شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان

أسامة سليمان

شرح صحيح البخاري [1]

سلسلة شرح صحيح البخاري [1] من يسر الشرع أن أجاز للمصلي أن يعمل في صلاته بعض الحركات لصالح الصلاة كالمشي أو التقدم والتأخر أو الإشارة أو مسح الحصى للسجود، ولا تبطل صلاته بذلك، كما أجاز له قطع صلاة النافلة لإجابة نداء الأم؛ وذلك لعظم حقها.

باب من رجع القهقرى في صلاة أو تقدم لأمر نزل به

باب من رجع القهقرى في صلاة أو تقدم لأمر نزل به الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد: قال الإمام البخاري رحمه الله: [باب من رجع القهقرى في صلاته أو تقدم لأمر ينزل به]. البخاري رحمه الله يبين لنا أن العمل في الصلاة يجوز، طالما أنه لصالح الصلاة، ولم يكن كثيراً، وإن كان كثيراً متفرقاً فلا بأس طالما أنه في صالح الصلاة. قال: (حدثنا بشر بن محمد إلى أن قال: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن المسلمين بينا هم في الفجر يوم الإثنين، وأبو بكر رضي الله عنه يصلي بهم، ففجأهم النبي صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجر عائشة رضي الله عنها، فنظر إليهم وهم صفوف فتبسم يضحك؛ فنكص أبو بكر رضي الله عنه على عقبيه، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهمَّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحاً بالنبي صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فأشار بيده: أن أتموا، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر، وتوفي من ذلك اليوم). سبب ذكر البخاري لهذا الحديث: هو لبيان ما صنع الصديق حينما لاحظ بطرف عينه النبي عليه الصلاة والسلام في يوم الإثنين وهم يصلون الفجر. وكان أبو بكر يؤم الصحابة في الصلاة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له أن يصلي بالناس في مرض موته، وقال لـ عائشة: (مروا أبا بكر فليصل بالناس). قال علي بن أبي طالب على المنبر: (هذا رجل ارتضاه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا؛ فارتضيناه لدنيانا)، وهذا رد على الرافضة -عليهم من الله ما يستحقون- الذين يسبون الصديق ويقعون فيه، وإني أحذر الشباب الذين يدخلون على شبكات الإنترنت في حوار مع بعض الرافضة أو بعض أهل الكتاب وهم لا يستطيعون الحوار والرد، فيأتون لهم بشبه كثيرة، وهذا أمر خطير؛ لا سيما أن الروافض يملكون من الشبه القوية التي تحتاج إلى أهل علم أثبات، فإن لم تكن من أهل العلم فلا تفتح الباب على نفسك، واترك الأمر لأهل التخصص. فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يستخلفوا أبا بكر في الصلاة في حال مرضه صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك أجمع الصحابة على خلافته بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ظل الصديق رضي الله عنه يصلي بالناس في مرض النبي عليه الصلاة والسلام، فقالت عائشة: (يا رسول الله! مر عمر؛ فإن أبا بكر رجل أسيف لا يملك دمعه إذا قرأ القرآن بكى) أي: هذا دأبه، وهذه صفته، حينما يقرأ القرآن يبكي، وإذا بكى لا يسمع أحد ممن خلفه قراءته. فقال عليه الصلاة والسلام: (يا عائشة! مروا أبا بكر فليصل بالناس؛ إنكن صواحب يوسف). والمعنى: أنها أرادت غير ذلك فهي تعرض بأنه يبكي، ولكن السبب الحقيقي أنها لم ترد لأبيها أن يقوم إماماً بالناس فيموت النبي صلى الله عليه وسلم في إمامته؛ فيربط الناس بين إمامته وبين موت النبي عليه الصلاة والسلام، فأرادت أن ترفع عن أبيها هذا الحرج، فقالت: (مر عمر، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس). فكان الصديق يصلي بهم أياماً متوالية إلى يوم الإثنين، حتى شعر النبي صلى الله عليه وسلم بخفة في جسده فقام ورفع الستار من حجرته؛ لأن حجرات نساء النبي صلى الله عليه وسلم كانت تطل على المسجد رفع صلى الله عليه وسلم ستراً من حجرته وألقى عليهم نظرة الوداع وهم يصلون في صفوف فتبسم ضاحكاً، كان جل ضحك النبي صلى الله عليه وسلم تبسماً، كما قالت عائشة رضي الله عنها: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى لهواته، إنما كان يتبسم)، والمعنى: أنه ما كان يضحك ويفتح فاه حتى ترى مؤخرة فمه، وإنما كان ضحكه تبسماًَ صلى الله عليه وسلم. وربما قيل عنه: (فضحك حتى بدت نواجذه). كيف نجمع بين ضحكه حتى تبدو نواجذه، وبين أنه لم يضحك مستجمعاً؟ نجمع بين ذلك بالقول: بأن أكثر الأحوال لضحكه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتبسم حتى ترى نواجذه، ولا يقهقه. وقد رأى السلف أحد الناس يقهقه، فقال له: علام تقهقه؟ أعلمت موقعك من الجنة أو النار؟ وقد جاء في ترجمة ربعي بن حراش رضي الله عنه أنه أقسم ألا يستجمع ضاحكاً إلا بعد أن يرى مقعده إلى جنة أم إلى نار. يقول أخوه: فلما جاءه الموت ما زال مبتسماً حتى واريناه التراب. وكما يقال: من ضحك هنا كثيراً بكى هناك كثيراً، فكثرة الضحك تميت القلب. ونحن نقول: مسرحية فيها ألف ضحكة. أي: تضحك حتى تستلقي على قفاك، يتنافسون بكثرة الضحك، والمسرحيات التي تجذب الناس بكثرة الضحك،

باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة

باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة قال البخاري رحمه الله: [كتاب العمل في الصلاة: باب: إذا دعت الأم ولدها في الصلاة]. المسألة: أنت تصلي وأمك تناديك! ماذا تصنع؟ إن كان فرضاً فلا يجوز أن تخرج من الصلاة، وهذا رأي جمهور العلماء. أما إن كانت نافلة فالأمر يختلف، فهل تستجيب لقولها أم تستمر في صلاتك؟ هذا هو الذي لم يجزم به البخاري للخلاف الذي بين أهل العلم فيه؛ لأن البخاري إذا حكم حكماً فقهياً يأتي به في عنوان الباب، وإذا لم يجزم بالحكم يترك المسألة دون حكم، كما في هذا الباب، ولو كان البخاري رحمه الله يرى حكماً كالاستحباب لقال: باب استحباب الخروج من الصلاة إذا دعت الأم ولدها في صلاة النافلة، فيذكر الحكم وهو الاستحباب، لكنه هنا ترك التبويب بدون حكم، وكأن المسألة لم تترجح عنده. قال البخاري: (وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نادت امرأة ابنها وهو في صومعة، قالت: يا جريج! قال: اللهم أمي وصلاتي! قالت: يا جريج! قال: اللهم أمي وصلاتي! قالت: يا جريج! قال: اللهم أمي وصلاتي! فقالت: اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجه الميامس، وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم، فولدت، فقيل لها: ممن هذا الولد؟ قالت: من جريج فنزل جريج من صومعته فقال: أين هذه التي تزعم أن ولدها لي؟ قال: يا بابوس! من أبوك؟ قال: راعي الغنم) والحديث ورد في مسلم أيضاً.

خطر فتنة النساء على المجتمع

خطر فتنة النساء على المجتمع جريج عبد صالح كان يقيم في صومعة له، ويتعبد الله عز وجل، واليهود -كما يعلم الجميع- صناعتهم النفاق، إن أرادوا أن يُضلوا أو يفتكوا بأمة سلطوا عليها النساء، وهذا ما صنعوه بالأمة الإسلامية اليوم، فدور الأزياء العالمية اليوم صناعة يهودية الغانيات والراقصات صناعة يهودية، إذا أرادوا أن يدمروا أمة صدروا لها النساء، (أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء؛ فاتقوا الدنيا واتقوا النساء) كما قال عليه الصلاة والسلام. فاليهود أرادوا أن يوقعوا الفتنة بـ جريج، وهو رجل يتعبد في صومعته، فهم يريدون إشاعة الفتنة والفاحشة، كما في قصة واقعة سوق بني قينقاع، وإن كانت القصة ضعيفة عند بعض العلماء، كما في كتاب (قصص لم تثبت)، إنما نريد أن نأخذ منها الشاهد، فقد حاول اليهود كشف النقاب عن وجه امرأة مسلمة فأبت، فربطوا طرف جلبابها بالآخر، بحيث إذا قامت انكشفت سوءتها، فلما أكملت المرأة حاجتها وقامت انكشفت سوءتها؛ فنادت بأعلى صوتها: وا إسلاماه! وكان بجوارها رجل مؤمن فاندفع للدفاع عن عرض المسلمة، فطعن اليهودي فقتله، فاجتمع عليه اليهود فقتلوه، فوصل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعد جيشاً وأجلاهم بسبب ذلك. فهم إن فعلوا ذلك تصريحاً في هذه الحادثة، فهم يفعلونه الآن في كل برامجهم وفي كل ما يقدمونه للأمة، وكمثال: الدراسة ستبدأ من الغد إن شاء الله تعالى، فمن أراد أن يشاهد عروض الأزياء فليذهب إلى الجامعة، وسيجد آخر الموديلات والصيحات والتبرج والاختلاط والمصائب الكبرى، فإنا لله وإنا إليه راجعون! أقسم لكم بالله أني حينما أدخل جامعة القاهرة أريد أن ألبس شيئاً لا أرى به شيئاً: معانقة وقبلات وأحضان مصيبة، الحياء ذهب إلا من القليل، ولم يعد الأمر فيه تستر، نسأل الله العفو والعافية، فهذا هو التمدن والحضارة والرقي عبارات يرددونها هكذا!!

حكم قطع صلاة النافلة لإجابة الأم

حكم قطع صلاة النافلة لإجابة الأم وفي الحديث: أن أمه أتته فنادته، وكان في صلاة نافلة، فلم يجب عليها في المرات الثلاث، في الأولى قالت: يا جريج! فقال: اللهم أمي أم صلاتي. يعني: أأخرج من الصلاة لأجيب أمي؟ قال بعض الفقهاء: إجابة الأم فرض وصلاة النافلة نافلة؛ فيجب أن يقدم إجابة أمه على الصلاة، وقال بعضهم: كان من الأحوط أن يصلي مسرعاً فُينهي الصلاة ثم يذهب لإجابة أمه؛ لأنها جاءته ثلاث مرات. وهذا يدل على منزلة بر الوالدين. عبد صالح يصلي لربه! لا يفعل موبقاً، سمع نداء أمه مرة وثانية وثالثة فلم يجب؛ فدعت الأم على ولدها، قالت في دعائها: اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجوه الميامس، يعني: ينظر في وجوه الزانيات، وهذه دعوة أم على ولد انشغل بصلاته، ولم ينشغل بمباراة كرة القدم. بعض الأمهات ينادين أولادهن: يا بني! فيقول: انتظري حتى أكمل المباراة. يا بني! فيقول: الوقت الإضافي! فتقول: يا بني! فيقول: ضربات الجزاء. ثم تقول: يا بني! فيقول: إعادة الأهداف.

وجوب الإحسان إلى الأمهات

وجوب الإحسان إلى الأمهات والعجيب الآن أن الأم تُعامل معاملة الأمة المملوكة، فالشاب بعد أن يتزوج لا يريد أن يتعرف على أمه، فإن أراد أن يزورها فلا بد أن يأخذ تصريحاً مكتوباً من الزوجة المحترمة: هل تسمحين لي بزيارة أمي؟ فإن أذنت فالحمد لله، وإن لم تأذن فلا يستطيع أن يخالف كلام سيدته وحاكمته، نسأل الله العافية. (أمك ثم أمك ثم أمك)، معظم المشاكل العائلية تأتي من الزوجة، لماذا؟ تقول لزوجها: أمي أمي! يكفي، فهي تريد أن يتنصل الزوج ويتبرأ منها، وألا يعرف لها طريقاً، ولو أن هذه البنت تربت تربية إسلامية؛ لعلمت أن الأم لها قدر كبير في الشريعة، حتى ولو تجاوزت الحد، فربنا سبحانه يقول: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء:23 - 24]. ستأتيني أصوات نسائية تقول: أعاملها بإحسان وهي تسيء إليَّ تتدخل في شئون بيتي تدفع علي الزوج. أقول: حتى وإن فعلت ذلك: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ} [فصلت:34]، ويستحيل أن يكون بين الأم وولدها عداوة. لو أتيت البيت بكيلوين من التين فأخذت لها نصف كيلو، ثم أعطيتها وقلت لها: يا أمي! تذكرتك بهذا النصف، فلو قالت: أتيتني بنصف فقط، فاصبر على ذلك. وفي المرة الثانية أتيتها وقلت: يا أمي تذكرتك بهدية جيدة وأنا أشتري لأولادي، لا يمكن أن يكون قلبها حجراً، مرة ثم مرة ثم مرة فستدعو لك وسترضى عنك؛ فلا يجوز أبداً يا عبد الله ما نفعله الآن بأمهاتنا.

كرامة الله لجريج بإظهار الحق على لسان الغلام

كرامة الله لجريج بإظهار الحق على لسان الغلام قال: (دعت الأم: اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجوه الميامس)، يعني: الزانيات العاهرات الساقطات. (وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم)، بجوار الصومعة امرأة زانية ترعى الغنم، فزنت مع راعي غنم وحملت منه، ثم اتهمت جريجاً ونسبت ولد الزنا إليه، فقالت: هذا ابن جريج! وجريج لم يخرج من صومعته، فجاء اليهود إليه -في رواية- وحطموا عليه صومعته، اخرج يا زاني! أنت تظهر لنا أنك تصلي، ابن من هذا؟ ابنك من الزنا! فقال جريج: أين هذه التي تزعم أنه ولدي؟! فجاءوا بها، فنظر جريج إلى وجهها، فأيقن أن الله استجاب لدعوة أمه، لكن {مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:2]، فلما نظر إلى وجهها سأل الله عز وجل أن يفرج كربه، فتوجه إلى الغلام الرضيع على صدر أمه الزانية، ثم طعنه وقال له: يا غلام! ابن من أنت؟ فالتفت الغلام من على صدر أمه وقال: أنا ابن راعي الغنم! وهذا من الذين تكلموا في المهد وهم: عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وقيل: وشاهد يوسف. وهذا كلام غير صحيح، فشاهد يوسف لم يكن غلاماً، إنما الثالث غلام الأخدود، وهناك روايات في هؤلاء الذين تكلموا في المهد كثيرة، لكن البخاري أتى بهذا الحديث في كتاب العمل في الصلاة؛ ليبين جواز أن يخرج جريج من صلاة النافلة ليجيب أمه، أو يجيبها بالإشارة أو يسرع في صلاته ويجيبها. وفي المسألة أقوال، والراجح: أنه يجوز في النافلة. ويسميها العلماء: مسألة التزاحم، أي: تزاحم الواجب مع السنة، مثل: امرأة وضعت على النار إناء الطعام وهي تصلي، فاشتعلت النيران في الإناء، هل تخرج من الصلاة أم تكمل الصلاة حتى يحرق البيت؟ هذا من باب التزاحم بين شيء وشيء، فينظر في الأولويات، فهناك شيء لا يؤخر وهناك شيء يؤخر، فهذا يسمى التزاحم عند الفقهاء. يقول ابن حجر في شرح حديث جريج: إن الكلام في شرعهم كان جائزاً -ويقصد الكلام في الصلاة للضرورة- كما كان الكلام جائزاً في أول الأمر عندنا، ثم نسخ بقول الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]. ففي شريعة جريج كان له أن يجيب أمه ثم يستكمل صلاته، أما في شريعتنا فيستطيع أن يجيب عليها بالإشارة.

باب مس الحصى في الصلاة

باب مس الحصى في الصلاة قال: [باب مس الحصى في الصلاة]: (حدثنا أبو نعيم)، شيخ البخاري، وسميناه شيخ البخاري لأن البخاري يقول: حدثنا أبو نعيم، وعدد شيوخ البخاري في كتابه هذا: مائتان وتسعة وثمانون شيخاً. قال: (حدثنا أبو نعيم حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال: حدثني معيقيب (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال: إن كنت فاعلاً فواحدة). والمعنى: إذا كنت تريد أن تسجد وفي مكان سجودك حصى ولا تستطيع أن تسجد عليه، فتزيحه عن مكان السجود وتسوي المكان، ثم تسجد، وهذا عمل؛ ولذلك لما سئل عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، أجاب بالجواز لكن بمرة واحدة، فقال: (باب مسح الحصى في الصلاة)، وهو أيضاً يبين جواز العمل في الصلاة للضرورة.

باب بسط الثوب في الصلاة للسجود

باب بسط الثوب في الصلاة للسجود قال: [باب بسط الثوب في الصلاة للسجود]. فلو أنك صليت على الإسفلت -والإسفلت يحرق في الصيف- فلم تستطع أن تضع جبهتك عليه في السجود، فماذا تصنع؟ تبسط طرف ثيابك وتسجد عليها، ولو كنت تلبس عمامة فلك أن تحلها ثم تبسطها لتسجد عليها وأنت في الصلاة. قال: (حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثنا غالب عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط رداءه فسجد عليه) إذاً كان المكان لا يمكن أن تسجد عليه فماذا تصنع؟ تبسط الثوب. والسؤال الآن: بسط الثوب حركة أم ليست بحركة؟ حركة، وفي هذا بيان لجواز العمل في الصلاة لصالحها.

باب ما يجوز من العمل في الصلاة

باب ما يجوز من العمل في الصلاة قال البخاري رحمه الله: [باب ما يجوز من العمل في الصلاة: حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أمد رجلي في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فإذا سجد غمزني فرفعتها، فإذا قام مددتها)]. يعني: إذا أراد أن يسجد صلى الله عليه وسلم غمزها لتضم قدميها حتى يسجد، فإذا قام إلى الركعة الثانية مدت قدمها، فإذا سجد غمزها، وهذا الغمز عمل أم ليس بعمل؟ تجد الشيعة الروافض -عليهم من الله ما يستحقون- يقولون في مثل هذا الحديث: انظر إلى سوء أدب عائشة؟! تبسط قدميها في قبلة النبي صلى الله عليه وسلم! قلت: يا رجل! اتق الله في نفسك، فهذا من ملاطفة الزوج مع زوجته، وعدم وجود كلفة بين الزوج وزوجته. وغمز الزوجة فيه ملاطفة ومداعبة ورحمة للزوجة، وهذا ليس من سوء الأدب إطلاقاً، بل سوء الأدب عندكم أنتم سوء الأدب في عقولكم أن تطعنوا في زوجة خير البشر صلى الله عليه وسلم. نكتفي بهذا القدر، ونجيب على قدر من التساؤلات إن شاء الله تعالى.

الأسئلة

الأسئلة

الحض على تيسير الزواج

الحض على تيسير الزواج Q هناك بعض التساؤلات الهامة، لا سيما ورقة جاءتني من شاب كريم يقول فيها: أنا شاب قد مَنَّ الله عليَّ بنعمة الهداية، وهذا منذ عام ونصف، ولكن الفتن أثرت فيَّ كثيراً، واجتمعت عليَّ الشهوات؛ فوقعت في الفاحشة عدة مرات، مع أني أطلب الحلال بالزواج، وأدعو الله أن يعفني ويزوجني، وكلما عصيت أتوب وأرجع، فأسألك أن تدعو لي بالثبات، وأن تدعو الله أن ييسر لي الزواج، وألا ييئسني من رحمته، وأسألكم الدعاء؟ A الحقيقة هذا نموذج طيب لشاب نفسه لوامة، لكني أردت أن أقرأ الرسالة؛ لأننا بالفعل في زمن الفتن، فهذا شاب يريد الزواج والالتزام والتوبة إلى الله، لكنه سرعان ما يعود إلى المعصية، فإن تاب عاد. ما السبب في عودته؟ إنه المناخ الذي يحيط به: إعلام فاسد تبرج اختلاط فاحش في الجامعات اختلاط في أماكن العمل. الرجل تاب والتزم، ولكننا لا نقول: إن ساحته براء، ومع هذا لا بد أن نشعر بالشباب، إذ إن مسألة تيسير أمر الزواج مسألة مهمة، فهل هناك من ولي أمر قال لشاب: أنا أزوجك ابنتي على اليسير، لا أريد منك أي شيء، لا سيما أن الجرام الذهب أصبح بخمسة وسبعين جنيهاً، فماذا يصنع الشباب؟! فإلى أولياء الأمور أقول: اتقوا الله في أنفسكم! يسروا على شبابنا الزوا!! فهذا الشاب الذي يريد التوبة ويريد الزواج لا بد أن يعان من المسلمين، وهي أفضل أوجه الزكاة، أفضل -عندي- من بناء المساجد، مساعدة أمثال هذا الشاب الذي يريد أن يحصن نفسه بالزواج ولا يجد من يأخذ بيده، فلا ولي أمر يساعده، ولا جمعيات تأخذ بيده لتيسير أمر الزواج. أقول: أسأل الله سبحانه وتعالى لهذا الشاب أن يتوب عليه توبة نصوحاً، وأن يباعده عن الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ييسر له أمر الزواج، وأن يجعل المحسنين أصحاب الأموال ينظرون إلى هذا البند من بنود الزكاة نظرة موضوعية، فربما رجل صاحب مال يأتي بشاب فقير فيزوجه بمبلغ لعله ينفقه في رحلة إلى أوروبا أو إلى أي مكان آخر، كما يعلم جميعنا، والأمر لا يخفى على أحد.

حكم نقل الجنائز من بلد إلى آخر

حكم نقل الجنائز من بلد إلى آخر Q ربما يموت الميت هنا في مصر وهو من بلدة قروية، كالشرقية أو الدقهلية؛ فنضطر إلى نقله، فهل في نقله شيء؟ A العلماء يكرهون نقل الجنائز إلا لضرورة، كأن يصلي عليه أهل بيته وأقرباؤه وعائلته، فهذا لا بأس به.

حكم إجابة الأم في الصلاة

حكم إجابة الأم في الصلاة Q لو أن أمي دعتني وأنا أصلي فهل يجوز لي أن أتكلم بشيء لأعلمها بأني أصلي؟ A يجوز لك أن تسبح، أمك تقول: يا محمد! فتقول: سبحان الله! تخبرها أنك ستأتي إليها، وتجبر خاطرها بعد الصلاة، وتهتم بأمرها، أما ألا يجيب الإنسان نهائياً، ثلاث مرات ولا يلتفت إليها فهذا لا ينبغي، ولكن تفعل في الصلاة ما يفيد الإجابة، وهذا من العمل الجائز في الصلاة للضرورة. مداخلة: في الفرض والسنة؟ الشيخ: لا. الفرض لا.

تفسير قوله تعالى: (فتبارك الله أحسن الخالقين)

تفسير قوله تعالى: (فتبارك الله أحسن الخالقين) Q قال تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14]، ما تفسير هذه الآية؟ هل الخلق ينسب لغير الله؟ A نعم. الخلق يمكن أن ينسب إلى غير الله؛ لأن العلة أن الله هو أحسن الخالقين، مثال ذلك: قولك: أنا الذي خلقت البئر. ما معنى خلقتها؟ فطرتها حفرتها، لكن هل خلقك إيجاد؟ ليس هذا المقصود، فالله عز وجل وحده يخلق من عدم سبحانه وتعالى، فحينما يخلق الناس الآن شيئاً فهم يخلقونه من موجود وليس من عدم، لذلك يقول الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج:73]، كذلك قال عيسى ابن مريم: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [آل عمران:49]، فعيسى قال: إني أخلق، فنسب لنفسه الخلق، لكن هل هو يخلق من لا شيء أم من شيء؟ إنما يخلق من الطين، والذي يخلق من العدم هو الله تعالى وحده: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14]، فلا تلبيس في هذه الآية مطلقاً. وهذا يسمى عند العلماء اشتراك صفة، واشتراك الصفة لا يعني التماثل، فلله يد ولك يد، فهل يد الله كيدك؟ سبحان الله العظيم! هذا اشتراك صفة، والله وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه غفور رحيم، ووصف نفسه بأنه غفور رحيم، ووصف الإنسان بأنه سميع بصير وهو كذلك السميع البصير، {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:2]، فهناك صفات مشتركة، لكن لا يمكن بحال أن نسوي بين صفة الخالق وصفة المخلوق. وأقرِّب لك المعنى فأقول: الباب له يد، والبعير له يد، والإناء له يد، والكوب له يد، وأنت لك يد، فهل هذه الأيادي كلها متشابهة؟ لا. إذاًَ: كلمة اليد تحتمل أكثر من معنى عند الدواب وعند المخلوقات، فلا يعني الاشتراك في اللفظ الاتفاق في الصفة. والحقيقة أني كنت لا أريد أن أجيب على هذا السؤال؛ لأن الكثير يشغلون أنفسهم به، والأولى لهم ترك مثل هذا، ولا سيما طالب العلم؛ فإنه يبدأ بدراسة كتب العلم والأصول، ولا يشغل نفسه بهذه الأشياء.

وجوب الدفاع عن العلماء والدعاة

وجوب الدفاع عن العلماء والدعاة Q ما رأيك في سماع أشرطة سفر الحوالي وسلمان العودة وعائض القرني، فإني سمعت عنهم أنهم يتبعون منهج سيد قطب وحسن البناء؟ نريد جواباً مفيداً في هذا الأمر! A الحقيقة أن الشيخ ابن باز رحمه الله سئل هذا السؤال، وعندي إجابته، قال: سفر وسلمان وعائض يحملون منهج السلف، ولا داعي أبداً للوقوع فيهم. أما أن تحمَّل أقوالهم فوق ما تتحمل فهذا لا يجوز، فهم دعاة إلى الله، والداعية إلى الله يصيب ويخطئ، فإن أصاب فله أجر، وإن أخطأ فهو مجتهد وله أجران. أما ما قلت من أنهم يتبعون منهج سيد قطب فهذا ليس عندي منه علم، هذا افتراء على المشايخ وإفك، وأنا أستطيع أن أجزم أنه إفك. نعم. مداخلة: سمعت شريطاً للشيخ ابن عثيمين يمدح فيه الشيخ سفر الحوالي. الشيخ: عندنا الشيخ الألفي يقول: عندي شريط للشيخ ابن عثيمين أثنى فيه على الشيخ سفر في أكثر من ساعة. عموماً لا نريد أن نصدِّر الفتن من هنا، دع الفتن لأصحابها، دعهم يتفرغون للطعن في العلماء، فنحن ندرس البخاري والعدة، والقرآن والسنة، هذا السؤال كنت لا أريد أن أجيب عليه، فلا نريد أن ننشغل بهذا أبداً، نحن نسمع، فما وافق الكتاب والسنة نقبله، وما عارضهما نرده فقط، معنا الميزان الضابط، لماذا ننشغل بـ: هذا خارجي، وهذا مرجئي، وهذا معتزلي، وهذا سروري؟! هذه مصيبة، هل لدينا وقت لهذا الكلام؟ هذا من الإسراف والترف، وعدم التفرغ للدعوة إلى الله، فالدكتور سفر رجل يدعو إلى الله جزاه الله خيراً، والشيخ عائض يدعو إلى الله جزاه الله خيراً، فهل بلغ لدينا عدد الدعاة مبلغاً لدرجة أن يتفرغ بعضنا لبعض؟! يا عبد الله! هذا إجرام، أقسم بالله إنه إجرام، إن كان مخطئاً فحدثه بينه وبينك، فقدح العالم لا يجوز على مرأى ومسمع من الناس بحجة الجرح والتعديل والكلام في أهل البدع، ونحن لا ندعي العصمة لأحد، فعلاً سيد قطب عنده خلل واضح بيِّن في كتبه، لكن الرجل أفضى إلى ما قدم، أمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وربما أقواله تحتمل، فنحن نبين الخطأ والصواب، ولا نقول بعصمته كما يعظمه أتباعه، كقوله عن موسى عليه السلام: إنه كان عصبي المزاج، لا يملك نفسه، مندفع الثورة يتحدث عن موسى كأنه يتحدث عن صديقه. لا. هذا نبي. أو حينما يقول عن عثمان: إنه حابى المقربين، وبدَّد بيت المال، وقرب المحسوبين. هل يليق هذا الكلام في عثمان؟ نحن لا نقبله، بل نرده من كل وجه، ومن لم يرده ففي قلبه مرض، فلا تعظم الرجال؛ فإن كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم. وحينما يقول الشيخ البناء: عقيدة السلف أسلم، وعقيدة الخلف أعم وأشمل. نقول: قف عند هذا الحد، فعقيدة الخلف المؤولة الأشاعرة المفوضة لا نقبلها بحال؛ لأنها تعارض عقيدة السلف. سيقول قائل ممن يقدسون هؤلاء: لقد وقعت في المحظور فأنت تتكلم في العلماء، فأقول: هل هم معصومون؟ هؤلاء يقدسونهم، أقوال الرجال عندهم قرآن. لا يا عبد الله! ليس هذا ما جاء في السنة، ولا منهج أهل السنة، فمنهج أهل السنة: أن كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، وابن تيمية رد عليه السلف في مسائل، وابن حنبل جانبه الصواب في مسائل ورد عليه أئمة المذاهب، وليس معنى هذا أننا نقلل من شأن العلماء، ولكن حتى تبقى العصمة للأنبياء فقط! وليس معنى ذلك أن تقف وتجرح العلماء أيضاً، فتجريح العلماء لا يجوز، وإنما نقول هذا لبيان الحق الذي لا بد منه، ولكن من دون تجريح، فتقول: قال فلان في كتابه كذا، ولقد جانبه الصواب، والحق كذا للأدلة التالية، ولا داعي للتهم: مرجئي حلولي اتحادي فتوصله إلى الكفر. وقد قرأت ورقة حزنت منها حزناً شديداً، تحمل أسماء العلماء في الساحة المصرية، فلما وصلت إلى اسم شيخنا الشيخ محمد حسين يعقوب فقرأت أول كلمة: الشيخ يعقوب رجل مخرف ضال. فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله. لا يقول هذا الكلام إلا معتوه، سفيه في عقله، يحتاج إلى حجر عليه، فهل هذا كلام يقال في عالم داعية يعمل في حقل الدعوة إلى الله؟ وهذا الكلام يردده شباب الآن، وهذا والله مصيبة كبيرة، أن يقال عن عالم كان سبباً في هداية الكثير بسبب شريطه المعروف: (لماذا لا تصلي؟!) كم صلى بسببه أناس، ولعل الله يغفر له زلاته بسبب هذا الشريط! يا عبد الله! اتق الله في نفسك! واتق الله في طلبتك، وأما أن تخصص يوماً للطعن في العلماء والتجريح فيهم بزعم أن هذا جرح وتعديل، فهذا خبل وجنون.

حكم تأخير صلاة الجمعة

حكم تأخير صلاة الجمعة Q ما حكم الشرع إذا كان يؤذن يوم الجمعة للجمعة الساعة الواحدة، وأنا صليت في مسجد يؤخر الأذان لمدة ساعة ويؤذن الساعة الثانية، فهل يوجد دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا؟ A هذا من مخالفة السنة، أمر ابتدعوه، جواز تأخير أذان الجمعة إلى الساعة الثانية! السنة في الجمعة أن تقدم، والبخاري رحمه الله يرى جواز تقديم الجمعة عن وقت الظهر؛ لحديث جابر بن عبد الله، (وكان صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة بأصحابه ويذهبون إلى السوق ولم تزل الشمس في كبد السماء)، أما أن تؤذن الساعة الثانية، وتخطب ساعة ونصف فستكون الساعة الثالثة والنصف، ثم درس ساعة فتكون الساعة الرابعة والنصف، فيؤذن العصر الساعة الرابعة والنصف، فتكون الجمعة عندنا عصراً. هذا يا عبد الله! من أسباب ما نحن فيه من بلاء كسبته أيدينا، وإلا فشارع مثل هذا يوم الجمعة مغلق بسبب صلاة الجمعة، فأظن أن من سوء الفهم أن أخطب ساعة ونصف الساعة، وأن أعطي درساً ساعة ونصف الساعة، والشارع يقف ثلاث ساعات، والإجابة: أنا حر! هذه دعوة بالقوة ما هكذا كانت دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته يراعي الواقع، يكفي نصف ساعة أو ساعة إلا ربع الساعة، ثم بعد ذلك الصلاة، وإذا كان هناك درس فالأفضل أن يؤخر إلى المغرب، {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10]، هذا من فقه الخطيب والداعية، أن يقصر الخطبة وأن يطيل الصلاة، ساعة إلا ربع لا بأس بها، أما أن يخطب لمدة ساعة ونصف الساعة فأستحلفك بالله! أكثر مستمع كم يستطيع التركيز؟ لمدة نصف ساعة، وبعد هذا لا يمكن التركيز، فخير الكلام ما قلَّ ودلَّ. تقول لأحد المصلين: ماذا قال الشيخ؟ فيقول: لا أدري! يصيح منذ ساعة ونصف ولم ندر ما يقول! هذا هو سبب البلاء الذي نحن فيه يا عبد الله! فلا بد من مراعاة ظروف الواقع، لا بد من مراعاة ظروف المصلين إلخ، فالذي يؤذن الساعة الثانية قل له: أنت مخالف للسنة، وجئت بعمل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم تقديم صلاة الجمعة

حكم تقديم صلاة الجمعة Q ما حكم تقديم الجمعة؟ A يمكن أن تقدم إلى الساعة العاشرة أو الحادية عشر صباحاً، لكن بموافقة ولي الأمر، والإمام الراتب، ليس أنا من يقدمها ولا أنت، حديث جابر بن عبد الله في صحيح مسلم: (كنا نصلي الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ونذهب إلى جمالنا ولم تزل الشمس في كبد السماء)، يعني أن وقت الظهر لم يأت بعد. قال البخاري: (جواز تقديم الجمعة عن وقتها). وأنت تعلم أن الناس مشغولون طيلة أيام الأسبوع، أما في الجمعة فهي إجازة، فيأتون الجمعة للصلاة، فإذا صلى بهم الخطيب من الساعة الثانية عشر إلى الساعة الرابعة فهذا عذاب وسيكون يوم العمل بالنسبة له أرحم من الجمعة. فعندما يطوِّل الخطيب الجمعة يُسب الخطباء ويشتمون بسببه، فلا بد من مراعاة ظروف الناس، وانظر إلى فقه السلف فهو الفصل بيننا، والله تعالى أعلم.

حكم الاختصاء للتفرغ لطلب العلم

حكم الاختصاء للتفرغ لطلب العلم Q أنا طالب علم لم أقع في معصية قط، فهل يجوز لي أن آخذ المواد لقطع رجولتي لمواصلة الدراسة كما ينبغي؟ A ما معنى هذا الكلام؟ هل المقصود أن يختصي؟ (استأذن عثمان بن مظعون النبي صلى الله عليه وسلم في أن يختصي فلم يأذن له). انتبه أن تفكر في أن تختصي لطلب العلم، لا تفعل هذا، البعض يقول: أريد أن أتفرغ لطلب العلم. فأقول: يا عبد الله! لا بد أن تكون متوازناً بين طلب العلم والدنيا، فالجامعة حينما تبدأ يوازن الطالب بين الجامعة وبين أخذ درس أو اثنين بجانبها ويكفي، أو في الجمعة ويكفي، وينظم وقته، لكن بعض الإخوة كان متفوقاً قبل الالتزام، فأول ما يعفي اللحية ويقصر الثوب يضعف مستواه تماماً، ويعيد السنة سنتين أو ثلاثاً، ماذا حصل؟ يقول: أنا متفرغ للعلم، لا. دعك من شماعة العلم، فجدير بك في حال التزامك أن تتقدم، لا تكن نموذجاً سيئاً للإلتزام. يقول الأخ في نفسه: أنا أجلس حتى شروق الشمس وأصلي ركعتين، ولأني سهران طوال الليل أذهب وأنام إلى الساعة الثالثة أو الرابعة، ثم يقابلني والده فيقول لي: يا شيخ! انظر لي حلاً في الولد فلان. فأقول له: ما له؟ فيقول لي: يجلس في المسجد حتى الشروق، ثم يأتي إلى البيت ينام، نريد منه أن يأتي لنا بخبز أو غيره فلا نجد منه شيئاً، يأتي بعد الشروق إلى البيت للنوم إلى الساعة الثالثة بحجة جلوسه إلى الشروق. وهذا سببه انعدام التوازن، مما يسبب سمعة سيئة للإلتزام، والملتزمين والله تعالى أعلم.

نصيحة للتخلص من فتن الجامعات

نصيحة للتخلص من فتن الجامعات Q مع بدء الدراسة ودخول الجامعات وما فيها من تبرج وسفور، ماذا نفعل مع هذه الفتن الحالكة، فإنه لا مكان إلا ويغض فيه البصر؟ A الحقيقة أنا أؤيدك في هذا الكلام، لكن عليك أن تخرج من البيت إلى المحاضرة لوحدك، وبعد المحاضرة لا تقعد في (كافيتريا) ولا تجمعات ولا أسر، بل دعك من هذا كله، واجلس مع نفسك فقط لا غير، فهذا هو الذي أنصحك به أولاً. ثانياً: إن كانت كلية نظرية تناوب أنت وأخوك، فيوم أنت ويوم هو، يسجل لك المحاضرة وتسجل له المحاضرة. أما إن كانت كلية عملية يلزمك فيها الحضور فاذهب ولا حرج، لكن -كما قلت لك- لا تختلط إلا في حدود قليلة، واتق الله ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فأنا أعرف ما ستقول؛ لأني منذ سنة لم أدخل جامعة القاهرة، رغم أنني مسجل هناك، لكن كلما دخلت أشعر بضيق وانقباض؛ لأنك ترى مناظر تتعجب لها، البنات فيها لم يعدن بنات بل ممسوخات، واحدة تجري وراء هذا، والتي تمشي ووسطها كله ظاهر -نسأل الله العافية- والهاتف المحمول في يدها، نصف الدخل القومي صرف فيها، هذا المحمول خدمة أم سلعة؟ خدمة، وهناك نظرية اقتصادية تقول: إذا تحول الدخل إلى خدمات انهار الاقتصاد. وهذا ما نراه اليوم.

حكم تشريك النية في العبادة

حكم تشريك النية في العبادة Q هل يجوز الجمع بين النوايا في صلاة النافلة؟ A نعم، يجوز الجمع بين تحية المسجد والنافلة في حال ضيق الوقت.

حكم إغلاق الهاتف المحمول أثناء الصلاة

حكم إغلاق الهاتف المحمول أثناء الصلاة Q حكم إغلاق الهاتف المحمول أثناء الصلاة؟ A هذا واجب، الذي يتركه مفتوحاً أثناء الصلاة يشوش على إخوانه، فاتق الله في نفسك! نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.

الحكم على حديث: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا)

الحكم على حديث: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا) Q سمعت حديثاً يقول: (كل كبير له احترام ووقار)؟ A لا ليس بحديث، إنما الحديث: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولم يرحم صغيرنا).

الجمع بين منع دعاء الأم على ولدها وقصة دعاء أم جريج عليه

الجمع بين منع دعاء الأم على ولدها وقصة دعاء أم جريج عليه Q كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم)، وقصة أم جريج؟ A الجواب بمنتهى البساطة: هذا شرع من قبلنا، ولا يستدل به على شرعنا.

الحكم على حديث: (من رأيتموه كثير الحلف على المنبر)

الحكم على حديث: (من رأيتموه كثير الحلف على المنبر) Q حال حديث: (من رأيتموه كثير الحلف على المنبر فاعلموا أنه كذاب)؟ A هل هذا حديث؟ هل من أحد يؤلف أحاديث هذه الليلة أم ماذا؟ هذا ليس بحديث، يوجد أحاديث تشعر من ظاهرها أن عليها ظلام، فهذا ليس من كلام النبوة.

حكم الجهاد مع حزب الله الشيعي الرافضي

حكم الجهاد مع حزب الله الشيعي الرافضي Q حزب الله في لبنان من الشيعة؟ وإذا كان كذلك فما حكم من أراد أن يجاهد في سبيل الله معهم؟ A نعم من الشيعة، أما الجهاد معهم فلا يجوز.

حكم الصلاة خلف من يلحن في الفاتحة

حكم الصلاة خلف من يلحن في الفاتحة Q حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في الفاتحة؟ A لو لحن في حرف واحد من حروف الفاتحة بطلت الصلاة. مداخلة: كيف ننبه المصلين إلى هذا، مع العلم أن بعض الإخوة صححها له، وهو مصر؟ الشيخ: إن أصر الإمام على اللحن الجلي في الفاتحة فانصح الناس بعدم الصلاة خلفه، ولا تصل أنت خلفه؛ لأن اللحن الجلي في الفاتحة يبطل الصلاة. صحح له، فإن قال مثلاً: صراط الذين أنعمتُ عليهم، فقل: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:7]، أصرَّ عليه وتابع خطأه بالنصح؛ لأن هذا لحن جلي يفسد الصلاة، ويغير المعنى. مداخلة: إذا أصر يا شيخ! الشيخ: إذا أصر ففارقه. مداخلة: إذا قال: (قير) بدل (غير)؟ الشيخ: صححها له، قل له: تعال أقرأ لك الفاتحة. ولذلك لم يُجز العلماء إمامة الألثغ إلا لمن على شاكلته، بعض الناس يقلب الراء إلى غين، يقول: (الغحمان الغحيم)، وهذا خلق الله عز وجل، لا نهزأ به، وإنما نقول له: صل مأموماً، فالألثغ لا يؤم إلا ألثغاً مثله. مداخلة: حكم نطق (الجيم) قيم؟ الشيخ: لا يصح، ولا يجوز يا شيخ! فهذا لحن جلي في الصلاة يغير المعنى.

حكم مد الرجل باتجاه القبلة

حكم مد الرجل باتجاه القبلة Q حكم الشرع في مد الرجل إلى القبلة؟ A يجوز؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في مد رجليها أمام النبي صلى الله عليه وسلم، (فإذا سجد غمزها). اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا! اللهم استر عوراتنا! وآمن روعاتنا! وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح صحيح البخاري [2]

سلسلة شرح صحيح البخاري [2] مما يجوز للإنسان فعله في صلاته دون أن يبطلها أن يدفع من يمر بين يديه، وكذلك أن ينفخ ويبصق شريطة ألا يكثر منهما حتى لا يفسدان عليه صلاته. ومن صفق أو تكلم بكلام ليس من الصلاة وهو جاهل بالحكم فلا شيء عليه، كما أن من الأمور التي فيها سعة أن يتقدم المصلي أو يتأخر لضرورة نزلت به، وأن يأخذ بخطام ناقته حتى لا تهرب.

باب ما يجوز من العمل في الصلاة

باب ما يجوز من العمل في الصلاة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: يقول البخاري رحمه الله: [باب ما يجوز من العمل في الصلاة]. [حدثنا محمود بن غيلان حدثنا شبابة حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم]. في الحقيقة أن أخاً فاضلاً دفع إلي بالترجمة لرجال السند، وكنت أود أن يكون موجوداً، فأنا أريد ترجمة مختصرة، حتى لا يرهق نفسه ولا نرهق الحضور بقراءة هذه الترجمة، ترجمة يكون فيها: اسم الراوي، ودرجته، جرحه وتعديله، وتاريخ الوفاة. يعني: محمود بن غيلان: شيخ البخاري، من طبقة كبار تبع الأتباع، نسبه إلى العدوي، كنيته: أبو أحمد، بلد الإقامة: بغداد، تاريخ الوفاة: (329هـ)، قال عنه أبو حاتم الرازي والنسائي: ثقة، وابن حبان ذكره في الثقات. هذا هي الترجمة لشيخ البخاري. والحقيقة أن الأخ قام بجهد مشكور جزاه الله خيراً، أسماء الشيوخ، وأسماء التلاميذ لا داعي لها، وإنما الاسم والكنية وتاريخ الوفاة، ودرجة الجرح والتعديل فقط. قال: عن أبي هريرة رضي الله عنه: (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة فقال: إن الشيطان عرض لي) أي: أن الشيطان تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي (فشد علي ليقطع الصلاة) أي: مر بين يديه ليقطع الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام (فأمكنني الله منه فذعته -فذعته: أي فخنقته- ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية المسجد -أي: أن أربطه إليها- حتى تصبحوا فتنظروا إليه، فذكرت قول سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص:35] فرده الله خاسئاً)]. والمعنى: أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان يصلي تعرض له الشيطان، وفي رواية: (تعرض له بشعلة من نار) والبخاري أورد هذا الحديث في كتاب الصلاة في أكثر من باب، منها: باب ربط الأسير بالمسجد. هل يجوز أن تربط الأسير الكافر داخل المسجد؟ نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يربط الشيطان، وربط صلى الله عليه وسلم أسيراً من المشركين اسمه ثمامة بن أثال. فأسلم. وفي الحديث: بيان جواز دخول المشرك المسجد إلا المسجد الحرام؛ لأنه ربط في المسجد النبوي، لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة:28] فلو لم يجز أن يدخل المشرك المسجد لما ربط النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بالسارية. وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم خنق الشيطان، وخنْق الشيطان عمل في الصلاة. وفيه أيضاً: أنه خنقه صلى الله عليه وسلم حتى وجد برد لعابه على يده، كما في رواية أخرى: (حتى وجدت برد لعابه على يدي)، وهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يربطه بالسارية حتى يصبح الناس فينظرون إليه، فتذكر قول سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص:35]. وفي الحديث: عدم جواز تسخير الجن إلا لسليمان عليه السلام؛ لأن البعض يقول: أنا أسخّر الجن في علاج المرضى، أنا أستعين بالجن المسلم، هل هذا يجوز؟ لا. {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص:35]. ولفظ فذعته كقول ربنا عز وجل: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور:13]، ومعنى يُدعّون: يُدفعون، ولذلك هذه الكلمة معناها خنقته.

باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة

باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة قال البخاري رحمه الله: [باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة]. إذا كنت تصلي وتضع خطام الدابة في يدك، وتصلي واضعاً اليمنى على اليسرى وتربط الدابة، ثم انفلتت منك الدابة في اتجاه القبلة، أو رأيت لصاً يأخذ حذاءك، فهل يجوز أن تخرج من الصلاة لتلحق باللص وتأخذ الحذاء؟ أو أخذ ثوبك أو حقيبتك أو مالك؟ هل يجوز اللحوق به وترك الصلاة؟ A نعم يجوز ذلك. قال البخاري رحمه الله: [قال قتادة: إن أخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة]. لأن هذا الثوب فيه ضياع للمال، ولكن إن استطعت أن تمسك به وأنت في اتجاه القبلة مع حركة يسيرة فلا بأس، وبذلك لا تخرج من الصلاة، أما إن انفلت وأدرت ظهرك للقبلة ووليت فلا بد أن تستأنف الصلاة، فالأمر يختلف. وهذا الحديث يدل على جواز العمل في الصلاة، والحفاظ على المال واجب، لكن هب أن حريقاً أو غريقاً بجوار المصلين، فهذا لا يخرج إليه إلا طائفة وهي التي تستطيع، وهذا فرض كفاية. قال البخاري رحمه الله: [حدثنا الأزرق بن قيس قال: كنا بالأهواز -مكان بالعراق- نقاتل الحرورية]. والحرورية هم الخوارج، يسمون بهذا الاسم، وفي كل زمن خوارج، من عقيدتهم: أنهم يكفّرون المسلم بالمعصية، ويحكمون عليه بالخلود في النار، ويستبيحون دماء الموحدين، ويخرجون على ولي الأمر دون مسوغ شرعي، وهذا الخروج لا يجوز بحال، فهؤلاء هم الخوارج. قال: [كنا في قتال مع الخوارج، فبينما أنا على جرف نهر -أي: جانب أو حافة نهر- إذا رجل يصلي، وإذا لجام دابته بيده، فجعلت الدابة تنازعه -أي: تتحرك من بين يديه- وجعل يتبعها] والمعنى: أن الدابة نزعت الخطام من يده وتحركت قليلاً إلى الأمام فتحرك خلفها وهو يصلي، وأخذ الدابة وتقهقر إلى الخلف وأكمل الصلاة، فرآه رجل من الخوارج -والذي فعل ذلك صحابي اسمه أبو برزة الأسلمي - قال: [فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ، فلما انصرف الشيخ قال: إني سمعت قولكم]؛ أي: أن هذا الخارجي جعل يسبه، بل قال: أرأيتم إلى ما يفعل هذا الحمار، وانظر إلى تجرؤ الخوارج على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا دأبهم في كل زمن وفي كل وقت! فقال الصحابي: [إني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وثمانية، وشهدت تيسيره] بدأ الصحابي يذكر مناقبه للخوارج. وفي الحديث جواز ذكر المناقب إن أمنت الفتنة في حال الضرورة، قال: [وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي]. والمعنى: إني تحركت في الصلاة وأنا على علم بفعل النبي عليه الصلاة والسلام، إني كنت أتابع تيسيره، بدلاً من أن أترك الدابة تنطلق وتذهب إلى مكانها فيشق علي متابعة الدابة، فكل ما فعله أبو برزة أنه تحرك إلى الأمام في اتجاه القبلة، أي: أنه لم يتبع الدابة ويخرج من الصلاة ويعطي القبلة ظهره، وهذا يحتاج إلى استئناف الصلاة، إنما الدابة انفلتت يسيراً، وفي هذا جواز التحرك قليلاً في الصلاة، فلما انفلتت منه الدابة تحرك وأخذ بخطامها وعاد إلى مكانه في الصلاة، وهذا يجوز بدون أدنى شك. والعلماء على جواز أن يخرج الإنسان من صلاته لضرورة شرعية كذهاب ثيابه، وكسرقة حذائه، وكأن يرى أمراً لا بد له من أن يتابعه إلى غير ذلك. قال البخاري رحمه الله: [قالت عائشة رضي الله عنها: (خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عليه الصلاة والسلام فقرأ سورة طويلة، ثم ركع فأطال، ثم رفع رأسه، ثم استفتح بسورة أخرى، ثم ركع حتى قضاها وسجد، ثم فعل ذلك في الثانية، ثم قال: إنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى يفرج عنكم)]. وهذه صلاة الكسوف، وبها ركوعان وسجودان، أي أنك تكبّر ثم تقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن، ثم تركع، ثم تعتدل وتقرأ مرة ثانية، ثم تركع ففي كل ركعة ركوعان، وهذه صلاة الكسوف، صلاها النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة يوم أن مات ابنه إبراهيم عليه السلام وفي هذه الصلاة يقول صلى الله عليه وسلم: [(لقد رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدته، حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفاً من الجنة -أي: عنقوداً من عناقيد عنب الجنة- حين رأيتموني جعلت أتقدم، ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً حين رأيتموني تأخرت، ورأيت فيها عمرو بن لحي، وهو الذي سيب السوائب)]. أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الكسوف تأخر حينما رأى جهنم، فإنها قد عُرضت عليه وهو يصلي الصلاة فتأخر، ولما عُرضت عليه الجنة تقدم، وبعض الناس يقول: كيف تُعرض عليه الجنة والنار وهو يصلي؟ نقول: هذه من معجزات الأنبياء، ولا تخضع للقياس العقلي، فعرش بلقيس يأتي من سبأ في أقل من لمح البصر، من يصدّق هذا؟ وعصا موسى يضرب بها البحر فينفلق البحر إلى اثني عشر طريقاً من يصدّق أن البحر ينقسم؟ يمر موس

باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة

باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة قال البخاري رحمه الله: [باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة]. البصاق هو النخام، فهل البصاق والنفخ يبطلان الصلاة؟ مع العلم أن النفخ عند بعض الفقهاء حرفان ألف وفاء، والبصق حرف واحد وهو (خ)، فهل يبطل الصلاة؟ القول الراجح أن المصلي إذا تكلم بحرفين -وهو أقل الكلام- بيّنين واضحين بطلت صلاته، والنفخ والبصق ليسا من أعمال الصلاة. فلو أن رجلاً يصلي وقال: آخ، فهنا تبطل الصلاة. وهنا يقول البخاري: النفخ كالبصق، فطالما جُوّز البصق في الصلاة فيجوز النفخ وهو الراجح؛ لأن النفخ لا يبطل الصلاة كالبصق تماماً؛ لأن النفخ لا يعتبر حرفان إنما هو حرف واحد؛ لأن التأفف كلمة (أف) لا بد لها من فاء مشددة، أما النفخ فليس حرفين إطلاقاً. مثلاً: رجل عنده انفلونزا فأخرج المنديل في الصلاة ثم امتخط أو تنخّم فهل تبطل الصلاة؟ لا تبطل؛ لأنه ما نطق إلا بحرف واحد وهو فاء الفعل. قال البخاري: [ويذكر عن عبد الله بن عمر (نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده في الكسوف)]، ثم جاء بحديث ابن عمر: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على أهل المسجد)]. وفي الحديث: أن الذي تنخم واحد، ولكن لماذا تغيّظ على أهل المسجد؟ في الحديث: جواز إنكار المنكر على الواحد في المجموعة لأجل أن يعلم المجموعة نكارة الفعل، وهذه استنباطات للحديث استنبطها ابن حجر في الفتح. قال: [(رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على أهل المسجد، وقال: إن الله قبل أحدكم، فإذا كان في صلاته فلا يبزقن أو لا يتنخمن، ثم نزل فحتها بيده صلى الله عليه وسلم)]. وفي الحديث: (البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) فإن كان لا بد فاعلاً فليبزق عن يساره، فإذا أراد رجلاً أن يتنخم فليتنخم يساراً، إن كان المسجد تراباً أو حصى، ولكن لا يبزق على السجاد ويستدل بهذا، فهذا لا يجوز بحال. إذاً: النخامة تجوز وأنت في الصلاة، ولكن لا تتنخم تجاه وجهك، وإنما عن يسارك كما قال صلى الله عليه وسلم. ولما رأى صلى الله عليه وسلم هذه النخامة حكها بيده. مداخلة: فإذا كانت النخامة أكثر من مرة، هل تبطل الصلاة؟ الشيخ: لا تبطل حتى وإن كانت عشراً، ولكن يجب أن تكون متفرقة؛ لأن إزالة النخامة لأجل الخشوع في الصلاة، شريطة أن تكون -مثلاً- في الركعة الأولى تزال نخامة والثالثة نخامة، لكن إزالة عشر نخامات في الركعة الأولى فهذا فعل متكرر في الركعة الواحدة وقد يبطلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يصلي على المنبر وهو يعلّم الصحابة الصلاة وقف على المنبر يصلي، وإذا أراد أن يسجد تراجع ونزل عند أول درجة فسجد، فإذا قام إلى الثانية ارتقى المنبر في كل الركعات ينزل ويرتقي. قال ابن حجر: وفي الحديث بيان أن الفعل الكثير في الصلاة لا يبطلها إذا تفرق. أي: في كل ركعة كان يفعل هذا. قال: (إذا كان في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه اليسرى)]. رجل يصلي فرن هاتفه المحمول، فهل يتركه يفسد الصلاة على الناس أم يخرج الجهاز ويغلقه؟ يخرجه ويغلقه، فهذا عمل لصالح الصلاة، وليس ضدها، فكل ما يساعد على خشوع المصلي يجوز أن يعمل لصالح الصلاة، فلو أن رجلاً وقفت على جبهته ذبابة وهو يصلي هل يتركها أم ينتهي منها ويخشع؟ ينتهي ويخشع، فإن عادت أخرى ينتهي ويخشع، وهذا أمر مطلوب وهو لصالح الصلاة. أما بالنسبة للبصاق فالنفخ كالبصاق، طالما جاز البصاق جاز النفخ؛ لأن النفخ كما قال الإمام مالك في المدونة: مكروه، لكنه لا يبطل الصلاة. والنفخ أن ينفخ وهو ساجد أو راكع.

باب من صفق جاهلا من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته

باب من صفق جاهلاً من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته قال البخاري: [باب من صفق جاهلاً من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته]. أي: أنه تكلم جاهلاً بحكم الكلام فصلاته صحيحة، أو فعل فعلاً من الأفعال ليست من الصلاة وهو جاهل فصلاته صحيحة. إذاً: التصفيق في الصلاة للرجال لا يجوز، وإن صفّق وهو جاهل فما حكم صلاته؟ صحيحة؛ لأنه أتى بها وهو جاهل. وكذلك معاوية بن الحكم السلمي حينما قال لمن عطس بجواره: يرحمكم الله. فهذا الكلام يبطل الصلاة، ولكن هل بطلت صلاته؟ لا. لأنه جاهل. وأذكر أن رجلاً من المصريين كلما خرج من الحرم يشتري هدايا للأسرة، فكان يذهب الظهر ويأتي بهدايا، يرجع من الظهر يأتي بهدايا، وكذلك العصر، فكان شغله خلال الأيام العشرة شراء الهدايا، فانشغل بالشراء، فبينما هو في صلاته إذ به يقول: ( XL 50)، فهل تبطل الصلاة؟ لا. لأنه ما تعمد، ولكن انظروا إلى ماذا يصنع الشغل بصاحبه!! وآخر يحكي لي لطيفة: أن رجلاً كان يبيع ويشتري في مزاد علني، فسيطر البيع على ذهنه، فبينما هو إمام وخلفه من يشتري منه، إذ به يقول له: لن أبيع لك. وهو يصلي! سيطر عليه ما في حياته، فالإنسان ينشغل، ولذلك إذا تكلم جهلاً، أو صفّق جهلاً، أو فعل شيئاً يجهل حكمه في الصلاة فصلاته صحيحة. إذاً: من نطق بحرفين عمداً بطلت صلاته، هذا كلام الفقهاء، أما النفخ فقالوا: لا يكون حرفان إلا بفاء مشددة، لكن البخاري رحمه الله قاس النفخ على البصق، أما النخامة فتقول أنت: أخ، ألف وخاء، ولو قلت: أخ بخلاف (خ)، فهذه نخامة، فقاس رحمه الله النفخ على البصق، فبوب هذا الباب، قال: البصق جاز فيجوز النفخ. مداخلة: هل تجوز الصلاة خلف الصوفي؟ الشيخ: الصوفية أنواع، فهناك صوفي من أصحاب الطرق والكبائر، فإذا كان يعتقد أن النافع غير الله، ويطلب المدد من غير الله فلا يصلى خلفه. مداخلة: لو أن رجلاً تكلم بلفظ الجلالة في غير موضعه، فهل تبطل صلاته؟ الشيخ: صلاته صحيحة؛ لأن ذكر لفظ الجلالة لا يبطل الصلاة. مداخلة: ما حكم الكلام لصالح الصلاة؟ الشيخ: الكلام في صالح الصلاة فيه خلاف، فإن كان لصالحها فيجوز، مثل أن يكون إمامه سها وسبّح له الناس، ولم يدرك ما أخطأ فيه، فيجوز لأحدهم أن يقول: نسيت رابعة، أو: قمت إلى خامسة، أو أتيت بسجدة. قال بعضهم: يجوز. وقال بعضهم: لا يجوز، فالتسبيح هو الأصل، وهذا الراجح. قال البخاري [من صفق جاهلاً من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته]. الدليل على هذا: أن الصحابة حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم من قباء صفقوا لـ أبي بكر، فهل أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة أم عذرهم لجهلهم وعدم العلم؟ عذرهم لعدم العلم ثم صحح لهم، فمن صفق خاطئاً لم تفسد صلاته، لكن بإجماع أهل العلم أن القهقهة تبطل. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الضحك يبطل الصلاة؛ لأنه ليس من هيئتها ولا من خشوعها. لكن التبسم لا يبطلها، والقهقهة بصوت مرتفع تبطل الصلاة. أما البكاء فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبكي في صلاته، وكان الصديق يبكي في صلاته، وكان عمر يبكي في صلاته، وابن عباس يبكي في صلاته، وغالب الصحابة كانوا كذلك. لكن ما معنى البكاء؟ أن تنزل الدمعة دون صوت، أو يكون لصدره أزيز كأزيز المرجل، أي: حينما يبكي في الصلاة تسيل الدموع على الخد دون صوت، لا كما يفعل البعض في حال القيام في رمضان، وبعضهم يقول: آه آه، فهذا تأوه، وهذا قد يعرضه للبطلان، أو يبكي بصوت مرتفع، فلابد أن تواري الدمع كما تواري السوءة؛ فإن دمعة العين تدعو للعجب والرياء، وكان سلفنا إذا بكى الواحد منهم لا يشعر به من بجواره. ذُكر عند شيخ الإسلام ابن تيمية أن رجلاً يبكي ويقع في الصلاة من شدة الخوف، فقال: ائتوني به وضعوه على حائط مرتفع، واقرءوا عليه ذات الآيات التي قرئت في الصلاة، فإن وقع فهو صادق. فلما وضعوه على الحائط وقرءوا عليه ذات الآيات ما تحرك ولا وقع وتشبث بالحائط. إذاً: هذا الوقوع كان بإرادته، فهو يريد أن يقول: لو استطعت أن تدفع البكاء وتبكي بدون أن يشعر بك أحد، لكن لنفترض أن رجلاً يغلبه البكاء رغم إرادته، فهذا معذور، إنما الذي يتصنّع البكاء وهو يستطيع أن يكتم البكاء ولكنه يرفع الصوت -كما في بعض المساجد وكأنها مناحة، فكلهم يبكون ولعل صوتاً يأتي من قبل النساء، ثم يقال: هذا خشوع- فهذا يقال له: لا يا عبد الله! هذا ليس خشوعاً، فبكاء النبي صلى الله عليه وسلم دمعة على العين، فابك دون أن يشعر بك من بجوارك، فهذا هو الخشوع في الصلاة فانتبه لهذا! مداخلة: هل التأمين بصوت مرتفع يبطل الصلاة؟ الشيخ: التأمين بصوت مرتفع لا يبطل الصلاة، لكنه مخالف للسنة، السنة أن يؤمن بقدر ما يُسمع نفسه والمأموم.

