعاية فتترك، يعني كون إنسان معه سيارة ووجد بعير ضائع، ما عنده أحد، يلبق بالسيارة ويشيله ويدخله إلى البلد؟ متى بيلقى صاحبه؟ لكن لو تركه في البر وجده صاحبه، وهو ما عليه خطر. "وسأله عن الشاة" عن ضالة الغنم "فقال: ((خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " إن ما أخذتها أنت جاء ثاني يأخذها، هي لا تقوم بنفسها، ولا تحمي نفسها من صغار السباع، لا للذئاب ولا دون الذئاب، فهي لا تحمي نفسها، وفي خطر من الموت، وخطر من أن يأخذها شخص آخر، فأنت أحق بها من غيرك، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب، وليس معنى هذا أن الناس يتساهلون، كل من استطرف شيئاً استولى عليه، لا، هذا ليس في هذا ترخيص إلى أن يتساهل الناس في هذا الباب، كل من وجد شاة أو عنز طلعت من بيت أهلها أخذها، أو بحاجة هو في رحلة أو نزهة ووجد شاة، وصاحبها قريب منها، لا يبرر لنفسه مثل هذا، المقصود أنها ضالة، ويخشى عليها، فإذا غلب على الظن أنها تتلف وتهلك فهو أولى بها من غيره، وإذا غلب على ظنه أنها في مأمن من أن تتلف وتهلك أو يأكلها ذئب، أو يأخذها غيرك، فأنت أحق بها. سم. بسم الله الرحمن الرحيم.

باب: الوصايا

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: باب: الوصايا عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) زاد مسلم: قال ابن عمر: "ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك إلا وعندي وصيتي ". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الوصايا وغير ذلك الباب في الاصطلاح عند أهل العلم هو عرف خاص لما يضم مسائل وفصول غالباً. ترى هذه موسيقى يا إخوان، في فتوى من اللجنة الدائمة بتحريم ذلك، فلا بد أن تغير مثل هذه النغمة. والأصل في الباب أنه ما يدخل ويخرج معه، والعرف الخاص عند أهل العلم أن الباب لما يضم فصول ومسائل غالباً، في كتب الحديث يضم أحاديث تشتمل على مسائل، وهو حقيقة عرفية عند أهل العلم، وليس من باب المجاز كما يقوله كثير من الشراح. الوصايا: جمع وصية، كالضحايا والهدايا جمع ضحية وهدية، ويراد بالوصية ما يخرجه الإنسان من ماله تبرعاً لله -جل وعلا- بالثلث فما دون، وحكم الوصية تخالف حكم الوقف باعتبار أن الوقف لا بد أن يكون منجزاً، لا يحق لصاحبه أن يتصرف فيه إذا عقده، وأما الوصية فلا تثبت إلا بالموت بالثلث فما دون كما سيأتي. للموصي أن يزيد وينقص حتى تلزم فإذا لزمت الوصية بالموت فلا يجوز تغييرها إلا إذا اشتملت على جنف فيجوز تعديلها، بل يتعين تعديلها على مقتضى الشرع؛ لأن الجنف والحيف والميل يخالف الهدف الشرعي من شرعية الوصية، وقل مثل هذا في الوقف، وهناك مسائل وفروع كثيرة تتعلق بهذين البابين، محلها كتب الفقه، والوقت لا يستوعب الكلام عن كل مسائل هذا الباب. "وغير ذلك" لأن الباب اشتمل على مسائل أخرى، يأتي بيانها في شرح أحاديثها -إن شاء الله تعالى-.

الحديث الأول: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده))، ((ما حق)) يعني ليس من حقه أن يفرط في هذا الشأن، ولذا جاء في بعض الروايات: ((لا يحل لامرئ مسلم)) فدل على أن المراد بالحق المذكور الذي لا يجوز التفريط فيه، بدليل الرواية الأخرى ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه)) أما غير المسلم وقد فرط بأهم المهمات الذي هو الإسلام، لا يطالب بمثل هذا في الدنيا، أما في الآخرة فهو مخاطب بجميع الفروع كمخاطبته بالأصل؛ لأن القول المحقق عند أهل العلم والمرجح أن الكافر مخاطب بفروع الشريعة {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [(42 - 44) سورة المدثر] فذكروا فروعاً، الجمهور على أن الكافر مخاطب، لكن لا يخاطب بها في الدنيا قبل أن يسلم، ولا تصح منه لو فعلها قبل الإسلام، ولو أوصى بجميع ماله وهو غير مسلم في أعمال البر وفي رعاية اليتامى والمساكين ما نفعه ذلك؛ لأنه لم يأتِ بشرطها {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ} [(54) سورة التوبة] فالكافر لا يقبل منه ما يؤديه على كفره، وقد ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- المطعم بن عدي وغيره من المشركين الذين كانت لهم أعمال، أعمال خيرية، يتعدى نفعها وإحسانها إلى الناس، لكن ذكر أنها لا تنفعه؛ لأنه لم يقل يوم من الأيام: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، ما ينفعه، ولذا المخاطبة بمثل هذا على المرء المسلم، وأما الكافر وإن خوطب بها في الآخرة، وعذب بسببها زيادة على ما يعذب به من أجل الإيمان، إلا أنه لا يخاطب بفعلها، ولا يؤمر به، ولا يطالب به. ((ما حق امرئ مسلم)) وفي حكمه المرأة مسلمة؛ لأن النساء شقائق الرجال، لكن التعبير بمثل هذا لأن الغالب أن الأموال إنما تكون بيد الرجال وإلا لو وجدت امرأة مسلمة توجه إليها مثل هذا الخطاب؛ لأن النساء شقائق الرجال، والتكليف واحد.

((ما حق امرئ مسلم)) وصف أول ((له شيء)) وصف ثاني ((يوصي فيه)) وصف لشيء ((يبيت)) كذلك وصف ثالث، ((ما حق امرئ مسلم له شيء)) نكرة في سياق النفي، فتطلق على أدنى شيء تتناوله هذه الكلمة، لكن عرفنا أن السياق سياق إيجاب، بدليل: ((لا يحل لامرئ مسلم)) والواجب مخصوص عند أهل العلم بأي شيء؟ بما إذا كان عليه حقوق واجبة، عليه ديون يجب عليه أن يوصي بها، ويجب عليه أن يثبتها؛ لئلا يؤدي التفريط في كتابتها إلى ضياعها على أهلها، والديون يجب وفاؤها، وهي مقدمة على الإرث، ومقدمة على الوصية؛ لأن الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة: الأول: مؤونة التجهيز، عنده كفن، عنده حنوط، عنده ماء يغسل فيه، في أجرة للغاسل، أجرة لمن يحفر القبر، هذا مقدم على كل أحد حتى الديون، ما يقال: والله يباع الكفن ويسدد ديونه لا، مؤونة التجهيز مقدمة على كل الحقوق. الثاني: الحقوق المتعلقة بعين التركة كالدَّيون التي بها رهن، متعلق بهذا البيت، فالدين المتعلق بهذه العين مقدم على غيره من الديون، الديون المطلقة التي ليس فيها رهن، ومنها حقوق الله -جل وعلا- كالكفارات.

الرابع: الوصايا، مقدم على الإرث، والحق الأخير: الإرث، خمسة الحقوق، الحقوق خمسة، فتجب الوصية إذا كان بذمته دين، إذا كان في عهدته وديعة وأمانة، لا بد أن يبين، وهل يبين كل شيء؟ يعني حتى ما تعارف الناس على مسارعة الوفاء به، يعني تعارف الناس على أنهم لا يسجلون الأمور اليسيرة، الأمور اليسيرة تعارف الناس على عدم تسجيلها؛ لأنها تسدد، يعني هل يكتب في وصيته ما يقترضه من البقالة، من المخبز من كذا من كذا؟ ما يحتاج هذا، هذا تعارف الناس على المسارعة بسداده، أما الديون التي تستحق الكتابة لأن قوله: ((له شيء يوصي فيه)) هذا المال الذي يوصى منه، لكن هذا الكلام فيمن عليه الديون التي تجب كتابتها، وقل مثل هذا في الحقوق الأخرى، يجب على الإنسان أن يسجل ويكتب كل ما يخشى نسيانه مما له أثر في دينه أو في دنياه، يعني شخص تزوج ثم بعد مضي شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين وقع منه طلقة، عليه أن يسجلها، بعد عشرين ثلاثين سنة وقع طلقة ثانية ينسى الأولى، وبعد عشرين ثانية وقع طلقة ثالثة، خلاص تبين امرأته، إذا نسي الأولى يمكن يعاشر زوجته وهي بائنة، فمثل هذه الأمور لا بد من تسجيلها، وعلى الإنسان أن يحرص على إبراء ذمته، والدين شأنه عظيم، فلا بد من تسجيله. أنت عندك كتاب لزميلك عارية، وقع بأيدينا كتب كثيرة لأناس ماتوا، وتجد يكتب: هذا الكتاب عارية لفلان، لماذا؟ لأنه لو لم يكتب هذا وتوفي باعوه الورثة وأكلوا ثمنه، لكن من يثبت أن هذا الكتاب لفلان أو علان إلا بالكتابة، ثم بعد ذلك فلان يتعلق برقبتك يوم القيامة، فاحرص على إبراء ذمتك.

نقرأ هذا الحديث. . . . . . . . . ((له شيء يوصي فيه)) بعض الناس يخاف من هذا الكلام، يخاف من مثل هذا الكلام؛ لأن هناك اقتران بين الوصية والموت، قصة واقعة، نذكر قصة واقعة، شخص كتب وصيته قرأ هذا الحديث وكتب الوصية، ووضعها تحت وسادته، تقلب تقلب يبي ينام، قال: موصي أنا خلاص، معناه أن الموت جاء، ما استطاع أن ينم حتى مزق الوصية، لكن يا أخي ويش العقول اللي تتصور مثل هذا التصور؟ لأنه يكتب في صيغة الوصية كلام متوارث عن السلف: هذا ما أوصى به فلان ابن فلان ابن فلان الحر البالغ المكلف الرشيد، نعم، بعدما شهد أن لا إلا إله الله .. إلى آخره، لكن ما يلزم أن تكون بهذه الصيغة، يكون عندك دفتر وتسجل فيه الذي لك والذي عليك هذا الواجب، هذا بالنسبة للواجب، وتجعل صفحة من هذا الدفتر لما يستحب أن ينفذ فيه جزء من مالك بعد وفاتك وهذه وصية، لا يلزم أن تكون بالأسلوب المتوارث الذي يخافه بعض الناس، قال: ما دخل عينه النوم حتى مزق هذه الوصية؛ لأنه ويش يفهم؟ يفهم اقتران الوصية بالموت، ما يلزم يا أخي، ولذلك الصحابة لما كانوا يسارعون إلى الخيرات، ماذا صار لابن عمر؟ "فو الله ما مرت علي ليلة" ابن عمر هذا الصحابي المقتدي المؤتسي المبادر المسارع المسابق "ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك إلا ووصيتي عندي" لكن على المسلم أن يهتم بحقوق العباد؛ لأنها مبنية على المشاحة، أما كونه عنده مال ويوصي بأعمال البر والخير هذا مطلوب، وجاء الحث عليه من قبل الشارع، لكن أهم من ذلك ما يجب في ذمته، وهو مرتهن به، مرتهن بدينه. ((له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين)) وفي رواية: ((ليلة)) وفي رواية: ((ليلتين أو ثلاثة)) وكل هذا يدل على المسارعة، وأن الوقت لا مفهوم له، كما جاء في سفر المرأة بدون محرم ((لا تحل لامرأة تؤمن بالله أن تسافر مسافة يوم)) جاء يومين، وجاء ثلاثة، كل هذا يدل على أن العدد لا مفهوم له، وأن الوصف المؤثر هو السفر، وهنا المطلوب المسارعة بالوصية وليس المقصود الحد.

((له شيء يوصي فيه)) وكانت الوصية واجبة للوالدين والأقربين ثم نسخت بالمواريث، ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) وعرفنا أن الواجب بالنسبة لما يجب في ذمته وما عدا ذلك مما يستحب له يكون حكم الوصية مستحب "زاد مسلم" طيب الأول من خرجه؟ الكلام الأول الذي قبل: زاد مسلم؟ طالب:. . . . . . . . . متفق عليه، هذا الأصل في شرط الكتاب أنه من الصحيحين، من البخاري ومسلم، هذا شرط المؤلف، وقد يزيد من أفراد البخاري، أو من أفراد مسلم ما يحتاج إليه. "زاد مسلم: قال ابن عمر: "فو الله ما مرت علي ليلة" طيب والرسول يقول: ((ليلتين)) كيف ما مرت عليك ليلة؟ نعم فهم ابن عمر أن المقصود المسارعة والمبادرة "ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ذلك إلا ووصيتي عندي" كتب ما يجب وما ينبغي. ابن عمر له مواقف من هذا ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً. وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) قال عبد الله: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" كلها مبادرات من ابن عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، والمسلم يسمع قال الله وقال رسوله، الأوامر المؤكدة، والنواهي المغلظة وما كأن الأمر يعنيه، لا يا أخي لا تقول: والله المقصود عاد وثمود، لا، المقصود أنت، حتى في قصص الماضين ليس المقصود الأمم السابقة، وليس المقصود والمراد من سياقها المتعة، لا، ما هو المقصود أنك تتسلى بها، لا، مضى القوم ولم يرد به سوانا {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} [(111) سورة يوسف] ما هي المسألة تذكر النصوص على أنها تقرأ للبركة كما يفعله بعض متعصبي المذاهب، بعض متعصبي المذاهب يجعلون الدساتير أقوال الأئمة، وأما النصوص من الكتاب والسنة تقرأ للبركة، هذا الكلام ليس بصحيح {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ} [(59) سورة النساء] لمن؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم، هنا يرد عند الاختلاف، أما والله القول الفصل في قول فلان أو علان هذا ما هو بصحيح، نعم قد يرجع إلى فلان وفلان لبيان قول الله وقول رسوله عند من لا يدرك ذلك. قال عبد الله: "والله" يقسم "ما مرت علي ليلة منذ سمعت" طيب وهذا .. ، لكن هل منا أحد الليلة بيكتب وصيته بعد هذا الكلام؟ ترى ما .. ، سبحان الله العظيم! القلوب رانت عليها الذنوب، ونسمع الكلام، وسمعناه، وقرأناه، وشرحناه، وشُرح لنا، وإلى الآن ما سوينا شيء، نعم اللي عنده وفي ذمته مال لا يجوز له أن يفرط بحال، خلاص في ذمتك حقوق سجلها يا أخي؛ لأن هذا الدين شأنه عظيم، النبي -عليه الصلاة والسلام- رفض أن يصلي على من في ذمته ثلاثة دراهم، ترى ما تعادل ريال ثلاثة دراهم، سجل يا أخي، الذي عليك احرص عليه، والذي لك الأمر إليك، إن بنيت أمرك على المسامحة، وقلت: المستطيع يؤدي وغيره تعفو عنه، فالله -جل وعلا- أحق بالعفو، وأبشر من الله -جل وعلا- بما يرضيك، لكن الحقوق التي بذمتك ولو قلت سجل، لكن ما تدري متى يفجأك الوقت، يعني تظنون أن الإنسان لا بد أن يمر بمراحل يبدأ به المرض شيئاً فشيئاً فشيئاً، شهر شهرين ثلاثة، ثم يدخل العناية، ويأخذ له .. ، ما هو بصحيح، كم شخص عمر ولا سكن، فرش وأثث ولا سكن، ويش يصير؟ هذا كثير ترى، مما ذكر: تزوج بالليل وجلس بعد صلاة الفجر تصب له القهوة ومكانه، الأمر ليس ببعيد يعني،. . . . . . . . . نتصور أننا لا بد نمر بمراحل مر بها من سمعنا، مرض شيئاً فشيئاً، لا، لا ما هو بصحيح، فليحرص الإنسان على إبراء ذمته؛ لئلا يتعلق به الناس، والشهادة في سبيل الله لإعلاء كلمة الله تكفر كل الذنوب -المعروف الشرك ما يدخل في هذا- لكن تكفر جميع الذنوب إلا الدين، فالدين شأنه عظيم، فليحرص الإنسان على المبادرة بوفائه، إذا لم يستطع يسجل: في ذمتي لفلان ابن فلان، وطلاب العلم يتداولون الكتب، بعض الناس ما يرضى أن تكتب على كتابه: أن هذا الكتاب عارية عندي، اكتب بقلم يمكن مسحه، وإذا خشيت من ورثتك أنهم يمسحنه؛ لأنه يمسح الكلام، بعض الناس يتصرف، وجاء بعض الكتب تمسح الأختام، وقف لله تعالى ثم يمسحونه، يبيعونه.

على كل حال احرص على إبراء ذمتك بأي وسيلة تراها نافعة، نعم. وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: ((لا)) قلت: فالثلث؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) قال: فقلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ قال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقباهم، لكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني: "عن سعد بن أبي وقاص" أحد العشرة المبشرين بالجنة. سعيد وسعد وابن عوف وطلحة ... وعامر فهر والزبير الممدحُ وهذا منهم، من العشرة، يعني ما بعد الأربعة ذكر الستة، وهذا منهم، من العشرة المبشرين بالجنة، وسيرته وأخباره ومناقبه واعتزاله للفتن معروف، وبلاؤه وغناؤه في الجهاد معروف أيضاً، والرجل مرض في حجة الوداع، واشتد به الوجع فخشي أن يموت، فعاده النبي -عليه الصلاة والسلام- وأخبره؛ لأنه عله أن يخلف، وقد خلف بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من أربعين سنة، وانتفع به أقوام، وانتفعت به الأمة، في الفتوح، وتضرر به آخرون من طوائف الكفر، ومناقبه في كتب الصحابة موجودة.

"عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع" الإمام الأعظم، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعود المرضى، وقد جاء الحث على ذلك، وأن عيادة المريض من حقوق المسلم على أخيه، ونقل النووي -رحمه الله تعالى- أن عيادة المريض سنة، الإجماع، نقل الإجماع على أن عيادة المريض سنة، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يقول: باب وجوب عيادة المريض، تجب عيادة المريض، لكن هل تلزم كل أحد؟ لا، إنما عيادة المريض جاء الأمر بها، والنووي نقل الإجماع على أنها سنة، فهل يخفى عليه ترجمة البخاري: باب وجوب عيادة المريض؟ يعني إذا قال إذا نقل الإجماع على أن صلاة الكسوف سنة، مع قول أبي عوانة في صحيحه: باب وجوب صلاة الكسوف، نقول: قد يذهل عن مسند أبي عوانة، لكن هل يذهل عما في صحيح البخاري؟ إذا غفل عن صحيح البخاري يتذكر أين؟ ماذا يتذكر إذا غفل عن صحيح البخاري؟ ولا نتصور أن مثل النووي، مثل من ينتسب إلى العلم، أو كثير ممن ينتسب إلى العلم في هذه العصور قد يخفى عليه بعض البدهيات، وهذا خلل في التحصيل، تجد طالب العلم يعنى بالأجزاء والمشيخات، وليست له أدنى عناية في صحيح البخاري، هذا خلل في المنهجية، جزء بي بي، وجزء ألف دينار، وجزء كذا، ومشيخة فلان، ومشيخة علان، ويهتمون بها طلاب العلم، ويتركون صحيح البخاري، وأمثال صحيح البخاري، يعني ما بعد القرآن إلا صحيح البخاري، فعلينا أن نعنى به، ونوليه العناية التامة الفائقة، ولا نقتصر على المختصرات، كم فات من علم عظيم وخير على من يعتني بالمختصرات، ويترك الأصول، تقرأ تحفظ مختصر البخاري، لكن ما يمر بك مثل هذا الحكم باب: وجوب عيادة المريض، الذي هو فقه أهل الحديث، تراجم البخاري هي فقه أهل الحديث، إمام الصنعة الإمام البخاري، فيقول: باب وجوب عيادة المريض، والرسول -عليه الصلاة والسلام- الأسوة والقدوة زار، زار المرضى الشريف والوضيع، بل زار غير المسلمين، زار اليهودي، واستغل الزيارة في الدعوة إلى الله -جل وعلا-، ومنا من يعود المرضى، يتردد على المستشفيات طلباً للأجر والثواب من الله -جل وعلا-، وفي طريقه ذهاباً وإياباً ينظر من المنكرات ما

يتكلم بكلمة، هذا أمر لا بد أن نتنبه له، وليس معنى هذا أننا يا فلان يا علان، لا، لا بالرفق واللين، بالكلمة الطيبة، وتبرأ ذمتك، وينفع الله به كلام ينتفع به الخلق، بالرفق واللين مجرد إشارة أو شيء يعني ينبئ عن أنك ليست براضٍ عن هذه الأعمال، أما التواطؤ على السكوت هذا الذي جعل المنكرات تستشري وتزيد، وكل يوم طالع لنا مصيبة بسببها، فعيادة المريض سنة. أيضاً استغلال الوضع، والظرف، يوسف -عليه السلام- لما دخل السجن واحتاجوا إليه، تركهم دعاهم إلى التوحيد، وهكذا ينبغي أن يكون كل مسلم داعية حسب موقعه، ولا يتصور الإنسان أن الأمة ليست بحاجة إليه، الأمة بحاجة إليك، أنت تعطي مواعيد، الناس كلها اللي يبون مواعيد بحاجة إليك، لاحظت شيء قل كلمة طيبة، طبيب، والمرضى كلهم بحاجة إليه، والمريض مثل الغريق بس تملي عليه إملاء ويقبل -إن شاء الله-، لو لم يكن في ذلك إلا إبراء الذمة. معلم مع طلابه، داعية، شيخ، قاضي، عالم، كل في موقعه، عامي، هناك أمور يدركها الناس كلهم من المنكرات يؤدي ما عليه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما زار اليهودي عرض عليه الإسلام، فنفعه الله -جل وعلا- بزيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- فأسلم. "جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني في عام حجة الوداع" في أواخر أيامه -عليه الصلاة والسلام- مكث بعدها ثلاثة أشهر وأيام "من وجع اشتد بي" يخبر، فالإخبار عن الوجع بل عن شدة الوجع لا ينافي الصبر، إذا كان لمجرد الإخبار دون جزع، ودون تسخط، ودون تشكي لا بأس، وهذا لا ينافي الصبر، يقول: "من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى" وهذا أيضاً إخبار بأنه بلغ الوجع مبلغه، حتى أنه خشي من الموت، "وأنا ذو مال" صاحب مال، (ذو) من الأسماء الستة أو الخمسة، تعرب بالحروف، وهي هنا خبر مرفوع بالواو، (ذو) مضاف ومال مضاف إليه.

"ولا يرثني إلا ابنة" بنت واحدة "أفأتصدق بثلثي مالي؟ " يعني البنت هذه يكفيها الثلث، والباقي يتصدق به، "أفأتصدق بثلثي مالي؟ " قال: ((لا)) " طيب لو أنجزه، أنجز الثلث، الثلثين أخرجه من عهدته، لكنه في هذه الحالة مريض، أما في حال الصحة له أن يتصدق، والخلاف في الشخص الذي يريد أن يتصدق بجميع ماله، وقد فعل ذلك أبو بكر -رضي الله عنه وأرضاه-، فإن كان عنده من اليقين والثبات والصبر والتحمل مثل ما عند أبي بكر يجوز له ذلك وإلا فلا، إن كان يبي يتصدق بجميع ماله، ويجلس عالة على الناس يتكففهم ويسألهم هذا لا.

"أفأتصدق بثلثي مالي؟ " يعني ويترك الثلث الثالث لهذه البنت "قال: ((لا)) قلت: فالشطر يا رسول الله؟ يعني النصف "قال: ((لا)) قلت: فالثلث؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير)) " وفي رواية قال: ((العشر)) وما زال يزيده حتى بلغ الثلث والثلث كثير، في مثل هذا أحياناً يأتي الإنسان عنده الرغبة الشديدة في الخير، فمثل هذا يبدأ به من الأدنى، لكن بعض الناس منصرف، عنده الملايين والمليارات، وهل يقال: لمثل هذا الثلث كثير أو يقال له: أبو بكر تصدق بجميع ماله؟ النصوص الشرعية تأتي بهذا وهذا علاج لأحوال الناس وأوضاعهم، شخص شحيح ممسك، يقول: يا أخي أبو بكر تصدق بجميع ماله، وعسى هذا يتصدق بالعشر، إذا قلت له مثل هذا الكلام، لكن شخص مندفع جاب لك أمواله كلها، تقول: يا أخي يكفي العشر، واترك مالك لنفسك وورثتك، نعم، فالنصوص الشرعية علاج، لما جاء عبد الله بن عمرو وهو مندفع يريد أن يقرأ القرآن كل يوم قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اقرأ القرآن في شهر)) لكن هل يحسن أن يقال لطلاب العلم: يكفي منكم أن تقرؤوا القرآن في شهر مع الانصراف الذي نلاحظه؟ لا، يقال لهم: إن عثمان يختم في ركعة، وفلان يختم في كل يوم، أقل الأحوال أن طالب العلم يقرأ القرآن في ثلاث، يقال مثل هذا لمن؟ للمنصرف، لعله أن يرعوي، لكن المندفع تقول: لا يا أخي، جزء في يوم تتدبر هذا الجزء أفضل لك من ختمة، فالنصوص تأتي علاج لأمراض الناس، فالداعية والمعلم والعالم إذا رأى في الناس انصراف وتفريط أورد عليهم من نصوص الوعيد، والعكس فيما إذا كان في مجتمع فيه إفراط وغلو، أورد عليهم نصوص الوعد، والأصل التوسط، يعني الأصل أن ينظر إلى هذا مثلما ينظر إلى هذا، لكن في المجتمع المتوسط، أما إذا وجد غلو وإفراط وتشريد تقرأ نصوص الوعد، وأن رحمته وسعت كل شيء، وإذا وجد مجتمع ثاني مفرط متساهل مضيع للواجبات مرتكب للمحرمات، هات نصوص الوعيد، ومثل هذا فيما إذا جاءك شخص مندفع يخرج من جميع أمواله تقول: لا يا أخي، العشر، الثمن، الخمس، إلى أن تصل الثلث كثير، حد، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"قلت: فالشطر يا رسول الله؟ -النصف- قال: ((لا)) قلت: فالثلث؟ قال: ((الثلث، والثلث كثير)) " من أهل العلم من أخذ من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الثلث كثير)) قاعدة يدخلها في جميع أبواب الدين، طيب، الغبن في الأموال، اشتريت سيارة بخمسين ألف، سألت عنها، قالوا: ما تسوى إلا أربعين، نقول: لا، بعد شوية، ما وصل الثلث؛ لأن الثلث كثير فما دونه قليل، يعني مفهومه أن ما دون الثلث قليل، تسوى خمسة وثلاثين، لا، غبن هذا، أو سبعة عشر، الثلث، نعم، لو ثلاثة وثلاثين قلنا: الثلث، والثلث كثير، إذن لك الخيار، خيار الغبن، منهم من قال: يمسح ثلث الرأس؛ لأن الثلث كثير، ومنهم من .. ، في مسائل كثيرة يجعلون الثلث حد، في قضايا متعددة، ومنهم من يقول: كل باب له ما يخصه، وأن هذا الثلث كثير في باب الوصايا، وما عدا ذلك ما جاءت قاعدة عامة من الشرع، اشترى سيارة تسوى عشرين ألف بخمسين ألف، فالثلث كثير، نقول: لا، لا يقول شخص آخر لا يرى تعميم مثل هذا الكلام، لا، يقول: ذلك يوم التغابن، الدنيا ما فيها غبن، الغبن كله في الآخرة، نعم، الغبن كله في الآخرة، الدنيا ما فيها، كلها ما تسوى غبن، يعني الذي ما يجري هذا قاعدة شرعية، والذي يجريه قاعدة شرعية يستعملوه في أبواب الدين كلها، الثلث والثلث كثير، لكن هل هي قاعدة عامة أنت مدين بمائة ألف تقول: خذ هذه خمسة وثلاثين أكثر من الثلث والثلث كثير، ما هو بصحيح، يوجب عليك صلوات وصيام، تصوم عشرة أيام وتقول: والله صمت الثلث والثلث كثير؟ لا، لا هذا لا يدخل في مثل هذا أبداً.

في بعض الروايات: ((كبير))، ((إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة)) (أن) جاءت بفتح الهمز وكسرها ((خير من أن تذرهم عالة)) فقراء ((يتكففون الناس)) يسألون الناس بأكفهم، يسألون الناس بأكفهم ((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) هذا من فضل الله -جل وعلا- ورحمته للأمة أن جعل النفقة الواجبة فيها أجر، بل جعل اللذة فيها أجر "أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ " قال: ((نعم، أرأيت لو وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ )) قال: نعم، قال: ((فكذلك الحلال)) فيه أجر، نعم، لكن مثل هذا يحتاج إلى نية. ((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) تشتري حليب لطفلك فيه أجر، تشتري أدنى شيء نفقة لأولادك فيه أجر، لكن استحضر النية، وأنك تؤدي بذلك واجب أوجبه الله عليك، ولا أقل من أن يستحضر الإنسان النية العامة، يعني إذا عزبت النية في كونه يدخل بقالة يأخذ خبز يحتاج إلى نية، لكن أقل الأحوال النية العامة في ميزانية المصروف الشهري، وأنت داخل المحل الكبير تأخذ أغراض لمدة شهر، تنوي بذلك التقرب إلى الله -جل وعلا-، وأنك تؤدي هذا الواجب، أما بالنسبة لكل فرد فرد هذا ما في شك أن فيه مشقة على الناس، نعم، يعني بعض الناس يجعل يوم وليكن اليوم الذي يستلم فيه المرتب الشهري لقضاء الحوائج، ميزانية الحوائج لهذا الشهر، والله خمسة آلاف مثلاً ادخل المحل الكبير بهذه النية، وتجري لك الأجور إلى مثله من الشهر الثاني.

((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيِّ امرأتك)) النية العامة تنفع، ولذلك المزارع إذا زرع ينوي بذلك الخير، وأن يستحضر بذلك وقت الزراعة أن يؤكل منه، من الناس، من الدواب، من الطيور، كل هذا فيه أجر، لكن ما يلزم أن ينوي أن كل ما أكل منه يكتب له أجر، النية العامة تكفيه، بل مثل هذا يقول بعض أهل العلم: أن مثل هذا لا يحتاج إلى نية، الأجر رتب عليه وهو ما نوى، وقل مثل هذا في الفرس التي يربطها للجهاد في سبيل الله، ثم تشرب من الماء يكتب له الأجر، ولو لم يقصد شربها، كما جاء في الحديث الصحيح، ولم لم ينوِ شربها من الماء؛ لأنه إنما ربطها في سبيل الله، وفضل الله واسع، فعلينا أن نري الله -جل وعلا- منا الإخلاص، وقصد التقرب إليه -جل وعلا-. ((حتى ما تجعل في فيّ امرأتك)) هذا من حسن العشرة والتعامل، يعني تأخذ اللقمة وتضعها في فيها، بعض الناس يأنف من هذا ويتكبر، لكن هذا لا شك أنه من العشرة بالمعروف، وبعض الناس إذا دخل البيت مثل الإمبراطور ما يريد أحد يتنفس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في خدمة أهله {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(228) سورة البقرة] تريد منك احترام وتقدير مثلما تريد منها، هي امرأة إنسانة كاملة الحقوق، ويبقى أن الرجل هو الراعي، وهو القوام على من تحت يده، لا نقول: إن المرأة مثل الرجل، لا، أما المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله -جل وعلا- فضل الجنس على الجنس {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [(228) سورة البقرة] لكن لا يعني هذا أنك تستغل هذه القوامة وهذه الدرجة لتجعلها مسخرة مذللة، لا يا أخي؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [(228) سورة البقرة] لك حقوق ولها حقوق، وتريدها تتعامل معك باحترام وتقدير احترمها وقدرها هي إنسانة لها حقوق ولها مشاعر ولها نفس مثلك، وابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "إني لأتجمل لها كما أحب أن تتجمل لي". ((حتى ما تجعل في فيّ امرأتك)) يعني في فمها، وهذا أيضاً من الأسماء الخمسة، أو الستة على الخلاف في السادس، وهناك مرفوع ذو مال، وهنا في فيّ امرأتك.

"قال: فقلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ قال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) " يعني السياق هل يدل على أنه راغب في البقاء أو راغب في الموت، يعني كونه يموت في الدار التي هاجر منها، وتركها لله -جل وعلا- هذا ما فيه شك أنه بالنسبة له منقصة، ولذلك رثى النبي -عليه الصلاة والسلام- سعد بن خولة؛ لأن هذا شيء تركه لله -جل وعلا-، فكونه يموت فيه وقد تركه لله -عز وجل- الأكمل أن لا يموت فيه، وأن لا يبقى فيه حتى يموت، ولذا لم يترك للمهاجر فرصة إلا ثلاثة أيام، يبقى في البلد الذي هاجر منه، فقوله: "أخلف بعد أصحابي؟ " هل يعني هذا أنه متشوف لطول المدة أو متشوف للموت؟ ويش يدل عليه السياق؟ "قال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به)) " كأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يسليه، وقوله: أصحابي، يعني كأن الرفقة كلهم مشوا وأنا بقيت، يدل على أنه راغب في الحياة أو غير راغب؟ يعني الأسلوب يدل على أنه غير راغب، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سلاه "فقال: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) " هذا تسلية له، إنك يعني إذا خلفت تكسب خير، ولذا بعض الناس في مثل هذه الظروف، وفي أيام الفتن والمحن يتمنى أن لو مات، ويغبط من مات، نعم يأتي في وقت من الأوقات تزداد الفتن والمحن بحيث يخشى الإنسان على دينه، يمر بصاحب القبر فيقول: ليتني مكانك، لكن في مثل هذه الأيام -ولله الحمد- أبواب الخير مفتوحة، افعل الخيرات، اذكر الله، أقل الأحوال الذكر اللي ما يكلفك شيء، وأنت الآن تظن أن غرسك اكتمل، وأن الجنة تنتظرك؟ لا يا أخي لا تظن هذا، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر الباقيات الصالحات كل جملة شجرة في الجنة، اغرس يا أخي، والجنة قيعان، وجاء في الخبر أن أخوين استشهد أحدهما وبقي الآخر أربعين يوم بعده، فرؤي المتأخر أفضل من ذلك، لماذا؟ كم صلى من فرض؟ صلى مائتين فرض، وصام، وذكر الله -جل وعلا-، وأتى بأنواع من العبادات، مثل هذا ما يتيسر للي مات خلاص انقطع عمله، إلا إن كان هناك من الأمور التي تجري بعد الموت.

((إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) فالإنسان يتمنى طول العمر من أجل إيش؟ زيادة العمل، زيادة الرصيد، ما يتمنى طول العمر ليبني العمارات الشاهقة، ويكدس الأموال الطائلة، وتزيد أرصدته في البنوك إلى أن يكسب الملايين، بل مئات الملايين، هذه من أجل إيش؟ ترى ما زاد على العيش على الكفاف عذاب في الدنيا قبل الآخرة، تدرون هناك ناس يراقبون الشاشات ليل نهار، ويش حياتهم هذه؟ زاد الدولار أخذ له حبة، ارتفع عنده الضغط، نقص ما أدري إيش؟ اللين، أخذ حبة، انخفض عنده السكر، هذه حياة هذه؟! ملايين يناظرونها في الشاشات، ما يستطيعون .. ، ما يأكلون، ولا يتلذذون على فرش، تعطلت منافعهم، ومع ذلك وراء هذه الشاشات لا يذكرون الله إلا قليلاً، فالإنسان يتمنى طول العمر من أجل إيش؟ ((فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) هذا الذي يتمناه الإنسان، بعض الناس يوسع الآمال ويطولها على شان إيش؟ على شان يرى الأموال، ويرى الأولاد، ويرى .. ، لأنه تبع، هذا ما هو بهدف، الهدف الشرعي من وجودك تحقيق العبودية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] أما والله زادت ملايينك وإلا نقصت والله هذه وبال عليك، حلالها حساب وحرامها عقاب، ولن تزول قدماك حتى تسأل، من أين اكتسبت؟ وفيما أنفقت؟ وقد تنفق الأموال الطائلة عندك مليار قد تنفق خمسمائة مليون، وتكون من الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار، قد تبني بالخمسمائة مليون ألوف المساجد، ثم ماذا؟ تكوم من الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، فعلى الإنسان أن يحرص، ماذا فعلت؟ اكتسبت الأموال، طيب من أين؟ كيف اكتسبت؟ حيل، غش، ربا، خيانة، سرقات، وإلا إيش؟ حلال، طيب حلال، فيما أنفقتها؟ أنفقتها ابتغاء مرضاتك، وطلباً لجنتك، لا، أنفقت ليقال: فلان جواد، هذا كلام من لا ينطق عن الهوى، يعني وجد من يصرف إذا جاءه الفقير وعنده مجمع من التجار وكذا صرف له الشيك، على شان إيش؟ على شان يشوفونه التجار، ووجد أيضاً بعد من يتصرف يروح إلى .. ، يدخل مباشرة يكلم البنك احجزوا المبلغ، يعني كلام من لا ينطق عن الهوى، وإلا

قد يقول قائل: يا أخي الناس فيهم خير، وفيهم بركة، لكن الإنسان يحرص على نيته، وقد يفني الإنسان عمره في تحصيل العلم، وفي تعليمه للناس وتوجيههم، ويستفيد منه خلائق، يدخلون بعلمه الجنة، وهو أول من تسعر به النار، فليكن الإنسان على حذر، يحقق هذه العبودية التي من أجلها خلق والهدف، شوف ((لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة)) هذا الذي .. ، من أجل هذا يتمنى الإنسان طول العمر، يقول: ((ولعلك أن تخلف)) ولعلك هذه صيغة ترجي، وهي في القرآن لا تخلف واجبة كما يقول أهل العلم، والكلام في السنة جاء ما يدل على هذا وعلى هذا، لكنه هنا تحققت، تحقق هذا الرجاء. ((ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام)) الأمة بكاملها انتفعت بتخلفه، حيث عمر بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من أربعين سنة ((حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون)) انتفعت الأمة، وتضرر به الكفر والكفار، وحصل على يديه من الفتوح ما حصل، الجهاد الصريح ضرب فيه بسهم وافر، لكن الفتن هل أقحم نفسه في الفتن؟ لا، اعتزل، يأتي ابنه: يا أبتاه، الناس اقتسموا الملك، اقتسموا الدنيا، قال: لهم الدنيا، وهو معتزل بالعقيق.

((ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون)) وهذا هو الحاصل ((اللهم أمض لأصحابي هجرتهم)) يعني ما تركوه لله -جل وعلا- أمضه لهم، ولا تردهم على أعقابهم بأن يسكنوا ويستوطنوا البلدان التي تركوها من أجل الله، والهجرة شأنها عظيم في الإسلام، وهي باقية، باقية إلى قيام الساعة، وهي الانتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، من بلاد البدع، بلاد المعاصي إلى بلاد السنة، بلاد الاستقامة والالتزام عند من يعينك على تحقيق الهدف، هذه الهجرة، وهي باقية إلى قيام الساعة، وهي واجبة، ولا يجوز البقاء بحال بين ظهراني الكفار، والخطر على المسلم وعلى ذريته معروف يدركه كل أحد، وكمن طفل من أبناء المسلمين تنصر وإلا تهود وإلا ترك دينه؛ لأنه بيضطر يدرسه في مدارسهم، يدرسه دياناتهم، يقول: والله إحنا عندنا حرية ونزاول أعمالهم ما هو بصحيح، عندك حرية وأنت طالع نازل ذاهب آيب تشوف الكفار وأعمالهم وكفرهم وفجورهم تشوف معاصيهم الظاهرة والباطنة ما هو بصحيح، إذا كان أهل العلم يوجبون بل يحرمون البقاء في بلد ولو كان إسلامي، ليس فيه عالم يفتي الناس، ويدلهم على الحق، ويدلهم على الخير، ويرشدهم إليه، منهم من أفتى بتحريم البقاء في مثل هذا البلد، فكيف بالإقامة في بلاد الكفار؟! ونحن -ولله الحمد- في هذه البلاد نعيش نعم، نعم لا تخطر على البال، يعني أنواع مما يرضي الله -جل وعلا- موجود عندنا، نعم عندنا شيء من الخلل عندنا نقص، عندنا معاصي، والخبث كثر، نسأل الله -جل وعلا- أن يعيد الأمة إلى دينها. ((لكن البائسُ)) أو البائسَ، لماذا؟ لأنها مخففة. وخففت (إن) فقل العملُ ... . . . . . . . . . {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه] وإلا الأصل إن هذين، ((لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) يتوجع له، لكونه مات في البلد الذي هاجر منه، الذي تركه لله -جل وعلا-، نعم. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الثلث، والثلث كثير)).

باب: الفرائض

نعم هذا من كلام ابن عباس يقول -رضي الله عنهما-: "لو أن الناس غضوا" نقصوا "من الثلث إلى الربع"؛ لأنه ما دام الثلث كثير فالمطلوب ما هو دونه إلى الربع أو الخمس، وقد فعله أبو بكر -رضي الله عنه-، وقد رضي أبو بكر بما رضي به الله لنفسه، الرب -جل وعلا- رضي بالخمس {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} [(41) سورة الأنفال] يقول: رضيت بما رضي به الله لنفسه، الخمس. يقول: "لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الثلث، والثلث كثير)) " وكل هذا من أجل مراعاة حقوق الورثة، فيراعي الإنسان .. ، وألزم ما عنده من يمون، وكفى به إثماً أن يضيع من يمون، فهم أولى الناس ببره وعطفه، لكن لا ينسى نفسه، فماله الذي يقدمه لنفسه، لكن لا ينظر إلى النصوص التي تحث على الصدقة وينسى من تحت يده؛ لأن بعض الناس ما يستوعب الأمور مكتملة، ما يستوعب الأمور من جميع وجوهها، فيسمع الحث على الصدقة وأن ماله ما قدم، ومال الوارث ما أخر وكذا، يقول: ما علي من الوارث، قد يقول هذا الكلام فينساه، فيقال له: لا يا أخي أنت غض من الثلث؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((الثلث كثير)) وهذا أيضاً يقال فيه مثلما قيل في الحديث السابق، نعم. قال -رحمه الله تعالى-: باب: الفرائض عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) وفي رواية: ((اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر)). باب: الفرائض

الفرائض: جمع فريضة، الفريضة النصيب المقدر المفروض للوارث، ويدخل فيه تبعاً ما جاء في هذا الحديث التعصيب؛ لأن الفرائض الأصل فيها الفروض المقدرة في كتاب الله -جل وعلا-، الستة المعروفة، النصف ونصفه ونصف نصفه، النصف والربع والثمن، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، الثلثان والثلث والسدس، هذه الفرائض، يعني المفروضة المقدرة، ويلحق بها التعصيب الوارد في مثل هذا الحديث، من باب الإلحاق، ويراد بالفرائض قسمة المواريث، جمع فريضة، فعيلة بمعنى مفعولة، مثل جريحة بمعنى مجروحة، قتيلة بمعنى مقتولة، قد تطلق الفرائض ويراد بها الواجبات في أبواب الدين كلها، ولذا يقول أهل الحديث: إنه ينبغي لطالب العلم أن يبدأ بالحديث عند العشرين، وما قبل ذلك يشتغل بالفرائض، هل معنى هذا أنه يشتغل بالمواريث؟ لا، يشتغل بعلم الحلال والحرام، ثم يبدأ بطلب الحديث، والخلاف في متى يبدأ الطالب بالحديث معروف عند أهل العلم، والأولى أن يبدأ به من التمييز كغيره من العلوم. المقصود أن الفرائض بالاصطلاح الخاص يراد بها قسمة التركات والمواريث؛ لقوله -جل وعلا-: {نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} [(7) سورة النساء] فهي مفروضة. "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) " هذا صاحب نصف، لا بد أن يعطى النصف ما لم يوجد حاجب يحجبه حجب نقصان، هذا صاحب نصف أو ربع يعطى نصفه أو ربعه ما لم يوجد حاجب حجب حرمان أو نقصان، أو مانع من موانع الإرث، المقصود أن مثل هذه لا بد من أن تؤدى إلى أهلها ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) الفرائض الله -جل وعلا- تولى قسمتها، ولم يكل ذلك إلى أحد، ما ترك هذا إلى اجتهاد الناس، بل تولى قسمتها كالزكاة.

((فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) صاحب النصف أخذ نصفه، صاحب الربع أخذ ربعه، وصاحب السدس .. ، بقي عندنا يعطى المعصب، يعطى العاصب، والعاصب له ما بقي بعد الفروض، يعطى ما بقي بعد الفروض، فإذا لم يوجد صاحب فرض العاصب يأخذ المال كله، توفي شخص عن ابن فقط ماله لابنه، توفي شخص عن زوجة وأم وابن، الزوجة تأخذ الثمن، والأم تأخذ السدس، والابن يأخذ الباقي، توفي شخص عن ابن وبنت للذكر مثل حظ الأنثيين، طيب البنت صاحبة فرض ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) البنت لها النصف، نعم؟ نعم لا بد أن لا يوجد عاصب، وهو أخوها، فإذا وجد هذا العاصب صار للذكر مثل حظ الأنثيين {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] وهذه قاعدة الفرائض أن الذكر له نصيب اثنتين من النساء إلا في باب الإخوة لأم، وهذا من وجوه تفضيل جنس الذكر على جنس الأنثى؛ لأنهم هم أهل التبعات، وهم أهل النفقات، وهم أهل البذل، فعليهم من الالتزامات ما لا يوجد نظيره في النساء، ولذلك فضل الرجال على النساء في هذا الباب، وجاء تفضيل الرجل على المرأة في الضعف في خمسة مواضع، هنا في المواريث، في الإرث، والثاني: على النصف، نعم في الشهادة، القوامة ويش دخلها يا إخوان؟ يعني على المرأة نصف قوامة الرجل؟ نعم؟ الشهادة {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [(282) سورة البقرة] الثالث؟ هاه؟ الدية، دية المرأة نصف دية الرجل، الرابع؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . ما أسمع والله. طالب: العقيقة. عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، بقي واحد، الصلاة، تصلي نصف صلاة الرجل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش هو؟ طالب:. . . . . . . . . يعني نصف صلاة الرجل تصلي؟ أنا أقول: على النصف، على النصف، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

العتق، من أعتق رجل كمن أعتق امرأتين، هذه خمسة مواضع ولا سادس لها، المرأة على النصف من الرجل في هذه الخمسة المواضع في الشرع، ثم يأتي من يطالب أن المرأة كالرجل، وأنها جنسه، وشقيقة الرجال، ويأتينا من يقول: إن لو استعرضنا آيات المواريث لوجدنا أن المرأة على النصف في ثلاث آيات، وثلاث آيات متساويين، والسابعة سجال، مرة هذا ومرة هذا. كل هذا تلبية لرغبات أعداء، يُتنازل معهم إلى هذا الحد، هذا ديننا، لا بد أن نعتز بديننا {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [(33) سورة فصلت] ولا عليك من أحد، لا بد منه، ما نجعل الدين متهم في قفص، والسعيد من يدافع عنه، أبداً، ما له حاجة بأحد، هذا ديننا، الذي يدخل بطوعه الله يحييه، واللي ما يدخل جهنم موعود إياها، أما أن نستحيي ونستخفي بديننا على أن الأمم كلها ضدنا ما علينا منهم، فلا بد أن نعتز بهذا الدين، وعلى المرأة أن ترضى بالشرع، وعلى الرجل الذي لم يكتب له حظ في هذه الدنيا أن يرضى ويسلم، نفس الشيء: كن صابراً للفقر وادرع الرضا ... بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ

ما تقول لي: والله فلان يملك مليار وأنا ما أملك ريال نشتري به خبز، هذا ما هو بشغلنا، أنت لك ما يترتب على وضعك من الثواب والعقاب، وذاك أيضاً عليه تبعات، وأنت تحسبه سالم؟! بكرة يتمنى أنه مثلك، لا تظن أنك مظلوم أبداً، فالمرأة يجب عليها أن ترضى وتسلم، والرجل كذلك، ولو رأى أن فلان فضل عليه ما يضر {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} وانتهينا؟ {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] لا بد من التسليم، وقدم الإسلام كما يقول أهل العلم: لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، ويش معنى إسلام يا أخي؟ أنت رضيت بأن تكون مسلم، بل شرفك الله -جل وعلا- بالإسلام، ومنّ عليك أن هداك للإسلام، الإسلام هو الاستسلام والانقياد والتذلل والخضوع لله -جل وعلا-، أنت ما ترجو والله شيء من فلان أو علان تقول: بكيفه يعطيني وإلا ما يعطيني الأمر واحد، لا، أنت ترجو جنة عرضها السماوات والأرض، ولا يكفي أنك في جنة وإلا في صحراء ترعى من حشائش الأرض، لا، إما في جنة وإلا في نار، فريق في الجنة وفريق في السعير، لأنه قد يقول قائل: والله الجنة تبي تكاليف، وحفت بالمكاره، أنا ما عندي استعداد، أنا أتستدح، يعني لو البديل أنك ترعى بالحشائش بالبرية ومتى ما جاءك الموت تموت سهلة، لكن نار تلظى {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [(36) سورة فاطر] ما هي المسألة سهلة، {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف] بس ما تهيأ، يعني مو بالبديل، إنك إما جنة عرضها السماوات والأرض وجاء في وصفها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، هذه جنة، لكن تقول أنت: والله أنا أتستدح ما عندي استعداد نسوي تكاليف، لكن عندك صبر على النار؟ هذا الإشكال، فعلى الإنسان أن يرضى ويسلم، ولو أن الإنسان طار فرحاً وشوقاً، واستمر لسانه رطباً بذكر الله -جل وعلا- وشكره لأنه هداه للإسلام، نعمة لا يقوم بها .. ، لا يعدلها شيء هذه النعمة.

شخص من عامة المسلمين أسره الكفار، فكتب لصاحب له: أن الكفار أسروني، فكتب صاحبه: اشكر الله، شكر الله، ثم كتب له ثانية، وقال: سلسلني الكفار وقيدوني، فكتب له صاحبه: اشكر الله، شكر الله، ماشي، طيب، قيد معه أسير آخر يهودي، كتب لصاحبه، قال: اشكر الله، قال: معي واحد ساحبه معي، قال: اشكر الله، اشكر الله، أصيب اليهودي ببطنه فصار ما يمسك، ما جاء طلع، وهذا مربوط معه ... ، فكتب له صاحبه: اشكر الله، قال: وبعدين إلى متى؟ أشد من ها الحالة اللي أنا أعيشها؟ قال: نعم، اشكر الله إن لم تكن مثلهم، فشكر الله من خالص قلبه، فانفك القيد فخرج يمشي ...

كتاب البيوع (8)

شرح عمدة الأحكام – كتاب البيوع (8) تابع: باب: الفرائض الشيخ: عبد الكريم الخضير فكتب له صاحبه: اشكر الله، قال: وبعدين إلى متى؟ أشد من ها الحالة اللي أنا أعيشها؟ قال: نعم، اشكر الله إن لم تكن مثلهم، فشكر الله من خالص قلبه، فانفك القيد فخرج يمشي، يعني تصور شخص مأسور عند الكفار ومسلسل معه يهودي مبتلى بالبطن، ما يمسك، تصور حاله يقول له: اشكر الله؟ نعم يشكر الله؛ لأن الإنسان مهما حصل له من أمور الدنيا الدنيا ماشية، تنتهي يوم اثنين ثلاثة انتهى، لكن الآخرة ما لها نهاية، لا تنتهي، يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت،. . . . . . . . . يؤتى بالموت ويذبح على هيئة كبش، فالدين هو رأس المال، وما فات الإنسان من أمور الدنيا الأمر سهل، يعني الأمر مقدور عليه سهل، الدنيا ماشية، افترض أن الإنسان ما عنده ما يأكل ولا يشرب صبر واحتسب إلى أن تضائل جسمه يوم نقص نقص إلى أن مات، ويش ما بيده حيلة، عليه الصبر والاحتساب، وإنما يوفى الصابرون ... بعد ذلك {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] والله المستعان. ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر)) ألا يكفي أن يقال: فلأولى رجل حتى يقال ذكر؟ في رجل أنثى؟ تجي؟ لكن هذا تأكيد، طيب هذا في العصبات والأصل أنهم من الرجال، لكن ماذا عن العصبة من النساء؟ بنت وأخت، ألحقنا الفرائض بأهلها أعطينا البنت النصف، دورنا أولى رجل ذكر ما لقينا إلا ها البنت ويش نسوي؟ الرسول يقول: ((فما بقي فلأولى رجل ذكر)) ما في رجل ذكر، نعم، الإشكال اللي أنا أطرحه مفهوم وإلا ما هو مفهوم؟ نعم ما هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) ألحقنا الفرائض بأهلها أعطينا البنت النصف ((فما بقي فلأولى رجل ذكر)) إحنا ما عندنا إلا ها الأنثى الأخت. طالب:. . . . . . . . . لا، لا ما لا هي عاصب في مثل هذه الصورة عاصبة، لكن كيف نخرجها على هذا الحديث؟ يعني عندنا بنت وأخت وابن عم مثلاً، ما يقول ابن العم هذا: أنا أولى رجل ذكر؟ ما يمكن يقوله؟ تبي تعطيه إياه؟ طالب:. . . . . . . . .

لأن عندنا ((أولى)) في جهات متعددة للتقديم والتأخير، الجهة، القرب، القوة. فبالجهة التقديم ثم بقربه ... وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا البيت من وين؟ من الشاطبية؟ ما يمكن يجي من الشاطبية؟ الوزن واحد؟ طالب:. . . . . . . . . لا، منظومة الجعبري في الفرائض؛ لأنه قد يقول قائل: والله هذا البيت وزونه وزن الشاطبية، يمكن ما .. ، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، فهناك جهات لا بد من مراعاتها، قد يقول قائل مثلاً: أخ وعم أيهما أقرب؟ الأخ أقرب، يقول: عم الرجل صنو أبيه، أنا مثل أبوه الحين، ويش لون تقدمونه علي؟ نقول: لا، عندنا موازين شرعية، شخص فلاح عند رجل، لا يمت له بأي صلة من جهة النسب إلا أنه قديم عنده، من خمسين سنة وهو فلاح بالمزرعة هذه، توفي الرجل قال: أنا أحق من عياله، أنا قبلهم جاي بالمزرعة، ترى واقعة، يقول: أنا بهذه المزرعة عند فلان قبل ما يتزوج، أنا أحق من أولاده، هذا كدي وهذا كدحي، لا، ما لك. . . . . . . . .، واقعة مثل هذه، تقع من بعض العوام؛ لأن الرسول قال: ((فلأولى رجل ذكر)) العم يقول: لا، لا أنا صنو .. ، أنا مثل أبوه بنص النبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: لا، كل شيء له موازينه، كل شيء له شروطه وقيوده وحدوده، الشرع ما تركنا همل، فإذا وجد العاصب بالنفس فهو أولى رجل ذكر، لكن ما وجد العاصب بالنفس ننظر إلى عصبة بالغير أو مع الغير، والمسألة ما تحتمل بسط وإلا نجيب لكم كل اللي يرد هنا، فننتبه لمثل هذا؛ لأنه قد يقال: إشكال هذا، فلأولى رجل ذكر ما عندنا والله إلا أخت، ما عندنا رجل ذكر. "وفي رواية: ((أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله)) " يعني على ما جاء في كتاب الله، ولا اجتهاد لمجتهد، ما في اجتهاد لمجتهد ((أقسموا الفرائض على كتاب الله)) لأن الله -جل وعلا- لم يترك لأحد اجتهاد، لكن هل في الفرائض مسائل اجتهادية؟ نعم؟ في مثل: الحمارية، وفي مثل المشركة، وفي مثل ثلث الباقي يوجد في كتاب الله؟ نعم؟ وإن يكن زوج وأم وأب ... فثلث ما يبقى لها مرتبُ

زوج وأم وأب، للزوج النصف، وللأم ثلث الباقي، لماذا قلنا: ثلث؟ مراعاة للفظ القرآن، ولماذا قلنا: الباقي؟ لئلا تزيد على الأب، والقاعدة أن للذكر مثل حظ الأنثيين. وهكذا مع زوجة فصاعدا ... فلا تكن عن العلوم قاعداً وين الرحبية؟ من بدهيات العلوم هذه، تقرأ في المتوسط، تحفظ في المتوسط. وفي رواية: ((أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله)) ثم يأتي من يصنف في الأحوال الشخصية ويجتهد، وظروف العصر تغيرت، وما أدري إيش؟ والضغوط. . . . . . . . .، ما هو بصحيح، كل هذا لا قيمة له، هذا كلام لا قيمة له. ((أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر)) يعني اللي يبقى بعد الفرائض هو للعصبة، والأصل في العصبة الرجال، الذين هم تعصبوا بأنفسهم، لا بغيرهم ولا مع غيرهم، ثم بعد ذلك إذا لم يوجد هؤلاء، لم يوجد أولى رجل ذكر نأتي إلى من تعصب بغيره ثم مع غيره. نعم اقرأ. وعن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله أتنزل غداً في دارك بمكة؟ قال: ((وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ )) ثم قال: ((لا يرث الكافر المسلم)) ... ما في أو دور؟ من رباع أو دور؟ ما في عندك؟ طالب:. . . . . . . . . والمفترض أنه في مثل هذا إذا قال: في نسخة كذا أثبت شيء، وفي نسخة كذا، والصواب ما أثبته لأني رجعت إلى كذا وكذا، لا بد، طيب في نسخة وبس، نعم. ((وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ )) ثم قال: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)). نعم وهذا الحديث "عن أسامة بن زيد" الحب ابن الحب، حب النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن حبه -رضي الله تعالى عنهما- "قال: قلت: يا رسول الله أتنزل غداً؟ هذا متى؟ يوم الفتح "أتنزل غداً في دارك بمكة؟ فقال: ((وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ )) " ما ترك شيء، باعها؛ لأن أبا طالب خلف أربعة أولاد: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي، ورثه طالب وعقيل، وجعفر وعلي ما ورثا من أبيهما، لماذا؟ لأنهما مسلمان، وقد مات كافراً، والمسلم لا يرث الكافر، طيب، باعها عقيل، طيب وين طالب؟ طالب قتل قبل ذلك.

" ((وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ )) " ما ترك شيء، باعها، وبهذا يستدل من يقول بجواز بيع بيوت مكة، لكن من الذي باعها؟ هل يستدل بفعله؟ ما يستدل بفعله، باعها حال كفره، لا يستدل بفعله. "ثم قال: ((لا يرث الكافر المسلم، ولا الكافر المسلم)) " نعم انقطعت الصلة بين المسلم والكافر، القرابة وجودها مثل عدمها {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [(10) سورة الحجرات] هذه الإخوة الصادقة، إن زاد عليها وجود أخوة نسب كان له حقان، وإذا انقطعت أخوة الدين فلا قيمة للنسب، وأما ما جاء في قوله: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً} [(65) سورة الأعراف] {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [(73) سورة الأعراف] هذه أخوة نسب، ما هي بأخوة دين، الأخوة بينهم موجودة، لكنها أخوة لا تنفع، ولا قيمة لها، تقطعت بهم الأسباب، خلاص انقطعت، العلائق كلها انقطعت بالموت، لا ينفع إلا أخوة الدين. ((لا يرث المسلم الكافر)) نعم هذا حكم شرعي أن المسلم لا يرث الكافر؛ لأن من موانع الإرث اختلاف الدين ويمنع الشخص من الميراثِ ... رق وقتل واختلاف دين واحدة من علل ثلاثِ ... . . . . . . . . . اختلف الدين خلاص لا توارث ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)) وهذا قول جماهير أهل العلم، أما كون الكافر يرث المسلم فهذا إجماع، وأما كون المسلم يرث الكافر فالجمهور على منعه لهذا النص الصحيح الصريح، ومن أهل العلم من قال: يرث؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وكما يجوز أن يتزوج المسلم كتابية دون العكس يرد مثل هذا، ومنهم من يقول: إذا أسلم قبل قسمة التركة يرث ترغيباً له في الإسلام؛ لأنه ما دام التركة موجودة، ثم أسلم فقيل: ما ترث يخشى عليه أن يرتد، فيورث ترغيباً له في الإسلام، وهذا قول عند بعض أهل العلم، لكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، خلاص هذا حكم شرعي، مسلم مسلم يتحمل التبعات، أنت شريت الجنة، ما شريت حطام الدنيا بهذا الإسلام، فالقول المرجح هو ما يدل عليه هذا الحديث، وأن المسلم لا يرث الكافر البتة والعكس.

قد يقول قائل: ما دام الدار دار أبي طالب ويش دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا؟ هي الأصل للجد عبد المطلب، الأصل أنها لعبد المطلب، طيب من أين يكون للنبي -عليه الصلاة والسلام- نصيب بها؟ طالب:. . . . . . . . . نعم، أبوه مات قبل جده. طالب:. . . . . . . . . قد يكون له دار، وقد يكون له نصيب بأي وجه من وجوه التمليك، فلما هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- وتركها لله تصرف فيها عقيل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في مثل هذه الأمور ليس بصاحب مشاحنة ومشادة، الدنيا لا تسوى عنده شيء -عليه الصلاة والسلام-، يعني أعطى بعض المؤلفة قلوبهم غنم بين جبلين، عطاء من لا يخشى الفقر، فإذا كانت الدنيا عند الله -جل وعلا- لا تساوي جناح بعوضة فكذلك هي عند نبيه ومصطفاه ومجتباه -عليه الصلاة والسلام-، الذي هواه تبع لما جاءه عن ربه ((ما يسرني أن لي مثل أحد ذهب)) عرض عليه أن تحول جبال مكة ذهب، ما لي وللدنيا، ((ما يسرني أن لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) من الجهات كلها، هذا من كانت الآخرة همه، أما من كانت الدنيا همه فالمسألة تختلف، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى- وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وهبته. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وهبته".

أولاً: "نهى" التعبير عن النهي بلفظه عند عامة أهل العلم بمثابة: "لا تفعلوا" فنهى عن بيع الولاء، يعني لا تبيعوا الولاء، وقال بعضهم: إنه لا يساوي الصيغة، اللفظ لا يساوي الصيغة، حتى ينقل لنا الصحابي اللفظ النبوي، ثم نعرف حكمه، إحنا اللي نقدر ما هو بالصحابة، إحنا اللي نفهم هل هو نهي وإلا ما هو نهي؟ أما إذا قال الصحابي: نهى يمكن يسمع كلام يظنه نهي وهو في الحقيقة ليس بنهي، هذا قاله بعض المتكلمين، لكن هذا الكلام ساقط؛ لأنه إذا لم يعرف الصحابة الألفاظ النبوية من يعرفها بعدهم؟! "فأمرنا أن ننزل الناس منازلهم" يساوي تماماً ما جاء في الرواية الأخرى: ((أنزلوا الناس منازلهم)) فنهى عن بيع الولاء، والأصل في النهي التحريم، والولاء: الإعتاق، بل هو الأثر المترتب على الإعتاق، الإعتاق هو تحرير العبد، والأثر المترتب عليه أن يكون ولاء المعتَق للمعتِق، وهو سبب من أسباب الإرث، ولا يباع؛ لأنه كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب، تستطيع أن تبيع ولدك وإلا أخوك وإلا تهبه لأحد؟ ما يمكن، فالولاء مثله، لا يوهب ولا يباع، مثل النسب؛ لأنه جاء في الحديث: ((لحمة كلحمة النسب)) "نهى عن بيع الولاء وهبته" فالنهي يعود إلى ذات المنهي عنه، إلى ذات العقد، فلو بيع الولاء بطل، ولو وهب الولاء بطلت الهبة؛ لأنه يعود إلى ذات المنهي عنه، فالعلماء إذا جاء النهي منصباً إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه بطل العقد، مع الإثم، مع التحريم، أما إذا عاد إلى أمر خارج فإنه العقد لا يتأثر عقد صحيح مع التحريم، وأنتم تفرقون بين من صلى وعلى رأسه عمامة حرير، أو على عورته سترة حرير، الذي صلى بعمامة حرير صلاته صحيحة، أو بيده خاتم ذهب؛ لأن هذا لا يعود إلى ذاته، ولا إلى الشرط، أما لو صلى وعليه سترة حرير تبطل صلاته؛ لأنه عاد إلى الشرط، المقصود أن هذا منصب إلى العقد نفسه فهو باطل، وتشبيهه بالنسب يؤكد هذا البطلان.

وفي حديث بريرة الآتي: "كاتبها أهلها على تسع أواق واشترطوا الولاء، وقالت عائشة: أنقدها لكم، التسع الأواق لأنها منجمة على تسع سنين، تدفعها نقداً ويكون الولاء لها، صار هناك محاورة بينهم ورفضوا، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اشترطي لهم الولاء)) اشترطت لهم، التزمت بأن يكون الولاء لهم، فخطب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد هذه المحاورة الطويلة، ثم قال: ((ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط)) لأنه قد يقول قائل: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- غرهم، لا، لا ما غرهم، إنما أراد أن يثبت الحكم، بهذه الطريقة يثبت، هم ما ظُلموا، هم لم يظلموا، القيمة بدلاً من أن تكون مقسطة –منجمة- على عدد سنوات دفعت فوراً، وبهذه الطريقة يعني بالترديد الذي حصل بالاشتراط الذي ووفق عليه يجتث الأمر من جذوره، خلاص ما في أحد يفكر أنه يشترط الولاء -خلاص- بعد هذه القضية، لكن لو قال: أخبريهم يا عائشة أن الولاء لمن أعتق، ينقل لنا وكغيره من النصوص لكن ما هو في القوة مثل ما لو قال: وافقي وبعدين يُبين الحكم، الآن اجتث الحكم من جذوره، ما في أحد يفكر بالولاء وهو بايع، إنما الولاء لمن أعتق، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان في بريرة ثلاث سنن: خيرت على زوجها حين عتقت، وأهدي لها لحم فدخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والبرمة على النار، فدعا بطعام فأتي بخبز وأدم من أدم البيت، فقال: ((ألم أرَ البرمة على النار فيها لحم؟ )) فقالوا: بلى يا رسول الله، ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه، فقال: ((هو عليها صدقة، وهو منها لنا هدية)) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها: ((إنما الولاء لمن أعتق)). نعم هذه قصة بريرة قصة شهيرة، وأطال العلماء بشرح حديثها، وأفرد في بعض المؤلفات، واستنبط منه أهل العلم أحكام كثيرة جداً، لخصها الحافظ ابن حجر في فتح الباري.

يقول: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كانت في بريرة ثلاث سنن" العلماء استنبطوا أحكام كثيرة جداً من قصتها، لكن هذه الثلاث هي القضايا الكبرى في حديث بريرة، هناك قضايا أخرى وفوائد وأحكام وآداب وسنن كثيرة جداً، جمع أطرافها وجمع ما قيل في الحديث ولخصه ابن حجر في فتح الباري، لكن هذه القضايا الثلاث هي القضايا الكبرى في هذا الخبر. "خيرت على زوجها حين عتقت" هذه السنة الأولى، والسنة هنا الطريقة الشرعية، وهي أعم من أن تكون واجبة أو مستحبة؛ لأنه يرد في الشرع في العرف الشرعي وفي الحقيقة الشرعية ما يختلف مع الحقائق الاصطلاحية، والأعراف الخاصة عند أهل العلم، وما قد يختلف مع العرف العام، سنن فيها واجبات، وجاء في الحديث: ((غسل الجمعة واجب)) وأهل العلم عامة يقولون: غسل الجمعة سنة، اختلفت الحقيقة الشرعية عن الحقيقة الاصطلاحية والعرف الخاص. الصحابي يقول: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر" والحنفية يقولون: زكاة الفطر واجبة وليست بفرض، نقول: هذه معاندة؟ هذه ليست معاندة، هذا اصطلاح عند أهل العلم استقر عليه أمرهم، لكن كل ما قرب الاصطلاح العلمي والعرف الخاص عند أهل العلم من الاستعمالات الشرعية كان أفضل، لكن قد يكون الاصطلاح الشرعي يختلف من موضع إلى موضع، الآن لو أقسم شخص أن عمري كله إلى الآن ما رأيت جمل أصفر، يقول: والله ما رأيت جمل أصفر، نقول له: كذبت لأن الله -جل وعلا- يقول: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [(33) سورة المرسلات] هو يقصد حقيقة غير الحقيقة التي جاءت في القرآن، هل نقول: هذا مكذب لله -جل وعلا-؟ لأن اختلاف الحقائق لا بد من الانتباه له، فاستعمال الواجب في غسل الجمعة واجب لا يعني أنه مطابق للاصطلاح العلمي عند أهل العلم، وليس في هذا معاندة.

المفلس لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام-: (( ... من المفلس؟ )) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال)) صيام وصدقة وكذا وصلاة، يأتي وفعل وفعل ثم تذهب هذه .. ، هذا مفلس، لكن لو سأل مدرس عرف التفليس؟ أو من المفلس؟ ثم جاء في الجواب: من لا شيء عنده من متاع الدنيا، أو قال: من كانت ديونه أكثر من أمواله، ويش يصير الجواب خطأ وإلا صح؟ الذي نفاه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من لا درهم له ولا متاع)) هو الصحيح في هذا الباب، في باب الحجر والتفليس، فلننظر إلى الحقائق الشرعية وتنزل منازلها مع الحقائق العرفية والاصطلاحية، وأهل العلم لما قرروا هذه الحقائق وهذه الاصطلاحات لم يريدوا بذلك معارضة الشرع أبداً، لكن كلما كان الاصطلاح العلمي والعرف الخاص أقرب إلى الاستعمال الشرعي كان أولى، ولذا العزيز عند أهل العلم ما يرويه اثنان، هذا العزيز، لكن لو قال شخص: العزيز ما يرويه ثلاثة؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [(14) سورة يس] نقول: أهل العلم خالفوا ما جاء في القرآن؟ لا؛ لأن التنزيل تنزيل الاصطلاحات على ما له وجه شرعي أو لغوي لا ينفي الحقائق الأخرى؛ لأن هذه حقيقة عرفية، وهذه حقيقة شرعية، وتلك حقيقة لغوية، المحروم: ناس يسمون الشخص الذي عنده أموال طائلة ويبخل على نفسه وعلى من تحت يده يسمونه محروم، لو جاء واحد بزكاته وأعطاها هذا المحروم؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج] هذا محروم، تجزئ الزكاة؟ هذا غني هذا؟ لا ما تجزئ الزكاة، هذه حقيقة عرفية وتلك حقيقة شرعية. على كل حال الكلام في هذا يطول، والذي دعا إليه استعمال السنن في بعض الواجبات.

يقول: "خيرت على زوجها حين أعتقت" زوجها أكثر الروايات على أنه عبد، واسمه: مغيث، وجاء في بعض الروايات أنه حر، رواية الأكثر وهي المتفق عليها أنه عبد، والرواية الأخرى صحيحة أنه حر، لكن أهل العلم حكموا –الجمهور- على أن المحفوظ أنه عبد، والحنفية قالوا: لا، حر، عملاً بالرواية الأخرى، فإذا عتقت الأمة تحت عبد خيرت، خيرت عند الجميع؛ لأن الكفاءة انتفت، عبد تزوج أمة يعني هما متكافئان، لكن عتقت صارت حرة تحت عبد تُخير؛ لأن الكفاءة انتفت، طيب الحنفية؟ يقولون: تُخير ولو كانت تحت حر للروايات الأخرى، هو لما كان حر وهي أمة قبلها على نقصها، فلما عتقت ارتفع قيمتها إلى أن ساوت الحر في الحرية عند الحنفية تُخير، نعم تُخير؛ لأنه قبلها لما كانت أمة، وما يقبلها لما كانت أمة إلا لنقص فيه وهو حر، ارتفع هذا النقص بها، الذي فيها، الملازم لها وهو الرق فساوته في الحرية لكن نقصه الذي من أجله قبلها موجود فتُخير، فلا شك أن الراجح هو قول الجمهور؛ لأن الحرية والكفاءة موجودة، حرة تحت حر ليس لها خيار، وهو رواية الأكثر.

وزوجها مغيث كان يحبها حباً شديداً، وكانت تبغضه، ما تبي تحت عبد، ما دام أن الله -جل وعلا- وهبها هذه الحرية لا تريد النقص، فكان يجري وراءها في سكك المدينة ويبكي، ويتوسل إليها، وطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يشفع له عندها، شفع النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت: تأمرني؟ فقال: ((لا، إنما أنا شافع)) قالت: لا حاجة لي به، فمثل هذا إذا ارتفع النقص، وارتفعت المكافئة والتكافؤ ثبت لها الخيار، "خيرت على زوجها حين عتقت، وأهدي لها لحم، فدخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والبرمة على النار" البرمة: الإناء الذي يطبخ فيه "فدعا بطعام فأتي بخبز وأدام من أدام البيت" أدام أو أدم بمعنى واحد، وهو ما يؤتدم به، ويلين به اليابس "فقال: ((ألم أرَ البرمة على النار فيها لحم؟ )) فقالوا: بلى يا رسول الله، ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه" في أول الحديث يقول: "أهدي لها" نعم، كل النسخ على هذا، أهدي لها لحم، قالت: ذلك لحم تصدق به على بريرة، والصدقة والهدية تجتمعان من وجه وتفترقان، المقصود أنهما تجتمعان في انتقال المال من المعطي إلى المعطى، يستوي في ذلك الهدية والصدقة، لكن يفترقان في أن الهدية لها أحكام، والصدقة لها أحكام، الهدية يقبلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويثيب عليها، أما بالنسبة للصدقة فلا يقبلها؛ لأنها لا تحل له؛ لأنها أوساخ الناس، فأطلق على الصدقة هدية توسعاً، وإلا فهي صدقة.

"ذلك لحم تصدق به على بريرة فكرهنا أن نطعمك منه" لأنه صدقة وأنت لا تأكل الصدقة "فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هو عليها صدقة، وهو منها لنا هدية)) " يعني لو دعاك فقير واستضافك على طعام تصدق به عليه تأكل، لو قدر أنك شخص غني ولك زوجة وأولاد، والزوجة والأولاد يذهبون إلى أهل الزوجة، وهم ممن يأخذ الصدقة والزكوات، فأولادك وأمهم يأكلون مع أهلهم، فيكون لهم هدية، لكن لا يسير هذا خطة منك تتنصل من النفقة عليهم، وتأخذ الزكوات لأخوالهم، تجمع تقول: والله عندنا أسرة فقيرة، نعم، وتجمع لأخوال الأولاد وجدتهم وجدهم، وتكدس لهم الأموال من الأغنياء، .... تحل لهم الزكاة، وأنت تقي بذلك مالك، إذا جاء وقت العشاء قلت: روحوا لأهلكم، إذا جاء وقت الغداء روحوا لأهلكم، وبعدين؟ أنت تقي بهذا مالك، حينئذٍ نقول: ممنوع، لكن لو قدر أنهم قدموه، وحضر هؤلاء لا بأس يأكلون، أو أهدي لهم طعام يخشى تلفه وضياعه لأنه ما يصبر، طعام كثير، ودعوهم عليه لا بأس؛ لأن الفقير يملك، يملك ما يتصدق به عليه ملك تام مستقر، يتصرف فيه، لكن لا يأخذ أكثر من حاجته، ويكون هذه عادة وقاعدة مطردة يأخذ أكثر من حاجته، ثم يقي به مال هذا الغني مثلما صورنا. " ((هو عليها صدقة، وهو منها لنا هدية)) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها: ((إنما الولاء لمن أعتق)) " الولاء لصاحب النعمة، وهذا في آخر الحديث لما قال: ((اشترطي لهم الولاء)) وخطب النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله)) وهذا تقدم الكلام فيه، نعم ...

كتاب النكاح

شرح: عمدة الأحكام - كتاب النكاح (1) شرح حديث: ((يا معشر الشباب))، وحديث: "الثلاثة الذين سألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمله في السر ... "، وحديث: رده -عليه الصلاة والسلام- على عثمان بن مظعون التبتل، وحديث: "أم حبيبة بنت أبي سفيان لما قالت: "يا رسول الله أنكح أختي ابنة أبي سفيان ... " الشيخ: عبد الكريم الخضير قال -رحمه الله تعالى-: كتاب: النكاح عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب: النكاح والكتاب عُرف في مناسبات كثيرة، مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتْباً، والأصل في هذه المادة الجمع، يعني كما يقولون: تكتب بنو فلان اجتمعوا، وجماعة الخيل كتيبة، ويقول الحريري في مقاماته: وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً ... ولا قرؤوا ما خُط في الكتبِ

وفيه البيت السفيه الذي يصان المسجد والحضور منه، ويذكرونه في هذا، فالكتاب مصدر من المصادر السيالة التي توجد شيئاً فشيئاً؛ لأن الكتاب والكتابة إنما توجد شيئاً فشيئاً، توجد من اجتماع حروف وكلمات وجمل وصفحات ويصير كتاب، يعني لا يوجد دفعة واحدة، والمراد به المكتوب الجامع لمسائل النكاح، النكاح مصدر نكح ينكح نكاحاً ونكحاً، وهو في الأصل الضم والتداخل، تناكحت الأشجار إذا أنضم بعضها إلى بعض بسبب الرياح، ويطلق ويراد به العقد، ويطلق ويراد به الوطء، ويختلفون في الحقيقة من الأمرين، حقيقة النكاح هل هي العقد أو الوطء؟ معروف عند أهل العلم الخلاف، لكن شيخ الإسلام يقرر أن النكاح المأمور به لا يحصل بأحدهما، لا بد من العقد والوطء، والنكاح المنهي عنه يحصل بأحدهما، فمثلاً هذا الحديث: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) هذا أمر، لو قال شخص: أنا أمتثل هذا الأمر أعقد وأطلق، ما أطأ، وأكون امتثلت هذا الأمر، أمتثل وإلا ما أمتثل؟ ما أمتثل حتى يتم الأمر على العقد والوطء، فالوطء من دون عقد لا يتم به الامتثال، والعقد بدون وطء لا يتم به الامتثال، بل لا بد من حصول الأمرين، هات النكاح المنهي عنه {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم} [(22) سورة النساء] لو قال: النكاح حقيقة الوطء، هو يريد أن يعقد على زوجة أبيه مجرد عقد؛ لأن حقيقة النكاح الوطء، يبي ينعقد عليها ولا يطأها، نقول: لا، النكاح المنهي عنه ينصرف إلى كل واحد منهما، فلا يجوز العقد وحده، ولا يجوز الوطء وحده، ومن باب أولى أن لا يجوز الجمع بينهما، بخلاف النكاح المأمور به فإنه لا يتم امتثال الأمر إلا بحصول الأمرين معاً، هذا ما قرره شيخ الإسلام، وعليه تدل النصوص؛ لأن هناك بعض الصور التي تظهر فيها بعض الحيل، تيمور لما أعلن إسلامه وهو رجل ظالم غاشم ولا يُدرى عن صدق إسلامه وعدمه، وإذا تحته زوجات أبيه، العلماء خافوا أن يخبروه بهذا الأمر، لو أخبروه بهذا الأمر أرتد وقتلهم وآذاهم، فهو مسلم مكلف مطالب بالأوامر والنواهي، والله -جل وعلا- صرح {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم} [(22) سورة النساء] يتكايس بعضهم وقال: افتيه بأن نكاح الأب باطل؛ لأنه

كافر، عقده على هؤلاء النسوة باطل، إذاً عقدك أنت صحيح، لكن مثل هذا يقول بعض أهل العلم فيمن ذكره في ترجمته يقول: هذا عين الفقه، فقه من أي وجه! فقه مبني على نصوص أو على مصالح ومفاسد؟ نعم؟ مصالح ومفاسد، لكن المصالح والمفاسد إذا عارضت النصوص الصحيحة الصريحة فالمصلحة في إتباع ما جاء عن الله ورسوله، يعني مثل الفتوى التي أفتي بها بعض الملوك لما وطء في نهار رمضان قيل له: تصوم شهرين، قادر على أن يعتق، قال: لا لا يصوم شهرين، لو المسألة عتق بيطأ كل يوم، سهل الأموال موجودة والإماء موجودة والعبيد موجودين، لكن يؤمر بصيام شهرين متتابعين علشان ما عاد يقع منه مرة ثانية، لكن يمشي هذا مع أن الكفارة مرتبة؟ ما يمشي، الفتوى باطلة، الفتوى إذا خالفت النصوص الصريحة الصحيحة التي لا تحتمل لا قيمة لها، ولو كانت المصلحة في ظاهر الأمر، وإلا ما يمكن أن تأتي مصلحة مخالفة لنص صحيح صريح أبداً، ولذا لا يمكن تعارض العقل الصريح مع النص الصحيح، والمصلحة ما شهد العقل بصلاحيتها.

((يا معشر الشباب)) هذا الحديث له سبب إيراد؛ لأن عند سبب ورود وسبب إيراد، ما الفرق بينهما؟ سبب الورود الذي بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- على أن يقول هذا الخبر، وسبب الإيراد الذي دعا الراوي لرواية هذا الحديث، سبب الإيراد -إيراد ابن مسعود لهذا الخبر- أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال لابن مسعود: "ألا نزوجك -يعرض عليه- بكراً تعيد لك ما مضى من شبابك" عثمان هو الخليفة، وابن مسعود في السبعين من عمره "ألا نزوجك بكراً تعيد لك ما مضى من شبابك" فماذا كان جواب ابن مسعود؟ هل قال: فرصة العمر ما تتعوض، لو خطبنا ردونا قالوا: شايب؟ أو محض النصيحة؟ فيه منقبة للطرفين، منقبة لعثمان حينما عرض على هذا العبد الصالح الحبر، من علماء الأمة ابن مسعود، منقبة له، ما قال: هذا شايب -والله المستعان- البنت ما تستمتع ولا تتلذذ وش بتسوي مع الشايب، وابن مسعود وش وزنه في الطول والعرض؟ صغير الجسم جداً، لكن ما ينظرون إلى ما ينظر .. ، المقاييس الآن مختلة، يهمه أن هذا العبد الصالح يحفظ هذه البنت، وترغب أيضاً هذه البنت في مثل هذا الرجل؛ لأنه اختيار أبيها، وأبوها مشهود له بالجنة، ما يمكن أن يختار لها غير ما يصلحها في دينها ودنياها، فهذه منقبة لا شك لعثمان -رضي الله عنه-، ومنقبة أيضاً لابن مسعود، حيث لم يقل مثلما يقول الناس اليوم: فرصة ما يمكن تصلح ثانية، شايب في السبعين من عمره تعرض عليه بنت صغيرة بكر، ماذا قال ابن مسعود؟ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب)) كأنه يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال: يا مشعر الشيوخ، والمعشر هم الجماعة والقوم الذين يشملهم وصف واحد، فالشباب معشر، والشيوخ معشر، والكهول معشر ((يا معشر الشباب)) والشباب بعد الطفولة .. ، الشباب إلى الكهولة، منهم من يحد الشباب إلى الثلاثين، أو إلى الثالثة والثلاثين، وما بعد ذلك كهولة إلى الأربعين، ثم الشيخوخة.

((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) وسياق الحديث من قبل ابن مسعود يدل على أنه يكره للشيوخ أن يتزوجوا الصغار، واضح من تصرفه، قد الناس تختلف حاجاتهم، وتختلف أيضاً قدراتهم من الشيوخ من هو أفضل من كثير من الشباب، لكن هذا قليل، فاتجاه الخطاب إلى الشباب، أقول: توجيه الخطاب إلى الشباب لأنهم هم المظنة للقدرة وشدة الشهوة، ولا يعني أن الشيوخ من ماتت زوجته أو أراد أن يعدد يقال له: لا لا أنت شيخ ما تخاطب بمثل هذا، نقول: لا، لكن هم المظنة، الشباب هم المظنة في الغالب، وإلا يوجد من الشيوخ من هو أقوى من الشباب. ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة)) الباءة هذه هي منهم من قال: هي النكاح نفسه، ومنهم من قال: مؤن النكاح، هي النكاح بصورته الكاملة، ومنهم من قال: هي مؤن النكاح التي بواسطتها يستطيع النكاح، ومنهم من قال: المراد بالباءة الوطء، لكن السياق يضعف هذا القول، السياق يضعف القول الأخير لماذا؟ من لم يستطع الباءة عليه بالصوم هذا ما يوجه بشيء، من الأصل ما يحتاج إلى توجيه، الذي لا يستطيع الوطء يقال له: صم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا هذا القول ضعيف وإن قيل به، من استطاع منكم الباءة هي النكاح بجميع متطلباته، أو مؤن النكاح على وجه الخصوص، وأصله من المباءة؛ لأن من يتزوج يبوء الزوجة منزلاً، يتخذ لها منزلاً، وهي مباءته وسكنه ومنزله.

((من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) اللام هنا لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وقال به أهل الظاهر، أما جمهور أهل العلم فعندهم النكاح تعتريه الأحكام الخمسة، من دعته الحاجة إلى ذلك، وخشي على نفسه العنت، واستطاع مؤن النكاح هذا يجب عليه أن يتزوج، من تاق إليه لكنه لم يستطع مؤن النكاح مثل هذا يسعى جاهداً في تحقيق الأمر، لكن إذا لم يستطع لا يكلف الله نفساً إلا وسعها {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [(33) سورة النور] هذا السنة، يقولون: الشخص الذي لا داعي ولا رغبة له في النكاح مثل هذا يباح في حقه، يعني مع القدرة على المعاشرة، مع أن إذا كان يستطيع أن يعاشر النساء ولو لم تكن لديه رغبة لا شك أنه يتجه إليه الأمر، وأقل ما في الأمر الاستحباب، أما من يريد أن يتزوج للضرر مثلاً، يتضرر به النساء، أو يريد مضارة النساء هذا يحرم في حقه؛ لأن بعض الناس لئام، يتزوج فلانة، يدفع لها مبلغ، ثم يؤذيها، ويضيق عليها لتخالع، وتدفع له أكثر مما أعطاه، بهذه النية من يتزوج، ووجد من اللئام من يتزوج بهذه النية، هذا يحرم النكاح في حقه، يكره في حق من يغلب على ظنه أنه لا يستطيع معاشرة النساء، والحاجة ليست داعية، يكره في حقه، ولا شك أن الهدف الشرعي من النكاح المودة والرحمة والسكن، وكون المرأة لباس وهو لباس لها، والامتزاج والاختلاط الذي يحصل به السكن النفسي، والطمأنينة ويحصل من آثاره الولد، لكن شخص توفيت زوجته ولا قدرة له على معاشرة النساء، يريد أن يتزوج زوجة مؤنسة بس لا أكثر ولا أقل، فإذا أخبرها بأنه لا حاجة له بالنساء ولا قدرة له على النساء وقبلت نكاح، ولا شك أن فيه من التعاون على طاعة الله -جل وعلا- كما يقول بعضهم، هذا موجود، لكن لا يحقق الهدف الكامل من النكاح، يحقق جزء الهدف، وهو أفضل من كون الإنسان يبقى أعزب، مثل هذا أفضل؛ لأنه يحصل فيه من المصالح .. ؛ لأن مصالح النكاح كثيرة جداً، أقل الأحوال أن كل واحد ينشط الثاني في طاعة الله -عز وجل-، هذا مطلب، فإذا وجد من تقبله بهذا الشرط ...

((فإنه أغض)) الزواج أغض للبصر، نعم أغض للبصر، بصر من؟ بصر من يأتمر بالأوامر، وينتهي عن النواهي {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النور] إذا كان ممن يأتمر بالأمر، وإلا بعض الناس إذا تزوج زاد شرهه وزاد نظره، وعلى ما يقول العوام: تفتحت عيونه، بدأ يعرف، مثل هذا ما هو بعبرة، نقول: إنه مخل بالقاعدة النكاح زاد، لا، نقول: هو أغض للبصر، والمخاطب بهذا الرجل السوي الملتزم بأحكام الشرع، وإلا تصور شخص تزوج امرأة متوسطة وصاحب نظر وإرسال، ونظر في وسائل إعلام وقنوات ومجلات، مثل هذا النكاح ما يحل الإشكال عنده؛ لأن الشرع لا بد أن يؤخذ جميع، فإذا حصل تفريط وخلل لا تترتب الآثار الشرعية على هذه الأوامر، إذا أخذ ببعضها دون بعض، ما دام النكاح أغض للبصر، يبي يتزوج ويرسل بصره، يقول: البصر ما يضرنا هذا، البصر هذا وجوده مثل عدمه، أنا عندي زوجة، والشرع يقول: ((فإنه أغض للبصر)) أغض للبصر لمن أتمر بالأوامر الشرعية، الأصل في المسلم ولو لم يتزوج يلزمه أن يغض بصره، لكن الزواج يعينه على تحقيق امتثال الأمر.

((وأحصن للفرج)) لا شك أن الشخص الذي عنده زوجة يخرج شهوته معها أحسن، والمرأة التي عندها بعل يفي بحاجتها محصنة ((ومن لم يستطع)) لم يستطع الباءة، لم يستطع مؤن النكاح، لا سيما مع غلاء المهور والتكاليف والتبعات، لم يستطع ((فعليه بالصوم)) إغراء؛ لأن الصوم بل الشهوة تابعة لشهوة الأكل، يعني الوقود -وقود الشهوة- هو الأكل، فإذا قل الأكل ضعفت الشهوة، والمراد به الصوم الشرعي؛ لأن بعض الناس وهذا موجود، والأسئلة عنه كثيرة، يقول: ما تزداد شهوته إلا إذا صام، لكن هل امتثلت الصوم الشرعي مع ما يتقدمه؟ هذا إذا تسحر أكل وقود أسبوع، مثل هذا يفيده الصيام؟! نعم؟ مفعول الأكل هذا الذي أكله في السحور وقد اتخم من كثرة الأكل مفعوله ما يأتي إلا بعد صلاة الظهر والعصر، لكن المسألة لا بد أن تضبط بضوابط شرعية، الصوم الذي تترتب عليه آثاره، الذي يتحقق منه الهدف الشرعي الذي عقبت به آية فرضية الصيام، ما أعظم فوائد الصيام، أعظمها التقوى، لعلكم تتقون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} ليش؟ {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] فالصيام الذي لا يقود صاحبه إلى التقوى لا تترتب آثاره عليه، يعني مثل ما قيل في الصلوات، ومثل ما قيل في الحج، ومثل ما قيل في سائر العبادات، الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن، لكن صلاة تؤدى بلا خشوع، بلا حضور قلب، ليس لصاحبها منها إلا العشر، هذه إن كفرت نفسها نعمة، كيف تكفر السيئة؟ فالمقصود بالعبادات التي تترتب عليها آثارها التي تؤدى على الوجه الشرعي، التي تؤدى على الوجه الشرعي هي التي تترتب عليها آثارها، صيام المتقين هو الذي يغض البصر، ويحصن الفرج، أما يصوم بعد أن أكل ما يكفيه لمدة أسبوع، يصوم ومع ذلك يعرض نفسه للفتن، ويقول: أنا والله جربت الصيام ما نفع، ينفع لكن أي صيام جربت؟ ما هو صيام شرعي هذا، وإن كان الإمساك من طلوع الفجر إلى غياب الشمس مجزئ ومسقط للطلب، لكنه مثل الصلاة هل ينصرف صاحبها بربعها بثلثها بنصفها بعشرها؟ قد تترتب عليه بعض الآثار، لكن الآثار المرجوة مثل ما في هذا الحديث ما تترتب، النبي -عليه الصلاة

والسلام- وجه من لا يستطيع النكاح –الباءة- وجه إلى الصيام، ولو جاز غيره لوجه إليه، فما يسمى بالعادة السرية يفتي أهل العلم بتحريمها؛ لأنها لو كانت جائزة لأمر باستعمالها، كل أحد يستطيعها، وتخفف الشهوة، بل تطفئ الشهوة، ويؤيد ذلك قوله -جل وعلا- في سورة المؤمنون، وأيضاً في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(5 - 6) سورة المؤمنون] فقط، فالمفتى به أنها حرام، لكن قد يقول قائل -وقد قيل- ممن يفتي خلال القنوات وغيره، الآن الشاب في هذه الظروف لا سيما الذي يتعرض للفتن، وينظر في الوسائل مثل الغريق الذي لا يجيد السباحة، فإما هذا وإما هذا، ما عنده حل أبداً، إلا إما زنا -نسأل الله السلامة والعافية- بالفاحشة، أو بالعادة هذه، فأضطر بعضهم إلى أن يفتي بجوازها نظراً للضغوط التي يعيشها الشباب، نقول: هذه الضغوط لا تغير من الأحكام شيء، تبقى محرمة، لكن إذا كان لا محيد إما هذا أو هذا نقول: ارتكاب أخف الضررين مع الاعتراف بأنه محرم، ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، مع أنها تبقى محرمة، فإذا لم يبقَ وسيلة إلا هذا أو هذا، يعني ما بينك إلا قتل فلان أو أخذ ماله، أخذ ماله أسهل، يعني ما في مندوحة إلا مكره أو ملجأ إلى أن تقتل فلان أو تأخذ ماله، نقول: خذ ماله يا أخي أسهل، مع أن أخذ المال حرام، فارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع كما هو معروف، وتبقى محرمة. ((من لم يستطع فعليه)) هذا إغراء، وهل هذا إغراء لغائب؟ لأن الهاء ضمير غائب، وعندهم لا يجوز إغراء الغائب، إنما يقال: عليك، عليك، عليك بكذا، عليك بالصلاة، عليك بالصيام، عليك بالصدقة، تغري حاضر، أما غائب ما يغرى، وهنا ((فعليه)) ولذا قال بعضهم: إن التعبير فيه ما فيه؛ لأنه إغراء للغائب، نقول: هذا ليس بغائب، يعني الإتيان بضمير الغيبة هنا للإبهام ولإرادة التعميم، المغرى الحاضر ((يا معشر الشباب)) هذا هو المغرى، يا معشر الشباب المخاطبين، وفي حكمهم كل من اتصف بوصفهم، فهذا إغراء لحاضر لكنه مبهم غير معين؛ ليشمل هؤلاء وغيرهم، نعم.

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن نفراً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- سألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم : لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراشي، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ((ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن نفراً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-" جماعة من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- سألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمله ليقتدوا ويأتسوا؛ لأنهم أمروا بذلك، ولا شك أن الداعي والدافع هو الحرص على الخير والرغبة فيه "سألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمله في السر" ليعملوا مثل عمله، لكن لما أخبروا كأنهم تقالوها، وقالوا: النبي -عليه الصلاة والسلام- غفر له ما تقدم من ذنبه، ومعصوم، يعمل هذا وهو معصوم، إحنا كيف بنا ممن يزاول المنكرات؟ لا بد لنا من مكفرات، أن نعمل أكثر مما عمل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن الباعث هو الرغبة في الخير، لكن هل كل رغبة في الخير يوفق صاحبها لعمل الخير، هل كل مريد للخير يصيبه؟ ما يلزم إلا إذا استن بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وجوده مثل عدمه، بل العكس الابتداع كل بدعة ضلالة.

"فقال بعضهم: لا أتزوج النساء" وهذه حجة كثير من بعض طلاب العلم، كثير من طلاب العلم، يقول: يا أخي تزوج كأني أحط في حلقي حبل بهذه الزوجة، ودنا، رح بنا، جب لنا، هات، تعوقني عن تحصيل العلم، لا يتزوج حتى يتخرج ويبني المستقبل، ويؤمن المستقبل، وما يدري أن الزواج يعينه في دراسته، يعني هناك راحة وطمأنينة نفسية، يعني إذا مسك الكتاب ما يسرح، يعني كثير من الشباب وعندهم هذه الشهوة، يعني هي الشغل الشاغل لكثير من الشباب، فتجده يفكر باستمرار، وهم يتفاوتون، لا شك أن التفاوت موجود، لكن القاسم المشترك أن الشباب في الجملة موجودة الشهوة، فتجده يفكر، ومنهم من يقول: أنا لا أتزوج حتى أؤمن المستقبل، وأتخرج، وأبني بيت وأملك ما أدري إيش؟ ما هو بصحيح، من أجل إيش تتخرج؟ من أجل إيش تطلب العلم؟ أليس الهدف حصول الأجر والثواب من الله -جل وعلا- بهذا العلم؟ نعم تطلب على وجه رغبت فيه عن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟! قال: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم؛ لأن أكل اللحم عرف عند المترفين، اللحم ترف، فلا يأكل اللحم ليوفر له أجره وثوابه كامل يوم القيامة، واللحم من النعيم الذي يسأل عنه، فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فحمد الله وأثنى عليه، هذه عادته، إذا سمع بمخالفة أو وجد ظاهرة هذا من البيان المطلوب من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن أهل العلم لا بد منه، وعدم البيان كتمان، {الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ} [(159) سورة البقرة] ... من يرضى لنفسه بهذا؟! البيان لا بد منه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بين، حمد الله وأثنى عليه وقال، ما قال: هؤلاء خلهم ينشغلون بالعبادة، ويكفون شرهم عن الناس؛ لأن بعض الناس عنده تصور اجتهاد منه حتى وصل الأمر ببعضهم أنه يشهد أنه رأى الهلال وهو ما رأى الهلال -هلال رمضان- وهو ما رأى الهلال تقول: على شان إيش؟ يقول: خلهم يصومون هذا اليوم، لو زاد يوم يكفون شرهم عن الناس، الصيام ما فيه إلا خير، نقول: لا يا أخي هذا شر محض الذي صنعته، ولذا بعض العباد الجهلة وضعوا على النبي -عليه

الصلاة والسلام- أحاديث في فضائل القرآن، انصرف الناس وانشغلوا عن القرآن، يبي يرغبهم بالقرآن، الدين كامل، في حياته -عليه الصلاة والسلام- لا يقبل زيادة، وليس بحاجة إلى إفك أفاكين، أو وضع وضاعين أبداً. "فحمد الله وأثنى عليه" فالثناء غير الحمد، وتفسير الحمد والثناء من قبل جمهور العلماء، يقولون: الحمد هو الثناء ليس بصحيح، كما ذكر ذلك ابن القيم في الوابل الصيب، بدليل هذا "فحمد الله وأثنى عليه" وفي حديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي)) فالحمد شيء والثناء شيء آخر؛ لأنه تكرار للمحامد "وقال: ((ما بال أقوام قالوا: كذا وكذا)) " وهذه هي الطريقة النبوية والمنهج الشرعي في الإنكار، ما يصعد المنبر يقول: فعل فلان بن فلان، وقال فلان بن فلان، وإن كان معروفاً عند الناس، يعني هؤلاء الذين قالوا معروفين، اجتمع المدينة كلها، وش هو؟ معروفين، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يسمهم بأسمائهم، وهذا توجيه وأدب نبوي رفيع ينبغي لأهل العلم وأهل الحسبة وأهل الدعوة والخطباء والأئمة كلهم يمتثلون مثل هذا، أنت ما لك غرض في فلان أو علان، ليس لك غرض في أشخاصهم، إنما غرضك في أن يزال هذا الذي ارتكبوه.

((ما بال أقوام قالوا كذا وكذا)) وهو ما أشير إليه في الحديث، قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وبعضهم قال: لا آكل اللحم ((لكني)) يعني نفسه -عليه الصلاة والسلام- ((أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء)) وهذه كلها مما يعين على طاعة الله -عز وجل-، وإذا استحضرت فيها النية وأنها تعين على تحقيق العبودية صارت عبادات، إني لاحتسب نومتي كما أحتسب قومتي، بعض الناس نومهم عبادة والبعض الآخر عباداتهم أوزار {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] ((لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) هذا وعيد شديد؛ لأن من يرغب عن السنة ويبتلى بالبدعة، يبتدع في الدين {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [(27) سورة الحديد] الآن إيش معنى الآية؟ ورهبانية ابتدعوها؟ يعني زادوا فيما شرع لهم {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ} [(27) سورة الحديد] كيف ابتدعوها وما كتبناها عليهم إلا؟ أو رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ويكون الاستثناء منقطع؟ رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم، وإنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله فيما شرع لهم، ومنهم من يقول: إن الأصل أنها ما كتبت، لكنها كتبت بعد ما ابتدعت، فصارت مما ألزموا به أنفسهم كالنذر، يعني الإشكال في الآية واضح وإلا ما هو واضح؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

طيب، ورهبانية ابتدعوها، يعني الابتداع في الدين عمل أي عمل شرعي يبتغى به وجه الله ويتعبد به، ولم يسبق له شرعية في نص شرعي، ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله هل هذا متصل وإلا منقطع؟ يعني هل المستثنى من جنس المستثنى منه أو من غيره؟ فتكون إلا بمعنى لكن إذا قلنا: الاستثناء منقطع، إذا قلنا: الاستثناء متصل والمستثنى من جنس المستثنى منه، قلنا: هذه الرهبانية ابتدعوها في أول الأمر ثم كتبت عليهم، وصار فيها ابتغاء رضوان الله، لكن منهم من رعاها حق رعايتها، ومنهم من فرط فيها، مثل من يلزم نفسه بنذر، ينذر أن يصوم شهر، ثم بعد منهم من يفي بنذره، ومنهم من يفرط، فيأثم بهذا النذر، لا سيما إذا كان المنذور مما يشق، مثل من نذر صيام عشر سنوات متتالية، لا شك أنه شق على نفسه، و ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) وهنا الرغبة عن السنة لا شك أن من يرغب يبتلى ببدعة، هذا شيء مشاهد ومجرب، ولم تخفَ سنة إلا بسبب قيام بدعة، هذا شيء يشاهده الإنسان من نفسه، أحياناً من حرص الإنسان على الخير يزيد في القدر المحدد، أُمر بذكر معين على حد معين بعدد معين فيزيد من باب الاحتياط، ويمكن غفل، يمكن نسي، ثم يبتلى بنسيان ذكر آخر، وهذا شيء مجرب، قد يقول قائل: إن الزيادة على الأمور المحددة شرعاً مقرر أنه بدعة، لكن أحياناً إذا كان يفعله الإنسان من باب احتياط مثلاً، أو لعله أخل بالعدد، أو أخل بالذكر اللي هو المقصود من الذكر التذكر وزاد بدل ما يقال له: سبح مائة، من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة، يقول: نزيد عشر أو عشرين من باب التأكد أننا أكملنا العدد، منهم من يستروح إلى جواز مثل هذا بما جاء في لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كتب له، ومحي عنه، ورفع، وحفظ ... إلى آخره، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد جاء بمثله أو زاد، فهذا يتمسك به من يقول بجواز الزيادة في الأمور التي أصلها مطلق ثم حددت في بعض النصوص؛ لأن الأصل في الذكر مطلق، لكن المجرب أن من يزيد يحصل له خلل من جهة أخرى، من خرج عن حد السنة ابتلي، فعلى الإنسان أن يحرص أن يستن بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-،

ويهتدي بهديه، ولا يعمل إلا بما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الناس من رغبته في الخير قد يبلغه ثواب عظيم، أو أمر وعد جاء في نص لا يثبت، فيقول نقول هذا أصله دعاء وإلا ذكر، وجاء فيه هذا الخبر، إن ثبت بها ونعمت وإلا لن نحرم الأجر على أي حال، فمثل هذا لا شك أن الداعي إليه شدة الرغبة والاحتياط، لكن الأصل أن السنة ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني بشرط الثبوت، أما ما لم يثبت ليس بسنة، وكل شيء على حساب شيء آخر، كما ذكرنا، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بين ووضح أن من رغب عن سنته فليس منه، وليس في التعزب خير، وقد قال عمر بن الخطاب لشخص: إنما يمنعك عن التزويج عجز أو فجور، إيش اللي يمنع الشاب؟ إلا أنه لا يستطيع أن يتزوج لعدم قدرته على الباءة، أو لأنه وجد ما يغنيه، وإلا شخص عنده الرغبة وعنده القدرة، بل عنده شدة الشهوة، بل عنده غلمة، ثم بعد ذلك قادر على أن يتزوج فلا يتزوج، إيش اللي يمنعه؟ وهذا من عمر -رضي الله عنه- حث لهؤلاء الشباب على الزواج، نعم. وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل" لأنه طلب من النبي –عليه الصلاة والسلام- أن يتبتل وينقطع عن ملاذ الدنيا كلها بما في ذلك النكاح، فترك النكاح تبتل، ومريم البتول؛ لأنها لم تتزوج، ويقال: فاطمة البتول أيضاً لانقطاعها عن الدنيا إلى عمل الآخرة على الوجه الشرعي، "رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل" جاء الأمر بالتبتل في قوله -جل وعلا- في سورة المزمل: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [(8) سورة المزمل] وهنا رد النبي -عليه الصلاة والسلام- على عثمان بن مظعون التبتل، في الآية: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [(8) سورة المزمل] فانقطع إلى ذكر الله وشكره وعبادته، لكن على الوجه المأمور به، والإكثار من التعبد ليس ببدعة، أبداً، ليس ببدعة، ويشهد له: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يعني لو قال شخص: المحفوظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وما جاء الترغيب فيه أربعين ركعة في اليوم، وإن شئت فقل: خمسين، لكن أكثر من ذلك تصلي ثلاثمائة ركعة في اليوم والليلة، هذا محفوظ عن بعض السلف، محفوظ عن بعضهم، لكنه يشمله عموم ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وأيضاً لو أن الإنسان شغل نفسه بالذكر، لا يزال لسانك رطباً بذكر الله -جل وعلا-، ويلهج بالثناء على الله وشكره في كل محفل، وكل مجلس، وهو خالي، هذا تبتل، وهذا التبتل مطلوب، وهو المأمور به في الآية، {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [(8) سورة المزمل] أما أن تتبتل تقبل على عبادات على غير الوجه الشرعي، وتترك مأمورات، وقد ترتكب في سبيل ذلك بعض المحظورات فلا.

"ولو أذن له" بالتبتل، يعني بترك النكاح، وترك ملاذ الدنيا، والانقطاع بنسبة مائة بالمائة إلى الآخرة، وترك الدنيا، والله -جل وعلا- يقول: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] يقول: "لو أذن له بذلك لاختصينا" التبتل يترك النكاح، لتركوا النكاح وما يطلب النكاح، أو يطلبه النكاح، وجميع الأمور الموصلة إلى النكاح من الأساس، لاختصوا، ولذا الخصاء ببني آدم حرام، أجازه أهل العلم بالنسبة للبهائم لغرض ولهدف، لتتطيب اللحم وشبهه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله تعالى- وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: عن أم حبيبة بنت أبي سفيان أنها قالت: يا رسول الله أنكح أختي ابنة أبي سفيان، فقال: ((أو تحبين ذلك؟ )) فقلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن ذلك لا يحل لي)) قالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة، قال: ((بنت أم سلمة؟ )) قلت: نعم، قال: ((إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)) قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما مات أبو لهب أوريه بعض أهله بشر حيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال له أبو لهب: لم ألقَ بعدكم خيراً، غير أني سُقيت في هذه بعتاق ثويبة. الحيبة: الحالة بكسر الحاء. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أم حبيبة بنت أبي سفيان" أم المؤمنين تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي بالحبشة، وهي التي طلب أبو سفيان تجديد عقدها بعد أن أسلم كما في الصحيح "أنها قالت: يا رسول الله أنكح أختي بنت أبي سفيان" وأسمها عزة "أنكح أختي" تعني عزة بنت أبي سفيان صخر بن حرب "قال: ((أو تحبين ذلك؟! )) " يعني هذا خلاف ما جبل عليه النساء، يعني النساء لا يردن الضرات ((أو تحبين ذلك؟! )) تعجب "فقلت: نعم لست لك بمخلية" يعني لن تترك لي وحدي، لا بد من المزاحمة، وإذا كان الأمر لا بد منه فالأقربون أولى بالمعروف، يعني مثلما يقول العوام: إذا أكل زادك فرحب، رايح رايح ما في فائدة، فتقول: لست لك بمخلية، أي لست لك بمتروكة، لن أترك وحدي، وما دام الأمر ذاهب ذاهب "فأحب ما شاركني في خير أختي" وهذا لا شك أن فيه النصح لأختها، وهذه الغيرة توجد بين الأخوات مثل ما توجد بين الأجانب، لكن لا شك أنه إذا كان الخيار بين الأخت والأجنبية فالخير إنما يطلب للأخت أكثر من الأجنبية، وهذا إذا صفت القلوب، أما إذا دخل القلوب الغبش والخلل لا، تتحمل البعيدة ولا تتحمل القريبة، والأثر المترتب على مشاركة القريب إن لم يبنى على المسامحة لا شك أنه أشد من الأثر من مشاركة البعيد، لأن البعيد أمره سهل، إذا وجد أدنى إشكال انحلت الشركة، ولا يترتب على ذلك أثر، لكن لو تشارك زيد وعمرو، زيد من تميم، وعمرو من طي في تجارة، حصل بينهما خلاف انتهى الإشكال انفضت الشركة، لكن لو تشارك زيد وعمرو وهما أخوان شقيقان، وحصل مشاكلة، لا شك أن الأثر لن تنقضي بفض الشركة، قد يكون فيها قطيعة، ولذا جاء تحريم الجمع بين الأختين، بخلاف الأجنبيات لما يترتب عليه من المشاحنة، هنا أم المؤمنين تقول: لست لك بمخلية، وما دام المسألة دين ما هي بتنظر إليها من ناحية الدنيا، لا تنظر إلى هذه المسألة من ناحية الدنيا، تريد أن تصحب النبي -عليه الصلاة والسلام- مثل ما حصل من صحبة، وهي ليست الصحبة العامة التي تحصل، هي حاصلة الصحبة العامة، لكن صحبة خاصة، فأمهات المؤمنين وضعهن غير وضع الناس، وأمن الناس على أخيه، يعني على مر التاريخ منذ بدء الخليقة أمن الناس على أخيه من هو؟ موسى، طلب النبوة

لأخيه، وهذه تريد الخير لأختها "وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن ذلك لا يحل لي)) " لماذا؟ منصوص في القرآن {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [(23) سورة النساء] فالجمع بين الأختين حرام، بنص القرآن القطعي، وعليه الإجماع، الجمع بينهما، بالإجماع محرم بين أهل العلم، لكن الاحتمال أن تكون ما بلغت التحريم، هذا احتمال وإن كان بعيداً؛ لأنها في بيت النبوة، والتحريم ليس في حديث يقال: بلغها أو ما بلغها، التحريم في القرآن، وقد قيل بهذا، نعم قد يخفى بعض القرآن على بعض الناس، يخفى بعض القرآن لأنه ما كلهم حفظ القرآن كاملاً في أول الأمر، إنما جمع القرآن أربعة كما هو معروف، فيحتمل أنه خفي عليها التحريم، وإن كانت مثل هذه المسائل العملية تعرف بالضرورة من الدين، هذا أمر عملي، يعني ما هي بمسألة معاملات، وإلا تتعلق بالزراعة، وما لها علاقة بالزارعة، هذا قول، ومنهم من قال: إن أم حبيبة تصورت أن الجمع بين الأختين من خواصه -عليه الصلاة والسلام- بدليل استدلالها، استدلت بأي شيء؟ بأنه يريد أن يتزوج ربيبته، والربيبة محرمة في القرآن، فلما ظنت أنه يريد أن يتزوج الربيبة، الربيبة محرمة في القرآن، قالت: النبي -عليه الصلاة والسلام- له خصائص في النكاح، يعني مثل ما جاز له أن يجمع بين تسع، يجوز له أن يجمع بين الأختين، ويجوز له أن يتزوج الربيبة، يعني له خصائص في النكاح، فلعلها ظنت هذا "وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن ذلك لا يحل لي)) " لأنه منصوص عليه في القرآن، ولا يأتي ما يخصه -عليه الصلاة والسلام- بحكم دون غيره "قالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة" إشاعة، والإشاعات ولو كثر ناقلوها لا تفيد العلم، هذا في بيت النبوة عاد، سمعت هذه الإشاعة، ومثل هذه الإشاعات التي يهتم لها بعض الناس لا شك أنها يصير لها رواج، كالإشاعة التي انتشرت في المدينة، ودخلت كل بيت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، وأيدوا هذه الإشاعة باعتزاله -عليه الصلاة والسلام- في المشربة لما آلى من نسائه شهراً، رأوه اعتزل، ووجد هذا الخبر، ولعل الخبر في أوله مقرون

بالترجي، ثم حذف حرف الترجي، النبي -عليه الصلاة والسلام- آلى من نسائه شهراً، واعتزل في المشربة، فلعل بعض الناس قال: لعل النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، اعتزلهن، وش الداعي إلى الاعتزال؟ وينام في غرفة مستقلة وعنده تسع من النسوة؟ لعله طلق نساءه، ثم الناس الذي يزيد والذي ينقص والأخبار تعرفون تقبل الزيادة والنقصان، حذفت (لعل) فجزم بعضهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، وقد يكون بعض المغرضين من المنافقين وغيرهم أشاع هذا الخبر، فدخل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والناس مجتمعون حول المنبر، فسألهم: أطلق النبي -عليه الصلاة والسلام- نساءه؟ قالوا: نعم، إشاعة، فلنحذر الإشاعات، فالإشاعات ولو كثر ناقلوها ولو تداولتها وسائل الإعلام كلها ما لها قيمة، ما لم تستند إلى حس، رؤية أو سماع، إذا لم تستند إلى حس ما لها قيمة، لأن حتى الثقة قد يهم، قد يخطئ، قد يقبل خبر من لا يقبل خبره، نعم المقصود أن مثل هذه الأمور تتقى. "فقالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة" وأسمها درة، صحفها بعضهم فقال: ذرة، أسمها درة "تريد أن تنكح بنت أبي سلمة" فأراد أن يتثبت "فقال: ((بنت أم سلمة؟ )) " زيادة في الاستثبات؛ لأنها إن كانت بنت أبي سلمة من أم سلمة جاء التحريم من وجهين، وإن كانت من غير أم سلمة يكون التحريم من وجه واحد، ما قال: بنت أبي سلمة، وسلمة أخي من الرضاعة وانتهى الإشكال، لكن يريد أن يؤكد ويقرر ويثبت أحكامه في أذهان الناس -عليه الصلاة والسلام-، وهذا من تمام بيان ما نزل إليه -عليه الصلاة والسلام-.

"قال: بنت أم سلمة، قلت: نعم، فقال: ((إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري)) " التي هي منصوص عليها في القرآن، من المحرمات المجمع عليها ((ربيبتي في حجري ما حلت لي)) لو لم تكن كذلك، يعني منصوص عليها في القرآن ما حلت لي، لماذا؟ ((إنها لابنة أخي من الرضاعة)) ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب من الولادة ((إنها لابنة أخي من الرضاعة)) في حجري، يعني عندي في بيتي، ولا يلزم حقيقة الحجر، والحجر بالفتح أفصح من الكسر ((ما حلت لي)) {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم} [(23) سورة النساء] ((إنها لابنة أخي من الرضاعة)) الآن القيد "في حجري" هل هو وصف مؤثر له مفهوم أو لا مفهوم له؟ لا مفهوم له عند الجمهور، الجمهور ما يرون له مفهوم، الربيبة هي بنت الزوجة، وقوله: ((في حجري)) يعني عنده في بيته، تحت رعايته، وعنايته، هذا الأصل في الربيبة، لكن لو افترض أنه اشترط لما تزوج هذه المرأة قال: البنت هذه ما لي علاقة بها، اجعليها عند أمك، عند أبيها، عند أعمامها، ما علي منها، والتزمت بالشرط، هل له أن يتزوجها؟ ليس له ذلك عند جمهور أهل العلم، ومنهم من قال: إن الوصف مؤثر، فإذا لم تكن في حجره تربت في بلد آخر، أو عند أجدادها، أو عند أعمامها وأخوالها له أن يتزوجها قيل بهذا، ونسب لعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وجمع من أهل العلم، لكن عامة أهل العلم على أنه لا مفهوم له. الآن الربيبة تحرم على زوج الأم بالعقد أو بالدخول؟ نعم؟ بالدخول، والأم تحرم على زوج البنت بمجرد العقد، الربيبة ما تحرم إلا بالدخول، والأم تحرم على زوج البنت بمجرد العقد، في أحد يدرك السبب في التفريق؟ لماذا فرق بين هذا وهذا؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . .

قد يرغب في البنت قبل الدخول بأمها ومعروف من طبع الأم أنها قد تؤثر البنت ولا عكس، قد يرغب في الأم قبل الدخول بالبنت ومعلوم أن البنت لا تؤثر الأم على نفسها، الفرق ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ ((إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة)) ومعلوم أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، في المسألة الأولى في الجمع بين الأختين، في الحرائر إجماع وملك اليمين، أما بالنسبة للجمع بينهما بمجرد الملك يجوز أو ما يجوز؟ يجوز إجماعاً، يجوز اتفاقاً، يشتري أختين لكن الوطء لا يجوز الجمع بينهما في الوطء، ولا يجوز له أن يطأ، أن يطأ أختها إلا بعد مفارقتها. ((إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة)) أبا معطوف على الياء، على المفعول، ولا يلزم الفصل هنا؛ لأنه ضمير نصب، لكن لو كان ضمير رفع وجب الفصل، أما ضمير النصب لا يجب. وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل أما بالنسبة لضمير النصب لا يحتاج إلى فاصل، ولذا قال: ((أرضعتني وأبا سلمة)). ((ثويبة مولاة لأبي لهب، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)) ...

كتاب النكاح (2)

شرح: عمدة الأحكام - كتاب النكاح (2) شرح حديث: ((لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها .. )) وحديث: ((إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج))، وحديث: "نهى عن الشغار"، وحديث: "نهى عن نكاح المتعة .. " وحديث: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر .. ) وحديث: ((أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ .. ). الشيخ: عبد الكريم الخضير ((ثويبة مولاة لأبي لهب، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)) يعني هل أم سلمة عرضت بنتها أو هذا مجرد إشاعة؟ وقد تكون الإشاعة مبنية على مثل هذا العرض، بدليل أنه قال: ((فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)) أو أنه -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يحسم المادة لئلا تعرض أم سلمة؟ على كل حال قد يحتاج لبعض الألفاظ ولو لم يكن له داعي ولا باعث للتأكيد، "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" آخر القراءة ما تحتاج إلى بسملة، لكن لتأكيد النفي ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)) ما في أحد قال: إن الشمس تنكسف لحياة أحد، لكن للتأكيد، وهنا المناسبة ظاهرة؛ لأن هذه البنت أشيع أنه يتزوجها، وقد تكون هذه الإشاعة مبنية على عرض فيكون من باب التنصيص على المطلوب ((فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)) وقد يكون أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو لم تعرض أم سلمة- أراد حسم المادة، ويريد ألا يعرض عليه شيء ممن لا يحل له. "قال عروة: "وثويبة مولاة لأبي لهب" أبو لهب عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، مات على الكفر نسأل الله العافية، ونزلت فيه السورة الكاملة، فيه وفي امرأته "مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها" سبب العتق أنها بشرته بولادة النبي -عليه الصلاة والسلام-، بشرت أبا لهب سيدها بولادة النبي -عليه الصلاة والسلام- فأعتقها، "فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم-" فلما مات أبو لهب .. ، ثويبة هذه جاءت في السير أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يكرمها، وكانت تدخل عليه لأنها أمه من الرضاعة بعد ما تزوج خديجة، بعد زمن، بعد دهر طويل، وكان يرسل إليها الصلة من المدينة بعد ما هاجر، إلى أن كان سنة سبع بعد فتح خيبر ماتت.

"كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم-" أعتقها فأرضعت، يعني عتقها قبل إرضاعه أو بعده؟ نعم؟ قبل، العطف بالفاء، ومعلوم أن العتق فور الولادة قبل الرضاعة "فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة" رآه العباس يقول: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال، نسأل الله السلامة والعافية، إذا كان هذا عدو الدعوة إلا أنه مات على الكفر في شر حال، وأخوه أبو طالب الذي نصر الله به الدعوة، ودافع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا أنه لم يسلم وهو في ضحضاح من نار، وفي رواية: عليه شراكان من نار يغلي منهما دماغه، فكيف بعدو الدعوة هذا؟! نسأل الله السلامة والعافية "أريه بعض أهله بشر حيبة" والحيبة: بكسر الحاء الحالة "قال: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم خيراً" هذه رؤيا، لكنها لا شك أنها من المقطوع به أنه لم يلقَ خيراً، ولن يلقى خيراً، ما دام مات على كفره "لم ألقَ بعدكم خيراً غير أني سقيت من هذه بعتاقة ثويبة" وأشار إلى النقرة التي تحت إبهامه، يعني بين الإبهام والتي تليها، النقرة هذه، لو بعض الناس عاد يصير ما فيه نقرة، إذا صار مليء ما يصير فيها نقرة، "سقي" يعني هل هذا يعارض {إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [(50) سورة الأعراف]؟ نعم هو ما طلب من أهل الجنة من قبل أهل النار أن يسقوهم من الماء أو مما رزقهم الله؟ إيش كان الجواب؟ {إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [(50) سورة الأعراف] السقي حرام على الكافرين، لكن هذا خاص بأبي لهب مكافأة له، يعني هل الكافر تنفعه نفقاته وصدقاته؟ وما منعهم أن تقبل منهم ... إلا أنهم كفروا، لا يقبل منهم، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] لكن هذا من فضل الله -جل وعلا- أن سقاه في النقرة التي بين الإبهام والتي تليها، نقرة قد تكون كثير من الناس ما .. ، إشارة إلى حقارة ما سقي من الماء وقلته، لو يلغ فيه ولوغ انتهى، نعم على كل حال الكفر شأنه عظيم، والكافر مخلد في النار {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة

النساء] والكفر ترى يا إخوان ما هو بأمر صعب، لا سيما في أيام الفتن التي تكون في آخر الزمان يصبح الرجل مؤمن ويمسي كافر، ويمسي مؤمن ويصبح كافر، فعلى الإنسان أن يسأل ربه الثبات على الدين. ابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول: والله ما خوفي الذنوب وإنها ... لعلى سبيل العفو والغفرانِ الذنوب تحت المشيئة، لكن الإشكال في الأمر الآخر. لكن خوفي أن يزيغ القلب عن ... تحكيم هذا الوحي والقرآنِ فعلى الإنسان أن يكون خائفاً من سوء العاقبة، وهذا ديدن السلف، ما قال: والله نحمل المطلق على المقيد، ونأمن مثل ما يصنع كثير من الناس؛ لأنه جاء في حديث ابن مسعود: ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) وجاء في الرواية الأخرى: ((فيما يبدو للناس)) بعض الناس على الجادة يقول: نحمل المطلق على المقيد، وأنا أعمل بإخلاص ما هو أجل .. ، وأنا .. ، يضمن العاقبة، هذا الكلام ليس بصحيح، السلف الذين هم أحسن منك عملاً، وأكثر منك إخلاصاً، وأتقن للعمل يخافون، فينبغي للإنسان أن يخاف من سوء العاقبة، وأن يكثر من سؤال الله -جل وعلا- أن يحسن خاتمته، والله المستعان. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها)) " لا يجمع الرجل في وقت واحد بين زوجتين إحداهما عمة للأخرى أو خالة لها، فإن حصل العقد على الاثنتين معاً بطل، وإن حصل على الولاء والترتيب فالثانية عقدها باطل، والجمع يراد به في آن واحد، كالأختين، فلو كانت عنده امرأة توفيت، له أن يتزوج أختها، أو طلقها له أن يتزوج أختها، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- مع عثمان -رضي الله عنه-، وكذلك إذا كان عنده عمه له أن يتزوج بنت أخيها أو بنت أختها، له ذلك بعد أن يفارق الأولى، أما الجمع بينهما في وقت واحد في عصمته فهذا محرم بهذا الحديث ((لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها)) كما أنه لا يجوز له أن يجمع بين الأختين كذلك لا يجوز أن يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها، وهذا مخصص لعموم قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} [(24) سورة النساء] الجمهور على أن خبر الواحد لا ينسخ القطعي، لا ينسخ القرآن، وهنا خصت الآية بهذا الحديث وهو من أخبار الآحاد، فالتخصيص جائز، وإن سماه المتقدمون نسخاً؛ لأنه رفع جزئي وليس برفع كلي، يعني ما هو برفع كلي للحكم، هو فيه رفع فهو مشبه للنسخ، لكنه يفارقه بأن التخصيص والتقييد رفع جزئي والنسخ رفع كلي للحكم، فيجوز عند عامة أهل العلم التخصيص، تخصيص القطعي بخبر الواحد وخصصوا بما هو دون ذلك، والمسألة مجمع عليها، ما اشتمل عليه الحديث من حكم متفق عليه، والحكمة في ذلك ما يقع من .. ، أو بسبب المضارة من التباغض والتشاحن والتقاطع والتدابر، فهذا يفضي إلى قطيعة الرحم، والوسائل لها أحكام المقاصد، وما يؤدي إلى حرام فهو حرام، كما أنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، قد يقول قائل: إذا عرفت المرأة أن الزوج متزوج متزوج، وقد تكون أختها أرحم بها وأرفق من غيرها كما توهمت أم حبيبة، لكن الأمر هذا أشرنا إلى جوابه فيما سبق؛ لأن القطعية والتدابر والتشاحن والتباغض بين الأجانب أمره أسهل بكثير منه بين الأقارب، وإن كان ممنوع ومحرماً كل ما يؤدي إلى الهجران والتباغض والتقاطع محرم، لكن المصلحة راجحة

في التعدد، فإذا ترجحت المصلحة وغمرت المفسدة مع مطالبة النساء بالرضا بما حكم به الله -جل وعلا-، وما جاء عن الله وعن رسوله، فإذا طولبت بهذا، وترجحت المصلحة انتهى الإشكال، وإلا معروف أن الضرة ما سميت ضرة إلا لإلحاقها الضرر بضرتها، لكن هذه مفسدة مغمورة في جانب المصالح الكبيرة الكثيرة من مشروعية التعدد، تعدد الزوجات، مصالح لو يدركها الناس ما تأخر أحد لا من نساء ولا من رجال، لكن كل إنسان تهمه مصلحته الخاصة وإلا الأرقام مخيفة التي تدل على كثرة العوانس في البيوت بهذا السبب، الحرب الشعواء على التعدد، وتشويه صورة المعددين، جعلت الناس لا تقبل، يعني لقنوا من وسائل الإعلام عقود أن التعدد وحشية، ورمي بسببه الدين وأهل الدين، وعلى مرأى ومسمع من الجميع والإنكار ضعيف، وأثر أثره البالغ في نفوس الناس، ولا ننكر أن هناك نماذج أساءت إلى هذا الحكم العظيم، أساءت تطبيقه، نماذج قد تكون في بيوت بعض من ينتسب إلى الخير والدين، هناك نماذج، لكن يبقى أن الحكم الشرعي باقي، لا يطرأ عليه تغيير بسبب تصرفات فردية، الحكم العام باقي، لكن هذا الشخص عُرف من حاله أنه يظلم أو .. ، هذا يحرم عليه أن يقدم، ويبقى أن الحكم العام مشروعية التعدد وهو الأصل؛ لأن الله قدمه على الواحدة، وهو استجابة لنبيه -عليه الصلاة والسلام- في كثرة النساء وكثرة الأولاد هذا مطلب شرعي، ولا يقول قائل: والله يا أخي أنا لا استطيع أن أربي، والآن الظروف صعبة، والمستقبل مخيف، فنكتفي بعدد قليل من الأولاد، ونشوف الآباء في الجملة ليس لهم سيطرة على أولادهم، نقول: مع ذلك أنت مطالب بالتكاثر، وعليك أن تبذل وتستجيب لما طلب منك، وتبذل السبب في إصلاح الأولاد، تبذل السبب في إصلاحهم، ولا عليك إلا بذل السبب، أما النتائج بيد الله -جل وعلا-، لو كانت النتائج بيد البشر ما صار ابن نوح كافر، ولا صارت امرأة فرعون مؤمنة، ولا صارت امرأة نوح وامرأة لوط أمثلة عملية للكفار في بيوت خير الخلق، أنت ما عليك إلا أن تبذل السبب، لا تقصر تفرط أو تكون سبباً في ضياعهم؛ لأن بعض الآباء يكون سبب في ضياع أولاده، كثير من الآباء يتمنى أن يكون ابنه صالح لكن ما يبذل سبب، بل قد يبذل ما

يعنيه على الفساد، وييسر له أسباب الفساد، وبعض الناس يتمنى أن يكون ولده من المسابقين إلى الخيرات، وأول من يدخل المسجد، لكن أنت اختبر نفسك في بذلك للسبب، هل بذلت من السبب في إيقاظه لصلاة الصبح مثلما بذلت لإيقاظه للمدرسة أو تبحث عن العلل والأعذار؟ إن كان في الشتاء والله الجو بارد، والمسكين ما يتحمل، المدرسة إذا طلعت الشمس يدفئون الناس، لكن صلاة الفجر برد، وفي الصيف مسكين سهران كل الليل والجو يعني .. ، ونريد صلاح الأبناء، ونحرص على أمور دنياهم ونهمل أمور دينهم، يا أخي أنت إذا ما حرصت على أمر الدين ما أعنت حتى ولا على أمر الدنيا، فعلى الآباء أن ينتبهوا لهذا، يأتمروا بأوامر الشرع في التكاثر سواء كان في الزوجات وفي الأولاد ويبذلوا الأسباب ويحرصوا ويتحروا امتثال جميع ما أمروا به والانتهاء عن جميع ما نهوا عنه، وليكن حرصهم على درئ المفاسد أعظم من حرصهم على جلب المصالح كما هي القاعدة المقررة،. . . . . . . . . أنا أجيب لهم أحضر لهم أشرطة، وأحضر لهم وسائل تعينهم على صلاحهم ومع ذلك إذا حصناهم يتركها، هات لهم من الوسائل التي تفسدهم، يعني بعدين يتحصن، كيف يتحصن؟ إيش معنى يتحصن؟ هو أرض قابلة من أن وضع قدمه على الأرض إلى أن يموت وهو تحت .. ، يعني تتقاذفه الأمواج، يقول: نحصنه بس بالدين وربه على هذا، ثم أحضر له كل ما يريد، يبي يتركها ديانة، مو بصحيح، ولذلك بيوت المسلمين التي ابتليت بالوسائل المفسدة كالقنوات والدشوش والمشاكل هذه .. ، يقول: أبداً عيالنا متدينين ويعرفون اللي ينفعهم ويضرهم، مو بصحيح أبداً أنت ما تعرف، يا إخوان إذا تصورنا أن شياب كبار سبعين ثمانين سنة كانوا عمار مساجد عن يمين المؤذن وعن شماله، دهور الآن ما يصلون مع الجماعة، كيف نأمن على شباب؟ أهل غرائز ونزوات، كيف نأمن عليهم نقول: لا حصناهم، الآن ما شاء الله بيئة محافظة، يعني الذي له أدنى صلة بالقضاة أو برجال الحسبة يشيب رأسه من قضايا تحصل في بيوت بعض الأخيار فضلاً عن الأشرار، ما يقال مثل هذا، تحصنه وبس وارمه، علمه السباحة وخله يتعلم وارمه في البحر، هذا غير هذا، هذا يختلف عن هذا؛ لأن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، والحي في هذه

الظروف التي نعيشها مثل الغريق، اللهم سلم سلم، أمنية الإنسان الوحيدة أن تفيض هذه الروح، تخرج هذه الروح بسلام، غير مغير ولا مبدل، أنتم عندكم نماذج حتى من بعض من ينتسب إلى طلب العلم والدعوة، أحياناً تجده أول الأمر في أقصى اليمين، والآن صار في أقصى الشمال، هذا ما هو بمثال حي للتغيير؟! كونه تغير إلى أفضل أو إلى أسوأ أو إلى كذا موجود يعني، فالحي لا تؤمن عليه الفتنة، فليكن الإنسان دائماً، والتضرع والتذلل لله -جل وعلا- في أن يحفظه من مضلات الفتن، ينبغي أن يكون ديدن المسلم، قبل خمسين سنة -لا يمكن قبل أربعين- لأن أكثر البلدان ما دخلها الكهرباء إلا من ثلاثين وجاي، قبل وجود الكهرباء مثلاً التربية ليست صعبة، قد يقول قائل: وش ذنب الكهرباء؟ الناس يؤطرون على الحق، لكن الابن الصغير ذا أبو عشر، خمسة عشر سنة، أو قل: عشرين سنة، إذا غابت الشمس وين يبي يروح؟ ظلام دامس ليس له مفر ولا محيد عن أن يأتي إلى والديه ويرضيهما بشتى الوسائل، لكن الآن إذا غابت الشمس صار الليل أفضل من النهار عند الناس، طلعات واستراحات وروحات ولا تنتشر الشياطين إلا إذا غابت الشمس، ويتلقفه ألف شيطان إذا غضب عليه أبوه، الآن أنت كبرت، أنت. . . . . . . . . بزر، إلى متى وأنت طفل توجه؟ يعني شياطين الإنس الآن أثرهم واضح، ومع ذلك يقول الأب: أبداً أنت ربه تربية سليمة وصحيحة وانتهى الإشكال، هذا فساد في التصور، هو ما يرى في بيته في غيره في نفسه ما يرى التغير؟! وكم من واحد تغير، وكم من شخص تغير بعد استقامة طويلة، إذا كان شياطين الإنس لهم ضغوط ولهم وسائل، وشياطين الجن أيضاً تدفع من الداخل، والإنسان ضعيف لا يستطيع أن يقاوم، تصورون فساد الشباب والشابات بسبب وسائل الاتصال شيء ما يخطر على البال، يسر الشر بشكل لا يتصور ولا يتوقع، وبعضهم يقول: أبداً أنت صاحب من شئت، وعايش من شئت، وأنت ما دام متحصن متحفظ ما عليك، أنا رأيت منظر حقيقة في غاية السوء، يعني مؤثر جداً، طالب علم، متخرج من كلية شرعية، ومتميز، وشكله -ما شاء الله تبارك الله- اللحية إلى نصف الصدر، وملازم للدروس من حلقة إلى حلقة عند المشايخ، هذا رأيته بعيني، فجأة رأيته حليق، أمس جاي

إلى الدرس ولحيته إلى نصف الصدر، واليوم حليق بالموس، ما هو بالتدريج مثل ما يسوون اليوم بالمقص، لا؛ لأنه يا إخوان المقص إذا دخل خلاص قل: على اللحية السلام، والله اليوم زاد هذا، واليوم نقص هذا، وعلى شوي شوي إلى أن تنتهي، لكن هذا بالموس مرة واحدة، ويسأل وإذا به قد تزوج امرأة قالت له: أنا وإلا اللحية ما نجتمع، هذا تربي في حلقات العلم، ونحن نقول: لا أبداً ربي الطفل هذا وارمه في البحر ما عليه شر -إن شاء الله-، ما دام النفس هذا يخرج ويرجع فالحي لا تؤمن عليه الفتنة، فننتبه لهذا. وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحق الشروط)) " يعني أولاها بالوفاء ما كان بين الزوجين ((ما استحللتم به الفروج)) لأن هذا الشرط في مقابل جزء .. ، هذا الشرط إنما هو جزء من مقابل الفرج، والفروج يحتاط لها أكثر من غيرها، أكثر من الأموال، فإذا كانت الشروط واجبة بين المتعاقدين في الأموال فلئن تكون أوجب .. ؛ لأن الشرط المعتبر للمشترط لا شك أنه في مقابل جزء من الثمن، وهذا الشرط الذي يكون بين المتعاقدين مقابل جزء من البضع، فإذا كانت الشروط لا بد من مراعاتها، وهي التي لا تخالف ما جاء عن الله وعن رسوله في كتاب الله، هذا يجب الوفاء بها، إذا كانت تجب مراعاتها في أمور الدنيا فلئن تجب .. ، في الأمور المالية فلئن تجب في الفروج من باب أولى؛ لأن الاحتياط لها أعظم.

طيب اشترطت الزوجة قالت: أشترط عليك أن تطلق زوجتك، والتزم لها ذلك، أولاً: هي يحرم عليها أن تشترط؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تسأل المرأة طلاق ضرتها لتكفئ ما في صحفتها)) هذا نوع من الشروط وجمع من أهل العلم يقولون: لا يجوز الوفاء به إجابة لطلبها، ومنهم من يقول: المسلمون على شروطهم، منهم من يخص هذا الحديث بما نص عليه في القرآن {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] المشترط في كتاب الله، أيضاً العشرة بالمعروف يجب الوفاء بها، لكن ما زالت على ذلك مما يذكره المتعاقدان أثناء العقد، وكل ينظر إلى مصلحته، اشترطت أن تكمل الدراسة، اشترطت أن تتابع في وظيفتها والتزم بذلك، أو اشترط عليها أن لا تواصل الدراسة، أو أن تستقيل من عملها، مثل هذه الشروط يجب الوفاء بها؟ نعم؟ إيش معنى وجوب الوفاء؟ له أن يفسخ، ولها أن تفسخ إذا لم يوفِ بالشرط، لكن في مسائل النكاح وفيما يتعلق بين الزوجين، اشترطت عليه أن تواصل الدراسة، فجاءت بولد فقال: تتركين الدراسة وإلا الحقي بأهلك، هذا التصرف يأثم به أو لا يأثم وهي مشترطة؟ أو نقول: إن المسألة مسألة عرض وطلب؛ لأنه يملك الخيار الثاني فليملك الخيار الأول، هو خيرها بين أمرين هو يملك أحدهما، أو نقول: يلزمه الوفاء بهذا الشرط؟ ماذا نقول؟ كيف؟ الطالب:. . . . . . . . .

هو ما هو بيملك إنه يسرحها إلى بيت أهلها، يقول: أنا والله لا أريد طالبة، أنا أريد امرأة ترعى هذا الولد، وترعى بيتي، أنا خلال عام كامل تعبت، هو يملك الخيار الثاني، فهل يلزمه أن يفي بهذا الشرط ويستمر طول عمره طالبة ثم مدرسة؟ ثم إلى متى؟ أو يقول: أنا والله ما عندي استعداد هذي زميلة ما هي بزوجة؟ والزملاء غيرها كثير، صار يبي بيطلع هو العمل وهي تبي تطلع مع الباب الثاني، إذا جاءوا إلى البيت إلى المشكلة للجميع، فقال: أبداً صحيح أنا اشترط، لكن المسألة مسألة عرض وطلب، غيرها من النساء كثير، فما دام يملك الخيار هذا، يملك البدل فهل يملك المبدل أو ما يملك؟ وهل ملكه للمبدل ابتداء أو بعد تنازلها؟ لأنها لا بد تتنازل، إذا كانت فيه راغبة، ورأت أنها بعد الولد ما أحد باغيها، فتنازلت عن هذا الشرط فهل نقول: إنها تنازلت مكرهة فلا يصح تنازلها ويلزمه الوفاء بالشرط أو نقول: هذه كل أمور الدنيا مبنية على هذا؟ ولا تظن أن هذا في الرجال فقط، يعني عدم الوفاء في الرجال فقط، لا، موجود في الطرفين، يعني المسألة كلها مسألة عرض، كل شخص يبحث عن مصلحته، إن كان لها ملحظ عند قبوله انتهى هذا الملحظ، أخذته لأنه غني افتقر مثلاً، أو أخذته على أساس أنه شاب قوي ممتع فأصيب بعاهة وعطلت بعض منافعه التي هي مقصد من مقاصد النكاح، ترى الرجال مثلما يضغطون النساء تضغط، فهل نقول: إن هذا داخل في الشروط ولا لأحد كلام؟ يحرم عليه أن يقول: اتركي العمل؟ أو نقول: ما دام والله يملك البديل -وهو لا تظنه متضرر بعد- إذا قال: الحقي بأهلك هو متضرر، فهل نقول: إن قوله: الحقي بأهلك لأنه يملك هذا الكلام يخوله في أن يضغط عليها فتترك العمل، وتكون قد تركت العمل بطلبه أو بسببها؟ بسببها هي أو بطلبه هو؟ وش اللي يترتب على هذا؟ الخلع، إذا كان بسببها قلنا: تدفع له، ما دام تبي تدرس وهو ما يبي الدراسة، ما يبي التدريس تخالع، لكن هذا بطلبه هو ما يملك شيء بما استحل من فرجها، بهذا لا يملك شيئاً؛ لأنه بطلبه، هو الذي طلب الفراق، وأما طلبها هي فهو مشترط في العقد بخلاف ما لو لم يشترط، ما اشترطت أن تدرس ولا تواصل الدراسة، ثم بعد سنة قالت: والله أنا بأكمل دراستي،

أنا ضعت وزميلاتي في الجامعة الآن، أنا أبي أدرس، هنا يأتي الخلع لأنه من قبلها لا من قبله هو، من أهل العلم من يخص هذا الحديث بما أمر الله به تعالى "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" هذا الذي يجب الوفاء به، لكن الشروط التي يمكن التنازل عنها فيما بعد نظراً لقوة العرض والطلب، كل متع الدنيا يدخلها هذا الأمر، وش اللي جعل المرأة ترفض شخص عمره خمسين سنة لحيته بيضاء، فتقول: والله شايب، لا أريده، فتزوج شاب عمره عشرين، ثم يولد بينهما بنت يأتي هذا الشايب هذا الشيخ الكبير وعمره سبعون سنة يخطب هذه البنت الصغيرة فتقبله، الأم رافضة تقول: شايب، بنتها بعد عشرين سنة تقبله، وش اللي خلاها تقبله؟ لأنها تهيأ له منصب كبير، المسألة يا إخوان بين الرجال حتى الرجال لهم مطالب، والنساء لها مطالب، فإذا نزلت قيمتها الزوج يضغط، إذا نزلت قيمته هو أيضاً الزوجة تضغط، فهل نقول: إن هذه الشروط خلاص ضربة لازب ما في مفر اشترطت الدارسة والتدريس تدرس طول عمرها؟ أو أنه بما رأى من رجحان كفته ونزول كفتها يضغط عليها بحيث تتنازل عن شرطها، فإذا تنازلت هي لا تترك الدراسة ولا التدريس إلا بتنازلها، لا بد أن تتنازل عن هذا الشرط، وتنازلها سواء كان بواسطة الضغط بشيء يملكه .. ، لو نفترض أنه قال مثلاً: أنتِ اشترطت التدريس وأنتِ الآن تتقاضين خمسة آلاف راتب، أنا بأدفع لك من جيبي ألفين شهرياً ولا تدرسين، تنازلت عن الشرط حرام أو حلال؟ يملك المقابل ما في شيء، فيملك المقابل الثاني إذاً يملك الطرف الآخر، فمثل ما ذكرنا هذه الشروط بالتنازل تنتهي، فإذا تنازلت في مقابل أمر آخر يملكه هو الأمر لا يعدوهما.

وعلى كل حال المطلوب المعاشرة بالمعروف، الرجال لهم حقوق، ولهم القوامة، وهم الأصل، وهم الرعاة، وللرجل على المرأة درجة، لكن يبقى أن المرأة .. ، لهن مثل الذي عليهن بالمعروف، والله -جل وعلا- في كتابه يقول: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [(36) سورة آل عمران] على كل حال هذا أشرنا إليه سابقاً، وقلنا: إن على كل شخص أن يرضى بما قدر الله عليه، كونه ذكر أو أنثى هذا ليس بيده، فليرضَ ويسلم بما قدر الرحمن لأنه أرحم به من نفسه، ولولا أن هذا أصلح له في دينه ودنياه ما ظلمه الله -جل وعلا-. فهذا الحديث مجمل يدخل تحته أنواع من الشروط، ومثل ما ذكرنا هناك شروط جاءت في كتاب الله متفق عليها لا يجوز الإخلال بها، إذا اشترط ما هو من مقتضيات العقد، أو اشترطت هي، أو اشترط أحدهما ما يخالف مقتضى العقد، تزوجت بفلان شرط أن لا يطأ صحيح وإلا باطل؟ شرط باطل؛ لأن هذا يخالف مقتضى العقد، وهذا يفعله بعض الناس إذا كانت الزوجة صغيرة، يشترط الأب سنة سنتين ثلاث، ثم يفاجئون أنه بعد تسعة أشهر البنت حامل، وين الشروط؟ وين الشرط؟ نقول: هذا ينافي مقتضى العقد، لا تريدها توطأ لا تزوجها، فهو شرط باطل، المقصود أن هناك تفاصيل كثيرة في الحديث، ولا نستطيع أن نطيل أكثر من هذا. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق. هذا الحديث "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الشغار" والشغار جاء تفسيره من قبل نافع راوي الحديث عن ابن عمر، وهو موجود في جميع الموطأت، وبعضهم يقول: الذي فسره مالك وليس بمرفوع.

الشغار: أصله من الخلو، الوظيفة شاغرة. . . . . . . . .، يقولون هكذا: وظائف شاغرة، يعلنون عن هذا يعني خالية تحتاج إلى موظفين، وهنا الشغار: النكاح إذا خلا عن الصداق، أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما من صداق، يعني خلا كل من النكاحين عن الصداق، الشغار يجعل البعض في مقابل البعض، ومنهم من يقول: إنه مأخوذ من قولهم شغر الكلب إذا رفع رجله، وعلى كل حال أخذه من الخلو واضح، فإذا زوج الرجل موليته، والتنصيص على البنت، والتنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص، فلو زوجه أخته على أن يزوجه أخته هذا صار شغار، لو زوجه أمه على أن يزوجه أمه شغار وإلا ما هو شغار؟ ليس بينهما صداق؟ نعم؟ شغار، المقصود أن هذا تنصيص على بعض الأفراد، وكونه ينص عليه لأن البنت هي التي يمكن إجبارها، لكن لو قدر أنه مثل ما يقال الآن: هذا عنده أخت بلغت الثلاثين ما تزوجت، وهذاك عنده أخت بلغت كذلك وكل واحدة تتمنى أن تتزوج على أي حال، على أي وجه يكون، يقال: خذ أختي وأخذ أختك وانتهى الإشكال، وكلنا مستفيدين، والبنات –خواتنا- مستفيدات، وإحنا مستفيدين، نقول: شغار، والصداق أمر لا بد منه كما سيأتي، وليس المنظور إليه خلو العقدين من الصداق بقدر ما يكون النظر إلى توخي مصلحة من ولاك الله أمرها؛ لأنه إذا كان يبي يزوجهن. . . . . . . . . قد الشروط هذه ما تهمك، يعني الشروط المطلوبة في الزوج قد يتنازل عنها، يتنازل هذا عن الشرط، يعني لو جاء هذا يبي يخطب بنته بيزوجه؟ ما يزوجه، يقول: الناس غيره كثير، وأفضل منه بكثير، وهذا لا يناسبنا ولا يصلح، لكن فرصة لما عرض البنت قال .. ، فالمنظور إليه بالدرجة الأولى كون الإنسان يلاحظ مصلحته ويخون الأمانة التي ولاه الله عليها، هذا ملاحظ، فبعض الناس يقول: فرصة ما دام بيزوجنا أخته يا الله، فإذا كانت الموليات بنات واضح؛ لأن للآباء من التأثير على بناتهم ما يجعل البنت تتنازل عن كل ما تريد، وفي الأخوات أيضاً ظاهر، لكن لو كانت إحداهما بنت والأخرى أخت، زوجني أختك على أن أزوجك ابنتي، نعم نفس الشيء؛ لأن الملاحظ حظ الرجال، يعني هل الملاحظ في هذا حظ الرجال أو حظ النساء؟ حظ الرجال،

يعني كأنه جعل البنت سلعة يدفعها مهراً لزوجته، ويرمي بها في أي مكان سواء كان مناسب أو غير مناسب ليس بينهما صداق، لو سمي صداق، قال: يا الله تزوجني أختك وأزوجك أختي، وهذا شيك بخمسين ألف، وهات الشيك بخمسين ألف، المسألة إن كانت حيلة وأنه مجرد بس يأخذ الشيك ويرجعه لحسابه ويأخذ هذا الشيك ويرجعه لحسابه صار وجوده مثل عدمه الصداق، لكن إذا كان معتبر تكتب الشيك باسم فلانة، لها هذا صداقها، ما هو باسمي أنا، وأنا أكتب الشيك باسم أختك صداقها، ما لي علاقة، نعم يقول: ليس بينهما صداق، هنا وجد الصداق، لكن يبقى أن الاعتبار التفريط في حظ المرأة واستيفاء جميع ما تطلبه من شروط كفاءة، لا يكون الملحوظ حظ الرجل في العقدين، وكون الإنسان يبتعد عن مثل هذه العقود بعداً تاماً ولو كان بينهما صداق، ولو توخى أن هذا خير الناس، يعني قد يكون هذا من أفضل الناس وهذا من أفضل .. ، لو افترض أن هذا الشخص كلهم يتمناه، وهذا الثاني أيضاً مثله، وعندهما أختان قال: كل واحد يتزوج الثانية، إن لم يكن بينهما صداق صار شغار، إن كان بينهما صداق؟ والصداق إنما هو للأخت، يعني التهمة منتفية، لكن أيضاً البعد عن مثل هذه الصورة مطلوب، مثل هذه الصورة التهمة منتفية مائة بالمائة، وشخص كلهم يتمناه وهذا كله طيب التهمة منتفية لكن يبقى أن البعد عن المشابهة ولو في الصورة مطلوب؛ لئلا لا يقع الإنسان في المحظور وهو لا يشعر. والنهي عن الشغار يقتضى بطلان العقد، إذا زوجه أخته على أن يزوجه أخته أو بنته العقد باطل عن جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: العقد صحيح مع الإثم، لكن الجمهور على بطلان العقد، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

إذا كان لها ولم يكن النظر إلى حظ الرجال، إلى حظ الرجلين، النظر إلى حظ الأنثيين هذا ما فيه إشكال، لكن يبقى أن بعد المشابهة حتى في الصورة مطلوب، على أن يزوجه، يعني ما يدخل في مثل هذه الصورة شخص تزوج بنت وبعد عشر سنين خطب أخت الزوجة أخت هذا، ما يدخل في هذا، لكن الذي يدخل دخولاً أولياً مسألة الاشتراط أنه لا يتم هذا إلا بهذا، يدخل دخولاً أولياً، والإجماع على أن نكاح الشغار حرام، لكن هل يقتضى بطلان العقد أو لا يقتضي؟ الجمهور على أنه يقتضيه. وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية.

يقول: "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن نكاح المتعة" والذي في البخاري: "نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية" وهذا كان يوم خيبر سنة سبع، والمتعة أبيحت ثم حرمت، ثم أبيحت بعد ذلك ثم حرمت إلى يوم القيامة، والمراد بنكاح المتعة النكاح المؤقت بوقت ينتهي فيه العقد، شهر أكثر أقل بنهاية المدة خلاص لا ارتباط بينهما هذا نكاح المتعة، مؤقت بوقت ومؤجل إلى أجل ينتهي فيه من غير شيء زائد، يعني من غير طلاق، بينتهي تلقائياً، هذا نكاح المتعة، فإذا اتفق بين الطرفين على أجل محدد فهو نكاح المتعة، واستقر الأمر على تحريمه، ونقل عن بعض الصحابة جوازه، لا سيما ابن عباس، وصح عنه الرجوع، وذكر ابن حزم جمع من الصحابة أنهم قالوا به، لكن الحافظ ابن حجر نقل عن كل واحد منهم بالأسانيد الصحيحة أنه رجع عن القول بها، فاستقر الإجماع على أنها حرام، ولم يقل بذلك إلا شذاذ من الروافض، هذا نكاح المتعة، وهو نكاح باطل، وعلى هذا من نكح المتعة يحد وإلا يعزر؟ هل نقول: يحد لأنه نكاح باطل؟ وجاء عن جعفر -جعفر الصادق- الذي يعتمد عليه الشيعة بجميع طوائفهم أنه قال: المتعة هي الزنا، وثبت عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: لا أوتى برجل نكح المتعة إلا جلدته الحد، فهل نقول: إن مثل هذا وما ورد فيه من نصوص وما قيل به من قبل بعض الصحابة، وإن ثبت الرجوع عنهم هل نقول: إن هذه شبهة يدرأ بها الحد فيكتفى بالتعزير؟ أو نقول: لا هذه وجودها مثل عدمها واستقر الأمر والإجماع على أنه حرام ونكاح باطل موجبٌ للحد؟ يعني شخص متزوج عنده زوجة وأولاد، رأى امرأة ترى المتعة من أي طائفة من الرافضة أو من غيرهم فاتفق هو وإياها لمدة شهر مثل هذا يرجم أو يعزر، أو ينظر في ما عنده من شبهة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيش؟ طالب:. . . . . . . . . عقد إيش؟ طالب:. . . . . . . . .

عقد مكتوب رسمي، تزوج فلان فلانة لمدة شهر، ينتهي العقد بانتهاء المدة، عقد، لكن العقد يحل المحرم؟ العقود تحل الحرام؟ لو عقدت عقد على زوجة أبيه مكتوب ومشهود ينفع؟ عقد على محرم؟ هل يعزر أو يحد؟ هل نقول: هذا يرجم أو ننظر ما عنده؟ إن قال: والله أنا عندي ثابت إن ابن عباس يقول: بالمتعة، وهو حبر الأمة وترجمان القرآن وش تدورون؟ نقول: هذه شبهة تدرأ عنه الحد أو نقول: لا بد من أن يحد؟ يعني إذا كان جاهل أو ليس بجاهل يعني ينظر في مقدار الشبهة التي وقرت في قلبه وجعلته يقدم فيها، طيب هذا الشخص جاء ليتزوج مدة معينة انتدب إلى بلد لمدة شهر، قال: بدل ما أجلس عزوبي أتزوج، على أن لا يخبر المرأة، ولا ولي أمر المرأة، ولا تعرف المرأة بحال أنه يطلقها في اليوم الفلاني، وهو مقرر أنه حاجز أن الإياب في يوم كذا، ومحرر ومبيت النية أنه يطلقها في يوم كذا، في يوم الرجوع، يجوز أو ما يجوز؟ يسمونه إيش؟ طالب:. . . . . . . . . الزواج بينة الطلاق، الأئمة كلهم على جوازه إلا الأوزاعي، ورواية عند الحنابلة، شريطة ألا تعرف المرأة ولا يعرف ولي أمر المرأة لا بشرط ذكري ولا بشرط عرفي؛ لأن الشرط العرفي له حكم الشرط الذكري، إذا عرفوا هذا الرجل كل سنة يجي شهر، وعرف من عادته وطريقته أنه يتزوج ويوم يمشي .. ، هذا عرفنا أنه متعة، يعني هذا شرط عرفي تكرر منه وعرف عنه، فمثل هذا النكاح جائز عند جماهير أهل العلم، طيب إذا وقت الطلاق بوقت لا بد من حصوله هل يسمى متعة وإلا ما هو متعة؟ يعني إذا قال لزوجته: إذا دخل رمضان فأنت طالق، إذا روئي هلال رمضان فأنت طالق، رمضان لا بد من مجيئه، فكأنه هذه الزوجة عنده الأجل ينتهي بوقت محدد، متى تطلق؟ نعم؟ إذا جاء؟ وإلا نقول: خلاص هذا مثل المتعة نكاح مؤجل إلى رمضان إذاً يبطل الآن؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هو علقه بشرط لا بد من وقوعه. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . .

لا هذا بالعقد يصير متعة، هذي أم عيال جابت عشرة منه، لكن فيه شبه من المتعة أو ما فيه؟ هذا قال: أنا بقيتي في هذه البلدة أنا أريد أن أنتقل إلى بلد آخر في واحد رمضان أنا معين في بلد أخر، وعندهم عيال من أهل هذا البلد، ومستعدة تذهب معه إلى البلد الثاني، قال: شوفي يا أم فلان إذا جاء رمضان فأنت طالق، لكن في وجه شبه من المتعة أو ما فيه؟ حدد مدة النكاح إلى رمضان فقط، الآن يا إخوان وش وجه الشبه في تعليق الطلاق على أمر لا بد من وقوعه في وقت محدد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وين؟ طالب:. . . . . . . . . ما في عقد، لا العقد من عشرين سنة، زوجته أم عياله له عشرة أولاد منها، لكنه قيل: أنت في واحد رمضان تباشر في المنطقة الأخرى الثانية، وهو قال: بدل ما أسحب عشرة بزران، آخذ من البلد الثاني مرة ما عندها عيال، فقال: يا أم فلان إذا جاء رمضان فأنت طالق؟ الآن عرفنا نهاية العقد، ففيه وجه شبه للمتعة، ولذا يرى المالكية أنه متعة، فتطلق الآن إذا علق على أمر لا بد من وقوعه، تطلق الآن، والجمهور على أنها لا تطلق إلا إذا حصل الشرط، طيب وش الفرق بينها وبين المتعة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا قول الجمهور كونها ما تطلق الآن وش السبب؟ يغتفر في الاستمرار ما لا يغتفر في الابتداء، المتعة معروفة البداية والنهاية، يعني متفق عليها من البداية، وهذه عرفت النهاية فقط، لكن هل له أن يرجع في شرطه؟ يرجع في هذا النكاح قبل حصول الشرط أو لا يرجع؟ نعم؟ يقول: بدل ما تحسب عليه هذه الطلقة إذا دخل رمضان يقول: خلاص هونا تري ألغيت الشرط، ما بعد وقع إلى الآن، طلقة ما بعد وقعت، له أن يرجع عنها أو ليس له ذلك؟ طالب:. . . . . . . . . نعم الجمهور ليس له ذلك، الجمهور إذا علقه على أمر لا بد من وقوعه ليس له أن يرجع، ونقل عن شيخ الإسلام أن له ذلك، نقل عن شيخ الإسلام أنه ما دام ما وقع الشرط فهو بالخيار، يعني قبل وقوعه .. هاه؟ طالب:. . . . . . . . . ترث ما بعد وقع الشرط.

"نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية" لحوم الحمر الأهلية كانت مباحة، كانت في أول الأمر مباحة، ثم جاء ما يدل على تحريمها والسبب أنها هي الظهر الذي يركب، أفنيت الحمر، أكلت الحمر، فصدر الأمر بتحريمها، فهي محرمة عند جمهور العلماء، وعند المالكية مكروه كراهة شديدة، والسبب الباعث على تحريمها كونها الوسيلة وسيلة النقل، فإذا أفنيت الناس محتاجون إلى الانتقال بها، لكن هل هذا السبب يستقل بكونه علة يرتفع الحكم بارتفاعها؟ نعم؟ لا يستقل بكونه علة، وإلا قد يقول قائل: خلاص الآن ما لها فائدة الحمر، لا يستقل بكونه علة؛ لأن من الأحكام ما يشرع لسبب، ويرتفع السبب ويبقى الحكم، مثال ذلك؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الاضطباع، أو الرمل في الطواف؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا الرمل في الطواف، في عمرة القضاء قال المشركون: يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فرمل النبي -عليه الصلاة والسلام- الأشواط الثلاثة، وما منعه من أن يرمل بقية الأشواط إلا الإبقاء عليهم، الرمل الآن مشروع أو غير مشروع؟ مشروع، في أحد يقول: إن المسلمين يجون وقد وهنتهم الحمى أو المرض أو غيره؟ ارتفعت العلة وبقي الحكم، ومثله قصر الصلاة في السفر، علته: "إن خفتم" ارتفع الخوف، فصار القصر صدقة تصدق الله بها، فهناك علل وأسباب يقرر من أجلها الأحكام ثم ترتفع هذه العلل وتستمر الأحكام وهذا منها، الحمر الأهلية لما كانت مباحة فهي داخلة في قوله -جل وعلا-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [(157) سورة الأعراف] ولما حرمت "يحرم عليهم الخبائث" يعني هذا الحمار بعينه أمس طيب واليوم خبيث؟ نعم لما كان حلال أمس هو طيب واليوم لما حرم صار خبيث، يعني انقلبت عينه من الطيب إلى الخبث، أو نقول: هذا طيب وخبث معنوي يتبع التحليل والتحريم؟ يعني مادته اللي أكل منه أمس ما يتضرر واللي أكل منه اليوم يتضرر؟ هاه؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

هل نقول: هذا الوصف بالطيب أو بالخبث هل هو تغير حقيقة بمعنى أن من أكل الحمار قبل تحريمه لا يتضرر بشيء ومن أكله بعد تحريمه وصيرورته خبيثاً يتضرر؟ أو نقول: هذه أمور معنوية تابعة للحكم الشرعي وليس لأحد كلام؟ أو أن الله -جل وعلا- نزع خصائص –الخصائص- التي تجعلها طيبة، وأودع فيها خصائص الخبيث؟ يعني مثل الخمر أن الله -جل وعلا- لما حرمها سلبها المنافع، وهذا ليس ببعيد. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى- وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)) قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)). نعم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تنكح الأيم)) " والأيم هي الثيب التي تأيمت بفقد زوجها بطلاق أو وفاة، والثيب في العرف الشرعي من وطئت بنكاح صحيح، هذه هي الثيب، أما من وطئت بنكاح شبهة أو بزنا نسأل الله السلامة والعافية هذه ليست بأيم ولا ثيب، ولا تترتب عليها أحكام الأيم، ولو تكرر ذلك منها، نسأل الله السلامة والعافية، فليس حكمها حكم الثيب، فإذا تزوجت على امرأة سابقة كما سيأتي يقسم لها سبع ليال؛ لأنها حكماً بكر، ولو قلنا: بأن الثيب والأيم وصف مرتبط بالبكارة لقلنا: إنها إذا زنت في المرة الأولى تجلد، وإذا زنت في المرة الثانية يترتب على ذلك أنها ترجم، لكن هي لا تزال بكراً، ما لم توطأ بنكاح صحيح، فإذا وطئت بنكاح صحيح صارت ثيباً. وهل تثبت أو يثبت الوصف المذكور بالعقد أو بالدخول؟ نعم؟ يثبت بالدخول، وهل يكفي مجرد الدخول وإرخاء الستر لتترتب الأحكام؟ ليكون مدخولاً بها أو لا بد من الوطء؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، ولعله يأتي لها مناسبة.

يقول: ((لا تنكح الأيم)) إذا قلنا: (لا) ناهية، كسرنا الحاء، وإذا قلنا: إنها نافية رفعنا الحاء "لا تنكحُ" ويأتي النفي مراداً به النهي وهو أبلغ من النهي الصريح عند أهل العلم، لكن إذا قلنا: ناهية لما نكسر الحاء ((لا تنكح الأيم)) {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] مو الجر من خواص الأسماء؟ نعم الجر من خواص الأسماء، كيف نجر فعل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم يعني لالتقاء الساكنين، طيب الآن إذا التقى الساكنان نفر من التقاء الساكنين إلى حركة أخرى، لماذا فررنا إلى حركة لا تصلح للفعل؟ لماذا ما رفعناه وإلا نصبناه؟ مرادنا أن نفر من التقاء الساكنين نأتي بحركة تصلح للفعل، ما نأتي بحركة لا تصلح إلا للاسم، إذا كان القصد الفرار من التقاء الساكنين. طالب:. . . . . . . . . نعم لأن لا يلتبس بالفعل الذي يؤثر فيه عامل النصب أو الفعل الذي خلا من العوامل، هو الآن دخل عليه عامل، إن رفعناه ألغينا العامل، وإن نصبناه التبس الجازم بالناصب، ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ نعم، فنلجأ إلى حركة يعرف القارئ أنه ليس بمنصوب ولا مرفوع تغير حكمه، وإلا فالأصل أن الجر من علامات الاسم. والاسم قد خص بالجر كما ... قد خصص الفعل بأن ينجزما يعني من خواص الأفعال الجزم، ومن خواص الأسماء الجر. بالجر والتنوين والنداء و (أل) ... ومسند للاسم تمييز حصل المقصود أنها إذا كانت (لا) ناهية لا بد من الكسر، كما في قوله -جل وعلا-: {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] نعم، (متى أضعِ العمامة) نعم لأجل نفر من التقاء الساكنين إلى حركة لا يوجد لها نظير عند عدم العامل، ولا عند عامل يقتضي غير الجر؛ ليرتفع اللبس.

((لا تنكح الأيم)) عرفنا الأيم ((حتى تستأمر)) السين والتاء للطلب، يعني يطلب أمرها بكلامها، ((ولا تنكح البكر)) وهي من لم توطأ بنكاح صحيح ولو حصل لها وطء بشبهة أو بارتكاب مخالفة، ولو زالت بكارتها بأي سبب من الأسباب لا تزال بكراً ما لم توطأ بنكاح صحيح، فمن زالت بكارتها وهي لم تتزوج وتوطأ بنكاح صحيح فهي بكر، قد يقول قائل: إن هذه فلانة من الناس زالت بكارتها بعلاج مثلاً احتيج إلى ذلك، بوثبة، بوطء شبهة، بمخالفة، بزنا، إذا خطبت نقول: بكر أو ثيب؟ هي زالت بكارتها هي حكماً بكر، والبكارة لها أرش عند أهل العلم، لكن هل يلزم من ذلك إخبار الخاطب بأنها ما زالت بكر أو لا؟ المسألة فيها حرج كبير، ويكثر السؤال في مثل هذه الصورة، ارتكبت ما ارتكبت ثم تابت توبة نصوحاً هدمت ما كان قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، هل يخبر الخاطب أو لا يخبر؟ فما شك أن المسألة من عضل المسائل، إن أُخبر معناها لا أحد يقدم عليها، وإن لم يخبر غش عظيم له، يعني ما هو المسألة مثل المسائل التي .. ، نعم إثمها وأثرها في الآخرة انتهى بالتوبة النصوح، لكن يبقى العار، لو يعلم الزوج أو أولاده فيما بعد ماذا يكون مصيره؟ المسألة تحتاج إلى عناية شديدة، إن أُخبر الخاطب قد يقول قائل: تجلس بدون زواج، كل من أقدم يقال له: ترى حصل منها ما حصل، وماذا عن الرجل لو حصل منه هذا؟ هل يخبر من يخطب منه أو لا يخبر؟ هذه مسائل تحتاج إلى عناية، لكن الأثر الفعلي إنما هو في المرأة أما في الرجل لا يتبين فيه أثر، وإن كان الذنب واحد، الفاحشة واحدة، يشترك فيها الفاعل والمفعول به إلا المكره ما له حكم، فالمسألة تحتاج إلى عناية، إن وجد من يقبل بها إذا أخبر هذا هو الأصل؛ لأنه يقدم على بينة بحيث لو أثير فيما بعد ما يتأثر ... ، ما يتغير عليه. . . . . . . . .، وبعضهم يقول: إنه يزوجها زواجاً صورياً بحيث لو عرفت فيما بعد يقال: والله هذه مطلقة سبق أن تزوجت، فمن باب الساتر عليها. . . . . . . . .، الاسترسال في الستر الاسترسال لا أقول: أصل الستر، أصل الستر شرعي، ومن ستر مسلماً ستره الله، هذا الأصل في الستر، لكن الاسترسال فيه، وستر جميع القضايا لا يجعل هناك

رادع للمجرمين؛ لأن بعض المجرمين المتجه في حقه أن يفضح ما هو بيستر، يعني متى يرتدع؟ فمثل هذه المسائل تحتاج إلى عناية، وكل حالة تدرس على حده، ولا يحسن أن يصدر حكم عام في مثل هذا؛ لأن هذه أمور فيها المصالح والمفاسد، وتخضع للبيئات والظروف وما أدري إيش؟ إحنا في بيئات -نسأل الله السلامة والعافية- مبتلات بمثل هذا، وهنا .. ، أقول: مجتمعات -ولله الحمد- سلمت من مثل هذه الأمور، ويقدم الإنسان وهو مرتاح، لكن عاد الله المستعان، لكن عاد الانفتاح انفتاح الدنيا ضرر محض، الله المستعان.

((ولا تنكحوا البكر حتى تستأذن)) يعني حتى يطلب إذنها، الثيب انتهى الحياة يعني ما هو انتهى بالكلية، لكن الحياء المتعلق بهذه المسألة لأنها عاشرت الرجال، وخرجت عن بيت أهلها إلى بيت أجنبي، وصار أقرب إليها من أهلها، وزالت الكلفة بينهم، بالإمكان إذا عرض عليها فلان أو فلان، تريدين فلان لا تريدين فلان تقول: نعم أو لا، يعني لا تتردد في الجواب، لكن البكر التي ما تعودت ولا خرجت من خدرها تستحيي أن تقول: أريد ولا أريد، هذا الأصل في بني آدم عموماً مسلمين أو غير مسلمين، هذا الأصل فيهم، وهذا الأصل تأكد في الإسلام؛ لأن النساء أمرن بالقرار في البيوت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] وأمرن بالحياء والعفة، والآن مع هذا الانفتاح تجد عشر وإحدى عشر سنة واثنا عشر سنة تتحدث ماذا تصنع؟ وماذا تفعل إذا تزوجت؟ وتريد فلان، وتريد زوج شكله كذا، وهيئته كذا، وشعره كذا، لا شك أن هذا خلاف الفطرة، وخلاف الشرع، الأصل في البكر أنها ما تعرف غير والديها وإخوانها، وإذا كان الأمر في الذكور يعني في جيلنا مثلاً تزوجوا من ثلاثين سنة مثلاً يعقد له درس قبل الدخول يخبر كيف يصنع؟ وش يبي يسوي؟ بيدخل على امرأة ما يدري إيش يسوي؟ وحصل وقائع وحوادث مضحكة ما يدري إيش يصنع؟ والآن الأطفال في الكتاب يعرفون، هذا سببه إيش؟ الانفتاح المذموم المشين، صارت الآن العمليات قدام الأطفال تفعل، طفل عمره ثلاث سنوات يسأل جدته إيش لون تحملون أنتم قبل؟ يعني هذا سؤال محرج كيف تقول له؟ تقول: كانت هناك حبوب نأكلها ونحمل، يقول: ما عندكم جماع أنتم؟ وش تقول؟ هي تريد تخفي عليه وهو صار أعرف منها، شيء شيء ما يخطر على بال، يعني فساد ذريع من خلال هذه القنوات، فساد ذريع، والمعصوم من عصمه الله، وبهذا نعرف خطورة هذه الآلات، بعض الناس يتذرع يقول: أنا أشوف الأخبار، وأطلع على أحوال العالم، وإخواننا المسلمين الذين يقتلون .. ، تطلع على الأخبار بإهلاك من ائتمنك الله عليهم؟! مثل هذا يسوغ؟! لا يسوغ البتة، يعني لأن يعيش الإنسان جاهلاً خام ما يعرف شيء من الواقع أفضل بكثير من أن يزيغ قلبه، أو يزيغ من تحت يده بهذه الأمور، يعني المسألة ما هي بشهوات فقط

شبهات بعد، أفكار إلحادية وزندقة تدخل في بيوت العوام، شبه لا يستطيعون ردها، حار فيها كثير من طلاب العلم فضلاً عن العامة، ويأتي من يأتي يقول: أدخل القنوات من أجل أن أسمع الأخبار وخلاص ونقفله، طيب من يضمنك؟ وحصل بسبب هذا التساهل كوارث، يتمنى الإنسان أنه مات قبل سماعها، قبل حصولها في بيته وفي محارمه، شيء لا يطاق، وإذا وقع الفأس في الرأس بدينا نبحث عن الحلول والفتاوى، وطبيب نفسي، ومشرف اجتماعي يحل لنا هذه الإشكالات، يا أخي احسم المادة وترتاح، احسم المادة تنتهي. "قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)) " يعني ما في غير السكوت، وش تبي تقول البنت اللي ما سبق أن جربت؟ ما عندها إلا تسكت. طالب:. . . . . . . . . نقلة لا تخطر على البال، الزوج إذا خرج صبيحة العرس، دخل بزوجته البارحة وصبيحة العرس كأنه جاي من معركة، من معركة والله صحيح، الدم في وجهه وفي يديه وفي كذا، يعني المسألة ما هي بتهاويل، وكانت النساء يربطن السراويل بأحزمة، كل هذه لأنها ما تعرف هذه الأمور، ولا تدري وش يصير؟ كلها من حفاظها على نفسها، ويدخل الداخل الآن على الزوجة وشلحة ما تحتاج شيء، يعني شيء ما يخطر على البال، يعني ألا نخشى من عقوبة مثل هذه التصرفات؟! قد يقول قائل: هذه زوجته ويتصرف .. ، لكن هذه التصرفات وراءها ما وراءها، أين العفة؟ أين الحشمة؟ أين؟ يعني هذه التصرفات لها ما وراءها، يعني ما جاءت من فراغ هذه التصرفات، وإن كان الناس بدو ولا يفهمون شيء، خلهم لا يفهمون وش يفهمون؟ يفهمون فجور وإجرام ومعاصي ومنكرات، لا يفهمون يا أخي، والله المستعان، نعم.

يقول: ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر)) فلا يجوز لوليها أن يجبرها، لا بد من أخذ الموافقة الصريحة الثيب لا بد من أخذ الموافقة الصريحة التي لا تحتمل، هاه تريدين فلان؟ تريد فلان تتوكل، ومسألة عرض الخاطب على البنت .. ، مسألة الولي، الولي له وجود شرعي يشترط لا بد منه عند الجمهور، فليس وجودهم مجرد عبث، أو مجرد يتولى الإيجاب والقبول، لا، له دور في المسألة، وليس كل خاطب يعرض على المخطوبة، إذا اقتنعت بتوافر الشروط التي تريدها لزوجتك ملاحظاً مصلحتها الشرعية إذا اقتنعت تعرض، مو أي شخص يجيك تبي تعرضه،. . . . . . . . .، ويلاحظ عند بعض الناس أنه إذا تقدمت السن بالبنت، تقدمت بها السن تمنى خروجها من بيته بأي طريقة وهي كذلك، فأول خاطب تفضل من غير بحث ولا تحري ولا سؤال، وبهذا التساهل في مقابل التشديد في أمور ما أنزل الله بها من سلطان حصل ما حصل من النسب العالية من العوانس، فالإنسان يحتاط لموليته وهي أمانة بيده، لا يجوز أن يزج بها في ما لا يصلح دينها، هي أمانة بيده، فلا بد من الاهتمام، إذا اقتنع به، الضوابط الشرعية موجودة يعرض، وإذا اقتنع به قناعة تامة وقالت: أنا لا أريد، هذا ما أدري إيش؟ هذا متشدد، يحاول أن يقنعها من غير إجبار، لا يجوز له أن يجبرها؛ لأن الكلمة الأخيرة لها، نأتي إلى البكر، البكر مثل الثيب، إلا الفرق في أن هذه تنطق تقول: أريده أو لا أريده، وهذه تسكت، أو تقول: لا أريده، أو تبكي مثلاً، عند أهل العلم من الدقة في هذا الباب ما لا يخطر على بال، يقولون: حتى لو بكت هناك فرق بين بكاء الحزن وبكاء الفرح، على كل حال هذه أمور شرعية لا بد منها، فتستأذن البكر فإذا سكتت خلاص علامة القبول، ولا ينسب لساكت قول إلا في مثل هذا الموضع، فإذا توافرت الشروط في الخاطب عرض على المولية، إذا لم تتوافر يرد من الأصل؛ لأن النساء قد لا يدركن المصلحة، قد يقول قائل: إن النساء الآن تعلمن وعرفن ما ينبغي وما لا ينبغي، وصارت تعرف الشخص الذي يمكن أن تعيش معه، ويمكن ما تعيش، كيف تتفاهم مع شخص يريده أبوها العامي الذي لا يقدر مصلحتها، بنت جامعية خطبها جامعي يرده الأب علشان إيش؟ الشرط متوافر، الأفكار متقاربة، لا

يكفي، الميزان الدين، هو الميزان، والخلق؛ لأن هذه أمانة لا بد من مراعاتها، وكم من امرأة تزوجت رجل يفهمها وتفهمه على أسلوبهم، والمصير الطلاق، فإذا لم يكن الهم الدين مع الخلق؛ لأن بعض الإخوان المتدينين أساءوا إلى بعض؛ لأنه قد يكون متدين لكن ما له خلق، فلا بد من الدين والخلق. البكر: من أهل العلم من يرى جواز إجبارها وأنها لا تحتاج إلى أن تستأذن، خلاص ما دامت بكر لأبيها أن يجبرها، وهذا المعمول به عند الحنابلة، وكان هو السائد في البلد، لكن النص الصحيح الصريح هنا يدل على أنه ليس لأحد أن يجبرها، خلاف في البكر، قول الحنابلة معروف، والجمهور والأكثر يرون أنها لا تجبر، فالصغيرة ماذا عن الصغيرة التي ليس لها أمر ولا إذن؟ خطبت بنت خمس سنين أو ست سنين، عائشة -رضي الله عنها- عقد عليها وهي بنت ست سنين، فمثل هذه يطلب إذنها؟ هذه لا إذن لها، ما تدرك، ما تدرك شيئاً، وقد يقول قائل: إن الأنظمة تمنع مثل هذا، تزوج بنت ست سنين، هذا صنيع النبي -عليه الصلاة والسلام- بأم المؤمنين، عقد عليها وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع، فمثل هذه لا رأي لها فلا تستأذن، لا سيما إذا ترجحت المصلحة، أما إذا لم تترجح المصلحة ولم يخشَ فوات شخص يخشى فواته مثل هذه تترك حتى تبلغ المبلغ الذي تزوج له المرأة، نعم، منهم من يجيز إجبار الصغيرة إجباراً مؤقتاً، فإذا بلغت فالأمر لها، لها أن ترفض ولها أن تستمر. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوقك عسيلتك)) قالت: وأبو بكر عنده، وخالد بن سعيد في الباب ينتظر أن يؤذن له، فنادى: يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي" نسبة إلى بني قريظة، وهناك نسبة إلى القرض، وينتسب إليها سعد المؤذن، سعد القرض، فللتفريق بينهما ينتبه لمثل هذا "جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي" يعني طلقها طلاقاً بائناً البتة، بحيث لا تحل له إلا إن تزوجت غيره {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [(230) سورة البقرة] ولعل الحاصل تكميل الثلاث؛ لأن الثلاث بلفظ واحد بدعة لا يقره النبي -عليه الصلاة والسلام- "فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير" الجادة الزُبير، لكن هذا بالفتح، على خلاف الجادة، فلينتبه له كما أن عبيدة هي الجادة وعبيدة السلمان بالفتح خلاف الجادة، وفي هذا مؤلفات لأهل العلم يعني ما تُرك "فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب" يعني ضعيف في هذا الباب، ضعيف لا ينتشر، فمثل هذا هل يحصل به التحليل؟ لا ينتشر، وهل مثل هذا يلزمه إخبار الزوجة أو لا يلزمه؟ نعم؟ الطالب:. . . . . . . . . ما يلزمه؟ الطالب:. . . . . . . . . كيف؟ الطالب:. . . . . . . . . إحنا قلنا: إن الزوجة إذا صار بها عيب يجب إخبار الخاطب، فإذا كان في الزوج عيب مثل هذا مقصد من .. ، بل من أعظم المقاصد من مقاصد النكاح، المرأة لما خطبها من لا حاجة له في النساء ثم أخبرها فقالت: ماذا يريد من النساء؟ فقال: يريد أن نتعاون على طاعة الله، نتعاون على البر والتقوى، قالت: أعرف الله بلا، بدونه أعرف الله، يعني هذا مقصد ما في شك، مقصد للرجال والنساء، يعني الرجل إذا وجد أدنى شيء في المرأة حمل ما حمل، والمرأة كذلك، يعني هذا أمر يشترك فيه الرجال والنساء، فإذا كان فيه ضعف في مثل هذه الحالة لا بد من الإخبار، قد يقول قائل: إن هناك علاجات وحبوب وعقاقير يعني تنفع في هذا الباب نقول: الأصل العدم، فإذا حصل وزوجته عنده أو أخبرها وقبلت به وتناول العقاقير بكيفه، الأمر لا يعدوه، أما أن تغش امرأة بزوج لا ينتشر وش استفادت؟ لا بد من إخبارها، لا بد أن تخبر.

"فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب" بعضهم يقول: إنه في الصغر، التشبيه وجه الشبه الصغر، ومنهم من يقول: الضعف والاسترخاء "فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لكن لنعلم أنهم المشكلة عندهم إذا تزوجت المرأة وتبين لها خلاف ما أملت ثم طلقت بالإمكان أن تتزوج ثانية قبل الأبكار، هذا شيء غير مؤثر عندهم، أثره ضعيف جداً عندهم يعني كونها بكر أو ثيب أثره ضعيف ضعيف جداً عندهم، ولذا تتزوج ثاني وثالث ورابع، وعائشة بنت طلحة تزوجها مصعب بن الزبير بعد خمسة، ودفع لها ألف ألف، يعني مليون، لكن الآن أدنى خدش يركن المرأة المسكينة كأنها غير موجودة، فتترك لكبار السن، فلذا لما عظم الأثر تعين الإخبار، ما هي بتغش .. ، واحد يزوج ولده مجنون ما يدري الناس إنه مجنون، وهذا كله تساهل من الطرفين، ولي المرأة لا بد أن يبحث، ولا بد أن يعرف، وبعض الآباء كبار السن يقول: ما دام ابن حمولة، وأبوه رجل من الرجال ويهديه الله الولد، نقول: لا يا أخي، هذا غش، الكلام على الواقع الآن هل يستحق أو ما يستحق؟ الإنسان يقوم في يومه هل يستحق أو ما يستحق؟ فيهتم لهذا الأمر "فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني من جرأتها وأنها .. ، ومثل هذه الجرأة لا تذم من كل وجه، لأنه يترتب عليها حقوق، ولو قلنا: إن الحياء الذي هو الخجل يحمد في مثل هذا الباب لضاع كثير من الحقوق، هذه يترتب عليها حقوق، إن رضيت وسلمت وقالت: الدنيا ماشية وفانية هذا الأمر لا يعدوها، لكن لها الفسخ.

((وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ )) يعني هل تظنين أنه حصل التحليل بمثل هذا النكاح؟ ((لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)) قد يقول قائل: إن بعض الناس يحصل عنده مثل هذا ضعف، ويولد له؛ لأن الولادة مجرد حصول هذا مع هذا، لكن الشهوة تنعدم أو تضعف، والشهوة مقصد من مقاصد النكاح للطرفين، أما الولادة فقد يحصل شيء منها، أما التحليل فلا بد فيه من الإيلاج الذي يوجب الغسل ويفسد الحج هذا التحليل، فلا بد فيه من الوطء، وإلا فلا تحل لزوجها الأول، يذكر عن بعضهم أنه لا يحتاج وحتى تنكح زوجاً غيره، النكاح يطلق على العقد، لكن هذا الحديث نص في كون العقد لا يكفي، ((لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)) يحصل الوطء الذي معه اللذة، ولذا شبه بالعسل؛ لأن فيه لذة.

"قالت: وأبو بكر عنده، وخالد بن سعيد بالباب ينتظر أن يؤذن له، فنادى: يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني كأنه قال: يا أبا بكر لماذا ما منعت هذه المرأة؟ ولكونه يترتب عليه حكم شرعي، لا تمنع، وكثير من النساء يسألن عن أشياء قد يستحي عنها كثير من الرجال، لكن ما دام يترتب عليها حكم شرعي لا مندوحة من الجواب، تسأل تتفقه، يطلب منها زوجها شيء هل تمنع أو لا تمنع؟ فتسأل، والمتدينات أكثر من تسأل في هذا الباب؛ لأنها إن امتنعت عن مباح لحقها الإثم، وإن استجابت لمحرم لحقها الإثم، فهي تسأل عن دينها، أما غير المتدينة طلب منها ما طلب هي التي تقرر، إن كانت تحب الزوج أجابت إلى ما يريد، وإن كان بينها وبينه شيء رفضت كل ما يريد، فالمتدينة تسأل عن ما يجوز وما لا يجوز، لكن ينبغي أن يكون هذا على أضيق نطاق، وأن يكون الحياء هو السمة الغالبة للمرأة المسلمة، إذا اضطرت إلى السؤال عن شيء تسأل، أو تكلف زوجها يسأل أو .. ، "قالت: وأبو بكر عنده، وخالد بن سعيد في الباب ينتظر أن يؤذن له، فنادى: يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وقد يُلمس من بعض الأسئلة من قبل بعض النساء إثارة المسئول، يعني مع هذا الانفتاح الذي نعيشه، أو إثارة السامع، فمثل هذه إذا غلب على الظن أن هذا هو القصد مثل هذه تردع، فمن طلقت ثلاثاً لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجاً غيره، فإذا نكحت نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل؛ لأن الله -جل وعلا- لعن المحلل والمحلل له، فإذا نكحت نكاح رغبة وحصل الشرط، وطئت بهذا النكاح، وذاقت ما نص عليه هنا تحل للأول، وترجع بدون طلقات من جديد تحسب، لكن المطلقة مرة واحدة أو مرتين ثم تزوجت، ثم رجعت إلى الأول ترجع مثل البائن جديدة؟ على اصطلاح أهل السيارات أصفار، أو ترجع بطلقاتها السابقة؟ يعني إذا طلقت ثلاثاً ونكحت زوج جديد ورجعت إلى الأول خلاص، جديدة، لكن إذا طلقت مرة أو مرتين ثم نكحت ثاني انتهت عدتها تزوجت ثاني، ثم رغبت في الأول ورغب فيها ورجعت إليه ترجع بطلقاتها السابقة أو أصفار مثل ذي؟ بالطلقات السابقة، المسألة خلافية، لكن عمر -رضي الله عنه-

سأل أبا هريرة عن هذه المسألة فأجاب بهذا الجواب، وشُهد له بهذا بأنه من أهل الفقه ليس من أهل الرواية فقط، وذكر شيخ الإسلام هذا للدلالة على أن أبا هريرة فقيه، بخلاف بعض من يقول: إن أبا هريرة هو مجرد راوية، ولذا يرجح قول الفقيه على قوله، رواية الفقيه ترجح على رواية غير الفقيه، وجعلوا أبا هريرة من هذا النوع، وساق شيخ الإسلام أمثلة كثيرة تدل على فقهه، ومنها هذه المسألة، نعم. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثاً ثم قسم، قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت: إن أنساً رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "من السنة" إذا قال الصحابي: من السنة فله حكم الرفع؛ لأنه كما قال نافع في قول ابن عمر: إذا أردت السنة فهجر، يقوله للحجاج، قال نافع: وهل يريدون بالسنة إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ فإذا قال الصحابي: من السنة أي سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرفوع، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-: قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ فهذا مرفوع، إذا تزوج البكر التي لم توطأ بنكاح صحيح على الثيب التي تم وطئها بنكاح صحيح أقام عندها سبعاً وقسم، أقام عندها سبعاً يعني سبع ليالي ...

كتاب النكاح (3)

شرح: عمدة الأحكام - كتاب النكاح (3) باب الصداق الشيخ: عبد الكريم الخضير "فقام عندها سبعاً" يعني سبع ليال "وقسم" لأنها ما تعودت على الخروج، يعني الأصل فيها أنها في بيت أهلها، فتحتاج إلى من يؤنسها، وتحتاج إلى دربة وطول معاشرة من أجل أن تنبسط مع الزوج "وإذا تزوج الثيب -التي سبق أن جربت- أقام عندها ثلاثاً ثم قسم" ثلاث تكفي للدربة بالنسبة للثيب.

"قال أبو قلابة: لو شئت لقلت: إن أنس رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-" يقول: لو شئت لصرحت بأن أنساً رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الرفع الصريح مثل قول الصحابي: من السنة، لا فرق، "ولو شئت لقلت: إن أنساً رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-" النبي -عليه الصلاة والسلام- لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثاً، ثم قال: ((إنه ليس بك هوان على أهلك، فإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لزوجاتي)) أو قال: ((لنسائي)) ((إنه ليس بك هوان على أهلك)) يعني المرأة سواء كانت بكر أو ثيب عزيزة ومقدرة ومحترمة عند أهلها، يعني ليس معنى هذا أن الثيب تمتهن وتبتذل لا، هي عزيزة عند أهلها، وعزيزة عند أمتها، المرأة لها شأنها في الإسلام، ولا يعرف نظام على مر التاريخ أعطى المرأة حقوقها مثل الإسلام، ونسمع من ينادي ومن ينعق يهرف بعبارات، وهؤلاء هم ذئاب البشر، الذين لا يهمهم مصلحة المرأة، ولا مصلحة المجتمع، ولا مصلحة الأمة، هم ذئاب يريدون أن يخرجوا النساء من بيوتهن، ويقولون: إن الإسلام والمسلمين ظلموا المرأة، ولا بد من حقوق الإنسان أن تنظر في مثل هذا الأمر، والمطالبة به في أعلى المستويات، ويهمهم إفساد الأمة، يعني من العجب أن يسموا المرأة التي تربي عشرة أولاد من أولادها على مختلف أسنانهم ومستوياتهم يسمونها عاطلة، والتي تخرج من بيتها لتربي أولاد الناس في حضانة هذه يسمونها عاملة، ولا بد أن تأتي هذه العاملة بعاملة أخرى لتربي أولادها، التي تربي أولادها هي عاملة، التي تربي هذه صارت عاطلة، وصفت بأنها عاملة لأنها خرجت من بيتها لتربي أولاد الناس، المرأة المستخدمة لتربي أولاد هذه المرأة تسمى عاملة، بهذا نعرف أنه ليس المقصود انتفاع الأمة، أو زيادة عدد العاملين من أجل تعزيز الاقتصاد، يعني في روسيا أول ما دخلتها الشيوعية قالوا: كيف تتقدم بلد ونصف شعبه في المطبخ؟ كيف يتصور التقدم؟! والآن من عقود وروسيا عندها حملات على أعلى المستويات وآليات على كافة الشرائح لإرجاع المرأة إلى بيتها للضياع الذي عاشوه، عاشوا ضياع على مدى سبعين أو ثمانين سنة، والله المستعان.

((ليس بك هوان على أهلك)) المرأة ليست بهينة على أهلها ولا على زوجها ولا على مجتمعها ولا على أمتها، إنما يقول مثل هذا الكلام من يريد أن يشبع رغبته ونهمته منها، ولا يهمه أمة ولا أم ولا أخت ولا أحد، لا يهمه أحد ((فإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي)) الآن هي تستحق ثلاث ليال شرعاً هذه الثيب، يعني إذا تزوج البكر يجلس عندها سبع ليال ثم يبدأ بالقسم، يدور على نسائه، ولها ليلة من الليالي، ليلة من أربع، ليلة من ثلاث، ليلة من ثنتين، على حسب عدد النساء التي بعصمته، الثيب يجلس عندها ثلاث ليالي، يقسم لها ثلاث ليالي ثم تدور القسمة من جديد، تصير واحدة أسوة النساء، لكن إن رغبت فإن تعطى سبع مثل البكر مثل هذا يسلكه بعض الناس أو بعض النساء، يعني ملاحظة ومراعاة لشعورها، يعني امرأة جلست سبع ليال تتشبه بالأبكار، يلاحظ شعورها وأهلها، وهو أيضاً قد يلاحظ شعورها هو، وليش تأخذ ثيب والناس يلقون وأنت ما تلقى؟ المجتمع فيه ضغوط، نعم فيه ضغوط أحياناً تكون بارزة، وأحياناً تكون خفية، فمثل هذا لو سبع لها، هي تستحق في الأصل كم؟ ثلاث، هل يقسم لنسائه على أربع ليال أو على سبع؟ هي في الأصل تستحق ثلاث، هو ما زادها إلا أربع ليال، فهل يقسم لنسائه الباقيات على أربع ليال وإلا يقسم سبع؟ نعم؛ لأنه مستحقة للثلاث من الأصل، فيقسم لنسائه القدر الزائد، وبهذا قال جمع من أهل العلم، والقول الثاني: أنه إن فرض عليها سبعاً يفرض لبقية نسائه سبعاً، ويدل عليه الحديث المخرج في مسلم: ((إن سبعت لك سبعت لنسائي)) يعني إن أعطيتك سبع ليالي مثل البكر أعطي نسائي سبع؛ لأنك ثيب وهن ثيبات مثلك، وظاهر النص يدل على أن يقسم لهن سبعاً مثلها. طالب:. . . . . . . . . لا ((إن شئت سبعت لك)) يعني جلست عندك سبعاً ((وإن شئت ثلثت ثم درت)) في بعض الروايات، يعني جلست عندك ثلاثاً ثم درت على نسائي، نعم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً)). يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو أن أحدكم)) " والخطاب يتجه إلى كل من كان عنده زوجه ((لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله)) زوجته، أراد أن يجامع زوجته ((قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن قدر بينهما ولد في ذلك)) يعني في ذلك الجماع الذي حصل هذا الذكر عليه ((لم يضره الشيطان أبداً)) ونفي الضرر الأصل فيه العموم، جميع أنواع الضرر لا في دينه ولا في دنياه، هذا الأصل، لكن مقتضاه أن يكون الولد معصوماً، أن يكون معصوم؛ لأن أدنى مخالفة ضرر بسبب الشيطان، ولم يقل بهذا أحد من أهل العلم، منهم من قال: إنه يحصل الضرر ولا يترتب أثره، بمعنى أنه قد تحصل المخالفة ثم يوفق للتوبة منها فكأن الضرر لم يحصل؛ لأنه لم يترتب عليه أثر، ومنهم من قال: المراد بالضرر ما يحصل له عند الولادة، وكل مولود يحصل له ذلك إلا ما كان من عيسى -عليه السلام-. وعلى كل حال الضرر بالنسبة لوقوع المعصية التي هي بسبب الشيطان هذا لا يسلم منه أحد إلا المعصوم، لكن مثل هذه الأذكار التي جاء الشرع بالترغيب فيها، لا شك أنها تخفف، يعني إذا كان قطعها بالكلية غير وارد وغير متصور لا شك أن مثل هذا يخفف، فالولد الذي ذكر عليه هذا الذكر لا شك أنه أقرب إلى الخير وأبعد عن الشر من الولد الذي لا يذكر عليه اسم الله -جل وعلا-.

((لم يضره الشيطان أبداً)) من أجل بركة هذه التسمية، بل قال بعضهم: إنه يكون من جملة عباد الله الذين قال الله فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ} [(42) سورة الحجر] فهل معنى هذا أن هؤلاء العباد الذين ليس له عليهم سلطان معصومون من أن يقعوا في المعاصي؟ بحيث يصرون على هذه الذنوب التي يمليها الشيطان عليهم، وإلا فقد يغفلون، وقد تغلبهم النفس أحياناً فيقعون فيما يقعون فيه، قال مجاهد: إن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، إن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، وهذا نظير من يأكل ولا يسمي يأكل الشيطان معه، من يدخل البيت ولا يسمي يبيت الشيطان معه، وهذا مثله فالتسمية مطلوبة، والذكر مطلوب، وعلى الإنسان أن يكون لهجاً بذكر الله -جل وعلا-، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] المقصود أن مثل هذا من لازم الأذكار حصل له خير الدنيا والآخرة، لا سيما الأذكار التي رتب عليها أجور أو حفظ أو ما أشبه ذلك من الأوراد التي يحفظ الله -جل وعلا- بها الإنسان المسلم، فليحرص عليها، ومنها هذا الذي معنا، وهذا من الأذكار المتعبد به، لكن من لا يحسنه بالعربية يقوله بلغته كما قال الإمام البخاري. وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)). ولمسلم عن أبي الطاهر عن ابن وهب قال: سمعت الليث يقول: الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه. نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إياكم)) " التحذير احذروا ((إياكم والدخول على النساء)) أين دعاة الاختلاط من مثل هذا النص؟! ((إياكم والدخول على النساء)) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) لأن أخا الزوج لا شك أن له يد على أخيه، فيظن أن بيت أخيه مثل بيته، والعم كذلك، وابن العم كذلك، القرابة لها ما لها في الشرع، وجاء الأمر بصلتها، لكن مع أمن المفسدة، لا يمكن أن يدخل الرجل على امرأة ليس عندها محرم، جاء التحذير ((إياكم والدخول على النساء))، فقال رجل: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) يعني شبه بالموت؛ لأن الموت انعدام للحياة، وهذا انعدام الدين وهو أشد، أعظم من الموت، هذا أعظم من الموت؛ لأنه انعدام للدين نسأل الله السلامة والعافية، هفوة وجريمة، ومنهم من يقول: الحمو الموت لأن دخوله يؤول إلى الموت، هذه امرأة متزوجة، فإذا دخل عليها الحمو وقد يكون متزوجاً أيضاً ويكون الشيطان ثالثهما، ويحصل ما يحصل، ثم يؤول أمرهما إلى الموت الذي هو الرجم نسأل الله السلامة والعافية.