باب إذا قيل للمصلي تقدم أو انتظر فانتظر فلا بأس

باب إذا قيل للمصلي تقدم أو انتظر فانتظر فلا بأس قال البخاري: [باب إذا قيل للمصلي تقدم أو انتظر فانتظر فلا بأس. حدثنا محمد بن كثير أخبرني سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (كان الناس يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم عاقدو أزرهم من الصغر على رقابهم)]. أي: أن الصحابة كانوا من الزاهدين، فكان الواحد منهم إذا قام من سجوده ربما بدت العورة؛ لأنه لا يملك إلا إزاراً واحداً، فحينما يقوم من السجود ربما لضيق الإزار ولأنه لا يلبس غيره يبدو جزء من فخذه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: [(لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوساً)]. وفي هذا: أن المأموم قد يتخلف عن المأموم الآخر، ففي الصلاة أمرهن صلى الله عليه وسلم بذلك. كن النساء يصلين خلف الرجال، وكان الرجال لا يلبسون إلا الأزر، والإزار ربما عند القيام تظهر منه العورة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بعدم رفع رءوسهن من السجود إلا بعد أن يجلس الرجال جلوساً، وفي هذا سد لباب الفتنة حتى في الصلاة. وهل أمرهن بذلك في الصلاة أم خارج الصلاة؟ لا شك أنه أخبرهن قبل الصلاة؛ لأن الأمر لا يحتمل التأخير، وأنت تصلي فلا مانع أن أقول لك تقدم أو تأخر، أنا منصرف، القطار سيأتي، وإذا قيل للمصلي: تقدم أو انتظر في الصلاة، فهذا أيضاً يجوز للضرورة كما قلت. اللهم ارزقنا علماً نافعاً، ونعوذ بك يا رب من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع!

الأسئلة

الأسئلة

حكم الإتيان بأذكار العطاس ونحوه في الصلاة

حكم الإتيان بأذكار العطاس ونحوه في الصلاة Q هل يجوز في الصلاة عند سماع صوت الحمار أو صوت الديك أو العطاس أن نقول الأدعية الواردة؟ A نعم يجوز ذلك، فإذا عطس في الصلاة فليقل: الحمد لله في سره، لكن لا يشمته من بجواره، وإذا سمع نباح الكلب أو نهيق الحمار يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا سمع صوت الديك يسأل الله من فضله، ثم يكمل، ولا بأس، فإذا عطس -مثلاً- وهو يقرأ الفاتحة يقول: الحمد لله. ثم يكمل ولا بأس بذلك.

حكم دخول المرأة إلى المسجد حاسرة الرأس عارية الساقين

حكم دخول المرأة إلى المسجد حاسرة الرأس عارية الساقين Q هل يجوز لامرأة أن تدخل المسجد مكشوفة الشعر والساق، مسلمة أو غير مسلمة؟ A تدخل المسجد مكشوفة الشعر والساق؟! هذه تدخل المرقص، ماذا أقول؟ يكفي استهزاءً بشرع الله عز وجل، امرأة تدخل المسجد عارية الشعر والساقين؟! لماذا تدخل المسجد؟ للصلاة أم لشيء آخر؟ ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة، وليس معنى ذلك أن نغلظ لها القول، وأن نطردها من المسجد، لا. لكن لا بد أن نلين لها الحديث، وأن نستضيفها، وأنا آسف في كلمة المرقص، وإنما خرجت من انفعال، لكن المفروض أن نقول: مرحباً بأختنا المسلمة، ثم نعطيها عباية تستر العورة، وخماراً تصلي به، ونطيّب لها الكلام؛ لأنها تحتاج إلى رفق، والرفق بالجاهل مهم، والتعليم أهم. لكن أن نجوّز لها الصلاة وهي مكشوفة الشعر والساقين فصلاتها باطلة، والصلاة في البنطال للمرأة تبطل الصلاة؛ لأن من شروط صحة الصلاة: ستر العورة، فإذا لم تستر العورة بطلت صلاتها. وقد يأتي آخر فيقول: الشيخ فلان يقول: نحببهم للصلاة بالبنطلون ثم ندعوهم بعد البنطلون إلى الأفضل! أقول: يا أخي! اتق الله! ما قال بهذا أحد من علماء الأمة، فلا بد أن تعلم أن الصلاة مع كشف العورة تبطل الصلاة، أما التي تدخل متبرجة إلى المسجد، فهذه أختنا في الله نرحب بها وننصحها في رفق، لكن البعض يتأفف ويتضجّر ويستنكر، هذا مطلوب، لكن الموعظة الحسنة أيضاً مطلوبة. مداخلة: وإن كانت جاهلة؟ الشيخ: لا عذر بالجهل، وما هو العذر؟ ألا تعرف أن الصلاة لا تصح بشعر مكشوف؟ تُعلَّم يا أخي، وأنا قلت قبل قليل، نقول لها: مرحباً بالأخت المسلمة وتعلموها برفق، ولا ينبغي أبداً أن نتأفف منها أو نتضجر، وبعض الإخوة يسمعوني خطأ، فلا يجوز أبداً بحال التعنيف لها في القول، ولا أن نتضجر أو أن نتأفف، فمن فعلت ذلك فهي آثمة لأنها كرَّهتها بالمسجد، فالرفق بالجاهل واجب، وإن كانت جاهلة تعلّم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد رفق بالجاهل في أكثر من حديث، فحينما دخل أعرابي وبال في المسجد، هل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بضربه؟ ولو كان مثل هذا في مسجد العزيز بالله ويتبوّل؟! إذا كان رجلاً مجنوناً سب الدين ضُرب بالحذاء، فما بالك إذا دخل أحد الناس الجهلة وبال هنا عند القبلة! لا شك أنه سيُقتل ويُحمل على خشبة الغُسل. وهذا معناه عدم الرفق بالجاهل. فإن كانت جاهلة تُعلّم، ويقال لها: بارك الله فيكِ، جزاكِ الله خيراً على حضورك المسجد، أنت في نعمة والله، ونحن في سعادة بمعرفتك، لكن الصلاة لها شروط، ومن شروطها: ستر العورة، وستر العورة معناه أن تلبسي جلباباً وخماراً. هذا هو الدين، وهذا هو الخلق، يقول تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] صلى الله عليه وسلم. أما إذا كانت غير مسلمة ودخلت المسجد فهذا يحرم، لا يجوز أن تدخل المسجد متبرجة لمشاهدة الآثار والرجال ينظرون إليها في بيت الله، فإذا أرادت أن تدخل المسجد فتلبس الجلباب والخمار قبل أن تدخل. مداخلة: هل يجوز للمرأة أن تدخل دورة المياه؟ الشيخ: يجوز طالما أنها دورة مخصصة للنساء، أما دورة المياه مع الرجال فلا يجوز. مداخلة: وأهل الكتاب يجوز لهم ذلك؟ الشيخ: لا بأس لأهل الكتاب أن يقضوا حاجتهم في دورة المياه في المسجد شريطة أن تدخل ملتزمة بالزي، لا تدخل متبرجة، والنظر إلى المرأة وإلى عورتها حرام، فما بالك إن دخلت متبرجة إلى بيت الله؟ فالحرمة أشد وأشد.

حكم مصافحة النساء الأجنبيات

حكم مصافحة النساء الأجنبيات Q هل مصافحة النساء حرام؟ A حرام، والحرمة ثابتة، قالت هند بنت عتبة: (يا رسول الله صافحنا كما صافحت الرجال. قال: إني لا أصافح النساء -صلى الله عليه وسلم-)، وقد حسّن العلامة الألباني: (لأن يُطعن أحدكم بمخيط في رأسه خير له من أن تمس يده يد امرأة لا تحل له)، فإن كانت النظرة حرام فمن باب أولى المصافحة. هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي آخر ممن يصافح فيقول: أنا أصافح ولكن قلبي أبيض. فنقول له: هذا كلام لا ينبغي أن يقال. مداخلة: وإذا كانت كبيرة في السن؟ الشيخ: وإن كانت كبيرة في السن؛ لأن هذا من باب سد الذريعة. مداخلة: الأخت من الرضاعة هل يجوز مصافحتها؟ الشيخ: نعم؛ لأنه يحرم عليك الزواج منها، فهي كالأخت الشقيقة.

حكم استعمال كلمة (عقد القران) بدلا من (عقد الزواج)

حكم استعمال كلمة (عقد القران) بدلاً من (عقد الزواج) Q هل يجوز إطلاق كلمة (عقد القران) على عقد الزواج؟ A أنا صححت هذا المفهوم قبل ذلك، وقلت: أن كلمة (عقد القران) لا تجوز، إنما الصحيح هو (عقد زواج)، فكلمة (القران) معناها من القرين، والقرين هو الذي يلتصق بقرينه ولا ينفصل عنه أبداً، ومعنى القران عدم مشروعية الطلاق الذي هو الانفصال، أي: أنه إن عقد على المرأة فلا يفارقها أبداً إلا بالموت، وهذه عقيدة أهل الكتاب وليست عقيدتنا، فكلمة (القران) كلمة غير إسلامية، وإنما الصواب (عقد زواج)؛ لأن الزواج فيه {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء:130] فالزواج الإسلامي فيه الطلاق والخلع وأحكام شرعية كثيرة، فلا يجوز أن تقول (عقد القران)، ولكن قل: (عقد الزواج).

صفة تحريك الإصبع في التشهد

صفة تحريك الإصبع في التشهد Q ما صفة تحريك الأصبع في التشهد؟ A الإشارة دون حركة ثابتة، والإشارة بحركة أيضاً ثابتة من طريق زائدة بن قدامة، وقد قال البعض بشذوذها، وقال البعض بإمكانية الجمع، فأنت بالخيار في كلتا الحالتين من أول التشهد إلى آخره.

حكم صلاة المرأة أمام الرجال الأجانب

حكم صلاة المرأة أمام الرجال الأجانب Q ما حكم صلاة المرأة في أحد الأماكن العامة أمام الرجال؟ A يجوز للمرأة أن تصلي، لا بأس بذلك إن لم يكن هناك مكان، شريطة أن تكون مستورة بجلباب وخمار.

حكم نظر المرء إلى عورة نفسه

حكم نظر المرء إلى عورة نفسه Q ما حكم النظر إلى عورة القبل ظناً منه بنزول بول أو مذي؟ A أي أنه ينظر هو إلى عورته؟ لا بأس بذلك أبداً.

حكم الخروج من الصلاة لإجابة الأم ثم البناء على ما سبق

حكم الخروج من الصلاة لإجابة الأم ثم البناء على ما سبق Q هل يجوز الخروج من الصلاة لإجابة أمي ثم أعود للصلاة بدون استئناف لحديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ A لا. كما ذكرنا في حديث جريج.

الحكم على حديث: (إذا رأيتم هوى متبعا)

الحكم على حديث: (إذا رأيتم هوى متبعاً) Q ( إذا رأيتم هوى مطاعاً، وشحاً متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه) هل هذا الحديث صحيح؟ A نعم. هذا الحديث صحيح، وهو حديث {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] قال الصديق: (إنكم تقرءوها فتفهموها على غير المقصود، إنما إذا رأيت هوى مطاعاً، وشحاً متبعاً، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام)، وهذا في آخر الزمان عند ظهور الفتن. مداخلة: ما المقصود بالفتن؟ الشيخ: الفتن المقصود بها هنا آخر الساعة، ولكن ليس معناها ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليس معنى قوله: عليك بخاصة نفسك، أن تترك الناس، وإنما مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وهذا هو مفهوم الكلام؛ لأن البعض يفهم الحديث أن يغلق الباب على نفسه، وينأى بها عند مخالطة الناس، وليس هذا هو المقصود بحال.

حكم من أصاب حدا في بلد لا تقام فيها الحدود

حكم من أصاب حداً في بلد لا تقام فيها الحدود Q إذا فعلت إنسانة حداً من حدود الله، ولكنها في بلد لم تقم فيه الحدود وهي تريد أن تتطهر، فماذا تفعل؟ A لا تفعل شيئاً إلا أن تستر على نفسها، وأن تتوب، وأن تعزم، وأن تقلع، وأن تندم على فعل الكبيرة، والله عز وجل يتوب عليها إن شاء الله تعالى، وليس شرطاً إقامة الحد في بلد لا تقيم الحدود، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة.

حكم التلفظ بلفظ الجلالة في الصلاة في غير موضعه

حكم التلفظ بلفظ الجلالة في الصلاة في غير موضعه Q هل قول المصلي أثناء صلاته: يا رب، أو يا ألله أو يا كريم يجوز عند الركوع أو الرفع منه؟ A يجوز ذلك، ولكن لا داعي للابتداع في دين الله عز وجل، فالصلاة توقيفية، فالتزم بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

حدود نظر المأموم إلى الإمام

حدود نظر المأموم إلى الإمام Q ما حدود نظر المأموم إلى الإمام؟ A ينظر إلى ظهره فقط، ولا ينظر إلى أكثر من ذلك.

هيئة قراءة القرآن

هيئة قراءة القرآن Q هل القراءة في مصحف في المواصلات العامة والإنسان يلبس الحذاء حرام؟ A هذا ليس عليه دليل، بل يجوز أن تقرأ القرآن على هيئتك التي أنت عليها، سواء كنت متكئاً أو مضطجعاً أو نائماً أو على راحلتك أو تلبس الحذاء في المواصلات شريطة أن تكون ملتزماً بالآداب العامة.

حكم الجمع والقصر في الصلاة لمن عزم على السفر ولم يسافر

حكم الجمع والقصر في الصلاة لمن عزم على السفر ولم يسافر مداخلة: أنا مسافر ولكن جاء وقت العصر ولم أصل الظهر ولا العصر قبل أن أسافر، فهل أجمع الظهر والعصر وأقصر؟ الشيخ: في هذه الحالة لا بد أن تتم فتصلي العصر أربع ركعات وليس ركعتين؛ لأن القصر يشترط له أن تكون على متن السفر أو في مكان السفر، أما إذا كنت في محل الإقامة فلا بد أن تتم.

حكم صلاة الجماعة الثانية مع وجود الجماعة الأولى

حكم صلاة الجماعة الثانية مع وجود الجماعة الأولى مداخلة: ما حكم الصلاة في جماعة أخرى مع وجود الجماعة الأولى؟ الشيخ: هل علموا بوجود الجماعة الأولى؟ مداخلة: نعم. الشيخ: إذا علموا فلا يجوز، والجماعة الثانية تبطل.

حكم جماعة التبليغ والتكفير والهجرة

حكم جماعة التبليغ والتكفير والهجرة Q ما رأيك في جماعة التبليغ، وفرقة التكفير والهجرة؟ A التكفير والهجرة رأيي فيها واضح، فهي فرقة ضالة على منهج الخوارج، وهذا كلام لا يحتاج إلى مناقشة، فالتكفير والهجرة جماعة ضالة تكفّر المسلمين بالمعاصي، وتخرج على الناس، وتستبيح الدماء، وهي جماعة لا شك في ضلالها وانحرافها عن منهج السلف. أما جماعة الدعوة والتبليغ فلهم الكثير من الحسنات الطيبة، فلا داعي أبداً أن نثير هذه القلاقل بين إخواننا، ولكن منهج السلف واضح، والله تعالى أعلم.

حكم من أدرك من الجمعة ركعة واحدة

حكم من أدرك من الجمعة ركعة واحدة Q إذا حضرت صلاة الجمعة وأدركت الركعة الثانية فقط، فهل أكمل الصلاة؟ A نعم. إذا أدركت من الجمعة ركعة فقد أدركت الجمعة، فإدراك الجمعة بإدراك ركعة، أما من لم يدرك ركعة فعليه أن يصلي ظهراً، هذا بالإجماع، عدا الأحناف.

حكم تصدق الولد بما يأخذه من أبيه

حكم تصدق الولد بما يأخذه من أبيه Q هل يجوز للطالب الذي ما زال يأخذ مصروفه من والده أن يتصدق بهذا المصروف دون علم لأبيه؟ A نعم يجوز، فأنت حر في هذا المصروف.

هيئة استعمال السواك

هيئة استعمال السواك Q استعمال السواك هل يكون باليد اليسرى أم باليمنى؟ A هناك خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: باليمنى. ومنهم من قال: باليسرى؛ لأنه أذى، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يدفع الأذى إلا باليسرى.

وجوب النية في غسل الجنابة

وجوب النية في غسل الجنابة Q استيقظت من النوم وأنا على جنابة، ثم اغتسلت بنية الاغتسال ليوم الجمعة وأنا غير متذكر؟ A عليك أن تعيد الغسل؛ لأن من شروط الغسل النية، فهو اغتسل للجمعة ولم يتذكر أنه على جنابة، ثم تذكر أنه لم يغتسل للجنابة وإنما اغتسل للجمعة، يعني: نوى أن يغتسل للجمعة لكنه ما نوى رفع الجنابة، فعليه أن يغتسل لأن من شروط الغسل النية. مداخلة: هل يجوز جمع النية؟ الشيخ: يجوز جمع النية. مداخلة: ألا يكفي غسلاً واحداً بدون نية الجمع؟ الشيخ: لا يصح هذا، ولا بد أن يغتسل بنية رفع الجنابة، وعليه أن يعيد الصلوات من تاريخ الجنابة إلى الآن؛ لأن من شروط صحة الغسل نية رفع الجنابة. هب أنني على جنابة ثم اغتسلت ولم أنو الرفع فكأنني لم أرفع، فإن من شروط صحة الغسل: النية وتعميم الجسد بالماء شرطان لصحة الغسل. اللهم ارزقنا علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ونعوذ بك يا رب من علم لا ينفع، ومن عين لا تدمع، ومن دعوة لا يستجاب لها.

شرح صحيح البخاري [3]

سلسلة شرح صحيح البخاري [3] رخص لنا الشارع الحكيم في أمور يسيرة في الصلاة يجوز فعلها للضرورة والحاجة كرد السلام بالإشارة، ورفع اليد بالدعاء أثناء الصلاة، ونهانا عن التخصر فيها، وانشغال الفكر بأمور غيرها؛ حتى نستوعبها كلها، ولا بأس بالفكر اليسير فيها.

باب لا يرد السلام في الصلاة

باب لا يرد السلام في الصلاة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فلا زلنا مع صحيح الإمام البخاري: في كتاب العمل في الصلاة والباب السابع عشر منه. قال البخاري رحمه الله: [باب: لا يرد السلام في الصلاة]. ومقصوده هنا: رد السلام بالقول. أي: لو ألقي عليك السلام وأنت تصلي فلا ينبغي أن ترد السلام لفظاً، وإنما بالإشارة، أو بعد انتهاء الصلاة. هذا رأي جمهور العلماء: أن تؤخر الرد اللفظي إلى ما بعد السلام، أو أن ترد أثناء الصلاة بالإشارة. ولقد دفع لي أخ فاضل تحقيق حديث: الرد بالإشارة يكون هكذا، اليد باطنها إلى أسفل وظاهرها إلى أعلى. قال: [حدثنا عبد الله بن أبي شيبة] وهو شيخ البخاري، وترجمته: عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، من طبقة كبار تبع الأتباع، كنيته: أبو بكر، بلد الإقامة: الكوفة. تاريخ الوفاة: (235هـ). رتبته: ثقة حافظ. قال فيه ابن حنبل: صدوق. وقال يحيى بن معين: صدوق. وقال أبو حاتم الرازي: ثقة. إلى غيرهم من علماء الحديث، وهو شيخ من شيوخ البخاري. قال: [حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله]. إذاً: الحديث ينتهي إلى الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وطبقة الصحابة لا تخضع للجرح ولا التعديل؛ لأن الصحابة كلهم عدول، فلا ينبغي أن تقول: الصحابي ثقة؛ لأنه ثقة سواء قلت أم لم تقل، فطبقة الصحابة لا تخضع لجرح ولا تعديل. قال: [(كنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علي)]، وذلك كان في أول الأمر، يجوز رد السلام في الصلاة لفظاً، بل كان يجوز الكلام لمصلحة الصلاة، كأن يسأل الرجل إخوانه: في أي ركعة أنتم؟ فيقولوا: في الثانية، فيدخل معهم في الصلاة، هذا كان في أول الأمر إلى أن أنزل الله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]، فنهوا عن الكلام في الصلاة إلا بذكر الله عز وجل، وبما هو من أمور الصلاة. عبد الله بن مسعود لما رجع من الحبشة يقول: (فلما رجعنا من الحبشة سلمت عليه -يعني: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي فلم يرد علي، وقال: إن في الصلاة شغلاً)، أي: أنه لم يرد عليه، فعلم ابن مسعود أن الأمر بالكلام قد نسخ. وفي هذا: أن عدم العلم بالأمر المنسوخ يجوِّز العمل به إلى أن تعلم، فالعلم مناط التكليف، فيعذر بعدم العلم، فالصحابة منهم من صلى إلى المسجد الأقصى المغرب والعشاء مع أن القبلة تحولت في صلاة العصر -على قول- لكنه صلى وهو لا يعلم، فهل أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة؟ في هذا يقول الحافظ ابن كثير: فالعلم مناط التكليف، وعدم العلم بالمنسوخ يجوِّز العمل به إلى أن تعلم الناسخ. ثم جاء بالحديث الآخر: [حدثنا أبو معمر]، وأبو معمر أيضاً من شيوخ البخاري، ترجمته: هو عبد الله بن عمرو. الطبقة: من كبار تبع الأتباع. إقامته: البصرة، وهو أيضاً ثقة ثبت، وثقه يحيى بن معين، وبدون أدنى شك فرجال البخاري من الثقات. قال: [حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا كثير عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما]، ولا تقل: جابر بن عبد الله رضي الله عنه، لماذا؟ لأن أباه أيضاً صحابي: عبد الله بن حرام استشهد في غزوة أحد رضي الله عنه، فحينما تقول: جابر بن عبد الله، قل: رضي الله عنهما، تترضى على الصحابي وعلى أبيه. قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له -في أمر له- فانطلقت ثم رجعت وقد قضيتها، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فلم يرد علي -لأنه كان في صلاة- فوقع في قلبي ما الله أعلم به)؛ لأنه ظن أنه لم يرد عليه؛ لأن في نفسه شيئاً من جابر: (فقلت في نفسي: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد علي أني أبطأت عليه، ثم سلمت عليه فلم يرد علي، فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى، ثم سلمت عليه فرد علي)، رد عليه بعد انتهاء الصلاة، فقال: (إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي، وكان على راحلته متوجهاً إلى غير القبلة صلى الله عليه وسلم). وفي الحديث فوائد: الفائدة الأولى: جواز صلاة النافلة على الراحلة. الفائدة الثانية: أن جابراً لم يكن يعلم سنة رد السلام بالإشارة؛ إذ لو كان عنده علم لرد عليه النب

باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به

باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به قال البخاري رحمه الله: [باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به]. والمعنى: أن كل هذا من العمل في الصلاة. وما علاقة الباب السابق بالعمل في الصلاة؟ جواز رد السلام بالإشارة باليد وأنت تصلي، وهذا عمل. قال: [باب: رفع الأيدي في الصلاة؛ لأمر ينزل به]. وهذا رد على من يقول بعدم جواز رفع اليدين عند دعاء القنوت، رفع اليدين في الصلاة هكذا لأمر عارض ينزل بك، بمعنى: أنه ليس موضع دعاء وإنما أمر عرض لك، ربما وأنت تصلي أُخبرت بأن ابنك نجح وحصل على تقدير عالٍ، فماذا تصنع؟ ترفع يديك تحمد الله عز وجل. هل يجوز هذا؟ نعم يجوز، حتى لو لم يكن الموضع موضع رفع لليدين، فيجوز رفع الأيدي في الصلاة لأمر طارئ. قال: [حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز عن أبي حازم عن سهل بن سعد: (بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني عمرو بن عوف بقباء كان بينهم شيء) الحديث، وهو حديث صلاة الصديق لما صفق الصحابة، هذا الحديث في البخاري كرره في كتاب العمل في الصلاة في ثلاثة مواضع، وهي: (باب من صفق جاهلاً بحكم التصفيق) و (باب التسبيح للرجال). ومعرفة تبويب البخاري مهمة لطالب العلم؛ حتى يرد على الإجابات بتبويبه، فمثلاً: ما حكم من صفق في الصلاة جاهلاً؟ سؤال فقهي، A بوّب البخاري في صحيحه في كتاب العمل في الصلاة: باب من صفق جاهلاً من حديث سعد بن سهل. هل يجوز تأخير صلاة العشاء؟ بوّب البخاري في كتاب مواقيت الصلاة: باب تأخير العشاء، ثم أخرج حديث كذا وكذا، هذا التأصيل، عنوان الباب يحسم المسألة. قال: [باب رفع الأيدي في الصلاة: (بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني عمرو بن عوف بقباء كان بينهم شيء -يعني: خلاف- فخرج يصلح بينهم في أناس من أصحابه)]. وفي الحديث: بيان عظم إصلاح ذات البين، فقد ترك إمامة الناس بالصلاة واستخلف الصديق وذهب إلى قباء. وفي الحديث: مسئولية ولي الأمر عن إصلاح ذات البين، ولذلك يقول: (فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم)، يعني: تأخر عند بني عوف في قباء وحانت الصلاة، (فجاء بلالاً إلى أبي بكر رضي الله عنهما فقال: يا أبا بكر! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حبس وقد حانت الصلاة). وفي الحديث: أن للصلاة موعد إقامة، فلو تأخر الإمام الراتب يجوز أن يستخلف من يصلي بالناس. يعني: إمام سيتأخر نصف ساعة أو ساعة إلا ربع الساعة فليس شرطاً أن ننتظر الإمام الراتب ونؤخر الناس طالما أن المسجد يلتزم وقتاً محدداً بين الآذان والإقامة، فإذا تأخر الإمام الراتب عن هذا الوقت فيجوز للمؤذن أن يستخلف غيره. وفي الحديث: وجوب أن يستخلف الإمام الراتب من يؤم الناس في عدم وجوده، فيقول للمؤذن: أنا سأتأخر فإن تأخرت فاجعل فلاناً يصلي، وهذا من تنظيم العمل في المساجد، ويوم أن تكون المساجد على هذا النحو لا تحدث مشكلة؛ لأن الإمام الراتب سيستخلف من هو أهل لذلك. (فقال بلال لـ أبي بكر: هل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئتم)، وفي رواية: (إن شئت)، وفي الأخرى: (إن شاءوا)، والمعنى: أنه لا يؤم الناس إلا برضاهم، لا تدخل هكذا قهراً، وفي الحديث: أن ممن لا ترفع لهم صلاة: (ورجل أَمَّ قوماً وهم له كارهون)، وما أكثر هؤلاء، إمام بالقوة وبالإكراه وهو لا يعرف أن يقرأ الفاتحة، ويلحن لحناً جلياً، ويقول لمن يعارضه: إن شئت صلي وإن شئت فاذهب هذا إمام عنتري يؤم الناس بالقوة!! قال: (فأقام بلال الصلاة وتقدم الصديق فكبر تكبيرة الإحرام، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقاً حتى قام في الصف فأخذ الناس بالتصفيح)، قال سهل: التصفيح: هو التصفيق، قول سهل: التصفيح هو التصفيق هذا يسمى عند علماء الحديث إدراج. والمدرجات في الحديث ما أتت من بعض ألفاظ الرواة اتصلت والإدراج إما أن يكون في أول النص، وإما أن يكون في وسطه، وإما أن يكون في آخره، ومعنى الإدراج: أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام الراوي؛ أراد أن يبين معنى، فإن بين الإدراج فلا شبهة، يعني: قال صلى الله عليه وسلم: (ويل للأعقاب من النار)، هذا هو الحديث، أبو هريرة حينما يروي الحديث فيقول: أسبغوا الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله يقول: (ويل للأعقاب من النار)، (أسبغوا الوضوء) هذا من قول أبي هريرة. إذاً: هذا يسمى إدراج في أول الحديث، فقوله: (أسبغوا الوضوء)، ليس من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما من قول أبي هريرة

باب الخصر في الصلاة

باب الخصر في الصلاة قال البخاري في الباب السابع عشر: [باب الخصر في الصلاة]. أي: وضع اليدين على الخصر، وفيه كبر، وهي وقفة المتكبر. لماذا نهي عن الخصر في الصلاة؟ أقوال: منهم من قال: إن هذه وقفة اليهود، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بهم. ومنهم من قال: لأنها وقفة المتكبرين. ومنهم من قال: لأنها راحة أهل النار. أي: أن أهل النار حينما يستريحون يتخصرون. ومنهم من قال: إن إبليس لما هبط من الجنة إلى الأرض هبط متخصراً. قال: [حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهي عن الخصر في الصلاة)]. (نهي) من صيغ التحريم، والتحريم له صيغ في أصول الفقه: لفظ: (حرمت)، لفظ: (لا يحل) لفظ النهي، والنهي أصله يفيد التحريم إلا إذا صرفه صارف. النهي هنا: (نهي عن الخصر في الصلاة)، ثم جاء بحديث: (نهي أن يصلي الرجل مختصراً)، يعني: واضعاً يده على خاصرته. أراد البخاري رحمه الله بهذا الباب أن يبين ما لا يجوز من العمل في الصلاة، أي: أنه أشار إلى جواز رد السلام ثم أورد باب: النهي عن الخصر في الصلاة؛ ليبين أنه ليست كل الأعمال جائزة في الصلاة. كتاب العمل في الصلاة احتوى على (18) باباً، وكل باب له فقه، وكل باب له أحاديث وفوائد. والحقيقة أن من ليس عنده فتح الباري شرح صحيح البخاري فقد حرم نفسه من علم كثير. دعك من كتب الحواشي والرسائل وتعالى إلى الأمهات! الشوكاني عالم يمني عرف لهذا الكتاب قدره، لما قيل له: اشرح البخاري، قال: لا هجرة بعد الفتح، معرضاً بفتح الباري. وابن حجر ظل يشرح في الصحيح ربع قرن هنا في مصر، ولما أكمل الشرح أعد وليمة استضاف فيها الأمراء والعلماء ابتهاجاً بإكمال شرح الصحيح، ونحن لا نجيد أن نقرأ ما كتب؟ يعني لا نكتب بل لا نقرأ ما كتب!!

باب يفكر الرجل بالشيء في الصلاة

باب يفكر الرجل بالشيء في الصلاة يقول البخاري: [باب يفكر الرجل بالشيء في الصلاة]. هذا الباب مهم جداً، يسأل البعض: أنا أفكر في الصلاة في أمر كذا وكذا فهل تبطل الصلاة؟ هل يجوز لي أن أفكر في الصلاة؟ فكري يشرد أحياناً في أمور تخص الآخرة أو الدين أو الشرع فهل يجوز أن أفكر في ذلك؟ يقول: [قال عمر رضي الله عنه: إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة]. يعني: عمر بن الخطاب وهو يصلي كان يقول: الله أكبر. فلان على الميمنة، فلان على الميسرة، فلان يأخذ الراية، ويقسم الجيش وهو في الصلاة، لكن هذا في عجالة وليس طوال الصلاة. هذا فكر طارئ على عقله وهو في الصلاة، فهذا أمر شرعي يجوز بلا أدنى شك. قال: [حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا روح حدثنا عمر أخبرني ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر فلما سلّم قام سريعاً)]. هذا الحديث أورده الإمام النووي في كتاب رياض الصالحين في باب المسارعة إلى فعل الخيرات. لا تؤجل دينك! عليك مظلمة استحل منها الآن ولا تؤجل! انظروا إلى فعل نبيكم عليه الصلاة والسلام كما في حديث عقبة بن الحارث: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر فلما سلّم قام سريعاً ودخل على بعض نسائه)، والمعنى: أنه لما صلى العصر مع أصحابه كان يستدير بوجهه -ومن فقه الإمام أن يستدير بوجهه للمصلين- لكنه هذا المرة لما استدار قام من مصلاه على التو والفور، ثم تخطى الرقاب -رقاب المصلين- ودخل إلى حجر بعض نسائه، وهذا الأمر لم يعتاده. (فدخل ثم خرج فرأى في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته)، القوم يتعجبون من فعل النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث: أدب أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام فهم لم يسألوه عن سبب قيامه. وفي الحديث معرفته صلى الله عليه وسلم بأحوال أصحابه، فقد رأى في وجوههم التعجب، فقال لهم: (ذكرت وأنا في الصلاة تبراً عندنا)، والتبر هو الذهب غير المصوغ، وكانت قطعة في مال الصدقة، قال: (ذكرت وأنا في الصلاة تبراً عندنا، فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا فأمرت بقسمته) صلى الله عليه وسلم. يعني: تبر من مال الصدقة في بيته، فلم ينتظر حتى يردد أذكار الصلاة، وإنما خرج مسرعاً ليتخلص منه، يخشى أن يقبض قبل ذلك فيسأله عنه الله عز وجل. وفي الحديث: أنه لا يجوز أن يحبس المال عن أصحابه: {فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء:78]، يحجبونه عن الأمة حدث ولا حرج، النبي صلى الله عليه وسلم يذكر تبراً في الصلاة فيخرج بعدها لينفقه ثم يعود، ما قال أنتظر، رغم أن وقت الانتظار انشغال بطاعة، لكنه أراد أن يعلمنا أن المسارعة في فعل الخيرات هو أصل سلوك المؤمن: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه:84]، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:133]. قال البخاري: [حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن جعفر عن الأعرج قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أذن بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط)]. يعني: حينما يسمع الشيطان الآذان يولي وله ضراط. [(حتى لا يسمع التأذين، فإذا سكت المؤذن أقبل، فإذا ثوب أدبر)]. (ثوب) يعني: أقام الصلاة، فإذا أقام الصلاة أدبر. [(فإذا سكت أقبل، فلا يزال بالمرء يقول له: اذكر ما لم يكن يذكر حتى لا يدري كم صلى)]. أي: أن الشيطان يأتيه في صلاته يذكره بشيء لم يكن يذكره، حتى أن البعض قال: إذا ضاع مني مال أدخل الصلاة لأعرف أين هو؛ لأن الشيطان في الصلاة يستحضر له ما لا يستحضره خارج الصلاة، يأتيه ويذكره، (حتى لا يدري كم صلى)، هذا المنهي عنه: أن ينشغل بفكره عن الصلاة حتى لا يدري كم صلى. [قال أبو سلمة: إذا فعل أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو قاعد]، يعني: سجدتي السهو. [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر أخبرني ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري قال أبو هريرة رضي الله عنه: يقول الناس: أكثر أبو هريرة. فلقيت رجلاً فقلت: بما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في العتمة؟] أي: أن أبا هريرة كان بعض الناس يتهمونه بالإكثار، ونحن نسميه من المكثرين في الرواية، وأكثر منه بلاغاً لحديث رسول الله عبد الله بن عمرو بن العاص؛ لأنه كان يكتب وكان أبو هريرة لا يكتب، ويقول: (لا أعلم أحداً أكثر مني حفظاً لحديث رسول الله إلا عبد الله بن عمرو فكان يك

الأسئلة

الأسئلة

حكم تأخير الزواج للتفرغ لطلب العلم

حكم تأخير الزواج للتفرغ لطلب العلم Q أحب أن أنفق مالي في طلب العلم، وينصحني أهلي أن أحبس مالي للزواج وأنا أعارضهم؛ لأنني أشعر أني بحاجة إلى طلب العلم أكثر من حاجتي للطعام والشراب والنكاح أسألك النصيحة؟ A إن كنت كما تقول: ليس لك حاجة في الزواج، ويمكنك أن تؤخر، فالمسألة على حسب الحالة، فابدأ بطلب العلم حفظك الله تعالى ورعاك!

حكم كتابة الآيات القرآنية على لوحات تعلق

حكم كتابة الآيات القرآنية على لوحات تعلق Q ما حكم كتابة الآيات القرآنية على لوح يوجد عند أهل الكتاب يكتبون عليه بعض الآيات ويغتسلون منه ويشربون ببعضه؟ A يكره كتابة الآيات القرآنية على لوحات وتعليقها، ذكر ذلك النووي في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن.

حكم الأكل من ذبيحة من يتعامل بالربا

حكم الأكل من ذبيحة من يتعامل بالربا Q رجل يعمل في شركة يتعامل صاحبها بالقروض، ونذر صاحب هذه الشركة أن يذبح ويوزع من الذبيحة على عمال الشركة، فهل يجوز أن نأخذ منها؟ A نعم يجوز، الحرمة عليه وليست عليك أنت، ليس معنى أنه يتعامل بالقروض ألا تأكل من ذبيحته، والله تعالى أعلم.

شرح صحيح البخاري [4]

سلسلة شرح صحيح البخاري [4] من طبيعة الإنسان النسيان، كما أن الشيطان حريص على إلهاء بني آدم في عبادتهم لربهم، ومن المواضع التي يتحرى الشيطان فيها منازعة ابن آدم الصلاة، فشرع لنا ربنا سبحانه سجود السهو إرغاماً له، وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أحكامه وفصل العلماء مسائله.

مباحث في أحكام الصلاة

مباحث في أحكام الصلاة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فأيها الإخوة الكرام الأحباب! نعيش مع الإمام البخاري في صحيحه، ومع كتاب سجود السهو، وهو الكتاب الذي يسبق كتاب الجنائز، وقد قسّمه البخاري رحمه الله إلى تسعة أبواب. وقبل أن نشرع في كتاب السهو لا بد أن نبيّن أن الصلاة لها شروط ولها أركان ولها واجبات ولها سنن قولية وفعلية، ولا بد أن نفرّق بين الشرط والركن والواجب والسنة، فشروط الصلاة ستة، وواجباتها سبعة، وأركانها اثنا عشر ركناً، والباقي سنن.

شروط الصلاة

شروط الصلاة يقصد بالشرط عند علماء الأصول: ما يلزم من عدمه العدم. والمعنى: إذا انعدم الشرط انعدم الحكم. وشروط الصلاة: النية، استقبال القبلة، ستر العورة، دخول الوقت، طهارة البدن والثوب والمكان، الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر. هذه يسميها العلماء شروط صحة الصلاة، فإن صلى فاقداً لأحد الشروط بطلت الصلاة، كمن صلى وهو لم يستر عورته، وكامرأة تصلي -مثلاً- بغير جلباب أو تصلي في بنطال؛ لأن البنطال يجسّد العورة، إذاً: صلاتها باطلة، أو كمن صلى في ثوب شفاف يظهر العورة، وهذا أيضاً يعرضها للبطلان، أو كمن صلى إلى غير جهة القبلة دون أن يجتهد في تحديد جهتها، أو كمن صلى قبل أن يدخل الوقت، أو كمن صلى متلبساً بنجاسة وهو يعلمها إلى غير ذلك.

أركان الصلاة

أركان الصلاة أركان الصلاة اثنا عشر ركناً، ولا يجبرها سجود سهو، والمعنى: أن الركن إذا فقد بطلت الركعة الذي غاب عنها الركن. وأركان الصلاة هي: 1 - تكبيرة الإحرام. فلو أن رجلاً صلى دون أن يكبّر تكبيرة الإحرام، كأن يكون سها أن يكبّر، فصلاته باطلة وعليه الإعادة؛ لأن تكبيرة الإحرام ركن، والأركان -كما قلنا- لا يجبرها سجود سهو. 2 - قراءة الفاتحة. أيضاً قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة للمنفرد والإمام، أما المأموم فهو موضع خلاف، فإن صليت منفرداً تقول: الله أكبر، وبعد أن ركعت واعتدلت وسجدت تذكرت أنك لم تقرأ الفاتحة، فحكم هذه الركعة كأنها لم تكن تماماً، فلا بد أن تحصِّل ركعة بدلاً منها؛ لأن سجود السهو لا يجبر الركن. 3 - القيام مع القدرة. أيضاً هذا ركن من أركان الصلاة، قال تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238] فإن جلس مع قدرته على القيام فصلاته باطلة، وهذا في الفريضة فقط دون النافلة، فالنافلة يجوز له أن يقعد مع قدرته على القيام، وله نصف الأجر، أما الفريضة فلا بد أن يقوم إلا إذا عجز عن القيام، فالقيام مع القدرة ركن ثالث. 4 - الركوع. الركوع ركن، أما التسبيح في الركوع فليس من الأركان وإنما هو من الواجبات، فإن قرأ الفاتحة وسجد مباشرة، ثم تذكّر أنه لم يركع فحكم الركعة باطلة، وعليه أن يأتي بركعة إضافية؛ لأن الأركان لا يجبرها سجود سهو. 5 - الاعتدال. كذلك الاعتدال من الركوع، أما قول: (سمع الله لمن حمده) فليس من أركان الصلاة، إنما الركن الاعتدال، فبعد أن يركع يعتدل حتى يعود كل عضو إلى مكانه، فإن لم يعتدل بطلت الصلاة لغياب هذا الركن، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً لا يتم الركوع ولا السجود كان يصلي مسرعاً، فقال صلى الله عليه وسلم: (ارجع فصل فإنك لم تصل)؛ وأرى الكثير يركع بهذه الطريقة!! 6 - السجود. 7 - الجلسة بين السجدتين. 8 - الطمأنينة. 9 - التشهد الأخير، وهو قولك: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فهنا ينتهي التشهد، أما الصلاة الإبراهيمية فهي من واجبات الصلاة، فمن تركها سهواً يلزمه أن يسجد للسهو، ومن تركها متعمداً بطلت صلاته. 10 - الجلوس للتشهد الأخير. الجلوس للتشهد الأخير أيضاً ركن، فلو أن رجلاً قرأ التشهد الأخير من قيام ساهياً، فصلاته باطلة؛ لأن الجلوس للتشهد الأخير ركن. 11 - التسليمة الأولى. 12 - الترتيب على ما ذكرنا. إذاً: التسليمة الأولى ركن، والتسليمة الثانية سنة، ومعنى ذلك: لو أن رجلاً قال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم أحدث وأخرج ريحاً بعد أن سلّم التسليمة الأولى فصلاته صحيحة؛ لأنه أحدث بعد أن سلّم التسليمة الأولى. ولو أن رجلاً سلّم تسليمة ثم نسي أن يسلّم الثانية فصلاته صحيحة؛ لأن التسليمة الثانية سنة فعلية وليست من واجبات الصلاة.

واجبات الصلاة

واجبات الصلاة الواجبات سبعة وهي تجبر بسجود سهو إن نسيها، أما إن تعمد تركها فتبطل الصلاة. وأول واجب من واجبات الصلاة: 1 - تكبيرات الانتقال: وتكبيرات الانتقال في الركعة الواحدة: (الله أكبر) ويركع، (الله أكبر) ويسجد، (الله أكبر) ويرفع، (الله أكبر) ويسجد، (الله أكبر) فيقوم. إذاً: خمس تكبيرات في الركعة الواحدة. وتكبيرات الانتقال تختلف عن تكبيرة الإحرام، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كبّر الإمام فكبّروا) وهذا كثير ما ننساه، فإذا قال الإمام: الله أكبر. نقول: الله أكبر. فإن تعمدت تركها بطلت الصلاة، وإن سهوت لزمك سجود السهو، وإن سهوت وأنت مأموم لا يلزمك شيء؛ لأن الذي يجبرها الإمام. إذاً: الواجبات يجبرها الإمام إن سها المأموم، أما إن تعمد الترك فتبطل به الصلاة. 2 - التسبيح في الركوع والسجود. أي: أن رجلاً قال: الله أكبر، ثم ركع وهو راكع لم يقل شيئاً وظل صامتاً، فإن تعمد ألا يسبّح فصلاته باطلة؛ لأنه ترك واجباً متعمداً، وإن سها أن يسبّح لزمه سجود سهو. إذاً: التسبيح في الركوع والسجود واجب من واجبات الصلاة، فإن سها فيه يلزمه أن يسجد للسهو، وإن تعمد الترك بطلت الصلاة. فالقاعدة تقول: الأركان لا تجبر بسهو، والواجبات إن سها يجبرها السهو، وإن تعمد تركها تبطل به الصلاة، أما السنن القولية والفعلية فهي محل خلاف كما سأبين. 3 - التسميع والتحميد. أي: قولك: سمع الله لمن حمده، فلو أن رجلاً اعتدل من الركوع فقال: (الله أكبر) بدلاً من أن يقول: سمع الله لمن حمده، فعليه أن يسجد للسهو؛ لأنه سها فبدّل (سمع الله لمن حمده) بـ (الله أكبر). فإن تداركه وقال مباشرة: الله أكبر سمع الله لمن حمده، فهنا سها أيضاً؛ لأنه كبّر في محل لا ينبغي أن يكبّر فيه، أما إذا تعمد أن يترك التسميع والتحميد، أي: أنه لم يقل وهو منفرد: (سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد) تبطل الصلاة؛ لأنه ترك واجباً متعمداً. يقول السائل الكريم: هل المأموم يقول وراء الإمام: (سمع الله لمن حمده)، أم يقول: (ربنا ولك الحمد)؟ شيخنا الألباني رحمه الله يرى أن يقول كما يقول الإمام؛ لأن النص (فقولوا مثلما يقول) أي إذا كبّر فكبّروا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. والذي عليه جمهور العلماء أنه يقول: ربنا ولك الحمد. فيجزئه. 4 - قول: (رب اغفر لي) بين السجدتين. تسجد فتقول: (الله أكبر) وتجلس بين السجدتين وتقول: (رب اغفر لي). ثلاثاً، فإن تركها متعمداً بطلت الصلاة، وإن تركها ساهياً لزمه سجود السهو، فقول: (رب اغفر لي) بين السجدتين من واجبات الصلاة، وهذا كلام صاحب العدة، وصاحب المغني في فقه الحنابلة. فإن قال قائل: هل كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا؟ A النبي صلى الله عليه وسلم واظب على هذه الأفعال، والدليل: أنه سجد للسهو حينما نسي التشهد الأوسط. قال صاحب فقه الحنابلة: وكل الواجبات تقاس على التشهد الأوسط. والحديث في البخاري: (أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين، ثم قام إلى الثالثة ولم يجلس للتشهد الأوسط، فسبّح الصحابة فلم يجلس، فتابعوه قياماً، ثم سجد للسهو قبل التسليمتين)، فهذا معناه: أنه نسي واجباً؛ لأنه لو كان التشهد الأوسط ركناً لعاد إليه، ولكنه أكمل دون أن يعود إليه. يقول علماؤنا: وكل الواجبات تقاس على التشهد الأوسط، فلو تعمد ترك التشهد الأوسط بطلت الصلاة، ولو نسيه لزمه سجود السهود. 5 - التشهد الأول. 6 - الجلوس للتشهد الأول. 7 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير. إذاً: شروط الصلاة ستة، وأركانها اثنا عشر، وواجباتها سبعة.

مشكلة العجلة في صلاة التراويح

مشكلة العجلة في صلاة التراويح وهذا يا إخواني! يجرنا إلى مشكلة في صلاة التراويح، ففي بعض الأرياف يقول الإمام للناس: نحن على عجلة كما تعلمون، ونريد أن ندرك المسلسل، فسنصلي إحدى عشرة ركعة في عشر دقائق إن شاء الله، فلا داعي أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فنقرأ التشهد إلى: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) ونقول: السلام عليكم ورحمة الله، وهذا حدث عندنا أكثر من مرة. وآخر لا يتقي الله عز وجل في صلاته -وهذا الغالب الأعم- فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم {طه} [طه:1] الله أكبر، ويحتج بأنه يكفيه قراءة حرفين من القرآن، ثم في الركعة الثانية يقرأ: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه:2] الله أكبر، ويقسّم خمس آيات من سورة طه لإحدى عشرة ركعة. لماذا سمّيت صلاة التراويح بذلك. لأنهم كانوا يستريحون من طول القيام، أما نحن فقد أخللنا بصلاة التراويح وحوّلناها إلى هذا النحو الذي نراه في معظم المساجد، وهذه مصيبة. يأتي إنسان ويقول: أنا أعرف مسجداً يصلي فيه إحدى عشرة ركعة في سبع دقائق، فيقول الآخر: خذني إليه الله يصلح حالك! لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أرأيتم ماذا يصنع المسلمون اليوم في صلاتهم يا عبد الله؟! هذا الذي نراه، ونحن نقول بالوسطية لا بالتطويل الممل، ولا بالتقصير المخل، فلابد من الاطمئنان في الصلاة كلها.

باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة

باب ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة قال البخاري رحمه الله: [كتاب السهو باب: ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة]. والسهو: هو الغفلة عن الشيء، وذهاب القلب إلى غيره، وسها بمعنى غفل. هل النبي صلى الله عليه وسلم سها؟ نعم. سها، ولكنه سها ليشرِّع للأمة؛ لأنه مشرّع عليه الصلاة والسلام، فأراد الله للنبي صلى الله عليه وسلم أن يسهو ليشرّع للأمة. قال: [حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة و - بحينة اسم أمه- رضي الله عنه، أنه قال: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام فلم يجلس)] أي: أنه في الصلاة الرباعية صلى ركعتين ثم قام [(فقام الناس معه، فلما قضى صلاته)] حينما انتهى من أربع ركعات انتظرنا أن يسلّم فكبّر قبل أن يسلّم [(ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم، فسجد سجدتين وهو جالس ثم سلم)]. إذاً: السجدتان هما سجدتا السهو؛ لأنه نسي التشهد الأوسط.

بيان حالات سجود السهو وأقوال العلماء في ذلك

بيان حالات سجود السهو وأقوال العلماء في ذلك يأتي هنا سؤال وهو منتشر بين إخواننا إن قام إلى الركعة الثالثة ثم سبّح المأموم بعد أن قام الإمام وفارق الأرض، ثم جلس الإمام، فما حكم صلاته؟ تبطل عند الشافعية، وجمهور العلماء على غير البطلان. يقول الشيخ ابن عثيمين: وليس على البطلان دليل، لكن إن قام يجب عليه ألا يجلس، فإذا فارقت الإليتان الأرض واعتدل قائماً فلا يعود من ركن إلى واجب؛ لأنه تلبس بركن، وهذا ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، قام إلى ركعة ثالثة فسبّح الصحابة، فظل قائماً وأتى بأربع ركعات، ثم سجد للسهو قبل التسليمتين، وهذه حالة من الحالات التي يسجد فيها قبل التسليم؛ لأن للسهو أربع حالات: حالتان يسجد قبل التسليمتين، وحالتان يسجد بعد التسليمتين. فالشافعية قالوا: كله قبل. والأحناف قالوا: كله بعد. والحنابلة ميّزوا بين القولين بفعل النبي عليه الصلاة والسلام، فقالوا: ما سجد له قبل يُسجد له قبل، وما سجد له بعد يُسجد له بعد. وفي الحديث الذي ذكرته الآن وهو حديث التشهد الأوسط أنه سجد قبل التسليمتين؛ لأنه نسي التشهد الأوسط، فنستطيع أن نقول الآن: إن نسي واجباً من الواجبات السبعة يسجد للسهو قبل التسليمتين، وهذه قاعدة عامة. وهنا ترد أسئلة: رجل نسي تكبيرات الانتقال فما حكم صلاته؟ يسجد للسهو قبل التسليمتين. - رجل نسي أن يسبّح وهو راكع ما حكمه؟ يسجد للسهو قبل التسليمتين. - رجل نسي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ما حكمه؟ يسجد للسهو قبل التسليمتين. إذاً: هذا حكم عام، فأول حكم يسجد فيه للسهو قبل التسليمتين إن نسي واجباً، وهذه القاعدة نتفق عليها. الثاني: السجود للسهو قبل التسليمتين في حال الشك. مراتب العلم ستة: 1 - علم. 2 - جهل بسيط. 3 - جهل مركب. 4 - شك. 5 - ظن. 6 - وهم. ولنضرب مثلاً لكل مرتبة: متى كان فتح مكة؟ كان في العام الثامن من الهجرة، هذا نسميه علم، والعلم: هو إدراك الشيء على حقيقته، فالرجل أجاب بأن فتح مكة كان في السنة (8) هـ، إذاً: أدرك شيئاً على حقيقته، وهذا يسمى علماً. فلو قلت: متى كان فتح مكة؟ فأجاب شخص: (7) هـ، هذا نسميه جهلاً مركباً وليس جهلاً بسيطاً؛ لأنه أدرك الشيء على غير حقيقته، فإدراك الشيء على غير حقيقته هذا يسمى جهلاً مركباً. إذاً: من قال: إن ختان الإناث غير مشروع يكون جاهلاً جهلاً مركباً. ومن قال: إن النقاب عادة وليس عبادة فهذا جهل مركب؛ لأنه أدرك الشيء على غير حقيقته. ومن قال: إن الحجامة شعوذة ودجل جهله فجهل مركب وهكذا. فإن قال قائل: فتح مكة لا أدري متى كان؟ فهذا جهل بسيط؛ لأنه قال: لا أدري، ومن قال: لا أدري فقد أفتى. فهذا الرجل يعرف قدره وقال: لا أدري متى كان فتح مكة. رجل قال: فتح مكة سنة (8) هـ واحتمال أن يكون سنة (7) هـ، هذا نسميه ظناً، إذ إن الظن احتمال راجح واحتمال مرجوح، فيقدّم الراجح ويؤخر المرجوح، فقد قال: سنة (8) هـ واحتمال (7) هـ، فقدم الراجح وأخّر المرجوح، وهذا يسمى ظناً. وإن قال: فتح مكة سنة (7) هـ واحتمال أن يكون (8) هـ فهذا نسميه وهماً؛ لأنه قدّم المرجوح وأخّر الراجح. وإن قال آخر: فتح مكة لا أدري: ربما يكون (7) هـ وربما يكون (8) هـ احتمالات متساوية، فهذا يسمى شكاً. إذاً: الشك معناه: أن الاحتمالات متساوية، فلو أني صليت العشاء بمفردي ولا أدري: صليت ثلاثاً أم صليت أربعة، فأنا في شك؛ لذلك فإني أبني على الأقل، والأقل هو اليقين، واليقين أني صليت ثلاثاً، والشك أربعاً، فألغي الشك وأضعه جانباً وأقوم بركعة إضافية، ثم أسجد للسهو قبل التسليمتين، وهذا يسمى شكاً، وهكذا في كل الأركان، فإن سجدت فلم أدري: أسجدت سجدة أم سجدتين، فأما السجدة الأولى فمتيقن منها، لكن الثانية لا أدري: أسجدت أم لا، فأسجد أيضاً سجدة ثم أسجد للسهو، فكلما شككت في ركن أضعه، فمثلاً هل سبّحت وأنا راكع أم لم أسبّح؟ أضع الشك وأسبّح وهكذا. وإذا تذكر بعد أن انتهى إن كان ركناً يلغي الركعة تماماً، فيبني على اليقين ويلغي ما شك فيه، أي: أنه -مثلاً- شك: هل قرأ التشهد الأخير أم لا؟ ثم سلّم وتذكر بد أن سلّم أنه شك، فإنه يلغي ما شك فيه ويحصّله. وهكذا إن نسيت الركوع وسجدت مباشرة، وبينما أنا ساجد تذكرت أني لم أركع، فإني أقوم للركوع؛ لأني لم أفصل بين الركنين بركن، فإن فصلت بين الركنين بركن فإني أعيد الركعة، يعني: تماماً كحال رجل نسي ركناً ثم تذكر وهو متلبس بالركن الذي يليه، نسي الركن السابق، فيعود إلى تحصيله ثم يسجد للسهو. فانتبه لمثل هذه الحالات فهي مهمة!! قال البخاري رحمه الله: [حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر)] بعد ركعتين من الظهر لم يجلس للتشهد الأوسط، لكنه قام مباشرة إلى الركعة الثالثة [(

باب إذا صلى خمسا

باب إذا صلى خمساً قال البخاري رحمه الله: [باب: إذا صلى خمساً]. الحالتان اللتان يسجد فيهما للسهو بعد التسليمتين حالة الزيادة وحالة النقص.

ذكر ما يقوله في سجود السهو

ذكر ما يقوله في سجود السهو يقول: سبحان ربي الأعلى، أي كتسبيحه في السجود الأصلي في الصلاة، فليس هناك دعاء خاص بسجود السهو ولا ذكر خاص، وقول البعض في سجود السهو: (سبحان الذي لا يسهو ولا ينام) بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم، وما أثرت عن سلفنا.

حكم سلام من سجد للسهو بعد التسليمتين

حكم سلام من سجد للسهو بعد التسليمتين رجل زاد في الصلاة، صلى خامسة، فعليه أن يسجد للسهو بعد التسليمتين، لكن هل يسلم مرة أخرى أم لا؟ هذا خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: يسلم. ومنهم من قال: لا يسلم. والراجح: أنه يسلّم. قال: [حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن الحكم بن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً)].

حكم ما يفعله المأموم إذا زاد الإمام ركعة خامسة

حكم ما يفعله المأموم إذا زاد الإمام ركعة خامسة إذا قام الإمام معنا إلى خامسة ما واجبي أنا كمأموم: هل أتابعه أم لا؟ لا تتابعه، ولكن تسبّح وتجلس، فالصحابة تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم ظناً منهم أن الوحي قد نسخ الحكم الأول ونزل بالزيادة، فحال النبي صلى الله عليه وسلم يختلف عن الإمام العادي، فلو تيقنت أنه قام للخامسة فقل: سبحان الله واجلس ولا تتابعه، وإما أن تفارقه -أسلم وأتركه- وإما أن تنتظر حتى يجلس وتسلم معه، فالإمام لا يتابع في الخطأ، وإنما يتابع في الصواب. أما المسبوق فوضعه مختلف، فلابد أن يتابع، وإنما لا يتابع الإمام من دخل معه في تكبيرة الإحرام، أما المسبوق فيتابع الإمام؛ لأنه لا يدري كم صلى الإمام فيبني على المتابعة. أنا جئت مسبوقاً بركعتين وقام الإمام إلى خامسة، وأنا لا أدري كم صلى، فأنا مأمور بالمتابعة؛ لأن الذي لا يؤمر بالمتابعة هو الذي تحقق من الخطأ. قال: [(فسجد سجدتين بعدما سلم)]. أي: أنه صلى الله عليه وسلم سجد في حال الزيادة بعد السلام، وهذه الحالة الأولى التي يسجد فيها بعد التسليمتين.