باب الصداق:

" ((الحمو الموت)) ولمسلم: عن أبي الطاهر عن ابن وهب قال: سمعت الليث يقول: "الحمو أخو الزوج" الناس يتساهلون في مثل هذا، يعتبرون بيت الأخ مثل البيت "أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه" الذين هم ليسوا من محارم الزوجة، فلا يجوز لهم أن يدخلوا عليها بدون محرم لها، وما يؤدي إلى مثل هذا يجب منعه، قد يقول قائل مثلاً: أخو الزوج إذا كان الزوج موجود الفتنة مأمونة، لكن يوم مع يوم تدخل مشكلة هذه، ينكشف لك شيء في هذا اليوم، تعرف سر من أسرارها، تعرف شيئاً تضغط به عليها، ما في شيء مثل حسم المادة، تعامل تعامل مع أخيك، والناس يتساهلون في مثل هذا، لكن مثل هذا التساهل قد يجر إلى أمور لا تحمد، إذا احتيج إلى شيء من هذا مرض الزوج، واحتاجت الزوجة لأن تكلم أخيه، تهاتف أخاه من أجل أن يذهب به إلى مستشفى، أو يستدعي طبيب، أو .. ، أمور يعني ضرورية، أو كان الزوج غائب فكلمت أخاه ليحضر لها بعض الضروريات بالصوت المعتاد من غير خضوع بالقول للحاجة، هذه أمور تقدر بقدرها، أما أن تجعل الزوجة مجرد بس ما تستتر تجزع .. ، هذه أمور لا تحمد عقباها؛ لأنه قد يعرف من الأمور والشيطان في هذا الباب عنده دقة في الملاحظة، وعنده دقة في المسالك، ويجري من ابن آدم مجرى الدم، ينكشف منها شيء من غير قصد، فتقع في قلبه فيهلك، فلا شيء أنفع من حسم المادة، وقطع دابر كل شيء يوصل إلى الرذيلة، ولو من بعد، فليحتاط الإنسان لنفسه ولأهله. قال -رحمه الله تعالى-: باب: الصداق عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعتق صفية وجعل عتقها صداقها. باب الصداق:

الصداق: ما يدفعه الخاطب أو الزوج لزوجته مقابل النكاح، وسمي صداقاً لأنه برهان ودليل على صدق الرغبة عند الخاطب؛ لأن الذي يدفع المال صادق في الرغبة، عنده رغبة؛ لأنه لو لم توجد هذه الرغبة ما دفع، فهذا برهان ودليل على صدقه، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم} [(24) سورة النساء] {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [(4) سورة النساء] فالصداق لا بد منه في النكاح.

"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعتق صفية" صفية بنت حيي بن أخطب، لما وقعت في الأسر في السبي، صارت من نصيبه -عليه الصلاة والسلام-، ولا تنبغي إلا له لأنها بنت كبير القوم، فلا تنبغي أن تكون إلا له -عليه الصلاة والسلام- "أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها" في هذا دليل على أن الرجل إذا أعتق أمته على أن يجعل العتق هو الصداق أن العقد صحيح، فتكون قيمتها فيما لو بيعت هي الصداق، وهذا ما يدل عليه حديث الباب، وبه يقول الإمام أحمد والشافعي وإسحاق وفقهاء الحديث، لكن من أهل العلم من يقول: إن الصداق لا بد أن يكون معلوماً، وقيمتها ليست معلومة ولا متفق عليها، قيمتها ليست معلومة، والأمر الثاني: إنها إن نكحها قبل العتق، يعني إن تزوجها قبل أن تعتق فلا يجوز نكاح الحر الأمة إلا إذا لم يجد طول الحرة، وإن وقع نكاحه لها بعد عتقها فهي حرة تقبل أو لا تقبل، الإشكال واضح وإلا ما هو بواضح؟ ولذا قال بعضهم: لا يجوز أن يكون العتق هو الصداق، يعني الحديث في الصحيحين ليس لأحد كلام، لكن هم من حيث النظر يقولون: إن كان النكاح حصل قبل العتق فلا يجوز؛ لأن الحر لا يجوز له أن يتزوج الأمة إلا إذا لم يجد طول الحرة، وإذا كان النكاح حصل بعد عتقه إياها وصارت حرة يجوز له أن ينكحها الأمر بيدها تحررت خلاص، ليس له أن يلزمها كغيرها، ويصير أسوة الخطاب، وكيف يكون العتق نفسه هو الصداق، لا بد أن يعتقها ثم يتقدم لخطبتها كغيرها، لكن القول الأول هو الصحيح، وإذا جاء نهر الله بطل معقل، هذا فعله وتصرفه -عليه الصلاة والسلام-، وهو الأسوة وهو القدوة، فلا يعارض فعله الصحيح الصريح بمثل هذه التعليلات، وإن كان لها حظ من النظر، هي لها حظ من النظر يعني ما جاءت من فراغ، لكن يبقى أن النكاح بهذه الصورة الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو خالفت كل ما جاء، تبقى أن هذه الصورة خاصة لها حكمها الخاص، وإلا لو جاء شخص يبي يتزوج أمة أنت تستطيع طول الحرة؟ قال: نعم، إذاً ما يجوز لك أن تتزوج أمة ولو بذلت ما بذلت، وإذا اعتقها وخرجت من يده، لو كاتبها مثلاً، لو كاتبها ثم تزوجها لا بد من الاتفاق على مهر، وليكن المهر المبلغ الذي

حصلت به الكتابة، يعني عندهم ينحل الإشكال، لو كانت أمة عنده وكاتبها على أوقية أو أوقيتن أو عشر أواقي، ثم قال: المبلغ الذي عندكِ نجوم الكتابة هو الصداق، وقل مثل هذا فيما لو كان في ذمة المرأة دين لرجل من الرجال، امرأة تحتاج إلى مصاريف تراكمت عليها القروض من هذا الشخص حتى بلغت خمسين ستين ألف، قال: أبداً المهر اللي عندك بذمتك، المال الذي بذمتك لي هو مهرك، وقبلت يصح أن يكون صداق وإلا ما يصح؟ يصح مال مما يتمول، يصح أن يكون صداقاً، فنجوم الكتابة يصح أن تكون صداق، لكن في مثل هذه الصورة أجازها الشافعي وأحمد وإسحاق وجمع من أهل العلم، وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها كما قال الإمام الترمذي، لكن القول الأول هو الصحيح؛ لأنه مطابق لما حصل منه -عليه الصلاة والسلام-. وعن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة فقالت: إني وهبت نفسي لك فقامت طويلاً، فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال: ((هل عندك من شيء تصدقها؟ )) فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئاً)) قال: ما أجد، قال: ((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتكها بما معك من القرآن)). فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل معك شيء من القرآن؟ )) قال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتك)) أشار إليه؟ الطالب:. . . . . . . . . إيش يقول؟ وفي هامش الأصل زيادة: ((هل معك شيء من القرآن؟ )) قال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. هذه الزيادة لا بد منها، أقول: هذا أمر لا بد منه، ((هل معك شيء من القرآن؟ )) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتك بما معك من القرآن)).

هذا الحديث عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة هذه واحدة وهبت نفسها للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي غير المرأة التي أشير إليها في القرآن {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [(50) سورة الأحزاب] هذه غير المرأة التي في الحديث، هذه المرأة جاءت تهب نفسها للنبي -عليه الصلاة والسلام-، سبق في حديث ابن مسعود أن الولي يعرض امرأته على رجل صالح، وهذه المرأة عرضت على نفسها على النبي -عليه الصلاة والسلام- بحثاً عن مصلحتها، فالعرض على الصالحين سواء من قبل الأولياء أو من قبل النساء هذا له أصل في الدين ومشروعيته ثابتة في السنة الصحيحة، وقوله: {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [(50) سورة الأحزاب] يراد به النكاح بمجرد الهبة من دون صداق، هذا الخاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إن عرضت امرأة نفسها على رجل صالح وقبلها بالصداق بالطريقة المعروفة ما في ما يمنع أبداً تحمد على هذا، لكن الإشكال أن القلوب ليست سلمية، يعني لو سلمت القلوب فجاءت امرأة وعرضت نفسها على رجل تتوقع فيه الصلاح، ويغلب على ظنها أنه من أهل الصلاح والخير، فقبل ومشت الأمور هذا هو الأصل، لكن هل يحصل مثل هذا في كثير من الأحوال، لو جاءت امرأة تخطب رجل، أو جاء شخص يخطب ويهدي ابنته على رجل يتوقع فيه الخير والصلاح، ما الذي سوف ينقدح في ذهن هذا الرجل؟ ينقدح في ذهنه شيء غير ما يخطر على البال، وقد صرح به بعضهم، يقول: لو كانت سليمة ما فيها عيوب ما أهديت، وهذا سببه مرض القلوب، والدخل الذي دخل هذه القلوب، وإلا فالأصل المسألة على ظواهرها. . . . . . . . .، من صنع إليك معروف فكافئه، ولذا من رغب في شخص وخشي من هذه الحساسيات وهذه التصورات يدفع وسيط، يقول: لو ذهبت إلى فلان وقلت له: إن عند فلان بنت وأثنيت عليها ومدحتها وكذا بدلاً من أن يكون الأمر مباشر؛ لأن القلوب .. ، الغش موجود، والنصح يكاد يكون مفقود، الآن لو ذهبت إلى محل فقلت: بكم هذه السلعة؟ وقال لك: بمائة ريال،

قلت: خلاص هذه مائة ريال اشتريتها لأول مفاوضة، ما قلت: لا بثمانين، بتسعين، على طول دفعت، وش ينقدح في ذهنه؟ قال: أكيد إنه مغبون، ما يشتري بهذه السرعة إلا أنها تسوى أكثر، لا لا دعها بمائة وعشرين، بمائة وخمسين، وقل مثل هذا في العكس، لو قال: بمائة ريال، وأنت قلت له: بخمسين، قال: نصيبك، قلت: لا يا أخي أصبر، هذه ما تجيب إلا عشرة هذه، لماذا؟ لأن النصح عز عند الناس، ووجد قضايا تجعل لهذه التصرفات أصل، وإلا أين نحن من حديث جرير بن عبد الله البجلي؟ "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... إلى أن قال: "والنصح لكل مسلم" واشترى فرساً وقال لصاحبه: بكم هذا الفرس؟ قال: بثلاثمائة، قال: اشتريت، لكن فرسك يسوى أكثر، يستحق أكثر، بأربعمائة، قال: بعت قال: اشتريت لكن الفرس يستحق أكثر، فما زال يقاوله حتى وصل إلى الثمانمائة، يوجد مثل هذا في أسواق المسلمين؟! بل لو وجد يمكن أن يوصف بمسكة من عقل، وش اللي قائل عليه هذا؟ مغفل هذا مسكين، الصحابة بايعوا النبي –عليه الصلاة والسلام- على النصح لكل مسلم، وليس هذا خاصاً بهم النصح مطلوب، الدين النصيحة، لكن مع الأسف أنه وجد تصرفات من جميع الأطراف تجعل مثل هذه الحساسيات لها أصل، تجد السلعة في محل بمائة، تذهب إلى محل آخر يقول لك: بألف، لماذا؟ يقول: لو قلت: بمائة ما اشتريت، ما تشتري، يقول: أكيد هذه السعلة تقليد ما هي بأصلية، ويوجد هذا في السلع التي للنساء بهن علاقة، ومن الرجال من يشبه النساء في هذا الباب، قماش المتر بعشرة يباع في بعض المحلات، ويقول صاحب المحل: بمائة ريال، يناقش في هذا، يقول: يا أخي والله لو أقول: بعشرة ما راح، يصير رديء وهو نفس القماش، يصير رديء، هذه التصرفات الإشكال لا بد لها من حل جذري، وليس هذا بمبرر بأن نرفع القيمة أبداً، خله يجلس يا أخي، وكونك تكسب مكسب مقبول يقوم بحاجتك، ويفي ببعض أتعابك على هذه السلعة هذا هو الأصل، ويبارك لك فيه، أما هذه المضاعفات بحجة أنها لا تشترى أو تجلس، أو الناس يظنون بها الظنون، مو بصحيح، فالإشكال أن أسواق المسلمين ابتليت بمثل هذه التصرفات، ومن يرتاد الأسواق لكافة السلع يندر أن يجد رجل ناصح يعطيه النصيحة على وجهها

ويصدق معه يمحضه النصيحة، ويبن له العيوب؛ لأنه وجد من الطرفين ما يعين على انتشار مثل هذه الأمور، وهذه لا بد لها من حل؛ لأننا بهذه التصرفات تنبئ على أن يظن بالناس أن الهدف الدنيا، وإلا لو كان الهدف الآخرة ما حصلت مثل هذه الأمور، ولو تصورنا الحديث الصحيح ((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما)) وكم من إنسان يجني الأموال الطائلة بسبب مثل هذه التصرفات لكنها لا تنفعه، بل قد يحتاجها إلى أن يعالج بها نفسه، يصرف على نفسه علاج، إيش استفاد مثل هذا؟ لكن لو صدق وبين وهذه السلعة والله قيمتها كذا، وواحد يحكي قصة واقعة، يقول: أنا جالس في محل، شخص يبيع قماش، فدخلت امرأة فقالت: بكم؟ قال: بمائتين المتر، من غرائب الصدف أن هذا الرجل الجالس معه قطعة اشتراها من محل آخر من نفس القماش، فقال لها: خذي هذا القماش أنا اشتريته الآن بخمسة عشر المتر، قالت: تبي بعشرة إحنا نشري بخمسة، تبي بعشرة، لكن لو أقول لها: بخمسة عشر أو بعشرين قالت: رديء هذا ما .. ، كيف أحضر به محافل؟ وأحضر به أفراح؟ ما يصلح، ومقياس القيمة لو دخلت المكان صالة الأفراح وشافنه النساء، بكم المتر؟ بمائتين، دفعت لها الأموال علشان تجيب لهن مثله، وصايا، لكن لو عرفت أنه بخمسة عشر، وعرف الناس هذه ما تحضر الزواج هذه تلبس رديء؟ ما يصلح، فهذه إشكالات لا بد من حلها؛ لأن هذه مخالفات شرعية، فالنصح لا بد منه، ومثل ما عندنا الآن لو جاء شخص أحب آخر في الله، ورأى أنه تبرأ الذمة بتقليده هذا الأمر، وأهدى إليه بنته، قال: أكيد إن فيها عيب، لولا أن فيها عيب ما سوى كذا، اللي فيه خير ما يخليها تطير، هذا لسان المقال ما هو بلسان الحال، فالتحايل يبعث وسيط ويمدح هذه البنت ويؤجر -إن شاء الله- المهدي والوسيط -إن شاء الله-؛ لأنهم أرادوا هذا الشخص لدينه لا لدنياه.

"فقالت: إني وهبت نفسي لك يا رسول الله، فقامت قياماً طويلاً" النبي -عليه الصلاة والسلام- جبل على مكارم الأخلاق، خلقه القرآن، أراد أن تنصرف مع حفظ شيء من كرامتها، وإلا لا حاجة له بها، لكن لو مباشرة قالت: إني وهبت نفسي لك، قال: والله ما لي حاجة، ليس لي بك حاجة، مثل هذا الرد يعني لا بد أن يقع في نفسها شيء المسكينة، فلا بد من مراعاة شعورها بأن لا ترد حتى تنصرف هي "فقامت قياماً طويلاً" جاء في بعض الروايات: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صعد النظر وصوبه، يعني رفع رأسه ونزله يشوف هل تناسب أو ما تناسب؟ لأن من مقاصد النكاح ما يدعو إلى النكاح، أما الإنسان إذا أهدي له أي شيء يبي يقبله بعد يمكن يتضرر الطرفان، صعد النظر وصوبه، وترجم عليه الإمام البخاري: باب النظر إلى المخطوبة، وأورد قصة عائشة، وأنها عرضت على النبي -عليه الصلاة والسلام- في المنام في سرقة من حرير فكشف عن وجهها، المقصود أن مسألة النظر إلى المخطوبة معروف جاء به النصوص، بل جاء الأمر به ((اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)).

"فقال رجل: "يا رسول الله" عرف من قرينة الحال أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يريدها "فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها" لما وهبت نفسها له، وهو الإمام الأعظم وعرف من حالها أنها ليس لها ولي خاص، والسلطان ولي من لا ولي له، فملكته أمرها، لما وهبت نفسها له ملكته أمرها "فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال: ((هل عندك من شيء تصدقها؟ )) " الصداق لا بد منه، عندك شيء، ولذا صار قيد، القدرة على مؤن النكاح قيد ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم)) {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [(33) سورة النور] هنا ((هل عندك من شيء تصدقها؟ )) قال: ما عندي إلا إزاري هذا" أمور ميسورة جداً، والتكاليف التي صارت عائق عن النكاح، وصارت حواجز للشباب والشابات على حد سواء، للذكور والإناث على حد سواء، يعني ما هو بمتضرر الشباب فقط، بل لو يقال: إن تضرر الشابات أكثر ما بعد من وجود هذه العوائق، والمشكلة أن الأعراف هي الحكم، والعادات هي المرجع، وبعض الناقصين من الرجال والنساء هم الذين يتصرفون ويتحكمون، طيب ما له داعي قصر بعشرين بثلاثين ألف؟ إيش يكون الرد؟ يقول: بنتي مطلقة تتزوج في بيت أو في استراحة؟! يعني هل مثل هذا يعقل ما يقول؟ وبعض القاعات مائة ألف، مائتين ألف لليلة الواحدة، بل هناك أرقام يعني خشية أن يُكذب الإنسان ما ينطق بها، مثل هذه في الغالب أن المآل الطلاق، وهذا هو الحاصل، يبالغ ويخسر ويكد ويكدح الأسرة كلها تبالغ وفي النهاية أقل من المتوقع تصير المرأة، فيكون المآل إلى هذا، هناك قصص يندى لها الجبين، إضافة إلى استعمال المنكرات، التي تدفع الأموال الطائلة بسببها وهي في الأصل محرمات، فرق تستقدم من الخارج من أجل الغناء بالأموال الطائلة، ونشكو من كثرة الشباب بدون زوجات، ونشكو من كثرة العوانس، ونريد حل ونضع الحواجز، الحل لا بد أن يكون جاد وعاجل أيضاً، وإلا فالوضع من خلال الأرقام التي نسمعها مخيف جداً، يعني تضع حواجز وعراقيل، وهي جامعية والخاطب ما عنده إلا ثانوي كيف تتم الحياة بين هذين؟ يعني كأنه .. هذا تصور النساء كيف يتم التفاهم بين امرأة جامعية مع

شاب .. ؟ وفي النهاية تجلس عند أهلها ثم ترمى في أحضان سبعين ثمانين سنة، شخص لا يحسن شيء ما عنده ولا ابتدائي، ومتعطل من أكثر المنافع، هذه العواقب إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلا النتيجة إيش؟ إن لا تفعلوا؟ نعم؟ تكن فتنة وفساد عريض، وهذا هو الحاصل. ((فالتمس شيئاً)) ابحث، قال: ما أجد، يعني مثل هذا يفكر بالزواج؟ يعني لو المسألة معاوضة بالنسبة للشاب الخريج أو الذي ما تخرج معاوضة يعني يمكن عمره كله ما يستطيع يجمع مهر، وإذا جمع المهر هل هذا الذي جمعه مهما بلغ من كثرة هل هو عوض لفلذة كبد هذا الرجل الذي كد عليها خمسة عشر، عشرين، خمسة وعشرين سنة؟ وفي النهاية يأخذها بهذا المهر الذي تعب عليه عمره كله وديون، ويستمر في أزمات نفسية بسبب المطالبات، وفي النهاية يصرف على المرأة وعلى بيتها، الأب لن يستفيد شيء من المهر، لكن أين العقول؟ يعني خل هذه الديون تأتي بالتدريج للنفقة عليهم وتنحل المشكلة، أما أن يلزم الشاب دفعة واحدة يستدين مائة ألف طيب متى يسدد؟ أو يبقى بدون زواج وتبقى البنت بدون زواج؟ فالمسألة لا بد فيها من النظر الجاد.

"قال: ما أجد، قال: ((فالتمس ولو خاتماً من حديد)) " يعني ما في أقل من هذا، خاتم من حديد ولا من فضة بعد حديد، فالتمس فلم يجد شيئاً، وترجم الإمام البخاري في كتاب اللباس: باب خاتم الحديد، وأورد هذا الحديث، يستدل به على جواز لبس خاتم الحديد، وإنما جاء في كونه حلية أهل النار ضعيف، وأنه ضعيف " ((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل معك شيء من القرآن؟ )) قال: نعم" معه شيء من القرآن، والذي معه شيء من القرآن لا تقوم له الدنيا بحذافيرها، ((إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً)) فإذا ارتفع بما معه من كتاب الله -جل وعلا- صار أرجح في الميزان الشرعي ممن حاز الدنيا كلها، ممن لا يتصف بهذا الوصف " ((هل معك شيء من القرآن؟ )) قال: نعم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((زوجتك بما معك من القرآن)) " فالباء هذه هل هي باء المعاوضة؟ يعني معك من القرآن هذا مهرها، فالعوض القرآن، وجاء في بعض الروايات: ((علمها ما معك من القرآن)) أو ((علمها سورة كذا وكذا)) كما جاء في بعض الروايات، فحينئذٍ تكون معاوضة، ومنهم من يقول: الباء سببية، يعني بسبب ما معك من القرآن، يعني أنت شخص تستحق من يزوجك لما معك من القرآن، وعلى هذا إذا قلنا: تعليم القرآن يصح أن يكون صداق، قلنا: جاز اصداق المرأة منفعة، المنافع لا يصح أن تكون صداق، وهذا دليل، تعليم القرآن منفعة، يصح أن يكون صداقاً، وموسى -عليه السلام- تزوج بنت صاحب مدين على أن يأجره ثماني حجج أو عشر، هذه منفعة والمنفعة التي تبذل فيها الأموال في حكم المال، يفترض أن موسى هذه الأجرة مشاهرة أو معاومة كل سنة بكذا، فأنت افترض ما يجنيه من هذه الأجرة دفعه صداق لهذه المرأة، وأنت افترض أن هذا الرجل أراد أن يعلمها كل يوم بكذا، أو كل شهر بكذا فصار هذا هو المهر، والجمهور على جواز أن يكون تعليم القرآن صداقاً لما جاء في هذا، والحنفية لا يجيزون أخذ الأجرة على تعليم القرآن من الأصل، فلا يجوز عندهم أن يكون مهراً، اللي ما تجوز عليه الأجرة يصح أن يكون مهر لأنه منفعة في حكم المال، لكن الذي لا يؤخذ عليه أجر كيف يكون مهر؟ فعندهم لا يجوز أخذ

الأجرة على تعليم القرآن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح يقول: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) فيصح أن يكون تعليم القرآن مهر، طيب، هذا يعلم هذه المرأة القرآن، لو قال: علمني أنا القرآن وأزوجك بنتي؟ في الحديث: ((علمها القرآن)) وانتهى، مستفيد .... ، لكن لو قال الأب: علمني القرآن وأزوجك بنتي، يعني كما حصل لموسى، موسى عمل في مصلحة البنت أو مصلحة الأب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . إيه لكن وش استفادت هالبنت التي دخل بها؟ إيش الفرق بينها وبين أختها؟ يعني هذه البنت التي تزوجت هل صار لها ميزة في المهر؟ دعونا من كونها صارت امرأة نبي، يعني نريد أن ننزل الواقع على شخص عادي الآن موجود مثلاً، فالأب عنده مزرعة، المزرعة تأكل منها هذه البنت، وهذه البنت وينفق على هذه البنت وهذه البنت، وذاك الولد، وتلك المرأة، وما أدري إيش؟ والضرة وأخواتها من الضرة الأخرى على حد سواء، فقال: أزوجك فلانة على أن تعمل في هذه المزرعة، وش استفادت فلانة غير ما استفاده إخوانها؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كلهن. . . . . . . . .، اللي جاءهم ذا الجديد ريحهم كلهم، يريحها هي، ويريح أختها التي لم تتزوج أو متزوجة، وريح إخوانها الثانيين، إيش مصلحتها هي؟ خلينا على شريعة محمد، يعني لو قال: علمني أنا القرآن وأزوجك بنتي يصح وإلا ما يصح؟ المهر للبنت، المهر للمرأة للزوجة، وللأب أن يأخذ منه ما لا يضر بها، بخلاف غير الأب، فالملاحظ مصلحة البنت، نعم. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مهيم)) فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، قال: ((ما أصدقتها؟ )) قال: وزن نواة من ذهب، قال: ((فبارك الله لك، أولم ولو بشاة)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع -أثر- زعفران" أثر زعفران، وقد جاء النهي عن التزعفر للرجال، جاء النهي الشديد عنه بالنسبة للرجال، فمن أهل العلم من أجازه في حال العرس، وخص به عموم النهي، يعني يتجاوز في العرس ما لا يتجاوز في غيره، ومنهم من قال: إن أثر الزعفران هذا ليس مقصوداً، يعني هو ما زعفر نفسه، وإنما علق به من مخالطة هذه المرأة، هي تزعفرت فلما خالطها انتقل إليه، يقال مثل هذا الكلام من أجل إيش؟ ما ثبت من النهي عن التزعفر للرجال. "عليه ردع زعفران، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مهيم)) " أي ما شأنك؟ أو ما هذا؟ وهي كلمة استفهام مبنية على السكون "فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، قال: ((ما أصدقتها؟ )) " الصداق لا بد منه "قال: وزن نواة من ذهب" والمراد واحدة النوى، نوى التمر، وزن نواة ذهب، يعني قدر إيش؟ واحدة النوى نوى التمر، تسمونها إيش أنتم؟ نواة على أصله، تسمونها إيش؟ عجم، يسمونها غيركم؟ هاه؟ عبس، المقصود أن النوى معروف، لكن النوى فيه الكبير، وفيه الصغير، وفيه المتوسط، فقد يقول قائل: إن هذه جهالة في الصداق، ولا بد أن يكون معلوم، نقول: هو معلوم بين المتعاقدين دفع وانتهى، ما هو في الذمة، لكن هذه أمر تقريبي، قطعة من الذهب تزن نواة، ومنهم من يرى أن النواة من الذهب غير مقترنة بنواة التمر، وزن محدد للذهب، يعني جاء وزنها ربع دينار مثلاً، ربع دينار، وقال بعضهم: النواة من الذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق، يعني يصير ثابت، شيء ثابت، فلا يدخله الجهالة.

"فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((بارك الله لك)) " فقوله: ((ما أصدقتها؟ )) دليل على أن الصداق لا بد منه، "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((بارك الله لك)) " فيه دعاء للمتزوج بهذا وهو مشروع، وجاءك ((بارك الله لك وبارك عليك))، و ((بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير))، ((أولم)) أمر بالوليمة، ((أولم ولو بشاة)) عبد الرحمن بن عوف من الأغنياء، فبالنسبة له أقل شيء يقدمه شاة، لكن من كانت حاله دون عبد الرحمن بن عوف يلزم بشاة ونقول: هذا هو الحد الأدنى؟ لا، كل إنسان بحسبه، ولذا أولم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتمر والسويق ما أولم بشاة، فدل على أن كل إنسان يقدم ما يليق به، وما يكون مقدوراً له، بحيث لا يكلف أكثر من قدرته وطاقته، وإلا يوجد الآن الإسراف والتبذير وأمور لا تحمد، ويكون مآلها النفايات، ويحصل بين المسلمين لا سيما أهل الثراء شيء ما يخطر على البال، والله المستعان، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إيه، ما أدري اليوم بكرة، لا بد نواصل، باقي بابين الحين ...

كتاب الطلاق

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الطلاق (1) باب: العدة الشيخ: عبد الكريم الخضير قال -رحمه الله تعالى-: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأة له وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتغيض منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ((ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله -عز وجل-)). وفي لفظ: ((حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها)). وفي لفظ: "فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

الطلاق: من الإطلاق والإرسال وحل القيد، يعني إذا كانت الدابة موثقة فإطلاقها حل قيدها، والمرأة موثقة في حبال الزوج، موثقة في حبال الزوجية، وهي عوانة عند الزوج، عانية عنده، كما جاء في الحديث الصحيح، كأنها مأسورة، لكن مأسورة لمصلحته هو فقط أو لمصلحة الطرفين؟ لمصلحة الطرفين، وفائدتها من زوجها لا تقل عن فائدته منها، يعني امرأة تجلس في بيت مكرمة معززة هذا الأصل، هي ليست مهانة، يكد الرجل ويكدح طول نهاره من أجلها، ويقضي حوائجها، ويكفيها المؤنة، لا شك أن هذا له مقابل، يحتاج إلى مقابل، فهي عانية عنده، أسيرة عنده، وليست مهانة، ليس معنى هذا أنه أسر هوان، لا، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنه ليس بك هوان على أهلك)) فالمرأة ليست مهانة بحال، لكن المرأة في هذا الأسر، وفي هذا القيد الذي هو قيد الزوجية إذا رُئي أن هذا القيد لا يناسبها، وتضررت من هذا القيد الذي قيدت به شرعاً فلا نتصور من هذا الكلام أنه يجاب بحبال وتربط، لا، نعم، وإن قال بعضهم: فاهجروهن تربط بالحبل مثلما ما تهجر الدابة بالهجر لا لا هذا قول ضعيف جداً، لكن يبقى أن هذا القيد معنوي ما هو بقيد حسي، وكل مسلم مقيد بالعبودية لله -جل وعلا-، هل معنى هذا أن الناس مربطين ومكتفين بأيديهم وأرجلهم؟ لا لا، بل هو معززون مكرمون بشرف العبودية لله -جل وعلا-، وهم أحرار من عبادة المخلوق، والمرأة إذا كان هناك قيد للنكاح وهناك تكاليف منوطة بحقوق الزوج فهناك أيضاً قيود بالنسبة للرجال، وتكاليف وحقوق تجب للمرأة عليهم، طيب إذا كان هذا القيد فيه شد على المرأة أكثر من اللازم، نتصور المعنوي حسي، يحل هذا القيد، يعني جاء الشرع بحله، كيف يحل؟ بأي شيء؟ بالطلاق، وليس عندنا -ولله الحمد- آصار ولا أغلال، وليس عندنا ما عند الأمم الأخرى، تزوجت فلان انتهت، ليس لها كلام، لا إحنا عندنا حلول شرعية، فإذا كانت المصالح المترتبة على النكاح أقل من المفاسد المترتبة عليه عندنا حل وهو الطلاق، حل هذا القيد بالطلاق، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع، فقد يجب الطلاق أحياناً، إذا تضررت المرأة وجب على الزوج أن يطلق، ومن غير حاجة لا يجوز للمرأة أن تسأل الطلاق، إذا

وجدت الحاجة لكن من غير ضرر سجال، يعني قد ترتفع الحاجة فيقال: بالجواز، قد تنزل الحاجة فتكون حاجة لا أثر لها في الواقع، فيكره حينئذٍ؛ لأن الأصل في الشرع الحث على الاجتماع والالتئام والانسجام، واستمرار هذه المودة وهذه الرحمة، هذا الأصل، لكن إذا كان البقاء على هذا الأصل فيه ضرر على أحد الطرفين جعل الله -جل وعلا- الفرج بالطلاق، فإن كان المتضرر الزوج، نعم، يعني بقاؤه مع هذه المرأة ليس من مصلحته له أن يطلق، وإذا كانت المتضررة المرأة وبقاؤها مع هذا الزوج ليس من مصلحتها لها أن تخالع لكن بسببها. "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض" وجاء في حديث له أن أباه أمره بالطلاق، ذكر ذلك للنبي -عليه الصلاة والسلام- في قصة أخرى فقال له: ((أطع أباك)) فهل للأب أن يجبر أبنه على طلاق امرأته؟ وهل له أن يجبره على الزواج من فلانة أو علانة؟ وليس على الابن أن يطيع لأن الطاعة بالمعروف، نعم إذا كان الأب من الخبرة والمعرفة والدربة بخفايا الأمور وبواطنها مثل ما عند عمر بن الخطاب والابن قد يخفى عليه بعض الشيء، يتجه طاعة الأب، أما إذا كانت الأمور عادية، والأب أراد أن يطلق الابن زوجته، والابن تعلق بهذه المرأة وليس عليها ما يلاحظ، فالطاعة بالمعروف، كما أنه ليس له أن يجبره على أكل معين أو شرب معين، نعم الطاعة بالمعروف لكن الأصل البر، والإلزام بالمعروف.

"طلق امرأته وهي حائض" يعني حال الحيض وطلاق الحائض لا يجوز، بدعة، ولذا أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- .. ، أولاً تغيض النبي -عليه الصلاة والسلام-، ذكر ذلك عمر للنبي -عليه الصلاة والسلام- فتغيظ منه، تغيظ لأنه أوقعه على غير الوجه الشرعي، طلاق بدعي ليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) فالطلاق في الحيض محرم، ولذا تغيظ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: ((ليراجعها)) وفي راوية: ((مره فليراجعها)) مسألة الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به؟ مسألة خلافية طويلة الخلاف عند أهل العلم، وهنا هل ابن عمر ملزم بما بلغه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بواسطة أبيه؟ نعم ملزم، (مره) فهذا أمر بالأمر بالشيء؛ لأنه مكلف يتجه إليه الإلزام، لكن ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) هل الأمر بهذا الأمر على سبيل الإلزام؟ هم غير مكلفين، إنما هو أمر استحباب، الأمر متجه للأولياء، يجب عليهم أن يأمروا أولادهم، لكن الأولاد أمره بذلك على سبيل الاستحباب؛ لأنهم غير مكلفين. ((ليراجعها)) والرجعة إنما تكون بعد الطلاق، الرجعة إنما تكون بعد الطلاق ((ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر)) قد يقول قائل: لماذا كل هذا التطويل؟ مو بالمقصود أن تطلق في طهر لم يجامعها فيه، هي الآن حائض طلقها راجعها، ثم طهرت ولم يجامعها في هذا الطهر، وش المانع أن يطلقها في هذا الطهر؟ يقول أهل العلم: لئلا يكون إمساكها من أجل الطلاق، ومعاقبة له بنقيض قصده حيث أوقع الطلاق قبل وقته، فيأمر بالتريث أكثر من اللازم، ومنهم من يقول: لأجل أن تترك له فرصة لعله أن يعيد النظر، لعله يطأ بعد ذلك، ثم قال: ((مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر)) يعني تطويل المدة هنا ليس القصد منه الإضرار بالزوجة، إنما القصد منه عله أن يطأ، عله أن يرغب عما أقدم عليه، كتب بعض المعلقون على الكتب، ويجرءون على تحقيق الكتب من غير أهلية، فقال: كان هذا الأمر لما كانت العدة قبل الطلاق، في عدة قبل الطلاق؟ فهي تعتد الآن بحيث أنه إذا طلقها في الطهر الثالث تصير انتهت العدة، والله المستعان.

((فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها)) ليكون طلاقها سنياً في طهر لم يجامعها فيه ((فتلك العدة كما أمر الله -عز وجل-)) {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [(1) سورة الطلاق] فتلك العدة كما أمر الله -عز وجل-. وعن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب، وفي رواية: طلقها ثلاثاً فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) وفي لفظ: ((ولا سكنى)) فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني)) قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية ابن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكي أسامة بن زيد)) فكرهته، ثم قال: ((أنكحي أسامة بن زيد)) فنكحته، فجعل الله فيه خيراً، واغتبطت به. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن فاطمة بنت قيس -قرشية فهرية -رضي الله عنها- أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب" في رواية: طلقها ثلاثاً، وطلاق الثلاث طلاق ليس عليه أمر الله ورسوله فهو مبتدع، ولذا يقول أهل العلم: ثلاثاً يعني تكملة ثلاث، يعني طلقها ثلاث مرات، ليست في لفظ واحد كما يوحي بذلك النص، البتة التكملة، يعني بت طلاقها بإيقاع الثالثة المبينة، وفي رواية: طلقها ثلاثاً فأرسل إليها وكليه بشعير، أرسل إليها بشعير، نفقة شعير، والشعير عند الناس دون غيره من الأطعمة، كما يقولون: إن الشعير مأكول مذموم، إذا أرادوا أن يشبهوا شخصاً بعظم نفعه وعدم اعتراف الناس له، يقولون: فلان مثل الشعير مأكول مذموم، غذاء نافع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل خبز الشعير "فسخطته" المسألة مسألة جدة وقلة، قد يكون العسل مذموم عند بعض الناس، قد يكون أطايب الطعام مذموم عند الناس، وقد يكون أردئ الأطعمة محمودة عند بعض الناس، المسألة مسألة نسبية.

"فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته" من باب النفقة عليها "فقال: والله ما لك علينا من شيء" خلاص أنت لست بزوجة، يعني إذا كانت الرجعية في حكم الزوجة ترث وتورث في العدة، نعم، وله أن يراجعها ويمسكها، ولا يجوز إخراجها من بيته إلا أن تأتي بفاحشة، فالمرأة المبتوتة إلى متى؟ خلص انتهت العلائق، "قال: والله ما لك علينا من شيء" أقسم على النفي وأكده بـ (من) فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، هذا الحاصل، أرسل شعير وأنا لا أريد الشعير ثم أقسم، وهي تريد النفقة والسكنى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} [(6) سورة الطلاق]. "فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) وفي لفظ: ((ولا سكنى)) فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك" مأمور بالنفقة، ومأمور بالسكنى للمطلقة عموماً، خصت البائن بهذا الحديث، البائن خصت بهذا الحديث، جاء الأمر بالنفقة، وجاء الأمر بالسكنى أيضاً، لكن البائن خصت بهذا الحديث، فلا نفقة لها ولا سكنى، لكن إن كانت البائن حاملاً، إن كانت حامل، نعم. طالب:. . . . . . . . . {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(6) سورة الطلاق] "فأنفقوا عليهن" النفقة لها أو للحمل؟ لها وإلا للحمل؟ ما تذكرون عبارة الزاد؟ الزاد يقول: والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله، ما بعد ولد الآن، الآن حمل في بطنها، يقول: النفقة للحمل نفسه لا لها من أجله، كيف الحمل نفسه ويش اللي يجاب للحمل إذا كان ليس لها؟ العبارة سهلة وواضحة وإلا صعبة؟ اللي يفهم من ظاهر العبارة أنه يؤتى بالآت تغذي الحمل في جوفها ولا لها علاقة؛ لأنه وش يقول؟ "والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله" لا لها، وش لها؟ سبحان الله، يقول: "لا لها من أجله" يعني ليست النفقة لها من أجل الحمل، لا، والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله، نعم، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . على كل حال ذكروا فوائد مرتبة على هذه العبارة، ولا بد من مراجعة، تراجعوها؛ لأن الحديث طويل، وعندنا باب العدة إن أمدانا عليه، لكن باب العدة أربعة أحاديث.

"وفي لفظ: ((ولا سكنى)) فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك" أم شريك هذه امرأة من القواعد لا حاجة لها بالرجال "ثم قال: ((تلك امرأة يغشاها أصحابي)) " وهي امرأة صالحة، وليست لها حاجة بالرجال، وليس في هذا مستمسك لمن يقول: بأن الرجل يدخل على المرأة، والمرأة تدخل على الرجال، أبداً، إذا وجد امرأة في مواصفاتها لا يلتفت إليها الرجال، وهي امرأة صالحة، ولم يحصل خلوة بذلك الأمر فيه سعة ((امرأة يغشاها أصحابي)) اعتدي عند ... ؛ لأنه إذا كان يغشاها الرجال وهذه معتدة .. ، شوف لما كان الأمر يخشى من الفتنة، يعني مع أمن الفتنة لهذه العجوز كبيرة السن أم شريك يغشاها أصحابي، لكن لما وجد مجال للفتنة، وصارت المرأة هذه المطلقة مثار فتنة لا يجوز أن تبقى في هذا البيت؛ لأن هذا البيت يغشاه الرجال، لكن بعض المفتونين يبي يأخذ: هذه امرأة يغشاها الرجال، ولا ينظر إلى المسألة التي من أجلها سيق هذا الكلام، وأن المرأة المطلقة لا يجوز أن تبقى في بيت يغشاه الرجال، طيب ((اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنني)) رجل أعمى لا يرى، أولاً: مسألة وضع الثوب في غير البيت، وضع المرأة ثوبها في غير بيتها جاء الوعيد عليه، لكن هذا مقرون بالفتنة، وإلا قد تضطر المرأة أن تضعه في غير بيتها، قد يكون ضرورة، في بيت أخيها واحتلمت وين تضع ثيابها بعد؟ نقول: يلزمك أن تذهبي إلى بيتك وتضعين ثيابك؟ أو كانت مسافرة؟ المسألة يعني تقدر بقدرها، والوعيد إنما جاء ليحد من تساهل بعض الناس، أما إذا قامت الضرورة إلى وضع الثياب مع أمن الفتنة فلا بأس جاءت الأدلة بهذا.

((تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنني)) طيب هو رجل أعمى، لكن هي تبصر، وغض البصر كما هو مطلوب من الرجال هو مطلوب من النساء، لا يجوز للرجل أن ينظر إلى امرأة أو إلى نساء بحال، كما أنه لا يجوز للمرأة أن تحدد في الرجال أو رجل بعينه؛ لأن أمر النساء مثل أمر الرجال بنص القرآن {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النور] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النور] على حد سواء، هذا الرجل الأعمى في مثل هذا الظرف امرأة مطلقة، وليس لها من تأوي إليه من أقارب ومعارف،. . . . . . . . . عينه هذا لا يجوز؛ لأنها مأمورة بغض البصر، وهذه المشكلة الآن بإمكانها أن تنظر للرجال وهي في بيتها في مخدعها من خلال هذه الوسائل، لكن لا يجوز لها أن تنظر إلى وجوه الرجال وتحدد فيهم، نعم تنظر للرجال وهم منصرفون ذاهبون أتون، ولا تحدد في رجل بعينه؛ لأنها مأمورة بغض البصر، ولو كان في آلة؛ لأن النظر قد يقول قائل: إذا كان على الطبيعة يمكن يحصل بينهم شيء، لكن آلة وش تبي تسوي؟ إذا أنقدح في ذهنها أو وقع في قلبها النظر إلى الرجال أو إلى رجل بعينه مشكلة هذه، تتحرك لديها الرغبة، تتحرك الشهوة، تسعى فيما بعد، هذه أمور خطيرة جداً. "فإذا حللت فآذنني" يعني فأعلميني "قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان" الصحابي الجليل كاتب الوحي الذي تولى الخلافة بعد علي بن أبي طالب -رضي الله عن الجميع- "وأبا جهم خطباني" أبا جهم هو صاحب الإنبجانية، وليس هو أبو جهيم راوي حديث التيمم "خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أبو جهم)) " هذه نصيحة ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)) وهذه كناية إما عن كثرة الأسفار، يعني صاحب أسفار كثيرة، والغالب أن المسافر يضع العصا على عاتقه لما قد يعترضه في سفره، يتقي به ما يعترض، أو لأنه كما جاء في بعض الروايات ضراب للنساء، فمثل هذا ما ينصح به، بل يحذر منه، والمجال مجال نصيحة.

((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)) استمرار العصا على العاتق أو نقول:. . . . . . . . . مبالغة؟ مبالغة؛ لأنه يضع العصا إذا أراد أن ينام، وإذا أراد أن يصلي، وإذا أراد أن يأكل، وبمثل هذه المبالغة بل بهذه المبالغة جاء النص، والمبالغة لا شك أن فيها ما يخالف. . . . . . . . . ما يخالف الواقع حده؟ يعني داخل في حد الكذب، لكن مثل هذه المبالغة التي جاء بها الشرع لا تدخل في حد الكذب الممنوع، وقل مثل هذا في المناظرات، يعني إذا ترجحت المصلحة على. . . . . . . . . الإكثار، جانبية مغمورة في بحار المصلحة، المناظرات مثلاً شخص واحد يعقد مناظرة بين طرفين، هو صادق وإلا كاذب؟ يعني هل حصلت هذه المناظرة؟ ما حصلت، يعقد مناظرة بين العلوم، قال علم التفسير، قال علم الحديث، وهذا ما حصل، عندنا المبالغات والمناظرات والمقامات، حدث الحارث بن همام قال، ما حَدث ولا حُدث، لكن ترتب عليها مصالح كبيرة، هذه أجازها أهل العلم للمصالح المترتبة عليها، وإن كانت خلاف الواقع، وداخلة في حد الكذب، لكنه من الكذب. . . . . . . . . الذي عليه المصلحة، وجاء من النصوص ما يدل على جوازه للمصلحة الراجحة. ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له)) أكبر خليفة عرفته الدنيا صعلوك لا مال له، هذا في وقته صعلوك ما عنده مال، والمقصود بالمال ما يتمول، وتشترى به البضائع والأموال وإلا عندهم ما يسمى مال، عنده ثوب، أقل الأحوال الثوب الذي عليه مال، لكن المراد بذلك القدر الزائد على هذا، والمال مطلوب في النكاح، شخص لا يملك شيء يريد ... ، مأمور بالاستعفاف، وهذه نصيحة من النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذه المرأة.

باب: العدة

((لا مال له، انكحي أسامة بن زيد)) حب النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن حبه ((انكحي أسامة بن زيد)) فكرهته. . . . . . . . .، مولى كرهته، والكفاءة في النسب غير مطلوبة في النكاح بدليل هذا الحديث ((انكحي أسامة بن زيد)) معروف أنه مولى بن مولى وهذه قرشية، فيجوز نكاح القرشية للمولى، والكفاءة إنما هي في الدين، ولذا ترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب الأكفاء في الدين، وأورد فيه حديث ضباعة بنت الزبير، أخرجه البخاري في هذا الباب، وجزم أكثر من شخص، بل من العلماء من جزم بأن البخاري لم يخرج حديث ضباعة "إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال: ((حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيت)) " يبحثون في كتاب الحج ما في، كتاب الإحصار ما فيه، وين يوجد هذا الحديث؟ في النكاح، باب الأكفاء في الدين، طيب إيش علاقة الحديث؟ لأن في آخره: "وكانت تحت المقداد" المقداد مولى، وهي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولذا ترجم الإمام البخاري -رحمه الله- باب الأكفاء في الدين، وهنا هذه القرشية أمرت بأن تنكح أسامة مولى ابن مولى. "تقول: فنكحته فجعل الله لي خيراً، واغتبطت به" حمدت العاقبة؛ لأنها قبلت المشورة النبوية. يعني نقف على باب العدة. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا، وللحاضرين: باب: العدة

عن سبيعة الأسلمية أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدراً، فتوفي عنها في حجة الوداع، وهي حامل لم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل أبن بعكك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك متجملة لعلك ترجين للنكاح؟ والله ما أنتِ بنكاح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر، قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد كللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي، قال ابن شهاب: ولا أرى بأساً أن تتزوج حين وضعت، وإن كان في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: العدة العدة: مدة التربص والانتظار، والمتوفى عنها المطلقة بعد الدخول، أما من طلقت قبل الدخول ليس عليها من عدة، تبقى المطلقة بعد الدخول، والمتوفى عنها مطلقاً سواء كان. . . . . . . . . {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} [(228) سورة البقرة] {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} [(234) سورة البقرة] فالعدة مدة التربص، والإحداد قدر زائد على مسألة العدة بالنسبة للمتوفى عنها.

يقول: "عن سبيعة الأسليمة أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي" سعد بن خولة الذي تقدم في حديث سعد بن أبي وقاص يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة "وكان ممن شهد بدراً، فتوفي عنها في حجة الوداع". . . . . . . . . بمكة، وأما سعد بن أبي وقاص الذي خشي أن يموت بمكة، فطمأنه النبي -عليه الصلاة والسلام- ((ولعلك أن تخلف)) يعني تعيش بعد هذه السنة، وخلف طويلاً كما سمعنا سابقاً "فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تلبث أن وضعت حملها بعد وفاته" فالمطلقة الحامل، المتوفى عنها الحامل تنتهي عدتها بوضع الحمل، ولو بلحظة؟ نعم ولو بلحظة، طيب هذه انتهت عدتها يلزمها إحداد أو ما يلزمها إحداد؟ يعني هل الإحداد واجب مستقل أو تابع للعدة؟ يعني يلزمها إحداد ولو خرجت من العدة؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . مرتبط بالعدة. . . . . . . . .، فعندنا المتوفى عنها تنتظر أربعة أشهر وعشر كما سيأتي،. . . . . . . . . هذا عام في كل من توفي عنها زوجها حاملاً كانت أو حائلاً {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق] وهو أيضاً عام في المطلقات والمتوفى عنهن. . . . . . . . . يفعل لهن، يأتي مناسبة للجمع بين الأمرين، أو في أثناء هذا الحديث -إن شاء الله-. طالب:. . . . . . . . . أو بعد وفاته بساعة احتمال، بعد وفاته بيوم احتمال، بعد وفاته بشهر، أسبوع احتمال، المهم أنها بعد وفاته وقبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام، فالوصف الذي علق به انتهاء العدة {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق]. . . . . . . . . . والنصف من الليل يسأل، طيب ما الذي دعاك أن تتصل في هذا الوقت؟ قال: أنا حصل مني طلاق والزوجة في الطلق، يمكن ما تنتظر الفجر، تخرج من العدة يصير ليس له عليها سلطان، هل وقع وإلا ما وقع؟ يعني تنتهي العدة بوضع الحمل ولو بعد ربع ساعة، يعني له وجه يسأل في هذا الوقت وإلا ما له وجه؟ يقول: "لم تلبث أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها" تعلت يعني مدة النفاس فرغت من نفاسها "تجملت للخطاب". طالب:. . . . . . . . .

لا لا يعني في تقدير الناس، امرأة خرجت من نفاسها أربعين يوم بعد الوضع وتجملت للخطاب، وفي الواقع؟ تأخرت، يعني لما ولدت تجملت وش المانع؟ انتهت عدتها "فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ " كأنه يراها استعجلت؛ لأنه الذي يفهم من حكم هذه المسألة أن المتوفى عنها تمكث أربعة أشهر وعشرة أيام "ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح؟ " أو تُرجين، ضبط بهذا وهذا، نعم؟ إيش لون؟ طالب:. . . . . . . . . إيش أقول أنا؟ ماذا قلت أنا؟ ضبطت بهذا وهذا، ما نأتي للجر للطباعين ونرد به على .. ، ترى ما يصلح، على كل حال الضبط صحيح تَرجين "فلعلك ترجين النكاح والله ما أنتِ بناكح" أقسم حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشر، يلزمه كفارة أو ما يلزمه كفارة؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ "والله ما أنتِ بناكح" يعني بناء على غلبة ظنه، والذي يحلف على غلبة ظنه لا يلزمه كفارة، الأحكام مبنية على غلبة الظن كالذي أقسم الذي وطء في نهار رمضان قال: والله ما بين لابتيها، عنده مسح شامل لبيوت المدينة أنه ما يوجد أفقر منه؟ لكن يغلب على ظنه أنه لا يوجد أفقر منه، يعني أنت لو تدخل على أسرة تجد ما عندهم فرش ولا مكيفات ولا ثلاجة ولا كذا ولا كذا. . . . . . . . . أنه ما في جدة أفقر منهم، لكن يمكن في بيت ثاني ما عندهم ثلاجة ولا فرش ولا مكيف ولا شيء وعليهم ديون، أنت وش اللي فيك؟ أيهما أفقر؟ أنت حلفت على غلبة ظنك ما يلزمك شيء، ولذا الذي وطء في نهار رمضان قال: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا، ما. . . . . . . . . من دليل.

"والله ما أنتِ بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر" {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة] هذه عدة المتوفى عنها هذا الأصل فيها، والمراد بذلك غير الحامل، وأما بالنسبة للحامل فعدتها، {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق] وإن كان عاماً في المطلقة والمتوفى عنها إلا أن حديث الباب يدخل المتوفى عنها دخولاً منصوصاً عليه في العموم، "قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت" نعم إذا وجد إشكال لا بد من السؤال، ما قالت هذا صحابي ودليله من القرآن، تسأل، لعل في المسألة ما يعارض الدليل مما لم يطلع عليه "فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت" ما راحت في النهار، لماذا؟ لأن المساء أستر للنساء من النهار "فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي" يعني فور وضع الحمل، وقت وضع الحمل "وأمرني بالتزويج إن بدا لي" فمن يقرأ هذا الحديث من قائل يقول: استعجلت، يمكن إنها يوم واحد وأربعين تجملت للخطاب استعجلت، ومن قائل يقول: تأخرت؛ لأن لها أن تتجمل فور ولادتها. "قال ابن شهاب: ولا أرى بأساً أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر" هذا معروف من أدلة أخرى، ولذا العقد على الحائض والنفساء صحيح وإلا غير صحيح؟ صحيح، يعقد على المرأة وهي حائض، كثير ما يأتي السؤال عن هذا، يستشكل، يسمعون عن طلاق الحائض فيظنون أن العقد على الحائض فيه ما فيه، لا ما في شيء، وهنا النفساء لو كان في يوم الولادة وهي بالمستشفى يمكن يعقد عليها وش المانع؟ في اليوم الأول من الولادة يعقد عليها، والعقد صحيح؛ لأنها انتهت علائقها بالزوج الأول المتوفي.

"قال ابن شهاب: ولا أرى بأساً أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: قد أقتاها بأنها حللت، حلت للخطاب حين وضعت الحمل، ووضع الحمل يكون بانفصال ما تبين فيه خلق الإنسان، وأحكام الأم تتعلق بما فيه خلق الإنسان ولو كان خفياً، وأحكام الطفل من التغسيل والتكفين والصلاة عليه معلقة بإيش؟ بنفخ الروح، طيب هذه حملته فطلقت في الشهر الرابع أو في الشهر الثالث، طلقت في الشهر الثالث من الحمل، فعلى هذا يبقى على الولادة الطبيعية ستة أشهر استعجلت، بعد شهرين تبين الخلق وغلب على ظنها أنه تبين الخلق فأسقطته، تخرج من العدة وإلا ما تخرج؟ أو يقال: هذه تعامل بنقيض قصدها لأنها استعجلت؟ نعم؟ بفعلها يعني بفعلها استعجلت، ولو أسقطت فيه. . . . . . . . .؟ ويصدق عليها أنها وضعت الحمل؟ يعني ما في أحكام يعامل فيها المكلف بنقيض قصده؟ هي استعجلت، ومن تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه، قاعدة عند أهل العلم، تتجمل للخطاب في اليوم الذي أسقطت فيه الحمل وإلا تنتظر حتى تمضي العدة المعتادة معاملة لها بنقيض قصدها؟ ومعاقبة لها بالحرمان؟ والاعتداد والعدة وما يتبعها من إحداد الزوج له نصيب، فكونها تسعى لإسقاط حق الغير ما تملك، فالذي يظهر لي الآن أنها تعامل بنقيض قصدها،. . . . . . . . . الحمل المعتاد، تجلس إلى الحمل المعتاد، على أن الإسقاط يجيزه أهل العلم قبل الأربعين بدواء مباح، ولا بد أن يربط بالحاجة، وأمر الإسقاط والإجهاض أمر يحتاج إلى مزيد عناية ...

كتاب الطلاق (2)

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الطلاق (2) تكملة أحاديث الطلاق الشيخ: عبد الكريم الخضير وأمر الإسقاط والإجهاض أمر يحتاج إلى مزيد عناية؛ لأنه كثر في هذه الأيام بعد أن كثرت المشاكل، فلا بد أن يولى عناية فائقة، وما كان مجوزاً عند أهل العلم في السابق لا بد أن يحتاط فيه الآن؛ لأن الحمل لا شك أنه يحد من انتشار الجريمة، فإذا سهل أمر الحمل خف وزن الجريمة عند بعض ضعاف النفوس، فلا بد أن يحتاط لهذا الأمر، طيب حملت بتوأم اثنين يكفي خروج الأول أو لا بد من خروج الثاني؟ يعني إذا خرج الأول ما يقال: وضعت؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . والنفاس من أين؟ من أولها، أول النفاس من أولها فعلى هذا يتصور أن امرأة حملت بتوأم ويعقد عليها بين الاثنين، وضعت الأول يتم العقد عليها، تتجمل للخطاب إلى أن يطيح الثاني، نعم المسائل فيها بعد لكنها متوقعة يعني ما هي بمستحيلة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . براءة الرحم، لكن هل يتصور أنه يمكن أن يختلط النسب؟ هل للثاني أن يقربها قبل أن تطهر من نفاسها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه. طالب:. . . . . . . . . لكن الآن وضعت الأول وأحكام النفاس مرتبطة بالأول، ويصدق عليها أنها وضعت حمل، الذي علق به الخروج من العدة هنا، نعم، ولن يقربها، هاه؟ طالب:. . . . . . . . . وهي تبقى؟ ما دام الثاني موجود حامل {حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(6) سورة الطلاق] والحمل مصدر مضاف يفيد العموم، لا شك أن الاحتياط أن تنتهي من وضع جميع ما في بطنها، لكن النفاس معلق بوضع الأول. "وأمرني بالتزويج إن بدا لي" يعني وكل الأمر إليها "قال ابن شهاب: ولا أرى بأساً" لأن لو لم تقل: "إن بدا لي" فالأمر بالتزويج حكمه؟ يعني افترض إن "بدا لي" ليست موجودة "وأمرني بالتزويج" واجب أو مستحب؟ أو نقول: أمر بعد حظر فيرجع إلى حكمه قبل الحظر؟ اقرأ الحديث الثاني.

وعن زينب بنت أم سلمة قالت: توفي حميم لأم حبيبة فدعت بصفرة فمسحته بذراعيها، وقالت: إنما أصنع هذا لأني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)). الحميم: القرابة. وعن أم عطية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار)) العصب: ثياب من اليمن فيها بياض وسواد. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن زينب بنت أم سلمة قالت: توفي حميم" حميم قريب، القريب مطلقاً أو في هذا الحديث؟ هل يلزم من هذا أن يكون قريب أو صديق محب؟ المقصود من له أثر في النفس، توفي حميم المراد به قريبها "لأم حبيبة فدعت بصفرة فسمحت بذراعيها" بصفرة، لماذا؟ لئلا يظن بها أنها محدة؛ لتبين للناس أنها غير محدة، فإذا خشي الإنسان أن يتهم بشيء عمل عملاً ينفي عنه هذه التهمة، ومن هذا ما يصنعه بعض السلف إذا كان صائماً وظهرت أمارات الصوم عليه ادهن؛ ليظهر للناس أنه ليس بصائم، بل قد يبدو على أطرافه ما يدل على أنه أكل قريباً وعلى شفتيه، وهذا من إخفاء العبادة، وبالمقابل لو أن إنساناً قبل أذان المغرب من يوم الاثنين مثلاً حمل كيساً فيه التمر والماء والقهوة، ودخل المسجد، وفل الصماط، ووضع التمر والماء، وجهز القهوة، وهو ما صام، يقول: الأكل في المسجد جائز، كون ما آكل حتى يؤذن بعد وش اللي يمنع؟ مثل هذا ينبغي وإلا ما ينبغي؟ يذم أو ما يذم؟ نعم؟ يذم بلا شك، ولذا جاء في الحديث -حديث عمر-: ((من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) نعم الهجرة من أجل الدنيا فيها شيء وإلا ما فيها شيء؟ ما فيها شيء، هجرة من أجل الزوجة ما فيها شيء، بحث عن زوجة في بلد ما وجد وهاجر إلى بلد آخر ليتزوج ما فيها شيء، سيقت مساق الذم هنا؛ لأن من هاجر وهو سبب ورود الحديث. . . . . . . . . أظهر أنه هاجر من أجل إيش؟ من أجل. . . . . . . . .، فذُم، وإلا فالأصل ما يستحق ذم، هذا الذي أكل في المسجد مع أذان المغرب هذا الأصل أنه أكل مباح، وكونه انتظر إلى الآن مباح، لكن كونه يظهر للناس من خلال عمله أنه يتقرب إلى الله، وأنه صائم، وينظر إلى الأبواب كل من دخل قال: تفضل يا فلان، هذا يظهر للناس أنه صائم فيذم من هذه الحيثية، وهذا عكس ما كان يفعله خيار الأمة وسلفها من إخفاء العبادة.

هذه خشية أن تتهم بأنها محدة، وأرادت أن تظهر هذه السنة "فقالت: إنما صنعت هذا لأني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث)) " وقل مثل هذا في أكل التمرات قبل الحضور لصلاة عيد الفطر؛ لأن بعض الناس قد يقول: أنا أستمر صائماً، صائم ثلاثين يوم وجالس ليلة العيد في المسجد تبع الاعتكاف، ولا أخرج إلا إلى صلاة العيد، أبا استمر إلى أن أصلي العيد، نقول: لا، لا بد أن تظهر خلاف ما كنت عليه لأن هذا يوم يحرم صيامه. يقول: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث)) لا شك أن موت القريب، موت الصديق، موت الحميم، هذا له أثر في النفس، وقد لا يطيق بعض الناس مثل هذه المصيبة، فينجمع على نفسه، ويترك بعض الأمور المباحة هذا نوع من الإحداد، لكن أكثر من ثلاثة أيام لا يجوز ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث)) لامرأة طيب يحل للرجل أو لا يحل؟ لا يحل البتة ولا يوم للرجل، يحل للدول تنكس الأعلام؟ لا يجوز أبداً، تحد ما يجوز، تسمعون أنتم إذا مات زعيم وإلا مات أحد نكسوا الأعلام، وأعلنوا الحداد لمدة كذا، نعم لا يجوز هذا. ((لا يحل)) نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أولاً: الإحداد من شأن النساء ما هو من شأن الرجال، وعلى الزوج خاصة، لكن لما كان بعض الأمور يصعب انفكاك الإنسان منها، أبيح للمرأة أن تحد على الميت ثلاث فأقل. " ((إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) قال: الحميم القرابة" والمراد بالإحداد امتناع المرأة المتوفى عنها من الزينة، من لباس وطيب ونحوهما، وكل ما كان من دواعي الجماع، هذه المحدة، فتمتنع عن هذا كله ((إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) والتحديد لهذه المدة لتعلم براءة رحمها بيقين؛ لأن الوالد يتكامل تخليقه ونفخ الروح فيه في هذه المدة، نعم.

"وعن أم عطية -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تحد امرأة)) " لا تحد نفي وإلا نهي؟ نفي، و (لا) إيش؟ لا تحد نهي، ما الذي نصبه؟ تضعيف الآخر، ولذا لو فك قيل: لا تحدد، مثله {وَمَن يَرْتَدِدْ} [(217) سورة البقرة] في موضع، وفي الموضع الآخر {مَن يَرْتَدَّ} [(54) سورة المائدة] مثله. ((امرأة على ميت)) امرأة نكرة في سياق النهي أو النفي فتعم كل امرأة، كبيرة صغيرة، قريبة بعيدة ((على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) فالمحدة التي يجب عليها الإحداد لا تلبس ثوباً مصوغاً؛ لأن فيه زينة، فيها بياض وسواد يعني مخططة، والعادة أن المخطط ثوب زينة، لكن استثني هذا لأنه مع كونه مخططاً ليس من لباس الزينة ((ولا تكتحل)) لأن الكحل يجمل، وهي ممنوعة من استعمال أدوات التجميل، فالمكاييج بأنواعها ممنوعة من قبل المحدة، لا يجوز لها أن تستعمل شيئاً من ذلك، فهي ممنوعة من أن تتصرف في بدنها ما يرغب الناس فيها ولا في ثيابها ((ولا تكتحل ولا تمس طيباً)) لأنه يدعو .. ، فإذا منعت من الكحل ومنعت من الثياب المصبوغة فلئن تمنع من الطيب من باب أولى؛ لأنه يدعو إلى نكاحها ويرغب فيها. ((ولا شيئاً)) ولا شيئاً ولا تمس طيباً، ولا شيئاً، شيئاً نكرة في سياق النهي، ولا تمس نفي على كل حال هي عامة، وشيئاً مغرقة في العموم، هل يعني هذا أنها لا تلمس الجدار، لا تمس طاولة، ما تمس باب، ما تمس .. طالب:. . . . . . . . .

شيئاً إيش؟ طيب شيئاً من إيش؟ من الزينة أو من الطيب مما عطف عليه؟ ((لا تمس طيباً ولا شيئاً)) يعني العطف يقتضي المغايرة، فالثياب نص عليها، والكحل نص عليه، يدخل في الثياب كل ما يلبس، ويدخل في الكحل كل ما يجمل الوجه، والطيب بأنواعه، ثم قوله: ((شيئاً)) يشمل كل ما يرغب في نكاحها، فهي ممنوعة بهذه اللفظة، ولو لم توجد هذه اللفظة لاقتصرنا على المذكور، وهناك أمور تجمل المرأة وتزينها، وترغب فيها غير المنصوص عليها، فهذا من باب التأكيد ((إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار)) القسط والأظفار نوعان معروفان من أنواع البخور، نعم من أنواع البخور الذي ليس فيه رائحة الطيب، فيه رائحة لكنها ليست رائحة طيب، بدليل أنها لا تمس طيب، إنما فيه رائحة تضيع رائحة .. الرائحة التي كانت من أثر العادة، فتأتي بشيء يضيع هذه الرائحة، نوع من البخور فيه رائحة ليست بطيب؛ لأنها ممنوعة من الطيب، لكن رائحة تضيع الرائحة الكريهة، هذا هو المقصود.

((من قسط أو أظفار)) وهما نوعان من أنواع البخور التي ليس فيها رائحة الطيب، والمرأة ممنوعة من لباس الثياب المعصفرة والمصبغة بأصباغ تجمل الثوب، هذا محل اتفاق بين أهل العلم، لكن هل تلبس الأبيض لأنه الأصل وما عداه يكون مصبوغاً؟ أو تلبس الأخضر؟ أو تلبس الأسود لأنه لباس الحزن؟ ماذا تلبس؟ أو نقول: عليها أن تلبس أي لون كان باقي على أصله؟ يعني المادة الخام التي تصنع منها الثياب المواد مختلفة الألوان، منها ما أصله أبيض، ومنها ما أصله أسود، ومنها ما أصله أخضر، ومنها .. ، المادة نفسها التي لم يطرأ عليها صبغ، لكن إذا كان قطن مثلاً فالأصل فيه البياض، إذا كان كتان أو غيره كل يتبع أصله، فيلبس على ما كان عليه قبل النسج، فلا يجوز صبغه، لكن أحياناً القطن الأبيض كونه أبيض أجمل من كونه مصبوغاً، هل نقول: لا مانع من صبغه أو يدخل في عموم المصبوغ؟ ممنوع تلبس الأبيض؟ ونقل الاتفاق على أن المحدة ليس لها لبس الثياب المعصفرة ولا المصبوغة، يقولون: إلا ما صبغ بالسواد، لكن بعض الأسود فيه جمال أكثر من غيره، وأيضاً إذا نظرنا إلى أصل المادة الخام التفصيل له دور، نعم قد تقول: والله السواد لباس الحزن لكن التفصيل ما تعرض له النص، صح وإلا لا؟ نقول: تفصل على كيفها أو تجتنب الزينة؟ عليها أن تجتنب الزينة، ودور التفصيل أعظم من دور أصل المادة؛ لأنه قد تشتري المرأة قماش متره ثلاثمائة ريال، ثم يفصل تفصيل يصلح للمحدة، وقد تشتري قماش متره بخمسة ريال، وتفصل تفصيل لا يصلح إلا للعرائس؛ لأن التفصيل له وقع في التجميل وغيره، لا سيما بعد أن افتتن بتقليد الكفار، وصارت البرد ترد علينا من الشرق والغرب، وصرنا نقبل التلقين، كل ما جاءنا قبلناه، وإلا فالأصل أن المرأة المسلمة متميزة بلباسها، نعم بينها وبين زوجها هذا لا يتدخل فيه أحد إلا ما ورد النهي عنه بخصوصه؛ لأنها مأمورة بالتجمل لزوجها، لكن كونها مع الأسف الشديد تتجمل للناس، وتلبس للزوج ثوب المطبخ، هذا واقع كثير من الناس، زوجها يجلس عند الباب ساعة أو ساعتين ينتظرها تتجمل لزيارة آل فلان وآل فلان، وإذا جاءت جاء بها في منتصف الليل أخذ وقت ينتظرها تخلع هذه الثياب، ترى هذا واقع كثير

من الناس، يعني انقلبت المفاهيم، الأصل أن تتجمل للزوج هذا الأصل، فأقول: إن التفصيل له دور في تجميل الثياب وعدمها، واللون وحده لا يكفي، فلا يقال: إن أصل الألوان الأبيض أو هذا ثوب قطن أصله أبيض ما دخل عليه شيء نفصله على ما نريد، أو أن الأسود ثوب حزن لا، والله المستعان، في الحديث الذي يليه، نعم. وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) مرتين أو ثلاثة، كل ذلك يقول: ((لا)) ثم قال: ((إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت أحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول)) فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طير- فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره. الحفش: البيت الصغير، وتفتض: تدلك به جسدها. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينَاها" أو عينُها، إذا قلنا: الفاعل هي عينها، وإذا قلنا: العين هي الفاعل رفعناها "اشتكت عينها أفنكحلها؟ " المسألة مسألة علاج؛ لكنه علاج متضمن لزينة، فما تضمن الزينة تمنع منه المحدة، ولو كان علاجاً، فتعالج بعلاج لا أثر له في التزين، يطلب علاج لا بأس تعالج وهي محدة، وإذا احتاجت الخروج إلى العلاج تخرج متسترة تفلة، تخرج للعلاج لأنه حاجة، لكن هل تخرج للدارسة؟ تخرج للتدريس؟ تخرج للوظيفة؟ لا لأنها مأمورة بالبقاء في بيتها الذي جاءها فيه نعي زوجها، لا يجوز لها أن تخرج، أما العلاج ضرورة، إذا كان لا يوجد عندها من يقضي حوائجها الأصلية مما تضطر إليه تخرج بقدر الحاجة، لكن دراسة وإلا تدريس وإلا وظيفة ما يعارض به مثل النصوص الصحيحة الصريحة.

"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) " لا، لا، مرتين أو ثلاثاً للتأكيد، لتأكيد الأمر كل ذلك يقول: ((لا)) هناك أمور ممنوعة منها، ومؤكد النهي عنها، وهناك أمور يفعلها العوام اجتهاداً منهم لا تطلع على الحوش، لا ترقى إلى السطح، لا ما أدري إيش؟ لا تنظر إلى القمر، لا تنظر إلى الشمس، كل هذا من اجتهادات العوام التي لا أصل لها، نعم هي ممنوعة من كل ما يرغب الرجال فيها، وما يدعو إلى نكاحها، ومأمورة بالمكث والبقاء في بيتها، وممنوعة من لبس ما نص عليه، ولا تتطيب ولا تكحل، ولا تختضب، كل هذا لأنه يدخل في منع التزين. "كل ذلك يقول: ((لا)) ثم قال: ((إنما هي أربعة أشهر وعشراً)) " يعني ما فيها أكثر من هذا، أربعة أشهر وعشر ليال، يعني مدة يسيرة جداً، مكثتِ مع هذا الزوج عشرين ثلاثين أربعين سنة يصعب عليك الامتناع لمدة أربعة أشهر وعشر ليال؟! إنما هي أربعة أشهر وعشر ليال، ما قيل: امكثي في البيت بقدر ما مكثت عنده، مكثت عند هذا الزوج أربعين سنة حدي عليه أربعين سنة، لا، أربعة أشهر وعشراً ((وقد كانت أحداكن في الجاهلية ترمي البعرة على رأس الحول)) يعني تمكث حولاً كاملاً، وخفف إلى ثلث المدة، وقد كانت المدة كم؟ سنة {مَّتَاعًا} [(240) سورة البقرة] نعم سنة، ثم نسخت بأربعة أشهر وعشراً.

"فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي زوجها دخلت حفشاً" يعني بيتاً صغيراً شعثاً، عبارة عن غرفة صغيرة ما فيها شيء من مظاهر الجمال ولا النور أيضاً مظلم، تجلس في هذا البيت؛ لتعلن للناس أنها فارقت أحب الناس إليها، وأقرب الناس إلى قلبها، وأنها مصابة بهذه المصيبة العظيمة، كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها، تلبس الأسمال البالية، ولم تمس طيباً، ولا شيئاً حتى تمر عليها سنة كاملة، ثم تؤتى بدابة .. ، لا تمس طيب ولا شيء ولا ماء ولا تغتسل ولا تتنظف أبداً، تتراكم عليها الأوساخ، وتتوالى عليها الدورات الحيض من غير أن تمس شيء، يعني رائحتها ماذا تصير؟ في غاية الكراهية، تكون منتنة "حتى تمر عليها سنة، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طير-" المهم دابة مما يدب على وجه الأرض، والأصل فيها كل ما يدب على وجه الأرض حتى من بني آدم، لكن العرف خصها بذوات الأربع، وهنا ما هو أعم، بدابة ما هذه الدابة؟ حمار أو طير أو شاة، الطير يدخل في الدابة أو لا يدخل؟ لماذا؟ الآية {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ} [(38) سورة الأنعام] هل نقول: إن هذا من عطف الخاص على العام ويدخل الطائر في الدابة؟ وهنا فسرت الدابة بالطير، يعني مما فسرت به الدابة الطير، فالإطلاق العام الحقيقة العرفية تشمل كل ما يدب على وجه الأرض. "بدابة -حمار أو شاة أو طير-" الحمار بدل بعض، أو طير أو شاة معطوفات عليه "فتفتض به" يعني تدلك به جسدها لا سيما المواطن التي فيها الروائح الكريهة "فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات" يعني من الجراثيم والروائح الكريهة، والأوساخ المتراكمة، يعني الرائحة الكريهة لها دور في مثل هذا، الضربان دويبة منتنة الرائحة جداً إذا احتاجت إلى شيء -ذُكر هذا في كتب الحيوان- إلى شيء تأكله ماذا تصنع؟ كيف؟ تدخل في جحره على قفاها رويس، فتطلق هذه الرائحة فيموت، هذا ذكر في كتب الحيوان، لا شك أن مثل هذه الأمور مؤذية.

يقول: "فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج" أنت شوف يسر الإسلام ولله الحمد، وسماحة الإسلام، وتكريم الإسلام للمرأة، ووفاء الإسلام من قبل المرأة للرجل، والعكس أيضاً الرجل عليه أن يفي، لكن هل من وفاء المرأة لزوجها أن لا تتزوج بعده؟ أو من وفاء الزوج أن لا يتزوج بعدها؟ هذا ليس بلازم، ما يلزم، يعني تجلس طول عمرها لا تتزوج من باب الوفاء، لا، هذا لا يأتي به شرع، بل هي مأمورة بالزواج، والزوج مأمور بالزواج، "فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة" البعرة: الروث، روث البعير أو الحمار أو شاة أو ما أشبه ذلك هي البعرة على كل حال، هذا الذي أراد أن يغيض معن بن زائدة، ومعن هذا لا يستطيع أحد أن يغيضه، ولا يستطيع أحد أن يستثيره لعظم حلمه، جاءه ذلك الأعرابي فقال: يا معن كأنك بعرة في إست كبشِ ... مدلاة وذاك الكبش يمشي أعطاه جائزة، أعطاه هدية، وجاءه أخر وثالث ورابع، كل من أحتاج شيء جاء يذمه ويعطيه. "فترمي بها" تأخذ هذه البعرة وترمي بها، وهذه إشارة إلى أنها خرجت من العدة؛ ليعرف الناس أنها أنهت المدة، وأن ما مكثته لا يعدل هذه البعرة بالنسبة لحق زوجها عليها "ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره" تراجع خلاص انتهت من العدة، انتهت من الإحداد، نعم ...

كتاب اللعان

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب اللعان الشيخ: عبد الكريم الخضير قال -رحمه الله-: كتاب اللعان عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن فلان بن فلان قال: يا رسول الله أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك، قال: فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله -عز وجل- هؤلاء الآيات في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [(6) سورة النور] فتلاهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قال: لا، والذي بعثك بالحق نبياً ما كذبت عليها، ثم دعاها فوعظها وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قالت: لا، والله بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إنه لمن الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما، ثم قال: ((الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ )) ثلاثاً، وفي لفظ: ((لا سبيل لك عليها)) قال: يا رسول الله مالي؟ قال: ((لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فهو أبعد لك منها)). وعنه أن رجلاً رمى امرأته وانتفى من ولدها في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمرهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلاعنا كما قال الله -عز وجل-، ثم قضى بالولد للمرأة، وفرق بين المتلاعنين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب اللعان

واللعان والملاعنة والالتعان مصدر، مصادر لاعن ملاعنة، ولعاناً والتعنا إلتعاناً، والأصل فيه، يعني مأخذ الكلمة من قول الرجل: إن لعنة الله عليه، لعن الرجل نفسه، واللعان والملاعنة تكون بين طرفين، بين زوج وزوجة، فالذي يصدر من الزوج لفظ اللعن، والذي من الزوجة لفظ الغضب، وهو أشد من اللعن، واختير الغضب للزوجة وهو أشد من اللعن لأن جريمتها أشد فيما لو صدق، جريمته جريمة قذف لو كذب، وجريمتها لو صدق زنا، عقوبته لو صدقت وكذب عليها حد القذف، وعقوبتها لو صدق وكذبت الرجم، فالمرأة ذنبها أعظم وأشد، يقول:

"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: إن فلاناً بن فلان" جاء تعيينه أنه هلال بن أمية، وجاء ما يدل على أنه عويمر العجلاني "قال: يا رسول الله أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم" يعني قذف "وإن سكت سكت على مثل ذلك" نسأل الله السلامة والعافية، داهية، بلية، كارثة، نعم والناس يتساهلون في الوسائل الموصلة إلى هذه الكارثة، والإسلام وضع الاحتياطات اللازمة لوقوع مثل هذه الكارثة، نعم يوجد ممن ذهبت الغيرة عنده واتصف بالدياثة -نسأل الله السلامة والعافية- من لا يؤثر فيه مثل هذا الكلام، يعني شخص يقبض على زوجته مع شخص آخر ويأتي الزوج ليشفع عندها امتحان يوم السبت ونرجعها -إن شاء الله-، يعني يصل الحد إلى هذا؟! يصل الأمر بالمسلم إلى في الدياثة إلى هذا الحد! نسأل الله السلامة والعافية، يشفع لها لتؤدي الاختبار وترجع، والصحابي يقول: إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك، لا شك أنها كارثة، يعني تكدر الحياة إلى الممات نسأل الله السلامة والعافية، في بعض الروايات: أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) لو وجد -نسأل الله السلامة والعافية- الرجل عند امرأته رجلاً فيقتله يقتل به، ولو تحقق من الزنا، وقل مثل هذا لو رأى مع ولده مع بنته، نعم ولو تحقق من الزنا، وأن هذا الزاني محصن، وحقه الرجم، أيقتله فتقتلونه؟ نعم يقتل؛ لأنه لو ترك الأمر في مثل هذه الأحوال لأفراد الناس وصار تنفيذ الحدود بأيدي الناس ما صار لولي الأمر قيمة؛ لأن هذا من اختصاصات ولي الأمر، وإلا لصار كل واحد يكون بينه وبين أخر دعوى أو مشكلة يستضيفه في بيته، ويستدرجه إلى غرفة النوم، ثم يقتله، ويدعي أنه وجده مع زوجته، مع بنته، مع ولده، ولذا قال: أتقتله فتقتلونه؟ نعم يقتل به، وإلا لو لم يقتل به صارت الدنيا فوضى، فالاحتياط في الشرع لجميع الأطراف، يعني الشرع احتاط لهذه الفاحشة الموبقة نسأل الله السلامة والعافية، فمنع

النظر، وأمر بغض البصر، وحرم الخلوة، وحرم السفر بدون محرم، أغلق جميع الأبواب الموصلة إلى هذه الفاحشة، يعني كون الناس يتساهلون ويتخطون الحدود، ويقعون في مثل هذه، هذا ذنبهم، الشرع ما ترك منفذ يمكن أن يوصل إليه إلى هذه الفاحشة، لكن من تساهل بالوسائل جنى الغايات، فعلى المسلم أن يهتم لهذا الأمر، ويحتاط له أشد الاحتياط.

"إن تكلم تكلم بأمر عظيم" لأنه قذف "وإن سكت سكت على مثل ذلك" إذاً ما الحل؟ وش الحل؟ شخص وجد عند زوجته رجلاً ماذا يصنع؟ "قال: فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يجبه" لم يجبه، قد يقول قائل: البيان واجب، وهذا يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- لماذا لم يبين له؟ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، لكن إلى وقت الحاجة يجوز، يعني لو جاء شخص يسأل بإمكانك أن تقول: هذه المسألة وقعت أو ما وقعت؟ إن كانت واقعة لا بد من أن يجاب، إذا كانت ما وقعت للمسئول مندوحة أن ينتظر ويؤجل "فسكت النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به" وأهل العلم يقررون أن البلاء موكل بالمنطق "إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله -عز وجل- هؤلاء الآيات في سورة النور" قوله: "فأنزل" يدل على هذه القصة هي سبب النزول، وجاء ما يدل على أن فلان هذا هو هلال بن أمية، في هذا السياق فأنزل وهو أول من لاعن في الإسلام، وجاء في قصة عويمر العجلاني ((قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك هؤلاء الآيات)) ولا يمنع أن تقع الحادثة لأكثر من واحد، يتعدد السبب لنازل واحد، يأتي هلال بن أمية ثم يأتي عويمر العجلاني فينزل الله -جل وعلا- في أمرهما قرأناً واحداً، منهم من يرى تعدد النزول بسبب تعدد السبب، لكن لا مشكلة، وهذا قيل في الفاتحة: إنها أنزلت ثلاث مرات، نعم على كل حال هما أول من لاعن في الإسلام، وهما السبب في نزول الآيات، فلعل قصتهما متقاربة "فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله -عز وجل- هؤلاء الآيات في سورة النور {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [(6) سورة النور] " يعني ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم إنه لمن الصادقين، والخامسة إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب، يدفع عنها العذاب، بأي شيء؟ أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين،

والخامسة، يعني يبدأ بالزوج فيشهد الشهادات، وهل هي شهادات أو أيمان؟ أو شهادات مؤكدة بأيمان؟ خلاف معروف، لكن لفظها لفظ الشهادة، ولا بد من الإتيان بهذا اللفظ، يبدأ بالزوج، لو بدء بالزوجة يصح وإلا ما يصح؟ يعني الترتيب في القرآن في الآيات معتبر؛ لأن لعان الزوجة مرتب على لعان الزوجة، يعني لو لم يلاعن الزوج ما طلب من الزوجة؛ لأنها إنما تلاعن لتدرأ عن نفسها الحد، ولا يثبت الحد في حقها إلا بعد لعان الزوج، فلا يصح أن يبدأ بالزوج، وعلى الخلاف بين أهل العلم، لكن هذا هو الراجح.

فائدة اللعان، أولاً: نسأل الله السلامة والعافية لنا ولكم ولعموم المسلمين، إذا وجد الرجل مع زوجته رجلاً وتأكد من أنه زنى بها، فالمسألة لا تخلو إما أن يترتب على ذلك حمل أو لا، فإن ترتب عليه حمل تعين اللعان، إن لم يترتب عليه حمل ورأى الستر والفرقة تكون بالطلاق يطلقها، له ذلك، لكن هل له أن يمسكها؟ الآن فائدة اللعان سقوط الحد عن الزوج وانتفاء الولد، والفرقة المؤبدة، لكن لو قال أولاً إذا وجد حمل لا بد من اللعان، لا سيما إذا كان الزنا في طهر لم يجامعها فيه، لا بد من اللعان؛ لأنها تلويث للفراش، إذا لم يوجد ولد وهو عفيف طيب، أراد أن يمسكها لا يجوز له أن يمسكها حتى تتوب توبة نصوحاً، لكن هل له أن يمسكها أو يلزمه فراقها؟ أهل العلم يقررون أنه لا يلزمه فراقها، عليها أن تتوب ولكن لا يلزمه أن يفارقها، لأنه يا إخوان ما كل إنسان يطيق فراق الزوجة، إذا أشرب القلب حب هذه المرأة مشكلة، ترى مشكلة يعاني منها كثير من الناس، الأمر الثاني: أن بعض الناس يحسب حساباته، يقول: يعني لو فرطت في هذه الزوجة يمكن ما أتزوج أبد، أنا سنين وأنا أجمع حتى أدركت هذه الزوجة، هل نقول: يلزمك فراقها وإلا أنت ديوث؟ هو إن لاعن يبي يفارق؛ لأنه من نتائجه ومن الآثار المترتبة على اللعان الفرقة المؤبدة، أهل العلم يستدلون على أنه لا يلزمه فراقها بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليبعها ولو بظفير)) يعني ما أمره بفراقها من أول مرة أو ثاني مرة، فدل على أنه يجوز إمساكها، نسأل الله السلامة والعافية، المسألة مسألة حكم شرعي، مسألة الغيرة أو كونها تزداد عنده الغيرة وتتعدى الحد الشرعي فيقتل أو يفعل هذه مسائل أخرى، لكن المسألة مسألة حكم شرعي، هل يلزمه الفراق أو ما يلزمه؟ هذا ما قرره أهل العلم أنه لا يلزمه، لكن عليها أن تتوب؛ لأنه طيب وهي

خبيثة، عفيف وهي فاجرة، والطيبات للطيبين، ومعروف أن الخبيثات للخبيثين، فإذا تم اللعان ماذا يكون؟ فتلاهن ووعظه، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قبل أن يبدأ باللعان يقول: يا فلان اتق الله، هذا قذف والقذف شأنه عظيم، وجاء في الخبر أن قذف محصنة يحبط عبادة ستين سنة، قذف المحصنات من الموبقات، فيعظه بمثل هذا الكلام عله أن يرجع، ويتحمل حد القذف إن كان كاذباً "فقال: لا، والذي بعثك بالحق نبياً ما كذبت عليها، ثم دعاها ووعظها" اتق الله إن كنت كاذبة عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة "فقالت: لا، والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب عليها إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما" الفرقة المؤبدة، البينونة، يسقط الحد عن القاذف ويفرق بينهما، وينتفي الولد عنهم "ثم قال: ((الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ )) ثلاثاً" حتى بعد ما حصل هذا باب التوبة مفتوح، ما يقول: خلاص اللعان وصار اللي صار وانتهى الإشكال، فهل منكما تائب؟ ثلاثاً، وفي لفظ: ((لا سبيل لك عليها)) فرقة، بنفس اللعان، فقال: يا رسول الله مالي؟ المهر وش ذنبي؟ امرأة زنت فما ذنبي يذهب علي المهر؟ فقال: ((لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها)) يعني يثبت المهر بالدخول ((وإن كنت كذبت عليها فهو أبعد لك منها)) إن كانت كاذب عاد المسألة أعظم، ما هي مسألة مهر. يقول: وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً رمى امرأته وانتفى من ولدها في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمرهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلاعنا كما قال الله تعالى، ثم قضى بالولد للمرأة.

وهذه من ثمرات اللعان، والآثار المترتبة عليه، فالولد يكون للفراش، للمرأة، الولد للمرأة، ويبرأ منه الرجل، وفرق بين المتلاعنين، نعم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل من بني فزاره إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- .... طالب: ...... طيب. طالب: ......

إذا كان هذه الغيرة، معروف أن الغيرة شرعية، أصلها شرعي، لكن الغيرة قد تزيد عن حدها الشرعي، فيرتكب بسببها محظور يؤاخذ عليه، ما دام عقله ثابتاً، لكن أحياناً تأتي بعض التصرفات يكون الإنسان فيها مغلوب على عقله، يعني من هول المصيبة التي رأى قد يتصرف تصرفات تزيد على المطلوب شرعاً، فالمؤاخذة قد ترتفع، لكن الآثار المترتبة على ذلك لأنه غلب على عقله، الآثار المترتبة عليه من باب ربط الأسباب بالمسببات يؤاخذ بها يقتل، معلوم أن الغيرة مطلوبة من المسلم، والله -جل وعلا- يغار إذا انتهكت محارمه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغضب حينما تنتهك محارم الله -جل وعلا-، وعلى المسلم أن يتصف بهذا الخلق، لكن مضبوط بالضوابط الشرعية ما يتعدى، القصة واقعة شخص أيقظ زوجته لصلاة الصبح فلما جاء من المسجد وجدها ما صلت، توعدها وهددها إن كررت إن عادت فعل ما فعل، فأيقظها من الغد فرجع فوجدها ما صلت قتلها، الباعث على هذا إيش؟ الغيرة، لكن ما كل غيرة، كل الأخلاق والصفات الحميدة لها حد شرعي، إذا زات عن الحد الشرعي وش تصير؟ تنقلب مساوئ ومذام، بدل ما كانت محامد، الكرم مطلوب لكن لا تبسط يدك كل البسط، وهكذا قل في الشجاعة في الغيرة حتى في الخلق، دماثة الخلق أحياناً يكون إيش حلم؟ إذا زاد عن حده صارت تنتهك المحارم أمامه ولا يتغير ولا ... ، يقول: هذا حلم؟ ما هو بصحيح، الحياء العرفي ما هو بالحياء الشرعي الذي هو الخجل قد يستحي والحياء لا يأتي إلا بخير، لكن لا يأمر ولا ينهى ولا ينكر ولا يغير يستحي، هذا ما هو بحياء، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل من بني فزاره إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((هل لك من إبل؟ )) قال: نعم، قال: ((فما ألوانها؟ )) قال: حمر، قال: ((هل فيها من أورق؟ )) قال: إن فيها لورقاً، قال: ((فأنى أتاها ذلك؟ )) قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: ((وهذا عسى أن يكون نزعه عرق)). ما مضى في اللعان متضمن للقذف الصريح، وفي هذا الحديث تعريض، ما في شيء صريح، يقول:

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل من فزاره إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((هل لك إبل؟ )) استعمال القياس، وهذا الحديث الأصل في شرعية القياس، وإلحاق النظائر بنظائرها، والأشباه بأشباهها ((هل لك إبل؟ )) قال: نعم، قال: ((فما ألوانها؟ )) قال: حمر، قال: ((فهل -يكون- فيها من أورق؟ )) يعني أغبر فيه سواد، يميل إلى الغبرة ليس بحالك، فقال: إن فيها لورقاً، قال: ((فأنى أتاها ذلك؟ )) قال: عسى أن يكون نزعه عرق، جد وإلا عم وإلا خال، قال: ((وهذا عسى أن يكون نزعه عرق)) فلا يستعجل الإنسان، ولا يشك الإنسان ما لم يكن هناك بينات ودلائل قطعية، هذا فيه تعريض يعني بال ... ، كأنه ما هو مرتاح إلى هذا الولد، وهنا قصة ذكروها قصة واقعية، شخص أحمر يعني بلون الأعاجم، تزوج امرأة شديدة البياض، وهو صاحب أسفار وتجارات وروحات، حملت المرأة، وسافر الرجل فولدت ولداً أسود، منين جاء الولد؟ فقالت لإخوانها: دبروه، فنسأل الله السلامة والعافية قتلوها، منين يجي هذا الولد؟ لو جاء أبوه وشاف ها الولد وش يبي يقول؟ حملت مرة ثانية، ونفس القصة تأتي بولد أسود وهو مسافر وفعلوا به مثل ما فعلوا، يأتي الأب وين الولد؟ قالوا: والله الولد ميت، وين الولد الثاني؟ مات، المرة الثالثة لما حملت قال: ما أنا بمسافر أشوف، لا بد أحضر، حضر فولدت ولداً أسود، قال: لا إله إلا الله، سبحان الله هذه صورة جدي، سبحان الله العظيم، طيب الأول والثاني كيف يتصرفون؟ شو يصنعون؟ هذه واقعة يا إخوان ليست بتمثيل، ولا هي من أجل المناسبة، واقعة كيف يتصور يعني مثل هذا؟ وهنا يقول: لعله نزعه عرق، قال: صورة جدي لا إله إلا الله، فما يستعجل الإنسان لا بنفي ولا بإثبات، الأصل ولد على فراشه أنه له، مهما كان الاختلاف، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- مثل له بمثال محسوس من بيئته، مما يزاوله، مما يعاشره، فمسح ما

في خاطره، انتهى الإشكال، لكن لو لم يأت بهذا المثال وهذا النظير وهذا المثال الحي قد يبقى في نفسه شيء، لو قال له: تعوذ من الشيطان وهذا ولدك ولا توسوس، نعم ما يكون أثره واقتناعه وقناعته بمثل هذا المثال الذي ذكره -عليه الصلاة والسلام-، ففي الحديث ضرب مثل، وهو أصل في باب القياس، أصل من الأصول التي يعتمد عليها في الشرع، نعم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة الواو هذه؟ اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة، عاطفة وإلا للمعية؟ ما تأتي معية؛ لأن الفعل يتناول الثاني كتناوله الأول، ليست بمعية. فقال سعد: يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص

عتبة بن أبي وقاص، يعني سعد أول من رمى بسهم في الإسلام، وفداه النبي -عليه الصلاة والسلام- بأبيه وأمه، وعتبة هو الذي شج النبي -عليه الصلاة والسلام- وكسر رباعيته في أحد، يعني فرق شاسع "يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه أبنه" أوصى إليه، فقال: طالب بالولد، تراه لنا، واختصم مع عبد بن زمعة "انظر إلى شبهه" يعني شبيه بعتبة، واضح أنه من ماء عتبة، شبيه به، لكن عندنا إيش؟ مقدمات شرعية، نبني عليها نتائج، والحكم إنما يكون على الظاهر، والبواطن يتولاها الله -جل وعلا-، لكن عندنا مقدمات، وهنا في هذا الباب عندنا مقدمات نبني عليها، الولد للفراش، ولو كان بيّن، ولو كان مشبه لفلان وعلان، المقدمة إذا تحققت توفرت بنينا عليها نتيجة شرعية، هنا الشبه البين بعتبة، وهذا في مجال الدعوى، في مجال خصومة، لكن لو ما في خصومة، وهذا الولد منسوب لعتبة، وجاء من يشكك فيه أنه ليس لعتبة وما فيه خصومة عملنا بالشبه، وعملنا بقول القيافة كما في قصة أسامة بن زيد مع أبيه على ما سيأتي، لكن إذا وجدت الخصومة لا بد أن تفض هذه الخصومة بالمقدمات والنتائج الشرعية؛ لأنه يقول: أهدر الشبه، وفرح النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال مجزز في أسامة: هذه الأرجل من هذه الأرجل، إيش معنى هذا؟ أو علشان عبد بن زمعة أخو سودة زوجة النبي -عليه الصلاة والسلام-، قد يقول قائل مثل هذا الكلام، لكن باب الخصومات يختلف عن الأبواب الأخرى، أدعي الولد وفي باب الخصومة ما عندنا، المسألة التي تقبل صلح كالأموال مثلاً يتنازل هذا وهذا ويحصل صلح ممكن يوفق بينهما، لكن هذا يمكن صلح؟ يصير ولد للاثنين؟ ما صلح، لا بد من البت، بمقتضى القواعد الشريعة الذي فيه خصومة "انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله، ولد على فراش أبي من وليدته" خلاص هذا الأصل "فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأى شبهاً بيناً بعتبة" لكن القاعدة الشرعية: الولد

للفراش، لا بد أن تطبق علشان تحسم النزاع ((هو لك يا عبد بن زمعة)) هو لك يا عبدُ مبنى على الضم؛ لأنه منادى مفرد، وابنَ؟ طالب: مضاف. لا من أين جاءت مضاف؟ ابنَ، يا عبدُ بنَ صفة أو بدل أو بيان لعبد، طيب عبد مرفوع أو هذا منصوب؟ طالب: .......

يا أخي ما لها الإضافة علاقة، خلنا بعبد وابن، اترك زمعة الآن، ابن وصف لعبد، أو بدل منه، أو بيان له، يعني تابع له، إعرابه في إعرابه، نعم على المحل، وصف على المحل، تابع له في محله؛ لأن المنادى محله النصب، مبني على الضم في محل نصب، ابن زمعة في بعض الروايات: عبد، هو لك عبد بن زمعة، بدون ياء، وأشكل على بعض الناس المعلقين على الكتب، يقول: كيف هو لك عبد؟ نعم؟ عبد هو لك عبد، لو صار عبد وش علاقته بـ ((احتجبي منه يا سودة)) فأشكل عليهم حذف الياء وهو منادى، منادى سواء وجدت الياء أو حذفت، نعم هو لك يا عبد بن زمعة، يعني هو لك أخ، هو أخ لك لأنه ولد على فراش أبيك والولد للفراش، ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) للعاهر الحجر الخيبة والحرمان، وإن كان -العاهر الزاني- وإن كان محصن له الرجم بالحجارة ((واحتجبي منه يا سودة)) يعني مقتضى الحكم أنه بالنسبة لسودة أخ، طيب هو أخ لسودة، كيف احتجبي منه يا سودة؟ يعني هل نقول: إن هذا من باب الاحتياط وإلا مقتضى الحكم أن تكشف له سودة؟ لكن من باب الاحتياط، يعني يباح للزوجة أن تكشف له لأنه أخ لها، لكن من باب الاحتياط أن تحتجب عنه؛ لأن الشبه بين بعتبة، لكن مقتضى الحكم الشرعي أن تكشف له، والاحتجاب من باب الاحتياط، وعند المالكية قاعدة تقول: بإعمال القولين الوجيهين، يقولون: عمل بالقول الراجح هذا مقتضى القاعدة، ولم يهمل القول المرجوح، قال: ((احتجبي يا سودة)) مثال ذلك امرأة: أرضعت شخص ثلاث رضعات، مقتضى الحكم الشرعي أن مثل هذا الرضاع لا يحرم، أو بعد الحولين، ومقتضاه عند جماهير العلماء أنه لا يحرم، نعم لكن القول الثاني يعني لحمه نبت من بعض لبن هذه المرأة، أو لحمه نبت من هذه المرأة، سواء كان في الكبر والرضاع كثير، أو في الصغر والرضاع قليل، لا شك أن هناك شبهة، فيحتاط للأمر من الطرفين وللقولين، يحتاط، فيقال: لا يجوز الزواج من أخت هذا المرتضع من الرضاعة، كما أنها لا تكشف

له، فيحتاط من الجهتين، فقد يقول مثلاً، قد يقول قائل: هذه أخته؛ لأنه رضع من أمها، فلا يجوز له أن يتزوجها، وعليها أن تكشف له، يقول الآخر: لا، يجوز له أن يتزوجها لأن الرضاعة غير محرمة، ولا يجوز لها أن تكشف له، فيحتاط للطرفين، ويبقى أنه عند المشاحة الحكم الشرعي هو الأصل، حكمنا بهذا تحرم، بجميع .. ، الجمهور يقولون: ما دام ثبت الحكم بترجيح قول الراجح على مرجوح لا نلتفت إلى المرجوح، المالكية يقولون: لا، المرجوح إذا كان له أثر ترتب عليه بعض أثاره التي لا تتعارض مع الآثار المرتبة على القول الراجح، لكن هل قوله: ((واحتجبي يا سودة)) حكم شرعي قاطع بأنها لو لم تحتجب تأثم؟ أو هذا من باب الاحتياط؟ الجمهور يقولون: احتياط، وإلا يجوز لها أن تكشف، ما دام أخوها يجوز لها أن تكشف، نعم. يقول -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل علي مسروراً، تبرق أسارير وجهه، فقال: ((ألم تري أن مجززاً نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض؟! )).