باب إذا سلم في ركعتين أو ثلاث، فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول

باب إذا سلم في ركعتين أو ثلاث، فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول قال البخاري رحمه الله: [باب: إذا سلم في ركعتين أو ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول]. وهذا الحديث هو العمدة عند العلماء في سجود السهو، بل إن من المؤلفين والمصنفين من ألف وصنف له مجلداً يزيد عن (500) صفحة، ويسمى حديث (ذو اليدين)، فهذا الحديث نار على علم كحديث العرنيين. والعرنيون هم الذين نزلوا إلى المدينة فلم يتأقلموا مع مناخها فأصيبوا بمرض، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يشربوا من أبوال الإبل ومن ألبانها، فأبوال الإبل شفاء، وقد أثبت ذلك الطب المعاصر، فذهبوا إلى إبل الصدقة فشربوا من أبوالها ومن ألبانها وعادوا أصحاء، وبعد أن صحوا عمدوا إلى راعي الإبل فقتلوه وأخرجوا عينه وأدخلوا فيها أسياخ النيران، ومثلوا بجسده، وجروه وسحبوه في حرارة الشمس على الصحراء، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوا وسملت أعينهم. والجزاء من جنس العمل. حديث (ذو اليدين) حديث عمدة في سجود السهو، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العشي -أي: الظهر أو العصر- ركعتين ثم سلم، وفي القوم أبو بكر وعمر ورجل يسمى ذا اليدين، فتأخر النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر المسجد، وشبّك بين أصابعه، ووضع يده على خده وهو منطلق، وفي آخر المسجد قال له ذو اليدين: (يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نُسّيت؟ قال: لم؟ قال: صليت بنا ركعتين. فقال لأصحابه: أحقاً ما قال ذو اليدين؟ فقالوا: نعم يا رسول الله! فأتى من مؤخرة المسجد إلى مكان الإمام، ثم كبّر وصلى ركعتين إضافيتين) إذاً: أتم أربعة، ثم سلّم وسجد للسهو بعد التسليمتين، ثم التفت إلى أصحابه قائلاً: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإن نُسّيت فذكّروني) صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث فوائد عديدة، عدها بعض العلماء إلى أكثر من مائة فائدة، والمقام لا يتسع لذكرها، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ولم يتسع الفصل: (أحقاً ما قال ذو اليدين؟). (صليت بنا ركعتين). (أي نعم يا رسول الله!) فهذا حوار بعد الصلاة، وأتى وصلى ركعتين؛ لأن الفاصل لم يتسع، فإذا صلى بنا الإمام الظهر ركعتين فقط وسلمنا معه، ثم خرجنا إلى الأعمال وأتينا بخبز من الفرن وذهبنا إلى العمل ومضينا، وبعد ساعتين أراد الإمام أن يصلي بنا ركعتين، فهنا لابد من الاستئناف؛ لأن الفاصل قد زاد وطال، والحد الذي يقدر الوقت هو العرف. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا! اللهم إنا نسألك علماً نافعاً! ونعوذ بك يا رب من علم لا ينفع آمين آمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح صحيح البخاري [5]

سلسلة شرح صحيح البخاري [5] سجود السهو يكون في الفرض والنفل، ويجوز للمصلي الإشارة باليد لمن يكلمه والاستماع له، ولابد في الصلاة من الخشوع وإتمام أركانها وواجباتها، فإن أنقص المصلي ركناً بطلت الصلاة، ولا يجبرها سجود سهو، وإن أنقص واجباً جبره سجود السهو إن كان ناسياً، وتبطل صلاته إن كان متعمداً لترك هذا الواجب.

ملخص القول في حالات سجود السهو

ملخص القول في حالات سجود السهو الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فلا زلنا أيها الإخوة الكرام! مع كتاب السهو من صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى: [باب: إذا لم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً سجد سجدتين وهو جالس]. ولكن قبل أن نشرع في شرح هذا الباب، نعيد ما ذكرناه في الأسبوع الماضي؛ نظراً لأهميته. قلت: إن سجود السهو له أربع حالات: حالتان قبل التسليمتين وحالتان بعد التسليمتين، أما الحالتان اللتان قبل التسليمتين فهما: إذا شك في عدد الركعات صلى ثلاثاً أم صلى أربعاً يبني على الأقل وهو اليقين، ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم. كذلك إذا شك في تحصيل ركن كأن نسي الركوع فشك هل ركع أم لم يركع يطرح الشك ويبني على اليقين أنه لم يركع، ثم يأتي بركعة ويسجد للسهو قبل التسليمتين. والحالة الثانية: إذا نسي واجباً من واجبات الصلاة السبعة، وهذا مذهب الحنابلة، وأنا حينما أتحدث في شرح العدة أو في رأي البخاري أقول: هذا مذهب الحنابلة، وربما يختلف مع الجمهور وربما يكون هناك راجحاً ومرجوحاً، فلسنا بصدد الترجيح، وإنما نحن بصدد بيان مذهب الحنابلة، أما إن أردت الراجح والمرجوح فهذا فقه مقارن. والاحتياط في أمر العبادة أولى، ولذلك الحالة الثانية لسجود السهو أن ينسى واجباً من واجبات الصلاة السبعة، كأن ينسى التشهد الأوسط فعليه أن يسجد للسهو قبل أن يسلم، أو ينسى التسبيح والتحميد في ركوعه، أو ينسى التسميع والتحميد عند الرفع من الركوع، أو ينسى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، أو ينسى (ربي اغفر لي) بين السجدتين، فهذه واجبات الصلاة السبعة عند الحنابلة، إن نسيها فيجبرها سجود السهو قبل التسليمتين، وإن تعمد الترك تبطل الصلاة. وقولي: (تبطل بها الصلاة) موضوع خلافي، ولسنا بصدد الترجيح، ولكني أبين لك هذا الرأي. أما الحالتان اللتان بعد التسليمتين حالة الزيادة وحالة النقص، فإن زاد في الصلاة ركعة ثم تيقن أنه زاد فعليه أن يسجد بعد أن يسلم، وإن نقصت الصلاة ركعتين أو ركعة كأن يصلي الظهر أربع ركعات فسلم بعد ركعتين فيقوم ويأتي بركعتين، ثم يسجد للسهو بعد التسليمتين.

باب إذا لم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا سجد سجدتين وهو جالس

باب إذا لم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً سجد سجدتين وهو جالس قال البخاري رحمه الله: [باب: إذا لم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً سجد سجدتين وهو جالس. قال: حدثنا معاذ بن فضالة حدثنا هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي بالصلاة)، يعني: بالأذان: (أدبر الشيطان)، أي: ولى مدبراً (وله ضراط حتى لا يسمع الأذان)، وذلك من تغيظه (فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر)، أي: أقيمت الصلاة (فإذا قضي التثويب أقبل)، مرة ثانية (حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا اذكر كذا ما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى)، يعني: ما يدري كم صلى (فإذا لم يدر أحدكم كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس)].

فوائد الحديث

فوائد الحديث في الحديث فوائد: الفائدة الأولى: أن الشيطان يحاول أن يفسد على الإنسان صلاته، فعند النداء يدبر ثم يعود، وعند التثويب يدبر ثم يعود، ويذكره ما لم يكن يتذكر؛ لذلك كان بعض العلماء إن نسي شيئاً ويريد أن يبحث عنه دخل في الصلاة، فذكَّره الشيطان ما لم يكن يذكر بحال؛ لأن الشيطان يأتي للإنسان عند الصلاة ويعرض عليه أموراً كثيرة تذكره بأعماله، وهذا أمر موجود، لكن لا بد للإنسان أن يعقل ما يقرأ، وأن يدفع هذه الوسوسة قدر الاستطاعة، وهذا ليس معناه: أن هناك إنساناً يسلم منها، بل لا بد من وجودها، لكن ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها، وربنا أثنى على الخاشعين فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1 - 2]، فالشيطان يُلبِّس على المرء في صلاته، فإذا لم يتيقن هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فعليه أن يسجد سجدتين، وشرعت السجدتان ترغيماً للشيطان، فالسجود هو أكثر شيء يغيظ الشيطان، وقد جاء في الأثر: أن المسلم حينما يسجد يولي الشيطان مدبراً ويقول: أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار. لأن الله حينما أمره أن يسجد لآدم أبى واستكبر، ورب العالمين يقول: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة:34]. قال ابن عباس: السجود لآدم والطاعة لله، وفرق بين السجود للشيء والسجود إلى الشيء، فنحن الآن نسجد إلى الكعبة وليس لها؛ لأن معنى (إلى): جهة، أما آدم فكان السجود لشخصه ولتعظيمه وتكريمه، ففرق بين السجود إلى الشيء والسجود للشيء؛ ولذلك حينما يسجد العبد لربه عز وجل يغتاظ الشيطان. وأحد الصحابة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مرافقته في الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: (أعني على نفسك بكثرة السجود)؛ ولذلك أفضل أركان الصلاة عند العلماء هو السجود: (فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء)؛ وذلك لأن الله يقول: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:19]، فكلما سجد الإنسان زاد قرباً من الله سبحانه وتعالى.

باب السهو في الفرض والتطوع

باب السهو في الفرض والتطوع قال البخاري رحمه الله: [باب: السهو في الفرض والتطوع]. والبخاري رحمه الله بهذا يرد على بعض الآراء الفقهية المرجوحة الشاذة التي فرقت بين الفرض والتطوع، فقال البعض: إنه لا يجوز أن تسجد للسهو في السنة، وإنما سجود السهو يكون للفرض، وهذا تمييز باطل، فسجود السهو للفريضة وللنافلة على السواء، كما فرقوا بين الناسي في صيام الفرض والناسي في صيام التطوع، وهذا تفريق باطل. فإذا قال المرء: إن كنت تصوم نافلة فأكلت ناسياً فافطر؛ لأن صيامك لا يصح، وإن كان صيامك فريضة فصيامك، صحيح. كل هذا كلام باطل وتفريق بغير دليل، ولذلك يقول البخاري: [باب: السهو في الفرض والتطوع] يعني: السهو شرع للتطوع كما شرع للفرض على السواء، وهذا رأي الجمهور؛ خلافاً لبعض الآراء الفقهية. وسجد ابن عباس رضي الله عنهما سجدتين بعد وتره. والوتر صلاة نافلة -صلاة تطوع- ولم يقل أحد: إن صلاة الوتر من الفروض إلا الأحناف، وهو قول مرجوح، إذ إن الراجح: أن الصلوات خمس في اليوم والليلة. وآخر حياة النبي عليه الصلاة والسلام بيان واضح لهذا، فحينما أرسل معاذاً قبل موته بعام أو أكثر إلى اليمن قال: (يا معاذ! إنك قادم إلى أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: لا إله إلا الله)، كلمة التوحيد: (فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة)، فهذا حديث يحسم القضية من أولها. وكذلك الرجل الذي جاءه وقال: (يا رسول الله! أخبرني عما فرض الله علي من صلوات؟ قال: خمس صلوات في اليوم والليلة قال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع)، ففي الحديث بيان أن الفروض خمسة بحق الإسلام، وربما يكون هناك فرض بحق الشرط مثلاً، كرجل نذر أن يصلي لله ركعتين فإنه يصبح النذر في حقه فرضاً؛ لأنه واجب بالشرط وليس واجباً بالشرع، فهناك واجب بحق الإسلام، وهناك واجبات تطرأ كصلاة الكسوف -مثلاً- عند من قال بوجوبها، وصلاة الاستسقاء عند من قال بوجوبها، هذه الصلوات وجبت لظروف طارئة، وليس الأصل فيها أنها مفروضة في اليوم والليلة إلى غير ذلك. قال البخاري: [باب: السهو في الفرض والتطوع. حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس)]. والدليل على تبويب البخاري أنه قال: (إن أحدكم إذا قام يصلي)، فالصلاة مطلقة؛ لأنه لم يقل: يصلي الفريضة، وإنما جاء بلفظ الصلاة عاماً، فالذي يريد أن يقيد يلزمه الدليل. وكذلك: (من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه فإنما أطعمه الله)، فمن أكل أو شرب ناسياً سواءً كان في فرض أو كان في نفل؛ لأن التقييد يحتاج إلى دليل، فيلزم المخالف ولا يلزمني أنا؛ لأن الأصل أن ما ينطبق على الفرض ينطبق على السنة وليس العكس.

باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع

باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع قال البخاري رحمه الله: [باب: إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع]. قلنا في اللقاء السابق: إلقاء السلام على المصلي وهو في صلاته، إذا قيل له: السلام عليكم يشير بيده هكذا فيجعل ظهرها إلى السماء، وقد حقق شيخنا الألباني وعلماء الحديث صحة هذا الحديث، فيشير بباطن اليد إلى الأرض وظاهرها إلى السماء. قال البخاري: (إذا كلم) يعني: أحد الناس كُلم بكلمة وهو يصلي (فأشار بيده) يعني: أجابه باليد، ثم استمع لحديثه. وأخرج البخاري في كتاب العلم حديثاً آخر مخالفاً لهذا الحديث يفيد أن الجواب يكون بإشارة اليد أو الرأس، ففي الحديث: (أن أسماء رضي الله عنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت الناس قد اجتمعوا في المسجد في وقت ليس وقت صلاة، ووجدت عائشة رضي الله عنها تصلي خلف الرجال، فتوجهت إليها وهي تصلي تقول لها: لم اجتمع الناس في المسجد؟ فأشارت عائشة رضي الله عنها من المسجد إلى السماء)، لم يكن للمسجد سقف، فكانت ترى منه السماء: (فنظرت أسماء فوجدت الشمس مكسوفة فعادت تقول لها: هذه آية؟ فأشارت برأسها؟ نعم)، فمرة أشارت باليد ومرة أشارت بالرأس. تقول أسماء: (فقمت بجوار عائشة). وفي الحديث: أن المرأة تصلي خلف الرجال، فلا يجوز أن تقف بجوار زوجها، إنما تصلي خلفه. وفي الحديث: أن المرأة قد تصلي منفردة خلف الصف وصلاتها جماعة صحيحة؛ لأنها لم تجد من يقف بجوارها. وفي الحديث: أن المنفرد إذا لم يجد من يقف بجواره ووجد الصف مكتملاً يقف بمفرده وصلاته صحيحة، وهذا اختيار الحنابلة وهو الراجح؛ لأنه لا تكليف إلا بمقدور، وهو عاجز عن الوقوف في الصف، فمن العبث أن نقول له: اجذب واحداً من الصف، فهذا كلام لا يصح وإنما يقف بمفرده؛ لأنه عاجز. قال البخاري: [باب: إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع. قال: حدثنا يحيى بن سليمان إلى أن قال: عبد الرحمن بن أزهر رضي الله عنهم أرسلوه إلى عائشة رضي الله عنها فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعاً واسألها عن الركعتين بعد صلاة العصر، وقل لها: إنا أخبرنا أنك تصلينهما وقد بلغنا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها). وقال ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر عنها]. هناك مواقيت ينهى عن الصلاة فيها، وهي أربع مواقيت: بعد الفجر، وبعد العصر، وعند شروق الشمس، وعند غروبها، أضف إلى ذلك الخامسة، وهي عند تعامد الشمس في وسط السماء، أي: قبل الظهر بقليل، فهذه أوقات ينهى فيها عن صلاة التنفل المطلق، أما التنفل المسبب فالشافعية على الجواز وهو الراجح، وقضاء الفائتة فيجوز أيضاً، بمعنى: فاتته صلاة، وأراد أن يقضيها في هذه الأوقات فلا شيء عليه حتى ولو كان بعد الفجر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلين في صلاة الفجر يجلسان في مؤخرة المسجد، وبعد الصلاة سألهما: (لم لم تصليا مع القوم؟ قالوا: يا رسول الله! صلينا في رحالنا) فأمرهم بالصلاة مع القوم فهي لهم نافلة، فرغم أنهم صلوا الفجر في رحالهم أمرهم بالصلاة بعدها. وفي الحديث وهو صحيح: جواز صلاة الفائتة أو القضاء مع جواز دفع الشبهة عن النفس حتى وإن كان في وقت كراهة، أما صلاة الضحى فتصلى بعد شروق الشمس بثلث ساعة، وتمتد إلى قبل الظهر بعشر أو خمس دقائق، هذا هو وقت الضحى، وأما التعامد فيكون قبل أذان الظهر بدقيقتين؛ لأن أذان الظهر يجب عند الزوال، يعني: عند انحرافها عن وسط السماء، فقبل الظهر بقليل تكون الشمس متعامدة، فهذا الوقت لا يجوز أن نصلي فيه ولا أن ندفن فيه موتانا. قال: [قال ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر عنها. (قال كريب: فدخلت على عائشة رضي الله عنها فبلغتها ما أرسلوني، فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أم سلمة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنها، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فأرسلت إليه الجارية: قومي بجنبه قولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية فأشار بيده، فاستأخرت عنه فلما انصرف قال: يا ابنة أبي أمية! سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر فهما هاتان)]. والمعنى: أن الصحابة أرسلوا من يسأل عائشة عن الركعتين بعد العصر: كيف صلاهما النبي صلى الله عليه وسلم

باب الإشارة في الصلاة

باب الإشارة في الصلاة قال البخاري رحمه الله: [باب: الإشارة في الصلاة]. قاله كريب عن أم سلمة رضي الله عنها، ثم جاء البخاري بحديث أبي بكر الصديق، وقد ذكرت هذا الحديث في ثلاثة مواضع: باب: رد السلام في الصلاة، وباب: التصفيق للنساء والتسبيح للرجال، وباب: من صفق وهو جاهل، وذلك لما تقدم أبو بكر الصديق للصلاة، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصفق الرجال، وأشار إليه: أن مكانك، فرجع الصديق. قال البخاري رحمه الله أيضاً في هذا الباب: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاكٍ -يعني: يشكو من ألم- وفي الحديث: أنه وقع مرة فأصيب بجرح، فكان يصلي وهو جالس في البيت صلى الله عليه وسلم، وصلى وراءه القوم قياماً، فأشار إليهم: أن اجلسوا فلما انصرف قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا).

حكم صلاة المأمومين جلوسا إذا صلى الإمام جالسا

حكم صلاة المأمومين جلوساً إذا صلى الإمام جالساً صلى النبي صلى الله عليه وسلم جالساً يشكو من وجع في بيته في حجرة عائشة، فصلى الصحابة بصلاته وهم قيام، فأشار إليهم: أن اجلسوا وقال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإن صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى جالساً فصلوا جلوساً)، هذا أمر من النبي عليه الصلاة والسلام، ورأي الحنابلة هو الراجح، أن الإمام إذا صلى من أول الصلاة جالساً لمرض يرجى برؤه وهو إمام راتب فإنه يجوز لنا أن نصلي جلوساً، والدليل هنا: أنه صلى الله عليه وسلم صلى جالساً وأمرهم بالجلوس. لكن الحكم يختلف إن عرض للإمام عارض وهو يصلي، كأن يكون قد دخل في الصلاة واقفاً فصلينا خلفه وقوفاً، وفي الركعة الثالثة أصيب بدوار فجلس، ففي هذه الحالة نصلي قياماً، وهذا هو تفريق الحنابلة وهو دقيق؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته صلى جالساً وصلى أبو بكر قائماً وصلى الناس خلف أبي بكر قياماً، فصلى الصديق بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم قائماً؛ لأنه صلى الله عليه وسلم دخل والصديق يصلي. فهذا معناه: أنه يجوز أن يصلي المأموم واقفاً والإمام جالس، لكن بعض العلماء قالوا: بالنسخ، وبعضهم قالوا: خاصية، وبعضهم لم يفرق، وأنا أبيّن لك الراجح. قال صاحب العدة: فإن صلى الإمام الراتب -إمام الحي- جالساً لمرض يرجى برؤه فعلى القوم أن يجلسوا؛ لقوله: (وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً). وإذا كان لمرض لا يرجى برؤه فلا ينبغي أن يكون إماماً؛ لأنني أجد في بعض أحياء القاهرة أن الإمام مريض مرضاً لا يرجى برؤه، وهو غير قادر على القيام، فتراه يصر على إمامة القوم. يا عبد الله! لا يجوز أن يتقدم للإمامة إلا الأكمل، فالإمام الراتب إذا عرض له عارض فهذا طارئ عليه، فليس معناه أن نؤخره عن الإمامة، فانتبه لمثل هذا التفريق، فهو تفريق دقيق عند الحنابلة، وهو الراجح إن شاء الله. صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت وهو شاكٍ جالساً وصلى وراءه القوم قياماً، فأشار إليهم: اجلسوا ثم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا)، وكلمة: إذا ركع فاركعوا تشير إلى التعقيب السريع؛ لأني أرى البعض يطول يركع الإمام ويسبح ويطمئن وهو لا يزال قائماً في قراءة الفاتحة، حتى إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده ركع عند ذلك، فهذا التأخير لا يجوز، حتى ولو لم تكمل قراءة الفاتحة يلزمك المتابعة. قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا)، والفاء للتعقيب السريع (وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا). وإلى هنا انتهت أبواب كتاب السهو. وانتقل بعد ذلك إلى كتاب الجنائز وهو كتاب مهم جداً، بين فيه البخاري رحمه الله أحكام الميت من لحظة الاحتضار إلى الكفن، وبعض الأحكام الفقهية المهمة جداً التي تغيب عن واقعنا، ولا سيما البدع التي نراها في الجنائز. وهناك فرق بين الجَنازة والجِنازة، فالجَنازة بفتح الجيم: هي الميت، والجِنازة: هي النعش الذي يحمل عليه. عموماً أحكام الجنائز من الأحكام المهمة جداً، ولشيخنا العلامة الألباني إمام أهل السنة في عصره رحمه الله تعالى كتاب يسمى (أحكام الجنائز)، أفاض فيه رحمه الله تعالى، وكتاب الجنائز عند البخاري أيضاً فيه من الأحكام الفقهية ما يدعونا إلى أن نقف كثيراً عنده، فنعرف المباح والجائز والمحذور في فقه الجنائز إن شاء الله تعالى.

الأسئلة

الأسئلة

وضوء من به سلس البول

وضوء من به سلس البول Q رجل مريض بسلس البول، وعليه صلاة فائتة، وعليه الصلاة الحاضرة فتوضأ للصلاة، فهل يتوضأ لأحد الصلاتين ثم يتوضأ للأخرى؟ A وضوء واحد يكفي للصلاتين معاً.

حكم احتراف الموسيقى وآلات اللهو

حكم احتراف الموسيقى وآلات اللهو Q ما رأيك فيمن يقول: احتراف الموسيقى حلال، وقيام غير المسلم ببناء المساجد جائز؟ A يقولون: الموسيقى احترافها حلال! فأين نذهب بالنصوص الشرعية يا عبد الله؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (سيكون من أمتي أقوام يستحلون الحر)، يعني: الزنا، (والحرير والخمر والمعازف)، فالمعازف وآلات الطرب فيها أكثر من حديث ونهي، ولكن يبدو أنه يقلد الدكتور القرضاوي في كتابه فقه الغناء والموسيقى الذي أباح فيه الغناء، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وما سقطت الأندلس إلا بسبب هذه الفتوى الظالمة الجائرة التي أحلت الغناء، ونسأل الله العفو والعافية.

بيان عدد ركعات صلاة الضحى

بيان عدد ركعات صلاة الضحى Q قرأت هذا الحديث وعملت به، وهو أن أخاً لي في الله قال لي: (إن صلاة الضحى ثمان ركعات فقط)، أريد أن أعرف مدى صحة الحديث؟ A صلاة الضحى تبدأ من ركعتين، والحد الأقصى ثمان ركعات؛ لحديث أم هانئ الذي ورد في البخاري.

حكم صلاة النافلة على الراحلة

حكم صلاة النافلة على الراحلة Q هل تكون صلاة النافلة على الدابة أو الراحلة في السفر فقط؟ A صلاة النافلة على الدابة أو الراحلة في السفر والحضر، وهذا باب عند البخاري بوبه؛ ليبين جواز الصلاة على الراحلة في السفر والحضر معاً.

حكم من توافرت لديه القدرة المالية على الحج لكنه اشترى بها سيارة

حكم من توافرت لديه القدرة المالية على الحج لكنه اشترى بها سيارة Q رجل كانت لديه القدرة المادية على الحج، لكنه اشترى سيارة فهل يأثم لذلك؟ وإن كان يأثم هل الواجب عليه بيع السيارة والحج بثمنها؟ A ينظر في أمره فإن كانت السيارة من الضروريات فلا يأثم، وإن كانت من الكماليات فيأثم على حسب حاله، فهناك أناس السيارة في حقهم ضرورية، لا يستغني عنها كالطعام والشراب تماماً، وهناك أناس السيارة في حقهم كمالية، فينظر في حال المكلف.

بيان أن طواف القدوم هو طواف العمرة

بيان أن طواف القدوم هو طواف العمرة Q سأذهب بإذن الله إلى العمرة، فهل لدخول الحرم طواف خاص ثم يليه طواف العمرة، أم هو طواف واحد للقدوم والعمرة؟ A الطواف طواف واحد للقدوم والعمرة، ويسمى طواف العمرة.

تحديد مكان الإحرام للمسافر بحرا

تحديد مكان الإحرام للمسافر بحراً Q إن كنت سأذهب إلى العمرة بالباخرة فمن أين يكون مكان الإحرام بالضبط؟ A يكون مكان الإحرام قبل دخولك المملكة بحوالي ثلث ساعة أو نصف ساعة وسينادي عليك من في السفينة: إننا على اقتراب من الميقات، فلا تقلق من هذه المسألة، ولكن يستحب لك أن تكون مستعداً متهيئاً قبل الميقات، حتى إذا ما وصلت الميقات أحرمت ولبيت ونويت.

حكم قصر المحرم للصلاة على الباخرة وفي مكة

حكم قصر المحرم للصلاة على الباخرة وفي مكة Q وهل تكون الصلاة في مكة قصراً للمعتمر أم على الباخرة فقط؟ A الصلاة على الباخرة تكون قصراً، أما الصلاة في مكة والمدينة، فأنت تصلي في الحرم مأموماً، فغالب الظن أنك تتم؛ لأنك تصلي خلف إمام مقيم. كذلك إذا كنت تريد العمرة في أيام محددة ومعروفة في التأشيرة، فإذا زادت مدة الإقامة عن أربعة أيام فيلزمك أن تتم الصلاة، لا سيما أنك تعلم متى ستعود، أما إذا كنت لا تعلم متى العودة فإنه يجوز لك أن تقصر في هذه المدة، وغالب الظن أن الذين يخرجون إلى العمرة يعرفون متى العودة بالزمان والمكان المحددين، فعليك أن تتم الصلاة، وإذا صليت جماعة قصراً فلا بأس، وتجمع الظهر والعصر؛ لأنك على متن السفر، وليس عليك جمعة؛ لأنك على متن السفر أيضاً.

حكم الزغاريد للنساء يوم العرس

حكم الزغاريد للنساء يوم العرس Q هل الزغاريد للنساء يوم العرس جائز؟ A ليس عندي نص بالجواز، لكن فيه النهي، والله تعالى أعلم.

معنى الكبس وحكمه

معنى الكبس وحكمه Q أخي شاب متزوج وزوجته كانت حاملاً، وفي نفس العمارة التي يسكن فيها أخي تزوج صديق له، فدخلت زوجة أخي وهي حامل لتبارك زواج هذه الفتاة، فتوقف حمل زوجة أخي؛ لأنهم يقولون: إنها كبست زوجة أخي، فما هو الكبس؟ A لا أعرف سوى الكبسة، وهو طعام في السعودية لذيذ وطيب، أما الكبس فهو دجل وشعوذة وأمر ليس من دين الله عز وجل وخرافات وخزعبلات، من الكبس الذي يدعونه: امرأة حامل أو امرأة تلد فيقولون: لا تدخلوا عليها بلحم أو سمك، فإنكم إذا فعلتم ذلك كبست، هذا كله من الشركيات؛ لأن الأمر كله بيد الله عز وجل، فهذا لا يجوز يا عبد الله! لأن هذه أمور تقدح في أمر العقيدة، فالحمل عطاء الله ولا يملك منع الحمل أحد، هذا خزعبلات، ومن الخرافات قولهم: تحضر ثمانية وثلاثين حمامة، كل حمامة تأخذ -لا أدري ماذا- حتى تموت الحمامة الأخيرة، فهؤلاء أناس في عقولهم خلل. وكان عندنا في بعض القرى عادات، منها: إذا جاءت الزوجة الجديدة تحمل في طست وتمر من تحت يدي حماتها؛ إذعاناً في الولاء وأنها تسمع وتطيع، وهذا كله أمور يفعلونها حتى يعمر بها زوجها، وفجأة في الأسبوع الثاني تطلق، فهذه مصيبة كبيرة، وخزعبلات لا زالت تسيطر على عقول الكثير من أبنائنا المسلمين، وهذا لا ينبغي أن يكون. فالكبسة دجل ووهم وشعوذة، والاعتقاد فيها شرك واضح بيّن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من علق تميمة لا أتم الله له).

حكم طاعة الوالدين فيما فيه معصية لله

حكم طاعة الوالدين فيما فيه معصية لله Q يطلب مني أبي تخفيف لحيتي مثل باقي الشباب، وأن أترك شقتي في البيت وهي فارغة من الأمتعة، وذلك بعد أن طلقت زوجتي لسوء خلقها الظاهر والتي أجبرني أبي على الزواج منها، فهل أتبع أبي وأترك سنة النبي صلى الله عليه وسلم. أجبني أفادكم الله؟ A لا طاعة لأبيك أبداً، أطع النبي صلى الله عليه وسلم وخالف أباك، فإن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم مقدمة: (وفروا اللحى)، (أعفوا اللحى)، وهي مؤامرة خبيثة على الإسلام لا ينبغي أن نقع في شراكها، فإن سمت اللحية وسمت النقاب من الإسلام، وهما يحققان التوازن في المجتمع فإياك إياك أن تطيع الأب في معصية الله سبحانه وتعالى.

الحض على التعدد والتزوج من الملتزمات

الحض على التعدد والتزوج من الملتزمات الحقيقة يا إخواني! جاءت أسئلة كثيرة تركز على مسألة الزواج ومسألة التدقيق في الشروط، فإذا أراد أن يتزوج أختاً فاضلة تحفظ القرآن وطالبة علم، وترتدي الخمار والنقاب، وتحافظ على صلواتها وتصوم شهرها، وتطيع زوجها، قال: كبيرة سنة، أو قصيرة ربع سنتيمتر، أو سمينة وبدينة، فإن لم يكن لهذه البنت ملتزم فمن لها يا عبد الله؟! وقد طلب مني أحد الإخوة زوجة عروسة، فجئت له بأخت فاضلة تحفظ القرآن كاملاً، هل بعد ذلك من فضل؟! فلما رآها قال: طيبة، فقلت: فما العيب إذاً؟ قال: غامقة. فاتق الله عز وجل، فإنه لا بد أن نشجع هؤلاء الأخوات على الالتزام. وهناك نظرة لمسائل التعدد، فإن بعض الإخوة لا يضبط المسألة ضبطاً شرعياً، وبعض النساء يرفضن مسألة التعدد، ولا ينبغي أبداً لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ترفض شرع الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36]، والشرع أباح التعدد بضوابطه، فإن استطاع الزوج أن يعدل فمما لا شك فيه أن هذا حق، لكن نظرة المجتمع إلى التعدد الآن نظرة أوروبية غربية كاثوليكية، كما قال بعضهم: إن مصر تزوجت من الإنجليز زواجاً كاثوليكياً لا رجعة فيه، والزواج الكاثوليكي معناه: أن الزوج لا يفترق عن الزوجة أبداً إلا بالموت، وليس له حق في الطلاق أو أن يعدد عليها، هذه نظرة أهل الغرب، أما عندنا في الشرع فالأمر واضح بيّن.

حكم قتل طفل ولد من زنا

حكم قتل طفل ولد من زنا Q رجل زنى بأخته وحملت، ثم وضعت الفتاة، فما حكم هذا الطفل حيث أن هناك من أفتاهم بقتل الطفل فقتلوه؟ A هذه الفتوى خطأ جسيم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال)، فدم هذا الطفل في رقبة المفتي الذي أفتاهم بهذه الفتوى الخاطئة.

دعوة إلى العودة إلى الحجاب والتوبة والاستقامة

دعوة إلى العودة إلى الحجاب والتوبة والاستقامة Q خالتي تتصدر بالفتوى، فما النصح الذي ستقدمونه لها؟ وقد ظلت ورائي حتى تركت الحجاب، وفرح زوجي بي، فما الحكم؟ A يا أمة الله! الدين يؤخذ من أهل الذكر الذين يعلمون الكتاب والسنة، فهل خالتك تعلم الناسخ من المنسوخ؟ وتعلم المحكم من المتشابه؟ وتعلم أسباب النزول؟ هل خالتك لها علم باللغة العربية وقواعدها؟ هذه المسألة مسألة خطيرة جداً، فأقول لك: أنت فرطت؛ لأنك امتثلت لدعوى هؤلاء بخلع الخمار ولبس البنطال، وأول الغيث قطرة ثم يكون سيلاً، إن قاسم أمين لما نادى بكشف وجه المرأة كان هذا هو الطريق الأول للعري، فالطريق الأول أن تخلعي الخمار ثم بعد خلع الخمار لبس النقاب وبعد لبس النقاب الخلع النهائي، وبعد الخلع النهائي كشف الصدرين وهكذا، فالتسليم من أول وهلة، فعليك أن تعودي إلى استقامتك: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:112]، {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزخرف:43]، {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم:12]، والأمر يحتاج إلى قوة في تنفيذ الأحكام الشرعية. أما هذا الزوج -هداه الله عز وجل- الذي يفرح بمعصية الله سبحانه، فليراجع نفسه.

حكم الصور الفوتوغرافية

حكم الصور الفوتوغرافية Q هل المقصود بالصور المحرمة الصور الفوتوغرافية؟ وهل وجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صور فوتوغرافية؟ وما دليل التحريم؟ A التحريم واضح بيّن: (لا تدخل الملائكة بيت فيه صورة ولا كلب)، والنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يصلي ورأى على ستارة عائشة تصاوير مزقها وقال: (إنها شغلتني عن صلاتي)، ولفظ الصورة يمتد إلى هذا وذاك، وليس هناك دليل على التخصيص.

حكم سفر المرأة بدون محرم

حكم سفر المرأة بدون محرم Q هل يجوز لفتاة لم تتزوج أن تسافر لدولة عربية للعمل بدون محرم؟ A يحرم عليها هذا: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم).

حكم من أتى المسجد وصلى خلف إمام يصلي جالسا

حكم من أتى المسجد وصلى خلف إمام يصلي جالساً Q إذا دخلت المسجد ووجدت الإمام يصلي جالساً فهل أصلي جالساً؟ A نعم تصلي جالساً. جزاكم الله خيراً وتقبل الله منا ومنكم. والسلام عليكم ورحمة الله

شرح صحيح البخاري [8]

سلسلة شرح صحيح البخاري [8] جعل الشارع لزيارة القبور ضوابط على الرجال والنساء، فبين أن زيارة النساء للقبور تجوز شريطة ألا تنوح ولا تلطم الخد ولا تشق الجيب، وبين صفة الكفن وعدده، كما أنه يجوز للرجل أن يعد كفنه قبل موته.

باب الكفن بغير قميص

باب الكفن بغير قميص الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: قال البخاري رحمه الله: [باب: الكفن بغير قميص]. يعني: يجوز الكفن بقميص، ويجوز بغير قميص. قال: [حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب سحول كرسف -بيضاء- ليس فيها قميص ولا عمامة)]. تصف عائشة كفن النبي صلى الله عليه وسلم الذي كفن فيه أنه كفن أبيض من اليمن ليس فيه قميص ولا عمامة، وأدرج فيها إدراجاً، قال: (باب الكفن بغير -بلا- عمامة)، سحول بضم المهملتين: منطقة في اليمن، وكانت ثياباً بيضاً.

باب الكفن بلا عمامة

باب الكفن بلا عمامة قال البخاري رحمه الله: [باب: الكفن بلا عمامة. حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة)]. إذاً: الكفن بلا عمامة؛ لأن بعض القرى يعممون الميت، الكفن بغير قميص ولا عمامة هو الأولى وهو المستحب، فكفن النبي صلى الله عليه وسلم مختار من قبل الله عز وجل، وما يختار الله له إلا الأفضل عليه الصلاة والسلام.

باب الكفن من جميع المال

باب الكفن من جميع المال قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: الكفن من جميع المال] من المال قبل التوزيع، يعني: قبل أن نفصل في مؤخر صداق المرأة، وقبل استقطاع الوصايا وتسديد الديون وتوزيع التركة أستقطع من مجمل المال ثمن الكفن، وكذلك ما يلزم لقبره وموته، ولا ميراث إلا بعد سداد الديون: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:11] قال: [به قال عطاء والزهري وعمرو بن دينار. وقال عمرو بن دينار: الحنوط من جميع المال]. ومعنى الحنوط: الطيب الذي يطيب به الميت من جميع ماله أيضاً. قال: [وقال إبراهيم: يبدأ بالكفن، ثم بالدين، ثم بالوصية]. فالكفن قبل الدين وقبل الوصية، فلابد أن يستخرج الكفن والحنوط وما يلزم الميت من مواراته في التراب من إجمالي التركة قبل أي استقطاعات. قال: [وقال سفيان: أجر القبر والغسل هو من الكفن]. يعني: إن كان سيغسل بأجر، وإن كان الكفن أيضاً يلزمه مال، وإن كان القبر يلزمه مال كل ذلك يستقطع قبل توزيع التركة. ثم جاء بحديث عبد الرحمن بن عوف عن أبيه. قال: [أتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يوماً بطعام، فقال: قتل أخي مصعب بن عمير وكان خيراً مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، وقتل حمزة وهو خير مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة، لقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي رضي الله عنه]. عبد الرحمن بن عوف -أحد المبشرين بالجنة- كان صائماً في هذا اليوم، فجاءوا له بطعام قبل غروب الشمس ليفطر عليه، فتذكر مصعب وتذكر حمزة رضي الله عنه، وقال: قتل أخي مصعب بن عمير رضي الله عنه ولم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة. فما وجه استدلال البخاري بهذا الحديث؟ وجه استدلال البخاري بهذا الحديث: أنه لو كان يجوز أن نكفنه من مال غيره لتدافع الصحابة إلى تكفينه من مالهم، لكن الأولى أن يكفن الميت من ماله، فكفن مصعب ما وارى إلا جزءاً يسيراً من بدنه، واكتفى الصحابة بهذا الجزء ولم يأتوا بكفن آخر، ففهم من هذا أنه لابد أن يكفن من جميع ماله. هذا فقه البخاري.

باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد

باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد قال البخاري رحمه الله: [باب: إذا لم يوجد إلا ثوب واحد]. البخاري ينوع ويتفنن في التبويب، يقول: الكفن في ثلاثة، الكفن في ثوبين، الكفن في ثوب واحد، الكفن في قميص، الكفن بغير قميص ولا عمامة، فهنا يقول: (باب: إذا لم يوجد إلا ثوب واحد). ثم أتى بحديث عبد الرحمن بن عوف أنه: أتي بطعام وكان صائماً، فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، وكفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطيت رجلاه بدا رأسه. هنا يصف البردة، وهو القميص الذي كفن فيه مصعب، أنه كان يسيراً صغيراً قصيراً، إذا غطي رأسه بدت رجلاه، وإذا غطيت رجلاه بدا رأسه. قال: وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط -أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا- وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام رضي الله عن أصحاب رسول الله.

باب: إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه

باب: إذا لم يجد كفناً إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه قال: [باب: إذا لم يجد كفناً إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه]. نفس الحديث. حديث عبد الرحمن بن عوف قال: (هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عمير، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها، قتل يوم أحد، فلم نجد له ما نكفنه إلا بردة، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه، وأن نجعل على رجليه من الإذخر) أي: ورق الشجر، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطوا رأسه، وأن يكملوا الكفن من ورق الشجر على رجليه.

باب من استعد الكفن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه

باب من استعد الكفن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه قال البخاري رحمه الله: [باب: من استعد الكفن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه]. Q هل يجوز لي أن أعد كفني الآن قبل الموت أم لا يجوز؟ فمن قال: يجوز يلزمه الدليل، ومن قال: لا يجوز يلزمه الدليل أيضاً. A يجوز أن تعد كفنك من الآن وأن تسميه وتقول: هذا كفني، والدليل ما أخرجه البخاري. قال: [حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل رضي الله عنه: (أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها)]. يعني: شملة، (فيها حاشيتها) يعني: جديدة ليست قديمة. قال: [قال: (أتدرون ما البردة؟ قالوا: الشملة. قال: نعم. قالت: نسجتها بيدي، فجئت لأكسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره)]. يعني: يلبسها فوق الإزار، فتكون على رقبته شملة جديدة، فنظر إليه صحابي، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه لا يرفض طلب سائل ولا يقول له: لا. أبداً. هذا الصحابي اختلفوا في اسمه: هل هو سهل أم عبد الرحمن بن عوف؟ قال: [قال: (فحسنها فلان، -يعني: فاستحسنها فلان- فقال: اكسنيها ما أحسنها، قال القوم)]. يعني: طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه إياها. قال: [قال: (ما أحسنها، قال القوم: ما أحسنت -يعني: عاتبوه ولاموه- لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد -يعني: لا يرد سائلاً- قال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني)]. أي: رجاء أن يكفن فيها. فالسؤال هنا: هل الصحابي أعد الكفن قبل الموت أم لا؟ نعم. أعده، وفي هذا أيضاً: باب: تجهيز الكفن قبل الموت.

باب اتباع النساء الجنائز

باب اتباع النساء الجنائز قال البخاري رحمه الله: [باب: اتباع النساء الجنائز]. هل يجوز للمرأة أن تتبع الجنائز؟ المالكية على الجواز، وأدلة جمهور العلماء على عدم الجواز، وهو الرأي الراجح، والنهي هنا ليس للتحريم وإنما هو للكراهة؛ لأن النص يحمل الكراهة. قال: [حدثنا قبيصة إلى أن قال: عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا)]. هذا الحديث يسمى عند علماء الحديث مرسلاً، إذا قال الصحابي: أمرنا أو نهينا فالناهي والآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت فالآمر هو الله عز وجل، فقوله: أمرنا بكذا ونهينا عن كذا يسمى عند علماء الحديث من مراسيل الصحابة، ولها حكم الرفع، فـ أم عطية رضي الله عنها تقول: (نهينا عن اتباع الجنائز)، أي: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن أن نتبع الجنائز، (ولم يعزم علينا)، يعني: لم يشدد علينا في النهي، وهذا يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة. فبين البخاري أن اتباع الجنائز من الإيمان، وذكر حديث: (من صلى على جنازة ثم تبعها حتى يفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين)، ثم وضح أن أمر الاتباع خاص بالرجال، لكن الصلاة على الجنازة للرجال والنساء معاً؛ لأنه ما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء إلا إذا خص الرجال بدليل. وقول أم عطية: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) يؤكد النهي، لكن المالكية على الجواز شريطة ألا تدخل المقابر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ابنته فاطمة، فلما سألها قالت: أنها كانت في جنازة ثم عادت، فلم ينكر عليها. وقول الجمهور هو الصواب؛ لأن قول أم عطية: (نهينا) فيه نهي واضح عن اتباع الجنائز، (ولم يعزم علينا) أي: لم يشدد علينا في النهي.

باب إحداد المرأة على غير زوجها

باب إحداد المرأة على غير زوجها قال البخاري رحمه الله: [باب: إحداد المرأة على غير زوجها]. ومعناه: الحداد، وهو أن تنتهي المرأة عن التطيب والتزين، وأن تلبس الأسود وتستقر في بيتها، ولا تخرج أبداً إلا لمسوغ شرعي. ولا يجوز للمرأة أن تحد على غير زوجها أكثر من ثلاثة أيام، وإن طلبها زوجها للجماع في هذه المدة فرفضت فهي عاصية؛ لأن الحداد على غير الزوج ليس على سبيل الوجوب، وإنما هو على سبيل الاستحباب، أما الحداد على الزوج فهو على سبيل الوجوب؛ ولذلك نهى عمر امرأة عن الحج وأعادها من ذي الحليفة؛ لأن زوجها قد مات، فلا يجوز للمرأة أن تخرج بحال عند حدادها على زوجها المتوفى. قال: [قال: توفي ابن لـ أم عطية رضي الله عنها، فلما كان اليوم الثالث -يعني: اليوم الثالث من موته- دعت بصفرة فتمسحت به]. يعني: بطيب وتطيبت لزوجها بعد ثلاثة أيام، والزوجة التي تحد أكثر من ثلاثة أيام على غير زوجها آثمة عاصية، والحداد في الإسلام لا يكون إلا للمرأة فقط دون الرجل، لكن بعض الرجال يلبس السواد ويعفي اللحية -هذا خير إن شاء الله- وينكس العلم ويقول: دقيقة حداد على روح المرحوم! وهل هناك في الإسلام دقيقة حداد؟! هذا ليس من الشرع في شيء، وإقامة الحفلات لتأبين المرحوم ليست من الشرع، وعندما يصفر الحكم قبل المباراة، ويقف اللاعبون دقيقة حداد هذا كله ليس من الشرع، وإنما هو تقليد أوروبي أخذناه، فالحداد للزوجة على زوجها أربعة أشهر وعشر، لا تخرج من بيتها ولا تتطيب، ولا تضع الكحل في عينها، ولا تلبس أبداً لوناً بخلاف السواد؛ لأن هذا يشير إلى عظم حق الزوج عليها، ولا تخرج إلا لطعام وليس لها من يشتريه، أو تخرج لطبيبة عند تعذر مجيء الطبيبة إلى المنزل، لكن الحج لا يجوز أن تخرج إليه، فهل هذا يقع في حياتنا؟ بعد أسبوع من وفاة زوجها تقول: الله يرحمه ويحسن إليه! وتخرج شمالاً ويميناً! هذا يا عبد الله! مخالف للشرع، والحداد على الابن أو الأخ أو العم أو الخال أو الأم أو الأب يكون ثلاثة أيام، فإن مات أخوها مثلاً وطلبها الزوج لفراشه فلا يجوز لها أن تمتنع حتى في مدة الثلاثة أيام. قال: [قال: فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به، وقالت أم عطية: (نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج). وروى الحميدي عن زينب بنت أبي سلمة قالت: (لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث، فمسحت عارضيها وذراعيها، وقالت: إني كنت عن هذا لغنية، لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً)]. قال: فمن صيغ التحريم لا يحل بمعنى: يحرم. [ثم أتى البخاري بحديث أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست، ثم قالت: ما لي بالطيب من حاجة)]. يعني: زينب بنت جحش لما مات أخوها دعت بطيب بعد اليوم الثالث، ثم قالت: أنا لا أحتاج إلى الطيب، لكن النساء كن يقفن عند الشرع. قال: [قالت: (ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)]. فهذه الأحاديث كلها تبين الحكم الشرعي في الحداد.

باب زيارة القبور

باب زيارة القبور قال البخاري رحمه الله: [باب: زيارة القبور]. بعد أن بين الحداد وهو يتعلق بالمرأة بين زيارة القبور بالنسبة للنساء أيضاً، ولم يصح عند البخاري حكمٌ فيها بالمنع أو بالإيجاب، فمن فقه البخاري أنه إن لم يجد حكماً شرعياً عنده يترك الباب دون حرمة أو جواز. يقول: زيارة القبور، فلم يقل: باب: جواز زيارة القبور، ولم يقل: باب: حرمة زيارة القبور، إنما وضع الباب دون أن ينتهي إلى حكمه. قال البخاري رحمه الله: [باب: زيارة القبور. حديث أنس بن مالك: (مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر)]. فجمهور العلماء أنه يجوز للمرأة أن تزور القبور؛ لأن المرأة كانت على القبر فلم ينهها النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن النياحة ورفع الصوت ولطم الخد وشق الجيب، أو أن تأتي بفعل من أفعال الجاهلية. الأحاديث الأخرى تقول: (تبكي على ولدها) وفي رواية أخرى: (صبيها) أي: ولدها، ولم ينهها عن البكاء؛ لأن البكاء مشروع: (إن العين لتدمع)، ولكن البكاء المقصود في الحديث هو: النياحة، أي: كانت تنوح. قال: [قال: (اتق الله واصبري)]. وفي الحديث جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الرجل إلى المرأة التي لا يعرفها ولا تعرفه. وفي الحديث جواز مخاطبة المرأة طالما أنه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولضرورة شرعية مع غض الطرف وأمن الفتنة، فلا يجوز مخاطبة النساء إذا لم تأمن الفتنة، ويجوز إلقاء السلام على المرأة عند المالكية إذا أمن الفتنة، وهذا هو الصحيح. رجل وجد امرأة في طريق عام فقال: السلام عليكم. قالت: وعليكم السلام ورحمة الله، فإن أمنت الفتنة فلا بأس وإن لم تأمن الفتنة فلا يجوز، فالمرأة تلقي السلام إذا أمنت الفتنة، والرجل يلقي السلام إذا أمن الفتنة. قال: [(قال: اتق الله واصبري)]. أمرها بتقوى الله عز وجل وأمرها بالصبر. قال: [(قالت المرأة: إليك عني -يعني: انصرف عني- فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها رجل: إنه النبي عليه الصلاة والسلام، فأتت المرأة النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين)]. أي: لا يوجد عنده حرس، دخلت إليه مباشرة صلى الله عليه وسلم. قال: [قال: (لم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك يا رسول الله! فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى)]. والصدمة تطلق حينما يصطدم شيء صلب بآخر، ولذلك سميت المصيبة صدمة؛ لأن المصيبة تأتي فتصدم القلب، وإذا مر على المصيبة أيام يهون الأمر، فحقيقة الصبر عند وصول الخبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) فأول ما يأتيك الخبر تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، رضيت بأمر الله، فالصبر الحقيقي عند الصدمة الأولى، عندما يأتي الخبر وتتلقاه؛ لأنه يكون عسيراً قوياً شديداً على القلب، أما إذا مر عليه أيام فإنه يهون؛ لأن الأيام ينسي بعضها بعضاً. من فوائد الحديث: مشروعية زيارة القبور للرجال والنساء. قالت أمنا عائشة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور، ثم قال: ألا إني نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها) فالأمر للرجال والنساء على السواء، لكن لا ينبغي للمرأة أن تتعود الزيارة؛ لأن ذلك يفضي إلى النياحة: (لعن الله زوارات القبور) يعني: المكثرات من الزيارة، أما إذا زارت بغير تعطر، وزارت بحجاب شرعي وبغير اختلاط؛ للعبرة والعظة والدعاء فلا يمنعها أحد البتة، وهذا هو رأي جمهور العلماء. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وفي السر والعلن؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الاعتكاف في التسع الأول من ذي الحجة وحكم قيام الليل جماعة

حكم الاعتكاف في التسع الأول من ذي الحجة وحكم قيام الليل جماعة Q ما حكم الاعتكاف في التسع الأول من ذي الحجة، وحكم قيام الليل في جماعة؟ A أما الاعتكاف فمن الأعمال الصالحة، أما حكم قيام الليل في جماعة فالاتفاق على أن قيام الليل في جماعة لا يجوز إلا في رمضان.

حكم زكاة الدين

حكم زكاة الدين Q رجل تاجر له أموال عند المدينين، هل يخرج الزكاة عما في أيديهم؟ A أولى الأقوال وأرجحها: أنه يخرج عنها حينما تحل في يده عن المدة التي كانت في يد المدين.

حكم خروج المرأة الموظفة في عدة الوفاة

حكم خروج المرأة الموظفة في عدة الوفاة Q ما حكم المرأة التي مات زوجها وهي موظفة، هل لها أن تخرج؟ A تأخذ إجازة أربعة أشهر وعشراً، لابد من ذلك؛ لأن هذا ليس شرطاً من شروط خروجها، فالمرأة مأمورة أن تمكث: (الزمي بيتك)، فلا بد أن تلزم البيت في هذه المدة.

ضرورة التعضيد بالدليل في الأمور المتعبد بها

ضرورة التعضيد بالدليل في الأمور المتعبد بها Q من قال: لا يجوز أن يجهز الإنسان كفنه وهو حي عليه بالدليل، هل يصح أن يقال: إن الأصل الإباحة والذي يمنع ملزم بالدليل؟ A لا، لا يصح؛ لأن الأصل في العبادات التوقف والأصل فيها التحريم إلا ما جاء فيه نص، فلا تعبد إلا بنص، والكفن من العبادات، والعبادات يلزمك أنت الدليل على فعلها.

حكم خروج المرأة في جنازة أمها وهي في فترة حداد على زوجها

حكم خروج المرأة في جنازة أمها وهي في فترة حداد على زوجها Q هل يجوز للمرأة أن تخرج لجنازة أمها في فترة الحداد على زوجها؟ A قلت: لا يجوز، بل الحج الواجب عليها لا ينبغي أن تخرج إليه، فمن باب أولى ما هو دون الحج.

حكم خروج المرأة لزيارة القبور في العيد

حكم خروج المرأة لزيارة القبور في العيد Q هل يجوز للمرأة أن تخرج لزيارة القبور في يوم العيد؟ A لا يجوز للمرأة أن تخرج لزيارة القبور في يوم عيد ولا للرجال؛ لأن هذا يوم عيد فيه البهجة والسرور والسعادة، وليس فيه الحزن والاكتئاب وزيارة القبور كما يفعل البعض، فزيارة القبور في العيد لا تجوز؛ لأن هذه أيام لا ينبغي أن ندخل فيها الحزن على أنفسنا ولا على أبنائنا، وبعض الناس يقول: أول عيد للمرحوم! ويقول: نتلقى العزاء في يوم العيد. أقول: المرحوم قد أفضى إلى ما قدم، فلا ينبغي أبداً أن ندخل الحزن على الناس في يوم العيد، وينبغي أن تكون السعادة والبهجة موافقة للشرع.

حكم اللحن في التكبير في الصلاة

حكم اللحن في التكبير في الصلاة Q هل اللحن بالتكبير يبطل الصلاة؟ A قد يبطلها، إن قال: الله أكبار. هذا ما كبر، وتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، فهو لم يكبر للإحرام؛ لأنه لحن فيه لحناً جلياً، فقد يبطل الصلاة إن تعلق بتكبيرة الإحرام.

حكم اللحن في الفاتحة في الصلاة

حكم اللحن في الفاتحة في الصلاة Q ما هو حكم اللحن في الفاتحة؟ A إن لحن في الفاتحة لحناً جلياً كأن لم يخرج مخارج الحروف من لسانه في قوله: الذين. قال: اللَّذين فقد لحن لحناً جلياً يبطل الصلاة، فإن قال: أنعمتُ بطلت الصلاة، أو قال: مالكْ بتسكين الكاف -وهذا يفعلها الكثير- بطلت الصلاة. فانتبه إلى مثل هذا. مداخلة: أما اللحن غير الجلي مثل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ} [الفاتحة:1 - 7]، فالغين في كلمة (غير) مخرجها من الحلق، فقد يخرجها من غير مخرجها، معنى ذلك أنه لحن لحناً خفياً، وهو أنه لم يخرج الحرف من مخرجه. كذلك: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:7] ففي كلمة الضالين ست حركات، فإن لم يمد فيها فإن الصلاة لا تبطل؛ لأنه لحن لحناً خفياً، فهناك فرق بين اللحن الجلي واللحن الخفي.

حكم عدم استجابة الإمام لرد المأموم له إن أخطأ في القراءة

حكم عدم استجابة الإمام لرد المأموم له إن أخطأ في القراءة Q إذا كنت مأموماً ولحن الإمام لحناً جلياً فرددته عن خطئه فلم يرجع، فماذا أفعل؟ A إن قال: أنعمتُ عليهم، قل: أنعمتَ، فإن قال: أنعمتُ، قل: أنعمتَ، فإن أصر على خطئه خرجت من الصلاة ولا تهتم به؛ لأن الصلاة هنا باطلة، كذلك إذا ركع ركوعين أو سجد سجدة واحدة.

توضيح اللحن الجلي وضرب الأمثلة على ذلك

توضيح اللحن الجلي وضرب الأمثلة على ذلك Q ما هو اللحن الجلي مع توضيح ذلك؟ A اللحن الجلي: هو أن يلحن في تشكيل حرف، أو ألا يخرج لسانه في حرف يستوجب الإخراج، مثل قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11]، فيقول فيها: فحدس، فكلمة (حدس) لها معنى آخر، و (حدث) لها معنى آخر، ويعتبر لحناً جلياً؛ لأنه غير معنى الكلمة. كذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ} [فاطر:28] فالقارئ رفع لفظ الجلالة وقال: إنما يخشى اللَّهُ، والقراءة المتواترة: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ} [فاطر:28] فإن قال: (اللهَ) غير المعنى. كذلك: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة:3]، يعني: أن الله والرسول بريئان من المشركين، فإنه قال: (ورسولَهِ) أثبت أن الله بريء من رسوله! فغير المعنى، فانتبه يا عبد الله! فهذا معناه أن التشكيل يغير المعنى ويجعل للكلمة موقعاً آخر. وبعض الإخوة يخطئ في القراءة بأن يقف في غير الموقف الصحيح، كأن يقول: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر:16]، ويريد أن يبدع فيقول: {الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر:16] وهذا خطأ؛ لأن {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر:16] جملة، و {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:16] جملة أخرى، فإن بدأ بقوله: {الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر:16] غير موقع كلمة الملك. مثل ذلك: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى} [الأعلى:11]، فيخطئ ويقول: {الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} [الأعلى:11 - 12]، فجعل الأشقى مبتدأً، وأصلها: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى} [الأعلى:11]. ومثل ذلك: قوله تعالى في سورة يوسف: {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف:51]، فيخطئ في هذه القراءة فيقول: {الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف:51]، وكأنه لغز، فيغير المعنى تماماً ويظن أنه يبدع في القراءة. فبعض الناس يقرأ وهو لا يتقن البدء، لذلك هناك ما يسمى عند العلماء في القرآن بالبدء القبيح، مثاله: في قوله تعالى في سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور:19]، فإذا به يقول: ((الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ))! أعوذ بالله! إنك غيرت المعنى، فهذا يسمى بدءاً قبيحاً. وقد كنت أصلي المغرب خلف إمام فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] فانقطع نفسه، فقال بعدها: ((وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ))، فجعل الحجارة هي التي عليها ملائكة نسأل الله العافية! فانظر إلى البدء القبيح كيف يغير المعنى، فلا ينبغي لإمام أن يبدأ بهذه الطريقة.

حكم من نذرت ولم تستطع أن توفي بنذرها

حكم من نذرت ولم تستطع أن توفي بنذرها Q امرأة نذرت صيام الأيام القمرية، فهو في حقها واجب الصيام، ولكنها قد كبرت ولا تستطيع، فهل لها كفارة؟ A إن نذرت أن تفعل ولم تستطع عليها كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام مرة واحدة فقط.

مشروعية صلاة النافلة في يوم الجمعة حتى يؤذن المؤذن للخطبة

مشروعية صلاة النافلة في يوم الجمعة حتى يؤذن المؤذن للخطبة Q هل ورد عن الصحابة أنهم كانوا يصلون عدداً غير معين من الركعات قبل الجمعة حتى يؤذن للخطبة؟ A نعم. الحديث الوارد في الجمعة: أنك تبكر ليوم الجمعة وتصلي ما شاء الله لك، نافلة مطلقة.

حكم من صلى ثم علم بنجاسة في بدنه بعد انتهائه من الصلاة

حكم من صلى ثم علم بنجاسة في بدنه بعد انتهائه من الصلاة Q صليت الفريضة وبعد ذلك بساعتين تقريباً اكتشفت نجاسة في قبلي، فهل أعيد الصلاة؟ A تعيد الصلاة إن لم يخرج الوقت، فإن خرج الوقت فلا إعادة عليك.

حكم تشمير الثياب في الصلاة

حكم تشمير الثياب في الصلاة Q ما حكم تشمير الثياب في الصلاة؟ A على الكراهة. وأكتفي بهذا القدر. وأسأل الله عز وجل أن نلتقي على خير.

شرح صحيح البخاري [9]

سلسلة شرح صحيح البخاري [9] إن من إكرام الله للإنسان أنه أقبره بعدما أماته، وجعل لموته أحكاماً ينبغي للمسلمين أن يتعلموها، من تغسيل وتكفين وتطييب، صيانة وكرامة لهذا الإنسان.

إشعار الميت

إشعار الميت الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زلنا مع صحيح الإمام البخاري في: (كتاب الجنائز)، وسنذكر الباب الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر قبل الشروع في باب: (الثياب البيض للكفن). قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: (كيف الإشعار للميت)]. يقول البخاري رحمه الله: حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنا ابن جريج أن أيوب أخبره قال: سمعت ابن سيرين يقول: جاءت أم عطية رضي الله عنها، امرأة من الأنصار من اللاتي بايعن، قدمت البصرة، تبادر ابناً لها فلم تدركه، فحدثتنا قالت: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته). وحديث غسل بنت النبي عليه الصلاة والسلام هو العمدة في هذه الأبواب، وهو من طريق أم عطية رضي الله عنها، وأم عطية رضي الله عنها صاحبة الحديث الخاص بالختان في سنن أبي داود، وقد صححه الحافظ ابن حجر والحافظ ابن عساكر والعلامة الألباني، إذ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وهي تختن النساء: (أخفضي ولا تنهكي؛ فإنه أحظى للزوج وأبهى للوجه). قالت أم عطية (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً، فإذا فرغتن فآذنني. قالت: فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه) والحقو هو الإزار، فقد كان يلبسه عليه الصلاة والسلام. (فقال: أشعرنها إياه ولم يزد على ذلك). ومعنى: (أشعرنها إياه): أي: اجعلن الإزار يباشر ويمس جسدها رضي الله عنها وقد سبق وأن بوب البخاري رحمه الله تعالى باب: (هل تكفّن المرأة في إزار الرجل؟)، إذ إن النبي عليه الصلاة والسلام خلع إزاره وجعله كفناً لابنته زينب كما في حديث أم عطية رضي الله عنها.

باب هل يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون

باب هل يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون قال البخاري رحمه الله: [باب: هل يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون]. أي: يُجعل شعرها خلفها بعد غسلها ثلاث ضفائر. يقول البخاري رحمه الله تعالى: [حدثنا قبيصة: حدثنا سفيان عن هشام عن أم الهذيل عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (ضفرنا شعر بنت النبي صلى الله عليه وسلم تعني ثلاثة قرون)، وقال وكيع: قال سفيان: ناصيتها وقرنيها]. أي: أنها ضفرت الناصية وقرنيها، وفي هذا: أن السنة عند غسل المرأة أن يضفر شعرها ثلاث ضفائر، وأما عند غسل الجنابة فلا ينبغي للمرأة أن تفك ضفيرتها، وإنما يكفيها أن تنضحها بالماء، وقد كانت أمنا عائشة رضي الله عنها تقول: عجباً لـ عبد الله بن عباس يأمر النساء بفك ضفائرهن عند الغسل من الجنابة! ألا يأمرهن بحلق رءوسهن، إني اغتسلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ونضحت ضفيرتي، أي: أن أمنا عائشة كانت تخالف ابن عباس في بعض المسائل، ومنها هذه المسألة، لكن خير من تخبر بأحوال النساء النساء، فـ عائشة رضي الله عنها تخبر أنها كانت صاحبة ضفيرة، وكانت لا تفكها عند غسل الجنابة، وإنما تنضحها بالماء.

باب يلقى شعر المرأة خلفها

باب يلقى شعر المرأة خلفها قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: يلقى شعر المرأة خلفها: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام بن حسان، قال: حدثتنا حفصة عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اغسلنها بالسدر وتراً ثلاثاً أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافوراً، أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه، فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، وألقيناها خلفها)، أي: ألقين الضفائر خلفها بعد غسلها. وكل هذه الأبواب تدور على حديث واحد، لكن البخاري يتفنن في التبويب، إما للطيفة في السند، وإما للطيفة في المتن. وقد بوّب عليه -كما رأينا- قبل أن نبدأ في الكفن: باب: (ما يستحب أن يغسل وتراً)، وباب: (يبدأ بميامن الميت)، وباب: (مواضع الوضوء من الميت)، وباب: (هل تكفّن المرأة في إزار الرجل)، وباب: (يُجعل الكافور في آخره)، وباب: (كيف الإشعار للميت)، وباب: (هل يُجعل شعر المرأة ثلاثة قرون)، وباب: (يلقى شعر المرأة خلفها)، وكل ذلك يدور على حديث واحد، وهو حديث أم عطية في كيفية غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم.

باب الثياب البيض للكفن

باب الثياب البيض للكفن ثم شرع البخاري رحمه الله تعالى في باب: (الثياب البيض للكفن)، أي: أن الرجل والمرأة يكفنان في ثوب أبيض على السواء، وهذا على سبيل الاستحباب لا الوجوب، فيكفن الرجل بثلاث قطع، ويمكن أن يكون قطعتين أو قطعة واحدة -والبخاري رحمه الله تعالى يستدل على هذا بالأحاديث التي سأذكرها- ويمكن أن يكون كفن الرجل قميصاً، والقميص إما أن يكون له أزرار، وإما أن يكون بلا أزرار، وإما أن يكون سابغاً، أي: طويلاً، وإما أن يكون قصيراً، وسنذكر بعد قليل واقعة: عبد الله بن أبي ابن سلول الذي كفّنه النبي صلى الله عليه وسلم في قميصه وتفل عليه. وفي رواية: أنه أخرجه من قبره وتفل عليه تبركاً، وكفّنه في قميصه. أي: تشفّعاً بأثر النبي عليه الصلاة والسلام، ولما قام يصلي عليه قال له عمر: (يا رسول الله تصلي عليه وهو القائل كذا وكذا؟ تصلي عليه وقد فعل كذا وكذا؟ فقال: إن الله خيّرني فقال: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم)، قال تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:80]، ثم أنزل الله سبحانه: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة:84]، ففيه بيان من الله عز وجل في عدم جواز الصلاة على المنافق، أي: صاحب النفاق الاعتقادي لا العملي. قال البخاري رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية، بيض سحولية -من القطن- من كرسف، ليس فيهن قميص ولا عمامة). إذاً: لا يختار الله لنبيه إلا الأفضل، فقد كُفّن عليه الصلاة والسلام في ثلاثة أثواب فقط، وهذا هو الأفضل بالنسبة للأمة، فتكفّن موتاها كما كُفّن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا على وجه الاستحباب، لكن مصعب بن عمير رضي الله عنه قد كُفّن في قطعة واحدة، لأنهم لم يجدوا له إلا ذلك، فقد كانوا إذا غطوا أعلاه بدا أسفله، وإذا غطوا أسفله بدا أعلاه، وجاء عن عبد الرحمن بن عوف -وكان من المبشرين بالجنة- أنه كان صائماً يوماً، فجاءوا له بالطعام ليفطر فقال: ارفعوا الطعام عني، فلقد قتل أخي مصعب بن عمير ولم نجد له كفناً نواري به جسده إلا جزءاً يسيراً، إذا سترنا أعلاه بدا أسفله، وإذا سترنا أسفله بدا أعلاه، فأخشى أن تكون طيباتنا قد عُجّلت لنا، وأبى أن يأكل رضي الله عنه وأرضاه. وكذلك الرجل الذي وقصته دابته وهو محرم، فقد كفن في قطعتين: هما الإزار والرداء، وعليه فيجوز أن يكفّن الرجل في ثوبين، ويجوز أن يكفّن في ثوب واحد، لكن المستحب أن يكفّن في ثلاثة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كُفِّن في ثلاثة أثواب يمانية بيض من قطن ليست مخططة. وفي الحديث عند الإمام الطبراني وإن كان فيه ضعف، قال: (البسوا الثياب البيض؛ فإنها أطهر وأطيب، وكفّنوا فيها موتاكم)، صححه الترمذي والحاكم. وربما يقول قائل: كيف نكفّن المرأة والرجل في البياض، رغم أن المأمور هو المخالفة بين المرأة والرجل؟ و A أنه بعد الموت لا يعد هناك تشبه؛ لأن الجميع يوارى في التراب، أما في الحياة فقد لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل، والرجل يلبس لبسة المرأة، أي: أن ملابس النساء خاصة بهن، وملابس الرجال خاصة بهم، فلا يجوز لأي من الجنسين أن يتشبه بالآخر. وأما بالنسبة للقميص والعمامة للميت ففيه خلاف بين العلماء، لكن المستحب ألا يكفّن الرجل في قميص ولا في عمامة، وإنما في ثلاثة أثواب يُدرج فيها إدراجاً، فتطبق على الميت من الجانبين.

باب الكفن في ثوبين

باب الكفن في ثوبين قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب (الكفن في ثوبين)]. بعد أن بين البخاري أن المستحب والأفضل والمندوب أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب قال: [باب الكفن في ثوبين]؛ لأنه ربما يعجز عن إيجاد ثلاثة أثواب، فنقول: تكفي الثوبين. قال رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بينما رجل واقف بعرفة، إذ وقع عن راحلته فاوقصته)] أي: كسرت عنقه. قال: [(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين)]، فثوبين هنا مطلق، أي: في أي ثوبين، لكن في روايات أخرى: (وكفنوه في ثوبيه)، أي: الإزار والرداء. لذلك فالروايات لا بد أن تُجمع؛ ليقيد المطلق، أو يخصص العموم، أو يوضح المبهم، أو يبين المعنى، فمثلاً: أورد النووي حديثاً في كتاب: (رياض الصالحين): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)، فما معنى: ليخالفن الله بين وجوهكم؟ وضحتها الرواية الأخرى: (أو ليخالفن الله بين قلوبكم). إذاً: فمخالفة الوجوه تعني: مخالفة القلوب، فنكون بجوار بعضنا البعض وهناك اختلاف في القلوب، وليسنا على قلب رجل واحد. وبعض العلماء قالوا: (أو ليخالفن الله بين وجوهكم)، أي: أن الوجه يلتف، فيصبح القفا في الوجه، ويصبح الوجه في القفا، وهذا رأي مرجوح؛ لأن النص الآخر قد بيّن معنى المخالفة، إذاً فجمع النصوص يبين المعنى. ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ولا تحنطوه)، أي: لا تطيبوه. (ولا تخمروا رأسه)، أي: لا تغطوا رأسه. (فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً). وفي هذا دليل على أن العبد إذا مات على عمل صالح ولم يتمه يُكتب له الأجر كاملاً، فلو أن رجلاً ذهب للحج، وبعد أن أحرم قُبض في جدة، فإنه يُكتب له أجر الحج؛ لأنه نوى وعزم وأحرم من الميقات وتوجه، والذي حال بينه وبين النسك الموت، وفي هذا أيضاً أن حُسن الخاتمة أن يموت العبد على طاعة. قال العلماء: وفي هذا دليل على أن غير المحرم يحنّط؛ لأن قوله: (لا تحنطوه) أن من عادتهم أن يحنطوا الميت، وليس المقصود من التحنيط هو التجميد في الثلاجة كما يوضع البعض أشهراً فيها، ويقال عنه: هذا ميت إكلينيكياً لكنهم يضعون له الأجهزة الخاصة بالإنعاش، وهذا كلام لا يمكن أن يقبل بحال؛ لأنه ليس من دين الله سبحانه. وهذا أخ فاضل يسأل عن رجل أثبت الأطباء موته، فهل يجوز أن ننزع الأجهزة التنفسية الصناعية منه أم نتركها؟ فأقول: يا عبد الله! إذا جاء الأجل وتوقف القلب فقد انتهى الأمر، فلم تتدخل طالما أن الأجل قد انتهى والآجال بيد الله سبحانه، فإذا مات إكلينيكياً أو توقف الدم عن النبض فما تفعله بعد ذلك ما هو إلا تأخير لا ينبغي أبداً، طالما أننا قد تأكدنا من موته، والله تعالى أعلم. ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ولا تخمروا رأسه)، أي: لا تغطوا رأسه، ومعنى ذلك: أنهم كانوا يغطون رأس الميت، وأما كشف وجه الميت في القبر فليس عليه دليل، وإنما يظل على حاله، أي: مغطى.

باب الحنوط للميت

باب الحنوط للميت قال البخاري رحمه الله: [باب: (الحنوط للميت)]. وأورد البخاري رحمه الله تعالى حديث الرجل السابق -الذي وقصته دابته- من طريق ابن عباس أيضاً، لكن شيخ البخاري هناك هو: أبو النعمان، بينما شيخه هنا هو: قتيبة، لكن البخاري يعيد الحديث لعلة. قال البخاري رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة حدثنا حماد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما] فالسند هو هو، لكن الخلاف في الشيخ رغم أن الراوي الأعلى هنا ابن عباس وهناك ابن عباس عن سعيد بن جبير، وسعيد بن جبير هو تلميذ ابن عباس، وقد أخذ عنه التفسير والأحاديث، ويعد من كبار التابعين، وقد قتله الحجاج بن يوسف ظلماً. قال البخاري رحمه الله تعالى: [(بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، إذ وقع من راحلته فاوقصته، أو قال: فأقعصته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً). وتحنيط الميت، أي: تطييبه بالطبيب]. وقد استدل البخاري رحمه الله تعالى بهذا الحديث على مشروعية تطييب الميت، وذلك من لفظة: (لا تحنطوه)، ففُهم أنهم يحنطون، والبخاري رحمه الله تعالى فقيه قبل أن يكون محدثاً.

باب كيف يكفن المحرم

باب كيف يكفن المحرم قال البخاري: [باب: (كيف يكفن المحرم)]، وكلها تدور حول حديث واحد، أي: حديث الذي سقط من على دابته يوم عرفة. قال البخاري رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو النعمان أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما]. فهنا يحدث أبو النعمان عن أبي عوانة، وهناك حدث عن حماد، إذاً: هناك اختلاف في السند. ويمكن أن يعيد البخاري هذا الحديث في كتاب الحج؛ ليستدل به على مشروعية الحج راكباً؛ لأن الرجل وقع من على دابته وهو يؤدي مناسك الحج، وقبل ذلك: فقد حج النبي عليه الصلاة والسلام راكباً، ويمكن أيضاً أن نستنبط من هذا الحديث كثيراً من الأحكام الشرعية. قال البخاري رحمه الله تعالى: [(أن رجلاً وقصه بعيره، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر)] ففي الحديث مشروعية ركوب البعير، لكن في القرآن: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل:8]، إذاً جواز ومشروعية ركوب البعير مأخوذ من السنة المطهرة. ثم قال عليه الصلاة والسلام: (وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً)، فهذه الرواية قد فسّرت معنى: تحنطوه، ثم قال: (ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً).

باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص

باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص قال البخاري رحمه الله: [باب: الكفن في القميص الذي يكف، أو لا يكف، ومن كفن بغير قميص]. إذاً: فهو رحمه الله تعالى قد تحدث عن الكفن في ثلاثة أثواب، ثم تحدث عن الكفن في ثوبين، وهناك تحدث عن الكفن في قميص، وهذا إن دل فإنما يدل على الفقه العالي لدى البخاري رحمه الله تعالى، وأيضاً قد تفنن في التبويب، فمن حديث واحد أخذ أكثر من باب. وقد اختلف العلماء في معنى قوله: (يكف)، فمنهم من قال: يكف بمعنى: يغلق بأزرار. ومنهم من قال: يكف، أي: يغطي، فيكون سابغاً طويلاً. ومنهم من قال: معنى: (لا يكف)، أي: قصيراً. ومنهم من قال: (لا يكف)، أي: لا يغلق. قال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا مسدد ومسدد هو أحد شيوخ البخاري، وللبخاري في الصحيح (279) شيخاً، وقد أفرد بعض العلماء شيوخ البخاري بالترجمة في كتب مستقلة، ومن أشهر شيوخ البخاري في الصحيح: مكي بن إبراهيم وعبد الله بن يوسف التنيسي وحماد وإسحاق وعلي بن المديني وغيرهم من المحدثين الأعلام. ثم قال رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال: حدثني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما]. فالحديث ينتهي إلى عبد الله بن عمر، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأنا أذكر السند لتعرف أن السند من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. ثم قال رحمه الله تعالى: (أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم)، وعبد الله بن أبي هو الذي أنزل الله سبحانه وتعالى فيه قرآناً حينما قال: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} [المنافقون:8]، يقصد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف ابنه عبد الله على باب المدينة ومنعه من دخولها، وقال: (والله يا رسول الله لن يدخلها حتى يعلم من الأعز ومن الأذل)، وهذا هو ابنه رضي الله عنه، فتأمل الإيمان الحقيقي، ثم قال رضي الله عنه: (يا رسول الله! إن أمرت بقتل أبي فلا تأمر سواي حتى لا يقتله غيري، فتأخذني الحمية فأقتل من قتل أبي، فأكون قد قتلت مسلماً بكافر)، فهنا يظهر الولاء والبراء، والموالاة والمعاداة، إذ هي من أوثق عرى الإيمان. والعجب أنك تجد أناساً يقومون على عمل إسلامي، فيفتخر أحدهم بأنه عضو في جماعة نصرانية! ويقول: أنا أحب ميلاد يوحنا حبيبي وصديقي! فهل هذا ولاء وبراء؟ وهل أُمرنا أن نوالي من عادى الله ورسوله؟! إنه لابد أن نعلن العداوة: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ} [المجادلة:22]، وأوثق عرى الإيمان هي الحب في الله والبغض لله، فأين عقيدة الولاء والبراء؟ {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4]، فهذه عقيدة الولاء والبراء التي قد ضاعت عندنا، فحينما أحب المشرك وأقبّله وأحتضنه وأواسيه وأزامله أكون قد هدمت أوثق عرى الإيمان. وهذا نقد صحيح في محله، لذلك فحينما أسمع بعض الناس، بل ممن يشار إليهم بالبنان: أنه لا فرق بين مسلم وغير مسلم! أصاب بالإحباط، وربنا يقول: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:35 - 36]. قال: (يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه)، أي: أن النبي عليه الصلاة والسلام قد استجاب لطلب الابن، رغم أن أباه معروف بالكفر والنفاق، لكنه محسوب على المسلمين في الظاهر، فقد قال كلمة التوحيد بلسانه، لكن قلبه على الكفر والنفاق والشرك. قال: (فقال: آذني أصلي عليه)، أي: بعد أن تكفنه ناد عليّ لأصلي عليه. (فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه)، ولا نعتقد أن عمر جذب النبي صلى الله عليه وسلم بسوء أدب، بل جذبه يخاطبه، فقال: (أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال: أنا بين خيرتين، قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ

الأسئلة

الأسئلة

جواز المساعدة في الزواج

جواز المساعدة في الزواج Q هل يجوز لي أن أساعد أخي في زواج ابنته بدلاً من الأضحية؟ A نعم يجوز؛ لأن الأضحية سنة مؤكدة، والزواج في حق ابنة أخيك أمر واجب، والله تعالى أعلم.

حكم صرف الصدقة في غير الجهة التي أرادها صاحبها

حكم صرف الصدقة في غير الجهة التي أرادها صاحبها Q مال صدقة قد أعطي إلي ليذهب إلى فئة معينة، فهل يمكن أن أحوله إلى فئة أخرى؟ A لا. لأن شرط الواقف كشرط الشارع، ولا يجوز لك ذلك إلا بإذن من صاحب المال، والله تعالى أعلم.

حكم أخذ العوائد الحاصلة من وضع المال في بنك فيصل الإسلامي

حكم أخذ العوائد الحاصلة من وضع المال في بنك فيصل الإسلامي Q هل فوائد بنك فيصل يمكن أن تستخدم في عدة تليفون أو خط تليفون؟ A بنك فيصل من البنوك التي لوائحها تطابق الشرع، سواء مضاربة أو مشاركة أو مرابحة، لكن بعض الناس يقولون: البنك المركزي يتدخل في سياسته، نقول: نعم يتدخل لكنه مضطر، وتدخل البنك المركزي يكون بأنه يحدد نسبة من الودائع يسمونها الاحتياطي القانوني فيأخذها منه، وهو له أن يقلل السيولة وأن يكثرها؛ لأن البنك المركزي يملك سلاح التحكم في المصارف، فعموماً البنك المركزي لو أخذ من بنك فيصل نسبة من الودائع وحدد نسبة مئوية على الودائع، فهنا بنك فيصل يكون مضطراً، ودفع جزء من المنكر يجوز، فلا داعي لأن نقدح في بنوك إسلامية تضطر اضطراراً إلى بعض التعاملات المفروضة عليها، فهذه ليست بإرادتها، فعائد بنك فيصل أعتقد أنه شرعي إن شاء الله تعالى.

مشروعية صيام العشر من ذي الحجة

مشروعية صيام العشر من ذي الحجة Q هل من السنة صيام العشر من ذي الحجة؟ A يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام) أي: أن العمل الصالح في هذه الأيام محبب إلى الله عز وجل، ومن العمل الصالح: الصيام، لكن قد يقول قائل: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يصمها، نعم لم يصمها لكن ليس هناك نهي عن صيامها، فالأصل مشروعية الصيام، (وأفضل الصيام صيام داود عليه السلام، فقد كان يصوم يوماً ويفطر يوماً). إذاً: فلا مانع من أن تصومها.

حكم صيام يوم عرفة إذا وافق الجمعة أو السبت

حكم صيام يوم عرفة إذا وافق الجمعة أو السبت Q هل يصام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت أو يوم الجمعة؟ A نعم؛ لأن القاعدة الفقهية تقول: (إذا صادف المندوب المضيق وقت كراهة قدم المضيّق)، فيوم عرفة مندوب مضيّق؛ لأنه يوم واحد، فإذا صادف وقت كراهة كصيام السبت أو الجمعة منفرداً، قدم المندوب المضيق، وهذا كصلاة الكسوف بعد الفجر، فصلاة الكسوف سنة مضيق وقتها، والصلاة بعد الفجر مكروهة، فيقدم المندوب المضيق على الوقت المكروه، وقد حقق هذا ابن حجر رحمه الله تعالى، وهو رأي جمهور العلماء، والله تعالى أعلم.

حكم التكبير الجماعي خلف شخص واحد في أيام العيد

حكم التكبير الجماعي خلف شخص واحد في أيام العيد Q هل التكبير الجماعي أو الترديد خلف شخص من السنة؟ A ليس ذلك من السنة، وإنما يكبر كل شخص منفرداً، فيسمع نفسه ويُسمع من بجواره، وكذلك: لا ننقسم إلى فريقين: فريق يكبر، وفريق يرد عليه، أو يقول الفريق الأول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، والفريق الآخر يقول خلفه: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، فهذه كلها من البدع والمنكرات التي ما أتت عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأيضاً: التلبية فيلبي كل بمفرده، فيسمع نفسه ويسمعه من بجواره، والله تعالى أعلم.

حكم تغسيل أحد الزوجين الآخر

حكم تغسيل أحد الزوجين الآخر Q هل يجوز أن تغسل الزوجة الزوج؟ A نعم، وكذلك يغسل الزوج الزوجة، وقد ثبت هذا عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم البيع بالتقسيط مع الزيادة في الثمن

حكم البيع بالتقسيط مع الزيادة في الثمن Q ذهبت لأشتري بضاعة، وعندما أردت أن أدفع الثمن طلب مني صاحب البضاعة تأجيل الدفع، فهل هذا يعتبر ربا؟ A هناك فرق بين الشراء والدفع نقداً، وبين ارتفاع ثمن السلعة مقابل الأجل، أي: أنني حين أشتري هذه السلعة بعشرة قروش نقداً وبعشرين أو بخمسة عشر بالتقسيط نتفق، فنتفق على نوع المعاملة، ويقول لي: آجل أم نقداً؟ فأقول مثلاً: نقداً. إذاً: فالعقد هنا نقدي، لكن لو قال: بالتقسيط، فيُعمل بعقد القسط، وجمهور العلماء على جواز البيع بالتقسيط مع ارتفاع الثمن، لحديث بريرة عندما أعتقتها أمنا عائشة مقابل أن تؤدي قسطاً من المال في كل سنة، وجمهور العلماء على جواز البيع بالتقسيط، وقد ألفت الكتب في هذا النوع من البيوع.

حكم تقديم الحج على الزواج

حكم تقديم الحج على الزواج Q هل الزواج مقدم على الحج؟ A قد أجاب ابن تيمية رحمه الله تعالى عن هذا السؤال، وقال: بأن الحج مقدم على الزواج؛ لأن الحج فرض على المكلف لابد أن يسقطه إن استطاع، وأداء الحج سبب في الغناء، قال عليه الصلاة والسلام: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر)، والله تعالى أعلم.

حكم الدم النازل من الفرج بسبب عملية جراحية

حكم الدم النازل من الفرج بسبب عملية جراحية Q هل يعامل نزول الدم لمدة يومين أو أكثر من الفرج بسبب عملية جراحية كالحيض؟ A لا، فهذا دم استحاضة ودم فساد، وعليها أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، والله تعالى أعلم.

شرح صحيح البخاري [10]

سلسلة شرح صحيح البخاري [10] حذر الشارع الحكيم من المنكرات التي تحدث عند الموت وبعده، فنهى عن بكاء الأهل على ميتهم، وعن لطم الخدود وشق الجيوب ودعوى الجاهلية، ورخص الإسلام في البكاء من غير نوح ولا جزع وتسخط.

يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته

يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زلنا مع صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى، والباب الثاني والثلاثين، قال رحمه الله تعالى: [باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه). إذا كان النوح من سنته]. يُعد هذا الباب من الأهمية بمكان، إذ إن الإمام البخاري رحمه الله قد يورد في الباب الواحد أكثر من حديث، كأن يورد سبعة أحاديث في الباب الواحد. فأما حديث الباب: (الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه)، فقد ردته السيدة عائشة رضي الله عنها، وقالت: إن الله قال: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]، فكيف يعذب الميت ببكاء أهله وهو لم يفعل أو يقترف شيئاً؟! فأراد البخاري رحمه الله تعالى أن يبين أن الميت يعذب ببكاء أهله إذا كان هذا من سنته، يعني: أنه كان في حياته يوافق على هذا الفعل وما نهى عنه قبل موته، ولذلك فإن هناك أقوالاً للعلماء تقرب من سبعة أقوال في فهم هذا الحديث: فمنهم من قال: (الميت يعذب ببكاء أهله)، أي: يتألم كما يتألم النائم حينما ترفع صوتك بجواره. ومنهم من قال: إن المراد بالحديث: أنه بمجرد أن يفارق الدنيا يدخل في المرحلة البرزخية. وسأذكر الأحاديث جملة ثم أبدأ في شرحها إن شاء الله تعالى. قال البخاري رحمه الله: [(يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه). إذا كان النوح من سنته. لقول الله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته). ]، أي: أن الراعي سيسأل عن رعيته وعما تفعل. ثم قال رحمه الله تعالى: [فإذا لم يكن من سنته، فهو كما قالت عائشة رضي الله عنها: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]. وهو كقوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر:18].

ما يرخص من البكاء من غير نوح

ما يرخص من البكاء من غير نوح قال البخاري رحمه الله تعالى: [وما يرخص من البكاء من غير نوح]. [وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها). وذلك لأنه أول من سن القتل. ] فـ البخاري رحمه الله تعالى قبل أن يأتي بالأحاديث يضع ذلك جميعاً في عنوان الباب؛ ليبين الخلاف في المسألة، وذلك لأن الصحابة قد اختلفوا، فبعضهم قال كأمنا عائشة، وبعضهم كـ عمر رضي الله عنه كان يأخذ الحديث على ظاهره ويمنع البكاء على الميت، والبخاري هنا يبين أن البكاء يجوز ما لم يكن معه اللطم للخدود، أو الشق للجيوب، أو الدعوى بدعوى جاهلية، فالبكاء رحمة من الله عز وجل، وقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم في مواقف عدة. وهنا ينبغي للمسلم إذا أصابته مصيبة ألا يسخط وألا يجزع، بل يكون حزنه قلبياً، فلا يظهر على الوجه شيء، وقد يظهر حزنه أحياناً، وذلك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أن جاءه خبر استشهاد زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة، فجلس عليه الصلاة والسلام بين أصحابه وهو يبكي، وكذلك حينما قتل من حملة القرآن من قتل، فلم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم الحزن. وأم سليم رضي الله عنها حينما تزينت لزوجها أبي طلحة الأنصاري لما مات ابنها، ووقع عليها رغم أن الولد قد مات، ولم تظهر الحزن رضي الله عنها. وأما سبب إيراد البخاري رحمه الله تعالى لهذا الحديث: (لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها) في هذا الباب؛ لأن ابن آدم هو أول من سن القتل، يعني: جعله طريقة للناس، فكل من قتل بعد ذلك في ميزان سيئاته والعياذ بالله، وكذلك من سن لطم الخدود وشق الجيوب فذلك في ميزان سيئاته، فإذا جاء بعد موته من يصنع ذلك فيعذب بسبب ذلك. ولذا فيحزن المسلم عندما يرى أن أهل الفن والطرب قد ماتوا وأفلامهم لا زالت تعرض على الأحياء، فلا يرحمهم الله تعالى بعد موتهم، نسأل الله العافية. وكم يسعد المسلم عندما يجد أعمالاً صالحة لأحد الناس وهو في قبره، كأن يؤلف كتاباً أو يلقي محاضرة فتسجل له، فيسمعها من جاء بعده، فيأجره الله وهو في قبره.

جواز الإرسال إلى أهل الفضل عند الاحتضار

جواز الإرسال إلى أهل الفضل عند الاحتضار ثم قال البخاري رحمه الله تعالى: [حدثنا عبدان ومحمد قالا: أخبرنا عبد الله أخبرنا عاصم بن سليمان عن أبي عثمان قال: حدثني أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه]، وهي: زينب رضي الله عنها، ثم قال: [إن ابناً لي احتضر فائتنا]، والمراد بالابن الذي كان يحتضر على الراجح عند العلماء، وحقق ذلك ابن حجر: أمامة بنت زينب رضي الله عنهما وأبوها هو: العاص بن الربيع رضي الله عنه، ولكنها لم تمت، بل عاشت حتى تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد تزوجها علي بعد موت فاطمة رضي الله عنها، ثم قال: [فأرسل يقرئ السلام]، وفي هذا جواز السلام من الغائب، ويؤيد ذلك: حديث جبريل عليه السلام عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أقرئ خديجة السلام من ربها)، فحينما يسلم عليك الغائب ينبغي أن ترد عليه السلام. كما في الحديث: أنه يجوز عند حلول المصيبة أن يرسل إلى أهل الفضل؛ ليقفوا بجوار المحتضر وليربطوا على قلبه. ثم قال: [فأرسل لها يقول: (إن لله ما أخذ وله ما أعطى)]، أي: أن الأولاد الذين يأتون والذين يموتون ملك لله عز وجل، (وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب)، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام للذي جاءه أن يأمرها بأن تصبر وتحتسب. قال الشيخ ابن عثيمين في (شرح رياض الصالحين): وأفضل صيغة يعزى بها المسلم أن تقول له: اصبر واحتسب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرسول بأن يقول لها: (اصبري واحتسبي). وهناك صيغ أخرى، كقول بعض الناس: البقاء لله، أو البقية في حياتك، وهذا اللفظ الأخير فيه اختلاف، فالعلماء يرون جوازه إن كان المقصود من هذا القول: الدعوة له ببقاء الحياة في الأعمال الصالحة، وليس معناه: أن الميت الذي مات عمره ناقص، وأنه أخذ البقية وأعطاها للحي. وقدم الصبر على الاحتساب؛ لأن المقام مقام صبر، قال ذلك ابن حجر رحمه الله تعالى. ثم قال: فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه: سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي]. وفيه جواز أن يبر المسلم قسم أخيه إذا أقسم عليه. ثم قال: [ونفسه تتقعقع، قال: حسبته أنه قال: كأنها شن]، أي: تتحشرج، كالماء الذي يغلي في إناء معلق، [ففاضت عيناه صلى الله عليه وسلم]، فهذه من المواقف التي بكى فيها النبي عليه الصلاة والسلام، فـ البخاري لفقهه العالي أتى بالحديث الأول؛ ليبين جواز البكاء على الميت إن كان بكاءً ليس معه نياحة، بينما هنا أراد أن يقول: إن البكاء المشروع لا شيء فيه، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع وهذه منها، [فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ قال: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)، إذاً فالبكاء عند حلول المصيبة رحمة جعلها في قلوب عباده، وهذا يبين أن مذهب البخاري رحمه الله: جواز البكاء طالما لا يصاحبه نياحة.

استحباب النزول في لحد الميت لمن لم يقارف زوجته

استحباب النزول في لحد الميت لمن لم يقارف زوجته قال رحمه الله: [حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو عامر حدثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: شهدنا بنتاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر]، أي: كان يدفن ابنته، وهو جالس على حافة القبر. قال: [فرأيت عينيه تدمعان، قال: فقال: (هل منكم رجل)]، والبنت هي أم كلثوم زوجة عثمان رضي الله عنه، إذ إن النبي عليه الصلاة والسلام قد زوج عثمان بـ رقية، ثم بعد موتها زوجه بـ أم كلثوم رضي الله عنها وبعد أن ماتت أم كلثوم رضي الله عنها قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لو كانت لي ثالثة لزوجتك). وفي هذا دليل على منزلة عثمان رضي الله عنه عند النبي عليه الصلاة والسلام، هذا الصحابي الجليل الذي يقدح فيه الآن من لا خلق عندهم، فإن كانوا يقدحون في عثمان فيقدحون في علمائنا، والقدح في العلماء في هذه الأيام من أصحاب القلوب المريضة عظيم ومنتشر، فكل المجلات الهابطة تعرض بالعلماء وتنقب عن حياتهم الخاصة، وتريد أن تشهر بهم، فاحذروا فهذه مؤامرة خبيثة، وإن شاء الله لن ينجحوا في النيل من الإسلام ولا النقاب ولا اللحية، فالعدد بفضل الله يزداد كل يوم، كلما وجهوا الضربات زاد العدد، ولذلك صدق من قال: إن الصحوة الإسلامية ككرة السلة، كلما ضربتها أرضاً ازدادت ارتفاعاً، فاضربوا يرتفع الإسلام والمسلمين أكثر، وماذا يصنع هؤلاء الأعداء؟ لقد بدءوا الحرب على العلماء، فوجهوا لهم التهم والقذف والتنصت والدخول إلى البيوت وتتبع العورات ونشر ذلك في صحفهم الهابطة المفلسة التي تطبع، ثم تعود كما طبعت، لأنهم فشلوا في المؤامرة الأولى، فحولوا إلى المؤامرة الثانية، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]. قال: [قال: فقال: (هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟)]، أي: لم يجامع، وكان عثمان زوجها هو أولى الناس بالنزول معها، ولذلك ينبغي أن نتعلم هذا عندما ندفن النساء، فنقول: الزوج هو أولى بالنزول مع زوجته، وإن لم يكن زوج فواحد من المحارم، فإن لم يكن هناك أحد من المحارم نسأل: من منكم لم يقارف زوجته؟ ولعل العلة في نزول الرجل الذي لم يجامع: حتى لا يكون قريب عهد بشهوات الدنيا، وعثمان رضي الله عنه كما قال ابن حجر رحمه الله تعالى: قد جامع أحد جواريه، ففي الحديث منقبة لـ عثمان رضي الله عنه، [فقال أبو طلحة: أنا. قال: (فانزل). قال: فنزل في قبرها]، وفي الحديث عند البخاري (لا ينزل في لحد الميت إلا من لم يقارف زوجته)، وهذا على سبيل الاستحباب لا الوجوب.

اختلاف الصحابة في فهم المراد من قول النبي: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله)

اختلاف الصحابة في فهم المراد من قول النبي: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله) قال رحمه الله تعالى: [حدثنا عبدان حدثنا عبد الله أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة قال: توفيت ابنة لـ عثمان رضي الله عنه بمكة، وجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وإني لجالس بينهما، أو قال: جلست إلى أحدهما، ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لـ عمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله)]، أي أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يرى ما يراه أبوه، من أن البكاء على الميت لا يجوز، لأنه يفضي إلى النياحة، فكان ذلك من باب سد الذرائع، ولكن الراجح هو ما ذهب إليه الإمام البخاري رحمه الله تعالى. قال رحمه الله: [فقال ابن عباس رضي الله عنهما: قد كان عمر رضي الله عنه يقول بعض ذلك، ثم حدَّث قال: صدرت مع عمر رضي الله عنه من مكة، حتى إذا كنا بالبيداء إذا هو بركب تحت ظل سمرة، فقال: اذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ قال: فنظرت، فإذا صهيب فأخبرته، فقال: ادعه لي، فرجعت إلى صهيب فقلت: ارتحل، فالحق أمير المؤمنين، فلما أصيب عمر - لما طعن- دخل عليه صهيب يبكي ويقول: وا أخاه! وا صاحباه! فقال عمر: يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه)]، فـ عمر رضي الله عنه نهى صهيباً أن يبكي عليه. قال: بعضهم: إن صهيباً قد رفع صوته بالبكاء فنهاه عمر؛ لأن رفع الصوت سيفضي إلى النياحة، وهذا هو الجمع بين الأحاديث. قال البخاري رحمه الله: [قال ابن عباس رضي الله عنهما: فلما مات عمر رضي الله عنه ذكرت ذلك لـ عائشة فقالت: رحم الله عمر، والله ما حدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه)]، أي: أن عائشة رضي الله عنها كانت تتأول الحديث، وتقول: إن المراد بالميت الكافر، فهذه من المخالفات التي خالفت فيها عائشة بعض الصحابة. قال رحمه الله: [قالت: حسبكم القرآن: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]. قال ابن عباس رضي الله عنهما عند ذلك: والله هو أضحك وأبكى. قال ابن أبي مليكة: والله ما قال ابن عمر رضي الله عنهما شيئاً]، فـ عائشة رضي الله عنها حاجّت ابن عمر، أي: أسكتته بهذه الآية، وسكوت ابن عمر هل لأنه قد قبل ما قالت عائشة أم أن هذا من باب الأدب؟ في هذا خلاف. قال رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته: أنها سمعت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكي عليها أهلها، فقال: (إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها)]، إذاً فـ عائشة تقول: إن هذا الحديث قد قيل في واقعة عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبر يهودية، أي: أن الحديث له مناسبة معينة. ثم قال: [حدثنا إسماعيل بن خليل حدثنا علي بن مسهر حدثنا أبو إسحاق -وهو الشيباني - عن أبي بردة عن أبيه قال: لما أصيب عمر رضي الله عنه جعل صهيب يقول: وا أخاه! فقال عمر: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الميت ليعذب ببكاء الحي)]. ثم أورد ابن حجر آراء العلماء في هذه المسألة وبعض تأويلاتهم: فمنهم من ذهب إلى أنه يعذب إن كان كافراً، ومنهم من ذهب إلى أنه يتألم، ومنهم من ذهب إلى أنه إن كان ذلك من سنته، ومنهم من ذهب إلى أنه إن أوصى، وإن لم يوص بذلك أبرأ نفسه ولا يعذب إلى غير ذلك من الأقوال.

باب ما يكره من النياحة على الميت

باب ما يكره من النياحة على الميت قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: ما يكره من النياحة على الميت. وقال عمر رضي الله عنه: دعهن يبكين على أبي سليمان، ما لم يكن نقع أو لقلقة، والنقع التراب على الرأس، واللقلقة الصوت]، فـ عمر رضي الله عنه قد وافق على البكاء، بشرط ألا يكون منه نقع أو لقلقة. قال البخاري رحمه الله: [حدثنا أبو نعيم حدثنا سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة عن المغيرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كذباً علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من نيح عليه يعذب بما نيح عليه)]، فعلاقة هذا الحديث بالأول: أن المغيرة أراد أن يقول: أنا لا أكذب على رسول الله؛ لأنني سمعته يقول: (إن كذباً علي ليس ككذب على أحد)، ولكنه قال: (من نيح عليه يعذب بما نيح عليه)، فهو رضي الله عنه أراد بهذا الحديث أن يؤكد أنه قد سمعه سماعاً أكيداً من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: [حدثنا عبدان قال: أخبرني أبي عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الميت يعذب في قبره بما نيح عليه)]، وهذا هو مقصود الحديث الأول، أي: أنهم فسروا البكاء بمعنى: النياحة. تابعه عبد الأعلى: حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد حدثنا قتادة، وقال آدم عن شعبة: (الميت يعذب ببكاء الحي عليه). ثم قال البخاري: [من طريق جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام قال: جيء بأبي يوم أحد -مات شهيداً في الغزوة ومثل به المشركون، فجدعوا أنفه ومثلوا بجثته- قد مثل به، حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سجي ثوباً]، أي: غطي بثوب، وفيه جواز تغطية الميت، ومشروعية كشف الوجه بعد ذلك؛ لأن جابراً قد كشف عن وجه أبيه ونظر إليه. قال: [فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع، فسمع صوت صائحة، فقال: (من هذه؟)، فقالوا: ابنة عمرو، أو أخت عمرو -يعني: عمة جابر - قال: (فلم تبكي؟ أو: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع)]. وفي هذا بيان من البخاري: أن بكاء المرأة على أخيها مشروع، لكن الذي يموت بهذه الطريقة يستحق الفرح لا لحزن، لا سيما وأن الملائكة تظله بأجنحتها. قال بعضهم: ربما نهاها حتى يقطع عليها الطريق إلى النياحة، والله تعالى أعلم.

باب ليس منا من شق الجيوب

باب ليس منا من شق الجيوب قال البخاري: [باب: ليس منا من شق الجيوب]. والجيب هو: ما تدخل فيه الرأس من فتحة الثوب، أي: عندما تلبس الثوب تدخل الرأس من هذه الفتحة، وتسمى: الجيب، فأحياناً عند حلول المصيبة يشق بعض الناس الجيب، فيأخذه من أوله إلى آخره. قال البخاري: [من طريق عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)، ولطم الخدود إشارة إلى أنه عند حلول المصيبة الغالب هو أن يلطم الرجل أو المرأة الخد، وكذلك إن لطمت المرأة الرأس، لأن لفظ (الخدود) خرجت مخرج الغالب، فالغالب من فعل النساء أن يلطمن الخدود. قوله: (ليس منا) أي: ليس على شريعتنا وسنتنا وهدينا، لا أن المقصود بظاهر النص أن يصبح كافراً، كما هو عادة الخوارج الذين يكفرون الناس بظواهر النصوص. وبالمناسبة فقد قرأت حديثاً عند الإمام مسلم أورده في صحيحه في معرض بيان صفات الخوارج، ومن ضمن صفاتهم: أنهم يحلقون رءوسهم. قال القرطبي معلقاً على ذلك: لم يعهد هذا عن الصحابة ولا عن التابعين إلا عند تحللهم من الحج أو العمرة، فلننتبه إلى هذا، إلا إذا كان الحلف لعذر أو لعلاج فيجوز، والله تعالى أعلم. وقوله: (ودعا بدعوى الجاهلية)، أي: كأن يدعو بألفاظ جاهلية لا ينبغي أن تقال أبداً، كقول بعضهم: يا رب لم عجلت بموته؟! يا رب لِمَ لمْ أكن أنا الأول؟! إلى غير ذلك من الألفاظ الممقوتة، ولذا كان الصبر عند الصدمة الأولى كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. وبعض النساء عند المصيبة تولول وكأنها تضرب سلاماً جمهورياً، وهذا من النياحة، ولذلك لا يجوز لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، والذي لا إله إلا هو لقد مات شاب صغير وهو الوحيد لأبيه فسمعت بعضهم يقول: يا رب مستكثر علينا الولد! ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهذا كفر ما بعده كفر، فيا عبد الله (الصبر عند الصدمة الأولى) فإذا أصبت بمصيبة فقل مباشرة: لله ما أخذ وله ما أعطى، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولذلك المصائب تمحص المعادن، فبعض الناس مؤمن في حال السراء لكن عندما تأتيه المصيبة ينقلب على وجهه، في حال السراء شاكر عند نزول الضرر لا تعرفه. ثم أتى المصنف رحمه الله تعالى بحديث: رثاء النبي صلى الله عليه وسلم لـ سعد بن خولة، وبحديث ما ينهى من الحلق عند المصيبة، ثم جاء أيضاً بحديث: من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن، ومن جلس عند المصيبة لا يعرف فيه الحزن، وهذا إن شاء الله تعالى ما سنبينه في اللقاءات القادمة.

الأسئلة

الأسئلة

حكم تخصيص يوم عرفة بالقنوت في صلاة الفجر

حكم تخصيص يوم عرفة بالقنوت في صلاة الفجر Q ما حكم تخصيص يوم عرفة بالقنوت في صلاة الفجر؟ A بدعة، لكن إن أردت أن تقنت في الفجر -لمذهب الشافعي - فاقنت في كل يوم، لا أن تخص يوماً أو أياماً بعينها، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخص يوم الجمعة بقيام أو دعاء، فمن باب أولى أن تخصص ليلة بدعاء أو أن تخصص أياماً بعينها، ولك الدعاء المطلق في أي وقت من الأوقات، سواء عرفة أو غيره، والله تعالى أعلم.

حكم البيع بالتقسيط مع زيادة الثمن

حكم البيع بالتقسيط مع زيادة الثمن Q لنا صديق يحب التجارة، فنستعمله على حاجاتنا، وكل منا يسمي له حاجته فيشتريها نقداً ويبيعها بالتقسيط مقابل ربح له، وفي الفترة الأخيرة طلبت منه أن يشتري لي مجموعة من أشرطة الدروس، فاشتراها نقداً ثم باعها لي بالتقسيط مقابل نسبة من الربح، فهل هذه المعاملة تجوز؟ A هذا التعامل جائز، بشرط أن يملك السلعة، لا أن يبيعها قبل أن يمتلكها، لأن ذلك يعتبر رباً، مثال ذلك: لو أن رجلاً طلب من آخر أن يشتري له سيارة مواصفاتها كذا وكذا، ثم باعها منه بثمن جديد قبل أن يملكها، فهذا رباً لا يجوز، لأنه باع ما لا يملك، لذا كان لا بد أن يحوزها ويمتلكها ثم يبيعها للآخر، والله تعالى أعلم.

حكم تشمير الثياب في الصلاة

حكم تشمير الثياب في الصلاة Q حكم تشمير الثياب في الصلاة؟ A لا يجوز؛ لأنه من الكفت عند بعض العلماء.

شرح صحيح البخاري [11]

سلسلة شرح صحيح البخاري [11] جاء الإسلام الحنيف بأحكام تتعلق بالجنائز حريٌ بالمسلم أن يعلمها، فأمر الإسلام بتعزية أهل الميت، كما نهى عن الحلق وضرب الخدود وشق الجيوب ودعوى الجاهلية عند المصيبة، كما بين أنه لا حرج على الإنسان أن يظهر الحزن عند المصيبة، لكن بدون رفع الصوت؛ لأن رفع الصوت من النياحة المحرمة في الشرع.

باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة

باب رثاء النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلا زلنا مع صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الجنائز. قال رحمه الله: [باب: (رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن خولة)]. وتبويب الإمام البخاري بهذه الطريقة يبين أن هناك رثاءً مشروعاً ورثاءً غير مشروع، فالمشروع: كأن تذكر أن فلاناً قد مات، ولا تزيد على ذلك شيئاً، وأما غير المشروع: فتقول مثلاً: توفي الأستاذ الدكتور رئيس قسم الجراحة، وزميل الجراحين بجامعة كاليفورنيا، والحاصل على كذا وكذا من الشهادات، أو تذكر في النعي أو في الرثاء ألقاب ومناصب دنيوية تولاها، أو أن تذكر له صلة قرابة، كابن عم العمدة، وخال النائب، وابن الزعيم والقائد فلان، فهذا كله من نعي الجاهلية الذي لا يجوز، فالألقاب والمناصب كلها زائلة بعد الموت، ولا ينفع المرء إلا ما قدم لآخرته. هناك بعض الكلمات يأخذون عليها بعض الناس ملاحظات، وأنا أحب أن يكتبوا لنا بهذه الملاحظات، وهذه الكلمات كالقول: زوج مبارك على أخت مباركة، فلا نقطع لهما بالبركة، وإنما هذا على سبيل الدعاء والترجي والرجاء، فهذا مشروع ليس فيه شيء. أيضاً حينما نقول: بارك الله لكما. قال أحدهم: الحديث يقول: (بارك الله لك)، فلابد أن تلتزم بالنص، فأنا الآن أدعو له ولها، وحينما أدعو للواحد أقول: بارك الله لك، وحينما أدعو لهما أقول: بارك الله لكما، وإن كنت أدعو للجميع أقول: بارك الله لكم، فهذه أمور دقيقة يتنبه لها. قال رحمه الله: [حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه قال]، فالذي يروي الحديث هو سعد بن أبي وقاص أحد المبشرين بالجنة، وله أبناء عدة، منهم عامر هذا الذي روى عن أبيه، وقد تتبع شيخنا أبو إسحاق صحيح البخاري ومسلم لينظر من الذي روى عن سعد في البخاري ومسلم من أبنائه، ولذا فـ سعد بن أبي وقاص قد ورث أبناءه العلم. قال رحمه الله: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع)]، لذا فإن من فقه الإمام البخاري أنه قد كرر وأعاد وخرج هذا الحديث إحدى عشرة مرة، فمرة في كتاب الجنائز، ومرة في كتاب الإيمان، ومرة في كتاب حجة الوداع، ومرة في كتاب الوصايا، وكل ذلك إما للطيفة في السند أو في المتن، وفي الحديث مشروعية عيادة المريض. قال: [(من وجع اشتد بي)]، أي: من مرض اشتد بي. ثم قال: [(فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة)]، يعني: ظن سعداً أن هذا هو مرض الموت، وفي الحديث مشروعية الشكوى، كأن يقول المريض: أنا مريض، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عندما قالت عائشة: (وا رأساه يا رسول الله، قال: بل وا رأساه أنا يا عائشة)، وقال يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:86]، فجواز الشكوى مع الحمد لا تمثل شكوى، فحينما تشكو ألماً في بطنك أو وجعاً في رأسك فإن ذلك لا يخالف الشرع، بدليل هذه الأدلة التي ذكرناها، وقوله: (وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة) يعني: لم يكن له من الأولاد إلا بنتاً واحدة، فلها أن تأخذ نصف التركة؛ لقول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:11].

الوصية وأحكامها

الوصية وأحكامها قال: [(أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. فقلت: بالشطر؟ -بالنصف- فقال: لا. ثم قال: الثلث -يعني: أوصي بالثلث- والثلث كبير، أو كثير)]. وهذا أخرجه البخاري أيضاً في كتاب الوصايا، من أنه يجوز للمورث أن يوصي بالثلث والثلث كثير، يعني: لم يحثنا النبي على الثلث، وإنما حثنا على الأقل من الثلث في الوصية، والوصية عند الفقهاء هي: تصرف مضاف لما بعد الموت، ولا وصية لوارث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا وصية لوارث، فإن الله قد أعطى كل ذي حق حقه)، ولذلك أراد سعد أن يوصي بشطر ماله، يوصي بثلث ماله، فقال عليه الصلاة والسلام: (الثلث والثلث كثير). ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)]، وفي موضع آخر عند البخاري قال: (يتكففون الناس وقال بيده هكذا)، ومعنى: (قال بيده اليد): ليمثل للمستمع ما معنى يتكففون الناس، يعني: يسألونهم، وعلى هذا قال العلماء: إن إشارة اليد تسمى قولاً. وكذلك حركة وإشارة أي جارحة من الجوارح. قال: [(وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها)]، في هذا إشارة إلى وجوب إخلاص العمل لله عز وجل، وقد أخرج البخاري في كتاب: الإيمان هذا الحديث من هذه الجملة: (وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها). يقول: [(حتى ما تجعل في في امرأتك)]. يعني: أن الرجل حينما يأكل مع زوجته، فيأخذ قطعة من الطعام ويضعها في فم زوجته فله بذلك أجر. قال: [(فقلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً إلا ازددت به درجة ورفعة، ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة)]. كان سعد بن خولة قد هاجر من مكة إلى المدينة، وكان من حسن خاتمة الرجل إذا هاجر أن يموت في المكان الذي هاجر إليه؛ لأنه جاء في الحديث: يقاس للرجل بين بلده وبين موضع هجرته، وبهذه المسافة يقاس له بها في الجنة، لكن سعد بن خولة قد عاد إلى مكة فمات بها، فهنا النبي صلى الله عليه وسلم يرثي موته بمكة؛ لأنه من المستحب أن يموت في موضع هجرته وهي المدينة، ولذا بوب البخاري: باب: رثاء النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن خولة. إذاً: هذا الحديث فيه من الدروس الكثير والكثير، وفيه مشروعية المراثي إن كانت بضوابط شرعية، لكن هناك مراثٍ جاهلية نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم.

ما ينهى عن الحلق عند المصيبة

ما ينهى عن الحلق عند المصيبة قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: ما ينهى عن الحلق عند المصيبة]. يعني: لا يكن سبب الحلق هو المصيبة. قال رحمه الله تعالى: [قال الحكم بن موسى: حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن جابر: أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال: حدثني أبو بردة بن أبي موسى رضي الله عنه قال: (وجع أبو موسى وجعاً فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة)]، والصالقة هي: التي ترفع صوتها بالبكاء عند حلول المصيبة، والبكاء مشروع، لكن بدون رفع الصوت، ولذلك كانت هذه وصية من أبي موسى رضي الله عنه؛ حتى لا يعذب بنياحتهم من بعد موته، والبخاري رحمه الله تعالى قد بوب باب: الميت يعذب ببكاء أهله إن كان نياحة، أو إن كان من هديه، أو لم ينه عنه ولم يوص بعدم فعله. قوله: (أنا بريء)، وكلمة: (ليس منا) فيها عشرة أقوال للعلماء: فبعضهم قال: ليس منا، أي: ليس على سنتنا. وقال بعضهم: إيمانه ناقص، أي: نفى عنه كمال الإيمان لا أصله. وقال بعضهم: ليس منا، أي: إن فعل ذلك مستحلاً فقد كفر؛ لأن هذا الفعل حرام، فهو يحل ما حرم الله. فهذه أقوال للعلماء في قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس منا). ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(والحالقة والشاقة)]. والحالقة هي: التي تحلق شعرها، ولذلك تجد البعض قد يحلق شعره وهذا منهي عنه، جاء في صحيح مسلم أن من صفة الخوارج أنهم يحلقون رءوسهم، لذا فلا يجوز حلق الرأس إلا في حج أو عمرة، والحلق عند حلول المصيبة فيه إشعار بأنك تحزن بالحلق، وقد كانت النسوة تحلق رءوسها عند حلول المصيبة. والشاقة هي: التي تشق جيبها، ولذلك برئ النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأعمال الثلاثة، والبخاري رحمه الله تعالى قد بوب باب: (ما ينهى عن الحلق عند المصيبة)، والنهي هنا للتحريم، إلا أن يأتي صارف يصرفه للكراهة.

باب النهي عن ضرب الخدود ودعوى الجاهلية عند المصيبة

باب النهي عن ضرب الخدود ودعوى الجاهلية عند المصيبة قال البخاري رحمه الله: [باب: ليس منا من ضرب الخدود]. قوله: (ليس منا) فيها أكثر من عشرة أقوال للعلماء، فبعضهم قال: (ليس منا)، أي: ليس من سنتنا أو ليس على هدينا، وهذا قول. وقال بعضهم: (ليس منا)، أي: يخرج من الإسلام بالكلية إن استحل ذلك الفعل. وقال بعضهم: (ليس منا)، أي: إيمانه غير كامل. فهذه أقوال لبعض العلماء قد عدها ابن حجر في الفتح. قال رحمه الله تعالى: [عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)]. ثم قال البخاري رحمه الله تعالى: [ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة]. والمعنى: أن البخاري يعيد نفس الحديث، لكن تحت تبويب آخر، فانظر إلى فقه البخاري في التبويب، فهناك يقول: [باب: ليس منا من ضرب الخدود]، وهنا يقول: باب: [ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة]. وسند الحديث الأول قال فيه: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم]. فشيخ البخاري هنا هو: محمد بن بشار، وشيخ البخاري في الحديث الآخر هو: عمر بن حفص، قال رحمه الله تعالى: [حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)]. فالمتن هو المتن، لكن اللطيفة في السند، فشيخ البخاري في الحديث الأول يختلف عن شيخه في الثاني، والسند الأول يختلف عن السند الثاني، فتعددت طرق الحديث عند البخاري رحمه الله تعالى. ولذا قد نجد في عصرنا اليوم من يطعن في البخاري، فقد أعطاني أحدهم كتاباً كان يرغب في توزيعه، وهو رسالة صغيرة، وكاتبه لم يجد له سبيلاً للبيع فوزعه مجاناً، وحتى لو وزعوه بجائزة فلن يجدوا له أرضاً! لأن الكتاب كله طعن في البخاري ومسلم، وطعن في حد الردة، وطعن في حد الرجم، وطعن في أصول اتفقت عليها الأمة، يقول هذا في هذا الكتاب: أما البخاري فلم يجمع صحيحه إلا من مخطوطة مضى عليها أكثر من ثلاثمائة سنة! يعني: أن البخاري مات سنة 256 هجرية، ولم يجمع إلا في سنة 600 أو 500 في آخر القرن الرابع أو الخامس، أي: أن هناك فترة زمنية بين المخطوطة التي تركها البخاري وبين إخراجها في صورة كتاب، فلا نأمن أن يكون البعض قد دس على البخاري، وعلى هذا ينتهي إلى أن البخاري الذي بين أيدينا ليس له من الصحة شيء. فنقول له: أنت لا تعلم كيف تحقق المخطوطات، فالمخطوطة حتى تصبح كتاباً لا بد لها من أصول في التحقيق: أولاً: لا ينبغي أن يخرج الكتاب عن مخطوطة واحدة، بل لابد أن يكون هناك أكثر من مخطوطة، في القاهرة، وفي بغداد، وفي غيرها من البلدان، ثم بعد الحصول على هذه المخطوطات لا بد من المقارنة بينها. ثانياً: إثبات أن هذه المخطوطة لمؤلفها. ثالثاً: إثبات أن هذه المخطوطة قد كتبت بالخط الذي عاش في عصره المؤلف أو نقلت عنه، وهذا علم كبير يدرس الآن يسمى: علم المخطوطات. فيا من تطعن في أصل البخاري، ما علمك بعلم المخطوطات؟ وهل هناك أحد من الأمة قال: إن البخاري قد حقق عن مخطوطة مطعون فيها؟! ثم عاد هذا الخبيث فقال: إن حديث فقأ موسى لعين ملك الموت لا نقبله! فيا هذا انظر إلى أقوال أهل العلم -إن هذا الكتاب جرثومة، وكاتبه علماني خبيث أعرفه- وأيضاً يطعن في حد الردة، ويطعن في حد الرجم فيقول: إن الرجم هذا ليس من السنة، وليس من الإسلام، ولابد أن نعيد النظر فيه! إن هؤلاء الناس بضاعتهم راكدة وليس لهم سوق، لذلك طبع هذا الكتاب وكتب عليه: يوزع مجاناً، وإن شاء الله لن يقرأه ولن يحصل عليه أحد، حتى وإن كان مجاناً.

باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن

باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن]، ثم قال: [باب: من لم يظهر حزنه عند المصيبة]. وكأن البخاري رحمه الله تعالى يقول: ما الأدب الواجب على المسلم عند حلول المصيبة، أي: عندما تنزل المصيبة ويعرف في وجه العبد الحزن، أو لا يعرف في وجهه الحزن؟ وأتى هناك بحديثين وهنا بحديث؛ وذلك ليبين أن هذا مشروع وذاك مشروع أيضاً. قال البخاري رحمه الله: [حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى قال: أخبرتني عمرة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها قالت: (لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة، جلس يعرف فيه الحزن)]، أي: يعرف في وجهه أنه حزين؛ لما حصل من قتل هؤلاء في غزوة مؤتة. وفي هذا مشروعية إظهار الحزن على الوجه عند حلول المصيبة، ويمكن ألا يظهر الحزن. قال: [(وأنا أنظر من صائر الباب شق الباب، فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر وذكر بكاءهن)]. هذه الغزوة التي أمَّر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من أصحابه: زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، فإن مات الأول انتقلت الراية إلى الثاني، وإن مات الثاني انتقلت الراية إلى الثالث، وسميت هذه المعركة بالغزوة رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشهدها لسببين: السبب الأول: أنه ولى فيها أميراً. السبب الثاني: لكثرة عدد المقاتلين فيها، فقد خرج جُلُّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم مصرع القواد الثلاثة وهو في المدينة، فقال لأصحابه: (استشهد زيد وانتقلت الراية من بعده إلى جعفر، ثم إلى عبد الله بن رواحة)، وعبد الله بن رواحة لما أخذ الراية ترددت نفسه قليلاً، فأخذ يخاطبها بأبيات شعرية: أقسمت يا نفس لتنزله لتنزلنه أو لتكرهنه قد أجلب الناس وشدوا الرنة ما لي أراك تكرهين الجنة يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت وما تمنيته فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت وسمي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في هذه الغزوة بالطيار، لأن يداه قد قطعتا في هذه الغزوة، فأبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أوحي إليه بموتهم حزن، فجلس يعرف في وجهه الحزن، فأتاه رجل وقال: (إن نساء جعفر يبكين)، أي: أنه كان لـ جعفر أكثر من زوجة، وفي هذا إشارة إلى تعدد الزوجات في الإسلام، خلاف الذين يطعنون في الإسلام، فقد رسم أحدهم كاريكاتيراً وضع فيه صورة رجل ملتح وبجواره عدد من الزوجات، وقسم الرسام الرجل إلى نصفين: نصف مع الأولى ونصف مع الثانية، يعني: أنه يريد أن يقول: إن زوج الاثنتين يترك نصفه الأول هناك ونصفه الثاني هنا، أي: أنه لا يحقق العدل بين الاثنتين من نسائه، لذا فإن من أمثال هؤلاء يريدون للأمة أن تضيع معالمها، ثم يدندن هذا فيقول: إن التعدد في زمننا اليوم مستحيل، وأن الذين ينادون بالتعدد واهمون، وأن من مساوئ الشريعة إباحة التعدد! وهذا كلام لا يقوله إلا حاقد على الإسلام، إذ أن الإسلام قد راعى الفطرة، وراعى ظروف الناس وواقع المجتمعات، فحينما يزيد عدد النساء على عدد الرجال إن لم يكن التعدد فالزنا، فنحن نريد من هؤلاء أن يجعلوا لكل امرأة رجلاً، إما أن يكون بالزواج الصحيح، وإما أن يكون بالعشق والعلاقات المحرمة، وهذه معادلة نريد لها التوازن وازنوها إن استطعتم، فلن تتوازن إلا بالتعدد الذي أباحه الإسلام، لكن بالضوابط التي أمر بها الإسلام، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:3]، وقد اختلف العلماء: هل الأصل هو التعدد أو الأصل واحدة؟ فمنهم من قال: إن الأصل واحدة؛ لأن آدم لما خلقه الله خلق له حواء ولم يخلق له أربعة، ومات عن واحدة، لكنهم عادوا فقالوا: إن اختل الميزان وجب التعدد، وبعض الناس ينظرون إلى القضية نظرة هامشية فأرجو أن ننتبه إليها. قال: [(فأمره أن ينهاهن، فذهب)]. يعني: عندما أخبره الرجل أمره أن يعود إليهن وينههن عن البكاء. ثم قال: [(ثم أتاه الثانية: لم يطعنه، فقال: (انههن). فأتاه الثالثة، قال: والله غلبننا يا رسول الله)]، يعني: لم نستطع أن نمنعهن عن البكاء. يقول: [(فزعمت أنه قال: فاحث في أفواههن التراب، فقلت: أرغم الله أنفك - عائشة تقول للرجل- لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء)]. أي: أن الرجل ذهب وعاد عدة مرات، وهو يقول: لم أستطع أن أمنعهن م

باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة

باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: من لم يظهر حزنه عند المصيبة: حدثنا بشر بن الحكم حدثنا سفيان بن عيينة أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: أنه سمع أنس بن مالك يقول: اشتكى ابن لـ أبي طلحة]، فـ أبو طلحة الأنصاري تزوج أم سليم، وأم سليم هي أم أنس الذي دفعته لخدمة النبي صلى الله عليه وسلم، والابن الذي اشتكى اسمه عمير، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يداعبه ويقول له: (يا أبا عمير -يعني: يكنيه وهو صغير. وفيه جواز الكنية لمن لم يولد له- ما صنع النغير)، والنغير هو اسم عصفور، فقد كان لـ عمير عصفور صغير يلعب به، وفي يوم بكى عمير وقال: مات النغير يا رسول الله. وفي يوم من الأيام خرج أبو طلحة لعمله وترك ابنه مريضاً، فمات الولد في غياب أبيه، فلما رأت امرأته أنه قد مات هيأت شيئاً ونحَّته في جانب البيت، وفي الرواية الأخرى: هيأت نفسها، يعني: تزينت. وفي الحديث مشروعية تزين المرأة لزوجها عند الموت. وفي رواية أخرى: وتطيبت. يعني: وضعت الطيب لزوجها وابنها ميت في البيت، ولم تُظْهِر على وجهها الحزن، وأبو طلحة لم يعلم أن ابنه قد مات. ولما عاد إلى بيته قال: كيف الغلام؟ وفي هذا مشروعية اطمئنان الأب على أبنائه، فقالت: قد هدأت نفسه. أي: أرادت أن نفسه قد فارقت الحياة، بينما فهم أبو طلحة رضي الله عنه أن نفسه قد هدأت بالنوم، وهذا ما يسمى بالمعاريض، والمعاريض فيها مندوحة عن الكذب، ولا تستعمل إلا عند الضرورة، وتأملوا إلى المرأة عندما قالت: وأرجو أن يكون قد استراح، فهي رضي الله عنها لم تجزم بأنه قد استراح، وإنما رجت رجاءً، ولذلك حينما أقول: زوج مبارك، أي: أرجو من الله أن يكون مباركاً، فهذا رجاء وليس قطعاً. قال رحمه الله تعالى: [وظن أبو طلحة أنها صادقة، فباتا، قال: فبات، فلما أصبح اغتسل] أي: اغتسل من جماع. وفي الرواية الأخرى للبخاري: وعرضت، أي: أنه يجوز للمرأة أن تعرض لزوجها، وكل لبيب بالإشارة يفهم. قال: [فلما أراد أن يخرج أعلمته أنه قد مات]، أي: عندما أراد الخروج قالت له: إن ولدك قد مات. ثم قال: [فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منهما]، أي: قص عليه ما حدث منهما. قال: [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما)]، وفي رواية أخرى: (بارك الله لكما في ليلتكما) فقطع لهما بالبركة. يقول الراوي من الأنصار: فرأيت لهما تسعة أولاد، كلهم قد قرأ القرآن. وكل هذا بفضل دعوة النبي عليه الصلاة والسلام. وهنا نقول: إن أم سليم لم تظهر الحزن عند حلول المصيبة، والنبي قد أظهر الحزن في بئر معونة وفي غزوة مؤتة، وعلى هذا صنف البخاري: باب: (ظهور الحزن عند حلول المصيبة)، وباب: (من لم يظهر الحزن عند حلول المصيبة). اللهم إنا نسألك أن ترزقنا علماً نافعاً، ونعوذ بك يا رب من علم لا ينفع، ومن دعوة لا يستجاب لها. آمين آمين.

الأسئلة

الأسئلة

جواز قضاء سنة المغرب بعد دخول وقت العشاء

جواز قضاء سنة المغرب بعد دخول وقت العشاء Q هل يمكن أن أصلي ركعتين بعد المغرب بعد دخول وقت العشاء، لكن قبل صلاة العشاء؟ A نعم، فهذا من قضاء الرواتب الآكدة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم إنكار المنكر إذا كان يؤدي إلى منكر أعظم منه

حكم إنكار المنكر إذا كان يؤدي إلى منكر أعظم منه Q ماذا لو رأى أحدنا شاباً وفتاة في مكان مظلم أو في طريق عام، هل يكلمهما أم يتركهما ويكون هذا من أضعف الإيمان؟ A إن كنت تعرفهما ويستمعان لقولك ولك عليهما ولاية فلا بأس أن تنكر عليهما، وإن كنت لا تعرفهما فبلغ السلطات، وإن تعذر ذلك فأضعف الإيمان أن تنكر بقلبك. لكن قد يقول قائل: ولماذا أنكر بقلبي؟ ولماذا لا أدخل مباشرة؟ أنت الآن لا يحاسبك الله، لأنك لا تملك سلطة التغيير، وإنما الذي يملك سلطة التغيير من بيده سلطة التغيير، فإما أن ترفع الأمر إلى السلطة وتكون قد أبرأت إلى الله، وإما أن تكون لك ولاية عليهما فتدخل، وإن لم يكن لك ولاية وتغيير ذلك سيؤدي إلى منكر أشد فيجب عليك تركه. وأحكي واقعة حدثت في بلدتي، فقد رأى أخ ملتزم مثل هذا المشهد فأراد أن ينهى عن المنكر، فجذبته البنت ثم قالت: يريد أن يساومني عن نفسي، وجاءت الشرطة وانقلبت المعايير، فدخل الأخ السجن وإلى الآن لا أدري أخرج أم لا؟! لذا كان لابد على المسلم أن يفقه واقعه، وليس معنى ذلك الدعوة إلى السلبية، وإنما خذ موقفاً إيجابياً، كأن تأتي بأربعة من الناس يشهدون، أو تبلغ السلطات، وبذلك تكون قد أمنت الفتنة على نفسك.

حكم بيع الحبوب الممنوعة في الصيدلية بدون ورقة من الطبيب

حكم بيع الحبوب الممنوعة في الصيدلية بدون ورقة من الطبيب Q كنت قبل التزامي أعمل في صيدلية، وكنت أبيع حبوباً ممنوع أن تصرف إلا بورقة من الطبيب، فما حكم عملي؟ وهل رزقي حلال أم حرام أم به شبهة؟ A طبعاً أنت تعلم أن بعض هذه الحبوب يتعاطاها المدمنون، فيقول لك أحدهم: أعطني علاج الكحة مثلاً فإذا به يشرب الزجاجة كاملة، وإذا بمنظره -والعياذ بالله- قبيح، فأنت عند ذلك تعاونه على المنكر، فأقول لك: تب إلى ربك عز وجل من هذا الفعل، وظاهر حال الذي يشتري يحكم عليه، فإن كان مريضاً ويستدعي العلاج فلا بأس، أما إن كان غير ذلك فأنصحك أن تترك العمل. ونفترض أن وزارة الصحة وضعت تعليمات أن هذا الدواء لا يباع إلا مع الروشتة فينبغي أن تلتزم بها، وهذا من المصالح المرسلة.

حكم حمل الرجال الأجانب لجنازة المرأة

حكم حمل الرجال الأجانب لجنازة المرأة Q هل يجوز أن يحمل المرأة عند دفنها رجالاً ليسوا بمحارم لها، أي: غرباء عنها؟ A يجوز إن لم يوجد المحارم، لكن المحارم يقدمون إن وجدوا، وعثمان قد اعتذر عن النزول مع أم كلثوم، فأنزل النبي صلى الله عليه وسلم صحابياً آخر أجنبياً للضرورة، أما في حال عدم الضرورة فالمحارم أولى.

حكم الصلاة على المفروشات الأرضية التي يبول عليها الصبي

حكم الصلاة على المفروشات الأرضية التي يبول عليها الصبي Q لدي صبي صغير يبول على سجاد الحجرات، وعمره خمس سنين ونصف، فهل يجوز الصلاة على هذه المفروشات الأرضية إذا كانت ناشفة، مع ذكر الدليل؟ A إذا تحققت من وجود البول على السجادة فلابد أن تغسل، والنجاسة تميز باللون أو الطعم أو الرائحة، فإذا تتبعت الرائحة ولم تجد، ولم تستطع أن تميز بالطعم أو باللون، فصل ولا حرج؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، والواجبات تسقط بالعجز، والمشقة تجلب التيسير: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، لكن قد نجد بعض الناس عنده وسوسة، فيأخذ السجادة ويغسلها بأكملها، وقد سألني أخ فقال: كلب صعد إلى أعلى السطح ومر بلسانه على الملابس، فهل نغسل كل الملابس؟ لا. فهو مر على أحد الملابس، وسار بجوار الملابس الأخرى، ومن صلى متلبساً بنجاسة ولم يعرف فلا بأس عليه، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي نعله نجاسة، ولم يعد الصلاة؛ لأنه لم يعلم بها، والأدلة على ذلك كثيرة جداً.

حكم من فاته ورده من قيام الليل

حكم من فاته ورده من قيام الليل Q إذا كان لي ورد من قيام الليل، فنمت في ليلة بنية قيام الليل، ولم أستيقظ إلا على أذان الفجر، فهل لي أن أقضي؟ A نعم، لك أن تقضي بشرط أن تقضي الوتر شفعاً، وهذا هو اختيار علمائنا، فإن كنت توتر بثلاث فصل أربعاً، وإن كنت توتر بواحدة فصل مثنى، و (صلاة الليل مثنى مثنى)، فتقضى على الكيفية التي تصلي بها في الليل، وهي: مثنى مثنى كما ورد في صحيح مسلم، وهذا اختيار الشيخ ابن عثيمين في رياض الصالحين، والله تعالى أعلم.

شرح صحيح البخاري [12]

سلسلة شرح صحيح البخاري [12] إنما الصبر عند الصدمة الأولى فيجب على المسلم الصبر على القضاء والقدر وخاصة عند فقد القريب، فلا ينوح ولا يجزع، ولكن له أن يبكي ويحزن حزناً لا يصل إلى الجزع والتسخط على قضاء الله وقدره.

فضل صوم يوم عاشوراء

فضل صوم يوم عاشوراء الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فأيها الإخوة الكرام الأحباب في بداية هذا اللقاء الطيب المبارك نذكر بأمور هامة: الأمر الأول: صيام عاشوراء، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء، فلما سأل عن سبب صيامه أخبروه بأنه يوم أظهر الله فيه موسى عليه السلام وأغرق فرعون، فقال صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بموسى منهم، فصام وأمر الناس بصيامه)، ولما أُخبر أن اليهود يفردونه بالصيام قال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر) وفي حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صيام عاشوراء أحتسب على الله أن يكفّر ذنوب سنة ماضية)، فلا تحرموا أنفسكم من هذا الأجر الكبير، وفي هذا اليوم ينبغي أن نبيّن لأبنائنا الصغار ما وقع من صراع بين الحق والباطل، بين موسى عليه السلام وبين فرعون، وفي قصة موسى الكثير من الدروس والعبر التي ينبغي أن نقبل عليها دراسة وتحليلاً، فإن فرعون قتل لأجل موسى آلاف الذكور من بني إسرائيل، وخطط لعدم ميلاده وعدم وجوده إلا أن الله أراد أن يلقن الفراعنة درساً في كل الأزمنة والعصور، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]، فربي موسى في بيت فرعون، وترعرع تحت بصره، ووقفت امرأته تدافع عنه، وعادة الفراعنة أنهم لا يملكون صناعة القرار، إنما الذي يصنع القرار لهم هن النساء، ولكنهم يتخذون القرار، وفرق بين صناعة القرار واتخاذ القرار، فالفراعنة إن تأملت في كتاب الله عز وجل تجد أن النساء يحكمنهم، قالت امرأة فرعون: (لا تقتلوه)، وهو كان قد قال من قبل (اقتلوه)، فكان صاحب القرار في الأمر هي المرأة، قال عز وجل حاكياً عنها أنها قالت: {لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [القصص:9] فتُرك موسى عليه السلام. وهكذا فاذكر لهم الأحداث التي وقعت في قصته في هجرته من مصر، وفي زواجه من مدين، وفي عودته من مدين إلى مصر، وفي لقائه مع فرعون، وفي لقائه مع السحرة، وفي خروجه من مصر وإغراق فرعون في يوم عاشوراء، وفي نجاة بني إسرائيل، وفي عبورهم إلى الشاطئ الآخر حيث مروا {عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:138]، فهي دروس وعبر ما أحوجنا أن نذكر بها الأبناء، وأن تخضع لمقاييس الفهم الصحيح من الكتاب والسنة.

حرمة تصوير الأنبياء

حرمة تصوير الأنبياء الأمر الثاني: شركة مصرية تبيع كتباً في قصص الأنبياء اسمها ينابيع، وأسأل الله أن يهدي القائمين عليها، نشرت سلسلة قصص من القرآن، ومنها قصة الخضر عليه السلام مع موسى عليه السلام في رحلة طلب العلم، وصوروا فيها صوراً وقالوا: هذا هو الخضر وهذا هو غلام موسى يوشع بن نون، وهو نبي، فهل يجوز تصوير الأنبياء بصور كاريكاتورية تقدم للأبناء بهذه الطريقة؟ فهل يجوز أن الأنبياء يصورون صوراً فوتوغرافية؟ من الذي قال هذا؟ ومن الذي أفتاهم بهذا؟ فإن الأنبياء منزّهون، ومن ثَمَّ أُحذّر من هذه الكتب لا سيما من المخالفات الاعتقادية التي فيها.

حكم تمثيل الأنبياء والصحابة

حكم تمثيل الأنبياء والصحابة الأمر الثالث: مجمع البحوث الإسلامية وافق على مسلسل سيد البشر صلى الله عليه وسلم، ولا أدري ماذا سيعرض فيه، ولكن تمثيل الصحابة وتمثيل الأنبياء لا يجوز بإجماع أهل العلم المعتبرين؛ لأن الصحابة لا ينبغي أن يُمثّلوا كما قلنا قبل؛ فأحذّر من هذه الكتب، وأقول: لا ينبغي تصوير الأنبياء في صور فوتوغرافية تُعرض على الأطفال، فهذا إجرام في حق أنبياء الله ورسل الله صلوات الله وسلامه عليهم.

خطر تأويل صفات الله عز وجل

خطر تأويل صفات الله عز وجل الأمر الرابع: مجلة الأزهر مجلة قيّمة نافعة فيها أبحاث طيبة، لكني فوجئت في هذا الشهر بملحق العقيدة الإسلامية كما جاء بها القرآن الكريم لشيخنا الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى، وفيها ما يناقض عقيدة السلف حيث يقول الشيخ: وجمهور العلماء على أن آيات الصفات مجازات، فالاستواء مجاز عن الاستيلاء، والعين عن البصر، واليد عن القدرة، والوجه عن الوجود، ومعنى {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر:14] أنها تجري بالمكان الذي أحاطه الله بالكلاءة والعناية والحفظ والرعاية، ثم أخذ يعدد الصفات وأنها مجازات فهل جمهور السلف على هذه العقيدة؟ وهذا الكلام حينما ينشر على أنه معتقد السلف أليس في ذلك تدليساً على الأمة؟ فالسلف آمنوا بالصفات وأثبوتها لله بدون كيف، فقالوا: اليد معلومة وكيفيتها مجهولة، فأثبتوا لله الصفة مع تفويض الكيف، وهذه عقيدة مالك وأحمد وأبي حنيفة والشافعي والأوزاعي والليث وهي عقيدة الصحابة من قبلهم. وحينما دخل من دخل على الإمام مالك وسأله عن الاستواء: ما معنى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]؟ قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، أخرجوا هذا المبتدع، فأخرج من المسجد. فقوله: (الاستواء معلوم)، أي: معلوم المعنى، فإن استوى بمعنى علا وارتفع، وليس استوى بمعنى استولى كما يدرس الآن، استولى عليه من من؟ ورحم الله ابن القيم حينما قال: ولام المعطّلة كنون اليهود، قال الله لهم: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة:58] فقالوا: حنطة، فزادوا نوناً، وقال الله: {اسْتَوَى} [طه:5] فقال هؤلاء المعطّلة: استولى. ولكنهم يلقمون حجراً حينما قال الله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64] فهل هذا يعني أن يديه بمعنى قدرته؟ فإذا قالوا ذلك فقد أثبتوا لله قدرتين، وقال عز وجل: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10] فهل معناها: أن قدرة الله فوق قدرتهم؟ وحينما وصل الجعد بن درهم إلى قول الله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164] وفي هذه الآية إثبات صفة الكلام وهو لا يريد أن يثبتها، فقال: وكلّمَ اللهَ موسى تكليماً، فجعل موسى هو الذي تكلم مع ربه، فأراد أن يُعطّل صفة الكلام، فلما وصل إلى قول الله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف:143] لم يستطع أن يصنع شيئاً؟ فالقرآن بيّن واضح، والكلام صفة كمال، والله عز وجل له صفات الكمال، فهل تعبدون إلهاً لا يتكلم؟ فالكلام معلوم، والكيف مجهول، فلا نعلم كيف يتكلم، لكننا نثبت له صفة الكلام. فكونه يُنشر هذا الكلام الذي فيه تأويل الصفات على أنه اعتقاد السلف فهذا ظلم وافتراء على سلف الأمة. وقوله: إنه رأي الجمهور، والله! ما هو برأي الجمهور أبداً، وإنما هو عقيدة الأشاعرة وعقيدة المعطّلة الذين عطَّلوا آيات الصفات فقالوا: إن الله عز وجل لا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال فأين الله؟ وهل يعبدون عدماً؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! فهؤلاء هم الجهمية، وهؤلاء هم الذين عطّلوا صفات الله عز وجل، لذلك خالد القسري كان والياً في عهد الجعد بن درهم وبعد أن صلى صلاة عيد الأضحى بالمسلمين قال: أيها المسلمون! فليذهب كل واحد منكم فليضح بأضحيته، أما أنا فسأضحي بـ الجعد بن درهم فهو ضحيتي، وذبحه عند المكان الذي خطب فيه؛ لأنه قال: ما اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وما كلم الله موسى تكليماً، فأراد أن يجحد آيات الله، فذبحه عند المكان الذي صلى فيه. فأقول أيها الإخوة الكرام: لا ينبغي أن يُدرّس هذا الكلام، ولا ينبغي أن ينشر على أنه اعتقاد السلف، فهذا خلط للأمور، فليتقوا الله عز وجل. وأبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة عاد عمّا ذهب إليه، فإن كانوا أشعرية فـ الأشعري قد عاد عن اعتقاده في الأسماء والصفات فليرجعوا إلى ما رجع إليه.

حرمة أعراض العلماء

حرمة أعراض العلماء الأمر الأخير: أن تجريح العلماء لا يجوز بحال، ومما ابتليت به الأمة: أن يقع العلماء بعضهم في بعض، وأن نعرّض بهم في المجالس، وأن طويلب العلم يحمل أوراقاً يوزعها بين الناس يُحذّر من علماء الأمة. فأخونا الشيخ محمود المصري أبو عمار لا أعرف عنه إلا أنه سلفي الاعتقاد يدعو إلى الله عز وجل على بصيرة، فلا يجوز الطعن في العلماء والتعريض وقول: لا تسمعوا لهذا، ولا تسمعوا لها فلمن يسمعوا إذاً؟ لن يبقى هناك أحد، فكل من على الساحة جُرِّح، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهذا الكلام فليتق الله عز وجل من يردده، فكفى أن العلماء يُضطهدون من العلمانيين، وكفى أن العلماء يُعرّض بهم من هنا وهناك، فيا أخي! علِّم الناس العلم بدلاً من أن تُفرِّغ نفسك للطعن في إخوانك. وفي الحقيقة هذا الكلام قد يُغضب البعض، ولكني أقوله وأحتسبه عند الله عز وجل، فمثل الشيخ محمد حسان وأخونا الشيخ أبو إسحاق شيخنا، وكل من يعمل على ساحة الدعوة إلى الله ممن نثق فيهم وعقيدتهم سلفية، فإن أخطأ أحدهم في لفظ فقد يكون بلا قصد، إنما أن تظل تصطاد الأخطاء اللغوية والأخطاء في المنهج فلا، وإن سمعت شيئاً فراجعه حتى يصحح ما قال، فالمؤمن يستر وينصح، والمنافق يهتك ويفضح، فلا داعي للفضيحة، فراجعه فيما قال ويُسحب الشريط من السوق، ويصحح الخطأ بأدب دون إحداث فتنة، إنما الذي يحزننا هو أن البعض تفرغ لهذه المسألة، حتى إني رأيت بعض الطلبة يحملون أوراقاً للطعن في علماء الأمة وفيها: فلان فيه حلول واتحاد، وفلان سروري، وفلان من الخوارج، وفلان جهمي مرجئي، وما تركوا أحداً إلا وطعنوه، فلمن تستمع الأمة الآن؟ نسأل الله العافية والهداية للجميع.

باب الصبر عند الصدمة الأولى

باب الصبر عند الصدمة الأولى توقفنا عند قول المصنف رحمه الله: [باب الصبر عند الصدمة الأولى]. ومما ينبه إليه: أن معرفة الإحالات في كتاب البخاري علم مهم، فعلى طالب العلم الذي يريد أن يجتهد في الطلب أن يبحث ويتتبع أطراف الحديث، أي: أن هذا الحديث أخرجه البخاري في عدة مواضع، وهذا يشير إلى الفقه وإلى تعلم الفقه، فإن أردت أن تستفيد فتابع أطراف الحديث في الرواية كما أخرجها البخاري رحمه الله تعالى. قال البخاري: [باب الصبر عند الصدمة الأولى. وقال عمر رضي الله عنه: نعم العدلان ونعم العلاوة]. يعني بذلك قول الله عز وجل: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:155 - 156]. فالذين إذا نزلت بهم مصيبة قالوا: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:156] فجزاؤهم: {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:157]. فقوله: فنعم العدلان ونعم العلاوة، العدلان في قوله تعالى: ((أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ)) هذا واحد ((وَرَحْمَةٌ)) وهذه العدل الثاني، والصلوات والرحمة في مقابل صبرهم على المصيبة وقولهم: إنا لله وإنا إليه راجعون، وزيادة على ذلك: ((وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ))، وهذا هو العلاوة. ثم أورد البخاري رحمه الله قول الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45]. ثم ذكر حديث أنس من طريق محمد بن بشار، وهذا الحديث أخرحه الإمام البخاري في كتاب تفسير القرآن، وأخرجه في كتاب الأحكام في بيعة النساء، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى). وقد ذكرنا أن الصبر لغة: هو الحبس. واصطلاحاً هو: حبس النفس على الطاعة، أو عن المعصية، أو على أقدار الله المؤلمة. فالصبر إما حبس على طاعة، وإما حبس عن معصية، وإما حبس على أقدار الله المؤلمة، فالصبر يحمل هذه المعاني كلها، قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45].

باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا بك لمحزونون)

باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا بك لمحزونون) قال رحمه الله: [باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا بك لمحزونون). وقال ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (تدمع العين ويحزن القلب)]. فللعين البكاء، وللقلب الحزن، (ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل). ثم أتى بحديث أنس بن مالك الذي هو عند البخاري برقم (1303). قال: [حدثنا الحسن بن عبد العزيز حدثنا يحيى بن حسان حدثنا قريش بن حيان عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القيّن)]. وأبو سيف القين هو زوج من أرضعت إبراهيم بن النبي عليه الصلاة والسلام، والقيّن هو الحداد، فقد كان يعمل حداداً. قال: [(دخلنا على أبي سيف القين وكان ظئراً لـ إبراهيم)]. الظئر هو: زوج المرضعة، فهو صاحب اللبن. قال: [(وكان ظئراً لـ إبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبّله وشمه)]. الشم عموماً يجوز، فلو أن امرأة تشك أن ولدها يدخن، فلها عند نومه أن تشم ما يخرج منه من رائحة. قال: [(فقبّله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان -تدمعان- فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟)] أي: أن ابن عوف يقول: وأنت يا رسول الله! أيضاً تبكي؟ وهذه من المواضع التي بكى فيها النبي صلى الله عليه وسلم. قال: [(فقال: يا ابن عوف! إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى -أي: بدمعة أخرى- فقال صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم! لمحزونون)]. والمقصود: أن الحزن عند نزول المصيبة لا بأس به، والحزن للقلب والدمع للعين، لكن لا تتسخّط على قدر الله، فبكاء العين من رحمة الله عز وجل، وقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم، وإبراهيم عليه السلام هو ابن النبي صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية، ومات إبراهيم وهو يرضع قبل أن يتم الحولين، مات وهو ابن أربعة عشر شهراً على اختلاف بين العلماء، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إن ابني مات على الثدي، إن له مرضعة في الجنة، وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا إبراهيم! لمحزونون).

باب البكاء عند المريض

باب البكاء عند المريض قال البخاري رحمه الله: [باب البكاء عند المريض]. البخاري ينوع التبويب، فهنا تارة يبوّب البكاء عند الاحتضار والبكاء عند المريض، ثم أتى بحديث عبد الله بن عمر فقال: [حدثنا أصبغ عن ابن وهب إلى أن قال: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص)]. وفي الحديث مشروعية عيادة المريض، وحينما أذكر سعد بن أبي وقاص أذكر اليوم أن قوات الاحتلال الأمريكي دخلت إلى مسجد سعد بن أبي وقاص وعبثت به، والغريب في الخبر أنه يقول: وألقوا المصاحف على الأرض، وهذا ما يصنعه الكفار بكتاب ربنا سبحانه وتعالى، فالعبث بكتاب الله عز وجل يدل على حقد دفين في قلوبهم، والأمة لا تزال غافلة، نسأل الله العافية. قال: [(وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم)]. وفي الحديث مشروعية عيادة المريض جماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم زار سعد بن عبادة في جماعة من أصحابه. قال: [(فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله -أي: في كرب وشدة- فقال: قد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله! فبكى النبي صلى الله عليه وسلم)] وهذا الموضع الثاني لبكاء النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه بكى عند موت ابنه إبراهيم وبكى عند مرض سعد بن عبادة. قال: [(فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا)] أي: حينما رأوه بكى صلى الله عليه وسلم بكوا، وهذا يسمى عند العلماء بكاء المجاورة، أي: أني رأيتك تبكي فبكيت، وكل دمعة للعين تختلف؛ فدمعة الحزن تختلف عن دمعة الفرح، وتختلف عن دمعة الخوف، وتختلف عن دمعة النفاق، وتختلف عن دمعة المجاملة أو المجاورة، وابن القيم أورد هذه الأنواع من أنواع البكاء، وذُكر لـ شيخ الإسلام أن رجلاً يقع في الصلاة من شدة البكاء، يصلي خلف الإمام فيسمع مثلاً: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر:8] فيبكي ويقع، قال: ائتوني به وضعوه على حائط، واقرءوا عليه نفس الآيات التي قرئت في الصلاة، فإن وقع فهو صادق، فلما جاءوا به وضعوه على حائط، وقرءوا نفس الآيات فلم يتحرك. إذاً: هو إنما وقع نفاقاً وليس صادقاً، أعاذنا الله من ذلك، وهذا كما يفعل البعض في الصلاة يبكي، فإذا سألته: لم تبكي؟ قال: تذكرت أبي رحمه الله، وإذا سألت آخر: لم تبكي؟ قال: من بجواري بكى فأبكي لبكائه! ولا يجوز رفع الصوت بالبكاء، ففي مساجد السنة نرى في رمضان العجب، فالبعض ينوح في الصلاة، وهذا مخالف للسنة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يبكي دون أن يسمعه أحد، وإنما كان لصدره أزيز كأزيز المرجل، وكان السلف يوارون الدمعة، حتى كان بعضهم إذا غلبته العبرة يقول: ما أشد الزكام، أي: أنه يريد أن يداري أنه بكى من خشية الله، حتى لا يدخله العجب ولا الرياء. فلا بد أن نراعي هذه النقطة، فلا ترفعوا أصواتكم بالبكاء، ولا حرج أن تبكي لكن ابك دون أن ترفع صوتك بالبكاء. قال: [(فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يُعذّب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم)] يُعذِّب باللسان إن قال شراً، ويرحم إن قال خيراً. قال صلى الله عليه وسلم: (وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه). وكان عمر رضي الله عنه يضرب فيه بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي بالتراب. أي: أن عمر رضي الله عنه كان يمسك بعصا، فمن يبكي بنياحة أو بشق للجيوب كان يضربه بالعصا أو يرميه بالحجارة، أو يحثو على رأسه التراب، وغالب الناس في غالب الأحيان يبكي بشكل غير شرعي، ولذلك نحذر من هذا، ولا سيما النساء.

باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك

باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك قال البخاري رحمه الله: [باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك]. ثم أتى بحديث فقال: [حدثنا محمد بن عبد الله إلى أن قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (لما جاء قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحة جلس النبي صلى الله عليه وسلم يُعرف فيه الحزن، وأنا أطّلع من شق الباب فأتاه رجل فقال: يا رسول الله إن نساء جعفر وذكر بكاءهن، فأمره بأن ينهاهن، فذهب الرجل)]. البكاء الذي نهي عنه هو البكاء الذي فيه رفع الصوت وفيه نياحة، فحينما مات جعفر بن أبي طالب بكته نساؤه، فأمره أن ينهاهن. قال: [(فذهب الرجل ثم أتى فقال: قد نهيتهن، وذكر أنهن لم يطعنه، فأمره الثانية أن ينهاهن، فذهب وقال: والله! لقد غلبنني أو غلبننا) الشك من محمد بن حوشب، فزعمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فاحث في أفواههن التراب، فقلت: أرغم الله أنفك، فوالله! ما أنت بفاعل وما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء)]. ثم أتى بحديث آخر من طريق أم عطية قالت: (أخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم عند البيعة ألا ننوح)] وبيعة النساء ذكرها الله عز وجل في سورة الممتحنة بكسر الحاء وبفتحه، تسمى سورة الممتحَنة، أو سورة الممتحِنة، فيها ذكر بيعة النساء حينما جئن لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت معهن زوجة أبي سفيان واسمها هند، وكانت تلبس النقاب، فلم يعرفها النبي صلى الله عليه وسلم إلا من صوتها، وهذا فيه مشروعية النقاب، وكانت تراجع النبي عليه الصلاة والسلام، فلما قال لهن: (ولا تزنين) قالت: أوتزني الحرة؟ أي يستحيل أن تزني المرأة الحرة، فتجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، ومعناه: أن المرأة الحرة لا تطلب الرزق بالرضاعة، يعني: لا تأخذ على الرضاعة أجراً، فعرفها النبي صلى الله عليه وسلم من صوتها فقال: (أنتِ هند، فقالت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح لا ينفق عليّ ولا على أولاده، أفآخذ من ماله يا رسول الله؟! قال: خذي ما يكفيك وولدكِ بالمعروف) ولما ذكر صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء:31] قالت: (يا رسول الله ربيناهم صغاراً وقتلتموهم كباراً، فضحك عمر حتى استلقى على قفاه رضي الله عنه) ففي الحديث أن هند لم يعرفها النبي صلى الله عليه وسلم إلا من صوتها، ولم يعرفها من وجهها، ففيه مشروعية النقاب، ولكن تجد من يقول: النقاب عادة جاهلية وليس من شريعة رب البرية. فنقول لهم: ماذا تقولون في هذا الحديث؟ وأنا لا أعرف هؤلاء كيف لا يتقون ربهم في هذه النصوص الواضحة البيّنة؟ فقولهم ليس من دين الله في شيء وإنما هو من الجاهلية الأولى، هذا إجرام والله الذي لا إله غيره، إجرام في حق الشرع، وإجرام في حق العلم، ومن العجيب أن هذا يقوله بعض الذين ينسبون إلى العلم ظلماً وزوراً؛ لأنهم خانوا العلم، وقبل ذلك خانوا ربهم عز وجل. قالت أم عطية: (أخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم عند البيعة ألا ننوح) أي: أنه أخذ عليهن عند البيعة عدم النياحة. قالت أم عطية: فما وفت منا غير خمس نسوة أي: ما وفّت بهذه البيعة إلا خمس، والباقي لم يوفين. قالت: (أم سليم وأم العلاء وابنة أبي سبرة امرأة معاذ وامرأتين، أو ابنة أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى). وفي الحديث أن غالب النساء ينحن، إلا من رحم الله، وأم عطية تقول: فما وفّت منا إلا خمس، والباقي لم يوفين بعدم النياحة، لذلك الإنسان عند موت قريبه يحتاج إلى صبر.

باب القيام للجنازة

باب القيام للجنازة قال البخاري رحمه الله: [باب القيام للجنازة]. فقه الجنائز من أهم أنواع الفقه؛ لوجود موضوعات هامة فيه، منها رفع اليد، ورفع اليد في التكبيرات الأربع مشروع، وهو الذي عليه عمل الصحابة؛ لأني أجد في بعض مساجد السنة يقول الإمام -وهو يحسب أنه يُحسن صنعاً-: لا ترفعوا أيديكم إلا في التكبيرة الأولى! فمن أين جئت بهذا الكلام؟ وكيف تأمر الناس به؟ قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في تعليقه على فتح الباري لـ ابن حجر: إن الرفع هو الأصل من عمل الصحابة. وذكر ابن باز رحمه الله: أن حديث رفع اليدين في صلاة الجنازة أخرجه الدارقطني في العلل بإسناد جيد عن ابن عمر مرفوعاً وصوب وقفه؛ لأنه لم يرفعه سوى عمر بن شبة، والأظهر عدم الالتفات إلى هذه العلة؛ لأن عمر المذكور ثقة فيُقبل رفعه، ويكون ذلك دليلاً على شرعية رفع اليدين في تكبيرات الجنازة. ثم الصلاة على الجنازة داخل المسجد وخارج المسجد، وهكذا القيام للجنازة والصلاة على الغائب، كل ذلك من فقه الجنائز. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم.

شرح صحيح البخاري [13]

سلسلة شرح صحيح البخاري [13] لقد كرم الإسلام الإنسان حياً وميتاً فشرع للأحياء غسل الأموات وتكفينهم ودفنهم وتشييعهم والإسراع في المشي بالجنازة.

من آداب طالب العلم مع شيخه

من آداب طالب العلم مع شيخه الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله. أما بعد: فأيها الإخوة الكرام الأحباب! هنا نقطتان هامتان ننبه عليهما: الأولى: أنه ينبغي على طالب العلم إذا أشكل عليه شيء مما سمعه أن يراجع الشيخ؛ ليفهم المراد، بدلاً من أن ينقل نقلاً خاطئًا مغلوطاً ويشيع الفتنة، ويتناقل أن الشيخ قال كذا وكذا. فهذا ليس من آداب طلب العلم، وإنما ينبغي عليه أن يراجع ويفهم المقصود، وإن أخطأ الشيخ فلا بأس أن يصحح، فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم. لذلك ما أحوجنا إلى أن ندرس كتاب: حلية طالب العلم للدكتور بكر أبو زيد! وكان ينبغي أن نخصص له مجالس لنتعلم سوياً آداب طلب العلم. ذكرنا قبل أنه لا يجوز أن نشتري علبة السمن مغلقة، فأحدث هذا جدلاً عند البعض، لكنه لو صبر قليلاً لعلم أن المخرج أن يشتري بالخيار، والبائع والمشتري بالخيار ما لم يتفرقا؛ أي: تتفرق الأبدان، هذا قول جمهور الصحابة، فإن قلت للبائع: أشتريها منك بشرط إن كان بها عيب أن تعود إليك في مدة كذا، وقبل، فأنت بالخيار أن تعيد السلعة إليه. فالمخرج أن تشتري بالخيار، ومعنى الشراء بالخيار: أنك تشترط عليه: أنه إذا بدا فيها عيب أن تردها إليه، أما أن تردها وإما أن تحصل على فرق يسميه العلماء: الأرش. ومعنى الأرش: الفرق بين السلعة وهي صحيحة والسلعة وهي معيبة، فإذا كانت السلعة صحيحة بعشرة ومعيبة بخمسة، فيكون الفرق خمسة، فمن حقك إما أن ترد السلعة أو أن تحصل على أرش يسمى عند العلماء أرش العيب. فكان من الممكن أن الأخ ينتظر إلى أن نأتي إلى باب الخيار في فقه البيوع ولا يشغل نفسه بقضية السمن، ويتصل يميناً ويساراً وشرقاً وغرباً، ويراجع العلماء والشيخ قال: السمن، فما هذا يا عبد الله؟! النقطة الثانية: هناك قضايا تعرض علينا بين الزوجات والأزواج فننظر إلى الواقع وبناءً على الواقع نتحدث، فمثلاً: أمر النقاب ربما يكون فيه إما الطلاق وإما النقاب، فنحاول أن نهدئ من الروع وأن نحل المشكلة، وليست فتوى وإنما هي حل لمشكلة، فالبعض يأخذ هذا الكلام على أنه فتوى، يعني: المشكلة عندنا الآن إما أن نحضر المأذون وأن نطلق في الحال أو نهدي ونحاول أن نصلح صلحاً يسيراً لعل الأمور تمر، فهذا يصر على رأي وهي تصر على رأي، فهل من الحكمة أن نقف مع أحد الطرفين قولاً واحداً ثم يقول: سأطلِق وتقول: طلق. هل من الحكمة أن نرسل إلى المأذون ليطلق قولاً واحداً؟ هذه ليست فتوى. والبعض أيضاً يراجعنا في هذه الأسئلة: أنت قلت كذا وقلت كذا في مشكلة كذا، فأقول: هناك فرق بين الفتوى والقضاء، لكن لا أدري، يبدو أن القاهرة الكبرى تعلمت الفتن وتمرغت فيها فتجد النقص والطعن وقلب الحقائق، وهذا ليس من الأدب مطلقاً. فينبغي أن تراجع في المسألة من تكلم فيها، ولا تخبر أحداً بها إلا بعد أن تراجع الشيخ، وتسأله: ماذا تقصد؟ ماذا تريد؟ لكننا الآن نسمع ونبلغ، فتبلغ الكلمة الآفاق، وربما يسمع خطأً ويبلغ خطأً وتحدث مشكلة بدون مشكلة. وحينما يتصل أحد الإخوة ويقول: قال العالم الفلاني كذا، أقول له: لابد أن أتثبت من قولك من ذات العالم؛ لأن هذا الكلام عادة ينقل إما خطأً في السماع، وإما يُفهم فهماً خاطئاً، وهذا كثير، وحدث عنه ولا حرج، بل هو الغالب الأعم.

باب القيام للجنازة

باب القيام للجنازة قال الإمام البخاري: [باب القيام للجنازة]. هناك فرق بين القيام للشيء، والقيام إلى الشيء، والقيام على الشيء، وهذا مهم جداً، وابن تيمية يفرق كما في مجموع الفتاوى، فتجد بعض الناس إذا جاء يسلم عليه أحد الناس يسلم عليه وهو جالس متكئ ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يتمثل الناس له قياماً فليتبوأ مقعده من النار)، وهذا فهم سقيم، فيسلم على العالم ويسلم على الأب بهذه الطريقة وهو جالس، ويفهم أن النص معناه: ألا يقوم لأحد وألا يسلم عليه، فهناك فرق كبير بين القيام للشيء والقيام إلى الشيء والقيام على الشيء. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أراد أن يتمثل الناس له قياماً)، والمعنى: أن أجلس على كرسيي هذا وأتلذذ بوقوفك، وحينما تريد أن تجلس أقول: أأمرتك أن تجلس؟ قف. هذا هو المنهي عنه: أن يقوم الرجل وأنا آمره بالقيام وأنا جالس وإذا أراد أن يجلس أمنعه من الجلوس. أما إذا جاء من سفر بعيد فهل يجوز أن أقوم له أم لا؟ أقوم له لا بأس، أو دخل شيخ عالم جليل فأقوم من مجلسي لأصافحه، ليس فيها مخالفة أبداً، أو جاء رجل كبير وقدم إلينا لا بأس أن نقوم ونسلم عليه، ففقه الحديث مهم. قال البخاري: [باب القيام للجنازة: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم)]. يعني: تكون وراء ظهوركم أو توضع. ومعنى الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام يأمر من لم يمش مع الجنازة ومرت عليه جنازة وهو جالس من السنة أن يقوم لها، ولذلك البخاري بوب: باب القيام للجنازة. ثم ذكر حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشياً معها فليقم حتى يخلّفها أو تخلّفه أو توضع من قبل أن تخلفه)]. والمعنى: إن من لم يكن ماشياً مع الجنازة فمن السنة أن يقوم لها، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودي وقال: (أليست نفساً؟). ومعنى ذلك كما قال ابن حجر في الفتح معلقاً: والقيام للجنازة إما لتعظيم الموت -يعني: لعظم مصيبة الموت وتذكر الموت- وإما لعظم الملك الذي نزل بأمر الموت تعظيماً لأمره. قال البخاري رحمه الله: [عن سعيد المقبري عن أبيه قال: (كنا في جنازة فأخذ أبو هريرة رضي الله عنه بيد مروان فجلسا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد رضي الله عنه فأخذ بيد مروان وهو جالس فقال: قم، فوالله! لقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك)]. فلماذا جلس أبو هريرة رغم علمه؟ جلس ليبين أنها سنة وليست على الوجوب وإما أن يكون قد نسي، وهذا وارد، والذاكر حجة على الناسي كما يقول علماء الأصول، لذلك أبو سعيد رضي الله عنه أخذ بيد مروان فقال: (قم، فوالله! لقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك)، أي: نهانا أن نجلس قبل أن توضع الجنازة. وأين توضع: في القبر أم على الأرض؟ الراجح أن المراد توضع على الأرض؛ لأنني سمعت من البعض يقول: قبل أن تدخلها القبر، وهذا موجود في بعض كتب الفقه، لكن الراجح: قبل أن توضع على الأرض. وفي الحديث: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أبا سعيد رأى أمراً يخالف السنة فذكر الناس به وقام إلى مروان وأخذ بيده وجذبه حتى أقامه، وقال: والله! لقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن أن نجلس قبل أن توضع الجنازة. وفي الحديث: مشروعية الجلوس بعد وضع الجنازة على الأرض.

باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال فإن قعد أمر بالقيام

باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال فإن قعد أمر بالقيام قال البخاري رحمه الله: [باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال فإن قعد أمر بالقيام]. وقوله: (عن مناكب الرجال) معناه: أن الذي يحمل الجنازة هم الرجال وليس النساء. ويذكرني ذلك بمخالفة شرعية رأيتها في بور سعيد وهي: أنهم يحملون الجنازة في سيارة، لا لعلة وإنما هذا دأبهم، فتحمل الجنازة في سيارة والناس تسير من طريق والجنازة من طريق ويلتقون في المقبرة، فلا تشييع لجنازة ولا شيء، ثم في المقابر ترى العجب! وهذا موجود الآن في بعض البلدان أيضاً، فالقبر له باب حديد وقفل فيفتحون الباب ثم يضعون الميت ثم يغلقون وينصرفون!! فالمطلوب أن نسير خلف الجنازة؛ لأن اتباع الجنازة يذكرنا الموت. فقوله: (حتى توضع عن مناكب الرجال) فيه أن الجنازة تحمل على مناكب الرجال، إلا أن تكون هناك علة، كأن تكون المسافة طويلة جداً، أو يكون الميت بديناً لا يقوى أحد على حمله أو غير ذلك، أما أن تحمل بغير علة بهذه الطريقة فهذا يخالف السنة. ثم ذكر البخاري حديث: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع).

باب من قام لجنازة يهودي

باب من قام لجنازة يهودي قال البخاري رحمه الله: [باب من قام لجنازة يهودي: حدثنا معاذ بن فضالة إلى أن قال: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (مر بنا جنازة فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم فقمنا معه فقلنا: يا رسول الله! إنها جنازة يهودي؟ قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا)]. ثم أتى بحديث آخر: حديث [عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (كان سهل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية فمروا عليهما بجنازة فقاموا، فقيل لهما: إنهما من أهل الأرض، أي: من أهل الذمة. فقالا: إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له: إنها جنازة يهودي. فقال: أليست نفساً؟)]. ثم قال: [وقال زكرياء عن الشعبي: كان ابن مسعود وقيس يقومان للجنازة. ] كل هذا أورده الإمام البخاري ليستدل على مشروعية القيام للجنازة. وبعض العلماء قالوا: إن القيام للجنازة منسوخ، يعني: أن حكمه نسخ، يعني: أزيل، ومعرفة النسخ مهم جداً. والبعض يظن أن النسخ يعني البداء، يعني: أن الله سبحانه وتعالى كان لا يعلم ثم علم، وهذا قول اليهود، فاليهود يقولون بعدم النسخ؛ لأن النسخ يعني: البداء، يعني: عدم العلم، فقالوا: إن النسخ لا يمكن أن نقبله على اعتبار أن الله يعلم، وعلم الله سبحانه وتعالى أزلي، فمعنى أن نقول: إنه نسخ، أننا نتهم الله بعدم العلم. وعلى النقيض من اليهود الشيعة الرافضة قالوا بجواز البداء على الله، وأن الله كان لا يعلم ثم علم، وللأسف رأيت في أخبار اليوم مقالاً للدكتور عمارة يدندن فيه على أنه لا فرق بين الشيعة والسنة، وهذا كلام خطير جداً، ويقول: شيعة حنابلة شافعية مالكية كلنا واحد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فوضع الشيعة مع الاختلاف المذهبي، مع أن اختلافنا مع الشيعة اختلاف في غالب الأصول: عقيدة الرجعة، عقيدة المهدي المنتظر، يطعنون في القرآن الذي بين أيدينا اليوم، يسبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث ولا حرج عن عقائدهم الفاسدة. وليس معنى ذلك أننا نفرّق الأمة، بل نحن نقول بوحدة الأمة في مواجهة العدو، لكن مع الحفاظ على الفروق، يعني: إن جاء عدو إلى بلادنا نتحد جميعاً في دفعه سنة وشيعة، لكننا نؤمن إيماناً جازماً أن هناك فرقاً بيننا وبينهم؛ لأن بعض الناس يقولون: أنتم تفرقون، والأمة الآن في حاجة إلى تجميع لصد العدوان، وهذه كلمة أريد بها باطل. ولما قامت ثورة الخميني أقاموا لها الدنيا، وأنا أذكر أنهم صوروه لنا على أنه مخلص جاء ليخلص الأمة، وإذا عدت إلى كتابه: (الحكومة الإسلامية) تجد أنه كتب فيها بالحرف الواحد: زيارة قبر الإمام عندنا تعدل حج البيت سبعين مرة. وهذا كلام لا يمكن أبداً أن يقبل. وكذلك عندهم العصمة للأئمة، فالإمام له العصمة أكثر من الأنبياء، فالأئمة أفضل من الأنبياء كما يزعمون، وهذا الكلام ليس هذا محله، لكنني أردت أن أنبه للخلط المقصود المتعمد من البعض. فدعوى النسخ تحتاج منا إلى دليل، والدليل هو معرفة المتقدم والمتأخر، يعني: معرفة التاريخ، ولذلك هناك مبحث في النسخ اسمه: كيف يعرف النسخ؟ والنسخ يعرف إما بطريق توقيفي، بخبر ظاهر يدل على النسخ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها)، فهذا واضح في نسخ عدم الزيارة، وإما بعلم التاريخ، فمن ادعى النسخ فلابد أن يأتي بتاريخ يدلل به على أن هذا متقدم على هذا بالتاريخ، فدعوى النسخ لا تقبل إلا بهذه الطريقة.

باب حمل الرجال الجنازة دون النساء

باب حمل الرجال الجنازة دون النساء قال البخاري رحمه الله: [باب حمل الرجال الجنازة دون النساء]: وأتى بحديث لـ أبي سعيد رضي الله عنه فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها! أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه صعق). وهل تقول الجنازة هذا بلسان الحال أم بلسان المقال؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: هو كناية عن عمله الصالح. ومنهم من قال: إنه يتكلم بالفعل دون أن يسمعه الإنسان؛ لقوله: (يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان)، وعذاب القبر يسمعه كل شيء إلا الثقلين. والأصل في النساء التستر، وحمل المرأة للجنازة يتنافى مع البراءة الأصلية، ويتنافى مع أصل تستر المرأة؛ فإنه يجب على المرأة أن تستر نفسها، لذلك إذا حملت الجنازة قد تظهر مفاتنها، فهنا نقول: إن حمل الجنازة يكون للرجال دون النساء.

باب السرعة بالجنازة

باب السرعة بالجنازة قال البخاري رحمه الله: [باب السرعة بالجنازة: وقال أنس رضي الله عنه: أنتم مشيعون، وامش بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها. وقال غيره: قريباً منها]. ثم أتى بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم). من السنة أيضاً عند حمل سرير الجنازة: الإسراع بها، والجنازة تحمل في سرير وليس في تابوت مغلق كالذي نراه الآن في بعض القرى حيث يعدون نعشاً ثم فوق النعش صندوق له غطاء خشبي، ثم فوق الغطاء مفرشاً، كل هذا ليس من شرع الله سبحانه، إنما يحمل الميت على سرير. ومن الموضوعات الخلافية: هل نمشي أمام الجنازة أم خلفها أم عن يمينها أم عن يسارها؟ الجمهور على أن المشروع هو المشي أمامها، ولكن الراجح من أقوال العلماء: أنه يجوز أن تمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن يسارها؛ لأن الكل مشيع، وهذا كله يجوز؛ لأنه ثبت ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وابن حجر يقول: الجمهور على أن المشي أمامها أفضل. وهناك طالب علم في دار العلوم تتبع مسائل الإجماع عند ابن حجر في الفتح، وكلما قال: أجمع العلماء، استخرج هذا الإجماع، فكل الإجماعات في فتح الباري نقلها ثم تتبعها بعد ذلك وبحث هل دعوى الإجماع هذه صحيحة أم غير صحيحة، وهذا جهد كبير؛ فإن الفتح ثلاثة عشر مجلداً يلزمه أن يقرأها جميعاً بتأن، ثم كلما قال ابن حجر: وأجمع العلماء على كذا، ينقل ذلك. ولذلك هذا الكتاب فيه رسائل جامعية عديدة منها: المسال الاعتقادية عند ابن حجر، وهذا يحتاج إلى جهد لا سيما أنه يؤول بعض الصفات في مواضع ويخالف منهج السلف، والفتح في ثلاثة عشر مجلداً وذلك يتطلب منك أن تتبع عقيدة ابن حجر في شرح كل حديث أشار فيه إلى مسألة عقدية، وهكذا في مسائل الإجماع تبحث أيضاً، وفي مسائل الجمهور تبحث أيضاً، فانظر إلى هذا الجهد المبذول من طلاب العلم، هؤلاء هم طلاب العلم. ثم قال البخاري رحمه الله: [باب قول الميت وهو على الجنازة: قدموني]. ثم جاء بالحديث الذي ذكرناه وبعد ذلك جاء بباب: [من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة]، وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

الأسئلة

الأسئلة

حكم الدفن وزيارة القبور ليلا

حكم الدفن وزيارة القبور ليلاً Q هل يجوز أن ندفن بالليل أو نذهب إلى زيارة القبور بالليل؟ A يجوز أن ندفن بالليل؛ لأنه ثبت أن بعض الصحابة دفنوا بالليل، وهذا ليس فيه مخالفة، أما الذهاب إلى القبور في الليل فقد ثبت أيضاً أن بعضهم كان يذهب لزيارة القبور ليلاً، وليس فيه نهي.

حكم وضع العدسات الملونة في العين للرجل

حكم وضع العدسات الملونة في العين للرجل Q ما حكم أن يضع الرجل العدسات الملونة في عينه دون ضرورة؟ A هل الرجل يضع في عينه عدسات ملونة؟ يعني: أنا أرى أن التعبير بالرجل فيه مجاز؛ لأن الرجل لا يغير لون عينه. وأحياناً أرى بعض الرجال عند بعض الحلاقين يأمر الحلاق أن يستخدم الفتلة في ترفيع حاجبه، فلما تكلمه يقول لك: النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله النامصة والمتنمصة)، ولم يقل: النامص، فالأمر للنساء! فنقول: الأمر خرج للنساء؛ لأن النساء يحتجن إلى التزيين، فإذا نهى النساء عن النمص فمن باب أولى الرجل. ويذكرني ذلك بأحد الخلفاء العباسيين لما أرسل إلى امرأة تدعي أنها نبية، فقال لها: ألا تعلمي أنه لا نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: نعم، فهو القائل: (لا نبي بعدي)، ولم يقل: لا نبية بعدي، فضحك الخليفة واستلقى على قفاه وعلم أنها مخبولة؛ لأن الله عز وجل لا يرسل الأنبياء إلا رجالاً، فكونها تحمل هذا اللفظ بهذه الطريقة إذاً هي لا تفهم. فأقول: طالما أننا حرمنا العدسات الملونة على النساء فمن باب أولى على الرجال.

حكم استخدام الجن في معالجة المس والسحر وتعيين مكان الضائعة

حكم استخدام الجن في معالجة المس والسحر وتعيين مكان الضائعة Q هل يجوز تسخير الجن لمعالجة المس والسحر ومعرفة مكان عمل السحر لإبطاله وأماكن الأشياء المفقودة؟ A لا، وقد أشار إلى ذلك كثير من العلماء، وذكروا أن استخدام الجن لا يجوز؛ لأنها خاصية لا تكون إلا لنبي الله سليمان الذي قال: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص:35].

شرح حديث: (اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)

شرح حديث: (اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد) Q ما معنى حديث: (اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد)؟ A الماء معروف، والثلج: هو الماء المجمد، والبرد: هو الثلج الذي ينزل مع المطر، والحديث في البخاري: قال ابن حجر في الفتح معلقاً على هذا الحديث: لماذا جمع الثلاثة في قوله: بالماء والثلج والبرد؟ قال: لأن المعاصي لها حرارة، فالماء يطفئها، والثلج أشد في إطفائها يذهبها, والبرد كذلك أيضاً، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الثلاثة في إطفاء حرارة المعصية.

حكم أخذ الشعر الذي ينبت تحت العين وفوق اللحية

حكم أخذ الشعر الذي ينبت تحت العين وفوق اللحية Q ما حكم أن يأخذ الرجل من الشعر الذي ينبت تحت عينه وليس من اللحية؟ A لا بأس؛ لأن الشعر الذي ليس من اللحية ليس في أخذه شيء.

حكم صلاة الوتر قبل قيام الليل

حكم صلاة الوتر قبل قيام الليل Q هل يجوز لي أن أصلي الوتر قبل قيام الليل؟ A إن صليت الوتر في أول الليل فلا يجوز لك أن توتر مرة ثانية.

حكم قراءة القرآن في قيام الليل من المصحف

حكم قراءة القرآن في قيام الليل من المصحف Q هل يجوز لي أن أختم القرآن قراءة من المصحف في القيام؟ A نعم، يجوز.

حكم الإشارة بالسبابة عند مرور الجنازة

حكم الإشارة بالسبابة عند مرور الجنازة Q هل الإشارة بالسبابة عند مرور الجنازة أو عند دخولها المسجد من السنة؟ A لا. ليست من السنة.

حكم الإشارة بالسبابة في الصلاة عند ذكر لفظ الجلالة

حكم الإشارة بالسبابة في الصلاة عند ذكر لفظ الجلالة Q هناك من يشير بالسبابة داخل الصلاة وهو واضع يديه اليمنى على اليسرى وهو قائم عند ذكر لفظ الجلالة أثناء قراءة القرآن، فهل هذا من السنة؟ A هذا ليس من السنة، فكون بعض الناس حين يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، يشير بالسبابة، أو حين تمر الجنازة يشير بالسبابة، هذا ليس من السنة.

شرح صحيح البخاري [14]

سلسلة شرح صحيح البخاري [14] يشرع في صلاة الجنازة تكثير الصفوف عليها وتكثير المصلين، كما أنه يجوز صف الصبيان في صلاة الجنازة بجانب الرجال، ولا حرج في ذلك.

أهمية تهذيب سلوك المسلم

أهمية تهذيب سلوك المسلم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين. ثم أما بعد: هناك أمور كثيرة يجب أن نبينها قبل أن نشرع في درس صحيح البخاري في باب الصلاة على الغائب وما بعده: الأمر الأول: أن العبادات -الصلاة والصيام والزكاة والحج- شرعت لتهذيب سلوك المسلم، فالمسلم ينبغي أن يتحلى بالسلوك الحسن ويعرف به، في أسرته، في معاملته لزوجته، في طريقه العام، في مشيته، حتى يعرف بسلوكه ويقال: هذا مسلم من سلوكه، وبعضهم تجد أن سمته الخارجي التزامي، وسمت السلوك لا يترجم عن هذا الالتزام بحال، لذلك أحببت أن أذكر بهذا لأهميته؛ فإن السلوك الحسن مطلوب حتى مع العصاة، وانظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يعامل العصاة، قال عز وجل: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]، وبعض الإخوة حينما يرون امرأة متبرجة تجد أحدهم ينظر إليها وقد قطب جبينه، ثم يرفع صوته ويقول: لعنة الله عليك يا فاسقة. فيزرع في قلبها الحقد والحسد والضغينة، ولا يتذكر قول الله عز وجل: {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء:94]، فمن منا ولد من بطن أمه على الالتزام؟ لا أحد. فينبغي علينا أن ننظر إلى العصاة نظرة رحمة ونظرة رفق، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل العصاة برفق ورحمة، فهذا الرجل الأعرابي الذي دخل المسجد وتبول فيه عامله برفق، وكم أكرر: لو أن رجلاً الآن دخل إلى المسجد وتبول فيه ماذا سنصنع به؟ سننهال عليه بالأحذية والخشب وكل ما نجد، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقطعوا عليه بوله) ثم قال: (أريقوا عليها سجلاً من ماء)، ففي هذه القصة يعلمنا الحبيب الحكمة وعدم الغلظة في التعامل مع الناس. ثم أيضاً من الأمور الهامة أنني قد أكون ملتزماً وزوجتي غير ملتزمة أو زوجتي التزمت وأنا غير ملتزم، يعني: عندي تقصير في بعض الواجبات الشرعية، فينبغي أن يحرص بعضنا على بعض، فبعد التزامي وزوجتي لا تزال على أول عهدها لا أقول: أنت إلى جهنم! أو اخرجي يا فاسقة! أو نحو ذلك؛ إذ لا يصح التعامل مع الزوجة بهذا الأسلوب، وإنما آخذ بيدها إلى الطاعة، وأحببها في الطاعة. وهكذا قد تجد أختاً التزمت وكانت قبل الالتزام تتجمل لزوجها وتبتسم له وتحسن التبعل في حال التبرج، وبعد أن منَّ الله عليها بالالتزام إذا كلمها ترد عليه: أنت لا تتكلم معي؛ لأنك مبتدع ضال! ونحو ذلك، فليس معنى أن الزوج إذا كان في معصية ألا تحسني معاشرته وألا تحسني معاملته؛ فالإسلام يعلمنا السلوك، ولذلك تأتيني شكاوى كثيرة بهذا الشأن. فأقول: ينبغي على المسلم إذا سئل عنه جاره أن يقول: نعم الجار، يعودني إذا مرضت، ويعطيني إذا احتجت ويقف بجواري إذا كنت في أزمة، ويلقي علي السلام في ذهابه وإيابه، أما أن يمر وهو مكشر ويرجع وهو مكشر ويعامل الناس بهذه الغلظة فهذه ليست دعوة، بل هي تنفير للناس، ففي البخاري: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! لا أكاد أدرك صلاة الجماعة في الفجر؛ لأن فلاناً يطول بنا)، يعني: يقرأ طويلاً والرجل لا يتحمل هذه الإطالة فيتخلف عن الجماعة، قال: (فغضب النبي صلى الله عليه وسلم واحمر وجهه، وقال: إن منكم لمنفرين)، وصلاتنا الآن وسط في كل مساجدنا، وإنما الإطالة أن الرجل قرأ بالبقرة وآل عمران وأطال كثيراً، فلا يفهم أحد أن الإطالة على مفهومه هو. وحزب المنفرين منتشر، ولذلك أريد أن نبتسم في وجه الناس جميعاً، وأن نلقي السلام، وأن نساعدهم في مشاكلهم، فالالتزام ليس معناه أن تكون في عزلة وتغلق على نفسك، فأصحاب السجن قالوا ليوسف عليه السلام: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:36]، فكيف تعرف أصحابه في السجن على سلوكه، وكيف شهدوا له أنه محسن؟ من المؤكد أنه تحبب إليهم وحببهم في دعوته، فقد كان يخاطبهم: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} [يوسف:39]، يعني: يا أصحابي في السجن! فانظروا إلى لغته كيف يتحبب إليهم بهذا اللفظ ثم يدعوهم إلى الله: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف:39 - 40] وبعد أن بين لهم التوحيد قال: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ} [يوسف:41] ولم يحدد الأول والثاني باسمه، حتى يراعي شعور ساقي الملك، مع أن الملك هو الذي وضعه في السجن، فيا لها من دعوة! ويا ليتنا نتعلم الرأفة والرحمة والحكمة في الدعوة إلى الله

الرد على من يتهكمون بالدعاة إلى الله عز وجل

الرد على من يتهكمون بالدعاة إلى الله عز وجل جاءتني ورقة من جريدة هابطة عرفت بمستواها الهابط، ولا أدري لماذا نروج لهذه الصحف، يقول الكتاب فيها: صانع المتطرفين في مصر، ويتهم الشيخ محمد حسين يعقوب بأنه صانع المتطرفين! ونحن نقول: وأنتم صناع الدعارة، ولا أقول لكم إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)، فالدعاة يحاربون بالأقلام المسمومة، ويكفي أن يحارب الدعاة من هؤلاء، لكننا الآن نحارب الدعاة من بيننا، وهذه مصيبة كبيرة أخرى.