مجزز هذا مدلجي، وبنو مدلج تكثر فيهم القافة والقيافة والمعرفة والخبرة، ولكل قوم وراث، القيافة موجودة إلى الآن، فبنو مرة معروفين بهذا، ينسب إليهم، كل من كان قائفاً يقال: مري، نعم رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يحب زيد بن حارثة، ويحب أسامة، فإذا كان الشخص محبوباً فالذي يسوء المحبوب يسوء محبه لا شك، فالذي يسوء أسامة، ويسوء زيد يسوء النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأسامة شديد السواد، وزيد بن حارثة شديد البياض، ويوجد مجال للطعن من قبل المشركين، ومن قبل المنافقين، ومن قبل المغرضين، فيقع هذا في نفس النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن لا يوجد من يدعي أسامة، فدخل النبي -عليه الصلاة والسلام على عائشة مسروراً تبرق أسارير وجهه، مبسوط، فقال: ((ألم تري ... )) ما انتظر -عليه الصلاة والسلام- إلى أن تقول عائشة: ما السبب في هذا السرور؟ يعني من شدة الفرح -عليه الصلاة والسلام- ((ألم تري أن مجززاً نظراً آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد؟! )) وهما نائمان عليهما غطاء يغطي الوجوه، وإلا لو رأى الوجوه وقال: هذا من هذا ما ... ، أي واحد بيقول هذا الكلام، نعم وقد يتهم بأنه قال ذلك مجاملة للنبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه رأى الوجه، لكن من دون رؤية الوجه "هذه الرجل من هذه الرجل" طيب هذه الرجل سوداء، وهذه الرجل بيضاء، لا ما يؤثر هذا، القافة يدركون إدراكاً قد يظنه الجاهل ضرب من الكهانة.

عبيد الله بن عدي بن الخيار من التابعين قال لشخص: اذهب بنا لننظر إلى وحشي بن حرب، يعني بعد أن جاز المائة وحشي، عبيد الله بن خيار كان عمره ستين سنة، نذهب ننظر إلى وحشي هذا الذي قتل حمزة وقتل مسيلمة، لا بد أن نشوف وش هذا الآدمي هذا اللي من الشجاعة بهذه المثابة؟ فذهبا إليه، وكان عبيد الله متلثماً، مغطٍ وجهه، فقال له وحشي لما رآه: ابن عدي بن الخيار؟! يعني ما رآه يمكن من نصف قرن أو أكثر، ما رآه "ابن عدي بن الخيار؟! " قال: نعم وما يدريك؟ أول مرة يشوفه بعمره كله، قال: ناولتك أمك وهي على الدابة وأنت في المهد، هذه رجلك ما تغيرت، تعجبوا، يدركون مثل هذا، سهل بالنسبة لهم، فالقافة لا شك أنهم يدركون، وشهادتهم إذا لم يعارضها ما هو أقوى منها معتبرة عند الجمهور، تعتبر عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة، هذه عنده ضرب من التخمين، فلا عبرة فيها عنده، فيكتفى بشهادة القائف ولو كان واحداً، وإن كان الخلاف موجوداً أنه لا بد من اثنين، لكن المعتبر واحد، يكفي، شهادته تكفي، والشهادة والبينة وهي ما يبين الحق لا شك أنها تختلف من موضع إلى موضع، فيأتي في الرضاع أنه تقبل شهادة المرضعة، ويقبل شهادة القابلة، وهنا تقبل شهادة القائف، وبعض الشهادات يشدد فيها فلا يقبل إلا أربعة، فكل موضع له ما يناسبه من البينات، نعم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: ذكر العزل. العزل النزع بعد الإيلاج وقبل الإنزال، هذا هو العزل، النزع بعد الإيلاج قبل الإنزال. ذكر العزل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ولم يفعل أحدكم ذلك؟ ))

الهدف من ذلك أن لا تحمل المرأة، هذا جواب، الفائدة من العزل، لما يعزل الزوج؟ لما يعزل السيد عن أمته؟ لكي لا تحمل المرأة، وعلى حسب المقاصد، إذا كانت حرة لا يريد الحمل المتتابع على زوجته، وإذا كانت أمه يريد أن يبيعها بدون أولاد، وما أشبه ذلك، وإن كانت زوجة أمة لا يريد ولد وليس له، معروف أن الولد في الحرية والرق يتبع أمه، نعم. ذكر العزل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لم يفعل أحدكم ذلك؟ )). يستفهم -عليه الصلاة والسلام-، ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم، وقد تكون المرأة ترضع، فيخشى أن يتضرر الولد الرضيع من الغيلة، ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحد، ما فيه نهي، ينهى عن العزل، وفي حكم العزل استعمال الموانع، فإذا وجد السبب والمبرر المقبول مع انتفاء الضرر فلا مانع من استعمال الموانع قياساً على العزل، ((ولم يفعل أحدكم ذلك؟ )) ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم ((فإنها ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها)) إذا أراد الله شيئاً لا بد من حصوله، سواء عزل أو لم يعزل، إذا أراد الله خلق هذه النفس بسبب هذا الجماع سبق الماء قبل العزل ((فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها)) ثم قال: وعن جابر -رضي الله عنها- قال: كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن. والعزل جائز بشرطه، يعني بإذن الحرة؛ لأن الجماع من حق الطرفين، فلا يعزل عنها إلا بإذنها، والولد من حقهما، كما أنه ليس للمرأة أن تستعمل الموانع دون علم الزوج إلا بإذنه، كذلك لا يعزل عنها إلا بإذنها، أما إذا كانت أمة مملوكة له أن يعزل عنها بدون إذنها؛ لأنها ملكه. عن جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن.

استدل على جوازه بعدم نزول ما يحرمه، قول الصحابي: "كنا نفعل" إن أضافه إلى العهد النبوي فهو في حكم المرفوع، إن أضافه إلى العهد النبوي كان في حكم المرفوع، لكن في مثل هذا النص "كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن" هل جرت العادة بأن كل معصية تقع ينزل القرآن في بيانها؟ أو اكتسبت الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ إقراره، نعم اكتسب الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكونهم يفعلون هذا على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا ينكر منهم من يطلق، فيقول: هذا يكتسب الشرعية من وجوده في العصر النبوي عصر التشريع، ولو كان شيئاً ينهى لنهى عنه القرآن، ونهى عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول: إن كان هذا الأمر مما يخفى له حكم، وإن كان مما يظهر له حكم، فإن كان مما يخفى لا يكتسب الشرعية، وإن كان مما لا يخفى بحيث يبلغ النبي، أكلنا فرساً على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ذبحنا فرساً على عهد رسول الله فأكلناها هذا لا يخفى يكتسب الشرعية، والقول المرجح عند الجمهور أنه إذا أضافه إلى العهد النبوي، وهو من الصحابة ويستدل به على مسألة شرعية يكتسب الشرعية. كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن. قصة المجادلة {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [(1) سورة المجادلة] نزل خبرها من السماء لبيان الحكم، وهناك وقائع كثيرة من هذا النوع، وجاء في بعض الروايات ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعلم ذلك، والرواية السابقة ذكر العزل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعم صريحة في أن العزل ليس بممنوع؛ لأنه قال: ((لم يفعل أحدكم ذلك؟ )) ولم يقل: فلا يفعل أحدكم ذلك، وعلى كل حال جواز العزل أمر مقرر، والحديث السابق دليل عليه، نعم. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن أبي ذر -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ليس من رجل أدعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر)). الأمر عظيم، وله وجود في السابق واللاحق، كثيراً ما ينسب الابن إلى جده، وقد ينسب إلى أمه، عن عبد الله بن بحينة، أمه، نعم، وقد ينسب فلان إلى جده، أحمد بن حنبل، نعم، أبوه محمد، فهل يدخل مثل هذا؟ وفي بعض الأقطار تنسب الزوجة إلى زوجها، نعم تلغى أسرتها تماماً إذا أضيفت إلى زوجها، هذا ما هو موجود في بعض الأقطار؟ نعم في البادية تساهل كثير في هذا الباب، يعني يذهب العم أخو الأب أو زوج الأم عنده طفل من زوج سابق يذهب يسجله في المدرسة وينسبه إلى نفسه، ويستمر على هذا، وهذا له وقائع، يعني موجود، فما معنى الكفر هنا؟ ((ليس من رجل أدعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر)) وهذا عند أهل العلم كفر دو كفر، كبيرة من الكبائر، أما الانتساب إلى الجد أحمد بن حنبل الجد أب شرعاً {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي} [(38) سورة يوسف] من؟ نعم أجداده، فالجد أب شرعاً، فالأمر فيه سهل، النسبة إلى الأم أيضاً هو ابنها، إذا قيل: عبد الله بن بحينة، وحامل أمامة بنت زينب، هي بنت زينب، ما عدا الحقيقة، لكن الكلام في الاستنكاف من ذكر الأب، هذا الإشكال، حينما يستنكف ما يريد أن يذكره، بينه وبين أمه مشاكل، أو هو ما وجد رعاية وعناية من الأب، وقال: بلاش منه هذا، وش استفدنا منه؟ هذا لا يجوز بحال.

((ليس من رجل أدعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر)) إن استحل ذلك مع علمه، والعلم له يعني منصوص عليه وهو يعلمه، مع علمه بأبيه، ومع علمه بالتحريم، واستحل ذلك، هذا خطر عظيم، وإلا فهو كفر دون كفر ((ومن أدعى ما ليس له فليس منا)) أدعى ما ليس له، هذا الكتاب كتابي، طيب وين كتابك؟ ما هو بكتابك، يدخل في هذا، أدعى السيارة سيارته البيت بيته، المتاع متاعه، أدعى علم ليس له، المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، أدعى أي دعوى ليست له، وهذا الحديث على عمومه ((من أدعى ما ليس له فليس منا)) وهذه ليس على طريقتنا، وليس على هدينا ((وليتبوأ)) هذه لام الأمر، نسأل الله السلامة والعافية، ليتخذ مقعد ومنزل من النار نسأل الله السلامة والعافية؛ لأنه أرتكب أمراً محرماً، وإذا قال في الحديث: "ليس منا" كبيرة نسأل الله العافية ((ومن دعا رجلاً بالكفر)) فقال: فلان كافر، أو يا كافر، أو قال: يا عدو الله ((وليس كذلك إلا حار عليه)) يعني إذا كان المدعى عليه الكفر، أو بأنه عدو لله ليس أهلاً لذلك، يرجع إلى المكفر، يعود الحكم عليه، وهذا خطر عظيم، فالذين يسارعون في إطلاق هذه الأحكام العظيمة الكبيرة على خطر عظيم، وأعظم منهم من يرتب الآثار على هذه الأحكام، ويدخل في هذا دخولاً أولياء من يكفر عموم المسلمين، كالخوارج مثلاً الذين يكفرون مرتكب الكبيرة، إذا كان من أهل العلم ومن أهل النظر ويرى أن فلاناً ارتكب مكفراً وليس له عنده تأويل مقبول ولا سائغ بل معاندة، ما في ما يمنع من إطلاق الكفر على الكافر، بل الذي توقف في إطلاق الكفر على الكافر في خطر عظيم، وأهل العلم يقولون: من شك في كفر اليهود والنصارى كفر إجماعاً، فالمسألة .. ، الاحتياط من الطرفين صعب، فلا يجوز للإنسان أن يسارع في التكفير إلا إذا كان عنده برهان، كفر بواح، ما يحتمل، هذا لا يجوز له أن يتردد فيه، وهل هذا الحكم لآحاد الناس، أو يقتصر لأهل العلم والنظر الذين اكتملت فيهم

الأهلية؛ لأن هذا أمر خطير، وله آثاره، وتترتب عليها أحكام خطيرة جداً، نعم الأمر كذلك، بل هو حكم شرعي لو قيل: إنه لمن يتولى الأحكام في الأموال والدماء ويرتب الآثار، لكن من ارتكب مكفراً معلوم من الدين بالضرورة بواح هذا لا يتردد في تكفيره، أما ترتيب الآثار على ذلك من كونه مرتد، أو يحتاج إلى تنفيذ حد هذا مثل الحدود مثل بقية الحدود هذه للإمام وليست لأفراد الناس، يقول: فلان لا يصلي والعلماء يحكمون بكفره والكافر حكمه القتل، نقول: لا يا أخي، لو صارت المسألة هكذا صارت فوضى، ما صار للإمام قيمة، وللإمام موقع عظيم في الشرع، والافتيات عليه شيء خطير جداً، فله اختصاصاته، ولا يجوز الافتيات عليه بحال، وهذا من خواصه، والإمام يكل الأمر إلى من يحكم، وعليه أن ينفذ، الإمام عليه أن ينفذ، لا يجوز له أن يتساهل في أي حد من الحدود، وإذا بلغت الحدود السلطان فعفا فلا عفا الله عنه، كما جاء في الخبر، لكن أيضاً الشرع وضع له حقوق وعليه حقوق، لكن الافتيات عليه أمر خطير جداً، كيف تنتظم الأمور وكل إنسان سلطان بنفسه، يريد أن يطبق، ويريد أن ينفذ، لا هذه فوضى، والشرع يشدد في مثل هذه الأبواب، المقصود أن مثل هذا يحتاج إلى تثبت وتأني والتوقف والتحري والتثبت هي سمة الحريص على براءة ذمته، نعم إن رأى كفراً بواحاً ما فيه تأويل، وما فيه كذا، ونوقش وأخبر باللوازم والتزم يتحمل التكفير، لكن التكفير لا يأتي من مجرد اجتهادات، أو من خلال فهوم لا تستند إلى نصوص، لا، لا بد من أن يتولى ذلك أهل العلم، والذي ينفذ الآثار المترتبة على الحكم هو من وكل إليه أمر التنفيذ، و ((حار عليه)) يعني رجع عليه، ((وليس كذلك إلا حار عليه)) يعني رجع إليه، نعم .... …

كتاب الرضاع

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب الرضاع الشيخ: عبد الكريم الخضير قال -رحمه الله تعالى-: "كتاب الرضاع" كتاب الرضاع، الرضاع هو ارتضاع اللبن الذي ثاب عن حمل، وهو ما كان في الحولين من المجاعة، والخلاف في رضاع الكبير معروف، الجمهور على أنه لا يحرم، والظاهرية تبعاً لعائشة -رضي الله عنها- تقول: يحرم رضاع الكبير، شيخ الإسلام يقصره على الحاجة، والأصل فيه سالم مولى أبي حذيفة احتيج إلى رضاعه، احتيج إلى إرضاعه فرضع وهو كبير، وأذن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فرضاع الكبير عند الجمهور لا يحرم، والتحريم إنما يكون في الحولين، خمس رضعات، فلا تحرم المصة والمصتان، وإنما المحرم ما كان في الحولين خمس رضعات، ولا بد أن يكون هذا اللبن قد ثاب عن حمل كما يقول الجمهور، لكن إذا وجد لبن من امرأة ليست ذات بعل، وفيه خواص اللبن المغذي لا شك أنه لبن، والمرتضع راضع للبن، وله خواص اللبن إذاً يحرم، لكن الجمهور يقولون حكمهم على الغالب، أنه لا يوجد لبن إلا من حمل، فحكمهم على الغالب، وامرأة عجوزة كبيرة جداً في الثمانين من عمرها، اتصلت تسأل تقول: إنها فيها لبن وأرضعت أكثر من واحد، نقول: إذا كان اللبن فيه خواص اللبن المحرم، فيه خواصه، وما المانع أن يكون له أم بدون أب؟ شريطة أن يكون لبن، ما هو بأي شيء غير اللبن؛ لأنه قد يخرج من الثدي شيء غير اللبن، هذا مشاهد مجرب، يذكره الأطباء، لكن يبقى أنه إذا كان لبن بخواصه فهو محرم. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بنت حمزة: ((لا تحل لي، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة)). حمزة أخ للنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

عمه، لكن أخ له من الرضاعة وإلا لا؟ على أن مقتضى الحديث: ((ابنة أخي من الرضاعة)) نص، ابنة أخيه من الرضاعة، لا تحل له؛ لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، واستثنى بعض أهل العلم صور أربع، أربع صور، وبعضهم استثنى ست صور، لكن الحافظ ابن كثير يقول: "التحقيق أنه لا يستثنى شيء من ذلك؛ لأنه يوجد مثل بعضها في النسب، وبعضها إنما يحرم من جهة الصهر، فلا يرد على الحديث شيء أصلاً ألبتة" يعني لو تأملت الصور المستثناة ليس نظيرها من النسب، إنما نظيرها من المصاهرة، والنص إنما هو فيما يحرم من النسب، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة)). وهذا كسابقه، يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، وهنا يقول: ((الرضاع يحرم ما يحرم من الولادة)) وقد جاء النص في المحرمات {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} [(23) سورة النساء] فجاء النص على التحريم بالرضاعة، لكن لا بد من توافر الشروط، وأن يكون خمساً في الحولين عند الجمهور، نعم، يقول: "وعنها قالت: إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن عليّ بعد ما أنزل الحجاب، فقلت: والله لا آذن لك" بعد ما أنزل الحجاب، ونساء النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء في حقهن فيما يتعلق بالحجاب أشد مما جاء في غيرهن، وإن كان الحجاب مفروض على الجميع {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [(59) سورة الأحزاب] هذه آية في غاية القوة في اللزوم بالحجاب، أو الإلزام بالحجاب، وأن الذي ينادي بنزع الحجاب هو المخاطب في الآية الثانية التي تليها {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ} [(60) سورة الأحزاب] يعني الذين يطالبون بإلغاء الحجاب هم المنافقون، ولذا عقبت هذه الآية بهذه الآية، فالحجاب مفروض على كل مسلمة مكلفة.

"والله لا آذن له حتى استأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني" هي تظن أن الرضاعة خاص بالمرضعة، يعني بين المرتضع والمرضع فقط، ولا يسري إلى ما يسري إليه تحريم النسب "فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس، فدخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت له: إن الرجل ليس هو أرضعني" يعني ما له علاقة "ولكن أرضعتني امرأته" هي ظنت أن الرجل لا أثر له في اللبن، اللبن لبن المرأة وش دخل الرجل؟ "إن الرجل ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته" تبقى العلاقة بين المرتضع والمرضعة، الرجل وش علاقته؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا. "فقال: ((ائذني له، فإنه عمك، تربت يمينك)) قال عروة: ففي ذلك كانت عائشة تقول: حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب" خلاص ما دام هذا عم؛ لأني ارتضعت من زوجة أخيه إذاً حكم، هذا حكم النسب، "حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب، وفي لفظ: استأذن علي أفلح فلم آذن له، فقال: أتحتجبين مني وأنا عمك؟ " من أين جاءت العمومة هذه؟ من كونها رضعت من زوجة أخيه "فقلت: كيف ذلك؟ قال: أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي" يعني هل الزوج له أثر في اللبن؟ نعم له أثر، ولذا يقول العلماء في تعريف اللبن، اللبن الذي ثاب عن حمل، ولا حمل بدون زوج، هذا كلام الجمهور "بلبن أخي، قالت: فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((صدق أفلح، ائذني له، تربت يمينك)) " يعني بعد أن تتأكد أن هناك رضاع، نعم يكون عم " ((ائذني له، تربت يمينك)) أي: افتقرت" من تفسير المؤلف، والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الأمر به، كثيراً ما يقول: تربت يمينك، ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) لا يريدون حقيقة هذا الدعاء وهو المقصود به أن تلصق اليد بالتراب من الفقر، لا تراد حقيقته ((ثكلتك أمك)) هل يراد أنك تموت؟! أحياناً في مساق المدح يقال: ثكلتك أمك، نعم؟ إذاً لا يراد معناه، ولا تريد وقوع الأمر به.

"وعنها -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي رجل فقال: ((يا عائشة من هذا؟ )) " استنكر، والرجل له أن يسأل، إذا استغرب شيئاً في بيته يسأل عنه، نعم لا سيما فيما يتعلق .. ، نبيهٌ في هذا الباب، لكن يحذر كل الحذر من الوساوس والشكوك والأوهام، ولا يبني على مثله أحكام، لكن لا يكون مغفل، يدخل على بيته وهو موجود ونائم، وأحياناً وهو مستيقظ، بعض الناس يبلغ به حد من التغفيل إلى هذا الحد، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((يا عائشة من هذا؟ )) قالت: أخي من الرضاعة، فقال: ((يا عائشة أنظرن من أخوانكن؟ - تأكدنّ- فإنما الرضاعة من المجاعة)) يعني في وقت المجاعة، التي لولا هذه الرضاعة لجاع الطفل، وهو ما كان في الحولين عند الجمهور، وحديث سالم مولى أبي حذيفة يستدل به شيخ الإسلام في جواز رضاع الكبير للحاجة، وهو جزء أو بعض من مذهب عائشة التي تراه محرم مطلقاً، نعم هذا عقبة بن الحارث تزوج أم يحيى بنت إيهاب، فجاءت أمة سوداء، فقالت: قد أرضعتكما، نعم أمة، هل هذه شهادة وإلا خبر؟ خبر يطلب فيه الصدق، ولا تطلب فيه الحرية؛ لأنه فرق بين الخبر والشهادة، على أن بعضهم يقول: وإن كانت شهادة فتقبل شهادة الأمة كما يقبل خبرها؛ لأنها مكلفة، ومطالبة بالتثبت كما تطالب الحرة، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: فأعرض عني، قال: فتنحيت فذكرت ذلك له، تزوج وانتهى، الآن العقد ثبت، فهل يرتفع هذا العقد بمثل قول هذه الأمة؟ المسألة مسألة صدق وكذب، إذا غلب على الظن صدقها، نعم يعمل به، إذا غلب على الظن خلاف ذلك، يعني من الناس من يستأجر ليفسد النكاح هذا، لرغبة في الزوج من قبل بعض النساء، أو لرغبة في الزوجة من قبل بعض الرجال، فإذا وجد مثل هذا الظن، أو إذا غلب على الظن وقوع مثل هذا لا يلتفت إلى الخبر، وإذا خلت المسألة عن هذا وهذا يتثبت؛ لأن المسألة رفع أمر واقع، فلا بد من التثبت فيه، ولذا تنحى أو أعرض عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-، نكاح ثبت نعم، "فتنحيت، فذكرت ذلك له فقال: وكيف وقد زعمت أن قد أرضعتنا؟ في بعض الروايات: كيف وقد قيل؟ لست بحاجة إلى تعيش عمرك كله هل هي أختي أو ليست بأختي؟ نعم إذا

وجد مثل هذا الشك، ووجد مثل هذه الريبة، ووجد مثل هذا، نعم الحكم الشرعي شيء، ثبت العقد الصحيح ما يرفع إلا ببينة، إذا شُك في هذه البينة، إن كان مرد الفرقة ما يراود القلب من أحاسيس ومن أوهام أختي أو ليست أختي؟ هذه كيف وقد قيل؟ اتركها، النساء غيرها كثير، لكن العقد إذا ثبت لا يرفع إلا بأمر بين. نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم-" يعني من مكة، وقصة الهجرة ضبطها البراء بن عازب نقلاً عن؟ أبي بكر؟ القصة في الصحيح، نعم؟ المقصود ما يعنينا من هذا الحديث "قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني من مكة- مهاجراً، فتبعتهم" هذا في الهجرة وإلا في عمرة القضية؟ طالب:. . . . . . . . . لا في عمرة القضية هذا، في عمرة القضية؛ لأن معه علي وجعفر وزيد، يعني الهجرة ما معه إلا أبو بكر، لا هذه في عمرة القضية، نعم هذا الحديث الأخير يقول:

"عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني من مكة، وهذا في عمرة القضية "فتبعتهم ابنة حمزة تنادي: يا عم يا عم" وحمزة أخوه من الرضاعة كما تقدم، "فتناولها علي -رضي الله عنه- فأخذها بيدها" لأنه ابن عمها "وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك" يعني هي قريبة لمن؟ للزوج وقريبة للزوجة، فصار لهما حقان، ابنة عمه، وهي ابنة عمها، فمن الجهتين "فتناولها علي -رضي الله عنه- فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك فاحتملتها، فاختصم فيها علي وجعفر وزيد، فقال علي: أنا أحق بها، وهي ابنة عمي، وأيضاً زوجتي ابنة عمها، وقال جعفر أيضاً: أنا كذلك، ابنة عمي، وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي" لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- آخى بين المهاجرين وهذه منهم، زيد وحمزة من المهاجرين، فآخى بين المهاجرين ثم لما هاجروا آخى بين المهاجرين والأنصار، فبينهما أخوة، بالمؤاخاة "بنت أخي، فقضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لخالتها" نعم وقال: ((الخالة بمنزلة الأم)) قضى بها، الحكم الشرعي صار لمن؟ للخالة بغض النظر عن الرجال كلهم، الخالة بمنزلة الأم، ثم عاد لا بد من تطييب خواطر الرجال "قال لعلي: ((أنت مني وأنا منك، ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)) يعني تطييب الخاطر خلقه -عليه الصلاة والسلام- ((أنت مني وأنا منك)) وقال لجعفر: ((أشبهت خلقي وخُلقي)) جعفر الآن يحتاج إلى أن يطيب خاطره؟ يحتاج ما قضى بها له، القضاء ليس لجعفر وإنما لزوجته التي هي الخالة، فيحتاج إلى تطييب، وقال لزيد: ((أنت أخونا ومولانا)) فالخالة بمنزلة الأم، الأم أحق بالحضانة بقيد أن لا تتزوج، وهذه خالة ومتزوجة، إذا كانت الأم أحق بالحضانة ما لم تتزوج، وهذه خالة تشبه الأم، ليست أم إنما هي بمنزلة الأم ومتزوجة، كيف يكون لها حق في الحضانة؟ لأن زوجها راضٍ، يعني لو لم يرض الزوج قلنا: هذه متزوجة ولا حق لها في الحضانة، فالزواج أثره فيما إذا لم يرض الزوج، فالأم أحق بالحضانة يعني إذا لم يرض الزوج، وعلى كل حال الحضانة حق للمحضون، فيجب أن يراعى فيه الأصلح له، الأصلح للمحضون، ولذا يقرر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه ليست هناك قاعدة مستقرة،

النبي -عليه الصلاة والسلام- خير هذه أمك وهذا أبوك، اختار ما تشاء، نعم، لكن هذا عند اتحاد المصلحة، لكن إذا كان الأب ليس أهلاً للحضانة بيضيع الطفل عنده، يحكم به للأم، إذا كانت الأم ليست بأهل ولا تستطيع حفظ البنت يحكم بها للأب، فيراعى في ذلك حق المحضون ومصلحة المحضون، لكن إذا تساووا فهناك ترتيب، كلهم أكفاء وكلهم أهل للحضانة الأم، الخالة بمنزلة الأم، الجدة أم الأم بمنزلة الأم وهكذا، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب القصاص

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب القصاص (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: اللهم أغفر لنا ولشيخنا وللسامعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب القصاص عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب القصاص الكتاب أيضاً مما سبق التعريف به مراراً في الكتب المتقدمة، كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصيام، الحج، البيوع إلى آخره، لكن لا مانع من أن يذكر بشيء مما يتعلق بهذه المادة، الكتاب والكتب والكتابة مصادر للفعل (كتب) يكتب كتابة وكتباً وكتاباً، والكتب والكتاب والكتابة والمكاتبة أصلها الجمع، أصل المادة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، وجماعة الخيل كتيبة، وهذا تسمعونه كلام مكرر يعني، ومنه الكتاب والمراد به اسم المفعول المكتوب الجامع للمسائل العلمية، والذي بين يدينا يجمع مسائل القصاص، فالمصدر يراد به اسم المفعول، كالحمل يراد به المحمول، والكتاب هنا المراد به المكتوب الجامع لمسائل القصاص، والكتاب كما يقول أهل العلم: من المصادر السيالة التي تحدث شيئاً فشيئاً؛ لأن الكتاب إنما يحصل شيئاً فشيئاً باجتماع الحروف والكلمات، ثم الجمل، ثم الأسطر ثم الصفحات ثم يكون كتاباً، ومثل ما ذكرنا يراد به اسم المفعول الجامع لمسائل هذا الفن، ويراد به هنا القصاص.

والقصاص مأخوذ من القص وهو القطع، أو من اقتصاص الأثر، وهو تتبع أثر الجاني للعثور عليه ليقص فيقطع، والقصاص سواء كان في النفس أو في الطرف من محاسن هذه الشريعة الكاملة التي كملها الله -جل وعلا- في آخر حياة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، التي هي ليست بحاجة إلى مزيد أو مزيج أو إدخال دخيل عليها فهي كاملة، وما وجد الخلل في المجتمعات الإسلامية إلا بعد أن تخلوا عن تطبيقها بحذافيرها، أخذوا منها ما يريدون، وتركوا ما لا يريدون فحصل الخلل، وتنكدت الحياة، ولذا نجد في مثل هذه البلاد التي تطبق فيها هذه الأحكام، ويتفيأ الناس فيها ظلال الأمن بسبب تطبيق هذه الشريعة، ولا يصاب الناس في أبدانهم ولا أموالهم ولا في أديانهم ولا في عقولهم إلا بسبب تخليهم عن هذا الدين، والحصة بالحصة، يعني إذا كان الخلل كبيراً، الإخلال بالدين إذا كان كبيراً كان الخلل في جميع نواحي الحياة كبيراً، وانظر ترى عن يمينك وعن شمالك فالله المستعان، والقصاص كما ذكرنا من محاسن هذه الشريعة، فلولا هذا القصاص الذي يوقف الجناة عند حدهم لرأيت الناس كالوحوش؛ لأن كل إنسان بحاجة إلى ما بيد الآخر، ويريد الحصول عليه بحق أو بغير حق، وهذه الحاجة حلتها الشريعة ولله الحمد بالمعاملات والعقود المباحة، ورتبت على ما يخالف هذه الحلول الشرعية عقوبات، إنسان يريد مال يبيع ويشتري يزرع يحرث، السبل -ولله الحمد موجودة- الشرعية، لكن يأخذ من مال غيره يسرق تقطع يده، وإلا صارت الدنيا فوضى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(179) سورة البقرة] نعم حياة، قد يقول قائل: القصاص موت ما هو بحياة، القصاص موت قتل فكيف يكون حياة؟! نقول: نعم حياة، شخص اعتدى على آخر فقتله قُتل القاتل انتهى الإشكال، لكن لو ترك هذا القاتل، ترك من غير رضا المجني عليهم، وإلا العفو بابه معروف في الشرع، تقرير الدية معروفة في الشرع، العفو أيضاً إذا كان بطيب نفس من أولياء المقتول ما صار له أثر، لكن يقتل ويعفى عنه من غير طريق أولياء المقتول المجني عليه، هنا يأتي الموت، وهنا يأتي الدمار؛ لأنه لا يكتفى بقتل واحد؛ لأن المجني عليهم ينتصرون ويثأرون، فيقتلون، ثم يقتل منهم، ثم يقتل من أولئك، وتعم

الفوضى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(179) سورة البقرة] نعم يموت واحد لا بأس، في سبيل إقامة الأمن والعدل بين الرعية، من أمثال العرب التي يتداولونها ويرونها في غاية البلاغة: "القتل أنفى للقتل" هذا صحيح، كلام صحيح أنفى للقتل، قد يقول قائل: كلام متناقض، كيف قتل أنفى للقتل؟! نعم أنفى للقتل؛ لأنه لو ترك القاتل قتل بسببه مائة يمكن، أو ثارت حرب بين قبلتين وانتهوا، ألوف يقتلون، لكن لما شرع القصاص كل وقف عند حده، ترون الأمة على مر الدهور بتطبيق الشريعة الإسلامية ما يحتاجون إلى الاحتياطات التي تجعلها الدول الآن، نصف ميزانياتها لحفظ الأمن، ونصف ميزانياتها للمباحث وغيرها من أجل حفظ الأمن، لكن لو أقيمت الحدود كما هي ما احتجنا إلى شيء من هذا، {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(179) سورة البقرة] وأهل العلم قارنوا بين هذه الآية وبين المثل العربي: "القتل أنفى للقتل" وأثبتوا بلاغة القرآن من وجوه على مثلهم وهو بليغ، لكن الآية أبلغ من وجوه متعددة ليس هذا موضع بسطها. في الحديث الأول يقول: عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل دم امرئ مسلم)) دم امرئ مسلم يعني معصوم الدم، المسلم معصوم الدم لا يجوز قتله، ولا يحل إراقة دمه إلا بأحد الأمور الثلاثة، والقتل شأنه عظيم كما سيأتي في الحديث الثاني ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)).

((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله)) هذا تفسير للإسلام، وهي الغاية التي يكف عندها يعني القتل والقتال ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله)) يشهدوا أن لا إله إلا الله تفسير للإسلام ((وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيبَ الزاني)) وإن شئت فقل: الثيبُ، فالثيب بدل بعض من الثلاث فتكون مجرورة، وإن قدرت مبتدأ محذوف قلت: هي الثيب الزاني ((والنفس بالنفس، والتارك لدينه)) إلى آخره، يعني ما فيه قتل إلا بهذه الثلاث؟ إلا بهذه الثلاث؟ ((إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، النفس بالنفس، التارك لدينه المفارق للجماعة)) طيب الساحر حكمه؟ القتل، نقول: هذا رابع وإلا داخل في التارك لدينه؟ داخل، طيب تارك الصلاة؟ نعم؟ تارك الصلاة عند من لا يقول بكفره، عند من يقول: إنه يقتل حد، يعني هل المراد بترك الدين بالكلية، أو ترك التدين والخروج على بعض أحكامه؟ لأنه قد يقول قائل: هناك مسائل كثيرة يقتل فيها المسلم، وإن لم يترك الدين بالكلية، فهل نقول: إن هذا الحصر لا يحل إلا، أسلوب حصر في الثلاث، هل نقول: إن هذا حصر حقيقي، بمعنى أنه لا يوجد غير الثلاث، وأن ما وجد يمكن إدخاله وإدراجه في الثلاث؟ أو نقول: هو حصر إضافي وهناك قتل في غير المسائل الثلاث لكن هذه الثلاث هي أهم ما يقتل فيه المسلم؟ قتل اللوطي عند من يقول بقتله هل نقول: إنه يدخل في الثيب الزاني، وإذا قلنا هذا نقول: اللوطي إذا كان غير محصن لا يقتل؟ أو نقول: إن هذا قدر زائد على ما جاء في حصر الحديث، وأنه أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا قتل إلا في هذه الأمور الثلاثة، ثم زيد على ذلك من أحكام شرعية؟ من أهل العلم من قال: إن كل صور القتل تندرج في الثلاث، اللوطي يندرج في الزاني، وغيره من صور القتل تندرج في هذا، ومنهم من يقول: لا تندرج، إنما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الأمور الثلاثة، ثم زيد عليها أحكام، يعني نظير ما قيل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) وبالاستقراء تبين أن الذين تكلموا في المهد سبعة، يعني من الشراح من قال من أساء الأدب حقيقة، أساء الأدب وقال: في هذا الحصر نظر، هذا

ينظر في كلام من؟ كلام من لا ينطق عن الهوى، هذه إساءة أدب. الثيب من وطء في نكاح صحيح، يعني وطء وطأ شرعياً في نكاح صحيح، وعلى هذا لو تكرر الزنا من شخص لم ينكح نكاحاً صحيحاً فهو بكر، يستمر بكر، ومن تزوج امرأة ليلة واحدة ثم طلقها، وعاش بقية عمره أعزب هذا ثيب، فهذا ضابط الثيب، عند أهل العلم فمن وطء بنكاح صحيح وحكمه الرجم، حكمه الرجم، ورجم النبي -عليه الصلاة والسلام- في قضايا، في خمس قضايا، في خمس قضايا ثبت الرجم، وثبت المنسوخ تلاوته والباقي حكمه: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة" ويأتي من يبرر لما يعيشه المسلمون وما يزاولونه من فواحش، يقول: يا أخي في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وقع الزنا، نقول: في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- في ثلاثة وعشرين سنة، خمس قضايا، لكن كم يحدث اليوم –الآن- من جرائم، يعني لا تصور العصمة في المسلمين كلهم، لكن هذه ليست بحجة، وقع خمس قضايا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- يقال: المجتمع لا بد أن يقع منه ما يقع، ويدعونا هذا إلى التساهل في أمر هذه الجريمة وانتشارها، ولا شك أن انتشار هذه الفاحشة مؤذن بخطر عظيم، ولذا جاء حكمه في الشرع أنه يرجم حتى يموت.

((الثيب الزاني، والنفس بالنفس)) {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [(45) سورة المائدة] فمن قتل قُتل، ((والتارك لدينه، المفارق للجماعة)) هل نقول: إن المراد بالدين مجموع الدين، بمعنى أنه يفارق الدين بالكلية فيرتد، جاء في حق المرتد ((من بدل دينه فاقتلوه)) فهل هو التارك الموجود عندنا أو التارك للدين أعم من أن يكون مرتداً أو خارجاً عن بعض شرائع الدين مما يوجب القتل كترك الصلاة مثلاً؟ لا شك أن المرتد يقتل، وهل يقتل رجلاً كان أو امرأة مع قوله -عليه الصلاة والسلام- ونهيه عن قتل النساء؟ نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن قتل النساء، هل نقول: إن النهي عن قتل النساء مخصص لعموم ((من بدل دينه فاقتلوه)) فالمرأة إذا ارتدت لا تقتل؟ أو نقول: تقتل لعموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من بدل دينه فاقتلوه))؟ والنهي عن قتل النساء خاص بالقتال؛ لأنه وجد امرأة مقتولة، فنهى عن قتل النساء -عليه الصلاة والسلام-، وعموم حديث: ((نهيت عن قتل المصلين)) قد يصلي ويقتل لماذا؟ لأنه ثيب وزنى مثلاً، أو قتل مسلماً وهو يصلي فيقتل فـ ((نهيت عن قتل المصلين)) عام مخصوص بما جاء من النصوص التي تقتضي قتل من ارتكب ما يوجب القتل، بالنسبة التارك لدينه هذا المرتد ما فيه إشكال، داخل دخولاً أولياً في هذا الحديث، ومنصوص عليه بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من بدل دينه فاقتلوه)) نأتي إلى المرأة هل تقتل أو لا تقتل إذا تركت الدين وفارقت الجماعة وارتدت؟ تقتل أو ما تقتل؟ تقتل، إذاً عندنا ((من بدل دينه فاقتلوه)) عام في الرجال والنساء خاص بالمرتدين، طيب النهي عن قتل النساء عام في الأصليات والمرتدات، لكنه خاص بالنساء، إذاً يكون بين النصين عموم وخصوص مطلق أو وجهي؟ عموم وخصوص وجهي، بمعنى أن ((من بدل دينه فاقتلوه)) عام من وجه خاص من وجه، عام في الرجال والنساء؛ لأن (من) من صيغ العموم، لكنه خاص بالمرتدين، والنهي عن قتل النساء عام في الأصليات والمرتدات، لكنه خاص بالنساء، فبينهما عموم وخصوص وجهي، كيف نفعل إذا وجد مثل هذا التعارض؟ يعني إذا وجدنا العموم والخصوص المطلق ما عندنا مشكلة، يحمل العام على الخاص وينتهي

الإشكال، لكن إذا كان العموم والخصوص وجهياً فماذا نصنع؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . إذا لم يستطع، هنا كيف نعمل بالنصين؟ كيف نعمل بالنصين هنا؟ نقول: إذا أرتد الرجل قتلناه، وإذا ارتدت المرأة ماذا نصنع؟ نعم؟ تقتل والنهي عن قتل النساء؟ ما علمنا بالنصين إذاً، نعم؟ كيف؟ تقتل، إذاً ما علمنا بالحديث الذي يدل على النهي عن قتل النساء، إحنا قدرنا أنه عموم وخصوص وجهي، لو كان مطلق ما عندنا مشكلة، نحمل العام على الخاص وينتهي الإشكال، لكن إذا قلت: عموم ((من بدل دينه فاقتلوه)) يشمل النساء، وش المانع ما يشمل النساء؟ تقول: هذا الكلام، لكن القائل الآخر الطرف الآخر من الحنفية مثلاً النهي عن قتل النساء خاص، نخصص به حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) ويقول الطرف الآخر من الحنابلة والشافعية والمالكية يقولون: النهي عن قتل النساء عام، وحديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) خاص بالمرتدين، ودعوى هذا ليست بأولى من دعوى هذا، وعلى كل حال في مثل هذه الصورة نحتاج إلى مرجح خارجي، كيف مرجح؟ ومن أين نأتي بمرجح خارجي؟ نقول ((من بدل دينه فاقتلوه)) هذا عموم صحيح، والعموم أضعف من الخصوص، لكن عموم هذا الحديث أقوى من عموم حديث النهي عن قتل النساء، كيف صار أقوى؟ لأن عموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) محفوظ، ما دخله من المخصصات إلا محل النزاع، محل الدعوى، المرأة إذا ارتدت، لكن عموم النهي عن قتل النساء محفوظ وإلا مخصوص بمخصصات كثيرة؟ مخصوص بمخصصات كثيرة، مقتضى النهي عن قتل النساء أن المرأة لو قتلت ما تقتل، عمومه هكذا، لكن هل هذا صحيح؟ هذا جاء بنصه، نعم منصوص على قتل المرأة إذا قتلت، والمرأة إذا زنت وهي محصنة ترجم وإلا ما ترجم؟ ((اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) ترجم، المرأة إذا كانت ساحرة مثلاً تقتل وإلا ما تقتل؟ جاء قتل الساحرة.

المقصود أن عموم حديث النهي عن قتل النساء دخله مخصصات كثيرة، وعموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) ما دخله إلا مسألة المرتدة هذه وهي محل النزاع فتخرج، فيبقى لنا عموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) محفوظ، وعموم ((نهيت عن قتل النساء)) مخصوص، والعموم المحفوظ أقوى من العموم المخصوص، فيقدم عموم هذا على عموم هذا فتقتل المرأة إذا ارتدت، ويبقى النهي عن قتل النساء في مورده، وهو إذا ما كانت في حرب مثلاً، نساء الكفار يقتلن وإلا ما يقتلن؟ في حال الحرب ما يقتلن، إلا إذا تدرع بها، تترس بها الكفار، أو كان امرأة لها أثر في القتال، يعني شاركت في القتال، فالمقصود أن المرأة إذا تركت الدين، وفارقت الجماعة تقتل إذا ارتدت، كما تقتل إذا زنت، كما تقتل إذا قتلت، طيب الخوارج ((يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)) مقتضى المروق المفارقة؛ لأن السهم يفارق، الذي يمرق يفارق، فهم يمرقون من الدين، لكن هل المقصود بالدين الإسلام بمعنى أنهم يخرجون عن الإسلام، أو يخرجون عن التدين، وإن لم يخرجوا عن الإسلام بالكلية؟ هما قولان مشهوران لأهل العلم، فعلى هذا هذا الحصر تكون هذه أمور المنصوص عليها أمور كلية يندرج تحتها صور تقتضي القتل، والحصر سواء قلنا: إنه حقيقي بمعنى أنه لا يوجد إلا هذه القواعد المذكورة، ويندرج تحتها فروع، أو نقول: إن هذا حصر إضافي وزيد عليه بما جاء في النصوص الأخرى مما يقتضى القتل، أهل العلم ينصون على أن أهل بلد لو تركوا شعيرة من شعائر الدين ما يكفرون، لو تركوا الآذان مثلاً، أو اتفقوا على ترك صلاة العيد لا يكفرون، لكن يقاتلون، يعني وإن قالوا: لا إله إلا الله؛ لأن ما تركوه من حق لا إله إلا الله. الحديث الثاني. عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)).

الحديث الثاني:: عن ابن مسعود أيضاً، والعادة عند أهل المختصرات إذا رووا أحاديث عن صحابي واحد، صرحوا باسمه في الموضع الأول، وكنوا عنه بالضمير في الموضع الثاني، يقولون: وعنه -رضي الله عنه-، هذا هو الأصل "وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)) " وذلكم لعظم شأن الدماء، هذا بالنسبة لحقوق العباد، وأما بالنسبة لحقوق الله تعالى فأول ما ينظر فيه من عمل العبد إيش؟ الصلاة، هذا بالنسبة لحقوق الله جل وعلا، وأما بالنسبة لحقوق العباد فالدماء، لأن الاعتداء على بدن الإنسان شأنه عظيم، والقتل موبقة من الموبقات، موبقة نسأل الله السلامة والعافية، وقد جاء في الشرائع حفظ الضرورات الخمس، ومنها حفظ النفوس، ومن قتل دون نفسه فهو شهيد، فالقتل شأنه عظيم في الشريعة، ولذا جاء في الحديث الصحيح ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) يعني بأدنى اعتداء سواء كان باللسان أو باليد فكيف القتل؟ ولا يزال المرء في فسحة من دينه حتى يصيب دماً حراماً، وقرن القتل بالشرك {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة الفرقان] فالقتل شأنه عظيم، كما أن الشرك شأنه أعظم، وقل مثل هذا في الزنا، فمن الضرورات الخمس حفظ النفس، فالذي يعتدي على النفس يرد فيه مثل هذا، والمقتول يأتي يوم القيامة ويطلب من الله -جل وعلا- أن يسأل القاتل بما قتله، ومن النصوص التي جاءت في تعظيم شأن القتل، القتل ترى ألف فيه مؤلفات، تعظيم شأنه في الشرع، من نصوص الكتاب والسنة، وأعظم ما جاء فيه آية النساء {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} [(93) سورة النساء] نسأل الله العافية، مع الخلود والغضب ووعيد شديد في شأنه، نسأل الله السلامة والعافية، يعني حقوق الله -جل وعلا- التوبة منها يعني أمرها ميسور، يعني بإمكان الإنسان أن يتوب ويمحى الأثر، لكن شأن القتل، وإزهاق نفس مسلمة تعبد الله -جل وعلا-، وما يترتب على إزهاقها من يتم الأطفال، وإرمال النساء، كارثة من

الكوارث، يعني إذا كان الإنسان فليتصور الإنسان مصيبة أولاده به، أو مصيبته في أحد أبنائه فيضع الإنسان المسلم نصب عينيه، تصور شخص له ولد يلعب في الشارع ثم جاء الخبر بأنه صدمته سيارة، وجاء صاحب السيارة وحمله إلى المستشفى، الدقائق بين علمه ووصوله إلى المستشفى يعني الأب أو الابن أو الأم، كيف يتصورها الإنسان؟ وقد تكون الصدمة خفيفة ويجده يعني يحتاج إلى شيء من العلاج الخفيف وينتهي، لكن تصور الدقائق التي يعيشها في تلك اللحظات، المسألة ليست بالسهلة، ولعظم هذا الأثر جاء تعظيم شأن الدماء ((زوال الدنيا بكاملها أسهل عند الله من إراقة دم مسلم)) فليس الأمر بالهين في أن يزهق دم مسلم، سواء كان باجتهاد، أو باعتداء وظلم وعدوان، فالمسألة ليست بالسهلة، ولذا جاء في الخبر ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)) لأن شأنها عظيم، أيضاً مما عظمه الشرع حفظ الأديان، تصور إنسان عابد من العباد يأتي شخص من شياطين الإنس يصرفه عن دينه، ويحليه إلى مجرم، أو يحمله على الردة، كارثة هذه من أعظم المصائب، ولذا جاءت الشرائع بحفظ الأديان كحفظ الدماء والأنفس، وقل مثل هذا في بقية الضرورات، نعم. عن سهل بن أبي حتمة -رضي الله عنه- قال: انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذٍ صلح، فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه، ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((كبر كبر)) وهو أحدث القوم فسكت، فتكلما فقال: ((أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم؟ )) قالوا: كيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: ((فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم؟ )) فقالوا: كيف نأخذ بأيمان قوم كفار؟ فعقله النبي -صلى الله عليه وسلم- من عنده. وفي حديث حماد بن زيد: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته)) قالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف؟ قال: ((فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم؟ )) قالوا: يا رسول الله قوم كفار، فوداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبله.

وفي حديث سعيد بن عبيد فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن سهل بن أبي حتمة -رضي الله تعالى عنه- قال: انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود" ابن عمه "إلى خيبر، وهي يومئذٍ صلح" يعني في وقت صلح وهدنة "فتفرقا" كل منهما ذهب في شأنه، هذا إلى جهة وذلك إلى جهة، عبد الله بن سهل ومحيصة "فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً" قتل "فدفنه، ثم قدم المدينة" ولا أنكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما قال: لماذا دفنته؟ ما انتظرت حتى تنتهي القضية؟ دفنه؛ لأن جنازة المسلم لا بد من التعجيل بها، لكن إذا اقتضت المصلحة تأخير الدفن بما تتطلبه القضية من بحث في أدلة جنائية، أو ما يعين على معرفة القاتل فلا بأس، المقصود أنهم ما عندهم آلات تدل على شيء من ذلك، ولا تحاليل ولا .. ، عندهم قواعد شرعية مقدمات ونتائج، وهذه طبيعة القضاء الشرعي، نتائجه مبنية على مقدمات شرعية. "فدفنه، ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-" فيتقص لهم من قاتله، لعل الوحي ينزل عليه فيعين له القاتل، لعل الوحي ينزل عليه، هذا تصورهم، فيقتل القاتل، لكن ما الذي حصل؟ الشرع ليس لوقت معين أو لحقبة واحدة، ليس لزمن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني إذا عين قاتل هذا المقتول فمن يعين من قتل من بعده؟ بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا شك أنه مؤيد بالوحي، لكنه بشر يقضي على نحو ما يسمع، بشر قدوة وأسوة للحكام وللقضاة الذين أنى لهم بالوحي بعد موته -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو أوحي إليه: إن القاتل فلان، لكن اللي يقتل بعده بعد وفاة النبي من؟ كيف يتعامل معه؟ هذا تشريع.

"إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذهب عبد الرحمن يتكلم" لماذا؟ ما الذي جعله يتكلم الأول؟ لأنه أخ للقتيل، هو صاحب الدم، لكن السن له قدر في الشرع عندنا، وهذا أدب شرعي أن جعل للكبير ميزة على الصغير، لما ذهب يتكلم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((كبر كبر)) والحكم الشرعي سواء استعجلت أو بادرت أو تأخرت لم يختلف، ولذا بعض الناس في بعض المواطن يتصرف تصرفات يظنها تنفعه في قضيته، وهي بالعكس تضره، في مجالس القضاء يسمع بعض الكلام الذي لا يخدم القضية، ما له قيمة في القضية، بل قد يضر، فعلى الإنسان أن يتبع القواعد الشرعية، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((كبر كبر)) يعني اترك الكبير يتكلم قبلك، وهذا من الأدب الشرعي أن لا يتقدم الصغير بين يدي الكبير، وقل مثل هذا في جميع الأبواب، حتى في إمامة الصلاة، فأقدمهم سناً، فالكبر له شأن في الشريعة، فيقدم الكبير، ويحترم الكبير، ويحنى على الصغير، ويعطف عليه، لا بد من أن تسود هذه الروح بين أفراد المجتمع الإسلامي، الصغير يحترم الكبير، ولا يتقدم بين يديه، وبالمقابل أيضاً الكبير يعرف حق الصغير، وله شأنه، وهناك أمور لها قدر في الشرع، فأحياناً الجهة إذا كان عن جهة اليمين، إذا تعارض أكثر من جهة تستحق التقديم، صغير على الجهة اليمنى وكبير على الجهة اليسرى، ينظر في هذه الأمور التي تقتضي التقديم، ويوازن بينها ويرجح، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما شرب أعطى الصغير، أعطى ابن عباس، أبو بكر عن يساره، لما شرب أعطى الأعرابي، أبو بكر عن يساره وهو الكبير، فملاحظة مثل هذه الأوصاف ما لم يترتب الناس، أما إذا ترتبوا فليبن، مقدم في الشرع، فمثل هذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كبر كبر)) فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يوجه أمة، يعني قد يقال: هذا منكوب المسكين أخوه مقتول دعوه يتكلم، هذا صاحب الشأن، نقول: تبقى؛ لأن القواعد الشرعية تمضي على أي ظرف وعلى أي حال، والعجلة ما تخدم، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما بعث علي -رضي الله تعالى عنه- إلى خيبر، حال حرب الناس تطيش عقولهم، في أقل من الحرب الناس تضيق عقولهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أنفذ على رسلك)) العجلة ما

تأتي بشيء، التأني هو الذي يجعل في الغالب النتائج حميدة، والرفق في الأمور كلها ما دخل إلا زان الشيء، والله -جل وعلا- رفيق يحب الرفق، والعجلة من الشيطان، فعلى الإنسان أن يستعمل هذا الأدب الشرعي في جميع أحواله، ويحمد العاقبة.

" ((كبر كبر)) وهو أحدث القوم" يعني أصغرهم سناً "فسكت" لأنه مسلم، مؤمن، ما دعته نفسه الأمارة أن يقول مثل ما قالت المرأة: إنك لم تصب بمصابي، أو مثل ما قال الأنصاري: إن كان ابن عمتك، لا، سكت "فتكلما" حويصة ومحيصة "فقال: ((أتحلفون؟ )) " لما أخبروا النبي -عليه الصلاة والسلام- بالواقعة فقال: ((أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم؟ )) هذه القسامة، والحديث أصل في مشروعيتها، إذا وجد قتيل بين قوم لا يعرف القاتل بعينه، وهناك لوث يغلب على الظن أن القاتل فلان، فمع هذا اللوث يعني وجد ما يدل على خلاف بينه وبين فلان، أو توعده، أو حصل بينهم إشكال، فإذا وجد مثل هذا يتجه القول بالقسامة ((أتحلفون وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم؟ )) دم، يستدل به من يقول: إنه إذا تمت القسامة وحلف أولياء الدم أن فلاناً قتله يستحقون قتله، يستحقون دمه، ويقتل بهذا، ومنهم من يقول: إن القسامة تقرر الدية لا تقرر القتل، " ((وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم؟ )) قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟! " نعم المسلم يحترم اليمين، ولا يجعل الله عرضة ليمينه، ما رأى ولا شهد كيف يحلف؟ وإن كانت مصيبته مصيبة، المسألة قتل، وأيضاً المدعى عليه ليس بمسلم؛ لأن بعض الناس يقول: ما دام ما هو بمسلم سهل، احلف والخسارة وش هي؟ كافر كافر، وش يقتل؟ الأمر هين، نقول: لا يا أخي هذا شرع، له مقدماته وله نتائجه؛ لأن بعض الناس يقول: ما دام الشخص مؤذي نشهد عليه يؤدب ويعزر ولو ما حصل شيء، الغايات لا تبرر الوسائل، أنت ودك فلان والله يؤدب اضبط عليه ما يقتضي تأديبه، أما تقول: والله أشهد عليه أنه حصل، أو فعل أو ما فعل علشان يؤدب ما هو بصحيح، شهادة زور هذه، وإن كان المشهود عليه مستحق من جهة أخرى، تقول: والله فلان جارنا ولا يصلي وآذنا وأتعبنا، لماذا لا أشهد عليه بأنه فعل كذا، أو قال كذا مما يقتضي ردعه وتأديبه والله المستعان كله واحد، إن أُدب هنا أو أُدب هنا؛ لأن بعض الناس قد يتصور هذا، يقول: إن كان القصد الصلاة ما هو بمأخذ حق الله منه، نشهد عليه أنه تكلم كلام يعني يقتضي سجنه أو أدبه أو شيء وهو مستحق، نقول: لا يا أخي لا يجوز لك أن تفعل هذا، ولذا قالوا: كيف نحلف ولم

نشهد ولم نر؟ والمشهود عليه يهودي "قال: ((فتبرئكم يهود بخمسين يميناً)) قالوا: وكيف نأخذ بأيمان قوم كفار؟ " يحلفون وش المانع؟ الكافر يحلف، طيب أنتم ما أنتم بحالفين، ولا تقبلون أيمانهم وش نسوي؟ يعني ليس من الصعب يعني من الميسور جداً أن ينزل الوحي ويقول: إن القاتل فلان، لكن من للقضايا التالية إلى قيام الساعة، لو لم ينزل هذا النص، فإما أن تحلفوا وتستحقون، وإما أن تتبرأ اليهود أو المدعى عليهم بأيمان خمسين، وتنتهي القضية، ومع ذلكم لم يحلفوا، نكلوا ورفضوا قبول أيمان اليهود، الأصل أن يقول: خلاص انتهت القضية، لكن كره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يبطل دم مسلم "فوداه بمائة من إبل الصدقة" لأن دم المسلم محترم، هنا ما فيه لوث، وإن كان من عادة اليهود الغدر، ومن عادتهم قتل الأنبياء فضلاً عن الصالحين، لكن الأمور العامة لا تقتضي الحكم الخاص، هل يقول قائل: إن اليهود اجتمعوا عليه وقتلوه؟ نعم؟ هم أهل غدر وقتلة الأنبياء، اجتمعوا عليه فقتلوه، ما يمكن يقال هذا؟ إذاً كيف تتهم شخص بعينه أنه قتله من بين قوم اتصفوا بوصفه وهو الغدر؟ شوف العدل في الشريعة مع الموافق والمخالف، لكن بالمقابل أحياناً يجد الإنسان نفسه لا مفر له من الاعتراف وهو برئ، يعني عكس هذا، شخص يذبح ذبيحة في خربة بالأجرة، جزار هو، فلما خرج والسكين تقطر دم إلى عند باب الخربة هذا شخص يتشحط في دمه، قبضوا عليه قالوا: أنت قتلته، يستطيع أن يتنصل أو ينكر؟ السكين مشهورة، والدم مقطور منها، والرجل يتشحط في دمه، هذه ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في الطرق الحكمية، أخذوه وحكم عليه لأنه هو القاتل، لكن هل يجوز له بأن يعترف بأنه هو القاتل أو لا بد أن ينكر؟ يقول ابن القيم أخذوه وحكم عليه بالقتل، ولما أريد التنفيذ خرج شخص من بين المتفرجين، وقال: أنا الذي قتلته، فلان بريء منه، فأنقذه الله -جل وعلا-، لكن قد لا يجد من ينقذه، فعلى الإنسان ألا يعرض نفسه إلى مواقع التهم، ولا بد للإنسان أن يستبرئ لدينه وعرضه، فلا يعرض نفسه لمواقع التهم، هذه نقيض ما عندنا، مقتول ما عُرف قاتله، وعندنا يضيع دمه؟ ما يضيع، يودى من بيت المال "فعقله النبي -صلى الله عليه وسلم- من

عنده" وفي حديث حماد بن زيد فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((يقسم خمسون منكم على رجل منهم)) على رجل القاتل واحد، فيدفع برمته، الرمة الأصل فيها الحبل الذي يقاد به الشخص، أو تقاد به البهيمة لتسلم بكاملها إلى من يطلبها، قالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف؟ كيف نحلف على شيء ما شهدناه؟ قال: ((فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم)) قالوا: يا رسول الله قوم كفار، يعني ما يترددون، نعم إذا صارت مثل هذه القضية بين مسلم وكافر، المسلم ما عنده بينة، يعني أقرض كافر مبلغ من المال فلم يحضره أحد ثقة به، يهودي وإلا نصراني وإلا مستأمن، أقرضه مبلغ من المال، أو له عليه معاملة، ثم بعد ذلك أدعى عليه فأنكر، أين بينتك؟ أين البينة؟ والله ما عندي بينة الثقة موجودة، وما توقعت أنه يبي ينكر، إذاً يحلف، البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، كافر يبي يحلف، وش تبونا نقول؟ فهنا يأتي دور القاضي وحذق القاضي، والقضاة من كثرة ما يمر عليهم من مثل هذه المسائل يكشفون الحق في الغالب، عرض قضية على واحد من القضاة في البحرين، قبل ستين أو سبعين سنة، شخص من الذين يعبدون البقر عنده وديعة لمسلم فجحدها، فجيء به إلى القاضي، فقال: هات البينة يقول للمسلم، قال: ما عندي بينة، قال: إذاً يحلف، قال: وش يحلف؟ عبد البقر يحلف؟ لو تبيه يحلف .. ، دعه يحلف بالبقرة، يشرك علشان حطام الدنيا، نقره على شركه من أجل حطام الدنيا ما يمكن، لكن الشيخ جاء بسكين، وقال للمدعى عليه: اقبضها بيدك، وشهرها هكذا فقال: ورب البررة، قال: ورب البررة، ما عنده مشكلة، يحلف بالله -جل وعلا-، مهلك الفجرة، ما عنده إشكال؛ لأنه ما يظن نفسه فاجر هو، لئن كان صادقاً لأخذن هذه السكين وأذبح البقرة، قال: لا، لا، أنا مالي أدفع وبقرة ما يذبح، وهو كافر، كافر واعتز بدينه الباطل، ولم يجعل معبوده عرضة لمثل هذا، ومع الأسف الشديد أن بعض المسلمين يحلف الأيمان المغلظة، والأيمان الغموس، ومن أيسر الأمور أن يقول: الله، وبلى والله، وتالله، على أيسر الأشياء مع النهي عن ذلك، فعلى المسلم أن يحفظ يمينه، لكن إذا حلف المسلم الذي ليس من عادته امتهان اليمين، فإبرار المقسم من حقوق المسلم على المسلم،

وعلى كل حال الحديث أصل في القسامة، وهي أن يوجد قتيل بين قوم لا يدرى القاتل بعينه، ولا بد من وجود اللوث، يوجد قرينة ترجح أن فلان قتل، ومع ذلكم على المسلم أن يحفظ يمينه، ولا يجعل الله عرضة ليمينه، فيتحرى فيها كما تحرى أولياء الدم في هذه القصة، نعم. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن جارية وجد رأسها مرضوضاً بين حجرين، فقيل: من فعل هذا بك؟ فلان، فلان، حتى ذكر يهودي فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فاعترف، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرض رأسه بين حجرين. ولمسلم والنسائي: عن أنس -رضي الله عنه- أن يهودياً قتل جارية على أوضاح فأقاده بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. في هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن جارية وجد رأسها مرضوضاً بين حجرين، فقيل: من فعل هذا بك؟ لا تستطيع الكلام، ولا تستطيع التصريح باسمه ولا بوصفه، إنما تحرك بعض أطرافها، تحرك رأسها، عرض عليها أسماء يظن بهم أنهم قتلوها، فلان؟ أومأت برأسها، لا، فلان؟ فلان؟ كلهم تقول: لا، قالت أشارت برأسها أن نعم، فلان الذي قتلها، وهذه لا تزال في حيز الدعوى، دعوى هذه، يكفي هذا في إقامة الحد عليه؟ لا يكفي، لكن هذه قرينة تعطي طرف الخيط "فأخذ اليهودي فاعترف" أخذ غرر فاعترف "فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرض رأسه بين حجرين" ولمسلم والنسائي: عن أنس أن يهودياً قتل جارية على أوضاح" الأوضاح الحلي، وبعضهم يقول: من فضة، وبعضهم يقول: هي الخلاخيل التي تجعل في الرجلين "فأقاده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فإنما أخذ بإقراره واعترافه لا بدعواها، وإنما دعواها جعلت قرينة على القاتل، يعني تغلب الظن، لكن لا بد من اليقين، وهنا لما أخذ وقرر اعترف، طيب قد يقول قائل: لو لم يعترف هل يتحايل معه حتى يقر؟ وهل يضرب أو تستعمل معه القوة حتى يقر؟ من أهل العلم من يرى أنه إذا اتجهت التهمة إليه، وقوي في غلبة ظن القاضي أنه يفعل مثل هذا، يعني قامت القرائن والأدلة على أنه يفعل مثل هذا تستعمل معه القوة حتى يقر ويعترف، ولا يؤخذ إلا بإقراره هو، وهنا لما ذكرت أن فلاناً هو الذي قتلها صار هذا قرينة على أنه قتل، وهو أيضاً من اليهود، وهم قتلة الأنبياء، فغلب على الظن أنه هو القاتل، فأخذ وقرر فأقر وأعترف "فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يرض رأسه بين حجرين" جاء في الحديث: ((لا قود إلا بالسيف)) ولذا يرى جمع من أهل العلم أنه لا قتل إلا بالسيف، لكن منهم من يرى مثل ما عندنا، وحديث: ((لا قود إلا بالسيف)) فيه ضعف، والذي عندنا في الصحيحين، رض رأسه بين حجرين، ما قتل في الصحيح، وهذا من المماثلة في القتل {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] هذه مماثلة وليست مثلة، المماثلة في مثل هذا الخبر شرعية، طيب سقاه سماً، يقتل بالسم، ضربه بمثقل يقتل بمثقل، بمحدد يقتل بمحدد، والنهي عن المثلة معروف،

أما المماثلة فهي شرعية، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [(126) سورة النحل] اللهم إلا إن كانت وسيلة القتل ابتداء محرمة، سقاه خمراً فمات نقول: يسقى خمر حتى يموت؟ لا، ماتت المرأة من أثر الوطء بالمحرم، نقول: يوطأ حتى يموت، مات باللواط مثلاً صبي مات باللواط، نقول: يلاط باللائط حتى يموت؟ هل نقول: إن المماثلة تدخل في هذا؟ لا تدخل بمثل هذا، إذا كانت الوسيلة محرمة فلا، لكن من أهل العلم من يستروح إلى أن المماثلة مطلوبة إلى الحد المشروع، سقاه خمراً يسقى خلاً حتى يموت؛ لأن الخل مباح، فيسقى حتى يموت، مات باللوطية مثلاً يدخل في دبره خشبة أو شيء حتى يموت، تقطع أمعاءه، وتتلف حشوه حتى يموت، قال بهذا بعض أهل العلم، لكن مثل هذه الأمور ينبغي أن يترفع عنها، إن أمكنت المماثلة لأمر مباح فلا بأس، وهنا الحديث نص في الباب، رض رأسه بين حجرين، وإن كان سببه القتل محرماً، أو لا يمكن تنفيذه إلا بارتكاب محرم، فإن مثل هذا يعدل عنه إلى الأمور المباحة، اعترف كم اعترف من مرة؟ يكفي أن يقر مرة واحدة، أو لا بد أن يقر مراراً على عدد ما يثبت به القتل من الشهود مثلاً، الاعتراف بالزنا ماعز اعترف أربع مرات، أقر على نفسه أربع مرات، فهل نقول في القتل الذي يحصل القود بشهادة اثنين لا بد أن يعترف مرتين أو يكفي أنه اعترف فقتل خلاص انتهى؟ اعتراف واحد يكفي؟ نعم؟ هذا الحديث ليس فيه إلا أنه اعترف، ومثل هذا الإجمال وعدم الاستفصال في مثل هذا ينزل منزلة العموم، فيكفي الاعتراف مرة واحدة، شخص أحرق شخصاً صب عليه بنزين وأشعل فيه النار، هل نقول: إن المماثلة أن يصب عليه بنزين ويحرق بالنار؟ أو نقول: جاء النهي عن التحريق بالنار فيعدل عنه إلى غيره؟ وعلي -رضي الله عنه- أحرق الغلاة الذين غلوا به وألهوه. لما رأيت الأمر أمراً منكراً ... أججت ناري ودعوت قُنبرا فأحرقهم، وجاء تحريق بعض العصاة، كاللوطي بعض أهل العلم من الصحابة من أفتى بتحريقه، على كل حال جاء النهي عن التحريق بالنار، وأنه لا يعذب بالنار إلا الله -جل وعلا-، فيعدل عنها إلى غيرها، نعم.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما فتح الله تعالى على رسوله -صلى الله عليه وسلم- مكة قتلت خزاعة رجلاً من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((إن الله -عز وجل- قد حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وإنها ساعتي هذه حرام، لا يعضد شجرها، ولا يختلى خلاها، ولا يعضد شوكها، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يقتل، وإما أن يفدى)) فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه، فقال: يا رسول الله أكتبوا لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اكتبوا لأبي شاه)) ثم قام العباس -رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله إلا الإذخر فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إلا الإذخر)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما فتح الله تعالى على رسوله -عليه الصلاة والسلام- مكة" في السنة الثامنة من الهجرة، "قتلت هذيل رجلاً من بني ليث" كذا في العمدة، والذي في البخاري: من خزاعة، "من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية، فقام النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إن الله -عز وجل- قد حبس عن مكة الفيل)) " في القصة المعروفة لما أراد أبرهة هدم الكعبة، ووجه إليها جنوده يتقدمهم فيل عظيم، فحبسه الله -جل وعلا- عن مكة ((وسلط عليها رسوله والمؤمنين)) أذن لهم في فتحها بالسيف عنوة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- دخل مكة وعلى رأسه المغفر، والخلاف بين أهل العلم هل فتحت صلح أو فتحت عنوة؟ معروف، والأكثر على أنها فتحت عنوة ((وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وأنها لم تحل لأحد كان قبلي)) لأنها حرام، حرمها الله -جل وعلا- على لسان خليله -عليه الصلاة والسلام- ((لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد بعدي)) فلا يجوز القتال بمكة ((وإنما أحلت لي ساعة من نهار)) فقاتل النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل مكة ((وإنها ساعتي هذه)) يعني ثم عادت حراماً إلى قيام الساعة، لا يجوز فيها القتال، لكن من استحق القتل، ولجأ إلى الحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((اقتلوه)) يعني ابن خطل، وهو متعلق بأستار الكعبة، وهو في هذه الساعة التي أحلت للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن هل يقتل القاتل بمكة؟ من ابتدأ قتال هل يقاتل؟ وهل يدفع الصائل؟ وهل تقام الحدود بمكة؟ الجمهور نعم، تقام الحدود بمكة، يقتل القاتل؛ لأن هذا القتل بحق، طيب قد يقول قائل: القتل بغير حق لا يجوز لا بمكة ولا بغير مكة، القتل بغير حق لا يجوز بمكة ولا بغير مكة، وإذا كانت مكة تقام فيها الحدود، ويقتل فيها القاتل، ويرجم الزاني، وش صار مزية مكة عن غيرها؟ يصير لها مزية أو ما لها مزية؟ نعم الله -جل وعلا- حرم مكة، واستثنى هذه الساعة التي دخلها النبي -عليه الصلاة والسلام- مقاتلاً، ولا شك أن حرمة مكة من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، وأن شأن القتل فيها أعظم من شأنه في غيرها، وأن مجرد الهم بالإلحاد في الحرم، مجرد الهم يؤاخذ عليه {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ

بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(25) سورة الحج] فمجرد الهم، الهم في غيرها من البلدان لا مؤاخذة عليه؛ لأنه من مراتب القصد التي هي دون العزم، ولا مؤاخذة إلا على العزم، لكن مكة الهم، مجرد الهم يؤاخذ عليه، لا شك أن شأن مكة عظيم جداً، تعظيم القتال والقتل فيها أعظم منه في غيرها، لكن القصاص في الحرم يقول به الأكثر، ومنهم من يقول: إنه إذا أريد القصاص من شخص يخرج عن الحرم، إذا رفض أن يخرج يضيق عليه، لا يطعم ولا يسقى حتى يخرج، فإذا خرج اقتص منه, ولا شك أن مثل هذا الباعث عليه تعظيم هذه البقعة، وهي من تعظيم الله شعائر الله، من تعظيم ما عظمه الله -جل وعلا-، ويبقى أن السؤال إما أن يقال بعدم القتل بالكلية في مكة، لا القتل ابتداء ولا القتل عقوبة واقتصاص، أو يقال: إن القتل المباح، القتل بحقه يجوز في مكة كغيرها، وحينئذٍ يكون تعظيم مكة بالنسبة للقتل نظري، يكون بس مفاده تعظيم شأن القتل فيها، من أجل كف من تسول له نفسه أن يقتل في مكة، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار)) هذه الساعة التي أحلت له هل قتل فيها بحق أو بغير حق؟ بحق، وإذا قلنا: إن القتل بحق يجوز في مكة كالقصاص مثلاً نعم، أو تنفيذ الحدود بمكة كغيرها، والقتل الحرام يحرم في مكة وغير مكة، إذاً ما الفائدة؟ من يقول بهذا القول يقول: إن الفائدة تعظيم شأن القتل، وردع من تسول له نفسه أن يقتل في الحرم، وأما الفائدة العملية بعد وقوعه هي كغيرها من البلدان، يحرم فيها ما يحرم في غيرها، ويباح فيها ما يباح في غيرها، والذين يقولون: إنها لا تقام الحدود، ولا يتقص من المجرمين في مكة يستدلون بمثل هذا الحديث، وعلى كل حال ابن حجر يقول: وفي الحديث جواز إيقاع القصاص في الحرم؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- خطب بذلك في مكة، ولم يقيده بغير الحرم، خطب بذلك في مكة يعني المحرم مكة، وأما الحرم وهو أوسع دائرة من مكة يجوز القصاص فيها، هذا كلام ابن حجر، لكن افترض المسألة في أن مكة زادت عن الحرم، تعدت حدود الحرم ينحل الإشكال؟ ما ينحل الإشكال حتى على كلام ابن حجر، نعم الله -جل وعلا- حرم

مكة، وما حرم الحرم، نقول: تحريم الحرم معروف، ما جاء في مثل هذا النص يشمل الحرم، لا يعضد شجرها، يعني هل هذا خاص بمكة أو بالحرم كله؟ عام في الحرم كله، لا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها، هذا عام في الحرم كله، وإذا كان مكة أصغر من حدود الحرم في وقت من الأوقات فقد يأتي وقت من الأوقات أن مكة حدودها تتعدى الحرم، فليس هذا حل، ورفع للإشكال، والإشكال باقي، وكل على أصله، فالذين يقولون بجواز القصاص في مكة وفي الحرم يقولون: إن هذا بحق، وما كان بحق يكون مطلوب شرعاً، يعني هذا القصاص مطلوب شرعاً، إقامة الحدود مطلوبة شرعاً، فهل من تعظيم الله إقامة شرع الله في الحرم، أو ليس من تعظيم الله؟ نعم من تعظيم حدود الله إقامتها في أي مكان كان، هذه حجة الجمهور يقولون: ما دام أذن فيه شرعاً، بل طلب شرعاً، بل هو واجب من واجبات الشريعة، ما المانع أن يقام في أقدس البقاع؟ والذين يأخذون الحديث على إطلاقه يقولون: يضيق عليه حتى يخرج، فإذا خرج أقيم عليه الحد، لا يطعم ولا يسقى، ثم يضطر للخروج وحينئذٍ يقام عليه الحد، ويبقى أن مكة شأنها عظيم، سواء قلنا بجواز القصاص، وجواز إقامة الحدود، أو قلنا بالقول الآخر أنه لا يقام فيها حتى لا يضيق عليه فيخرج، المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم.

((لا يعضد شجرها)) لا يقطع الشجر، ولا يختلى الخلاء، الحشيش لا يحتش، والشوك أيضاً لا يقطع، لقطتها لا تحل إلا لمنشد، لمن يريد تعريفها ولا يملكها بحال، ولو حال عليها الحول، ولو عرفت سنة، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يقتل هذا القتيل إذا اتفق العصبة على قتله يقتل، النفس بالنفس، وإما أن يفدى إذا تنازلوا عن القتل إلى الدية، يفدى بالدية، أو العفو المطلق لا قتل ولا دية {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(237) سورة البقرة] إما أن يقتل وإما أن يفدى، هل نقول: إن هذا تقسيم أو تخيير؟ إما أن يقتل إذا كان القتل عمد، وإما أن يفدى إذا كان القتل خطأ أو شبه خطأ، أو نقول: هذا تخيير مرده إلى اختيار أولياء المقتول، إما أن يقتلوا قاتل صاحبهم، أو يأخذوا ديته؟ هاه؟ تفصيل وإلا تخيير؟ تقسيم وتنويع يعني نوعٌ يقتل في قتل العمد، ونوع يفدى في قتل الخطأ وشبه الخطأ، أو نقول: هو تخيير وهو بخير النظرين، نعم تخيير، ولذا قال: ((من قتل له قتيل فهو بخير النظرين)) ما الفائدة من قولنا: تخيير أو تفصيل تقسيم؟ متى تظهر فائدة الخلاف؟ لأن من أهل العلم من يقول: إن قتل العمد فيه القتل، لكن إذا تنازل أولياء المقتول عن القتل إلى الدية ورفض القاتل يدفع الدية يلزم وإلا ما يلزم؟ نعم؟ إذا قلنا: تخيير والمخير أولياء المقتول يلزم القاتل بدفع الدية، لكن إذا قلنا: تفصيل، وهو أن المقتول عمداً يقتل، ولا تأخذ الدية إلا برضاه، برضا الطرفين، إذا اتفقا على ذلك فيكون أخذ الدية من باب الصلح، والمقتول خطاء أو شبه عمد فيه الدية، الكلام واضح وإلا ما هو واضح؟ لأننا إما أن نقول: إما أن يقتل أو يُقتل وإما أن يفدى، فهل الخيار يقتضي أن أولياء الدم لهم أن يتنازلوا إلى الدية، ولو لم يرض القاتل؟ بمعنى أنه لو قيل: أنت قاتل عفونا عن القتل نريد الدية، قال: أنا والله ما عندي دية، تبون الرقبة هذا عندكم، يلزم وإلا ما يلزم؟ ((من قتل له قتيل فهو بخير النظرين)) الضمير يعود على من؟ نعم؟ أولياء المقتول، فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يفدى، فإذا قال: أنا والله ما عندي استعداد، ما عندي دية، وقتل العمد الدية على من؟ على العاقل، أو في مال

القاتل؟ في مال القاتل، قال: أنا والله ما عندي استعداد أدفع مائة ألف، ما عندي شيء، إما يسمحون بالكلية بلا دراهم بلا قتل، وإلا هذه الرقبة موجودة، يلزم وإلا ما يلزم؟ مقتضى السياق فهو بخير النظرين، يعني ولي المقتول هو الذي يختار، وحينئذٍ تكون إما أن يقتلوه أو يفدى، بالتخيير، ومن أهل العلم من يقول: إنه للتقسيم، وعلى هذا إذا رفض القاتل عمداً دفع الدية ليس لهم إلا القتل، ويتصور أن الإنسان يرفض يدفع الدية، ما يتصور؟ يتصور يرفض الدية، لا سيما إذا رفعت عليه، يقولون: لم نسمع عن مقتولنا إلا إذا دفع مليون مثلاً، نعم، فيتصور، هل نقول: يلزم بدفع ما يريدون؟ أو نقول: عليه أن يدفع الدية المقررة شرعاً، وما زاد على ذلك لا بد من اتفاق الطرفين؟ أما كونه يعدل إلى الدية فبرضا ولي المقتول، كما هو ظاهر هذا الحديث. "فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه" بالهاء بالوقف والدرج "فقال: يا رسول الله اكتبوا لي" وفي هذا الحرص على كتابة العلم وتقييده. فالعلم صيد والكتابة قيده ... قيد صيودك بالحبال الواثقة يقول: فمن الحماقة أن تصيد غزالة ... وتتركها بين الخلائق طالقة كم ندم، كم ندمنا، وندم غيرنا على أن مر بعض الفوائد التي ما دوناها نذكر أصل الفائدة نريد مراجعتها خلاص فرت، وين تجدها في بطون هذه الكتب؟ كيف تقف عليها؟ لكن لو أنت قيدت وجدتها في أي وقت، وهنا طلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تكتب له هذه الخطبة التي سمعها من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ففي هذا مشروعية كتابة العلم.

"فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اكتبوا لأبي شاه)) " وهذا إذن بالكتابة بعد المنع منها، فقد ثبت في الصحيح -صحيح مسلم- من حديث أبي سعيد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب شيئاً غير القرآن فليمحه)) وهذا غير القرآن، وقال: ((اكتبوا لأبي شاه)) إذاً فيه إذن بالكتابة بعد المنع، ثم تتابع الإذن، وأجمع الناس على الكتابة، ونفع الله بالكتابة، وقيدت العلوم، ولولا الكتابة لضاع كثير من العلم، نعم صارت الكتابة على حساب الحافظة، يعني كانت الحافظة قبل الكتابة قوية؛ لأن الناس يعتمدون عليها، ثم بعد ذلك لما أذن بالكتابة لا شك أن لها مردود على الحفظ، وهذا كل إنسان يدركه من نفسه، يعني إذا قال لك زميلك قبل الجوالات: أنا رقمي كذا، وأنت حريص عليه إن كتبته لا بد تراجع المكتوب لن تحفظه، وإذا حفظته خلاص ما تنساه، ولا شك أن الكتابة لها أثر على الحفظ، ويبقى أن فيها نفع عظيم، وقد نفع الله -جل وعلا- بما كتبه العلماء في مصنفاتهم ومدوناتهم.

"ثم قال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر" نبت معروف طيب الرائحة "فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا" وفي رواية: لقيننا، يعني يوقدون به النار، ويجعلونه في خلل البيوت والسقوف في القبور، نعم "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إلا الإذخر)) " قام العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: يا رسول الله إلا الإذخر، ثم ذكر علة الاستثناء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إلا الإذخر)) هل هذا مجاملة لعمه، يعني لما تكلم النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث هل في باله أن يستثني أو هذا استثناء تلقيني؟ يعني كما يتكلم شخص بكلام يقول قائل: قل -إن شاء الله-، استثناء تلقيني، فإذا قال ذلك نفعه، وهنا قال: إلا الإذخر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إلا الإذخر)) يعني هل هذه مجاملة لعمه؟ لا، والمقرر عند أهل العلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- له أن يجتهد، فلما رأى حاجتهم إلى استثناء الإذخر استثناه، لهم حاجة، وذكرت العلة، واقتنع منها النبي -عليه الصلاة والسلام- استثناه، ومنهم .. ، الذين يقولون: إنه لا يجتهد، النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يجتهد، الذين يقولون بهذا القول يقولون: نزل الوحي فوراً بالاستثناء فقال: ((إلا الإذخر)) وعلى كل حال مسألة الاجتهاد منه -عليه الصلاة والسلام- هي قول الجمهور، له أن يجتهد، لكنه لا يقر على الخطأ، وقصة أسرى بدر اجتهد فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- وعوتب فيها، والمسألة معروفة عند أهل العلم، نعم. عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه استشار الناس في إملاص المرأة، فقال المغيرة بن شعبة: شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى فيها بغرة عبد أو أمة، فقال: "ائتني بمن يشهد معك" فشهد معه محمد بن مسلمة، وإملاص المرأة أن تلقي جنينها ميتاً.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت أحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورثها ولدها ومن معهم، فقام حمل بن النابغة الهذلي فقال: يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل؟ فمثل ذلك يطل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هو من إخوان الكهان)) من أجل سجعه الذي سجع. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أنه استشار الناس في إملاص المرأة" يعني إسقاط المرأة جنينها قبل تمامه ميتاً باعتداء معتدٍ، إجهاض مثلاً بسبب، اعتدى عليها شخص بفعل أو تهديد مثلاً، وما أكثر ما يحصل مثل هذا في المستشفيات وغيرها، يصرف لها علاج خطأ مثلاً فيسقط الجنين، أو يقرر تقرير خاطئ من قبل طبيب، ويقرر أنه يسقط هذا الجنين، أو يجتهد اجتهاد خاطئ فيقول: الجنين فيه تشويه وإلا فيه شيء فأسقطيه، كل هذه لا تجوز، وفيها الدية المذكورة، إذا لم يكن الطبيب مشهود له بالخبرة والمعرفة، بعض الناس يجتهد اجتهادات خاطئة، وإذا لم يكن من أهل الفن، وأهل الشأن آثاره تلزمه، أو ضربها أو تسبب في إسقاطها الجنين، عمر بن الخطاب استشار الناس في إملاص المرأة، المسألة شورى في الأحكام الشرعية؟ وش رأيكم؟ أو المقصود به معرفة من عنده شيء من أصل شرعي في المسألة؟ يعني كما يقال عند بحث مسألة: ما تحفظون في هذه المسألة؟ من عنده شيء من الكتاب والسنة يدلي به، والذي يحفظ قول لبعض أهل العلم يدلي به، والناس يذكرون ما عندهم، وهذا موجود في القديم والحديث.

"استشار الناس في إملاص المرأة، فقال المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-: شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى فيه بغرة عبد أو أمة" اعتدى شخص على امرأة فأسقطت جنينها ميتاً قد تبين فيه خلق الإنسان يغرم ديته عشر دية أمه، غرة، عبد أو أمة، عبد أو وليدة، وقيمتها خمس من الإبل، شهد المغيرة بن شعبة عند عمر بن الخطاب، والمغيرة صحابي جليل، وعمر -رضي الله عنه- هو صاحب التحري والتثبت في الدين، صاحب الحيطة، فقال: "لتأتين بمن يشهد معك" هات واحد يشهد معك، وهذا من تحري عمر وتثبته؛ لأن لا يتطاول الناس على التحديث، عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا تساهل الناس في هذا الباب ضاع الدين، فلولا احتياط عمر مثل هذا الاحتياط، وأخذه على أيدي الناس، ولا بد أن يوجد في الأمة أهل تحري وتثبت واحتياط، لو تتابع الناس كلهم على التساهل والتيسير انتهوا الناس، يتساهلون في هذا، وهذا يفتيهم بالتساهل في هذا، وهذا يقول لهم: هذا الأمر سهل، والدين يسر، ويخرجون من الدين وهم لا يشعرون، أقول: لا بد أن يوجد في الأمة مثل عمر -رضي الله عنه- من أهل التحري والتثبت، وحمل الناس على العزيمة، وإلا هل عمر لا يقبل الخبر إلا إذا تعددت طرقه؟ ليس بصحيح، المعتزلة استغلوا مثل هذا الاحتياط من عمر، قالوا: خبر الواحد لا يقبل، لا بد أن تتعدد الطرق، وقرروه في كتبهم، قرروا هذا في كتبهم، ورد عليهم أهل السنة بردود قوية، وإذا رد أهل السنة على المعتزلة هل هم يردون على عمر صاحب التحري والتثبت؟ أبداً، عمر يقبل الأخبار من قبل واحد، لكن لا بد أن يوجد منه بعض التصرفات التي تحمل الناس على التثبت، لما استأذن أبو موسى على عمر ثلاثاً ثم انصرف، دعاه فقال: استأذنت ثلاثاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ليستأذن أحدكم ثلاثاً)) قال: لتأتين بمن يشهد لك، مثل هذا، فشهد له أبو سعيد الخدري، والقصة في الصحيح، كهذه، هل نقول: إن عمر يرد خبر الواحد؟ عمر يحتاط للسنة، ويقبل خبر الواحد، لكن أحياناً يحتاج إلى أن يتأكد، ولا بد أن يتحرى، ولا بد أن يربي الناس على هذا، على هذا التحري والتثبت، فإذا رددنا على المعتزلة لا نرد على عمر -رضي الله عنه-، صاحب التحري والتثبت

والحيطة للدين، مثل ما قيل في رد الإمام مسلم على من يشترط اللقاء، وشنع عليه، ووصفه بالبدعة، والقول مبتدع ومخترع، والقول يقول به البخاري، على ما نقل عنه من .. ، واستفاض عنه على ألسنة أهل العلم، هل نقول: إن مسلم يرد على البخاري وهو شيخه؟ ولولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء، لا، مسلم -رحمه الله- يرد على مبتدع، يريد أن يجير احتياط البخاري -رحمه الله تعالى-، وتثبت البخاري لرد السنة، يريد أن ينفذ إلى تحقيق بدعته من خلال احتياط البخاري، والمعتزلة نفذوا إلى تقرير بدعتهم من خلال قول عمر، فإذا رددنا على المعتزلة لا نرد على عمر، وإذا رد مسلم على هذا المبتدع الذي يريد أن يستغل احتياط البخاري -رحمه الله- في رد السنة فهو لا يرد على البخاري. "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت أحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، وما في بطنها فاختصموا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقضى رسول -صلى الله عليه وسلم- أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها" قتلتها وما في بطنها، رمت إحداهما الأخرى بحجر، قتل عمد هذا أو شبه عمد؟ نعم؟ هنا قتلتها فاختصموا، قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن دية الجنين غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، على عاقلة القاتلة "وورثها ولدها ومن معهم" لأن هذا قتل شبه عمد؛ لأنها رأت أن هذا الحجر ما يقتل، فهو شبه عمد "فقام حمل بن النابغة الهذلي" وهو مطالب بالدية، هو من العاقلة "فقال: يا رسول الله كيف أغرم؟ " يدافع عن نفسه، يريد أن لا يدفع شيء "كيف أغرم من لا شرب ولا أكل؟ " من البطن طاح ما بعد صار شيء "من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل" يعني ما صرخ، ولا أتكلم ولا شيء "فمثل ذلك يطل" يهدر، هذا ما يستحق دية، هذا مثل قطعة دم أو قطعة لحم ما لها قيمة "فمثل ذلك يطل، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما هو من إخوان الكهان)) من أجل سجعه الذي سجع" السجع إذا أُستعمل في إبطال الحق كما هنا، ونصر الباطل مذموم، يشبه سجع الكهان، وإن كان السجع في بيان الحق، ونصر الحق مطلوب؛ لأنه كلام، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، وعين لا تدمع، ودعاء لا يسمع، أسجاع، وجاء السجع في كلامه -عليه الصلاة والسلام-، لكنه غير متكلف، ويراد به إقرار الحق وإحقاقه لا إبطاله كما هنا، وإنما يذم السجع إذا كان لنصر الباطل كالبيان ((إن من البيان لسحراً)) ....

كتاب القصاص (2)

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب القصاص (2) الشيخ: عبد الكريم الخضير وإنما يذم السجع إذا كان لنصر الباطل كالبيان ((إن من البيان لسحراً)) وهو يحتمل معنيين المدح والذم، فإن كان في نصر الحق فالبيان ممدوح، وإن كان في نصر الباطل فهو مذموم، نعم. عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رجلاً عض يد رجل فنزع يده من فمه فوقعت ثنيتاه، فاختصما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل، اذهب لا دية لك)). وعن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: حدثنا جندب -رضي الله عنه- في هذا المسجد، وما نسينا منه حديثاً، وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله -عز وجل-: عبدي بادرني بنفسه، حرمت عليه الجنة)). نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رجلاً عض يد رجل فنزع يده من فيه" يعني من مقتضى الدفاع عن النفس أن ينزع يده، رجل عض يد رجل فنزع يده من فيه، فوقعت ثنيتاه، هذا مما يقتضيه الدفاع عن النفس، والدفاع عن النفس مطلوب، ولذا ما يطلب يطلب بجميع ما يعين عليه "فاختصما إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل، اذهب لا دية لك)) " فمن أتلف شيئاً بسبب دفاعه عن نفسه لا يضمن، لكن إذا أتلف شيئاً بسبب دفاعه عن غيره يضمن، هنا الحديث يدل على أن ما تلف بسبب الدفاع عن النفس فإنه هدر لا دية فيه، جاء يختصم يبي الدية المقررة للثنايا، يعني وش تتصور أن الإنسان يبي يصبر حتى يرسله ويطلقه؟ ((يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل)) يعني ومع ذلك ينتظر حتى تسمح نفسه يتركه؟ لا، لا ((اذهب لا دية لك)) لأنه معتد، ظالم وليس لعرق ظالم حق، السبب في كونه عض يد الرجل أصلها غضب كلمة أو شبهها، جاء وعض يد الرجل، اختصما عند كلمة أو شبهها وحضر الشيطان فعضه، فعلى الإنسان أن لا يسترسل مع خطوات الشيطان، وتسويله وتزيينه، وعليه أن يكتم غيظه، ولذا جاءت الوصية النبوية: ((لا تغضب)) وإلا ما الذي جعله يعض يد أخيه؟ هل يقال: إنه يمزح؟ يعضه يمزح؟ عض يده ونزع يده من فيه لا بد، لو جاء شخص وعصر يد آخر هذا كثير ما يحصل بين الشباب في المزح، يمسك يده ويعصرها، ثم يتصرف ذاك تصرف من لا شعور فيضرب وجهه، أو يفقأ عينه من لا شعور، يعني هذه مما يتطلبه التخلص، فضلاً عن كونه يمسكه مع مقتل، أو مع شيء لا يمكن الصبر معه، فمثل هذا يهدر لا دية له. يقول:

"وعن الحسن بن أبي الحسن البصري" الإمام سيد من سادات التابعين -رحمه الله تعالى-، يقول: "حدثنا جندب" جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي يقول: "في هذا المسجد" يؤكد الحسن أنه حدثه، لماذا؟ لأن الحسن عرف بالتدليس، ويتفنن أحياناً في التدليس، فيقول: حدثنا أبو هريرة مثلاً وهو ما سمع أبا هريرة، إنما حدث قومه، فيريد أن يؤكد أنه سمعه منه مباشرة "حدثنا جندب في هذا المسجد" يعني بالتأكيد وأنا موجود "وما نسينا منه حديثاً" يعني ضبطنا وأتقنا، ولذا الحسن من الحفاظ، ولذا يقول أنس بن مالك: سلوا الحسن فإنه قد حفظ ونسينا "وما نسينا منه حديثاً، وما نخشى أن يكون جندب كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حاشا وكلا أن يكذب الصحابي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهم أعلم الناس، وأورع الناس، وأتقى الناس، وأزهد الناس، وأتبع الناس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع)) " في يده جرح ما صبر، من شدة الألم أخذ سكيناً فحز بها يده، هل يتصور أن الجرح يخف ألمه إذا قطع يده أو يزيد؟ لا، يزيد بلا شك، تصرف هذا التصرف فمات ((حز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله -عز وجل-)) يعني في الحديث القدسي: ((بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة)) فلا يجوز له أن يباشر قتل نفسه، ولا يوجد في النصوص ما يدل على أن المسلم يجوز له أن يباشر قتل نفسه، نعم في النصوص ما يدل على أن له أن يتسبب في قتل نفسه إذا ترتب على هذا التسبب مصلحة أعظم، لكن يباشر قتل نفسه ما يوجد في النصوص ما يدل عليه، طيب شخص لدغ، لدغته حية في أصبعه في بر، لو تركه سرى السم إلى بقية بدنه ماذا يصنع؟ اجتهد في وقتها فجاء بالفأس فقطع الأصبع يأثم وإلا ما يأثم؟ يقول: أصبر على الدم، وأمسك في طرف الأصبع حتى أصل، لكن السم بيروح، يعني ليس الهدف من هذا أنه يموت، إنما قصده أن يحيا، نعم قد يجتهد الإنسان اجتهاداً يودي بحياته لكن حسبه أن يجتهد، لكن الإشكال في كونه يبادر بنفسه، فيباشر قتل نفسه كما هنا، قال الله -عز وجل-: ((بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة)) لا يجوز للإنسان بحال أن يتصرف بنفسه، ولذا لا

يجوز له أن يتبرع بشيء من أعضائه؛ لأنه لا يملك من أعضائه شيء، طيب هل يقتل الحيوان فضلاً عن الإنسان لكونه يتضرر من البقاء في الحياة؟ شاة مريضة، وميئوس من شفائها، وتقتل لغير ما مأكلة، تبي تقتل وترمى، هل نقول: إن هذا من باب إراحتها، أو نقول: إنه تعد على هذه النفس بغير حق، ولا يجوز القتل لغير مأكلة؟ قتل الحيوان لغير مأكلة لا يجوز، وقل مثل هذا بل أعظم إذا قرر الأطباء أن هذا المريض الذي يعيش على الأجهزة ميت ميت، يعني ميت تسعة وتسعين بالمائة، وأحياناً يقررون أنه ميت دماغياً، يعني أنه ميت مائة بالمائة، فهل نقول: لهم أن يسحبوا الأجهزة عنه ليريحوه، ويريحوا من يتردد لزيارته والعناية به، نقول: ما دامت الروح في الجسد لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يتسبب في وفاته، هو مسلم كامل الحقوق، لا يجوز لأحد أن يتسبب في إنهاء حياته، وما يدريك أن الله -جل وعلا- يرد عليه ما فقده من شعور، وهذا حاصل يقرر الأطباء أنه ميت دماغياً، وأنه خلاص بس حاجز مكان مقعد وأجهزة والناس بحاجة، والذي حصل قضايا نادرة جداً أنه عادت له الحياة، فهو مسلم كامل الحقوق، ما دامت روحه لم تفارق بدنه فلا يجوز التعدي عليه، وقل مثل هذا فيما لو تُعرض له بقتل خطأ، شخص يمشي فضرب السلك برجله وهو ما دري انفصل الكهرب فمات الرجل، نقول: هذا قاتل، لكن قاتل خطأ، والثاني متعمد، لكن عاد يبقى النظر في تقدير الخطأ والعمد وشبهه، وهل يقاد به أو لا يقاد؟ محل نظر واجتهاد، لكنه يبقى أنه مسلم روحه في بدنه له كامل الحقوق والموازنة بينه وبين مريض أرجى منه، وهذه المسألة التي يسأل عنها كثيراً، مريض ماسك سرير وماسك أجهزة من سنين، خمس أو عشر سنين، وهو على هذه الحالة، جاء مريض إذا أسعف بهذه الأجهزة يشفى بنسبة سبعين بالمائة، وهذا ميئوس منه بنسبة تسعة وتسعين بالمائة، نعم هذا محل نظر واجتهاد، أما إذا لم يوجد غيره فلا يجوز بحال أن تفصل عنه الأجهزة، إذا جئنا بمريض نسبة الشفاء عنده سبعين بالمائة، وهذا نسبة الشفاء واحد بالمائة يقدم عليه ما نسبته سبعين؛ لأن المسألة مسألة مصالح ومفاسد. سم.

كتاب الحدود

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الحدود باب: حد السرقة - باب: حد الخمر الشيخ: عبد الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: اللهم أغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب: الحدود عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قدم ناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة، فأمر لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بلقاح، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا راعي النبي -صلى الله عليه وسلم- واستاقوا النعم، فجاء الخبر في أول النهار، فبعث في آثارهم، فلما ارتفع النهار جيء بهم، فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم، وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون، قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله. أخرجه الجماعة. اجتويت البلاد إذا كرهتها وكانت موافقة، واستوبأتها إذا لم توافقك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب: الحدود الحدود: جمع حد، وأصله الفاصل، وما يحجز بين شيئين، وسميت هذه العقوبات المقدرة في الشريعة حدوداً لأنها تمنع وتحجز دون المرتكب وارتكابها بين المسلم وبين ارتكابها؛ لأنها تمنعه وتحجزه وتحول دونه، يقول -رحمه الله تعالى-:

"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قدم ناس من عكل أو عرينة" في رواية بالواو: من عكل وعرينة، وجاء في بعض الروايات: أنهم كانوا أربعة من عرينة وثلاثة من عكل "فاجتووا المدينة" يعني كرهوها واستوبؤها، ولم تناسبهم، يعني جو المدينة ما ناسبهم، فحصل لهم ما حصل من المرض في بطونهم، فعلاج مثل هؤلاء إذا حصل الوباء لمثل هؤلاء في البطون ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- "أمر لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بلقاح" نياق فيها ألبان "وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها" وما زال الناس يتداوون بلبن الإبل المخلوط بشيء من بوله، وهو نافع لمرض البطن، ما زال الناس يتداوون به، وقد يتضرر الإنسان في أول الأمر إذا لم يعتد شرب لبن الإبل، لكنه بعد ذلك يشفى به؛ لأنه علاج نبوي، والحديث في الصحيحين، هؤلاء لما حصل لهم المرض بسبب تغير الجو عليهم؛ لأن ما كل إنسان يناسبه كل جو، فهؤلاء لما قدموا المدينة اجتووها، وأصيبوا بهذا الداء في بطونهم، فوصف لهم النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا العلاج، فأمر لهم باللقاح من هذه الإبل، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، والبول بول ما يؤكل لحمه طاهر، بدليل هذا الحديث وغيره من الأدلة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- طاف على البعير، ولا يؤمن أن يبول في المسجد، لولا أن بوله طاهر ما طاف عليه، وهنا أمر بشربها، وأذن بالصلاة في مرابض الغنم، كل هذا يدل على طهارة بول ما يؤكل لحمه وألبانها، ومن أهل العلم من يرى أن أبوالها نجسة، وإنما أذن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالشرب منها علاج؛ لأنه علاج، الضرورة دعت إليه، لكن كما جاء في الحديث: ((تداووا عباد الله، ولا تداووا بحرام)) والنجس حرام يدخل في الممنوع، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها "فانطلقوا" يصنعون ما أمرهم به "فلما صحوا" كفروا هذه النعمة، وبدل أن يشكروا الله -جل وعلا-، ثم يقدمون إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويقدمون له ما يستحقه من التقدير والإكرام "فلما صحوا قتلوا راعي النبي -عليه الصلاة والسلام-" قتلوا الراعي "واستاقوا النعم" هؤلاء قوم لئام -نسأل الله السلامة والعافية-، لما عافاهم الله كان الواجب عليهم الشكر، والشكر

لازم لكل مسلم "لما صحوا قتلوا الراعي، واستاقوا النعم، فجاء الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول النهار" جاء من يخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بأن هؤلاء فعلوا ما فعلوا "فبعث النبي -عليه الصلاة والسلام- في آثارهم" وفي رواية: بعث عشرين رجلاً من شباب الأنصار " فلما ارتفع النهار جيء بهم" ارتفع النهار يعني انتصف الضحى، جيء بهم، هم سبعة وبعث لهم عشرين، فجيء بهم "فأمر بهم -عليه الصلاة والسلام- فقطعت أيديهم وأرجلهم" لأنهم قتلوا وكفروا النعمة، أو ارتدوا عن الإسلام كما سيأتي في كلام أبي قلابة "قطعت أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم" وفي رواية: سملت، جيء بمسامير أحميت بالنار فكحلت بها عيونهم، وفي رواية: فقئت أعينهم؛ لأنهم فعلوا ذلك بالراعي نسأل الله السلامة والعافية، مثلوا به فمثل بهم "وتركوا في الحرة" المعروفة بالمدينة الحرة الشرقية والغربية التي تكسوها الحجارة السود "يستسقون فلا يسقون" حتى ماتوا، وهذا جزاء المحارب، هؤلاء محاربون، قطاع طريق، حكمهم حكم قطاع الطريق، وجاء حكمهم في سورة المائدة {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ} [(33) سورة المائدة] و (أو) هذه خلاف بين أهل العلم هل هي للتقسيم والتنويع أو هي للتخيير؟ والإمام مخير فيهم بين أن يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم أو يصلبهم؟ المقصود أن هذا مرده إلى اجتهاد الإمام، ومنهم من يقول: إنها للتنويع، فمن قتل قُتل وصلب، ومن سرق قطع من خلاف، سرق ولم يقتل، ومن لم يفعل ذلك لم يقتل ولم يسرق ينفى من الأرض، على كل حال عاقبهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه العقوبة الرادعة، تطبيقاً لهذا الحد، حد قطاع الطريق، قطاع الطريق هؤلاء الذين يخرجون على المسلمين فيقتلون ويسرقون ويخيفون السبل، هؤلاء إذا لم تكن لهم شوكة ولا منعة ولا تأويل لهم سائغ، يسمون قطاع طريق، فإن كانت لهم شوكة ومنعة، ولهم تأويل سائغ مقبول سموا بغاة عند أهل العلم، وإن اجتمع مع هذا البغي تكفير للمسلمين، واعتناق لعقيدة الخوارج فهم خوارج،

ولكل حكمه في الشرع، على كل حال هؤلاء حكمهم حكم قطاع الطريق، تركهم في الحرة يستقون فلا يسقون؛ لأن المقصود موتهم، فمثل هؤلاء إذا طلبوا الماء، هذا واقعهم تركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون، يعني منعوا من سقيهم، ولا يعارض هذا أن في كل كبد رطب أجر، لا؛ لأن هؤلاء المقصود قتلهم والتنكيل بهم. "قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا" اقتادوا النعم "وقتلوا" قتلوا الراعي "وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله" بفعلهم هذا نسأل الله السلامة والعافية، وقطاع الطريق يستوي في ذلك كونهم في المصر، في البلد، أو في الطرق والبراري في قول جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: إن قطع الطريق لا يكون إلا في البراري والقفار دون البلدان والمدن. "أخرجه الجماعة، اجتويتُ البلاد إذا كرهتَها" اجتويتُ بضم التاء البلاد إذا كرهتها، "واستوبأتها إذا لم توافقك" فإذا جاء التفسير بـ (إذا) تحول الضمير من ضمير تكلم إلى ضمير خطاب، لكن لو فسرت بـ (أي) اجتويت البلاد أي كرهتُها، واستوبأتها أي لم توافقني، ما دام التفسير بـ (إذا) فيتحول من التكلم إلى الخطاب كما هنا، فالحديث فيه المماثلة، وفيه التنكيل بمثل هؤلاء اللئام، والمماثلة في القصاص كما جاء "سمروا أعين الراعي وقتلوه وسرقوا" لا شك أن لو مثل هؤلاء تركوا ما بقي أمن، فلا يقضي على مثل هذه الأفعال وهذا الإفساد إلا الأخذ بقوة وحزم، وإلا فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أرأف الناس، وألطف الناس، وأرحم الخلق بالخلق، قد يقول قائل: كيف النبي -عليه الصلاة والسلام- الرءوف الرحيم يفعل مثل هذا؟ نقول: هذا أمر لا بد منه، الله -جل وعلا- رءوف رحيم ومع ذلك شرع الحدود، ولولا هذه الحدود لما استتب الأمن، كما ذكرنا في القصاص سابقاً، وفيه دليل على طهارة أبوال الإبل، وأنها علاج مع اللبن، ومثل الإبل مأكول اللحم، نعم.

عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني -رضي الله عنهما-، أنهما قالا: إن رجلاً من الأعراب أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قل)) قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس -لرجل من أسلم- إلى امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها)) فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجمت. العسيف: الأجير.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني: "عن عبيد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني -رضي الله عنهما- أنهما قالا: إن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أنشدك الله" أي أذكرك بالله -جل وعلا- "إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه" لأنه طلب الإذن، قال: إذن لي، وهناك مباشرة قال: أنشدك الله، الخصم الأول قال: أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله، وهل يتصور من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقضي إلا بكتاب الله أو بما يوحى إليه؟ لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى "إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه" لأنه قال: وأذن لي، نعم أقض بيننا بكتاب الله وأذن لي؛ لأنه لا يجوز التحاكم إلى غير كتاب الله، وما يبين كتاب الله من سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- "فأقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((قل)) فقال: إن ابني كان عسيفاً -أجيراً- على هذا" يعني على أعمال هذا، استأجره على تصريف أعماله، وخدمة بيته "عسيفاً على هذا فزنى بامرأته" نعم يعني دخول الأجنبي البيت خطر، هذا في أفضل العصور في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنه أجير يدخل على البيت ويخدم، والشيطان معروف له مداخل ويسول، ويزين للطرفين حتى يوفق بينهما، وكم أصيبت بيوت المسلمين من المصائب والكوارث، وكم حلت بها النكبات بسبب هؤلاء الأجراء الذين يدخلون البيوت من خدم وسائقين وغيرهم، لا شك أن مثل هذا خطر عظيم، أن يمكن من دخول البيت بغير حضور صاحبه.

"إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته" يعني الآن في بعض البيوت العلاقة بين النساء وهذا الأجير أعظم من العلاقة بين النساء وصاحب البيت، يمينون على السائق أكثر مما يمينون على أولادهم؛ لأن الإنسان في أول الأمر يقول: والله أنا موظف، ولا أجي إلا متأخر، والناس يحتاجون، والبيت يحتاج، وقد يحتاج أمور طارئة، فيزين لهم الشيطان أن يحضر سائق، ويحتاط في أول الأمر، لا يترك المرأة تذهب بمفردها، ولا البنت تذهب بمفردها، ولا كذا ولا كذا، يحتاط في أول الأمر، ثم بعدين يتعبون، يملون، المشاوير كثيرة، تكثر المشاوير إذا كان هناك سائق؛ لأن الأب ما يجيبهم إلى كل ما يطلبون، والأخ والابن لا يجيب في كل ما يطلب، هذا السائق ما جيء به إلا لهذه المهمة، فبمجرد ما يؤمر يأتمر، فتسهل الأوامر، والإجابة حاضرة، هذه المرة تقول: أنا أذهب مع بنتي إلى المدرسة نوصلها ونرجع، أو أذهب مع بنتي إلى المستشفى نوصلها ونرجع، نذهب لكذا وكذا، طيب إلى متى؟. . . . . . . . . التساهل على شوي شوي، يثقون به، والشيطان حريص، ويحصل هذه كلمة روح جيب لنا كذا، هات كذا، تزول الكلفة بينهم، هذه كارثة، كم من بيت تفرق بسبب هذا التساهل، الرجل في أول الأمر يحتاط، يقول: لا يروح أحد لحاله، ما أدري إيش؟ لكن ما يكفي، هذا مع الوقت يعني يملون الناس، الأم كل ساعة تبي تلبس عبايتها وتطلع مع البنت ما هو بصحيح، يعني لو فعلت ذلك يوم يومين، شهر شهرين إلى متى؟ وقد يجدون من يسهل لهم الأمر بأن يقول: داخل البلد لا هو سفر، والمحرم للسفر، وليس بخلوة؛ لأن الناس يشوفون مع القزاز ومع السيارات، ويتساهل الناس بسبب مثل هذه الفتاوى، وكم من مصيبة، وكم من كارثة، يعني هل تتصور أن بنت في العشرين أو في الخمسة والعشرين تتكئ على المتكأ اللي جنب السائق وهو كذلك، يعني يصل الأمر إلى هذا الحد، حاصل هذا، يعني ما بينهم ولا سانتي واحد، المتكأ الذي في المرتبة بين الراكب والسائق كل واحد يده على .. ، هذا وش سببه يا إخوان؟ سببه التساهل، عقوبات، فإذا تساهلنا نجني الثمار، هذا لما وظف هذا العسيف، هذا الأجير عنده ما الذي حصل؟ يا أخي الدراسة ما لها لازم، الوظيفة ما لها لازم إن كان لا بد

من ارتكاب محرم، ما هو القصد من الدراسة البحث عن ما عند الله -جل وعلا-، سواء كان من علم شرعي ينفع أو من رزق، ما عند الله لا ينال بسخطه ((ولا يحملنكم استعجال الرزق -أو استبطاء الرزق- على أن تطلبوه بسخط الله، فإن ما عند الله لا ينال بسخطه)) الآن السائق يذهب بالمدرسات أكثر من مسافة قصر، ثم بعد ذلك يقول: أنا لا أستطيع أنزلهم يصلون الفجر في البر، لازم ننتظر إلى أن نصل المدرسة بعد ما تطلع الشمس، ظلمات بعضها فوق بعض، فعلينا أن نحتاط لهذه الأمور، لا بد أن يحتاط المسلم لعرضه.

"إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم" عرف الناس أن ابن هذا الأجير زنى بامرأة هذا، قال: الله يعينك، وذاك راح، أخبروه المستعجلين، خلاص بيرجم ولدك، بعض الناس يسرع بالفتوى وهو جاهل ما يعرف شيء، مرة في مقبرة والميت امرأة فقال واحد من الحاضرين: لا تغطون وجهها، وخلو وجهها إلى السماء تنظر إلى ربها، وش الكلام هذا؟ هل قال بهذا أحد؟ قال: إيه الشيخ فلان يقول هذا، ولا صحيح، ولا شيخ، ولا شيء، الناس يتعجلون في مثل هذه الأمور، لما سمعوا الخبر يا ويلك ولدك بيرجم "قال: وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة" يعني الحدود تباع وتشترى؟ يمكن أن يعوض عنها بقسائم أو شبهها؟ أبداً، الحدود لا يجوز التصرف فيها، ولا يعوض عنها بشيء، وهذا تبديل للشرع؛ لأنه يوجد في بعض البلاد، تبي الحد وإلا تبي البدن؟ يوجد هذا نسأل الله السلامة والعافية "فافتديت منه بمائة شاة ووليدة" جارية "فسألت أهل العلم" نعم ينبغي أن يكون السؤال لأهل العلم لا لغيرهم، {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل] "فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة، وتغريب عام" في حديث عبادة بن الصامت يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((خذوا عني، خذوا عني، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) "فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم" لأن ابنه بكر، وامرأة هذا ثيب، حد البكر جلد مائة ونفي سنة، وحد الثيب الرجم "وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده)) " وهو الصادق المصدوق يقسم ((والذي نفسي بيده)) فيه إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، ونفوس العباد بيده -جل وعلا-، ((والذي نفسي بيده)) يقسم على هذا الأمر المهم، ويحلف من غير استحلاف، مما يدل على جواز ذلك ((والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد عليك)) ما عليك شيء، ما عليك جزاء، وليس هذا مما يباع ويشترى، وليس مما يفتدى، ((إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام)) تغريب عام، جلد

مائة، مائة جلدة، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [(2) سورة النور] والتغريب ثبت في السنة الصحيحة، وكتاب الله أعم من أن يكون القرآن، بل هو حكم الله الثابت بكتابه وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.

" ((واغد يا أنيس)) لرجل من أسلم" أنيس الأسلمي ((اغد)) أذهب بالغداة ((إلى امرأة)) المزني بها " ((فإن اعترفت فأرجمها)) فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجمت" اغد يا أنيس، وش علاقة أنيس بهذه المرأة؟ هو بيصدق الاعتراف فقط، وينفذ ما أمر به، وينفذ الحد، فدل على أن هذه الأمور من مهام الرجال، وأنه لا مدخل للنساء في مثل هذا، لا في تصديق اعتراف، ولا في أمر ولا نهي، إلا فيما يتعلق بمحيطهن، امرأة في مدرسة، امرأة في مجمع نسائي، ورأت منكر تغير، أما أن تكلف من قبل ولي الأمر بالأمر والنهي، وتصديق اعتراف وتنفيذ حدود فلا، هذا من مهام الرجال، ما قال: اذهبي يا فلانة أو فلانة إلى امرأة هذا، قال: " ((واغد يا أنيس -لرجل من أسلم- إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فأرجمها)) فغدا عليها فاعترفت، فأمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجمت" ليس في هذا ذكر لعدد الاعتراف أنه مرة أو أربع مرات، ويستدل به من يقول: إن الاعتراف يكفي مرة، وفي قصة ماعز -كما سيأتي- أنه اعترف أربع مرات، وليس في هذا أيضاً تعرض لجلدها مع الرجم، وبهذا يستدل من يقول: بأنه لا يجمع بين الجلد والرجم، القضايا التي نفذت في عهده -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر فيها أنهم جلدوا مع الرجم، لكن في حديث عبادة: ((والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) وهذا صريح، كونه لم ينقل في القضايا التي حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام-، كونه لم ينقل تثبت الحجة بحديث عبادة، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنه لا بد من جلد الزاني الثيب مائة ثم رجمه، ومنهم من يقول: ما دامت المسألة إزهاق نفس فلا داعي لهذا الجلد، ولم يثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جلد مع الرجم، القضايا التي ذكرت كلها فرجم، القضايا التي حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر فيها أنه جلد، لكن يكفي في إقامة الحجة حديث عبادة، لما قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، يعني مضمون هذه الدعوى القذف، أنه قذف المرأة، ولم يطلب النبي -عليه الصلاة والسلام- منه البينة، ولا جلده حد الفرية؛ لأنها اعترفت، ومنهم من يقول: إذا كان في مجال الاستفتاء، ومر في معرض الاستفتاء ما يقتضي مثل

هذا، يعني القضية لا بد أن تبسط، لكي يأتي الجواب وافي مطابق للسؤال، فلا بد أن يقال: إن هذا حصل، ولا يحصل الزنا من طرف واحد، لا بد أن يكون من طرفين، فمثل هذا يغتفر؛ لأنه ليس المقصود به قذف المرأة، وإنما جاء قذفها تبعاً لا استقلالاً، يعني لو جاء قال: إن امرأة فلان زنت، قلنا: يا الله البينة أربعة، جمع لك ناس يشهدون أو جلدناك، لكن هذا يستفتي ما حكم كذا وكذا، وحصل كذا وحصل كذا، أهل العلم يقررون أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، نعم. وعنهما -رضي الله عنهما- قالا: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، قال: ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير)). قال ابن شهاب: "ولا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟ " والضفير: الحبل. نعم "وعنهما" يعني عن أبي هريرة وزيد بن خالد -رضي الله عنهما- "قالا: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الأمة إذا زنت ولم تحصن" يعني بكر "قال: ((إن زنت فاجلدوها)) " اجلدوها الحد، وحدها إيش؟ كم؟ نصف حد الحرة، هذا إذا لم تحصن، لكن إذا أحصنت؟ {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] يعني الأمة عليها النصف، نصف حد الحرة، وهنا إذا لم تكن محصنة خمسين جلدة؛ لأن الحرة تجلد خمسين، طيب إذا أحصنت، يعني ثبت حد غير المحصنة بهذا الحديث، وحد الأمة المحصنة ثبت بالآية، طيب هل نقول: نصف الرجم؟ يرجم نصفها؟ أو إذا كانت الحرة تموت بمقدار كذا نصف هذا الحصا نصف هذا الحصا؟ وإلا كيف؟ الرجم هل يتنصف وإلا ما يتنصف؟ هي محصنة ونصف العذاب بالنسبة للحرة نصف رجم؛ لأن الحرة ترجم، لكن الرجم لا يتنصف، فيعدل إلى البدل وهو الجلد، ويبقى حد الأمة سواء كانت محصنة أو غير محصنة جلد خمسين جلدة، خفف عن العبيد والإماء؛ لأنهم يمتهنون ويبتذلون، وظروفهم ما هي بمثل ظروف الأحرار من أن يتقوا لأنفسهم، ويحتاطوا لأنفسهم، هم مبتذلون يعني، بالإمكان أن يقول: اذهبي إلى الجيران فهاتي، اذهبي إلى كذا، المقصود أنها مبتذلة، ولذا خفف عنها الحد.

"إذا زنت ولم تحصن، قال: ((إن زنت فاجلدوها)) " وجاء في الحديث الصحيح: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها)) لا يزيد على الحد، ولا يثرب عليها، لا يلومها، لا يقول لها شيء، لا يجمع لها بين الحد والتعزير بالتعيير وإلا شبهه، لا.

((ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم ليبعها ولو بضفير)) وهنا يقول: ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير)) ووكل الجلد إلى السيد هنا، هو الذي يقيم الحد على رقيقه، فمنهم من يقول: إن السيد له إقامة جميع الحدود بما في ذلك القطع والقتل، ومنهم من يقول: ليس له إلا ما ورد فيه النص وهو الجلد، أما بقية الحدود فلولي الأمر ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير)) بحبل مضفور يعني مجدول مثل ظفر الشعر "قال ابن شهاب: ولا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟ " يعني هل تباع بعد الثالثة أو الرابعة بضفير؟ يعني أمة تباع بضفير؟ حبل، يباع بدرهم أو درهمين؟ بثمن بخس، بقيمة تافهة؟ هل هذا مجرد أمر بالمبادرة إلى بيعها بأي سوم؟ بأي قيمة؟ أو أنه فيه ما يوحي ويشعر بالإخبار عن عيبها وهو الزنا، إذا جاء بها للسوق من يسوم؟ فيخبر أنها فعلت وفعلت وفعلت؛ لأنها لن تصل قيمتها إلى الضفير إلا إذا أخبر بعيبها، لن تصل إلى هذا الحد إلا إذا أخبر بعيبها، ولا شك أن الزنا عيب، تنقص به القيمة عند كل أحد، حتى الزناة يتمنون عفايف، ما يتمنون زانيات، يعني كون الإنسان يرضاه لنفسه، لا يرضى أن تكون زوجته أو أمته غير عفيفة، هذا فطري، الزنا عيب تنقص به القيمة، ولا تصل القيمة إلى هذا الحد إلا إذا أخبر عن هذا العيب، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنه لا بد من الإخبار بهذا العيب، ولا يجوز كتمانه؛ لأنه غش، ويطردون هذا في الإخبار بهذا العيب في الحرة أيضاً، وهذه المسألة يكثر السؤال عنها كثيراً، يكثر السؤال عنها، امرأة حصل منها ما حصل، ثم خطبت تخبر الخاطب وإلا ما تخبر؟ مقتضى قول أهل العلم في شرح هذا الحديث أنها تخبر؛ لأن الكتمان غش، وليس هذا بالأمر السهل، بحيث لو عرف فيما بعد الزوج وعرف الأولاد كارثة، فمنهم من يرى أن هذا الحديث يدل على الإخبار بالعيب، والأمة باعتبار أنها تشترى للوطء، وعرضها عرض لسيدها فكذلك الزوجة عرض، فلا يحل كتمان هذا العيب عن المشتري، ولا عن الخاطب، ومنهم من يقول: الشرع جاء بالستر، فيستر عليها، لا سيما إذا تابت وصحت توبتها، وبعضهم يسأل عن

مسائل الترقيع، ومسائل إخفاء ما حصل بالعمليات الجراحية وما أشبه ذلك، والمسألة خطيرة، وإذا كانت مثل هذه العمليات تدعو إلى انتشار الفاحشة؛ لأن بعض النساء تحافظ على نفسها؛ لئلا تهدم مستقبلها على حد زعمها، هذه كلمة يتداولونها كثيراً؛ لئلا تهدم مستقبلها تحافظ على نفسها، لكن إذا عرفت أنها تبي تخفي على الخاطب، وتبي تسوي عملية جراحية خلاص ما في شيء يحافظ عليه، فيدعو هذا إلى كثرة وانتشار هذه الفاحشة، وعلى كل حال المسألة تحتاج إلى علاج جذري، ما هي بمسألة حلول جزئية ما تجدي، لا سيما مع وجود هذه القنوات، التي أوصلت الشعور إلى قعر البيوت، وأوقعت في هذه الفاحشة أناس ليسوا من أهلها، ويسرت انتشار مثل هذه الجريمة بين المحارم أحياناً، نسأل الله السلامة والعافية، يعني نشر مثل هذه الأمور صحيح أنه يدمي القلوب، لكن لا بد من حل، يعني كون الإنسان يسكت وفلان يسكت وكذا يسكت متى تنحل المشاكل؟ يعني من له أدنى صلة بالقضاة أو بالهيئات يعرف كثير من هذه الأمور، فكون المسلم لا يدري عن هذه الأمور قد يقع شيء في أقاربه مثلاً نسأل الله السلامة والعافية، فكونه يحتاط لهذا الأمر، والذي جلب مثل هذه المصائب، ومثل هذه الكوارث دخول وسائل الإعلام من الدشوش وغيرها إلى قعر البيوت، ألا فليتق الله -جل وعلا- ولاة أمور البيوت، لا يجلبون المصائب على أنفسهم، ثم بعد ذلك يندمون، ولات ساعة مندم، فعلى المسلم أن يهتم لهذا ويحتاط له، أما مسألة الإخبار وعدمه فهذه مسألة تحتاج إلى بحث مستفيض وفتوى جماعية، نعم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: أتى رجل من المسلمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه، فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أبك جنون؟ )) قال: لا قال: ((فهل أحصنت؟ )) قال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبوا به فارجموه)).

قال ابن شهاب: فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة هرب، فادركناه بالحرة فرجمناه. الرجل هو ماعز بن مالك، وروى قصته جابر بن سمرة، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري، وبريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنهم-. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: أتى رجل من المسلمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد" والنبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يجلس في المسجد، والمسجد هو البيت لكل تقي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إمام الأتقياء، فمكثه في الغالب في المسجد، وفيه العلم، وفيه إقامة الشعائر، وفيه تجهيز الجيوش، وفيه كل ما يهم أمر المسلمين مما يقوم به النبي -عليه الصلاة والسلام-، "فناداه، فقال: يا رسول الله إني زنيت" أهل العلم يقولون: إذا كان الأمر مكروه فلا ينسبه الإنسان إلى نفسه، يعني الرواة ما قالوا: فناداه فقال: يا رسول الله إنه زنى، كما قالوا في قصة أبي طالب: هو على ملة عبد المطلب؛ لأن مثل هذا الضمائر لها أثرها لا يتم الاعتراف الصريح الذي يترتب عليه الحد إلا بنسبة الفعل إلى نفسه، يعني لو قال مثلاً الرواة أبو هريرة قال: جاء رجل من المسلمين فقال: إنه زنى؛ لئلا ينسبه أبو هريرة إلى نفسه، والراوي عن أبي هريرة قال كذلك، قد يظن أن ماعز قال: إنه زنى، ومثل هذا الاعتراف لا يكفي في إقامة الحد، حتى ينسبه إلى نفسه، فهذا له أثر في الحكم فلا يغير الضمير، وإن كان الأصل في مثل هذا الضمير أنه يحرف، يحرفه الإنسان عن نفسه؛ لأنه لا ينسب إلى نفسه ولو في الظاهر هذا الفعل، "إني زنيت فأعرض عنه" أعرض النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه جاء تائب، يريد أن يطهره النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذه الجريمة التي وقع فيها، فمثل هذا التائب يعرض عنه، يستتر بستر الله، يتوب يتوب الله عليه، وهذا بخلاف أهل السوابق من المفسدين، نعم الأصل الستر من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، لكن إذا ستر على أهل الجرائم وأهل السوابق عطلت الحدود، وصار توطئة للإباحية، يعني كل من زنى يستر عليه ما هو بصحيح، لكن من جاء تائباً منيباً وقعت منه هفوة زلة وليست له سوابق، مثل هذا يرجح الستر عليه، أعرض عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- "فتنحى تلقاء وجهه" وجهه هنا فأعرض النبي -عليه الصلاة والسلام-، فجاء من الجهة الثانية "ثم أعرض عنه" فجاء إلى الجهة الثانية "فتنحى تلقاء وجهه فقال: يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك

عليه أربع مرات" ثنى يعني كرر، أما ثنّى يعني قاله مرتين، كرر ذلك عليه أربع مرات "فلما شهد على نفسه" يعني أقر، والإقرار بمنزلة الشهادة؛ لأنه يطلب لثبوت الزنا أربعة شهود، وكذلك الإقرار أربع مرات، وكل إقرار بمنزلة شاهد، ولذا قال: "فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أبك جنون؟ )) " هناك في حديث العسيف قال: ((اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها)) اعترفت، وليس فيه ما يدل على أنها اعترفت أربع مرات، وهنا أربع مرات، ولذا اختلف أهل العلم هل يكفي الإقرار مرة أو لا بد من الاعتراف أربع مرات؟ مسألة خلافية يتمسك بالحديث الأول جمع من أهل العلم، وبالثاني جمع، ومنهم من يقول: إن هذا من باب الستر عليه، ومن باب التأكد، ولذا جاء في الحديث ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كاره لإقامة الحد عليه، رجل تائب ستر الله عليه يستتر، ولذا سأل عنه: ((أبك جنون؟ )) وسأل قومه فأجابوه: والله ما رأيناه إلا وفي العقل من صالحينا، سأله أيضاً: ((هل شربت خمراً؟ )) فقال: لا، فقال: ((استنكهوه)) شموه، كل هذا ليدرأ عنه الحد -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنها وقعت منه هذه الهفوة وهذه الزلة وتاب، ومن تاب تاب الله عليه {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [(68 - 70) سورة الفرقان] هذا من فضل الله -جل وعلا-، أن من تاب تاب الله عليه، والتوبة تجب ما قبلها، وتهدم ما كان قبلها، لكن يبقى النظر في أهل السوابق، وأهل الجرائم الذين آذوا الناس في أموالهم، في أنفسهم، في أعراضهم، هؤلاء لا بد من القضاء على دابر الفساد، نعم إذا عم الفساد وانتشر مثل هذا لا بد أن يضرب على أيدي هؤلاء بيد الحق القوية.

فقال: ((أبك جنون؟ )) قال: لا، سأل قومه قالوا: ما علمناه إلا وفي العقل من صالحينا، قال: ((فهل أحصنت؟ )) يعني وطئت بنكاح صحيح؟ قال: نعم، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبوا به فارجموه)) " دل على أنه لا يلزم الإمام أن يتولى الرجم بنفسه، أو إقامة الحد، له أن يفوض من يقيم الحد، وفيه الحديث السابق في حديث العسيف، فإن اعترفت فارجمها، فوض إليه إقامة الحد. " ((اذهبوا به فارجموه)) قال ابن شهاب: فأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- يقول: كنت فيمن رجمه، فرجمناه في المصلى" مصلى جنائز خارج المدينة، أو مصلى العيد، المقصود أنهم رجموه في مكان مناسب "فلما أذلقته الحجارة" أرهقته وأقلقته "هرب" فدل على أنه لم يحفر له، وجاء في بعض الروايات أنه حفر له حفيرة، فإن ثبتت هذه الرواية يحمل على أنها حفيرة لا تمنعه من الهرب "هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه" الرجل هو ماعز بن مالك، المقصود أن إقامة الحد بعد الاعتراف بالزنا أمر لا بد منه، لكن هذا الذي هرب بعد ما أرهقته الحجارة جاء التوجيه بأنه هلا تركتموه، النبي من الأصل -عليه الصلاة والسلام- كاره لإقامة الحد على مثل هذا العبد الصالح الزكي الذي أغواه الشيطان في لحظة، وسرعان ما ندم، وسرعان ما تاب، نعم. وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: إن اليهود جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن امرأة منهم ورجلاً زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) فقالوا: نفضحهم ويجلدون، قال عبد الله بن سلام: كذبتم، إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقال: صدق يا محمد، فأمر بهما النبي -صلى الله عليه وسلم- فرجما، قال: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة. يجنأ: ينحي، الرجل الذي وضع يده على آية الرجم هو عبد الله بن صوريا. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: إن اليهود جاءوا" اليهود من العام الذي أريد به الخصوص، بعضهم، "جاءوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن امرأة منهم ورجلاً زنيا" يعني بعد الإحصان، بدليل أنهما رجما "فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة)) " في شأن الرجم، والأصل أن مثل هؤلاء الكفار عموماً مخاطبون بفروع الشريعة، فإذا تحاكموا إلينا حكمنا بينهم بحكم الله " ((ما تجدون في التوارة في شأن الرجم)) قالوا: نفضحهم ويجلدون" وهذا من تغييرهم وتحريفهم؛ لأنهم استحفظوا فلم يحفظوا، بل حرفوا، يحرفون الكلم عن مواضعه، واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً "قالوا: نفضحهم ويجلدون" وفي رواية: يحممون، يعني تسود وجوههم ويركبون على دابة، ويطاف بهم في البلد، ويجلدون ويكتفى بجلدهم، وهذا من تحريفهم وتغييرهم وتبديلهم لشرع الله. "قال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها آية الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها" بسطوها بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- "فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها" أهل مكر، أهل زور "فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقال: صدق يا محمد، فأمر بهما النبي -عليه الصلاة والسلام- فرجموا، قال: فرأيت الرجل يجنأ عليها" يعني يحني عليها "يقيها الحجارة" وما زال حبها في قلبه حتى في هذه الظرف الذي فيه مفارقة الدنيا، بأبشع وسيلة للقتل وهو الرجم، فلا شك أن الشيطان إذا زين واستشرف المرأة، وأدخل حبها شغاف القلب، يتعلق الرجل بها، وهذا في مثل هذا الظرف يجنأ عليها، ويقيها ويحميها، ويحني عليها، نسأل الله السلامة والعافية. قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "الذي وضع يده على آية الرجم عبد الله بن صوريا" واحد من المحرفين، نسأل الله السلامة والعافية، فالكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وتقام عليهم الحدود إذا تحاكموا إلينا كما هنا، والرجم مما اتفقت عليه شريعتنا مع ما قبلها من الشرائع، شريعة ثابتة، لا يجوز لأحد أن يبدلها أو يغير صورتها، نعم.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو أن رجلاً -أو قال-: امرئ أطلع عليك بغير إذنك فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح)). في الحديث السابق النبي -عليه الصلاة والسلام- رجم اليهوديين بشهادة بعضهم، فدل على أن شهادة بعضهم على بعض مقبولة، وأثبت الإحصان لهما بالنكاح السابق بينهما، فدل على أن أنكحتهم صحيحة، بحيث لو أسلم رجل وامرأته من اليهود أو من النصارى ثبت نكاحهم واستمر، اللهم إلا إذا كان مما لا يقره الشرع بأن تكون من محارمه، أو تكون معه زوجة أخرى لا يجوز الجمع بينهما إلى غير ذلك مما لا تقره الشريعة، فثبت الإحصان لهما، وهو فرع عن نكاحهما السابق فدل على صحة أنكحتهم. في الحديث الذي يليه: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو أن امرئ أطلع عليك بغير إذن فحذفته)) " في رواية: ((فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح)) الاستئذان إنما شرع من أجل النظر، والغلق والأبواب إنما وجدت لحفظ المحارم، وعورات الناس، فالذي يقصد أن ينظر من خلل البيوت، من خلل الأبواب، من شقوقها، مثل هذا يستحق مثل هذه العقوبة، يحذف بحصاة ولو اقتضى الأمر أن تفقأ عينه، مثل هذا يستحق مثل هذه العقوبة، لكن يحذف بحصاة تؤثر عليه تأثيراً لا يكون هو الأشد، إنما يناسب جريمته، فلا يقال مثلاً ضع عندك مسدس وأجلس قدام الباب وأغلق الباب، فإن وجدت أحد يناظر بها المسدس الذي عندك، لا لا ما قال به أحد من العلم، ولا يجوز بحال، نعم الإطلاع على عورات المسلمين حرام، لكن تعالج بقدرها، خذ حصاة واقذف عينه فيها، السمع لو أن إنساناً مع أهله في بيته، وجاء واحد وشايل على أذنه ومع خلل الباب يستمع، هل يأخذ نفس الحكم أو لا؟ تأخذ حصاة تضرب أذنه وإلا هذا خاص بالعين؟ لا شك أن مثل هذا يحتاج إلى من يؤدبه، يحتاج إلى رادع، فيردع بما يناسبه؛ لأنه عاصي.

باب: حد السرقة

((لو أن امرئ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح)) ودل على تحريم هذا الفعل، وتحريم تتبع عورات المسلمين، والإطلاع على أسرارهم، وقل مثل هذا فيمن يقرأ ما يكتبون من الأسرار، فيمن يصغي إلى أحاديهم، فيمن ينظر إلى بيوتهم، لكن لو كان الباب مفتوح غير مغلق، ومر شخص والتفت، لا شك أنه .. ، قصد الإطلاع على العورات لا يجوز، لكن هم أهدروا حقهم ليس له أن يحذفه، ما دام الباب مفتوح، نعم ما دام الباب مفتوح ليس له أن يحذف، لكن ليس للآخر أيضاً أن يقصد النظر ويطلع على ما في البيت بحيث يركز النظر، ينظر إلى البعيد والقريب، ولو أراد تقرير مفصل عن الأسرة بمجرد هذه النظرة بعض الناس عنده استعداد، نعم بعض الناس بمجرد نظرة يتأمل كل شيء، ويدقق وينظر، يعني في نفسك وفي بيتك، وفي ما خلقت له من الشغل والعمل ما يغنيك عن مثل هذه الأمور، لكن بعض الناس لا سيما من ضيع أوامر الله يبتلى بمثل هذه التي هي عليه وليست له، وعرف من بعض الناس أنه يسلك الطريق الأبعد من بيته إلى المسجد والعكس، لماذا؟ لأن في طريقه الأقرب أناس يتساهلون في إغلاق الباب، يقول: أخشى أن تقع عيني على شيء لا يجوز لي النظر إليه، ولا شك أن الأمة ما زال فيها خير ولله الحمد، طيب هذا جالس يستمع أو ينظر فجاء صاحب البيت فحمل صخرة ورماها عليه من فوق، يضمن وإلا ما يضمن؟ وأذن له أن يحذفه بحصاة، ولو حصل من هذا الحذف فقئ العين فهدر لا يضمن، لكن قال: والله إني لأدبه وأدب غيره، لا أخلي أحد يمر مع هذا الباب ما هو بيطلع، شال صخرة ورماه بها، يضمن، لا شك أنه يضمن، ولا يهدر مثل هذا، نعم. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: حد السرقة عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن قيمته، وفي لفظ: قيمته ثلاثة دراهم. وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً)).

نعم حد السرقة، والسرقة: أخذ المال خفية من حرز، أخذ مال يبلغ النصاب خفية من حرز مثله، بهذا يجب الحد الذي هو قطع اليد، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] وهنا قدم السارق، وفي الزنا قدمت الزانية، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [(2) سورة النور] قالوا: لأن الرجال في الأموال أدخل من النساء، والنساء في ذلك الباب أدخل من الرجال. "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وفي لفظ" ثمنه" وش الفرق بين اللفظين القيمة والثمن؟ القيمة إيش؟ طالب:. . . . . . . . . والثمن؟ نعم؟ ما الفرق بينهما؟ الثمن يعني الذي أشتري به المجن، والقيمة ما يقوم به المجن وقت السرقة، يعني الآن إذا اشتريت أرض للتجارة بمائة ألف، فانحال عليها الحول تسأل العقاريين يقولون: تسوى تسعين ألف، أو مائة وعشرين ألف، ثمنها مائة ألف، وقيمتها تسعين أو مائة وعشرين، يعني ما تستحقه في وقت حلول الزكاة وقيمته ثلاثة دراهم، يعني يقوم بثلاثة دراهم، فدل على أن الثلاثة دراهم نصاب تقطع به اليد في السرقة، قل مثل هذا في حديث " عائشة -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً)) " ربع الدينار يعادل ثلاثة دراهم؛ لأن الدينار اثنا عشر درهم، ودية المسلم ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم، فسواء بلغت قيمة المسروق ثلاثة دراهم أو ربع دينار تقطع اليد، وكل منها أصل برأسه، ومنهم من يرى أن الأصل الفضة يقوم بها الذهب، ومنهم من يرى أن الأصل الذهب ترد إليه الفضة، وإذا كان المسروق عرض من عروض التجارة يرد إلى أصله من الذهب والفضة، وأهل الظاهر لا يشترطون النصاب، بل يقطعون في كل شيء صغير وكبير؛ لأن الآية مطلقة ما فيها قيد، لكن السنة جاءت بالقيد، وكانت اليد لا تقطع في الشيء التافه كما في حديث عائشة.

والنبي -عليه الصلاة والسلام- قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وتقطع اليد في ربع دينار فصاعداً، فدل على أنها لا تقطع في أقل من ربع دينار، لا تقطع في أقل من ربع دينار، الذي يساوي ويعادل ثلاثة دراهم، والحنفية عندهم النصابة عشرة دراهم، ومنهم من يرى أن النصاب خمسة دراهم، والخمس لا تقطع إلا في خمس إلى أقوال كثيرة لأهل العلم، المقصود أن النصاب على ما جاء في هذين الحديثين الصحيحين، وهو المعتمد ربع دينار أو ثلاثة دراهم، واليد تقطع، اليد اليمنى تقطع من مفصل الكف من الرسغ، من مفصل الكف؛ لأنها جاءت مطلقة، وهذا أقل ما تطلق عليه اليد، يعني لا من المرفق ولا من الإبط، إنما تقطع من مفصل الكف، ولا يكتفى بالأصابع؛ لأنها لا تسمى يد، وإن قال الشريف الرضي في أماليه: إن اليد تقطع بالأصابع، لكن هذا القول مرذول مهجور، نعم فاليد تقطع من المفصل من الرسغ؛ لأنها أقل ما يطلق عليه الاسم، ولا تقطع من المرفق، منهم من .. ، قد يقول قائل: لماذا لا يحمل المطلق على المقيد؟ اليد في آية السرقة مطلقة، وفي آية الوضوء مقيدة إلى المرافق، لماذا لا يحمل المطلق على المقيد؟ يحمل المطلق على المقيد هنا أو ما يحمل؟ لماذا لا نحمل اليد المطلقة في آية السرقة على اليد المقيدة في آية الوضوء؟ اختلف الحكم والسبب، وحينئذٍ لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، لكن لو اختلف الحكم فقط واتحد السبب يحمل المطلق وإلا ما يحمل؟ اختلف الحكم واتحد السبب، اليد في آية الوضوء مقيدة بالمرافق وفي آية التيمم مطلقة، نمسح بالتيمم إلى المرافق وإلا ما نمسح؟ اختلف الحكم واتحد السبب، السبب الحدث، والحكم هنا غسل وهنا مسح اختلف، هنا الأكثر على أنه لا يحمل المطلق على المقيد؛ لاختلاف الحكم وإن اتحد السبب، منهم من قال: تسمح اليد إلى المرافق؛ لأن السبب واحد، والعكس فيما إذا أتحد الحكم واختلف السبب فيحمل المطلق على المقيد كما في الرقبة في آية الظهار وآية القتل في كفارة الظهار الرقبة مطلقة، وفي كفارة القتل الرقبة مقيدة بالإيمان، الحكم واحد، فيحمل المطلق على المقيد، وإن اختلف السبب خلافاً للحنفية، أما إذا اتحد الحكم والسبب فلا خلاف، الدم مطلق {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ

الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] وجاء تقييده {إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] والحكم والسبب متفقان يحمل المطلق على المقيد بلا خلاف، نعم. عن عائشة -رضي الله عنها- أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكلمه أسامة فقال: ((أتشفع في حد من حدود الله?)) ثم قام فاختطب فقال: ((إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)). وفي لفظ: كانت امرأة تسعير المتاع وتجحده فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقطع يدها. نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عائشة -رضي الله عنها- أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت" ننتبه لقوله: سرقت، هذا الوصف مؤثر، أهمهم شأن المخزومية، يعني كونها مخزومية مؤثر وإلا غير مؤثر في الحكم؟ لا أثر له، نأتي إلى القيد الذي "التي سرقت" مؤثر، "فقالوا: من يكلم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ " يعني ليشفع لها، يعفيها من إقامة الحد، الآن الحكم والحد رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وصل الحكم إلى السلطان "فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني محبوبه، "وابن حبه" يعني ابن المحبوب زيد بن حارثة "فكلمه أسامة" واسطة الحب بن الحب، لكن ما الذي حصل؟ غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال: ((أتشفع في حد من حدود الله؟ )) لماذا؟ لأنه بلغ السلطان، وجاء في الخبر: ((وإذا بلغت الحدود السلطان فإن عفا فلا عفا الله عنه)) " ((أتشفع في حد من حدود الله؟ )) ثم قام فاختطب" قام النبي -عليه الصلاة والسلام- خطيباً لينكر هذا المنكر العظيم، ولينبه، وليقطع الطريق على من أراد أن يتدخل في إقامة الحدود "ثم قام فاختطب، فقال: ((إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)) " هذه طريقة من قبلكم من اليهود ومن قبلهم، عطلوا الحدود بهذه الطريقة، هذا شريف ما يقطع، هذا له قبيلة تحميه ما يقطع، هذا غني يمكن يستفاد من أمواله ما يقطع، هذا وجيه، هذا كذا، الضعيف هاتوه، شافوا المسألة مشكلة اضطراب في الحكم، فلان يقطع وفلان ما يقطع، وفلان يختلفون عليه، والأمير مع وزيره لا يقطع. . . . . . . . .، تصير مشاكل، فعوضوا عن القطع بالبدل، ثم عطلوا هذا الحد، وهلكوا بسببه ((إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد)) ثم أكد النبي -عليه الصلاة والسلام- إقامة وتنفيذ ما أمر بتنفيذه من حدود الله -جل وعلا- قال: ((وأيم الله)) قسم ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) ما في محاباة لا شريف ولا وضيع، لا كبير ولا صغير ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) سيدة نساء أهل الجنة، وأبوها سيد ولد آدم،

باب: حد الخمر

وبهذا يتم امتثال الرعايا، ما هو بالكلام النظري، امتثال الرعايا لما أكد النبي -عليه الصلاة والسلام- تحريم القتل في حجة الوداع، وتحريم الربا قال: ((أول دم أضعه دمنا، دم ابن ربيعة بن الحارث، وأول ربا أضعه ربانا، ربا العباس)) الناس يحتاجون إلى قدوة، يتقدم الناس بالفعل، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمر الناس بأن يحلقوا رؤوسهم في الحديبية تأخروا، لما حلق رأسه كادوا أن يقتتلوا، ولذا قال: ((وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)). "وفي لفظ: كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بقطع يدها" هذه هي المرأة الأولى، هي المخزومية، المرأة هي هي، لكن القطع بسبب السرقة التي أشير إليها في أول الأمر، سرقت أو بسبب استعارة المتاع وجحده؟ استعارة المتاع وجحده هذه خيانة ولا قطع على خائن ولا منتهب ولا مختلس، المقصود أن الوصف المؤثر في الحكم هل هو السرقة وإلا الاستعارة؟ استعارة المتاع مع جحده مسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: إنها وصفت بأنها تستعير، عرفت بهذا، لكن ما قطعت من أجله، إنما قطعت من أجل السرقة، والنصوص كلها تدور على قطع السارق لا غير، ومنهم من يقول: إن هذا وصف مؤثر وتستعير المتاع وتجحده فحكمها حكم السارق، والأكثر على أنه لا يقطع جاحد العارية، رواية عند الحنابلة على أنه يقطع، ورجحها بعض أهل التحقيق، نعم. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: حد الخمر عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر -رضي الله عنه-. باب: حد الخمر والخمر: ما خامر العقل وغطاه من أي مادة كان، سواء كان من العنب أو من التمر أو من الزبيب أو من التفاح أو من أي مادة كان، كل ما أسكر فهو خمر، كل ما غطى العقل وخامره فهو خمر موجب للحد، وكل مسكر خمر، وكل خمر حرام.

"عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدة نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر" جلد أربعين، يعني الجلد -جلد الشارب- في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- نحو أربعين، فعله أبو بكر جلد أربعين أيضاً "فلما كان عمر استشار الناس" لأنه كثر الشرب في عهده، يعني في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- قضايا محدودة، وفي عهد أبي بكر كذلك، الناس أدنى شيء يردعهم، النصوص تردعهم، لكن الناس إذا تتابعوا على شيء بحاجة إلى مزيد رادع، بحاجة إلى من يردعهم، فلما كان عمر، يعني جاءت ولاية عمر وكثر في الناس استشار الناس "فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر -رضي الله عنه-" يجلد الشارب ثمانين؛ لأن الأربعين ما تردعه، وفي حديث آخر: أنه لما استشارهم قال علي بن أبي طالب: إذا شرب هذى، وإذا هذى افترى، وحد الفرية ثمانون، يعني أقل شيء ثمانين، فاتفق رأي علي -رضي الله عنه- مع رأي عبد الرحمن بن عوف فنفذ عمر -رضي الله عنه- الثمانين.

ولذا اختلف العلماء في حد الخمر، أولاً: الخمر موجب للحد، وإذا أوجب الحد فهو كبيرة من كبائر الذنوب، وجاء لعنه، وجاء أن من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، فأمرها عظيم، وهي أم الخبائث، لكن هل حدها أربعون، كما كان في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر أو ثمانون كما نفذه عمر ووافقه عليه الصحابة؟ أو هو تعزير؟ المرجح أنه حد، والثمانون اتفق عليها الصحابة، وقال به جمهور أهل العلم، ومنهم من يرى أن الحد أربعين، والزيادة إلى الثمانين تعزير، وهذا قول عند الشافعية معروف، وهو تعزير لكن لو احتاجوا إلى رادع أكثر، ما ارتدعوا بالثمانين هل نزيد؟ نقول: اتفق الصحابة على الثمانين، لا يزاد في هذا الحد، حديث معاوية وغيره: ((إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم الرابعة فاقتلوه)) يعني المدمن، المدمن يكفي جلده أو لا بد من قتله؟ الجمهور على أن هذا الحديث منسوخ، وأن الشارب لا يقتل أبداً إنما يجلد، وهذا الحديث منسوخ، وأدعى بعضهم الإجماع على ترك العمل به، النووي نقل الإجماع على ذلك، والترمذي ذكر في علل الجامع أنه ليس في كتابه حديث اتفق الناس على عدم العمل به إلا هذا الحديث، وحديث الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، المقصود أن هذا مما نقل الاتفاق على عدم العمل به، مع أن أهل الظاهر يعملون به، ابن حزم يرى قتل المدمن، إذا شرب الرابعة يقتل، يرى أنه لا ينقطع دابر هذه الجريمة، هذه الكبيرة من كبائر الذنوب إلا بتشديد العقوبة، يقتل، وهذا القول يرجحه السيوطي والشيخ أحمد شاكر، وألف فيه رسالة (كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر) المقصود أن هذا قول لأهل العلم يستند إلى مثل هذا الدليل، وشيخ الإسلام وابن القيم يقولا: إن الحديث ليس بمنسوخ، لكنه ليس بحد، هذا مرده إلى الإمام، يعني تعزير، إذا رأى الإمام الناس لا يرتدعون عن شرب الخمر إلا بالقتل يقتل، استناداً إلى هذا الحديث، وعامة أهل العلم على أن الخبر منسوخ، نعم. وعن أبي بردة هانئ بن نيار البلوي الأنصاري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أبي بردة هانئ بن نيار البلوي -رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله)) " الحدود المقررة المحددة شرعاً في الخمر وفي الزنا وفي القذف وغيرها، المحددة بالجلد، السرقة قطع، قاطع الطريق جلد؟ لا إحنا نتكلم عن الجلد، الخمر والزنا والقذف، أقل هذه الحدود الخمر على خلاف هل يبلغ إلى حد القذف أو لا يبلغ؟ وأعلاه الزنا، الأمور التي لا تقتضي حد تقتضي تعزير، شخص عنده مخالفة دون الحد، هل يجلد ما يزيد على الحد؟ يعني شخص اتهم بالزنا وفعل مع المرأة ما يفعله الرجل مع امرأته إلا أنه لم يصل إلى حد الزنا هل نقول: يمكن يعزر بما يزيد على مائة جلدة؟ نعم هو لم يثبت في حقه الزنا، لكن فعل مع المرأة .. ، دعونا من كونه اختطفها اغتصبها هرب بها وأخفاها مدة، هذه جرائم كبيرة يقدرها الإمام في وقتها، لكن حصل معه خلوة بامرأة، وفعل معها ما فعل إلا أنه لم يثبت الزنا، لا يبلغ هذا إلى مسألة الحد، لا يبلغ به مائة، دون المائة دون الحد، لكن هل يزاد على عشرة أسواط؟ وما المراد بالحد هنا؟ ((لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله)) هل المراد به الحدود المقدرة فإذا فعل ما فعل ما لم يثبت الحد لا يجلد أكثر من عشرة أسواط؟ أو نقول: إنه لا يبلغ به الحد المحدد في الفعل المرتب عليه الحد الكامل إذا كان من جنسه؟ ويكون المراد في الحد المحرم، إذا ارتكب محرم يجلد فوق عشرة أسواط، إذا لم يرتكب محرم وخالف الأدب يؤدب، ومثل هذا المعلم مع طلابه، إذا خالفوا الأدب، وأساءوا الأدب أو تركوا الحفظ يضربهم، لكن ما يجلدهم عشرة أسواط، فوق عشرة أسواط، والرجل يؤدب ولده، والرجل يؤدب زوجته، لا يصل بها إلى أكثر من عشرة أسواط، ما لم ترتكب حد، وحدود الله محارمه، بغض النظر عن كونها رتب عليها حدود في الدنيا أو لا، ومنهم من يقول: إلا في حد من حدود الله المقدرة، الأربعين أو الثمانين أو المائة، فإذا حصل من العبد الرقيق ما يحصل مما لم يثبت به الحد، وقلنا: إنه يجلد نصف الحر، ما يبلغ به خمسين جلدة ما لم يثبت عليه الزنا فيوصل به الخمسين، وقل مثل هذا في بقية الحدود، عل الخلاف في

المراد بقوله: ((إلا في حد من حدود الله)) إذا كان المحرم، إذا ارتكب محرم ولو لم يكن في حد يتجاوز به، هناك قضايا يحتف بها ما يحتف مما يجعلها أعظم من الحدود، شخص تكلم بكلمة قذف يجلد ثمانين، شخص شرب كأس من الخمر يجلد ثمانين، وقع زنى بامرأة يجلد مائة، لكن هناك جرائم، يوصل بعض القضاة التعزير إلى المئات بل إلى الألوف؛ لأن هناك جرائم تفنن فيها الفجرة والفساق، يعني شخص أغلق بابها، أو أختطف امرأة وجلست عنده أيام طويلة أو أشهر، وصورها ونشر الصور، وفعل وكذا، يحتاج إلى من يردعه هذا، هذا احتف بفعله جرائم كبرى، هذا يبالغ بتأديبه وتعزيره وردعه وردع أمثاله، فالآثار المترتبة على مثل هذه الأفعال كبيرة، فليكن الرادع كبير، وبعض الناس ينتقد القضاء والقضاة بأن بعضهم يشد على بعض الناس، لا ما هو بصحيح أبداً؛ لأن هذه الحدود إنما شرعت للعلاج، وتصفية المجتمع الإسلامي من هذه القاذورات وإلا صار الناس وحوش إذا لم يجد ما يردعهم، لا سيما مع تيسر أسباب الفساد، وما يعين على انتشار الرذيلة، لا بد من الأطر، ولا بد من حمل الناس على الحق، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الأيمان والنذور

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الأيمان والنذور (1) كتاب الأيمان والنذور - باب: القضاء الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: اللهم أغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب الأيمان والنذور: عن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خير منها فكفر عن يمينك وأتِ الذي هو خير)). وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خير منها إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب الأيمان والنذور

الأيمان: جمع يمين، والمراد بها تأكيد المحلوف عليه باسم من أسماء الله -عز وجل-، أو بصفة من صفاته مقترناً بأحد الحروف حروف القسم، والنذور: جمع نذر، وهو إلزام المكلف نفسه ما لم يلزمه به الشرع، جمع بينهما المؤلف كغيره من أهل العلم لأنهما يشتركان في بعض الأحكام، اليمين والنذر تشتركان في بعض الأحكام، وبعض النذور كفارتها كفارة يمين، هذا هو سبب الجمع بين البابين، ويقصد منهما معاً التوكيد، الحديث الأول: "عن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة)) " الإمارة وفي حكمها سائر الولايات والوظائف، لا شك أن لها تبعات، فإذا وجد من يقوم بالعمل غيرك فاحمد ربك على السلامة، قد جاء في الإمارة أنها نعمة المرضعة وبئست الفاطمة، يعني ما زلت في الإمارة فأنت أمورك ماشية، لكن بعد ذلك؟ ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- لما زار ابن عامر، عاده وهو مريض، فقال له: عظني، فقال ابن عمر: لا يقبل الله صلاة من غير طهور، ولا صدقة من غلول، وكنتَ على البصرة، يعني أمير على البصرة، فأنت في هذه اللحظة أحوج ما تكون إلى إبراء ذمتك، يعني إن كان دخل عليك من بيت المال شيء، أو من حقوق العباد شيء؛ لأن الأمير الولاية سلطة، إذا عرف الإنسان أنه ليس هناك أحد فوقه يحاسبه النفس ضعيفة، تتمنى وتشتهي وإذا حصل لها التنفيذ نفذت، وهذا موجود في آحاد الناس فضلاً عمن ولي بعض الأمور التي .. ، وترك له الأمر فيها، فلما كانت بهذه المثابة مزلة قدم، فعلى الإنسان أن يسأل الله السلامة منها، وهذا في سائر الولايات لكون الإنسان لا أحد فوقه يناقشه ويعاقبه ويعاتبه هذا لا شك أنه ييسر عليه التساهل في بعض الأمور، والإمارة من هذا النوع، وجاء التحذير من القضاء على ما سيأتي، وقل مثل هذا في سائر الولايات والإدارات والرئاسات لها تبعات.

((لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها)) والغالب أن الذي يسأل العمل والوظيفة يحاول أن يتمسك بها؛ لأنه جاءها عن رغبة، ومحاولته هذا التمسك يجعله يتجاوز بعض الأمور، بينما من ألزم على عمل ما أسوأ الاحتمالات إذا ألزم على عمل يعني إذا عدل وأتقن عمله، وأدى ما عليه بدقة أسوأ الاحتمالات وش يصير له؟ أنه يفصل من هذا العمل، يعفى منه، وهو ما جاء إلا مرغم ما يضيره شيء، ولذا مثل هذا الذي يطلب الشيء لا شك أنه يحاول تثبيت ما حصل عليه، أما بالنسبة للذي يلزم به ((وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها)) لأنك في الأصل ما جيت رغبة أنت ملزم، فإذا أعفيت من هذا العمل ما تضررت، بخلاف من طلب هذا الأمر، ولذا بعضهم، بعض من كتب في الآداب السلطانية وغيرها والولايات والأحكام السلطانية يذكرون أن الناس أحد اثنين، إما أن يكون أكبر من هذه الولاية، أو يكون دون هذه الولاية، يعني مستواه، فإن كان أكبر من هذه الولاية ما يفقد شيء إذا فقدها، ما يفقد شيء إذا فقد هذه الولاية، وسوف يسعى لإبراء ذمته، ولن ينظر إلى أحد كائناً من كان، وإذا كان أقل منها فهو يسعى للحصول إليها، ومع ذلك يحافظ عليها، ويتجاوز من أجل إبقائها، والشواهد لا تخفى على أحد، والله المستعان. ((فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها)) يعينك الله -جل وعلا- إذا أعطيت هذه الوظيفة من غير مسألة، وإذا كنت كارهاً لها وألزمت بها لا شك أن الإعانة مضمونة من الله -جل وعلا-، فالذي يكره على شيء، الذي يأتي مندفع إلى الشيء، هذا جاء عن مسألة فيخلى بينه وبين نفسه ولا يعان، والذي يلزم أو يعطى من غير مسألة أو يعرض عليه ويلزم ويكره على ذلك لا شك أن الله -جل وعلا- يعينه عليها.

((وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وأتِ الذي هو خير)) ومثله حديث أبي موسى: ((إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها)) يعني حلفت أن لا تزور فلان من الناس فرأيت من المصلحة أنك تزروه، يعني ترددت على المسئول الفلاني أو العالم الفلاني وذكرت له بعض الأمور وبعض المنكرات، وبعض ما يجب تغييره ما لقاك بال، حلفت تقول: والله ما أمر عليه غير ما مريت، ثم رأيت منكراً لا بد من إبلاغه إياه هذا خير بلا شك، أو حلفت أن لا تزور قريبك مثلاً لأنك تزوره ولا يزورك، فزيارته خير بلا شك.

((وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وأتِ الذي هو خير)) الحديث الذي يليه: ((لا أحلف على يمين فأرى غيرها خير منها إلا أتيت)) هناك: "كفر وأتِ" وهنا: ((إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها)) فمتى يكون التكفير عن هذه اليمين قبل الحنث أو بعده؟ مقتضى الحديث الأول أن يكفر ثم يحنث، مقتضى الحديث الثاني؟ نعم؟ يأتي الذي هو خير ثم يكفر، وعلى كل حال العطف بالواو في الموضعين لا يقتضى ترتيب، فسواء قدم التكفير أو قدم الحنث لا فرق، وهذه المسألة فرع من قاعدة ذكرها الحافظ ابن رجب، وذكر لها فروع منها هذه المسألة، وهي أن العبادة أو العقد إن كان له سبب وجوب ووقت وجوب، هنا سبب وجوب ووقت وجوب فإنه لا يجوز فعلها قبل سبب الوجوب اتفاقاً، ويجوز فعلها بعد وقت الوجوب اتفاقاً، والخلاف ما بين السبب والوقت، الذي معنا سبب وجوب الكفارة اليمين، هذا هو السبب في وجوبها، ووقت وجوب الكفارة الحنث، لا يجوز التكفير قبل انعقاد السبب، فمثلاً شخص فاض عنده طعام، قال: يبي يفسد هذا الطعام ما أكلناه، وش رأيكم -يعرض على زوجته وعلى أولاده- ما نكيل منه كم كفارة ونطلعهن للمستقبل؟ ما ندري وش يجينا الزمن؟ نخرج خمس كفارات، عشر كفارات بحيث لو حلف الواحد منا إذا مقدم ... ، هذه قبل اليمين لا تجزئ الكفارة اتفاقاً، وبعد الحنث تجزئ اتفاقاً، لكن قبل الحنث وبعد انعقاد اليمين، هذا الذي معنا وهو محل خلاف بين أهل العلم، والدليل يدل على جوازه، طيب هدي المتعة والقران سببه الإحرام، نعم، سببه الإحرام بالعمرة إن كان متمتعاً، أو الإحرام بهما من الميقات إن كان قارناً، هذا السبب، لا يجوز أن يذبح هدي المتعة والقران قبل أن يحرم، ووقت الوجوب: ارتفاع الشمس، أو صلاة العيد، يعني ما يعادل صلاة العيد من يوم الأضحى؛ لأنهم يقولون: وقتها وقت الأضحية، هذا وقت الوجوب، والوقت ما بينهما من إحرامه إلى يوم العيد يجوز أن يذبح أو ما يجوز؟ على القاعدة، الخلاف موجود، منهم من يقول مثل هذا تماماً، ليش ما يجوز؛ لأنه يجوز بين السبب والوقت على ما قررناه هنا، ولذا أجاز الشافعية أن يذبح هدي المتعة والقران يوم عرفة وش المانع؟ أو قبل عرفة من الإحرام قبل

يوم العيد؟ والجمهور على أنه لا يجوز، تعرفون أن في هذا مؤلفات (القول اليسر في جواز نحر الهدي قبل يوم النحر) رسالة متداولة، لكن رد عليها برسالة أخرى اسمها: (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره من تجويزه نحر الهدي قبل وقت نحره) وعلى كل حال الخلاف بين العلماء موجود وهو يرجع إلى هذه القاعدة. الذي معنا الحديث الأول: كفر عن يمينك ثم أتِ الذي هو خير، يعني احنث، إذا كفرت احنث، النص الثاني: أتِ الذي هو خير، زر قريبك، زر شيخك، زر المسئول الذي تريد أن تبلغه بمنكر، زر الذي هو خير، افعل الذي هو خير وتحلل هذه اليمين، يعني كفر عنها.

((إني والله -إن شاء الله-)) الاستثناء هذا ينفع في رفع حكم اليمين ((إني والله)) أقسم النبي -عليه الصلاة والسلام-، لو لم يأتِ بهذا الاستثناء ((إني والله لأحلف على يمين فأرى غيرها خير منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها)) يعني حنثت ثم كفرت، وكونه يقسم على هذا الأمر يؤخذ منه عدم جواز الأمر الثاني، وهو جائز بالنص، ولذا جاء الاستثناء فرفع الحكم، يعني الحديث الأول ما فيه يمين، لا تداخل الأيمان يا إخوان، أنا الآن أتحدث عن أي يمين؟ في قوله: ((إني والله)) دعونا في الحديث الثاني لنمثل به على المسألة الكبرى، المسألة الخاصة والعامة يمكن تؤخذ من هذا الحديث، النبي -عليه الصلاة والسلام- مو بحلف ((إني والله)) ثم بعد ذلك قال: ((إن شاء الله)) استثنى وهذا الاستثناء افترض أن هذا الاستثناء ما وجد ((إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها)) لو افترضنا أنه جاء العطف بـ (ثم) فقال: ((إني والله لأحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير منها ثم تحللتها)) قلنا: لا بد أن يكون الحنث قبل التكفير، ومؤكد بقسم، لكن هذا القسم الذي رفع حكمه يعني لو جاء الحكم باليمين من غير ما يرفع الحكم من الاستثناء لقلنا: تصادم بين الحديثين، تعارض ظاهر بين الحديثين، أنتم معي وإلا ما أنتم معي؟ يعني نريد أن نأخذ مثال في القاعدة الكلية التي دل عليها الحديثان من الحديث الثاني، حلف النبي -عليه الصلاة والسلام-، حلف أنه إذا حلف على شيء فرأى غيره خير منه إلا أتى الذي هو خير وتحللها، الآن وجدت عنده الكفارة قبل تيسر إتيان الذي هو خير، وأراد أن يكفر قبل الحنث هل يحتاج إلى كفارة لحلفه في الحديث؟ لولا الاستثناء احتاج، لولا قوله: ((إن شاء الله)) احتاج، ما أدري الإخوان الظاهر أن أكثرهم ما هم معي، ما أدري والله، أنتم معنا يا إخوان، تقررت المسألة أو ما تقررت؟ لأن أخذنا الحكم العام أنه إذا حلف على يمين رأى أن هذه اليمين الحنث فيها أفضل من الاستمرار والإصرار فيها، سواء كفر قبل أو بعد ما في فرق، وعلى هذا يدل الحديثان، والقاعدة السابقة تؤيد، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إني

والله)) هذا فرد، يمينه هذا فرد مما دل عليه عموم الحديثين، مو النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كفر عن يمينك وأت الذي هو خير)) وفي الثاني: ((إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها)) طيب خلونا على الحديث الثاني الذي فيه اليمين ((إني والله)) هو ما فيه تقديم الحنث على التحليل في الحديث الثاني؟ تقديم الحنث على الكفارة تقديم الحنث على إيش؟ على الكفارة، مقرون باليمين، طيب خلينا على واحد أقسم هذا القسم، والله إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها، افترض أنه بعد هذا اليمين تيسرت له الكفارة، لكن ما تيسر له الحنث يلزمه كفارة ثانية لليمين الذي حلف عليها، يلزمه كفارة لليمين الذي حلف عليها؛ لأنه خالف اليمين، أنا أعرف أن بعض الإخوان يمكن أنا عجزت عن إيصال هذا الأمر إليهم وإلا أشوف بعض الإخوان كأنهم إلى الآن ما بعد استوعبوا، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

الأمثلة عندنا المثال عملي هنا، ما هو عندنا القاعدة العامة أنه لا يجوز قبل انعقاد السبب الذي هو اليمين ويجوز بعد الوقت اتفاقاً؟ والخلاف فيما بينهم بين السبب والوقت، انتهينا من هذا وقررناه، وقلنا: سواء كفرت قبل الحنث أو بعد الحنث لا فرق، والتكفير قبل الحنث له دليله، والتكفير بعد الحنث له دليله، من الحديثين الذين معنا، واحد يدل على صورة والثاني يدل على الصورة الثانية، نأتي إلى اليمين المصرح به عندنا في الحديث: ((إني والله)) ما هو بيمين؟ لو حنثت فيه ما يحتاج إلى كفارة؟ ما هو بحلف أنه إذا حلف على شيء فرأى غيرها خير منها إلا أتى الذي هو خير، مؤكد بيمين، وتحللها، لو تحلل قبل أن يأتي الذي هو خير وقد حلف على أن يعكس ما يلزمه كفارة؟ يلزمه كفارة، لكن من الذي حلل هذه الكفارة ورفع حكمها؟ الاستثناء، الاستثناء رفع الحكم، الكفارة جاءت مبينة في القرآن {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ} [(89) سورة المائدة] إحدى هذه الخصال الثلاث على التخيير، إطعام، كسوة، عتق، الذي لا يجد هذه الخصال الثلاث يعدل إلى صيام ثلاثة أيام. ((يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة)) جاء ما يدل على سؤال الإمارة {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [(55) سورة يوسف] فإما أن يقال: هذا شرع من قبلنا، وجاء شرعنا بخلافه، أو يقال: إن الحكم مستمر ومحكم، كل من عرف أو كل من تعين عليه عمل لا مانع من أن يطلبه، افترض بلد كبير ما فيه إلا عالم واحد، وسألوه من يصلح للقضاء؟ من يصلح للإفتاء؟ وبدأ الناس يجيبون في المجالس فلان فلان فلان، واثق أنه ما في .. ، هؤلاء كلهم ما يصلحون، لو تولوا هذه المناصب أفسدوا أكثر مما يصلحوا، حينئذٍ لا مانع أن يعرض ويطلب لإنقاذ هذه المهمة العظيمة؛ لأنه تعين عليه بحيث يأثم لو لم يتولَ، وهكذا طلب يوسف -عليه السلام- أن يجعله على خزائن الأرض؛ لأنه لا يوجد من يقوم مقامه، نعم.

عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) ولمسلم: ((فمن كان حالفاً فليحف بالله أو ليصمت)) وفي رواية: قال عمر: فو الله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عنها ذاكراً ولا آثاراً، يعني حاكياً عن غيري أنه حلف بها. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) ولمسلم: ((من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)) " عمر -رضي الله عنه- حدث قوماً حديثاً فحلف بأبيه، فإذا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- يمسكه من خلفه فنهاه عن ذلك، وروى هذا الحديث، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) والتنصيص على الآباء لا يخرج غيرهم من النهي، فالحلف بغير الله كما جاء في الحديث ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) فالحلف بغير الله كائناً من كان سواء كان الأب أو الأمانة أو الكعبة أو النبي أو جبريل أو أي مخلوق كائناً من كان، فالحلف لا يجوز إلا باسم من أسماء الله -جل وعلا-، أو بصفة من صفاته، البتة. " ((إن ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) ولمسلم: ((من كان حالفاً فليحف بالله أو ليصمت)) " وابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: لأن أحلف بالله كاذباً خير لي من أن أحلف بغيره صادقاً، يحلف بالله كاذب هذه معصية، والمعصية أسهل من الشرك " ((فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)) في رواية قال عمر: "فو الله" امتثال "ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عنها ذاكراً ولا آثراً" يعني كونه ما يحلف ذاكراً ابتداء من تلقاء نفسه هذا من دون عمر لا يفعله، لكن: "ولا أثراً" ما ينقل عن غيره أنه حلف بغير الله، ما ينقل عن غيره ولا يؤثر ولا ينقل عن غيره أنه حلف بغير الله، يعني هل عمر لا يقول: إن فلان حلف بغير الله؟ أو لا ينطق بما نطق به فلان؟ لا ينطق بما نطق به فلان ولو نسبه إليه، وهذا من تمام امتثاله -رضي الله عنه وأرضاه-.

في بعض المسلسلات التي تأتي في هذه القنوات فيها حلف بغير الله، ويسمعها الجهال، يسمعها العوام، ويسمعها الأطفال، ومع الأسف أنه وجد من الأطفال في الشوارع من يحلف بغير الله، يقلد ما سمع، ويحكي ما سمع، ولا يدري ما الحكم؟ وهذه من الأضرار، وصل المسألة إلى حد الشرك، ونقل ابن عبد البر الإجماع على أنه لا يجوز الحلف بغير الله -جل وعلا-، جاء في بعض الأحاديث الصحيحة مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفلح وأبيه إن صدق)) وللعلماء عن مثل هذا أجوبة، منهم من يقول: إن هذا كان قبل النهي عن الحلف بغير الله -جل وعلا-، هذا قبل النهي، ومنهم من يقول: إن هذا مما يجري على اللسان من غير إرادة للمعنى الذي هو التعظيم، لكن مثل هذا يتذرع به كل من يحلف، نعم أقول: يتذرعون به، المسلمون الذين في سائر الأقطار وجرت ألسنتهم على هذا يقولون: والله ما نقصد أننا نعظم فلان أو علان، لكن تعودنا، نقول: ما يكفي، فهذا كان قبل النهي، ابن حجر نقل عن السهيلي: أن قوله: ((أفلح وأبيه)) مصحفة وأصلها والله، يعني هل هناك تقارب بين الصورتين أبيه ولفظ الجلالة؟ يعني قصرت اللامان وصارت أبيه، وهو ليس هناك نقط، ما فيه نقط، قبل ما في نقط ما فيه إعجام، فقصرت اللامان من لفظ الجلالة فصارت وأبيه، وهذا لو وجد في نسخ مصححة مقابلة موثوقة أصلية يمكن الاعتماد عليه، وإلا توهيم الرواة بمجرد الاحتمال لا يكون أبداً، طيب ماذا عن الحلف بالطلاق؟ شرك وإلا ما هو بشرك، الحلف بالطلاق بعض الناس مما يرى من كثرة تساهل الناس باليمين إذا أراد أن يحلف شخص يطلب منه أمر يرى أنه يحتاط لهذا الأمر أكثر من اليمين، يقول له: طلق، يعني ما يرضى باليمين، وهذا لا يجوز، الذي لا يرضى بالله ما الذي يرضيه؟ حتى نص أهل العلم على أنه لو أن قاضياً حلف الخصم بغير الله وجب عزله؛ لأنه يضطر الناس إلى الشرك، لكن مسألة الحلف بالطلاق هل هي حكمها حكم القسم أو أن المراد منها ما يراد من القسم؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . لا لا مسألة الحلف بالطلاق والتي تحللها كفارة اليمين على رأي شيخ الإسلام ما فيها شيء من حروف القسم الثلاثة، ما فيها والطلاق، ولا بالطلاق، ولا بالتاء ولا شيء، نعم؟

طالب:. . . . . . . . . يعني يراد من الطلاق ما يراد باليمين، يعني يراد منه الحث أو المنع، يعني بدل من أن يقول لزوجته: والله ما تخرجين، يريد أن يمنعها، والله لتخرجين يريد أن يحثها على الخروج أو يريد أن يمنعها بدلاً من أن يكون باليمين يقول: إن خرجت فأنتِ طالق أو إن لم تخرجي فأنت طالق، هذا الحلف بالطلاق عندهم، فيراد من الطلاق يعني تعليقه بالخروج أو عدم الخروج الحث أو المنع كما يراد من اليمين؛ لأن الذي يسمع كلام أهل العلم في مسألة الحلف بالطلاق يقول: كيف؟ هذا شرك ما هي مسألة كفارة يمين أو غيره، هذا شرك، والذي يحلف بغير الله يلزمه كفارة؟ أعظم من أن يكفر، كيف يقول شيخ الإسلام: كفارته كفارة يمين، نقول: ما فيه حلف بمعنى الشرك هو ما يعظم الطلاق، إنما يريد من تعليق الطلاق ما يراد من اليمين من الحث أو المنع، ولذا أوجب شيخ الإسلام لتحليل هذا التعليق ما يحلل اليمين، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ ظاهر يا إخوان؟ يعني حينما يقول: الحلف بالطلاق هل معناه أنه يقسم بالطلاق؟ لا، لا يقسم بالطلاق، ولو أقسم بالطلاق قلنا: أشرك، ولا تحل له كفارة ولا غيرها إنما عليه التوبة والاستغفار، لكن يعلق الطلاق على أمر يريد الامتناع منه، أو على أمر يريد فعله كما يفعل ذلك في القسم، ولذا شيخ الإسلام يرى أن الكفارة تحله مثلما تحل اليمين، نعم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال سليمان بن داود -عليهما السلام-: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقيل له: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان)) قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان ذلك دركاً لحاجته)) قوله: قيل له: قل: إن شاء الله يعني قال له الملك. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال سليمان بن داود -عليهما السلام-)) " النبي بن النبي ((لأطوفن الليلة)) اللام موطئة لقسم محذوف، وجاء بيانه في بعض الروايات: ((والله لأطوفن)) اللام هذه موطئة لقسم محذوف، وترتب عليها حكمها، بدليل قوله: ((لم يحنث)) حنث، يعني قوله: ((لو قال: إن شاء الله لم يحنث)) لم يقل: إن شاء الله إذاً حنث أو ما حنث؟ حنث؛ لأنه لو قال: إن شاء الله ما حنث، فدل ذلك على أنه حنث، اليمين ليست مذكورة هنا، واللام موطئة للقسم، إذاً قول الإنسان: لعمري أو لعمر فلان، أو لعمر فلان، هذه يجيزها أهل العلم؛ لأنها لا يؤخذ منها التعظيم، لا تدل على التعظيم الذي يدل عليه القسم، ومنهم من يقول: إنها واقعة في قسم محذوف والمقسم به محذوف ما يدرى من هو؟ كأنه يقول: والله لعمري، وكونها لا تدل على التعظيم يستدلون عليه بقول الشاعر: لعمرو أبي الواشين إني أحبها ... . . . . . . . . . أبو الواشين هذا محبوب أو مكروه؟ مكروه، أبو الواشين مكروه يستحق تعظيم وإلا تحقير؟ يستحق التحقير، فقالوا: مثل هذا لا يدل على تعظيم، إنما أسلوب يجري على اللسان لا يراد منه ما يراد من القسم، فأجازوه، ومنهم من يقول: إن اللام هذه واقعة في قسم محذوف، والمقسم به محذوف، فلعله يريد: والله لعمري، على كل حال ((قال سليمان -عليه السلام-: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة)) أقسم أن يجامع تسعين امرأة، وفي رواية: ((سبعين)) وفي رواية: ((مائة)) وفي رواية: ((تسعة وتسعين)) المقصود أن الأنبياء أعطوا من القوة ما لم يعطه غيرهم، ولنبينا -عليه الصلاة والسلام- من القوة بحيث يدور على نسائه بساعة، التسع كلهن بغسل واحد، المقصود أن الأنبياء أعطوا من القوة ما لم يعطه غيرهم، وكذلك أتباعهم من أهل الفضل والاستقامة عندهم شيء من هذا، والعلماء يعللون ذلك بأن غير أهل الاستقامة نعم قد يفرطون في هذا الأمر أو في شيء من وسائله فيعاقبون بالضعف، يفرطون بهذا الأمر، فيصرفونه في المحرم، أو يصرفون بعض وسائله فيما حرم الله عليهم فيعاقبون، أما من حفظ نفسه، وحفظ جوارحه حفظها الله -جل وعلا-، فهو من هذا الباب.

((لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله)) قصده -عليه السلام- الخير، فقيل له: قل: إن شاء الله، قال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، نسي، أو رأى أن هذا من عمل البر الذي لا يحتاج إلى استثناء، كما أن عمل الخير الذي هو خير محض يستخير فيه الإنسان وإلا ما يستخير؟ ما يستحق الاستخارة؛ لأنه عمل خير، فكأنه -عليه السلام- رأى أن هذا عمل خير لا يحتاج إلى استثناء. إذا هممت بأمر سوء فأتئد ... وإذا هممت بأمر خير فأعجل

ما يحتاج إلى أنك تشاور أو تستخير هذا عمل خير، فرأى أنه من هذا يعني ما يحتاج إلى أن يستثنى؛ لأن الاستثناء قد يعوقه عن ما صمم عليه، بعض العلماء يقول: إنه نسي الاستثناء، على كل حال وقع، قيل له: قل: إن شاء الله وما قال، فما الذي حصل؟ ((فلم يقل، فطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان)) قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان ذلك دركاً لحاجته)) لم يحنث لأن الاستثناء يرفع حكم اليمين ((وكان ذلك دركاً لحاجته)) تلاحظون أنتم اقتران الكلام بالمشيئة نافع، وفي الغالب يدرك صاحبه، يعني في الكتب يمر عليكم، سيأتي في باب كذا، تبحث باب كذا ما جاء، لماذا؟ ما قال: إن شاء الله، سيأتي إن شاء الله ويأتي، وقد يقول سيأتي ولا يقول: إن شاء الله ويأتي، هذا سنذكره في باب كذا ويذكره، يعني ما هي المسألة مسألة حتم، المسألة مشيئة الله -جل وعلا- حتى لو وجدت سيأتي في باب كذا إن شاء الله، قد يقول: إن شاء الله ولا يأتي، لماذا؟ لأن الله لم يشأ، وإلا لو كان محقق كان كل شخص يقول: إن شاء الله إذا بلغت المائة أبي أنصرف للعبادة، فبلغت المائة طيب أنا استثنيت يا أخي لازم يجي، لا بد أبلغ المائة استثنيت، لا لا يا أخي، الله -جل وعلا- ما شاء، أنت تعلقت، وهذا الذي يعنيك، لكن ليست لك النتائج، وإلا كان كل إنسان يقول: إن شاء الله إذا بلغت المائة أبا أنصرف للعبادة، طيب علق بالمشيئة وما جاء، نقول: نعم الله -جل وعلا- ما شاء لك أن تعيش إلى مائة، فليست بحتم، نعم حكم اليمين يرتفع، لماذا؟ لأنك أقسمت على شيء والله -جل وعلا- ما شاءه، وأنت علقت على مشيئته إذاً ما صار، فلا تحنث.

((لو قال: إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته)) في الروض المربع مر بكم "وما أبين من حي فهو كميته" قال الشارح: "إلا مسك في فأرته، والطريدة وستأتي في الصيد" جاءت وإلا ما جاءت؟ عاد المحشيين يقولون: لو قال: إن شاء الله ذكرها، تعليق الأمور على المشيئة منها ما هو مطلوب كما هنا، ومنها ما هو مباح، ومنها ما هو ممنوع، اللهم أغفر لي يجوز أن يقول: إن شئت؟ لا يجوز، اللهم أغفر لي إن شئت لا يجوز، بل يعزم المسألة، الله يغفر لك إن شاء الله، أو غفر الله لك إن شاء الله يجوز وإلا ما يجوز؟ هو دعاء، معروف أنه دعاء، غفر الله لك إن شاء الله يجوز وإلا ما يجوز؟ طالب:. . . . . . . . . لماذا؟ نعم لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . هو دعاء على كل حال لكن الدعاء لا يخلو إما أن يكون بلفظ الأمر اللهم أغفر لي مثل هذا لا يجوز أن يقترن بالمشيئة، أما إذا كان الدعاء بلفظ الخبر فيجوز، نعم طهور إن شاء الله، ثبت الأجر إن شاء الله، كلها موجودة في النصوص، بلفظ الخبر يجوز وبلفظ الأمر لا يجوز، نعم. عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان)) ونزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} [(77) سورة آل عمران] ... إلى آخر الآية. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حلف على يمين صبر)) " يمين الصبر هي التي يسمونها يمين الغموس، وهو كاذب، يحلف وهو كاذب فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم متعمد يعرف أنه كاذب، يقتطع بها مال أخيه، أو يثبت على أخيه ما يعلم أنه بريء منه، لو أقسم أن فلان سرق وهو يعرف أنه بريء، أو أقسم أن فلان مدين لفلان، أو أقسم .. ، يعلم فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم، وأعظم من هذا أن يصل إليه شيء في بدنه، بدن أخيه المسلم أعظم من ماله ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان)) نسأل الله العافية، وهذه هي اليمين الغموس التي هي أعظم من أن تكفر عند أهل العلم، أعظم من أن تكفر؛ لأن فيها حق للمخلوق، يعني إذا كفر الإنسان حق الخالق فماذا عن حق المخلوق؟ ونزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ} [(77) سورة آل عمران] وعيد شديد على من يتعمد اقتطاع حق المسلم باليمين الكاذبة، وبعض الناس تأخذه العزة بالإثم، في أول الأمر يحلف خطأ، والله إن فلان يطلب فلان، ثم بعد ذلك يذكر أنه ما حصلت البيعة، فلان يطلب فلان مبلغ كذا قيمة كذا، ثم يذكر تذكر يا فلان أنه أعاد السلعة في المجلس ولا حصل شيء، يتذكر ثم يصر، يعني تأخذه العزة بالإثم، لا يريد أن يتراجع بعض الناس عنده صلابة بحيث لا يتراجع ولو عرف الحق، يدخل في هذا الوعيد، لكن إذا حلف على غلبة ظنه، يغلب على ظنه أن هذا حاصل في حقوق المخلوق لا يجوز له أن يحلف، لكن ما لا يتعلق به حق المخلوق وحلف على غلبة ظن يجيزه أهل العلم، يجيز أهل العلم الحلف على غلبة الظن، ولذا لما جاء المجامع في نهار رمضان، وأمر بالعتق، وأمر بالصيام، وأمر بالإطعام وقال: إنه لا يجد، وجيء بالطعام للنبي -عليه الصلاة والسلام- ودفعه إليه يتصدق به، أقسم والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا، طيب هل عنده يقين أنه ما يوجد في المدينة أفقر منه؟ يعني هل عنده مسح لجميع بيوت المدينة أنه ما في أفقر منه؟ ولذا إذا غلب على ظنك

أن هذا لا يوجد أفقر منه، ووجدت فرصة لأن يتصدق عليه لو حلفت لا بأس، عند أهل العلم بناء على غلبة الظن، أما إذا كان فيها اقتطاع حق مسلم فهذه لا يجوز إلا مع اليقين، نعم، عن الأشعث. عن الأشعث بن قيس -رضي الله عنه- قال: كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((شاهداك أو يمينه)) قلت: إذاً يحلف ولا يبالي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن الأشعث بن قيس -رضي الله عنه- قال: كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((شاهداك أو يمينه)) " الوسيلة الشرعية لاستيفاء الحقوق ((شاهداك أو يمينه)) البينة على المدعي واليمين على من أنكر، أنت مدعي هات شهودك، هات البينة، هو مدعى عليه منكر ما جئت بالبينة يمينه ((شاهداك أو يمينه)) قلت: إذاً يحلف، تبين الآن أنه ما عنده شهود ما عنده بينه، فاتجهت اليمين على الخصم "قلت: إذاً يحلف ولا يبالي" لأنه عرف من حاله أنه لا يتورع عن الحلف، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحذر المنكر إذا كانت الدعوى صحيحة من أن يحلف بالله -جل وعلا- يمين صبر يقتطع بها مال أخيه "فقال: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) " البينة على المدعي، باع زيد على عمرو سيارة بحضور اثنين، أو رجل وامرأتين، يأتي بالبينة يستحق، طيب هات البينة، والله ما عندي بينة، المدعى عليه الذي في ذمته الدين تتجه عليه اليمين، قد يكون المدعى عليه من الورع بحيث لا ينكل عن اليمين، المسألة يعني يقول: الدنيا كلها ما تقوم مقام اليمين، والله ما أنا بحالف، يحلف هو، ما عنده بينة خله يكفينا يمينه، ترد اليمين على المدعي أو لا ترد؟ الآن النص ما فيه إلا ((شاهداك أو يمينه)) اليمين في الغالب هي في الجانب الأقوى، من الأقوى المدعي وإلا المدعى عليه؟ الأقوى؟ المدعى عليه لأن معه الأصل، لما حضر زيد وعمرو زيد يقول: بذمة عمرو لي ألف ريال، عمرو يقول: ما عندي شيء، الأصل عنده وإلا ما عنده؟ الأصل ما عنده، الأصل براءة الذمة، فالأقوى المدعى عليه، والغالب أن اليمين تكون في جانب الأقوى، ولذا يقول بعضهم: إن اليمين ما ترد، ما أثبت بينة ما يستحق شيء، ومن أهل العلم من يرى أن اليمين ترد على المدعي؛ لأنه صار في مثل هذه الصورة أقوى، يعني أن نكول المدعى عليه يضعف جانبه، يضعف جانبه فصار المدعي أقوى منه، الدعوة ما زالت قائمة، واتجهت إليك اليمين رفضت الحلف إذاً في ذمتك شيء، لو كنت بريئاً حلفت وبرئت، ولا إثم عليك، ولو كان المقدار المدعى به شيء زهيد لا إثم عليك، فقوي جانب

المدعي فترد اليمين عليه عند بعض أهل العلم. ويقول الإمام مالك -رحمه الله- في الموطأ: "لا أعلم قائلاً برد اليمين على المدعي" مع أن قضاة عصره -رحمه الله- يقولون بهذا، ابن أبي ليلى وابن شبرمة كلهم يردون اليمين، وهم قضاة عصره، هذا يدل على أن العالم مهما بلغ من العلم والإحاطة لا يمكن أن يحيط بكل شيء، المقصود أنها ترد اليمين على المدعي إذا نكل المدعى عليه ((شاهداك أو يمينه)) حصر، طيب ماذا عن الشاهد واليمين؟ شاهد ويمين؟ المدعي قال: أنا والله ما عندي إلا واحد، طيب هات الواحد وكمل بيمين، يصلح وإلا ما يصلح؟ يصلح، قضى بالشاهد واليمين، وعلى كل حال ابن القيم يقرر أن البينة كل ما يبين الحق، كل ما يتوصل به إلى بيان الحق فهو بيان، ومن حلف على يمين صبر معناه فيما تقدم، يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، وقد يقول: المال يسير ما يسوى الوعيد، لكن الذي يحلف على القليل يحلف على الكثير، الذي يحلف على القليل من باب أولى أن يحلف على الكثير، نعم. عن ثابت بن الضحاك الأنصاري -رضي الله عنه- أنه بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملك)) وفي رواية: ((ولعن المؤمن كقتله)) وفي رواية: ((ومن أدعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ثابت بن الضحاك الأنصاري أنه بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال)) " الحلف هنا من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال، هل مقتضى هذا أن يقول: واليهودية والنصرانية؟ نعم؟ أو مثل ما قلنا بالطلاق إن كان فعل كذا فهو يهودي، وإن لم يفعل كذا فهو نصراني؟ هل نقول: إن هذا حلف على يمين بملة .. واليهودية؟ ... في أحد يقول: والطلاق؟ ما في أحد، إذاً يراد بهذا ما يراد باليمين من معناه، مثل ما قلنا في الطلاق، بعض الشراح قال: إن بعضهم قد يحلف باليهودية، قد يحلف بالنصرانية، قد يحلف .. ، ولو قلنا بهذا .. ، أن المعنى يكون أن يحلف بما يحلف به أهل تلك الملة، يعني أهل اليهودية قد يحلفون بموسى، ويحلفون بعزير، النصرانية يحلفون بعيسى .. إلى آخره، إذا قلنا: إن المراد حقيقة الحلف واليمين قلنا: إن المراد الحلف بما يحلف به أهل تلك الديانات، وإذا قلنا: إن المراد ليس المراد به القسم وإنما ما يراد له القسم، وهو تأكيد الأمر نفياً وإثباتاً، فيكون مثل ما قررناه في الطلاق، كأنه يقول: إن فعل كذا فهو يهودي، إن لم يفعل كذا فهو نصراني، يريد بذلك الحث والمنع كما يريد باليمين، ولذا قال: ((فهو كما قال)) إيش كما قال؟ يعني الذي قال: واليهودية، يعني كما قال: إن اليهودية تستحق التعظيم، أو أنه إن لم يفعل كذا فهو يهودي كما قال، يهودي، فهو نصراني كما قال، وهذا يرجح المعنى الثاني، وهو أن الحلف باليهودية والنصرانية لا يراد منه القسم بهما، وإنما يراد به ما يراد بالقسم من الحث أو المنع، فهو كما قال، ((من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال)) كاذب ومتعمد، من الذي ألجاه أن يحلف؟ هو يخبر عن نفسه، فهو كما قال. ((كاذباً متعمداً)) أحياناً يلجأ إلى مثل هذا، يكره على مثل هذا، يدخل في عموم {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(106) سورة النحل] لكن لا مكره له وكاذب وعالم ومتعمد وغير ناسي، مثل هذا يقول: ((فهو كما قال)).

((ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)) والنفس ليست ملكاً للإنسان، كما أنه لا يجوز له أن يقتل غيره لا يجوز له أن يقتل نفسه، والضرر الحاصل بقتل الغير نفس الضرر الحاصل بقتل النفس، نعم، ((ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملك)) امرأة أسرت فانفلتت ركبت ناقة النبي -عليه الصلاة والسلام- ونذرت أن تنحرها، إيش علاقتها بالناقة ذي؟ ((وليس على رجل نذر فيما لا يملك)) تستطيع أن تنذر أن تعتق عبد فلان؟ أو تنذر أن تطلق زوجة فلان؟ هذا لا تملكه ((وليس على رجل نذر فيما لا يملك)) فإذا نذر نذراً لا يملكه يكفر كفارة يمين "وفي رواية: ((لعن المؤمن كقتله)) " يعني يقول زيد لعمرو: لعنك الله، يقول: كأنه جاء بالسكين وأبان رأسه عن جسده، هذا كلام من لا ينطق عن الهوى، وفي الصحيحين ما لأحد كلام، فإما أن نقول: إن وجه الشبه .. ، عندنا مشبه وهو اللعن، ومشبه به وهو القتل ووجه الشبه التحريم، كل منهما محرم، ولا يلزم مساواة المشبه بالمشبه به من كل وجه، ولا شك أن اللعن شأنه عظيم، من أهل العلم من يقول: إن السبب في كونه كقتله أنه إذا قال: لعنك الله يدعو عليه بالطرد والإبعاد عن رحمة الله قد توافق ساعة استجابة ويجاب دعاؤه، لكن هل هذا بحق أو اعتداء؟ إذا كان اعتداء لن يستجاب، وإذا كان بحق مستحق للعن بأن جاء لعنه في النصوص، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((فالعنوهن)) وجاء ((لعن الله السارق)) ولعن كذا، ولعن كذا، جاءت النصوص بلعن بعض أجناس، ما هو بأعيان، أجناس، أما لعن المعين فهو معروف حكمه عند أهل العلم لا يجوز، فإذا كان بغير حق فهو اعتداء في الدعاء فلا يستجاب، ولذا قول بعضهم: إنه قد يستجاب فيطرد من رحمة الله، يوافق ساعة استجابة، هذا إذا استجيب فهو بحق، وإذا كان بحق لا يستحق مثل هذا الوعيد، وإذا كان بغير حق فلن يستجاب لأنه اعتداء.

باب: النذر

وعلى كل حال لعن المسلم حرام، وجاءت النصوص التي تشدد في هذا، والنساء أكثر أهل النار ويكثرن اللعن، هذا السبب، هذا من أسباب كثرة دخولهن النار "وفي رواية: ((من أدعى دعوى كاذبة ليستكثر بها لم يزده الله إلا قلة)) " يستكثر بها يعني شخص يقول: أنا عندي وأنا عندي وأنا عندي، أنا عندي استراحة وعندي مزرعة، وعندي الآلات، وعندي محلات، وهو يريد أن يتكثر بها أمام الناس، هذا لا يزال في قلة، لم يزده الله إلا قلة، عقوبة له، الجزاء من جنس العمل، وقل مثل هذا فيمن يدعي أنه يعمل أعمال صالحة، بل من باب أولى، أو قل في مثل هذا من يدعي أنه يحفظ، أو يفهم، أو قرأ كذا، قرأ ألف مجلد، قرأ ألفين مجلد، وهو ما قرأ لا ألف ولا نصف الألف، ولا ربع الألف، يريد أن يتكثر بين الناس لم يزده الله بذلك إلا قلة، يحفظ عشرة آلاف حديث، عشرين ما هو بصحيح، وهو كاذب في هذا لم يزده الله إلا قلة، بل يضعه من أعين الناس، بدلاً من أن يحاول رفع رأسه بينهم، المتلبس بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور، نعم. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: النذر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة، وفي رواية: يوماً في المسجد الحرام، قال: ((فأوفِ بنذرك)). النذر: إلزام المكلف نفسه شيئاً لم يكن ملزماً به في الشرع، سواء كان هذا الملتزم به منجز أو معلق، منجزاً كان أو معلقاً، النذر وهو الالتزام جاء النهي عنه، كما سيأتي في الحديث اللاحق، نهى عن النذر وقال: ((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)) جاء النهي عنه، وجاء مدح الوفاء بالنذر، جاء النهي عنه، وجاء مدح من يفي به، وإيجاب الوفاء به، يجب الوفاء بالنذر ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) وجاء ذمه وأنه إنما يستخرج به من البخيل، ولذا قال الخطابي: إن هذا باب من العلم غريب، لماذا؟ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وهذا الوسيلة مذمومة، والمقصد محمود، فهذا باب من العلم غريب، وبعضهم يقول: لا غريب ولا شيء، هذا الباب ليس بغريب، المنهي عنه النذر والمأمور به الوفاء بالمنذور، فهذا غير هذا.