حكم الموسيقى

حكم الموسيقى الأمر الأخير: أرسل أحدهم ورقة فيها أن هناك فتوى نشرت: أن الموسيقى الهادئة حلال، فهذا المفتي أفتى أن الموسيقى الهادئة حلال، والعجيب في الفتوى أنه ذكر أنها تهدئ الأعصاب! وأقول: شر البلية ما يضحك، فالموسيقى التي أجمع العلماء على تحريمها تقول فيها: إنها حلال! ماذا أقول؟ لا أقول إلا: إن الأمر قد وسد إلى غير أهله.

باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام

باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام قال البخاري رحمه الله: [باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام]. فلازلنا مع كتاب الجنائز، وكتاب الجنائز في البخاري من أهم الكتب، وقوله: (من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام) يعني: أن من السنة أن نقف صفوفاً عند الصلاة على الجنازة. قال: [حدثنا مسدد: إلى أن قال: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث)]. جابر يقول: كنت في الصف، والنجاشي هو ملك الحبشة، مات بأرض كفر، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، وعلى هذا قلنا: إن العلماء قد اختلفوا في صلاة الغائب إلى فريقين، فلو أن رجلاً من مصر مات بالأردن ودفن بالأردن، فهل نصلي عليه في مصر أم لا نصلي؟ الحنابلة والشافعية على جواز الصلاة، والمالكية والأحناف على عدم الصلاة، والراجح: أن من صلي عليه في أرض لا يصلى عليه مرة ثانية؛ والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي لأن النجاشي مات في أرض كفر، ولم يصل عليه من المسلمين أحد، فلذلك صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وانتصر له شيخنا الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع وذكر أن من مات غائباً عن بلده وصلي عليه لا يصلى عليه مرة ثانية.

باب الصفوف على الجنازة

باب الصفوف على الجنازة قال البخاري رحمه الله: [باب الصفوف على الجنازة]. يعني: هل يصف صفاً واحداً أو صفين أو ثلاثة، وأقل الصفوف في الجنازة تكون صفين، فإن كنا مثلاً نصلي على جنازة ونحن أربعة نقيم صفين، هذا معنى تبويب البخاري، ولذلك قال: باب الصفوف على الجنازة. ثم ذكر أبو هريرة: (نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي) يعني: أخبرهم بموته، والنعي هنا ليس كنعي الجاهلية، فمن المبكي أن نستخدم البدع في الأمور الشرعية. بعض الإخوة أرسل لي ورقة يقول فيها: بعض الإخوة الذين ينتسبون إلى بعض الحركات الإسلامية أقاموا عزاءً في سرادق رابعة العدوية ليستقبلوا العزاء للشيخ أحمد ياسين! فعملوا سرادق، وأتوا بشيخ يقرأ، فهل هذا من الإسلام؟ أليس ذلك من البدع؟ وكيف نروج للبدع باسم الدين؟ وهل نوافق على إقامة سرادق لرجل قتل في سبيل الله عز وجل أو غير ذلك؟ فباسم الدين يقام السرادق ويأتي أصحاب الكرفتات، وكل طائفة لها كراسي، فأصحاب الكرفتات والمناصب لهم كراسي، وأصحاب القمصان على كراسي أخرى بالخارج، والمقرئ الذي يقرأ يتقاضى مبلغاً من المال نحو عشرة آلاف، فمن جيوب من هذا؟ أليس أكلاً للمال بالباطل؟ فكيف تقرون البدع وتنتسبون إلى دين رب العالمين، وتنسبونها إلى الشرع؟ أقول هذا الكلام وهو ممزوج بمرارة. وتجد البعض الآخر يقول: والآن نقف دقيقة حداداً على روح الشهيد فلان! ما هذا الذي تفعله؟ وفي أي شرع هذه الدقيقة الحداد؟! جاءتني بعض الأخوات من جامعة الزقازيق منتقبات يسألن: أن بعض الأخوات يقلن لهن: من لم تخرج في المظاهرة فهي آثمة؟ لا إله إلا الله! فتوى من شيخة الإسلام؟! ويقلن: الخروج في المظاهرة جهاد، يعني: جعلوا المظاهرة هي الجهاد، فما هذا الهراء الذي تقولون؟ هذا مع ما يحصل من اختلاط بين الرجال والنساء، وترك لصلاة الجماعة، وتدمير لطاقة الشباب وغير ذلك من المفاسد المترتبة على هذا الفعل وهي كثيرة وعديدة، فما هذا الذي تقولون يا قوم؟! أليس منكم رجل رشيد؟! فتنظر وتلقى البنت تلبس البنطال وتهتف: بالروح بالدم نفديك يا ياسين! وتجد بجانبها الرجل: بالروح! تعالي يا أختي معي، فتكون الأخت بجوار الأخ! وتجد الظهر يؤذن له ولسان حالهم: لا دخل لنا نحن في جهاد! فعلموهم أن هذا هو الجهاد، وعلموهم أن الخروج في المظاهرة جهاد، فمن الذي قال ذلك؟ ثم تجدهم يلوون النصوص لياً. ويقولون: إن حمزة خرج في مظاهرة هو وعمر بن الخطاب! فهل سمعتم في يوم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بكل أصحابه يهتفون: يسقط أبو لهب تعيش مكة؟! فما هذه الخربطة، وما هذا الذي يحدث يا أمة ضحكت منها الأمم؟ فمنذ 48 إلى 67 وإلى سقوط بغداد ونحن نهتف حتى تبح الأصوات وتعود الأمور إلى طبيعتها، وبعد ذلك الأخ ممكن أن يتعرف على الأخت في المظاهرة، وتكون زميلة المظاهرة ورفيقة رحلة الجهاد! نسأل الله العافية! أيها الإخوة! هذا الكلام والله ممزوج بمرارة، فلا يجوز أن نخرج عن الكتاب والسنة في كل وقت وحين؛ فهما النجاة والعصمة. قال: [(نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي، ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعاً). ثم جاء بحديث آخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على قبر منبوذ فصفهم وكبر أربعاً) قلت: يا أبا عمرو من حدثك هذا؟ قال: ابن عباس. يجوز الصلاة على قبر الميت إن لم تكن قد صليت عليه. وهل يجوز الصلاة على الشهيد؟ الراجح: أنه لا يصلى عليه؛ لحديث جابر بن عبد الله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجل والرجلين من شهداء أحد في ثوب واحد -يعني: يكفن الاثنين بثوب واحد- ثم يسأل: أيهم أكثر أخذاً للقرآن الكريم؟) يعني: أيهم يحفظ القرآن وأكثر من الآخر، فيقدم من يحفظ القرآن في قبره، فحامل القرآن يقدم في حياته ويقدم بعد موته، فأين حملة القرآن اليوم هل نقدمهم أم نسخر منهم؟ ففي مسلسل الأيام الذي أنتزع من صاحبه طه حسين جاء مشهد فيه: أن المقرئ كان يحفظ غلاماً اسمه طه القرآن، فإذا جاء يقول له: هل أرسلت أمك البطة يا طه؟! فيصور للناس أن حامل القرآن يبحث عن الطعام والشراب، هكذا الريادة في مجتمعات الضلال! فالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد كان يسأل أولاً عن أكثرهم أخذاً للقرآن، ثم يقول جابر: (فقال صلى الله عليه وسلم: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، ودفنهم بدمائهم وما صلى عليهم). وفي حديث عقبة بن عامر: (أنه خرج صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد في قبورهم وصلى عليهم صلاته على الميت، ثم عاد وجلس على المنبر وقال لأصحابه: إني فرط لكم، وإني أنظر إلى حوضي من مكاني هذا)، وهذا الكلام كان في السنة (11) من الهجرة، في العام الذي مات فيه. يقول علما

باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز

باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز قال البخاري رحمه الله: [باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز]. مذهب البخاري أن الصبي يقف بجوار الكبير في صلاة الجماعة وفي صلاة الجنائز، هذا الراجح، والبخاري في كتاب الصلاة في هذا الموضوع ساق أكثر من خمسة أحاديث ليدلل على هذا؛ منها أن ابن عباس قال: جئت وأنا غلام صغير أقترب من الحلم -يعني: لم يبلغ الحلم- والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي في منى إلى غير جدار، فاخترقت الصفوف وأنا أركب الأتان -والأتان: أنثى الحمار- فـ ابن عباس ركب الحمار ودخل بين الصفوف ووقف مع صفوف الرجال، فلم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم رغم أنه صبي. ثم ذكر حديث أنس قال: (صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم أنا وغلام يتيم ومن خلفنا امرأة) فالغلام وقف بجوار أنس، فهذه أحاديث ساقها البخاري في التدليل على أن الصبي يقف بجانب الكبير، وهذا هو الراجح؛ فإنه لا يتعلم الصبي الصلاة إلا من الكبير، ولكن الصف الأول لأولي الأحلام والنهى والحفظة، والصبي يقف في الصف الثاني والثالث، وأما حينما نجعل صفوف الصبية في الخلف فإن الصبية يلعبون فقط، ويفسدون علينا الصلاة، لكن إذا وقف بجانب الكبير يحترمه، وكلما ركع يركع مثله، ويعمل مثله، وهكذا في صلاة الجنازة الصبي يقف بجانب الكبير. أيها الإخوة! لابد من تعليم الصبي الصلاة برأفة وحكمة. ثم ذكر حديث ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر قد دفن ليلاً، فقال: متى دفن هذا؟ قالوا: البارحة. قال: أفلا آذنتموني، قالوا: دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك، قام فصففنا خلفه، قال ابن عباس: وأنا فيهم). وفي الحديث: مشروعية الدفن بالليل، وابن عباس وقف مع صفوف الرجال وهو صغير، وهذا يسمى في علم النفس شعور للصبي بالمسئولية وتشجيعه وأنه أصبح في عداد الكبار، فيشعر أن له قيمة، وطبعاً لا يدخل المسجد إلا الصبي المميز لا غيره، فلا يصطحب الرجل الأولاد الصغار الذي يظن أنهم سيلوثون المسجد إما ببول أو غائط أو ريح أو ما أشبه ذلك، هذا لا يجوز، وهذا ليس معناه أن نفصل هؤلاء في مكان، فلا نحرم الأخت التي عندها طفل صغير من الدرس، فالطفل المميز والغلام المميز يقف بين الصفوف مع الرجال، وابن عباس كان غلاماً صغيراً فوقف بين الصفوف في صلاة الجنازة.

باب سنة الصلاة على الجنازة

باب سنة الصلاة على الجنازة قال البخاري رحمه الله: [باب: سنة الصلاة على الجنائز. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى على الجنازة)، وقال: (صلوا على صاحبكم)، وقال: (صلوا على النجاشي) سماها صلاة وليس فيها ركوع ولا سجود، ولا يتكلم فيها، وفيها تكبير وتسليم. وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهراً، ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها، ويرفع يديه. وقال الحسن: أدركت الناس وأحقهم على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم، وإذا أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم، وإذا انتهى إلى الجنازة وهم يصلون يدخل معهم بتكبيرة. وقال ابن المسيب: يكبر بالليل والنهار والسفر والحضر أربعاً. وقال أنس: تكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة. وقال عز وجل: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة:84] وفيه صفوف وإمام]. أراد البخاري بهذه الأقوال أن يبين أن صلاة الجنازة ينطبق عليها ما ينطبق على صلاة الجماعة. وبعض الناس يقول: المقصود بالصلاة الدعاء، يعني: ندفن الميت مباشرة، ورأيت بعض الناس لا يصلي الفروض في جماعة، فقلت له: لماذا لا تصلي؟ قال: أنت لا تفهم أن الصلاة هي الدعاء، وأنا أدعو الله ويكفي، فلا فجر ولا ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء، فرد معنى الصلاة إلى المعنى اللغوي لا إلى المعنى الشرعي، فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن الميت يصلى عليه صلاة بغير ركوع ولا سجود، ويشترط فيها استقبال القبلة والطهارة من الحدثين وستر العورة والتكبير ورفع اليدين والتسيلم. ثم ذكر حديث الشعبي قال: (أخبرني من مر مع نبيكم صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمنا فصففنا خلفه، فقلنا: يا أبا عمرو! من حدثك؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما). وهنا مسألة: من الأحق بصلاة الجنازة؟ هل هو الولي أم الوالي؟ والوالي هو الإمام الراتب، يعني: من عينه الوالي، أم الولي وهو قريبه من العصبة، والبخاري هنا ينتصر إلى أن الوالي يستحق الصلاة، أي يقدم على الولي، وهذا مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة، والأوزاعي وإسحاق، فإنهم يرون أن الوالي يقدم على الولي، ولذلك هنا أورد البخاري قول الحسن: أدركت الناس وأحقهم على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم. يعني: أن الذي يصلي الفرائض هو الذي يصلي الجنازة. ولماذا يقدم الإمام الراتب على الولي؟ يقدم لأن الناس يؤمهم أقرأهم لكتاب الله، وبعض الناس يصر على أن يقدم ابن الميت فيقول: أين ابن الميت؟ تعال فصل على أبيك، وابنه قد يكون لا يعرف صلاة جنازة فتلتبس عليه الأمور وتكون حالته سيئة. والبخاري جاء بهذا القول، ثم دلل بفعل الصحابة أنهم كانوا في المدينة يصلون خلف الإمام مع وجود العصبات، فالوالي يقدم على الولي. لكن هب أن الوالي الذي هو الإمام الراتب عين رغم إرادتنا ولا يعلم من الشرع شيئاً، ويلعب طاولة وضمنة بعد الصلاة في الطريق العام ويدخن وقال لابن الميت الملتزم: صل على أبيك، ففي هذه الحالة يصلي ابن الميت؛ لأننا في هذه الحالة ندعو للميت بالمغفرة، فنقدم الأقرب إلى الإجابة. فتقديم الوالي على الولي هذا هو الراجح من أقوال العلماء، وهذا هو الذي ساقه البخاري وذكره في كتابه.

باب فضل اتباع الجنائز

باب فضل اتباع الجنائز قال البخاري رحمه الله: [باب: فضل اتباع الجنائز]. وجاء بحديث أبي هريرة: (من تبع جنازة فله قيراط)، وحديث عائشة وحديث أبي هريرة أيضاً، وقول ابن عمر: لقد فرطنا في قراريط كثيرة. يعني: ضيعنا قراريط كثيرة. وبعض الناس إذا رأى جنازة يقول: هذه جنازة من؟ يسأل عنها، فإن قيل له: جنازة فلان، يقول: لا أعرفه، ويترك الصلاة عليه، والقاعدة عنده أن من يعرفه يصلي عليه ومن لا فلا، وهذا أبطل حق المسلم على المسلم أن يتبع جنازته إذا مات، فهذا حق الإسلام، وليس شرطاً أن تعرف الميت طالما أنه مسلم، فهل منا أحد يتبع الجنازة وهو لا يعرف صاحبها؟ من يفعل ذلك موجود بقلة، لكن الغالب أنهم لا يتبعون، والحكم للغالب. فأقول: لا تفرطوا في الأجر، فالدنيا ساعة فاجعلوها لله طاعة، والنفس قد يعود ولا يخرج، وقد يخرج ولا يعود، {فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} [مريم:84]، وحياتنا قصيرة، وصدق من قال: أنفاسنا تعد، ورحالنا تشد، والتراب من بعد ذلك ينتظر الخد. فيا عبد الله! عجل بتوبة صادقة إلى ربك عز وجل، وأصلح ما فرطت من عمرك، واعلم أن الله عز وجل يتوب على من تاب ويقبل التوبة ويتجاوز عن السيئات، شريطة أن تصدق مع الله سبحانه وتعالى. أسأل الله عز وجل أن يرزقنا قبل الموت توبة، وعند الاحتضار شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً. اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.

الأسئلة

الأسئلة

حكم العطور التي بها كحول

حكم العطور التي بها كحول Q ما حكم وضع الروائح التي يوجد بها كحول، مع العلم أنها توضع في البيت للزوج، أرجو التعليق على هذا الموضوع؟ A هذا الموضوع كتبت فيه بحوث من علمائنا، فإذا كانت نسبة الكحول لا تتعدى 5% فيجوز عند بعضهم، وهذا اختيار علمائنا، والورع إذا كانت نسبة الكحول زائدة أن تتركها.

أهمية مساعدة الشباب المقبلين على الزواج

أهمية مساعدة الشباب المقبلين على الزواج Q أنا شاب مقبل على الزواج إن شاء الله، ودخلي محدود، وأدخل به كله جمعيات؛ لتجديد الشقة، ولا يتبقى منه إلا القليل، وأساعد أهلي بقدر بسيط من المال، وهم يقولون: إنك تهتم بنفسك فقط، وأنا لا أقدر إلا على ذلك، فهل أنا عاق لوالدي؟ A لا، قال عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق:7]، فأنت تفعل ما في طاقتك، والمطلوب أن يساعدك الأب في أمر الزواج، فمن المشروع مساعدة طلبة العلم، ومساعدة المقبلات على الالتزام، ومساعدة الشباب المقبلين على الزواج، فبدلاً من أن تذهب وتحج نافلة بعشرين ألف جنيه وقد حججت وأسقطت الفريضة، خذ شاباً وزوجه، فتكون بذلك عملت خيراً، وهو لا يريد منك أموالاً، لكن اذهب إلى النجار وقل له: اعمل غرفة نوم لهذا الشاب، وهو لا يريد غرفة مكلفة، إنما يريد غرفة متواضعة تسد الحاجة، وهكذا بدلاً من أن تنفق خمسين ألفاً على حفلة رقص غنائي زوج أربعة من الشباب المسلم، فوالله الذي لا إله غيره إنه يوجد كثير يملكون هذا، لكنهم عند الإنفاق للشيطان تجدهم ينفقون ببذخ، وعندما يطلب منهم الإنفاق للرحمن جل وعلا يبخلون، وكما ترون هذا شاب لا يجد إلا مرتبه فيدخل بمرتبه جمعيات وتلقى أصهاره يريدون منه الانتهاء، ويقولون له: طالما لا تستطيع فلماذا تريد الزواج؟ فيشددون عليه، وقد أرسل لي بعضهم أوراقاً كثيرة، فالشباب في أزمة وفي محنة، فيجب أن ننظر إليهم بعين الاعتبار، جزاكم الله خيراً.

حكم وضع الصور في كتب الأطفال

حكم وضع الصور في كتب الأطفال Q هل يجوز أن تحتوي كتب وقصص الأطفال على صور ورسومات للأشخاص؟ A لا، الأولى أن تعرض بدون صور، ولكن إذا كانت صورة ليس فيها شكل حي فلا بأس، لبيان الأمر.

كيفية وضع اليدين بعد الاعتدال من الركوع

كيفية وضع اليدين بعد الاعتدال من الركوع Q وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد الاعتدال من الركوع هل هو الراجح أم الإسبال هو الراجح؟ A أنا أميل إلى الإسبال.

شرح صحيح البخاري [15]

سلسلة شرح صحيح البخاري [15] لاتباع الجنائز فضل عظيم، وأجر كبير، ولا يتحقق هذا الأجر إلا لمن تبعها حتى الصلاة عليها، وتمام هذا الأجر كاملاً يكون لمن مشى معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها.

حكم رد مال القرض بعملة أخرى

حكم رد مال القرض بعملة أخرى الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد. فأيها الإخوة الكرام الأحباب! لا زلنا مع كتاب الجنائز من صحيح الإمام البخاري. وقبل أن نبدأ في الموضوع سألني أخ كريم: هل يجوز أن يقترض مبلغاً من الدولارات ويردها بالعملة المصرية؟ فأقول: إن الأصل أن ترد الدولار بالدولار، وليس لك أن تردها غير ذلك، والصواب من أقوال أهل العلم بلا خلاف: أن الجنيه جنس، والدولار جنس، ويشترط عند مغايرة جنس ربوي بآخر ربوي التقابض في مجلس العقد، وإذا اقترضت دولاراً -وهذا كلام الشيخ ابن عثيمين في المجلد الثامن من الشرح الممتع- فرده دولاراً بعد عام أو بعد عامين أو بعد ستة أشهر حسب الأجل، وهذا لا شيء فيه حسب القيمة، وإن ارتفع أو قل فيلزمك العدد الدولار بالدولار، وهذا يسمى عند الفقهاء قرضاً، وأما أن يكون الدولار بجنيه مصري فهذا بيع وليس بقرض، فلا بد من التقابض في مجلس العقد، ولا يجوز الأجل. وعلى هذا فتوى أهل العلم من السلف، فلا يجوز أن تستبدل عملة بعملة أخرى بأجل إلا بالتقابض في مجلس العقد. والشيخ ابن عثيمين له رأي مرجوح وضعيف جداً، وهو أنه يجوز أن تستبدل الريال الورقي بقيمة أقل من الريال الفضي، مثل أن تستبدل 100 ريال ورقية بـ 90 ريالاً فضية أو أقل، ويعتبر أن هذه جنس وهذه جنس، ولكن جمهور العلماء على أنهما جنس واحد، وقوة شرائية واحدة.

باب فضل اتباع الجنائز

باب فضل اتباع الجنائز قال البخاري رحمه الله: [باب فضل اتباع الجنائز]. يدلل البخاري بهذا الحديث على الترغيب في اتباعها. وكلمة الاتباع لها معنى حسي ومعنى معنوي، فالحسي: أن تكون الجنازة في المقدمة ونحن خلفها، ولكن المقصود هنا هو المعنى المعنوي، وهو أن تسير مع الجنازة في أي جهة عن يمينها أو يسارها أو أمامها أو خلفها، وتسمى متبعاً للجنازة ولا شك؛ فإن سرت أمام الجنازة فإنك تسمى متبعاً بالمعنى المعنوي وليس بالمعنى الحسي. قال البخاري: [وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه: إذا صليت فقد قضيت الذي عليك]. فـ زيد بن ثابت كان يرى أن من تبع الجنازة حتى يصلى عليها كفاه ذلك، ثم بعد ذلك هو بالخيار، فإن دفن الجنازة متروك لأهل الميت، وهذا ليس فيه استئذان، بخلاف الإمام مالك فهو يرى أنه لا بد أن تستأذن من أهل الميت إذا صليت وانصرفت. والقيراط والقيراطان أجران ثابتان لمتبع الجنازة، والقيراط من الاشتراك اللفظي؛ لأن القيراط يطلق ويراد به مساحة من الأرض، وهو جزء من 24 جزءاً، ويطلق ويراد به الأجر العظيم، فقد كان معروفاً في لغتهم، فحدثهم النبي صلى الله عليه وسلم بلغتهم، وأراد أن يقرب المعنى إلى الأذهان. قال البخاري: [حدثنا أبو النعمان حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت نافعاً يقول: حدث ابن عمر أن أبا هريرة رضي الله عنه يقول: من تبع جنازة فله قيراط]. قال ابن حجر: والقيراط لا يتحقق إلا بشرط، وهو: أن يتّبع ويصلي، أو أن يتّبع ويدفن فيحقق القيراط؛ لأن اتباع الجنازة وسيلة وليست غاية، فلا بد أن تشهد الصلاة وتنتظر حتى تدفن، وأما من يتبع الجنازة دون صلاة ولا يحضر الدفن فليس له قيراط. فالاتباع هنا معناه أنه وسيلة لغاية. وهذا اليوم نشرت الأخبار في الصفحة الأولى: أن رجلاً في الكويت عملت له عملية جراحية في معدته أو في جهاز آخر، فحمل في بعض الأشهر في زمن يحيض فيه الرجال. وربنا عز وجل جعل الحمل للنساء، وجعل لهن عدة، ومن علامات الأنوثة أن تحمل، {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4]. وفي تقدم العلم المعاصر أرادوا للرجل أن يحمل، فأجروا عمليات معينة طبية لرجل كويتي، واستطاع الأطباء أن يجعلوه يحمل بدلاً من زوجته. أرأيتم إلى خبل كهذا الخبل، وإلى عته كهذا العته؟ فمن مشى وراء الجنازة ووقف خارج المسجد، ثم تبع الجنازة إلى القبر وانصرف قبل الدفن ليس له أجر؛ لأنه لم يصل ولم يحضر الدفن، فالعلة في الاتباع هي أن تصلي على الجنازة وأن تحضر الدفن. قال البخاري: [لما بلغ ابن عمر أن أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من تبع جنازة حتى يفرغ من دفنها كان له من الأجر قيراطان، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لقد فرطنا في قراريط كثيرة)]. لأن ابن عمر كان يكتفي أولاً قبل أن يبلغه هذا الحديث بالصلاة عليها، ولا يتبعها إلى الدفن، فكان يصلي وينصرف، هذا فعل ابن عمر في أول الأمر، وقال: لقد أكثر علينا أبو هريرة، أي: أنه خشي عليه من أن يسهو، أو أن يبلّغ ما لم يسمع، أو أن لا يثبت ما ينقل، فقال: لقد أكثر علينا أبو هريرة، فأخذه -كما في رواية- إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: صدق أبو هريرة، وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله. فصدّقت أبا هريرة في قوله، وأبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه أكثر الصحابة تبليغاً لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال البخاري: [فرطت: ضيعت من أمر الله]. والبخاري في مصنفه يفسّر الكلمات المبهمة بلغة القرآن حتى يقربها إلى الأذهان، وكلمة فرطت في جنب الله جاءت في كتاب الله، ومعناها ضيعت، فـ ابن عمر يقول: لقد فرطنا في قراريط كثيرة. ومما يستفاد من الحديث: أولاً: مراجعة الذي يسمع للمتكلم، فإن ابن عمر راجع أبا هريرة. ثانياً: حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أعمال الخير.

باب من انتظر الجنازة حتى تدفن

باب من انتظر الجنازة حتى تدفن الباب الثامن والخمسين: قال البخاري رحمه الله: [باب من انتظر حتى تدفن:] حدثنا عبد الله بن مسلمة إلى أن قال: أنه سأل أبا هريرة رضي الله عنه فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ثم أورد حديث ابن شهاب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين، كل قيراط كجبل أحد). وشبّه القيراط بأحد لأنه أولاً: يعرفه الجميع. ثانياً: أنه يحبهم ويحبونه. ثالثاً: للتعبير عن الأجر العظيم. ورسول الله صلى الله عليه وسلم دائماً يخاطب المستمع بما يفقه، فليس كل قيراط كأحد، بل المقصود بيان عظم الأجر. وفيه أيضاً: أن الأعمال توزن، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) وهذا فيه إشارة إلى أن الأعمال توزن. وكلمة قيراط لها أكثر من معنى.

باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز

باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز قال البخاري رحمه الله: [باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز:]. هذا الباب قد مضى شرحه، لكن البخاري أعاده هنا، وهذا من فقهه، فقد أراد أن يقول: كما يتحقق الأجر للكبير باتباع الجنائز فكذلك يتحقق للصبي، فلا يجوز أن نحرم الصبي من اتباع الجنائز. فترجم قبل ذلك أن الصبي يصلي على الجنازة، وذكر فيه حديث ابن عباس، ثم أعاد الحديث هنا لبيان أن الصبي الصغير يشرع له أن يتبع الجنازة وله نفس الأجر. قال البخاري رحمه الله: [عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبراً فقالوا: هذا دفن أو دفنت البارحة. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فصففنا خلفه ثم صلى عليها)]. أي: على القبر. وهذا الحديث ذكرناه مراراً، وهو حديث المرأة التي كانت تنظف المسجد، فقد ذهب إلى قبرها وصف الصحابة خلفه، وكان فيهم ابن عباس وهو صغير. وفي الحديث: جواز وقوف الصبي بجوار الكبير في صلاة الجنازة.

باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد

باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد الباب الستين: قال البخاري: [باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد]. والبعض يصر على الصلاة على الجنازة في المصلى، والبعض يصر على الصلاة عليها في المسجد، فبعضهم يقول: لا تشرع في المسجد، وبعضهم يقول: إنما تشرع في المسجد ولا تشرع في المصلى، فأخبر البخاري أنه يجوز أن نصلي على الجنازة في المصلى -مصلى العيدين والكسوف والاستسقاء ومصلى الجنائز- وفي المسجد، ولكن الأصل أن يصلى عليها في المصلى، وإن صلينا في المسجد لم نخالف. وقد صلى عمر على الصديق في المسجد، وصلى صهيب على عمر رضي الله عنهم في المسجد، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء في المسجد، ولما أنكر الصحابة على عائشة هذا، قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل إلا في المسجد. ومن السنة أن يكون للجنائز مصلى حتى يزداد عدد المصلين، فالخلاف سائغ، فإذا صلينا في المسجد فلا بأس، وإن صلينا في المصلى فهذا هو السنة؛ لأن الناس يظنون أننا إذا صلينا في المصلى قد خالفنا السنة، والجمهور على جواز الصلاة في المسجد قولاً واحداً. وذكر البخاري في هذا الباب ثلاثة أحاديث. الأول: حديث أبي هريرة قال: (نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه، فقال: استغفروا لأخيكم). الثاني: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم صف بهم بالمصلى فكبر عليه أربعاً). فصلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وعلى بعض الصحابة في المصلى لبيان الجواز. فإن قال قائل: هذا آخر فعله صلى الله عليه وسلم، وهو الصلاة في المصلى، قلنا: لا، إن الصحابة حينما ذكرتهم عائشة بالواقعة أقامت عليهم الحجة، وما أجابوها. الثالث: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (إن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا، فأمر بهما، فرجما قريباً من موضع الجنائز)]، أي: المصلى. وهناك من يفتري الكذب على الله عز وجل، ويقول: إن الرجم ليس في شرع الله، ويؤلف الكتب والرسائل والمقالات على أن الرجم ليس من الشرع، وأن القرآن ليس فيه رجم. واليهود في شريعتهم الرجم، فلما زنا رجل يهودي بامرأة يهودية، وكان الرجل متزوجاً، أي: محصناً، والمرأة كذلك جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم: كيف تجدون حكم الزاني المحصن عندكم؟ قالوا: الجلد، أي: أنهم غيروا وحرفوا، فقال: ائتوني بالتوراة، فجاءوا بالتوراة، فقام رجل ووضع يده على آية الرجم، فقال له عبد الله بن سلام وكان من أحبار اليهود: ارفع يدك يا أعور! فرفع يده فوجدوا الرجم في التوراة، فأنزل الله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} [المائدة:43]. فحكم الله في التوراة للزاني والزانية هو الرجم. وقد ذكر الإمام النووي في رياض الصالحين: أن قرداً زنا بقردة، فاجتمعت القرود على القرد فرجموه، فحكم الرجم حتى عند القرود. ومصطفى محمود يقول: لا رجم في الإسلام، ولذلك الواجب أن نرجم هذا الفكر، فهذا فكر الخوارج ولا شك في هذا. ولقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم، ورجم أبو بكر، ورجم الصحابة، وآية الرجم في القرآن ولكنها نُسخت تلاوة وبقيت حكماً، وقد تواتر الرجم عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الرجل لسوء فهمه وعدم علمه قال: إن الأمة يوم أن تزني عليها نصف ما على المحصنة، وطالما أن الرجم لا ينصف لأنه لا يمكن أن يقام عليها نصف الرجم، فإذاً المحصنة ليس لها إلا الجلد، والمحصنة عنده بمعنى المتزوجة. ونقول: المحصنة بمعنى الحرة يا دكتور! فالمحصنات هن الحرائر، فكلمة المحصنات تأتي على معان عديدة، فهي من الاشتراك اللفظي، فتأتي بمعنى الحرة، وتأتي بمعنى المتزوجة إلى غير ذلك من معانيها، ولكنه لا يفرق بين لفظ ولفظ. والرجم له شروط، إما بشهود أربعة، أو بالإقرار، أي: أن يقول الرجل: أنا فعلت كذا، وهذا إقرار إن كان محصناً. والبخاري أعاد هذا الحديث في كتاب الحدود؛ ليبين حد الزاني المتزوج، أو الذي سبق له أن تزوج، مثل إذا كان قد تزوج ثم ماتت الزوجة أو طلق، ثم زنا بعد الطلاق أو بعد موتها فهذا محصن طالما سبق له الزواج.

باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور

باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور]. ولا أدري هل قرأ رئيس جامعة الأزهر عالم الحديث هذا الحديث أم لا؟ فهو يقول: إن سيدي أحمد الرفاعي ذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فأخرج له النبي صلى الله عليه وسلم يده، ويقول هذا الخبل في الإذاعات للناس جميعاً، وما علم أن اتخاذ القبور مساجد أو بناءها داخل المساجد غير مشروعة. وهم يقرءون، ولكنهم يكتمون الحق وهم يعلمون. قال البخاري: [حدثنا عبيد الله بن موسى إلى أن قال: عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً)]. وأبرزوه يعني: أظهروه ورفعوه، فلم يبرز قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والآن أبرزوا قبور الأولياء ورفعوها أمتاراً، وأقاموا حولها السرج، ونسجوا لها الأقمشة، ونجد البعض يقول: لا يبغض الأولياء إلا السنية السفهاء. ونقول له: أما علمت أن سد الذريعة مطلوب شرعاً، ولو بقيت المقابر في المساجد لكانت سبباً في الشرك، فحتى ولو كان ذلك جائزاً لمنع من باب سد الذريعة، فلا يجوز أن يصلى فوق القبر، وأما إلى القبر فيجوز. ولما مات الحسن بن الحسن بن علي ضربت امرأته القبة على قبره سنة ثم رُفعت، ولم يقدم هذا الفعل أو يؤخر عن الميت شيئاً، فقد أرادت أن تؤنس وحدته وأن تكون قريبة منه، فلما رفعت الخيمة سمعت صائحاً يقول: ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه الآخر: بل يئسوا فانقلبوا، أي: أنهم يئسوا من إقامتهم هنا. وعندما صلى أحد الصحابة إلى قبر قال أنس: القبر القبر! أي: احذر فالقبر بين يديك، وكان لا يراه، فتحرك وجعل القبر من خلفه، وقد يقول قائل: إذاً: لو كان الضريح في الخلف يجوز؟ فنقول: لا، وفعل هذا الصحابي لأسباب: أولاً: القبر لم يكن مرتفعاً عن سطح الأرض. ثانياً: إن الصحابي كان في صلاة فتحرك لأجل أنه في صلاة. ثالثاً: إنه لم يكن يعرف أن هناك قبراً. وأما القول: بأن النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في مسجده فوالله إنه لم يدفن في مسجده، وإنما دفن في حجرة عائشة، ولما وسع المسجد ألحقت الغرفة بالقبر، فأقاموا عليها ثلاثة جدران ليفصلوها عن المسجد. هذا هو الدين والشرع، وإن اعتبر ذلك تطرفاً وتحجراً وانحرافاً في فهم الدين. فلا يصلى في المساجد التي بها قبور، والدليل على ذلك ما ورد في البخاري وكتب السنة. والنبي صلى الله عليه وسلم عندما بنى المسجد نبش قبور المشركين، فقد كان مكان المسجد النبوي مقبرة للمشركين فنبشها، أي: أخرج العظام التي في القبور ونقلها؛ حتى يبين للناس أن المسجد لا يبنى فوق القبور. ولو خرج البدوي من قبره اليوم لقتلوه مرة ثانية؛ لمصلحة أصحاب النذور، وطالما المغفل موجود فالنصاب بخير، فترى الرجل يأخذ أمواله ويسافر من الشرقية إلى طنطا ليضعها في صندوق النذور. وفي آخر النهار تقسم هذه الأموال (75 %) لفلان، و (20 %) لفلان، و (5 %) لفلان، وقد يصل دخل سدنة القبر إلى 2 مليون من صناديق النذور، فهم يقولون: الصلاة في القبور مشروعة؛ لأنهم يحصلون على 2 مليون من نذور المغفلين والمغفلات. فيا قوم! البيّنة واضحة، والعلم واضح في هذا الأمر.

باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها

باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها قال البخاري رحمه الله: [باب: الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها]. فإذا ماتت المرأة يقوم الإمام في وسطها، وإذا مات الرجل يقوم عند رأسه، وهذا مذهب علماء السلف، ورغم أن ابن حجر ضعّف الحديث وجعله خاصاً، إلا أن السلف قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في أكثر من حديث أنه كان يقوم في الصلاة على المرأة عند وسطها، وعلى الرجل عند رأسه، وهذا رواه أحمد في مسنده، وابن ماجة، وقد صححه العلماء، ويقوم الإمام عند وسط المرأة؛ لأنه أستر لها. وقوله: (الصلاة على النفساء)، النفساء وصف زائد، وهذا يسمى عند علماء أصول الفقه تنقيح المناط، أي: أن الحكم لا يتأثر بهذا الوصف، فقد جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يضرب صدره وينتف شعره، ويقول: (يا رسول الله! هلكت. قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على زوجتي في نهار رمضان، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة. قال: لا أملك إلا هذه الرقبة. قال: فصم شهرين متتابعين. قال: وهل فعل بي ذلك إلا الصوم؟ لا أستطيع. قال: فأطعم ستين مسكيناً، قال: ليس في بيوت المدينة من هو أفقر مني. قال: فاجلس حتى تأتي الصدقة) فعلق الحكم على الجماع، لا على ضربه صدره ونتفه شعره، ولا يشترط في كل من جامع امرأته أن يضرب صدره وينتف شعره، فهذا وصف ليس له علاقة بالحكم. وكذلك هل العلة في تحريم الخمر هو اللون الأحمر أم السكر؟ فإذا أتى شخص يحرم الشاي بسبب أن لونه أحمر نقول له: لا، فهذه الصفة من الصفات التي لا تؤثر في الحكم. وهكذا كون المرأة نفساء أو غير نفساء أو شابة أو صغيرة أو كبيرة لا يغير في الحكم، فالمهم أنها امرأة، ولا يؤثر أنها نفساء أو غير ذلك، لكن البخاري لفقهه أراد أن ينبه بهذا على أمر، وهو أنه بوّب قبل ذلك في الباب الستين باب الصلاة على الشهيد، وبيّن أن شهيد المعركة لا يصلى عليه، وبين في حديث آخر أن المرأة التي تموت في النفاس شهيدة، فأراد أن يقول: الشهيد الذي لا يصلى عليه هو شهيد المعركة، وأما المرأة التي تموت في حملها والذي يموت تحت الهدم أو الغرق فإنه وإن ثبتت له الشهادة بالنص إلا أنه يصلى عليه، وهذا هو فهم البخاري، فـ البخاري وضع هذا الباب ليبين أن المرأة النفساء رغم أنها تأخذ حكم الشهيد إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها. قال البخاري رحمه الله: [في حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها وسطها)]. وفي هذا دليل على أن الوالي أحق من الولي في الصلاة؛ لأن الذي صلى عليها هو النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يصل عليها أخوها ولا أبوها ولا عمها، وإنما صلى عليها الوالي، فالوالي أحق من الولي كما قلنا.

باب أين يقوم من المرأة والرجل

باب أين يقوم من المرأة والرجل قال البخاري: [باب أين يقوم من المرأة والرجل: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها وسطها)].

أحكام الصلاة على السقط

أحكام الصلاة على السقط وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: إن الصلاة على السقط إذا بلغ أربعة أشهر مشروعة، خلافاً لـ ابن حجر في الفتح حينما رأى أن السقط لا يصلى عليه، ولكن الراجح أن السقط إن أتم أربعة أشهر ثم نزل ميتاً يصلى عليه، ويُدعى لأبيه وأمه، ويُسمى بعد أن ينزل. هذه أحكام السقط إن نزل بعد الأربعة أشهر؛ لأن الروح تكون قد نفخت فيه، وابن حجر هنا يرى عدم الصلاة. وحديث الصلاة على السقط أخرجه أبو داود وأحمد والترمذي والنسائي عن المغيرة بن شعبة، فلا داعي للنزاع.

الأسئلة

الأسئلة

حكم إدخال الجنازة المسجد قبل الصلاة عليها

حكم إدخال الجنازة المسجد قبل الصلاة عليها Q إذا حضرت الجنازة إلى المسجد هل توضع في المسجد حتى تنتهي الصلاة ويصلى عليها أم توضع خارج المسجد حتى تأتي الصلاة عليها؟ A المفروض أن تترك خارج المسجد، ولا تدخل المسجد إلا عند شروع الصلاة عليها، إلا إذا كان هناك مكان معد لها.

حكم دفن الجنازة في أرض فيها ماء

حكم دفن الجنازة في أرض فيها ماء Q ما حكم الدفن في الأرض التي فيها ماء؟ A لا تشرع، إلا إذا كانت الأرض بها ماء ينبع فوق السطح وضاق المكان ولم يتسع فيشرع للضرورة فقط، وأما بغير ضرورة فيحرم، وهذا كأرض المنوفية، إذا حفروا فيها وجدوا الماء، فلا يُعقل أن يوضع الميت في الماء.

حكم من حضر الجنازة وهو جنب

حكم من حضر الجنازة وهو جنب Q ما حكم حضور الجنازة والإنسان جنب؟ A قال بعض الفقهاء: إن كان جنباً لا يتيمم ويصلي؛ لأن صلاة الجنابة فرض على الكفاية، فإن صلى البعض سقط عن الآخرين، فإن عجز عن الغسل وكان قد نواه للصلاة على الميت أثيب على نيته إن شاء الله.

حكم الاحتفال بيوم الطفل اليتيم

حكم الاحتفال بيوم الطفل اليتيم Q ما حكم الاحتفال بيوم الطفل اليتيم 2/ 4؟ A في الحقيقة هذا عمل طيب، ولكن تخصيص يوم بعينه غير مشروع، وهو ليس عيد اليتيم، وإنما يوم لتكريم اليتيم والتحدث عن قضيته، وتحفيز الناس للاهتمام به، فلا بأس به، وهو عمل حسن، ولكن المشكلة في تحديد يوم ثابت له، فإذا جعل في هذه السنة 2/ 4، وفي السنة التالية 2/ 5، والتي تليها 10/ 6 والتي تليها 7/ 8 وهكذا فلا بأس، فلا نجعل لليوم خاصية، ولا يقول قائل: هذا بدعة، فهو ليس بدعة، طالما أن العمل أصله مشروع، ولكن المشكلة في تخصيص يوم، فتخصيص اليوم هو الذي عليه ملحوظة فقط، وأما العمل فهو حسن.

حكم تغسيل الابن لأمه المتوفاة

حكم تغسيل الابن لأمه المتوفاة Q والدتي توفيت وغسّلتها مع النساء، فما حكم ذلك؟ A لا يجوز للولد أن ينظر إلى عورة أمه، ولا يراها وهي تغسل، إلا الزوج له أن يغسل زوجته، هذا قول العلماء، فالمرأة تغسلها امرأة، ولا يدخل معها رجل من عصبتها إلا الزوج، فله أن يرى منها ما لا يراه غيره.

حكم السؤال عما لم يقع

حكم السؤال عما لم يقع Q ما حكم السؤال عن الأشياء التي لم تقع؟ A الكلام هذا -في الحقيقة- أغلوطة، نسأل الله العافية، فالإخوة يفترضون افتراضات لا تقع، فسل عما يقع وعن الغالب. وقد سألني أخ فاضل بأن معه كيلتين من تمر، فذهب إلى بائع الذهب وقال له: أعطني ذهباً بالتمر؛ فهل يجوز أن يأخذ الذهب بأجل مقابل تمر أم لا؟ فقلت له: الذهب ربوي والتمر ربوي، ولكن العلة مختلفة، فحرمت الذهب للثمنية، وحرمت التمر للكيل أو الوزن أو الطعم، فيجوز تأجيل ثمن الذهب بالتمر، وهو القول الراجح. ولكن هل رأيتم أحداً يشتري الذهب بالتمر؟ أو يشتري الذهب بالبر؟ وهل هناك من يبيع الذهب بالقمح؟ فعندما أسأل سؤالاً يجب أن يكون له وجود في الواقع، وأما الافتراضات بهذه الطريقة فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأغلوطات. ومنذ سنتين تقريباً كنت في قرية مع لجنة الدعوة في الأزهر، فجاء إلي أحد الوعاظ وقال: سؤال مهم، النملة التي تحدثت مع سليمان ذكراً كانت أم أنثى؟ فهو يريد أن يعجّزني، وما الذي يستفيده من هذا السؤال، سواء كانت النملة ذكراً أم أنثى؟ وآخر يقول: ربنا قال لموسى عليه السلام: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه:12]، فهل النعل كان عادياً أم برباط؟ وهل كان من البلاستيك أم كان جلداً طبيعياً؟ فإخواننا يقحمون أنفسهم في أسئلة لا ينبغي أن يسأل عنها، فأرجو أن نسأل عما وقع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا، وأن يغفر لنا ولكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شرح صحيح البخاري [18]

سلسلة شرح صحيح البخاري [18] جاءت الشريعة الإسلامية رحمة للناس، وهذه الرحمة تستمر للإنسان حتى لحظة موته وبعد مماته، فقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على هداية الأمة؛ فهو الرحمة المهداة للناس أجمعين صلوات الله وسلامه عليه.

الرد على أحد المفتين في القنوات الفضائية

الرد على أحد المفتين في القنوات الفضائية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: في برنامج (عم يتساءلون) على قناة دريم الفضائية قال المذيع للشيخ صفوت حجازي: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وهي لابسة المايو؟ فرد عليه الشيخ: يجوز ذلك، ولا يوجد نص يحرم ذلك إذا كانت وحيدة في البيت. وهذا من توسيد الأمر إلى غير أهله، وقد نطق الرويبضة كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا فقد العالم الأصول الفقهية ومنهج السلف ضل، وهذه الفتوى ليست الأولى من نوعها، ففي البرنامج نفسه سئل الشيخ عن رجل عقد على امرأة عقد زواج ثم دخل بها دون أن يشهر البنا؟ فقال: هو زنا، فرد المذيع: كيف يكون زنا؟ وهذا الأمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن من يستضيفونهم على القنوات الفضائية ليسوا أهل الثقة، وليسوا أهل الخبرة والعلم، وإنما الذي له واسطة ومحسوبية وطريق يستطيع أن يصل منها، والمذيع المقدم أعرفه، فهو ابن للعمدة في بلدنا، واسمه أحمد حسن عبدون، وقد اتصلت بوالده فقال: ابني رد على الشيخ الذي قال هذه الفتاوى. فقلت: كفاهم أن ينشروا الجهل على الناس، وهذه القناة يشاهدها الملايين، وهم ينشرون هذا الجهل على الأمة ولا يخجلون منه، وقد اتصل بهم حتى العوام، وقالت امرأة متصلة: كيف يليق بمن يقرأ القرآن وتنزل عليه الملائكة بسكينة ووقار أن يلبس المايو عند قراءة القرآن، أما يستحي من الملائكة؟ نسأل الله العافية. وأنا لا أتعرض لمن أفتى بهذه الفتوى ولا للذي أظهرهم، فالأمور يعرفها الجميع. وبعض العلماء يدخلون المسرح ويلقون محاضرة للممثلات، وقد رأيت أحدهم عن طريق (سيدي) جالساً يحاضر، وكل الحاضرات متبرجات بدون استثناء، بل إن إحداهن تضع قدماً على أخرى والشيخ يحاضرها، فليستحي من نفسه! ومن الله عز وجل. ونحن نسمع الكثير والكثير عن هؤلاء، وعن لزوم الدعوة، وغيرها من المصطلحات، فينبغي للعلماء أن لا تجرهم هذه الشهرة ولا يجرون خلفها، والذين يجرون خلف ذلك بضاعتهم مزجاة ورديئة، كما أنها ظاهرة مؤقتة، كما يخرج علينا بين حين وآخر مطرب ثم يختفي، وكذلك هؤلاء أيضاً ظواهر ستختفي، فالعالم هو الذي يملك الأصول ويتحدث من أمهات الكتب، ويؤصل، وليس عنده عبرة بعدد ولا بشعبية ولا بجماهيرية، وإنما يسير على بصيرة، هذا هو العالم. وهناك شبهة لهذا الذي يتكلم، فهو يقول: إن لم أدع أنا هؤلاء الناس فمن يدعوهم؟ ومعنى ذلك عنده أن الغاية تبرر الوسيلة، فوسيلة الدعوة لا بد أن تكون شرعية، والمنكر إما أن تزول أنت عنه وإما أن يزول هو، فاجعل بينك وبينهن ستارة مثلاً، وأما متبرجة وبدون ستارة فلا، ونعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وبعض الناس يدافع عن هذا باستماتة، وهؤلاء الحقيقة بضاعتهم مزجاة. نسأل الله لنا ولهم العافية.

باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي الإسلام؟

باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي الإسلام؟ قال البخاري رحمه الله: [باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي الإسلام؟] يعني: صلاة الجنازة على الصبي، ثم هل يعرض الإسلام على الصبي الذي لم يبلغ الحلم؟ قال البخاري رحمه الله: [حدثنا سليمان بن حرب]. وسليمان بن حرب شيخ البخاري. [حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه. ] وهذا الحديث لا يستدل به على جواز عيادة أهل الكتاب؛ لقول أنس في مطلع الحديث: كان الصبي يخدمه، فلما مرض عاده النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأجل أن يعرض عليه الإسلام، وإلا فعيادة أهل الكتاب من مظاهر المودة القلبية، إلا إذا كان جاراً لك فعده بحق الجوار، وأما غير الجار فلا يجوز. قال: (فقعد عند رأسه فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو عنده). ] والجار ثلاثة أصناف، فجار له حق، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق: فالجار المشرك تعوده بحق الجوار، وأما غير الجار فعيادته من مظاهر المودة، قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ} [المجادلة:22]. فلا تعد المشرك أياً كان إلا للدعوة، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصبي: (أسلم)، فنظر الصبي إلى أبيه. وعندما ينزل الولد من بطن أمه ينزل على الفطرة، وهي العقيدة الإسلامية، ولذلك قال في الحديث: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يسلمانه؛ لأنه يولد أصلاً على الإسلام. ومن أسرار الكنيسة السبعة: سر المعمودية، فيأتون بالصبي بعد مولده بسنة ذكر ويغطونه في بئر وينصر ويدق له وإذا كان قد ولد على النصرانية فلماذا يعمدونه؟ ونحن لم نر مسلماً يأتي بولده الصغير ويغطسه ويقول: كن مسلماً؛ لأن المسلم يعلم أن الإسلام أصل في ولده، وأما النصارى فهم يخرجونه عن أصله. قال البخاري رحمه الله: (فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له الأب: أطع أبا القاسم) صلى الله عليه وسلم. وأبو القاسم كنية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: (تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني حقاً). والنهي عن التكني بأبي القاسم محمول على حال حياته؛ وذلك لعلة وروده، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في سوق فقال رجل: يا أبا القاسم فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا أريدك يا رسول الله إنما أريد هذا الرجل، فقال: (تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي). لأن قوله: لا أريدك يا رسول الله! لا يجوز مع شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (تسموا باسمي). فالحديث له علة، وأما بعد موته فيجوز التكني بكنيته. قال البخاري رحمه الله: (فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار). ] فالحديث هذا حجة في أن هذا الصبي الذي لم يبلغ الحلم إن مات يهودياً أن مآله ومصيره إلى النار، والراجح أن أبناء المشركين يختبرون يوم القيامة، فربما يقصد النبي صلى الله عليه وسلم نار الاختبار؛ لأنه جاء عند ابن حبان: (أربعة يدلون بحجتهم يوم القيامة: رجل أصم -يعني: لا يسمع- يقول: يا رب! لقد جاء الإسلام وأنا لا أسمع)، وهذا ينطبق على من لم يسمع الدعوة إلى الآن في بعض البلاد، فالله يقول: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]. وقال: {لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام:19]، فلا بد من بلاغ الدعوة. (ورجل أبكم، ورجل هرم -يعني: بلغ من الكبر عتياً- ورجل من أهل الفترة)، أي: لم يسمع بالرسل، فيختبرهم الله عز وجل يوم القيامة فينشئ لهم ناراً ويأمرهم بدخولها، وتسمى هذه النار نار الاختبار، فإن دخلوها أدخلهم الله الجنة. فقد يكون المقصود بهذا الحديث نار الاختبار. يقول البخاري رحمه الله: [حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال عبيد الله: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين، أنا من الولدان وأمي من النساء. ] وفي هذا أيضاً جواز عرض الإسلام على الصبي. [وفي حديث أبي اليمان أخبرنا شعيب قال ابن شهاب: يصلى على كل مولود متوفى، وإن كان لغية من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام، يدعي أبواه الإسلام أو

باب إذا قال المشرك: لا إله إلا الله

باب إذا قال المشرك: لا إله إلا الله قال البخاري رحمه الله: [إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا الله]. ثم ذكر قصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم على عمه أبي طالب عند الموت وقوله له: (يا عم! قل: لا إله إلا الله). وهذا الحديث مشكلة، فالمشرك إذا قال عند الاحتضار: لا إله إلا الله لا تنفعه، ففرعون قال عند الغرق: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ} [يونس:90]، فآمن عند الموت، ولكن الله قال له: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} [يونس:91]. فمن قال عند احتضاره كلمة التوحيد لم تقبل منه، فكيف يعرض النبي صلى الله عليه وسلم على عمه الإسلام عند الاحتضار؟ قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: إن النبي عليه الصلاة والسلام عرض على عمه الشهادة في مرض الموت قبل أن يصل إلى الاحتضار، فالمرض قد يستمر طويلاً، وقد لا يكون هو مرض الموت، وبذلك نجمع بين النصوص. قال البخاري رحمه الله: [عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره لما حضرت أبا طالب الوفاة]، يعني: مرض الموت ولما يدخل في السكرات، حتى نجمع بين النصوص، وإجابة ثانية: أن هذا خاصية للنبي عليه الصلاة والسلام، لو نطق عمه الشهادة عند الاحتضار لنفعته. قال البخاري رحمه الله: [جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، قال صلى الله عليه وسلم لـ أبي طالب: (يا عم! قل لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب! أترغب عن ملة عبد المطلب؟)]. وهذا يبين خطورة الصاحب، فإن أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية كانا سبباً في موت أبي طالب كافراً. وقال أحد أساتذة الحديث في جامعة الأزهر سنة 96م: إن أبا طالب مات موحداً مسلماً. قلت: كيف؟ قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم كلمة التوحيد منه، ولكنه أخفاها حتى لا يعارض القرآن. وهذا جاهل، فالله يقول: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى} [التوبة:113]، والحديث واضح بين في البخاري ومسلم: [(قل يا عم!: لا إله إلا الله، وأبو جهل يقول له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال: بل ملة عبد المطلب، فما زال النبي صلى الله عليه وسلم يعرضها ويعودان بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال صلى الله عليه وسلم وقد سالت دموعه على خده حزناً على موت عمه مشركاً (والله يا عم! لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) يعني: لأطلبن لك المغفرة من الله إلا إن نهاني الله عن ذلك. فأنزل الله في التوبة: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:113]]، وأنزل الله سبحانه: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:80]) وهذا تماماً يطابق موقف إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فإبراهيم عليه السلام وعد أباه أن يستغفر له كما في سورة مريم، فقال له: {سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم:47]، فوعده بالاستغفار. يقول ربنا عز وجل: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة:114]، فتبرأ من أبيه، وهذا الولاء والبراء أصبح عقيدة ضائعة في بلاد المسلمين. والولاء لكل موحد ومؤمن، والبراء من مشرك وكافر في كل شيء. واليوم تجد حتى الشباب الصغار يلبسون فنايل رياضية ويكتبون عليها رقم عشرة واسم اللاعب البرازيلي رونالدو وهو مشرك، فما أفهموا أنه مشرك لا يجوز أن يحبوه ولا التشبه به، وحينما يستضيفون ممثلاً مسلماً أو ممثلة مسلمة في القنوات يسألون: من أسوتكم في الغناء؟ فيقولون: مايكل جاكسون. فيتأسون بمشرك في الباطل. والولاء والبراء أن تحب كل موحد، وأن تبغض كل مشرك، فالمشرك نبغضه بأمر الله سبحانه وتعالى لنا. وعندما ولى أبو مو

باب الجريدة على القبر

باب الجريدة على القبر قال البخاري في الباب الواحد والثمانين: [باب الجريدة على القبر:] وذكر حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول -وفي رواية- لا يستنزه، وفي رواية: يستبرئ- وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، ثم غرس على كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ فقال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا). وهذا الحديث مهم، وهذه خاصية للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لكل أحد أن يضع جريدة على القبر. قال الشيخ ابن عثيمين: وضع الجريدة على القبر إساءة ظن بالميت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هذان يعذبان). فأنت حينما توقن أن الميت يعذب ضع له جريدة، وهل أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثانياً: النبي صلى الله عليه وسلم لم يضع الجريدة بعد ذلك على أي قبر، والصحابة أيضاً لم يقوموا بوضع جريد على قبورهم ولا التابعين، وإذا دخلنا البقيع لا نجد على قبور الصحابة جريداً، ولا نجد هذا إلا في مصر، والبعض يظن أنها سنة بهذا الحديث، ونقول: هذه خاصية للنبي صلى الله عليه وسلم لدليلين: الدليل الأول: أن الله أطلعه على أهل القبرين فقال: (يعذبان)، وأنت لا تدري حال الميت، فلا يجوز أن تغرس جريدة على قبر؛ لأن هذه خاصية للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الشيخ ابن باز: القول بالخصوصية هو الصواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يغرس الجريدة إلا على قبور علم تعذيب أهلها، ولم يفعل ذلك على سائر القبور، ولو كانت سنة لفعله للجميع، ولأن الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة لم يفعلوا ذلك، ولو كان مشروعاً لبادروا إليه. الدليل الثاني: أن البخاري لم يجزم، وإنما قال: [باب الجريدة على القبر]. ورأى ابن عمر رضي الله عنهما فسطاطاً على قبر عبد الرحمن فقال: انزعه يا غلام! فإنما يظله عمله. وقول النبي عليه الصلاة والسلام: (وما يعذبان في كبير) البعض يفهمه خطأً، فليس معنى ذلك أنهما ليسا من الكبائر، وإنما يعني: أنه من اليسير عليهما أن يتجنباه، وإلا فالنميمة وعدم الاستتار من البول من الكبائر، وهما من أسباب عذاب القبر، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يقضي حاجته أبعد واستتر عن أعين الناس، فعدم الاستتار من البول يجر إلى عذاب القبر، ولما سأله الصحابة: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ -والصحابة كانوا يسألون عما أشكل عليهم، ويستفسرون عن بعض الأعمال التي لم يكن عندهم علم بها- قال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).

باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله

باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله قال البخاري: [باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله]. والبعض يصر على موعظة القبر، وموعظة القبر فعلها النبي صلى الله عليه وسلم مرة وتركها مرات، فالإصرار عليها باعتبارها سنة لا يجوز، إلا إذا رأيت أن الناس انشغلوا في أمور الدنيا فتذكرهم بالموت ولا شيء في هذا، فالمسألة تخضع للمصالح والمفاسد، ولكن لو كنا في جنازة رجل من أهل السنة فلا نقيمها؛ حتى نعلم الناس أنها ليست سنة راتبة؛ لأن البعض في الأرياف يوعظون على القبر، وهذا لا يجوز، والبدعة الأكبر أن يقوم أحدهم على رأس الميت ويقول له: واعلم يا عبد الله وابن عبده وأمته! أنه سيأتيك بعد قليل ملكان شفيقان رحيمان على من أطاع الله، غليظان على من عصى الله، فإن أجلساك وسألاك: من ربك؟ فقل لهما: الله ربي حقا، ومحمد نبيي صدقا. وهذا لم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما ثبت عنه أنه كان يقول لأصحابه: (استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسئل). فكل واحد يدعو له في نفسه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. والآن تحول الجنائز إلى مظاهرات ويأتون بمكبرات الصوت ويتبادلون الكلمات، ويقف الناس ثلاث ساعات عند القبور، مع أن السنة خفيفة على الناس، ففي مسند أحمد: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ على قبر رجل ولما يلحد)، أي: لم يغطى بالتراب، فإذا أردت أن تعظ مرة فعظ وهم يدفنون، ولا تنتظر حتى الفراغ من الدفن، فالميت بعد دفنه بحاجة إلى استغفار، فاشتغل بالاستغفار للميت والموعظة للأحياء تكون عند الدفن، وأما بعد أن يهال عليه التراب ويغلق عليه القبر فهو بحاجة إلى استغفار، أي كلام غير الاستغفار لا ينبغي أن يكون منا، والبعض يريد أن يحول المآتم إلى مؤتمرات وتبادل الكلمات التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هي بدعة من أهل البدع. قال البخاري رحمه الله: [{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ} [المعارج:43]، من الأجداث يعني: من القبور. {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الانفطار:4]، بعثرت يعني: أثيرت. وقرأ الأعمش: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:43]، نصب يعني: علم، والنصب: هو الشيء المنصوب يستبقون إليه. {يَنسِلُونَ} [يس:51]، يعني يخرجون]. {فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} [يس:51]، (من الأجداث) أي: من القبور إلى ربهم يخرجون، ولما يبعث الله عز وجل العباد ويرى المشركون والمنافقون يوم القيامة ويعاينوه معاينة العين يقولون: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:52]، فيجيب الأتقياء: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:52]. يقول البخاري رحمه الله: [عن علي: كنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله. ] فالقعود من قيام، والجلوس من اتكاء، هذا لغة، قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} [آل عمران:191]، فقعد النبي صلى الله عليه وسلم وقعد الصحابة حوله، وهذا من باب التواضع والهضم لحق النفس، واليوم حينما نقول للمشيعين: اقعدوا، يقول صاحب الكرفته: كيف أقعد؟ وهو نافخ لنفسه، فكيف يقعد على التراب؟ يقول البخاري رحمه الله: [فقعد النبي صلى الله عليه وسلم وقعد الصحابة حوله، ومعه مخصرة -يعني: عوداً- فنكّس، فجعل ينكت بمخصرته -يعني: ينكت بالعود الأرض- ثم قال: ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار وإلا قد كتب شقية أو سعيدة. فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة؟ قال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، فأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:5 - 10]. ] وفي رواية: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له). وهذا الحديث حجة في باب القدر، فالبعض يحتج بالقدر على فعل المعاصي، وهذا لا يجوز أبداً، فإذا قلت لأحدهم: صل. قال: لا أصلي، ولو أراد الله أن أصلي لصليت. وهذا صنيع المشركين، فقد احتجوا بالقدر على المعاصي والشرك، وهذا لا يجوز. قال صلى الله عليه وسلم: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له). والمعنى: أن الله بعلمه الأزلي علم أن العبد سيختار الصلاح أو ال

الأسئلة

الأسئلة

ضلال النصارى ووجوب الرد عليهم من قبل أهل العلم

ضلال النصارى ووجوب الرد عليهم من قبل أهل العلم Q ظهر في الآونة الأخيرة في مجال الكمبيوتر جلسة بين أهل الكتاب من مصر يقولون عنها: إن هذه الجلسة لإثبات ألوهية المسيح من القرآن الكريم، ويقومون بقص الآيات، وظهر أيضاً فيلم آلام المسيح، وأنا أستطيع أن أرد على هذه الجلسة والفيلم بأسلوب ممنتج مع إدخال الآيات الصحيحة فهل أفعل؟ A نعم؛ لأن هذا من الواجب عليك، وقد شاهدت الجلسة التي ذكرت، وفيها جهل فاضح، ولا يجوز لمن ليس عنده علم أن يشاهد هذا الهراء، وهذا الرجل الذي فعل هذه الجلسة جاهل جهل مركب، فهو يقرأ الآيات خطأ، ويستدل ببعضها على ألوهية المسيح، وهي عليه وليست له، فهو يقول: مرة في القرآن ذكر الصابئون ومرة الصابئين، وهذا تعارض، فهو لا يعرف الفرق بين اللفظين، ومرة ذكر عيسى بن مريم ومرة المسيح بن مريم ومرة المسيح وهذا يدل أيضاً على التعارض، هذا جهل مركب. ولما رأيت هذه الجلسة حمدت الله على نعمة الإسلام، فهؤلاء القوم عندهم مخاز، ويكفي أن تعلم أن سر الاعتراف أحد الأسرار السبعة عندهم، يعني: أن من أذنب ذنباً منهم ينبغي أن يذهب إلى من يعترف له بذنبه فيدعو له ربه ليغفر له، وقد قال قائل الشيخ فوزي المهدي الذي كان يستغفر لهم ثم هداه الله إلى الإسلام: وأنت إذا أذنبت من يستغفر لك؟ والله سبحانه وتعالى حليم ستّير، فلا ينبغي للعبد أن يهتك ستر الله عليه، وأن يكشف ستره لمن يستغفر له. ومن أسرارهم أيضاً: سر الصلب، وهو أن عيسى عليه السلام صلب ليكفر عن خطيئة البشرية التي ارتكبها آدم. والله يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]. ويقول: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ} [الإسراء:13]. فمن أخطأ يعاقب هو شخصياً، ويتحمل هو المسئولية، هذا هو العدل، وليس من العدل أن يعاقب الولد من أجل أن يكفر عن خطيئة أبيه، فهذا ظلم وتعارض واضح. والفقيه المخضرم ابن حزم الأندلسي له كتاب الفصل في الملل والنحل في خمسة مجلدات، أثبت في مجلد كامل منها أدلة تحريف التوراة والإنجيل بالأدلة العملية والعلمية والتاريخية والجغرافية، ومن هذه الأدلة: ما ورد في التوراة: أن موسى مر بشارع السليم الأول قبل 1800 سنة، وسليم الأول هذا عمره لا يتجاوز المائتين أو الثلاثمائة سنة، فهذا الشارع وجد بعد موسى بآلاف السنين. وهذا تحريف واضح. وفي التوراة: أن نبياً شرب الخمر وزنى بابنته. {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة:79]. ومن أسرارهم السبعة: سر العشاء الرباني، وهو فطيرة عليها خمر يزعمون أن دم المسيح قد حل فيها! {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك:22]، {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف:81]. {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67]. ولذلك أقول: أخي الكريم الفاضل! رد إذا استطعت أن ترد، لكن لا نريد أن ننشغل بمعارك جانبية، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108]، وأما من ليس عنده رد فليقرأ وليحصن نفسه أولاً ثم يدخل، وأما أن يدخل وهو فارغ فهذه مشكلة. وفيلم آلام المسيح يبين أن النصارى يعتقدون أن اليهود قد صلبوا عيسى، ونحن نؤمن إيماناً جازماً يقينياً بقول ربنا في سورة النساء: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:156 - 157]، وقوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:158]. وهناك عالم يهودي فيلسوف اسمه اسبلوزا دلل بأدلة عقلية على تحريف التوراة فطروده ولعنوه، وهناك في كتاب اللاهوت تحريفاً، لكنها تحتاج إلى قوم يعرفونها جيداً ويتقنون قراءتها، فانتبه يا عبد الله!

حكم إخراج المنبر خارج المسجد

حكم إخراج المنبر خارج المسجد Q هل يجوز إخراج المنبر إلى الشارع في خطبة الجمعة مع العلم أنه لغير ضرورة؟ A هذا لم يفعله رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالمنبر يكون داخل المسجد، وإن كان لضرورة ينظر في الضرورة، ففي العيدين من البدعة إخراج المنبر، وقد فعل هذا مروان بن الحكم في عهد الدولة الأموية فجذبه أبو سعيد الخدري وقال: غيرتم والله، إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب العيد على الأرض وما أخرج المنبر، فهذه بدعة محدثة، فلا يجوز أن يخرج المنبر إلى الشارع أو الطريق العام في العيدين والجمعة، وأما الضرورة فتقدر بقدرها.

حكم صلاة الجنب الذي لم يعلم بالجنابة إلا بعد خروج الصلاة

حكم صلاة الجنب الذي لم يعلم بالجنابة إلا بعد خروج الصلاة Q ما حكم من لم يعلم بالجنابة إلا بعد خروج وقت الصلاة؟ A إن علمت بالجنابة فاغتسل وأعد الصلاة من آخر نومة لك، فإن نمت مثلاً بعد الظهر فهذه آخر نومة لك، فإن وجد الجنابة في العشاء فعليه قضاء العصر والمغرب والعشاء حتى وإن كانت قبل ذلك، فهو يبني على آخر نومة. والله تعالى أعلم.

حكم السفر إلى بلاد الكفر

حكم السفر إلى بلاد الكفر Q لي صديق سافر إلى فرنسا للعمل، وقد دعاني لزيارته للفسحة، فهل يجوز الذهاب إلى هذه البلاد؟ A قال صلى الله عليه وسلم: (أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين). فلا يجوز لمسلم أن يسافر إلى بلاد الشرك والكفر إلا لوظيفة دعوية أو لتلقي علاج، أو لمهمة وظيفية حسب الوظيفة، أما أن يقيم هناك لعمل فلا يجوز. فلا تذهب إلى صديقك هذا إلى تلك البلاد الكفرية؛ لأن فيها المعاصي، ومن أسلم من أهلها فيظل فيها إلا إذا كان يضطهد في دينه ولا يأمن على أداء شعائره فيخرج منها.

حكم العمليات الاستشهادية

حكم العمليات الاستشهادية Q ما حكم العمليات الاستشهادية في فلسطين هل تجوز أم لا؟ A هذه المسألة فيها خلاف، وأنا أميل إلى جوازها؛ لأنهم لا يملكون إلا هذه الوسيلة للدفاع عن أعراضهم، وليس عندهم دبابات ولا صواريخ ولا قنابل، فلا يؤثرون في عدوهم إلا بهذه الطريقة.

إشكال حول نفع النطق بالشهادتين للصبي اليهودي مع أنها لا تنفع عند الموت

إشكال حول نفع النطق بالشهادتين للصبي اليهودي مع أنها لا تنفع عند الموت Q إذا كانت الشهادة عند الموت لا تنفع فكيف نفعت الصبي اليهودي؟ A الصبي اليهودي حتى وإن مات على كفره فإنه يختبر في الآخرة، وقد اختلف العلماء في حكم أبناء المشركين إلى خمسة عشر قولاً، ذكرها ابن القيم رحمه الله، وهذه من شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا سمع الإنسان بالإسلام فإنه يحاسب، وإن لم يعرف ولم يصله فلا حساب عليه.

حال بعض طرق الصوفية والمتصوفة

حال بعض طرق الصوفية والمتصوفة Q تنتشر في مصر الطرق الصوفية المتعددة، مثل: البرهانية، والشاذلية الجعفرية، والخليلية الخلواتيه، وغيرها من الطرق الأخرى، وبعض هذه الطرق يأخذ مشايخها العهد من الأتباع، ويلتزمون بقراءة الأوراد وإقامة حلقات الذكر، ويفسرون القرآن بطريقة لم نسمعها من سواهم، ويختلط الأمر عند بعض المسلمين عندما يسمعون أن بعض مشايخ هذه الطرق لهم كرامات، وقد تكون لاتصالهم بالجان، فهل يوجد من كتب السنة والتوحيد ما يشرح مخالفاتهم بالدليل؟ A هناك كتب كثيرة جداً، منها: كتاب الشيخ عبد الرحمن الوكيل هذه هي الصوفية، وكتاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة، وكتاب الشيخ ربيع بن هادي المدخلي الصوفية، وكتب عنها أيضاً محمود المراكبي وكان شيخ طريقة. والطرق الصوفية من صنع أعداء الإسلام، وهناك التقاء بينهم وبين الشيعة، ومن مبادئ وأسس أهل التصوف: إيمانهم بالعلم الباطن ويسمونه العلم اللدني، وإيمانهم بعلم الخرق، وعلم المنامات، فلا تجد صوفياً يقرأ في البخاري، بل يقول: إن الذين يقرءون البخاري هم أناس مشعوذون، وأنا لست محتاجاً للبخاري، فأنا أتلقى العلم من الله عز وجل بوحي منامي وإلهامات، ولذلك لما قيل لرجل منهم: ألا ترحل لتسمع الحديث من عبد الرزاق؟ قال: وماذا يصنع بالسماع من عبد الرزاق من يتلقى من الخلاق؟ حتى إن بعضهم يقول لك: لقيت الشيخ في منامي فقال لي: الشاي حرام والقهوة حرام. ويحرمون بالمنامات. وبعض الناس يقوم من النوم ويطلق زوجته، ويقول: جاءني الوحي أمس وقال لي: طلق زوجتك! ويؤمن بهذا! حتى أنه اتصلت بي أخت فاضلة أخوها يدعي أنه يلهم ويأتيه الوحي، تقول: إنه جاء إليها في الصباح وقال لها: جاءني الوحي وقال لي: لا تزوري أمك وقاطعيها. يعني: أن الوحي يأمر بقطيعة الرحم. ويؤمنون بأن الأولياء أعلى مرتبة من الأنبياء، وبأنهم يعلمون الغيب. وفي إحدى القرى كان الشيخ قاعداً والناس حوله -والشيخ لا أحد يقترب منه- فقال الشيخ في الساعة الثانية مساءاً في رمضان في الوقت الذي يبدأ الناس يتسحرون فيه للمضيف صاحب البيت: لا تأتي بزبادي، غيّر الزبادي الذي أعددته وائتنا بشيء آخر، فالشيخ يعرف الغيب، فقد عرف أن داخل البيت زبادي، ويضحك بذلك على عقول المغفلين. وشخص تقاعد من الجيش بسبعين ألف جنيه مكافأة فانضم إلى الطريقة، فكانت تأتي إليه الشلة كل ليلة حتى فني ماله فطردهم، ثم يتواعدون غداً بعد العشاء عند فلان، وبعد غد عند فلان، وهذا موجود الآن في واقعنا، حتى أنني استعديت لشهادة في محكمة لامرأة أفسدها شيخ من هؤلاء الشيوخ على زوجها حتى طلبت منه الطلاق، فقد أمرها الشيخ أن تطلق نفسها، وقالت: إن الشيخ قد عينها نقيبة، وأن سيدنا الخضر أتى إلى الشيخ وقابله، وقد باعت الذهب والسيارة على الشيخ، فهو من أولياء الله الصالحين، ومن غلط عليه وقع في مصيبة، والشيخ لا يصلي الجمعة ولا الفجر، ويشرب السجائر، نسأل الله العافية. فالمصيبة كبيرة، وطالما المغفل موجود النصاب بخير، والمغفلون كثر، فقد باع أحد الناس عندنا مزرعة ليمون بأكثر من عشرين ألفاً، فأخذ عشرة آلاف ووضعها في حجر الشيخ؛ لينفقها على الساحات الشعبية. ولما رأيت ورد الطريقة البرهانية وجدت فيها ألفاظاً صبيانية: كدٍ كدٍ كدٍ بدرد، هيهات هيهات، هو هو، فقلت لأحدهم: ما هذا؟ قال: هذا تعليم شيخنا، وانتبه تعترض فتنطرد. ويقولون: حينما تدخل على شيخك فاخلع عقلك كما تخلع الحذاء، واحذر أن تعترض، فالشيخ يرى ما لا ترى، وبعضهم أغلق على نفسه باب الحجرة ولم يخرج منذ أكثر من عشرين سنة، لا يصلى جمعة ولا جماعة، ويعيش في الظلام، فقد لعبت به الجن. وقد قابلت أحدهم في الفجر فقال: اللبن ما زال في لساني. قلت له: لبن ماذا؟ قال: حبيبي جاءني وسقاني اللبن. فهم مخابيل. نسأل الله العافية. وهؤلاء يعتبرون من أسباب تأخر المسلمين، فبلاد المسلمين كلها غارقة في هذه الخرافات، فعلينا أن نوضح للمجتمعات هذه القضية، فنكتب الكتب، ونسجل الأشرطة، ونستخدم كل الوسائل المتاحة لذلك. والمصيبة الثانية: أن الإذاعات والقنوات لا تفتح إلا لهؤلاء، ولا يرتقي المناصب إلا هم؛ لأن الصوفية تنزع من الإسلام الجهاد، والجهاد عندهم جهاد مسبحة وتوكل، وهذه مصيبة كبيرة طبعاً. نعم. والشيعة والصوفية صنوان يسقى بماء واحد، فالصوفية من عباءة التشيع خرجت، وهناك أناس كثر في هذه الطرق، وحينما تحدثهم بالحديث والسنة يقولون: نحن لنا علم الخرق وأنتم لكم علم الورق، والورق تبغض الأولياء، ولقد سمعت رئيس جامعة الأزهر السابق في مولد البدوي يقول في المكبر: لا يبغض الأولياء إلا السفهاء. وقال في أحد برامجه التي قدمها في إذاعة القرآن: إن سيدي البدوي ذهب إلى الروضة المباركة في المدينة فأخرج له النبي صلى الله عليه وسلم يده وصافحه. فالنبي صلى الل

شرح صحيح البخاري [19]

سلسلة شرح صحيح البخاري [19] شدد الإسلام على حرمة الدماء، وعظم جريمة قتل المسلم بغير حق، وتوعد فاعل ذلك بأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة، سواء قتل القاتل نفسه أو قتل غيره.

باب ما جاء في قاتل النفس

باب ما جاء في قاتل النفس الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد. قال البخاري رحمه الله: [باب ما جاء في قاتل النفس]. أي: ما جاء في شأن قاتل النفس، وقاتل النفس إما أن يكون قتل غيره أو نفسه. ولم يجزم البخاري رحمه الله فيه بحكم؛ لأن ابن عباس من الصحابة كان يرى أن قاتل النفس مخلد في جهنم، وخالف بذلك جمهور الصحابة، ودليله: أن الله عز وجل قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93] وليس في القرآن وعيد كهذا الوعيد، فقد جمع بين كل أنواع الوعيد، فقال: ((وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا))، هذا الجزاء الأول، والثاني ((وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ))، ثم ((وَلَعَنَهُ))، فجمع له بين الغضب واللعن، ثم ((وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا))، وهذا لبيان شدة إثم هذا الفعل، وهو قتل النفس، وأول جريمة قتل وقعت على ظهر الأرض ارتكبها أحد ابني آدم، كما قال عز وجل في سورة المائدة: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ} [المائدة:27] فهذه أو جريمة قتل وقعت على الأرض، وفي حديث البخاري قال صلى الله عليه وسلم: (لا تُقتل نفس ظلماً) يعني: أي نفس تُقتل بظلم على الأرض، (إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سن القتل). فكل نفس تُقتل مظلومة في ميزان ابن آدم، فهو يحمل وزر قتلها على اعتبار أنه ابتدع بدعة سيئة، وكل أوزار المتبرجات في مصر في كفة قاسم أمين الذي أراد أن يحرر المرأة من الحجاب والحشمة إلى العري والخلاعة، فهذا في ميزانه إن شاء الله إلى يوم القيامة؛ لأن المرأة في مصر كانت إلى عهد قبل الثورة ترتدي النقاب إلى أن جاء قاسم أمين والثورة فحررت المرأة بزعمهم، وكان التحرر هو أن تكشف عن محاسنها، وسمي ذلك بتحرير المرأة المسلمة، وكان ميدان التحرير يسمى ميدان الإسماعيلية، ثم سُمي بميدان التحرير؛ لأن فيه تحررت المرأة، ولا أدري من أي شيء حررت. نسأل الله العافية. ثم أورد البخاري الحديث الأول: [من طريق ثابت بن الضحاك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عُذِّب بها في نار جهنم)]. ومن صنيع البخاري رحمه الله أن يأتي بالحديث في أكثر من باب، والذي يهمنا هنا هو المقطع الأخير؛ لأن له علاقة بالتبويب، وسنعود إلى المقطع الأول في كتب أخرى. تنازع قوم في البخاري ومسلم لدي وقالوا أي ذين تقدم فقلت لقد فاق البخاري صحة كما قد فاق في حسن الصياغة مسلم والمعنى: أن البخاري في الصحة أعلا من مسلم، وأما في التبويب فـ مسلم لا يأتي بالحديث إلا في موضع واحد، والبخاري يأتي به في أكثر من موضع، لعلة في السند أو في المتن، أي: أن البخاري لا يكرر الأحاديث عبثاً، وإنما يكررها لعلة في سنده أو في متنه، فإن أعاده بنفس المتن فانظر إلى السند، فستجد خلافاً في سند الرجال.

بيان أن الكلام إذا خرج مخرج الغالب فليس له مفهوم مخالفة

بيان أن الكلام إذا خرج مخرج الغالب فليس له مفهوم مخالفة وإن قال قائل: أنا لن أقتل نفسي بحديدة، وسأقتلها غرقاً، والوعيد إنما جاء لمن قتل نفسه بحديدة، قلنا له: افهم مقصود الكلام؛ لأن الكلام له منطوق ومفهوم. فالمنطوق: هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق. والمفهوم: ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، وهو قسمان: مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة. ومفهوم الموافقة يسمى لحن الخطاب، وفحوى الخطاب، وهو مثل قول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء:10]. فهذه الآية نص في منطوقها، وهي تدل على حرمة أكل مال اليتيم. فلو قال رجل: أنا لن آكل مال اليتيم وإنما سأتلفه بحرقه، والله إنما نهاني عن أكله ولم ينهني عن حرقه. قلنا: إن الله ينهى عن الأكل وعما ساوى الأكل، سواء بالحرق أو بالإتلاف أو بالإغراق، فالكلام له منطوق ومفهوم، فمنطوقه عدم أكل مال اليتيم، ومفهومه عدم إتلافه بأي طريقة. وإذا قال قائل: أنا أصلي -والحمد لله- الفجر بوضوء العشاء، فمنطوق الكلام أنه يصلي بوضوء العشاء، ونفهم من الكلام أنه لا ينام؛ لأنه ما أحدث، فهو يحافظ على وضوئه من العشاء إلى الفجر. وحينما يقول قائل: أنا لم أر قفا مصل في حياتي. نفهم منه: أنه يصلي دائماً في الصف الأول، فالكلام له منطوق ومفهوم، وحينما قال صلى الله عليه وسلم كما في مسلم: (اليد تزني وزناها اللمس) مفهوم الكلام أن لمس اليد أحد أسباب الزنا. وهذا مفهوم الكلام. إذا قتل نفسه بسُمّ أو غرقاً فهو كمن قتل نفسه بحديدة، وإنما نص على الحديدة في قوله صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بحديدة) لأن الحديدة هي غالب المعدن الذي يستخدم في قتل الإنسان، فخرج الكلام مخرج الغالب، وإذا خرج الكلام مخرج الغالب فليس له مفهوم مخالفة. ولو قال قائل في قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} [الأنعام:151]، أي: من فقر، فالآية تحرم قتل الولد من الفقر فأنا سأقتل ولدي من غنى. قلنا له: إن الكلام خرج مخرج الغالب، فغالب الفعل أنهم كانوا يقتلون أولادهم من فقر، وليس له مفهوم مخالفة. وكذلك في قول الله تعالى: {لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران:130] إذا قال قائل: إن الله حرم الربا أضعافاً مضاعفة، فأنا لن آكل الربا المضاعف أضعافاً مضاعفة، وسآكل قليلاً. قلنا له: إن الكلام خرج مخرج الغالب. وكذلك إذا خرج الكلام لبيان واقع، ليس له مفهوم مخالفة، مثل قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء:23]. فإذا تزوجت امرأة لها بنت فهذه البنت تسمى ربيبة، وهذه الربيبة تحرم على زوج الأم بمجرد أن يدخل بأمها، كما قال تعالى: ((مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)). وكلمة في حجوركم بمعنى أنها تتربى مع الرجل في بيته، فلو أن ربيبة تقيم في القاهرة وتزوجت أمها في الإسكندرية فإنها تحرم على الزوج، فكلمة في حجوركم لبيان الواقع، أي: أن الربيبة تكون في الواقع مع أمها، ونادراً ما تبعد عن أمها، فلا يشترط أن تكون في الحجر حتى تحرم، ولا يفهم من الكلام أن الربيبة إن لم تكن في الحجر أنها تجوز. كما لا يفهم من قوله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور:33] على أن الشريعة الإسلامية لم تحرم الزنا إذا كان برضا المرأة؛ لأن الله قال: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور:33] وإذا لم تكره فلها أن تزني كيفما شاءت، بل إن الكلام خرج لبيان واقع، فالواقع أنهم كانوا يكرهون فتياتهم على البغاء، فقال: ((وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ))، وليس معنى ذلك أنه يجوز برضاها.

بعض تفسيرات العلمانيين لنصوص الدين

بعض تفسيرات العلمانيين لنصوص الدين هناك جريدة شيوعية حمراء تصدر في السوق، كتب مؤسسها المعروف بشيوعيته مقالاً يقول فيه: إن السلفيين يريدون أن يعودوا إلى عصور الظلام، فيركبون الحمير والجمال، ويمزقون الشهادات الجامعية، ويأكلون على الأرض، ويسافرون على الخيول، ويحاربون بالسيوف، ويفهمون الآيات فهماً عقيماً. ويقول في قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11]: يقول: حدّث معناها ابتكر، فالتحديث هنا بمعنى الابتكار. ثم قال في قوله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريباً) معناه: أنه بدأ غريباً بأن نبيه أمي، وتكلم وكتب وهو لا يجيد القراءة ولا الكتابة، (وسيعود غريباً) بفتوى علماء السعودية مهبط الوحي في فتواهم الغريبة. فقد تمخّض الجبل فولد فأراً. فهؤلاء القوم أصحاب علمانية قذرة نتنة، يقطرون حقداً وحسداً على الموحدين. وحفاظ الأمة من السلف كـ الطبري وابن كثير والسيوطي من علماء التفسير لم يقل أحد منهم بهذا القول، ثم جاء هذا الجهبذ فتمخض وفهم الآية والحديث فهماً جديداً، وهذه مصيبة ما بعدها مصيبة! وكتب أحد العلمانيين أن الأصل في المرأة في الإسلام أن تتبرج، ويستدل بقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30]، يقول: كيف أغض بصري إذا كانت المرأة محجبة؟ فلا بد أن تتعرى المرأة لأغض بصري. فهؤلاء عقولهم قد تعفّنت، وأنت لست حراً في أن تفهم القرآن بفهمك، فهناك ضوابط لفهم القرآن، ولم يفهم هذا المعنى الصحابة ولا التابعين ولا المفسرين، فالقرآن والسنة يفسران بفهم سلف الأمة. وفي مجمع البحوث الإسلامية قال أحد أعضائه: إن حد الردة في الإسلام لا أصل له، وأنه يجب أن يلغى، وقدم هذا الاقتراح الدكتور عبد الصبور شاهين، مستدلاً بقول الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة:217]. قال: وهذا معناه: أنه يترك حتى يموت كافراً لا أن يقتل. وقال: إن حديث البخاري (من بدّل دينه فاقتلوه)، وحديث (لا تحل نفس امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة) خبر آحاد، وأن حديث معاذ بن جبل مع أبي موسى الذي في البخاري أنهما قتلا مرتداً في اليمن لا يُعمل به. فليس عنده اعتبار للسنة، وأخبار الآحاد لا يعمل بها في العقيدة، وهذه طامة ومصيبة، فقد قال علماء الأمة الشافعي ومالك وأبو حنيفة وابن حنبل والأوزاعي والثوري وغيرهم من علماء الأمة الأفذاذ بقتل المرتد ثم جئت أنت لتأتي بحكم جديد، فلا بد أن يكون لك سلف في قولك، فأنت لست حراً. والدكتور أحمد وافي في دار العلوم قام ببحث طيب، فقد جمع آراء ابن تيمية التي خالف فيها المذاهب الأربعة وحققها ونسبها إلى عصر الصحابة، وأثبت أن ابن تيمية لم ينفرد بقول، وإنما له سلف في هذه الأقوال، فلا بد أن يكون لك سلف في قولك من الصحابة أو التابعين أو أتباع التابعين، فأنت لست حراً في أن تبتكر فهماً جديداً في النصوص الشرعية. ونحن لا نريد أن نتتبع كل ما يُكتب، فإن الكتابة الآن قد فتحت على مصراعيها، ويسمونها حرية فكر، ونحن نسميها حرية كفر، وفرق بين حرية الفكر وحرية الكفر، فهم الآن يكتبون ما يشاءون، ويطعنون في القرآن وفي السنة، وفي الصحابة وفي الأشخاص، وفي الثوابت وفي كل شيء، {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً} [التوبة:10].

تتمة باب ما جاء في قاتل النفس

تتمة باب ما جاء في قاتل النفس الحديث الثاني: [حديث جندب رضي الله عنه في هذا المسجد فما نسينا وما نخاف أن يكذب جندب على النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان برجل جراح فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة)]. فهذا النص يبين أن المنتحر يخلد في جهنم، ولا بد أن نفهم النصوص فهماً صحيحاً، فقد انحرفت فرقة التكفير بأخذ بعض النصوص دون بعض، وكذلك انحرف من خرج على الحكام وأصل للمسائل البدعية بأخذ بعض النصوص دون بعض، ففهم النصوص على غير وجهها هو الذي فرق الأمة. فقوله: (حرمت عليه الجنة) لها معان عند العلماء: فإما أن يكون حرمت عليه الجنة إن استحل أن يقتل نفسه، وإما أن يكون (حرمت عليه الجنة) ابتداءً، يعني: أنه يدخل النار أول الأمر ولكنه يخرج من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال (شفاعتي لأهل الكبائر). وهذه النصوص تُفهم عند الفرق الضالة أفهاماً عقيمة وشاذة، ومن الفقه في الدين أن تجمع النصوص في المسألة الواحدة، والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]. فكل من لم يشرك بالله فهو في مشيئة الله، إلا ما جاء مقيداً ومنصوصاً عليه. قال البخاري رحمه الله: [حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار)]. أي: أن من قتل نفسه فإنما يقودها إلى النار ويتردى في جهنم، كما قال صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث أيها الأحباب: زجر ووعيد لقاتل نفسه إن استحل ذلك، وأما إن لم يستحل ذلك فيدخل جهنم للتطهير لا للخلود، ومنهج السلف يقول: لا يدخل الجنة مشرك ولا يخلد في النار موحد. وفي الحديث القدسي: (أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، وعمل من الخير ما يزن ذرة، برة، شعيرة).

باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين

باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين قال البخاري رحمه الله: [باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين]. والنفاق المقصود به هنا: النفاق الاعتقادي. ثم جاء بحديث عمر رضي الله عنه أنه قال: (لما مات عبد الله بن أبي بن سلول)، وعبد الله بن أبي هو رأس المنافقين في المدينة. وقد ظهر النفاق في المدينة بعد غزوة بدر، فمكة لم يكن فيها نفاق، فقد كان المؤمنون في مكة يؤذون ويضطهدون ويخرجون ويعذبون، ثم بعد غزوة بدر ظهر النفاق في المدينة، وقد حذر ربنا عز وجل من أهل النفاق في القرآن الكريم، وكان عبد الله بن أبي بن سلول رأس النفاق وصاحب حادثة الإفك، وهو الذي قال: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} [المنافقون:8]، ويقصد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أي: ليخرج من المدينة الأعز ذليلاً، فلما وصلت هذه الكلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولده عبد الله بن عبد الله رضي الله عنه فابنه صحابي كـ أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط صحابية وأبوها كافر: (يا رسول الله! مرني أن أقتل أبي إن شئت، حتى لا يقتله غيري فأعيّر به فأقتله، فأكون قد قتلت مسلماً بكافر). فإن أردت أن تقتله فمرني أنا فآتيك برأسه، وهذا ولاء وبراء. (قال: لا نريد أن نقتله. قال: يا رسول الله! والله لن يدخلها -أي: المدينة- حتى يعلم من الأعز ومن الأذل). ثم وقف على باب المدينة إلى أن جاء أبوه، فقال: دعني أدخلها. قال: لن تدخل المدينة إلا أن تقول: أنا الأذل ورسول الله الأعز. فقال عبد الله بن أبي: أنا الأذل ورسول الله الأعز، فسمح له بدخولها. وموقف الابن هنا عزة وكرامة للإسلام، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:8]. واليوم العزة والكرامة ضاعت في بلاد المسلمين؛ لأنهم تخلوا عن دينهم وعن عقيدتهم، وقد نشرت جريدة الجمهورية امرأة أمريكية كافرة تشير إلى مقتول عراقي وهي فرحة كأنها حققت نصراً بقتله، {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118]. ففيهم حقد دفين وحسد على الإسلام والمسلمين، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109]. وهؤلاء لا يمكن أن يرقبوا في مؤمن إلاً ولا ذمة. وقال بوش في آخر تصريحاته: لن يهدأ لي بال إلا باختفاء اللحية والنقاب من جميع البلاد الإسلامية. فالأصولية هذه لا بد أن تنعدم، والمظهر الإسلامي يقلق مضجعه؛ لأنه يعرف التاريخ، ويعرف أنه إن استيقظ هذا المارد فسيدخل هو وأتباعه إلى الجحر: فهم كالنمل، {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل:18]. ولما مات عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه قال عمر: (فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه -أي: أن عمر قفز بين يديه- فقلت: يا رسول الله! أتصلي على ابن أُبي وقد قال يوم كذا وكذا كذا وكذا؟ وأعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أخر عني يا عمر! إني خيرت فاخترت) أي: في قول الله سبحانه: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة:80]، (ولو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها). فالعدد في قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:80] ليس مقصوداً لذاته ولا مفهوم له، وإنما هو لبيان الكثرة، فالعدد لا مفهوم له إلا في نصوص قليلة توضح أن له مفهوماً. فهنا لو أن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر له إحدى وسبعين مرة فلن يُغفر له، فالسبعون ليست مقصودة بذاتها، وإنما مقصودة لكثرتها. (فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف). وانظروا إلى هذا الحلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى على رجل قال عن زوجته: إنها وقعت في الزنا، وادعى أنه الأعز ورسول الله صلى الله عليه وسلم الأذل، وعاد بثلث الجيش في أحد، وأحدث بين الصحابة ما أحدث، وفعل كذا وكذا في بداية الإسلام. (فمكث النبي صلى الله عليه وسلم يسيراً فنزلت الآيتان من براءة: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة:84])؛ لأنه مكث على قبره وجلس فوق قبره، وألبسه قميصه وتفل عليه، لعل

باب ثناء الناس على الميت

باب ثناء الناس على الميت قال البخاري رحمه الله: [باب ثناء الناس على الميت: وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (مرت جنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت. ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال: وجبت. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض)]. وهذا الحديث في فضل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وليس معنى ذلك أن من ذُكر بخير في أي مجتمع وجبت له الجنة، فالراقصون يُذكرون بخير في مجتمع الراقصين، والممثلون يُذكرون بخير في مجتمع الممثلين، ولاعبو الكرة يُذكرون بخير في مجتمع اللاعبين، وليس معنى هذا أنهم وجبت لهم الجنة. ويوم أن مات سراج الدين رئيس حزب الوفد خرجت صحيفة الوفد في اليوم التالي تقول: إلى جنة الخلد يا سراج! وإنا لله وإنا إليه راجعون، فهل جزمتم أن له الجنة؟ وكان الأصل أن يقال: نسأل الله له الجنة، وأما الجزم بأن له الجنة فهذه مصيبة. ويحدث هذا كثير جداً، فعندما يموت لاعب الكرة في الملعب، قالوا: فلان شهيد الكرة! وإذا مات المطرب الخليع وهو يرقص قالوا: مات شهيداً، فهو يؤدي عملاً وطنياً وواجباً قومياً، ويوم أن تموت الراقصة وهي ترقص أيضاً يقولون عنها: شهيدة الفن والطرب والإغراء، ولا شك أن هذا مصيبة. نسأل الله العافية. فالحديث في فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فإذا مرت جنازة فلنقل: رحمك الله، كم كنت تصلي معنا، كم كنت تصوم، كم كنت تقرأ القرآن، كم كنت تصلح بين الناس، ونذكره بخير. ومن حسن خاتمة المسلم ومن عاجل شراه: أن يثني عليه أهل الصلاح، ولذلك قال الإمام أحمد: بيننا وبينكم الجنائز، وهذه الكلمة يفهمها الكثير خطأً، فـ ابن حنبل يقول للظلمة: بيننا وبينكم الجنائز. وقد يفهم البعض أن معنى بيننا وبينكم الجنائز كثرة عدد المشيعين في جنازة الموحدين، وقلة العدد في جنازة غير الموحدين، ولكن ليس هذا هو المقصود، وإنما بيننا وبينكم الجنائز، معناها أن تنظر في جنازة الصالح فلا تجد إلا الصالح، وأن تنظر في جنازة الظالم فلا تجد إلا الظالم، يعني: لا يشيع جنازة الصالح إلا أهل الصلاح، وليس المقصود العدد؛ لأنه يوم أن مات العندليب الأسمر شيّع جنازته مائتي ألف أو ثلاثمائة ألف، وكلهم يبكي، ولكن الذي مشى خلفه هم الملحنون والهابطون والراقصون والممثلون، وكل أهل الظلم والفسق، وما وجدت رجلاً ملتحياً صالحاً يسير خلفه، وهذه مصيبة كبيرة جداً، ويوم أن يموت العالم تجد في جنازته العلماء والأئمة وأهل القرآن والصلاح، فجنازة أهل الصلاح لا يسير فيها إلا أهل الصلاح، وجنازة الظلمة لا يسير فيها إلا الظلمة، فليس المقصود كثرة العدد، وهناك جنازات كبيرة للظلمة يسير فيها الملايين، ولكن الذين يشيعونها لا علاقة لهم بالدين من بعيد ولا من قريب. قال البخاري رحمه الله: [من حديث بريدة عن أبي الأسود قال: (قدمت المدينة وقد وقع بها مرض، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمرت بهم جنازة فأثني على صاحبها خيراً فقال عمر: وجبت)]. ففي الحديث الأول الذي قال وجبت هو النبي صلى الله عليه وسلم، والذي قال هنا هو عمر. (ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيراً فقال عمر: وجبت، ثم مر بالثالثة فأثني على صاحبها شراً فقال: وجبت، فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟! قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد). فهذا إذا أثنى عليه أربعة من السلف وأصحاب العقيدة والتقوى، وأما أن يشهد أحد الحزبيين لحزبي أو أحد أهل البدع والأهواء لآخر أو أحد الأقطاب والأوتاد فهذه شهادة لأهل البدعة، وشهادة أهل البدع مردودة عند الناس وعند الله، فالقرآن والسنة بفهم سلف الأمة دون حزبية ولا تعصب.

باب ما جاء في عذاب القبر

باب ما جاء في عذاب القبر قال البخاري رحمه الله: [باب ما جاء في عذاب القبر]. وهذا الباب نجعله في وجوه أهل الضلال الذين ينكرون عذاب القبر، حتى كتب أحدهم يقول: خدعوك عندما قالوا: عذاب القبر. حتى استهزأ بعضهم من عذاب القبر. أسأل الله أن يريه عذاب القبر، فهذا استهزاء بالشرع، ولذلك بوب البخاري في صحيحه ما جاء في عذاب القبر، ولفقهه العام جاء بآيات من القرآن قبل الأحاديث ليبين أن عذاب القبر ثبت بالقرآن، وهؤلاء يقولون: لا يوجد في القرآن عذاب القبر، ونحن نؤمن إيماناً جازماً بقول نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد كان يستعيذ في كل صلاة من عذاب القبر. قال البخاري رحمه الله: [{إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام:93]، قال: هو الهوان، {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة:101]]. قال المفسرون: سنعذبهم مرتين، مرة في الدنيا ومرة في القبر، ثم يردون إلى عذاب عظيم في الآخرة. قال البخاري رحمه الله: [{وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:45 - 46]]. ولم يأت البخاري هنا بقوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة:21]. و (من) بمعنى البعض، فهنا سيذوقون بعض العذاب الأدنى، والبعض الآخر في القبر، وسيكون العذاب الأكبر في الآخرة، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا، ومن فتنة الممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال، ومن عذاب جهنم وعذاب القبر). فكان يستعيذ في كل صلاة من عذاب القبر، وقد مر على قبرين فقال: (هذان يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس). وقال: (لولا ألا تدافنوا -أي: يدفن بعضكم بعضاً- لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر). فالأدلة على عذاب القبر لا حصر لها من القرآن والسنة. وهؤلاء الذين يكتبون في إنكار عذاب القبر كتبهم تباع في الأسواق، ولقد رأيت كتاباً يباع مع موزع الأهرام عنوانه: هذا عذاب القبر خرافة. والأمة لا ترد على هذا الكتاب، وكيف أعطي ترخيصاً بالطبع وهذا الكلام يناقض القرآن والسنة وأقوال العلماء من سلف الأمة؟ ولكن مؤلف الكتاب يفهم بطريقته الخاصة. قال البخاري رحمه الله: [من حديث البراء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أُقعد المؤمن في قبره، أوتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم:27]). وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (اطّلع النبي صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فقيل له: تدعو أمواتاً؟ فقال: وما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون). ومن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقوله حق، وقد قال الله: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:80])]. ومن حديث عائشة رضي الله عنها: (أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر؟ فقال: نعم عذاب القبر. قالت عائشة رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما يصلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر). زاد غندر: (عذاب القبر حق)]. أي أن امرأة يهودية قالت لـ عائشة: أعاذك الله من عذاب القبر، فقد كانت اليهودية تعلم أن في القبر عذاباً وعائشة لا تعلم أن في القبر عذاباً، فسألت عائشة رسول الله عن عذاب القبر. فقال: عذاب القبر حق. قالت عائشة: (فما رأيته صلى صلاة إلا واستعاذ بالله من عذاب القبر). صلى الله عليه وسلم. اللهم إنا نسألك أن تؤمننا من عذاب القبر يا رب العالمين!

الأسئلة

الأسئلة

الحكمة من عذاب القبر ثم عذاب الآخرة

الحكمة من عذاب القبر ثم عذاب الآخرة Q ما الحكمة من عذاب القبر ثم العذاب في الآخرة؟ A الحكمة التطهير، فإن عُذّب المؤمن في قبره خفف عنه في الآخرة.

حكم الصداق المؤخر

حكم الصداق المؤخر Q سألت شيخاً عن مهر الزوجة المؤخر فقال: إنه دين على الزوج مدى الحياة طلقها أم لا؟ وقال لي: إذا طلقها ولم ترد الرجوع إليه تركت كل شيء حتى هذا الدين، فهل هذا صحيح؟ A مؤخر الصداق يستحق للزوجة ديناً على الزوج، ويستحق إما بموته أو بطلاقها أو بطلبها، فهو دين في ذمة الزوج للزوجة، فإن خلعت المرأة نفسها من الزوج فإنها تتنازل عن هذا الصداق، وترد عليه ما أخذته من صداق، فترد المقدم وتتنازل عن المؤخر، هذا الصحيح.

حكم تأخير صلاة الجنازة

حكم تأخير صلاة الجنازة Q هل يجوز تأخير صلاة الجنازة حتى حضور عدد أكبر من المصلين، وما هو حد التأجيل؟ A نعم، يجوز إن كان من أهل الفضل، فيجوز أن تؤخر الصلاة حتى يحضر أهل الفضل كالعلماء والأئمة وحفظة القرآن؛ لينالوا شرف الصلاة عليه، أو لينال هو شرف صلاتهم عليه.

حكم الباروكة والرموش الصناعية

حكم الباروكة والرموش الصناعية Q حديث النامصة والمتنمصة هل يدخل فيه الباروكة والرموش؟ A نعم. يدخل فيه الباروكة والرموش الصناعية التي تجعل العين في الصباح مثلاً خضراء، ثم في الظهر بنية، ثم في العصر زرقاء، وفي آخر النهار بيضاء، فهم يركبون رموشاً حديثة في هذه الأيام، كل ساعة برموش جديدة. نسأل الله العافية.

حكم زواج المسلم بغير المسلمة

حكم زواج المسلم بغير المسلمة Q هل يجوز للمسلم أن يتزوج غير مسلمة، وما الدليل من القرآن والسنة؟ A يجوز من أهل الكتاب، وحذيفة تزوج بغير مسلمة، ولكن المسلمات الآن يبلغن الأربعين من العمر ولم يتزوجن، فهل ضاق الأمر في وجهك يا عبد الله؟! فمع قولنا بالجواز إلا أن المسلمة أولى. وأما قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة:221] فهذه الآية عامة، خصصتها {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة:5]، فهذه تخصيص، فالمرأة من أهل الكتاب يجوز أن تنكح. ومن الخطورة بمكان الاستدلال بالعام في مسألة خاصة، مثل أن تسألك امرأة حامل: زوجي طلقني فما عدتي؟ فإذا قلت لها: عدتك ثلاث حيض فقد أخطأت؛ لأنك استدللت بدليل عام في حكم خاص، {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4]. وهذه المسألة تماماً كهذه المسألة، فقوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة:221] هذه آية عامة، خصصها قول الله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة:5].

حكم إتيان المسجد لمن أكل ثوما أو بصلا

حكم إتيان المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلاً Q من أكل ثوماً أو بصلاً يوم الجمعة، هل يعتزل المساجد؟ A هذا الحديث في البخاري، (من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً فليعتزل مسجدنا). وله روايات متعددة، وهذا النهي قال بعضهم: إنه على الكراهة والزجر، وأن الأولى ألا يأتي إلى الجماعة إلا وقد غيّر رائحة فمه؛ لأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، حتى قال ابن حجر: حتى وإن لم يصل في جماعة؛ لأنه يؤذي الملائكة برائحة الثوم أو البصل، يعني: حتى وإن كان سيصلي منفرداً فلا يدخل إلى المسجد، فليست العبرة في تركه للجماعة وإنما العبرة في أنه يؤذي الملائكة. وقياساً على الثوم والبصل والكراث السجائر، بل إن الملائكة تتأذى من السجائر أشد؛ لأن البصل والكراث والثوم أباح الله أكله، وأما هذا فحرم الله شربه، ومن العجيب أني رأيت فتوى في جريدة النبأ لأكبر لمفتٍ في مصر يقول فيها: إن شرب السجائر حلال للأغنياء حرام على الفقراء! وإنا لله وإنا إليه راجعون! فاتصلت حتى أتحقق من ذلك، فربما وصل الكلام إلى الرجل خطأ، فقيل لي: إنه قال: أنه يجوز للغني أن يدخن سجارتين أو ثلاثاً في اليوم وليس عليه إثم، والفقير حرام عليه أن يدخن. فهذا المفتي يستحق أن يحجر عليه -نسأل الله العافية- فإن كان قال ذلك فالحجر عليه أولى.

حكم قص اللحية

حكم قص اللحية Q ما حكم الرجل الذي يأخذ من لحيته أو يحددها؟ A لا يجوز الأخذ من اللحية.

حالات قصر الصلاة وبيان مسافة القصر

حالات قصر الصلاة وبيان مسافة القصر Q متى تقصر في الصلاة؟ ومتى تكون المسافة مسافة قصر؟ A تقصر الصلاة في السفر، والمسافة غير محددة بنص، فمطلق السفر فيه القصر، وما يطلق الناس عليه سفراً في عرفهم يخضع لهذا.

حكم التجارة بالدولار

حكم التجارة بالدولار Q هل التجارة بالدولار حرام أم حلال؟ A حرام، لا تجوز إلا في المصارف المعروفة أو في المحلات التي معها تراخيص، وأما التجارة في السوق السوداء فإنه يضر بالاقتصاد القومي ويرفع سعر العملة الأجنبية على حساب العملة المحلية، وهذا فيه ضرر على الأمة جميعاً. وهذا ما حدث، فها هو الآن كتاب فتح الباري كنت تشتريه بـ120 جنيهاً منذ سنتين، والآن بـ350 جنيهاً، بسبب سعر الورق وارتفاع سعر الدولار في مواجهة العملة المحلية، وبعض المصريين للأسف حينما ارتفع سعر الدولار حوّل ودائعه إلى الدولار، بمعنى أنه قوى العملة الأمريكية على حساب العملة المحلية، ولا ينبغي أن يكون هذا، المفروض أن يكون لدينا بعد نظر للمصلحة العامة للبلاد، إنما حينما أدمر الاقتصاد وأقول: ما الذي يعملوه هم؟ هذا كلام ليس له وقت، والله تعالى أعلم. أكتفي بهذا القدر إن شاء الله. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، نسألك علماً نافعاً، ونعوذ بك من علم لا ينفع! آمين آمين! وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

حكم تكرار العمرة في السفر الواحد

حكم تكرار العمرة في السفر الواحد Q عندما يذهب الفرد إلى أداء العمرة ينزل إلى المدينة قبل مكة، وليحرم من أبيار علي -أي: ذي الحليفة، وهو الاسم الشرعي لها- ثم يذهب إلى مكة، فهل يجوز للإنسان بعد أداء العمرة أن يقوم بعمرة أخرى من التنعيم؟ A عمرة التنعيم للحُيّض ولأصحاب الأعذار؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم حينما حاضت عائشة أمر أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم حتى تحرم منها، ولم يحرم عبد الرحمن معها، ولا تجد من يكرر العمرة إلا المصريين، فتجد أحدهم يقول: اعتمرت عشر عمرات. وهذا هو فقه أهل مصر.

شرح صحيح البخاري [20]

سلسلة شرح صحيح البخاري [20] أثبت القرآن الكريم حياة القبر، وتواترت النصوص من السنة على إثباته بتفصيل أكثر، من حيث ذكر النعيم فيه وأنواعه، والعذاب فيه وأنواعه، وأسباب كل من النعيم والعذاب، كما بينت السنة مصير أولاد المسلمين والمشركين الذين ماتوا قبل البلوغ، فأولاد المسلمين في الجنة، وأولاد المشركين اختلف فيهم أهل العلم على أقوال.

تلازم الكتاب والسنة في الدلالة على الدين وحفظ الله لهما

تلازم الكتاب والسنة في الدلالة على الدين وحفظ الله لهما الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: فلا زلنا مع الإمام البخاري شيخ المحدثين، وطبيب الحديث في علله، في كتابه الجامع الصحيح، ومع كتاب الجنائز، وباب: ما جاء في عذاب القبر. سبق أن من منهج الإمام البخاري في صحيحه: أنه يستدل بآيات من القرآن الكريم قبل الأحاديث ليجزم بالحكم الذي يريد، فهو قد علم سلفاً أنه سيخرج في الأمة من ينكر عذاب القبر، ويدعي أنه لم يصح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنه من خبر الآحاد الذي يرد، فأراد أن يحسم القضية فجاء بالآيات القرآنية الدالة على عذاب القبر؛ ليبين أن عذاب القبر يثبت بالكتاب قبل السنة، وإن كان الكتاب والسنة هما مصدرا التشريع، والشيخ الألباني -وهذا رأي له اعتباره وقيمته وصحته- يرى أن القرآن والسنة يحتلان المصدر الأول للتشريع، ليس القرآن ثم السنة كما يقول البعض: المصدر الأول القرآن، والمصدر الثاني السنة، إنما القرآن والسنة هما مصدرا التشريع؛ لأن الذي ينظر في الحكم الفقهي ينبغي أن ينظر في القرآن ثم ينظر في السنة؛ لأن السنة تقيد المطلق، وتخصص العام، وتوضح المجمل وقد تنفرد بحكم إلى غير ذلك، ولذلك قال بعض السلف: (حاجة القرآن إلى السنة أكثر من حاجة السنة إلى القرآن)؛ لأن القرآن بلا سنة يصبح كتاباً مبهماً في كثير من جوانبه، مثل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة:43]، كيف؟ من الذي وضح الصلاة؟ السنة، {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:43] إجمال، فلابد لنا أن ننظر إلى السنة لنعرف كيف نقيم الصلاة، وكيف نؤتي الزكاة، وكيف نحج البيت، فمعنى ذلك: أن السنة تفصل القرآن وتبين مجمله، فلا غنى للقرآن عن السنة بحال، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض)، والذي ينادي بعزل السنة والاكتفاء بالقرآن في واقع الأمر إنما ينادي بنزع الدين من الأمة؛ لأن القرآن بلا سنة لا معنى له إلا في القليل، ولذلك في السارق يقول الله عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة:38]، السرقة لها نصاب يوجب القطع، وهناك شروط للسارق حتى يتم القطع، وشروط في المكان المسروق منه، من الذي حدد ذلك؟ إنها السنة، ولذلك يقول ربنا: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]، (يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته)، وقوله: (شبعان) يشير إلى أنه من أهل الترف، يأكل ما لذ وطاب (متكئ على أريكته) يشير إلى أنه من أهل الخمول، قابع في بيته لا يسافر إلى طلب العلم ولا لطلب الرزق، وإنما (متكئ على أريكته، يأتيه الأمر من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: ما وجدنا هذا في كتاب الله)، وهذا موجود الآن بيننا، ثم يقول صلى الله عليه وسلم: (ألا إن ما حرم رسول الله مثلما حرم الله، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)، لذلك حفظ الله القرآن والسنة، فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، من كمال حفظ القرآن أن يحفظ الله السنة؛ لأنه بدون حفظ للسنة يضيع القرآن، ومن هنا كان علم الجرح والتعديل، وكان علماء الحديث يقفون للأحاديث الموضوعة والضعيفة بالمرصاد فيبينون الضعيف من الصحيح، وكان ما كان من جهدهم في بيان هذا.

باب ما جاء في عذاب القبر

باب ما جاء في عذاب القبر قال البخاري رحمه الله بعد أن استدل بآيات من كتاب الله على عذاب قبر، قال: [أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما]. حينما تقول: أسماء بنت أبي بكر تقول: رضي الله عنهما، عن أسماء وعن أبيها. [(قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً بين الناس، فذكر فتنة القبر التي يفتتن فيها المرء، فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجاً)]، من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخطب الناس خطباً راتبة وخطباً عارضة، والراتبة هي الجمعة، تتكرر في كل أسبوع، وخطبة العيد في كل سنة في الفطر والأضحى، والخطب العارضة هي التي ليس لها صفة الاستمرارية كخطبة الكسوف، فهو يخطب إذا انكسفت الشمس، وخطبة الاستسقاء، وفي حجة الوداع خطب في عرفة وفي يوم النحر، وأيام التشريق صلى الله عليه وسلم أربع أو خمس خطب كما تروي كتب السنة، وكان يخطبهم أحياناً بين الحين والآخر في القبور، وكان متكئاً فجلس، وخط خطاً بيمينه على الأرض ثم بين لأصحابه، وكان يخطب وهو يركب الناقة عليه الصلاة والسلام يعظ من خلفه عليه الصلاة والسلام إلى غير ذلك. ومن هذه الخطب العارضة أنه قام خطيباً عليه الصلاة والسلام مرة فذكر فتنة القبر، وبين أن المؤمن يفتن في قبره، فلما ذكر ذلك ضج المسلمون في المسجد خوفاً من عذاب القبر ومن فتنة القبر. ثم روى البخاري رحمه الله من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم). وفي هذا حجة لمن استدل على أن النعال لا تخلع في المقابر؛ لأن بعض العلماء قالوا: لابد من خلع النعال في المقابر ولهم أدلة، فرد الفريق المخالف واستدل بحديث البخاري وفيه: (أنه يسمع قرع النعال)، وهذا يشير إلى أن الميت يسمع صوت النعال على الأرض. [(أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان)]. من مات محروقاً أو غريقاً أو في طائرة أو على فراشه كلهم سواء؛ لأن القبر مستقر الروح، فليس شرطاً أن يقبر في الأرض؛ لأن البعض يقول: كيف يسأل من يموت في الهواء؟ لا. القبر هو المستقر النهائي له، سواء مات في الهواء أو في الأرض. قال: [(أتاه ملكان فيقعدانه، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار)]. يرى مقعده من النار وهو في قبره ويعاين المقعد، ثم يقال له: [(قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً)]. يعني: يرى مقعده في النار ويرى مقعده في الجنة. [قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره -ثم رجع إلى حديث أنس -: (وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين)]. والحديث دليل على أنه يفتن في قبره، أما المؤمن فيجيب: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم:27] يجيب بثبات، أما المنافق فلا يدري ما يقول، {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27]، فتضربه الملائكة ضربة. قد يقول بعض الناس: مازلتم تحدثون الناس عن عذاب القبر ويهزءون بعذاب القبر، لذلك عذاب القبر من الدين ومن عقيدة المؤمن، ولذا قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً بعذاب القبر، فنحن حينما نتحدث عنه إنما أسوتنا النبي عليه الصلاة والسلام، تجد أن البعض الآن يهزأ من هذا، ويقول: العلماء ليس لهم حديث إلا عذاب القبر والثعبان الأقرع، ويحضرون صورة جمجمة ويهزءون بها، واقع الأمة مرير وهم يتحدثون عن عذاب القبر! يا عبد الله! وظيفة الأنبياء هي الترغيب والترهيب، وبدون الترهيب لا يمكن للمؤمن أن يعمل، فهذا حافز للعمل.

باب التعوذ من عذاب القبر

باب التعوذ من عذاب القبر يقول البخاري رحمه الله بعد أن دلل على عذاب القبر بالقرآن والسنة، عاد ليقول: [باب: التعوذ من عذاب القبر]. التعوذ يعني: الاستعاذة. من حديث أبي أيوب: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجبت الشمس -يعني: إلى الغروب- فسمع صوتاً، فقال: يهود تعذب في قبورها). وفي الحديث: (أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتعوذ من عذاب القبر). وحديث أبي هريرة العمدة في الباب: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) كان يتعوذ في كل صلاة من هذه الخمس.