"قلت: يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة، وفي رواية: يوماً في المسجد الحرام، قال: ((فأوفِ بنذرك)) " الجاهلية ما كان قبل الإسلام على المستوى العام، أو ما كان قبل إسلام الرجل بعينه على المستوى الخاص "إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة" يستدل بهذا من يرى عدم لزوم الصيام لصحة الاعتكاف؛ لأن الليل ليس محلاً للصيام، ومنهم من يشترط الصيام لصحة الاعتكاف، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعتكف إلا صائماً، والليلة تطلق على اليوم بليلته كاملاً، فإذا قلت: الشهر ثلاثين ليلة معناه بأيامها، ولذا جاء في رواية: يوماً، فمن يقول: إن الاعتكاف لا يلزم معه الصيام يقول: إنه أعتكف ليلة، نذر أن يعتكف ليلة والليل ليس محلاً للصيام، ومن يوجب الصيام بل يشترطه لصحة الاعتكاف يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعتكف إلا صائماً، والمراد بالليلة يجيب عن هذا الحديث بأن المراد بيومها الذي هو محل الصيام بدليل الرواية الأخرى، وعلى كل حال لو حصل اعتكاف ليلة من غروب الشمس إلى طوع الفجر من غير الصيام كما هو الأصل فصح الاعتكاف؛ لأن المراد بالاعتكاف في اللغة اللزوم والمكث، طول المكث، وهذا حصل منه طول مكث فهو اعتكاف، لكن هل هو اعتكاف لغوي أو شرعي؟ لغوي بلا إشكال، لكن جاء الحث على الاعتكاف والترغيب فيه، ولم يقرن بصيام إلا من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ومجرد الفعل لا يدل على الاشتراط، ولذا يصحح جمع من أهل العلم الاعتكاف من غير صيام. فالنذر مثل ما ذكرنا جاء النهي عنه وجاء الأمر بالوفاء به {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [(7) سورة الإنسان] وجاء أيضاً: ((أوفِ بنذرك)) ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) كل هذا يدل على أن الوفاء بالنذر يعني بعد انعقاده من الأمور المطلوبة المرغوب فيها، وإن كان عقده من الأمور المرغوب عنها، نعم. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن النذر، وقال: ((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)).

من العلماء من يفرق بين النذر الذي يعلق على أمر مطلوب للإنسان، يعني إن نجحت صمت، إن شفى الله مريضي صليت، إن قدم غائبي تصدقت، يقول: هذا هو الذي جاء النهي عنه، وهو الذي إنما يستخرج به من البخيل، هذا الشخص الذي لا يصلي إلا إذا حصل له مطلوبه، هذه معاوضة، هذا بخيل ذا، لكن شخص ابتداء ومن باب أن يلزم نفسه بشيء من العبادات، نفسه بغير هذا الإلزام قد لا تطاوعه، نذر أن يطيع الله، نذر أن يصوم شهر من غير معاوضة؛ لأن المعاوضة قد يكون في ذهن الإنسان أن فيها مرادة للقدر، وأنها أثرت في القدر، إن شفى الله مريضي صمت، فكأنه يرى أن الله إنما شفاه من أجل أن يصوم، لهذه المعاوضة، فهذا هو الذي جاء النهي عنه، وهو الذي يستخرج به من البخيل، لكن شخص ما هو بخيل يتصدق، وخشي على نفسه من الفتور، يعني نفترض موظف راتبه خمسة آلاف يتصدق كل شهر بألف، وهذا ديدنه وعادته، هذا بخيل وإلا غير بخيل؟ هذا ليس ببخيل، ثم أراد أن يلتزم بهذا، ويلزم لله عليه أن يتصدق من كل شهر بألف، هذا الأصل ليس ببخيل، وهذا ليست فيه معاوضة أيضاً، فلا يتجه إليه النذر وهو المحمود، وهو المأمور بوفائه، الذي جاء مدح الذين يوفون به، ولا يدخل في الحديث الذي فيه حديث عبد الله بن عمر أنه نهى عن النذر، وأما ما فيه معاوضة فهو المنهي عنه، بعضهم يريد أن يلزم نفسه بما ألزم به، ينذر مثلاً أنه إن أغتاب شخصاً صام شهراً، هذا النذر يعينه على ترك المحرم وإلا ما يعينه؟ يعينه، إن فعل كذا من المحرمات، أو إن هو تائب مثلاً من معصية إن عاد إليها كان يشرب الدخان منّ الله عليه بالتوبة النصوح وتركه وقال: لله عليه إن عاد إلى الدخان أن يصوم، مثل هذا يعينه على ترك المحظور، وقد يفعله للاستعانة به على فعل المأمور، وأثر عن بعض السلف أنه نذر أنه إن اغتاب شخصاً تصدق بدرهم، يقول: سهلت علي الغيبة، الدرهم حاضر، فنذر نذراً آخر أنه إن أغتاب شخصاً صام يوماً، والصيام شاق، لا سيما ممن هذه حاله، من يغتاب الناس، ترى تشق عليه العبادات، الذي يرسل لسانه على الآخرين تكون العبادات من أشق الأمور عليه، وهذا مجرب، فيقول: لما نذر أنه كلما اغتاب شخصاً يصوم يوماً استعان بالصيام على ترك الغيبة،

والصيام عبادة تدعو إلى التقوى، ومن التقوى ترك الغيبة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] فهو من خير ما يعين على التقوى، لكنه الصيام المحفوظ عن المحرمات ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)). "أنه نهى عن النذر وقال: ((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)) " يعني هذا بخيل لن يتصدق إلا أن نجح، ولن يتصدق إلا إن شفى الله مريضه، ولا يتصدق إلا إذا قدم غائبه، وهذا لا شك أنه بخيل، ومثل هذا يذم فعله، نعم. عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية، فأمرتني أن استفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيته، فقال: ((لتمشِ ولتركب)). "عن عقبة بن عامر -رضي الله تعالى عنه- قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيته، فقال: ((لتمشِ ولتركب)) " أولاً: أيهما أفضل الحج راكب وإلا ماشي؟ نعم أنت مثلاً في أقصى الشمال، تقول: أنا والله ودي أمشي لمكة، وإلا أركب أيهما أفضل؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . المشي؟ طالب:. . . . . . . . .

الركوب لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما حج راكباً، وفي الآية {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [(27) سورة الحج] فقدم الرجال على الركبان، فمن نظر إلى فعله -عليه الصلاة والسلام- وما كان الله ليختار له إلا الأفضل قال: الحج راكباً أفضل، ومن نظر إلى تقديم الرجال على الركبان في الآية قال: يمشي أفضل، نعود إلى مسألتنا: "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية" تمشي وحافية، طيب تعبت "فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني بعض الناس ما يحسب العواقب، فليزم نفسه بغير لازم ثم في النهاية يترك، ما يستطيع "فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفتيته، فقال: ((لتمشِ ولتركب)) " يعني توفي بنذرها بالمشي، ولو لم يكن جميع الطريق، ثم لتركب يعني إذا تعبت، مسألة وهي أن المشقة جاء فيها ((أجرك على قدر نصبك)) يعني على قدر التعب وعلى قدر المشقة، فهل المشقة مقصودة قصداً شرعياً لذاتها أو أنها مقصودة تبعاً لعبادة فإذا اقتضتها العبادة أجر عليها الإنسان إذا لم تقتضها العبادة ما يؤجر عليها الإنسان؟ نعم الثاني هو الذي تدل عليه الأدلة، بدليل لو أن شخصاً أراد أن يحج من الرياض فقال: أنا أريد أن أحج وبدلاً من أن يكون بين الرياض ومكة ثمانمائة كيلو لماذا لا يصير ألفين كيلو، أروح عن طريق تبوك على الساحل على مكة، مشقة، وإن بعد قصد سيارة غير مريحة، أو على جمل، أو في حر شديد من غير تكييف، أو في برد شديد من غير تدفئة، وفتح النوافذ هذه مشقات، لكن هل الشرع يأمر الإنسان أن يعذب نفسه بهذه الطريقة؟ إن الله -جل وعلا- عن تعذيبه نفسه لغني، الله -جل وعلا- شرع العبادات رحمة بالعباد لا لتعذيبهم، هذا إذا لم تكن العبادة تتطلب هذه المشقة، فلا تكون المشقة مطلوبة ولا يؤجر عليها الإنسان، لكن إذا كانت العبادة تتطلب {لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} [(7) سورة النحل] نعم يؤجر عليها، ولذا جاء ((أجرك على قدر نصبك)) لأن الحج يتطلب هذه المشقة، الجهاد يتطلب مشقة، فيؤجر على قدر المشقة؛ لأن هذه المشقة تتبع عبادة، ويثبت تبعاً ما لا

يثبت استقلالاً، نعم. عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فاقضه عنها)). يقول: "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: استفتى سعد بن عبادة -سيد الخزرج- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نذر كان على أمه" يعني بقي في ذمتها دين لأن الحقوق المالية تبقى ديون في الذمة، سواء كانت من حقوق الله -جل وعلا- كالكفارات والنذور، أو كانت من حقوق العباد، فإذا مات الميت وفي ذمته حق مالي لله -جل وعلا- أو لأحد من خلقه فإنه من الحقوق المتعلقة بالتركة، يعني إذا ترك تركة، فالحقوق المتعلقة بها خمسة، أول هذه الحقوق مؤنة التجهيز، يوجد حنوط وكفن، وهو مطلوب نقول: بع الحنوط والكفن وسدد الدين؟ لا، الحق الأول مؤنة التجهيز، والثاني: الحقوق المتعلقة بعين التركة كالدين الذي فيه رهن، الحق الثالث: الحقوق المتعلقة بذمة الميت، كحقوق الله من كفارات ونذور وحقوق العباد، لا بد أن تسدد هذه الحقوق قبل الوصية، وقبل قسمة التركة، ثم بعد ذلك الوصية، ثم يقسم البقية الذي هو التركة، هذه توفيت وعليها نذر، نذرت أن تتصدق، نذرت أن تصوم "في نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فاقضه عنها)) " إن فريضة الله أدركت أبي قال: ((حج عن أبيك)) ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) وأهل العلم يختلفون في هذا الصيام هل ما وجب في أصل الشرع يقبل النيابة فيصام عنه؟ أو هذا نقول: مثل الصلاة لا يصلي أحد عن أحد؟ وإنما الذي يقضى ما أوجبه الإنسان على نفسه بالنذر كما هو معروف عند الحنابلة، ويرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، أنه لا يقضى ما وجب في أصل الشرع من العبادات البدنية، إنما يقضى ما أوجبه الإنسان على نفسه، هذه اقضه عنها، سواء كان نذرت تحج، نذرت تصوم، نذرت مال صدقة وإلا شيء من هذا، لكن نذرت أن تصلي تصلي عنها؟ لا، لا يصلي، الصلاة لا تقبل النيابة، نعم.

عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك)). نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن كعب بن مالك" كعب بن مالك هذا أحد الثلاثة الذين خلفوا، ثم تاب الله عليهم، يريد أن يؤدي شكر هذه النعمة، شكر قبول التوبة "فقلت: يا رسول الله إن من توبتي" يعني جزء من توبتي، أو للدلالة والبرهان على صدق توبتي أو لشكر الله -جل وعلا- على هذه التوبة التي قبلها "أن أنخلع من مالي" يعني كل ماله "من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله" يجعله النبي -عليه الصلاة والسلام- كيفما شاء "فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك)) " كعب بن مالك أراد أن يتصدق فجاء يذكر ذلك للنبي -عليه الصلاة والسلام- "إن من توبتي أن أنخلع" ما قال: انخلعت وانتهيت، أن أنخلع، فكأنه جاء يستشير النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال له: ((أمسك عليك بعض مالك)) التصدق والخروج من المال بالكلية، أراد سعد بن أبي وقاص أن يتصدق بماله لما مرض وليس له إلا ابنة واحدة، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) على كل حال أبو بكر تصدق بجميع ماله، والذي أعتق العبد ليس له مال غيره باعه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأعطاه قيمته، فلا شك أن الناس يتفاوتون، الناس منازل، فمن كانت منزلته بحيث يقوى على الخروج من جميع ماله، ويعتمد على الله في مستقبل حياته، ويتوكل عليه، ويصبر عن الشكوى، وعن سؤال الناس، وعن تكفف الناس عنده من اليقين والتوكل ما يعينه على ذلك، نقول: هذا مثل أبي بكر، لكن الذي حالته أقل من هذا، يبي يتصدق بجميع ماله ثم يا مسلمين، يا محسنين، أو يبي يتحدث بالمجالس أنا والله تصدقت، أنا فعلت، لا يا أخي لا تتصدق، خل مالك لك، أقول: فالناس يتفاوتون، فمن كان عنده من اليقين وصدق الاعتماد على الله -جل وعلا- والصبر عليه ما يعينه على الصبر فهذا حاله مثل حال أبي بكر، أجاز له العلماء أن يتصدق بجميع ماله، لكن إذا كانت حاله لا تقوى على مثل هذا، فمثل هذا يمسك عليه بعض ماله، مع أن الإمساك هو الأفضل بالنسبة لسائر الناس؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أوصى كعب بن مالك، ووجه غيره أن لا يتصدق بجميع ماله فيبقى هو ومن وراءه عالة على الناس، يبقى أنه إذا تصدق بجميع ماله في مرضه

باب: القضاء

المخوف ليس له ذلك، ليس له أكثر من الثلث، وإذا عرف بالقرائن أنه تصدق بجميع ماله أنه يريد حرمان الورثة لا تنفذ وصيته ولا وقفه إنما بقدر الثلث وهو الذي يملكه وما عدا ذلك لا ينفذ. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين والحاضرين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب: القضاء عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي لفظ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا سؤال من الأمس أجل للمناسبة يقول: لما أدخل المؤلف -رحمه الله تعالى- باب القضاء في كتاب الأيمان والنذور، ولا يخفى أن العلماء يجعلون كتاب القضاء مستقلاً؟

أولاً: الارتباط بين الأيمان والقضاء ارتباط وثيق، لا يمكن أن ينفك القضاء عن الأيمان، وعمدة القضاء: ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) فنصف الخصوم لدى القضاء عمدتهم على الأيمان، ولذا أدخل القضاء في كتاب الأيمان وجعل باباً منه، قد يقول قائل: لماذا لا يقال: كتاب القضاء باب الأيمان والنذور؟ يعني يجعل القضاء لأنه أعم؛ لأن القضاء فيه أيمان وفيه بينات، يعني أعم من الأيمان فقط، فيجعل الأعم هو الكتاب والأخص هو الباب، عكس ما صنع المؤلف، نقول أيضاً: إن الأيمان أعم من أن تكون عند القضاة وعند غيرهم، فالمسلم قد يحلف ابتداء، وقد جاء الحلف في الأحاديث النبوية كثيرة، وأمر الله -جل وعلا- نبيه أن يقسم على البعث بثلاثة مواضع من كتابه، فالأيمان أعم من أن تكون عند القضاة وغيرهم، الله -جل وعلا- أمر نبيه أن يقسم على البعث في ثلاثة مواضع من كتابه، الموضع الأول في يونس {وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي} [(53) سورة يونس] الثاني: في سبأ الآية الثالثة، والثالث في التغابن، ثلاثة مواضع، أمر الله نبيه أن يقسم على البعث، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يقول: ((والذي نفسي بيده)) ((لا ومقلب القلوب)) المقصود أن الأيمان أعم وأشمل من أن تكون لدى القضاة وغيرهم، فقدمت عليها، والأمر سهل، يعني المسألة مسألة ترتيب، وما ذكره المؤلف له وجه. يقول -رحمه الله تعالى-: باب: القضاء

القضاء: يعني الحكم، وفصل المنازعات، وفض الخصومات، واستخراج الحقوق، والأصل فيه وفي مشروعيته الكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] وفي الآية اجتمع اليمين والتحاكم الذي هو القضاء، التقاضي، فهناك ارتباط وثيق بين الأيمان وبين القضاء، والسنة طافحة بما يتعلق بالقضاء من قوله -عليه الصلاة والسلام- ومن فعله، وأجمعت الأمة على وجوب نصب القضاة لحل المنازعات، بل هذا من أوجب الواجبات على ولي الأمر أن يتولى القضاء بنفسه كما كان الخلفاء كأبي بكر وعمر وغيرهم، إن تمكن من ذلك وإلا فينيب، ويعين القضاة، والقضاء لا شك أنه ولاية، وفيه شوب سلطة، فيدخل في حديث عبد الرحمن بن سمرة، فلا يسأل ولا يطلب، لكن إن الجأ إليه الشخص وأكره عليه أعين، وأن طلبه وكل إلى نفسه، وجاء في النصوص التي تحذر من تولي هذه الوظيفة ((القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار)) ((من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)) نصوص كثيرة تحذر من طلبه والتشوف إليه، لكن من ألزم به يسأل الله الإعانة فيعينه -إن شاء الله تعالى-، ويحرص على أن يقضي بالحق، وأن يتوخى العدل والإنصاف، لا يحكم بغير علم، ولا يعدل عن الحق؛ ليكون مقسطاً من المقسطين، والله يحب المقسطين، المقسطون على منابر من نور يوم القيامة، الذين يعدلون، وأما القاسطون نسأل الله العافية فكانوا لجهنم حطباً نسأل الله السلامة والعافية، المقسطون العادلون، والقاسطون الجائرون المائلون عن الحق، فهذه مزلة قدم، من أطلع على شيء من أحوال السلف عرف أنهم يؤثرون الضرب والسجن، بل بعضهم يقول: لو خير بين القضاء والقتل لاختار القتل؛ لأنه مزلة قدم، القضاء مزلة قدم، لكنه فريضة على الأمة لا بد من القيام به، والإنسان مطلوب بالنصيحة، والدين النصيحة، ومطلوب بأن ينصح العامة والخاصة، فإذا جاء شخص يستشير عُين في القضاء مثلاً يستشير هل يقبل الوظيفة أو يرفض؟ المستشار بين أمرين: بين النظر في المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، النظر في المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فالدين النصيحة، فإذا كان هذا الشخص كفؤاً فليبذل النصيحة

للعامة، ولا ينظر إلى المصلحة الخاصة، وإذا كان الشخص غير كفؤ فلينظر إلى المصلحتين، ليس من مصلحته أن يتولى، وليس من مصلحة العامة أن يولى عليهم، فيحذره من تولي القضاء، وأحياناً يكون الأمر بين الأمرين، فيه شوب صلاحية وفيه أيضاً أمور قد يتعرض لها تفتنه، ويوجد من يقوم مقامه والنصيحة تقدر بقدرها. يقول: الحديث الأول: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وفي لفظ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) " أدخل هذا الحديث في كتاب القضاء لأن القاضي الأصل فيه أن يحكم بما أنزل الله {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ} [(49) سورة المائدة] لكن إذا حصل منه أنه حكم بغير الحق سواء كان متعمداً أو مخطئاً فقضاؤه مردود عليه ...

كتاب الأيمان والنذور (2)

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الأيمان والنذور (2) الشيخ: عبد الكريم الخضير لكن إذا حصل منه أنه حكم بغير الحق سواء كان متعمداً أو مخطئاً فقضاؤه مردود عليه، ينقض الحكم، لا سيما إذا حكم باجتهاده فيما يخالف فيه ما أنزل الله، المسائل التي فيها نص لا بد أن ينقض، لكن إذا اجتهد وخالف اجتهاده اجتهاد غيره، واجتهاده له وجه وله مستند فالاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، فالمردود ما يخالف أمر الله وأمر رسوله -عليه الصلاة والسلام-.

((من أحدث في أمرنا)) والإحداث ابتداع، يعني حكم بأمر ليس لديه عليه أثارة من علم من كتاب ولا سنة، أحدث في الدين أمراً لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، هذا مردود عليه، والحديث أصل في نقض البدع، لذا أضيف إليه كل بدعة ضلالة، فالبدع مردودة، وهي الإحداث في الدين مما لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة، هذا مردود على صاحبه كائناً من كان، فالبدع كلها مرفوضة، والتقسيم الذي يذكره بعض العلماء من أن هناك بدع حسنة وبدع سيئة، بدع محمودة وبدع مذمومة، أو بدع واجبة وبدع مستحبة، كل هذا لا دليل عليه، بل هو كما قال الشاطبي: قول مخترع لم يدل عليه دليل من كتاب ولا سنة فهو مبتدع، القول بتقسيم البدع مبتدع، والأصل أن البدع كلها ضلالة، يتمسكون أعني الذين يقسمون يتمسكون بقول عمر -رضي الله تعالى عنه- في صلاة التراويح: "نعمت البدعة" ونعم مدح، فدل على أن من البدع ما يمدح، وشيخ الإسلام في الاقتضاء ويتبعه جمع من أهل العلم يقولون: إن هذه بدعة شرعية لا لغوية، والشاطبي يقول: مجاز، الذين ينفون المجاز يردون قول الشاطبي كما هو المعتمد عند المحققين، وإذا نظرنا إلى قول شيخ الإسلام أنها بدعة لغوية، بدعة لغوية ما عمل على غير مثال سابق، والتراويح عملت على غير مثال سابق أو لها مثال سابق؟ لها مثال سابق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى التراويح ثلاث ليال، فليست بدعة لغوية وليست بدعة شرعية لأنه سبق لها أصل في السنة، ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- لها لأنه خشي أن تفرض على الأمة، خشي أن تفرض، ما تركها نسخاً لها ولا عدولاً عنها، إنما خشي أن تفرض على الأمة فلا يطيقونها، فمشروعيتها باقية، إذاً ليست ببدعة لغوية ولا شرعية وليست مجاز، إذاً ماذا تكون؟ إيش تكون إذا كانت ليست ببدعة لغوية ولا شرعية ولا مجاز؟ الأثر في البخاري ما أحد أنكر، الأثر في البخاري. طالب:. . . . . . . . . لا لا هي سبق لها شرعية من السنة. طالب:. . . . . . . . . كيف إضافية؟ طالب:. . . . . . . . . لا باب في علم البديع معروف المشاكلة، أسلوب المشاكلة والمجانسة في التعبير، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

لا إحنا نعالج اللفظ "نعمت البدعة" كيف تكون بدعة وتكون نعمت تمدح؟ أقول: المشاكلة والمجانسة في التعبير باب معروف في لغة العرب، ومعروف في النصوص {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى] معاقبة الجاني ليست سيئة، لكن من باب المشاكلة والمجانسة في التعبير يقال مثل هذا، فكأن قائلاً -مثل ما قال الأخ- قال: ابتدعت يا عمر، قال: نعمت البدعة، ففيه مشاكلة للتعبير؛ لأنهم لا يشترطون في المشاكلة أن يكون اللفظ المشاكل موجود حقيقة، يعني ولو تقديراً، فإذا خشي الإنسان أن يقال له شيء يبادر، ولذا يقول شاعرهم: قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا هذه مشاكلة، على كل حال ليس في أثر عمر ما يتمسك به من يستحسن بعض البدع؛ بل البدع كلها مذمومة مرفوضة لأن النص الصحيح ((كل بدعة ضلالة)).

((من أحدث في أمرنا -يعني في ديننا- هذا ما ليس منه فهو رد)) يعني مردود عليه، حتى يبين المستند من الكتاب ومن السنة {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} [(111) سورة البقرة] قوله: ((في أمرنا)) يخرج الأمور الأخرى من أمور الدنيا خارجة عن مثل هذا النص، ركب الناس السيارات، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما ركب إلا الفرس والبعير والحمار، ركب الناس السيارات، نقول: ابتدعوا؟ ركبوا الطائرات، ركبوا البواخر، ركبوا كذا؛ لأنه ليس من أمره -عليه الصلاة والسلام-، هذا في أمور الدنيا، أمور الدنيا التوسع فيها لا بأس به، لكن كون الإنسان يتعبد بما لم يسبق له شرعية هذا الابتداع، قد يقول قائل: إن هناك بدع لا يمكن الانفكاك منها، ابتلي المسلمون بها، ويجعلون منها مثل هذه المكبرات، مكبرات الصوت؛ لأنها تستعمل في أمر في عبادات، تستعمل في الصلاة والصلاة عبادة، وهي لا شك أنها محدثة، الخطوط التي في السجادات هذه أيضاً ينطبق عليها تعريف البدعة؛ لأنها تستعمل في عبادة، وكل ما قام سببه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يفعله فهو داخل في حيز البدعة، قد يقول قائل: السبب قائم لكن لا يمكن .... هو غير موجود أصلاً مثل هذه المكبرات إذا كثرت الجموع الناس بحاجة إلى من يوصل الصوت، فهناك المبلغ، وهذا يقوم مقام المبلغ فكأنه أصله، لكن يبقى أن استعمال مثل هذه الأمور بقدر الحاجة إنما أوجدت للحاجة فتستعمل بقدر الحاجة، وبعض الإخوان من أئمة المساجد يصلي معه خمسة أشخاص عشرة أشخاص ويستعمل المكبر، ويرفع عليه، ويضع صدى وسماعات ولاقطات وما أدري إيش؟ علشان إيش؟ أنت لست بحاجة أصلاً لمثل هذا، وهذه إنما أوجدت للحاجة فتستعمل بقدر الحاجة فضلاً عن المؤثرات الصوتية التي تردد الصوت وتفعل وتترك، علشان إيش؟ نقول: يا أخي هذه عبادة المحافظة عليها أمر واجب، يعني تعبد الله -جل وعلا- على مراد الله، وكما جاء عن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، هذه الخطوط التي في الفرشات هذه الفائدة منها تعديل الصفوف، وإقامة الصف من تمام الصلاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يعنى بتعديل الصفوف، تقدم يا فلان، تأخر يا فلان ((لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)) فتعديل

الصفوف أمر لا بد منه، ومن تمام الصلاة، قام السبب، وجد في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعل، ما خط خطوط في المسجد، إذاً على هذا الاصطلاح هذه الخطوط بدعة؛ لأنها محدثة في عبادة، لكن يبقى أن نقول: هل قيام السبب في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- على نفس مستوى قيام السبب في عهدنا؟ يعني كان الصف في عهده -عليه الصلاة والسلام- قل: عشرة عشرين بالكثير يمكن تعديلهم، والناس عندهم حرص، والآمر النبي -عليه الصلاة والسلام- تعدل تقدم ما أحد بيتكلم، لكن إذا كان الآمر يقول: استووا، يرد عليه واحد من المأمومين يقول: يا أخي استوينا ونجزنا الله يفعل ويترك، يدعو عليه، حاجة قائمة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن الناس يأتمرون بأمره، الأمر الثاني: أن الصفوف طالت واهتمام المصلين قل، اهتمام المصلين بصلاتهم قل، وإذا تصورنا الناس في مساجد العيد قبل وجود هذه الفرشات أبداً أقواس من طول الصف، لا يمكن يستوي صف، أقواس كأنهم حول الكعبة يصلون، الصف طويل ولا شيء يدلهم على .. ، فالحاجة قائمة، والمصلحة محققة، والمفسدة موجودة لكنها مغمورة بالنسبة للمصلحة التي تحققها هذه الخطوط، ولذا أفتي بها، ووجدت في مساجد المسلمين، وتداولوها من غير نكير، ويبقى أنها محدثة، لكن كونها محدثة في مقابل هذه الفائدة التي تحققها ارتكاب أخف الضررين مقرر في الشرع. ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) يعني مردود عليه كائناً من كان، ولا نقول مثلما قال بعض الشراح في قول عمر: "نعمت البدعة" يعني نسيء الأدب مع الخلفية الراشد قال بعضهم: والبدعة مذمومة ولو كانت من عمر، هذه إساءة أدب، يعني خليفة راشد أمرنا بالاقتداء به، مشهود له بالجنة، مواقفه ومناقبه شيء لا يخطر على البال، يفوق الحصر، ثم يقول من يقول: البدعة مرفوضة ولو كانت من عمر، أو من عثمان في آذان الجمعة الأول، ليس من الأدب، هذا سوء أدب.

((فهو رد)) يعني مردود، وفي لفظ: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) وهو بمعنى ما سبق، يعني مردود عليه، وهذا الحديث لا شك أنه قاعدة من قواعد الدين، وأصل من أصول الإسلام، فكل ما يخترع مما يتعبد به مما لم يسبق له شرعية في الكتاب والسنة فهو مردود، قد يقول قائل: العمل مردود فماذا عن العامل؟ ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) العمل رد بكيفه، قد يقول قائل: العمل بُصْره، مثل ما قالوا في حديث: ((ما أسفل من الكعبين ففي النار)) كيفه، قطعة قماش تصير في النار، ما هو بالمقصود هذا، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((كل ضلالة في النار)) المقصود صاحب البدعة، صاحب الضلالة، صاحب الثوب وإلا الثوب ما أسفل منه في النار سهل لو القصد الثوب إنما المقصود صاحبه، نعم. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخلت هند بن عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)). نعم، في هذا الحديث: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخلت هندٌ" هندٌ مصروف أو غير مصروف؟ نعم؟ علمية وتأنيث، لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . ثلاثي ساكن الوسط، طيب حمص يصرف وإلا ما يصرف؟ هذا فيه علتين علمية وتأنيث، هند ارتفعت إحدى العلتين بمقاومة الخفة ثلاثي ساكن الوسط، لكن حمص علمية وتأنيث وعجمة ثلاث علل، لكن الثلاثي ساكن الوسط، نعم اللي فيه علتين مثل هند الخفة في كونه ثلاثي الوسط سهل قاومت علة، لكن يبقى مثل حمص يصرف وإلا ما يصرف؟ ثلاثي ساكن الوسط وفيه ثلاث علل؟ طالب:. . . . . . . . . ما فيه أحد من أهل العربية؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . طيب القارئ توكل على الله، نعم هذه ثلاثي الوسط، صرفنا هند لأنه ثلاثي ساكن الوسط وفيه علتان تقتضيان منعه من الصرف، لكن لما كان ثلاثياً ساكن الوسط خفيف يعني، مثل نوح ولوط. طالب:. . . . . . . . . طيب إشكال هذه من هذه، حلب ساكن الوسط؟

طالب:. . . . . . . . . لا لا ما ينفع لاقتران هذا، دلالة الاقتران. طالب:. . . . . . . . . لا لا ما له علاقة، إيش لون؟ طالب:. . . . . . . . . طيب قلنا: حلب ممنوعة من الصرف، علمية وتأنيث ووزن الفعل، ممنوعة من الصرف، لكن ما في ما يقاوم في حلب، لكن حمص فيه مقاوم ثلاثي ساكن الوسط، يعني خفيف يمكن صرفه مثل هند، فهل هذا السبب المتقضي للصرف يقاوم ثلاث علل وإلا يقاوم واحدة ويبقى اثنتين؟ لو قال واحد: نعم، وواحد لا قلنا: المسألة خلافية كما اختلف المتقدمون اختلف المتأخرون. "دخلت هند" إذا جاء الشيخ بعد العشاء اسألوه، الشيخ محمد يحسن مثل هذا. "دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان" صخر بن حرب، دخلت "على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح" الشح أشد من البخل فهو بخل مع حرص، رجل شحيح، وفي رواية: "مسيك". . . . . . . . . ضابط أموره، حازم أموره، رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني، كم يحتاجون من النفقة؟ مبلغ كذا، ينقص، هذا ما له لازم، وهذا ما له دعوى، مثل الآن البيوت مثلاً تحتاج المرأة مع أولادها إذا قلنا: إن المرأة تحتاج إلى خمسمائة شهري، والأولاد والبنات على ثلاثمائة، خمسة بين بنين وبنات ألف وخمس، والأم خمسمائة، يقول: اقتصدوا يعطيهم ألف بدل ألفين، ما يكفيهم هذا، الألف ما يكفيهم يحتاجون إلى ألفين، المسألة افتراضية، نعم، يعني يكفيهم ألفين ريال، يعطيهم ألف ويقول: دبروا أنفسكم.

"ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ " هل علي أثم أن آخذ من ماله ما يكفيني؟ يعني آخذ الآلف الثاني وهو ما دري؟ من دون ما يدري؛ لأنه لو يدري صارت مصيبة "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)) " بحيث لا تزيدي على ما يحتاج إليه، حوائج أصلية، يكفيها ويكفي بنيها ألفين مثلما قررنا، هو يعطيها ألف تأخذ ألف، لكن ما تأخذ ألف ثالث تقول: أربعمائة للاستراحة، أو خمسمائة للاستراحة، وخمسمائة ثانية نحتاج إلى ملاهي ونحتاج .. ، هذا ما هو بالمعروف ذا، تأخذ الحاجة الأصلية، الناس يطلعون الاستراحات، الناس يروحون للملاهي، الناس يطلعون نزهات، لا المسألة مسألة حوائج أصلية، ولذا قال: ((خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)) فعلى هذا يحكم في مثل هذه القضية على الخصم ولو كان غائباً، يوم أدعت المرأة على زوجها ما قال النبي: استدعوا أبا سفيان، نادوه، شوف الكلام صحيح؟ هذه مدعية ويحلف يأتي بالبينة، هذه ما تحتاج إلى بينات، هذه أمور النفقات ما تحتاج إلى بينات، هذه معاملة خاصة لا تقام عليها البينات، لكن المسألة رجعت إلى الديانة بالمعروف، بمعنى أنه يجوز لها ولا حرج ولا جناح ولا إثم أن تأخذ ما يكفيها، لكن القدر الزائد على ذلك تأثم، فالأمور الزوجية في البيوت ينبغي أن تكون مبنية على التسامح والعشرة بالمعروف بحيث لا يكلف الإنسان ما لا يطيق، ولا يقتر ويضيق على الزوجة والأولاد، إنما الأمور المتعارف عليها لا بد منها، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [(228) سورة البقرة] النبي -عليه الصلاة والسلام- حكم على أبي سفيان ولما يحضر، ولذا أخذ منه بعض أهل العلم جواز الحكم على الغائب، على خلاف بينهم هل مضمون هذا الحديث قضاء حكم قضائي وإلا فتوى؟ حكم قضائي وإلا فتوى؟ إذا قلنا: فتوى ما فيها إلزام؛ لأن الفتوى بيان الحكم مع عدم الإلزام به، والقضاء بيان الحكم مع الإلزام، إذا كانت فتوى وعرف أنها تأخذ وهو ما يدري، ما كان هناك في السابق بنوك، يعني يمكن يمشي الإنسان بدون دراهم، ولا تستطيع الزوجة ولا الأولاد أن يأخذوا منه فلس، الدراهم كلها في البنك، وإذا

أحتاج بقدر الحاجة يدخل البطاقة في الصراف ويأخذ مائة ريال يعبي بنزين بخمسين ويأتي بكذا بخمسين، يدبر أموره وإلا قبل الفلوس كلها في جيوب الناس وفي بيوتهم، إذا قلنا: إن هذه فتوى من غير إلزام قلنا: إن الإنسان يتصرف مثل هذه التصرفات، لكن إذا كان إلزام والنفقة واجبة على الزوج للزوجة والأولاد، لا سيما المحتاج منهم من الأولاد، والنفقة على الرقيق كل هذا واجب، النفقة على الوالدين مع الحاجة، فمن يقول: إنه قضاء يقول: يجوز القضاء على الغائب، ويبقى أنه لو حضر فيما بعد، وأدعى ما يبطل الحكم يلغى، يلغى الحكم، ومنهم من يقول: لا يجوز القضاء حتى يحضر الخصم، ويعرف ما عنده من حجة، وما يدفع به الدعوى، وإذا قلنا: إنها فتوى يكون هذا لهند ولغيرها، كل من كان بهذه المثابة يعمل بهذا الحديث، وفيه مسألة في غاية الأهمية، يسميها أهل العلم مسألة الظفر، أقرضت فلان من الناس ألف ريال، جاك قال: والله أنا محتاج ألف ريال أنا عندي ضيوف وكذا، قلت له: هذا ألف، لكن ما عندك شهود، مضى شهر شهرين ثلاثة، قلت له: يا فلان وين الألف؟ قال: والله ما عندي لك شيء، مسألة الظفر مثلاً لو دعاك في يوم من الأيام ووجدت شيء يمكن أن تأخذه بغير علمه تستوفي به دينك الذي عليه، بعض أهل العلم يستدل على جواز مثل هذا التصرف بهذا الحديث، يعني تأخذ من ماله بقدر دينك الذي في ذمته، هذه يسمونها مسألة الظفر، ومنهم من يقول: لا يجوز إلا بإقامة البينات، ولو فتح الباب لمثل هذه التصرفات لتصرف الناس وتعدوا مالهم، فلا يمكن للإنسان أن يتحرى الدقة في .. ، يمكن يزيد على ما عند صاحبه، تثور الخصومات، يمكن يقيم عليه دعوى أنه سرق من بيته، يعني افترض المسألة شخص صاحب الألف هذا، أقرضه ألف ثم قال له: وين الألف؟ قال: والله ما عندي لك شيء، دعاه يوم من الأيام ودخل المكتبة، المكتبة فيها مخطوط يسوى ألف صغير، قال: عن إذنك أبى أصل البقالة أو أصل المطعم أو شيء، يقول له صاحب البيت، هذا أدخل المخطوط في بيته ومشى، الشباب كلهم يعرفون أن ها المخطوط ذا لصاحب المكتبة، يقيم عليه دعوى أنه سرق مخطوط من مكتبته؟ القاضي ما له دعوى بالألف؛ لأنه ما عنده بينة يقيمها عليه، كيف يعمل

القاضي حيال هذه التهمة بالسرقة؟ لا شك أنه ينشأ عن مثل هذا القول مشاكل، ولذا جاء في الحديث: ((ولا تخن من خانك)) ولذا يقول جمع من أهل العلم أن مسألة الظفر لا تجوز، وأن الحقوق لا تؤخذ إلا من قبل القضاة، ولو فتح المجال أن كل يأخذ حقه بنفسه صارت فوضى، منهم من يقول: إذا كان السبب ظاهر لك أن تأخذ حقك، مثل إيش؟ مثل أقرضته ألف ريال، ثم بعد ذلك طلبت الألف، يقول: والله على العين والرأس في ذمتي ألف لك، ونشهد فلان وفلان كلهم يشهدون إن عندي لك ألف، هذا السبب ظاهر، في ذمته ألف، لكن أعطانا الألف قال: والله ما عندي أنا مفلس {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [(280) سورة البقرة] أخذ من ماله بقدر الألف؛ لأنه يستطيع أن يقيم عليه دعوى، والمسألة التي معنا النفقات تستطيع الزوجة أن تقيم دعوى، الولد يستطيع أن يقيم دعوى، فإذا كان السبب ظاهر يمكن إقامة الدعوى عليه له أن يأخذ من ماله ولو من غير علمه، وهذا قول متوسط، وهو الذي يدل عليه الحديث، نعم. عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع جلبة خصم بباب حجرته، فخرج إليهم فقال: ((ألا إنما أنا بشر مثلكم، وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها)). في هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع جلبة" الجبلة: اختلاط الأصوات وارتفاعها، وجد خصومات ومشاجرة ومضاربة وكذا، توجد مثل هذه الجلبة "سمع جلبة خصم بباب حجرته" حجرة أم سلمة من بيوته -عليه الصلاة والسلام- "فخرج إليهم فقال: ((ألا إنما أنا بشر مثلكم)) " الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي مثلنا؟! مثل سائر القضاة؟ نعم هو مثلهم، إلا ما أطلعه الله عليه من الغيوب، الرسول لا يعلم الغيب {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [(188) سورة الأعراف] {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [(65) سورة النمل] فالرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه فهو بشر، بالإمكان أنه في كل قضية ينزل الوحي، ويقال: الحق مع فلان، لكن هو القدوة، هو الأسوة، لو حصل مثل هذا في كل قضية، وفي كل خصومة تحصل في عهده ينزل الوحي ببيانها، من للقضايا بعده -عليه الصلاة والسلام-؟ لأنه قدوة وأسوة للقضاة، قد يقول قائل: كيف ينسى النبي -عليه الصلاة والسلام- ويسهو في الصلاة؟ كيف يسهو في الصلاة؟ نعم يسهو ليسن ويشرع، وأيضاً قد يحكم بالبينة بالمقدمات الظاهرة الشرعية، ويحكم لغير صاحب الحق، بدليل: ((ألا إنما أنا بشر مثلكم وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض)) في بعض الروايات: ((ألحن بحجته من بعض)) بعض الناس يستطيع أن يبين ويؤثر على السامع، قد يقول قائل: الرسول يمكن أن يخدع إلى هذا الحد؟ هو ما يخدع يا أخي، لكن هذا تشريع للأمة كلها، نعم بعض القضاة قد يخدع بشر، قد يمرر عليه بعض الأمور بشر، لكن عنده مقدمات، يبني عليها نتائج ((شاهداك أو يمينه)) جيء بالشاهد الأول فشهد، ثقة الشاهد، لكن هذا الثقة ألا يحتمل أن ينسى؟ ألا يحتمل أن يخطئ؟ يحتمل، فإذا أخطأ الشاهد أو نسي يكون له أثر على القضية، لكن أنت ما أنت مسئول تبحث عنه هل أخطأ أو أصاب؟ أنت تقرره بما يقول، وتحكم بضوء ما يقول.

((فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها)) حكم الحاكم لا يغير من الواقع شيء، ولا يبيح للمحكوم له أن يأخذ ما حكم به إلا إذا كان يجزم بأنه حق، الخصوم يعرفون الواقع، يعرف المبطل أن ما له شيء، والمحق يعرف أن الحق له، لكن الحاكم يقبل قول هذا وإلا قول هذا؟ لا هذا ولا هذا ((شاهداك أو يمينه)) ما في غير هذا، ((فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها)) لا يجوز له أن يأخذ ما حكم به له إذا كان يعرف أنه ليس له، وهذا عام جميع أبواب الدين من المعاملات والمناكحات وغيرها، الحنفية لهم رأي أنه ما دام حكم لك القاضي، وهو مأمور بالحكم على الظاهر فهو لك، ومنهم من يخص هذا بالمناكحات، أحضر الزوج شهود أن هذه زوجته، قال: أذهبي مع زوجك، لكن في حقيقة الحال أنه طلقها ثلاثاً، ولا عندها بينة تقيمها، بانت منه، القاضي ما يدري، الشهود ما علموا، هل يجوز له أن يطأ هذه الزوجة لأن القاضي قال: خذ زوجتك؟ من الحنفية من يقول: إنه ما دام حكم له القاضي يكفي؛ لأن الحكم على الظاهر، والأمور مبينة على الظاهر، الحديث يدل على بطلان هذا القول ((فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها)) تدعي المرأة أنه طلقها ثلاثاً وهو ينكر، هاتِ بينتك تقول: والله ما عندي بينة، هذا عندنا في البيت ثلاث مرات يطلق ويراجع، نعم ثلاث مرات يطلق ويراجع، والأمر بينه وبين ربه، إن أراد أن ينكح زنا هذا أمر بينه وبين ربه، المسألة ديانة، فلا يجوز له أن يستحل بحكم القاضي ما لا يحل له، ولذا قال: -عليه الصلاة والسلام-: ((فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها)) فليتقِ الله -جل وعلا- الخصوم، ويجعلوا مثل هذا نصب أعينهم ((من النار)) من يطيق النار، وأيضاً الأمر بالتقوى يتجه إلى المحامين الذين يبذلون كل ما أوتوا من قوة وفصاحة وبلاغة وبيان من أجل كسب القضية لموكليهم، هم داخلون في هذا، وهذا من التعاون على الإثم والعدوان، وما يأخذونه من أجرة على مثل هذه القضية ((قطعة من نار فليحملها أو يذرها)) هذا من باب التهديد {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] تهديد، ومنهم من يقول:

فليحملها إن كانت تحل له أو يذرها إن كانت لا تحل له، نعم. عن عبد الرحمن بن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: كتب أبي وكتبت له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة، وهو قاضي بسجستان: أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) وفي رواية: ((لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الرحمن بن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: كتب أبي وكتبت له" كتب أبي يعني أمرني بالكتابة، أمر بالكتابة والآمر بالشيء ينسب إليه، كما يقال: كتب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قيصر وإلى كسرى وإلى عظيم البحرين وإلى .. ، كتب، النبي يكتب؟ النبي لا يكتب بيمينه، لا يكتب بيده، وإنما أمر بالكتابة، فأسندت إليه ونسبت إليه، يقول: كتب أبي وكتبت له، يعني أملى علي وأمرني بالكتابة فكتبت، يعني تولى الكتابة بنفسه. "إلى ابنه عبد الله بن أبي بكرة وهو قاضي في سجستان" فيه التحمل بالكتابة، وهي طريق معتبر من طرق التحمل، المكاتبة طريق معتبر من طرق التحمل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كتب، والصحابة كتب بعضهم إلى بعض، والصحابة كتبوا إلى التابعين والعكس، ومن بعدهم إلى شيوخ الأئمة، وفي البخاري: كتب إلي محمد بن بشار، يعني يكتبون، فالرواية تثبت بالمكاتبة.

"وكتبت له إلى ابنه عبد الله بن أبي بكرة وهو قاضي بسجستان: ألا تحكم بين اثنين وأنت غضبان" لأن الغضب يستولي على الذهن ويشوش، فلا يترك فرصة للتفكير الصحيح، والنظر التام في القضايا، لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان "فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) وفي رواية: ((لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)) " نعم لأن الغضب شعبة من شعب الجنون لا سيما إذا أزداد، ولذا طلاق الغضبان مما اختلف فيه أهل العلم، وتصرفاته أيضاً محل مثار خلاف بين أهل العلم إلا أنه يحكم بما يتصرف فيه من حقوق العباد يؤاخذ بها من باب ربط الأسباب بالمسببات، فمثل هذا الغضب إذا وصل إلى حد بحيث لا يتمكن القاضي من النظر في القضية، وإلا ففي مجالس الخصوم ما يثير الغضب باستمرار، بعض القضاة ما يتحمل فيثور ويغضب عند أدنى شيء، مثل هذا عليه أن يعتزل القضاء؛ لأنه يمكن أن يغضب في كل قضية فيتجه إليه هذا النهي، بعض الناس جبلة يثور لأدنى سبب، مثل هذا لا يصلح للقضاء؛ لأنه ما من قضية إلا وفيها يعني في الغالب إلا وفيها ما يثير، فإذا كان هذا مستعد للغضب يشتعل لأدنى مناسبة مثل هذا لا يصلح للقضاء، لكن هناك عموم القضاة كغيرهم يغضبون، لكن عليه أن ينظر في القضايا، وإذا وصل به الحد في الغضب إلى أن لا يتمكن من النظر في القضية يترك لا يقضي، يؤجل القضية، وقل مثل هذا في كل ما يشوش الخاطر والبال كالجوع والحر الشديد والبرد الشديد، وكونه حاقن مثلاً، أو مشوش الذهن لمصيبة مثلاً، مثل هذا ينتظر، يؤجل القضايا حتى يتمكن من النظر فيها، لكن هناك دعاوى باطلة، يعني لا توجد عندنا ولله الحمد، لكن توجد في بلدان أخرى، توجد في بلدان أخرى بعض القضاة تجده مدخن مثلاً، هذا لا يوجد عندنا البتة، لكن يوجد بعض القضاة يدخن، ويقول: إنه لا يتمكن من النظر في القضية حتى .. ، بعضهم يصرح، يعني وكتب في الصحف بعضهم على سبيل التنكيت، وبعضهم يحكي واقع، لا يتمكن من النظر الصائب في القضية حتى يبطل بكت كامل، وش الكلام هذا؟ يدخل في هذا أو لا يدخل؟ الأصل أن مثل هذا ليس بأهل للقضاء أصلاً، فاختيار مثل هذا قاضي خطأ، والله المستعان، فمثل هذه

الأمور لا ينظر إليها لأنها من أساسها باطلة، فلا يبنى نتائج شرعية على مقدمات غير شرعية، نبني نتائج شرعية على مقدمات شرعية، نتائجنا لا بد أن يكون القاضي مرتاح البال حتى يتمكن من النظر في القضية، هذه النتيجة لا بد أن تبنى على مقدمات شرعية، يقال: والله ما دام يدخن لازم يدخن حتى ينظر القضية، نقول: أبداً لا هو ولا دخانه، ولا ينظر ولا شيء، لا قبل ولا بعد مثل هذا، قد يقول لك قائل: هذه معصية ولا يسلم منها، ولا يفترض في القاضي أن يكون معصوم، لكن المسألة منصب نبوي هذا، فصل الخصومات ينبغي أن يكون لأولى الناس، للقدوات، الذين إذا قالوا سُمع لهم، وإذا أمروا امتثل لهم، فمثل هذا لا ينظر إليه، نعم الأسباب الشرعية الجبلية مثل الغضب، مثل جوع شديد، مثل برد شديد، مثل حر شديد، كونه حاقن، كونه محتاج، كونه مريض، كل هذا لا يقضي بين الناس وهو متصف بهذه الصفات، نعم. وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ )) ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)) وكان متكئاً فجلس فقال: ((ألا وقول الزور، وشهادة الزور)) فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.

وهذا الحديث أيضاً: "عن أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا أنبئكم)) " ألا أخبركم، والنبأ هو الخبر إذا كان مهماً عظيماً ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ )) أكبر الكبائر فدل على أن من الذنوب ما يسمى كبائر، وفي قوله -جل وعلا-: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [(31) سورة النساء] ووجود الكبائر وتسميتها بهذا الاسم المستند إلى الكتاب والسنة أمر مجمع عليه، لكن النزاع في وجود صغائر، يقول بعضهم: إنه لا يوجد ما يدل على أن هناك صغائر، فمن باب المقابلة أنه ما دام يوجد كبائر لا بد من وجود صغائر، إذا قلت: فلان أكبر من .. بس وسكت، كلام صحيح؟ لا بد من طرف مقابل يكون أصغر منه، لا بد من تمام الكلام، لا بد لتمام الكلام من هذا، ما دام وجد كبائر لا بد أن يوجد ما يقابلها وهي الصغائر {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة النساء] والمراد بالسيئات الصغائر، والنصوص في تكفير الذنوب الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، ما لم تغشَ كبيرة، إذاً كفارات لإيش؟ للصغائر، فلا بد من وجود صغائر، أما أن نقول: ما في في النصوص ما يدل على صغائر، بهذا اللفظ قد يسلم، لكن هذه العبادات التي تكفر الذنوب هي لا تكفر الكبائر إذاً تكفر إيش؟ لا بد من ما يقابل هذه الكبائر مما يتناوله تكفير هذه العبادات العظيمة لها وهي الصغائر، إذا قررنا أن هناك صغائر وكبائر، هناك كبائر وهناك أكبر، الكبائر متفاوتة، إذ ليست على درجة واحدة، فأكبر الكبائر، ويختلف أهل العلم في ضابط الكبيرة، لكن منهم من ضبطها بأن كل ذنب رتب عليه حد في الدنيا، أو عذاب في الآخرة، أو توعد فاعله بلعن أو غضب، أو بعدم دخول الجنة، أو بدخول النار، أو نفي عنه الإيمان، هذه كلها كبائر.

" ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ )) قلنا: بلى يا رسول الله" تصور من الصحابة أن يقولوا: ما يحتاج؟ كثيراً ما يسألونه من غير طلب للسؤال "قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله)) " وهذا أعظم أنواع الظلم، وهو الذي لا يقبل المغفرة {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [(82) سورة الأنعام] والظلم الشرك هنا، كما فسره النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالشرك غير قابل للغفران. ((الإشراك بالله)) واللفظ يتناول الأكبر والأصغر، أما الأكبر فالجنة على صاحبه حرام لا يغفر ومرتكبه مخلد في النار نسأل الله السلامة والعافية، وأما الشرك الأصغر كالريا مثلاً، وقول: ما شاء الله وشاء فلان، ما شاء الله وشئت ونحو هذا، هذا شرك أصغر، ولولا الله وفلان هذا شرك أصغر، من أهل العلم من يدرجه في الكبائر، وأن المشيئة تشمله، ويغفر ما دون ذلك بما في ذلك الشرك الأصغر، ومنهم من يقول: إن الشرك بنوعيه لا يقبل المغفرة، بل لا بد من أن يعذب صاحبه، وبهذا يختلف الشرك الأصغر عن الكبائر، بأنه لا بد من أن يعذب، ويدخل في عموم قوله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء] سواء كان شرك أصغر أو أكبر، لكن يبقى الفرق بين الأكبر والأصغر بأن الأكبر صاحبه مخلد، والأصغر إذا عذب بقدر ذنبه مآله إلى الجنة، لا يخلد صاحبه في النار.

المقصود أن أعظم الذنوب الإشراك بالله ((وعقوق الوالدين)) أعظم الناس حقاً عليك والداك، وحقهما مقرون بحق الله في نصوص كثيرة، وكان متكئاً فجلس؛ لأن الإشراك بالله يستبعد وقوعه من المسلم، عقوق الوالدين أيضاً كثير من المسلمين الأصل فيهم الوفاء مع عامة الناس فضلاً عن أعظم الناس عليهم حقاً، لكن الأمر الثالث والدواعي إليه تجر إلى التساهل فيه فاحتاج أن يهتم له النبي -عليه الصلاة والسلام- "وكان متكئاً فجلس، فقال: ((ألا وقول الزور)) " قول الزور وشهادة الزور قد يدعو إليها ما يدعو، إما حمية يشهد لقريبه، أو إحن وعداوات، فيشهد على عدوه، أو طمع دنيا فيشهد لراشيه، أو خوف فيشهد لمن هدده، أو رجاء بأن يرجو فلاناً أن يعطيه أو يزوجه، أو يوليه ولاية أو ما أشبه ذلك، المقصود أن الدواعي كثيرة، فاهتم النبي -عليه الصلاة والسلام- لها. ((ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)) ومن لم يدع قول الزور فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، فقول الزور شأنه خطير، وشهادة الزور أمرها عظيم، والمتلبس بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور، الذي في المجالس أنا فعلت، أنا فعلت، أنا حفظت، أنا تركت، أنا علمت، أنا قرأت، أنا سويت وهو ما سوى شيء هذا كلابس ثوبي زور. "فما زال يكررها" ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور "فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت" شفقة عليه، -عليه الصلاة والسلام-، شفقة على النبي -عليه الصلاة والسلام- كررها حتى أشفقوا عليه، اهتماماً بها، جاء في أحاديث بيان بعض الكبائر كالسبع الموبقات، وقيل لابن عباس: الكبائر سبع؟ قال: هي إلى السبعين أقرب، وفي رواية: إلى السبعمائة، وألف في الكبائر كتب، من أجمعها كتاب الزواجر عن اقتراب الكبائر، والكبائر للذهبي، كتب يعني في هذه المسألة، نعم. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لو يعطى الناس بدعواهم)) " جمع دعوى، وجمع الدعوى دعاوي ودعاوى، كالفتوى جمعها فتاوي وفتاوى ((لو يعطى الناس)) كل من أدعى شيء قيل له: خذ، لو يعطى الناس كل من يدعي يُعطى إياه، يدعي زيد على عمرو أن في ذمته له مبلغ كذا قال: ي الله أدفع، يدعي عمرو أن فلاناً قتل ابنه، قال: خذ اقتله، لو يدعي بكر أن فلاناً زوجه ابنته أمسك بيد زوجتك، لو المسألة هكذا وش يصير الوضع؟ نعم ((لادّعى ناس دماء رجال)) يعني لولا أن هناك ضوابط تضبط أمور الناس لصارت الحياة لا تطاق، لو كل من أدعى شيء قيل له: خذه، ما بقي شيء؛ لأنهم ليس الناس كلهم على مستوى واحد من التدين والورع والتقوى والالتزام والانقياد ((لادعى ناس دماء رجال)) هذا قتلني، هذا قتل ولدي، هذا قتل أبي ((لادعى ناس دماء رجال وأموالهم)) هذا سرق مني، هذا اقترض مني، هذا استدان مني ((ولكن اليمين على المدعى عليه)) والمدعي عليه البينة ((شاهداك أو يمينه)) فاليمين في الغالب تكون في الجانب الأقوى، المدعي يدعي خلاف الأصل فجانبه ضعيف يحتاج إلى بينة قوية تشهد له بأنه يستحق ما أدعاه، ما وجد بينة جانب المدعى عليه قوي؛ لأن معه الأصل، الأصل أن ما في ذمته شيء، لكن ما دام أدعى عليه هذا، والأصل في المسلم أنه يوجد نسبة عنده من الصدق ترجح شيء من جانبه تطلب اليمين لترفع أثر هذه الدعوى فيحلف المدعى عليه، وتنتهي القضية، وهل ترتفع القضية بيمين المدعى عليه أو ترفع الدعوى؟ يعني بيمين المدعى عليه ترفع الدعوى أو تنتهي القضية؟ وش الفرق بينهما؟ إذا قلنا: تنتهي القضية، نعم صحيح، إذا قلنا: إنها ترفع الدعوى، متى وجد المدعي بينة يحكم له، ولو حلف المدعى عليه، وإذا قلنا: إنها تنهي القضية، معناه لو أحضر ما أحضر خلاص انتهت، وهذه مسألة خلافية بين أهل العلم، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب الأطعمة

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الأطعمة (1) شرح: أحاديث كتاب الأطعمة وباب الصيد الشيخ: عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: كتاب: الأطعمة عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -وأهوى النعمان بأصبعيه إلى أذنيه-: ((إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، إلا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب: الأطعمة الكتاب سبق التعريف به مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، وهو كما يقول أهل العلم: من المصادر السيالة التي تحدث شيئاً فشيئاً، يعني لا تحدث دفعة واحدة، يقول: قمت قياماً، دفعة واحدة، القيام مرة واحدة، لكن كتبت كتاباً، مصدر سيال يحدث شيئاً فشيئاً؛ لأنه يحدث يكتمل من مجموع الكلمات والحروف فلا يكون دفعة واحدة، يعني لا يمكن تضغط زر ويطلع لك كتاب، لا، ولا يمكن تجري القلم بلحظة يطلع لك كتاب، إنما يحدث شيئاً فشيئاً، تجتمع الحروف وتكون كلمات، والكلمات تكون أسطر، ثم الأسطر أوراق ومجلدات، شيئاً فشيئاً، والأصل في هذه المادة -والموضوع تكلمنا فيه مراراً لكن قد يكون في الحاضرين من لم يسمع الكلام السابق- والأصل في المادة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ويقال لجماعة الخيل: كتيبة، ومنه قول الحريري في مقاماته: وكاتبين وما خطت أناملهم حرفاً ... ولا قرؤوا ما خط في الكتبِ وكاتبين الواو هذه؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟

طالب:. . . . . . . . . الواو هذه وش تكون؟ طالب:. . . . . . . . . واو رب، نعم ولذلك جر كاتبين، وكاتبين مجرور برب المحذوفة بعد الواو، المراد بهم؟ إيش؟ طالب:. . . . . . . . . ما المراد بكاتبين الذي لم يكتبوا حرفاً، ولا قرؤوا ما خط في الكتب؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . الخرز؟ ما هو بالخرازين؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم الخرازين، والخراز الذي يجمع بين صفائح الجلود، ويصنعها قرب وأحذية، وخذاف وما أشبه ذلك؛ لأنهم يكتبونها يجمعونها بسيور، هذا الأصل في الكتاب والمراد به هنا المكتوب، إطلاق المصدر ويراد به المفعول كما تقول في الحمل وتريد المحمول، المكتوب الجامع لمسائل الأطعمة، والأطعمة: جمع طعام، والأصل في الطعام ما يطعم، ويصل إلى الجوف عن طريق الفم؛ لأن الطعم إنما يتبين من خلال الفم، هذا الأصل فيه، ولذا يشمل الشراب والطعام، لكن هم قابلوا الشراب بالطعام فدل على أن الطعام ما يؤكل دون ما يشرب، وإن كان الأصل في الشراب أنه يتناوله لأنه يطعم، العسل طعام وإلا شراب؟ {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ} [(69) سورة النحل] لكن هو يطعم أو ما يطعم؟ يطعم؛ لأن له طعم حلو، فهو داخل في عموم ما يطعم، لكنهم قابلوا -وجاءت النصوص بذلك- الشراب بالطعام، فدل على أن الطعام له حقيقة، والشراب له حقيقة، وإن دخل في العموم، ولذا يترجمون في كتاب الأطعمة وكتاب الأشربة، والأطعمة من أهم ما يعنى به المسلم، على المسلم أن يعنى بهذا الجانب عناية فائقة، لماذا؟ لأن ينبت جسده على شيء سحت خالص أو مشكوك فيه، وطيب الطعام من أعظم أسباب إجابة الدعوة ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) وجاء في الحديث الصحيح ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب يكرر، ذكر من أسباب قبول الدعاء كونه مسافر، وكونه على هيئة رثة منكسر بين يدي الله -جل وعلا-، ويمد يديه إلى السماء إلى الله -جل وعلا-، ورفع اليدين من أسباب إجابة الدعوة؛ لأن الله -جل وعلا- يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً، ومن أسباب إجابة الدعوة يا رب يا رب، الدعاء بهذا الاسم الكريم، وتكراره مظنة للإجابة، كما في آخر سورة آل عمران، حتى قال أهل العلم: إن من كررها خمس مرات يوشك أن يستجاب له، في آخر سورة آل عمران كم كررت؟ خمس مرات، وفي النتيجة {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ} [(195) سورة آل عمران] لكن هناك مانع من إجابة الدعوة، مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له، استبعاد، كيف يستجاب له وهو يتقلب في الحرام؟ ولذا على المسلم أن يعنى بطعامه، وأن

ينظر في مصدره ومورده، وأن لا يدخل في جوفه إلا الطعام الحلال، لا بد من هذا، فكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، ولذا صدر المؤلف -رحمه الله تعالى- كتاب الأطعمة بهذا الحديث العظيم، حديث النعمان بن بشير في الشبهات، وهو أصل أصيل من أصول الدين، من الأحاديث التي يدور عليها الدين، حتى قال أهل العلم: إنه رابع أربعة أحاديث. عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع من قول خير البرية اتق الشبهات. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . هذا الحديث. اتق الشبهات وازهد ودع ما ... ليس يعنيك واعملن بنية هذه الأربعة الأحاديث يدور عليها الدين، حديث "النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -وأشار النعمان بأصبعيه إلى أذنيه-" لماذا؟ ليؤكد السماع، أنه يروي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كلاماً متأكداً منه، كلاماً محققاً صدر منه -عليه الصلاة والسلام- من دون واسطة، سمعه بأذنيه من غير واسطة. "يقول: ((إن الحلال بين والحرام بين)) " أولاً: ما الأصل في الأطعمة الحل أو الحرمة؟ نعم؟ الإباحة أو الحظر؟ نعم التحريم، على كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم، والخلاف لن ينهى أو بمثل هذا الدرس، المسألة خلافية بين أهل العلم وكل على أصله، منهم من يقول: الحلال ما أحله الله، ومنهم من يقول: الحرام ما حرمه الله، وهذه مسألة داخلة في المسألة الكبرى وهي الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، متى يظهر لنا مثل هذا الخلاف؟ إذا كنت في البر مثلاً، تتنزه في مكان مُربع، فأعجبك نبات، أعجبك رائحته، أعجبك طعمه، تأخذ من هذا النبات تأكل وإلا ما تأكل؟ نعم؟

بناء كل على أصله، الذي يقول: الأصل الحل حتى يرد ما يمنع يأكل ما عنده مشكلة، والذي يقول: إن الأصل المنع حتى يرد ما يبيح يأكل، طيب رأيت دويبة وأعجبتك، تكون مثلاً الصقنقور -إن كان تعرفون الصقنقور- دويبة تشبه الوزغ إلا أنها ملساء، وفي الرمل غالباً توجد، نعم أعجبتك أو ذكرت لك علاج للظهر مثلاً، يسمونها العطارين علاج للظهر، تأكل وإلا ما تأكل؟ ليس فيها دليل يخصها لا إباحة ولا منع، تقول: الأصل الإباحة وتأكل حتى يرد ما يمنع أو تقول: الأصل المنع حتى يرد ما يبح؟ تأكل صقنقور وإلا ما تأكل؟ يؤكل وإلا ما يؤكل؟ كل على أصله، الذي يقول: الأصل الإباحة يأكل، والذي يقول: الأصل المنع .. ، وبعض الناس يسمع الكلام "قال بعض أهل العلم: الحلال ما أحله الله، وقال آخرون: الحرام ما حرمه الله" في فرق بين العبارتين؟ في فرق بين الجملتين؟ نعم؟ في فرق كبير، إذا قيل: الحلال ما أحله الله فلا بد أن تتوقف في كل شيء تراه حتى تعرف دليله، وإذا قلت: الحرام ما حرمه الله تأكل كل شيء حتى يرد ما يمنع، ثم بعد ذلك يأتي الورع الذي هو مضمون هذا الحديث ((إن الحلال بين)) الذي جاءت به النصوص بين، الذي جاءت النصوص بحله بين، كبهيمة الأنعام مثلاً، الإبل والبقر والغنم ((إن الحلال بين، والحرام بين)) {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] .. إلى آخره، هذه أمور لا يختلف فيها أحد، لكن يختلفون فيما بين هذين، يقول: ((وبينهما أمور مشتبهات)) يعني هل تلحق بالحلال أو تلحق بالحرام؟ الصقنقور هذا هل نلحقه بالضب أو نلحقه بالوزغ؟ بينهما أمور مشتبهات، يعني مترددة بين هذا وهذا، وهنا على المسلم أن يقف، لكن ما هي بمثل تناول الحرام البين، يعني من أكل صقنقور ما هو بمثل من أكل وزغ، نعم، وليس مثل من أكل الضب على ما سيأتي؛ لأنها أمور مشتبهة بين هذا وهذا لم يرد فيها دليل بالخصوص، ولذا يقول بعضهم: إن المشتبهات هذه الأمور المختلف فيها بين أهل العلم، ومنهم من يقول: المكروهات؛ لأن المكروه برزخ بين المباح والحرام، برزخ، هذا مشتبه، فيه وجه شبه من الممنوع، وفيه وجه شبه من المباح، وجه شبه المكروه بالممنوع، والحد

المكروه عند أهل العلم ما يثاب تاركه، ولا يعاقب فاعله، فكونه يثاب تاركه مثل المحرم، وكونه لا يعاقب فاعله مثل المباح، ففيه وجه شبه من الاثنين فهو برزخ بينهما، وهو محل هذا الحديث، يعني ما تتعارض فيه الأدلة مشتبه، ما يختلف فيه أهل العلم من غير ترجيح مشتبه، المكروه مشتبه؛ لأنه واقع بين الحلال والحرام ((وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس)) يخفى الأمر على كثير من الناس، لكن من الناس من يعلم، كيف يعلم؟ يعني ترجح لفلان أن هذا حلال مما اختلف فيه، فبان له أنه من قسم الحلال عرف، وترجح لآخرين أنه حرام فاستبان له الأمر، ما صار في تردد الآن، إذا تم الترجيح انتهى التردد ((وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس)) فدل على أن بعض الناس يعلم حقيقة هذه الأشياء ((لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات)) يعني الأمور المشتبه، الأمور الملتبسة ((استبرأ لدينه وعرضه)) يعني طلب البراءة التامة لدينه؛ لأن السين والتاء للطلب، طلب البراءة للدين فلا يخدش دينه بأكل ما لا يجوز أكله؛ لأن هذا احتمال أنه لا يجوز أكله، واستبرأ أيضاً لعرضه؛ لئلا لا يقع الناس في عرضه؛ هذا في الأمور المشتبه؛ لأن من أكل الصقنقور هذا -المشكلة كثير من الإخوان ما هم متصورين الصقنقور إيش هو؟ - معروف وإلا ما هو معروف؟ إيه الذي يأكل الصقنقور وهو ليس فيه نص، احتمال أنه يشبه الوزغ من وجوه ويشبه الضب، هذا الذي يأكل ما هو مثل الذي يأكل الوزغ، لكن ما يؤمَن أن يقال في المجالس: رأينا فلان يأكل الوزغ، يقول أحد جالس في المجلس: لا يا أخي هذا ما هو بوزغ هذا صقنقور يقول: وش الفرق بينهم؟ فالناس يبي يقعون فيه، يتكلمون فيه، يبي يتكلمون في هذا الرجل الذي أكل من هذا المشتبه ((فمن اتقى الشبهات)) جعل بينه وبينها وقاية في الابتعاد عنها وتركها ((استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) السلف -رحمهم الله- يتركون كما نقل عنهم واستفاض تسعة أعشار الحلال خشية أن يوقعهم في الحرام، كيف الحلال يوقع في الحرام؟ نعم الاسترسال في المباحات، وتعويد النفس عليها قد تكون في مكان يصعب عليك الحصول عليها، وتجد مسلك فيه كلام يعني مكروه، ما

تملك نفسك، تبي تجرؤ على هذا المكروه، تقول: مكروه لا عقاب فيه، وإن كان تركه أفضل، ثم بعد ذلك إذا جرؤت على المكروه تدرجت النفس واستشرفت بحيث تكون في مكان لا تصل إلى هذا الذي عودت نفسك عليه إلا من طريق الحرام، ثم تأتي تعلل للنفس تقول: الله غفور رحيم، الحمد لله ما أشركنا ولا كفرنا، ونصلي ونصوم، ونسمي ولا عندنا مشكلة، يعني المسألة قد يظن بعض الناس أن هذا تعنت وأن هذا تشتيت ما هو بصحيح، يعني الإنسان يجد هذا من نفسه، لما استرسلنا وتوسعنا في المباحات جرنا هذا إلى ارتكاب .. ، المكروهات هذه أمر مفروغ منه يعني ما أحد يتردد فيها إلا القليل النادر، لكن المحرمات، وهذا تجده في كافة القطاعات، الذي يشتغل في المعاملة مع الناس أول الأمر أول ما يفتح المحل تجده يتحرز، ثم بعد ذلك مع الوقت يتوسع في الأمر، ثم يأتي التأويل المكروه لا عقاب فيه، سهل، ثم بعد ذلك يتجاوزه إلى ما بعده، يعني على سبيل المثال المقاول يأخذ من فلان ومن فلان أعمال ينفذها أو يشرف عليها وما أشبه ذلك، تجده في أول الأمر من الإخوان اللي ما عندهم حل وسط في أول الأمر كل شخص حسابه في دفتر ما هو في صفحة؛ لئلا يلتبس، أخذ من زيد من الناس عمارة يشرف عليها، وأخذ من فلان عمارة ينفذها، وأخذ من فلان استراحة، كل واحد بدفتر، تمضي الأمور شهر شهرين، يجد مشقة الدراهم تدخل الحساب، وحساب هذا يجتمع مع حساب هذا، ثم ينقص على هذا شيء يقترض له من فلان، هذا فلان توه، الآن ما بعد صبينا، ما إحنا محتاجين دراهم الآن، نبي نأخذ لفلان الذي الآن البمب واقف على السطح، فتجده يقترض من هذا لهذا، يعني إلى هذا الحد، شيء ما هو بكبير ترى، نعم، ويقترض من هذا ويعطي هذا، ثم بعد ذلك يبدأ هو يحتاج، اليوم والله أهله عندهم مناسبة، والله نظر الجيب ما في شيء، حسابه ما في شيء، هات من حساب الإخوان، والمسألة. . . . . . . . .، إحنا نبي نأكل لهم شيء؟ ما إحنا بآكلين شيء، نبي نرجع عليهم، وحسابهم مضبوط، وكل شيء شيكات، والأكعب موجودة، والأوضاع ما فيها شيء، ثم يسترسل مع ذلك إلى أن يصل به الحد إلى أن يأكل أموال الناس، وهذا شيء مجرب ومشاهد، لماذا؟ لأن التساهل في هذه الأمور يجر إلى ما

وراءه، قد يقول قائل: نترك الطعام. . . . . . . . .، لا، لا تترك، لكن لا تفتح على نفسك باب التأويل، كن على حذر شديد، وعامل نفسك بالأشد، وعساك تنجو؛ لأن هذه حقوق العباد. ((ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)) كالراعي يرعى حول الحمى، يعني الذي يمتهن الصيد مثلاً على حدود الحرم مثلاً يقول: أنا لا أصيد في الحرم، الصيد في الحرم حرام، نعم وش يبي يسوي؟ على الحدود، وهو يصيد أول الأمر يبي يصير ظهره إلى الحرم، علشان ما يصيد إلى الجهة الثانية، ثم بعد ذلك يعتدل يصير الحرم عن يمينه أو عن يساره ويجرب على شوي شوي، ثم طارت هذه ووقعت، قال: هذا احتمال ما هو بالحرم، شيء يسير، نعم، ثم المرة الثانية يدخل الصيد في الحرم، يقول: أنا برع، أنا ما أنا بداخل الحرم، والصيد ما هو مكلف، المكلف أنا وأنا خارج الحرم، ترى الشيطان يأتي بهذه الطريقة، يسهل الأمور بهذه الطريقة، المقصود أن من وقع في الشبهات وقع في الحرام ولا بد؛ لأن النفس لا بد لها من حاجز قوي دونها ودون الحرام، فليكن بينك وبين الحرام برزخ، بحيث لو اضطررت تكون في حدود هذا البرزخ ثم تعود إذا انتهت الضرورة.

((وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)) ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام- مقرراً الحكم الشرعي، ومنظراً له بما تعارفوا عليه، كل ملك له حمى، الملك له إبل، له غنم، له خيول، له .. ، فيحدد مساحة من الأرض مثلاً كيلو بكيلو، يشبك، كيلو بكيلو هذه للملك، وفيها نعم الملك من إبل وبقر وغنم وخيول ترعى في هذا، الذي يرعى حول هذه الحدود، أولاً: لن يملك أبله من أن تدخل من غير قصد، وقد لا يملك نفسه، يصير المحدد للملك هذا الحمى مربع، والذي بجواره ممحل، الربيع فيه أقل، ثم يقول له: الملك هذا الوقت نايم،. . . . . . . . . ما يمديهم، وش النتيجة؟ النتيجة أنه لو اطلع عليها أحد تعرض للعقوبة، وهؤلاء البشر عاد من يفلت، عقوبات ما هي بالعقوبات السهلة بعد؛ لأن كثير منهم ظلمة، هذا افترضنا أن الملك نايم وأنت دخلت الإبل، وطلعتها ما دري، لكن إذا وقعت في الحرام يمكن تقول: الله يغفل {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [(42) سورة إبراهيم] لا تخفى عليه خافية، يعني إذا كنت تبي تلبس على الملك، وتبي تجي في وقت غفلته، طيب رجاله، عنده حرس وعنده .. ، لكن هناك من لا يغفل ولا ينام ولا تخفى عليه خافية، فهي بمجرد ما تقع تسجل عليك، وليست مثل عقوبة الدنيا، عقوبة الدنيا قد يضربك الملك، ويمكن بعد تموت من الضرب أو تشل أو يجيك أمر عظيم، لكن أين هذا من عقوبة الآخرة؟ عقوبة الدنيا لا شيء بالنسبة لعقوبة الآخرة، فعلى الإنسان أن يحتاط ويستبرئ لدينه وعرضه. ((ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه)) المحارم لا تجوز أن تقرب بحال، الأمور التي حرمها الله -جل وعلا- ورتب عليها العقوبات لا يجوز أن ينتهكها الإنسان، وهي متفاوتة بلا شك، لكن يجمعها أنها كلها عليها عقاب ((ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة)) وش المناسبة لذكر القلب هنا؟ المناسبة الارتباط الوثيق وصلاح القلب وفساده، يعني أثر المطعوم على القلب ظاهر، والفضول كلها لها أثر على القلب، فضول الطعام، فضول الشراب، فضول النوم، فضول الكلام، كل الفضول لها أثر على القلب، لكن من أعظمها أثر على القلب الطعام.

((ألا وإن في الجسد)) ألا حرف تنبيه، "وإن في الجسد" تأكيد، في الجسد يعني بدن الإنسان ((مضغة)) يعني بقدر قطعة من اللحم، بقدر ما يمضغه الإنسان، بقدر اللقمة، يعني ما هو بكبير ((إذا صلحت)) هذه المضغة ((صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) القلب شأنه عظيم، وفساده خطير، ومرضه شر مستطير، وكثير من الناس يعيش بين الناس وقلبه ممسوخ وهو لا يشعر، نسأل الله السلامة والعافية، وقد يكون ممن ينتسب إلى العلم، أو إلى طلب العلم، يعني لا نكابر، يعيش بين الناس بقلب ممسوخ نعم، وش المانع؟ لكثرة ما يزاوله وينتهكه من محرمات، فالقلب تنبغي العناية به، العناية بالقلب في غاية الأهمية، وجميع خطاب الشرع موجه إلى القلب {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88 - 89) سورة الشعراء] فالقلب شأنه عظيم، فعلى المسلم لا سيما طالب العلم أن يعنى بصلاح قلبه، هناك أمراض للقلوب، وهناك أدوية للقلوب، وخير ما يداوى به القلب المريض بالقرآن الكريم، بقراءته على الوجه المأمور به، الترتيل والتدبر، أيضاً الارتباط بالله -جل وعلا-، بالأذكار، بنوافل العبادات، من الصيام والقيام، وأن يعين على نفسه بكثرة السجود، المقصود أن هناك أمور تعينه على صلاح القلب.

طيب القلب وحدد في البدن أنه مضغة يعني مضغة محسوسة، القلب يتجه إليه جميع الخطاب الشرعي، والعقل هو مناط التكليف، بمعنى أنه إذا ارتفع العقل ارتفع التكليف، فهل القلب هو العقل؟ النصوص كلها تخاطب العقل، والتكليف مرتبط بالعقل فهل القلب هو العقل أو غيره؟ {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا} [(179) سورة الأعراف]، المقصود أن هناك ارتباط وثيق بين المضغة هذه وبين العقل، الأطباء يقولون: إن العقل شيء يختلف اختلاف كلي عن القلب، لماذا؟ لأن الإنسان قد يحصل له ما يحصل مما يغير عقله أو يذهب العقل بالكلية، وتفحص القلب تجده سليم مائة بالمائة، والعقل ما له عقل، فلا ارتباط بين .. ، لكن العلماء ينصون على أن العقل في القلب، والإمام أحمد يربط بين .. ، الأطباء يقولون: إن العقل في الدماغ، ماله ارتباط بالقلب، والفقهاء يقولون: العقل محله القلب، لكن يرد على هذا أنه لو ضرب جاءته ضربة في رأسه أثرت في عقله ما أثرت في قلبه، والإمام أحمد -رحمه الله- يجمع بين القولين ويقول: العقل في القلب وله اتصال بالدماغ، بمعنى أن هذا له أثر، وذاك له أثر، مثل الموجب والسالب، يمكن يشتغل الكهرب بدون موجب وسالب؟ لو فصلنا واحد ما اشتغل، صح وإلا لا؟ إذاً القلب له أثر، والدماغ له أثر على العقل، على كل حال النص واضح، وتسميته مضغة لا شك أنه هذه القطعة المعروفة المحسوسة، كذلك أيضاً النصوص كلها تخاطب القلب، نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

هنا كثير من الناس لا يعرفون، لا يعرفون هذا المتشابه، كثير من الناس يتردد، حتى من طلاب العلم، كون العامة لا يدرون شيء إلا القليل النادر، الأمور التي عرفت من الدين بالضرورة، لكن كثير من طلاب العلم تجده يتردد في كثير من المسائل، هذا التردد هو التشابه، والقرآن فيه متشابه، التشابه لا يعلمه أحد، لا يعلمه إلا الله -جل وعلا-، فمثل هذا للامتحان والابتلاء، المتشابه الذي لا يعلمه كثير من الناس الحكمة من وجوده في الشرع لا لخلل في الشرع أو اضطراب فيه، لا، لكي يجتهد الناس في معرفته، وتمييز حلاله من حرامه فتعظم الأجور، وبهذا يتخرج العلماء، أما ما في القرآن من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله على خلاف في الوقف، قلنا: على القول الأكثر أنه لا يعلمه أحد، المتشابه، لكي يختبر مدى إيمان الإنسان، وإذعان الإنسان، واستسلام الإنسان، وانقياد الإنسان، خلاص ما تعرف ما تعرف، وش المانع؟ يعني بعض الناس يكابر يقول: إنه يعرف كل شيء، وهو مسكين روحه التي بين جنبيه ما يدري وش هي؟ ما يملك من أمرها شيء. ((وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) القلب بمنزلة الملك، والجوارح أعوان لهذا الملك، فإذا كان الملك صالح وجه هؤلاء الأعوان إلى ما يصلح، وإذا كان الملك فاسد وجه الأعوان إلى ما يفسد ويضر ((إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))، نعم. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أنفجنا أرنباً بمرج الظهران فسعى القوم فلغبوا، وأدركتها فأخذتها فأتيت أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوركها وفخذيها، فقبله. لغبوا: أعيوا. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أنس بن مالك" خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- "قال: أنفجنا أرنباً" يعني أثرناها، وهذا يدل على أنهم مجموعة أثاروا هذه الأرنب لما سمعت بجلبتهم أو سعوا إلى إثارتها، أنفجنا يعني أثرناها أرنباً، وهي الحيوان المعروف "بمر الظهران، فسعى القوم" لإدراكها وصيدها، سعى القوم أسرعوا ركضوا إليها "فلغبوا" يعني تعبوا وأعيوا {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [(38) سورة ق] يعني إعياء وتعب "وأدركتها" لأنه ما زال صغير، والصغير أسرع حركة من الكبير، يقول: "فأخذتها" أمسكها "فأتيت بها أبا طلحة" وش علاقة أنس بأبي طلحة؟ نعم زوج أمه "فأتيت بها أبا طلحة فذبحها" دل على أنهم ليس معهم سلاح وإلا كان بادروها بالسلاح "فأتيت بها أبا طلحة فذبحها" استقل بها أنس مع أنهم كلهم سعوا، وهي مما يباح، ومن سبق إلى مباح فهو أحق به، يعني لو أنت طالع في رحلة ونزهة مع أولادك وأعجبك مكان وجلست فيه ليس لأحد كائناً من كان أن يقول: قوم عن هذا المكان، إلا إذا كان يملكه، لكن إذا كان مباح أرض ميتة ليست لأحد فليس لأحد كائناً من كان أن يقول لك: قم عن هذا المكان؛ لأنك سبقت إليه، فمن سبق إلى مباح فهو أحق به، أنس سبق إلى هذه الأرنب فأدركها وأمسكها وسلمها لزوج أمه فذبحها، هذه لا بد من تذكيتها، لا تحل إلا بالتذكية، إلا لو كانت صيد مصيدة، على ما سيأتي في كتاب الصيد "فذبحها" والذبح يكون بقطع .. عندنا أربعة أشياء، الودجين والحلقوم والمريء، لا بد من الأربعة أو ثلاثة من الأربعة تكفي؟ ثلاثة من أربعة تكفي "فأتيت بها أبا طلحة فذبحها، وبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوركها" من الذي بعث؟ الضمير يعود إلى أقرب مذكور، وهو أبو طلحة، ومن صاحبها؟ من الذي يملكها الآن؟ أنس، الذي يملكها أنس، فلعل أبا طلحة عرف أن أنس لا يكره ذلك، بل يحب ذلك "فبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوركها وفخذها، فقبله" فقبل الهدية، وهي هدية من مسلم لعظيم، والمهداة شيء يسير، فدل على أن المهدى إليه يقبل الهدية ولو كانت حقيرة في نظره، ولا يعيبها ((لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) واحد من العباد لقيه شخص توفي -رحمه الله-، لقيه شخص قال: عندي لك هدية يا أبا

فلان، وين هي؟ قال: تجي إن شاء الله، من الغد عندي لك هدية طيب خير، مقبولة يا أبو فلان، من اليوم الثالث جاب الهدية وإذا هي إيش هي؟ ما هذه الهدية؟ مسواك أعوج، يقول: أنا في أول الأمر قلت .. ، ثلاثة أيام عندي لك هدية عندي لك هدية، وفي النهاية مسواك أعوج، لولا الحياء كان رميته وهو يشوف، جامله ووضعه في مخبأته، في جيبه، يقول: وأنا في طريقي حاسبت نفسي، قلت: هذا رجل أهدى لك شيء، وأنت ليس لك عليه أدنى حق، والله -جل وعلا- الذي خلقك ورباك بنعمه، وتتقلب في نعمه التي لا تعد ولا تحصى، ويرتفع له من أعمالك ما هو أعوج، يعني هل كل الأعمال التي يعملها المسلم مستقيمة على مراد الله ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-؟ يقول: من أنت؟ أنت ما لك حق عليه ولا معروف، يعني إن أجبته بجزاك الله خير بعد طيب، لكن أنت مخلوق لهدف تحقق عبودية على مراد الله وعلى مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فيصعد من أعمالك ما هو أعوج، غير مستقيمة على مراد الله ومراد رسوله، وهذا محاسبة، محاسبة للنفس {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [(18) سورة الحشر] عمر -رضي الله عنه- يقول: "حاسبوا أنفسكم" لأن المحاسبة ينشأ عنها مراقبة لله -جل وعلا-، وينشأ عنها عدم تكرار ما وقع من خطأ، يعني لو تتصورون شركة مثلاً كبرى، شركة من الشركات الكبيرة ما فيها محاسبين ولا شيء، أموال تطلع وأموال تدخل، وبعد عشر سنين وش تصير النتيجة؟ ما يدرون وش النتيجة؟ لكن لو عندهم محاسب في كل شهر يقدم تقرير صاروا على بينة، والمسلم لو كل ليلة كل ما أوى إلى فراشه قال: أنا صنعت كذا، وصنعت كذا، وصنعت كذا من الواجبات، وصنعت من المستحبات، وصنعت من المحرمات، وتاب إلى الله -جل وعلا- وندم على ما حصل منه يعني صار على خير عظيم، فالمحاسبة لا بد منها؛ ليكون الإنسان على بينة، والذي أدى إلى هذا الكلام هذا الرجل العظيم، أعظم من وطئ على الأرض يهدى له فخذ أرنب فقبله، فدل على إباحة أكل الأرنب، يعني يجوز أكل الأرنب، وجاء في حديث ضعيف في النهي عن أكلها لأنها تدمي، وش تدمي؟ وش معنى تدمي؟ تحيض، لكن الخبر ضعيف، وعامة أهل العلم على جوازها، عامة أهل العلم على جواز

أكل الأرنب، وبعض المبتدعة مشابهة لليهود لا يأكلون الأرنب؛ لأن اليهود لا يأكلون الأرنب، وهؤلاء شابهوا اليهود فلا يأكلون الأرنب، ولذا ابن بطوطة لما دخل أصفهان وابن بطوطة مالكي المذهب، لما صلى أرسل يديه على طريقة متأخري المالكية، ما قبض يديه على صدره وإلا .. ، أرسل يديه، فاتهموه بالتشيع؛ لأن الرافضة لا يقبضون، اتهموه بالتشيع، فاختبروه بأي شيء؟ بالأرنب، قدموا له أرنب، قالوا: سبحان الله شيعي يأكل أرنب، قال: لا أنا ما أنا بشيعي، قالوا: شفناك ما تقبض ترسل يديك، قال: إحنا مالكية ما نقبض، هذا معروف عند متأخري المالكية، فالشيعة والرافضة لا يأكلون الأرنب، ومن قبلهم اليهود، نسأل الله السلامة والعافية، فهذا فيه دليل على إباحة الأرنب، نعم. وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قالت: نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه، وفي رواية: ونحن في المدينة. وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل. ولمسلم وحده قال: أكلنا زمن خيبر الخيل، وحمر الوحش، ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحمار الأهلي. وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن أكفئوا القدور، ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً. وعن أبي ثعلبة -رضي الله عنه- قال: حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحوم الحمر الأهلية. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أسماء بنت أبي بكر" ذات النطاقين زوج الزبير أم عبد الله "قالت نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه، وفي رواية: ونحن في المدينة" نحرنا فرساً على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكلناه، قول الصحابي: فعلنا أو كنا نفعل له حكم الرفع عند أهل العلم، لا سيما إذا أضافه إلى العهد النبوي كما هنا، نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه، وهذا عند أهل العلم يثبت بالسنة التقريرية، وهي إحدى وجوه السنن؛ لأن السنن المضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إما أن تكون قولية كأن يقول: لا بأس بأكل الفرس، أو فعلية بأن يأكل -عليه الصلاة والسلام- من الفرس، أو تقريرية بأن يؤكل الفرس ولا ينكر. "نحرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه" أقرهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، قد يقول قائل: النبي ما أطلع عليهم، ما أطلع، أولاً: هذا فرس إذا ذبح في المدينة كل بيدري؛ لأن البلد صغير، الأمر الثاني: أن هذا وقت تنزيل، لو كان مما يحرم أكله لنزل القرآن بتحريمه، ولذا يقول جابر: كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيئاً مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، فكونه نحروه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم ينكر عليهم، أيضاً القرب بين بيت أبي بكر الصديق وأسرة أبي بكر والأسرة النبوية واضح، يعني ما يمكن أن يذبح شيء في بيت أبي بكر، أو من أحد أفراد أسرة أبي بكر ولا يطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- "وفي رواية: ونحن في المدينة".

وهنا "عن جابر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن لحوم الأحمر الأهلية" وأذن في لحوم الخيل، حديث جابر صريح في إباحة لحوم الخيل، إذا كان حديث أسماء يعتريه ما يعتريه من قول بعضهم: احتمال أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف ولا رأى، ولا بلغه، والمعتمد عند أهل العلم أن مثل هذا له حكم الرفع، لكن أصرح منه أذن في لحوم الخيل، هل يمكن أن يقول قائل: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف ولا درى، لا ما يمكن، هو الذي أذن، فدل على إباحة لحوم الخيل "ولمسلم وحده قال: أكلنا زمن خيبر الخيل، وحمر الوحش" ونهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الحمار الأهلي.

فهذه النصوص تدل على إباحة لحوم الخيل، وقال بهذا أكثر أهل العلم؛ بأن لحم الخيل مباح، ومثله حمر الوحش، الحنفية قالوا: بكراهة أكل لحوم الخيل، وأيضاً هو مروي عن الإمام مالك، والمحقق عند الحنفية عند المتأخرين أن الكراهة هذه للتحريم، يعني يحرم أكل لحوم الخيل عند الحنفية، طيب دليلكم يالحنفية؟ قالوا: الله -جل وعلا- امتن بركوب الخيل {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [(8) سورة النحل] فلو كانت مما يؤكل ما جمعت مع الحمر الخيل الحمير البغال تجمع وتساق بمساق واحد، أولاً: معروف عند أهل العلم أن الاستدلال بدلالة الاقتران ودلالة الاقتران ضعيفة، يبقى أقوى ما عندهم الامتنان بالركوب والتزين، ولو كانت مما يؤكل لكان الامتنان بأكلها؛ لأن الأكل أعظم وجوه الانتفاع، هل هذا مطرد؟ أن الأكل أعظم وجوه الانتفاع فلو كانت تؤكل لامتن بأكلها، ما امتن بركوبها، هم يقولون هذا، لكن هذا لا يطرد، الغنم وش أعظم وجوه الانتفاع بها؟ الأكل، وذلك ما يمتن بما هو أعظم من الأكل، لكن الخيل تركب وتؤكل أيهما أعظم نفع؟ الركوب، ركوبها أعظم في الانتفاع من أكلها؛ لأن لحمها أقل من مستوى لحم غيرها مثل الإبل والغنم والبقر، من جهة، وأيضاً استعمالها مركوب أفضل من غيرها، ولذلك يمتن بها على أساس أنها مركوب، ولا يمتن بها على أساس أنها مأكول، وإن كانت مأكولة، ولذا الإنسان يمدح بأبرز ما فيه، وإن كان فيه صفات أخرى، نعم لو تصورنا أن شخص خطيب من أخطب الناس ويقول الشعر، لكن صفة الخطابة أقوى، يترجم في طبقات الخطباء أو في طبقات الشعراء؟ الخطباء، لكن العكس لو كان شاعر بارع وخطابته ما لها زود مثل غيره، يترجم في طبقات الشعراء، وقل مثل هذا فيما لو كان مفسر وعنده شيء من الفقه يترجم في طبقات المفسرين، لو كان فقيه ومشارك في التفسير وهكذا، فكل إنسان يدرج فيما يتميز به أكثر من غيره، وهنا بالنسبة للخيل ركوبها أفضل من أكلها، وقولهم أيضاً بعد: إن الأكل أعظم وجوه الانتفاع صحيح، لكن يبقى أنه ليس على سبيل الاطراد، ليس على سبيل الاطراد، لو قدر أنك في مفازة واحتجت للأكل، يعني معنى ضرورة بحيث تموت، احتجت للأكل واحتجت إلى قطع هذه المفازة،

هل تقول: والله أنحر الفرس وآكله وأتغدى وأتعشى واستأنس والركوب يحلها الله؟ أو تقول: لا أتعدى هذه المفازة ثم بعد ذلك أشوف أنظر، فالمسألة ما هي مطردة أن الأكل أعظم من غيره باستمرار، لا، قد تكون الحاجة إلى الركوب أكثر من الحاجة إلى الأكل، ولذا لما امتن -جل وعلا- في آخر سورة ياسين {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [(71 - 72) سورة يس] قدم الركوب على الأكل؛ لأن الركوب أحياناً يكون أهم من الأكل، أنت الآن في طريق ومعك خمسين ريال ما معك غيرها، السيارة تحتاج إلى بنزين وإلا تبي تقف، وأنت تبي تتعشى، تتعشى أو تعبي بنزين؟ تعبي بنزين تتعشى وتجلس، ما هو بصحيح، لكن لو قدر أن هناك ضرورة تبي تموت، لا تأكل يا أخي أهم، الركوب ينحل، فليس بمطرد أن الأكل أعظم وجوه الانتفاع من كل وجه في كل ظرف وفي كل زمان، فقولهم مرجوح، والأدلة لا إشكال فيها وهي صريحة في إباحة أكل لحوم الخيل، والبغل جاء النهي عنه كالحمار، في خيبر نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية وعن البغال، وهو متولد بين الخيل والحمار، بين مباح ومحظور، فالذي يتولد بين مباح ومحظور يغلب فيه جانب الحظر من باب اتقاء الشبهة، وهذا فيه نص.

يقول: "عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنه- قال: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن أكفئوا القدور، ولا تأكلوا من لحوم الحمر الأهلية" وجاء النهي عنها، نعم ونهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن لحوم الحمار الأهلي، وهنا اكفاء القدور التي غلت بها؛ لأن ما في هذا القدر من سائل خالط هذا اللحم المحرم، وجاء التصريح بأنها رجس، فدل على أنها محرمة الأكل لأنها رجس، نجسة، وكانت مباحة، قبل خيبر كانت مباحة، كانت مباحة ثم حرمت، في قوله -جل وعلا- في وصفه -عليه الصلاة والسلام-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] طيب الحمار طيب وإلا خبيث؟ جاء الوصف بأنه رجس فهو خبيث، طيب قبل تحريمه بليلة طيب وإلا خبيث؟ يوم كان حلال طيب يوم صار حرام خبيث؟ نعم هل التحليل والتحريم وصف حسي وإلا معنوي؟ يعني هذه الآلة لزيد من الناس حلال، سرقها منه عمرو فصارت حرام، تغيرت حقيقتها؟ ما تغيرت، طيب نأتي إلى الحمار أمس حلال واليوم حرام هذا الواقع، حرمت يوم خيبر قبل ذلك حلال، يعني قبل التحريم كانت طيبة ثم صارت خبيثة أو من الأصل هي خبيثة وأجيزت للحاجة إلى أكلها؟ أو استمرت طيبة ومنعت للحاجة إليها في الركوب؟ يعني هل تغيرت حقيقتها وانقلبت من كونها طيبة إلى خبيثة؟ نعم؟ أو نقول: إن التحريم والتحليل وصف معنوي والطيب والخبيث وصفان معنويان أيضاً؟ نعم؟ إذا قلنا: كسب الحجام خبيث، ولو عرضنا هذا على الآية قلنا: حرام، لأن النبي يحرم الخبائث، وجاء الأمر بإطعامه الناضح، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحاجم صارت أجرة يجوز أكلها، أجرته، فالخبث والطيب قد يكون وصف حسي وقد يكون وصفاً معنوياً، وإذا كان معنوياً دار مع التحليل والتحريم كما في الآية، وقد تكون هذه العين التي كانت مباحة ثم صارت محرمة قد تكون في أول الأمر طاهرة طيبة، ثم سلبت الطيب والطهارة بالتحريم، يعني مثلما جاء في الخمر أنها لما حرمت سلبت المنافع، وهذا قول لجمع من أهل العلم، انتقلت عينها من

كونها طيبة إلى خبيثة تبعاً للآية، وعلى كل حال الحمار الأهلي حرام، بخلاف حمار الوحش، حمار الوحش: أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش، وأيضاً اصطادوا حمار الوحش، وأهدوا للنبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر عمره، في حجة الوداع، وأكل من ذلك، وما في مشكلة، وفي عام الفتح، فلا إشكال في حمار الوحش، الإشكال في الحمار الأهلي، وجاء في الخبر: "أكلت الحمر أفنيت الحمر" وكانت مركوب الناس في ذلك الوقت، فنهي عن أكلها، وعلى كل حال الحمر الأهلية حرام عند الجمهور، ومنهم من يقول: بكراهتها، لكن مما يدل على التحريم "أكفئوا القدرو" يعني ما يكفي إنكم بس ما تأكلون، لا تأكلوا من لحمها، هذا مبالغة في تحريمها، فالقول المحرر والمحقق: إنها حرام. حديث أبي ثعلبة الخشني جرهم أو جرثوم الخشني، قال: "حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحوم الحمر الأهلية" عندكم حرم ولا تأكلوا، عندنا حرم وعندنا لا تأكلوا، وعندنا نهى، يعني جاء المنع منها على ثلاث صيغ الأولى: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحمار الأهلي، والثانية: ((ولا تأكلوا من لحوم الحمر)) والثالثة: حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقوله: ((لا تأكلوا)) نهي صريح، والأصل في النهي التحريم، ويدل عليه قوله: "حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ومثل: ((لا تأكلوا)) ومثل "حرم" نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند عامة أهل العلم، وإن كان من أهل العلم بعض المتكلمين يقول: لا يدل على التحريم حتى ينقل الصحابي اللفظ النبوي؛ لأنه يسمع كلام فيظنه نهي وهو في الحقيقية ليس بنهي، نقول: هذا الكلام باطل؛ لأنك تتحدث عن من؟ عن الصحابة العرب الأقحاح الذين عاصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- وعايشوه، وهم أتقى الناس، وأورع الناس، فقوله: نهى يقابله حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويؤيده ((لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً)) نعم.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يريد أن يأكل، فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده، فقلت: تأكله هو ضب، فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: ((لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه)) قال خالد: فاجتررته فأكلته والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر. المحنوذ: المشوي بالرضف، وهي الحجارة المحماة. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت ميمونة" زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- أم المؤمنين خالة ابن عباس "دخلت أنا وخالد بن الوليد" دخلت أنا وخالد، الضمير هنا دخلت هذا فعل وفاعل، والواو عاطفة وخالد معطوف على الفاعل، أنا هذه وش موقعها من الإعراب؟ التأكيد، يجوز حذفها إذا كانت لمجرد التأكيد، يعني له محل من الإعراب وإلا ما له محل من الإعراب؟ ضمير فصل لا محل له من الإعراب، يؤتى به للعطف على ضمير الرفع المتصل؛ لأنه لا يجوز العطف عليه إلا بفاصل، لا يجوز العطف على ضمير الرفع المتصل إلا بفاصل. وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... في النظم فاشياً وضعفه اعتقد المقصود أنه هنا يؤتى بالضمير وجوباً؛ ليمكن العطف على ضمير الرفع المتصل.

"قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت ميمونة، فأوتي النبي -عليه الصلاة والسلام- بضب محنوذ" بضب، الضب معروف، نعم الدابة البرية معروفة يعني التي أشرنا إليها سابقاً، وقسنا عليها الصقنقور في وجه؛ لأن هذا مقياس الشبه "فأوتي بضب محنوذ -مشوي على الحجارة- فأهوى إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" مد النبي -عليه الصلاة والسلام- ليأكل من هذا الضب، "فأهوى إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده ليأكل، فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يريد أن يأكل" الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب، ما يدري وش هو هذا؟ إنما لحم قدم في دار مسلمين، والأصل فيه الحل فأهوى ليأكل، ولذا الذي يقدم

في بيوت المسلمين لا يسأل عنه، يؤكل، لأن الأصل في بيوت المسلمين أنها لا تأكل إلا الحلال، لكن إذا غلب على ظنه أن هؤلاء ناس متساهلين يأكلون الحلال وغير الحلال يسأل "فأهوى النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده إليه فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يريد أن يأكل" يعني أنت لو كان عندك شيء ما تأكله، تتقزز منه، و. . . . . . . . . جاء هذا بطريقة غير مكشوفة، أنت ما تأكل مثلاً كاتشب، ما تأكل مايونيز، ما تأكل .. ، فأدخل مع أشياء بحيث لا تراه فتخبر عنه، تقول: يا أخي ترى هذا الطعام الذي بتأكله الآن فيه هذا الشيء التي تكرهه، وهذا من النصيحة؛ لأنه لو علم فيما بعد، يمكن يخرجه، فأنت من باب النصيحة تخبر "فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يريد أن يأكل، فقلت: تأكله؟ " تسأل تأكله "هو الضب" لأنه ما رأته، هي زوجته -عليه الصلاة والسلام- لكن ما رأت النبي -عليه الصلاة والسلام- يأكل الضب، وكأنها هي أيضاً تكرهه وتعافه، "هو ضب فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده فلم يأكل، فقلت: يا رسول الله أحرام هو؟ قال: ((لا)) " الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يحرم ما أحل له الله، هو حلال، لكن فرق بين كون النفس تعاف، وكون النفس تحرم، يعني بعض الناس ما يشرب اللبن، هل نقول: إن فلان يحرم اللبن؟ ما يأكل التمر هل نقول: إنه يحرم التمر؟ لا، كون النفس ما تقبل هذا الطعام لا يعني أنه حرام "فرفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده فلم يأكل، فقلت: يا رسول الله أحرام هو؟ قال: ((لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه)) " هناك مأكولات برية وبحرية أناس يعتبرونها من أفضل الأطعمة ومن ألذها، ولو عرضت على بعض الناس يمكن يقيء إذا رآها، نعم ولا يعني أنك تكره شيئاً فتحرمه ((ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه)) يعني ما اعتاد على رؤيته فضلاً عن أكله، وما زالت الوقفة موجودة عند كثير من الناس، كثير من الناس ما يأكل الضب، لكن كونه لا يأكله لا يعني أنه حرام ((فأجدني أعافه)) هناك تصرفات من الضب تجعل الإنسان يتوقف في أمره نفسياً ما هو بحكم شرعي، الحكم

الشرعي هنا، الحكم الشرعي في هذا الحديث، لكن بعضهم يذكر أشياء أشبه بالأساطير عن الضب، وهذا يزيد عند بعض الناس الذين يتوقفون في أكله " ((فأجدني أعافه)) قال خالد: فاجتررته" خالد بن الوليد سيف الله، ترى الشجاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام- أشجع الناس، كما جاء في البخاري، أشجع الناس، لكن ذكر العلة في كونه عاف هذا الطعام؛ لأنه ما اعتاده ولا رآه ولا أكل ولا .. ، فهو يعافه، شجاعة خالد تناولت مثل هذا الطعام، يقول: "فاجتررته وأكلته والنبي -عليه الصلاة والسلام- ينظر" لأنه سمع أحرام هو؟ قال: ((لا)) قال: إذاً ما فيه إشكال، كون الإنسان يعاف ما علينا، يعني أمر عادي جبلي سهل، لكن الكلام في الحكم الشرعي، أحرام؟ قال: ((لا)) قال: هات، "فاجتررته فأكلته والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر" فدل هذا على جواز أكل الضب، من السنة التقريرية، أقره، أولاً: السنة القولية أحرام هو؟ قال: ((لا)) ثم دعمت بالسنة التقريرية رأى خالد بن الوليد يأكل ولم ينكر عليه، فدل على إباحته، وكرهه بعض أهل العلم؛ لأنه جاء أنه من الأمم الممسوخة، جاء ما يدل على أنه من الأمم الممسوخة، لكن هذا ليس بصحيح؛ لأن الممسوخ لا نسل له، فدل هذا الحديث على جواز أكله، وأن الكراهية الجبلية لا دخل لها في التشريع، ودل أيضاً على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم المغيبات، وأنه قد يخفى بعض الأمور عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى غيره من باب أولى، فإذا أكل الشخص ولا يعلم قُدم له لحم فظنه لحم في غير بلاد المسلمين قدم له لحم فغلب على ظنه أنه لحم غنم، فبان من المحرمات، من الممنوعات، الأصل أن يسأل ما دام في بلاد غير المسلمين، أما في بلاد المسلمين فلا يسأل إلا إذا عرف عن هؤلاء أنهم أهل تساهل فيسألهم، إذا اشتبه عليه طعام بطعام فأقدم عليه، سئل بعضهم عن الذي يخفى عليه لحم الإبل، فأجاب بأن الذي يخفى عليه لحم الإبل من غيره من اللحوم هذا رجل مغفل، نعم لو كان اللحم بتمامه بعظامه بأجزائه يمكن التفريق، لكن إذا كان مفروم، يحط مع الفطور في رمضان سنبوسة فيها لحم مفروم لحم إبل يمكن التفريق بينه وبين لحم الغنم؟ فاستدرك عليه السائل فقال: يا الشيخ إذا كان

مفروم؟ قال: لا أعد السؤال، إذا خفي عليه مثل هذا وأكل لحم مفروم لحم إبل وصلى، لحم الإبل على القول الصحيح ناقض للوضوء، عليه أن يعيد الصلاة، وإذا احتاط لنفسه وسأل أولى، وإذا لم يسأل هل يلزم إخباره أو لا يلزم؟ هنا قالت: أخبروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يريد أن يأكل، هل يلزم إخباره أو ما يلزم؟ لأن الحكم صريح، يعني أنت تريد أن تأكل، تأكل شيء مبطل لعبادتك، ومثله من أراد أن يشرب مثلاً في نهار رمضان يجب إخباره، ما يقال: هذا مسكين ناسي أطعمه الله وسقاه اتركوه، لا لا يجب إخباره، لكن شخص موسوس نزل عليه شيء رطب، وتردد هل هو نجس أو طاهر؟ يبي يروح يسأل لا لا مثل هذا ما يقبل؛ لأن الأصل الطهارة، نعم. وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد" الجراد نقل الإجماع على حل أكله، أكله حلال، لكن هل يلزمه تذكيته أو يؤكل ولو كان ميتاً؟ ولو مات حتف أنفه؟ منهم من يقول: لا يؤكل إلا إذا مات بسبب، لكن إذا مات حتف أنفه لا يؤكل، لكن قول جمهور أهل العلم وهو الذي يدل عليه حديث: ((أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال)) يدل على أن الجراد يؤكل ولو كان ميتاً، والسبب في هذا أنه ليس فيه دم، ليس فيه نفس سائلة؛ لأن الذبح والتذكية من أجل أن يخرج الدم، وهذا ما فيه دم، فلا يحتاج إلى تذكية، ولذا جاء في الحديث: ((أحلت لنا ميتتان ودمان)) فلا يحتاج إلى تذكية، هذا الأصل في الجراد أنه يؤكل، لكن إذا كان الجراد ضار، يقولون: جراد الأندلس عموماً فيه مادة سامة فهل يؤثر هذا على الحكم؟ يبقى الحكم الجراد حلال، لكن الضار حرام؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يدخل في جوفه ما يضره، فلكونه ضار يحرم من هذه الحيثية، ويكون التحريم طارئاً كما لو رش الجراد بسم، أو أطعم السم، وهذا مثل ما يفعلون الزراعة وغيرهم يرشونه بالمبيدات، فإذا ثبت أنه ضار لأنه تناول من هذا المبيد يحرم من هذه الحيثية، كما يحرم غيره من المباحات، غيره من المباحات إذا ترتب عليه ضرر يحرم، نعم. وعن زهدم بن مضرب الجرمي قال: كنا عند أبي موسى -رضي الله عنه- فدعا بمائدة وعليها لحم دجاج، فدخل رجل من بني تيم الله أحمر شبيه بالموالي، فقال له: هلم، فتلكأ، فقال: هلم فإني قد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكل منه. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن زهدم" إيش؟ "ابن مضرب الجرمي قال: كنا عند أبي موسى الأشعري فدعا بمائدة وعليها لحم دجاج، فدخل رجل من بني تيم الله" تيمي، يعني من قوم من؟ أشهر الصحابة من هو؟ أبو بكر "من بني تيم الله أحمر" يعني لونه أحمر، شبيه بالموالي، شبيه بالأعاجم؛ لأنهم تكثر فيهم الحمرة، وأما العرب تكثر فيهم السمرة، فهذا متميز من بين العرب لأنه أحمر، فشبهوه بالموالي؛ لأن الموالي يكثر فيهم الأعاجم يكثر فيهم الحمرة "شبيه بالموالي" وهذا من باب التعريف، يعني هل يظن أنهم قالوا: شبيه بالموالي لأنه رجل مترف، وهذه صفة ذم، وحمرته هذه بسبب الترف، ولذا تردد في أكل الدجاج، أو مجرد وصف كاشف، هذا الوضع، من بني تيم الله، وهذا لونه، ويشبه الموالي في ألوانه، هذا مجرد وصف كاشف، وليس المراد من ذلك عيبه ولا شينه. "فقال له: هلم" أدنو، فهذه كلمة يدعى بها الشخص، وتلزم صيغة واحدة للمذكر وللمؤنث وللمثنى وللجمع، ومنهم من قال: تطابق هلم يا زيد، هلم يا هند، هلم يا زيدان، هلم يا الهندان، هلم يا الهنود، هلم يا الرجال .. إلى آخره، ومنهم من يقول بالمطابقة، يقول: هلم، وهلمي وهلما وهلموا، يطابق على كل حال هذه كلمة تستعمل في دعوة الإنسان وطلب قربه "فتلكأ" تردد؛ لأن المائدة عليها لحم دجاج، وسبب هذا التلكؤ وهذا التردد لأن الدجاج أحياناً يأكل النجاسات، فتجعل الإنسان يتقزز من أكله، يأكل النجاسات ويشرب منها، ولا يتردد في شيء من ذلك، فجعلت هذا الرجل يتلكأ ويتردد، لكن هل لمثل هذا الأمر الطارئ المظنون أثر في الحكم الشرعي؟ ليس له أثر في الحكم الشرعي.

"فقال له: هلم فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكل منه" فدل على أن الدجاج حلال، ولو كان هذا وصفه، ما يغير من الحكم شيء، لكن إذا أكل وتأكدنا أنه أكل وتغير لحمه بالمأكول، وطرأ عليه الرائحة رائحة النجاسة أو شيء الجلالة عند أهل العلم تحبس مدة حتى يطيب لحمها، وسواء كانت من الدجاج أو من غير الدجاج، هذا أمر طارئ له حكمه الخاص، ورؤبة بن العجاج الشاعر المعروف يأكل الفار ولا يأكل الدجاج، لماذا؟ يقول: الفار ما يأكل إلا البر والسمن، ما يأكل الفار إلا البر والسمن، ودجاجكم يأكل. . . . . . . . . لكن هل هذا يؤثر في .. ، مثل هذا الكلام يعارض به نصوص؟ لا ولو عرفنا أن الدجاج يأكل النجاسة، وعرفنا من طبعها أنها تأكل، لكن إذا أكلت وأثر هذا في لحمها تحبس، وتطعم الطعام الطيب حتى يطيب لحمها، وقل مثل هذا في غيرها مما يؤكل، وأما بالنسبة للفار وأي محرم من المحرمات لو حبس العمر كله على السمن والعسل ما طاب لحمه، تبقى عينه محرمة، نجس العين، لماذا؟ لأن نجاسته عينية، لو كانت نجاسته حكمية أمكن تطهيره، لكن النجاسة العينية لو تخلي الدش يضرب على الكلب مائة سنة يطهر؟ ما يطهر؛ لأن النجاسة العينية ما تطهر مهما وجد في تطهيرها، لكن النجاسة الحكمية تطهر، لكن يبقى الجلد -جلد الميتة- نجاسته عينية أو حكمية؟ حكمية ولذا يطهر بالدباغ، وإن كان جزءاً من الميتة التي نجاستها عينية، نعم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح يده حتى يَلعقها أو يُلعقها)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يُلعقها)) " يعني باقي الطعام الذي في اليد، يلعقه بنفسه أو يُلعقه غيره، أو يُلعقه غيره ممن لا يتقزز من لعقه، لا يتكره ولا يتبرم من لعقه، من يطيق ذلك، وليس لأحد أن يكره أحداً مهما كان، مهما قرب منه، إذا كانت الزوجة لا تطيق لعق اليد تكره على ذلك الطاعة بالمعروف، إذا كان الولد لا يطيق، إذا كان الخادم لا يطيق لا يكره، لماذا؟ لأن الطاعة بالمعروف، إنما يلعقها بنفسه، أو يترك أحداً ممن لا يكره ذلك يلعقها، والسبب أن هذا هو باقي الطعام، كما جاء في الباقي الذي في القصعة، تلعق القصعة؛ لأنه لا يدرى في أي الطعام البركة؟ هل يكون في أوله أوفي آخره؟ وأيضاً لئلا يذهب في أماكن الغسيل شيء له جرم من الطعام، إذا لعقه ولم يبق إلا شيء لا جرم له كالدهن مثلاً مثل هذا أمر سهل، لكن لو كان على يده قطعة من الطعام حبات رز وإلا شبهها وبيغسل بالمغسلة تروح مع النفايات، لا ما يجوز، لا بد أن يلعقها والعلة في ذلك أنه لا يدري يمكن أن هذا الذي في اليد الشيء اليسير هو الذي فيه البركة، وجاء التعليل بذلك في الحديث، وبعض الناس يستنكف عن مثل هذا، لكن الأمر إذا جاء به الشرع فلا كلام لأحد، إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، وإلا بعض الناس بعض أهل الترف لا يأكل مثل هذا، ولا يأكل اللقمة إذا سقطت منه، ولا يشرب الإناء الذي وقع فيه الذباب، وقد جاء الأمر باللعق، والأمر بأكل اللقمة إذا طاحت، إذا سقطت منه، فليمط ما بها من أذى، ولا يدعها للشيطان، أيضاً إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، كل هذا لا أثر له، بل هذا علاج طب نبوي، فكون الإنسان يكون من أهل الترف. إذا وقع الذباب على طعام ... رفعت يدي ونفسي تشتهيه هذا مثل هذا يعارض به النصوص؟ أبداً، فالخير كل الخير ما جاء عن المعصوم -عليه الصلاة والسلام-، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

باب: الصيد

قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: باب: الصيد عن أبي ثعلبة الخشني قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ وفي أرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم، وبكلبي المعلم فما يصلح لي؟ قال: ((أما ما ذكرت - يعني من آنية أهل الكتاب- فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوا وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الصيد باب الصيد داخل في كتاب الأطعمة؛ لأن الصيد مما يطعم، والباب الأصل فيه ما يدخل معه ويخرج منه، هذا الأصل، وحقيقته العرفية عند أهل العلم ما يضم مسائل وفصول غالباً، وإطلاقه من باب الحقيقة العرفية، وليس من باب المجاز كما يقولون، والصيد مصدر صاد يصيد صيداً، ويراد به اسم المفعول المصيد أو الاصطياد، المصيد اسم المفعول أو الاصطياد؟ الصيد يطلق ويراد به اسم المفعول المصيد، ويطلق ويراد به فعل الذي يصيد، الذي هو الاصطياد {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [(96) سورة المائدة] يعني هل المباح الاصطياد من البحر أو الصيد الذي يحصل عليه من البحر؟ {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] هل المحرم الاصطياد أو المحرم الصيد؟ وبينهما انفكاك، يعني قد يقول: المحرم الصيد أنا بأصيد وأعطي غيري، الاصطياد ما هو محرم المحرم الصيد نفسه، أنا أصيد لغيري، وقد يقول قائل: المحرم الاصطياد، نعم المحرم الاصطياد، يصيد غيري وأكل أنا، وش المانع؟ أنا أكل الصيد ما أنا بأصيد، نعم أيهما؟ طالب:. . . . . . . . .

الاصطياد، طيب إذا صيد من أجله يأكل وإلا ما يأكل؟ هاه؟ كلاهما؟ يعني لو وجدت، يعني لو شخص حلال غير محرم صاد صيد، وأهدى إليك تأكل وإلا ما تأكل؟ إن كان صاده من أجلك له حكم، وإن كان صاده لا من أجلك له حكم آخر، فهل نقول: إنه يشمل الأمرين؟ أو نقول: إنه يشمل الاصطياد من وجه، ويشمل الصيد من وجه؟ يعني بينهما انفكاك وجهي، بمعنى أنه لو صاد الحلال، وأهدى لمحرم، ولم يصده من أجله جاز، الاصطياد جائز والصيد جائز، حلال يعني ما أحرم، وش اللي يمنعه من الصيد؟ نعم، الاصطياد جائز والصيد جاز لمن لم يصد من أجله وهو محرم، هذا بالنسبة لوجه الجواز، ووجه المنع الاصطياد للمحرم حلال أو حرام؟ حرام، الصيد لغير من صاده، إذا صيد من أجله حرام؟ فهناك وجه حرمة ووجه إباحة في كل من الصيد والاصطياد، فيطلق على هذا وذاك. يقول الحديث الأول:

"عن أبي ثعلبة الخشني" وثعلبة مر بنا قريباً، واسمه جرثوم بن ناشر، أو جرهم أو جرثم، بن ناشر، على كل حال مثل هذا الذي يشهر بالكنية يضيع الاسم غالباً، "رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب" يعني في أطراف الشام، ويسكنها من تنصر من العرب، وصاروا من أهل الكتاب "بأرض قوم أهل كتاب" وأهل الكتاب يطلق ويراد به اليهود والنصارى، "أفنأكل في آنيتهم؟ " هم أهل كتاب، نأكل في آنيتهم؟ وهم يشربون فيها الخمر، يطبخون فيها الخنزير "وفي أرض صيد" يعني فيها الطيور كثيرة، والحيوانات المتوحشة كثيرة مما يباح أكله "وفي أرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم، وبكلبي المعلم" سؤال مفصل يحتاج إلى جواب مفصل، سؤال مفصل والسؤال بمثابة اللف، والجواب بمثابة النشر، ثم جاء التفصيل في الجواب، "قال: فما يصلح لي؟ قال: ((أما ما ذكرته من آنية أهل الكتاب)) " جواب تفصيلي ((أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها)) وهذا يسري على كل ما يشك فيه، كل ما يشك فيه إن وجدت غيره اتركه؛ لأنه يريبك، وجاء الأمر بتركه ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) اترك ما تشك فيه إلى الشيء الذي لا تشك فيه، وما دام يزالون النجاسات في أوانيهم فلا تأكلوا فيها إذا وجدتم غيرها، لكن أحياناً يضطر الإنسان، يعني إنسان محتاج إلى مبلغ من المال، بحث عن مقرض لم يجد، احتاج إلى مسألة التورق، بحث إلى شخص أمواله نظيفة، ومعاملاته صحيحة ما وجد، ما وجد إلا من هو مخلط في معاملاته، من معاملاته ما هو في الصحيح، ومنها ما هو الباطل، إذا لم يجد مثل ما عندنا، إن وجدت غير هذا فلا تتعاون معه، إن وجدت غيره لا يجوز لك أن تتعاون معه، وإن لم تجد فاحرص على أن تكون معاملتك معه صحيحة، ومعاملته مع غيرك تولاها. . . . . . . . .، ((فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، فإن لم تجدوا)) المسألة مسألة حاجة أو ضرورة أحياناً ((فاغسلوها وكلوا ما فيها)) الأصل في الأواني طاهرة أو نجسة؟ الأصل الطهارة، لماذا أمرنا بغسلها؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

قوة الشبهة، الأصل فيها الطهارة، نعم وعندنا هذا الأصل ثابت بيقين، وكونها متنجسة ظن، الظن يرفع اليقين وإلا ما يرفع اليقين؟ أما الشك فلا يرفع اليقين، لكن الظن؟ إذا غلب على الظن لأن عندنا اليقين القطعي المجزوم به مائة بالمائة، ما فيه أدنى تردد، الظن الذي ينزل عنه، ويكون هو الغالب، والشك المساوي، الاحتمال المساوي يسمى شك، والاحتمال المرجوح يسمى وهم، الشك لا يرفع اليقين بلا شك، إذا ترددت خمسين مائة احتمال الأصل الطهارة، لكن إذا وصل إلى درجة الظن الغالب، يكون عندنا أمر هو مقرر عند أهل العلم، وهو تعارض الأصل مع الظاهر فهل يحكم بالأصل أو يحكم بالظاهر؟ يحكم بالأصل أو يحكم بالظاهر؟ أو نحتاج إلى مرجح؟ نجيب مثال يهمكم كلكم: وجدت كتاب، زرت زميلك ووجدت في مكتبته كتاباً عليه اسمك، هذا الكتاب ملك فلان بن فلان الذي هو أنت، الأصل أنه لك، والظاهر أنه ما دام بيده وأنت لا تذكر أنه استعاره منك، ما تذكر، والظاهر أنه له ما دام في مكتبته، فتعارض عندنا هذا وهذا، أنت يمكن تأخذه وتطلع به، تقول: والله هذا كتابي، صحيح وإلا لا؟ تبني على الأصل أو الظاهر أن هذا الكتاب دخل في مكتبته وأنت ما تذكر أنه استعاره منك، كما أنك لا تذكر أنك أهديته له أو بعته عليه، يصير لمن الكتاب؟ الأصل أن الكتاب ما دام عليه اسمك الكتاب ملك فلان هل يظن أن صاحب المكتبة كتب على الكتاب اسمك؟ يظن به هذا؟ لا ما يمكن، ما يظن به هذا، فالأصل أن الكتاب لك، لكن هل عندك استعداد تشيل الكتاب وتطلع به، وتقول: والله هذا كتابي، اثبت أنك اشتريته مني، الأصل أنه لك، والظاهر أنه بيده نحتاج إلى ما يرجح بمثل هذا ...

كتاب الأطعمة (2)

شرح: عمدة الأحكام – كتاب الأطعمة (2) باب: الأضاحي الشيخ: عبد الكريم الخضير نحتاج إلى ما يرجح بمثل هذا، تنظر هل من عادتك هل عمرك بعت كتاباً؟ إن كنت قافل الباب مرة ما تذكر إنك بعت كتاب فهذا مرجح، هل أنت ممن يعير الكتب؟ هذا أيضاً مرجح، الكتاب احتمال أنه اشتراه منك، احتمال أنه استعاره منك، فالاحتمالات قائمة فلا بد من مرجح، الآن عندنا الأصل في هذه الآنية أنها طاهرة، وغلبة الظن أنها طرأ عليها نجاسة، لكن أيضاً في احتمال آخر أنها غسلت بعد النجاسة، هل معنى هذا أن النصراني يشرب في هذا الكوب خمر ثم يغسله ثانية؟ والغسل لا يحتاج إلى نية، ينظف ولو لم ينوِ، فعندنا تعارض أصله ظاهر، وهنا من باب اتقاء الشبهة لا بد من غسله، من باب اتقاء الشبهة.

((فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، فإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل)) لا بد من ذكر اسم الله على المذبوح والمصيد ((ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه)) والتسمية شرط لحل المذكى، التسمية شرط لحل المذكى، ومنهم من يقول على سبيل الاستحباب كالتسمية على الوضوء، لكن الفرق بينهما أن التسمية على المذكى ثابتة بالنصوص القطعية، والنهي عن أكل غير المذكى ثابت بالنص القطعي، ولا يرد تذكية ولا يرد صيد إلا مقترن بالتسمية، كل النصوص فيها تسمية، فلا بد منها، فهي شرط والأصل في الشرط أنه لا يسقط لا عمداً ولا سهواً ونسياناً، الشرط لا يسقط، والمعروف عند جمع من أهل العلم أن التسمية تجب على الذاكر دون الناسي، فمن نسي {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] لكن النهي هنا عاد إلى شرط، والشرط عندهم لا يسقط بالنسيان، ولذا المرجح عند جمع من أهل التحقيق أن الذي لا يسمى عليه لا يؤكل، سواء تركت التسمية عمداً أو نسياناً، وجاء في الحديث: "إنا قوم حديث عهد بالإسلام يأتينا اللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: ((سموا الله أنتم وكلوا)) هذا اللحم الذي يرد هو يرد من مسلمين، نعم هم حديثو عهد بالإسلام، جديد إسلامهم، فالذي يردك من المسلم إذا شككت هل سمى أو لم يسم الأصل أنه سمى، لكن إذا شككت سم أنت، أما الذي يرد الذي يجزم صاحبه ما وردك أنت اللي صدت، أو أنت الذي ذبحت ونسيت التسمية أنت نسيت شرط، وقد جاء النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه.

((وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل)) ما صدت بكلبك المعلم وما صدت بكلبك غير المعلم، التعليم والتعلم رفعة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [(11) سورة المجادلة] ارتفع الكلب بالتعليم ((وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل)) {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ} [(4) سورة المائدة] فالتعليم نفع الكلب، بينما ما يصيده الكلب غير المعلم غير المدرب لا يحل إلا بالتذكية، لا بد أن يذكى، فالتعليم تشرف به كلب دون كلب، وتعليم الكلاب وغيرها من الجوارح بأن تكون بحيث أرسلت تنطلق، وإذا زجرت كفت، يعني تأتمر وتنتهي، تأتمر بالأمر إذا أرسلت، وتكف بالنهي إذا عدل عن إرسالها، هذا ضابط التعليم، فإذا عرف من حال هذا الكلب أنه إذا أمر ائتمر، وإذا نهي كف، هنا يكون معلماً، ومثله الجوارح التي هي الطيور ((وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل)) يكفي أن يصيده الكلب ويجرحه الكلب، فكل عند إرسالك الكلب تسمي، تقل: بسم الله، الآن صاد الكلب المعلم فأحضر الفريسة ميتة، إن كان جرحها وخرج منها شيء من الدم من أي موضع كان حلت، لكن إذا كان قتلها بثقله رمى بنفسه عليها فماتت من غير جرح، فأحضرها لك من دون أي جرح ميتة تحل وإلا ما تحل؟ نعم؟ لا تحل، على ما سيأتي في الصيد بالمعراض ((وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل)) غير معلم ذهب وراء الفريسة ثم قتلها وأحضرها، صادها، وأنهر الدم منها، إن أحضرها حية وأدركت ذكاتها كل وإلا فلا، وهذا ما يختلف فيه الكلب المعلم من غير المعلم، نعم.

وعن همام بن الحارث عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي، وأذكر اسم الله، فقال: ((إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك)) قلت: وإن قتلن؟ قال: ((وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها)) قلت: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب؟ فقال: ((إذا رميت بالمعراض فخزق فكل، وإن أصابه بعرض فلا تأكله)) وحديث الشعبي عن عدي نحوه، وفيه: ((إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه، وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره)) وفيه: ((إذا أرسلت كلب المكلب فاذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله، فإن أخذ الكلب ذكاته)) وفيه أيضاً: ((إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله)) وفيه: ((فإن غاب عنك يوماً أو يومين)) وفي رواية: ((اليومين والثلاثة فلم تجد إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن همام بن الحارث عن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة، فيمسكن علي، وأذكر اسم الله"، يعني الشروط متوافرة "فقال: ((إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك)) " يعني ما أمسكه لك، لا ما أمسكه لنفسه، كيف أعرف أن الكلب أمسكه لنفسه أو أمسكه لي؟ الفارق إن أكل منه فقد أمسكه لنفسه، وإن لم يأكل منه فقد أمسكه لك " ((فكل ما أمسك عليك)) قلت: وإن قتلن؟ قال: ((وإن قتلن)) " يعني ماتت الفريسة، وإن ماتت الفريسة ((ما لم يشركها كلب ليس منها)) يعني أشليت الكلب وانبعث إلى الفريسة ثم التقى مع كلب آخر فاجتمعا على هذه الفريسة، لا تأكل، أنت سميت على كلبك، لكن الكلب الثاني أنت ما سميت عليه، لكن لو افترض مثلاً أن هناك كلبين كلب لك وكلب لزميلك، أنت سميت وهو سمى تسمعه وهو يسمعك، فالكلبان سمي عليهما فانبعثا إلى الفريسة وافترساها معاً، التسمية حصلت، فالصيد حلال "قال: قلت: وإن قتلن؟ قال: ((وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها)) " لأنك سميت على كلبك، ما سميت على الثاني "قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب" المعراض خشبة طويلة طرفها محدد محدب بحيث لو غرز في شيء انغرز، وهو في الأصل خشبة طويلة، يقتل بعرضه، ويقتل بحده "فقلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب، قال: ((إذا رميت بالمعراض فخزق فكله)) " إذا نفذ في جلده وأنهر الدم أخرج شيئاً من الدم فكل ((وإن أصابه بعرضه فلا تأكل)) يعني إذا أصاب الصيد بثقله وما خزق الجلد لا تأكل، يعني مات بالرض بالمثقل، لا يؤكل مثل هذا.

"وحديث الشعبي عن عدي نحوه، وفيه: ((إلا أن يأكل الكلب)) " إن أكل منه، فإن أكل فلا تأكل، لماذا؟ ((فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه)) يعني كيف تدري أنه أمسك لك أو لنفسه؟ ما في دليل إلا كونه يأكل، إذا أكل دل على أنه أمسك لنفسه، وإذا لم يأكل دل على أنه أمسك لك ((وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره)) وفيه -حديث عدي-: ((إذا أرسلت كلبك المعلم فأذكر اسم الله، فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه)) نعم يعني لو جاء في الصيد وخزقه جرحه، مات خلاص هذا صيد، لكن إذا ما مات جابه لك وهو حي، وخزقه لا بد .. ، إذا أدركته لا بد من تزكيته، طيب جاء لك بصيد حي وقطع منه رجل، جاب الرجل بيد، والصيد بفمه، نعم الصيد لا بد من تذكيته لأنه جاء به حياً، لكن لو جاء به ميتاً وقطع منه رجل الصيد حلال، نعم حلال، لكن الرجل حلال وإلا حرام؟ وما أبين من حي فهو كميتته، لا يجوز أكلها الرجل، لكن بقيته يجوز أكله.

((فإن أمسك عليك فأدركته حياً فاذبحه)) لأن الحي لا بد من تذكيته، الحي مقدور عليه، المقدور عليه لا بد من أن يذكى التذكية الشرعية ((وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاته)) وبهذه الجملة يستدل من يقول بأن الكلب لو قتل الفريسة بثقله، نفترض المسألة في صقر يصاد به من الجوارح، هذا الصقر انقض على الفريسة فبثقله ماتت الفريسة، لا بمنقاره ولا بمخلبه، يعني لو جرحها بمنقاره أو بمخلبه انتهى الإشكال، صيد، لكن بثقله لما رمى بنفسه عليها ماتت تحل وإلا لا تحل؟ الجمهور على أنها لا تحل حتى يخزق ويخرج الدم، ومن أهل العلم وهو قول عند الشافعية فإن أخذ الكلب ذكاة، مجرد أخذه ذكاة، يعني مجرد أخذه له ذكاة "وفيه: ((إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه)) وفيه: ((وإن غاب عنك يوماً أو يومين)) وفي رواية: ((اليومين والثلاثة)) " يعني فكل إن لم تجد إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وفي بعض الروايات: ((فكل ما لم ينتن)) يعني غاب عنك يومين، ثلاثة، صوبت على الصيد وما تدري هل هو طاح وإلا طار وإلا مدري إيش؟ ورحت في طريقك للصيد، بعد يومين رجعت ووجدت الصيد الذي صوبت إليه، سددت إليه سهمك قد سقط، وفيه أثر سهمك، يومين، بعد يومين، وما فيه إلا أثر سهمك، يقول: ((فكل إن شئت)) وفي بعض الروايات: ((فكله ما لم ينتن)) يعني تتغير رائحته، وفي اليومين والثلاث تتغير رائحته، فما حكم أكل المنتن؟ حلال وإلا حرام؟ نعم؟ مفهومها إيش؟ نعم شرط، الشرط في جواز أكله عدم النتن، النبي -عليه الصلاة والسلام- أضافه اليهودي على خبز شعير وإهالة سنخة، يعني متغيرة، وأكل -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن المنتن تتفاوت درجاته، فمنه ما هو في مبادئه، متغير تغير يسير ما يضر فمثل هذا يؤكل، لكن إذا كان تغيره شديد، وأكله مضر بالصحة لا يجوز أكله ((فكل إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل، فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك)) توارد على الصيد سببان، كل منها يصلح لأن يكون قاتلاً له، السهم موجود وسقط في ماء، فما تدري هل الذي قتله السهم أو الذي قتله الغرق؟ نعم؟ كيف؟ ((وإن وجدته غريقاً في الماء)) غريق .... الحظر تغلب جانب المنع، إذا وجد سببان أحدهما مقتضي

للإباحة والثاني مقتضي للمنع يغلب جانب الحظر، وهنا نغلب جانب أنه مات غريقاً، ولذا لو التبس عليك الأمر، وجدت شاة مذكاة وشاة ميتة، أو وجدت اختلط شاة ذبحها مسلم وشاة ذبحها مشرك تأكل وإلا ما تأكل؟ نعم؟ ما استطعت أن تميز هذه من هذه، نعم؟ نعم لا تأكل، تغلب جانب الحظر، لكن أنت افترض هذا في شاة ذبحها مشرك اختلطت بقطيع ذبحه مسلمون، يعني جاءت تريلة فيها غنم مذبوحة ذبحها المسلمون، وقلت: ترى لحقها واحدة ما ندري أين؟ ذبحها مشرك، العمال يحملون على التريلة وشالوا هذه مع هذه، تترك التريلة كلها علشان واحدة؟ نعم ما تترك، مثله لو أن شخصاً ذهب أبوه قبل عشرين سنة إلى بلد من البلدان، إلى مصر أو الهند أو الشمال أو الجنوب أو الشرق والغرب فتزوج هناك، وجاءه بنت، وانقطعت أخبارها هذه البنت، طلق الأم ورجع إلى البلد وانقطعت أخبار هذه البنت، نقول لأولاد هذا الرجل: لا يجوز لكم أن تتزوجوا من مصر لأن أباكم جايه بنت من مصر، واحتمال تزوجونها وما تدرون؟ نعم؟ أو الهند، ثمانمائة أو تسعمائة مليون علشان واحدة، لا، لكن لو اشتبهت أخته واحدة بأجنبية واحدة نقول: لا، ما يجوز، نعم ومنه هذا ((وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك)) فإذا ترددت بين مبيح وحاظر فرجح جانب الحظر، المنع، وهذه قاعدة مطردة عند أهل العلم، إذا شك في صلاة هل هي من صلاة الحضر أو السفر يتمها، إذا ابتدأ المسح في الحضر ثم سافر أو العكس يغلب جانب الحضر، فلا يمسح إلا مسح مقيم، نعم. عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان)) قال سالم: وكان أبو هريرة يقول: أو كلب حرث، وكان صاحب حرث. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه" وهذا من أصح الأسانيد عند الإمام أحمد، بل هو أصح الأسانيد مطلقاً عنده. وجزم ابن حنبل بالزهري ... عن سالم أي عن أبيه البري

"عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من اقتنى كلباً إلا)) " ما استثنى ((فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراط)) وهنا الرواية: ((قيراطان)) وجاء في الروايات الصحيحة أيضاً: ((قيراط)) القيراط مقدار من الثواب ينقص من عمله يوماً، علشان إيش؟ من أجل اقتناء هذا الكلب؛ لأن الملائكة لا تدخل المكان الذي فيه كلب، واقتناء الكلب لا شك أنه مضر بصاحبه وبغيره، يروع الناس، وينجس الأواني، وما أشبه ذلك، ويمنع من دخول الملائكة، والمكان الذي لا تدخله الملائكة من يدخله؟ الشياطين بلا شك، يكون مرتعاً للشياطين، فإذا اقتنى الكلب نقص من أجره قيراط، وهذه الرواية التي معنا: قيراطان، وجاء في مقدار القيراط من الثواب في صلاة الجنازة، القيراط في صلاة الجنازة جاء تفسيره بأنه مثل جبل أحد، فهل القيراط الذي ينقص من عمل الإنسان بسبب اقتناء الكلب مثل جبل أحد؟ مثل القيراط الذي يحصل عليه بسبب صلاة الجنازة؟ أو نقول: القيراط جزء من أربعة وعشرين جزءاً من إيش؟ من الدينار؟ نعم جزء من أربعة وعشرين جزءاً، يعني شيء يسير، أو نقول: مثل قيراط صلاة الجنازة مثل جبل أحد؟ مسكين وش يبقى له من الأعمال هذا؟ إن كان كل يوم يبي ينقص من عمله مثل جبل أحد أو مثله مرتين على أن النقص قيراطان، ولا يوجد مبرر إلا تقليد الكفار، نسأل الله السلامة والعافية، خذلان هذا، وعلامة خسران، من أجل تقليد الكفار أنهم اقتنوا الكلاب يقتني كلب ينجس الأواني، ويطر الملائكة، ويكون مبائة للشياطين، ويروع الآمنين، هذا خذلان بلا شك، حتى لو قلنا: إنه جزء من أربعة وعشرين، وقلنا: إنه شيء يسير علشان إيش؟ ما أنت بحاجة إلى حسنات، ما أنت بحاجة إلى اكتساب رصيد يوصلك إلى المنازل العالية في الجنة، لماذا تسرب هذا الرصيد يذهب بدون فائدة؟ حتى جاء في تعريف المفلس أنه يأتي بأعمال أمثال الجبال، لكن يأتي شتم هذا، ضرب هذا، أكل مال هذا، ثم هذا يأخذ من حسناته، وهذا من حسناته .. إلى آخره، إن فنيت حسناته أضيف عليه من سيئاتهم، هذا المفلس الحقيقي، أما من لا درهم له ولا متاع الدنيا دار ممر تنتهي، لكن الإشكال المفلس الآخر، وهذا يرد

يوم القيامة كل يوم ينقص من أجره قيراط أو قيراطان، وهل أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بنقص القيراط ثم زيد على ذلك فقيل: قيراطان كما يقال: نظيره في السبع والعشرين والخمس والعشرين درجة لمن صلى مع الجماعة؟ أو نقول: إن القيراط يحمل على حال والقيراطان يحملان على حال؟ فالقيراط للبادية؛ لأن الضرر أخف، في البراري تقتني كلب ما هو بمثل تقتنيه بين بيوت الناس، وترويع الصغار والكبار، فالحاضرة ينقص قيراطان، وفي البادية ينقص قيراط؛ لأن الأثر المترتب على اقتنائه في البادية أخف من الضرر المترتب على اقتنائه في الحاضرة، بين البيوت بيوت الناس، وأيضاً البادية تعودوا عليها كبارهم وصغارهم يسمعون ويرون، الكلاب تنبح بهم من يمين من يسار ما يخافون، بينما الحضر كبارهم وصغارهم كثير منهم يخاف من أصوات الكلاب، فضرره أعظم. ((من اقتنى كلباً إلا كلب صيد)) كلب صيد معلم، معلم للصيد، معلم يصيد به هذا لا ينقص من أجره شيء؛ لأن وجوده عنده له مبرر صحيح، ومثله كلب الماشية الذي يحرس الماشية أيضاً لا ينقص من أجره شيء لأنه محتاج إليه، قد يقول قائل: كيف يقتني الإنسان الكلب المأذون فيه؟ كيف يقتنيه؟ نعم بالشراء، أولاً: لا يجوز نهى عن ثمن الكلب، لا يجوز بيع الكلب، يقتنيه قبل ثم يعلمه، الجرو الصغير الذي يقبل التعليم، ويقبل التمرين قبل أن يكون معلماً ينقص من الأجر أو لا ينقص؟ ينقص أو ما ينقص؟ أهل العلم يختلفون في اقتناء الجرو -الكلب الصغير- من أجل التعليم، يقولون: قبل أن يكون معلماً ينقص الأجر؛ لأنه ما رخص إلا بكلب الصيد وكلب الصيد لا بد أن يكون معلماً، ومنهم من يقول: لا، هذا ما لا يتم هذا إلا به، فما لا يتم المأذون به إلا به فهو مأذون به، والمسألة خلافية، كلب ماشية يحرس الغنم يحرس المواشي هذا مأذون فيه، ولا ينقص من أجر مقتنيه شيء.

"قال سالم: وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: أو كلب حرث" كلب زرع، عندك مزرعة تضع فيها كلب لئلا يسرق منها شيء "وكان صاحب حرث" أبو هريرة كان صاحب حرث، كان صاحب زرع، ما الفائدة من قول ابن عمر: وكان صاحب حرث؟ ظاهر السياق "قال سالم: وكان أبو هريرة يقول" أنه من كلام سالم، لكن ابن عمر قال: "وكان صاحب زرع" هل ابن عمر يتهم أبا هريرة بأنه زاد هذه الكلمة لأنه بحاجة إليها؟ أو ابن عمر يؤكد أن أبا هريرة ضبط هذه الكلمة وحفظها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه محتاج إليها؟ نعم هذا هو المقرر، أن أبا هريرة حفظ هذه الكلمة لحاجته إليها، فالإنسان الذي يحتاج إلى الشيء يضبطه، نعم لو أنت مريض بمرض معين، وجالس مع مجموعة من عشرة مثلاً، وجاء برنامج في الإذاعة طبيب يتحدث عن أمراض كثيرة فمر هذا المرض الذي أنت تعاني منه فذكر له علاج وكذا، في النهاية من يحفظ العلاج هذا من العشرة؟ ما حافظه له إلا أنت لأنك بحاجة، فالذي يحتاج إلى الشيء يحفظه ويضبطه بخلاف من لا يحتاجه، فابن عمر يريد أن يقرر ويؤكد أن أبا هريرة ضبط هذه الكلمة؛ لأنه محتاج إليها، لا يستثنى من اقتناء الكلب إلا هذه الثلاثة، الصيد والماشية والزرع، لكن هناك حوائج أخرى، حراسة البيوت هل هي مثل حراسة الماشية؟ الأصل أنه ينقص من أجره، وما استثني يقدر بقدر الحاجة، لكن هناك مصالح أعظم من هذا مثلاً الكلاب البوليسية التي تكشف المجرمين، هل نقول: إن الحاجة إليها أعظم من حاجتنا إلى الصيد وإلى الماشية؟ فقياسها من باب قياس الأولى، قال بهذا جمع من أهل العلم، وقال آخرون: لا يجوز اقتناء الكلب في أي حال من الأحوال إلا في الثلاثة المنصوص عليها، وعلى كل حال المسألة محل خلاف بين أهل العلم، وإذا كان الأثر المترتب عليها كبير فيرجى -إن شاء الله تعالى- أن يعفى عنه، نعم.

وعن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بذي الحليفة من تهامة فأصاب الناس جوع، فأصابوا إبلاً وغنماً، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في أخريات القوم، فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقدور فأكفئت، ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير، فند منها بعير فطلبوه فأعياهم، وكان في القوم خيل يسيرة، فأهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله، فقال: ((إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا)) قال: قلت: يا رسول الله إنا لاقوا العدو غداً وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب؟ قال: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه، ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذي الحليفة من تهامة" ذو الحليفة المعروف، نعم، ميقات أهل المدينة أبيار علي، هل هي من تهامة؟ كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذي الحليفة من تهامة، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . أيوه؟ بذي الحليفة هل المقصود به الميقات المعروف أبيار علي وإلا موضع أخر في تهامة يقال له: ذو الحليفة؟ طالب:. . . . . . . . .

هذا الظاهر، الظاهر أنه موضع آخر "فأصاب الناس جوع، فأصابوا إبلاً وغنماً" أغاروا على الكفار فغزوهم وأصابوا مغانم، إبل وغنم "وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- في أخريات القوم" في أخريات القوم "فعجلوا" لأن فيهم جوع "فعجلوا وذبحوا" تعجلوا قبل أن يستشيروا النبي -عليه الصلاة والسلام- وقبل أن تقسم هذه الغنائم، كأن بعضهم قال لبعض: أعطونا يا الله اثنين ثلاثة من الإبل نأكل، وبعدين نقسم -إن شاء الله- "فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالقدور فأكفئت" هذا تعزير لهم، بالقدور فأكفئت؛ لأنه الأصل أن المغانم لا بد أن تقسم، والأخذ من الغنائم قبل قسمتها غلول، وهذا يندرج تحت القاعدة من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه، يحرم إذا تعجل "فأكفئت" كب ما فيها "ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير" طيب مو البعير عن سبع؟ نعم؟ في الأضحية، في الهدي، البعير يجزئ؟ عن سبعة، هنا عدل عشرة من الغنم ببعير، لماذا؟ يعني إذا أراد الإنسان أن يضحي يشترك عشرة ببعير وإلا سبعة؟ طيب وهذا ما يكفي؟ نعم؟ كيف يأكله؟ لا هذه غنائم تبي توزع على الغانمين فعدل كل بعير بعشرة، أنت لك يا فلان عشر غنم، وأنت لك بعير، وأنت لك عشر من الغنم، وأنت لك بعير، وأنت لك بعير وأنت لك عشر من الغنم وهكذا، "فعدل عشرة من الغنم ببعير" هذا تعديل بالقيمة، طيب أنت وزيد لكما دين على عمرو عشرة آلاف مثلاً، لكما دين على عمرو مبلغ عشرة آلاف، فأعطاكم عن العشرة آلاف بعيرين وعشرين رأس من الغنم أو واحد وعشرين رأس من الغنم، نعم، هل نقول: لك أنت البعيرين، وذاك له الواحد والعشرين رأس أو العشرين رأس؟ أو نقول: أنت لك البعيرين وهذا له أربعة عشرة رأس يبقى سبع نقسمها بينكم بالسوية؟. . . . . . . . . كل واحد بسبعة، أو نقول: لا يا أخي هذه قسمة قيمة، كم تسوى الغنم وكم يسوى البعير؟ أحياناً ثلاث من الغنم تعادل بعير، فهذا تعديل بالقيمة يختلف عن تعديل التعبد، مثل هذه الأمور التي هي من باب الحقوق، حقوق العباد تقوم؛ لأنها أموال متقومة، فتقوم بالدراهم، يمكن البعير في ذلك الوقت يستحق مائة درهم، والشاة ما تستحق إلا عشرة دراهم، صح وإلا لا؟ لكن يجي يوم من

الأيام مثل الآن البعير بكم؟ تجده بألفين البعير، وتجد ثلاث طليان بألفين، هل نقول: لا ما عدلتم؟ لا لا بد يعطى سبعة مثل الأضاحي؟ هذه ما يمكن يقبلها أحد، هل نقول: أنت خالفت النبي عدل واحد بسبعة؟ أو مثل ما عندنا عدل واحد بعشرة يلزمك؟ هذه قسمة نبوية تلزمك؟ لو افترضنا أن لكم خمسة آلاف مثلاً، اثنين لكم خمسة آلاف على زيد من الناس، أعطاكم بعير وعشر من الغنم، نقول: هذه مسألة مفروغ منها، محلولة النبي عدل البعير بعشرة، أنا أخذ العشر وأنت لك البعير قسمة نبوية ما يرضيك قسمة النبي؟ ترضى وإلا ما ترضى؟ يلزم ترضى وإلا ما يلزم؟ ما يلزم؛ لأن هذا تعديل بالقيمة والأقيام تترفع وتنزل، يعني نظير تعديل الذهب بالفضة، أحياناً يرتفع قيمة الذهب، وأحياناً ترتفع قيمة الفضة، فليس هناك سعر ثابت، وهنا نقول: الغنم أحياناً يكون ثلاثة ببعير، أحياناً يكون خمسة ببعير، أحياناً يكون سبعة ببعير، أحياناً يكون عشرة ببعير، تبعاً لارتفاع الأقيام ونزولها، "فند منها بعير" ند يعني شرد هرب "فند منها بعير فطلبوه فأعياهم" أعجزهم، عجزوا عن الإمساك به "فأعياهم –أعجزهم- وكان في القوم خيل يسيرة" يعني لو كانت الخيل كثيرة كان كل واحد مع جهة حتى يقبض عليه ويمسك "وكان في القوم خيل يسيرة فأهوى رجل منهم بسهم" ضربه بسهمه، يعني مثل ما يضرب كفر السيارة، إذا هرب أحد يبنشر الكفر، هذا مثله "فأهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله" ضربه، "فحبسه الله، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن لهذه الخيل أوابد)) " جمع آبدة، يقال: أبدت ((إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش)) يعني لها نفرة مثل الوحوش يعتريها أحياناً هيجان، يعتريها شيء ثم تنفر، هذا يوجد في البهائم، أحياناً ينطلق تيس فما يمسك إلا بالبندق، مثل هذا البعير اللي شرد، وقل مثل هذا في سائر البهائم ((كأوابد الوحش، فما ند)) يعني شرد وهرب ((عليكم منها فاصنعوا به هكذا)) خلاص السهم يصيدوه، بالبندق ((فاصنعوا به هكذا)) وعلى طارئ البندق هل يجوز الصيد بالبندق؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . نعم؟ طالب:. . . . . . . . .

يؤكل وإلا ما يؤكل؟ لا، البندق ما يجوز الصيد به، لماذا؟ ما يصيد أصلاً إلا ترمي به عصفور أو شيء يطيح، البندق أصله مأكول صغير، أو شيء من الطين يجمع ويجعل على هيئة الكرة وييبس، فإذا يبس يرمى به الصيد، لكن يؤكل الذي يرمى به؟ لا ما يؤكل، لكن البندق الذي هي تظهر الرصاص تصيد بالرصاص، الصيد بالرصاص مثل السهم؛ لأنه يخرق الجلد، فرق بين البُندق والبَندق، عاد ما أدري البندق عربية وإلا أعجمية؟ نعم، لكن الصيد بالرصاص جائز، أما الصيد بالبندق .. ؛ لأنه يقرأ بعض الإخوان في بعض الحواشي الصيد بالبندق، ما يميز بين هذا وهذا. " ((فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا)) قال: فقلت: يا رسول الله إن لاقوا العدو غداً، وليس معنا مدى، أفنذبح بالقصب؟ " سألوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء النهي عن السؤال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(101) سورة المائدة] وجاء في الحديث: ((ذروني ما تركتم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم)) سؤال الاستفهام عن المسائل الواقعة والمحققة الوقوع لا يدخل في النهي، هم سألوا "إنا لا قوا العدو غداً وليس معنى مدى" يعني ليس معنى سكاكين "أفنذبح بالقصب؟ " سؤال عن شيء معين، نذبح بالقصب؟ لو قال: نعم، تم الجواب عن المسئول عنه بعينه، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء بقاعدة يندرج فيها القصب وغير القصب، جاء بقاعدة يندرج فيها المسئول عنه، وغير المسئول عنه، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما أنهر الدم)) يعني أسال الدم ((وذكر اسم الله فكلوا، ليس السن والظفر)) استثناء لا يجوز الذبح بالسن ولا يجوز الذبح بالظفر، والسبب بين في الحديث ((وسأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم)) فدل على أن الذبح بالعظام لا يجوز، لا يجوز الذبح بالعظام وإن أنهرت، وإن كانت محددة، لماذا؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

باب: الأضاحي

هي عظم؛ لأنها طعام الجن، ولذا لا يجوز الاستنجاء بها، ولا يجوز الذبح بها؛ لأن الدم الذي يخرج المسفوح نجس، وهذا تنجيس لها، فلا يجوز الذبح بالعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة، يقتلون الطيور بأظافرهم هكذا، بالظفر مدى الحبشة وهم كفار، وقد نهينا عن مشابهة الكفار، نعم. قال -رحمه الله تعالى-: باب: الأضاحي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما. الأملح: الأغبر وهو الذي فيه سواد وبياض. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: الأضاحي والأضاحي: جمع أضحية، وتجمع أيضاً على ضحية وأضحية، ضحية: تجمع على ضحايا، وأضحية تجمع على أضاحي، كالهدية جمعها الهدايا، والأضحية كالأعطية تجمع على .. ، والأمنية تجمع على أماني، الأعطية والعطية بمعنى واحد، مثل الأضحية والضحية، وهي ما يذبح في يوم النحر تقرباً إلى الله -جل وعلا- وما يليه من أيام التشريق. يقول: "عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: ضحى النبي -عليه الصلاة والسلام-" في يوم النحر يقول الله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] وفي يوم الفطر: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(14 - 15) سورة الأعلى] فالذكر في يوم الفطر، والنسك في يوم الأضحى.

"عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين" وكبش ذكر الضأن "أملحين" والأملح كما قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: الأغبر، وهو الذي فيه سواد وبياض، ومنهم من يقول: هو الأبيض المشبه بالملح، لكن الأكثر على أنه الأغبر الذي فيه سواد وبياض "بكبشين أملحين أقرنين" وجاء في الصحيح: سمينين، وجاء في المستخرج: ثمينين، أقرنين: لهما في كل واحد منها قرنين ذبحهما -عليه الصلاة والسلام- بيده، فيستحب التضحية بالذكر من الضأن، وأن يكون اللون المذكور أملح، وأن يكون له قرن، التضحية بالأقرن أفضل من التضحية بالأجم، وإن كان مجزياً، ذبحهما، وأن يتولى ذبح أضحيته بنفسه، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا كان يحسن ذلك، وإذا كان لا يحسن لم يتعود هذا يشهد أضحيته، وقد ذبح النبي -عليه الصلاة والسلام- ثلاثاً وستين من البدن التي أهداها في حجة الوادع، ذبحهما بيده "وسمى وكبر" قائلاً: بسم الله والله أكبر، أما التسمية فهي شرط لحل الذبيحة، وأما التكبير فهو على سبيل الندب والاستحباب، الندب والاستحباب، الخطباء يرددون قبيل الذبح في الخطب يقول: بسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، يعني على ما يقول الفقهاء، قائلاً: بسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، تجد العامة إذا أضجع أضحيته قال: بسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، يظنون أن هذا اللفظ مطلوب، مع أنه –الخطيب- يتبع الفقهاء العلماء الذين قالوا هذا، يذكر اللفظ مقروناً ببيان حكمه، أن التسمية واجبة، والتكبير مستحب، فتجد العامي الذي يسمع هذا الكلام يقول إذا أضجع أضحيته قال: بسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، يعني حرفية المسألة، مع أنه ينبغي أن تغير هذه الصيغة إذا حفظها الناس وصاروا يتداولونها.

"وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما" يعني السنة أن تضجع الأضحية إذا كانت من الغنم أو من البقر على الجنب الأيسر، ويضع رجله اليمنى على الصفحة اليمنى، الرقبة، ويمسك الرأس باليد اليسرى، والمدية باليد اليمنى، ويمرها على الحلق والمري والودجين، والدم الذي يخرج نجس إجماعاً، وهو الدم المسفوح، "وضع رجله على صفاحمها" كل هذه سنن، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى بكبشين أحدهما عن محمد -عليه الصلاة والسلام- وآل محمد، والثاني: عمن لم يضح من أمة محمد -عليه الصلاة والسلام-، فالأضحية سنة في قول عامة أهل العلم، وأوجبها أبو حنيفة، ومال شيخ الإسلام -رحمه الله- إلى ذلك، وتستحب في حق الجميع حتى الفقير يستحب له أن يقترض فيضحي، وهي تجزئ عن الشخص، وعن أهل بيته، يكفيهم أضحية واحدة عنه وعن أهل بيته. سم ...

كتاب الأشربة

شرح: عمدة الأحكام - كتاب الأشربة الشيخ: عبد الكريم الخضير قال -رحمه الله تعالى-: كتاب: الأشربة عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر -رضي الله عنه- قال على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما بعد، أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل، ثلاث وددت لو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه، الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا". يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب: الأشربة والكتاب سبق التعريف به، والأشربة ما يشرب ويتناول من السوائل عن طريق الفم، وإن كان داخل في المعنى العام للأطعمة؛ لأنها مما يطعم، والمراد بذلك الأشربة الممنوعة كالخمر وما يلحق به. يقول -رحمه الله تعالى-: "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن عمر" أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- "قال على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-: "أما بعد" يعني خطب، وقال في خطبته: "أما بعد" والإتيان بها سنة ثبتت عن ثلاثين من الصحابة، يعني رويت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أكثر من ثلاثين طريقاً، كلها يقول في خطبه ومخاطباته ورسائله: ((أما بعد)) و (أما) حرف شرط وتفصيل, و (بعد) قائم مقام الشرط، مبني على الضم؛ لأنه قطع عن الإضافة مع نية المضاف إليه.

"أيها الناس" الأصل أن يقترن جوابها بالفاء "أما بعد فأيها الناس" لأنه شرط لا بد من أن يقترن جوابه بالفاء ويراجع الصحيح، لعله يراجع، نعم، "أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر" {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} [(90) سورة المائدة] لأنه نزل تدريجي، نزل تحريمه تدريجياً، منع من قربانها وقت الصلاة، ثم بُين أن الضرر أكثر من النفع، ثم نزل التحريم القطعي لأنهم بهذا التدريج يتكيفون؛ لأنهم أشربت قلوبهم حب الخمر، العرب يحبون الخمر، ويشربونها ويزاولونها بكثرة، فمن رحمة الله -جل وعلا- أن نزل تحريمها تدريجياً فجاء في آخر الأمر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [(90) سورة المائدة] أخر ما نزل فيها، التحريم .. ، البت في تحريمها.

"نزل تحريم الخمر وهي من خمسة" يعني تتخذ من خمسة أشياء، مادتها تستمد من خمسة أشياء من العنب ومن التمر ومن العسل ومن الحنطة والشعير، فما يتخذ من العنب يسمى؟ خمر، إذا خامر خلاص انتهى صار خمر، ما نقول: نبيذ، النبيذ فترة قبل الإسكار، إذا صار خمر وأصله من العنب نقول: خمر، إذا كان أصله من التمر نقول: خمر، إذا كان أصله من العسل نقول: خمر، إذا كان أصله من الحنطة نقول: خمر، إذا كان أصله من الشعير نقول: خمر، لماذا؟ لأن عمر بن الخطاب عربي قح، والكلمة عربية الخمر، وأطلق عليها أنها تؤخذ من العناصر ومن المواد الخمسة، ثم جاء بقاعدة عامة، نعم "والخمر ما خامر العقل" لو وجدنا شيء يخامر العقل، ويغطي العقل من غير هذه الأمور الخمسة نسميه؟ خمر، هذا قول الجمهور، نزل تحريم الخمر والمدينة ما فيها إلا التمر فهل يعد ما يعتصر أو ما يخمر من التمر خمر؟ نعم يسمى خمر، يدخل في النص دخول قطعي، لكن الحنفية وش يقولون؟ الحنفية عندهم أن الخمر خاص بالعنب، على أن الخمر ما خامر العقل من أي مادة كانت، وقت نزول الخمر تتخذ الخمرة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، المسألة اصطلاحية، يعني إطلاق الخمر إطلاقاً حقيقاً عند الحنفية ما يطلقونه إلا على ما أتخذ من العنب، بينما غيرهم يطلقونه على كل ما خامر العقل، ولذا من أراد أن يعرف الخمر يرجع إلى أي كتاب، هناك كتب اعتنت بالاصطلاحات، لكن هل نذهب إلى الكتب التي اعتنت بالاصطلاحات متأثرة بالمذاهب؟ لا انتبهوا يا إخوان، ما نعرف الحقائق الشرعية من كتب تأثرت بالاصطلاحات المذهبية، مثلاً (المغرب) للمطرزي من أنفس كتب اللغة، هل نعرف منه الخمر؟ نقول: لا المطرزي حنفي، يعرف لنا الخمر بأنه عصير العنب، ولا نعتمد على مثل المصباح المنير أو المطلع لأنها تأثرت بالمذاهب، عندنا لغة نرجع إلى العرب الأقحاح، وعمر منهم؛ لأنه قال في النهاية: "والخمر ما خامر العقل" ومن أوضح الأدلة على ذلك أن المدينة ليس فيها عنب في وقت لما نزل الخمر، إنما فيها التمر.

"والخمر ما خامر العقل، ثلاثٌ وددت" يتمنى عمر -رضي الله تعالى عنه- أن يكون فيه نصوص قطعية، ما تحتمل تردد في المسائل الثلاث "وددت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عهد إلينا فيهن" ثلاث مسائل عنده تردد في حكمها، فتمنى لو كان عنده نص قاطع من النبي -عليه الصلاة والسلام- يحسم الخلاف "ننتهي إليه، الجد" هل مثل الأب في الميراث؟ هل هو يحجب الإخوة؟ أو الإخوة يرثون مع الجد؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، والقول المرجح أنه أب {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي} [(38) سورة يوسف] {يَا بَنِي آدَمَ} [(26) سورة الأعراف] وجد جد بعيد، فالجد أب فهو يحجب الإخوة كالأب. "الجد والكلالة" الكلالة من مات ليس له ولد ولا والد {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} [(176) سورة النساء] ولذلك قال: ألا تكفيك أية الصيف؟ نعم، فعمر -رضي الله تعالى عنه- أراد أن يكون هناك نص قاطع في هذه المسائل، ولا يعني أنه إذا خفي على عمر بعض هذه المسائل أن الأمة بكاملها خفي عليها الحكم، لا النبي -عليه الصلاة والسلام- ما ترك شيء ما بينه، والكلالة وأبواب من أبواب الربا، مسائل من مسائل الربا خفيت على عمر -رضي الله تعالى عنه-، منهم من يقول: إن منها ربا الفضل، أما ربا النسيئة فهو متفق عليه ومقرر، لكن ربا الفضل قد يشك فيه من يسمع الحديث: ((إنما الربا في النسيئة)) جاء النص القطعي عنه -عليه الصلاة والسلام- في قوله: ((أوه إنه الربا)) لما باع الصاع بالصاعين، هذا ربا الفضل، فهو مقطوع بتحريمه، والإجماع قائم عليه. الحديث الثاني. وعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن البتع، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)). البتع: نبيذ العسل. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن البتع" البتع فسره المؤلف بأنه نبيذ العسل، النبيذ يتخذ شيء من العسل، ويجعل في مكان، وفي الغالب أن يكون المكان دافئ حار؛ لأنه لو حفظ في مكان بارد ما تغير، ويحكم إغلاقه، وقد يوضع عليه شيء مواد يتخمر، مثلما يتخذ من التمر أو من العنب أو من غيرهما، يحبس يوم يومين ثلاثة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان ينتبذ له، لكن يشربه من يومه، أما إذا مضى عليه يومان أو ثلاث وتغير وقذف الزبد لا يجوز شربه، هذا النبيذ. "فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)) " كل ما يسكر فهو حرام، ويلحق بالشراب المأكول المطعوم، الحشيشة حرام بالإجماع وهي مأكولة وليست مشروبة، عاد ما ندري وش يسوون بها الآن؟ وإلا كان تأكل على عهد النووي وعلى عهد شيخ الإسلام وهي محرمة بالإجماع، وغيرها مما يرد من حبوب وأبر وأمور نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله أن يقي المسلمين من شرها، وردت عليهم وأثرت في عقولهم وأديانهم وأبدانهم وتصرفاتهم وأخلاقهم، أثرت فيها تأثيراً بالغاً نسأل الله -جل وعلا- أن يحصن الأمة منها، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم، فجاءت هذه القاعدة: كل شراب أسكر فهو حرام، ولو كان طيب، ولو كان مأكول مشروب أياً كان، إذا أسكر فهو حرام، وإن كان بالشم يسكر يغطي العقل فهو حرام داخل في هذه القاعدة، نعم. وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: بلغ عمر -رضي الله عنه- أن فلاناً باع خمراً، فقال: قاتل الله فلاناً، ألم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجمولها فباعوها)). يقول المؤلف:

"وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: بلغ عمر أن فلاناً" جاء تسميته في بعض الروايات أنه سمرة، صحابي جليل، لكن عرف تحريم الخمر ولم يعرف حكم بيع الخمر، عرف تحريم الشرب ولم يعرف حكم البيع، وخفي عليه أن الله -جل وعلا- إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وجاء النهي عن التجارة بالخمر "بلغ عمر أن فلاناً باع خمراً، فقال: قاتل الله فلاناً" دعا عليه، يستحق الدعاء، ولم يعزره، ولم يعاقبه، ولم يضربه، عذره بجهله وإلا فمثل هذا تجب عقوبته، هذه وظيفة السلطان، هذه وظيفة الحاكم، وكان عمر -رضي الله عنه- يضرب على أقل من هذا، الذي يصلي بعد صلاة العصر يضربه عمر بالدرة؛ لأنه خالف النهي، فكان عمر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- حازم، لكن هنا عذر صحابي جليل تأول، وما عرف أن البيع حرام فعذره "وقال: قاتل الله فلاناً" دعا عليه "ألم يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قاتل الله اليهود)) " عمر -رضي الله عنه- خفي عليه النص الذي يدل على تحريم التجارة في الخمر، فقاس بيع الخمر على بيع الشحوم، واستعمل القياس هنا، فقال: ((قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجمولها)) جمولها يعني أذابوها، قالوا: والله ما بعنا شحم، ولا أكلنا شحم، ولا أكلنا حرام، إحنا بعنا سمن، وهذا حلية من حيل اليهود التي عرفوا بها، ولذا جاء النهي عن التشبه بهم ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) هذه حيلة دنيئة، وكما فعلوا في الصيد يوم السبت ((قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها)) يعني وأكلوا ثمنها وإن لم يأكلوها، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتاب اللباس

شرح: عمدة الأحكام - كتاب اللباس (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى-، وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: كتاب اللباس: عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)). وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب اللباس:

لما أنهى الكلام عن الأطعمة، وهي من أعظم ما يمتن به الرب -جل وعلا- على عباده، وأردفها بالأشربة، وثلث باللباس، وهي من أعظم النعم التي أنعم الله بها على العباد {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ} [(26) سورة الأعراف] يعني تصور أن الناس يمشون بدون لباس، الناس يمشون عراة، من أعظم النعم على الخلق هذا اللباس الذي يواري السوءات؛ لأن ظهورها يسوء الإنسان، فسترها نعمة من نعم الله -جل وعلا-، يجب شكر المنعم عليها كالطعام والشراب، وعلى هذا لا تستعمل على خلاف أمر الله وأمر رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك أردفت الآية، الامتنان أردف بقوله: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [(26) سورة الأعراف] يعني ما يكفي أن تكتسي لباس تستر عورتك وسوءتك بهذه النعمة من الله -جل وعلا- وتتجرد عن شكرها، لا بد من شكر هذه النعم، وشكرها باستعمالها على الوجه المأمور به، بأن تكون مباحة طاهرة بالضوابط والحدود الشرعية، واللباس هو مشترك بين الرجال والنساء، ومع الأسف الشديد أن نجد المخالفات من الرجال ومن النساء، الرجال يلبسون ما حرم الله عليهم من حرير وغيره ويسبلون، ويلبسون الثياب التي تبين عن سوءاتهم أحياناً وتظهرها، وكل هذا لا يجوز، والنساء الأمر فيهن أشد؛ لأن الستر مطلوب منهن أكثر، الستر مطلوب من الرجال، عورة الرجل لا يجوز أن يطلع عليها أحد إلا زوجته، أو ما ملكت يمينه، مطلوب منه الستر، لا يجوز له بحال أن يكشف عورته، والمرأة كذلك بل أشد؛ لأن الافتتان بها أعظم، وعورة الرجل معروفة عند أهل العلم، محددة من السرة إلى الركبة، وستر هذا شرط في الصلاة، ويجب ستر المنكبين أيضاً في الصلاة ((لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) يجب لكن الصلاة صحيحة مع الإثم، بينما العورة سترها شرط لصحة الصلاة، المرأة عورتها في الصلاة جميع بدنها إلا الوجه، ومنهم من يستثني الكفين، ومنهم من يستثني القدمين، على كل حال الأطراف محل خلاف بين أهل العلم، لكن ما عدا ذلك لا، محل إجماع هذا في الصلاة، وعند الرجال الأجانب معروف عورتها لا يجوز لها أن تبدي شيء من بدنها البتة، عند الرجال الأجانب

وأدلة الحجاب كثيرة جداً ليس هذا موضعها، ستر عورتها عند النساء، وهذه هي المشكلة التي الآن يعانى منها الأمرين وما يحصل في محافل النساء واجتماعهن شيء لا يخطر على البال، يعني يذكر في الأعراس والأفراح وأماكن التجمعات والمناسبات شيء لا يخطر على قلب عاقل.

وعورتها عند النساء كعورتها عند محارمها؛ لأن النساء عطفن على المحارم في آية النور والأحزاب، عطفن على المحارم في آية النور والأحزاب، فحكم النساء حكم المحارم، فالذي تبديه لأخيها وعمها وخالها ووالد زوجها وابن زوجها تبديه للنساء، وما عدا ذلك فلا يجوز إظهاره؛ لأنها نسقت على المحارم، فعلى المسلم رجلاً كان أو امرأة أن يتقي الله -جل وعلا-، لا يسلب هذه النعمة، لا يتمنى أن يجد ما يستر عورته فلا يستطيع، هذه نعم تحتاج إلى شكر {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [(7) سورة إبراهيم] وليس المراد الكفر المخرج من الملة، كفر النعم، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [(28) سورة إبراهيم] يعني ليس المقصود به الكفر المخرج عن الملة كفر النعم، واستعمال النعم فيما لا يرضي الله -جل وعلا- هذا هو كفرها، هذا هو كفر النعم؛ لأنه يقابل الشكر، ألا يخشى الله المسلم أن يتمنى ما يستر به عورته فلا يجد؟! يعني ما قرؤوا في كتب الفقه كيف يصلي العراة، يعني مستحيل أن يوجد يوم من الأيام ما عندك شيء تلبسه؟ ما هو مستحيل، مستحيل في يوم من الأيام وجلدها لا تريد ولا ترغب أن يراه أحد من الناس عقوبة لها على ما تصنعه في نعم الله، فتساهل الناس تساهل شديد، والتبعة على المباشر لهذه المنكرات، وعلى من ولاه الله -جل وعلا- أمر أي مخالف ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)) وعوقب الناس بعقوبات كثير منها لا يشعرون بها بسبب هذه المخالفات، هناك قصص وأخبار واقعية، ليست تخرصات ولا ظنون ولا توقعات، كلها واقعة، والذي يخفى عليه شيء يسأل، يسأل إما القضاة أو رجال الحسبة، ورجال الحسبة في أي بلد من البلدان إذا كان هناك زواج أكثر عملهم ينصب على هذا القصد، لا لأنهم يباشرون الإنكار على النساء، لا المرأة تدخل بعباءة متلففة، لكن إذا دخلت إن كان زوجها يعلم هو الآثم، أو أخوها، أو أبوها، ويعانون من هذا أشد المعاناة، وعوقب كثير من هذا بالفضيحة، نسأل الله السلامة والعافية؛ لأن الله -جل وعلا- يغار، كل ذنب له عقوبة، لا يتصور الإنسان أن الله -جل

وعلا- ظلمه حينما قُبض على بنته أو على أخته أو على زوجته مع شخص أجنبي، هذا بما كسبت أيديكم، أنت السبب، أنت المتساهل، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه ولأهله، ولا يترك موليته التي ولاه الله أمرها فريسة لوحوش البشر، مهما قالوا من كلام لين وكلام معسول، يزداد الأمر سوءاً بعد مسائل التصوير، التصوير الآن أوجد كوارث في كثير من البيوت، كوارث، يعني تصور المرأة ثم بعد ذلك يدبلج أحياناً عليها جسد عاري، أو يدبلج عليها من يفعل معها الفاحشة، ويقال لوالدها أو لزوجها: تفضل، تهدد قبل ذلك، بالتمكين من نفسها، إن مكنت وإلا أخبر الوالد أو الزوج، طيب وش تصير الحياة بعد هذا التساهل؟ كيف يعيش الإنسان وهو يرى صورة بنته أو زوجته معها شخص يعاشرها عراة؟ وهو ما هو بصحيح، يفعله الفجار الآن، كثير منه ليس بصحيح، لكن يفعله الفجار ليش؟ لتصير وسيلة ضغط، والنساء ضعيفات يستجبن، لكن على كل حال لو حصل مثل هذا الأمر فلا يجوز للمرأة أن تستجيب مهما بلغت الضغوط، وإذا صدقت في كلامها، صدقت مع ربها -جل وعلا- برأها كما برأ عائشة؛ لأن بعض الفجار ينتهك الأعراض بهذه الطريقة، يطلب أحد يصور الوجه فقط، ثم بعد ذلك يدبلج عليها أي صورة عارية، تعاشر وإلا شيء، ثم بعد ذلك البنت مسكينة أو الزوجة، ووقع كثير من النساء -نسأل الله السلامة والعافية- بهذا السبب، وأقول: لا يجوز لها بحال مهما كان الضغط، ومهما ترتب عليه من أثر ولو الطلاق، أن تستجيب لهذا الفاجر، لهذا الخبيث؛ لأن هذا يزيد يزداد الأمر سوء، يعني بعد أن كان مظنون صار حقيقة واقعة، فسوف يبرئها الله -جل وعلا-، الذي برأ عائشة، إذا صدقت يبرئها، والله المستعان. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلبسوا الحرير)) " والخطاب للرجال؛ لأنه جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال بالنسبة للذهب والحرير: ((هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)) فالمقصود: لا تلبسوا الحرير يعني الرجال، لا يجوز لهم أن يلبسوا الحرير، فلبس الحرير حرام إلا ما استثني من الشيء القليل على ما سيأتي، وإذا كان علاج حكة مثلاً أو جرب أو شيء لا يرتفع إلا بالحرير فقد رخص النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه. ((فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) من لبس الحرير لم يلبسه في الآخرة، يعني ما لأحد كلام هذا في الصحيحين، فمن قيل فيه: لا يلبسه في الآخرة وهو لباس أهل الجنة وين بيصير هذا؟ {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [(33) سورة فاطر] ذا كان هذا لباس أهل الجنة وقد منع منه فهل يلبس غيره في الجنة؟ {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [(33) سورة فاطر] أو لا يكون مآله إلى الجنة، يعني لا بد أن يدخل النار؟ على كل حال هذا من نصوص الوعيد، فمنهم من قال: إن هذا وعيد بالنار على من لبس الحرير؛ لأنه إذا قيل: لا يلبسه في الآخرة وهي لباس أهل الجنة، لن يبقى عاري ولا يلبس غيره، نعم إذاً لا يدخل الجنة التي لباسهم فيها حرير، وهذا من نصوص الوعيد، ومنهم من يقول: يحرم التنعم بهذه النعمة في الجنة كما يحرم شارب الخمر من شربها في الآخرة، كما يحرم من يسمع الأغاني والمعازف والمزامير من سماع غناء الحور العين، جزاء وفاقاً، الجزاء من جنس العمل، وإن كان إن عذب بقدر معصيته ثم صار مآله إلى الجنة يحرم من هذه النعمة التي تعجلها، وعلى كل حال التوبة تجب ما قبلها، وتهدم ما كان قبلها، فمن زاول شيئاً من هذه المنكرات وهذه المعاصي، عليه أن يبادر بالتوبة النصوح، والله -جل وعلا- يقبل التوبة.

((فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة)) هل للإنسان أن يقول: أنا بأتنعم في هذه الدنيا ولا ما بدي إلا الحرير في الآخرة ما يحتاج، ما نبيه، مثل ما قال بعضهم ((ما أسفل من الكعبين ففي النار)) قال: بصره، يعني يظنه من القميص، ما أسفل من الكعبين يعني من الثوب في النار بكيفه، هذا كلام، تصور بعض السفهاء بعض الجهال قد يتصور هذا، قد يقول: أنا بشرب الخمر وفي الآخرة ما ني بحاجته يوجد غيره، هذه معاندة، هذه مكابرة -نسأل الله السلامة والعافية-، لا يجوز أن يقال مثل هذا الكلام، هذا وعيد شديد ممن لا ينطق عن الهوى. يقول -رحمه الله تعالى-: "وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تلبسوا الحرير ولا الديباج)) " قد يقول قائل مثلاً: السوق فيه أقمشة تسمى حرير ويلبسها الرجال، وثياب ناعمة، لكن التسمية ما تضر، التسمية. . . . . . . . . بحقيقته يجتنبه المسلم خشية أن يقع في المنهي عنه، اللهم إلا إذا كانت التسمية تسمية من وجه شبه بعيد جداً، مثل ما يسمون البترول الذهب الأسود، يجوز للرجال مزاولته وإلا ما يجوز؟ نعم بعيد جداً، بعيد عن حقيقة الذهب الذي جاءت به النصوص. ((لا تلبسوا الحرير ولا الديباج)) والديباج نوع من الحرير، ومنهم من يقول: إنه ما غلظ من الحرير ((لا تلبسوا الحرير ولا الديباج)) وعطفه على الحرير من باب عطف الخاص على العام للاهتمام بشأنه والعناية به ((ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها)) فيحرم الأكل والشرب في الأواني المصنوعة من الذهب والفضة، لا تجوز بحال لا للرجال ولا للنساء؛ لأنه إنما أبيح للنساء الحلية فقط؛ لأنها جبلت على حب التزين {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] فيباح لها أن تتحلى بالذهب والفضة، لكن تستعمل الذهب والفضة في غير حلية هي كالرجل، فلا يجوز لها أن تستعمل إناء ذهب ولا فضة، ولا يجوز لها أن تستعمل قلم ذهب ولا فضة، فلا يجوز لها بحال أن تستعمل.

الأكل والشرب منصوص عليه، وعامة أهل العلم على قياس سائر الاستعمالات على الذهب والفضة، ولذا الفقهاء يجعلون هذا الحديث في باب الآنية في كتاب الطهارة، لا يجيزون الوضوء من إناء الذهب والفضة، والوضوء غير الأكل والشرب فدل على أنهم يتوسعون في النهي، ويعدونه من الأكل والشرب إلى سائر الاستعمالات، ومنهم من يقصره على مورد النص، يجوز سائر الاستعمالات ما عدا الأكل والشرب، وحجة الجماهير أنه إذا منع الأكل والشرب بآنية الذهب والفضة مع الحاجة إلى ذلك فلئن يمنع ما سواه من باب أولى، والعلة التي استنبطوها الفخر الخيلاء، وكسر قلوب الفقراء، والتشبه بأهل الجنة، والتضييق على النقدين، علل كثيرة استنبطت بسبب المنع من استعمال الذهب والفضة. ((ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم)) الضمير يعود على من؟ على الكفار، طيب وين مرجع الضمير؟ مذكور؟ غير مذكور، إنما حذف للعلم به، بدليل المقابلة ((فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) دل على أن الذي يستعملها في الدنيا لا يمكن منها في الآخرة، وقوله: ((لهم في الدنيا)) لا يدل على إباحتها لهم؛ لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة، فيحرم عليهم ما يحرم على المسلمين، والقول بمخاطبة الكفار لفروع الشريعة قول جمهور العلماء لأدلة كثيرة، منها: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [(42 - 45) سورة المدثر] ذكروا فروع يعذبون عليها، والمسألة مبسوطة في غير هذا الموضع، فلا يعني أنها لهم في الدنيا أنها تباح لهم، لكن هم الذين يستعملونها، وهم الذين لا يمتثلون الأوامر والنواهي، فصارت لهم باعتبار أنهم يتناولونها ويستعملونها من غير نكير، نعم. عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: "ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، له شعر يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالقصير ولا بالطويل".

يقول: "البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه-: "ما رأيت من ذي لمة" يعني من صاحب لمة "في حلة حمراء" واللمة الشعر إلى شحمة الأذن، ثم الجمة ثم .. ، أولاً: الوفرة إلى شحمة الأذن، ثم أنزل منها الجمة، بين شحمة الأذن والمنكب، فإذا وصل إلى المنكبين كما هنا سمي لمة، هذا بالنسبة لشعر الرجال، اقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، وذكرنا في سؤال مر بنا أن اتخاذ الشعر اقتداء به -عليه الصلاة والسلام- وتكميلاً للسنن إذا دل على صدق صاحبه لا شك أنه يؤجر على ذلك، أما من يزاول المنكرات، ويقترف الفواحش والجرائم، ويربي الشعر، ويحلق لحيته، ويقول: مقتدٍ، نقول: لا ما هو بصحيح، تقتدي بشيء غير واجب وتدرك الواجبات؟! قد يقول قائل: الجهة منفكة هذا عليه إثمه وهذا له أجره، وش المانع؟ نقول: لا يا أخي الباب واحد، نعم لو كانت من بابين مختلفين قلنا: الجهة منفكة، الآن الجهة غير منفكة، هذا كله شعر، تترك المستحب وتحلق الواجب؟! نقول: لا يا أخي الباب واحد والجهة غير منفكة، ولذا عيب على من يقول من الأشعرية: إنه يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها، يجب عليه أن يغض؛ لأنه مأمور بغض البصر، نقول: يا أخي الباب واحد وين رحت؟ ما حرم البصر إلا من أجل الزنا، وهذا مثله هذا بيربي شعر لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- .. ، لكن الأوامر الصريحة التي عدها أهل العلم من كبائر الذنوب حلق اللحية يحلق لحيته، نقول: لا يا أخي الجهة ما هي منفكة كله شعر، فهذا يفعله كثير من الناس يربي شعره يقول: الرسول يربي شعره وش المانع؟ نقول: نعم إذا صار مظهرك مثل مظهر الرسول لماذا؟ لأنه يوجد من ينازع، يوجد من يقتدى به من الكفار والفجار يربون شعورهم، واقتداؤك -الله أعلم- بهم، بدليل اقتدائك بهم في حلق اللحية، فأنت مقتدٍ بهم لا بالرسول -عليه الصلاة والسلام-، وتربية الشعر لا شك أن له كلفة وله مشقة، ولذلك اعتذر الإمام أحمد عنه، قال: "لولا المشقة لاتخذناه" يحتاج إلى تسريح، ويحتاج إلى ترجيل، ويحتاج إلى دهن، كثير من الناس ما هو بفاضي لهذه الأمور، بالمقابل في ناس يبالغون، في أناس يجلس ساعتين ثلاث يتنظف ويتجمل وعنده صالون يتحلق به على ما يقولون الأشوام ساعتين

ثلاث، ودين الله -جل وعلا- وسط بين الغالي والجافي، ديننا دين الطهارة دين النظافة، لكن المبالغة والغلو وإضاعة الوقت في مثل هذه الأمور لا، ولذا جاء لكسر هذه الحدة، جاء حديث وهو صحيح: ((البذاذة من الإيمان)) وهذا يعالج به من يبالغ في النظافة، من يبالغ بحيث يخرج عن الحد الشرعي، ويعالج الطرف الآخر بـ ((الطهور شطر الإيمان)) والنصوص كما تعرفون جاءت لعلاج الأطراف المتباعدة؛ ليكون المسلم في الوسط {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة] وأهل السنة وسط بين الفرق كلها، يعني إذا كان الخوارج في كفة، والمرجئة في كفة فأهل السنة وسط بينهم في نصوص الوعد والوعيد، وقل مثل هذا في جميع أبواب الدين، في حلة حمراء، الحلة تتكون من ثوبين إزار ورداء، وجاء النهي عن لبس الأحمر الخالص وسيأتي ذكر المياثر في السبع المنهي عنهن، في الحديث الذي يليه، والمراد بها المياثر الحمر كما في بعض الروايات، وأنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- على من رآه قد لبس الأحمر، على كل حال لبس الأحمر الخالص منهي عنه، وعلى هذا يحمل قوله: "في حلة حمراء" كما قال ابن القيم أنها ليست حمراء خالصة فيها خطوط سود، ويطلق اللون على الغالب، الشماغ هذا وش لونه؟ إيش؟ أحمر، وهل هو أحمر خالص؟ لا ليس بأحمر خالص، إنما فيه بقدر النصف ترى، ما هو بقليل، بقدر النصف البياض، لكن باعتبار أن الأحمر لون غالب، يغلب ما معه من الألوان؛ لأنه فاقع، فيأخذ التسمية، وإلا مثل شماغ الأخذ هذا، الحمرة ما تجي الثلث، أقل من الثلث، ويقال له: أحمر؛ لأن اللون الأحمر غالب، وهنا حلة حمراء فيها خطوط، وفيها ألوان أخرى، لكن الأحمر غالب، وعلى هذا لبس الأحمر الخالص منهي عنه لا يجوز، على ما سيأتي في الحديث الذي يليه، وأما كونه -عليه الصلاة والسلام- لبس الحلة الحمراء فلئن فيها لون آخر.

"أحسن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أجمل الخلق -عليه الصلاة والسلام-، وأكمل الخلق، وهو أحسن الناس خلقاً وخلقاً، له شعر يضرب إلى منكبيه، يعني إلى كتفيه، "بعيد ما بين المنكبين" يعني أعلى الظهر عريض، وصدره متسع -عليه الصلاة والسلام-، وجاءت الأوصاف الدقيقة في كتب الشمائل التي مع الأسف كثير من طلاب العلم لا يراجعها، ولا يتم اقتداؤه بالنبي القدوة الأسوة حتى يعرف أوصافه -عليه الصلاة والسلام- الخلقية والخلقية بعيد ما بين المنكبين، ليس بالقصير ولا بالطويل، يعني ربعه -عليه الصلاة والسلام-، ليس بالقصير ولا بالطويل، وإنما ربعة من الرجال، نعم. عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض، وإتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونهانا عن خواتيم أو عن تختم بالذهب، وعن شرب بالفضة، وعن المياثر، وعن القسي، وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج. نعم، يقول المؤلف -رحمة الله عليه-:

"وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" إذا صرح الصحابي بالآمر فهو مرفوع قطعاً، من قبيل المرفوع إذا صرح بالآمر، هل يحتمل أن يكون الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هنا لا، لكن إذا لم يصرح بالآمر فقال: أمرنا بسبع، ونهينا عن سبع، فالجمهور على أنه مرفوع؛ لأنه لا يتصور أمر ونهي في الأمور الشرعية إلا لمن له الأمر والنهي، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع" خصال "ونهانا عن سبع كذلك، أمرنا بعيادة المريض" وعيادة المريض جماهير أهل العلم على أنها سنة، وتتأكد في حق الأقرب، وفي حق من يؤنس به، وعلى كل حال هي من حق المسلم، ونقل النووي الإجماع على أنه سنة، نقل الإجماع على أن عيادة المريض سنة، وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض؛ لأن الأمر صريح، أمرنا بعيادة المريض، لكنه وجوب عيني وإلا على الكفاية؟ على الكفاية وإلا لو كان عيني لكان كل من مرض من الأمة اجتمعت الأمة كلها لزيارته، وإلا فهو واجب على الكفاية، وعامة أهل العلم الجماهير على أنه سنة مستحب، بعيادة المريض لأي مرض؟ زيد من الناس مزكوم نزوره أو ما نزوره؟ الأصل أنه مريض يزار، طيب زيد من الناس في العناية المركزة ما يشعر بأحد، زرت أو ما زرت ما يختلف الأمر، تزوره وإلا ما تزوره؟ تزوره، تدعو له، وأجرك ثابت، وهذا من حقه عليك، وقد زار النبي -صلى الله عليه وسلم- جابر وهو مغمى عليه، وترجم الإمام البخاري: باب زيارة المغمى عليه؛ لأن بعض الناس يقول: وش الفائدة من زيارته؟ هل هو بيدري بك؟ أنت تزوره له، أو لله -جل وعلا-؟ أنت تزوره لطلب الأجر والثواب من الله -جل وعلا- "أمرنا بعيادة المريض، وإتباع الجنازة" أنت افترض أن شخص خرف وهو ممن تجب صلته، وكنت تزوره من باب صلة الرحم، وهو من أقرب الناس إليك، وخرف صار ما يدري بك جيت وإلا ما جيت، وقد تتأثر برؤيته، وقد تتقزز من رؤيته، وقد ينالك شيء من الأذى من زيارته، فالحق باقي يزار ويؤانس، ويتحمل ما يأتي منه، والأجر على الله -جل وعلا-.

"وإتباع الجنازة" إتباع الجنازة من بيت أهلها إلى المسجد حيث يصلى عليها، ومن المسجد إلى المقبرة حيث تدفن، ويشارك في الصلاة عليها، يشارك في دفنها، ومن صلى على جنازة كان له قيراط من الأجر، وجاء تفسيره أنه مثل جبل أحد من الأجر، أجر عظيم، وتجد بعض المحرومين وهم في المسجد ما يصلي، ما تصلي على الجنازة فيها أجر، قال: صلينا أمس على واحد، قال هذا، هذا محروم بالمقابل أناس يقصدون المساجد من بُعد التي يصلى فيها على الجنائز طلباً للثواب، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] واحد جالس في المسجد، والناس يكبرون الله أكبر على الجنازة، ويقول: صلينا أمس على جنازة، هذا الحاصل يا إخوان، وأناس يتجشمون من بعد إلى المساجد التي يصلى فيها على الجنائز طلباً للأجر والثواب من الله -جل وعلا-، والحرمان له وجوه وأبواب كثيرة، ما نظن أن هذا الذي ما صلى على جنازة محروم فقط، الحرمان له وجوه، شخص جالس يفكر وش يبي يسوي؟ وش يبي يزين؟ ما عنده شغل، ما هو محتاج للنوم، وما في أحد يزوره ولا شيء، والمصحف بين يديه ما يفتحه ولا يقرأه، حتى ولا يذكر الله ولا يسبح ولا يهلل، هذا أيضاً محروم، يا أخي لك بكل حرف عشر حسنات، يعني هل الوقت الذي أنت جالس ضايقتن بك الدنيا ما تدري وش تسوي؟ افتح المصحف ولك بكل حرف عشر حسنات، الجزء الواحد مائة ألف حسنة، يكد عمره كله ما وفر مائة ألف ريال، وجزء بربع ساعة يقرأه مائة ألف حسنة ...

كتاب اللباس (2)

شرح: عمدة الأحكام - كتاب اللباس (2) الشيخ: عبد الكريم الخضير يعني هل الوقت الذي أنت جالس ضايقتن بك الدنيا ما تدري إيش تسوي؟ افتح المصحف ولك بكل حرف عشر حسنات، الجزء الواحد مائة ألف حسنة، يكد عمره كله ما وفر مائة ألف ريال، وجزء بربع ساعة يقرأه بمائة ألف حسنة، فنقول: أبواب الخير موجودة -ولله الحمد- وكثيرة ومتيسرة، وتنوع العبادات لله -جل وعلا- أعظم المنن على عباده في تنوع العبادات؛ لأن الإنسان الذي ما تهوى نفسه هذا الباب عنده أبواب أخرى، بعض الناس مستعد يصلي مائة ركعة، وليس بمستعد يدفع ريال في سبيل الله، وبعض الناس العكس، يدفع الدراهم وهو مبسوط ومستأنس، لكن تقول له: صل ركعتين، يقول: الله يعيننا على أنفسنا، إن سعيكم صحيح، لكن الحمد لله من نعم الله أن الأبواب -ولله الحمد- متعددة، وهذا الذي تقول له: صل، قم صل مع المسلمين على الجنازة، والله صلينا أمس على واحد يكفي، فعلى الإنسان أن يحرص على ما ينفعه، أحرص على ما ينفعك، أحرص على ما يوصلك إلى مرادك، أحرص على تحقيق ما خلقت من أجله وهو العبودية لله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك حافظ على مكتسباتك، لا تجمع الحسنات، وتأتي بالأعمال أمثال الجبال، ثم بعد ذلك إذا وصلت إلى وقت الحاجة إليها ما وجدت شيء، ثم تقع في قوله -جل وعلا-: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [(47) سورة الزمر] ما خطر على بالك ولا حسبت حساب، فعلى الإنسان أن يعنى بعمله، وأن يحافظ على مكتسباته. "وإتباع الجنازة، وتشميت العاطس" يعني إذا عطس المسلم والعطاس نعمة؛ لأنه يخرج أشياء وأبخره من الرأس لو بقيت فيه ضرته، فهذه نعمة تحتاج إلى شكر، ولذا أمر أن يقول: الحمد لله على هذه النعمة، فيشمته السامع بعد أن يحمد الله -جل وعلا-، بقوله: يرحمك الله، فيجبيه العاطس: يهديكم الله ويصلح بالكم، فلا يشمت من لا يحمد الله، وإذا شمت تعين الرد.

"وتشميت العاطس، وإبرار القسم، أو المقسم" القسم يعني تنفيذ ما أقسم به الحالف، والله أن تدخل، يا أخي أدخل إن كان ما عندك مانع، بر بقسم أخيك المقسم، إذا لم يكن ثم مانع، لكن بعض الناس جميع تصرفاته وجميع أقواله مقرونة بالقسم: والله تقوم، والله تقعد، والله إن تشرب، والله إن تأكل، إلى متى طيب؟ فهذا الذي جاء النهي {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة] نعم، لكن الذي يقسم على أخيه ولا يشق عليه إبراره ينبغي له أن بير بقسمه، ولا يلجئه إلى الحنث بقسمه بحيث يكلفه الكفارة. "ونصر المظلوم" وقد جاء الأمر به ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) فنصر المسلم واجب {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} [(72) سورة الأنفال] نصر المظلوم لا بد منه، ورفع الظلم عن أخيك المسلم واجب، سواء كان ظالماً أو مظلوماً، فإن كان ظالماً تكفه عن الظلم، فهذا نصر له، نصر له على نفسه الأمارة بالسوء التي تحمله ما لا يحتمل، وأيضاً رفع الظلم عنه نصر ظاهر. "وإجابة الداعي" الداعي إذا دعاك فأجبه، إلا إذا كان لديك مانع، واعتذرت من أخيك، وقبل عذرك، فالإجابة مستحبة، وأوجبها أهل العلم بالنسبة لوليمة العرس ((إذا دعا أحدكم أخوه فليجبه، فإن كان مفطراً فليأكل، وإن كان صائماً فليصل)) يعني فليدعو، فإجابة وليمة العرس واجبة عند جمع من أهل العلم، كل هذا إذا لم يكن ثم منكر، أما إذا كان في الدعوة منكر لا تمكن إزالته، ولا يستطاع إنكاره، فلا تجوز إجابة الدعوة حينئذٍ.

"وإجابة الداعي، وإفشاء السلام" إفشاء السلام بين المسلمين سبب للمحبة والمودة والتراحم ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)) هذا ينشر المودة والمحبة بين المسلمين، إفشاء السلام، تمر بأخيك: السلام عليكم، وجاء في الحديث الصحيح: ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) تمر من عند شخص ما تسلم، وراء ما سلمت يا فلان؟ قال: والله أنا أكبر الحق لي، ما يقال هذا؟ يقال، ولذلك كثير من الناس يستغفل بعض الناس، أحياناً يحكم على عقليته ما هي بـ .. ، تجده جالس ثم يمر واحد، الجالس يقول: السلام عليكم،. . . . . . . . . قاصر هذا، وش. . . . . . . . .؟ الماشي هو اللي يسلم على الجالس، نقول: نعم هذا الأصل الماشي، لكن إذا ما سلم؟ خيرهما الذي يبدأ بالسلام، الصغير يسلم على الكبير، طيب ما سلّم تسلم أنت، قل مثل هذا في جميع من له الحق على أحد، كبير على صغير، أب من أبيه، دخل الولد والله ما سلم، أو مر من عندك .. ، خيرهما الذي يبدأ بالسلام، أنت مخاطب بنصوص وهو مخاطب، لك ما يخصك وله ما يخصه، لماذا لا تكون أنت الخير؟ والله يا أخي لي سنتين ما شفت ولد أخوي، بعض الناس يقول هذه. . . . . . . . . عليه ما شافه، الصلة واجبة يا أخي، قال: الحق لي، هذا الأصل، يأثم إذا لم يزوره، إذا لم يزرك أثم ويصلك، لكن أنت أيضاً عليك كفل، بادر أنت بفعل الخير، النفوس مملؤة بمثل هذه الأمور، لكن الذي يرجو ثواب الله وما عند الله يبرئ الناس من حقوقه كلها، بلاش ولد أخوي ما جانا، وبنت أخوي والله ما كلمت، لا لا أبداً، أو أخوي ما دعانا، هذا كله تنساه، وتجده موفور لك يوم القيامة، لكن أنت تؤدي الذي عليك، أنت عليك حقوق لا بد أن تؤديها.