باب عذاب القبر من الغيبة والبول

باب عذاب القبر من الغيبة والبول قال البخاري رحمه الله: [باب: عذاب القبر من الغيبة والبول]. بعد أن أثبت البخاري عذاب القبر بالأدلة بدأ يذكر أسباباً له، فقال: (باب: التعوذ من عذاب القبر. وباب: عذاب القبر من الغيبة والنميمة)، يعني: ما هي الأسباب المؤدية لعذاب القبر. والغيبة: أن تذكر أخاك بما يكره، وكذلك البول. ومعنى البول: عدم الاستنزاه من البول أو الاستتار كل هذا من أسباب عذاب القبر. ثم روى البخاري رحمه الله من طريق ابن عباس: (مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى) يعني: بلى إنه لكبير، حتى لا يفهم البعض أنه ليس من الكبائر. قال ابن القيم رحمه الله: يعني: أي: يعذبان في أمر كان من اليسير عليهما أن يتجنباه. يعني: لا يعذبان في أمر كبير شاق عليهما، وإنما يعذبان في أمر كان من اليسير عليهما أن يتجنباه، وإنما هو كبير عند الله عز وجل. [(أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله. قال: ثم أخذ عوداً رطباً فكسره باثنتين، ووضع كل واحدة منهما على قبر، ثم قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)]. وقد شرحت هذا الحديث من قبل، وبينت أن هذه الخاصية للنبي صلى الله عليه وسلم، وخاصية لهذين القبرين؛ إذ لم يؤثر عنه أنه كان يضع الجريد على كل القبور، ولم يؤثر عن الصحابة أنهم كانوا يضعون الجريد على القبور، هذا أولاً. ثانياً: أن الله سبحانه وتعالى أطلعه بهذين القبرين أنهما يعذبان، ولذلك جاء بجريدة وشقها إلى نصفين تبركاً بفعله عليه الصلاة والسلام. ولعل هناك من يسأل: أنا لن آتي بجريدة وإنما سآتي بنخلة وأضعها على قبر أبي، فهل تشفع له النخلة؟ حتى لو جئت بشجرة، فرق بين يدك وبين يدي النبي عليه الصلاة والسلام. ثالثاً: أن الله عز وجل أوحى إليه أنهما يعذبان، فلذلك من يضع الجريدة على قبر كأنه يعلن للناس أن القبر يعذب، وهذا سوء ظن بالميت، فأقول: هذه خاصية للنبي عليه الصلاة والسلام لاسيما أنه لم يكرر هذا الفعل إلا مع هذين القبرين. وفي الحديث: أن من أسباب عذاب القبر الغيبة وعدم الاستتار من البول، والنميمة والغيبة صنوان، ومع هذا بينهما عموم وخصوص، وربنا عز وجل يقول: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم:10 - 11]، ينم وينقل الكلام من جهة إلى جهة بغرض الإيقاع بين الناس، وإيغار الصدور، وهذه مشكلة ومرض خطير. قال رجل لـ عمر بن عبد العزيز: (فلان وقع في عرضك وقال عنك كذا. فقال: أيها الرجل! إن كنت كاذباً فيما تقول فأنت من الذين قال الله فيهم: ((هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ))، وإن كنت صادقاً فيما تقول، فأنت من الذين قال الله فيهم: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6] فأنت في الحالتين كاذب. فقال: العفو يا أمير المؤمنين)، فهذا معناه أنه حينما يأتيك أحد يقول لك: فلان يقول فيك كذا، لابد أنه كما قال لك قال لغيرك، لابد أن يتعلم الأدب في عدم نقل الحديث من طرف إلى طرف، وهذا مرض ينتشر بيننا. بعض الناس هذه وظيفته ليل نهار، حتى أن الصدور تضيق بالنقل، فلا تفعل هذا، هذه نميمة حتى وإن كنت صادقاً فلا يحسن بك أن تنقل الكلام لغرض الوقيعة وإيغار الصدور، هذه نميمة يا عبد الله فضلاً عن الغيبة، ولذلك كانت أحد أسباب عذاب القبر.

باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي

باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي قال البخاري رحمه الله: [باب: الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي]. من طريق ابن عمر: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة)]. يعني: يعرض عليه المقعد وهو في قبره للجنة أو للنار؛ لأن الله عز وجل خلق لكل مخلوق مقعده في الجنة ومقعده في النار. يعني: النار على حسب عدد البشر والجنة كذلك. هل المشركون سيدخلون النار أو الجنة؟ هناك فتوى تقول: من مات في كنيسة فلسطين من أهل الكتاب مات شهيداً! وربنا يقول: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:72]. وهو يقول: يموت شهيداً؟! إذاً: المشركون في النار، وسيتركون أماكنهم في الجنة ليرثها المؤمنون: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف:43]، الميراث في الجنة على قدر العمل، ودخول الجنة ابتداءً برحمة الله، لذلك وفق شيخ الإسلام ابن تيمية بين النصوص، فقال في حديث: (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله): الباء هنا باء مقابلة وعوض -يعني: عوض عن عمله الجنة- إنما الباء في قوله: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف:43] باء سببية. والمعنى: أن الباء هنا لها معنى، والباء هناك لها معنى آخر. دخول الجنة ابتداء برحمة الله، والميراث فيها بقدر العمل، فلا تناقض بين النصوص أبداً، قال صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله)، يعني: لن يصل به العمل إلى أن يكون عوضاً له الجنة، وإنما الجنة برحمة الله، لذلك يقول علماء السنة: إن أدخلنا الجنة بفضله وإن أدخلنا النار بعدله، لذلك في مقام الحسنات يعاملنا سبحانه بالفضل، وفي مقام السيئات يعاملنا بالعدل: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:160] فضل أم عدل؟ فضل: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الأنعام:160] فضل أم عدل؟ عدل. لا توجد سيئات فهو عدل، وفي الحسنات فضل، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام: (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله)، أي: أن العمل لا يساوي الجنة، والله لو ظللت ساجداً طوال عمرك لله راكعاً مستغفراً لن توازي النعم التي أسداها لك. وفي ذلك يقال: لا كبيرة إذا قابلك فضله، ولا صغيرة إذا قابلك عدله. والمعنى: أنه إذا عاملك بالفضل فإن الكبيرة تغفر، وإذا عاملك بالعدل فإن الصغيرة تحاسب عليها.

باب كلام الميت على الجنازة

باب كلام الميت على الجنازة قال البخاري رحمه الله: [باب: كلام الميت على الجنازة]. معناه: أن الميت يتكلم، ولكن يتكلم بلسان الحال أم بلسان المقال؟ هذا اختلاف بين العلماء، هل يتكلم بكلام حقيقي دون أن يسمع؟ فهناك من يتكلم ولا نسمعه، كحديث: (ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ملكان: اللهم أعط منفقاً خلفاً، اللهم أعط ممسكاً تلفاً)، فهل تسمع هذا النداء؟! وحينما ينادي في القبر لا تسمعه، فهناك كلام لا نفقهه، ولذلك هل كلام الميت بلسان الحال أم بلسان المقال وبالفعل؟ خلاف بين العلماء. منهم من قال: يتكلم لكن الحي لا يسمعه. ومنهم من قال غير ذلك. قال: [من طريق أبي سعيد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم)]. هذا الحديث يكرره البخاري، وقد أورده البخاري في كتاب الجنائز في باب: حمل الرجال للجنازة دون النساء. إذاً: فالذي يحمل الجنائز هم الرجال، والنساء لا يحملن، ولابد أن يحملها الرجال، وقد كنت في بعض بلادنا فرأيتهم لا يضعون الجنازة على أعناق الرجال، إنما توضع في السيارة ويغلقون أبوابها، فإذا بالسيارة من جهة والمشيعون من جهة ويلتقون إلى المقبرة، فبمجرد أن تنزل الجنازة إذا بهم يدفنونها سريعاً لأننا في عصر السرعة، فلا أحد عنده وقت ليقف على القبر أو ليتعظ، ففي ثلاث دقائق تنطلق السيارة ويفتح القبر، ويغلق الباب، ويوضع القفل، شكر الله سعيكم! هكذا في بعض البلاد. لا متابعة للجنازة، ولا يحملها الرجال، عصر السرعة في كل شيء! ولذلك قال البخاري: [(إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني. وإن كانت غير صالحة، قالت: يا وليها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق)]. والمعنى: أن الجنازة تتكلم بلسان المقال أو بلسان الحال، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يسمعها كل شيء)، يثبت أنها تتكلم، وكذا قوله: (ولو سمعها الإنسان لصعق).

باب ما قيل في أولاد المسلمين

باب ما قيل في أولاد المسلمين قال البخاري رحمه الله: [باب: ما قيل في أولاد المسلمين]. قال أبو هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا حجاباً من النار أو دخل الجنة). ثم قال: قال صلى الله عليه وسلم: (ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم). لما توفي إبراهيم عليه السلام قال صلى الله عليه وسلم: (إن له مرضعاً في الجنة)]. يريد البخاري أن يحسم هنا أن أطفال المسلمين الصغار الذين يموتون قبل التكليف في الجنة، مات وعنده سنة أو سنتان أو ثلاث أو قبل أن يفطم أو قبل أن يبلغ، فلابد أن تعلم أنه في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم لما مات إبراهيم، وقد مات وعمره ستة عشر شهراً على الراجح قال: (إن له مرضعاً في الجنة). فأولاد المسلمين لا خلاف بين العلماء أنهم في الجنة، لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد) والولد يشمل الذكور والإناث، وفي حديث (قالوا: واثنان؟ قال: واثنان)، وفي حديث: (ولو سئل عن الواحد لقال: نعم) يقول: [قال صلى الله عليه وسلم لما مات إبراهيم: (إن ابني مات على الثدي)]. يعني: مات وهو في مدة الرضاعة. [(وإن له مرضعاً في الجنة)]. يعني: له مرضعة في الجنة، وهذا يدل قولاً واحداً على أن إبراهيم في الجنة، وكل أولاد المسلمين الذين ماتوا قبل التكليف في الجنة.

باب ما قيل في أولاد المشركين

باب ما قيل في أولاد المشركين قال البخاري رحمه الله: [باب: ما قيل في أولاد المشركين]. بعد أن حسم مسألة أولاد المسلمين جاء بأولاد المشركين، لكن انتبه من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث وهو سن البلوغ؛ وسن البلوغ هو الحنث لأنه بمعنى الإثم، ومنه قوله تعالى: {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ} [الواقعة:46]، معناه: أن الولد لم يبلغ الحنث. يعني: دون التكليف، فيكلف في البلوغ. Q قبل البلوغ ما الذي يجري من الأقلام: أقلم السيئات أم قلم الحسنات؟ الحسنات فقط، أما السيئات فلا. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (علموا أولادكم الصلاة لسبع)، فإن صلى الولد وهو ابن سبع سنين يثاب، لكن إن ترك الصلاة لا يعاقب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ)، والقلم هنا قلم السيئات، رفع القلم عنه حتى يحتلم، والمعنى: أنه إن جاء قبل الحلم بشيء أو بمعصية لا يأثم؛ لأن هذا دون التكليف، إنما هو محاسب بعد التكليف. وعلامات البلوغ عند الرجال تختلف عن علامات البلوغ عند النساء، فيبلغ الصبي بثلاثة أمور: الاحتلام، وإتمام خمسة عشر سنة، وظهور الشعر الخشن حول القُبل، وتزيد المرأة بشيء رابع وهو الحيض، والحيض أقله تسع سنين، إنما ممكن أن تحيض على أكثر، ممكن أن تحيض بعد الخامسة عشر. الشافعي يقول: رأيت جدة في مصر -عندما نزل مصر- عمرها إحدى وعشرين سنة. قالوا: حاضت في تسع، ثم تزوجت بعد حيضها. أما نداءات: لا للزواج المبكر. فيقال لهم: نعم للزواج المبكر، ماذا تريدون للأمة بعد ذلك؟ وهل يجد أي شخص أن يتزوج؟ وهؤلاء يقولون: لا للزواج المبكر! أقول: تزوجت في سن تسع بعد حيضها، ثم حملت وأنجبت بنتاً، حاضت هي الأخرى لتسع، فأصبحت بنت الأم عمرها تسع سنوات، وعمر الأم ثمانية عشر، والبنت حاضت، ثم تزوجت وأنجبت هي الأخرى فأصبحت جدة وعمرها واحد وعشرون سنة، وأخرى عمرها واحد وأربعون عاماً ولم تتزوج إلى الآن هذا هو واقع الأمة المؤلم. ويقال: لا تحيض لستين إلا قرشية. تظل تحيض إلى ستين سنة؛ ولذلك تلد بعد الخمسين، تبلغ خمسة وخمسين ومازالت تلد، ولهذا في إسرائيل جن عقل شارون فهو يقتل للمرأة الفلسطينية ثلاثة وأربعة أولاد وهي مازالت تنجب، هو ينهي وهي تلد، والجيل اليهودي ينقرض، والجيل الفلسطيني المسلم يزيد، المرأة الفلسطينية ولادة، وهذا معناه أنك لا تستذل هؤلاء، السكان عندنا مشكلة لابد أن تواجه! وهم في الحقيقة ثروة يجب أن تسخر وتستغل، ولذلك يقول الله عز وجل: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا} [المدثر:11 - 13]، إن البنين عز فهو يمشي وحوله عشرة، يا محمد يا إبراهيم يا علي يا محمود يا أحمد. عز وهو يمشي وحوله عشرة، أما الآخر حسنين ومحمدين، مات حسنين بقي محمدين أرأيتم المصيبة، لكن انظر إلى كثرة الأولاد طالما تستطيع أن تربيهم تربية صحيحة وتستغلهم استغلالاً حميداً، ولو أن عدد مصر مائة مليون افتحوا الصحراء لزراعة القمح وعمروها بدلاً من استيراد القمح، حتى نملك القرار، اجعلوا الشباب ينتج، المورد البشري لابد من استغلاله أفضل استغلال، اكتفينا فقط ببطالة مقعنة، خمسة على مكتب. هذا ليس من العدالة في التوزيع. قال: [باب: أولاد المشركين]. أما أولاد المشركين ففيهم آراء: الرأي الأول: أنهم يمتحنون في الآخرة، وهذا ما مال إليه ابن القيم، أي: أن الله عز وجل ينشئ لهم ناراً فيأمرهم بدخولها، فإن دخلوها أدخلهم الله الجنة، وأولاد المشركين كشأن من لم يسمع بالدعوة كأهل الفترة. الرأي الثاني: أنهم خدم لأهل الجنة، الحديث صح عند البعض: (إن أولاد المشركين خدم أهل الجنة)، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. الرأي الثالث: أنهم في النار تبعاً لآبائهم؛ لحديث: (الله أعلم بما كانوا يعملون). لكن الراجح من أقوال العلماء أنهم يمتحنون في الآخرة أو أنهم من أهل الجنة، وهذا اختيار النووي وغيره؛ لحديث: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين، فقال: الله إذا خلقهم أعلم بما كانوا عاملين)، وفي الحديث الآخر قال: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين). ثم: (كل مولود يولد على الفطر)، معنى هذا: أن البخاري لم يحسم المسألة برأي، إنما لمح فيها برأي: أن أولاد المشركين يولدوا على الفطرة، يعني: على التوحيد، فإن مات مات موحداً. (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها من جدعاء؟)، ثم أورد ابن حجر عشرة آراء للعلماء في أبناء المشركين، بعضهم اختار الجنة، والبخاري توقف في المسألة، لك

باب في أبناء المشركين

باب في أبناء المشركين قال البخاري رحمه الله: [باب]. ولم يضع عنواناً للباب، فمن منهج البخاري في التبويب إما أن يعقب المسألة بحكم، فيقول: باب وجوب كذا، باب استحباب كذا، وإن لم ير فيها حكماً يتوقف، فيقول: باب ما قيل في أولاد المشركين، هل حسم المسألة؟ لا؛ لأنها عنده لم تحسم المسألة. فقوله: [باب] بدون ذكر عنوان له كأنه لم ير في هذا حكم ينتهى إليه لا بالوقوف ولا بغير الوقوف ولا بالتبويب، وأبواب البخاري وضعها وهو في روضة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يصلي قبل كل تبويب ركعتين، فبمجموع الأبواب يكون عدد الركعات 3150 ركعة، قبل أن يضع عنوان الباب يصلي لله ركعتين في الروضة المباركة، ثم يفتح الله عليه فيضع عنوان الباب، هؤلاء هم الرجال! قال: [عن سمرة بن جندب: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه)]. وهذا من فقه الإمام بعد كل صلاة، أن يقبل على الناس بوجهه. [(ثم يقول: من رأى منكم الليلة رؤيا؟)]. في صلاة الفجر، والحديث أيضاً أعاده البخاري في كتاب التعبير؛ لأن من رأى الرؤيا يكون عنده في الفجر صفاء ما زال يذكر، وصفاء للمعبر، فالفجر أقرب الأوقات إلى الرؤيا، فبعد صلاة الفجر كان يسألهم عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم الليلة رؤيا؛ فإن رأى أحد قصها، فيقول: ما شاء الله، فسألنا يوماً فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا. قال: لكني رأيت الليلة رجلين)]. هو رأى رؤيا عليه الصلاة والسلام. [(أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة)] وأتى بحديث طويل فيه بيان أن أبناء المشركين في الجنة، هذا الحديث طويل سوف أختصره؛ لأنه سيمر بنا مرة أخرى في كتاب التعبير، النبي صلى الله عليه وسلم رأى مشاهد عجيبة، كل مشهد فسره حسبما رآه صلى الله عليه وسلم، ومن ضمن ما رأى: رأى إبراهيم عليه السلام وحوله أطفال، فلما سئل عنهم، قيل له: هؤلاء أطفال المسلمين، ومن مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم مات على فطرة الإسلام بدون أدنى شك، فـ البخاري يلمح إلى أن أولاد المشركين في الجنة.

باب موت يوم الإثنين

باب موت يوم الإثنين [باب: موت يوم الإثنين] يوم الإثنين هو اليوم الذي مات فيه النبي صلى الله عليه وسلم. [باب: موت يوم الإثنين. قالت عائشة رضي الله عنها: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الإثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الإثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران - يعني: طيب- قال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيهما. قلت: إن هذا خلق -يعني: رديء أصابه البلاء- قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح]. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم الإثنين، وأبو بكر له مواقف عديدة في موت النبي عليه الصلاة والسلام.

الأسئلة

الأسئلة

الجمع بين إثبات السمع ونفيه للموتى

الجمع بين إثبات السمع ونفيه للموتى Q يقول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:80]، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر:22]، وهذا الحديث فيه: أن الميت يسمع قرع نعال أصحابه، فما القول الفصل؟ A هذه المسألة من المسائل الخلافية بين العلماء، لكن الراجح ما ذهب إليه ابن القيم من أن السماع في الآية يختلف عن السماع في الحديث، والمعنى: أن الميت يسمع، لكنه لا يملك إجابة، يسمع قرع النعلين هذا سمع لإدراك الصوت: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}، معنى الآية: تشبيه لحال المشركين بإعراضهم عن الإجابة بحال الأموات لعدم استجابتهم للداعي، ولذا قال العلامة ابن القيم: فالسماع في القرآن يأتي بمعان ثلاثة: الأول: سمع بمعنى إدراك الصوت: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1]، الثاني: سمع بمعنى الإجابة: كقولنا: سمع الله لمن حمده، فمعناه استجاب، وكقول ربنا في سورة الملك: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ} [الملك:10] فالسمع هنا بمعنى الإجابة؛ لأنه: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك:10]. هل المشركون لا يسمعون أم يسمعون؟ يسمعون لكنهم لم يستجيبوا، فمثل الذي يسمع ولا يستجيب كمثل الذي لا يسمع. هذا المقصود، يعني: ((وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)) [فاطر:22]، {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:80]، والمعنى: كرجل قام يعظ في الناس ويأمرهم وينهاهم، فجاء إليه آخر وقال: أنت تعظ في أموات: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي فالمعنى المقصود في الآية هو سماع الإجابة، والمعنى المقصود في الحديث هو سماع الصوت وإدراكه فقط دون إجابة. الثالث: يأتي السمع في القرآن بمعنى الفهم: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال:23] إلى غير ذلك. فمن إعجاز القرآن اللغوي: أن الكلمة الواحدة تأتي بأكثر من معنى، ولعل هذا خلاف بين سلفنا الصالح.

حكم جعل الأم ميراثها من ولدها المتوفي لأولاده

حكم جعل الأم ميراثها من ولدها المتوفي لأولاده Q أم توفي ابنها وورثت منه، وتريد أن تعطي المال كله لأولاده، فهل هذا يجوز لها، وماذا لو توفيت هذه الأم والمال عندها، وقد أوصت بهذا، هل تنفذ الوصية؟ A لا يجوز؛ لأن هذا حرمان أبنائها من ميراثهم، وهذا لا يجوز.

حكم تخصص الرجال في طب النساء

حكم تخصص الرجال في طب النساء Q أنا من الفرقة الثالثة في كلية الطب وأسأل عن تخصص النساء والولادة بالنسبة للرجال، هل هناك شبهة أم تحريم؟ A الأولى إن وجد في الطب نساء يقمن بهذا العمل، فتخصص في غيره طالما أن الطب يمتلئ بالنساء المتخصصات، وإلا لماذا يذهبن إلى الكلية؟ ليتعلمن، ومن أجل أن يكشفن على النساء، أما أن الرجال يكشفوا على النساء فهذا لا يجوز إلا في حالات اضطرارية، وكذلك إذا ماتت المرأة بين جماعة الرجال فإنها تيمم ولا تغسل حتى بعد الموت. فأقول لك: تخصص في طب يناسب طبيعة الرجال، واترك تخصص النساء للنساء، طالما أنه يوجد نساء.

بيان ما يحرم من الرضاع

بيان ما يحرم من الرضاع Q هل يجوز لخطيب أختي أن يعقد عليها علماً بأن أخي الصغير رضع معه، أي مع خطيب أختي؟ A إن كان خطيب أختك رضع من أمك، فلا يجوز له أن يتزوج الأخت، وإن كان أخوك هو الذي رضع من أم خطيب أختك فيحرم عليه كل أخوات خطيب أختك، ولا علاقة لأختك بهذا الموضوع.

حكم إلقاء السلام في دورات المياه وأماكن الوضوء

حكم إلقاء السلام في دورات المياه وأماكن الوضوء Q إلقاء السلام في أماكن الوضوء ودورة المياه في المساجد هل هو من السنة كما في الطرقات أم مكروه أم غيره؟ A في دورة المياه لا يجوز، من أماكن عدم رد السلام وإلقائه: أن تلقي السلام على من يقضي الحاجة، طالما يقضي الحاجة فلا تلقي عليه السلام، فإن ألقيت عليه فلا يرد عليك. هذا الأولى. الثانية: أما الوضوء ففيه خلاف، فعلى الاستحباب لا يجوز أن يرد السلام إلا وهو على طهارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ فألقى عليه رجل السلام فلم يجبه إلا بعد وضوئه، فلا يجوز أن يلقي السلام على مجلس تلاوة قرآن، نعم ترد لكن تعلمهم الحكم، واحد فقط يرد، لذلك يكره إلقاء السلام على من يتلو القرآن؛ لأنك بذلك تقطع تلاوته للقرآن فيكره. أما درس العلم فعلى حسب الحال، الشيخ الألباني يرى أن يلقي السلام على كل المجلس، وفي كل أشرطة شيخنا الألباني يرد السلام على الداخل، وهذا مذهبه، والله تعالى أعلم.

حكم طلب الزوجة لمؤخر الصداق

حكم طلب الزوجة لمؤخر الصداق Q أنا متزوج وأردت الزواج من أخرى، فقالت لي الزوجة الأولى قبل العقد على الثانية: أعطني مؤخر صداقي بقصد التعجيز، فهل لها الحق في هذا؟ ومتى يحق مؤخر الصداق على الزوج؟ A بقصد التعجيز، ألست تملك مالاً؟ هي الآن تطالب صداقها المؤخر، ويجوز لها أن تطلبه متى شاءت؛ لأن هذا دين عندك، إن قصدت التعجيز تحاسب أمام الله عز وجل، إنما أنت مأمور أن تؤدي هذا الدين لها، تريد أن تتزوج بأخرى ولا تستطيع أن تدفع مؤخر صداق القديمة، إذاً: لماذا ستتزوج؟ مؤخر الصداق دين على الزوج لزوجته، يستحق بموته أو بطلاقها أو بمطالبة الزوجة له. مداخلة: أنا كتبت عشرين جنيه في أربعين سنة مؤخر، تريد أن تجعل العشرين جنيهاً عشرين ألفاً؟ الشيخ: المكتوب بين الطرفين كدين، عندك عشرون جنيهاً لي سنة 1980م، لماذا آخذهم الآن عشرين جنيهاً؟ ستقول: إن المبلغ هذا لا يخصني، إذاً باقي مؤخر الصداق كيلو لحمة!. ولو سامحت لا شيء عليك، والله يقول: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:4] كله ولا حرج طالما هي التي تنازلت بطيب نفس منها، المهم أنها حرة تطلب مؤخر الصداق متى شاءت.

المنهج العلمي الصحيح لطلب العلم الشرعي

المنهج العلمي الصحيح لطلب العلم الشرعي Q ما المنهج العلمي الصحيح لطلب العلم الشرعي؟ A باختصار شديد: علم السلف، وإياك والجماعات؛ فإن الجماعات بدعة عصرية، ولذلك قيل: جماعة واحدة لا جماعات، وصراط واحد لا عشرات، وما ضاعت الأمة إلا بسبب التعصب للجماعات، جماعة وبيعة، كل واحد يعمل له جماعة ويدعي أنه الجماعة الأم، وكل هذا تفريق للأمة! المسلمون جميعاً جماعة واحدة. قلت هذا الكلام في مركزي فأرسل حزبي مبتدع يقول: إنك في أنصار السنة، قلت: أنصار السنة جمعية خيرية وليست جماعة، تؤدي كفالة الأيتام، الجماعة يعني الحزبية، يعني: الانتماء إليها، يعني: البيعة لأميرها، يعني: السلم الهرمي التنظيمي، يعني: الأسر، يعني: العمل تحت الأرض، يعني البيعة، جماعة أخرى في قرية صغيرة عملوا جماعة ونصبوا لهم أميراً فاختلف معه بعض الإخوة، فقال له: من شذ عن جماعتي شذ في النار! أصل جماعتي جماعة المسلمين، يفهم هذا المسكين ويدعي أن جماعته هي الجماعة الحق، المسلمون جميعاً جماعة واحدة، هذه الحزبية قضت على الأمة، فما ضاعت الأمة إلا بسبب الجماعات، يقول: لا تحضر لهذا الشيخ لأنه ليس من جماعتنا، ويذهب إلى الشيخ الآخر صاحب الجماعة مثل طرق الصوفية والأوراد بالطريقة الشاذلية الأحمدية والنقشبندية البيومية والرفاعية السرورية كل واحد له طريقة وأتباع وأوراد، وهذه الجماعة لها أمير وهذه لها أمير، وهذه لها مسئول، وهذه لها منهج وتنظيم مصيبة كبيرة. قلت لمن يقول لبيعته جماعة: أعطاك ولي الأمر في مصر الحاكم أمراً بعدم المرور من الإشارة إذا كانت حمراء، فإذا قال لك أميرك: مر ولا تعبأ بالإشارة الحمراء، لمن تستمع لولي الأمر العام أم لمن بايعت؟ قال: لولي الأمر العام. قلت: إذاً: أنت الآن بين رجلين، كيف تبايع لأمير في وجود أمير عام. هذه مصيبة وطامة. هذا الذي أجهد الأمة، وإلى الآن تجد في الجماعات المصرية غليان وفوران، هذه الجماعة تطعن في هذه الجماعة، والحزبيون أجارك الله -أسأل الله أن يخلصنا منهم- هؤلاء يضعون شعارات ضد هؤلاء، والتمزق والتحزب والحمية والولاء والبراء على اسم الجماعة، يعني: إذا مرضت أنت فلا أعودك لأنك لست من جماعتي، وإن مرض هذا الرجل أعوده لأنه من الجماعة، وصلت المقاطعة إلى هذه الدرجة، لدرجة أنهم في دروسنا يحذرون أعضاءهم من الحضور، لا تحضرون للشيخ فلان، لماذا؟ لأنه ليس في الجماعة، ويهاجم الجماعة! جماعة من يا أخي؟ من الذي أعطاك حق الجماعة، أنت نصبت نفسك جماعة؟ أليس هذا مزايدة باسم الإسلام، الإسلام لا يعرف الجماعات، من ينتمي إلى جماعة فقد ابتدع، هذا هو الدين، إنما الإسلام يعلم القرآن والسنة بفهم السلف الصالح، السلفية منهج وفهم وليست جماعة، التعصب لمذهب معين ممقوت، إنما دراسة المذهب جائزة، دراسة دون تعصب، دراسة مفتوحة.

حكم تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم بالرءوف

حكم تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم بالرءوف Q هل يجوز تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم بالرءوف؟ A هذه صفة له وليست اسماً: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128]، فرأفته ورحمته بالمؤمنين، وهذه خاصية للنبي صلى الله عليه وسلم.

تنبيه وتحذير من الاختلاط بين الرجال والنساء في صلاة الجماعة

تنبيه وتحذير من الاختلاط بين الرجال والنساء في صلاة الجماعة Q نرجو من شيخنا التنبيه على موضوع الاختلاط في صلاة الجمعة، فإن هذا لا يليق بكم، وأقترح على شيخي أن يضرب طريقاً للنساء يميناً وشمالاً؟ A هذه فوضى، نحن نعيش الآن في فوضى، الإسلام سلوك والتزام، أما أن تكون الجمعة كمولد أحمد البدوي، هذه مصيبة، هذا ليس التزاماً، وبعد ذلك تخطي الرقاب والتزاحم والضجر، ما الذي يحدث للأمة؟ إنا لله وإنا إليه راجعون، (وإذا أقيمت الصلاة فلاتأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون عليكم السكينة)، فأين السكينة؟ أين الوقار؟ هذه فوضى، هذا سوق، ولذلك هذا الذي يحدث أنا لا أوافق عليه بحال الاختلاط بين النساء والرجال في المصلى، تخطي الرقاب، عدم احترام الآداب الإسلامية، عدم تقدير الصغير للكبير، فقد تجد بعض الصغار قد يجد رجلاً مثل والده يقفز من فوقه، والضعيف لا يقدم، والقوي يأخذ مكان الضعيف، هذه أمور مختلطة، وهذا ما دعانا إلى عقد درس الأخلاق؛ لأن الأخلاق هي ثمرة هذا الدين وتسري في روحه في مجال العقيدة والعبادة والمعاملات.

حكم الحلف بالمصحف

حكم الحلف بالمصحف Q هل الحلف بالمصحف جائز؟ A نعم يجوز؛ لأن المصحف هو كلام الله، أما الكعبة فلا يجوز، إنما تقول: ورب الكعبة؛ لأن الكعبة ليست من صفات الله ولا من أسمائه، فالمصحف باتفاق أهل العلم يجوز؛ لأن المصحف كلام الله.

معنى صيام الهواجر

معنى صيام الهواجر Q ما هو صيام الهواجر؟ A الهواجر هي الأيام شديدة الحر، والهواجر من الهجير، والهجير هي شدة الحر، يعني: تخير اليوم شديد الحرارة وصمه كما كان يفعل السلف، ولذلك كان بعض السلف إذا طرق بابه سائل قال: أعطوه سكراً؛ فإني أحب السكر: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92]، ينظر إلى ما يحب وينفقه في سبيل الله سبحانه وتعالى.

حكم تغسيل الزوج لزوجته المتوفية

حكم تغسيل الزوج لزوجته المتوفية Q هل يجوز للزوج أن يغسل زوجته؟ A طبعاً يجوز، والله تعالى أعلم.

حكم العمل في المحاماة

حكم العمل في المحاماة Q جاءتني فرصة عمل في مكتب محامي فترة الصيف، وإني أجد في نفسي من الحرج والشك نحو هذا العمل، فهل يوجد فيه إثم؟ A إذا كان بقانون وضعي وباختلاط فيوجد فيه إثم، إذا كان عملاً مشروعاً، فالمحاماة محرمة بوصفها، إذا كان العمل حلالاً فهي حلال، يعني: في الأحوال الشخصية في الخلع والطلاق والحقوق جائز، أو نزاع شخصي والعقارات والملكية جائز، وأما الجنايات التي فيها حدود غير حدود الله عز وجل فحرام، فالعمل فيها حسب وصف طبيعة العمل، فإن رأيت أن هذا العمل فيه مخالفات شرعية فلا يجوز، وهذا يتضح بالاحتكاك محاميات في محامين في سكرتيرات في مصيبات وساقطات، والسرقة والدجل وكل شيء ستجده، سوق ليس له ضوابط شرعية، يخرج موكل ولا يعرف كيف خرج، المهم يأكل ما لذ وطاب من الأموال، فهذه طرق نعرفها، لكن حاول أن تجتهد في أن تبحث عن عمل الأصل فيه الحل.

حكم تقديم صيام التطوع على الكفارات

حكم تقديم صيام التطوع على الكفارات Q هل يجوز أن يصوم أحد تطوعاً وعليه صوم كفارات؟ A الأفضل أن يقدم الكفارات؛ لأن قضاء الدين أفضل من الصدقة، أنا مديون فهل أتصدق؟ لا، بل أسدد الدين قبل أن أتصدق، فالكفارات دين وصيام النوافل صدقة تطوع، فالأفضل أن توفي الدين قبل أن تتصدق، وإن صام لا إثم عليه، لكن الأفضل أن يبدأ بالكفارات. مداخلة: هل يجوز أن يجمع بين النيتين؟ الشيخ: لا يجوز أن يجمع بين النيتين؛ لأن هذه لها ضوابط، وهذه لها ضوابط.

وقت إجازة الصبي للقتال

وقت إجازة الصبي للقتال Q يقول عبد الله بن عمر: (عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربعة عشر فلم يجزني، وعرضت يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشر فأجازني؟ A هذا يبين أنه يجوز أن يجاز بعد البلوغ.

حكم العمل في شركة أمريكية

حكم العمل في شركة أمريكية Q أنا أعمل في شركة أمريكية تعمل في مصر، هل هذا حرام؟ A لا، ليس حراماً، عملك مشروع طالما أن الأصل فيه الحل.

حكم اختلاف نية الإمام والمأموم

حكم اختلاف نية الإمام والمأموم Q فاتتني صلاة الظهر واستيقظت وهم يصلون العصر، فهل يجوز لي أن أدخل مع الإمام بنية الظهر؟ A نعم، يجوز أن تدخل العصر بنية الظهر.

حكم من لم يقض الكفارات

حكم من لم يقض الكفارات Q ما هو عقاب من لم يؤد الكفارات بعذر أنها تكاثرت عليه؟ A لا، الكفارة واجبة، لابد من أدائها كيفما استطاع، ويعاون من لا يستطيع الكفارة يعاونه الناس بصدقتهم. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا! اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، اللهم نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شرح صحيح البخاري [21]

سلسلة شرح صحيح البخاري [21] توفي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين، ودفن في حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها، وكان قد أوصى عليه الصلاة والسلام ألا تتخذ القبور مساجد؛ حتى لا تعظم أو تعبد من دون الله عز وجل.

تابع باب ما جاء في أولاد المشركين

تابع باب ما جاء في أولاد المشركين الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فلا زلنا مع كتاب الجنائز في صحيح الإمام البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم رحمه الله تعالى، وقد توقفنا عند باب: ما جاء في أولاد المشركين.

من منهج الإمام البخاري في التبويب

من منهج الإمام البخاري في التبويب يقول البخاري رحمه الله: [باب] ولم يضع عنواناً للباب. والبخاري له منهج وأسلوب في صحيحه، ومن خلال الاستقراء نستطيع أن تحدد الأسس التي رسمها لنفسه في الصحيح: فإن أعاد الحديث يعيده للطيفة في سنده أو متنه، ولا يمكن أن يعيد الحديث بنفس السند والمتن، فـ البخاري رحمه الله تعالى حينما يقول: [باب] ولا يضع عنواناً للباب معنى ذلك أنه لم ينته إلى عنوان لهذا الباب، والحديث ثبت عنده على شروطه؛ فيضع الباب بدون عنوان. كما قال الأئمة: فقه البخاري في تبويبه، فعنوان الباب يمثل حكماً فقهياً. قال: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جرير بن حازم إلى أن قال: عن سمرة بن جندب قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه)]. هذا الحديث يرويه البخاري مرة أخرى في كتاب تعبير الرؤى، وعلم الرؤية علم له رجالاته وله أهله، ومن المميزين بتعبير الرؤى من التابعين محمد بن سيرين، ومن الصحابة الصديق رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات. قيل: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له)، ولكن تفسير الرؤى لا بد أن يكون بضابط الكتاب والسنة، ولذلك وضع الإمام البخاري لهذا العلم كتاباً خاصاً سماه كتاب التعبير.

أمثلة لتعبير الرؤى

أمثلة لتعبير الرؤى جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: يا إمام! إني رأيت القمر والشمس يقتتلان. قال: مع أي الفريقين كنت؟ قال: كنت مع القمر، فعلم عمر أن أجل الرجل قد اقترب وأنه سيموت، واستدل بقول الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء:12]، فهذا يدل على أن الرجل سيختفي من الحياة كالقمر حينما يختفي من السماء في الليل، فـ عمر رضي الله عنه علم هذا المعنى من القرآن. وهكذا بعض علماء السلف يربطون بين الرؤيا والقرآن والسنة، وهذا هو المهم. النبي عليه الصلاة والسلام كان بعد كل صلاة يقبل بوجهه على الناس، ولذلك من فقه الإمام بعد الصلاة أن يستدير بوجهه ولا يجلس في مكانه، حتى يعلم الداخل أن الصلاة قد انقضت. هذه واحدة. الثانية: حتى ينظر في أمر المصلين، يا فلان أعد الصلاة. يا فلان أدركت الركوع. هذا من عمل الإمام. كان يقبل بوجهه على أصحابه صلى الله عليه وسلم، لكنه بعد الفجر في الغالب يسألهم [(من رأى منكم الليلة رؤيا؟)]، لماذا يسألهم في الفجر؟ لأن الفجر يكون ذهن الرائي صافياً لم يختلط بأعمال اليوم، ويكون ذهن المعبر صافياً، ولا ينبغي أن تقص رؤياك إلا على أهل الإيمان والطاعة، قال تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف:5]. قوله: (لا تقصص)، هذا تحذير من يعقوب عليه السلام ليوسف ألا يقصص رؤياه على إخوته، ومن هنا استنبط العلماء أن الرؤيا لا تقصص إلا على أهل الإيمان، ومن يحب لك الخير، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول لأصحابه: (من رأى منكم الليلة رؤيا؟)، حتى تمنى عبد الله بن عمر أن يرى رؤيا، حتى ينال شرف قصها على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رأى رؤيا لكنها لم تأت على حسب ما تمنى، رأى ابن عمر: أنه في منامه أتاه ملكان وأخذاه من منامه، وطارا به حتى وصلا إلى حافة جهنم، يقول: فنظرت إليها ففزعت. فقالا: لا تخف أنت لست من أهلها، وبها أناس أعرفهم، ثم عادا بي إلى فراشي. هذه رؤية يقول: فاستحييت أن أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرت بها حفصة زوجة النبي عليه الصلاة والسلام حتى تقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصتها عليه فقال: (نعم العبد عبد الله بن عمر لو كان يقوم الليل)، يعني: هذه رؤيا تحذيرية؛ لأن ابن عمر كان لا يواظب على قيام الليل، فجاءت هذه الرؤية تحذره، يقول ابن عمر: فما تركت قيام الليل بعدها. وهذا معناه: أن الرؤيا تأتي أحياناً لتنشط صاحبها.

ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في منامه

ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في منامه قال: [(فإن رأى أحد قصها. فيقول ما شاء الله. فسألنا يوماً فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا. قال: لكني رأيت الليلة رجلين)]. أي أن الذي رأى هو النبي صلى الله عليه وسلم، ورؤيا الأنبياء وحي وحق: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات:102]، والنبي إن رأى في منامه شيئاً لا بد أن يمتثله؛ لأن الأنبياء يوحى إليهم في المنام، لذلك قال الله تعالى في شأن دخول المسجد: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح:27]، فهذه الآية رآها النبي صلى الله عليه وسلم في رؤيا. يقول: [(لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة)] هذا الحديث على طوله أعاده البخاري في كتاب التعبير، من ضمن ما رأى يقول: [(فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله. قلت: ما هذا؟)]. في المشهد الأول: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً، ثم رأى آخران يقومان على رأسه بكلوب من حديد -والكلوب يشبه الخطاف- يفتحان شدقه إلى شحمة أذنه من فمه إلى شحمة أذنه، ثم يعودان يفتحان الناحية الأخرى، فإن فتح اليسرى أغلقت اليمنى، فعادا يصنعان به مثل الأول، يعني: يفتحان ثم يعودان، يفتحان ثم يعودان، فقال صلى الله عليه وسلم: [(ما هذا؟ قالا: انطلق. فانطلقنا)]. المشهد الثاني: [(فانطلقا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بصخرة فيشدخ بها رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر -يعني: تدحرج الحجر- فانطلق إليه ليأخذه، فلا يرجع إليه حتى يلتئم رأسه كما هو فعاد إليه فضربه. قلت: من هذا؟ قالا: انطلق انطلق)]. إذاً: المشهد الثاني: رجل وآخر يضرب رأسه بصخرة فتنفلق رأسه، ثم يميل إلى الحجر ليأخذه مرة ثانية فتعود الرأس سليمة فيضربه مرة أخرى، وهكذا يأتي بالحجر يضرب رأسه فتنفلق رأسه ثم يعود إلى الحجر. قال: [(فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع)]، التنور مثل الموجود في شبرا الخيمة الصوامع العالية، أعلاها ضيق وأسفلها واسع. [(فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع، فيه رجال ونساء عراة، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها. فقلت: من هؤلاء؟ قالا: انطلق انطلق)]. المشهد الثالث الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم: رأى تنوراً به نار تؤجج، ورجال ونساء النار تلتهم فروجهم وهم يصطرخون في التنور، فإذا قفزوا إلى أعلى أدركتهم النار. قال: [(فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم على وسط النهر بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان)]. يعني: رجل يسبح في بحر من الدم، وآخر على الشاطئ كلما وصل إليه من يسبح في بحر الدم ألقمه حجراً في فمه فيبلعه ويعود يسبح، فإذا ما أراد أن يخرج وصل إلى الشاطئ ألقمه حجراً فعاد يسبح. [(قالا: انطلق انطلق، فانطلقنا حتى انتهيا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة، وفي أصلها شيخ وصبيان، وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها، فيها شيوخ وشباب ونساء وصبيان، ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل فيها شيوخ، قلت: طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت)]. هذه المشاهد الخمسة تأويلها في الرؤيا، البخاري يخرج هذا الحديث في باب ما قيل في أولاد المشركين ليدلل على أن أولاد المشركين في الجنة، هذا ما أراده البخاري من المشهد الخامس.

تعبير رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام

تعبير رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول: [(أخبراني عما رأيت. قالا: نعم. أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدّث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة)]. إذاً: المشهد الأول هو الكذاب الذي يفتح فمه من شدقه الأيمن إلى شحمة أذنه، ومن شدقه الأيسر إلى شحمة أذنه اليسرى يحدث بالكذب والناس تسمع منه الكذبة فتبلغ الآفاق، ولا يستطيع أن يعود فيها. أما الآخر قالا: [(والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علّمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار)]، يعني: الذي ينام عن القرآن وعن الصلاة وعن الطاعة؛ فإن الجزاء من جنس العمل. هذا المشهد الثاني. [(والذي رأيته في التنور فهم الزناة)] فإن الجزاء من جنس العمل، استمتعوا بفروجهم هنا فتحرق بنار الله يوم القيامة، وهم يصطرخون فيها. هذا المشهد الثالث. المشهد الرابع: الرجل الذي يسبح في نهر الدم هو آكل الربا، يقول ابن عباس: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة:275]، يقول: (يبعث آكل الربا يوم القيامة وبطنه بين يديه كالمرأة الحبلى، يقوم فيقع) يقوم فيقع، لماذا يسبح في بحر الدم؟ لأن غالب الربا في الذهب والفضة، ومن هنا اللون الأحمر، يسبح في بحر دم ثم يصل إلى الشاطئ، وهكذا. [(والشيخ في أصل الشجرة: إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله: أولاد الناس، والذين يوقدون النار: مالك خازن النار، والدار الأولى: دار عامة المؤمنين، وأما الدار الثانية: فدار الشهداء، وأنا جبريل وهذا ميكائيل)]. إذاً: قوله: (فهم: أولاد الناس) إذاً عامة أولاد الناس من المشركين والمؤمنين كلهم في الجنة، فـ البخاري يريد أن يذهب إلى مذهب معناه: أن أولاد المشركين في الجنة؛ لأنهم لم يفعلوا شيئاً قبل أن يموتوا: هذا المشهد الخامس.

باب موت يوم الإثنين

باب موت يوم الإثنين قال البخاري: [باب: موت يوم الإثنين]. يعني: فضل من مات في يوم الإثنين، ولقد مات نبينا صلى الله عليه وسلم في يوم الإثنين، وما أدراك ما يوم الإثنين؟! يقول البخاري رحمه الله: [من طريق عائشة: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة. قال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الإثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الإثنين. قال: أرجو فيما بيني وبين الليل. فنظر إلى ثوب عليه كان يمرّض فيه به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها. قلت: إن هذا خلق؟ قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح]. يشير البخاري هنا: إلى واقعة موت النبي صلى الله عليه وسلم، وحياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية، والإمام البيهقي له كتاب اسمه: حياة الأنبياء في قبورهم، حياة برزخية لا نعلم عنها شيئاً، إنما نستطيع أن نجزم الآن: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:30]؛ لأن البعض يقولون: هل مات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ رسول الله ما مات. قلنا: مات بنص القرآن، ولكن حياته في القبر حياة برزخية، وقد ثبت في الحديث: (إذا كان يوم الجمعة فأكثروا من الصلاة علي فإن صلاتكم تعرض علي. قالوا: كيف تعرض عليك يا رسول الله وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)، ولقد مر النبي عليه الصلاة والسلام بموسى عليه السلام وهو يصلي في قبره، والحديث صحيح، وليس معنى يصلي في قبره أي يركع ويسجد كما يفهم البعض، ولكن الحياة البرزخية لها قانون يحكمها، فنبينا عليه الصلاة والسلام حي حياة برزخية، أما في واقع الحياة فقد جاء في البخاري وغيره: أن النبي عليه الصلاة والسلام لما عاد من زيارته لموتى البقيع شكا من ألم في رأسه، قال: (وا رأساه يا عائشة!)، وبقي في حجرتها يطبب إلى أن قال بعد أن عجز عن القيام للصلاة في جماعة، قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت عائشة: يا رسول الله مر عمر؛ فإن أبا بكر رجل أسيف، إذا قرأ القرآن بكى، وإذا بكى لم يسمع؟ قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف)، يقول العلماء: لأنها عرضت بشيء وتريد شيئاً آخر، احتجت بأن أبا بكر رجل أسيف إذا قرأ يبكي، وإذا بكى لم يُسمع. نعم هذا عذر لكنها كانت تريد لأبيها ألا يؤم الناس فيموت النبي صلى الله عليه وسلم وأبوها يؤم الناس، فيربط الناس بين إمامة الصديق وبين موت النبي عليه الصلاة والسلام. صلى الصديق بالناس أياماً رضي الله عنه، وخرج النبي عليه الصلاة والسلام قبل موته في الفرض الأخير، ورفع الستار من حجرة عائشة ونظر إلى أصحابه وهم يصلون، وابتسم ضاحكاً وعاد وقد حدثت ضجة في المسجد لسعادتهم بقدوم النبي عليه الصلاة والسلام، فأشار إليهم أن ابقوا على مكانكم، ثم عاد إلى حجرة عائشة وألقى رأسه على صدرها. ومن فضل الله على أمنا عائشة أن مات رسول الله بين سحرها ونحرها. والسحر: هو الصدر. والنحر: هو الرقبة. أي: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان ينام على صدرها ورقبتها قبل موته. ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر أخو عائشة وبيده سواك فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى السواك فأخذت عائشة السواك من أخيها ولينته بريقها. وفي هذا بوب البخاري أن الرجل يلين السواك لأخيه، كسرت الجزء المستخدم ثم لينت جزءاً آخر بريقها للنبي عليه الصلاة والسلام، ودفعت السواك إليه فاستاك قبل أن يموت، فكان آخر ريق مس ريقه هو ريق عائشة رضي الله عنها، وكان يقول: (بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى)، أي: أختار الرفيق الأعلى. عليه الصلاة والسلام وكان هذا في يوم الإثنين، والبخاري يبوب بذلك فيقول: [باب: موت يوم الإثنين]. وقد بوب في أول الجنائز أنه يجوز أن تدخل على الميت بعد موته، وأن تقبله في جبهته قبل تكفينه، وهذا ما صنعه الصديق مع النبي عليه الصلاة والسلام، ومع عبد الله بن حرام لما مات في غزوة أحد. دخلوا عليه بعد موته وقبّله الصديق في جبهته، وقال: (طبت حياً وميتاً يا رسول الله، لن يجمع الله عليك موتتين، إلا الموتة التي متها في الدنيا لن تموت بعدها أبداً)؛ لأنه (يؤتى بالموت يوم القيامة على هيئة كبش أملح ويذبح بين الجنة والنار، وينادى: يا أ

باب موت الفجأة

باب موت الفجأة قال البخاري رحمه الله: [باب: موت الفجأة]. يعني: البغتة ومن علامات الساعة أن ينتشر موت الفجأة، وموت الفجأة من علامات سوء الخاتمة إلا من رحم الله؛ لأن موت الفجأة لا يعطي العبد فرصة أن يتوب أو يسترجع ويوصي ويتحلل من ديونه، يقول ربنا سبحانه في هذا المعنى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:19]، ويقول في سورة يس: {مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} [يس:49]، يعني: يختصمون، الرجل يبيع إلى الرجل ويختصم معه في السعر، فإذا بالنفخة تأتي عليهم: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الزمر:68]، فموت الفجأة موت البغتة. [من طريق عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن أمي افتلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها من أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم)]. والمعنى: أن الموت جاء لأمه بغتة، وهو يعلم أن أمه لو تكلمت أمرت بصدقة، وهذا معناه: أن موت الفجأة يدخل على العبد ولا يمهله. كل امرئٍ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله (إن أمي افتلتت نفسها)، ولذلك أبو داود يروي: (موت الفجأة أخذة أسف). وفي إسناده مقال، لكنه هنا يقول: موت الفجأة راحة للمؤمن، وأسف على الفاجر الذي لا يستطيع أن يوصي.

باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر

باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر قال البخاري: [باب: ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما] {فَأَقْبَرَهُ} [عبس:21]، أقبرت الرجل إذا جعلت له قبراً وقبرته: أي دفنته. يقول عز وجل: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً ?وَأَمْوَاتًا} [المرسلات:25 - 26]. ]، ومعنى الآية: أنهم يكونوا فيها أحياء، ويدفنون فيها أمواتاً، فالأرض تكفيهم في حياتهم وبعد موتهم، فمكان القبر على المعتاد في الأرض، ولكن انظر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإلى قبر أبي بكر وعمر وكل قبر الصحابة ستجد أن قبورهم تسوى بالأرض ولا ترتفع إلا لتميز ويعرف أنها قبر، أما الآن فحدث ولا حرج عن قبور المسلمين، قبور من ثلاث طوابق، وقبور بالسيراميك، وقبور بدخلها تكييف، وهذا لن ينجيهم أبداً من سؤال الملكين مهما صنعوا وفعلوا. جاء من حديث عائشة قالت: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر في مرضه أين أنا اليوم؟ أين أنا غداً؟ استبطاءً ليوم عائشة، فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري، ودفن في بيتي صلى الله عليه وسلم)، وهذا نص على أنه دفن في حجرة عائشة لا كما يقول القائل: إنه دفن في مسجده، فهذا وهم، ولذلك كان يسأل: أين أنا غداً؟ يستعجل يوم عائشة لحبه لها، ولا بأس أن يحب الرجل زوجة بخلاف الأخرى، وكن زوجاته يفهمن ما يريد، فسمحن له وأذنّ له أن يطبب في حجرة عائشة كل امرأة تريد الزوج لنفسها، لكن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يفعلن ما يستريح إليه، ولذلك في آية التخيير بين الدنيا والآخرة: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:29]، ثم خيرهن قبل ذلك بعطاء الدنيا. أقول: من حديث أمنا عائشة رضي الله عنها قال صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً) وفي هذا دليل واضح على عدم جواز ارتفاع القبور، ودليل أوضح على عدم اتخاذ القبور في المساجد، ولا يحدث هذا إلا في البلاد التي يعم فيها الجهل، أما البلاد التي فيها التوحيد فلا تجده، فالمساجد لا تجتمع مع القبور أبداً، (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، إني أنهاكم عن ذلك، لا تتخذوا القبور مساجد)، رغم وضوح الأدلة إلا أن البعض يقول بغير ذلك، وهم ينتسبون إلى العلم ويسألون: ما رأيكم في مقام الحسين في قبره؟ فيجيبون: لا بأس الصلاة فيه صحيحة! وهو يعلم ويكتم العلم. يا عبد الله! إن قلنا هذا قالوا: متشددون رجعيون متحجرون يبغضون أهل البيت. يا أيها الناس! هذا دين الله، وهذا قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ثم من طريق أمنا عائشة أنه حدثه: أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مرتفعاً، يقول: لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه فبدت لهم قدم. يعني: لما أخذوا في بناء المسجد النبوي وإعادة توسعته حفروا فخرجت لهم قدم من الأموات، إما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وإما أبو بكر أو عمر ففزعوا، وذلك في زمن الوليد بن عبد الملك، [فبدت لهم قدم ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فما وجدوا أحداً يعلم ذلك حتى قال لهم عروة: لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم إن هي إلا قدم عمر رضي الله عنه]. عند ذلك اطمئنوا، لكن الكلام يشير إلى أنهم لم يبرزوا القبور، وإنما كانت مستوية في الأرض حيث كانت، فخرجت القدم، ومعنى ذلك: أنهم لم يحفروا مكاناً مرتفعاً إنما كانت على سطح الأرض، والآن حدث ولا حرج عما يصنعه المسلمون اليوم في القبور من بدع محدثة. يقول: من طريق عائشة: [أنها أوصت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: لا تدفني معهم وادفني مع صواحبي بالبقيع، لا أزكى به أبداً]. أي: أن أمنا عائشة رضي الله عنها تقول لـ عبد الله بن الزبير هنا: لا تدفني مع أبي بكر وعمر والنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ادفني مع زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقيع، (لا أزكى به أبداً) يعني: لا أزكى بهذا الموضع، لكن الحديث فيه إشكال واضح، وهو: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلى أمنا عائشة وأخبرها أنه يريد أن يدفن بجوار النبي عليه الصلاة والسلام، فلما جاء عبد الله بن عمر وأخبرها الخبر وافق

باب ما ينهى من سب الأموات

باب ما ينهى من سب الأموات قال البخاري: [باب: ما ينهى من سب الأموات. وباب: ذكر شرار الأموات] أما ما ينهى عن سب الأموات فجاء: من طريق عائشة رضي الله عنها قالت: [قال صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)]. ثم جاء بالحديث الأخير في كتاب الجنائز قال: [قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبي صلى الله عليه وسلم: تباً لك سائر اليوم فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]]. البخاري يريد أن يقول بأن الحديث الأول يعارض الثاني سب الأموات: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]، فيه سب أم لا؟ فيه. ثم في الحديث الأول: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، كيف نجمع بين النصين؟ إما أن يكون السب للمشركين والكفار بعد موتهم وهذا لا بأس به، كمقام الغيبة في أحوالها الستة جائزة: القدح ليس بغيبة في ستة متظلم ومعرف ومحذر ولمظهر فسقاً ومستفتٍ ومن طلب الإعانة في إزالة منكر فالحديث الأول ينهى عن سب الأموات من المسلمين، والحديث الثاني يشير إلى سب الأموات من الكفار والمشركين، هذا ما انتهى إليه البخاري من أقوال العلماء، وذلك يحتمل أجوبة: أن الذي كان يحدث عنه بالشر كان مجاهراً به فيكون من باب (لا غيبة لفاسق)، أو منافقاً، والمعنى: لما مرت جنازة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال الصحابة لها: (وجبت)، ثم قال للثانية أيضاً: (وجبت)، فلما سألوه عن ذلك، قال: (أما الأولى ذكرتموها بالعمل الصالح والخير فوجبت لها الجنة، وأما الثانية ذكرتموها بالشر فوجبت لها النار). يقول ابن حجر: ذكر الثانية بشر وذكر الأولى بخير، وهذا يشير إلى ما قلت: أن ذكر محاسن الأموات بالنسبة للمسلم أصل، وذكر شرار الأموات بالنسبة للمشركين جائز، ولذلك قول أمنا عائشة: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، تشير إلى أموات المسلمين، و {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1]، تشير إلى موتى المشركين. وإلى هنا انتهى البخاري رحمه الله تعالى في ثمانية وتسعين باباً من كتاب الجنائز. نسأل الله عز وجل أن يعلمنا من ديننا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وفي السر والعلن؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الأسئلة

الأسئلة

الرد على عبد الصبور شاهين في دعواه أن لآدم أبا وأما وأن عيسى رفع بروحه

الرد على عبد الصبور شاهين في دعواه أن لآدم أباً وأماً وأن عيسى رفع بروحه Q هناك برنامج على الفضائيات جاء فيه الدكتور: عبد الصبور شاهين وقال فيه عن مسألة خلق آدم: إن الله خلق بشراً في بادئ الأمر، ثم اصطفى من هؤلاء البشر آدم، فآدم خلق من أب وأم؟ A عاد مرة أخرى إلى ما ألف، هذا الكلام قديم. ثم قال: إن آدم خلق من أب وأم. وأيضاً قال: إن حواء لم تخلق من ضلع آدم، وأن عيسى رفع رفع منزلة لمدة خمسة وثلاثين سنة وهو لم يرفع بجسده ولا بروحه؟ الجواب: هذا الكلام في الحقيقة مردود عليه بأدلة دامغة، وقد أصدر الدكتور حفظه الله كتاباً في هذا الموضوع يسمى كتاب: أبي آدم. مؤلفه الدكتور: عبد الصبور، وقد حاجه الدكتور المطعني ورد عليه بكتاب يفند فيه تلك الآراء ويبطلها، وحسب علمي: أن علماء دار العلوم قاطبة قد أعدوا للدكتور أدلة دامغة، وكان منهم الدكتور البلتاتي رحمه الله الذي مات منذ شهر أو شهرين أو أقل، والدكتور عبد الحميد مدكور وعلماء السلف في دار العلوم أعدوا الأدلة الدامغة، وهذا ينكر صريح نص القرآن، ربنا عز وجل يقول عن آدم عليه السلام: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة:7]، ويقول: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر:29]، ويقول في قضية خلق آدم: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران:59]، هذه الآيات وغيرها الكثير والكثير. ولا أجد من السلف من قال بهذا القول وليس من سلف الأمة من قال بهذا القول، فلماذا هذا الإبداع والابتداع، والمخالفة لجمهور المفسرين، مَن مِن المفسرين قال هذا؟ هل الطبري؟ هل ابن كثير؟ هل الشاطبي؟ هل القاسمي؟ مَن مِن مفسري السلف قال بهذا القول حتى نقول بقوله، الدكتور ليس له سلف في هذا القول، ولا بد أن يتراجع عن قوله؛ لأننا نحب له الخير، وكم وكم وكم من هذه الأقوال. فأقول: الكتاب طبع وبيع ونفذ، ما الفائدة أن نعاود هذا الكلام على القناة الفضائية؟ ما الفائدة أن نطعن في علم السلف ونقول: إن حواء لم تخلق من ضلع آدم، والقرآن يقول: {اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء:1]. عموماً القضية طرحت للمناقشة، وسآتي بالكتابين معاً في محاضرة قريبة، كتاب الدكتور عبد الصبور وكتاب الدكتور عبد العظيم المطعني لأبين فيه الحجج. والكتاب الثاني على ما أذكر يحمل هذا الاسم: آدم بين الخيال الفاضح والهوى المتبع للدكتور المطعني، والكتابان موجدان عندي وسأحضرهما، وليس الدكتور المطعني فقط هو الذي رد، وإنما الردود من دول عربية شقيقة، وتوجد كتب أخرى سأصطحبها معي ثم أذكر أدلة الدكتور شاهين الواهية التي لا تستقيم مع كتاب ولا سنة، ثم الردود على هذا حتى يعلم الجميع أن آدم هو أبو البشر، وأن آدم خلق من طين الأرض، وليس له أب وليس له أم. وأن وفد نجران الذي جاء من اليمن يجادل في قضية خلق عيسى، أنزل الله سبحانه وتعالى رداً عليهم في سورة آل عمران: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران:59]، فضلاً عن الأحاديث الصحيحة التي ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم، لكن الدكتور على ما يبدو لا يقر بأحاديث الآحاد في شأن العقيدة؛ لأن البخاري ومسلم وكتب السنة فيها من الأحاديث ما يبين أن آدم خلق من تراب، لكن ثبت الأول قضية عنده وهي أن خبر الآحاد لا يمكن أن تستقى منه عقيدة، وهذا الكلام الباطل الذي رد عليه علماء السلف: أن خبر الآحاد يمكن أن ينشئ منه اعتقاد، وللحديث بقية في هذا الأمر إن شاء الله تعالى. أما قضية رفع عيسى فسبقك بها يا دكتور الذي قال: إن عيسى لم يرفع، ورد عليه الدكتور: محمد خليل هراس في كتابه: فصل المقال في رفع عيسى عليه السلام وقتله للدجال، لعل الذي سبق بهذا القول الدكتور: محمود شلتوت رحمه الله هو الذي قال بعدم الرفع، وأنه رفع منزلة، أو رفع بروحه ولم يرفع بجسده، هذا الكلام رده الدكتور هراس وأتى بأكثر من عشرة أدلة من القرآن والسنة على أنه رفع بالروح والجسد، وربنا يقول: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف:61]، وقول جمهور المفسرين: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:55]، ولم يقل: و

§1/1