"وإفشاء السلام" والسلام سنة عند أهل العلم، ورده واجب، {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] فإذا قال: السلام عليكم، تقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ لتكسب أقدر من الحسنات، إذا قلت: وعليكم السلام عشر حسنات، المقصود أن الإنسان يحرص على أكبر قدر ممكن يستطيعه مما يقربه إلى الله -جل وعلا-، لكن لو قال: السلام عليكم قلت: مرحباً يكفي وإلا ما يكفي؟ طالب:. . . . . . . . . لا بدونها، قال: السلام عليكم قلت: مرحباً يا أخي، الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما جاءته أم هانئ وهو يغتسل، قالت: السلام عليك يا رسول الله، فقال: من؟ قالت: أم هانئ، قال: مرحباً بأم هانئ، وثبت عنه أنه قال: مرحباً بابنتي لما سلمت فاطمة، وما حفظ أنه رد السلام، فهل تكفي مرحباً كما يقول بعض أهل العلم استدلالاً بهذين الحديثين؟ أو نقول: بأنه رد السلام امتثالاً للآية لكنه ما نقل؟ ما نقله الراوي اكتفاء بما ثبت فيه من النصوص؟ يعني هل في كل قضية ينقل ما يلزم نقله أو إذا نقل من وجه يثبت به الحكم يكفي؟ وهذا أحوط، يعني إذا رد السلام وقال: مرحباً يعني هذا أكمل بلا شك، وإن كان بعض أهل العلم يرى أن مرحباً تكفي. "ونهانا" انتهينا من السبع المأمور بها، ونهانا يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويأتي فيه من الكلام مثلما في "أمرنا" حيث صرح الصحابي بالآمر والناهي، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . عشرين؟ طالب:. . . . . . . . . لا هين، رد السلام لا بد منه، يعني رد السلام ثابت بأفضل منه في القرآن، فمثل هذا كونه لم ينقل، الثلاثة الذين جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وما رد السلام، ما نقل رد السلام، في بعض الروايات ما نقل رد السلام، الأمور التي تنقل بمن تثبت الحجة بنقله لا يلزم أن تنقل من كل وجه، يعني عندنا ما يدل على أن رد السلام واجب إذاً رد السلام، كونه ما نقل في بعض القضايا، أوفي بعض .. ، يعني الصحابي تركه للعلم به، ما يحتاج إلى أن ينقله في كل قضية.

"ونهانا عن خواتم، أو عن التختم" خواتم وخواتيم، جمع خاتم، خواتم وخواتيم مثل: مفاتح ومفاتيح، وجوامع وجواميع، ومساند ومسانيد، ومراسل ومراسيل، على كل حال الجمع .. ، هذه يسمونها صيغة منتهى الجموع، "عن خواتم أو عن التختم" يعني نهانا عن نفس الخاتم أن نقتنيه إذا كان من ذهب، وعن التختم الذي هو لبس هذا الخاتم، فالاقتناء شراء الخاتم من الذهب حرام للرجال، ولبس الخاتم من الذهب ولو لم يكن عن طريق الشراء، لو أخذت خاتم من امرأة ولبسته وتبي تعيده عليها، ما يجوز؛ لأن هذا تختم، وذاك نهي عن الخاتم، نهى عن الخواتم يعني عن اقتنائها وعن لبسها وعن شرائها، نعم وعن التختم الذي هو لبس الخاتم، بالذهب وعن الشرب .. ، النبي -عليه الصلاة والسلام- لبس خاتم الذهب في أول الأمر، ثم رآهم يتختمون بالذهب فألقاه، رمى به، فرموا به، وثبت تحريمه، ثم أتخذ -عليه الصلاة والسلام- خاتم من فضة على ما سيأتي، "وعن الشرب بالفضة" ويدل له حديث: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة)). "وعن المياثر" المياثر: جمع ميثرة، وهي التي توضع على الدابة ليركب عليها، المياثر: غطاء يجعل على الدابة ليركب عليها، والعوام كانوا يسمونها إيش؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . هي مثل الوسادة تجعل على ظهر الدابة بعير وإلا حمار وإلا فرس وإلا .. طالب:. . . . . . . . . غير السرج، هذه غيرها، البردعة قريبة منها نعم، لكنها من اللفظ نفسه من المياثر، ما أدركتم؟ هاه؟ طالب:. . . . . . . . . صحيح، يسمونها وثارة، من المياثر مأخوذة، أدركتها أنت وإلا؟ ما في شيء ترى الكبر ما هو بعيب يا أخي، بعض الناس يذكر بعض القضايا التي ما يدركها سنه، وش يقول؟ والله ماني بكبير، أنا صغير لكني ذاك الوقت ذهين، لا لا قطعاً أنت ما أدركتها، الذي يظهر أنك ما أدركتها.

"وعن المياثر" لكن كل المياثر ممنوعة؟ أي شيء يوضع على ظهر الدابة ممنوع؟ لا جاء تقييدها في الروايات الأخرى: بالحمر، المياثر الحمر، فالمنهي عنه الأحمر "وعن القسي" القسي نوع من الثياب يأتي من بلد يقال له: القس في مصر، يصنع فيه الحرير، حرير مضلعة، حرير مضلع يأتي من بلاد يقال لها: القس من مصر "وعن لبس الحرير" وهذا من عطف العام على الخاص للعناية بشأن الخاص، والإستبرق نوع منه، الإستبرق نوع من الحرير، والديباج ما غلظ منه، على كل حال الحرير بجميع أنواعه وأشكاله حرام على ذكور هذه الأمة، نعم إذا كان يجتمع منه مادة، إذا كان يجتمع منه مع الإذابة مادة من الذهب أو الفضة يصير مستعمله مستعمل لهذه المادة، أما مجرد اللون فلا يضر، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . وش فيها؟ طالب:. . . . . . . . . هو كل ما كانت نسبة الذهب فيه أقوى كانت التحريم أشد، معروف أربعة وعشرين ذهب خالص، ستة عشر فيه نسبة من غير الذهب لكن جله ذهب فهو محرم، ويسمى ذهب حقيقة وعرفاً، نعم. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما -أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصطنع خاتماً من ذهب فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه، فصنع الناس، ثم إنه جلس فنزعه وقال: ((إني كنت ألبس هذا الخاتم، وأجعل فصه من داخل)) فرمى به، ثم قال: ((والله لا ألبسه أبداً)) فنبذ الناس خواتيمهم، وفي لفظ: جعله في يده اليمنى. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصطنع خاتماً من ذهب" اتخاذ الخاتم من قبله -عليه الصلاة والسلام- إنما كان للحاجة، إنما اتخذه -عليه الصلاة والسلام- لما قيل له: إن فارس لا يقرءون إلا ما كان مختوماً، فاتخذ الخاتم، وعلى هذا يقول جمع من أهل العلم: إنه لا يستحب اتخاذ الخاتم إلا لمن يحتاجه لختم مكاتباته وخطاباته، الأمير يحتاجه، القاضي يحتاجه، المسئول يحتاجه، صاحب المؤسسة يحتاجه؛ لتوثيق ما يكتبه، فلا يستحب إلا لمن يحتاجه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أتخذه إلا لما قيل له: إن فارس والروم لا يقرءون إلا ما كان مختوماً، ومنهم من يقول: هذا من أفعاله -عليه الصلاة والسلام- التي يؤجر المسلم على اقتدائه بها، بدليل أنه لما أتخذ الخاتم للحاجة اتخذه الصحابة اقتداء به، اتخذوه، وكثير منهم لا يحتاجه، فاصطنع خاتماً من ذهب، فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه، إذا لبسه جعل الفص؛ لأنه مكتوب فيه محمد رسول الله، وكونه خارج الكف يعرضه للامتهان، بينما لو كان داخل الكف والكف أكثر ما تكون مقفلة لا .. يقيه شيء من ذلك. "فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه، فصنع الناس مثل ذلك" اقتدوا به -عليه الصلاة والسلام-، وهذا يدل على أنه يستحب اتخاذ الخاتم ولو لم يحتاجه الإنسان "فصنع الناس" مثل ذلك "ثم إنه جلس" على المنبر "فنزعه" خلعه، ورمى به "فنزعه وقال: ((إني كنت ألبس هذا الخاتم، وأجعل فصه من داخل)) فرمى به، ثم قال: ((والله لا ألبسه أبداً)) " لأن الذهب حرام على الذكور، والآمر والناهي لا يمتثل أمره ونهيه المجرد عن الفعل، فعلى من أراد أن يأمر أو ينهى يكون قدوة بالفعل قبل القول، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمرهم بالحلق في الحديبية ترددوا، ما حلقوا لأول الأمر، لكن لما حلق كاد الناس أن يقتتلوا، وفي حجة الوداع في الخطبة المشهورة لما وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- دماء الجاهلية، وربا الجاهلية، وقال: ((أول من أضع دم ابن عمي)) من هو؟ طالب:. . . . . . . . .

لا، الربا رب العباس، دم الحارث بن عبد المطلب ((وأول ربا أضع ربانا ربا العباس)) فالآمر والناهي إذا أراد أن يمتثل أمره ونهيه أول ما يبدأ بنفسه وبأقرب الناس إليه؛ ليكون قدوة، لما رمى به النبي -عليه الصلاة والسلام- رموا به " ((والله لا ألبسه أبداً)) فنبذ الناس خواتيمهم، وفي لفظ: جعله في يده اليمنى" لأن التختم باليمين وإن كان المسألة مختلف فيها من الصحابة من لبسه باليسار، وجاء من النصوص ما يدل على ذلك، لكن ما جاء في اليمين أكثر، والسبب في ذلك ليصان الخاتم عن امتهان المفضولات؛ لأن اليمين للفاضلات والمستحبات والمستحسنات، واليسار لغير ذلك، بخلاف ذلك، نعم. عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصبعيه السبابة والوسطى. ولمسلم: نهى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع. نعم لما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- تحريم لبس الحرير بالنسبة للرجال ذكر ما يستثنى من ذلك، وذكرنا أن مما يستثنى العلاج، يعني إذا كان هناك حساسية حكة أو جرب وما أشبه ذلك لا تذهب إلا بلبس الحرير رخص النبي -عليه الصلاة والسلام- بذلك، أما ما عدا ذلك فلا يباح منه إلا الشيء اليسير فقال: "عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصبعيه السبابة والوسطى" يعني يجعل مثلاً قيطان وإلا على أطراف الأكمام شيء يسير جداً، أصبعين فرفع السبابة والوسطى. "ولمسلم: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع" على الحد الكثير بحيث لا تجوز الزيادة عن أربعة أصابع، هل معنى هذا أنها بقدر الأربعة الأصابع فقط قطعة بقدر هذا أو أنها على طول الثوب أو على عرضه أو كذا؟ هذه مجملة، والأصل المنع، فينبغي أن يقتصر من الحرير على أقل قدر منه لمن يحتاجه، وإلا فالأصل أنه ممنوع؛ لأن الرخصة، نعم؛ لأن هذه رخصة والرخصة ما جاء على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، على كل حال الرخصة تقدر بقدرها، ولا تزاد عما جاءت به النصوص، نعم ...

كتاب الجهاد

عمدة الأحكام - كتاب الجهاد (1) الشيخ: عبد الكريم الخضير قال -رحمه الله تعالى-: كتاب: الجهاد عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال: ((يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)) ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب: الجهاد

والجهاد: مصدر جاهد يجاهد جهاداً ومجاهدة، والمراد به بذل الجهد، واستفراغ الوسع في قتال الأعداء، في قتال الكفار، بذل الجهد، والمادة كلها تدل على أن هناك مشقة، فلا جهاد إلا بمشقة، ولا مجاهدة للنفس إلا مع مشقة، ولا اجتهاد في عبادة إلا مع مشقة، ولا اجتهاد في علم إلا مع بذل مشقة، فالعلم لا ينال براحة الجسد، والاجتهاد عند أهل العلم: بذل الجهد، واستفراغ الوسع، متى يقال: اجتهد فلان؟ يقال: اجتهد في حمل الرحى، صح وإلا لا؟ الرحى ثقيل يعني عندك كيس فيه مائة كيلو تجتهد في حمله، لكن عندك نواة أو تمرة مثلاً، يقال: اجتهد في حمل التمرة أو في حمل النواة؟ لا؛ لأنها ما تحتاج إلى بذل جهد ولا استفراغ وسع، بينما الحمل الثقيل يحتاج إلى بذل الوسع، يحتاج إلى بذل الجهد واستفراغ الوسع، وكل المادة تدل على هذا، والجهاد سواءً كان جهاد عدو، جهاد نفس كل هذا يحتاج إلى مجاهدة، والجهاد ذروة سنام الإسلام، ومصدر عز الأمة، وما ذلت الأمة إلا بترك الجهاد، وجاء في الحديث: ((إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله ضرب الله عليكم ذلاً لا يرفعه)) يعني إلا أن تعاودوا الدين، فهذا هو سبب ما تعيشه الأمة من ذل، تركهم لهذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام، وهو فرض كفاية، والنصوص القطعية من الكتاب والسنة تدل على وجوبه {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [(73) سورة التوبة] {قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ} [(123) سورة التوبة] .. إلى آخره، المقصود أن الجهاد فرض على الأمة، فرض كفاية، نعم في وقت الضعف ضعف الأمة يعني يكتفى منها بجهاد الدفع، وأما جهاد الطلب ففي وقت القوة، وفي وقت العز والنصر للإسلام والمسلمين، نسأل الله -جل وعلا- أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين، وأن يقيم علم الجهاد.

وهو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وإلا لو تعين وهو يتعين عند أهل العلم في صور منها: إذا حضر الصف، حضرت لا يجوز لك أن تفر، ومنها: إذا استنفرك الإمام، لا يجوز لك أن تعتذر، ومنها: إذا دهم العدو بلد من بلدان المسلمين، لا سيما أهل البلد، هنا يتعين الجهاد، لا يجوز لأحد أن يفر من البلد الذي يدهمه الكفار. "عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس" العادة أنه -عليه الصلاة والسلام- يغزو في أول النهار، في وقت البركة، لكن إذا تأخر واشتد الحر، واشتدت الشمس انتظر حتى تميل الشمس، حتى تزول، وتهب الأرواح، الريح تقف، والحرارة تقل، "حتى مالت الشمس قام فيهم، فقال: ((يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو)) " وهذا جزء عن النهي عن تمني الموت؛ لأن العدو لقاؤه في الجملة يعرض الإنسان للموت، ويعرض النساء للسبي، يعرض الأموال، ويعرض الأعراض، ويعرض لقاء العدو أنت ما تضمن النتيجة، هل تضمن النتيجة أنك إذا لقيت العدو ضفرت به وقتلته؟ لا، فلا تتمنى لقاء العدو، كما أنك لا تتمنى الموت لضر نزل بك، مع هذا لا تتمنى لقاء العدو ((واسألوا الله العافية)) الله -جل وعلا- يعافيكم، طيب هل في هذا معارضة مع تمني الشهادة، وقد تمناها النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وفي هذا معارضة عن عدم تحديث النفس بالجهاد؟ أو نقول: إنه إذا سنحت فرصة الجهاد .. هو يحدث نفسه بالجهاد إذا سنحت الفرصة له، أما أن يتمنى عدواً يدهم بلده أو يواجهه ليقاتله فلا؛ لأن لقاء العدو ما تدري ما يصيبك، يمكن يقتلك، يمكن يسبي .. ، يمكن ينتهك عرضك، يمكن يسبي أموالك، يمكن .. ، فلا تتمنى لقاء العدو. ((واسألوا الله العافية)) نعم على الإنسان أن يلهج وأن يكون من ديدنه سؤال العافية في الدين والدنيا، في الدنيا والآخرة ((اسألوا الله العافية)) ما رزق إنسان خير من العافية، والعافية لا يعدلها شيء.

((فإذا لقيتموهم فاصبروا)) لا تتمنى، لكن إذا لقيت فاصبر، بعض الناس يقول: أنا أبحث عن الأجر، أبحث عن امرأة فيها عيب أكفلها وأضمها، واحتمال أن تكون لا تجد من يتزوجها فاحتسب فيها، ثم بعد ذلك إذا تزوج بها صارت على خلاف ما يريد، فأخذ يتذرع بالأعذار، وأخذ يتململ، وأخذ يتشكى، ثم بعد ذلك، أنا أقول: يا أخي لا تتمنى لقاء العدو، لكن لو قدر أنك أخذتها سليمة، ثم أصابها ما أصابها عندك، اصبر واحتسب، أما أن تذهب تبحث عن معيبة ثم بعد ذلك لا تصبر عليها، نعم هذا فيه ما فيه، أما إذا أصيبت عندك نعم، كنت أنت في وقت السعة تقول: والله أنا أبحث عن مريضة لأعالجها وأقوم عليها وكذا، ثم بعد ذلك لا تصبر على هذا، أنت الذي بحثت لنفسك عن هذا الأمر، لكن إذا أصيبت عندك اصبر واحتسب وعالج، وعلى كل حال ((إذا لقيتموهم فاصبروا)) {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} [(200) سورة آل عمران] كل هذا مأمور به، ولا يجوز للإنسان أن يفر، والفرار من الزحف من الموبقات، -نسأل الله السلامة والعافية- فلا بد من الصبر على العدو. ((واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)) يعني التحام المسلمين بالكفار بحيث إذا ارتفعت سيوف الجميع مع الالتصاق يكون لها ظل من كثرتها، فاقتحم، الجنة هنا يا أخي، ((الجنة تحت ظلال السيوف)) ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على صلة دائمة بربه: ((اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم)). ليس للإنسان غنى من اللجوء إلى الله -جل وعلا-، فعليه أن يلجأ إلى ربه في كل شيء، في كل ما يريد، في كل صغير وفي كل كبير؛ لأنه إذا لم ييسر الله -جل وعلا- ما تيسر شيء، ولو كان من أيسر الأمور، ((اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً)) فعلى الإنسان أن يكون على صلة بربه دائمة.

((اللهم منزل الكتاب)) الدعاء بهذا الدعاء، الله -جل وعلا- أنزل الكتاب على نبيه، وتضمن نصره، وتضمن حفظه، وتضمن بقاءه، تكفل بهذا كله، لكن الإنسان يدعو بهذا الدعاء، مع أن الله -جل وعلا- تكفل بحفظه، الدين منصور، الكتاب منصور، الدين محفوظ، الكتاب محفوظ، الدين باقٍ إلى قيام الساعة، لكن ماذا عن أهل الدين؟ يعني ليس عندنا شك أن الدين باقٍ إلى قيام الساعة، وأنه لا تزال طائفة منصورة، لكن عنا، ماذا عنا حينما فرطنا، وحينما ضيعنا، وحينما تولينا عن الدين، وإلا لا خوف على الدين، الخوف المشكلة فيمن يفرط بهذا الدين. ((اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب)) يعني امتنيت علينا يا ربنا بهذا الكتاب العظيم الذي هو خير نعمة أنزلتها علينا، وأنزلت علينا نعمة الدنيا بإنزال المطر الذي ينشأ عنه الزرع والضرع، امتننت علينا بنعم الدنيا والآخرة، وهزمت أعداءنا، وطردتهم عنا، وتوليت وتكفلت بحفظنا، وكبت عدونا ((اهزمهم وانصرنا عليهم)) فإذا أراد الإنسان أن يدعو بشيء يقدم بمقدمات مناسبة، فإذا دعا يدعو يأتي بمقدمات، يصف الله -جل وعلا-، يمجد الله، يحمد الله، يعظم الله، ثم بعد ذلك يدعو بما شاء، نعم. عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها)). نعم يقول المؤلف -رحمة الله عليه-:

"عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رباط يوم)) " الرباط لزوم الثغور، هي الحدود التي بين المسلمين والأعداء، التي يخشى على المسلمين من مرور الأعداء من خلالها، الثغور، فالمرابطة في هذه الثغور من أفضل الأعمال، ومن خير ما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، فرباط يوم في سبيل الله، خير من الدنيا وما عليها، وابن المبارك الإمام المجاهد يقول: إذا أشكل على أحد أمر –يعني وإن كان من أهل العلم- فليسأل أهل الثغور، طيب أنت أشكل عليك مسألة علمية تسأل أهل الثغور؟ قد يكون أهل الثغور ما عندهم شيء من العلم مثلما عندك، يقول: لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [(69) سورة العنكبوت] يقول: اسألوهم، تجدون الخير كله عندهم. ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها)) يوم واحد، وركعتا الصبح خير من الدنيا وما فيها، تكبيرة الإحرام خير من الدنيا وما فيها، طيب إذا كانت هذه الأمور اليسيرة خير من الدنيا ليش عامة المسلمين عموم المسلمين خاصتهم وعامتهم تعلقوا بالدنيا؟ هذه غفلة. الناس في غفلة عما يراد بهم ... كأنهم غنم في أيدي جزارِ غفلة، ركعتين بدقيقتين خير من الدنيا وما فيها، من يعرف حقيقة الدنيا؟ يعرفها أهل الآخرة، يعرفها العباد، يعرفها الزهاد، يعرفها سعيد بن المسيب، لما خطبت ابنته لابن الخليفة للوليد بن عبد الملك، السفير الخطيب، الخطيب هذا الواسطة بينهما السفير بينهما يقول: يا سعيد جاءتك الدنيا بحذافيرها، ابن الخليفة يتزوج ابنتك، جاءتك الدنيا بحذافيرها، يقول: إيش الدنيا؟ إذا كانت الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة فماذا يقسم لي الخليفة من هذا الجناح؟ ويزوجها طالب لا يملك شيئاً البتة، لكنه يملك رأس المال الدين، هؤلاء الذين عرفوا حقيقة الدنيا، وعرفوا ما أعد الله لخلقه في الآخرة.

((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها)) الشيء اليسير جداً من الجنة خير من الدنيا وما عليها ((والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة)) المسير في أول النهار أو في آخره ((خير من الدنيا وما عليها)) فعلينا أن ندرك حقيقة هذه الدنيا، وحقارة هذه الدنيا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) وراوي الحديث ابن عمر يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" لأنك إذا تصورت الدنيا على حقيقتها عرفت كيف تتعامل مع نفسك، مع أهلك، مع جيرانك، مع ربك، مع الخلق، مع كل أحد، ومع ذلك يقول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] نعم الإنسان الذي ينهمك فيما خلق له، قد يأتي وقت ينسى نصيبه من الدنيا الذي يعينه على تحقيق هدفه العبودية، قد ينسى لا يشعر بنفسه إلا .. ، قد يقول قائل: كيف الدنيا تنسى؟ الأكل والشرب؟ نعم ينسى الأكل والشرب، نعم؛ لأن هناك لذة ونعيم في الدنيا يعيشها أهل الفضل، العباد يعيشون عيشة ما يعيشها أحد ولا الملوك، يعني تصورون واحد ليلة الزواج دخل على الزوجة وبنى بها، تلك الليلة، دخل على زوجته فتذكر آية أشكلت عليه فنزل في المكتبة ومن تفسير إلى تفسير إلى أن أذن الفجر، هذا يحتاج أن نقول له: ولا تنس نصيبك من الدنيا، لكن عامة المسلمين اليوم حتى -نسأل الله المسامحة- من ينتسب إلى العلم بحاجة إلى أن يقال له: ولا تنس نصيبك من الآخرة، هذا الواقع، هذا واقعنا -نسأل الله السلامة والعافية- نسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بنا.

((والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها)) ولنعلم جميعاً أن أبواب الجهاد كثيرة، يعني إذا لم يتح في وقت من الأوقات قتال العدو لضعف المسلمين، فجهاد النفس جهاد، السلف جاهدوا أنفسهم على قيام الليل، وعلى صيام الهواجر، وعلى اكتساب العلوم، وعلى اكتساب ما يقرب إلى الله -جل وعلا-، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم أبواب الجهاد، طلب العلم باب عظيم من أبواب الجهاد، فعلى الإنسان أن يسعى في هذه الأبواب عله أن يلحق بدرجات المجاهدين، ومع ذلك يتمنى الشهادة، وجاء في الحديث: ((من تمنى الشهادة بصدق بلغها ولو مات على فراشه)) والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى- وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((انتدب الله)) ولمسلم: ((تضمن الله)) لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة)). ولمسلم: ((مثل المجاهد في سبيل الله -والله أعلم بمن يجاهد في سبيله- كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة)). الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثالث:

"عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((انتدب الله)) ولمسلم: ((تضمن الله)) " وسيأتي قوله: ((توكل الله)) وفي رواية: ((تكفل الله)) بمعنى التزم، وهذا إلزام وتضمين وكفالة من الله -جل وعلا- على نفسه بمعنى أنه ألزم نفسه بذلك، وتكفل به، وتضمن به من غير أن يلزمه أحد، ولا ملزم لله -جل وعلا-، وإنما من كرمه وجوده التزم بذلك، كما أنه من عدله وفضله حرّم الظلم على نفسه، ولا ملزم لله -جل وعلا-، ولا يجب على الله شيء، فالله -جل وعلا- انتدب، أي: سارع بالثواب، وحسن الجزاء، والتزمه وتضمنه، وتكفله لمن؟ لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، لا يخرجه إلا الجهاد في سبيلي، والجهاد إذا أطلق إنما يراد به قتال الأعداء كما هنا. ((تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيلي)) ما قال: في سبيله، هذا التفات من الغيبة إلى التكلم، ((لا يخرجه إلا الجهاد في سبيلي)) يقول أهل العلم: فيه التفات، أهل العلم يقولون: هذا فيه التفات، نعم الضمير تغير من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم. ((إلا الجهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي)) يعني لا يخرجه لذلك إلا إعلاء كلمة الله -جل وعلا-، مخلصاً في ذلك لربه، مبتغياً بذلك رضاه، لا يخرجه إلا الجهاد في سبيلي، وإيمان به، لا يبعثه ولا ينهزه إلى الجهاد إلا الإيمان بالله -جل وعلا- والإخلاص له، وحديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار منهم الذي يخرج للجهاد، ويقدم مهجته، ونحره للعدو فيقتل في ساحات الجهاد، فيؤتى به يوم القيامة فيقال له: ماذا فعلت؟ قال: قاتلت وجاهدت في سبيلك حتى قتلت، فيقال له: كذبت، إنما قاتلت ليقال: شجاع، وقد قيل، فيؤمر به إلى النار نسأل الله العافية، فأول من تسعر بهم الثلاثة منهم هذا، نسأل الله العافية.

((وإيمان بي، وتصديق برسلي فهو علي ضامن)) ضامن أو مضمون؟ مضمون أو ضامن؟ ((فهو علي ضامن)) منهم من يقول: ضامن اسم فاعل بمعنى اسم المفعول يعني مضمون، {فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [(7) سورة القارعة] يعني مرضية {مِن مَّاء دَافِقٍ} [(6) سورة الطارق] يعني مدفوق، يأتي اسم الفاعل ويراد به اسم المفعول وهذا منه، ومنهم من يقول: فهو علي ضامن كلابن وتامر، يعني ذو لبن، صاحب لبن، وصاحب تمر، وهذا صاحب ضمان، وهو يعود في حقيقته إلى الأول. ((فهو علي ضامن أن أدخله الجنة)) يعني الله -جل وعلا- تكفل له وضمن له الجنة ((أو أرجعه)) أدخله الجنة إن قتل في سبيل الله شهيداً يدخل الجنة ((أو أرجعه إلى مسكنه)) وإلى أهله وذويه ((الذي خرج منه نائلاً ما نال)) حاصلاً على ما حصل عليه ((من أجر أو غنيمة)) هذا إن قتل دخل الجنة، إن لم يقتل رجع نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة، (أو) هذه للتقسيم أو للتخيير؟ خير أبح قسم بـ (أو) وأبهمِ ... . . . . . . . . . إن قلنا: للتخيير يختار، يبي أجر وإلا غنيمة؟ إذا تنازل عن نصيبه من الغنيمة له الأجر، إن أخذ نصيبه من الغنيمة فلا أجر له، هذا مقتضى التخيير، طيب ((من أجر أو غنيمة)) إذا قلنا: إنها للتقسيم غزاة يرجعون بالأجر لأنه ما حصل لهم غنيمة، وآخرون يرجعون بالغنيمة لكن لا أجر لهم؛ لأنهم حصل لهم غنيمة هذا مقتضى إيش؟ التقسيم، لكن إذا غنم الغازي، غزا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، ثم غنم لا أجر له وإلا له أجر؟ طيب أهل بدر غنموا، ما لهم أجر؟ كيف نقول: أجل للتقسيم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . ما تجي كذا، هذا أو هذا. خير أبح قسم بـ (أو) وأبهمِ ... . . . . . . . . . تجي للإبهام؟ ويش معنى الإبهام هنا؟ قد يحصل له أجر فقط أو يحصل له غنيمة فقط؟ والمسألة مفترضة فيمن لا يخرجه إلا الجهاد في سبيل الله، يغني مخلص في ذلك، يعني قد نقول مثلاً: لولا هذا، لولا اشتراط الإخلاص في هذا النص، قلنا: إن بعضهم يرجع بأجر وبعضهم يرجع بغنيمة؛ لأنه لم يخلص في عمله، لكن كلهم مخلصون، الغنيمة مباحة، ((أحلت لي الغنائم)) هذا من خصائص النبي -عليه الصلاة والسلام-.

(أو) بمعنى الواو، وربما عاقبت الواو شريطة أن يؤمن اللبس، نعم، وهنا يقول: ((نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة)) يعني من أجر وغنيمة، وقد يقول قائل: إنها للتقسيم فيكون نائلاً ما نال من أجر كامل أو غنيمة مع أجر ناقص، نائلاً ما نال من أجر يعني أجر كامل، أو غنيمة مع أجر ناقص بدليل الحديث الصحيح ((إن من غزا فلم يغنم كان أجره موفوراً، ومن غنم فقد تعجل ثلثي الأجر)) وعلى هذا من غنم له أجر وغنيمة، لكن في مقابل من له الأجر الموفور يتسنى التقسيم هنا، وبعضهم يرجح أن (أو) بمعنى الواو، وتأتي بمعنى الواو.

((من أجر أو غنيمة)) الذي لم يغنم شيئاً لا شك أن أجره كامل موفور، خرج للجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله، ثم رجع كما خرج، دون أن يغنم شيئاً، وهو مخلص لله -جل وعلا- مثل هذا أجره كامل، لكن افترض المسألة في شخص يعني في اثنين زيد وعمرو خرجا للجهاد بنية خالصة لله -جل وعلا-، وكل منهما صار له أثر في الجهاد، وأبلى في الجهاد بلاءً حسناً ثم رجعا، هذا قتل شخص ليس معه سلب، وآخر قتل شخصاً معه سلب، هذا الذي قتل شخص لا سلب له رجع بدون غنيمة، وذاك رجع بشيء من المال هل يكون الأجر واحد؟ نعم، لا شك أن الدنيا ضرة، ضرة بالنسبة للآخرة، من تعجل شيئاً كوفئ به في الدنيا لا شك أنه ينقص أجره، ولا شك أن الذين ماتوا قبل أن تفتح وتبسط الدنيا على الصحابة هؤلاء موفور أجرهم، ومنهم كما في الحديث الصحيح مصعب بن عمير كفن في .. ، في إيش؟ نعم، كفن في برد له قصير إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه بدا رأسه، هؤلاء ما استوفوا شيئاً من أمور الدنيا، بينما الذين تخلفوا بعدهم بسطت الدنيا وتوسعوا فيها، لا شك أن ما تعطاه من خير مكافئة على عملك، وما ينالك من شر ومصائب في الدنيا أيضاً تكفير لذنوبك، فالدنيا سجال، وهي ابتلاء {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [(35) سورة الأنبياء] يبتلى الإنسان بالخير كما يبتلى بالشر، فلما أكل النبي -عليه الصلاة والسلام- من اللحم بعد أن كان جائعاً هو وأصحابه أكل وشبع، ماذا قال؟ ((والله لتسألن يومئذ عن النعيم)) لتسألن عن هذا النعيم، فالنعيم يسأل عنه الإنسان، وعلى هذا له أثر على ما يكسبه من حسنات؛ لأنها مكافئة له على صنيعة، فكون الإنسان لا يكافئ بشيء من هذه الدنيا يوفر له أجره، ومن يكافئ بشيء من هذه الدنيا ينقص أجره، وافترض المسألة في شخص يعلم الناس، يقضي بين الناس، يؤم الناس، يشغل منصب ديني مجاناً، يأمر وينهى مجاناً، وآخر بأجرة، الثواب واحد؟ لا، هذا له أجره، وذاك له أجره على قدر نيته وله أجرته، فلا شك أن الرجوع بشيء من المغنم ينقص من الأجر الموفور بالنسبة لمن لم يحصل على شيء من المغانم.

((ومثل المجاهد في سبيل الله)) بعضهم يقول في الحديث: ((نائلاً من نال من أجر أو غنيمة)) نائلاً من نال من خير عظيم سواء حصل على الأجر أو الغنيمة، والغنيمة إذا استعملت فيما يرضي الله -جل وعلا- صارت أجر، لكن هذا أجر مباشر، وهذاك أجر بواسطة؛ لما في الغنيمة من إعزاز الدين، وذل للكفار، ولذا شرعت لهذه الأمة، على كل حال أقوال الشراح في هذه الجملة كثيرة جداً. ((ومثل المجاهد في سبيل الله -والله أعلم بمن يجاهد في سبيله-)) نعم الله أعلم، النيات لا يطلع عليها إلا الله -جل وعلا-، هذه غيب، ويعامل الناس على حسب الظاهر، ولذا يقسم الشهيد إلى أقسام، منهم من هو شهيد في الدنيا فقط، لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، وهو في الآخرة ليس له أجر الشهداء، ومنهم من شهيد آخرة فقط، وهو من مات ممن ثبتت له الشهادة بالنصوص الصحيحة في غير الجهاد، ومنهم شهيد الدنيا والآخرة وهذا معروف، اللي هي موضوعنا الآن. ((والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم)) بعض الناس يقول: الجهاد يعوقنا عن الصيام، صيام النوافل، الجهاد يعوقنا عن قيام الليل، الجهاد يعوقنا عن قراءة القرآن، الجهاد يعوقنا عن تعليم العلم، الجهاد يعوقنا عن أعمال الخير، لا شك أنه يعوق، نعم يحول دون الإنسان ودون صيامه، وأحياناً يحول دونه ودون قيامه، وما كان يزاوله في حال الاستقرار، لكن هل هذا مبرر لترك الجهاد؟ هذا ليس مبرر، ومن الناس من يعتذر عن الجهاد خشية أن يفتتن، وقد يقال لزيد من الناس: لماذا لا تحج؟ قال: أنا والله لا أستطيع أن أحج خشية أن أفتتن، الحج فيه نساء وفيه تبرج وفيه .. ، وقل مثل هذا في أمور العبادات يتعذر بهذا، يقال له: لا يا أخي، {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} [(49) سورة التوبة] عذر وإلا ما عذر؟ ما عذر، عليك أن تجاهد وعليك أن لا تعرض نفسك للفتن. ((والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم)) يكتب له صيامه وقيامه ((وتوكل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة)) لأنه شهيد ((أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة)) يرجعه إلى أهله وذويه سالماً إما مع أجر محض أو مع غنيمة مقرونة بالأجر، نعم.

وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي: اللون لون الدم، والريح ريح المسك)). طالب:. . . . . . . . . عن إيش؟ عن من؟ طالب:. . . . . . . . . يعني أبي هريرة نعم؛ لأنه صرح عندنا. يقول: "وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-" والأصل أن يقول: "وعنه" على عادة أصحاب المختصرات إذا رووا أكثر من حديث عن صحابي واحد صرحوا به ثم كنوا عنه بالضمير. "وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مكلوم)) " المكلوم: المجروح ((يكلم)) يجرح ((في سبيل الله)) يعني في الجهاد في سبيل الله ((إلا جاء يوم القيامة)) جاء يوم القيامة بعد المبعث ((وكلمه)) جرحه ((يدمى)) يصب دماً، يسيل دمه من جرحه ((اللون لون الدم)) أحمر، ((والريح ريح المسك)) فيأتي بما يشهد له أنه قتل في سبيل الله، والدم معروف أنه مستقذر، مستقذر لما فيه من نجاسة، وفيه أيضاً من تلويث، وفيه من رائحة إلى غير ذلك، لكنه على خلاف الأصل، على خلاف ما كان عليه في الدنيا، لونه لون الدم، والريح ريح المسك، ووجد من بعض الشهداء في حال البرزخ من هذه حاله، لما نبشت بعض القبور بعد سنين طويلة في آخر عهد الصحابة نبشوا بعض القبور فوجدوا بعض المدفونين دمه يسيل، لما حرك جرحه سال، وشعره متوافر ولونه كهيئته وقت الحياة، وهناك قصص كثيرة ذكرها شيخ الإسلام وغيره تدل على هذا، قصص واقعية، اللون لون الدم، والريح ريح المسك، وفي هذا بيان فضل الشهداء، ومنزلتهم عند الله -جل وعلا-، وأن الشيء المستقذر المستقبح المنفور منه ينقلب بفضل الله -جل وعلا- إذا كان بسبب طاعة من طاعاته، أو عبادة من عباداته إلى محبوب كما أن خلوف فم الصائم مكروه عند الناس، الفم تنبعث منه رائحة كريهة، تنبعث منه روائح كريهة بسبب خلو المعدة، وتصاعد الأبخرة، تخلو المعدة فتنبعث الروائح المستقذرة المستكرهة عند الناس ((ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب عند الله من ريح المسك)) نعم.

وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت)) أخرجه مسلم. وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها)) أخرجه البخاري. نعم هذا حديث أبي أيوب الأنصاري، ومثله حديث أنس، وكلاهما في بيان فضل الغدو والرواح في الجهاد والسير في أول النهار وفي آخره إلى الجهاد في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله، وقد تقدم في الحديث الثاني نضيره، وكل هذا يدلنا على حقارة الدنيا بالنسبة إلى من تعلق بأمور الآخرة، وذكرنا أن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها، وتكبيرة الإحرام خير من الدنيا وما فيها، والدنيا كلها لا تزن عند الله جناح بعوضة، فليحرص الإنسان على ما ينفعه، نعم. وعن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين وذكر قصة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه)) قالها ثلاثاً. نعم هذا حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجاء إلى حنين، يعني عام حنين سنة كم؟ سنة كم؟ طالب:. . . . . . . . . ثمان، ثمان، بعد إيش؟ بعد الفتح، سنة ثمان.

خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى حنين، وذكر قصة مفادها: أنه رأى رجلاً من المشركين علا رجلاً من المسلمين، علاه، فرق بين علاه وعليه، نعم، علاه وكاد أن يقتله فجاءه أبو قتادة من ورائه فضربه بالسيف على عاتقه، فأرسل الصحابي فاتجه إلى أبي قتادة، فضمه ضمة شم منها رائحة الموت، ثم أدركه الموت فأرسله فمات، فأبو قتادة هو الذي قتل هذا المشرك "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه)) قالها ثلاثاً" أبو قتادة قتل هذا المشرك، فقال: من يشهد لي أني قتلت فلاناً؟ من يشهد لي؟ قالها ثلاثاً، فجاء رجل فقال: صدق يا رسول الله، هو قتل الرجل وسلبه عندي، أخذته أنا، فقال: "لا لاها الله لا تعمدوا إلى أسد من أسود الله" .. إلى آخر الحديث، المقصود أنه لما شهد له أخذه منه -عليه الصلاة والسلام- وأعطاه إلى أبي قتادة، ففي هذا إغراء بقتل الأعداء ((من قتل قتيلاً)) لكن الدعاوى المجردة لا تقبل، لا بد أن يكون له عليه بينة، لا بد أن يأتي بمن يشهد له أنه هو الذي قتل فلان، قتل هذا المشرك.

((من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه)) وسلبه كل ما معه من عدة حرب وآلة وملبوس وفرس أو جمل أو أي مركوب، كل ما بيده له " ((فله سلبه)) قاله ثلاثاً" وفي هذا إغراء من النبي -عليه الصلاة والسلام- بقتال الأعداء، وأيضاً تشجيع للمقاتلين من المسلمين، لكن هل هذا حكم شرعي ثابت إلى آخر الزمان؟ يعني هذا حكم مقرر شرعاً بقوله: ((من قتل قتيلاً له سلبه)) قتيل أي قتيل في المعارك بين المسلمين والمشركين من يومه، من يوم أن نطق بهذا الحديث إلى آخر الزمان، أو أنه في هذه الغزوة؟ ويش يترتب؟ ما الذي يترتب على هذا؟ يترتب على هذا أنه لا يحتاج أن تقال هذه مرة ثانية، في كل غزة يعمد المسلم إلى الكافر فيقتله فيأخذ سلبه، ما يحتاج إلى أن يقال له مرة ثانية، لكن إذا قلنا: إن هذا مجرد إغراء في هذه الغزوة، وأن للإمام أن يقول مثل هذا الكلام، وله أن يقول: له ضعف سلبه، وله أن يقول: نصف سلبه، لكن إذا قلنا: له سلبه لا يزيد ولا ينقص خلاص الحكم شرعي، وإذا قلنا: إنه حكم طارئ مربوط بهذه الغزوة وللإمام أن يفعل مثلما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، يرى أن المصلحة تنفيل السلب، فيقول: "من قتل قتيلاً فله"، "من قتل قتيلاً فله مبلغ كذا" مثلاً، "من قتل قتيلاً له أرض مساحتها كذا" من قتل .. إلى آخره، للإمام أن يقول ذلك، لكن إذا قلنا: إنه حكم شرعي ثابت نقول: يتقيد بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيكون من قتل قتيل فله سلبه، ولا يحتاج أن يقول الإمام هذا الكلام، مجرد ما يقيم البينة يمشي، يأخذ السلب ويمشي، والمسألة خلافية بين أهل العلم. وعلى كل حال عند الجمهور يستحق السلب ولو لم يقله الإمام، استناداً إلى ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو القدوة، فكل يعمد إلى مشرك يقتله فيأخذ السلب، ومنهم من يقول -كالمالكية مثلاً-: إنه لا يستحقه إلا إذا قاله الإمام، نعم. وعن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اطلبوه واقتلوه)) فقتلته فنفلني سلبه.

وفي رواية: فقال: ((من قتل الرجل؟ )) فقالوا: ابن الأكوع، فقال: ((له سلبه أجمع)). نعم هذا حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله تعالى عنه- "قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- عين من المشركين" جاسوس، الجاسوس هو الذي ينقل الأخبار يسمونه جاسوس، ويسمونه عين "من المشركين" لينقل أخبار المسلمين إلى المشركين، وسمي عيناً؛ لأن جل عمله بعينه، الآن يمكن أن يكون الجاسوس أعمى؟ ممكن؟ معه مسجل صغير بجيبه وخلاص وما عليه وبعد يكون أعمى آمن له شوية، أقول: سمي لأنه يتطلب البصر في .. ، يعني في الأوقات الماضية يتطلب البصر؛ لأن البصر يعينه على كيفية إلقاء الأخبار، ويعينه على أمور لا تدرك في السمع، نعم أحياناً بعض التصرفات والذهاب والمجيء وكذا التي لا يدركه الأعمى يحتاجها الجاسوس، وهذا ينقل أخبار المسلمين إلى المشركين. "فأتى النبي -عليه الصلاة والسلام- عين من المشركين، وهو في سفر" وجاء في صحيح مسلم أن ذلك في غزوة هوازن "فجلس عند أصحابه" جلس مع الصحابة هذا المشرك يتحدث "ثم انفتل" انصرف، سمع ما يكفي من الأخبار ثم انصرف، ليبلغ قومه أخبار المسلمين "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اطلبوه واقتلوه)) " هذا حكم الجاسوس يطلب ويقتل. يقول سلمة بن الأكوع: "فقتلته فنفلني سلبه" قتلته؛ لأن سلمة بن الأكوع مشهور بإيش؟ بالسرعة، سرعة الجري، إذا كان موجود لا يحاول أحد، نعم معروف بسرعة الجري. "فقتلته فنفلني سلبه" وفي رواية: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من قتل الرجل؟ )) فقالوا: ابن الأكوع، فقال: ((له سلبه أجمع)) " يعني جميع ما تركه هذا المقتول له ((له سلبه أجمع)) لو قتله قتل قتيل واستحق السلب، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((له سلبه أجمع)) وأنا أريد جثته، لماذا تريد الجثة؟ قال: أبيعها على كليات الطب وإلا التشريح وإلا غير ذلك، نعم؟ هل تدخل الجثة في السلب؟ لا تدخل الجثة في السلب. قوله: ((له سلبه أجمع)) السلب ما يسلب، والجثة مسلوب منه وليست مسلوبة، مسلوب منها السلب وليست بمسلوبة.

يقول النووي: فيه قتل الجاسوس الحربي الكافر وهو باتفاق، الجاسوس الحربي يقتل باتفاق، وأما المعاهد فقال مالك والأوزاعي: ينتقض عهده بذلك، وعند الشافعية خلاف. على كل حال الجاسوس الذي ينقل أخبار المسلمين، وما يضرهم نقله، هذا حكمه في الشرع، لكن لا بد من أن يأمر بقتله الإمام، وليس للأفراد أن يتصرفوا من تلقاء أنفسهم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- .. ، ما قتلوه مباشرة، ما قتله الصحابة، جلس معهم، وتغدى، وجعل ينظر يمين وشمال، ويأخذ أخبارهم كما في صحيح مسلم، نعم، ما قتلوه، إنما قتل لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اطلبوه واقتلوه))، فالإمام هو الذي يأمر بهذا، وهذه من صلاحيات الإمام، نعم. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية إلى نجد، فخرجت فيها، فأصبنا إبلاً وغنماً، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيراً، ونفلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعيراً بعيراً. يقول ابن عمر -رضي الله عنهما-: "بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية" وهي قطعة من الجيش لا يصحبها النبي -عليه الصلاة والسلام- بخلاف الغزوة، الغزوة يكون معها النبي -عليه الصلاة والسلام-، "سرية إلى نجد" كان معهم ابن عمر "فخرجت فيها" يعني في هذه السرية "فأصبنا إبلاً وغنماً" يعني غنائم، مما غنموه الإبل والغنم "فبلغت سهماننا" يعني نصيب كل واحد، سهم كل واحد "اثني عشر بعيراً" يعني من هذه الغنيمة "ونفلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعيراً بعيراً" يعني الغنيمة لما قسمت عليهم بعد أخذ الخمس أصاب كل واحد منهم اثنا عشر بعير، لما قدموا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وسلموه الخمس نفلهم، زادهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- كل واحد بعير، يعني تنفيلهم كل واحد بعير يأتي على الخمس كامل وإلا بعض الخمس؟ نعم؟ أو يزيد على الخمس؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . بعض الخمس، يعني لو افترضنا أن هذه السرية مائة شخص، نعم، الغنيمة أربعة الأخماس ألف ومائتين، والخمس كم؟ صارت الأربعة الأخماس ألف ومائتين، والخمس ثلاثمائة، وأعطاهم نفلهم بعيراً بعيراً، يعني مائة بعير بقيت من الخمس مائتا بعير، نعم.

فللإمام أن يزيد الغانمين تشجيعاً لهم، تشجيعاً لهم يزيدهم على ما يستحقونه من الغنيمة، نعم. وعنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين يرفع لكل غادر لواء فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان)). "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين)) " متى؟ طالب:. . . . . . . . . نعم يوم القيامة ((يرفع لكل غادر لواء)) والغدر من صفات إيش؟ المنافقين ((وإذا عاهد غدر)) الغدر شنيع، فإذا ائتمنك خنته أو غدرت به، إذا أمنك تأتيه على غرة وتغدر به، أو تستدرجه فتغدر به، هذا من عمل المنافقين، ومن شأن المسلم أن يكون صادقاً واضحاً لا يخون ولا يغدر، يؤدي الأمانة إلى من ائتمنه، ولا يخن من خانه. قد يقول قائل: إن الغدر حتى في الجهاد محرم، ولذا أدخل المؤلف هذا الحديث في كتاب الجهاد، فماذا عن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الحرب خَدعة))؟ الخاء كيف تضبط؟ خِِدعة وإلا خُدعة؟ طالب:. . . . . . . . . هي مثلثة، والفتح لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في سنن أبي داود. إيش الفرق بين الغدر هذا والخداع والخدعة ((الحرب خَدعَة))؟ طيب التورية، إذا أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- غزو قوم ورّى بغيرها، إذا أراد أن يروح للشمال يروح للجنوب، لكن ما يكذب -عليه الصلاة والسلام-، ولا يخون ولا يغدر، الغدر هذا بعد أن تؤمن الشخص تغدر به، هذا لا شك في تحريمه، أما قبل أن تؤمنه وتأخذه على غرة لا بأس، أغار النبي -عليه الصلاة والسلام- على بني المصطلق وهم غارون، يعني على غرة، أصابهم على غرة، فالغدر غير أخذ الشيء على غرة والخدعة.

((يرفع لكل غادر لواء)) راية، وكان من طريقة العرب ومن شأنهم وديدنهم في الجاهلية أنهم يرفعون الألوية، لواء الوفاء أبيض، ولواء الغدر والخيانة أسود، فهذا يرفع لواؤه لتتجه الأنظار إليه فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان، والناس في القيامة إنما يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم، في قوله -جل وعلا-: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ} بإيش؟ {بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] يعني مقدمهم ومن يتبعونه، إن كان إمام هدى فهم على خير، وإن كان إمام ضلالة فهم على خلافه، وإمام هذه الأمة محمد -عليه الصلاة والسلام- ويدعى تحت لواؤه من اقتدى به، واهتدى بهديه، واستن بسنته. {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [(71) سورة الإسراء] منهم من يقول: إن الإمام هنا جمع أم فيدعى الناس بأمهاتهم ((هذه غدرة فلان بن فلان)) ما قال ابن فلانة، نعم، ابن فلانة، قال: ابن فلان، ومنهم من يقول: الناس يدعون يوم القيامة بإمامهم يعني أمهاتهم، فلان ابن فلانة، هل عرف أن الأم تجمع على إمام؟ لم يعرف، إنما تجمع على أمات وأمهات، طيب، ما الذي دعا من يقول: بأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم إلى أن يقولوا هذا الكلام؟ يقولون: تشريفاً لعيسى بن مريم؛ لأنه يدعى بأمه، يقال: عيسى بن مريم، وأيضاً تشريفاً للحسن والحسين، حينما يقال: الحسن بن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو الحسين بن فاطمة، عندهم أنه أقوى من أن يقال: الحسن بن علي؛ لشرف الانتساب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا جاء في الحديث الصحيح: خرج النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو حامل أمامة بنت زينب، وهي بنت أبي العاص بن الربيع، فشرف الانتساب إليه -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه مقدم.

وقالوا: من العلل والحكم الستر على أولاد الزنا، فإذا قيل: فلان بن فلان، فلان بن فلان، فلان بن فلان، ثم قيل: فلان بن فلانة؛ لأن ولد الزنا ينسب لأمه، افتضح، فمن باب الستر على ولد الزنا، ومن باب تشريف من ذكر من عيسى والحسن والحسين، نعم يدعون بإمامهم، لكن هذا القول ضعيف، ضعيف جداً، فما في أحد يبي يتشرف بالانتساب إلى أمه مهما كانت أمه، إذا قيل: فلان ولد فلانة خلاص معناه عيب له، وشين له، وتنقص له بين الناس، فيدعى بأحب الأسماء إليه، لكن إذا تعذر لم يكن له أب حقيقة أو حكماً، حقيقة كعيسى، أو حكماً كأولاد الزنا، يدعى بما يعرف به. فعلى كل حال ليس في هذا مستمسك لمن يقول: الناس يدعون بأمهاتهم، نعم. وعنه أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي -صلى الله عليه وسلم- مقتولة، فأنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل النساء والصبيان.

"وعنه" يعني عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- "أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي -صلى الله عليه وسلم- مقتولة، فأنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- قتل النساء والصبيان" وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ما كانت هذه لتقاتل)) ونهى عن قتل النساء والذرية، ونهي عن قتل الشيخ الفاني، والكبار الذين لا مشاركة لهم في القتال، فالنهي عن قتل النساء والذرية ثابت، لا يجوز بحال قتل النساء نساء الكفار ولا ذراريهم إلا إذا تترس بهم الكفار، إذا تترسوا بهم فإن هذا مما لا يتم الواجب إلا به، لكن إذا انحاز الكفار الرجال المقاتلون على جهة وغيرهم على جهة لا يجوز قتلهم، والدين دين عدل وإنصاف، فالذي لا يقاتِل لا يقاتَل، فعندنا النهي عن قتل النساء، وهنا أنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- قتل النساء والصبيان، وعندنا حديث: ((من بدل دينه فاقتلوه)) فماذا عن المرأة إذا ارتدت تقتل وإلا ما تقتل؟ تقتل؟ النبي نهى عن قتلها؟ أنكر النبي -عليه الصلاة والسلام- قتل النساء؟ نعم؟ إذا ارتدت تقتل وإلا ما تقتل؟ يكون حديث: ((من بدل دينه)) خاص وهذا عام أو العكس؟ عموم وخصوص وجهي، النهي عن قتل النساء هذا عام في المرتدات والأصليات، لكنه خاص بالنساء، النهي عن القتل خاص بالنساء، لكنه عام في المرتدات والأصليات، و ((من بدل دينه فاقتلوه)) عام في الرجال والنساء، لكنه خاص بالمرتدين، هناك عموم وخصوص وجهي، يعني إذا قلت: نقتل المرتدة قال لك الحنفي: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتل النساء، وإذا قلت: لا نقتل المرتدة، قال لك غيره: ((من بدل دينه فاقتلوه)) كلهم كلامهم صحيح، هذا عموم وخصوص وجهي، وعرفنا وجه العموم والخصوص فكيف العمل؟ يعني نحتاج إلى مرجح خارجي. ((من بدل دينه فاقتلوه)) هل يمكن أن يوجد مخصص لهذا العموم؟ يعني مرتد ما يقتل؟ وجد وإلا ما وجد؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . .

نعم ما وجد إلا محل النزاع اللي هو إيش؟ قتل المرأة، محل النزاع ما يدخل في التخصيص وإلا يلزم عليه الدور، ما يدخل في التخصيص محل النزاع، فعموم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) محفوظ، فهو فيه قوة بينما عموم النهي عن قتل النساء مخصوص بمخصصات كثيرة، يعني مقتضى النهي عن قتل النساء إذا قلنا بعمومه قلنا: إن المرأة إذا قتلت ما تقتل، وإذا زنت وهي محصنة ما ترجم، لكن إذا قتلت المرأة تقتل وإلا ما تقتل؟ تقتل، وإذا زنت وهي محصنة ترجم، إذاً عموم النهي عن قتل النساء مخصوص، والعموم إذا دخله الخصوص ضعف، فيبقى عموم النهي عن قتل النساء ضعيف بالنسبة لعموم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) فيقدم عليه، فتقتل المرأة إذا ارتدت، وتقتل إذا زنت وهي محصنة بالرجم، وتقتل إذا قتلت قتل عمد، فيرجح قول الجمهور في هذا. الرواية التي تقول: ((ما كانت هذه لتقاتل)) يعني لو قاتلت المرأة؟ امرأة كافرة قاتلت مع الكفار؟ مفهوم هذه الرواية أنها تقتل، النهي عن قتل الشيوخ والكبار لما كان دريد بن الصمة له دور ورأي في القتال قتل، نعم، فمن كان يشارك في القتال يعامل معاملة المقاتلين فيقتل، نعم. عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكيا القمل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة لهما، فرخص لهما في قميص الحرير، ورأيته عليهما. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكيا القمل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة لهما، فرخص لهما في قميص الحرير، فرأيته عليهما" القمل، في بعض الروايات شكيا الحكة، والحكة ناشئة عن وجود القمل، فأحياناً يضاف السبب أو الحكم إلى سببه، وأحياناً إلى سبب سببه، السبب الحكة، وسبب السبب وجود القمل، فلا تنافر ولا تناقض، فإذا وجدت الحاجة التي لا ترتفع إلا بلبس الحرير أو استعمال المحرم، إذا وجدت الحاجة التي لا تترفع إلا باستعماله فالحاجة تقدر بقدرها، وتباح مثلها.

النهي عن لبس الحرير ثابت بالنص، فهل يستباح ما ثبت تحريمه بالنص؟ تبيحه الحاجة أو الضرورة؟ نعم؟ دعونا من المنصوص عليه، المنصوص عليه أباحه النص، لكن لو شخص احتاج لبس حرير، احتاج إلى لبس الحرير، نعم، تحريمه من باب الوسائل فيباح للحاجة، فتبيحه الحاجة، لكن القاعدة أن ما حرم بالنص لا يبيحه إلا الضرورة، ما حرم بالإلحاق بالعمومات، بالقواعد، هذا تبيحه الحاجات، ومثل هذا الذي أباحه النص، النبي -عليه الصلاة والسلام- أباح .. ، أحياناً يبيح النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حرم، ما جاء النهي الصريح عنه لما هو أقل من حاجة، نعم، فإباحته تدل على صرف التحريم إلى الكراهة، نعم قد يحتاج الإنسان إلى ما حرم الله عليه، فيحتاج إلى الذهب أحياناً، يحتاج إلى الذهب، يصير في يده كسر، في رجله، في فخذه، في ظهره، فيحتاج إلى أشرطة من ذهب؛ لأن غير الذهب يصدأ، نعم؛ لتربط به هذه الكسور فيباح حينئذٍ؛ لأن هذه ضرورة، وعرفجة لما قطع أنفه وركب له أنف من فضة، وأنتن، ركب له أنف من ذهب، وهذه حاجة ملحة، بل ضرورة، نعم. عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، وكانت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالصاً، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعزل نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله -عز وجل-. يقول المؤلف -رحمة الله عليه-: "عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "كانت أموال بني النضير" بنو النضير من اليهود، هذه الأموال فيء، مما أفاء الله على رسوله، والفيء ما يحصل عليه المسلمون من أموال الكفار بغير قتال "مما أفاء الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب" يعني حصل عليه من غير قتال، أموالهم ونخيلهم ومنازلهم، وكانوا بناحية المدينة، كانوا عاهدوا النبي -عليه الصلاة والسلام- نقضوا العهد، فحاصرهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فنزلوا على الجلاء، وأن لهم ما حملت الظهور، حملت الإبل إلا السلاح، فخرجوا إلى الشام، ونزلت فيهم سورة الحشر.

هذا المال الذي جلوا وتركوه من بيوت، منازل، وأموال، ونخيل، هذه فيء، لا يستحق منها الغزاة شيء؛ لأنهم ما غزو، ما حصل قتال، فجميعها فيء، وكانت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالصاً، لا يشركه فيها أحد، "فكان النبي الله -صلى الله عليه وسلم- يعزل نفقة أهله سنة" يدخل لهم قوت سنة من هذه النخيل ومن هذه الزروع يدخر سنة، ما يكفيهم سنة، "ثم يجعل ما بقي" من قيمة التمر والحبوب وأجور المنازل وغيرها يجعلها "في الكراع والسلاح" يعني يستعين بها على قتال الأعداء، يشتري بها الخيل والإبل، ويشتري بها سلاح "عدة في سبيل الله -عز وجل-" امتثالاً لقول الله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] لا بد من الاستعداد للعدو، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- بعد ما يدخر لأهله نفقة سنة من أموال بني النضير يتخذ الباقي في الكراع والسلاح، يستعد به في سبيل الله -عز وجل- لقتال أعدائه، فالله -جل وعلا- يقول: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] وجاء تفسير الآية بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ألا إن القوة الرمي)) هو يستعد بكراع وسلاح، ويفسر القوة بالرمي، فهل معنى هذا أنه لا يوجد استعداد إلا بالرمي؟ طالب:. . . . . . . . . نعم تفسير العام بفرد من أفراده لا يقتضي التخصيص، تفسير العام بفرد من أفراده لا يقتضي التخصيص، وذكر هذا الخاص أو هذا النوع أو هذا الفرد من أفراد العام إنما هو للعناية به، والاهتمام بشأنه، وإلا القوة تشمل كل ما يستعان به على قتال الأعداء. في الحديث جواز الادخار، وأنه لا ينافي التوكل، بعض الناس يقول: عندك رزق طعام يومك وغداً يأتي به الله، النبي -عليه الصلاة والسلام- أتقى الناس وأخشاهم وأوثقهم بربه يدخر قوت سنة، نفقة أهله سنة، وهو إمام المتوكلين، هذا سبب، بذل سبب من الأسباب، ومزاولة الأسباب لا تنافي التوكل، نعم. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أجرى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما ضمر من الخيل، من الحفياء إلى ثنية الوداع، وأجرى ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، قال ابن عمر: وكنت فيمن أجرى.

قال سفيان: من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، ومن ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ميل. يقول أيضاً المؤلف -رحمة الله عليه-: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أجرى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما ضمر من الخيل" أجرى، أجراها بنفسه أو أمر بإجرائها؟ أمر، فينسب الفعل لمن أمر به، كما تقول: الأمير ضرب زيد، ضربه بيده! أمر بضربه مثلاً، الأمير حفر بئر، حفر بنفسه؟ لا، أمر بحفرها، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بإجرائها، بإجراء ما ضمر من الخيل "من الحفياء إلى ثنية الوداع" ما ضمر، يعني تعلف الخيل علف وفير كافٍ حتى تقوى وتشتد وتسمن، ثم بعد ذلك تضمر، يقطع عنها هذا، وتجلل وتدخل في مكان دافئ بحيث تعرق، ويقلل عليها الطعام، فتكون مضمرة، وهو أسرع وأقوى وأشد لعدوها "من الحفياء إلى ثنية الوداع" وهذا خمسة أميال أو ستة، يعني ما يقرب من عشرة كيلو، وهي تحتمل ذلك ولا يشق عليها ...

كتاب الجهاد (2)

عمدة الأحكام – كتاب الجهاد (2) الشيخ: عبد الكريم الخضير وهي تحتمل ذلك، ولا يشق عليها "وأجرى ما لم يضمر" الخيل التي امتلأت وبطونها مليئة بالأكل والشرب وما أدري إيش؟ التي تتعب من أدنى شيء، هذا مشاهد، يعني الناس يشاهدونه بأنفسهم، الخفيف ما يضره لا مشي ولا جري ولا شيء، والبدين يتعب، نعم وهذا موجود في المخلوقات كلها. "وأجرى ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق" وهذا ميل واحد، يعني أقل من كيلوين، كيلوين إلا ربع "وأجرى ما لم يضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق" وفي هذا جواز إضافة المساجد إلى بعض الناس، المساجد لله، المساجد بيوت الله، لكن يجوز أن تقول: مسجد الشيخ فلان، مثل هنا الشيخ ابن باز، أو مثلاً مسجد آل فلان، نعم، أو مسجد بني فلان، بني زريق، يجوز، والإضافة لأدنى مناسبة، لأدنى مناسبة إما لأنه إمام المسجد يضاف إليه، مؤذن قديم في المسجد يقال: مسجد فلان، نعم، أو عالم يدرس في مسجد يقال: في مسجد فلان؛ لأنه اشتهر بهذا العالم، أو لأنه بناه رجل من المحسنين فينسب إليه إلى غير ذلك، فالإضافة لأدنى مناسبة، وإلا فالأصل أن المساجد بيوت الله. "قال ابن عمر: وكنت فيمن أجرى" ابن عمر حاضر في كل مناسبة فيها خير، ابن عمر عرض نفسه قبل الاحتلام على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليجاهد، فرده النبي -عليه الصلاة والسلام- استصغاراً له، ثم قبله بعد ذلك لما أكمل كما سيأتي، يُبادر، عرض نفسه قبل التكليف، فلما كُلف بادر، في كل غزوة، وفي كل مناسبة، وفي .. ، هو موجود حاضر -رضي الله عنه وأرضاه-.

"وكنت فيمن أجرى، قال سفيان: من الحفياء إلى ثنية الوداع: خمسة أميال أو ستة، ومن ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق: ميل" وجاء السَبَق، السبق يعني إيش؟ ويش هو السبق؟ الجعل الذي يجعل في المسابقة، في السباق، الأجرة، ما هي بأجرة، يعني لمن سبق، ((لا سبق إلا في خف أو نصل)) أو إيش؟ ((أو حافر)) يعني إلا فيما يستعان به على الجهاد، لا يجوز أخذ السبق إلا في هذه الأمور، ومنهم من يلحق العلم باعتباره باب من أبواب الجهاد، فيجعل فيه السبق، وما عدا ذلك يبقى على الأصل على المنع، وابن القيم -رحمه الله تعالى- أطال بحث هذه المسألة في كتابه الفروسية، وهل يلزم من إيجاد محلل طرف ثالث، أو يكون من الطرفين، أو يكون من ولي الأمر، أو ما أشبه ذلك؟ على كل حال يرجع إليه في مكانه، والحاجة داعية إلى مراجعة هذه المسألة؛ لأن المسابقات كثيرة، في أمور الدين، في أمور العلم، في أمور الجهاد، في غيرها، في أمور الدنيا، والجوائز الذي تجعل على بعض الأمور كثير منها لا يدخل في مباح، لكن لا بد من مراجعتها، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال الإمام عبد الغني المقدسي -رحمه الله تعالى- وغفر له ولشيخنا وللحاضرين: وعنه قال: عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني". الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "عرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني" يعني لم يقبلني في المقاتلين؛ لأن الجهاد إنما يطلب له المكلف الذي جرى عليه قلم التكليف، "وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني" أحد سنة كم؟ نعم؟ في الثالثة، والخندق؟ كيف في أحد أربعة عشر وفي الخندق خمسة عشرة؟ إن كان ما بينهما إلا سنة واحدة، نعم؟ أو أربعة عشرة إلا شيء وجبر الكسر، وفي الخندق خمس عشرة وأشهر فألغي الكسر، طريقة عندهم يلغونها، فهذا الحديث يستدل به من يرى أن التكليف إذا لم يحصل بالإنبات والإنزال قبل ذلك أنه يكون بتمام الخامسة عشرة من السن، إذا احتلم الصبي لثلاث عشرة لثنتي عشرة كُلف وجرى عليه قلم التكليف، إذا أنبت لعشر أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة كُلف، لكن إذا لم يحصل له شيء حتى أكمل خمس عشرة سنة يكون مكلفاً استدلالاً بهذا الحديث، وقد عمل به أهل العلم، واعتمده عمر بن عبد العزيز، وعممه على عماله، فالتكليف بالنسبة للرجل يكون بتمام الخمس عشرة على هذا، وبالإنبات -إنبات الشعر الخشن- حول القبل، وأيضاً بالإنزال، بالاحتلام، وتزيد المرأة الحيض، هذه علامات البلوغ عند أهل العلم. ينازع بعضهم في السن فمنهم من يقول: لا يبلغ حتى يستكمل السبع عشرة، ومنهم من يقول: لا يبلغ حتى يكمل الثامنة عشرة، لكن الذي يدل عليه الدليل هذا الحديث، هذا الحديث هو عمدة في هذا الباب، ولذا كان أرجح الأقوال في هذه المسألة أن البلوغ يكون بتمام خمس عشرة، يعني الآثار المترتبة على هذا الخلاف سهلة وإلا صعبة؟ طالب:. . . . . . . . . هاه؟ طالب:. . . . . . . . .

صعبة جداً، يعني فرق بين من يقول: إنه لا يبلغ إلا في الثامنة عشرة، وبين من يقول: إنه لا يبلغ إلا في الخامسة عشرة، يعني خلال الفرق ثلاث سنوات تصرفات هذا .. ، التصرفات في هذه المدة في الفرق بين الخامسة عشرة والثمانية عشرة، يعني عند من يقول: لا يبلغ إلا في الثامنة عشر تصرفات صبي لا يؤاخذ عليها، ولا يقتل إذا قتل؛ لأنه غير مكلف، بينما عند من يقول: إنه يبلغ في الخامسة عشرة الذي يقول: إنه لا يبلغ إلا في الخامسة عشرة يقول: إنه مكلف، شأنه شأن الكبار، من أكمل الخامسة عشرة مثل الأربعين والستين والسبعين لا فرق في المؤاخذة. ومما يرجح القول بأنها خمسة عشرة أن الاحتلام لا يتعدى هذا السن إلا نادراً، لا يتعدى الخمس عشرة إلا نادراً، ولذا جُعلت في الغالب الأعم الأغلب، كما أن أمر الصبي إذا استكمل سبع سنين بالصلاة؛ لأن التمييز لا يتجاوز سبع إلا نادراً، والشرع يضع سن تشمل الجميع، لو علق الأمر بالصلاة على التمييز، أو علق التكليف بالاحتلام فقط، وهذه أمور خفية، تجد صبيان عشر سنين، إحدى عشرة، تسع سنين، يلعبون عند باب المسجد، وإذا قلت لواحد منهم: صل، قال أبوه: والله ما بعد ميز، نعم، وتجد آخر حريص يأتي بالطفل أبو سنتين وثلاث ويؤذي الناس في المسجد ويقول: مميز، من حرصه، وذاك من إهماله، نعم، فلذا جعل الحد للجميع، الذي لا يتعداه إلا القليل النادر، دون تمييز وهو السبع، وقل مثل هذا في الخمس عشرة، لا يتعدى الخمسة عشرة، ولما يحتلم إلا القليل النادر، والقليل النادر لا حكم له، نعم. وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسم في النفل: للفرس سهمين، وللرجل سهماً.

النفل هنا يقول: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسم في النفل" النفل واحد الأنفال "للفرس سهمين، وللرجل سهماً" المراد بالنفل هنا الغنيمة، يعني من الغنيمة عند قسم الغنيمة يقسم للفرس سهمين، وللرجل سهم، فيكون الفارس له ثلاثة أسهم، سهمان لفرسه وسهم له، والراجل ليس له إلا سهم واحد، وقد يقول قائل: كيف تكون بهيمة أفضل من الآدمي؟ يعني المسألة مسألة أثر في الحرب، يعني هل الرجل الذي يمشي على رجليه مثل الذي على فرس؟ يعني أثر هذا مثل أثر هذا؟ لا، أنت تصور المسألة في طالب معه كتاب ويحضر الدرس ويعلق، نعم، وزميله ما معه كتاب، جاء بدون كتاب، وحافظته ما تسعف لأن يحفظ ما يقال، كيف تتصور فائدة الذي أحضر الكتاب وعلق وتابع مع الشيخ، والثاني اللي جاء بس يدلدل يديه ما معه شيء، يعني تصور فائدة هذا ثلث فائدة هذا؟ أقل، أقل بكثير، نعم إن كانت الحافظة تسعف ويحفظ كل ما يقال هذه مسألة ثانية، ولذا الطالب الذي يحضر مجالس العلم دون كتاب ودون عناية كساع إلى الهيجاء بغير سلاح، نعم، لا بد من الاهتمام. فأقول: المسألة مسألة أثر، فتأثير المقاتل الذي على آلة تعينه على الكر والفر، وتعينه على النكاية في الأعداء أفضل بكثير من الراجل الذي هو طعام لسلاح الأعداء في الغالب، فمثل هذا لا يغني مثل ذاك، ويبقى أن الناس يتفاوتون، بعض الناس على فرس، لكن المسألة أحكام غالبة، الشرع إذا أتى بحكم يشمل يمكن يطبق على الناس كلهم، ولا تأتي أحكام تخص فلان وعلان، كل واحد يحتاج إلى نص يخصه لولا هذا، لكن الشريعة تأتي بقواعد عامة تشمل الجميع، وإلا قد يوجد شخص مثل سلمة بن الأكوع ولو بدون فرس، يلحق العدو ويقتل العدو، رجل ما شاء الله عُرف، لكن مثل هذا يخص من الخمس، أما بالنسبة للغنيمة فهي تقسم بين الغانمين على السوية، وكل له أثره وغَناؤه.

"وللرجل سهماً" والحديث مفاده الحث على اكتساب الخيل، واتخاذها للغزو، لما فيها من إعلاء كلمة الله، والنكاية في العدو، ولذا جاء الترغيب فيها، وجاء في الحديث الصحيح: ((أنها لقوم أجر، ولقوم وزر، ولرجل ستر)) له أجر إذا ربطها من أجل الجهاد، مثل هذه كل تصرفات هذه الفرس تشرب الماء وأنت ما أنت بحاضر ولا نويت ولا شيء لك أجر، تأكل طعامها وأنت ما نويت هذا الطعام ولا .. ، نيتك العامة تجعل لك أجر في جميع تصرفات هذه الفرس، أما من يرصدها فخر وخيلاء ونواء للإسلام وأهله هذا عليه وزر -نسأل الله السلامة والعافية- ففي هذا الحث على اتخاذ الخيل، نعم. وعنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش. "وعنه" يعني عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش" تقدم أن هناك سرية خرجت إلى نجد في الحديث السابق، وأصابوا إبلاً وغنماً فبلغت السُهمان ... ، ونفلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، زادهم على ما يستحقونه من الغنيمة، فهذه السرايا التي تبعث قطعة من الجيش تنبعث إلى العدو دون أن ينهض الجيش الذي فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذي فيه الإمام، هؤلاء يستحقون زيادة عن غيرهم ممن لم ينبعث إلى العدو إلا مع الإمام، فهم يستحقون الزيادة بهذا لزيادة عملهم، نعم. وعن أبي موسى عبد الله بن قيس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حمل علينا السلاح فليس منا)). يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي موسى عبد الله بن قيس –الأشعري- رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حمل علينا السلاح فليس منا)) " يعني حمل السلاح لقتال المسلمين موبقة من الموبقات، كبيرة من كبائر الذنوب -نسأل الله السلامة والعافية-، القتل شأنه عظيم، فمن حمل السلاح على المسلمين وراعهم، وسعى في اختلال أمنهم يندرج تحت هذا الحديث ((من حمل علينا السلاح فليس منا)) والخارجون على الإمام لا يخلون من أحوال، فإن كان مع خروجهم على الإمام مصحوب بتكفير للمسلمين، بمجرد ارتكابهم بعض الذنوب والكبائر فهؤلاء خوارج، حكمهم حكم الخوارج، إذا صحب حملهم السلاح ورأوا السيف على المسلمين، وكفروهم بالذنوب هؤلاء هم الخوارج، إن حملوا السلاح على المسلمين، وشقوا عصا الطاعة، وخرجوا على الإمام، ولهم شوكة ومنعة، ولهم تأويل سائغ هؤلاء هم البغاة. هؤلاء إن حملوا السلاح على المسلمين، وخرجوا عن طاعة الإمام، وليست لهم شوكة ولا منعة هؤلاء هم قطاع الطريق، ولكلٍ من هذه الأصناف ما يخصهم من حكم، الخوارج لهم حكم عند أهل العلم، البغاة لهم أحكام، قطاع الطريق لهم أحكام، هذا تفصيل هذه المسألة عند أهل العلم. وإذا تكلم الإنسان يتكلم بدقة، فحكم قطاع الطريق لهم أحكام، ومقاتلة الجميع من هذه الفئات الثلاث واجب، إذا قاتلوا قتالهم واجب، بل من أوجب الواجبات على ولي الأمر، وكف أذاهم عن المسلمين أمر لا بد منه، لكن كل له ما يخصه من حكم، والشرع ما أهمل شيء، ونزل كل تصرف له منزلته في الشريعة، وكل عمل له حكمه في الشرع.

((من حمل علينا السلاح)) يعني من أجل قتالنا ((فليس منا)) أما إذا كان مستحلاً لذلك، مستحلاً لقتال المسلمين وقتلهم هذا على ظاهره، الحديث على ظاهره يخرج عن الإسلام، يكفر بذلك، إذا استحل ذلك كفر؛ لأنه استحل أمراً معلوماً من الدين بالضرورة فيكفر، إذا كان مستحلاً لذلك، استحل قتل المسلمين، والقتل شأنه عظيم، ولذا قرن بالشرك، {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة الفرقان] فالشرك شأنه خطير، من أعظم ما يخل بالأمن الشرك، {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(55) سورة النور] فمن أعظم ما يخل بالأمن الشرك، ثم يليه القتل، {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة الفرقان] جاء في آية النساء: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [(93) سورة النساء] و ((لا يزال المسلم في فسحة من دينه حتى يصيب دماً حراماً)) فالقتل شأنه عظيم، وأمره خطير، والثالث الذي قرن بهذين الأمرين لعظمته أيضاً الزنا، فالزنا شأنه عظيم، {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة الفرقان] كما يجب إنكار الشرك يجب إنكار القتل، يجب إنكار الزنا، يجب تغيير هذا المنكر باليد إن أمكن، وهذا لولي الأمر، إن لم يمكن فباللسان وهذا لمن عرف الحكم من أهل العلم وطلاب العلم، الذي لا يستطيع شيئاً معذور، في القلب، لكن الذي لا ينكر هذه الأمور بالقلب ليس عنده أدنى شيء من إيمان -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم. عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله -عز وجل-؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)). يقول -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل" يعني جنس الرجل الموصوف بما ذُكر، الرجل الذي يقاتل شجاعة، والرجل الذي يقاتل حمية، ويقاتل رياء، وشجاعةً وحميةً ورياءً إعرابها؟ نعم؟ طالب:. . . . . . . . . نعم مفعول له، مفعول لأجله، يقاتل لأجل الشجاعة، ويقاتل لأجل الحمية، ويقاتل لأجل الرياء، أي ذلك في سبيل الله؟ جاءت القاعدة العامة في الجهاد؛ لأن هناك أصناف، يمكن يرد أصناف لم تذكر؛ لأن الأصناف ليست حاصرة، جاءت القاعدة العامة لكي تخرج جميع ما يمكن أن يقال أو ما يمكن أن يقاتل من أجله؛ لأن البواعث على القتال كثيرة جداً، لا يمكن أن تحصر، فجاء الجواب العام الذي يخرج جميع الصور ما عدا الصورة المثبتة ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله -عز وجل-)) ويبقى أن هناك صور من القتال يقتل فيها الإنسان ولا يريد بذلك إعلاء كلمة الله، ومع ذلك تثبت له الشهادة، من قتل دون نفسه، من قتل دون دمه، من قتل دون ماله، من قتل دون عرضه، كل هؤلاء شهداء، لكن الكلام في القتال الذي هو الجهاد، والكتاب كتاب الجهاد، وهذه القاعدة إنما هي في الجهاد، فـ ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)) هذا الذي تثبت له أحكام المجاهد.

"الرجل يقاتل شجاعة" يعني إما ليقال: شجاع، وهذا قد ينتحله من لم يكن شجاع، لكن يتشجع ليقال: شجاع، أو يقاتل من اتصف بالشجاعة ومثل هذا هو شجاع، يذم إذا كان شجاع؟ يقاتل لإعلاء كلمة الله تعالى؛ لتكون كلمة الله هي العليا وهو شجاع، يعني كونه موصوف بالشجاعة يؤثر وإلا ما يؤثر؟ أو هذا مطلوب في القتال؟ هذا مطلوب في القتال، لا لذات الشجاعة، فالشجاعة مطلوبة، لكن بعض الناس إما يقاتل ليقال: شجاع، سواء اتصف بالوصف أم لا، وإما أن يقاتل والباعث له على القتال الشجاعة فقط، رجل شجاع، متهيئ للقتال باستمرار، يسمع الهيعة، يسمع الصيحة، يسمع الدعوة للجهاد فيخرج من غير قصد؛ لأن من جبل على شيء يصرفه هذا الشيء من غير قصد، من جبل على شيء يصرفه هذا الشيء، فسمع: الجهاد الجهاد، فاخترط سيفه ومشى؛ لأنه شجاع، من غير قصد لإعلاء كلمة الله، هذا يقاتل شجاعة، ومن قاتل ليقال: شجاع هذا أيضاً أحد الثلاثة الذين سبق ذكرهم، الذين هم أول من تسعر بهم النار، فكونه متصف بالشجاعة ويقاتل لإعلاء كلمة الله -جل وعلا- هذا داخل فيمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، بل دخوله أولي؛ لأن هذا وصف مطلوب، إنما الوصف المذموم الذي يقاتل شجاعة إنما أن يكون الباعث له الشجاعة من غير نظر إلى قصد إعلاء كلمة الله، أو ليقال: شجاع وهذا أسوأ.

"ويقاتل حمية" عصبية لجنس أو لعرق أو لمذهب أو .. ، يقاتل حمية، لا يقصد بذلك إعلاء كلمة الله -جل وعلا-، هذا أيضاً مذموم "يقاتل رياءً" وهذا هو المناقض للقاعدة العامة التي أجاب بها النبي -عليه الصلاة والسلام- مناقضة تامة، يقاتل رياء، إنما نهزه وبعثه على القتال مراءاة الناس، ليقال: خرج فلان مجاهداً في سبيل الله، والأمر ليس كذلك، لكن لو خرج للجهاد في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله لتكون كلمة الله هي العليا ثم طرأ عليه الرياء فهذا كغيره من العبادات، إن استرسل معه إلى نهاية العبادة هذا يبطل العبادة، إذا طرأ عليه ثم جاهد نفسه وطرده هذا لا يؤثر، فالذي لا ينهزه إلا الرياء -نسأل الله السلامة والعافية- هذا الشرك الأصغر، وهذا أمر خطير، هذا شرك، لكن إذا خرج للجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله، ثم طرأ عليه هذا الرياء، ثم جاهد نفسه وطرده، هذا لا يؤثر إن شاء الله تعالى، وقلّ أن يسلم منه أحد، أما إذا نهزه الرياء فهذا أمر عظيم خطير، أو طرأ عليه الرياء ثم استمر معه إلى النهاية، فالفضل الذي ورد في النصوص في الكتاب والسنة الدالة على فضل الجهاد إنما هو من تنطبق عليه هذه القاعدة: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)).

يقاتل شجاعة، يقاتل حمية، يقاتل رياء، الذي يقاتل للمغنم، أو يقاتل لأن هذه وظيفته، موظف في الجيش، عسكري في الجيش، جاء القتال فقيل له: هذه وظيفتك اشتغل يا الله، أو قاتل للمغنم، هذا ليس مثل الذي يقاتل رياءً، لا شك أن فيه تشريك، فيه شيء من التشريك تشريك العبادة بغيرها، لكن إذا شرّك الإنسان ما دل الشرع على جواز تشريكه نعم، العمل صحيح وإن نقص أجره كالمغنم، طيب هذا قاتل لينال الشهادة فيدخل الجنة، في آخر سورة الكهف، آخر آية في سورة الكهف، هاه؟ {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [(110) سورة الكهف] قال بعضهم: إن الذي يعمل يصلي ويصوم ويتعبد لله -جل وعلا- رجاء ثواب الجنة أو خوف من النار هذا أشرك؛ لأنه ما عمل لله -جل وعلا- إنما عمل من أجل خلاص نفسه، عمل ليدخل الجنة، عمل لينجو من النار، لكن من الذي أوجد الجنة والنار؟ من الذي مدح الجنة وأثنى على أهل الجنة؟ من الذي ذم النار وذكر شناعة النار وعظم النار؟ هو الله -جل وعلا-، ذكره لهذه الأمور عبث وإلا من أجل أن تدخل في القصد؟ نعم؟ ترون محل دقيق جداً، مثل هذا دقيق جداً، ولا يشرك {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} يعني خالصاً لله -جل وعلا- {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [(110) سورة الكهف] نكرة في سياق النهي فتعم أي شيء، لكن الذي يتعبد من أجل أن يدخل الجنة أو يتعبد لينجو من النار هذا مشرك وإلا لا؟ الله -جل وعلا- الذي مدح الجنة وأهل الجنة، وذكر ما أعده لأهل الجنة، ووصف النار وحذر منها، وذكر ما أعد فيها للعصاة وللمشركين كلامه ليس بعبث، فملاحظة مثل هذا لا يؤثر، ونظير ذلك لو هددك من يملك أو يستطيع أذاك، وبيده سيف خوفُك من السيف أو من الذي يحمل السيف؟ نعم؟ الذي يحمل السيف، فأنت إنما خفت الله -جل وعلا- الذي أوجد هذه النار التي يعذب بها، فخوفك من عذابه خوف منه؛ لأنه يوجد الآن من بعض المتصوفة من يتحدث حول هذه الآية، ويدخل فيها كل شيء، ليتعبد بالمحبة، لا خوف ولا رجاء، وأهل العلم يقررون أن من يتعبد بالمحبة فقط فهو زنديق، يقول: إذا

تعبدت تخوف، أو تعبدت رجاء فأنا أشركت، ولاحظت حض نفسي، ولم أعبد الله خالصاً، أنا عبدته من أجل الجنة أو النار، نقول: لا يا أخي، أنت لا تعبد الجنة ولا تعبد النار، ولا تخاف النار لذاتها، ولا ترجو الجنة لذاتها، إنما ترجو من أعدها، وتخاف من أعدها، فهذه من الدقائق التي ينبغي أن يتنبه لها. ((كلمة الله)) هي لفظ الشهادة التي يدخل بها الناس الإسلام ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) هذه كلمة الله ...

كتاب العتق

بسم الله الرحمن الرحيم شرح: عمدة الأحكام - كتاب العتق الشيخ: عبد الكريم الخضير قال -رحمه الله تعالى-: كتاب العتق عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أعتق شركاً له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق)). العتق: تحرير الرقاب وتخليصها من الرق، والرق يعرفه أهل العلم بأنه: عجز حكمي يقوم بالمرء سببه الكفر، السبب الأصلي الكفر؛ لأن الأرقاء إنما يسترقون في الجهاد في السبي، هذا الأصل ثم يتوالدون، وهو عجز حكمي، من الأرقاء من هو أقوى حقيقة من أكثر الأحرار، لكنه عجز حكمي، تقييد لتصرفات هذا العبد المسترق، وجاء فضل العتق، عتق الرقاب، وتشوف الشرع لعتقها، وجعله كفارة لكثير من المخالفات، كفارة مقدمة في كثير من المخالفات، وجاء الحث عليه {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [(11) سورة البلد] {فَكُّ رَقَبَةٍ} [(13) سورة البلد] يعني عتق ((من أعتق عبداً أعتقه الله به من النار، ومن أعتق امرأتين كانتا فكاكاً له من النار)) وهذا من المواضع التي فيها المرأة على النصف من الرجل، في العتق، عتق امرأتين يعادل عتق رجل واحد؛ لأن المواضع خمسة هذا منها، ومنها الإرث، ومنها الدية، ومنها الشهادة، هاه؟ الإرث، والعتق والدية والشهادة، بقي خامس، كيف العقيقة؟ خمس ((فمن أعتق امرأتين كانتا فكاكاً له من النار)) وجاءت النصوص الكثيرة المتوافرة بفضل العتق وهو تحير الأرقاء، وتخليصهم من الرق، وجاءت نصوص في الكتاب والسنة تدل على فضله.

"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أعتق شركاً له في عبد)) " شخص يملك ربع عبد، ثلث عبد وله فيه شريكان أو ثلاثة " ((فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل)) " يعني هذا العبد له ربعه، والعبد بأربعة آلاف، إن كان عنده ثلاثة آلاف نعم ((فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوم عليه قيمة عدل)) يعني قيمة العبد أربعة آلاف ولك ربعه، وعندك ثلاثة آلاف، عندك مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل، فأعطى الشركاء حصصهم، يعطي الشريك ألف، والثاني ألف والثالث ألف، وعتق عليه العبد، هذا إذا كان له مال، لماذا؟ لأن الشرع يتشوف إلى الحرية التامة، إلى تحرير الأرقاء؛ لأن كونه مبعض لا يزال عبد ليس بحر، تصرفاته محدودة، ومشغول بخدمة أسياده، وقد جاء ما يدل على فضل الرق، يعني كون الإنسان رقيق، العبد المملوك له أجران، إذا وفى حقوق الله -جل وعلا-، وحقوق سيده، في الحديث الصحيح: "لولا الجهاد -وبر أمي- لأحببت أن أموت وأنا مملوك" لكن هذا قرر أهل العلم أنه مدرج من كلام أبي هريرة، على كل حال الشرع لا يظلم فكون الإنسان حر لا شك أن هذا أكمل في الميزان الشرعي، والعبودية نقص، لكن في مقابل هذا النقص شرع في الشرع أمور، كما أن الذكورة كمال والأنوثة نقص، وشرع في الشريعة جاء في شريعتنا -ولله الحمد المبنية على العدل والإنصاف- ما يسد هذا النقص، فكون المملوك له أجران هذا إهدار لهذا الشخص الذي حكم عليه من غير يد منه ولا قدره له على التحرير، كونه يجب له النفقة على سيده، والمرأة تجب عليها النفقة على زوجها أيضاً هذا من عدل الإسلام، يعني تصور لو كان مملوك ونفقة سيده عليه، ونفقة أولاد سيده عليه هذا ظلم، ما يأتي الشرع بمثل هذا، ولا يجوز أن يكلف العبد ما لا يطيق، ولا يجوز أن يهان، ولا أن يضرب، ولا أن يعير، نعم إذا أخطأ نعم، وجاء في الزانية الأمة إذا زنت ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها)) خفف عنها حتى الحد، عليها نصف حد، لماذا؟ في مقابل ما هي فيه من امتهان من قبل أسيادها، فهذا تخفيف من الشارع عليها ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد

ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليبعها ولو بظفير)) فالشارع يعني وضع هناك أمور تقابل هذا النقص، لا شك أن الرجل في الجملة أكمل، مع أنه يوجد في النساء من هي خير من كثير من الرجال، لكن المسألة تفضيل إجمالي، كما أنه يوجد في العبيد من هو أفضل من ألف من سيده في الميزان الشرعي، ومع ذلك الشرع لم يهمل حقوق الأرقاء، ولو نظر إلى المسألة بعين البصيرة لوجدنا الفرق ليس بكبير بين السيد وعبده؛ لأن الكل عبيد لله -جل وعلا-، إذا كان لا يجوز له أن يضرب العبد إلا إذا أخطأ، لا يجوز له أن يجرؤ عليه بقطع شيء من أعضائه، لا يجوز له أن يتصرف فيه إلا ضوء التصرف .. ، ومع ذلك يطعمه مما يطعم، ويكسوه مما يلبس، محل عناية واحترام، لكن وجود مثل هذا التفاوت ليتم عمار الكون، ليتم عمارة الأرض التي استعمرنا الله فيها، فلولا هذا التفاوت، لو كان الناس كلهم طبقة واحدة، كل واحد ممن على وجه الأرض يملك مليون، ما في فقير ولا غني، كلهم يملكون مبلغ واحد، وكلهم طولهم واحد، ولونهم واحد، ومحبتهم لطعام واحد، وشراب واحد، وما يريدون من أوصاف النساء واحد، بل النساء وصفهن واحد، يمكن يتم العمار، عمارة الكون تتم بهذا؟ ما يمكن، ولذلك العوام يقولون: لولا اختلاف الأنظار بارت السلع، صحيح، يعني لو أن الناس كلهم محتاجين إلى نوع واحد من الطعام، كلهم ما يأكلون إلا هذا النوع بقية السلع تجلس، وهذه يصير عليها قتال، يعني لو تأمل الإنسان بدقة وجود هذه الفروق، يعني تصور مثلاً أنتم بالطائف الجو عندكم جميل هذه الأيام، تصور ناس في بلد من البلدان الحرارة خمسين، والرطوبة ما أدري إيش؟ حياة يمكن يتمنى الإنسان يخرج منها، لو كل الناس اجتمعوا على هذا البراد تقاتلوا، لكن عمارة الأرض، البلد الفلاني ذاك اللي عنده الرطوبة والحرارة، قرف يعني عندهم، ومع ذلك ما يبيع ولا يشري ببلده، الله -جل وعلا- رغبه في هذه البقعة لئلا يتقاتل الناس، يعني لو تصور الإنسان تفرق الصحابة وهم الصحابة في الأمصار مع علمهم يقيناً أن الصلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة، كان الصحابة كلهم في مكة أو في المدينة على أقل الأحوال تركت البلدان الأخرى، تتم عمارة الأرض بمثل هذا؟ ما تتم، فتفاوت

الموجود حكمة إلهية من أجل التكامل، والسعي لإلغاء ما شرعه الله -جل وعلا- معارضة لهذه الحكمة، والطعن في التشريع أيضاً إلحاد، نصوص صحيحة صريحة قطعية تبين أن جنس الرجل أفضل في الجملة من جنس المرأة {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [(36) سورة آل عمران] {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] نصوص قطعية ما لأحد كلام، لكن يبقى أن كل إنسان وعمله، امرأة اجتهدت أكثر من رجل هي أفضل من الرجل، يعني حققت العبودية أكثر من تحقيق هذا الرجل، هي أفضل منه، لكن في الجملة الكمال في الرجال أكثر، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا)) عدد يسير، فالذي له شرك في عبد، يعني ثلث عبد، ربع عبد إذا أعتق إن كان له مال لا شك أنه يلزمه أن يعطي. . . . . . . . . ليس من تحقيقه، هذا تشوف، هذا بين المسلمين الذين يتدينون بالأوامر والنواهي، فهم المأمورون بالعتق، ويبقى أن الأصل مشروع، الرق موجود، وحكمه شرعي، ترتبت عليه أحكام، وبعض الناس يقول: لا داعي نقرأ كتاب العتق، لماذا؟ لأنه لا يوجد أرقاء الآن، فلا داعي لنقرأ أحكام الرق، نقول: لا يا أخي، إذاً نقول للرجل: ليش تقرأ كتاب الحيض؟ في يوم من الأيام تبي تحيض، لا تقرأ، والمرأة لا تقرأ كتاب الجهاد، لا تقرأ، مش صحيح ((ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) إيش معنى الدين؟ الدين بجميع أبوابه، عن الإيمان والإسلام والإحسان قال: ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) فالدين يشمل جميع الأبواب، ومنها هذا الباب، فالذي لا يتفقه في الدين فقهه ناقص، الذي لا يتفقه في كتاب العتق فقهه ناقص، أنه باب من أبواب الدين، نعم. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أعتق شقصاً من مملوك فعليه خلاصه في ماله، فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل، ثم استسعي غير مشقوق عليه)). استسعي العبد أو ما عندك؟

أن يملك، في من أعتق الشقص وهو يملك قيمة الباقي، الحديث الثاني عن أبي هريرة في من أعتق الشقص النصيب، وهو لا يملك، قلنا في الصورة الأولى: يعتق؟ يعتق، نقول: هل يعتق على الجميع من دون أن يعتقوا؟ لا هذا ظلم لهم، إخراج لملكهم من غير طوعهم ولا اختيارهم، أنت خرجت بطوعك واختيارك كثر خيرك، عندك قيمة الباقي؟ لا والله ما عندي، ما عندي إلا ها الربع، نقول: كثر خيرك، خلاص الباقي على من؟ هل يلزم الثلاثة بأن يعتقوا مجاناً؟ لا، لا يلزموا، فعليه خلاصه كله في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل، هو المملوك السابق أبو أربعة آلاف، يبقى ثلاثة آلاف استسعي العبد، يحصل يومياً يحصل مائة ريال، تحصل مائة ريال تعطي هؤلاء كل واحد ثلاثة وثلاثون يومياً، أو تأخذ ما يكفيك منها، تأخذ عشرة عشرين طعام، وتوزع الباقي على هؤلاء الثلاثة. . . . . . . . . لا بد تحصل خمسمائة؛ لأن المشقة تدعوه إلى أمور ارتكاب مخالفات، يمكن تضطر إلى سرقه، الآن أهل الليموزينات لما يقرر عليهم مبلغ يقال: عليك مائة ريال يومياً يستطيع المائة، لكن لو قيل: عليك. . . . . . . . . يسيء إلى الناس، يعني تصور هذا العبد لا يستطيع أن يكتسب إلا مائة، نقول: هذه مائة، عشرين ثلاثين يكفيك أكل؟ يكفي، سبعين توزع على الثلاثة حتى ينتهي نصيبهم، وهذا معنى ثم استسعي العبد غير مشقوق عليه، نعم. عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: دبر رجل من الأنصار غلاماً له، وفي لفظ: بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً عن دبر لم يكن له مال غيره، فباعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بثمانمائة درهم، ثم أرسل ثمنه إليه. آخر كتاب العمدة في الأحكام. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب بيع المدبر والتدبير: تعليق العتق بالموت، يعني فيه شبه كبير من إيش؟ من الوصية، الوصية التي لا تنفذ إلا بالموت، المدبر إذا قال: إذا مت فهو فلان حر، إذا مت فبكر حر، أو زيد حر، أو بلال حر.

"عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: دبر رجل من الأنصار غلاماً له" يعني إذا مات فهو حر، علق عتقه على وفاته "وفي لفظ: بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً له عن دبر لم يكن له مال غيره" تصور أنه يملك ألف ريال، فأوصى إذا مات هذه الألف تصرف في كذا، يمضي وإلا ما يمضي؟ الوصية لا تزيد على الثلث إلا إذا أجاز الورثة، وهذا لا يملك إلا هذا الغلام فيحرم الورثة من هذه التركة بسبب تصرف .. ، لو أعتقه فوراً في حياته يكون كمن أوقف وقفاً منجزاً، لكن هذه أعتقه عن دبر بموته انتقل المال منه إلى الورثة، ما يملك خلاص، لو أعتقه في مرض موته المخوف، لو أوصى بأكثر من الثلث في مرض موته المخوف ما تنفذ الوصية؛ لأنه المظنون به أنه يقصد بذلك حرمان الورثة، فيعامل بنقيض قصده، فهذا أعتق غلاماً عن دبر لم يكن له مال غيره، والمال بموته ينتقل، ينتقل هذا العبد ينتقل بموته إلى ورثته، فباعه بثمانمائة درهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- باع هذا الغلام بثمانمائة درهم، ثم أرسل بثمنه إليه، أنت ما عندك مال فكيف تفوت هذا المال على نفسك وعلى ورثتك؟ ((إنك إن تدع -كما في حديث سعد- ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)) فالوصية بأكثر من الثلث لا تجوز، هذا ليس له مال ألبتة، ليس له مال غيره، هو محتاج إلى نفقة، وهذا حكم من يخرج من جميع ماله، كما فعل أبو بكر في حياته، شخص يملك مائة ألف وقال: هذه مائة ألف في سبيل الله هو لا يملك غيرها، والناس منازل يتفاوتون ومراتب، من قدر على أن يصنع مثل ما صنع أبو بكر، وعنده من اليقين والتوكل والاعتماد على الله -جل وعلا- مثل ما عند أبي بكر الله يقويه، لكن أنه يبقي شيء من هذا المال يتقوت منه، ولا يتكفف الناس خير له، ومثله لو علق ذلك بموته، فأن يدع ورثته أغنياء خير من أن يدعهم عالة يتكففون الناس، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

§1/1